شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار

هوية الكتاب

المؤلف: القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي

المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي

الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي

المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي

الطبعة: 1

الموضوع : سيرة النبي (صلی اللّه عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام)

تاريخ النشر : 1409 ه-.ق

الصفحات: 496

المكتبة الإسلامية

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام

للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي

المتوفي سنة 363 ه. ق

مؤسسة النشر الإسلامي

التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة

ص: 1

المجلد 1

اشارة

شابك (الدورة) 3-397-470-964-978

ISBN 978 - 964 - 470 - 397 - 3

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام

ج 1

(1 - 4)

تأليف: القاضي النعمان بن محمد التميمي المغربي رحمه اللّه

تحقيق: السيد محمد الحسيني الجلالي

الموضوع: التاريخ

چاپ ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي

عدد الصفحات: 496

الطبعة: الثانية

المطبوع: 500 نسخة

التاريخ: 1431 ه .ق .

شابك (ج 1): 3-397-470-964-978

ISBN 978 - 964 - 470 - 397 - 3

قم - شارع الأمين - ابتداء شارع الجمهورية الإسلامية ص . ب 749-37185

تلفون: 2933219 - 2932219 فاكس: 2933517

ص: 2

التابعة

بسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على القائل « النجوم أمان لأهل السماء ، وأهل بيتي أمان لامّتي » وعلى عترته الطيّبين الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا.

من الواضح المعلوم أنّ الأئمة صلوات اللّه عليهم أجمعين أمناء اللّه على عباده وخلفاؤه في أرضه وهم السبل الواضحة التي تهتدي بها البشريّة وسفن النجاة التي لا يغرق من ركبها وهم معادن علم اللّه ومحطّ بركاته لا يعرف فضلهم ولا تدرك منزلتهم ولا يوصف ثناؤهم ، ولا يسع لأحد التعرّف عليهم بما هم إلاّ اللّه ورسوله. ولذالك نرى القرآن الكريم أبان فضلهم وعرّف قدرهم وبيّن مقامهم وأظهر شأنهم ومن جهة أخرى قام الرسول الأعظم صلی اللّه علیه و آله ببيان مقامهم في ضمن أحاديث كثيرة جمعها أرباب الحديث في تصانيفهم وأخذ كلّ بقدر وسعة منها وسردها في كتابه ، منهم القاضى النعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حيّون الإماميّ المذهب في كتاب سمّاه ب- « شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار » وهو لم يطبع بعد بهذا الكيفية ، وقد قام العلاّمة السيّد محمّد الجلالي بتحقيق هذا الكتاب وتصحيحه ومقابلته مع نسخ خطّية متعدّدة فجزاه اللّه خير الجزاء وجعله من أحسن موالي البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام.

وقد قامت المؤسّسة - بحمد اللّه ومنّه - بطبع ونشر هذا السفر الشريف كي تتعرّف الأمّة الإسلاميّة أكثر على فضائل ومناقب آل الرسول علیهم السلام ، سائله المولى عزّ وجلّ لها وللسيّد المحقّق التوفيق لخدمة الإسلام ونشر علوم أهل البيت إنّه سميع مجيب.

مؤسّسة النشر الإسلامي

التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة

ص: 3

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على أفضل رسله وأشرف بريّته أبي القاسم محمّد وعلى آله الطيّبين الطاهرين المعصومين واللعنة الدائمة على أعدائهم ومخالفيهم ومنكري فضائلهم من الآن إلى قيام يوم الدين. آمين يا ربّ العالمين.

ص: 4

مقدّمة المحقّق

اشارة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحقائق التاريخية هي منتهى آمال الباحثين ومطمح انظار المحققين ، فمن خلال الدراسة والتحقيق يتمّ التعرف على مدى ثقافة وعظمة الامم السالفة لمعرفة وتثمين وتقصّي النقاط الإيجابية منها. بيد أن الدوافع المادية والنزعات القبلية لذوي النفوس الشريرة فرضت بأساليب مختلفة وطرق متباينة من ترغيب وترهيب وتطميع وتعذيب لتدوين التاريخ المتداول ملائما لميولها ومنسجما مع أغراضها ومجانسا لمآربها ومشبعا لرغباتها ، فلو كان التاريخ على حقيقته لكشف لنا الكثير من نتائج المعادلات المجهولة التي لو كانت لدينا لحصلنا واكتسبنا مزيدا مما نروم إليه في حياتنا العملية وتعاملنا وتفاعلنا مع الحوادث والافراد والامم بالشكل الموضوعي الموصل بالمجتمع الى الخير والسعادة والتقدم والازدهار وتجنبنا المزيد من عوامل التخلف والشقاء والتفرق ، ومن البديهي - الغير القابل للجدل - أن يحاول المستبدون والجبابرة والمستعمرون بالإضافة الى طمس المعالم الخلقية والظواهر الطيبة والبوادر الخيرة لأجل تمرير أحقادهم وتسييب شعوبهم وتحكيم موقعهم منطلقين من مبادئهم وآرائهم التي تمخّضت عن تلكم النتائج البغيضة ، فرغم توليد الأحقاد وتباعد الشعوب والأفراد حرمان الأجيال القادمة من الارتواء من معرفة أسلافهم إلا النزر القليل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ، وأوضح مصداق واكبر برهان لما

ص: 5

ذكرنا ما عاناه أهل البيت علیهم السلام الذين جعلهم اللّه نبراسا ومنارا وملاذ لنا لنقتدي بهم ونتمسك بحبلهم ونلجأ إليهم ونستلهم من سيرتهم ، وهم الذين ارتضاهم اللّه وخصّهم بقوله : « إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً » (1).

من ذوي النفوس الخبيثة والمآرب الشريرة - كذوي الأعين المصابة بالرمد - آلوا على أنفسهم وشدوا العزم على إطفاء هذا النور الساطع والضياء المنتشر ، ليدوم سلطانهم ودولتهم بل لم يكتفوا بالقتل والتشريد والتعذيب والتنكيل حتى شمّروا عن سواعدهم وبذلوا أقصى الجهود وصرفوا اكثر ما في وسعهم لقلب الحقائق وتشويه الصور وتعكير الأجواء ، ففي أربعين عاما من أيام التاريخ الإسلامي كان أمير المؤمنين علیه السلام يسبّ على منابر المسلمين في خطب الجمعة وغيرها وتلصق به أنواع التهم والإفترءات ، وقتل حتى من يحتمل موالاته ومحبته لعلي علیه السلام ، حتى أن الحجاج أمر باحراق محلة بما فيها لأجل اختفاء موال فيها. و ... و ... ولكن ما أسرع أن تبدد الظلام ولاح نور الصباح في الافق وبانت الحقيقة وظهر الحق رغم قسره على الاختفاء. مصداقا لوعده وهو أصدق القائلين « وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ». والكتاب الذي بين يديك من تلك المظاهر مما حدى بي الى اختياره للتحقيق. وقد كانت منذ أمد بعيد تساورني هواجس وخلجات تحفزني فكرة تأليف سفر في هذا المعنى ، ولما وجدت هذا الكتاب موفيا لرغبتي زاد شوقي إليه ، وبادرت الى تحقيقه واخراجه الى عالم الطباعة.

ص: 6


1- الاحزاب 33.

نسخ الكتاب :

اشارة

إنه من الكتب العزيزة النزيرة النسخ ، ولعل السبب في ذلك إضافة الى تعدد أجزائه ، وتفرقة في البلاد هو قلة الناسخين له ، فلم يتعدّ ناسخوه المعدودين بالاصابع المنتمين الى الفرقة الإسماعيلية التي تحرص أشدّ الحرص للحفاظ على كتبها لئلا يطّلع عليها من هو خارج عن هذه الفرقة. ورغم ذلك فقد حاولت حثيثا وجهدت مليا حتى حصلت على جميع أجزاء الكتاب من بلدان عديدة في العالم. فهناك أجزاء وجدت في المكتبات الاوربية صوّرها وأرسلها لي مشكورا الأخ العلاّمة الحاج السيد محمد حسين الحسيني الجلالي دام توفيقه من امريكا وهناك أجزاء عثرت عليها في مكتبة جامعة طهران ، وهناك أجزاء خطية ومصوّرة وقفت عليها في مكتبة السيد المرعشي بقم - ولعل اكمل مجموعة من أجزاء الكتاب هي ما وقفت على مصوّرتها أخيرا في مكتبة السيد المرعشي دام ظله -.

وأمّا النسخ التي اعتمدنا عليها في تحقيق الكتاب فهي :

1 - نسخة جامعة طهران :

تحتوي على الأجزاء 1 - 7 في 216 صفحة بمقياس 21 * 15 سم. وفي كل صفحة 21 سطرا.

وهذه النسخة كانت لدى الميرزا النوري - صاحب مستدرك الوسائل - ثم انتقلت الى السيد محمّد مشكاة الذي أهداها بدوره الى مكتبة جامعة طهران في سنة 1328 هجرية.

وقد ذكرها الميرزا النوري في مستدرك الوسائل 3 / 321 بقوله : عثرنا بحمد اللّه تعالى على نسخة عتيقة منه إلا أنه ناقص من أوله وآخره ، أظنه أوراق

ص: 7

يسيرة.

وفي الحقيقة أن الساقط من الكتاب - نسخة الجامعة - ما يقارب النصف الأول من الجزء الأول ، ومن آخره هو اكثر من نصف الكتاب - أي تسعة أجزاء - ، ولعل السبب في توهم العلاّمة النوري - ره - بأن الساقط أوراق يسيرة هو الكتابة الموجودة على صفحة الغلاف ، من أن الساقط من الكتاب هو ثلاثة أوراق.

وهذه النسخة محفوظة في مكتبة جامعة طهران برقم 916. وقد رمزنا لها بالحرف الألف.

2 - نسخ مكتبة السيد المرعشي :

أ - نسخة خطية تحتوى على الأجزاء 1 ، 2 ، 4 ، 6 بخط محمّد بن يوسف علي وهو برقم 4202 ، وعدد صفحات هذه النسخة 278 صفحة بمقياس 14 * 5 / 8 سم ، وفي كل صفحة 17 سطرا.

وقد رمزنا لها بالحرف - ب -.

ب - نسخة خطية في مجلّدين برقم 3731 و 3751 تحتوى على الأجزاء 5 ، 6 ، 7 ، 8 بخط حسين بن عبد العلي المباركفوري الأعظمي.

والمجلّد الأول المرقم 3731 يحتوي على الجزءين 5 و 6 وهو مؤرخ بتاريخ 1316 هجرية والمجلّد الثاني المرقم 3751 يحتوي على الجزءين 7 و 8 مؤرخ بتاريخ 1350 هجرية.

وتقع هذه النسخة في 306 صفحة بمقياس 8 * 15 سم وفي كل صفحة 12 سطرا.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف - ج -.

3 - نسخة مصورة محتوية على الأجزاء 1 ، 2 ، 4 ، 6 ، 7 وتقع في 227

ص: 8

صفحة بمقياس 5 / 21 * 11 سم وفي كل صفحة 23 سطرا تقريبا.

وهذه النسخة مجهولة التاريخ والناسخ إلا أنها تمتاز بكونها مشكولة ، وعليها عدة بلاغات مما يدل على مقابلتها وتصحيحها.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف - د -.

4 - نسخة مصورة اخرى تحتوى على الأجزاء 9 - 12 في 267 صفحة بمقياس 5 / 13 * 5 / 7 سم وفي كل صفحة 16 سطرا.

وهذه النسخة مجهولة الناسخ والتاريخ إلا أن عليها تملكا نصّه : مما منّ اللّه به على عبدوليه ( كلمة لا تقرأ ) بن الشيخ الفاضل الحاج حبيب اللّه.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف - ه- -.

5 - نسخة مصورة - ثالثة - تحتوى على الأجزاء 6 - 10 في 217 صفحة بمقياس 13 * 8 سم ، وفي كل صفحة 13 سطرا مؤرخة 1116 هجري وعليها تملّك محمد علي بن فتح بهائي بن سليمان حي بهائي ساكن سكندرپور في محلة كوثر. كما ورد على ظهر النسخة. وهي من كتب الجمعية الاسماعيلية بلندن تحت الرقم 5845.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف - و -.

6 - نسخة مصورة - رابعة - تحتوى على الأجزاء 13 - 16 في 285 صفحة بمقياس 14 * 5 / 8 سم وفي كل صفحة 15 سطرا.

والنسخة الخطية مؤرخة سنة 1295 هجرية محفوظة في الجمعية الاسماعيلية في بمبئي برقم 167 الف و 129 - ن -.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف - ز -.

7 - نسخة مصورة - خامسة - تحتوي على الجزءين : 13 و 14 في 155 صفحة 15 * 5 / 9 سم وفي كل صفحة 15 سطرا. أرسلها سماحة العلاّمة الأخ السيد محمّد حسين الجلالي وهي نسخة جامعة لندن غير مؤرخة برقم 25432. وعلى

ص: 9

النسخة تملّك نصّه : ملك طيب علي ملاجيوا بهائي. وقد ضبط فيضي كلمة : ( ملاچى ) ، وقال : إنها اسرة معروفة لدى طائفة البهرة الداودية لما لها من مكانة علمية متوارثة. ( كما جاء في مقدمة الدعائم 1 / 18 / ط / القاهرة 1289 ه- ) وعلى النسخة أبيات تدعو الى محبة نجم الدين الداعي وهو نجم الدين بن زكي الدين المتوفى سنة 1232 هجرية.

وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف - ح -.

ولدينا نسخة مطبوعة من الجزء الخامس عشر - طبعة إيفانوف - غير أن هذه الطبعة منتخب من الجزء الخامس عشر طبعت عام 1942 م بمطبعة اوكسفورد ضمن سلسلة البحوث الإسماعيلية وتقع في 34 صفحة.

عملنا في الكتاب :

إن هذا الكتاب من الكتب النادرة ، وقد انفرد القاضي بإيراد روايات عزيزة لم نقف عليها في مصادر اخرى. أضف الى ذلك وجود روايات اخرى لم تكن من السهل العثور عليها في المصادر الحديثية الموجودة بأيدينا لأجل تقطيعها أو ذكر محل الحاجة منها ، ومع ذلك استقصينا الجهد في تخريج الروايات وشرح الغريب من ألفاظها بالاعتماد على المصادر الكثيرة والمراجع اللغوية. وألحقنا بكل جزء من أجزاء الكتاب ملحقا بعنوان - تخريج الأحاديث - وذكرنا فيه شواهد الروايات التي أوردها المؤلف ومتابعاتها كما حاولنا ذكر المزيد من المؤيدات لتلك الروايات اعتمادا على امّهات المراجع من كتب العامة والخاصة مع تقديم كل نصّ أقرب لما ذكره المؤلف. وذكرنا أسانيدها بايراد أسماء الرواة دون التعرض الى ما لا يلزم ذكره من قبيل الالقاب والكنى ، ومراعات عدم الإطالة والتكرار.

وقد قمنا أساسا في التحقيق بعد ضبط النصّ ومقابلته مع النسخ المتوفّرة

ص: 10

والمصادر الاخرى بما يلي :

أ - ترقيم الأحاديث بالتسلسل وفق ما وجدناه في النسخ المستحضرة لتحقيق الكتاب.

ب - جعل ما سقط من نسخة الأصل ووجدناه في النسخ الاخرى بين قوسين ، وما وجدناه في المصادر الاخرى ضمن معقوفتين هكذا [ ].

ج - الإشارة الى اختلاف الكلمات أو الجمل الموجودة بين النسخ في الهامش.

د - تبديل الكلمات التي وردت في تضاعيف الكتاب الى الرسم المتداول كالزكاة والصلاة الى الزكاة والصلاة.

ه- - تبديل ما رمز إليه في بعض النسخ من عبارات الإجلال والتعظيم للفظ الجلالة والصلاة على النبيّ والائمة والترضية على الصحابة الكرام بالعبارات الصريحة.

وختاما أسأل المولى القدير أن يوفقنا لما يحبّ ويرضى إنه سميع مجيب.

محمّد الحسينيّ الجلالي

شهر رمضان المبارك 1407 ه-

ص: 11

الصورة

ص: 12

الصورة

ص: 13

الصورة

ص: 14

الصورة

ص: 15

الصورة

ص: 16

المؤلّف والكتاب

اشارة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

شارك المؤلّف أبو حنيفة النعمان الشيعي - المتوفّى سنة 363 ه- - في الدعوة الفاطمية في مهدها بالمغرب ، وقام بتأصيل اصولها حتى أصبحت الدعوة تعتمد على النشاط الفكري للمؤلّف بقدر اعتمادها على النشاط السياسي للخلفاء الفاطميين.

ولدوره البارز في الدفاع عن حريم التشيّع اعتبرته بعض المصادر الشيعية إماميا اثنا عشريا ، بالرغم من كثرة مؤلّفاته التي تعتبر مصدر عطاء للمذهب الاسماعيلي ، ولا يزال أتباع المذهب الاسماعيلي يعبّرون عنه بألفاظ التجليل التي لا يصفون غيره بها ، كألفاظ « سيّدنا الأوحد » و « القاضي الأجل » و « سيّدنا القاضي ».

وبالرغم من انغلاق أبواب المكتبة الاسماعيلية في وجه الباحثين لعوامل التقيّة التي أصبحت متأصّلة في نفوسهم وحرمت العلم من أصحابه فقد تمكّن الأخ السيّد محمد الحسينيّ الجلالي - حفظ اللّه - بسعيه الحثيث أن يجمع أفراط هذا الكتاب « شرح الأخبار في فضائل الائمة الأطهار » من مختلف المكتبات ويقدمها سلسلة منضودة كاملة.

ترجمة المؤلّف :

هو أبو حنيفة النعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حيّون ، واتفقت

ص: 17

المصادر على وصفه بالفضل والعلم والنبل ، وصرّحت بتولّيه القضاء ، وانفرد ابن العماد الحنبلي ( ت / 1089 ه- ) على نسبته الى التشيّع ظاهرا والزندقة باطنا ، وهو نابع من الخلاف المذهبي.

وقال معاصره المعز لدين اللّه ( ت / 365 ه- ) رابع خلفاء الفاطميين : « ... من يؤدّي جزء ممّا أدّاه النعمان أضمن له الجنّة بجوار ربّه » (1).

ووصفه ابن زولاق الحسن بن إبراهيم الليثي ( ت / 387 ه- ) بقوله : « ... في غاية الفضل من أهل القرآن والعلم بمعانيه ، وعالما بوجوه الفقه وعلم اختلاف الفقهاء واللغة والشعر والعقل والمعرفة بأيام الناس مع عقل وانصاف » (2).

أمّا الأمير المختار عزّ الملك محمد الكاتب المسيحي فوصفه بقوله : « كان من أهل العلم والفقه والرأي والنبل على ما لا مزيد عليه وله عدّة تصانيف » (3).

وقال عنه محمد بن علي بن شهرآشوب ( ت / 588 ه- ) : « ابن فياض القاضي النعمان بن محمد ليس بإمامي وكتبه حسان ... » (4).

وابن خلكان ( ت / 681 ه- ) قال : « أحد الائمة الفضلاء المشار إليهم ... وكان مالكيّ المذهب ثم انتقل الى مذهب الامامية » (5).

واليافعي ( ت / 768 ه- ) قال : « كان من أوعية العلم والفقه والدين » (6).

وابن حجر أحمد بن علي العسقلاني ( ت / 852 ه- ) قال : « كان مالكيا ثم

ص: 18


1- عن عيون الأخبار : للداعي إدريس ، راجع أعلام الاسماعيلية : ص 59.
2- ابن خلكان : 5 / 416 ، ويراجع البداية والنهاية.
3- وفيات الأعيان : 5 / 415.
4- معالم العلماء : ص 126.
5- وفيات الأعيان : 5 / 415.
6- مرآة الجنان : 2 / 278.

تحوّل إماميا وولّي القضاء للمعزّ العبيدي صاحب مصر وصنّف لهم التصانيف على مذهبهم ، وفي تصانيفه ما يدل على انحلاله » (1).

والداعي إدريس عماد الدين القرشي ( ت / 872 ه- ) يقول : « إن النعمان كان في مكانة رفيعة جدا قريبة من الأئمة ، وأنه كان دعامة من دعائم الدعوة » (2).

وابن تغرى بردى يوسف ( ت / 874 ه- ) يقول : « قاضي مملكة المعز ، وكان حنفيّ المذهب ، لأن المغرب كان يومذاك غالبه حنفية الى أن حمل الناس على مذهب مالك فقط المعر بن باديس » (3).

وابن العماد الحنبلي ( ت / 1089 ) يقول : « القاضي أبو حنيفة الشيعي ظاهرا الزنديق باطنا قاضي قضاة الدولة العبيدية » (4).

هذا ولم يذكر المتأخّرون شيئا جديدا في وصف المؤلّف ، راجع الحرّ العاملي ( ت / 1104 ه- ) (5) ، وبحر المعلوم ( ت / 1212 ) (6) وشيخنا العلاّمة ( ت / 1389 ) (7) ، ويعتبر ابن شهرآشوب ( ت / 588 ) الوحيد الذي وصفه بابن الفيّاض ، ولم اهتد للوجه الصحيح لهذه النسبة سوى أن والد المؤلّف أبو عبد اللّه محمد القيرواني كان كما يقول ابن خلكان ( ت / 681 ه- ) : « قد عمّر ، ويحكي أخبارا كثيرة نفيسة » فاذا صحّ تلقّبه بالفيّاض ، والمؤلّف بابن الفيّاض ، وربّما

ص: 19


1- لسان الميزان : 6 / 167.
2- عن عيون الأخبار له ، راجع مقدّمة اختلاف اصول المذاهب ص 13 لمصطفى غالب.
3- النجوم الزاهرة : 4 / 106.
4- شذرات الذهب : 3 / 47.
5- أمل الآمل : 2 / 332.
6- رجال بحر العلوم « الفوائد الرجالية » : 4 / 5.
7- نوابغ الرواة : 4 / 32.

عثر ابن شهرآشوب على مصدر لذلك ، فإن كتبه تشهد بأنه كان على اطّلاع واسع للمصادر التي لم تصل يد التتبّع إليها.

هذا واتفق المؤرخون على وفاة المؤلّف في سنة 363 ه- ، ولكن لم ينصّ أحد منهم على تاريخ ولادته ، ممّا أدّى الى أعمال مجرّد الظنّ والحدس في نصّ ذكره المؤلّف في كتابه « المجالس » الذي يعتبر حافلا بالتواريخ الهامّة في الدعوة الإسماعيلية ، فقد قال : « وخدمت المهدي باللّه [ ت - 332 ه- ] من أواخر عمره تسع سنين وشهورا وأياما » (1).

وحيث إن المهدي هو أول الخلفاء الفاطميين توفى في 14 ربيع الأول 322 ه- فيكون تاريخ خدمة المؤلّف إيّاه في أواخر عام 312 ه- في عمر تؤهّله للخدمة ، ويصعب تحديد ذلك ، واذا قدرنا عمره آنذاك انه كان في العشرين من العمر فتكون ولادته حدود منه 292 ه.

والمؤلّف يذكر في « المجالس » بعض الأعمال والوظائف التي قام بها والتي تعدّ قمّة المسئولية في عهد الخليفة المعز ، وإليك بعض التواريخ الهامّة في حياته.

292 (؟ ) ه- حدود تاريخ ميلاده

313 - 322 (؟ ) ه- تسع سنين وشهورا وأياما من أواخر عمر المهدي المتوفّى سنة 322 ه- وبعده القائم.

وكان المؤلف ينقل « أخبار الحضرة إليهما في كلّ يوم طول تلك المدة إلا أقل الأيام » (2) ولا أعرف بالضبط طبيعة هذه الوظيفة ، وربما تكون مجرد الخدمة أو المراقبة.

322 - 334 (؟ ) ه- في عهد الخليفة الثاني الفاطمي « القائم بأمر اللّه أبي القاسم محمد ( ت / 334 ه- ) » كان المؤلّف يقوم بنفس دور

ص: 20


1- المجالس : ص 69.
2- المجالس : ص 79.

نقل أخبار الحضرة ، وأيضا كان يورّق لابنه اسماعيل ، فقد قال المؤلّف : « وكنت أخدم المنصور باللّه بعض أيام المهدي باللّه وأيام القائم كلّه ... وكانت خدمتي إياه في جمع الكتب له واستنساخها » (1).

334 - 341 ه- لمّا أصبح إسماعيل الخليفة الفاطمي الثالث ولقّب بأبي طاهر المنصور باللّه زادت رتبة المؤلّف الى تولّي القضاء ، قال : « وكنت أول من استقضاه من قضاته ، وأعلى ذكري ورفع قدري ... » (2).

334 (؟ ) - 337 ه- استقضاه المنصور على مدينة طرابلس ثم أمره بالقدوم إليه (3).

عام 337 ه- استقضاه المنصور على المنصورية التي بناها عام 337 ه- وعن ذلك يقول المؤلّف : « لمّا أرحلني المنصور باللّه من مدينة طرابلس الى الحضرة المرضية وافق وصولي إليها غداة يوم جمعة ، فخلع عليّ يوم وصولي وقلّدني ، وأمرني بالسير من يومي الى المسجد الجامع بالقيروان وإقامة صلاة الجمعة فيه والخطبة ، إذ لم يكن يومئذ بالمنصورية جامع ، ثم خرج توقيعه من غد الى ديوان الرسائل بأن يكتب لي عهد القضاء لمدن المنصورية والمهدية والقيروان وسائر مدن افريقية وأعمالها » (4).

عام 341 ه- وفي عهد الخليفة الفاطمي الرابع الى تميم معد المعز لدين اللّه

ص: 21


1- المجالس : ص 80
2- المجالس : ص 81.
3- المجالس : ص 51.
4- المجالس : ص 348.

قويت شوكة النعمان للوصلة المتبادلة بينهما قبل الخلافة والتي يقول عنها : « ... وكان اعتمادي أيام المنصور باللّه فيما احاوله عنده وأرفعه إليه واطالعه فيه على المعز لدين اللّه ، فما أردته من ذلك بدأته به ورفعته إليه وسألته حسن رأيه فيه ، فما أمرنى أن أفعله من ذلك فعلته ... وما كرهه لي تركته ... » (1).

وهذه الطاعة المطلقة للمعز هي التي سهلت له الوصول الى أعلى المراتب في الدولة الفاطمية ، وجعلته من أقطاب الفكر الاسماعيلي ، وفي هذا العهد بلغ المؤلّف مبلغا عظيما من الثراء حيث يقول عن ملك له : « فبلغ كراؤه في السنة نحوا من مائتي دينار » (2) كما أنه في هذا العهد كتب ونشر كتبه وتصانيفه.

عام 362 ه- انتقل المعز الى مصر في رمضان وأصبحت قاعدة الخلافة الفاطمية ، وصحبه المؤلّف إليها حيث وصفه ابن زولاق ( ت / 387 ه- ) بقوله : « القاضي الواصل معه من المغرب أبو حنيفة محمد الداعي » (3).

وقال اليافعي ( ت / 768 ه- ) : « كان ملازما صحبة المعز ووصل معه الى الديار المصرية أول دخوله إليها من إفريقية » (4).

وبالتعاون الفكري مع النعمان أسّس ملكه وحكمه

ص: 22


1- المجالس : ص 351.
2- المجالس : ص 525.
3- ابن خلكان : 5 / 426.
4- مرآة الجنان : 2 / 380.

على نظام إسلامي شيعي ، وبنى مدينة القاهرة واتخذها عاصمة لخلافته التي منها بعث الدعاة الى أرجاء العالم الإسلامي ، وعهده يمثل ذروة عظمة الخلافة الفاطمية.

عام 363 ه- وبعد أقل من عام - بعد انتقاله الى مصر - توفّى المؤلّف النعمان في القاهرة في 29 جمادى الآخرة - أو : رجب - سنة 363 ه- وكما يقول المقريزي ( ت / 845 ه- ) : « حزن المعز لموته وصلّى عليه وأضجعه في التابوت ، ودفن في داره بالقاهرة » (1).

هذا ولا تزال جوانب كثيرة من حياة المؤلّف مجهولة ، لا بدّ أن تكشفها مخطوطات الاسماعيلية ، فقد ترجمه الداعي التاسع عشر عماد الدين ادريس ( المتوفّى سنة 872 ه- ) في كتابه عيون الأخبار ، الجزء السادس المخطوط. فقد قال مجدوع الاسماعيلي في فهرسته : إنه يحتوي على ترجمة النعمان وماله من الفضل والعلم وبيان تأليفه » (2).

ولم يطبع من هذا الكتاب سوى المجلّد الرابع عام 1973 م ، والخامس عام 1975 م بتحقيق مصطفى غالب ببيروت ، والتي منعت عن نشرها التقيّة التي أصبحت عقيدة بعد أن كانت وسيلة ، ولمّا عاتبت الامام الاسماعيلي على المنع من البحث في تراثهم نفى وقال : إنها ميسّرة في جامعتهم للباحثين. ولمّا أبديت استعدادي للذهاب إليها

ص: 23


1- الاتعاظ : ص 202.
2- فهرست مجدوع : ص 75.

فورا ، تبسّم تبسّم الامتناع والتقية.

وهذه سيرة تخالف سيرة المؤلّف النعمان الذي قضى حوالي سبعين عاما من عمره في سبيل العلم ونشر علوم أهل البيت علیهم السلام .

اسرته :

انحدر المؤلّف النعمان من اسرة مغربية من القيروان ، فهو النعمان بن محمد بن منصور بن حيّون ، ولم تذكر المصادر شيئا عن قبيلته ولكنه وصف بأنه تميمي الأصل في المصادر الاسماعيلية (1) واتفقت المصادر على ذكر نسبه الى حيّون ولا بدّ أن يكون له شأن في القبيلة حيث به عرف المؤلّف. وكان لرجال الاسرة القدح المعلّى في القضاء والدعوة ، كما زاد الاسرة قوة ، تصاهر بعض أفرادها مع الحكّام ، كما يظهر أن هذا التصاهر كان سببا في أفول نجم الاسرة فيما بعد - أيضا -.

والده :

ترجمه ابن خلكان ( ت / 681 ه- ) قائلا : « وكان والده أبو عبد اللّه محمد قد عمّر ويحكي أخبارا كثيرة نفيسة حفظها وعمره أربع سنين ، وتوفّى في رجب سنة 351 وصلّى عليه ولده أبو حنيفة المذكور ودفن في باب سلم وهو أحد أبواب القيروان ، وكان عمره مائة وأربع سنين » (2).

وذكر محمد بن حارث الخشني ترجمة نصّها :

ص: 24


1- مقدّمة الهمّة : ص 6 ، أعلام الاسماعيلية : ص 589.
2- وفيات الأعيان : 5 / 416.

« محمد بن حيّان الذي كان شيخنا عالي السن وكان صاحب الصلاة بسوسة ، وكان مدنيّا صحب ابن سحنون فتشوّق فكان لذلك مستترا » (1).

قال الجلالي : جاء في هامش المجالس المتقدم ص 6 احتمال كون صاحب الترجمة والد النعمان ، وهو احتمال وجيه جدا ، فان وصف ابن خلكان إيّاه بطول العمر يطابق تماما وصفه بعلوّ السن ، وأظنّ أن كلمة « حيّون » تصغير لكلمة « حيّان » وان هذه الكلمة غلبت على المؤلّف فيما بعد لشيوعها عند عامّة الناس ، فاذا ثبت ذلك فتكون الاسرة مدنية الأصل هاجرت الى المغرب ، وأظنّ أن كلمة « تشوّق » تصحيف لكلمة « تشيّع » حتى يناسب كونه علّة للاستتار ، واللّه العالم.

أولاده :

كان للنعمان ولدان ، ولدا في المغرب وتوفّيا بمصر.

« أولهما » أبو عبد اللّه محمد بن النعمان توفّى سنة 389 ه- ، وابنه أبو القاسم عبد العزيز بن محمد قتل سنة 401 ه- ، وابنه أبو محمد القاسم بن عبد العزيز توفّى سنة 441 ه- وله ولدان : الأول محمد بن القاسم ( ت / 455 ه- ) ، والثاني عبد اللّه بن القاسم ( ت / 463 ه- ).

« ثانيهما » أبو الحسن علي بن النعمان توفّى سنة 374 ه- وله ولدان : الأول : أبو عبد اللّه الحسن بن علي ( ت / 395 ه- ) ، والثاني : النعمان بن علي ( ت / 403 ه- ).

وقد ذكر أحمد بن خلكان ( ت / 681 ه- ) بتفصيل أحوال المؤلّف وأحفاده الذين ورثوا العلم والقضاء خلفا عن سلف ، حتى انتهى الى أبي

ص: 25


1- هامش المجالس والمسايرات : ص 6 عن طبقات علماء افريقية ص 223 طبع الجزائر سنة 1914.

القاسم عبد العزيز بن محمد بن النعمان الذي تصاهر مع القائد جوهر الصقلي على ابنه وكان يتولّى القضاء ، ثم عزله الحاكم الفاطمي في 16 رجب 398 ، وبعد أربع وأربعين سنه أمر الاتراك بقتله مع القائدين جوهر وابن أخيه في ربيع الأول 354 ه.

ولا بدّ أن الحاكم وجد فيهم القوّة المعارضة لحكمه الذي أدى الى انشقاق الاسماعيلية على نفسها ، وتكون الفرقة التي عرفت بالدروز - فيما بعد - وهكذا أفل نجم الاسرة ، وكما يقول ابن خلكان : « في 398 خرج القضاء عن أهل بيت النعمان » (1).

العقيدة والمذهب :

لو أعرضنا عن اتهام الزندقة الذي وجهه الى القاضي النعمان ، ابن العماد الحنبلي ( ت / 1089 ه- ) كما في شذرات الذهب 3 / 47 ، والذي هو نابع عن الخلاف المذهبي بلا ريب ، نجد المؤلّف قد خدم الدولة الفاطمية ، وكتب لها كتب الدعوة الاسماعيلية التي تلتقي في خطوط عريضة مع المذهب الامامي ، فهو إمّا اسماعيليّ أو إمامي.

وأمّا عن مذهبه قبل صلته بالفاطميين ، فيرى ابن خلكان ( ت / 681 ه- ) أنه كان مالكيا ثم تحوّل إماميا (2) ولم يذكر مستنده في ذلك وربّما لشيوع المذهب المالكي في المغرب.

بينما ابن تغرى بردى ( ت / 874 ه- ) يرى أنه كان حنفيّ المذهب ويعلّله بقوله : « لأن المغرب كان يوم ذاك غالبه حنفية » (3) وهذا لا يصحّ فيما عدى

ص: 26


1- وفيات الأعيان : ص 432.
2- وفيات الأعيان : ص 5 / 415.
3- النجوم الزاهرة : 4 / 106.

الاسرة الحاكمة آنذاك - عهد بني الاغلب ( 212 - 290 ه- ) - فإن المذهب المالكي كان هو الغالب ، كما يشهد بذلك شهرة الأعلام المالكية كسحنون صاحب المدونة المتوفى سنة 240 ه- ، وأبي زكريا يحيى بن عمر الكتاني ( ت / 289 ه- ) وعيسى بن مسكين ( ت / 295 ه- ) وسعيد بن محمد بن الحداد ( ت / 302 ه- ) وغيرهم ، وطبيعي أن تنعكس آثار المذاهب المختلفة التي وجدت في الشرق في المغرب الإسلامي أيضا.

إسماعيليّته :

يقول الكاتب الاسماعيلي فيض : « إن النعمان كان إسماعيليّ المذهب منذ نعومة أظفاره » (1).

والاسماعيلي المعاصر مصطفى غالب يقول : « لقد أدّى القاضي النعمان للدعوة الاسماعيلية خدمات علمية جلّى كان لها الفضل الأكبر في تركيز دعائم الدعوة ، ولا غروّ ، فقد كان اللسان الناطق للإمام ، واستحقّ ان يتربّع على عرش الدعوة العلمية وان يورث أبناءه هذه الزعامة » (2).

ولو أهملنا عامل التقية ، التي كان يؤمن بها المؤلّف وكان عارفا بأساليبها وقد نسبت إليه حين صلته بالفاطمية ، لكانت كتبه حجّة على كونه إسماعيليا.

إماميّته :

ذهب جمع من أعلام الشيعة الى أن المؤلّف النعمان كان إماميا على مذهب الشيعة الاثنى عشرية ، وأنه تستّر بالتقية في خدمته للفاطميين ، وأظهر

ص: 27


1- مقدّمة الهمّة : ص 6.
2- أعلام الاسماعيليّة : ص 595.

كونه إسماعيليا خوفا من بطشهم.

ويعتبر العلاّمة المجلسي ( ت / 1111 ه- ) أول من أبدى هذه الفكرة وتبعه جمع من الأعلام ، قال ما نصّه : « كان مالكيا أولا ثم اهتدى وصار إماميا ، وأخبار هذا الكتاب [ دعائم الاسلام ] موافقة لما في كتبنا المشهورة ، لكن لم يرو عن الائمة بعد الصادق علیهم السلام خوفا من الخلفاء الاسماعيلية وتحت ستر التقية أظهر الحق لمن نظر فيه متعمّقا وأخباره تصلح للتأييد والتأكيد » (1).

وذكر السيّد بحر العلوم ( ت / 1222 ه- ) ما نصّه : « نقل صاحب تاريخ مصر [ ابن زولاق ( ت / 387 ه- ) ] أن القاضي نعمان كان غاية في العلم والفقه والدين والنبل على ما لا مزيد عليه [ ثم عقبه السيّد بحر العلوم بقوله : ] وكتاب الدعائم كتاب حسن جيّد يصدق ما قيل فيه ، إلا أنه لم يرو عمّن بعد الصادق من الأئمة خوفا من الخلفاء الاسماعيلية ، حيث كان منصوبا من قبلهم بمصر ، لكنه قد أبدى من وراء التقية مذهبه كما لا يخفى على اللبيب » (2).

وللكاظمي ( ت / 1237 ه- ) وصفه بأنه « من أفاضل الامامية وأنه لم يرو كتابه إلا عن الصادق ومن قبله من الائمة » (3).

والمحدّث النوري ( ت / 1320 ه- ) وهو أكثرهم تأكيدا وأوسعهم استدلالا على إماميّته قال : « إنه أظهر الحقّ تحت أستار التقية لمن نظر فيه متعمّقا ، وهو حقّ لا مزية فيه بل لا يحتاج إلى التعمّق والنظر » (4).

ويظهر أن المحقّق المامقاني قدس سره ظنّ تعقيب السيّد بحر العلوم تتمة لكلام صاحب التاريخ فقال « فما في معالم ابن شهر اشوب من أنه لم يكن اماميا اشتباه قطعا ، فإن أهل البيت وهم المؤرخون المذكورون أدرى بما في البيت

ص: 28


1- بحار الأنوار : 1 / 38.
2- رجال بحر العلوم : 4 / 5.
3- المقابيس له نقلا عن المستدرك : 3 / 314.
4- مستدرك الوسائل : 3 / 314.

( ثم ) ولا معنى لتصنيف غير الامامي كتابا في مثالب الغاصبين للحقّ ، وكتابا آخر في فضائل الائمة الأطهار ، وكتابا ثالثا في الامامة ، كما اعترف به هو بقوله : وكتبه حسان » (1).

وأوضح شيخنا العلاّمة ( ت / 1389 ه- ) اسلوب التقية المذكورة قائلا : « ولمّا كان قاضيا من قبل الخلفاء الفاطميين المعتقدين بإمامة إسماعيل بن جعفر علیه السلام ثم أولاد اسماعيل ، كان يتّقي في تصانيفه من أن يروي عن الائمة بعد الإمام الصادق صريحا لكنه يروي عنهم بالكنى المشتركة ، فيروي عن الرضا بعنوان أبي الحسن ، وعن الجواد بعنوان أبي جعفر » (2).

والشيخ محمد تقي التستري المعاصر قال : « روى عن الجواد بلفظ أبي جعفر موهما إرادة الباقر علیه السلام به ، يظهر ذلك من خبر في آخر كتاب وقف دعائمه » (3).

قال الجلالي : يظهر ان مستند كلمات القوم أمران.

الأول : تصريح ابن خلكان ( ت / 681 ه- ) أن النعمان انتقل من المذهب المالكي الى مذهب الإمامية ، وحيث إن « الإمامية » أصبحت علما للمذهب الشيعي الاثنى عشري ، بخلاف سائر الفرق التي يعرف كلّ منها باسم خاصّ كالاسماعيلية والزيدية ، لذلك اعتبروه إماميا.

ولكن الحقّ خلاف ذلك ، فإن وصف الامامية قد يراد به الخاصّ وقد يراد به المعنى العام ، أي مطلق من يعتقد بالامامة ، بخلاف من لا يعتقد بها ، فلا ينافي أن يكون المؤلّف إماميا إسماعيليا بهذا المعنى العام.

والعقيدة الشيعية في المغرب في بداية الدعوة لم تتحدّد بأبعادها

ص: 29


1- تنقيح المقال : 3 / 273.
2- الذريعة : 1 / 61 ، النوابغ : ص 324.
3- قاموس الرجال : 9 / 222.

وخصوصيّاتها بل كانت دعوة مجملة لأحقيّة أهل البيت علیهم السلام ومن نفى كونه إماميا انما قصد المعنى الخاص ، وأقدم هؤلاء هو ابن شهر اشوب ( ت / 588 ه- ) حيث قال : « انه ليس بإمامي » (1) ، ثم الأفندي ( ت / 1325 ه- ) (2) ، ثم الخونساري ( ت / 1313 ه- ) (3) ).

الثاني : التقيّة وقد استدلّ على ذلك بتفصيل المحدّث النوري (رحمه اللّه) ( ت / 1320 ه- ) بوجوه أقواها : أن المؤلّف روى عن الأئمة الذين لا يعتقد الاسماعيلية بامامتهم فإن الاسماعيلية يعتقدون بالائمة من نسل إسماعيل بن الامام الصادق علیه السلام دون غيرهم.

ثم ذكر المحدّث النوري هذا الروايات بنصوصها الواردة في دعائم الاسلام :

( منها ) الحديث الوارد في الوقوف ، عن ابي جعفر محمد بن علي علیه السلام قال النوري : « الى آخر السند المروي في الكافي والتهذيب والفقيه مسندا عن علي بن مهزيار قال : كتبت الى أبي جعفر علیه السلام ... ، وعلي من أصحاب الجواد والرضا لم يدرك قبلهما من الائمة أحدا » (4).

قال الجلالي : ليس في المطبوع عنوان كتاب الوقوف ، وإنما هو مدرج تحت عنوان كتاب العطايا والحديث هو برقم 1290 ويبتدئ هكذا : « وعنه [ أبي جعفر محمد بن علي ] إن بعض أصحابه كتب إليه أن فلانا ابتاع ضيعة ... » (5).

وما أكثر الروايات المتّفقة نصّا والمختلفة اسنادا ، فإن وجود تخريج للحديث في كتبنا لا يعني اتّحادهما.

ص: 30


1- معالم العلماء : ص 126.
2- رياض العلماء : 5 / 278.
3- روضات الجنان : 8 / 149.
4- المستدرك : 3 / 314.
5- دعائم الاسلام : 2 / 344.

( ومنها ) الحديث الوارد في باب الوصايا عن ابن أبي عمير ، عن أبي جعفر في امرأة استأذنت على أبي جعفر في حكم فقيه العراق ... ثم قال النوري : « والمراد به أبو جعفر الثاني قطعا ، لأن ابن أبي عمير لم يدرك الصادق فضلا عن الباقر علیه السلام بل أدرك الكاظم ولم يرو عنه وإنما هو من أصحاب الرضا والجواد وهو من مشاهير الرواة ... » (1).

قال الجلالي : الحديث المذكور وارد نصّا في دعائم الاسلام ولكن ليس في سند المطبوع ابن أبي عمير بل روي عن الحكم بن عيينة قال : كنت جالسا على باب أبي جعفر علیه السلام إذ أقبلت امرأة ... الى آخر الحديث (2).

ومن هنا نجد أن للدعائم روايتان رواية شيعية واخرى اسماعيلية ، وأن عوامل التعصّب للمذهب دعى الى تحريف النسخة ، وهذا يحتاج الى مقارنة دقيقة عسى أن يقوم بها بعض طالبي الحقيقة. والقول بأن المؤلّف استخدم التقية ، يستلزم القول بأنه استخدمها بتطرّف ، فإنه كثيرا ما يحاول تأسيس اصول المذهب الاسماعيلي بما لا يلتقي مع الفكر الامامي ، ولعلّ أهمها مسألة الاعتقاد بالمهدي وتطبيق الأحاديث الواردة فيه على الخليفة الفاطمي الأول الذي أظهر الدعوة واستولى على « رقادة » في 4 ربيع الأول 297 ه. وبقى كذلك حتى وفاته في 14 ربيع الأول سنه 322 ه.

وعلى سبيل المثال : فقد ذكر عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قوله : « يقوم رجل من ولدي على مقدّمه رجل يقال له : المنصور يوطّأ له - أو قال : يمكّن له - ، واجب على كلّ مؤمن نصرته - أو قال : إجابته - ».

ثم عقّبه بقوله : وكان بين يدي المهدي [ الخليفة الفاطمي ] ، خرج أبو القاسم صاحب دعوة اليمن وكان يسمى المنصور وهو وطّأ ومكّن للمهدي ، ولأن

ص: 31


1- المستدرك : 3 / 314.
2- دعائم الاسلام : 2 / 360.

أبا عبد اللّه صاحب دعوة المغرب الذي وطّأ ومكّن للمهدي.

( وأيضا ) روى عنه صلی اللّه علیه و آله : « لا بدّ من قائم من ولد فاطمة من المغرب بين الخمسة الى السبعة ، يكسر شوكة المبتدعين ويقتل الظالمين ».

ثم عقبه بقوله : « وكذلك قام المهدي ، وفي المغرب ظهر فيه أمره بعد أن كان مستترا ، بوصول صاحب دعوته بالمغرب بجموع عساكر أوليائه المستجيبين لدعوته إليه في سنة 296 » (1).

ولم يكتف بذلك بل ألّف كتابا خاصّا أسماه « معالم المهدي » لم تصل إليه يد التتبّع بعد.

والتحقيق : لمعرفة حقيقة مذهب النعمان يلزم ملاحظة أربعة امور هي : دور المذاهب في المغرب ، ومذهب الامامية بالذات ، وموقف الاسرة منها ، وموقف المؤلّف بالذات.

التشيّع في المغرب :

من الطبيعي أن تنعكس آثار الخلافات المذهبية في الشرق على المغرب فلا بدّ أن يكون لكل مذهب موضع قدم في المغرب تختلف نسبة المعتقدين بذلك المذهب من منطقة الى اخرى.

والتشيّع - بالذات - كان معروفا في المغرب منذ عام 145 ه- وفي عصر المؤلّف كانت بلاد من المغرب معروفة بالتشيّع ك- « ماجنة » و « الأدبس » و « نقطة ».

يقول ابن خلدون ( ت / 808 ه- ) عن بطون البربر : « ولصنهاجة ولاية لعلي

ص: 32


1- شرح الأخبار : ص 14 و 62 و 65.

بن أبي طالب ، كما أن لمعراوة ولاية لعثمان بن عفّان إنّا لا نعرف سبب هذه الولاية ولا أصلها » (1).

ولا بدّ أن هجرة المهاجرين كان السبب الأول في تكوّن هذه الولاية وإن لم نعرف تفاصيلها ، إذ أن كلّ مهاجر يحمل معه جميع انطباعاته وميوله وعقائده ويبثها في المجتمع الجديد.

ويصف المؤلّف التشيّع في المغرب بقوله : « ... قدم الى المغرب في سنة 145 رجلان من المشرق ، قيل إن أبا عبد اللّه جعفر بن محمد [ الصادق ] صلوات اللّه عليه بعثهما.

[ احدهما : سفيان ] وكان أهل تلك النواحي يأتونه ويسمعون فضائل أهل البيت منه ويأخذونها عنه ، فمن قبله تشيّع من تشيع من أهل مرماجنة وهي دار شيعية ، وكان سبب تشيّعهم ، وكذلك أهل الادبس ويقال إنه كان - أيضا - سبب تشيّع اهل نقطة ...

[ وثانيهما : الحلواني ] وصل الى سوجمار فنزل منه موضعا يقال له الناظور فبنى مسجدا وتزوج امرأة واشترى عبدا وأمة ، وكان في العبادة والفضل علما في موضعه ، فاشتهر به ذكره ، وخرجت الناس من القبائل إليه وتشيّع كثير منهم على يده من كتامة ونقزة وسمانة ... » (2).

وأيضا نشر الدعوة الى التشيّع الحسين بن أحمد الكوفي المعروف بأبي عبد اللّه الشيعي ( ت / 298 ه- ) الذي نزل على عشيرة كتامة المغربية التي وصفها ابن خلدون ( ت / 808 ه- ) بأنها « من قبائل البربر بالمغرب واشدّهم بأسا وقوّة وأطولهم باعا في الملك » (3).

ص: 33


1- تاريخ ابن خلدون : 6 / 311.
2- افتتاح الدعوة : ص 29.
3- تاريخ ابن خلدون : 6 / 301.

وعنه يقول المؤلّف : « لمّا قدم أبو عبد اللّه [ الشيعي ] من اليمن قبل افريقية أظهر أمره بكتامة أنه صنعاني ، وكان يدعى عليه على منابر بني الأغلب ، كذلك يقال : « اللّهمّ إن كان هذا الكافر الصنعاني قد استشرى شرّه ... » (1).

فالتشيّع في المغرب كان ظاهرا بارزا قبل الفاطميّين حتى اعتبره المناءون شرّا استشرى.

المذهب الامامي :

إن كون الداعية أبي عبد اللّه الشيعي كوفيّا قد يعبّر عن مذهب الرجل وكونه إماميا شأنه شأن أغلب أهل الكوفة.

وبالرغم من الغموض الشديد لتاريخ الشيعة في هذا الدور نجد المؤلّف يشير الى وجود أتباع للمذهب الامامي في المغرب.

فقد روى النعمان رواية عن عبد الرحمن بن بكار الأقرع القيرواني رواها عن الامام موسى بن جعفر علیه السلام - سابع أئمة الشيعة - ورواية محمد بن حميد القيرواني الذي وصفه المؤلّف بقوله : « وكان شيعيا » (2) ممّا يظهر كونهما إماميّين.

ونقل رواية الأقرع بطولها : « ... قال : حججت فدخلت المدينة فأتيت مسجد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فرأيت الناس مجتمعين على مالك بن أنس يسألونه ويفتيهم فقعدت عنده فاتي برجل وسيم حاضر في المسجد حوله حفدة [؟ ] يدفعون الناس عنه ، فقلت لبعض من حوله : من هذا؟ فقالوا موسى بن جعفر. فتركت مالكا ، وتبعته ولم أزل أتلطف حتى لصقت به فقلت : يا ابن رسول اللّه إني رجل من أهل المغرب من شيعتكم ممّن يدين اللّه بولايتكم ،

ص: 34


1- افتتاح الدعوة : ص 33.
2- شرح الاخبار : 14 / 77.

قال : إليك عنّي يا رجل فإنه قد وكّل بنا حفظة أخافهم عليك ... » (1).

وهذه الرواية تدلّ بوضوح أن في عصر الإمام الكاظم علیه السلام ( ت / 183 ه- ) كانت له شيعة من أهل المغرب ممّن يدين اللّه بولايته ، قصد الامام بالرغم من الرقابة على الامام وأتباعه. وطبيعي أن لا نعثر على ترجمة هذا القيرواني وأمثاله الذين لا بدّ وأن أقل نجمهم باستيلاء الاسماعيليّين على الحكم في المغرب.

فإذا صحّ القول بأن المؤلّف استخدم التقية ، يجوز القول بأن في روايته لهذه الرواية في كتابه ترك آثار التقية ، إذ كيف يصحّ لإسماعيلي أن يذكر منقبة أو ما يشعر بفضيلة للامام الكاظم علیه السلام وهو لا يؤمن بإمامته ، فالمؤلّف لم يظهر الاعتقاد به ، وفي نفس الوقت أثبت ما ربما يدلّ على هذا الاعتقاد ، وترك « الحرف الذي يدلّ على الولاية » (2) كما فعل غيره من أصحاب التقية.

موقف اسرة المؤلّف :

واسرة المؤلّف لم تقف متفرّجة على المذاهب المختلفة الواردة من الشرق دون أن تتخذ لها موقفا واضحا منها ، وخاصّة والد المؤلّف الذي كان معمّرا وصاحب تجربة طويلة في الحياة ومطّلعا على الأخبار الكثيرة التي حفظها منذ صغره وهو في الرابعة من العمر حتى وفاته عام 351 ه- (3).

وقد تقدم ما استظهرناه في ترجمته من قول الخشني : « وكان مدنيّا صحب ابن سحنون فتشرّق فكان لذلك مستترا » (4).

ص: 35


1- شرح الأخبار : 14 / 65.
2- مقدمة الهمّة : ص 33.
3- وفيات الأعيان : 5 : 416.
4- هامش المجالس ص 6 عن طبقات علماء افريقية : ص 223.

وسحنون هو صاحب المدونة المتوفّى سنة 240 ه- ، فلا بدّ وأن تكون كلمة فتشرّق تصحيف عن كلمة فتشيّع ، اذا لا معنى لتشرّقه ، والمفروض أنه جاء من المدينة فهو شرقي بالاصالة ، أضف الى ذلك أن معنى العبارة لا تستقيم ، فإن التشرّق لا يمكن أن يكون سببا للتستّر ، فإن الاستتار إنما يكون لسبب معقول ، وطبيعي أن يتستّر لسبب تشيّعه خوفا من الظالمين ، ( أو ) أن كلمة التشرّق كانت تعني التشيّع عند أهل المغرب آنذاك فلا يكون تستّره إلا لتشيّعه.

موقف المؤلّف :

اشارة

والمؤلّف الذي يعتبر شاهد عيان لأحداث مصيرية حدثت في القيادات الفاطمية وما يتعلّق بها نراه قد التزم الصمت تجاهها ، وهال على المنتصر بالمدح فمن غير المعقول أنه لم يقف على الحقيقة ، فلا بدّ وأنه فضّل السلامة بالتزام التقية - وهو المعارف بأساليبها - فإن من الثابت تأريخيا أن الدعوة انتشرت بسواعد أبي عبد اللّه الشيعي الكوفي الأصل الذي سرعان ما اغتيل من قبل أول الخلفاء الفاطميّين - المهدي السلمي الأصل - ممّا يدلّ على الانشقاق الذي حصل في القيادة في أيامها الأولى.

وبالرغم من طبيعة التستّر على المعتقدات الاسماعيلية يمكن تلخيص معتقداتهم في ثلاث نقاط :

1 - الخلاف في الامامة :

من المصطلحات الاسماعيلية : الامامة المستقرّة والمستودعة ، ويعنى بالمستودعة أن القائم بها ليس مستحقا للامامة بالنسب وأنما يتقلّدها لضرورة تفرضها الظروف السياسية ويتسلّمها موقّتا كي يسلّمها بدوره الى صاحبها الحقيقي المعبّر عنه بالامام المستقر ، وقد حصل ذلك في فترات في الامامة

ص: 36

الاسماعيلية في عهد ميمون بن داود القداح ( ت / 180 ه- ) والمهدي أيضا - كما يظهر من قوله : « صاحب هذا الأمر [ الامامة ] في هذا الوقت حمل في بطن امّه وعن قريب يولد » -.

وأوضح المعزّ هذا الكلام بقوله : « وكان المنصور [ ثاني الخلفاء الفاطميّين ] حملا في ذلك الوقت ، وكان عند المهدي حمل فولد المنصور وولد أبو الحسن للمهدي » (1).

ويظهر بوضوح أن المهدي اعترف بأنه لم يكن الامام المستقر ، ولوّح في نفس الوقت بأن الامام المستقر هو المنصور الذي كان حملا آنذاك ، وهنا نقطة الخلاف ، إذا كيف يقرّ المهدي بالامامة للحمل ولا يقرّها لأبيه وهو القائم ( المتوفّى سنة 334 ه- ) ولا لعمّه ( المتوفّى سنة 382 ه- ) ، فإن كون الامامة بالنسب يقتضي ذلك. وكانت مسألة النسب واضحة بحيث لا يمكن أن ينكرها المهدي. وبعد وفاة المهدى أعلنت زوجته أمّ الحسن مصرّحة : « واللّه لقد خرج هذا الأمر [ الامامة ] من هذا القصر - تعني قصر المهدي باللّه - فلا يعود إليه أبدا ، وصار الى ذلك القصر - تعني قصر القائم بأمر اللّه - فلا يزال في ذرية صاحبه ما بقيت الدنيا » (2).

وأصرّت أمّ الحسن على موقفها بالرغم من اتّهام المعارضة إيّاها بالتخليط لكثرة العمر قائلة : « أما الكثرة فنعم ، وأما التخليط فلا ، واللّه ما أنا بمخلطة » (3).

فالمهدي ببعد نظره السياسي قد تمكّن من إسكات المعارضة المتمثلة في القائم وذلك بالاقرار بالإمامة المستقرة في الحمل وإبقاء السلطة السياسية في يده ، ولم يجد القائم بدّا من الرضوخ الى هذا القرار ، ولعلّ زوجة المهدي سلكت

ص: 37


1- المجالس : ص 543.
2- المجالس : ص 543.
3- المجالس : ص 543.

نفس الموقف حينما آل الحكم الى القائم لنفس السبب ، فأجواء التقية الخانقة خيّمت على هذا الجوّ المريب وزاده المؤلّف ريبة بإهماله اعطاء التفاصيل الكافية.

2 - الشكّ في المهدي :

نقل المؤلّف رأي المعارضة للمهدي بروايته لقول هارون بن يونس « إنّا قد شككنا في أمرك ، فأتنا بآية إن كنت المهدي » ولم يأت المهدي بجواب مقنع لهم واكتفى بالقول : « إنكم كنتم أيقنتم واليقين لا يزيله الشك » (1).

وبقى هذا الشكّ حتى اليوم ، فقد قال مصطفى غالب : « اختلف العلماء والمؤرّخون في نسب عبيد اللّه اختلافا كثيرا فأيّد جماعة صحّة نسبه الى إسماعيل ... وذهب آخرون الى القول بأنه من سلالة موسى الكاظم ... وطائفة قالت إنه من الائمة الاثنى عشرية أو الموسوية وطائفة نسبته الى إسماعيل بن جعفر الصادق - وهم الاسماعيلية - » (2).

والمعارضة تنسبه الى عبد اللّه بن ميمون القداح الداعي الاسماعيلي الذي كان مولى بني مخزوم (3).

ومرّة اخرى نرى أن المؤلّف يمرّ على هذه المسألة مرور الكرام.

3 - الخلاف الشخصي :

ويحاول المؤلّف النعمان أن يظهر أن المعارضة نبعت من خلاف شخصي ولا صلة لها بالعقيدة ، وعقد بابا بعنوان « أخبار المنافقين على المهدي » وذكر

ص: 38


1- افتتاح الدعوة : ص 311 و 315.
2- أعلام الاسماعيلية : ص 348.
3- رجال الطوسي : ص 135.

بتفصيل أن أبا العبّاس طمع في الرئاسة فأوغر صدر أخيه أبي عبد اللّه الشيعي على المهدي ، وممّا يقول : « ... ولما اجتمع [ أبو العبّاس ] مع أبي عبد اللّه [ الشيعي ] أحدث نفاقا واستفسد رجال الدولة بعد أن صار المهدي الى افريقية ، ووسوس الى أخيه أبي عبد اللّه واستفسده ، وأراد أن يكون الأمر والنهي والإصدار والإيراد لهما دون المهدي ، وأن يكون المهدي كالمولّى عليه » (1).

وعن دور المهدي في التجسّس عليهما يقول : « وكان ممّن خالطهم واعتصم بحبل المهدي ، وكان يأتي بأخبارهم إليه غزوية بن يوسف ، فقدمه المهدي على من استعبد من العبيد وجمع إليه من سلم من النفاق من المؤمنين ، واستعدّوا للمنافقين على كثرتهم وقلّة عدد المؤمنين » (2).

وعن وجهة نظر المعارضة ينقل عن أبي عبد اللّه الشيعي قوله للمهدي : « يا مولانا إن كتامة قوم قد قوّمتهم بتقويم وأحريتهم على ترتيب وتعليم ، وتمّ لي منهم بذلك ما أردت وبلغت بذلك منهم ما قصدت ، وهذا الذي فعلته أنت بهم من إعطائهم الأموال وتوليتهم الأعمال وما أمرتهم به من اللباس والحلي فساد لهم » (3).

وعن تصفية المعارضة يقول : « وخرج أبو عبد اللّه وأبو العبّاس يوما يريدان قصر المهدي على عادتهما فحمل غزوية بن يوسف على أبي عبد اللّه وحبر بن نماشت على أبي العبّاس فيما بين القصر ، وكان قتلهما يوم الاثنين ضاحية النهار يوم النصف من جمادى الاخرى 298 ه ... وأمر المهدي بدفنهما في الجبان وترحّم على أبي عبد اللّه وذكره بخير ولعن أبا العبّاس وقال فيه

ص: 39


1- شرح الأخبار : ص 15 - 34.
2- افتتاح الدعوة : ص 316.
3- افتتاح الدعوة : ص 308.

سوء » (1).

وهذه المعلومات التي تتصف بشيء من التفصيل لا يتصوّر المعارضة على أنها نابعة من خلاف شخصي مع أن استنادها الى خلاف عقائدي أولى.

وخاصة اذا لاحظنا أن الحسين بن أحمد - أبي عبد اللّه الشيعي - كان كوفيّا ، والغالب فيها التشيّع الإمامي ، وأن عبيد اللّه المهدي كان من السلمية ، والغالب فيها التشيّع الاسماعيلي. وأن تصفية المعارضة بالاغتيال خصّيصة إسماعيلية معروفة في التاريخ.

وبالرغم من محاولة المؤلّف تبرئة المهدي من هذه الحادثة ، فإنه يبقى السؤال : كيف أمر المهدي بالاغتيال قبل أن يحاجج المعارضة على الاسلوب الذي كان يسلكه الإمام علي علیه السلام مع الخوارج؟ وكيف قتل الشيعي وأخيه من دون أن يباشرا أية جريمة؟ ( وأيضا ) إن لم يكن ترحّم المهدي على أبي عبد اللّه ترحّما سياسيا فلما ذا لم يؤدّ الفروض الدينية في الصلاة عليه قبل دفنه؟

ومن هنا يظهر بوضوح أن دور المهدي لم يكن إلا دورا سياسيا محضا ، وأن أبي عبد اللّه الشيعي قد وقف على هذه الحقيقة فخشي المهدي على سلطانه فقضى عليه قبل أن يثور عليه الشيعي ، والمهدي عارف بمدى شجاعته وقدرته ، حيث إنه هو الذي أنقذ المهدي من السجن وساعده حتى وصل الى ما وصل إليه. وكان الشيعي ينظر الى الحكم كوسيلة للعمل لا كهدف اسمى ، وهذا ما لم يجده في حكومة المهدي بل وجد العكس فيها.

وعليه فاحتمال التقيّة بحق المؤلّف الذي علم بهذا النوع من الاغتيال أمر طبيعي ، ويشهد له الخضوع المطلق الذي يبديه المؤلّف للخلفاء في كلّ لفظة

ص: 40


1- افتتاح الدعوة : ص 316.

يقولها أو كلمة يكتبها ، وربما كان علمه بالتفاصيل دعاه الى هذا الخضوع المطلق حتى يؤمن على حياته من الاغتيال.

فالوجوه الآنفة توحي بأن المؤلّف كان من اسرة شيعية إمامية المذهب ، وأنه تعاطف مع الفاطميّين فكتب لهم ما يرغبون إشاعته في المجتمع ، ولم يتعدّ رغباتهم قيد أنملة ، وأنه قد أفرط في الاحتماء بالتقية التي كان يعيها بأساليبها وعيا كاملا كما يظهر من مقدمة كتابه « الهمّة » فقد وقف على كتاب كتب لأحد الملوك فاستحسنه غاية الاستحسان « وعلى حرف من ذلك الكتاب دلّ على أن مؤلّفه كان من أهل الولاية وأنه كان مكرها مجبورا في صحبة من صحبه من ملوك الأرض » (1).

والمؤلّف النعمان ترك حروفا في كتبه تدلّ على ذلك.

مؤلّفاته :

اشارة

لم يقتصر نشاط المؤلّف الفكري على جانب واحد ، بل ساهم في مختلف فروع المعرفة التي أغنت المكتبة الفاطمية من الفقه والعقيدة والتأويل والتأريخ والوعظ.

قال ابن زولاق ( ت / 387 ه- ) : « ألف لأهل البيت من الكتب آلاف الأوراق بأحسن تأليف وأملح سجع » (2).

وزاد مصطفى غالب الاسماعيلي المعاصر : « وتمتاز مؤلّفات القاضي النعمان بعدم الإغراق والتأويل التي تتسم به كتب الدعاة الاسماعيلية التي وضعوها في أدوار الستر » (3).

ص: 41


1- الهمّة : ص 33.
2- وفيات الأعيان : 5 / 416.
3- أعلام الاسماعيلية : ص 594.

وقد استقصى المستشرق ايفانوف له 45 كتابا ورسالة من دون اشارة الى أماكن وجودها في كتابه « دليل الأدب الاسماعيلي » ص 37 - 40.

وذكر الكاتب الاسماعيلي پونا والا 62 كتابا من تأليفات النعمان في كتابه « مصادر الأدب الاسماعيلي » ص 51 - 68. ونحن نذكر في الثبت التالي ما ذكراه مقتصرين على الكتب المطبوعة والمذكورة أماكن وجودها في المكتبات مع مراعات الملاحظات التالية.

فنذكر أولا تاريخ النسخة بالتاريخ الهجري ، ثم اسم المكتبة ، ثم رقم النسخة - إن وجدت - وبعد ذلك رمز المصدر الذي نقلنا وصف النسخة عنه وهي :

م : المكتبة.

سزكين : تاريخ المصادر العربية لفؤاد سزكين / لندن 1967 م.

پونا : مصادر الادب الاسماعيلي تأليف اسماعيل پونا والا / كاليفورنيا 1977 م ، ويمتاز هذا الفهرس بالاشارة الى مكتبات اسماعيلية خاصة في الهند.

المعهد : فهرس المخطوطات العربية في مكتبة معهد الدراسات الاسماعيلية ، تأليف آدم غسك ، المجلّد الأول / لندن 1984 م.

وإليك مؤلّفاته حسب حروف التهجّي.

1 - الأخبار :

عدّه ابن خلكان ( ت / 681 ه- ) من مؤلّفات النعمان ، وقال عنه المؤلّف في كتابه « الاقتصار » : « ثم جرّدت منه [ الايضاح ] كتاب الأخبار ، أخبرت فيه عمّا أجمع الرواة عليه واختلفوا فيه من اصول الفتيا ، وقرّبت معانيه بطرح عامّة الفروع والأسانيد والحجج ، فاجتمع نحو ثلاثمائة ورقة (1).

فما ذكره شيخنا العلاّمة ( ت / 1389 ه- ) في الذريعة من أنه مختصر

ص: 42


1- الاقتصار : ص 10.

الدعائم ، إنما هو مجرّد ظنّ. وأضاف شيخنا العلاّمة - رحمه اللّه - : « وهذا الكتاب اختصره العلاّمة الكراجكي ( ت / 449 ه- ) وسمّاه « الاختيار من الأخبار » ... وفي فهرس الكراجكي أن كتاب الأخبار هذا يجري مجرى اختصار الدعائم ، وعليه فاختيار الكراجكي منه اختصار لاختصاره » (1).

ولم تقف يد التتبّع على نسخة من اختصار الكراجكي ، ووصفه الكاتب پونا والا بأنه : « في سبعة فصول هي الطهارة والوضوء [ ؟ ] ، والصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحجّ ، والحجّ ، والجهاد » (2).

وذكر من نسخه : ما بتاريخ 1310 ه- في مكتبة الوكيلي بالهند ، وبتاريخ 1311 ه- في م - كيخا والا بالهند ، وبتاريخ 1320 ه- في م - قربان حسين بالهند - المجلّد الأول فقط.

2 - اختلاف اصول المذاهب :

ذكرة المؤلّف في مواضع من كتبه منها ص 51 من هذا الكتاب. واشار إليه كلّ من ابن شهر اشوب ( ت / 588 ه- ) وابن خلكان ( ت / 681 ه- ) واليافعي ( ت / 768 ه- ) ووصفه بأنه « ينتصر فيه لأهل البيت » ، وابن حجر ( ت / 852 ه- ) وقال : « يردّ فيه على الائمة الأطهار وينتصر للإسماعيلية » (3).

ووصفه مجدوع الاسماعيلي ( ق / 12 ه- ) بقوله : « ... وأول ذكره ذكر علّة الاختلاف في حجّة قول المخالفين ... وهو كتاب عجيب بليغ كاف فيما بنى عليه ، استوعب فيه دلائل كلّ منهم ، وذكر جميع ما قالوه في دعواهم جملة ، ثمّ الردّ عليهم في ذلك تفصيلا » (4).

ص: 43


1- الذريعة : 1 / 310.
2- مصادر الأدب الاسماعيلي : ص 53.
3- لسان الميزان : 6 / 167.
4- فهرس مجدوع : ص 97.

وقد أصاب شيخنا العلاّمة - رحمه اللّه - في كون المراد به كتاب اختلاف الفقهاء الذي ذكره ابن خلكان (1).

وقد طبع هذا الكتاب بتحقيق الكاتب الاسماعيلي مصطفى غالب في بيروت عام 1393 ه- / 1913 م اعتمادا على نسخة غير مؤرخة بخط محمد مباركبوري من الجمعية الاسماعيلية في باكستان برقم 490 ، وأخرى بتاريخ 323 ه- بخط الشيخ حسن علي البدخشاني في 135 صفحة.

( نسخ الكتاب ) : نسخة بتاريخ 1209 في م - المعهد الاسماعيلي بلندن برقم 256 في 357 صفحة ، واخرى بتاريخ 1279 ه- في م - قيوم ، واخرى بتاريخ 1283 ه- في م - قربان (2).

3 - الارجوزة المختارة :

قال مجدوع تحت عنوان « القصيدة المختارة » : إنها في الاحتجاجات في إثبات حقّ أمير المؤمنين وأولاده وتسلسل الامامة فيهم واحدا بعد واحد الى الامام المهدي (3).

وقال شيخنا العلاّمة : « إنها في العقائد وانها غير المنتخبة » (4).

ووصفها پونا والا بأنها في العقائد وأنه حقّقها على سبع نسخ وطبع في كندا في 1970 م - ولم أقف على النسخة بعد -.

ومن نسخ الكتاب : نسخة بتاريخ 1231 في م - قيوم ، ونسختان بتاريخ 1292 في م - الوكيلي.

ص: 44


1- الذريعة : 1 / 360.
2- فهرس پونا والا.
3- الفهرس : ص 82.
4- الذريعة : 17 / 29.
4 - أساس التأويل :

وصفه مجدوع بقوله : « والموجود كتاب الولاية الذي جمع فيه تأويل ما أتى في ظاهر قصص الأنبياء ممّن وردت أسماؤهم في كتاب اللّه الحميد الى ذكر وصيّ نبيّنا محمد صلی اللّه علیه و آله وقتاله لأهل البصرة وفيه من الفوائد والمعارف » (1).

وقد طبع بتحقيق الكاتب الاسماعيلي عارف تامر ببيروت سنة 1960 م اعتمادا على نسختين إحداهما في السلمية والاخرى في افريقيا وذلك في 419 صفحة.

( نسخ الكتاب ) : منها نسخة بتاريخ سنه 1157 في م - فيضي ، واخرى بتاريخ 1262 ه- ، وأيضا بتاريخ 1347 ه- [ كما في سزكين ] ، واخرى بتاريخ 1228 في م - قيوم ، واخرى بتاريخ 1325 في م - الوكيلي ، واخرى بتاريخ 1329 في كيخا [ كما في فهرس پونا ] وهناك نسخ غير مؤرخة في جامعة لندن برقم 25734 ، والقاهرة برقم 24346 [ سزكين ].

5 - افتتاح الدعوة وإنشاء الدولة :

ألّفه ستة 346 ه- ، ذكره ابن شهر اشوب ( ت / 88 ه- ) بعنوان : الدولة (2) ، وابن خلكان ( ت / 681 ه- ) بعنوان « ابتداء الدعوة للعبيديّين » (3) ، وتبعه شيخنا العلاّمة (4) [ الذريعة 1 - 601 ] ، ووصفه مجدوع بقوله : « في ذكر أمر الدعوة بأرض المغرب إلى المهدي ، بدأ فيه بذكر ابتداء الدعوة باليمن ، والقائم

ص: 45


1- فهرس مجدوع : ص 134.
2- معالم العلماء : ص 126.
3- وفيات الأعيان : 5 / 416.
4- الذريعة : 1 / 601.

[ بها ] وهو أبو القاسم الحسن بن فرج بن حوشب الكوفي من أولاد مسلم بن عقيل بن أبي طالب علیه السلام » (1).

وقد طبع الكتاب أولا بتحقيق وداد القاضي ببيروت 1970 بعنوان « رسالة افتتاح الدعوة » وثانيا بتحقيق فرحات الدشراوي في تونس سنة 1975 م بعنوان « كتاب افتتاح الدعوة ».

( نسخ الكتاب ) : منها نسخة بتاريخ 1228 ه- في م - قيوم ، وبتاريخ 1277 و 1292 ه- في م - كيخا ، و 1262 و 1317 و 1326 في م - قربان ، و 1315 في م - الهمدانيّة متحف دار الكتب ، ونسخة غير مؤرخة في م - العهد الاسماعيلي / لندن برقم 79 ، ونسخة مؤرخة 1350 ه- برقم 254 ونسختان غير مؤرختان (2).

6 - الاقتصار :

ذكره ابن خلكان ( ت / 681 ه- ) وقد وصفه المؤلّف قائلا : « ثم رأيت وباللّه توفيقي أن أقتصر على الثابت ممّا أجمعوا عليه واختلفوا فيه بمجمل من القول لتقريبه وتخفيفه وتسهيله ، فجمعت ذلك في هذا الكتاب وسمّيته الاقتصار وفيه إن شاء اللّه لمن اقتصر عليه كفاية » (3).

وقد طبع هذا الكتاب بتحقيق محمد وحيد ميرزا بدمشق عام 1957 م ضمن منشورات المعهد الفرنسي للدراسات العربية اعتمادا على ثلاث نسخ بتواريخ 1079 و 1256 و 1323.

( نسخ الكتاب ) : نسخ بتواريخ 1304 و 1267 و 1312 و 1338 في م - كيخا ، وبتاريخ 1328 في م - نجم الدين ، وبتاريخ 1255 و 1267 في م -

ص: 46


1- الفهرس : ص 67.
2- فهرس المعهد.
3- الاقتصار : ص 10.

قيوم ، وبتاريخ 1346 في م - قربان ، وبتواريخ 1357 و 1323 في م - الوكيلي [ كما في فهرس پونا ] وبتاريخ 1327 ه- في م - المعهد الاسماعيلي / لندن برقم 856 ، واخرى بتاريخ 1328 ه- برقم 257 ، وبتاريخ 1330 ه- برقم 715 بخط عبد الرسول بن حبيب كل بن ملا [ كما في فهرس المعهد ].

7 - الايضاح :

أشار إليه المؤلّف في مواضع ، منها ص 81 وذكره ابن شهر اشوب ( ت / 588 ه- ) ووصفه المؤلّف في مقدّمة الاقتصار بقوله : « فرأيت جمعه [ ما أجمع عليه رواة أهل البيت ] وتصنيفه وبسطه وتأليفه على ما أدّته الرواة في كتاب سمّيته الايضاح ، اوضحت فيه مسائله [ الفقه ] وبسطت أبوابه وذكرت ما أجمعوا عليه وما اختلفوا فيه على ما أدّاه الرواة إلينا لم أعدّ قولهم وثبّت الثابت من ذلك بالدلائل والبراهين فبلغ زهاء ثلاثة آلاف ورقة » (1).

قال پونا والا : « إنه في 120 جزء وإنه مفقود تماما ما عدى قطعة صغيرة في فضل الصلاة ، وإنه ألّفها في عهد الخليفة الفاطمي القائم ، وإنه أشار الى هذا في قصيدته « الارجوزة المنتخبة » بقوله :

وكنت قد جمعت عن آبائه *** في الفقه ما أوعيت في استقصائه (2)

( نسخ الكتاب ) : نسخة مؤرخة 1284 ه- في م - الهمدانية في 225 ومؤرخة 1312 في توبنجين بألمانيا [ كما في فهرس پونا ] وذكر پونا والا في ص 68 نسخة من مسائل فقهية ممّا اختصره ابن كامل من الايضاح ومن مسائل الخطاب بن وسيم في مكتبة الوكيلي بالهند بتاريخ 1317 ه.

ص: 47


1- الاقتصار : ص 10 ، وراجع فهرس مجدوع : ص 33.
2- الفهرست : ص 52.
8 - تأويل الشريعة :

ذكر مجدوع الاسماعيلي هذا الكتاب بدون ذكر مؤلّفه وأوله : « عن الامام المعز لدين اللّه فيه رشد المسترشد ونجاة المستعبد ... ويشبه هذا الكتاب في شأنه ومعانيه كتاب الروضة وهو صغير بجمعه مقدار ستة عشر ورقة » (1).

وفي فهرس المعهد الاسماعيلي بلندن : إنه تأليف أبي تميم معد المعز لدين اللّه ( ت / 365 ه- ) وأول النسخة : « الحمد لله الذي لم يسبقه علّة فيكون مولودا ولم يحط به حسّ ولا عقل فيكون موجودا ... كتاب يشتمل على تأويل الشريعة وحقائقها عن الامام المعز لدين اللّه ... » (2).

ويظهر أن النسخة من تأليف النعمان ، أو قطعة مستلّة من مؤلّفاته حيث جاء النقل عن المعز في بداية الكتاب وهي عادة اتخذها النعمان لنفسه ، ولم يكتب إلا بأمر المعز ، ولم ينقل إلا ما وافق عليه ، أمّا لأيّ سبب كان هذا الانقياد المطلق؟ ، فهو لأن الاسماعيلية يعتقدون بأن علم المؤلّف نابع من الينبوع ويعنون بذلك المعز المذكور أبي تميم الخليفة الفاطمي الرابع ( ت / 365 ه- ).

( نسخ الكتاب ) : منها مؤرخة سنة 1352 ه- في م - كيخا ، ومؤرخة 1038 في م - قيوم ، وسنة 1297 و 1329 و 1333 في م - الوكيلي ، ونسخة بخطّ الداعي 34 في م - الدعوة بسورت بالهند [ كما في فهرس پونا ] ومن النسخ المنسوبة الى المعز مؤرخة بتاريخ 1264 في المعهد الاسماعيلي بلندن بخط جيوا بن ملا فيض اللّه برقم 670 ، وأيضا بتاريخ 1384 بخط طاهر بن ميان صاحب ، واخرى غير مؤرخة برقم 733 [ كما في فهرس المعهد ].

ص: 48


1- فهرس مجدوع : ص 139.
2- فهرس المعهد : 1 / 129.
9 - تربية المؤمنين بالتوقيف على حدود باطن الدين ( تأويل الدعائم ) :

وقد ألّفه النعمان في تأويل كتابه الشهير « دعائم الاسلام » ، قال مجدوع : « وسمّي به لأنه أتى في هذا الكتاب بتأويل ما في ذلك الكتاب عن ظاهر دعائم الاسلام صنّفه بعد كتابه الموسوم بأساس التأويل بأقل درجة منه في وجوه التأويل » (1).

وجاء الاسم الكامل في نسخة مؤرخة بسنة 1275 في م - المعهد الاسماعيلي بلندن برقم 18 ، وقد طبع بتحقيق محمد حسن الاعظمي اعتمادا على مخطوطات خمس في القاهرة في ثلاثة أجزاء عام 1967 م.

( نسخ الكتاب ) : منها نسخة مؤرخة 1326 ه- في م - كيخا وهي ناقصة ، واخرى بتاريخ 1311 في م - الوكيلي [ كما في فهرس پونا ] ، واخرى بتاريخ 1275 في م - المعهد الاسماعيلي بلندن برقم 18 ، وأيضا بتاريخ 1357 برقم 274 وبتاريخ 1252 برقم 557 بخط إبراهيم بن ملاّ لقمان ، وأيضا بتاريخ 1280 برقم 558 [ كما في فهرس المعهد ] وعدّة نسخ غير مؤرخة في مكتبات متفرقة.

10 - تقويم الأحكام :

ذكره پونا والا ، وذكر له عدّة نسخ ، والمؤرخة منها في المكتبات الخاصّة الاسماعيلية بالهند هي : بتاريخ 1083 ، في م - قيوم ، وبتاريخ 1120 في م - قربان ، وبتاريخ 1311 في م - الوكيلي ، ونسخة الفيضي برقم 216 ، ونسخة بدار الكتب المصرية برقم 105 مصورة عن اليمن.

وأظنّه قطعة مستلّة من مؤلّفاته الاخرى.

ص: 49


1- فهرس مجدوع : ص 135.
11 - التوحيد :

نقل مجدوع عن المؤلّف في المقدمة قوله : « إن هذا الكتاب على ما قدمت ذكره في إثبات حقيقة توحيد اللّه ونفي التشبيه والصفات عنه لا شريك له بما جاء في ذلك من اللفظ [ كذا ] وغامض المعاني بمبلغ علمي ، وعرضت ذلك بعد أن جمعته على إمام الزمان الذي أمر بجمعه فنقّحه وصحّحه وأمرني بنشره وابتدأت فيه بذكر خطبة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب تعرف بالوحيدة وهي قوله : الحمد لله القديم الدائم الحيّ الأحد الصمد الذي لم يزل أولا بلا توهم غاية ... » (1).

والظاهر أن هذا هو الذي سمّاه ايفانوف : إثبات الحقائق في معرفة توحيد الخالق. [ الدليل الى الأدب الاسماعيلي - 39 رقم 75 ].

( نسخ الكتاب ) : منها مؤرخة بسنة 1378 في م - قيوم ، وسنة 1310 في م - بتنبورغ / ألمانيا [ كما في فهرس پونا ] ، وسنة 1260 في م - فيض / بمبئي برقم 47 في 153 ورقة ، ونسخة غير مؤرخة في م - برلين الغربية برقم 2958 [ كما في سزكين ].

12 - دعائم الاسلام في مسائل الحلال والحرام والقضايا والأحكام :

وهو من أشهر مؤلّفات القاضي النعمان الفقهية ، ألّفه باسلوب جيّد في الفقه ، حيث جعله في سبعة دعائم هي الولاية والطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحجّ والجهاد ، مع أن الولاية ليست من الأبواب الفقهية وذلك استنادا الى حديث الدعائم السبع المروي عن الامام الصادق علیه السلام ،

ص: 50


1- فهرس مجدوع : ص 111.

واهتمّ كلّ من الاسماعيلية والامامية بهذا الكتاب وإن كان عناية الاسماعيلية به أشد.

قال مجدوع : « هو آخر كلّ [ كذا ] كتاب صنّفه في علم الفقه وأجمعه للآثار والفقه والأخبار » (1).

وقال مصطفى غالب : « أهم كتاب خالد للنعمان » (2).

وعن الداعي إدريس القرشي ( ت / 872 ه- ) في سبب تأليف الكتاب أنه « حضر القاضي النعمان بن محمد وجماعة من الدعاة عند أمير المؤمنين المعز لدين اللّه فذكروا الأقاويل التي اخترعت والمذاهب والآراء التي افترقت بها فرق الاسلام وما اجتمعت ، وما أتت به علماؤها وابتدعت ... ثم ذكر لهم المعز لدين اللّه : اذا ظهرت البدع في أمّتي فليظهر العالم علمه وإلا فعليه لعنة اللّه. ونظر الى القاضي النعمان بن محمد فقال : أنت المعنيّ بذلك في هذا الأوان يا نعمان ، ثم أمره بتأليف كتاب الدعائم وأصّل له اصوله وفرّع له فروعه وأخبره بصحيح الروايات عن الطاهرين من آبائه عن رسول اللّه ... فأتمّ القاضي النعمان بن محمد تأليف هذا الكتاب على ما وصفه له أمير المؤمنين وأصّله ، وكان يعرض عليه فصلا فصلا وبابا بابا فيثبت منه ويقيم الأود ويسدّ الخلل حتى أتمه فجاء كتابا جامعا مختصرا غاية الأحكام » (3).

ولم يكتف الخلفاء الفاطميّون بتجليل هذا الكتاب ومدحه بل - كما يحكي حاجي خليفة ( ت / 1067 ه- ) - « في عام 416 ه- أمر الظاهر فأخرج من بمصر من الفقهاء المالكيّين وأمر الدعاة والوعّاظ أن يعظوا من كتاب دعائم الاسلام

ص: 51


1- فهرس مجدوع : ص 34.
2- أعلام الاسماعيلية : ص 594.
3- عن عيون الأخبار ، راجع فهرس مجدوع : ص 18.

وجعل لمن يحفظه مالا ... » (1).

والامامية تروي هذا الكتاب برواية تختلف اختلافا فاحشا عن الرواية الاسماعيلية ، وخاصّة فيما يتعلّق بالعقيدة والمذهب ، كما تقدم في عقيدة المؤلّف ص 11 ، ويراجع المستدرك ج 3 ص 322.

وقال العلاّمة المجلسي ( ت / 1111 ه- ) الذي يعتبر أول من ساند هذا الكتاب ، قال عنه : « قد كان أكثر أهل عصرنا يتوهّمون أنه تأليف الصدوق ، وقد ظهر لنا أنه تأليف أبي حنيفة النعمان ... لم يرو عن الائمة بعد الصادق خوفا من الخلفاء الاسماعيلية ، وتحت ستر التقية أظهر الحقّ لمن نظر فيه متعمّقا ، وأخباره تصلح للتأييد والتأكيد » (2).

وفي كلامه - رحمه اللّه - مسامحة ، إذ لو كان المؤلّف - كما يقول رحمه اللّه - إماميا فلما ذا لم يستند الى الكتاب بشكل قطعي واكتفى بالقول بصلاحيّته للتأييد والتأكيد. فيظهر أنه - رحمه اللّه - كان متردّدا في ذلك.

هذا وقد حقّق الكاتب الاسماعيلي أصغر بن علي أصغر فيضي هذا الكتاب ونشره بالقاهرة في مجلّدين سنة 1370 ه- - 1951 م معتمدا على ثماني نسخ من المكتبات الاسماعيلية ، أقدمها نسخة ناقصة مؤرخة 961 ه- ، واخرى بتاريخ 1141 ه- بخط لطف اللّه بن حبيب اللّه لقمان عن نسخة مؤرخة 989 ه.

وذكر فيضي أنه رأى نسخة مؤرخة 852 ه- ، ولكنه لم يذكر مكان وجودها (3).

( نسخ الكتاب ) : نسخة مؤرخة سنة 1003 في م - الرضوية ، وبتاريخ 1285 ه- في م - القزويني بكربلاء (4) ، وبتاريخ 1209 في م - القاهرة برقم

ص: 52


1- كشف الظنون : 1 / 755.
2- بحار الأنوار : 1 / 39.
3- المجلة الاسيوية : ص 24.
4- الذريعة : 8 / 197.

19665 ب ، وبتاريخ 1249 في م - فيض برقم 46 و 227 [ كما في سزكين ] ، وبتاريخ 1222 و 1262 في م - كيخا ، وبتاريخ 1356 ( المجلّد الأول ) و 1079 ( المجلّد الثاني ) في م - قيوم ، وأيضا المجلّد الأول بتاريخ 1150 و 1332 والمجلّد الثاني بتاريخ 1126 في م - قربان ، والمجلّد الأول بتاريخ 1314 و 1318 و 1319 والمجلّد الثاني بتاريخ 1311 و 1360 في م - الوكيلي [ كما في فهرس پونا ] ، وبتاريخ 1357 في م - المعهد الاسماعيلي / لندن برقم 33 المجلّد الأول وبتاريخ 1098 ه- برقم 34 المجلّد الثاني ، وأيضا بتاريخ 1324 برقم 35 المجلّد الثاني بخط فدا حسين بن ملاّ حسن بهائي [ كما في فهرس المعهد ].

ورأيت نسخة في مكتبة الشيخ شير محمد الهمداني بالنجف كتبها عن نسخة مؤرخة بسنة 1285 ، وهناك عدّة نسخ غير مؤرخة في المكتبات المذكورة وغيرها ، منها : نسخة دار الكتب المصرية برقم 19665 ب ، والفاتيكان المجلّد الثاني برقم 1156.

13 - ذات البيان :

ذكره شيخنا العلاّمة ( ت / 1389 ه- ) وقال : « ردّ فيه على ابن قتيبة » (1) وقال پونا والا : « رسالة « ذات البيان » في الردّ على ابن قتيبة وكتابه « عيون المعارف » لبعض الأحاديث المرويّة عن رسول اللّه - صلی اللّه علیه و آله - والقضايا والأحكام ... يظهر أن القسم الأول منه لا يزال محفوظا في مكتبة الدعوة بخط الداعي شمس الدين ... » (2).

وذكر لها ثلاث نسخ : نسخة مؤرخة 1294 في م - قيوم ، ونسختين غير مؤرختين في م - كلّ من قربان والوكيلي بالهند.

ص: 53


1- الذريعة : 10 / 3.
2- مصادر الأدب الاسماعيلي : ص 63.
14 - الراحة والتسلّي :

وصفه ايفانوف قائلا : « كتيب صغير في سبعة فصول هي 1 - القدرة [ ظ ] (1) والاستطاعة 2 - كيفية الوحي 3 - ابراز الخلق 4 - الفرق بين الخالق والمخلوق 5 - معرفة المحتاج الى المكان 6 - معرفة ثواب العقل وعقابه 7 - في معرفتك به على الكمال وانتقالك إليه.

وبالرغم من أنه نسب الى القاضي النعمان في المخطوطة فإنه مشكوك ، إذ أن اسلوبه يختلف عن اسلوب القاضي النعمان مع أنه لم يذكر في الفهرس ولا في العيون ، ويظهر أن الكتاب قديم حيث يرجع إليه في الازدهار ... » (2).

أوله : فصل الكلمة الأزلية والعلّة العلوية.

( نسخ الكتاب ) : منها نسخة مؤرخة 1336 ه- في م - فيض برقم 38 في 14 ورقة [ كما في سزكين ] ، ونسخة غير مؤرخة في المعهد الاسماعيلي برقم 105 في 81 - 61 صفحة [ كما في فهرس المعهد ] ونسخة مؤرخة 1316 في م - قيوم ، وأخرى غير مؤرخة في م - كيخا والا في مدينة سورت بالهند (3).

15 - الرسالة المذهبية في العقائد الاسماعيلية :

وهي أولى الرسائل الخمس التي حقّقها عارف تامر في بيروت سنة 1375 ه- / 1956 م بعنوان خمس رسائل اسماعيلية ، وقد اعتمد في تحقيقها على ثلاث نسخ من القدموس وسلمية ومصياف ، وأصناف في المقدّمة أنه : « لم يأت أحد من الباحثين والمحقّقين على ذكر هذا الرسالة ، والظاهر أنها غير معروفة

ص: 54


1- في الاصل : القوّة - وهو خطأ -.
2- دليل الأدب الاسماعيلي : ص 39.
3- فهرس پونا والا : ص 329.

لديهم فهي من المخطوطات الاسماعيلية السورية السرّية » (1).

16 - شرح الأخبار في فضائل الائمة الأطهار :

وسيأتي الكلام عنه تحت عنوان « هذا الكتاب ».

17 - الطهارات :

كذا ذكره شيخنا العلاّمة ( ت / 1389 ه- ) (2) ، وقال مجدوع : « فيه ثلاث كتب : كتاب الطهارات وكتاب الصلاة وكتاب الجنائز » (3).

وورد في نسخة المعهد الاسماعيلي بلندن باسم كتاب الطهارة وهي غير مؤرخة في 180 صفحة برقم 853 من خطوط القرن الثالث عشر الهجري. أوله : « الحمد لله المحمود بآلائه وأفضاله ، والصلاة على رسوله ، فقال القاضي النعمان بن محمّد - قدس سره - : أمّا بعد فإن أوجب ما ابتدأ بعلمه والعمل به بعد معرفة اللّه ... » [ كما في الفهرس ].

وأظنّ أن هذا قطعة مستلّة من كتبه الاخرى ولعلّه الايضاح.

( نسخ الكتاب ) : منها نسخة مؤرخة 1329 في م - ورامتين ، ومؤرخة 1307 و 1316 في م - الوكيلي ، ونسخ غير مؤرخة في م - قربان ودار الكتب المصرية مصوّرة عن اليمن 2 - 311 [ كما في فهرس پونا ].

18 - قصيدة في الإمام الحسين :

وردت هذه القصيدة ضمن مجموع في الاشعار في 216 صفحة من خطوط

ص: 55


1- المقدّمة : ص 9.
2- الذريعة : 15 / 183.
3- فهرس مجدوع : ص 18.

القرن الرابع عشر في م - المعهد الاسماعيلي / لندن برقم 856.

ومطلع هذه القصيدة :

وإذا رأى الحسين ما قدر به *** ناشدهم باللّه والقرابة

19 - المجالس والمسايرات :

ويعتبر هذا الكتاب أهم مصدر إسماعيلي في تواريخ الخلفاء الفاطميّين وخاصّة الخليفة الرابع المعز ، فقد نقل المؤلّف عنه نصوصا ذات قيمة تأريخية تلقي بعض الضوء على جوانب من حياة الفاطميّين وعقائدهم المغطّاة بستار التقية.

قال مجدوع : « وهو نصفان كلّ نصف منهما مجلّد برأسه - ثم نقل قول المؤلّف : - واذكر في هذا الكتاب ما سمعته من المعز لدين اللّه من حكمة وفائدة وعلم ومعرفة على مذاكرة في مجالس أو مقام أو مسايرة وما يأتي من ذلك إليّ من بلاغ أو توقيع أو مكاتبة على بادية المعنى دون اللفظ حقيقة بلا زيادة ولا نقصان ... » (1).

وقد طبع هذا الكتاب طباعة محقّقة وافية باهتمام إبراهيم شبوح وآخرين في المطبعة الرسمية بتونس سنة 1978 م ، واعتمد في تحقيقه على عدّة نسخ ملفّقة هي نسخة مؤرخة 1361 ، وأخرى مؤرخة 1315 ، ونسخة المكتبة الآصفية برقم 2590 / تاريخ.

( نسخ الكتاب ) : منها نسخة مؤرخة 1256 في م - الهمداني ، ومؤرخة 1090 في م - قيوم ، واخرى مؤرخة 1272 ( المجلّد الأول ) و 1279 ( المجلّد الثاني ) في بتنونجن ، ومؤرخة 1014 و 1332 في م - المعهد الاسماعيلي بلندن رقم 712 ،

ص: 56


1- فهرس مجدوع : ص 52 ، وراجع المجالس : ص 47.

وأيضا مؤرخة 1355 برقم 541 ، ومؤرخة 1384 برقم 119 ، ومؤرخة 1355 برقم 713 ، ومؤرخة 1356 برقم 549 ، ومؤرخة 1384 برقم 731 [ كما في فهرس المعهد ]. ونسخ غير مؤرخة في معهد المخطوطات العربية بالقاهرة برقم 2590 / تاريخ ، وم - جامعة القاهرة برقم 26060 وم - جامعه بيروت برقم 17 - ن 8 - 297 [ كما في فهرس پونا ].

20 - مختصر الآثار فيما روي عن الأئمة الأطهار :

قال مجدوع : « من تصانيفه ... بأمر إمامه المعز لدين اللّه ... [ وهو ] نصفان كلّ نصف منها مجلّد برأسه جامع لجميع ذلك الكتاب [ الدعائم ] غير كتاب الولاية فإنه ما أتى إلا فيه » (1) ومنه يظهر أن الكتاب لا يختصّ بموضوع الدعاء بل هو مختصر الدعائم.

وقال پونا والا : أنه يحتوي على ثمانية فصول 1 - الرغائب في طلب العلم 2 - الطهارة 3 - الوضوء [؟ ] 4 - الصلاة 5 - الزكاة 6 - الصوم 7 - الحج ... » (2).

وذكره الأفندي ( ق / 12 ه- ) بعنوان « مختصر الآثار في الأدعية » (3) ، ولعل ما وقف عليه الأفندي كان قطعة مستلّة من الكتاب في الأدعية.

وذكر شيخنا العلاّمة ( ت / 1389 ه- ) في الذريعة الجزء 20 ص 176 تحت عنوانين هما « مختصر الآثار » و « مختصر الآثار النبوية » ممّا يوهم تعدّدهما ، ولا وجه لذلك بل هما كتاب واحد كما ذكر مجدوع.

أول هذه النسخة : « الحمد لله على ما أولى به من آلائه حمدا يقتضي المزيد من فضله ونعمائه ... ».

ص: 57


1- فهرس مجدوع : 32.
2- فهرس پونا والا : ص 54.
3- رياض العلماء : 5 : 175.

( نسخ الكتاب ) : منها نسخة مؤرخة 1310 ه- في م - الفاتيكان ويدا برقم 1104 وهو في 149 ورقة [ كما في فهرس سزكين ] ، ومؤرخه 1287 في م - كيخا ، ومؤرخة 1281 ( المجلّد الأول ) وبسنة 1251 ( المجلّد الثاني ) في م - قيوم ، ومؤرخة 1250 و 1354 ( المجلّد الأول ) في م - قربان ، ومؤرخة 1306 و 1341 و 1351 ( المجلّد الأول ) في م - الوكيلي ، ومؤرخة 1306 ( المجلّد الثاني ) في م - دار الكتب المصرية وهي مصوّرة عن اليمن [ كما في فهرس پونا ] ، ومؤرخة 1356 في م - المعهد الاسماعيلي بلندن المجلّد الاول برقم 710 ، وأيضا مؤرخة 1358.

21 - مفاتيح النعمة :

وصفه مجدوع بأنه : « رسالة ... في ذكر امتحان الخلق في أنفسهم وأموالهم بقوله : « إِنَّ اللّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ » (1).

ويظهر أنها إحدى رسائل النعمان في تفسير الآية الكريمة من القرآن الكريم السورة 9 الآية 111 ، وأول النسخة كما في فهرس الاسماعيلي : « الحمد لله وليّ التوفيق ... اعلم أعانك اللّه يا أخي على طاعته ... وبعد فقد كان أخونا أبو الحسن البغدادي أعزّ اللّه ... ».

وذكر سزكين أنه في 56 صفحة ولكن لم يذكر مكان وجوده.

( نسخ الكتاب ) : منها نسخة مؤرخة 1294 في م - قيوم ، واخرى غير مؤرخة ، وثالثة مؤرخة بسنة 1335 في م - الوكيلي ، واخرى غير مؤرخة (2) ، ونسخة غير مؤرخة من القرن الرابع عشر في المعهد الاسماعيلي بلندن برقم 105 في مجموعة من الاوراق 301 - 245 (3).

ص: 58


1- فهرس مجدوع : ص 187.
2- فهرس پونا : ص 66.
3- فهرس المعهد.
22 - المناقب والمثالب :

أشار إليه المؤلّف في كتبه كثيرا وذكره ابن شهر اشوب ( ت / 588 ه- ) (1) ، وابن خلكان (2) واليافعي ( ت / 768 ه- ) (3) ووصفه المجلسي بقوله : « كتاب لطيف مشتمل على فوائد جليلة » (4).

ونقل مجدوع عن مقدّمة المؤلّف قوله : « وإننا وباللّه التوفيق نبسط كتابنا هذا في إبطال دعاويهم [ بني أميّة ] وذكر أسباب عداوتهم وما جرى عليه منّا من تقدم من أسلافهم من قبل مبعث رسول اللّه وبعد مبعثه ووفاته » (5).

ثم أورد مجدوع فهرس الكتاب مبتدئا بذكر مناقب عبد مناف بن قصي وشرفه ومنتهيا بمناقب الائمة القائمين بالإمامة ومثالب المتغلّبين بأرض الأندلس من بني أميّة.

وقد أرجع إليه المؤلّف في شرح الأخبار بقوله : « فهذه نكتة قد ذكرناه - كما شرطنا - مختصرة في مثالب معاوية وبني أميّة ، وقد ذكرنا تمام القول في ذلك في كتاب « المناقب والمثالب » فمن أراد استقصاء ذلك نظر فيه » (6).

ووصفه السيّد حسن الصدر ( ت / 1354 ه- ) : « انه يزيد على عشرين كرّاسا » (7).

وقد رأيت نسخة كاملة من هذا الكتاب في مكتبة الشيخ شير محمد الهمداني الجورقاني ( المولود سنه 1302 ه- ، والمتوفّى سنة 1390 ه- في النجف الأشرف ) ، وكان - رحمه اللّه - أشهر من رأيت على استنساخ تراث الشيعة

ص: 59


1- معالم العلماء : ص 122.
2- وفيات الأعيان : 5 / 416.
3- مرآة الجنان : 2 / 380.
4- بحار الأنوار : 1 / 39.
5- فهرس مجدوع : ص 65.
6- شرح الأخبار : ص 135.
7- الذريعة : 22 / 336.

ومقابلته مع النسخ المختلفة المتيسّرة عنده ، وقد انتهى من نسخته - رحمه اللّه - في شوّال سنة 1370 ه- عن نسخة وصفها بأنها جيّدة عتيقة إلا أوراقا من أوائلها ، وقد ذكرته في الصيانة ، فراجع.

( نسخ الكتاب ) : منها نسخة مؤرخة سنة 852 في م - طلعت بدار الكتب رقم 2068 / تاريخ وهي في 124 ورقة ، ومؤرخة 1128 في م - فيض برقم 36 في 274 ورقة ، ومؤرخة 1244 برقم 37 في 117 ورقة [ كما في سزكين ] ، ومؤرخة 1256 في م - كيخا ، ومؤرخة 1332 في م - قيوم ، ومؤرخة 1266 و 1314 في م - الوكيلي [ كما في فهرس پونا ] ومؤرخة 1232 في م - المعهد الاسماعيلي بلندن برقم 543 ، وأيضا مؤرخة 1300 برقم 545 ، وأيضا مؤرخة 1348 برقم 544 [ كما في فهرس المعهد ] وعدة نسخ غير مؤرخة في م - السماوي بالنجف مصوّرة في معهد المخطوطات العربية بالقاهرة برقم 11548 [ كما في سزكين ] ، وذكر في الذريعة ج 22 ص 336 نسخا في مكتبات الميرزا أحمد الطهراني ، وعيسى أفندي جميل زاده ، وعبد الشاكر أفندي الآلوسي ، والشيخ علي كاشف الغطاء.

23 - المنتخبة :

هي قصيدة فقهية سمّاها « المنتخبة » لأنه انتخبها لمن أراد حفظها كما قال : « وقد نظمته [ الاقتصار ] موزونا رجزا مزدوجا في قصيدة سمّيتها « المنتخبة » انتخبتها لمن أراد حفظها ، واللّه يعين على العلم من هداه لطلبه ... » (1).

ولكونه قصيدة على الرجز سمّاها بعضهم بالقصيدة المنتخبة أو الارجوزة المنتخبة ، وقد أحسن ابن خلكان ( ت / 681 ه- ) وصفها حيث قال : « وله

ص: 60


1- الاقتصار : ص 10.

القصيدة الفقهية لقّبها بالمنتخبة » (1).

والظاهر أنّه إيّاها عنى اليافعي ( ت / 768 ه- ) حيث عدّ من مؤلّفاته قصيدة فقهية (2).

وقد أخطأ إسماعيل پاشا ( ت / 1339 ه- ) حيث قال : « الفتحية منظومة في الفقه لأبي حنيفة النعمان » (3).

فقد قال المؤلّف في المقدمة :

سمّيتها إذ تمت المنتخبة *** لأنني انتخبتها للطلبة

من قول أهل البيت إذ حملته *** عن الثقات بعد أن صنّفته

نقل هذه الأبيات پونا والا وأبياتا اخرى كثيرة في مصادر الكتب الاسماعيلية ص 32 و 33 ، وتوجد في م - المعهد الاسماعيلي بلندن شرح لهذه القصيدة لأمين جي بن جلال المتوفى سنة 1010 ه- وتاريخ النسخة 1350 ه- وهي برقم 550 في 60 ورقة ، بخط أكبر علي بن ملاّ سلطان علي الداندلوي (4).

( نسخ الكتاب ) : منها نسخة مؤرخة 1312 و 1321 و 1310 في م - الهمدانية ، ومؤرخة 1320 و 1310 و 1331 في م - كيخا ، ومؤرخة 1248 في م - كازى / بمبئي ، ومؤرخة 1335 في م - قربان ، ومؤرخة 1278 و 1292 الجزء الأول و 1258 و 1306 و 1307 و 1317 و 1332 في م - الوكيلي [ كما في فهرس پونا ] ، ومؤرخة 1337 في م - المعهد الاسماعيلي بلندن برقم 722 ، وأيضا مؤرخة 1337 برقم 601 ، ونسختين غير مؤرخين برقم 512 و 702 (5).

ص: 61


1- وفيات الأعيان : 5 / 416.
2- مرآة الجنان : 2 / 380.
3- إيضاح المكنون : 2 / 176.
4- فهرس المعهد : 1 / 118.
5- فهرس المعهد : ص 135.
24 - منهاج الفرائض :

ذكر سزكين أنه ينسب الى القاضي النعمان ، وأن نسخة منه في مجموعة فيض ببمبئي برقم 39 - 1 ، وآخر برقم 1 ب 24 (1).

وذكر پونا والا لهذا الكتاب عدّة نسخ في ص 67 في مكتبة كيخا والا بتاريخ 1260 ه- ، وفي مكتبة قيوم بتاريخ 1292 ، وفي مكتبة الوكيلي نسختان بتواريخ 1316 و 1317.

