مباحث من كتاب الزكاة تقريراً لبحث السيد المجدد الشيرازي

هوية الکتاب

الكتاب: مباحث من كتاب الزكاة تقريراً لبحث السيد المجدد الشيرازي قدّس سرّه

المؤلف: العلّامة الفقيه الشيخ أسد الله الزنجاني قدّس سرّه

الناشر: مركز تراث سامراء.

المدقق اللغوي: الشيخ عقيل علي الدراجي

التصميم و الإخراج الفني الحاج مسلم شاكر المطوري

المطبعة:

الطبعة: الأولى.

عدد النسخ: 100 نسخة.

سنة الطباعة: ١٤٤١ه_ / ٢٠٢٠م.

رقم الإصدار: ٤٤.

رقم الإيداع في دار الكتب و الوثائق ببغداد لسنة ٢٠٢٠م.

:ISBN

جميع الحقوق محفوظة لمركز تراث سامراء.

محرر الرقمي: محسن سعيدي جدا

ص: 1

اشارة

الكتاب: مباحث من كتاب الزكاة تقريراً لبحث السيد المجدد الشيرازي قدّس سرّه

المؤلف: العلّامة الفقيه الشيخ أسد الله الزنجاني قدّس سرّه

الناشر: مركز تراث سامراء.

المدقق اللغوي: الشيخ عقيل علي الدراجي

التصميم و الإخراج الفني الحاج مسلم شاكر المطوري

المطبعة:

الطبعة: الأولى.

عدد النسخ: 100 نسخة.

سنة الطباعة: ١٤٤١ه_ / ٢٠٢٠م.

رقم الإصدار: ٤٤.

رقم الإيداع في دار الكتب و الوثائق ببغداد لسنة ٢٠٢٠م.

:ISBN

جميع الحقوق محفوظة لمركز تراث سامراء.

محرر الرقمي: محسن سعيدي جدا

ص: 2

ديوإن الوقف الشرعی

العتبة العسکریة المقدسة

مباحث

من کتاب الزَّكَاة

تقريرالبَحْثِ السَيّدِ المجدد الشيرازي قدّس سرّه

ت ١٣١٢ه_

بقلم

العلامَةِ الفَقِيهُ الشيخ اسد الله الزنجاني

ت ١٣٥٤ه_

تحقيق

مرکز تراث سامراء

ص: 3

ص: 4

مقدمة المرکز

ص: 5

ص: 6

مقدمة المرکز

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و صلى الله على محمد و آله الطاهرين و بعد..

لا تزال آراء و أفكار السيد المجدّد الشيرازي تحظى بأهمية كبرى لدى العلماء و المحققين ممن يحسنون التقاط الدرر و يبدعون في توظيفها بحسب مواردها.

و بين يديك قارئي الكريم إحدى تلك النفائس و الدرر و هي نسخة فريدة كما ذكر ذلك الحجة السيد محمد كلانتر له إذ لم يتيسر له و لنا العثور على غيرها.

و قد حررت هذه المسائل مع غيرها من الرسائل في سامراء بعد سنة ١٣٠ ه_(1) و هي تمثل المراحل المتقدمة من عطاء السيد المجدّد، و كان السيد وقتها في قمة عطاءه الفكري و نضجه العلمي و هذه الرسائل تمثل عصارة ذهنه الوقاد و نتيجة لخبرة طويلة في البحث و التدريس امتدت لأكثر من أربعة عقود لأن السيد قد ترك البحث و التدريس في ما بعد سنة ١٣٠٨ه_(2)، و هذه

ص: 7


1- لأن الشيخ أسد الله الزنجاني قد هاجر إلى سامراء مطلع سنة ١٣٠٠ه_.
2- آخر ما عثرنا عليه من تقريرات منسوبة له هي في سنة 1308 ه_ هي أحكام الجبائر، حيث ذكر فيها: (فيقول أحقر العباد و أذلهم الفاني الجاني محمد بن صادق الحسني الطباطبائي.... و هو البحث في مسألة الجبائر التي شرع فيها سيدنا و ملاذنا و أستاذنا ميرزا محمد حسن الشيرازي متع الله المسلمين بطول بقاءه ببلدة سامراء صينت عن الآفات و البلاء عام ١٣٠٨ه_).

الرسائل (1) قد دونها الشيخ أسد الله الزنجاني في حدود سنة ١٣٠٢ ه_ و بعضها في سنة ١٣٠٣ه_. و أخرى في سنة ١٣٠٥ ه_ و هكذا.

و هي _ مضافاً إلى قيمتها العلمية و التراثية إذ إنها تنشر لأول مرة _ تمثل مجالاً رحباً للتعرف على مباني السيد المجدّد و معرفة بعض كبريات القواعد التي أسسها أو طورها بعد أستاذه الشيخ الأعظم قدّس سرّه هذا أمر كان و لا يزال محل اعتناء الاساطين و الأفذاذ من تلامذته وغيرهم و الى يومنا الحاضر فمثلاً لاحظ ما قاله فخر الأصوليين الشيخ محمد حسين النائيني في ديباجة رسالة اللباس المشكوك: (و بعد فيقول أفقر البرية إلى رحمة الله ربه الغني محمد حسين الغروي النائيني تجاوز الله تعالى عن جرائمه و وفقه لمراضيه: إنه لما كان المشتبه بما عمل من أجزاء غير المأكول قد عمّتْ في أزمنتنا به البلوى و كان عدم جواز الصلاة فيه قد استقرت فيما قارب عصرنا عليه الفتوى إلى أن ثنيت رياسة الإمامية وسادتها لطود عزها وسنام فخارها و أحد دهورها و أعصارها وباني علومها جميع و قطب رحاها محيي رسومها وشمس ضحاها من نال في علمه وعمله و أصابة نظره ما كاد أن يكون من العصمة، فانقادت لأولويته بمقامها زعماء الأمة، المفوض إليه أزمة الأمور و العقيم عن مثله أم الدهور و المتواضع لعظمته جبابرة

ص: 8


1- و هي عدة رسائل تبلغ حوالي عشرون رسالة أغلبها من إفادات السيد المجدد الشيرازي و بعضها من إفادات المحقق السيد محمد الأصفهاني الفشاركي، و جميعها من تقريرات الشيخ أسد الله الزنجاني و بخطه، و قد قررت في سامراء، و هذه بعضها: (رسالة في الشبهة المحصورة رسالة في قاعدة أوفوا بالعقود، رسالة في الناس مسلطون على أموالهم رسالة في قاعدة لا ضرر، رسالة في قاعدة التسامح، رسالة في قصد القربة، رسالة في التورية، رسالة في بناء العقلاء على حجية الخبر الواحد، رسالة في لفظة (كل) و ما في معناها و هي أول رسالة قررها في سامراء، رسالة في الإسلام يجب ما قبله، رسالة في تساوي السطوح في الكر، رسالة في تعارض الاستصحابين، رسالة في بحث في الشروط و غيرها).

الأمم و الخاضع لطاعته رقاب ملوك العالم الصادع بالأمر كما أمر و مجدّد المذهب في رأس القرن الرابع عشر سيدنا الأستاذ الأعظم وسندنا العماد الأقوم بيضاء شيراز وغرة الغري وحضرة الآغا الميرزا محمد حسن الحسيني العسكري أفاض الله تعالى على تربته الزكية من الرحمة أزكاها وبلّغ نفسه القدسية من الدرجات العلى أعلاها و جزاه عن الإسلام و أهله خيراً و رفع له في الدارين ذكرا فلقد أصلح في الدين و الدنيا أمر الأمة و أحسن الخلافة للأئمة و أعطى أمهات المسائل حقها من التحقيق و أتى في معضلاتها بما ينفك تصوره عن التصديق و قد بنى في المشكوك على جواز الصلاة فيه و أسسه على أتقن أساس و أخرجه عن الشذوذ و جدّده بعد الاندراس و أنا و أن تأخر حضورنا عليه عن بحثه فيه و لم يصلنا منه شيء من إفاداته غير كلمة مفردة التقطناها عن الإسقاط بعد أن حرمت البرية عن إفاضاته، هي أنه بنى اندراج الشبهة في مجاري أصالتي الحل و البراءة بعد الفراغ عن المانعية على أنها بالنسبة إلى وجودات موضوعاتها انحلالية لكنا بعد أن تأملناها مليا ألفيناها أم الكتاب و باباً تنفتح منه مغلقات الأبواب حريا بأن نؤسس أصلاً كلياً تكون الصلاة في المشكوك إحدى صغرياته ويستدرك به ما فاتهم في المسائل...) (1)

و أيضاً لاحظ ما ذكره السيد حسن صدر الدين الكاظمي قدّس سرّه في بحث الواجب المشروط من كتابه القيم اللوامع الحسنية - بعد كلام طويل له، حيث قال: (و إنما أطلنا في توضيح المقام؛ لأنه من غوامض الأنظار، و أبكار الأفكار التي استفدناها من سيدنا الأستاذ الميرزا قدّس سرّه و لم يسبقه أحد في تحقيق الواجب

ص: 9


1- الميرزا محمد حسين النائيني، رسالة في اللباس المشكوك (مخطوط) و هي أسبق تأليفاً من رسالة الصلاة في المشكوك التي طبعت بتحقيق حفيد المصنف.

المشروط، فإن الخبير يعلم أنه من مزالق الفحول). (1)

و لعله إلى ذلك نظر المحقق السيد محمد الفشاركي - كما حكى عنه صاحب و قاية الأذهان (2) _ حيث قال: (وخفي على غير و أحد من الأساتيذ فزعموا أن الشيخ يجعل الجميع من قبيل المعلق و ينكر الواجب المشروط، و هذا كان معتقد أهل العلم في النجف (3) حتى قدم عليهم السيد الأستاذ(4) فعرفهم بأن الشيخ الأعظم ينكر الواجب المعلّق ويجعل الجميع من قبيل المشروط).

و هذا الأمر له نظائر عديدة تجد على سبيل المثال له نموذجاً في هذه الرسالة كقوله: (لا بأس بالإشارة إليه على وجه يوضح مراد الشيخ في تلك المسألة، فإنه أشكل على بعض الأفهام).

كما تجد نماذج أخرى في كلمات الأعلام اللذين يلتقطون درر أفكار السيد المجدّد الشيرازي كالذي ذكره الشيخ محمد علي الآراكي في كتاب الطهارة بقوله: (... هذا نظير الدقة التي صدرت من رئيس أهل الدقة أستاذ الكلّ في الكلّ الميرزا محمّد حسن الشيرازي - أعلى الله مقامه _ في مسألة الوضوء حيث ذكر الأصحاب _ قدس الله أرواحهم - في حدّ ما يغسل من الوجه بأنه ما بين الإبهام و الوسطى إذا وضعا على طرفي الوجه عرضاً، و عيّنوا لذلك ميزانا حتى يرجع صغير اليد أو الوجه أو كبيرهما إليه و هو أوسط الناس، و عدل عن

ص: 10


1- حسن صدر الدين،الكاظمي، اللوامع الحسنية مخطوط): لمعة في تقسيم الواجب إلى المطلق و المشروط.
2- و قاية الأذهان: 208 - 209.
3- لأن مقرر بحث الشيخ الأعظم قد اشتبه و لم يصل إلى مراد الشيخ، كما حكي ذلك عن السيد المجدد الشيرازي، ينظر النائيني، فوائد الأصول: ١٨١/١.
4- انتقل السيد محمد الأصفهاني الفشاركي من سامراء إلى النجف سنة ١٣١٤ه_.

هو قدّس سرّه و جعل الميزان في كلّ شخص ما يناسبه.) (1) (2)

و لسنا بصدد الاستقصاء و الاستيعاب لهذا الأمر (3) ولکن هذا ما ناسب المقام لكي نعطي ولو صورة إجمالية للقارئ الكريم عن أهمية هذه الرسائل و ما تضمنته من آراء علمية قيّمة، و مباحث الزكاة هذه تمثل باكورة هذه السلسلة التي قررها الشيخ أسد الله الزنجاني في سامراء يوم كانت (أكبر مباءة للعلم و العمل و أهم مدرسة في العالم كله فلم يك بين طالبيها - البالغ عددهم (700) عالم أو يزيدون - الا فقيه محقق و أصولي بارع وحكيم فيلسوف و محدث ضابط ورحال أثري و أديب شاعر و أخلاقي مهذب و مفسر أمين). (4)

و قد تصدّى لتحقيقها فضيلة الأخ السيد غسان مهدي الخرسان (دام توفيقه) فله منا و أفر الشكر و التقدير، و ستتلوها بإذن الله تعالى بقية الرسائل و البحوث آملين بذلك أن نكون تقدمنا خطوة باتجاه الهدف الكبير للمركز ألا و هو إعادة حوزة سامراء إلى الوجدان و الذاكرة بواسطة نشر تراثها العظيم و جعله في متناول أهل العلم و المعرفة و هذا غاية المني.

نسأله تعالى أن يمن علينا وعلى جميع العاملين بخلوص النية و حسن

ص: 11


1- الشيخ محمد علي الآراكي، كتاب الطهارة: ١/ ٢٤٦.
2- الظاهر ان السيد المجدّد الشيرازي قد تابع في خصوص المورد أستاذه صاحب هداية المسترشدين إلا أن هذه المتابعة لا تؤثر في أصل المدعى. ينظر الشيخ محمد تقي الأصفهاني، تبصرة الفقهاء: ١/ ٤٧٧.
3- من أراد الاطلاع على المزيد من معرفة قيمة آراء السيد المجدد الشيرازي فليراجع موسوعة الأوردبادي: ١٠ / 30٤؛ 30/11؛ الشاهرودي، دراسات في علم الأصول: /١٤٥/٣ البهسودي، مصباح الأصول: ٢ / ١٤٠؛ السيد محمد باقر السيستاني، مباني الأصول: ١٢ / ٥٩٦/٢،٣٨٣، ٤٧٣،٧٣/٤.
4- الاوردبادي، موسوعة الاوردبادي: ٢٨/١١.

العاقبة و أن يجعل لنا بكل حرف نوراً بمحمد و اله الطاهرين.

الأقل

كريم مسير

النجف الأشرف

١٠ / رجب / ١٤٤١ه_

ص: 12

مُقَدمة ال_تحقیق

ص: 13

ص: 14

مُقَدمة ال_تحقیق

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلّ على محمد و ال محمد الطيبين الطاهرين

الحمد لله و الحمد حقه كما يستحقه حمداً كثيراً.

رب اشرح لي صدري و يسر لي أمري و أحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.

من العبادات التي تحتل مكانة متميزة في التشريع الإسلامي و لها أهمية واضحة في تنظيم حياة المجتمع المؤمن بإشاعة التكافل الاجتماعي و رفع حالة الفقر وتزكية النفوس و تطهيرها الزكاة فهي من النعم التي منّ الله تعالى بها على المسلمين أفراداً و مجتمعات، و هي - كباقي التكاليف _ تشتمل على مسائل مهمة انبرى أهل العلم لبحثها و النظر فيها ليتسنى للمكلفين العمل بها و أمتثال الأوامر الإلهية.

و من أولئك الأفذاذ الذين تصدوا لتلك البحوث الراقية آية الله العظمى السيد المجدّد محمد حسن الشيرازي قدّس سرّه مرجع الطائفة بعد الشيخ الأعظم و قطب رحى العلم في النجف الأشرف و مؤسس الحوزة العلمية في سامراء المقدسة، و بين يديك تحفة نفيسة و درّة نادرة من بحثه الشريف، قرّرها الشيخ أسد الله الزنجاني قدّس سرّه و قد حضر السنين الأخيرة من بحث المجدّد في سامراء.

و بما أنها من إفادات السيد المجدّد الشيرازي التي ألقاها في سامراء، فهي من صميم اهتمام مركز تراث سامراء الذي آلى على نفسه أن يُظهر تراث هذه المدينة المقدسة و أعلامها الأفذاذ، و يعرّف النخب بها و بهم، و يستثير في نفوس

ص: 15

الباحثين الهمّة؛ ليساهموا في نفض غبار التغييب عن سامراء، و هي مثوى إمامين من أئمة الهدى وعلمين من أعلام التقى الهادي النقي و العسكري التقي علیهما السلام، لها و مولد منقذ البشرية و من تهفو له نفوس البرية الإمام الثاني عشر المغيب المولى الحجة بن الحسن أرواحنا لتراب مقدمه الفداء، فلابد من إعادتها إلى و جدان الأمة و ذاكرة المؤمنين الحية، و التأكيد على أنها لا تقل شأناً عن الكثير من المدن التي لا تكاد تفارق قلوب أحباب أهل البيت علیهم السلام.

و مما زاد في قدسية هذه المدينة و تعلّق القلوب بها أنها كانت في فترة ليست بالبعيدة محلاً لحوزة كبيرة، و مركزاً لمرجعية عظيمة، فقد اختارها السيد المجدّد محمد حسن الشيرازي محطاً لرحاله و داراً لأهله، و مدرساً لبثّ علم الدين، و شريعة سيد المرسلين، فكانت سامراء في عهده مباءة للعلم، و منبثقاً للفضيلة و الكمال، و كعبة للحجاج و نجعة للمحتاج، و تقاطرت الطلبة إليها من المرامي السحيقة، فكانت تطفح بهم وعادت أرقى مدارس العالم بذلك التيار المتدفق و العباب الطامي واضحى خريجوها أكبر حسنات الدهر و الأوضاح الغرر على جبهة العصر بل العصور) (1)

و لما كان ترجمة السيد المجدّد الشيرازي لا تكاد تخفى على الباحثين فنوره غطّى الخافقين، وصيته ذاع بين المشرقين، فسنشير إلى شذرات من ترجمة تلميذه الشيخ أسد الله الزنجاني مقرّر هذه الرسالة.

ص: 16


1- الأوردبادي، موسوعة الأوردبادي: ١٠ / ٣٠٤.

ترجمة المقرر(طاب ثراه)

نسبه الشريف

الشيخ أسد الله بن ميرزا علي أكبر بن رستم خان الزنجاني الديزجي العسكري النجفي (1)، ولد في قرية ديزج على مقربة من زنجان في منتصف ليلة التاسع عشر من شهر رمضان سنة 1282 ه_ (2)، عالم جليل، و مصنف بارع، و مدرس ماهر، له تصانيف سنأتي على ذكرها قريباً.

نشأته العلمية

نشأ في قرية ديزج وتلقى فيها العلوم الأولية، ثم هاجر إلى دار السلطنة قزوين لغرض التحصيل و حضر بحث القوانين لدى العلامة الجليل السيد علي القزويني (ت ١٢٩٨ه_) صاحب الحاشية على القوانين و المعالم. و حضر أيضاً سنين في خدمة السيد حسين قريش. (3)

ثم بعد ذلك هاجر إلى النجف الأشرف و تتلمذ على يد أعلامها، و قد ذكر الشيخ اقا بزرك الطهراني (4) ان هجرته كانت بحدود سنة ١٢٩٩ه_.

و لكن الصحيح انه هاجر إليها بحدود سنة ١٢٩٥ه_ و ذلك؛ لأن الميرزا أسد الله الزنجاني صرّح بأنه حضر لمدة سنتين لبحث المولى علي الخليلي

ص: 17


1- كما عرف نفسه في إجازته للعلّامة النقوي، إجازات الرواية: ٢٥٩.
2- هذا ما أثبته والد الشيخ أسد الله على ظهر المصحف الذي كان يؤرّخ عليه ولادات أولاده فكتب ما ترجمته: تاريخ ولادة قرة العين أسد الله _ سلّمه الله من جميع البليات - في منتصف ليلة التاسع عشر من شهر رمضان المبارك من سنة ألف و مئتين و أثنتين و ثمانين هجرية محمدية صلّى الله على محمد و ال محمد). العلّامة النقوي، إجازات الرواية: ٢٦٠.
3- كما في إجازة الشيخ الزنجاني للسيد محمد صادق بحر العلوم.
4- الطهراني، الذريعة: ٤ / 370؛ هدية الرازي: ١٨٦.

في الفقه (1)، و بما أن المولى الخليلي قد توفى سنة (١٢٩٧ه_) فيكون قد وصل النجف بحدود سنة 129٥ ه_. و لكن هذة النتيجة تواجه إشكالاً و هو ان عمر الميرزا الزنجاني سيكون عند حضوره للبحث حوالي (13) سنة و هذا العمر غير متعارف للتأهل لهكذا مباحث.

مضافا إلى ذلك فإنه صرح بأنه حضر درس القوانين لدى السيد علي القزويني في قزوين و لمده خمس سنين (2).

فاذا كان حضوره في النجف سنه 199٥ سيكون حضوره لدى السيد القزويني حدود سنة (1290ه_) أو قبلها وعندها سيكون عمره (87) سنوات و هذا أيضاً لا يمكن الالتزام به.

و قد اتفقت المصادر على أنه ولد سنة (1282ه_ ) (3)، و أهمها ما اثبته والده على ظهر المصحف الذي كان يؤرخ عليه ولادات أولاده.

إلا ان السيد الأمينى في الأعيان ذكر أنه ولادته سنه (1272 ه_) (4) و على هذا التاريخ يرتفع الإشكال.

و كيف كان فإن المقام لم يطل به في النجف بل هاجر قاصداً الناحية المقدسة في مطلع القرن الرابع عشر الهجري. كما أنه خلال تواجده في النجف الأشرف هاجر إلى كربلاء قليلاً و تتلمذ على يد أعلامها كما سيرد ذلك في ذكر أساتذته.

ص: 18


1- كما في إجازته المفصلة للسيد محمد صادق بحر العلوم، التي سنذكرها قريباً.
2- كما في إجازته للعلّامة الأوردبادي، موسوعه الأوردبادي: 1/ 218
3- الطهراني الذريعة ٤ / 370، الطبقات 13،١٥٤، هدية الرازي: ١٨٦، الأوردبادي، موسوعة الأوردبادي: 1/ 207، العلّامة النقوي، إجازات الرواية: ٢٥٩.
4- محسن الأمين، أعيان الشيعة: ٢٨٥/٣، وينظر الجلالي، يوميات سيرة القاضي العلّامة السيد محمد صادق بحر العلوم: ١ / ٢٣٤.

و في سامراء قرأ على السيد المجدّد الميرزا محمد حسن الشيرازي الشهير و تربى على يديه حيث قال ما نصه: (و أنا العبد الفقير المسكين المستكين العاصي الراجي رحمة رب العالمين يوم لا ينفع مال و لا بنون الشيخ أسد الزنجاني الديزجي العسكري النجفي الذي رباه سيد العلماء و أية الله في العالمين الأستاذ الأكبر مجسم العقل و التقوى صاحب المقامات العالية المنتهي إليه رئاسة الشيعة الحاج الميرزا محمد حسن الحسيني له من أعظم تلامذة شيخنا الأنصاري بل أعلمهم أعلى الله مقامه و رفع الله في الخلد مقامه و حشره الله تعالى مع أجداده الطاهرين. العبد الشيخ أسد الله الزنجاني الديزجي العسكري النجفي ثم ختمها بخاتمه الشريف و قد كتب عليه يا أسد الله الغالب ) (1).

قضى الشيخ أسد الله أيام عمره في خدمة العلم و تدريس الفقه و الأصول، لكن عمدة تلمذه كان على العلّامة السيد محمد الفشاركي - من توابع أصفهان – و بعد برهة من وفاة آية الله [المجدّد الشيرازي] تشرّف إلى النجف (2) سنين، ثم عاد إلى سامراء حدود النيف و العشرين و أختص بآية الله الميرزا محمد تقي الشيرازي و بعد احتلال العراق من قبل الجيش البريطاني في الحرب العالمية الأولى انتقل شيخنا المترجم له طاب ثراه) من سامراء سنة ١٣٣٤ه_.

و استقر في مدينة الكاظمية مع أستاذه آية الله التقي الشيرازي، و كل من كان في سامراء من العلماء أمثال آية الله الميرزا علي اقا(3) نجل السيد المجدّد

ص: 19


1- العلّامة النقوي، إجازات الرواية: ٢٥٩.
2- لا يبعد أن يكون تشرّفه إلى النجف تبعاً لهجرة السيد محمد الأصفهاني الفشاركي و ذلك في سنة ١٣١٤ه_.
3- غادر الكاظمية إلى النجف الأشرف سنة 1337ه_ ينظر: الأوردبادي، موسوعة الأوردبادي: ١٠ / ٣١٢.

الشيرازي و أية الله السيد عبد الهادي الشيرازي (1)، و السيد هادي الحسيني الخراساني و الميرزا محمد رجب علي الطهراني و الشيخ محمد كاظم الشيرازي(2) و الشيخ اقا بزرك الطهراني وغيرهم.

و في الكاظمية المقدّسة بقي الشيخ المترجم له مدة مديدة وسنين عديدة امتدت من سنة (١٣٣٤ه_) حتى سنة (١٣٤٢ه_)، و تصدى خلالها للتدريس و قد حضر أبحاثه بعض الأعلام أمثال السيد محمد مهدي الكاظمي الأصفهاني وغيره حتى انتقل إلى النجف الأشرف في شوال سنة ١٣٤٢ ه_.

ثم تشرف إلى سامراء و أقام بها وفاء بالنذر سنة كاملة ثم رجع إلى النجف (3)، و من مظاهر اشتغاله و أهتمامه بتحصيل العلم فقد كانت له مكتبة زاخرة بالكتب النفيسة و المخطوطات النادرة فقد نقل العلّامة الآقا بزرك الطهراني في مواضع عديدة (4) أنه رأى فيها بعض النسخ مما خطه بيده الشريفة أو استحصل عليه.

ص: 20


1- الطهراني، الطبقات: 1707/30؛ المرعشي الإجازة الكبيرة ٩٥.
2- السيد محمد مهدي الاصفهاني، احسن الوديعة: 272.
3- الطهراني، الذريعة: ٤ / 370 قال: (حدثني بجميع ذلك نفسه له، و ذكر لي بعض تقريراته و بعض رسائله المستقلة و ما كتبه في الطهارة و البيع و الخيارات مستقلاً و أراني جملة منها في الكراريس و هي بخطه الجيد اللطيف توجد عند ولده القائم مقامه في الفضائل الميرزا علي الزنجاني القاطن بالكاظمية) و هو الولد الوحيد لوالده، ولد في سنة 1308 ه_ كان عالماً جليلاً و من المدرّسين و أئمة الجماعة في الكاظمية و له كتاب فروع العلم الإجمالي، تو في فيها ليلة الثاني من شهر رمضان من سنة ١٣٨٩ه_، و قريب منه في الطبقات: ١٣ / ١٥٤.
4- ينظر الذريعة: ٤ / ٣٧٦، و ٦ / ٢١٧ و ٢٤٢، ٧ / 10 وغيرها، و الطبقات: ١١ / ٣٢٦، .98 /13

أساتذته

تلمذ قدّس سرّه على أعلام زمانه و أعاظمهم فإضافة إلى الاعلام المتقدم ذكرهم حضر عند:

أولاً: الشيخ محمد الخوئي (ت أوائل ١٣٠٠ه_).

ثانياً: الشيخ علي النهاوندي النجفي (ت ١٣٢٢ ه_) (1).

ثالثاً: المحقق الشيخ محمد هادي بن محمد امين الطهراني (١٣٢١ه_) بحسب ما يظهر من عبارة الشيخ آقا بزرك الطهراني (2).

رابعاً: المولى المحقق الشيخ حبيب الله الرشتي (ت ١٣١٢ه_).

خامساً: السيد علي القزويني محشي القوانين (ت ١٢٩٨ه_) درس عنده القوانين أبان زيارته قزوين لطلب العلم. و لمدة خمس سنين (3).

سادساً: السيد حسين قريش تتلمذ عليه في قزوين.

سابعاً: المولى. حجة الإسلام الحاج ملا علي ابن الحاج الميرزا خليل الطهراني (1297) ه_)، حضر بحثه في الفقه لمدة سنتين (4)

ثامناً: الحاج السيد حسين الكوكمري التبريزي (5)

ص: 21


1- الطهراني، نقباء البشر: ٥ / ٢٣٦٣.
2- الطهراني، الطبقات: ٥ / ٢٧٧٧.
3- العلّامة النقوي، إجازات الرواية: ٢٥٨؛ الأوردبادي، موسوعة الأوردبادي: 218/1.
4- العلّامة النقوي، إجازات الرواية: ٥٥٢.
5- عبّر عنه ب_ (السيد الأستاذ المتبحر الحاج السيد حسين الكوكمري التبريزي)، الأوردبادي، موسوعة الأوردبادي: 1/ 218.

و حضر أيضاً و لمدة و جيزه على أعلام كربلاء كما في إجازته للشيخ محمد رضا الطبسي و هما:

تاسعاً الشيخ زين العابدين المازندراني (1309 ه_)

عاشراً: المولى الأردكاني المعروف بالفاضل الأردكاني (١٣٠٢ه_).

تلامذته

بالرغم مما وصف به المترجم من الهمة العالية و كثرة الإشتغال و أن حياته كانت ملؤها النشاط و تذاكر العلم، ورغم التنصيص على أنه كان من الأساتذة المبرزين في الحوزات العلمية لم نر في ما و قع في أيدينا من سيرته المباركة ذكراً لمن تلمذوا عليه إلا القلة و منهم:

١. السيد رضا بن السيد هاشم بن مير شجاعة علي النقوي الرضوي الموسوي الهندي اللكهنوئي ١٣٦٢ه_ . (1)

2. سید محمد رضا الطباطبائي التبريزي قرأ عنده خارج الأصول (2).

.٣. السيد عبد الله البلادي بن السيد أبي القاسم (3).

٤. السيد محمد مهدي الموسوي الاصفهاني الكاظمي صاحب كتاب احسن الوديعة في تراجم مشاهير الشيعة (4).

ص: 22


1- الأمين، أعيان الشيعة: ٢٣/٧.
2- الطباطبائي، مقدمة تنقيح الأصول: ١٦.
3- الأمين، أعيان الشيعة: ٤٩/٨.
4- السيد محمد مهدي الاصفهاني، أحسن الوديعة: ٢ / ٢٠٧.

5. الحجة السيد محمد جواد الطباطبائي التبريزي (1)

٦. الشيخ علي الغروي العلياري حضر لديه بحث الفقه و قرر منجزات المريض و هي رسالة مطبوعة.

مشايخه في الرواية

و يظهر من سيرته العطرة أنه كان مهتماً أيما اهتمام بالروايات و طرق أخذها و أن لا يبني إلا على ما أخذه عن ثقة قد أخذها عن مثله لما لذلك من الأثر البالغ على عملية الاستنباط و الوثوق بالفتوى الصادرة بناءً عليها ولذا اهتم المترجم أن يستحصل على إجازات بالرواية من مشائخ عصره و علماء زمانه ممن أخذوا روايات أهل بيت العصمة من مشائخهم حتى صار علماً في هذا الفن يضاهي بذلك كبار علماء عصره و من هم في مقام أساتذته - كما يتضح لك ذلك جلياً من إجازته للسيد محمد صادق بحر العلوم، إذ يقول فيها:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و الصلاه و السلام على سيدنا محمد بن عبد الله خاتم النبيين صلّى الله عليه و اله أجمعين ثم الصلاه و السلام على وصيه وخليفته بلا فصل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام و على أوصيائه المرضيين و أولاده الحجج الميامين صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين ما دامت الربوبية ثابتة للذات المقدسة المنزهة عن النقائص الإمكانية جل جلاله وعم نواله وعظم شأنه و لا إله غيره.

أما بعد.

ص: 23


1- ابراهيم الزنجاني، تاريخ:زنجان: ١٦٠.

قد كانت الإجازه و الاستجازة مرسومه بين الأساطين الأعلام في الأزمنة السابقة في نقل الأخبار عن المعصومين (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)، بل كانت من الأمور المهمة عندهم و کان رسمهم قراءة الأخبار إما بقراءة الشيخ لهم أو بقراءتهم على الشيخ، و قد تركت في الأزمنة المتأخرة بحيث لم يبق منهما أثر مع أني سمعت ممن قوله حجة بعد الأئمة الأطهار و هو أحد مشايخي في الإجازة ان الفتوى بدون الإجازة غير صحيحة بعد ان كان و أجداً لملكة الأستنباط ثم الحمد لله الذي فضل مداد العلماء على دماء الشهداء و جعلهم ورثة للأنبياء، قال النبي صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ سئلت جبرائيل علیه السلام فقلت: العلماء أكرم عند الله أم الشهداء؟، فقال: العلماء الواحد أكرم عند الله تعالى من ألف شهيد فإن اقتداء العلماء بالأنبياء و أقتداء الشهداء بالعلماء، فقال: من أراد أن ينظر إلى عتقاء الله من النار فلينظر إلى طالب العلم و هو أفضل من المجاهدين و المرابطين و العمار و المعتكفين و المجاورين ويستغفر الله له البحار و الرياح و السحاب و النجوم و النبات وكل شيء طلعت عليه الشمس.

وعن رسول صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ العالم بين الجهال كالحي بين الأموات و أن طالب العلم يستغفر له كل شيء فاطلبوا العلم فانه السبب المتصل بينكم وبين الله. و عن رسول صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ من احتقر طالب العلم فقد احتقرني و من احتقرني فهو في النار. فلهم دار السلام عند ربهم و هو وليهم بما كانوا يعملون.

فقد قام في هذا الزمان الذي أنهدمت أركان الإسلام بإنهدام علم الشريعة سيدي و مولاي السيد الصادق بن السيد الجليل الاقاسید حسن بن السيد النبيل الاقا سيد إبراهيم بن حجة الإسلام فقيه دهره السيد حسين بن المولى السيد رضا بن سيدنا و مولانا بحر العلوم أعلى الله مقامهم و رفع الله درجاتهم وحشرهم الله تعالى مع أجدادهم الطاهرين الطيبين مستجيزا من الداعي خادم العلم و السادة

ص: 24

والداعي بحق إجازتي من الأساطين فاجزت له ان يروي عني كلما صح روايته لي كالكتب الأربعة المعتمدة لدى الكل، ووسائل الشيعة وغيرها وبحار الأنوار وغيرها من كتب المجلسي فارسية كانت أو عربية بل لجنابه ان يروى جميع المصنفات لعلماء الشيعة و السنة و اللغة و الأدبية و المنطق و الحاصل كلما يتوقف الاستنباط عليه فله دام مجده وعزه و أطال الله عمره و جعله الله تعالى من العلماء العاملين و الأساطين الكاملين نقله و روايته.

اللهم اجعله علماً في الشريعه المطهرة وعزاً للإسلام و المسلمين حافظاً لنواميس الشريعة بحق المقربين عندك محمد و اله الطاهرين.

و المرجو من جنابه ان لا ينساني في حياتي و مماتي خصوصاً عند الخلوة مع قاضي الحاجات في ظلم الليالي

سيدي و مولاي...

إلى أن يقول

اما مشايخي:

فالأول: سيدي و مولاي حجة الإسلام و المسلمين السيد علي المشهور انه قزويني (1) صاحب التصنيفات الكثيرة الفقهية و الأصولية.

منها الحاشيه على القوانين و منها التعليقة على المعالم و أعتقادي انه لم يكتب كتاب في الأصول أحسن منه، أستاذي في بحث القوانين و المشهور انه كان صاحب كرامات.

ص: 25


1- قال الشيخ الزنجاني في إجازته للعلّامة الأوردبادي (سيدي و مولاي السيد علي المشهور بالقزويني مع أن أصله و أصل صاحب الظوابط زنجاني) موسوعة الأوردبادي: 1/ 217.

الثاني: سيدي و مولاي الحاج السيد حسين السيد قريش و هو اسم أبيه و اشتهر باسم أبيه لأنه كان صاحب كرامات و مقامات، و الداعي ما ادركت خدمة السيد قريش و لكن تشرفت بخدمة الحاج السيد حسين سنين في قزوين و كان صاحب کرامات بل صاحب طي الأرض بلا شبهة.

الثالث: المولى حجه الإسلام و المسلمين الحاج الملا علي المعروف بحاجي ميرزا خليل و المشهور انه صاحب كرامات وزار بيت الله الحرام حافياً أربع مرات و كان من رسمه زيارة سيد الشهداء (صلوات الله و سلامه عليه) حافياً في الذهاب.

حضرت بحثه في الفقه في النجف الأشرف سنتين.

الرابع: سيدي و مولاي حجه الإسلام و المسلمين صاحب المصنفات الكثيرة (1) و كتب تمام أبواب الفقه، و كان له سلطنه في الحضر و کان نسيبا لصاحب الجواهر (أعلى الله مقامه) و حضر بحث شيخنا الأنصاري أيضاً.

الخامس: مولاي الرجل الرباني بل لم يخلق بعد الأئمة الأطهار مثله و كان حافظاً للكتب الأربعة بجميع أسانيدها و لكلام الله.

و كان عالماً بتنوع ألسنة العالم و لم ياذن في التصريح باسمه الشريف، و هذا الرجل الرباني كان مع مولاي الحاج السيد حسين مقلداً للاستاذ الأكبر مجسمة العقل و التقوى روح التحقيق الحاج الميرزا محمد حسن الشيرازي قدّس سرّه مع أن السيد كان مصدقاً لقاطبة علماء عصره (2) من الساكنين في دار السلطنه قزوين

ص: 26


1- لم يذكر اسمه و لكنه في إجازته للسيد علي النقوي ذكر انه السيد محمد الهندي.
2- أي: (مصدقاً لاجتهاده لا الإجازة الروائية) هكذا وصفه في إجازة العلامة الأوردبادي ينظر موسوعة الاوردبادي: ١ / ٢١٨.

و علماء النجف الأشرف و كذلك الرجل الرباني.

و سألت عن سر تقليدهما فأجابا بجواب اتفق اتحادهما و هو ان الملكة الاستنباطية التي [هي] شرط لحرمة التقليد لسنا و أجدين لها. (1)

السادس: سيدي و مولاي حجه الإسلام و المسلمين صاحب التصنيفات الكثيرة الفقهيه و الأصوليه المولى الميرزا محمد هاشم الخوانساري قدّس سرّه (2) المجاز من الشيخ الأنصاري و تلميذه أيضاً.

و الأمام المحقق الأنصاري قد كان مجازاً من استاذه المحقق النراقي قدّس سرّه و منه تنتهی سلسلته إلى بحر العلوم و منه إلى المعصوم (صلوات الله وسلامه

ص: 27


1- (مع أن السيد الحسين المرحوم كان مقلّداً للأستاذ الأكبر و کان يُرْجِعُ الطلبة _ إذا سُئِل التقليد _ إلى الأستاذ الأكبر، و العوام إلى السيّد الكوه كمري قدّس سرّه. و سألتُ يوماً عن هذه القضيّة مع أنّه كان مصدّقاً منهما بخطهما، فأجاب بأن الإنسان بصير على نفسه، فملكة الاستنباط التي هي المناط في حرمة التقليد ليست موجودةً في، و كان صاحب الكرامات، و قطعاً كان صاحب طيّ الأرض. و المرحوم الآخوند الملّا إسماعيل قراجه داغي حين تشرّف في العراق فأوّل تشرّفه كان في سرّ من رأى في زمان الأستاذ الأكبر - أعلى الله مقامهما _ ففي اليوم الأوّل تشرف الداعي بخدمته و أنجرّ الكلام إلى حال الحاج السيد حسين السيد القرشي، و[أنا] الداعي ذكرتُ أحواله، فبعد الظهر الآخوند ملّا إسماعيل تشرفنا وعرضت خدمته و قلت له: من دلّك على دارنا؟ فقال المرحوم بالاستخارة عينت داركم، فأوّل جلوسه حال السيد المرحوم، و الداعي بعد بيان جملة من أحواله عرضتُ خدمته أنّه عن كان صاحب طيّ الأرض. فصدّقه، فقال: لاقيته في طهران فعلمت أنه صاحب طيّ الأرض) هذا ماذكره العلّامة الزنجاني في إجازة الأور دبادي كما في موسوعته: ١ / ٢١٨.
2- ذكر أنه أخر إجازاتي صدرت منه كما ورد ذلك في إجازته للعلّامة الأوردبادي ينظر موسوعة الأوردبادي: 1 / 208

عليهم أجمعين)..... إلخ (1).

السابع: الشيخ عبد الله المازندراني النجفي. (2)

الثامن: آية الله الشيخ محمد كاظم الخراساني (١٣٢٩ه_).

