سامراء في تراث الكاظميين و آثارهم فی القرنین الثالث عشر والرابع عشر

هوية الکتاب

الكتاب: سامراء في تراث الكاظميين و آثارهم

المؤلف: عبد الكريم الدبّاغ.

الناشر: مركز تراث سامرّاء.

المدقق اللغوي: الشيخ عقيل علي الدراجي.

التصميم والإخراج الفني الحاج مسلم شاكر المطوري

المطبعة

الطبعة: الأولى.

عدد النسخ: النسخ: 1000 نسخة.

سنة الطباعة: 1441 ه- / 2020م. رقم الإصدار : 45 .

رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق ببغداد لسنة 2020م.

ISBN:

جميع الحقوق محفوظة لمركز تراث سامراء.

المحرر: محسن سعيدي جدا

ص: 1

اشارة

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

الكتاب: سامراء في تراث الكاظميين و آثارهم

المؤلف: عبد الكريم الدبّاغ.

الناشر: مركز تراث سامرّاء.

المدقق اللغوي: الشيخ عقيل علي الدراجي.

التصميم والإخراج الفني الحاج مسلم شاكر المطوري

المطبعة

الطبعة: الأولى.

عدد النسخ: النسخ: 1000 نسخة.

سنة الطباعة: 1441 ه- / 2020م. رقم الإصدار : 45 .

رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق ببغداد لسنة 2020م.

ISBN:

جميع الحقوق محفوظة لمركز تراث سامراء.

المحرر: محسن سعيدي جدا

ص: 2

ديوانُ الوقفِ الشرعيِّ

العتبةُ عسكرية المُقدسيةُ

الشرفاوي

تُراثِ فی الكاظِمين و آثارهم

في القرنَينِ الثالِث ِعَشر والرابع عشَر

تألیف

عَبد الكَريم الدَبّاغ

مُراجَعَة و تَدقيق

مركز تراث سامرّاء

ص: 3

ص: 4

مُقدمَةُ المرکَز

ص: 5

ص: 6

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

و صلى الله على محمد و آله الطاهرين، و بعد

منذ أن حلَّ السيد المجدّد الشيرازي في سامراء أواخر شعبان سنة 1291ه، مهاجراً إليها من النجف الأشرف، مروراً بكربلاء ثم الكاظمية، ليستقر أخيراً في مدينة الإمامين العسکریین علیها السلام حتی أصبحت قبلة الدنيا و منارة العالم وأعاد إليها وجهها المشرق من جديد، و بث فيها حياة العلم والمعرفة بعد ركود دام زهاء عشرة قرون، لتصبح (أكبر مباءة للعلم والعمل، و أهم مدرسة في العالم كله)(1)

و بسبب المشتركات العديدة بين سامراء و الكاظمية، و لقربهما أيضاً، فلذا ألقت الكاظمية بفلذات أكبادها من الأسر العريقة من نوابغ آل يس، وأعلام آل الصدر، و أفذاذ آل الحيدري و جواهر آل كبه، و غيرهم ممن يمم القصد إلى تلك الربوع الطاهرة في الناحية المقدسة، فغدت ربوع العلم بهم زاهرة و ميادين الأدب و الشعر بفضلهم عامرة، فهم بين فقيه بارع، و أصولي فذ، و شاعر مبدع، و أديب مرهف الحس.

و قد استمرت سامراء على تلك الحال من العز و الجلال أكثر من أربعين سنة امتدت من سنة 1291 ه- و إلى حصول الهجرة الكبرى إلى مدينة الكاظمية التي وقعت سنة 1334ه- في أثناء الحرب العالمية الأولى، و التي تسببت بهجرة زعيم المسلمين و ملاذ المؤمنين الشيخ محمد تقي الشيرازي، بعد أن دخل الجيش البريطاني للعراق، فلم يجد الشيخ تقي الشيرازي بداً من الهجرة؛ لحصول الفوضى و الاضطراب، فغادر سامراء مع جميع العلماء و التلامذة،

ص: 7


1- الأوردبادي، موسوعة الأوردبادي: 11/ 28.

و من هؤلاء الأعيان السيد الميرزا علي آقا نجل السيد المجدّد الشيرازي، و السيد عبد الهادي الشيرازي و السيد هادي الخراساني، و الشيخ محمد كاظم الشيرازي، و الميرزا محمد رجم- الطهراني، و الشيخ آقا بزرك الطهراني، وغيرهم)(1).

و قد سبقتها هجرة أخرى إلى مدينة كربلاء و الكاظمية و النجف، و ذلك في سنة 1314ه، و فيها غادر سامراء كل من السيد إسماعيل الصدر(2) و أولاده و معهم المحقق الشيخ محمد حسين النائيني إلى كربلاء(3)، و السيد حسن الصدر(4) هاجر إلى مدينة الكاظمية، و السيد المحقق محمد الفشاركي الأصفهاني و الشيخ العلّامة النوري، و الشيخ محمد باقر الأصطهباناتي و غيرهم(5) هاجروا إلى النجف.

و الكتاب يتناول هذه الفتره تحديداً؛ إذ لم يتخط حدود ذلك الزمن بحسب ما لاحظت من تواريخ تراجم أولئك الأعلام الذين سرد المصنّف تراجمهم المباركة، و قد أنعش هذا الكتاب الذاكرة الاجتماعية التي أضعفها توالي المصائب و المحن على مجتمعنا، فضاع علينا بسببها الكم الوافر من تاريخ أعلامنا و سيرة سلفنا الصالح، والذي يقع على عاتقنا السعي الحثيث لإحياء ذكرهم و التنويه بعظيم فضلهم، و لعل ذلك أضعف الإيمان.

و قد بذل الأخ الفاضل الأستاذ عبد الكريم الدباغ جهداً مشكوراً في توثيق سيرة الأعلام و الرموز العلمية من أهالي مدينة الكاظمين عليها السلام ممن جاور الإمامين العسكريين علیهما السلام، و قد قدم خدمة جليلة لتاريخ المدينتين المقدستين، و له (حفظه الله) سابقة كريمة و هي توثيق الشعراء الكاظميين ممن نظموا الشعر في سامراء و في أئمتها الأطهار سبق.

ص: 8


1- ينظر: مقدمة المركز لكتاب مباحث الزكاة للشيخ أسد الله الزنجاني.
2- العلّامة النقوي، أقرب المجازات : 209 .
3- العلّامة النقوي، أقرب المجازات : 225 .
4- حسن الصدر، تكملة أمل الآمل : 5 / 16 .
5- ينظر: محمد حسين آل كاشف الغطاء، عقود حياتي : 55، 58 .

ان تفضل به علينا و تصدينا لطباعته و قد تممه بملحق نشرناه في آخر هذا الكتاب، فله منا وافر التقدير و الثناء، سائلين المولى أن يجعل هذا الجهد المبارك ذخيرة له و لنا جميعاً یوم نلقاه، انه سمیع الدعاء.

کریم مسیر

النجف الاشرف

20/ شهر رمضان المبارك/ 1441ه-

ص: 9

ص: 10

مُقدمة المؤلف

ص: 11

ص: 12

المقدمة

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

الحمد لله و الحمد حقه كما يستحقه حمدًا كثيرًا، و الصلاة و السلام على خاتم النبيين و تمام عدة المرسلين، و على آله الطيبين الطاهرين، و أصحابه المنتجبين.

سامرّاء المدينة المقدّسة، التي ضمّ ثراها إمامي الهدى؛ علياً الهادي و الحسن الزكي علیهما السلام و هي بيت إمامنا المنتظر علیه السلام. عاشت هذه المدينة المقدسة عصرًا ذهبيًا، حينما استوطنها المرجع الديني الأعلى، المجدّد السيد محمد حسن الشيرازي قدّس سرّه، لمدة زادت على العشرين سنة، فأصبحت قبلة المشتغلين بالعلم، من أساتذة و طلبة، و ازدهرت فيها الحياة العلمية، و كان الطالب يتكمّل فيها ، و لا يحتاج إلى سواها.

و ممن قصدها مجموعة من الكاظميين، تتفاوت مستوياتهم العلمية، بين من هو في أوائل الطريق، ثمّ صار من الأعلام، و من هو في المستويات العليا من الدراسة، بل و من الأساتيذ الذين يعوّل عليهم. فقطنوها و تداولوا العلوم فيها، و خلّفوا فيها أطيب الأثر. بل إنّ بعضهم ولد فيها ، يوم أبوه هناك. و منهم من توفي، و دفن فيها.

و قد وفّقت بحمده تعالى، لإخراج كتاب (قوافي الولاء من الكاظمية إلى سامرّاء)، و المتضمن ما قاله الشعراء الكاظميون في الإمامين الهاديين و الإمام الحجة علیهم السلام، و مدينة سامراء، و هو من منشورات مركز تراث سامراء سنة 1439ه- / 2017م. و بعد إصداره، جاءتني ردود أفعال عديدة تشيد بالعمل، و تثني على الجهود المبذولة فيه، مما شجعني على المضي في البحث في هذا المجال.

و في زيارتي الأخيرة لمدينة سامراء المقدّسة(1)، و خصوصًا إلى المدرسة العلمية الجعفرية،

ص: 13


1- بتاريخ 8 و 9 ربيع الثاني 1441ه، الموافق 5 و 6 كانون الأول 2019م.

التي كان قد أسسها آية الله المجدّد السيد محمد حسن الحسيني الشيرازي سنة 1308ه، و هدمتها معاول أعداء العلم و الدين و الإنسانية سنة 1411ه، حتى قام بتجديدها المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني سنة 1438ه. أوحت لي هذه الزيارة تذكّر بعض أعلامنا الكاظميين، و ما خلّفوا من فوائد و ذكريات و مواقف، وما سجّلوا من حوادث، و ما وقعت لهم من كرامات هناك. و من هنا انبثقت فكرة هذا الكتاب لتوثيق هذه الأمور كلها، ولبيان دور هذه المدينة المقدّسة الفكري و العلمي و الأدبي يومذاك، في فترة مظلمة من الحكم العثماني الذي وصل به الأمر إلى منع انتشار المذهب الجعفري، و عدم الإذن ببناء المدارس الدينية في المدن المقدّسة، كما يظهر ذلك من بعض الوثائق العثمانية(1).

سيضم هذا الكتاب أربعة فصول الأوّل: عن حياة آية الله المجدّد السيد محمد حسن الشيرازي قدس سرّه و الثاني: الأعلام الكاظميون الذين أفادوا و استفادوا درسًا وتدريسًا في سامراء. أما الثالث: النتاج الفكري و العلمي والأدبي للأعلام الكاظميين. والفصل الرابع: الحوادث و الكرامات لهم.

و لا بد لي - وأنا في المقدَّمة - من تقديم الشكر و الامتنان إلى كل من تفضّل بالمساعدة - مهما كان نوعها - لإنجاز هذا العمل و إخراجه. و الشكر الجزيل الوافر إلى مركز تراث سامراء، الذي تفضّل فشمل هذا الكتاب بعنايته وتعهد بطبعه و نشره. وفق الله تعالى القائمين على إدارة شؤونه ، و تقبل منهم بأحسن القبول و أخص بالذكر فضيلة الشيخ كريم مسیر (دامت بركاته) الذي تفضل ببعض الفوائد و الإضافات و أبدى عدداً من الملاحظات المهمة من أجل إخراج العمل بهذه الصورة البهية.

أحمده تعالى على توفيقه، و آخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

الكاظمية المقدّسة

عبد الكريم الدباغ

رجب الأصب 1441ه-

آذار / 2020م

ص: 14


1- ينظر (الأوضاع السياسية و الاجتماعية للكاظمية في العهد العثماني الأخير: 120). الوثائق ص ص:253-259 .

الفصل الأوّل : آية الله المجدّد السيد محمد حسن الشيرازي قدس سرّه

اشارة

• ترجمته بقلم آية الله السيد حسن الصدر الكاظمي قدس سرّه في كتابه (تكملة أمل الآمل)

• ترجمته بقلم العلّامة السيد محمد مهدي الموسوي في كتابه (أحسن الوديعة)

• من الشعر الكاظمي فيه قدس سرّه، ورثاء ولده و زوجته

ص: 15

ص: 16

ترجمه السیّد محمّد حسن الشیرازی فی (تکلمة أمل الآمل)

الترجمة التي كتبها العلّامة

آية الله السيد حسن الصدر الكاظمي قدس سرّه(1)

و أثبتها في كتابه (تكملة أمل الآمل)(2)

سيّد أهل الزمن الميرزا محمد حسن أبو محمد معزّ الدين

حجة الإسلام(3) الشيرازي النجفي العسكري

ابن المرحوم الميرزا محمود بن الميرزا محمد إسماعيل الحسيني الشيرازي. أستاذنا و سنادنا و عمادنا، سيّدنا الإمام، رئيس الإسلام، نائب الإمام، مجدد الأحكام، استاذ الإسلام، آية الله على الأنام، كهف الإسلام، محيي شريعة سيّد الأنام، مميت بدع الظلام، قائد الملة و المذهب و الدين بأقوم نظام، و أقوى زمام، تعجز - و الله - عن إحصاء مزاياه الأقلام، و يضيق عن شرحها فم الكلام، و ما عسى أن أقول في معزّ الدين، و محيي آثار أجداده الأئمة الراشدين، و حجّتهم البالغة الدامغة على أعداء الدين و مربّي المجتهدين، و ناصر المؤمنين، و قاطع يد الكافرين عن دولة المسلمين، و ناشر الأحكام في العالمين، و أبي الأرامل و اليتامى و المساكين، و من كان الناس في ظلّه راقدين، و أهل العلم في كنفه آمنين، سيد تهابه الملوك و السلاطين، و هو على الدين قوي، أمين و لا تظنني فيه من الغالين، لا و ربّ العالمين، و أنّى لي بوصف آية الله من المجتهدين، و خليفة خاتم الأئمة المعصومين، و حجته في الأرضين،

ص: 17


1- ستأتي ترجمته في الفصل الثاني.
2- تكملة أمل الآمل : 333/5-351 .
3- هو أول من لقب بحجة الإسلام في العراق بعد أن اطلقت لأول مرة على السيد محمد باقر الشفتي من الشيعة و كانت تطلق على الغزالي من علماء العامة.

و أفضل المتقدمين والمتأخرين من الفقهاء و المحدثين، و الحكماء و المتكلمين، و المحققين من الأصوليين، و جميع المتفننين حتى النحويين و الصرفيين، فضلًا عن المفسّرين و المنطقيين و المتطبّبين، لا يجارى في غوره و فكره، و تحقيقه و تدقيقه و تأسيسه.

إذا تكلّم في فقه الحديث رأيته على أعدل استقامة في العرفيات، و حفظ الوجدانيات، كأنه لم يشم رائحة الدقة، ما مثله في اعتدال السليقة، و إذا تكلّم في غوامض المسائل، و عوائص الأمور، تراه الفيلسوف الدقيق، يشق الشعرة، و يدرك الذرّة ، له الأفكار و الأبكار التي لم يهتد إليها المضطلعون، و لا حام حولها المحققون.

قد فتح الله سبحانه عليه باب فهم المطالب و هداه إلى كيفية الوصول إلى حقيقة الحقائق، و إذا قست أنظاره و تحقيقاته و تنبيهاته في علم إلى أنظار كلّ محقق في ذلك العلم، تجدها كالقمر البازغ في النجوم، و كلّها متماثلة في العلو لا كغيره. ترى له الأنظار العالية و الدنية. لم تر عين الزمان مثل دقائق أفكاره و خفايا آثاره و أنظاره، قد خلت عنها كتب المحققين من أهل الأنظار، و سائر الشيوخ الكبار، لم يسبقه أحد إليها، و لا حام طائر فكر فقيه قبله عليها.

كان قدس سرّه، إذا أراد تدريس كتاب من أبواب الفقه، بحث عن مشكلات مسائله، و ترك التعرّض لسواها، و لا ينتفع من بحثه إلا من كان قد أحاط بأقوال المسألة و أدلتها، و أخذ بجوامع أطرافها، و لم يبق عليه إلا تحقيق مشكلاتها، و تنقيح حقائقها، فيتكلّم حينئذ معه في تلقي ذلك عنه. و من قصر مقامه عن التكلّم في مجلس درس سيّدنا الأستاذ، قل انتفاعه منه، إلّا أن يحصله من الأفاضل المقرّرين للدرس، و كنت ممن يقرّر الدرس لبعض التلامذة، و أكتبه، و ما كان يقدر على كتابته إلّا القليل من الأصحاب، و كان هو قدس سرّه يكتب قبل الدرس أنظاره و أفكاره التي يريد تدريسها، حسبما حدثني به هو قدس سرّه.

قال: و أصل وضعي في المطالعة أن آخذ القلم و أكتب ما في فكري، و أفكر فيه، لكنّي أكتب ذلك على الأوراق الباطلة، و بين سطور المكاتيب، والخطوط، التي ترسل إلي على ترتيب، و لا في كتاب و كان يجمع ذلك، و يثقله و يرميه في الشط، على ما حدثني به ولده الأكبر، الآقا المرحوم الحاج ميرزا محمد، أحد من كنت أقرّر لهم الدرس.

ص: 18

و خرج من مجلس درسه جماعة، فكملوا عليه، و تخرّجوا لديه، و لم يتفق لغيره مثلهم، حتى مجلس الشيخ مرتضى قدس سرّه، وكان يقول: إن حوزة درسنا أحسن من حوزة مجلس درس الشيخ المرحوم.

منهم: الآخوند ملا علي الروزدري، و الآخوند ملا محمد كاظم الخراساني، و السيد محمد كاظم اليزدي، و السيد [إسماعيل] الصدر، والميرزا محمد تقي، و السيد محمد الأصفهاني، و الحاج ميرزا إسماعيل بن الميرزا رضي ابن عم السيد الأستاذ، و الشيخ فضل الله النوري، و الشيخ محمد تقي آقا نجفي و الحاج شیخ آقا رضا الهمداني، و الحاج شيخ حسن علي الطهراني و السيد عبد المجيد الهمداني و السيد إبراهيم الدامغاني، و السيد إبراهيم الدرودي الخراساني، و الشيخ إسماعيل الترشيزي و الشيخ محمد حسن الناظر الطهراني، و الحاج ملا أبو طالب السلطان آبادي، و الآخوند ملا محمد تقي القمي، و الآخوند ملا علي الدماوندي، و الشيخ علي المقدّس الرشتي ،اللاري، و غير ذلك من الأفاضل و الأعلام، الذين يطول بذكرهم المقام، لو أردنا استقصاء طبقاتهم بالتمام.

و أمّا سيرته في مدّة رئاسته، لم يكن أحسن من أخلاقه، و حسن ملاقاته، وعذوبة مذاقه، و حلاوة لسانه، يعطي من لاقاه حقّ ،ملاقاته، حسبما يليق به و لا يفارقه إلا و هو في كامل السرور و الرضا منه، كلّ على حسبه كائناً من كان.

كان يُضرب بحسن أخلاقه المثل، و لا أشرح صدرًا منه، تتكاثر عليه الزوّار و الواردون، و فيهم الغثّ و السمين، و الخائن، و الأمين و الصالح والطالح، و الإنسان و خبيث اللسان، و المؤمن والمنافق، و كلّ يتكلّم على شاكلته. فلا و الله، لم يسمع منه كلمة سوء لمستحقها، و لا غبر في وجه أحد قط، و لا جازى مسيئًا إلا بالإحسان، و لا خاطبه إلّا بأحسن لسان، مع التبسّم في وجهه و الاعتذار منه و هذا و الله هو الخلق العظيم الذي ورثه من جده سيّد المرسلين، و قد أحسن و أجاد السيد حيدر الشاعر الحلي، حيث يقول في مدح سيّدنا الأستاذ:

كذا فلتكن عترة المرسلين *** و إلا فا الفخر يا فاخر

و كان إذا نظر في وجه رجل عرف، واقعه و له في تفرّساته حكايات تجري مجرى

ص: 19

الكرامات، كأن الله سبحانه، قد أعطاه عقلا وفها و فراسة، لم يعطها أحدًا من أهل عصره. ولو أردت ذكر تفرّساته و توسماته كان ذلك كتابًا مستقلا ضخمًا.

و أمّا سعة باله و حافظته فشيء يحير العقول، كان لا ينسى من رآه مرّة واحدة، و غاب عنه عشرين سنة، فإذا دخل عليه عرفه بمجرد دخوله، بل رأيت من دخل عليه ليلا، و هو شاب ليس في عارضيه ،نبات، و غاب عنه أربع عشرة سنة، فدخل عليه و هو ذو لحية كثيفة، فبمجرد أن سلّم عليه قال له: عليكم السلام جناب شیخ حسين، يشترط في المهاجر إلى العلم في النجف، أن لا يزور سامرّاء أربع عشرة سنة، جنابك جئت إلى هنا لما جئت من جبل عامل، و الآن أظنّك تريد الرواح إلى جبل عامل، فقال: نعم يا سيدي، أريد الرواح إلى البلاد إن شاء الله بتوجيهاتكم. فلما خرجنا قال لي الشيخ حسين المذكور هذا والله عجب العجاب، أنا كنت قد دخلت عليه قبل أربع عشرة سنة، ولا شعرة في وجهي في الليل، فكيف الآن عرفني، وحفظ اسمي مدة مفارقتي له ؟ ما هو إلا كرامة من السيد، فقلت له: ما هي الكرامة، بل الكرامة ما منحه الله سبحانه من سعة البال و قوة الحافظة. و مثل هذا لا يحصى منه كثرة.

كان قدس سرّه، ينظر إلى الحديث أو العبارة نظرة واحدة، و أنا إلى جنبه، فيرفع رأسه فيقرؤها عن ظهر قلبه للجماعة، وسمعت منه أنّه قال: كنت أستنسخ رسالة أصل البراءة، لشيخنا الشيخ مرتضى في الليل، أنظر في الرسالة، و أحفظ السطر والسطرين و أكتبها، و أنا في خلال ذلك أباحث ميرزا إسماعيل صرف مير كان طفلا صغيرًا، و ما كان يسعني ذلك إلّا أوّل الليل.

و سمعت أنّه لما كان له من العمر ثماني سنين، و كان قد أجلسه خاله مجد الأشراف، عند الميرزا إبراهيم الواعظ لتعلّم الوعظ، كان قد قرّر له أستاذه أن يحفظ شيئًا من أبواب الجنان للقزويني، فكان يقرأ الصفحة مرّتين فيحفظها غيبا، و يروح إلى مسجد الوكيل، و يصعد المنبر و يقرؤها، يفعل ذلك كلّ يوم و عبارة أبواب الجنان من أصعب العبائر قراءتها في الكتاب، من حيث اشتمالها على السجع و القافية، فضلا عن حفظها غيبا. ولما كان ذلك من الغرائب، منعته عمته من صعود المنبر كل يوم، مخافة العين عليه، و قالت له: اصعد في الأسبوع يومين، إنّ عيون الناس لا تتحمل أن ترى طفلًا عمره ثماني سنين، يصعد كلّ يوم

ص: 20

المنبر، يقرأ صفحة من أبواب الجنان.

و كان قدس سرّه الله يحفظ أكثر، القرآن و يحفظ جميع أدعية شهر رمضان، و جميع ما كان يقرؤه من الأدعية في سائر الأوقات، و كذلك الزيارات جميعًا، في جميع المشاهد، لم يتفق له أن يحمل معه كتابًا في ذلك، و كان يطيل في أدعيته و زياراته.

كان كثير البكاء، رقيق القلب، غزير الدمعة. إذا بكى يبكي بكاءً عاليًا. لم تكن خصلة من خصال الخير و الكمال إلّا و قد حازها.

و أمّا عقله السياسي، فقد حيّر السياسيين، الملوك و السلاطين و الوزراء الكاملين، و أذعن لعقله و تدبيره أهل العلم بالتدبير، و لم يبق أحد من عقلاء الدنيا، إلا و قد صدّق أنه أعقل منه، و لم يجتمع معه أحد معه أحد منهم إلّا و يجد من نفسه أنه صغير لديه. و هذا لم يتفق لأحد من العلماء قبله، بحيث تذعن لعقله السلاطين، و أهل العلم بالأمور السياسية.

و أمّا هيبته و وقاره، فهيبة، أنبياءها نحن أصحابه و خواصه، الذين نصابحه و نماسيه، و في الدرس و البحث، ننازعه و نناظره فيه، لا نكاد نرفع أعيننا إليه لهيبته، و إذا دخلنا عليه، إضطربت قلوبنا لهيبته، و جمعنا كل حواسنا عند مكالمته و دخلت أعضاؤنا بعضها ببعض، إذا جلسنا بين يديه، مع كمال بشاشته، و حسن محاضرته، حتى أنّ ولده الأكبر المرحوم الحاج ميرزا محمّد قال: و الله يا فلان إنّي لأهاب الدخول على والدي كهيبتي من الدخول على الأسد مع أنه في غاية الإكرام و الإعظام لي، حتى أنه لا يمتخط بحضوري، و أنا مع ذلك أهابه هذه الهيبة.

قلت: إذا كان ولده و خاصته كذلك، فكيف الغريب. و هذه هيبة ربانية من الله سبحانه.

و حدّثني يومًا الشيخ فضل الله النوري، قال: إنّي أستعد في منزلي لملاقاة السيد الآقا الأستاذ، و أهيئ نفسي لذلك، و أعيّن ما أريد أن أطلعه عليه من أموري، و ما أريد أن أكتمه عنه، فأدخل عليه، فإذا خرجت التفتُ أنّ كلّ ما كنت أريد كتمانه عنه قد أخبرته به، و أخذه مني، و أنا غير ملتفت، كل ذلك لهيبته و فطانته.

و أما سيرته مع أصحابه وت لامذته، فكما قال السيد حيدر الحلي رحمة الله يخاطبه قدس سرّه، في حاله

ص: 21

مع أصحابه:

أئمتهم في حماك المنيع *** و طرفك خلفهم ساهر

صدق، رحمة الله عليه.

كان أبا رؤوفًا، و برّا عطوفًا، لا يفوته دقيقة من حالهم و أحوالهم، يعطي كل ذي حق حقه، من كل الجهات و جميع الملاحظات. يدربه على طريق الاشتغال، و يمرنه المسائل حسب استعداده، و يتكلّم معه، بما يبعثه على تمام بذل الجهد في الاشتغال، و يشكره إذا ظهر منه أقل التفات من مقام من المقامات، و يخاطبه بكمال الأدب والتعظيم، ولو كان من صغار المشتغلين، و يحفظ مقام كلّ واحد، على حسب ما هو عليه من الفضل، لا يبخس من أحد شيئًا في ذلك.

دخلت عليه ليلة من الليالي فقال: إنّي سمعت أنّك كتبت مسألة تعارض الاستصحابين لما باحثنا مسألة تتميم الكر، فقلت له: نعم. فقال: إنّي أحب أن أرى ذلك. فقلت: ليس فيها إلا ما قرّرتم و أفدتم فقال: و مع ذلك و الله يا فلان أنتم نور بصري، و قوّة ظهري، و نتيجة ،عمري، و أمثال هذه المشوقات.

كان قدس سرّه، يربّي تلامذته في العرفيات أيضًا، يعلّمهم المعاشرة و المكالمة و الصحبة، و سائر ما يكونون فيه كاملين، فضلا عن تعليم العلم و كيفية تحصيله، و حقوقه على تلامذته لا تعدّ و لا تحصى.

و كان أعدّ منهم خاصة انتخبهم للمشورة في الأمور العامة الدينية، التي كان المرجع فيها إليه من أطراف البلاد و الأصقاع، كمسألة الدخانية، و نهب الجهار محلية، و قصة اليهود و الهمدانية، و ابتلاء الشيعة بالأفغانية، و شراء الروس أراضي الطوسيّة، و أمثال ذلك من البلية، التي رفعها قدس سرّه، بأحسن وجه.

و من هؤلاء الأصحاب الخاصة، من كان عنده بابًا في قضاء حوائج المؤمنين، يقبل توسطاته، و لا يرد شيئًا منها، و يجري الخير على يده لإخوانه المؤمنين.

و أمّا سيرته في تقسيم الوجوه والحقوق، فشيء لا يمكن وصفه، إذا دفعه بيده الشريفة،

ص: 22

مع كمال الأدب و الاحترام، و غاية الانكسار و الإخفاء، بحيث يصير المدفوع إليه، في غاية الممنونيّة من هذه الكيفيّة، و يرضى بكل ما أعطاه، و لا يستقله، لانضمام هذه الكيفية معه، و لا يدفع النقد إلّا ملفوفًا بكاغذ أو پاكيت أو نحو ذلك. و هذا حاله مع سائر الناس المبذولين، فضلاً عن المحترمين. و ربّما رأيته ينضمّ إلى الشخص و هو يمشي، فيأخذ في التكلّم معه، و يلقي في جيبه الدراهم المصرورة و هو لا يدري، و لا يلتفت إلّا بعد مفارقته. و إذا أرسل الحق مع خدامه، يقول له: عندي أمانة مرسولة إلى فلان تدفعها إليه من حيث يخفى عن الناس، و تقول له: إنّها أمانة مرسولة إليك بتوسطنا. و أمثال هذه الكيفيات.

و كان له في كلّ البلاد، و كلاء تجار، يكتب إليهم فهرس أسماء فقهاء تلك البلدة، و يعيّن ما يعطوه، و هذا غير الموظفين منه، في كلّ شهر أو في كلّ سنة. و لا يترك بلدًا فيه أهل استحقاق، إلّا و يوصلهم حسبما يراه، حتى بلاد إيران و إذا كان في بلد رجلٌ من أهل العلم، رئيسًا يثق به، يرسل إليه مقدارًا ليقسمه على معاريفه في كلّ سنة، ويخصه بمقدار لنفسه. و كان يقول لي: ليس من الإنصاف أن نقبض حقوق أهل بلد، و نترك فقراءها، فإنّ الناس لا يعطون أحدًا شيئًا، كل ما عندهم من الحقوق يرسلونه إلينا.

و أما أهل العلم وأهل الاستحقاق من أهل المشاهد المشرفة، فكان له فيهم عناية خاصة، كلهم موظفون منه، كل على حسبه من غير استثناء، حتى المتعبّدين بالاستئجار يرسل إليهم مقدارًا من الوجوه، و مقدارًا من وجه العبادة، ما ينتظم به أمرهم.

و وكلاؤه في البلاد، من أتقن الناس وأأمنهم ،وأعقلهم، لا يعدون رأيه، و دستوره الذي وضعه لهم في عملهم في ذلك، و كلّهم من التجار الأخيار.

و أما سيرته مع أهل بيته و أولاده وعيالاته، فعلى أتمّ نظام، و أكمل تدبير و إتقان، قد أفرز لكلّ من أولاده و بناته و زوجاته دارًا وخادمًا، وعيّن لهم معاشا و وظيفة، كلّ على مقدار حاجته، جنسًا و نقدًا، يرسله إليهم على أكمل احترام، و أحسن وجه، لا يتعدّى أحد ما قرّره له، و ليس بيد أحد منهم، ما يدخله من الهدايا والتحف، و ما يرسل إليه من أطراف الأشياء، بل كان كل ذلك بيده، عند أمينه الخاص، من خدامه في الدار، التي هو فيها، و ليس لأحد التصرف بشيء غير ما قد عين له عروضًا أو نقدًا، و لا يدخل عليه أحد منهم حتى

ص: 23

ابنه و زوجته، إلا باستئذان كسائر الواردين، فإذا خرج له الإذن بالدخول و دخل، قام له و احترمه، و خاطبه بكمال الأدب، حتى إني رأيته يفعل ذلك مع ولده و هو ابن تسع أو ثماني سنين.

كنت عنده، فجاء خادمه يطلب الإذن في دخوله، فأذن له، فدخل و سلّم و وقف، فأذن له بالجلوس، فجلس على غاية الأدب على ركبتيه، مطرقًا برأسه إلى الأرض، فأخذ أبوه في السؤال عن أحواله، و عن درسه، و لا يخاطبه إلّا بآقا، فجلس مقدارًا و استأذن في الانصراف فأذن له، و تحرّك إعظامًا له.

كان له زوجتان إحداهما المعظمة ابنة عمه أمّ الفاضل الكامل، خلفه العلي الميرزا علي آقا (سلّمه الله). كانت خفرة في الكمال، والعقل، و الجلالة و المعرفة، و لم يبق لها من الأولاد إلّا المذكور، وبنتا، واحدة معظمة كاملة كأمها في الكمال و المعرفة، تزوّجها ابن خالتها الميرزا علي محمد (رحمة الله عليه). و كانت ابنة عمه، هذه أحد أسباب تمكنه من سكنى سامراء، و ذلك لكمالها، و حسن تدبيرها، و رعايتها للطلبة و بيوت أهل العلم، و توفيت في حياته، سنة ثلاث و ثلاثمائة بعد الألف.

و زوجته الأخرى هي أم ولده الأكبر، المرحوم الحاج ميرزا محمد، مات في حياة أبيه سنة 1300ه، و أم ابنته الأخرى، عيال الميرزا آقا ابن أخيه، و قد ماتت أم الحاج ميرزا محمد والميرزا آقا، في هذه السنة 1336ه.

و أما سيرته في الاشتغال بالعلم في أول أمره إلى فراغه، كان تولّده في يوم الخامس عشر من شهر جمادى الأولى، لساعتين مضتا من طلوع الشمس تخمينا، سنة ثلاثين و مائتين بعد الألف، و مات أبوه المرحوم الميرزا محمود و هو طفل، فكفله خاله مجد الأشراف، و اعتنى في تربيته لما رأى من فطانته.

حدثني هو قدس سرّه، أنه طلب له معلّم خوش نويس في داره، و عيّن له في كلّ شهر عشرة توامين. قال: و هذا المبلغ في ذلك الزمان خطير، و عن خط خاله مجد الاشراف، ان تاريخ ابتداء تعلمه و تعليمه، غرّة جمادى الثانية سنة ألف و مائتين و أربع و ثلاثين. و لما فرغ من تعلّم

ص: 24

القراءة و السواد و الكتابة، و صار يكتب مثل أستاذه، عيّن له معلّما في النحو و الصرف. و عن خط خاله المذكور أنّ ابتداء ذلك، غرّة شوال سنة ألف و مائتين و ست و ثلاثين.

و لما بلغ عمره ثمان سنين، فرغ من كل المقدّمات، فاختار خاله أن يصير من أهل المنبر و الوعاظ، و سلّمه إلى أكبر واعظ بشيراز، اسمه الميرزا ،إبراهيم، فصار يشتغل بحفظ أبواب الجنان، و يحفظ كل يوم صفحة من ذلك الكتاب، إلى آخر ما تقدّم بيانه. و في أثناء ذلك مات خاله المفضال، فترك ذلك، وصار يشتغل بالعلم، و قراءة الكتب المتعارفة في الأصول والفقه، حتى صار يحضر شرح اللمعة، و هو ابن اثنتي عشرة سنة. و كان يطالع الروضة قبل الدروس ويكتب أنظاره و شرح مشكلات العبارة، ثم يحضر عند أستاذ ذلك المقام. فلما مضى زمان قليل، جاء بكتابته و كراريسه إلى أستاذه، و هو الشيخ محمد تقي أكبر مدرّس كان بشيراز، قال: كان معروفًا بتدريس شرح اللمعة، يحضر درسه فيها ما يزيد على أربعين مشتغلًا، فلما نظر أستاذه إلى ما في الكراريس، و عرف كيفية وضعه في هذه الكتابة، قال له: ليس في شيراز من تنتفع أنت منه، فيجب أن تهاجر إلى أصفهان، فانّها اليوم دار العلم، فيها مثل الشيخ محمد تقي صاحب الحاشية، و حجّة الإسلام السيد محمد باقر صاحب مطالع الأنوار، و الحاج الكرباسي صاحب الإشارات و المنهاج فرحل من شيراز و ورد أصفهان سابع عشر صفر سنة ثمان و أربعين و مائتين بعد الألف سنة 1248ه، و نزل في مدرسة الصدر، و الحجرة التي نزلها إلى الآن معروفة، و أخذ يكد و يجد في الاشتغال، درسًا و تدريسًا، معقولا و منقولاً.

حدثني قدس سرّه أنه صار أيضًا يحضر درس الشيخ المحقق، الشيخ محمد تقي صاحب الحاشية، قال: و لكثرة الجمعية ما كنت أتمكن في التكلّم معه فقل انتفاعي بالدرس العمومي، فاجتمعت مع بعض إخواني من أهل الفهم، فقلت لهم هلا نمضي إلى الشيخ ونلتمس منه أن يعيّن لنا وقتًا، يقرّر لنا فيه درس العمومي، حتى نتمكّن من التكلّم معه، و نذكر له إشكالاتنا، فوافقوني و كنا أربعة، و ذكر لي أسماءهم. فمضوا إليه، و التمسوه على ذلك، و أجابهم إلى ذلك، و استأنس منهم، و عيّن لهم وقتًا مخصوصًا، فصاروا يحضرون الدرس العام والخاص. قال: فانتفعت كثيرًا، غير أنّه لم تطل أيامه، وتوفي بعد أشهر في سنة 1248، فلازم درس السيد المحقق المير سيّد حسن المعروف بالمدرّس، و كان يعد نفسه من تلامذته، و يعرفه بالسيد

ص: 25

الأستاذ. حتى إذا كانت سنة 1259ه، عزم على زيارة العتبات، و ورد النجف و كربلاء، و صار يمرّ على حوزات العلماء، ويحضر مجالس تدريسهم، كالشيخ صاحب الجواهر، و الشيخ صاحب أنوار الفقاهة، و في كربلاء السيد إبراهيم صاحب الضوابط. و لم يقع في نظره لهم موقع، حتى اجتمع بالشيخ المرتضى الأنصاري، فرآه من أهل الأنظار العالية، والتحقيقات الجيدة، فعزم على المقام في النجف لأجله، و عدل عن الرجوع إلى أصفهان، و أخذ بالخوض في مطالب الشيخ، بغاية جهده و كده، و الغوص فيها بقاطع ضرسه، حتّى اغتنم کنوزها، و حقق حقائقها، و زاد عليها بكامل نفسه، فأكبّت عليه الفضلاء في درسه، و صار آية في التحقيق و التدقيق لنفسه، و تقدّم في الفضل على كلّ أبناء جنسه.

حدثني السيد الوالد قدس سرّه، قال: كان الميرزا قليل التكلّم في بحث الشيخ، لا يتكلّم إلا نادرًا، و إذا تكلّم لا يجهر بصوته فينحني الشيخ لسماع كلامه، ويشير إلى أهل الدرس بالسكوت، و يقول لهم: إنّ جناب الميرزا يتكلّم، فاذا فرغ من كلامه رفع الشيخ رأسه، و توجّه إلى أهل البحث، و قرّر لهم كلام الميرزا، و هذا من الشيخ تعظيم عظيم، لمن عرف وضع الشيخ.

و رأيت عنده كراريس، أخرجها إليَّ قدس سرّه، فيها مسائل تكلّم فيها هو، تتعلّق ببعض تحقيقات الشيخ، و تحتها بخط الشيخ جواب، و تحقيق و تحته بخطه قدس سرّه، جواب عن تحقيق الشيخ كلّ الكراريس بخطهما على هذا النحو.

و حدثني في هذا المجلس الذي أراني فيه الكراريس، أنّ الشيخ في آخر أمره، التمس منّي أن أجدد النظر في الرسائل الأربع، و أن أنقحها، و أهذبها، و كرّر ذلك علي مرارًا، فلم أفعل احتراماً للشيخ. كان قدس سرّه في غاية التعظيم للشيخ، إذا جاء ذكره في مجلسه.

و بالجملة، فلما توفي الشيخ في سنة 1281ه، و صارت الناس تسأل أفاضل تلامذة الشيخ عن تكليفهم في أمر التقليد اجتمع الأفاضل منهم في دار الأستاذ الميرزا حبيب الله الرشتي.

حدّثني الفاضل الميرزا الاشتياني، قال: فاتفقنا على تقديم الآقا الميرزا الشيرازي،

ص: 26

فأرسلوا عليه و أحضروه عندهم، و فيهم آقا حسن النجم آبادي، و الميرزا عبد الرحيم النهاوندي، و الميرزا حبيب الله الرشتي، و الميرزا حسن الاشتياني، فقالوا له: لا بد للناس من مرجع في التقليد و الرئاسة الدينية، و قد اتفقنا على جنابك، فقال: انّي لم أستعد لذلك، و لا أستحضر ما يحتاج إليه الناس، و جناب الشيخ آقا حسن فقيه العصر، و هو أولى بذلك مني. فقال له الآقا حسن: و الله إنّ ذلك محرّم عليّ، لما في من الوسواس، و لو دخلت فيه أفسدته، وإنّما هو واجب عيني عليك بالخصوص، و مسألة استحضار المسائل أسهل ما يكون عليك، و الرئاسة الشرعية تحتاج إلى رجل جامع عاقل مسيس عارف بمواقع الأمور، كامل النفس، وليس ذلك إلّا أنت. و تكلّم كلّ واحد من الجماعة بنحو كلام الآقا حسن، و حكموا عليه بوجوب التصدي لذلك، فقبل و دموعه تجري على خديه.

وحدثني السيِّد [إسماعيل] الصدر، أنه أقسم له أنه لم يكن يخطر بباله قبل ذلك، أنه يصير مرجعًا للناس في الدين، و يبتلى بهذا الابتلاء، فصار أصحاب الشيخ و تلامذته، يرجعون الناس إليه، و كل من يسألهم عن أمر التقليد لا يذكرون له سواه، و ينصون عليه بالأعلميّة، و من لم يصرح منهم بأعلميته، يصرح بأولويته، وأنّ تقليده هو الأحوط في براءة الذمة. فرجعت إليه الناس، خصوصًا العجم، و الخواص من كل البلاد، و أخذ في الترقي يومًا فيوما.

وعلّق الحواشي على نجاة العباد، و النخبة، و رسالة مسألة، و كل ما كان للشيخ علّق عليه. و كتب هو من أوّل الطهارة إلى الوضوء، و رسالة في الرضاع، و من أوّل المكاسب إلى تمام المعاملات، لكن لم يبرزه. كما أنّه كان قد كتب ملخص ما أفاده الشيخ في الأصول، و رسالة في اجتماع الأمر و النهي، و لم يبرز كلّ ذلك إلى آخره، و إلى الآن. حتى إذا كانت سنة 1288 ه، وقع الغلاء العظيم، بل القحط في النجف و سائر البلاد العراقية، فقام هو في أمر الفقراء و أهل العلم الذين في النجف، بأحسن قيام، و أتم نظام، عيّن للعرب أناسًا في كل محلّة، و لأهل المدارس أناسًا، و للفقراء الرجالة، أناسًا، و كنت حينئذ في النجف.

و لو أردت شرح ترتيباته في ذلك، لطال المقام، حتى جاء الحاصل الجديد، و حصل الرخاء، و ارتفعت الشدّة عن الناس، و كان ذلك من كراماته، لكن سبب ذلك تعوّد العموم

ص: 27

عليه، و صاروا يتوقعون منه كلّ شيء، حتى فكاك أولادهم من العسكرية، ببذل البدل النقدي عنه، و كان بدل الواحد يومئذٍ مائة ليرة، و ليرة فضاق به الأمر، و عرف ان لهذه التوقعات محرّكا من بعض أعيان النجف، وهذا لا علاج له إلّا الفرار.

فلما قربت زيارة أوّل رجب سنة 1291ه- (إحدى وتسعين ومائتين بعد الألف)، زار كربلاء، و بقي فيها إلى زيارة النصف، وأرسل على عيالاته للزيارة، فلما جاؤوا، خرج من كربلاء بالعيال، بقصد زيارة سامراء في النصف من شعبان، و خرجت أنا من النجف لزيارة النصف من شعبان وزرت و بعد الزيارة جئت إلى بلد الكاظمين، لأكون في شهر رمضان عند أهلي على العادة. فرأيت سيّدنا الأستاذ في بلد، الكاظمين بعد لم يتوجه إلى سامرّاء. و بعد ورودي بأيّام، توجّه إلى سامراء، و دخلها في أواخر شعبان سنة 1291ه، و لا يعلم الناس منه إلّا الرواح للزيارة، و إذا به قد أقام هناك، حتى جاء شعبان الثاني، و جئت من النجف، و صمت في بلد الكاظمين.

فلما خرج شهر الصيام، خرجتُ إلى سامراء، و قد جاء بعض تلامذة سيّدنا الأستاذ أيضًا من النجف، لاستعلام حال السيد الأستاذ، فرأيته يدرّس درسين في النهار و الليل، و معه جماعة من أصحابه، فبقيت هناك، و صرت أحضر درسه، و أشتغل، و هو لا يظهر العزم على البقاء، و لا يذكر الرجوع إلى النجف، حتى جاء المرحوم الآخوند مولى فتح علي قدس سرّه، و ثقة الإسلام الحاج ميرزا حسين النوري قدس سرّه، و المرحوم الشيخ فضل الله الشهيد النوري، و كانوا جاؤوا لاستعلام الحال أيضًا، فتكلّموا معه، فقال: أما الذي في نفسي فهو أن لا أعود إلى النجف، حتّى أزور المشهد المقدّس الرضوي. فقالوا له: لا بدّ من تعيين الأمر، فإن كان عزمك على البقاء هنا فإنّا معك، و لنا حينئذ تكليف، و إن لم يكن عزمك على البقاء، فأخبرنا حتى نرجع إلى النجف.

و بالجملة، صار البناء أن يستخير الله في الحرم المطهر، على العزم على البقاء على كلّ حال، و على الرجوع إلى النجف على كل حال، فلم تساعد الاستخارة إلّا على الإقامة بسامراء على كل حال فعزم على البقاء، و طلب أسبابه و كتبه من النجف، و كذلك من معه من الأصحاب، و أخذ في لوزام البقاء، و علم الناس عزمه على البقاء، فانتقلت الصفوة

ص: 28

من تلامذته إليه، حتى صارت سامرّاء مثل الجزيرة الخضراء في الروحانيّة، و أعلى الله فيها ذكره، و أعزّ نصره، و صارت سامراء دار العلم و بيضة الإسلام، و المرجع العام لأهل الدين و الدنيا، و انتشر ذكرها في صفحتي الكرة.

و من غريب الاتفاق، الذي لم يحكه التاريخ، منذ خلق الله الدنيا، أن انحصر رئيس المذهب الجعفري، في تمام الدنيا، بسيدنا الأستاذ في آخر الأمر، و مات رؤساء الدين، و المراجع العامة من كل البلاد، و لم يبق لأهل هذا المذهب رئيس سواه، كما أنّه لم يتفق في الإمامية رئيس مثله في المطاعية و الجلالة و نفوذ الكلمة.

و توفي قدس سرّه بمرض السل، بعد صلاة العشاء، من ليلة الأربعاء، الرابع و العشرين من شهر شعبان سنة 1312 ه- (اثنتين وعشر و ثلاثمئة بعد الألف)، و عمّر اثنتين و ثمانين سنة. و كان قد أوصى بدفنه في النجف في المكان الذي كان قد أعد له، فغسّل في شط سامرّاء، و حمل نعشه آخر نهار الأربعاء، و كنت أنا الحامل له، و جماعة من أهل العلم، وضعناه في صندوق حلبي مزفّت، و وضعنا الصندوق في التخت روان، و حمل على الرؤوس، حتى عبروا به الجسر، فوضع على البغال. و لما قاربنا قرية بلد، خرج أهلها بالأعلام السود و اللطم و العزاء، و الضجيج و البكاء، و حملوا التخت على الرؤوس، حتى نزلنا بلد، فبتنا فيها. و عند الصباح حملوا التخت، حتى إذا قاربنا الدجيل، استقبلنا أهلها كذلك بالأعلام السود و اللطم، و أخذوا التخت من أهل بلد، و حملوه، و رجع أهل بلد، إلّا جماعة منهم، بقوا معنا إلى الآخر إلى النجف.

و كذلك لما قاربنا من بلد الكاظمين استقبلنا أهلها على بعد فرسخين و ثلاثة، و حملوا التخت على الرؤوس، و اجتمع خلق عظيم، و كان يوما مشهودًا، بحيث خفت کسر الصندوق لما وضع في الحرم الشريف من كثرة ازدحام الخلق عليه، و بتنا تلك الليلة. وعند الصبح، اجتمع الخلق، و حملوا النعش الشريف، و هم ألوف، فلما قربنا من بغداد و خرج أهلها حتى أهل الذمة، و أرسل المشير رجب باشاء رحمة الله العسكر السلطاني للاستقبال على هيئة الحزن، منكسي البنادق و اتصل الناس بعضهم ببعض، حتى إذا وصلنا [نهر] الخر، وضعوا النعش الشريف و أحاطوا به باللطم، و لمّا رفع، رفعوا التراب الذي وضع عليه، و أخذوه

ص: 29

للتبرك. و جاء معنا من أهل بلد الكاظمين و بغداد إلى المحمودية ألوف من الخلق، يحملون التخت الشريف على رؤوسهم.

و لما وصلنا المحمودية في أوّل الليل رأينا السيد الشريف، السيد جعفر عطيفة الكاظمي قد أخرج إليها المطابخ، واستعد للطبخ، و ضيافة جميع الجمعية بأحسن المطابخ، و كانت الليلة مشهودة للسيّد المذكور. و في نصف الليل، خرجنا متوجهين إلى المسيّب، و لمّا صرنا على فرسخين منها، استقبلنا أهلها و العشائر التي حولها، و حملوا التخت الشريف إلى كربلاء، و كلّما مشينا فرسخًا أو أقل، رأينا العشائر مقبلة بالأعلام و التفك، حتى اتصلت العشائر بالعشائر، و خرج أهل كربلاء و عشائرها، و اسودت البرية من الخلق، ما بين المسيب و كربلاء.

و لما وصلنا كربلاء، أرسلتُ إلى السيِّد علي و السيِّد مرتضى، خزان حرم الحسين و العباس، و كانا في الجمعية، أن يتقدّما، و يهيّئا دخول الحرم وقت إخراج النعش الشريف من التخت، خوف ازدحام الناس عليه، وأن يُصنع به ما صنع في حرم الكاظمين. فلما وصلنا إلى حرم العباس، وجدناه مغلقًا كما نريد، فتقدّم العلماء الكبار، و أخرجوا النعش الشريف، و طافوا به حول الضريح، و زوّروه، و أعادوه في التخت، و حمل إلى حرم الحسين علیه السلام، و كان كذلك، فأخرج العلماء النعش، و دخلوا الحرم، و لمّا فرغوا من الطواف و الزيارة، وضع في الكشك خانه في الرواق، و أغلقت أبواب الكشك خانه، ثمّ فتح الحرم، و بتنا في كربلاء سواد تلك الليلة.

و لما كان الصبح، أخرجنا التخت، و حمل على الرؤوس إلى النجف، و جاء معنا من أهل كربلاء و غيرهم ألوف من الناس مشاة على أقدامهم خلف التخت الشريف، و اتصلت العشائر، و صارت تترى بعضها على بعض، من أوّل ما خرجنا من كربلاء إلى أن دخلنا إلى النجف، تقبل العشيرة ببيارقها و تفكها، فإذا وصلت إلى التخت رمت التفك من أيديها، و لطمت على رؤوسها، و تقدّمت الأخرى وأخذت التخت من العشيرة المتقدّمة عليها، و هكذا حتى أخذه أهل النجف، و كان يومًا مشهودًا عجيبًا غريبًا، لم ير في الدنيا نظيره، و كلّ هذه الألوف بين نوح و بكاء، و لطم و عزاء، حتّى فتح الحرم الشريف، و أدخل التخت

ص: 30

إلى الرواق، و أغلق الحرم، فأخرجنا النعش الشريف من التخت، و دخلنا به الحرم، و لمّا تمّ الطواف به و الزيارة، وضع في الرواق، حتى إذا كان نصف الليل أخرج إلى المدرسة المتصلة بباب الطوسي، و كان قد تم حفر القبر، و خسف السن، لأني كنت قد تيّلت (1) بذلك من بلد الكاظمين، لأنه عمل يحتاج إلى أيام.

فأنزلنا النعش الشريف، و أخرجنا منه الجسد الشريف، و وضعناه في تابوت، و أنزلناه إلى القبر، و أخرجنا الجسد الشريف، بعد أن فرشنا أرض القبر بالتربة الحسينية، التي كان قدس سرّه قد ادخرها له، في كونية (2) مملوءة مؤمنة عند وكيله الحاج محمد إبراهيم الكازروني، ولففناه بالبردة اليمانية التي كانت معي، و أخذنا في سائر السنن المستحبة، و تم دفنه آخر ليلة من شعبان.

و أقيمت له الفواتح في جميع الدنيا و في كلّ مكان، من شرق الأرض و غربها، و أقيم عزاؤه في البلاد، و عزّلت الأسواق في أيام فاتحته في كل بلاد إيران، و دام عزاؤه في البلاد ما يقرب من سنة كاملة، ورثته الشعراء بما لو جمع لكان مجدّدًا ضخمًا، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم(3).

ص: 31


1- تيّلت، أي أرسل برقية.
2- أي: كيس كبير نسبياً.
3- إنتهت الترجمة نقلا عن كتاب تكملة أمل الآمل

ترجمه السیّد محمّد حسن الشیرازی فی (أحسن الودیعه)

الترجمة التي كتبها العلّامة

السيّد محمّد مهدي الموسوي الكاظمي (1)

و أثبتها في كتابه (أحسن الوديعة) (2)

حجة الإسلام، آية الله في الأنام، مولانا الميرزا

محمد حسن، الشيرازي الأصل، الأصفهاني التحصيل، النجفي التكميل

السامرائي المسكن، النجفي المدفن

كان أعلى الله مقامه، و ضاعف في الجنان إكرامه، أعقل أبناء زمانه، و أشهر علماء أوانه، و أعرفهم بأمور الرئاسة، صاحب الحزم و العزم و الكياسة قد أقبلت الدنيا في عصره إليه، و اكبَّت الطلاب عليه، فصارت سامراء مركزًا علميًا، و من طلاب الشيعة مليّا، بعد أن كان خليًّا.