25 - الهمّة في آداب اتباع الأئمة :

وصفه مجدوع بأنه « أحسن كلّ [ كذا ] كتاب جمع وصنّف ممّا هو عليه ممّا يجب على المؤمن لإمام زمانه ، ولا أعلم أن أحدا في كتب خزانة الدعوة اشتمل في باب الأئمة وآدابهم من المؤمنين بأبلغ من العبارة وأجمعها بمثل ما اشتمل عليه من هذا الكتاب » (2).

وقد طبع بتحقيق محمد كامل حسين بالقاهرة معتمدا على نسخة واحدة مؤرخة 1101 ه- في 129 صفحة بخط حسن بن محمد علي بن محمد السورتي.

( نسخ الكتاب ) : منها مؤرخة 1313 ه- في م - فيض برقم 32 في 102 ورقة ، واخرى بتاريخ 1253 برقم 33 في 109 ورقة ، وبتاريخ 1331 برقم 34 في 90 ورقة [ كما في سزكين ] ، ومؤرخة 1347 في م - كيخا ، ومؤرخة 1344 و 1320 و 1329 في م - الوكيلي [ كما في فهرس پونا ] ، ومؤرخة 1101 في م - المعهد الاسماعيلي بلندن برقم 68 في 91 ورقة ، وأيضا مؤرخة 1241 برقم 69 [ كما في فهرس المعهد ] ، وفي المعهد أيضا نسخة غير مؤرخة برقم 70 ، وذكر پونا

ص: 62


1- راجع الذريعة. 23 / 169.
2- فهرس مجدوع : ص 50.

وإلا في ص 65 من الفهرس نسختين غير مؤرختين في م - قربان ، وآخر في المكتب الهندي برقم 1421.

26 - الينبوع :

قال مجدوع : « مجلّد واحد مشتمل على ما اشتمل عليه النصف الثاني من كتاب الدعائم » ، ثم أورد مجدوع فهرس الكتاب (1).

( نسخ الكتاب ) : منها نسخة مؤرخة 1310 في م - كيني ، ومؤرخة 1347 في م - نجم الدين ، ومؤرخة 1144 في م - قيوم ، ومؤرخة 1357 في م - قربان ، ومؤرخة 1356 و 1291 في م - الوكيلي [ كما في فهرس پونا ] ، ومؤرخة 1346 في المعهد الاسماعيلي بلندن برقم 240 ، ونقل پونا في ص 54 نسخة غير مؤرخة في دار الكتب المصرية مصوّرة عن اليمن برقم 462.

27 - كتاب يوم وليلة في الصلاة المفروضة :
اشارة

ذكره پونا والا في فهرسه ص 55 وقال : إنه أجوبة القاضي النعمان لأسئلة فقهية سأله عنها خطّاب بن وسيم مقدم زواوة وحاكمهم ، - وأضاف - أن منه نسختان في مكتبة قيوم بالهند ضمن مجموعة ، واخرى في دار الكتب المصرية مصوّرة عن اليمن.

الكتب المفقودة :

وهناك طائفة من الكتب وصفت بأنها من تأليف النعمان أو منسوبة إليه ولم تقف عليها يد التتبّع ، وأظنّ أن قسما كبيرا منها مقتطفات من مؤلّفاته

ص: 63


1- فهرس مجدوع : ص 35.

الاخرى أو رسائله الخاصّة التي انتزع القرّاء أسماء خاصّة لها من واضعيها أو لأسباب أخر ، فذكرها أصحاب التراجم والفهارس من دون ذكر أماكن وجودها وهي كالآتي : -.

28 - الآثار النبوية :

قال الأفندي ( ق / 12 ه- ) : « كتاب الآثار النبوية للقاضي النعمان المذكور - أيضا - في الفقه ثم اختصر منه كتاب : مختصر الآثار » (1) وتبعه في ذلك شيخنا العلاّمة ( ت / 389 ه- ) (2).

ويظهر أن ذلك مجرّد ظنّ من الأفندي - رحمه اللّه - وأن شيخنا العلاّمة تبعه لحسن ظنّه به ، فإنه ليس للمؤلّف كتاب بهذا العنوان وذلك لأن هذا الكتاب إنما هو اختصار لكتاب دعائم الاسلام. فإن مجدوع الاسماعيلي ( ق / 12 ه- ) أورد ذكر الدعائم ووصفه بقوله : « وهذا الكتاب نصفان كلّ نصف منهما مجلّد برأسه ، وفي النصف الأول سبعة كتب على قدر الدعائم السبعة » (3).

ثم أورد فهرس الدعائم بتفصيل مبتدأ بكتاب الولاية ، ثم ذكر بعد وصف الدعائم في ص 32 من فهرسته كتاب مختصر الآثار ممّا روي عن الائمة الأطهار وقال : « ... وهو أيضا نصفان كلّ نصف منها مجلّد برأسه جامع لجميع ذلك الكتاب [ دعائم الاسلام ] غير كتاب الولاية فإنه [ كتاب الولاية ] ما أتى إلا فيه [ الدعائم ] » (4).

ولا أدري من أين أتى الأفندي - رحمه اللّه - بوصف النبوية للآثار في اسم

ص: 64


1- رياض العلماء : 5 / 276.
2- الذريعة : 2 / 176 ، وتوابع الرواة : 5 / 625.
3- فهرس مجدوع : ص 20
4- فهرس مجدوع : ص 32.

الكتاب مع أنه ليس في مختصر الآثار ولا غيره ، واللّه العاصم.

29 - الاتّفاق والافتراق :

أشار إليه المؤلّف في شرح الأخبار قائلا : « والذي ذكرته في هذا الباب من ذكر علم علي علیه السلام ما جاء من قضاياه فيها غيره يخرج عن تفصّيه حدّ هذا الكتاب ، وقد ذكر ذلك وبما جاء من مثله من الائمة في كتاب الاتفاق والافتراق وفي كتاب الايضاح وغيرها من كتب الفقه التي بسطت فيها قول الأئمة من أهل البيت - علیهم السلام - في الحلال والحرام والقضايا والأحكام » (1).

ويظهر أن الكتاب كان موجودا في القرن السادس حيث ذكره ابن شهر اشوب ( ت / 588 ه- ) في كتابه « معالم العلماء ص 113 » ، وذكر پونا والا في فهرسه ص 55 أنه في أربعين جزء كما ذكر كتاب المقتصر ، ووصفه بأنه مختصر كتاب الاتفاق والافتراق على ما ذكره الادريس في « العيون ».

30 - اصول الحديث :

ذكره پونا والا في فهرسه ص 67 ولم يذكر مكان وجوده.

31 - الإمامة :

أشار إليه المؤلّف في شرح الأخبار في مواضع منها ج 1 ص 26 و 51 و 72 وج 4 ص 72 وذكره ابن شهر اشوب ( المتوفّى سنة 588 ه- ) ممّا يدلّ على وجود الكتاب في القرن السادس.

ص: 65


1- شرح الأخبار : 8 / 81.

وقال شيخنا العلاّمة ( ت / 1389 ه- ) : « قال [ النعمان ] في كتاب الزكاة من الدعائم في باب وجوب دفع الصدقات وحرمة منعها عن الائمة من آل محمد ما لفظه : استقصاء الكلام في ذكر إمامتهم والاحتجاج في ذلك يخرج عن حدّ هذا الكتاب ، وقد أفردنا له كتابا في ذكر الامامة خاصّة » (1).

والحديث مذكور في دعائم الاسلام ج 2 الحديث 982 من طبعة القاهرة سنة 1389 ه- - 1969 م.

ووصف پونا والا هذا الكتاب في فهرسه ص 62 بأنه في أربعة أجزاء ولم يذكر مكان وجوده.

32 - البلاغ الأكبر والناموس الأعظم - في اصول الدين - :

نقل پونا والا في ص 56 من فهرسه عن ابن كثير في البلاية والنهاية أن هذا الكتاب هو للنعمان ولكنه يظهر أن كلام ابن كثير قد التبس عليه فقد قال ابن كثير ( ت / 774 ه- ) ما نصّه : « سنة 386 وهي أيّام محمد بن النعمان قاضي الفاطميّين الذي صنّف البلاغ الذي انتصف فيه للردّ على القاضي البلاقلاني وهو أخو عبد العزيز بن النعمان » (2).

وآخر كلام أبي الفداء يدلّ بوضوح على أن البلاغ إنما هو من تأليف الابن « محمد بن النعمان » لا الأب « النعمان بن محمد » فراجع.

33 - تأويل القرآن :

ذكره ابن حجر ( ت / 852 ه- ) في لسان الميزان ج 6 ص 167 ، وذكره پونا

ص: 66


1- الذريعة : 2 / 267.
2- البداية والنهاية : 9 / 321 ط / القاهرة سنة 1932.

وإلا في فهرسه ص 63 باسم « حدود المعرفة في تفسير القرآن والتنبيه على التأويل » وقال : إنه في 70 جزء.

34 - التقريع والتعنيف لمن لم يعلم العلم :

وصفه پونا والا في فهرسه ص 62 وقال بأنه جزءان.

35 - الدامغ الموجز في الردّ على العتكي :

قال پونا والا في فهرسه ص 63 بأنه أربعة أجزاء.

36 - الدعاء :

قال پونا والا في فهرسه ص 66 بأنه جزءان.

37 - الردّ على الخوارج :

استظهره پونا والا في ص 62 من فهرسه من قول المؤلّف : « والحجّة عليهم [ الخوارج ] يخرج أيضا عن حدّ هذا الكتاب ، وقد أفردت كتابا في الردّ عليهم ، فمن آثر النظر في ذلك وجده فيه ».

ولعلّ النعمان عنى به الارجوزة الآتية.

38 - ذات المحنة :

قال شيخنا العلاّمة ( ت / 1389 ه- ) في وصفها : « منظومة في ثورة أبي يزيد مخلّد بن كيداد الخارجي » (1).

ص: 67


1- الذريعة : 10 / 2.

وإليه أشار النعمان حيث قال : « وقد بسطنا عن أخبار فتنة اللعين مخلّد وما كان من الآيات والبراهين والمعجزات فيها للقائم والمنصور كتابا ضخما كبيرا استقصينا فيه جميع ما جرى في ذلك » (1).

وقد ذكرها پونا والا في ص 58 من فهرسه وقال : إنها جزءان.

39 - ذات المتن :

قال شيخنا العلاّمة ( ت / 1389 ه- ) : « منظومة في بعض حوادث وقعت للخليفة الفاطميّ المعزّ » (2).

وذكرها ايفانوف في فهرسه ص 38 نقلا عن العيون ، ووصفها پونا والا في ص 58 بأنها في جزءين ، وأن المؤلّف أشار إليها في المجالس وشرح الأخبار ، راجع الجزء 15 ص 101.

40 - الرسالة المصرية في الردّ على الشافعي :

كذا عنونها پونا والا في ص 63 من فهرسه وقال : إنها جزءان ، وقد عرفت في ترجمة المؤلّف ، أن كلاّ من ابن خلكان ( ت / 681 ه- ) واليافعي ( ت / 768 ه- ) قال : بأن له ردود على المخالفين لأبي حنيفة ومالك والشافعي وابن شريح (3).

41 - كيفيّة الصلاة على النبيّ :

ذكره پونا والا في ص 64 من فهرسه.

ص: 68


1- شرح الأخبار : 15 / 116.
2- الذريعة : 10 / 2.
3- وفيات الأعيان : 5 / 416 ، مرآة الجنان : 2 / 380.
42 - كتاب فيما رفضته العامّة من كتاب اللّه وأنكرته :

ذكره پونا والا في ص 63 من فهرسه وقال : إن النعمان أشار إليه في المجالس.

43 - معالم الهدى :

جاء ذكره بالألف المقصورة في شرح الأخبار بخلاف المصادر الاخرى. فقد ذكره شيخنا العلاّمة بعنوان « معالم المهدي » (1).

واستظهر ايفانوف أنه قطعة من قصيدة ذات المنن ، وليس بصحيح إذ أن النعمان أرجع إليه مستقلاّ بهذا الاسم في مواضع مختلفة من كتبه ، قال في شرح الأخبار : « ... أفردت كتابا قبل هذا لذلك وهو كتاب « معالم الهدى » ولكن نجعل في هذا الكتاب بابا نذكره فيه مجملا - إن شاء اللّه تعالى - ذكر معالم الهدى قصدنا في هذا الباب نحو ما قصدناه في جملة الكتاب من الاقتصار على الأخبار الصحيحة المشهورة مع حذف الأسانيد واطراح التكرار لكثرة الروايات في الخبر الواحد في الطريق الواحد لئلاّ يطول بذلك الكتاب ولنختصر الباب ممّا جاء من البشرى في المهدي » (2).

ومنه يظهر أن النعمان لخّص كتاب « معالم الهدى » في باب واحد وأدرجه في شرح الأخبار ، وذلك بحذف الأسانيد وعدم التكرار.

وقال في مقدّمة افتتاح الدعوة : « ... وقد أفردنا كتابا غير هذا في ذكر معالم المهدي وصفته وذكر قيامه وأيّامه وما تقدم في ذلك من الآثار عن

ص: 69


1- الذريعة : 21 / 202.
2- شرح الأخبار : 14 / 71 -.

رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيما بشّر به منه » (1).

ولم يحسن محقّق الكتاب حيث قال بأنه : « جزء من كتاب شرح الأخبار » فإن الموجود في شرح الأخبار ليس إلا ملخّصا من ذلك الكتاب.

ونقل پونا والا في فهرسه ص 58 عن المناقب : « وقد ألّفنا في ذلك [ معجزات المهدي ] كتابا بذكر هجرته وقيامه وسيرته ودعوته وأيّامه من مقدار هذا الكتاب [ المناقب ] فمن أراد استقصاء ذلك وجده فيه بتمامه ».

44 - نهج السبيل الى معرفة علم التأويل :

وصفه پونا والا في فهرسه ص 63 بأنه جزءان.

وذكر كلّ من ايفانوف وپونا والا في فهرسيهما الأسماء التالية من دون أي وصف لها وهي.

45 - التعقيب والانتقاد
46 - الحلى والثياب
47 - الشروط
48 - منامات الائمة
49 - رسالة الى المرشد الداعي بمصر في تربية المؤمنين :
50 - كما انفرد پونا والا في ذكر كتاب المغازي في ص 62 من الفهرس

وكما تقدم فإنه يغلب على الظنّ بأن هذه المذكورات هي مقتطفات من كتبه الاخرى الموجودة.

ص: 70


1- افتتاح الدعوة : ص 2.

هذا الكتاب :

واسمه الكامل : « شرح الأخبار في فضائل الائمة الأطهار » (1) ، وقد استعرض فيه النعمان النقاط الهامّة في حياة ائمة أهل البيت - علیهم السلام - الى الإمام جعفر الصادق - علیه السلام - ، وتوسّع في ما يتعلّق بفضائل الإمام علي علیه السلام وردّ شبهات المخالفين ، ثم انتصر فيه للاسماعيلية.

وبالرغم من المحافظة الاسماعيلية الشديدة على كتبهم فقد تمكّن عالمان من علماء الشيعة جلدان على التتبّع - كما يظهر من كتبهما - أن يقفا على هذا الكتاب وينقلا من نصوصه.

فقد وقف ابن شهر اشوب ( ت / 588 ه- ) على الكتاب ونقل منه عدّة نصوص في كتابه « مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 363 الى ص 365 » فيما يتعلّق بقضايا الإمام علي في عهد الخليفة الثاني ، وعقبها بأحاديث رواها من النعمان وأبي القاسم الكوفي في كتابيهما.

والمجلسي ( ت / 1111 ه- ) من بعده ، نقل تلك النصوص نصّا عن المناقب في كتابه « بحار الأنوار ج 4 ص 229 - 231 » ممّا يظهر أنه لم يقف على الكتاب بنفسه.

ووقف على الكتاب أيضا المحدّث النوري ( ت / 1321 ه- ) ووصفه بقوله : « في الفضائل والمناقب وشطر من المثالب ، مشتمل على سبعة أجزاء ينبىء عن سعة اطلاعه وطول باعه وفضله وكماله » (2).

ويظهر أن نسخة النوري قد كتبت بواسطة كاتب اكتفى بالأجزاء السبعة الاولى من الكتاب وترك الأجزاء الاخرى ، ومن هنا ظنّها المحدّث النوري

ص: 71


1- فهرس مجدوع : ص 69.
2- مستدرك الوسائل : 3 / 321.

- رحمه اللّه - سبعة أجزاء فقط مع أنها ستة عشر جزء.

وقد وصف مجدوع فهرس هذا الكتاب بتفصيل ونقل شطرا من مقدّمة الكتاب ، ونكتفي بما يأتي :

الجزء الأول : في حديث أنا مدينة العلم وعليّ بابها.

الجزء الثاني : في سبق علي الى الاسلام.

الجزء الثالث : في جهاد علي.

الجزء الرابع : في جهاده مع جموع الناكثين والقاسطين والمارقين.

الجزء الخامس : في بقيّة أخبار القاسطين.

الجزء السادس : في تمام الاحتجاج المذكور.

الجزء السابع : في مناقب علي وردّ الحشوية.

الجزء الثامن : في بيان ما جاء من الأمر بطاعة علي.

الجزء التاسع : في ما نزل من الوحي والقرآن في علي.

الجزء العاشر : في ذكر معاوية.

الجزء الحادي عشر : تمام ما جاء من الأخبار مجملا من ذكر أهل بيته.

الجزء الثاني عشر : فضائل الحسن والحسين علیهماالسلام .

الجزء الثالث عشر : في من قتل مع الحسين علیه السلام .

الجزء الرابع عشر : في مولانا جعفر بن محمّد والائمة المستورين.

الجزء الخامس عشر : في ذكر معالم المهدي وبشاراته.

الجزء السادس عشر : في صفات شيعة علي علیه السلام (1).

وهذه الأجزاء الستة عشر ليست مجموعة بين دفتين ، بل هي متفرّقة متشتّتة ، ويظهر أن كلّ ناسخ استنسخ ما استطاب من موضوع الكتاب ممّا

ص: 72


1- فهرس مجدوع : ص 69 - 73.

يهمّه ، فجاء الكتاب مفرّط العقد تحتفظ المكتبات بنسخ مخطوطة من أجزاء مختلفة من الكتاب.

نسخ الكتاب :

نسخة شبه كاملة بتاريخ 1126 و 1127 في مكتبة فيض بمبئي برقم 40 - 45 ، يحتوي على الأجزاء 1 - 12 و 15 - 16 وينقصها الجزءان 13 و 14 فقط.

ونسخة غير مؤرخة من الجزء 13 و 14 في م - جامعة لندن برقم 25722 وأن منه مختصر في برلين برقم 9662 ومنه مصوّرة في القاهرة برقم 10892 [ كما ذكره سزكين ].

وذكر پونا والا النسخ التالية : مؤرخة 1249 في م - الهمداني تحتوي على الأجزاء 5 - 8. وأيضا الأجزاء 9 - 12 بتاريخ 1247 ه- ، ومؤرخة 1264 ه- في م كيخا يحتوي الأجزاء 1 - 4 ، وبتاريخ 1305 ه- يحتوي الأجزاء 7 - 16 ، وبتاريخ 1288 يحتوى الأجزاء 13 و 14 ، وبتاريخ 1289 الأجزاء 9 - 12 ، وبتاريخ 1360 في م - ناجي الجزء السادس ، ومؤرخة 1371 الأجزاء 3 - 4 ، ومؤرخة 1234 الأجزاء 1 - 9 ، ومؤرخة 1287 الجزء الثاني ، ومؤرخة 1318 الأجزاء 5 - 8 والأجزاء 9 - 12 ، ومؤرخة 1278 الجزء الحادي عشر.

كما ذكر أجزاء غير مؤرخة كالآتي :

م - الاوقاف برقم 3087 الأجزاء 1 - 4 ، وم - ناجي الأجزاء 1 - 4 ، وم - هاروارد الجزء الأول ، وم - فيض الأجزاء 1 - 12 و 15 - 16 ، وم - الجمعية الاسماعيلية بباكستان الأجزاء 1 و 3 و 5 و 7 و 9 و 12 و 16 و 16 ، وم - لندن - الأجزاء 13 و 14 ، وم - قيوم الجزء 1 و 2 و 5 و 8 ، وم - طهران الأجزاء 1 - 7 ، وم - الهمداني 1 - 4 ، وم - الوكيلي 1 - 4 و 13 - 14 و 13 - 16 ، وفي اليمن الأجزاء 2

ص: 73

و 9 و 12 و 16 (1).

ويحتفظ معهد الدراسات الاسماعيلية في لندن بالنسخ التالية :

مؤرخة سنة 1382 برقم 551 الجزء الأول ، ومؤرخة 1335 برقم 700 الجزء الأول والثاني ، ومؤرخة 1264 برقم 698 الجزء 1 - 4 ، ومؤرخة 1380 برقم 682 الجزء الثاني [ كذا ] ، ومؤرخة 1381 برقم 683 الجزء الثالث ، ومؤرخة 1380 برقم 684 الجزء الرابع ، ومؤرخة 1380 برقم 685 الجزء الخامس ، ومؤرخة 1381 برقم 687 الجزء السابع ، ومؤرخة 1308 برقم 186 الجزء السابع والثامن ، ومؤرخة 1381 برقم 688 الجزء الثامن ، ومؤرخة 1381 برقم 689 الجزء التاسع ، ومؤرخة 1304 برقم 699 الجزء 9 - 12 ، ومؤرخة 1381 برقم 691 الجزء 11 ، ومؤرخة 1359 برقم 697 الجزء 11 - 12 ، ومؤرخة 1349 برقم 577 الجزء 10 و 13 ، ومؤرخة 1381 برقم 694 الجزء 14 ، ومؤرخة 1384 برقم 732 ج 14 و 15 ، ومؤرخة 1347 برقم 552 الجزء 6 ، ومؤرخة 1381 برقم 696 ج 16 - أيضا -.

كما يوجد في المعهد نسخ غير مؤرخة كالآتي :

الجزء 1 - 4 برقم 183 ، والجزء 5 - 8 برقم 184 ، والجزء السادس برقم 686 ، والأجزاء 6 - 7 برقم 553 ، والأجزاء 9 - 12 برقم 185 ، والأجزاء 9 - 10 برقم 188 ، والأجزاء 9 - 12 برقم 699 ، والجزء العاشر برقم 690 ، والجزء 12 برقم 692 والجزء 13 برقم 693 ، والجزء 15 برقم 695.

وتفسير مكتبة المعهد الاسماعيلي بلندن من أغنى المكتبات اقتناء لنسخ هذا الكتاب.

ص: 74


1- فهرس پانا والا : ص 60.

تنبيه :

وينبغي التنبيه على أن النسخة الألمانية المحفوظة في مكتبة برلين برقم 9662 ليست مختصرة من الكتاب ، وإن تضمّنت ونقلت نصوصا كثيرة منه ، فقد وقع في هذا الخطأ مفهرس الفهرس الألماني الهاودت في ج 9 ص 205 ط / 1897 م حيث وجد في النسخة نصوصا تقول - مثلا - : « ويتلوه من الجزء الثالث ممّا اختير من كلام النعمان » [ ص 29 ] أو قوله ، في آخر الجزء السادس : « ويتلوه لمنّة اللّه وقوّته من الجزء السابع ومن آخر الجزء الثامن المختار منهما ، وإن كان ذلك كلّه خيرة لكن أوجب ذلك قصور الهمّة وضعف المكنة » [ ص 173 ].

ووقع في نفس الخطأ فؤاد سيّد في فهرس مخطوطات دار الكتب المصرية - القسم الثاني ص 8 ط / القاهرة 1382 ه- ، حيث عرف النسخة المصوّرة من الألمانية وأشار الى نسخة اخرى بخط حسين فهمي مؤرخة 1368.

وتبعهما فؤاد سزكين في كتابه « تاريخ الأدب العربي » (1).

« بيان ذلك » : إن من خصيصة المؤلّفين الاسماعيليّين أنهم ينقلون نصوصا طويلة من كتب قدمائهم وكأنهم يعتبرون ذلك نوعا من الاحترام والتعظيم لهم ، وذلك لا يخفى على من سبر كتبهم ككتاب الأزهار للحسن بن نوح الهروجي ، وعيون الأخبار للداعي عماد الدين إدريس ( ت / 872 ه- ) ، وكأنه نابع من عقيدتهم حيث إن علومهم تنبع عن عين الحقيقة.

ويدلّ على ذلك إن كاتب النسخة قد نقل عن غير القاضي النعمان أيضا فقد نقل عن كتاب شواهد التنزيل لقواعد التفضيل مصرّحا باسم الكتاب

ص: 75


1- ج 1 / 577 ط / لندن 1967 م.

ومؤلّفه الحسكاني ( المتوفّى بعد سنة 470 ه- ) في مواضع منها ص 1 وص 16 وص 29 وص 57 وص 114 وص 115 وص 173 - والمؤلّف هو : الحافظ المحدّث أبو القاسم عبيد اللّه بن عبد اللّه بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن حسكان القرشي العامري النيسابوري الحنفي الحاكم ، ويعرف بابن الحذّاء ، توفّى بعد السبعين وأربعمائة (1) ومن غير المعقول أن ينقل النعمان ( المتوفّى سنه 362 ه- ) عنه.

فليست النسخة الألمانية سوى كتاب مستقلّ مشتمل على نصوص كثيرة من شرح الأخبار ومن غيره.

وقد طبع القسم الأول من شرح الأخبار - كما ذكره پونا والا - بواسطة الجمعية الصفيّة في سورت الهند ، كما ونشر ايفانوف في سلسلة جمعية البحوث الاسماعيلية رقم 10 المنتخب من الجزء الخامس عشر من كتاب شرح الأخبار في 34 صفحة في مطبعة اكسفورد عام 1942 م.

اسلوب التأليف :

والنعمان في كافة مؤلّفاته يسلك اسلوبا فريدا حيث لا يعيد عن رغبات الخلفاء الفاطميّين ، فلا يكتب إلا بإرشادهم ولا ينشر إلا بعد موافقتهم وإذنهم ، فكتبه مرآة صادقة لأفكار الخلفاء الفاطميّين.

قال مجدوع : « ولم يؤلّف تأليفا ولا جمع كتابا متى عرضه على الأئمة شيئا فشيئا ، فأثبتوا منه الصحيح وقوّموا الأود ... » (2).

وصرّح بذلك النعمان في كتبه ومنها هذا الكتاب حيث قال : « ... جمعت من الآثار في فضل الائمة الأطهار حسب ما وجدته وغاية ما أمليته

ص: 76


1- راجع تذكرة الحفاظ : 2 / 1200.
2- فهرس مجدوع : ص 32.

واستصفيته فصحّحت من ذلك ما بسطته في كتابي هذا وألّفته بأن عرضته على وليّ الأمر وصاحب الزمان والعصر مولاي الإمام المعزّ لدين اللّه أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه وعلى سلفه وخلفه وأثبتّ منه ما اثبته وصحّ عنده وعرفه وآثره عن آبائه الطاهرين وأجازني سماعه منه وبأن أرويه لمن يأخذ عنّي عنه ، فبسطت في هذا الكتاب ما أثبته وأجازه وعرفه ، وأسقطت ما رفعه من ذلك وأنكره ».

وقال أيضا « ... وحذفت أسانيدها وتكرار أكثر الروايات منها واختلاف الحكايات منها ، إذ قد آثرتها وأثبتّها وصحّحتها بأسنادها الى إمام العصر وصاحب الأمر ... » (1).

ويحاول المؤلّف في كتابه هذا - كسائر مؤلّفاته - الاشارة الى سائر كتبه في كلّ مناسبة وهي حقيقة تنبئ عن وعي المؤلّف لمثل هذه الضرورة وربما عانى هو نفس منها في معرفة المخطوطة الناقصة أثناء زياراته للمكتبات ممّا جعله يلتزم بهذا الاسلوب في كلّ كتبه.

ويمتاز هذا الكتاب بالتزام المؤلّف بالاختصار في الأسانيد وتجنّب التكرار في متون الروايات المتّفقة أو المتقاربة معنى ، كما يكرر هذا الالتزام في كلّ مناسبة. فقد قال : « ... اختصرت كما شرطت في أول هذا الكتاب أكثر ما جاء في ذلك واقتصرت على حديث واحد من كلّ فنّ ، وحذفت التكرار الذي يدخله أصحاب الحديث وغيرهم باختلاف الأسانيد ، وغير ذلك ممّا يريدون به التأكيد ... » (2).

وقال أيضا : « قصدنا في هذا الباب نحو ما قصدناه في جملة هذا الكتاب ممّا أثبت في أوله من الاقتصار على الأخبار الصحيحة المشهورة مع حذف

ص: 77


1- مقدّمة شرح الأخبار ص 88.
2- شرح الأخبار : 1 / 126.

الأسانيد واطراح التكرار لكثرة الروايات في الخبر الواحد من الطريق الواحد لئلاّ يطول بذلك الكتاب » (1).

ويشير المؤلّف في هذا الكتاب وسائر كتبه الى أنه يتحمّل رواية الكتب بالطرق المعروفة فيقول : « ... فإني قد تصفحت الكتب المرويّة عن أهل البيت - علیهم السلام - ممّا كان فيها من سماع ومناولة وأخذته إجازة أو صحيفة ... » (2).

وقال أيضا : « ... وحذفت أسانيدها إذ صحّحتها بأسنادها الى إمام العصر فقرّبت بذلك بعيدها ... » (3).

والتأمّل في الكلامين يفيد أن ليس للمؤلّف سماع أو مناولة أو إجازة من غير المعزّ ، وأنه لم ينقل عن الكتب إلا بالوجادة ، فكأنه استصغر شأن هذا الفن ، والناس أعداء ما جهلوا ، فلم أقف على شيخ له غير المعتزّ ، كما لم أقف على شيخ للمعتز في هذا الفنّ.

ويظهر أن الاسماعيلية أخذوا هذه السيرة عنه ، فقد حدّثني شيخ البهرة بأنهم لا يعتقدون بالاجازة بل يعتمدون على إمامهم - وكما قال : « نغترف من منبع الحديث » - وليس هذا إلا جهلا بقواعد الفنّ إذ لو كان إمامهم منبعا لأحاديثهم فإنه لا يعقل أن يكون منبعا لأحاديث غير الاسماعيلية - أيضا - ، وكيف يعقل أسناد الأحاديث المرويّة عن المخالفين في المعتقد الى المعزّ؟.

ويظهر أن دور المعزّ لم يكن سوى مطالعة ما يجمعه المؤلّف عن المصادر المختلفة وإبداء رأيه الشخصي بحذف ما لا يراه مطابقا لاصول المذهب ، كما يظهر من مواضع من المجالس ص 43.

ونتيجة لهذا الاسلوب - أعني عدم دراسة الأسانيد - لم بسلم المؤلّف من

ص: 78


1- شرح الأخبار : 14 / 132.
2- الاقتصار : ص 32.
3- مقدّمة شرح الأخبار ص 88.

الخطأ في النقل ، وعلى سبيل المثال فقد قال : « وكان علي بن موسى [ الامام الرضا علیه السلام ] بالشام » (1) في حين أنه ليس لهذا أيّ مصدر تأريخي ، وقد التبس عليه أمر الامام - علیه السلام - بأمر المأمون ، والثابت تأريخيّا أن المأمون كان بالشام وتوفّى هناك دون الامام الرضا - علیه السلام - فان ذلك إنما حصل من إهمال دراسة الاسناد في المصدر الذي نقل عنه أو اشتباه فهمه للنصّ.

مصادر الكتاب :

اشارة

من الطبيعي أن يستفيد النعمان من مكتبات الفاطميّين الخاصّة التي كانت زاخرة بالكتب وخاصّة ما يتعلّق بالخليفة الفاطمي - المعزّ - ( ت / 365 ه- ) ، فقد ورد فيها أنها « كانت مكتبة المعزّ في المنصورية ثم في القاهرة زاخرة بالكتب ، وقد بلغ في شغفه بهذه المكتبة أنه كان يعرف مواضع ما فيها من الكتب وما تحويه من المعلومات » (2).

ومع الأسف أن المؤلّف لم يذكر بتفصيل أسماء المصادر التي اعتمد عليها ، ويمكن استنتاج أن المؤلّف كان يعتمد في كتابه على المصادر المتوفّرة لديه ، من اسلوبه حيث يذكر اسم أحد المؤلّفين قائلا باسناده ، وهذا يشير الى أن المؤلّف أخذ تلك الأحاديث من كتبهم ، وبالرغم من ذلك فقد صرّح ببعض المصادر التي تعتبر الآن بعضها مفقودة وهي :

المغازي لابن إسحاق ( ت / 151 ه- ) :

ذكر النعمان في تفسير قوله تعالى : « وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ » ما رواه

ص: 79


1- شرح الأخبار : 14 / 63.
2- المعزّ لدين اللّه : ص 222.

الخاصّ والعامّ ، وذكر أصحاب التفسير من العامّة ومن أصحاب السير - ونقل الحديث ثم قال - : « وروى هذا الحديث بهذا السند محمد بن إسحاق صاحب المغازي ، وغيره من علماء العامّة » (1).

وابن إسحاق هو محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي أحد الأئمة الأعلام في المغازي توفّى سنة إحدى وخمسين ومائة هجرية.

المغازي للواقدي ( ت / 207 ه- ) :

قال المؤلّف في الجزء 14 ص 42 « روي عن الواقدي » وقال في الجزء 13 ص 121 « ذكر محمد بن عمرو الواقدي » ممّا يظهر أن المؤلّف كان ينقل عن كتابه أحيانا مباشرة واخرى بالواسطة.

والواقدي هو محمد بن عمر بن واقد الأسلمي المتوفّى سنة 207 ه- ، وقد كان المؤلّف على اطلاع واسع بكتب المغازي والسير فقد أحال إليها كثيرا.

علي بن هاشم ( ق 2 ه- ) :

ينقل المؤلّف عنه في ص 59 وص 80 روايات وفضائل ، والظاهر أنها منقولة من كتاب علي بن هاشم القمّي الذي هو من مشايخ الكليني المتوفّى سته 329 ه.

النسائي ( ت / 302 ه- ) :

ينقل المؤلّف في موارد منها ص 48 وص 50 وص 51 عن أحمد بن شعيب بن علي بن بحر النسائي المتوفّى سنة 302 ه- ، والظاهر أنها من كتابه « المناقب ».

ص: 80


1- شرح الأخبار : 1 / 107.
كتاب الغدير للطبري ( ت / 310 ه- ) :

ويعتبر هذا الكتاب المصدر الوحيد الذي ذكره المؤلّف بالاسم ونقل عنه نصوصا كثيرة ، وتظهر أهميّة هذه النقول أن الكتاب - اليوم - مفقود من المكتبة الاسلامية بالرغم من أنه كان في متناول الباحثين في القرن الثامن الهجري.

فقد نقل عنه المؤرخ الدمشقي عماد الدين أبو الفداء بن كثير ( ت / 774 ه- ) حيث عنونه باسم « كتاب غدير خم » ، ونقل عن الجزء الأول منه في كتابه البداية والنهاية (1) أورد فيه سبعة أحاديث من الكتاب المذكور.

واهتمّ علماء الشيعة بهذا الكتاب اهتماما خاصّا وذكروا اسنادهم إليه في كتبهم بالرغم من أن مؤلّفه كان عامّي المذهب لأهمية موضوع الغدير :

فقد ذكر الشيخ الطوسي ( ت / 460 ه- ) اسناده إليه قائلا : « محمد بن جرير الطبري يكنى أبا جعفر صاحب التاريخ عامّي المذهب له كتاب غدير خم وشرح أمره ، أخبرنا به أحمد بن عبدون عن أبي بكر الدوري عن ابن كامل عنه » (2).

وقال النجاشي ( ت / 450 ه- ) : « محمد بن جرير أبو جعفر الطبري عامّي له كتاب الردّ على الحرقوصية ذكر طرق خبر يوم الغدير أخبرنا القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد ، قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا محمّد بن جرير بكتابه الردّ على الحرقوصية » (3).

وحيث صرّح كلّ من الطوسي والنجاشي بعامّيته فلا وجه لما استظهره

ص: 81


1- ج 5 / 313 الطبعة الاولى سنه 1359 / القاهرة.
2- الفهرست : ص 178.
3- رجال النجاشي : ص 226.

شيخنا العلاّمة ( ت / 1389 ه- ) بقوله : « بل المظنون أنها لأبي جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الإمام المعاصر لصاحب الترجمة ... وانما وقع الخلط من اتحاد الاسم والكنية واسم الأب والنسبة » (1).

فان تصريح كلّ من الطوسي والنجاشي والمؤرخ ابن كثير والمؤلّف هنا يقتضي خلاف ذلك وللتفصيل يراجع الصيانة ، فقد ذكرت فيه ما يفي بذلك إن شاء اللّه.

وقال المؤلّف ما نصّه : « ورواه [ خبر الغدير ] اكثر أصحاب الحديث وممن رواه وأدخله في كتاب ذكر فيه فضائل علي غير من قدّمت ذكره محمد بن جرير بن الطبري وهو أحد أهل بغداد من العامّة ممن قرب عهده [؟ ] في العلم والحديث والفقه عندهم ، واسناده فيه أنه قال : حدّثنا محمد بن حميد ... » (2).

ثم أورد طائفة من الروايات ذلك الكتاب وعسى أن يوفّق اللّه سبحانه العثور عليه.

وكفى لهذا الكتاب أهميّة وجود هذه الطائفة المنقولة من كتاب الغدير للطبري فيه ، فهي وإن كانت محذوفة الأسانيد إلا أنها تلقي الضوء على محتوى ذلك الكتاب.

وختاما :

أبارك جهد الأخ السيّد محمّد الحسينيّ الجلاليّ - حفظ اللّه - الذي قام بتحقيق هذا الكتاب وإخراجه الى عالم المطبوعات ، وكان اللّه في عون كلّ مخلص أمين.

محمّد حسين الحسينيّ الجلاليّ

ص: 82


1- الذريعة : 16 / 26.
2- شرح الأخبار : 1 / 116.

فهرس المصادر

اسم الكتاب / المؤلّف وسنة الوفا / محل وسنة الطبع

1 - اتّعاظ الحنفاء بأخبار الخلفاء تقيّ الدين المقريزي - 845 القاهرة 1367 ه

2_ أعلام الاسماعيلية مصطفى غالب الاسماعيلي بيروت 1964 م

3 - أمل الآمل الشيخ محمد بن الحسن الحرّ العاملي - 1104 النجف 1385 ه

4 - إيضاح المكنون إسماعيل پاشا البغدادي - 1339 استانبول 1945 م

5 - بحار الأنوار الشيخ محمد باقر المجلسي - 1111 طهران 1376 ه

6 - البداية والنهاية أبي الفداء بن كثير - 774 القاهرة 1922 م

7 - تاريخ التراث العربي - بالألمانية فؤاد سزكين لندن 1967 م

8 - تنقيح المقال الشيخ عبد اللّه المامقاني - 1351 النجف 1352 ه

9 - جامع الرواة محمد بن علي الأردبيلي - بعد 1100 طهران 1331 ه

10 - دليل المخطوطات الاسماعيلية ايفانوف لندن 1933 م

11 - الذريعة الى تصانيف الشيعة الشيخ آغابزرگ الطهراني - 1389 النجف 1355 ه

12 - رجال بحر العلوم « الفوائد الرجالية » السيّد محمد مهدي بحر العلوم - 1212 النجف 1386 ه

13 - رجال الطوسي الشيخ أبي جعفر الطوسي - 460 النجف 1381 ه

14_ رياض العلماء عبد اللّه الأفندي - ق 12 قم 1401 ه

15_ شذرات الذهب العماد الحنبليّ - عبد الحي - 1089 القاهرة 1966 م

ص: 83

16 - مصادر الأدب الاسماعيلي إسماعيل پونا والا كاليفورنيا 1977 م

17 - الفهرست الشيخ أبي جعفر الطوسي - 460 النجف 1380 ه

18 - الفهرس [ رجال النجاشي ] أبي العبّاس النجاشي - 450 قم 1397 ه

19 - فهرسة الكتب والرسائل إسماعيل مجدوع ق 12 طهران 1966 م

20 - فهرس المخطوطات العربية

في مكتبه معهد الدراسات آدم غسك لندن 1984 م

الاسماعيلية بلندن - بالانگليزية

21 - فهرس مكتبة آية ا ... المرعشي السيّد أحمد الحسيني قم 1364 ش

22 - قاموس الرجال الشيخ محمد تقي التستري قم 1388 ه

23 - القضاة الذين ولّوا قضاء مصر أبي عمرو الكندي - 358 باريس 1908 م

24 - كشف الظنون حاجي خليفة 1067 استانبول 1941 م

25 - لسان الميزان أحمد بن حجر العسقلاني - 852 حيدرآباد 1331 ه

26 - معالم العلماء محمد بن علي بن شهرآشوب - 588 النجف 1380 ه

27 - المعزّ لدين اللّه حسن إبراهيم حسن القاهرة 1964 م

28 - مناقب آل أبي طالب محمد بن علي بن شهرآشوب 588 قم

29 - مرآة الجنان عبد اللّه اليافعي - 768 حيدرآباد 1338 ه

30 - مستدرك الوسائل ميرزا حسين النوري - 1321 طهران 1384 ه

31 - وفيات الأعيان شمس الدين أحمد بن خلكان - 681 بيروت 1968 م

32 - النجوم الزاهرة جمال الدين يوسف بن تغرى بردى - 874 القاهرة 1963 م

33 - نوابغ الرواة الشيخ آغابزرگ الطهران - 1389 بيروت 1392 ه

ص: 84

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار

تأليف: القاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي

المتوفي سنة 363 ه . ق

الجزء الأول

ص: 85

ص: 86

[ خطبة الكتاب ]

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وبه نستعين

الحمد لله الأول بلا أحد ، والآخر بلا أمد ، وصلّى اللّه على خاتم الأنبياء ورسله محمّد النبيّ ، وعلى الأئمة من ذريته ونجله.

قال القاضي النعمان بن محمّد ( قدّس اللّه روحه ) : آثرت من الأخبار وجمعت من الآثار في فضل الأئمة الأبرار حسب ما وجدته وغاية ما أمكنني واستطعته ، فصحّحت من ذلك ما بسطته في كتابي هذا ، وألفته بأن عرضته على وليّ الأمر وصاحب الزمان والعصر مولاي الامام المعز لدين اللّه (1) أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه وعلى سلفه وخلفه ، وأثبتّ منه ما أثبته وصحّ عنده وعرفه ، وآثره من آبائه الطاهرين ، وأجاز لي سماعه منه ، وبأن أرويه - لمن يأخذه عني - عنه صلوات اللّه عليه. فبسطت في هذا الكتاب ما أثبته وأجازه وعرفه ، وأسقطت ما دفعه من ذلك وأنكره مما نسبه الى أهل الحق المبطلون ، وحرفه من قولهم المحرّفون الضالّون إذ هو صلوات اللّه عليه والأئمة من آبائه الطاهرين وخلفه الأكرمين الذين عناهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بقوله يحمل هذا العلم من كل خلف عدول ينفون عنه تحريف الجاهلين المحرفين وانتحال المبطلين وتأويل الغالين. وأمدّني صلوات اللّه عليه مع ذلك من نوره

ص: 87


1- الفاطمي.

وأفادني من علمه ، من بيان ذلك ما أدخلته في تصانيف ما بسطته في هذا الكتاب ، من البيان لما في الأخبار المبسوطة فيه لمن عسى أن يشكل شيء منها أو يقصر فهمه عنها ، وحذفت أسانيدها وتكرار اكثر الروايات فيها واختلاف الحكايات منها إذ قد أثرتها وأثبتها وصححتها بأسنادها الى إمام العصر (عليه السلام) ، فقربت بذلك بعيدها واحتصرتها وقويت تأكيدها ، ثم رأيت أن يكون بسطها لفيفا ، كما رويت ، وصنفا صنفا كما حكيت لأن مجيء الصنف بعد الصنف من الأخبار أوقع بالقلوب ، وأقرب الى الحفظ والتذكار ، كما أن الطعام إذا جاء [ لونا بعد لون ] (1) كان أشهى ، وكان من يوتى به إليه أكثر منه أكلا من أن يتلو منه الشيء ما هو مثله وإن كنت قد تابعت شيئا من ذلك تأكيدا فانني لم أطله إطالة تملّ من سمعه.

وباللّه التوفيق على فضله ، ومدد وليّه المعول.

ص: 88


1- وفي الأصل : جاء الوانا الوانا بعد لون.

[ قول رسول اللّه صلوات اللّه عليه وعلى الائمة من نسله : « أنا مدينة العلم وعلي بابها » ]

[1] [ الصنابجي ] (1) عن علي صلوات اللّه عليه وعلى الائمة من ولده ، إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، قال : أنا مدينة العلم وعلي بابها.

[2] الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس ، إنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب.

[3] عبد الرزاق عن يحيى بن علي يرفعه الى علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه إنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أنا مدينة الحكمة وعلي بابها ، وكذب من دخلها من غير بابها.

[4] محمّد بن الحسن الجعفري عن جعفر بن محمّد علیه السلام عن آبائه : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال لعلي علیه السلام : يا علي أنا مدينة العلم وأنت بابها ، فمن دخل المدينة من غير بابها فقد أخطأ الطريق.

وهذا مأثور مشهور ، وقد رواه الخاص والعام وهو مما أبان به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ولاية علي علیه السلام وإمامته ومكانه منه ، وانه لا يصح اخذ العلم والحكمة عنه في حياة رسول اللّه ولا بعد وفاته إلا من فيله ولا يؤتى إليه إلا من قبله كما قال اللّه عز وجل : « وَأْتُوا الْبُيُوتَ

ص: 89


1- وفي الاصل : الصباعي ولم أجده في كتب الرجال

مِنْ أَبْوابِها » (1). فأخبر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بأن مثله مثل المدينة التي هي جامعة البيوت ذوات الأبواب ، وبأن عليا علیه السلام مثله مثل بابها الذي هو باب الأبواب ، كذلك لا يؤتي كل إمام إلا من قبل من نصبه بابا له ولا يؤخذ عنه علمه إلا من جهته ، وفي هذا كلام طويل دونه سرّ ليس هذا موضع كشفه ، فلو كانوا أخذوا علم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كما أمرهم من قبله واقتصروا في ذلك عليه لم يختلفوا.

[5] كما جاء عن الصادق جعفر بن محمد صلوات اللّه عليه إن سائلا سأله : فقال : يا ابن رسول اللّه من أين اختلفت هذه الامة فيما اختلفت فيه من القضايا والأحكام [ من الإحلال والإحرام ] ، ودينهم واحد ، ونبيّهم واحد؟؟. فقال علیه السلام : هل علمت إنهم اختلفوا في ذلك أيام حياة رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله.

فقال : لا ، وكيف يختلفون وهم يردّون إليه ما جهلوه واختلفوا فيه؟؟. فقال : وكذلك ، لو أقاموا فيه بعده من أمرهم بالأخذ عنه لم يختلفوا ولكنهم أقاموا فيه من لم يعرف كلما ورد عليه ، فردّوه الى الصحابة يسألونهم عنه ، فاختلفوا في الجواب ، فكان سبب الاختلاف ، ولو كان الجواب عن واحد والقصد في السؤال عن واحد كما كان ذلك لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لم يكن الاختلاف.

ص: 90


1- البقرة : 189.

[ قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أقضاكم علي ]

[6] أبو سعيد الخدري ، قال : سمعت رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يقول : أقضاكم علي.

[7] حدّث بذلك عنه عطاء بن أبي رياح ، فقيل لعطاء : أكان في أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أعلم من علي؟ ، فقال : لا واللّه ، ما أعلمه (1).

والخبر المأثور عن رسول اللّه بقوله : أقضاكم علي مشهور ، قد رواه الخاص والعام ذلك مما لم يختلف فيه ، وسيأتي في هذا الكتاب بعد هذا إن شاء اللّه مع ذكر ما جرى له من القضايا في أيام حياة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ومن بعده واعتراف الصحابة له بأنه أقضاهم وأعلمهم ، وأنهم كانوا في ذلك محتاجين إليه يسألونه ، ولم يسأل هو أحدا منهم ولا من غيرهم ، وكان يضرب بيده على صدره ، ويقول : سلوني قبل أن تفقدوني ، إنّ هاهنا لعلما جما لو أجد له حملة ، ويضرب بيده على بطنه ويقول : إنه لعلم كله ، ويقول : سلوني قبل أن تفقدوني ، فلن نجدوا أعلم بما بين اللوحين مني ، ويقول : ما دخل عيني غمض مذ صحبت رسول اللّه

ص: 91


1- وفي فيض القدير للمناوي 3 / 46 : لا واللّه لا أعلم.

صلی اللّه علیه و آله الى أن قبض ليلة من الليالي حتى علمت ما أنزل عليه في ذلك اليوم ، وفيما أنزل.

وإذا كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قد أخبرهم إنه أقضاهم فليس ينبغي لهم أن يتحاكموا بعده الى غيره. والقضاء يجمع علوم الدين. وهذا أيضا مما أبان به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فضله ، وأوجب به إمامته لأن القضاء لا يكون إلا للإمام أو لمن أقامه الامام علیه السلام .

ص: 92

[ قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : علي مني وأنا من علي ]

[8] مطرف بن عبد اللّه بن الشخير ، عن عمران بن حصين ، إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، قال : علي مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن من بعدي.

[9] عمرو بن ميمون عن ابن عباس ، إنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله علي مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي.

[10] أعمش بن شيرين ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي بن أبي طالب علیه السلام : أنت مني وأنا منك.

[11] عبد اللّه بن بريدة عن أبيه بريدة ، قال : بعثنا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في بعث (1) الى اليمن وبعث عليه علي بن أبي طالب علیه السلام ، وعلى طائفة منه خالد بن الوليد ، وقال : إذا اجتمعتم فعلي على جميع الناس وإذا افترقتم فكل واحد على أصحابه ، فلقينا العدو ، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرية ، فاصطفى علي علیه السلام لنفسه جارية من السبي. فكتب بذلك خالد الى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وعلى آله ، ونال من علي ، وأمرني أن أقع فيه عنده وكنت ممن ضم إليه ،

ص: 93


1- وفي كفاية الطالب : في سريّة.

فأتيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بكتاب خالد ، فدفعته إليه ، فقلت : يا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعثتني مع رجل ، وأمرتنى بطاعته ، فوجهني إليك ، وأمرني أن أقع (1) في علي عندك ، وهذا مقام العائذ بك. فقال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا بريدة ، لا تقع في علي ، فانما علي مني وأنا منه ، وهو وليكم بعدي.

[12] جعفر بن سليمان ، عن عمر بن علاء ، قال : لما كان يوم أحد وتفرق الناس عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ضرب رسول اللّه ستين ضربة بالسيف ، وعليه يومئذ درعان قد تظاهر بينهما ، وكسرت رباعيته وشج في وجهه وتفرق الناس عنه ، وبقي معه علي بن [ أبي ] طالب علیه السلام ، فقال له رسول اللّه : ارجع يا علي ، فقال : الى أين أرجع عنك يا رسول اللّه؟؟ أرجع كافرا بعد أن أسلمت؟! وأقبل الى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله كردوس (2) من المشركين. فقال لعلي علیه السلام : فاحمل إذن على هؤلاء ، فحمل عليهم ، ففرجهم ، وأصاب منهم.

فقال جبرائيل لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا محمّد إن هذه للمواساة. فقال : يا جبرائيل : إنه مني وأنا منه.

فقال جبرائيل : وأنا منكما.

[13] عبد اللّه بن رقيم ، عن سعد بن مالك ، قال : بعث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أبا بكر ببراءة الى أهل مكة ، ثم أتبعه عليا علیه السلام ، فأخذها

ص: 94


1- وقع في فلان ، أي : ذمه وعيبه وعنفه. ووقعت فيه إذا عبته وذممته. ( النهاية لابن الأثير 5 / 215 ).
2- كردوس ، أي : الجماعة من الأعداء.

منه. فقال أبو بكر : يا رسول اللّه ، أأنزل فيّ شيء. قال : لا ، إلا إنه لا يؤدي عني غيري أو رجل مني ، فعلي مني وأنا منه.

فهذه وغيرها أخبار كثيرة مأثورة معروفة قد رواها الخاص والعام فيما ذكر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيها إن عليّا علیه السلام منه ، وهو صلوات اللّه عليه من علي صلوات اللّه عليه وعلى الأئمة من ولده وذلك أيضا مما أبان به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ولايته وإمامته ، وإنه ولي أمر الأمة من بعده لأن اللّه عز وجل يقول :

[14] « أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ » (1) يعني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ( وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) يعني عليا ، فأخبر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إنه هو ذاك الشاهد على الامة من بعده.

وليس أحد ممن تأمّر على الامة من بعده غيره يدعي إنه من رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وإن رسول اللّه منه ، ولا إنه قال ذلك فيه ، ولا يدعي ذلك له أحد غيره. والشهداء هم الأئمة بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ومن ذلك :

[15] قول اللّه عزّ وجلّ : « فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ » (2) « وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً » (3). وقوله عز وجل : « وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ » (4) والأنبياء أيضا شهداء على أهل زمانهم.

[16] ومن ذلك قول اللّه عز وجل لمحمّد صلی اللّه علیه و آله : « وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً » يعني أهل زمانه لأنه لا يقال هؤلاء إلا للحضور دون من لم يكن بعد.

ص: 95


1- هود : 17.
2- النساء : 41.
3- النحل : 89.
4- الزمر : 69.

[17] ومن ذلك ما جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، إنه قرأ عليه قول اللّه عز وجل حكاية عن عيسى : « وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ ، فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ » (1) فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : وأنا أقول كذلك : يا رب أكون شهيدا على هؤلاء ما دمت فيهم.

وانما اشتق الشاهد والشهيد لمشاهدته ما يشهد به.

فكان علي علیه السلام بقول اللّه وقول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله هو الشاهد على الامة بعد رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله الذي يتلوه وهو منه وهو وليّ المسلمين - كما أخبر - من بعده.

ص: 96


1- المائدة : 117.

[ قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لعلي عليه السلام : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى » ]

[18] أسماء بنت عميس ، قالت : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبيّ بعدي.

[19] فضل بن عطية ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : خرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى غزوة تبوك ، وخلف عليا علیه السلام في أهله. فقال بعض الناس : ما منعه أن يخرجه معه ، إلا أنه كره صحبته ، فبلغ بذلك عليا علیه السلام ، فذكره لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فقال له : يا ابن أبي طالب ، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، تخلفني في أهلي.

[20] عمار بن سعيد بن مالك (1) ، عن أبيه ، مثل ذلك ، وزاد فيه : إلا أنه لا نبيّ بعدي.

وهذا أيضا خبر مشهور قد جاء من طرق شتى وثبت ، وهو أيضا كذلك مما أبان (2) به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فضل علي وإمامته ، وكان هارون أخا موسى من الولادة ، ولم يكن علي علیه السلام كذلك

ص: 97


1- كذا في الأصل.
2- مما أظهر.

من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وكان هارون نبيا قد بعثه اللّه عز وجل مع موسى الى فرعون ، كما ذكر في كتابه ، فأخبر النبي صلی اللّه علیه و آله إن عليا علیه السلام ليس بنبيّ كذلك ، فلم يبق مما يكون به منزلة علي من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله منزلة هارون من موسى إلا أن يكون وزيره وخليفته كما أخبر اللّه عز وجل عن موسى في قوله : « وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي » (1). وقوله : « اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي » (2). وقد قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : أنت وزيري وخليفتي في أهلي. فصرّح بذلك له ، واذا كان خليفته ، فمن أين يجوز لغيره أن يدعي بعده الخلافة؟

ص: 98


1- طه : 29.
2- الأعراف : 142.

[ قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من كنت مولاه فعلي مولاه » ]

اشارة

[21] يحيى بن جعدة ، عن زيد بن أرقم ، قال : خرجنا مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في حجّة الوداع ، فلما انصرفنا وصرنا الى غدير خم ، نزل - وذلك في يوم ما أتى علينا يوم أشد حرا منه - فأمر بدوح (1) ، فجمع ، فقمم له ما تحته [ من الشوك ] واستظلّ به ، ونادى في الناس - الصلاة جامعة - فاجتمعوا إليه أجمع ما كانوا ، لأنه قلّ من بقى من المسلمين لم يخرج معه في تلك الحجة ، فلما اجتمعوا قام فيهم خطيبا ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس إن اللّه عز وجل لم يبعث نبيا إلا عاش نصف ما عاش النبي الذي كان قبله ، وإني أوشك أن ادعى ، فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم [ بهما ] (2) لن تضلّوا : كتاب اللّه ، وعترتي.

ثم أخذ بيد علي علیه السلام ، فأقامه ورفع يده بيده حتى رؤي بياض إبطيهما. وقال : من أولى بكم من أنفسكم. قالوا : اللّه ورسوله أعلم. قال : ألست أولى بذلك لقول اللّه عز وجل : « النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ

ص: 99


1- قال ابن الأثير في النهاية 2 / 138 : الدوح : الشجر.
2- وفي الأصل : تمسكتم به.

أَنْفُسِهِمْ » (1) قالوا : اللّهمّ نعم. قال : فمن كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه. هل سمعتم وأطعتم؟ قالوا : نعم ، قال : اللّهمّ اشهد.

[22] قال : زيد بن أرقم : فسمعت بعد ذلك عليا علیه السلام في الرحبة ، ينشد الناس باللّه من سمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، إلا قام. فقام ممن حضر ، ستة عشر رجلا ، فشهدوا بذلك وكنت فيمن كتم ذلك ، فذهب بصري ، وكان يحدّث بذلك بعد أن عمى.

[23] عبد اللّه بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.

[24] سالم ، قال : كنت في المسجد ونافع بن الازرق الخارجي وأصحابه قعود في ناحية من المسجد ، إذ خرج عبد اللّه بن عمر من خوخة (2) ، فقام يصلّي. فسمعت نافعا وهو يقول لأصحابه : اذهبوا بنا الى هذا الشيخ نضحك منه ، ونسخره. فقالوا : نعم. فذهبوا ، فذهبت معهم ، وقلت : لأسمعنّ كلامهم اليوم ، فجلست إليهم ، فسمعت نافعا يقول لابن عمر : يا أبا عبد الرحمن أسألك؟ قال : سل إن شئت. قال : ما تقول في رجل دعا الناس الى أمر هدى حتى إذا جاء به عنق من الناس (3) شكّ في أمره؟ قال : إني لأراك تعني علي بن أبي

ص: 100


1- الأحزاب : 6.
2- الخوخة : باب صغير كالنافذة الكبيرة ، وتكون بين البيتين ينصب عليها باب ( نهاية ابن الأثير 2 / 86 )
3- عنق من الناس ، أي : جماعة من الناس.

طالب علیه السلام ؟ قال : نعم إياه أعني!. قال : يا نافع ، أتقول إن اللّه عز وجل أعلم نبيه صلی اللّه علیه و آله بما هو كائن في هذه الامة الى يوم القيامة ولم يعلمه بأمر علي علیه السلام ؟ لقد قلت إذا قولا عظيما ، أم تقول لغاسل جسد نبينا ومواري جثته ، ومن قضى مواعيده هذه؟؟ لقد قلت إذا قولا عظيما ، ما كان اللّه عز وجل أن يفعل هذا بوليّه وصفيّه ونبيّه ، فيغسل جسده ويواري جثته ويقتضي مواعيده من يضل بعده.

ويحك يا نافع : إني شهدت ولم تشهد ، وسمعت ولم تسمع ، شهدت مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوم الغدير ، فأمر بشجرات هنالك فكسح ما تحتهن ، وسمعته يقول : أيها الناس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فأجبناه كلنا : بلى يا رسول اللّه ، فأخذ يده فوضعها على يد علي بن أبي طالب علیه السلام ، ثم رفعها حتى رأينا بياض إبطيهما ، ثم قال : من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله. قال : فقاموا بعضهم يبصر في وجوه بعض ، وافترقوا من يومئذ.

[25] أبو الجارود - زياد بن المنذر - ، قال : كنت عند أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام وعنده جماعة ، فقال أحدهم : يا ابن رسول اللّه ، حدّثنا حسن البصري حديثا ابتدأه ثم قطعه ، فسألناه تمامه ، فجعل يروع لنا عن ذلك. قال : وما حدّثك به؟ ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن اللّه حمّلني رسالة ، فضاق بها صدري وخفت أن يكذبني الناس ، فتواعدني إن لم ابلغها أن يعذبني ، ثم قطع الحديث - يعني الحسن البصري -. فسألناه تمامه ، فجعل يروغ لنا عن ذلك ولم يخبرنا به.

فقال أبو جعفر علیه السلام : ما لحسن؟ قاتل اللّه حسنا ، أما واللّه لو

ص: 101

شاء أن يخبركم لأخبركم ، لكني أنا أخبركم ، إن اللّه عز وجل بعث محمّدا صلی اللّه علیه و آله الى الناس بشهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمّدا رسول اللّه وإقامة الصلاة فيها بالناس ، فأقلّوا وكثّروا. فأتاه جبرائيل علیه السلام ، قال : يا محمّد ، علّم الناس صلاتهم وحدودها ومواقيتها وعددها ، فجمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الناس ، ثم قال : أيها الناس ، إن اللّه قد فرض عليكم صلاة الظهر كذا وكذا ، وحدودها ووقتها وعددها ، والعصر كذا وكذا ، وحدودها ووقتها وعددها ، والمغرب كذا وكذا ، وحدودها ووقتها وعددها ، والعشاء كذا وكذا ، وحدودها ووقتها وعددها ، والفجر كذا وكذا ، وحدودها ووقتها وعددها.

ثم قال أبو جعفر علیه السلام : فهل تجدون هذا في كتاب اللّه؟ قالوا : لا.

قال : ثم انزل اللّه فرض الزكاة ، فأعطى هذا من دنانيره وهذا من دراهمه وهذا من تمره وهذا من زرعه (1) ، فأتاه جبرائيل فقال : يا محمد علّم الناس من زكاتهم كما علّمتهم من صلاتهم ، فجمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الناس ، ثم قال أيها الناس إن اللّه عز وجل قد فرض عليكم الزكاة ، فمن عشرين دينارا نصف دينار ، ومن مائتي درهم خمسة دراهم ، ومن الابل كذا وكذا ، ومن البقر كذا ، ومن الغنم كذا ، ومن الزرع كذا.

ثم قال أبو جعفر علیه السلام : فهل تعلمون هذا من كتاب اللّه تعالى؟ قالوا : لا.

قال : ثم أنزل اللّه عز وجل فرض الصيام ، وانما كانوا يصومون يوم

ص: 102


1- أي الحنطة والشعير.

عاشوراء (1) ، فأتى جبرائيل علیه السلام فقال : يا محمد علّم الناس من صومهم كما علّمتهم من صلاتهم وزكاتهم ، فجمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الناس ، ثم قال : أيها الناس إن اللّه عز وجل قد فرض عليكم صيام شهر رمضان تمسكون في نهاره عن الطعام والشراب والجماع ، وتفعلون كذا وكذا حتى أتى على فرائض الصوم.

ثم قال أبو جعفر علیه السلام : فهل تجدون هذا في كتاب اللّه؟ قالوا : لا.

قال : ثم أنزل اللّه عز وجل فريضة الحج فلم يعرفوا كيف يحجّون ، فأتاه جبرائيل ، فقال : يا محمد ، علّم الناس من حجهم كما علّمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم ، فجمع رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله الناس ، ثم قال : أيها الناس إن اللّه عز وجل قد فرض عليكم الحج ، فطواف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة ووقوف بعرفات ورمي الجمار كذا وكذا حتى أتى على مناسك الحج.

ثم قال أبو جعفر علیه السلام : فهل تجدون هذا في كتاب اللّه؟ قالوا : لا.

قال : ثم أنزل اللّه عز وجل فريضة الجهاد فلم يعلموا كيف يجاهدون ، فأتاه جبرائيل علیه السلام ، فقال : يا محمد علّم الناس من جهادهم كما علّمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجّهم ، فجمع رسول اللّه صلوات اللّه عليه وعلى آله الناس ، ثم قال : أيها الناس إن اللّه عز وجل قد فرض عليكم الجهاد في سبيله بأموالكم وأنفسكم ، وبيّن لهم حدوده ، وأوضح لهم شروطه.

ص: 103


1- وهو يوم العاشر من شهر محرم الحرام.

ثم افترض اللّه عز وجل الولاية ، فقال : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ » (1).

فقال المسلمون : هذا بعضنا أولياء بعض ، فجاءه جبرائيل علیه السلام ، فقال : يا محمد ، علّم الناس من ولايتهم كما علّمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجّهم وجهادهم. فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا جبرائيل أمتى حديثة عهد بجاهلية ، وأخاف عليهم أن يرتدوا فأنزل اللّه عز وجل : « يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ » (2) في علي « وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ».

فلم يجد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بدا من أن جمع الناس بغدير خم ، فقال : أيها الناس إن اللّه عز وجل بعثني برسالة ، فضقت بها ذرعا ، فتواعدني إن لم ابلّغها أن يعذبني ، أفلستم تعلمون إن اللّه عز وجل مولاي وأني مولى المسلمين ووليهم وأولى بهم من أنفسهم ، قالوا : بلى ، فأخذ بيد علي علیه السلام فأقامه ورفع يده بيده ، وقال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه ومن كنت وليه فهذا علي وليه ، اللّهمّ وال من والاه [ وعاد من ] عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيث دار.

ثم قال أبو جعفر علیه السلام : فوجبت ولاية علي علیه السلام على كل مسلم ومسلمة.

[26] قال جعفر بن محمد علیه السلام عن أبيه عن آبائه صلوات اللّه عليهم أجمعين : إن آخر ما أنزل اللّه عز وجل من الفرائض ولاية علي علیه السلام فخاف رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إن بلّغها الناس أن يكذبوه ويرتد أكثرهم حسدا له لما علمه في صدور كثير منهم له ، فلما حجّ حجة الوداع

ص: 104


1- المائدة : 55.
2- المائدة : 67.

وخطب بالناس بعرفة ، وقد اجتمعوا من كل افق لشهود الحج معه ، علمهم في خطبته معالم دينهم وأوصاهم وقال في خطبته : أني خشيت ألا أراكم ولا تروني بعد يومي هذا في مقامي هذا وقد خلفت فيكم ما إن تمسّكتم به بعدي لن تضلّوا ، كتاب اللّه وعترتي أهل بيتى فانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، حبل ممدود من السماء إليكم ، طرفه بيد اللّه وطرفه بأيديكم ، وأجمل صلی اللّه علیه و آله ذكر الولاية في أهل بيته إذ علم أن ليس فيهم أحد ينازع فيها عليا علیه السلام وأن الناس إن سلّموها لهم سلمو (1) بما هم لعلي علیه السلام ، واتقى عليه وعليهم أن يقيمه هو بنفسه ، فلما قضى حجّه ، وانصرف وصار الى غدير خم ، أنزل اللّه عز وجل عليه : « يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ » (2) فقام بولاية علي علیه السلام ونصّ عليه كما أمر اللّه تعالى فأنزل اللّه عز وجل : « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً » (3).

فالخبر عن قيام رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بغدير خم بولاية علي صلوات اللّه عليه وعلى الائمة من ولده. وما قال في ذلك مما ذكره من ولايته أيضا من مشهور الأخبار ، ومما رواه الخاصّ والعام ، وفي ذلك أبين البيان على إمامته واستخلافه إياه على امته من بعده أن جعله أولى بهم منهم بأنفسهم كمثل ما كان اللّه عز وجل جعله هو فيهم بقوله : « النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ » (4).

ص: 105


1- هكذا في الاصل
2- المائدة : 67.
3- المائدة : 3.
4- الأحزاب : 6.

ومن كان أولى بهم من أنفسهم وكان مولاهم كما كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فهو أحقّ الناس بمقامه فيهم من بعده ، والمولى هاهنا : الولي كذلك هو في لغة العرب يسمّون الولي مولى.

فقول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : « من كنت مولاه فعلي مولاه » أي : من كنت وليه في دينه فعلي وليه في دينه ، أي الذي يلي عليه فيه وفي جميع اموره وتلك منزلة أنبياء اللّه في الامم ومنزلة الائمة من بعدهم كل إمام في أهل عصره.

وقد قام رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بولاية علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه وعلى الائمة من ولده ، وأوقف الامة على أنه وليهم وإمامهم من بعده في غير مقام ومشهد بقول مجمل ومفسّر وعلى قدر طبقاتهم ومنازلهم وما يعلمه من قبولهم له وإقبالهم عليه وانحرافهم عنه وكان أول ذلك فيما رواه الخاصّ والعام.

[27] وذكره أصحاب التفسير من العوام وأصحاب السير. إن اللّه عز وجل لما أنزل على رسوله صلی اللّه علیه و آله : « وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ » (1) أمر عليا علیه السلام أن يدعو إليه بني عبد المطلب وقد صنع لهم طعاما برجل شاة ( أي بربعها ) وصاع من بر (2) وأتاهم بعس (3) من لبن ، وأتاه علي علیه السلام بهم وهم أربعون رجلا ، إن كان الواحد منهم ليأكل ذلك الطعام وحده ، وأدخل رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يده فيه ، ثم قال لهم : كلوا بسم اللّه ، فأكلوا حتى صدروا عنه (4)

ص: 106


1- الشعراء : 314.
2- أي : الحنطة.
3- العس : القدح الكبير وجمعه : عساس وأعساس ( النهاية لابن الاثير 2 / 236 ).
4- أي امتلئوا وشبعوا.

ثم قال لعلي علیه السلام : اسقهم ، فجاءهم بعس اللبن ، فشربوا منه عن آخرهم حتى ارتووا ، ثم أراد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الكلام ، فبدره (1) أبو لهب ، فقال القوم : لو لم تستدلّوا على سحر صاحبكم إلا بما رأيتموه صنع في هذا الطعام واللبن لكفاكم!. ثم قام وقاموا ، فافترقوا من قبل أن يذكر لهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ما أراد ذكره ، فصنع لهم من غد مثل ذلك وجمعهم عليه ، فلما أكلوا وشربوا ، قال لهم : يا بني عبد المطّلب إني واللّه ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بمثل ما جئتكم به ، لقد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ولقد أمرني اللّه عز وجل أن أدعوكم إليه فأطيعوني تنجوا من النار وتكونوا ملوك الأرض ، فأيّكم يؤازرني على أمرى أن يكون أخي ووصيي ووليي وخليفتي فيكم ، فأحجم (2) القوم عن جوابه.

فلما رأى ذلك علي علیه السلام - وهو يومئذ أحدثهم سنا - ، قال : يا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنا أكون وزيرك على أمرك ، فأخذ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بيده ، وقال : هذا أخي ووصيي ووليي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا. فانصرفوا يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك ابن أخيك أن تسمع وتطيع لابنك.

وهذا أول عهد أخذه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام وكان ذلك بمكة قبل هجرته في حياة أبي طالب عمّه.

وروى هذا الحديث بهذا النص محمد بن إسحاق صاحب المغازي وغيره من علماء العامة وجاء كذلك عن أهل البيت صلوات اللّه عليهم ورحمته وبركاته ، وأخذ له بعد ذلك في مواطن كثيرة على المهاجرين

ص: 107


1- أي منعه من الكلام.
2- أي امتنعوا عن الجواب.

والأنصار الى أن قبض صلی اللّه علیه و آله وكان كثير من المهاجرين والأنصار يعرفون ذلك له ويقولونه ويدعونه مولاهم كما نحله (1) رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله.

[ من كنت مولاه فعلي مولاه ]

ذكر من مكان يدعو عليا مولاه ممن والاه من المهاجرين والأنصار ، وقد كان لعلي علیه السلام شيعة معروفون باعتقاد ولايته مشهورون بذلك في حياة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعد وفاته منهم سلمان وعمّار ومقداد وأبو ذر وغيرهم وكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يذكرهم بالفضل في ذلك ويدعوهم شيعة علي ويذكّرهم ما أعدّه اللّه لهم من ثوابه على ولايتهم إياه ، وروى ذلك الخاصّ والعام عنه ، وسيأتي في هذا الكتاب ما يجب أن نذكره فيه من ذلك ، ومنه قوله صلی اللّه علیه و آله : شيعة علي هم الفائزون ، وهو سمّاهم : الشيعة.

ومما قدّمنا ذكره مما كان يؤثر عن غيرهم ما ذكره.

[28] رياح بن الحارث [ النخعي ] ، قال : كنا جلوسا عند علي علیه السلام إذ أقبل ركب وهم متلثمون (2) بعمائهم حتى نزلوا وواجهوا عليا علیه السلام ، فقالوا : السلام عليك يا مولانا. فقال لهم : وعليكم السّلام ، ألستم من العرب؟ قالوا : نعم ، نحن من الأنصار ، وهذا أبو أيوب فينا ، فحسر (3) أبو أيوب عمامته عن وجهه ، وقال : سمعت وهؤلاء الرهط معي يوم غدير خم ، ما سمعناه من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ونحن عليه ، فقال : وما سمعتم منه؟

ص: 108


1- نحله اي أعطاه وسمّاه.
2- اللثام : ما كان على الفم من النقاب. ( مختار الصحاح ص 592 ).
3- حسر : كشف ، والانحسار : الانكشاف ( المختار ص 135 ).

قالوا : سمعناه يقول : ما قد علمت إذ أخذ بيدك وأقامك ، فقال : من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللّهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحق معه حيث دار ، فأنت مولانا ونحن أنصارك فأمرنا ما شئت. فأثنى عليهم خيرا (1) ، وتحدثوا عنده ، وانصرفوا.

[29] حبيب بن يسار (2) ، عن أبي رملة ، قال : كنت جالسا عند علي علیه السلام في الرحبة إذ أقبل إلينا أربعة على نجائب (3) ، فأناخوها عن بعد ثم تقدموا حتى وقفوا على علي علیه السلام ، فقالوا : السلام عليك يا مولانا. قال : وعليكم السّلام ، من أين أقبلتم ، قالوا : أقبلنا من أرض كذا وكذا. قال : ولم دعوتمونى مولاكم؟ قالوا : سمعنا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوم غدير خم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه. فقال - عند ذلك - : اناشد اللّه رجلا سمع من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول ما يقوله هؤلاء الرهط إلا قام ، فتكلم ، فقام اثنا عشر رجلا ، فشهدوا بذلك.

[30] أبو نعيم الفضل بن [ دكين ] (4) قال : قلت لعطية بن خليفة : كم كان بين قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من كنت مولاه ، إلى يوم وفاته؟ قال : مائة يوم (5).

ص: 109


1- اي : دعا لهم بالخير.
2- وفي الأصل جبيب بن بشار.
3- والنجائب : جمع نجيبة ، تأنيث النجيب وهو الفاضل من كل حيوان. والمراد في الرواية الإبل.
4- وفي الأصل : الفضل بن زكي.
5- والظاهر أن عطية غير ناظر الى خطبة الرسول في غدير خم حيث إن بين واقعة الغدير ( 18 ذي الحجة ) وبين وفاة الرسول صلی اللّه علیه و آله ما يقارب 70 يوما.

[31] إبراهيم بن خيار ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام قال : تقدم الى عمر بن الخطاب رجلان يختصمان وعلي علیه السلام جالس الى جانبه ، فقال له : اقض بينهما يا أبا الحسن ، فقال أحد الخصمين : يا أمير المؤمنين يقضي هذا بيننا وأنت قاعد. قال : ويحك أتدري من هذا؟ هذا مولاي ومولى كل مسلم ، فمن لم يكن هذا مولاه فليس بمسلم.

ومن قال ذلك ويقوله الى يوم القيامة فيما بعده ، من لا يحصى عددهم من المسلمين إلا اللّه ، فمن قال ذلك عارفا بحق علي علیه السلام وحقوق الائمة من ولده مسلّما لأمرهم ومتّبعا لما جعله اللّه ورسوله لهم ، فقد أخذ بحظه ، ومن أنكر ذلك وجحده فهو ممن قال اللّه عز وجل [ فيهم ] : « وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا » (1).

أعاذنا اللّه من جميع ذلك وجميع المؤمنين وجمع على معرفتهم والتسليم لأمرهم جميع الخلق أجمعين.

ص: 110


1- النمل : 14.

[ عليّ كنفس رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ]

اشارة

قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إن عليا علیه السلام كنفسه :

[32] عبد اللّه بن شداد قال : وفد على رسول اللّه وفد من اليمن ، فقال لهم النبيّ صلی اللّه علیه و آله : لتقيمن الصلاة وتؤتون الزكاة أو لأبعثن عليكم رجلا كنفسي [ يقاتل مقاتلتكم ويسبي ] (1) ذراريكم و[ يأخذ ] أموالكم وهو هذا ، ثم أخذ بعضد علي علیه السلام .

[33] صفية بنت شيبة عن ابن أنس ، قالت : توعّد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أهل الطائف. فقال : يا أهل الطائف لتقيمن الصلاة وتؤتون الزكاة أو لأبعثن [ إليكم ] رجلا كنفسي يعصاكم بالسيف ، ثم أخذ بيد علي علیه السلام فرفعها. فقال عمر : بخ بخ - إن هذه للفضيلة -.

[ ضبط الغريب ]

قوله يعصاكم بالسيف ، يقال منه عصى بسيفه ، فهو يعصي ، إذا أخذه أخذ العصى ، وذلك إذا ضرب به ضرب العصى ، قال الشاعر :

ص: 111


1- وفي الأصل : ( نسخة ب ) رجلا كنفسي يخمس ذراريكم واموالكم. راجع تخريج الحديث لمعرفة مصدر التصحيح.

وان المشرفية ما علمتم *** إذا تعصى بها نفس الكرام

[34] محمد بن حميد ، يرفعه ، قال : انقطعت نعل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فأخذها علي علیه السلام ليصلحها وتخلّف ، ورسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : لئن لم ينته بنو وليعة لأبعثن عليهم رجلا كنفسي يقتل المقاتلة ويسبي الذرية ، فقال عمر لأبي ذر : يا أبا ذر من تراه يعني؟ قاله له أبو ذر - ورسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يسمعه - : ليس يعنيك يا عمر ولا صاحبك ، إنما يعني بذلك صاحب النعل.

وهذا خبر أيضا مأثور مشهور دلّ به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على فضل علي علیه السلام وإمامته إذ مثّله بنفسه وعدله به ولم يكن ينبغي لمن سمع ذلك من رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وبلغه عنه أن يتقدم على علي علیه السلام لأن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله قد جعله كنفسه وأقامه مقامه وتوعّد به من توعّده لما قد علمه الخاصّ والعام من شجاعته وشدته في أمر اللّه (1) وأمر رسوله ، وإنه لم يقصد أحدا فقام له ولا بارز أحدا إلا قتله ولا انهزم ولا ولّى دبره ، وكان علیه السلام يلبس درعا صدرا بلا ظهر ، فقيل [ له ] في ذلك؟ فقال : إذا ولّيت عدوي ظهري فليصنع فيه ما شاء (2).

ص: 112


1- أي حريص على امتثال أوامر اللّه ورسوله مهما كلف الثمن.
2- وهذا اروع وابدع مثال للشجاعة والتضحية في سبيل اللّه.

[ قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : علي مني يؤدي ديني ويقضي عداتي ]

اشارة

[35] جابر بن عبد اللّه أبي إسحاق عن بصيرة بن مريم قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : يا علي أنت أخي ووصيي وخليفتى من بعدي وأبو ولدي تقاتل على سنتي وتقضي ديني وينجز عداتي من أحبّك في حياتك فهو كنز اللّه له ، ومن أحبّك بعد موتك ختم اللّه (1) له بالأمن والأمان ، ومن مات وهو يحبك فقد قضى نحبه بريا من الآثام ومن مات وهو يبغضك مات ميتة جاهلية وحوسب بما عمل في الإسلام.

[36] [ حبشي بن جنادة السلولي ] (2) ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : علي مني وأنا منه ولا يقضي عني ديني إلا أنا أو علي.

وهذا أيضا خبر مأثور مشهور ، وقد قضى علي علیه السلام دين رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأنجز عداته بعد وفاته كما أمره بذلك بعد أن أمر بأن ينادى في الناس ألا من كان له على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله دين أو وعده بشيء فليأت عليا علیه السلام . فقضى ذلك من أتاه فيه وهذا لا يفعله إلا مستخلف. وكذلك لما هاجر رسول اللّه صلّى اللّه

ص: 113


1- ختم اللّه له : أي صانه ومنحه الأمن والأمان.
2- وفي الاصل حبيب بن جيادة السكوني.

عليه وآله الى المدينة استخلف عليا علیه السلام في أهله ، وأمر بأن يقضى عنه دينه ويؤدي ما كان عنده من وديعة وأمانة الى من كان له ذلك وكان بذلك خليفته في حياته وبعد وفاته ووصيّه كما ذكر ذلك صلی اللّه علیه و آله ، فمن ادعى الخلافة غيره أبطل هذا دعواه.

ومما قضى عنه من الدين دين اللّه عز وجل الذي هو أعظم الديون وذلك ما كان افترضه عليه ، فقبض صلوات اللّه عليه وآله قبل أن يقضيه وأوصى عليا علیه السلام بقضائه عنه وذلك قول اللّه عز وجل : « يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ » (1) ، فجاهد الكفار في حياته. وأمر عليا علیه السلام أن يجاهد المنافقين بعد وفاته ، فجاهدهم وقضى بذلك دين رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الذي هو أعظم [ ما ] كان عليه لربه تعالى.

[37] ومن ذلك ما روي عنه علیه السلام إنه قال : أمرني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بجهاد الناكثين ، فجاهدتهم ( وهم أصحاب طلحة والزبير ) بايعوني راغبين طائعين ، ثم نكثوا بيعتهم بغير سبب أوجب ذلك ، وأمرني بقتال القاسطين فقاتلتهم ( وهم أصحاب الشام معاوية وأصحابه ) ، وقال علیه السلام : وأمرني أن اقاتل المارقين فقاتلتهم ( وهم الخوارج ، أهل النهروان ).

[ ضبط الغريب ]

القسوط في اللغة : الميل عن الحق. قال اللّه عز وجل : « وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً » (2) ، ومنه اشتق القسط : وهو اعوجاج القدمين وانضمام الساقين ، والقسط خلاف الفجج ، والإقساط خلاف القسوط ، الاقساط العدل

ص: 114


1- التوبة : 73.
2- الجن : 15.

في القسمة ، يقال من القسوط ، رجل قاسط : أي مائل عن الحق ، ومن الاقساط ، رجل مقسط : أي عدل ، وإذا حكم بالعدل قيل : أقسط ، والقسط : التعديل بالحق ، يقال : أخذ كل إنسان قسطه : أي حصته بالعدل ، ومن القسوط قول غزالة للحجاج : (1) إنك عادل قاسط : أي تعدل عن الحق ، فتشرك به. وتقسط عن الحق : أي تميل عنه. فقيل لأصحاب معاوية قاسطون : لميلهم عن الحق الذي مع علي علیه السلام الى الباطل الذي عليه معاوية.

وقال علیه السلام : وأمرني أن اقاتل المارقين ( وهم الخوارج ). والمروق : الخروج من الشيء ، وهذا اسم نحله رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله للخوارج ، وقد ذكرهم ، فقال : يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.

ص: 115


1- وقد نقل المؤرخون هذا القول للشهيد البطل سعيد بن جبير في محادثة جرت بينه وبين الحجاج بن يوسف الثقفي في مجلسه. ( راجع أعيان الشيعة مجلد 7 / 235 ).

[ علي عليه السلام أمير المؤمنين والوصي والخليفة ]

اشارة

نصّ النبيّ صلی اللّه علیه و آله على علي بالوصية والخلافة وامرة المؤمنين ، وقد ذكرت في الباب الذي قبل هذا الباب : قول النبيّ صلوات اللّه عليه وآله لعلي علیه السلام : أنت أخي ووصيي. وفيما قبله من قوله له يوم جمع بني عبد المطّلب يعرض عليهم أيّهم يوازره على أمره على أن يجعله أخاه ووصيه ووليه وخليفته من بعده ، وإنهم أحجموا (1) عن ذلك. وسارع علي علیه السلام النبيّ. فقال لهم : هذا أخي ووصيي وخليفتي ووليي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا.

فهو كما ذكر خبر مشهور. ورواه أكثر أصحاب الحديث ، وممن رواه وأدخله في كتاب ذكر فيه فضائل علي علیه السلام غير من تقدمت ذكره : محمد بن جرير الطبري وهو أحد أهل بغداد من العامة عن قرب عهد في العلم والحديث والفقه عندهم ، أورده فيه ، انه قال : حدثنا محمد بن حميد ، قال : حدثنا سلمة بن الفضل ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن عبد الغفار بن القاسم ، عن المنهال بن عمر ، عن عبد بن الحارث بن نوفل ، عن العباد بن الحارث بن عبد المطّلب ، عن ابن عباس ، عن علي علیه السلام وذكر الحديث ...

ص: 116


1- أي : امتنعوا.

وحكاه من طرق شتى غير هذا الطريق. ولو ذكرت من رواه لاحتاج ذلك الى كتاب مفرد ، وهو من أشهر الأخبار وأوضحها وأثبتها في إمامة علي علیه السلام من رواية العامة بذلك وإقرارهم له بأن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله جعله أخاه ووصيه ووليه وخليفته من بعده وأمر الناس بالسمع والطاعة له.

[38] وعن الطبري بإسناده له من عباد ، عن علي علیه السلام إنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من يؤدي ديني ويقضي عداتي ويكون معي في الجنة؟ فقلت : أنا يا رسول اللّه.

[39] وبإسناد له آخر ، عن أبي طفيل ، قال : قال علي علیه السلام لعثمان وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن وعبد اللّه بن عمر : اناشدكم اللّه هل تعلمون أن لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وصيا غيري ، قالوا : اللّهمّ لا.

[40] وبإسناد له عن سلمان الفارسي ، قال : قلت لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا رسول اللّه إنه لم يكن نبيّ إلا وله وصي ، فمن وصيك؟؟ قال : وصيي وخليلي وخليفتي في أهلي وخير من أترك بعدي ومؤدي ديني ومنجز عداتي علي بن أبي طالب.

[41] وبإسناد له آخر برفعه الى علي بن أبي طالب علیه السلام ، إنه قال : أوصاني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عند وفاته وأنا مسنده الى صدري ، فقال لي : يا علي ، اوصيك بالعرب خيرا - يقولها ثلاث مرات - ثم سالت نفسه في يديّ.

أقول : وإيصاؤه إياه بالعرب قاطبة مما يبين استخلافه إياه على الامة لأن ذلك لا يوصي به إلا من يملك أمرها من بعده.

[42] وبآخر عن محمد بن القاسم الهمداني ، قال : شهدت مع علي علیه السلام

ص: 117

على قتال الحرورية (1) ، فنزل بقرب دير دون النهر بأرض فلاة ، فلم يجد الناس الماء فأتوه وذكروا له ذلك فقام ودعى ببغل فركبه ثم أتى موضعا بقرب الدير ، فأدار البغل حوله سبع مرات وهو ينظر إليه ، ثم قال : احفروا هاهنا ، فحفروا ، فخرجت عين من ماء ، فشرب الناس وسقوا واستقوا ، فنزل الديراني ، فقال للناس من أنتم ، فقالوا : نحن من ترى وأخبروه بخبرهم ، فقال : إن لي في هذا الدير كذا وكذا من السنين ولحقت به من له أكثر من ذلك وما علمنا أن هاهنا ماء وكنا نخبر بأن هاهنا عينا لا يخرجها إلا نبي أو وصيّ نبي ، قالوا : فهذا وصيّ نبينا هو الذي أخرجها.

[43] وبآخر رفعه الى أبي أيوب الأنصاري ، قال : مرض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فأتته فاطمة علیهاالسلام تعود [ ه- ] ، فلما رأت ما به من المرض ، بكت ، فقال لها : يا فاطمة ، إن اللّه عز وجل لكرامته إياك زوّجك أقدمهم سلما ، واكثرهم علما وأعظمهم حلما. وإن اللّه تبارك وتعالى اطّلع على الأرض اطلاعة ، فاختارني منها فبعثني نبيا ، ثم اطلع إليها الثانية فاختار منها بعلك (2) فجعله لي وصيا ، وإنّا أهل بيت قد اعطينا سبعا لم يعطها أحد قبلنا : نبينا أفضل الأنبياء وهو أبوك ، ووصينا أفضل الأوصياء وهو بعلك ، وشهيدنا أفضل الشهداء وهو عمّ أبيك حمزة ، ومنّا من جعل اللّه له جناحين يطير بهما في الجنة مع الملائكة حيث يشاء وهو ابن عمّ أبيك جعفر ، ومنّا سبطا هذه الامة وهما ابناك الحسن والحسين ،

ص: 118


1- الحرورية : طائفة من الخوارج نسبوا الى الحروراء موضع قريب من الكوفة وكان أول مجتمعهم وتحكيمهم فيها ، وهم أحد الخوارج الذين قاتلهم علي علیه السلام ( النهاية 1 / 367 ).
2- البعل : الزوج.

ومنّا والذي نفسي بيده مهديّ هذه الأمة وهو من ولد ولدك هذا - وضرب بيده على الحسين علیه السلام -.

[44] وبآخر رفعه الى ابن عباس إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله نظر الى علي علیه السلام وأشار بيده إليه وقال ( لمن حضره من الناس ) : هذا الوصي على الأموات من أهل بيتي والخليفة على الأحياء من أمتى.

[45] وبآخر رفعه إلى أنس بن مالك. قال : كنت خادم النبيّ صلی اللّه علیه و آله ، فدعاني بوضوء ، فأتيته به فتوضأ ، ثم صلّى ركعتين ، ثم دعاني ، فقال : يا أنس يدخل عليك الآن أمير المؤمنين وسيد المسلمين وخير الوصيّين وأولى الناس بالناس أجمعين.

قال أنس : فقلت في نفسي : اللّهمّ اجعله من الأنصار ، فضرب الباب ، ففتحته فاذا علي بن أبي طالب علیه السلام .

فقام النبيّ صلی اللّه علیه و آله إليه فجعل يمسح من وجهه ويمسحه بوجه علي علیه السلام ويمسح من وجه علي علیه السلام فيمسح وجهه ، فدمعت عينا علي علیه السلام ، فقال : يا نبيّ اللّه هل نزل فيّ شيء فما رأيتك فعلت بي مثل هذا قط؟ ... فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : وما لي لا أفعل بك وأنت تسمع صوتي وتبرء مني وتبيّن للناس ما اختلفوا فيه من بعدي.

وهذا من قول اللّه عز وجل : « وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ » (1) فأقام عليا علیه السلام لبيان ذلك من بعده.

[46] وبآخر يرفعه الى حذيفة اليماني ، قال : خرج إلينا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوما وهو حامل الحسن والحسين على عاتقه فقال : هذان خير الناس أبا واما ، أبوهما علي بن أبي طالب أخو رسول اللّه صلّى اللّه

ص: 119


1- النحل : 64.

عليه وآله ووزيره ووصيه وابن عمّه وخليفته من بعده وسابق رجال العالمين الى الإيمان باللّه ورسوله وامهما فاطمة بنت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أفضل نساء العالمين.

وهذان خير الناس جدا وجدة ، جدهما رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وجدّتهما خديجة أول من آمن باللّه. وهذان خير الناس عمّا وعمّة ، عمّهما جعفر الطيار في الجنة وعمّتهما أم هاني بنت أبي طالب ما أشركت باللّه طرفة عين (1).

هذان خير الناس خالا وخالة ، خالهما القاسم بن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وخالتهما زينب بنت رسول اللّه.

إن اللّه عز وجل اختارنا ( أنا وعليا وحمزة وجعفر ) يوم بعثني برسالته وكنت نائما بالأبطح (2) وعلي نائم عن يميني وحمزة عن يساري وجعفر عند رجلي فما انتبهت إلا بحفيف (3) أجنحة الملائكة ، فنظرت فاذا أربعة من الملائكة ، واحدهم يقول لصاحبه : يا جبرائيل ، الى أيّ الأربعة ارسلت ، فرفسني برجله ، وقال : الى هذا.

قال : ومن هذا؟!

قال : محمد سيد المرسلين.

قال : ومن هذا عن يمينه؟؟

قال : علي سيد الوصيّين.

قال : ومن هذا عن يساره؟؟

ص: 120


1- أي : لحظة.
2- قال ابن الأثير في النهاية 1 / 134 : الأبطح : يعني أبطح مكة وهو مسيل واديها وتجمع على البطاح والأباطح. ومنه قيل قريش البطاح وهم الذين ينزلون أباطح مكة وبطحاءها.
3- أي : محدقة به.

قال : حمزة سيد الشهداء.

قال : ومن هذا عند رجليه؟؟

قال : جعفر الطيّار في الجنة.

[ ضبط الغريب ]

قوله صلی اللّه علیه و آله : فرفسني برجله : الرفسة : الصدمة بالرجل في الصدر.

[47] وبآخر يرفعه الى أبي رافع ، قال : لما قبض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وكان من أمر الناس ما كان ، قام علي علیه السلام خطيبا ، فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبيّ صلی اللّه علیه و آله وذكر ما منح اللّه بهم أهل البيت إذ بعث فيهم رسول منهم وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا (1) ، ثم قال : أنا ابن عمّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأبو بنيه والصديق الأكبر وأخو رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لا يقولها أحد غيري إلا كاذب ، أسلمت وصلّيت معه قبل الناس ، وأنا وصيه وخليفته من بعده وزوج ابنته سيدة نساء العالمين ، ونحن أهل بيت الرحمة ، بنا هداكم اللّه من الضلالة وبصّركم من العمى ، ونحن نعم اللّه فاتقوا اللّه يبقي عليكم نعمه.

[48] وبه عنه ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلى علیه السلام أما ترضى يا علي [ أن تكون ] أخي ووصيّي ووزيري ووليّي وخليفتي من بعدي.

[49] وبآخر ، صفية (2) قالت لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إنه ليس من

ص: 121


1- كما ورد في سورة الأحزاب الآية 33.
2- صفية بنت حيي بن اخطب ( الإصابة 4 / 346 ).

نسائك الامن لها ان كان كون من تلجأ إليه ، فان كان كون فإلى من تلجأ صفية؟ قالت : فقال لي [ صلی اللّه علیه و آله ] : إلى علي علیه السلام .

[50] وبآخر يرفعه الى أبي رافع ، قال : كنت جالسا عند أبي بكر بعد أن بايعه الناس ، إذ أتاه علي علیه السلام والعباس يختصمان في تراث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فافتتح العباس الكلام ، فقال له أبو بكر : لا تعجل ، فاني اسألك أمرا ، اناشدك اللّه هل تعلم إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أجمع بني عبد المطّلب وأولادهم وأنت فيهم ، فقال : يا بني عبد المطّلب إن اللّه لم يبعث نبيا إلا جعل له أخا ووزيرا ووارثا ووصيا وخليفة في أهله ، فمن يقوم منكم فيبايعنى على أن يكون أخي ووزيري ووارثي ووصيّي وخليفتي في أهلي ، فأمسكتم ، ثم أعاد الثانية ، فأمسكتم ، ثم أعاد الثالثة فأمسكتم ، فقال : لئن لم يقم قائمكم ليكونن في غيركم ، ثم لتندمن ، فقام هذا ( يعني عليا علیه السلام ) من بينكم ، فبايعه الى ما دعاكم إليه وشرط له عليكم ما شرط ، أتعلم ذلك يا عباس؟

قال : نعم ، هذا قول أبي بكر.

[51] وبآخر رفعه الى أبي سعيد الخدري [ إنه ] قال : اعتلّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فكنت عنده إذ دخلت فاطمة علیهاالسلام ، فلما رأته لما به ، بكت. فقال : ما يبكيك يا فاطمة. قالت : أخشى الضيعة بعدك يا رسول اللّه؟؟! قال : يا فاطمة ، أما علمت أن اللّه عز وجل اطّلع الى أهل الارض اطلاعة واختار منهم أباك ، فبعثه نبيا ثم اطلع الثانية فاختار منهم بعلك ، فأوحى إليّ أن ازوجك به ، فاختاره لي وصيا يا فاطمة ، أما علمت أن لكرامة اللّه إياك زوّجك أعظم الناس حلما واكثرهم علما وأوفرهم فهما وأقدمهم سلما. فاستبشرت وسرّت. فأراد النبيّ

ص: 122

صلی اللّه علیه و آله أن يزيدها من الفضل الذي أعطاه اللّه إياه. فقال : يا فاطمة إن لعلي سبعة أضراس قطع (1) ليست لأحد غيره : إيمانه باللّه ورسله ، وحكمته ، وعلمه بكتاب اللّه وفهمه ، وزوجته فاطمة بنت محمد ، وابناه الحسن والحسين سبطا هذه الامة ، وأمره بالمعروف ، ونهيه عن المنكر.

يا فاطمة ، إن اللّه عز وجل أعطانا خصالا لم يعطها أحد من الأولين ولا يدركها أحد من الآخرين ، نبينا خير الأنبياء وهو أبوك ، ووصينا خير الأوصياء وهو بعلك ، وشهيدنا خير الشهداء وهو عمّ أبيك (2) ، ومنا من جعل اللّه له جناحين يطير بهما في الجنة مع الملائكة حيث يشاء وهو ابن عمّ أبيك ، ومنّا سبطا هذه الامة وهما ابناك ومنّا المهدي - وضرب بيده على ظهر الحسين ، وقال : - وهو من ولد ولدك هذا ( يقولها ثلاث مرات ) (3).

[52] وبآخر رفعه الى ابن عباس ، قال : قال علي علیه السلام في حياة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن اللّه عز وجل يقول : « أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ) (4) واللّه لا ننقلبن على أعقابنا بعد إذ هدانا اللّه ولئن مات أو قتل لاقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت واللّه لإني لأخو

ص: 123


1- أضراس قطع : فقد شبّه الرسول الكريم صلی اللّه علیه و آله فضائله علیه السلام بالأضراس لأجل قوتها ورصانتها وعظمتها بحيث يتحدى من يجابهه بها. وفي كتاب سليم بن قيس : أن لعلي بن أبي طالب ثمانية أضراس تواقب.
2- وهو حمزة بن عبد المطّلب سيد الشهداء.
3- وفي بحار الانوار 28 / 53 الحديث 31 أضاف : مهديّ هذه الامة الذي يملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
4- آل عمران : 144.

رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ووليه وابن عمّه ووصيه ووارثه وخليفته من بعده ، فمن أحقّ به مني.

[53] وبآخر يرفعه أيضا الى ابن عباس ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لأمّ سلمة : يا أمّ سلمة اشهدي هذا علي أمير المؤمنين وسيد الوصيّين وعيبة العلم ومنار الدين وهو الوصي على الأموات من أهلي والخليفة على الأحياء من امتي.

[54] وبآخر يرفعه الى الأصبغ بن نباتة ، قال : كنا مع علي علیه السلام بالبصرة وهو راكب على بغلة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فقال لنا : ألا اخبركم بأفضل الخلق عند اللّه يوم يجمع اللّه الخلق. فقال أبو أيوب الأنصاري : أخبرنا يا أمير المؤمنين. فقال : أفضل الخلق عند اللّه يوم يجمع اللّه الخلق الرسل علیهم السلام ، وأفضل الرسل نبينا محمّد صلی اللّه علیه و آله وأفضل الخلق بعد الرسل الأوصياء ، وأفضل الأوصياء وصيّ نبينا علیهم السلام ، وأفضل الخلق بعد الأوصياء الأسباط وأفضل الأسباط سبطا نبيكم - يعني الحسن والحسين علیهم السلام - وأفضل الخلق بعد الأسباط الشهداء ، وأفضل الشهداء حمزة بن عبد المطّلب وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين المخضبين ، [ هذه ] تكرمة خصّ اللّه بها محمّدا نبيكم صلی اللّه علیه و آله ، والمهديّ المنتظر في آخر الزمان لم يكن في امة من الامم مهدي ينتظر غيره.

[55] وبآخر عن سلمان (رحمه اللّه) ، قال : قلتم : كان الف نبي والف وصي فاهتدت الأنبياء والأوصياء وضلّ وصيّ نبينا من بينهم؟ كذبتم واللّه ما ضلّ ولكنه كان هاديا مهديا.

[56] وبآخر عن علي علیه السلام إنه قال كان الف وصي والف نبي ، واللّه ما بقى منهم غيري.

ص: 124

[57] وبآخر عن كريم ، قال : شهدت الجمل مع عائشة وأنا مملوك لواء عائشة مع مولاي ، فكنت بين يدي هودجها وهو مجلّل بالدروع ، فبينا نحن كذلك إذ جاء أحنف ابن قيس ، فوقف الى مولاي فوعظه ونهاه عما ارتكبه وأمره بالرجوع ، فسكت مولاي عنه ، ولم يجبه بشيء ، وانصرف الأحنف ، ثم تحرك الناس حركة ، فقيل : ما هذا ، فقالوا : مستأمن جاء إلينا ، فنظرنا ، فإذا هو عمّار بن ياسر ، فجاء حتى وقف بين يدي الهودج ، فقال : يا أمّ المؤمنين ، اتقي اللّه ولا تسفكي هذه الدماء بين يديك وأنت امرأة ، ولست من هذا في شيء ، فانصرفي الى بيتك.

فسكتت عنه عائشة ولم تجبه بشيء.

فقال : اذكر اللّه والقرآن الذي أنزله اللّه في بيتك على رسوله ، أما علمت أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله جعل عليا علیه السلام وصيه على أهله ، فبإذن من خرجت؟؟ فاتقي اللّه وارجعي. فسكتت ولم تجبه بشيء ، فانصرف.

ثم تحرك الناس حركة ، فقلنا ما هذا؟؟. فقيل مستأمن جاءنا ، فنحن على ذلك ، إذ نظرنا الى علي علیه السلام قد أقبل وعليه بردان وعمامته سوداء متقلّدا بسيفه حتى وقف بين يدي الهودج ، فقال : يا عائشة ، اتقي اللّه ولا تسفكي هذه الدماء اليوم علي يديك وبسببك ، فلست مما هنالك في شيء ، أنت امرأة ، فانصرفي ، فلم تجبه بشيء. فقال : اذكرك اللّه والقرآن الذي أنزله على رسوله في بيتك ، أما علمت أن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله جعلني وصيا على أهله ، فبإذن من خرجت؟؟ فارجعي ، فسكتت ، ولم تجبه بكلمة ، فناشدها اللّه [ العودة ] وكلّهما ووعظها فلم تكلّمه ، فانصرف ، ودارت الحرب.

[58] وبآخر عن سلمان الفارسي ، قال : قلت لرسول اللّه صلوات اللّه عليه

ص: 125

وآله : يا رسول اللّه ، إنه لم يكن نبي إلا وله وصي! ، فمن وصيك؟؟ قال : يا سلمان لم يبيّن لي بعد (1)؟ قال : فمكثت بعد ذلك ما شاء اللّه ، ثم دخلت المسجد ، فناداني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا سلمان ، فأتيته.فقال : يا سلمان كنت قد سألتني من وصيّي في امتى ، فمن كان وصيّ موسى؟؟ فقلت : يوشع (2) وقال : لم كان وصيه؟؟ قلت : اللّه ورسوله أعلم. قال : لأنه كان أعلم امته من بعده ، وأعلم امتى من بعدي علي بن أبي طالب وهو وصيّي.

[59] وبآخر عن أبي رافع ، قال : لما كان اليوم الذي قبض فيه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، اغمي عليه ، ثم أفاق وأنا أبكي وأقول : من لنا بعدك يا رسول اللّه؟؟ فقال : لكم بعدي اللّه تعالى ذكره ووصيّي علي صالح المؤمنين.

[60] وبآخر عن حسن الصنعاني ، قال : سمعت عليا علیه السلام يقول : نحن النجباء ، وإفراطنا إفراط الأنبياء وأنا وصيّ الأوصياء.

فهذه الأخبار ثابتة ، وكلها وما تقدم قبلها وما نذكره في هذا الكتاب بعدها مما قد رواه الثقات عند العامة من أصحاب الحديث والفقهاء منهم عندهم وأهل الفضل فيهم ، بعد أن اختصرت - كما شرطت في أول هذا الكتاب - أكثر مما جاء في ذلك ، واقتصرت على حديث واحد من كل فن ، وحذفت التكرار الذي يدخله أصحاب الحديث وغيرهم باختلاف الأسانيد وغير ذلك فيما يريدون به التأكيد ، وفيما ذكرته من ذلك وجئت به في هذا الباب أبين البيان على إمامة علي علیه السلام ، وأنه أولى الناس بها بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وبأنه وصيه من بعده وكل وصي كان لنبي تقدم

ص: 126


1- هكذا في الأصل وفي مجمع الزوائد 9 / 113 : فسكت عني فلما كان بعد رآني. قال : يا سلمان ...
2- يوشع بن نون.

قبله فهو وليّ امته من بعده ، والذي يقوم لها مقامه ، فلا اختلاف بين الامة في ذلك وبأنه نصّ عليه بأنه أمير المؤمنين ، فكيف ينبغي لغيره أن [ يتسمى ] (1) معه بهذا الاسم بعد رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله أو يتأمّر عليه وقد جعله رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أمير المؤمنين وأمّره بذلك عليهم أجمعين ونصّ - أيضا - عليه فيما ذكرناه بأنه خليفته على امته ، فمن أين يجوز لأحد أن يدعى أنه خليفة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعده معه؟ بل أي نصّ ، وأي تأكيد ، وأي بيان يكون أبلغ من هذا ، وأيّ شبهة فيه؟؟ إلا على من أعمى اللّه قلبه واتبع هواه وصرح بالخلاف على اللّه عز وجل وعلى رسوله صلی اللّه علیه و آله . نعوذ باللّه من الحيرة والضلال والكون في جملة الجهال.