بعض إجازاته

و ممن استجازه فأجازه

الأول: العلّامة السيد علي تقي النقوي (١٤٠٨ه_) حيث قال:

إني أروي عن العلّامة المتبحر الكامل الجامع لفنون المعقول و المنقول مولانا الشيخ أسد الله بن علي أكبر بن رستم خان الزنجاني دام بقاؤه من تلاميذ آية الله المجدّد الشيرازي الله استفاد من بحثه برهة من الزمن و قضى أيام عمره في خدمة العلم وتدريس المعارف الفقهية و الأصولية، و هو اليوم في النجف الاشرف قاعد بيته قد أحاط به الشيب من كل جانب و أنحلت قواه و أركانه، حضرتُ عنده مستجيزاً لعلو إسناده و قلّة وسائطه فإنه في ذلك يضاهي سيدنا الحسن الصدر فأجازني شفاهاً في رواية الأحاديث إجازة عامة شاملة یوم 25 ذي الحجة سنة ١٣٤٨ ثم أكدها كتابة بعد عدة أيام (3).

الثاني: السيد محمد صادق آل بحر العلوم (١٣٩٩ه_) كما مر عليك في إجازته المفصلة.

ص: 28


1- ينظر أقرب المجازات: ٤٠٥، إجازات الرواية و الاجتهاد: ٥٥٢ يوميات سيرة العلّامة السيد محمد صادق بحر العلوم: ١ / ٦٨١.
2- ذكره و ما بعده الشيخ اقا بزرك الطهراني في هدية الرازي: ١٨٦.
3- النقوي، أقرب المجازات: ٤٠٥، إجازات الرواية و الاجتهاد: ٢٥٥.

الثالث: الشيخ العلامة محمد علي الأوردبادي (1380 ه_) (1).

الرابع: السيد رضا الهندي (2).

الخامس: السيد محمد مهدي الاصفهاني (١٣٩١ه_) (3).

ذكر ذلك في إجازته للسيد محمد حسين الجلالي حيث قال:

(الرابع عشر من مشايخنا الفقيه النبيه و المتكلّم الوجيه العالم الرباني الشيخ أسد الله بن علي أكبر الزنجاني الأصل السامرائي التحصيل، النجفي الخاتمة، كان رحمة الله من العلماء الفحول و نبلاء الفقه و الأصول أدرك عصر العلّامة الحاج ميرزا السيد حسن الشيرازي وحضر دروسه في سامراء و بعده حضر العلّامة المحقق محمد تقي الشيرازي الحائري طاب ثراه) و لم يفارقه و عليه تخرج.

و انتقل من سامراء بعد احتلال العراق بيد الجيش البريطاني مع أستاذه الأخير و كل من كان في سامراء من العلماء (4) و الطلاب إلى الكاظمية و لما انتقل أستاذه إلى الحائر (5) الطاهر بأصحابه و طلابه و أهل بيته بقى شيخنا المشار إليه بالكاظمية مدة مديدة سنين عديدة يدرس فيها، و كنت أحضر أبحاثه الشريفة

ص: 29


1- النقوي، أقرب المجازات: 379، إجازات الرواية و الاجتهاد: ١٦٧؛ الأوردبادي، موسوعة الأوردبادي: 1/ 207.
2- النقوي، أقرب المجازات: ٤٤٤، إجازات الرواية و الاجتهاد: ٣٣٦.
3- السيد محمد مهدي الاصفهاني، أحسن الوديعة ١/ ١٢٦.
4- و قد تقدم منا أنه انتقل الشيخ محمد تقي الشيرازي من سامراء إلى الكاظمية سنة ١٣٣٤ه_ وبرفقته أعلام تلامذته أمثال السيد آية الله الميرزا علي آقا نجل المجدّد الشيرازي و الشيخ أسد الله الزنجاني و السيد هادي الحسيني الخراساني و الميرزا محمد الطهراني و الشيخ اغا بزرك الطهراني.
5- ينظر الأوردبادي، موسوعة الأوردبادي: ٣١٢/١٠.

و کان يحبني حباً جماً، و كتب لنا إجازة على ظهر كتابنا الأنوار الكاظمية في أحوال السادات الموسوية بتاريخ السابع عشر شوال سنه ( ١٣٤٢ ه_ ).

ثم انتقل في الشهر المذكور من السنه المذكوره إلى الغري السري).

السادس: السيد محمد الحجة الكوهكمري (1372 ه_) (1).

السابع الشيخ محمد رضا الطبسي (١٤٠٥ ه_ ) (2).

الثامن: الشيخ علي الغروي العلياري.

التاسع: الشيخ محمد تقي الاملي (3).

آثاره

كانت له جملة من الآثار سوى التدريس وتربية الطلبة فلقد كان محبوبا لدى الأوساط العلمية و کان نشيطاً عند المباحثة غيوراً على الشعائر الدينية، و له مؤلّفات كثيرة، و قد ذكر في إجازته للشيخ محمد رضا الطبسي (انا الداعي لي مصنفات كثيرة فقهية و أصولية مستقلة وتعاليق، ولکن كلها مسودات و المبيضة تلفت في سامراء).

و منها:

1. حاشية على الوسائل في ثلاثة مجلدات.

٢. كتاب البيع مبسوط.

3. كتاب الخيارات.

ص: 30


1- المرعشي المسلسلات في الاجازات: ٢ / ٤٢٧.
2- المصدر نفسه ٢ / ٤٦٢.
3- حسن زاده، سماء المعرفة: 192.

4. رسالة في قاعدة: الناس مسلّطون على أموالهم.

5. رسالة في قاعدة لا ضرر.

٦. رسالة في قاعدة: (أوفوا بالعقود) كتب هذه الثلاثة من بحث أستاذه آية الله الشيرازي رحمة الله في سامراء.

7. كتاب الطهارة معلّقاً على نجاة العباد كتبه تقريراً لبحث أستاذه المجدّد.

8. كتاب آخر في الطهارة كتبه أيضاً تقريراً لبحثه عند تدريس طهارة الشيخ برز منه إلى مبحث الماء المضاف.

٩. كتاب في مباحث الألفاظ أيضاً تقريراً لبحثه.

10. كتاب آخر في مباحث الألفاظ ضمنه النظريات الشريفة في الفقه و الأصول.

11. رسالة في اللباس المشكوك، إلى غير ذلك من الفوائد الشريفة في الفقه و الأصول (1).

و أضاف العلامة الأوردبادي مجموعة أخرى من مؤلفات المترجم:

1. رسالة في تداخل الأسباب.

2. رسالة في تداخل الأغسال

3. رسالة في الشكوك.

4. رسالة في الخلل.

5. رسالة في الزكاة و هي الرسالة التي بين يديك.

6. كتاب في القواعد الكلية بعضها من تقرير أبحاث أستاذه.

ص: 31


1- الأميني، أعيان الشيعة: ٣/ ٢٨٥.

7. تقرير في الأصول: مبحث المفاهيم و الاستصحاب و التعادل و التراجيح و العام و الخاص (1).

عقبه

له ولد و أحد و هو القائم مقامه في الفضائل الميرزا علي الزنجاني ولد في سنة 1308 ه_ (2)، كان عالماً جليلا جليلًا و من أئمة الجماعة في الكاظمية المقدسة له کتاب فروع العلم الإجمالي.

تو في في الكاظمية المقدسة ليلة الثاني من شهر رمضان من سنة ١٣٨٩ ه_ (3).

_ و له بنت تزوج منها في سامراء الشيخ علي أصغر بن المولى رجب علي الديزجي.(4)

والجدير بالذكر أن الشيخ كاظم آل نوح قال في أحد مجالسه (5)، و هو يتكلّم عن تربية النبي صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ للإمام علي علیه السلام.

ذهبت إلى سامراء قبل خمسين سنة، أنا و السيّد محمد جواد الصدر الله، فدخلنا في بعض الليالي على الشيخ أسد الله الزنجاني، و هو أبو ميرزا علي الزنجاني الذي يصلي جماعة في الصحن الكاظمي، عند الباب الجديدة من جهة باب القبلة. و کان عنده طفل عمره حدود الأربع سنوات، دخلنا و جلسنا ساعة

ص: 32


1- الأوردبادي، موسوعة الاوردبادي: ١١ / ٣٤.
2- الطهراني، الذريعة: ١٦ / ١٨٤.
3- الطهراني، الذريعة: ٤ / 370، الطبقات: ١٣/ ١٥٤. و الملفت للنظر أن سماحة حجة الإسلام و المسلمين السيد محمد كلانتر ذكر أنه سلّمه بعض المخطوطات في سنة ١٣٩١ ه_ كما سيرد عليك قريباً.
4- الطهراني، الذريعة: ٤ / ٣٨٢.
5- في شهر محرم سنة ١٣٧٧ه_، في تكية الصحن الكاظمي.

أو أكثر، و الطفل جاثيًا على ركبتيه (مثل جلسة الصلاة عند التشهد)، لم يتحرك و لم يتكلّم أبدًا، إلى أن قمنا و خرجنا (1).

و لعل هذا الطفل هو سبط الشيخ الزنجاني من ابنته لأن ميرزا علي في وقتها كان عمره بحدود (19) سنه و الله العالم.

وفاته

و صار في آخر عمره قعيد بيته قد استولى عليه العجز و قد ضعف مزاجه وصار زَمِناً و قد وصف المترجم له حاله تلك قائلاً: (و الداعي فعلاً ذو أمراض كثيرة، أحدها عرق النسا؛ مانعة من التحرير مع شدّة حرارة الهواء في النجف الأشرف بل مانعة من التصوّر - اللهم اشفني بشفائك وداوني بدوائك بحق محمّد و اله _ العبد المذنب العاصي المتغرّق في بحار المعاصي) (2).

و استمر على هذه الحال إلى أن توفى في النجف الاشرف يوم الثلاثاء التاسع من شهر رجب (3) ١٣٥٤ ه_ و دفن في وسط الصحن العلوي الشمالي و قدامه مقبرة الشرياني و خلفه مقبرة الحاج معين البوشهري.

ص: 33


1- عبد الكريم الدباغ، سامراء في تراث الكاظميين و أثارهم: ١٨٥.
2- ينظر الأوردبادي، موسوعة الاوردبادي: 1/ 219.
3- ذكرت بعض المصادر انه توفى في ضحى الأربعاء العاشر من رجب ينظر: إجازته للسيد محمد حسين الجلالي و في إجازته للسيد الصفاتي الخوانساري، وفيات الأعلام السيد صادق بحر العلوم: ٢/ ٦٨٧.

٣٤

النسخة المعتمدة

مخطوطة مباحث الزكاة تقع في قطعتين كل على حدة _ كما سيرد عليك قريباً _ إحداهما في مسائل متفرّقة من الزكاة و الأخرى في زكاة الأنعام وكلاهما ضمن مجموعة واحدة موجودة في مكتبة جامعة النجف الدينية برقم ٢٢٠ منضمة إلى غيرها من الرسائل و جلّها بخط الشيخ أسد الله الزنجاني و هي تقريرات لأستاذه السيد المجدد الشيرازي.

وصف المخطوطة

ورقها أصفر طول الورقة (21) و عرضها (١٥) سنتمتراً، عدد الاسطر ١٣ - ١٤ و قد جمع الكاتب بين خطي التعليق و الشكسته (1)) غير المنقط.

و قد كتب الشيخ أسد الله الزنجاني رحمة الله على غلاف كل منهما باللغة الفارسية وقفية للنسخة على ولده الميرزا علي الزنجاني الله و أولاده طبقة و أولاده طبقة بعد طبقة.

كما أن سماحة السيد الحجة محمد كلانتر طاب ثراه كتب بخطه الشريف على الصفحة الأولى للقطعة الأولى ما نصه: (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على أشرف بريته محمد و اله البررة الميامين و بعد فهذه من المخطوطات النادرة بمكتبة جامعة النجف الدينية في النجف الأشرف ٢٧ – ١1- ١٤١٩ه_). و ذيلها بتوقيعه الشريف.

ثم إن بداية هذه الرسالة مفقودة و قد كتب الشيخ أسد الله الزنجاني على صفحتها الأولى ما ترجمته: (في السنة الأولى وبأمر الأستاذ الأكبر قدّس سرّه [و يعني به المجدّد الشيرازي] (2) الذي حكم بالإقامة و المجاورة في سر من رأى و کان

ص: 34


1- خط الشكسته ابتدع في إيران في العهد الصفوي و هو من خط التعليق.
2- إذ قد علمت أنه يعبر عن السيد المجدّد خاصة بهذا التعبير.

يباحث كتاب الزكاة فكتبت هذا تقريراً لبحثه و قد كتبت مباحث أخرى في أجزاء [دفاتر] أخرى و يوجد أغلبها ) و يفهم منه قدّس سرّه أنه كتبها في مسودات و كذا يظهر أنه جمعها (1) بعد وفاة المجدّد الشيرازي إذ أنه في المتن دعا له بطول البقاء، و هنا قال: (قدس سره).

و الظاهر أيضاً أنه عندما جمعها لم يعثر على بداية هذه الرسالة و لذا كتب تعريفها على الصفحة الموجودة فعلاً و التي اعتبرناها الأولى كما في الكثير من رسائله الأخرى التي رأيناها.

ثم يظهر أنه أنهى هذه المسائل لأنه ذيلها بقوله: (اللهم وفقنا للعلم و العمل بحق خاتم النبيين صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كما هي عادته عند الانتهاء من كتابة البحث.

و القطعة الأولى من المخطوطة مؤلّفة من خمس مسائل:

الأولى: في أنه هل يجب دفع الزكاة من عين النصاب أم يجزي ولو من غيره؟

الثانية: في أنه هل تتعلّق الزكاة على مالٍ مات مالكه وعليه دين أم لا؟

الثالثة: في تعريف مال التجارة.

الرابعة: في شروط الزكاة في مال التجارة.

الخامسة: في أن الزكاة تتعلّق بقيمة المتاع لا بعينه.

ص: 35


1- الظاهر أنه أعاد النظر بمسوداته بعد حين فقد كتب في حاشية مخطوطته في تقرير بحث أستاذه لقاعدة السلطنة ما نصه: (و لقد حررت هذه القاعدة مع قاعدة لا ضرر و لا ضرار و قاعدة أوفوا بالعقود في بحث سيدي و مولاي مجسم العقل و التقوى المولى الحاج الشيرازي محمد حسن أطال الله بقاءه) وضاعت مني قاعدة أوفوا بالعقود و قد حررتها.ثانياً. و أنا العبد المذنب الشيخ أسد الله الزنجاني عفى الله عنه).

القطعة الثانية من المخطوطة هي في زكاة الانعام و هي لا تختلف في وصفها مع القطعة الأولى و هي عبارة عن بحث في بعض شروط زكاة الأنعام وهي: الشرط الثاني: (السوم) و الثالث: (الحول) فقط.

نسبة النسخة:

بعد ما عرفت من الاتفاق على أن هذه الأبحاث من إفادات السيد المجدّد الشيرازي قدّس سرّه و أن الخط هو خط الشيخ أسد الله الزنجاني لكن يبقى سؤال مهم من هو المقرر، هل هو الشيخ أسد الله أم هو السيد محمد الأصفهاني الفشارکی قدّس سرّهما؟

فيمكن أن يقال أن ههنا احتمالين:

الأول: أنها من تقرير الشيخ؛ فإنه حضر عند السيد المجدّد في السنة الثلاثمائة بعد الألف و کان يقرر أبحاثه كما ذكر ذلك هو بنفسه على الصفحة الأولى للمخطوطة و قد تقدم إيراد عبارته كاملة.

و قد تكرر منه التصريح بذلك في بقية ما أثر عنه من الرسائل التي كتبها تقريراً لبحث أستاذه الأكبر (1) - كما عرفت من أنه لا يطلق هذا اللقب إلا على

ص: 36


1- الظاهر أن الشيخ أسد الله كان من تلامذة السيد المجدّد النابغين بالرغم من كونه آنذاك في بداية شبابه فمع صعوبة درس السيد و أستعصائه على فهم بعض الطلبة _ كما ستسمعه قريباً _ إلا أن الشيخ كتب تلك الأبحاث و قررها كأحسن ما يكون التقرير، ويدل على ذلك بوضوح التواريخ التي وضعها على تقريراته فقد كتب على نسخة تعلّق (النذر و الشرط و ما شابههما بالمسببات): 1302ه_، و كتب آخر نسخة (بحث الشروط) اثني عشر شهر صفر المظفر سنة ١٣٠٣ه_، و كتب في نهاية نسخة قاعدة السلطنة في شعبان ١٣٠٥ه_. و قد كتب على كل هذه النسخ وغيرها أنها أبحاث الأستاذ الأكبر المحقق الشيرازي، و هناك نسخة أخرى كتب عليها أنها من أبحاث السيد محمد الأصفهاني في سر من رأى رمضان ١٣٠٤ه_، هي في قاعدة التسامح و منه يظهر أنه بالإضافة إلى بحث المجدّد كان يحضر بحث السيد الأصفهاني الفشاركي، ويقرر بحثه.

السيد المجدّد الشيرازي - بل صرّح في بعض المواضع باسمه الشريف _ كما في الصفحة الأولى لزكاة الأنعام ما ترجمته:.. في كتاب الزكاة لسيدنا الأستاذ الأكبر المحقق الشيرازي قدّس سرّه...) و كذلك كتب على الصفحة الأولى لرسالة الظن المانع و الممنوع) ما ترجمته: (هذا درس الأستاذ الأكبر المحقق الشيرازي قدّس سرّه كتبتها في أوائل حضوري). مما لا يبقي مجالاً للشك بأن الشيخ قد حضر أبحاث أستاذه المجدّد و كتب تقريراته و منها هذه المباحث.

الثاني: أن المقرر هو السيد محمد الأصفهاني الفشاركي وذلك لأمرين:

الأول: قد كُتِب على غلاف المخطوطة عبارة تؤكد ذلك و هي كالآتي: (تقريرات السيد محمد الأصفهاني قدّس سرّه لبحث أستاذه الميرزا محمد حسن الشيرازي حين تلمذه عنده في مسألة الزكاة).

و الثاني: أن السيد كلانتر رحمة الله ذهب إلى أن هذه المخطوطة (أعني: الزكاة) من تقريرات السيد محمد الأصفهاني الفشاركي لأبحاث أستاذه المجدّد الشيرازي قدّس سرّه، فقد قال ما نصه:

(هناك تقريرات لبعض تلامذته ( يعني: المجدد) المحققين من دروسه الملقاة عليهم خلال توقفه في سامراء.

إليك أسماء من كتبوا تقريراته: (1)

ص: 37


1- لا يخفى أن سماحة السيد كلانتر ( طاب ثراه) إنما يتحدث عما رآه من التقريرات لتلامذة المجدّد و هذا من الأمانة العلمية، و الا فهناك العشرات ممن كتبوا تقريرات هذا الأستاذ الكبير أو ضمنوا بحوثهم و مصنفاتهم أفكاره و أراءه و قد أحصى مركز تراث سامراء إلى الآن ما يربو على الثلاثمائة عنو إن مما ألف في سامراء، الكثير منها من تقريرات أبحاث المجدّد الميرزا الشيرازي ونعتقد أنه ما زال هناك الكثير من درر تلك الحوزة المعطاء.

الأول: للمحقق المدقق الشيخ أسد الله الزنجاني (طاب ثراه) و هو بخطه الجيد جداً.

الثاني له أيضاً وبخطه النفيس جداً.

الثالث: للمحقق النحرير و المدقق الشهير السيد محمد الأصفهاني الطباطبائي قدّس سرّه في الزكاة. و هذه خطية أيضاً نفيسة جداً و هذه الكتب الثلاثة موجودة في مكتبتنا مكتبة جامعة النجف الدينية أهداها - مع كتب أخرى ثمينة - نجله الجليل العلّامة المرحوم الشيخ ميرزا علي الزنجاني (طاب ثراه) في عام 1391ه_، و أثبتناها في فهرس المكتبة وسجلناها باسم المرحومين تغمدهما الله برحمته) (1).

و بما اننا قمنا بجرد جميع مخطوطات الشيخ أسد الله الزنجاني و السيد المحقق الأصفهاني الموجودة فعلاً في مكتبة جامعة النجف الدينية و لم نعثر على مخطوطة في الزكاة إلا على هذه النسخة و على صفحتها الأولى خط السيد الحجة محمد كلانتر - كما تقدم نقله _ فتكون هذه النسخة هي المقصودة ظاهراً بكلام السيد محمد كلانتر قدّس سرّه.

و لا يرتاب الناظر في صدق هذه الدعوى حيث إن المتكلّم هو من أعلام مدرسة النجف الأشرف وعلمائها و قد أخذ هذه المجموعة من يد نجل الشيخ أسد الله و هو من العلماء و قد تقدم أن الشيخ صاحب الذريعة عبر عنه بأنه القائم مقام و الده في الفضائل و أهل الدار أدرى بالذي فيها.

ص: 38


1- مقدمة كتاب المكاسب طبعة جامعة النجف: ١٤١.

وعليه فهذا الاحتمال لا يمكن غظ الطرف عنه.

إلا أن الأقرب أنها من تقريرات الشيخ أسد الله فما كتبه بخط يده نص في أنه هو المقرر لأبحاث أستاذه، أما ما نقله السيد كلانتر فظاهر من عبارته أنه جازم بالنسبة ولکن لم يظهر لنا مدرك ذلك هل هو العبارة المكتوبة على غلاف المخطوط أم هو إخبار الميرزا علي نجل الشيخ وكلاهما لا يعارضان ما كتبه الشيخ أسد الله بخط يده أما تلك العبارة - التي على غلاف المخطوطة - فلم تعرف هوية كاتبها و لا زمان كتابتها، مما يمنع من الاعتماد عليها و أما الميرزا علي - لو كان هو الناقل - فلا يمكن الاعتماد على ما نقله بعد تصريح و الده بما علمت.

نعم يمكن أن يقال: إن هنا وجهاً يصلح أن يكون جامعاً بين الرأيين و هو:

أنه لا يخفى أن الشيخ أسد الله الزنجاني هو من صغار تلامذة المجدّد - فهو - كما علمت تولد 1282 ه_ _ وورد سامراء في المائة الثالثة بعد الألف يعني بعمر ١٨ سنة تقريباً ويشترك معه في ذلك كل من: الميرزا علي آقا نجل السيد المجدّد و الميرزا محمد رجب الطهراني و الشيخ محمد حسين النائيني هؤلاء كلهم متقاربون في العمر ولذا طلب السيد المجدّد من كبار طلبته أمثال: الشيخ محمد تقي الشيرازي و السيد محمد الأصفهاني الفشاركي و السيد حسن الصدر وغيرهم أن يهتموا بهؤلاء الطلبة و أضرابهم فإنهم مع حضورهم بحث السيد المجدّد تربوا عند أولئك الأفذاذ.

و من هنا يمكن أن يقال: إنه من القريب أن يكون الشيخ أسد الله الزنجاني ممن يحضر بحث أستاذه السيد المجدّد ولکن مع ذلك يحضر تقرير تلك الأبحاث

ص: 39

على بعض الأفذاذ من طلبته، فقد ذكر السيد حسن الصدر: (أنه من قصر مقامه عن التكلّم في مجلس درس سيدنا الأستاذ قل انتفاعه منه إلا أن يحصله من الأفاضل المقررين للدرس، وكنت ممن يقرر الدرس لبعض التلامذة، و أكتبه، و ما كان يقدر على كتابته إلا القليل من الأصحاب و کان هو قدّس سرّه يكتب قبل الدرس أنظاره و أفكاره التي يريد تدريسها _ حسبما حدثني به هو قدّس سرّه - قال: و أصل وضعي في المطالعة أن آخذ القلم و أكتب ما في فكري و أفكر فيه لكني أكتب ذلك على الأوراق الباطلة وبين سطور المكاتيب و الخطوط التي ترسل إليَّ [لا] على ترتيب، و لا في كتاب و کان يجمع ذلك ويثقله ويرميه في الشط على ما حدثني به ولده الأكبر الآقا المرحوم الحاج ميرزا محمد، أحد من كنت أقرر لهم الدرس ) (1).

و قال العلّامة الأوردبادي ما نصه: (و بما أن دروس سيدنا الأستاذ المجدد ما كان يستفيد منها إلا المنتهي والفني الضليع كانت هناك حلقات أخرى للتدريس لفطاحل العلماء من تلاميذه يلقون تلكم الحقائق الناصعة بوجه أبسط أو يترجون في الإفاضة ريثما تتكامل قوى التلاميذ وتتدرج منتهم و أولئك المدرّسون للصفوف المتأخرة هم الآيات الأعلام: السيد إسماعيل ابن عم سيدنا المجدّد و السيد محمد الأصفهاني و الميرزا محمد تقي الشيرازي..)(2)

و عليه يمكننا الجزم بأن التقرير هو للشيخ أسد الله لبحث أستاذه السيد المجدّد الذي استفاده منه ولو بواسطة توضيح السيد الفشاركي، و تقريره مرة أخرى.

ص: 40


1- الصدر، تكملة أمل الآمل: ٣٣٤/٥.
2- الأوردبادي، الموسوعة: ١١/ ٤٩.

عملنا في التحقيق

نحمد الله تعالى على نعمه المتكاثرة و مننه المتواترة ونصلي ونسلم على خير الأخيار وخازن الأسرار محمد المختار و اله الأبرار.

و بعد فقد حصلنا على هذه المخطوطة الفريدة و الدرة النفيسة من مكتبة جامعة النجف الدينية في النجف الأشرف في ضمن مجموعة مخطوطات تخص علماء سامراء، فلهم منا و أفر الشكر و التقدير.

و لما كانت النسخة مكتوبة بخط غير منقط فقد شرعنا في تحقيقها على مراحل:

1. قراءتها وكتابتها منقطة و قد استفرغنا الوسع في قراءة عباراتها إلا أن بعضها لم تكن قابلة للقراءة أصلاً فأشرنا إلى ذلك بوضع نقاط في المتن ونبهنا على ذلك في الهامش و کانت بعض العبارات مع وضوح لفظها إلا أنها غير صحيحة التركيب و هي على نحوين:

الأول: لم يتضح مراد المصنف منها فعبرنا عنها في الهامش ب_ (كذا في الأصل).

الثاني: استوضحنا المراد منها فأثبتناه في الهامش دون المساس بالمتن.

2. ضبط متنها حسب قواعد الإملاء.

3. مقابلة ما كتبناه بالنسخة الأصلية عدة مرات.

٤. تخريج الآيات وتخريج الروايات من مصادرها الأصلية وتخريج ما نقله من أقوال العلماء وذكر بعض عبائرهم عند اقتضاء الضرورة ذلك.

5. اشتملت المخطوطة على ذكر بعض الحواشي حول المتن _ و هي موارد

ص: 41

قليلة _ و کان بعضها تصحيحاً للمتن أو سقطاً في العبارة و قد أدرجنا ذلك في موضعه من المتن، و أما البعض الآخر فكان من قبيل التعليقة و قد أدرجناه في الهامش بعنو إن ( منه رحمة الله) و وضعنا الرقم على ما يناسبه من المتن لعدم الإشارة إليه من قبل المقرر.

٦. أضفنا بعض الكلمات التي اقتضاها السياق ونحتمل أنها سقطت سهواً و جعلناها بين معقوفين كبيرين []، كما أنا و جدنا بعض البياض في بعض عباراتها فتممنا العبارة بما يقتضيه المطلب العلمي و أشرنا إلى ذلك في الهامش ولکن قد يستغرب وجود بياض يشكل نقصاً في العبارة مع أن المخطوطة مكتوبة بيد المقرر و لم تكن نسخة حتى يحتمل أن الناسخ لم يقرأ تلك الكلمة فتركها بياضاً أو غير ذلك من الاحتمالات.

7. أضفنا بعض العناوين الفرعية لاقتضاء التبويب و الفهرسة و ميّزناها عن عناوين المؤلّف (طاب ثراه) بأن جعلنا ما أضفناه بين معقوفين كبيرين [].

8. نظراً إلى أن المقرر لم يضع اسماً لما في أيدينا من التقرير فقد ارتأينا أن نسميها باسم توصيفي و هو (مباحث من كتاب الزكاة).

ص: 42

شكر و تقدير

بعد الحمد و الشكر الله العلي القدير الذي وفقني و يسرلي هذا العمل و رزقني منه رزقاً حسناً فله المنة.

أتقدم بالشكر الجزيل و الثناء الجميل لكل من أعانني في عملي هذا و أخراجه بهذا الشكل و أخص بالذكر بعض الأعلام من أساتذتنا الذي أتحفنا بملاحظات سديدة ونصائح مفيدة و الشكر موصول لأخي و نور عيني سماحة الشيخ المفضال كريم مسير (دامت بركاته) الذي أتعب نفسه معي، كما و أشكر أخوتي و أبنائي في مركز تراث سامراء أعزهم الله.

و كلي أمل بأساتذتي الفضلاء و أخواني الطلبة الأجلاء أن ينظروا بعين التدبر و يرشدونني إلى مواضع التعثر فمع قلة البضاعة قد بذلنا الوسع و أستنفذنا الطاقة.

اللهم تقبل منا هذا القليل و أجعله ذخراً لنا يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

و صلّى الله على نبينا محمد و اله الطاهرين.

غسان الخرسان

في الثامن من شهر رمضان عام ١٤٤١ه_

ص: 43

ص: 44

الصورة

جاری را نوشته ام در بورات

هیر است شبکه ای محصورات

مللی لاله وقف عام ہے

الله على الطرف پرستی

وجود و مع ارم اداری راست اهر و هر ون پر میسر است را مردم مار کر اللہ اسما العالمین تولع ان مخصص حو له هما ال الله اسرا دل مجمد و الد البرامج الميامين محمد اله الا طهوریت وبعد تنها من المخطوبات المنادية المكتبة جامعة الحب الدستة في با همه او الى الحر على السطر الحامل به همه همسران رکھا۔

السلام احمد یا موی سر من المظاهر عدم الصور الاول جماد ظاهر الله است بر سر می دگان اداره میرسونه مودم کرام کا دس بار جنب دارانه دار ها بر یکی دو سال سن المدارس که در سایت یم صلاح ير بصعہ ال کر اس مناظرات مردم اخر سال استاندارد در به ارس از دست کم بری

٢٧-١١ - ١٤١٩

الصفحة الأولى من مخطوطة كتاب الزكاة

ص: 45

الصورة

امل الصور فرع ماکان و استار شت ہے عام مسار من اداری و أسه ر له سوریه بلوار و لطف ما الدمارس مهار کار امر در استرس رایده ساری در نها هالک سه کار نامه ما وصف العام للها زمان ان پاک مصر الدرداران من ام دی سونا وجهت اراک ما با اسطه دورهام اس بارین عرض صور لها، و ماسية فرص مصور الم حبا كان الصور الا لله نا و أم ماری ارد اله مرا سر رای سیار سماع همه لعاب کالی و هم فرما دوره های بارانی الماء كالها المس العائى عامہ الہم ایسا کام نے عدد مرا

يامه العام الواحد و أر دادى بصمه راس العام جمعہ دو عالمہ بھی موقعہ مداد مکمل صعاف ملک برد اغنیه جهاء كالجارہ نصف هایی و سه لماله الهام ازار و ارداد بیمه و سقط و حب الر کو بدن را اسان وارگان اهالی ر اس مال الیس سال ملالہ کو سر عالم الا بطراب را که علاف حال امام الماس های معری نامی سر استان رف سے مار همعول الظاهر عدم الر راس بال اور ماں ہوں میرے اس المال ما مر س نے ہماری مد الله بصر ہر کیف یا هر صد در قدام امه و اجراها الكمي بهمن کی عالم اسرار زكرة سيد الاسنان الام

الصفحة الأخيرة من مخطوطة كتاب الزكاة

ص: 46

الصورة

بر العالم و أرد بر مرسال العرور مردها او در حال انت جنایتها مورد اساس الشباب قال شرکت دمدار به ما حسب مورد اهالی بطری هام عمامه

الصفحة الأولى من مخطوطة كتاب زكاة الأنعام

ص: 47

الصورة

بسم الله الرحمن الرحیم

میں نے رول کھیل نے و أسطہ دے اگر و أحد و أن لم سلم سے محبان بھی اردوی محرد المال و الم کار اور فر مهر در ابسط الا دھول و الے مان ان المراد بال جو سر حول الملا عمر مروالوجود البر را لمس مدير كر م و من خلال ما الدور و مولکوں کو حصو و الواح در حول وكول وع سر من اول اسی مر د ارور نے اول السنة الرام دال ایران است کون مارکت مصر علہ کول سری و ہو اور مر به ر تورات کس لی له امهر ایان عراهای شرایط بر سر اصل این امر دود عمر مہر ادا منہ ہی عمر دو حاد امام علی و لا مراد ہو اور ساری متحرک از حد برقعی ایک ان مون سرانه داران ده د ده لو انتو دور، دال ما اومد و من راشد ملك الالوم

الصفحة الأخيرة من مخطوطة كتاب زكاة الأنعام

ص: 48

ديو إن الوقف الشرعی

العتبة العسکریة المقدسه

مباحث

من کتاب الزَّكَاة

الشرفاوي

تقريرالبَحْثِ السَيّدِ المجدد الشيرازي قدّس سرّه

ت ١٣١٢ه_

بقلم

العلامَةِ الفَقِيهُ الشيخ اسد الله الزنجاني

ت ١٣٥٤ه_

تحقيق

مرکز تراث سامراء

ص: 49

ص: 50

مباحث من كتاب الزكاة

المسألة الأولى:[هل يلزم إخراج الزكاة من العين الزكوية أو يمكن التعدي إلى غيرها من المثل أو القيمة؟]

اشارة

[مسألة: هل يجب دفع الزكاة من عين النصاب أو يجزي ولو من غيره؟ أما على](1) مذهب المحقق (2) فواضح، و أما على المشهور (3) من تعلّق الزكاة حين الانعقاد و الاحمرار و الاصفرار فيعلم الوجه فيما ذكر (4) وغيره - من العكس و هو دفع التمر عن الرطب و الزبيب عن العنب وغيره من دفع الرطب عن البسر و العنب عن الحصرم - مما ذكر من الأخبار، فإن مقتضى قوله علیه السلام: «فيما أنبت الله العشر أو نصفه (5) أن يكون العشر - و هو الجزء من الكل - من نفس

ص: 51


1- في الأصل سقط، و ما أثبتناه يقتضيه السياق.
2- المحقق الحلي المختصر النافع: ٥٧، المعتبر: ٢/ ٥٣٦، الشرائع: ١/ ١١٦، و مذهبه هو التعلّق حين صدق التسمية.
3- الطوسي، المبسوط: 1/ 102؛ العلّامة الحلي التذكرة: ٥ / ١٤٧؛ الشهيد الأول، البيان: 297.
4- يعود على ما تقدم، و هو مفقود.
5- كذا في الأصل، و الصحيح: ما أنبتت الأرض كما في الطوسي، التهذيب: ١٣/٤ ح٢، الاستبصار: ١٤/٢.

ما أنبت الله، و مقتضاه عدم التعدي فريضة عن شخص ما يتعلّق الزكاة به، غاية الأمر ثبوت التعدي إلى المماثل، و أما غيره - كالأمثلة المذكورة _ فلا دليل على التعدي. (1)

لا يقال: بعد تسليم التعدي إلى المماثل لابد من التعدي إلى غيره أيضاً؛ لأن قوله علیه السلام: «ففيه العشر» لم يبقَ حينئذ على ظاهره من كون العشر جزءاً من الكل، فإذا لم يكن المراد بالعشر ما هو جزء الكل فلابد من أن يكون المراد مقداره وحينئذ يصدق على غير المماثل أيضاً أنه مقدار العشر. (2)

لأنا نقول: إذا دلّت القرينة على أن المراد بقوله علیه السلام: «ففيه العشر» أن فيه مقدار العشر لكان الأمر كما ذكرت لكن اللازم العمل بما هو الظاهر من اللفظ من عدم التعدي أصلاً، و نحن نأخذ بهذا الظاهر (3) إلا فيما ثبت الدليل - من

ص: 52


1- قال المحقق السبزواري في كفاية الأحكام: 1/ 203): (إن) المشهور بين الأصحاب أن الزكاة تجب في العين لا في الذمة سواء كان المال حيواناً أو غلّةً أو ثماراً)، و العلّامة في تذكرة الفقهاء ٥ / ١٦٨: (إنها تتعلّق بالعين)، إلا أن الشهيد في البيان (ط. ج) ١٨٤ قال: (نقل ابن حمزة عن بعض الأصحاب وجوبها في الذمة). ولکن هل يجوز إعطاء الفريضة من غير النصاب و أن اشتمل عليها أو لا؟ اختار في المدارك: ٥ / ٩٨ الأول و قال: (لأن التعلق بالعين على طريق الاستحقاق)، أما المحقق الحلي فقد اختار الثاني، بل قال في المعتبر: ٢/ ٥١٦: (وبه قال علماؤنا أجمع)، و أستدل له بما رواه البرقي عن أبي جعفر الثاني الها: «هل يجوز أن يخرج عما يجب في الحرث من الحنطة و الشعير، و ما يجب على الذهب دراهم بقيمة ما يسوي أو لا يجوز إلا أن يخرج من كل شيء ما فيه ؟ فأجاب: أيما تيسر يخرج». الكافي: ٣/ ٥٥٩. و في التهذيب: ٤/ 95: ما يسوى.
2- لعله إشارة إلى ما في كتاب الزكاة للشيخ الأنصاري: ٢٠٦.
3- يلاحظ النجفي، جواهر الكلام: ١٣٩/١٥ حيث قال: (لا ريب في تعلّقها بالعين في الغلات الوارد فيها العشر و نصفه و نحوهما مما هو حصة مشاعة في العين الخارجية).

الإجماع أو غيره - على خلافه، و الفرض أنه لا دليل على ثبوت التعدي إلى غير المماثل.

[وقت الإخراج]

ثم لا يخفى أن قوله علیه السلام: «فيها أنبتت الأرض» لا نظر له إلى وقت أصلاً سواء كان وقت الوجوب أو الأداء أو ما بينهما، بل الحكم فيه ليس إلا على نفس ما أنبتت الأرض في أي وقت كان من غير منافاة بينه وبين ما يعين وقت الوجوب و الأداء.

فيكون محصل معناه أن في نفس ما أنبتت الأرض العشر و نصفه، فكلّما ريد إخراج العشر و نصفه في أي وقت كان لابد من ملاحظة ما هو الموجود من المخرج عنه ثم إخراج عشره لا ملاحظة حال تعلّق الوجوب أو حال الأداء؛ لما عرفت من عدم النظر فيه إلى وقت.

فما قد يورد: من أنه بعد تعلّق الوجوب و الحكم بإخراج الزكاة - ولو موسعاً - لابد أن يكون الوجوب في أول زمان الواجب الموسع معلوماً، فيصير مفاد قوله علیه السلام: «فيما أنبتت الأرض - نظراً إلى ذلك _ لزوم إخراج العشر مما يكون حال تعلّق وجوب الزكاة، و الا لم يكن التكليف بالوجوب الموسع معلوماً؛ لعدم تعين ما ورد عليه الزكاة فإنه في معرض الازدياد و النقصان...(1) في عدم لزوم إخراج العشر مما يحدث بعد تعلّق الزكاة إلا على القول بالشركة، نظراً إلى كون وجود ما يحدث حينئذ... (2) و تبعاً للموجود الذي يكون مشتركاً

ص: 53


1- كلمة لم تقرأ.
2- كلمة لم تقرأ.

بين المالك و الفقير. (1)

واضح الاندفاع؛ لما عرفت من المعلومية، و أن مورد تعلّق الوجوب هو نفس ما أنبتت الأرض من دون ملاحظة وقت معين فيه أصلاً، بل الملحوظ ليس إلا وجوده المنبسط من أول زمان تعلق الوجوب إلى وقت لزوم الأداء، فيكون اللازم في كل زمان يراد فيه إخراج الزكاة ملاحظة وجود نفس ما أنبتت ثم إخراج عشره من غير فرق بين القول بالشركة أو غيره من القول بكون تعلّق الزكاة يكون كتعلّق حق الرهانة أو الجباية.