هذا و كانت عمدة تلمذه في أصفهان على جملة من العلماء العظام، و قد حضر بحث السيّد الأجلّ، علّامة العلماء الأمير سيّد حسن المدرّس الأصفهاني، المتكرِّر ذكره في هذا الكتاب (حشره الله مع الأئمة الأطياب). و له الرواية عنه عن جدَّنا العلّامة الحاج السيِّد زين العابدين الخوانساري قدس سرّه.

ص: 32


1- ولد في الكاظمية سنة 1319ه، ودرس فيها الأوليات على أعلامها، و منهم: والده السيد محمد، و الميرزا إبراهيم السلماسي، و الشيخ حسين الرشتي الكاظمي، و الشيخ مهدي الجرموقي. ثم حضر في كربلاء على السيد هادي الخراساني، و حضر في النجف أبحاث السيّد أبي تراب الخوانساري، أكثر من عشر سنين، و عاد إلى الكاظمية قبل سنة 1355ه. يروي عن: الشيخ ضياء الدين العراقي، و السيد محسن العاملي، و السيّد أبي تراب الخوانساري، و غيرهم. و تمن يروي عنه: السيد شهاب الدين المرعشي، و الدكتور حسين علي محفوظ، و السيّد محمد حسين الجلالي له أحسن الوديعة، و دوائر المعارف، و إيقاظ الأمة من الهجعة، و صرف العناية في حل مشكلات الكفاية، و القول المقبول في مباحث الأصول. توفي الكاظمية سنة 1391ه.
2- أحسن الوديعة : 132 - 134.

و لمّا بلغ ما بلغ هناك، هاجر منها إلى العتبات العاليات، و سكن أرض النجف الأشرف، و حضر بحث شيخنا الأنصاري قدس سرّه. وب عد وفاة أستاذه، بقي فيها مدّة مديدة، و سنين عديدة، مدرِّسًا، و الرياسة العامة و المرجعية التامة يومئذ كانت لمعاصره الأقدم الأعلم السيّد حسين الكوهكمري المتقدم ذكره قدس سرّه، ثم هاجر إلى سامرّاء، فاشتغل بالبحث و التدريس لمن هاجر معه من الطلّاب، فأخذ اسمه السامي في الاشتهار يومًا فيومًا، حتى صار من أشهر مراجع الإمامية في الأقطار الإسلامية.

و كان في عصر السلطان الناصر لدين السلطان الناصر لدين الله (عليه رحمة الله)، و وقع بينهما منافرة شديدة، حيث حكم بحرمة شرب التنباك، و قد وقع لذلك خسارة عظيمة للشاه الأعظم؛ حيث إنه أخذ مالا جزيلا في قبال ترخيصه زراعة ذلك في بلاده و تجارته، و أعطى امتيازها، فردّه لترك عامة الناس شربه.

هذا و لم يبرز من قلمه الشريف مؤلّف و لا مصنف (1)، و ما أدري ما السبب في ذلك؟ و ظنّي أنَّه كان لكثرة أشغاله و ابتلائه بأمور العامة و الخاصة.

هذا و ذكره العالم الوزير في ص 137 من المآثر و الآثار، و أثنى عليه ثناء جزيلًا، و ذكره المحدّث النوري في آخر خاتمة المستدرك، و أثنى عليه غاية الثناء.

وفاته و مدفنه:

توفي قدس سرّه في سامراء، في شهر شعبان سنة 1312ه، و نقلت جنازته قبل دفنها إلى 1312ه، الغري، مع نهاية التعظيم، و أغلقت الأسواق، و أقيمت له الفواتح في أكثر البلاد، ورثته الشعراء بقصائد كثيرة بالعربية و الفارسية.

ص: 33


1- بل له بعض المصنفات و منها رسالة في اجتماع الأمر و النهي رسالة في الرضاع، كتاب الطهارة إلى مباحث الوضوء، كتاب المكاسب إلى اخر المعاملات، و كتاب في الأصول لخص فيه ما أفاده شيخه الأنصاري، و حاشية على نجاة العباد و حاشية على معاملات الوحيد البهبهاني، ينظر الأوردبادي، موسوعة الأوردبادي: 48/11، الطهراني هدية الرازي: 146، العلّامة النقوي، أقرب المجازات: 314.

فمنهم: السيد جعفر الحلي، و القصيدة مذكورة في ديوانه، فليلاحظ.

و منهم السيد إبراهيم الطباطبائي، فقد رثاه بقصيدة طويلة، مذكورة في ديوانه، فراجع.

أولاده:

كان له ولدان:

أحدهما: الميرزا محمد، و كان زاهدًا عابدًا، توفي في حياة والده.

و ثانيهما: العالم الفقيه الميرزا علي آقا (سلّمه الله تعالى)، هاجر بعد الاحتلال إلى الكاظمين علیهما السلام، و بقي فيها بضع سنين، ثمَّ هاجر إلى الغري، و هو اليوم ساكن فيها. وكانت عمدة اشتغاله على تلميذ والده، أعني حجّة الإسلام الميرزا محمد تقي الشيرازي الحائري قدس سرّه(1).

ص: 34


1- و كذا على المحقق السيد محمد الأصفهاني الفشاركي.

مشاهدات من موكب تشييع السيّد محمد حسن الشيرازي

نقل خطيب الكاظمية الشيخ كاظم آل نوح (1) في مذكراته ما يأتي عن بعض مشاهداته عن موكب التشييع(2):

«الميرزا محمّد حسن الشيرازي، كان مرجعًا عامًا للطائفة الإماميّة، و كان قد انتقل إلى سامراء، فصارت دار العلم في أيّامه، و لم يزل مقيمًا بها حتى توفي سنة 1312ه، و حمل من سامراء على الرؤوس، حمله السامرائيون إلى قرية بلد و حمله أهل بلد على أكتافهم إلى سميكة، و أهل سميكة أخذوه منهم و حملوه إلى خان المشاهدة، و حمله أهل الخان إلى الكاظميّة.

و كنت قد خرجت مع الناس الذين خرجوا لاستقبال النعش، و أنا ابن عشر سنين، فخرجنا نمشي على أرجلنا، إلى مكان يسمى تل خزف، و هو بعيد عن بلدة الكاظميّة، فالتقينا بألوف و ألوف، و هم يحملون النعش على رؤوسهم، و رأيت أمام النعش، الخطيب السيد عبّاس البغدادي، و هو على فرس بيضاء، و هو ينعى السيِّد الميرزا، و يقول: (هُدَّ ركنُ الدين وانهدَّ العماد)، و الناس يجيبونه وهم يلطمون على صدورهم. حتى وصل الكاظميّة.

و خرج السيد جعفر عطيفة متقدّمًا إلى المحمودية، وحمل معه عدة ذبايح، و أكياس من الرز، و مقادير من السمن، و اللوازم لصنع الطعام، فطبخوا في المحمودية طعامًا كثيرًا. و وصل النعش إلى المحمودية، و معه ألوف وألوف، فوجدوا الطعام جاهزًا، فأكل الجميع زادًا و طعامًا نفيسا.

و قد حمله سكّان المحمودية إلى الاسكندرية، و أهل الاسكندرية حملوه إلى المسيب، وأهل المسيّب حملوه إلى كربلاء، و أهل كربلاء حملوه إلى خان النخيلة، الذي يبعد عن كربلاء

ص: 35


1- ولد في الكاظمية سنة 1302ه، و تعلّم بها من أساتذته الشيخ مهدي المراياتي، و الشيخ محمد رضا آل أسد الله، و السيد أحمد الكيشوان. خدم المنبر الحسيني (67) عاماً. له عدة مؤلّفات، منها: محمد و القرآن، ورد الشمس، و ديوان شعره (3) أجزاء، و ديوان في أهل البيت. أدى أدواراً كثيرة في الحياة العامة، منها في ثورة العشرين، و التعليم و محو الأمية و الخدمات الاجتماعية، و دعواته إلى الوحدة و الاتحاد، و التقريب بين المسلمين. و صفه السيّد محمد باقر الصدر ب- (عميد المنبر الحسيني). توفي 1379ه، و دفن في الصحن الكاظمي الشريف.
2- كتابه (حياتي)، مخطوط.

ثلاثة فراسخ، و منه إلى خان ،الحماد، و من خان الحماد حمله النجفيون إلى مدينة النجف، و دفن في باب الطوسي، من صحن أمير المؤمنين علیه السلام.

و لم يشيّع أحد في مدة حياتي بمثل ذلك التشييع العظيم، و قد أقاموا له فواتح في البلاد الإسلامية، ورثته الشعراء.

و كانت تأتيه الحقوق من جميع الأطراف، و هو يوزّعها على طلبة العلم و الفقراء و المساكين، و قد ربح أهل سامرّاء وسكّانها، أرباحًا عظيمة من وجوده. و يأخذ جميع طلبة ، العلم ما يحتاجونه من السوق، وتُكتب أسماؤهم في الدفاتر، و أعيان ما أخذوه، و عند انتهاء كلّ شهر يقدّمون القوائم إلى الميرزا، فيعطيهم جميع ما كتبوه، و لم يبق لأحد عنده فلسًا واحدًا».

ص: 36

و للسيّد محمّد بن السيِّد رضا فضل الله العاملي، رسالة في وصف مسير جثمانه قدس سرّه، نقتطع منها ما يتعلّق بالكاظميّة المقدّسة (1):

«و ما زالوا به حتى أنزلوه حضرة الإمامين الجوادين صلوات الله عليهما ما لاح كوكب أو طرفت عين، فبات ليلته عائذًا بهما، لائذًا بضريحهما، فلمّا انفجر الإظلام عن الأغرّ الأبلج، و ذرَّ قَرْنُ الغزالة على كلّ مَهْمَهِ و فج، أسرع لتشييعه من الرجال غُلبها، و من القبائل أشرافها، و تتابعث أفواج الناس مع وزراء الدول، و شَرَطة الخميس، و أمراء الأجناد، و ملتفّ العساكر، و سائر الفرق الدانية و القاصية، حتى ربّات البراقع من النسوان، و أمهات التمائم من الولائد والولدان، إلى أن خَلت المساكن، و تعطّلت الأسواق، و أقفرت العرصات من بغداد والكرخ، و ما و الاهما من أهل الطُّنُب و القصب، فكادت أن تُملأ بكثرتهم بطون البيداء، و تغصَّ بجموعهم لهوات الأرض، و تضيق صدور الفيافي، و تنسد رحاب الفدافد. وازدحموا على سريره ازدحام الهيم، و حُشِدوا حشد الصاديات الخماس، و ساروا به ولكن على أمضًها فجعة، و أدهاها نكبة، و أنكأها قرحة وب الحال جدير أن يقال:

إنَّ هذا الشريفَ يومَ تولّى *** هدَّرُكنًا ما كان بالمهدودِ

ما دری نعْشُهُ و لا حامِلُوهُ *** ما علی النَّعش من عفافٍ وجودِ

فاعتسفوا به و بحرمته كلَّ فلاة، و أضوَوا ظهر كلِّ تَنوفة بعبرات مرسلات، و زفرات ثائرات».

ص: 37


1- المجدّد الشيرازي السيّد محمد حسن الحسيني: 21/5 .

قصائد في السيّد محمد حسن الشيرازي

و للشيخ جابر الكاظمي ،(1) عدّة قصائد في السيد المجدّد الشيرازي، نوردها فيما يأتي:

(1)

قال يمدحه و يهنيه في عيد الغدير (2).

إنّ يومَ الغديرِ يومٌ منيرُ *** ملأ الأرضَ و السما منه نورُ

قد صفا الدهرُ وازدهی بصفاه *** إذ أعادَ الصفا إليه الغديرُ

هوَ شهدٌ حلا بذوقِ الموالي *** و بذوقِ القالي أُجاجٌ مريرُ

من سناهُ الأيامُ ضاءت بنورٍ *** و توارى عن صبحِه الديجورُ

قد تروّتْ منّا قلوبٌ ظماءٌ *** مذ سقانا منه الزلالُ النمير

أشرقت شمسُه بنورِ رشاد *** مثلما للرشادِ أشرقَ طورُ

ذاكَ يومٌ به احتيث كلُّ روحٍ *** للمحبين حيثُ فيهِ النشورُ

قد هوى الكفرُ إِذ لمجدِ «على» ظهرَ *** قدعلا فيه مسند و سريرُ

الحقُ فی ولاه عيانًا *** إذْ لإكمالِ الدينِ فيه ظهورُ

فظلامُ الضلال ديجورُ ليل *** وسنا الرشد منهُ صبحٌ منير

فيه كفُّ النبي أضحت بكف *** زلزلت زلزلت خيبرًا فطاحَ السورُ

ص: 38


1- ولد في الكاظمية سنة 1222ه، وقد ذكر في مقدمة ديوانه ( طبع 1964، بتحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين، مختصر نسبه و أدبه و نبذة من طرائفه و ظرائفه. كان في أقاربه بعض أهل الفضل و الأدب، فمال إلى الاقتداء و ألف الشعر، و أعانه على ذلك ما ملأ به أهابه من المعرفة بعلوم الأدب كالنحو و الصرف و اللغة و التاريخ و علم الكلام و التفسير و الحديث سافر إلى إيران مرتين، فأعجب به رجال الأدب هناك، و نال منزلة كبرى عند رجال الدولة، و أكابر البلاد. توفي سنة 1312ه، و دفن في الصحن بهم الكاظمي الشريف.
2- ديوان الشيخ جابر الكاظمي: 230-231.

نُصِرَ الدينُ في علي ولولا *** عضبه و اليمين عزَّ النصيرُ

صبح حق بدا بشمس رشادٍ *** لم يغب عن ضيائِهِ قطُّ نورُ

يا إمامًا أحصى بهِ كلّ شيءٍ *** ذو العلى لن يندَّ عنه نقيرُ

کن معينًا لواحد الخلق فضلاً *** حجَةٍ للإسلامِ فيه الحبورُ

أي سبط سُرَّتْ به «سُرَّ من را» *** إذ لها بالهداةِ دامَ السرورُ

وأغثه بالختمِ من آل ياسي- *** ن إمام تُدان منه الظهورُ

و أغثني به و بالعتق فيه *** من خطوبٍ تُدلى بهنَّ الدهورُ

و تصدق علي بالعفوِ يا من *** هو للعفو قد براهُ الغفورُ

قد سما جوهرٌ تصدَّقتَ فيه *** حسدته معادنٌ و بحورُ

أنا عان و أنت مولى كريمٌ *** و ضعيفٌ و أنت مولى قدير

(2)

و قال يخاطبه (1):

إليكَ طوى عرضَ البسيطة آملُ *** قصارى المطايا أن يلوح لها القِطر

فبُشِّرَ رجواه بملك هوَ الندى *** و دارٍ هي الدنيا و يومٍ هوَ الدهرُ

ص: 39


1- ديوان الشيخ جابر الكاظمي: 231-232.

(3)

و قال - تغمّده الله برحمته - يمدحه (1):

یا مبهرا أهل البصائر *** ببدائعِ الفضل البواهر

و مطرزا أفقَ العلى *** بثوواقب العم الزواهر

و منوِّراً بصرَ النُّهى *** في إثمد الحِكَمَ الظواهر

و مبصراً عینَ الحِجی *** و جفون أبصار البصائر

و مقوّما فی رأیته *** للعلم روحا بالعناصر

من غر آراءِ أبت *** تعطي أزمتها لخاطر

وفضائل عن حصرِها *** قعد المعدِّدُ و المكاثر

خطباؤها تتلو الثنا *** فوقَ الزواهر لا المنابر

بیِّضت وجهَ العلمِ إذْ *** سموَّدتَ بالفضل الدفاتر

فکأنّما بکواکبٍ *** محشوَّة لهم المحابر

و بعثت أرواحَ العلو *** مِ و هُنَّ في وسطِ المقابر

و نشرتها بعد الحما *** مِ ولم تزل للفضلِ ناشر

احییتَها من بعد ِما *** أمسين كالرِّمم الدواثر

فلوَتْ إليكَ رقابها *** يا من له تُلوى الخناصر

أمضمِّخا فوق المعا *** لي في مآثره العواطر

و مميطَ حجب غوامض ال- *** -علمِ الخفيّة كالسرائر

و مبیِّناً ما قد بدا *** من أوجهٍ منها سواتر

و مرصِّعا منها أکا *** لیلاً ترصعُ بالمآثر

فغدت سواء هُنَّ في *** بصر البصیرةِ و الزواهر

یا منْ تشيرُ له العلى *** دون الأکابر و الأصاغر

روَّجتَ سوقَ العلم في *** قسطاس رأي من جواهر

ص: 40


1- ديوان الشيخ جابر الكاظمي 232 - 234.

و بثثت نثر اللؤلؤ ال- *** -منظوم في سلك الخواطر

فاقت تجارةُ مشتری- *** -ه على تجارة كلِّ تاجر

أحسنتَ بالجودِ القری *** لمقیم دارٍ أو مسافر

و لزائزٍ کم جدت فی *** جدَواكَ منَّا أو مجاور

حتی تردّت بالغنی *** أُممٌ علیها الفقر دائر

وشرعت أیَّ مناهل *** للعلم روّتْ كلَّ خاطر

ما البقا منها یفی- *** -ضُ لواردٍ منها و صادر

صافٍ کمرآةٍ بها *** تبدو الدقائق و السرائر

فی أي قفرٍ مهمهٍ *** ظامي الحشا فيه مخاطر

لولا الأُلى في فضلِهم *** ملأوا الصحائف و الدفاتر

آل النبیّ فی فضلهم *** تزهو باسم المنابر

فهم شموس حقيقةٍ *** ضاءت و هم شهبٌ زواهر

بهم السماو الأرض دا *** مَ بقاهما في أمرِ قادر

غمروا الجهات الست في *** جودٍ دوام الدهرِ ماطر

فتقاسمت جدواهم *** جمل القبائل و العشائر

فی نورهم ضاءَ الوجو*** دُ و عنه قد زلنَ الدیاجر

عطفاً علیَّ فإنّنی *** لكَ لَمْ أَزِلْ - و نداك - شاكر

و بنظم شعری فیک قد *** لاحظت تعظيم الشعائر

فاسلم ودم ترقى العلى *** فوق الدراري الزهر سائر

فی صفوِ عیشٍ دائمٍ *** للعلم و العليا مؤازر

ص: 41

(4)

و قال(1):

«محمد» الندبُ الفتى «الحسن» الذي *** به حسنتْ أَيَّامُنا وزها العصرُ

به اخضرتْ النعماء للناس كلِّها *** فها هي طول الدهر أثوابها خضرُ

و كمْ نُشرت في الناس منه فواضلٌ *** توالى لأرواح الأيادي بها نشرُ

و قد حازت التأبيد أعمارُها بهِ *** كما حاز تأبيدا مدى دهرهِ «الخِضْرُ»

سليل كرام للسما نورُهم سما *** و فيهم لأقطار الثرى نزلَ القطرُ

أئمّةُ حقٌّ فيهم انحصر الهدى *** و ما لمعالي مجدهم أبدًا حصرُ

لئن زمنًا عنّاتستّر ختمُهم *** فعن مجدِهِ في الناس قد كُشفَ الستر

أشارَ بتشييد لمأوى مؤازرٍ *** لنور هدىً للدين شُدَّ بهِ الأزرُ

بإحياء روض قد ذوی نورُ قدسِهِ *** فأزهرَ حتّى فاحَ منْ طَيِّهِ نشرُ

فحصَّنَ ذاك القصر «داوودُ» فاغتدى *** حصنًا وعنه انحطَّتْ الأنجمُ الزهرُ

فطوبى لذي الأيدي الكريمةِ إِنَّهُ *** بنى قبَّةَ الإسلام فانهدَمَ الكفرُ

وفيها احتيث آثارُ ندب سما عُلا *** و أشرقَ فيها من سنا وجهه البدرُ

و مد زالَ أقصى الغي قلتُ مؤرِّحًا *** «بأمرِ ولي الأمرِ قد شُيّده»

1312 - 10 - 1302ھ

ص: 42


1- ديوان الشيخ جابر الكاظمي: 234 - 235.

(5)

و مما قاله الشيخ محمد حسن كبة (1):

يا آية الله يا من حاز كلّ عُلا *** هديًا وعلماً وحلماً وازن الجبلا

دُم للشريعة كهفا يستظاً به *** و للأنام منارًا يُوضِحُ السُبُلا

و دُم لنا ملجاً نصفو بساحته *** عيشًا وندفعُ فيه الحادث الجللا

ونعرفُ الحق حقا في هدايته *** و نستميحُ لديه العلم والعملا

هداك عم الإماميين قاطبةً *** کسیب كفَّيكَ عُلا يتبع النهلا

و قد رفعت بناء العلم منزلةً *** من دون أدنى مراقيها الشهى نُزُلا

فكيف نشكر ما أوليتَ من نِعمٍ *** و قد ضربنا بما أوليتنا مثلا

«أبا عليّ» فدَتكَ النفسُ من عَلمِ *** به الهدى والندى قد أدرك الأملا

إليك أشكو مراراتِ تُغادرني *** إذا لقيتُكَ مطوي اللوا خجلا

و أشتكي الدارَ إذ تمت مرافقُها *** قد حمَّلتني من الأعباءِ ما ثَقُلا

من ماءَ وجه أبى عن ذُلِّ مسألتي *** و أنتَ أجدر أن تولي الجميل بِلا

و دم كما عوَّدتنا منك مُلتمعًا *** بشاشة تبد و منها باسماً جذِلا

ص: 43


1- موسوعة العلّامة الأوردبادي: 13 / 123 - 124.

(6)

و للشاعر الشيخ سليم بن الشيخ عبّاس البلاغي (1)، في كتاب منه إلى السيّد المجدّد (2):

ياسيداً أربى على الجوزاءِ *** كلت بمدحكَ ألسنُ الشعراءِ

الناسُ أرضُ راحتاكَ سماؤُها *** إن أجدبث أخييتها بحياءِ

أ فهل علمتَ ولا أظنُّكَ معْرضًا *** عنِّي و قد أمسيتُ في الضَّراءِ

و بقيتُ صفرَ الكفَّ بين عشيرتي *** أُمسي و أُصبحُ في يدٍ صفراءِ

فاعطف علىَّ وجُد بما يقوى بهِ *** قلبي فإنَّك منيتي ورجائي

و براحتيك من المعادن مرهمٌ *** فيه الشفاء بسائر الفقراءِ

أ فهل سواك على الزمانِ مساعدي *** أم هل لغيرك مدحتي و ثنائي

فامنح ببركَ سيدي فأنا الذي *** أشتاقُهُ شوقَ الشرى للماء

عجِّل علينا بالعطاء فعاجلُ إل- *** إعطاءِ أحسنُ منهُ في الإبطاءِ

وأبْسِطُ علينا الجودَ يا من لم يكن *** يقبض يداً أبداً عن الإعطاءِ

فلقد كتبتُ إليكَ بعضَ شكايتي *** و لغير مجدِكَ لم تكن شكوائي

أشكو إليكَ الدهرَ يا من عزمُهُ *** أمضى من الهنديِّ في الهيجاءِ

ص: 44


1- ولد في جبل عامل، و نشأ هناك، ثم هاجر إلى العراق، و استوطن الكاظمية. كان ينظم الشعر في المناسبات كالأعراس و تأبين الموتى، و تهنئة الحجاج بعد رجوعهم من بيت الله الحرام. له ديوان شعر. توفي سنة 1326ه.
2- موسوعة العلّامة الأوردبادي: 21/12-22.

(7)

و للشيخ حسين بن الشيخ طالب البلاغي (1)، بيتان في نهاية قصيدة مهداة إلى الميرزا محمد أكبر أنجال السيّد المجدّد، في الدعاء لوالده، هما (2):

و أدم للهدى وللدين فينا «ال- *** -حسن المجتبى إمام البرايا

يُرتجى للنوالِ إنْ عمَّ جدبٌ *** وإلى بابه تُزمُّ المطايا

ص: 45


1- أحد رجال القريض في عصره، قرض الشعر فأبدع فيه. تطفح على شعره السلاسة و المتانة بالرغم من إقلاله لنظم الشعر. عاشر الأفاضل من أهل العلم و الكمال، و حذا حذوهم. له قصائد متعددة في مدح السيّد المجدّد الشيرازي. توفي سنة 1320ه.
2- موسوعة العلّامة الأوردبادي: 12 / 237-238.

قصائد في رثاء السيّد محمد حسن الشيرازي

و بما أن السيد حسن الصدر ختم ترجمته، بالإشارة إلى رثاء الشعراء للسيّد الشيرازي، أدرج فيما يأتي بعض ما قاله الشعراء الكاظميون في هذه المناسبة.

(1)

قال الشيخ حسين بن الشيخ طالب البلاغي (1)، راثياً له (2):

دری سهم المنيّة من أصابا *** أصاب فطبّق الدنيا مصابا

أصاب معزّ دين الله قسرًا *** ودك ليعرب منها هضابا

أباد لهاشم ركنًا حصينًا *** له ألوت بنو مضر رقابا

فحقّ لها بأن تقضي عليه *** مدى الأيام نوحا وانتحابا

مضى محيي الشريعة مَنْ عليه *** مخدّرة الهدى شقت إهابا

مصابك يا معزّ الدين أبدت *** له شمس الضحى حزنًا نقابا

مصابك زلزل الأرضين حتّى *** تكاد بأن تمور بنا انقلابا

لسان نشيده أمسى كليلاً *** لعظم الخطب لم يسطع جوابا

و إن سُدَّت لعلم الدين باب *** فذاك (عليّها) قد فكّ بابا

و إن غیل السبنتي (3) فس حماه *** فذلك شبله قد صر نابا

فصبرا يا بني الزهراء صبراً *** و إن جلّت رزایاكم مصابا

ص: 46


1- مرّت ترجمته.
2- موسوعة الشعراء الكاظميين: 181/2 - 182.
3- السبنتي الجريء والنمر.

(2)

و له من قصيدة أخرى، يذكر فيها حمل نعش السيّد المجدد الشيرازي على الأعناق، من سامرّاء إلى مقره الأخير في النجف الأشرف (1):

لله خطب م كل بلاد *** و طوى لهاشم شامخ الأطوادِ

خطب له الأملاك في أفلاكها *** ناحت علیه بلوعة ونشاد

ولوى لواء لويها ونزارها *** فتبرقعت شمس الضحى بسوادِ

ساروا بنعشك يا عمید سراتها *** شرفًا على الأعناق لا الأعواد

ساروا بنعشك والخلائق حوله *** فکأنا نشر واليوم معادِ

ساروا بنعشك واليتامى خلفه *** تدعوك يا كهفي و خير سنادِ

حملوك والتقوى عليك معولة *** تهمي الدموع أسى كصوب غادِ

حملوك يا غوث الأنام و غيثهم *** والمستعان لخطبهم والهادي

حملوك يا غوث الصريخ وملجأ *** الآوي إليه وكعبة الوفّادِ

(3)

و للشيخ محمد حسن كبّه (2) قصيدة في رثائه بعنوان (جوهرة الدين الحنيف) (3):

على من أقيمت في السماء المآتمُ *** وهُدَّت من الدين الحنيف الدعائمُ

وممَّ علت في الخافقين عجاجةٌ *** بها الكون مغبر الجوانب قاتمُ

ص: 47


1- موسوعة العلّامة الأوردبادي: 13 / 380.
2- ستأتي ترجمته في الفصل الثاني.
3- موسوعة العلّامة الأوردبادي: 248/13-252.

و من أي أمر زعزع الدهر قارعٌ *** وراع الهدى صدع إلى الحشر دائمُ

و ما لقلوب الناس حرّى كأنّما *** تناهبن أخشاهُ الظُبي واللهادُمُ

و ماللورى كلٌّ تراه من الأسى *** بلیل سليم ساورته الأراقمُ

و ما للنفوس المطمئنات فُزّعًا *** من الرعب لم تملك عليها الشكائمُ

أهل قام يوم الحشر فالأفق مظلمٌ *** لأمرٍ له الأيّام سودٌ أداهمُ

أم انتشرت في الخافقين عظيمةٌ *** تدكدك منها الراسيات العظائمُ

نعم وألَّمت بالنبيّ ملمةٌ *** أصيب بها قسرًا «عليٌ» و«فاطمُ»

و أهمل فيها «صاحب الأمر» دمعه *** فما قدر أن تَدمى الدموع السواجمُ

مضى من يلوذ المسلمون بظلّهِ *** إذا ما دهاها الفادح المتفاقمُ

مضى و بقلب الشرك منه مهابةٌ *** إلى الحشر منها ما تُراعُ الضراغمُ

لقد كان إن خَطب دهى الدين فلَّه *** له كلم من نافذ الحكم حاسمُ

بحيث تزول الراسيات ولم *** تزل له همم مرهوبةٌ وعزائم

فلله من راعي حمى حوزة الهدى *** شبا حكمه لا البارقات الصوارمُ

له خلق ما الروض باكره الحيا *** إذا زُفَ لماعًا مَرَتْهُ النسائمُ

بألطف منه حين يُرسلُ رأفة *** لواحظه أو تبدو منه المباسمُ

أجِدَّك تجفونا ولا ترجع الحمى *** مطافًا عليه لاستلام تزاحمُ

أرى الناس عكافًا عليه كأنّما *** يقام لها في كُلّ يوم مواسمُ

«وهيهات هيهات العقيق و من به» *** و هيهات ذيَّاك الزمان المسالُم

****

و ما ثاكلٌ قد خامرتها نوائبٌ *** بأحشائها منّي لفحن سائمُ

ص: 48

قريحةُ أجفانٍ سرينَ بأهلها *** رحالُ المنايا لا المطيُّ الرواسمُ

نعت أربُعًا نافت قديماً على العلا *** فأودت وأودى عهدُها المُتقادمُ

تروح وتغدو لا الحمى ذلك الحمى *** ولا العيشُ ذاك العيشُ أَرْغدُ ناعمُ

بأنكى فؤادًا من بني العِلِم إذ نأى *** حمى الدين عنها والعلومُ تُتائمُ

هَلُمّ لنُذریها دموعا دواميًا *** قصَرنَ ندًى عن فيضهِنَّ الغائمُ

تُعيد الأقاحي البيض حُمرَ شقائقٍ *** كما طُوّقت بالأُرجوان ِالحمائمُ

نُروّي بها أكناف حضرتِه التي *** إليها قلوبُ العالمين حوائمُ

و هالات قدس قد سَعِدن بقربه *** کما سعدت بالزبرقانِ النعائمُ

أسِلْها «بسامرّاءَ» نفسًا كريمةً *** فقد آن أن تُنفى النفوسُ الكرائمُ

وتالله لم تعط المصيبةُ حقها *** إذا لم تُقم فيها علينا المآتمُ

إذا ما غدَتْ فيه المدارس دُرّسًا *** الحُزنِ فليُقصر عن اللومِ لائمُ

عرفنابه نهج الهدى و أمدَّنا *** بعلم القضايا بخرُه المتلاطمُ

فما عالمٌ إلا ويُعزى لعلمه *** و ما جاهلٌ شيئًا كمن هو عالمُ

فقدناه فردّا دبَّرَ الشرعَ والورى *** و قام بأمرٍ لم يَقُم فيه عالمُ

فعجَّتْ به الأنفاسُ في زفراتِها *** كأنَّ هديلًا ردَّدته الحمائُم

****

أ جوهرة الدين الحنيف الذي به *** علت شرفًا فوق الرؤوس العمائمُ

رحلت ولم ترحل مكارمكَ التي *** إذا نعتوها قيل: هذي المكارمُ

و غُبتَ و ما غابت مزاياك في فتى *** نمتهُ كما تهوى إلى المجدِ «هاشمُ»

ليهنكَ منه ما يباهي أولي النهى *** غزارةُ علم موجُها متراکمُ

ص: 49

و لمعةُ بشر من سجاياك ما بدا *** سنا برقِهِ إلّا و أطرق شائمُ

أ مولاي ما للشعرِ ربَّتني العُلا *** و لم يرْضَ أن يُعزى إلى الشعرِ عالُم

ولكن شظايا لوعةٍ قد كتمتُها *** فنمَّ لساني بالذي أنا كاتُم

و هوَّنَ خطبي أَنَّ رَبْعَكَ آهِلٌ *** بنشر الهدى أو يملك الأمر قائمُ

عليك سلامُ اللهِ ما حنَّتِ العُلا *** إليك و ما ناحث عليك المكارم

(4)

ورثاه الشيخ عبد المحسن الكاظمي (1) بقصيدة عنوانها (ممهّد الأحكام) (2):

من فلَّ من عرب العلوم حُسامَها *** و أحطَّ من «عمرو العُلى» أعلامَها

من بتَّ حبل فخار عليا «هاشمٍ» *** و أجتذَّ غاربها وجبَّ سنامَها

من راح في «مُضر» فأقلعَ حِصنَها *** و غدا فضعضعَ رُكنَها و مقامَها

من فتّ أعضُد آلِ ي«عربَ» عاديًا *** و أبتزَّ عارقها ودقَّ عظامَها

من راضَ مصعبَها وقاد جموحَها *** و أذلَّ مارِنَها ونكّسَ هامَها

خطبٌ أناخ على «لويٍّ» جرانَهُ *** ولوى فألوى بِيضهُنَّ ولامَها

و أمال في عدنان مائل صرفِهِ *** وسطا فزلزلَ هضبها وإكامَها أوهى

ص: 50


1- ولد في الكاظمية سنة 1282ه، و تعلّم القراءة والكتابة بها. علقت نفسه بالعلم و الأدب، و أعانه أخوه محمد حسين على المسلك الأدبي. و تتلمذ على الشاعر السيد إبراهيم الطباطبائي، وا لسيد جمال الدين الأفغاني. قال الشعر في السادسة عشرة من سنيه . هاجر إلى مصر، و اتصل بالشيخ محمد عبده. من آثاره: ديوان شعر، و البيان الصادق وتنبيه الغافلين و معلقات الكاظمي. توفي و دفن بالقاهرة سنة 1354ه.
2- موسوعة العلّامة الأوردبادي: 257/13-262.

و ألَّم في عليا «نِزارَ» و إنّما *** قواعدَها و هدَّ دِعامَها

فيمن تردُّ الخطب «فهرٌ» إن غدت *** تلْقَى الخطوبَ وراءَها وأمامَها

و بمن تصولُ يدا «قريشَ» بمأزلٍ *** إن أغمدَتْ بطنَ الثرى صمصامَها

بكرت على الدنيا بواکرُ فادحٍ *** دکَّت رِعانَ هضابها و شامَها

يا فجعةً طرقتْ فطبَّقَ وقعُها الس- *** -بعَ الطباقَ و زعزعت أطامَها

ورزيةُ الأرزاء قد نزلت بنا *** ذا وما رأتِ العيونُ نُوامَها

لله أيُّ رزيَّةٍ عمَّتْ أسًى *** كُلّ البرايا شيخَها و غُلامَها

يا ناعیَ الثقلين زلْزِلَ نعيُكَ ال- *** أكوانَ لا عَدِمَتْ لَهَاكَ رغامَها

خذ أيّها الناعي حشًى مشبوبةً *** لا تُطفي دجلةُ والفراتُ ضِرامَها

و أترك وراءَكَ عَبرةً مُهراقةً *** لا يَحكي تَسْجامُ الربابِ سجامَها

****

أ «أبا علي والخطوب ملمَّةٌ *** فاشحذ شباك لها وذُدْ إلمامَها

من راضَ صعبَك أيها الصعبَ الذي *** ألقت إليه المصعبات زماَمها

ما كنتُ أحسبُ أنَّ صعبَكَ ينثني *** طوعَ المنيَّة أو يُطيعُ زؤامَها

أو أنَّ أغيالَ المعالي تُرتقى *** و تغُولُ غائلةُ الردي ضِرغامَها

هذي الشريعةُ من ينوءَ بثقلِها *** و يميطُ عن شُبَهِ العلومِ لثامَها

هذي النوائبُ من يَرُدُّ صُرُوفَها *** و يَجذُّ من جُذمِ العِدى أجذامَها

هذي الأراملُ من يُفرّجُ كربَها *** كرماً و يَقري جودُهُ أيتامَها

عصفت بتلك المكرماتِ عواصفٌ *** ذرَّتْ على كُلِّ البلادِ قتامَها

وخطَّت زعازِعَهُ الخطوبُ *** فأوجرت مِطعانَها و تخبَّطَتْ مِطَعامَها

ص: 51

فاظلمَّتِ الآفاق حزنًا وارتدث *** جزَعًا عليه النيّراتُ ظلامَها

و تقشَّعَتْ من بعده سحُبُ الندى ال- *** -هامي وأبقى للعفاةِ جهامَها

کانت به ما كانَ أيامُ الورى *** بيضًا فسوَّدَ فقدُهُ أيَّامَها

کانت بهِ خِيمُ العُلا مرفوعةً *** سُرعان ما خفضَ الزمانُ خيامَها

فاضت بحارُ الجودِ ثُمَّ غدا بها ال- *** -غادي فغَيَّضَ نَزْرَها و جِمامَها

بينا العوالم لم تزل منظومةً *** إذ فرقت أيدي المنونِ نظامَها

كم مشكلٍ للدين أنتج شكلَهُ *** و عظيمةٍ في الدهر فتّ عظامَها

تمَّتْ بهِ نِعم تطاوَلَ شكرُها *** فأبى الزمانُ على الورى إتمامَها

أردى افتقادُ نداهُ آمال الورى *** و ثوى فأحيث راحتاهُ رمامَها

ماخِلتُ ينفذ فيه سهم منيَّةٍ *** و هوَ الطيشُ من المنونِ سِهامَها

أنَّى ثناه جسيمُ خطب فانثنى *** و هو المذيد من الخطوبِ جِسامَها

علامةُ العلماء أصبح نائيًا *** مَن يندبنَّ على الشجي أعلامَها

غال القضا تمام كل قضيَّةٍ *** شعوا وأبقى للورى تمتامَها

وغدا إمامُ المسلمين مقوَّضًا *** فليندُبَنَّ المسلمون إمامَها

****

أ مهد الأحكام بعْدَك أصبَحت *** تنعى شريعةُ أحمدٍ أحكامَها

جفَّتْ بحارُ العلم فيك و لم تذَر*** ضحضاحَها المنزور أو جَمجَامَها

قامت بعبءِ الدين كفُكَ برهةً *** هيهاتَ بعدَكَ من يقومُ مقامَها

قامت لكَ الدنيا عليك ماتماً *** حتى القيامة لم تَملَّ مُقامَها

ما زالتِ العلياءُ في أفنانِها *** شجوّا تُطارحُ بالنواحِ حمامَها

ص: 52

ناحت عليكَ النائحاتُ وأسْبلَتْ *** سحبُ الدموعِ على نواكَ رُكامها

إنَّ المعالي قد تكَلْنكَ واحدًا *** لِتَجُز فيكَ الثاكلاتُ لِلامَها

وافی نعيُك و الخلائق نُوَّمٌ *** و هُنّا فأيقظَ رجعُهُ نُوَامَها

أ يلذُّ مشربُها ومطْعَمُها و قد *** أمسى العزاء شرابَها وطعامَها

كُنَّا نرومُ بأن تقيكَ نفوسُنا *** لو أدركت فيكَ النفوسُ مرامَها

من بعدَ فقدِكَ يا عميدَ سُراتِها *** يهدي إلى سُبل الرشادِ عُرامَها

منْ مُبرمٌ للدين ما نقضَ العِدى *** و منْ المُنَقِّضُ بعد ذا إبرامَها

خلعت عليه المسلمون عزاءَها *** فكأنّما فقدت به إسلامَها

لو تُدفعُ الأقدارُ دونَكَ أكثرتْ *** غُلْبُ الرجالِ على المنونِ زِحامَها

متأجِّمين متى استثيروا للوغى *** هجموا على أُسْدِ الشرى آجامَها

الذائدينَ على الهدير فنيقهُ *** و المُنتجين من الأمور عِقامَها

تلك الأسودُ القادماتُ على الردى *** دَفنتْ بفقدِكَ في الثرى إِقْدامَها

تلك الغيوتُ الوُطفُ أَقْلَعَ نؤؤُها *** و طوى الحمامُ رذاذها ورهامها

خُتِمَتْ بكَ العُلَما كما بمحمَّد *** للرسلِ قد جعلَ الإلهُ خِتامَها

جاءتْكَ مُدْنَفةُ الحشى مختومةً *** بالشجوِ ما فلَّ السُلُوُّ ختامها

ص: 53

(5)

و للشيخ عباس بن الشيخ حسين الكركي (1)، قصيدة في رثائه بعنوان (قطب المكارم) (2):

سواجمُ دمعي كالغوادي السواجم *** غداة نعاني نغي قطب المكارِمِ

غداةَ نعى باشم الصفيّ «محمد» *** نعي أعارَ القلبَ جِنْحَي قشاعِمِ

يصُدُّ لنا سمعا يَوَدُّ لوانَّهُ *** يَصَمُّ ولم يَسمع نعي الأكارِم

يا كوكبَ العلياءِ يا قطبَ شملِها *** شَغَلْتَ المعالي باتخاذ المآتِمِ

ورُزُوكَ قد عمَّ البرايا لعظمِهِ *** كذلك أرزاء الكرام الأعاظمِ

بكتكَ علومٌ كُنتَ بدْرَ سمائها *** فعادت لأبرادٍ عليكَ سواجِمِ

ينوح عليك النُسْكُ والحلم والنهى *** و غرُّ مزايا ليسَ تَحصى لناظِمِ

رجوناكَ عَضِبًا للشريعة منتضّى *** ففلَّ شباك الحتفُ منه بصارمِ

رجوناكَ بدْرًا ينجلي فيكَ غيهبٌ *** فغالكَ خَسْفُ لم يدع حزمَ حَازِمِ

فيومكَ أشجى كُلَّ حي على الثرى *** من العُربِ حتّى بدوُها والأعاجِمِ

يُطبق وجهَ الأرضِ رُزءًا و نكبةً *** كما كُنتَ قد طبَّقْتَهُ بالمكارِمِ

فلا الدمعُ يُطفي بعْدكَ الحُزنَ والأسى *** و لا الصبرُ لو يشطاعُ راسي الدعائِمِ

فيا حَتْفَهُ سددت سهماً أصابه *** صِبتَ بسهم في الحشا و الغلاصِمِ

و يا قُل له: هلاً انثنى عنه محجماً *** و يا قلبَهُ ما شِيبَ رِقَّةَ راحِمِ

ص: 54


1- ولد في الكاظمية سنة 1278ه، وقرأ في الكاظميه على السيّد علي عطيفة، و الشيخ محمد بن الحاج كاظم، و السيّد محمد بن السيد أحمد الحيدري، و غيرهم. و هو من شعراء الكاظمية المعروفين. قيل فيه: باعه في الفضل مديد، و سهمه في أهداف العلم سديد حوى فنون الآداب و حازها، و تحقق حقائق العرب و مجازها. توفي سنة 1336ه، و دفن في الكاظمية.
2- موسوعة العلّامة الأوردبادي: 238/13 - 241.

و يا لك من حتف أهجتَ لنا الشجي *** و غادرتَ سكبَ العينِ سكبَ عمائِم

و أوريْتَ في جَنْبَيْ حَمَى الدينِ لاعجًا *** على غائب عنه وليس بقادِمِ

و أوريتَ في أكبادِ أخبابهِ الأسى *** ک «عبدِ حُسينٍ» خيرِ شبل لعالِمِ

عیلمٌ تقيٌّ ذو فضائلَ جَمَّةٍ *** كذا الشبلُ ينمى للأسود الضراغِمِ

يحقُّ له الحزنُ الطويلُ وللورى *** على ابن الذي يُفدَى بكل العوالِمِ

إمامُ هُدًى قد قامَ بالأمرِ نائبًا *** مقامَ إمامِ العَصْرِ مِن آلِ هَاشِمِ

فرفقًا بنفسٍ شاءها اللهُ رحمةً *** لهذا الورى يابن الوصیِّ و فاطمِ

فأنتَ حسامُ الدين واللطفُ والهدى *** و غيثُ الورى و الغوثُ عند العظائِمِ

وجودُكَ للدنيا وجودٌ ومنعةٌ *** لدين نبیٍّ كان من قبلِ آدمِ

فديتُكَ فاشلو بادِّكار مصيبةٍ *** إلى الحشر تذكو في الحشا والحيازِمِ

فتلكَ التي تُنسى المصائبَ كُلَّها *** غداةَ «علي» بالطفوفِ و «قاسمِ»

بمرأى «حسين» غودرا طُعمةَ القنا *** ونهبَ شِفار الباتراتِ الصوارِمِ

فلله ما قاسي الحسينُ بكربلا *** إلى أن قضى ظمآن في سيف ظالِمِ

ص: 55

قصائد في رثاء السيّد علي بن السيد محمد حسن الشيرازي

و استكمالًا لهذه المراثي، أوردُ بعض القصائد التي نظمها الشعراء الكاظميون، في رثاء السَيِّد علي (1) بن السيِّد محمد حسن الشيرازي، المتوفى سنة 1355ه.

(1)

و قال السيد علي نقي الحيدري (2) يرثيه بقصيدة عنوانها (إمام المسلمين) (3):

رزءُ دهی دین طه سيِّد الرسلِ *** من بعد فقد إمامِ المسلمين «علي»

حتى لقد عادَ يبكيه و يندبُهُ *** لفقدِ ناصره بالبيض والأسل

و نُكست فيه أعلام الهدى و غّدث *** شريعة الحقِّ في حزن و في ثكلِ

في كلّ يومٍ لنا في «هاشمٍ» غُصصٌ *** في مفرد من رزاياهم و في جُملِ

الله أكبرُ من خطبٍ أتيحَ لها *** في فقد جهبذِها من عالم الأزلِ

ما للزمان و «عدنانٍ» و سيِّدها *** حتى رماها بهذا الحادث الجللِ

فهز عرش المعالي و العلومِ معًا *** و كوَّرَ الشمسَ في الإصْباحِ والطَّفَلِ

ص: 56


1- ولد سنة 1287ه، و أخذه والده إلى سامراء سنة 1291ه، و فيها نشأ و تعلّم، و لما أصبح مؤهلا، حضر عند والده، و تتلمذ عليه في درس خاصّ به، حتّى نص (قدس سره) باجتهاده و هو في بدايات العشرين من عمره، و بعد وفاة والده سنة 1312ه، بقي في سامراء، مفيدًا و مدرّسًا، و مع ذلك لم يترك الحضور عند الميرزا محمد تقي الشيرازي. و بعد وفاة أستاذه انتشر صيته، و صار من الذين تدور عليهم الفتيا و التقليد. توفّي في النجف بتاريخ 18 ربيع الثاني سنة 1355ه.
2- ولد في الكاظمية سنة 1325ه. تتلمذ على والده، و بعد أن أكمل المقدمات في بلدته، هاجر إلى النجف لإكمال دراسته، ومن أساتذته: الميرزا حسين النائيني، و السيد أبو الحسن الأصفهاني، والشيخ عبد الله المامقاني. عاد إلى مسقط رأسه، و تسلّم مقاليد السيادة و القيادة، و حضر دروسه في الحسينية الحيدرية جماعة من الفضلاء منهم: أخواه السيّد طاهر و السيّد حسن و السيّد عباس الحيدري، و السيد عبد الرحيم الشوكي. له عدة مؤلّفات منها: أصول الاستنباط، و الوصي، و الدوحة الحيدرية. توفي سنة 1401ه.
3- موسوعة العلّامة الأوردبادي: 189/13-193.

كثر من العلم لا تُحصى جواهرُهُ *** طودٌ من الحلم لا يهتزُّ من زَللِ

حلّالُ مشكلةِ الأحكامِ كاشِفُها *** بواضحٍ من بيان المغضلات جلي

يمٌّ من الجود فيّاضٌ لواردِه *** يحيي العفاةَ ندًى بالنائل الخضلِ

من أشرة ضربت في المجدِ أخبيةً *** رُواقها الشرفُ السامي على زُحلِ

(إِنْ عُدَّ أهل التقى كانوا أئمَّتَهُم) *** أو قيلَ في الفضل كانوا مضربَ المثل

مِنْ معشرٍ قد زكت منهم أرومتُهُم *** ينميهِمُ للمعالي سيّدُ الرسُلِ

أبوهُمُ العَلمُ الفردُ الذي ازدهرت *** فيه العصورُ بذكرٍ في الأنام علي

علّامةُ الدهرِ حامي الدينِ حافظُهُ *** بجيشِ مقدرةٍ من سورةِ الدُولِ

****

يا راحلاً فتَ في الأعضادِ مفقدُهُ *** و اسْتمطرَ الدمعَ هتَانًا من المُقلِ

قدْ هَدَّ رزؤكَ أركان الهدى أسفًا *** و دکَّ مجد العُلا و العلم و النُبُلِ

قد كان فقدُكَ في عَصرِ و في زمنٍ *** قد عزَّ فيه رجالُ العلمِ و العملِ

و الدينُ فيه غريبٌ لا صريخَ لهُ *** إلّا ملاحدةُ الأوغاد والسَّفلِ

تَعيثُ فيه اغترارًا حيثُ يعْضُدُها *** ذوو المطامعِ أهلِ الغدرِ و الختَلِ

تلاعبتُ فيه أيدي الظالمين و أق- *** -لامُ الطغاةِ ذوي الأهواء و الخطلِ

و كلُّ ذي إحَنٍ أبدى عداوتَهُ *** من كل أسْفَلَ مغلوبِ الحِجى نَذلِ

و عادَ يعبث في أحكام شرعتكُمْ *** بجَهدِهِ و بما يحويه من حيلِ

يبغي الدوائر للإسلام مجتهدًا *** يسعى لهدم بناءِ السَّادةِ الأوَلِ

و غربلَ الناسُ غربالاً بما امتحنوا *** من زينة القوم من مال ومنْ دُولِ

و أصبح الأمْرُ فوضى في البلاد فلا *** دين يدانُ بهِ في سائر المللِ

ص: 57

و أصبحَ الناسُ مرضى لا علاجَ لهم *** إلّا ببارق ذاك الغائب البطلِ

حتى غدا الدينُ في خوفٍ وفي وجلٍ *** لا أمنَ حتّى ظهور الخائف الوجلٍ

****

يا ابن الزعيمِ زعيم المسلمين ومَنْ *** نال الإمامة في علم وفي عمل

قد كنتَ من بعْدِهِ كهفًا وملجاً *** للمسلمين فإن النَّصَ فيكَ جلی

و أصبح الدين في مشراكَ منثلماً *** و لا ييُسدُّ له ما كانَ من خللِ

ماذا أقولُ لِقومٍ شيَّعوكَ أهل *** يدرون من أودعوا في اللخدِ من رجُلِ

قد أودعوا فارسَ التحقيقِ في لحدِ *** و استنزلوا الذروةَ العليا من القُلل

وغيضُوا البحْرَ بَحْرَ العلمِ في تُرُبٍ *** و غَيَّبوا البدر بدر التم في سَهْلِ

و كيف شالوا على الهامات جثَّهُ *** و إنَّهُ في العُلا كالطودِ و الجبلِ

فاذهب إلى جنة المأوى التي خُلِقْت *** للمتقين و فُز بالعَلِّ و النَّهلِ

سقى الإلهُ ضريحًا قد حللت به *** من سُحب رضوانه بالعارض الهطلِ

ص: 58

(2)

قال السيد عبد المطلب الحيدري (1)، يرثيه بقصيدة (2):

أخرس الموتُ ألسن البلغاءِ *** إذ طوى للرشادِ أيَّ لواءِ

و خبا ذلك السرامج فظل الن- *** -اسُ في جوف ليلةٍ ليلاءِ

وعَدَت تقتفي أجلَّ مقامٍ *** كان بين الأنام كف الفناء

صرخت باسمكَ النعاةُ فعمَّتْ *** بالأسى فيكَ كُلَّ دانٍ و نائي

رُزئتْ فيكَ أمَّةٌ كُنتَ ترجو *** أن تقيها غوائل الأرزاءِ

هالَها ذلك المصاب فأجرت *** من عيون أسًى عيون دماءِ

لا عدمناكَ هاديا و بشيرًا *** وافر الفضل موئل الفقراءِ

خدماتٌ قلَّدتها الدهرَ قِدْمًا *** عظَمَتْ عن مدائح وثناءِ

تلك والله منك بيضُ أيادٍ *** سُجّلت في صحيفة بيضاءِ

إِنَّ ذكراكَ في الخلودِ مع الده- *** -رِ و إِنْ مُتَ فهي في الأحياءِ

طب بعيدًا عن العَنا نائيًا عن *** صخبٍ دائم وعن ضوضاءِ

ليسَ يخلو من بعدِ فقدِك في الأر *** ضِ دوام البَقا وطول ثواءِ

طالَ منّي البكاءُ حُزنًا و إن لم *** يكُ يُجدي تفجعي و بكائي

سلْوَتي كنتَ في الحياةِ وها قد *** ذهَبتْ سلوتي وعَزَّ عزائي

ص: 59


1- ولد في سامراء سنة 1325ه، وترعرع فيها، و عاد مع والده إلى الكاظمية سنة 1332ه، فتلقى فيها دروسه على علمائها . هاجر إلى النجف الأشرف سنة 1348ه، لإكمال تحصيله، فقرأ على السيّد الخوئي، و السيّد حسين الحمامي، و الشيخ محمد علي الجمالي الكاظمي، و الشيخ محمد رضا آل ياسين، و غيرهم. أوفده السيّد الإصفهاني، و الميرزا النائيني في سنة 1357ه، إلى الكرادة الشرقية في بغداد للقيام بواجباته الدينية هناك. و له فيها مشاريع محمودة، منها إنشاؤه حسينية الزوية و حسينية الكرادة الشرقية (البو جمعة). وافته المنية سنة 1401ه.
2- موسوعة العلّامة الأوردبادي: 12 /37-39.