وأعجب ما جاء من هذا الباب احتجاج أبي بكر على العباس بما كان من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوم جمع بني عبد المطلب من اقامته عليا وأخذه البيعة له بالاخوة والوصاية والوراثة والوزارة والخلافة ، وأمّره إياهم بالسمع والطاعة له.

وقد ذكرت الحديث قبل هذا بتمامه وهو من مشهور الأخبار عن الخاص والعام ، فاذا كان ذلك كذلك وهو الأخ والوزير والوصي والوارث والخليفة ومستحقّ تراث رسول اللّه فمن أين وجب لأبي بكر وغيره أن يدّعوا أنهم خلفاء رسول اللّه وأن يقوموا مقامه من بعده ، وليس أحد منهم يدعي أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال له مثل ذلك ولا شيئا مما قدمنا ذكره ويأتي بعد في هذا الكتاب مما يوجب إمامة علي علیه السلام وما هذا إلا كما قال اللّه تعالى : « فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ » (2) وقوله تعالى « أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها » (3).

ص: 127


1- وفي الأصل : أن يتمسّى.
2- الحج : 46.
3- محمّد : 24.

وأكثر مما سمعناه وتأدى إلينا عن المتعلّقين بهؤلاء من ضعفاء الامة إن أحدهم إذا خوطب بمثل هذا وقامت الحجة عليه فيه ولم يجد مدفعا لها أن يقول : أفتكفّر أبا بكر وعمر وجميع الصحابة الذين بايعوا لهما؟؟ فيقال له : فأي لكع ، فلا تكفرهم أنت - إن شئت - وتخالف أمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وتكذبه ، فتكون أنت الكافر. ولقد صدق من قال : إن مجيء علي علیه السلام مع العباس إلى أبي بكر يختصمان إليه إنه انما كان لما أراده من إقامة الحجة عليه بمثل ما أقرّ به ، وبأنه لو لم يقرّ بذلك لاحتج به وبغيره عليه علي صلوات اللّه عليه وكبته فيه وقرره على تعديه ، فلما كفاه ذلك باقراره ، سكت عنه ، وكان اختصامهما في ذلك إليه كاختصام الملكين الى داود علیه السلام قرّراه عليه من أمر [ ال ] خطيئة (1) - واللّه أعلم -.

ولو أنا ذهبنا الى استقصاء الحجج في هذا المعنى لقطعنا عمّا أردنا من تأليف هذا الكتاب ولاحتاج ذلك الى كتاب مثله ، وفيما ذكرناه من ذلك ونذكره وأقل قليل منه بيان لذوي الألباب واللّه الموفق برحمته للصواب.

قد شرطت في أول هذا الكتاب وذكرت في آخر الباب الذي قبل هذا الباب اختصار ذكر الاحتجاج على المقتصرين بعلي أمير المؤمنين علیه السلام كما أبانه اللّه عز وجل به على لسان محمّد رسوله صلّى اللّه من الفضل والكرامة واستحقاق الوصية من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله والامامة من بعده وان ذلك إن ذكرته طال ذكره وقطع الكتاب عمّا عليه بسطته ، ثم لم أجد بدّا من ذكر هذا الفصل فيه لما قيل إنه لا بدّ للصدور من أن ينفث ، وذكري فيه ، محمد بن جرير الطبري وما رواه وبسطه من فضائل علي علیه السلام لما أردته من

ص: 128


1- وقد يذكر المؤلف هذا الموضوع مفصلا في الجزء 13 من هذا الكتاب وهذا قول هشام بن الحكم مع أحد متكلمي العباسيين.

الاخبار بذلك عن إقرار العوام وروايتهم ما قد بسطته في هذا الكتاب من ذلك ، ولأن لا يرى من سمعه إنه شاذ أو مما انفردت به الشيعة دون العامة ، فيكون ذلك مما يضعف عند عقل الضعفاء ممن لا علم له بالحديث ، ولا معرفة له بالأخبار ، ورأيت في هذا الكتاب :

ص: 129

[ نقد للطبري ]

حجة (1) احتج بها الطبري على بعض من خالفه في تفضيل علي علیه السلام وما عليه من الحجة مع إقراره بفضله.

ومما رواه في اثبات خلافته وامامته مما قد حكيت ذلك عنه في الباب الذي قبل هذا الباب مع تصحيحه ذلك وانه كبعض من قدمت ذكره ممن يتعاظم أن يكفر غيره ولا يتعاظم التكفير لنفسه ، فمن ذلك أن كتابه الذي ذكرناه وهو كتاب لطيف بسيط ذكر فيه فضائل علي علیه السلام وذكر إن سبب بسطه إياه ، إنما كان لأن سائلا سأله عن ذلك لأمر بلغه عن قائل زعم أن عليا علیه السلام لم يكن شهد مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حجة الوداع التي قيل أنه قام فيها بولاية علي بغدير خم (2) ليدفع بذلك بزعمه عنه الحديث.

ص: 130


1- هذا اول ما في النسخة « الف » واما ما تقدم من الكتاب فقد كان ساقطا من هذه النسخة إلا أنا اكملناه بالنسخة « ب ».
2- « الطبري وكتابه » ( وهو ابو جعفر محمد بن جرير المتولد سنة 224 ه- والمتوفى 310 كتابه : الولاية في طرق حديث الغدير. كتابه : الولاية في طرق حديث الغدير. وقد روى فيه من نيف وسبعين طريقا. قال الحموي في معجم الادباء 18 / 80 في ترجمة الطبري : له كتاب فضائل علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه تكلم في أوله بصحة الأخبار الواردة في غدير خم ، ثم تلاه بالفضائل ولم يتم. وقال في ص 74 : وكان إذا عرف من إنسان بدعة أبعده وأطرحه ، وكان قد قال بعض الشيوخ ببغداد بتكذيب غدير خم ، وقال : إن علي بن أبي طالب كان باليمن في الوقت الذي كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بغدير خم وقال هذا الانسان في قصيدة مزدوجة يصف فيها بلدا بلدا ومنزلا منزلا أبياتا يلوح فيها الى معنى ( حديث غدير خم ) فقال : ثم مررنا بعد بغدير خم *** كم قائل فيه بزور رجم على علي والنبي الامي وبلغ أبا جعفر ذلك فابتدأ بالكلام في فضائل علي بن أبي طالب علیه السلام وذكر طريق حديث خم فكثر الناس لاستماع ذلك واستمع قوم من الروافض من بسط لسانه بما لا يصلح في الصحابة ره. فابتدأ بفضائل أبي بكر وعمر. وقال الذهبي في طبقاته ( 2 / 254 ) : لما بلغ ( محمد بن جرير الطبري ) ان ابن داود تكلم في حديث غدير خم عمد كتابة الفضائل وتكلم في تصحيح الحديث. وقال السيد ابن طاوس في الاقبال : ومن ذلك ما رواه محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ الكبير صنفه وسماه كتاب الرد على الحرقوصية. روى حديث يوم الغدير وروى ذلك من خمس وسبعين طريقا ). الغدير 1 / 153. وقال الشيخ آغا بزرگ الطهراني في الذريعة الى تصانيف الشيعة 16 / 35 حول شخصية الطبري وكتابه ما نصه : ( كتاب غدير خم وشرح أمره كما عبر عنه كذلك في الفهرست وفي تهذيب التهذيب وفي معالم العلماء وقال هذا بعد ذلك وسماه كتاب الولاية. وقال النجاشي : ذكر طرق خبر يوم الغدير ، وصرح الجميع بأنه لأبي جعفر محمد بن جرير العامي صاحب التاريخ والتفسير الذي توفي سنة 310 ه- ومرّ رده على الحرقوصية. أقول : ظاهر توصيف هذا الكتاب وتسميته ب- ( كتاب الولاية ) وكذا ردّ الحرقوصية لا يلائم مذهب أبي جعفر الطبري العامي بشهادة كلماته في تاريخه وتفسيره بل المظنون أنها لأبي جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الامامي المعاصر لصاحب الترجمة وهو مصنف كتاب المسترشد في الامامة وانما وقع الخلط من اتحاد الاسم والكنية واسم الاب والنسبة ، ويدل عليه عدم ذكر ابن النديم هذين الكتابين للطبري العامي مع بسطه القول في ترجمته وتصانيفه ، وترجمة تلاميذه وناصريه في مذهبه المعروف بمذهب أبي جعفر الطبري في قبال سائر المذاهب كما وقع لابن النديم خلط في نسبة المسترشد الى هذا العامي مع أن في كل صفحة منه ردود على العامة. مع أن الذي نسب كتاب الغدير الى العامي في طريق الفهرست ، هو أبو بكر بن أحمد بن كامل الذي هو على مذهب استاذه أبي جعفر العامي ، ونصر مذهبه ، ومخلد والد أبي إسحاق ابراهيم بن مخلد الغير المذكور في رجالنا ، ولعله أيضا عامي. ومن تأليفات الطبري - الاخرى - الآداب الحميدة ، الايضاح ، دلائل الائمة ، المسترشد ، غريب القرآن. فضائل أمير المؤمنين ). والذي يؤيد كلام الشيخ آغا بزرك ما نقله الامين العاملي في أعيان الشيعة المجلد 9 / 199 بعد ذكر الكلمات التي أوردها ابن أبي الحديد جوبا عن كلام المرتضى في الشافي ما لفظه : وأما الأخبار التي رواها عن عمر فأخبار غريبة ما رأيناها في الكتاب المدونة. وما وقفنا عليها إلا من كتاب المرتضى ، وكتاب آخر يعرف بكتاب المستبشر لمحمد بن جرير الطبري وليس ابن جرير صاحب التاريخ بل هو من رجال الشيعة. والعجب من الشيخ آغابزرگ رحمه اللّه أنه عاد ( في نفس الجزء 16 / 256 ) ونسب تأليف فضائل أمير المؤمنين الى الطبري العامي واستدل بقول الحموي في معجم الادباء. وقد ذكر كارل بروكلمان في كتابه : ( تاريخ الأدب العربي 3 / 45 ) ترجمة محمد بن جرير الطبري ، وادعى أنه كان صاحب مذهب فقهي وسرد مؤلفاته ولم يتعرض الى هذا الكتاب. والخلاصة : أن أبا جعفر محمد بن جرير الطبري الآملي ، المعروف بهذا الاسم رجلان من كبار العلماء : أحدهما محمد بن جرير بن يزيد المولود في آمل طبرستان والساكن في بغداد المفسر والمحدث والمؤرخ والفقيه من أئمة أهل السنّة. والثاني محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي من اكابر علماء الامامية في المائة الرابعة ومن أجلاّء الأصحاب - وهو ثقة -.

[61] لقول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من كنت مولاه فهذا علي مولاه. فاكثر

ص: 131

الطبري التعجب من جهل هذا القائل ، واحتجّ على ذلك بالروايات الثابتة (1) على :

[62] قدوم علي ( صلوات اللّه عليه ) من اليمن على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عند وصوله الى مكة ، وبأنه أتاه بهدي ساقه معه وأصابه ، [ و ] قد انزل عليه ما انزل في أمر المتعة بالعمرة الى الحج ، وأنه أمر من لم يسق الهدي أن يتمتع بها وأقام هو صلی اللّه علیه و آله على إحرامه لمكان الهدي الذي كان قد ساقه معه لقول اللّه تعالى : « وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ

ص: 132


1- ذكر أحمد بن حنبل في مسنده عدة طرق للحديث راجع ج 1 / 79 / 123 / 143 / 154.

الْهَدْيُ مَحِلَّهُ » (1) وأنه قال لعلي صلوات اللّه عليه لما وصل إليه : بما ذا أهللت يا علي؟ قال : قلت : اللّهمّ إني أهلّ بما أهلّ به رسولك. قال : فلا تحلل (2). فاني قد سقت الهدي ، ولو استقبلت من أمري ما استدبرته لم اسقه ولجعلتها متعة.

ص: 133


1- وتمام الآية : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ، وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) . البقرة : 196.
2- وفي المناقب لابن شهرآشوب 2 / 130 : كن على إحرامك مثلي وأنت شريكي في هديي.

[ إشراكه في الهدي ]

اشارة

[63] وإنه أشركه في هديه ، ونحر هو بعضه ونحر علي بعضه واكّد ذلك الطبري بالروايات الثابتة عن حجة الوداع وكون علي علیه السلام فيها مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله واجماع أصحاب الحديث والعلماء (1) عنده على ذلك ، ليدفع به قول من نفى ذلك.

[ الرسول في حجة الوداع ]

ثم جاء أيضا في هذا الكتاب بباب أفرد فيه الروايات الثابتة التي جاءت من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

[64] بأنه قال - قبل حجة الوداع وبعدها - : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللّهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله.

[ فضائل اخرى لأمير المؤمنين علیه السلام ]

[65] وقوله : عليّ أمير المؤمنين ، وعليّ أخي ، وعليّ وزيري ، وعليّ وصيي ،

ص: 134


1- وقد صنّف العلاّمة الاميني موسوعة قيّمة حول حديث الغدير وطرق اسناده ورواته في 11 جزء لا يستغني عنه الباحث.

وعليّ خليفتي على امتى من بعدي ، وعليّ أولى الناس بالناس من بعدي.

[66] وغير ذلك ممّا يوجب له مقامه من بعده ، وتسليم الامة له ذلك ، وأن لا يتقدّم عليه أحد منها ، ولا يتأمّر عليه ، في كلام طويل (1) ذكر ذلك فيه ، واحتجاج أكيد أطاله ، على ( القائل ) (2) حكى قوله.

[ شذوذ القول بانكار حضور علي علیه السلام يوم الغدير ]

ولا نعلم أحد قال بمثله ، وما حكاه عنه من دفع ما اجتمعت الامة عليه ونفيه أن يكون علي علیه السلام مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في حجة الوداع ، وعامة أهل العلم ، وأصحاب الحديث مجمعون (3) على أنه كان معه.

ومن نفى ما أثبته غيره من الثقات لم يلتفت الى نفيه ، ولم يعدّ خلافه خلافا عند أحد من أهل العلم علمته ، وهذا من اصول ما عليه العمل عند أهل العلم في قبول الشهادات والأخبار ، ودفع ما يجب دفعه منها عن الثقة العدل في قوله وشهاداته ونقله اذا قال : رأيت ، أو سمعت كذا ، وقال من هو في مثل حاله أو فوقه في الثقة والعدالة وجواز الشهادات ، لم يكن ذلك [ و ] لم يقله أحد لما لم يلتفت الى قوله لأنه غير شاهد فيه (4) وكان القول قول من شهد بما عاين أو سمع.

فأشغل الطبري اكثر كتابه بالاحتجاج على هذا القائل الجاحد الشاذ قوله

ص: 135


1- راجع الغدير 1 / 165.
2- وفي الاصل : قائم.
3- وفي نسخة - ب - : يأثرون.
4- وخلاصة قول المؤلف للذين انكر الحادث أو الرواية : لم نقبل شهادته من جهة انه منكر وليس بشاهد ( المنكر هنا في الحقيقة مدع فعليه البينة ).

الذي لم يثبت عند أحد من أهل العلم. إذ قد جاء عنهم ، وصح لديهم إثبات ما نفي عنه. وأغفل الطبري أو جهلها أو تعمد أو تجاهل خلافه ، لما أثبته ورواه وصححه مما قدمنا ذكره. وحكايته عنه في علي علیه السلام وذهب فيه الى ما ذهب أصحابه من العامة إليه. من تقديم أبي بكر وعمر وعثمان عليه.

فهذا مما قدمت ذكره من عماء القوم ، وتعاميهم وجهلهم وضلالهم ، وإقرارهم بذلك على أنفسهم تقية من أن ينسبوه الى غيرهم. فلو قالوا في مثل ذلك ما قاله اللّه سبحانه في كتابه : « تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ » (1). وتوقفوا عن القول في القوم وقدّموا من قدّمه اللّه ورسوله واعتقدوا ذلك له لكان أولى بهم من الدخول في جملة من قال اللّه عز وجل فيهم : « وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا » (2) أعاذنا اللّه وجميع المؤمنين من ذلك ومما يدعون إليه (3) بفضله ورحمته.

ص: 136


1- البقرة : 134 و 140.
2- النمل : 14.
3- هكذا في الأصل.

[ مناقب أمير المؤمنين عليه السلام ]

اشارة

ونحن بعد هذا نحكي مما رواه الطبري هذا من مناقب علي صلوات اللّه عليه وفضائله الموجبة لما خالفه هو لنؤكد بذلك ما ذكرناه عنه من اغفاله أو جهله أو تعمده أو تجاهله خلاف ما رواه ، وتقديمه أبا بكر وعمر وعثمان على علي علیه السلام .

الأخبار عن كون علي صلوات اللّه عليه وصيّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأنه أحب الخلق الى اللّه والى رسوله صلی اللّه علیه و آله وخير الخلق والبشر.

[ حديث الطير ]

[67] الطبري باسناد له رفعه الى أبي أيوب الأنصاري. قال : اهدي الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله طير يقال له : الحجل ، فوضع بين يديه.

قال : اللّهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطعام.

وكان أنس بن مالك وعائشة وحفصة قريب منه فقالت عائشة :

اللّهمّ اجعله أبا بكر. وقالت حفصة : اللّهمّ اجعله عمر. وقال أنس :

اللّهمّ اجعله سعد بن عبادة - أو رجلا من الأنصار -.

وقال : وحرّك الباب. فقال : يا أنس انظر من بالباب. قال أنس :

فخرجت ، فإذا هو علي بن أبي طالب علیه السلام .

ص: 137

فقلت له : النبي على حاجة. فرجع علي علیه السلام ومكث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ما شاء اللّه ، ثم رفع رأسه. وقال : اللّهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك ليأكل معي من هذا الطعام. ثم قال : وحرّك الباب ثانية ، ثم قال رسول اللّه : يا أنس انظر من بالباب فخرجت فاذا هو علي بن أبي طالب علیه السلام . فقلت له : النبي على حاجة. فانصرف. فمكث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ما شاء اللّه ، ثم رفع يديه ، وقال : اللّهمّ ائتني به الساعة. قال : وحرّك الباب. ثم قال يا أنس انظر من الباب. قال أنس : فخرجت فاذا هو علي بن أبي طالب علیه السلام ، فقلت له : النبيّ على حاجة. قال : فوضع يده على صدري ثم دفعني فألصقني بالحائط ، ثم دخل ، قال : فلما رآه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عانقه ، ثم قال : اللّهمّ وإليّ اللّهمّ وإليّ ( يعنى إنه أحب خلقك إليك وإليّ ) ثم قال له : يا علي ما حبسك. قال : جئت ثلاث مرات كل ذلك يردني أنس. فنظر إليّ النبي ، وقال : ما حملك على هذا يا أنس. فقلت : يا رسول اللّه أردت أن تكون الدعوة لرجل من قومي الأنصار. فقال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لست بأول من أحبّ قومه.

وجاء الطبري بهذا الحديث بروايات كثيرة وطرق شتى. ورواه غيره كثير [ ون ] وهو من مشهور الأخبار (1).

ص: 138


1- وقد ذكر العلاّمة البحراني في غاية المرام ص 471 : 35 حديثا من طرق العامة و 8 أحاديث من الخاصة ونقل أيضا ابن عساكر في تاريخ دمشق ( ترجمة الامام علي 2 / 105 ) أكثر من 90 حديثا من طرق شتى. وكذلك الكنجي في كفاية الطالب ص 152 يرويه عن 86 رجلا كلهم يروونه عن أنس بن مالك. وابن المغازلي في مناقبه ص 157 من 34 طريقا.

[ حديث اللحم المشوي ]

[68] وروى أيضا حديثا بإسناد له يرفعه الى أبي رافع ، قال : أصبت لحما ، فصنعته للنبي صلی اللّه علیه و آله ولم يكن قريب عهد بلحم ، فأتيته به على خلوة ليصيب منه. فقال لي : كأنك أتيتني به خاليا لأصيبه وحدي. قلت : نعم ، يا رسول اللّه. قال : أما واللّه على ذلك ليأكله معي رجل يحبّ اللّه ورسوله. ويحبّه اللّه ورسوله ، ووضعته بين يديه ، وقمت الى باب الحجرة ، فرددته ، فأتى علي علیه السلام يستأذن على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فقلت له : هو على حاجة. فناداني رسول اللّه : افتح له ، ففتحت له ، فدخل علي علیه السلام ، فأكل معه ، ما أكل معه أحد غيره. فقلت : صدق اللّه ورسوله.

[69] وبآخر عن أبي رافع أيضا. قال : صنع زيد بن حارثة للنبي صلی اللّه علیه و آله طعاما ، فأتاه به. وعنده نفر من أصحابه ، وفيهم أبو بكر وعمر ، فوضعه بين أيديهم. فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ليدخلن عليكم الآن رجل يحبّ اللّه ورسوله ويحبّه اللّه ورسوله. فقال أبو بكر : اللّهمّ اجعله عبد الرحمن يعني ابنه. وقال عمر : [ اللّهمّ ] اجعله عبد اللّه يعني ابنه.

ثم نظروا الى شخص مقبل بين النخيل. فقالوا : هذا رجل قد أقبل. فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : كن عليا. فإذا هو علي. فجاء حتى دخل عليهم.

ص: 139

[ عائشة تعترف بفضله ]

[70] وبآخر يرفعه الى جميع بن عمير ، قال : دخلت مع عمتي [ على ] (1) عائشة ، فسألتها : أيّ النساء كانت أحب الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؟

فقالت : فاطمة رضوان اللّه عليها. فقالت لها : فمن كان أحب إليه من الرجال؟ قالت : بعلها علي بن أبي طالب ، ولقد كان كما علمت [ صوّاما ] قوّاما.

[71] قال : وسألتها امرأة في مقام آخر : من كان أحب أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إليه؟ قالت : علي بن أبي طالب. ما ظنكم برجل سالت نفس رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في يده ، فمسح بها وجهه.

[72] وبآخر عن جميع بن عمير أيضا ، إنه قال : قالت عمتى لعائشة : ما حملك على الخروج على علي علیه السلام ؟ فقالت : دعينى عن هذا ، واللّه ، ما كان أحد من الرجال أحب الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من علي علیه السلام ، ولا في النساء من فاطمة.

[73] وبآخر ، إنه قيل لعائشة : كيف كانت منزلة علي فيكم؟ قالت : سبحان اللّه! أتسألوني عن رجل لما قبض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، قال

ص: 140


1- وفي الأصل : الى.

الناس : أين يدفن؟ (1) فقال علي علیه السلام : إنه ليس بأرضكم هذه بقعة أحب الى اللّه من البقعة التي قبض فيها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فادفنوه بها.

وكيف تسألوني عن رجل فاضت (2) نفس رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في يده فمسح بها وجهه؟.

وكيف تسألوني عن رجل وضع يده من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله موضعا لم يضع أحد يده عليه غيره (3) ( يعني على سوئه عند غسله ). وكان أحب الناس الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

فقيل لها : فكيف خرجت عليه مع علمك هذا فيه؟ قالت : دعوني من هذا. فلو قدرت أن أفتدي منه بما على الأرض لفعلت (4).

[74] عن مسروق ، قال : دخلت على عائشة فقالت لي : يا مسروق : إنك من أبرّ ولدي بي ، وإني أسألك عن شيء فأخبرني به. فقلت : سلي يا امّاه عمّا شئت. قالت : [ المخدج ] (5) من قتله؟ قلت : علي بن أبي طالب علیه السلام . قالت : وأين قتله؟ قلت : على نهر يقال لأعلاه تامرا ، ولأسفله (6) النهروان بين [ اخافيق وطرقا ] (7). فقالت : لعن اللّه فلانا

ص: 141


1- وفي بحار الانوار 9 / 336 ط 1 : فقيل : أين تدفنوه؟
2- وفي تاريخ دمشق 3 / 15 حديث 1037 : سالت.
3- وفي بحار الانوار 9 / 336 ط 1 : موضعا لم يضعها احد.
4- وفي المناقب لابن شهر اشوب 3 / 67 : عن الدارى باسناده عن الاصبغ بن نباتة وعن جميع التميمي كليهما عن عائشة : انها لما روت هذا الخبر ، قيل لها : فلم حاربتيه؟ قالت : ما حاربته من ذات نفسي إلا حملني طلحة والزبير. وفي رواية : أمر قدر وقضاء غلب.
5- وفي الاصل : المخدع في نسخة - أ -.
6- وفي كشف الغمة 1 / 159 لأسفله تامرا ولأعلاه النهروان.
7- وفي الاصل : احافيف وطرق. الاخافيق : شقوق في الأرض. وفي الحديث : فوقصت به ناقته في اخافيق جردان. وقال الاصمعى : انما هى لخافيق واحدها لخفوق. وقال الازهري صحيحه كما جاءت في الحديث اخافيق.

( تعني عمرو بن العاص ) فإنه أخبرني إنه قتله على نيل مصر (1). قال مسروق : يا امّاه! فأني أسألك بحقّ اللّه [ وبحقّ رسوله وبحقي ] (2) ، فأني ابنك (3) لما أخبرتيني بما سمعت من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيهم. قالت : سمعته يقول فيهم [ أهل النهروان ] : هم شرّ الخلق والخليقة يقتلهم خير الخلق والخليقة ، وأقربهم الى اللّه وسيلة (4). قال مسروق : وكان الناس يومئذ اخماسا ، فأتيتها بخمسين رجلا - عشرة من كل خمس (5) - فشهدوا لها أن عليا علیه السلام قتله (6).

ص: 142


1- ذكر فضل بن شاذان المتوفى 260 ه- في الإيضاح ص 86 : عن ابي خالد الاحمر عن مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت : لعن اللّه عمرو بن العاص ما أكذبه لقوله : انه قتل ذا الثدية بمصر. وروى البحراني في غاية المرام ص 451 الباب الاول الحديث 21 نقلا من كتاب صفين للمدائني عن مسروق : ان عائشة قالت له - لما عرفت - : من قتل ذي الثدية؟ لعن اللّه عمرو بن العاص فانه كتب إليّ يخبرني انه قتله بالاسكندرية إلا انه ليس يمنعني ما في نفسي ان أقول ما سمعته من رسول اللّه ، سمعته يقول : يقتله خير امتي من بعدي.
2- وفي الاصل : حقّ رسوله وحقى.
3- وفي مناقب ابن المغازلي ص 55 : فاني من ولدك.
4- واضاف في كشف الغمة 1 / 159 : يوم القيامة.
5- وفي كشف الغمة : 1 / 159 : فأتيتها بسبعين رجلا من كل سبع عشرة وكان الناس إذ ذاك اسباعا.
6- وفي مناقب ابن المغازلي ( ص 56 ) اضاف : قتله على نهر يقال لأعلاه تأمر ولأسفله النهروان بين [ احقافيق ] وطرفاء.

[ حبّ الرسول له ]

اشارة

[75] وبآخر عن ابن بريدة : إن نفرا دخلوا على أبيه بريدة ، فقالوا له : أخل لنا ، فأمر من حوله بالقيام ، قال : فبقيت معه. فنظروا إليّ. وقالوا : تنحّ. فقال أبي : أما ابني فلا. فقالوا : أما إذا رضيت به فقد رضينا. حدثنا أيّ الناس كان أحب الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؟ قال [ أبي ] : كان أحب الناس إليه علي بن أبي طالب.

[76] وبآخر عن أبي رافع ، إنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : أما ترضى أن تكون أخي في الدنيا والآخرة ، وإنك خير امتي في الدنيا والآخرة.

[ عليّ خير البشر ]

[77] وبآخر عن الحويرث. قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : الحسن والحسين سيد اشباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما.

[78] وبآخر عن عطاء ، قال : سألت عائشة عن علي علیه السلام . فقالت : ذلك خير البشر لا يشكّ فيه إلا من كفر.

[79] وبآخر عن جابر إنه سأل عن علي علیه السلام ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه

ص: 143

عليه وآله : ذلك خير البشر.

[80] وفي رواية اخرى عنه. انه قال : ذلك خير البرية.

[81] عن حذيفة بن اليمان ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : علي خير البشر ومن أبي فقد كفر.

[82] وبآخر عن حذيفة أيضا ، انه سئل عن علي علیه السلام فقال : ذلك خير هذه الامة بعد نبيها لا يشك فيه إلا منافق.

[83] عن ابن مسعود ، إنه قال : قرأت على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سبعين سورة وختمت القرآن على خير الناس بعده. فقيل من هو؟ فقال : علي بن أبي طالب. صلوات اللّه عليه.

ص: 144

[ الحسين وعبد اللّه بن عمرو بن العاص ]

[84] وبآخر عن اسماعيل بن [ رجاء ] (1) عن أبيه ، قال كنت جالسا مع عبد اللّه بن عمرو بن العاص و[ أبي ] (2) سعيد الخدري بالمدينة في حلقة بمسجد الرسول صلی اللّه علیه و آله ، فمرّ بنا الحسين بن علي علیه السلام [ فسلّم ، ورد عليه القوم ] (3) ، وسكت عبد اللّه بن عمرو بن العاص ، ثم اتبعه وعليك السّلام ورحمة اللّه بعد ما فرغ القوم ، ثم قال : ألا اخبركم بأحب أهل الارض الى أهل السماء. قلنا : بلى. قال : هو هذا المقفى (4). وما كلّمنى كلاما منذ ليالي صفين ، ولأن رضي عني أحب إليّ من أن يكون لي حمر النعم.

فقال أبو سعيد : فإن شئت انطلقنا إليه ، فاعتذرت إليه ، قال : نعم. فتواعدا أن يغدوا إليه ، فغدوت معهما ، فدخل أبو سعيد ودخلت معه. فجلس أبو سعيد الى جانب الحسين علیه السلام ، واستأذنه لعبد اللّه بن عمرو. فقال له : يا بن رسول اللّه مررت بنا أمس. فقال لنا [ عبد اللّه ] :

ص: 145


1- وفي الاصل : رحا.
2- وفي الاصل : ابن.
3- هذه الزيادة موجودة في النصائح الكافية ص 29.
4- وفي المناقب لابن شهر اشوب 4 / 73 : هذا المجتاز. وفي نسخة المرعشي : هذا الفتى.

كيت وكيت. فقلت له : ألا تمضي تعتذر إليه. فقال : نعم. وقد جاء يعتذر إليك ، فأذن له يا بن رسول اللّه. فأذن له ، فدخل عبد اللّه بن عمرو بن العاص. وأبو سعيد جالس الى جانب الحسين علیه السلام ، فسلّم ، ثم وقف ، فانزجل (1) له أبو سعيد. فجذب الحسين علیه السلام أبا سعيد إليه ثم تركه ، فانزجل له ، فجلس بينهما. فقال له أبو سعيد : حديثك يا عبد اللّه. قال [ عبد اللّه ] : نعم ، قلت ذلك وأشهد أنه أحب أهل الارض إلى أهل السماء. قال له الحسين علیه السلام : [ أ ] فتعلم إني أحب أهل الارض الى أهل السماء وتقاتلني أنا وأبي يوم صفين ، واللّه إن أبي لخير مني. قال [ عبد اللّه ] : أجل واللّه ما أكثرت لهم سوادا ، ولا اخترطت سيفا معهم ، ولا رميت معهم بسهم ، ولا طعنت معهم برمح ، ولكن كان أبي قد شكاني الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقال : هو يصوم النهار ويقوم الليل ، وقد أمرته أن يرفق بنفسه ، فقد عصاني ، فقال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أطع أباك. فلما دعاني الى الخروج معه ، فذكرت قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أطع أباك ، فخرجت معه.

فقال له الحسين علیه السلام : أما سمعت قول اللّه [ عز وجل ] (2) « وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما » (3) وقول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إنما الطاعة في المعروف ، وقوله : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؟

قال : بلى ، قد سمعت ذلك يا ابن رسول اللّه ، وكأني لم أسمعه إلا اليوم. وكان جلّ ذلك مما كان بالحسين علیه السلام .

ص: 146


1- اي وسع له المكان ليجلس.
2- موجودة في المناقب لابن شهرآشوب 4 / 73.
3- لقمان : 15.

[ عليّ حبيب الرسول ]

اشارة

[85] وبآخر عن عائشة [ انها قالت ] : لما احتضر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : ادعوا لي حبيبي ، فدعوت [ له ] أبا بكر ، فلما دخل ونظر إليه ، ثم أعرض عنه ، وقال : ادعوا لي حبيبي. فدعت حفصة له عمر ، فكان منه مثل ذلك. فقلت : ويحكم ، ادعوا له علي بن أبي طالب ، فو اللّه لا يريد غيره ، فدعوه. فلما رآه فرج الثوب الذي كان عليه ثم أدخله معه فيه ، فلم يزل يحتضنه (1) إلى أن قبض ويده عليه.

[ حديث الراية ]

[86] وبآخر عن بريدة ، انه قال : كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يعرض له وجع الشقيقة (2) ، فلما كان يوم خيبر أصابه ذلك ولم يخرج الى الناس.

وإن أبا بكر أخذ الراية وخرج بالناس. فقاتل وقاتلوا (3) ولم يكن شيء

ص: 147


1- الحضن ما دون الابط الى الكشح ، والكشح ما بين الخاصرة الى الضلع الخلف.
2- وفي كفاية الطالب ص 101 نقل الكنجي زيادة : وربما اخذته الشقيقة فيمكث يوما أو يومين لا يخرج.
3- وفي الكفاية أيضا : ثم نهض وقاتل قتالا شديدا.

ثم انصرف وانصرفوا. فأخذها عمر وخرج ، وقاتل ومن معه ، وانصرف وانصرفوا ولم يصنعوا شيئا (1). فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لأعطينها غدا رجلا يحب اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله كرار غير فرار ، يفتح خيبر عنوة ، وكان علي علیه السلام قد رمد ، فتخلّف ، فتطاول لها جماعة [ من ] الناس (2). فلما أصبح أتاه علي علیه السلام وهو أرمد قد عصب على عينيه (3). فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : مالك يا علي. فقال قد رمدت يا رسول اللّه. قال : ادن مني ، فدنا منه ، فتفل في عينيه (4) ، ففتحهما في الوقت ما بهما علّة ، وما رمد بعدها ، فأعطاه الراية فأخذها ، وعليه جبة ارجوان حمراء ، وقصد إلى خيبر ، فخرج إليه مرحب صاحب الحصن ، وعليه درع وبيضة ومغفرة وهو يرتجز ويقول :

قد علمت خيبر أني مرحب *** [ شاكي ] السلاح بطل مجرب

أطعن أحيانا وحينا أضرب (5)

فأجابه علي بن أبي طالب علیه السلام :

ص: 148


1- وفيه أيضا : ثم رجع فأخبر رسول اللّه.
2- وفي رواية الحسين بن واقد أضاف : وقال بريدة : وأنا ممن تطاول لها. الفضائل لابن حنبل ص 130.
3- وفي كفاية الطالب : قد عصب عينه بشقة برد له قطري.
4- روى ابن المغازلي في مناقبه ص 180 باسناده عن المغيرة عن أمّ موسى ، قالت : سمعت عليا علیه السلام يقول : ما رمدت ولا صدعت منذ مسح رسول اللّه وجهي وتفل في عيني يوم خيبر.
5- ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 102 : قد علمت خيبر أني مرحب *** شاكي السلاح بطل مجرب إذا الليوث أقبلت تلهب *** وأحجمت عن صولة المغلب أطعن أحيانا وحينا أضرب

أنا الذي سمّتني أمّي حيدرة (1) *** أكيلكم بالسيف كيل السندرة

كليث غابات شديد القصرة (2)

[ ضبط الغريب ]

كيل السندرة : ضرب من الكيل غراف جزاف. كذا قال الخليل.

والقصرة : أصل العنق.

واختلفا بينهما ضربتين ، بدره علي علیه السلام فضربه على أمّ رأسه فقدّ المغفرة والبيضة ، وشقّ رأسه حتى وصل السيف الى أضراسه ... وافتتح خيبر عنوة.

فجاء الطبري بهذا الخبر وما قبله من الأخبار من طرق كثيرة وهو وما قبله من الأخبار المشهورة المأثورة وإذا ثبت أن عليا علیه السلام خير الخلق وأحبهم الى اللّه ورسوله ، فمن أين يجوز لأحد أن يتقدم عليه؟

وهل يجوز أن يتقدم الخلق الى اللّه عز وجل وافدهم عليه إلا خيرهم عنده وأحبهم إليه؟. وقد قال عز وجل لرسوله صلی اللّه علیه و آله « قُلْ إِنْ كُنْتُمْ

ص: 149


1- قال ابو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 14 : ان فاطمة بنت اسد ( أمه ره ) لما ولدته سمّته حيدرة فغيّر أبو طالب اسمه وسمّاه عليا. وروى ابن المغازلي في مناقبه ص 79 عن أبي محمد عبد اللّه بن مسلم : سألت بعضا عن قوله : انا الذي سمّتنى أمي حيدرة ، فذكر ان أمّ علي كانت فاطمة بنت أسد فلما ولدت عليا عليه السلام - وأبو طالب غائب - سمّته أسدا باسم أبيها ، فلما قدم أبو طالب كره هذا الاسم ، وسمّاه عليا ، وقال : وحيدرة اسم من أسماء الأسد.
2- قال الرازي في مختار الصحاح ص 537 : والقصرة بفتحتين اصل لعنق والجمع قصر ومنه قرأ ابن عباس « انها ترمي بشرر كالقصر » وفسّره بقصر النخل يعني أعناقها. وقال الزمخشري : هذه القراءة بأعناق الابل.

تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ » (1). ولا يجوز أن يتقدم من أحبه اللّه وكان خير الخلق عنده من هو دونه في ذلك ، وقد قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ( يؤم القوم أفضلهم ) ولم يجعل المفضول أن يؤم من هو أفضل منه.

ص: 150


1- وتمامه : ( وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) آل عمران : 31.

[ فصل ]

اشارة

جاء فيمن ذمّ عليا صلوات اللّه عليه أو أبغضه أو قصر به عن حقه.

[ اللّه زيّن عليا ]

[87] عن الطبري باسناد له يرفعه الى عمار بن ياسر ( رحمة اللّه عليه ) إنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : يا علي إن اللّه عز وجل قد زينك بزينة لم يزين أحدا من العباد ، بزينة أحب إليه منها وهي زينة الأبرار عند اللّه ، الزهد في الدنيا ، فجعلك لا تزرأ من الدنيا [ شيئا ] ولا تزرأ (1) منك الدنيا [ شيئا ، ووهب لك حب المساكين فجعلك ترضى بهم ] (2) أتباعا [ ويرضون ] بك إماما. فطوبى لمن أحبك وصدق فيك وويل لمن أبغضك وكذب عليك ، فأما من أحبك وصدق فيك فاولئك جيرانك في دارك وشركاؤك في جنتك ، وأما من أبغضك وكذب عليك [ فحقّ ] (3) على اللّه أن يوقفه موقف الكذابين (4).

ص: 151


1- الزرأ : الإصابة من الخبر.
2- والعبارة بين المعقوفتين لم تكن في الأصل ( نسخة - أ - ) ولكن في جميع الكتب التي روت الحديث موجودة ومنها غاية المرام راجع الحديث في قسم السند. أما في نسخة - ب - فموجودة أيضا.
3- وفي الاصل : فيحق.
4- كفاية الطالب ص 66 مستدرك الصحيحين 3 / 135.

[ الايمان في حبّه ]

[88] وبآخر عن [ زر بن حبيش ] (1) انه قال : سمعت عليا يقول : عهد إليّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أن لا يحبّني إلا مؤمن ، ولا يبغضني إلا كافر [ أو ] منافق.

[89] وبآخر عن [ زر ] أيضا إنه قال : سمعت عليا يقول : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد [ عهده ] إليّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق.

[90] وبآخر عن [ حيان الاسدي ] (2) قال : سمعت عليا علیه السلام يقول : قال فيّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : عهد معهود إن الامة ستغدر بك من بعدي. وإنك تعيش على ملّتي ، وتقتل على سنّتي ، من أحبك أحبني ، ومن أبغضك أبغضني ، وأن هذه ستخضب من هذه ( يعني لحيته من رأسه علیه السلام ).

[ مبغضو علي ]

[91] وبآخر عن الأصبغ بن نباتة ، قال : قال علي صلوات اللّه عليه : لا يحبني ثلاثة : ولد زنا ، ومنافق ، ورجل حملت به أمه في بعض حيضها.

[92] وبآخر عن بريدة (3) عن أبيه ، قال : قال علي صلوات اللّه عليه : لا يحبني

ص: 152


1- وفي الاصل : برير بن جبير. وبعد مراجعة عدة مصادر لم اعثر على هذا الاسم بل كان زر هو الراوي واظنه تصحيفا علما بان في نسخة - ب - زر بن حبيش.
2- وفي الاصل : حسان.
3- في الاصل : بريرة ، واظنها بريرة بنت خضيب الاسلمي شقيق بريدة مع اني لم ار اسمها في أي مصدر. ونقلت الرواية المضاهية عن طريق آخر راجع آخر الكتاب. وفي نسخة - ب - بريدة عن أبيه.

كافر ولا منافق ولا ولد زنا.

[ المبغض لعلي لا يؤمن ]

[93] وبآخر عن أمّ سلمة رضي اللّه عنها ، إنها قالت : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول في علي علیه السلام : لا يحبه منافق ولا يبغضه مؤمن.

[94] وبآخر عن عبد اللّه بن مسعود قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : من زعم أنه آمن بي وما انزل عليّ وهو يبغض عليا فهو كاذب ليس بمؤمن.

[95] وبآخر عن جابر بن عبد اللّه ، إنه قال : واللّه ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إلا ببغضهم عليا علیه السلام .

وعن أبي سعيد الخدري مثله.

[96] وبآخر عن أبي سعيد الخدري أيضا انه قال في قوله عز وجل : « وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ » (1) ، قال : ببغضهم لعلي علیه السلام .

[97] وبآخر عن أنس بن مالك ، إنه قال : قال فينا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فقال : أيها الناس إني احدثكم حديثا فاعرفوا وعرّفوا به الناس بعدي ، إنه لا يحب عليا إلا من أحبني ولا يبغض عليا إلا من أبغضني ، فمن حدثكم إنه يحبني ويبغض عليا فهو كاذب ، وانه لشيء كتبه اللّه عز وجل عليه لا يملك غيره (2).

[98] وبآخر عن أبي رافع ، قال : بعث النبي صلی اللّه علیه و آله عليا الى اليمن اميرا ، وأخرج معه [ رجل من أسلم يقال له ] (3) عمرو بن شاس فرجع

ص: 153


1- محمّد (صلی اللّه عليه وآله وسلم) : 30.
2- هكذا في الاصل.
3- الزيادة موجودة في المجمع للهيثمي 9 / 129.

وهو يلوم عليا علیه السلام ويشكوه ، فبلغ ذلك النبي صلی اللّه علیه و آله فبعث إليه ، فأتاه فقال له : أخبرني عن علي! هل رأيت منه جورا في حكم ، أو حيفا في قسم (1). قال : اللّهمّ لا. قال [ ص ] : فبم تنقمن عليه ، وتقول ما بلغني إنك تقول فيه؟ قال : لبغض له في قلبي لا أملكه. فغضب النبيّ صلی اللّه علیه و آله حتى التمع لونه ، وعرفنا الغضب في وجهه ، ثم قال : كذب من زعم إنه يحبني ويبغض عليا ، من أبغض عليا فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض اللّه ، ومن أحب عليا فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب اللّه [ تعالى ].

[ من آذى عليا فقد آذى الرسول ]

[99] وبآخر [ عن ] عمرو بن شاس هذا : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : من آذى عليا فقد آذاني. قال : وكان ذلك إني خرجت مع علي علیه السلام الى اليمن [ فرأيت ] منه جفوة ، فانصرفت الى المدينة ، فجعلت أشكوه الى من أجلس إليه في المسجد. واني دخلت يوما الى المسجد ، فرأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ينظر إليّ حتى [ جلست ] (2) ، فلما اطمأننت. قال : أما واللّه يا عمرو بن شاس لقد آذيتني. فقلت : أعوذ باللّه وبالاسلام أن أوذي رسول اللّه. قال : بلى من آذى عليا فقد آذاني. قلت : واللّه لا أوذيه ابدا.

[ عليّ سيد في الدنيا والآخرة ]

[100] وبآخر عن ابن عباس ، قال : نظر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى علي

ص: 154


1- أي الجور والظلم في التقسيم.
2- وفي الاصل : جلسنا.

علیه السلام ، فقال [ له ] : إنك (1) سيد في الدنيا [ و ] سيد في الآخرة ، يا علي من أحبك فقد أحبني ومحبي (2) حبيب اللّه ، ومن أبغضك أبغضني ومبغضي عدوّ اللّه والويل لمن أبغضك.

[ من سبّ عليا فقد سبّ اللّه ]

[101] وبآخر عن عبد اللّه بن عمر بن الخطاب ، قال : سمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله رجلا يسبّ عليا. فقال : إنه من سبّ عليا فقد سبني ، ومن سبني سبّ اللّه ، ألا واللّه لا يخلص الإيمان في قلب عبد ابدا حتى تخلص مودتي الى قلبه ، ولا تخلص مودتي الى قلب عبد أبدا حتى تخلص إليه مودة علي ، وكذب من زعم إنه يحبني ويبغض عليا.

[ ابن عباس والسابّ لعلي ]

[102] وبآخر عن ابن عباس انه مرّ ( بعد ما كفّ بصره ) بمجلس من مجالس قريش ، وهم يسبون عليا علیه السلام ، فقال لقائده : ما سمعت هؤلاء يقولون؟ قال سمعتهم يسبون عليا. قال : فردني إليهم ، فرده. فوقف عليهم. فقال : أيكم السابّ لله تبارك وتعالى. قالوا : سبحان اللّه من سبّ اللّه فقد أشرك. فقال : أيكم السابّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

قالوا : سبحان اللّه من سبّ رسول اللّه فقد كفر. قال : فأيكم السابّ علي بن أبي طالب. قالوا : أمّا هذا ، فقد كان.

ص: 155


1- لم تكن في نسخة - أ - ولكن في الرواية التي ذكرها ابن المغازلي في مناقبه ص 103 : أنت. وفي نسخة - ب - إنك.
2- ونقله ابن المغازلي في مناقبه : حبيبي.

قال ابن عباس : فأنا أشهد باللّه لقد سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : من سبّ عليا فقد سبني ، ومن سبني فقد سبّ اللّه عز وجل (1). ثم تولّى عنهم. وقال لقائده (2) : ما سمعتهم بقولون. قال : ما سمعتهم قالوا شيئا. قال : كيف رأيت نظرهم إليّ حين قلت ما قلت لهم؟ فقال شعرا :

نظروا إليك بأعين مزورة *** نظر التيوس إلى شعار الجازر (3).

فقال : زدني لله ابوك. فقال :

خزر الحواجب ناكسو أذقانهم *** نظر الذليل الى العزيز القاهر

فقال : زدني لله ابوك. فقال : ما عندي ما أزيدك.

قال : لكن عندي. ثم قال :

أحياهم خزيا على أمواتهم *** والميّتون فضيحة للغابر (4)

[ أبو سعيد الخدري وسبّ علي ]

[103] وبآخر عن فطر بن خليفة. قال : قال لي سعد بن مالك (5) : إنه بلغني

ص: 156


1- وفي المناقب لابن شهر اشوب 3 / 221 زاد : ومن سبّ اللّه فقد كفر.
2- وهو سعيد بن جبير.
3- وقد نقله ابن شهر اشوب في المناقب هكذا : نظروا إليه بأعين محمرة *** نظر التيوس الى شعار الجازر خزر الحواجب خاضعي أعناقهم *** نظر الذليل الى العزيز القاهر
4- وذكر في المناقب 3 / 221 أيضا هكذا : سبّوا الإله وكذبوا بمحمّد *** والمرتضى ذلك الوصيّ الطاهر أحياؤهم خزي على أمواتهم *** والميّتون فضيحة للغابر أقول : التيس وهو المعز الحبشي الجازر أولاد البقر الوحشيّة.
5- وهو ابو سعيد الخدري راجع آخر الكتاب - التراجم -.

إنكم تعرضون على سبّ علي علیه السلام ، فهل سببته؟ [ ثم ] قال : معاذ اللّه والذي نفس سعد بيده لقد سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بقول في علي علیه السلام شيئا لو وضع المنشار على مفرقي على أن أسبه ما سببته أبدا (1).

[ أربعة يسأل العبد عنها ]

[104] وبآخر عن أبي برزة [ إنه ] قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : [ والذي نفسي بيده ] لا تزول قدم [ عبد ] (2) يوم القيامة حتى يسأله اللّه عز وجل عن اربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده فيما أبلاه وعن ماله مما اكتسبه وفيما أنفقه وعن حبنا أهل البيت صلوات اللّه عليهم أجمعين.

فقال عمر بن الخطاب : وما علامة حبكم يا رسول اللّه؟ قال [ صلی اللّه علیه و آله ] : هذا ( ووضع يده على رأس علي بن أبي طالب علیه السلام ) [ علامة حبي من بعدي ].

[ حبّ عليّ أمان ]

[105] وبآخر عن علي صلوات اللّه عليه ، إنه قال : قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن اللّه أمرني أن ادنيك فلا اقصيك ، وأن اعلمك فلا أجفوك (3) ، وحق عليّ أن اطيع ربي عز وجل وحق عليك أن تعي. يا علي من مات وهو يحبك كتب اللّه له بالأمن والأمان ما طلعت شمس

ص: 157


1- وفي الخصائص للنسائي ص 173 زاد : بعد ما سمعت من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ما سمعت الترغيب في موالاته والترهيب من معاداته.
2- وفي الاصل : العبد.
3- هكذا في الاصل.

وما غربت (1) ، ومن مات وهو يبغضك مات ميتة الجاهلية وحوسب بعمله في الاسلام (2).

[106] وبآخر عن أبي عبد اللّه الجدلي قال : قال لي علي علیه السلام : يا أبا عبد اللّه ألا اخبرك بالحسنة التي من جاء أمن من فزع يوم القيامة ، والسيّئة التي من جاء بها [ أ ] كبّه اللّه لوجهه في النار؟ قلت : بلى يا أمير المؤمنين. قال علیه السلام : الحسنة حبّنا والسيّئة بغضنا.

[107] عن أبي جعفر علیه السلام : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، قال لعلي علیه السلام : يا علي قل : اللّهمّ [ اجعل لي عندك عهدا ] واقذف لي الودّ في صدور المؤمنين. فقالها ، فأنزل اللّه عز وجل : « إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا » (3).

ص: 158


1- وذكر المتقي في كنز العمال هكذا : بالأمن والأمان وآمنه يوم الفزع.
2- وذكر أيضا : مات ميتة الجاهلية ويحاسبه اللّه بما عمل في الاسلام.
3- مريم : 96.

[ خطبة عليّ على منبر الكوفة ]

[108] عن الشعبي أنه كان يقول : سمعت رشيد الهجري والحارث الأعور [ الهمداني ] (1) وصعصعة بن صوحان [ العبدي ] ، وسالم بن دينار الازدي ، كلهم (2) يذكرون إنهم سمعوا علي بن أبي طالب علیه السلام على منبر الكوفة يقول في خطبته :

يا معشر أهل الكوفة ، واللّه لتصبرن على قتال عدوكم أو ليسلطن اللّه [ عليكم ] أقواما أنتم أولى بالحق منهم ، فيعذبكم اللّه بهم ثم يعذبهم بما شاء من عنده ، أو من قتلة بالسيف تفرون الى الموت على الفراش. فأني أشهد إني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : إن معالجة ملك الموت لأشد من ضربة الف سيف [ اخبرني جبرئيل ] : يا علي إنه يصيبكم بعدي أثرة وزلزال ، فعليكم بالصبر الجميل.

وقال لي أيضا : قضاء مقضي على لسان النبي الامي : إنه لا يبغضك يا علي مؤمن ولا يحبك كافر ، وقد خاب من حمل ظلما

ص: 159


1- وفي الاصل : الحمداني. والعمدي مكان العبدي.
2- وفي الاصل : وكلهم.

واقترى (1).

ثم جعل يقول لنفسه : يا علي إنك ميّت أو مقتول ، بل مقتول إن شاء اللّه. فما ينتظر (2) أشقاها أن يخضب هذه من هذا ( ثم أمرّ يده اليمنى على لحيته ثم وضعها على رأسه ) ثم قال : أما لقد رأيت في منامي ، إنه يهلك فيّ اثنان ( ولا ذنب لي ) محب غال ، ومبغض قال.

ثم قال : ألا إنكم ستعرضون على البراءة مني ، فلا تتبرءوا مني ، فإن صاحبكم واللّه على فطرة اللّه التي فطر الناس عليها (3).

ثم نزل عن المنبر.

ص: 160


1- وفي الارشاد للمفيد ص 25 بسنده عن الحارث الهمداني : قضاء قضاه اللّه تعالى على لسان النبي صلی اللّه علیه و آله لا يحبني الا مؤمن ولا يبغضني الا منافق وقد خاب من افترى. واما المحمودي في نهج السعادة 2 / 589 فقد نقل : وذلك إنه قضى ما قضى على لسان النبي الامي : انه لا يبغضك مؤمن ولا بحبك كافر وقد خاب من حمل ظلما وافترى.
2- ذكر القزويني في مقتل أمير المؤمنين ص 69 عن علي عن النبيّ : فانتظر اشقاها يخضب هذه من هذه.
3- وفي المناقب لابن شهرآشوب 2 / 372 أضاف : وسبقت الى الإسلام والهجرة.

[ بغض أهل البيت ]

اشارة

[109] وبآخر عن فضل بن عمرو : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : اشتدّ غضب اللّه على اليهود [ واشتد غضب اللّه على النصارى و ] اشتد غضب اللّه على من آذاني في عترتي.

[110] وبآخر عن أبي سعيد الخدري ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : والذي نفسي بيده لا يبغضنا - أهل البيت - أحد إلا أكبّه اللّه على وجهه في النار.

[111] وبآخر عن جابر [ الانصاري ] إنه قال : كان (1) رجل يجفو عليا علیه السلام فلقيه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال له : إنك قد آذيتني. فقال : بأي شيء يا رسول اللّه؟ قال : من جفا عليا فقد آذاني. فقال : لا واللّه لا أجفوه بعدها ابدا يا رسول اللّه.

[112] وبآخر عنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول لعلي علیه السلام : يا علي ، إنه لن يرد على الحوض مبغض لك ، ومن أحبك فهو يرد الحوض معك.

ص: 161


1- وفي المناقب أيضا 3 / 210 نقله جابر عن عمر بن الخطاب قال : كنت أجفو عليا.

[ بين ابن عمر ومبغض لعلي ]

[11] وبآخر عن ابن عمر : إن رجلا سأله عن علي علیه السلام ، فقال : إذا أردت أن تسأل عن علي علیه السلام ، فانظر الى منزله من منزل النبيّ صلی اللّه علیه و آله الذي أنزله فيه (1) فهذا منزل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وهذا منزل علي علیه السلام .

قال الرجل : فإني أبغضه. قال له ابن عمر : أبغضك اللّه عز وجل ، [ أتبغض رجلا سابقة من سوابقه خير من الدنيا وما فيها ] (2).

[ زيد يتحدث ]

[114] وبآخر عن بحر بن جعدة ، قال : إني لقائم وزيد بن أرقم على باب مصعب بن الزبير إذ تناول قوم عليا علیه السلام . فقال زيد : اف لكم إنكم لتذكرون رجلا [ صلّى وصام ] قبل الناس سبع سنين (3).

وان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : إن الصدقة لتدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء أهونها الجذام والبرص ، وإن البرّ ليزيد في العمر ، وإن الدعاء ليرد القضاء الذي قد أبرم إبراما. ومن أبغضنا أهل البيت

ص: 162


1- هكذا في الاصل وفي الخصائص للنسائي ص 201.
2- هذه الزيادة موجودة في غاية المرام ص 497 باب 19 الخبر 24.
3- ولقد أجاد الحميري : من فضله انه قد كان أول من *** صلّى وآمن بالرحمن إذ كفروا سنين سبعا وأياما محرمة *** مع النبيّ على خوف وما شعروا ( حلية الأبرار للبحراني 1 / 243 ) وما بين المعقوفين لم يكن في الأصل ونقله ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 69.

حشره اللّه يهوديا أو نصرانيا ، فقال جابر بن عبد اللّه : وإن صام وصلّى وحج البيت؟ قال : نعم. إنما فعل ذلك احتجازا أن يسفك دمه أو يؤخذ ماله أو يعطي الجزية عن يد وهو صاغر.

[115] وبآخر عن عبد اللّه بن نجي. قال : قال لي علي علیه السلام : إن الحسن والحسين قد اشتركا في حبهما البرّ والفاجر ، وإنه كتب لي ألا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.

[ حبّ أهل البيت تسقط الذنوب ]

[116] وبآخر عن الحسين علیه السلام ، إنه قال : من أحبنا أهل البيت لله نفعه حبنا ، وإن كان أسيرا بالديلم ، ومن أحبنا للدنيا فإن اللّه يفعل ما يشاء. واللّه إن حبنا أهل البيت لتساقط الذنوب كما تساقط الريح الورق اليابس عن الشجر.

[ المنافق لا يحبّ عليا ]

[117] وبآخر عن أبي الطفيل ، قال : سمعت عليا علیه السلام يقول : لو ضربت المؤمن على خيشومه ما أبغضني ، ولو أعطيت المنافق الذهب والفضة ما أحبني.

[118] وبآخر عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام عن آبائه عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، إنه قال : إن اللّه [ تعالى ] عهد إليّ عهدا ، فقلت : يا رب بيّنه لي. فقال : اسمع. [ ف ] قلت : قد سمعت. فقال : يا محمد ، إن عليا راية الهدى بعدك وإمام أوليائي ونور من أطاعني ، وهو الكلمة التي ألزمه اللّه المتقين ، فمن أحبه فقد أحبني ، ومن أبغضه فقد

ص: 163

أبغضني ، فبشره بذلك (1).

[ لعن علي ]

[119] وبآخر عن مالك بن ضمرة ، قال : قال علي صلوات اللّه عليه : ألا إنكم ستعرضون على لعني ودعائي [ كذبا ] (2) فمن [ لعنني ] منشرح الصدر [ بلغني فلا حجاب بينه وبين اللّه ولا حجة له عند محمد ] (3) ومن لعنني كارها مكرها يعلم اللّه من قلبه ذلك ، جئت أنا وهو يوم القيامة كهاتين - وجمع بين [ السبابة ] (4) والوسطى - ألا وان محمّدا صلی اللّه علیه و آله أخذ بيدي هذه ، فقال : من بايع هؤلاء الخمس ثم مات [ وهو ] يحبك فقد قضى نحبه ، ومن مات وهو يبغضك [ مات ميتة جاهلية ] ويحاسب بما عمل في الإسلام ، ومن بقى بعدك وهو يحبك ، ختم اللّه له بالأمن والايمان ما طلعت شمس وما غربت.

وهذا مما أثبتناه في هذا الكتاب مما آثره الطبري - الذي قدمنا ذكره - وذلك كله من الثابت الصحيح المأثور (5) عن علي علیه السلام ، وفيه وفي خبر واحد من هذه الإخبار حجة لله عز وجل على من روى

ص: 164


1- وأضاف في حلية الأبرار للبحراني 1 / 66 : فجاء علي فبشرته. فقال : يا رسول اللّه انا عبد اللّه وفي قبضته فان يعذبني فبذنبي وان يتم لي الذي بشرتني به فاللّه اولى بي. قال : فقلت : اللّهمّ اجل قلبه واجعل ربيعه الايمان. فقال اللّه : قد فعلت به ذلك. ثم انه رفع الى انه سيخصّه من البلاء بشيء لم يخصّ به أحدا من أصحابي. فقلت : يا رب أخي وصاحبي. فقال : إن هذا لشيء قد سبق وانه مبتلى ومبتلى به.
2- وفي الاصل : كذابا.
3- وفي الاصل بين المعقوفين : فلا حاجة لي عند محمد.
4- وفي الاصل : المسبحة.
5- اي ينقله خلف عن سلف.

ذلك ، وانتهى إليه ، ثم قدم على علي علیه السلام أحدا من البشر.

[120] وما آثرناه مما يدخل في هذا الباب ما روي عن الحسين بن علي علیه السلام إنه قال : من أحبنا أهل البيت بقلبه وجاهد معنا بلسانه ويده فهو معنا في الجنة في الرفيق الأعلى ، ومن أحبنا بقلبه وجاهد معنا بلسانه وضعف عن أن يجاهد معنا بيده فهو معنا في الجنة دون تلك ، ومن أحبنا بقلبه وضعف عن أن يجاهد معنا بلسانه ويده فهو معنا في الجنة دون ذلك ، ومن أبغضنا بقلبه وأعان علينا بلسانه ويده فهو في الدرك الأسفل من النار ، ومن أبغضنا بقلبه ولسانه وكفّ عنا يده فهو في النار فوق ذلك ، ومن أبغضنا بقلبه وكفّ عنا لسانه ويده فهو في النار فوق ذلك.

[ أمير المؤمنين ينعى نفسه ]

[121] ومما آثرناه عن أبي جعفر عبد اللّه بن محمّد بن علي بن عطية الدغشي المحازني باسناده عن الأصبغ بن نباتة ، قال : لما اصيب علي علیه السلام وضربة ابن ملجم لعنه اللّه - الضربة التي مات منها - لزمناه يومه ذلك ، وبتنا عنده ، فاغمي عليه في الليل ، ثم أفاق فنظر إلينا ، فقال : وانكم لهاهنا؟ قلنا : نعم يا أمير المؤمنين. قال : وما الذي أجلسكم؟ قلنا : حبك. قال : واللّه الذي أنزل التوراة على موسى ، والإنجيل على عيسى ، والزبور على داود والفرقان على محمّد صلوات اللّه عليه وعليهم ما أجلسكم إلا ذلك. قلنا : نعم. قال : فخفوا ، فخفّ بعض القوم ، ثم اغمي عليه ، ثم أفاق ، فقال : ما أجلسكم؟ قلنا : حبك يا أمير المؤمنين. قال : أما والذي أنزل التوراة على موسى والإنجيل على عيسى والزبور على داود والفرقان على محمد صلوات اللّه عليه وعليهم لا يحبني عبد إلا ورآني حيث

ص: 165

يسره ، ولا يبغضني عبد إلا رآني حيث يسؤه - ارتفعوا - (1) فإن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وعليهم أخبرني إني اضرب ليلة تسع عشرة من شهر رمضان في الليلة التي مات فيها وصيّ موسى علیه السلام (2) ، وأموت في الليلة احد [ ى ] وعشرين منه في الليلة التي رفع فيها عيسى علیه السلام .

قال الأصبغ : فمات والذي لا إله إلا هو فيها. كما قال.

[ أفضل الأعمال ]

[123] وعنه باسناد آخر له عن يحيى بن كثير [ الضرير ] رأيت زبيد [ بن الحارث ] الأياميّ (3) في المنام بعد أن مات. فقلت له : ما ذا سرت إليه [ يا أبا عبد الرحمن ]؟ قال : الى رحمة اللّه. قلت : فأي عملك وجدت أفضل؟ قال : الصلاة وحبّ علي بن أبي طالب علیه السلام .

[ ببغض علي نعرف المنافق ]

[123] وبآخر عن أبي سعيد الخدري. قال : إنما كنا نعرف منافقي الانصار ببغضهم عليا (4).

[ بحبّ علي نختبر أولادنا ]

[124] وسأل رجل عبادة بن صامت عن علي صلوات اللّه عليه ، قال : أما نحن معاشر الأنصار من أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فانا نختبر أولادنا بحبه فمن لم يحبه منهم عرفنا إنه ليس منا.

ص: 166


1- هكذا في الاصل ، ولعلها تفرقوا.
2- يوشع بن نون.
3- وفي بحار الانوار 39 / 259 : النامي
4- هكذا في المناقب لابن شهرآشوب 3 / 207

[ أمّ سلمة وسبّ علي ]

[125] أبو إسحاق [ السبيعي ] قال : حججت وأنا غلام. فمررت بالمدينة [ فرأيت الناس عنقا واحدا ] فسألتهم ، فقالوا : نريد أمّ سلمة زوج النبيّ صلی اللّه علیه و آله نسمع منها. فأتبعتهم حتى دخلنا إليها. فحدثتنا. ثم نادت يا [ شبث ] (1) بن ربعي فأجابها رجل من آخر الناس (2) : أن لبّيك يا أمّ المؤمنين. قالت : أيسبّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في ناديكم؟ قال : معاذ اللّه. قالت : فعلي بن أبي طالب؟ قال : إنهم يقولون شيئا يريدون به عرض [ هذه ] الدنيا. قالت : فاني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : من أحبّ عليا فقد أحبني ومن أحبني فقد أحبه اللّه ، ومن سبّ عليا فقد سبني ومن سبني فقد سبّ اللّه.

[ الرسول وسبّ علي ]

[126] وبآخر عن أبي جعفر صلوات اللّه عليه ، قال : بلغ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عن قوم إنهم يسبون عليا علیه السلام فغضب لذلك غضبا شديدا - وهو على ذلك يذكره مع أصحابه - حتى أقبل علي علیه السلام ، فأجلسه الى جانبه ، ثم قال : إنكم لن تدخلوا الجنة حتى تحبوني ، وكذب من زعم إنه يحبني ويبغض هذا - ووضع يده على علي علیه السلام -.

[127] زيد بن أرقم. قال : دخلت على أمّ سلمة. فقالت : من أين أنت؟

ص: 167


1- وفي الأصل : شبيب.
2- وذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق 318 : فأجابها رجل جلف جاف. وكذا في كنز العمال 6 / 401 مستدرك الصحيحين 3 / 121.

قلت : من أهل الكوفة. قالت : أنت من الذين يسبّ فيهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؟ قلت : لا واللّه يا أمّ المؤمنين ، ما سمعت أحدا فينا يسبّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . قالت : بلى. واللّه إنهم يقولون : فعل اللّه بعلي ، وصنع به وبمن يحبه ، وقد كان واللّه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يحبه ، وكان أحبّ الناس إليه.

[ الأصبغ وابن هود ]

[128] وبآخر عن الأصبغ بن نباتة ، قال : لقيني محبس بن هود ، فقال : يا أصبغ ، كيف أنت وأخوك أبو تراب الكذاب؟ فقلت : لعن اللّه شرّكما أبا وامّا وخالا وعما ، أما إني سمعت عليا علیه السلام يقول : وبارئ النسمة وفالق الحبة وناصب الكعبة لا يبغضني إلا ولد زنا ، أو من حملت به أمه [ وهي ] (1) حائض ، أو منافق. أما إني أقول : اللّهمّ خذ محبسا أخذة رابية لا تبقي له في الارض باقية.

قال : فما كان إلا بعض أيام حتى دخل اصطبلا فيه دواب ، فانفلتت [ دابة ] فرمحته (2) بأرجلها ، فقتلته.

[ البراءة من أمير المؤمنين ]

[129] وبآخر عن أبي صالح مولى عاص (3). قال : أتيت عليا علیه السلام وأنا مملوك. فقلت : ابايعك ، يا أمير المؤمنين فقال : أحرّ أنت؟ قلت : بل مملوك. فقبض يده عني. فقلت : ابايعك يا أمير المؤمنين على أني إن شهدت معك نصرتك وإن غبت عنك نصحتك. قال : فبايعني على

ص: 168


1- وفي الاصل - وهو -.
2- أي ضربته.
3- وفي نسخة - ب - مولى عياص.

ذلك. ثم قال : سيظهر عليكم بعدي رجل ، وإنه سيعرضكم على سبي والبراءة مني ، فان خفتموه فسبوني ، فانما هي زكاة ونجاة وإن سألكم [ البراءة مني ] (1) فلا تبرءوا مني فاني على الفطرة.

[130] بآخر عن سعد بن ظريف. قال : أخذ الحجاج همدان مؤذن علي علیه السلام . فقال له : ابرأ من علي واشتمه. فقال : لا واللّه لا أبرأ ممن أدّبني صغيرا وعلّمني كبيرا. فقتله.

ص: 169


1- أورده المفيد في الإرشاد ص 169.

[ صعصعة مع معاوية ]

[131] وبآخر عن تميم بن مالك القرشي إنه قال : كتب معاوية بن أبي سفيان الى زياد : أن ابعث لي خطباء أهل العراق : وابعث إليّ صعصعة بن صوحان. ففعل. فلما قدموا على معاوية خطبهم. فقال : [ مرحبا بكم يا أهل العراق ] قدمتم على إمامكم ، وهو جنة لكم يعطيكم مسألتكم ، ولا يعظم في عينه كبيرا ، ولا يحقر لكم صغيرا ، وقدمتم على أرض المحشر والمنشر والأرض المقدسة وأرض هجرة الأنبياء. ثم قال في خطبته : ولو أن أبا سفيان ولد الناس كلهم لكانوا أكياسا.

ولما فرغ من خطبته ، قال لصعصعة : قم واخطب يا صعصعة. فقام صعصعة : فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبيّ صلی اللّه علیه و آله ، ثم قال : إن معاوية ذكر إنا قدمنا على إمامنا وهو جنة لنا فما يكون حالنا اذا انخرفت الجنة ، وذكر إنا قدمنا على أرض المحشر والمنشر والأرض المقدسة وأرض هجرة الأنبياء. فالمحشر والمنشر لا يضرّ بعدهما مؤمنا ولا ينفع قربهما كافرا. والأرض لا تقدس أحدا ، وانما يقدس العباد أعمالهم. ولقد وطأها من الفراعنة أكثر مما وطأها من الأنبياء. وذكر إن أبا سفيان لو ولد الناس كلهم لكانوا أكياسا ، فقد ولدهم من هو خير من

ص: 170

أبي سفيان آدم ( صلوات اللّه عليه ) فولد الكيس والأحمق [ والجاهل والعالم ].

- فغضب معاوية - وقال : اسكت لا أمّ لك ولا أب ولا أرض (1).

فقال صعصعة : الأب والامّ ولداني ومن الأرض خرجت وإليها أعود.

فأمر بردّه الى زياد ، ثم كتب إليه : أقمه للناس وأمره أن يلعن عليا علیه السلام ، فان لم يفعل ، فاقتله. فأخبره زياد بما أمره به فيه وأقامه للناس. فصعد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبي صلی اللّه علیه و آله ، ثم قال : أيها الناس إن معاوية أمرني أن ألعن عليا فالعنوه لعنه اللّه ، ونزل.

فقال زياد لصعصعة : لا أراك لعنت إلا أمير المؤمنين. قال : إن تركتها مبهمة وإلا بينتها. قال [ زياد ] : لتلعنن عليا ، وإلا نفذت فيك أمر أمير المؤمنين ، فصعد المنبر. فقال : أيها الناس إنهم أبوا عليّ إلا أن أسبّ عليا علیه السلام وقد ( قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من سبّ عليا فقد سبني ومن سبني فقد سبّ اللّه ) (2) ، وما كنت بالذي أسبّ اللّه ورسوله. فكتب زياد بخبره الى معاوية. فأمره بقطع عطائه وهدم داره. ففعل.

فمشى بعض الشيعة الى بعضهم ، فجمعوا له سبعين الفا.

[ أقول : ]

ص: 171


1- وفي رواية اخرى قال له معاوية : واللّه لأجفينك عن الوساد ولأشردن بك في البلاد. فقال صعصعة : واللّه إن في الارض لسعة وان في فراقك لدعة ( اعيان الشيعة مجلد 7 / 388.
2- وقد مرّ هذا الحديث عن أمّ سلمة رقم الحديث 60.

والأخبار عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في علي والائمة الهدى من أهل بيته في الأمر بمودتهم والنهي عن بغضهم والبراءة من [ أعدائهم ] تخرج عن حدّ هذا الكتاب.

وقد ذكرنا منها ما في بعضه كفاية لمن أراد اللّه عز وجل [ ان ] يهديهم ويشرح للايمان صدورهم ، وكل ذلك كتاب لله شاهد له بنصّ اللّه جلّ ذكره فيه على ذلك ، وقد قال جلّ من قائل : « قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى » (1).

[ آية المودة ]

[132] وجاء في تفسير ذلك : إن الأنصار اجتمعوا الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقالوا : يا رسول اللّه إنك قد جئتنا بخير الدنيا والآخرة وهذه أموالنا خذها إليك جزاء لما جئتنا به أو ما شئت منها ، فأنزل اللّه عز وجل « قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ». يعني على ما جئتكم به إلا المودة في القربى.

[ ابن عباس وآية المودة ]

[133] قال عبد اللّه بن عباس : فلما نزل ذلك اجتمع الناس الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقالوا : يا رسول اللّه من قرابتك الذين فرض اللّه عز وجل علينا مودتهم؟ فقال : علي وفاطمة وولدهما.

فنصّ النبيّ صلی اللّه علیه و آله على بيان ذلك من قرابته المذكورة مودتهم والمأثور بها ، وروى ذلك عبد اللّه بن العباس وهو واحد القرابة ،

ص: 172


1- الشورى : 23.

وأخرج نفسه بذلك من القرابة المفروضة مودتهم. وزعم من أراد دفع ذلك عداوة لهم إن ذلك إنما هو إن العرب بأسرها قرابة لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فأمرهم عز وجل بمودتهم لقرابته منهم.

والقرآن يشهد على إبطال هذا القول لأن اللّه عز وجل قال : « ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى » فكان الخطاب بذلك لجميع المؤمنين من العرب والعجم وغيرهم ، فمودة علي وذريته الائمة الطاهرين صلوات اللّه عليهم أجمعين فرض من اللّه عز وجل على جميع المؤمنين فمن أبغضهم أو عاداهم أو سبّهم أو آذاهم فقد خرج من جملة المؤمنين وخالف أمر اللّه جلّ ذكره وكتابه وما افترضه فيه على المؤمنين من عباده. عصمنا اللّه وجميع المؤمنين والمؤمنات من ذلك أجمعين. برحمته إنه أرحم الراحمين وخير الغافرين.

تمّ الجزء الأوّل من كتاب شرح الأخبار في فضائل الائمة الأطهار

والحمد لله ربّ العالمين

وصلّى اللّه عليه سيّدنا محمّد ووصيّه وآلهما الطاهرين

ص: 173

ص: 174

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام

تأليف: القاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي

المتوفي سنة 363 ه. ق

الجزء الثاني

ص: 175

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله وحده وصلّى اللّه على محمّد وآله

ص: 176

[ سبق علي صلوات اللّه عليه الى الإسلام ]

[134] الدغشي بإسناده ، عن حبة العرني ، قال : نزلت النبوة على النبيّ صلی اللّه علیه و آله يوم الإثنين ، وصلّى علي علیه السلام معه يوم الثلاثاء.

[135] وبآخر عن [ ابن ] (1) يحيى ، قال : قال علي علیه السلام : صلّيت مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ثلاث سنين قبل أن يصلّي معه أحد.

[136] وبآخر عن حبة العرني ، قال : [ رأيت عليا ( صلوات اللّه عليه ) ضحك على المنبر لم أره ضحك ضحكا أكثر منه حتى بدت نواجذه. ثم ] (2) قال علي علیه السلام : بينما أنا ورسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ببطن نخلة نصلّي إذ ظهر علينا أبو طالب. فقال : ما تصنعان يا ابن أخي؟ فدعاه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ورغبة في الإسلام. فقال : ما أرى بالذي تقول وتصنع بأسا ، ولكن واللّه ما تعلوني استي أبدا. ثم قال علي علیه السلام : اللّهمّ لا أعرف عبدا من هذه الامة عبدك قبلي غير

ص: 177


1- وهو عبد اللّه بن يحيى وفي الاصل : عن يحيى. أقول : ولعله عبد اللّه بن نجي ، هو من أصحاب أمير المؤمنين وصاحب مظهرته.
2- بين معقوفين موجود في غاية المرام ص 503 راجع تخريج الأحاديث لهذا الجزء.

نبيها (1) ، يقولها ثلاث مرات ، ثم قال : لقد صلّيت قبل أن يصلّي أحد سبعا ، يعني سبع سنين.

[137] وبآخر ، عن مروان [ و ] (2) عبد الرحمن التميمي [ قالا ] : مكث الإسلام سبع سنين ليس فيه إلا ثلاثة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وخديجة رضوان اللّه عليها وعلي علیه السلام .

[138] وبآخر عن سلمان الفارسي رحمه اللّه إنه قال : إن أول هذه الامة ورودا على نبيها صلی اللّه علیه و آله أولها إسلاما علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ، وإن هذا البيت يخرب على يد رجل من ولد الزبير - حدث بذلك قبل أن يكون -.

[139] وبآخر عنه أيضا ، إنه قال : وردت على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو على رأس ركيّ ، فقال لي : يا سلمان. قلت : لبيك يا رسول اللّه. قال : أما إنك من أهل الجنة ، وان أول امتي ورودا عليّ الحوض يوم القيامة علي بن أبي طالب. قلت : يا رسول اللّه قبل أبي بكر وعمر. قال : نعم ، إنما يردون على إسلامهم ، يا سلمان إنه من سبّح اللّه تسبيحة أو هلّله تهليلة ، أو كبّره تكبيرة ، أو حمده تحميدة ، غرس اللّه عز وجل له بها شجرة في الجنة أصلها من ذهب ، وفرعها من اللؤلؤ مكلّلة بالياقوت ثمرها كثدي الابكار أحلى من الشهد وألين من الزبد ، كلما جنى منها شيء عاد مكانه مثله.

[140] وبآخر عن أبي الجحّاف عن رجل ذكره ، قال : دخلنا على أمير المؤمنين علي علیه السلام في الرحبة (3) ، فأصبناه على سرير قصير.

ص: 178


1- وفي مسند أحمد بن حنبل 1 / 99 : نبيك.
2- وفي الاصل : عن مروان بن عبد الرحمن التميمي. وكذا في نسخة - ب -.
3- الرحبة : قرية بحذاء القادسية على مرحلة من الكوفة على يسار الحجاج إذا أرادوا مكة.

قال : وما جاء بكم؟ قلنا : حبّك يا أمير المؤمنين. قال : إنه ما أحبني أحد إلا رآني حيث يحب ، وما أبغضني أحد إلا رآني حيث يبغض. ثم قال : واللّه ، ما عبد اللّه رجل قبلي مع نبيه صلی اللّه علیه و آله من ذكور هذه الامة ، ثم ضحك وأعرض بوجهه ، وقال : أتدرون ممّ ضحكت؟ قلنا : لا. قال لما ذكرت عرض بي قول أبي طالب ، وقد هجم على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأنا معه ونحن [ لله ] (1) ساجدون. فقال : أو فعلتماها. ثم أخذ بيدي فقال : انظر كيف تنصره يعني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وجعل يرغّبني في ذلك ويحضّني عليه ، فلما رأى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ذلك طمع في إسلامه ، فدعاه إلى الإسلام ، فقال : يا ابن أخي واللّه ما أراك تدعو إلا إلى خير ، فأما أن تعلو استي رأسي فلا يعنى السجود ، فضحكت إذ تذكرت قوله هذا (2).

[141] وبآخر ، عن سعيد ، قال : أسلم علي علیه السلام وهو ابن ثمان سنين وهاجر وهو ابن ثمان عشر سنة وشهد بدرا ، فقتل من قتل يومئذ وكان ما كان منه وهذه سنّه.

[142] وبآخر ، عن عفيف ( أخ الأشعث بن قيس ) قال : أتيت [ في الجاهلية ] مكة لأبتاع [ لأهلي ] من عطرها وثيابها ، فبينا أنا مع العباس بن عبد المطلب جالسا في المسجد إذ نظرت الى شاب قد أقبل وقد حلقت (3) الشمس ، فجعل ينظر إليها نحو السماء ، ثم توجه الى البيت ثم

ص: 179


1- وفي الأصل : له ساجدون.
2- ولا يخفى أن جملة : فلما رأى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وما بعدها لم تكن في رواية النهج لابن أبي الحديد راجع تخريج الأحاديث. علما بأنا في الجزء 13 ذكرنا بعض الأحاديث تبعا للمؤلف حول إيمان أبي طالب.
3- أي ارتفعت.

جاء غلام فوقف الى جانبه ثم جاءت امرأة فوقفت خلفهما ، فركع الشاب وركعا ، وسجد فسجدا حتى أتمّ الصلاة ، فقلت للعباس : أني أرى أمرا عظيما ، قال : نعم ، هذا الشاب وهو محمد بن عبد اللّه ابن أخي ، وهذا الغلام ابن أخي أيضا علي بن أبي طالب. قلت : فالامرأة؟ قال : خديجة بنت خويلد زوج محمد هذا. وإنه زعم إن اللّه رب السماوات والأرض بعثه رسولا بهذا الدين ، ودعا إليه ، فلم يجبه إلا من ترى (1).

[143] وبآخر ، عن الحسن بن علي ( صلوات اللّه عليهما ) ، إنه خطب الناس بعد أن اصيب علي صلوات اللّه عليه فقال : لقد قتل أمس رجل ما سبقه الأولون بعمل ، ولا يدرك الآخرون مثله (2) ، لقد كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يبعثه في السرية ، فيقول : أما (3) إن جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وملك الموت أمامه فليس يقاتل أحد إلا قتله ، ولا يروم فتح شيء إلا فتحه اللّه على يديه ، ما ترك صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت عنده من عطائه أعدها لخادم (4).

[144] وبآخر ، عن عبد الوهاب بن محمد ، عن أبيه ، إنه قال : كل آية في القرآن - « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا » - فعلي علیه السلام رأسها ، لأنه أول من آمن باللّه ورسوله من جميع المؤمنين.

[145] وبآخر ، عن أبي بكرية ، عن عمر بن أميّة ، قال : مكث الإسلام

ص: 180


1- وفي مسند أحمد بن حنبل ( 1 / 209 ) أضاف : ولا واللّه ما على الأرض كلها أحد على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة.
2- وفي كفاية الطالب ص 92 : ولا يدركه الآخرون.
3- وفي أمالي الصدوق ص 262 : في السرية فيقاتل جبرائيل عن يمينه.
4- وفي خصائص أمير المؤمنين علیه السلام للرضي ص 54 : فضلت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله. وفي كفاية الطالب : خادما لام كلثوم.

ثلاث سنين ليس فيه إلا ثلاثة : رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وعلي علیه السلام وخديجة رضوان اللّه عليها.

وهذه الأخبار ثابتة واكثر المنسوبين الى العلم من العامة (1) يقولون بذلك ، وأن عليا علیه السلام أول من أسلم من ذكور هذه الامة ولم يسبقه بالإسلام إلا خديجة بنت خويلد زوج النبيّ صلوات اللّه عليه وآله ، وكان ذلك لأمر قد يقدم عندها أراد اللّه به سعادتها.

وذلك أن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله مات أبوه عبد اللّه بن عبد المطلب وأمه آمنة حاملة به ، فلما ولدته كفله جده عبد المطلب. ثم توفي عبد المطلب ورسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ابن ثمان سنين. وكفله بعده أبو طالب عمّه ، وكان شقيق أبيه. امهما فاطمة بنت عمرو بن عابد بن عمران بن مخزوم (2).

وكان عبد المطلب قد عهد في ذلك (3) إليه ، فلما أراد اللّه عز وجل لمحمد صلوات اللّه عليه وآله من كرامة النبوة أنشأه على الطهارة ومكارم

ص: 181


1- قال الثعلبي ( في تفسير قوله تعالى : ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ ) . ( التوبة : 100 ) : قد اتفق العلماء على أن أول من آمن بعد خديجة من الذكور برسول اللّه 9 علي بن أبي طالب ، وهو قول ابن عباس وجابر بن عبد اللّه الأنصاري وزيد بن أرقم ومحمد بن المنكدر وأبي جارود المدني وربيعة التميمي.
2- ذكر ذلك المؤلف في الجزء 13 مفصلا فراجع.
3- قال لأبي طالب واسمه عبد مناف : اوصيك يا عبد مناف بعدي *** بمفرد بعد أبيه فرد فارقه وهو ضجيع المهد *** فكنت كالامّ له في الوجد تدنيه من أحشائها والكبد *** فانت من أرجى بنيّ عندى لدفع ضيم أو لشدّ عقد ( تاريخ اليعقوبي 2 / 13 )

الأخلاق ، وكان أفضل الناس مروءة ، وأحسنهم خلقا ، وأصدقهم حديثا ، وأجملهم صحبة وجوارا ، وأعظمهم حلما ، وأكرمهم حسبا ، وله في ذلك من مكارم أخلاقه وفضله وبرهان نبوته ودلائلها ما يخرج ذكره عن حدّ هذا الكتاب حتى إنهم كانوا يسمّونه الأمين لما رأوا من أمانته وطهارته ومكارم أخلاقه ونزاهته وبراءته من كل فاحشة ونقيصة.

[146] وكان مما يؤثر عنه صلوات اللّه عليه وآله ، إنه قال : كنت يوما وأنا صبي ألعب مع الصبيان من قريش ، فجعلت أنقل حجارة لبعض ما كنا نلعب ، فرأيت كل واحد من الصبيان قد نزع إزاره فألقاه على عاتقه لمكان الحجر الذي يحمله ليقيه منه ، وبقوا عراة ، فذهبت لأفعل مثل ما فعلوا (1) فلما أن مددت يدي لأحل إزاري لكمني لاكم لكمة (2) وجيعة ، وقال : لا تحل إزارك واشدده على نفسك ولا تكشف سوأتك ، فجعلت أنظر يمينا وشمالا فلا أرى أحدا ، فتركت ما أردته من أخذ إزاري وشددته على نفسي حسب ما كان ، وجعلت أنقل الحجارة على عاتقي.

وبلغ رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله مبلغ الرجال وقد استفاضت الأخبار عنه في الناس بطهارته ومكارم أخلاقه وصيانته وعفافه وورعه ،

ص: 182


1- وقد ذكر علي بن برهان الحلبي في السيرة الحلبية 1 / 199 ما مفاده إنه حل إزاره ومشى عاريا ( راجع تخريج الأحاديث ) وهذا ينافي عصمته وما أثر عنه من العفة والحياء. وقد روى ابن شهر اشوب في مناقبه 1 / 36 : عن ابن عباس : قال أبو طالب لأخيه : يا عبار. أخبرك عن محمد ، اني ضممته فلما افارقه ساعة من ليل أو نهار فلم آتمن احدا حتى نومته في فراشي ، فأمرته أن يخلع ثيابه وينام معي ، فرأيت في وجهه الكراهية. فقال : يا عماه اصرف بوجهك عني حتى أخلع ثيابي وأدخل فراشي ، فقلت له : ولم ذلك؟ فقال : لا ينبغي لأحد أن ينظر الى جسدي ، فتعجبت من قوله وصرفت بصري عنه. الحديث.
2- اللكمة : الضرب بجميع الكف.

وما شوهد من بواهره وأعلام النبوة فيه ، واتصل عن المخبرين بذلك عنه ، ممن شاهده من الأخبار والرهبان (1) وغيرهم ممن كان عنده علم من علوم دين اللّه سبحانه وكتبه وإعلام أنبيائه. وكانت خديجة بنت خويلد امرأة لها شرف ومال وقد تأيّمت من زوج كان لها هلك (2). وكانت قد تبضع البضائع مع عبيد لها ومضاربين الى الشام في التجارة ، وكانت قريش كذلك تجارا يخرجون في تجارتهم الى الشام وغيره.

ولما انتهى إليها عن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ما قد فشى واستفاض عنه من الخبر ، أرسلت إليه في أن تعطيه مالا يتّجر لها به الى

ص: 183


1- ومن هؤلاء الرهبان والأحبار والكهان : أ - ربيعه بن مازن الكاهن المعروف ب سطيح ، قصد مكة ليبشرهم بالنبيّ ( الأنوار لابن الحسن البكري ص 275 ). ب - زرقاء اليمامة : عند ما جاءت الى مكة لأجل أن تدبر الحيلة في اغتيال آمنة مع امرأة ماشطة. قالت الماشطة : سمعت رجلا يقول لزرقاء هذه الأبيات : كاهنة جاءت من اليمامة *** أزعجها ذو همة همامة لما رأت نورا على تهامة *** وهو لإظهار النبي علامة محمد الموصوف بالكرامة *** ستدرك الزرقاء به الندامة لهفي على سيدة اليمامة *** إذا أتاها صاحب الغمامة ج - الفيلق بن اليونان بن عبد الصليب وكان يكنى بأبي بحيرة الراهب. د - سعد بن قمطير من أحبار اليهود ( إعلام الورى للطبرسي ص 26 ).
2- والمعروف إنها تزوجت قبله برجلين. اولهما : عتيق بن عائذ بن عبد اللّه بن عمرو بن مخزوم ، فولدت له بنتا اسمها هند ( وهي أمّ محمد بن صيفي المخزومي ). ثانيهما : أبو هالة ( واسمه : هند بن زرارة التيمي ) ، فولدت له ولدا اسمه هالة وولدا اسمه هند أيضا ، فهو هند بن هند ، وكان يقول : أنا اكرم الناس أبا واما وأخا واختا. أبي رسول اللّه ( لأنه زوج أمه ) وأمي خديجة ، وأخي القاسم ، واختي فاطمة. قتل هند مع علي يوم الجمل.

الشام ، ففعل (1) وأرسلت معه عبدا يقال له : ميسرة (2) فنزلوا منزلا بقرب دير فيه راهب ونزل الناس ، وذهب رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله الى شجرة (3) بعيدة عنهم ، فنزل تحتها ، ورآه الراهب ، فنزل حتى أتاه ، ورأى ميسرة يخدمه ويحدثه ، فخلا به ، وقال : من أين هذا الشاب الذي أراك معه؟ فقال : من أهل مكة حرم اللّه ، قال : من قريش؟؟ قال : نعم ، من أوسطها نسبا ، فما تريد منه؟؟ قال : إنا نأثر أنّ نبيا يبعث من العرب وانه ينزل تحت هذه الشجرة في هذا اليوم ، وانه ما نزل تحتها قط في مثله إلا نبي. قال له ميسرة : واللّه لقد دلّت عليه بذلك عندنا (4) أخبار كثيرة بمثل ما ذكرت. قال له الراهب (5) : تكتم عليه ما

ص: 184


1- وهو ابن خمس وعشرين سنة ( مروج الذهب 2 / 275 ).
2- ذكر الحلبي في السيرة 1 / 197 عن ابن مندة : إن الذي كان مع الرسول في سفره إلى الشام وما جرى بينه وبين الراهب وجلوس الرسول صلی اللّه علیه و آله تحت الشجرة هو أبو بكر وليس ميسرة. وقال ابن حجر : ويحتمل أن يكون سفر أبي بكر معه صلى اللّه عليه وآله في سفرة اخرى بعد سفر أبي طالب. أقول : ولكن المتفق عليه إنه لم يسافر أكثر من مرتين مرة مع أبي طالب والاخرى مع ميسرة. وقال : أبو الحسن البكري في كتاب الانوار ص 258 ما مضمونه : انها ارسلت عبدين مع الرسول وهما : ميسرة وناصح وأمرتهما بالإطاعة له.
3- وكانت الشجرة يابسة لم تخضر. فقال الراهب لا ولادة : يا أولادي إن كان هذا النبي المنعوت في الكتب والمبعوث في هذا الزمان في هذا الركب فإنه ينزل تحت هذه الشجرة اليابسة ويجلس تحتها ، وقد جلس تحتها عدة من الأنبياء ، وإنها من عهد عيسى بن مريم يابسة لم تخضر. وهذه البئر لها عدة سنين لم يكن فيها ماء فانه قد يأتي إليه ويشرب منه قال : فما كان إلا ساعة وإذا بالركب قد أقبل ونزلوا حول البئر وحطوا الأحمال عن الأحمال وكان النبيّ يحبّ الخلوة بنفسه فأقبل حتى نزل تحت الشجرة فأخضرت وأثمرت من وقتها وساعتها. ( الأنوار للبكري ص 278 )
4- محمد وعلي والأوصياء 1 / 134 - 1 / 41.
5- قال ابن شهر اشوب في المناقب والمسعودي في المروج 2 / 271 يقال للراهب نسطور.

قلت لك ، فانه له اعداء من اليهود (1). ثم نظر ميسرة بعد ذلك في يوم قد اشتد حر الشمس (2) ، فما يملك أحد ممن كان معهم الكلام من شدة الحر ، وغمامة قد أظلّت رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وهو وادع لم يصبه شيء مما أصاب القوم.

وربح في تلك التجارة ما لم يربح أحد مثله (3) فلما قدم بذلك على خديجة قالت لغلامها ميسرة : ما أعظم أمانة محمد وبركته ، ما ربحت في تجارة قط كربحي فيما أبضعته معه. فقال لها ميسرة : وأعظم من ذلك ما سمعته فيه ورأيته منه. قالت : وما هو؟ فأخبرها بخبر الراهب وخبر الغمامة (4).

وكان لخديجة ابن عم قد ذكرت له وذكر لها - وهو ورقة بن نوفل - وكان على دين النصرانية وكان يذكر إنه أزف (5) وقت ظهور نبيّ من العرب يبعثه اللّه عز وجل على جميع الامم مع ما سمعته من الأخبار عن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله فقالت : واللّه إن هذا أولى بي من ورقة وغيره ، فأرسلت إليه ، فتزوجته. وكانت من أفضل نسائه ، وكل ولده منها خلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية ، وولدت له أكبر ولده وهو القاسم

ص: 185


1- الأنوار للبكري ص 284.
2- قال السكي : و ميسرة قد عاين الملكين ذا *** إظلاك لما سرت ثاني سفره
3- قال ابو جهل : يا قوم ما رأيت ربحا أكثر من ربح محمد لخديجة ( الأنوار للبكري ص 290 ).
4- قال ابن شهر اشوب في المناقب 1 / 41 : فاعتقت ميسرة وأولادها واعطته عشرة آلاف درهم لتلك البشارة.
5- قال الرازي في مختار الصحاح : ازف الرحيل دنا. ومنه قوله تعالى : ( أَزِفَتِ الْآزِفَةُ ) يعني القيامة.

وبه كان يكنى صلوات اللّه عليه وآله وهو أكبر الذكور من ولدها منه ثم الطيّب ثم الطاهر ، وأكبر بناتها منه رقية ثم زينب ثم أمّ كلثوم ثم فاطمة ( عليها و علیهم السلام ) ، ولما تزوجها رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله لم تزل ترى منه ويخبرها بمثل ما استفاض الخبر به عنه من إعلام النبوة ، فتذكر ذلك لابن عمها ورقة (1)وهو ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى. وقد قال عند ما أخبرته خديجة : ما أراه إلا نبيّ هذه الامّة الذي بشّر به موسى وعيسى. وقد قال هذه الأبيات :

يا للرجال وصرف الدهر الغدر

هذي خديجة تأتيني لأخبرها *** وما لنا بخفيّ الغيب من خبر

بأن أحمد ياتيه فيخبره *** جبريل إنك مبعوث الى البشر

فقلت على ترجين ينجزه *** له الا له فارجى الخير وانتظرى

( الإصابة لابن حجر 3 / 634 ) أقول : وهذا ينافي ما صرح به المؤلف : إنه مات قبل البعثة.(2) فيبشرها ويغبطها ويعظمها به ويقول : واللّه إنه لهو النبيّ المنتظر. ومات ورقة قبل أن يبعث رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وكان شاعرا. وكان كلما أخبرته خديجة بما تشاهده منه ويخبرها به رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يستبطئ أمره ويقول : حتى متى يبعث رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله فاومن به؟ وفي ذلك يقول :

لججت وكنت في الذكرى لجوجا *** لهمّ طال ما بعث النشيجا

لوصف من خديجة بعد وصف *** فقد طال انتظاري يا خديجا

بما خبرته من قول قسّ (3) *** من الرهبان يكبر أن يعوجا

ببطن المكتين على رجائي *** حديثك ان أرى منه خروجا

ص: 186


1-
2-
3- قس بن ساعدة الأيادي : وهو خطيب العرب قاطبة. والمضروب به المثل في البلاغة والحكمة كان يدين بالتوحيد. وسمعه النبي صلی اللّه علیه و آله قبل البعثة يخطب في عكاظ ، فأثنى عليه ، جواهر الادب للهاشمي 2 / 19. وفي نسخة - ب - من قول قيس.

بأن محمدا سيسود قوما *** ويخصم من يكون له حجيجا

ويظهر في البلاد ضياء نور (1) *** يقيم به البرية إن تموجا

فيلقى من يحاربه خسارا *** ويلقى من يسالمه فلوجا

فيا ليتي إذا ما كان ذاكم *** شهدت وكنت أولهم ولوجا

ولوجا في الذي كرهت قريش *** ولو عجت بمكتها عجيجا

أرجّي بالذي كرهوا جميعا *** الى ذي العرش إن سفلوا عروجا

وهل أمر السفالة غير كفر *** بمن يختار من سمك البروجا

فإن يبقوا وأبق تكن امور *** يضجّ الكافرون لها ضجيجا

وإن أهلك فكلّ فتى سيلقى *** من الأقدار مبلغه خروجا

[ ضبط الغريب ]

النشيج من البكاء ، يقال : نشج الباكي إذا غصّ البكاء في حلقه.

فهذا سبب (2) خديجة رضوان اللّه عليها ورحمته.

ص: 187


1- وفي نسخة - ب - ضياء عدل.
2- هكذا في الأصل.

[ اختصاص عليّ بالرسول صلى اللّه عليه وآله ]

اشارة

أما علي بن أبي طالب ( صلوات اللّه عليه ) فإن سببه في ذلك إن أشراف العرب وأهل [ السيادة ] (1) منهم كانوا إذا شبّ لأحدهم الولد ، وأراد تقويمه وتأديبه دفعه الى شريف من أشراف قومه ليلي ذلك منه ويستخدمه فيما يقوّمه به لئلاّ يدلّ في ذلك عليه دلالة الولد على الوالد.

وكان لأبي طالب ثلاثة من الولد (2) أكبرهم سنّا عقيل ابن أبي طالب ، وأوسطهم جعفر ، وبينه وبين عقيل عشر سنين ، وأصغرهم علي ( صلوات اللّه عليه ) ، وبينه وبين جعفر عشر سنين فلما شبّ عقيل دفعه أبو طالب إلى عباس أخيه ، ولما شبّ جعفر دفعه إلى حمزة أخيه ، ولما شبّ علي دفعه إلى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله.

وفي رواية اخرى إنه دفع جعفر إلى عباس وعليا علیه السلام الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأبقى عقيلا عنده.

فلما لحق رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالرجال وبان بنفسه وتأهّل ، فكان

ص: 188


1- وفي الأصل : السادات.
2- ولم يذكر المؤلف طالبا الولد الأرشد لأبي طالب وقد ذكره في ج 13 مفصلا عند الحديث عن اسرة أبي طالب فراجع.

علي علیه السلام عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فلما أتى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله جبرائيل علیه السلام بالرسالة عن اللّه عز وجل ، وذلك في يوم الإثنين ، أطلع خديجة على ذلك حسبما كان يطلعها عليه مما يراه ويتصل به من مواد اللّه عز وجل أناه بمخائل النبوة التي أهّله لها ، فكان ذلك مما تقدم عندها على ما ذكرناه وتأكد لديها ، فلم تزل مستشرفة إليه منتظرة له ، فلما أتاها به رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله أسلمت في الوقت.

[147] ثم دعا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من غد يوم الثلاثاء عليا علیه السلام وهو صغير لا علم عنده بذلك ولا خبر.

فقال له : بأبي أنت وامّي انظرني ساعة (1) فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أنا أنظرك ما شئت ولكن يكون ما قلته لك أمانة عندك أن لا يطلع عليه أحد غيرك. فقال علي علیه السلام : إنما أردت أن لا أتقدم في ذلك إلا عن رأي أبي ، فإذا ما قلت فأنا أشهد أن لا إله إلا اللّه وإنك رسوله.

فكانت نبوة محمد صلی اللّه علیه و آله يوم الإثنين وأسلم علي علیه السلام من غد يوم الثلاثاء كما جاء ذلك مأثورا في أول هذا الباب ، وهو كما ذكرنا مما يؤثره أكثر العوام وبإسنادهم حكيت أكثر ما حكيته منه ، وكان ذلك مما امتحن اللّه عز وجل به قلب علي علیه السلام بالإيمان به وبرسوله على حداثة سنّه وقرب عهده ، فوجده عند ما ارتضاه منه وأرضاه.

وقد طعن قوم من العامة من مبغضيه الذين أبغضهم اللّه عز وجل ، وأخبر بذلك على لسان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال : إن إسلامه

ص: 189


1- أقول : أهذا هو جواب طفل غير رشيد؟ أم هو من نبوغ العقل لذا تقدم.

يومئذ لا يعدّ إسلاما لأنه لم يكن بالغا مكلّفا ، وهذا منهم طعن على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذ كان قد دعاه إلى الإسلام ، وقبله منه. وهو بزعمهم غير مقبول ، ولا واجب عليه مع جهل هؤلاء بدين اللّه عز وجل ، وسنّة نبيه صلی اللّه علیه و آله وما أنزله عليه عز وجل في كتابه ، فقد قال جلّ ثناؤه : « وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا » (1) والحكم درجة بعد الاسلام ولا يكون إلا لمن يستحقه ، وقد رووا عن عبد اللّه بن عمر هو وأمثاله من الصحابة عندهم ممن يجب اتباعه ولا يجوز عندهم مخالفة قوله ، إنه قال : إذا بلغ الصبي سبع سنين كتب إيمانه وكفره. وحجته في ذلك عندهم اسلام علي علیه السلام [ وذكروا ] بأجمعهم قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه (2). وأجمعوا كذلك أن حكم الولد حكم أبويه ودينه على دينهما حتى يختار الخروج منه ، فاذا كان مولودا على الفطرة لم يجز أن ينقل عنها حتى يبلغ ، وهو اذا بلغ عندهم على الإسلام ثم اختار غيره استتيب فان تاب وإلا قتل. وفي هذا كلام يطول ذكره.

[148] ومما رووه في نفس هذا المعنى عن عمرو بن سلمة ، إنه قال : كنا بحاضرا يمرّ بنا من جاء من عند النبيّ صلوات اللّه عليه وآله ، فيحدّثون عنه عليه الصلاة والسّلام ، فحفظت قرآنا كثيرا ، فوفدوا بي الى النبيّ في نفر من قومي ، فعلّمهم الصلاة ، وقال : ليؤمّكم أقرأكم ، فقدموني ، وكنت اؤمّهم وأنا ابن ثمان سنين ، وكان عليّ بردة إذا سجدت انكشف سوءتي. فقال امرؤ من القوم : واروا سوءة إمامكم ، فكسوني عمامة معقدة ،

ص: 190


1- مريم : 12.
2- أي يسلك الطريقة المجوسية في حياته العملية.

فما فرحت بشيء بعد الإسلام مثل ما فرحت بها.

فهذا عمرو بن سلمة أحد الصحابة الذين لا يجوز خلاف قولهم عندهم يخبر أنه أسلم ووفد على رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وأمّ الناس بعد ذلك وهو ابن ثمان سنين.

إنما قال من قال : بأن إسلام علي علیه السلام لم يكن إسلاما ليدفع بذلك فضله بزعمه على أبي بكر وعمر وغيره ممن تقدم عليه لأن اللّه عز وجل يقول : « وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ » (1) ، ولا يجوز أن يكون المقرّب عند اللّه يتقدمه من يكون هو أقرب إليه منه ، ورسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يقول : إمام القوم وافدهم الى اللّه ، وكذلك إنما يتقدم القوم في كلّ شيء إمامهم ولا يكون ذلك إلا لمن هو أقربهم الى اللّه عز وجل والى رسوله ... (2) بينه وبين علي علیه السلام .

[149] بإسناد آخر عن حبة العرني ، قال : قال علي علیه السلام بعرفة : أنا عبد اللّه وأخو رسول اللّه ، لم يقلها أحد قبلي ولا يقولها أحد بعدي إلا كاذب.

[150] وبآخر عن عبد اللّه بن عمر ، قال : آخى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بين أصحابه ولم يذكر عليا علیه السلام ، فقام وعيناه تهملان.

فقال : يا رسول اللّه ، مالي تركتني بلا أخ. فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، لنفسي تركتك ، أنت أخي في الدنيا والآخرة (3).

[151] بآخر عن أسماء بنت عميس ، قالت : وقف رسول اللّه صلّى اللّه

ص: 191


1- الواقعة : 10.
2- هكذا في الاصل.
3- وهذا الحديث لم يكن في نسخة - أ -.

عليه وآله بجمع امراد مزدلفة في حجة الوداع مستقبلا ثبير (1) ، فقال : اللّهمّ اني أقول كما قال أخي موسى : اللّهمّ اغفر لي ذنبي واشرح لي صدري ويسّر لي أمري ، واحطط عني وزري واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أخي اشدد به أزري وأشركه في أمرى كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا (2).

[152] وبآخر ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : خطبنا علي علیه السلام فقال : أيها الناس أنا ابن عمّ رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وأخو رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ووصيّ رسول اللّه ، ووارث رسول اللّه ، وابنته زوجتي وخير نساء امّته ، فمن زعم أن وحيا ينزل بعد محمّد صلوات اللّه عليه وآله فقد كفر بالرحمن عز وجل.

[153] وبآخر ، عن أبي يحيى ، قال : سمعت عليا علیه السلام وهو على المنبر يقول : أنا عبد اللّه وأخو رسوله ، لا يقولها أحد غيري إلا كذاب. فقال رجل (3) : وأنا عبد اللّه وأخو رسوله ، فأصابته جنّة.

[154] وبآخر ، عن كثير بن سعد ، عن أبي يحيى ، قال : سمعت عليا علیه السلام ما لا احصيه ، أو قال : أكثر من الف مرة يقول - على المنبر ، ما صعد عليه إلا قال - : أنا عبد اللّه وأخو رسوله ، لا يقولها بعدي إلا كاذب.