[المؤونة و أحكامها]

ثم إنه لا بأس بذكر تنبيه كان ذكره في ذيل بحث إخراج المؤونة لائقاً، لكنه انجرَّ الكلام إليه في ذيل المقام:

و هو أن المؤونة - التي يجوز إخراجها من الزكاة - هي عبارة عما يخرج في إصلاح الحاصل فعلاً، فيكون - متى أُريد إخراج الزكاة بعد تعلّق الوجوب مثلاً بلا فاصلةٍ - اللازم هو استثناء المؤونة إلى هذا الزمان، فيكون الزرع إذا بلغ نصاباً بعد استثناء هذه المؤونة يجب فيه الزكاة و أن كان ناقصاً عن النصاب بعد ملاحظة المؤونة اللازمة للزرع إذا فرض بقاؤه إلى زمان البدو و صيرورة الرطب و العنب تمراً أو زبيباً.

ص: 54


1- نسب العلّامة في التذكرة: 198/5 القول بالشركة إلى مالك و الشافعي، و ضعفه، و احتمله في القواعد 355/1، و جزم به ابنه في الإيضاح: ١/ ١٧٤.

أو هي عبارة عن المؤونة اللازمة للحاصل و أن لم يتفق وجودها بواسطة القطاف (1) و الاختراف (2) و القطع (3) قبل الصيرورة إلى حد الزبيبية و التمرية و الجفاف.

المتراءى في النظر هو الأول؛ نظراً إلى عدم كون غير ما يصرف في إصلاح الحاصل مؤونة؛ لأنها عبارة عما يخرج في إصلاح الحاصل فعلا، فلا يكون للإخراجات اللازمة من زمان تعلق الوجوب إلى صيرورة الزبيب و التمر - على فرض عدم القطاف و الاختراف - مونة أصلاً و أدلة استثناء المؤونة(4) لا تفي بإخراج ما لم يخرج الحاصل فعلاً و أن كان يصرف في إصلاحه لو فرض عدم قطافه مثلاً.

ولکن يمكن أن يقال بجواز الاستثناء أيضاً؛ لأن النصاب إذا كان مقدّراً بتقدير الزبيب مثلاً فيكون في العنب الزكاةُ إذا بلغ حدَّ النصاب زبيباً، و قلنا باستثناء المؤونة كان معنى الرواية (5) أن العنب إذا بلغ خمسة أوساق زبيباً يكون مخرجاً عنه المؤونة [قبل] (6) الزكاة؛ لأن مقتضى استثناء المؤونة من المقدار بمقدار الزبيب مثلاً بملاحظة المؤونة إلى حين الزبيبية؛ إذ بعد ما كان معنى ذلك التقدير

ص: 55


1- الاسترآبادي، شرح شافية ابن الحاجب: ١ / ه_ ١٥٤ القطاف _ ككتاب وكسحاب _ وقت قطف العنب ونحوه، ويشبهه ما في المخصص لابن سيده: ٣ ق ٦٩/٢.
2- ابن سيده المخصص: 3/ ٣ / ١٢٦: الاختراف: لقط التمر بسراً كان أو رطباً.
3- الظاهر أنه لبقية المحاصيل من قبيل الحنطة و الشعير.
4- الفقه الرضوي: 197؛ الصدوق، الفقيه: ٣٥/2؛ و أشار إلى ذلك في الحدائق: /١٢/ ١٢٥ بإشارات نافعة فراجع.
5- الطوسي، التهذيب: ١٨/٤ عن أبي عبد الله علیه السلام قال: «ليس في النخل صدقة حتى تبلغ خمسة أوساق، و العنب مثل ذلك حتى يكون خمسة أوساق زبيباً».
6- في الأصل بياض بمقدار كلمة و ما أثبتناه يوافق السياق.

هو ملاحظة الزبيبية في العنب كان اللازم على القول باستثناء المؤونة إخراجها إلى حين الزبيبية، فإنه مقتضى الجمع بين تقدير النصاب إلى ذلك الحين و أستثناء المؤونة.

و الحاصل: أنه لابد على القول باستثناء المؤونة من القيد في قوله علیه السلام: «العنب إذا بلغ خمسة أوساق زبيباً ففيه العشر» (1) و المقيّد لا يخلو إما أن يكون الموضوع - أعني قوله: «العنب» - أو حالاً من أحواله _ و هي قوله: «زبيباً» و الاحتمالان المذكوران مبنيان على الترجيح في أحد هذين التقيدين، فإن رجحنا تقييد الموضوع كان اللازم الأخذ بالاحتمال الأول (2) و أن رجحنا تقييد حاله كان اللازم الأخذ بالاحتمال الثاني (3).

[مختار السيد المجدّد الشيرازي]

و قد مال إليه السيد الأستاذ (مد ظله العالي)، بل جزم بترجيح الحال (4) نظراً إلى ما يقال: من كون ذلك مقتضى الجمع بين تقدير النصاب و أستثناء المؤونة. و مع الشك في ترجيح أحد التقيدين لابد من الأخذ بمقتضى التقييد الثاني - أعني حال الموضوع - نظراً إلى أصالة البراءة عن تعلّق الزكاة على ما كان ناقصاً بعد استثناء مطلق المؤونة اللازمة، ولو لم تصرف في الخارج عن النصاب.

ص: 56


1- تقدم عن التهذيب ما يؤدي قريباً من هذا المعنى.
2- أي: كون المؤونة هي عبارة عما يخرج في إصلاح الحاصل فعلاً.
3- أي: كون المؤونة هي اللازمة للحاصل و أن لم يتفق وجودها.
4- أي: كون المقيد هو الحال.

[المسألة الثانية]

اشارة

مسألة: في أنه هل تتعلّق الزكاة على مالٍ مات مالكه وعليه دين أو لا؟

و تحقيق الحال فيه محتاج إلى بيان أنه هل تنتقل التركة إلى الوارث مع دين المورث أو لا؟

و لا بأس ببسط القول فيه و أن كان عنو إن الأصحاب في غير ذلك المقام مع اختلاف؛ فإن المحقق رحمة الله عنونه في الميراث و القضاء (1) وتعرّض [له](2) في التذكرة في الرهن (3) و في كتاب الجواهر في كتاب الحجر (4) و غيره(5) في الوصية.

فنقول: قد ادعي الإجماع على انتقال الفاضل من الوصية و الدين إلى الورثة (6) و لکنه نُقل الخلاف عن الفاضل القمي رحمة الله، و أنه ذهب إلى عدم الانتقال إلى الورثة، أصلاً مع وجود الدين و أن كان غير مستوعب). (7)

ص: 57


1- المحقق الحلي شرائع الإسلام: ٤ / 81٨ و 880.
2- إضافة اقتضاها السياق.
3- العلّامة الحلي التذكرة: 13 / ٢٣٥ و ١٤ / ٤٢٦ في الكفالة.
4- النجفي، جواهر الكلام: ٢٦/ ٨4.
5- الشهيد الثاني، مسالك الأفهام: 16/ 229.
6- النجفي، جواهر الكلام: ٢٦/ ٨٤. و في السرائر: ٢٠٢/٣ ادعى عدم الخلاف في أن التركة لا تدخل في ملك أحد من الغرماء و الورثة، و لا تبقى على ملك الميت، فتبقى موقوفة على قضاء الدين.
7- القمي، غنائم الأيام: ٤ / 110 قال: (مع أنّ التحقيق في المسألة: أنّ المال باق على ملك الميت، سواء كان الدّين مستوعباً لأصل التركة في أول الأمر أو لا - و لا ينتقل إلى الوارث إلا بعد أداء الدّين، و أن قلنا بجواز التصرّف فيه، و قد حققنا ذلك في رسالة مفردة)، وللعلّامة في القواعد: ٣٥٤/٣ مذهب غريب فقد قال: من مات وعليه دين مستوعب للتركة، فالأقرب - عندي - أن التركة للورثة، ولو لم يكن مستوعباً انتقل إلى الورثة ما فضل عن الدين، و کان ما قابله على حكم مال الميت).

فيُقدم الكلام فيما يقابل الوصية و الدين مستوعباً كان أم لا.

و نقول: ذهب المتأخرون (1) إلى الانتقال إلى الورثة خلافاً للمتقدمين (2) حيث ذهبوا إلى كونه في حكم مال الميت (3) و وفاقاً للمشهور على ما استظهر من بعضهم (4) بل للإجماع كما عن (ك) (5) و لم أجده فيها.

ص: 58


1- كالعلّامة في التذكرة المحقق الكركي في جامع المقاصد: ٣٣/٣، الفاضل الهندي في كشف اللثام 2909، الشهيد الثاني في حاشية الشرائع: ١٦٠ و المسالك: ٣٩٧/٢، ٨ / ٤٧. نعم ذهب المحقق النراقي في مستند الشيعة: 329/17 إلى عدم و قوّى كونها باقية على حكم مال الميت في: ١١٢/١٩.
2- كالشيخ في الخلاف: ٢٨٢/٦؛ الطبرسي، المؤتلف: ٢ / ٥٤٢؛ و قد علمت رأي صاحب السرائر؛ المحقق في المعتبر: ٥٤٣/٢، و الشرائع و قد تقدم، و قال المحقق السبزواري في كفاية الأحكام: 807/2: (مذهب الشيخ و أكثر الأصحاب أن المال لم ينتقل إلى الوارث و کان على حكم مال الميت).
3- إلا أن الشيخ في المبسوط اختلفت كلماته فقد قال في: 218/1: (إذا كان له نخيل وعليه دين بقيمتها،ومات، لم ينتقل النخيل إلى ورثته حتى يقى الدين.) و هذا موافق لمذهب المتقدمين و قال فيه: 192/8 قال: إذا مات وخلّف تركة وعليه دين انتقلت تركته إلى ورثته، سواء كان الدّين وفق التركة أو أكثر أو أقل منها. و هذا ينادي بما يوافق مذهب المتأخرین، و لعله عدول عن رأيه الأول
4- المحقق النراقي، مستند الشيعة: 329/17.
5- كذا في الأصل ولعله أراد كفاية الأحكام للمحقق السبزواري إذ أنه في: 807/2 بعد أن نقل القولين في المسالة قال: (والمسألة مشكلة جدا كما أنا لم نعثر على من حكى عنه

[المختار في المسالة]

و الأقرب ما ذهب إليه المتقدمون.

و قد استدل للمتأخرين بوجوه:

منها: ما قد يسمى بالدليل العقلي (1) - نظراً إلى مشابهة تكون بينهما _ و هو أن المال المتروك لا يخلو إما أن يكون مالكه الورثة أو لا، و الثاني إما أن يكون هو الميت، أو الغرماء، أو الله سبحانه، أو لم يكن له مالك أصلاً، و الكل غير صالح للمالكية إلا الأول (2)، و هو المطلوب.

أما الميت فلأنه معدوم، و الملكية صفة إضافية كالمملوكية لابد لهما من إضافتهما إلى الموجود؛ ولذا لا يصح تملكه ابتداءً و أن نقل عن بعض، فيما يوجب على الميت فقال بانتقال الدية إلى الميت و منه إلى الورثة (3).

و أما الغرماء فبالإجماع(4)، و كذلك ما بعده و أن لم يكن معنى تملكه تعالى صرفه إلى الفقراء و المساكين المعلوم انتفاؤه في المقام) (5)، فإن الإجماع قائم على

ص: 59


1- العلّامة الحلي التذكرة (ط. ج): ١٣ / ٢٣٥، ١٤ / ٤٢٦؛ ميرزا حسن الاشتياني، كتاب القضاء.233
2- و هم الورثة.
3- العلّامة القواعد: ٤٤٦/٢، المختلف: ٣٤١/٦، وينظر الطوسي، المبسوط: 218/1؛ ١ المحقق، الشرائع: ٤ / ٢٢٠؛ فخر المحققين، إيضاح الفوائد: ٤ / ٢٠٥؛ الشهيد الثاني، الروضة البهية ٣٨/٥.
4- إجماعاً مركباً لأن علماءنا ما بين قائل بالانتقال إلى الورثة و قائل ببقائه على حكم مال الميت و متوقف على أداء الدين كما سيشير إليه بعد قليل. بل ادعى العلّامة في التذكرة: ٤٦٣/٢ الإجماع عليه حيث قال: (عدم انتقالها إلى الديان و الموصى له بالإجماع)، و کذا الشهيد الثاني في المسالك: ١٣/ ٦٢.
5- لعله إشارة إلى ما عن كاشف اللثام: ٣٩٠/٩.

عدم حدوث ربط جدید (1) بينه تعالى وبين المال المتروك بالموت، و أما الأخير فلمعلومية عدم بقاء المال بلا مالك (2).

أقول: مرجع الاستدلال في الحقيقة - في نفي احتمال ما عدا الأخير - إلى تسالم الطرفين وعدم القول من أحدهما به، و في نفي احتمال الأخير الذي هو مقالة الخصم إلى استدعاء الأمر الإضافي - أعني المال أو الملك _ من يصح إضافته إليه، فيكون بقاء المال بلا مالك أمراً غير معقول(3)، فرجع الاستدلال المذكور في مقام الجواب عن مقالة الخصم إلى عدم معقولية مقالته _ أعني كون المال في حكم مال الميت - و أن حكمه بأن صحة هذا الكلام مبنية على أن تكون مقالة الخصم هي بقاء المال بصفة الإضافة بلا مالك، و هو غير لازم لمقالته؛ إذ ليست إلا كونُ (4) المال وبقاؤه على حكم مال الميت.

و ذلك يتم بالقول ببقاء المال بذاته لا بصفة الإضافة باقية، بحيث يكون بقاء الذات من غير إضافتها إلى أحد فوق المالية التي تكون في المباحات، فتصح

ص: 60


1- فإنه تعالى مالك لكل شيء بالملكية الحقيقية فلا مورد لاعتبار ملكيته لمال الميت.
2- لا إشكال في عدم كون الموت من المسقطات بعد اشتغال الذمة في حال الحياة، بل ذمة الميت مشغولة بالدين بعده، وحينئذ إما أن يكون المتروك ملكاً له، أو للوارث أو للغرماء، و الأخير خلاف الإجماع، مع أن الموت ليس من الأسباب الموجبة لانتقال ما في الذمة إلى الدائن، مضافاً ألى أن براءة ذمته بالموت، و القول بملكية الغرماء خلاف الإجماع، مع أن اشتغال ذمته بالدين بأن يكون الدين الواحد ثابتاً في ذمته على حاله، ويملك الدائن من المتروكات بمقدار ما يقابل دينه غير معقول. (منه رحمة الله).
3- لا إشكال في أن المال لا يتوقف على مالك، بل الشيء مال باعتبار سيرة العقلاء إلى شيء إما شأناً أو فعلاً فالمتروك مال و أما المالكية فهي عبارة عن الاختصاص بين الشخص و المال و أن لم يكن ذا سلطة فعلية لمانع أو لعدم المقتضي، فالمتروك لابد أن يكون ملكاً له و أن لم يكن له سلطة، لعدم المقتضي، فتأمل جيداً. (منه رحمة الله).
4- كون هنا تامة.

لذلك أن يَملك المباحات بالحيازة كل أحد، و لا يصح ذلك في المقام، بل يجب أن تصرف في المحال المعينة، فالمالية في المقام فوق المالية في المباحات دون المالية في الأموال و الأملاك المضافة إلى ملاك معينين.

و منها: الآيات المطلقة و المقيدة بالوصية والدين:

أما الأولى: فكقوله تعالى: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ و الأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ و الأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ... ﴾. (1)

و قوله تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ و الأَقْرَبُونَ﴾ (2).

و قوله تعالى: ﴿إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ و لَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثَّلُثَانِ... الآية﴾ (3).

و أما الثانية فقوله: ﴿يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ﴾ إلى قوله: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ (4).

و قوله: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أو دَينٍ﴾.(5)

ثم ذكر نصيب الزوجة من الزوج مع التقييد بقوله: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ

ص: 61


1- سورة النساء: ٧.
2- سورة النساء: ٣٣.
3- سورة النساء: ١٧٦
4- سورة النساء: ١١.
5- سورة النساء: ١٢.

تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنِ﴾، ثم ذكر نصيب و أرث الكلالة(1)، و هو من لم يخلف ولداً و لا [أبوين وترك أخاً و أختاً] (2) لا من جهتهما (3)، بل كان الوارث هو الأخ أو الأخت من الأم(4)، فإن نصيبهما من الأب قد ذكر في قوله: ﴿إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ﴾(5) و قيده (6) بقوله: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بها أَوْ دَيْنٍ غَيْرُ مُضَارٌ وَصِيَّةٌ مِنَ الله و اللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾.(7)

وتقريب الدلالة في المطلقات (8)

كما هو واضح أن يقال: إنها دالة على نصيب كل من الورثة إما بنفسها كما في الآية الأخيرة من قوله: ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظَّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾، أو بضميمة عدم القول بالفصل بين نصيب و أحد منهم وغيره كما في غيرها من دون تقييد وتعليق بشي. من الدين وغيره.

و من الظاهر استيعاب الأنصبة لجميع الأموال، فيكون الجميع مملوكاً

ص: 62


1- في ذيل آية إرث الزوجين، و هو قوله تعالى: ﴿و إن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَو امْرَأَةٌ و له أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ و أحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ... الآية﴾ النساء آية ١٢.
2- في الأصل بياض، و ما أثبتناه يقتضيه السياق.
3- أي: لا من جهة الأبوين.
4- و علم ذلك من تساويهما في النصيب و هو السدس حصة الأم و هي من يتقربون به.
5- هذه الجملة تعليل لوجه عدم شمول هذه الآية لكلالة الأب و الأبوين، و الذي نبه عليه بقوله: (لامن جهتهما، و کان الأولى إيراد الجملة بعدها بأن يقال: لامن جهتهما لأن نصيبها:[أي الأخوة من الأب و الأبوين] قد ذكر في آخر سورة النساء أعني: قوله تعالى: ﴿إن امرؤ هلك﴾.
6- أي نصيب كلالة الأم.
7- سورة النساء: 12.
8- لا إشكال في تقييد آياتها جميعاً و لا يعقل أن يعمل بإطلاقاتها.. (منه رحمة الله).

لهم؛

إما لكون اللام مستعملة في الاستقرار، أو في الملك المطلق - كما هو الظاهر – و فهم الاستقرار من الإطلاق (1)، أو بادعاء كون المراد من النصيب هو المال الخالص عن تملك المخلوق، أو ادعاء كون المراد من الموالي(2) هو الصواحب الذين تكون الأموال مخصصة لهم بانضمام دعوى اتحاد السياق و العلم بوحدة المراد في الجميع.

[سبب نزول قوله تعالى ﴿للرجال نصيب.... ﴾]

و فيه: إن الظاهر ورود المطلقات في قبال ما هو المرسوم في الجاهلية من منع النساء و الأطفال من الإرث (3) و تخصيصه بمن يحارب ويذب عن الحوزة - أعنى حدود الموروث - كما يعلم من بيان نزول الآية (4)، فإنها _ على ما في المصادر - نزلت في نحو ورثة أويس بن صامت الأنصاري (5)، فإنه لما منع ابنا عمه زوجته و بناته من إرثه شكت زوجته إلى الرسول صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ في مسجد الفضيخ (6) فاستمهل صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ

ص: 63


1- ينظر النجفي، جواهر الكلام: ٨٥/٢٦.
2- في قوله تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ و الأَقْرَبُونَ.﴾
3- السيوطي، تفسير الجلالين: 81/1، و لا يخفى أنه قد ألف القسم الأول منه (جلال الدين أحمد بن محمد المحلي) حيث بدأ بالتفسير من سورة الكهف حتى سورة الناس إضافة إلى سورة الفاتحة، وتو في المحلي سنة ٨٦٤ ه_ قبل أن يكمل باقي التفسير، وبعد وفاته أتمه جلال الدين السيوطي المتوفى 911 ه_، فابتدأ بتفسير سورة البقرة حتى آخر سورة الإسراء، و من هنا جاءت تسميته بتفسير الجلالين.
4- الطوسي، التبيان في تفسير القرآن: 3/ 120؛ و الفاضل المقداد كنز العرفان: ٢/ ٣٢٦.
5- الطبراني، التفسير الجامع الكبير: ٢ / ١٩٤ و في كل هذه المصادر أويس بن ثابت، نعم ورد في الكشاف للزمخشري: ٤٧٦/١ أويس بن صامت الأنصاري.
6- سمي بمسجد الفضيخ لنخل كان فيه يسمى الفضيخ - بالفاء المفتوحة و الضاد و الخاء المعجمتين، قال الفيروز آبادي صاحب القاموس في كتاب مغانم المطابة: إن هذا المسجد يعرف بمسجد الشمس اليوم و هو شرقي مسجد قبا على شفير الوادي [شرق قرية العوالي، و قيل فيها]، مرضوم بحجارة سود، و هو مسجد صغير [وقيل: بناؤه متين مرتفع. وطول المسقف منه 19 متراً في عرض ٤. و له ٥ قباب و محراب بجانبه منبر ذو درجتين]. ووجه تسميته مسجد الشمس لأن فيه ردت الشمس لأمير المؤمنين علیه السلام. و قال السيد محسن الأميني في أعيان الشيعة: ٣٦٤/١٠: (وإنما سمي هذا المسجد مسجد الفضيخ لأنه كان في محله تمر فضيخ ليعمل خمراً فأراق النبي صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ذلك الفضيخ). و قيل: إنه سمي بمسجد الفضيخ لإهراق سقاء الفضيخ (خمر التمر) به حين بلغ صلى الله أبا أيوب في نفر من الأنصار خبر تحريم الخمر عن النبي صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ، و هو مأثور؛ لصلاة النبي صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ بموضعه ست ليال في أثناء حصاره لبني النضير.

حتى نزلت آية ﴿للرجال... الآية﴾ فمنع ابني عمه من التصرف في مال أويس و قال صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ: إن الله قد جعل لهن نصيباً، و لم يبين النصيب حتى نزل قوله: ﴿يوصيكم... الآية﴾.

فتلك الآيات المطلقة ليست في صدد بيان الملك، و أنما المراد نفي ما هو المرسوم في الجاهلية، ولو سُلّم إفادة الملك أيضاً فلا يبعد دعوى الظهور في منع الإطلاق أيضاً، بادعاء أن تلك المطلقات مقيدة بما قيد في المقيدات، و أنما ترك ذكر القيد في المطلقات لوضوح الحال بتكرار القيد في الآيات (1)، فكأنه يكون تكرار القيد بمنزلة التلفظ به فيما لم يقيد به أيضاً، لظهور ركاكة ذكر القيد الواحد في كل و أحدٍ و أحدٍ فاكتفى بذكره في البعض عن الذكر في الباقي.

و سيجيء تتميم الكلام في ذلك بعد بيان حال الأصل إن شاء الله تعالى و أن أبيت إلا أن يكون مطلقاً فيما لم يقيد فحاله يعلم من التكلّم في دلالة المقيدات.

ص: 64


1- فقد تكرر القيد أربع مرات في آيتين متتابعتين.

[الكلام في دلالة المقيدات]

و تقريبها بحيث تقيد على مذهب المتأخرين و لا ينفى قول المتقدمين لوجوه:

منها: إفادة اللام استقرار الملك لوضعها أو إطلاقها ورجوع القيد في قوله ﴿مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ﴾ إلى الاستقرار لا إلى أصل الملكية (1).

و فيه نمنع كون اللام للاستقرار؛ بل ليست إلا للاختصاص المطلق كما هو المنطوق في كلمات أهل اللغة (2) فدلالة الإطلاق ممنوعة أيضاً، مع عدم الانصراف.

و منها: أن يقال: إن اللام لأصل الملك لا لاستقراره، ولکن المستفاد من: ﴿قوله وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ.... الآية﴾ إفادة التسهيم أيضاً، زائداً على إفادة أصل الملك، و التقييد في قوله: ﴿مِن بَعْدِ﴾ راجع إلى التسهيم لا إلى الملك.

و فيه: إن مرجع هذا الوجه إلى إرجاع التقیید الى المدلول الالتزامي و هو بعيد، و أن أجازه في الجواهر (3) بضميمة الإجماع على ملك الوارث لما زاد عن الوصية و الدين؛ إذ حال الضميمة معلومة مما سيجيء من المعنى الذي لا ينافيها.

هذا إذا كان مراده(4) راجعاً إلى ما تقدم، و كذلك إن أراد تقدير المبتدأ في

ص: 65


1- حكاه في مفتاح الكرامة: ٣٢٨/١٥.
2- ابن هشام مغني اللبيب 209/1 قال: (و بعضهم يستغني بذكر الاختصاص عن ذكر المعنيين الآخرين، ويمثل له بالأمثلة المذكورة ونحوها، ويرجحه أن فيه تقليلاً للاشتراك).
3- النجفي، جواهر الكلام 8٦/٢٦.
4- أي: صاحب الجواهر.

قوله: ﴿مِن بَعْدِ﴾ كما قد يسبق إلى الذهن من قوله: (فالتقدير حينئذ هذه السهام من بعد الوصية و الدين لا تعليق الملك).

ومحصل ما فيه:

أن اللام حينئذٍ إما مستعمل في أصل الملك كما هو مطلوبه فيما زاد على الوصية و الدّين، أو لا، بل الآية مسوقة لبيان مجرد الترتيب بين الثلاثة، و هي الوصية و الدينُ وبيان بعدية السهام، نظير مفاد الرواية عن الصادق و عن أبيه علیهما السلام قال: «قال: رسول الله صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ: إن أول ما يبدأ فيه المال الكفنُ، ثم الدّين، ثم الوصية، ثم الميراث» (1).

أو يكون استعمال اللام في الملك مع كون الآية مسوقة لبيان الترتيب.

ففي الأول كان اللازم تقييد أصل الملك؛ لأنه هو الحكم السابق.

وعلى الثاني يلزم - مع خروج اللام عن معناها الأصلي _ عدم الانطباق مع مدعاه في إفادة الملكية فيما زاد على الوصية و الدين.

وعلى الثاني ففيه:...(2) من إرجاع القيد إلى المدلول الالتزامي أو لزوم التقدير، وكلاهما خلاف الظاهر.

و منها: أن يقال لا ريب في عدم كون اللام للاستقرار، و أنها لأصل الملك، و في أن التقييد راجع إليه أيضاً من دون حاجة إلى ارتكاب تقدير في ما هو المضاف إليه لكلمة ﴿مِن بَعْدِ﴾، ولکن المراد من البعدية هو البعدية بحسب

ص: 66


1- الطوسي، التهذيب: ٦ / ١٨٨ رواها عن إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ... »، ورواها في 171/9 عن السكوني عن أبي عبد الله قال: «أول شيء يبدأ... الحديث» كما في الكافي: 13 / ٣٧٣؛ و الفقيه: ١٩٣/٤ مثله.
2- كلمة لم تقرأ و الأنسب (أمران).

الرتبة، بمعنى أن رتبة الملكية للورثة إنما تكون متأخرة عن الوصية و الدين؛ ليكون محصل المعنى أن ما قابل الوصية و الدين مثل سائر الأموال في أصل الملكية، و في اجتماع وجود الجميع في جميع الآيات، ولکن رتبتهما متقدمة على غيرهما نظير ما يقال في المال المعلّق للراهن - مع كون حق الرهانة طارئاً -: إن هذا المال لك من بعد أداء الدّين وفك الرهن فإن المراد من البعدية هو البعدية بحسب الرتبة؛ فإنها هي التي تتناسب مع تقدم حق الرهن في مقام العمل مع تأخره بحسب الوجود عن أصل الملك؛ لأنه موضوع للرهن و هكذا سائر نظائره، فإن من التأمل فيها يظهر أن المراد في المقام من تأخر الملكية للورثة عن الوصية والدين هو التأخر بحسب الرتبة التي تكون الفائدة منها تقدمها على الملكية في مقام العمل.

و فیه: إن المستفاد من قوله: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ.... الآية﴾ هو إثبات أصل وجود ملكية النصف.. إلى آخره(1)، و تقييد ذلك بقوله: ﴿من بعد﴾ غير نافع بل ضار للمستدل، و أرجاع القيد إلى الوجود بحسب الرتبة مع كون الوجود السابق المستفاد من قوله: ﴿لكم﴾ هو الوجود الأصلي لا الرتبي لا يمكن إلا بجعل التقييد راجعاً إلى وجود مقدر فيكون محصل المعنى أن النصف لكم، ووجود رتبة وجود ذلك النصف الثابت لكم إنما يكون بعد الوصية و الدين، و هذا محتاج إلى تقدير، و هو خلاف الظاهر.

و قد يدفع ذلك بعدم لزوم تقدير متعلق آخر يكون التقدير راجعاً إليه، بل معنى تقييد وجود أصل الملك المستفاد من قوله: لكم بالقيد المذكور و هو من بعد هو تقييد وجوده الرتبي المستلزم لإفادة أصل الوجود أيضاً؛ لأن الوجود الرتبي لا يكون إلا بعد مفروغية أصل الوجود، نظير ما سبق من قول

ص: 67


1- قوله إلى آخره، لا موضع له و الظاهر أنه من سهو القلم.

المالك مشيراً إلى المال المرهون: (هذا مالك من بعد أداء ديني).

و فیه: إنه فرق بين المقام و ما جعل نظيراً له من مثال الرهن ونحوه، نظير جعل السلطان وزيراً بعد وزير و شخصاً بعد شخص، فإن أصل الوجود لو كان مفروغاً عنه عند المخاطب كما في الرهن و نحوه كان المستفاد من البعدية بين الشيئين هو البعدية بحسب الرتبة بخلاف ما لو لم يكن مفروغاً عنه و کان الكلام صالحاً لإفادة أصل الوجود كما في المقام فإن الظاهر من قوله: ﴿لكم نصف ما ترك... الآية﴾ هو إفادة أصل وجود الملكية، و جعلها لا جعل الرتبة، فصرف الكلام إلى البعدية بحسب الرتبة خلاف الظاهر قطعاً كما لا يخفى.

[مختار السيد المجدّد الشيرازي]

و قد اعترف بذلك السيد الأستاذ حجة الإسلام و المسلمين (دام ظله العالي) في مجلس البحث عند إقامتنا بسر من رأى (على ساكنها آلاف التحية والسلام) الذي هو المبدأ لهذا الوجه.

و أما المعنى الظاهر للآية فهو ما يوافق مذهب المتقدمين _ كما صرح به جماعة من المحققين (1) منهم الشهيد رحمة الله في المسالك (2) - و هو أن كون اللام للملك المطلق - كما هو الظاهر من معناه -، و يكون المراد من البعدية هو تأخير الميراث عن فرز الوصية و الدين في مقام العد و الحساب.

ص: 68


1- فخر المحققين، إيضاح الفوائد: 2/ ٣٩٠ و ٥١٩، ونقل المحقق السبزواري احتجاجهم بها في ذخيرة العباد ١ ق ٣ / ٤٨٥، و كذا غيره
2- الشهيد الثاني مسالك الأفهام: ٣٧٦/٥ و ٤٦٤/٨ فتأمل، فإن عبارته موهمة. و قال في ج ١٣، ٦٢: (تحمل الآية على الملك المستقر بعد الدين و الوصية، جمعاً بين الأدلة. و هذا أقوى).

فيكون محصل المعنى: أن النصف لكم بعد وضع الوصية و الدين و فرزهما، لا في مقام العمل، بل في مقام العد.

فملكية الميراث إنما تكون بعد وضع ما قابل الوصية و الدين وضعاً تقديرياً، فتكون ملكية الزائد عما هو المقابل لهما للورثة بلا مزاحم؛ لأن المفروض كونه بعد الفرض التقديري، و يكون قوله: ﴿من بعد﴾ متعلقاً بقوله: ﴿لكم﴾ إما بطريق الظرفية، أو بتقدير مبتدأ مثل: (هذا الحكم)، أو متعلّق آخر يكون حالاً، أو غير ذلك (1) مما يرجع إلى كون التعلق بالملكية ولو مآلاً، أو يكون متعلّقاً بقوله: يوصيكم الله على ما يشهد به ظهور تعلق قوله: ﴿وصية من الله﴾ في آخر المعنى (2) _ بحسب المعنى إليه (3) و هو أيضاً متحد بحسب المعنى مع التعلّق بقوله: ﴿لكم﴾؛ لأنه يكون هو ﴿وصية الله... الخ﴾.

و أما إرجاعه إلى ﴿ما ترك﴾ بأن يكون استثناءً منه فهو خلاف الظاهر لكونه إرجاعاً _ في الحقيقة - إلى غير ما هو المقصود بالكلام كما لا يخفى على المتأمل. و إن كان قد يُخيل أولويته؛ لكونه أقرب.

و أما الإشكال بأنه على هذا لا يصح الحكم بملكية: ﴿نِصْفُ مَا تَرَكَ﴾ الظاهر في نصف جميع ما ترك؛ إذ بعد فرز الوصية و الدين لا يكون النصفُ نصف جميع ما ترك، بل يكون نصف الباقي.

فواضح الدفع؛ لمساعدة الأفهام و الاعتبار لمثل هذه العناية و التسامح في

ص: 69


1- ينظر الشيخ محمد تقي الأصفهاني، تبصرة الفقهاء: 97/3.
2- كذا في الأصل، و المناسب: (الآية).
3- كذا في الأصل، و المناسب: (به) و الظاهر أنه متعلّق ب_ (ظهور تعلّق، وحاصل العبارة: كما يشهد به ظهور تعلّق قوله: ﴿وصية من الله﴾ - في آخر الآية حسب المعنى _ ب_ ﴿يوصيكم الله﴾

قوله: ﴿ما ترك﴾ - كما هو الظاهر من ملاحظة النظائر - فيقال: نصف الدار مثلاً لك بعد فرز ثلثه أو ربعه أو غير ذلك، إلى غير ذلك.

و أما ما في المسالك _ فبعد تسليم ظهور الآية في مذهب المتقدمين و لغوية مذهب المتأخرين نظراً إلى الجمع بينهما (1) و بين أدلة المتأخرين _ فيظهر حاله بعد ظهور تلك الأدلة.

و قد يقال: _ بعد تسليم ما ذكر من كون اللام لأصل الملك و رجوع القيد إليه بعدم دليل على المفهوم في المقام؛ إذ المفهوم إنما يكون إذا كانت الفائدة الظاهرة منحصرةً في المفهوم حتى لا يلزم لغوية الكلام على تقدير عدم المفهوم و في المقام يحتمل _ ولو مساوياً - من (2) أن تكون الفائدة في التقييد ببيان أنه (3) الملك المجدي للورثة النافع لهم فإن ملك ما يحاذي الوصية و الدين غير نافع بعد لزوم صرفه بإزائهما.

و تقريب هذا الوجه على وجه كاد أن تركن النفس إليه بأن يقال:

بعد الحكم بثبوت ملك جميع ما ترك للورثة لما لوحظ عدم الإجداء فيما يحاذي الوصية و الدين فحكم - لأجل ذلك - بعدم الملكية و قيد الملكية بهذا القيد، فكأنه نزّل ملكية هذا البعض منزلة العدم من دون تصرف في معنى الملكية في اللام، أصلاً، فهي باقية على معناها من الملكية في الجميع ويكون هذا القيد بهذا الاعتبار، فلا يكون مفهوم لهذا القيد.

و فیه: إن هذا المعنى و أن كان حسَناً في نفسه لكن لا يساعده اللفظ كما لا

ص: 70


1- كذا في الأصل و الأنسب بينها يعني الآية.
2- لعل (من) يمكن الاستغناء عنها.
3- يعود على الباقي بعد الوصية والدين.

يخفى.

و بعبارة أخرى: حقُ هذا المعنى أن يكون في مقام كأن أصل الملكية في الجميع مفروغاً عنه عند المخاطب، و أما عند عدم المفروغية فظاهر الكلام هو ثبوت مفهوم الغاية و الحد في المقام، وبيان ابتداء الملك إنما هو بعد الوصية و الدين كما هو ظاهر لمن تأمل.

[تقرير آخر لدلالة الآية]

و قد تقرر دلالة الآية على وجه لا يحتاج إلى القول بالمفهوم، و هو أن يقال:

إن المستفاد من تعلّق أصل الملك بالوصية و الدين هو ما يعينهما له؛ لوضوح أنه لو لم يكن هذا التقييد لكان مفاد الكلام هو إثبات الملكية في جميع التركة، فيعلم من التقييد أن القيد مانع لاقتضاء المقتضي _ أعني اقتضاء الموت ملكية الورثة للجميع - بانضمام استفادة مانعية وجود المانع؛ ولذا يقتصر في رفع أثر المقتضي بمقدار مانعية المانع، فيحكم بعدم الملكية لهم في مقدار ما يحاذي المانع دائراً مدار بقاء المانع وعدمه، فلو حصل أداء الدين بتبرع أو إبراء كان اللازم الحكم بوجود المقتضى - أعني ملكية الجميع؛ لوجود المقتضي بالموت، و أرتفاع المانع،بالفرض و هذا حسن إن ساعد اللفظ - باستفادة المانعية - على الوجه المذكور، و لا بعد فيه.

و مما يشهد لهذا المعنى - من عدم الملكية فيما يحاذي الوصية و الدين - أنه لو قيل بالملكية أيضاً لزم التفكيك بين الوصية و الدين؛ إذ لا إشكال في عدم الملكية للورثة في غالب أفراد الوصية - من الوصية بالأعيان و الجزء المشاع _ لاسيما إذا كان القبول من الموصى له في زمان حياة الموصي، فذلك بعيد عن سياق الآية وغيرها فيما اقترن الوصية مع الدّين، فذلك يدفع الالتزام بتخصيص الوصية،

ص: 71

مع أنه تخصيص في غالب الأفراد؛ لانحصار الملكية للورثة بما إذا كانت الوصية بالكلي، كما لا يخفى.

فلابد إما من تسليم دلالة الآية على عدم الملكية في الوصية و عدم الانفكاك بينهما - كما هو الحق - أو الالتزام بنفي الملكية التي هي مقالة المتأخرين.

و القول بسكوت الآية عن حال الوصية و الدين فذلك _ مع منافاته لمفهوم الغاية _ لا يجدي للخصم؛ لعدم دليل على إطلاق ملكية الورثة لجميع ما ترك؛ لوضوح تقييد كل ما كان من المطلقات بهذا القيد فيلزم سكوت الجميع عن بيان حال الوصية و الدين، وحينئذٍ فمقتضى الأصل عدم الانتقال إلى الورثة فيما يقابلهما، كما أن مقتضاه عدم الانتقال إلى أحدٍ غير الورثة أيضاً _ كما اعترف به الخصم (1) أيضاً - و هو عين مقالة المتقدمين إن قلنا بأن مرادهم من القول بكون التركة في حكم مال الميت هو نفي الملكية من كل أحد، حتى يكون ذلك إبطالاً لقول الخصم لا إخباراً عما هو تمام مذهبهم في ما يلتزمون به من الحكم الوجودي، بل يكونون متمسكين بالنسبة إلى الجزء الوجودي من مذهبهم إلى الدليل الآخر من الإجماع وغيره؛ إذ كان نظير ما يقولون في شراء من ينعتق عليه من الحكم بكون المعتق (بالفتح) في حكم مال المشتري، فإن المراد هو نفي ملكية المشتريء بحيث يترتب عليه نفي الانعتاق، وبعد نفي الملكية يقتصرون - في إثبات الأحكام - على قدر وفاء الأدلة، و لا يأخذون بما هو مفاد القول بكونه في حكم المال على إطلاقه.

و أما إن قلنا بأن مرادهم من هذا القول هو بيان تمام مرادهم _ كما يشهد به ترتب الفائدة عليه بأنه على ذلك يكون النماء كأصل التركة متعلّقاً لحق الديان،

ص: 72


1- بل تقدم أنه لا خلاف فيه.

فإنه الظاهر من أنه بعد نفي الملكية عن الورثة لا يحتاج في تعلّق الدين بالنماء إلى دليل _ فإن معنى القول بأنه في حكم مال الميت أنه في حكمه في جميع الأحكام فلا يكون قول المتقدمين أيضاً موافقاً للأصل؛ لأن مقتضاه عدم ذلك الحكم الوجودي، فيحكم بنفي ملكية الوارث وعدم تعلق حق الديان، و لا ضير في ذلك بعد ما كان التفكيك في الأصول العملية غير عزيز،

و حينئذ يمكن تتميم مذهب المتقدمين بعدم القول بالفصل؛ نظراً إلى دلالة الآية على نفي قول المتأخرين و بعد نفيه بالآية لابد من القول بمذهب القدماء؛ لعدم القول بالفصل.

و لا يمكن العكس؛ لعدم دليل لهم على نفي مذهب القدماء حتى يصح العكس.