(3)

و قال الشيخ جعفر النقدي (1) مؤرّحًا عام وفاته (2):

لمّا غدا الدين حزنًا *** یعنی سليل الأطايب

«عليَّا» الطهر داعي الر *** شاد من من آل غالب

فقیه عترةِ طه *** ربّ الندى و المواهب

من كان للرشدِ حصنًا *** و للهدی خير صاحب

أرَّختُ: «مات علیّ *** و لیُصبحِ الشرعُ نادب»

1355ه-

و كان الشاعر السيِّد مهدي (كافي) بن السيِّد إبراهيم الأعرجي (3)، قد نظم قصيدة في عرس السيِّد علي بن السيد الشيرازي (4)، هي:

برزت أميمة تتقي رقباءَها *** و مشت على عجل تخط قباءَها

و أتت بمنطقةِ الجَمانِ منيرةً *** فغشی صفاء الوجنتين صَفاءَها

هيفاء إن ماست تُقلب ذا الحِجى *** جزما تقلُّبَ فِعلها أسماءَها

ذهبيةُ الخدين مهضمةُ الحشا *** تشكو دلالًا رِدْفَها ورِدَاءَها

ص: 60


1- ولد في العمارة سنة ،1303ه- . تعلم في مدينته، ثم سافر إلى النجف ليتتلمذ على الشيخ محمد كاظم الخراساني، و السيّد محمد كاظم اليزدي. عاد إلى بلدته بطلب من أهلها ألزمه العلماء بقبول القضاء، فاستمر فيه إلى سنة 1343ه، بعدها نقل إلى بغداد في عضوية التمييز الشرعي الجعفري، فسكن الكاظمية المقدسة له مؤلّفات عديدة منها : إيمان أبي طالب، و الأنوار العلوية و الأسرار المرتضوية، و ذخائر القيامة، و غرة الغرر في الأئمة الاثني عشر. توفي في الكاظمية سنة 1370ه.
2- موسوعة العلّامة الأوردبادي: 12/ 105.
3- ستأتي ترجمته في الفصل الثاني.
4- موسوعة العلّامة الأوردبادي: 25/12 - 27 .

كَحْلى و لا تُحْلُ يزينُ جفونَها *** لغساءُ ترعى للذمامِ وفاءَها

ترنو فتخترق المحلّقَ لم تزل *** حتى تخال بجُرْحِهانجلاءَها

يا سعد دع ذكر العذارى واغتنم *** و صفَ ابن حيدرة ودَعْ حسناءَها

الألى هدَوا الأنام وأحكموا *** دينَ الإله وعلَّموا عُلماءَها

بولا هم الأعمالُ تُقبل والذي *** قدشقَّ من نور اسمه أساءَها

والله لولاهم لما خلقَ الوَرى *** و المعصراتِ وأرضها وسماءَها

كلًا ولا بدرًا ولا بخرًا و لا *** فَلَكًا ولا شمسا تضيءُ ضياءَها

هم عله الإيجاد لكن أُمَّةً *** وسَطًا براهم ربُّهم شهداءَها

****

«أ محمد الحسنُ المُهذَّبُ كنتَ في *** صلب المعالي مالكا علياءَها

زنتَ المعارفَ كُلَّها من بعدِ ما *** بين البريَّةِ قد نشرت لواءَها

هذبتَ نفسكَ بالتهجدِ خُلسةً *** أبهرت من تهذيبها عرفاءَها

وطَّدتَ فيك مآثرًا بطفيفها *** جاوزتَ بل بأقله عظماءَها

أجل اتخذت من العلى جوزاءها *** و سموتَ عقلا راسخاً حكماءَها

وبثثت أحكام الإلهِ لخلقِهِ *** إِذْ كُنتَ معْدِنَها وكنتَ وعاءَها

و أقمتَ دينَ المصطفى وأزَلْتَ من *** طبقاتِ دارِ المشركين فناءَها

وهَبَ الإلهُ بلُطفِهِ لكَ منحَةً *** و حَباكَ من أم العلى أكفاءَها

ذات ومن فيض الإله تجسَّمت *** قد شاء خالقُها إذن منشاءَها

أمَّا العلومُ فقد غدتْ شِيعًا لهُ *** كهلاً وعلم يافعا علماءَها

حَبرٌ ولو أنَّ الجبال بكفِّهِ *** وُضِعَتْ لِتَعْدلَ علمَهُ وكُداءَها

خفَّتْ ولولاه لزلزلت الثرى *** لكنَّ أثقل بالتقى بطحاءَها

ولو ازتقى من فوق منبرِ فضلِه *** يومًا لَلَدَّ بفضلِهِ خُصماءَها

ص: 61

حازَ الصفات الكاملاتِ بمهدِهِ *** وأمَدَّ طفلا عقلُهُ عقلاءَها

هُنِّيتَ في عُرس «العلي» و مَن غدا *** بعلاء مجدك قاهرا أعداءها

ويقر منك الطرفُ في الذاتِ التي *** تَخِذت نقاها ربَّها وغذاءَها

ويقَرُطرفُ «محمد» بأخ لهُ *** من كانَ إثمدَ عينه ودواءَها

عُرس به فرح السماء وأرضُها *** وَ الملكُ والملكوتُ تدعو دعاءَها

فإليكَ زُفَّتْ بكر نظم أبهرت *** بنضيد نظمِ وجيزها فُصحاءَها

أمهرتُها فكري و شطرَ تأملي *** و يقل أن أمهرْتُها آراءَها

خُذْها ولم تبرح بعيشٍ رائقٍ *** مهما يُظلِّلُ غُصْنُها ورقاءَها

أخلاق الميرزا محمد ابن المجدد الشيرازي

قال العلامة السيد مهدي الكيشوان الكاظمي، و كان يصف وضعية سامراء على عهد الإمام المجدد الشيرازي، و بهاء العلم بها، و رونق الأخلاق، و سناء الفضيلة.

قال: و كان من تواضع ولده الأكبر، العلامة السيد الحاج الميرزا محمد قدس سرّه و زهده: أنه كان لا يمتاز عن سائر الطلبة في زيه وبزته، و هديه و سلوكه. فكان لا يعرفه يعرفه من لا سابقة له به، و هو على مكانته من العظمة، و بمحله من العلم و التقى و له زلفته من الإمام أبيه.

حتى إن رجلًا من الطلبة الإيرانيين، عاشره ستة أشهر و لم يعرفه، و كان قد سمع أنَّ للإمام المجدد ابنا: اسمه السيد الحاج الميرزا محمد، فسأل بعض ألافه عنه، فقال: هو صاحبك منذ ستة أشهر. فتعجب الرجل من الحال، إذ كان يطوي معه آناء الليل، و أطراف النهار، طيلة تلك المدة، و لم ير معه تمتعا في السلوك، و بذخًا في النفسية، أو ترفّعًا عن مجاراة الناس، أو ميزة في البزَّة، على حين أن أباه أتيحت له رياسة الدنيا، و زعامة الملأ الإسلامي، قضهم بقضيضهم، و هو ممثل كيانه الرفيع، و مرآة شرفه الباذخ، لكنها ضريبة ورثها هؤلاء عن سلفهم الطاهر أمير المؤمنين صلوات الله عليه (1).

ص: 62


1- موسوعة العلامة الاوردبادي: 304/16. و قريب منها في الموسوعة نفسها: 70/11.

قصائد في رثاء زوجة السيّد محمد حسن الشيرازي

و كانت زوجة السيّد المجدّد الشيرازي (والدة السيِّد علي)، و هي ابنة عمه و أخت السيد إسماعيل الشيرازي (1)، قد توفّيت سنة 1303ه، فرثاها عدد من الشعراء، معزّين بها زوجها و أخيها، و منهم شعراء الكاظمية.

(1)

قال الشيخ عبّاس الكركي (2) في رثائها (3) :

خطب دهَى المَكْرماتِ الغُرّ وانصدَعَا *** له العُلى باكي العين دما دُفعَا

یومٌ به شقَّتِ العلياء ذاهلةً *** ثيابها وارتدت من بعدِهِ الجزعَا

يوْمٌ بهِ نِشِبتْ كفُّ المنونِ بمن *** كانتْ سناءَ هُدىً بينَ النِّسا لمعَا

كانتْ كأنَّ النسا مهما تشاهدها *** ترى «البتولَ» على الوصفِ الذي سُمِعَا

فتلكَ منْ بعدِها حَرَّى القلوبُ أسًى *** تبكي عليها وعِزَّ المَكْرُماتِ معَا

بنت الأكارم أمُّ المَكْرُمَاتِ وَ مَنْ *** أضحى لها الشرفُ السامي الذي سَطعَا

تُنمى إلى والد يَنميه والدُهُ *** إلى الألى لعلاهُم غيرُهُم خَضِعَا

زوجُ المُشيدِ لدينِ المصطفى غُرفًا *** ما شادَها قبلَهُ مَنْ رامَها وسَعَى

ص: 63


1- السيّد ميرزا إسماعيل بن رضي بن إسماعيل الحسيني الشيرازي ولد في شيراز سنة 1258ه، هاجر إلى النجف الأشرف و أخذ العلم على ابن عمّه السيّد المجدّد الشيرازي، و تلمّذ عليه مدة طويلة، و هاجر معه إلى سامراء، حتى بلغ من العلم و الفضل و الأدب كلّ مبلغ، وبرز بين أقرانه، و كاد أن يتولى الزعامة الدينية، لولا أن عاجله القدر. و كان مع علمه الجم و تفقهه في الدين أديباً شاعراً كبيراً، له شعر كثير في مدح و رثاء أهل البيت علیهم السلام له: شرح القصيدة الأزرية، و ديوان شعر توفي في الكاظمية سنة 1305ه، و نقل إلى النجف و دفن بالصحن الشريف. و نقل السيّد الصدر في التكملة، عن السيّد المجدّد قوله و قد بلغه نعیه كان نتيجة عمري.
2- مرّت ترجمته.
3- موسوعة العلّامة الأوردبادي: 26/13 - 28 .

«محمَّد حسنُ» تحكيهِ مشرقةً *** ذُكاءُ في بهجة و البدْرُ ما طلعا

بدْرُ الهدايةِ سيفُ الدينِ ساعدُهُ *** كهفُ الأنامِ الذي أحْيى لنا الورَعَا

المحْيي شرعَ الألى قامَتْ بهم عُمُدُ الد *** دِين الحنيفِ المميتُ الغي والبدَعَا

و المقتفي إثرَهُمْ في كلِّ مكرُمةٍ *** لو نالَها غيرُهُ ما نال طمِعا

هم الجدودُ لهُ قذ أورثوهُ عُلاً *** من دونِهِ زُحل مأوى و مرتفعَا

همُ الكرامُ الأُلى تَسري مناقبُهُمْ *** كالشمسِ فيها انجلى ليلُ العمى قِطعًا

كم جاءَ في الذكرِ نصُّ في فضائلِهِمْ *** بقرعِهِ الشركُ والطغيان قد قُمِعَا

غُرُّ الجباه بهم قام الوجود على *** ما شاءَهُ بارئ الخلق وما شرعا

همُ الأُلى ليسَ عِزّ غيرَ عِزّهِمُ *** و المجدُ ليس سوى الخطب الذي قرَعَا

بل عمنا ذلك الخطب الجليل أسًى *** فاترى غير باك يقف مُنْفَجَعَا

و عِزّ من بعدهِ أغلى الأنام يدا *** قُطب العلوم أخاها المجتبى الورِعَا

فذاك بدْرُ الهدى جمٌّ فضائلُه *** في نظمها مليء الكوْنُ الذي اتَّسَعَا

هو السمي «لإسماعيل» وابن فتى *** به القواعد «إبراهيم» قدْ رَفَعَا

هو المنيرُ بأفقِ الفضل كم خجِلَتْ *** منه ذكاء فيغشاها الدجي قطعَا

أماترى حُمرةً تعلو مغاربها *** و عندما الليلُ عنها ثَوْبَهُ انتَزَعَا

لهُ العلومُ وغُرُّ المَكْرُمَاتِ غَدَتْ *** طوعًا فقد نال كلٌّ منهُ ما طَمعًا

باهي بكَ المجدُ أبناءَ العُلا وَ بِما *** حويتَ جُزتَ الذي باراك فانخضعَا

يحكيكَ بدرُ الدجى نورا و في كرمٍ *** لَنَّ السحابِ إذا برقٌ به التمعَا

لكنَّ وجهَك مهما جُدْتَ مُبتهج *** والبدْرُ يُحْجُبُهُ غيثُ متى همعَا

و عزِّ فيها ابنها الندْبَ العلي أخا ال- *** -معروفِ مَنْ لِشَتاتِ الفضل قد جَمعَا

ص: 64

له على قُنَّة العلياء منزلةٌ *** لم يَحظ فيها سوى مَنْ بالعُلا برَعَا

و تربةٌ ضَمَّنتْ «أَمَّا» لَهُ سَعِدَتْ *** على ثراها الحَيا ما انفكَ مُنْهمِعَا

(2)

و قال الشيخ جابر الكاظمي (1) في المناسبة نفسها (2):

أيُّ رزءٍ أشجى الهدى والدِّينا *** حيثُ مأواهما غدا محزونَا

و لأرزائِهِ اعترى الدهرَ رُزءٌ *** ملأ الخافقين طُرًا شجونَا

لِنَوى مَن نوَتْ عن المجدِ ظعنًا *** فيه كم قُوّضتْ لِصفوٍ ظعُونَا

خُلِّدَتْ في النعم لكن عليها *** قد قضت مُهجةُ العفاف حَنينَا

أيُّ رُزءٍ أمسى به الصبر نهبًا *** و حِمی الحزن فيه عادَ مصونَا

أوَ يدري الحِمامُ أَيَّ هُمام *** هَدَّ مِن صبره الحصينِ حُصُونَا

للتي قد حَشتْ حَشا المَجدِ نارًا *** و أسالت من العيونِ عُيونَا

هي فردُ النّساتقى و لهذا *** كانَ في حُبّها التُّقى مفتونَا

قد نمتْها عَفائفٌ لعفافٍ *** مازجتْ رُوحُه تُقّى مکمونَا

بعدها أظلم البسيطُ وكم في- *** -ها تقى أزهر البسيطُ جَبينَا

بنتُ مجدٍ و أمُّ موضع علمِ *** وضعَتْهُ مُبيدَ جهلٍ ذَهِينَا

شَدَّ فیهِ الإله أزرَ أخيه *** منذُ كان الإخاء منه جنينَا

ص: 65


1- مرّت ترجمته.
2- المجدد الشيرازي محمد حسن الحسيني: 1/ 370-372.

نجلُ منْ في جدواه واسى فواسَا *** هُ فتى بالأسى يواسي الحزينا

هوَ مأوى للفضل و هوَ «أبو الفض- *** -لِ» و للفضل لا يزال خدِينَا

مَلِكٌ مُلّكَ المعالي و فيها *** لا الأيادي العظام عاد ضنينَا

فهوَ أمضى من اللوابد عزمًا *** و هوَ أنْدى من الغام يمينَا

لیثُ غاب حمى العرين و حامي *** عن حماه والليت يحمي العرينَا

إن تَسُد في التقى نساء فهذا *** زوجها بالعلوم ساد القرينَا

و هوَ فرد الصلاح ثاني معالٍ *** لم تجد غيرَهُ مَقرًا مكينَا

یم علم طمى بِدُرٍّ و منهُ *** لقطتْ أهلُ العلم دُرّا ثمينَا

بل دراري أفق أضاءت فظنّوا *** دُرَّ يم بصدره مكنونَا

كم بها للعلومِ طرَّزَ عرشًا *** و هَدَى للهُدى و أبهجَ دينَا

صاغه اللهُ للمعالي كتابًا *** لعلوم الإله أضحى مبينا

هو من دوحة النبوّةِ فرعٌ *** أثمر العلمَ حينَ أنَّ غصونَا

كم بنفث للعلم داوى سُقامًا *** و وفَى للعُلى نَداهُ دُيونا

نابَ عن ختم آله في حمى كم *** هو فيه قد نفّذ المسنونَا

و هما واحد بأصل و ذاتٍ *** شأيا عاليا بكُل و دونا

ذاك ختم الهداة من آل ياسي- *** -نَ الأُلى مجدُهُمْ علا عِرنِينَا

و عزيزٌ على هداة البرايا *** أن تراهُ برزئه محزونَا

ليسَ تمحو عنه الغياهب إلّا *** غُرَّةُ الضوْءِ نورها لن يبينَا

لا أَرَتْهُ الكروب من بعدِ هذا *** كُربةً أو ترى الكروب المنونَا

لا أغبَّ الإله من صوب فضلٍ *** فوقَ تربِ العفافِ غيئًا هَتونَا

ص: 66

كيفية وفاة السيد إسماعيل الشيرازي

حدَّث العلّامة الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني (1)، عن أستاذه المحقق الميرزا محمد حسين النائيني: أن الميرزا إسماعيل، لما مرض مرضه الذي مات به، أرسله الإمام المجدد إلى الكاظمية للمعالجة، و بعث معه العلّامة الشيخ حسن الكربلائي، و العالم الورع الشيخ حسن الكاظمي - والد الشيخ محمد علي الراوي للقصة - لتمريضه.

و بعد أيام من ورودهم الكاظمية، أخذت حالته في التحسن حتى اطمأنوا بالصحة، و كتب الشيخ الكاظمي البشارة بها إلى الامام المجدد قال العلامة النائيني: و بعد ما ورد الكتاب بقليل، رأيت الأخلاقي الأكبر الحاج المولى فتح علي السلطان آبادي – خارجًا من سامراء إلى جهة دجلة، حيث المرفأ للبواخر السائرة بين البلدين - فسألته عن مسيره، قال : لا بد من الرواح، فكرّرت السؤال فلم يزد في الجواب على قوله: لا بد من الرواح، ثم لحقه جمع من أصحابه، و سألوه عن مسيره، فأجابهم بمثل ما أجابني.

ثمّ إنه ركب الباخرة وتوجه إلى الكاظمية. قال: ثمّ أتانا نعي السيد الميرزا إسماعيل، و حمل جثمانه إلى النجف الأشرف. ثم أخبرنا الشيخ الكاظمي أنَّه بعد أن تحسنت حاله حتى حصلت لنا الطمأنينة، و نوينا الرجعة إلى سامراء، فاجأه انقلاب في صحته، بلغ به الغاية من المرض، و أغمي عليه، ثم أفاق، و قال: حبذا لو كان الحاج المولى فتح علي يحضرني في آخر نفس ألفظه»، ثم أغمي عليه. و إذا بالمولى المذكور داخلا عليه من دون سابقة. قال : ففتح السيد الميرزا إسماعيل عينيه، و نظر إليه نظرة كانت فيها حياته، وقضى نحبه، و قد بلغ أمنيته الأخيرة من دنياه.

و في هذه القصة فضيلة بارزة لا شيء أوضح منها للمولى المذكور وللسيد المترجم (2).

و ممن أرّخ عام وفاة الميرزا اسماعيل خطيب الكاظمية، الشيخ كاظم آل نوح. ورد في دیوانه (3).

ص: 67


1- ستأتي ترجمته في الفصل الثاني.
2- موسوعة العلّامة الاوردبادي: 33/16-34.
3- ديوان الشيخ كاظم آل نوح: 837/3.

قال مؤرّخًا عام وفاة المرحوم العلّامة السيد اسماعيل الشيرازي(1305ه)، وهو ابن عمّ الحجّة ميرزا حسن الشيرازي، و قد كان في الكاظمية وحمل إلى النجف، و دفن فيها:

دهی خطبٌ فألَّمنا *** و عالمنا قد اختُلسا

فیا ناعٍ بتاریخٍ *** (قضى الحَبرُ الحبيب مسا)

ص: 68

الفصل الثاني : الأعلام الكاظميون الذين أفادوا و استفادوا درسًا و تدريسًا في سامرّاء

اشارة

ص: 69

ص: 70

سيتضمن هذا الفصل تراجم موجزة، لعدد من الأعلام الكاظميين، الذين هاجروا إلى سامراء المقدّسة، و أفادوا و استفادوا درسًا و تدريسًا فيها. و ستأتي أسماؤهم مرتبة وفق تسلسل الحروف.

(1) الميرزا إبراهيم بن الميرزا إسماعيل السلماسي

ولد في الكاظمية سنة 1274ه، و تعلَّم الأوليات فيها على أساتذتها. و حضر في الأصول على الشيخ محمد بن الحاج كاظم، و على الشيخ عباس الجصاني، و على الشيخ محمد حسين الهمداني و في الفقه على السيِّد مرتضى بن السيد أحمد الحيدري، ثم حضر في الفقه و الأصول بحث الخارج عند العلّامة الشيخ محمد حسن آل ياسين، و السيد مهدي الحيدري.

كانت هجرته إلى سامراء سنة 1296ه، و حضر بحث الميرزا محمد حسن الشيرازي. ثم عاد إلى الكاظمية سنة 1303ه، بعد مرض والده فقام مقامه، و وقف في محرابه إمامًا للجماعة في الصحن الكاظمي المقدس.

من تلامذته: السيّد محمد مهدي الموسوي، و الشيخ باقر الخالصي.

كان من العلماء الذين أفتوا بوجوب الجهاد ضد الانكليز سنة 1914م.

توفي في الكاظمية سنة 1342ه- ، و دفن فيها، و ترك خزانة كتب قيمة (1).

ص: 71


1- من مصادر ترجمته أعيان الشيعة: 2/ 112 ، تاريخ الكاظمية : 1/ 423 و 2/ 447 ، كواكب مشهد الكاظمين: 1/ 18 - 20 ، مآثر الكبراء : 2 / 143 - 144 ، معارف الرجال: 1 / 40، نقباء البشر : 9/1 - 10 ، هدية الرازي: 50-51 .

(2) السيِّد إبراهيم بن السيِّد محمد علي الخراساني

ولد في قرية درود سنة 1257ه، و اشتغل بطلب العلم في المشهد الرضوي. ثم هاجر إلى العراق و هو في سن الثلاثين، و بقي في النجف مكبًا على الدرس، فحضر على السيد حسين الترك، و على الميرزا حبيب الله الرشتي، و لازم السيّد محمد حسن الشيرازي قبل، هجرته إلى سامراء.

نزح إلى سامراء مع أستاذه سنة 1291ه، و أقام فيها، ثم جاور الكاظمين بعد وفاة أستاذه سنة 1312ه. قال السيد حسن الصدر في التكملة: «كان يحضر معنا درس سيدنا الأستاذ، و هو مع كمال جدّه و اجتهاده في طلب العلم و المباحثة مع أقرانه، مواظب على السنن و العبادة، بل الزهد و التقشف، و التُمس لإقامة صلاة الجماعة، فصار يصلي في الرواق و الصحن في سامراء».

من أكبر مساعيه في خدمة العراق، ما تقدم به لمقاومة إتمام امتياز النهرين، الذي كاد يُقضى أمره لولا نهضة علماء الكاظمية على ضده.

من تلامذته: الشيخ محمّد صادق الخالصي، والسيِّد إسماعيل بن السيِّد محمّد صادق التنكابني، و الشيخ حسين الطوسي.

توفي في الكاظمية سنة 1328ه، و دفن فيها (1).

ص: 72


1- من مصادر ترجمته: أعيان الشيعة: 2/ 215 ، تاريخ الكاظمية : 449/22 - 452 ، تكملة أمل الآمل: 43/2 - 44 ، كواكب مشهد الكاظمين: 26/1 - 28، نقباء البشر: 1/ 20 - 21، هدية الرازي: 48 - 49.

(3) السيِّد أحمد بن السيِّد مهدي الحيدري

ولد سنة 1300ه- ، ونشأ في الكاظمية. هاجر إلى النجف، و أكبّ فيها على الدر ثم عاد إلى الكاظمية و تتلمذ على والده، و على الشيخ مهدي المراياتي. ثم رجع إلى النجف، و حضر بحث الشيخ محمد كاظم الخراساني، و الميرزا محمد حسين النائيني الذي أجازه بالاجتهاد، و أجازه كذلك الشيخ عبد الكريم اليزدي، و الشيخ مهدي الخالصي. و من تلامذته أولاده الثلاثة.

أقام مدة بسامرّاء يحضر بحث الميرزا محمد تقي الشيرازي (1).

كان من الأوائل الذين لبّوا نداء الواجب المقدس للجهاد ضد الانكليز، و كان في ركاب والده الإمام الثائر السيد مهدي الحيدري. و كان جهاده بقلمه و لسانه لا يقل عن جهاده بیده و سنانه و له رسالة عنوانها (الجهاد الجهاد).

و كان أيضًا من رجال ثورة العشرين، تحت قيادة زعيمها الميرزا محمد تقي الشيرازي. و له الكثير من المواقف الجريئة التي تدل على صلابته في الحق، و خشونته في ذات الله، و غيرته على دينه و وطنه.

خلّف كتابات علمية و استدلالية متفرقة، و هي خلاصة بحثه الفقهي الذي كان يلقيه على تلامذته.

توفي في الكاظمية سنة 1361ه، و دفن في مقبرة الحسينية الحيدرية.

ص: 73


1- من مصادر ترجمته: الإمام الثائر : 163 - 177 ، كواكب مشهد الكاظمين 96/2-98 ، موسوعة الشعراء الكاظميين: 131/1 - 134 .

(4) السيِّد أسد الله بن السیِّد مهدي الحيدري

ولد في سامراء سنة 1290ه- ، وت تلمذ على والده، ثم هاجر إلى النجف، و حضر بحث الشيخ محمد كاظم الخراساني، و الشيخ محمد طه نجف، و شيخ الشريعة الأصفهاني، و غيرهم.

هاجر إلى سامراء، و حضر بحث السيّد المجدّد حسن الشيرازي، و حضر بعده كذلك بحث الميرزا محمد تقي الشيرازي، و تتلمذ عليه.

ولمّا أفتى والده بالجهاد ضد الانكليز، لبى النداء و خرج تحت رايته و لازمه، و أبلى بلاءً حسنا. و في أيام الثورة العراقية الكبرى سنة 1920 م، ناب عن الكاظمية لمطالبة حكومة الاحتلال بحقوق الأمّة الشرعية.

قام مقام أبيه بعد وفاته، و أمّ الجماعة بعده بطلب من الميرزا محمد تقي الشيرازي، فانه قدّمه للإمامة و اقتدى به هو وسائر العلماء. و عرف بقوة الإرادة، و نفوذ الشخصية، و صلابة الرأي، خصوصًا مع السلطة الحاكمة يومذاك، و كان مفزعا للناس في الشدائد و المهمات.

توفي في الكاظمية سنة 1364ه، و دفن في مقبرة الحسينية الحيدرية (1).

ص: 74


1- من مصادر ترجمته : الإمام الثائر : 150 - 162 ، كواكب مشهد الكاظمين : 99/22 - 101، نقباء البشر: 142/1.

(5) الميرزا إسماعيل بن الميرزا زين العابدين السلماسي

ولد في الكاظمية سنة 1242ه، واشتغل في طلب العلم على عدد من مدرسيها. هاجر إلى النجف للدراسة، و حضر على الميرزا حسين اللاهيجي، و على الشيخ المرتضى الأنصاري.

ذكره الشيخ آقا بزرك في هدية الرازي ضمن تلامذة السيد المجدد الشيرازي في سامرّاء.

وصفه السيِّد هبة الدين الشهرستاني بأنه: «كان قدوة أهل العلم في الفضل والتقى، و إمامًا في الروضة الكاظمية على مشرفيها أطيب التحية، و صليتُ خلفه في شبابي، ولم أر في صفوف المقتدين إلا الشيوخ من العلماء، و الوجوه و الأعيان. حدّثني والدي الحسين بن محسن الحسيني، أثناء سفر لنا إلى سامراء، قال: سافرت أنا و العالم الورع التقي، الشيخ ميرزا إسماعيل السلماسي، و لما وصلنا إلى مشهد الولي ابن الولي السيد محمّد [ابن الإمام الهادي علیه السلام]، رأيت من شيوخ البلد و أعرابها احتفالا خاصًا بهذا الشيخ لم أر مثله لغيره».

توفي في الكاظمية سنة 1318ه، و دفن فيها (1).

ص: 75


1- من مصادر ترجمته: أعيان الشيعة : 326/3 ، تاريخ الكاظمية : 12 / 421 - 422 ، تكملة أمل الآمل: 2 180، كواكب مشهد الكاظمين: 43/1 - 45 ، مآثر الكبراء : 2 / 143 ، نقباء البشر: 158/1، هدية الرازي: 66.

(6) السيّد إسماعيل بن السيّد صدر الدين العاملي

ولد في أصفهان سنة 1258ه، و تتلمذ على أخيه السيّد محمد علي آقا مجتهد، ثمّ على الشيخ محمد باقر الأصفهاني. هاجر إلى النجف سنة 1281ه، و حضر على الشيخ راضي النجفي، و على الشيخ مهدي آل كاشف الغطاء، و على الميرزا المجدد الشيرازي.

كان من أعاظم تلاميذ السيّد المجدّد، و أوائل المهاجرين إلى سامراء، و أحد الأقطاب الثلاثة الذين أوكل إليهم التدريس هناك. و من تلامذته: الشيخ عبد الحسين آل ياسين، و ولده الشيخ محمد رضا، و الميرزا محمد حسين النائيني و السيّد علي السيستاني (1))، و السيّد علي آقا الشيرازي نجل أستاذه و غيرهم.

صار مرجعًا للتقليد بعد وفاة استاذه الشيرازي، ثم هاجر من سامراء سنة 1314ه، و استوطن كربلاء، و هاجر معه الأكابر من العلماء (2).

من آثاره: حاشية على مجمع الرسائل، و مختصر نجاة العباد، و منهج الرشاد، أنيس المقلدين.

توفي في الكاظمية سنة 1338ه، و دفن فيها.

ص: 76


1- جد المرجع الأعلى آية الله العظمى السيد السيستاني.
2- من مصادر ترجمته: أعيان الشيعة : 403/3 - 404 ، بغية الراغبين: 1/ 190 - 227 ، تاريخ الكاظمية: 351/1 - 352 تكملة أمل الآمل : 57/12-58 كواكب مشهد الكاظمين: 46/1-49، معارف الرجال: 1 / 115-118 ، 3 101 - 102 ، نقباء البشر: 1/ 159 - 160، هدية الرازي : 68.

(7) السيّد أمان بن السيّد محمد القطيفي

ولد حدود سنة 1300ه. سكن سامرّاء مدة، و هاجر مع من هاجر منها إلى الكاظميّة.

درس على جمع من العلماء الأعيان، كالشيخ ميرزا محمد تقي الشيرازي، و الشيخ محمد جواد البلاغي، و الشيخ محمد كاظم الشيرازي.

ترجمه الشيخ آقا بزرك في نقباء البشر، فقال: «عالم بارع، و ورع تقي».

نوفي في الكاظمية حدود سنة 1352ه، و دفن في النجف الأشرف (1). و كان قد تزوّج في سامرّاء بكريمة السيد محمد علي الكاشاني، نزيل سامرّاء.

ص: 77


1- من مصادر ترجمته: نقباء البشر : 1/ 177.

(8) الميرزا باقر بن الميرزا زين العابدين السلماسي

ولد سنة 1240ه، و بدأ بالدراسة على بعض أساتذة عصره، ثم قرأ على الشيخ محمد علي بن مقصود علي، و على الشيخ محمّد حسن آل ياسين. و كتب تقريراته. و تتلمذ كذلك على الشيخ عبد الحسين الطهراني.

من تلامذته: السيّد حسن الصدر الكاظمي و ابن أخيه الميرزا إبراهيم.

كان عالما مشهورًا بالفضل و التقوى، و قد نال ببركة جده، و وفور فهمه، صينًا كبيرًا في الفضل، و استدارت حوله طلبة العلوم للاستفادة، فكان من صدور العلماء يومئذٍ. و له معرفة في عدّة علوم كالحساب و الاسطرلاب و النجوم. و له منظومة في علم الكلام.

من آثاره تذهيب القبة الشريفة في مشهد الإمامين العسكريين علیهما السلام، بأمر شيخه شیخ العراقين عبد الحسين الطهراني المتصدي لذلك، فأنجزها في سنة 1285ه. و نقل ما زاد من أحجار الذهب إلى المشهد الكاظمي، فبناها في الإيوان الكبير في الطارمة الشرقية.

توفي في الكاظمية سنة 1301ه، و دفن فيها (1).

ص: 78


1- من مصادر ترجمته: تاريخ الكاظمية: 1/ 419 -420 و 2 / 496 - 498، تكملة أمل الآمل : 2/ 210، مآثر الكبراء: 2 / 144 ، نقباء البشر: 1/ 211 .

(9) الشيخ جابر بن الشيخ مهدي بن عبد الغفار

ولد في الكاظمية حوالي سنة 1250ه، و تعلّم فيها مقدمات العلوم الدينية، و درس على علمائها حينًا من الزمن. ثم هاجر إلى النجف الأشرف للاستزادة من العلم، فدرس على الشيخ محمد حسين الكاظمي.

بعد دراسته في النجف انتقل إلى سامراء، فدرس على السيّد المجدد محمّد حسن الشيرازي.

له كتابات في الفقه و الأصول، و له كتاب في ترجمة السيد محمد بن الإمام علي الهادي علیه السلام، و قد ضاع منه قبل نسخه.

انتقل إلى مدينة (بلد) نحو سنة 1306ه- بناءً على طلب سكان تلك المنطقة. و قام هناك بما ينتظر منه من الوظائف الشرعية، و إمامة الجماعة، فأصبح فيها رئيس الدين، و مرجع الناس، و زعيم البلد.

و في سنة 1315 ه- زاره الشيخ آقا بزرك الطهراني في مسجده ببلد، فرآه (شيخًا بهيًّا متواضعًا)، على حد تعبيره.

توفي في بلد سنة 1319ه، و نقل جثمانه إلى النجف فدفن هناك (1).

ص: 79


1- من مصادر ترجمته: تاريخ الكاظمية : 2 / 510 - 512 ، موسوعة الشعراء الكاظميين: 1 / 305-309، نقباء البشر : 1 / 275.

(10) الشيخ حامد بن بن عبد القهار الواعظي

ولد في الكاظمية في سنة 1329ه، و فيها نشأ و ترعرع، و تعلّم الأوليات. و سافر إلى سامراء - بأمر من والده و هو في الثالثة عشرة من عمره، فدرس المقدّمات العلمية، و مقدارًا من السطوح على أساتذتها.

هاجر إلى إيران، و هو في السابعة عشرة من عمره، و تتلمذ في طهران على السيّد أبي القاسم الكاشاني، ثم تنقل في مدن خراسان و قراها لهداية الناس، مشتغلًا بالوعظ و الإرشاد، وك انت أكثر إقامته في سبزوار، و هي التي نزح منها أبوه إلى الكاظمية. ثم عاد إليها بعد ثلاث عشر سنة، و أقام فيها.

اشتغل بالوعظ و الإرشاد، و اشتهر بالتدريس، و أقام الجماعة بمسجد الشريف المرتضى، و ربّى ثلة خيرة من الشباب حيث حضر عنده جماعة في الأصول و المنطق و الفقه. و من تلامذته السيد علي العلوي، و الشيخ حمید الخالصي. و اختاره المرجع السیِّد محمود الشاهرودي و كيلا عنه في الكاظميّة و بغداد، فقام بمهمته خير قيام.

هاجر إلى إيران سنة 1398ه، فنزل مدينة قم المقدسة، و استوطنها، و اشتغل بالتدريس و التأليف، و إقامة الجماعة في مسجد قرب داره.

من مؤلفاته: شرح البهجة المرضية في النحو، و شرح تبصرة المتعلّمين.

توفي في طهران، سنة 1410ه- ، ودفن في مدينة قم المقدّسة (1).

ص: 80


1- من مصادر ترجمته تاريخ القزويني: 4 / 274، خطباء کاظميون: 25-27.

(11) الشيخ حسن بن الشيخ محمّد الجمالي

كان أوائل أمره في الكاظمية قرأ فيها المقدمات، و أتم بعض دروسه العالية، ثم هاجر إلى سامرّاء، فحضر على السيد محمد حسن الشيرازي و ابن عمه السيد إسماعيل الشيرازي، و السيد محمّد الأصفهاني. و كان قد التحق بالسيّد المجدد الشيرازي في سامراء بعد سنة 1300ه، و بقي بها بعد وفاته إلى سنة 1318ه، يحضر على خليفته الشيخ محمد تقي الشيرازي.

سافر إلى طهران ثم إلى خراسان للقيام بالواجبات الدينية و التبليغ. فقد تشرف إلى مشهد الإمام الرضا علیه السلام بعد سنة 1320ه، فصار من مراجع الأمور بها.

كان والده الشيخ محمد ممن له شرف الخدمة في مرقد الإمامين الكاظمين علیها السلام، و من أسرة تعرف ب- «آل الجمالي» ظهر فيها بعض أهل الفضل و العلم، منهم: الشيخ عباس الذي كان مشتغلا في سامرّاء برهة، و في الكاظمية و النجف أيضًا.

توفي الشيخ المترجم سنة 1345ه، و دفن في دار السيادة في المشهد الرضوي الشريف (1).

ص: 81


1- من مصادر ترجمته: نقباء البشر : 1/ 435.

(12) السيد حسن بن السيِّد هادي الصدر

ولد في الكاظمية سنة 1272ه، و قرأ الأوّليات على جماعة، منهم: الشيخ باقر آل ياسين، و السيد باقر السيد حيدر، و الشيخ محمد بن الحاج كاظم، و الشيخ باقر السلماسي و السيد علي عطيفة الحسني، وأتم سطوح الفقه و الأصول على والده و غيره. و هاجر إلى النجف سنة 1288ه، وت تلمذ فيها على أعلامها منهم: الشيخ محمد حسين الكاظمي، و المولى علي الخليلي و السيّد المجدّد الشيرازي.

و كان قد هاجر إلى سامرّاء سنة 1292ه، و بقي فيها سنة و نصف، و رجع إلى النجف. ثم عاد إلى سامراء سنة 1297ه، و التحق بالميرزا الشيرازي حتى وفاته سنة 1312ه، فخرج من سامراء سنة 1314ه، مع جماعة من علمائها، و حلّ ببلدة الكاظمين علیهما السلام.

له عشرات المؤلّفات، منها نهاية الدراية، و تأسيس الشيعة الكرام لعلوم الإسلام، و تكملة أمل الآمل. يروي عنه خلق كثير منهم الشيخ آقا بزرك الطهراني، و السيد عبد الحسين شرف الدين، و السيد المرعشي النجفي.

توفي في بغداد سنة 1354ه، و دفن في الصحن الكاظمي الشريف (1).

ص: 82


1- من مصادر ترجمته: أعيان الشيعة: 5/ 325-326، بغية الراغبين: 1/ 298 - 362 ، تاريخ الكاظمية: 340/1 - 346 و 20/ 539 - 543 ، تكملة أمل الآمل : 114/1 - 122 ، معارف الرجال: 249/1 - 251، نقباء البشر: 1/ 445-449.

(13) السيّد حسين بن السيّد رضا علي الهندي

ولد في كربلاء سنة 1258ه، وهو من بيت شريف رفيع في مدراس. كان أبوه السيد رضا علي من كبار رجال التقوى و الصلاح، و جهبذًا من علماء الطب النابغين. قرأ السيّد حسين القرآن و تعلّم العلوم عند طلاب كربلاء.

و وُصفَ بأنّه أعجوبة عصره، و مجمعًا للكمالات و الفضائل، و كان قارئاً شاعرًا طبيبًا أصوليًّا فقيها. و له تعلّق شديد بإمام العصر (عجل الله فرجه).

درس الطب على الشيخ حسين بن الشيخ علي الأحمر، الكاظمي. و كانت له على ميزته في التجويد ميزة في حسن الخط بالأقلام المختلفة، و عرف بالإمام الهندي، و بسيّد القرّاء.

دخل سامراء فلزمه سيّدنا الميرزا الكبير، و أمره بأن يقيم في سامراء، فأقام بها و استفاد من علومه الجمة ثلة من أهل الفضل.

توفي بسامراء - و كان هناك منذ شهرين - في دار السيد محمد تقي الشيرازي سنة 1334 ه، و دفن في الرواق عند باب الحرم المطهر (1).

ص: 83


1- من مصادر ترجمته: أعيان الشيعة : 20/6 ، تاريخ الكاظمية : 2/ 547 - 550 ، مآثر الكبراء: 2/ 368- 369، موسوعة الشعراء الكاظميين: 2/ 176 - 180 ، نقباء البشر : 2/ 585-586 .

(14) الشيخ راضي بن الشيخ حسين الخالصي

ولد في الكاظمية سنة 1274ه، و نشأ فيها، ثم هاجر إلى النجف مع أخويه، فدرس المقدمات و سطوح الفقه و الأصول. ثم عاد إلى بلدته، فتتلمذ على الشيخ عباس الجصاني، و على السيد علي عطيفة. و عاد إلى النجف سنة 1306ه، فحضر على الميرزا حبيب الله الرشتي و الشيخ محمد حسين الكاظمي. ثم هاجر إلى سامراء، فحضر على السيد الشيرازي. ثم عاد إلى الكاظمية بعد وفاة أستاذه، فاشتغل بالتدريس و نشر الأحكام.

كان من المجاهدين الذين شاركوا في الدفاع عن بيضة الإسلام ضد الاحتلال البريطاني، خرج مع أخيه الشيخ مهدي الخالصي.

من تلامذته: الشيخ مهدي الجرموقي، و الشيخ عبد الحسين البغدادي، و السيّد جعفر الأعرجي و السيّد مصطفى بن السيد إبراهيم الحيدري، و الشيخ مهدي المراياتي، و الشيخان عبد الحسين و علي آل أسد الله، و غيرهم كثير.

له مؤلفات كثيرة، منها: شرح كتاب المعالم، و مختصر الرسائل للشيخ الأنصاري، وحاشية على كتاب القوانين، و منظومات عديدة.

توفي في الكاظمية سنة 1347ه، و دفن في الصحن الكاظمي الشريف (1).

ص: 84


1- من مصادر ترجمته: أعيان الشيعة : 444/6 - 445 ، تاريخ الكاظمية: 402/1 - 403 و 2/ 570، كواكب مشهد الكاظمين 169/12 - 171، موسوعة الشعراء الكاظميين: 5/3-9، نقباء البشر: 718-717/2 .

(15) الشيخ زمان الطبرسي المازندراني

ولد حدود سنة 1226ه، وأصله من قرى سوادكوه. قرأ العربية أوّلا، ثم رحل إلى طهران، و بقي بها عشر سنين مشغولاً بالعلوم. فدرس الفقه و الأصول فيها على المولى هادي الطهراني، و قرأ العلوم العقلية على الآقا علي المدرّس الزنوزي، و السيد أبي الحسن جلوه الأصفهاني، و قرأ علمي الحساب و الهندسة على الميرزا حسين السبزواري. ثم هاجر إلى النجف و بقي فيها خمس سنين يقرأ الفقه و الأصول على الميرزا حبيب الله الرشتي. ثم هاجر إلى سامراء، مستفيدًا من بحث السيد المجدد الشيرازي.

له مولّفات في الفقه و الأصول و الكلام لم تخرج إلى البياض.

كان من من أعاظم الفقهاء و أكابر العلماء، و مشاهير الصلحاء و الأتقياء، و من رجال الدين الأبدال، و أولياء الله المخلصين له في الأقوال والأفعال. و له كرامات و مكاشفات جليلة ذكرها صاحبه العلّامة النوري في بعض مؤلّفاته المتعلقة بالحجّة المهدي علیه السلام.

جاور في آخر عمره بلد الكاظمين، و هو على انزوائه، و قلّة معاشرته، حتى توفي سنة 1322ه، و دفن في رواق الكاظمين علیها السلام (1).

ص: 85


1- من مصادر ترجمته أعيان الشيعة: 68/7 تاريخ الكاظمية : 575/22-576، تكملة أمل الآمل: 3 81 - 83، نقباء البشر: 2/ 792 - 793 ، هدية الرازي: 100 - 101 .

(16) السيّد سعد بن السيّد عبد العظيم آل شديد

ولد في الكاظمية سنة 1283ه، وت تلمذ فيها على والده، و على أفاضلها.

من أهل العلم و الفضل، كان تحصيله في النجف و سامرّاء و الكاظمية. و كان وكيلًا عن أعلام العلماء المقلَّدين، فكان مدة وكيلًا في بلد، و مدة في بعقوبة. و كان حسن المحاضرة، طيب المعاشرة محبًّا للخير.

شارك في الثورة العراقية الكبرى سنة 1920 م، و شارك معه ابنه السيد هاشم.

له شعر، و للشيخ محمّد رضا آل ياسين مقطوعة نظمها في بواكير عمره، قرّظ فيها شعر السيّد سعد آل شديد.

توفي سنة 1358ه- (1).

ص: 86


1- مصدر :ترجمته موسوعة الشعراء الكاظميين: 3/ 135 - 146 .

(17) السيّد صادق بن السيّد باقر الهندي

ولد في النجف سنة 1314ه، و قرأ مقدمات العلوم على فضلائها. ثمّ هاجر إلى سامراء قبيل الحرب العالمية الأولى و هو دون العشرين من عمره، و أقام فيها طوال سني الحرب مكبًا على الدرس و التحصيل العلمي، و كان يحضر على الميرزا هادي الخراساني، و الشيخ محمّد جواد البلاغي و غيرهما.

عاد بعدها إلى النجف، و حضر على الميرزا علي آقا الشيرازي، و السيّد أبي الحسن الأصفهاني، كما كان ملازمًا للشيخ محمد جواد البلاغي. ثم هاجر إلى الكاظمية سنة 1339ه، تتلمذ فيها على الشيخ مهدي الخالصي.

استوطن (بلد) سنة 1346ه، وكيلًا عن عدد من المراجع، و له هناك آثار منها: المدرسة العلمية التي رعاها السيّد الأصفهاني، و إعمار مرقد السيّد محمّد، و استنقاذ الأراضي الموقوفة عليه و تأسيس مشروعي الماء و الكهرباء، و إنشاء قرية عصرية، و عرف عنه اهتمامه الشديد بمكافحة الأمية.

كتب عدة بحوث، منها في القرآن و كتب في العقائد، و له شعر.

عاد إلى الكاظمية سنة 1364ه، ثم استقر أخيرًا بمنطقة الكرادة الشرقية.

توفي في بغداد سنة 1384ه، ودفن في النجف (1).

ص: 87


1- من مصادر ترجمته: تاريخ القزويني: 34/9-48 ، موسوعة الشعراء الكاظميين: 211/3-235، نقباء البشر : 2/ 901.

(18) السيّد صدر الدين بن السيّد إسماعيل الصدر

ولد في الكاظمية سنة 1299ه، و درس المقدّمات في سامرّاء المقدّسة، ثم سافر مع أبيه سنة 1314 ه- إلى كربلاء، و درس فيها. سافر إلى النجف سنة 1328ه- للدراسة. و سافر إلى مشهد سنة 1338ه- للزيارة، فأقام فيها مشغولا بالتدريس مدة ست سنوات، ثم عاد إلى النجف، ثمّ سافر سنة 1349ه، إلى قم ثمّ مشهد، ثم استقرَّ في قم، بطلب من الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي.

من أساتذته: والده، و الشيخ عبد الكريم الحائري، و الشيخ محمد كاظم الخراساني، و الشيخ آقا رضا الهمداني، و الشيخ ضياء الدين العراقي.

من تلامذته: الشيخ لطف الله الصافي و السيد عزّ الدين الزنجاني.

له مؤلّفات كثيرة منها: المهدي، و حاشية على الكفاية، و رسالة في أصول الدين، و رسالة في رد شبهات الوهابية، و مختصر تاريخ الإسلام، و رسالة في حقوق المرأة في الإسلام، و حاشية على العروة الوثقى. و له شعر .

توفي بمدينة قم سنة 1373ه، و دفن هناك في بقعة العلماء، في حرم السيّدة المعصومة (1).

ص: 88


1- من مصادر ترجمته بغية الراغبين 10 / 242 - 244 ، تكملة أمل الآمل : 58/12، مستدركات أعيان الشيعة: 591 ، موسوعة الشعراء الكاظميين : 3/ 282 - 297، نقباء البشر : 943/3-949 .

(19) السيّد طاهر بن السيّد أحمد الحيدري

ولد في النجف سنة 1327ه، و درس هناك. رجع مع و والده إلى الكاظمية، ثم هاجر إلى النجف مرة أخرى، و حضر على أعلامها كالسيد أبو الحسن الأصفهاني، و السيد حسين الحمامي، و السيد أبي القاسم الخوئي.

هاجر إلى سامراء وانصرف إلى الدرس و التدريس، و تتلمذ فيها على الميرزا محمود الشيرازي، و غيره من الأساتذة، ثم عاد إلى مسقط رأسه. و حضر كذلك على السيد أحمد الكشوان، و الميرزا علي الزنجاني، و أخيه السيد علي نقي الحيدري. و ممن يروي عنهم السيّد هبة الدين الشهرستاني.

من تلامذته: السيّد مهدي الصدر، و السيدان إسماعيل و محمد باقر الصدر، و السيدان حسن و صادق الشيرازي و السيّد محمد حسين فضل الله.

انتقل إلى بغداد سنة 1370ه، بطلب من أهلها ليكون إمامًا الحسينية السيد عبد الكريم الحيدري و بعد وفاة عمه السيد راضي سنة 1372ه، انتقل إمامًا لجامع المصلوب حتى وفاته.

من مؤلفاته: كتاب في الأصول، و كتاب في المنطق، و كتاب في مناسك الحج، و كتاب شرح التبصرة، و أدلة الجمع بين الصلاتين، و مجموعة شعرية.

توفي في بغداد سنة 1400ه، و دفن في الصحن الكاظمي الشريف (1).

ص: 89


1- من مصادر: ترجمته کواکب مشهد الكاظمين: 1/ 212 217 ، موسوعة الشعراء الكاظميين: 3/ 386-422.

(20) السيّد طاهر بن السيّد مهدي (كافي) الأعرجي

ولد سنة 1290ه.

حدثني الأستاذ الدكتور حسين علي محفوظ، فقال: كان من أفاضل أولاد السيّد مهدي. و كان أديبا كاملًا. درس على الشيخ عبد الأمير كبّة، و الشيخ محمّد كاظم الشيرازي، في سامراء.

توفي في شهر ربيع الثاني سنة 1335ه.

ص: 90

(21) الشيخ عباس بن محمّد آل أسعد الكاظمي

ولد في الكاظمية في حدود سنة 1275ه، ودرس فيها على مشاهير العلماء منهم: الشيخ أسد الله أسد الله بن الشيخ محمد علي الخالصي، والشيخ علي بن الشيخ محمد تقي آل أسد الله، و الشيخ مهدي الخالصي، و السيد مهدي الحيدري، والشيخ محمد جواد محفوظ، و غيرهم.

قال الشيخ آقا بزرك في نقباء البشر: كان من علماء الكاظمية الأفاضل، و أئمة الجماعة الموثقين. و هو من أهل الفقه و الورع و الفضل و الصلاح، قد عرفته عندما ذهب إلى الجهاد في سنة 1333ه، و قد خدم دينه و أمته في ساحة الحرب مع حجج الإسلام الأعلام، حتى انكسر الجيش، و تراجع و دخل الانكليز. و قد عاد إلى الكاظميّة مشتغلًا بالتدريس و الإفادة و الوعظ و الإرشاد. و قال في هدية الرازي: كان في الأواخر في سامراء ثلاث سنين من الطلاب و المشتغلين عند الشيخ باقر حيدر و غيره. له ديوان شعر.

توفي في الكاظمية سنة 1345ه- (1).

ص: 91


1- من مصادر ترجمته كواكب مشهد الكاظمين : 2422 ، موسوعة الشعراء الكاظميين: 71/4-74، نقباء البشر : 3/ 1015 ، هدية الرازي: 109 .

(22) الشيخ عبد الحسين بن الشيخ باقر آل ياسين

ولد سنة 1277ه، و توفي أبوه سنة 1290 ه، فتولى جده تربيته، و انكبّ على التحصيل، فقرأ النحو على الشيخ أحمد بن الحاج كاظم، و المنطق و المعاني و البيان و البديع و شيئًا من أصول الفقه على السيّد على عطيفة.

هاجر إلى النجف، و حضر درس السيد مهدي الحكيم و غيره حتى نال ما أراده. ثمَّ رجع إلى وطنه، فحضر على الشيخ عباس الجصاني، و السيّد علي عطيفة، و الشيخ محمد بن الحاج كاظم، و قرر مباحث الصلاة من كتاب الجواهر على جدّه الأكبر. و تتلمذ على السيّد إسماعيل الصدر الكبير، فتخرّج عليه في سامرّاء و الكاظمية و كربلاء، فقها و أصولاً.

له إجازات بالاجتهاد من الميرزا حسين الخليلي، و السيد إسماعيل الصدر، و الشيخ محمد كاظم الخراساني، و غيرهم.

من آثاره المطبوعة: رسائل في عدة مسائل، و الرسالة الوجيزة.

توفي في الكاظمية سنة 1351ه، ودفن في النجف (1).

ص: 92


1- من مصادر ترجمته: تاريخ الكاظمية: 313/1-318 ، ماضي النجف 529/3 -530 ، معارف: الرجال : 39/22 - 41 ، نقباء البشر : 1033/3 - 1034 .

(23) الشيخ عبد الحسين بن محمّد جواد البغدادي

(23) الشيخ عبد الحسين بن محمّد جواد البغدادي (1)

ولد في بغداد سنة 1280ه، و نشأ بها محبًّا لدراسة الفقه و العلوم الإسلامية. فهاجر إلى سامرّاء، و أدرك بحث السيّد المجدّد الشيرازي. و لمّا توفي عاد إلى الكاظمية، ثم أقام مدة في كربلاء، يحضر على فضلائها. و بعدها هاجر إلى النجف، و حضر الأبحاث العالية على الشيخ حسين الخليلي، و الشيخ محمد طه نجف، و الشيخ محمد كاظم الخراساني.

ترجّحت له الإقامة في سامراء، و صار هناك من أخص تلامذة الشيخ محمد تقي الشيرازي، و قد أجازه بالاجتهاد. و بقي فيها بعد هجرة أستاذه إلى كربلاء. و لما توفي أستاذه، جاء إلى الكاظمية لحضور مجالس الفاتحة، فالتمسه جماعة من وجهاء بغداد البقاء، فلبي طلبهم و أقام فيهم مرشدًا و مبلغا.

من مؤلّفاته: ذريعة الأمل في أحوال المعصومين، و منار التقى في المواعظ و الأخلاق، و حاشية على كفاية الأصول و شرح الدّرة في الفقه للسيد بحر العلوم، و خير الزاد ليوم المعاد، و هي رسالته العملية، و قد طبعت سنة 1337ه. و له شعر قليل، و له مدائح في الأئمة الأطهار، و مختارات من الأدب و الشعر.