ص: 192


1- وفي تفسير فرات بن إبراهيم ص 216 : أشرق ثبير أشرق ثبير ، اللّهمّ إني أسألك ما سألك أخي موسى. وفي ص 92 الرواية منقولة أيضا عن إبراهيم بن أحمد عن عمر الهمداني إلا إن الجملة الاخيرة لم يذكرها.
2- وقد ورد شطرا من ذلك في سورة طه الآيات : 29 - 33.
3- وفي البحار للمجلسي 41 / 205 : رجل من عبس.

[ الاخوّة ]

وهذه الأخبار أيضا ثابتة ، قد رواها الخاصّ والعام من طرق كثيرة ، ولم يختلفوا في صحتها ، ولم يكن علي علیه السلام أخا لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله اخوّة نسب في الظاهر لأبيه ولا لامّه ، ولا كان أخا شقيقا ، وإنما قال ذلك فيه إبانة (1) لمنزلته وإمامته وفضله على سائر المسلمين لئلاّ يتقدمه أحد منهم ولا يتأمّر عليه بعده إذ قد آخى بينهم أجمعين ، وقرن بين كلّ واحد منهم وصاحبه وأفرده هو من بينهم باخوّته. والعرب تقول للشيء إنه أخو الشيء إذا أشبهه أو قاربه أو وافق معناه. وقد قالوا في قوله اللّه عز وجل حكاية عن الذين أنكروا على مريم علیه السلام ولادة عيسى علیه السلام : « يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا » (2). قالوا : كان هارون هذا في ذلك الوقت رجلا عاهرا فشبهوها به بأن قالوا : يا اخت هارون : يا شبيهة هارون في عهره. وهذا معروف في لسان العرب.

فلما كان علیه السلام وصيّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في امّته وخليفته عليها من بعده ، والقائم فيها مقامه. وكان أقرب الناس شبها في المنزلة به ، وإن كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أعلى منزلة منه وقدرا ، وإنه أقربهم إليه في ذلك كما ذكرناه إنه يجوز أن يقال للشيء إذا قارن الشيء وشاكله إنه أخوه ، فأكّد له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ما جعله له من الإمامة بذلك ، وبغيره مما ذكرناه ونذكره في هذا الكتاب من وجوه شتى مع النصّ عليه الذي ذكرناه.

وأما الاخوّة في النسب الظاهر فليست بموجبة لهذا المقام بلا نص ، لأنه قد يكون المؤمن أخا للكافر وللمنافق في النسب ويختلفان في الحال والمذهب. وإنما

ص: 193


1- إظهارا.
2- مريم : 28.

اخوّة الدين فإنما تكون لاعتقاده والتشابه فيه والاجتماع عليه ، لذلك قال اللّه عز وجل : « إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ » (1) لاتفاقهم على الايمان ، فكانوا إخوة فيه لاتفاقهم عليه ، وأبان اللّه عز وجل عليا علیه السلام على لسان رسوله بأن جعله مشاكلا موافقا له إذ قد خصّه باخوّته من بين جميع المؤمنين ، ولم يكن لأحد منهم مع ذلك أن يتقدمه ولا يتأمّر عليه كما لم يكن لهم أن يفعلوا ذلك مع رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله.

ص: 194


1- الحجرات : 10.

[ تفضيل علي عليه السلام ]

اشارة

ومما جاء النصّ به من تفضيل علي علیه السلام باسمه :

[155] بإسناد آخر ، عن أنس بن مالك ، قال : كنا نتهيب أن نسأل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فلما نزلت : « إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَالْفَتْحُ » (1) رأينا (2) أن نفسه نعيت إليه. فقلنا : يا رسول اللّه أرأيت إن كان شيء فمن نسأل بعدك؟! فقال : أخي ووزيري وخليفتي في أهلي ، وخير من أترك بعدي يقضي ديني وينجز موعدي علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه.

[156] وبآخر عن السدي ، قال : دخل علي صلوات اللّه عليه على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعائشة جالسة فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : مرحبا بسيد العرب. فقالت عائشة : يا رسول اللّه أولست سيد العرب؟.

قال : أنا سيد ولد آدم علیه السلام ولا فخر ، وعلي سيد العرب (3).

[157] وبآخر ، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري : إنه ذكر عنده علي علیه السلام فقال : ذلك خير البرية أو قال : خير البشر. يعني عليا

ص: 195


1- النصر : 1.
2- علمنا ، كما في تاريخ دمشق لابن عساكر 1 / 115.
3- هذا الحديث لم يكن في نسخة - أ -.

صلوات اللّه عليه.

[158] وبآخر أيضا عنه إنه ذكر عليا علیه السلام فقال : علي علیه السلام خير البشر لا يشكّ فيه إلا منافق.

[159] وبآخر ، عن عمّار بن ياسر رحمه اللّه إنه قال يوما لقوم اجتمعوا إليه : من أخير الناس وأفضلهم عندكم؟ قالوا : عمر ؛ أمير المؤمنين ؛ فتح الفتوح ، ومصّر الأمصاء ، وذلك في أيامه. فسكت. فقالوا : ما تقول يا أبا اليقظان؟ قال : أقول ما قد سمعت من رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، إنه قال : علي خير البشر ، فمن أبى فقد كفر. وسمعته صلی اللّه علیه و آله يقول : ما من قوم ولّوا امورهم رجلا وفيهم من هو خير منه إلا كان أمرهم الى سفال.

[160] وبآخر ، عن محمد بن قيس ، عن أبيه ، قال : كنا عند الأعمش (1) - فتذاكرنا الاختلاف - فقال : أنا أعلم من أين وقع الاختلاف. قلت : من أين وقع؟ قال : ليس هذا موضع ذكر ذلك. قال : فأتيته بعد ذلك فخلوت به. وقلت : ذكرنا الاختلاف الواقع ، وذكرت إنك تعلم من أين وقع. فسألتك عن ذلك ، فقلت : ليس هذا موضع ذلك. وقد جئتك خاليا. فأخبرني من أين وقع الاختلاف؟ قال : نعم ، وليّ أمر هذه الامة من لم يكن عنده علم فسئل. فسأل (2) الناس فاختلفوا فلو ردوا هذا الأمر في موضعه ما كان اختلاف. قلت : الى من؟ قال : الى من كان يسأل بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وما سئل أحد غيره ، إلى من كان يقول : سلوني قبل أن تفقدوني ، وإنكم لن تجدوا أعلم بما بين اللوحين

ص: 196


1- سلمان بن مهران الاسدي - راجع قسم التراجم -.
2- وفي الأصل فسئل فبال الناس.

مني ، إلى من كان يضرب بيده على صدره ، ويقول : إن هاهنا لعلما جمّا لم أجد له حمله ، الى من قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيه : أقضاكم علي بن أبي طالب.

[161] وبآخر ، عن الحسن البصري ، قال : دخلت مسجد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فجلست الى عبد اللّه بن عمر ، وذلك في يوم الجمعة الى أن طلع علينا مروان ، فخطب ، وصلّى ، فجعل عبد اللّه بن عمر يقول : رحمك اللّه يا سلمان. ويكرر ذلك. فقلت له : يا أبا عبد الرحمن ، لقد ذكرت من سلمان شيئا. قال : نعم ، خرج علينا عشية بايع الناس لأبي بكر ، فقال : أما واللّه لقد أطمعتم فيها أولاد العتل (1) ولو وليتموها أهل بيت نبيّكم ما طمع فيها غيرهم ، وذكرت قوله هذا لما رأيت مروان (2) على المنبر.

[162] وعن أبي صالح ، قال : لما حضرت عمر الوفاة جمع أهل الشورى - فاجتمع عنده علي صلوات اللّه عليه وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص واناس من المهاجرين والأنصار : - فحمد اللّه تعالى وأثنى عليه. وقال : إني مفارقكم كالذي فارقكم من قبلي ، وإني أسألكم باللّه هل تعلمون عليّ مظلمة أو تباعة لأحد من الناس من المسلمين والمعاهدين؟ فقالوا جميعا : اللّهمّ ، لا. وسكت علي صلوات اللّه عليه. فقال : ألم تكونوا راضين الى يومكم هذا؟ قالوا : نعم. ولم يقل علي علیه السلام شيئا. فنظر إليه عمر ، وقال : ما تقول يا أبا الحسن. قال : أقول : غفر اللّه لي ولك يا عمر أنت الى رضا من تقدم عليه أحوج منك

ص: 197


1- العتل : الغليظ الجافي وغيره.
2- وهو الذي لعنه الرسول ونصبه معاوية أمير المدينة ( تذكرة الخواص ص 17 ).

الى رضانا ، فقال له الزبير بن العوام : يا أبا الحسن ، إن في صدر أمير المؤمنين هاجسا ، ولم يقبل عليك بالمسألة من بيننا إلا لتسمعه خيرا. فقال علي علیه السلام : إن يكن فيما كان منه إليّ خاصة - ما قد عرفت - فقد أحسّ فيما ولّي من امور العامة ، وقد أوصاني خليلي أن تغفر المظلمة في خاصتنا ، وأنا أقول كما قال يوسف : « لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ » (1). قال عمر : ولك يغفر اللّه ، يا أبا الحسن ، فقديما كنت سباقا الى الخير. ثم قال : يا معشر المهاجرين والأنصار إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أخبرنا من قبل أن يقبض : إن اللّه مولى رسوله ، وإن رسوله مولى كل مؤمن ، وأولى المؤمنين من أنفسهم ، وإن علي بن أبي طالب مولى من كان رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله مولاه.

[163] محمد بن سنان عن [ أبي ] الجارود [ زياد بن المنذر ] عن عمر المرادي قال : كنت أرى رأي الخوارج لأني لم أر قوما أشدّ منهم اجتهادا ولا أسخى نفوسا بالموت ، وكنت آتي القضاة والفقهاء ، فقال لي رجل يوما من الأيام : هل أدلّك على امرأة ليس بالبصرة فقيه ولا مجتهد إلا وهو يأتيها؟ قلت : وددت ذلك. فوصف لي منزلها ، فدخلت عليها ، فإذا بامرأة قد طعنت في السن ، عليها أثر العبادة ، في ناحية من دارها رجل (2) ملتفّ في خلق ، فظننت أنه بعض من يخدمها. فقالت لي : ما حاجتك يا عبد اللّه؟ قلت : إني رجل أرى رأي الخوارج لأني رأيتهم أشدّ الناس اجتهادا وأسخاهم نفوسا بالموت ، فرفع إليّ الشيخ رأسه ، وقال : إنك لتحطب في حبل قوم في النار يسبّون اللّه ورسوله بسبّهم أفضل الناس بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فأقبلت عليه كالمنكر لما قال. فقالت لي

ص: 198


1- يوسف : 92.
2- وفي نسخة - ب - : شيخ.

المرأة : يا عبد اللّه أتدري من هذا الشيخ؟ هذا أبو الحمراء خادم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فقلت له : ما عرفتك. فأخبرني عمّا عندك في علي علیه السلام . قال : أخبرك بما رأت عيناي وسمعت اذناي ومشت فيه قدماي ، بينا أنا بين يدي رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله أخدمه ، إذ قال لي : يا أبا الحمراء اخرج فأتني بمائة رجل من العرب ، وسمّاهم لي ، وخرجت فأتيته بهم ، فصفهم صفا بين يديه. ثم قال لي : اخرج فأتني بكذا وكذا (1) من العجم ، وسمّاهم لي. فأتيته بهم فصفهم صفا خلف صفّ العرب ، ثم قال لي : اخرج فائتني بقوم من القبط ، وسمّاهم لي ، فأتيته بهم ، فصفهم وراء العجم ، ثم قال لي : ائتني بنفر من الحبش وسمّاهم لي ، فأتيته بهم ، فصفهم من وراء القبط ، ثم أقبل على جميعهم ، وقال : (2) أتشهدون إني مولى المؤمنين ، وأولى بهم من أنفسهم؟ قالوا : اللّهمّ نعم ، قال : من كنت مولاه فعلي مولاه اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ، هل سمعتم وأطعتم. قالوا : نعم ، يا رسول اللّه! قال : اللّهمّ اشهد ، ثم قال لي : يا أبا الحمراء (3) ، ائتني بأديم ودواة. فأتيته بذلك ، ثم قال لي : أكتب :

ص: 199


1- وفي أمالي الصدوق ص 313 : وخمسين رجلا من العجم وثلاثين رجلا من القبط وعشرين رجلا من الحبشة.
2- وفي البحار 38 / 106 : ثم قام ، فحمد اللّه وأثنى عليه ومجد اللّه بتمجيد لم يسمع الخلائق بمثله ، ثم قال : يا معشر العرب والعجم والقبط والحبشة أقررتم بشهادة أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له وأن محمّدا عبده ورسوله ، فقالوا : نعم. فقال : اللّهمّ اشهد ، حتى قالها ثلاثا.
3- وفي الأمالي والبحار : ثم قال لعلي علیه السلام : يا أبا الحسن ، انطلق فائتني بصحيفة ودواة ، فدفعها الى علي بن أبي طالب ، ثم قال له : اكتب. أقول: أظن بنظري القاصر العبارة في الكتابين مصحفة.

بسم اللّه الرحمن الرحيم ، هذا ما أقرّت به العرب والعجم والقبط والحبش إن اللّه جلّ ثناؤه مولى رسوله ، ورسوله مولى المؤمنين وأولى بهم من أنفسهم ، وإن من كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مولاه فعلي مولاه ، اللّهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله.

ثم أخذ الكتاب فختمه ودفعه إلى علي فو اللّه ما أدري ما صنع به.

وقد روى أيضا هذا الحديث محمد بن جرير الطبري في كتابه الذي قدمنا ذكره.

[164] وبآخر ، عن علي بن حزور ، يرفعه ، قال : لما فرغ أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه من قتال أهل البصرة ، فوقف صلوات اللّه عليه على أفواه ثلاث سكك ، ووقف الناس من حوله ، فقال علیه السلام : ألا أخبركم بخير الخلق عند اللّه يوم القيامة. قالوا : نعم ، يا أمير المؤمنين فخبّرنا ، فقال : هم شيعة من ولد عبد المطلب. قال له عمّار [ بن ياسر ] : سمّهم لنا يا أمير المؤمنين. قال : ما حدثتكم إلا وأنا اريد أن أخبركم بأسمائهم. هم : رسول اللّه وصاحبكم وصيّه وحمزة وجعفر والحسن والحسين والمهديّ منا أهل البيت صلوات اللّه عليهم أجمعين.

[165] [ الحسين ] (1) بن الحكم الحبري ، باسناده ، عن ربيعة السعدي ، قال : لما كان من أمر عثمان ما كان بايع الناس عليا علیه السلام ، وكان حذيفة اليماني على المدائن يوم قتل عثمان ، فبعث إليه علي علیه السلام بعهده ، وأخبره بما كان من أمر الناس وبيعتهم إياه. فنادى حذيفة

ص: 200


1- وفي الأصل : الحسن ، ولم يكن أحد بهذا الاسم أما الحسين بن الحكم الحبري هو صاحب كتاب ( ما نزل من القرآن في علي ) ويذكر المؤلف منه فيما بعد.

الصلاة فاجتمع الناس ، فقام فيهم خطيبا ، فحمد اللّه تعالى وأثنى عليه ، وذكر النبيّ صلی اللّه علیه و آله بما هو أهله ، وأخبرهم بأمر علي وما كتب به إليه ، وقال : قد واللّه وليّكم أمير المؤمنين حقا ، ورددها سبع مرات ، ويحلف لهم باللّه على ذلك ، فقام إليه رجل (1) ، فقال : أيها الأمير ، متى كان أمير المؤمنين اليوم حين ولي ، أو قد كان قبل ذلك ، فإنا نسمعك كررت ذلك سبعا تحلف عليه ، ولا أظنّ ذلك إلا لأمر تقدم عندك فيه. قال له حذيفة : إن شئت أخبرتكم وإلا فبيني وبينك علي علیه السلام فانه أعلم الناس بما أقوله. قال : فخبّرني. فقال حذيفة : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كان يقول لنا : إذا رأيتم دحية الكلبي عندي جالسا فلا يقربني أحد منكم ، وكان جبرائيل يأتيه في صورة دحية الكلبي وأني أتيته يوما لاسلّم عليه فرأيته نائما ، ورأسه في حجر دحية الكلبي ، فغمضت عيني ورجعت فلقيني علي بن أبي طالب ( صلوات اللّه عليه ) ، فقال لي : من أين جئت؟ قلت : من عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأخبرته الخبر. فقال لي : ارجع معي فلعلّك أن تكون لنا شاهدا على الخلق ، فمشى ومشيت معه حتى أتينا باب النبي صلی اللّه علیه و آله فجلست من وراء الباب ، ودخل علي ( صلوات اللّه عليه ) فقال : السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته. فأجابه دحية الكلبي : وعليكم السلام ورحمة اللّه وبركاته ، يا أمير المؤمنين ادن مني فخذ رأس ابن عمّك من حجري فأنت أولى به مني. فوضع رأس النبي صلی اللّه علیه و آله في حجر علي علیه السلام ، ثم نظرت فلم أره. ومكث النبي صلی اللّه علیه و آله مليا ثم انتبه ، فنظر الى علي علیه السلام . فقال : يا علي من حجر من أخذت

ص: 201


1- وفي بحار الأنوار ط قديم 8 / 19 : فتى يقال له : مسلم.

رأسي؟ قال : من حجر دحية الكلبي يا رسول اللّه. قال : بل أخذته من حجر جبرائيل ، فأيّ شيء قلت حين دخلت؟ وما الذي قال لك؟ قال : قلت : السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته ، فقال لي : وعليكم السلام ورحمة اللّه وبركاته يا أمير المؤمنين ادن مني فخذ رأس ابن عمّك من حجري فأنت أولى به منى. فقال : صدق ، أنت أولى [ بي ] منه فهنيئا لك يا علي رضي عنك أهل السماء وسلّمت عليك الملائكة بامرة المؤمنين ، فليهنئك هذه الفضيلة والكرامة من اللّه جلّ وعز. وما لبث أن خرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فرآني من وراء الباب ، فقال لي : يا حذيفة أسمعت شيئا؟ فقلت : اي واللّه سمعته ، وأخبرته الخبر. فقال لي : حدّث بما سمعت من جبرائيل علیه السلام .

[166] وبآخر ، عن أسماء ابنة مخزومة أمّ عبد اللّه بن العباس (1) إنها قالت لابنها : يا بني الزم علي بن أبي طالب ، فانه ليس أحدا من الناس بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أعلم ولا أفضل منه.

[167] وبآخر ، عن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن علي ، إنه قال : انزلت في علي علیه السلام وشيعته آية : « إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ » (2) قال : هو علي وشيعته.

[168] وبآخر عن أمّ سلمة ( رضوان اللّه عليها ) قالت : نزلت هذه الآية : « إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً » (3) على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو في بيتي وأنا على باب

ص: 202


1- هكذا في الأصل وأظن انها أسماء بنت سلامة ( سلمة ) بن مخربة بن جندل. وهي أمّ عياش بن عبد اللّه كما في الإصابة لابن حجر ( 4 / 232 ).
2- البيّنة : 7.
3- الأحزاب : 33.

البيت ، ومعه في البيت علي وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام ، فتلاها. فقلت. يا رسول اللّه ؛ من أهل البيت؟ قال : أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين. قالت : قلت : فهل أنا من أهل البيت؟ قال : إنك على خير ، إنك من أزواج النبيّ. ما قال لي : إنك من أهل البيت.

[169] وبآخر ، عن ربعي بن خراش ، قال : سمعت عليا علیه السلام يقول : جاء سهيل بن عمرو الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فقال : يا محمد ، إنه قد خرج إليك قوم من عبيدنا ، فارددهم علينا. فقال أبو بكر وعمر : صدق يا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال النبيّ صلی اللّه علیه و آله : لن تنتهوا معشر قريش حتى يبعث اللّه عليكم رجلا قد منح (1) اللّه قلبه الايمان يضرب رقابكم على هذا الدين وأنتم عنه مجفلون إجفال النعم.

قوله : إجفال النعم. الجفول سرعة العدو في السير.

قال عمر : فأنا هو يا رسول اللّه؟ قال : لا. ولكنه خاصف النعل.

قال علي علیه السلام : وكان في يدي نعل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أخصفها (2).

[170] وبآخر ، عن سعيد بن جبير ، قال : رأيت عبد اللّه بن عباس جالسا على شفير زمزم إذ وقف إليه رجل وهو يحدّث الناس فقام بين يديه. وقال : يا بن عباس ، إني امرؤ من أهل الشام ، أتيتك أسألك. فقال ابن عباس : أعوان كل ظالم إلا من عصم (3) اللّه منهم ، سل عمّا بدا لك! قال :

ص: 203


1- بمعنى أعطى اللّه. وفي كشف الغمّة 1 / 212 : امتحن اللّه قلبه على الإيمان.
2- وفي كفاية الطالب ص 97 إضافة : قال : ثم التفت إلينا علي بن أبي طالب علیه السلام فقال : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : من كذب عليّ متعمدا فليتبوّأ مقعده من النار.
3- وفي رواية غاية المرام ص 141 : من عصم اللّه أيضا ، وفي نسخة - أ - خصّهم اللّه.

أتيتك أسألك عن علي بن أبي طالب ، وقتاله وقتله أهل لا إله إلا اللّه لم يكفروا بصلاة ولا بصيام ولا بزكاة ولا حج. فقال ابن عباس : يا شامي سل عمّا يعنيك؟ قال : إني لم آتك أضرب (1) من حمص (2) لحج ولا لعمرة ، ولا جئت إلا أن أسألك عمّا سألتك عنه ، ولتشرحه لي. فقال له ابن عباس : إن علم العالم صعب لا يحتمل ولا تقربه اكثر القلوب ، إن مثل علي فيكم كمثل العالم وموسى علیهم السلام . قال اللّه عز وجل لموسى : « يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ » (3) وقال : « وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ » (4). وكان موسى علیه السلام يرى أن الأشياء كلها أثبتت له في الألواح ، كما ترون أنتم أن علماءكم قد أثبتوا لكم الأشياء كلها ، وإنّما قال اللّه عز وجل أنه كتب لموسى علیه السلام من كل شيء ولم يقل أنه كتب له فيها كل شيء. فلما أتى موسى الساحل ولقى العالم وكلّمه عرف فضله ولم يحسده على علمه كما حسدتم أنتم عليا علیه السلام على علمه وفضله الذي جعله اللّه عز وجل له فرغب موسى إليه وأحبّ صحبته كما أخبر اللّه عز وجل بذلك عنه في كتابه فعلم أن موسى علیه السلام لا يصبر على ما يكون منه ما لم ينته إليه علمه ، فتقدم في ذلك إليه ، وقال : « فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً » (5) فخرق السفينة وكان خرفها لله سبحانه رضا وسخط بذلك موسى علیه السلام وأنكره عليه ، وقتل الغلام وكان قتله لله

ص: 204


1- ضرب يضرب ضربا ومضربا بفتح الراء أي سار ( مختار الصحاح 378 ).
2- مدينة في سوريا.
3- الأعراف : 144 - 145.
4- الأعراف : 144 - 145.
5- الكهف : 70.

عز وجل رضا وسخط ذلك موسى علیه السلام وأنكره عليه ، وأقام الجدار وكان إقامته لله عز وجل رضا ، وسخط ذلك موسى علیه السلام وأنكره عليه (1) كما سخطتم أنتم فعل علي علیه السلام وأنكر تموه ولم يفعل من ذلك إلا ما رضيه اللّه عنه وأمر به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله [ ولأهل الجهالة من الناس سخط ] (2). فاجلس يا أخا أهل الشام احدّثك ببعض فضائله ، وبقليل من كثير. فجلس الرجل.

فقال له ابن عباس : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لما تزوج زينب بنت جحش ، أولم (3) عليها ، وكانت وليمته الحيس (4) ، وكان يدعو المؤمنين عشرة عشرة فإذا أصابوا طعام نبيّهم استأنسوا لحديثه والنظر إليه ، فجلسوا ، وكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يحب أن تخلو له الدار ، ويكره أذى المؤمنين فأنزل اللّه عز وجل : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ » (5). فلما نزلت هذه الآية كان الناس إذا دعوا الى طعام نبيّهم ، فطعموا ، لم يلبثوا.

ص: 205


1- كل هذه مفاد الآيات التالية : « فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً. قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً. قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً. فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً » ... سورة الكهف الآيات1. 78.
2- هذه الزيادة موجودة في غاية المرام ص 141.
3- وفي مختار الصحاح ص 736 الوليمة : طعام العرس وقد أولم. وفي الحديث : أولم ولو بشاة.
4- طعام يستحضر من تمر وسمن وسويق.
5- الأحزاب : 53.

فمكث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في بيت زينب بنت جحش سبعة أيام ولياليهن ، ثم تحول من بيت زينب بنت جحش الى بيت أمّ سلمة [ بنت أميّة ] ، فمكث عندها يوما وصبيحة الغد.

فلما تعالى النهار أتى علي علیه السلام الى الباب ، فدقّه دقّا خفيفا ، فعرف رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله [ دقّه ] وأنكر [ ته ] أمّ سلمة.

فقال لها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : قومي يا أمّ سلمة فافتحي الباب.

قالت : يا رسول اللّه ، ومن هذا الذي قد بلغ من خطره أن أقوم ، فأفتح له وأستقبله بوجهي ومعاصمي؟

فقال : يا أمّ سلمة ، من يطع الرسول فقد أطاع اللّه!! قومي فافتحي الباب فان بالباب رجلا يحبّ اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله ، وإنك متى فتحت الباب لم يلج (1) حتى يسكن حسّ وطئك عن الباب.

فقامت وهي تقول : بخ بخ لرجل يحبّ اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله ، ففتحت الباب.

فلما أحسّها علي أمسك الباب أن ينفتح وأقام حتى انصرفت ، ففتح الباب ودخل ، فسلّم على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فردّ عليه أحسن رد ، وسأله عن حاله. ثم قال : يا أمّ سلمة ، هل تعرفين هذا الرجل؟

قالت : نعم هذا ابن عمك علي بن أبي طالب ، يا رسول اللّه.

فقال : يا أمّ سلمة ، هو ابن عمي حقا وهو أخي ووزيري وخير من أخلف في أهلي وسيد المسلمين وأمير المؤمنين من بعدي وقائد الغرّ المحجّلين يوم القيامة الي وصاحب حوضي ورفيقي في الجنة وسبطاي ابناه وقرة عيني وثمرة قلبي وريحانتي

ص: 206


1- ولج يلج ولوجا أي دخل ( مختار الصحاح 735 ).

من الدنيا ، اشهدي بذلك يا أمّ سلمة وبأن زوجته فاطمة سيدة نساء العالمين.

اشهدي يا أمّ سلمة بأن حربه حربي وسلمه سلمي.

اشهدي يا أمّ سلمة إنه النائد عن حوضي من أبغضه وعاداه كما تذاد غريبة الإبل.

اشهدي يا أمّ سلمة إنه يبعث يوم القيامة على ناقة من نوق الجنة مسايرا لي يصل ركبته ركبتي.

اشهدي يا أمّ سلمة إنه معي على الصراط يقول لأعدائنا أهل البيت - وهم في النار - تعستم تعستم (1).

اشهدي يا أمّ سلمة إنه يقاتل من بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين.

اشهدي يا أمّ سلمة إنه مع الحق يزول حيث ما زال ويدور حيث ما دار ، لا أخاف عليه فتنة ولا بلاء حتى يلقاني وعد وعدني ربي فيه ولن يخلف اللّه وعده أن يحفظني فيه وتسلم له دينه حتى يلحق بي.

[ فقال الشامي : فرّجت عليّ يا عبد اللّه بن العباس ، أشهد أن علي بن أبي طالب مولاي ومولى كلّ مسلم ] (2).

[171] أبو نعيم ، باسناده ، عن أمّ سلمة رضوان اللّه عليها - إنه ذكر عندها علي علیه السلام ومن كان معه ومن فارقه - فقالت : كان واللّه علي صلوات اللّه عليه على الحق فمن اتبعه اتبع الحق ومن فارقه فارق الحق (3).

[172] شريك بن عبد اللّه ، باسناده ، عن عطاء بن رياح ، قال : قلت لجابر

ص: 207


1- تعسا لفلان أي ألزمه اللّه هلاكا ( مختار الصحاح 77 ).
2- ما بين المعقوفتين مأخوذ من غاية المرام ص 242.
3- وفي كشف الغمة للإربلي 1 / 144 زيادة : عهدا معهودا قبل يومه هذا.

بن عبد اللّه : ما كانت حال علي علیه السلام فيكم في حياة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؟ قال : كان بمنزلة الأمير ، إن شهد عظم وسوّد ، وإن غاب انتظر.

[173] الحارث بن نصر ، عن عمرو بن الحمق ، قال : قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوما وأنا بين يديه في المسجد : يا عمرو ، ألا اربك آية الجنة وآية النار ، يأكل الطعام ويشرب الشراب ويمشي في الأسواق. قلت : نعم ، بأبي أنت وامّي يا رسول اللّه فأرنيهما. فأقبل علي علیه السلام يمشي حتى أتى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فسلّم وجلس بين يديه ، فقال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا عمرو هذا وقومه آية الجنة. ثم أقبل معاوية فسلّم وجلس ، فقال : يا عمرو هذا وقومه آية النار.

[174] علي بن أبي القاسم ، باسناده ، عن عباد بن كثير : إن النبيّ صلی اللّه علیه و آله قال لعلي علیه السلام : يا علي إن اللّه تعالى أمرني أن ابشرك إنك نور الهدى وإمام الأئمة ، وإنك تقاتل عدوي من بعدي.

[175] راشد بن خالد ، باسناده : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله خلا يوما بيت من بيوته ، فأمر عليا علیه السلام بأن يحجب الناس عنه ، فجاء عمر ، فقال لعلي علیه السلام : استأذن لي على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فقال هو مشغول عنك ، فانصرف ، ومكث ساعة ، ثم أتاه [ في ] الثانية. فقال له مثل ذلك [ فانصرف ] ، ثم أتاه الثالثة. فقال له مثل ذلك ، فانصرف عمر وهو يقول : يا عجباه جئت ثلاث مرات أستأذن على النبيّ صلی اللّه علیه و آله فلم يؤذن لي. فقال له علي علیه السلام : على رسلك يا عمر إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في داره مائة وستون ملكا (1) وهو معهم مشغول عنك وعن غيرك. فلما خرج رسول اللّه

ص: 208


1- وفي تفسير فرات الكوفي ص 23 : ثلاثمائة وستون ملكا.

صلی اللّه علیه و آله أعلمه عمر بذلك ، فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أقلت ذلك يا علي؟ قال : نعم ، يا رسول اللّه. قال : كيف علمت إنه زارني هذا العدد من الملائكة؟ قال : يا رسول اللّه ، أحصيت سلامهم عليك وكان ذلك عددهم ، قال صلی اللّه علیه و آله : وسمعت ذلك؟ قال : نعم. فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : اللّهمّ زده فضلا وعلما وإيمانا.

[176] وبآخر ، عن يحيى بن سلمة ، باسناده ، عن كميل باسناده عن علي علیه السلام إنه قال : إن حسبي حسب النبيّ صلی اللّه علیه و آله ، وعرضي عرضه ، ودمي دمه ، فمن أصاب مني شيئا فإنما أصابه عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

[177] وبآخر ، عن أبي سعد الحجاف ، رفعه الى أبي أيوب الأنصاري ، قال : خرج علينا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوم عرفة ، فقال : أيها الناس إن اللّه عز وجل باهى بكم في هذا اليوم ، فغفر لكم عامة ولعلي خاصة. فأما العامة منكم فمن لم يحدث بعدي حدثا وهو قول اللّه عز وجل : « فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ » (1).

وأما الخاصة : فطاعة علي طاعتي فمن عصاه فقد عصاني. ثم قال : قم يا علي ، فقام. فوضع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كفه في كفه. ثم قال : ( أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ) ، فطاعتي مفروضة وإني غير خائف لقومي ولا محاب لقرابتي منهم وإنما أنا رسول اللّه : « وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ » (2) الا إن هذا جبرائيل يخبرني عن ربي عز وجل إن السعيد حقّ

ص: 209


1- الفتح : 10.
2- المائدة : 99.

السعيد من أحبّ عليا في حياته أو بعد وفاته. وإن الشقي حقّ الشقي من أبغض عليا في حياته أو بعد وفاته.

[178] وبآخر ، الحكم بن سليمان باسناده عن أبي سعيد الخدري ، قال : ذكر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الخوارج فوصفهم ثم قال : يقتلهم خير البرية علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه.

[179] وبآخر ، الحسين بن الحكم عن أبي الحمراء خادم رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله. قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : لما اسري بي إلى السماء نظرت الى ساق العرش فإذا هو مكتوب عليه : لا إله إلا اللّه محمّد رسول اللّه (1) أيدته بعلي ونصرته به.

[180] وبآخر ، أبو غسان ، باسناده ، عن ابن عباس ، إنه سئل عن سوابق علي علیه السلام . فقال : واللّه لقد سبقت له سوابق لو كان بعضه لامّة من الامم لرأت إن اللّه عز وجل قد منحها فضلا عظيما.

[181] وبآخر ، عن حذيفة بن اليمان ، إنه قال : لما قتل عثمان ، أتاه قومه فقالوا : يا أبا عبد اللّه إن أمير المؤمنين قد قتل ، فما تأمرنا؟ قال : آمركم أن تتبعوا عمّار بن ياسر فتكونوا حيث كان. قالوا : إن عمّار مع علي لا يفارقه. قال حذيفة : إن الحسد أهلك الجسد وإنما يقربكم من عمّار قربه من علي علیه السلام ، فو اللّه لعلي أخير من عمّار بأبعد ما بين التراب والسحاب ، وأن عمّارا لمن الأخيار.

[182] وبآخر ، إبراهيم بن الحسين ، باسناده عن سالم بن أبي الجعد ، قال :بعث علي علیه السلام إلى عائشة بعد أن انقضى أمر الجمل وهي بالبصرة ، أن ارجعي الى بيتك ، فأبت ، ثم أرسل إليها ثانية ، فأبت ، ثم

ص: 210


1- وفي البحار 39 / 53 : محمد رسولي وصفيي من خلقي.

أرسل إليها ثالثة (1) : لترجعن أو لأتكلم بكلمة يبرأ اللّه بها منك ورسوله. فقالت : أرحلوني أرحلوني. فقالت لها امرأة - ممن كان عندها من النساء (2) : يا أمّ المؤمنين ما هذا الذي ذعرك من وعيد علي علیه السلام إياك. قالت : إن النبيّ صلی اللّه علیه و آله استخلفه على أهله وجعل طلاق نسائه بيده.

[183] وبآخر ، عن أنس بن مالك (3) ، قال : لما انزلت : « إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَالْفَتْحُ » (4) قلنا لسلمان : سل نبيّ اللّه صلی اللّه علیه و آله إلى من يسند أمرنا بعده؟ فأتاه ، فسأله ، فسكت. فلما كان بعد عشرة أيام دعاه. فقال : يا سلمان - يا أبا عبد اللّه - ألا أخبرك عما سألتني عنه؟ فقال : بلى ، بأبي أنت وامّي ، ولقد خشيت لما أمسكت عني أن تكون مقتّني أو وجدت عليّ فيه ، فقال : لا مقتّك ولا وجدت عليك في شيء إلا أن أخي ووزيري وخليفتي من بعدي وأفضل من أخلف في أهلي بعدي (5) ويقضي ديني وينجز عداتي علي بن أبي طالب علیه السلام .

[184] وبآخر ، رواه مطير ، عن أنس بن مالك. قال يحيى : حدثناه وقد انصرف من صلاة العصر ، ثم رفع يده نحو السماء ، وبكى. وقال : إن قوما يقولون لي : اتّق اللّه ولا تحدث إلا بما سمعت ، اللّهمّ سلني عنه يوم ألقاك

ص: 211


1- المرسل هو الإمام الحسن علیه السلام كما في البحار 38 / 74.
2- امرأة من المهالبة : أتاك ابن عباس شيخ بني هاشم وخرج من عندك مغضبا وأتاك غلام فأقلعت.
3- وفي الإصابة 1 / 217 قال : كنا إذا أردنا أن نسأل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عن شيء أمرنا عليا أو سلمان أو ثابت بن معاذ لأنهم كانوا أجرأ أصحابه عليه فلما نزلت ...
4- النصر : 1.
5- وفي تاريخ دمشق لابن عساكر 1 / 115 : خير من تركت بعدي.

يوم أقف بين يديك إني حدثت بما سمعت عن أنس بن مالك (1).

[185] وبآخر ، عن أبي إسحاق ، قال : قلت لقثم (2) بن عباس : كيف ورث علي علیه السلام رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأبوك حي؟ قال : لأنه كان أشدنا به لزوقا وأسرعنا به لحوقا.

[186] وبآخر ، عن جابر بن عبد اللّه ، إنه سئل عن فضل علي علیه السلام فقال : وهل يشكّ فيه إلا كافر.

[187] وبآخر ، إسماعيل بن موسى ، باسناده عن الحسن البصري ، قال : قيل له : يا أبا سعيد ، صف لنا علي بن أبي طالب علیه السلام . فقال : كان سهما من سهام اللّه صائبا لأعداء اللّه ليس بالنومة عن أمر اللّه ولا بالسرقة لمال اللّه ، ورهباني هذه الامّة في فضلها وشرفها ، أعطى القرآن حقائقه فأحلّ حلاله وحرّم حرامه حتى أورده ذلك رياضا مونقة وحدائق مورقة [ ذاك علي بن أبي طالب ، يا لكع ] (3).

[188] وبآخر ، عن عائشة إنها سألت : أيّ الناس أفضل منزلة عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ورسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أوثق به؟ فقالت : لا أعرف أفضل منزلة عنده ولا من هو أوثق به من علي بن أبي طالب علیه السلام .

[189] وبآخر ، عن عطية العوفي ، قال : سألت جابر بن عبد اللّه - بعد ما كبر وسقط حاجباه على عينيه - : أي رجل ، كنتم تغدون علي بن أبي طالب فيكم - فرفع رأسه - وقال : أليس ذلك خير البرية.

ص: 212


1- هكذا في الأصل.
2- وفي نسخة - ب - القاسم بن عباس.
3- هذه الزيادة موجودة في بحار الأنوار 42 / 144 الحديث 6.

[190] وبآخر ، عن أبي البحتري ، قال : أتى رجل عليا علیه السلام فذكر فضله وأثنى عليه وتجاوز في القول ، وكان يعلم منه غير ما يقول ، فقال له : أنا دون ما قلت ، وفوق ما في نفسك.

[191] وبآخر ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، إنه قال لعمرو بن ضمرة : ما ذا ألقاه من إخوانك من الشيعة ، يأتوني فيسألوني عن مناقب علي بن أبي طالب علیه السلام ، فأقول : ما تسألوني عن مناقب رجل صفته ما أقول لكم : من المهاجرين والأنصار الأولين ، ومن أهل بدر ، ومن أهل بيعة الرضوان ، ومن أصحاب الشورى ، وابن عم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وزوج فاطمة ابنته ، وأبو الحسن والحسين ( صلوات اللّه عليهم أجمعين ) ، فيقولون هذا قد عرفناه.

اختصرت في هذا الباب جملا من القول في فضائل علي ( صلوات اللّه عليه ) وكل ما ذكرته وأذكره في هذا الكتاب فهو مما آثرته من فضائله والذي اختصرته ، ولم آثره أكثر من ذلك لأنه عبد أنعم اللّه عز وجل عليه بأفضل مما أنعم به على أحد من الامّة ، وقد قال جلّ من قائل : « وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّهِ لا تُحْصُوها » (1). كذلك لا يحصي أحد وإن اجتهد فضل علي علیه السلام ، فلا يرى من نظر في هذا الكتاب إنا لما رسمنا هذا الباب بذكر فضائله علیه السلام إنا قد أتينا على جميعها كما رأى ابن [ أبي ] ليلى ، إن الذي ذكر من فضائله لمن سأله من الشيعة عنها فيه ما يأتي عليها بأسرها ، وأنكر قولهم هذا قد عرفناه كما ذكرنا عنه هذا الخبر وهو خاتمة هذا الباب ، وكان أحقّ بالانكار عليه إذ اقتصر لمن سأله عن فضائل علي علیه السلام - على ما ذكره في الخبر - وهو بلا شك

ص: 213


1- النحل : 18.

يعلم أكثر مما ذكرناه ونذكره في هذا الكتاب من فضائله ، إذ هي من المشهور المعروف عند الخاصّ والعام.

ومما لا يكاد مثله أن يخفى عن ابن أبي ليلى لقرب عهده بزمانه ، ولأنه من أهل العراق محل شيعته وأنصاره ، ولأنه ممن عني بجمع الآثار ، وقد آثرنا عنه فيما اختصرناه من الأسناد فيما ذكرناه كثيرا غير ما جاء به في هذا الحديث ، فإما أن يكون ترك ذكر ذلك تقيّة ، أو لما اللّه عز وجل أعلم به. وكان القصد في إثبات هذا الباب في هذا الكتاب الى العلم بأن عليا علیه السلام أفضل الامّة بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقد أقرّ بذلك وقال به أكثر العوام.

[ الفاضل والمفضول ]

لكن زعم بعضهم إنه يجوز أن يؤمّ المفضول الفاضل لعلّة من تقدم بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وحذرا منهم من أن ينكروا أشياء من أفعالهم على نحو ما قدمنا ذكره من إجازتهم الخطاء على أنفسهم واستكبارهم إجازته على غيرهم لما هم عليه من الضعف وقلّة العلم بالواجب ، وقولهم إن امامة المفضول للفاضل جائزة ، ردّ لقول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ولأمره الذي أمر اللّه سبحانه باتباعه ونهى عن خلافه وهو فيما يؤثرون عنه صلی اللّه علیه و آله ، يقول : يؤمكم أفضلكم ، ويقول : وائمتكم شفعاؤكم ، ولا تقدموا الى اللّه بين أيديكم إلا أفضلكم. وهم مجمعون فيما يروونه من تقديم الائمة بآرائهم واختيارهم إنهم متى أرادوا ذلك لم يقدموا إلا من يختارونه وإن الاختيار لا يقع إلا على من هو أفضل ، فلما ثبت عندهم أن عليا علیه السلام أفضل الصحابة بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ولم يجدوا إلى دفع ذلك سبيلا ، قالوا بما قالوه إنه يجوز للمفضول أن يتقدم الفاضل تهيّبا من الإنكار على من فعل ذلك وخالفوا بقولهم

ص: 214

هذا قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وفعل الجماعة منهم. وفي هذا الباب من الاحتجاج عليهم ما يخرج عن حدّ هذا الكتاب. وقد بسطنا كثيرا من ذلك في كتاب الإمامة وغيرهما مما بسطناه من الكتب. فمن آثر علم ذلك وجده فيما بسطناه من ذلك إن شاء اللّه تعالى.

ص: 215

[ إطاعة علي عليه السلام وعدم مفارقته ]

ذكر بعض ما جاء من الأمر بطاعة علي ( صلوات اللّه عليه ) والنهي عن مفارقته.

[192] الدغشي ، باسناده ، عن مجاهد ، يرفعه إلى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، إنه قال : من فارقني فقد فارق اللّه ، ومن فارق عليا فقد فارقني.

[193] حصن ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد ، عن أبيه عن آبائه علیهم السلام إنه قال : من شك في حرب علي علیه السلام فقد شك في حرب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وذلك أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال له : حربك حربي وسلمك سلمي.

[194] وبآخر ، الحكم ، باسناده ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، إنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي : يا علي ، من خالفك فقد خالفني.

[195] وبآخر ، أبو محمد عبد اللّه بن محمد بن عابد ، يرفعه إلى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، إنه قال : إن اللّه عز وجل عهد إليّ في علي [ عهدا ]. فقلت : ربّ بيّن لي. فقال : اسمع. فقلت : سمعت يا رب. فقال : يا محمد إن عليا راية الهدى وإمام أوليائي ونور من أطاعني وهو الكلمة التي

ص: 216

ألزمتها المتّقين ، فمن أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني ، فبشره بذلك.

[196] وبآخر ، يحيى بن اليعلى ، باسناده ، عن أبي ذر رحمة اللّه عليه ، إنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول لعلي علیه السلام : يا علي من أطاعك فقد أطاعني ومن أطاعنى فقد اطاع اللّه. ومن عصاك فقد عصاني [ ومن عصاني ] فقد عصى اللّه ، ومن عصى اللّه ورسوله فهو من الكافرين.

[197] وبآخر ، عن إسماعيل بن موسى ، باسناده ، عن أبي الحجاف ، قال : سمعت عمار بن ياسر ( رحمة اللّه عليه ) يقول : أيها الناس الزموا عليا علیه السلام فانه لم يخطئ بكم طريق الحق ، وإن رأيتموني خالفته يوما من الدهر فاعلموا إنه على الحق وإني على الباطل.

[198] وبآخر ، محمد بن إسماعيل ، باسناده ، عن عقيل (1). قال : سمعت عليا علیه السلام يقول : افترقت اليهود على كذا وكذا فرقة والنصارى على كذا وكذا فرقة ولا أرى هذه الامّة إلا ستختلف كما اختلفوا (2) ويزيدون عليهم فرقة ، إلا إن الفرق كلها على ضلال إلا أنا ومن اتبعني - يقول ذلك ثلاثا -.

هذا باب رسمناه في هذا الكتاب لنذكر به من غفل ، وأكثر ما ذكرناه فيه ونذكره مما يوجب طاعة علي علیه السلام والنهي عن مخالفته والتقدم عليه مثل الأمر بولايته ، وقول النبيّ صلی اللّه علیه و آله : اللّهمّ

ص: 217


1- وفي أمالي المفيد ص 133 : أبي عقيل.
2- وفي نسخة - ب - ألا ستفترق كما افترقوا.

وال عن والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وقوله : أنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأن عليا علیه السلام مولى من كان الرسول مولاه.

وكلما ذكرناه ونذكره إنه يوجب إمامته ، فهو يوجب طاعته لأن الولاية والإمامة موجبتان للطاعة ، واذا كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قد أوجب طاعته على جميع المؤمنين ، فمن أين يجوز لأحد بعده أن يتقدم عليه ويوجب عليه أن يطيعه؟ أوليس هذا ردا لقول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وخلافا عليه إذ كان قد أمر بطاعته وولايته جميع المؤمنين ، فيدعي ذلك غيره لنفسه ويوجب عليه طاعته؟ أو ليس قد أبان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بما أمر به من طاعته وولايته بأنه وليّ الأمر من بعده إذا كانت الطاعة إنما تجب لولاة الأمر لقول اللّه عز وجل : « أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ » (1) وهذا أبين وأوضح من أن نحتاج الى بيانه وايضاحه لمن وفّق لفهمه ، وكذلك كلما أدخلناه وندخله في تضاعيف هذه الأخبار ولكنا أردنا بذلك تنبيه من لعله غفل ، وتعليم من لعله جهل. رجاء لثواب اللّه تعالى على ذلك واللّه يثيبنا عليه بفضله ورحمته.

ص: 218


1- النساء : 59.

[ ولاية علي عليه السلام ]

ذكر الأمر بولاية علي ( صلوات اللّه عليه ) وولاية الائمة من ذريته ( عليهم أفضل السّلام ).

قد تقدم في هذا الكتاب وما يتلوه هذا الباب من إيجاب ولاية علي علیه السلام كثير من الأخبار مثل قول النبيّ صلی اللّه علیه و آله : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وغير ذلك مما يطول ذكره ، ولكنا أردنا أن نفرد بابا في هذا الكتاب بذكر الولاية لنبيّن بعد ما نذكره فيه ما يوجبه ، وقد قال اللّه عز وجل لجميع المؤمنين : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » (1) الذين آمنوا يدخل في جملتهم الأنبياء والأوصياء وجميع من آمن باللّه عز وجل فهم من الذين آمنوا ، ولكن قد يقع القول على شيء دون شيء على المراد به منهم ، فالمراد بالذين آمنوا هاهنا : الذين قرنهم اللّه عز وجل في الولاية برسوله صلی اللّه علیه و آله فهم ائمة الهدى من آل الرسول.

[199] وكذلك آثرنا عن أبي جعفر ( محمد بن علي بن الحسين علیه السلام ) ، إنه سئل عن قول اللّه : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ » ، فقال : إيانا

ص: 219


1- المائدة : 55.

عنى بالذين آمنوا هاهنا ، وعلي علیه السلام أوّلنا وأفضلنا.

[200] وعن سلمان الفارسي رضی اللّه عنه عن النبيّ صلی اللّه علیه و آله إنه قال : خلقت أنا وعلي من نور واحد قبل أن خلق اللّه آدم علیه السلام بأربعة آلاف عام ، فركّب ذلك فيه ، ولم يزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب (1).

ومن هذا قول اللّه عز وجل :

« الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ » (2).

لأن اسم الإيمان قد جمع الائمة منهم والمأمومين فبعضهم الذين عنى الائمة أولياء سائر المؤمنين ، ولو كان ذلك لعامّتهم كما توهّم من قصر علمه وفهمه لكانت طاعتهم كلهم واجبة ، ولم يدر من الولي منهم ولا من المولى عليه ، وذلك ما لا بدّ من معرفته ولا يقوم أمر العباد إلا به ، فأبان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوم الغدير بقوله : من كنت مولاه فعلي مولاه.

[201] وفي بعض الروايات : من كنت وليه فعلي وليه ، وإن عليا علیه السلام ولي جميع المؤمنين ، ونصّ ذلك فيه ، وفي الائمّة من ذريته بما نذكره في هذا الباب إن شاء اللّه تعالى.

[202] فمن ذلك ما رواه الدغشي ، باسناده عن عمران (3) بن حصين ، إنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : عليّ مني وأنا منه ، فهو وليّ كل مؤمن من بعدي.

ص: 220


1- وهذا الحديث لم ينقل في نسخة - ب -.
2- التوبة : 71.
3- وفي الاصل : عمرو بن حصين.

[203] وبآخر ، عن عبد اللّه بن عباس ، إنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : عليّ وليّ كل مؤمن من بعدي.

[204] وبآخر عن البراء بن عازب ، إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أخذ بعضد علي علیه السلام فأقامه ، ثم قال : هذا وليكم من بعدي والى اللّه من والاه وعادى من يعاديه. قال : فقام عمر بن الخطاب إليه. فقال : يهنيك يا ابن أبي طالب ، أصبحت ، أو قال : أمسيت (1) ولي كل مسلم.

[205] وبآخر عن بريدة ، إنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : علي وليكم من بعدي.

[206] وبآخر عن عمار بن ياسر رحمة اللّه عليه إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب فمن تولاه فقد تولاني ومن تولاني فقد تولى اللّه عز وجل.

[207] وبآخر ، الحسين بن الحكم بن مسلم الحبري ، باسناده عن سلمان الفارسي ( رضوان اللّه عليه ) ، انه قال : كنت عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعنده جماعة من أصحابه إذ وقف أعرابي [ من بني عامر وسلم ] فقال : واللّه يا محمد لقد آمنت بك من قبل أن أراك ، وصدقتك من قبل أن ألقاك ، وقد بلغني عنك أمر ، فأردت سماعه منك. فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : وما الذي بلغك عني يا أعرابي؟ قال : دعوتنا الى أن نشهد أن لا إله إلا اللّه والى. الإقرار بأنك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فأجبناك ، وإلى الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد ، فأجبناك ، ثم لم ترض حتى دعوت الناس إلى حبّ ابن عمّك علي وولايته ، فذلك فرض علينا من الأرض أم اللّه فرضه من السماء؟

ص: 221


1- وفي غاية المرام ص 84 : أصبحت وأمسيت.

قال : فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : بل اللّه عز وجل فرضه من السماء (1).

قال الأعرابي : فان كان اللّه عز وجل فرضه ، فحدّثني به يا رسول اللّه.

فقال النبي صلی اللّه علیه و آله : يا أعرابي أني اعطيت في علي خمس خصال الواحدة منها خير من الدنيا بحذافيرها ، يا أعرابي ألا انبئك بهن؟

قال : بلى يا رسول اللّه.

قال : كنت يوم بدر جالسا وقد انقضت الغزاة فهبط عليّ جبرائيل علیه السلام ، فقال : يا محمد إن اللّه تعالى يقرؤك السلام ، ويقول لك : إني آليت على نفسي بنفسي ألا الهم حب علي ، إلا من أحببته ، فمن أحببته ألهمته ذلك ، ومن أبغضته ألهمته بغضه وعداوته.

يا أعرابي ألا انبئك بالثانية؟

قال : بلى يا رسول اللّه.

قال : كنت يوم أحد جالسا ، وقد فرغت من جهاز عمي حمزة فاذا أنا بجبرائيل علیه السلام وقد هبط عليّ ، فقال : يا محمد ، اللّه تعالى يقرؤك السلام ، ويقول لك : اني فرضت الصلاة ووضعتها عن العليل (2) ، والزكاة ووضعتها عن المقسر ، والصوم فوضعته عن المسافر ، والحج ووضعته عن المقتر (3) ، والجهاد فوضعته عمّن له عذر وفرضت ولاية علي ومحبته على جميع الخلق ، فلم أعط أحدا فيها رخصة

ص: 222


1- وفي الفضائل لابن شاذان : ص 147 بل فرضه اللّه تعالى في السماوات على أهل السماوات والأرض.
2- وهو المريض ، ووضعناها بمعنى خففت من أحكامها لعلّة مرضه بأحكام مرنة ملائمة لحاله.
3- الفقير.

طرفة عين.

[ ثم قال صلی اللّه علیه و آله : ] يا أعرابي ألا انبئك بالثالثة؟

قال : بلى.

فقال النبيّ صلی اللّه علیه و آله (1) : ما خلق اللّه عز وجل شيئا إلا جعل له سيدا ، فالنسر سيد الطيور (2) والثور سيد البهائم والأسد سيد السباع وإسرافيل سيد الملائكة ويوم الجمعة سيد الأيام وشهر رمضان سيد الشهور (3) وأنا سيد الأنبياء وعلي سيد الأوصياء.

[ ثم قال صلی اللّه علیه و آله : ] يا أعرابي ، إلا انبئك بالرابعة؟

قال : بلى يا رسول اللّه.

قال : يا أعرابي : إن اللّه عز وجل خلق حبّ علي شجرة أصلها في الجنة وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها في الدنيا أورده الجنة ، وبغض علي شجرة أصلها في النار وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها في الدنيا أورده في النار.

[ ثم قال صلی اللّه علیه و آله : ] يا أعرابي ألا انبئك بالخامسة؟

قال : بلى يا رسول اللّه.

قال : إذا كان يوم القيامة يؤتى بمنبري فينصب عن يمين العرش ويؤتى بمنبر إبراهيم علیه السلام فينصب عن يمين العرش. يا أعرابي والعرش له يمينان ، فمنبري عن يمين ، ومنبر إبراهيم عن يمين ثم يؤتى بكرسي عال مشرف فينصب بين المنبرين المعروف بكرسيّ الكرامة

ص: 223


1- وفي بحار الأنوار 27 / 129 : إنه ما أنزل اللّه كتابا ولا خلق اللّه ...
2- وفي الأصل : الطير.
3- وفي الفضائل ص 147 أضاف : وآدم سيد البشر.

لعلي ، وأنا عن يمين العرش على منبري وإبراهيم على منبره وعلي على كرسيّ الكرامة وأصحابي حولي ، وشيعة علي حوله فما رأيت أحسن من حبيب بين خليلين.

يا أعرابي : أحبب عليا حق حبّه ، فما هبط عليّ جبرائيل إلا سألني عن علي وشيعته ، ولا عرج من عندي إلا قال أقرئ مني عليا أمير المؤمنين علیه السلام السّلام.

[ فعند ذلك قال الأعرابي : سمعا وطاعة لله ولرسوله ولابن عمه علي بن أبي طالب ] (1).

[208] وبآخر ، أبو بصير ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، إنه قال : إذا مات العبد المؤمن من أهل ولايتنا وصار الى قبره دخل معه قبره ست حور منهن حورة أحسنهن وجها وأطيبهن ريحا وأنظفهن هيئة ، حورة تكون عند رأسه ، وتكون الاخرى منهن عن يمينه ، والاخرى عن يساره ، والاخرى من خلفه ، والاخرى عن قدامه ، والاخرى عند رجليه ، فيمنعنه من حيث ما أتى من الجهات ويؤنسنه في قبره ، فيقول الميت من أنتنّ ، جزاكنّ اللّه خيرا. فتقول التي عن يمينه : أنا الصلاة ، وتقول التي عن يساره : أنا الزكاة ، وتقول التي بين يديه : أنا الصيام ، وتقول التي من خلفه : أنا الحج والعمرة ، وتقول التي عند رجليه : أنا الجهاد وأنا من وصلته من إخوانك ، وتقول التي عند رأسه وهي أحسنهن : أنا الولاية لعلي علیه السلام والائمة من ذرّيته.

[209] وبآخر ، معاذ بن مسلم ، قال : دخلت مع أخي عمرو ، على أبي عبد اللّه ( جعفر بن محمد علیه السلام ) ، فقلت له : جعلت فداك هذا

ص: 224


1- هذه الزيادة موجودة في الفضائل لابن شاذان ص 147.

أخي يريد أن يسمع منك. فقال له : سل عمّا شئت.

فقال : أسألك عن الذي لا يقبل اللّه عز وجل من العباد غيره ، ولا يعذرهم على جهله؟

قال علیه السلام : شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمّدا رسول اللّه والطهارة والصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان وحجّ البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلا والجهاد لمن قدر عليه والائتمار (1) مع ذلك بأئمة الحق من آل محمّد عليه وعليهم أفضل الصلاة.

قال له عمرو : سمّهم لي جعلت فداك.

قال علیه السلام : علي أمير المؤمنين ، والحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، ويعطي اللّه الخير من يشاء.

قال له : فأنت جعلت فداك؟ قال : يجري لآخرنا ما جرى لأوّلنا ، ومحمد وعلي أفضلنا.

[210] أبو صالح ، عن عبد اللّه بن عباس ، إنه قال في قول اللّه عز وجل « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ » (2). قال : أتى عبد اللّه بن سلام ورهط من أهل الكتاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عند صلاة الظهر ، فقالوا : يا رسول اللّه ، إن بيوتنا قاصية ولا نجد محدثا دون أهل المسجد ، وإن قومنا لما رأونا قد آمنا باللّه ورسوله وتركنا دينهم أظهروا لنا العداوة وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يجالسونا ولا يكلّمونا وتبرّءوا منا ومن ولايتنا و[ قاطعونا ] ، فشقّ ذلك علينا.

فبيناهم يشكون ذلك الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذ انزل عليه : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ ... ) الآية ». فقرأها رسول اللّه صلّى اللّه

ص: 225


1- الافتداء.
2- المائدة : 55

عليه وآله. فقالوا : رضينا باللّه ورسوله وبالمؤمنين ، وأذّن بلال لصلاة الظهر.

فخرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى المسجد والناس يصلّون ، ومسكين يسأل ، فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : هل أعطاك أحد شيئا؟

قال : نعم. قال : ما ذا؟ قال : خاتم فضة. قال صلی اللّه علیه و آله : من أعطاك؟ قال : ذلك الرجل القائم - وأومى الى علي - فقال صلی اللّه علیه و آله : وعلى أيّ حال أعطاك؟ قال : وهو راكع مررت به ، وأنا أسأل ، فاستلّه (1) من إصبعه وناولني إياه. فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : اللّه أكبر (2).

[211] وفي إسناد آخر ، إنه لما فرغ من الصلاة دعا عليا علیه السلام فبشره بما أنزل اللّه فيه وما أوجب من ولايته.

[212] وبآخر عن علي بن عامر ، يرفعه الى أبي معشر ، قال : دخلت الرحبة ، فاذا علي علیه السلام بين يديه مال مصبوب وهو يقول : والذي فلق الحبة وبرىء النسمة لا يموت عبدا وهو يحبني إلا جئت أنا وهو كهاتين يوم القيامة - وجمع المسبحتين من يديه جمعا - ولا أقول كهاتين - وجمع بين

ص: 226


1- استلّه أي : استخرجه من إصبعه.
2- روى عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد اللّه علیه السلام إن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنين علیه السلام وزن أربعة مثاقيل حلقته من فضة - وفضته خمسة مثاقيل - وهو من ياقوتة حمراء ، وثمنه خراج الشام ، وخراج الشام ثلاثمائة حمل من فضة وأربعة أحمال من ذهب ، وكان الخاتم لمران بن طوق ، قتله أمير المؤمنين - في الجهاد - وأخذ الخاتم من إصبعه ، وأتى به الى النبي صلی اللّه علیه و آله من جملة الغنائم وأمره النبيّ صلی اللّه علیه و آله أن يأخذ الخاتم. قال الغزالي في كتاب سرّ العالمين : إن الخاتم الذي تصدق به أمير المؤمنين كان خاتم سليمان بن داود. قال الشيخ الطوسي : إن التصدق بالخاتم كان في اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة.

المسبحة والوسطى من يده اليمنى - وقال : أنا يعسوب المؤمنين ووليهم ، وهذا - وأشار الى المال - يعسوب المنافقين ومقصدهم ، فبي يلوذ المؤمنون ، وبهذا يلوذ المنافقون.

[213] وعن جعفر بن سليمان الهاشمي ، يرفعه الى عمر بن الخطاب ، إنه قال : أحبّوا الأشراف وتودّدوهم ، واتقوا على أعراضكم السفلة ، ولا يتم إسلام مسلم حتى يتولّى علي بن أبي طالب.

[214] الحسين بن الحكم الحبري ، يرفعه الى أبي جعفر محمد بن علي صلوات اللّه عليه ، إنه قال : بينما رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يمشي وعلي علیه السلام معه في بعض طرق الجبانة ، إذ عرضت لهما جنازة رثة الهيئة قليلة التبع ، فوقف النبيّ صلی اللّه علیه و آله حتى انتهوا بها إليه ، فقال : قفوا ، من هذا الميت؟ فقالوا : يا رسول اللّه هذا عبد لنبي الرياح (1) كان كثير الاسراف على نفسه فجفاه الناس ، فلما مات قلّ تبعه. قال : أصلّيتم عليه؟ قالوا : لا. فقال : امضوا. ومضى معهم حتى انتهوا إلى موضع فيه سعة. فقال : أنزلوه. فأنزلوه ، فصلّى عليه ، ثم مشى معهم الى قبره ، فدفنه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وسوّى عليه التراب ، فلما تفرقوا ، قال لعلي علیه السلام : أما سمعت ما قال هؤلاء القوم في هذا الميت؟ قال : بلى يا رسول اللّه ، ولكني أخبرك عنه إنه واللّه ما استقبلني قط إلا قال لي : يا مولاي أنا واللّه أحبك وأتولاّك. فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : فبها واللّه أدرك ما أدرك لقد رأيت معه قبيلا من الملائكة (2) يشيّعون جنازته.

ص: 227


1- وفي البحار 39 / 289 : هذا رياح غلام آل النجار.
2- وفي البحار أيضا : شيّعه سبعون ألف قبيل من الملائكة كل قبيل سبعون الف ملك.

[215] وعن [ الحسين ] (1) أيضا ، باسناده ، عن أبي هارون العبدي ، قال : كنت أرى رأي الخوارج الى أن جلست يوما الى أبي سعيد الخدري ، قال : ألا إن الاسلام بني على خمس ، فأخذ الناس بأربع وتركوا واحدة ، فقلت : وما هي يا أبا سعيد؟ قال : أما الأربع التي عمل بها الناس فالصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج ، فأما التي تركوها فولاية علي بن أبي طالب علیه السلام . قلت : ما تقول ، هي مفروضة؟ قال : إي واللّه مفروضة.

[216] وبآخر عنه ، يرفعه الى زيد بن أرقم والبراء بن عازب ، إنهما قالا : سمعنا أن النبي صلی اللّه علیه و آله يقول : إن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي ، لعن اللّه من ادعى الى غير أبيه ، ولعن اللّه من انتمى الى غير مواليه ، الولد للفراش وللعاهر الحجر ، ليس لوارث وصيه إلا وقد سمعتم مني ورأيتموني ، فمن كذب عليّ متعمدا فليتبوّأ مقعده من النار ، ألا وأني فرطكم على الحوض ومكاثر بكم الامم يوم القيامة ، ولأستنقذن من النار رجل ، وليستنقذن من يدي آخرون ، فأقول : يا رب أصحابي ، فيقول : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، ألا إن اللّه وليي وأنا ولي كل مؤمن ومؤمنة ، ومن كنت مولاه فعلي مولاه.

[217] وبآخر ، سعد بن ظريف ، عن أبي جعفر علیه السلام ، إنه قال : بينا علي علیه السلام يصلّي إذ مرّ به سائل ، فرمى إليه بخاتمه وهو راكع ، فلما فرغ من صلاته أتى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فقال له : يا علي ، ما صنعت في صلاتك؟ فأخبره. فقال : إن اللّه تعالى أنزل فيك آيتين وتلا عليه قوله : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ... » الى قوله : « هُمُ

ص: 228


1- وفي الأصل : الحسن. وفي نسخة - ب - الحسين بن الحكم.

الْغالِبُونَ » (1).

[218] وبآخر ، محمد بن جرير الطبري ، باسناده ، عن عبد اللّه بن مسعود ، إنه قال : رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو آخذ بيد علي علیه السلام وهو يقول : هذا ولي من أنا وليه ، عاديت من عاداه وسالمت من سالمه (2).

[219] وبآخر ، أبو نعيم ( الفضل بن دكين ) عن سفيان بن عيينة ، قال : سألت أبا عبد اللّه ( جعفر بن محمد ) علیه السلام عن قول اللّه عز وجل : « أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ » (3).

فنظر أبي كالمتعجب ، فقال لي : يا سفيان ، كيف سألتني عن هذه الآية وما سألني عنها أحد غيرك؟

ولقد سألت عنها أبي محمد بن علي علیه السلام فقال لي : بابني كيف سألتني عن هذه الآية وما سألني أحد غيرك؟

ولقد سألت عنها أبي علي بن الحسين علیه السلام فقال لي مثل ذلك.

وإنه سأل عنها أباه الحسين بن علي علیه السلام فقال له مثل ذلك.

وإنه سأل عنها أباه علي بن أبي طالب علیه السلام فقال له مثل

ص: 229


1- الآيتين في سورة المائدة الآية 55 و 56 ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ، وَمَنْ يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغالِبُونَ ) .
2- ولقد أجاد المؤلف حيث أشار في ارجوزته الى هذا المعنى : ثم دعاه بينهم إليه *** وقال وهو رافع يديه يا ربّ وال اليوم من والاه *** وعاد يا ذا العرش من عاداه ( الارجوزة المختارة ص 107 ).
3- الشعراء : 204.

ذلك ، وانه قال لأبيه علي علیه السلام ، إذ قال ذلك له : أردت أن تخبرني عنها فيمن انزلت؟

قال : نعم ، لما رجعنا من حجة الوداع نزل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بغدير خم ، فقال : معاشر الناس ، اني مسئول عنكم وانتم مسئولون عني ، فما أنتم قائلون؟

قالوا : نشهد إنك لرسول اللّه ، بلّغت رسالة ربك ونصحت لامّتك وعبدت ربك حتى أتاك اليقين ، فجزاك اللّه عنا من نبي خيرا.

قال صلی اللّه علیه و آله : وأنتم ، فجزاكم اللّه عني خيرا ، فلقد صدقتموني وأعنتموني على تبليغ وحي اللّه عز وجل ورسالته ، وجاهدتم معي فجزاكم اللّه عني خيرا.

ثم أخذ بيدي فرفعها كأنها مروحة ، وقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأنا وليّ جميعهم؟

قالوا : نعم.

قال : من كنت مولاه فهذا مولاه. هل سمعتم وأطعتم.

قالوا : نعم.

قال : اللّهمّ اشهد.

فقام نعمان بن الحارث الفهري (1) فقال : يا رسول اللّه أتيتنا فذكرت لنا إنك رسول اللّه إلينا ، فقلنا لك : أعن اللّه ذلك؟ قلت :

نعم ، فصدّقناك.

ثم أتيتنا بالفرائض - وذكرت كل فريضة منها - فقلنا لك : أعن اللّه هذا؟ قلت : نعم ، فصدّقناك.

ص: 230


1- وفي البحار ذكر أنه الحارث بن النعمان الفهري راجع تخريج الاحاديث.

ثم أخذت الآن بيد ابن عمك هذا ، فأمرتنا بولايته ، فاللّه أمرك بهذا؟ قال : نعم واللّه عز وجل أمرني أن أقول ذلك لكم.

فقال كلمة يعنى بها التكذيب ، ثم ولّى مغضبا ، وهو يقول : اللّهمّ إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ثم أتى ناقته ، فحلّ عقالها ، وركبها ، فانطلق يريد أهله ، فأصابته حجارة من السماء [ فسقطت في رأسه وخرجت من دبره وسقط ميتا ] (1).

وفي رواية اخرى : نار فقتلته قبل أن يصل الى أهله ، فأنزل اللّه عز وجل : ( أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ ) (2).

[220] وبآخر عيسى بن عبد اللّه بن عمر ، قال : كنت جالسا عند أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام فسمع الرعد ، فقال : سبحان من سبّحت له.

ثم قال : يا أبا محمد أخبرني أبي عن أبيه عن جده ، عن الصدّيق الأكبر علي علیه السلام إنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله :

أوصي من آمن بي وصدقني ، بولاية علي بن أبي طالب علیه السلام فإن ولاءه ولائي ، وولائي ولاءه ، أمر أمرني به ربي عز وجل ، وعهد عهده إليّ ، وأمرني أن أبلغكموه وإن منكم من ينقصه حقّه ويركب عقّه.

قالوا : يا رسول اللّه أولا تعرّفنا بهم؟

قال : أما إني قد عرفتهم ، ولكن امرت بالإعراض عنهم لأمر هو كائن ، وكفى بالمرء منكم ما في قلبه لعلي علیه السلام .

ص: 231


1- هذه الزيادة موجودة في بحار الأنوار 37 / 176.
2- الشعراء : 204.

[221] وبآخر ، مسعر عن طلحة بن عميرة ، قال : شهدت عليا علیه السلام على المنبر ، وحول المنبر اثنا عشر رجلا من أصحاب النبيّ صلی اللّه علیه و آله فقال : اناشدكم اللّه من كانت لي عنده شهادة من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إلا قام فأداها.

فقام القوم فذكروا قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : « من كنت مولاه فعلي مولاه » ، وكان فيهم أنس بن مالك ، فلم يقم ، ولم يقل شيئا.

فقال له علي علیه السلام : يا أنس بن مالك ، ما منعك أن تقوم فتشهد بما سمعت من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

فقال : يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت.

فقال علي علیه السلام : اللّهمّ إن كان كاذبا فابتله ببياض لا تواريه العمامة.

قال طلحة : فو اللّه ما متّ حتى رأيتها نكتة (1) بين عينيه من برص أصابه.

[222] وبآخر في حديث آخر عن زيد بن أرقم (2) ، قد ذكرناه فيما تقدم إنه قال : أنشد علي علیه السلام الناس [ في المسجد ] : من سمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : « من كنت مولاه فعلي مولاه » ، إلا قام فشهد.

فقام جماعة ، فشهدوا ، وكنت فيمن كتم ، فعمي بصري ، وكان يحدث بذلك بعد أن عمي.

[223] وبآخر ، محمد بن عبد اللّه بن أبي رافع عن أبي عبيدة عن عمار بن ياسر ، عن أبيه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أوصي من آمن

ص: 232


1- النكتة ونكت ونكات : النقطة البيضاء في الأسود.
2- وفي نسخة - ب - عن بريدة.

بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب ، فمن تولاه فقد تولاني ، ومن تولاني فقد تولى اللّه ، ومن أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب اللّه ، ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض اللّه ، ومن أبغض اللّه يوشك أن يأخذه عقاب.

[224] وبآخر ، عن عباس ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد صلوات اللّه عليه إنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أنا سيد الناس (1) ولا فخر ، وعليّ سيد المؤمنين ولا فخر ، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.

[225] وبآخر سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة عن علي علیه السلام ، إنه قال : في قوله اللّه تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ » (2).

قال : [ ناكبون ] عن ولايتنا أهل البيت.

[226] وقال علیه السلام في قول اللّه عز وجل : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً » (3).

قال : في ولايتنا أهل البيت.

[227] وبآخر ، أبو حمزة ، عن ابن عباس ، إنه قال في قوله اللّه عز وجل : « رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً » (4).

قال : الدخول في الولاية.

« وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً » قال : الجنة.

[228] وبآخر ، الشعبي عن ابن عباس ، إنه قال في قوله اللّه تعالى :

ص: 233


1- وفي نسخة - أ - سيد البشر.
2- المؤمنون : 74.
3- البقرة : 208 و 201.
4- البقرة : 208 و 201.

« وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ » (1).

قال : يوقف الناس على الصراط فيسألون عن ولاية علي علیه السلام .

[229] وبآخر ، يزيد بن عبد الملك ، عن علي بن الحسين علیه السلام ، إنه قال : في قول اللّه تعالى : « بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللّهُ بَغْياً » (2).

قال : من ولاية علي أمير المؤمنين والأوصياء من ولده علیهم السلام أجمعين.

[230] وبآخر ، زيد بن المنذر عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين صلوات اللّه عليهم أجمعين إنه قال - في قوله تعالى - : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما ) ( يُحْيِيكُمْ » (3).

قال : ولاية علي علیه السلام .

[231] وبآخر ، داود بن سرحان ، قال : سألت أبا جعفر علیه السلام عن قول اللّه تعالى : « فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ » (4).

قال : ذلك علي بن أبي طالب علیه السلام إذا رأوا ما أزلفه (5) اللّه عز وجل به لديه ، ومنزلة ومكانه من اللّه جلّ ثناؤه أكلوا اكفهم على ما فرطوا فيه من ولايته علیه السلام .

[232] وبآخر ، أبو حذيفة عن هلقام ، عن أبي جعفر علیه السلام ، إنه قال

ص: 234


1- الصافات : 24.
2- البقرة : 90.
3- الأنفال : 24.
4- الملك : 27.
5- أزلفه : قربه ، والزلفى : القربة والمنزلة ( مختار الصحاح ص 273 ).

في قول اللّه تعالى : « فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ » (1).

قال : من دفعهم لولاية أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه.

[233] وبآخر ، أبان بن عثمان ، عن أبي جعفر علیه السلام ، إنه قال في قول اللّه تعالى : ( وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ » (2).

قال : هو وعد تواعد اللّه به من كذب بولاية علي أمير المؤمنين.

[234] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفر علیه السلام قال : لما أنزل اللّه تعالى على رسول اللّه محمد صلوات اللّه عليه وآله : « إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ » (3).

قال لعلي علیه السلام : المجرمون ، - يا علي - المكذبون بولايتك.

[235] وبآخر ، عن عمر بن اذينه ، عن جعفر بن محمد عن أبيه صلوات اللّه عليهم إنه قال في قول اللّه عز وجل : « أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ » (4).

قال : يقول : أفتطمعون أن يقرّوا لكم بالولاية ، وهم يحرّفون الكلم عن مواضعه.

[236] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفر علیه السلام إنه قال في قول اللّه [ تعالى ] : « أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ ، فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ » (5).

قال : قد كذبوا واللّه فريقا من آل محمد وفتلوا فريقا.

[237] وبآخر ، ثابت الثمالي ، عن أبي جعفر علیه السلام ، إنه قال في قوله اللّه تعالى : « أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ » (6).

ص: 235


1- ص : 17.
2- المزمل : 11.
3- المدثر : 42.
4- البقرة : 75.
5- البقرة : 87.
6- البقرة : 114.

قال : يعني الولاية لا يقولوا بها إلا وهم يخافون على أنفسهم إظهار القول بها.

[238] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفر علیه السلام ، إنه قال : في قول اللّه عز وجل « وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ » (1).

قال : مسلمون بولاية علي علیه السلام .

[239] وبآخر ، محمد بن سلام ، عن أبي جعفر علیه السلام ، إنه قال في قول اللّه عز وجل : « قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ » (2) قال : إن اللّه عز وجل أوحى الى نبيه محمّد صلی اللّه علیه و آله يأمره بالصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد فلما فعلوا ذلك وأقاموه ، وكان آخر ما فعلوه منه الحج معه حجة الوداع وقام فيهم بولاية علي علیه السلام .

قال قوم : الى متى يلزمنا محمد هذه الفرائض شيئا بعد شيء؟

فأنزل اللّه تعالى قل : « إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ » يعني الولاية لأمير المؤمنين صلوات اللّه عليه.

[240] وبآخر ، عبد الصمد بن بشير ، عن عطيّة عن أبي جعفر علیه السلام ، إنه قال : لما كان يوم غدير خم ، وقال النبيّ صلی اللّه علیه و آله - في علي علیه السلام - ما قال ، اجتمع جنود إبليس إليه ، فقالوا : ما هذا الأمر الذي حدث كنّا نظن أن محمّدا إذا مضى تفرق هؤلاء ، فنراه قد عقد هذا الأمر لآخر من بعده. فقال لهم : إن أصحابه لا يفوا له بما عقد عليهم.

قال عطية : ثم قال لي أبو جعفر علیه السلام : أتدري أين هو من كتاب اللّه تعالى؟

ص: 236


1- البقرة : 132
2- السبأ : 46.

قلت : لا.

قال : هو قوله تعالى : « وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ » (1).

[241] وبآخر ، يعقوب بن المطلب ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، إنه قال : في قول اللّه عز وجل : « وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ » (2).

قال : لا تعدلوا عن ولايتنا فتهلكوا في الدنيا والآخرة

[242] وبآخر ، إبراهيم بن عمر الصنعاني ، عن أبي جعفر ( محمد بن علي بن الحسين علیه السلام ) ، إنه قال : في قول اللّه عز وجل : « سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى » (3).

قال : لا يقول بولايتنا إلا من يخشى اللّه تعالى.

[243] فضيل بن الرسان ، عن أبي جعفر علیه السلام ، إنه قال في قول اللّه تعالى : « وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى » (4).

قال : نعينك على تبليغ الرسالة بمعرفة حق الأوصياء علیهم السلام .

[244] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفر علیه السلام إنه قال في قول اللّه [ عز وجل ] : « يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ ».

قال : يعني بولاية علي علیه السلام .

« وَإِنْ تَكْفُرُوا ) - يعني بولايته - ( فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً » (5)

ص: 237


1- السبأ : 20.
2- البقرة : 195.
3- الأعلى : 10.
4- الأعلى : 8.
5- النساء : 170.

[245] وبآخر ، الفضل بن بشار ، عن أبي جعفر علیه السلام ، إنه قال في قول اللّه تعالى : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » (1).

يعني الائمة علیهم السلام .

[246] وعنه علیه السلام ، إنه قال في قول اللّه تعالى : « يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ » (2).

قال : يعني الولاية.

[247] وبآخر ، حميد بن جابر بن العبدي ، عن أبي جعفر علیه السلام ، إنه قال في قول اللّه تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها » (3) قال : يعني الولاية « لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ ».

قال : لأرواحهم « وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ » يوم القيامة.

[248] وبآخر ، أبو الجارود ، عن أبي جعفر علیه السلام ، إنه قال في قول اللّه تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ » (4).

يقول : الى ولاية علي علیه السلام ، فإنّ استجابتكم له في ولاية علي علیه السلام أجمع لأمركم.

[249] وبآخر ، عن ابن عمر عن أبي جعفر عن أبيه ، إنه قال في قول اللّه تعالى : « وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها » (5).

قال : بالإقرار بالولاية ، فلتعبدوا ، أتعستم فيها بالجحود.

ص: 238


1- المائدة : 55.
2- المائدة : 68.
3- الأعراف : 40.
4- الأنفال : 24.
5- آل عمران : 103.

[250] وبآخر ، جابر ، عن أبي جعفر علیه السلام [ إنه ] قال : نزل جبرائيل علیه السلام علي النبيّ صلی اللّه علیه و آله بهذه الآية : « فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً » (1).

قال : بولاية علي علیه السلام .

[251] وبآخر ، عبد اللّه بن محمد بن عقيل ، عن أبي جعفر علیه السلام ، إنه قال في قول اللّه تعالى : « أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى » (2) ، قال : هو التارك لحقنا ، المضيع لما افترضه اللّه تعالى عليه من ولايتنا.

« وَما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى » ، قال : يقول ليس عليك يا محمد ألا يصلي ويزكي ويصوم ، فانه إن عمل أعمال الخير كلها وأتى بالفرائض بأسرها ثم لم يقبل بولاية الأوصياء لم يزن ما عمل عند اللّه سبحانه جناح بعوضة.

[252] وبآخر ، أبو الجارود ، عن أبي جعفر علیه السلام ، إنه قال في قول اللّه تعالى : « وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا » (3).

قال : علم اللّه عز وجل إنهم سيفترقون بعد نبيهم صلی اللّه علیه و آله ويختلفون ، فنهاهم اللّه عن التفرق كما نهى من كان قبله وأمرهم أن يجتمعوا على ولاية آل محمد علیهم السلام ولا يتفرقوا.

[253] وبآخر ، محمد بن زيد ، عن أبيه ، قال : سألت أبا جعفر علیه السلام عن قول اللّه تعالى : « مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها » (4) ، أهي للمسلمين عامة؟.

قال : الحسنة : ولاية علي أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه.

[254] وبآخر ، خيثمة ، عن أبي جعفر علیه السلام ، إنه قال في قول اللّه

ص: 239


1- الإسراء : 89.
2- عبس : 5.
3- آل عمران : 103.
4- الأنعام : 160.

تعالى : « فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى » (1).

قال : العروة الوثقى هي : ولاية علي علیه السلام والقول بإمامته والبراءة من أعدائه ، والطاغوت أعداء آل محمّد علیهم السلام .

[255] وبآخر ، جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي علیه السلام ، إنه قال في قول اللّه عز وجل : « إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ » (2) ، قال : الذين كفروا بولاية علي علیه السلام وأوصياء رسول اللّه صلوات اللّه عليهم أجمعين.

[256] وبآخر ، أبو حمزة ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، إنه قال في قول اللّه تعالى : « هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ » (3) ، قال : ولاية علي علیه السلام وولايتنا من بعده.

[257] وبآخر ، خالد بن يزيد ، عنه علیه السلام ، إنه قال : في قول اللّه تعالى : « فَاتَّقُوا اللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ » (4) ، قال : في القول بالولاية.

[258] وبآخر ، حسّان الجمّال ، قال : حملت أبا عبد اللّه ( جعفر بن محمد علیه السلام ) من المدينة الى مكة ، فلما انتهى إلى غدير خم ، نظر الى المسجد ، فقال : ترى عن يسار المسجد ذاك؟

قلت : نعم.

قال : كان موضع قدمي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حين أخذ بيد علي علیه السلام ، وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه.

ونظر الى الجانب الأيمن ، فقال : هاهنا كان فسطاط أربعة من

ص: 240


1- البقرة : 256.
2- البقرة : 6.
3- الكهف : 44.
4- التغابن : 16.

قريش - سمّاهم ، فلما قام رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، تغشّاه الوحي ، فنظروا إلى عينيه قد انقلبتا. فقالوا : ما هو إلا جن. فأنزل اللّه تعالى فيهم : « وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَما هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ » (1).

ثم قال أبو عبد اللّه علیه السلام : لو لا إنك جمّال لم احدّثك بهذا.

[259] وبآخر ، معاوية بن وهب ، قال : سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، يقول : لما كان يوم غدير خم وقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في علي علیه السلام ما قال ، قال أحد الرجلين لصاحبه : واللّه ، ما أمره اللّه بهذا ، ولا هو إلا شيء تقوّله.

فأنزل اللّه تعالى : « وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ ، لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ، ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ ، فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ ، وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ » يعني عليا علیه السلام ، « وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ » يعني بولايته « وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ ، وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ ، فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ » (2).

[260] وبآخر ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد ، عن أبيه ، إنه قال في قول اللّه عز وجل : « سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ، لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ، مِنَ اللّهِ ذِي الْمَعارِجِ » (3).

قال : نزلت واللّه بمكة للكافرين بولاية علي علیه السلام ، وكذلك هي في مصحف فاطمة صلوات اللّه عليها.

وانه قال في قال اللّه عز وجل : « فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى

ص: 241


1- القلم : 51.
2- الحاقة : 44 إلى آخر السورة.
3- المعارج : 1.

( يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً » (1).

قال : يعني فيما قضيت من أمر الولاية لعلي علیه السلام .

[261] وبآخر عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، إنه قال في قول اللّه تعالى : « يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ » (2).

قال : بولاية علي علیه السلام وفيها نزلت.

[262] وبآخر ، ابن إسباط ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، إنه قال في قول اللّه تعالى : « وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا » (3).

قال : يعني عن ولاية علي علیه السلام .

[263] وبآخر ، سليمان الديلمي ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، إنه قال في قول اللّه تعالى : « تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ، سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ » (4).

قال : نزل جبرائيل في ثلاثين الفا من الملائكة ليلة القدر بولاية علي علیه السلام وولاية الأوصياء من ولده صلوات اللّه عليهم أجمعين.

[264] وبآخر ، أبو شبرمة ، قال : دخلت أنا وأبو حنيفة علي أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام . فسأله رجل عن قول اللّه تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً » (5).

فقال : السلم واللّه ولاية علي بن أبي طالب من دخل فيها سلم.

ص: 242


1- النساء : 65.
2- النساء : 170.
3- النساء : 135.
4- القدر : 4.
5- البقرة : 208.

قال وقوله تعالى : « وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ » يعني من فارق عليا (1).

قال : وكل شيطان ذكر في كتابه (2) فهو رجل بعينه معروف سمّاه شيطانا.

وانه قال علیه السلام في قول اللّه تعالى : « الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ » (3).

قال : يعني صدوا عن ولاية علي علیه السلام ، وعلي علیه السلام هو السبيل.

وقال في قول اللّه تعالى : « الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً ، إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ » (4).

قال : الذين كفروا بولاية علي علیه السلام وظلموا آل محمد ، ولا يهديهم اللّه الى ولايتهم ولا [ يتولّون ] إلا أعداءهم الذين هم الطريق الى جهنم.

[265] سليمان الديلمي ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، قال : لما نصب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عليا ، وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، افترق الناس في ذلك ثلاث فرق ، فرقة قالوا : ضلّ محمد ، وفرقة قالوا : غوى ، وفرقة قالوا : قال محمد في ابن عمه بهواه.

فأنزل اللّه تعالى : « وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى » (5).

ص: 243


1- وفي نسخة - ب - هي واللّه ولاية من فارقه.
2- وفي نسخة - ب - ذكر في القرآن.
3- محمّد : 1.
4- النساء : 168.
5- النجم : 1.

[266] وعنه ، إنه قال في قول اللّه تعالى : « وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ » (1).

قال : قطعوا ولايتنا وتركوا القول بها ، ونهوا عنها واتبعوا ولاية الطواغيت واستمسكوا بها وصدّوا الناس عنا ومنعوهم من اتباعنا فذلك سعيهم بالفساد في الارض.

[267] وبآخر ، العلا ، قال : سألت أبا عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام عن قول اللّه تعالى : « وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ » (2).

قال : هو أمير المؤمنين علي ( صلوات اللّه عليه ) اوتي الحكمة وفصل الخطاب وورث علم الأولين وكان اسمه في الصحف الاولى وما أنزل اللّه تعالى كتابا على نبي مرسل إلا ذكر فيه اسم رسوله محمد صلی اللّه علیه و آله واسمه وأخذ العهد بالولاية له علیه السلام .

[268] وبآخر ، عن محمد بن سلام ، عن أبي عبد اللّه صلوات اللّه عليه ، إنه قال في قول اللّه تعالى : « وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ » (3).

قال : يقول لمحمّد صلی اللّه علیه و آله وما ظلمونا بترك ولاية أهل بيتك ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.

[269] وبآخر ، المفضل ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، إنه قال في قول اللّه تعالى : « هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ » (4).

قال : السكينة ولاية أمير المؤمنين علي علیه السلام والتسليم له ، والمؤمنون هم شيعته الذين سكنوا إليه.

ص: 244


1- البقرة : 27.
2- الزخرف : 4.
3- البقرة : 57.
4- الفتح : 4.

[270] وبآخر ، أبو جميلة ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عن أبيه علیه السلام ، إنه قال : في قول اللّه تعالى : « فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ » (1).

قال : فانصب - بكسر الصاد - إذا فرغت من إقامة الفرائض فانصب عليا علیه السلام ، ففعل صلی اللّه علیه و آله .

[271] وبآخر ، المفضل ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، إنه قال : في قول اللّه تعالى : « وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ » (2). قال : هو إصرارهم على البراءة من ولاية علي علیه السلام ، وقد أخذ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عليهم فيها.

[272] وبآخر ، عنه علیه السلام إنه قال في قول اللّه تعالى : « كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ » (3).

قال : الذين أشركوا بولاية علي علیه السلام كبر عليهم ما دعوا إليه من ولايته.

[273] وبآخر ، علي بن سعيد ، قال : كنت عند [ أبي جعفر ] محمد بن علي بن الحسين علیه السلام ، وعنده قوم من أهل الكوفة ، فسألوه عن قول اللّه تعالى : « وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ، وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ » (4).

فقال : لما قام رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بولاية علي علیه السلام بغدير خم ، قام إليه معاذ بن جبل ، فقال : يا رسول اللّه لو أشركت معه أبا بكر وعمر حتى يسكن الناس لكان في ذلك ما يصلح أمرهم ، فسكت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فأنزل اللّه تعالى : « وَلَقَدْ أُوحِيَ

ص: 245


1- الشرح : 7.
2- الواقعة : 46.
3- الشورى : 13.
4- الزمر : 65.

إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ » الآية. ففي هذا نزلت ، ولم يكن اللّه تعالى ليبعث رسولا يخاف عليه أن يشرك به ، ورسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أكرم على اللّه عز وجل من أن يقول له : لئن أشركت بي ، وهو جاء بإبطال الشرك ورفض الأصنام وما عبد مع اللّه عز وجل غيره ، وإنما عنى : الشركة بين الرجال في الولاية ، ولم يكن ذلك تقدم لأحد قبله من النبيين.

[274] وبآخر ، سعد بن حرب ، عن محمد بن خالد ، قال : سئل الشعبي عن قول اللّه تعالى : « إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها » (1).

قال الشعبي : أقولها ولا أخاف إلا اللّه تعالى ، هي واللّه ولاية علي بن أبي طالب علیه السلام .

فهذا بعض ما جاء في القرآن من ذكر الولاية ، مما آثرته والذي جاء في التأويل من ذلك ما يخرج ذكره عن حدّ هذا الكتاب (2). وفيه إيضاح ما ذكر في هذا الباب من ذلك وبيانه وشرحه ، وليس هذا موضع ذكره.

ص: 246


1- النساء : 58.
2- ولهذه العلة لا نتعرض الى بقية الآيات الواردة بهذا الصدد عن الائمة علیهم السلام فمن أراد الزيادة فليراجع. 1. شواهد التنزيل للحسكاني تحقيق المحمودي. 2. غاية المرام للبحراني الفصل الاول في الآيات النازلة في علي علیه السلام من الخاصة والعامة. 3. ما نزل من القرآن في علي علیه السلام للحسين بن الحكم الحبري تحقيق أخي السيد محمد رضا الجلالي. 4. تفسير فرات الكوفي. 5. تفسير البرهان للبحراني.

فإن قال قائل : إن بعض ما جاء مما ذكر في هذا الباب من آي القرآن في الولاية ، قد جاء إنه نزل في غير ذلك من الإسلام والإيمان فمن أنكر ذلك ودفعه قيل له : كذلك القرآن ينزل في الشيء ويجري فيما يجري مجراه بما جرى فيه.

وقد تكرر القول بأن الإسلام لا يصح إلا مع الولاية ، لأن اللّه تعالى قرن طاعة ولاة الأمر وطاعة رسوله صلی اللّه علیه و آله بقوله : « أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ». فكما لا تصلح طاعة اللّه عز وجل مع معصية الرسول فكذلك لا يصح الإقرار بالرسول مع إنكار اولي الأمر.

والولاية حدّ من حدود الدين ، ومن أنكر حدا من حدود الدين لم يكن من أهله.

ومثل ذلك ما ذكرناه آخرا من قول الشعبي ، إن قول اللّه تعالى : « إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها » ... إنها نزلت في ولاية علي علیه السلام .

وهي مع ذلك تجمع الأمر بأداء جميع الأمانات مما ائتمن اللّه عز وجل العباد عليه من فرائضه عليهم ، وما ائتمن اللّه عز وجل عليه بعضهم بعضا.

[275] وقد آثرنا عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، إنه سئل عن قول اللّه تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ » (1) فكان جوابه ، أن قال : « أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ

ص: 247


1- النساء : 59.

أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً » (1).

قال : يقولون لائمة الضلال والدعاة الى النار هؤلاء أهدى من آل محمد سبيلا.

« أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ ، وَمَنْ يَلْعَنِ اللّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً ، أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ ».

يعني الامامة والخلافة ، « فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً » (2).

نحن واللّه الناس الذين عنى اللّه تعالى. ( والنقير : النقطة التي في وسط النواة ).

« أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ ».

نحن الناس المحسودون على ما آتانا اللّه من فضله ، وهي الامامة والخلافة دون خلق اللّه جميعا.

« فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً » (3).

أي : جعلنا منهم الرسل والأنبياء والائمة الى قوله : « ظِلًّا ظَلِيلاً » (4).

ثم قال : « إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ، وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً » (5).

ص: 248


1- النساء : 51 - 54.
2- النساء : 51 - 54.
3- النساء : 51 - 54.
4- وهي آيات 55 - 57 من سورة النساء وتمامها ( ... فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً. إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً. وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً ) .
5- النساء : 58.

فإيانا عنى بهذا أن يؤدي الأول منا الى الامام الذي يكون بعده الكتب والعلم والسلاح.

« وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ » ، يقول : اذا ظهرتم أن تحكموا بالعدل الذي في أيديكم « إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ ، إِنَّ اللّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً ».

ثم قال للناس : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا » لجميع المؤمنين الي يوم القيامة - « أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ » (1) إيانا عنى بهذا.

فهذا أيضا من الأمانات التي أصلها ، ما ذكر الشعبي من أنها ولاية علي علیه السلام وما كان عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيه فقد قام به وأداه وبلغه واستودعه العلم والحكمة وكذلك فعل هو صلی اللّه علیه و آله فيمن خلّفه من بعده من الائمة. والائمة واحدا بعد واحد - على ما جاء عن أبي جعفر صلوات اللّه عليه وكل أمانة مع ذلك يجب أداؤها فقد ائتمن اللّه مع عباده على ما افترضه عليهم من الصلاة والزكاة والصوم وولاية الائمة من أهل بيت نبيه صلوات اللّه عليهم أجمعين وغير ذلك من فرائضه فأداء ذلك واجب عليهم ، وما ائتمن بعضهم بعضا عليه واجب ( على مؤتمن ) أن يؤدي ما ائتمن عليه الى من ائتمنه بنصّ الآية.

وجرى ذلك فيمن خوطب به في عصر الرسول صلی اللّه علیه و آله ويجري الى يوم القيامة في جميع الناس.

فالقرآن على هذا انزل ، وبذلك تعبّد اللّه العباد ، فما جاء مما ذكر في ولاية علي علیه السلام فذلك لازم للعباد في ولاية اللّه عز وجل وولاية رسوله صلی اللّه علیه و آله وولايته الائمة من أهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه

ص: 249


1- النساء : 59.

عليه وآله الى يوم القيامة.

وكذلك ما جرى من القول فيمن أنكر ولاية من ذكرناه ، وعلى مثل هذا جرى حكم جميع ما أنزل اللّه عز وجل وتعبّد العباد به ، إنه خوطب به في وقت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ومن كان في عصره ، ثم جرى ذلك فيمن أتى ويأتي من بعدهم الى يوم القيامة ، تجرى عليهم فرائض اللّه تعالى في ذلك ، وأحكامه وحلاله وحرامه.

وكذلك ما ذكرناه في هذا الفصل من أمر الولاية ، فمن أغناه ما ذكرناه فقد شرحناه له وأوضحناه ، وأما ما تضمنه هذا الباب مما ثبت فيه من الأمر بولاية علي علیه السلام فذلك مما يوجب على جميع الخلق من المسلمين أن يقولوه ، وأن لا يلي أحد منهم عليه بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقد أقامه مقامه ، وجعل له من الولاية ما كان له ، وذلك واضح بيّن لمن وفّق لفهمه وهدي إليه بفضله ورحمته عز وجل.

تمّ الجزء الثاني من شرح الأخبار. والحمد لله رب العالمين ، وصلواته على رسوله سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين صلوات اللّه عليهم أجمعين وحسبنا اللّه ونعم الوكيل ونعم المولى ونعم النصير (1).

ص: 250


1- وجاء في آخر النسخة ب ما يلي : اختتم هذا الجزء الثاني من كتاب شرح الأخبار المروي فيها الروايات والآثار على يد الأقل الأذل الاحقر الحقير ذي الخطاء [ و ] التقصير في اليوم الثاني عشر من شهر شعبان الكريم من سنة 1316 ه. ولي چي بن راج بهائي بن نور بهائي. وثبته على طاعته وطاعة إمام عصره. وفي وقت سيدنا ومولانا محمد برهان الدين طول اللّه عمره الى يوم الدين. في درس الرئيس الباذل في نفسه وماله في سبيل [ اللّه ] بخالص نيته وطيب طويته أدم چي بن المرحوم القدس فيربهائي سلمه اللّه تعالى وقرّ عينه في بنيه بحق سيدنا محمّد وآله الطاهرين. كتب لنفسه ولاخوانه الذين هم يطلبون العلم ويعملون الأعمال الصالحات بحق سيدنا محمّد وآله الطاهرين صلوات اللّه عليهم أجمعين.

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار

تأليف: القاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي

المتوفی سنة 363 ه . ق

الجزء الثالث

في غزوات رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله و بذل علي عليه السلام مهجته بين يديه

ص: 251

ص: 252

[ جهاد علي صلوات اللّه عليه ]

اشارة

قد ذكرت فيما مضى من هذا الكتاب إن عليا علیه السلام أول من آمن باللّه ورسوله من ذكور امته ، وإنه أقام كذلك مدة من السنين لم يؤمن به - بعد أن أرسله اللّه عز وجل إليهم - أحد غيره. وقد ذكرت في غير هذا الكتاب ، إن الإسلام بني على سبع دعائم ، وهي : الولاية ، والطهارة ، والصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج ، والجهاد.

[ مواقف علي علیه السلام المأثورة أيام الرسول صلی اللّه علیه و آله ]

وكان علي علیه السلام أول من آمن باللّه عز وجل وتولى رسوله صلی اللّه علیه و آله ، وأول من صلّى معه وتزكى وصام ، وأول من جاهد في سبيل اللّه ، وبذل مهجته دون رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ولما حجّ رسول اللّه أشركه في هديه ، فكان بذلك أفضل من حجّ معه. فجمع اللّه عز وجل له السبق الى كل فضيلة أبانة له بالفضل عمن سواه. وإنه أقرب الخلق بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بقوله تبارك اسمه في كتابه تبارك اسمه : « وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ » (1). فكان علي علیه السلام أسبق الخلق الى كل فضيلة بعد

ص: 253


1- الواقعة : 10.

رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لما يؤثر من سبقه الى الجهاد وعنائه فيه ، وإنه أوفر الامّة حظا منه ، بما أبان اللّه عز وجل به فضله على سائر الامّة لقوله عز وجل : « لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً » (1).

[ ليلة المبيت ]

[276] ما رواه محمّد بن سلام (2) بإسناده عن أبي جعفر محمد بن علي صلوات اللّه عليه : ان عليا صلوات اللّه عليه ذكر ما امتحنه اللّه عز وجل في حياة رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وبعد وفاته في حديث طويل ، قال فيه :

وأما الثالثة : (3) فإن قريشا لم تزل تعمل الآراء والحيل في رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله حتى كان آخرها ما اجتمعت عليه يوما بدار الندوة وإبليس الملعون معهم حاضر ، فلم تزل تضرب امورها ظهرا وبطنا ، فاجتمعت [ أراؤها ] على أن ينتدب من كل فخذ من قريش رجل ، ثم يأخذ كل رجل منهم سيفا ثم يأتون النبيّ صلوات اللّه عليه وآله وهو نائم على فراشه ، فيضربونه [ بأسيافهم جميعا ] ضربة رجل واحد [ فيقتلوه ] ، فإذا قتلوه منعت قريش رجالها ، فلم تسلمها ، فيمضي دمه هدرا.

فهبط جبرائيل - علیه السلام - على النبيّ صلوات اللّه عليه وآله ،

ص: 254


1- النساء : 95.
2- وفي نسخة - أ - محمد بن محمد بن سلام.
3- وفي الخصال للصدوق 2 / 367 وفي الاختصاص للمفيد ص 159 : اما الثانية.

فأنبأه بذلك. وأخبره بالليلة التي يجتمعون فيها إليه [ والساعة التي يأتون فراشه فيها ] وأمره بالخروج ، [ و ] بالوقت الذي [ ي ] خرج فيه الى الغار.

قال : فأتاني رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بذلك ، وأمرني بأن أضطجع في مضجعه [ وأن اقيه بنفسي ] فسارعت الى ذلك مطيعا ، وبنفسى على أن اقتل دونه موطنا ، ومضى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، واضطجعت في مضجعه أنتظر مجيء القوم إليّ حتى دخلوا عليّ ، فلما استوى بي وبهم البيت نهضت إليهم بسيفي ، فدفعتهم عن نفسي بما قد علمه الناس.

فكان علي صلوات اللّه عليه أول من جاهد في سبيل اللّه وبذل نفسه موطنا لها على القتل دون رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله.

وهذا خبر معروف مشهور ، قد رواه أصحاب الحديث ، وأثبته أصحاب المغازي في كتب المغازي وأصحاب السير في كتب السير. ومما أثرناه عنهم في ذلك ، وجملة ما أجمعوا عليه أن اللّه تعالى لما أكرم نبيه بالرسالة (1) واختصه بالنبوة. دعا قومه بمكة فكان أول من أجابه منهم وصدقه - كما تقدم القول (2) من إجابته بذلك في الباب الذي قبل هذا الباب - علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ، ثم أسلم بعده بسنين من أسلم من قريش وغيرهم ، وجمع بني عبد المطلب كما ذكرناه في هذا الكتاب وعرض عليهم الإسلام والمؤازرة فكان من إنكارهم ذلك عليهم ما قد ذكرناه ، ولما فشى الإسلام بمكة قام المشركون على من أسلم منهم ، فمن كان له من يحميه من أهل بيته حماه ، وبعضهم حبس وعذّب ،

ص: 255


1- وفي نسخة - ب - بالرخصة.
2- راجع الجزء الأول الحديث 27.

وبعضهم خرج مهاجرا الى أرض الحبشة (1) ، ثم الى أرض المدينة بعد أن أسلم من أسلم من أهلها من الأنصار وبايعوا رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بمكة. وهمّ المشركون من أهل مكة برسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ليقتلوه بعد أن اجتمعوا إليه وعدوه ورغبوه وأعطوه ما يريده من أموالهم ، وأن يرأسوه عليهم إن هو رجع عما هو عليه ليصدّوه بذلك عن رسالة ربه ، فأبى إلا إبلاغها صلوات اللّه عليه وآله ومنعه عمه أبو طالب ، وحماه منهم فيمن يطيعه من قريش ، فلم يجدوا إليه سبيلا ، فاجتمع منهم بدار الندوة (2) يوما.

[ دار الندوة ]

وهي دار قصي بن كلاب ، فكانت قريش إذا أرادت أمرا تبرمه أو تجتمع له إنما يكون اجتماعهم يومئذ فيها : عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو سفيان بن حرب (3) ، والحارث بن عامر بن نوفل وطعيمة بن عدي وحبير بن [ مطعم ] (4) ، والنضر بن [ ال ] حارث بن كلدة (5) ، ومطعم بن النصراني ، وأبو

ص: 256


1- إشارة الى جعفر بن أبي طالب وأصحابه.
2- وهي دار بناها قصي حين صار أمر مكة إليه ليحكم فيها بين قريش وكانت أول دار بنيت بمكة ولم يكن يدخلها من قريش من غير ولد قصي إلا من أتى عليه أربعين سنة آتى الاربعين سنة للمشورة ، وأما ولد قصي فيدخلونها كلهم وحلفاؤهم. ولم تزل دار الندوة بيد عبد الدار ثم جعلها بعده لولده عبد مناف بن عبد الدار ثم صارت لبنيه من بعده دون ولد عبد الدار وانما سميت دار الندوة لاجتماع فيها لأنهم كانوا يندونها فيجلسون فيها لتشاورهم وابرام أمرهم وعقد الالوية لحروبهم ، وهذه الدار في الرواق الشامي من المسجد الحرام بالزيادة. وهي معروفة مشهورة. ( الجامع اللطيف ص 117 )
3- وهم من بني عبد شمس.
4- وفي الأصل جبير بن ربيع. وهم من بني نوفل بن عبد مناف
5- من بني عبد الدار بن قصي

البختري بن هشام ، وزمعة بن الأسود [ بن المطلب ] وحكيم بن حزام (1) ، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج (2) ، وأبو جهل بن هشام (3) ، وأميّة بن خلف (4) ، وهؤلاء يومئذ رجال قريش من كل بطن من بطونها بمكة ، واجتمع إليهم جماعة منهم ليدبروا الحيلة في أمر رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وذلك بعد أن مات أبو طالب إلا أنه بقى من بني عبد المطلب من خافوا أن يقوم دونه ويحميه ويمنعه منهم (5) ويطلبهم بما يكون منهم فيه ، فلما صاروا الى باب دار الندوة نظروا الى شيخ لا يعرفونه في جماعتهم ، فأنكروه وسألوه! ، ممن هو؟ ، فقال : رجل من أهل نجد ، بلغني ما اجتمعتم له فأردت أن أكون معكم فيه ، وعسى أن لا تعدموني رأيا ونصحا ، فقالوا : ادخل ، فكان ذلك الشيخ - فيما ذكروا - إبليس اللعين لعنه اللّه تصور لهم.