ص: 73

[الاستدلال بإطلاق قوله تعالى: ﴿إن امرؤ هلك... الآية﴾]

نعم، قد يتمسك في ثبوت الإطلاق بقوله تعالى: ﴿إن امرؤ هلك... الآية﴾ بادعاء العموم فيه (1)؛ إذ لا ريب في أن المراد هو ثبوت الحكم لكل فرد من أفراد الميت _ سواء كان له دين مستوعب أم لا _ و لا يجوز أن يقال: إن العموم إنما هو بالنسبة إلى أفراد المرء لا بالنسبة إلى حالاته؛ نظراً إلى أن وجود الدين للمرء وعدمه إنما هو من حالاته، فإن كل امرئ يجوز أن يكون عليه دين و أن لا يكون، و من المقرر عدم شمول العام لحالات أفراده؛ لأن العام و أن لم يكن شاملاً للحالات، إلا أن في المقام ونظائره لابد من الشمول؛ لأن إخراج الحالة في المقام مستلزم لإخراج الفرد؛ ضرورة أن كل امرئ هالك إما أن يكون عليه دين مستوعب أو لا، فلو فرض خروج من عليه دين مستوعب مِن هذا العام لزم خروج فرديته أيضاً، فإنه يكون _ لا محالة _ هذا المرء الذي عليه دين مستوعب خارجاً من العام و لم يكن مشمو لا للعام أصلاً، فلابد أن يكون العام شاملاً لهذه الحالة أيضاً بشمو له للأفراد كما لا يخفى.

و بعد فرض ثبوت العام في هذه الآية لا يجدي تقييد سائر الآيات في إجمال هذه الآية و أن كان مجدياً في إجمال نفس تلك التقييدات ضرورة عدم جواز رفع اليد عن العموم الثابت بالتقييد بالمجمل، بل اللازم هو التقييد بالقدر المتيقن و التمسك بالعام فيما يشك في تقييده؛ أخذاً بظاهر اللفظ من العموم، و بذلك اتضح عدم الاحتياج - في المقام - إلى إحراز المقام و أنه في مقام البيان أم لا؛ لأن ملاحظة إحراز مقام البيان إنما يكون في المطلقات لا في العمومات.

و فیه أولاً: منع العموم في المقام؛ لعدم ما يدل عليه من ألفاظ العموم.

ص: 74


1- الشيخ الأنصاري، الوصايا و المواريث: 200.

ثانياً: لو سلّمنا العموم، فلا نسلّم أن إخراج الحالة في المقام يكون مستلزماً لإخراج الفرد؛ لوضوح أن العام إنما هو (لا) (1) الهالك، و لا خفاء في أن وجود الدين المستوعب للمرء وعدمه من حالاته التي تكون طارئة عليه، ويكون المرء منقسماً لها، كما نرى من صحة قول المرء: (إن متّ وعليَّ دين فافعلوا كذا، و الا فافعلوا كذا) مع أنه لا ريب في أن هذا المرء وقت هلاكه لابد أن يكون على حالة واحدة إما يكون عليه دين أو لا.

فظهر من ذلك أن الموضوع هو ذات المرء الذي يكون وجود الدين عليه وعدمه من حالاته، وعموم المرء بالنسبة إلى أفراده غير مستلزم لعمومه بالنسبة إلى حالاته.

و من الظاهر أن [مؤدى](2) الآية أيضاً قولنا: (إن هلك امرؤ ليس له ولد... الخ) فيكون الموضوع - في القضية - هو المرء، و لا ربط لعمومه بعموم حالاته، و لا يكون خروج حالاته مستلزماً لخروج فرده أصلاً و أما أنا لو سلّمنا العموم بالنسبة إلى الحالات أيضاً فنقول:

إما بحدف القيد الذي في المتقيدات في تلك الآية اتكالاً على تكراره فهذه الآية أيضاً متقيدة، يكون قيدها محذوفاً، بقرينة الآيات المتقيدة.

و إما بادعاء العلم بتقييد هذه الآية أيضاً بعين ما يقيد به الآيات المتقيدة و أن لم نقل بكون القيد محذوفاً فتصير هذه الآية أيضاً مجملة كالمقيدات، و لا مجال للقول بالأخذ بالقدر المتيقن من التقييد؛ لأنه بعد فرض مسلّمية أصل الإطلاق مع قطع النظر عن القيد و هو مخالف للقطع المذكور الناشئ من ذكر القيد في

ص: 75


1- كذا في الأصل و الظاهر أنها زائدة.
2- إضافة اقتضاها السياق.

ذكر (1) المتقيدات.

ثم إنه قد يقال: على ما ذُكر من المعنى الظاهر للآية بأنه أيضاً _ مع احتياجه إلى تقدير الفرز أو الوضع و نحوه - لا يتم إلا على الالتزام بالعناية و المسامحة كما التزم بها في: ﴿ما ترك﴾.

و فیه: إنه لا معنى للمسامحة في المقام، فإن مقتضاها أن يقال: إن ما ترك و أن كان ظاهراً في جميع ﴿ما ترك﴾ إلا أنه أطلق على ما بقي منه بعد الوصية و الدين مسامحة لانفهامها من الكلام بملاحظة قيده، وحينئذ يلزم أن يكون إطلاق ما ترك على ما بقي منه بعد إفراز ما يحاذي الوصية و الدين ولو لم يصرف فيهما مثل إن يتلف... (2)؛ إذ لا فرق بين في ما تسامح في إطلاقه على بعضه في خصوصية إخراج بعضه المخرج عنه، كما هو معلوم من المسامحة في الكر بعد إخراج بعض منه؛ لظهور عدم التفاوت في إطلاق الكر على الناقص منه بينَ أن يكون نقصانه على طريق خاص كأن يكون ذلك الإخراج من مخرج متعين - كالشارع مثلاً - أو لا.

و أما ما ذكر من مساعدة الاعتبار على التسامح بالوجه المخصوص من إطلاق ﴿ما ترك﴾ على ما بقي منه بعد الوصية والدين.

ففيه: إن الإطلاق المذكور لما كان مختصاً بما أخرجه المتكلّم من المتكلّم من كلامه، فهو قرينة على كونه من التقييد، فإنه هو الذي أمره بيد المتكلّم، لا من التسامح، فإن أمْرَه إنما هو بيد العرف، وكل مقدار حكموا بالتسامح فيه يصح الإطلاق

ص: 76


1- كذا في الأصل، ولعله أراد به (تلك).
2- كلمتان لم تقرءا ولعل الأنسب (بتلف ضمني)، و المعنى أنه لا فرق في جواز إطلاق الاسم على ما بقي سواء خرج بعضه عنه بإفراز ما يحاذي الوصية و الدين أو بتلف بعضه الباقي معه.

فيه مطلقاً _ سواءً كان مُخرج مقدار التسامح فيه متكلّماً أو غيره _ فيؤول الأمر إلى كون القيد في معنى الاستثناء عن قوله: ﴿ما ترك﴾ (1)، أو إلى كونه راجعاً إلى الحكم لكن باعتبار خصوصية في موضوعه. (2)

و فیه: إن إرجاع القيد إلى الموضوع ولو بلحاظ حكمه حتى يكون مفاد الآية _ بسوق قيدها لتقييد الموضوع _ مخالفاً لما هو الظاهر من رجوعه إلى أصل الحكم من غير تعرّض إلى تقييد في موضوعه أصلاً، فإن مفاد ظاهر الآية هو أن مبدأ ملكية الورثة هو بعد الوصية والدين، فكأنه فرض جميع ما ترك شيئاً طويلاً، بحيث يكون محلاً للإرث و الوصية و الدين، ثم جعل مبدأ ملكية الإرث بعد الوصية و الدين، فلا تقييد حينئذ فيما ترك أصلاً، فإنه هو الشيء الذي يكون مورداً للطوارئ الثلاثة المذكورة، فلو فرض تقيّده بشيء منها لم يكن محلاً لجميع تلك الطوارئ، و هو خلاف الفرض.

إذا عرفت هذا:

فإن كان المراد من تقيّد الموضوع - بلحاظ حكمه _ أنه بعد تحديد ملكية الورثة بعدهما (3) يكون محصل المعنى أن مملوك الورثة هو ما عداهما، كما أنه المراد من الموضوع [و] (4) من المسامحة في الموضوع المسامحة في الموضوع أيضاً، فنِعمَ الوفاق، و الا فلا مسامحة، و لا تقييد في الحقيقة أصلاً حتى يرد ما أورد على كل منهما حسبها عرفت.

ص: 77


1- و المؤدى أنه لكم ماعدا ما قابل الدين و الوصية.
2- فيكون المؤدى: أنه لا يكون لكم إلا بعد إخراج أو فرز مقدار الدين أو الوصية؛ و ذلك لأن ما تركه مستحق للديان أو الموصى إليهم.
3- أي: الوصية والدّين.
4- إضافة اقتضاها المعنى.

و مما ذكرنا يظهر اندفاع ما قد يتخيل من أنه _ على ما ذكرنا من المعنى الظاهر - يلزم أن يكون مورد الآية ما إذا لم تؤدَّ الوصية و الدين من التركة، بل كان أداؤهما من الخارج ولو بتبرع، بزعم أن مفاد تحديد ملكية النصف بعدهما هو ثبوت ملكية نصف جميع ما ترك للورثة بعدهما، و هذا لا يكون إلا بعد أدائهما من الخارج حتى يكون بعدهما نصفُ الجميع للورثة.

توضيح الاندفاع:

إنه على ما عرفت من كون ما ترك محلاً للطوارئ الثلاثة كانت صورة أداء الوصية والدين من التركة هو الفرد الظاهر، فتشملها الآية أيضاً كما لا يخفى.

[الفرق بين استثناء الوصية و الدين و التقييد بلفظة: ﴿من بعد﴾]

فإن قلت: فهل يكون فرق بين استثناء الوصية والدين من سابقهما _ سواء كان من الموضوع أو من الحكم - وبين التقييد بهذه اللفظة - أعنى قوله: ﴿من بعد﴾ _ في أصل المطلب - مع قطع النظر عن صياغة التركيب _ أم لا؟

قلت نعم تظهر الثمرة في إفادة الترتيب بينهما وبين الإرث و تقدمهما عليه.

بيان ذلك:

أنه من الظاهر أن وجود الدين فيما ترك إنما هو وجود الكلي، نظير وجود الصاع في الصيعان لا وجود الإشاعة و السريان؛ ولذا لو ورد التلف على بعض ما ترك لم يوجب نقصاناً فيه؛ لأن الكلي موجود، بخلاف ما إذا كان على وجه الإشاعة، فإن النقصان طارئ عليه أيضاً؛ لاشتراكه في ذهاب بعضه،

ص: 78

و كذلك الوصية إذا كانت بالكلي، و أما لو كانت بالأعيان أو بالمشاع كأن أوصى بأحد الكور التسع فوجودها بنحو الاستقلال في الأول(1)، وبنحو الإشاعة في الثاني(2).

و المقصود من الآية إفادة تقدمهما على الميراث، بحيث لا يكون النقص و أرداً عليهما لو تلف بعض ما ترك وبقي ما يقابلهما، و هذا مما لا يفيده الاستثناء، إذ عليه لا يفيد إلا أنّ الملكية للورثة إنما هي بعدهما، فبعد الموت و قبل التلف يمكن أن يتوهم أنه يتعين ملكية الجميع، فتعين ملكية الورثة في غير ما قابل الوصية و الدين و هما فيما قابلهما و أن كان وجودهما على نحو الكلي، نظراً إلى أن ذلك الكلي بعد الموت يصير متعيناً؛ لتحقق مصداق الآية بشراشرها، فتعين كما عرفت - ملكية الورثة في غير ما قابل الوصية و الدّين، ويكون ما يحاذيهما خارجاً عن ملكهم _ و أن كان داخلاً في أموالهم فيكون التلف و أرداً عليهما نظير ما لو أقبض الورثة تمام التركة إلى الديان و الموصى له، فإن وجود حقهم على النحو الكلي غير منافٍ حينئذٍ لتوزيع النقصان عليهم، فكذا في المقام و أن [كان] وجودهما على نحو] (3) الكلي، لكن بعد تحقق مصداق الآية كأنه صار مثل المشاع و المال المشترك و هذا التوهم يندفع مع التقييد بقوله: من بعد، فإنه يفيد أن ملكية الورثة إنما تكون من بعدهما، فيكون النقص منحصراً فيها(4)؛ إذ مع وجود ما قابلهما لابد من تقدمها؛ لأن ملكية الورثة متأخرة عنهما.

و قد يحتمل أن منشأ إفادة الآية الترتيب بين الميراث وبين الوصية والدين

ص: 79


1- أي: أن واحدة من هذه الكور التسع بنحو الاستقلال هي الوصية
2- أي: أن واحدة مشاعة في الكور التسع ولو على سبيل التلفيق بينها هي الوصية.
3- إضافة اقتضاها السياق.
4- أي: في ملكية الورثة.

ليس هو كلمة من بعد؛ لبقاء تلك الإفادة مع فرض عدمها أيضاً، فإن مقتضی معنونية الوصية و الدين بعنوانهما وتشخصهما - فإنهما عبارتان عن خصوص ما أوصاه الميت و ما كان عليه وعدم معنونية الميراث، فإنه عبارة عن السهام المعينة من النصف و الثلث وغيره و لا عنو إن له بل يكون بحيث يجتمع مع كل مال قليلاً كان أو كثيراً _ هو ورود النقص على غير المعنون؛ لبقائه على حاله مع طريان النقص أيضاً؛ لما فُرض من عدم العنو إن له، لا وروده على المعنون أيضاً، فإنه لو وَردَ عليه لزم خروجه (1) عن عنوانه، و هو خلاف الفرض.

و فیه: ما عرفت من إمكان التوهم المذكور بعد تحقق الموت من غير دافع له، فإن مقتضى ما ذكر - من وجود العنو إن فيهما وعدمه في الميراث - و أن كان عدم ورود النقص عليهما، لكن لا يكون دافعاً للتوهم المذكور، كما هو ظاهر.

لا يقال: فعلى ما ذكرت _ من إفادة الترتيب ولزوم تقديم الوصية و الدين المرتب عليه عدم ورود النقص عليهما سواء كانت تلك الإفادة بواسطة كلمة: ﴿من بعد﴾، أو بواسطة _ كيف لا يرد النقص على وجود العنو إن و عدمة - الوصية أيضاً إذا كانت بالمشاع أو الأعيان؟ إذ لا ريب في كونه مشتركاً بين الوصية و الميراث على الأول؛ لأنه مقتضى الإشاعة _ كما ذكر آنفاً _ و مختصاً بكل ما ورد فيه على الثاني اعني كون الوصية بالأعيان.

لأنا نقول: ذلك غير ضار، فإن المقصود عدم ورود النقص قبل الأداء، و الوصية بالمشاع و الأعيان بمجرد الموت يتحقق الأداء(2)؛ لكونهما مختصين بالموصى له و أن كانت على الإشاعة في المشاع، فيصير الموصى له في الحقيقة

ص: 80


1- أي: المعنون أعنى الوصية والدين.
2- كذا في الأصل و الأنسب أداؤهما).

شريكاً مع الورثة فيرد النقص عليه أيضاً إذا كانت الوصية بالمشاع، و أذا كانت بالأعيان فالتلف وردَ على ملك الموصى له المفروز عن ملك الورثة، فيختص بالنقص كما لا يخفى.

و بالجملة، ورود النقص عليهم بالتوزيع غير ضار، لتقدمهما على الميراث كما لا يضر النقص عليهما لو فرز (1) أداء الوصية وطريان التلف بعد قبض الموصى له وحال الإشاعة تعينها حال النقص؛ ولذا يكون النقصان موزعاً حسب شركتها كما هو ظاهر.

[الفرق بين الاستثناء و التقييد مع عدم قصر النظر على حال التلف]

ثم إن ما ذكرنا في بيان وجه الفرق بين استثناء الوصية و الدّين بأداة الاستثناء أو التقييد بكلمة من بعد إنما هو بالنظر إلى ورود النقص لأجل التلف،بالتركة فاكتفينا في بيان وجه الفرق بما عرفت من دفع التوهم المذكور؛ لما عرفت من كفاية مجرد كلية الدين في عدم ورود النقص بالتلف عليه؛ لوضوح عدم معقولية تلف الكلي مع بقاء فرد منه، فلا يظهر الفرق بين استثناء الكلي بأداة الاستثناء أو بذكر التقييد من هذه الحيثية إلا بملاحظة ما ذكرنا من اندفاع التوهم السابق.

و أما الفرق بينهما - مع عدم قصر النظر على حال التلف _ فيظهر بعد بيان وجه منع تصرّف الورثة في التركة في غير ما قابل الدين و الوصية.

ص: 81


1- كذا في الأصل، و الأنسب.(فرض).

و بيان ذلك:

أنه لا شك في أنّ الدّين أمر كلي كان باقياً في ذمة الميت، كما لا شك أيضاً في تعلّقه بالتركة بواسطة الموت - سواء كان ذلك التعلّق موافقاً لمذهب المتقدمين أو المتأخرين - و من الظاهر عدم اقتضاء تعلّق الكلي بالتركة زائداً على ما ما تقتضي كليته، و هو على مذهب المتقدمين ليس إلا نفي ملكية الورثة عن المقدار الكلي الذي يكون مطابقاً لذلك الدين الكلي، فلا يكون له تعلّق بأعيان أشخاص التركة بوجه أصلاً، ويكون وجوده في التركة على وجه الكلية لا الإشاعة؛ لوضوح لزوم الكون على الإشاعة من ملاحظة زائدة على لحاظ الكلية، و هي الشيوع و السريان في المشخصات، و قد عرفت أنه لا مقتضي لاعتبار زائد عما هو مقتضى كلية الدين في مقام تعلّقه بالتركة (1).

لا يقال: كلِّ من الإشاعة و الكلية اعتبار زائد على الماهية من حيث هي هي، فإنهما قسمان من أقسامها، فإن اللحاظ - بلحاظ شيوعها بين أفرادها - [إما] (2) على وجه الكلية، أو على وجه الإشاعة، أو على وجه التعيين، فلحاظ الكلية و الإشاعة في عرض و أحد كل منهما طارئ على الماهية من حيث هي، فكيف يكون لحاظ الإشاعة زائداً على لحاظ الكلية:

لأنا نقول: الماهية الموجودة في الخارج أقسامها منحصرة في الثلاثة؛ فإن النكرة التي هي مفهوم إحدى التعينات الشخصية ليس إلا أمراً اعتبارياً في الماهية المتعينة بالتعيين الشخصي، من دون أن يكون للماهية ملاحظة وجود غير

ص: 82


1- لا إشكال [في] أن الدين بعد تعلّقه بالتركة مردد أمره بين أن يكون مانعاً عن اقتضاء أدلة الإرث بالفعل، أو أن يكون مانعاً عن فعلية التصرّف ما لم يؤدَّ الدّين ولو من مال آخر. (منه رحمة الله).
2- إضافة اقتضاها السياق.

الوجودات المتعينة، نعم لوحظ تلك الوجودات بنحو البدلية، و من الواضح أن مناط البدلية فيها ليس إلا أمراً اعتبارياً، و لیس ملاحظة وجود آخر للماهية من حيث هي؛ لعدم ارتباط بينه و بين وجود الكلي فإن المفروض في وجود الوجودات الشخصية، غاية الأمر لوحظ الإبهام و البدلية في تلك الكلي الوجودات، و هذا مما لا يوجب نحو وجود آخر للماهية. (1)

فاندفع توهم عدم الحصر في الأقسام نظراً إلى كون تلك الأقسام؛ أقساماً إنما هو بملاحظة الإغماض عن الخصوصيات، و قصر النظر على ذيها؛ ولذا كان الوجود على نحو الكلية من أقسام وجود الماهية، مع أن وجودها في الخارج ليس إلا مع اختلاطه بالتعينات، فإذا أمكن أن يلاحظ الوجود الشخصي مع إلغاء شخصه حتى يكون بواسطة تلك الملاحظة وجوداً كلياً للماهية فأي مانع من ملاحظة الماهية متعينة بإحدى التعينات إغماضاً عن خصوصية التعين الشخصي، فتكون إحدى التعينات مرتبة من مراتب وجود الماهية.

وجه الاندفاع ما عرفت من إمكان تلك الملاحظة، و لکنها تكون في التعينات الشخصية وتكون سبباً للإبهام و التردد بين الأفراد، لا بملاحظة خصوصية أخرى في وجود الماهية كما لا يخفى.

(2)

ص: 83


1- إن الوحدة إما أن تكون من عوارض الماهية و منتزعة من الوحدة الذاتية؛ لأن كل ماهية واحدة في ذاتها؛ و هذه تساوق الماهية الجنسية؛ ويقال لها: الوحدة و النكرة؛ وذات الماهية؛ ولیست مقابلة للجنس. و أما أن تكون من عوارض الوجود [ومنتزعة] عن ذات مقام الوجود الفرد و هذه عبارة عن الماهية المقيدة... و تعني النكرة على المشهور و أما أن تكون من عوارض الماهية الخارجة و منتزعة عنها، و هذه هى الوحدة الخارجية، و معنى النكرة عند... و أتباعه فالوحدة التي تقابل الجنس ليست من أنحاء الماهية فتدبر. فأنحاء الماهية ثلاثة الماهية اللا بشرط القسمي، و الماهية المقيدة و هي بشرط شيء، و الماهية بشرط لا، و أما نفس الماهية اللابشرط فهي " بين هذه الانحاء. (منه رحمة الله)
2-

فلابد أن يكون ما هو المقسم لتلك الأقسام أيضاً موجوداً في الخارج؛ ضرورة وجود المقسم في الأقسام، و لا شك أن وجود المقسم أيضاً كلي و أن كان أحد أقسامه أيضاً هو الوجود الكلي و من المقرر في محله عدم منافاة بين ذلك(1). فإن المقسم هو ذات الوجود من حيث هو و القسم أيضاً هو كلي لكنه بلحاظ كليته، و ما ذكر في السؤال من كون الكلية و الإشاعة في عرض و أحد فهو كذلك إن أُريد من الكلية الكلية في القسم، لكنها ليس(2) كذلك في المقام، فإن كلية الدين _ الذي كان في الذمة _ لا يقتضي تعلّقها إلا سلب الملكية عن الوارث في التركة - على حسبها - و هو لا يزيد عن الكلية المقسمية أصلاً، فتكون الإشاعة و الكلية القسمية كلاهما زائدين على الماهية.

فإن قلت: لا معنى لكلية الوجود أصلاً، فإنها من عوارض الماهية، و أما الوجود فلا يقتضي كونه إلا على وجه الجزئية، فيكون الوجود؛ إما على وجه التعيين الشخصي، و أما على الإشاعة و ليس له كلي أصلاً، فإن الوجود ليس إلا عبارة أخرى عن الخارج، و من الواضح أن الكلي _ من حيث كليته _ لا يمكن وجوده في الخارج.

قلت: نعم، إطلاق الكلي على الوجود خلافُ مصطلح أهل المعقول (3) و کان ذلك لأجل السهولة في البيان، و الا فالغرض من كلية الوجود هو ملاحظة سعته؛ إذ لا شك في أن مراتب الوجود مختلفة، فإن وجود الجزء المشاع أوسع من وجود الجزء المتعين، ووجود الكلي الخارجي - الذي هو قسيم للمشاع نظراً

ص: 84


1- محمد علي التهانوي، کشاف اصطلاحات الفنون و العلوم: 1379/2.
2- كذا في الأصل، و الأنسب (ليست).
3- ملا صدرا، الأسفار الأربعة ١ من السفر الرابع / 113.

إلى [أن](1) لحاظ الشيوع فيه مخالف للشيوع في الجزء المشاع - أوسع من المشاع؛ لأنه و أن كان قسيماً له بلا خلاف، لكنه يكون مقسماً له وللمعين؛ بالنظر إلى كونه متحداً مع الكلي الذي هو مقسم الثلاثة، أعني هذا الكلي، و المشاع، و المفروز، وعدم تشخصه لا بلحاظ ما هو موجود في مقسمه، أعني كليته.

و بعبارة أخرى يكون حال الكلي الخارجي القسمي حال الكلي الذي هو لا بشرط القسمي، فإنه مع كونه شريكاً مع بشرط شيء، وبشرط لا في اندراجه تحت اللابشرط المقسمي، فيكون لأجل ذلك قسيماً لهما، لكنه يكون صادقاً على كل من صاحبيه، فإن اللابشرط يجتمع مع ألف شرط.

و السر في ذلك أن القسمة إنما تكون بلحاظ كليته، وبذلك اللحاظ لا يكون مقسماً للمشروط بشيء و المشروط بلا شيء، و المقسمية إنما تكون باعتبار صدقه الذي لابد من إلغاء وصف كليته في ذلك الاعتبار، فإنّ صدقَ كلَّ كلى على جزئياته لا يكون إلا مع إلغاء وصف كليّته، و الا فالكلي _ من حيث هو - قسيم للكلي كما هو واضح.

فبالجملة ما ذكرنا من كون قسيم الشيء مقسماً له ليس أمراً عزيزاً، و لیس مخالفاً لما هو المعروف من فساد كون قسيم الشيء قسماً له(2)، و هكذا وجود الكلي المقسمي أوسع من أقسامه كما لا يخفى.

ص: 85


1- إضافة اقتضاها السياق.
2- قطب الدين الرازي، تحرير القواعد المنطقية فى شرح الرسالة الشمسية: ٣٨.

[المراد بالكلي الخارجي]

فالمراد بالكلي الخارجي هو الوجود الذي يكون أوسع من المفروز و المشاع، و لا ينبغي الارتياب في وجوده فإن المشاهد في الخيال يشاهد وجود الصاع الكلي في الصبرة، كما أن المشاهد بالعيان (يميز أهل كل ناحية عن غيره؛ لما يشاهد فيهم من الأمر الكلي الذي يكون فيهم و لا يوجد في غيرهم أصلاً، فإن أهل... (1) و المازندران و الأصبهان وغيرها كل منهم مخصوصون بخصوصيات يعرفهم غيرهم أو أهل بلدهم بما هو القدر المشترك بين تلك الخصوصيات و ليس ذلك بخصوصية واحدة موجودة في جميعهم كما لا يخفى) (2).

و بالجملة بعد ما عرفت أن وجود الدّين في التركة إنما يكون بنحو الكلية، فهو يكون نظير وجود الصاع الكلي في الصبرة و الكلام في حال وجود الصاع و أن كان خارجاً عن المقام، لكن لا بأس بالإشارة إليه على وجه يوضح مراد الشيخ قدّس سرّه (3) في تلك المسالة، فإنه أشكل على بعض الأفهام،

فنقول:

ص: 86


1- كلمة لم تقرأ.
2- كذا العبارة في الأصل، و لم يظهر لنا وجه اقحامها في المطلب.
3- الشيخ الأنصاري، المكاسب: ٤/ ٢٤٧، و ما بعدها.

وجود الكلي في الشيء يختلف باختلاف أنحاء ملاحظة الوجود

وجود الكلي في الشيء يختلف باختلاف أنحاء ملاحظة الوجود (1)

فتارة لا يلاحظ إلا مجرد وجود ذلك الكلي، وذلك مثل بيع صاع كلّي من الصبرة، وحينئذٍ يستلزم ملاحظة كلي الصاع [مع](2) كلية ما عداه من الصبرة؛ إذ لا معنى لكلية الصاع مع فرض شخصية ما عداه؛ إذ ليس معنى الكلية الا تعدد مصاديقه (3)، و من الواضح اشتراك الصاع و ما عداه في ذلك؛ إذ كل مصداق فُرض للصاع يكون ما عداه مصداقاً لما بقي بعد الصاع، غاية الأمر كون مصاديق ما عداه مانعاً لتعدد مصاديقه، لكن ليس كلية ما عداه مورداً للحكم، فإنه مقصور على الصاع؛ إذ المفروض عدم حدَّ مرئي في الصبرة المملوكة لبائع الصاع إلا ببيع صاع منها، ويترتب على ذلك جواز أنحاء التصرفات من البائع في الصبرة ما دام وجود الصاع الكلي الذي جعله مبيعاً.

فللبائع بيع كل مقدار من الصاع مع وجود الصاع، و أن علم أنه بعد اتلافه ما عدا الكلي يتلف _ بآفة من السماء - من (4) الصاع؛ لعدم مانع من التصرف فيما عدا الكلي في صورة العلم المذكور؛ إذ المفروض وجود الكلي بالفعل، و مع وجوده لا مانع من التصرف في غيره، لكن بعد اتلافه ما عداه إذا تحقق تلف الكلي - سواءً علم البائع بذلك أم لا - كان البائع ضامناً للصاع الكلي بنسبة ما أتلفه _ و أن لم يكن آثماً في إتلافه _ حتى في صورة العلم أيضاً؛ لما عرفت من عدم

ص: 87


1- قولك: بعت صاعاً من الصبرة إما أن يكون إشارة إلى كلية الصبرة الموجودة في حال أي تقيدات بهذا الوجود، و أما ان يكون إشارة إلى كلية الباقي منها أو ساكتاً عن كلتا الجهتين. (منه رحمة الله).
2- زيادة اقتضاها السياق.
3- كذا في الأصل، و الأنسب (مصاديقها).
4- الظاهر إنها زائدة.

المانع.

فإن قلت: بعد جواز الإتلاف من جهة أنه إتلافُ ماله؛ لأن مال المشتري هو الصاع الكلي و المفروض وجوده، فكيف يتصور الضمان بعد تلف ما بقي مع أن مقتضى القاعدة _ أنه بعد تعين الكلي بإتلاف البائع في غير ما أتلفه حتى تعين مثلاً (1) في الفرد الواحد، ثم تلف بآفة من الله تعالى _ عدم ضمان البائع؛ لأنه ما أتلف مالَ المشتري، فبأي وجه يتوجه عليه الضمان؟

قلت: ذلك من لوازم الكلي وجوداً وعدماً؛ فإن مع وجوده - ولو ببقاء فرد منه - لم يكن مانع من التصرف، و لا إتلاف فيما (2) عداه أصلاً، و قد تحقق تلفه بتلف الفرد الباقي، لم (3) يكن تلف الكلي مستنداً إلى تلف ذلك الفرد؛ فإن وجود الكلي ثابت بوجود فرد منه وعدمه لم يكن مستنداً إلا إلى عدم جميع أفراده، و الفرض أن البائع أتلف فرداً منه أيضاً، فيكون تلف الكلي مستنداً إلى إتلافٍ وتلف فاللازم ضمانه بنسبة ما أتلفه فإن أتلف النصف وتلف نصفه الآخر كان ضامناً لنصف الكلى (4)، و هكذا إن كان ثلثاً أو ربعاً أو غيره.

و ما ذكرنا _ من استناد تلف الكلي إلى تلف جميع أفراده _ أمر واضح يكون على وفق القاعدة، كما يتضح بملاحظة ترك التكليف في الواجب الموسع؛ إذ لا يصدق تركه بترك الاتيان بفرد منه في الجزء الأول من الوقت لتعينه في الأفراد

ص: 88


1- كذا في الأصل، و الأنسب أنها زائدة، و لا يخفى ما في العبارة من إرباك، و المعنى واضح.
2- كذا في الأصل، و الأنسب ما عداه.
3- كذا في الأصل، و الأنسب (فلم).
4- أي: إن كان الكلي صاعاً مثلاً و کانت الصبرة عشرة أصوع و أتلف البائع خمسة منها و تلفت الخمسة الباقية ضَمِن نصف صاع للمشتري، و کذا إن أتلف صاعين و نصف الصاع وتلف الباقي كله ضَمِن ربع صاع فقط.

الباقية في بقية الوقت حتى يكون متعيناً في آخر الوقت، فإذا ترك حينئذ لم يكن مستنداً إلى ترك ذلك المتعين، بل يكون مستنداً إلى ترك جميع أفراده.

و الظاهر أن اختلافهم في وجوب قضاء القصر أو الإتمام فيما لو كان المكلف أول الوقت حاضراً و أخره مسافراً ليس من جهة الاختلاف في استناد ترك التكليف إلى الأخير أو إلى تمام الأجزاء، و الا كان اللازم على القائل باستناد الترك إلى جميع الأجزاء الحكم بقضاء القصر و الإتمام معاً ولو احتياطاً، لا الحكم بخصوص الإتمام؛ لظهور أن الترك لما لم يكن مستنداً إلى الجزء الأخير لم يكن مستنداً إلى خصوص الأجزاء السابقة كما لا يخفى، بل الظاهر أن سبب ذلك الاختلاف اختلافهم في ما هو الواجب على المكلّف من القصر و الإتمام.

هذا كله حال الكلي قبل إقباضه، أما بعد إقباضه: فإن كان ذلك بتعيين فرد منه فلا إشكال.

[تعيين الكلي في المعين بإقباض التمام]

و أما إن كان بإقباض تمام الصبرة حتى يكون إيفاء للكلي بالنسبة إليه، و أمانةً بالنسبة إلى مال البائع، فقد يشكل في حصول القبض بالنسبة إلى الكلي؛ نظراً إلى أنه باق على نحو الإشاعة في الصبرة حسبما كان قبل القبض؛ إذ ليس للمشتري حينئذٍ تعيين ذلك الكلي في فردٍ أيضاً كما كان قبل ذلك الإقباض.

و فیه: إن ذلك (1) غير منافٍ لحصول القبض في الكلي؛ إذ لا ينبغي الارتياب في حصول قبضه بعد فرض وجود الكلي في الصبرة في الخارج و تسليم تمام الصبرة، فإن معنى كون الصبرة مقبوضة كون ما هو الساري بنحو الكلية فيها

ص: 89


1- أي: كونه على نحو الإشاعة وعدم تمكن المشتري من تعيينه.

أيضاً مقبوضاً، فقبضُ الكلي حاصل بقبض الصبرة بلا إشكال، و كذلك أيضاً يتعين حكم كلية ذلك الكلي بالنسبة إلى صلاحية كون التلف عليه.

فإن قيل: ذلك القبض لا يتعين بحصول التلف عليه بعد فرض وجوده و إن أتلف من الصبرة ما أتلف - حسبما عرفت - و أما بعد ذلك القبض فهو صالح للتلف؛ لتعينه بنحو من التعين بذلك الإقباض، فإن ذلك الكلي قبل إقباض الصبرة كان فائقاً على مال البائع، بحيث كان الواجب تسليمه ما دام بقاؤه في الصبرة، وتنزيله عن هذه المرتبة الفائقة التي كانت ثابتة له إلى ما دون تلك المرتبة _ أعني مرتبة عرضية وجوده مع وجود مال البائع حتى يكون لحوق التلف بالصبرة لحوقه (1) لهما على حد سواء - مستلزم لملاحظة مرتبة من التعين لذلك الكلي، فإنّ للتعين مراتب كلها بيد البائع و البائع و أن لم يعينه في الفرد الخاص الجزئي بإقباضه تمام الصبرة لكنه عينه بملاحظة الصبرة في عرض ماله وتنزيله عن مرتبته الفائقة التي كانت ثابتة،له و هذا التعديل (2) حاصل بنفس إقباضه؛ إذ لا معنى لإقباض مال الغير و أخراجه عن مال نفسه إلا ملاحظة المالين في مرتبة سواء حصل للكلي هذه المرتبة من التعيين _ أعني كونه في عرض مال البائع - نظير عرضيته للصاع الكلي الآخر فيما لو فرض بيع المالك صاعين من الصبرة بنحو الكلية لشخصين في عقد،واحد فيكون التلف الوارد على الصبرة بالنسبة إليهما على حد سواء و أن لم يحصل له كمال التعين حتى يكون متشخصاً في فرد جزئي؛ ولذا يكون هذا التعين باقياً للبائع كما كان.

ص: 90


1- كذا في الأصل و الأنسب (لحوقاً).
2- كذا في الأصل، و الظاهر أن مراده (التعيين).

[الفرق بين نحوي إقباض التمام]

و مما ذكرنا يظهر لك وجه الفرق بين إقباض البائع تمام الصبرة على نحو إيفاء الكلي على المشتري (1)، وبين إقباضه بنحو الأمانة في تمام الصبرة؛ أو التوكيل في تعيين المشتري أو غصب المشتري تمام الصبرة و سرقته من المالك، فإنه _ و أن لم تعقل الأمانة و الغصب في الكلي بالنسبة إلى مالكه _ لكنه لم يحصل لذلك الكلي بالأمانة و التوكيل و الغصب مرتبةٌ من التعيين، فإن حصو لها موقوف على إقباض البائع و قبض المشتري، و المفروض عدم حصول الإقباض من البائع على وجه يوجب التعيين، فإنه لا يمكن إلا أن يكون ذلك الإقباض على نحو الإيفاء للكلي على المشتري.

و تارة أخرى: كما يلاحظ وجود الكلي الخارجي يلاحظ كلية ما عداه أيضاً، فتكون ملاحظة هذين الوجودين نظير ملاحظة الكليين فيما لو باع من الصبرة صاعين لشخصين، فاللازم مساواتهما وجوداً وعدماً، فيحتسب التالف عليها؛ لأن و جا وجه عدم محسوبية التلف على الكلي في اللحاظ السابق هو وجوده مع فرض وجود ما يساويه من غير مزاحم؛ إذ الكلية الكائنة فيما عداه و أن كانت موجودة، لكنها لم تكن ملحوظة أصلاً.

و بعبارة أخرى كما أن النظر إلى وجود الصاع الكلي و أعطائه إلى المشتري من غير نظر إلى مال البائع - بوجه يلغي وجود الصاع الكلي - لابد من الحكم بإعطائه، و مال البائع و أن كان كلياً أيضاً لكنه لم يكن منظوراً، فكان قول البائع: بعتك صاعاً من الصبرة، بمنزلة القول: (جعلت من هذه الصبرة المملوكة ة لي ملكك صاعاً على كل حال فإني اقتصرت في نظري إلى ملكك و أغمضت عن

ص: 91


1- كذا في الأصل.

ملكي)، و هذا بخلاف ما هو الملحوظ في هذا اللحاظ، فإن البائع جعل نفسه أيضاً مالكاً كما جعل المشتري مالكاً بقوله: (بعتك هذه الصبرة إلا صاعاً) فكان كل من المالين في حدٍ سواء، فيكون النقصان عليهما على حسبهما.

[نظر الشيخ الأنصاري في الفرق بين مسألتي الصاع و الاستثناء]

و الى هذا ينظر ما ذكره الشيخ في الفرق بين مسألتي الصاع و الاستثناء (1)، بناءً على كونِ بناء الأصحاب في مسألة الاستثناء على الإشاعة من أول الأمر.

و يمكن أن يقال - على هذا البناء - بالفرق على وجه نقله عن مفتاح الكرامة (2).

و توضيحه: إنا سلّمنا ظهور الصاع في الصاع الكلي في المسألتين، لكنه قد سبق في الصاع الكلي الفرق بين إقباضه بنحو الكلية وعدمه، و أنه بعد إقباضه يكون حكمه حكم الإشاعة و أن كان باقياً على كليته حسبما عرفت.

ص: 92


1- قال في المكاسب: ٤ / ٢٦٢: لو باع ثمرة شجرات و أستثنى منها أرطالاً معلومة: أنه لو خاست الثمرة سقط من المستثنى بحسابه، وظاهر ذلك تنزيل الأرطال المستثناة على الإشاعة، و لذا قال في الدروس: 239/3: (إن في هذا الحكم دلالة على تنزيل الصاع من الصبرة على الإشاعة، و حينئذ يقع الإشكال في الفرق بين المسألتين، حيث إن مسألة الاستثناء ظاهرهم الاتفاق على تنزيلها على الإشاعة) و المشهور هنا التنزيل على الكلي بل لم يعرف من جزم بالإشاعة، وربما يفرّق بين المسألتين بالنص. ثم قال: و يمكن أن يقال: إن بناء المشهور في مسألة استثناء الأرطال إن كان على عدم الإشاعة قبل التلف و أختصاص الإشتراك بالتالف دون الموجود - كما ينبئ عنه فتوى جماعة منهم بأنه: لو كان تلف البعض بتفريط المشتري كان حصة البائع في الباقي. انتهى. هذا ملخص المسألة فراجع
2- السيد العاملي، مفتاح الكرامة: ٤٩٦/١٣.