من تلامذته: السيد مصطفى الحيدري، و الشيخ مصطفى البغدادي.

في بغداد سنة 1365ه، و دفن في النجف الأشرف (2).

ص: 93


1- خال المؤرخ عبد الستار الحسني.
2- من مصادر ترجمته معارف الرجال 502 - 51 ، موسوعة الشعراء الكاظميين: 298/4 - 300، نقباء البشر : 3/ 1035 - 1038 ، هدية الرازي: 111 .

(24) الميرزا عبد الله بن المولى أحمد الزنجاني

ولد في زنجان، و درس هناك المقدمات و شطرًا من الفقه و الأصول، ثم هاجر إلى العراق، فدرس في كربلاء، و حضر على الشيخ عبد الحسين الطهراني و الشيخ زين العابدين المازندراني. كما حضر في الكاظمية بحث الشيخ محمد حسن آل ياسين. ثم حضر في النجف بحث السيد حسين الكوهكمري مدة، و عاد إلى الكاظمية، و لازم فيها الشيخ آل ياسين.

و في نيف وتسعين ومئتين سافر إلى الهند، ثم رجع إلى زنجان، فتوقف سنينا، و صار مرجعًا هناك. و قبل سنة 1300ه، عاد إلى الكاظميّة. و في حدود سنة 1300ه، هبط سامراء و لازم درس السيّد المجدّد الشيرازي، و لما توفي سنة 1312ه، سافر إلى النجف، فاختص بالميرزا حسين الخليلي.

من مؤلّفاته: كتاب الإشارات في الأصول، و كتاب تسهيل الوصول إلى علم الأصول، و رسالة في حكم الشبهة المحصورة، و شرح على نجاة العباد لصاحب الجواهر، و رسالة وجيزة في علم الأخلاق، و تقريرات لدرس أستاذه الميرزا الشيرازي في الفقه، و حاشية على القوانين، و شعر بالعربية و الفارسية.

ثم سافر إلى إيران، وزار الإمام الرضا علیه السلام، ثم رجع إلى الكاظميّة و بقي إلى أن توفي فيها سنة 1327ه، ودفن في الرواق الكاظمي (1).

ص: 94


1- من مصادر ترجمته: أعيان الشيعة 46/8 ، كواكب مشهد الكاظمين: 251/1-252 ، نقباء البشر: 1191/1 - 1192 ، هدية الرازي: 114 - 115 .

(25) الشيخ علي بن الشيخ محمّد تقي آل أسد الله

ولد سنة 1283ه- ، و تتلمذ على أبيه، و على الشيخ راضي الخالصي.

رحل إلى سامرّاء، و اشتغل بالعلم سنين طويلة أيام مرجعية آية الله الميرزا المجدّد الشيرازي فيها. و قرأ كذلك في سامراء على السيّد عزيز الله، ثم درس على السيد إسماعيل الصدر، و قرينه السيد محمد الأصفهاني.

من تلامذته: الشيخ عباس بن محمد آل أسعد الكاظمي.

له: حاشية على رسالة نجاة العباد و رسالة في الفتاوى

وصفه الشيخ آقا بزرك بقوله: «فقيه ورع، و عالم فاضل. لازم أبحاث العلماء حتى بلغ درجة سامية في العلم و الفضل، و هو من العباد الزهاد التاركين للدنيا، المنزوين عن الناس».

توفي في الكاظمية سنة 1330 ه- (1). و نقل إلى النجف فدفن هناك.

ص: 95


1- من مصادر ترجمته أعيان الشيعة 445/6 ، تاريخ الكاظمية : 12 / 285-286 ، تكملة أمل الآمل: 2/ 236 ، المحقق الشيخ أسد الله الكاظمي: 110 - 111 ، نقباء البشر: 4 / 1356 .

(26) السيّد محسن بن السيّد علي الحيدري

ولد سنة 1298ه، و مات والده و هو صغير، لم يتجاوز عمره ثلاث سنين، فقامت والدته بتربيته و رعايته و توجيهه أحسن قيام.

كان من العلماء العاملين، و الفضلاء الأتقياء، و من المجاهدين في سبيل الله، و الذابين عن حرماته، و الناصحين لعباده، و من المعروفين بكثرة الورع، و حسن الأخلاق، و سداد الرأي، و علو الهمة.

و هو ممن خرج إلى حرب الإنكليز الغزاة حين أفتى عمه المجاهد السيّد مهدي الحيدري، بوجوب الجهاد المقدس، و النفير العام.

تلقّى في الكاظمية مبادئ العلوم، ثم هاجر إلى النجف الأشرف و سامرّاء، وح ضر الأبحاث و الدروس، و عاد إلى الكاظمية، و صار يؤم الجماعة في أحد مساجدها، وي عظ و يرشد إلى الخير والصلاح. و اتصل في آخر أمره بالمجاهد الشيخ مهدي الخالصي، و صار المعتمد الأول عنده، حتى ولاه جميع شؤونه العامة، و جعل بيده إدارة مدرسته العلمية.

من تلامذته: السيّد هاشم الحيدري و السيّد عبد اللطيف الوردي.

في سنة 1342ه، سافر لزيارة الإمام الرضاء علیه السلام، و توفي عند عودته إلى طهران، سنة 1343ه. و دفن بصحن الشاه عبد العظيم (1).

ص: 96


1- من مصادر ترجمته الإمام الثائر : 140-142 .

(27) الشيخ محمّد أمين بن الشيخ حسن أسد الله

ولد في الكاظمية سنة 1267ه، و نشأ على أبيه و على أخوته، و قرأ مبادئ العلوم على أفاضل عصره، كالشيخ عباس الجصاني، و السيّد باقر السيّد حيدر الحسني، و السيّد علي عطيفة الحسني، و الشيخ جعفر آل ياسين، و درس كتاب (الرسائل) في الأصول على الشيخ محمّد حسين الهمداني.

هاجر إلى النجف الأشرف سنة 1289ه، و حضر عند الشيخ محمّد حسين الكاظمي، ثمَّ رجع إلى الكاظميّة. و هاجر إلى سامراء، و درس على الميرزا محمّد حسن الشيرازي مدة طويلة، ثم عاد إلى الكاظمية، فقرأ على الشيخ محمّد حسن آل ياسين، ثم لازم أخاه الشيخ محمّد تقي.

أجازه بالرواية الشيخ محمد حسن آل ياسين، و الشيخ محمد حسين الكاظمي، و السيّد محمّد هاشم الخوانساري.

من مؤلّفاته: بلغة الأبرار في الأدعية و الأذكار، و كتاب في الأصول، و مبنى الأصحاب، في قاعدة الاستصحاب، و رسالة في قاعدة الإمكان، وغيرها.

توفي في الكاظميّة سنة 1334ه، و دفن فيها (1).

ص: 97


1- من مصادر ترجمته أعيان الشيعة ،137/9 ، تاريخ الكاظمية : 292/1-294، كواكب مشهد الكاظمين: 2/ 22-24 ، المحقق الشيخ أسد الله الكاظمي : 122 - 130، موسوعة الشعراء الكاظميين: 6 / 86-88 ، نقباء البشر : 1/ 178 .

(28) السيّد محمّد بن السيّد جعفر شبر

ولد في أصفهان سنة 1270ه، و لمّا توفي أبوه سنة 1280 ه- غادرها مع أخيه الأصغر و صهره إلى الكاظميّة، حيث مقر أبيه وجده من قبل. قرأ المبادئ على أبيه، و حضر على بعض فضلاء الكاظميّة كالسيّد هادي الصدر، و الميرزا إسماعيل السلماسي، و الشيخ محمد حسين الهمداني. ثم هاجر إلى النجف و قرأ على علمائها، وسافر أخيرًا إلى سامراء و حضر بحث الميرزا محمد حسن الشيرازي، حتى أجازه. ثمّ أقام في البصرة بعد أن طلبه أهلها من أستاذه. و كان لا يقيم فيها أكثر من فصل الشتاء، و يقيم بقية أيام السنة في الكاظميّة، مواظبا على القيام بواجباته الدينية، من درس و تدريس، و بحث و تأليف و إقامة صلوات الجماعة في الصحن الكاظمي.

من مؤلفاته: إكسير السعادات في أحكام العبادات و المعاملات، و مقتدى الأنام في شرح شرائع الإسلام، و اللوامع في الطب، و كشف اليقين في أصول الدين، و هداية المستهدين في الفقه، و منتخب عجائب الأخبار .

توفي في البصرة سنة 1346ه، و دفن في النجف (1).

ص: 98


1- من مصادر ترجمته أعيان الشيعة 204/9 ، تاريخ الكاظمية : 395/12-396، موسوعة الشعراء الكاظميين : 6/ 98 - 99 ، نقباء البشر: 5 / 183 - 184 .

(29) الشيخ محمّد جواد محفوظ

ولد في الكاظميّة سنة 1281ه- ، و قرأ على فضلائها. هاجر إلى سامراء للتحصيل سنة 1306ه، فقرأ بها على السيد إسماعيل الصدر، و الميرزا حسين النوري، و لازم السيد محمّد الأصفهاني، و حضر عند السيد محمّد حسن الشيرازي، ثم رحل سنة 1309ه، إلى النجف بعد (الفتنة التي حصلت في سامرّاء).

من أساتذته في النجف: الشيخ علي رفيش، والشيخ محمّد حسن آل صاحب الجواهر. ثم عاد إلى سامراء و استأذن السيّد الشيرازي في الرجوع إلى (الهرمل)، فأذن له و استوطنها برهة. و عاد إلى الكاظمية، و استوطن بلد حينا، و كربلاء طورًا، و بلد تارة، و طويريج اخرى. و كان في غضون تلك السنين يلمّ بالهرمل، و يعرج على الكاظمية. حتى استوطن الهرمل سنة 1345ه.

من مؤلّفات : الشهاب الثاقب في الرد على ابن حجر و النواصب، و غرر الأقوال في الصلاة على محمّد و الآل، و اليواقيت في الرد على الطواغيت، و تعليقة على المعالم في الأصول، و حاشية على قطر الندى، و أرجوزة في النحو، و أراجيز أخرى مختلفة، و شعر كثير.

توفي في الهرمل بلبنان سنة 1358ه، و دفن هناك (1).

ص: 99


1- من مصادر ترجمته: تاريخ الكاظمية : 557/2 ، معارف الرجال : 2 / 224 -225، موسوعة الشعراء الكاظميين: 6 / 139 - 140 ، نقباء البشر : 3/ 1181 .

(30) الشيخ محمّد حسن كبّة

ولد في الكاظمية سنة 1269ه، و كان في أوائل أمره مشغولا بالتجارة، و مع ذلك قرأ المقدّمات، و انصرف إلى النظم و النثر، فكانت له مساجلات مع كثير من الأدباء و الشعراء. ثمّ اعتزل التجارة، و هاجر سنة 1299ه- إلى النجف، و تتلمذ على بعض أعلامها، و عاد إلى الكاظميّة، فكان يقرأ فيها على الشيخ محمد بن الحاج كاظم، و على الشيخ عباس الجصاني.

ثم عاد إلى النجف فتتلمذ على الشيخ عبد الله المازندراني، و على الشيخ آقا رضا الهمداني. و رجع ثانية إلى الكاظمية. بعدها كانت هجرته إلى سامراء سنة 1306ه، و درس فيها، و اختص ببحث الميرزا محمّد تقي الشيرازي، و أمضى في سامراء 29 سنة، حتى بلغ درجة الاجتهاد، و شهد له بذلك جماعة من الفقهاء؛ كالشيخ محمد طه نجف، و الشيخ آقا رضا الهمداني، و الشيخ عبد الله المازندراني، و الميرزا محمّد تقي الشيرازي.

من مؤلّفاته: المواقيت للصلاة، و المواسعة و المضايقة، و شرح كتاب الصوم من إرشاد العلّامة، و حاشية على المكاسب، و حاشية على الوسائل و حاشية على معالم الأصول، و الفوائد الرجالية، و الرحلة المكيّة. و له شعر .

توفي في النجف سنة 1336ه، و دفن هناك (1).

ص: 100


1- من مصادر ترجمته: أعيان الشيعة: 174/9-179 تكملة أمل الآمل : 330/5-331، معارف الرجال : 2 / 240 - 243 ، موسوعة الشعراء الكاظميين: 6 / 179 - 187، نقباء البشر : 401/1 .

(31) الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب الهمداني

كان عالماً ،فاضلا، أديباً لبيبًا، لغويَّاً، فقيها ،أصوليا، متكلّاً، شاعرًا، مصنفًا جامعا للفنون، حسن المحاضرة، جيّد الخط.

من مشايخ إجازته: أستاذه الشيخ مرتضى الأنصاري، و الشيخ عبد الحسين الطهراني، و الشيخ راضي النجفي، و الميرزا علي الخليلي، و الشيخ محمد حسين الكاظمي، و الشيخ حسن بن الشيخ أسد الله الكاظمي. و قد جمع إجازات العلماء له في كتاب سماه الشجرة المورقة.

له مصنّفات كثيرة، منها: فصوص اليواقيت في نصوص المواقيت، و قرط العروس، و عصمة الأذهان، و درة الأسلاك في حكم دخان التنباك، و المواعظ البالغة في الفقه و التفسير، و ملوك الكلام، و المشكاة في مسائل الخمس و الزكاة، و قد كتب الميرزا محمّد حسن الشيرازي تقريضًا عليه، و غير ذلك من المنظومات و المنثورات. و كانت له خزانة كتب نفيسة.

أقام مدّة في سامراء في سنة 1285ه- وسنة 1290ه، و درّس فيها، و أرّخ لتوسعة الحضرة العسكريّة، كما ألف فيها بعض (1) كتبه بها.

توفي في الكاظمية سنة 1305 ه- ، و دفن فيها (2).

ص: 101


1- نزهة القلوب والخواطر ، تحقيق الشيخ لطف زاد، وتولّى طبعه ونشره مركز تراث سامراء سنة.
2- من مصادر ترجمته: أعيان الشيعة: 394/9 - 395، تاريخ الكاظمية: 602/2-604 ، تكملة أمل الآمل (55 كواكب مشهد الكاظمين: 22 / 265 - 268 ، معارف الرجال : 354/2-356، موسوعة الشعراء الكاظميين : 50/7-57 ، نقباء البشر : 236/5-237 .

(32) الشيخ محمّد علي بن الشيخ حسن الجمالي

ولد في سامراء سنة 1309ه- . و نشأ على أبيه، فمال إلى طلب العلم .

كان عالما فاضلا، فقيها، أصوليًا، بحاثًا، حسن الأخلاق، سافر مع أبيه إلى مدينة مشهد المقدّسة، و قرأ على علمائها. ثم بعد ذلك هاجر إلى العراق للتحصيل، فبقي مقيما في الكاظمية ما يقرب من خمس سنين. و كان يحضر درس السيّد حسن صدر الدين في الفقه خارجًا. ثم انتقل إلى النجف، فلازم درس الميرزا محمد حسين النائيني، و كان يكتب تقريراته، حتى من أبرز تلامذته. و تتلمذ كذلك في سامراء على الميرزا محمد تقي الشيرازي.

من آثاره: تقريرات أستاذه النائيني (تمام دورة الأصول)، و كتاب الصلاة، و كتاب التجارة، و رسالة في الصلاة، و رسالة في اللباس المشكوك.

من تلامذته: السيد شهاب الدين المرعشي و الشيخ عبد الله السبيتي، و الشيخ عز الدين الجزائري الشيخ محمّد بن الشيخ صادق الخالصي.

توفي سنة 1365 ه. و دفن في مقبرة أستاذه النائيني في الصحن العلوي الشريف (1).

ص: 102


1- من مصادر ترجمته نقباء البشر : 4 / 1386 - 1390 .

(33) الشيخ محمّد علي بن الشيخ مهدي عبد الغفار

ولد في الكاظميّة حدود النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري، كان من أهل الفضل و الكمال، و المعرفة و حسن السليقة، في الجمع و التأليف. برع في الخطابة و اشتهر بها، و عُدّ من رجالها النابهين و ذوي الأسلوب المرغوب فيه، و الطريقة المقبولة. سكن سامرّاء سنينًا كثيرة، ثم هبط ناحية بلد فكان لمنبره فيها رواج كبير، و سكن في السنوات العشر الأخيرة من عمره في الدجيل و تيلتاوة، فكان مرجعًا للأمور هناك، و موضع ثقة و حب و احترام.

له مؤلّفات منها: وقايع الأيام من الأحزان و المسار على اختلاف الروايات و الأخبار، و تفصيل وقائع الأيام، و كشف الغطاء عن حديث أصحاب الكساء، و تحف الأخبار في أحوال المعصومين الأبرار، و جواهر الأخبار، و كشف الغيوب عن الغائب المحجوب، و له شعر.

توفي سنة 1345ه، و دفن في النجف الأشرف (1).

ص: 103


1- من مصادر ترجمته: أعيان الشيعة : 444/9 ، نقباء البشر: 1543/4-1544 .

(34) السيّد محمّد مهدي بن السيّد اسماعيل الصدر

ولد في الكاظميّة سنة 1296ه، و درس علوم العربية و ما إليها في سامرّاء حيث كان والده فيها، و تتلمذ على عدة من الأعلام الذين تخرجوا من حوزة أبيه، كالشيخ محمد حسين الطبسي و الشيخ حسن الكربلائي.

هاجر إلى النجف سنة 1319ه- ، فلازم أعلامها: الشيخ محمّد كاظم الخراساني، و الشيخ آقا رضا الهمداني، و الشيخ محمد طه نجف، فرجع سنة 1324ه- إلى أبيه، و قد أحرز ملكة الاجتهاد. و كان أبوه قد استوطن كربلاء مع ثلة من أعلام حوزته، بعد هجرتهم من سامرّاء.

كان من الأعلام الذين ساهموا في الثورة العراقية سنة 1338 ه- / 1920م، و له مواقف لا تنسى في استنقاذ الحسينية في جانب الكرخ من أيدي البهائية.

من آثاره العلمية: مختصر نجاة العباد، و شرح التبصرة، و شرح الشرائع، و له رسالتان عمليتان عربية و فارسية، وت عليقات على كل من كفاية الأصول و التبصرة و العروة الوثقى و الجامع العباسي. و له شعر في اللغتين. و كانت لديه مكتبة مهمة تحوي بعض المخطوطات النفيسة.

توفي في الكاظمية سنة 1358ه، و دفن مع و الده في الرواق الكاظمي (1).

ص: 104


1- من مصادر ترجمته كواكب مشهد الكاظمين: 1/ 420 - 422 ، موسوعة الشعراء الكاظميين: 198-191/7 ، نقباء البشر : 428/5 . ولكاتب هذه السطور رسالة مستقلة في ترجمته طبعت سنة 2017م.

(35) السيّد محمد مهدي بن السيّد صالح القزويني

ولد في الكاظمية سنة 1282ه، و درس الأوليَّات فيها. سافر إلى سامراء سنة 1299ه، أيام السيّد ميرزا محمّد حسن الشيرازي، و لبث فيها برهة، قضاها بالدراسة و التحصيل و التحقيق. و من أساتذته فيها: الميرزا إبراهيم بن المولى محمد علي المحلاتي، و الشيخ إسماعيل الترشيزي. ثم سافر إلى النجف و لبث فيها مدة يدرس على شيوخها. ثم عاد إلى سامرّاء، و من أساتذته: السيد محمد حسن الشيرازي و الميرزا حسين النوري، و الميرزا محمد تقي الشيرازي، و شهدوا باجتهاده و بقي بها حتى سنة 1315ه.

ثم سافر إلى طهران و درّس فيها حتى سنة 1321ه. سافر إلى مكة و المدينة و مصر، و له مناظرات مع علمائها هناك. و سافر إلى أذربيجان و القفقاس، و رجع إلى طهران، و غادرها إلى الكاظميّة. ثم استقر في الكويت ست عشرة سنة، و له مواقف مشهودة فيها.

له مؤلّفات كثيرة، منها: ضربات المحدثين و زينة العباد، و كشف الحق، و منهاج الشيعة، و خصائص الشيعة و غلبة البرهان، و ظهور الحقيقة، و له شعر.

توفي في البصرة، سنة 1358ه، و دفن في النجف الأشرف (1).

ص: 105


1- من مصادر ترجمته: أعيان الشيعة: 10 / 153 ، نقباء البشر : 449/5 - 450 .

(36) الوزير محمّد مهدي بن الشيخ محمّد حسن كبّة

ولد في سامرّاء سنة 1318ه، و بدأ دراسته فيها، و غادرها إلى الكاظميّة مع أسرته، بعد احتلال الانكليز لها. و أكمل تحصيله في مدرسة الشيخ مهدي الخالصي الكبير الدينية. و تدرّج في تثقيف نفسه تثقيفا ذاتيًا، مستعينًا ببعض أفراد أسرته، فنظم الشعر، و شرع في ترجمة رباعيات الخيام نظمًا، و تعلّم شيئًا من أصول اللغة و آدابها، و من الفقه و المنطق.

أسهم في ثورة العشرين، و كان داعيةً نشطا، فضلا عن نشره عددًا من نتاجاته في الشعر و الأدب و السياسة في الصحف المحلية يومذاك. و في أعقابها قام بتأسيس الجمعية الوطنية التي كانت تمثل جبهة المعارضة، بعدها اندمجت مع الحزب الوطني بزعامة جعفر أبو التمن. و في عام 1935م أسهم في تأسيس نادي المثنى بن حارثة في بغداد. وفي عام 1937م انتُخِبَ نائبًا في مجلس النواب، توّج نشاطه السياسي بتأسيس (حزب الاستقلال) في عام 1946م، و أصدر جريدة (لواء الاستقلال). و تولّى وزارة التموين في وزارة السيد محمد الصدر، و استقال منها في السنة نفسها، و تفرّغ لشؤون الحزب. و بعد انبثاق الحكم الجمهوري سنة 1958 م، عين عضوا في مجلس السيادة.

من مؤلّفاته: الحركة القومية و أهدافها، و مذكراتي في صميم الأحداث.

توفي بتاريخ 28 آذار سنة (1) 1984.

ص: 106


1- من مصادر ترجمته: تاريخ القزويني: 106/27-173، موسوعة أعلام العراق: 196/1.

(37) السيّد مرتضى بن السيّد أحمد الحيدري

ولد في الكاظمية بحدود سنة 1250ه، و نشأ في أحضان أبيه، و سعى للاشتغال و التحصيل، فقرأ على أعلام بلدته و منهم الشيخ محمد حسن آل ياسين، و السيد هادي الصدر. ثم هاجر إلى النجف، و انقطع إلى الدراسة و التحصيل. و من أساتذته هناك: الشيخ محمد حسين الكاظمي، و الميرزا محمد حسن الشيرازي، و الميرزا حبيب الله الرشتي، و الشيخ محمّد حسن آل ياسين و غيرهم كما هاجر إلى سامراء، و أكمل تحصيله على أستاذه السيد الشيرازي و رجع إلى بلده، فكان به صدرًا من أعلامه.

و ممن قرأ عليه الشيخ مهدي الخالصي، و السيد عيسى بن السيد جعفر الأعرجي، و الميرزا إبراهيم السلماسي، و غيرهم كثير.

لم يبرز من قلمه إلا القليل من المؤلّفات، كحاشيته على نجاة العباد.

توفي في الكاظمية سنة 1313 ه، و شيع جثمانه إلى مثواه الأخير، في الحسينية الحيدرية (1).

ص: 107


1- من مصادر الترجمة: أعيان الشيعة: 116/10 - 117 ، الإمام الثائر : 143 - 145، تاريخ الكاظمية: 1381/1 - 382، تكملة أمل الآمل : 75/2 ، الحقيبة : 474/4 ، كواكب مشهد الكاظمين: 2/ 120 - 121 ، نقباء البشر : 335/5 .

(38) السيّد مرتضى العسكري

ولد في سامراء سنة 1332ه- ، و درس فيها مقدمات العلوم الدينية لمدة سنتين. ثم سافر إلى مدينة قم سنة 1350ه، و بقي فيها حتى سنة 1353ه، و رجع إلى سامرّاء لاستكمال دراسته. ثم عاد إلى قم، و بعدها ارتحل إلى الكاظمية، و تعرّف على الأستاذ أحمد أمين، فأسسا مدرسة ابتدائية ألحقت بمنتدى النشر. و تنقل في بعض مناطق بغداد كالبياع و الكرادة.

من مؤلفاته: معالم المدرستين، و القرآن الكريم و روايات المدرستين، و عبد الله بن سبأ و أساطير أخرى، و خمسون و مئة صحابي مختلق، و أحاديث أم المؤمنين عائشة، و آية التطهير في مصادر مدرسة الخلفاء، و غيرها.

أحيى جمعية الصندوق الخيري الإسلامي، التي كان قد أسسها السيد هبة الدين الشهرستاني، و أسس باسمها عددًا من المؤسسات التعليمية، و الرعاية الصحية، و أصدر مجلة رسالة الإسلام عن (كلية أصول الدين) و غيرها.

و من أهم أعماله: تأسيس معاهد تربوية تخرّج منها جيل رسالي هادف، حمل هموم الإسلام، و ساهم في نهضته في العراق و أشهرها كلية أصول الدين.

توفي في طهران سنة 1428ه- ، و دفن بمدينة قم المقدسة (1).

ص: 108


1- من مصادر ترجمته: تاريخ القزويني: 28/ 300-321.

(39) السيّد مهدي ( كافي) بن السيّد إبراهيم الأعرجي

ولد في سامرّاء سنة 1256ه، ونشأ فيها محبًا لطلب العلم، فجد في طلبه حتى أصبح أحد رجال الفضل و الكمال. و لبث في سامرّاء، و حضر عند الميرزا محمّد حسن الشيرازي.

و يقال إنّه لقب بذلك، لكونه ولد لأبويه بعد زمن طويل من زواجهما، لم يرزقا فيه ولدًا، فلمّا ولد قالت أمه: (هذا كافي)، فلقب به و اشتهر فيه.

كان عالماً جليلا، رئيسًا، أديبًا فاضلاً، شاعرًا بارعًا له تأليف كثيرة ضاعت منها: كتاب الصلاة، و كتاب المواريث.

استطاب الشعر و تذوّقه، فحفظ منه ما أعجبه حفظه، ثم مارس نظمه، وله منظومة في أصول الدين.

توفي في الكاظميّة سنة 1314ه، و دفن في الصحن الكاظمي الشريف (1).

ص: 109


1- من مصادر ترجمته: تاريخ الكاظمية : 253/12 - 254 ، كواكب مشهد الكاظمين: 449/1 -450 ، موسوعة الشعراء الكاظميين: 413/7 - 419.

(40) السيّد مهدي بن السيّد إبراهيم الخراساني

ولد حدود سنة 1291ه، و تربّى في حجر أبيه، و تتلمذ عليه، و قرأ في سامرّاء على أفاضلها، و تخرّج في الفقه و الأصول على العلّامة السيّد حسن الصدر الكاظمي.

عالم فاضل فقيه، كان يدرّس في الأصول والفقه. ورث من أبيه تقواه و زهده و وداعته، و حسن سيرته، و مكارم أخلاقه، و هو محل وثوق الناس، و لا يشكّ أحد في عدالته و ثقته، و كان من أئمة الجماعة في الصحن الشريف.

توفي سنة 1369ه، و دفن في الرواق الشرقي للحرم الكاظمي المطهّر (1).

ص: 110


1- من مصادر ترجمته: تاريخ الكاظمية : 609/2 ، كواكب مشهد الكاظمين: 451/1 ، نقباء البشر : .423/5 - 424 .

(41) السيّد مهدي بن السيّد أحمد الحيدري

ولد في الكاظمية بعد سنة 1250ه، و درس المقدمات فيها، و بعد أن فرغ من مرحلة السطوح، ترك مدينته و هاجر إلى النجف الأشرف لإكمال دراسته، و من أساتذته فيها: الشيخ محمد حسين الكاظمي، و الميرزا حبيب الله الرشتي، و الميرزا محمد حسن الشيرازي. و كان إذا جاء إلى بلده حضر بحث الشيخ محمد حسن آل ياسين، و بحث السيد هادي الصدر. و لما هاجر أستاذه الشيرازي إلى سامراء، هاجر تابعًا أثره، و حضر عنده حتى نال الاجتهاد، و عاد إلى الكاظميّة سنة 1309 ه. و في أواخر أمره صارت له مرجعية التقليد.

من تلامذته: الميرزا إبراهيم السلماسي و الشيخ مهدي المراياتي، و الشيخ أسد الله الخالصي، و الشيخ مهدي الجرموقي، و الشيخ عبد الحسين البغدادي.

من مؤلّفاته: كتاب الطهارة، و كتاب الصلاة، و كتاب الصوم، وحاشية على رسائل الشيخ الأنصاري، و رسالتان عمليتان بالعربية و بالفارسية.

علّامة فقيه متبحر، ورع تقي، من حجج الإسلام، و مراجع الأحكام. قاد جموع المجاهدين إلى حرب الانكليز ، سنة 1333ه- / 1914م.

توفي في الكاظمية سنة 1336ه، و دفن مع أخوته بالحسينية الحيدرية (1).

ص: 111


1- من مصادر ترجمته أعيان الشيعة 143/10 ، الإمام الثائر : 27-94 ، تاريخ الكاظمية: 372/1- ،381 تكملة أمل الآمل : 102/6 - 103 ، معارف لرجال : 2 / 143 - 145 ، نقباء البشر : 427/5 - 428 ، هدية الرازي: 155 .

(42) الشيخ مهدي الخالصي الکبیر

ولد في الكاظمية سنة 1276ه، و قرأ بعض مقدمات العلوم في النجف الأشرف مع والده. و عاد إلى بلده، و أكمل دراسته على أساتذتها، و منهم: الشيخ عباس الجصاني. ثم رجع إلى النجف، و ممن حضر عليهم الشيخ محمد حسين الكاظمي، و الميرزا حبيب الله الرشتي، و الشيخ محمّد كاظم الخراساني.

هاجر إلى سامراء، و حضر على السيّد المجدّد الشيرازي. ثم رجع إلى مسقط رأسه الكاظمية، و فتح باب التدريس، و صارت له حلقة واسعة من الطلاب الأفاضل.

له مؤلّفات كثيرة منها: كتاب الشريعة السمحاء في الفقه، و العناوين في الأصول، و حاشية على كتاب الكفاية، و كتاب تلخيص الرسائل للأنصاري، و كتاب القواعد الفقهية. و له منظومات في العلوم العربية المختلفة.

كان من العلماء المجاهدين الذين قادوا المسلمين إلى حرب الإنكليز سنة 1333ھ/ 1914 1 / 1914م. و قد شارك بعد الاحتلال في الثورة العراقية سنة 1920م، و بعد خمودها أصبحت السلطة المحتلة تخشاه، و أبعدته إلى خارج العراق، حتى انتهى به المقام في مدينة مشهد المقدّسة.

توفي في خراسان سنة 1343ه، و دفن في الرواق الرضوي المطهّر (1).

ص: 112


1- من مصادر ترجمته: أعيان الشيعة: 157/10 - 158 ، تاريخ الكاظمية: 403/1-406، معارف الرجال : 3/ 147 - 150 ، موسوعة الشعراء الكاظميين : 440/7 ، نقباء البشر : 5 / 439 - 440 .

(43) الشيخ هاشم بن مهدي الكاظمي

ولد في الكاظميّة سنة 1290ه، و بها نشأ و تفقه على الشيخ عبد الحسين البغدادي. ثم سافر إلى سامرّاء بغية إكمال دراسته، فلبث فيها نحوًا من سبعة أعوام، متتلمذا على أساتذتها، ثم عاد إلى الكاظميّة.

هاجر إلى النجف الأشرف، و حضر عند علمائها، و لازم الشيخ محمد كاظم الخراساني، حتى مات سنة 1329ه، فرجع إلى الكاظمية و حضر عند الشيخ مهدي الخالصي، و قد كان يعتمد عليه. و لازم الشيخ مهدي المراياتي حتى برع، و كان يحضر عند السيد مهدي الحيدري. و تتلمذ على الفيلسوف أغا نور الله التبريزي (سلطان العلماء)، عند قدومه إلى الكاظميّة و تخرّج عليه في الحكمة و الفلسفة و الكلام.

كان عالماً جليلًا، أديبًا فاضلا، شاعرًا مجيدًا، و كان حاد المزاج. حفظ جلّ خطب أمير المؤمنين علیه السلام، و كثيرًا من المختصرات في الفقه و الأصول و الحكمة و الفلسفة و المنطق و فنون اللغة العربية، و نظم الشعر .

لازم الشيخ مهدي الخالصي، و كان له مقام محمود في الجهاد معه في العراق و إيران. و لمّا أبعد الشيخ الخالصي إلى خراسان سنة 1341ه، قدمها الشيخ هاشم و لازمه، و كان يفديه، يبدأ بالأكل أولا، حتى توفي مسموما سنة 1343ه، و دفن هناك (1).

ص: 113


1- من مصادر ترجمته موسوعة الشعراء الكاظميين: 133/8 - 139.

(44) السيّد هبة الدين الحسيني الشهرستاني

ولد في سامراء سنة 1301ه، و كانت بداياته الدراسية فيها. و رجع مع أبيه إلى كربلاء، بعد وفاة السيد الشيرازي سنة 1312ه، فقرأ على فضلائها، ثمّ هاجر إلى النجف الأشرف، و لازم حلقات الأكابر كالشيخ محمد كاظم الخراساني، و السيّد كاظم اليزدي، و شيخ الشريعة الأصفهاني، حتى شهدوا له بالاجتهاد.

و من العلماء الذين أجازوه بالرواية: الميرزا حسين ،النوري، و السيد حسن الصدر الكاظمي، و الشيخ آقا بزرك الطهراني، و هو يروي عنه (إجازة مدبجة).

له مؤلّفات كثيرة، منها: نهضة الحسين و الهيئة ،و الإسلام، و تحريم نقل الجنائز، و مواهب المشاهد في واجبات العقائد و المعجزة الخالدة، و الدلائل و المسائل، و ثقات الرواة، و صدف ،اللآلئ، و أسرار الخيبة في الشعيبة.

و من آثاره المهمّة: إصدار مجلة العلم، و تأسيس مكتبة الجوادين العامة، و تأسيس جمعية الصندوق الإسلامي الخيري. و كان له دور كبير في جهاد الانكليز 1333ه- / 1924م، و ثورة سنة 1920 م.

شغل منصب وزير المعارف، و رئيس مجلس التمييز الجعفري.

توفي سنة 1386ه، ودفن في مكتبته بالصحن الكاظمي الشريف (1).

ص: 114


1- من مصادر ترجمته أعيان الشيعة: 10 / 261 ، كواكب مشهد الكاظمين: 1/ 481-484 ، معارف الرجال: 319/2-320، موسوعة الشعراء الكاظميين: 140/8 - 157 ، نقباء البشر: 1413/4 - 1418.

(45) الحاجة الأديبة هداية بنت الشيخ محمّد حسن كبّة

ولدت سنة 1308ه، و نشأت و تعلمت في سامراء، أيام كان أبوها هناك للدراسة. و بيت كبة من البيوت الرفيعة التي خدمت الحركة العلمية و الأدبية أكثر من قرن، و لهم أيادٍ بيضاء في تشجيعها، و كانت مواسم أفراحهم و أتراحهم مضامير تتبارى بها شعراء العراق، فضلًا عن اشتهارهم بالتجارة.

و لا عجب أن تنشأ في مثل هذه الأسرة بنت أديبة شاعرة كالسيدة هداية كبّة. و كانت تنشر شعرها باسم (أم صاحب الملائكة)، و قد نظمت كأبيها أرجوزة عند ذهابها إلى الحج. و من نظمها ما قالته عندما زارت بيت طفولتها بسامراء:

أحييكِ يا دار الطفولة و الهنا *** و أذكر أيامًابها كلّها عبر

و أسأل عن أهلي الذين عهدتهم *** أهل رحلوا أم أسلموا ليد القدر؟

توفيت في بغداد سنة 1398 ه، و هي والدة الشاعرة (أم نزار الملائكة – سليمة)، وجدة الشاعرة نازك الملائكة (1).

ص: 115


1- من مصادر ترجمتها تاريخ القزويني: 285/30 - 286 ، موسوعة الشعراء الكاظميين: 158/8 - 159 .

ص: 116

الفصل الثالث : النتاج العلمي و الأدبي للأعلام الكاظميين

اشارة

ص: 117

ص: 118

من كتاب نزهة القلوب للميرزا محمد بن عبد الوهّاب الهمداني

كما مرّ بنا، من أنَّ بعض الأعلام الكاظميين أقاموا في سامرّاء، و ذلك ينتج أعمالًا علمية و أدبية، من تلمذة و تأليف و إجازات و مراسلات و صلات مع الآخرين، و تبادل و تلاقح أفكار ينعكس بشكل أو آخر على مجمل النتاج الفكري في هذه المدينة المقدّسة.

و ممن ألف و هو في سامرّاء، إمام الحرمين الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني، فإنّ بعض آثاره كانت هناك، و منها كتاب «نزهة القلوب و الخواطر ببعض ما تركه الأوائل و الأواخر». علیهما السلام و هي بيت إمامنا المنتظر علیه السلام.

في هذا الكتاب، تحقيق و إجابة (23) مسألة، في فنون مختلفة. و مما تضمنه هذا الكتاب: إنشاء صلوات من المؤلّف على الهادي النقي علي بن محمد علیهما السلام، و على أبي الإمام المنتظر الحسن بن علي علیه السلام، و على صاحب العصر و الزمان علیه السلام. نوردها فيما يأتي بنصها:

الصلاة و السلام على الهادي النقي، علي بن محمد علیهما السلام (1)

«اللهمَّ صلّ وسلّم على بضعة الأنبياء، و سلالة الأولياء، و وصيّ الأوصياء، و سبط الأتقياء، و خلف الأمناء، الناموس الأعلم، و القاموس الأعظم، من رُفعت له الأستار، بأمر الملك الستار، و أخرج من اسطوانة تمرًا و عنبًا و رمَّانة، و شكى قوم إليه الجوع و الضر، فضرب يده إلى الأرض و كان لهم الدقيق و البرّ، و أرى ابن سعيد الجنان و القصور، و الولدان و الحور، و الظباء و الطيور، و أنهارًا تفور، فحار بصره و حسر نظره، و امتلأ الجراب الخالي، دنانير بأمره العالي، و ارتفع في الهواء حتى غاب، و رجع بطير من طيور الجنة ثمّ سيّبه فآب، و لم يوقره في المجلس شاب مغرور، فكان بعد ثلاث من أهل القبور و أخبر بما كان و بما يكون و عنده من حروف الاسم الأعظم اثنان و سبعون، و مصَّ حصاة و وضعها في فم أبي هاشم

ص: 119


1- نزهة القلوب والخواطر : 31 .

ليتعلم اللغات، فتكلم و قتئذ باثنين و سبعين لسانًا، بأكمل البلاغات، و شكى إليه ضيق يده، فناوله كفَّا من الرمل الأصفر، فإذا هو يتَّقد كالنيران ذهبًا أحمر ، و قوّى كُمَيْته فصلّى الفجر ببغداد، و سار عليه فأدرك الزوال من يومه بسر من رأى و عاد، و مات حمار بعض الأعلام، فوكزه برجله اليمنى فقام، و نزل إلى السباع فتذللت إليه، و خضعت لديه، و مدَّت بأيديها، و وضعت رؤوسها بين يديه، تتمسح بثيابه و تدور حوله، و هو يمسح برؤوسها في أعظم صولة، و أجزل العطاء لثلاثة من الأخيار، فدفع إلى كلّ ثلاثين ألف دينار، و هياً من الطين كهيئة الطير، و نفخ فيه فطار، و اشتدَّ بجموع الحرّ و العطش و الجوع، و هم في أرض ملساء، و صحراء قفراء، خالية من الماء، و الظل و الكلا، فأظهر لهم أعذب عين، و شجرتين تُظلّلهم عظيمتين، فلما ارتحلوا لم يقفوا على أثر و لا عين و أبرأ الأكمه و الأرمد، و علم بما يحدث الصيف من البّرْدِ و البَرَد، و خط بيده خطة كالدائرة، فإذا سبيكة ذهب يخطف الباصرة، و أخبر بخراب ما في سر من رأى من العمارة، حتّى يكون فيها خان ربعًا للمارة، و ظهر له السطل و الماء السخين في الشتاء للهجود، و قلامة ظفره أكرم على الله من ناقة ثمود، و أنفذ بشرًا لشراء فتاة أضاءت في الديجور، و ملائكة خدمها الملائكة و الحور، خطبها النبي لابنه من وصيّ المسيح لتلد النور من النور، و وضع إصبعه على شكل سبع في ستر الباب، و قال قم فخذ هذا المرتاب، فوثب منه أسد عظيم كاشر الأسنان، و ابتلع المشعبذ و رجع كما كان، فتحيّر الجميع من هذا المشكل، و سقط لوجهه المتوكل، و عرض عليه عسكره، و هم تسعون ألف فارس، فدعا الله، فإذا بين السماء و الأرض ملائكة فوارس، و عزم على قتله فدعاه إليه، فلما دخل رمى بنفسه من السرير وانكب عليه، و قبل بين عينيه و يديه، و امتلأت قلوب غلمانه خوفًا، و رأوا حوله أكثر من مئة و سبعين سيفًا، فسجدوا له إعظاما، و سقطوا لوجوههم إجلالا له و إكراما، و دخل يوما عليه، و خمسون غلاما بين يديه، فخرُّوا تعظيما لديه، فذبحهم جميعا، فأحياهم علیه السلام سريعا، و علم بما يكون من المطر، و بما في نفوس البشر، و قال فيما يغتدي و يروح، تجنبوا جعفرًا فإنَّه مني بمنزلة نمرود من نوح، و أخرج من الأرض لمحتاج أضمر في نفسه السؤال، نُقرةً صافيةً فيها أربعمئة مثقال، العالم الفقيه المرتضى الوجيه الطيب الكريم، الفتاح العليم، الناصح الأمين، و الإمام المبين أبي الحسن علي النقي الهادي، صلوات الله و سلامه عليه ما ترنّم الحادي.

ص: 120

السلام عليك يا ولي الله يا بن رسول الله، إنا التجأنا إليك، و خضعنا بين يديك، و اتخذنا وِلاءك ذريعة لنجاتنا، و توسلنا بك إلى الله في مناجاتنا، فاشفع لنا عند الله في قضاء حاجاتنا».

الصلاة و السلام على أبي الإمام المنتظر الحسن بن على علیهما السلام (1)

«اللهمَّ صلَّ و سلّم على المخلص الوفي، و الخالص الزكي و السراج المضيء، من تكلَّم في اللغات بأبلغ البلاغات، و أحاط بالعلم المكنون، و أخبر بما كان و بما يكون، و مشى في الأرض فلم يُرَ له ظلال، و ميَّزه الله عن الرجال بمعرفة الأنساب و الحوادث و الآجال، و لولا لم تتضح المحجّة، و لم يكن فرق بين المحجوج و الحجة، و مدَّ يده إلى ربه المتعالي و ردّها و قد ملئت لآلى، و أعاذه الله من الاحتلام، و من شرِّ الأحلام، كآبائه الكرام، فحالهم في المنام، كحالهم في اليقظة على عكس الأنام، و لا تمسَّهم زلّة الشيطان، و ليس له على المخلصين سلطان، و طوى المكان، و سار في أسرع زمان من سر من رأى إلى جرجان، و جدد العهد بالإخوان، و مسح ثمَّة على عيني ضرير فعاد بصيرًا، و قضى حوائج الجميع صغيرًا و كبيرًا، و دعا لقومه، و انصرف من يومه، و كذب عروة عليه، فما أمهله يومه حتى قبضه مالك إليه، و خطر ببال بعض زائريه أنه فقد منديلا فيه دنانير، فأخبره، قبل أن يسأل الخبير، أنَّه سقط منه و أخذه أخوه الكبير، و دعا لعين فأفاقت و قد كانت على شُرف الذهاب، و أجاب عن كتاب كتبه إليه بلا مداد بعض النصّاب، و ضرب بيده البساط و ليس شيء عليه، فقبض قبضة من دنانير و أعطاها البزاز ثمن حبرتيه، و خرج راهب إلى الصحراء و معه نفر، و مد يده فهطلت السماء بالمطر، فشكّ أكثر الناس و غدوا حيارى، و صَبَوْا إلى دين التصاري، فاستخرج من بين أصابعه عظم نبي من الأنبياء، و استسقى فتقشَّعت السماء، و طلعت الشمس بيضاء، و كان يكتب كتابًا فحان الزوال، فوضعه و قام إلى الصلاة لذي الجلال، فمرَّ القلم بنفسه على باقي القرطاس، حتى انتهى إلى آخر الكتاب على أعين الناس، و حُبس عند أشدِّ الناس غيظًا عليه، فسخَّره حتى خضع لديه، و وضع خديه، و كان لا يرفع بصره إليه، و قال له يوما

ص: 121


1- نزهة القلوب والخواطر : 33 .

بعض الإخوان، أنت حجّة الله و قد حُبست في هذا الخان، فأشار بيده فإذا حواليه روضات عالية، قطوفها دانية، فيها أنهار جارية، و أعطى لمن قعد له على ظهر الطريق، و شكى إليه الحاجة و الضيق، مئة ذهب أحمر، و أخبره بما دفنه و ادَّخر، و طبع في حصاة اليماني، و أنال الأنام الأماني، و مسح على جانبي بعض الأعلام، و كان لا يستطيع أن ينام على يمينه فنام، و دخل عليه من أراد أن يسأله نقارًا، يصوغ به للتبرك خاتما ينال به فخارا، فنسي ما جاء له و رجع قهقرى، فرمى إليه خاتما و قال ربحت الفصَّ و الكراء، و خاطب الذئب فكلمه و سلّم عليه، و ارتعدت فرائص الموكَّلين به إذ نظروا إليه، و رُمي إلى السباع فوثبت من الصولة، و رُئي قائما يصلّي و هي حوله، و انفتح له الباب المقفل، و أنبا بما عملوا من الفجور في الليل الأليل، و عجزت راضة الأنام عن بغل يمنع ظهره و السرجَ و اللجام فألجمه و أسرجه و ركبه و حمله على الهَمْلَجة، و حكّ بسوطه الأرض و أحسبه غطّاه بمنديل، و أخرج خمسمئة دينار لمن اشتكى إليه الحاجة و هو عليل، و شكى إليه رجل ضيق الحبس و كَلبَ القيد، فكتب إليه تصلّي اليوم الظهر في منزلك و تكفى الكيد، و أخرج في داره عينًا أعذب من السلسل، ينبع منها اللبن و العسل، و شكوا إليه قلة الأمطار، فكتب كتابًا إلى الأقطار، فكشف الله عنهم الكرب، و أمطروا كأفواه القِرَب، و شكوا كثرة الأمطار، فختم الأرض فأمسكت السماء عن الأمطار، و لبس الناعم م الثياب للأنام، و الخشن تحته للملك العلام، و أمر غلمانه الوالي، بضرب مُحبّة الموالي، فصرفه الله عنه فأصابوا تارة الأرض، و أخرى عُدل بأيديهم فضر بعضهم البعض، و سلك المحجّة، فهدأتِ الدواب و سكنت الضجّة، و غاب تحت مُصلَّاهُ في الأرض، ثم آب و معه حُوتُ عظيم الطول و العرض، و أخبر بقتل المهتدي، و أخذ الآس و جعله درهما للمجتدي، وجه الله الوضي، و عبده المرضي ذي الحلم الحيدري، و العِلْمِ الجعفري، أبي محمد الحسن العسكري، صلوات الله و سلامه عليه ما أضاء المُشتري».

ص: 122

الصلاة و السلام على صاحب العصر و الزمان علیه السلام (1)

السلام عليك يا وليَّ الله يا بن رسول الله، إنا التجأنا إليك، و خضعنا بين يديك، و اتخذنا ولاءك ذريعة لنجاتنا، و توسَّلنا بك إلى الله في مناجاتنا، فاشفع لنا عند الله في قضاء حاجاتنا.

اللهم صلِّ وسلّم على خليفتك في أرضك، المحيي لسنتك و فرضك، حجتك في بلادك، و شاهدك على عبادك الداعي إليك، و الدليل عليك عين الحياة، و سفينة النجاة، النجم اللائح، و الخلف الصالح، هادي الأمَّة، و خاتم الأئمة، من آتاه الله الحكمة و الإمامة صبيًّا، كما جعل عيسى في المهد نبيًّا، و قرأ القرآن و هو جنين، و وُلِدَ متَلقَّيًا للأرض بالجبين، ساجدًا لرب العالمين، ثمَّ جثى على ركبتيه، و رفع سبابتيه، و وحد الله الذي جلَّ عن الشبيه، و صلَّى على نبيه النبيه، وابن عمه و بنيه، حتّى وقف على أبيه، ثم تلا ما أنزل الله على رسله كتابًا كتابًا، و ما أوحاه إلى أنبيائه باباً باباً، و حملته أمه في جنبها كآبائه الكرام، فهم يحملون في الجنوب لا في البطون كسائر الأنام، و يخرجون من الفخذ الأيمن لا من الأرحام، نور الله الذي لا تناله دناسة، و لم يُر بأمه دم في نفاسها و هي في غاية النفاسة، و ولدته مشرقًا منه النور، منيرًا للديجور، ساطعًا من فوق رأسه إلى البيت المعمور، نظيفا مختونا ، تخاله درا مكنونا، فتناوله أبوه و الطير يرفرف على رأسه، فأدلى لسانه في فيه و غذَّاه بأنفاسه، و قال لطير منها احمله و كن من حراسه فطار به رُوح القدس الموكَّل بالأئمة، ليسدّدهم و يُسرَّهم بالعلم و الحكمة، ثم ردَّه إلى أمه، و أذهب عنها الحزن، كما ردَّ موسى إلى أمه كي تقر عينها و لا تحزن، و تكلّم في المهد بالحكمة وسدده الله بالعصمة، و فضَّ الختم عن هدايا الأنام، و ميّز بين الحلال منها و الحرام، و هو ابن ثلاثة أعوام، و أجاب عن معاضل في التأويل، و مشاكل في التنزيل، و عوائص مسائل غرر، و غوامض عجزت عن حلّها الفكر، و هو إذ ذاك غلام كفلقة قمر، فاق المشتري في الخلقة و المنظر، على رأسه فرق بين و فرتين، كأنَّه ألف بين واوين، و بعث المعتضد غلمانه ليكبسوا داره عليه، و يأتوا برأسه الشريف إليه، و إذا ببيت كبير فيه بحر

ص: 123


1- نزهة القلوب والخواطر : 35 .

غزيز، و في أقصى البيت حصير، مفروش على الماء، وهو قائم فوقه يصلي لربّ السماء، فسبق أحدهم ليتخطّى البيت، فاضطرب غريقًا حتى سقط كالميت، فمدَّ صاحبه يده إليه، و أخرجه مغشيّاً عليه، و أخبر بالآجال، و بصرر الرجال، و بما فيها من الأموال، الإمام الطيب العنصر، نجل الأولياء في الأعصر ، المعقود على معاليه الخنصر، صاحب الغيبتين، و من مثله في هذه الأمَّة مثل الخضر و ذي القرنين الغائب المستور، المنتظر الظهور، بقيّة الله و صفيّه، سمي رسول الله و كنيّه، أبي القاسم محمد بن الحسن صاحب الزمان، صلّى الله عليه و على آبائه مدى الأزمان، و عظم له البرهان، و أحكم له البيان، و عجّل ظهوره، و أظهر نوره، و أفلج حجّته، كما رفع درجته، و أنفذ أمره، كما أطال عمره، و كفاه بغي حاسديه، و أعاذه من شر كائديه، و قصم به ظهور كلّ جبّار، و أحمد بسيفه كل نار و هدم به أركان الضلال، و أهلك بعدله كلَّ جائر مختال، و أجرى حكمه على كلّ إنسان، و أذلَّ بسلطانه كلَّ سلطان، و استأصل من أراد إخماد ذكره، و جحد حقه و استهزأ بأمره، و قمع به الجحود، و أقام به الحدود، و جدّد به ما محى من الدين، و أحيى به ما عطّل من كتابه المبين، و أمات به بدع المبتدعين، و نصر به الإسلام، وأظهر به ما أُخفي من الأحكام، حتى يعود الدين على يديه غضًا طريا، و الإسلام جديدًا قويا.

اللهمَّ إِنَّكَ أمهلت عبادك حتّى ظنُّوا أَنَّك أهملتهم، و أجلتهم حتّى توهّموا أَنَّكَ أجللتهم، فأظهر وليَّك الذي يعمر البلاد و يأمر العباد.

السلام عليك يا من انتهت إليه الحكمة، و الإمامة، و شرفه الله تعالى بالكرامة إنا التجأنا إليك، و خضعنا بين يديك، و توسَّلنا بك إلى الله في مناجاتنا، و اتخذنا وِلاك ذريعة لنجاتنا فاشفع لنا عند الله في قضاء حاجاتنا.

اللهمَّ إِنَّ هؤلاء أُمناؤك الأعلام، و خلفاؤك على الأنام، و قد خلقتهم من نورك قبل خلق آدم علیه السلام، و غذيتهم بحكمتك، و ربَّيتهم بنعمتك، و غشيتهم برحمتك، و رفعتهم في ملكوتك، و حففتهم بملائكتك و جعلتهم ألسنة و حيك، و تراجمة أمرك و نهيك، فهم دعائم الدين، و أكارم الحجج الهادين و حملة التنزيل، و العلماء بالتأويل، و درسة الإنجيل، و خير جيل من سُلالة الخليل، و هداة السبيل، و الدليل إلى الجليل، قلوبهم أوعية مشيَّة الله،

ص: 124

فإذا شاؤوا شاء الله، و لا يشاؤون إلا ما يشاء الله، أضاءت الأكوان، و أشرقت عوالم الإمكان، و لهم جرى قلم الإبداع، و خلق الأجناس و الأنواع، و بهم سمعت الأسماع، ورأت العيون، و حملت البطون، و وعت القلوب و أدركت العقول، و لولاهم ما جرت الأنهار، و لا اخضرت الأشجار، و لا أينعت الثمار و لا فُتحت أبواب البركات، و لا نبتت في الأرض نبات، و لا رفع البلاء، و لا كُشف اللأواء.