[277] فلما أخذوا مجالسهم ، قال بعضهم لبعض : إن هذا الرجل - يعنون رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله - قد كان من أمره ما قد رأيتم ، وانتهى إليكم (6) وقد اتبعه من قد علمتم ، ونحن فلا نأمن منه أن يتوثب علينا بمن اتبعه منا ومن غيرنا إن نحن تركناه الى أن يقوى أمره ويكثر تبّعه (7) فأجمعوا رأيكم فيه - فتشاوروا بينهم - ثم قال قائل منهم : احبسوه في الحديد ، وأغلقوا عليه بابا وتربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء

ص: 257


1- وهم من بني أسد بن عبد العزى.
2- وهما من بني سهم ..
3- من بني مخزوم.
4- من بني جمح ، ولم يذكر المؤلف العاص بن وائلة كما ذكره الاربلي في كشف الغمة 1 / 43.
5- من المنع ، وهو الحماية والحيطة ، ومنه الحصن المنيع : اي الحصين.
6- انتهى إليكم موجودة في نسخة - ب -.
7- اي أتباعه وأنصاره.

الذين كانوا قبله مثل : زهير ، والنابغة (1) ، ومن مضى منهم بالموت الى أن يصيبه ما أصابهم. فقال الشيخ النجدي : لا واللّه ما هذا لكم برأي ، ولئن حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من وراء الباب الذي أغلقتم دونه ، ولا وشك أصحابه أن يثبوا عليكم فينتزعوه من أيديكم ثم يكابروكم حتى يغلبوكم على أمركم ، ما هذا لكم برأي. فانظروا في غيره - فتشاوروا - ثم قال قائل منهم : نخرجه من بين أظهرنا وننفيه عن بلدنا ، فإذا خرج عنا لم نبال أين ذهب ، ولا حيث وقع إذا غاب ، وأصلحنا أمرنا وأنفسنا كما كانت. قال الشيخ النجدي : ما هذا لكم برأي ، ألم تروا حسن حديثه وبلاغة منطقه وحلاوته وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به ، ولو فعلتم ذلك ما أمنت أن يحلّ على حيّ من العرب فيغلب عليهم بذلك من قوله وفعله (2) وحديثه حتى يبايعوه عليه ، ثم يسير بهم إليكم فيطأكم بهم فيأخذ أمركم من أيديكم ، ثم يفعل بكم ما أراده. أديروا فيه رأيا غير هذا!.

فقال أبو جهل بن هشام : واللّه إن لي فيه لرأيا ما أراكم وقعتم عليه.

قالوا : وما هو يا أبا الحكم؟؟ قال : أرى أن تأخذوا من كل قبيلة منكم فتى شابا جلدا وسيطا من القبيلة ، فيعطى كل فتى منهم سيفا صارما ثم يأتونه ليلا في مرقده ، فيضربونه كلهم ضربة رجل واحد ، فإذا قتلوه بأجمعهم تفرق دمه في قبائل قريش جميعا ، فيرضى بنو عبد المطلب بالعقل (3) فيه.

ص: 258


1- أضاف في تفسير القمي : 1 / 274 : وامرؤ القيس.
2- موجودة في نسخة - أ - فقط.
3- عقل القتيل : أعطى ديته ( مختار الصحاح ص 447 ).

فقال الشيخ النجدي : القول ما قاله الرجل هذا الرأي لا أرى غيره ، فتفرق القوم على ذلك.

فأتى جبرائيل النبي صلوات اللّه عليه وآله ، فأخبره الخبر (1) ، وقال له في ذلك ما فعلوه ، فدعا علي بن أبي طالب علیه السلام ، فأطلعه على ذلك وأخبره أنه مهاجر الى المدينة ، وأمره أن يتوشح ببردة وينام على فراشه ، ليرى من يأتيه من الذين أرادوا قتله إنه هو ، إلى أن يبعد ، وأمره بالمقام في أهله وبأن يؤدي أمانات كانت عنده وديونا عليه ، ثم يلحق به ، فهو على ذلك يوصيه الى أن أحسّ القوم قد أحاطوا بمنزله ، وقائل منهم يقول لهم (2) : إن محمدا هذا يزعم إنكم [ إن ] بايعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم ما عشتم ، ثم اذا متم بعثتم وادخلتم جنانا كجنان الأردن (3) وإن لم تفعلوا كان لكم القتل ثم تبعثون الى نار جهنم تحرقون فيها ، فعجّلوا أنتم ذلك له.

فأمر رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله عليا فاضطجع على فراشه ووشحه ببردة الحضرمي (4) الذي كان ينام فيه وجعل يقرأ سورة يس وأخذ بيده كفا من تراب ، فرماه في وجوههم ، وخرج فأخذ اللّه عز وجل على أبصارهم ولم يكونوا تكاملوا ومضى نحو الغار وقد واعد أبا بكر وعامر بن فهيرة (5) وعبد اللّه ابن اريقط إليه ليمضوا معه الى المدينة وما يحتاج إليه

ص: 259


1- وفي ذلك نزل قوله تعالى ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا ... ) الانفال : 30.
2- وهو أبو جهل بن هشام. ( سيرة ابن هشام 2 / 91 ).
3- وفي الهامش : بضمتين وشد الدال : كورة بالشام عن القاموس.
4- وفي الجوهرة لمحمد التلمساني ص 11 : الحضرمي الاخضر.
5- عامر بن فهيرة مولى أبي بكر.

ويدلّوه على الطريق ، ليمضوا معه الى المدينة (1).

وجعل القوم ينظرون من خلال الباب الى علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه وهو مضطجع على فراش رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله في بردة ولا يشكّون إنه هو. فلما اجتمعوا وهمّوا بالقيام لما أتوه ، أتاهم آت ممن لم يكن معهم ، فقال : ما تنتظرون هاهنا وما تريدون؟؟ فقالوا : نقتل محمّدا!. قال : لقد خيّبكم اللّه ، لقد خرج عليكم محمد وما ترك منكم أحدا ممن حضر وقت خروجه حتى سفا عليه التراب ، فنظروا الى التراب على رءوس أكثرهم ، ونظروا الى علي صلوات اللّه عليه مكان رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله في بردة ، فقالوا : هذا محمّد ، ودخلوا إليه ، فلما أحسّ بهم علي صلوات اللّه عليه أخذ السيف - ذا الفقار - (2) ووثب في وجوههم.

فلما رأوه وعرفوه أحجموا عنه ، وقالوا : ليس إياك أردنا يا ابن أبي طالب. وقال بعضهم لبعض : ليس في محاصرتنا هذا ، يقتل منا ونقتله فائدة ، وانصرفوا.

قالوا : وكان مما أنزل اللّه عز وجل في ذلك قوله تعالى : « وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَ

ص: 260


1- وعبارة ليمضوا معه الى المدينة مكررة في نسخة - ب -.
2- هكذا في الاصل كما في النسخ الاخرى وحسب تتبعنا الناقص المشهور المعروف لدى أصحاب السير والمغازي إن سيف ذي الفقار نحله رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عليا علیه السلام ، في غزوة احد أو بدر. قال علي بن إبراهيم القمي في تفسيره 1 / 116 : فلما انقطع سيف أمير المؤمنين علیه السلام [ في غزوة احد ] جاء الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فقال : يا رسول اللّه ، إن الرجل يقاتل بالسلاح وقد انقطع سيفي ، فدفع إليه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سيفه « ذا الفقار ».

يَمْكُرُ اللّهُ ، وَاللّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ » (1). وقوله عز وجل : « أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ » (2).

فهذه رواية العامة في ذلك جاءت ، كما جاء عن علي صلوات اللّه عليه ، فكان ذلك أول جهاد بذل فيه نفسه دون رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقام فيه في مضجعه موطئا نفسه على القتل دونه ، وقام في وجوه من أرادوه بذلك - وهم عدد كثير - في حداثة من سنّه وقرب من عهده.

[ الهجرة ]

ودخل رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله المدينة يوم الاثنين قبل زوال الشمس شيء يسير لاثنتي عشرة ليلة مضين من شهر ربيع الاول (3) وهو أول التاريخ. وكذلك ولد صلوات اللّه عليه وآله يوم الإثنين لا ثنتي عشرة ليلة مضين من شهر ربيع الاول ، وكانت سنّه يوم دخل المدينة أن كان ابن ثلاث وخمسين سنة كاملة ، وذلك بعد أن أقام بمكة ثلاث عشر سنة بعد أن بعثه اللّه عز وجل بالنبوة ، وكان مبعثه أيضا بالنبوة يوم الإثنين ، وهو ابن أربعين سنة (4).

ص: 261


1- الانفال : 30.
2- الطور : 30.
3- وفي إعلام الورى ص 18 : الحادي عشر من ربيع الأول وروى في ص 74 عن ابن شهاب الزهري في شهر ربيع الأول لاثنتي عشرة ليلة خلت منه يوم الاثنين.
4- وقبض يوم الإثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة 11 ه. إعلام الورى ص 18.

[ غزوة بدر ]

اشارة

ثم لحق به علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه لما قضى ما أمره ، وأقام حولا بالمدينة (1). ثم أذن له في الجهاد فغزا ثلاث غزوات : - غزوة الأبواء ، وغزوة العشيرة ، وغزوة بدر الاولى ، وعلي صلوات اللّه عليه وآله معه ، ولم يلق كيدا ولا حارب أحدا في الغزوات إلا وهو معه صلوات اللّه عليهما. ثم غزا بدرا في الغزوة الثانية - التي أصاب فيها ما أصاب من صناديد قريش وكانت أول غزوة قاتل فيها المشركون.

وبرز من المشركين - لقتال رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ومن معه من المسلمين - رؤساء قريش : عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة ، فأنهض رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله عليا علیه السلام وحمزة رضوان اللّه عليه وعبيدة بن الحارث رضی اللّه عنه ، وعلي صلوات اللّه عليه أحدث القوم سنا - ابن ثمان عشرة سنة ، وقيل لم يبلغ العشرين -. فبارز الوليد بن عتبة ، فقتله اللّه بيده ، وبارز حمزة شيبة بن ربيعة ، فقتله اللّه بيده ، وما أمهلاهما ، وبارز عبيدة بن الحارث وكان أسنّهم عتبة بن ربيعة ، فأثبت كل واحد منهما صاحبه جراحة ،

ص: 262


1- وفي نسخة - أ - لما أقام من أمره وأقام حولا في المدينة.

فعطف علي وحمزة علیهماالسلام على عتبة فقتلاه (1) ، وفيه أنزل اللّه تعالى : « هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ » (2).

[ من قتلهم علي علیه السلام في يوم بدر ]

[278] محمّد بن سلام باسناده عن أبي جعفر محمد بن علي صلوات اللّه عليه يرفعه الى علي صلوات اللّه عليه إنه ذكر فيما امتحنه اللّه تعالى به : إن ابني ربيعة والوليد دعوا الى البراز ، وهم يومئذ فرسان قريش وشجعانها ، فأنهضني رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله مع صاحبيّ رضي اللّه عنهما - وقد فعل وأنا أحدث القوم سنّا وأقلّهم للحرب تجربة فقتل اللّه تعالى بيدي شيبة وعتبة والوليد سوى من قتلت يومئذ من جحاجحة (3) قريش وفرسانها وسوى من أسرت ، وكان مني في ذلك اليوم اكثر ما كان من أحد من أصحابي.

وممن ذكره أصحاب المغازي : إن عليا صلوات اللّه عليه قتل يوم بدر من قريش غير عتبة (4) والوليد ، حنظلة بن أبي سفيان بن حرب بن أميّة بن عبد شمس قتله صلوات اللّه عليه (5) ، وقال بعضهم : بل أشرك فيه

ص: 263


1- المغازي للواقدي 1 / 69.
2- الحج : 19. راجع الحديث 293 من هذا الجزء.
3- الجحجاح بالفتح : السيد والجمع الجحاجح وجمع الجحاجح جحاجحة. مختار الصحاح ص 92.
4- وفي نسخة - ب - : شيبة والوليد.
5- روى جابر بن أمير المؤمنين علیه السلام قال : لقد تعجبت يوم بدر من جرأة القوم وقد قتلت الوليد وعتبة إذ أقبل إليّ حنظلة بن أبي سفيان فلما دنى مني ضربته بالسيف فسالت عيناه ولزم الأرض قتيلا. إعلام الورى ص 86.

علي وحمزة علیهماالسلام (1) وزيد بن الحارث (2).

قالوا جميعا : وقتل علي صلوات اللّه عليه يومئذ العاص بن سعيد ابن العاص بن أميّة.

قالوا : وقتل علي صلوات اللّه عليه أيضا عقبة بن أبي معيط بن أبي عمر بن أميّة بن عبد شمس.

قالوا : وقتل علي صلوات اللّه عليه يومئذ عامر بن عبد اللّه من بني أنمار حليفا لقريش.

قالوا : وقتل علي صلوات اللّه عليه أيضا يومئذ طعيمة بن عدي بن نوفل.

( قالوا : وممن قتله علي صلوات اللّه عليه زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي. وقال قوم : اشترك فيه حمزة علیه السلام وعلي ، وثابت بن الجزع ) (3).

قالوا : وممن قتله علي صلوات اللّه عليه يومئذ أيضا عقيل بن الأسود بن المطلب ، وقال بعضهم : شاركه حمزة رضوان اللّه عليه في قتله.

قالوا : وممن قتله علي صلوات اللّه عليه نوفل بن خويلد بن أسد ، وكان من شياطين قريش (4) وهو الذي قرن أبا بكر وطلحة لما أسلما في حبل وعذبهما ، وكانا يسميان القرينين.

قالوا : وممن قتله علي صلوات اللّه عليه النضر بن الحارث بن كلدة

ص: 264


1- المغازي للواقدي 1 / 114.
2- كشف الغمة للاربلي 1 / 182.
3- وما بين القوسين موجودة في نسخة - ب -.
4- وهو عم الزبير بن العوام. إعلام الورى ص 86.

بن علقمة بن مناف (1) ، قتله صبرا بين يدي رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله.

قالوا : وممن قتله علي صلوات اللّه عليه يومئذ [ عمير ] (2) بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم (3).

( قالوا : وممن قتله علي صلوات اللّه عليه يومئذ أبو مسافر الأشعري حليف لقريش كان معهم.

وقالوا : وممن قتله علي صلوات اللّه عليه يومئذ أيضا مسعود بن [ أبي ] أميّة بن المغيرة ) (4).

قالوا : وممن قتله علي صلوات اللّه عليه حرملة بن الأسد.

( قالوا : وممن قتله علي صلوات اللّه عليه أبو قيس بن الوليد بن المغيرة ابن هشام ) (5).

قالوا : وممن قتله يومئذ علي صلوات اللّه عليه أبو قيس بن الفاكة بن المغيرة (6).

قالوا : وممن قتله علي صلوات اللّه عليه يومئذ عبد اللّه بن المنذر بن أبي رفاعة بن عابد (7).

قالوا : وممن قتله علي صلوات اللّه عليه يومئذ أيضا حاجب بن

ص: 265


1- من بني عبد الدار بن قصي ، المغازي للواقدي 1 / 149.
2- وفي الاصل : عمر.
3- من بني تيم بن مرة.
4- من بني أميّة بن المغيرة ، وما بين القوسين زيادة في نسخة - ب -.
5- هكذا في نسخة - ب - ومن المحتمل : أبو قيس بن الوليد من بني الوليد بن المغيرة.
6- من بني الفاكة بن المغيرة. قال الواقدي في المغازي 1 / 150 : قتله حمزة بن عبد المطلب.
7- وفي المغازي : عبد اللّه بن أبي رفاعة.

الشائب بن عويمر بن عمرو بن عابد بن عمران بن مخزوم ، ويقال : هو حاجز بن الشائب (1).

قالوا : وممن قتله علي صلوات اللّه عليه يومئذ أيضا ، العاص بن [ امنية ] (2) بن الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعد بن سهم.

قالوا : وممن قتله علي صلوات اللّه عليه يومئذ أيضا ، أبو العاص بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم.

قالوا : وممن قتله علي صلوات اللّه عليه يومئذ أيضا [ أويس بن المعير ] (3) بن لوذان بن سعد بن جمح.

قالوا : وممن قتله علي صلوات اللّه عليه معاوية بن عامر حليف لبني عامر بن لؤي وهو من عبد القيس.

فهؤلاء المعدودون من قتلى قريش المشركين يوم بدر ممن ثبت أن عليا علیه السلام قتلهم غير من لم يوقف على صحيح قتله إياه ومن أثبته جراحة ، فمات. ومن أسر يومئذ هم - قبل - أكثر ممن قتل ، وهذا وما يذكره بعده ممن قتله علي علیه السلام من المشركين في جهاده بين يدي رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله هو الذي أورثه عداوة أهل النفاق من قريش وغيرهم الذي قتل أولياءهم في ذات اللّه عز وجل.

ص: 266


1- هكذا في نسخة - ب - وذكر الواقدي : حاجز بن السائب بن عويمر بن عائذ قتله علي علیه السلام وعويمر بن عائذ بن عمران بن مخزوم قتله النعمان بن أبي مالك.
2- وفي الأصل : أميّة.
3- وفي الاصل نسخة - ب - مغيرة بن ودان بن جميح. وما صححناه عن البلاذري في أنساب الأشراف 1 / 300.

[ غزوة أحد ]

اشارة

ثم كانت وقعة احد استنفر لها أبو سفيان ، جميع قريش وأحلافها ومن أمكنه أن يستنفره من قبائل العرب ، وأقبل الى المدينة طالبا بثار يوم بدر في جمع عظيم وانتهى ذلك الى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، وكان من رأيه المقام بالمدينة وأن يحاربهم منها ووافقه على ذلك بعض أهلها ، وأبى أكثرهم ذلك وقالوا : نخرج إليهم فنقاتلهم عن بعد من المدينة حيث لا يروع أمرهم نساؤنا وصبياننا ولا يرون إنا خفناهم واحتصرنا لذلك وأبوا أن يقبلوا من رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ما رآه لهم. فدخل منزله ولبس لامته وخرج مغضبا وأمرهم بالخروج ، فلما رأوا ذلك منه قالوا : يا رسول اللّه ، إنا نخاف إن أسخطناك بخلافنا عليك! ، فارجع ، وافعل ما رأيته.

فقال : إن النبي إذا لبس لامته وأخذ سلاحه لم يكن له أن يرجع حتى يقاتل ، ومضى صلوات اللّه عليه وآله نحو أحد وخرجوا معه وانصرف عنه الذين كانوا رأوا معه المقام بالمدينة ، وقالوا : عصانا (1) واتبع هؤلاء ، وتنازعوا ، فقال لهم الناس : ما هذا! ترجعون عن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، وقد خرج لقتال أعداء اللّه وأعداء دينه؟؟

ص: 267


1- وفي نسخة - أ - أغضبنا.

فقال عبد اللّه بن أبي - وهو الذي رجع ورجع معه - فيما قيل - قدر ثلث من خرج من الناس ممن كان على النفاق لم يخرج لقتال - : ولو علمنا أنه يقاتل لا تبعناه. ففيهم أنزل اللّه عز وجل : « قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لَاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ » (1).

قال عبد اللّه بن أبي لمن رجع معه : أطاعهم وعصانا ففيم نقتل أنفسنا معه؟؟ ، ورجعوا دون أن يبلغوا أحدا.

[ حمزة سيد الشهداء ]

ومضى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله حتى بلغ احدا ، فعبّا الناس على مراتبهم ، واستقبل المشركين وتقدم علي وحمزة صلوات اللّه عليهما للقتال وكان منهما في ذلك اليوم ما لم ير من أحد قبلهما ، وأمعنا في قتل الشركين فانهزموا بهم فلما رأى الهزيمة من كان في المراتب التي رتبها رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بين يديه انكشفوا عنه وذهبوا يطلبون الغنائم ، ورمى حمزة عليه السّلام وحشي الأسود عبد لجبير بن مطعم (2) بحربة من حيث لا يراه ، فقتله.

قال وحشي : رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق (3) يهدّ الناس بسيفه هدّا ما يقوم له أحد ، فاستترت بشجرة - أو قال : بحجر - منه ليدنو إليّ فأرميه بالحربة من حيث لا يراني إذ لم أكن أقدر على مواجهته فاني على ذلك إذ بسباع بن عبد العزى (4) قد سبقني إليه يريد نزاله ، فلما رآه حمزة مقبلا إليه قال :

ص: 268


1- آل عمران : 167.
2- قال الواقدي في المغازي 1 / 285 : وكان وحشي عبدا لابنة الحارث بن عامر بن نوفل.
3- الاورق : مغبّر اللون.
4- الخزاعي.

هلمّ إليّ يا بن مقطعة البظور ، - وكانت أمه تخفص الجواري - ثم حمل عليه حمزة حملة أسد ، فضربه بالسيف فكأنما أخطى رأسه ووقف عليه وقد خرّ ميتا وهو لا يراني ، وأرسلت الحربة إليه ، فأصبته في مقتل ، فسقط ميتا.

يخبر وحشي بذلك رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وقد جاء مسلما ، وسأله عن ذلك ، فقال له رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : يا وحشي غيّب عني وجهك فلا أراك.

فلما قتل حمزة رضی اللّه عنه ، ورأى المشركون أن أصحاب رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله قد انكشفوا عنه وتفرقوا خالفوا إليه ، فقتلوا من كان بين يديه وجرحوه وكسروا ثنيّته (1) اليمنى السفلى ، وكلموا شفته وهشموا البيضة على رأسه وضرب نيفا وستين ضربة.

وكان رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله قد ظاهر يومئذ بين درعين ووقف على صخرة وانكشف الناس عنه.

[279] وبقى علي صلوات اللّه عليه وحده بين يديه ، فقال له : امض يا علي. فقال : الى أين أمضي يا رسول اللّه؟ أرجع كافرا بعد أن أسلمت؟ وكانت كراديس المشركين تأتيهما ، فيحمل رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله على بعض (2) ، ويقول لعلي : احمل أنت (3) على هؤلاء الآخرين ، فيكشفان من آتاهما ويردانهم بعد أن يبليا فيهم ، وكان منهما صلوات اللّه عليهما يومئذ ما لم يكن أحد قبلهما مثله حتى كشف اللّه عز وجل المشركين وهرمهم بهما.

ص: 269


1- وفي الأصل : سنه.
2- وفي نسخة - ب - : بعضها.
3- وفي الاصل : احمل أنت يا أسد اللّه على هؤلاء.

وانصرف عامّة المسلمين الى المدينة يقولون : قتل محمد وعلي!!. وأرجف الناس بذلك ولم يروا إلا أنه قد كان ، ثم أقبل علي صلوات اللّه عليه على رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله فغسل وجهه مما به من الدم ، وأقبل معه.

وقيل : إن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله كان أعطى الراية يومئذ عليا صلوات اللّه عليه وآله فلما رأى من أشراف المشركين ما رآه قال : تقدم يا علي. فتقدم ، ووقف رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله مع لواء الأنصار وهو بيد مصعب بن عمير ، كان لواء المشركين بيد أبي سعيد بن طلحة (1) ، فلما رأى عليا علیه السلام بيده لواء رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، برز إليه [ قائلا ] :

إن على أهل اللواء حقا

أن تخضب الصعدة أو تندقا (2)

[ ضبط الغريب ]

الصعدة : القناة المستوية تنبت كذلك لا تحتاج الى تثقيف.

فبرز إليه علي صلوات اللّه عليه - فبرز كل واحد منهم على صاحبه - فقتله علي صلوات اللّه عليه. فعندها انهزم المشركون ثم عطفوا على رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، فقتلوا مصعب بن عمير وبيده راية الأنصار بين يدي رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وكان من أمرهم ما كان ، وقتل يومئذ سبعون رجلا من المسلمين ، وكانوا قد قتلوا وأسروا يوم بدر من المشركين مائة وأربعين

ص: 270


1- إن لواء المشركين كان اولا بيد طلحة بن أبي طلحة ثم أبي سعيد بن طلحة قتلهما علي علیه السلام ( كشف الغمة 1 / 192 تفسير القمي 1 / 112 المغازي 1 / 226 ).
2- ونسب الواقدي في المغازي 1 / 226 هذا البيت الى عثمان بن أبي طلحة - أبي شيبة -.

رجلا ، ففي ذلك أنزل اللّه تعالى : « وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ. إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ وَاللّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ. ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ. إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللّهِ تُحْشَرُونَ. فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ. إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ. وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ. أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ. هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ. لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ

ص: 271

آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ. أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ. وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لَاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ » (1).

[ حنظلة غسيل الملائكة ]

وبارز يومئذ أبو سفيان حنظلة بن أبي عامر الغسيل من الأنصار ، فصرع حنظلة أبا سفيان وعلاه ليقتله فرآه شداد بن الأسود فجاءه من خلفه ، فضربه ، فقتله ، وقام أبو سفيان من تحته ، وقال : حنظلة بحنظلة - يعني ابنه حنظلة - المقتول ببدر الذي ذكرت أن عليا صلوات اللّه عليه قتله يومئذ.

ولما انهزم المشركون عن أحد ، وقف رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله على قتلى المسلمين ، وأمر بدفنهم في مصارعهم وردّ من حمل منهم فدفن هناك ، وأمر بدفنهم في ثيابهم وبدمائهم من غير أن يغسلوا كما يفعل بالشهداء. فرأى الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر الأنصاري.

فلما قدم المدينة ، قال : سلوا عنه امرأته. فقالت : فلما سمع بخروج رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله خرج مبادرا وهو جنب من قبل أن يغتسل.

فقال رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : فلذلك ما رأيت من غسل الملائكة إياه.

وكانت هند بنت عتبة - أمّ معاوية - في ذلك اليوم مع المشركين تحرضهم ،

ص: 272


1- آل عمران : 152 - 167.

وتقول :

إيها بني عبد الدار *** إيها حماة الأدبار (1)

ضربا بكل بتار

وقالت أيضا متمثلة ، وهي تضرب بالدف :

نحن بنات طارق *** نمشي على النمارق (2)

والدرّ في المخانق *** والمسك في المفارق

إن تقبلوا نعانق *** ونفرش النمارق

أو تدبروا نفارق *** فراق غير وامق (3)

[ أبو دجانة الأنصاري ]

وأخذ رسول اللّه صلوات اللّه عليه سيفا بيده فهزّه ، وقال : من يأخذ هذا السيف بحقه؟؟ فقال الزبير بن [ ال ] عوام : أنا يا رسول اللّه. فأعرض عنه رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله. وقال : من يأخذ بحقه؟؟

فقام إليه أبو دجانة الأنصاري - وكان من أبطال الأنصار - فقال : وما حقه يا رسول اللّه؟؟ قال : ألا يقف به في الكبول ( يعني أواخر الصفوف ) وأن يضرب به في العدو حتى ينحني. فقال : أنا آخذه يا رسول اللّه صلّى اللّه عليك

ص: 273


1- وقال الواقدي : النساء كنّ ينشدن خلف أبي سعد بن أبي طلحة : ضربا بني عبد الدار *** ضربا حماة الأدبار ضربا بكلّ بتّار ( المغازي 1 / 227 )
2- النمارق : الوسائل الصغيرة وكل ما يجلس عليه.
3- وفي الروض الأنف 2 / 129 : ويقال إن هذا الرجز لهند بنت طارق بن بياضة الايادية. الموامق : المحب.

وآلك. فدفعه إليه.

فأخذه أبو دجانة - وهو مالك بن حرشة أخو بني سعدة من الأنصار - ثم أخرج عصابة معه حمراء ، فتعصّب بها ( فقالت الأنصار : تعصّب أبو دجانة عصابته قد نزل الموت ، وكان إذا تعصّب بها قبل ، كان ذلك من فعله ) (1).

ثم خرج يتبختر بين الصفين ، ويقول :

اني امرؤ عاهدني خليلي *** ونحن بالسفح لذي النخيل

ألا أقوم الدهر في الكبول *** أضرب بسيف اللّه والرسول (2)

فقال رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : إنها مشية يبغضها اللّه عز وجل إلا في مثل هذا المقام.

قال الزبير : فقلت : منعني رسول اللّه السيف وأعطاه أبا دجانة ، واللّه لأتبعنه حتى لأنظر ما يصنع ، فاتبعته حتى هجم في المشركين فجعل لا يلقى منهم أحدا إلا قتله ، فقلت : اللّه ورسوله أعلم.

قال : وكان في المشركين رجل قد أبلى ولم يدع منّا جريحا إلا دقّ عليه - أي قتله - فجعل كل واحد منهما يدنو من صاحبه ، فدعوت اللّه أن يجمع بينهما ، فالتقيا واختلفا بضربتين ، فضرب المشرك أبا دجانة ضربة بسيفه (3) ، فاتقاها أبو دجانة بدرقته ، فعضب السيف ، وضربه أبو دجانة فرمى برأسه ، ثم رأيته حمل السيف على مفرق رأس هند ابنة عتبة ثم عدله عنها. فقيل : لأبي دجانة في ذلك!. فقال : رأيت إنسانا يخمش الناس خمشا شديدا - يعني يحركهم القتال - ،

ص: 274


1- ما بين القوسين زيادة من نسخة - ب -.
2- ورواه ابن هشام في سيرته 3 / 20 : أنا الذي عاهدني خليلي *** ونحن بالسفح لدى النخيل الا اقوم الدهر في الكبول *** ..........
3- وفي نسخة الأصل : بالسيف.

فصدرت إليه - يعني قصدته - فلما حملت السيف على رأسه لأضربه ولول ، فإذا به امراة ، فأكرمت سيف رسول اللّه من أن أضرب به امرأة.

[ التمثيل بحمزة ]

ولما قتل حمزة رضی اللّه عنه أتت إليه هند ، فبقرت بطنه وأخذت قطعة من كبده ، فرمت بها في فيها ولاكتها لتأكلها ، فلم تستطع أن تبتلع (1) منها شيئا ، فلفظتها ، وذلك لأنه قتل يوم بدر أباها. ومثّلت به ، فأخبر بذلك رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله. فقال : ما كانت لتأكلها ، ولو أكلتها ، لما أصابتها نار جهنم (2) وقد خالط لحمها لحم حمزة علیه السلام .

ولما وقف صلوات اللّه عليه وآله على حمزة ورأى تمثيلهم به ، قال : لئن أمكنني اللّه تعالى منهم لامثلن منهم بسبعين رجلا. فأنزل اللّه عز وجل : « وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ » (3).

وقال رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله للمسلمين : إنهم لن يصيبوا منكم مثلها أبدا وإن كنتم من أنفسكم اوتيتم.

[ حوار شداد مع أبي سفيان ]

وقال بعد ذلك شداد بن الأسود بن شعوب يذكر عند أبي سفيان لما خلصه من حنظلة [ بن أبي عامر ] وقد قعد عليه ليقتله ونجاه من تحته ، شعرا :

ولو لا دفاعي يا بن حرب ومشهدي *** لألفيت يوم النعف (4) غير مجيب

ص: 275


1- وفي نسخة - ب - : تبلع.
2- وفي نسخة - ب - : النار.
3- النحل : 125.
4- النعف : أسفل الجبل. إشارة الى واقعة احد.

ولو لا مكرى المهر بالنعف قرقرت *** عليك ضباع أو ضراء كليب (1)

[ ضبط الغريب ]

قرقرت : أي صاحت. الكليب ، الكلاب : أي صاحت الكلاب. الضراء : الكلاب الضارية (2).

فقال أبو سفيان شعرا.

ولو شئت بختني كميت طمرة *** ولم أحمل النعماء لابن شعوب

وما زال مهري مزجر الكلب منهم *** لدن غدوة حتى دنت لغروب (3)

ص: 276


1- وفي السيرة لابن هشام 3 / 26 العجز هكذا : ضياع عليه أو ضراء كليب.
2- هذه الزيادة لم تكن في نسخة - ب -.
3- وروى ابن هشام في السيرة 3 / 25 بقية الأبيات : اقاتلهم وأدعي بالغالب *** وادفعهم عني بركن صليب فبكي ولا ترعي مقالة عاذل *** ولا تسأمي من عبرة ونحيب أباك واخوانا قد تتابعوا *** وحق لهم من عبرة وبنصيب وسلي الذي قد كان في النفس أني *** قتلت من النجار كل نجيب ومن هاشم قرما كريما ومصعبا *** وكان لدى الهيجاء غير هيوب ولو أنني لم أشف نفسي منهم *** لكانت شجا في القلب ذات ندوب فأبوا وقد أودى الجلابيب منهم *** بهم خدب من معطب وكئيب أصابهم من لم يكر لدمائهم *** كفاء ولا في خطة بضريب فأجابه حسان بن ثابت : ذكرت القروم الصيد من آل هاشم *** ولست لزور قلته بمصيب أتعجب أن قصدت حمزة منهم *** نجيبا وقد سميته بنجيب ألم يقتلوا عمرا وعتبة وابنه *** وشيبة والحجاج وابن حبيب غداة دعا العاصي عليا فراعه *** بضربة عضب بله بخضيب والجلابيب : جمع جلباب. والجلباب في الأصل : الإزار الخشن ، وكان المشركون يسمون من أسلم الجلاليب. والخدب : الطعن النافذ.

المزجر : الهرب.

فظنّ الحارث بن هشام أن أبا سفيان عرض به لما ذكر من صبره إذ قد هرب الحارث يوم بدر. فقال الحارث مجيبا لأبي سفيان في ذلك يذكر له وقعة بدر لأنه لم يكن شهدها ، شعرا :

وإنك لو عاينت ما كان منهم *** لأبت بقلب ما بقيت نخيب

لدى صحن بدر أو أقمت نوائحا *** عليك ولم تحفل مصاب حبيب (1)

[ صمود الرسول صلی اللّه علیه و آله ]

وقيل : إن الذي كسر رباعية رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وكلم شفته عتبة بن أبي وقاص (2) رماه بحجر فأصاب ذلك منه. وإن عبد اللّه بن شهاب الزهري (3) شجّه في جبهته. وان ابن قميئة جرحه في وجنته (4).

قالوا : وسقط رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يومئذ في حفرة من الحفر التي

ص: 277


1- وروى ابن هشام في السيرة 3 / 26 هذه الأبيات بتقديم وتأخير بعد البيتين الذين سلف ذكرهما ( ولو لا دفاعي ) وهي : جزيتم يوما ببدر كمثله *** على سائح ذي ميعة وشبيب لدى صحن بدر أو أقمت نوائحا *** عليك ولم تحفل مصاب حبيب وإنك لو عاينت ما كان منهم *** لأبت بقلب ما بقيت نخيب السائح : الفرس السريع. والميعة : الخفة. والشبيب : أن يرفع الفرس يديه جميعا في الجري. النخيب : الجبان.
2- كشف الغمة 1 / 189 إعلام الورى ص 92.
3- وفي نسخة ب : أبا عبد اللّه بن شهاب الزهري.
4- روى الاربلي في كشف الغمة 1 / 189 عن أبي بشير المازني قال : حضرت يوم احد وأنا غلام فرأيت ابن قميئة علا رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بالسيف ، فوقع على ركبتيه في حفرة امامه حتى توارى ، فجعلت اصيح وأنا غلام حتى رأيت الناس ثابوا إليه.

حفرها أبو عامر [ كالخنادق ] (1) ليقع فيها المسلمون وهم لا يعلمون.

قالوا : فأخذ علي صلوات اللّه عليه بيده حتى خرج منها واستوى قائما ، وأتاه مالك بن سنان أبو سعيد الخدري - فمصّ الدم من وجهه ، ثم ازدرده (2). فقال رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : من مسّ دمي دمه لم تصبه النار ودخلت في وجنة رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله حلقتان من حلق المغفرة للضربة التي ضربه ابن قميئة ، فانتزعهما أبو عبيد بأسنانه ، فسقطت ثنيتاه لشدتهما.

ورمى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يومئذ عن قوسه حتى اندقت سيتها (3).

قالوا : وانتهى أنس بن النضر - وهو عم أنس بن مالك ، وبه سمّي - الى عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد اللّه في رجال من المهاجرين والأنصار منصرفين الى المدينة ، قد ألقوا بأيديهم ، فقال [ أنس ] : ما لكم؟؟. قالوا : قتل رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله!. قال : فما تصنعون بالحياة بعده؟ ارجعوا ، وموتوا على ما مات عليه رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله. ثم استقبل القوم ، فقاتل حتى قتل رحمه اللّه .

قالوا : وأتى أبي بن خلف ، عدوّ اللّه الى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، وهو يقول : أين محمد؟؟ لا نجوت إن نجى! (4) ، فقال علي صلوات اللّه عليه : يا رسول اللّه ، هذا ابي بن خلف ، أقوم إليه؟ فقال : بل ، أنا أقوم إليه!. فأمسكه علي صلوات اللّه عليه ومن معه - إشفاقا عليه - فانتفض من بينهم انتفاضة

ص: 278


1- المغازي 1 / 244.
2- المغازي 1 / 247.
3- سيت القوس - بالكسر مخففة - : ما تمطى من طرفيها ، جمع سيات.
4- إعلام الورى 91 / 1 ، سيرة ابن هشام 3 / 31.

تطايروا منها حوله ، وأخذ حربة كانت بيد أحدهم ، ثم استقبله ، فطعنه بها - طعنة في عنقه - كاد أن يسقط لها عن فرسه ، وولّى هاربا. وكان قد لقي رسول اللّه صلوات اللّه عليه بمكة ، فقال : يا محمد ، واللّه لإن لم تنته عما أنت عليه لأقتلنك ، فنظر رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله إليه ، وقال : بل أنا واللّه أقتلك يا أبي فلما لحق بأصحابه جعل يتغاشى (1). فقالوا له : ما بك ، وما الذي أرعب فؤادك؟؟ وإنما هو خدش. قال : ويحكم ، إنه قال لي بمكة : أنا أقتلك.

فو اللّه لو بصق عليّ لقتلني. فمات عدوّ اللّه بسرف (2) ، وهم قافلون (3) الى مكة.

وقيل : إن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله صلّى الظهر يوم احد جالسا لما به من ألم الجراح ، ولم يستطع القيام ، وصلّى معه من كان من المسلمين جلوسا.

قالوا : ولما لم يجد المشركون من رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ما أرادوه كفوا واحتجزوا ، وبقى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بالشعب (4) من أحد. وتسامع الناس بأنه حيّ لم يمت فأتاه كثير منهم وأتاه عمر فيمن أتاه وتحدث المشركون بأن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وسلّم قد قتل ، وأتى ابن قميئة أبا سفيان ، وقال : أنا قتلته! ، فركب أبو سفيان فرسه ، وأتى نحو الشعب ، فوقف عن بعد منه ونظر الى عمر بن الخطاب. فدعاه ، فقال له رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : قم ، فانظر ما يريد. فوقف إليه عمر ، فقال له أبو سفيان : اناشدك اللّه يا عمر أقتلنا محمدا؟

قال : اللّهم لا ، وانه ليسمع الآن كلامك!.

ص: 279


1- أي مرتعدا فزعا خائفا.
2- السرف : مكان على ستة أميال من مكة.
3- أي عائدون.
4- الشعب بالكسر واحد الشعاب للطريق بين الجبلين ، أو ما انفجر بينهما. وشعب احد : هو الذي نهض المسلمون برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إليه يوم احد. ( وفاء الوفاء للسمهودي ص 1243 ).

قال أبو سفيان : أنت أصدق عندي من ابن قميئة وأبر (1) ، وذلك لقول ابن قميئة له : إنه قتل رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله. وانصرف. فقال رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله لعلي صلوات اللّه عليه : قم يا علي في آثار القوم ، فانظر ما ذا يصنعون. فان كانوا قد جنبوا الخيل وامتطوا الإبل ، فإنهم يريدون مكة ، وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل فهم يريدون المدينة ، والذين نفسي بيده لأن أرادوها لأسيرن إليهم ، ثم لأناجزنهم دونها ، فخرج علي صلوات اللّه عليه (2) في آثارهم حتى لحق بهم ، وقد جنبوا الخيل وامتطوا الابل وساروا نحو مكة. فانصرف الى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، فأخبره.

ولما رأى الناس انصرافهم جاءوا الى قتلاهم. وخرج رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله من الشعب فيمن كان معه ممن لحق به ، فلما رآهم الناس مالوا إليهم ليعرفوا أمر رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله. قال كعب بن مالك (3) : فعرفت عينيه صلوات اللّه عليه وآله تزهران (4) من تحت المغفر ، فناديت بأعلى

ص: 280


1- روى علي بن إبراهيم القمي في تفسيره 1 / 117 : فقال أبو سفيان وهو على الجبل : أعل هبل.
2- وفي تفسير القمي أيضا ص 1 / 124 : فمضى أمير المؤمنين علیه السلام على ما به من الألم والجراحات حتى كان قريبا من القوم. وفي إعلام الورى أيضا ص 93.
3- وفي السيرة النبوية لابن هشام 3 / 31 عن ابن إسحاق قال : وكان أول من عرف رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعد الهزيمة وقول الناس : قتل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - كما ذكر لي ابن شهاب الزهري - كعب بن مالك قال : عرفت عينيه تزهران ...
4- أي تضيئان.

صوتي : يا معشر المسلمين ، ابشروا هذا رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله!! ، فأشار إليّ بيده أن انصت.

ومضى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يلتمس حمزة رضوان اللّه عليه ، فوجده ببطن الوادي ، فقال - حين رآه - : أما إنه لو لا أن تحزن صفية (1) ويكون سنة بعدي لتركته حتى يكون (2) في بطون السباع وحواصل الطير. ثم قال : واللّه ما وقفت موقفا قط أغيظ لي من هذا الموقف. فهبط جبرائيل علیه السلام ، فقال : يا محمد إنه مكتوب في أهل السماوات إن حمزة أسد اللّه وأسد رسوله. ثم أمر به صلوات اللّه عليه فسجي ببردة ، ثم صلّى عليه ، فكبر سبع تكبيرات ، ثم أتى بالقتلى يوضعون الى حمزة فيصلي عليه وعليهم حتى صلّى اثنين وسبعين صلاة.

وقيل لرسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله إن صفية بنت عبد المطلب جاءت لتنظر الى أخيها حمزة. فقال للزبير إيها : ألقها ، فأرجعها لئلا ترى ما صنع بأخيها ، فلقيها ، فقال : يا امة إن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يأمرك أن ترجعي ، قالت : ولم؟ وقد بلغنى أنه مثّل بأخي وذلك في اللّه عز وجل فما أرضانا بما كان من ذلك!! لأحتسبن ولأصبرن إن شاء اللّه. فقال له رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله خلّ بينها وبينه. فأتت ، فنظرت إليه ، وصلّت عليه واسترجعت واستغفرت له.

ثم أمر به رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله فدفن في مصرعه وأمر بالقتلى كذلك أن يدفنوا في مصارعهم. وقال : أنا أشهد على هؤلاء أنه ما من أحد يجرح في اللّه إلا واللّه عز وجل يبعثه يوم القيامة بدم جرحه اللون لون الدم والريح ريح المسك.

ص: 281


1- وهي صفية بنت عبد المطلب عمة النبي صلی اللّه علیه و آله . كما سيأتي.
2- وفي النسخة الألمانية : حتى يكون أو يحشره من بطون السباع.

ثم انصرف صلوات اللّه عليه وآله راجعا الى المدينة ، وانصرف الناس معه فلما دخل المدينة مرّ على دور الأنصار وهم يبكون قتلاهم ، فذرفت عيناه صلوات اللّه عليه وآله ، فبكى ، ثم قال : لكن حمزة لا بواكي له. فأمر الأنصار نساءهم أن يبكين عليه (1) ، ففعلن ، فخرج رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وهن يبكين حمزة على باب المسجد فقال : ارجعن رحمكن اللّه ، فقد آسيتن (2) بأنفسكن ، ونهاهن عن النوح ( وقال : كل نادبة كاذبة إلا نادبة حمزة ) (3).

فلما دخل رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله (4) منزله تلقته فاطمة صلوات اللّه عليها ، فدفع إليها سيفه ، وقال لها : اغسلي يا بنية عن هذا دمه ، فلقد صدقني اليوم ، وناولها علي صلوات اللّه عليه ذا الفقار ، وكان رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله أعطاه إياه ذلك اليوم. وقال لها مثل ذلك.

وقيل إن عليا صلوات اللّه عليه لما أبلى ذلك اليوم وأثخن بالقتل في المشركين نادى مناد يسمعونه ولا يعرفونه : لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي (5). ثم قال رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله لعلي صلوات اللّه عليه إنه لا يصيب المشركون منّا مثلها حتى يفتح اللّه علينا.

ص: 282


1- قال ابن هشام في السيرة 3 / 42 فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير الى دار بني عبد الأشهل أمر نساءهم أن يتحزمن ثم يذهبن فيبكين على عم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
2- آسيتن : عاونتن.
3- هذه الزيادة لم تكن في الاصل ونسخة ب وهي من النسخة الألمانية.
4- هكذا في نسخة - ب -.
5- وقد قيل ان النداء كان يوم بدر ، واللّه أعلم.

[ غزوة حمراء الأسد ]

اشارة

فلما كان من الغد - يوم الأحد - أذّن مؤذن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله في الناس أن يخرجوا لطلب العدو وأن لا يخرج منهم إلا من خرج بالأمس ، ( وإنما خرج رسول اللّه صلوات اللّه عليه - فيما قيل - مرهبا للعدو وليبلغهم أنه قد خرج في طلبهم ) (1) ليظنوا به قوة والذي أصابهم لم يوهنهم وليعلموا طاعة الناس له ، فخرج ، وخرجوا معه من غد يوم الإثنين حتى انتهى إلى حمراء الأسد (2) - وهي من المدينة على ثمانية أميال - فأقام بها الاثنين والثلاثاء والأربعاء.

ومرّ به معبد بن أبي معبد الخزاعي - وكانت خزاعة مسلمهم ومشركهم عيينة نصح لرسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بتهامة ، لا يخفون عنه شيئا بها ، ومعبد يومئذ مشرك - فقال : يا محمد ، واللّه لقد عزّ علينا ما أصابك في أصحابك ، ولوددنا أن اللّه عز وجل عافاك فيهم ، ثم مضى يريد مكة ورسول اللّه بحمراء الأسد. فلقي أبا سفيان ومن معه بالروحاء (3) وقد اجتمعوا للرجوع الى

ص: 283


1- ما بين القوسين - ما عدى ما ذكرناه من النسخة الآلمانية - سقط من نسخة الأصل - أ - وموجودة في نسخة - ب -.
2- وفي نسخة الأصل - أ - حمر الاسمد.
3- الروحاء بالفتح ثم السكون والحاء المهملة ، قال المجد : موضع من عمل الفرع على نحو أربعين ميلا من المدينة. ( وفاء الوفاء ص 1222 ).

رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وأصحابه ، وذلك أنهم اجتمعوا هنالك ، وقالوا : واللّه ما صنعنا شيئا أصبنا جلّ القوم وقادتهم وأشرافهم ثم نرجع قبل أن نستأصلهم (1).

فلما رأى أبو سفيان معبدا قال له : ما وراءك يا معبد؟؟ قال : محمد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط يتحرقون عليكم تحرقا وقد اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم ذلك ، وندموا على ما صنعوا ، وبهم من الحنق عليكم شيء لم أر مثله قط.

قال : ويلك ما تقول؟؟ قال : واللّه ما أرى أن ترحل حتى نرى نواصي الخيل. قال : فو اللّه لقد أجمعنا الكرّة عليهم حتى نستأصل بقيتهم. قال : فاني أنهاك عن ذلك فو اللّه لقد حملني ما رأيت [ منهم ] أن قلت أبياتا أردت أن أبعث بها إليك ثم جئت بنفسي. قال : وما قلت؟؟ قال :

كادت تهدّ من الأصوات راحلتي *** إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل

تردى بأسد كرام لا تنابلة *** عند اللقاء ولا ميل معازيل

[ ضبط الغريب ]

الأبابيل : القطع ، تردى : تجرى ، التنابلة : القصّار ، المعازيل : الذين لا سلاح معهم

فظلت عدوا أظن الأرض مائلة *** لما سمعوا برئيس غير مخذول

وقلت : ويل ابن حرب من لقائكم *** إذا تغطمطت البطحاء بالجيل

إني نذير لأهل الحزم ضاحية *** لكل ذي إربة منهم ومعقول

ص: 284


1- وفي النسخة الألمانية : نستأصل شأفتهم.

من جيش أحمد لا احصي تنابلة *** وليس يوصف ما أنذرت بالقبل (1)

فساء ذلك أبا سفيان ومن معه ، وقال لهم صفوان بن أميّة بن خلف : إن القوم قد حزبوا - أي غضبوا - وقد خشيت إن عاودتموهم أن يكون لهم قتال غير الذي كان ، وقد أصبتم ما أصبتم فارجعوا! ، فرجعوا.

ولقى أبو سفيان ركبا من عبد القيس يريدون المدينة يمتارون (2) منها. فقال : هل تبلغون عني محمدا رسالة وأنا أحمل لكم أجمالكم إذا انصرفتم زبيبا [ بعكاظ ]؟؟ قالوا : نعم. قال : تخبروه إنا أزمعنا الرجوع إليه والى أصحابه لنستأصل شافتهم ، فمروا برسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وهو بحمراء الأسد ، فقالوا ذلك. فقال رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : والذي نفسي بيده لقد سومت لهم حجارة لو صبحوا بها لكانوا كالأمس الذاهب. وانصرف الى المدينة.

فهذه جملة مما ذكره أصحاب المغازي - ابن إسحاق وابن هشام (3) والواقدي (4) ، وقد ذكرت فيها ما جاء من مقام علي صلوات اللّه عليه في يوم احد ومقام حمزة عمه علیه السلام وما أكرمه اللّه عز وجل به ( من الشهادة في ذلك المقام الأعظم والموقف الأكرم ) (5) ، ونذكر بعد ذلك ما جاء من ذلك وغيره نبذا كما شرطت ، وقد ذكرت بعض ذلك فيما تقدم.

[280] ومن ذلك في رواية ثانية مما رواه أحمد بن علي بن سهل البغدادي

ص: 285


1- الجرد : العتاق من الخيل. الميل : الذين لا رماح معهم. تغطمطت : اهتزت. الجيل : الصنف من النار. أهل الحزم : قريش. الضاحية : الظاهرة للشمر. الاربة : العقل.
2- أي يمتنعون.
3- في السيرة النبوية ج 3 من ص 14 الى ص 92.
4- في كتاب المغازي ج 1 من ص 199 الى ص 340.
5- ما بين القوسين زيادة في النسخة الألمانية.

بإسناده عن أبي رافع (رحمه اللّه) أنه قال : لما كان يوم أحد - وكان من أمر الناس ما كان - جاء علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه فوقف بين يدي رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله. فقال له رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : اذهب يا علي!!. فقال : يا رسول اللّه ، إلى أين أذهب؟ وأدعك؟؟ - فهو على ذلك إذ نظر الى كتيبة مقبلة - فقال له رسول اللّه : فاحمل على هذه الكتيبة ، فحمل عليها ، فقتل فيها هشام بن أميّة المخزومي ، وكشفها.

ثم أقبلت كتيبة ثانية. فقال : احمل على هذه ، فحمل عليها ، فقتل عمر بن عبد اللّه الحجمي ، وكشفها.

ثم مرت كتيبة ثالثه. فقال : احمل على هذه ، فحمل عليها ، فقتل فيها شيبة بن مالك أخا بني عامر بن لؤي.

فقال جبرائيل للنبيّ صلوات اللّه عليه وآله : يا محمّد ( الرب يقرؤك السلام ويقول لك : ) (1) إن هذه للمواساة. فقال رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : إنه مني وأنا منه.

قال جبرائيل علیه السلام : وأنا منكما.

ص: 286


1- ما بين القوسين زيادة في النسخة الألمانية.

[ غزوة الخندق ]

اشارة

ثم كان بعد ذلك يوم الخندق فمما جاء منه فيه علیه السلام .

[281] ما رواه محمد بن سلام بإسناده عنه صلوات اللّه عليه فيما ذكره مما امتحنه اللّه عز وجل في حياة رسوله صلوات اللّه عليه وآله ، فقال :

وأما الخامسة (1) فإن العرب اجتمعت وعقدت بينها عقدا ألاّ ترجع عنا حتى تقتل رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وتقتلنا معه معشر بني عبد المطلب لما استجاشها أبو سفيان وأقبل بها وبكافة قريش ، فأتى جبرائيل الى النبيّ صلوات اللّه عليه وآله ، فأخبره بالخبر.

وأمره بالخندق! فخندق على نفسه وعلى من معه من المهاجرين والأنصار خندقا.

وأقبلت قريش وسائر العرب حتى أناخوا علينا بالمدينة موقنين في أنفسهم بالظفر ، فنزلوا على الخندق ، وفارس العرب يومئذ عمرو بن عبد ودّ يهدر كالبعير المغتلم على فرسه يدعو الى البراز ويرتجز ، ويخطر برمحه مرة ، وبسيفه مرة ، لا يتقدم عليه منا متقدم ولا يطمع فيه منا طامع لا حمية تهيجه ولا بصيرة تشجعه.

ص: 287


1- وفي الاختصاص للمفيد ص 160 والخصال للصدوق 2 / 368 : واما الرابعة.

فأنهضني إليه رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، فعمّمني ببردة بيده ، وأعطاني سيفه هذا - واومي الى ذي الفقار - فخرجت أمشي ونساء المدينة ورجالها بواك إشفاقا عليّ من عمرو بن عبد ودّ ، فقتلته! ، والعرب لا تعدل به فارسا غيره ، وضربني هذه الضربة - وأومأ بيده الى هامته ، ووضع يده على الضربة (1) - ، وهزم اللّه المشركين.

وهذا يوم الاحزاب الذي ذكر اللّه عز وجل في كتابه فيه ما ذكر من قوله : « إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ، وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللّهِ الظُّنُونَا » (2) الى ما ذكر عز وجل في سورة الأحزاب.

وكان سبب الأحزاب - وهم الذين تحزبوا على رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله من قبائل العرب فيما حكاه ، ورواه أهل السير من العامة ، إنه كان بالمدينة وما حولها كثير من اليهود ، وهم أهل نعم وأموال وذوي رئاسة وأصحاب حصون اطام ، وكانوا أهل كتاب ، وغيرهم من العرب على عبادة الأوثان والتكذيب بالبعث والجزاء في الآخرة بالثواب والعقاب إلا أنهم مع ذلك مقرون بأن اللّه عز وجل ربهم وخالقهم ، ويزعمون إنهم يتقربون إليه بعبادة ما نصبوه من الأوثان.

فلما صار رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله إلى المدينة ، وأسلم أهلها وأكرمهم اللّه عز وجل بنبيه وفضلهم بدينه حسدهم اليهود على ذلك لأنهم كانوا يرون قبل ذلك أنهم أهل الكتاب ودين وإنهم بذلك أفضل منهم ، فكذبوا رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وجحدوه وهم يجدونه

ص: 288


1- ما بين الشارحتين زيادة في النسخة الألمانية.
2- الأحزاب : 10.

مكتوبا عندهم كما أخبر اللّه سبحانه بذلك في كتابه (1) فدخل على أكثر العرب الشك من أمرهم ، وقالوا هؤلاء أهل الكتاب ، فلو كان محمد رسول اللّه كما زعم لعرفوه.

وكان رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يجهد نفسه في دعاء اليهود ، وأنزل اللّه سبحانه كثيرا من القرآن في ذلك (2) فمنّ اللّه عز وجل الاسلام

ص: 289


1- الأعراف : 157 : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ ... ) الآية.
2- استقصيت الآيات النازلة في اليهود نذكرها حسب العناوين. أ - بنو إسرائيل : سورة البقرة 40 / 54 / 63 / 122 ، وسورة المائدة 22 ، وسورة الأعراف 136 / 159 / 160 ، وسورة يونس 93 ، وسورة إبراهيم 6 ، وسورة طه 80 ، وسورة القصص 4 / 6 ، وسورة الدخان 30 / 33 ، وسورة الجاثية 15. ب - معاندتهم وتكذبيهم وقتلهم الأنبياء : سورة البقرة 59 / 61 / 65 / 75 / 85 / 99 / 119 / 140 / 145 / 211 / 246. وسورة آل عمران 19 / 23 / 110 / 181 ، وسورة النساء 50 / 59 / 65 / 152 / 159 ، وسورة المائدة 23 / 35 / 44 / 62 / 73 / 113 ، وسورة الأعراف 160 ، وسورة الجاثية 16 ، وسورة الصف 5. ج - تحريفهم لكلام اللّه : سورة البقرة 75 ، سورة النساء 45 ، سورة المائدة 14 / 44 ، وسورة الأنعام 91. د - أخذ الميثاق عليهم وإلقاء العداوة بينهم : سورة البقرة 63 / 83 / 93 ، سورة آل عمران 187 ، سورة النساء 153 ، سورة المائدة 13 / 67 / 73. ه - شدة حرصهم على الحياة : سورة البقرة 94 ، سورة الجمعة 6. و - عداوتهم لله والملائكة والمؤمنين : سورة البقرة 97 ، سورة المائدة 85. ز - غرورهم وأمانيهم : سورة البقرة 111 / 135 ، سورة آل عمران 24 / 75 ، سورة النساء 122 ، سورة المائدة 20 ، سورة النحل 62. ح - عدم رضاهم عمّن لم يتبع ملّتهم : سورة البقرة 120. ط - أقوالهم وجرأتهم على اللّه والأنبياء : سورة المائدة 67 ، وسورة التوبة 31. ي - ما حرم عليهم ببغيهم : سورة الأنعام 146. ك - قضاء اللّه إليهم إنهم سيفسدون مرتين : سورة الاسراء 4. ل - جزاؤهم لو آمنوا : سورة البقرة 103 ، سورة آل عمران 110 ، سورة النساء 45 / 63 / 65 ، سورة المائدة 13 / 68. م - أصحاب السبت : سورة البقرة 65 سورة النساء 46.

على كثير منهم فأسلموا. ونصب العداوة والبغضاء لرسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله أكثرهم وبغوه الغوائل وأعملوا فيه الحيل ، فأوقع ببغضهم ووادعه آخرون منهم. إذ خافوه ، وهم على ذلك يعتقدون له المكروه.

فلما كان من أمر أحد ما كان رأوا أنها كانت فرصة ، وأن الذين أتوه من المشركين لو أقاموا على المدينة وعلى حرب لرسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله لظفروا به وبأهلها ، وكان في ذلك راحتهم منه ، وندموا إذ لم يعينوا المشركين عليه وأرسلوا الى أبي سفيان بذلك ، ووعدوه أن ينصروه وأن يكونوا بجماعتهم معه ، فأصاب بذلك فرصة ، وقال لهم : أنتم أهل كتاب ، والعرب تركن الى ما تقولون من تكذيب محمد ، فلو حاجوهم وجوهكم واستفزوهم (1) وقرروا تكذيبه وما جاء به من الباطل عندهم

ص: 290


1- وفي الاصل : استنفزوهم.

لنفروا إليه بجماعتهم ، ففعلوا.

ومضى وجوههم وساداتهم حتى وصلوا الى مكة واجتمع إليهم أهلها فذكروا ذلك لهم فقال لهم أهل مكة : أنتم معشر يهود أهل كتاب ومحمد يدعو الى مثل ما أنتم عليه ، ونحن على ما تعلمون ، نسألكم باللّه أيّنا أهدى سبيلا نحن أم محمد؟؟ فقالوا : بل أنتم. ففيهم أنزل اللّه عز وجل فيما قالوا : « وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً » (1). هذا كما ذكرنا فيما تقدم يجري فيهم وفيمن قال مثل قولهم.

فلما سمع أهل مكة ذلك ووعدهم القيام والنصرة وثقوا بذلك واشتد عزمهم ومشوا معهم على قبائل العرب بمثل ذلك ، فأجابتهم غطفان من قيس بن غيلان ومن خفّ من سائر العرب ، واتعدوا (2) على أن يرجعوا بأجمعهم الى المدينة فلا يبرحوا منها حتى يقتلوا رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ومن فيها وتعاقدوا على ذلك واجتمعوا فيه.

وكان أبو سفيان رئيس قريش ومن كان من أهل مكة من حلفائهم وقائدهم وخرج بهم. وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن ابن حذيفة بن بدر من بني فزارة (3) ، والحارث بن عوف بن أبي حارثة المزني في بني مرة ، ومسفر بن دخيلة بن نميرة فيمن تابعه من قومه من أشجع واجتمع الجميع في عدد عظيم وعدة وقوة عتيدة (4).

ص: 291


1- ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ ... ) ( النساء : 51 ).
2- اي : اجمعوا.
3- واسم عيينة حذيفة ، وسمّي : عيينة لشتر كان بعينه وهو الذي قال فيه صلی اللّه علیه و آله الأحمق المطاع لانه كان من الجرارين تتبعه عشرة آلاف قناة.
4- عتيدة : قاهرة.

وانتهى أمرهم الى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله فأمر بحفر الخندق على المدينة وما والاها مما يحتاج الى حياطته والتفسح فيه ، فبادر المسلمون الى ذلك ، وكان من بعضهم فيه تقصير فعمل فيه رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بيده ، وكان علي صلوات اللّه عليه وشيعته أكثر الناس عناء ، وفيه عملا ، وكان في ذلك من الأخبار ما يطول ذكره. فلم تأت جموع الأحزاب إلا بعد أن فرغ رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله منه فأناخوا حول المدينة من كل جانب وخرج إليهم اليهود وبعض من كان منهم قد حالف رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله حلفه - وهم بنو قريظة - وصاروا مع الأحزاب إلبا على رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، فارجف المنافقون من أهل المدينة لذلك.

وأمر رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله المسلمين بالثبات في مكانهم ولزوم خندقهم وبادخال النساء والولدان والضعفاء من الرجال في أطام المدينة وحصونها لتسكن أنفسهم ووعدهم نصر اللّه عز وجل إياهم.

ونظر المشركون الى الخندق فتهيّبوا القدوم عليه ولم يكونوا قبل ذلك رأوا مثله ، وقالوا إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تعرفها ، فجعلوا يدورون حوله بعساكرهم وخيلهم ورجلهم ويدعون المسلمين ألا هلمّ للقتال والمبارزة ، فلا يجيبهم أحد الى ذلك ولا يرد عليهم فيه شيئا ولزموا مواضعهم كما أمرهم رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله قد عسكروا في الخندق وأظهروا العدة ولبسوا السلاح ووقفوا في مواقفهم وتهيّب المشركون أن يلجوا الخندق عليهم.

فلما طال ذلك بهم ونفذت أكثر أزوادهم (1) اجتمعوا وندبوا من

ص: 292


1- وفي الأصل : أزدادهم.

ينتدب منهم الى اقتحام الخندق على رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، فانتدب لذلك عمرو بن عبد ودّ وكان أشد من فيهم وأنجدهم يعرف له ذلك جميعهم ، وكان عمرو بن عبد ودّ قد شهد بدرا مع المشركين واثخن جراحة ونجي بنفسه فيمن نجا ولم يشهد احدا فأراد أن يبين بنفسه من قريش من أبطالهم بما يفعله فتعلّم بعلامة ليشهر نفسه وجاء فيمن قصده من بين قريش من أبطالهم ورجالهم.

وكان ذلك بعد أن أقاموا شهرا لم يكن بينهم قتال إلا نضح بالنبل ورمي بالحجارة من وراء الخندق ، فجاء القوم الى الخندق ، فمشوا حوله ، حتى أتوا الى موضع ضيق منه ، فأقحموا خيلهم فيه ، فدخلوا ، ووقف الجميع من وراء الخندق ينتظرون ما يكون منهم ، وثبت الناس في معسكرهم حسبما أمرهم به رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ولما تداخلهم من الخوف وما عاينوه من الجموع.

وقد أرسل رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله الى عيينة بن حصن ، فبذل له ثلث ثمرة المدينة في ذلك العام على أن يرجع عنه بغطفان لما رآه من جزع المسلمين وفساد المنافقين وما تخوّفه من أن يكون المكروه ، ولان المسلمين قد صاروا الى حيث وصفهم اللّه عز وجل في كتابه بقوله : « إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللّهِ الظُّنُونَا. هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً. وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً » (1). فلم ينعقد بين رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وبين عيينة بن حصن في ذلك عقد ، وسمعت به الأنصار وجالت أكثر

ص: 293


1- الاحزاب : 10.

القلوب ، قال اللّه عز وجل : « وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِراراً. وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها » (1) وتسلّل عن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله أكثر أهل المدينة ، فدخلوا بيوتهم كالملقين بأيديهم.

فاقتحم عمرو بن عبد ودّ وأصحابه (2) الخندق على المسلمين - وهم على هذه الحال - فلما نظر رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله الى ذلك وأن خيلهم جالت بهم في السبخة بين الخندق وسلع (3) وقربوا من مناخ رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله تخوّف أن يمدهم سائر المشركين فيقتحموا الخندق فدعى عليا صلوات اللّه عليه. فقال : يا علي ، امض بمن خفّ معك من المسلمين فخذ عليهم الثغرة التي اقتحموا منها فمن قاتلكم عليها فاقتلوه.

فمضى علي صلوات اللّه عليه في نفر جمعوا معه يريدون الثغرة ، وقد كان المشركون هموا أن يلحوها فلما رأوهم - وهم أقل من الذين اقتحموها منهم - توقفوا لينظروا ما يكون من أمر أصحابهم معهم وعطف عليهم عمرو بن عبد ودّ بمن كان معه تعتو بهم خيلهم حتى قربوا منهم.

فنادى علي صلوات اللّه عليه عمرو بن عبد ودّ ، فأجابه فقال له علي صلوات اللّه عليه : إنه بلغني إنك كنت عاهدت اللّه أن لا يدعوك أحد الى

ص: 294


1- الاحزاب : 13.
2- وهم : عكرمة بن أبي جهل وهبيرة بن أبي وهب المخزومي وضرار بن أبي الخطاب ومرداس الفهري ( المغازي 1 / 470 ).
3- السخة من الارض : ما يعلوه الملوحة ولا ينبت إلا بعض الاشياء. والسلس. بالفتح ثم السكون آخره عين مهملة جبل معروف بالمدينة.

إحدى خلّتين إلا أجبت الى احداهما (1).

قال : نعم ، يا ابن أخي ، فما تريد بذلك - وكان عمرو بن عبد ودّ مؤالفا لأبي طالب -.

قال : فاني أدعوك الى خلّتين.

قال : وما هما؟؟

قال : أن تشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه.

قال عمرو : وما لي بهذه من حاجة.

قال : فإني أدعوك الى البراز.

قال : يا ابن أخي واللّه ما أحب أن أقتلك! ، وقد كان بيني وبين أبيك من المودة ما قد علمت.

فقال له علي صلوات اللّه عليه : فاني واللّه يا عمرو أحب أن أقتلك على ذلك إذ قد أبيت ما دعوتك إليه - فغضب عمرو من قوله -.

ونزل عن فرسه ، ثم عقره ، وضرب وجهه ، واخترط سيفه - وقد حمي - وتقدم الى علي صلوات اللّه عليه.

ووقف رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله والمسلمون معه ، ووقف المشركون من وراء الخندق ينظرون ما يكون منهما.

ورفع رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يده الى السماء يدعو اللّه عز وجل لعلي

ص: 295


1- وفي الارشاد للمفيد ص 54 : فلما انتهى أمير المؤمنين علیه السلام إليه ، فقال له : يا عمرو إنك كنت في الجاهلية تقول لا يدعوني أحد الى ثلاث واللات والعزى إلا قبلتها أو واحدة منها؟ قال : أجل. قال : فاني أدعوك الى شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمّدا رسول اللّه وأن تسلم لرب العالمين. قال : يا ابن الأخ أخر هذه عني. فقال له أمير المؤمنين : أما أنها خير لك لو أخذتها. ثم قال : فهاهنا اخرى. قال : وما هي؟ قال : ترجع من حيث جئت. قال : لا نحدّث نساء قريش بهذا أبدا. قال : فهاهنا اخرى! قال : وما هي؟ قال : تنزل فتقاتلني.

بالظفر. فتجاولا ساعة ، ثم اختلفا ضربتين ، فضرب عمرو عليا على أم رأسه وعليه البيضة فقدها وأثر السيف في هامته ، وضربه علي صلوات اللّه عليه فوق طوق الدرع ، فرمى برأسه ، وثارت بينهما لذلك عجاجة فما انكشفت إلا وهم يرون عليا صلوات اللّه عليه يمسح سيفه على ثياب عمرو - وقد خرّ صريعا -.

ثم حمل وأصحابه على أصحاب عمرو ، فولّوا بين أيديهم هاربين عن الثغرة التي اقتحموها حتى خرجوا وانكشف المشركون عن الخندق وعلموا أن لا حيلة لهم فيه ، وألقى عكرمة بن أبي جهل رمحه وهو منهزم في الخندق إذ أثقله - وكان ممن كان مع عمرو بن عبد ودّ - وكبّر المسلمون وفرحوا وزال عنهم أكثر الخوف الذي كان بهم.

وانصرف علي صلوات اللّه عليه الى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، وهو يقول :

نصر الحجارة من سفاهة رأيه *** ونصرت ربّ محمد بصواب

فصددت حين تركته متجدلا *** كالجذع بين دكادك وروابي

وعففت عن أثوابه ولو إنني *** كنت المصرع (1) بزني أثوابي

لا تحسبن اللّه خاذل دينه *** وبنيه يا معشر الأحزاب

وقال حسان بن ثابت لعكرمة بن أبي جهل في إلقائه رمحه من الخوف وهروبه :

ففرّ وألقى لنا رمحه *** لعلّك عكرم لم تفعل

وولّيت تعدو كعدو الظليم *** ما إن تجوز عن المعدل

ولم تلو (2) ظهرك مستأنسا *** كأن قفاك قفا فرعل

ص: 296


1- وفي السيرة لابن هشام 3 / 134 : كنت المقطر بزني.
2- وفي السيرة أيضا 3 / 134 : ولم تلق.

[ ضبط الغريب ]

الفرغل : الصغير من الضباع (1).

فلما كان من علي صلوات اللّه عليه ما كان ، وفتح به على المسلمين ما فتحه قويت قلوبهم ، وعلموا أن المشركين قد يئسوا من أن يلجوا الخندق عليهم ، ووقع اليأس والخوف في المشركين ، ونفدت أزوادهم ، واختلفت آراؤهم في المقام والانصراف.

[ نعيم بن مسعود ]

وأتى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله نعيم بن مسعود بن عامر - رجل من غطفان ممن كان مع المشركين - فقال : يا رسول اللّه إني قد أسلمت ولم يعلم قومي بإسلامي ، فقد جئت إليك ، فأمرني بما شئت.

فقال له رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : إنما أنت فينا رجل واحد ، فما عسى أن تغني عنا ، ولكن انصرف الى قومك واخذلهم (2) عنا ما استطعت فإن الحرب خدعة.

فمضى على ذلك ، وكان نديما لبني قريظة ، فأتاهم كالزائر لهم ، فرحبوا به ووقروه ، فلما خلا بهم قال : قد عرفتم مودتي لكم ، وقد جئت إليكم ناصحا إن قبلتم مني.

قالوا : جزاك اللّه خيرا ، ما نتهمك بل نحن ممن نثق بمودتك ونقبل نصيحتك ، فقل ما أردت!

ص: 297


1- والحجارة : الانصاب التي كانت تعبدها قريش. الدكادك : الرمال الليّنة. الظليم : ولد النعام.
2- وفي نسخة - ب - واحذرهم.

قال : إنكم قد فعلتم فعلا لم تحسنوا النظر فيه لأنفسكم ، نقضتم حلف محمد وصرتم مع قريش وغطفان ، ولستم كمثلهم ، إن قريشا وغطفان إنما جاءوا لحرب محمد وأصحابه على ظهور دوابهم فإن أصابوا منه ما أرادوا وإلا انصرفوا عنه ، وتركوكم معه ، وأنتم تعلمون أنه لا طاقة لكم به وبأصحابه إن خلا بكم ، وقد تداخل أصحابنا الفشل والاختلاف وطال مقامهم وخفت أزوادهم ، وكان من أمر ابن عبد ودّ وأصحابه ما قد عرفتم وإنما كان المعتمد عليهم والنظر الى ما يكون منهم عند اقتحامهم الخندق ، فإذا قد كان من ذلك ما كان فقد تداخل اليأس قلوب الناس واكثر ما يقيمون أياما قليلة فإن رأوا فرصة أصابوها ، وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وتركوكم!! قالوا : لقد صدقت ونصحت فيما قلت ، فجزاك اللّه خيرا. فما الحيلة بعد هذا؟؟

قال : الحيلة ألا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رهائن من أشرافهم يكونون بأيديكم ثقة لكم أن لا ينصرفوا عنكم ويدعوكم.

قالوا : لقد أشرت بالرأي ، فأحسن اللّه عنا جزاك.

ثم أتى عيينة بن حصن وأبا سفيان ، فقال : إن بني قريظة بيني وبينهم ما قد علمتم ، وقد بتّ عندهم فاطلعت منهم على سرّ خشيت منه علينا!.

قالوا : وما هو؟؟

قال : إن القوم قد ندموا على ما نقضوا من حلف محمد لما رأوا مقامنا ولم نصنع شيئا ، ونظروا الى ما كان من أمر عمرو بن عبد ودّ وأصحابه ، وخافوا أن ننصرف عنهم فيطؤهم محمد ، فأرسلوا إليه يرغبون في سلمه ويذكرون ندامتهم على ما كان منهم. وقالوا : نحن نرضيك بأن نأخذ من القبيلتين رجالا من أشرافهم ، فنسلّمهم إليك ، فتضرب أعناقهم أو تفعل فيهم ما رأيت ، ثم نكون معك على من بقي منهم ، فإياكما أن يخدعكما يهود أو أن يظفروا بأحد منكم.

ص: 298

فأرسل أبو سفيان وعيينة إليهم عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان يستخبرونهم ذلك (1) ويدعونهم الى القتال معهم ويقولون إنا لسنا بدار مقام وقد هلك الخفّ والحافر ونفذ الزاد وأبى محمد وأصحابه إلا لزوما لخندقهم ، وأنتم أعلم بعورة الموضع ، فاخرجوا إلينا بجماعتهم لنناجز محمدا وأصحابه ، ونقتحم عليهم الخندق بجماعتنا.

فلما جاء القوم بني قريظة بذلك قالوا : قد كنا مع محمد على حلف ولم نكن نرى منه إلا خيرا. ونقضنا ما كان بيننا وبينه ونحن نخشى ونخاف أن ضرستكم (2) الحرب أن تشمروا الى بلادكم وتتركونا والرجل في بلادنا ، ولا طاقة لنا به ، فلسنا بالذي نقاتل معكم حتى تعطونا رهائن من وجوه رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا حتى نناجز محمدا.

فلما انصرف بذلك القوم الى أبي سفيان وعيينة علما أن الأمر ما قاله نعيم بن مسعود ، وأبوا أن يدفعوا إليهم أحدا.

وقالت بنو قريظة هذا مصداق قول نعيم بن مسعود ولزموا معاقلهم ، واستوحش بعض القوم من بعض وتنافرت قلوبهم ولم يجد الأحزاب إلا الرحيل الى بلادهم ، فرحلوا ، وافترقوا.

وانصرف رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله على بني قريظة ، فقتلهم وسبى ذراريهم ، وكان ذلك بصنع اللّه لرسوله صلوات اللّه عليه وآله وللمسلمين وبما أجراه اللّه على يدي وليه علي صلوات اللّه عليه وكان مقامه ذلك من أشهر المقامات وأفضلها.

[282] أبو هارون العبدي عن ربيعة السعدي ، قال : أتيت حذيفة بن

ص: 299


1- هكذا في نسخة - ب - وفي الأصل : يبحثون ذلك.
2- هكذا في نسخة - ب - وفي الأصل : سنرنبتكم.

اليماني ، فقلت : يا أبا عبد اللّه إنا لنحدّث عن علي صلوات اللّه عليه ومناقبه ، فيقول لنا أهل البصرة : إنكم تفرطون في علي صلوات اللّه عليه ، فهل أنت محدّثي بحديث في علي صلوات اللّه عليه؟ قال :

فقال لي حذيفة : يا ربيعة ، ما تسألني عن رجل - والذي نفسي بيده - لو وضع جميع أعمال أصحاب محمد صلوات اللّه عليه وآله في كفة ميزان ووضع عمل علي صلوات اللّه عليه في الكفة الاخرى لرجح عمله على أعمالهم. فقال ربيعة : وأبو بكر وعمر؟ قال : نعم. فقلت : هذا الذي لا يقام له ولا يقعد ولا يحمل له. قال : فقال لي حذيفة : يا لكع ، وكيف لا يحمل؟؟ وأين كان أبو بكر وعمر ثكلتك امك وجميع أصحاب محمّد صلوات اللّه عليه وآله يوم عمرو بن عبد ودّ حين نادى للمبارزة ، فأحجم الناس كلهم ما خلا علي بن أبي طالب علیه السلام . فقتله اللّه على يده ( وفرق جميع - الأحزاب بسببه - والذي نفسي ) (1) بيده لعمله في ذلك اليوم أعظم أجرا من جميع أعمال أمة محمّد صلوات اللّه عليه وآله الى يوم القيامة.

ص: 300


1- هذه الزيادة - ما بين القوسين - من نسخة - ب -.

[ غزوة خيبر ]

ثم كان يوم خيبر فمما يؤثر من علي صلوات اللّه عليه فيه.

[283] إنه قال : لما غزا رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله خيبر تلقّانا أهلها - من اليهود - بمثل الجبال من الخيل والسلاح ، وهم أمنع دارا وأكثرها عددا ، كل ينادي للبراز الى اللقاء ، فلم يبرز إليهم من المسلمين أحد إلا قتلوه حتى احمرت الحدق ، ودعيت الى النزال وهمت (1) كل امرئ نفسه ، فأنهضني رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله الى برازهم ، فلم يبرز إليّ أحد منهم إلا قتلته ولم يثبت لي فارس منهم إلا طعنته ثم شددت عليهم شدة الليث على فريسته ، فأدخلتهم جوف مدينتهم يكسع بعضهم بعضا.

( الكسع : أن تضرب بيدك أو برجلك دبر كل شيء ، وإذا اتبع قوم أدبار قوم بالسيف ، قيل : كسعوهم ).

ووردت باب المدينة ، فوجدته مسدودا عليهم ، فاقتلعته بيدي ، ودخلت عليهم مدينتهم وحدي ، أقتل من يظهر لي من رجالها وأسبي من أجد فيها من نسائها ، فاستفتحها وحدي لم يكن لي معاون فيها إلا اللّه وحده.

ص: 301


1- وفي نسخة الاصل : وهم.

وأما أصحاب السير (1) ، فذكروا أن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله لما سار الى خيبر ، وأعطى الراية عليا صلوات اللّه عليه ، قالوا : وكان رأيته يومئذ بيضاء.

قالوا : وبعث رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله أبا بكر برايته الى بعض حصون خيبر ، فقاتل ، ورجع ولم يك فتح ، وقد جهد ، ثم بعث من الغد عمر بن الخطاب ، فقاتل ، ورجع ، ولم يك فتح وقد جهد. فقال رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : لأعطين الراية غدا رجلا يحب اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله يفتح اللّه على يديه ليس بفرار (2). فدعا عليا صلوات اللّه عليه وهو أرمد. فتفل في عينيه ، ثم قال : خذ هذه الراية ، فامض بها حتى يفتح اللّه عز وجل على يديك. فخرج بها حتى أتى الحصن فمركز الراية في رضم من الحجارة تحت الحصن.

( الرضم : الواحدة منه رضمة : وهي حجارة مجتمعة ليست بثابتة في الأرض وتكون في بطون الأودية. والجمع الرضم والرضام ).

واطلع إليه يهودي من رأس الحصن ، فقال : من أنت؟؟ قال : أنا علي بن أبي طالب. قال اليهودي : علوتم (3) وما أنزل على موسى ، فما رجع حتى فتح اللّه على يديه خيبر.

وقال بعضهم (4) : إنه لما دنا من الحصن خرج إليه قوم ، فقاتلهم ،

ص: 302


1- السيرة النبوية لابن هشام 3 / 216 : عن ابن إسحاق عن بريدة الأسلمي عن أبيه عن سلمة ، قال : بعث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أبا بكر ، الحديث.
2- وفي نسخة الاصل : كرّار غير فرّار.
3- وفي الإرشاد للمفيد ص 67 : غلبتم.
4- الواقدي في كتاب المغازي 2 / 655 عن أبي رافع وأحمد بن إسماعيل في الاربعين المنتفى الحديث 57.

فضربه رجل من اليهود فطرح ترسه بين يديه ، فتناول علي صلوات اللّه عليه بابا كان عند الحصن فتترس به ، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح اللّه عز وجل علي يديه ، ثم ألقاه من يده حين فرغ منهم.

قال صاحب الحديث (1) فلقد جئت في نفر معي سبعة أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقدر [ أن ] نقلبه.

فهذه أحد بواهر علي صلوات اللّه عليه ومما يبين أن اللّه عز وجل أيده بملائكة ، والأخبار بذلك عنه كثيرة. وقد ذكرنا بعضها فيما تقدم.

ص: 303


1- وهو أبو رافع مولى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كما رواه عبد اللّه بن الحسن ( سيرة ابن هشام 3 / 216 ).

[ فتح مكة ]

وأما ما كان منه في فتح مكة.

[284] فما رواه محمد بن سلام باسناده عنه ، أنه قال صلوات اللّه عليه : إن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله لما توجه لفتح مكة أحبّ أن يعذر إليهم وأن يدعوهم الى اللّه عز وجل آخرا كما دعاهم أولا ، فكتب إليهم كتابا يحذرهم وينذرهم عذاب ربهم ويعدهم من اللّه الصفح عنهم ونسخ فيه لهم من أول سورة براءة (1) ليقرأ عليهم ، ثم ندب أبا بكر إليه ليوجهه بها به.

فهبط عليه جبرائيل علیه السلام ، فقال : يا محمّد إنه لا يؤدي عنك إلا رجل منك ، فأنبأني رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بذلك. ووجهني في طلب أبي بكر بعد أن أنفذه بالصحيفة ، فأخذتها منه وأتيت أهل مكة - وأهلها يومئذ ليس منهم أحد (2) إلا وقد وترته بحميم له -. فلو قدر أن يجعل على كل جبل مني إربا لفعل ، ولو أن يبذل ماله ونفسه وولده وأهله ، فأبلغتهم رسالة النبيّ صلوات اللّه عليه وآله ، فأقرأتهم كتابه. وكل يلقاني بالتهديد والوعيد ويبدي لي البغضاء ويظهر لي الشحناء من

ص: 304


1- وفي كتاب الاختصاص للمفيد ص 162 : ونسخ لهم في آخر سورة براءة.
2- وفي نسخة - ب - : رجل.

رجالهم ونسائهم فلم يرعبني ذلك حتى أنفذت ما وجهني إليه رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله.

وكان الذي حمل عليه نفسه علیه السلام من التقحّم على أهل مكة ، وقد قتل من ساداتهم وحماتهم ووجوه رجالهم من قد قتل من أعظم الجهاد والإقدام بالنفس على التلف ، فتقدم على ذلك مؤثرا لطاعة اللّه وطاعة رسوله محتسبا له نفسه.

فأما قول جبرائيل علیه السلام لرسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : لا يؤدي عنك إلا رجل منك ، وفي بعض الروايات لا يؤدي عنك إلا أنت أو علي ، فقد تقدم ذكر ما في ذلك من البيان على إمامة علي صلوات اللّه عليه. ولما توجه رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بجموع المسلمين - وقد أعزهم اللّه سبحانه وكثرهم - الى مكة نظر أهلها من ذلك الى ما ليس لهم به قوام فاستكانوا وخضعوا ، وسألوا الصفح عنهم والدخول في السلم ، أقبل رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يوم دخول مكة في عساكر لم تر العرب مثلها عددا وعدّة قد تكفروا في السلاح ما يتبين منهم إلا الحدق. وجعل الأنصار في الميمنة ورايتهم مع سعد بن عبادة ، والمهاجرين في الميسرة ورايتهم مع الزبير بن العوام ، وقال لكل واحد منهما ادخلوا من موضع كذا وكذا ، وكان هو صلوات اللّه عليه وآله في جمهور خواص المهاجرين والأنصار وسائر الناس ، ومع كل قوم من قبائل العرب عدد عظيم. فسمع عمر بن الخطاب سعد بن عبادة يقول وبيده الراية - وهو يريد دخول مكة - :

اليوم يوم الملحمة *** اليوم هتك الحرمة (1)

ص: 305


1- وفي إعلام الورى للطبرسي. ص 198 والإرشاد للمفيد 71 والمناقب لابن شهرآشوب 1 / 208 هكذا : اليوم يوم الملحمة *** اليوم تسبى الحرمة

فجاء عمر الى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، فأخبره بقوله. فقال : يا رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله إني أخاف أن يكون له في قريش صولة. فدعا رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله عليا صلوات اللّه عليه ، وقال له : اذهب فخذ الراية منه ، وكن أنت الذي تدخل بها ، ففعل.

وكان علي صلوات اللّه عليه وآله موضع حربه وموضع سلمه ، وكذلك قال له في غير موطن : يا علي حربك حربي وسلمك سلمي.

وفرق رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله المسلمين يوم دخول مكة كتائب ، وقدم على كل كتيبة منهم رجلا ، وأمره ان يدخل بهم من موضع سماه له ، فدخلوا على ذلك آمنين كما وعد اللّه عز وجل وهو لا يخلف الميعاد وأمر رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله امراء الكتائب ألا يقاتلوا إلا من قاتلهم خلا نفر سماهم لهم أمر بقتلهم ولو وجدوا تحت أستار الكعبة لعظم جرائم كانت لهم ، فترك كثير منهم من لقيه ممن كانت بينه وبينهم معرفة وله به عناية ، واستأمن بعضهم لبعض ، وجسروا على رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بردّ أمره فيهم ، وكان منهم عبد اللّه بن سعد أخو بني عامر بن لؤي ، وكان أعظمهم جرما وكان رسول اللّه أشد عليه حنقا. وكان أول من بدأ باسمه ممن ندر يومئذ دمه ، وقال : اقتلوه ولو وجدتموه تحت أستار الكعبة. وذلك إنه كان أسلم ، فاستكتبه رسول اللّه صلوات اللّه عليه ، وكان يكتب له الوحي ، فيملي عليه رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : غفور رحيم ، فيكتب : عزيز حكيم ، وأشباه ذلك ، فارتدّ كافرا ولحق بمشركي قريش ، وقال : قد أنزلت قرآنا كثيرا وأتيته

ص: 306

عن نفسي ، ففيه نزلت : « ومن قال سأنزل مثل ما أنزل اللّه » (1).

فجاء عثمان بن عفان فأتى به مستورا حتى أدخله على رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، فسأله فيه ، فأعرض رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله عنه مرارا ، وسكت لا يجيبه بشيء ، فألحّ عليه عثمان ، فخلى سبيله ، ثم قال - لمن حضره من المسلمين - : لقد صمت طويلا لعل أحدكم يقوم إليه فيضرب عنقه كمثل ما أمرت فما فعلتم؟ قالوا : يا رسول اللّه ، فلو كنت أشرت إلينا بمثل ذلك. فقال : إن النبيّ لا يقتل بالإشارة.

ولقى علي صلوات اللّه عليه الحويرث بن ثقيف وكان ممن نذر رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله دمه يومئذ ، وكان الحويرث يثق بعلي صلوات اللّه عليه. فقال له علي صلوات اللّه عليه : يا عدوّ اللّه أنت هاهنا؟ فقال الحويرث : ابق عليّ يا ابن أبي طالب.

فقال : لا بقيت إن أبقيت عليك. وقتله.

ودخل علي صلوات اللّه عليه على اخته أم هاني بنت أبي طالب ، فأصاب عندها رجلين (2) ممن نذر رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله دمهما من بني مخزوم قد استجارا بها لصهر كان بينهما فلما رآهما علي صلوات اللّه عليه أخذ سيفه وقام إليهما ليقتلهما ، فقامت أم هاني دونهما ، وقالت : يا أخي إني قد أجرتهما ، قال : إن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله قد أمر

ص: 307


1- ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللّهُ ) سورة الأنعام : الآية 93.
2- قال الواقدي في المغازي 2 / 829 : وهما : عبد اللّه بن أبي ربيعة المخزومي والحارث بن هشام. أما ابن هشام فقد قال في السيرة 4 / 40 هما : الحارث وزهير بن أبي أميّة بن المغيرة.

بقتلهما ، ولو كانا تحت أستار الكعبة. فقبضت على يده - وكانت ايدة شديدة - فلوتها حتى انتزعت السيف من يده ، فأمسكته ، وأمرت بهما ، فدخلا بيتا وغلقت عليهما ، ومضت الى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، فلما رآها رحّب بها وسألها عن حالها. فأخبرته الخبر. فضحك. وقال : قد أجرنا من أجرت يا أم هاني. فأرسل الى علي صلوات اللّه عليه فأتاه ، فضحك إليه ، وقال : غلبتك أم هاني؟ فقال : يا رسول اللّه والذي بعثك بالحقّ نبيّا لا قدرت على أن أمسك السيف حتى خلّصته من يدي ، فضحك رسول اللّه ، وقال : لو أن أبا طالب ولد الناس كلهم لكانوا أشداء أقوياء.

وأخذ علي صلوات اللّه عليه يومئذ مفتاح الكعبة. فجاء به رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وقال : يا رسول اللّه هذا مفتاح الكعبة ، فإن رأيت أن تعطيناه لتجمع لنا السقاية والحجابة ، فافعل. فقال : يا علي اعطيكم ما هو أفضل من ذلك ما أعطانا اللّه من فضله وهذا يوم بر ووفاء ، وانما اعطيكم ما يزدرون لا ما ترزءون. فادفع المفتاح الى عثمان بن طلحة. فدفعه إليه. وقال : رضينا ما رضيته لنفسك وإنا معك يا رسول اللّه.

ص: 308

[ غزوة بني جذيمة ]

ولما فتح رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله واستقرّ قرار أهلها بعث رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله قوما يدعون العرب الى اللّه والى رسوله ليدخلوا فيما دخل فيه أهل مكة ، وكان فيمن بعثه خالد بن الوليد ، ولم يأمرهم بقتال أحد ، فأتى بني جذيمة بن عامر بن عبد مناة ومعه كتيبة ، فلما رأوه أخذوا السلاح. فقال لهم خالد : ضعوا السلاح فإن الناس قد أسلموا ووضعت الحرب أوزارها ، وإنما أرسلنا رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله لندعو الناس الى الإسلام ولم يأمرنا بقتال أحد. فوضعوا سلاحهم خلا رجل منهم يقال له : جحدم فإنه قال : ويحكم فإنه خالد. واللّه ما بعد وضع السلاح إلا الأسر وما بعد الأسر إلا ضرب الأعناق. فقاموا بأجمعهم عليه وقالوا : يا جحدم أتريد أن تسفك دماءنا ، إن الناس قد أسلموا ووضعوا السلاح. فقال : واللّه لا أضع سلاحي ، فغلبوا عليه ، وانتزعوا السلاح من يده ، فلما وضعوا سلاحهم ، أمر بهم خالد فكتفوا ثم عرضهم على السيف فقتل منهم جماعة ، وبلغ رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله الخبر. فقام قائما ، ورفع يديه الى السماء ، وقال : اللّهمّ إني أبرأ إليك مما صنع خالد. ثم دعا عليا صلوات اللّه عليه ، وقال : يا علي اخرج الى هؤلاء القوم فانظر في أمرهم واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك. ودفع إليه مالا ، وقال له : اعقل لهم من قتل

ص: 309

منهم وارجع إليهم ثمن ما اخذ منهم وانصفهم ، فخرج علي صلوات اللّه عليه فودى إليهم عقل الدماء وثمن ما اصيب من الأموال حتى أنه ليعطيهم ثمن ميلغة الكلب (1) حتى إذا لم يبق لهم شيء من دم ولا مال إلا وفاه إليهم ، قال : هل بقى لكم شيء؟؟ قالوا : لا. قال : فإنه قد بقيت معي بقية من المال الذي وجهه معي رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله فخذوها احتياطا لرسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ودفع إليهم مالا كان قد بقى بعد الذي دفعه إليهم ، فأخذوه ، وشكروه ، ودعوا له بخبر.

ثم أتى النبيّ صلوات اللّه عليه وآله ، فأخبره بالخبر. فقال : أحسنت يا علي وأصبت أصاب اللّه بك المراشد ، ثم توجه الى القبلة قائما رافعا يديه الى السماء - حتى أنه ليرى ما تحت منكبيه - يقول : اللّهمّ إني أبرأ إليك مما صنع خالد - ثلاث مرات -.

وإنما فعل ذلك بهم خالد لأنهم كانوا قتلوا عمّه الفاكهة بن المغيرة في الجاهلية ، وبلغ رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله أن خالد بن الوليد فخر على بعض أصحابه بما أنفقه في سبيل اللّه. فقال له رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : دع عنك أصحابي يا خالد فو اللّه لو كان لك احد ذهبا ثم أنفقته في سبيل اللّه ما أدركت غدوة رجل من أصحابي ولا روحته.

فهذا ما ساقه أصحاب السير (2) مما كان من أمر علي صلوات اللّه عليه في فتح مكة.

ص: 310


1- ميلغة الكلب : مسقاة تصنع من خشب ليلغ فيها الكلب.
2- سيرة ابن هشام 4 / 55.

[ غزوة حنين ]

اشارة

فأما ما كان منه صلوات اللّه عليه في يوم حنين ، فإن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله لما افتتح مكة وسمعت بذلك هوازن اتقوا على أنفسهم ، فجمعهم مالك بن عوف النصري وكان سيدهم يومئذ وكان فيهم دريد بن الصمة [ الجشمي ] شيخا كبيرا قد خرف (1) ، فأخرجوه لمعرفته في الحرب وليأخذوا من رأيه (2) واجتمعوا على تقديم مالك بن عوف ، فجمعهم ونزل بهم أوطاس وكان مالك بن عوف قد أمرهم فساقوا معهم الأهل والمال ، وكان دريد قد كفّ بصره وصار كالفرخ على بعير يقاد به ، فلما نزلوا ، قال : أين نزلتم؟؟ قالوا : بأوطاس. قال : نعم مجال الخيل ، لا حزن ضرس ولا سهل دهس.

[ ضبط الغريب ]

( الحزن : الوعر. والضرس : ما خشن من الاكام والأخاشيب. والدهس والدهاس : المكان اللين من الارض الذي يغيب فيه قوائم الدواب ).

ص: 311


1- وهو يومئذ ابن ستين ومائة سنة. المغازي 2 / 886.
2- أقول : في العبارة نوعا من التناقض فانه يؤخذ من رأيه تناقض قد خرف. والظاهر أن كلمة قد حرف تصحيف كما هو ظاهر من كتب السير ففي المغازي 2 / 886 : وكان شيخا مجربا. وكذلك في سيرة ابن هشام 4 / 60.

مالي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير وثغاء الشاة وبكاء الصغير. قالوا : لأن مالكا أمر الناس بالمجيء بالأهل والمال. قال : ادعوه لي. فدعوه. فقال : يا مالك قد أصبحت رئيس قومك ، وهذا يوم كائن لما بعده من الأيام ، فلم سقت مع الناس نساءهم وأموالهم. قال : أردت أن أجعل خلف كل رجل منهم أهله وماله يقاتل عنهم. قال دريد : وهل يرد بذلك المنهزمة إن كانت واللّه لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه ، وإن كانت عليك فضحت في أهلك وقومك ، فأرجع الأهل والمال الى ممتنع بلادهم وعلياء قومهم. ثم الق عدوك على متون الحيل ، فإن كانت لك لحق بك وراءك (1) ، وإن كانت عليك كنت قد احرزت أهلك ومالك. فكره مالك أن يكون لدريد في ذلك أمر ، فلاطفه في القول ، وقال لهوازن : هذا شيخ قد كبر وكبر عقله. فأحسّ ذلك منه دريد. فقال شعرا :

يا ليتني فيها جذع *** أخب فيها وأضع (2)

وكان ذلك مما هيّئه اللّه ويسّره من أموالهم ليفيئه على رسوله صلوات اللّه عليه وآله ، فسار رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله إليهم في اثنى عشر ألف مقاتل ، وذلك أنه قدم مكة في عشرة آلاف وخرج معه منها ألفان ، فلما قرب من المشركين وهم بحنين تفرقوا له وكمنوا له في واد على طريقه إليهم سبقوه إليه - وفيه شعاب ومضايق - ، فلما صار المسلمون فيه وقد أعجبتهم - كما قال اللّه

ص: 312


1- وفي نسخة الأصل : قومك.
2- وأضاف ابن هشام 4 / 61 والقمي في تفسيره 1 / 286 : أقود وطفاء الزمع *** كأنها شاة صدع الجذع : الشاب الحدث ، ويريد به منا قوة الشباب ، الوطفاء : الطويلة الشعر. والشاة : الوعل. صدع : متوسط بين العظيم والحقير.

عز وجل - كثرتهم (1) لم يشعروا إلا بكتائب المشركين قد خرجت إليهم من تلك الشعاب والمضايق ، وشدوا عليهم شدة رجل واحد ، فانشمروا راجعين لا يلوي أحد منهم على أحد.

( قوله : انشمروا : أي انقبضوا ، ومنه تشمير الثوب ).

وثبت رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله في خمسة من بني عبد المطلب. وعلي صلوات اللّه عليه شاهر سيفه ، يحميه ويضرب دونه ، والعباس آخذ بلجام بغلة رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وكان يومئذ راكبا على بغلة ، وقال رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله للعباس - وكان رجلا صيتا - : ناد بالناس وعرّفهم مكاني ، وقد أمعن الناس في الهزيمة كما أخبر اللّه عز وجل بقوله : « وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ » (2) يعني الذين ثبتوا مع رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، فظهر من المنافقين يومئذ ما يسرّونه ، فأخرج أبو سفيان أزلاما من كنانته فضرب بها ، وقال : إني أرى أنها هزيمة لا يردها إلا البحر. وقال آخرون منهم (3) : اليوم بطل السحر. وهمّ شيبة ابن عثمان بن أبي طلحة بأن يقتل رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، وقال : اليوم أدرك ثأر أبي ، وكان أبوه قتل ببدر ، قال : فتغشى فؤادي شيء لم أملك معه نفسي ، فعلمت أنه ممنوع مني. ونظر علي صلوات اللّه عليه وهو يجالد بين يدي رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ويذب عنه الى صاحب لواء المشركين وهو من هوازن على جمل والراية معه وهو يطعن بها في المسلمين وقد تضايقوا في وعرهم

ص: 313


1- التوبة : 25.
2- التوبة : 25 - 26.
3- وهم : كلدة وجبلة ابنا الحنبل.

منهزمين. فأهوى علي صلوات اللّه عليه الى صاحب الراية (1) من خلفه فضرب عرقوبي جمله بالسيف فحلهما (2) فوقع الجمل على عجزه ، وسقط صاحب الراية عنه فعلاه بالسيف فقتله ، فصار حدا والجمل حدا بين المسلمين والمشركين. ونادى العباس - بأعلى صوته - يا معشر المسلمين ، يا معشر المهاجرين والأنصار يا أصحاب الشجرة ويا أهل بيعة الرضوان هلمّوا الى نبيكم ، فهذا هو!. فجعلوا ينادون من كل جانب : لبيك لبيك!. ولم يكونوا ظنوا إلا أن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله قد قتل ، أو رجع فيمن رجع ، فجعل الرجل منهم يريد أن يصل إليه بفرسه أو على بعيره فلا يقدر لضيق المكان وازدحام الناس ، فيأخذ سلاحه ثم يرمي بنفسه عن مركبه ويدعه ويأتي رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ولما اصيب صاحب لواء المشركين ولم يقدروا على أن يقيموا غيره مكانه انحلّ نظامهم واضطربوا وضرب اللّه عز وجل في وجوههم وأيّد رسوله بجنود لم تروها كما أخبر سبحانه ، فما رجع آخر الناس من الهزيمة إلا والأسارى بين يدي رسول اللّه مكتوفين والغنائم قد حيزت ، وكان من علي صلوات اللّه عليه يومئذ من البلاء ما لم يكن لأحد مثله ، وقامت الأنصار فيه لما انصرفوا مقاما حسنا.

[ مقتل دريد ]

ولحق يومئذ ربيعة بن رفيع دريد بن الصمة وهو على جمل في شجار.

( والشجار : خشب الهودج فاذا غشي صار هودجا ).

ص: 314


1- وهو أبو جرول وكانت يرتجز : أنا أبو جرول لا براح *** حتى نبيح القوم أو نباح فضربه علي صلوات اللّه عليه وهو يقول : قد علم القوم لدى الصباح *** إني في الهيجاء ذو نصاح
2- وفي الأصل : فقدهما.

فتوهم انه امرأة ، فأخذ بخطام الجمل وأناخه ، فإذا هو بشيخ كالفرخ ، فأخذ السيف وتقدم إليه ليقتله. فقال له دريد : ما ذا تريد؟؟ قال : أقتلك! ، قال : ومن أنت؟؟ قال : أنا ربيعة بن رفيع السلمي ، فضربه بسيفه فلم يصنع السيف فيه شيئا. فقال له دريد : بئسما أسلحتك امّك! خذ سيفي فهو في مؤخر الرحل في الشجار ، ثم اضرب به فارفع عن العظام واخفض عن الدماغ فإني كنت كذلك أضرب الرجل ، ثم اذا أتيت امّك فأخبرها إنك قتلت دريد بن الصمة وكثيرا ما منعت من نسائكم ، فقتله ثم أخبر أمه!. فقالت له : ويلك واللّه لقد أعتق من امّهاتك ثلاثا من الأسر.

[ الغنائم ]

وأصاب رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله من سبي هوازن ستة هوازن ستة آلاف من الذراري والنساء ، ومن الإبل والشاة ما لا يدرى عدته. فقسم رسول اللّه كثيرا من سبيهم ، ثم وفد منهم على رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وقد أسلموا. فقالوا : يا رسول اللّه ، إنا ونساءنا أهل مال وعيال وعشيرة ، وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك فامنن علينا بفضلك فإنما نساءنا عماتك وخالاتك وحواضنك اللواتي كن يكفلنك ( يعنون : إنه كان صلوات اللّه عليه وآله استرضع فيهم ) ، وقالوا : يا رسول اللّه لو كنا ملحنا ( أي : أرضعنا ) الحارث بن أبي شمّر أو النعمان بن المنذر ثم نزل بنا مثل الذي نزل لرجونا عطفه وعايدته علينا وأنت خير المكفولين. فقال لهم رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله أبناؤكم ونساؤكم أحبّ إليكم أم أموالكم؟ قالوا : يا رسول اللّه إن خيّرتنا بين أموالنا ونسائنا ، فنساؤنا وأبناؤنا أحبّ إلينا. فقال لهم رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم ، فإذا أنا صلّيت الظهر بالناس - وكان ذلك بمكة - فقوموا وقولوا : إنا نستشفع برسول اللّه الى المسلمين وبالمسلمين الى

ص: 315

رسول اللّه في أبنائنا ونسائنا ، فسأعطيكم ذلك وأسأل لكم.

فلما صلّى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بالناس الظهر بمكة ، قاموا ، فتكلموا بالذي أمرهم به. فقال صلوات اللّه عليه وآله : أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم. قال المهاجرون : وما كان لنا فهو لرسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، وقالت الأنصار : ما كان لنا فهو لرسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله. فقال الأقرع بن حابس : أما أنا وبنو تميم ، فلا. وقال عيينة بن حصن : أما أنا وبنو فزارة ، فلا. وقال عباس بن مرداس : أما أنا وبنو سليم ، فلا. فقالت بنو سليم : بل ما كان لنا فهو لرسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله. فقال رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : أما من تمسك منهم بحقه من أهل السبي ، فله بكل نسمة منه سنة فرائض ( يعني من الغنيمة ) فرد الناس عليهم أبناءهم ونساءهم. وقسّم رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله المال على الناس. ونادى مناديه أدّوا الخياط والمخيط.

وكان عقيل بن أبي طالب قد دخل يومئذ على امرأته (1) وسيفه متلطخ بالدم. فقالت له : قد عرفت أنك قد قاتلت ، فما ذا أصبت من الغنيمة. فقال : دونك هذه الابرة تخيطي بها ، فاقتلع ابرة من ثوبه ، فدفعها إليها ، ثم سمع منادي رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وهو يقول : أدّوا الخياط والمخيط فإن الغلول يكون على أهله عارا وشنارا يوم القيامة. فقال عقيل لامرأته : لا أرى ابرتك إلا وقد فاتتك ، فأخذها ورمى بها في المغنم.