و الظاهر أن حال مسألة الاستثناء هي حاله بعد إقباضه، فإن البائع المستثنى لنفسه صاعاً أبقى من الصبرة لنفسه هذا الكلي، فهو باق على مملوكيته وعلى قبضه بعد العقد، فيلزم أن يكون التلف عليهما و أن سَلّم التمام إلى المشتري إيفاء لماله و أمانة لمال البائع.

و أما ما أورده علیه (1) فيمكن دفعه:

أما ما ذكره في وجه المصادرة؛ فلأن عدم الإشاعة ثابت بعد الفراغ عن ظهور هذا الصاع في الصاع الكلي و الإشكال إنما كان في مسألة الاستثناء، فيختار أيضاً كليته فيها مع الحكم بحكم الإشاعة.

و أما ما ذكره في شقّي الترديد فنختار الشق الثاني.

و نقول في وجه الفرق: إن الصاع في قوله: (بعتك صاعاً من الصبرة) غير مقبوض لمالكه و محتاج إلى إقباض البائع، بخلاف الصاع في قوله: (بعتك هذه الصبرة إلا صاعاً من الصبرة)، فإن الصاع فيه مقبوض لمالكه فإنه باق على ما كان، وبحصول القبض حصل حكم الإشاعة و لا موجب لزواله بعد وصول التمام إلى المشتري، فإنه لم يصل إليه إلا ما كان حكمه حكم الإشاعة.

و[تارة] ثالثة: يلاحظ وجود الكلي في الصبرة لا بعنو إن أنها صبرة، بل بعنو إن منتزع منها كأن يلاحظ السالم من الصبرة، ويلاحظ كلية الصاع فيه، فيكون لازم الكلية هذه هو عدم قابلية لحوق التلف على الكلي مع فرض وجود فرد منه، مقصوراً فيما لاحظ الكلية فيه _ أعني عنو إن السالم من الصبرة _ فكلما و قع التلف على الصبرة انقلب عنو إن السالم على الباقي بعد التلف، فيختلف حينئذ ما هو اللازم؛ لوجود ذات الكلي مع قطع النظر عن لحاظ كليته، فإن

ص: 93


1- الشيخ الأنصاري، المكاسب: ٢٦٤/٤.

مقتضى وجود ذاته كون التلف الوارد على الصبرة متساوياً بالنسبة إلى أجزاء الصبرة، فنقص عن ذات الكلي بهذه النسبة، و مقتضى كليته في ما يسلم للمشتري كون ما بقي عن ذات الكلي في عنو إن السالم على نحو كليته، فلا يكون ناقصاً لو و قع الإتلاف على شيء من الصبرة، و من الظاهر عدم المزاحمة بين هذين الاقتضاءين، فيجب الحكم لكلا المقتضيين، فيكون حكم ذلك الكلي حكم الإشاعة بالنسبة إلى التالف وحكم الكلي بالنسبة إلى السالم.

و إلى ما ذكرنا يشير كلام الشيخ قدّس سرّه في بيان وجه الفرق بين المسألتين بناءً على كون بناء الأصحاب هو الحكم بعدم الإشاعة من أول الأمر(1)، و لا مجال لتوهم عدم معقولية ما ذكر في وجه الفرق بناءً على البناء المذكور؛ نظراً إلى عدم إمكان الجمع بين لحاظ الإشاعة في الصاع المستثنى - حتى يصح كون التلف عليه بتلف بعض أجزاء الصبرة - ولحاظ الكلية فيه حتى يصح الحكم لكلية ما بقي بعد التلف من الصاع فيما بقي من الصبرة؛ لما عرفت من عدم الاحتياج إلى اللحاظين بل يكفي لحاظ الكلية على الوجه الذي أشرنا إليه من دون احتياج إلى لحاظ الإشاعة، فإنّ ما هو المقصود من هذا اللحاظ حاصل من وجود ذات الكلي مع الإغماض عن كليته، و المطلوب من لحاظ الكلية فيما بقي من الصبرة حاصل من لحاظها على الوجه الذي أشرنا اليه، مع أنه لو احتجنا إلى اللحاظين أيضاً لما كان فيه ضير أصلاً؛ لاختلاف المضاف إليه، فإن لحاظ كلية الصاع إنما يكون بالنسبة إلى عنو إن السالم، ولحاظ الإشاعة إنما يكون بالنسبة إلى عنو إن التالف، وذلك أمر غير عزيز، ألا ترى فيما لو باع صاعين في عقدٍ و أحدٍ لشخصين أن يكون صاح كل من المشتريين كلياً بالنسبة إلى مال البائع، و بنحو الإشاعة بالنسبة إلى صاع الآخر، هذا كله في إمكان تصور تلك الملاحظة،

ص: 94


1- الشيخ الأنصاري، المكاسب: ٤ / ٢٦٥.

و تعقلها في مقام الثبوت.

و أما وجه استفادتها من اللفظ فهو أيضاً غير بعيد في مسألة استثناء الارطال فيما لو باع ثمرة شجراتٍ، فإن الظاهر من حال المتعاقدين هو التوطين على النقصان الحاصل بتلف من الله دون ما هو الحاصل بالإتلاف كما لا يخفى.

[نحو وجود الدين في التركة]

إذا عرفت ما ذكرنا - من أنحاء وجود الكلي في مسألة الصاع - علمت بأن وجود الدين في التركة - على أي نحو من الأنحاء المذكورة _ لا يوجب عدم جواز تصرف الورثة في غير ما قابل الدين في الوصية؛ لاشتراك كلّ من الأنحاء المذكورة في جواز التصرّف في غير ما قابل الكلي، فلا أثر في إثبات عدم جواز تصرّف الورثة من بيان جهة ما يعينه عن ما هو المقتضي لكلية الدين و الوصية من جواز التصرّف.

فنقول: مفاد الآية الشريفة يكون من قبيل القسم الثاني (1) من أنحاء ملاحظة الكلي،الخارجي، فإن مقتضاه تعيين مال الورثة بأن يكون من بعد الوصية و الدّين، فلوحظ الكلية في كل منهما و مال الورثة، و مقتضى ذلك جواز التصرّف في مثال الصبرة المستثنى منها الصاع.

و توهم عدم جواز التصرف نظراً إلى عدم معلومية مال الورثة؛ لاختلافه بعد استثناء الدين و الوصية، فإنه قد يلحق التركةَ التلفُ فلم يعلم مقداره (2)،

يندفع باشتراك ذلك مع ما ذكر من مثال الصبرة، لكن مفاد الآية - زائداً

ص: 95


1- أي: من ملاحظة وجود الكلي الخارجي مع ملاحظة كلية ما عداه أيضاً.
2- النراقي، مستند الشيعة: ١٩/ ١١٣.

على إفادتها العنو إن لكل من مال الورثة و الدين، و الورثة و الوصية - لحاظ التقدم في الدين و الوصية على مال الورثة و أن سياق الكلام بواسطة كلمة: من بعد النظر إلى إيصالها إلى الدّيان و الموصى إليهم، [فإن] (1) لم يكن لهم مال بعد قصر التركة على وفائهما كان اللازم منع الورثة من التصرّف الموجب للإتلاف؛ إذا لم يكن وصول حق الديّان و الموصى إليهم إليهما معلوماً، فيكون التصرف بنحو الإتلاف باطلاً من أصله.

نعم، إذا كانت التركة كبيرة وعُلم وصو لها إلى حقهما و أن تلف منها ما تلف أو كان الورثة ذمتهم معتبرة كأن يكونوا أغنياء بحيث لا يعد في العرف تصرفهم - مع عدم وفاء التركة بالجميع - إتلافاً لحقها، كان التصرف من الورثة فاسداً في الظاهر، فيجب الحكم بالبطلان أيضاً إذا انكشف الخلاف، بل ولو فُرض طرو المانع كأن يصيروا فقراء بعد تصرفهم بنحو الإتلاف، فإن أصل حقهم في التركة إنما يكون بعد وصول حق الديان، و أداء الوصية، أو ما في حكم الوصول عرفاً كما يكون كذا عرفاً في صورة كثرة المال، أو غناء الورثة، أو فقرهم أيضاً، لكن مع اعتبارهم...(2) في الناس بحيث يُرغبون الناسَ في إقراضهم و إعطاء مالهم إليهم.

و بالجملة صار المحصل من جميع ما ذكرنا منع الورثة من التصرف بنحو الإتلاف بعد عدم إحراز وصول الدين و الوصية إلى صاحبهما (3) تحريماً وضعياً بواسطة كلمة من بعد لا مجرد كلية الدين و الوصية، أو مع كلية مال الورثة، كما لا يخفى على المتأمل في جميع ما ذكرنا.

ص: 96


1- زيادة اقتضاها السياق.
2- كلمة لم تقرأ، و الأنسب (و شرفهم).
3- كذا في الأصل، و الأنسب (أصحابهما)

ثم إن مفاد الروايات أيضاً مما لا ينافي ذلك؛ فإن قوله علیه السلام في صحيحة عباد بن صهيب: «إنما هو - أي ما أوصى به من زكاة ماله _ بمنزلة دين لو كان عليه ليس للورثة شيء حتى يؤدوا ما أوصى به من الزكاة»(1)، و في الموثقة التي ذكرت في الجواهر في مسألة دين المملوك في آخر كتاب القرض(2): «أرى أن ليس للورثة سبيل على رقبة العبد و ما في يده من المتاع و المال إلا أن يضمنوا دين الغرماء جميعاً فيكون العبد و ما في يده من المال للورثة (3) ظاهر في أن المراد من نفي الشيء للورثة نفي شيء كان بلا مزاحم لهم حتى يزيلوا المزاحم لا نفي شيء من المال أصلاً، و في أن المراد من نفي السبيل نفي السبيل فيما ينازع الغرماء و الميت، فإن تنازعَ الغرماء لم يكن إلا في طلب دين من المال و ممانعة الورثة إنما كان في ذلك فأجاب بنفي السبيل للورثة بحيث يكون المال خالصاً لهم، فيكون المراد من الروايتين نفي تسلّط الورثة على تضييع الزكاة و الدين و لیس في ذلك منافاة لما يستفاد من الآية الشريفة، كما لم يكن بينهما منافاة للصحيح بعد السؤال: عن رجل يموت وترك عيالاً وعليه دين أينفق عليهم من ماله ؟ قال علیه السلام: إن استيقن بأن الدين الذي عليه يحيط بجميع المال فلا ينفق عليهم، و أن لم يتيقن فلينفق عليهم من وسط «المال» (4) كما لا يخفى.

ص: 97


1- الكليني، الكافي: ٥٤٧/٣؛ و في التهذيب: 9/ 170 بإضافة قيل له: فإن كان أو بحجة الاسلام؟ قال علیه السلام: جائز يحج عنه من جميع «المال» إلا أن في طريقه عمرو بن عثمان، و هو مجهول كما في انتخاب الجيد للمحقق الشيخ حسن الدمستاني: ٢/ ٣٨٨.
2- النجفي، جواهر الكلام: ٢٥/ ٧4.
3- الكليني، الكافي: ٣٠٣/٥؛ الطوسي، التهذيب: ٦ / ١٩٩، الاستبصار: ١١/٣.
4- الكليني، الكافي: ٤٣/٧، قال: (محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر بإسناد له أنه سئل عن رجل يموت ويترك عيالا وعليه دين أينفق عليهم من ماله ؟ قال: إن استيقن أن الدين الذي عليه يحيط بجميع المال فلا ينفق عليهم، و أن لم يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال. الصدوق، الفقيه: ٤ / 230؛ الطوسي، الاستبصار: ٤ / ١١٥، التهذيب: ٩ / ١٦٥

98

[نتيجة البحث]

[على القول بالانتقال وعدمه إن كان الدين مستوعباً]

إذا عرفت جميع ما ذكرنا تبين لك الحال في أصل المسألة المعنونة في كتاب الزكاة من تعلّق الزكاة على مالٍ مات مالكه وعليه دين، فإنّ الدِّين إن كان مستوعباً فلا زكاة مطلقاً.

أما على القول بعدم الانتقال فواضح؛ إذ لا وجود له كأن المال في حكم ماله، و لا ملكية للورثة و لا لغيرهم. (1)

و أما على الانتقال إلى الورثة فكذلك أيضاً؛ فإنّ المال و أن كان ملكاً للورثة لكنهم ممنوعون من التصرّف فيه (2)؛ لتعلق [حق] (3)الغرماء به.

و إمكان تصرفهم فيه إذا كانوا أغنياء وعدم الحجر عليهم في التصرّف فيه كيف شاءوا حينئذ ليس مما يجدي؛ فإن إزالة المانع من التصرف - و أن كانت حاصلة بنفس التصرّف - ليست بلازم و أمكان التصرف - بواسطة كون ذلك التصرف بنفسه موجباً للإمكان _ غير مناف لكون المال ممنوعاً من التصرف كما أن جواز تصرف (4) المطلقة الرجعية بوطئها - بناءً على كونه رجوعاً _ ليس مما ينافي حرمتها قبل التصرّف، فيصدق على التركة مع وجود الدين المستوعب أنها

ص: 98


1- من الدّيان و الموصى إليهم، و قد تقدم أن شرط الزكاة أن يبلغ النصاب في ملكه.
2- و الزكاة مشروطة بكون المالك غير ممنوع التصرّف في ماله.
3- إضافة اقتضاها السياق.
4- كذا في الأصل، ولکن الأنسب (التصرف في).

ممنوعة من التصرف فيها، و أن كان المنع مرفوعاً بنفس التصرف.

[إذا كان الدين غير مستوعِب]

و إن كان الدين غير مستوعب:

ففيما قابل الدين حكمه حكم الدين المستوعب.

و أما في غير ما قابل فلا مانع من الزكاة مع وجود شرائطها؛ لما عرفت من إمكان تصرّف الورثة وعدم الحجر عليهم في الظاهر، فيكون حكم وجوب الزكاة عليهم كذلك، فلو فرض و قوع التلف بحيث يتبدل غير المستوعب إلى المستوعب فلا زكاة حينئذ و أن حكم بوجوبها سابقاً.

[صور المسألة]

فاتضح بما ذكرنا حال صور المسألة، فإنها ثمانية؛ لأن موت المالك إما أن يكون قبل بدو الصلاح وتعلّق وجوب الزكاة أو بعده، وعلى كلا التقديرين الدين إما مستوعب أو لا، وعلى التقادير الأربعة الكلام إما على القول بالانتقال أو لا.

فإن كان موت المالك قبل بدو الصلاح فقد عرفت صورها الأربع، و أن كان بعده فتصير الزكاة أيضاً كسائر الديون إلا أن القول بتقدمه عليها هو الأقوى؛ لكونها (1) متعلّقةً بالعين قبل تعلّق التركة بها، بل يمكن أن يقال: إن مقدار الزكاة ليس جزءاً من التركة أصلاً لصيرورته ملكاً للفقراء وصيرورتهم شركاء للمالك. (2)

ص: 99


1- وجه كونها كسائر الديون.
2- و على هذا لا تكون كسائر الديون، بل هي مستحقة للغير، قبل الوفاة و ما عداها تركة.

[فرع فيما إذا كانت التركة من جنس الزكاة أو من غيره]

بقي في المقام فرع:

يتفرّع على صورة موت المالك قبل بدو الصلاح على القول بالانتقال فيما كان الدّين غير مستوعب: و هو أنه لا إشكال فيما لو كانت التركة كلّها جنساً زكوياً كأن كانت مثلاً من الغلاة، فإنه يلاحظ في غير ما قابل النصاب بشروطه و يحكم بمقتضاه.

و أما إذا كانت التركة أشياء كثيرة تبلغ مبلغاً عظيماً من المال و کانت كلها من غير جنس الزكوي غير أنه كان فيها نصاب و أحدٌ من الزكاة أيضاً، و کان لذلك الميت دينُ في غاية القلة، فهل يحكم في هذا بوجوب الزكوي في النصاب - نظراً إلى أن وجود النصاب مع أموال كثيرة يمكن أداء دينه القليل منها، فلا وجه لاحتساب الدين مع النصاب إلا الفرار من أداء الدين _ أو لا زكاة في الفرض أصلاً - نظراً إلى كون وجود الدين في جميع التركة على النحو الكلي بحيث يكون كل مقدار مساو له في المقدار قابلاً لصيرورته ملكاً للديان، فلا يكون النصاب جامعاً للشرائط؛ إذ لا مانع من كون جزء منه مصداقاً للدين المفروض، فلم يتحقق وجود النصاب للورثة حتى يقال بتعلق وجوب الزكاة عليه؟ وجهان أظهر هما الثاني.

ص: 100

[تنظير المقام ببيع الأمة]

لا يقال: إذا كان إمكان صيرورة الشيء مصداقاً للكلي _ الذي هو مال الغير - مانعاً عن طبيعة الملك – و لأجل ذلك ما كان وجود النصاب مملوكاً لواحد متحقق حسبما ذكرت - لكان فيما إذا باع المالك أمة كلية من إمائه أن لا يكون له التصرف في واحدة من إمائه جائزاً؛ فإن كل أمة (مما) (1) يمكن أن تكون مصداقاً لكلي المشتري، فلم يتحقق للمالك في كل أمة من إمائه ملكاً طلقاً له.

لإنا نقول: ليس نظير ما ذكرنا - من عدم تحقق النصاب قبل تصرف الورثة في النصاب - ما ذكرت من عدم تحقق طبيعة ملك كل أمةٍ حال تصرّف المالك فيها بالوطء أو غيره؛ إذ من الواضح أن تصرف كل من كان في ملكه ملك كلي لغيره في (2) بعض الأفراد يوجب أن يكون تصرفه في ملكه؛ لأن ملك الغير _ و هو الكلي - موجود ما دام فرد منه موجوداً، فالبائع تصرفه في أمة من إمائه ليس تصرفاً في ملك الغير؛ لأنه موجود بوجود غير الفرد المتصرف فيه.

و نظير ذلك في تركة الميت هو تصرّف الوارث في النصاب ببيعه أو بنحو آخر، فإن ذلك التصرف يوجب كون كلي الدين متحققاً في ضمن غير الفرد النصابي.

و نظير ما ذكرنا - من عدم تحقق النصاب _ حالُ البائع قبل تصرفه في واحدة من إمائه، فإنه لا يصح أن يقال: بأنّ كلاً من إمائه ملكُ طلقٌ له، بل كل أمة يفرض فيها مانع من تحقق ملكيتها؛ لقابليتها أن تكون مصداقاً لكلي

ص: 101


1- كذا في الأصل، و الأنسب (منها).
2- متعلّق بتصرف ويكون المعنى: أن تصرف المالك في بعض الأفراد تصرف في ملكه و أن كان فيه ملك كلي لغيره.

المشتري.

نعم، قد يشكل في مثل البيع فيما إذا كان المبيع أمة ثيباً بأنه لا شك في كون كل (1) من تلك الإماء ملكاً للمشتري و لا يجوز وطؤها بغير إذنه مع أنّ كل أمة أراد البائع وطأها بغير إذنه كان ذلك جائزاً لأن ملك المشتري _ و هو كلي الأمة _ موجود فهو يطأ [ملك] نفسه حتى ينتهي إلى الأخيرة، فهو (2)أيضاً وطؤها بقاء (3)، الكلي بوجود فرد منه (4)، و الأفراد الموطوءة أيضاً موجودة، و يصح للبائع أن يعين مال المشتري في واحدة من الموطوءات، ولأجل وجود كلي المشتري في الفرض يفارق صورة ما لو أتلف البائع كل واحدة من إمائه حتى ينتهي التلف إلى الأخيرة فإن مال المشتري يتعين بالعرض حين تلف غير الأخيرة، و أن كان لو فرض تلف الأخيرة أو إتلاف البائع لها، فإنه لم يكن للمشتري المطالبة بخصوص الأخيرة لأن تعينها كان تعيناً عرضياً حين وجودها، و أذا تلفت كان تلف كلي المشتري مستنداً إلى تلف الجميع لا إلى الأخيرة التي تكون هي جزءاً أخيراً بسبب تلف ذلك الكلي، بخلاف ذلك المقام، فإن التصرف في الثيب من الإماء لا يوجب تعين كلي المشتري في الأخيرة؛ لأن المفروض أن غيرها من سائر الأفراد أيضاً موجود، فلا وجه لإلزام المالك بتعيين كلي المشتري في الأمة التي لم يتصرف فيها فلابد من الالتزام بجواز وطء جميع الإماء مع أن فيها، ملكاً للغير

ص: 102


1- كذا في الأصل، و الأنسب (أمة).
2- كذا في الأصل، و الأنسب (فله).
3- كذا في الأصل، و الأنسب (لبقاء).
4- كذا العبارة في الأصل و محصلها: (إنه يجوز للبائع أن يطأ كل واحدة من إمائه حتى إذا وصل إلى الأخيرة _ و التي يمكن أن يقال بتعين كلي المشتري فيها _ جاز له وطؤها أيضاً، إذ مجرد الوطء لا ينافي بقاء كلي المشتري، فهو باق ضمن الموطوءات).

قطعاً، إلا أن يقال بحرمة المقدمة العلمية و هو مما لا دليل عليه. (1)

اللهم إلا أن يقال: إن في المقام كليين:

أحدهما: الكلي الذي هو مال المشتري.

والآخر: هو كلي التكليف من الشارع بحرمة وطء وتصرف البائع في الإماء بالوطء، و أن لم يكن هو موجباً لتعيين كلي المشتري في الأمة الأخيرة؛ لما عرفت من وجود الأفراد الأُخر أيضاً، لكنه موجب لتعيين ذلك التكليف الكلي في الأخيرة تعييناً عرضياً، فلا يجوز وطؤها، كما لو فرض نهي الشارع ابتداءً بحرمة الزنا الكلي بجماعة مخصوصة من النساء.

لكنه في غاية الإشكال؛ لأن ذلك التكليف الكلي بحرمة الوطء مانع لكلية مال المشتري، فإنَّ وطأها غير جائز، فإذا فرض عدم تعيين المتبوع (2) فكيف يمكن القول بتعين التابع(3) ولو عرضياً.

فإن قلت: لابد من القول بتعين المتبوع، فإن جواز وطء كل واحدة من الإماء لا يكتفي (4) فيه بقاء ملك الغير، فإن ذلك يوجب رفع منع جواز التصرف في مال الغير و مجرد ذلك لا يوجب جواز الوطء، فإنّ الوطء لا يجوز إلا في ملك؛ فلابد من إثبات الملكية للبائع أيضاً حتى يجوز له الوطء، فإذا تعين غير الأخيرة؛ لأجل التصرف بالوطء لملكية البائع، فلا يجوز له الوطء في الأخيرة (5)

ص: 103


1- ينظر الأنصاري، فرائد الأصول: ٢/ ٢١٥.
2- و هو كلي المشتري.
3- و هو التكليف الكلي من الشارع بحرمة الزنا؛ لأن مصداقه هنا هو الأمة الكلية المباعة.
4- كذا في الأصل، و الأصح (يكفي).
5- لانحصار إيفاء كلي المشتري بها، فكأنها تعينت لملكه.

لا لأجل أنه تصرف في مال الغير، بل لأجل أنه لا وطء إلا في ملك (1).

قلت: نعم يصح قولك: لا وطء إلا في ملك، ويلزم تعيين كون الأمة ملكاً للبائع في جواز وطئها، و لکنه هل يكون وجه تعيين الأمة الأولى في ملك البائع غير أنها مصداق لما عدا كلي المشتري و هو مال البائع ؟ و من الظاهر صدق ذلك في الأخيرة أيضاً، فإنها مصداق لما عدا الكلي الذي هو للمشتري؛ لأن المفروض وجود ذلك الكلي في الإماء الموطوءة حسبما،عرفت فتأمل، فإن المقام حقيق بالتأمل.

ص: 104


1- ينظر العاملي، مفتاح الكرامة: ١٢ / ٥٠٤.

[المسألة الثالثة]

اشارة

مسألة: مال التجارة هو المال المملوك بعقد معاوضة بقصد الاكتساب عند التمليك.

و مقتضى التعريف إن كون مال التجارة غير صادق إلا على ما اشتري بالمعاوضة بالعقد المذكور، فما يدفع في ثمن ما اشتراه ليس بمال التجارة، بل هو عبارة عن رأس المال، و لا يصدق عليه مال التجارة حينئذٍ و أن كانا متصادقين بعد صدق التجارة.

نعم، يصدق مال التجارة أيضاً من دون رأس المال لو فرض امتياز رأس المال عن مال التجارة، و لا يخلو من إشكال.

بل يمكن أن يقال: عدم صدق رأس المال أيضاً قبل المعاملة، فيكون مثل مال التجارة في عدم الصدق قبل المعاوضة، فلو اشترى بدرهم سلعة للتجارة فالدراهم ليست بمال تجارة حتى في حال الاشتراء كما صرح به العلّامة رحمة الله في التذكرة قال بعد التعريف المذكور إذا ثبت هذا فإن كان عنده ثوب قنية (1) فاشتری به عبداً للتجارة، ثم رد الثوب بعيب، انقطع حول التجارة، و لا يكون الثوب مال تجارة، لأنه لم يكن مال تجارة حتى يعود بعد انقطاع البيع على ما كان عليه (2). انتهى

فلو كان مال التجارة صادقاً على الثمن المذكور حال المعاملة لم يكن وجه

ص: 105


1- اتخذه لنفسه لا للتجارة. العين للفراهيدي: 217/5 و کذا في معجم مقاييس اللغة لابن:فارس 29/2، و أما في المخصص لابن سيده: ٤ / ق ٣ / ١٥٥ قنوته و قنيته كسبته، و کذا في لسان العرب لابن منظور: ١٥ / ٢١٠.
2- العلّامة الحلي، تذكرة الفقهاء (ط. ج): ٢٠٧/٥.

لانقطاع الحول إلا بعد تجدد قصد [التجارة]. (1)

ولکن قد يقال: إن مال التجارة هو ما اتجربه، لا ما و قع عليه التجارة. و ما اتجربه هو الثمن، فإن هذه المعاملة - التي تكون بقصد الاكتساب المذكور - تجارة، و هي قائمة بالثمن، ويدل على ذلك أن هذا التعريف لمال التجارة ليس معنى اصطلاحياً بل هو معنى عرفي مطابق لما هو في الروايات من قوله علیه السلام: كل مال عملت به أو اتجرت به أو غير ذلك (2) و من الظاهر عدم صدق العمل و الاتجار إلا بالثمن؛ إذ به يتحققان.

و هو مدفوع بأن العمل و الاتجار لا يتحقق بالثمن إلا بعد و قوعها به، فما دام لم تقع المعاملة لم يتحقق العمل به وبعد تحقق التجارة كان الثمن عند البائع و المثمن عن المشتري، فيكون كلاهما مال تجارة، لمقام الاتجار بهما.

و مما ذكرنا ظهر حال القول بصدق مال التجارة على ما أعدت للتجارة لوضوح أن المعد للشيء لا يكون متلبساً بذلك الشيء، ويظهر من التعريف أن التجارة في المقام هو العقد بالقصد المذكور، فإن مال التجارة إذا كان معرّفاً بهذا التعريف كان التجارة أيضاً ما ذكرنا؛ لأن مال التجارة ليس إلا ما يحصل بإضافة المال إلى التجارة و مفهوم المال مبين.

ص: 106


1- في الأصل بياض بمقدار كلمة و ما أثبتناه يقتضيه السياق.
2- الكليني، الكافي: 3/ 528 قال: «عن محمد بن مسلم أنه قال: كل مال عملت به فعليك فيه الزكاة إذا حال عليه الحول و في رواية أخرى عن إسماعيل بن عبد الخالق قال: سأله سعيد الأعرج و أنا أسمع فقال: إنا نكبس الزيت و السمن نطلب به التجارة، فربما مكث عندنا السنة و السنتين، هل عليه زكاة؟ قال: فقال علیه السلام: إن كنت تربح فيه شيئاً أو تجد رأس مالك فعليك زكاته، و أن كنت إنما تربص به لأنك لا تجد إلا وضيعة فليس عليك زكاته حتى يصير ذهباً أو فضةً، فإذا صار ذهباً أو فضةً، فزكه للسنة التي اتجرت فيها»

و التجارة قد تطلق على مطلق المعاوضة كما هو المراد من قوله تعالى ﴿تجارة عن تراض﴾ (1) و هذا ليس هو المقصود في المقام، بل المراد هو المعاوضة المركوزة.

و المراد بالاكتساب ليس هو مطلق الاسترباح كما يوهم كلام الشيخ رحمة الله في التقريرات (2) حتى يُشكل بأن الربح صادق على الزائد عن رأس المال في المعاملة و أن لم يقصد بعضها بمعاملة أخرى (3) كما يرشد إلى ذلك صدق الربح في مال المضاربة، فإنه لو اشترى بمال المالك سلعة يكون فيها زيادة على رأس المال يصدق عليها الربح و أن كان من قصد العامل عدم المعاملة حينئذ غير ما صدر منه (4)، فإنه يكون شريكاً في الربح المذكور قطعاً.

بل المراد بالاكتساب هو الاسترباح ممن يريد أن تكون المعاوضة عملاً و كسباً ولو في قطعة من الزمان، وظاهر أن العامل المذكور في المضاربة مع العقد المذكور ليس عاملا كاسباً بمال المالك.

[دخول النماء و النتاج في التعريف]

ثم إن الظاهر دخول النماء و النتاج و التوابع في التعريف المذكور _ الذي يكون مطابقاً للمعنى العرفي و الروايات - و أن يكن مقصوده بالأصالة؛(5) لأن قصد الاكتساب بالمتبوع يكفي في القصد بها.

ص: 107


1- سورة النساء: 29.
2- ينظر الشيخ الأنصاري، كتاب الطهارة: ٢/ ٤٩٤، كتاب الزكاة: ٢٤٠ و ٢٤١.
3- كذا في الأصل و المعنى واضح.
4- كذا في الأصل و المعنى واضح.
5- كذا في الأصل و الأنسب ( و أن لم يكن مقصوده بالأصالة).

كما إن الظاهر اعتبار القصد في زمان التملك في العقد الفضولي و المعاطاة لو قلنا بحصو له (1) عند التصرّف، فإن قصد الاكتساب إذا كان في زمان التملك و أن كان منفكاً عن زمان العقد بسنة مثلاً يصدق على المملوك بهذا العقد أنه مال مملوك بعقد معاوضة... إلى آخره و الدليل على اعتبار القيود - المذكورة في التعريف - واضح بعد عدم صدق مال التجارة بفقدان و أحد منها عرفاً كما هو ظاهر.

ص: 108


1- يعود على التملّك.

المسألة الرابعة: [في شروط زكاة مال التجارة]

اشارة

ثم إنهم ذكروا في استحباب الزكاة في مال التجارة - على ما هو المشهور (1) أو وجوبها (2) على القول به _ شروطاً:

أحدها: النصاب، و الدليل عليه - قبل الإجماع (3) _ هو المفروغية المستفادة من الروايات (4) من كون زكاة التجارة زكاة النقدين إلا أن في الاختلاف في الوجوب و الاستحباب (5)

ص: 109


1- الطوسي، المبسوط: 1/ 220؛ أبو الصلاح الحلبي، الكافي في الفقه: ١٦٥؛ ابن حمزة الديلمي، المراسم العلوية 138؛ العلّامة الحلي التذكرة: ٢١١/٥، ويظهر المختلف: ١٩١/٣ وغيره من كتبه، و الشهيد الثاني الروضة البهية: ١٤٢، وغيرهم.
2- علي بن بابويه رسالة الشرائع 219؛ الصدوق، المقنع: ١٦٨ الفقيه: ٢/ ١٦؛ المفيد المقنعة: ٢٧٤، و ممن قال بالوجوب الشافعي و مالك و أبو حنيفة و أصحابه ينظر: النووي، المجموع ج ٦، ٤٧.
3- المحقق الحلي، المعتبر: ٥٤٦/٢؛ كما هو ظاهر عبارة العلّامة في التذكرة: 20٩/٥؛ البحراني، الحدائق: ١٢ / ١٤٦.
4- الكليني، الكافي: ٣/ ٥١٧ كرواية إسحاق بن عمار، عن أبي إبراهيم علیه السلام قال: «قلت له: تسعون و مئة ودرهم وتسعة عشر ديناراً، أعليها في الزكاة شيء؟ فقال علیه السلام: إذا اجتمع الذهب و الفضة، فبلغ ذلك مئتي درهم ففيها الزكاة؛ لأن عين المال الدراهم، وكلما خلا الدراهم من ذهب أو متاع فهو عرض مردود [ذلك] إلى الدراهم في الزكاة و الديات». ورواية سعيد الأعرج في التهذيب: ٦٩/٤ و قد تقدمت.
5- قال في الحدائق: ١٢ / ١٤٦): (وما يدعونه من أن ظاهر الروايات أن هذه الزكاة ١٤٦/١٢: بعينها زكاة النقدين فيعتبر فيها نصابهما ويتساويان في قدر المخرج فلا يخفى ما فيه، و المسألة لا تخلو من إشكال، فإن ظاهر الروايات الإطلاق)، و ما في المتن عين عبارة الجواهر: ١٥ / ٢٦٥.

كما تنطق به قصة تخاصم أبي ذر و عثمان (1)، بل يكفي في ذلك عدم التعرّض في الروايات من السائل و الإمام علیه السلام لذكر هذا الشرط مع الارتكاز و المسلّمية من اعتبار النصاب في الزكاة، وحيث كان لمال التجارة نصاب مسلم عند الكل (2) فلا ريب في كونه هو زكاة النقدين؛ لعدم احتمال غيره كما لا يخفى.

فالنصاب في المقام هو النصاب في النقدين أولاً.

و ثانياً: قدراً و جنساً على تفصيل يأتي (3) من كونه أحد النقدين على التعيين إذا كان رأس المال أحدهما كذلك، و أحدهما على التخيير إذا كان رأس المال عروضاً، فلو نقص مال التجارة عن النصاب يسقط الحكم من الاستحباب أو الوجوب.

ص: 110


1- الطوسي، الاستبصار: 9/2 عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن عمر بن أذينة عن زرارة «قال: كنت قاعداً عند أبي جعفر علیه السلام و لیس عنده غير ابنه جعفر علیه السلام فقال علیه السلام: يا زرارة، إن أباذر رضیَ اللّهُ عنهُ وعثمان تنازعا على عهد الاول رسول الله، صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ فقال عثمان كل مال من ذهب أو فضة يدارُ به ويعمل به ویتجرُ به ففيه الزكاة إذا حال عليه الحول، فقال أبوذر رضیَ اللّهُ عنهُ: أما ما اتجر به أو دِير وعُمل به فليس فيه زكاة، إنما الزكاة فيه إذا كان ركازاً أو كنزاً موضوعاً، فإذا حال عليه الحول ففيه الزكاة. فاختصما في ذلك إلى رسول الله، صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ قال علیه السلام: فقال صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ: القول ما قال أبو ذر. فقال أبو عبد الله علیه السلام لأبيه علیه السلام: ما تريد إلى أن تخرج مثل هذا فيكف الناس أن يعطوا فقراءهم و مساكينهم ؟ فقال أبوه علیه السلام: إليك عني لا أجد منها بداً».
2- السبزواري، كفاية الأحكام: ١٨٦/١ قال: (لا أعرف فيه خلافاً بينهم)؛ البحراني، الحدائق: ١٢ / ١٤٦ قال: (وهو مجمع عليه من الخاصة و العامة).
3- في صفحة (119) عند قوله (تقويم ذلك المتاع).

[حكم الزيادة في أثناء الحول]

ولو زاد في أثناء الحول:

فإما أن تكون زيادة متصلة كالسمن و الصوف، أو منفصلة كالنتاج، أو معنوية كزيادة القيمة السوقية، فالحكم ثابت في الجميع - و إن [كان] (1) مختلفاً في مراتب الظهور، فإنه لا ريب في زيادة مال التجارة - أعني: المملوك بعد المعاوضة حينئذٍ في الجميع سواءً قلنا باعتبار بقاء السلعة في الحول بأن يكون ثمن مال التجارة عبارة عن أشخاص الأمتعة كما عليه المحقق في المعتبر (2)، أو لا بأن يكون عبارة عن المالية الباقية في الحول ولو تبدلت السلعة بالأعيان المختلفة الكثيرة كما عليه في التذكرة (3) _ و هو المتصور لدلالة الروايات على ثبوت الزكاة فيما اتجر به، أو عمل به، وذلك لا يكون إلا باعتبار المالية الكلية، فإن هذا الاختلاف مما لا ربط له بالمقام؛ لما عرفت من زيادة مال التجارة بواسطة الزيادتين المذكورة بداية (4)، فمن اعتبر بقاء السلعة طول الحول يعتبر أن تكون هذه الزيادة باقية في حول مستقل، و من لم يعتبر ذلك يعتبر بقاء مالية هذه الزيادة لا عينها.

و توهم أن الزيادة ليس لها عين خارجية فكيف يعتبر فيها حول مستقل ؟ . (5)

مدفوع بأن العين مختلفة بحسب اللحاظ حينئذ، و الا فكيف يمكن فرض الزيادة فيها.

ص: 111


1- إضافة اقتضاها السياق.
2- المحقق الحلي، المعتبر: ٥٤٤/٢.
3- العلّامة التذكرة: ٢٢١/٥
4- الظاهر أنه يعني الزيادتين المتصلة و المنفصلة.
5- ينظر الأنصاري، الزكاة: ٢٤٩.

[العين بلحاظ قيمتها متعلق للزكاة]

و من الظاهر أن العين بلحاظ قيمتها متعلّقة للزكاة، فيعتبر فيها النصاب، و بهذه الملاحظة يحكم عليها تارة ببلوغ النصاب و أخرى بعدمه، فاللازم مضي الحول عليها بتلك الملاحظة، فإذا تعددت تلك الملاحظة في أثناء الحول فلابد من مراعاتها؛ لأن الفرض أنه كان حكم الزكاة متعلّقاً بها كما لا يخفى، وسواء قلنا بتعلق الزكاة بقيمة المتاع أو بعينه؛ لأن هذا النزاع إنما هو في تعيين الفريضة بعد الاتفاق على ملاحظة النصاب باعتبار المالية، فمرجع الاختلاف إلى أن الأمتعة بعد بلوغها إلى النصاب - باعتبار قيمتها - هل تتعلّق الزكاة بالعين بملاحظة قیمتها حتى يكون المالك ممنوعاً من التصرف في العين بالبيع و الشراء وغيره بلا تضمين، أو تتعلّق بنفس القيمة فيكون المالك مطلقاً في التصرفات المذكورة و أن كان ممنوعاً من التصرفات المتلفة لمنافاتها للحق المتعلّق بالمالية؟

و من الظاهر أن هذا الاختلاف لا ربط له بالتكلّم في حال النصاب، و أن المالية المعتبرة فيه هي مالية الأصول، أو تعمها و توابعها كما هو ظاهر.

و بالجملة؛ بعد صدق الزيادة في مال التجارة و أعتبار الحول فيها، فالظاهر اعتبار الحول مستقلاً في تلك الزيادة، وعدم كفاية مضي الحول على الأصل عن مضيه على الزيادة، نعم هذه الزيادات مختلفة في مراتب الظهور، إذ من حيث المالية يكون النتاج أظهر و الربح أخفى، و من حيث اتحادها مع الأصل الأمر بالعكس، فيكون الربح أظهر، و النتاج أخفى، و الزيادة المتصلة متوسطة على التقديرين.

و إلى الحيثية الأولى نظر في الجواهر (1)، حيث حكم بأظهرية النتاج من

ص: 112


1- النجفي، جواهر الكلام: ٢٦٧/١٥.

الربح، و الى الحيثية الثانية نظر في الدروس (1) حيث جزم في الربح دون النتاج.

و كيف كان، فتوقف الجواهر في اعتبار الحول المستقل نظراً إلى ظهور النصوص (2) في كون الزكاة هي زكاة رأس المال غير ظاهر؛ نظراً إلى ظهورها في كون الزكاة هي زكاة رأس المال لكن باعتبار العمل و الاتجار بها، فهو ظاهر بلحاظه بتلك الملاحظة و الاعتبار.

و قد عرفت أن الزيادة بهذا الاعتبار تكون في عرض الأصل، و أما رواية عبد الحميد (3) فلابد من تأويلها أو طرحها؛ نظراً إلى أدلة اعتبار الحول، فإن هذه الرواية تدل بظاهرها على عدم الحول و أن ملك مالا آخر بعقد جديد أيضاً في أثناء الحول.