اللهم أنت عظمتهم و كرمتهم، و آتيتهم كل فضيلة، و فضَّلتهم على كل قبيلة، و وهبت لهم المنزلة الجليلة، و أمرتنا أن نتخذهم إليك وسيلة، فنسألك يا من يُتوكَّلُ عليه في الملمات، و يُتوسّل إليه في المهات و يا من لا تغشاه الظلمات و لا تتشابه عليه الكلمات، أن تُثبتنا في ولائهم لِنصطحبهم جهازًا، و تُنفقه على الصراط و نجد جوازا، و نجعله بيننا و بين النار حجازًا، و تُوجب لنا بهم غفرانك، و تمنحنا جنانك، و تكشف بجاههم عنا السوء، و تدفع عنا ما يسوء، و تكفينا المؤونة، و تكفّل لنا المعونة، و تُسهل لنا الحزونة، و تُنيلنا المنى، و تُذهب عنا العناء، و تحصن ديننا بالغنى، و تؤوينا من قفر، و تغنينا من فقر، و تمدَّ بحقهم في آجالنا، و تُبلغنا أفضل آمالنا، و تُذلَّ من ناوانا، و تهلك من عادانا، و لا تدع لهم نخلًا إلّا عقرته، و لا عمرًا إِلَّا بترته، و لا مالا إلّا ،نهبته، و لا ملكًا إلّا سلبته، و لا ذرية إلا سبيتها، و لا عافية إلا زويتها، إنَّك على ذلك قدير، و بالإجابة جدير.

و مما نقله إمام الحرمين رحمة الله، عن سامراء (1):

أرسل ناصر الدين شاه سنة 1284ه- الشيخ عبد الحسين بن علي الطهراني (ت 1286ه)، و نفرا من العَمَلَة، لعمارة العتبات و المشاهد، و من جملتها تذهيب قبة العسكريين علیهما السلام، في سامرّاء.

كان ناصر الدین شاه مغرماً ببناء المدارس و المساجد و عمارة العتبات و المشاهد حتى أنَّه أرسل إلى العراق المولى الشيخ عبد الحسين الطهراني، و نفرًا من العملة لعمارة المشاهد المطهَّرة، و ذهبوا قبة العسكريين علیهما السلام.

ص: 125


1- ينظر نزهة القلوب والخواطر : 38-45 .

حكاية ذهابهم إلى سامرّاء

«ثمَّ ذهَبوا إلى سامراء وذهبوا بمنظر من الأعداء، قبَّة العسكريين علیهما السلام المفضلة على قبة السماء، على ساكنها أحسن التحية و أزكى الثناء، بما ينيف على ثلاثين طابقًا من الذهب الأحمر، يُتراءى شعاعه لعين كلّ راء من مسيرة يومين أو أكثر، و فوقها تمثال شمس من ذهب يتوقد كشمس الضحى، يدور إذا لعبت به الريح دور الرحى و الله در القائل:

انظر إلى القبَّة الغرّا مذهبةً *** كأَنَّما الشمس أعطتها محياها

ثم أورد الميرزا الهمداني أبيانًا من قصيدة للشيخ جابر الكاظمي، كنا قد أوردنا القصيدة بتمامها في كتابنا (قوافي الولاء من الكاظمية إلى سامرّاء) (1).

و لم يزل شيخنا الحرّ الأخلاق، مدة إقامته بالعراق، مشغولًا مع الأصحاب بعمارة الأعتاب، إلى أن دعي فأجاب، و بعد أن تمت العمارة، تاقت نفس ناصر الدين شاه إلى الزيارة».

قال ياقوت الحموي (ت (626ه) : (سامراء) لغة في (سرّ من رأى) مدينة كانت بين بغداد و تكريت على شرقي دجلة .... و فيها لغات: (سامراء) ممدود، و (سامرا) مقصور، و سرَّ من رأى مهموز الآخر، و (سر من را مقصور الآخر.»

أقول: تقع سامراء شمال مدينة بغداد، على بعد نحو (124) كيلومترا، على الضفة اليسرى من نهر دجلة. و الناظر إلى مدينة سامراء، يرى هناك قبتين، إحداهما مغشاة بزلاج الذهب، و الثانية مغشَّاة بالكاشي الأزرق الملون.

أما القبة الزرقاء فيقع تحتها الجامع الكبير، و ما يسمّى سرداب الغيبة، و هي مستديرة الشكل.

أمّا القبَّة الذهبية فيقع تحتها ضريحا الإمامين علي الهادي و ولده الحسن العسكري علیهما السلام، كما يوجد معهما في الضريح جعفر بن علي الهادي و أخوه حسين، و الشريفة حكيمة بنت محمد الجواد، و الشريفة نرجس زوجة الإمام الحسن العسكري، و غيرهم من آل البيت الأطهار؛

ص: 126


1- قوافي الولاء من الكاظميّة إلى سامراء : 23 - 28 .

و القبة الذهبيّة تقع في وسط الصحن الشريف.

إنّ قبَّة الإمامين مطلية بالذهب، الذي تبرع به السلطان ناصر الدين شاه القاجاري، و ذلك سنة 1285ه، كما هو مكتوب على القبَّة نفسها. و هذه القبَّة من أكبر قباب الأئمة في جميع أنحاء العالم الإسلامي، حيث يبلغ محيطها (68) مترًا، وقطرها (22) مترا) و (43) سنتيمترًا، كما يبلغ عدد طابوق الذهب الملصوق بها (72000) طابوقة.

و بالجهة الجنوبية من الحضرة تقع منارتان مغشّاتان بالكاشي الأزرق، يبلغ ارتفاع كلّ واحدة منها، من الأرض إلى فوق (36) مترًا. و أما من سطح الحضرة فيبلغ (25) متراً، و في داخل الصحن يوجد (45) إيوانًا ، 16 من الغرب و 9 من الجنوب و 20 من الشرق.

و حدثت حوادث في مدينة سامراء، في أيام المعتمد، و هاجر الكثيرون من الناس، فبعد أن كانت مدينة سامراء من أكبر بلاد العالم و أجملها، و أكثرها إزدهارا، فإذا بها انقلبت إلى مدينة مهجورة قل ساكنوها، و بقيت محلّة العسكري مأهولة.

وكان السامرّاء نهضة علمية، لما سكنها الميرزا السيد محمد حسن الشيرازي رحمة الله، و صارت إليه الرحلة العلمية من الآفاق، و كانت في عصره مدرسة عظمى للشيعة في العلوم الدينية، و بعد وفاته سنة 1312ه، عادت إلى شبه حالتها الأولى.

ثمَّ نقل الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني أربعة أبيات من نظم السيد أحمد العطّار، مؤرّخا عام بناء روضة العسكريين علیهما السلام، و كنا قد نشرنا القصيدة كاملةً في كتابنا (قوافي الولاء من الكاظمية إلى سامراء) (1) .

و کتب الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني فصلًا عن رحلته مع أصدقائه إلى سامراء، و تأليفه كتابًا فيها. فيما يأتي نصه (2):

ص: 127


1- قوافي الولاء من الكاظميّة إلى سامراء: 17-18 .
2- ينظر نزهة القلوب و الخواطر: 46-49 .

فصل في تأريخ شدّ الرحال إلى سرّ من رأى:

إعلم أنّي في أيام إقامتي بمشهد الكاظمين، و إمامتي بهذين الحرمين، و استظلالي بها من الهواجر، و استجارتي بها من الزواجر، قليلا ما شددتُ الرحال إلى سامراء، مع قرب المسافة بينها و بين الزوراء لمكان الفقر و الفاقة و العسر فوق الطاقة، و هذا هو الداء العضال، الذي يمنع الرجال عن ارتقاء مدارج الكمال، و معارج الجلال و هيهات مع حرفة الأدب، بلوغ وطر أو إدراك إرب، و دأب الزمن الغشوم، و الدهر المشوم، أن يحرم الحذاق، و يُحرِّم عليهم الأرزاق، و يُحلّ الأموال للجهّال:

فکم جوادٍ بلا حمارٍ*** و کم حمار له جواد

و أنا أحمد الله على أن ليس لي من المال نصيب، و سهمي من العلم المعلّى و الرقيب.

المال يذهب حلّه و حرامه *** طرًا و يبقي في غد آثامه

ليس التقيّ بمتق لإلهه *** حتى يسامى في العلوم مقامه

فكان مدة مديدة، و سنون عديدة، عاقني عن ذلك قلة البضاعة، و حرمني عن حرمها عدم الاستطاعة، فشبّت في ضميري نيران الأتواق و التهب أوار الأشواق، فتضرّعتُ إليه تعالى أن يرزقني ذلك، و يوفقني لسلوك تلك المسالك، فترضّعت درر أدعيتي المستطابة، في تيجان الإجابة، و تهيَّأت الأسباب لي و لعدَّة من الأصحاب، ارتضيتُ خلائقهم، و أمنتُ بوائقهم، و طارت بروائق ظرائفهم عقبان أكداري و طابت بدقائق لطائفهم ساعات ليلي و نهاري، فشددنا رواحل الأسفار، و قطعنا مراحل الفيافي القفار، و طاب لنا العيش و صفا، و شفى الدهر مما بنا من داء الفراق ما شفى، و جاد بنجح الآمال بعد ما جفا، فسرنا ليالي و أيَّامًا، نهبط و اديًا و نعلو آكاماً، و كان شعارنا كلَّما علونا قتباً، أو قطعنا سبسباً، لقد لقينا في سفرنا هذا طربًا لا نصباً، إلى أن لاح لنا سواد البلد، فكاد أن يطير منا فرحًا سويداء الخلد، فوصلنا في خير و سلام، و فزنا ببلوغ المرام، و ألقينا عصا الترحال، و أنخنا مطايا الآمال، وزال عنا العنا، ونلنا المنى، و تشرفنا بزيارة مراقد الأئمة الكرام، و سادات الأنام، عليهم أفضل الصلاة و أكمل السلام، و داوينا بلثم أعتابهم الغرام، و محونا بذلك عن ألواح أعمالنا الآثام،

ص: 128

وأقمنا بفنائها الفسيح، تحت ظل كنف من بشر به المسيح، و ودنا المقام بذلك الجناب، الرفيع القباب السامي الأطناب، إلى أن نسوّد التراب، و لا سيما أنَّ هوا البلد نسيم، و ماءه تسنيم، طاب روح، نسیمه فصح مزاج، أقليمه، و لم يتخذه الخلفاء دارًا للخلافة، إلّا لغلبة هوائه، و عذوبة مائه على الرصافة، لكن أهله امتطوا نياق النفاق و اكتسوا ذمائم الأخلاق، كلّ منهم ملأ من العيب عيبته، و بيّض - سود الله وجهه - وجهه- بالمساوي شيبته، مذهبهم الذهب الأحمر، و دينهم الدينار و الأصفر، و إن رأيت فيه غير ذلك فهو غريب، أو أنَّ ذلك من العجب العجيب، و قد قلت في تأريخ هذا السفر، الذي هو وسيلة الظفر، ببلوغ الوطر:

مذ تشرفنا بسامراء في *** غُرِّ أصحاب كرام بررة

و التجأنا نحو أنوار الهدى *** بقلوب قد غدت منكسرة

كُلَّما كان من الذنب لنا *** بهم الرحمن (غفره)

1285ه-

و قد وردت علينا في أيام الإقامة بتلك الأرض المقدَّسة، و البقعة التي على التقوى مؤسسة، ثلاث و عشرون مسألة، من المسائل المشكلة من المولى الحاوي لمحاسن الأوصاف، المحبوك الأطراف بالأشراف، الفاضل المتقن ابن الميرزا محمد طاهر، المولى محسن، و أملينا الجواب عنها بما سنح بالبال، و تجلَّى لمرآة الخيال، ما لم يسطر في كتاب، و لم يجر ذكرها في خطاب، و ذلك ببركة أهل بيت العصمة، و أنوار زيت الحكمة، أبواب مدائن العلوم، و مفاتيح خزان الحي القيوم، عليهم الصلاة و السلام مدى الليالي و الأيام، فجاء إنشاء شريفا و إملاء منيفًا، سميته ب- (نزهة القلوب و الخواطر ببعض ما تركه الأوائل للأواخر)، و استغنينا عن تأريخ إتمامه بوضع الأبيات المرقومة في ختامه.

و قد قال في آخر (نزهة القلوب والخواطر)، ما نصه:

«فالحمد لله الذي تفضّل علينا بفتح مغالق تلك المسائل بالبراهين و الدلائل، و حلّ عُقد تلك الأخبار، بدقائق الأنظار و الأفكار، مع أنه لم يكن يحضرني عند الإملاء كتاب أستعين به على وجوه الإفادة في الجواب، فإنّي كنت متشرِّفًا يومئذ بزيارة أئمة سامراء، الذين هم كهف

ص: 129

الشيعة في الضراء و السراء، ومع ذلك جاء ببركتهم كتابًا شريفًا جمعت فيه الشوارد، و جوابًا ظريفًا جَمَّت فيه الفوائد، و تحريرًا لطيفًا نُظمت في سلكه الفرائد، موسومًا بنزهة القلوب و الخواطر ببعض ما تركه الأوائل للأواخر. و لمّا كان إملاؤه و إنشاؤه في تلك البلدة المقدسة، التي هي على التقوى مؤسسة، اكتفينا عن تأريخه بنقل أبيات، أرّخنا بها تشرفنا بسامراء، و هو من أحسن التواريخ من غير مراء، و هي هذه:

مذ تشرَّفنا بسامراء *** في غُر أصحاب كرام بررة

و التجأنا نحو أنوار الهدى *** بقلوبِ قد غدت منكسرة

كُلَّما كان من الذنب لنا *** بهم الر م الرحمن (غفره)

1285ه-

فالحمد لله المحسن إلى عبيده، و الصلوة و السلام على رسوله، محمد الذي كساهم خلع توحيده و آله المتوجين بتاج تقدیسه و تمجیده، ما لاح بدر تمام، وفاح مسك ختام».

ص: 130

تقريظ آية الله الميرزا محمد حسن الشيرازي على كتاب الهمداني

تقريظ آية الله الميرزا محمد حسن الشيرازي على كتاب الهمداني (1)

قال الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني:

«صورة ما كتبه مجتبى الزمن بعد شيخنا المرتضى، و من ألقت إليه الناس أعنتها بالرغبة و الرضا، الميرزا محمد حسن الشيرازي نزيل النجف على ظهر كتابنا الموسوم ب: (المشكاة في الخمس و الزكاة)

بسم الله الرحمن الرحيم، و به نستعين

الحمد لله الذي يؤتي الفضل من يشاء من عباده، و الصلاة و السلام على رسوله محمد الذي اجتهد في كلامه و تبليغ مراده، و آله الذين جاهدوا و بذلوا مهجهم و أنفسهم في هداية الناس إلى سبيل رشاده.

أما بعد، فقد نظرت و تفكَّرت فيما حرَّره نُور حدقة الفراسة، و نور حديقة الكياسة و الرياسة، شمس فلك الهداية، نجم أفق الدراية العالم المعتمد العامل، الفاضل المجتهد العادل، قدوة أرباب الفضيلة، الحائز للملكة الجليلة، و العلم و الاجتهاد الواضح، و الفضل و الاستعداد اللائح، الميرزا محمد الهمداني ابن الحاج عبد الوهاب، فوجدته ينبئ عن علم وافر، و فضل زاخر، و قد ذلّل بالدلائل صعاب المسائل، و كشف حجب المشاكل، كساه الله تعالى حلل العز و التوفيق، و جعل له الإقبال خير رفيق.

حُرّر عن الراجي عفو ربه الغني المغني، و المفتقر إلى فضله السني، الأحقر محمد حسن الحسيني»

ص: 131


1- ينظر نزهة القلوب والخواطر: 60 .

تشرّف الميرزا محمد بن عبد الوهّاب الهمداني إلى سامراء

تشرّف الميرزا محمد بن عبد الوهّاب الهمداني إلى سامراء (1)

«فصل في تأريخ تشرفنا بزيارة سامراء:

ولمّا أوقدتُ من جمر جرمي نارا *** تزيد في جوانحي وجوارحي شرارا

و استحالت جحيما سفينة ذاتي *** من نيران أفعالي و صفاتي

و كلما أطفيها بمياه دجلة عيوني عادت جحيمًا، وزادت حميمًا، ركبت سفينة النار المشحونة بالأوزار، قاصدًا سفينة النجاة، مع بضاعة مزجاة، لأخمد بتقبيل أعتابهم نار إجرامي، و أطفي بزلال إفضالهم شرار آثامي، فسارت في الشطّ من الزوراء، و طارت إلى سامراء، و خاضت الغمار، يسوقها البخار و يسيّرها الشرار، و حشو حشاها لهيب النار، إلى أن تراءت الأنوار للأبصار، و تلألأت الأشعة المتشعشعة من قبَّة النظّار للأنظار، فأنشدت أقول شعراً:

قبَّةُ للعسكريين بدا *** نورُها يشرقُ ملء المشرقين

كم أقرت عين من و الاهما *** و لكم أقذت لأهل النصب عين

فلم تمض ليلة و نهار، إِلَّا ورست على جودي جود هؤلاء الأطهار، و وقفت على شريعة سامراء فخمدت النار، و صارت بردًا و سلامًا، و نلت بذلك فضلا و إنعاما، قلت في تأريخ ذلك:

سفينة غمي جمرها متوقدُ *** بجرمي و في قلبي لهيب و إسعارُ

و عيني أسالت دجلة من مدامعي *** و في ذاك إعصار تلظى به النارُ

و في فلك دخان ركبت بدجلة *** نیه بخار ثم نار و إعصارُ

أروم به فلك النجاة و من بهم *** تخفّف آثام و تنحط أوزارُ

ص: 132


1- ينظر نزهة القلوب والخواطر : 57-58 .

ملوك بسامرا حموا نازلا بهم *** لهم عسكر ملء السماوات جرَّارُ

أولئك أرباب الحفاظ الأولى بهم و لا *** سفينة نوح سرّها سار إذ ساروا

بهم رمى فلكي بجودي جودهم *** نجوت و قد أرّخته: (خمدت نارٌ)

1295ه-

و قلنا أيضًا:

يغنم أجرًا وافرا من زارهم *** لذاك قد أرخته: (أجرًا غنم)

1295ه

ص: 133

من كتابات و تقريرات السيد حسن الصدر

ألّف العلّامة السيد حسن الصدر بعض مؤلّفاته، و تقريرات درسه في سامراء، و بعضها يمثل خلاصة آراء السيّد المجدّد الشيرازي العلميّة. و مما نشر منها محققا: تبيين الإباحة في مشكوك ما لا يؤكل لحمه للمصلّين، و رسالة في تعارض الاستصحابين، و إبانة الصدور في موقوف ابن أذينة المأثور.

1. تبيين الإباحة في مشكوك ما لا يؤكل لحمه للمصلين

و هي مسألة الصلاة في اللباس المشكوك لحمه، و هي من جملة المسائل الفقهية التي بحثها الفقهاء الأعلام. و تمثل هذه الرسالة تقريرًا لبحث آية الله العظمى السيد المجدّد الشيرازي قدس سرّه، كما صرح بذلك السيد الصدر نفسه، في أكثر من موضع من الرسالة. و لهذه الرسالة نسختان مخطوطتان، في مكتبة السيد حسن الصدر (1).

2. رسالة في تعارض الاستصحابين

و هي رسالة مختصرة في مسألة تعارض الاستصحابين، و هي من المسائل المهمة في تعارض الأصول. و هي من تقريرات أستاذه آية الله العظمى السيّد المجدد الشيرازي قدس سرّه. و نسخة الرسالة المخطوطة في مكتبة السيد حسن الصدر (2) .

قال السيد الصدر : «دخلت عليه ليلة من الليالي فقال: إنّي سمعت أنك كتبت مسألة تعارض الاستصحابين، لما باحثنا مسألة تتميم الكرّ ، فقلت له: نعم، فقال: إنّي أحبّ أن أرى ذلك، فقلت: ليس فيها إلّا ما قرّرتم و أفدتم» (3).

3. إبانة الصدور في موقوف ابن أُذينة المأثور

و هي رسالة من التراث السامرائي تحكي شيئًا من الأجواء العلمية، التي كانت سائدة هناك، كما توضح علاقة السيد الصدر بأستاذه السيّد محمد حسن الشيرازي، و ثقته به،

ص: 134


1- ينظر رسائل من إفادات المجدّد الشيرازي: 39-42 .
2- ينظر رسائل من إفادات المجدّد الشيرازي: 46-47 .
3- تكملة أمل الآمل : 339/5 .

و اعتماده عليه في الأمور العلميّة. و قد كُتبت هذه الرسالة بطلب من السيد الشيرازي.

و موضوع الرسالة: موقوفة عمر بن أُذينة في إرث النساء من العقار، و هو عدم إرث الزوجة من عقار زوجها. و للرسالة عدّة نسخ مخطوطة في مكتبة المؤلّف (1).

و من المؤلّفات المهمة، والتي ضمت الكثير من أخبار سامراء، و تراجم أساتذتها و طلبتها، و شرحت حالتها العلميّة في ظلّ مرجعيّة العلّامة المجدّد السيد محمد حسن الشيرازي هو كتاب:

(تكملة أمل الآمل)

للعلّامة السيد حسن الصدر. و تأتي أهمية الكتاب كون مؤلّفه من تلامذة السيد الشيرازي المقرّبين و عاش تلك المرحلة في سامراء، و كان فاعلا و شاهدًا و معايشًا لكلّ ما نقله في كتابه المذكور آنفا.

و ختم السيد الصدر كتابه بتعداد مراكز العلم التي كانت للشيعة، و ذكر سامراء، فقال:

«و من مراكز العلم (سامراء)، لما دخلها السيد الإمام، حجة الإسلام، الأستاذ الميرزا محمد حسن الشيرازي سنة 1291ه- (إحدى و تسعين و مئتين بعد الألف)، في شهر شعبان، و أقام بها .

و علم أهل العلم بإقامته فيها، فهاجر إليها العلماء و الفضلاء و المشتغلون، من أطراف الدنيا، و صارت معرس أهل العلم، و كنتُ في من هاجر إليها، و بقي فيها إلى بعد وفاة السيد الأستاذ حجة الإسلام. و هي اليوم - أيضًا - مجمع العلماء و الفضلاء، بل هي العلم اليوم فيها أَرْوَح من النجف بواسطة وجود المولى الحجّة، الميرزا محمد تقي الشيرازي، دام بقاه، و حرسه الله و حماه (2).

ص: 135


1- ينظر رسائل من إفادات المجدد الشيرازي: 49-56 .
2- تكملة أمل الآمل : 426/6 . و تاريخ هذه الكتابة سنة 1334ه.

سامراء في المراجع العربيَّة، الدكتور حسين علي محفوظ

و من المباحث المهمّة التي كُتبت عن (سامرّاء)، ما كتبه العلّامة الأستاذ الدكتور حسين علي محفوظ (1)، بعنوان:

(سامراء في المراجع العربية)

و نشر في موسوعة العتبات المقدّسة ج 12 / قسم سامرّاء، و على الصفحات من 131 إلى 190.

تناول فيه (سامرّاء في كتب التاريخ)، كالحوادث الجامعة، و دوحة الوزراء، و العراق بين احتلالين.

و نشر فيه كتاب السيد جمال الدين الأفغاني إلى المجدّد السيد محمد حسن الشيرازي. و قد كتبه بعد عودته من العراق إلى إيران، و رجوعه منفيًّا.

و ألقى الضوء فيه على الفتوى الشهيرة للسيّد الشيرازي حول (التنباك)، من خلال رسالة واسعة ألّفها بعض الفضلاء في (المسألة الدخانية)، باللغة الفارسية، كان قد رأى نسختها في مكتبة شيخه العلّامة الميرزا محمد العسكري الطهراني، بسامرّاء.

و تضمّن المبحث أيضًا (قضاء سامراء في العراق قديمًا و حديثًا)، و هو ملخص من كتاب (العراق قديمًا و حديثًا)، للسيد عبد الرزاق الحسني.

و عرّج الأستاذ الدكتور محفوظ على موضوع آخر هو: (سامراء في الموسوعات والمراجع العامَّة)، و نقل بعض ما فيها عن هذه المدينة المقدّسة، و منها: وفيات الأعيان، و أخبار الدول و آثار الأول، و أعيان الشيعة، و غيرها.

ص: 136


1- ولد في الكاظمية سنة 1344ه- / 1926م، جمع بين الدراستين القديمة والجديدة. تخرّج في دار المعلمين العالية سنة 1948م، ثم حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة طهران سنة 1955م. عمل مفتشًا عامًا في وزارة المعارف، و أستاذًا في جامعة بغداد، حتى أصبح الأستاذ الأوّل فيها. تشير قائمة مؤلّفاته و رسائله و أبحاثه و مقالاته المنشورة إلى مئات الأعمال، في علوم مختلفة، و في التراث. له ابتكارات و تأسيسات عديدة نافت مشايخه في الإجازات على التسعين، وأجاز الكثيرين. توفي سنة 1430ه- / 2009م.

و لم يكتفِ العلّامة محفوظ رحمة الله بالمواضيع التاريخية، بل عرّج على جوانب أخرى مهمة، منها: (سامراء في الأدلة والجغرافيا)، رجع فيه إلى دليل المملكة العراقية لسنة 1936م. و إلى الدليل العام لتسجيل النفوس العام لسنة 1957م، و بيّن العشائر المتوطنة فيها. و إلى الدليل الجغرافي العراقي.

ثم ذكر رحمة الله، موضوعًا آخر هو: (سامراء في الرحلات)، و أشار إلى رحلة ابن جبير، و رحلة ابن بطوطة، و كتاب نزهة الجليس و منية الأديب الأنيس، و رحلة المنشئ البغدادي، و رحلات عبد الوهاب عزّام.

ص: 137

بعض المراسلات

رسالة من إمام الحرمين إلى آية الله الميرزا محمد حسن الشيرازي

رسالة من إمام الحرمين إلى آية الله الميرزا محمد حسن الشيرازي (1)

و الرسالة باللغة الفارسيّة، يوصيه فيها بمساعدة محمد كاظم الدولت آبادي، و نص تعريبها:

«السؤال عن أحوالكم عمدة مطلبي، أرجو أن تكونوا بصحة وعافية و سلامة.

ضمنا نعرض لكم أنَّ حامل الرسالة، الآقا محمد كاظم دولت آبادي زاده، و لو كان من أبناء التجار، و لكنَّه أعرض عن التجارة، و أقبل لتحصيل العلوم و المعارف الدينية، و لكن بسبب عدم وجود أحد من أهل لغته و لسانه في بغداد، عزم ترك بغداد، و التشرف بخدمتكم، حتّى في ظل توجهكم أخذ العلوم من أفواه الرجال و نشره، نرجو التفضّل عليه بذلك».

ص: 138


1- ينظر نزهة القلوب و الخواطر : 58-59 .

رسالة من الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني، إلى حضرة السيد محمد ردیف پاشا فكتب عنها السيّد محمد رديف رسالة إلى قائم مقام قضاء سامراء، ثم كتب قائم مقام قضاء سامراء رسالة إلى الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني، بإجراء حكمه بالنسبة إلى حوادث سامراء، بما نصها (1):

فصل في شد الرحال إلى سامراء

و اعلم أنّي في أيَّام إقامتي بالزوراء، لا زالت محضّرة الأرجاء، لم يسقني التوفيق إلى سرَّ من رأى في كل عام لتمريغ الجبين بتراب أعتاب الأئمة الكرام، وتعفير الجباه بغبار أبواب خلفاء الملك العلّام، عليهم الصلاة و السلام، لا لضعفي عن طاعة، بل لعدم الاستطاعة، و هو سُنَّة الدهر في ورثة الأنبياء، و تلك حوادثه، و على ذلك تمضي إلى قيام الساعة ثواني الفلك الدوّار و ثَوالتُه، و قد مضت أربعة أعوام حرمني البخت الأتعس الإحرام لحرمها الأنفس، و لم تساعدني حظوظي التي على النحوسة و الإدبار مؤسسة، على الإقبال و التوجه إلى تلك الناحية المقدَّسة، فكادت في تطير شوقاً إلى جنابهم، و روحي تسير مع الركبان إلى أعتابهم، و امتدَّ عليَّ الليل و أظلم النهار، و استعرت نيران أشواقي أي استعار، وأزلفت إلى المحن، و ضاقت علي الأرض برحبها فضلا عن الوطن، فدعوتُ الله القدوس، أن يكشف ما بي من البؤس، و يفرج عنِّي مضائق هذا الزمان العبوس، فهتف بي هاتف الرجاء من تحت عرش الالتجاء، ترقب الفرج ف إسفار فجره قريب، و الله – جل شأنه – على كل شيء رقيب، و الصبر لغياهب الشدائد مصباح، و لنيل الفوائد مفتاح، فلم تمض أيَّام إلا و فرّج الله تعالى عنّي المضيق، و جعل لي التوفيق خير رفيق، فشددت الرحال إلى تلك الرحاب المباركة، و القباب التي هي مطاف الملائكة، فلا زالت ترفعني نجاد، و تخفضني و هاد، إلى أن حللتُ بواديها، و نزلتُ بناديها، و لذتُ بنقطة دائرة الوجود، و الدرَّة الفاخرة البارزة من عيلم العلوم و كنز الجود، و استجرت بخلاصة أسرار الغيب و الشهود، و برّدت غليل فؤادي بالحلول، في السرداب المقدَّس، و ارتفع رأسي فيما بين الملائكة بهذا النزول، كأنّي قد صعدت إلى الفلك الأطلس، و داويت ما بي من الأسی و اقتبست قبسًا من أنوار أصحاب الكساء.

ص: 139


1- ينظر نزهة القلوب والخواطر : 52-57 .

و لما كان أكثر هذا البلد مائلين في جمع المال، ذاهلين عن المآل، قائلين في ظلال الضلال، مغرمين بسلب الزوّار، و جلب الدينار، و أذى الوفود لكسب النقود، إذا رأوهم أحاطوا بهم إحاطة جنود الشيطان بأهل الإيمان لإغوائهم عن الشرائع، أو إحاطة اللصوص بالتجار لاسترقاق البضائع، و احتوشوهم كما احتوش الكلاب صيدا، و أجلاف الكوفة سليل الرسول ،رندا، استدعيتُ من وزير الزوراء أن يكتب إلى عامله هنالك، كتابا يأمره فيه أن ينهاهم عن ذلك.

و هذا مثال ما كتبته من الاستدعاء:

سلام بلا نهاية، يهدى إلى ناشر أعلام الهداية، و كاسر أصنام الغواية، وم َنْ فتوحاته المترادفة ليس لها غاية، حضرة والي الولاية، أفندينا السيد محمد رديف پاشا، أعاشنا الله تعالى فی ظله وزادنا بعدله انتعاشا.

أما بعد، فإنَّ الداعي لكم في الضرّاء و السرّاء، عازم على زيارة سامراء، و قد بلغني أنَّ خُدَّام تلك البقعة المباركة، التي هي مطاف الملائكة، يصدر منهم أذايا و عدوان، على زوّار البلدان، يغلقون عليهم أبواب الحرم، و يهتكون منهم الحرم، و يمنعونهم زيارة الأئمة الأمم، و يبادرون عليهم بالسب و الضرب و ما يكلُّ عن شرحه القلم، إلى أن يأخذوا منهم و هم سبعون أو يزيدون من الدراهم و الدنانير ما يُريدون، و كأنَّهم واضعون على النفوس كُمرُك، و حاش لله تعالى أن يرضى بذلك أمرك، فالرجاء كتابة أمر محتوم، و منشور غير مختوم للمتصرف الذي هناك، و التأكيد في صرفهم عن ذاك، ، و منع السامري، عن عمل السامري و إرسال الأمر السامي، و المنشور النامي إلى الداعي حتّى استصحبه معي، إلى المتصرف الألمعي دمتم كما رمتم.

18 رجب 1290ه-

خادم الشريعة النبويّة، الداعي للدولة العلية

الميرزا محمد الهمداني - عفي عنه -

ص: 140

فكتب في الجواب:

سلام نُهديه، و ثناء يليه على الإمام الفقيه و الهمام الوجيه، ميرزا محمد همداني

أَمَّا بعد، فقد استأنسنا بما في كتابك من التحبّب إلينا، و التقرّب لدينا، لكن استوحشنا ممّا أفدته من أعمال خدام سامراء، و تعديهم على زوّار تلك البقعة المنوّرة و التربة المعطّرة التي هي مزار ملائكة السماء، جلبًا للمنافع، و حبًّا للمطامع، فبئس الزاد إلى المعاد، العدوان على العباد، و إنما أهلك الناس الدرهم الأبيض و الدينار الأصفر، فكتبنا في ذلك أمرًا نافدًا إلى القائم مقام، و وصيناه بالزوّار و سائر الأنام، و أنه يبالغ في تأديب الخدام، و سيرنا الأمر إليك، فاستصحبه معك، و قم بالاستصلاح كما يلوح لديك.

22 رجب 1290ه-

السيد محمد رديف

و غمد ذلك أنذرت قائم مقام قضاء سامراء بهذا الكتاب المر الخطاب:

سلام أصفى من الدر الثمين يهدى إلى الحصن الحصين، و الركن المكين، و من استناد سيّما علياه الجبين، صاحب الفتوة محمد أمين، لا زال محفوظا بالروح الأمين.

أمَّا بعد، فقد تواترت لدينا الأخبار عن إخبار الزوّار، بتعدي الخَدَمة و تصدِّيهم للصدمة، و المنع من دخول الحرم و سرداب الغيبة، إلَّا أن يملأ العيبة، فأخبرنا بذلك الوزير، و الدستور الكبير، و الي بغداد و مَنْ مراحمه المترادفة ليس لها من نفاد، فأمر بتحرير أمر نامه نامية، إلى حضرتك السامية، في منع الخدّام عن الأذايا، و الكفّ عن التعدي على البرايا، و ها نحن نستصحبها معنا عند التشرف بتقبيل تلك الأعتاب، و تعفير الجبين بما فيها من التراب فالمأمول منك أخذ التعهد و الالتزام، من جميع الخدّام، بأنَّ من ارتكب ذلك في غابر الأيام، و سائر الشهور و الأعوام، فعليه الجزاء الجزيل، و النكال الطويل، و ما يطيل منه العويل، و لك في ذلك الأجر الجزيل، و التبجيل و التنويل.

23 رجب 1290ه-

ص: 141

فكتب في الجواب:

جناب الأعلم الأفضل و الأرشد الأكمل، الميرزا محمد أفندي المبجّل، بهذه الدفعة وردنا كتابكم، و سرنا خطابكم، و ما ذكرتم فيه صار محبتكم من حال الزوار، أنَّه يحصل عليهم نوع تعد، و تلتمسون رفع ذلك من طرفنا، فغير خفيّ على جنابكم، أنَّ جلّ أفكار الحكومة السنيّة، و أعظم ما تأسست عليه القوانين المرعيَّة، هو محض استراحة المترددين، و الظاعنين و القاطنين، و ذلك فريضة ذمَّة المأمورين فلا نزال مدى الأيام، صارفين الاهتمام و مزيد السعي و الإقدام، بمحافظة الزوّار، و تفقد أحوالهم في الليل و النهار، و يوم التحرير قد أجرينا التنبيهات الأكيدة في ذلك، نسأل الله تعالى أن يوفقنا و إياكم لمثل هذه الخدمات، و يقينا من سوء الحركات في الحياة و بعد الممات، و السلام.

15 شعبان 1290 هقائم مقام قضاء سامراء

فاستصحبنا المنشور، و جرى منا ما جرى عليهم، مما ذكرهم يوم النشور، و لا أحرمتُ لذلك الحرم الرفيع القباب و حللت في المحلّ العالي الوسيع الرحاب، و عطّرت جبهة افتخاري بعبير تراب تلك الأعتاب، و تمسكتُ بوثيق عُراها التي ليس لها انفصام، قلتُ مؤرّخًا لذلك العام، جاعلا لهذا الفصل ختام الفصول، و نعم الختام:

و فدنا بلا زادٍ إلى سُرَّ من رأى *** نوم كرامًا سَيْبُهم ليس يُحْصَرُ

فواضلُهم في العالمين تواترت *** فضائلهم فيها إلى الحشر تُنشر

تنزَّلُ أملاك السماء بقبورهم *** فتسجدُ بالأعتاب منهم و تشكرُ

قبور بها حلَّتْ بدور و نورُها *** إلى العرش و الكرسي يزهو و يزهرُ

فما القدسُ ما الأقصى و ما الركن ما الصفا *** و ما الحجر ما البيت العتيق ومشعرُ

فلذتُ بهم و القلب مني خاشعٌ *** و دمعی سیَّالٌ وذنبی أکبرُ

فنوديتُ إِنَّ الله فضلا و رحمةً *** لمن زارهم قد صحَ أَرَّختُ (يغفرُ)

1290ه-

ص: 142

ما كتبه الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني إلى الشيخ محمد حسن آل ياسين الكاظمي (ت 1308ه) حين وقوع الطاعون في بغداد

ما كتبه الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني إلى الشيخ محمد حسن آل ياسين الكاظمي (ت 1308ه) حين وقوع الطاعون في بغداد (1)

قال الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني:

«و لما وقع الطاعون في بغداد (2)، و فرَّ الشيخ محمد حسن بن ياسين الكاظميّ، إلى الصحارى و البلاد، كتبنا إليه و هو في سر من رأى، ما مثاله:

السلام على أئمة الهدى و بحور الندى روحي و أرواح العالمين لهم الفِدا، و لقد حفظوا شيعتهم عن الردى، على رغم أنف العدى و ما تركوهم و إن غابوا عنهم سدی، ثم نهدي درر دعوات يستوجب قبولها حمدًا و شكرًا، و غرر تسليمات تظهر أشعتها في جباه المودة شمسًا و بدرا، إلى من لبس جلباب الفخار، و اكتسى ثياب الوقار و ارتدى برد العزّ و الافتخار، و الجاه و الاعتبار، شيخنا المؤتمن، الشيخ محمد حسن، لا زالت أيام عمره غرّة في جبهة الزمن.

أما بعد: فإنَّ الإنسان إنَّما يعرف قدر النعمة بعد الفقدان، و ما دام هو فيها لا يعرف لها قدرًا، و لا يجيل فيها فكرًا، و لا يطيل لها شكرًا، فإذا فُقدت حنّ إليها، و قرع السنَّ عليها، و أنا و إن لم أكن حين كنتَ بهذه القصبة من زمرة يزمرون لديك، و لا من الطوافين غدوة و عشية عليك، إلا أن كونك في البلد كان للعين قرَّة، و للقلب مسرَّة، و للنفس مبرة، و إذا رأيتك و لو في الشهر مرَّة، انكشفت عنّي الغموم و المضرّة، و لم يبق في نفسي من الهموم ذرة، و الآن قد سلب بعادك عنا الراحة، و أوحشنا فراقك ففقدنا الاستراحة، نسأل الله أن يجمع شملنا عن قريب، إنَّه قريب مجيب.

ثمَّ إِنْ سألت عن الموت الذي فررتَ منه إلى الفلاة، فقد خطّ على خطة بغداد بخطّ القلادة على جيد الفتاة، و بلغ أربعين إلى خمسين على اختلاف الأيام عدد الأموات، و قد اشتدَّ

ص: 143


1- ينظر نزهة القلوب والخواطر: 61-62 .
2- لم تذكر السنة التي وقع فيها الطاعون.

كما و كيفاً عند دخول القمر في برج العقرب، ولدغهم بإبرة الفناء، بل هذا أقرب.

و أمَّا في المشهد الكاظمي، فالأمر أهون من أن تذكر، و السرّ أبين من أن يُسطر، نعم أثر برج العقرب شدَّة، فسقا فسمَّ الموت عدّه، و عجّل الله الفرج بعدة، ثمَّ اشتدَّ الأمر، فبلغ عندنا العدد عدّة الشهور و نقلوا من بغداد إلى ثمانية عشرة جنازة على ما هو المشهور، سوى ما فقد من أهل الذمَّة و الجمهور، و قد أصبت أنت من الفرار، من هذه الديار إلى الفيافي و القفار، من الموت الذي سلب عنا القرار، و إن كثرت فيك القالة، فلا بأس عليك، فإنَّ الفرار مما لا يطاق من سنن المرسلين، و ما ورد من أنَّ الفرار من الحتف كالفرار من الزحف، فمؤول – و إن كان بعيدًا - بالجهاد مع المشركين، ثمَّ خفَّ الأسر، ثمَّ اشتدَّ فأفنى من جملة العمر، و هذا شأنه يتوارى وراء أستار الليل و النهار، ثمَّ يظهر فجأة فيغير لنهب الأعمار، فيلعب مع الصغار و الكبار، لعبة الاختباء التي كنا نلعبها إذ نحن صغار، فيخفى ويخفّ يوما، و يظهر فيفني قوما، فالمرجو أن تدعو لنا في السرداب المقدَّس، و الحرم الذي على التقوى مؤسس، بالفرج و سهولة المخرج، شعر:

و دعوة صدري من نيّة خلصت *** لا شكّ أن يستجيب الله داعيها

ص: 144

رسالة من الشيخ محمد تقي بن الشيخ حسن أسد الله إلى ولده الشيخ علي المقيم يومذاك في سامراء لطلب العلم

رسالة من الشيخ محمد تقي (1) بن الشيخ حسن أسد الله إلى ولده الشيخ علي المقيم يومذاك في سامراء لطلب العلم (2)

الرسالة التي أرسلها الشيخ محمد تقي بن الشيخ حسن أسد الله من الكاظمية إلى ولده الشيخ علي (3) المقيم يومذاك في سامراء للدرس و طلب العلم، و كلّ جملة من جملها تاريخ سنة كتابة تلك الرسالة، و هي سنة 1313ه:

(أي ولدي و فلذة كبدي)، (أنت بك عيني قرّت)، (و النفس طابت أبداً و سرّت)، (أحسن بربّك ظنّك)، (و اسبق إليه إذا ليل الكرب جنّك)، (شرّف نفسك بتقاك)، (و لا تجذب دينك بدنياك)، (و نزّه يمين الأخرى بيسراك)، (اجنح ليقينك لا لظنك)، (و بارز بأفضالك لا بسنك)، (و احذر دهرك يوم أمنك)، (و استبق النعم بالشكر)، (و صدّ إخوانك بالبشر)، (اقصد الكبير بالإذعان)، (و قدم الضعيف بجزيل إحسان)، (و تقدم بكرّ صلاتك)، (و إن رمت أن لا تصدم)، (لا تنطق قبل أن تعلّم)، (و اجتنب عن موارد التهم)، (و لا تلوين جيدك لحديث النعم)، (استقم لما أُمرت)، (و قيد نفسك لو ملّت أو ملت)، (اتكل في أمر دنياك على ربّك الجميل)، (و في الأخرى على عفوه الجليل)، (ما خاب أبداً من توكل عليه)، (و ما خسر من عاد صدقاً إليه) (إني أنشدك إنشاد المتكل)، (فاسمع وطع و امتثل).

ثم شفع هذه الرسالة الطريفة الفريدة بأبيات، جعل كلّ شطر من أشطارها تاريخاً

ص: 145


1- ولد في الكاظمية سنة 1255ه، ودرس فيها، ثم هاجر إلى النجف، فتخرّج على الشيخ مرتضى الأنصاري، و الشيخ راضي بن الشيخ محمد النجفي، و السيد حسين الترك، و الشيخ محمد حسين الكاظمي، و السيّد محمد حسن الشيرازي، ثم عاد إلى الكاظمية و يروي بالإجازة عن السيّد محمد هاشم الخوانساري. من مؤلفاته: منتهى منتهى الأمل في شرح كتاب الطهارة لقواعد العلّامة الحلي، و شقائق المطالب في شرح كافية ابن الحاجب، و وسيلة النجاة (رسالة لعمل المقلدين)، و تقريرات استاذه السيد حسين الترك في الأصول، و حاشية على الفرائد. و له شعر، و هو ماهر في استخراج التواريخ الشعريّة. توفي في الكاظمية سنة 1327ه، و دفن فيها.
2- ينظر موسوعة الشعراء الكاظميين: 6 / 90-91
3- مرّت ترجمته في الفصل الثاني.

لسنة 1313ه- :

ما إن شكوتُ فلا أشكو لدى أحد *** كلا ولو آدنی دهري بضيق يدي

من يرفع الكف في الدنيا لدى بشر *** أقيم حيران يشكو علة الكبد

إن رمتَ للنفس وقراً دائماً أبداً *** اسأل لها الله لا تُنقص و لا تزدِ

اشكر إلهك في ما أنت فيه و نُبْ *** إليه بتّاً و عش عيشاً بلا نكد

صل و صم و توكل واقتف أبداً *** روادع الشرع واقمع كامن الحسد

اقنع و فِ واتق و اصبر وزن و أقل *** و صن لسانك عن كذب و عن لَدَدِ

واعفُ وعفٌ وع و انفق و مس شرفاً *** و اسمع لمولاك ما تسطيع و اجتهد

احتط لدينك ما تسطيعُ منه و سلْ *** عمّا جهلت ولا تقفُ بلا سندِ

اتْلُ لنفسك إن حالت بها قدم *** يا نفسَ نفسي روّي اليوم واقتصدي

سجّل أمورك في الدنيا لخالقها *** و عُج لأخراك فالدنيا إلى الفند

لمي الخيال و إن دالت إليك بما *** أقناه قارون من تير و من أود

ص: 146

رسالة من الميرزا محمد العسكري الطهراني إلى الشيخ كاظم آل نوح

رسالة من الميرزا محمد العسكري الطهراني إلى الشيخ كاظم آل نوح (1)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

السلام عليكم يا أهل بيت النبوَّة ورحمة الله و بركاته

جناب فخر المحدثين، و افتخار الذاكرين، و قامع بدع الملحدين الشيخ كاظم الشيخ سلمان دام مجده

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

بعد الفحص و السؤال عن صحة تلك الذات، صانها عن كلِّ كريهة باري البريات إنَّ زوّار مولانا أبي جعفر السيد محمد علیه السلام، مع كثرتهم التي لعلهم يبلغون الألوف، رأيتهم في هذه الأيام، نازلين في الصحن الشريف، و الرواق، و الحضرة المقدَّسة، و هم في غاية من الزحمة، من جهة المكان.

و وافقت الخيرة، أن نطلب من جناب السيّد جعفر عطيفة، أن يساعدنا في بناء ما بقي من الحجر الشرقية و الشمالية، للصحن الشريف. فالمرجو من جنابكم، أن توصلوا خطنا إليه، في ساعة يمكن تحصيل المطلب منه، فإنّي سمعت أنَّ ساعاته مختلفة، و لا تتسامحوا في حتَّه و ترغيبه في السعي في هذا الخير، و تعرّفونا الجواب سريعا. و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

الأحقر محمد العسكري الطهراني

7 ج 2 1349ه-

ص: 147


1- ستأتي صورتها في الملاحق.

و بمناسبة ذكر الشيخ الطهراني، فانّ الشيخ آل نوح رثاه بعد وفاته، و أرخ عامها بأبيات، هی (1):

دهى الناسَ خطبٌ حين قوّض راحلًا *** إلى دار أخراه و فيها يخلَّدُ

سمي النبي المصطفى علم الهدى *** و حامل علم وهو كالبحر مزبد

قضى عمرًا بالبحث و هو مجاهدٌ *** قضى و هو شيخ في الفقاهة مفردُ

تآليفه كثر و لكن نشرها *** یکون قريبًا و هي تُتلى و تحمدُ

بيوم قضى النحرير أرَّخت (بل به *** قضى علم الأعلام و هو محمدٌ)

1371ه-

ص: 148


1- الأبيات منقولة من ملحق ديوان الشيخ كاظم آل نوح (مخطوط): 259 .

رسالة من مكتبة العسكريين العامة إلى الشيخ كاظم آل نوح

رسالة من مكتبة العسكريين العامة إلى الشيخ كاظم آل نوح (1)

16 ربيع الأوّل 1372

إلى حضرة الخطيب المصقع العبقري الشيخ كاظم آل نوح المحترم

بعد إهداء عاطر التحيات

لا يخفى عليكم ما للمكتبات العامة من الفائدة العظيمة، و المنفعة الكبرى، في صقل الأفكار، و تهذيب النفوس، و توجيه العقول.

و لهذه الغاية السامية، أسست في (مدرسة الشيرازي بسامرّاء) مكتبة عامة منذ بضع سنين، باسم (مكتبة العسكريين العامة).

و المكتبة تضمّ طائفة كبيرة من الكتب النفيسة، و يؤمها كلّ يوم عشرات المطالعين، من مختلف الطبقات لذلك فهي تنتظر منكم أن تمدوا لها يد المساعدة و المساهمة في مشروعها الخيري العظيم، بتفضلكم باهداء نسخة من مؤلّفكم.

و في الختام نتقدم إليكم بأجزل الشكر و الامتنان، و دمتم موفقين.

و أبرق السيد صادق الهندي من بلد إلى عمّه السيد رضا الهندي

في شهر رمضان سنة 1355ه، وكان قد زار سامرّاء وأقام فيها طوال الشهر:

لولا الصيام و منبر الوعظ *** لأخذت من خدماتكم حظي

في القلب معنى من مودتكم *** لا يستطيع بيانه لفظي

ص: 149


1- ستأتي صورتها في الملاحق.

بعض الإجازات

من بين العلاقات العلمية التي كانت بين أعلام مدينتي الكاظمية و سامرّاء المقدستين، هي الإجازات بأنواعها. و من أمثلتها هاتان الإجازتان في الرواية:

أولاً: إجازة الشيخ محمد بن رجب علي العسكري إلى الأستاذ الدكتور حسين علي محفوظ (و كان عمره 22 عامًا)

أولاً: إجازة الشيخ محمد بن رجب علي العسكري (1) إلى الأستاذ الدكتور حسين علي محفوظ (و كان عمره 22 عامًا)

الحمد لله رب العالمين و صلى الله على أشرف رسله محمد، و آله الطيبين الطاهرين.

و بعد فقد استجازني الشيخ الفاضل، فخر الأقران و الأماثل، الشيخ حسين علي من آل محفوظ (أيده الله تعالى) إجازة ما صحت لي روايته و ساعت لي إجازته فاستخرت الله تعالى، فأجزت له (أدام الله تعالى تسديده) أن يروي جميع مصنّفات علماء الإسلام، من الخاص و العام. و الطرق متكثّرة متشعبة. نكتفي بذكر طريق واحد منها فأقول:

أجزت له أن يروي عن علّامة زمانه، و وحيد أوانه، شيخ الفقهاء و المجتهدين، الحاج میرزا حسين ابن العبد الصالح الحاج ميرزا خليل الطهراني، عن أخيه و شيخه، صاحب الكرامات الحاج ميرزا علي عن شيخه الشيخ عبد علي الرشتي، صاحب الشرح على الشرايع عن شيخه العلّامة على الإطلاق [محمد باقر]، عن والده الأفضل، المولى محمد أكمل، عن جده وجدنا المجلسي، المولى محمد باقر، عن والده العلّامة التقي، المولى محمد

ص: 150


1- ولد بطهران سنة 1281ه- و هاجر إلى النجف سنة 1290ه، و من ثم إلى سامراء، حيث تتلمذ فيها. و منذ سنة 1300ه، بدأ يستفيد من دروس السيّد المجدّد، و بعد وفاته سنة 1312ه، اختص بالميرزا محمد تقي الشيرازي. و من أساتذته أيضًا: الميرزا حسين النوري و المولى حسين قلي الهمداني. و كان يقيم الجماعة في حرم العسكريين علیهما السلام. و له إجازة الرواية عن أستاذه السيّد المجدّد، و السيد أبي تراب الخوانساري و غيرهما. و صدرت منه إجازات كثيرة. من مؤلّفاته الفوائد العسكرية، و مستدرك على إجازات البحار، تم في ستة مجلدات. و كانت له خزانة نفيسة. توفي بسامرّاء سنة 1371ه، و دفن في رواق العسكريين علیهما السلام.

تقي، بطرقه المذكورة في أول أربعينه إلى الأئمة الهداة، رواة أخبار السماوات، عليهم أفضل التحيات و الصلوات. و آخذ عليه ما أخذ عليّ مشايخي من الاحتياط في القول و العمل، و أن لا ينساني في خلواته، و مظان إجابة دعواته.

حرَّره العبد المذنب الجاني محمد بن رجب علي الطهراني، نزيل سامراء في ليلة العشرين من شهر ربیع الاول من السنة السادسة بعد الألف و الثلاثمئة و الستين، و الحمد الله أولا و آخرا (1).

ص: 151


1- ستأتي صورة هذه الإجازة في الملاحق.

ثانيًا: إجازة الشيخ الميرزا نجم الدين الشريف العسكري إلى الأستاذ الدكتور حسين علي محفوظ

ثانيًا: إجازة الشيخ الميرزا نجم الدين الشريف العسكري (1) إلى الأستاذ الدكتور حسين علي محفوظ

الحمد لله الذي أجازنا أحسن الجوائز بيمنه و كرمه، و علّمنا نقل حديث وحدته و أبديته، و رواية أحاديث قدسه و أزليته، و ألهمنا صحاح براهين علمه و قدرته، و عرفنا أخبار عدله و حكمته و الصلاة على أشرف البريَّات، و خير الرواة لأخبار السموات، محمد و آله الهداة، مصابيح الظلمات في المفصلات و المعضلات و بالرواية عنهم تتفاضل الدرجات، و تتنوّع الروايات، فالصحيح ما صح عنهم، و الحسن ما حسن بهم، و المرفوع ما اتصل بهم، و المقبول ما أسند عنهم، و الموثق من وثق بهم، و المعلق ما لم يتصل بهم، و الموقوف ما وقف على غيرهم، و المقطوع ما انقطع عنهم، و المجهول من جهلهم، و المنكر من أنكرهم، فهم أبواب العلم، و خزنة الوحي، و رواة الدين، و حفظة الشرع المبين. و الرحمة و الرضوان على نقلة آثارهم، و المعنعنة عنهم، عن جدهم الصادق الأمين، و برواية ذلك فضّل الله الراوي لحديثهم على سبعين ألف عابد و حباه الله أجر الصائم المجاهد، و برواية علومهم ينفون العلماء عن الدين تحريف المغالين، و انتحال المبطلين.