[ عطاء المؤلّفة قلوبهم ]

وأعطى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله المؤلّفة قلوبهم من الغنائم ما يستميلهم بذلك في الإسلام ، أعطى كل واحد منهم مائة من الإبل. قالوا : وقد

ص: 316


1- وهي فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة.

كان ممن أعطاه ذلك أبو سفيان ابن حرب ومعاوية ابنه ، وحكيم بن حزام ، والحارث بن الحارث بن كلدة ، والحارث بن هشام ، وسهيل بن عمرو ، وخويطب بن عبد العزى ، والعلاء بن حارثة ، وعيينة بن حصن ، والأقرع بن حابس ، ومالك بن عوف ، وصفوان بن أميّة فهؤلاء أكابر المؤلّفة قلوبهم يومئذ وأعطى آخرين منهم دون ذلك.

[ إسلام مالك بن عوف ]

وسأل رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله عن مالك بن عوف - سيد هوازن يومئذ - ما فعل؟؟ فقالوا : لحق بالطائف وتحصّن بها مع ثقيف يا رسول اللّه. قال : فأخبروه أنه إن أتاني مسلما رددت إليه أهله وماله وأعطيته مائة من الإبل. فاخبر بذلك. فخرج من الطائف متسلّلا عن ثقيف لئلاّ يعلموا به فيحبسوه. وأتى رسول اللّه صلوات اللّه عليه ، فردّ عليه أهله وماله وزاده مائة من الإبل ، وأسلم وحسن إسلامه.

وتكلّم الناس فيما أعطاه رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله المؤلّفة قلوبهم على ضعف إسلامهم. فقيل إن قائلا قال : أعطيت عيينة بن حصن والأقرع بن حابس مائة من الإبل وتركت جعيل بن سراقة. فقال صلوات اللّه عليه : أما والذي نفسي بيده لجعيل بن سراقة خير من طلاع الأرض كلهم مثل عيينة والأقرع ولكن تألفتهما على الإسلام ووكلت جعيلا الى إسلامه.

( الطلاع : ما طلعت عليه الشمس من الأرض. يقال منه لو كان لي طلاع الأرض مالا لافتديت به من هول المطلع ).

وبلغه صلوات اللّه عليه وآله مثل ذلك من الأنصار ، فجمعهم ، ثم قال : يا معشر الأنصار ما مقالة بلغني عنكم أوجدة أوجدتموها في أنفسكم لما اعطيته

ص: 317

المؤلّفة قلوبهم. أفلم تكونوا (1) ضلالا فهداكم اللّه وعالة فأغناكم اللّه وأعداء فألّف بين قلوبكم؟؟ قالوا : لله ولرسوله المنّ والفضل. قال : ألا تجيبون يا معشر الأنصار؟؟ قالوا بما ذا نجيبك يا رسول اللّه؟؟ قال : أما واللّه لو شئتم لقلتم فصدقتم ، أتيتنا مكذوبا فصدقناك ، ومخذولا فنصرناك ، وطريدا فآويناك ، فوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا ، تألفت بها قوما ليسلموا ووكلتكم الى إسلامكم ، ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول اللّه الى منازلكم ، فو الذي نفس محمد بيده لو لا الهجرة لكنت رجلا من الأنصار ، ولو سلك الناس شعبا وسلك الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار. اللّهمّ ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار.

( اللعاعة : بقلة ناعمة شبهها صلوات اللّه عليه وآله وضربها مثلا بنعيم الدنيا ، كما قال - في موضع آخر - : الدنيا حلوة خضرة ).

فهذه أخبار أهل السير من العامة وثقات أصحاب الحديث منهم عندهم يخبرون أن معاوية من المؤلّفة قلوبهم ويخبرون عن فضل علي صلوات اللّه عليه. ثم معاوية بعد ذلك ينافس عليا صلوات اللّه عليه في الإمامة ويدّعيها معه!!!.

[285] ورووا أيضا في ذلك أن رجلا وقف ورسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يقسم غنائم حنين يومئذ ، وقد أعطى المؤلّفة ما أعطاهم. فقال : يا محمد قد رأيت ما صنعت منذ اليوم ، فلم أراك عدلت ، فغضب رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله. فقال : ويحك إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون؟؟ مضى الرجل. فقال رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : يخرج من ضيضىء هذا! قوم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من

ص: 318


1- وفي نسخة - ب - : آثكم.

الدين كما يمرق السهم من الرمية ( يعني الخوارج ) وذكر أمرهم ، وسيأتي بتمامه في موضعه إن شاء اللّه تعالى.

فهذه غزوات رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله التي قاتل فيها المشركين لم يكن لأحد فيها من العناء والصبر والجلد والفضيلة مثل الذي كان لعلي صلوات اللّه عليه ، ثم علمت العرب أنه لا طاقة لها بحرب رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، فجعلت وفودها تفد عليه مسلمين مؤمنين به. وخرج صلوات اللّه عليه وآله الى تبوك واستخلف عليا صلوات اللّه عليه ، وقد ذكرت ما كان منه إليه عند ما ذكر الناس من تخلّفه ، وقوله له : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، ولم يتخلّف علي صلوات اللّه عليه عن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله في غزوة غيرها. ولم يكن فيها قتال وإنما وادع رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله فيها أهل تبوك على إعطائهم الجزية ، فكتب بذلك لهم عهدا ، وانصرف الى المدينة.

ص: 319

[ سرايا الرسول ]

فأما ما أخرجه رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله من السرايا فانه لم يبق أحد من أصحابه إلا أخرجه في سرية وأمر عليه غيره غير علي صلوات اللّه عليه فانه لم يؤمر عليه أحد قط إبانة لفضله واستحقاقه الإمامة من بعده. وغزاه غزوتين - غزوة اليمن وغزوة بني عبد اللّه بن سعيد من أهل فدك - فأرضى اللّه ورسوله فيهما. وكان آخر بعث بعثه رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بعث اسامة بن زيد بن حارثة ، وقد نعيت نفسه إليه صلوات اللّه عليه وآله وأمره أن يوطيء الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين ، وأوعب معه جميع المهاجرين الأولين لم يبق منهم أحدا غير علي صلوات اللّه عليه إلا وقد أمره بالنفور مع اسامة بن زيد.

فاعتلّ صلوات اللّه عليه وآله العلّة التي قبض فيها وقد برّر أسامة بأصحابه.

وكان آخر ما عهده أن قال : نفذوا جيش اسامة ولا يتخلف أحد ممن أنفذه معه أراد أن يصفو الأمر لعلي صلوات اللّه عليه وألا يعارض أحد فيه ، فتثاقلوا الى أن قبض رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، وكان من أمرهم ما قد كان.

فهذه جملة ما جاء في السير عن العامة في فضل جهاد علي صلوات اللّه عليه. ونحن نذكر نكتا بعد ذلك مما روي في مثله.

ص: 320

[286] أبو غسان بإسناده عن عبد اللّه بن عصمة ، قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : أخذ النبيّ الراية يوم خيبر فهزها ، ثم قال : من يأخذها بحقها ، فجاء الزبير ليأخذها من يده ، فقال له : امط امط ( أي : زل ).

ثم قال : والذي نفسي بيده (1) لأعطيتها رجلا لا يفر (2)! هاك يا علي. فدفعها إليه. فانطلق حتى فتح اللّه على يديه خيبر وفدك ، وجاء بعجوتها وقديدها (3).

[287] أبو غسان بإسناده عن اسماعيل بن رجاء عن أبيه عن أبي سعيد الخدري ، قال : كنا مع رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، فانقطعت نعله ، فرمى بها الى علي صلوات اللّه عليه ، ثم ذكر القرآن ، فقال : إن منكم من يقاتل على تأويله كما قاتلت على تنزيله ، فقال أبو بكر : أنا يا رسول اللّه؟ قال : لا ولكن هو ذلكم خاصف النعل.

[288] علي بن هاشم بإسناده عن علي صلوات اللّه عليه ، إنه قال : عمّمني رسول اللّه صلوات اللّه عليه يوم غدير خم بعمامة سدل طرفها على منكبي.

وقال : إن اللّه أيدني يوم بدر وحنين بملائكة معمّمين ، هذه العمامة حاجزة بين المسلمين والمشركين.

[289] وبآخر يرفعه الى أبي رافع ، أنه قال : كان علي صلوات اللّه عليه صاحب راية النبي صلوات اللّه عليه وآله وحاملها في كل غزوة غزاها ، وكانت راية النبي صلوات اللّه عليه وآله معه يوم بدر ويوم احد ويوم الأحزاب ويوم بني النضير ويوم بني قريظة ويوم بني المصطلق من خزاعة

ص: 321


1- وفي نسخة - ب - : والذي كرم وجه محمد.
2- وفي نسخة الاصل : رجلا لا يغرني بها.
3- القديد : اللحم المملوح المجفف في الشمس - فعيل بمعنى مفعول والعجوة : نوع من التمر.

ويوم بني لحيان من هذيل ويوم خيبر ويوم الفتح ويوم حنين ويوم الطائف.

[290] محمد بن عبد اللّه الهاشمي ، قال : قلت لسفيان الثوري : حدّثني من فضائل علي صلوات اللّه عليه بحديث : فقال : حدّثني منصور بن المعتمر عن ابراهيم النخعي عن علقمة عن عبد اللّه بن مسعود ، قال : كنا جلوسا عند رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله إذ مرّ علي صلوات اللّه عليه مسرعا فدعا به رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، فقال له : ما لي أراك مسرعا يا علي؟ فقال : لحاجة لأهل البيت يا رسول اللّه. قال : اذهب أعانك اللّه فما زلت معينا فرّاجا للكرب.

[291] محمد بن سعيد بإسناده عن الماجشون ، قال : تخلّف علي صلوات اللّه عليه من بدر لدفن ابنة رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، فجعل رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ينتظره ، ويقوم مرة ويقعد اخرى ، ينظر الى الطريق ويقول : إن يكن لله عز وجل بعلي حاجة فيشهده بدرا ، فهو على ذلك إذ أقبل شخص على البعد. فقال رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله كن عليا ، فقرب فإذا هو علي صلوات اللّه عليه.

[292] محمد بن سعيد بإسناده عن أبي ذر رحمة اللّه عليه أنه قال : اقسم باللّه أن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب علیه السلام وحمزة وعبيدة رضوان اللّه عليهم ، وعتبة وشيبة والوليد لما تبارزوا يوم بدر « هذان خصمان اختصموا في ربهم ».

[293] أبو صالح بإسناده عن موسى بن عقبة ، أنه قال : لما كان يوم الأحزاب أقبل عمرو بن عبد ودّ العامري ، وكان من أشدّ الناس شجاعة وإقداما. فضرب فرسه ، فأجازه الخندق ، ثم طفق ينادي : هل من مبارز؟ فلم يجبه أحد ، فلما طال ذلك به ، أنشد : يقول :

ص: 322

ولقد بححت من النداء *** بجمعهم هل من مبارز

ووقفت حين دعوتهم *** في موقف القرن المناجز

إني كذلك لم أزل *** متسرعا نحو الهزاهز

إن الشجاعة للفتى *** والجود من كرم الغرائز

قال : فقام علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ، فقال رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : يا علي إنه عمرو بن عبد ودّ. فقال علي : أستعين باللّه عليه يا رسول اللّه. فأذن له رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، ودفع إليه سيفه ذا الفقار. ورفع رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يده ، وقال : اللّهمّ احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته. ومضى علي صلوات اللّه عليه وهو يقول شعرا :

اثبت أتاك لما دعوت *** مجيب صوتك غير عاجز

ذونيّة وبصيرة *** والصدق ينجي كل فائز

إني لأرجو أن تقوم *** عليك نائحة الجنائز (1)

فقال عمرو : من أنت؟ قال : علي بن أبي طالب. قال : كفو كريم ولست من رجالي. فقال علي صلوات اللّه عليه : يا عمرو إنه بلغني عنك إنك نذرت أن لا يدعوك أحد الى خصلتين إلا أجبته الى إحداهما ، قال : أجل!. قال : فاني أدعوك الى اللّه والى رسوله والى الإسلام. قال : ما أبعدني من ذلك. قال : فاني أدعوك الى النزال. قال : نعم ،

ص: 323


1- واضاف سبط الجوزي في تذكرة الخواص ص 157 : من ضربة نجلاء يسمع *** عندها صوت الهزاهز ضربة نجلاء : واسعة. الهزاهز : الحدوب الشدائد. البحة والبحاح : غلظ وحشونة الصوت. المناجز : المبارز والمقاتل.

هي أهون الخصلتين عليّ ، فاضطربا بأسيافهما ساعة وثارت عجاجة. ودعا رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله لعلي صلوات اللّه عليه دعاء كثيرا ، فأعانه اللّه عز وجل على عمرو بن عبد ودّ ، فقتله ، وانجلت العجاجة وعلي صلوات اللّه عليه يمسح سيفه عنه ، ويقول :

أعلي تقتحم الفوارس هكذا *** عني وعنهم حدّثوا أصحابي

يا زرته فتركته متجدلا *** بمصمم في الكفّ لبس بنابي

وعففت عن أثوابه ولو أنني *** كنت المجدل بزني أثوابي

آلى ليقتلني بحلفة كاذب *** وحلفت فاستمعوا الى الكذاب

نصر الحجارة من سفاهة رأيه *** ونصرت ربّ محمد بصواب

لا تحسبن اللّه خاذل دينه *** ونبيه يا معشر الأحزاب

[294] عبد اللّه بن زياد بإسناده عن أبي رجا العطاردي ، أنه سمع قوما يقعون في علي صلوات اللّه عليه ، فقال : إنكم لتقعون في رجل كان واللّه مقامه ساعة بين يدي رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله أفضل من أعماركم جميعا.

[295] محمد بن عبد اللّه بن بكير بإسناده عن محمد بن كعب القرظي قال : تفاخر العباس وعثمان بن طلحة ، فقال العباس : أنا ساقي الحجيج.

وقال عثمان بن طلحة : أنا صاحب البيت ، وعندي مفتاحه. فقال علي علیه السلام : لكنني أسلمت وآمنت باللّه ورسوله وجاهدت في سبيل اللّه قبلكما فلي في ذلك من الحظ ما ليس لكما. فأنزل اللّه عز وجل : « أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللّهِ وَاللّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ

ص: 324

أَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ ) (1).

قد ذكرت في أول هذا الباب سبق علي صلوات اللّه عليه وآله الى الجهاد وقد فضّل اللّه عز وجل السابقين إليه على من جاهد من بعدهم ، فقال اللّه عز وجل : « لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا » (2) ، وكذلك فضّل اللّه عز وجل بعض المجاهدين على بعض ، ففضّل من كافح وقاتل وجاهد على من تخلّف ولم يشهد وقعد ، فقال عز وجل « لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً. دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللّهُ غَفُوراً رَحِيماً » (3).

فإذا كان المجاهد في سبيل اللّه أفضل من القاعد عن الجهاد كان كذلك أكثر المجاهدين عناء في الجهاد وبذلا لنفسه فيه أفضل ممن قصر عنه ، كما يكون من جاهد أدنى جهاد وقاتل أقل قتال أفضل في ذلك ممن شهد ولم يقاتل ، وللشاهد وإن لم يقاتل فضل على من لم يشهد لأن الشاهد وإن لم يقاتل فقد كثر جمع المجاهدين ، وكان في جملة من أرهب المشركين وقد ذكرت في هذا الباب ما جاء من جهاد علي صلوات اللّه عليه وسبقه الى الجهاد وبذله فيه نفسه ومحاماته عن رسول اللّه صلوات اللّه

ص: 325


1- التوبة : 19 و 20.
2- الحديد : 10.
3- النساء : 95 - 96.

عليه وآله ما قد أجمعوا عليه وما هو معروف ثابت مشهور في مقاماته في الجهاد وكفايته فيه ما ليس لأحد من المسلمين مثله مما قد أجمعوا عليه ، واعترف جميعهم له به وشهد له به رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وجبرائيل علیه السلام كما جاء فيما أثبتناه في أول هذا الكتاب من الرواية في ذلك.

ص: 326

[ أحاديث في الجهاد ]

وقد جاء في فضل الجهاد والمجاهدين عن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ما يخرج عن حدّ هذا الكتاب ذكره ، من ذلك.

[296] قوله صلوات اللّه عليه وآله : من خير الناس رجل حبس نفسه في سبيل اللّه ، يجاهد أعداءه يلتمس الموت أو القتل في مطافه.

[297] وقال صلوات اللّه عليه وآله : غدوة أو روحة في سبيل اللّه خير من الدنيا وما فيها.

[298] وقال صلوات اللّه عليه وآله : مقام أحدكم يوما في سبيل اللّه أفضل من صلاته في بيته سبعين عاما ، ويوم في سبيل اللّه خير من ألف يوم فيما سواه.

[299] وقال صلوات اللّه عليه وآله : يرفع اللّه عز وجل المجاهد في سبيله على غيره مائة درجة في الجنة ، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض.

[300] وقال صلوات اللّه عليه وآله : المجاهدون في سبيل اللّه قواد أهل الجنة.

[301] وقال صلوات اللّه عليه وآله : أجود الناس من جاد بنفسه في سبيل اللّه عز وجل.

ص: 327

وقد قال اللّه سبحانه : « إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ » (1) ، فأحبهم إليه أسبقهم لذلك وأقومهم به وأشدهم قياما به واكثرهم عناء فيه ، فمن كان أحب الخلق الى اللّه تعالى وأفضلهم لديه واكرمهم منزلة عنده أليس هو أوجب من أطاعوه وقدموه ولم يتقدموا عليه ، فإذا كان كما زعموا يجب أن يختاروا لأنفسهم اماما ، فهل يجب أن يقع الاختيار إلا على من هذه صفته ، وهذه عند اللّه عز وجل منزلته. ومن قول من قال : ان لهم أن يختاروا. إنهم لا يختارون إلا الأفضل منهم ، وقد ذكرت من فضل علي صلوات اللّه عليه فيما تقدم من هذا الكتاب ، ونذكر إن شاء اللّه فيما بقى منه ما لا يجب معه لمن نظر فيه ووفّق لفهمه أن يقدم على علي صلوات اللّه عليه أحدا من الناس.

وإنما رجوت بما صنّفته من هذا الكتاب وألّفته ، وكان قصدي فيه الذي قصدته وما أدخلته من تضاعيف الأخبار فيه من الكلام ، وما بيّنته وشرحته أن يهدي اللّه به من نظر إليه أو سمع ما فيه فيتولّى من أمر اللّه عز وجل بولايته ، ويقدم من قدمه اللّه عز وجل ويؤخر من أخره وينظر في ذلك نظر ناصح لنفسه ، ولا يورطها الهلكة باتباع غيره ، وكراهة أن يفارق من تقدم من سلفه وهم كما قال اللّه عز وجل : « تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ » (2). وقال : « كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ » (3) ، وأقصد بما ذكرته الزراية والرد على من مات وانقضى أمره وفات ، إذ لا يغني ذلك ، ولو قصدناه لم يغن عنهم شيئا ، ولسنا نسمع من في القبور ولا نعارض من

ص: 328


1- الصف : 3.
2- البقرة : 133.
3- المدثر : 37.

فيها بالنكر ، وإنما نسمع الأحياء « وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ » (1). كما قال اللّه عز وجل وهو أصدق القائلين.

ونسأل اللّه توفيقا لما يرضيه ويزدلف لديه وهداية إليه لنا ولجميع المؤمنين والمسلمين ، وأن يظهر دينه على الدين كله ( كما وعد في كتابه المبين ويورث الأرض ) (2) كما وعد عباده الصالحين ، ويجمع من فيها على طاعتهم أجمعين. حسبنا اللّه ونعم الوكيل.

تمّ الجزء الثالث من كتاب شرح الأخبار في فضائل الائمة الأطهار.

والحمد لله وحده وصلّى اللّه على محمّد وآله الطاهرين وسلّم تسليما.

ص: 329


1- يس : 69.
2- ما بين القوسين زيادة من نسخة - ب -.

ص: 330

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام

تأليف: القاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي

المتوفی سنة 363 ه . ق

الجزء الرابع

في جهاد علي عليه السلام جموع الناكثين والقاسطين والمارقين

ص: 331

ص: 332

الصورة

ص: 333

الصورة

ص: 334

الصورة

ص: 335

الصورة

ص: 336

في جهاد علي عليه السلام جموع الناكثين والقاسطين والمارقين

اشارة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وبه نستعين في جميع الأمور

[302] الدغشي ، بإسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : كنا جلوسا ننتظر رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، فخرج إلينا من بعض بيوت نسائه ، فقمنا معه نمشي ، فانقطع شسع نعله ، فأخذها علي صلوات اللّه عليه فتخلّف عليها ، ليصلحها ، وقام رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ينتظر ، ونحن معه قيام - وفي القوم أبو بكر وعمر -.

فقال رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : إنّ منكم من يقاتل على تأويل هذا القرآن كما قاتلت على تنزيله ، فاستشرف (1) لها أبو بكر وعمر!

فقال : لا ، ولكنه خاصف النعل.

قال أبو سعيد الخدري : فأتيته بها لا بشره ، فلم يرفع لها رأسا ، فعلمت أنه شيء قد سمعه من رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله قبل ذلك.

وفي حديث آخر : أن أبا بكر قال : أنا هو يا رسول اللّه. وعمر أيضا.

قال : لا ، ولكنه خاصف النعل ، يعني عليا صلوات اللّه عليه.

ص: 337


1- استشرف : اي من تطلع لها وتعرض لها ( النهاية 2 / 462 ).

[303] إسماعيل بن رجا (1) عن أبيه : أن رجلا قام الى علي صلوات اللّه عليه وهو في الرحبة ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أناشدك اللّه ، أكان في النعل حديث؟؟

قال : اللّهمّ نعم ، أنه مما كان يسر إليّ نبيك (2).

[304] وبآخر ، عن ابن عباس : أن النبي صلوات اللّه عليه وآله قال لنسائه : ليت شعري ، أيتكن صاحبة الجمل الأدبب ، التي تخرج حتى تنبحها كلاب الحوأب ، يقتل عن يمينها وعن يسارها قتلى كثير.

( والحوأب : عين بين البصرة ومكة وهو الذي نزلته عائشة لما قفلت الى البصرة في وقعة الجمل ) ثم تنجو بعد أن كادت (3).

[305] وفي حديث آخر يقتل كثير ، قتلى عن يمينها وعن يسارها في النار ثم تنقلت بعد ما كادت.

ثم نظر الى عائشة (4) فقال لها : انظري يا حميرا ألا تكوني أنت هي؟؟ ثم التفت الى علي علیه السلام . فقال له : يا أبا الحسن إن وليت من أمرها شيئا فارفق بها.

[306] وبآخر عن خالد بن الاعصرى أنه قال : سمعت عليا علیه السلام يقول : أمرني رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، أن اقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.

[307] وبآخر عن ابراهيم النخعي قال : مرّ رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله

ص: 338


1- وفي الاصل : اسماعيل بن رجا عن جابر عن ابيه وهو تصحيف ، راجع تخريج الحديث.
2- وفي تاريخ دمشق لابن عساكر 1 / 169 الحديث 1186 : أنه مما كان يسره إليّ رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله وسلم) وأشار بيديه ورفعهما.
3- وفي كتاب الجمل للمفيد ص 230 : وتنجو بعد ما كادت.
4- وفي مناقب الخوارزمي ص 110 : فضحكت عائشة.

بعلي علیه السلام ، فقال له : لتقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.

[308] وبآخر عن علي صلوات اللّه عليه وآله ، أنه قال : أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. فأما الناكثون فأصحاب الجمل ، وأما القاسطون فأهل الشام (1) ، وأما المارقون فالخوارج (2).

[309] وبآخر عن أبي مخنف (3) أنه قال : دخلت على أبي أيوب الأنصاري ، وهو يعلف خيلا له ، فقلت له : يا أبا أيوب قاتلت بسيفك المشركين مع رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، فلما أن أظهر اللّه الاسلام ، جئت الى المسلمين تقاتلهم به؟؟

فقال : نعم ، أمرنا رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. فقد قاتلنا الناكثين ، وهم أهل الجمل ، والقاسطين ، وهم أهل الشام. وأنا مقيم حتى اقاتل المارقين بالنهروان والطرقات (4) ، وو اللّه ما أدري أين هي. [ ولكن لا بدّ من قتالهم إن شاء اللّه ] (5).

[310] وبآخر عن أبي كعب الحارثي ، أنه قال : خرجت حتى أتيت المدينة وذلك في أيام عثمان بن عفان ، فدخلت إليه وسألته عن شيء من أمر الدين ، وقلت : يا أمير المؤمنين إني امرؤ من أهل اليمن من بني

ص: 339


1- وفي النهاية لابن الاثير 4 / 60 الناكثون : أصحاب الجمل لأنهم نكثوا بيعتهم [ مع علي علیه السلام ]. والقاسطون : لأنهم جاروا في حكمهم وبغوا عليه ؛ المارقون : لأنهم مرقوا من الدين.
2- وهم : معاوية وأصحابه.
3- هكذا في النسخ ولكن في المصادر التي راجعتها وهي مجمع الزوائد 9 / 235 وكفاية الطالب ص 169 : عن أبي صادق عن مخنف بن سليم أتينا أبا أيوب.
4- وفي مجمع الزوائد 9 / 235 : بالسعفات بالطرقات بالنهروانات.
5- هذه الزيادة من تاريخ دمشق 3 / 170.

الحارث (1) ، وإني أريد أن أسألك عن أشياء فأمر حاجبك ألا يحجبني.

فقال : يا وثاب ، إذا جاءك هذا الحارثي ، فأذن له.

قال : فكنت إذا جئت ، قال : من هذا؟؟ فقلت : الحارثي. اذن لي. فجئت يوما فقرعت الباب. فقال : من ذا؟ فقلت : الحارثي ، فقال : ادخل. فدخلت ، فإذا عثمان جالس وحوله نفر من أصحاب النبي (2) صلوات اللّه عليه وآله سكوت لا يتكلمون كأنّ على رءوسهم الطير ، فسلّمت ، ثم جلست ولم أسأله عن شيء لما رأيت من حالهم ، فبينا أنا كذلك إذ جاء نفر ، فقالوا : أبى أن يجيء. فغضب عثمان ، وقال : أبى أن يجيء؟؟! اذهبوا فجيئوا به!! فإن أبى أن يجىء فجروه جرا ، فمكثت قليلا ، وانصرفوا فجاء معهم رجل آدم طوال أصلع - في مقدم رأسه شعرات [ وفي قفائه شعرات ] -.

فقلت : من هذا؟؟ فقالوا : عمار بن ياسر. فقال له عثمان : أنت الذي تأتيك رسلنا ، فتأبى أن تأتي؟ ، فكلمه عمار بن ياسر بشيء لا أدري ما هو ، ثم خرج ، فما زالوا ينفضون من حوله حتى ما بقي أحد [ معه غيري ].

فقام عثمان وقمت معه حتى أتى المسجد ، فإذا عمار بن ياسر جالس الى سارية من سواري المسجد ، وحوله نفر من أصحاب رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وهو يحدثهم ، وهم يبكون.

ص: 340


1- وفي بحار الانوار مجلد 8 ط قديم / 326 : بني الحارث بن كعب.
2- وكلمة : « من أصحاب النبي » لم تكن في الرواية التي نقلها صاحب بحار الأنوار والموجود : نفر من أصحابه مسكون.

فقال عثمان لحاجبه : يا وثاب عليّ بالشرط (1) ، فجاء بهم. فقال : فرقوا بين هؤلاء - يعني عمارا والذين كانوا حوله - ففرقوا بينهم ، ثم اقيمت الصلاة.

فتقدم عثمان ليصلي بالناس فلما كبر ، قامت امرأة في حجرتها. فقالت : أيها الناس اسمعوا ، ثم تكلمت ، فذكرت رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وما بعثه اللّه به ، ثم قالت. ضيعتم أمر اللّه وخالفتم عهده ونحوا من هذا. ثم صمتت.

ثم تكلمت اخرى ، بمثل ذلك ، فاذا هما عائشة وحفصة.

فلما سلّم عثمان ، وأقبل على الناس. فقال : إن هاتين لفتانتان (2) يفتنان الناس ، واللّه لتنتهيان عن سبّي أو لأسبكما ما حلّ لي السب ، فاني بأصلكما لعالم.

فقال له سعد بن أبي وقاص : أتقول هذا لحبائب رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله؟؟ فقال له عثمان : وما أنت وذا؟

ثم أقبل عثمان على سعد عامدا عليه [ ليضربه ].

قال : وانسلّ سعد وخرج ، وأتبعه عثمان ، فلقيه علي علیه السلام [ عند باب المسجد ] فقال : أين تريد؟؟ قال : اريد هذا الكذا وكذا - يعني سعدا - فقال له علي علیه السلام : أيها الرجل ، دع هذا عنك.

فأقبل عليه عثمان بالكلام ، فلم يزل الكلام بينهما الى أن غضب عثمان. فقال لعلي صلوات اللّه عليه : ألست المتخلّف عن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يوم تبوك؟ فقال له علي صلوات اللّه عليه : ما تخلّفت عنه ، ولكنه خلّفني رسول اللّه صلوات اللّه عليه في أهله ، وأنت

ص: 341


1- وفي الاصل : بالشرطة.
2- وفي الاصل : إن هاتين فتاتين.

تعلم ذلك ومن حضر. ولكن ألست الفار عن رسول اللّه صلوات اللّه عليه يوم احد؟ وهمّ كل واحد منهما بصاحبه ، فقام الناس وحجزوا بينهما.

قال : فلما رأيت ما حدث بالناس خرجت من المدينة. فأتيت الكوفة ، فوجدتهم قد وقع بينهم اختلاف وردّوا سعيد بن العاص ولم يدعوه يدخل إليهم ، فلما رأيت ذلك رجعت الى أهلي باليمن.

[311] وبآخر عن محمد بن علي بن الحسين صلوات اللّه عليهم أجمعين أنه قال : أرسل إليّ سعيد بن عبد الملك بن مروان ، فأتيته ، فأقبل يسألني ، فرأيته رجلا قد لقي أهل العلم وحادثهم ، فاذا هو ليس في يده شيء من أمر عثمان إلا أنه يقول : خرجت عائشة تطلب بدمه.

فقلت له : أي رجل كان فيكم مروان بن الحكم؟

فقال : ذاك سيدنا وأفضلنا.

قلت : فأي رجل ترون علي بن الحسين علیه السلام ؟

قال : صدوقا مرضيا.

قلت : فأني أشهد على علي بن الحسين علیه السلام أنه حدّثني إنه سمع مروان بن الحكم يقول : انطلقت أنا وعبد الرحمن بن عوف (1) الى

ص: 342


1- هكذا في الاصل وفي نسخة ب ، ولكن الشيخ المفيد نقل في كتاب الجمل ص 76 : جاءها مروان بن الحكم وسعيد بن العاص. ومن المؤكد أنه لم يكن عبد الرحمن بن عوف لانه توفى سنة 31 أو 32 للهجرة وأن عثمان قتل في سنة 35 أي بينهما 3 أو 4 سنين كما ذكره العسقلاني في الإصابة 2 / 463 الرقم 448 قال : ( قال ابن إسحاق : قتل على رأس إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهرا واثنين وعشرين يوما من خلافته فيكون ذلك في ثاني وعشرين ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ). وقال البلاذري في أنساب الأشراف 5 / 104 : لما اشتد الأمر على عثمان أمر مروان بن الحكم وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد. وقال ابن سعد في طبقاته : أتاها مروان وزيد بن ثابت وعبد الرحمن بن عتاب. ومن المحتمل أن المؤلف أراد ذكر عبد الرحمن بن عتاب والتصحيف من الناسخ.

عائشة ، وهي تريد الحج ، وعثمان قد حصر. فقلت لها : قد ترين أن هذا الرجل قد حصر ، فلو أقمت فنظرت في شأنه وأصلحت أمره!

فقالت : قد غربت غرائري (1) ، وأدنيت ركائبي ، وفرضت الحج على نفسي ، فلست بالتي اقيم ، فجهدنا (2) عليها ، فأبت ، فقمت من عندها ، وأنا أقول - وذكر بيتا من شعر تمثل به (3) -.

فقال : فقالت : أيها الرجل المتمثل بالشعر ارجع ، فرجعت ، فقالت : لعلّك ترى أني إنما قلت هذا الذي قلت وأنا أشك في عثمان ، وددت واللّه ، أنه مخيط عليه في بعض غرائري هذه حتى أكون التي أقذفه في أليم (4) ثم ارتحلت حتى نزلت ماء يقال له : الصلصل (5).

وبعث الناس عبد اللّه بن العباس على الموسم وعثمان محصور ، فمضى حتى نزل ذلك الماء.

فقيل لها : هذا ابن عباس قد بعث به الناس على الموسم ، فأرسلت إليه. فقالت : بابن عباس إن اللّه عزّ وجلّ أعطاك لسانا وعلما ، فاناشدك اللّه أن تخذل الناس عن قتل هذا الطاغية عثمان غدا ، ثم انطلقت الى مكة.

فلما أن قضت منسكها (6) وانقضى أمر الموسم بلغها أن عثمان قد

ص: 343


1- الغرارة : بكسر المعجمة : الجوالق.
2- وفي نسخة الأصل : فألححنا.
3- وفي أنساب الأشراف قال مروان : وحرق قيس عليّ البلا *** د حتى إذا اضطرمت أجذما
4- أليم : البحر.
5- وفي كتاب الجمل ص 77 : الصلعاء. والصلصل موضع بنواحي المدينة على سبعة أميال منها.
6- نسك ومناسك جمع منسك بفتح السين وكسرها ومعناه التعبد. وسميت جميع أعمال الحج بالمناسك. ( النهاية 5 / 48 ).

قتل ، وأن طلحة بن عبيد اللّه بويع قالت : ( إيها ذا الإصبع ، فلما بلغها بعد ذلك أن عليا بويع قالت : ) (1) وددت أن هذه - تعني السماء وأشارت إليها - وقعت على هذه - وأشارت الى الأرض -.

قال أبو جعفر صلوات اللّه عليه : فهذا حديث مروان وسماعي إياه من علي بن الحسين.

قال : فما خرجت من البيت حتى ترك سعيد بن عبد الملك ما كان في يديه من أمر عثمان.

[312] وبآخر ، عن الزبير أنه قيل له ان عثمان محصور : وإنه قد منع الماء! فقال : « وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ » (2).

[313] عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، أنه قال : انتهيت الى المدينة أيام حصر عثمان في الدار ، فاذا طلحة بن عبيد اللّه في مثل الحية السوداء من الرجال ومن السلاح مطيف بدار عثمان ، حتى قتل (3).

[314] وبآخر ، عن سعيد بن المسيب [ أنه ] قال : انطلقت بأبي الى المسجد ، فلما دخلنا ، سمعت لغظ (4) الناس وأصواتهم ، فقال أبي : ما هذا يا بني؟

فقلت : الناس محدقون بدار عثمان.

فقال : من ترى من قريش؟؟

قلت : طلحة بن عبيد اللّه.

ص: 344


1- ما بين الهلالين زيادة من نسخة - ب -.
2- سبأ : 54.
3- وفي كتاب الجمل ص 74 : واللّه إني لأنظر الى طلحة وعثمان محصور وهو على فرس أدهم وبيده الرمح يجول حول الدار وكأني أنظر الى بياض ما وراء الدرع.
4- وفي الاصل : لفظ الناس.

فقال : اذهب بي إليه ، فمضيت به حتى دنا منه. فقال لطلحة : يا أبا محمد ، ألا تنهي الناس عن قتل هذا الرجل؟؟ فقال له طلحة : يا أبا سعيد ، إن لك دارا ، فاذهب ، واجلس في دارك فان نعثلا (1) لم يكن خاف هذا اليوم.

ذكرنا هذه الأخبار مختصرة من أخبار كثيرة لما أردنا من تقديمها قبل خروج طلحة والزبير وعائشة يطلبون بزعمهم بدم عثمان في ظاهر الأمر وهذا كان أمرهم فيه.

[315] محمد بن سلام ، باسناده عن علي صلوات اللّه عليه : إنه ذكر المواطن التي امتحن فيها بعد رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله.

فقال : وأما ما امتحنت بعد رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله [ في سبعة مواطن : فوجدني فيهن - من غير تزكية لنفسي - بمنّه ونعمته صبورا. أما أولهن : ] (2) فانه لم يكن لي خاص آنس به ولا أستأنس (3) إليه ولا أعتمد عليه ولا أتقرب الى اللّه بطاعته ، وأبتهج به في السراء ، ولا أستريح إليه في الضراء غير رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، فإنه هو رباني صغيرا ، وبوأني كبيرا ، وكفاني العيلة (4) وجبرني من اليتم ، وأغناني عن الطلب ، وكفاني المكسب وعال لي النفس والأهل والولد مما خصّني اللّه عز وجل من الدرجات التي قادتني الى معالي الحظوة عنده فنزل بي من وفاة رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ما لم تكن الجبال لو

ص: 345


1- قال ابن الاثير في النهاية 4 / 166 والكامل 3 / 80 في مادة نعثل : ان عائشة سمّت عثمان نعثلا وهو إما رجل يهودي أو الشيخ الأحمق أو رجل طويل اللحية بمصر.
2- هذه الزيادة في كتاب الخصال للصدوق 2 / 370.
3- وفي الخصال : ولا أستنيم إليه.
4- كفاني العجز الاقتصادي.

حملته تحمله ، ورأيت أهل بيته بين جازع لا يملك جزعه ولا يضبط نفسه ولا يقوى على حمل فادح (1) ما نزل بي قد أذهب الجزع صبره ، وأذهل عقله ، وحال بينه وبين الفهم والإفهام ، وبين القول والاستماع ، وسائر بني عبد المطلب بين معز لهم يأمر بالصبر ، وبين مساعد لهم بالبكاء ، وجازع لهم لجزعهم.

وحملت نفسي على الصبر عند وفاته ، ولزمت الصمت والأخذ فيما أمرني به من تجهيزه ، وغسله وتحنيطه ، وتكفينه ، والصلاة عليه ، ووضعه في حضرته وجمع أمانة اللّه ، وكتابه ، وعهده الذي حمّلناه الى خلقه ، واستودعناه لهم ، لا يشغلني عن ذلك بادر دمعة [ ولا هائج زفرة ] ولا لاذع حرقة (2) ولا جليل مصيبة حتى أديت في ذلك الواجب لله ولرسوله عليّ ، وبلغت منه الذي أمرني به رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله (3).

وقد كان رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله أمّرني في حياته على جميع امّته ، وأخذ لي على من حضرني منهم البيعة بالسمع والطاعة لأمري ، وأمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب ، وكنت المؤدّي إليهم عن رسول اللّه أمره لا يختلج (4) في نفسي منازعة أحد من الخلق لي في شيء من الأمر في حياة رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ولا بعد وفاته.

ثم أمرهم رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بتوجيه الجيش الذي وجّه مع اسامة عند الذي حدث به من المرض الذي توفاه اللّه فيه فلم يدع

ص: 346


1- الفادح : الثقيل.
2- بادر دمعة : الدمعة التي تبدر بدون اختيار. واللذز. لذعته النار : أحرقته.
3- الموطن الثاني.
4- لا يختلج : لا يتحركه شيء من الشك والريبة.

أحدا من أبناء قريش ولا من الأوس والخزرج ولا من غيرهم من سائر العرب ممن يخاف نقضه بيعتي ومنازعته إياي ، ولا أحدا يراني بعين البغضاء ممن قد وترته بقتل أخيه ، أو أبيه ، أو حميمه إلا وجّهه في جيش اسامة ، لا من المهاجرين ولا من الأنصار وغيرهم من المؤلفة قلوبهم ، والمنافقين لتصفو لي قلوب من بقي معي بحضرته (1) ولئلا يقول لي قائل شيئا مما اكرهه ولا يدفعني دافع عن الولاية ، والقيام بامور رعيته وامته من بعده (2).

ثم كان آخر ما تكلم به النبيّ صلوات اللّه عليه وآله في شيء من أمر امته ، أن قال : يمضي جيش اسامة ولا يتخلف عنه أحد ممن انهض معه ، وتقدم في ذلك أشد التقديم ، وأوعز فيه غاية الإيعاز ، وأكد فيه أبلغ التأكيد.

فلم أشعر بعد أن قبض رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله إلا برجال من بعث اسامة ، وأهل عسكره قد تركوا مراكزهم ، وخلّوا مواضعهم ، وخالفوا أمر رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله فيما أنهضهم إليه ، وأمرهم به رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، وتقدم إليهم فيه من ملازمة أميرهم والسير معه تحت رايته حتى ينفذ الى (3) الذي أنفذه إليه ، وخلفوا أميرهم مقيما في عسكره ، وأقبلوا مبادرين الى عهد عهده اللّه ورسوله ، فنكثوه ، وعقدوا لأنفسهم عقدا ضجت فيه أصواتهم ، واختلف فيه آراؤهم من غير مؤامرة ، ولا مناظرة لأحد منا بني عبد المطلب أو مشاركة

ص: 347


1- وفي الاصل : من بقي معه من بحضرته.
2- اي الخلافة والامامة.
3- في الخصال 2 / 372 : لوجهه.

في رأي ، أو استقالة لما في أعناقهم من بيعتي ، وفعلوا ذلك وأنا برسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله مشغول عن سائر الأشياء لأنه كان أهمها إليّ ، وأحق ما بدأ به عنها عندي.

وكانت هذه من الفوادح من أفدح ما يرد على القلب مع الذي أنا فيه من عظيم المحنة ، وفاجع المصيبة ، وفقد من لا خلف لي منه إلا اللّه عز وجل ، فصبرت منه!!! (1)

ولم يزل القائم (2) بعد رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يلقاني معتذرا في كل أيامه يلوم غيره ما ركب (3) به من أخذ حقي [ ونقض بيعتي ] ويسألني تحليله ، فكنت أقول : تنقضي أيامه ثم يرجع إليّ حقي الذي جعله اللّه لي عفوا [ هينا ] من غير أن أحدث في الإسلام - مع قرب عهده في الجاهلية - حدثا في طلب حقي بمنازعة لعل قائلا أن يقول فيها : نعم ، وقائلا يقول : لا ، وجماعة من خواص أصحاب رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله أعرفهم بالنصح لله ولرسوله والعلم بدينه وكتابه يأتوني عودا وبدءا ، وعلانية وسرا فيدعونني الى أخذ حقي ويبذلون لي أنفسهم في نصرتي ليؤدّوا إليّ حق بيعتي في أعناقهم ، فأقول : رويدا ، وصبرا قليلا! لعل اللّه أن يأتيني بذلك عفوا (4) بلا منازعة ولا إراقة دم ، فقد ارتاب (5) كثير من الناس بعد رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، وطمع في الأمر بعده من

ص: 348


1- وفي الخصال 2 / 372 : وأما الثالثة يا أخا اليهود فإن القائم.
2- إشارة الى أبي بكر.
3- وفي الخصال : ما ارتكبه من أخذ.
4- اي بالطريقة السهلة الميسرة.
5- من الريب والاسم الريبة وهو الشك.

ليس له بأهل ، حتى قام كل قوم : منا أمير ومنكم أمير وما طمعوا في ذلك إلا إذا تولى الأمر غيري.

فلما آتت وفاة هذا القائم ، وانقضت أيامه صير الأمر من بعده لصاحبه ، وكانت هذه اخت تلك محلها من القلوب محلها ، فاجتمع إليّ عدة من أصحاب رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله. فقالوا فيها مثل الذي قالوا في اختها ، فلم يعد قولي الثاني قولي الأول ، صبرا واحتسابا خوفا من أن تفنى عصابة ألّفها رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، باللين مرة ، وبالشدة اخرى حتى لقد كان في تأليفه إياهم إن كان الناس في الكن (1) والشبع والزي واللباس والوطاء والدثار (2).

ونحن أهل بيت محمد لا سقوف لبيوتنا ولا ستور ولا أبواب إلا الجرائد وما أشبهها ، ولا وطاء لنا ولا دثار علينا ، يتداول الثوب الواحد منها في الصلاة أكثرنا ، ونطوي الأيام والليالي جوعا عامتنا ، وربما أتانا الشيء مما أفاء اللّه تعالى علينا ، وصيّره لنا خاصة دون غيرنا فيؤثر به رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله أرباب النعم والأموال تأليفا منه لهم ، فكنت أحق من لم يفرق هذه العصابة التي ألفها رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ولم يحملها على الخطة التي لا خلاص لها منها [ دون بلوغها ] لأني لو نصبت نفسي ودعوتهم الى نصرتي كانوا مني وفيّ على امور :

إما متبع يقاتل معي ، أو ممتنع يقاتلني ، أو خاذل لي مقصر عن نصرتي بخذلانه ، فيهلك مقاتلي بقتاله ، وخاذلي بتقصيره وخذلانه ، فيحلّ بهم من مخالفتي ما حلّ بقوم موسى ( في مخالفة هارون وقد علموا أن

ص: 349


1- ومن المحتمل ، الكزم : شدة الأكل ، والشبع : الامتلاء.
2- الدثار ما يتغطى به النائم ، الوطاء : الفراش.

محلّي من رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله محل هارون من موسى ) (1) فرأيت تجرع الغصص (2) وردّ أنفاس الصعداء أهون عليّ من ذلك ، وكان أمر اللّه قدرا مقدورا.

ولو لم أتق ذلك وطلبت بحقي لعلم من بحضرتي أني كنت أكثر عددا ، وأعزّ عشيرة ، وأمنع دارا ، وأقوى أمرا ، وأوضح حجة ، وأكثر في الدين مناقب وآثارا ، لسابقتي وقرابتي (3) ووزارتي فضلا عن استحقاق ذلك بالوصية التي لا مخرج للعباد منها ، والبيعة المتقدمة لي في أعناقهم ممن تناولها.

ولقد قبض رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وولاية الامّة في يديه وفي بيته لا في أيدي من تناولها ولا في أهل بيته بل في أهل بيته الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وهم أولو الأمر من بعده من غيرهم في جميع الخصال.

(4) ثم إن القائم (5) بعد صاحبه كان يشاورني في موارد الامور ومصادرها ، فيصدرها عن رأيي وأمري ، ولا يكاد أن يخصّ بذلك أحدا غيري ، ولا يطمع في الأمر بعده سواي. فلما آتته منيّته على فجأة بلا

ص: 350


1- ما بين الهلالين زيادة من نسخة - ب -.
2- الغصص : الشجى والحزن.
3- والعجب من الدكتور صبحي صالح عند نقله قول أمير المؤمنين في هذا الصدد ينقله مع عدم مراعاة الامانة رغم أن الطبعة الاولى للنهج ( الشيخ محمد عبده ) موجودة العبارة بكاملها وهي : واعجباه أتكون الخلافة بالصحابة ولا تكون بالصحابة والقرابة. وقد نقلها الدكتور في النهج الذي ضبطه ص 502 باب حكم أمير المؤمنين رقم 190 : وقال (عليه السلام) : واعجباه أتكون الخلافة بالصحابة والقرابة.
4- وفي الاختصاص للمفيد : وأما الرابعة ، يا أخا اليهود.
5- إشارة الى عمر بن الخطاب.

مرض كان قبلها ، ولا أمر أمضاه في صحة بدنه لم يشك الناس إلا أني قد استرجعت حقي في عاقبته بالمنزلة التي كنت رجوت والعاقبة التي كنت التمست ، وأنّ اللّه عزّ وجلّ سيأتيني بذلك على [ أحسن ] ما رجوت وأفضل ما أمّلت.

وكان من فعله الذي ختم به أمره أن سمى خمسة (1) أنا سادسهم لم يسق (2) واحد منهم معي قط في حال توجب له ولاية الأمر من قرابة ، ولا فضيلة ، ولا سابقة ، ولا لواحد منهم مثل واحدة من مناقبي ، ولا أثر من آثاري ، فصيّرها شورى بيننا ، وصيّر ابنه (3) فيها حاكما علينا وأمره بضرب أعناق الستة الذين صيّر فيهم إن هم أبوا أن يختاروا واحدا منهم ، وكفى بالصبر على هذه.

فمكث القوم أياما كل يخطبها لنفسه ، وأنا ممسك لا أقول في ذلك شيئا ، فإذا سألوني عن أمري ناظرتهم في أيامي وأيامهم ، وآثاري وآثارهم ، وأوضحت لهم ما جهلوه من وجوه استحقاقي لها دونهم ، وذكرتهم عهد رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله فيّ إليهم وتأكيده ما أخذ في من البيعة عليهم ، فإذا سمعوا ذلك مني دعاهم حبّ الإمارة وبسط الأيدي والألسن في الأمر والنهي ، والركون الى الدنيا وزخرفها الى الاقتداء بالماضين قبلهم وتناول ما لم يجعل اللّه عز وجل لهم ، فإذا خلى بي الواحد بعد الواحد منهم (4) ، فذكرته أيام اللّه وما هو قادم عليه وصائر إليه ، التمس مني شرط طائفة من الدنيا اصيّرها له.

ص: 351


1- وهم عثمان بن عفان وطلحة بن عبد اللّه والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف.
2- وفي الخصال : يستوني.
3- عبد اللّه بن عمر.
4- وفي الخصال : فإذا خلوت بالواحد ذكرته.

فلما لم يجدوا عندي إلا المحجة البيضاء (1) والحمل على كتاب اللّه جلّ ذكره وسنّة رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، وإعطاء كلّ امرئ ما جعله اللّه عزّ وجلّ له. شكك القوم مشكك (2) فأزالها (3) الى ابن عفان طمعا في الشحيح معه فيها ، وابن عفان رجل لم يستو به (4) ، ولا بواحد ممن حضر فضيلة من الفضائل ولا مأثرة من المآثر.

ثم لا أعلم القوم ما أمسوا في يومهم ذلك حتى ظهرت ندامتهم ، ونكصوا على أعقابهم ، وأحال بعضهم على بعض كل يلوم نفسه ويلوم أصحابه.

ثم لم تطل الأيام بالسفير لابن عفان حتى كفره ، ومشى الى أصحابه خاصة ، وأصحاب محمد عامة يستقيلهم من بيعته ويتوب الى اللّه من [ فتنته ] (5).

وكانت هذه أكبر من اختيها ، وأفظع ، واخرى أن لا يصبر عليها ، فلم يكن عندي فيها إلا الصبر ، ولقد أتاني الباقون من الستة من يومهم الذي عقدوا فيه لابن عفان ما عقدوه ، وكل راجع عنه ، يسألني خلع ابن عفان ، والقيام في حقي ، ويعطيني صفقته وبيعته على الموت تحت رايتي ، أو يردّ اللّه إليّ حقي ، وبعد ذلك مرارا كثيرة فيأتوني في ذلك وغيرهم ، فو اللّه ما منعني منها إلا ما منعني من أختيها قبلها ، ورأيت الإبقاء على من بقى أبهج بي وأسر.

ص: 352


1- اي : الدليل القاطع.
2- وفي الاختصاص ص 168 : شد من القوم مستبد فأزالها.
3- اشاره الى بيعة عبد الرحمن بن عوف لعثمان.
4- وفي الخصال والاختصاص : لم يستو به.
5- وفي الاصل : فثنته

ولو حملت نفسي على ركوب الموت لركبته ، ولقد علم من حضر ، ومن غاب من أصحاب محمد صلوات اللّه عليه وآله إن الموت عندي بمنزلة الشربة الباردة من الماء في اليوم الحار من ذي العطش الصديّ (1) ولقد كنت عاهدت اللّه أنا وعمي حمزة وأخي جعفر وابن عمي عبيدة (2) على ذلك لله ولرسوله ، فتقدموني وبقيت أنتظر أجلي ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ فينا : « مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً » (3).

وما أسكتني عن ابن عفان إلا أني علمت أن أخلاقه فيما اخبرت عنه ما لا تدعه حتى تستدعي الأقارب فضلا عن الأباعد الى خلعه وقتله ، فصبرت حتى كان ذلك ، ولم أنطق فيه بحرف من لا ، ولا نعم.

ثم أتاني الأمر - علم اللّه - وأنا له كاره لمعرفتي بالناس وبما يطمعون فيه مما قد عوّدوه ، وأن ذلك ليس لهم عندي ، فكان ذلك كذلك.

(4) واتاني فيه من أتاني فلما لم يجدوه عندي وثبوا المرأة عليّ ، وأنا وليّ أمرها ، والوصي عليها ، فحملوها على الجمل ، وشدوها على الرحل ، واقبلوا بها تخبط الفيافي (5) وتقطع الصحاري ، وتنبحها كلاب الحوأب وتظهر فيها علامات الندم - في كل ساعة ، وعند كل حالة - في عصبة قد بايعوني ثانية بعد بيعتهم لي في حياة رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله أولا ،

ص: 353


1- وفي نسخة - ب - عند ذي العطش الصادي.
2- وهو عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب في غزوة بدر كما سيأتي.
3- الأحزاب 23.
4- وهنا يبدأ الموطن الخامس.
5- خبط البعير الارض بيده خبطا : ضربها. والفيافي جمع الفيفي والفيفاء : المغازة التي لا ماء فيها والمكان المستوي.

حتى أتوا بها بلدة قليلة عقولهم وعارية آراؤهم.

فوقفت من أمرهم على اثنتين (1) - كلاهما فيهما المكروه - : إن كففت لم يرجعوا ، وإن أقدمت كنت قد صرت الى الذي كرهته ، فقدمت الحجة في الإعذار والإنذار ، ودعوت المرأة الى الرجوع الى بيتها ، والقوم الذين حملوها على الذي حملوها عليه الى الوفاء ببيعتهم والترك لنقضهم عهدا لله وأعطيتهم من نفسي كل الذي قدرت عليه منها ، وناظرت بعضهم فانصرف (2) ، وذكرته فذكر.

ثم أقبلت على الباقين بمثل ذلك فما ازدادوا إلا جهلا ، وتماديا ، وعتوا وأبوا إلا ما صاروا إليه ، وكانت عليهم الدائرة (3) والكرة وحلّت بهم الهزيمة والحسرة وفيهم الفناء. وحملت نفسي على التي لم أجد منها بدّا ، ولم يسعني إذ تقلدت الأمر آخرا مثل الذي وسعني فيه أولا من الإغضاء والإمساك.

ورأيت أني إن أمسكت كنت معينا لهم على ما صاروا إليه بإمساكي ، وما طمعوا فيه من تناول الأطراف وسفك الدماء وهلاك الرعية وتحكيم النساء الناقصات العقول على الرجال كعادة بني الأصفر (4) ومن مضى من ملوك سباء (5) والامم الخالية. فأصير الى ما

ص: 354


1- وفي الأصل : من امورهم على اثنتين.
2- إشارة الى الزبير بن العوام ، راجع الحديث رقم 342.
3- الدبرة : بفتحتين الهزيمة في القتال وهي اسم من الإدبار مختار الصحاح 197. وفي الاصل الدايرة.
4- يعني أهل الروم لأن أباهم كان أصفر اللون.
5- وفي كتاب العرب قبل الإسلام 2 / 348 قائمة باسماء ملوك سباء وأحوالهم ، والمرأة هي بلقيس التي أنشأت سدّ مأرب.

كرهت أولا ، إن أهملت أمر المرأة آخرا (1) ، وما هجمت على الأمر إلا بعد أن قدمت ، وأخرت ، وراجعت ، وأزمعت ، وسايرت ، وراسلت ، وأعذرت ، وأنذرت ، وأعطيت القوم كل شيء التمسوه مما لا يخرج من الدين ، فلما أبوا إلا تلك تقدمت فتمم اللّه فيهم أمره ، وكان اللّه عزّ وجلّ عليهم شهيدا.

(2) ثم تحكيم الحكمين فىّ وفي ابن آكلة الأكباد معاوية وهو طليق ابن طليق ، لم يزالا يعاندان اللّه ورسوله والمؤمنين مذ بعث اللّه عزّ وجلّ علينا محمدا صلوات اللّه عليه وآله الى أن فتح اللّه علينا مكة ، فأخذت بيعته ، وبيعة أبيه لي في ذلك اليوم في ثلاثة مواطن ، وأبوه بالأمس أول من أخذ بيدي يسلم عليّ بإمرة المؤمنين (3) ، ويحضني على النهوض في أخذ حقي من الماضين ، وهو في كل ذلك يجدّد لي بيعته كلما أتاني ، ثم قالت هذا (4) عليّ مما يطعم من أموال المسلمين وتحكم عليّ ليستديم ما يفنى بما يفوته مما يبقى. وأعجب العجب إنه لما رأى اللّه عزّ وجلّ قد ردّ إليّ حقي ، وأقرّه في معدنه عندي ، فانقطع طمعه أن يصبح في دين اللّه تعالى راتعا ، وفي أمانته التي حملتها حاكما.

اعتمد على عمرو بن العاص (5) فاستماله بالطمع ، فمال إليه. ثم أقبل بعد أن أطعمه مصر ، وحرام عليه أن يأخذ من الفيء درهما واحدا

ص: 355


1- وفي الاختصاص ص 170 : فأصير الى ما كرهت أولا وآخرا.
2- الموطن السادس.
3- إشارة الى أبي سفيان عند بيعة أبي بكر جاء لأمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يغسل رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) وطلب منه النهوض.
4- وفي الاختصاص : ثم يتثاءب عليّ.
5- وفي نسخة - ب - العاصي بن العاص.

فوق قسمته ، وعلى الراعي إيصال درهم إليه فوق حقه ، والإغضاء له من غير حقه ، وأخذ يخبط البلاد بالظلم فيطؤها بالغشم (1) ، فمن تابعه أرضاه ، ومن خالفه ناواه ثم توجه إليّ ناكثا (2) عائثا في البلاد شرقا وغربا ويمينا وشمالا ، والأنباء تأتيني والأخبار ترد عليّ.

فأتاني أعور ثقيف (3) ، فأشار عليّ أن اوّليه الناحية التي هو بها لأداريه ذلك ، وكان في الذي أشار به عليّ الرأي فيأمر الدنيا لو وجدت عند اللّه مخرجا في توليته ، وأصبت لنفسي فيما أتيت من ذلك عذرا ، فأعملت فكري في ذلك ، وشاورت فيه من أثق به وبنصيحته لله ولرسوله وللمؤمنين (4) وكان رأيه في ابن آكلة الأكباد (5) كرأيي فيه ينهاني عن توليته ، وحذرني أن أدخله في أمر المسلمين ، فلم يكن اللّه ليعلم أني متخذ المضلّين عضدا ، فوجهت إليه أخا بجيلة (6) وأخا الأشعريين مرة (7) وكلاهما ركنا الى ديناه ، واتبعا هواه.

فما لم أره يزداد فيما هتك من محارم اللّه عزّ وجلّ إلا تماديا شاورت من معي من أصحاب محمد صلوات اللّه عليه وآله البدريين الذين ارتضى اللّه أمرهم للمسلمين فكلّ (8) يوافق رأيه [ رأي في ] غزوته ،

ص: 356


1- الغشم : الظلم وبابه ضرب ( مختار الصحاح ص 475 ).
2- وفي الأصل : ناكصا.
3- إشاره الى مغيرة بن شعبة الثقفي.
4- وفي نسخة ب : للمسلمين.
5- ابن آكلة الأكباد هو معاوية وامّه التي أكلت كبد حمزة حقدا وتشفّيا.
6- إشارة إلى جرير بن عبد اللّه البجلي.
7- يعني : زياد بن النضر أو أبا موسى الأشعري. ويشير المؤلف الى قضيتهما فيما بعد.
8- وفي الأصل : فكلا.

ومحاربته ، ومنعه مما مدّ إليه يده.

فنهضت إليه بأصحابي انفذ إليه من كل موضوع كتبي ، واوجه إليه من كل ناحية رسلي أدعوه الى الرجوع عما هو فيه والدخول فيما دخل فيه الناس معي ، فمكث يتحكم عليّ الأحكام ويتمنى عليّ الأماني ، ويشترط عليّ شروطا لا يرضاها اللّه ولا رسوله ولا المسلمون.

فشرط عليّ في بعضها أن أدفع إليه قوما من أصحاب محمد صلوات اللّه عليه وآله أخيار أبرار فيهم عمار بن ياسر ، رحم اللّه عمارا! وأين مثل عمار؟ لقد رأيناه مع رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ما يتقدم منا خمسة إلا كان عمار سادسهم ولا أربعة الا كان خامسهم ، فاشترط أن يقتلهم ويصلبهم.

وانتحل دم عثمان. ولعمر اللّه ما الّب على عثمان ولا حمل الناس على قتله إلا هو ، وأشباهه من أهل بيته أغصان الشجرة الملعونة في القرآن.

فلما لم أجبه إلى ما اشترط من ذلك كرّ عليّ الدنيا مستعليا بطائفة حمر (1) لا عقول لهم ولا بصائر ، فأعطاهم من الدنيا ما استمالهم به ، فحاكمناه الى اللّه بعد الإعذار والإنذار.

فلما لم يزده ذلك إلا تماديا لقيناه بعادة اللّه التي عوّدنا من النصر على عدوه وعدونا ، وراية رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله معنا ، فلم نزل نقلله ونقلل حزبه حتى قضى الموت إليه وهو معلم برايات أبيه التي لم أزل اقاتلها مع رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله في كل موطن (2).

فلما [ لم ] يجد من القتل [ بدّا إلا الهرب ] ركب فرسه وقلب رأسه لا

ص: 357


1- وفي نسخة الأصل : مستغلبا بطغامنا بجمر.
2- إشارة الى غزوات رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله وسلم) وحروبه مع قريش.

يدري كيف يصنع واستغاث بعمرو بن العاص (1) ، فأشار إليه بإظهار المصاحف ورفعها على الأعلام والدعاء الى ما فيها ، وقال له : إن ابن أبي طالب ومن معه أهل بصيرة ورحمة ، وقد دعوك الى كتاب اللّه أولا وهم يجيبونك إليه آخرا ، فأطاعه فيما أشار به عليه إذ رأى أنه لا ملجأ (2) له من القتل والهرب ، فرفع المصاحف يدعو إلى ما فيها بزعمه.

فمالت الى المصاحف قلوب من بقى من أصحابي بعد فناء خيارهم بجدّهم (3) في قتال أعدائهم على بصائرهم ، وظنوا بابن آكلة الأكباد الوفاء بما دعى إليه ، وأصغوا (4) الى دعوته ، وأقبلوا إليّ بأجمعهم يسألون إجابته ، فأعلمتهم أن ذلك منه مكر ومن ابن العاص ، وهما الى النكث أقرب منهما إلى الوفاء ، فلم يقبلوا قولي ، ولم يطيعوا أمري ، وأبوا إلا الإجابة ، وأخذ بعضهم يقول لبعض : إن لم يفعل فالحقوه بابن عفان أو فادفعوه الى معاوية.

فجهدت - يعلم اللّه جهدي - ولم أدع علم غاية في نفسي وأردت أن يخلوني ورأيي ، فلم يفعلوا ، ودعوتهم إليه فلم يجيبوا لي ما خلا هذا الشيخ وحده وعصبة (5) من أهل بيته قليلة - وأومأ الى مالك الاشتر النخعي - فو اللّه ما منعني من أن أمضي على بصيرتي إلا مخافة أن يقتل هذا وهذا - وأومأ بيده الى الحسن والحسين علیهماالسلام - فينقطع نسل رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وذريته (6) ، وأن يقتل هذا وهذا - وأومأ بيده الى محمد بن الحنفية وعبد اللّه بن جعفر ره - فانه لو لا مكاني لكان ذلك.

ص: 358


1- وفي نسخة ب : العاصي بن العاص.
2- وفي الخصال : لا منجي له.
3- وفي الاصل : بخرقهم.
4- وفي الاصل : فأسرعوا.
5- : جماعة.
6- وفي الاصل : وفديته.

فلذلك صبرت وصرت الى ما أراد القوم (1) مع ما سبق فيه من علم اللّه عز وجل.

فلما رفعنا عن القوم سيوفنا تحكموا في الأمر بالأهواء ، وتخيروا في الأحكام والآراء ، وتركوا المصاحف وما دعوا إليه من حكم القرآن ودعوا الى التحكيم ، فأبيت أن أحكم في دين اللّه سبحانه أحدا إذ كان التحكيم في ذلك الخطاء الذي لا أشك فيه.

فلما أبوا إلا ذلك أردت من أصحابي أن يجعلوا الحاكم رجلا من أهل بيتي ممن أرضى رأيه وعقله ، وأثق بدينه ونصحه ومودته ، وأن يكون الحكم بكتاب اللّه الذي دعوا إليه ، وعلمت أن كتاب اللّه كله يشهد لي على معاوية ، فأبى عليّ أصحابي ، وأقبلت لا اسمّي رجلا إلا امتنع عليّ ابن هند ، ولا أدعو الى شيء من الحق إلا أدبر عنه ، ولا يسومنا خسفا إلا تابعه أصحابنا عليه.

فلما أبوا إلا ما أراد من ذلك (2) تبرأت الى اللّه عزّ وجلّ منهم ، فقلدوا الحكم امرأ كان صبغ في العلم ، ثم خرج منه ، وقد عرفت وعرفوا أولا ميله الى ابن هند ، وأخذه من دنياه ، فحذرته ، وأوصيته ، وتقدمت إليه في أن لا يحكم إلا بكتاب اللّه الذي دعا القوم إليه ، فخدعه ابن العاص خديعة سارت في شرق الأرض وغربها ، وأظهر المخذوع عليها ندما (3).

(4) وكان رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله عهد إليّ أن اقاتل في آخر

ص: 359


1- من قبول التحكيم.
2- وفي الخصال ص 381 : فلما أبوا إلا غلبتي على التحكيم.
3- إشارة الى أبي موسى الأشعري.
4- الموطن السابع.

أيامي قوما من أصحابي يصومون النهار ويقومون الليل ويقرءون القرآن يعرفون بخلافهم إياي ومحاربتهم لي ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، فيهم ذو الثدية ، يختم اللّه بقتلهم لي السعادة ، فلما انصرفت من ابن هند بعد أمر الحكمين ، أقبل أصحابي بعضهم على بعض باللائمة فيما صاروا إليه من تحكيم الحكمين فلما لم (1) يجدوا لأنفسهم من ذلك مخرجا إلا أن قالوا : كان ينبغي لأميرنا أن لا يتابع ما أخطأنا من رأينا وأن يمضي بحقيقة رأيه على قتل من خالفه منا ، فقد ظلم بمتابعته إيّانا وطاعته في الخطاء لنا ، فقد حلّ لنا دمه. فاجمعوا على ذلك من حالهم ، وخرجوا ناكسين (2) رءوسهم ينادون بأعلى أصواتهم أن لا حكم إلا لله.

ثم تفرقوا فرقا ، فرقة بالنخيلة ، وفرقة بحروراء ، وفرقة راكبة رءوسها تخبط الأرض حتى عبرت دجلة ، فلم تمر بمسلم إلا امتحنته ، فمن تابعها استحيت ، ومن خالفها قتلت.

فخرجت إلى الاولتين ، واحدة بعد الاخرى ، أدعوهم الى طاعة اللّه ومتابعة الحق والرجوع إليه ، فأبتا إلا السيف لا يقنعهم غيره.

فلما أعيت الحيلة (3) فيهما حاكمتهما الى اللّه ، فقتل اللّه هذه وهذه [ ولو لا ما فعلوا ] وكانوا لي ركنا قويا وسدّا منيعا (4) ، فأبى اللّه إلا ما صاروا إليه ، وكانوا [ قد ] سارعوا في قتل من خالفهم من المسلمين.

ثم كتبت إلى الفرقة الثالثة ، ووجهت إليها رسلا تترى (5) ، وكانوا من جلّة أصحابي ، وأهل الثقة منهم ، فأبت إلا اتباع اختيها ، والاحتذاء

ص: 360


1- وفي نسخة - ب - : فلم.
2- وفي نسخة - ب - : راكبين.
3- فشلت المحاولات السلمية.
4- وفي الاصل : وسندا منيعا.
5- أبى واحدا بعد واحد.

على مثالهما. وأسرعت في قتل من خالفها (1) من المسلمين وتتابعت الأخبار بفعلهم ، فخرجت حتى قطعت إليهم دجلة (2) اوجّه إليهم السفراء والنصحاء وأطلب إليهم العتبى بجهدي (3) بهذا مرة ، وبهذا مرة ، وبهذا مرة ، وبهذا مرة - وأومأ بيده الى الأشتر والأحنف بن قيس ، وسعيد بن قيس [ الأرحبي ] والأشعث [ بن قيس ] الكندي.

فلما أبوا إلا تلك ركبتها منهم ، فقتلهم اللّه عز وجل عن آخرهم - وهم أربعة آلاف أو يزيدون - حتى لم يبق منهم مخبر. ثم استخرجت ذا الثدية من قتلاهم بحضرة من ترون له ثدي كثدي المرأة (4).

فهذه سبع مواطن ، امتحنت فيها بعد رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، وبقيت الاخرى واوشك بها أن تكون.

قالوا : يا أمير المؤمنين وما هذه الاخرى؟؟

قال : أن تخضب هذه - وأشار إلى لحيته - من هذه - وأومأ الى هامته عليه الصلاة السلام -.

فارتفعت أصوات الناس بالبكاء ، والضجيج في المسجد - الجامع بالكوفة - حتى لم يبق بالكوفة دار إلا خرج أهلها فزعا من الضجيج.

[ تنبيه ]

ولعل من قصر فهمه ، وقلّ عقله إذا سمع ما في هذا الباب من رغبة علي

ص: 361


1- وفي الأصل : خالفهما.
2- اسم نهر في العراق.
3- وفي الأصل : كهدي. والعتبي : الرجوع عن الإساءة الى المسيرة.
4- وقد أورد المؤلّف في الجزء الخامس روايات عديدة حول ذي الثدية.

صلوات اللّه عليه في أمر الإمامة (1) ، واحتجاجه على من دفعه عن ذلك يتوهم أن ذلك منه رغبة في الدنيا ، وقد علم الخاص والعام بلا اختلاف منهم : زهده كان عليه الصلاة والسلام فيما قبل أن يلي الأمر ، ومن بعد أن وليه.

وإنما كان ذلك منه لأن الإمامة قد عقدها له رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بأمر اللّه جلّ ذكره ، كما ذكرت في غير موضع من هذا الكتاب ، وهي (2) فضيلة من اللّه عزّ وجلّ لمن أقامه لها ، فليس ينبغي لمن آثره اللّه عزّ وجلّ بها واختصّه بفضلها رفضها ولا دفعها ولا التخلّف عنها ، كما لا ينبغي مثل ذلك أن يفعله من آثره اللّه عزّ وجلّ بفضل النبوة من أنبيائه ، وقد قاموا بذلك صلوات اللّه عليهم أجمعين مغتبطين بذلك راغبين فيه ، وجاهدوا عليه وبذلوا أنفسهم دونه.

وليس سبيله في ذلك عليه الصلاة والسلام سبيل من لم يعهد إليه رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله فيه ولا أمره به ولا أقامه له. والحجة في هذا وفي تحكيم الحكمين وقتال من قاتله تخرج عن حدّ هذا الكتاب ، وقد ذكرنا ذلك في غيره.

ص: 362


1- وفي الأصل : أمر الامّة.
2- وفي الأصل : فيه.

[ من منابع الاختلاف ]

اشارة

فهذه جملة اختصار ذكر من حاربه صلوات اللّه عليه ، وكيف تصرّف به الحال بعد النبي صلوات اللّه عليه وآله. وفي جملة ما حكاه علیه السلام من هذا القول الذي ذكرناه ، وقع الاختلاف بين الامّة بعد النبيّ صلوات اللّه عليه وآله.

[ يوم السقيفة ]

وكان أول اختلاف كان في الامة بعد رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ما جرى بين المهاجرين والأنصار يوم السقيفة ، إذ أراد الأنصار أن يقيموا منهم أميرا ، فخالفهم من جاءهم من المهاجرين.

فقالت الأنصار : فيكون منا أمير ومنكم أمير.

فاحتجوا عليهم بأن النبيّ صلوات اللّه عليه وآله قال : الإمامة في قريش. فسلّم الأنصار لهم ذلك خلا سعد بن عبادة.

وانقطعت دعوى الأنصار أن تكون مخصوصة بالإمامة دون غيرها! ( خلا سعد بن عبادة ورجال من أفناء العرب إذ لم يعلم ممن هو ) (1) وتابع قولها قوم ،

ص: 363


1- وما بين الهلالين لم يكن في نسخة - ب -.

فزعموا أن الإمام يكون من أفناء الناس.

وفارقت الشيعة الجماعة الذين اجتمعوا على بيعة أبي بكر ، فأنكرت بيعة أبي بكر. وقالوا : الإمام بعد رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله علي عليه الصلاة والسّلام. وبقي الاختلاف في ذلك الى اليوم.

والحجة في إمامة علي صلوات اللّه عليه يخرج عن حدّ هذا الكتاب ، وتقطع مما قصدت (1) إليه ، وقد بسطت ذلك في كتاب الإمامة.

[ مقتل ابن النويرة وأصحابه ]

ثم انفرد أبو بكر بقتال أهل الردة عنده ، وهم الذين منعوه زكاة أموالهم ، وخالفه سائر الناس في ذلك ، فاصرّ عليه ، وقال : لو منعوني عقالا لقاتلتهم عليه ، فتابعه قوم ، وبقي على خلافه جماعة منهم.

والاختلاف في ذلك باق الى اليوم.

ومن الناس من يرى أن قتالهم وفتنتهم كان صوابا.

ومنهم من يرى أن ذلك كان خطاء وظلما.

[ مقتل ابن عفان ]

ثم اختلفوا في أمر عثمان.

فرأى قوم قتله ، فقتلوه. ونصره قوم ، ولم يروا قتله ، وقعد عن نصرته ، وعن القيام عليه آخرون. فهذا الاختلاف في أمره باق الى اليوم (2).

ومن الناس من يرى أن القيام عليه لما أحدث ما أحدثه كان حقا و

ص: 364


1- وفي الأصل : انقطع عن قصدته. وما نقلته من نسخة - ب -.
2- من : ثم اختلفوا ... باق الى اليوم لم يكن في نسخة - ب -.

صوابا ، وقتله لما امتنع كذلك كان حقا وصوابا.

ومن الناس من أنكر القيام عليه ، ورأى أنه قتل مظلوما.

ومن الناس من يرى الإعراض عن ذلك وترك القول فيه هو الصواب والحق.

[ خلافة أمير المؤمنين علیه السلام ]

ثم بايع عليا صلوات اللّه عليه عامة المهاجرين والأنصار واتفق الناس عليه خلا من شذّ ومن تخلّف عنه للتقية على نفسه مثل معاوية بن أبي سفيان ونظرائه (1) والامّة [ ذلك ] اليوم مجمعون على استخلافه عليه الصلاة والسلام.

ثم افترقت عنه الخوارج بعد تحكيم الحكمين ، فزعموا أن إمامته سقطت من يومئذ ، وهم الى اليوم على ذلك ، والحجة عليهم تخرج أيضا عن حدّ هذا الكتاب وقد أفردت كتابا في الردّ عليهم ، فمن آثر النظر في ذلك وجده فيه.

فأما خروج عائشة وطلحة والزبير وخلافهم على علي صلوات اللّه عليه ، فقد انقطع ذلك الخلاف ولا أعلم أحدا تابعهم عليه.

فأما خلاف معاوية على علي صلوات اللّه عليه فقد تعلّقت به بنو اميّة - أعني المتوثبين منهم على الإمامة وأتباعهم - فهم على ذلك الى اليوم يتولّونه ويزعمون أنه كان مصيبا في خلافه ، والحجة على هؤلاء مذكورة في كتاب الإمامة الذي قدمت ذكره فمن آثر علم ذلك وجده فيه.

[ نتائج الاختلاف ]

ثم هذه الفرق التي ذكرناها تتشعب ويحدث في أهلها الاختلاف الى

ص: 365


1- أمثال عبد اللّه بن عمر وسعد بن أبي وقاص ومروان بن الحكم.

اليوم.

وأصلها ست فرق :

شيعة.

وعامة.

وخوارج (1).

ومعتزلة (2).

ومرجئة (3).

وحشوية. [ الشيعة ]

فالشيعة : هم شيعة علي صلوات اللّه عليه القائلون بإمامته.

وهم أقدم الفرق ، وأصلها الذي تفرعت عنه ، ورسول اللّه صلوات اللّه

ص: 366


1- وقد تعرض المؤلّف الى هذه الفرق وردها في ارجوزته من ص 38 - ص 92.
2- وهم الذين اعتزلوا عن علي وامتنعوا من محاربته والمحاربة معه بعد دخولهم في بيعته والرضا به ، وقالوا : لا يحلّ قتال علي ولا القتال معه.
3- وهم الذين تولّوا المختلفين جميعا ( معاوية وطلحة والزبير وعائشة ) وزعموا أن أهل القبلة كلهم مؤمنون بإقرارهم الظاهر بالإيمان ورجوا لهم جميعا المغفرة. وهم أربع فرق : 1 - الجهمية : أصحاب جهم بن صفوان وهم مرجئة أهل خراسان. 2 - الغيلانية : أصحاب غيلان بن مروان وهم مرجئة أهل الشام. 3 - الماصرية : أصحاب عمرو بن قيس الماصر وهم مرجئة أهل العراق ومنهم « أبو حنيفة ». 4 - الشكاك والبترية وهم أصحاب الحديث منهم سفيان بن سعيد الثوري وابن أبي ليلي. وهم الحشوية ، ومن أقوالهم : على الناس أن يجتهدوا آراءهم في نصب الإمام ، وجميع حوادث الدين والدنيا الى اجتهاد الرأي. وأنكره بعضهم.

عليه وآله سماها بهذا الاسم. وقال : شيعة علي هم الفائزون. وقال لعلي علیه السلام : أنت وشيعتك. في آثار كثيرة رويت عنه.

وسنذكر في هذا الكتاب ما يجري ذكره إن شاء اللّه تعالى. وغير ذلك من الفرق محدثة احدثت بعد النبيّ صلوات اللّه عليه وآله.

[ أهل السنّة والجماعة ]

والذي تعلّق العامّة به من قولهم : إنهم أهل السنّة والجماعة ، وإن النبي صلوات اللّه عليه وآله ذكر السنّة والجماعة وفضلهما (1).

فالسنّة سنّة رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله لا يتهيأ لأحد أن يقول : إنها سنّة غيره. والجماعة الذين عناهم رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بالفضل هم المجتمعون.

على القول بكتاب اللّه جلّ ذكره وسنّة رسوله اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، « فأما من قال في دين اللّه والحلال والحرام والقضايا والأحكام برأيه وبقياسه واستحسانه وبغير ذلك مما هو من ذات نفسه ، فليس من أهل السنّة » (2) ولا من الجماعة التي أثنى عليها رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، وقد سئل صلوات اللّه عليه وآله عن السنّة والجماعة لمّا ذكرهما : ما هما؟. فقال : ما أنا عليه وأصحابي. وذلك أن أصحابه كانوا متّفقين عليه غير مختلفين ولا قائلين بشيء إلا بما جاء عن اللّه سبحانه وعن رسوله صلوات اللّه عليه وآله. فأهل السنّة والجماعة من كان على مثل ذلك متديّنا بإمامة إمام زمانه صلوات اللّه عليه يأخذ عنه ويطيعه كما أمر (3) اللّه جلّ ذكره. والقول في مثل هذا والحجة فيه

ص: 367


1- فجملة « ان النبي ذكر السنّة والجماعة » لم تكن في الأصل بل في نسخة - ب -.
2- ما بين الهلالين من نسخة - ب -.
3- وفي نسخة - ب - أخبر

تطول وتتسع.

ولما ذكرنا في هذا الباب الذي رسمناه بذكر - حرب علي صلوات اللّه عليه من فارقه - جملة قوله في حروبه. رأينا بعد ذلك أن نذكر نكتا مما جاءت به الأخبار في ذلك والآثار كما شرطنا أن نذكر مثل ذلك في كل باب.

ص: 368

[ خطبة علي عليه السلام بعد بيعته ]

[316] فمن ذلك ما روي عن علي صلوات اللّه عليه أنه خطب الناس بعد أن بايعوه بيومين بالخطبة التي رمز فيها بامثال ذكرها.

وهي ؛ أنه عليه الصلاة والسلام : حمد اللّه عزّ وجلّ وأثنى عليه بما هو أهله وصلّى على النبي صلوات اللّه عليه وآله ، وذكر فضله وما خصّه اللّه عزّ وجلّ به ، ثم قال :

أيها الناس اوصيكم بتقوى اللّه فإنها نجاة لأهلها في الدنيا وفوز لهم في معادهم في الآخرة ، وخير ما تواصى به العباد ، وأقربه من رضوان اللّه وخير الفوائد عند اللّه ، وبتقوى اللّه بلغ الصالحون الخير ، ونالوا الفضيلة وحلوا الجنة وكرموا على اللّه خالقهم جلّ وعز ، بتقواهم الذي به أمرهم.

ثم احذروا عباد اللّه من اللّه ما حذركم من نفسه ، واعملوا بما أمركم اللّه بالعمل به مجاهدين لأنفسكم فيه ، واضربوا عما حذركم منه ، وتناهوا عنه ، فإنه من يعمل لغير اللّه يكله الى من عمل له ، ومن يعمل لله بطاعته يتولّى اللّه أمره ، وإن اللّه لم يخلقكم عبثا ولم يدع شيئا من أمركم سدى ، وقد سمى آجالكم وكتب آثاركم ، فلا تغرنكم الحياة الدنيا فإنها غرارة لأهلها مغرور من اغترّ بها والى الفناء ما هي ، « وإن الدار الآخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون ». نسأل اللّه منازل الشهداء ومرافقة

ص: 369

الأنبياء ، ومعيشة السعداء ، فإنما نحن به وله.

أما بعد ذلكم ، فإنه لما قبض رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله استخلف الناس أبا بكر ، وقد استخلف أبو بكر عمر ، ثم جعلها عمر شورى بين ستة من قريش أنا أحدهم ، فدار الأمر لعثمان ، وعمل ما قد عرفتم وأنكرتم ، وقد حصره المهاجرون والأنصار ، وإنما أنا رجل واحد من المهاجرين لي ما لهم وعليّ ما عليهم ، ألا وقد فتح الباب بينكم وبين أهل القبلة ، ولا يحمل هذا الأمر ولا يضطلع به إلا أهل الصبر والبصيرة (1) بمواضع الحق ، ألا إني حاملكم على منهاج نبيكم صلی اللّه علیه و آله ما استقمتم عليه ، وركنتم إليه ، وماض لما امرت به ، واللّه المستعان.

أيها الناس ، موضعي من رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بعد وفاته لموضعي منه في حياته ، ألا وإنه لم (2) يهلك قوم ولّوا أمرهم أهل بيت نبيهم - أهل العلم والصفوة - ، ألا وإن مواريث الأنبياء عندي مجتمعة فاسألوني ( واسألوا واسللوا ) (3) فو الذي فلق الحبة وبرأ النسمة لئن سألتموني عن العلم المخزون ، وعن علم ما يكون ، وعن علم ما لا تعلمون لأخبرتكم بذلك مما أعلمنيه النبي الصادق عن الروح الأمين عن ربّ العالمين.

أيها الناس ، امضوا لما تؤمرون به وقفوا عند ما تنهون عنه ولا تعجلوا في أمر تنكرونه حتّى تسألونا عنه ، فإن عندنا لكل ما تحبون أمرا ، وفي كل ما تكرهون عذرا.

ص: 370


1- وفي نسخة - ب - : والنظر بدل البصيرة.
2- وفي الاصل : لن.
3- ما بين الهلالين من نسخة - ب -.

أيها الناس ، إن أول من بغى في الأرض ، فقتله اللّه لبغيه : عناق بنت آدم علیه السلام ، خلق اللّه لها عشرين إصبعا ، طول كل اصبع منها ذراعان وفي كل اصبع منها ظفران محددان (1) طويلان معقفان. وكان موضع مجلسها في الأرض جريبا (2) [ فبغت في الأرض ثمانين سنة ] ، فلما بغت في الأرض خلق اللّه لها أسدا كالفيل ونسرا كالبعير وذئبا كالحمار [ فسلّطهم عليها فمزقوها ، فقتلوها ] (3) وأكلوها وأراح اللّه منها. [ ثم قتل اللّه الجبابرة في زمانها ] وقد قتل اللّه فرعون وهامان وخسف بقارون (4) ثم قد عادت بليّتكم مثلها مذ قبض اللّه نبيكم صلوات اللّه عليه وآله.

ايم اللّه لتغربلن غربلة ثم لتبلبلن بلبلة ولتساطن كما يساط القدر (5) حتى يصير أعاليكم أسافلكم وأسافلكم أعاليكم ، وليسبقن قوم قوما قد كانوا سبقوا (6) ، أما واللّه ما انتحلت وصمة (7) ولا كذبت كلمة (8). ألا وإن الخطايا خيل شمس حمل عليها أهلها. [ وخلعت لجمها ] ،

ص: 371


1- وفي الاصل : مجردان. وأيضا : طويلان معممان.
2- الجريب وحدة مساحية تساوي ستين ذراعا مربعا.
3- هذه الزيادة في اثبات الوصية للمسعودي ص 126.
4- وقد أضاف المسعودي في نقله ما يلي : وخسف بقارون وقد قتل عثمان وكان حق لي حازه من لم آمنه عليه ، ولم أشركه فيه ، فهو منه على شفا حفرة من النار لا يستنقذه منها إلا نبي مرسل يتوب على يديه ، ولا نبي بعد محمد صلی اللّه علیه و آله .
5- لتبلبلن : لتخلطن ، لتغربلن : لتميزن. لتساطن : من السوط : وهو أن تجعل شيئين في الاناء وتضربهما بيديك حتى يختلط. سوط القدر : أي كما يختلط الابزار في القدر عند غليانه.
6- وقد نقل الشريف الرضي في نهج البلاغة الخطبة 16 مقاطع من هذه الخطبة [ التي نقلها المؤلّف ] باختلاف يسير مثلا هذه الجملة : وليسبقن سابقون كانوا قصروا وليقصرن سباقون كانوا سبقوا.
7- اي عيب.
8- وفي النهج : ولا كذبت كذبة ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم.

فاقتحمت بهم نار جهنم (1). ألا وإن التقوى مطايا ذلل (2) حمل عليها أهلها وأمكنوا من أزمتها ، فسارت بهم رويدا حتى أتوا ظلا ظليلا ، فتحدثوا فيه وتسألوا وفتحت لهم أبواب الجنة وظلل عليهم ظلها وروحها ووجدوا طيبها وقيل لهم ادخلوها بسلام آمنين.

أيها الناس إنه حقّ وباطل ولكلّ أهل ، فلئن قام الباطل فقديما ما فعل ، ولئن قام الحق فلربما ولعل ، ولقلما أدبر شيء فأقبل! (3) ولقد خشيت أن تكونوا في فترة [ من الزمن ] (4) وما عليّ إلا الجهد وكانت امور مضت ملتم فيها عليّ ، ميلة واحدة كنتم عندي فيها غير محمودي الرأي ، أما إني لو شئت أن أقول لقلت : عفى اللّه عما سلف. سبق الرجلان ، وقام الثالث كالغراب همّه (5) بطنه ، يا ويحه لو قصّ ريشه وقطع جناحاه (6) شغل عن الجنة ، والنار أمامه. ثلاثة واثنان ليس لهم سادس ، ساع مجتهد ، وطالب يرجو (7) ، ومقصر في النار ، وملك يطير بجناحيه ، ونبيّ أخذ اللّه ميثاقه ، هلك من ادعى ، وخاب من افترى ، اليمين والشمال مضلّتان (8) ، [ والوسطى ] والطريق المثلى المنهج ، عليه تأويل

ص: 372


1- خيل شمس : منع ظهره أن يركب. لجمها : عنان الدابة. فاقتحمت بهم نار جهنم : اردته فيها.
2- الذلل : جمع ذلول وهي الطائعة ، وأمكنوا من ازمتها : تغلّبوا على المصاعب والشدائد.
3- وقد أضاف الشريف الرضي في النهج ص 55 هذه الجمل عقيب ما سبق : شغل من الجنة والنار أمامه ساع سريع نجا وطالب بطىء رجا ومقصر في النار هوى. اليمين والشمال مضلة.
4- إثبات الوصية للمسعودي ص 126. اي زمان الانقطاع عن الحجة.
5- وفي إثبات الوصية : همته.
6- وفي الإرشاد للمفيد ص 128 : ويله لو قصّ جناحاه وقطع رأسه لكان خيرا له.
7- وفي الإرشاد : شغل من الجنة والنار أمامه ساع مجتهد وطالب يرجو ومقصر في النار ثلاثة واثنان.
8- العمال خمسة : 1. ساع في مرضاة اللّه مجتهد في إتيان أوامر اللّه. 2. وطالب عند اللّه يرجو الفوز والفلاح - فهو على سبيل النجاة -. 3. ومقصر فيما يقربه الى اللّه مفرط في نيل الشهوات فهو في النار. 4. وطائر طار الى رضوان اللّه بجناحيه. 5. ونبي أخذ اللّه بيده الى مراضيه. ولا سادس لهم.

الكتاب [ والسنّة ] (1) وآثار النبوة.

أيها الناس إن اللّه جلّ وعلا أدّب هذه الامّة بالسوط والسيف - ليس عند الإمام فيهما هوادة لأحد (2) ، فاستتروا في بيوتكم ، وأصلحوا ذات بينكم ، فالموت من ورائكم والتوبة أمامكم (3) ومن أبدى صفحته للحقّ هلك.

ألا وكل قطيعة أقطعها عثمان أو مال أعطاه من مال اللّه ، فهو مردود على المسلمين في بيت مالهم ، فإن الحق قديم لا يبطله شيء ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو وجدته قد تزوج به النساء واشتري به الإماء وتفرق في البلدان لرددته على حاله فإن في الحقّ والعدل لكم سعة ، ومن ضاق به العدل فالجور به أضيق.

أقول ما تسمعون ، وأستغفر اللّه لي ولكم.

وكانت هذه الخطبة مما سرّ به وسكن إليه المؤمنون المخلصون ، وأهل الحق والبصائر. واستوحش منه المنافقون والذين في قلوبهم مرض ، وكل من تطاعم الاثرة أو كان في يده شيء منها لما تواعد به علي صلوات اللّه عليه من استرجاع ذلك من أيديهم ، وردّه الى بيت مال المسلمين ،

ص: 373


1- هكذا في الإرشاد للمفيد.
2- اي رخصة لأحد.
3- وفي إثبات الوصية ص 126 : فإن التوبة من ورائكم.

وتداخل قلوبهم لذلك بغضه عليه الصلاة والسلام واعتقدوا القيام عليه إن وجدوا سبيلا الى ذلك.

فلما قام طلحة والزبير انضوى إليهما من هذه حاله وصاروا معهما ، وكان سبب خروجها عليه صلوات اللّه عليه.

[317] فيما رواه محمد بن سلام ، بإسناده ، عن أبي رافع : أن عليا صلوات اللّه عليه لما افضي الأمر إليه بدأ ببيت المال فحصل جميع ما فيه ، وأمر [ أن ] يقسم ذلك على المسلمين بالسواء على مثل ما كان رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يقسم ما اجتمع عنده من فيئهم ما يجب قسمته فيهم وكانوا بعد ذلك قد عوّدهم الذين ولّوا الأمر الاثرة والتفضيل لبعضهم على بعض.

فأمر علي صلوات اللّه عليه - من أقامه لقسمة ذلك (1) - أن يسوي بين الناس فيه ، وأن يعزلوا من ذلك سهما كسهم أحدهم (2) ، ففعلوا.

وخرج الى ضيعته (3) فأتاه طلحة والزبير ، وهو قائم في الشمس على أجير يعمل له في ضيعته. فسلّما عليه ، وقالا : أترى أن تميل معنا إلى الظل؟؟ ففعل. فقالا : إنا أتينا الذين أمرتهم بقسمة هذا المال بين الناس ، ومع كل واحد منا ابنه ، فأعطونا مثل الذي أعطوا أبناءنا وسائر الناس ، وقد كان من مضى من قبلك يفضلنا لسابقتنا وقرابتنا وجهادنا ، فإن رأيت أن تأمر لنا بما كان غيرك يأمر لنا به ، فافعل.

فقال لهما علي صلوات اللّه عليه : أنتما أسبق الى الإسلام أم أنا؟ قالا : بل أنت. قال : فأنتما أقرب إلى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله أم أنا؟

ص: 374


1- وفي الاختصاص ص 152 : ولّى أمير المؤمنين عمار بن ياسر بيت مال المدينة.
2- وكان سهم كل واحد ثلاثة دنانير.
3- قال ابن دأب : وكان بئر ينبع سميت بئر الملك وفيها ضيعته.

قالا : بل أنت ، قال : فجهاد كما أكثر أم جهادي؟؟ قالا : جهادك ، قال : فو اللّه ما أمرت أن يعزل لي من هذا المال إلا كما يصيب هذا الأجير منه - وأومأ بيده الى الأجير الذي يعمل بين يديه - على ما عهدت وعهدتما رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يقسم مثل ذلك ، وسنّته أحق أن تتبع من أن يتبع من خالفها بعده.

فسكتا ساعة ، ثم قالا : لم نأت لهذا ولكنه شيء ذكرناه ، ولكنا أردنا العمرة ، فأتيناك نستأذنك في الخروج إليها.

وكانت عائشة قد خرجت من مكة ولم تصل بعد الى المدينة ، فأرادا لقاءها لما كان من أمرهما وأمرها.

فقال لهما علي صلوات اللّه عليه : اذهبا فما العمرة أردتما ، ولقد انبئت بأمركما ، وما يكون منكما. فخرجا ، ولقيا عائشة وكان من أمرهم ما قد كان.

ص: 375

حرب الجمل

اشارة

[318] الدغشي بإسناده ، عن أبي بشير العائدي (1) ، قال : كنت بالمدينة حين قتل عثمان ، فاجتمع المهاجرون والأنصار وفيهم طلحة والزبير ، فأتوا عليا صلوات اللّه عليه ، فقالوا : يا أبا الحسن ، هلمّ لنبايعك!

فقال : لا حاجة لي في أمركم أنا معكم فمن اخترتم فقدموه.

فقالوا : ما نختار غيرك!. فأبى عليهم (2)

فاختلفوا إليه في ذلك بعد قتل عثمان مرارا (3) ، ثم أتوا في آخر ذلك.

فقالوا إنه لا يصلح الناس إلا بإمرة ، وقد طال هذا الأمر ولسنا نختار غيرك ، ولا بدّ لنا منك ، وإن أنت لم تقبل ذلك خفنا أن ينخرق في الإسلام خرق ، إن بقى الناس لا ناظر فيهم فاللّه اللّه في ذلك!! فقال علي صلوات اللّه عليه : أنا أقول لكم قولا ، فإن قبلتموه قبلت

ص: 376


1- العائدي من نسخة ب ولم يكن في الأصل. وفي مناقب الخوارزمي ص 111 : الشيباني.
2- واضاف في الدعائم 1 / 384 : فمضيا وهو يتلو - وهما يسمعان - : « فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه اللّه فسيؤتيه أجرا عظيما ».
3- وفي المناقب للخوارزمي : فاختلفوا إليه أربعين ليلة.

منكم (1).

قالوا : قل ما شئت فمقبول منك.

فجاء حتى صعد المنبر ، فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبي صلوات اللّه عليه وآله.

ثم قال : أما بعد ، فقد طال تردادكم إليّ فيما أردتموه مني وكرهت امركم ، فأبيتم عليّ إلا ما أردتم مني ، وقد علمت ما سبق فيكم فإن كنت أتولّى أمركم عليّ العدل فيكم والتسوية بينكم وإن تكون مفاتيح بيت مالكم معي ليس لي منه إلا مثل ما لأحدكم ولا لغيري إلا ذلك تولّيت أمركم.

قالوا : نعم.

قال : أرضيتم ذلك؟؟

قالوا : رضينا.

قال : اللّهمّ اشهد عليهم.

ثم نزل صلوات اللّه عليه ، فبايعهم على ذلك.

قال أبو بشير : وأنا يومئذ عند منبر رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله أسمع ما يقول.

[319] وبآخر عن زيد بن صوحان ، إنه كان متوجها الى المدينة من مكة ، فلقيه الخبر في الطريق : إن عثمان قد قتل وإن الناس قد بايعوا عليا صلوات اللّه عليه. فبكى.

فقيل له : يا أبا سلمان ما يبكيك عليه ، فو اللّه ما كنت تحبه؟؟

فقال : ما عليه أبكي ، ولكني أبكي لما وقعت فيه هذا الامّة.

ص: 377


1- وفي نسخة - ب - : أمركم.

ثم دخل المسجد ، فصلّى ركعتين. ثم دخل على أزواج النبيّ صلوات اللّه عليه وآله امرأة امرأة ، يقول لكل واحدة منهن : إن هذا الرجل قد بويع - يعني عليا صلوات اللّه عليه - فما ترين في بيعته؟؟ فتقول : بايعت.

فيقول : اللّهمّ اشهد عليها ، حتى فعل ذلك بهن كلّهن.

فأظن هذا - واللّه أعلم - قد سمع قول النبيّ صلوات اللّه عليه وآله أن إحدى أزواجه تقاتله وهي له ظالمة ، وأراد أن يتوثق منهن.

[320] وبآخر ، عبلة بنت طارق. قالت : كنت جالسة عند امرأة تعالج الصبيان في صدى ، فإذا نحن براكب قد أشرف علينا ، فجاء حتى انتهى الى باب الدار ، ثم دخل ، فجاء المرأة - التي كنا عندها - فأكبّ عليها ، فإذا ابنها. فقالت : يا بني ما فعل الناس؟؟

قال : ما عندي من علم إلا أني كنت بمكة ، فقدم طلحة والزبير على عائشة ، وتجهزوا إلى البصرة.

قال : فقلت : زوجة رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وحواري (1) رسول اللّه - يعني الزبير - واللّه لأموتن مع هؤلاء أو لأحيين معهم. حتى انتهيت الى ماء. قالت عائشة : ما هذا الماء؟ قيل لها : الحفير. قالت : ردّوني ، فقد نهاني رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله أن أكون مع الركب (2) الواردين حفيرا (3).

قال الفتى لامّه : فقلت : ثكلتني امّي لا أراني أبيت في الركب ( الواردين حفيرا الذي نهى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله عائشة أن

ص: 378


1- حواري : الناصر.
2- وفي نسخة - ب - مع الراكب.
3- قال ابن الاثير في النهاية 1 / 407 بضم الحاء وفتح الفاء منزل بين ذي الحليفة وملل يسلكه الحاج. وفاء الوفا ص 1192.

تكون فيه ) (1).

قال : فأنخت بعيري ونزعت رحلي ، وأقبل الناس عليّ ، فقالوا : مالك يا عبد اللّه. قلت : اغير على بعيرى ، وجعلت أشده مرة وأنزعه اخرى.

فلما انقطع الناس عني توجهت خلاف وجهتهم ، واللّه ما أدري أين أتوجه حتى رفعت لي نار ، واللّه ما أدري أنار إنس هي أم نار جن ، فقصدتها ، فإذا أعرابي معه أهله ، فسألني عن خيري فأخبرته. فقال لي الأعرابي : أحسنت لا عليها ولا لها. واستخبرت عن الطريق ، فدلّني عليه (2) ثم كان ذا وجهي إليك.

[321] وبآخر عن زيد بن صوحان ، جاء الى علي صلوات اللّه عليه فقال : يا أمير المؤمنين ، إني رأيت كأن يدا تطلعت إليّ من السماء ، ولا أراني إلا مقتولا ، فأذن لي حتى أتي هذه المرأة - يعني عائشة - ، وكانت يد - هذا زيد - قد قطعت يوم جلولاء في الجهاد.

قال : انطلق يا أبا سلمان راشدا غير مودع. فانطلق في عصابة ، فلما رآه من حول عائشة ، قالوا : هذا زيد بن صوحان.

قالت عائشة : يا أبا سلمان ، إليّ تسير وقتالي تريد؟؟

قال : إني سرت فيما أمرني اللّه به وإنك سرت فيما نهاك اللّه عنه ، أمرني اللّه أن اجاهد وأن اقاتل في سبيله ، وأمرك أن تقري في بيتك.

[323] وبآخر ، أن أمّ سلمة رضوان اللّه عليها ، أتت عائشة - لما أرادت الخروج الى

ص: 379


1- ما بين الهلالين في نسخة - ب - وفي الأصل : مع الركب الذين نهى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله الواردين حفيرا.
2- وفي الأصل : فدلّني عليها.

البصرة - وقالت لها : يا عائشة ، إنك بين سدة (1) رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وامته وحجابك مضروب على حرمته ، قد جمع القرآن ذيلك ، فلا تندحيه (2). وسكن عقيرتك فلا تصحريها ، وقد علم رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله مكانك ، ولو أراد أن يعهد إليك لعهد ، وقد أمرك اللّه عز وجل ، وأمرنا أن نقرّ في بيوتنا وإن عمود الدين لا يقام بالنساء ، ولا يرأب بهن صدعة (3) وخمارات النساء غضّ الأطراف وضمّ الذيول ، ما كنت قائلة لو أن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله عارضك بأطراف الفلوات ناصة قعودك من منهل الى منهل إن بعين اللّه عزّ وجلّ مهواك ، وعلى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله تردّين.

واللّه لو قيل لي : ادخلي الفردوس ، على أن أسير مسيرك (4) هذا لاستحييت « أن القى محمدا صلوات اللّه عليه وآله هاتكة حجابا » (5) قد ضربه عليّ ، فلا تهتكي حجابا قد ضربه عليك رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، فانه أطوع ما تكونين لله ما لزمتيه (6) ، وأنصر ما تكونين للدين ما قعدت عنه.

فقالت لها عائشة : ما أقبلني لوعظك وأعرفني بنصحك ، وليس الأمر على ما تظنين ، وإنما رأيت فئتين من المسلمين متنا جزتين ، فإن أقعد (7) عن إصلاح ذات بينهما ففي غير حرج ، وإن أمض فإلى ما لا

ص: 380


1- وفي نسخة - ب - سيدة. وفي البحار : أنت سدة بين رسول اللّه وبين امته.
2- اي لا توسعيه وتنشريه.
3- رأب الصدع : أصلحه.
4- وفي الأصل : ميسرك.
5- ما بين الهلالين زيادة من نسخة - ب -.
6- وفي الأصل فالزميه.
7- وفي الأصل : فان قعدت من إصلاح.

غنى عن الازدياد عنه.

[ ضبط الغريب ]

وقولها : يرأب أرادت : يشعب. العقيرة : الصوت والإصحار : إبداء الذي كان مستورا.

القعود من الإبل ( الذي يقتعده الراعي فيحمل عليه زاده ومتاعه وكذلك ما أفرده الرجل من الإبل ) (1) لنفسه ليحمل ذلك عليه.

وناصة رافعة : يقال منه : نصصت ناقتي اذا رفعتها في السير ، ونصصت الحديث إذا رفعته إلى من ينسب إليه.

[323] وبآخر عن قرة بن الحارث التميمي ، إنه قال : لما صارت عائشة إلى البصرة أرسلت الى الأحنف بن قيس أن يأتيها؟ فأبى ، ثم أرسلت إليه ، فأبى. فلما يئست منه كتبت إليه : يا أحنف ، ما عذرك عند اللّه في تركك جهاد قتلة أمير المؤمنين ، أمن قلة عدد أو إنك لا تطاع في العشيرة (2)؟؟

فكتب إليها : إنه واللّه ما طال العهد بي ولا نسيت لعهدي في العام الأول وأنت تحرضين على جهاده وتذكرين إن جهاده أفضل من جهاد فارس والروم.

فقالت : ويحك يا أحنف ، إنهم ماصوه موص الإناء ، ثم قتلوه.

[ ضبط الغريب ]

ماصوه : يعني غسلوه ، تقول لكل شيء غسلته : فقد مصته موصا يعني إنهم

ص: 381


1- ما بين الهلالين من نسخة - ب - سقط من الأصل.
2- وفي الرواية التي نقلها الاميني في الغدير 9 / 81 : بم تعتذر الى اللّه من ترك جهاد قتلة أمير المؤمنين أو إنك لا تطاع في العشيرة. علما بان في الأصل مكان ما عذرك : ما عندك عند اللّه.

اختبر واقرف (1) به فكان بريا منه ، أي خرج نقيا كما يكون الإناء إذا غسل.

فقال لها الأحنف : إن آخذ برأيك وأنت راضية أحبّ إليّ من أن آخذ به وأنت ساخطة (2).

[324] وبآخر ، عن علي صلوات اللّه عليه ، إنه لما خرج يريد الى طلحة والزبير وعائشة قصد الكوفة ومعه سبعمائة رجل من المهاجرين والأنصار وأمر بجولقين فوضع أحدهما على الآخر ، ثم صعد عليهما.

فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ، إني واللّه قد ضربت هذا الأمر ظهره وبطنه ورأسه وعينه ، فلم أجد بدّا من قتال هؤلاء القوم ، أو الكفر بما أنزل اللّه عزّ وجلّ على محمد صلوات اللّه عليه وآله (3).

فقام إليه الحسن علیه السلام ، وهو يبكي (4) ، فقال : يا أمير المؤمنين لقد خشيت عليك أن تقتل بأرض مضيعة لا ناصر لك بها. فلو انصرفت الى المدينة ، فكنت فيها بين المهاجرين والأنصار ، فمن أتاك إليها قاتلته عنها لكان خيرا لك.