ص: 113


1- الشهيد الأول، الدروس: 238/1، ولکن عبارته مجملة فقد قال: (لو زاد اعتبر له حول من حين الزيادة. إلا أن عبارته في البيان (ط. ج): 307 صريحة في المراد حيث قال: (ولو ربح في الأثناء فللربح حول بانفراده من حين ظهوره و اليه أرجع في الجواهر لا إلى الدروس.
2- الكليني، الكافي: ٣/ ٥٢٧: عن شعيب قال: قال أبو عبد الله علیه السلام: كل شيء جرَّ عليك المال فزكه وكل شيء ورثته أو و هب لك فاستقبل به» و أيضاً «عن زرارة عن عليهما السلام قال علیه السلام: ليس في شيء من الحيو إن زكاة غير هذه الأصناف الثلاثة: الإبل، و البقر و الغنم وكل شيء من هذه الأصناف من الدواجن و العوامل فليس فيها شيء، و ما كان من هذه الأصناف فليس فيها شيء حتى يحول عليها الحول منذ يوم ينتج، ورواها الشيخ الاستبصار: ٢٤/٢.
3- الكليني، الكافي: 527/3 قال: «... عن عبد الحميد بن عواض، عن أبي عبد الله علیه السلام قال: في الرجل يكون عنده المال فيحول عليه الحول ثم يصيب مالاً آخر قبل أن يحول على المال الحول، قال علیه السلام: إذا حال على المال الأول الحول زكاهما جميعاً».

و ثانيها أن يطلب برأس المال؛ للإجماع (1)، و موثقة سماعة(2). وفرّق في الجواهر بين كون الشرط هو الطلب المذكور، أو يكون هو عدم الطلب بنقيصة(3)، و قد استشكل الفرق المذكور جماعة (4)، بل الأستاذ (أديم ظله) أيضاً، حيث فهموا أن الفرق بين إجراء الأصل في المقامين.

و الظاهر عندي خلاف ذلك، فإن الفرق عنده ليس في إجراء الأصل، بل في وجود الدليل إذا كان الشرط هو الأمر الوجودي، و هو هو نفسه، دون ما إذا كان هو الأمر العدمي، فالفرق إنما هو في الاحتياج إلى الأصل وعدمه لا في الإجراء وعدمه، فراجع كلامه (5) إن شئت.

ثم إن الظاهر عدم البعد في الحكم بدخول المؤونة في رأس المال كما يشهد به ملاحظة أعمال التجّار؛ لظهور اعتبارهم مؤونة الحمل و الحامل في قيمة المال، فيحكمون بعد لحاظ المؤونة إذا كانت درهماً و الثمن إذا كان درهماً بأن الثمن در همان، و أما اعتبار الاتحاد - و أن كان غير معتبر في النصاب - فيلاحظ مجموع

ص: 114


1- النراقي، مستند الشيعة: ٩/ ٢٤٧ ادعى الإجماع عليه بقسميه، و في الجواهر: ١٥/ ٢٦٨ ادعى عدم الخلاف عليه.
2- الكليني، الكافي: 527/3 قال: «.. عن سماعة سألته. عن الرجل يكون عنده المتاع موضوعاً فيمكث عنده السنة و السنتين أو أكثر من ذلك قال علیه السلام: ليس عليه زكاة حتى يبيعه إلا أن يكون أعطى به رأس ماله فيمنعه من ذلك التماس الفضل، فإذا هو فعل ذلك و جبت فيه الزكاة، و أن لم يكن أعطى به رأس ماله فليس عليه زكاة حتى يبيعه و أن حبسه بما حبسه فإذا هو باعه فإنما عليه زكاة سنة واحدة».
3- النجفي، جواهر الكلام: ١٥/ ٢٦٨.
4- المحقق السبزواري، ذخيرة المعاد: 1 ق ٤٤٩/٣؛ آقا رضا الهمداني، مصباح الفقيه: ٤٤٣/١3.
5- أي: صاحب الجواهر في الموضع المشار إليه.

الأموال في بلوغ النصاب و أن كانت تجارات متعددة _ لكنه معتبر في ملاحظة رأس المال.

و الظاهر أن المناط في الوحدة و التعدد هو ملاحظة الاستقلال في التجارة بالمال وعدمها، فمتى لوحظت الأمتعة بلحاظ الجزئية من التجارة كالعطار الذي أراد التكسب بعشرة دراهم مثلاً، فيبيع ويشتري من حيث إنه تعامل بالدراهم المذكورة، كانت التجارة واحدة فيلاحظ شرط الطلب برأس المال في الجميع ولو كان ذلك العمل معاوضات عديدة بالنسبة إلى الأمتعة المتباينة، و متى لوحظت بلحاظ الاستقلال كانت التجارة متكثرة و أن كانت المعاملة على حقيقة واحدة كما لا يخفى.

[جبر خسران إحدى التجارتين للأخرى]

و أما جبر خسران إحدى التجارتين للأخرى (1) بالنسبة إلى رأس المال فهو تابع لما ذكرنا من الاتحاد.

فما في الجواهر (2) من تقوية جبر خسران إحداهما بربح الأخرى في صورة تفرّد التجارة بالسلعة ببيع بعض الأمتعة المشتراة صفقة واحدة استقلالاً، غيرُ خال عن النظر فتأمل.

ص: 115


1- كذا في الأصل، و الظاهر.(بالأخرى).
2- النجفي، جواهر الكلام 15 / 270.

ثالثها: اشتراط الحول و هو ثابت بالنصوص (1) و الإجماع (2).

ص: 116


1- الكليني، الكافي: ٥١٢/٣ كصحيحة الحلبي قال: قلت لأبي عبد الله علیه السلام: ما في الخضر؟ قال علیه السلام: و ما هي؟ قلت: القضب و البطيخ و مثله من الخضر، قال علیه السلام: ليس الله عليه شيء إلا أن يباع مثله بمال ويحول عليه الحول ففيه الصدقة، وعن الغضات من الفرسك و أشباهه فيه زكاة ؟ قال علیه السلام: لا، قلت: فثمنه ؟ قال علیه السلام: ما حال عليه الحول من ثمنه فزكه»، و في ٥٢٨ صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله الا «قال: وسألته عن الرجل يوضع عنده الأموال يعمل بها. فقال علیه السلام: إذا حال الحول فليزكّها». و موثق إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم علیه السلام و رواية عبد الحميد، و قد تقدمتا.
2- ينظر العلّامة الحلي، المختلف: 3/237؛ النجفي، جواهر الكلام: ٣٩/١٥، الشيخ الأنصاري، كتاب الزكاة ١٠.

[المسألة الخامسة]

اشارة

مسألة: الزكاة تتعلق بقيمة المتاع لا بعينه.

فإنّ الظاهر كون الزكاة جزءاً من النصاب، و قد عرفت أن اعتباره (1) ليس إلا بملاحظة قيمة المتاع، مع أن مقتضى الأصل عدم تعلّق الحق بالعين و أستصحاب تصرفات المالك إلا فيما تيقن خروجه، و هو التصرفات المتلفة.

و هذا النزاع ظاهر بناءً على اعتبار بقاء السلعة طول الحول، و أما بناءً على عدم اعتباره _ كما اخترناه (2) - فالمتاع الذي تتعلق الزكاة بقيمته إن كان هو المتاع الموجود في آخر الحول فيشكل بعدم مضي الحول عليه _ و قد عرفت شرطيته (3) ۔ و أن كان غيره فالمفروض عدمه.

و لکنه مدفوع بأنه المتاع الكلي، و هو باقٍ طول الحول مع التبدلات الكثيرة أيضاً، ولکن أن يكون هذا الكلي نوعاً أو جنساً قريباً حتى يقال بأن الأمتعة المتبدلة ربما تكون من أجناس مختلفة، و أي عين تكون مشتركة بين الثوب و الحنطة و الدواب مثلاً؟ بل المراد هو الجنس ولو كان بعيداً، فإن من كان له عين تكون قيمتها عشرين ديناراً في أول الحول إذا تبدلت بالأعيان المنتثرة إلى آخر الحول يصدق عليه أنه كان ذا عين كلية لا شخصية في تمام الحول.

ص: 117


1- أي النصاب.
2- في صفحة 111 عند قوله: (و هو المتصور لدلالة الروايات).
3- بناءً على القول باشتراط بقاءه طول الحول.

[القيمة و الذمة و المالية هل هي متحدة أو لا؟]

ثم إن الظاهر عدم اتحاد القيمة مع الذمة حسبما يظهر من الشهيد الثاني رحمة الله (1) و عدم اتحادهما أيضاً مع المالية؛ فإن المالية عبارة عما يسوى القيمة، له فالمالية قائمة بالمال جميعه دون القيمة، و لا يلزم من ذلك أن تكون القيمة خارجة عن العين أيضاً بحيث تكون في الذمة، فإن القيمة و أن كانت خارجة عن العين حقيقة على وجه لكنها داخلة فيها اعتباراً عند العقلاء من حيث كون ما يساويها موجود في العين؛ ولأجل ذلك يذهب الحق القائم بالقيمة بذهاب العين لو تلفت من عند الله تعالى، ولو كان بالذمة ما كان وجه لذهابه و لیس أيضاً خارجاً عن العين حتى يكون صاحب العين مكلّفاً بأداء القيمة منها فحينئذ لم تكن العين محلاً له، بل كان مجرد تكليف من قبيل ملك أن يملك، و الا لم يكن وجه لشركته في القيمة بحيث يمنع المالك من التصرفات المتلفة، و أن لم يمنع من غيرها.

فالقيمة في الحقيقة خارجة عن العين، لكن لأجل وجود ما يقوم بها و هو المالية في العين - تكون مباينة لما في الذمة كما لا يخفى.

و بعبارة أوفى القيمة - نظير المالية - أمر و أقعي موجود _ كأنه في العين _ غاية الأمر أن يكون و أقعه هو الأمر الاعتباري الذي يعتبره العقلاء، و هذه القيمة - أعني قيمة المتاع الذي قلنا متعلّق الزكاة بها _ يعتبر بالدراهم و الدنانير، و التقويم بهما يمكن أن يكون لأجل معرفة النصاب و أن المال هل بلغ إلى حدّه أو لا؟

و إن يكون لأجل معرفة الفريضة، و أن ما يجب أداؤه للزكاة من أي

ص: 118


1- لم نظفر بما يؤيد هذا الاستظهار.

الأجناس، من النقدين أو غيرهما؟

و إن يكون لأجل معرفة بقاء رأس المال.

و الوجه في معرفة التقويم بالنقدين - حسبما نفصل فيما بعد _ هو الأخير؛ فإن بمعرفتِه يُعرفُ سابقاه، بخلاف العكس؛ فإن معرفة النصاب وبقاء رأس المال و الفريضة لازمة، وتقويم المتاع بالنقد الدائر حال التقويم و أن كان موجباً لمعرفة النصاب و الفريضة، لكن لم يعرف وجود شرط الزكاة وبقاء رأس المال، فلو كان رأس المال الدراهم مثلاً، و کان النقد الدائر حال التقويم هو الذهب، لم تعرف الدراهم إلا باعتبار الذهب درهماً، و هكذا العكس إذا كان بينهما اختلاف ولو لم يكونا متساويين في المالية.

و بهذا المثال يُعرف عدم لزوم أن يكون العرض و المال فيما لو انكسر أحدهما، فإن مع بقائهما على الحالة الأولى أيضاً إذا كان بينهما اختلاف قد عرفت لزوم اعتبار أحدهما بالآخر حتى يمكن معرفة بقاء رأس المال وكلمات الأصحاب معروفة فيما ذكرنا لا فيما إذا فرض الكسر في النقدين نعم تكون مسألة كسر النقد من فروع المسألة.

و كيف كان يكفي معرفة رأس المال إذا كان من أحد النقدين، و أما إذا إذا كان من أ. كان متاعاً فلا يكفي ذلك، بل لابد من ملاحظة تقويم ذلك المتاع الذي كان رأس المال بأحد النقدين إذا كانا غالبين أو كالغالب منهما، و أعتبار القيمة بالنقد الدائر حال التقويم بذلك النقد الغالب الذي كان قيمة رأس المتاع (1) في ابتداء التجارة.

ص: 119


1- كذا في الأصل، و الاصح (المال).

[هل المعتبر في الزكاة بقاء رأس المال بعينه أو بقيمته ؟]

و بالجملة فالمعتبر بقاء رأس المال بماليته لا،بعينيته و لا بهما، إلا أن الظاهر بل الصريح من العلّامة رحمة الله اعتبار بقائه بماليته وعينيته. و كلامه في المقام لما كان خالياً عن إشكال في بادىء الأمر فالأولى شرح عبارته؛

قال في التذكرة (1): (إذا كان الثمن) أي الثمن الذي اشترى المتاع به - و هو رأس المال – (من العروض) و لابد [من](2) معرفة بلوغه إلى النصاب بعد التجارة به (قُوِّم الثمن) و هو المتاع (بذهب أو فضة حال الشراء) و هي حال إدخاله في التجارة (و) بعد معرفة المتاع حال إدخاله في التجارة بالتقويم المذكور (قُوم المتاع ثانياً في أثناء الحول إلى آخره بثمنه الذي اشتري به). مثلاً لو كان رأس المال عباء و کان قيمته حال ابتداء التجارة عشرين ديناراً، فبعد مضي الحول من التجارة مثلاً يقوم العباء أو لا بأحد النقدين حال الدخول في التجارة، و المفروض أنه عشرون ديناراً، ثم يقوم العباء ثانياً بعد مضي الحول بثمن المتاع الموجود و هو الابرسيم إذا فرض المتاع صوفاً فصار قيمة العباء من الابرسيم مثلاً، ويقوم من الإبرسيم بالنقدين، فصار الحاصل في أول التجارة عباء يكون قيمته عشرين ديناراً، و أخر التجارة عباء يكون قيمته مساويةً لقيمة الابرسيم، و ملاحظة هذين العباءين لا يخلو من صور أربع لأن العباء المقوّم بقيمة الابرسيم:

إما أن يكون مساوياً مع العباء المقوّم بعشرين ديناراً، كما لو فرض أن كل عباء يساوي دينارين و کان حال الدخول في التجارة عشرة عباءات بعشرين ديناراً، أو يكون قيمة الابرسيم أيضاً عشرين ديناراً و العباء أيضاً باق على قيمته

ص: 120


1- العلّامة الحلي تذكرة الفقهاء: 217/٥ و قد وضعنا عبارة صاحب التذكرة بين هلالين.
2- إضافة اقتضاها السياق.

من مساواته لدينارين

أو يكونان متساويين كالصورة الأولى، ولکن ينزلا معاً أو يرتفعا، كما لو فرض انحطاط العباء فصار كل عباءين مساويين لدينارين، و أنحطاط الدينارين فصار كل أربعة دنانير مساوية لدينارين، أو ارتفاعها كذلك، فالحكم في هاتين الصورتين باق على ما كان، و اليه أشار العلّامة رحمة الله بقوله: (و إلا تثبت) على ما كان عليه من المالية لكن قصر العباء بأن يساوي نصف العباء للدينارين مع بقائهما على حالهما، أو بالعكس فقصر الدّيناران دون العباء، وحينئذٍ سقوط وجوب الزكاة لأجل انتفاء شرطه، و هو بقاء رأس المال عيناً في فرض قصور العباء و ماليةً في فرض قصور الدينارين.

أو يكون أحدهما كما في الصورة التالية، لكن لا مع بقاء الأمر على حاله، بل مع فرض ازدياده، مثل أن يشتري مال التجارة بمتاع قيمته نصاب كالعباء فيما فرضناه و حينئذ:

فإما أن يرخص العباء، كما لو صار مالية العباءين مساوية لمالية العباء الواحد و أزدادت القيمة و هذا لا يكون إلا مع فرض ازدياد أعيان العباء و قصور ماليته، وحينئذ تجب الزكاة؛ لأن عين رأس المال، و هي العباء _ موجود، و المالية أيضاً موجودة، غاية الأمر أنها كانت في عدد من العباء، و الآن تكون في أضعاف ذلك العدد.

أو يغلو سعر العباء كما لو صار مالية نصف العباء مساوية لمالية العباء الواحد وزادت القيمة، وحينئذٍ يسقط وجوب الزكاة؛ لأن رأس المال و أن كان باقياً بحسب المالية، لكنه غير باق بحسب العين؛ إذ المفروض بلوغ العدد الناقص من العباء إلى القيمة الزائدة.

ص: 121

ثم إن اعتبار بقاء عينية رأس المال إنما يكون بعد انقراض التجارة، و الا ففي أثناء التجارة لا اعتبار ببقائها؛ لوضوح أن المقصود ليس إلا ماليته؛ لكونه في عالم الاضطراب و الحركة بخلاف حال إتمام التجارة، فإن الغرض إنما يتعلق بعينية رأس المال.

إذا عرفت شرح العبارة فنقول: الظاهر عدم اعتبار عينية رأس المال أصلاً، فإن الملحوظ في رأس المال [الذي] (1) يعامل به في التجارة ليس إلا المالية الصرفة، كيف و التاجر في صدد إعدام العينية و أخراجها عن ملكه، كما لا يخفى.

اللهم وفقنا للعلم و العمل بحق خاتم النبيين صلى الله عليه و اله (2).

ص: 122


1- إضافة اقتضاها السياق.
2- إلى هنا انتهت نسخة القطعة الأولى من المخطوطة التي بين أيدينا. و الحمد لله رب العالمين

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد و ال محمد

زكاة الأنعام

الشرط الثاني لوجوب الزكاة في الأنعام الثلاثة:

الشرط الثاني لوجوب الزكاة في الأنعام الثلاثة (1):

السوم:

و اعتباره في الجملة مما لا ريب فيه؛ لانعقاد الإجماع من علماء الإسلام كافة (2) على ذلك، و نسب الخلاف فيه إلى مالك (3)، و أدعى في الجواهر حصول الإجماع بقسميه عليه (4)، بل يظهر من محكي المنتهى أنه ضروري بين المسلمين(5)

ص: 123


1- بداية القطعة الثانية من مخطوطة الزكاة.
2- حكاه الشيخ في الخلاف: ٥1/2، المحقق الحلي في المعتبر: ٥٠٥/٢، و العلّامة في التذكرة: ٤٦/٥، و العاملي في مفتاح الكرامة: ١١ / ١٤١، و أبن قدامة في المغني: 2/ ٤٧٢ و في ٤٤١ عند أكثر اهل العلم.
3- ابن مالك، المدونة الكبرى: 1/ 313 وحكاه عنه الشيخ في الخلاف في الموضع المتقدم (في خصوص الغنم)، و أبن قدامة في المغني: ٢١/ ٤٤١ في خصوص الإبل و أطلق في الشرح الكبير: ٤٦٧/٢، و المحقق في المعتبر في الموضع المتقدم مطلقاً.
4- السيد العاملي، المدارك: ٦٧/٥؛ النجفي، جواهر الكلام: ١٥/ ٩٢.
5- العلّامة الحلي، منتهى المطلب: 118/8

و انعقد الإجماع على ذلك من علمائهم مطلقا، ونسب ذلك في الحدائق إلى علماء الإسلام (1)، و لم يحك خلاف ذلك (2)، بل الأخبار المتضافرة وردت - قبل الإجماع أو بعده _ عليه، منها:

صحيح الفضلاء عن أبي جعفر و أبي عبد الله علیهما السلام في حديث زكاة الإبل: «و لیس على العوامل شيء، إنما ذلك على السائمة الراعية» (3).

و في الآخر عنها علیهما السلام أيضاً في حديث زكاة البقر: «ليس على النيف شيء، و لیس على الكسور شيء و لا على العوامل السائمة شيء، إنما الصدقة على السائمة الراعية» (4).

و في صحيح زرارة: قلت لأبي عبد الله علیه السلام هل على الفرس يكون

ص: 124


1- البحراني، الحدائق: 82/12 قال: (و الحكم المذكور مما و قع عليه الاتفاق).
2- التذكرة في الموضع المتقدم نسب الخلاف إلى كل من ربيعة و مكحول وقتادة، و في ٤٧ قال: قال داود: تجب في عوامل البقر و الإبل و معلوفها دون الغنم، و في المجموع للنووي 5/385: في السائمة إذا كانت عاملة وجهان الثاني: تجب فيها الزكاة حكاه جماعات من الخراسانيين، و قطع به الشيخ أبو محمد في كتابه مختصر المختصر كغير العوامل لوجود السوم، و أشترط الديلمي في المراسم العلوية: 139 التأنيث، فلا زكاة في الذكور و أن كانت سائمة بالغاً ما بلغت.
3- الكليني، الكافي: ٥٣٢/٣.
4- الكليني، الكافي: ٣ / ٥٣٤ ولکن يظهر أن نسخ الكافي مختلفة، إذ النسخة المتداولة من الكافي فيها هكذا: «و لا على العوامل شيء... إلخ » بدون كلمة السائمة بينما نقلت الرواية في الوافي: ٩٤/١٠ عنه هكذا «و لا في العوامل السائمة شيء... إلخ»، و في ص 100 نقلها عن التهذيب هكذا: «ليس على العوامل من الإبل و البقر شيء... إلخ»، و الموجود في النسخة المتداولة من التهذيب: ٤١/٤ هكذا: «و لا على العوامل شيء، إنما الصدقة على السائمة الراعية».

١٢٥....

للرجل... انتهى» (1) إلى غير ذلك من النصوص المتضافرة المتكاثرة (2) فاشتراط السوم في الجملة بعد ملاحظة ما ذكرنا مما لا ريب فيه.

و أما كيفية اعتباره، و أنه هل يعتبر في تمام الحول أو يكفي الأغلب؟

و على الأول: هل يضر بصدق السوم في الحول لو علفها لحظةً في اليوم، أو يوماً في الأسبوع، أو في الشهر، أو في السنة، أو أسبوعاً في الشهر، أو في السنة، بطريق الاتصال أو الانفصال، أو شهراً في السنة كذلك، أو لا؟

و كذلك هل يعتبر في السوم أن لا يكون مملوكاً، أو يحصل السوم ولو كان المرعى مملوكاً، أو غير ذلك من الاحتمالات و الوجوه؟

فنقول: كشف المقصود يحتاج إلى التكلّم في معنى السوم مادة و هيئة لغةً و عرفاً و أنصرافاً.

فاعلم أن السوم لغة: هو الرعي، كما فسرته جماعة من أهل اللغة (3)، و في الصحاح: يقال: سامت الماشية تسوم سوماً، أي رعت فهي سائمة. (4) و قال في المجمع: (قوله تعالى: فيه ﴿تسيمون﴾ أي ترعون إبلكم، و في الحديث «في

ص: 125


1- الكليني، الكافي: ٥30/3 وتتميم الرواية «قال: قلت: هل على الفرس أو البعير يكون للرجل يركبهما شيء ؟ فقال علیه السلام: لا، ليس على ما يعلف شيء، إنما الصدقة على السائمة المرسلة في مرجها عامها الذي يقتنيها فيه الرجل، فأما ما سوى ذلك فليس فيه شيء»
2- منها ما رواه الشيخ في التهذيب: ١/ ٢٢٤ و ٢/٤.
3- الفراهيدي، العين: 320/7؛ ابن فارس، معجم مقاييس اللغة: 3/ 118، قال: (السين و الواو و الميم أصل يدل على طلب الشيء)، ابن الاثير غريب الحديث: ٢/ ٤٢٥.
4- لم أجد هذا اللفظ في متن الصحاح للجوهري: ٥ / ١٩٥٦، و قريب منه في مختار الصحاح لأبي بكر الرازي: 172.

سائمة الغنم زكاة»، السائمة من الماشية الراعية، و منه «السائمة جبار»(1) أي دابة مرسلة في مرعاها إذا اصابت إنساناً كانت جنايتها هدراً، وسامت الماشية سوماً من باب قال رعت [بنفسها]، و تتعدى بالهمزة فيقال: أسامها راعيها) (2).

الذي يظهر من كلماتهم أن السائمة هي الراعية بنفسها المرسلة في مرعاها، فالإرسال كأنه مأخوذ في مفهومها و هو الظاهر من الحديث المتقدم الوارد في باب زكاة البقر (3) من أن «الصدقة على السائمة المرسلة في مرجها» (4)، حيث إن التوصيف كاشف وتفسير للموصوف كما يظهر من السياق، و حمل الوصف على الاحترازي - لإخراج السائمة الغير المرسلة - بعيد و أن كان ذلك موجباً لحمل قوله علیه السلام «فأما ما سوى ذلك فليس فيه شيء» على التأسيس لأنه على تقدير الكشف لم يبق ل_ «ما سوى ذلك» مورد سوى المعلوفة، و هو الذي حكم في صدر الرواية بأنه لا يجب الزكاة عليه، فحمل سوى السائمة المرسلة عليها يوجب كون قوله علیه السلام: «و أما ما دون ذلك» تأكيداً.

و أما ما يقال: من أن المراد بالسائمة المذكورة في الرواية هو معناها اللغوي، و هو مطلق الراعية، و التوصيف المذكور لمجرد الإيعاز بأن الغالب في السائمة هو أن تكون مرسلة، فكأنه عرّفها بالوصف الغالب (5).

فغير صحيح؛ لأن السائمة لغةً أيضاً هي الراعية بنفسها - كما عرفت – و لازمها الإرسال، و سياق الحديث أيضاً ظاهر في الكشف كما لا يخفى، بل

ص: 126


1- أحمد بن حنبل، المسند: ٣/ ٣٣٥.
2- الطريحي، مجمع البحرين: ٦/ ٩٣.
3- الكليني، الكافي: ٥٣٤/٣ و فیه: (الصدقة على السائمة الراعية).
4- الكليني، الكافي: ٥٣٠/٣.
5- النراقي مستند الشيعة: ٩٧/٩.

العرف و الذوق شاهدا صدق على ذلك، و المنازع به مخالف لما يجده من نفسه بعد التأمل _ إن كان من أهل السليقة - مع أنها لو كانت بمعنى مطلق الرعي في اللغة و العرف فالمراد بها في الرواية هي المرسلة في مرعاها، و من هنا استخرج بعض الفقهاء (1) أن المراد بالسائمة هي الراعية في غير المملوك ظناً منه أن إرسال الدواب يكون في المرعى الذي لا يكون علفها مملوكاً لشخص _ كما هو المتعارف في بلاد العجم في أمثال زماننا - و لیس كذلك بل المراد كونها في مرعاها عند الرعي سواء كان الرعي و المرتع ملكاً لصاحبها أو لغيره أو لا كما يساعد عليه العرف، فالمراد بالسائمة هي الراعية المرسلة في مرعاها، و هو الظاهر من الرواية المتقدمة.

و لیس المراد منها أيضاً مطلق الراعية كما يظهر من بعض الأجلة (2) زعماً منه أن عدم وجوب الزكاة في الماشية الراعية في نحو البساتين المستأجرة أو المملوكة، أو المزارع التي يزرع [فيها](3) نحو الشعير أو الحنطة، أو الأراضي الواسعة التي يتوقف خروج النبات الخضرة فيها على كونها مروية من الجداول المتصلة بالأنهار العظيمة أو من الساقية، كلها تقييدات في الأدلة من الأدلة الخارجية، لأن الأدلة الدالة على هذا الشرط كلها آبية عن مثل تلك التقييدات الكثيرة كما لا يخفى بل المراد هو الرعي بنفسه الذي هو مرادف أو مساوٍ للمرسلة المعبر عنها في كلمات الفارسية...(4) كما هو ديدن بلاد العجم من أنهم يسمون مواشيهم في تلك الجبال يوماً وليلة ويتخذون لها مواضع خاصة يسمونه گاوسرا و گوسفندسرا

ص: 127


1- الشهيد الثاني، مسالك الأفهام: 1/ 370.
2- العاملي، مفتاح الكرامة: ١٣٩/١1.
3- إضافة اقتضاها السياق.
4- كلمة لم تقرأ، و يحتمل أنها (خود چوپان

لحفظهم عن البرد و الحر و السباع وغير ذلك مما يوقعها [في] المهلكة.

و لا يشترط عند العرف في كونها سائمة في مرعاها بنفسها أن يكون ذلك المرعى أو النباتات التي تسوم فيها غير مملوكة حسبما أشرنا إليه أو غير مستأجرة، فان تلك الحقول و الآجام التي تسوم فيها الماشية ربما تكون مملوكة، بل هي كذلك بالإحياء أو التحجير، وربما تكون الأراضي الوسيعة ينبت فيها النبات الخضرة التي يعبر عنها بالفارسية (چردين) مملوكة لصاحب الماشية و مع ذلك يصدق السائمة عليها عند إرسالها فيها للرعي - كما لا يخفى فاشتراط عدم مملوكية الأرض أو النباتات كما فعله جماعة من الأصحاب(1) مما لا معنى له، بل المناط هو ما ذكرنا آنفاً وصرح به السيد الأستاذ (دام ظله العالي) في مجلس البحث.

هذا بعض الكلام في معنى السوم و السائمة.

و أما الكلام في كيفية اعتباره:

فنقول: يمكن أن نحرر النزاع على وجهين:

الأول: أن السوم هل هو معتبر في تمام الحول أو يكفي الأغلب؟

و الثاني بعد ما فرغنا من اعتبار السوم في جملة الحول فهل يضر صدق السوم في تمام الحول لو علفها لحظة في اليوم أو يوماً، في الشهر، أو شهراً في السنة، أو لا كذلك؟

و قال السيد الأستاذ (دام ظله العالي) النزاع في هذا المقام ينبغي أن يحرر أولاً هكذا:

ص: 128


1- العلّامة، التذكرة: ١ / ٢٠٥؛ الطباطبائي، الشرح الصغير في شرح المختصر النافع: ١/ ٤١٨، ونسبه في الجواهر: ٩٧/١٥ للمحقق الكركي في فوائد الشرائع.

هل العلف في زمان يسير كاللحظة و اليوم و الإسبوع و الشهر في جملة السنة، على نحو الاتصال أو التفرّق، يضر بوجوب الزكاة في السائمة أم لا؟

و يجعل النزاعين المذكورين مدركين لهذا النزاع.

و المناسب للمسائل الفقهية هو ما قاله السيد الأستاذ (دام ظله) و أن لم يساعد عليه ظواهر كلماتهم في المقام.

و على كل حال، فالواجب التكلّم في النزاعين المذكورين، فنقول:

أما الأول: فلابد أن يكون المدرك فيه هو الأخبار الواردة في هذا الباب، و الذي يمكن أن يستدل به هو قوله علیه السلام في صحيح زرارة (1) الذي صرح فيه باعتبار السوم في الحول، و من الواضح غايته أن السوم في الحول لا يعتبر فيه تحقق السوم في كل آن من آنات السنة كما أن الرضاع في عشرة أيام لا يعتبر فيه تحقق الرضاع في كل آن من آناتها - بل المراد أنه كل ما تحتاج إلى الرعي ترعى في مرعاها بنفسها، و لا تُعلف من مال صاحبها، نعم ليس كل شرط و كل فعل يضاف إلى الزمان حاله كذا، فإن التملك في السنة يستلزم تحققه في كل آن من آناتها، حتى لو انتفى الملكية في بعض آناتها فهو ينا في المالكية في السنة، و هكذا حال العامل في السنة و الصوم في اليوم، و أما التعلم و التعليم في السنة فحالها حال السوم، فلا يعتبر تحققهما في كل جزء منها.

و بالجملة، نسبة الأفعال إلى الزمان مختلفة، و لیس السوم من الأفعال التي

ص: 129


1- الطوسي، التهذيب: ٢/٤ عن زرارة «قال: سألت أبا جعفر علیه السلام عن صدقات الأموال، فقال علیه السلام: في تسعة أشياء ليس في غيرها شيء في الذهب و الفضة و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الإبل البقر و الغنم السائمة و هي الراعية، و لیس في شيء من الحيو إن غير هذه الثلاثة الأصناف شيء وكل شيء كان من هذه الثلاثة الأصناف فليس فيه شيء حتى يحول عليه الحول منذ يوم ينتج».

يعتبر في إضافتها إلى الزمان تحققه في كل جزء من أجزائه كما يظهر لمن تأمل في المحاورات العرفية.

فالظاهر من السوم في السنة تحقق السوم في كل وقت يحتاج إلى الغذاء في تمام السنة، فعلى هذا...(1) و النوم أو عدم الرعي عند عدم الحاجة لا يضر بصدق السوم قطعاً، و هو مما لا إشكال فيه.

أما الكلام فيما لو علفها في زمان يسير في زمن الحاجة:

فنقول: يظهر من كلماتهم الإطباق على عدم اعتبار اللحظة كما صرح به في الشرائع (2) و حكى القول بكفاية الأغلب فيه (3)، و أستدل له في المعتبر (بأن اسم السوم لا يزول بالعلف اليسير، وبأنه لو اعتبر السوم في جميع الحول لما و جب إلا في الأقل، وبأن الأغلب معتبر في سقي الغلات، فكذا السوم) (4)، ثم رجّح ما اختاره في الشرائع من انقطاع السوم بالعلف اليسير، و أستدل عليه بأن السوم شرط الوجوب فكان كالنصاب، ثم قال: (و قولهم و العلف اليسير لا يقطع الحول ممنوع، فإنه لا يقال للمعلوفة سائمة حال علفها) (5) انتهى كلامه رفع مقامه.

أقول: الذي يظهر من كلماتهم في مقام تحرير النزاع و في مقام الاحتجاجات أن كلامهم فيما زاد على اللحظة، و أما فيها فهم متفقون على عدم الإضرار بالسوم

ص: 130


1- كلمة لم تقرأ.
2- المحقق الحلي، شرائع الإسلام: 1/ 109.
3- المحكي عنه الشيخ في الخلاف: ٥٣/٢، المبسوط: ١ / ١٩٨.
4- إلى هنا حكاه المعتبر عن أبي حنيفة.
5- المحقق الحلي، المعتبر: ٥٠٦/٢.

في الحول، مع أن السائمة كما لا تصدق على المعلوفة في زمان يسير فوق اللحظة حال علفها، كذلك لا تصدق على المعلوفة في اللحظة حال علفها، فلابد أن يكون المراد من السوم باعتبار إضافته إلى الحول معنى لا ينافي العلف في اللحظة قطعاً، بأن يكون أهل العرف يفهمون منه معنى لا ينافي خروج اللحظة، و هو معنى حقيقي عندهم و أن لم يصل إلينا بكنهه، بحيث يكون جامعاً و مانعاً - بحسب جميع الموارد - إلا أن صدقه مع خروج اللحظة قطعي، بل لا يبعد عدم مضرة اليوم في السنة بهذا المعنى العرفي و أن لم يصل إلينا بأيدينا بتمامه و الا لم يبق لنا شك في بعض مصاديقه، و هذا المعنى حقيقي عند العرف للفظ السوم؛ من حيث إضافته إلى الزمان، و لیس مبنياً على المسامحة أصلاً، بل السيد الأستاذ العلّامة دام ظله العالي قد يدعى [أن](1) لفظ السوم في هذا المعنى _ مع قطع النظر عن ملاحظة إضافته إلى الحول - حيث إن معناه أمر زماني تدريجي، ووجوده عين استمراره و أستمراره عين وجوده التجددي الذي هو عين العدم، و كل حدث يكون كذلك لا يضر بتحقق مصداقه و أستمراره تخلل العدم بين أجزائه المتصلة على نحو التجدد بشرط أن يكون زمان التملّك ممتداً، و نظير ذلك ما يقولون في باب رضاع عشرة أيام أنه لا ينافيه عدم ارتضاعه زماناً يسيراً في زمن الحاجة، أو أكلاً يسيراً من غير الثدي؛ و ذلك لأن الرضاع عشرة أيام له معنى عند العرف يجتمع مع ذلك كله.

لا نقول: إن السوم عبارة عن الملكة الحاصلة من ممارسة الفعل مكرراً كما ذهب إليه بعض الأجلّة ممن تأخر (2)؛ لأن ذلك خلاف الظاهر من موارد استعماله، بل المراد هو نفس الحدث المسمى في اللغة الفارسية بجرتدن و بعض

ص: 131


1- إضافة اقتضاها السياق.
2- النراقي، مستند الشيعة: 97/9.

مصاديق هذا المفهوم مشتبه من جهة تخلل المعلوفة في البين كالعلف في الشهر المتصل في السنة، بل في المنفصل كما ذهب إلى عدم كونه مضراً جماعة من الأعلام الفخام (1) و أن كان الأظهر عدم صدق السوم في الحول في المقام إلا على وجه التسامح العرفي الذي لا يكون معتبراً في المقام و في غيره، بل الشهر المتصل أيضاً ينا في صدق السوم في الحول، و ما في محكي المنتهى (2) من أنه لو كان كذلك للزم أن (لو اعتلفت لحظة واحدة أن يخرج عن اسم السوم، و لیس كذلك)(3) ممنوع؛ لوضوح الفرق بينهما، حيث إن الصدق العرفي على وجه الحقيقة يساعد [على] عدم اعتبار اللحظة بخلاف الشهر سيما المتصل فإن الظاهر أن الصدق العرفي لا يساعدها إلا على التسامح العرفي الذي قد عرفت أنه غير معتبر في المقام كما في التقريرات (4).

و لعل إلى ما ذكرنا يرجع كلام من جعل المدار في المقام على العرف، كالكركي (5) و ثاني الشهيدين (6)

ص: 132


1- الأردبيلي، مجمع الفائدة: ٥٦/4.
2- حكاه المحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة: ٤ / ٥٥.
3- العلّامة المنتهى: 121/8
4- الروزدري تقرير بحث المجدّد الشيرازي: ٣٣٦/١ قال: (غاية ما يسلم إنما هو دخول الناقص فيه من باب المسامحة العرفية التي لا مسرح لوجودها في الأمور الشرعية، لما عرفت من أن مسامحة العرف فرع معرفتهم بوجود خواص المسامح فيه في المسامح له، و من المعلوم عدم معرفة العرف بخواص الأحكام الشرعية و مصالحها، فضلاً عن إحرازهم وجودها. ويحتمل أنه التقريرات للشيخ الأعظم (مطارح الأنظار) إلا أننا لم نجد المطلب فيه.
5- الكركي، جامع المقاصد: 11/3.
6- الشهيد الثاني الروضة البهية: 2/ 22، حاشية المختصر النافع: ٥٣، حاشية الشرائع: ١٥١، مسالك الأفهام: ٣٦٩/١.

و غيرهما(1)، بل نسب ذلك إلى أكثر المتأخرين (2)، بل إلى المشهور (3) إلا من صرّح بالخلاف، بل النزاع المعروف في المقام من أنه إذا اجتمع السوم و العلف فهل الاعتبار بالأغلب أو لا؟ يرجعُ إلى النزاع في الصدق العرفي كما صرح به السيد الأستاذ (دام ظله العالي) في مجلس البحث، لا إلى أن السوم في تمام الحول غير معتبر في المقام فإن الظاهر أن الإجماع منعقد على اعتبار السوم في تمام الحول، و أن السوم في الحول له معنى عند العرف على وجه الحقيقة لا ينافي العلف في زمان يسير في الجملة كاللحظة، إلا أن صدقه على ما خرج عن السوم في زمان أكثر من لحظة محلّ تأمل.

فمنهم من قال بعدم اعتبار اليوم في السنة (4)، و منهم من قال: بل الشهر فيها متفرقاً (5)، و منهم من زاد فقال: بل متصلاً (6) و منهم من أفرط بعدم الاعتبار

ص: 133


1- العلّامة التحرير: ٣٦٣/١، و کذا في التذكرة: ٤٧/٥ اعتبر الاسم؛ الشهيد الأول، الدروس: 1/ 233؛ السيد محمد العاملي، مدارك الأحكام: ٥/ ٦٩.
2- الطباطبائي، رياض المسائل: ٦٤/5.
3- البحراني، الحدائق الناضرة: 79/12.
4- المصدر السابق ونسبه في التذكرة ٤٧/٥ إلى بعض الشافعية فقال: (وقال بعض الشافعية: إن علفها يوماً أو يومين لم يبطل حكم السوم؛ و أن علفها ثلاثة أيام زال حكم السوم، لأن ثلاثة أيام لا تصبر عن العلف، و ما دون ذلك تصبر عن العلف، و لا تتلف بتركه)، ذكره الرافعي في فتح العزيز: ٤٩٥/٥، و قال هذا الذي ذكره الصيدلاني وصاحب المذهب وكصير من الأئمة و قال النووي في المجموع ذكره صاحب البيان في كتابه مشكلات المهذب [و هو أبو الخير العمراني اليماني ت٥٥٨]
5- الشهيد الأول، الدروس: 1/ 233؛ النجفي، جواهر الكلام: ٩٥/١5.
6- الأردبيلي، مجمع الفائدة: ٥٦/٤ قال: (لا شك في الصدق مع التساوي، بل مع العلف شهراً أيضاً إذا كان متصلاً).