(و بعد) فيقول أقل القليل، المفتقر إلى الله تعالى الغني الجليل، جعفر المكنى بأبي القاسم، و الملقب بنجم الدين نجل العلّامة الحجة آية الله الشيخ مرزة محمد الطهراني العسكري قدس سرّه: إنّ أربح المكاسب، و أنجح المطالب، و أرجح المفاخر، و أعظم المآرب بعد الإيمان بالله و اليوم الآخر، هو ما يتصل به إلى السعادة الأبدية، و يتخلَّص به من الشقاوة السرمدية، الاقتداء بالملة النبوية و السنة المحمديَّة على الصادع بها و آله من الصلوات أفضلها، و من التحيات أكملها، و ذلك لا يتم إلا بنقل الحديث و روايته، و ضبطه و درايته، و صرف الأيام في مدارسته، و قضاء الأعوام في ممارسته، فطوبى لمن وجّه إليه ،همته، و بيض إليه لمته، و جعله

ص: 152


1- الشيخ محمد جعفر الشهير بالميرزا نجم الدين الشريف العسكري، و هو الولد الأكبر للميرزا محمد العسكري الطهراني. ولد في النجف الأشرف سنة 1313ه، و توفي في الكاظمية بتاريخ 14 رجب سنة 1395ه، و نقل إلى النجف و دفن بها. و قد ذكر الشيخ المجيز مشايخه و مؤلّفاته في متن هذه الإجازة.

شعاره، و دثاره، و صرف فيه ليله و نهاره.

و لمّا كان الأخ العزيز، و العالم الفاضل الكامل، اللوذعي الألمعي، جامع الكمالات الإنسانيَّة، و الأخلاق المرضيَّة، و الملكات الملكية، حضرة الدكتور حسين علي محفوظ، الأستاذ في علم الحديث في كلية أصول الدين و الأستاذ في جامعة بغداد، الذي صرف عنفوان شبابه في طلب العلوم العقلية و النقليَّة، مهذَّبًا بالأخلاق النفسانية، و الأعمال المرضية، طلب مني إجازة رواية ما يجوز لي روايته فوجدته سلّمه الله و أيّده أهلا لذلك. فاستخرت الله و أجزت له (دام الله بقاه)، رواية ما يصح لي روايته من المعقول و المنقول، لا سيما الأحاديث النبوية، و الآثار الإماميَّة، من أساتيذي الكرام، و حجج الله في الأنام، و هم جماعة:

أولهم و أقدمهم: آية الله المغفور له والدي قدس سرّه، فانّه قد أجازني أن أروي عنه، جميع ما أجازوا له أساتيذه الكرام روايته، و هم جماعة:

(منهم): سيّدهم و أقدمهم العلامة الحجة آية الله العظمى، السيد السند، السيد مرزة حسن بن محمود الشيرازي قدس سرّه.

(و منهم): العلّامة الأوحد، حجة الإسلام و المسلمين، و آية الله في الأرضين، خير الحاج، الحاج ميرزا حسين النوري، صاحب مستدرك الوسائل و غيره من الكتب القيمة (قدس سره، و أعلى الله مقامه).

(و منهم): العلّامة الحجة آية الله العظمى الحاج مرزة خليل الطهراني قدس سرّه (1).

(و منهم): الحبر المتبحر النحرير، جامع المعقول و المنقول، و سيّد السادة، و خير الحاج الحاج سيّد أبو تراب الخونساري، صاحب كتاب سبيل الرشاد في شرح نجاة العباد (قدس الله روحه القدوسي).

(و منهم): سيّد السادة، و فخر العلماء، العلّامة الحجة آية الله العظمى، السيد محمد کاظم الطباطبائي اليزدي، مؤلّف الحاشية الكبير على المكاسب، للشيخ العلّامة المحقق

ص: 153


1- أقول لعله يعني ولده الميرزا حسين بن الميرزا خليل.

الأنصاري قدس سرّهما.

(و منهم): فخر العلماء العظماء، المحقق المدقق، الذي كان يجلس تحت منبر درسه ما يزيد على ألف عالم مدقق، سماحة آية الله العظمى، الشيخ محمد كاظم الغروي الهروي، مؤلّف كتاب (الكفاية في أصول الفقه)، أعلى الله مقامه.

(و منهم): الوحيد الفريد، العالم الزاهد الورع التقي حامل لواء التحقيق، و مالك أزمة التدقيق، افتخار الحاج و العمار، و سيّد الأبرار، الحاج آقا رضا الهمداني، مؤلّف الكتب العديدة في الفقه و الأصول، و جامع المعقول والمنقول (قدس الله روحه، و أسكنه بحبوبة جنانه).

(و منهم): شيخنا الأعظم، و عمادنا الأقوم خاتمة الفقهاء و المجتهدين آية الله العظمى، المجاهد في نصرة الإسلام و المسلمين حتى انتصروا على القوم الكافرين، الميرزا محمد تقي الحائري العسكري الشيرازي قدس الله روحه القدوسي.

(و منهم): شيخ المشايخ، و العالم العامل، و الإنسان الكامل، جمال العارفين، و مصباح السالكين، العابد الزاهد، صاحب الكرامات، و حجة الإسلام و المسلمين، المولى فتح علي السلطان آبادي. و قد أشار إلى بعض كراماته، آية الله الحاج مرزة حسين النوري، في كتابه دار السلام، قدس الله روحها القدوسي.

(و منهم): العلّامة المحدّث، الفقيه النبيه، و المحقق المدقق، صاحب الكرامات الباهرة المشهورة، العارف الرباني، و الملى الصمداني المولى حسين قلي الهمداني قدس الله سره.

(و منهم): العلّامة الحجة آية الله العظمى، المولى فتح الله الأصبهاني، المعروف بشيخ الشريعة، قدس الله روحه.

و أجزته - دام بقاه - أيضًا أن يروي عني جميع ما صحت لي روايته من سائر أساتيذي الكرام، و هم جماعة:

(منهم): العلّامة الحجة آية الله الشيخ محمد جواد البلاغي، قدس سره.

ص: 154

(و منهم): العلّامة الحجة، حجة الإسلام والمسلمين، آية الله في العالمين، السيد السند، الحاج سيّد مرزة مهدي الشيرازي الحائري، قدس سره.

(و منهم): العلّامة الحجة، فخر العلماء و فخر السادة الكرام، آية الله العظمى، السيد مرزة عبد الهادي الشيرازي قدس سره.

(و منهم): أستاذ العلماء، و فخر المحققين النبلاء، آية الله في الأنام، الشيخ محمد كاظم الشيرازي قدس سره.

(و منهم): العلّامة الأوحد، و الأستاذ الزاهد العابد الورع التقي، الحاج مرزة علي الايرواني، قدس سره.

و أجزته - دام بقاه - أن يروي عني جميع ما أرويه من سائر أساتيذي الكرام، الذي يطول بذكرهم المقام، و على الأخص أساتيذي العظام، و أساتيذي الكرام، الذين هم من علماء أهل الإسلام، من أهل مكَّة المكرَّمة و المدينة المنورة، و سائر بلاد المسلمين، الذين حصلت لي الرواية عنهم، و قد كتبت أسماءهم في إجازتي المطبوعة في أول كتابي (الوضوء في الكتاب و السنة)، طبع مصر سنة 1381ه.

و أجزته أن يروي من جميع مؤلّفاتي، في التفسير و الحديث و الفقه، و الذي منها: علي و السنة، و علي و الشيعة، و علي و الوصية، و علي و الخلفاء و محمد و علي و بنوه، الذي طبع منها الجزء الأول و الجزء الثاني. و حديث الثقلين، و حديث السفينة، و مقام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عند الخلفاء، و أبو طالب حامي الرسول و ناصره، و نبينا يقرأ و يكتب. و ما ألفته في جواز الجمع بين الصلاتين، و جواز المتعة للنساء، و جواز صبغ شعر الرأس و اللحية بالسواد، و كتاب الدرة البيضاء في تاريخ حياة سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام، و كتاب المهدي الموعود المنتظر علیه السلام عند جمهور علماء أهل السنة، و غير ذلك من مؤلّفاتي التي تزيد على الخمسين.

هذا، و نسأل الله تعالى أن يجعل الأستاذ المجاز من أمناء الشريعة، و أعلام الإمامية الاثني عشرية، الدال على سبيل النجاة و الرشاد. و من أهم ما أوصيه (زاد الله في توفيقاته) المحافظة على التقوى و المراقبة الله في السر و العلانية، و الأخذ بالاحتياط في أفعاله و أقواله،

ص: 155

كما أرجو أن لا ينساني، و جميع مشايخي المؤمنين من الدعاء في خلواته، و أسأله أن لا يبارح الأخبار الواردة عن الأئمة الأطهار، صلوات الله عليهم، و أن يداوم على تلاوة القرآن المجيد، و قراءة الصحيفة السجادية، و غيرها من الأدعية المروية عن الأئمة المعصومين، فإن فيها الحظ الأوفى، و الله الموفق لي وله في جميع الأحوال و الأمور، وهو أرحم الراحمين، و صلّى الله على محمد و آله الطيبين الطاهرين ما دامت السموات و الأرضين.

حرّر في يوم الأربعاء، اليوم الأوّل من شهر ربيع الأول سنة 1388ه.

لراجي عفو ربه، نجم الدين الشريف العسكري (1) .

ص: 156


1- ستأتي صورة قطعة من هذه الإجازة في الملاحق.

الفصل الرابع: كرامات و حوادث في سامراء

اشارة

ص: 157

ص: 158

(1) ما لكَ و الدخول بيني و بين إمامي

قال الميرزا حسين النوري (1) في كتابه دار السلام: «و لقد حدّثني السيد السند و الحبر المعتمد، العالم الزاهد، و الناسك العابد السيد محمد هادي العاملي (2)، المجاور لمشهد الكاظمين علیهما السلام، قال: كنت أصلّي يومًا في داخل الحضرة الشريفة العسكرية، و لم يكن فيها أحد غيري، و إذا برجل من الأتراك دخل الحضرة، و خاطب الإمام الا بعد الزيارة، و قال بلسان التركية ما معناه: إنّي أريد منك نفقتي التي ضاعت مني، و أنت تعلم أنَّه ليس لي شيء أبلغ إلى وطني، و كان زادي منحصرًا فيها، و لا أفارقك حتى آخذها منك، و أخرج القطن من أذنك (و هذا من الأمثال الشائعة، يقال لمن يتغافل عن قضاء الحاجة)، و كان يردد أمثال تلك الكلمات.

قال رحمة الله: فلما سمعت مقالته المنكرة، و كان يظن أنّي لا أفهم لسانه، فقمت إليه وقلت:

ص: 159


1- ولد في طبرستان سنة 1254ه- ، و درس هناك، ثم هاجر إلى العراق، و تتلمذ على الشيخ عبد الحسين الطهراني، و الشيخ الأنصاري، و الميرزا محمد حسن الشيرازي و من تلامذته: الشيخ عباس القمي. من مؤلّفاته: مستدرك الوسائل، و دار السلام في الرؤيا و المنام، و النجم الثاقب في الإمام الغائب، و كشف الأستار، و اللؤلؤ و المرجان. توفي في النجف سنة 1320 ه، و دفن فيها.
2- السيد هادي بن السيّد محمد علي الصدر. ولد في النجف سنة 1235ه، و ذهب به أبوه إلى أصفهان طفلًا، و سرعان عان ما أصيب بأبيه سنة 1241ه، فكفله عمه السيّد صدر الدين، و درس المقدمات، حتّى برع و صار يحضر درس عمه الصدر. هاجر إلى النجف سنة 1252ه، و درس على الشيخ حسن بن الشيخ جعفر ، و الشيخ مرتضى الأنصاري. ثمَّ أقام في الكاظمية، وحضر درس الشيخ محمد حسن آل ياسين، و اشتغل بالتدريس. من تلامذته السيّد مهدي الحيدري، و السيّد محمد بن السيد جعفر آل شبر و السيد يوسف شرف الدين، و الشيخ باقر آل ياسين. له رسالة في علم الكلام، و أرجوزة في علم الطب. توفي في الكاظمية سنة 1316 ه، و فيها دفن.

ما هذه الإساءة في الأدب، و التجرؤ على الإمام علیه السلام ؟ فنهرته وردعته عن مقاله، فقال: ما لك والدخول بيني و بين إمامي؟ اذهب إلى شغلك الذي كنت عليه، فإنِّي أعرف به و بحقه منك، و لا أفارقه حتى أقضي منه مرادي. فرجعت إلى مكاني في الزاوية التي تلي جهة الرأس، و الرجل عاد إلى كلامه و يطوف حول الشباك. و كنت متفكرًا في أمره، و إذا بصوت كوقع السلسلة على الطشت فنظرت فرأيت كيسًا قد طرح على الأرض بجنب الشباك من سمت الرأس، و كان الرجل حينئذٍ فيما يلي الرجلين. فلما سمع الصوت رجع إلى جهته، فرأى كيسه، فتناوله مبتهجا مسرورًا، و استقبلني و قال: رأيت كيف أخذت كيسي منهم علیهم السلام بمقالاتي التي أنكرتها و استوحشت منها؟ و لولاها لم يلتفتوا فقلت أين ضاع كيسك؟ قال: بين المسيّب و كربلاء، و لم أعلم به إلّا هنا فتعجبت من صدقه و يقينه و إخلاصه، و شكرت الله بما أراني من آيات حججه علیهم السلام» (1).

ص: 160


1- دار السلام: 248/2 - 249 .

(2) لَم لا تقضي حاجته

قال الميرزا حسين النوري في كتابه (دار السلام): حدثني العالم العامل، و قدوة أرباب الفضائل، و زين الأقران و الأماثل الثقة الصالح، الميرزا محمد باقر السلماسي (1)، قال: كان المولى الصالح الوفي، الميرزا محمد علي القزويني رجلًا زاهدًا ناسكًا و ثقة، عابدًا، و كان له ميل شديد، و حب مفرط في تحصيل علم الجفر و الحروف، يجوب لتحصيله البلاد و الفيافي و القفار. و كان بينه و بين الوالد صداقة تامّة. فأتى إلى سرّ من رأى حين اشتغال الوالد في عمارة مشهد العسكريين علیهما السلام، فنزل في دارنا، و بقي عندنا إلى أن رجعنا إلى و طننا المألوف، عمال مشهد الكاظمين علیهما السلام، و مضى من ذلك ثلاث سنين، و كان في تلك المدة ضيفًا عندنا.

فقال لي يومًا: قد ضاق صدري، و انقضى صبري، ولي إليك حاجة، و رسالة تؤدّيها إلى والدك المعظَّم. فقلت: و ما هي؟ قال: رأيت في النوم في تلك الأيام التي كنا بسامراء، مولانا الحجّة عجل الله فرجه، فسألته الكشف عن العلم الذي صرفت له عمري، و حبست في تحصيله نفسي، فقال: هو عند صاحبك. و أشار إلى والدك فقلت: هو يستر علي سره، و لا يكشف لي حقيقته. قال علیه السلام: ليس كذلك، أطلب منه، فإنَّه لا يمنعك منه. فانتبهت، فقمت إليه فوافيته مقبلًا إليه في بعض أطراف الصحن المقدس، فلما رآني ناداني قبل أن أتفوه بالكلام،

ص: 161


1- ولد سنة 1240ه، وبدأ بالتحصيل على بعض أساتذة عصره، ثم قرأ على الشيخ محمد علي بن مقصود علي، و على الشيخ محمد حسن آل ياسين، و كتب تقريراته. و تتلمذ كذلك على الشيخ عبد الحسين الطهراني. من تلامذته السيد حسن الصدر، و ابن أخيه الميرزا إبراهيم السلماسي. من آثاره تذهيب قبة الإمامين العسكريين علیهما السلام، بأمر شيخه الطهراني المتصدّي لذلك. فأنجزها في سنة 1285ه. و نقل ما زاد من أحجار الذهب إلى المشهد الكاظمي، فبناها في الإيوان الكبير في الطارمة الشرقية. توفي في الكاظمية سنة 1301 ه، و دفن فيها.

فقال: لم شكوتني عند الحجة علیه السلام! متى سألتني شيئًا كان عندي فبخلت به! فطأطأت رأسي خجلا، و لم أكن أعتقد أنَّه نظر في هذا العلم شيئًا، و لم أسمع منه مدة مصاحبتي معه من هذا العلم حرفًا، و لم أقدر على الجواب بعدما و بخني عليه. و الآن ثلاث سنين وقفت نفسي على ملازمته و مصاحبته، لا هو يسألني عن مقصدي و يعطيني ما أحاله الإمام عليه السلام علیه، و لا أنا أقدر على السؤال عنه، و إلى الآن ما ذكرت ذلك لأحد. فإن رأيت أن تكشف كربي و لو باليأس من المرام، فإنّ الله لا يضيع أجر المحسنين.

قال سلّمه الله: فبقيت متعجبًا من تلك القضية، و من جميل صبره، و حسن سكوته. فقمت إلى الوالد الأجل، و قلت: سمعت اليوم عجباً، و حكيت له ما سمعت، و قلت: من أين علمت أنَّه شكى في النوم إلى الإمام علیه السلام؟ فقال: هو علیه السلام قال لي في النوم، و لم يذكر تفصيل نومه. فقلت: و لم لا تقضي حاجته؟ قال: و أنا متعجب من تلك الحوالة، إذ ليس عندي ما أحاله علیه السلام عليّ. فزاد عجبي.

فرجعت و ذكرت له الجواب فمضى في شغله، و سيره إلى أن وقف في بهبهان على كتاب فيه كشف مهماته، و طريق تبيين مجهولاته، فرجع و كان ذلك بعد وفاة الوالد، فقال: إنّ لأبيك عليّ حقوقًا، رأيت أن أوقفك على ما وقفت عليه أداءً لحقوقه. فإذا قدمت المشهد الغروي، نكتب هذا الكتاب في نسختين مرموزًا، و نتلف الأصل، و لك واحد منها، ثم نرجع إليك و نعلمك مسائله إن شاء الله في مدة قليلة. قال: فلما قدم المشهد، توفي رحمه الله، و دخل بعض الطلاب حجرته، و أخذ تلك النسخة، و لم يعرف لها خبر بعد ذلك» (1).

ص: 162


1- دار السلام 2/ 238 - 240 .

(3) التربة الحسينية

و في كتاب دار السلام أيضًا، قال: «و حدثني جماعة، منهم: و لده الصالح المذكور (1)، و الأخ الصفي الآقا علي رضا الأصفهاني المتقدم ذكره و غيرهما، و اللفظ للأول. قال: كنت مع الوالد في أيّام إقامته في سر من رأى للخدمة المذكورة، و كان يتعاهد المشتغلين في السور في طرفي النهار، و يشتغل بالعبادة ويستريح في وسطه، فأقوم مقامه لاستخدام الجماعة. قال: و اشتدَّ الحرُّ في بعض الأيَّام، فرجعت إلى المنزل لاستريح ساعة، فرأيت الوالد بيده خيط و أبرة و قطعة ثوب يخيطه، فتعجبت من ذلك، فقلت: هذا شغل النساء، وهن موجودات مستعدات لذلك. فقال: أريد أن أجعله وعاءً لشيء له شأن، و أحبّ أن يكون من عمل يدي. فسألته عنه، فقال: دخلت الظهيرة في الحرم المقدَّس، و لم يكن فيه غيري فاشتغلت بالصلاة، و لما رفعت رأسي من الركوع، أدخلت يدي في عمامتي لأخرج التربة الزكية الحسينية لأسجد عليها، فافتقدتها، فتحيّرت في تحصيل ما يصح عليه السجود، إذ لم يكن معي غيرها، فبينا أنا كذلك، و إذا بتربة معمولة قد صعدت من داخل الضريح المقدّس إلى الهواء، منحرفة إلى جانبي، إلى أن وضعت قدّامي، في محلّ السجود، فسجدت حامدًا شاكرًا مسرورًا بهذه النعمة العظيمة. ثم أوصى بأن نجعلها في كفنه.

قال: وزرت تلك التربة الزكية عند المولى المذكور، و كانت مثمنة الشكل» (2).

ص: 163


1- أي: الميرزا باقر بن الميرزا زين العابدين.
2- دار السلام: 2/ 253-254 .

(4) استشفاء الميرزا زين العابدين السلماسي بأئمة سامرّاء علیهم السلام

جاء في كتاب دار السلام نقلا عن آقا محمد المجاور لمشهد العسكريين علیهما السلام، قال: حدّثني المولى الشيخ زين العابدين السلماسي قال:

«لما رجعت من زيارة مولاي أبي الحسن الرضا علیه السلام، قاصدًا وطني مشهد الكاظم علیه السلام. فمررت في رجوعي بطهران، فتوقفت فيه أيامًا، وزارني مَن كان لي فيه من الأخلاء، منهم السيّد المبجّل الحاج السيد حسن الطهراني، فالتمس مني التحوّل إلى بيته، و السكنى فيه مدة إقامتي في البلد، فامتنعت منه.

و كنا في بعض الأيام في مذاكرة هذا المطلب، إذ دخل علي العالم المؤيد، النبيل الربّاني، الحاج المعظم، الميرزا خليل الطبيب الطهراني. فنظر إليّ شزرًا، و تفرّس في وجهي، فقال لي: امدد إليّ يدك، فمددتها إليه، فجسّها ثم قال: أرى بك استعدادًا قريبًا للمرض الشديد. و قال للسيّد: دعه لما به حتى يحسن حاله، فإنّه يمرض في اليوم أو الغد.

قال: فتغيّرت حالي بعد الظهر، فمرضت مرضًا شديدًا، فلازمني جناب الميرزا المزبور ليلا و نهارًا، حتى طلبه في بعض الأيام سلطان عصره فتح علي شاه فامتنع، فعاد الرسول ثانيًا، فأجابه بأنّي مشغول بمعالجة نفس زكيّة قدسية محترمة، آليت على نفسي أن لا أفارقها، حتى يفعل الله ما يشاء.

قال : و اشتدّ بي المرض و تعايا عن صفة الداء، و معرفة الدواء، و بلغ بهم اليأس منّي، و مضى عليّ يومان، لم أعرف مواقيت الصلاة، و لم أشعر بها. ورتب الآميرزا الطبيب في خياله، أو كتب في موضع دواءً له سبعة أجزاء أن أشربه في غد إن أخرني الأجل إليه.

فحملوني في الليل إلى سطح الدار، و كان الحاج المعظم يضع رأسه عند النوم على

ص: 164

و سادتي، فالتفت في تلك الحال إلى مرضي و غربتي، و موتي بأرض الري، فتوجهت إلى مشهد العسكريين علیهما السلام، و قلت في نفسي يا موالي، إنّي أتعبت بدني، و صرفت عمري في عمارة بقاعكم، و إحكام بلدكم - و كان الأمر كذلك، كما نشير إليه - و قد زرت أبا الحسن الرضا علیه السلام، و قصدت العود إلى وطني في جواركم، فكيف ترضون أن أموت بعد الخدمة و الشيب، في هذه الأرض المشؤومة. و تضرّعت بأمثال هذه الكلمات.

فأخذني النوم فرأيت ثلاثة فوارس أقبلوا من ناحية المشرق، أحدهما على فرس أبلق، مقدّم على الاثنين، و ظهر لي أنهم الحجة و أبوه وجده علیهم السلام، فدنوا منّي، و لم ينزلوا من فرسهم (كذا)، فشكوت إليهم حالي، و ذكرت لهم مثل ما ذكرت في اليقظة، فقالوا: لا تجزع و لا تضطرب، و حالك حسن، و ليس فيك مرض، و قل للميرزا خليل أن يخرج من نسخة دوائه جزءين أو ثلاثة أجزاء سمّوها، و يُدخل فيها جزءًا آخر - سموه أيضاً - و أشربه.

قال: فانتبهت، فرأيت كأنه لم يبق من مرضي بقية فناديت بعضهم، و طلبت الماء، و قلت: أنا ما صلّيت الليلة. فانتبه جناب الآميرزا خليل فلما رآني على هذه الحالة، ظنّ أنّي ابتليت بمرض السرساب، فقال لي: ما لك؟ فحكيت له ما أريت، فجس يدي، و قال: ما أرى فيك مرضًا، و عاد النبض على ما كان في حال الصحة، و لا تحتاج إلى شرب دواء أبداً، و أظنّ أنّ أمرهم للهلال بشرب هذا الدواء، الذي رتبته بعد تغييره بما أشاروا إليه، لمجرّد الإحسان إليّ، و التشكر لي، و الحمد لله » (1).

ص: 165


1- دار السلام: 2/ 250-251 .

(5) دخل الروضة للسلام على أبيه علیه السلام

قال الميرزا النوري في كتابه دار السلام، بسنده عن الآقا علي رضا، عن الميرزا زين العابدين السلماسي:

«صلينا مع جنابه في داخل حرم العسكريين علیهما السلام، فلما أراد النهوض من التشهد إلى الركعة الثالثة، عرضته حالة، فوقف هنيئة ثمّ قام، و لما فرغنا تعجبنا كلنا، و لم نفهم ما كان وجهه، و لم يجترِ أحد منا على السؤال منه إلى أن أتينا المنزل، و أحضرت المائدة، فأشار إلي بعض السادة من أصحابنا أن أسأل منه فقلت: لا، و أنت أقرب منا فالتفت رحمه الله إلي و قال: فيم تقولون؟ قلت - و كنت أجسر الناس على مكالمته - : إنهم يريدون الكشف عما عرض بكم في حال الصلاة؟ فقال: إن الحجّة عجّل الله تعالى فرجه دخل الروضة للسلام على أبيه علیه السلام، فعرضني ما رأيتم من مشاهدة جماله الأنور، إلى أن خرج منها (1)

ص: 166


1- دار السلام 2/ 233 . الحكاية الثامنة و الأربعون.

(6) أردت زيارتكما بخضوع و خشوع، و قد اطّلعتها على منعه إيَّاي

قال الميرزا حسين النوري في كتابه جنّة المأوى:

«حدّثني العالم الجليل، و المولى النبيلّ العدل الثقة الرضي المرضيّ الميرزا إسماعيل السلماسي، و هو من أوثق أهل الفضل، و أئمّة الجماعة في مشهد الكاظم علیه السلام، عن والده، العالم العيلم المولى زين العابدين، أو عن أخيه الثقة الصالح الميرزا محمد باقر (سلّمه الله) - و الترديد لتطاول الزمان، لأن سماعي لهذه الحكاية يقرب من خمسين سنة.

قال : قال والدي: مما ذكر من الكرامات للأئمة الطاهرين علیهم السلام في سر من رأى في المئة الثانية، و الظاهر أنّه في أواخر المئة أو في أوائل المئة الثالثة بعد الألف من الهجرة، أنّه جاء رجل من الأعاجم إلى زيارة العسكريين علیهما السلام، و ذلك في زمن الصيف و شدّة الحرّ، و قد قصد الزيارة في وقت كان الكليدار في الرواق، و مغلّقًا أبواب الحرم، و متهيّئًا للنوم عند الشباك الغربي.

فلما أحسّ بمجيء الزوّار فتح الباب، و أراد أن يزوّره، فقال له الزائر: خذ هذا الدينار، و اتركني حتى أزور بتوجه وحضور فامتنع المزوّر، و قال: لا أخرم القاعدة، فدفع إليه الدينار الثاني و الثالث، فلما رأى المزوّر كثرة الدنانير، ازداد امتناعا، و منع الزائر من الدخول إلى الحرم الشريف، وردّ إليه الدنانير.

فتوجّه الزائر إلى الحرم، و قال بانكسار: بأبي أنتما و أمّي، أردت زيارتكما بخضوع و خشوع، و قد اطّلعتها على منعه إياي فأخرجه المزوّر، و غلق الأبواب، ظنا منه أنه يرجع إليه، و يعطيه بكل ما يقدر عليه، و توجّه إلى الطرف الشرقي، قاصدًا السلوك إلى الشباك، الذي في الطرف الغربي.

ص: 167

فلما وصل إلى الركن، و أراد الانحراف، رأى ثلاثة أشخاص مقبلين صافين، إلّا أنّ أحدهم متقدّم على الذي في جنبه بيسير، و كذا الثاني ممن يليه، و كان الثالث هو أصغرهم، و في يده قطعة رمح و في رأسه سنان، فبهت المزوّر عند رؤيتهم. فتوجه صاحب الرمح إليه، و قد امتلأ غيظًا، و احمرت عيناه من الغضب، و حرّك الرمح مريدًا طعنه، قائلا: يا ملعون ابن الملعون، كأنّه جاء إلى دارك، أو إلى زيارتك فمنعته.

فعند ذلك توجّه إليه أكبرهم، مشيرًا بكفّه، مانعا له، قائلًا: جارك، ارفق بجارك. فأمسك صاحب الرمح، ثم هاج غضبه ثانيًا، محرّكا للرمح قائلًا ما قاله أوّلًا، فأشار إليه الأكبر أيضًا كما فعل، فأمسك صاحب الرمح .

و في المرّة الثالثة لم يشعر المزوّر [إلّا] أن سقط مغشيا عليه، و لم يفق إلّا في اليوم الثاني و الثالث، و هو في داره، أتوا به أقاربه، بعد أن فتحوا الباب عند المساء، لما رأوه مغلقا، فوجدوه كذلك و هم حوله باكون. فقص عليهم ما جرى بينه و بين الزائر و الأشخاص، و صاح: أدركوني بالماء، فقد احترقت و هلكت، فأخذوا يصبون عليه الماء، و هو يستغيث، إلى أن كشفوا عن جنبه، فرأوا مقدار درهم منه قد اسود، و هو يقول: قد طعنني صاحب القطعة.

فعند ذلك أشخصوه إلى بغداد و عرضوه على الأطبّاء، فعجز الأطباء من علاجه، فذهبوا به إلى البصرة، و عرضوه على الطبيب الإفرنجي، فتحيّر في علاجه، لأنه جسّ يده، فما أحس بما يدلّ على سوء المزاج، و ما رأى ورماً و لا مادّة في الموضع المذكور، فقال مبتدئًا: إنّي أظنّ أنّ هذا الشخص قد أساء الأدب مع بعض الأولياء، فاشتد بهذا البلاء. فلما يئسوا من العلاج رجعوا به إلى بغداد فمات في الطريق، و الظاهر أنّ اسم هذا الخبيث كان حسانًا»(1) .

ص: 168


1- جنّة المأوى: 129 - 130 . الحكاية الثامنة والأربعون.

(7) لا أعطي نفسي ما تشتهيه و تميل إليه

قال السيّد حسن الصدر في كتابه تكملة أمل الآمل، في ترجمة المولى الحاج ملا علي بن ميرزا خلیل الطبيب (1)، بعد وصفه بأنه: «عالم ربَّاني و مجاهد روحاني، فقيه محدّث رجالي، أزهد أهل زمانه و أورعهم و أعبدهم. كان أنموذج السلف الصالح في الزهد و العبادة. عاشرته زمانًا طويلًا في النجف الأشرف، فما رأيت منه إلا ما يذكّر بالله. بلغ من الزهد و التجافي عن الدنيا مقامًا لا يحومه الخيال. خشن اللباس جشب المأكل، جلّ قوته السويق يهس دقيق الشعير بشيء من التمر فيقتات به، حتى أنه حج بيت الله مرتين، و لم يزد له غيره. وكان يزور الحسين علیه السلام ببعض خاصته ماشيًا، و شاهدت منه كرامات تدلّ على خطره.

زار العسكريين و أنا في جوارهما سنة 1292ه، و نزل عندي، فقدمت له ذات يوم عند الغداء بطيخًا و خبزًا و جبنًا، فقال: لا آكله فالتمسته عليه فامتنع، فأصررت عليه فأبى فقلت له: إنَّك في منزلي و أنا ألتمسك على أكله فأين الأخبار المأثورة في إجابة المؤمن؟ و هل يراد به إلّا الإمامي؟ و أنا مع ذلك ذو عناوين أخر تقضي في الشرع برعايتي: كانتسابي إلى الإمام الكاظم علیه السلام، و مهاجرتي إلى العلم كل هذا لا أثر له عندك ! و ظهرت عليَّ طلائع الغضب. فقال لي: و الله لأذيَّتك أعظم أمر عندي ، و قد ألزمتني أن أبوح سري. إنّي عاهدت و ألزمت نفسي الحيوانية أن لا أعطيها ما تشتهيه و تميل إليه، وقد خرجت اليوم من الصحن

ص: 169


1- ولد سنة 1226ه. عالم رباني، و مجاهد روحاني قرأ على شريف العلماء في كربلاء، ثم على الشيخ محمد حسين كتابه الفصول، ثم رجع إلى النجف، فدرس على الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر. تمن يروي عنهم: الشيخ صاحب الجواهر، و السيّد محمد العاملي صاحب مفتاح الكرامة، و الشيخ مرتضى الأنصاري. من مؤلفاته: خزائن الأحكام في شرح تلخيص المرام و غصون الايكة الغروية في الأصول الفقهية، و سبيل الهداية في علم الدراية. توفي في النجف سنة 1297ه، و دفن فيها.

الشريف، و كان هذا البطيخ عند بابه، فصارت رائحته إلى شامتي و هشت إليه نفسي، فقلت لها: لن أذيقك منه شيئًا، و لا أتابعك في هذه الشهوة الحيوانيّة، و هل أنت ترضى أن أكون ممن اتَّبع هوى نفسه؟ فقلت له: فما تأكل اليوم؟ قال: أكل الخيار (المعروف بأبي زغيب) مع الخبز.

و لما كان آخر الليل، أخذني معه إلى السرداب الشريف للتهجد هناك، و قال: يا أخي، إنه مكان شريف، و لا يوجد فيه الآن أحد فذهبنا، و فتحت أنا باب الصحن، و قصدنا السرداب، فوقفنا على باب الدرج للاستئذان، و هو مظلم ليس فيه ضياء، فلما فرغنا من الاستئذان، تقدَّمني بالنزول، فنزلت خلفه بدرجتين، فبينما أنا أنزل إذ رأيت نورًا ظهر في السرداب الأول الصغير، فلما شاهدته ارتعدت فرائصي. أما هو فلم يكلمني غير أنَّه قال: تری؟ قلت: نعم. ثم توجه النور إلى السرداب الكبير الذي فيه الصفة الشريفة، فوقفنا في السرداب الأول، و نحن على حال شريفة عظيمة، و لما دخلنا إلى السرداب الكبير، لم أر أنا شيئًا، و لم أسأله أنه رأى أم لا. و كان قدس سرّه كثيرًا ما يذكرني بذلك)(1) .

ص: 170


1- تكملة أمل الآمل: 570/30 - 571 . وينظر جنّة المأوى ص 85-86.

(8) زيارة السرداب

نقل السيد علي بن السيد حسن الصدر (1)، كرامة لعمّته العلوية ملكة بنت السيد هادي الصدر (2)، فقال: «حدَّثتني في سامراء، و كنا زائرين - بالقضّ والقضيض - للعسكريين علیهما السلام، و كنَّ النساء يجتمعن و يذهبن إلى الحرم الشريف، ثم إلى السرداب المقدس. فذهبن يوما على العادة، و كان الفصل صيفًا، و الشهر تموز فزرن و كلما أتمت إحداهن الزيارة و الصلاة و الدعاء، و الآداب المسنونة في ذلك المكان، خرجت و جاءت إلى الدار، إلى أن بقيت عمتي و والدتي (رحمة الله عليها)، إحداهما في الصفة و هي عمتي، و الأخرى في السرداب عند باب الصفة و هي والدتي.

قالت عمتي: فقلت في نفسي: إنَّ السرداب خالٍ من الزوار، و كذا الصحن، من شدّة القيض، و ذهب (الكيشوان) إلى داره، لخلوّ الحرم و السرداب من الزائرين، و قد استولى عليّ الخوف، لأن سامراء و أهلها ليسوا من أهلنا، و إذا قمت و ذهبت، تبقى والدتك و حدها في السرداب، و لا يمكن أن أتركها، لأنّها مصمّمة على أن تصلي الظهرين في السرداب.

ص: 171


1- ولد في الكاظمية سنة 1303 ه، ودرس مبادئ العلوم على عدد من علمائها الأعلام، و تفقه على أبيه، وأخذ عنه الحديث و ما إليه. و لم يُقدّر له أن يهاجر إلى النجف. له مؤلّفات في مواضيع شتى، منها: كتاب شجرة الموسويين من آل شرف الدين، وكتاب حقيبة الفوائد و منظومة في المواريث، و نظم الشعر. توفي في الكاظمية سنة 1380ه، و دفن فيها.
2- ولدت في الكاظمية، و رضعت من ثدي العلم و الإيمان و التقى. و درجت تنهل من نمير أبيها الهادي، و أخويها السيّدين الحسن و الحسين. كانت سيّدة جليلة القدر، تقيّة نقيّة دائمة الذكر من المتهجدات بالأسحار، المواظبات على تلاوة القرآن و الدعاء في أعقاب الصلوات. توفيت في الكاظمية بعد سنة 1347ه، و دفنت فيها.

172

فتوجهت إلى مولاي الحجّة ابن الحسن المهدي عليه و على آبائه الصلاة و السلام، و قلت يا سيّدي نحن أسرتك بنات جدك موسى بن جعفر، و ضيوفك في دارك و سردابك، و نخاف فآمنا، و توجّه لنا و احفظنا. ثم قمت للصلاة، فلمّا صرت في الركعة الأولى، نظرت إلى زاوية الصفة، إلى جهة القبلة، فرأيت شبح إنسان قد أحاط به النور من أرض الصفة إلى سقفها، فارتعدت فرائصي، و كدت أقطع الصلاة لأتشبث بأذياله الشريفة، لألتمس منه الدعاء، و أطلب منه الشفاعة، و قضاء الحوائج، لكنّي تماسكت عن قطعها، و أوجزتها. و لما فرغت من الصلاة، ذهب ذلك الشبح الذي كان يحيط به النور، ولكن اطمأن قلبي لحضوره عندنا في السرداب، و توجّهه لرعايتنا، و الحمد لله رب العالمين» (1).

ص: 172


1- موسوعة الشعراء الكاظميين: 20/4 - 231 .

(9) ما سبب ذلك الطيب

و مما ورد في كتاب جنّة المأوى، قال:

حدّثني الثقة العدل الأمين آغا محمد المجاور لمشهد العسكريين علیهما السلام، المتولي لأمر الشموعات لتلك البقعة العالية، فيما ينيف على أربعين سنة، و هو أمين السيد الأجل الأستاذ (دام علاه)، عن أمّه - و هي من الصالحات العابدات- قالت:

كنت يوما في السرداب الشريف، مع أهل بيت العالم الرباني، و المؤيد السبحاني، المولى زين العابدين السلماسي رحمة الله، و كان حين مجاورته في هذه البلدة الشريفة لبناء سورها.

قالت: و كان يوم الجمعة، و المولى المذكور يقرأ دعاء الندبة، و كنا نقرؤه بقراءته، و كان يبكي بكاء الواله الحزين، و يضجّ ضجيج المستصرخين، و كنا نبكي ببكائه، و لم يكن معنا فيه غيرنا.

فبينا نحن في هذه الحالة، و إذا بشذو مسك ونفحته قد انتشر في السرداب، و ملأ فضاءه، و أخذ، هواه واشتدّ ،نفاحه بحيث ذهبت عن جميعنا تلك الحالة، فسكتنا كأنّ على رؤوسنا الطير، و لم نقدر على حركة ،و كلام فبقينا متحيّرين إلى أن مضى زمان قليل، فذهب ما كنا نستشمّه من تلك الرائحة الطيبة، و رجعنا إلى ما كنا فيه من قراءة الدعاء. فلما رجعنا إلى البيت، سألت المولى رحمة الله عن سبب ذلك الطيب، فقال: ما لكَ و السؤال عن هذا! و أعرض عن جوابي.

و حدّثني الأخ الصفي، العالم المتقي، الآغا علي رضا الأصفهاني، و كان صديقه، و صاحب سرّه، قال : سألته يومًا عن لقائه الحجة علیه السلام، و كنت أظنّ في حقه ذلك، كشيخه السيد المعظم، العلّامة الطباطبائي، فأجابني بتلك الواقعة حرفًا بحرف» (1).

ص: 173


1- جنّة المأوى: 100 . الحكاية الثالثة و الثلاثون.

(10) هوَتْ تطلب إذنًا للصعود

نقل السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني (1)، ما يأتي:

كنت جالسًا بعض الأيام من سنة 1310ه، في صحن العسكريين علیهما السلام بسامراء، و الناس مشتغلون بتسريج المنارتين، لكرامة ظهرت من قبر أحد أئمتنا علیهم السلام، فلما نظموا الشرج في المنارتين المئذنتين بأحسن ترتيب، و أزين أسلوب صعد اثنان من متعصبي العامة على المنارتين، و قطعوا حبال السرج و المصابيح عنادًا و بغضًا، فهوت السُّرج دفعة إلى سقف الحرم المحرَّم، و استقرَّت هناك على الترتيب الذي كانت عليه، و لم ينطف منها واحد، و لم ينكسر من أجزائها شيء، فقرّت بذلك أعين الموالين، و ذلّت عيون المخالفين.

فكانت هذه كرامة أخرى، فزيَّنوا المنائر و المنابر، و الطرق و الأسواق أيضًا. و هذه الكرامة شاهدتها بعيني، و اشتهرت في البلدان، و اتخذوا نهار تلك الليلة عيدا، و نظموا قصائد و أبياتًا لتلك الكرامة، و أنا أحفظ منها بيتين فقط و هما هذان:

ما هوت لكنّها لما رأت *** قبَّةَ الأطهارِ خرَّت للسجود

أو رقَتْ من دون إذن منهم *** فهوَتْ تطلب إذنًا للصعود

والله على ذلك خير شهيد، وهو على ما نقول وكيل» (2).

ص: 174


1- مرّت ترجمته.
2- نقلًا عن أوراق السيّد هبة الدين تفضّل بها علي الدكتور الشيخ عماد الكاظمي، مشكورًا.

(11) أنا عبد الله و أنت عبد الله

نقل السيد حسن الصدر في كتابه تكملة أمل الآمل في ترجمة العلّامة الأكبر، الشيخ جعفر بن الشيخ خضر النجفي (كاشف الغطاء) (1)، ما يأتي:

«و حدَّثني الشيخ الفقيه، الحاج ميرزا حسين، عن أبيه الحاج ميرزا خليل، أنه قال: كنت بخدمة شيخ الطائفة الشيخ جعفر كاشف الغطاء، في زيارته سر من رأى، فخرجنا من الكاظمية، و وردنا المعبر في دجلة، المعروف بحليق الذيب. و رأينا جماعة من الزوار، قد حبسهم الهواء العاصف عن العبور في ذلك الموضع يومين، و هو بعد بأشدّ ما يكون. فلما ورد الشيخ قاموا إليه، و ضحوا و بكوا؛ لنفاد قوتهم و أقوات دوابهم، و أنهم إذا أمسى عليهم الليل، و الحال هذه يموتون و تموت دوابهم؛ لعدم القوت.

قال: فجاء الشيخ إلى ساحل الشط، و توضأ و صلى ركعتين، فلما فرغ من الصلاة، أخذ بطرف ردائه، و ضرب به الهواء و قال أنا عبد الله و أنت عبد الله، اسكن بإذن الله. قال: فسكن دفعة، فعبرنا و عبر الزوّار و وصلنا إلى سامراء» (2).

ص: 175


1- ولد سنة 1154 ه. شيخ الطائفة في عصره. له المآثر الحميدة التي لا تحصى. قرأ على والده، و على الشيخ مهدي الفتوني، و على الوحيد البهبهاني. و من تلاميذه أولاده المشايخ الأربعة، و أصهاره الأربعة، و الشيخ محمد حسن (صاحب الجواهر). من مؤلّفاته (كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء) و به اشتهر، و (الحق المبين)، و (بغية الطالب). و مواقفه في حماية النجف الأشرف من الوهابيين مشهورة. توفي سنة 1228ه، و دفن في مقبرته بالنجف.
2- تكملة أمل الآمل : 2722

(12) ما كتبه الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني عن حادثة وقعت حين تشرفه في سامرّاء

(12) ما كتبه الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني عن حادثة وقعت حين تشرفه في سامرّاء (1)

«و من الحوادث التي اتفقت من غير داع و باعث: أنَّ الجاهل المغرور، الذي أنفه في السماء وإسته في الماء من الغرور خازن روضة العسكريين سلام الله تعالى عليهما على كر الجديدين، السيد علي بن السيد حسين، كان جالسًا في مجلس مدير مدائن الأنصاف، و مدار محاسن الأوصاف، محمد أمين أفندي المفوّض إليه إدارة سامراء، كان الله تعالى له في الضراء و السراء، ابن الصارم الهندي، عبد الرحمن أفندي، و كان المجلس غاصًا بأعضائه، من أجلاء البلد و رؤسائه، و كان المدير جالسًا في أحد صدري المجلس الأزهر، و الخازن في الصدر الآخر، و دونهما الأعضاء على حسب مراتبهم و مقتضى مناصبهم، فبينما هم في فصل خصومة، و إجراء حكومة، إذ دخل عليهم القالب الصمداني، عمر أفندي القاضي العاني، و حمل على الصدر، زعما منه أنَّه رفيع القدر، ورام أن يزحزح الخازن عن مسنده، و يؤخّره عن مقعده، و هذا طبع القضاة و لا سيّما قضاة عانة، فإنَّهم يغيرون على الصدر و لو أصابتهم إهانة، لما بهم من داء ذات الصدر و الجنب، الذي لا ينفع فيه دواء الطب.

لا يخرج الطبع حتى يخرج الروح *** فالطبع و الروح ممزوجان في بدن

فلم يتحرَّك الخازن من مكانه و لا اعتنى بشأنه، و لا رفع له جحرًا، و لا أدار له ظهرًا، لما به من الغرور و التكبّر، و الفرعنة و التحجّر، فالتفت القاضي يمينا و شمالا، و تنفس الصعداء إملالًا، و تأوّه أنينًا، و تأفف حزينًا، و تململ دنفًا، و توجد أسفا، و قال: ثكلتك الثواكل، و نزلت بك النوازل، هذا مكاني و محلّي، الذي يقتضيه شأني، رغمًا على أنف الشاني،

ص: 176


1- ينظر نزهة القلوب والخواطر: 62-66 .

فإنّي قاضي الإسلام، و الحاكم على الأنام، و المنصوب من قبل منقش الأحكام، فويل لك ممّا اكتسبت، و تبّا لك مما ارتكبت، لقد أتيت بما حيَّر العقول و الخواطر، و أذهل الألباب و السرائر، و جلست مكانًا لا يليق بشأنك، و لا ينبغي لأقرانك:

ما الصدر إلا لأهل العلم إنَّهم *** إلى الهدى لمن استهدى أدلاء

فقال الخازن المتفاخر، متموّجًا كالبحر الزاخر:

أبكي وأندب ملة الإسلام *** إذ صرت تقعد مقعد الحكّام

إنّ الحوادث في الزمان كثيرة *** و أراك بعض حوادث الأيام

الزم حدك يا عمر، و لا تتجاوز رشدك، فسأصليك سقر، فإنَّ هذا مكان آبائي الكرام، و أجدادي العظام الذين هم صدور المجالس، و بدور على الحنادس، ثمّ التصدّر على أمثالك، و الجلوس على يد أشكالك، هو مقتضى منصبي، و على حسب حسبي، فضلًا عن نسبي، فإنّي تحت راية الدولة العليّة العثمانية، و في حماية الدولة السنيّة الإيرانية، و ما أنت و الصدر يا وضيع القدر ؟!، أما أنت من أهل عانه، الذين هم أخسّ من شعيرات العانة. ثم أزبد و أنشد:

لست صدرًا و لا قرأت على صدر *** و لا ما ادعيته بالعيانِ

لعن الله كل علم وفقه *** و حديث يؤتی به من عاني

و بعد ما جرَّد سيف لسانه، و طعنه بسنان بيانه، قام و هو مغتاض، و قال: اقض ما أنت قاض، فطافت على القاضي طوائف الأحزان و أحاطت به جنود الأشجان، و قام و هو من الغيظ يلتوي، و كالكلب المطعون ينتبح ويرعوي، و قال: فو حق قاضي الحاجات للبرية، و حبيبه القائم مقامه في الرعيَّة لأركبنَّ اليوم، و أرفع أمري إلى أمير القوم، باسط بساط العدل بين الأنام، حبيب أفندي القائم مقام، فلقد أصبحت في القوم أضيع من البدر في ليالي الشتاء، و سلبوني - سلب الله عنهم نعمته - بردي القضاء و الافتاء.

فخرج من مجلس المدير، و نهض إليه بعض أهل التزوير، ممّن بينه و بين الخازن كدورة، و عداوة و نفورة، و قدَّم إليه حصانًا، و سير خادمًا، و ما معه إحسانًا، و قال له: سر فإنَّك من

ص: 177

الآمنين، و لا تخف فأنا لك من الضامنين فركب و سار مستلبًا عنه القرار، و ما خرج من السور إلا و أحاط به آحاد يزعم أنهم غلمان الخازن المزبور، فأنزلوه من الحصان، و احتفّوا به من كل جانب و مكان و ضربوه بالمسحاة و الفاس، إلى أن انقطعت منه الأنفاس، و دقوه دقًا نعما حتَّى ظنَّ أن وافاه الأجل المسمّى، فسقط ملقى على الأرض، و تبدل طول قامته بالعرض من الدقّ و الرضّ. فبلغ المدير الخبر، فدارت عليه دوائر الحزن مما فعلوا بعمر، فأرسل فيروز المأمور، ليكشف عن هذا الأمر الأمر، فلم يرّ إلا حادثًا فضيعًا، و أمرًا شنيعًا، فوضع ذلك الطاغوت على التابوت، و حمله إلى دار المدير، فاجتمع عليه خلق كثير، و جم غفير، و هو بينهم ينوح و ينبح كالكلب، و يصوت أنكر الأصوات، و يشكو ألم الظهر ووجع القلب، فاضطرب، المدير و ضاع منه التدبير، فأشار إليه بعض الأعلام، بحمله إلى القائم ،مقام، فخرج به من المدينة و أجلسه في السفينة، و سار إلى البلد، مستلبًا عنهما القرار و الجلد فشرح القاضي ما جرى، وما برح يبكي مما عرى قائلا: لقد شتمني الخازن فأسمعني، و ضربني فأوجعني، و جراحاتي تترجم عن حالي، و تشهد بصدق مقالي.

فاضطرب القائم مقام من ذلك، و ضاقت عليه المسالك، و هم بإحضار الخازن هنالك، فإذا به قد قدم، فسأله عن الأمر الملم، فقال: أيَّد الله الأمير إنّ هذا القاضي أقام عندنا حينًا من الدهر، و أيامه بمجالسة الأهالي و مؤانسة الأعالي أطيب من الزَهْر، و لقد بوّأته سر من رأى ظلالها، و أرضعته زلالها، و أنشقته ،شمالها و فرشت له حِجْرًا ،نعامها، و ألقمه ثدي إكرامها، و ورد دجلتها، فشرب منها حتّى شرق، و انغمس في بحار نعمائها حتّى كاد يقال: غرق، و كلّما قطرت من لسانه البذاءة، و انعجنت بطينة، الإساءة، و عمّت منه في الناس المساءة، تحملوه إعظاماً لمنصبه، و إغضاء عن خبث نسبه، لكن من الكلام ما يكون شرا، و في فم العقول مُرَّا، و من نار جهنم أشد حرا، و لا يتحمله من كان حُرًّا.

ثم أخذ يشرح ما صدر من القاضي على التصدّر، و التقدم و التأخر، من جراحات اللسان، التي هي أعظم من جراحات السنان، و سكت عن الحرب، و الطعن و الضرب، فسأله عن ذلك، فقال: لا علم لي بما جرى عليه هنالك فقال: ما تقول إذا شهد المدير و أصحابه ؟ فقال: لا يجسر على ذلك أحزابه و لا جنابه ، فإن القاضي جنى عليَّ و هم يبصرون،

ص: 178

و هجاني و شتمني و هم يسمعون، و مال في كلامه عن الملة، و هذى كمن به الملة، و هذى كمن به علَّة، أو ضُربت عليه الذلة، ثم أنشد:

إذا شهد المدير و صاحباه *** و قاضي الأرض بالغ في الهجاء

فويل ثم ويل ثم ويل *** لقاضي الأرض من قاضي السماء

فقال: أصل الضرب كأنَّه مما لا ريب فيه، و لا شكّ يعتريه، إذ لو لم يكن شيء لما قيل، و لما أصبح القاضي كالعليل بل كالقتيل. فأنشد الخازن:

تبارك ربّي ماذا الذي يقولون *** يرى الحرّ من كلّ نذل سفيه

(ما لم يكن لم يقل) *** و هل كان في الله ما قيل فيه

ثمَّ أرسل القائم مقام رسولًا إلى سر من رأى يجلب أعضاء المجلس و غيرهم للكشف عما جرى، فلمّا قدموا عليه، و جُلبوا إليه، استنطقهم عن الحادث، و عن الحامل على ذلك والباعث، فأنكروا ضرب القاضي، و جرحه بالمواضي، و كثر القيل و القال من الطرفين، و النزاع و الجدال من الجانبين فخشي القائم مقام الفتنة، فأمرهم بالصلح الذي هو أسلم للفريقين، و قال:

أرى تحت الرماد و ميض نار *** و يوشك أن يكون لها ضرامُ

فإن لم يطفها عقلاء قومٍ *** يكون وقودها جثت و هامُ

و عند ذلك أشار أعضاء المجلس إلى القاضي بالعفو و الإغضاء عن الماضي، فاصطلحوا ظاهرًا امتثالا لأمره، لكنَّ في القلوب ما فيها و القاضي خائف على عمره».

ص: 179

(13) لا أرضى بمعاقبة أيّ أحد، فانّهم جميعًا أولادي

نقل خطيب الكاظميّة الشيخ كاظم آل نوح (1) ما يأتي (2) : حدثني بهذا الحديث العلّامة السيد حسن صدر الدين، و هو أحد تلامذة الميرزا، و قد نقلته عنه بالمعنى.