فقال له علي صلوات اللّه عليه : إليك عني! ، فلا أراك ألا تحن

ص: 382


1- وفي الأصل : قدق.
2- وفي الأصل : خير من أخذي وأنت ساخطة.
3- رواه بن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 138 / الحديث 1182 و 1183.
4- كان ذلك إشفاقا وتحننا على أمير المؤمنين لما رآه من قلة أصحابه وكثرة أصحاب طلحة والزبير ، والأنباء الواردة من الكوفة بتخذيل الأشعري الناس عن أمير المؤمنين ، ومن أن عائشة كتبت الى حفصة ، وتغني جواري حفصة : ما الخبر ما الخبر؟ علي في السفر كالأشقر *** إن تقدم نحر وإن تأخر عقر وخلاصة لما رآه من تغير الأجواء لغير صالح أمير المؤمنين علیه السلام لذلك أبدى حزنه وحنانه بالبكاء.

كحنين الجارية ، لا واللّه لا أجلس في المدينة (1) كمثل الضبع ، وأترك هؤلاء يظهرون في الأرض الفساد.

ثم دعا به وبعمار بن ياسر ، فبعث بهما إلى الكوفة ، وكتب معهما كتابا فيه :

بسم اللّه الرحمن الرحيم ، من عبد اللّه علي أمير المؤمنين الى من بالكوفة من المؤمنين والمسلمين.

أما بعد : فلا أقل من أن أكون عند من شك في أمري أحد رجلين ، إما باغ وإما مبغيا عليه ، فأنشد اللّه جميع المؤمنين والمسلمين لما حضروا إليّ ، فإن كنت باغيا ردوني ، وإن كنت مبغيا عليّ نصروني. والسّلام.

فلما بلغ أهل الكوفة قدوم الحسن بن علي صلوات اللّه عليه وعمار بن ياسر ، تشاوروا وأجمعوا على أنّ يوجهوا هند الجملي (2) ليلقاهما ، وليسأل عمارا عما سمعه من رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله في ذلك - وقد كان انتهى إليهم إنه سمع رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله في ذلك شيئا - فمضى هند حتى لقى الحسن صلوات اللّه عليه وعمارا بموضع يقال له قاع البيضة وهما نازلان ، فخلا بعمار ، ثم قال له : قصيره من طويله ، أنا رائد القوم ، والرائد لا يكذب أهله ، وقد أرسلوني إليك لتخبرني بما سمعت من رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله في هذا الأمر.

قال عمار : اشهد باللّه لقد أمرني رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله أن اقاتل مع علي صلوات اللّه عليه الناكثين والمارقين والقاسطين.

ص: 383


1- وفي نسخة ب : بالمدينة.
2- هو هند بن عمرو الجملي ، نسبة الى جمل بن سعد العشيرة ، حي من مذحج ، استشهد مع أمير المؤمنين علیه السلام بصفين كما سيأتي في ج 5 إن شاء اللّه.

فرجع هند الى الكوفة ، فأخبرهم ، وقرأ عليهم كتاب علي صلوات اللّه عليه.

فقام أبو موسى الاشعري ، فقال : أما إني قد سمعت رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يقول : أما إنه سيكون من بعدي فتنة ، القائم فيها خير من الساعي ، والجالس خير من القائم ، فقطعوا أوتار فسيكم (1) واغمدوا سيوفكم وكونوا أحلاس بيوتكم.

فقال عمار : تلك التي تكون أنت منها ، أما واللّه لقد سمعت رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وقد لعنك!!

فقال أبو موسى : قد كان ما قلت ولكنه استغفر لي.

قال عمار : أما اللعنة فقد سمعتها ، وأما الاستغفار فلم أسمعه!!

فقام أبو موسى ، فخرج ، كأنه ديك يفترع.

وقول عمار رحمة اللّه عليه لأبي موسى ، وقد ذكر أمر النبي صلوات اللّه عليه وآله بالقعود عن الفتنة ( تلك التي أنت منها ، يعني إن النبيّ صلوات اللّه عليه وآله إنما نهى عن القيام مع أهل الفتنة ) (2) وهم الذين افتتنوا فخرجوا (3) عن أهل الحق. وصاروا أهل البغي ، فليس ينبغي لأحد من المسلمين القيام مع هؤلاء ، ولا الدخول في فتنتهم.

فأما قتالهم مع أهل العدل فقد افترضه اللّه عزّ وجلّ على المؤمنين في كتابه ، فقال جلّ ثناؤه « ... فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ

ص: 384


1- وفي نسخة ب : أوثار قيسكم.
2- زيادة من نسخة - ب -.
3- وفي الأصل : لخروج.

اللّهِ » (1) وإلى ذلك من قتال أهل البغي دعاهم ( علي صلوات اللّه عليه ، فأجابه عامتهم ولم يلتفتوا الى قول ) (2) أبي موسى الأشعري لأنه كتاب اللّه جلّ ثناؤه. والى مثل رأي أبي موسى الأشعري ، هذا الفاسد ، دعاه عمرو بن العاص لما أراد اختداعه إذ قد علم أن مثل هذا القول تقدم عليه إذ حكما. فقال : يا أبا موسى ، أنت شيخ من شيوخ المسلمين ومن أهل الفضل والدين ، وقد سمعت ما قد سمعت من رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله من أمر القعود عن الفتنة ، وقد ترى أن الناس قد وقعوا فيها ، وإن نحن تناظرنا بكتاب اللّه عزّ وجلّ في أيهما أحقّ بالأمر من علي ومعاوية؟ طال ذلك علينا ، فاحكم بذلك إذ قد حكمت ، واخلع أنت عليا إذ قد حكمك ، وأخلع أنا معاوية إذ قد حكمني ، ويعود أمر الناس كما كان بعد رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله شورى بينهم يختارون لأنفسهم من رادوا (3) أن يختاروه. فو اللّه ما أظن أحدا يختار معاوية على علي صلوات اللّه عليه.

فخدعه بذلك ، حتى اتفق معه عليه وأراه التعظيم له والتبجيل (4) وقدمه قبله.

فقام فخلع عليا صلوات اللّه عليه بزعمه وركة عقله ، وقام عمرو فأثبت معاوية بزعمه.

فقام أبو موسى ينكر ذلك ، ويذكر ما اتفقا عليه. وأنكر ذلك عمرو ، وقال : ما كان الاتفاق إلا على خلع علي صلوات اللّه عليه

ص: 385


1- سورة الحجرات الآية 9.
2- ما بين الهلالين زيادة من نسخة - ب -.
3- وفي نسخة ب - رأوا.
4- وفي الأصل : التجليل : أي الاحترام.

وإثبات معاوية.

وكان في ذلك ما سنذكره (1) والحجة فيه في موضعه إن شاء اللّه تعالى.

[325] وبآخر ، عن حذيفة اليماني ، إنه قدم من المدائن وقد توجه أمير المؤمنين علي صلوات اللّه عليه الى الكوفة لقتال أهل الجمل ، ووصل حذيفة الى المدينة ، وهو عليل - شديد العلة - فلم يستطع اللحوق بعلي صلوات اللّه عليه واجتمع الناس بالمدينة الى حذيفة يوم جمعة ، فلما رآهم مجتمعين عنده :

حمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبي صلوات اللّه عليه وآله ثم قال : أيها الناس من سرّه أن يلحق بأمير المؤمنين حقّا حقّا ، فليلحق بعلي صلوات اللّه عليه.

فلحق كثير من الناس ، ولم تأت على حذيفة بعد ذلك جمعة حتى مات (2).

[326] وبآخر عن حبة العرني إنه قال : لما التقى علي صلوات اللّه عليه

ص: 386


1- في الجزء السادس من هذا المجلد.
2- هكذا جاءت الرواية في كلا النسختين ، ولكن كما هو المشهور إن حذيفة توفى في المدائن - مراقد المعارف 1 / 239 - ، وسوف يذكر المؤلف في رواية اخرى بإن حذيفة خطب في المدائن وليس بالمدينة كما في الرواية. وقد روى السيد المدني في الدرجات الرفيعة ص 287 عن أبي مخنف ، قال : لما بلغ حذيفة بن اليمان أن عليا قد قدم ذي قار واستنفر الناز. دعا أصحابه ، فوعظهم وذكرهم اللّه وزهدهم ورغبهم في الآخرة ، وقال لهم : الحقوا بأمير المؤمنين علیه السلام وسيد الوصيين فان من الحق أن تنصروه ، وهذا ابنه الحسن وعمار قد قدما الكوفة يستنفرون للناس ، فانفروا. قال : فنفر أصحاب حذيفة الى أمير المؤمنين ومكث حذيفة بعد ذلك خمسة عشر ليلة وتوفي. ومما يظهر من هذه الرواية إنه توفي في المدائن وكانت الخطبة في المدائن أيضا واللّه أعلم.

وأصحاب الجمل ، دعا علي صلوات اللّه عليه رجلا من اصحابه (1) ، فأعطاه مصحفا وقال له : اذهب إلى هؤلاء القوم فأعرض عليهم هذا المصحف وعرفهم إني أدعوهم الى ما فيه.

ففعل فرشقوه بالنبل حتى قتلوه.

[327] وبآخر ، عن عمار بن ياسر رحمة اللّه عليه ، إنه نظر يوم الجمل الى أصحاب عائشة وطلحة والزبير وقد صفوا للقتال. فجعل يحلف باللّه ليهزمنّ هذا الجمع ، وليولن الدبر.

فقال له رجل من النخع : يا أبا اليقظان ، ما هذا؟ تحلف باللّه على ما لا تعلمه؟

فقال له عمار : لأنا أشرّ من جمل يقاد بخطامة (2) بين تهامة ونجد (3) إن كنت أقول ما لا أعلم.

[328] وبآخر ، عن جعفر بن محمد بن علي صلوات اللّه عليه ، إنه قال : لما توافق الناس يوم الجمل ، خرج علي صلوات اللّه عليه حتى وقف بين الصفين ، ثم رفع يده نحو السماء.

ثم قال : يا خير من أفضت إليه القلوب ، ودعي بالألسن ، يا حسن البلايا يا جزيل العطاء ، احكم بيننا وبين قومنا بالحق ، وأنت خير الحاكمين.

[329] وبآخر ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : سمعت عليا صلوات اللّه

ص: 387


1- إن هذا الرجل هو مسلم بن عبد اللّه راجع تخريج الاحاديث. وكما سيأتي إن شاء اللّه مفصلا في هذا الجزء عن أبي البختري - الحديث 334.
2- الخطام : الزمام.
3- قال ابن الأثير في النهاية : 1 / 201 نجد ما بين العذيب الى ذات عرق. وذات عرق أول تهامة الى البحر وجده. وقيل تهامة ما بين ذات عرق الى مرحلتين من وراء مكة.

عليه - يوم الجمل - وهو ينادي بالزبير ، فأتاه - فرأيت أعناق فرسيهما قد اختلفت - وعلي صلوات اللّه عليه يقول له : أما تذكر قول رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله لك - وقد ذكرتني له - إنك سوف تقاتله وأنت له ظالم!! قال : بلى ، واللّه ما ذكرت ذلك إلا الآن.

فانصرف راجعا عن الفريقين ، فرآه طلحة ، فأتبعه ، فرماه مروان بن الحكم بسهم ، فشك فخذه في السرج ، فمات طلحة من ذلك الجرح.

[330] وبآخر ، عن سلام ، قال شهدت يوم الجمل ، فلما التقينا نظرت الى عائشة على جمل أحمر مشرف على الناس. وحمل أصحاب الجمل ، حتى قلت لخطار : هذا الفرار من الزحف. فقال : نعم ، واللّه يا بن أخي ، ثم تعاطفنا ، فنظرت الى هودج عائشة ما شبهته إلا بقنفذ (1) من النبل الواقعة عليه (2) وهو يميل بها مرة هاهنا ومرة هاهنا حتى احيط بها ، ولما احيط بعائشة ، وانصرف الزبير وقتل طلحة ، وانهزم أهل البصرة ، ونادى منادي علي صلوات اللّه عليه : لا تتبعوا مدبرا (3) ولا من القى سلاحه ولا تجهزوا على جريح ، فإن القوم قد ولّوا وليست لهم فئة يلجئون إليها.

فجرت السنّة بذلك ( في المسلمين في قتال أهل البغي ، وأخذ بذلك فقهاؤهم إن أهل البغي إذا انهزموا ولم تكن لهم فئة يلجئون إليها لم يجهز على جريحهم ولم يتبع مدبرهم ، وان كان لهم فئة اجهز على جريحهم واتبع مدبرهم ، وقتلوا. وبهذا حكم علي صلوات اللّه عليه في أصحاب معاوية ، فأخذ فقهاء العامة ذلك عنه وأوجبوا أن حزبه حزب أهل

ص: 388


1- القنفذ بضم الفاء وفتحها واحد القنافذ ، والانثى قنفذة.
2- وفي الأصل : الواقعة به.
3- أي : الهارب.

العدل وحزب من حاربه حزب ) (1) أهل البغي واتفقوا على ذلك.

أجهزت على الجريح : أي أتيت على قتله. ويقال : موت مجهز : أي وحي.

[331] وبآخر ، عن موسى بن طلحة بن عبيد اللّه - وكان فيمن اسّر يوم الجمل وحبس مع من حبس من الاسارى بالبصرة -.

قال : كنت في سجن علي بالبصرة حتى سمعت المنادي ينادي : أين موسى بن طلحة بن عبيد اللّه؟؟ فاسترجعت (2) واسترجع أهل السجن!! وقالوا : يقتلك!! ، فأخرجني إليه.

فلما وقفت بين يديه. قال لي : يا موسى. قلت : لبيك يا أمير المؤمنين! قال : قل أستغفر اللّه وأتوب إليه ، ثلاث مرات. فقلت : أستغفر اللّه وأتوب إليه ، ثلاث مرات.

فقال لمن كان معي من رسله : خلّوا عنه!

وقال لي : اذهب حيث شئت ، وما وجدت لك في عسكرنا من سلاح أو كراع (3) فخذه ، واتق اللّه فيما تستقبله من أمرك ، واجلس في بيتك ، فشكرت له ، وانصرفت.

وكان علي صلوات اللّه عليه قد غنم أصحابه ما أجلب به أهل البصرة الى قتاله ، - وأجلبوا به يعني : أتوا به في عسكرهم - ولم يعرض لشيء غير ذلك ( من أموالهم ، وجعل ما سوى ذلك من أموال من قتل منهم ) (4) لورثتهم.

ص: 389


1- ما بين الهلالين زيادة من نسخة - ب -.
2- الاسترجاع - عند المصيبة - أي يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون.
3- أي : الخيل.
4- ما بين الهلالين من نسخة - ب -.

وخمس ما اغنمه مما أجلبوا به عليه ، فجرت أيضا بذلك السنّة وأخذ به فقهاء العامة وآثروه عنه ، وجعلوه حكما فيما يغنم (1) من أهل البغي.

[332] وبآخر ، عن عبد اللّه بن عباس ، إنه قال : لما استقر أمر الناس بعد وقعة الجمل ، وأقام علي صلوات اللّه عليه بالبصرة بمن معه أياما ، بعث بي الى عائشة بأمرها بالرحيل عن البصرة ، والرجوع الى بيتها.

قال ابن عباس : فدخلت عليها في الدار التي أنزلها فيها ، فلم أجد شيئا أجلس عليه ، ورأيت وسادة (2) في ناحية من الدار ، فأخذتها ، فجلست عليها ، فقالت لي : يا ابن عباس ، ما هذا ، تدخل عليّ بغير إذني في بيتي ، وتجلس على فراشي بغير إذني؟ لقد خالفت السنّة.

قال ابن عباس : نحن علّمناك وغيرك السنّة ونحن أولى بها منك ، إنما بيتك البيت الذي خلّفك فيه رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله فخرجت منه ظالمة لنفسك عاتية (3) على ربك عاصية لنبيك ، فإذا رجعت إليه لم ادخله إلا بإذنك ولم أجلس على ما فيه إلا بأمرك.

قال : فبكت ، فقلت لها : إن أمير المؤمنين بعثني إليك يأمرك بالرحيل عن البصرة والرجوع الى بيتك. قالت : ومن أمير المؤمنين ، إنما كان أمير المؤمنين عمر!

فقلت لها : قد كان عمر يدعي أمير المؤمنين وهذا واللّه علي أمير المؤمنين حقا كما سماه بذلك رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وهو واللّه أمسّ برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله رحما وأقدم سلما وأكثر علما وأحلم

ص: 390


1- وفي الأصل : يعلم.
2- وفي بحار الأنوار 8 / 450 : فرأيت رحل عليه طنفسة ، فمددت الطنفسة ، فجلست عليها. ( الطنفسة : البساط ).
3- العتو : التجبر والتكبر.

حلما من أبيك ومن عمر.

قال : فقالت : ما شئت ذلك؟ قال : فقلت لها : أما واللّه لقد كان أبوك ذلك قصير المدة عظيم التبعة ظاهر الشوم بيّن النكاد (1) ، وما كان إلا كحلب شاة حتى صرت ما تأخذين ولا تعطين ، ولا كنت إلا كما قال أخو بني فهر (2) :

ما زال إهداء القصائد بيننا *** شتم الصديق وكثرة الألقاب

حتى تركت كأن قولك فيهم *** في كل مجمعة طنين ذباب

فأراقت دمعتها ، وأبدت عولتها ، وظهر نشيجها ، ثم قالت : أرحل واللّه عنكم ، فو اللّه ما من دار أبغض إليّ من دار تكونون بها.

قلت : ولم ذلك؟ واللّه ما ذلك ببلائنا عندك ولا بأثرنا عليك وعلى أبيك إذ جعلناك امّا للمؤمنين ، وأنت بنت أمّ رومان ، وجعلنا أباك صديقا وهو ابن أبي قحافة ، قالت : تمنون علينا برسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله؟

قلت : ولم لا نمنّ عليكم (3) بمن لو كانت فيك من شعرة لمننت بها وفخرت ، ونحن منه وإليه لحمه ودمه ، وإنما أنت حشيته (4) من تسع حشيات خلفهن لست بأرسخهن عرقا (5) ولا بأنضرهن ورقا ولا بأمدّهن ظلا ، وإنما أنت كما قال أخو بني أسد (6)

مننت على قوم فأبدوا عداوة *** فقلت لهم كفوا العداوة والشكرا

ص: 391


1- وفي بحار الأنوار ط قديم 8 / 450 النكد بمعنى العسر.
2- وفي بحار الانوار : إلا كمثل ابن الحضرمي بن نجمان أخي بني أسد.
3- وفي الأصل : عليكم من.
4- الحشية كمنبة أي الفراش المحشو والجمع حشايا وهي كناية عن النساء والتعبير بالفراش شايع.
5- أرسخ : الثبات.
6- وفي بحار الأنوار : أخو بني فهر.

ففيه رضا من مثلكم لصديقه *** وأحرى بكم أن تظهروا البغي والكفرا

قال : فسكتت (1) وانصرفت الى علي صلوات اللّه عليه ، فأخبرته بما جرى بيني وبينها ، فقال صلوات اللّه عليه : أنا كنت أعلم بك إذ بعثتك.

وتثاقلت عائشة بعد ذلك عن الخروج الى بيتها ، فأرسل إليها (2) علي صلوات اللّه عليه : واللّه لترجعن الى بيتك أو لألفظن بلفظة لا يدعوك بعدها أحد من المؤمنين أمّا. - فلما جاءها ذلك - قالت : ارحلوني ارحلوني ، فو اللّه لقد ذكرني شيئا لو ذكرته من قبل ما سرت مسيري هذا.

فقال لها بعض خاصتها : ما هو ، يا أمّ المؤمنين؟؟

قالت : إن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله قد جعل طلاق نسائه إليه وقطع عصمتهن منه حيا وميتا ، وأنا أخاف أن يفعل ذلك إن خالفته. فارتحلت.

[333] وبآخر ، علي بن هاشم ، بإسناده ، عن هشام (3) بن مساحق ، عن أبيه ، إنه قال : شهدت يوم الجمل مع عائشة.

فلما انهزم الناس اجتمعت مع نفر من قريش ، وفيهم مروان بن الحكم. فقال لبعض (4) من حضره : واللّه لقد ظلمنا هذا الرجل (5) ، ونكثنا بيعته من غير حدث ، ثم لقد ظهر علينا فما رأينا رجلا قط أكرم سيرة ، ولا أحسن عفوا بعد رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله منه ، فتعالوا ندخل عليه ، فنعتذر إليه مما صنعنا.

ص: 392


1- وفي الأصل : فسكت.
2- وفي الأصل : عليها.
3- وفي كتاب الجمل ص 222 : عن هاشم بن مساحق.
4- وفي نسخة ب : فقال : بعضهم لبعض.
5- يعنون أمير المؤمنين علیه السلام .

قال : فدخلنا عليه ، فلما ذهب متكلّمنا ليتكلّم ، قال : انصتوا - أكفيكم - إنما أنا رجل منكم ، فإن قلت حقا فصدقوني ، وإن قلت غير ذلك فردّوه علي (1).

انشدكم اللّه أتعلمون إن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله قبض وأنا أولى الناس به وبالناس من بعده؟

قلنا : اللّهمّ نعم.

قال : فبايعتم أبا بكر وعدلتم عني (2) ثم إن أبا بكر جعلها إلى عمر من بعده ( وأنتم تعلمون أني أولى الناس برسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وبالناس من بعده ) (3).

قلنا : اللّهمّ نعم.

قال : حتى لما قتل عمر جعلني سادس ستة ، ثم طعنتم على عثمان (4) فقتلتموه ثم أتيتموني وأنا جالس في بيتي ، أتيتموني غير داع لكم ولا مستكره ، فبايعتموني كما بايعتم أبا بكر وعمر وعثمان ، ثم نكثتم بيعتي.

قالوا : يا أمير المؤمنين ، كن كالعبد الصالح إذ قال : « لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ » (5).

قال : إن فيكم من لو بايعني بيده لنكث على بأسته.

ص: 393


1- عجبا لحلم اللّه. هذا قول منتصر في الحرب لأفراد جاءوا كي يعتذروا إليه مما ارتكبوا من الخطاء وهم أشد أعدائه.
2- وفي كتاب الجمل ص 222 إضافة : فأمسكت ولم أحبّ أن أشق عصا المسلمين وافرق جماعاتهم.
3- ما بين الهلالين زيادة من نسخة - ب -.
4- وفي كتاب الجمل أيضا : ثم بايعتم عثمان فطغيتم عليه وقتلتموه.
5- يوسف 92.

قال : فرأينا أنه يعني مروان.

[334] إسماعيل بن موسى بإسناده عن أبي البختري ، قال : لما انتهى علي صلوات اللّه عليه الى البصرة خرج إليه أهلها مع طلحة والزبير وعائشة ، فعبأ علي صلوات اللّه عليه أصحابه.

ثم أخذ المصحف وبدأ بالصف الأول ، فقال : أيكم يتقدم الى هؤلاء ويدعوهم الى ما فيه ، وهو مقتول؟ فخرج إليه شاب يقال له : مسلم (1) فقال : أنا يا أمير المؤمنين. فتركه ، ومال الى الصف الثاني ، فقال : من منكم يأخذ هذا المصحف ويمضي الى هؤلاء القوم ويدعوهم الى ما فيه ، وهو مقتول؟ فلم يجبه أحد! وجاءه مسلم ، فقال : أنا أخرج إليهم به يا أمير المؤمنين. فأعرض عنه. وتقدم الى الصف الثالث ، وقال لهم مثل ذلك. فلم يخرج اللّه منهم أحد ، وعرض له مسلم ، فقال : أنا يا أمير المؤمنين! فلما رأى أنه لم يخرج إليه أحد - من الجميع غيره - دفع إليه المصحف ، فمضى نحو القوم ، فلما رأوه رشقوه بالنبل ، وقرأه عليهم ودعاهم الى ما فيه ، ثم خرج إليه رجل منهم ، فضربه بالسيف على حبل عاتقه من يده اليمنى - التي فيها المصحف - فأخذ المصحف بيده اليسرى (2) فضربه الرجل حتى قتله (3).

ص: 394


1- وهو مسلم بن عبد اللّه.
2- وفي نسخة ب بيده الاخرى.
3- وكانت امّه حاضرة وحملته وجاءت به الى أمير المؤمنين وهي تبكي وتقول : يا رب إن مسلما دعاهم *** يتلو كتاب اللّه لا يخشاهم فخضّبوا من دمه فناهم *** وامّهم قائمة تراهم تأمرهم بالقتل لا تنهاهم ( الجمل ص 182 )

ورموا أصحاب علي صلوات اللّه عليه بالنبل. قالوا : يا أمير المؤمنين أما ترى النبل فينا كالقطر (1) وقد قتلوا مسلما.

فقال لهم علي صلوات اللّه عليه : قاتلوهم ، فقد طاب لكم القتال.

فقاتلوهم وظهر عليهم وولّوا منهزمين. فأمر علي صلوات اللّه عليه مناديا ينادي : لا تطعنوا في غير مقبل ولا تطلبوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن ، وما كان في العسكر فهو لكم مغنم ، وما كان في الدور فهو ميراث يقسم بينهم على فرائض اللّه عزّ وجلّ.

فقام إليه قوم من أصحابه ، فقالوا : يا أمير المؤمنين من أين أحللت لنا دماءهم وأموالهم وحرمت علينا نساءهم؟؟ فقال : لأن القوم على الفطرة ، وكان لهم ولاء قبل الفرقة وكان نكاحهم لرشده.

فلم يربضهم ذلك من كلامه صلوات اللّه عليه ، فقال لهم : هذه السيرة في أهل القبلة ، فأنكرتموها ، فانظروا أيكم يأخذ عائشة في سهمه؟؟ فرضوا بما قال ، واعترفوا بصوابه ، وسلموا لأمره.

[335] عباد بإسناده ، عن أبي رافع : إن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله قال لعلي صلوات اللّه عليه : إنه سيكون بينك وبين عائشة حرب. قال : يا رسول اللّه ، أنا من بين أصحابك؟؟ قال : نعم. قال : أنا اشقاهم (2) إذا. قال : لا بل أفضلهم ، ولكن إذا كان ذلك فارددها الى مأمنها.

قال أبو رافع : ففعل ذلك أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه ردّها مع نساء من أهل العراق ، حتى صارت الى مأمنها (3).

ص: 395


1- وفي نسخة ب - كالمطر.
2- الشقي ضد السعيد.
3- أي الى دارها في المدينة.

[336] أبو هاشم الرفاعي ، بإسناده ، عن أمّ راشد - مولاة أمّ هاني - ، قالت : دخل علي صلوات اللّه عليه على أمّ هاني بنت أبي طالب - اخته - فقرّبت إليه طعاما ، وذهبت لتأتيه بالماء ، فاذا برجلين على باب الحجرة ، فاستأذنا ، فأذن لهما فصعدت الدرجة ، وأحدهما يقول لصاحبه : بايعته أيدينا ، ولم تبايعه قلوبنا (1) فقرأ « إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللّهَ يَدُ اللّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ » (2) الآية.

فقلت لأمّ هاني : من هذان الرجلان؟؟

قالت : طلحة والزبير.

[337] شريك بن عبد اللّه ، بإسناده ، عن أبي بكر ، قال : لما قدمت عائشة أردت الخروج معها ، فذكرت حديثا سمعته من رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يقول إنه لن يفلح قوم جعلوا أمرهم الى امرأة (3).

[338] عباد بن يعقوب ، بإسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه ، إنه قال - يوم الجمل - : لقد علم اولوا العلم من آل محمد صلوات اللّه عليه وآله ، وعلمت عائشة بنت أبي بكر وها هي ذه ، فاسألوها. إن أصحاب الجمل وأصحاب الاسود ذي الثدية ملعونون على لسان النبي (4) صلوات اللّه عليه وآله ، وقد خاب من افترى.

[339] وبآخر عن أمّ سلمة رضي اللّه عنها ، إن عائشة لقيتها بعد انصرافها من البصرة ، فقالت لها : السلام عليك يا اختاه.

ص: 396


1- وفي كتاب الجمل ص 233 : ما بايعنا بقلوبنا وانما بايعنا بأيدينا.
2- سورة الفتح الآية 10 : فوق أيديهم ، فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه اللّه فسيؤتيه أجرا عظيما.
3- قالها لما بلغه أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى بعد موت والدها.
4- وفي الأصل : محمد.

فقالت لها أمّ سلمة : السلام عليك يا حانط ، ألم تعلمي أني نصحت لك في خروجك وذكرتك قول رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وما أوجبه اللّه عزّ وجلّ عليك فأبيت ، فآليت (1) أن لا اكلمك من رأسي كلمة حتى القى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله.

[340] أبو بكر بن عباس ، بإسناده ، عن علقمة ، قال : قلت للأشتر النخعي : لقد كنت كارها ليوم الدار (2) فرجعت عن رأيك؟؟

قال : أجل ، واللّه كنت كارها ليوم الدار ولكني جئت أمّ حبيب بنت أبي سفيان لأدخل الدار ، فأردت أن أخرج عثمان في هودجها ، فأبوا أن يدعوه لي ، وقالوا : ما لنا ولك يا أشتر ، ولكني رأيت طلحة والزبير بايعا عليا صلوات اللّه عليه ، والقوم طائعين غير مكرهين ، ثم نكثوا عليه.

قلت : فابن الزبير هو القائل يعنيك اقتلوني ومالكا (3).

قال : لا واللّه ما رفعت السيف من ابن الزبير ، وأنا أظن فيه شيئا من الروح لأنه استخف أمّ المؤمنين حتى أخرجها ، فلما لقيته لم أرض له بقوة ساعدي حتى قمت في الركابين ، ثم ضربته على رأسه ، فرأيت إني قتلته. ولكن القائل : اقتلوني ومالكا ، عبد الرحمن بن عتاب بن اسيد ، لما لقيته اعتنقته ، فوقعنا جميعا عن فرسينا ، فجعل يقول : اقتلوني ومالكا. أصحابه لا يدرون من يعني ، ولو قال الاشتر لقتلوني.

[341] عباد بن يعقوب ، بإسناده ، عن أبي عرية ، إنه قال : كنا جلوسا مع

ص: 397


1- أي : التزمت.
2- وهو يوم محاصرة دار عثمان.
3- قال ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 159 : ان القائل هو عبد اللّه بن الزبير.

علي صلوات اللّه عليه يوم الجمل ، وقد وقف أهل البصرة ونضحونا بالنبل ، ولم يأذن في القتل ، فجاءه قوم يشكون الجروح.

فقال : من يعذرني (1) من هؤلاء ، يأمروني بالقتال ، ولم تنزل الملائكة.

قال : فإنا قعود كذلك حتى هبت ريح طيبة (2) من خلفنا فوجدت بردها بين كتفي من تحت الدرع ، فلما انتهت مشى (3) قال : اللّه اكبر.

ثم قام ، فصب عليه الدرع ، وسار نحو القوم ، وأمر الناس بالقتال. فما رأيت فتحا كان أسرع منه قط.

[342] يوسف بن الحارث ، بإسناده : إن عليا صلوات اللّه عليه خلا بالزبير يوم الجمل ، فقال له : اناشدك اللّه ألم تسمع رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يقول لك - وأنت لا وبيدي بسقيفة بني ساعدة - لتقاتله (4) وأنت له ظالم ، ولينصرن عليك.

قال : بلى واللّه إني لأذكر ذلك ، ولا جرم إني لا اقاتلك ، وانصرف.

[343] وبآخر ، عن عائشة لما سارت تريد البصرة وانتهت إلى بعض مياه بني عامر ، نبحتها كلاب ، فقالت : ما هذا الماء؟؟ قالوا : الحوأب. قالت : ما أراني إلا راجعة.

قال ابن الزبير : لا ، بل تقدمين ويراك الناس ، ويصلح اللّه ذات بينهم بك.

ص: 398


1- وفي الأصل : من تعدني.
2- وفي الأصل : عليه.
3- وفي نسخة - ب - : فلما أن هبت ، قال : اللّه اكبر.
4- وفي نسخة - ب - : لتقاتلنه.

قالت : إني سمعت رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يقول لجماعة من نسائه : كيف بإحداكنّ إذا نبحتها كلاب الحوأب.

[344] محمد بن داود ، بإسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه إنه سئل عن قتلى الجمل ، أمشركون هم؟؟ قال : لا ، بل من الشرك فرّوا.

قيل : فمنافقون؟؟

قال : لا ، لإن المنافقين لا يذكرون اللّه إلا قليلا! قيل : فما هم؟؟

قال : إخواننا بغوا علينا ، فنصرنا عليهم.

قد خبّر صلوات اللّه عليه إنهم من أهل البغي الذين أمر اللّه عزّ وجلّ بقتالهم وقتلهم حتى يفيئوا الى أمر اللّه سبحانه (1) وبذلك سار فيهم.

[345] عبد اللّه بن موسى ، قال : سمعت سفيان الثوري يقول :

ما أشك في أن طلحة والزبير بايعا عليا صلوات اللّه عليه ثم نكثا وما نقما عليه حيفا في حكم ولا استيثارا في فيء.

[346] وكيع ، بإسناده ، عن ابن عباس ، إنه قال : أرسلني علي صلوات اللّه عليه الى طلحة والزبير [ يوم الجمل ] ، فقلت لهما : أخوكما يقرأ كما السلام ويقول لكما : هل أخذتما عليّ استيثارا (2) في فيء أو ظلما أو حيفا (3) في حكم.

ص: 399


1- نصّ الآية الكريمة : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفىء إلى أمر اللّه فإن فاءت فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا إن اللّه يحب المقسطين. ( سورة الحجرات الآية 9 ).
2- وفي الأصل : استيثاري.
3- أي جورا.

قالا : لا ، ولكن الخوف وشدة الطمع (1).

[347] سليمان بن أيوب ، بإسناده ، عن أبي سعيد الخدري قال : ذكر رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله لعلي صلوات اللّه عليه ما يلقى من بعده من الناس.

فبكى علي صلوات اللّه عليه! وقال : يا رسول اللّه ، ادع اللّه أن يقبضني قبلك. قال : كيف أدعو لأجل مؤجل سبق أنه كائن في علم اللّه! قال : يا رسول اللّه ، فعلى ما ذا اقاتلهم؟ قال : على إحداثهم في الدين.

[348] أبو علي الهمداني ، بإسناده ، عن حبة ، قال : شهدت حذيفة بن اليمان قبل خروج عائشة بزمان ، وهو يقول : ستطلع واللّه عليكم الحميراء (2) من حيث تسؤكم (3). فقال له زر بن حبيش : يا أبا عبد اللّه ، إنا لنسمع منك الذي لا نقيم ولا نقعد. قال : ويحك إذا كان اللّه سبحانه قد قضى ذلك فما أنت صانع! فو اللّه لكأني أنظر إليهم حولها صرعى لا تغني عنهم شيئا.

وهذا مما سمعه حذيفة من رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله.

[349] وبإسناده ، عن محمد بن كعب القرظي ، قال : لما دخل رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله المدينة منصرفا عن احد ، دعا عليا صلوات اللّه عليه ، فقال له : لقد نصرتني وضربت معي بسيفك وذببت (4) عني بنفسك ، فكيف أنت إذا قاتلت بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين.

قال : يا رسول اللّه ، أو يكون ذلك؟ قال : إي والذي نفسي بيده ،

ص: 400


1- وفي الرواية وشدة المطامع ( بحار ط قديم 8 / 420 ).
2- حميراء : كان الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) يسميها. تصغير الحمراء : يريد البيضاء.
3- وفي الأصل : يشهدكم.
4- أي : دافعت.

وإن حزبك هم الغالبون ، أما الناكثون فيبايعونك بأيديهم وتأبى قلوبهم وأكثرهم الفاسقون ، وأما القاسطون فهم الذي ركنوا الى الدنيا فكانوا لجهنم حطبا ، وأما المارقون فيقاتلون معك ثم يكفرون ولا تجاوز صلاتهم رءوسهم ولا إيمانهم تراقيهم ، أينما ثقفوا (1) اخذوا وقتلوا تقتيلا. ولا ينفع المعين عليك ولا مبغضك ولا من قاتلك إيمان ولا عمل.

[350] حيان بن المغلس بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : شهد مع علي صلوات اللّه عليه يوم الجمل ، ثمانون من أهل بدر وألف وخمسمائة (2) من أصحاب رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله.

[351] محمد بن فضل بإسناده عن أبي عبد اللّه الجدلي ، قال : بينا نحن بمكة ، وقد قتل عثمان في ذي الحجة ، إذ أقبل طلحة والزبير حتى قدما على عائشة ، فدخلا عليها ، فخرج مناديها ، فنادى : من كان يريد السير مع طلحة والزبير فليسر فإن أمّ المؤمنين سائرة.

قال أبو عبد اللّه : فدخلت عليها وكنت لها مواصلا ( فقلت : يا أمّ المؤمنين ما أخرجك رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله في غزوة قط ) (3) أو في قتال ، ألم يأمرك اللّه عزّ وجلّ أن تقرّي في بيتك؟ فلم أزل بها اذكرها وانشدها حتى رجعت عن الذي أمرت به. فأمرت مناديها ، فنادى : من كان يريد السير مع طلحة والزبير ، فليسر! فإن أمّ المؤمنين قد قعدت.

فلما سمع ذلك طلحة ، دخل عليها ، فنفث في اذنيها ، فخرج مناديها ، فنادى بمثل ندائه الأول.

ص: 401


1- أي وجدوا.
2- وفي بحار الأنوار ط قديم 8 / 434 الف وخمسمائة من أصحاب الرسول.
3- ما بين الهلالين زيادة من نسخة - ب -.

فلما كان من أمرها ما كان ، ورجعت الى المدينة ، وقفت ببابها ، فقلت : السلام عليك ، أيدخل أبو عبد اللّه الجدلي؟؟ فانتحبت ، حتى رحمتها ، ثم أذنت لي ، فدخلت ، وسألتها عن حالها ، فجعلت تخبرني بما كان من أمرها. فقالت : وقعت من الناس يوم الجمل ثلاث غلاء ، فسمعت صوتا لم أسمع مثله قط. فقلت لغلام كان معي : ويحك ، اخرج فانظر ما هذا؟؟ فذهب ثم أتاني ، فقال : تواقع القوم. فقلت : الصوت فينا أو فيهم؟؟ قال : فيكم. قلت : فذاك خير لنا أو شرّ علينا؟؟ قال : بل شرّ عليكم.

ثم سمعت الثانية ، فأرسلت الغلام. فقال : مثل ذلك.

ثم سمعت الثالثة ، فذهبت لأنظر فاذا أنا في مثل لجة البحر (1) فبرك الجمل ، وجاء رجل ، فأدخل يده ، فقلت : من أنت ، ويلك؟؟ قال : أبغض أهلك إليك! قلت : محمد بن أبي بكر؟ قال : نعم ، فلا تسأل عن عذل (2) ثم جاء الأشتر ، فقال : لا تسل عن عذل (3) ، وشتم حتى قال لي : وددت أن السيف كان أصابك.

[ ضبط الغريب ]

الغلا : جمع غلوة ، والغلوة : قدر ما تبلغه رمية السهم ، يقال : إن الفرسخ التام خمس وعشرون غلوة أي رمية السهم.

[352] محمد بن سعيد يرفعه الى نافع مولى ابن عمر قال : حدثني من نظر الى

ص: 402


1- أي : في وسط الحراك والقتال.
2- أمالى المفيد ص 23.
3- وفي الأصل : عن عذر.

طلحة بن عبيد اللّه يوم الجمل ، قبل القتال ، وقد ناداه علي صلوات اللّه عليه فخرج إليه ، فقال له : يا أبا محمد ، اناشدك اللّه ، أما سمعت رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يقول : اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه؟؟ قال طلحة : اللّهمّ نعم. قال : فلم جئت تقاتلني وقد سمعت هذا من رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله؟

قال : فانصرف ، وقال : لا اقاتلك بعد هذا.

فلما انصرف قال مروان بن الحكم : لا أطلب بثاري بعد هذا اليوم بدم عثمان (1) فرمى طلحة بسهم فقتله.

[353] جعفر بن سليمان ، عن عبد اللّه بن موسى بن قادم ، قال : سمعت سفيان الثوري يقول - بأعلا صوته - : واللّه ما أشك ، لقد بايع طلحة والزبير عليا صلوات اللّه عليه ، ولقد نكثا عليه ، واللّه ما وجدا فيه - لا علّة في دين ولا خيانة في مال - (2).

قال : وسمعت سفيان الثوري يحلف باليمين المحرجة ما قاتل عليا صلوات اللّه عليه أحد إلا وعلي صلوات اللّه عليه أولى بالحق منه.

[354] محمد بن إسماعيل بن أبان يرفعه الى حذيفة بن اليمان ، إنه قال - يوما لجماعة حوله - : كيف أنتم إذا صار أهل ملّتكم فرقتين يضرب بعضكم وجوه بعض بالسيف. قالوا : وإن ذلك لكائن يا أبا عبد اللّه؟؟

قال : نعم.

قالوا : فكيف نصنع إن نحن أدركنا ذلك؟؟

قال : انظروا الى الفرقة التي فيها علي بن أبي طالب ، أو تدعو إليه

ص: 403


1- وفي نسخة - ب - من عثمان.
2- أقول : وقد مرّ هذا الحديث بهذا السند تحت الرقم 345 بدون هذه الاضافة ... يحلف ... الخ.

أبدا من كانت ، فالزموها ، فإنها على الهدى.

[355] وبآخر عن علي بن ربيعة ، إنه قال : سمعت عليا صلوات اللّه عليه على منبركم هذا يقول : عهد إليّ النبي صلوات اللّه عليه وآله أني مقاتل بعده الناكثين والقاسطين والمارقين.

فهذه نكت وجوامع من أخبار نكث طلحة والزبير وخروجهما مع عائشة وما كان من أخبار يوم الجمل ، وقد ذكرت فيما تقدم إن أحدا لم يتابع على ذلك طلحة والزبير ولا قال بما قالاه ، ولا انتحل الى اليوم ما انتحلاه مما ذكرته وأذكره من رجوع طلحة والزبير عن ذلك ، وندامة عائشة عليه وندامة من تخلّف عن علي صلوات اللّه عليه (1) فيه.

ص: 404


1- أمثال عبد اللّه بن عمر وسعد بن أبي وقاص.

حرب صفين

اشارة

فأما ما كان بينه وبين معاوية فقد ذكرت جملة قول علي صلوات اللّه عليه في ذلك ، ومما لم أذكره من جملة ما أردت إثباته وبسطه في هذا الكتاب ، وذلك أن عليا صلوات اللّه عليه لما فرغ من حرب أصحاب الجمل وقد كان أراد عزل معاوية عن الشام ، فدسّ إليه من يسأله في إثباته في ولايته ، فأبى عليه من ذلك ، وأشار عليه بعض من ينصح له علیه السلام ، وقيل إن عبد اللّه بن العباس فيمن أشار عليه بذلك ( أن يكتب إليه بعهده فإذا دعا له وأخذ بيعته على الناس عزله ) (1) فقال علي صلوات اللّه عليه : إن هذا لهو الرأي العاجل ، فأما فيما بيني وبين اللّه عزّ وجلّ ، فما أجد لنفسي في ذلك عذرا « وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً » (2).

فكتب إليه لما فرغ من أصحاب الجمل يدعوه الى الدخول فيما دخل الناس فيه - من بيعته والقدوم عليه - ، فأبى معاوية من ذلك. وأتاه عمرو بن العاص يوافقه على رأيه ، ووعده معاوية أن يولّيه مصر وأشركه في أمره فلا يخرج عن رأيه. وكان عمرو داهية من دواهي العرب. وعلم أن ليس له عند علي صلوات

ص: 405


1- ما بين الهلالين زيادة من نسخة - ب -.
2- سورة الكهف الآية 51.

اللّه عليه ما يريده ، فانحاز الى معاوية ، واتفقا على الخلاف على علي صلوات اللّه عليه ، وسلكا مسلك أصحاب الجمل في إظهار القيام بثار عثمان (1) ، وعمدا الى قميص فضرّجاه بالدم ، ورفعاه على رمح ، وجعلا يدوران به في جماعة بعثوا بها في نواحي (2) الشام ، ويقولون هذا دم خليفتكم المقتول ظلما ، فقوموا في دمه ، واجتمعت لمعاوية جموع كثيرة لذلك ، وسار علي صلوات اللّه عليه الى الكوفة ، واجتمع له أهل العراق وأهل الحرمين (3) وأفاضل الصحابة من المهاجرين والأنصار ممن قد كان شهد معه وقعة الجمل ، وغيرهم ممن لحق به بعد ذلك. وجعل يعذر الى معاوية ويرسل إليه ، فيشترط كما أخبر علي صلوات اللّه عليه فيما قدمنا ذكره في هذا الكتاب من الحكاية عنه (4) ، واشتراطه على الشروط التي لا تحلّ ولا تجوز.

ومعاوية في كل ذلك لا يدعي إلا إنه عامل عثمان على الشام ، ويدفع بيعة علي صلوات اللّه عليه ، ويقول : إنه على إمارة عثمان التي أمّره ، وعلى ذلك كان يدعى الأمير ، الى أن قتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ، فتسمى أمير المؤمنين.

وأما تعلّقه بتأمير عثمان إياه ، فذلك ما لا يجوز ، لأن الإمارة التي عقدها له عثمان قد انقطعت بانقطاع أمر عثمان ووفاته ، كما أنه لو وكله على شيء من أمواله ، فمات وصار ما وكله عليه ميراثا لورثته لم تبق وكالته إياه ، وكان لمن ورث ماله خلعه عن الوكالة أو إثباته.

ص: 406


1- وفي نسخة - ب - بدم عثمان.
2- وفي الأصل : ناحية.
3- أي أهل مكة والمدينة فمكة حرم اللّه والمدينة حرم الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم).
4- وقد مرّ في الحديث 315 المواطن التي امتحنه اللّه بعد وفاة الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم).

وهذا ما لا اختلاف فيه بين المسلمين.

[ عمّار بن ياسر ]

وكان عمار بن ياسر رضوان اللّه عليه فيمن كان مع علي صلوات اللّه عليه وكان رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله قد قال له : يا عمار تقتلك الفئة الباغية. وذلك مشهور في الآثار ، يرويه الخاصّ والعام.

فقتل رضوان اللّه عليه مع علي صلوات اللّه عليه في حربه مع معاوية ، قتله أصحاب معاوية.

[356] وروى أبو غسان بإسناده عن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، إنه قال :

ما يريدون من عمار يدعوهم الى الجنة ، ويدعونه الى النار.

[357] سعيد بن كثيرة بن عفير ، عن أبي لهيعة يرفعه الى النبي صلوات اللّه عليه وآله إنه قال لعمار : تقتلك الفئة الباغية.

[358] أبو غسان ، بإسناده ، عن ربيعة بن ناجذ (1) قال : قال عمار - يوم صفين - : الجنة تحت الأبارقة ، والظمئان يرد الماء ، والماء مورد ، اليوم القى الأحبة محمدا وحزبه.

[359] وبآخر ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه ، قال عمار بن ياسر - وهو يسير على شاطي الفرات - : اللّهمّ إنك تعلم إني لو أعلم إن رضاك عني أن أتردى عن دابتي ، فأسقط ، فيندق عنقي ، لفعلت. ولو أعلم إن رضاك عني ( أن اوقد نارا ، فألقي نفسي فيها ، لفعلت. ولو أعلم إن رضاك عني ) (2) أن أرمي بنفسي في هذا النهر ، فأموت فيه ، لفعلت.

ص: 407


1- وفي الأصل : هاجر.
2- ما بين الهلالين زيادة من نسخة - ب -.

اللّهمّ فإني لا اقاتل أهل الشام إلا وأنا اريد [ بذلك ] وجهك ، وأرجو أن لا تخيبني وأنا اريد وجهك [ الكريم ].

[360] محمد بن حميد الاصباعي بإسناده عن أبي عبد الرحمن السلمي ، قال : شهد عمار صفين وكان لا يأخذ (1) واديا إلا رأيت أصحاب محمد صلوات اللّه عليه وآله يتبعونه كأنه لهم علم ، وذلك لما سمعوا من رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله إنه تقتله الفئة الباغية.

وكان معاوية وأصحابه يأثرون ذلك ، ويقولون : معنا يقتل عمار ، وسوف يسير إلينا. فلما قتلوه مع علي صلوات اللّه عليه اسقط في أيديهم ، فانبرى (2) عمرو بن العاص وقال : إنا نحن لم نقتل عمارا ، وإنما قتله أصحابه الذين أتوا به.

فقام ذلك في عقول أهل الشام ، واتصل قوله بعلي صلوات اللّه عليه ، فقال : لعن اللّه عمرا ، يا لها من عقول!! إن كنا نحن قتلنا عمارا ، لأنا جئنا به ، وكان معنا! فرسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وأصحابه قتلوا من استشهد فيهم من المسلمين.

قال أبو عبد الرحمن : وانتهى عمار يوم صفين الى هاشم بن عتبة [ المرقال ] ، وبيده راية علي صلوات اللّه عليه ، وقد ركزها ، ووقف - وكان أعور - فقال له عمار : يا هاشم ، أعورا وجبنا ، لا خير في أعور لا يغشى الناس.

ثم نظر عمار الى أبي موسى الأشعري ، وهو بين الصفين ، فقال : يا هاشم واللّه لينقضن عهده وليخونن أمانته وليفرن جهده.

ص: 408


1- في الجوهرة ص 100 : لا يأخذ في جهة ولا واد.
2- انبرى : اعترض.

ثم حمل عمار وهاشم في أصحاب معاوية وهو يقول (1) :

أعور يبغي أهله محلاّ *** قد عالج الحياة حتى ملاّ

لا بدّ أن يفلّ أو يفلاّ

وعمار يقول : يا هاشم ، الموت في أطراف الأسل والجنة تحت الأبارقة ، ترى محمدا وحزبه في الرفيق الأعلى. قال أبو عبد الرحمن : فما رأيتهما رجعا من فورهما ذلك حتى قتلا.

[ ضبط الغريب ]

الأسل : القناة ، شبهت لاستوائها بنبات له أو أغصان كثيرة دقاق ولا ورق له ، وهو الأسل ، واحده : اسلة ، ويقال : إنه الذي ضرب به أيوب علیه السلام أهله (2).

[361] أبو نعيم : لما قتل عمار دخل خزيمة بن ثابت [ الأسدي ] فسطاطه ، فشنّ عليه من الماء ، ثم طرح عليه سلاحه. ثم خرج ، فحمل في أصحاب معاوية ، فلم يزل يقاتل حتى قتل رضوان اللّه عليه.

[362] وبآخر عن عمار بن ياسر ، إنه قال : واللّه لو ضربونا حتى يبلغونا

ص: 409


1- وفي كتاب صفين لنصر بن مزاحم ص 327 هكذا : قد اكثروا لومي وما أقلاّ *** إني شريت النفس لن اعتلاّ أعور يبغي نفسه محلاّ *** لا بدّ أن يفلّ أو يفلاّ قد عالج الحياة حتى ملاّ *** أشدّهم بذي الكعوب شلاّ مع ابن عمّ أحمد المعلّى *** فيه الرسول بالهدى استهلاّ أول من صدّقه وصلّى *** فجاهد الكفار حتى أبلى
2- وذلك إنه حلف على امرأته لامر أنكره من قولها إن عوفي ليضربها مائة جلدة ، فقيل له : خذ ضغثا بعدد ما حلفت فاضربها به دفعة واحده ، فإنك إذا فعلت ذلك برت يمينك.

شعاف (1) هجر لعلمت إنا على الحق وإنهم على الباطل.

الشعاف : رءوس الاثافي المستديرة ، ورءوس الجبال أيضا.

[ ضبط الغريب ]

[363] عبد اللّه بن جعفر ، بإسناده ، إن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله نظر الى عمار وهو يبني مسجد المدينة ، والناس ينقلون اللبن والحجر ، حجرا حجرا ، وعمار ينقل حجرين حجرين.

فقال له النبي صلوات اللّه عليه : أتحمل على نفسك يا عمار؟

فقال : يا رسول اللّه ، إني واللّه مع ذلك لمحموم.

فقال رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : إن اللّه قد ملأ قلب عمار وسمعه وبصره إيمانا ، لا يعرض عليه أمر حق إلا قبله ، ولا أمر باطل إلا رده ، تقتله الفئة الباغية ، آخر زاده من الدنيا ضياح من لبن ، وقاتلاه وسالباه في النار.

وقد فسر الضياح في غير هذا المكان من الكتاب وهو : اللبن الخاثر يصب فيه الماء حتى ينصح ويرق ويطيب.

[364] أبو نعيم ، بإسناده ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : ثلاثة تشتاق إليهم الجنة : علي وعمار وسلمان.

[365] أحمد بن ثابت بإسناده عن بشير بن تميم ، إنه قال : نزل في أبي جهل وعمار : « أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ » - يعني أبا جهل « خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً

ص: 410


1- وفي كشف الغمة 1 / 260 : بلغونا سعفات. السعفات : جمع سعفة بالتحريك وهي أغصان النخيل وقيل إذا يبست سميت سعفة. وإنما خص هجر للمساعدة في المسافة ولأنها موصوفة بكثرة النخيل. وهجر يسمى اليوم بالأحساء.

يَوْمَ الْقِيامَةِ » (1) يعني عمار بن ياسر.

[366] الليث بن سعد ، بإسناده : إن أول من بايع رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يوم الشجرة عمار.

[367] أبو غسان ، بإسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه قال : استأذن عمار على رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله فعرف صوته.

فقال : مرحبا بالطيب المطيب [ ائذنوا له ].

[368] وبآخر ، عن الأشتر ، قال : نازع عمار خالد بن الوليد ، فشكاه الى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله. فقال : يا خالد لا تسبّ عمارا ، فإنه من سبّ عمارا سبّه اللّه ومن أبغض عمارا أبغضه اللّه (2).

قال خالد : استغفر اللّه لي يا رسول اللّه.

[369] إسماعيل بن أبان ، بإسناده ، عن عائشة إنها قالت : ما من أصحاب محمد إلا من لو شئت أن أقول فيه لقلت غير عمار ، فإنه قد ملئ - من كعبيه الى عنقه - إيمانا.

[370] سفيان الثوري ، بإسناده ، عن عمر ، إنه كتب الى أهل الكوفة : إنه قد بعثت إليكم عمار بن ياسر وعبد اللّه بن مسعود (3) ، وهما من النجباء من أصحاب محمد من أهل بدر ، فاقتدوا بهما ، واسمعوا منهما ، فقد آثرتكم بهما على نفسي.

[371] صالح بن محمد الأصبهاني ، بإسناده عن زياد مولى عمرو بن العاص.

قال : أهدى عمرو بن العاص الى أصحاب النبي صلوات اللّه عليه وآله

ص: 411


1- فصّلت : 40.
2- وفي نسخة ب : ومن أبغض عمارا أبغضه اللّه ومن سبّ عمارا فقد سبّه اللّه. كرر الجلسة الأخيرة.
3- وفي الدرجات الرفيعة ص 257 : إني بعثت إليكم عمار بن ياسر أميرا وابن مسعود معلما.

ففضل عمارا عليهم! فقيل له في ذلك. فقال : إني سمعت رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يقول : تقتله الفئة الباغية.

[372] أبو أحمد ، بإسناده ، عن حذيفة بن اليمان ، إنه لما احتضر ، قيل له (1) أوصنا! ، فقال : أما إذا قلتم ذلك ، فأسندوني ، فأسندوه. فقال : سمعت رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يقول : أبو اليقظان على الفطرة لا يدعها [ ثلاث مرات. لا يدعها حتى يموت ] (2).

[373] وبآخر ، عن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، إنه قيل له : إن عمارا وقع عليه حائط (3) ، فمات. فقال : لا يموت عمار موتة ، إنما تقتله الفئة الباغية ، يدعوهم الى الجنة ، ويدعونه إلى النار.

[374] وبآخر عن عمار ، إن رجلا قال - يوم صفين - : يا أبا اليقظان ألا تقسم اليوم كما أقسمت يوم الجمل قال : أقسم باللّه أنّا على الحق ، وهؤلاء على الباطل.

[375] وبآخر عن عبد اللّه بن الحارث ، قال : اني لا ساير معاوية ومعه عمرو ( بن العاص وابنه عبد اللّه ، إذ قال عبد اللّه بن عمرو ) (4) سمعت رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يقول - لعمار - : تقتلك الفئة الباغية. فقال عمرو لمعاوية : اسمع ما يقول : هذا الحدث : (5) نحن ما قتلناه ، إنما قتله من جاء به (6).

ص: 412


1- وفي الأصل : إنه احتضر قيل له.
2- هذه الزيادة في بحار الأنوار ط قديم 8 / 522.
3- وفي كنز العمال 4 / 74 : وقع عليه حجر.
4- ما بين القوسين زيادة من نسخة ب.
5- هكذا في الأصل وفي مسند أحمد 2 / 161 : ألا تسمع ما يقول هذا؟ فقال معاوية : لا تزال تأتينا بهنة أنحن قتلناه؟
6- لقد مرّ في الحديث 360 جواب أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه على هذا القول.

[376] الأعمش ، قال : حدثنا سفيان الثوري ، قال : ( كنت جالسا مع عمار ومعه أبو مسعود وأبو موسى ) (1) فقالا له : يا عمار ، ما وجدنا عليك في شيء إلا في سرعتك في هذا الأمر - يعنيان قيامه مع علي صلوات اللّه عليه ، وخروجه الى البصرة -.

فقال لهما عمار : وإنا ما وجدت عليكما إلا تخلفكما عنه.

[377] أبو غسان ، بإسناده ، عن حذيفة ، إنه قيل له - حين قتل عثمان - يا أبا عبد اللّه ، إن أمير المؤمنين قد قتل فمن تأمر أن نبايع بعده؟؟

قال : اتبعوا عمارا فمن تبعه عمار ، فاتبعوه.

فقالوا : إن عمار مع علي صلوات اللّه عليه لا يفارقه.

قال حذيفة : إن الحسد أهلك الجسد ، وإنما يقربكم من علي صلوات اللّه عليه قرب عمار منه ، فو اللّه لعلي خير من عمار بأبعد ما بين التراب والسحاب ، وإنما عمار لمن الأخيار.

[378] عثمان بن أبي شيبة ، عن أبيه ، عن هشام بن الوليد بن المغيرة (2) ، قال : كنت امرّض عمارا في مرضه ، فجاء معاوية إليه يعوده.

فقال : اللّهمّ لا تجعل ميتته بأيدينا ، فأني سمعت رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يقول : تقتل عمارا الفئة الباغية.

ذكرنا ما ذكرنا من فضل عمار رحمه اللّه عليه وقول رسول اللّه صلوات اللّه عليه فيه لما أردنا تأكيده وبيانه ، من أن معاوية وأصحابه من أهل الشام الذين قاتلوا عليا صلوات اللّه عليه ومن معه من أهل البغي. وأن عليا صلوات اللّه عليه ومن معه هم أهل العدل. وإن كان عامة الامة على القول بذلك. وبسيرة

ص: 413


1- ما بين القوسين زيادة من نسخة ب.
2- وفي كنز العمال 7 / 73 : ابنة هشام بن الوليد بن المغيرة وكانت تمرّض عمارا.

علي صلوات اللّه عليه فيهم وفي أهل الجمل ، وما حكم به في قتلهم وأموالهم وذراريهم ، قال جماعة - المنسوبين الى الفتيا - من العامة ، وأوجبوا مثل ذلك في أهل البغي إذا قاتلهم أهل العدل ، وقد أمر اللّه عزّ وجلّ بقتال أهل البغي ، وأوجبه في كتابه وأذن في قتلهم كما أوجب قتال المشركين وأذن في قتلهم بقوله عزّ من قائل : « وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ » (1) فمعاوية وأصحابه أهل بغي بحكم رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وإجماع عامة المسلمين إلا من شذّ ممن انتحل الإسلام من أتباعهم ، ولم يفىء معاوية حتى مات. وتوسل الى الإمامة به من تغلّب عليها من بني أميّة الى اليوم. فهم على ذلك أهل بغي بمنزلته ، وواجب على المسلمين قتالهم. ومن انتزع ما اغتصبوه بمثل ما هم عليه من أيديهم - أعني به بني العباس ومن اتبعهم - فقتالهم (2) كذلك وأيضا واجب مع فئة أهل العدل وهم الذين قاموا باستخلاف علي صلوات اللّه عليه إياهم من الائمة من ذريته صلوات اللّه عليهم أجمعين الذين قاموا من بعده مقامه ، فواجب على جميع المسلمين جهاد من خالفهم معهم حتى يفيئوا الى طاعتهم كما فعل ذلك أفاضل الصحابة والتابعين مع أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه.

وسنذكر فيما بعد إن شاء اللّه تعالى من شهد حربه منهم ومن استشهد معه من جماعتهم لما سمعوا من كتاب اللّه عزّ وجلّ ومن توقيف رسوله صلوات اللّه عليه وآله على ذلك مما قد ذكرنا في هذا الكتاب بعضه ونذكر فيما بقي منه باقيه إن شاء اللّه تعالى.

تمّ الجزء الرابع من كتاب شرح الأخبار في فضائل الوصيّ الكرار.

والحمد لله وحده وصلاته على سيدنا محمد وآله الطاهرين وسلّم تسليما.

ص: 414


1- الحجرات : 9.
2- وفي الأصل : فقاتلهم.

تخرج الأحاديث

ص: 415

ص: 416

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

نذكر هنا شواهد الأحاديث المذكورة في المتن أو متابعاتها ، كما نحاول ذكر المزيد من المصادر التي اخرجت الحديث ، والارجاع الى أكبر قدر ممكن من المراجع العامة المتكفلة لتقوية كل حديث متنا أو سندا أو كليهما مع تقديم ما يقرب - من حيث اللفظ - لما ذكر في متن الكتاب.

[1] رواه ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص 51 عن أحمد ، عن إبراهيم بن عبد اللّه ، عن محمد بن عبد اللّه الرومي ، عن شريك ، عن سلمة بن كهيل ، عن الصنابجى ... الحديث.

وذكر أيضا أن سويد بن غفلة رواه أيضا عن الصنابجي.

[2] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 83 الحديث 124 ، عن الفضل بن محمد الأصفهاني ، عن محمد بن موسى الصيرفي ، عن محمد بن يعقوب الأصم ، عن محمد بن عبد الرحيم الهروي ، عن عبد السلام بن صالح ، عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ... الحديث.

وأخرجه الحاكم النيسابوري في المستدرك 3 / 126 ورواه أيضا البحراني في غاية المرام ص 520 الباب 29 الحديث 2 و 6.

ص: 417

ورواه ابن الأثير في اسد الغابة 4 / 22.

ورواه ابن حجر في تهذيب التهذيب 6 / 320 و 7 / 427.

ورواه المتقي في كنز العمال 6 / 152.

[3] روى ابن المغازلي في مناقبه ص 87 - الحديث 129 عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن المظفر ، عن محمد بن محمد الباغندي ، عن سويد ، عن شريك ، عن سلمة بن كهيل ، عن الصنابجى ، عن علي علیه السلام ... الحديث.

ورواه أبو نعيم ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن الحارث ، عن أمير المؤمنين ... ( في حلية الأبرار 1 / 64 ).

ورواه الترمذي في سننه الباب 20 من المناقب عن الصنابجي وكذلك البغوي في المصابيح 2 / 275.

[4] روى ابن المغازلي في مناقبه ص 85 الحديث 126 : عن محمد بن أحمد النحوي ، عن إبراهيم بن عمر ، عن محمد بن عبد اللّه بن المطلب ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن عبد اللّه بن عمر اللاحقي ، عن علي بن موسى الرضا [ علیه السلام ] ، عن أبيه ، عن جده : جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده : علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب علیه السلام ... الحديث.

وأخرجه القندوري في ينابيع المودة 73.

[6] بهذا اللفظ ذكره الكنجي في كفاية الطالب ص 383 مرسلا ، أما المضمون - ولكن بألفاظ مختلفة - فقد ذكره كثيرون منهم البحراني في غاية المرام ص 530 الباب 39 و 40 بطرق عديدة فراجع هناك ، والأربلي في كشف الغمة 1 / 116.

[7] وروى ابن الأثير في اسد الغابة 6 / 22 عن يحيى بن معين عن عبدة بن

ص: 418

سليمان قال : قلت لعطاء ... الحديث. ورواه ابن عبد ربه في الاستيعاب 2 / 462 والمحب الطبري في الرياض النضرة 2 / 194.

[8] رواه النسائي في خصائصه ص 136 الحديث 68 عن بشر بن هلال ، عن جعفر بن سليمان ، عن يزيد الرشك عن مطرف بن عبد اللّه ، عن عمران بن حصين ، عن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ... الحديث.

ورواه البحراني في غاية المرام ص 457 الحديث 15.

ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 114 وأضاف : فلا تخالفوه في حكمه.

ورواه المتقي في كنز العمال 6 / 399.

ورواه ابن المغازلي في مناقبه ص 223 الحديث 270.

ورواه الترمذي في صحيحه 2 / 297.

[9] رواه أحمد بن اسماعيل في كتاب ( الأربعين المنتقى في مناقب المرتضى ) الباب السادس : الحديث 9 عن محمد بن محمد بن يعقوب ، عن محمد بن الحسن ، عن يحيى بن محمد ، عن الحسن بن مسلم الكوفي ، عن يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الغفار ، عن الحكم بن عيينه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ... الحديث.

ورواه التلمساني في الجوهرة ص 64 عن أبي داود الطيالسي عن أبي عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس ... الحديث.

[11] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 5 / 356 - بتفاوت - عن أبي نمير ، عن الأجلح الكندي عن عبد اللّه بن بريدة ، عن أبيه ... الحديث.

ورواه البحراني في غاية المرام ص 456 الباب 5 الحديث 2.

[13] رواه النسائي في خصائصه ص 147 الحديث 77 عن زكريا بن يحيى ، عن عبد اللّه بن عمر ، عن أسباط بن محمد ، عن فطر ، عن عبد اللّه بن

ص: 419

شريك ، عن عبد اللّه بن رقيم ، عن سعد ... الحديث.

[14] روى البحراني في غاية المرام 2 / 214 الحديث 18 عن موفق بن أحمد قال في قوله تعالى : « أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ » - هود 17 - قال : ابن عباس : هو علي يشهد للنبي وهو منه.

ورواه البحراني في غاية المرام ص 359 الباب 63 الحديث 2 مسندا.

[15] و[16] روى البحراني في تفسير البرهان ( المقدمة / ص 195 ) عن سليم بن قيس عن علي علیه السلام قال : إن اللّه إيانا عنى بقوله : شهداء على الناس. فرسول اللّه شاهد علينا ونحن شهداء اللّه على خلقه.

وعن الصادق علیه السلام في قوله تعالى : « فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً » قال : نزلت في أمّة محمد خاصه وفي قرن منهم إمام منا شاهد عليهم ومحمد شاهد علينا.

وروى عنه علیه السلام إنه قال : لا يكون شهداء على الناس إلا الرسل والائمة دون سائر الامّة. فانه غير جائز أن يستشهد اللّه بهم وفيهم من لا تجوز شهادته في الدنيا على آخرته.

وقال البحراني أيضا في 2 / 378 الحديث 5 : قال الصادق علیه السلام : لكل زمان وأمّة شهيد تبعث كل أمّة مع إمامها.

[18] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق ص 384 الحديث 443 : عن محمد بن معمر بن أحمد ، عن رزق اللّه بن عبد الوهاب التميمي ، عن أحمد بن محمد الواعظ ، عن يوسف بن يعقوب ، عن جده عن أبيه ، عن غياث بن إبراهيم ، عن موسى الجهني ، عن فاطمة بنت علي ، عن أسماء بنت عميس ... الحديث.

[19] روى المجلسي في بحار الأنوار 37 / 261 الحديث 20 ، بإسناده عن

ص: 420

عبد اللّه بن أحمد ، عن أبيه ، عن وكيع عن فضل بن مرزوق ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث.

[20] روى النسائي في الخصائص ص 119 الحديث 55 عن محمد بن المثنى ، عن أبي بكر الحنفي ، عن بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد ، عن سعد بن مالك ... الحديث.

ورواه أيضا ابن عساكر في تاريخه ( ترجمة الامام علي علیه السلام ) ص 383 الحديث 442 الحديث.

[21] وفي البداية النهاية 5 / 213 عن أحمد بن حازم ، عن أبي نعيم ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن يحيى بن جعدة ، عن زيد بن أرقم ... الحديث.

[22] رواه المؤلّف أيضا في الجزء الثاني من هذا الكتاب تحت الرقم 222 وذكرت المصادر في آخر ذلك الجزء ، فراجع.

[23] رواه ابن عساكر في تاريخه ( ترجمة الامام علي علیه السلام ) ص 60 الحديث 558 ، عن علي بن المسلم القرضي ، عن عبد العزيز بن أحمد ، عن أبي محمد بن أبي نصر ، عن جعفر بن محمد الكندي ، عن أحمد بن عبد الرحيم ، عن محمد بن عيسى ، عن المطلب بن زياد ، عن عبد اللّه بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري ... الحديث.

[25] رواه البحراني في تفسير البرهان 1 / 490 الحديث 7 بهذا السند والمضمون ولكن بتفاوت بسيط في الألفاظ ، ورواه مختصرا في ص 480 أيضا.

[27] يذكر المؤلّف سند هذه الرواية فيما يأتي ( راجع عنوان : علي علیه السلام الوصي والخليفة وأمير المؤمنين ) حيث قال : حدثنا محمد بن حميد قال : حدثنا سلمة بن الفضل قال : حدثنا محمد بن إسحاق عن عبد الغفار بن

ص: 421

القاسم ، عن المنهال بن عمر ، عن عبد الحارث بن نوفل ، عن العبّاد بن الحارث بن عبد المطلب ، عن ابن عباس ، عن علي علیه السلام ... وذكر الحديث.

ورواه المفيد في الإرشاد ص 29 وابن شهر اشوب في المناقب 2 / 24 والبحراني في غاية المرام ص 66 الحديث 2 وص 78 الحديث 21 واليعقوبي في تاريخه 2 / 27 والمفيد أيضا في أماليه ص 205 والحسكاني في شواهد التنزيل 1 / 420.

[28] أخرجه الأميني في الغدير 1 / 188 عن إبراهيم بن الحسين بن علي الكسائي ، عن يحيى بن سليمان الجعفي ، عن ابن فضيل ، عن الحسن بن الحكم الجعفي ، عن رياح بن الحارث النخعي ... الحديث.

ورواه أيضا أحمد بن حنبل في مسنده 5 / 419 والهيثمي في مجمعه 9 / 103.

[29] أخرج الحافظ أبو بكر بن مردويه كما في كشف الغمة ص 93 عن حبيب بن يسار عن أبي رملة. ورواه أيضا المحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 169.

وروى ابن الأثير في اسد الغابة 1 / 368 عن أبي مريم زر بن حبيش الحديث بفارق بسيط وأضاف : فقام اثنى عشر منهم : قيس بن ثابت بن شماس ، وهاشم بن عتبة ، وحبيب بن بديل بن ورقاء.

[30] ذكره المحبّ الطبرى في الرياض النضرة 2 / 169 بعد ذكر المناشدة.

[31] نقل المحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 195 رواية مشابهة حيث قال : أخرج ابن السمان عن عمر وقد نازعه رجل في مسألة ، فقال : بيني وبينك هذا الجالس - وأشار الى علي بن أبي طالب علیه السلام - فقال الرجل : هذا الأبطن. فنهض عمر عن مجلسه وأخذ بتلبيبه حتى شاله من

ص: 422

الأرض ثم قال : أتدري من صغرت؟ مولاي ومولى كل مسلم.

[32] نقله ابن أبي شيبة في فضائل علي علیه السلام 6 / 156 عن شريك عن عياش بن عمرو العامري التميمي عن عبد اللّه بن شداد قال : قدم على رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وفد آل سرح من اليمن ، فقال لهم رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : لتقيمن الصلاة ولتوقف الزكاة ولتسمعن ولتطيعن أو لأبعثن إليكم رجلا كنفسي يقاتل مقاتليكم ويسبي ذراريكم اللّهمّ أنا أومن هو كنفسي ، ثم أخذ بيد علي.

ورواه البلاذري في أنساب الأشراف ج 1 / 319 الحديث 85.

[33] وروى قريبا منه المحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 164 خرّجه عبد الرزاق. وابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة ص 77 قريبا له.

[34] روى أحمد بن شعيب النسائي في خصائصه 140 ، عن العباس بن محمد الدوري ، عن الأحوص بن جواب ، عن يونس بن أبي إسحاق ، عن أبي إسحاق ، عن زيد بن يثيع ، عن أبي ذر ( مع تفاوت بسيط ).

ورواه أيضا الكنجي في كفاية الطالب ص 288 وابن الجوزي ص 45 والبحراني في غاية المرام ص 651 الباب 105 الحديث 2.

[35] روى المجلسي في بحار الأنوار 35 / 49 الحديث 2 عن الحسين بن يحيى بن ضريس ، عن معاوية بن صالح ، عن أبي عوانة ، عن محمد بن يزيد ، عن عبد اللّه بن ميمون ، عن ليث ، عن مجاهد عن ابن عمر ... الحديث ( ويشابه ما رواه المؤلّف ).

ورواه أيضا الهيثمي في مجمع 9 / 121 والمتقي في كنز العمال 6 / 404 والمحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 167.

[36] روى النسائي في خصائصه ص 143 الحديث 74 عن أحمد بن سليمان ، عن يحيى بن آدم ، عن إسرائيل عن أبي إسحاق ، عن حبشي

ص: 423

بن جنادة السلولي ، قال : قال رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : عليّ مني وأنا منه ولا يؤدي عنى إلا أنا أو علي.

ورواه الترمذي في سننه 5 / 636 وابن ماجة في سننه 1 / 42.

وأما البحراني في غاية المرام ص 459 الحديث 30 روى الحديث نصا بسنده فراجع.

[40] رواه أحمد بن حنبل في كتاب الفضائل ( مناقب أمير المؤمنين ) الحديث 174 عن هيثم بن خلف ، عن محمد بن أبي عمر الدوري ، عن شاذان ، عن جعفر بن زياد ، عن مطر ، عن أنس قال : قلنا لسلمان : سل النبي من وصيّه؟ فقال له سلمان : يا رسول اللّه من وصيّك ... الحديث.

[42] روى البحراني في غاية المرام ص 171 الباب 23 الحديث 23 : عن ابن بابويه عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن علي بن إبراهيم ، عن ابراهيم بن هاشم ، عن عبد السلام بن صالح ، عن محمد بن يوسف القرباني ، عن سفيان بن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن حبيب بن الجهم ... الحديث مفصلا.

ورواه مع تفاوت ابن شاذان في الفضائل ص 142 وابن شهرآشوب في المناقب 2 / 265 عن محمد بن القيس.

[43] رواه علي بن سلطان في مرقاة المفاتيح 5 / 602 عن أبي أيوب الأنصاري ... الحديث. والمحبّ الطبري في ذخائره ص 44.

[45] رواه البحراني في غاية المرام ص 16 الباب الثاني الحديث 1 عن موفق بن أحمد ، عن الحسن بن أحمد العطار الهمداني ، عن الحسين بن أحمد المقري ، عن أحمد بن عبد اللّه الحافظ ، عن محمد بن أحمد بن علي بن مخلد ، عن محمد بن عثمان ، عن شيبة ، عن إبراهيم بن محمد بن ميمون ، عن علي بن عابس ، عن الحرث بن الحصين ، عن القسم بن جندب ، عن

ص: 424

أنس بن مالك ، قال ... ( فذكر الحديث ).

ورواه أيضا أبو نعيم في حلية الاولياء 1 / 63 والمفيد في الارشاد ص 27.

[46] رواه المتقي في كنز العمال 6 / 221 وأخرجه الطبراني وابن عساكر عن ابن عباس والهيثمي في مجمعه 9 / 184.

[50] رواه المجلسي في بحار الأنوار 8 / 87 ط قديم عن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن أبي رافع ، قال : قال : إني لعند أبي بكر إذ طلع علي والعباس الحديث.

[51] روى المجلسي في بحار الأنوار 40 / 66 الحديث 100 عن أبي المفضل ، عن محمد بن فيروز الجلاب ، عن محمد بن الفضل بن مختار ، عن أبيه ، عن الحكم بن ظهير ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن القاسم بن عوف ، عن أبي الطفيل ، عن سلمان ... الحديث.

والمحبّ الطبري في الذخائر العقبى ص 135 يرويه عن علي بن علي الهلالي ، عن أبيه ... الحديث. والهيثمي في مجمعه 9 / 165.

[52] رواه البحراني في تفسير البرهان 1 / 319 الحديث 4 عن ابن عباس أن عليا علیه السلام ( فذكر الحديث ).

[53] رواه المفيد في الإرشاد ص 28 عن المظفر بن محمد ، عن محمد بن أحمد بن أبي الثلج ، عن جده ، عن عبد اللّه بن داهر ، عن أبي داهر بن يحيى الأحمري المقري ، عن الأعمش ، عن عباية الأسدي ، عن ابن عباس : أن النبيّ صلی اللّه علیه و آله قال لأمّ سلمة (رحمها اللّه) : اسمعي واشهدي هذا علي أمير المؤمنين وسيد الوصيّين.

ورواه أيضا المجلسي في بحار الأنوار 37 / 337 الحديث 78.

[58] رواه الهيثمي في مجمعه 9 / 113 عن سلمان ... الحديث.

ص: 425

[61] رواه أحمد بن إسماعيل القزويني المتوفى 590 في كتاب الأربعين الباب الثاني ، عن موفق بن سعيد ، عن الحسين بن محمد بن حمويه الصفار ، عن عبد الرحمن بن حمدان ، عن عبد اللّه بن محمد بن زياد عن أحمد بن إبراهيم بن عبد اللّه ، عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، عن شابة بن سوار المدائني ، عن نعيم بن حكيم ، عن أبي مريم ، عن علي : أن النبيّ صلی اللّه علیه و آله أخذ بيده يوم غدير خم. فقال : اللّهمّ من كنت مولاه فعلي مولاه.

[62] روى أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 253 عن عفان ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : قدمنا مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حجّاجا ... الى قوله : وقدم علي من اليمن فقال له رسول اللّه : بما أهللت؟ فقال : أهللت بما أهللت به. قال : فهل معك هدي. قال : لا.

قال صلی اللّه علیه و آله : فأقم كما أنت ولك ثلث هديي.

قال : وكان مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مائة بدنة.

[63] روى أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 260 عن يعقوب ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن رجل ، عن عبد اللّه بن بخيع ، عن مجاهد بن جبر ، عن ابن عباس ، قال : أهدى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله في حجة الوداع مائة بدنة نحر منها ثلاثين بدنة بيده ، ثم أمر عليا علیه السلام فنحر ما بقى منها ، وقال : قسّم لحومها وجلودها بين الناس ، ولا تعط جزارا منها شيئا ، وخذ لنا من كل بعير خذية من لحم ، ثم اجعلها في قدر واحدة حتى نأكل من لحمها ونحسو من مرقها ، ففعل.

وقد ذكر أحمد بن حنبل في مسنده طرقا عديدة للحديث راجع 1 / 159 و 320 و 123 و 79 و 143 و 154 و 112 و 132 وفي 3 / 331.

[64] رواه الكنجي في كفاية الطالب ط 3 ص 63 عن الحسين بن

ص: 426

إسماعيل المحاملي عن الكاشغري ، عن أحمد بن عبد الغني ، عن ابن البطر ، عن ابن البيع ، عن المحاملي ، عن يوسف بن موسى ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن فطر بن خليفة ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو ، وعن سعيد بن وهب ، وعن زيد بن يثيع ، قالوا : سمعنا عليا يقول في الرحبة : انشدكم اللّه ولا انشد إلا من سمعت اذناه ووعى قلبه. فقام نفر فشهدوا أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : بلى يا رسول اللّه. قال : فأخذ بيد علي بن أبي طالب ، ثم قال : من كنت مولاه فهذا مولاه اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه وانصر من نصره واخذل من خذله.

[65] روى البحراني في غاية المرام ص 615 الحديث 7 عن ابن بابويه عن محمد بن عمر البغدادي ، عن محمد بن أحمد بن ثابت ، عن محمد بن الحسن بن العباس ، عن حسن بن حسين العرني ، عن عمرو بن ثابت ، عن عطا بن السائب ، عن أبي يحيى ، عن ابن عباس. قال : صعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله المنبر فخطب ، واجتمع الناس إليه فقال : يا معشر المؤمنين إن اللّه أوحى إليّ ؛ أني مقبوض وأن ابن عمي عليا مقتول ، أيها الناس اخبركم خيرا إن عملتم به سلمتم وإن تركتموه هلكتم وأن ابن عمي عليا ، وهو أخي ووزيري وهو خليفتي وهو المبلغ عني.

الحديث.

وروى الكنجي في كفاية الطالب ص 196 عن الزهري عن عبد الرحمن بن مالك عن جابر بن عبد اللّه قال : سمعت علي بن أبي طالب ينشد ورسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يسمع :

أنا أخو المصطفى لا شكّ في نسبي *** معه ربيت وسبطاه هما ولدي

جدّي وجدّ رسول اللّه متّحد *** وفاطم زوجتي لا قول ذي فند

ص: 427

صدقته وجميع الناس في ظلم *** من الظلالة والاشراك والنكد

فالحمد لله شكرا لا تعادله *** البر بالعبد والباقي بلا أمد

فتبسّم رسول اللّه. وقال : صدقت يا علي.

[66] روى الحديث السيد ابن طاوس المتوفى 664 ه- في كتابه اليقين ص 58 عن سهل بن عبد اللّه ، عن علي بن عبد اللّه ، عن إسحاق بن إبراهيم الديري ، عن عبد الرزاق بن هاشم ، عن معمر بن عبد اللّه بن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : كنا جلوسا مع النبيّ صلی اللّه علیه و آله إذ دخل علي بن أبي طالب علیه السلام ، فقال : السلام عليك يا رسول اللّه ، قال : وعليك السلام يا أمير المؤمنين ورحمة اللّه وبركاته ، فقال علي علیه السلام : وأنت حيّ يا رسول اللّه! قال : نعم وأنا حيّ يا علي ... فأنت يا علي أمير المؤمنين في السماء وأمير المؤمنين في الأرض لا يتقدمك بعدي إلا كافر ولا يتخلّف عنك بعدي إلا كافر. وأن أهل السماوات يسمّونك أمير المؤمنين.

[67] ورواه غيره بنفس المضمون كما ذكر البحراني في غاية المرام ص 475 عن أبي ذر وابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 111 عن أمّ مجتبى بنت ناصر عن إبراهيم بن منصور عن أبي بكر بن جعفر بن سليمان الضيعي ، عن عبد اللّه بن المثنى ، عن عبد اللّه بن أنس ، عن أنس بن مالك أنه قال : اهدي لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حجل مشوي بخبر وصنابة ، فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : اللّهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطعام. فقالت عائشة : اللّهمّ اجعله أبي ، وقالت حفصة : اللّهمّ اجعله أبي ، قال أنس : وقلت : اللّهمّ اجعله سعد بن عبادة ، قال أنس : فسمعت حركة بالباب ، فخرجت فاذا علي بالباب ، فقلت : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على حاجة ، فانصرف ثم سمعت

ص: 428

حركة بالباب ، فخرجت فاذا علي بالباب ، فقلت : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على حاجة ، فانصرف ، ثم سمعت حركة بالباب ، فسلّم عليّ ، فسمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله صوته ، فقال : انظر من هذا ، فخرجت فاذا هو علي ، فجئت الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فأخبرته. فقال : ائذن له ، فدخل ، فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : اللّهمّ وال من والاه.

ورواه ابن كثير في البداية النهاية 7 / 353 عن أبي رافع.

[70] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 168 حديث 658 عن أبي المظفر بن القشيري عن أبي القاسم ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن سعد بن حمويه النسوي ، عن هيثم بن خالد ، عن عبد السلام ، عن ابي الجحاف ، عن جميع بن عمير الليثي قال : دخلت مع عثمان على عائشة ، فقلت لها : يا أمّ المؤمنين ، أي الناس كان أحبّ الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قالت : فاطمة بنت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : قلت : فمن الرجال؟ قالت : زوجها ، وايم اللّه ان كان ما علمت صوّاما قوّاما جديرا أن يقول ما يحبّ اللّه.

وروى الترمذي في الصحيح 2 / 319 بسنده عن جميع بن عمير التميمي قال : دخلت مع عمّتي على عائشة : فسألت : أي الناس كان أحبّ الى رسول اللّه؟ قالت : فاطمة. فقيل من الرجال. قالت : زوجها ان كان ما علمت صوّاما قوّاما.

وروى أيضا في المستدرك 3 / 57 والخطيب البغدادي في تاريخه 11 / 430 وكنز العمال 6 / 400 والطبري في الذخائر 35 ذلك.

ورواه أيضا ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 165 عن محمد بن علي بن عبد اللّه ، عن محمد بن عبد العزيز بن محمد الفارسي عن عبد الرحمان

ص: 429

بن أحمد بن أبي شريح ، عن يحيى بن محمد بن صاعد ، عن يوسف بن محمد بن سابق القرشي ، عن يحيى بن عبد اللّه بن أبي عيينة ، عن أبيه ، عن ابن إسحاق الشيباني عن جميع بن عمير ، عن عائشة ، قال : دخلت عليها مع امّي وأنا غلام فذكرت عليا ، فقالت عائشة : ما رأيت رجلا قط كان أحبّ الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله منه ، ولا امرأة أحبّ الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من امرأته.

[71] رواه ابن شهر اشوب في مناقبه 2 / 224 عن أبي بكر بن عياش وأبي الجحاف وعثمان بن سعيد كلّهم عن جميع بن عمير عن عائشة : ولقد سالت نفس رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في كفّ علي فردها الى فيه.

قال الحميري :

وسالت نفس أحمد في يديه *** فألزمها المحيا والجبينا

[72] وبهذا المضمون روى ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 167 عن عمر بن إبراهيم الزيدي ، عن محمد بن أحمد بن علان ، عن محمد بن جعفر بن محمد بن الحاكم ، عن محمد بن القاسم بن زكريا ، عن عبّاد بن يعقوب ، عن أبي عبد الرحمن عن كثير النواء ، عن جميع بن عمير ، عن عائشة. قال : قلت لها : من كان أحبّ الناس الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؟ قال : قالت : أما من الرجال فعلي وأما من النساء ففاطمة.

[73] رواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 92 باختلاف يسير عن جميع بن عمير : إن امّه وخالته دخلتا على عائشة. ( فساق الحديث بطوله ). ورواه أيضا أبو بكر بن أبي شيبة في فضائل علي ج 6 / 157 عن أبي بكر بن عياش عن صدقة بن سعيد عن جميع بن عمير قال ( الحديث ).

[74] رواه ابن المغازلي في المناقب ص 55 عن أحمد بن محمد بن عبد الوهاب بن طاوان ، عن الحسين بن محمد العلوي ، عن أحمد بن محمد الجواربي ،

ص: 430

عن أحمد بن حازم ، عن سهل بن عامر البجلي عن أبي خالد الأحمر ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن مسروق قال : قالت عائشة : يا مسروق إنك من ولدي ، وإنك من أحبّهم إليّ فهل عندك علم من المخدج؟ قال : قلت : نعم ، قتله علي بن أبي طالب على نهر يقال لأعلاه تأمرا ولأسفله النهروان بين احقاق وطرقاء. قالت : ابغني على ذلك بينة ، فأتيتها بخمسين رجلا من كل خمسين بعشرة - وكان الناس إذ ذاك أخماسا - يشهدون أن عليّا علیه السلام قتله على نهر يقال لأعلاه تأمرا ولأسفله النهروان بين احقاق وطرقاء. فقلت : يا أمة ، أسألك باللّه وبحق رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وبحقي - فإني من ولدك - أيّ شيء سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول فيه؟ قالت : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : هم شرّ الخلق والخليقة ، يقتلهم خير الخلق والخليقة وأقربهم الى اللّه وسيلة.

[75] رواه الروياني في مسند الصحابة 16 / 8 - باختلاف يسير - محمد بن إسحاق ، عن أبي جعفر بن نيزك ، عن يونس بن محمد ، عن حيان بن علي ، عن عبد اللّه بن عطاء ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : جاء قوم من خراسان فقالوا : أنبئنا ، فقال : أما من بني فلانة. فقالوا : انبئنا ، فقال : أما من بني فلانة. فقالوا : أنبئنا عن أحبّ الناس كان الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؟ قال : علي بن أبي طالب. عن علي بن هاشم عن أبي الجحاف عن معاوية بن ثعلبة ، قال : أتى رجل أبا ذر وهو جالس في مسجد النبيّ صلی اللّه علیه و آله ، فقال : يا أبا ذر ألا تخبرني بأحبّ الناس إليك ؛ فاني أعرف أن أحبّهم الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ! قال : اي وربّ الكعبة ؛ إن أحبّهم الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله هو ذاك الشيخ ، وأشار الى علي ، وهو يصلّي أمامه.

[76] روى البحراني في غاية المرام ص 482 باب 15 الحديث 4 عن ابن

ص: 431

المغازلي عن محمد بن أحمد بن عثمان عن الدار قطني يرفعه الى ابن عمر ، قال : قال : رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي : أنت أخي في الدنيا والآخرة.

أما القسم الثاني من الحديث يشابه ما ذكره ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 71 عن سلمان قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : خير هذه الامّة علي بن أبي طالب.

[77] روى الكنجي الحديث بطريق ابن عمر في مناقبه ص 341 عن جعفر بن أبي البركات الهمداني ، عن أحمد بن محمد بن أحمد السلفي ، عن أحمد بن محمد بن أحمد الكيلاني ، عن محمد بن علي بن عمر بن مهدي النقاش ، عن أحمد بن محمد بن حمان بن سليل الرازي ، عن أحمد بن مردة بن زنجلة الأباسي ، عن حسن بن علي الحلواني عن المعلّى بن عبد الرحمن ، عن ابن أبي ذيب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما.

[78] رواه البحراني في غاية المرام ص 450 الباب الأول حديث 12 عن ابن بابويه ، عن يعقوب بن يوسف ، عن إسماعيل بن محمد الصفار البغدادي ، عن محمد بن عتبة الكندي ، عن عبد الرحمن بن شريك ، عن ابي عن الأعمش ، عن عطاء ، قال : سألت عائشة عن علي بن أبي طالب؟ فقالت : ذلك خير البشر ولا يشكّ فيه إلا كافر.

ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 246 والصدوق في أماليه ص 71 / الحديث 3.

[79] ذكر أبو الفضل شاذان بن جبرائيل المتوفى 660 ه- في الفضائل ص 162 باسناده يرفعه الى محمد بن علي الباقر أنه قال : سئل جابر بن عبد اللّه الأنصاري عن علي بن أبي طالب علیه السلام . قال : ... ولقد

ص: 432

سمعت بإذني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : علي بعدي خير البشر ، فمن شكّ فيه فقد كفر.

[80] رواه البحراني في غاية المرام ص 607 باب 78 حديث 14 عن الشيخ المفيد عن محمد بن عمران المرزباني ، عن عبد اللّه بن محمد الطوسي ، عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل ، عن علي بن حكيم الأدمي ، عن شريك ، عن عثمان بن أبي زرعة ، عن سالم بن أبي الجعد ، قال : سئل جابر بن عبد اللّه الأنصاري ، وقد سقط حاجباه على عينيه. فقيل له : أخبرنا عن علي بن أبي طالب علیه السلام فرفع حاجبيه بيديه ، ثم قال : ذاك خير البرية لا يبغضه إلا منافق ولا يشكّ فيه إلا كافر.

قال البياري :

ألا اقرأ لم يكن وتأمّلنها *** تجد فيها خسار الناصبية

أمير المؤمنين لنا إمام *** له العلياء والرتب السنية

فلم انكرتم لو قلت يوما *** بأن المرتضى خير البرية

سنذكر بغضه وقلاه يوما *** أتاك ردى وحم لك المنية

( المناقب لابن شهر اشوب 3 / 69 ) [81] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 455 بأربعة طرق ورواه أيضا البحراني في غاية المرام ص 452 الباب الثاني الحديث الرابع ، عن ابن بابويه عن محمد بن أحمد الصوفي ، عن محمد بن العباس ، عن محمد بن يونس البصري ، عن أبي بكير ، عن شريك ، عن أبي إسحاق ، عن أبي وائل عن حذيفة بن اليمان ، عن النبيّ صلی اللّه علیه و آله قال : علي بن أبي طالب خير البشر ، ومن أبى فقد كفر.

ورواه الصدوق في أماليه ص 71 الحديث 4.

[82] وبهذا المعنى روى البحراني في غاية المرام ص 454 الباب الثاني

ص: 433

الحديث 20 عن ابن بابويه ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن الحسن المؤدب ، عن أحمد بن علي الاصبهاني ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن أبي رجاء قتيبة بن سعيد ، عن حماد بن زيد ، عن حماد السراج ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من فضّل أحدا من أصحابي على عليّ فقد كفر ..

[83] رواه البحراني في غاية المرام ص 449 الباب الأول الحديث 7. عن موفق بن أحمد باسناده عن زاذان عن عبد اللّه بن مسعود. الحديث.

[84] رواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 116 ورواه أيضا ابن شهر اشوب في المناقب 4 / 73 عن الطبريّين في الولاية والمناقب والسمعاني في الفضائل بأسانيدهم عن إسماعيل بن رجاء وعمرو بن شعيب ... الحديث.

ورواه أيضا محمد بن عقيل الحسيني المتوفى 1350 ه- في النصائح الكافية ص 29 قال : أخرجه ابن عساكر عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه ... الحديث.

ورواه ابن الأثير في اسد الغابة 3 / 234.

[85] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 1 / 236 عن الحسن بن علي بن الحسن بن الحسن وعبد اللّه بن العباس وأبي سعيد الخدري وعبد اللّه بن الحارث : إن عائشة قالت : قال رسول اللّه - وهو في بيتها لما حضره الموت - ادعوا لي حبيبي ... الحديث.

ورواه أيضا الكليني في اصول الكافي - مع الترجمة - 2 / 61 بطريق آخر. علي بن إبراهيم عن أبيه وصالح بن السندي عن جعفر بن بشير عن يحيى بن معمر العطار عن بشير الدهان عن أبي عبد اللّه الصادق علیه السلام ... الحديث.

[86] ذكره محمد بن يوسف الكنجي في كفاية الطالب ص 101 عن

ص: 434

صالح بن أبي المظفر السيبي ، عن بشر بن عبد اللّه النهدي ، عن سعيد بن نبهان ، عن أبي علي بن شاذان ، عن عثمان بن أحمد بن عبد اللّه الدقاق ، عن أحمد بن عبد الجبار ، عن يونس بن بكير عن المسيب بن مسلم الأزدي ، عن عبد اللّه بن بريدة ، عن أبيه قال : ( فذكر الحديث ).

ورواه ابن المغازلي في مناقبه ص 441 باختلاف يسير عن طريق آخر.

[87] رواه البحراني في غاية المرام ص 54 باب 13 حديث 44 عن محمد بن الحسن الطوسي ، عن محمد بن محمد ، عن علي بن خالد المراغي ، عن محمد بن صالح ، عن عبد الأعلى بن واصل الأسدي ، عن مخول بن إبراهيم ، عن علي بن خزور ، عن الأصبغ بن نباتة قال : سمعت عمار بن ياسر يقول :

قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي : إن اللّه قد زيّنك بزينة لم يزيّن العباد بزينة أحبّ الى اللّه منها. زيّنك بالزهد في الدنيا وجعلك لا ترزأ منها شيئا ، ووهب لك حبّ المساكين ، فجعلك ترضى بهم أتباعا ويرضون بك إماما ، فطوبى لمن أحبّك وصدق بك وويل لمن أبغضك وكذب عليك ، فأما من أحبّك وصدق فيك ، فاولئك جيرانك في دارك وشركاؤك في جنّتك ، فأما من أبغضك وكذب عليك ، فحقّ على اللّه أن يوقفه موقف الكذابين.

[88] إن المؤلّف ذكر في هذا السند مضمون حديثين منفصلين وهما :

أ - ذكره أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 84 : عن عبد اللّه عن أبيه عن ابن نمير عن الأعمش عن عدي بن ثابت عن زر بن حبيش قال : قال علي علیه السلام : واللّه إنه مما عهد إليّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه لا يبغضني إلا كافر ولا يحبّني إلا مؤمن.

ص: 435

ب - وذكر أيضا في مسنده 1 / 95 : عن وكيع ، عن الأعمش ، عن عدي بن ثابت ، عن زر بن حبيش ، عن علي علیه السلام قال : عهد إليّ النبيّ صلی اللّه علیه و آله أنه لا يحبّك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق.

ورواه أيضا ابن المغازلي في مناقبه ص 191.

[89] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 68 عن إبراهيم بن محمد ويحيى بن علي الحضرمي ومحمد بن محمود البغدادي ، عن أبي الحسن بن محمد ، عن محمد بن الفضل ، عن أبي الحسين بن محمد ، عن محمد بن عيسى ، عن إبراهيم بن محمد ، عن أبي الحسين مسلم ، عن يحيى بن يحيى ، عن معاوية ، عن الاعمش ، عن عدي بن ثابت ، عن زر بن حبيش ، قال : قال علي علیه السلام : والذي فلق الجنّة وبرأ النسمة انه لعهد النبيّ الامّي ، أن لا يحبّني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.

[90] رواه الحاكم في مستدرك الصحيحين 3 / 142 عن حيان الأسدي قال : سمعت عليا علیه السلام يقول : قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن الامّة ستغدر بك بعدي ، وأنت تعيش على ملّتي ، وتقتل على سنّتي. من أحبّك أحبني ومن أبغضك أبغضني ، وأن هذه ستخضب من هذا - يعني لحيته من رأسه -.

ورواه المتقي في كنز العمال 6 / 157.

[91] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 208 قال : قال الطبري في الولاية بإسناد له عن الأصبغ بن نباتة. - الحديث -.

[92] روى ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 206 عن عبادة بن يعقوب عن يعلي بن مرة ، انه كان جالسا عن النبيّ صلی اللّه علیه و آله إذ دخل أمير المؤمنين علیه السلام فقال : كذب من زعم أنه يتولاّني ويحبّني وهو

ص: 436

يعادي هذا ويبغضه ، واللّه لا يبغضه ويعاديه إلا كافر أو منافق أو ولد زانية.

قال الشاعر :

بحبّ علي تزول الشكوك *** وتصفو النفوس ويزكو النجار

فمهما رأيت محبّا له *** فثم العلاء وثم الفخار

ومهما رأيت بغيضا له *** ففي أصله نسب مستعار

[93] روى الكنجي في كفاية الطالب ص 320 عن أمّ سلمة رواية مضاهية باسناده عن جابر ، عن أبي جعفر ، عن أمّ سلمة ، قالت : دخل علي بن أبي طالب على النبيّ ، فقال النبيّ صلی اللّه علیه و آله : كذب من زعم أنه يحبّني ويبغض هذا.

[95] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 222 عن أحمد بن محمد ، عن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم ، عن إبراهيم بن عبد اللّه بن محمد بن خورشيد ، عن أبي بكر بن زياد ، عن يوسف بن سعيد ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن محمد بن على السلمي ، عن عبد اللّه بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد اللّه قال ... الحديث.

ورواه أيضا البحراني في غاية المرام ص 610 وابن شهر اشوب في المناقب 3 / 207.

[96] رواه البحراني في غاية المرام ص 436 الباب 216 الحديث الثاني ، عن محمد بن العباس ، عن محمد بن جرير ، عن عبد اللّه بن عمر ، عن الخماني ، عن محمد بن مالك ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث.

[97] ما يقارب هذا المعنى رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 186 عن أحمد بن المظفر بن سوسن ، عن محمد بن محمد بن عبد اللّه السبحي ، عن

ص: 437

أبي علي بن شاذان ، عن محمد بن جعفر بن محمد الأدمي ، عن أحمد بن موسى بن يزيد الشطري ، عن إبراهيم بن الحسن التغلبي ، عن يحيى بن يعلى ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : دخل علينا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ونحن في المسجد وهو آخذ بيد علي ، فقال النبيّ صلی اللّه علیه و آله : أليس زعمتم أنكم تحبّوني؟ قالوا : بلى يا رسول اللّه. قال : كذب من قال إنه يحبّني ويبغض هذا.

[98] رواه الهيثمي في مجمعه 9 / 129 عن البزاز بإسناده عن أبي رافع ، قال : بعث رسول اللّه ... الحديث مع فارق بسيط أشرنا إليه في الأصل.

[99] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 3 / 483 مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ. عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه ، عن محمد بن إسحاق ، عن أبان بن صالح ، عن الفضل بن معقل بن يسار ، عن عبد اللّه بن نيار الأنسلي ، عن عمرو بن شاس الأسلمي ( كان من أصحاب الحديبية ) قال : خرجت مع علي الى اليمن ، فجفاني في سفري ذلك حتى وجدت في نفسي عليه ، فلما قدمت المدينة أظهرت الشكاية في المسجد ذات غدوة ورسول اللّه في ناس من أصحابه ، فلما رآني أبدني عينيه ( يقول : حدد إليّ النظر ) حتى اذا جلست ، قال صلی اللّه علیه و آله : يا عمرو واللّه لقد آذيتني ، قلت : أعوذ باللّه أن أوذيك يا رسول اللّه ، قال صلی اللّه علیه و آله : بلى ، من آذى عليا فقد آذاني.

ورواه ابن شاذان في الفضائل ص 104 والخوارزمي في مناقبه ص 93.

[100] رواه البحراني في غاية المرام ص 584 عن موفق بن أحمد ، عن أحمد بن الحسين ، عن محمد بن الحسن العلوي ، عن عبد اللّه بن محمد بن الحسن ، عن أحمد بن الأزهر بن منيع السليطي ، عن عبد الرزاق ، عن

ص: 438

المعمر ، عن الزهري ، عن عبد اللّه بن عبد اللّه ، عن ابن عباس ... الحديث.

ورواه أيضا ابن المغازلي في مناقبه ص 103 وابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 231.

[102] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 81 عن أبي الحسن بن أبي عبد اللّه بن أبي الحسن البغدادي ، عن الفضيل بن سهل بن بشر الاسفرايني ، عن أحمد بن علي البغدادي ، عن القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي ، عن أبيه ، عن العباس بن عبد الواحد ، عن يعقوب بن جعفر بن سليمان ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كنت مع عبد اللّه بن العباس وسعيد بن جبير يقوده ، فمرّ على ضفة زمزم فاذا قوم من أهل الشام يشتمون عليا. فقال لسعيد بن جبير : ردني إليهم ، فوقف عليهم ، فقال : أيّكم السابّ لله عز وجل؟ فقالوا : سبحان اللّه ما فينا أحد سبّ اللّه. قال : أيّكم السابّ رسول اللّه؟ قالوا : سبحان اللّه ما فينا أحد سبّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . قال : فأيّكم السابّ علي بن أبي طالب علیه السلام ؟ فقالوا : أما هذا فقد كان. قال : فأشهد على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سمعته اذناي ووعاه قلبي ، يقول لعلي بن أبي طالب : من سبّك فقد سبّني ومن سبّني فقد سبّ اللّه ومن سبّ اللّه اكبّه اللّه على منخريه في النار. ثم تول عنهم. وقال يا بني : ما ذا رأيتهم صنعوا؟ فقلت له : يا أبه.

نظروا إليك بأعين محمّرة *** نظر التيوس الى شعار الجازر

فقال : فداك أبوك. فقلت :

خزر العيون نواكس أبصارهم *** نظر الذليل الى العزيز القاهر

فقال : زدني فداك أبوك. فقلت : ليس عندي مزيد. فقال : لكن عندي.

ص: 439

أحياؤهم عار على أمواتهم

والميّتون مسبّة للغابر

[103] روى ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 171 عن محمد بن إبراهيم عن إبراهيم بن منصور ، عن أبي بكر بن المقري ، عن أبي علي الموصلي ، عن أبي خثيمة ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن سفيان بن أبي عبيد اللّه ، عن أبي بكر بن خالد بن عرفطة : أنه أتى سعد بن مالك ، فقال : بلغني أنكم تعرضون على سبّ علي بالكوفة ، فهل سببته؟ قال : معاذ اللّه ، والذي نفس سعد بيده لقد سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول في علي علیه السلام شيئا لو وضع المنشار على مفرقي ما سببته أبدا.

وأضاف النسائي في الخصائص ص 173 : بعد ما سمعت من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ما سمعت الترغيب في موالاته والترهيب عن معاداته.

وذكره أيضا الهيثمي في مجمعه 9 / 129.

[104] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 35 عن عبد الملك بن علي الهمداني ، عن شجاع بن المظفر ، عن عبد الكريم بن هوازن القشيري ، عن أبي عبد اللّه الحافظ ، عن أبي بكر بن أبي حازم الكوفي ، عن المنذر بن محمد بن المنذر القابوسي ، عن أبيه ، عن عمّه : الحسين بن سعيد ، عن أبان بن تغلب ، عن نفيع بن الحرث عن أبي برزة ... الحديث.

[105] روى ابن الأثير في اسد الغابة 6 / 101 رواية مماثلة عن يحيى بن عبد الرحمن الأنصاري قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : من أحبّ عليّا محياه ومماته كتب اللّه تعالى له الأمن والإيمان ما طلعت الشمس وما غربت ، ومن أبغض عليا محياه ومماته فميتة جاهلية وحوسب بما أحدث في الإسلام.

ورواه نصّا الصدوق في الخصال ص 576. والكنجي في كفاية

ص: 440

الطالب ص 110.

ورواه أيضا المتقي في كنز العمال 6 / 155 والهيثمي في مجمعه 9 / 121. والبحراني في غاية المرام ص 15.