ما دام السوم يكون أغلب(1)، و منهم من تجاوز عن الحد فقال بعدم الاعتبار المسامحي حتى لو علف ستة أشهر متفرقاً أو متصلاً لم يضر بصدق السوم في السوم (2) (3)، و هذا الذي ذكره يظهر بعد التأمل في كلماتهم في مقام الاحتجاجات عن الطرفين؛ ولذا أورد على هذا المذهب في السرائر بأنه أوهن من بيت العنكبوت (4)؛ ضرورة انتفاء صدق اسم السوم عند التساوي (5).

و لو أن القائل بذلك لا يسلّم أن الشرط هو تمام الحول، بل هو السوم في الجملة، لما كان لهذا الرد معنى؛ إذ المسلّم هنا عدم صدق السوم في تمام الحول لا عدم صدق السوم ولو في الجملة كما لا يخفى.

و الحق أن الصدق العرفي يتحقق مع خروج اللحظة و أمثاله على وجه الحقيقة، و مع خروج اليوم يزداد ظهور الصدق على وجه الحقيقة سيما على نحو التفرق(6)، و مع خروج ما زاد على ذلك إشكال، و أنما المحقق صدقه على وجه

ص: 134


1- تقدمت الإشارة إليه عن الشيخ في الخلاف.
2- كذا في الأصل، و الأنسب: (السنة).
3- الطوسي، المبسوط: 1/ 198. و أحتاط بالزكاة فيه إلا أنه قوى العدم.
4- ابن ادريس السرائر: ٤٤٦/١ و تمام العبارة: (فإن كانت المواشي معلوفة أو للعمل في بعض الحول، وسائمة في بعضه، حكم بالأغلب، فإن تساويا فالأحوط إخراج الزكاة، هذا قول شيخنا أبي جعفر في مبسوطه و مسائل خلافه، ثم قال في أثناء ذلك في مبسوطه: و أن قلنا لا تجب فيها الزكاة، كان قوياً، لأنه لا دليل على وجوب ذلك في الشرع و الأصل براءة الذمة. قال محمد بن إدريس رحمة الله: نعم ما قال شيخنا أخيراً، فإن ما قوّاه هو الصحيح الذي لا يجوز خلافه، و ما قاله في صدر المسألة، أضعف و أوهن من بيت العنكبوت).
5- ينظر العلّامة التذكرة ٤٨/٥ حيث قال: (لو تساوى زمان العلف و السوم، فعندنا لا زكاة).
6- نسب في المنتهى: ١٢١/٨ إلى الشافعي (بأن السوم شرط كالملك، و الحول ينقطع بزواله ولو يوماً، فكذا السوم).

المسامحة العرفية لا على وجه الحقيقة، و قد عرفت أن المسامحة العرفية غير معتبرة في المقام؛ لعدم الدليل عليه كما لا يخفى.

و لا فرق في ما ذكر بين العلف لحظةً ويوماً وشهراً متفرقاً و متصلاً، و بين ترك السوم لحظةً ويوماً و شهراً كذلك عند الحاجة.

فما سبق إلى بعض الأوهام من الفرق (1) غير جيد، فتأمل.

و مما ذكرنا ينقدح أن القياس بالسقي بالغلات _ مع أنه ليس من مذهبنا _ قياس مع الفارق؛ إذ المعتبر في هذا الشرط هو السوم في تمام الحول، و هو لا يصدق حقيقةً بتجرد إلا عليه.

[مختار السيد المجدّد الشيرازي]

و ظهر مما ذكرنا أن من يكتفي بالأغلب عند اجتماع السوم و العلف يدعي صدق السوم في الحول عليه عرفاً و أن كان دعوته باطلة؛ لأن الصدق على تقدير تسليمه - مبني على المسامحة العرفية التي لا تبنى عليها الأحكام الشرعية، و لا يدعي باشتراط (2) السوم في غالب الحول، و أن لا يشترط السوم في تمام الحول و أن كان يوهمه ظاهرُ عبارة جماعة - كما في عبارة الشرائع و النافع (3) و نحوهما (4) _ إلا أن الرجوع إلى أدلتهم يعطي ما ذكرنا، و قد صرح الأستاذ بما ذكرنا في مجلس البحث مراراً.

ص: 135


1- ينظر العاملي، مفتاح الكرامة: ١١/ ١٣٨.
2- كذا في الأصل.
3- المحقق الحلي شرائع الإسلام: 1/ 109، المختصر النافع: ٥٥، بل في المعتبر: ٢/ ٥٠٥، ذهب إلى إنقطاع السوم بالعلف ولو يوماً في السنة.
4- العلامة، القواعد: ١ / ٣٣٤، و النهاية: 317/2.

[اعتبار مملوكية العلف في تحقق السوم]

ثم إن عدم المملوكية ليس بشرط في تحقق السائمة، و لا المملوكية مانعة؛ لصدق اسم السوم في الحول عرفاً معها، فلا فرق بين أن [يكون] (1) المرتع مملوكاً أو مستأجراً أو لا، أو أخذ الظالم - من جهة رعي الماشية في المراتع _ شيئاً أم لا، كل ذلك للصدق عرفاً، و هو المناط.

نعم، لو استأجر مزرعة مع فضلةٍ لرعي الماشية أو اشترى له، فلا يبعد عدم صدق السوم عرفاً، بل الظاهر صدق المعلوفة هنا و في نظائرها.

و أما ما ذكره جماعة من الفقهاء (2) من أن الملكية مانعة، بل المعتبر هو السوم بغير المملوك، مع جعله الميزان هو العرف مما لا وجه له، سوى إن الحكمة في عدم وجوب الزكاة في المعلوفة هو غرامة المالك، و هو لا يوجب ذلك؛ لكونه حكمة لا علة، و الحكم يتعلّق بالإسم لا بالحكمة مع فرض صدق السوم عرفاً.

و لا فرق أيضاً بين السوم لعذر أو لا لعذر، و في تحققه بعلف غير المالك لها _ على وجه لا يستلزم غرامة المالك _ أولى؛ لما ذكرنا، بل و أن استلزم الغرامة أيضاً، سواء كان ذلك باختيار صاحب المال أم لا، وعلى التقديرين يكون باختيار صاحب العلف أم لا، بل قد يتحقق السوم ولو كان المرتع غصباً أو تغلبة، أو يكون المملوك موهوباً للمالك.

و بالجملة كلما يصدق عند العرف أنها سائمة يتعلّق الحكم به بالاسم، وعدم الغرامة حكمه كالغرامة في المعلوفة و لا يكون الحكم دائراً مدارَه وجوداً

ص: 136


1- إضافة اقتضاها السياق.
2- العلّامة، التذكرة: ٤٨/٥، و الشهيد الثاني الروضة البهية: 2/ 22، و القمي، غنائم الأيام ٤ / ٦٥، و علي الطباطبائي، الشرح الصغير في شرح المختصر النافع: 1/ 218.

وعدماً.

من ذلك كله يظهر أنه لو سامت الماشية في أرض مالكها بدون اطلاعه أو في أرض غير مالك لها (1) بدون اطلاع مالكها، أو مع الاطلاع مع الغرامة أو بدون الغرامة، فهي سائمة عرفاً، بشرط أن تكون الأرض من المراتع للحيوانات لا مثل الأرض الذي يزرع فيها الفضل ونحوه للحيازة، فإن إرسال الماشية فيها لا يوجب صدق السوم عليها عرفاً.

و لا فرق أيضاً بين أن يكون رعيه في النهار أو الليل، أو متصلاً أو منفصلاً، كل ذلك لصدق الاسم عليها عرفاً، و قد ذكرنا أنه المناط لا الحكمة التي لعله أشير إليها في بعض أخبار الباب.

وظهر أيضاً مما تلونا عليك فساد ما قيل في المقام من عدم الاكتفاء بالأغلب، مستدلاً بأن السوم كالنصاب فيضره العلف ولو في زمان يسير (2).

وجه الفساد: أن السوم في الحول بحسب ما يستفاد منه عر عرفاً يكون كالنصاب ولازم المماثلة أن كون كل منهما معتبراً في تمام الحول، بحيث لا يزول هذا الشرط في تمام السنة لحظةً، ولکن السوم في الحول بحسب ما يستفاد منه عرفاً ما و قع في جزء من أجزاء السنة، فإن الزمان المتخلل لا يضر بمفهومه - حسبما أشرنا إليه و أن كان حد القدر الذي لا يضره - غير معلوم من طرف الزيادة، فالسوم الذي يكون شرطاً للوجوب هو هذا المعنى العرفي الذي لا يضره العلف اليسير، نعم لو علفها على وجه انقطع هذا المعنى العرفي لزم من

ص: 137


1- كذا في الأصل، و الظاهر أن مراده (في أرض يملكها الغير) بقرينة قوله: بدون اطلاع مالكها.
2- تقدم عن المعتبر في هامش ٤ صفحة ١٣٠.

ذلك انعدام شرط الوجوب.

لا يقال: صدق السوم في الحول على المعلوفة _ في زمان يسير - مسامحة، ولو نظر إليها بعين الحقيقة لم يصدق عليها السائمة في الحول بمعنى تمام الحول؛ إذ لا يصدق على المعلوفة أنها سائمة في حال علفها بالضرورة، و المفرض أن الشرط هو السوم في تمام الحول على وجه الحقيقة (1).

لأنا نقول: هذا استدلال مبني على الغفلة عما ذكرنا من أن المعنى الذي يعرفه العُرف من السوم في الحول - من عدم مضرة العلف اليسير له _ هو معنى حقيقي له، و هو المحكّم في باب الألفاظ كما قرر في محلّه (2)، على أنه لو كان معنى مسامحياً له فهو المراد في الرواية بشهادة الوجدان و السياق، معتضداً بفهم الفقهاء (رضو إن الله عليهم أجمعين) (3)، فحينئذ فالشرط هو هذا المعنى المسامحي، و هو معتبر في تمام الحول كالنصاب، فتأمل.

و أما ما يقال: من أن السوم في غالب السنة يكفي في حصول الشرط (4) مراده صدق السوم في الحول على ذلك، لا أن السوم في تمام الحول غير معتبر في الشرطية و أن كان هذا المدعى غير مسموع؛ لأن الصدق لو سلّم في المقام فهو مبني على المسامحة، و هو غير معتبر في ما تبنى عليه الأحكام الشرعية.

فظهر أن النزاع في المقام يرجع - بعد التأمل - إلى أن العلف في زمان يسير هل يضر بصدق السوم في تمام الحول أو لا؟ وعلى تقدير عدم المضرة فما حد

ص: 138


1- النجفي، جواهر الكلام: ٩٥/١٥.
2- الشيخ الأنصاري، فرائد الأصول: 3 / 119، السيد علي القزويني، تعليقة على المعالم: ٣٦١/6.
3- كما تقدم النقل عنهم.
4- كما تقدم النقل عن الشيخ وغيره (رضو إن الله عليهم أجمعين).

المقدار الذي لا يجوز التعدي عنه بمعنى: أن فوق ذلك يضر قطعاً، فمن قال بأن المناط في كونها سائمة أن تكون سائمة في غالب الحول مراده أن الميزان في صدق السائمة في الحول تحقق السوم في غالب الحول في نظر العرف؛ لأن العرف يحكمون بكونها سائمة إذا كان الغالب في أيام السنة سائمة، و قد عرفت ما فيه.

و جعل بعض الفقهاء (1) المناط في ذلك هو السوم في ما لا يوجب الغرامة على المالك حتى قال: لو اعتلفت نفسها بما يعتد به لا يكون مضراً؛ لأن المناط هو عدم الغرامة على المالك كما هو صريح بعض الأخبار لا صدق السوم عرفاً، ففي المقام و أن خرج عن الاسم بذلك الإعلاف إلا أنه لا يضره؛ لصدق المناط، و هو عدم الغرامة.

و قد عرفت أنه حكمة لا علة يدور الحكم معه وجوداً وعدماً، بل هذا

ص: 139


1- قال في التذكرة ٤٧/٥ (و الفرق بين السائمة و المعلوفة لزوم المؤونة في المعلوفة). و قال الشهيد الأول في البيان 28٥ (لو علفها غير المالك بغير إذنه من مال الغير ما يعتد به فالأقرب خروجها عن اسم السوم، ويحتمل العدم نظراً إلى المعنى إذ لا مؤونة على المالك فيه، ولو علفها من مال المالك بغير إذنه فكذلك لوجوب الضمان عليه). و في الدروس: 1/ 233: (فرق بين ما لو اشترى مرعی فحكم بانه علف، و بين ما لو استأجر أرضاً للرعي فحكم انه لا يخرج الماشية عن السوم)، وعلله في المسالك أنه بناءً على أن الغرامة في مقابلة الأرض دون الكلاً، إذ مفهوم الأجرة لا يتناو له، و هو ليس في محلّه؛ لتصريح الأول (بأن العلف مخرج عن السوم و أن لم يكن مؤونة). و في المسالك: ١/ ٣٧٠: (و يشكل الحكم فيما لو علفها الغير من مال نفسه نظراً إلى المعنى المقصود من العلف، و الحكمة المقتضية لسقوط الزكاة معه و هو المؤونة على المالك الموجبة للتخفيف كما اقتضته في الغلات عند سقيها بالدوالي، و مثله ما لو علفها الغير من مال المالك بغير إذنه لثبوت الضمان عليه. و قد يفرق بينهما بثبوت الغرامة على المالك في الثاني دون الأول، وثبوت الضمان رد إلى ما لا يعلم؛ لجواز إعسار الضامن أو منعه. ويضعف بأن ذلك لا يقتضي تعميم الحكم، بل غايته القول بالتفصيل وللتوقف في المسألتين مجال و أن كان القول بخروجها من السوم فيهما لا يخلو من وجه).

استنباط العلة الكلية، و قد تقرر في محلّه أنه غير مجد (1)، فالقول بتعلّق الزكاة بالمال لعدم المؤونة من الضعف في غاية الدرجة، بل المناط كما قلنا صدق السائمة في عرف العامة.

و السر في ذلك كله تعلّق الحكم في الرواية بالسائمة الراعية و السوم لغة هو الرعي، و الوصف للكشف و الإيضاح لا للاحتراز _ حسبما ذكر _ فالمدار على الاسم لا الحكمة، و أن كان صدق الاسم مشكوكاً في بعض الموارد، نظير ما لو اعتلف من نبات الدار و البستان الوسيعة، غاية الوسع فالمرجع هو أصل البراءة كما لا يخفى.

فما قيل في المقام من أن الأصل عند الشك هو عدم الشرط - أي عدم الاشتراط (2) _ ففيه ما لا يخفى على المطلع بموارد الأصول.

و ظهر أيضاً أن أكثر مواشي العجم ليس فيها زكاة، لخروجها عن مصداق السائمة؛ لكونها معلوفة في السنة شهراً أو شهرين أو ثلاثة أشهر، و لا شك أنها تضر بصدق السوم عرفاً على وجه الحقيقة، و أن كان و لا بد فعلى مسلك المسامحة، و قد عرفت أنه لا تبنى عليه الأحكام الشرعية، و قليل من مواشيهم تسوم في جميع السنة بحيث لا تكون معلوفة زماناً معتداً به يضر بصدق السوم كما هو المعروف و المشاهد - فاعتبار الملك في العلف، وعدمه في السوم _ كما في محكي فوائد الشرائع (3) _ مما ليس بصحيح، و في البيان: (إذا اشترى مرعى في موضع الجواز، فإن كان مما يستنبته الناس كالزرع فعلفُ، و أن كان غيره فعندي

ص: 140


1- الشهيد الثاني الروضة البهية: ٥٠٧؛ الأردبيلي مجمع الفائدة: ٥٤٨/١٠؛ المحقق القمي، غنائم الأيام: ٥٥٩/1.
2- النراقي، مستند الشيعة: ٩٩/٩.
3- حكاه عنه في الجواهر: ٩٦/١٥.

فيه تردد نظراً إلى الاسم و المعنى)(1).

و فیه: إن المدار على الاسم كما عرفت.

و قال أيضاً: (لا يخرج من النصاب أجرة الراعي و لا الاصطبل) (2).

أقول: و هو كذلك؛ لإطلاق الأدلة، و هو واضح.

[هل حول السخال من حين تسوم أو من حين تنتج؟]

ثم إن الظاهر من الأدلة أن السوم شرط في كون الحيو إن زكوياً، لا أن العلف مانع، و من هذا حكموا بأنه لا زكاة في السخال (3) إلا إذا استغنت عن الأمهات بالرعي؛ لعدم صدق السوم قبله، فيعتبر حينئذٍ حو لها من حين السوم لا من حين تنتج كما هو مبنى العلّامة في كثير من كتبه (4) و الشهيد في اللمعة (5) و الكركي (6) و الصيمري (7)

ص: 141


1- الشهيد الأول، البيان: ٢٨٥.
2- نفس المصدر السابق.
3- المراد منها لغة ولد الشاة كما في العين للفراهيدي: 197/٤ و مثله الصحاح للجوهري: 1728/0 و قريب منه في معجم مقاييس اللغة لابن فارس: ٣/ ١٤٥ وغيرهم و المراد في الروايات الأعم.
4- إرشاد الاذهان: 1/ 280، تحرير الأحكام: ٣٦٤/١، تذكرة الفقهاء: ٥١/٥ (نسبه إلى علمائنا) و 187، القواعد ١ / ٣٣٤، المختلف: ٣/ ١٦٧، المنتهى: ١٥٤/٨، نهاية الإحكام: ٢/ ٣١٣ و ٣١٤ و ٣١٧.
5- الشهيد الأول، اللمعة الدمشقية: ٤٢ و في البيان: ٢٨٦ (هو الأقرب إذا كان اللبن الذي تشربه عن السائمة).
6- حكاه عنه السيد جواد العاملي، مفتاح الكرامة: ١١/ ١٢٢.
7- الصيمري البحراني تلخيص الخلاف ٢٦٩/١ قال: قال الشيخ: السخال لا تتبع الأمهات في شيء من الحول الذي يجب فيه الزكاة، بل لكل شيء منها حول بنفسه... ثم قال: و المعتمد قول الشيخ و أستدل بإجماع الفرقة، و الظاهر أنه ناظر إلى شرط الحول دون التعرّض إلى أنه من النتاج أو السوم، فليتأمل.

و القطيفي (1) وغيرهم ممن يحذو حذوهم(2)، ولکن المحكي (3) عن جماعة من الفقهاء كأبي علي و الشيخ في المبسوط (4) و العلامة (5) في ظاهر الخلاف (6) و الميسى (7) في شرحه و شارح اللمعة فيها (8)، بل في مسالكه (9) أنه المشهور بين الأصحاب، بل ادعى الفاضل في محكي الخلاف (10) أنه الإجماع بين المتأخرين (11).

و قد وردت جملة من النصوص تدل عليه (12) كصحيح زرارة عن أبي

ص: 142


1- لم أعثر عليه. ولکن حكاه عنه في الجواهر: ٩٢/١٥.
2- النجفي، جواهر الكلام: 15/ 92، الشيخ الأنصاري، الزكاة: ١٤٩.
3- حكاه العلّامة في المختلف 3/ 168.
4- الطوسي، المبسوط: 1/ 198، وعبارته: (و لا تعد لا مع أمهاتها و لا منفردة عنها، بل لكل شيء حول نفسه و في 200 قال: (و أن لم يهل الثاني عشر وولدت أربعين سخلة ماتت الأمهات لم تجب الصدقة في السخال و أنقطع حول الأمهات و أستؤنف حول السخال). و فیه ما تقدم فيما عن الصيمري.
5- الظاهر أن ذكر العلّامة هنا سهو من قلمه الشريف.
6- الطوسي، الخلاف: 2 / 22 و ٣٤ و قد تقدم نقلها و فیها ما تقدم في العبائر السابقة.
7- حكاه عنه في الجواهر: ٩٦/١٥ و لم نعثر على كتب الميسي لنتحقق من ذلك
8- الشهيد الثاني الروضة البهية: ٢٦/٢/٢ قال: (و في قول ثالث أن مبدأه النتاج مطلقاً [أي رضعت من لبن سائمة أو معلوفة]، و هو المروي صحيحاً، فالعمل به متعين).
9- الشهيد الثاني مسالك الأفهام: ٣٦٨/١ قال: (المشهور ان حو لها من حين النتاج).
10- الطوسي، الخلاف: 2/ 22، و الظاهر أن معقد الإجماع المدعى هو أن حول السخال ليس حول أمهاتها، و لا نظر فيه إلى مبدأ ذلك الحول.
11- يلاحظ العلّامة في المنتهى: ٨ / ١٥٠.
12- يعود على أصل المطلب يعني أن حو لها غير حول أمهاتها.

جعفر علیه السلام: «ليس في صغار الإبل شيء»(1)، و موثقه الآخر عن أحدهما علیهما السلام في حديث: «ما كان من هذه الأوصاف (2) الإبل» (3)، و قيل: و في آخر لزرارة أيضاً مثله، وروايتان للقاسم ابن عروة (4) مضافاً إلى المرسل عن زرارة عن أبي جعفر علیه السلام: ليس في صغار الإبل... انتهى (5)، و هذه الرواية متعارضة مع الصحيح المتقدم عن زرارة، فإنه نفى الزكاة في صغار الإبل حتى يحول عليها الحول من يوم تنتج، و هذا الأخير نفاه عن أولادها - سواء كانت صغيرة أو كبيرة - و أطلق بالنسبة إلى مبدئه، و أن كان دعوى الانصراف إلى الصغار من الأولاد و أرادة من يوم تنتج لقرينة حالية أو مقالية، فيكون هذان الخبران متساويي المفهوم، ولکن لا شك في أن تلك الأخبار متعارضة مع أخبار اعتبار السوم مطلقاً (6)، أو على وجه

ص: 143


1- الكليني، الكافي: ٥33/3 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر علیه السلام قال: «ليس في صغار الإبل شيء حتى يحول عليها الحول من يوم تنتج».
2- كذا في الأصل و الصحيح: (الأصناف).
3- الطوسي، التهذيب: ٤ / ٢ وعنه عن علي بن أسباط عن محمد بن زياد عن عمر بن أذينة عن زرارة قال: سألت أبا جعفر علیه السلام عن صدقات الأموال، فقال: «في تسعة أشياء ليس في غيرها شيء... وكل شيء كان من هذه الثلاثة الأصناف فليس فيه شيء حتى يحول عليه الحول منذ يوم ينتج».
4- الطوسي، الاستبصار: 2/ 20 و ٢٤ التهذيب: ٤، ٢١ و ٤١ وكلاهما عن عبد الله بن بكير عن زرارة.
5- الطوسي، الاستبصار: 23/2 التهذيب: ٤٣/٤ محمد بن علي بن محبوب عن إبراهيم بن هاشم عن إسماعيل بن مرار عن يونس بن عبد الرحمن عن بعض أصحابه عن زرارة عن أبي جعفر علیه السلام قال: «ليس في صغار الإبل و البقر و الغنم شيء إلا ما حال عليه الحول عند الرجل، و لیس في أولادها شيء حتى يحول عليه الحول».
6- تقدمت الإشارة إليها في بداية المسألة.

العموم؛ و لذا حكم العلّامة بكون مبدأ الحول هو يوم السوم لا يوم النتاج (1) كما هو مدلول تلك الأخبار، ولکن هذا في الحقيقة طرح للعمل بها رأساً مع أنه يمكن الجمع بينهما بوجهين:

الأول: أن يكون الحصر في قوله علیه السلام: «إنما الزكاة أو الصدقة على السائمة الراعية» إضافياً بالنسبة إلى المعلوفة (2)، ويعتبر في الموضوع العاملة و السائمة، فالمعنى أن الحيو إن الذي من شأنه أن يسوم ويعلف، فالصدقة على السائمة منهما، وحكم ما ليس من شأنه أن يسوم ويعلف كالسخال أيام ارتضاعها غيرُ مستفاد من ذلك الخبر؛ لأنه خارج عن موضوعه، وحينئذ لا تعارض بين أخبار السوم و أخبار النتاج، و لا يلزم تخصيص في الدليل، بل هو تخصص، ويرجع إلى العمومات السابقة الواردة في الباب (3)

الثاني: أن يكون الحصر حقيقياً بالنسبة إلى ما لا تكون سائمة، فحينئذ يدخل فيها السخال أيام ارتضاعها، و يفهم من الرواية أنها حين الارتضاع لا يكون فيها شيء، لكونها غير سائمة، فحينئذ تعارض أخبار السوم مع تلك الأخبار التي وردت في السخال أن مبدأ حو لها هو يوم النتاج؛ لكونها غير سائمة أيام ارتضاعها و مع ذلك و جبت و ثبت فيها الزكاة، فتخصص أخبار السوم لكونها أعم منها. (4)

فإن قيل: إذا خرجت السخال عن عمومات السوم حين ارتضاعها فأيّ دليل يدل على وجوب كونها سائمة _ بعد استغنائها عن الأمهات - بالرعي،

ص: 144


1- و تقدمت الإشارة إليها في بداية المسألة.
2- يلاحظ الميرزا القمي في غنائم الأيام: ٦٦/٤ و الشيخ الانصاري في زكاته: ١٤٩.
3- التي تقدمت الإشارة إليها في بداية المسألة كقولهما عليهما السلام: «في كل أربعين شاة شاة».
4- يلاحظ الميرزا القمي في غنائم الأيام: ٦٦/٤.

فيمكن إن يقال: إن السخال لا يشترط السوم فيها في السنة حتى لو علفت ستة أشهر من الحول الأول لم يضر.

قلنا: أما على الأول - و هو أن يكون الحصر إضافياً - فمعلوم أنها بعد استغنائها عن الأمهات بالرعي تصير قابلة للسوم، فتدخل في بحث أدلة السوم، و کذا بناءً على الوجه الثاني فإن أدلة السوم تنفي الزكاة بمفهومها عن السخال ما لم تستغن بالرعي عن الأمهات، و أذا استغنت عنها فتدخل في السائمة فتشملها أدلتها، فيشترط فيه (1) السوم في باقي السنة.

لا يقال: الشرط المستفاد من الأدلة هو السوم في الحول، و هو مما لا يمكن تحققه باقي السنة بعد خروج أيام الارتضاع، و لا دليل هنا أيضاً دل على اعتبار السوم في أقل من السنة.

لأنا نقول: سلّمنا أن الشرط السوم في تمام السنة، لكنه لما كان غير مقدورِ الحصول في تمام السنة في هذا الموضوع نعتبره فيما كان مقدوراً، و لا شبهة أن الشرط (الرعي) مقيد بما كان مقدور الحصول، و في الحقيقة هذا القدر من السوم هو سوم تمام حول هذا الموضوع؛ لأنه بعد ما صار موضوعاً قابلاً للسوم لم يبقَ في سنته إلا هذا المقدار فهو تمام سنة سومه لا بمعنى بمعنى أن الحول هو هذا المقدار من الزمان، بل الحول بمعناه الحقيقي، إلا أن السوم في تمام سنة السخال لا يتصور بغير هذا الوجه، فكان أدلة السوم هنا و أردة على إدلة الحول، على معنى أن دليل اعتبار الحول في الإنعام الثلاثة دال على اعتبار مضي الحول فيها، و أدلة السوم تدل على أن السوم معتبر في تمام الحول إذا كان الحيو إن من شأنها أن تكون سائمة.

ص: 145


1- كذا في الأصل و الأصح (فيها).

و حاصله: أنه يعتبر أن يكون الحيو إن في كل جزء من أجزاء ذلك [الحول](1) سائمة إذا كان قابلا له، ففي كل جزء لا يكون قابلاً فهو خارج عن شمول أدلة السوم حسبما أشرنا، وكل جزء يكون قابلاً للسوم يحسب كونه سائماً فيه، ولازمه اشتراط كونه سائماً بعد استغناء السخال عن الأمهات إلى تمام الحول، و هذا معنى دقيق نبه به (2) الأستاذ دام ظله العالي.

هذا و يمكن أن يقال: إن السخال تابعة للأمهات في صدق اسم السائمة - وحينئذٍ فهي سائمة مشمولة لأدلة السائمة من مبدأ النتاج (3)، فلا تعارض بين الأدلة أصلاً حتى يحتاج إلى العلاج، و هذا الاحتمال مما احتمله السيد الأستاذ (4) دام ظله العالي، و لا يبعد ذلك بالنسبة إلى الصدق العرفي، بل الحق أن الصدق العرفي متحقق فإن العرف يساعد بالوجدان في صدق السائمة على السخال بالتبع، إلا أنه يظهر _ بعد التأمل _ أنه تغليب، ويبتني على المسامحة، و لا تناط به الأحكام الشرعية - حسبما عرفت غير مرة _ و العالم هو الله.

ص: 146


1- إضافة اقتضاها السياق
2- كذا في الأصل و الأصح (عليه).
3- أي: إذا كانت الأمهات سائمة كما تقدمت الإشارة قريباً عن الشهيد الأول في البيان.
4- الظاهر أنه تابع فيه أستاذه صاحب هداية المسترشدين فلاحظ الشيخ محمد تقي الأصفهاني، تبصرة الفقهاء: ٣ / ١٦٨.

الشرط الثالث: الحول:

و هو معتبر في الأنعام الثلاثة إجماعاً و نصاً، و کذا في النقدين و في ما يستحب فيه الزكاة من الخيل، و لا خلاف في اعتبار الحول في المذكورات في الجملة (1) بين علماء الإسلام إلا ما يُنسب إلى بعض العامة (2) من القول بوجوب الزكاة عند تملك هذه الأمور، فهو لا يشترط في تعلّق الوجوب مضي مدة بعد تملك النصاب المذكور، و هذا القول شاذ ضعيف لا يعبأ به سيما كونه من العامة مع مخالفتها (3) له لكونه شاذاً فضلًا عن الخاصة.

ثم إن الإجماع منعقد على أن الوجوب يحصل بمضي أحد عشر شهراً هلالية، فيجب بدخول الثاني عشر (4) و أن لم تكمل أيامه، بل الدخول في الثاني عشر أيضاً _ بما هو دخول فيه _ غير معتبر عندهم، بل المعتبر عندهم مضي أحد عشر كاملاً، و لا يحصل ذلك و لا يعلم ذلك إلا بدخول الثاني عشر؛ لكون أجزاء الزمان متصلة على نحو التجدد الانفكاكي بحيث يكون وجود كل جزء فيه فُرض يكون راسماً لعدم الجزء السابق عليه أو اللاحق له بل يصدق عليه عدمهما فدخول الجزء الأول من الثاني عشر عين مضي الجزء الأخير من الحادي عشر (و من أحد عشر) (5)، و هذا الذي ذكرناه من لوازم تجدد الزمان، و تصرمه

ص: 147


1- المحقق الحلي المعتبر: 507/2؛ العلّامة الحلي، منتهى المطلب: 37/8.
2- و هو مالك كما نسب إليه كما تقدمت الإشارة اليه.
3- أي العامة.
4- المحقق الحلي المعتبر: ٥07/2؛ العلّامة الحلي، تذكرة الفقهاء: ٥١/٥.
5- كذا في الأصل، ولعله من سهو القلم.

الذاتي الذي من لوازمه عدم اجتماع أجزائه الفرضية في الوجود، و لیس مرادهم أن الحول شرعاً نُقل أو استعمل إلى أحد عشر شهراً و جزء من الثاني عشر أوفیه (1) _ كما زعمه بعض الأجلّة (2) - و أورد عليهم بأن اللازم لذلك أن يجعل الحول في بعض السنين هو اثني عشر شهراً، مثال ذلك أن الحول الأول لو فرض تحققه في ضمن أحد عشر شهراً وساعة من الثاني عشر يلزم كون الحول الثاني أحد عشر شهراً وساعتين من الثاني عشر، و في الحول الثالث يدخل بثلاث ساعات منه و هكذا إلى أن يكون حصول الحول بتمام الثاني عشر، و هذا عجيب؛ فإن هذا الزعم فاسد:

أما أولاً: فلكون الحول عندهم في المقام هو أحد عشر شهراً و لیس جزء من الثاني عشر جزءاً منه، بل حصو له كاشف عن مضي أحد عشر، و هذا مما اعترف به شيخ الجواهر (3)، إلا أنَّ نقل الحول من المعنى اللغوي و العرفي إلى هذا المعنى الذي اعترف صاحب الجواهر [أنه ليس](4) منقو لا إليه مما لم يثبت بعد بل لم يثبت استعماله فيه ولو على وجه المجاز - كما سيجيء وجهه في ذيل قول الله تعالى و أن و أفقه في ذلك الزعم بعض المتأخرين (5) - حسبما هو مقتضى ظاهر كلماتهم - فإننا [لو] (6) سلّمنا كون الحول هو أحد عشر شهراً و جزءاً من الثاني عشر يلزم ذلك لو جعلنا مبدأ الحول الثاني بعد هذا الجزء متصلاً به على أن يكون تمام

ص: 148


1- على نحو الطي و النشر المرتب.
2- العاملي، مفتاح الكرامة: ١١/ ١١٤.
3- النجفي، جواهر الكلام: ١٥ / ١٠1.
4- إضافة اقتضاها السياق و مسلك الشيخ صاحب الجواهر.
5- يلاحظ النراقي، المستند: ٧٥/٩.
6- إضافة اقتضاها السياق.

أجزاء الثاني عشر - غير هذا الجزء - جزءاً للحول الثاني، و أما لو لم يكن كذلك كما هو ظاهر القول بل النصوص، فلا يلزم ما ذكره؛ لكون المبدأ للحول التالي هو بعد تمام الثاني إما بكونه (1) جزء الأول، أو بكونه مهملًا في البين لا يحسب في شيء من الحولين _ كما احتمله السيد الأستاذ دام ظله العالي و أن عده بعيداً - وسيجيء ما هو الحق، فالحول الثاني مثل الحول الأول في المقدار و في حد الوجوب لا يزيد عليه و لا ينقص.

و كيف كان فالحول لغة وعرفاً هو اثنا عشر شهراً(2) هلالية تامة كاملاً أيامه ولياليه بالتبادر القطعي ونقل أئمة اللغة و أتفاق المفسرين في قوله تعالى عاماً عليه بناءً على [أن] المراد به سنة، و هي الحول كما هو المشهور، و لم ينقل من هذا المعنى إلى معنى أقل منه في الشرع، و لم ينقل أحد من المتشرعة ذلك إلا ما ذكره الشهيد الثاني في المسالك فقال: إعلم أن الحول لغةً اثنى عشر شهراً لكن إلى قوله مجازات لغوية (3).

ص: 149


1- أي: الشهر الثاني عشر.
2- المذكور في كتب اللغة أن الحول بمعنى السنة كما في الصحاح: ١٦٧٩/٤ ولسان العرب: 1/ 188 و القاموس المحيط: ٣٦٣/٣ وبمعنى العام كما في معجم البحرين ج، ٣٥٨، نعم يمكن أن يستفاد من بعض الآيات القرآنية ذلك كقوله تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ و الأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ... الآية﴾ سورة التوبة: ٣٦، وبعض الروايات كقوله علیه السلام العباد بن صهيب: «يا بن صهيب، كم شهور السنة؟ فقلت اثنا عشر شهراً. فقال علیه السلام: وكم الحرم منها ؟ قلت: أربعة أشهر.. الرواية» علل الشرائع: 1/ 177، و قوله صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ «أيها الناس، إن السنة اثنا عشر شهراً التهذيب: ٤ / ١٦١، و لا شك أن ألفاظ القرآن و الروايات منزلة على المعنى اللغوي و ما هو متداول عرفاً ما لم يثبت الوضع أو المجاز، بل يظهر من رواية ابن صهيب أن العرف لا يفهم من السنة إلا هذا المعنى، و قد أقره الإمام الصادق علیه السلام على ذلك.
3- الشهيد الثاني المسالك: 1 / 370.

أقول: إجماع الأصحاب - لو تم - لم يكن دالاً على إطلاق اسم الحول على الأحد عشر (1)، فإن الحكم بالوجوب بدخول التالي لعله من جهة أن حلول الحول الكامل يحصل به كما سيجيء.

و كيف ما كان، فلا خلاف ظاهراً بين علمائنا الإمامية في تعلّق الوجوب بدخول هلال الثاني عشر و أن لم يكمل كما اعترف به الشهيد الثاني في كلامه المتقدم، بل في المعتبر أنه مذهب علمائنا أجمع (2) و قال العلامة في التذكرة: (حَولَان الحول هو مضي هو مضي أحد عشر شهراً كاملة على المال، فإذا دخل الشهر الثاني عشر و جبت الزكاة و أن لم تكمل أيامه، بل تجب لدخول الثاني عشر عند علمائنا أجمع) (3)، و هكذا عبارات غيرهم ممن تأخر (4) كلها مصرحة بدعوى [الإجماع] (5)، وبعض ممن لم يصرح بتلك الدعوى أرسل تلك المسألة إرسال المسلّمات (6)، بل الكتب التي وضعها كان على التعيين، و المتمحض في نقل الخلاف الذي تجده (7) تجدها لم تشتمل على الخلاف في المقام و لم يذكروا في تلك

ص: 150


1- رد على الشهيد الثاني؛ لأنه قال في العبارة المتقدمة: (إعلم أن الحول لغة اثنا عشر شهراً، ولکن أجمع أصحابنا على تعلّق الوجوب بدخول الثاني عشر، و قد أطلقوا على الأحد عشر اسم الحول أيضاً بناءً على ذلك).
2- المحقق الحلي، المعتبر: ٥٠٧/٢؛ العلّامة الحلي، منتهى المطلب: ٣٢١/٨ (إذا أهل الثاني عشر فقد حال على المال الحول ذهب إليه علماؤنا).
3- العلامة التذكرة: ٥١/5.
4- كالعاملي، مدارك الأحكام 71/٥، السيد أحمد بن زين العابدين العلوي العاملي، مناهج الأخيار 38، و المحقق السبزواري، ذخيرة المعاد: ١/ ٣ / ٤٣٨.
5- إضافة اقتضاها السياق.
6- كفخر المحققين إيضاح الفوائد 1/172، و الشهيد الأول، البيان: ٢٨٤، و أبن فهد الحلي، الرسائل العشر: ١٧٦.
7- الطوسي، الخلاف: 87/2.

المسألة خلافاً لعلماء الإمامية، [فهم] بين مصرح بدعوى الإجماع (1) وبين مطلق في التعبير و لم يذكر الخلاف و الوفاق، وظني أن المسألة كانت واضحة عندهم حتى أن من لم يذكرها و لم يصرح بوجوب الزكاة بمجرد دخول الثاني عشر (2) فكأنه زعم أنه مستغن عن الذكر؛ لوضوح مدركها (3) و شهرتها بين الفقهاء لا أنه مخالف في المسألة - كما يتوهم - و التطويل مع عدم الذكر لا يدل على الخلاف لأنه أعم منه فتدبر.

نعم، الظاهر بل الصريح في كلمات العامة في تلك المسألة أنهم يعتبرون في تعلّق الوجوب مضي تمام السنة أي بمضي اثني عشر شهراً بتمام أيامه ولياليه على ما حكى عباراتهم بعض الأصحاب (4).

و الأصل في المسالة ما رواه الكليني رضیَ اللّهُ عنهُ عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن عبد الله عن زرارة عن أبي جعفر علیه السلام قال: «قلت له رجل كانت له مئتا درهم، فوهبها لبعض أخوانه أو ولده أو أهله فراراً من الزكاة، فعل ذلك قبل حلها بشهر. فقال علیه السلام: إذا دخل الشهر الثاني فقد حال

ص: 151


1- قد تقدم منه الإشارة إليه، و قد خالف في ذلك الشيخ حسين آل عصفور في سداد العباد ١٨٤ حيث قال: (الحول و هو اثنا عشر شهراً على الأظهر، لأنه معناه الشرعي و اللغوي و العرفي إلا لمن فر من الزكاة فإنه عبارة عن أحد عشر شهرا تامة فإذا هل الثاني عشر و جبت الزكاة).
2- كالمفيد المقنعة 239 حيث قال: (و لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول و هو على كمال حد ما تجب فيه الزكاة) و المرتضى، جمل العلم و العمل: ١٢٤ قال: (الواجب إخراج الزكاة في وقت وجوبها و هو تكامل الحول في ما اعتبر فيه الحول).
3- مدركها أمران: الإجماع و قد تقدم و ما رواه الكليني عن زرارة وسيأتي بعد أسطر.
4- لم أجد من تعرض لرأي العامة في هذه المسألة إلا الشيخ الطوسي في الخلاف: ٢/ ٨٧ و من تابعه وعلى نحو الإشارة.