وقع بين أهل سامراء، و بين عدد من أتباع الميرزا محمد حسن الشيرازي بعض النزاع و السب و الشتم، فلما جنَّ الليل، أخذ سكان سامراء يقذفون بيت الميرزا بالحجارة، و شاع الخبر، فخرج رجال من أهل بلد يحملون السلاح، و صاروا يحرسون البيوت التابعة للميرزا. و خرج من بغداد قنصل بريطانيا و قنصل روسيا، فركبا في باخرة نهرية، و توجها إلى سامراء، و بعثا إلى الميرزا يحبّان الاجتماع به، إذ إنّ حكومتهما قد أمرتهما أن يجتمعا به، و أن يقولا له: إذا أمر، فإنّهما سيبعثان جيوشًا لحراسته، وإن أمر الجيش بالانتقام من الجناة، من أهل سامراء. فلم يرخص لهما بمقابلته، وبعث إليهما بأنه ليس بينه و بين أهل سامراء إلّا ما يقع بين بعض أفراد العائلة الواحدة. فرجعا إلى بغداد.

و كان الوالي ببغداد الحاج حسن پاشا - و قد رأيته -، قد بعث برقية إلى السلطان عبد الحميد، يخبره بذهاب القنصلين إلى سامراء لمواجهة الميرزا. ثم بعث برقية ثانية إلى السلطان يخبره برجوع القنصلين خائبين، و ذكر جواب الميرزا لهما، فجاءه الجواب بأنَّ السلطان يأمر الوالي بالذهاب إلى سامراء، و أن يقبّل يدي الميرزا، و يبلغه عن السلطان سلامه، و تمنياته بدوام بقائه، و أن يطلب منه عقاب المجرمين. فذهب الوالي، و دخل على الميرزا و قبل يده، و بلغه سلام السلطان، و طلب منه الإذن بمعاقبة المجرمين. فقال للوالي: لا أرضى بمعاقبة أي أحد، فانّهم جميعًا أولادي. و أوصاه أن يبرق إلى السلطان بأن يشكر السلطان على عطفه، و أن يبلغه عنه دعاءه».

ص: 180


1- مرّت ترجمته.
2- في كتابه ( حياتي) ، لم يطبع . وهذه الحادثة كانت سنة 1311ه.

(14) الهجرة الأولى من سامراء إلى الكاظمية بعد وفاة السيد الشيرازي

لمّا توفي السيّد المجدد الشيرازي سنة 1312ه- بقيت مدرسة سامراء محافظة على كيانها، و حياتها العلمية، بوجود العلماء الأعلام. و لكن الحال لم يدم طويلا، إذ غادرها معظم تلامذته سنة 1314ه، متوجهين إلى الكاظمية و الذي بقي من الأعلام في سامراء، هو الشيخ محمد تقي الشيرازي يدرّس من عنده من الفضلاء و لولاه لم يكن في هذا المشهد الشريف أحد من أهل العلم، على حد تعبير السيد حسن الصدر (1) .

و منهم من استقر في الكاظمية و استوطنها، و هاجر الآخرون إلى كربلاء أو النجف. و من استوطنها (و بعضهم من الكاظميين أصلاً(: السيد ابراهيم بن السيد محمد علي الخراساني، و السيد حسن الصدر، و الشيخ راضي بن الشيخ حسين الخالصي، و الشيخ زمان الطبرسي، و غيرهم.

و ممن استوطن كربلاء بعد هجرته من سامراء، السيد اسماعيل الصدر، و معه أولاده السادة الأعلام السيد محمد مهدي و السيد صدر الدين و السيد محمد جواد و السيد حيدر. ثم انتقل السيّد اسماعيل إلى الكاظمية سنة 1334ه، و بقي فيها حتى وفاته، و دفن فيها. و كذلك استوطن أولاده الكاظمية حتى وفاتهم، و دفنوا فيها، عدا السيد صدر الدين الذي هاجر إلى مدينة قم، و بقي فيها حتى وفاته و دفنه هناك.

ص: 181


1- تنظر تكملة أمل الآمل : 295/5 - 296 .

الهجرة الثانية من سامراء إلى الكاظمية بعد الاحتلال البريطاني

بعد نشوب الحرب العالمية الأولى أواخر سنة 1332ه، و احتلال بريطانيا للعراق هاجر كثير من العلماء الأعلام من سامراء إلى الكاظميَّة، فاستوطنها ،بعضهم، و بعضهم غادرها إلى النجف أو كربلاء، و بعضهم أقام فيها مؤقتًا، ثم عاد إلى سامراء، و بمدد متفاوتة.

و قد نصَّ على ذلك (مثلا)، السيد محمد مهدي الواعظ الكاظمي، قال في إجازته لشيخي، الأستاذ الدكتور حسين علي محفوظ المسماة (قرّة العين في الاجازة للشيخ حسين) عند ذكر مجيزيه: الرابع عشر من مشايخنا الشيخ أسد الله بن علي أكبر الزنجاني. أدرك عصر العلامة الحاج ميرزا سيّد محمد حسن الشيرازي، و حضر درسه في سامراء، و بعده حضر دروس العلامة المحقق الزاهد، المجاهد العابد، التقي النقي، الميرزا محمد تقي الشيرازي، و لم يفارقه، و عليه تخرّج. انتقل من سامراء بعد احتلال العراق بيد الجيش البريطاني، مع أستاده التقي، و كلّ من كان معه في سامراء من العلماء و الطلاب إلى الكاظمية، و لما انتقل أستاده المذكور من الكاظمية إلى الحائر الطاهر، بأصحابه و طلاب مجلسه و أهل بيته، بقي شيخنا المشار إليه بالكاظميَّة، مدّة مديدة و سنين عديدة، و كنت أحضر أبحاثه الشريفة (1) .

و من هؤلاء الأعلام، الذين انتقلوا إلى الكاظمية (فضلا عمّن سبق ذكرهم): الميرزا علي نجل السيّد محمد حسن الشيرازي و السيد هادي الحسيني الخراساني، و الميرزا محمد رجب علي الطهراني و الشيخ آقا بزرك الطهراني.

ص: 182


1- قرّة العين في الاجازة للشيخ حسين: 28-29.

(15) لِمَ لَم تدع للسلطان

نقل خطيب الكاظمية الشيخ كاظم آل نوح الآتي (1) : كنت قد ذهبت إلى سامرّاء حدود سنة 1322ه، و كان معی محمد بن حاج داود الدبيسي. فصعدت المنبر بعد الفراغ من صلاة العشاء، في الطارمة التي هي أمام حضرة الإمامين العسكريين علي الهادي و ابنه الحسن علیهما السلام، و كان إمام الصلاة المرحوم العلّامة الميرزا محمد تقي الشيرازي. فلما فرغت من القراءة، دعوت للمرحوم الميرزا محمد تقي، فلما نزلت من المنبر، صافحت المرحوم الميرزا، و ذهبت للسلام على الإمامين العسكريين علیهما السلام، و قبل وصولي إلى مرقديهما، و إذا رجل من رجال الحكومة، قد قبض على عضدي و قال لي: إن حضرة القائم قام يريدك، فخرجت معه، و إذا بالقائم قام و رجال الحكومة كانوا جلوسًا على الدكة، التي هي أعلى من الطارمة التي صلّينا فيها، فقال القائم قام: لِمَ لَم تدع للسلطان، و قد دعوت لغيره! فقلت له: إنَّا في خلواتنا ندعو للسلطان، و لم نعتد أن ندعو له في جميع المنابر. فقال: إنَّ خطباءنا جميعًا يدعون له كلّما صعدوا. فقلت له: إنّهم يتقاضون رواتب من الأوقاف، فهم ملزمون بالدعاء. و إذا بمفوّض من الشرطة، كان واقفا وراء القائم ،قام، فقال لي: يا شيخ أنسيت أنَّك بالأمس كنت مسجونًا ببغداد لأنك لم تدع للسلطان، و اليوم قد تكرّرت منك (2). فنظرت و إذا هو أحد الموكلين بحراستي ببغداد، واسمه خضر أفندي، ابن عبد الرزاق أفندي قاضي الكاظمية، و كان يسكن في دار قد استأجرها، و ما بينها وبين دار سكناي إلّا دار واحدة، أ فما كان خضر أفندي

ص: 183


1- في كتابه (حياتي)، مخطوط
2- في قضيّة يطول بيانها، و ملخصها : إنّ الخطيب الشيخ كاظم، كان قد دعا للشيخ عبد الحميد كليدار الحضرة الكاظمية، بعد انتهائه من القراءة في أحد المجالس في الكاظمية، و قد وشى به أحد المخبرين. فقبض عليه لأنّه لم يدعُ للسطان عبد الحميد، و أودع التوقيف ببغداد لعدّة أيام، ثمّ أطلق سراحه بكفالة. و حادثة سامراء هذه جاءت بعدها بمدة و جيزة.

يحفظ حق الجوار؟! فمن يستطيع إنقاذي و أنا في سامراء، و هم و حكومتهم كلهم يعادوننا عداوة ظاهرة، و الحكم كان قاسيا استبداديا.

فلما رأى صاحبي – الذي كان معي - أنّي قد وقعت في شرك لا يمكنني الخروج منه رأى نائب حكومة إيران، و اسمه أمان الله خان، و كان يمشي في الصحن، فذهب إليه و شرح له الحال. فجاء أمان الله و سلّم على القائم قام و رجاه أن يسمح و يصفح، و دعاه صباحًا لتناول الإفطار عنده، و دعاني و صاحبي، فبتنا قلقين. و لما أصبحنا ذهبنا إلى بيت النائب، و تناولنا الفطور، و خرجنا.

فقلت لصاحبي: أنا لا أبقى في سامراء و لا دقيقة واحدة، فقال: إن العربات لا تتحرك من سامرّاء إلّا في الساعة (9) ، أيّ عصرًا (1) فأين نذهب؟.

فقلت: نذهب إلى الغرفة التي هي عند رأس الجسر - و كانت حكومة الأتراك تتقاضى أجورًا ممن يعبر على الجسر - و كان الذي قد ضمّن الجسر من الحكومة، الحاج صادق الخاصكي، و هو من رجال الشيعة، و كان قد جعل محلّه ابن اخته حسين عبد علي، و كان صديقًا لي، فذهبنا إليه، و قام بضيافتنا أحسن قيام و أوصينا محمود ابن النائب – و كان مديرًا لبعض شركات العربات - بأن يُبقي لنا مكانين في صدر العربة. و لما حان وقت الرحيل، و دعنا صديقنا، و تحرّكت العربات، و رجعنا إلى الكاظمية.

ص: 184


1- وفق التوقيتات المتعارف عليها يومذاك، باعتماد الساعة الزوالية و الساعة الغروبية.

(16) أثر التربية

قال الشيخ كاظم آل نوح في أحد مجالسه (1)، و هو يتكلّم عن تربية النبي صلی الله علیه و آله و سلم للإمام علی علیه السلام.

ذهبت إلى سامراء قبل خمسين سنة، أنا والسيد محمد جواد الصدر رحمة الله، فدخلنا في بعض الليالي على الشيخ أسد الله الزنجاني، و هو أبو ميرزا علي الزنجاني الذي يصلي جماعة في الصحن الكاظمي، عند الباب الجديدة من جهة باب القبلة. و كان عنده طفل عمره حدود الأربع سنوات، دخلنا و جلسنا ساعة أو أكثر، و الطفل جائيًا على ركبتيه (مثل جلسة الصلاة عند التشهد)، لم يتحرك و لم يتكلّم أبدًا، إلى أن قمنا و خرجنا، هذه هي التربية.

ص: 185


1- في شهر محرم سنة 1377ه، في تكية الصحن الكاظمي.

(17) السيد الشيرازي ينظر بنور الله تعالى

نقل آية الله السيد إسماعيل الصدر ، الآتي (1):

«ورد رجل مؤمن ظاهر الصلاح، من أهل أصفهان إلى سامراء، و معه خطوط بعض علمائها في الشهادة بعدالة الرجل و ثقته، فأراني الخطوط، و سألني أن أبين حاله عند السيد الأستاذ، ليؤجره للصوم و الصلاة، فلقيت السيد الأستاذ في الطريق، ذاهبًا إلى الصحن الشريف، فذكرت له حالة الرجل و حاجته، فقال السيد: نعم أرني شخصه.

فاتفق أنّه لما وردنا الصحن الشريف، كان الرجل جالسًا في بعض الإيوانات، فاستقبل السيد و قبَّل يده و مضى، فقلت للسيد هذا شخصه، ثمَّ طالبت بالجواب، فامتنع السيد من استیجاره للعبادة، فاحتملت في نفسي أنّ له معرفة سابقة بالرجل و حاله، و لذا يمتنع عن قضاء حاجته. فقلت فهل تعرفه جنابك، و رأيته قبل ذلك، أو سمعت فيه شيئًا ؟ فقال: لقد ذكرت له توثيقات العلماء، فما أفاد شيئًا، و قال بعد الإصرار: لا أعطيه شيئًا أبدًا. فيئس الرجل و رجع إلى أصفهان، و كنت متحيرًا في أمره، حتّى لقيت بعده جملة من الثقات العارفين بحاله، فذكروا لي أنّ الرجل من البابيّة، و كانوا يعرفونه بخصوصيَّاته، فعلمت أن السيّد نظر إليه بنور الله تعالى.»

ص: 186


1- هدية الرازي: 379

(18) هذا المبلغ يكفي للعبور

حدّث آية الله السيّد حسن الصدر، فقال (1):

«كان الشيخ ثامر النجفي من الثقات الأبرار، و كان وكيل السيد الأستاذ في النجف سنين. و بعد وفاته بسنين، زار ولده سامراء، و كان معه رجل آخر في ضيافته، لأنَّه كان بذولًا. و اتفق أنه نزل مع جمع من الزوّار العامليين في خان و احد، و ذكر لي أنَّه نقصت خرجيَّته، و يخاف أن يخجل عند ضيفه. فذكرت حاله للسيد الأستاذ، فلما كانت الليلة الأخيرة، التي يريدون الرجوع في صبيحتها، أعطاني السيد الأستاذ مالا كثيرًا، لأُفَرّقه على الزوّار العامليين، ثم أعطاني ثلاثة أنصاف قرآن، و قال: هذا لابن الشيخ ثامر فقلت: سيدنا هو و ضيفه! فقال بالفارسية (همين بس است) يعني: يكفيه هذا. فتحيَّرت في جوابه، و كنت أخجل من دفع المقدار إلى ابن الشيخ ثامر، لما أعرف من حاله، و لا أتمكن من مخالفة أمر السيد، فرأيت أن أعطيه المبلغ، و أذكر له القضيَّة من إلحاحي بالزيادة، و جواب السيد لي.

فلما ذكرت القضيَّة له، فأحلفني على جواب السيد، فحلفت له، ثمّ أحلفني ثانية و ثالثة فحلفت فقال: صدق و الله السيد همين بس است فإنّ خرجيَّتي بالكاظمية، أمانة عند فلان، و إجارة الدابة أعطيناها مجيئًا و عودًا، وزادي للطريق اشتريناه و هو موجود، نعم بقي عليَّ شيء، و هو فلوس العبرة، فإنَّه ما بقي عندي شيء أُعطيه لحق العبور، و هذا يكفي العبور. »

ص: 187


1- هدية الرازي: 380 .

(19) الميرزا محمد بن الميرزا محمد باقر السلماسي

ترجمه الشيخ راضي آل ياسين (1) في تاريخ الكاظمية (2)، فقال: «عهد إليه ملوك وطنه (خوي) الدنبليون، و هم أحمد خان و حسن خان و حسين خان (بعد حثه لهم)، تعمیر مشهد الإمامين العسكريين في سامراء. فأخذ على نفسه التوظف لذلك سنة 1200ه، مشمّرًا عن ساعد جده، و خلّف من ذلك أكبر أثر لحياته الطيبة، فبنى قبة العسكريين، و رواقها، و قبَّة السرداب، و جعل له صحنًا مستقلا، و بنى سورًا للمدينة، و صرف في سبيل ذلك الأموال الكثيرة. ثم قال: «و قد و شى بعض الناس به عند و الي بغداد يومئذٍ سلیمان پاشا، فحضر عنده، و كان له من لطيف الاحتجاجات، و عجيب المناظرات، ما أخرس به معانديه».

و قد جاء في أرجوزة صدى الفؤاد (3):

و کالفتی محمد السلماسي *** عتمد الدنابل الأكياس

قد جدّ في التشييد و البناء *** لدارة السعد بسامراء

حتّى أقام ما ی و ماعمر *** ونال بالجه فأرخ (الظفر)

ص: 188


1- ولد في الكاظمية سنة 1314ه، و أمه شقيقة السيّد حسن الصدر من أبرز أساتذته: السيد محمد مهدي الصدر، و أخيه الشيخ محمد رضا آل ياسين و السيد حسن الصدر. ممن أجازه بالرواية: السيد حسن الصدر، و السيد عبد الحسين شرف الدين. من مؤلفاته: صلح الحسن (طبع)، و تأريخ الكاظمية (طبع)، و أوج البلاغة و له شعر، قال الشيخ آغا بزرك: «نظم الشعر فأجاد، و لو جمع لجاء ديوانا». توفي سنة 1371ه- .
2- تاريخ الكاظمية : 1 / 416 - 417 ،
3- صدى الفؤاد: 470 - 471.

و كذلك كان ولده الميرزا السلماسي الكاظمي، فقد و فقه الله تعالى لعمارة بقاع العسكريين عليهما السلام و بناء سور بلدهما، من قبل السيد إبراهيم القزويني صاحب الضوابط.

كما وفق الله تعالى ولده، العالم الفاضل الميرزا محمد باقر (سلّمه الله تعالى)، لعمارة تلك البقعة الشريفة، و تذهيب القبة المنورة، من طرف الشيخ عبد الحسين الطهراني.

ص: 189

(20) مجيء ناصر الدين شاه إلى العتبات للزيارة سنة 1287ه-

توجّه ناصر الدين شاه إلى العراق في الخريف، و معه من الأمراء و الوزراء و رجال دولته و أعيان مملكته و الأطباء و جنوده، ما يقرب من اثني عشر ألف فارس و راجل. دخل أرض العراق في ظهر يوم الأربعاء، لليلة بقيت من شعبان سنة 1287ه.

و حكاية مجيئه إلى سامراء، يرويها الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني، بما نصه:

«ثم ركب قلوص الخلوص، في ثاني شوال و سار و جد في التسيار، كالفلك السيّار إلى سرّ من رأى لزيارة الأئمة الكرام، عليهم أفضل الصلاة و أزكى السلام، فتشرف بتقبيل تلك الأعتاب المباركة، التي هي مطاف الملائكة، مكفكفا سيل عبرته تشتت آل الرسول و عترته، و افتخر على الملأ الأعلى بنزوله إلى السرداب، الذي لم يحدودب الفلك الأثير إلا للثم ثراه المستطاب، و عطّر جبهة افتخاره بعبير تراب أعتابه الوسيعة الرحاب، و لما قضى من زيارتهم الوطر، و فاز ببلوغ المرام، رجع إلى بلاده في خير و سلام، متزودًا ما يكون له زينة بين الأنام، و مزنة لدى الأوام.

فلا زال للدين ركناً حريزا *** و ينصره الله نصرًا عزيزا

و قد نظمنا في تأريخه على الارتجال، هذه الأبيات الفائقة على نظام اللآل:

ملك الفرس ناصر الدين لما *** قدسعی مُحرما إلى عتباتِ

جال أعزَّةٍ و جنود *** خافقات الأعلام و الرايات

و نساء ما أبرزت قطُّ يومًا *** من خُدورٍ و خُرَّدِ خفراتِ

ليزوروا الأطهار من أهل بيت *** المصطفى بالعراق و الطاهرات

ص: 190

و يحوزوا سعادة الدين و *** الدنيا و ينالوا شرائف الدرجات

مخلص الحبّ في الولاء مليكٌ *** مثله لا أتى و لا هو آتي

شکر الله سعيه حين وافى *** مستجيرًا من طارق الحادثاتِ

و أتاه النداء أهلًا فأرخ: *** (بمليك سعى إلى العتبات)» (1)

1287ه-

ص: 191


1- ينظر نزهة القلوب والخواطر : 49-51 .

(21) لا ينبغي لنا أن نعيّن تكليفه بالرجوع

نقل السيد حسن الصدر في كتابه تكملة أمل الآمل في ترجمة الشيخ محمد تقي بن علي الدزفولي (1)، الآتي:

«في سنة 1291 ه- أرسل السلطان ناصر الدین شاه الشيخ محمد تقي الدزفولي، مع کتاب كتبه إلى الشيخ الأوّاه، الحاج شيخ جعفر التستري (طاب ثراه)، يلتمس منه الرجوع إلى تستر ، حيث إنَّه خرج منها، تنفّرًا عن عمّ السلطان حشمة الدولة.

فجاء حتى و صل الكاظمية، وكان سيدنا الأستاذ الشيرازي يومئذ بالكاظمية، جاء من النجف بقصد سامراء، و هي سنة هجرته. و كنت ذات يوم بحضرته، إذ ورد الشيخ الدزفولي، فلما استقرَّ به المجلس، ذكر أنَّ السلطان أرسله لذلك، و قال: حيث إنّي حامل کتاب رئيس الدولة إلى جناب الشيخ أحبّ أن أكون حاملا - أيضًا - كتاب رئيس الملة في ذلك. فقال سيدنا الأستاذ: إنّ الشيخ رجل عظيم لا ينبغي لنا أن نعيّن تكليفا بالرجوع فما أجابه إلى الكتابة، كما أن الشيخ ما أجاب السلطان في الرجوع» (2).

ص: 192


1- نزيل طهران. كان عالماً فاضلا أديبًا كاملا، خبيرًا بالحديث و المعقول. مقربًا عند السلطان ناصر الدين شاه، اتخذه صاحبًا و أنيسًا، فلقب منه بملا باشي. و هو الذي ترجم له كتاب غاية المرام للعلامة التوبلي البحراني بالفارسية، و أكمل بحسن تتبعه ما نقص من عدد بعض الأبواب من الأحاديث، و سمّاه كفاية الخصام.
2- تكملة أمل الآمل : 291/5 .

(22) الحاج عبد الهادي الاسترابادي

الحاج عبد الهادي (1) بن الحاج كاظم بن الحاج باقر بن الحاج يوسف الاسترابادي.

من أعماله المهمة في سامراء مباشرته لعمل جسر على نهر دجلة لعبور الزائرين. قال الشيخ محمد علي الأوردبادي: «و صل سيدنا المجدّد بين ضفتي دجلة بجنب سامراء، بجسر خشبي، ممدود على 48) قاربًا (جساريّات) ، و أنفق (4000) ليرة ذهبية، دفعها مرة واحدة إلى التاجر العظيم الحاج عبد الهادي الاسترابادي - نزيل الكاظمية - ليباشر العمل، فلم يزل مباشرًا له يختلف إلى سامراء ويلتقي مع سيدنا المجدّد، حتى أكمل العمل. و توخّى أن يكون الإمام المترجم له أول عابر عليه فكان كما أراد، و يمّمه في حشد علمي محتفا بالعلماء و الأكابر، و جلس هو و صحبه في منتصف الجسر على كراسي، كان نضدها الحاج عبد الهادي له، و أديرت بينهم أكؤس العصير السكري (شربت)، ثم استدام عبور الناس عليه، و أزيح عن الزوار و السابلة ما كانوا يقاسونه من أرباب القوارب و القفاف المعبّرة من الحيف و الجنف» (2).

كما شارك في تعمير صحن الإمامين العسكريين علیهما السلام، و جدّد بناء قبتهما. و من أعماله بناء الخان الذي يقع في منتصف طريق بعقوبة (خان) بني سعد)، للزائرين الذين يأتون من إيران، لزيارة العتبات المقدسة في العراق.

ص: 193


1- ولد سنة 1221ه. تاجر كبير، معروف بالورع و التقوى و الكرم. قضى أكثر عمره في خدمة أهل البيت، و ساهم في كثير من المشاريع الخيرية، و منها: الإشراف على عمارة الصحن الكاظمي، و بذل في سبيل ذلك من الجهد و التعب ما لا يخطر ببال، و كان و أخوه (الحاج مهدي)، وكلاء الأمير فرهاد ميرزا، للقيام بهذه المهمة. توفي في الكاظمية سنة 1316ه، و دفن بها.
2- موسوعة العلّامة الأوردبادي: 77/11-78.

(23) السيّد حسين بن السيد عبد الله شبّر

السيد حسين بن السيد عبد الله شبّر (1)، كان قد بنى قصرا في سامراء سنة 1289ه، و قد أرّخ ذلك العام الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني، بقوله (2):

یا من حويت محاسناً *** لا نستطيع لهنَّ حصرا

كلّفتني تاريخ بنيا *** نٍ محا إيوان کسری

لوشامه هامان هام *** ان هام و صرحه في سِرَ خرًا

أو عاد عادٌ رام من *** إِرَم مف فرًا لا مقرًا

نثر السماء عليه من *** أفق العلى بدراً و زهرا

قم حامدا دم خالدا *** أرّخ (فقد شيدت قصرا)

ص: 194


1- ولد في الكاظمية سنة 1205ه- . و نشأ فيها، و تعلّم على أعلام أسرته. كان على غاية من الصلاح و التقوى، و مكارم الأخلاق و الورع و العبادة. سافر إلى بلاد الهند، و استقامت أموره فيها، و أصبح عالما يرجع إليه، و قضى شطرًا كبيرًا من عمره فيها، ثم عاد إلى الكاظمية. له بعض المولفات، منها: تتمة شرح نهج البلاغة لوالده، و كتابًا في الأخلاق (بالفارسية)، و كتاب فقهي (بالهندية)، و آخر في الطب. توفي في الكاظمية سنة 1292ه، و دفن بها.
2- نقلا عن كتابه (فصوص اليواقيت في بعض المواقيت).

(24) السيد هادي بن السيد علي شبّر

تعرّض السيد هادي بن السيد علي شبّر (1)، في أوائل شهر ربيع الثاني سنة 1346ه، أثناء زيارته سامراء، إلى الضرب في مشهد العسكريين علیهما السلام، من قبل بعض السامرائيين، و صدور حكم من محكمة سامراء ضده. فأُغلقت أسواق الكاظمية احتجاجًا على ذلك.

ص: 195


1- ولد في أصفهان، و كان حسن المعاشرة من أسرة فيها جماعة من العلماء في النجف و الكاظمية. و كان إماماً للجماعة في الرواق الكاظمي فجرًا، و في مسجد بمحلة الأنباريين في العشاءين. توفي سنة 1371ه، و دفن في الصحن الكاظمي.

(25) السيّد محمّد بن السيد حسن الصدر

قال الأستاذ الدكتور علي الوردي عند استعراضه دور السيد محمد بن السيد حسن الصدر (1)، في ثورة العشرين ما يأتي:

«كان السيّد محمد الصدر، يتميّز عن زملائه الملائيَّة، بكونه محاربًا يحمل السلاح، و هدافًا من الطراز الأوّل. ذهب إلى العشائر القريبة من سامراء، و تمكن من توحيد كلمتهم، و جعلهم يهاجمون سامرّاء)» (2).

وقال تحت عنوان (حصار سامراء)

في 28 آب 1920، تعرّضت بلدة سامراء لهجوم عام شارك فيه الكثير من العشائر العربية، و يقال: إنَّ السيّد محمد الصدر، كان يقود الهجوم بنفسه. كانت سامراء محاطة بسور متين، و كان فيها بالإضافة إلى حاكمها السياسي الميجر بري، ضابط بريطاني برتبة ملازم، و ثلاثة عشر جنديا بريطانيا، عدد من السوّاق الهنود قد و صلوا إليها من كركوك بسياراتهم مؤخرا.

صمَّم رؤساء سامراء على حماية الميجر بري، و الذين معه، باعتبار أنهم في دخالتهم،

ص: 196


1- ولد في الكاظمية سنة 1300ه، و تلقى مبادئ العلوم العربية و المعارف الإسلامية على جده و أبيه، و على آخرين، ثم هاجر إلى النجف الأشرف سنة 1316ه، و درس على بعض فضلائها ثم عاد إلى الكاظمية سنة 1324ه. انصرف إلى الشؤون السياسية، و كان رفيقاً لنهضة العراق، و هو أحد أركان الثورة العراقية الكبرى، و أحد مؤسسي الدولة العراقية الحديثة، و من كبار الزعماء السياسيين، و قد شغل رئاسة مجلس الأعيان، و ألّف الوزارة العراقية، و كان موضع ثقة البلاط الملكي في الأزمات السياسية. توفي سنة 1375ه، و دفن بالصحن الكاظمي الشريف.
2- لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث : ج 5 ق 2 / 65-66 .

و أنَّ الواجب يقضي بحمايتهم....

جرت مفاوضات بين الثوّار و رؤساء سامراء، ننقل فيما يلي وصفا لتلك المفاوضات، كتبه شويش بن عبد الحميد السلام رئيس الجبور. فقد كان والده من المشاركين في حصار سامراء، هذا نصه:

«قامت عشيرة الجبور بالثورة الوطنيّة مشاركة في ذلك أبناء الوطن العزيز، عندما اشتعلت نيران ثورة الفرات الأوسط، بالرميثة و الرارنجية و اتصلت بعد ذلك إلى لواء ديالى، و عرّج إلينا سماحة السيد محمد الصدر، لتنظيم ثورة في قضاء سامراء... و قد كان معنا من العشائر المجاورة، في الجانب الأيسر من نهر دجلة عشيرة خزرج، و البو جواري، و البو فراج، و البو أسود، و البو باز و كان اتصالنا بالجميع بواسطة السيد محمد الصدر، الذي كان المنظم للحركة في تلك المنطقة من جهة، و المتصل برجال الثورة في الفرات الأوسط و بغداد، من الجهة الأخرى» (1).

ص: 197


1- لمحات إجتماعية من تاريخ العراق الحديث : ج 5 ق2 / 124 - 125 .

(26) رئيس الوزراء السيد محمد الصدر، يزيح الستار عن ضريحي الإمامين العسكريين في سامرّاء

نشرت جريدة الأنوار الخبر الآتي، بعنوان (1):

حفلة إزاحة الستار

عن ضريحي الإمامين العسكريين في سامرّاء

تحت رعاية سماحة رئيس الوزراء

السامرائيّون يقيمون احتفالا قوميا رائعاً

في الساعة التاسعة من صباح اليوم الجمعة (أمس)، تحرّك رتل كبير من السيارات، يحمل أشراف سامراء، و شبابها القومي، إلى محطة اصطبلات، لاستقبال سماحة رئيس الوزراء، سماحة [ السيّد محمّد] الصدر. و في الساعة العاشرة و صل موكب فخامته، ويرافقه معالي السيد جمال بابان وزير الأشغال و المواصلات، و معالى السيد تحسين علي مدير الأوقاف العام، و كثير من أصحاب المعالي و السعادة من الوزراء السابقين، و الأعيان، و وجهاء العاصمة، و الكاظمية و كربلاء و النجف و بعد استراحة قصيرة في مركز شرطة اصطبلات و اصل الموكب سيره إلى سامراء، و وصلها في الساعة العاشرة و النصف. و كان الشباب القومي. قد نصبوا قوسًا جميلًا في مدخل المسجد. و قد اصطف الأهلون من جانب النهر حتّى نادي الموظفين، و اخترق الموكب هذه الجموع الزاخرة، التي تعالت هتافاتها بحياة

ص: 198


1- السنة الأولى - العدد 91، 7 رجب 1367 ه- / 15 مايس 1948م.

الرئيس الجليل، و معالي رئيس حزب الاستقلال (1).

ثمَّ استراح سماحته و المدعوّين في بهو البلدية الفسيح، و حديقتها الزاهرة. و بعد احتساء الشاي و القهوة العربية، سار الجميع مشيا على الأقدام، إلى ضريحي العسكريين الطاهرين، تتقدّمهم مظاهرة قوميَّة، و أهازيج حماسية، ينشدها هذا الشباب السامرائي، الذي اتَّقد حماسًا، و التهب و طنيَّة، و أظهر جدلًا بمقدم الرئيس الجليل. ثمَّ تشرف الجميع بزيارة الإمامين علیهما السلام.

و تقدم سماحة رئيس الوزراء، و افتتح باب الضريحين، و أزاح الستار عنهما بين التهليل و التكبير، ثمَّ وضع على صدر السيّد محمد كاظم، و سام الرافدين من الدرجة الثالثة، الذي منحه له سمو الوصي و ولي العهد المعظم. كما قدم له سيارة فخمة مهداة إليه من مديرية الأوقاف العامَّة، تقديرًا لخدماته في صنع صندوق الضريحين الكريمين.

و ألقى سماحته كلمة قيمة بهذه المناسبة المباركة، و تقدَّم فضيلة الأستاذ السيد عبد الوهاب البدري، مدرّس المدرسة العلميّة، فأنشد قصيدة في تكريم الرئيس الجليل، كانت من عيون الشعر و غرره، و استعيدت أكثر أبياتها.

و في الساعة الواحدة دعي الجميع إلى مأدبة الغذاء الفخمة التي أعدتها مديرية الأوقاف العامة، و في الساعة الثانية، عاد سماحة الرئيس الجليل إلى العاصمة، و قد ودّع و داعًا قوميًا مؤثرًا، يليق بمقام سماحته. و كان هذا اليوم من الأيام المشهودة في مدينة سامراء المقدسة.

ص: 199


1- أي السيّد محمد الصدر.

(27) جوائز كلما خطوت خطوة

كتب السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني، ما نصه:

«ولدت في فاتحة القرن الرابع عشر الهجري، في بلدة (سر من رأى) (سامراء)، شمال بغداد من العراق العربي، ظهيرة يوم الثلاثاء الرابع و العشرين و من شهر رجب سنة 1301ه.

و كانت سامراء آنذاك، زاهية برئاسة الشيعة من قطب الشريعة، حجّة الإسلام السيّد ميرزا محمد حسن الشيرازي و أتذكَّر جيّدًا أَنَّنا تحوّلنا من سامراء إلى كربلاء، ولي يومئذ سنتان. و درست في كتاتيب قومي بكربلاء، حتى سنة 1309ه، و الناس معجبون بذاكرتي، و حسن دراستي فعدنا إلى سامراء، و أنا أقرأ ألفية ابن مالك في النحو، و أحفظ أبياتها. و قد أكرمني الرئيس الميرزا محمد حسن الشيرازي طاب ثراه)، بعدة جوائز، كلَّما خطوت خطوة بارزة، في سبيل العلم و الأدب، حسب عادته في تشويق طلبة العلم» (1).

ص: 200


1- نقلًا عن أوراق السيّد هبة الدين، تفضّل بها علي الدكتور الشيخ عماد الكاظمي، مشكورًا.

(28) ثلاثة يذهبن عن قلبي الحزن

قال السيد عبد الستار الحسني (حفظه الله)، في كتابه (السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني - حياته و نشاطه العلمي و الاجتماعي)، ما يأتي:

حدثني عليه الرحمة و الرضوان، أنه كان في بعض الأحيان، يذهب بصحبة والده، إلى مجلس زعيم الطائفة، الإمام المجدد قُدس سرّه، ذلك المجلس الذي كان يعج بالعلماء و الفقهاء، و من في معناهم.

و كان عمر السيد هبة الدين - يومئذٍ - نحوست سنين أو تزيد قليلا (1) - و الترديد منّي - و كان للسيد المجدد خادم اسمه (بدر).

قال السيد: فصاح بي الخادم المذكور ذات يوم، على مرأى ومسمع من السيد (الحسن المجدد): كيف تحضر في هذا المجلس الخاص بالعلماء و الأكابر و أنت صبي صغير؟! فتمثلت في الحال، رافعًا صوتي بقول الشاعر القديم:

ثلاثة يذهبن عن قلبي الحزن *** الماء و الخضراء و الوجه (الحسن)

و ما نطقتُ بكلمة (الحسن)، أشرتُ إلى السيّد المجدّد، الذي تطابق هذه الكلمة اسمه الشريف، و فيها من لطف التورية ما لا يخفى. فصاح السيّد المجدّد : بَه بَه بَه، و هي عبارة استحسان و تعجب.

قال السيّد: و عندها أمر لي السيّد المجدّد بكسوة، و عيّنَ لي راتبًا في تلك السن.

ص: 201


1- كان عمره أكثر من 8 سنوات، إستنادًا إلى ما مرّ قبلها تسلسل (26).

(29) أياديه تصل إلى كل فم، و كل يد، و كل بيت

قال الشاعر الكبير السيد طالب الحيدري (1) ، عند نظمه قصيدة (الأربعاء الأسود في سامراء)، بعد الاعتداء على الروضة العسكرية سنة 2006م:

«كانت لدى الشاعر هواجس تشعره بأن سيحدث نفس الذي حدث يوم الأربعاء الأسود. و قد أسر لكثيرين من مريديه و طلابه، بما يتجلّى لعينيه بين الحين والحين. وكأنَّ كوّة من الغيب قد انفتحت له. و كان هدم مدرسة الإمام المجدّد السيد حسن الشيرازي، و حرق كتبها، و نهب مخطوطاتها، لا يغيب عن باله، مع ما لذلك المصلح و لمدرسته من أثر على الحياة في سامراء، بل و في العالم الإسلامي كله، حيث جعل من هذه المدينة، الصغيرة في مساحتها، و في نفوسها، مصدرًا كبيرًا للإشعاع الديني و الفكري و التحرّك الوطني و الإنساني. و كان عطاؤه المادي، لا يقل عن عطائه الروحي، حيث استمرت أياديه تصل إلى كلّ فم، و كلّ يد، وكل بيت. فكانت خيبة الأمل، موازية لهول الهدم و الحرق و النهب، حتّى كأن لم تبقَ ذرّة من عصمة الإسلام، أو من أريحية العروبة. إنَّ الأيدي التي هدمت مدرسة الإمام الشيرازي في سامراء، و سرقت كتبها، و أحرقت مخطوطاتها، هي نفسها التي أجهزت على أجمل و أكبر ذهبية في العالم كله، يرقد تحتها إمامان من أئمة أهل البيت، هما علي الهادي و الحسن العسكري علیهما السلام.» (2)

ص: 202


1- ولد في الكاظمية سنة 1346ه، و جلس في حلقات الدرس في الكاظمية و بغداد و النجف، و حضر بحوث كبار العلماء وقف مع مفكري العراق و أحراره يدافع عن الوطن، و يعمل من أجل الشعب. حُدّدت حريثه و أجبر على الإقامة الجبرية في مدن عديدة، و منع من حضور المؤتمرات العالمية التي دعيَ إليها، و بقي عقوداً ممنوعاً من السفر، فآثر العزلة. له دواوين مطبوعة منها: ألوان شتى، و نضال، و من وحي آل الوحي (4) أجزاء)، و الألواح و المعلّقات و شموع الدموع، و غيرها كثير مخطوط.
2- من وحي آل الوحي / ديوان الباقيات الصالحات: 57 .

(30) فتح الروضة العسكرية من الصباح إلى الصباح

قال الشاعر السيّد طالب الحيدري، في ديوانه الباقيات الصالحات:

«من ذكريات الشاعر في سامراء - و هو صبي - حيث كانت عائلته و مئات العوائل، تقضي الشهر و الشهرين فيها أثناء الصيف، للزيارة و الاستجمام، و التخلّص من حرارة جو بغداد. و لطول الأيام التي يقضيها، و لضيق المدينة، و كثرة تردّده على الروضة المطهرة، و صحنها الشريف، كان الكثيرون يسألونه عن بلده، فيقول لهم: أنا من الكاظمية، و من السادة آل الحيدري. فإذا سمعوا باسم العائلة سألوه من تكون من السيد أحمد الحيدري؟ فيقول لهم: هو من أعمام أبي. و ظل سؤالهم الملح يعيش معه، و يتساءل في نفسه: هل يسألون عنه لأنَّه كان من أسرة تدّعي بعض أسر سامراء، أنها تمت إليها بصلة من القربى؟ أم لأنَّه كان من أبرز أساتذة الحوزة في سامراء؟ أم لأنه ابن إمام الجهاد السيد مهدي الحيدري، الذي حارب الجيش البريطاني الزاحف لاحتلال العراق سنة 1914م، و أصدر أول فتوى بوجوب الجهاد، و خرج بنفسه إلى الجبهة، مع ثلاثة من أبنائه من بينهم السيد أحمد، و كوكبة من أبناء عمومته، على رأسهم جد الشاعر، الذي كان شهيد تلك المعركة الجهادية؟ أم يسألون عنه لأنه من وجوه رجال ثورة العشرين؟!

و يوم خطوبة الشاعر من حفيدة السيد سجاد علي أحمد النواب، ظهر له السر. فقد التقى عشية ذلك اليوم، بحجة الإسلام السيد هادي الحيدري، أخ السيد أحمد، فبارك له، و قال: أجلس لأحدثك عن جد زوجتك : لقد أبرق لي أخي السيد أحمد، في أول يوم من شهر رمضان في إحدى السنوات التي كان يقيم فيها في سامراء، يخبرني بأن قراراً اتخذ بإغلاق الروضة العسكريَّة بعد صلاة العشاء، و العادة أن تفتح إلى الفجر، للزيارة و الصلاة و الدعاء. و لجأ إلي طلاب العلم، والشيعة من أهل سامراء. فبذلت جهدي مع القائم قام و السادن

ص: 203

و ممثل الأوقاف، و بعض مشايخهم، و شيوخ عشائرهم، فظهر لي أنّ هناك أمرًا مبيّتًا لقهرنا، و قد تحديتهم، فابذل جهدك لفتحها و لو لساعة.

قال السيد هادي فخطر ببالي أن أقصد السيد سجاد علي النواب، و هو من أعيان بغداد، و له في داره المطلة على دجلة في شريعة النواب في الكرخ مجلس يحضره الملك، و رئيس الوزراء و الوزراء و السفراء و الوجوه. أما في محرم، فداره ملتقى محبي أهل البيت، و إليها تنتهي مواكب العزاء الحسينية، و لا يوجد بيت في الكرخ لم يصله زاد بيت النواب.

قال السيد هادي فركبت أوّل ترام، و كنت في تمام الثامنة صباحًا، على باب بيت النواب، وكنت أتوجس خيفة من أن أطرقه و هم صائمون. و رأيت أناسًا يدخلون و يخرجون، و في أيديهم أوراق لمعاملات، أجهلها، و قلت في نفسي: هل انتقلوا، و صارت دارهم دائرة حكومية؟ و رآني بعض خدمهم وحشمهم، فأسرعوا إليَّ، و أكدوا أنَّ النواب في غرفة استقباله لأصحاب الحوائج . فكل كرخي تتعثر معاملته في دائرة من الدوائر، يقصد النواب، فيضع عليها التماسه و ختمه، فتحلّ الدائرة المسؤولة مشكلته، مهما كانت مستعصية. و عرف بقدومي، فخرج لاستقبالي، و أجلسني في مكانه. قال دقائق و انتهي من المتبقين من أصحاب الحوائج قلت قضيتي لا تحتمل التأخير، و أخبرته بالبرقية، قال: نأمرهم بفتح الروضة من الصباح إلى الصباح طيلة الشهر المبارك. فقلت في نفسي: نقنع حتى بساعة واحدة و انتهى من عمله و أمر فقدَّموا له فرسًا، و ركب معه آخرون أحاطوا به، و قال: أعود إليكم بعد نصف ساعة. و عاد فعلا بعد نصف ساعة، و قال: بعد قليل تصل البرقية إلى سامراء، و فيها الأمر بفتح الروضة من الصباح إلى الصباح. فكانت حديث كلّ أهالي سامراء. و كان هذا هو سرّ سؤالهم عن السيد أحمد (1).

ص: 204


1- من وحي آل الوحي / ديوان الباقيات الصالحات: 67-68 .

الملاحق

اشارة

ص: 205

ص: 206

ملحق (1) مستدرك كتاب قوافي الولاء من الكاظمية إلى سامراء

اشارة

كان كاتب هذه السطور، قد ألف كتابًا بعنوان (قوافي الولاء من الكاظمية إلى سامراء)، و يخص الشعراء الكاظميين الذين نظموا في الأئمة الهادي و العسكري و صاحب الزمان علیهم السلام، و قد نشره مركز تراث سامراء عام 2017م. و نظرًا لعثوره على قصائد أخرى، لعدد من الشعراء المذكورين في الكتاب المذكور آنفا، و أخرى الشعراء فاته ذكرهم و نشر شعرهم، سترد هنا بالمنهجية و الترتيب نفسيهما.

ص: 207

ص: 208

1. الشيخ جابر الكاظمي

1. الشيخ جابر الكاظمي (1)

قال من قصيدة في مدح النبي صلی الله علیه و آله و سلم و الوصي و آلهما علیهم السلام، يتخلّص فيها إلى الإمام المهدي علیه السلام (2) :

هم شموس العلا و منهم شموس ال- *** أُفق و الشهب كلّها أضواء

و هم مبدأ الفيوض و منهم *** تنبت الأرضُ قاف أو تدر السماء

أو جنين قد جاء أو مات ميت *** أو ضحى ضاء أو دجت ظلماء

ليتني لم أمت فتبصر عيني *** دولة الحقِّ ما عليها غطاء

و لعهد الشباب يرجع دينُ ال- *** -حق فيها و الملة البيضاءُ

و يعود الزمانُ غضًا كما في- *** ها تسود الشريعة الغراء

ص: 209


1- سبق أن ذُكر في كتاب قوافي الولاء: 23-32.
2- ديوان الشيخ جابر الكاظمي : 24 - 25 .

و بها ختمهم إمام همام *** ليس إلّا لحكمه إصغاء

ملك تسجد الملوك لديه *** و تدين الغبراء و الخضراء

و عليه الأملاك تنزلُ بالنص- *** -ر و قد أذعنت له الأمراء

هو نور الله الذي من سناه *** ملأ الأرضَ و السماء سناء

عينُ الفيض القديم *** و منه مُتعت في وجودها الأشياء

قد أصاب الوجود منه وجود *** و أمد البقاء منه بقاءُ

أنكرت ذاته أناس و هل تس- *** -تر من بعد ما أضاءت ذكاء

فإذا في ثبوتِ علياه فهنا *** سلقتنا بالألسن الأعداءُ

سفهوا من به أقر الإلهُ *** إنَّهم في الغَوَا هم السفهاء

ما لنا كلّما دعوناه عنّا *** صكَ سمعا و دام منَّا النداء

فليغث دین جده و ليغثنا *** إنَّنا بافتقار غوثِ سواء

قد ظمئنا و قد قصدنا خضَمَّا *** تتوالى من فيضه الأنواء

ص: 210

2. الأستاذ الدكتور حسين علي محفوظ

2. الأستاذ الدكتور حسين علي محفوظ (1)

الصورة

قال بعنوان الهادي علیه السلام (2):

و عاشر الأئة ال- *** هادي إلى الحقّ علي

سرورٌ سُرَّ من رأی *** یضیءُ منذُ الأزلِ

ها (هدى الله هو ال- *** هدی) من الرب العلي

و ألف (الله) (الکبی- *** -ر المتعال) الأزلی

و دال ( و دی- *** -ن الحق) جاء من علِ

یاء(یكون الدين كلّ- *** -ه) له (وهو العلي)

ص: 211


1- سبق أن ذُكر في كتاب قوافي الولاء: 52
2- لم تنشر سابقا.

وقال بعنوان العسكري علیه السلام (1):

و العسكري ذو الرشا *** دِ بهدی الله اهتدی

جمال (ذي الجلال) (نور ال- *** -له) جلاه هدی

أشرقت الأرض بنو *** رِ ربها) ممدّدا

واقتبست من نوره ال- *** -مبین (نوراً و هدی)

عينٌ (على العرش استوى) *** بروحه مؤیَّدا

سينُ (أدخلوها بسلا *** مٍ) (خالدین أبدا)

كافُ (الكبير المتع- ت *** ل) بهدی الله اقتدی

راءُ (رؤوف بالعبا *** دِ) جلَّ ربّا عُبدا

ویاءُ (إنما یری- *** د الله) (خرّوا سجدا)

وقال بعنوان المهدي علیه السلام (2) :

و حجة الحق على ال- *** -خلق الإمام المنتظر

بقیةُ الله استسر *** رَ مثلما البدر استسر

میمٌ (المیهن) (العزی- *** -ز) و (الملیک المقتدر)

هاءُ (هدیً للمتقی- *** -ن) و شفاء للبشر

دال (هدی و رحمة *** للمومنین) لا وزر

ویاءُ (يهدي الله فه- *** و المهتدي) الحقُ ظهر

ص: 212


1- لم تنشر سابقا.
2- لم تنشر سابقا.

و قال بعنوان (طلول) سامراء)، تاریخها 1 نیسان 1947م (1):

قف على هذه الطلول و نادِ *** كيف قد غالك البلى يا بلادي

و تمهَّلْ أعل ناظرتي منها *** و أروي بها الفؤاد الصادي

تلك آثارهم بواق على الده- *** -رو حسبی مآثر الأجداد

جليبوا الكون بالنضارة و الخص *** -ر و ضاؤوا مصابحًا للرشادِ

یتهادی ركابهم - و الليالي *** شاملات - كالكوكب الوقادِ

عد عن ذا فالليث كابره الفأ *** روماتلك شيمة الآسادِ

و السيوف الصقال قد ملّت الأغ- *** -ماد هلا تروى بماء الجلاد

ص: 213


1- لم تنشر سابقا.

3. السيّد حسين السيّد محمد هادي الصدر

3. السيّد حسين السيّد محمد هادي الصدر (1)

الصورة

قال في رحاب الإمام الحسن العسكري علیه السلام (2) :

يعْتَصِرُ القلب مصابُ (الحسن) *** قضى غريبا عن رِيبًا عن رحاب الوطن

و أمة الإسلام قد أُتكلتْ *** بهِ و غطّاها الشجي و الشجن

قد فقدت طودَ التقى و الحِجى *** و حِصْنَها الحصين عند الفتن

نجةُ اللهِ على خلقه *** قامت به لا يعتريها الوَهَنِ

من ذا يدانيه هدى أو ندَّىَ *** من ذا يُدانيه بمجد إذن

ذاقَ من الطغاة أهوالها *** مكابدا في سرّه و العلن

ص: 214


1- ولد في الكاظمية سنة 1945م، و تخرّج في كلية الحقوق / جامعة بغداد سنة 1967م بتفوق. هاجر إلى النجف الأشرف سنة 1967م، و حضر هناك على الأعلام، و منهم: السيد أبو القاسم الخوئي، و الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر، الذي أرسله وکیلاً عنه إلی منطقة الکرادة ببغداد. اضطر إلی مغادرة الوطن، بعد اغتقاله و تعذیبه سنة 1979م، فسکن الشام ثم لندن، حیث أسس (المعهد الإسلامی)، و عاد إلی العراق بعد سنة 2003م. له مؤلّفات کثیرة و شعر، و نشاطات علمیّة و اجتماعیّة، و مجلس ثقافی شهری.
2- في رحاب الإمام الحسن العسكري علیه السلام: 35-36 .

على خطى (الهادي) مشاها ضنّى *** مُمتَحنُ يقفوخُطى مُمتحِنُ

انی بسامراء من حقدهم *** و كلّ طاغوت عليه احتَقَنْ

اللوم في مسارهم ظاهِرُ *** مشابة لما اختفى أو بطن

كادوا له خوفا و ضاقوا به *** فهو على (مهديه) المؤتمن

توسل

سلام على المهدي يرتقب الأذنا *** ليملأها عدلاً و يُوسعها أمنا

لئن غاب عنا فهو ليس بغافل *** و انّ المخاض الصعبَ يشهده عَينا

و حاشاه أنْ يُغضى و ثمة نازل *** يُز مجر حتى بات يثقلنا مَتْنا

نناديك أدركنا فانت إمامنا *** و أنا الى الرحمن فيكَ توّسلنا

و له هذا التوسل، إذ إنَّه في مطلع الثمانينات من القرن الميلادي الماضي، ألم به عارض صحي، ألزمه الفراش، و كان من الشدَّة بحيث منعه من الحركة. فنظم هذه الرباعية، متوسلا إلى الله بصاحب الأمر علیه السلام، و كان هذا التوسل سببًا للبرء و الشفاء، و الحمد لله ربِّ العالمين:

بامام العصر يا ربي توسلتُ إليك

و بما للحجة المهدي من جاه لديك

و أنا المألوم والمطروح ما بين يديك

أن توافيني يا رب بإحدى حُسْنَييك

و له هذه المناجاة بعنوان (سلامًا يا خاتم الأوصياء):

إذا أظلَمَتْ آفاقنا و تجهمت *** فلا بُدَّ أنْ تُجلى بنورك يا مهدي

و يا سيدي طال انتظاركَ إِنَّنا *** نُكابدُ ألوانا منَ الضُّر و الجهد

و ضاقت بنا الدُّنيا اشتياقا و لهفةً *** و صبّرًا و تحنانًا و تَوْقًا إلى الوعد

و إِنْ ضيَّعَ اللاهونَ عهدَكَ ضلَّةً *** فحسبُكَ أنَّا ثابتونَ على العهد

لقد غبتَ عنَّا و الأمور عصيبةٌ *** و إنَّك سرُّ الله في القرب و البُعْدَ

و أقصى الأماني أن نفوز بنظرة *** لطلعتكَ الغَرًا و نُقْبلَ في الجند

و إِنَّا لتزجيكَ السلام مضمحاً *** باخلاصنا الذاكي و بالوجد والود

ص: 215

4. السيّد طالب بن السيد هاشم الحيدري

4. السيّد طالب بن السيد هاشم الحيدري (1)

الصورة

قال من قصيدة منها هذه الأبيات في قبَّة الإمامين العسكريين علیهم السلام، بعد الاعتداء عليها، و هدمها (2):

كان بقيع واحد في «طَيْبَةٍ» *** و كلُّ من يزوره يستنكرُ

يعودُ و الآلام تعلو وجهَه *** کالورد يصفَرُّ غداةَ يُهصرُ

ألمَّةٌ أربعةٌ قبورهم *** هدمها التحكُمُ المستهتر

و روضة للعسكريين هوتْ *** قُبَّتُها و فتُها المُبتَكرُ

تجرأ الكفرُ بكل حقدهِ *** فجاءَ بالجرم الذي لا يُغفرُ

من نبتُ و الشكاوى مرَّةٌ *** و من إليه نلتجي مستتره

ص: 216


1- سبق أن ذُكر في كتاب قوافي الولاء: 96-116 .
2- دیوان شموع الدموع: 258 .

جرح على جرح و لا من جابر *** فيجبر العضو الذي ينكسر

جنةُ «سامراء» صارت سقرا *** و قد ذوى ربيعها المخضوضرُ

كم أُوذي النبي في أبنائه *** کم قاتلوهم غيلة كم أسروا

و من قصيدة أخرى هذه الأبيات، يذكر فيها المناسبة نفسها (1):

لآل بيت رسول الله أضرحة *** تهدمت كلُّها وحي و تنزيل

و «قُبةٌ « أرضُ » سامرّاءَ « تحضنها *** أنوارها تتعالى و التراتيل

كانت ملاذاً فهدَّتها معاوهُم *** و الله يلعنهم و الجيل فالجيل

و في غدِقبَّةً أسمى - سنرفعها - *** من السماواتِ تعلوها أكاليلُ

أ تعتدون على ساداتِ أمَّتِكم *** و من همُ الغُرُّ فيها و البهاليل؟!

أ تعتدون على من كان يخدمهم *** و بالجناح يهز المهد جبريلُ ؟!

ص: 217


1- ديوان المعلقات: 303.

5. الشيخ محمد رضا بن الشيخ إسماعيل آل أسد الله

5. الشيخ محمد رضا بن الشيخ إسماعيل آل أسد الله (1)

الصورة

قال في الإمام المهدي علیه السلام (2):

لك الحمد يا ربّ البريَّة و الشكرُ *** على نعم لا يستطاع لها حصرُ

و للمصطفى خير النبيين أحمد *** صلاة إله العرش ما اتّصلَ الدهرُ

ص: 218


1- ولد في النجف الأشرف سنة 1301 ه، و نشأ نشأة علمية أدبية، تتلمذ فيها على أعلام أسرته و بلدته، كما كان من أجلاء تلاميذ السيد عدنان البحراني الغريفي من تلامذته الشيخ أحمد الكاظمي، و الشيخ كاظم آل نوح و هو فاضل في علم النحو، مدرّس فیه. له دیوان شعر. توفی فی الکاظمیة سنة 1369 ه_، و نقل إلی النجف حسث دفن.
2- لم تنشر سابقا. و يبدو أنها في جواب قصيدة ابن الآلوسي البغدادي التي بعثها إلى علماء الجعفرية سنة 1317ه، يستغرب فيها قولهم بوجود الإمام المنتظر علیه السلام، و مطلعها: أيا علماء العصر يا من لهم خبر *** بكل دقيق حار من دونه الفكرُ لقد حار مني الفكر بالقائم الذي *** تنازع فيه الناس و اشتبه الأمرُ فألف الميرزا حسين النوري، كتابه الموسوم (كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار) في الجواب عليها. كما نظم جمع من أعلام العصر قصائد في جوابها، و منهم الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء، و السيد رضا الهندي، و السيد محسن الأمين العاملي، و الشيخ محمد جواد البلاغي.

و عترته الغرّ الكرام ذوي النّهى *** أولي الأمر أهل الذكر ما أشرق البدرُ

فكم في ولاهم جاء نص مسلسل *** و في فضل أهل البيتِ كم نطقَ الذكرُ

فسل هل أتى في هل أتى مدح غيرهم *** و في آية التطهير من خصّه الطهرُ

و آية (قل لا ) إن تسل قال نصّها *** ودة ذي قربى لديه هي الأجرُ

لهم في جميع المكرمات مناقب *** تعدّرَ عن إحصائها النظم و النثر

لقد سبقوا في حلبة الفضل أهله *** فكان لأهل الفضل من ذلك النزر

و أهدي من الرحمن خير تحيَّة *** و أزكى صلاة منه ما طلع الفجر

إلى صحبه كنز الهداية من بهم (1) *** بنص النبي الصادق الأنجمُ الزهر

مفاتيح أبواب العلوم لدى الورى *** مصابيح ديجور الظلام إذا يعرو

*****

و بعد فقد جاءت إلينا قصيدة *** و للجوهر الفرد السعيد بها ذكرُ

فيا صاحب الإفتاء يا من غدت به *** سعادة هذا الدهر لو أنصف الدهرُ

و مخترق السبع الشداد بفكره *** كأن قد غدا للوح معراجه الفكر

و من كلّ يوم منه أصبح باسمه *** سعيدًا و عيد للأنام به البشر

و من هو ربّ المكرمات بأسرها *** و للناس في العام المحيل الأب البرُّ

و من قد غدت أخلاقه و علومه *** كمثل الغوالي في الأنام لها نشر

غدت سمة الإسلام فينا و فيكم *** سواء لدى أعدائنا وهم كثر

فنحن يد ما بيننا من تخاذل *** على من سوانا يوم يجمعنا الفخرُ

شكرناك حقًا إذ تلطَّفت سائلًا *** حقيقة هذا الأمر تمن له خبر

ص: 219


1- كذا في الأصل، و لعلها هم .

فحرَّكت فيه فكرَ عبدِ مجاهد *** فأبدى جوابًا كان يكتمه الصدرُ

فقال و قد ضم السؤال مزينًا *** به الصدر إذ أضحى محلّا له الصدر

أبا صالح إنَّ الخلائق أوشكت *** يضل لطول الإستتار بها الفكر

فديتك طال الإنتظار و أوهنت *** عرى الصبر حتى كاد أن ينفد الصبر

دهتنا من الأعداء بلوى عظيمة *** يكاد لها أن يظلم البحر و البر

و زال يقين الأكثرين و قد عشا *** عن الحقّ أقوام و عمهم الكفر

و أضحى لواء الشرك من بعد لفه *** لإحياء مدفون الضلال له نشر

و نال الهدى من أسهم البغي و الردى *** سهام حداد كان موردها النحرُ

تمزّق أهل الدين كل ممزّق *** و تفعل ما لا تفعل البيضُ و السمر

تتبعهم في كل وادٍ كأنَّها *** لها كلُّ آن عند أهل الهوى وتر

*****

فديتك عجل بالظهور فإنَّه *** على الناس أعيى الصبر و التبس الأمرُ

فكم فيك من شك لغير ذي حجی *** و من منكر مجدًا و ليس له عذرُ

و من منكر جهلا وجودك قائل *** فلو كان ما أودى بشيعته الضرُّ

و قد ملئت ظلماً وجورًا و محنة *** فحتَّى مَ يغضي طرفه وله خبر

أ يخشى عداه و هو مستأصل العدى *** و في النشأة الأولى له النهي و الأمر

و يرجو لإحياء الشريعة ناصرًا *** و من ربِّهِ دونَ الأنام لهُ النصرُ

أ يعجزه نصر لعبد مجاهد *** إمام هدى هذا لعمري هوَ الكفرُ

أليس هو المذخور للدين جُنَّةً *** و في غير يوم الضرّ لا ينفعُ الذخرُ

فإن قيل إنَّ الأمر يرجع للذي *** إليه مقاليد الأمور و لا نكر

فما حكمة الإيجاد قبل أوانه *** و في طول هذا المكث و الحجب ما السرُّ

ص: 220

فلا هوَ مفقود و في اليأس راحة *** و لا هو بادٍ يدفعُ الضرَّ إذ يعرو

و إن قيل من خوف الأذى غاب فالذي *** عليه احتمال الضرّ في الله لا الفرُّ

فكم قبله قاسي النبيون محنةً *** تجرعهم ما أحلا معه الصبر

فهلا تأسى بالهداة مشاطرًا *** لأهل الهدى البلوى فكان له الأجرُ

و من بعض أسباب الظهور يقينه *** بإدراك عيسى مستمرا له العمر

فلم يبقَ إلّا الجبن حاشي لمثلِهِ *** فتى يختشيه من حوى البر و البحرُ

و يرهب منه الباسلون جميعهم *** و تهنو له حتّى المثقفة السمر

*****

فنديًا مواليه عشاء و غدوةً *** سراب و لا ماء، رماد و لا جمر

عذرتكم فالحق مر مذاقه *** و طعم الهوى حلو فليعذب المرُّ

و قد ينكر الرائي من الشمس نورها *** و ما بين عينيه و بين السنا ستر

أ تعلّمُ أنَّ الخلق لم يتركوا سدى *** و لا عبئًا كانوا كما أعلن الذكر

و ما حكمة الإيجاد إلا ليبلغوا *** رضاه مع الأخرى التي خصها البشر

و ذلك لطف منه جل جلاله *** و جملة ما يفضي إليه هوَ الشكرُ

و ما الشكرُ إلَّا الائتمار بأمره *** و حيثُ نهى فالشكرُ منه هوَ الزجر

و لما غدا التكليف مبناه دائماً *** تعين منه النهي للطف و الأمرُ

و كان عليه بعثة الرسل للورى *** لإبلاغ ما أضحى الرجا فيه و الحذرُ

و نظم معاد الناس بعد معاشهم *** و حفظ نظام الكون تما به الشرُّ

و في فرض نصب الأنبياء أئمَّةً *** و في عصمة الهادي هذا هوَ السرُّ

و فيما ذكرناه بلاغ لذي جحى *** فلا يخلو إن نصفتَ عن حجّة عصرُ

على أنَّ ما يرويه عن سيد الورى *** مقرابه بر قفا إثره برُّ

ص: 221

فمن مات لم يعرف إمام زمانه ي*** موتُ بلا دين و كانَ لهُ الخسر

يدلُّ على ما قلته معلنابهِ *** و إلّا فقل من ليس في جهلِهِ عذرُ

و في خبر الثقلين أية آية *** فبالنص منها طابق الخبر الخبر

قضى باقتران بين عترة أحمد *** و بين كتاب الله غايته الحشر

و قد جاء فيمن يملكُ الأمر بعده *** بحق حديث اثنان بعدهما عشر

يدلُّ على أنَّ النيابة بعده *** إمامة حق في قريش لها حصرُ

فهل رامَ معنى غير ما قلت أفتنا *** بحق و من ربِّ الأنام لكَ الأجرُ

إليك دليلا كاشفا عن وجوده *** على البت لا يعروه ريب و لا نكر

و إنكار أهل اللطف عند أولي النهى *** إلى جحدِ ... حكمة الله ينجر

فیلزمه کون المهيمن عابيًا *** بتكوينه أو أنَّ ملجأه الفقر

فلا يرتضيه إنْ تأملت مذهبًا *** لأخراه إلا فاقد العقل مغتر

فذا ما على الباري و أما اختفاؤه *** سوء أفعال الورى أيّها الحبر

و قد أخبرت آباؤه الغرُّ بالذي *** يصاب به من قبل أن ينزع القشر

و في الغيبة الصغرى فشتُ معجزاته *** فنالت به الإيمان شيعته الغرُّ

و كم قد رأته الناسُ بر و فاجر *** فأعرض عنه فاجر و اهتدى البر

(ودع عنك نهبًا صيح في حجراته) *** ففيه مقامات بها يهتك الستر

و ليس محالًا في العقول جميعها *** و لا كانَ بدعًا أن يطول لهُ العمرُ

فكم في قديم الدهر عمَّرَ عصبةٌ *** و عیسی لهُ مِثْل نعم هوَ و الخضر

و جازَ بأن يخشى عداه كجده *** غداة اختفى في الغار و هو له النصرُ

و في نومه في الشّعْبِ خيفة قومه *** لباغي الهدى برهان حق غدا الحصر

أما كان مولاه هنالك قادرًا *** على نصره إذ ضاقَ من صهره الصدر

ص: 222

فكان له في جده الطهر أسوة *** و في أنبياء الله إذ غالها المكرُ

فكم قعدوا إذ لم يروا من يعينهم *** إلى أن أصابوا من يُشدُّ به الأزر

فقاموا بأمر الله شوعًا و خيفةً *** فكان لهم فيه الرضا منه و الأجرُ

فكم كان فيهم خائف مترقب *** و مستتر خوفًا و من ناله الأسر

و من ناله القتل الذريع من العدى *** غداة عداه النصر إذ فرَّ منه الصبرُ

فهل عجز الرحمن عن نصر حزبه *** فعمَّتهم البلوى و خصّهم القهرُ

أم امتحن الله العباد و حزبه *** قدياً بما يجري القضا و لهُ الأمرُ

فذي عادة منه جرتْ في عبادِهِ *** بها نطق التنزيل و النقل و الحجرُ

و ليس على الرحمن إنقاذ حزبه *** من الضر قهرًا حيث يلزمُهُ الجبر

و في القول بالإلجاء أي بليّة *** على الدين كسر لا يقوم به جبر

و لا بدع إن غابَ ابن خير من ارتدى *** صبيحة في السرداب ألجأه الحصر

فمن قبل ذاك الخضر غابَ و لم *** يكن بديعًا و لا الدجال غيبته نكر

و في الغار قد غابَ النبي و صهره *** فقد تخذته برجها الشمس و البدرُ

و هل من ولي الله ينكر معجز *** سواء غدا في ذلك العبد و الحرُّ

و ما أسعد الغار الذي ضم أحمدا *** و صاحبه هل للعقول به بهر

فإن فخر السرداب يومًا بمثلِهِ *** فکلّ مكان بالمكين له الفخر

و لیس یدانی فضل مكة فضله *** فكيف و فيها البيتُ و الركنُ و الحجرُ

و ذاك غروب الحق منه و هذه *** سيطلع منها الحق و الفتح و النصر

و ما كان نصف أن يساوى بموضع ال *** غروب محلّ منه ينفجر الفجر

و لما جرى في علمه أن إذا بدا *** يحيق به من جاحدي حقه المكرُ

فغيَّبه حتى يدوم بقاؤه *** إلى وقت عيسى فاستطال له العمر

ص: 223

و إن قام بين الناس صاحب دعوة *** إلى ربّه يدعو وما ناله شرّ

فليس بقاض أنّ كلّ من ادعى *** كدعواه لا يأتيه من أحد ضُرُّ

و أي عيان يقتضي غير ما قضى *** به النقل عن خير البريّة و الحجرُ

على أنّ إثبات الوجود له غنّى *** لنا فيه عن إثبات وجه به الستر

لإمكان إيكال القضاء إلى الذي *** إليه يعود الأمر إن أعوزَ الفكر

و ما كان للعبد الجهول بما جرى *** ليسأل عما يفعل الربّ ما السرُّ

و من قبل ذا ابليس فيه إذ اجترى *** عن الملأ الأعلى تردّى به الكبر

على أنّ شرطًا من شروط ظهوره *** و ذاك بأن يستولي الجور و الكفر

بأن يتلظى قابض الدين في الورى *** كأنَّ الذي في الكفَّ منه هو الجمرُ

*******

فقید بحمد الله جل جلاله *** غداة فشا الإسلام و انتشر البر

هذا أمير المؤمنين أميرنا *** له في عدانا البطش و الفتكة البكر

إمام هدى (عبد الحميد) الذي غدا *** بعدل قضاه يملأ البر و البحرُ

هو الفاتك المشهور في كل مشهد *** هو العلم المنشور حقَّ به النصر

هو البدر لولا أن في البدر كلفة *** هو البحر لولا الحمد في البحر و الجزر

به ترفع البلوى و يستدفع العسر *** به تجلب تُجلب النعما و يستنزلُ القطرُ

فداه ملوك الأرض من كل بلدة *** ودام به ثغرُ الخلافة يفترُ

ولو أنَّ هذا الوقت داع لمثله *** لكان من المفروض أن ينزع القشر

وي ملؤها قسطا و عدلا و طاعة *** و يأتي بما فيه غدا الغدر و النذر (1)

ص: 224


1- وردت مثل هذه المعاني في قصيدة السيّد محسن الأمين، ينظر كشف الأستار : 274-275.

و كم من ثقات المسلمين عصابة *** إلى ما اعتقدنا قادها النقل و الحجرُ

فدانت به إذ أيقنت أنَّ غيره *** إذا اتخذته مذهبًا مسلكه و عرُ

******

إليك جوابًا شافيا وافيًا بما *** تروم إذا انصفتنا أيَّها البر

فلست بحمد الله إذ ذاك جاهلا *** و لا ماكرًا حاشا لك الجهل و المكرُ

حوته من اللفظ البديع قصيدة *** إذا كُتبت بالتبر زين بهِ التبر

و لما حوت ذكرًا لآل محمد *** سمت فغدا من دونها الشمس و البدرُ

و أزرتْ بما يأتي من الشعر بعدها *** فحق لها أن يسجد النثر و الشعرُ

عروسًا و قد زُفَتْ إليك ليومها *** و ليلتها حسن القبول لها مهر

قدم سالما للعلم تجمع شمله *** على عدد الأيام دامَ لك العمرُ

و له قصيدة أخرى في الموضوع نفسه (1) :

بدیع مقال راح ينظمه الفكر *** تضوَّعَ من أعراف نافحه النشر

هو الطيبُ لا نشر الخزامى إذا سرى *** هو الدرُّ لا ما قيل فيه هو الدر

يجلّي عن الأبصار كلّ غشاوة *** و يوضح ما قد حالَ من دونِهِ الستر

كأنَّ ظلام الجهل و هو يزيلُهُ *** ظلام الدياجي راح يمحقه البدر

ينبي عن الحق المبين فإن تصخ *** لآيته الغراء يتضح الأمر

أجل قد دعا الرحمن للرشد و الهدى *** و قالَ لهذا الخلق موعدك الحشر

و لم يترك الإنسان في غمر غيّه *** سدًى ينقضى في الملهيات له العمر

ص: 225


1- لم تنشر سابقا.

فبالغ في الإرسال حتّى تتابعث *** على الناس رسل لا يحيط بها الحصر

ففي كل عصر جاء في الناس منذر *** بهِ قامَ شرع الله و انتشر الذكرُ

فآدم في العصر القديم و لم يكن *** سوی زوجه نبَّاه كي يقطعَ العذرُ

و جاءت على الآثار من بعدِ آدم *** هداة بها اجتُنَّ الضلالة و الكفر

بدور بها تجلى الغواية و العمى *** إذا غاب بدرٌ يستنير لها بدرُ

فهذا نبي جاء بالوحي صادعا *** و هذا وصي شأنه الأمر و الزجر

لقد حفظت شرع الكليم وصاته *** إلى وقت عيسى و الوصاة له كثرُ

كذاك لعيسى مثل موسى تتابعت *** وصاة إلى المختارِ يتَصلُ الأمرُ

و غيرهما من سالف الرسل في الورى *** على مثل هذا الحال قد سلف الدهر

و خاتم رسل الله سيدها الذي *** إليه انتهى المجد المؤثَلُ و الفخرُ

أ ليس له من قيم بعد موته *** ليحفظ من أقواله السرُّ و الجهرُ

و كيف خلا هذا الزمان و غيره *** و لم يخل في العصر القديم لهم عصر

أ كانَ رسولُ اللهِ أهون من مضى *** أم الأمة الغراء ليس لها قدر

أم الله لا يرضى بشرعة أحمدٍ *** فضيعها كيما يضيع بها الأجرُ

أم العادة البيضاء منه تبدلت *** فعادته الضرّاء إذ ذاك و المكرُ

أم الفعل إن يفعله كان و لم يكن *** لحكمته في ذاك عين و لا أثرُ

تعالى المليك الحق عن كل نسبة *** فهذا لعمري ليس إلا هو الكفر

فإن قلتَ لا قبحَ عليه بظلمِهِ *** و إغرائه بالجهل جوّزهُ الحجرُ

و تضييعه الخلق المكرم سائغ *** و من عنده خير الأفاعل و الشرُّ

و تنعيمه أهل الجرائم و الغوى *** و تعذيبه الأبرّ أو ليس به نكرُ

ص: 226

و أثبت مالا ترتضيه أدلة *** و قلت له جور القضيّة و الجبر

فما السرُّ في خلق الحجى بان آدم *** و ما النفع مكسوب به لا و لا الضرُّ

هل ينفع الفعل الجميل لفاعل *** إذا جازَ أنْ يجزيه أو يعكس الأمرُ

و من أين يأتيك اعتقاد برجعة *** و قد جوَّزَ الألباب أن تكذبَ النذرُ

إذا الكذب من ربّ البريَّةِ سائغ *** و من أين في الناجين منكم لك الخبر

و كيف اعتقدتَ القولَ من نص أحمد *** سينزع من لبّ السميّ لي القشر

رأينا من الأسرار كل غريبة *** الا إِنَّ ربّ البيت يعلم ما السرُّ

و حسبك حفظ الدين في صدر من غدا *** خزانة توحيد الإله له الصدر

فإنَّ بقاء الحق في الأرض خالصًا *** يحيط به البحر المحيط أو البر

لأعظم عند الله مما يحوزه *** من البر حزن البر و السهل و الوعرُ

إلى الآن مذ قد أنشأ الله آدما *** و حتّى يفاجي الناس عن أمره الحشر

وجود حفيظ الحق في الناس لم يزل *** و ليس يزال الدهر ما دام ذا الدهر

يقوم بأمر الله حينًا و يختفي *** عن الناس إن تفش الغوايةُ و الغدرُ

فكم غابَ حَتَّى لا يرجى رجوعه *** نبيّ من الأنصار راحته صفر

فقد غابَ إدريس النبي و لامري *** و قد فر موسى و المسيحُ و لا نكر

كذا زکریا فرّخيفة قومِهِ *** و من قبلهم كم نال غيرهم الضرُّ

و حسبك ما لاقى النبي من الأذى *** و يكفيك يوم الغار إذ قطّبَ الشرُّ

لقد شرَّدت في الأرض خوف عداتها *** فلم جاز عند اللب من مثلها الذعر

و هلا بدت بين البريَّةِ حُتَّما *** على حالةِ الضَّراء من دأبها الصبر

و كيف اختفت من حادث الخوف و الردى *** و تعلّم حقًا أن يؤيدها النصر

ص: 227

و هل يعجز الربُّ القدير إذا بدث *** عن النصر كلا إِنَّ ذاكَ هو الكفر

فإن قلتَ إِنَّ الفرّ من خيفة الأذى *** يؤول إلى جبن الإمام و ينجر

فهل كان جبنا حيث فرَّتْ لربّها *** من الظلم أم هل عابها الخوف و الفرُّ

رويدك إنَّ الله أجرى قضاءه *** بما بثَّ من خلق على ما يرى الحجرُ

و لم يخرق العادات في كل فعله *** و يبدو لذي اللب السليم به السرُّ

فلو إنّ رسل الله باتت بأنعم *** و ما نالها بؤس و لا مسّها ضرُّ

لكان بذاك الجبر للناس أن ترى *** عبادتها حقًا و ما شانه الجبر

فإن قلت لا تقضي العقولُ بأنَّه *** إلى مثل هذا الحين طالَ لهُ العمر

نقول إذا ما العقل و النقل أوجبا *** وجود إمام في الورى سهل الأمرُ

أ يهمل ربّ الخلق حفظ وليّه *** و قد شدّ للدين الحنيف به الأزر

أم الله لا يقوى على حفظ قائم *** به من قنا الإسلام ينجبر الكسر

ألم تأتك الأنباء أن عاش قبله *** أناس زمانًا ضاق عن وسعه العصر

فكم عاش إدريس و إلياس بعده *** و كم عاش نوح و ابن مريم و الخضر

فإِنْ قلتَ هذا العصر داع لمثله *** ففيه توالى الظلم و اشتهر المكرُ

نقول لما لم يخلق الله من غدا *** بزعمكم للآن يحرزه القشر

فقدك اتئد ما العصر داع و كيف ذا *** و قد قدّ جيب الليل و انبلج الفجرُ

ورنح عطف الدين بالملك الذي *** بنشر علاه عبق البر و البحر

و سد ثغور المسلمين بسطوة *** بها باتت الأعداء أدمعها الحمر

فهذا بساط العدل من بعد طيّه *** زمانا بهذا الناس أدركه النشر

و في أمناء الدين أي هداية *** فهم في سماء الرشد أنجمها الزهر

ص: 228

فإن قلتَ نهي الله عن جور جائرٍ *** و عن ظلم باغ لا عزيز و لا نزرُ

و قد ذم في التنزيل مخلف وعده *** و كم جاءَ عن إفكِ الحديثِ به زجُرُ

و هدَّدَ من يغري الورى بجهالة *** ففي كل ما عددت قد ورد الحظر

و ما قبحَ الشرع الشريف فإنَّه *** قبيح فلم يشكل بذاك لنا أمرُ نقول

لما لا جاز ان يزجر الورى *** عن الشيء حتّى لا يكون لها عذرُ

و يحكم بالتقبيح ثم يشاؤه *** و يفعل ما قد صدَّ عنه و لا حجرُ

إذ العقل لا حكم لديه و إنَّما *** تميز في أفعاله الخير و الشر

حكمت بشيء و التزمت بضده *** و هل يقبل الضدين من عاقل فكرُ

فإن شئتَ نهج الحق فانهج سبيله *** و كيف يفوتُ القصد عن قصده السفر

و جرد سماعا لاستماع مقالة *** لها تحسد الجوزاء و الأنجم الزهر

وجود إمام حافظ الشرع واجب *** علیم به تفصیل ما أجمل الذكرُ

يجلّ عن النسيان و السهو و الخطا *** شجاع خبير دأبه الحلم و الصبر

ليحرس أمر الشرع عن أن يناله *** ضياع إذا ما امتدَّ و اتسع الدهر

و ليس العدى تقوى عليه فهل ترى *** قضيَّة يوم من خلاف بها تعرو

و هل كانَ من قبل النبي من الورى *** و من أدرك الهادي النبي به السرُّ

لتنشر أحكام الشريعة بينهم *** و يهمل عن نشر الشريعة ذا العصر

فلبّ السليم اللبّ يحكم جازمًا *** و يصغي الذي لم يصم مسمعه الوقرُ

و أما من النص الجلي فإنَّه *** تلألأ على حافات روضته الفجر

عديد من الأخبار لم يحص كثرةً *** روته حماة الدين و السادة الغر

فماً رووا أنّ الخلائف عشرة *** و اثنان كلّ في الأنام له الأمرُ

ص: 229

و أنَّ قريشًا أصلها و نجارها *** و طاعتها فرض و عصيانها كفرُ

و ذا خبر الثقلين ينبيك أنه *** مدى الدهر لا ينفك صحبتها الذكرُ

و في خبر الجارود أوضح منهج به *** تنجلي الجلى و يستسهل الوعرُ

و لاحظ ينابيع المودة إن تشأ *** ففيه لهذا الخلق ينقطع العذرُ

و كم أتت منا و منكم بغيرِهِ *** أحاديث يعيا عن إحاطتها الفكر

و لو شئت أن أملي عليك تركتها *** يضيقُ بها رحب البسيطة و البحرُ

فإن قلت ما يجدي الإمام إذا اختفى *** و لم جازَ عند اللب من مثلِهِ الذعرُ

و هلا بدا بين البريّة صابرًا *** على حالة الضراء من دأبه الصبر

و كيف اختفى من حادثِ الخوف و الردى *** و يعلم حقًا أن يؤيّده النصر

و هل يعجز الربّ القدير إذا بدا *** عن النصر النصر كلا إِنَّ ذاك هو الكفر

نقول كما قال النبي بحقه *** إذا غاب مثل الشمس يسترها القطرُ

فنفعهما في الناس إذ ذاك واحد *** و سيان أيضًا إن تقشّع ذا الستر

به يحفظ الله البسيط و يمسك ال- *** سماء و يسقي الأرض من صوبه الدر

يسدّد إن تخطي الصواب وقائع *** و يهدي لنهج الحقِّ إن أشكل الأمرُ

فكيف يكون العصر داع و لم يكن *** به قابض الإيمان قبضته الجمرُ

و ما أسعد السرداب في سرَّ من رأى *** ففيه لعمر الدين قد غيّب البدر

و كيف يرى و البيت مطبعه غدًا *** له الفضل عن أمّ القرى و له الفخرُ

فخذها جلاءً للبصيرة لو بدت *** لشمس الضحى يومًا لحجبها الستر

ص: 230

6. الأستاذ الشاعر محمد سعيد عبد الحسين الكاظمي

6. الأستاذ الشاعر محمد سعيد عبد الحسين الكاظمي (1)

الصورة

قال في الإمام الحجة علیه السلام لتاريخها سنة 1985م (2) :

لم يبقَ لي رمق أو تُدْركَ الرمقا *** يا شمل قلب هوَتْ أعشارُهُ مِزَقا

نفسي جراحات هم جاورت أُخَرًا *** كأنما هي تُمل أحرفا نسقا

و بُرْدة من نسيج الهم تشملني *** من طول مكثي فيها خِلتُها الشفقا

عانيتُها و نديمي و حشة و أسى *** تقاسما من نزيف الدمع ما رُزِقا

تلك الصبوح لها من كل نازفة *** و ذاك أترعها حمراء فاغتبقا

أوصيتنا الصبر حيث الصبر في فلك *** تَبْتَ المسيرة لا عيا و لا قلقا

أقالناعثرات حيث رافقنا *** أما وقد طاش حتَّى خرَّ منصعِقا

أَنَّى لِطَيف خيال أن يُقارعها *** دواهيا تَحطِمُ الجُدرانَ و الغَلَقا

ص: 231


1- سبق أن ذُكر في كتاب قوافي الولاء: 216-226. فقط أشير إلى أن سنة وفاته هي 1439 ه- .
2- لم تنشر سابقا.

حتّى لقد حامَ ليلُ اليأس يُنذرنا *** و الناس في حيرة لم تدر ما الغسقا

عُدنا و للصبر في أذهاننا صور *** منمّقاتٌ نَسَجْنا حولها نَمَقا

مُنّى و هل بتراء ليد نمسحها *** على الجراح تقينا الأينَ و العَرَقا

و هل لسؤرِ إناء أن يُروّينا *** ما قيمة الماء إِنْ لَمْ نُسْقَهُ غَدَقا

يا ابن الرسول فأدركنا على عجل *** فما لنا حيث طال الانتظار بقا

أ لم ترَ القوم سامونا علانيةً *** سوء العذاب و سدوا دوننا الطرقا

للّه صبرك لم يبدوبلا قلقٍ *** و بيضة الدين تشكو الصدع و القلقا

و قال في ذكرى مولد الإمام الحجة علیه السلام، تاريخها سنة 1977م (1):

أي بدر على البرايا أطلًا *** فَلَقَ الليل إذ دنا فتدلی

أي بدر هذا الذي أدبر اللي- *** -ل بأنواره فلم يبق ليلا

أخنسَ الخُنَّس الجواري سناه *** و مضَتْ تسحب المجرة ذيلا

أي بدر هذا الذي استوعب الأف- *** -ق فا عادَ سَمْكُهُ يتجلّ

أ نبي من بعدِ طه وطه *** خاتم الرسل و المبلغ أن لا

أم تجلى بقية الله في الأر *** ض وليدًا فنحن نشهد حفلا

سبط خير الورى وعيبة علم ال- *** -له حقًا و مالى الأرض عدلا

وارث الأنبياء مستودع العل- *** -م و خير الأنام فرعا و أصلا

خاتم الأوصياء سيف من ال- *** -له بوجه الضلالِ و الجورِ سُلَّاً

ذخرنا في الحياة نشكو إليه *** ما نعانيه و الحوادث حبلى

ص: 232


1- لم تنشر سابقا.

كلّ يوم يلدن کلّ غريب *** قد طغى ليلجهلها و أضلًا

كلّ حين نقارعُ الجهل بالحس- *** -نى و نعفو عن الكثير لئلا

و تعود الأقلام تشخب بالحق- *** -د لنكتال بل و نزداد كيلا

أنكروا غيبة الإمام علينا *** و هو أمر الإله عزَّ وجلَّا

و دليل الغياب يحفظه التا *** ريخ و الحق ماثل حيث دلا

ص: 233

7. الشاعر السيد هادي حيدر الصدر

7. الشاعر السيد هادي حيدر الصدر (1)

الصورة

(1)

قال بمناسبة ذكرى ولادة الإمام المهدي علیه السلام (2):

جدِّد ولائى أيها العيد *** فالصَّبرُ طَوقٌ مَلَهُ الجيد

ألف و نَافَتْ غَير آبهة *** أعوام ضُرِّ صَعَبَةٌ صيد سید

مَرَّتْ مُرور الريح في قفر *** تروی صَداها أنفُسٌ بِيدُ

ص: 234


1- ولد في النجف الأشرف سنة 1982 م، و نشأ في الكاظمية المقدَّسة، و أنهى مشواره الدراسي فيها، مكتفيا بالمرحلة المتوسطة، ليلتحق بالحوزة العلمية في النجف الأشرف سنة 1996م، و لغاية سنة 1999م. عاد إلى الكاظمية بعدها، وزاول العمل الحر طلبّا للمعیشة، ثمَّ تنقّل بین الکاظمیة و النجف للعمل، حتی استقرّ فی الکاظمیّة. نظم الشعر - هاویاً- فی عامه الثانی عشر، و ابتداً بالشعر الشعبی، فکتب القصیدة و الأبوذیة و الدارمی و الأنشودة، و غیرها. بدأ بنظم الشعر - محترماً- بعد عامه الثلاثین، و تعلّم العروض، و بدأ بتنمیة موهبته الشعریة، فکتب الشعر العمودی و الحر، فضلا عن الشعر الشعبی، و برعَ فیه. و نظم فی أغراض مختلفة، کالشعر الدینی و الغزل و المدیح و الهجاء و الرثاء، و غیرها
2- زودني السيّد الشاعر بهذه القصيدة والتي بعدها، فشكرًا له.

يا مَولِدَ المهدي يافَجرًا *** بِطُلوعِه الأفراح و العِيدُ

و على النَّبِيِّ بِيَومِهِ صَلوا *** حُبَّا بِسِبطِ المصطفى زيدوا

(2)

و له في الإمام المهدي علیه السلام:

كالبحر موجُ مَآقينا *** بالدَّمع تُناجي مهدينا

وَ أوانُ الطَّلعَة نَرقبه *** أمَلاً بعناية بارينا

أرواح ذابَتْ من وجد *** فارفق یا سَيَّدَنا فينا

وأكتُبُ للشَّوق نهايته *** فكفانا شَوقا وحنينا

ضَحضاحَةُ صَبري ذي نَفَدَتْ *** مِن نورك فاغرف واروينا

یابلسمَ عالمنا ضَمّد *** جُرحاً لغیاب یدمينا

جورا أيامي قد مُلِئَتْ *** بالظُّل سهاماً ترمینا

يا سَيف العدل لها فاقطع *** كَفَّا للغَيبة يؤذينا

ص: 235

لزيادة الفائدة، فيما يأتي فهرس كتاب قوافي الولاء من الكاظمية إلى سامراء

ت *** الشاعر *** الصفحة

1. السيد إبراهيم بن السيّد محمد العطار الحسني ... 11

2. السيد أحمد بن السيّد محمد العطار الحسني ... 13

3. السيّد باقر بن السيد إبراهيم العطار الحسني ... 19

4.الشيخ جابر بن عبد الحسين الكاظمي ... 23

5. الشيخ جعفر بن محمد النقدي ... 33

6. الشيخ حبيب بن طالب الكاظمي ... 35

7. السيد حسن بن السيد عدنان الغريفي ... 38

8. الشيخ حسن بن مرتضى الأسدي ... 41

9. الأستاذ حسين جاسم الدباغ ... 50

10. الأستاذ الدكتور حسين علي محفوظ ... 52

11. المحامي حسين غانم الدباغ ... 53

12. الشيخ حميد سعيد الجزائري ... 56

13. الشيخ راضي بن الشيخ عبد الحسين آل ياسين ... 66

14. الشيخ رشيد عبد الحميد الصفار ... 74

15. السيّد رضاء الدين بن السيّد عباس الحيدري ... 76

16. الشاعر رياض عبد الغني الحسن ... 78

17. المهندس زهير أحمد الكاظمي ... 91

18. الشاعر صلاح عبد الحسن البحراني ... 94

19. السيّد طالب بن السيد هاشم الحيدري ... 96

20. الشاعر عامر عزيز الانباري ... 117

21. الشيخ عباس بن الشيخ حسين الكركي ... 123

ص: 236

22. الدكتور السيّد عبد الأمير بن السيّد محمّد الورد ... 127

23. الشيخ عبد الحسين بن الشيخ محمد تقي أسد اللّه ... 134

24. الشيخ عبد الحسين بن الحاج محمد جواد البغدادي ... 135

25. السيد عبد الرسول الكفائي ... 136

26. الشيخ عبد الرضا بن أحمد المقري ... 139

27. السيّد عبد اللطيف بن السيّد عبد الحسين الوردي ... 140

28. الشيخ عبد المحسن بن الشيخ عباس الخالصي ... 142

29. الدكتور عزّ الدين بن الشيخ راضي آل ياسين ... 144

30. السيّد علي جليل الوردي ... 147

31. السيّد علي نقي بن السيد أحمد الحيدري ... 148

32. الشيخ علي نقي الخالصي ... 150

33. الدكتورة عهود عبد الواحد العكيلي ... 159

34. الشاعر كاظم جواد الزهيري ... 163

35. الشيخ كاظم بن الشيخ سلمان آل نوح ... 165

36. الشاعر كريم صاحب البحراني ... 192

37. الشاعر ليث كاظم العضاض ... 194

38. الشاعر مجيد صالح الدجيلي ... 197

39. السيد محسن حسن الأعرجي ... 207

40. السيّد محسن حسن الموسوي ... 209

41. الحاج محمد حسن الحداد ... 211

42. الشيخ محمد سعيد آل جلال الكاظمي ... 213

43. الشاعر محمد سعيد عبد الحسين الكاظمي ... 216

44. السيّد محمد سلمان العطار ... 227

ص: 237

45. الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني ... 229

46. السيد محمد بن السيد علي نقي الحيدري ... 232

47. الدكتور السيّد محمد علي بن السيد هادي الحسيني ... 242

48. الشيخ محمد بن الشيخ محمد تقي آل أسد اللّه ... 244

49. السيّد محمد مهدي القزويني الكاظمي ... 252

50. السيّد محمد هادي علي الصدر ... 254

51. الشيخ مرتضى بن الشيخ راضي الخالصي ... 256

52. الشيخ مرتضى بن الشيخ عبد الحسين آل ياسين ... 258

53. الشاعر مصطفى عبد الكريم الصائغ ... 262

54. الشاعر مصطفى يحيى القرشي ... 266

55. الشاعر مهدي جناح الكاظمي ... 267

56. الشيخ مهدي صالح المراياتي ... 281

57. السيّد مهدي بن السيّد عبد اللطيف الوردي ... 286

58. السيّد نبيل بن السيد جواد أبو العيس ... 297

59. السيد نزار بن السيد جواد الطالقاني ... 308

60. السيّد نور الدين بن السيّد عبد المطلب الحيدري ... 31

61. السيّد هبة الدين الحسيني الشهرستاني ... 312

ص: 238

ملحق (2) وثائق وصور

ص: 239

ص: 240

الصورة

ص: 241

الصورة

ص: 242

الصورة

ص: 243

الصورة

ص: 244

الصورة

ص: 245

الصورة

ص: 246

الصورة

ص: 247

الصورة

ص: 248

الصورة

ص: 249

الصورة

ص: 250

الصورة

ص: 251

الصورة

ص: 252

الصورة

ص: 253

ص: 254

المصادر

1. حياتي، الشيخ كاظم آل نوح.

2. قرّة العين في الاجازة للشيخ حسين السيد محمد مهدي الموسوي الكاظمي، 1384ه.

3. من أوراق السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني.

المطبوعة :

4. أحسن الوديعة في تراجم مشاهير مجتهدي الشيعة، السيد محمد مهدي الموسوي الكاظمي، تحقيق مؤسسة تراث الشيعة، قم، 1437ه.

5. أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين العاملي، بيروت، 1406ه.

6. الإمام الثائر، السيد مهدي الحيدري، السيد أحمد الحسيني، النجف، 1386ه-

7. الأوضاع السياسية و الاجتماعية للكاظمية في العهد العثماني الأخير (1831- 1917)، الدكتور قاسم عبد الهادي دايخ الزيرجاوي، نشر العتبة الكاظمية المقدّسة، 1436ه- - 2015م.

8. بغية الراغبين في سلسلة آل شرف الدين السيد عبد الحسين شرف الدين، ج1، بيروت، 1411ه- - 1991م.

9. تاريخ القزويني في تراجم المنسيين والمعروفين من أعلام العراق وغيرهم (1900 - (2000م) ، الدكتور جودت القزويني، بيروت، 1433ه- - 2012م.

ص: 255

10. تاريخ الكاظمية، الشيخ راضي آل ياسين تحقيق عبد الكريم الدباغ، نشر العتبة الكاظمية المقدسة، كربلاء، 1437ه- - 2016م.

11. تكملة أمل الآمل، السيد حسن الصدر، تحقيق د. حسين علي محفوظ و عبد الكريم الدباغ وعدنان الدبّاغ، دار المؤرّخ العربي، بيروت، 1429ه- - 2008م.

12. جنّة المأوى في ذكر من فاز بلقاء الحجّة علیه السلام، الميرزا حسين النوري، تحقيق مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي علیه السلام، النجف، 1427ه.

13. خطباء كاظميون، عبد الكريم الدباغ، نشر العتبة الكاظمية المقدسة، 1439ه- - 2018م.

14. دار السلام فيما يتعلَّق بالرؤيا و المنام الميرزا حسين النوري، نشر دار البلاغة، بيروت، 1412ه- - 2007م. (كذا في الأصل).

15. ديوان الباقيات الصالحات، السيد طالب الحيدري، بغداد، 2009م.

16. ديوان الشيخ جابر الكاظمي، تحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين، منشورات المكتبة العلميّة ،بغداد، 1384ه- - 1964م.

17. ديوان شموع الدموع، السيّد طالب الحيدري، بغداد، 2011م.

18. ديوان المعلقات السيّد طالب الحيدري، بغداد، 2011م.

19. رسائل من إفادات المجدّد الشيرازي السيّد محمد الفشاركي و السيد حسن الصدر، تحقيق مسلم الشيخ محمد جواد الرضائي منشورات مركز تراث سامراء، 1439ه- - 2018م.

20. صدى الفؤاد إلى حمى الكاظم والجواد الشيخ محمد طاهر السماوي، ضبطه و شرحه و قدم له مركز إحياء التراث التابع لدار مخطوطات العتبة العباسية المقدسة، كربلاء المقدسة 1436ه- - 2015م.

21. في رحاب الإمام الحسن العسكري علیه السلام، حسين السيد محمد هادي الصدر، بغداد، 1440ه- - 2019م.

ص: 256

22. قوافي الولاء من الكاظمية إلى سامراء، عبد الكريم الدبّاغ، نشر مركز تراث سامراء، 1439ه- - 2017م.

23. كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار، الميرزا حسين النوري، قم، .

24. كواكب مشهد الكاظمين في القرنين الأخيرين عبد الكريم الدباغ، منشورات العتبة الكاظمية المقدّسة، بيروت، 1431ه- - 010م.

25. لمحات إجتماعية من تاريخ العراق الحديث - الجزء الخامس / القسم الثاني، الدكتور علي الوردي، بيروت، 1426ه- - 2005م.

26. مآثر الكبراء في تاريخ سامراء، الشيخ ذبيح اللّه المحلاتي، إيران، 1426ه.

27. المجدّد الشيرازي السيّد محمّد حسن الحسيني، د كامل سلمان الجبوري، مؤسسة المواهب للطباعة والنشر ، 1439ه- - 2018م.

28. المحقق الشيخ أسد اللّه الكاظمي، صاحب المقابيس)، عبد الكريم الدباغ، بغداد، 1428ه- - 2007م.

29. مستدركات أعيان الشيعة، السيد حسن حسن الأمين، بيروت، 1408ه.

30. معارف الرجال، الشيخ محمّد حرز الدين النجف، 1383 ه- وما بعدها.

31. موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين حميد المطبعي، بغداد، ج 1، 1995م.

32. موسوعة الشعراء الكاظميين عبد الكريم الدباغ منشورات العتبة الكاظمية المقدّسة، بيروت، 1435ه- - 2014 - 2014م.

33. موسو موعة العتبات المقدّسة / قسم سامراء، جعفر الخليلي، بغداد، 1390ه- - 1970م.

34. موسوعة العلّامة الأوردبادي، الشيخ محمد علي الأوردبادي، جمع وتحقيق السيد مهدي آل المجدّد الشيرزاي منشورات مكتبة و دار مخطوطات العتبة العباسية المقدّسة، 1436ه- - 2015م.

35. نزهة القلوب والخواطر ببعض ما تركه الأوائل والأواخر ، الميرزا محمّد بن عبد

ص: 257

الوهاب الهمداني، تحقيق الشيخ محمد لطف ،زاده منشورات مركز تراث سامراء، 1440ه- - 2019م.

36. نقباء البشر في القرن الرابع عشر الشيخ آقا بزرك الطهراني، بيروت، 1430ه- - 2009م.

37. هدية الرازي، إلى المجدّد الشيرازي الشيخ آقا بزرك الطهراني، النجف، 1387ه.

ص: 258

فهرس المحتويات

مقدمة المركز ... 5

مقدمة المؤلف ... 6

الفصل الأوّل

آية اللّه المجدّد السيّد محمد حسن الشيرازي قُدس سرّه

ترجمة السيّد محمد حسن الشيرازي في (تكملة أمل الآمل) ... 17

ترجمة السيّد محمد حسن الشيرازي في (أحسن الوديعة) ... 32

مشاهدات من موكب تشييع السيّد محمد حسن الشيرازي ... 35

قصائد في السيّد محمد حسن الشيرازي ... 38

قصائد في رثاء السيّد محمد حسن الشيرازي ... 46

قصائد في رثاء السيّد علي بن السيد محمد حسن الشيرازي ... 56

قصائد في رثاء زوجة السيّد محمد حسن الشيرازي ... 63

الفصل الثاني

الأعلام الكاظميون

الذين أفادوا و استفادوا درسًا وتدريسًا في سامراء

(1) الميرزا إبراهيم بن الميرزا إسماعيل السلماسي ... 71

(2) السيد إبراهيم بن السيد محمد علي الخراساني ... 72

ص: 259

(3) السيّد أحمد بن السيد مهدي الحيدري ... 73

(4) السيّد أسد اللّه بن السيد مهدي الحيدري ... 74

(5) الميرزا إسماعيل بن الميرزا زين العابدين السلماسي ... 75

(6) السيّد إسماعيل بن السيّد صدر الدين العاملي ... 76

(7) السيّد أمان بن السيد محمد القطيفي ... 77

(8) الميرزا باقر بن الميرزا زين العابدين السلماسي ... 78

(9) الشيخ جابر بن الشيخ مهدي بن عبد الغفار ... 79

(10) الشيخ حامد بن بن عبد القهار الواعظي ... 80

(11) الشيخ حسن بن الشيخ محمد الجمالي ... 81

(12) السيّد حسن بن السيد هادي الصدر ... 82

(13) السيّد حسين بن السيّد رضا علي الهندي ... 83

(14) الشيخ راضي بن الشيخ حسين الخالصي ... 84

(15) الشيخ زمان الطبرسي المازندراني ... 85

(16) السيّد سعد بن السيّد عبد العظيم آل شديد ... 86

(17) السيّد صادق بن السيّد باقر الهندي ... 87

(18) السيد صدر الدين بن السید إسماعيل الصدر ! ... 88

(19) السيد طاهر بن السيد أحمد الحيدري ... 89

(20) السيد طاهر بن السيد مهدي (كافي) الأعرجی. ... 90

(21) الشيخ عباس بن محمد آل أسعد الكاظمي. ... 91

(22) الشيخ عبد الحسين بن الشيخ باقر آل ياسين ... 92

(23) الشيخ عبد الحسين بن محمد جواد البغدادي ... 93

(24) الميرزا عبد اللّه بن المولى أحمد الزنجاني ... 94

(25) الشيخ علي بن الشيخ محمد تقي آل أسد اللّه ... 95

ص: 260

(26) السيّد محسن بن السيّد علي الحيدری ... 96

(27) الشيخ محمد أمين بن الشيخ حسن أسد اللّه ... 97

(28) السيّد محمّد بن السيّد جعفر شبر ... 98

(29) الشيخ محمد جواد محفوظ ... 99

(30) الشيخ محمد محمد حسن كبّة ... 100

(31) الشيخ محمد بن عبد الوهّاب الهمداني ... 101

(32) الشيخ محمد علي بن الشيخ حسن الجمالي ... 102

(33) الشيخ محمد علي بن الشيخ مهدي عبد الغفار ......

(34) السيّد محمد مهدي بن السيد اسماعيل الصدر ... 104

(35) السيّد محمد مهدي بن السيّد صالح القزويني ... 105

(36) الوزير محمد مهدي بن الشيخ محمد حسن كبّة ... 106

(37) السيّد مرتضى بن السيد أحمد الحيدري ... 107

(38) السيّد مرتضى العسكري ... 108

(39) السيّد مهدي (كافي) بن السيد إبراهيم الأعرجي ... 109

(40) السيّد مهدي بن السيد إبراهيم الخراساني ... 110

(41) السيد مهدي بن السيد أحمد الحيدري ... 111

(42) الشيخ مهدي الخالصي الكبير ... 112

(43) الشيخ هاشم بن مهدي الكاظمي ... 113

(44) السيّد هبة الدين الحسيني الشهرستاني ... 114

(45) الحاجة الأديبة هداية بنت الشيخ محمد حسن كبّة ... 115

ص: 261

الفصل الثالث

النتاج العلمي والأدبي للأعلام الكاظميين

من كتاب نزهة القلوب للميرزا محمد بن عبد الوهّاب الهمداني ... 119

تقريظ آية اللّه الميرزا محمد حسن الشيرازي على كتاب الهمداني ... 131

تشرّف الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني إلى سامراء ... 132

من كتابات و تقريرات السيد حسن الصدر ... 134

سامراء في المراجع العربيَّة، الدكتور حسين علي محفوظ ... 136

بعض المراسلات ... 138

رسالة من إمام الحرمين إلى آية اللّه الميرزا محمد حسن الشيرازي ... 138

فصل في شد الرحال إلى سامراء ... 139

ما كتبه الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني إلى الشيخ محمد حسن آل ياسين الكاظمي ت 1308ه- حين وقوع الطاعون في بغداد ... 143

رسالة من الشيخ محمد تقي بن الشيخ حسن أسد اللّه إلى ولده الشيخ علي المقيم يومذاك في سامراء لطلب العلم ... 145

رسالة من الميرزا محمد العسكري الطهراني إلى الشيخ كاظم آل نوح ... 147

رسالة من مكتبة العسكريين العامة إلى الشيخ كاظم آل نوح ... 149

بعض الإجازات ... 150

أوّلاً إجازة الشيخ محمد بن رجب علي العسكري إلى الأستاذ الدكتور حسين علي محفوظ: ( وكان عمره 22 عامًا) ... 150

ثانيًا: إجازة الشيخ الميرزا نجم الدين الشريف العسكري إلى الأستاذ الدكتور حسين علي محفوظ ... 152

ص: 262

الفصل الرابع

كرامات وحوادث في سامراء

(1) ما لكَ والدخول بيني وبين إمامي ... 159

(2) لَم لا تقضي حاجته ... 159

(3) التربة الحسينية ... 163

(4) استشفاء الميرزا زين العابدين السلماسي بأئمة سامراء علیهم السلام ... 164

(5) دخل الروضة للسلام على أبيه علیه السلام ... 166

(6) أردت زيارتكما بخضوع و خشوع، و قد اطلعتها على منعه إياي ... 167

(7) لا أعطي نفسي ما تشتهيه وتميل إليه ... 169

(8) زيارة السرداب ... 171

(9) ما سبب ذلك الطيب ... 173

(10) هوَتْ تطلب إذنًا للصعود ... 174

(11) أنا عبد اللّه و أنت عبد اللّه ... 175

(12) ما كتبه الميرزا محمد بن عبد الوهاب الهمداني عن حادثة وقعت حين تشرفه في سامراء ... 176

(13) لا أرضى بمعاقبة أي أحد، فانهم جميعًا أولادي ... 180

(14) الهجرة الأولى من سامراء إلى الكاظمية بعد وفاة السيد الشيرازي ... 171

(15) لم لم تدع للسلطان ... 183

(16) أثر التربية ... 185

(17) السيّد الشيرازي ينظر بنور اللّه تعالى ... 186

(18) هذا المبلغ يكفي للعبور ... 187

(19) الميرزا محمد بن الميرزا محمد باقر السلماسي ... 188

ص: 263

(20) مجيء ناصر الدين شاه إلى العتبات للزيارة سنة 1287ه- ... 190

(21) لا ينبغي لنا أن نعيّن تكليفه بالرجوع ... 192

(22) الحاج عبد الهادي الاسترابادي ... 193

(23) السيّد حسين بن السيّد عبد اللّه شبّر ... 194

(24) السيّد هادي بن السيد علي شبّر ... 195

(25) السيّد محمّد بن السيّد حسن الصدر ... 196

(26) رئيس الوزراء السيّد محمد الصدر ، يزيح الستار عن ضريحي الإمامين العسكريين في سامراء ... 198

(27) جوائز كلَّما خطوت خطوة ... 200

(28) ثلاثة يذهبن عن قلبي الحزن ... 201

(29) أياديه تصل إلى كل فم ، و كل يد، و كل بيت ... 202

(30) فتح الروضة العسكرية من الصباح إلى الصباح ... 203

ملحق (1)

مستدرك كتاب قوافي الولاء من الكاظمية إلى سامراء

الشيخ جابر الكاظمي ... 209

2. الأستاذ الدكتور حسين علي محفوظ ... 211

3. السيّد حسين السيّد محمد هادي الصدر ... 214

4. السيّد طالب بن السيد هاشم الحيدري ... 216

5. الشيخ محمد رضا بن الشيخ إسماعيل آل أسد اللّه ... 218

6. الأستاذ الشاعر محمد سعيد عبد الحسين الكاظمي ... 231

7. الشاعر السيد هادي حيدر الصدر ... 234

فهرس كتاب (قوافي الولاء من الكاظمية إلى سامراء) ... 236

ص: 264

ملحق (2)

وثاق وصور

ملحق (2) وثاق وصور ... 239

المصادر ... 255

الفهرس ... 259

ص: 265

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.