عليه الحول ووجبت عليه فيها الزكاة». (1)

لكن الكلام في أن الوجوب هل يستقر بدخول الثاني عشر - إن كان متزلزلاً - أو إلى أن تكمل أيامه.

ظاهر الخبر السابق هو الذي يظهر من كلماتهم، و الفتاوى كلها - إلا من شد - مطابقة للنص السابق، بل لم يوجد من الفقهاء من صرّح بالخلاف إلا ثاني الشهيدين في المسالك (2) و في شرح اللمعة (3) فقال: (لا شك في حصول أصل الوجوب إلى قوله: إلى أن يثبت) (4) و في كلامه تدافع و أنكار.

أما أولاً:

فلأن الخبر السالف _ لو فرض كونه غير صحيح - منجبر بالشهرة العظيمة التي كادت أن تكون إجماعاً، بل ربما صار إجماعاً، فإن كلمات المجمعين و الناقلين للإجماع في المسألة السالفة كلها ظاهرة في استقرار الوجوب بدخول الثاني عشر، و لم يقل أحد بتزلزل الوجوب حتى يتم الثاني عشر، بل الوجوب المتزلزل مما لا معنى له فإن علة الوجوب لو تحققت تحقق الوجوب و أستقر و لا يكون له حالة منتظرة، و أن لم تتحقق العلة فتحققه ممنوع ضرورة أن الشيء يجب بوجود علته، ويمتنع لعدم علته.

ص: 152


1- الكليني، الكافي: ٣/ ٥٢٥.
2- الشهيد الثاني المسالك: 1/ 371، و قد شكك في صحة الخبر فقال: و الحق أن الخبر السابق إن صح فلا عدول عن الأول:[أي: الاستقرار بمجرد دخول الثاني عشر].
3- الشهيد الثاني، الروضة البهية: 2/ 23. (فيجب بدخول الثاني عشر و أن لم يكمل، و هل يستقر الوجوب بذلك أم يتوقف على تمامه؟ قولان، أجودهما الثاني).
4- ما في المتن عبارة المسالك: 1/ 371، و أما عبارة الروضة فتقدمت في الهامش السابق.

و أما ثانياً:

فنقول: إما أن يكون المراد بالوجوب الغير المستقر هو الوجوب الظاهري نظير وجوب صلاة الظهر على المكلّف أول الزوال قبل مضي مقدار يمكن أداء أربع ركعات معتدلة بحسب حاله فيه مع احتمال كون المكلّف فاقداً لبعض شرائط أصل التكليف في الواقع كزوال العقل مثلاً قبل مضي هذا المقدار من الزمان، فيكشف عن عدم وجوبه أولاً، و مثل وجوب الصوم على المرأة في نهار رمضان مع احتمال أن تصير حائضاً في أثناء النهار، فيكشف عن عدم الوجوب أولاً، و أمثال ذلك.

فيرد عليه أنه لا تحسن المقابلة حينئذ؛ لأن المراد بالوجوب المستقر هو الواقعي، فمع كونه مخالفاً لظاهر كلماتهم في العنو إن مما لا يناسب الفروع التي ذكروها في المقام نظير اعتبار الثاني عشر من الحول الأول فإنه بناء على الوجوب الظاهري يجب أن يكون كاشفاً محضاً لا جزءاً للحول الأول، وبعضهم حملوه من قبيل الشرط المتأخر و منعوا عدم جواز تأخر الشرط عن المشروط أن الشرط أيضاً خارج عن المشروط، وعما يتعلّق به فالثاني عشر خارج عن الحول الأول، و أن سُلّم محالية تأخر الشرط عن المشروط وحكم بأن الشرط هو الأمر المنتزع، فيرد عليه أن شرطية الأمر المنتزع الذي يكون أمراً اعتبارياً مما لا ينبغي له، لكون وجوده في الذهن فقط؛ و أن أريد كونه شرطاً باعتبار المنتزع منه يرجع هذا إلى القول الأول من أن الشرط هو الأمر المتأخر مع أن الشرط على هذا يرجع إلى أن الزكاة و أجبة على المال بشرط كونه مما يمضي عليه الحول بتمامه في نفس الأمر، وكونه كذا و لیس هكذا معلوم عند الله، فأوجب الزكاة على المال المعلوم كونه مما يمضي عليه الحول، بتمامه عنده ولو لم يتم الحول بعد ولازم ذلك عدم كون حلول الحول شرطاً أصلاً، بل الشرط كونه بحيث يحول عليه الحول، ولکن

ص: 153

المكلّف لما لم يعلم هذا الحول إلا بعد الحول فلا يجوز له الحكم بالوجوب قبل الحول مستقراً، فيكون الوجوب عنده متزلزلاً حتى يحول الحول، و هذا معنى الوجوب المتزلزل بحسب نظرنا لا بحسب الواقع كما توهم.

و بالجملة، هذا الكون الاعتباري إن كان شرطاً فهو صادق و متحقق في أول الحول و في وسطه و في آخره في الواقع، و أن لم يعلم به فيجب أن يتحقق الوجوب بمجرد تملكه للمال و أن لم يكمل أحد عشر شهراً، و لا يشترط أيضاً دخول التالي.

فإن كان المراد بالوجوب بعد دخول الثاني عشر هو الوجوب المتزلزل - على المعنى الذي ذكرنا - فهو متحقق قبل هذا؛ لأن شرط الوجوب _ و هو الكون المذكور - متحقق في الواقع قبل دخول الثاني عشر، بل في أول السنة فيلزم حصول الوجوب في أول السنة في الواقع، و أن أريد أن الشرط كون المال بحيث يمضي عليه الحول الشرعي و هو أحد عشر شهراً، أو يكون بحيث يمضي عليه الشهر الثاني عشر إجماعاً للشرائط يعني تعتبر الفعلية بالنسبة إلى مضي أحد عشر شهراً و التامة بالنسبة إلى الثاني عشر فهو مما لا دليل عليه. و أما أن يكون المراد هو الوجوب الواقعي. فيرد أن الوجوب الواقعي لا يمكن أن يكون متزلزلاً؛ لأنه إن و جد علة الوجوب، فهو متحقق وجوباً، و أن لم يوجد (1) فهو ممتنع الوجود (2).

ص: 154


1- كذا في الأصل، و الأنسب (يجد).
2- هذا تمام ما و قع في أيدينا من القطعة الثانية من هذه النسخة. و الحمد لله رب العالمين.

مصادر الكتاب

القرآن الكريم

١) الكافي

الكليني تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري الطبعة الخامسة سنة الطبع: ١٣٦٣ ش المطبعة حيدري، الناشر: دار الكتب الإسلامية - طهران.

2) تهذيب الأحكام الشيخ الطوسي ٤٠٦ ه_ تحقيق وتعليق: السيد حسن الموسوي الخرسان الطبعة: الثالثة سنة الطبع: ١٣٦٤ ش المطبعة: خورشيد الناشر: دار الكتب الإسلامية - طهران

3) الاستبصار

الشيخ الطوسي ٤٠٦ ه_، تحقيق وتعليق السيد حسن الموسوي الخرسان الطبعة الثالثة سنة الطبع: ١٣٦٤ ش المطبعة خورشيد الناشر: دار الكتب الإسلامية - طهران.

4) من لا يحضره الفقيه

الشيخ الصدوق ٣٨١ه_، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، الطبعة: الثانية، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرفة.

5) موسوعة العلّامة الأوردبادي.

جمع و تحقيق: سبط المؤلّف السيد مهدي آل المجدد الشيرازي، بنظر

ص: 155

و متابعة: مركز إحياء التراث التابع لدار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة. الطبعة: الأولى سنة الطبع: ١٤٣٦ه_. المطبعة دار الكفيل - العراق - كربلاء المقدسة.

6) أقرب المجازات إلى مشايخ الاجازات

السيد علي النقوي ١٤٠٨ه_. تقديم: السيد محمد رضا الجلالي. أعده ووضع فهارسه: مركز إحياء التراث التابع لدار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة الطبعة: الأولى سنة الطبع: ١٤٣٧ه_. المطبعة: دار الكفيل العراق - كربلاء المقدسة.

7) الذريعة

العلّامة الشيخ آقا بزرك الطهراني 1389ه_، الطبعة: الثالثة. سنة الطبع: ١٤٠٣ - 1983م. الناشر: دار الأضواء – بيروت - لبنان.

8) طبقات أعلام الشيعة

الشيخ آقا بزرك الطهراني ١٣٨٩ه_. الطبعة: الأولى. سنة الطبع: ١٤٣٠ه_ المطبعة دار إحياء التراث العربي للطباعة و النشر و التوزيع.

9) أعيان الشيعة

السيد محسن الأمين ١٣٧١ه_. تحقيق وتخريج: حسن الأمين الناشر: دار التعارف للمطبوعات - بيروت – لبنان.

10) تنقيح الأصول

تقرير بحث آقا ضياء للطباطبائي ١٣٦١ه_. سنة الطبع: ١٣٧١ - ١٩٥٢ ،م المطبعة المطبعة الحيدرية - نجف الأشرف.

11) مستدركات أعيان الشيعة

حسن الأمين ١٣٩٩ه_، سنة الطبع: 1٤٠٨ - 1987م، المطبعة: دار

ص: 156

التعارف للمطبوعات الناشر: دار التعارف للمطبوعات.

12) مقدمة كتاب المكاسب، طبعة جامعة النجف.

13) تكملة أمل الآمل

السيد حسن الصدر ١٣٥٤ه_. تحقيق: السيد أحمد الحسيني. سنة الطبع: ١٤٠٦ه_، المطبعة: الخيام - قم. الناشر: مكتبة آية الله المرعشي - قم.

١٤) المختصر النافع

المحقق الحلي ٦٧٦ه_، الطبعة: الثانية _ الثالثة، سنة الطبع: ١٤٠٢ه_ _ ١٤١٠ه_، الناشر: قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة - طهران.

١٥) المعتبر المحقق الحلي٦٧٦ه_. تحقيق وتصحيح: عدة من الأفاضل / إشراف: ناصر مكارم شيرازي. سنة الطبع: ١٤/٣/١٣٦٤ ش. المطبعة: مدرسة عالم الإمام أمير المؤمنين علیه السلام. الناشر: مؤسسة سيد الشهداء علیه السلام _ قم.

16) شرائع الإسلام

المحقق الحلي ٦٧٦ه_. مع تعليقات: السيد صادق الشيرازي. الطبعة: الثانية. سنة الطبع: ١٤٠٩ه_. المطبعة: أمير _ قم. الناشر: انتشارات استقلال – طهران.

17) تذكرة الفقهاء (ط.ج)

العلّامة الحلي٧٢٦ه_، تحقيق: مؤسسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث. الطبعة الأولى سنة الطبع: محرم ١٤١٤ه_. المطبعة: مهر - قم. الناشر: مؤسسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث _ قم.

18) تفسير الجلالين

المحلي، السيوطي ٨٦٤ه_، تقديم و مراجعة مرو إن سوار الناشر: دار

ص: 157

المعرفة للطباعة و النشر و التوزيع – بيروت - لبنان.

19) البيان (ط.ج)

الشهيد الأول ٧٨٦ه_. تحقيق: تحقيق الشيخ محمد الحسون الطبعة: الأولى سنة الطبع: ١٤١٢ه_. المطبعة: صدر - قم. الناشر: محقق.

20) كفاية الأحكام

المحقق السبزواري 1090ه_. تحقيق الشيخ مرتضى الواعظي الأراكي. الطبعة الأولى سنة الطبع: ١٤٢٣. المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي. التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرفة. الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرفة.

21) مدارك الأحكام

السيد محمد العاملي 1009 ه_. تحقيق مؤسسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث - مشهد المقدسة. الطبعة: الأولى. سنة الطبع: محرم ١٤١٠ه_. المطبعة: مهر - قم. الناشر: مؤسسة آل البيت الاعلام لإحياء التراث - قم المشرفة.

٢٢) كتاب الزكاة

الشيخ الأنصاري 1281 ه_. تحقيق لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم. الطبعة: الأولى سنة الطبع: شوال ١٤١٥ه_. المطبعة: باقري _ قم. الناشر: المؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لميلاد الشيخ الأنصاري.

23) جواهر الکلام

الشيخ الجواهري ١٢٦٦ه_. تحقيق وتعليق: الشيخ عباس القوچاني. الطبعة الثانية سنة الطبع: ١٣٦٥ ش. المطبعة خورشيد الناشر: دار الكتب الإسلامية - طهران.

ص: 158

٢٤) قواعد الأحكام

العلّامة الحلي ٧٢٦ه_. تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي. الطبعة: الأولى. سنة الطبع: ربيع الثاني ١٤١٣ه_. الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرفة.

25) إيضاح الفوائد

ابن العلّامة (فخر المحققين) ٧٧٠ه_. تعليق: السيد حسين الموسوي الكرماني، الشيخ علي پناه الاشتهاردي، الشيخ عبد الرحيم البروجردي، الطبعة: الأولى سنة الطبع: 1387. المطبعة: المطبعة العلمية – قم.

٢٦) شرح شافية ابن الحاجب

رضي الدين الأسترآبادي ٦٨٦ ه_. تحقيق وضبط وشرح: محمد نور الحسن، محمد الزفزاف، محمد محيي الدين عبد الحميد. سنة الطبع: ١٣٩٥ 1975م. الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان.

27) المخصص

ابن سيده ٤٥٨ه_. تحقيق: لجنة إحياء التراث العربي الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان.

28) مسالك الأفهام

الشهيد الثاني ٩٦٥ه_ تحقيق: مؤسسة المعارف الإسلامية. الطبعة: الأولى سنة الطبع: ١٤١٣. المطبعة: بهمن - قم. الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية - قم - إيران.

29) السرائر

ابن إدريس الحلي ٥٩٨.ه_. تحقيق: لجنة التحقيق. الطبعة الثانية سنة الطبع: ١٤١٠. المطبعة: مطبعة مؤسسة النشر الإسلامي. الناشر: مؤسسة

ص: 159

النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرفة.

30) غنائم الأيام في مسائل الحلال و الحرام

الميرزا القمي 1231ه_. تحقيق المحقق: عباس تبريزيان / المساعدان عبد الحليم الحلّي، السيد جواد الحسيني الطبعة الأولى. سنة الطبع: ١٤١٧ - 1375 ش. الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي.

31) كشف اللثام ( ط.ج )

الفاضل الهندي 11٣٧ه_ تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي. الطبعة: الأولى. سنة الطبع: ١٤١٦. الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرفة.

32) الخلاف

الشيخ الطوسي ٤٦٠ه_. تحقيق: جماعة من المحققين. سنة الطبع: جمادى الآخرة ١٤٠٧ه_. الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرفة.

33) حاشية شرائع الإسلام

الشهيد الثاني ٩٦٥ه_. تحقيق مركز الأبحاث و الدراسات الإسلامية - قسم إحياء التراث الإسلامي. الطبعة: الأولى. سنة الطبع: ١٤٢٢ - 1380 ش. المطبعة: مكتبة مكتب الإعلام الإسلامي. الناشر: بوستان کتاب قم (مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي).

34) كتاب القضاء (ط.ق)

ميرزا محمد حسن الآشتياني 1319 ه_. الطبعة الثانية. سنة الطبع: ١٤٠٤ - ١٣٦٣ ش الناشر: منشورات دار الهجرة _ قم - إيران.

٣٥) الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية

ص: 160

الشهيد الثاني ٩٦٥ه_. تحقيق: السيد محمد كلانتر. الطبعة الأولى - الثانية. سنة الطبع: ١٣٨٦ - 1398. الناشر: منشورات جامعة النجف الدينية.

36) كتاب المكاسب

الشيخ الأنصاري ١٢٨١ه_. تحقيق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم. الطبعة: الأولى سنة الطبع جمادي الأول ١٤١٥. المطبعة: باقري قم. الناشر: المؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لميلاد الشيخ الأنصاري.

37) مجمع الفائدة

المحقق الأردبيلي 993 ه_. تحقيق: الحاج آغا مجتبى العراقي، الشيخ علي پناه الاشتهاردي، الحاج آغا حسين اليزدي الأصفهاني. الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرفة.

38) التبيان في تفسير القرآن الشيخ الطوسي ٤٦٠ه_. تحقيق وتصحيح: أحمد حبيب قصير العاملي. الطبعة: الأولى. سنة الطبع: رمضان المبارك ١٤٠٩ه_. المطبعة: مطبعة مكتب الإعلام الإسلامي الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي.

39) كنز العرفان في فقه القرآن المقداد السيوري ٨٢٦ه_. تحقيق: علّق عليه المحقق البارع حجة الاسلام الشيخ محمد باقر (شريف زاده) و أشرف على تصحيحه و أخراج أحاديثه محمد باقر البهبودي سنة الطبع: ١٣٨٤ - ١٣٤٣ ش. المطبعة: حيدري - طهران الناشر: المكتبة الرضوية - طهران.

الطبراني

40) التفسير الجامع الكبير هل المقصود المعجم الكبير؟

ص: 161

٤١) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في و جوه التأويل الزمخشري ٥٣٨ه_. سنة الطبع: ١٣٨٥ - ١٩٦٦: ١٣٨٥ - ١٩٦٦م. الناشر: شركة مكتبة و مطبعة مصطفى البابي الحلبي و أولاده بمصر، عباس و محمد محمود الحلبي و شركاؤهم _ خلفاء.

42) مستند الشيعة

المحقق النراقي ١٢٤٤ه_. تحقيق: مؤسسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث - مشهد المقدسة الطبعة: الأولى سنة الطبع: ربيع الأول ١٤١٥ه_. المطبعة: ستارة _ قم. الناشر: مؤسسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث _ قم.

43) مفتاح الكرامة

السيد محمد جواد العاملي 1228ه_. تحقيق وتعليق: الشيخ محمد باقر الخالصي. الطبعة: الأولى سنة الطبع: ١٤١٩. المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي. الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرفة.

44) مغني اللبيب

ابن هشام الأنصاري ٧٦١ه_. تحقيق و فصل و ضبط: محمد محيي الدين عبد الحميد سنة الطبع: ١٤٠٤ه_. الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي - قم - إيران.

45) الوصايا و المواريث

الشيخ الأنصاري١٢٨١ه_. تحقيق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم. الطبعة الأولى سنة الطبع: ربيع الأول ١٤١٥. المطبعة: باقري - قم. الناشر: المؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لميلاد الشيخ الأنصاري.

٤٦) موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون و العلوم

ص: 162

محمد بن علي الحنفي التهانوي بعد ١١٥٨ ه_. تقديم و أشراف و مراجعة: د. رفيق العجم. تحقيق د. علي دحروج نقل النص الفارسي إلى العربية: د. عبد الله الخالدي الناشر: مكتبة لبنان ناشرون - بيروت الطبعة: الأولى - ١٩٩٦م.

47) الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة

صدر الدين محمد الشيرازي ١٠٥٠ ه_. الطبعة الثالثة سنة الطبع: 1981 م الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان.

٤٨) الدروس الشرعية في فقه الإمامية

الشهيد الأول ٧٨٦ه_. تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي. الطبعة الثانية. سنة الطبع: ١٤١٧. الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة.

49) فرائد الأصول

الشيخ الأنصاري 1281ه_. إعداد: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم. الطبعة الأولى سنة الطبع: شعبان المعظم ١٤١٩. المطبعة: باقري - قم الناشر: مجمع الفكر الإسلامي.

50) كتاب الطهارة

الشيخ الأنصاري 1281. إعداد: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم الطبعة: الثالثة. سنة الطبع: ١٤٢٨. المطبعة: خاتم الأنبياء - قم. الناشر: مجمع الفكر الإسلامي.

51) الكافي في الفقه

أبو الصلاح الحلبي ٤٤٧ه_. تحقيق: رضا أستادي. الناشر: مكتبة الإمام أمير المؤمنين على علیه السلام العامة - أصفهان.

ص: 163

52) المراسم العلوية في الأحكام النبوية

الشيخ حمزة بن عبد العزيز الديلمي ٤٤٨ه_. تحقيق: السيد محسن الحسيني الأميني سنة الطبع: ١٤١٤، المطبعة: أمير - قم. الناشر: المعاونية الثقافية للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام.

35) مختلف الشيعة

العلّامة الحلي٧٢٦ه_. تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي. الطبعة: الثانية. سنة الطبع ذي القعدة ١٤١٣. الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرفة.

54) رسالة الشرائع

علي بن بابويه القمي 329ه_ تحقيق و جمع الشيخ كريم مسير، الشيخ ٣٢٩ه_. شاكر المحمدي. الطبعة الأولى سنة الطبع: ١٤٣٥ه_. الناشر: مجلة دراسات علمية. المطبعة دار المؤرخ العربي - بيروت - لبنان.

٥٥) المقنع

الشيخ الصدوق ٣٨١ه_ تحقيق: لجنة التحقيق التابعة لمؤسسة الإمام الهادي علیه السلام. سنة الطبع: ١٤١٥ه_. المطبعة: اعتماد الناشر: مؤسسة الإمام الهادي علیه السلام.

56) المقنعة

الشيخ المفيد ٤١٣ه_. تحقيق مؤسسة النشر الإسلامي. الطبعة الثانية. سنة الطبع: ١٤١٠ه_. الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرفة.

57) المجموع

النووي ٦٧٦ ه_. الناشر: دار الفكر.

ص: 164

58) الحدائق الناضرة

المحقق البحراني ١١٨٦ ه_. الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة.

59) ذخيرة المعاد (ط.ق)

المحقق السبزواري 1090ه_. الناشر: مؤسسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث.

60) مصباح الفقيه (ط. ق)

آقا رضا الهمداني ١٣٢٢ه_. المطبعة حيدري الناشر: منشورات مكتبة الصدر - طهران.

٦١) المغني

عبد الله بن قدامه ٦٢٠ ه_. الطبعة جديدة بالأوفست الناشر: دار الكتاب العربي للنشر و التوزيع - بيروت - لبنان.

62) المدونة الكبرى

الإمام مالك 179 ه_. المطبعة: مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر. الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان

63) منتهی المطلب (ط.ج)

العلّامة الحلي ٧٢٦ه_. تحقيق: قسم الفقه في مجمع البحوث الإسلامية. الطبعة: الأولى سنة الطبع: ١٤١٢ه_. المطبعة: مؤسسة الطبع و النشر في الآستانة الرضوية المقدسة. الناشر: مؤسسة الطبع و النشر في الآستانة الرضوية المقدسة.

64) الوافي

الفيض الكاشاني ١٠٩١ه_. تحقيق: عني بالتحقيق و التصحيح و التعليق

ص: 165

عليه و المقابلة مع الأصل ضياء الدين الحسيني «العلّامة» الأصفهاني. الطبعة الأولى سنة الطبع: أول شوال المكرم ١٤٠٦ ه_. ق ١٩ / ٣ / ٦٥ ه_. ش. المطبعة: طباعة أفست نشاط أصفهان. الناشر: مكتبة الامام أمير المؤمنين على علیه السلام الهلال العامة - أصفهان.

65) العين

الخليل الفراهيدي ١٧٥ه_. تحقيق: الدكتور مهدي المخزومي - الدكتور إبراهيم السامرائي الطبعة الثانية سنة الطبع: ١٤٠٩، الناشر: مؤسسة دار الهجرة – إيران _ قم.

66) دمعجم مقاييس اللغة

أحمد بن فارس بن زكريا ابن فارس ٣٩٥ه_ تحقيق: عبد السلام محمد هارون سنة الطبع: ١٤٠٤ه_. المطبعة: مكتبة الإعلام الإسلامي الناشر: مكتبة الإعلام الإسلامي.

67) النهاية في غريب الحديث و الأثر

مجد الدين ابن الأثير ٦٠٦ه_. تحقيق: طاهر أحمد الزاوي، محمود محمد الطناحي. الطبعة الرابعة سنة الطبع: ١٣٦٤ ش. الناشر: مؤسسة إسماعيليان للطباعة و النشر و التوزيع - قم - إيران.

68) مسند أحمد

الإمام أحمد بن حنبل ٢٤١ه_. الناشر: دار صادر - بيروت _ لبنان.

69) الصحاح

الجوهري ٣٩٣ه_. تحقيق أحمد عبد الغفور العطار. الطبعة الرابعة. سنة الطبع: ١٤٠٧ ه_ - ١٩٨٧.م. الناشر: دار العلم للملايين - بيروت لبنان.

ص: 166

70) مختار الصحاح

محمد بن أبي بكر الرازي ٧٢١ه_. ضبط وتصحيح: أحمد شمس الدين. الطبعة الأولى سنة الطبع: ١٤١٥ - ١٩٩٤ ١٩٩٤ م. الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت – لبنان.

71) مجمع البحرين

الشيخ فخر الدين الطريحي ١٠٨٥ه_. الطبعة الثانية. سنة الطبع: شهريور ماه ١٣٦٢ ش. المطبعة چاپخانه طراوت الناشر: مرتضوي.

72) الشرح الصغير في شرح المختصر النافع

السيد علي الطباطبائي ١٢٣١ه_. تحقيق: تحقيق السيد مهدي الرّجائي اشراف السيد محمود المرعشي الطبعة الأولى سنة الطبع: ١٤٠٩ المطبعة: مطبعة سيد الشهداء علیه السلام _ قم.

73) المحقق الكركي في فوائد الشرائع.

74) مجمع الفائدة

المحقق الأردبيلي ٩٩٣ه_. تحقيق: الحاج آغا مجتبى العراقي، الشيخ علي پناه الاشتهاردي، الحاج آغا حسين اليزدي الأصفهاني الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.

75) الروزدري

تقرير بحث المجدّد الشيرازي

76) التقريرات للشيخ الأعظم (مطارح الأنظار)

77) جامع المقاصد

المحقق الكركي ٩٤٠ه_. تحقيق: مؤسسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث. الطبعة: الأولى. سنة الطبع: ربيع الأول ١٤٠٨. المطبعة: المهدية - قم.

ص: 167

الناشر: مؤسسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث - قم المشرفة.

78) تحرير الأحكام

العلّامة الحلي ٧٢٦ه_. تحقيق: الشيخ إبراهيم البهادري / إشراف: جعفر السبحاني الطبعة: الأولى سنة الطبع: ١٤٢٠ه_. المطبعة: اعتماد _ قم. الناشر: مؤسسة الإمام الصادق علیه السلام.

79) رياض المسائل

السيد علي الطباطبائي ١٢٣١ه_ تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي. الطبعة الأولى سنة الطبع: رمضان المبارك ١٤١٢. الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرفة.

80) إرشاد الأذهان

العلّامة الحلي ٧٢٦ه_. تحقيق: الشيخ فارس حسون. الطبعة: الأولى. سنة الطبع: ١٤١٠. المطبعة: مطبعة مؤسسة النشر الإسلامي. الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.

81) نهاية الإحكام

العلّامة الحلي ٧٢٦ه_. تحقيق: السيد مهدي الرجائي. الطبعة: الثانية. سنة الطبع: ١٤١٠ه_. الناشر: مؤسسة إسماعيليان للطباعة و النشر و التوزيع - قم - إيران.

82) اللمعة الدمشقية

الشهيد الأول ٧٨٦ه_. الطبعة: الأولى. سنة الطبع: ١٤١١. المطبعة: قدس قم الناشر: منشورات دار الفكر _ قم.

83) تلخيص الخلاف وخلاصة الاختلاف

الصيمري ق٧، تحقيق: السيد مهدي الرجائي. الطبعة: الأولى سنة الطبع:

ص: 168

١٤٠٨. المطبعة: سيد الشهداء - قم. الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي العامة قم المقدسة.

84) لسان العرب

ابن منظور 711ه_. سنة الطبع: محرم ١٤٠٥. الناشر: نشر أدب الحوزة.

85) القاموس المحيط

الفيروز آبادي ٨١٧ه_. تحقيق: مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة، بإشراف: محمد نعيم العرقسوسي الناشر: مؤسسة الرسالة للطباعة و النشر و التوزيع، بيروت - لبنان.

٨٦) مناهج الأخيار في شرح الإستبصار

السيد أحمد بن زين العابدين العلوي العاملي نحو ١٠٦0 ه_ .

87) الرسائل العشر

ابن فهد الحلي ٨٤١ه_. تحقيق السيد مهدي الرجائي، إشراف السيد محمود المرعشي. الطبعة الأولى سنة الطبع: ١٤٠٩. المطبعة: مطبعة سيد الشهداء علیه السلام. الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي العامة - قم المقدسة.

88) جمل العلم و العمل

الشريف المرتضى ٤٣٦ه_. تحقيق: السيد أحمد الحسيني. الطبعة: الأولى. سنة الطبع: 1378. المطبعة: مطبعة الآداب في النجف الأشرف.

٨٩) المؤتلف

الطبرسي، (ت ٥٤٨ ه_)، نشر مجمع البحوث الإسلامية، ط1، سنة ١٤١٠ه_.

ص: 169

90) سداد العباد ورشاد العباد

الشيخ حسين آل عصفور (ت ١٢١٦ه_)، تحقيق: الشيخ محسن آل عصفور، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: ١٢٤١ - ٩٧٣١ ش، المطبعة: علمية - قم، الناشر: المحلاتي.

ص: 170

فهرس المواضيع

مقدمة المركز ... 7

مقدمة التحقيق ... 15

شكر و تقدير ... 43

مباحث من كتاب الزكاة ... 51

المسألة الأولى: [هل يلزم إخراج الزكاة من العين الزكوية أو يمكن التعدي إلى غيرها من المثل أو القيمة ؟] ... 51

[وقت الإخراج] ... 53

[المؤونة و أحكامها] ... 54

[مختار السيد المجدّد الشيرازي] ... 56

[المسألة الثانية] ... 57

[المختار في المسالة] ... 59

[سبب نزول قوله تعالى: ﴿للرجال نصيب ...﴾] ... 63

[الكلام في دلالة المقيدات] ... 65

[مختار السيد المجدّد الشيرازي] ... 68

[تقریر آخر لدلالة الآية] ... 71

[الاستدلال بإطلاق قوله تعالى: ﴿إن امرؤ هلك... الآية﴾] ... ٧٤

ص: 171

[الفرق بين استثناء الوصية و الدين و التقييد بلفظة: ﴿من بعد﴾] ... 78

[الفرق بين الاستثناء و التقييد مع عدم قصر النظر على حال التلف] ... 81

[المراد بالكلي الخارجي] ... 86

وجود الكلي في الشيء يختلف باختلاف أنحاء ملاحظة الوجود ... 87

[تعيين الكلي في المعين بإقباض التمام] ... 89

[الفرق بين نحوي إقباض التمام] ... 91

[نظر الشيخ الأنصاري في الفرق بين مسألتي الصاع و الاستثناء] ... 92

[نحو وجود الدّين في التركة] ... 95

[نتيجة البحث] ... 98

[على القول بالانتقال وعدمه إن كان الدين مستوعباً] ... 98

[إذا كان الدين غير مستوعِب] ... 99

[صور المسألة] ... 99

[تنظير المقام ببيع الأمة] ... 101

[المسألة الثالثة] ... 105

[دخول النماء و النتاج في التعريف] ... 107

المسألة الرابعة: [في شروط زكاة مال التجارة] ... 109

[حكم الزيادة في أثناء الحول] ... 111

[العين بلحاظ قيمتها متعلق للزكاة] ... 112

[جبر خسران إحدى التجارتين للأخرى] ... 115

[المسألة الخامسة] ... 117

[القيمة و الذمة و المالية هل هي متحدة أو لا؟] ... 118

[هل المعتبر في الزكاة بقاء رأس المال بعينه أو بقيمته ؟] ... 120

ص: 172

زكاة الأنعام ... 123

الشرط الثاني لوجوب الزكاة في الأنعام الثلاثة: ... 123

السوم ... 123

[مختار السيد المجدد الشيرازي] ... 135

[اعتبار مملوكية العلف في تحقق السوم] ... 136

[هل حول السخال من حين تسوم أو من حين تنتج؟] ... 141

الشرط الثالث: الحول: ... 147

مصادر الكتاب ... 155

ص: 173

إصدارات مركز تراث سامراء

1. کتاب «رسالة حدوث العالم» تأليف الشيخ محمد باقر الاصطهباناتي قدّس سرّه، تحقيق مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

2. کتاب معالم العبر في استدراك البحار السابع عشر للميرزا حسين النوري قدّس سرّه (طبع لأول مرة).

3. كتاب «مقدمة الذريعة إلى تصانيف الشيعة»، للشيخ آقا بزرك الطهراني قدّس سرّه ، تحقيق مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

٤. كتاب رسائل من إفادات المجدّد الشيرازي قدّس سرّه، تحقيق الشيخ مسلم الرضائي بمراجعة وتدقيق مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

5. كتاب «رسالة في أحكام الجبائر»، بقلم السيد محمد الساروي، تحقيق مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

٦. کتاب «رسالة في حكم الخلل الواقع في الصلاة» تقريراً لبحث السيد المجدد الشيرازي قدّس سرّه، بقلم الشيخ آقا رضا الهمداني تحقيق مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة)

7. کتاب «مآثر الكبراء في تاريخ سامراء» (ج ٤)، للشيخ ذبيح الله المحلاتي رحمة الله (طبع لأول مرة).

8. كتاب مجموعة رجالية و تاريخية للشيخ آقا بزرك الطهراني قدّس سرّه، تحقيق السيد جعفر الحسيني الإشكوري (طبع لأول مرة).

٩. كتاب «نزهة القلوب و الخواطر في بعض ما تركه الأوائل للأواخر»، تاليف الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني الملقب بإمام الحرمين تحقيق الشيخ محمد لطف زاده (طبع لأول مرة)

10. كتاب «الإمام علي الهادي علیه السلام عمر حافل بالجهاد و المعجزات» تأليف الشيخ علي الكوراني، أعده وخرّج مصادره مركز تراث سامراء.

١١. کتاب «سامراء في الأرشيف الوثائقي العثماني»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

12. كتاب «سامراء في السالنامات العثمانية»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

١٣. كتاب «سامراء في لغة العرب»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

١٤. كتاب «سامراء في مجلة سومر»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة ).

١٥. كتاب «قوافي الولاء من الكاظمية إلى سامراء»، للأستاذ عبد الكريم الدباغ (طبع لأول مرة).

١٦. كتاب «زيارة أئمة سامراء علیهم السلام»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة ).

١٧. كتيب «دليل معرض فاجعة سامراء»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

١٨. كتيب «مناقب أئمة سامراء علیهم السلام من طرق العامة» من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

١٩. كتيب «نصائح سماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني دام ظله للشباب المؤمن»، من

ص: 174

إعداد مركز تراث سامراء.

20. كتيب «نصائح سماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني دام ظله للمقاتلين في ساحات الجهاد»، من إعداد مركز تراث سامراء.

٢١. كتيب «قبسات من حياة أئمة سامراء علیهم السلام»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

22. «كتيب تعريفي بمركز تراث سامراء»، من إعداد مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

٢٣. كتيب «دليل الزائر لمرقد الإمامين العسكريين عليهم السلام في مدينة سامراء المقدسة»، إعداد مركز تراث سامراء.

٢٤. كتاب «عصمة الحجج»، تأليف السيد علي الحسيني الميبدي، تحقيق الشيخ ستار الجيزاني (طبع لأول مرة).

٢٥. كتاب «مباحث من كتاب الطهارة»، تأليف آية الله السيد إبراهيم الدامغاني قدّس سرّه، تقريراً لبحث آية الله المجدّد السيد محمد حسن الشيرازي قدّس سرّه، لتحقيق الشيخ كريم مسير (طبع لأول مرة).

٢٦. كتاب «ذخيرة في تحقيق دليل الإنسداد»، من إفادات السيّد المجدّد الشيرازي، بقلم المحقق الآخوند الخراساني (صاحب الكفاية)، تحقيق الشيخ محمد الحاج محسن الجعفري، مراجعة وتدقيق مركز تراث سامراء (طبع لأول مرة).

27. كتاب «العتبة العسكرية المقدسة في الإرشيف الوثائقي العثماني»، جمع و ترجمة د. سامي المنصوري، تدقيق و مراجعة مركز تراث سامراء.

28. کتاب «مقدمة الذريعة إلى تصانيف الشيعة» للشيخ آقا بزرك الطهراني قدّس سرّه، تحقيق مركز تراث سامراء ( طبعة ثانية منقحة).

29. كتاب «البيع»، تأليف آية الله السيد إبراهيم الدامغاني قدّس سرّه، تقريراً لبحث آية الله المجدد السيد محمد حسن الشيرازي قدّس سرّه، تحقيق الشيخ سلام محمد الناصري، تدقيق و مراجعة مركز تراث سامراء.

30. کتاب «سامراء في مجلة سومر / ج 2»، إعداد مركز تراث سامراء.

31. كتاب «شرح اللمعتين»، تأليف آية الله الشيخ عباس بن حسن آل كاشف الغطاء قدّس سرّه، تحقيق محمد جليل الحسناوي، تدقيق و مراجعة مركز تراث سامراء.

32. كتاب «اللوامع الحسنية»، تأليف السيد حسن صدر الدين الكاظمي، تحقيق الشيخ إبراهيم الجوراني، تدقيق و مراجعة مركز تراث سامراء.

٣٣. بحوث المؤتمر العلمي الأول «الإمام الهادي علیه السلام عبق النبوة وعماد السلم المجتمعي» (ثلاثة أجزاء).

ص: 175

الكتب التي ستصدر قريباً

١. کتاب سامراء في تراث الكاظميين في القرن الثالث عشر و القرن الرابع عشر، تأليف عبد الكريم الدباغ مراجعة وتدقيق مركز تراث سامراء.

2. کتاب مباحث من كتاب الزكاة، تقريراً لبحث السيد المجدّد الشيرازي قدّس سرّه، بقلم العلّامة الفقيه الشيخ أسد الله الزنجاني، تحقيق مركز تراث سامراء.

3. ببليوغرافيا (ما كتب في حوزة سامراء).

4. ببليوغرافيا الإمامين العسكريين على علیهم السلام.

5. ببلوغرافيا سامراء.

٦. العسكريان عليهم السلام في الشعر العربي.

7. مكتبات سامراء الرائدة و تتضمن:

أ. مكتبة المجدّد السيد محمد حسن الشيرازي.

ب. مكتبة الشيخ محمد تقي الشيرازي.

ج. مكتبة الإمام المهدي العامة.

د. مكتبة الشيخ محمد حسن كبة.

كتب قيد التحقيق و التأليف

1 - رسالة مقدمة الواجب، تأليف السيد هاشم بحر العلوم قدّس سرّه، تقريراً لبحث آية الله المجدّد السيد محمد حسن الشيرازي قدّس سرّه.

2 - مآثر الكبراء ج ٥، تأليف العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي قدّس سرّه

٣- مآثر الكبراء ج٦، تأليف العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي قدّس سرّه.

٤- مآثر الكبراء ج7، تأليف العلّامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي قدّس سرّه.

٥- مآثر الكبراء ج8، تأليف العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي قدّس سرّه.

٦- مآثر الكبراء ج 9، تأليف العلّامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي قدّس سرّه.

7- مآثر الكبراء ج 11، تأليف العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي قدّس سرّه.

8- نكت الرجال على كتاب منتهى المقال، تأليف آية الله السيد صدر الدين الكاظمي قدّس سرّه.

9- علماء تتلمذوا في سامراء.

10- وثيقة الفقهاء، محمد باقر البيرجندي.

11- حواشي على نجاة العباد، عدة من العلماء.

12- حاشية المكاسب، السيد محمد تقي الشيرازي.

ص: 176

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.