[106] رواه البحراني في غاية المرام ص 252 باب 46 الحديث 14 عن إبراهيم بن محمد الحمويني ، عن إبراهيم بن عمر ، عن عبد الرحمن بن عمر ، عن عبد الرحمن بن عبد السميع ، عن شاذان بن جبرئيل ، عن محمد بن عبد العزيز القمي ، عن محمد بن أحمد بن علي ، عن أبي علي الحداد ، عن أبي نعيم ، عن ابن سهيل ، عن أحمد بن محمد بن سعيد ، عن محمد بن الحسين الخثعمي ، عن ارطاة بن حبيب ، عن فضيل بن زبير الرسان ، عن عبد الملك عن زاذان ، وأبي داود ، عن أبي عبد اللّه الجدلي قال : قال لي علي علیه السلام : يا أبا عبد اللّه ، ألا اخبرك بالحسنة التي من جاء بها أمن من فزع الاكبر يوم القيامة ، وبالسيّئة التي من جاء بها كبّت وجوههم بالنار فلم تقبل منها عمل ، ثم قرأ : من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون. ومن جاء بالسيّئة فكبّت وجوههم في النار. ثم قال : يا أبا عبد اللّه الحسنة حبّنا والسيّئة بغضنا. ورواه أيضا في ص 329.

ورواه الحبري في ما نزل من القرآن في علي علیه السلام ص 68 والمجلسي في بحار الأنوار 36 / 102.

[107] رواه البحراني في غاية المرام ص 374 باب 74 الحديث الخامس عن أبي علي الطبرسي في مجمع البيان قال : وفي تفسير أبي حمزة الثمالي : حدثني أبو جعفر الباقر علیه السلام ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي قل : اللّهمّ اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في قلوب المؤمنين ودّا. فنزلت الآية.

ورواه أيضا من العامّة أنها نزلت في على بن أبي طالب. النيسابوري

ص: 441

في تفسيره 2 / 520. والشافعي في إسعاف الراغبين ص 109. والشبلنجي في نور الأبصار ص 112.

[108] رواه المحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 214 عن الحارث الهمداني.

وروى المحمودي في نهج السعادة 2 / 589 قطعا من هذه الخطبة عن جابر عن رفيع بن فرقد البجلي ، قال : سمعت عليا :

يا معاشر الكوفة واللّه لتصبرن على قتال عدوكم أو ليسلّطنّ اللّه عليكم قوما انتم أولى بالحق منهم فليعذبنكم. أفمن قتلة بالسيف تحيدون إلى موتة على الفراش.

[109] روى ابن المغازلي في مناقبه ص 292 عين الألفاظ وبطريق آخر : عن محمد بن إسماعيل العلوي ، عن عبد اللّه بن محمد بن عثمان المزني ، عن علي بن العباس البجلي ، عن محمد بن عبد الملك ، عن بشر بن الهذيل الكوفي ، عن أبي إسرائيل ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري [ سعد بن مالك ] ... الحديث.

[110] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 137 عن ابن فرح ، عن عثمان بن نصر ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن داود بن عبد الحميد ، عن عمرو بن قيس الملائي ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري قال : صعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله المنبر فقال : والذي نفس محمد بيده ، لا يبغضنا - أهل البيت - أحد إلا أكبّه اللّه في النار. وذكر الشيخ المفيد في أماليه الخطبة وفي ضمنها الحديث ص 134.

[111] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 210 بنفس المضمون بإسناده عن محمد بن عبد اللّه ، عن جابر الأنصاري ، عن عمر بن الخطاب ، قال : كنت أجفو عليا ، فلقيني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فقال : إنك آذيتني

ص: 442

يا عمر. فقلت : أعوذ باللّه ممن آذى رسوله. قال : إنك قد آذيت عليا ومن آذى عليا فقد آذاني.

[112] رواه البحراني في غاية المرام ص 460 الباب 6 الحديث الثالث : مضمونا عن جابر. حيث ذكر سندا طويلا عن البجلي ، عن عبد اللّه بن لهيعة ، عن عبد اللّه عن سلمة ، عن سيار ، عن جابر بن عبد اللّه : ... يا علي وانه لن يرد الحوض مبغض لك ، ولن يغيب عنه محبّ لك حتى يرد الحوض معك.

[113] رواه النسائي في الخصائص ص 28 مضمونا بسنده عن سعيد بن عبيد قال : جاء رجل الى ابن عمر ، فسأله عن علي علیه السلام ، قال : لا احدثك عنه ولكن انظر الى بيته من بيوت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : فاني أبغضه. قال : به أبغضك اللّه.

وابن شهر اشوب في المناقب 2 / 219 عن ابن عمر قال : سأل رجل عمر بن الخطاب عن علي فقال : هذا منزل رسول اللّه وهذا منزل علي بن أبي طالب.

[114] روى قسما منه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 69 الحديث 113 عن عبد الرحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم عن سهل بن بشر ، عن أبي طاهر محمد بن أحمد بن عبد اللّه الزهلي عن القاسم بن زكريا بن يحيى عن أحمد بن محمد بن سعيد الصيرفي عن أبي الجواب عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن إبراهيم القرطبي ، قال : كنا جلوسا في دار المختار ليالي مصعب ، ومعنا زيد بن أرقم ، فذكروا عليا فأخذوا يتناولونه. فوثب زيد وقال : اف اف واللّه إنكم لتتناولون رجلا قد صلّى قبل الناس بسبع سنين.

وروى القسم الأخير الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 172 بإسناده عن

ص: 443

النبي صلی اللّه علیه و آله أنه خطب ، وقال في خطبته : أيها الناس من أبغضنا أهل البيت حشره اللّه يوم القيامة يهوديا. فقال جابر بن عبد اللّه : يا رسول اللّه وإن صام وصلّى؟ قال : وإن صام وصلّى وزعم أنه مسلم احتجز بذلك من سفك دمه وان يؤدي الجزية عن يد وهم صاغرون.

[115] روى البحراني في غاية المرام ص 585 حديث 69 يضاهيه عن علي بن أبي طالب ، أن النبيّ صلی اللّه علیه و آله قال : إن ابنتي فاطمة ليشترك في حبّها البرّ والفاجر ، واني كتب إليّ انه لا يحبّك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق.

[116] روى القندوري في ينابيع المودّة القسم الأول والأخير والقسم الأوسط رواه الهيثمي في مجمع الزوائد.

أ - وفي ينابيع المودّة ط استامبول ص 276 عن زين العابدين عن أبيه [ الحسين بن علي ] : من أحبنا نفعه اللّه بحبنا ، ولو أنه بالديلم.

ب - وفي مجمع الزوائد 1 / 281 عن الحسين بن علي علیه السلام ، قال : من أحبنا للدنيا فإن صاحب الدنيا يحبه البرّ والفاجر ، ومن أحبنا لله كنا نحن وهو يوم القيامة كهاتين - وأشار باصبعيه السبابة والوسطى -.

ج - وفي ينابيع المودّة أيضا ص 276 عن جمال الدين الزرندي المدني عن أبي سعيد الخدري عن الحسين بن علي علیه السلام : من أحبنا أهل البيت تساقط الذنوب عنه كما تساقط الريح الورق عن الشجر.

وروى ابن المغازلي في مناقبه ص 400 ما يشابه نقل المؤلّف.

[117] روى ابن عساكر في تاريخ دمشق ( ترجمة الامام علي 2 / 205 ) قريبا منه عن أبي القاسم بن السمرقندي عن عمر بن عبيد اللّه بن عمر بن علي عن عبد الواحد بن محمد بن عثمان بن إبراهيم عن الحسن بن محمد بن

ص: 444

موسى بن إسحاق الأنصاري عن جده عن عبد اللّه بن عمر مشكدانة عن عبد الكريم بن هلال الخلقاني عن أسلم المكي عن أبي الطفيل قال : أخذ علي بيدي في هذا المكان ، فقال : يا أبا الطفيل ، لو أني ضربت أنف المؤمن بخشبة ما أبغضني أبدا ، ولو أني أقمت المنافق ونثرت على رأسه [ الدنانير ] حتى اغمره ما حبني أبدا ... الحديث. ونقل المجلسي في البحار 39 / 251 عن أمالي المفيد بطريق آخر عن علي علیه السلام بهذا المضمون.

[118] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 46 بطريق آخر عن محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي عن محمد بن الحسن البزاز عن الحسين بن علي السلولي عن محمد بن الحسن السلولي عن صابح بن أبي الأسود عن أبي المطهر الرازي عن الأعشى الثقفي عن سلام الجعفي عن أبي برزة - الحديث -.

ورواه أبو نعيم في حلية الأبرار 1 / 66 مع زيادة أشرنا إليها في الهامش راجع الأصل.

[119] رواه الشيخ المفيد في أماليه ص 78 عن محمد بن عمران المرزباني ، عن محمد بن الحسين الجوهري ، عن هارون بن عبيد اللّه المقري ، عن عثمان بن سعيد ، عن أبي يحيى التميمي ، عن كثير ، عن أبي مريم الخولاني ، عن مالك بن ضمرة ... الحديث.

[120] وروى الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 172 ما يتداعى منه هذا المعنى الى الذهن عن الحسن بن علي علیهماالسلام إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : الزموا مودّتنا أهل البيت فانه من لقى اللّه عز وجل وهو يودّنا دخل الجنة بشفاعتنا. والذي نفسي بيده لا ينفع عبدا عمله إلا بمعرفة حقنا.

ص: 445

[121] روى ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 223 ما يضاهي القسم الأول من الرواية : عن الشعبي ، عن الحارث الأعور ، عن أمير المؤمنين علیه السلام : لا يموت عبد يحبني إلا رآني حيث يحب ، ولا يموت عبد يبغضني إلا رآني حيث يكره. ورواه المجلسي في البحار 27 / 123.

أما القسم الأخير فقد نقله أيضا في المناقب 3 / 313 عن الأصبغ : أن عليا علیه السلام قال : لقد ضربت في الليلة التي قبض فيها يوشع بن نون ، ولا قبض في الليلة التي رفع فيها عيسى بن مريم.

[122] رواه ابن شهرآشوب. في المناقب 3 / 200 عن يحيى بن كثير الضرير رأيت زبيد بن الحارث النامي في النوم ...

ورواه المجلسي في البحار ج 39 ص 259 عن حلية الأولياء.

[123] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق ( ترجمة الامام علي علیه السلام 2 / 221 ) عن عمر بن إبراهيم الزيدي ، عن محمد بن أحمد بن محمد بن علان ، عن محمد بن عبد اللّه بن الحسين الجعفي ، عن علي بن محمد بن هارون الحميري عن هارون بن إسحاق ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن يزيد بن خصيفة ، عن بسر بن سعيد ، عن أبي سعيد الخدري قال : ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إلا ببغض علي.

[124] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق ( ترجمة الامام علي 2 / 223 ) عن حصين ، عن زيد بن عطاء بن السائب ، عن أبيه ، عن الوليد بن عبادة بن الصامت ، عن أبيه ، قال : كنا بنور أولادنا بحبّ علي بن أبي طالب ، فاذا رأينا أحدا لا يحبّ علي بن أبي طالب علمنا أنه ليس منا وأنه لغير رشده.

ورواه ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 207.

ص: 446

[125] رواه بن عساكر في تاريخه ( ترجمة الامام علي علیه السلام 4 / 318 رقم الحديث 1358 ) عن عمر بن إبراهيم بن محمد ، عن محمد بن أحمد بن محمد بن علان ، عن محمد بن عبد اللّه بن الحسين الجعفي ، عن علي بن محمد بن هارون بن زياد الحميري ، عن محمد بن هارون ، عن إسماعيل بن الجليل ، عن علي بن مسهر ، عن أبي إسحاق السبيعي قال : ... ( فذكر الحديث ).

[127] رواه ابن عساكر في تاريخه ( ترجمة الامام علي 2 / 171 ) عن أبي عبد اللّه الفراوي ، عن أبي عثمان البحيري ، عن محمد بن الحسين بن أحمد بن سليم البجاد البغدادي ، عن أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني ، عن أحمد بن يحيى الصوفي ، عن إسماعيل بن أبان الوراق ، عن عمرو بن ثابت ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن زيد بن أرقم ... الحديث.

[128] أما الرواية فقد نقلها ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 208 بإسناده عن الأصبغ بن نباتة ، قال علي علیه السلام : لا يحبني ثلاثة : ولد زنا ومنافق ورجل حملت به امّه في بعض حيضها.

أما بالنسبة الى الحادثة فهناك حوادث كثيرة مشابهة ، منها ما ذكره ابن المغازلي في مناقبه ص 391 بإسناده عن سعيد بن طهمان قال : سمعت هشيم بن بشير الواسطي يقول : أدركت خطباء أهل الشام بواسط في زمن بني أمية كان إذا مات لهم ميّت قام خطيبهم فحمد اللّه وأثنى عليه وذكر عليا علیه السلام ، فسبه ، فجاء ثور فوضع قرنيه في ثدييه وألزقه بالحائط ، فعصره حتى قتله ، ثم رجع يشق الناس يمينا وشمالا ، لا يهج أحدا ولا يؤذيه.

[129] فقد روى الصدوق في عيون أخبار الرضا 2 / 64 نقل قول الامام أمير المؤمنين ، بإسناده عن علي علیه السلام : إنكم ستعرضون على البراءة مني

ص: 447

فلا تتبرءوا مني فاني على دين محمد صلی اللّه علیه و آله .

[131] روى الشيخ المفيد في الاختصاص ص 59 عن جعفر بن الحسين عن محمد بن جعفر المؤدب ، عن محمد بن عبد اللّه بن عمران ، عن عبد اللّه بن يزيد الغساني يرفعه قال : قدم وفد العراقين على معاوية ، فقدم في وفد أهل الكوفة عدي بن حاتم الطائي وفي وفد أهل البصرة الأحنف بن قيس وصعصعة بن صوحان. فقال عمرو بن العاص لمعاوية : هؤلاء رجال الدنيا وهم شيعة علي الذين قاتلوا معه يوم الجمل ويوم صفين فكن منهم على حذر ، فأمر لكل رجل منهم بمجلس سرّي واستقبل القوم بالكرامة ، فلما دخلوا عليه قال لهم : أهلا وسهلا قدمتهم أرض المقدسة والأنبياء والرسل والحشر والنشر.

فتكلم صعصعة ( وكان من أحضر الناس جوابا ) ، فقال : يا معاوية ، أما قولك : أرض المقدسة ، فإن الأرض لا تقدس أهلها وانما تقدسهم الأعمال الصالحة.

وأما قولك : أرض الأنبياء والرسل ، فمن بها من أهل النفاق والشرك والفراعنة والجبابرة اكثر من الأنبياء والرسل.

وأما قولك : أرض الحشر والنشر ؛ فإن المؤمن لا يضره بعد الحشر ، والمنافق لا ينفعه قربه.

فقال معاوية : لو أن الناس كلهم أولدهم أبو سفيان لما كان فيهم إلا كيّسا رشيدا.

فقال صعصعة : قد أولد الناس من كان خيرا من أبي سفيان ، فأولد الأحمق والمنافق والفاجر والفاسق والمعتوه والمجنون - آدم أبو البشر -.

فخجل معاوية.

وقد ذكر قسما منه السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة مجلد

ص: 448

6 / 388 مرسلا دون الاشارة الى مصدر معين.

[132] وروى البحراني في غاية المرام ص 309 الحديث 9 عن أبي الحسن علیه السلام عن أبيه ، عن جده ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي علیهماالسلام ، قال : اجتمع المهاجرون والأنصار الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فقالوا : يا رسول اللّه إن لك مؤونة في نفقتك ومن يأتيك من الوفود وهذه أموالنا مع دمائنا ، فاحكم فيها مأجورا وأعط منها ما شئت من غير حرج ، فأنزل اللّه الروح الأمين ، فقال : يا محمد قل : « لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ». يعني تودّدوا قرابتي بعدي. ( الحديث ).

[133] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 307 الحديث 352 عن محمد بن أحمد بن عثمان ، عن عبد العزيز بن أبي صابر ، عن إبراهيم بن إسحاق بن هاشم ، عن عبيد اللّه بن جعفر العسكري ، عن يحيى بن عبد الحميد بن الحسين الأشقر ، عن قيس ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ... الحديث.

[134] هذا الكلام مفاد رواية نقلها حبة العرني عن أمير المؤمنين علیه السلام ورواها البحراني في غاية المرام ص 504 الباب 21 الحديث 47 : من كتاب فضائل الصحابة للسمعاني ، بإسناده ، عن سالم ، عن حبة العرني عن علي علیه السلام قال : بعث النبيّ صلی اللّه علیه و آله يوم الاثنين وأسلمت يوم الثلاثاء.

ورواه أيضا ابن شهر اشوب في مناقبه 2 / 7. ونقل في كشف الغمة 1 / 84 رواية مشابهة عن أبي رافع حيث قال : صلّى النبيّ أول يوم الإثنين وصلّت خديجه آخر يوم الإثنين ، وصلّى علي علیه السلام يوم الثلاثاء من الغد.

[135] رواه البحراني في غاية المرام ص 499 الباب 21 الحديث 8 عن

ص: 449

عبد اللّه بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه ، عن أبي الفضل الخراساني ، عن أبي غسان بن إسرائيل ، عن جابر ، عن عبد اللّه بن يحيى ، عن علي علیه السلام ... الحديث.

ورواه أيضا البحراني في حلية الأبرار 1 / 239 بطريق آخر مع إضافة كلمة ( من الناس ) في آخر الحديث ( قبل أن يصلّي معه أحد من الناس ).

[136] رواه البحراني في غاية المرام ص 503 باب 21 الحديث 38 : الحمويني ، عن عبد الصمد بن أحمد البغدادي ، عن عبد الرحمن بن علي الجوزي ، عن هبة اللّه بن محمد الشيباني ، عن الحسن بن علي بن المذهب ، عن أحمد بن جعفر القطيفي ، عن عبد اللّه بن أحمد ، عن أبيه ، عن أبي سعيد مولى بني هاشم ، عن يحيى بن سلمة ، عن أبيه ، عن حبة العرني ، قال : رأيت عليا ( صلوات اللّه عليه ) ضحك على المنبر لم أره ضحك ضحكا أكثر منه ، حتى بدت نواجذه ، ثم قال : ذكرت قول أبي طالب. ظهر علينا أبو طالب وأنا مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ونحن نصلّي ببطن نخلة ، فقال : ما ذا تصنعان يا بن أخي ، فدعاه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال : ما الذي تصنعان بأس ( أو بالذي تقولان بأس ) لكن واللّه ما يعلوني استي أبدا - وضحك تعجبا لقول أبيه - ثم قال : اللّهمّ لا أعرف أن عبدا لك من هذه الامّة عبدك قبلي غير نبيك - ثلاث مرات - لقد صلّيت قبل أن يصلّي الناس.

ورواه أيضا ، أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 99 ، والمتقي في كنز العمال 6 / 395 ، والهيثمي في مجمعه 9 / 102 ، وابن الأثير في اسد الغابة 4 / 17.

[137] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 7 عن مروان وعبد الرحمان ...

ص: 450

الحديث.

[138] روى ابن المغازلي في مناقبه ص 15 : صدر الكلام مفاد حديث منقول من سلمان عن رسول اللّه وباختلاف في الألفاظ حيث قال : أخبرنا أحمد بن موسى بن الطحان ، عن ابن عبادة ، عن جعفر بن محمد الخلدي ، عن عبد السّلام بن صالح ، عن عبد الرزاق ، عن الثوري عن سلمة بن كهيل ، عن أبي صادق ، عن عليم بن قعن الكندي عن سلمان قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أول الناس ورودا عليّ الحوض أولهم إسلاما علي بن أبي طالب علیه السلام .

وكما نقله عن سلمان أيضا البحراني في غاية المرام ص 506 الحديث 16 ، والخوارزمي في المناقب ص 17.

[140] ذكر المجلسي في البحار 39 / 295 باختلاف في الألفاظ قسما من الرواية نقلا عن ابن أبي الحديد حيث روى عن أبي غسان النهدي ، قال : دخل قوم من الشيعة على علي علیه السلام في الرحبة وهو على حصير خلق. فقال : ما جاء بكم؟ قالوا : حبك يا أمير المؤمنين. قال : أما إنه من أحبني رآني حيث يحب أن يراني ، ومن أبغضني رآني حيث يكره أن يراني ، ثم قال : ما عبد اللّه أحد قبلي إلا نبيه صلی اللّه علیه و آله . ولقد هجم أبو طالب علينا وأنا وهو ساجدان. فقال : أو فعلتموها؟ ثم قال لي وأنا غلام : ويحك انصر ابن عمك ويحك لا تخذله ، وجعل يحثني على مؤازرته ومكانفته.

[141] روى ابن عساكر في تاريخ دمشق ( ترجمة الامام علي علیه السلام ) 1 / 41 عن أبي القاسم بن السمرقندي ، عن أبي الحسين ، عن عيسى بن علي ، عن عبد اللّه بن محمد ، عن أحمد بن منصور عن يحيى بن بكير ، عن الليث بن سعد ، عن أبي الأسود قال عروة : إن عليا أسلم وهو ابن ثمان

ص: 451

سنين.

ورواه أيضا البيهقي في السنن الكبرى 6 / 306.

[142] رواه النسائي في خصائصه ص 37 : عن محمد بن عبيد الكوفي ، عن سعيد بن حثيم ، عن أسد بن وداعة ، عن أبي يحيى بن عفيف ، عن أبيه ، عن جده عفيف ، قال : جئت في الجاهلية الى مكة ، وأنا أريد أن أبتاع لأهلي من ثيابها وعطرها ، فأتيت العباس بن عبد المطلب - وكان رجلا تاجرا - فأنا عنده جالس حيث أنظر الى الكعبة ، وقد حلقت الشمس في السماء فارتفعت وذهبت ، إذ جاء شاب فرمى ببصره الى السماء ، ثم قام مستقبل الكعبة ، ثم لم ألبث إلا يسيرا حتى جاء غلام فقام على يمينه ، ثم لم ألبث إلا يسيرا حتى جاءت امرأة فقامت خلفهما ، فركع الشاب فركع الغلام والمرأة ، فرفع الشاب فرفع الغلام والمرأة ، فسجد الشاب فسجد الغلام والمرأة. فقلت : يا عباس أمر عظيم! قال العباس : نعم أمر عظيم ، أتدري من هذا الشاب؟ قلت : لا. قال : هذا محمد بن عبد اللّه ابن أخي. أتدري من هذا الغلام؟ هذا علي بن أبي طالب ابن أخي ، أتدري من هذه المرأة؟ هذه خديجة بنت خويلد زوجته. إن ابن أخي هذا أخبرني أن ربه ربّ السماء والأرض أمره بهذا الدين الذي هو عليه ولا واللّه ما على الأرض كلّها أحد على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة.

ورواه الشيخ المفيد في الإرشاد ص 21 والطبرسي في إعلام الورى ص 49 والبحراني في حلية الأبرار 1 / 234.

[143] روى ابن المغازلي في مناقبه ص 13 مقاربا لما رواه المؤلّف ، عن الحسن بن موسى ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن عقدة الحافظ ، عن يعقوب بن يوسف ، عن إسماعيل بن أبان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة بن بريم ، قال : سمعت الحسن بن علي

ص: 452

علیه السلام قام خطيبا فخطب إلينا ، فقال : أيها الناس إنه قد فارقكم أمس رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون ولقد كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يبعثه المبعث فيعطيه الراية فما يرجع حتى يفتح اللّه عزّ وجل عليه وإن جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن شماله. ما ترك بيضاء ولا صفراء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادما.

ورواه أيضا الصدوق في أماليه ص 262 والكنجي في كفاية الطالب ص 92 والبحراني في غاية المرام ص 181.

[144] روى الكنجي في كفاية الطالب ص 139 روايتين عن ابن عباس بهذا المضمون نذكر تيمّنا واحدا منهما :

عن محمد بن عبد الواحد بن المتوكل ، عن أبي بكر بن نصر ، عن أبي القاسم بن أحمد ، عن أبي عبد اللّه بن محمد ، عن أحمد بن سليمان النجاد ، عن عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث ، عن عبّاد بن يعقوب ، عن عيسى بن راشد ، عن علي بن نديمة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : ما نزلت آية فيها ( يا أيها الذين آمنوا ) إلا وعلي رأسها وأميرها وشريفها.

[145] وقد مرت مثل هذه الرواية مضمونا في الحديث المرقم - 137 -.

[146] روى علي بن برهان الحلبي في السيرة الحلبية 1 / 199 مرسلا : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : لقد رأيتني - إني رأيت نفسي - في غلمان من قريش ننقل الحجارة لبعض ما يلعب به الغلمان ، كلنا قد تعرى وأخذ إزاره وجعله على رقبته يحمل عليها الحجارة فأني لأقبل معهم ذلك وأدبر إذ لكمني لاكم ( أو لكمني لكمة شديدة ) ثم قال : شد إزارك ، فأخذته فشددته عليّ ، ثم جعلت أحمل الحجارة على رقبتي وإزاري عليّ من بين أصحابي.

ص: 453

[147] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 17 ( الفضل الرابع ) عن عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني ، عن قتيبة بن عبد الرحمن ، عن أحمد بن عبد اللّه ، عن محمد بن يعقوب ، عن أحمد بن عبد الجبار عن يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، قال علي بن أبي طالب ... الحديث باختلاف يسير.

ورواه أيضا بهذا السند البحراني في غاية المرام ص 500 الباب 21 الحديث 19.

[150] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق ( ترجمة الامام علي علیه السلام ) 1 / 103 : عن أبي القاسم بن السمرقندي ، عن أبي القاسم الإسماعيلي ، عن أبي القاسم السلمي ، عن أبي أحمد بن عدي ، عن النساجي ، عن الحسن بن معاوية بن هشام ، عن علي بن قادم ، عن صالح بن حكيم ، عن جبير ، عن جميع بن عمير ، عن ابن عمر ، - الحديث -.

[151] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 106 ، عن هبة اللّه بن عبد اللّه ، عن أبي بكر الخطيب ، عن محمد بن عمر البرسي عن محمد بن عبد اللّه الشافعي ، عن أحمد بن الحسين ، عن أحمد بن عبد الملك الأودي ، عن أحمد بن المفضل ، عن جعفر الأحمر ، عن عمران بن سليمان عن حصين الثعلبي عن أسماء بنت عميس ... الحديث.

ورواه أيضا المجلسي في بحار الأنوار 38 / 143 ، عن علي بن الحسين. معنعنا عن أسماء. ورواه أيضا ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 57 عن ابن عباس ، عن أسماء ... الحديث. ورواه الإسكافي في المعيار والموازنة ص 71. وفي تفسير الفرات في ص 92 و 216.

[152] رواه ابن بابويه ، عن الحسين بن إبراهيم المؤدب ، عن محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد بن بشار ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه الدهقان ، عن درست بن أبي منصور الواسطي ، عن

ص: 454

عبد الحميد بن أبي المعلاّ عن ثابت بن دينار ، عن سعد بن ظريف الخفاف عن الأصبغ بن نباتة ... الحديث.

[153] رواه المتقي الهندي في كنز العمال 15 / 114 تحت الرقم 325 ، عن العدني ، عن أبي يحيى ... الحديث.

وفي الروض النضير 5 / 367 رواه مع إضافة جملة : فأصابته جنّة ، فجعل يضرب رأسه بالجدران حتى مات.

ورواه أيضا البحراني في غاية المرام ص 486 الباب 15 الحديث 38 ولكن بطريق آخر.

[154] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 186 مرسلا عن أبي إسحاق العدل قال أبو يحيى : ما جلس علي المنبر إلا قال : أنا عبد اللّه ، وأخو رسول اللّه ، يقولها بعدي إلا كذاب.

[155] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 115 بنفس المضمون مع زيادة في الألفاظ : عن أبي محمد بن حمزة ، عن أبي بكر الخطيب ، عن الحسن بن أبي بكر ، عن أحمد بن محمد القطان ، عن الحسن بن العباس الرازي ، عن القاسم بن الخليفة ، عن إسماعيل بن إبراهيم ، عن مطير ، عن أنس بن مالك ... الحديث.

ورواه أيضا ابن حجر في الإصابة 1 / القسم 3 / 217.

[157] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 246 ضمن روايتين منفصلتين. ورواه أيضا الحرّ العاملي في إثبات الهداة 2 / 48. وروى المجلسي في بحار الأنوار 39 / 265 القسم الاول من الحديث مسندا إلا أن في جميع ما ذكرنا بدل كلمة سيد الموجودة خير وقد روى المؤلّف في الجزء الاول الحديث 19 - 20 لفظة خير البشر وخير البرية.

[163] رواه الصدوق (رحمه اللّه) في أماليه ص 312 عن محمد بن موسى بن

ص: 455

المتوكل ، عن علي بن الحسين السعدآبادي ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن أبي الجارود ، عن القاسم بن الوليد ، عن شيخ من ثمالة قال : دخلت على امرأة من تميم عجوز كبير. الحديث. وفيه اختلاف في العبارات مع التحفظ على المضمون نوعا ما وقد أشرنا الى ذلك في ضمن الحديث. ونقله ( كما في أمالي الصدوق ) السيد علي خان في الدرجات الرفيعة ص 372 ، والمجلسي في بحار الأنوار 27 / 220 ملخصا وفي 38 / 108 مفصلا. ونقله أيضا الحرّ العاملي في إثبات الهداة 2 / 63.

[164] رواه في تفسير فرات الكوفي ص 35 ، عن الحسين بن علي بن بزيع معنعنا عن الأصبغ بن نباتة ، عن علي علیه السلام باختلاف وزيادة.

وأخرج الخطيب في تاريخه 9 / 434 ( حديثا مشابها لهذه الرواية ) : بإسناده عن أنس بن مالك عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . الحديث مع فارق بسيط.

[165] رواه ابن طاوس في اليقين ص 137 : عن محمد بن الحسن الواسطي ، عن إبراهيم بن سعيد ، عن الحسن بن زياد الأنماطي ، عن محمد بن عبيد الأنصاري ، عن أبي هارون العبدي عن ربيعة السعدي. الحديث.

ورواه السيد علي خان عن المسعودي في الدرجات الرفيعة ص 286.

ورواه المجلسي في البحار 8 / 19 ط قديم ضمن حديث مفصل تشمل قضايا اخرى هامة توقف الانسان على حقائق تاريخية مهمة.

وروى الواقعة أنس بن مالك عن أمير المؤمنين في ضمن حديث : الجنة تشتاق الى أربعة ، راجع غاية المرام للبحراني ص 20.

[167] روى البحراني في غاية المرام ص 327 الباب 27 الحديث 6 : عن

ص: 456

موفق بن أحمد ، عن شهردار بن شيرويه ، عن عبدوس بن عبد اللّه ، عن الفضل بن محمد ، عن أبي بكر بن محمد ، عن أحمد بن محمد السري ، عن المنذر بن محمد ، عن أبيه ، عن الحسين بن سعيد ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن زياد ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن يزيد بن شراحيل الأنصاري كاتب علي علیه السلام ، قال : سمعت عليا علیه السلام ... مضمون الحديث.

ورواه المجلسي بسند آخر في بحار الأنوار 38 / 8.

[168] رواه الحبرمي في كتاب ما نزل من القرآن في علي ص 71 عن حسن بن حسين ، عن مالك بن إسماعيل. عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن أمّ سلمة ... الحديث.

وروى التلمساني في الجوهرة ص 65 ، ما يشابهه وابن المغازلي في المناقب ص 303 والصدوق في الخصال 1 / 273 والبحراني في غاية المرام ص 287.

[169] ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 96 ، عن أحمد بن محمد ، عن عمر الدينوري ، عن الكروخي ، عن محمد بن القسم الأزدي ، عن عبد الجبار بن محمد ، عن أحمد المحبوبي ، عن أبي عيسى الحافظ ، عن سفيان بن وكيع ، عن أبيه ، عن شريك ، عن منصور ، عن ربعي بن حراش ، عن علي علیه السلام ... الحديث.

ورواه أيضا البحراني في غاية المرام ص 507 الباب 23 الأحاديث 1 و 7 و 9 و 10 و 11 و 12 وبطرق مختلفة.

ورواه أيضا الأربلي في كشف الغمة 1 / 212.

ورواه أيضا الطبرسي في إعلام الورى ص 191.

[170] رواه ابن طاوس المتوفى 664 ه- في كتاب اليقين ص 106 عن أحمد بن هشام الطبري ، عن محمد بن نسيم القرشي ، عن الحسن بن الحسين ،

ص: 457

عن يحيى بن يعلى ، عن الأعمش ، عن عباية الأسدي قال : بينهما ابن عباس ... الحديث. وروى السيد ابن طاوس ذيل الحديث في ص 35 في نفس الكتاب.

ورواه أيضا البحراني في غاية المرام ص 141 الحديث 48.

ورواه أيضا ابن شاذان في الفضائل ص 144.

أما ذيل الرواية فقد رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 312 والمجلسي في بحار الأنوار 38 / 122 و 39 / 268 والأربلي في كشف الغمة ج 1 ص 132 و 91. والبحراني أيضا في غاية المرام ص 253 الباب 46 الحديث 16.

[171] رواه الأربلي في كشف الغمة ص 1 / 144 عن أمّ سلمة قالت : كان علي على الحق ، من اتبعه اتبع الحق ومن تركه ترك الحق عهدا معهودا قبل يومه هذا.

ورواه أيضا المجلسي في بحار الأنوار 38 / 32.

ورواه البحراني في غاية المرام ص 541 الباب 46 الحديث 6.

[173] رواه المفيد في الاختصاص ص 11 عن أحمد بن هارون ، وجعفر بن محمد بن قولويه ، عن علي بن الحسين ، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن محمد بن الحسن ، عن أحمد بن النصر عن صباح ، عن الحارث بن الحصيرة ، عن صخر بن الحكم الفزاري عمّن حدثه إنه سمع عمرو بن الحمق يحدث عن رسول اللّه ... الحديث.

ورواه الأمين العاملي في أعيان الشيعة المجلد 4 / 356.

[174] رواه مع فارق ابن المغازلي في مناقبه ص 47 ، عن محمد بن علي بن الحسين العلوي ، عن محمد بن الحسين التيملي ، عن الحسين بن علي السلولي ، عن محمد بن الحسين السلولي ، عن صالح بن أبي الأسود ، عن

ص: 458

أبي المطهر الرازي ، عن الأعشى الثقفي ، عن سلام الجعفي ، عن أبي برزة ، عن النبي ... الحديث.

ورواه الصدوق بسندين عن ابن جبير عن ابن عباس ص 247 الحديث 16 وعن الإمام الباقر علیه السلام ص 386. الحديث 23 و 24.

ورواه أيضا المجلسي في بحار الأنوار 37 / 291 الحديث 5.

[175] رواه فرات الكوفي في تفسيره ص 23 عن جعفر بن محمد بن يوسف معنعنا عن عبد اللّه بن عباس.

[176] روى المفيد في أماليه ص 60 ما يقارب هذا المعنى عن علي بن الحسن ، عن الحسين بن نصر بن مزاحم ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن عبد الملك ، عن يحيى بن سلمة ، عن أبيه سلمة بن كهيل ، عن أبي صادق ، قال : سمعت أمير المؤمنين ( علي بن أبي طالب علیه السلام ) يقول : ديني دين رسول اللّه وحسبي حسب رسول اللّه ، فمن تناول ديني وحسبي فقد تناول دين رسول اللّه وحسبه.

[177] رواه شمس الدين محمد بن محمد الشافعي المتوفى 833 ه- ص 66 عن أحمد بن الطحان المقرئ ، عن محمد بن محمد الشيرازي ، عن محمود بن إبراهيم ، عن محمد بن أبي بكر عن محمد بن الهيثم ، عن أبي الحسين بن أبي القاسم ، عن أحمد بن موسى ، عن أحمد بن محمد بن السري ، عن الحسين بن جعفر القرشي ، عن جندل بن وائق ، عن محمد بن عمر الكناسي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، عن فاطمة الصغرى ، عن الحسين بن علي ، عن فاطمة بنت محمد ، قالت : خرج علينا رسول اللّه ... الحديث.

ورواه المفيد ، عن هارون العبدي ، عن سلمان الفارسي ، في أماليه ص 103.

ص: 459

ورواه الأربلي في كشف الغمة 1 / 108.

ورواه المجلسي عن عدة طرق في البحار 38 / 109 عن أبي حمراء خادم الرسول الحديث 38. وروى في ج 39 / ص 257 عن فاطمة الزهراء الحديث 32 وفي ص 265 عن سلمان الفارسي الحديث 37 وفي ص 276 عن فاطمة الزهراء الحديث 53.

[178] وقد مرّ في الجزء الأول الحديث 14 عن عائشة عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، بهذا المضمون.

[179] رواه المجلسي في بحار الأنوار 36 / 53 الحديث 8 عن أبي جعفر الطوسي ، عن أبي نصر محمد بن محمد ، بإسناده ، عن الثمالي عن ابن جبير ، عن أبي الحمراء خادم رسول اللّه - صلی اللّه علیه و آله - ... الحديث.

ورواه أيضا في 27 / 2 الحديث 4.

ورواه الصدوق في أماليه ص 179 الحديث 5.

ورواه أيضا الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 11 / 173 عن أنس بن مالك ... الحديث.

ورواه أيضا المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 69 عن أبي الخميس - الحديث -.

ورواه المتقي الهندي في كنز العمال 6 / 158 عن أبي الحمراء.

ورواه الأربلي في كشف الغمة 1 / 329 أيضا.

[181] رواه السيد علي خان في الدرجات الرفيعة ص 257 عن مسعود البدوي وطائفة قالوا لحذيفة حين احتضر.

وفي بحار الأنوار للمجلسي 37 / 298 الحديث 18 عن ابن مردويه ، عن محمد بن علي ، عن أحمد بن عبيد بن إسحاق ، عن مالك بن إسماعيل ، عن جعفر الأحمر ، عن مهلهل العبدي عن كريزة الهجري.

ص: 460

الحديث.

[182] رواه المجلسي في بحار الأنوار 38 / 74 عن الأصبغ بن نباتة ... الحديث.

[183] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 115 ( ترجمة الامام علي علیه السلام ) الحديث 155 ، عن أبي محمد بن حمزة ، عن أبي بكر الخطيب ، عن الحسن بن أبي بكر ، عن أحمد بن محمد القطان ، عن الحسن بن العباس الرازي ، عن القاسم بن خليفة ، عن إسماعيل بن إبراهيم ، عن مطير ، عن أنس بن مالك ... الحديث.

ورواه أيضا ابن حجر في الإصابة 1 / 217 بسنده عن أنس بن مالك.

[185] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق ( ترجمة الامام على علیه السلام ) 3 / 14 الحديث 1035 عن الحسين بن عبد الملك ، عن سعيد بن أحمد ، عن عبد اللّه بن حامد الأصفهاني ، عن عمر بن الحسن بن علي ، عن أبيه ، قال : قلت ليحيى بن معين : أبو إسحاق لقى قثم؟ قال : نعم في طريق خراسان. فقلت له : إن النفيلي حدثنا عن زهير عن أبي إسحاق ، قال : قيل لقثم : بأي شيء ورث علي النبي صلی اللّه علیه و آله ؟ قال : كان أولنا به لحوقا وأشدنا به لزوقا.

ورواه المتقي الهندي في كنز العمال 6 / 400. وفي مستدرك الصحيحين.

وروى النسائي في خصائصه ص 206 عن خالد بن قثم بمعنى أن المسئول عنه 3 / 125 هو خالد بن قثم بخلاف ما ذكره المؤلّف.

[186] ذكر المؤلّف في الجزء الأول الحديث 19 عن جابر ... الحديث.

وفي كشف الغمة للإربلي 1 / 158 ، عن سالم بن أبي الجعد ، قال : تذاكروا فضل علي عند جابر بن عبد اللّه. فقال : تشكون فيه. فقال

ص: 461

بعض القوم : إنه قد أحدث. قال : ولا يشك فيه إلا كافر.

[187] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 73 الحديث 107 عن محمد بن القاسم ، عن أبيه ، عن العباس بن ميمون ، عن ابن عائشة ، عن أبيه ، عن عوف ، عن الحسن البصري ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 42 / 144 الحديث 6.

ورواه أيضا التلمساني في الجوهرة ص 74.

[192] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 188 عن إبراهيم الكاشغري ، عن أبي المظفر الكاغذي ، عن أحمد الطريقتي ، عن أبي علي بن شاذان ، عن ابن درستويه ، عن أبي يعقوب الغسوي ، عن علي بن المنذر ، عن عبد اللّه بن نمير ، عن عامر بن سميط ، عن داود بن أبي عوف ، عن معاوية ، عن أبي ذر ، عن رسول اللّه ... نصّ الحديث.

ورواه ابن المغازلي في مناقبه ص 240 بإسناده عن مجاهد ، عن ابن عمر ... الحديث.

وفي بحار الأنوار 38 / 30 عن ابن عمر وأبي ذر ... الحديث.

ورواه الصدوق في أماليه ص 444 الحديث 8 بإسناده عن أبي الحجاف ، عن أبي إدريس ، عن مجاهد ، عن علي علیه السلام قال : قال رسول اللّه : ... الحديث.

ورواه الأربلي في كشف الغمة 1 / 143 الحديث 96 عن ابن عمر. الحديث.

[193] روى المجلسي في بحار الأنوار 38 / 137 بإسناده عن الصدوق ، عن ماجيلويه ، عن عمه ، عن الكوفي ، عن علي بن عثمان ، عن محمد بن الفرات ، عن أبي جعفر ، عن آبائه ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ... ذيل الحديث. ورواه أيضا في ص 117 الحديث 58 عن علي

ص: 462

علیه السلام ... الحديث. ورواه أيضا في ص 95 الحديث 11.

[194] رواه المجلسي في بحار الأنوار 38 / 30 الحديث 2 ، عن ابن عمر. الحديث.

[195] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 36 ( الحديث 69 ) عن أبي عبد اللّه محمد بن علي العلوي ، عن عن محمد بن الحسين التيملي ، عن الحسين بن علي السلولي ، عن محمد بن الحسن السلولي ، عن صالح بن أبي الأسود عن أبي المطهر الرازي ، عن الأعشى الثقفي ، عن سلام الجعفي. عن أبي برزة ، عن النبي صلی اللّه علیه و آله ... الحديث مع زيادة.

ورواه أيضا بهذا السند الكنجي في كفاية الطالب ص 72.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 38 / 137 الحديث 97 عن أبي جعفر. الحديث.

[196] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق ( ترجمة الإمام علي ) 2 / 268.

الحديث 788 ، عن أبي القاسم بن السمرقندي ، عن أبي القاسم بن مسعدة ، عن حمزة بن يوسف ، عن عبد اللّه بن عدي ، عن علي بن سعيد الرازي ، عن الحسن بن حماد ، عن يحيى بن يعلى ، عن بسام بن عبد اللّه الصيرفي ، عن الحسن بن عمرو الفقيمي ، عن معاوية بن ثعلبة عن أبي ذر ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 38 / 29 - الحديث 2 ، عن مجاهد ، عن أبي ذر ... الحديث.

[198] رواه المفيد في أماليه ص 132 بتفاوت واختصار في الألفاظ مع حفظ المضمون عن علي بن خالد المراغي ، عن محمد بن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن الضرير ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن يحيى ، عن إسماعيل بن أبان ، عن يونس بن أرقم ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي

ص: 463

عقيل ، قال : ... الحديث.

وروى المجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 239 ما يقارب هذا المضمون.

[200] رواه المجلسي في بحار الأنوار 38 / 150 الحديث 120 عن ابن شيرويه في الفردوس عن سلمان الفارسي. الحديث مع اضافة : - ففيّ النبوة وفي علي الخلافة - الى آخر الحديث.

ورواه ابن المغازلي في مناقبه ص 88 الحديث 130 و 131 ولكن باختلاف يسير.

[201] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 218 عن ابن ميمون.

[202] رواه النسائي في خصائصه ص 164 الحديث 89 عن قتيبة بن سعيد ، عن جعفر بن سليمان ، عن يزيد ، عن مطرف بن عبد اللّه ، عن عمران بن حصين : في حديث آخره ما نقله المؤلّف عن الرسول صلی اللّه علیه و آله .

وروى ابن المغازلي في مناقبه ص 228 الحديث 275 عن البراء بن عازب ، صدر الحديث عن رسول اللّه.

ورواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 218 ، عن عمران بن حصين ، الحديث.

[203] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 218 مرسلا عن ابن عباس عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : عليّ منّي وهو وليّ كل مؤمن بعدي.

[204] رواه البحراني في غاية المرام ص 84 الباب 16 الحديث 66 عن إبراهيم بن محمد الحمويني ، عن محمد بن أبي بكر عن محمد بن أبي الفتوح ، عن محمد بن عمر بن يعقوب ، عن محمد بن علي القاري ، وعن مرتضى بن محمود الأشتري ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن محمد القزويني ،

ص: 464

عن محمد بن حمويه ، عن الفضل بن محمد الفارندي ، عن عبد اللّه بن علي ، عن علي بن محمد بن بندار ، عن علي بن عمر الحبري ، عن محمد بن عبيدة القاضي ، عن إبراهيم بن الحجاج ، عن حماد ، عن علي بن زيد ، عن أبي هارون العبدي ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء بن عازب ، قال في حديث طويل.

قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 37 / 198 الحديث 83 بإسناده عن البراء بن عازب ... الحديث.

[206] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 74 عن علي بن عبد اللّه البغدادي ، عن المبارك بن الحسن الشهرزوري ، عن أبي القاسم بن البسري ، عن أبي عبد اللّه العكبري ، عن محمد بن أحمد الرقام ، عن محمد بن أحمد بن يعقوب ، عن جده ، عن عبد العزيز بن الخطاب ، عن علي بن هاشم ، عن أبي رافع ، عن أبي عبيدة بن محمد ، عن أبيه ، عن عمار بن ياسر ... الحديث.

وبهذا السند رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 230 الحديث 277 و 278 و 279.

ويرويه المؤلّف في الحديث 359 عن عمار بن ياسر.

[207] رواه نصّا ابن شاذان في الفضائل ص 147 مرفوعا الى سلمان الفارسي.

ورواه مع تفاوت المجلسي في بحار الأنوار 37 / 128 الحديث 119 عن سعد الاربلي ، يرفعه الى سلمان الفارسي.

[210] رواه الواحدي في أسباب النزول ص 148. وأخرجه ابن مردويه ، من طريق الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ... الحديث.

ص: 465

ورواه الحسكاني في شواهد التنزيل 1 / 185 : عن أبي العباس المحمدي ، عن علي بن الحسين ، عن محمد بن عبيد اللّه ، عن عثمان بن أحمد الدقاق ، عن عبد اللّه بن ثابت المقري ، عن أبيه ، عن الهذيل ، عن مقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ... الحديث.

ورواه أيضا البحراني في تفسير البرهان 1 / 484 عن موفق بن أحمد ، عن محمد بن أحمد المكي ، عن أبي محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن علي المؤدب ، عن عبد اللّه بن جعفر ، عن الحسين بن محمد ، عن عبد اللّه بن الوهاب ، عن محمد بن الأسود عن محمد بن مروان ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ... الحديث.

[214] رواه المجلسي في بحار الأنوار 39 / 289 باختلاف يسير ، عن الصدوق ( محمد بن بابويه ) ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن الحسين ، عن محمد بن جمهور ، عن يحيى بن صالح ، عن علي بن أسباط ، عن عبد اللّه بن القاسم ، عن المفضل بن عمر ، عن الصادق علیه السلام . الحديث.

[215] رواه البحراني في غاية المرام ص 625 الباب 88 الحديث 19 عن المفيد ، عن علي بن بلال المهلبي ، عن عبد اللّه بن أسد الأصفهاني ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن إسماعيل بن صبيح ، عن سالم بن أبي سالم البصير ، عن أبي هارون العبدي ، قال : كنت أرى رأي الخوارج لا رأي لي غيره حتى جلست الى أبي سعيد الخدري ... الحديث.

[216] رواه البحراني في غاية المرام ص 94 الباب 17 الحديث 22 ، عن الشيخ الطوسي ، عن محمد بن محمد ( المفيد ) عن علي بن أحمد المراغي ، عن عبد اللّه بن محمد ، عن عبد الرحمن بن صالح ، عن موسى بن عمران الحضرمي ، عن أبي إسحاق السبيعى ، عن زيد بن أرقم ، قال : سمعت

ص: 466

رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 37 / 123 الحديث 18 عن المفيد بهذا الإسناد.

وروى أحمد بن حنبل الحديث بطريق آخر في مسنده 4 / 286 ، عن عبد اللّه ، عن أبيه ، عن عبد الرزاق ، عن ليث ، عن شهر بن حوشب ، عن النبي صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

[217] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 3 عن أبي جعفر الباقر علیه السلام مرسلا.

[218] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 277 الحديث 323 عن علي بن الحسين الصوفي ، عن محمد بن علي السقطي ، عن محمد بن الحسين الزعفراني ، عن أحمد بن القاسم ، عن إسحاق بن بشر ، عن جعفر بن سعيد الكاهلي ، عن الأعمش عن أبي وائل ، عن عبد اللّه بن مسعود ، الحديث.

ورواه أيضا ، بطريق آخر في ص 431 الحديث 9.

ورواه المحبّ الطبري في رياض النضرة 2 / 172.

ورواه أيضا الهيثمي في مجمعه 9 / 108.

[219] أكثر المفسرين قالوا إن هذا الحديث متعلّق بآية « سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ » كما في البحار 37 / 176 ولكن المؤلّف كما في مناقب ابن شهر اشوب 3 / 40 قال في رواية الفضل بن دكين إنها متعلقة بآية : « أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ ».

وقد جمع الأميني في الغدير 1 / 239 - 266 بعض أقوال المفسرين.

[221] رواه المجلسي في بحار الأنوار 37 / 197 نقلا من كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم بإسناده الى عميرة بن سعد ... الحديث.

ص: 467

[222] رواه المجلسي في بحار الأنوار 37 / 196 ، عن علي بن عمرو ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسين الزعفراني ، عن أحمد بن يحيى ، عن [ أبي ] إسرائيل ، عن الحكم بن أبي سليمان ، عن زيد بن أرقم ... الحديث.

وهذا السند رواه البحراني في غاية المرام ص 82 الباب 16 الحديث 29.

ورواه ابن المغازلي في مناقبه ص 23 الحديث 33 مع اختلاف يسير في الألفاظ بنفس السند السابق.

[223] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 230 الحديث 277 ، عن الحسن بن أحمد الغندجاني ، عن أحمد بن محمد القرشي عن علي بن محمد المصري ، عن أحمد بن رشدين ، عن سفيان بن بشر ، عن علي بن هاشم ، عن ابن أبي رافع ، عن أبي عبيدة بن محمد ، عن أبيه ، عن عمار ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

وقد ذكر المؤلّف رواية مشابهة عن بريدة في الحديث 206.

ورواه المحبّ الطبري في رياض النضرة 2 / 165.

[224] رواه البحراني في تفسير البرهان 4 / 245 الحديث 8 ، عن محمد بن العباس ، عن جعفر بن محمد العلوي ، عن عبد اللّه بن محمد الزيات ، عن جندل بن والق ، عن ابن عمر ، عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

[225] رواه البحراني في غاية المرام ص 263 الباب 56 الحديث 1 : عن الحمويني ، عن أحمد بن إبراهيم القاروني ، عن عبد الرحمن الهاشمي ، عن شاذان بن جبرائيل القمي ، عن محمد بن عبد العزيز ، عن محمد بن أحمد ، عن جعفر بن عبد الواحد ، عن أبي طاهر بن عبد الرحيم ، عن أبي محمد بن حيان ، عن محمد بن علي ، عن الحسين بن علوان ، عن سعد بن ظريف ،

ص: 468

عن الأصبغ بن نباتة ... الحديث.

ورواه الحسكاني في شواهد التنزيل 1 / 403 الحديث 557 عن أبي بكر السبيعي ، عن وضيف بن عبد اللّه ، عن جعفر بن علي ، عن حسن بن حسين ، عن حسين بن علوان ، عن سعد الإسكاف ، عن الأصبغ بن نباتة ، الحديث.

ورواه مرسلا ، ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 73. عن الأصبغ بن نباتة ... الحديث.

ورواه أيضا المجلسي في بحار الأنوار 36 / 119.

[226] روى البحراني في تفسير البرهان 1 / 207 ، عن محمد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن مثنّى الحنّاط ، عن عبد اللّه بن عجلان ، عن الباقر علیه السلام ... الحديث.

ونقله أيضا بطرق مختلفة.

[227] رواه الحسين بن الحكم في كتابه ما نزل من القرآن في علي علیه السلام ص 78 ، عن الحسن بن نصر ، عن القاسم بن عبد الغفار العجلي ، عن أبي الأحوص ، عن مغيرة ، عن الشعبي ، عن الشعبي عن ابن عباس ... الحديث.

ورواه البحراني في غاية المرام ص 259 الباب 50 الحديث 4 عن كتاب حلية الأولياء بإسناده ، عن الشعبي عن ابن عباس ... الحديث.

ورواه الحسكاني في شواهد التنزيل 2 / 107 الحديث 789 بإسناده ، عن الشعبي ، عن ابن عباس ... الحديث.

ورواه أيضا المجلسي في بحار الأنوار 36 / 77 الحديث 5.

[229] روى المجلسي في بحار الأنوار 36 / 139 الحديث 78 ، عن الباقر حديثا طويلا فيه تفسير الآية الكريمة ، كما أورده في ص 98 ، عن جابر سألته عن قوله ... الحديث أيضا.

ص: 469

وروى البحراني في تفسير البرهان 1 / 139 الحديث 2 : عن الباقر علیه السلام أيضا.

[230] روى المجلسي في بحار الأنوار 36 / 165 الحديث 148 : عن محمد بن العباس ، عن الحسن بن محمد ، عن محمد بن الكناني ، عن حسين بن وهب ، عن عيسى بن هشام ، عن داود بن سرحان ، قال : سألت جعفر بن محمد ... الحديث.

وروى البحراني في غاية المرام ص 428 الباب 88 الحديث 2 بطريق آخر عن الصادق علیه السلام ... الحديث.

[231] روى البحراني في غاية المرام ص 436 الباب 214 الحديث 5 ، عن محمد بن العباس ، عن حسن بن محمد ، عن حسين بن وهب الأسدي ، عن عبيس بن هشام ، عن داود بن سرحان ، عن الصادق علیه السلام .

الحديث.

[233] وفي تفسير البرهان للبحراني 4 / 398 الحديث 2 ، عن ابن شهر اشوب ، عن أبان بن عثمان ، عن الباقر علیه السلام ... الحديث.

والمؤلّف روى عن عثمان وأظنّه تصحيف.

[234] رواه البحراني في تفسيره 4 / 404 الحديث 4 ، عن محمد بن العباس ، عن أحمد بن محمد النوفلي ، عن محمد بن عبد اللّه ، عن الحسن بن علي ، عن ابن زكريا الموصلي ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر ... الحديث.

ورواه المجلسي 36 / 109 الحديث 58 عن جابر ، عن الباقر علیه السلام ... الحديث.

[236] رواه البحراني في تفسير البرهان 1 / 125 الحديث 2 ، عن محمد بن يعقوب ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن حسان ، عن محمد بن علي ، عن عمار بن مروان ، عن جابر ، عن الباقر علیه السلام ... الحديث.

ص: 470

[238] رواه البحراني في تفسيره 1 / 156 الحديث 2 عن ابن شهر اشوب الحديث.

[239] وفي تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي ص 127 معنعنا عن أبي حمزة الثمالي. قال : سألت أبا جعفر عن قول اللّه عز وجل ( قل إنما أعظكم بواحدة ) قال : إنما أعظكم بولاية علي علیه السلام ... الحديث.

وروى بطريق آخر البحراني في تفسيره 3 / 353 الحديث 2.

الحديث.

[240] رواه البحراني في تفسير البرهان 3 / 350 الحديث 3 ، عن محمد بن العباس ، عن الحسين بن أحمد المالكي ، عن محمد بن عيسى ، عن أبي فضالة ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن عطية العوفي ، عن أبي جعفر ، الحديث.

[244] روى البحراني في تفسير البرهان 1 / 428 ، الحديث 2 ، عن العياشي ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن الباقر علیه السلام ... الحديث.

[245] رواه البحراني في تفسير البرهان 1 / 483 ، الحديث 18 ، عن الفضيل ، عن أبي جعفر ... الحديث.

[246] رواه المجلسي بطريقين في بحار الأنوار 36 / ص 95 الحديث 30 وص 148 الحديث 123.

ورواه أيضا البحراني في تفسير البرهان بطريقين أيضا 1 / 491 الحديث 1 و 2 و 3.

[248] رواه البحراني في تفسير البرهان 1 / 71 الحديث 3 من طريق العامة عن ابن مردويه ، عن رجاله مرفوعا ، عن أبي جعفر ... الحديث.

[250] رواه الحسكاني في شواهد التنزيل 1 / 353 الحديث 484 ، عن فرات ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن عمر المازني ، عن عبّاد بن

ص: 471

صهيب ، عن جابر ، عن أبي جعفر ... الحديث.

ورواه البحراني في تفسير البرهان 2 / 445 ، الحديث 2 ، عن محمد بن العباس ، عن علي بن عبد اللّه ، عن إبراهيم الثقفي ، عن علي بن هلال الأحمسي ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي بحيرة ، عن جابر ، عن أبي جعفر ... الحديث.

[252] رواه البحراني في تفسير البرهان 1 / 307 الحديث 10 ، عن علي بن إبراهيم ، قال في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر ، في قول اللّه تعالى ...

الحديث.

[253] رواه المجلسي في بحار الأنوار 36 / 81 ، الحديث 6 ، عن محمد بن جعفر ، عن يحيى بن زكريا ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن الصادق علیه السلام ... الحديث.

ورواه أيضا البحراني في غاية المرام ص 330 الباب 32 الحديث 3 ، علي بن إبراهيم ، عن محمد بن مسلمة ، عن يحيى بن زكريا اللؤلؤي ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن الصادق علیه السلام ، الحديث.

[256] رواه البحراني في تفسير البرهان 2 / 469 الحديث 1 ، عن محمد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن محمد بن اورمة ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن الصادق علیه السلام ، الحديث.

وروى المجلسي في بحار الأنوار 36 / 126 ، الحديث 66 ، عن محمد بن العباس ، عن محمد بن همام ، عن عبد اللّه بن جعفر ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن الباقر ، علیه السلام ... الحديث.

ص: 472

[258] رواه البحراني في تفسير البرهان 4 / 274 الحديث 2 ، عن محمد بن عباس ، عن الحسين بن أحمد المالكي ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن حسان الجمال ... الحديث.

ورواه المجلسي بهذا السند في بحار الأنوار 37 / 221 الحديث 89.

[259] رواه المجلسي في بحار الأنوار 36 / 149 الحديث 126 ، في ضمن حديث طويل ، عن زيد بن الجهم ، عن الصادق علیه السلام .

[260] رواه البحراني في غاية المرام ص 398 الباب 118 الحديث 3 ، عن محمد بن العباس ، عن أحمد بن القاسم ، عن أحمد بن محمد السياري ، عن محمد بن خالد ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن الصادق علیه السلام ... الحديث.

هذا بالنسبة الى القسم الأول من الرواية المتعلقة بآية ( سأل سائل ) أما القسم الثاني المتعلقة بآية ( فلا وربك لا يؤمنون ).

فقد رواه المجلسي في بحار الأنوار 36 / 95 ، الحديث 31 ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن اذينة ، عن عبد اللّه النجاشي ، عن الصادق علیه السلام ... الحديث.

[261] رواه المجلسي في بحار الأنوار 38 / 27 الحديث 1 ، عن جابر ، عن الباقر علیه السلام ... الحديث.

[265] رواه البحراني في تفسير البرهان 4 / 245 الحديث 10 ، عن محمد بن العباس ، عن أحمد بن القاسم ، عن منصور بن العباس ، عن الحصين ، عن العباس القصباني ، عن داود بن الحسين ، عن فضيل بن عبد الملك ، عن الصادق علیه السلام ... الحديث.

[267] رواه البحراني في تفسير البرهان 4 / 135 الحديث 8 ، عن الحسن بن أبي الحسن الديلمي ، بإسناده ، عن رجاله الى حماد السندي ، عن أبي

ص: 473

عبد اللّه علیه السلام ... الحديث.

[268] رواه البحراني في تفسير البرهان 1 / 102 الحديث 5 ، عن محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن محمد بن عبد اللّه ، عن عبد الوهاب بن بشير ، عن موسى بن قادم ، عن سليمان ، عن زرارة ، عن الباقر علیه السلام ... الحديث.

[270] روى الحسكاني في شواهد التنزيل 2 / 349 الحديث 1116 ، عن علي بن موسى ، عن محمد بن مسعود ، عن جعفر بن أحمد ، عن حمدان ، عن العبيدي ، عن يونس ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن الصادق علیه السلام ... الحديث.

وروى المجلسي في بحار الأنوار 36 / 135 الحديث 91 ، عن أحمد بن القاسم ، عن أحمد بن محمد ، بإسناده ، الى المفضل بن عمر ، عن الصادق علیه السلام ... الحديث.

ورواه البحراني في غاية المرام ص 92 الباب 17 الحديث 13 ، محمد بن العباس ، عن أحمد بن القاسم ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن علي ، عن أبي جميلة ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ... الحديث.

[272] رواه البحراني في تفسير البرهان 4 / 119 الحديث 8 ، عن محمد بن العباس ، عن جعفر بن محمد الحسني ، عن إدريس بن زياد الحناط ، عن أحمد بن عبد الرحمن الخراساني ، عن يزيد بن إبراهيم ، عن أبي حبيب الشاجي ، عن الصادق علیه السلام ... الحديث.

[273] رواه المجلسي في بحار الأنوار 36 / 152 الحديث 132 ، عن محمد بن العباس ، عن محمد بن القاسم ، عن عبيد بن مسلم ، عن جعفر بن عبد اللّه المحمدي ، عن الحسن بن إسماعيل الأفطس ، عن أبي موسى المشرفاني ( الرغابي ) ، عن الباقر علیه السلام ... الحديث.

ص: 474

ورواه أيضا البحراني في تفسير البرهان 4 / 83 الحديث 3 ، بالسند والنصّ المذكورين في بحار الأنوار.

[276] رواه الصدوق في الخصال تحت عنوان : امتحان اللّه عزّ وجل أوصياء الأنبياء في حياة الأنبياء في سبعة مواطن وبعد وفاتهم في سبعة مواطن. ثم ذكر الحديث بطوله ( الحديث 58 ) 2 / 364. وأخرج الحديث بسندين الى محمد بن الحنفية والشيخ المفيد في الاختصاص كما سيأتي.

1 - محمد بن الحسن ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن الحسين بن سعيد ، عن جعفر بن محمد النوفلي ، عن يعقوب بن يزيد ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن أحمد بن محمد ، عن يعقوب بن عبد اللّه الكوفي ، عن موسى بن عبيدة ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن محمد بن الحنفية ... الحديث.

2 - وعن عمرو بن أبي المقدام ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر الحديث.

ورواه أيضا المفيد في كتاب محنة أمير المؤمنين علیه السلام ضمن كتاب الاختصاص ص 158 بسندين :

1 - جعفر بن أحمد بن عيسى ، عن يعقوب الكوفي ، عن موسى بن عبيد ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث. الحديث.

2 - وعن جابر ، عن أبي جعفر ، عن محمد بن الحنفية ... الحديث.

ومن الملاحظ أن المؤلّف ذكر : وأما الثالثة وفي الكتابين المذكورين : وأما الثانية :

وقد ذكر المؤلّف الحديث بأكمله في الجزء الرابع. راجع ص 345 حديث 315.

[277] رواه اليعقوبي في تاريخه 2 / 39.

ص: 475

ورواه التلمساني في الجوهرة ص 11 عن محمد بن كعب القرظي ورواه ابن هشام في السيرة 2 / 89. عن ابن إسحاق ... الحديث. ورواه علي بن إبراهيم القمي في تفسيره 1 / 274.

[278] وقد مرت الإشارة إليه تحت الرقم 1 وهنا الموطن الثالث كما في الحديث.

[279] روى الاربلي في كشف الغمة 1 / 194 عن عمران بن حصين : لما تفرق الناس عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله جاء علي متقلدا بسيفه حتى قام بين يديه ، فرفع رأسه إليه ، وقال : مالك لا تفرّ مع الناس. فقال : يا رسول اللّه أرجع كافرا بعد إسلامي ، فأشار الى قوم انحدروا من الجبل ، فحمل عليهم فهزمهم.

[280] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 274 عن إبراهيم بن بركات عن أبي القاسم ، عن علي بن إبراهيم العلوي ، عن حيدرة بن الحسين بن مفلح ، عن الحسين بن أبي كامل الاطرابلسي ، عن خيثمة بن سليمان ، عن يحيى بن إبراهيم الزهري ، عن علي بن حكيم ، عن حبان بن علي ، عن محمد بن عبيد اللّه بن أبي رافع ، عن أبيه ... الحديث.

ورواه المفيد في الإرشاد ص 47 مرسلا والطبرسي في إعلام الورى ص 195 عن عكرمة. ورواه الأربلي في كشف الغمة 1 / 194 عن عمران بن حصين.

[281] رواه الصدوق في كتاب الخصال 2 / 363 عن أبيه ومحمد بن الحسن ، عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن الحسين ، عن جعفر بن محمد النوفلي ، عن يعقوب بن يزيد ، عن جعفر بن أحمد بن محمد ، عن يعقوب بن عبد اللّه الكوفي ، عن موسى بن عبيدة ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن محمد بن الحنفية ، وعمرو بن أبي المقدام ، عن

ص: 476

جابر الجعفي ، عن أبي جعفر ، قال : أتى رأس اليهود علي بن أبي طالب الى قوله : وأما الرابعة ... الحديث. ورواه أيضا المفيد ص 160.

[282] رواه المفيد في الإرشاد ص 54 عن قيس بن الربيع ، عن أبي هارون العبدي ، عن ربيعة السعدي قال : أتيت حذيفة بن اليمان ... الحديث.

ورواه أيضا الطبرسي في إعلام الورى ص 195 أيضا.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 20 / 256 أيضا. والأربلي في كشف الغمة 1 / 205.

[283] رواه المفيد في الاختصاص ص 157 عن جعفر بن أحمد بن عيسى ، عن يعقوب الكوفي ، عن موسى بن عبيد ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث.

وعن جابر ، عن أبي جعفر ، عن محمد بن الحنفية.

ثم ذكر الحديث : والمواطن التي امتحن علي علیه السلام في حياة الرسول الى قوله : وأما السادسة : يا أخا اليهود فإنا وردنا مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مدينة أصحابك خيبر على رجال اليهود وفرسانها من قريش وغيرها ، فلقونا بأمثال الجبال من الخيل والرجال والسلاح. الحديث.

[284] نفس المصدر السابق ص 163 الموطن السابع :

وأما السابقة يا أخا اليهود فان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لما توجه لفتح مكة. ورواه أيضا الصدوق في الخصال 2 / 369.

[285] رواه الخوارزمي في مناقبه عن علي بن أحمد العاصمي ، عن إسماعيل بن أحمد الواعظ ، عن أحمد بن الحسين البيهقي ، عن محمد بن عبد اللّه الحافظ ، عن أبي محمد المزني ، عن علي بن محمد بن عيسى ، عن أبي اليمان ، عن شعيب ، عن الزهري ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، إن أبا سعيد

ص: 477

الخدري قال : بينا نحن عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو يقسم قسما إذ أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم ، فقال : يا رسول اللّه اعدل!!. فقال : ويحك من يعدل إن لم أعدل ... الحديث مع تفاوت.

[287] رواه أحمد بن إسماعيل الطالقاني في كتاب الأربعين الباب 37 الحديث 49 عن زاهر بن طاهر الشخامي ، عن إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني ، عن أبي عبد اللّه الحافظ ، عن محمد بن يعقوب ، عن أحمد بن عبد الجبار ، عن أبي معاوية عن الأعمش ، عن إسماعيل بن رجاء ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث.

ورواه المفيد في الارشاد ص 65 بطريق آخر : إسماعيل بن علي ، عن قائل بن نجيح ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر محمد بن علي ، عن أبيه ... الحديث.

[288] رواه نصا أبو داود الطيالسي 1 / 23 والبيهقي في سننه 10 / 14 والمتقي في كنز العمال 8 / 60 وابن الأثير في اسد الغابة 3 / 114. والمحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 217.

[289] رواه الطبرسي في إعلام الورى ص 191 عن الحكم بن عتيبة ، عن مقسم ، عن ابن عباس ... الحديث.

[292] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 107 عن علي ابن أحمد العاصمي ، عن إسماعيل بن أحمد الواعظ ، عن أحمد بن الحسين ، عن أبي هاشم ، عن أبي حجلة ، عن أبي قيس بن عبّاد القيسي قال : سمعت أبا ذر يقسم قسما.

[293] رواه الخوارزمي أيضا في مناقبه ص 104 عن أحمد بن الحسين البيهقي ، عن محمد بن عبد اللّه الحافظ عن محمد بن يعقوب ، عن أحمد بن عبد الجبار ، عن يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ... الحديث.

ص: 478

[295] رواه الواحدي في أسباب النزول ص 182 ورواه مسندا محمد بن جرير الطبري في تفسيره 10 / 68 عن محمد بن كعب القرظي.

[302] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 3 / 82 حديث قال : حدثنا عبد اللّه عن أبي ، عن حسين بن محمد ، عن فطر بن إسماعيل بن رجا الزبيدي ، عن أبيه ، قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : ... الحديث.

ورواه النسائي في الخصائص ص 286 ، وابن عساكر في تاريخ دمشق ص 169 ، الحديث 1186. وفي مستدرك الصحيحين 3 / 122 بطريقين عن أبي سعيد الخدري. وأبو نعيم في حلية الأولياء 1 / 67 ، وابن الأثير في أسد الغابة 4 / 33 ، وأحمد بن إسماعيل القزويني في الأربعين.

الحديث : 49.

[303] رواه البحراني في غاية المرام ص 651 الباب 105 الحديث 3 ، عن عبد اللّه بن أحمد ، عن عبد اللّه بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، عن أحمد بن منصور ، عن الأحوص بن جواب ، عن عمار بن ذريق ، عن الأعمش ، عن إسماعيل بن رجاء ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث. ورواه المجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 455.

[304] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 170 ، عن عبد اللّه بن عمر الليثي ، عن الحسن بن جعفر المتوكلي ، عن محمد بن الحسن الباقلاني ، عن أبي القاسم بن بشران ، عن أحمد بن الفضل بن العباس ، عن عيسى بن عبد اللّه الطيالسي ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن عصام بن قدامة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، الحديث.

ورواه ابن عبد ربه في الإستيعاب 2 / 745.

والهيثمي في مجمعه 7 / 234 ورواه أيضا المفيد ، عن عصام بن

ص: 479

قدامة البجلي ، عن ابن عباس ... الحديث. ورواه ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 149 عن الماوردي.

[305] رواه الحافظ الموفق بن أحمد الخوارزمي في المناقب ص 110 عن سعد بن عبد اللّه الهمداني ، عن الحسن بن أحمد الحداد ، عن عبد الرزاق بن عمر الطهراني ، عن أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني ، عن محمد بن علي بن دحيم ، عن أحمد بن حازم ، عن شهاب بن عبّاد ، عن جعفر بن سليمان ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد ... الحديث.

ورواه ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 148. ورواه المجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 452.

[306] رواه المتقي في كنز العمال 6 / 392 عن زيد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي علیه السلام ... الحديث.

ورواه الحموئي في فرائد السمطين 1 / 281 والسيوطي في اللئالي 1 / 213 والإسكافي في المعيار والموازنة ص 55 مرسلا. وابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 158.

[308] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 110 عن سعد بن عبد اللّه الهمداني ، عن الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد ، عن عبد الرزاق ابن عمر بن إبراهيم ، عن أحمد بن موسى بن مردويه ، عن محمد بن علي بن دحيم ، عن أحمد بن حازم ، عن عثمان بن محمد ، عن يونس بن أبي يعقوب ، عن حماد بن عبد الرحمن الأنصاري ، عن أبي سعيد التميمي ، عن علي علیه السلام ... الحديث. والمجلسي في بحار الأنوار 8 / 456 ط قديم. وابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 162.

[309] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 168 عن أبي الحسن بن أبي عبد اللّه ، عن المبارك بن الحسن بن أحمد. أخبرنا أبو القاسم بن أحمد ،

ص: 480

عن حسين بن إسحاق التستري ، عن محمد بن صباح الجرجاني ، عن محمد بن كثير ، عن حارث بن حصيرة عن أبي صادق ، عن مخنف بن سليم قال : أتينا أبا أيوب الأنصاري ... الحديث. وابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 169.

ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 235. والأمين العاملي في أعيان الشيعة 6 / 284. والأميني في الغدير 192. والسيد الخوئي في رجاله 21 / 35.

[310] رواه المجلسي في بحار الأنوار ط قديم ص 326 نقلا من كتاب السقيفة لأحمد بن عبد العزيز الجوهري بإسناده عن أبي كعب الحارثي ... الحديث.

[311] نقل شيخنا المفيد في كتاب الجمل ص 76 حديثا بهذا المضمون ولكن بطريق آخر. فقد رواه عن محمد بن إسحاق والمدائني وحذيفة.

قال : لمّا عرفت عائشة أن الرجل مقتول ، تجهزت الى مكة. جاءها مروان بن الحكم وسعيد بن العاص فقالا لها ... الحديث.

ورواه البلاذري في أنساب الأشراف 5 / 104 وابن سعد في طبقاته.

[312] رواه الشيخ المفيد في كتاب الجمل ص 75 عن أبي حذيفة القرشي عن الأعمش ، عن حبيب بن ثابت ، عن تغلبة بن يزيد الحماني ، قال : أتيت الزبير وهو عند أحجار الزيت. فقلت له : يا أبا عبد اللّه قد حيل بين أهل الدار وبين الماء. فقال : « وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم » الآية. ورواه أيضا في ص 232 عن الفضل بن دكين ، عن عمران الخزاعي ، عن ميسرة ، عن جرير ... الحديث.

[313] ورواه أيضا في كتاب الجمل ص 74 ، عن أبي حذيفة ابن

ص: 481

إسحاق بن بشير القرشي قال : حدثني يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ... الحديث.

[315] رواه الصدوق في الخصال 2 / 364 بطريقين :

1 - عن أبيه ومحمد بن الحسن ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن الحسين بن سعيد ، عن جعفر بن محمد النوفلي ، عن يعقوب بن يزيد ، عن جعفر بن أحمد بن محمد ، عن يعقوب بن عبد اللّه الكوفي ، عن موسى بن عبيدة ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن محمد بن الحنفية ... الحديث.

2 - وعن عمرو بن أبي المقدام ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر.

الحديث.

وأما المفيد في الاختصاص 158 فقد رواه أيضا بطريقين ولكن باختلاف :

1 - جعفر بن أحمد بن عيسى ، عن يعقوب الكوفي ، عن موسى بن عبيدة ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث.

الحديث.

2 - وعن جابر ، عن أبي جعفر ، عن محمد بن الحنفية ... الحديث.

ورواه المجلسي - عن الخصال - في بحار الأنوار 38 / 167 الحديث 1.

[316] رواه المجلسي في بحار الأنوار ط قديم ص 392 عن ابن ميثم. ورواه المسعودي في إثبات الوصية ص 126. ورواه المفيد في الإرشاد ص 128 حيث قال : رواه الخاصة والعامة عنه ، وذكر ذلك أبو عبيدة معمر بن المثنى ، وغيره ممن لا يتهمه خصوم الشيعة في روايته أن أمير المؤمنين علیه السلام قال في أول خطبة خطبها بعد بيعة الناس له على الأمر وذلك بعد مقتل عثمان بن عفان ...

ص: 482

ورواه الجاحظ في البيان والتبيين 2 / 65 ، وابن الأثير في النهاية 1 / 132. وابن قتيبة في عيون الأخبار 1 / 60 و 2 / 236. وابن عبد ربه في العقد الفريد 2 / 162 والشريف الرضي في النهج ، الخطبة 16.

[317] رواه مختصرا المجلسي في بحار الأنوار 41 / 116 الحديث 23 عن عبد اللّه بن أبي رافع وأبي الهيثم بن التيهان : أن طلحة والزبير جاءا الى أمير المؤمنين. ورواه ابن شهرآشوب في المناقب 1 / 315. ورواه أيضا المؤلّف في دعائم الإسلام كتاب الجهاد - باب قسمة الغنائم - الحديث 1 ج 1 / 384.

[318] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 111 عن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي ، عن إسماعيل بن أحمد الواعظ ، عن أحمد بن الحسين البيهقي ، عن أبي عبد اللّه الحافظ ، عن محمد بن يعقوب ، عن الحسن بن علي بن عفان العامري ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن ابن ميمونة ، عن أبي بشير الشيباني ... الحديث.

وذكر ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص 62 معنى الحديث دون النص ، حيث قال : وذكر غير سيف [ بن عمر ] وابن جرير : إن الناس اختلفوا الى علي علیه السلام بعد مقتل عثمان أربعين ليلة.

[321] رواه المفيد في كتاب الجمل ص 130 بصورة اخرى ضمن جواب رسالة أرسلتها عائشة الى زيد بن صوحان : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، من عائشة ابنة أبي بكر أم المؤمنين زوجة النبي ، الى ابنها المخلص زيد بن صوحان أما بعد : إذا جاءك كتابي هذا فأقم في بيتك وخذّل الناس عن علي حتى يأتيك أمري وليبلغني عنك ما أقرّ به فإنك من أوثق أهلي عندي والسّلام.

فكتب إليها زيد بن صوحان :

ص: 483

بسم اللّه الرحمن الرحيم من زيد بن صوحان الى عائشة بنت أبي بكر ، أما بعد : فإن اللّه أمرك بأمر وأمرنا بأمر ، أمرك أن تقري في بيتك ، وأمرنا بالجهاد ، فأتاني كتابك بضد ما أمر اللّه به وذلك خلاف الحق والسلام.

ورواه الطبري في تاريخه 5 / 183. والمعلّى في الحدائق الوردية 1 / 35. والمجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 418.

[322] رواه المفيد في الاختصاص ص 113 ، عن محمد بن علي بن شاذان ، عن أحمد بن يحيى النحوي ، عن أحمد بن سهل ، عن يحيى بن محمد بن إسحاق ، عن أحمد بن قتيبة ، عن عبد الحكم القتبي ، عن أبي كبسة ويزيد بن رومان ... الحديث.

والطبرسي في الاحتجاج عن الصادق علیه السلام 2 / 449. والمجلسي في بحار الأنوار ط قديم 9 / 424. والمفيد في كتاب الجمل ص 126.

[323] أخرجه الأميني في الغدير 9 / 81 نقلا عن الإستيعاب : إن الأحنف بن قيس كان عاقلا حليما ذا دين وذكاء وفصاحة. لمّا قدمت عائشة البصرة أرسلت إليه ... الحديث.

[324] روى الخطبة الحاكم في المستدرك 3 / 115 عن الحسن بن محمد السكوني ، عن محمد بن عثمان ، عن يحيى بن عبد الحميد ، عن شريك ، عن أبي الصيرفي ، عن أبي قبيصة ( عمر بن قبيصة ) ، عن طارق بن شهاب قال : رأيت عليا على رحل رث بالربذة وهو يقول : الحديث. والبلاذري في أنساب الأشراف 1 / 351 الحديث 293.

وروى السيد المدني في الدرجات الرفيعة ص 264 الكتاب الذي بعثه أمير المؤمنين مع تفاوت يسير. وأيضا ما دار بين عمار وأبي موسى.

ص: 484

وأيضا في ص 366.

[325] روى ابن طاوس في كتاب اليقين ص 15 عن الحافظ ابن مردويه ، عن محمد بن علي ، عن أحمد بن عبيد بن إسحاق العطار ، عن مالك بن إسماعيل ، عن جعفر الأحمر ، عن مهلهل العبدي ، عن كريزة الهجري ، قال : لمّا [ أمر ] علي بن أبي طالب علیه السلام قام حذيفة بن اليمان مريضا ، فحمد اللّه واثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس من سرّه أن يلحق بأمير المؤمنين حقا حقا فليلحق بعلي بن أبي طالب. فأخذ الناس برا بحرا فما جاءت الجمعة حتى مات حذيفة.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 37 / 298 الحديث 19.

[326] وسيأتي في الرقم 334 سند هذا الحديث.

[329] روى المجلسي في بحار الأنوار 8 / 436 عن علي بن محمد الكاتب. عن الحسن بن علي الزعفراني ، عن الثقفي ، عن إبراهيم بن عمر ، عن أبيه ، عن أخيه ، عن بكر بن عيسى ... الحديث.

ورواه الطبرسي في الاحتجاج ص 162 عن سليم بن قيس الهلالي. والحاكم في مستدرك الصحيحين 3 / 366 عن قيس بن أبي حازم ، الحديث. وابن الأثير في اسد الغابة 2 / 199. وفي تهذيب التهذيب 6 / 325 عن إسماعيل بن خالد ، عن عبد السلام. والمتقي في كنز العمال 6 / 82 عن أبي الأسود الدؤلي.

ورواه مرسلا ابن قتيبة في الإمامة والسياسة ص 63.

[330] روى المفيد في كتاب الجمل عن يزيد عن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : نظرت الهودج يوم الجمل كأنه قنفذ من النشاب والنبل. وفي ص 216 ، عن فطر بن خليفة ، عن منذر الثوري ، قال : لمّا انهزم الناس يوم الجمل ، أمير المؤمنين علیه السلام مناديا ينادي أن لا

ص: 485

تجهزوا على جريح ولا تتبعوا مدبرا ، وقسم ما حواه العسكر من السلاح والكراع. ورواه أيضا ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 114.

[332] رواه المجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 450 عن جعفر بن معروف ، عن الحسن بن علي بن نعمان ، عن أبيه ، عن معاذ بن مطر ، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي ، عن بعض مشايخه : لمّا هزم علي بن أبي طالب علیه السلام أصحاب الجمل بعث أمير المؤمنين علیه السلام عبد اللّه بن العباس الى عائشة ... الحديث.

[333] رواه المفيد في كتاب الجمل عن أبي مخنف ، عن العدي ، عن أبي هشام ، عن البريد ، عن عبد اللّه بن المخارق ، عن هاشم بن مساحق القرشي ، عن أبيه : لمّا انهزم الناس يوم الجمل اجتمع معه طائفة من قريش فيهم مروان بن الحكم ...

ورواه الطوسي في أماليه ص 323 الحديث 15 : عن جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي ، عن عبّاد بن يعقوب الأسدي ، عن علي بن هاشم بن البريد ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن مخارق.

[334] رواه الديلمي في إرشاد القلوب ص 342 في حديث طويل. وقد مرّ قسم من هذه الرواية سابقا تحت الرقم 326. قال : وفي خبر حذيفة بن اليمان بحذف الإسناد ... الحديث.

وختم الحديث بأبيات ترثي ولدها باكية. وقد ذكرتها في ذيل الاصل. وقد رواه أيضا المجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 25 ، وأيضا ص 260. والمفيد في كتاب الجمل ص 182. والخوارزمي في مناقبه ص 118. وابن الجوزي في تذكرة الخواص ص 72.

[335] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 6 / 393 : بسنده عن أبي رافع : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال لعلي بن أبي طالب : إنه سيكون بينك

ص: 486

وبين عائشة أمر ... الحديث. ورواه العسقلاني في فتح الباري 14 / 145 وقال : أخرجه أحمد والبزار بسند حسن. والمتقي في كنز العمال 6 / 410.

[336] رواه المفيد في كتاب الجمل 233 عن أمّ راشد مولاة أمّ هاني أن طلحة والزبير دخلا على علي فاستأذناه في العمرة ، فلما وليا من عنده سمعتهما يقولان : ما بايعناه بقلوبنا وأنما بايعناه بأيدينا. فأخبرت عليا بمقالتهما ، فقال : « إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللّهَ يَدُ اللّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ » ... الحديث.

[337] رواه المفيد في كتاب الجمل ص 159 ، عن الواقدي عن معمر بن راشد ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن البصري ، قال : أقبل أبو بكرة يريد أن يدخل مع طلحة والزبير ... الحديث.

ورواه البخاري في صحيحة كتاب الفتن ، عن عثمان بن الهيثم عن عوف عن الحسن عن أبي بكرة. ورواه النسائي في صحيحه ح 2. والحاكم في المستدرك 3 / 118 ، و 4 / 219 وص 524.

[338] رواه المجلسي في بحار الأنوار 8 / 435 : عن سليم بن قيس الهلالي ضمن كلام جرى بينهما يوم الجمل. ورواه أيضا الطبرسي في الاحتجاج ص 162.

[339] وفي الاحتجاج للطبرسي ص 167 عن الصادق علیه السلام ، فلما كان من ندمها أخذت أمّ سلمة تقول :

لو كانت معتصما من زلة احد *** كانت لعائشة الرتبا على الناس

من زوجة لرسول اللّه فاضلة *** وذكر آي من القرآن مدراس

وحكمة لم تكن إلا لهاجسها *** في الصدر يذهب عنها كل وسواس

يستنزع اللّه من قوم عقولهم *** حتى يمرّ الذي يقضي على الرأس

ص: 487

ويرحم اللّه أمّ المؤمنين لقد

تبدّلت لي إيحاشا بإيناس

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 8 / 427 بتفاوت.

[341] رواه المجلسي في بحار الأنوار 8 / 436 ، عن المفيد ، عن عمر بن محمد الصيرفي ، عن محمد بن القاسم ، عن جعفر بن عبد اللّه المحمدي ، عن يحيى بن الحسن بن فرات ، عن المسعودي ، عن الحرث بن حصيرة ، عن أبي محمد العنزي ، عن أبي عبد اللّه الغنوي ، قال : إنا لجلوس مع علي بن أبي طالب يوم الجمل ... الحديث.

[342] لقد مرت الإشارة الى بعض المصادر عن هذا الحديث في ضمن الحديث 329 ، فراجع.

[343] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 171 عن ابن خزيمة ، عن جعفر بن أبي عثمان الطيالسي ، عن يحيى بن معين ، عن غندر عن شعبة ، عن إسماعيل ، عن قيس عن عائشة لما أتت على الحوأب سمعت نبح الكلاب ... الحديث.

ورواه أيضا الحاكم في المستدرك 3 / 13. والمتقي في كنز العمال 6 / 83. والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 112. وفي مسند أحمد بن حنبل 6 / 97 غير أنه قال : إن الزبير قال لها : لا ، بل تقدمي ويراك الناس ...

[346] رواه أحمد بن حنبل في كتاب الفضائل الحديث 137 ، عن أبيه ، عن وكيع ، عن سفيان ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، قال : حدثني ابن عباس ، قال : أرسلني علي الى طلحة والزبير يوم الجمل فقلت : إن أخاكما ... الحديث.

ورواه أيضا أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني 16 / 127. والمجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 420.

[347] رواه البحراني في غاية المرام ص 575 الباب 66 الحديث 4 عن

ص: 488

موفق بن أحمد ، عن سعد بن عبد اللّه الهمداني ، عن الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد ، عن عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم ، عن أحمد بن موسى بن أحمد بن مردويه. وأيضا عن سليمان بن إبراهيم الأصفهاني ، عن أحمد بن موسى ، عن محمد بن علي بن دحيم ، عن أحمد بن حازم ، عن نبهان بن عباد ، عن جعفر بن سليمان ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : أسألك بحق قرابتي وبحق صحبتي إلا ما دعوت اللّه أن يقبضني إليه. فقال له : يا علي ، تسألني أن أدعو اللّه لأجل مؤجل ...

الحديث.

ورواه أيضا الخوارزمي في مناقبه ص 109.

[348] رواه المجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 453 مع زيادة مرسلا عن حذيفة حيث قال : لو احدّثكم بما سمعت من رسول اللّه لرجمتموني. قالوا : سبحان اللّه نحن نفعل ذلك!. قال : لو احدّثكم إن بعض امهاتكم تأتيكم في كتيبة كثير عددها شديد بأسها تقاتلكم ، صدّقتم؟ قالوا : ومن يصدّق بهذا؟؟ قال : تأتيكم امكم الحميراء في كتيبة يسوق بها أعلامها من حيث تسؤكم ... الحديث.

[350] روى المجلسي في بحار الأنوار 8 / 434 ط قديم عن ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن محمد بن جبارة ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي ، قال : شهد مع علي علیه السلام يوم الجمل ثمانون من أهل بدر وألف وخمسمائة من أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

[352] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 116 عن علي بن أحمد العاصمي ، عن إسماعيل بن أحمد الواعظ ، عن أحمد بن الحسين البيهقي ، عن أبي عبد اللّه الحافظ ، عن أبي الوليد ، وأبي بكر بن قريش ، عن الحسين بن سفيان ، عن أحمد بن عبيدة ، عن الحسن بن الحسين ، عن رفاعة بن إياس الضبي ،

ص: 489

عن أبيه ، عن جده ، قال : كنا مع علي علیه السلام يوم الجمل ... الحديث.

[354] رواه العسقلاني في فتح الباري 16 / 165 عن زيد بن وهب ، قال : بينا نحن نحول حول حذيفة ، إذ قال : كيف أنتم ، وقد خرج أهل بيت نبيكم فرقتين يضرب بعضهم وجوه بعض بالسيف ، قلنا : يا أبا عبد اللّه ، فكيف نصنع إذا أدركنا ذلك ، قال : انظروا الى الفرقة التي تدعو الى أمر علي بن أبي طالب ، فإنها على الهدى ، ورواه الهيثمي في مجمعه 7 / 236 أيضا.

[355] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 158 الحديث 1196 عن سعيد بن أبي رجاء ، عن منصور بن الحسين وأحمد بن محمود قالا : عن أبي بكر بن المقرئ ، عن إسماعيل بن عبّاد البصري ، عن عبّاد بن يعقوب ، عن الربيع بن سهل الفزاري ، عن سعيد بن عبيد ، عن علي بن ربيعة ، قال : سمعت عليا علیه السلام يقول : عهد إليّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أن اقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين وبطريق آخر أيضا.

[356] وروى أحمد بن حنبل في مسنده 3 / 90 عبد اللّه ، عن أبيه ، عن محبوب بن الحسن ، عن خالد عن عكرمة أن ابن عباس قال له [ ... قوله ] ويقول صلی اللّه علیه و آله ويح عمار تقتلك الفئة الباغية ، يدعوهم الى الجنة ويدعونه الى النار.

ورواه السيد المدني في الدرجات الرفيعة ص 271 عن أبي سعيد الخدري أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : ويح عمار ... الحديث ورواه ابن الأثير الجزري في جامع الاصول 10 / 30.

[359] روى المجلسي في بحار الأنوار 8 / 522 ط قديم عن المفيد عن محمد بن الحسن المقري ، عن الحسن بن علي بن عبد اللّه ، عن عيسى بن مهران ، عن الفضل بن دكين ، عن موسى بن قيس ، عن الحسين بن إسباط ، قال :

ص: 490

سمعت عمار بن ياسر (رحمه اللّه) يقول عند وجهه الى صفين : اللّهمّ لو أعلم ... الحديث.

ورواه أيضا السيد المدني في الدرجات الرفيعة ص 269.

[360] روى التلمساني في الجوهرة ص 100 عن أبي عبد الرحمن السلمي ، قال : شهدت مع علي صفين ، فرأيت عمار بن ياسر لا يأخذ في جهة ولا واد من أودية صفين إلا رأيت أصحاب محمد صلی اللّه علیه و آله يتبعونه كأنه علم لهم.

والقسم الأخير من الرواية رواه المجلسي مرسلا في بحار الأنوار ط قديم 8 / 527. وكذا السيد المدني في الدرجات الرفيعة ص 278.

أما الرواية كاملة فقد نقلها الهيثمي في مجمعه 7 / 240.

[362] رواه المجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 450 والتلمساني في الجوهرة ص 100.

[363] روى الحاكم في المستدرك 3 / 387. وابن سعد في الطبقات 3 / 179. والهيثمي في مجمعه 7 / 240 عن عبد الرحمن السلمي. والسيد المدني في الدرجات الرفيعة ص 279. والمتقي في كنز العمال 7 / 74.

[364] رواه المجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 526 عن الحسن بن صالح ، عن أبي ربيعة الأيادي ، عن الحسن عن أنس ، عن النبيّ صلی اللّه علیه و آله قال : إن الجنة تشتاق الى ثلاثة علي وعمار وسلمان. وفي الطبعة الجديدة 39 / 245.

ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 131 عن محمد بن عبد الواحد ، عن أبي القاسم بن اليسري ، عن عبيد اللّه بن محمد الحافظ ، عن عبد اللّه بن سليمان ، عن إسحاق بن إبراهيم النهشلي ، عن يحيى بن أبي بكر ، عن الحسن بن صالح ، عن أبي ربيعة الأيادي ، عن الحسن ، عن

ص: 491

أنس ... الحديث. ورواه البحراني في غاية المرام ص 20 وفي فرائد السمطين ص 293. المجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 327. وفي وقعة صفين لنصر بن مزاحم ص 323.

[365] روى التلمساني في الجوهرة ص 100 قريبا لهذا المعنى رواية من ابن عباس في قول اللّه عزّ وجلّ ( أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ) ، قال : هو عمار بن ياسر. ( كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها ) . قال : أبو جهل بن هشام. ورواه أيضا السيد المدني في الدرجات الرفيعة ص 256.

[366] وروى التلمساني في الجوهرة ص 102 عن عبد الرحمن بن أبزي : شهدنا مع علي صفين في ثمان مائة ممن بايع بيعة الرضوان ، قتل منا ثلاثة وستون ، منهم عمار بن ياسر.

[367] رواه التلمساني في الجوهرة ص 102 عن علي بن أبي طالب - الحديث. والمجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 524. والسيد المدني في الدرجات الرفيعة ص 256.

[368] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 4 / 89 ... الحديث. ورواه المجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 327.

[369] رواه التلمساني في الجوهرة ص 100 عن مسروق عن عائشة ...

الحديث. والسيد المدني في الدرجات الرفيعة ص 257. والمجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 327.

[370] رواه السيد المدني في الدرجات الرفيعة ص 261 : واستعمله عمر على الكوفة وكتب معه إليهم كتابا مضمونه ، أني بعثت إليكم عمار بن ياسر أميرا وابن مسعود معلّما ووزيرا وأنهما من النجباء ... الحديث.

[371] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 4 / 197 بسنده عن عمرو بن دينار ،

ص: 492

عن رجل من أهل مصر يحدّث : أن عمرو بن العاص أهدى إلى ناس هدايا ، ففضل عمار بن ياسر ، فقيل له؟ فقال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : تقتله الفئة الباغية.

[372] رواه المجلسي في بحار الأنوار ط قديم 8 / 522 عن إبراهيم بن الحكم ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن سعد بن أوس ، عن بلال بن يحيى العيسى ... الحديث.

[373] رواه المتقي في كنز العمال 7 / 74 عن سعيد بن جبير ... الحديث.

[375] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 2 / 161 بسنده عن عبد اللّه بن الحارث قال : إني لأسير مع معاوية ... الحديث. ورواه مرسلا الأربلي في كشف الغمة 1 / 260.

[377] وقد سبق أن المؤلّف ذكر هذا الحديث في الجزء الثاني حديث 181 فراجع ( تاريخ دمشق لابن عساكر 3 / 140 رقم الحديث 1196 ). ورواه أيضا الهيثمي في مجمع الزوائد 7 / 243 عن سيار أبي الحكم ، قال : قالت بنو عبس لحذيفة ... الحديث.

[378] رواه المتقي في كنز العمال 7 / 73 ، عن خالد بن الوليد ، عن ابنة هشام بن الوليد بن المغيرة ، وكانت تمرّض عمارا ، قالت : جاء معاوية ... الحديث.

ص: 493

الفهرس

مقدمة المؤسسة... 3

مقدّمة المحقّق... 5

المولف والكتاب ... 17

محتويات الجزء الاول

خطبة الكتاب ... 87

قوله صلى اللّه عليه وآله : أنا مدينة العلم وعلي بابها... 89

قوله صلى اللّه عليه وآله : أقضاكم علي... 91

قوله صلى اللّه عليه وآله : علي مني وأنا من علي... 93

قوله صلى اللّه عليه وآله : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى »... 97

قوله صلى اللّه عليه وآله : « من كنت مولاه فعلي مولاه »... 99

عليّ عليه السلام كنفس رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله... 111

قوله صلى اللّه عليه وآله : علي مني يؤدي ديني ويقضي عداتي... 113

علي عليه السلام أمير المؤمنين والوصي والخليفة... 116

نقد للطبري... 130

إشراكه في الهدي... 134

مناقب أمير المؤمنين عليه السلام... 137

عائشة تعترف بفضله... 140

حبّ الرسول له... 143

ص: 494

الحسين وعبد اللّه بن عمرو بن العاص... 145

عليّ حبيب الرسول... 147

ما جاء في ذم عليا عليه السلام أو بغضه ... 151

خطبة عليّ على منبر الكوفة ... 159

بغض أهل البيت عليهم السلام :... 161

صعصعة مع معاوية... 170

محتويات الجزء الثّاني

سبق علي صلوات اللّه عليه الى الإسلام... 177

اختصاص عليّ عليه السلام بالرسول صلى اللّه عليه وآله... 188

تفضيل علي عليه السلام... 195

إطاعة علي عليه السلام وعدم مفارقته... 216

ولاية علي عليه السلام ... 219

محتويات الجزء الثّالث

جهاد علي صلوات اللّه عليه... 253

غزوة بدر... 262

غزوة أحد... 267

غزوة حمراء الأسد... 283

غزوة الخندق... 287

غزوة خيبر... 301

فتح مكة... 304

غزوة بني جذيمة... 309

غزوة حنين... 311

ص: 495

سرايا الرسول... 320

أحاديث في الجهاد... 327

محتويات الجزء الرّابع

فصل فى الناكثين والقاسطين والمارقين... 337

- الأمر بقتل الناكثين والقاسطين والمارقين... 337

- اعتراض العائشة وحفضة على عمل عثمان... 341

- المواطن التي امتحن بها علي عليه السلام بعد الرسول صلى اللّه عليه وآله ... 345

من منابع الاختلاف... 363

خطبة علي عليه السلام بعد بيعته ... 369

حرب الجمل... 376

حرب صفين... 405

تخريج الأحاديث... 417

ص: 496

المجلد 2

هوية الكتاب

المؤلف: القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي

المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي

الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي

المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي

الطبعة: 1

الموضوع : سيرة النبي (صلی اللّه عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام)

تاريخ النشر : 1412 ه-.ق

الصفحات: 611

المكتبة الإسلامية

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام

للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي

المتوفي سنة 363 ه. ق

الجزء الخامس

مؤسسة النشر الإسلامي

التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة

ص: 1

اشارة

شابك (الدورة) 3-397-470-964-978

ISBN 978 - 964 - 470 - 397 - 3

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام

ج 2

(5 - 10)

تأليف: القاضي النعمان بن محمد التميمي المغربي رحمه اللّه

تحقيق: السيد محمد الحسيني الجلالي

الموضوع: التاريخ

چاپ ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي

عدد الصفحات: 612

الطبعة: الثانية

المطبوع: 500 نسخة

التاريخ: 1431 ه .ق .

شابك (ج 1): 3-397-470-964-978

ISBN 978 - 964 - 470 - 397 - 3

قم - شارع الأمين - ابتداء شارع الجمهورية الإسلامية ص . ب 749-37185

تلفون: 2933219 - 2932219 فاكس: 2933517

ص: 2

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[ بقية أخبار صفّين ]

[379] محمّد بن حميد ، عن أبي عبد الرحمن السلمي أنّه قال : شهدت صفين مع علي صلوات اللّه عليه ، وكنا قد وكلنا رجلين يحرسانه (1) ، فإذا حانت منهم غفلة ، هجم في القوم حتى يخالطهم ، فما يرجع إلينا حتى يخضب سيفه. وإنه حمل حملة من ذلك فرجع ، وقد انحني سيفه ، فرمى به. وقال : ما جئتكم حتى انثنى عليّ سيفي.

[380] أبو نعيم ، باسناده ، عن يحيى بن مطرف ، قال : مرّ علينا علي صلوات اللّه عليه يوم صفين ، ونحن وقوف تحت راياتنا.

فقال : لمن هذه الرايات؟

قلنا : رايات ربيعة ، يا أمير المؤمنين.

قال : بل هي رايات اللّه.

[ عصم اللّه أهلها وثبت أقدامهم ] (2).

[381] وبآخر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى (3) ، قال : نادى (4) رجل من أهل

ص: 3


1- هكذا في النسخة - د - ، أما في نسختي - أو الأصل - : بحرسه.
2- هذه الزيادة من المناقب للخوارزمي ص 156.
3- وهو عبد الرحمن بن أبي ليلى واسمه يسار ويقال : داود الكوفي الانصاري والد محمّد وعيسى المتوفى 83 ه. وهو الذي ضربه الحجاج حتى اسود كتفاه على سبب أمير المؤمنين علي علیه السلام فما فعل. ( ابن خلكان 1 / 296 ).
4- وفي نسخة - ج - : دنا.

الشام يوم صفين بنا : أفيكم اويس القرني؟

قلنا : نعم [ وما تريد منه ] (1).

قال : فاني سمعت رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يقول : اويس القرني من خير التابعين [ بإحسان ] (2)، ثم ضرب دابته ، فدخل في جملة أصحاب علي صلوات اللّه عليه.

[382] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن قيس بن أبي حازم (3) [ التميمي ] ، قال : سمعت عليا علیه السلام يستنفر الناس إلى قتال معاوية ، وهو يقول : انفروا الى بقية الأحزاب ، وأولياء الشيطان (4) ، انفروا الى من يقول : كذب اللّه ورسوله مع من يقول : صدق اللّه ورسوله.

[383] وبآخر ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : رأيت رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله في المنام ، فجعلت أشكو إليه ما لقيت [ من امته من الأود واللّدد ] (5) حتى بكيت.

فقال لي : يا علي لا تبك ، وارفع رأسك الى ما هاهنا ، فرفعت رأسي ، فنظرت الى معاوية وعمرو بن العاص مناطين بأرجلهما ، فجعلت ارضخ (6) رأسهما بالحجارة حتى يموتان (7) ، ثم يعودان.

ص: 4


1- هذه الزيادة من حلية الابرار 1 / 896.
2- وفيه يقول دعبل الخزاعي مفتخرا في قصيدته : ألا حييت عنا يا مدينا *** اويس ذو الشفاعة كان منا فيوم البعث نحن الشافعونا
3- وفي نسخة - ج - : أبي خد. وهو قيس بن عبد عوف بن الحارث الاحمسي البجلي سكن الكوفة. توفي 84 ه.
4- هكذا في نسخة - ج - وفي الأصل : الشياطين.
5- الزيادة من وقعة صفين ص 218.
6- الرضخ : كسر الشيء ودقه.
7- وفي نسخة - ج - يموت.

[384] الحسن (1) بن عطية ، عن عمرو بن أبي جندب ، قال : كنا جلوسا عند سيّدنا سعيد بن قيس (2) بصفين ، إذ جاء أمير المؤمنين يتوكأ على عنزة (3) وان الصفين ليتراءيان بعد ما اختلط الظلام.

فقال له سعيد : يا أمير المؤمنين.

قال : نعم.

قال : سبحان اللّه أما تخاف أن يغتالك أحد [ وأنت قرب عدوك ] (4)؟

قال : لا ، إنه ليس من أحد إلا ومعه من اللّه حفظة أن يصيبه حجر ، أو أن يخر من جبل ، أو يقع في بئر ، أو تصيبه دابة حتى إذا جاء القدر خلوا بينه وبينه. [ وإن الأجل جنة حصينة ] (5).

[385] سعيد بن كثير ، باسناده عن الليث بن سعيد ، قال : لما اجتمع أهل الشام وأهل العراق بصفين ، امطروا دما عبيطا ، فهال ذلك أهل الشام ، فقال لهم عمرو بن العاص :

أيها الناس إنما هذه آية من آيات اللّه (6) اراكموها ، فليصلح كل

ص: 5


1- وفي نسخة - د وج - : الحسين.
2- وهو سعيد بن قيس بن زيد من بني زيد بن مريب من همدان من الدهاة الاجواد من سلالة ملوك همدان توفي 50 ه.
3- العنزة : كالعكازة في اسفله الزج ( الحديد التي في اسفل الرمح ). وفي الاصل : غذة.
4- هذه الزيادة من كتاب صفين ص 250.
5- هذه الزيادة من نهج البلاغة - الكلمات - 201 ص 505. أقول : وهنا احتمالان : 1 - أن تكون هذه الامور من خصائصهم (عليهم السلام) لعلمهم بعدم تضررهم بهذه الامور ومعرفة زمان موتهم وعوامله. 2 - أن يكون المراد عدم المبالغة بالخوف وترك الواجبات لاجل التوهمات البعيدة.
6- وفي نسخة - د - : إنما هذه آيات من آيات اللّه.

امرئ ما بينه وبين ربه ، ثم لا عليه أن ينتطح هذان الجبلان ، فقدموا الدروع وأخروا الحسر ، وأعيرونا جماجمكم ساعة من نهار.

قال : واقتتلوا بصفين أربعين يوما وكانت الهزيمة في أهل الشام ، فأمرهم عمرو بن العاص بأن يعلقوا المصاحف.

[386] أبو نعيم ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال للحكمين - حين بعثهما - : عليكما أن تحكما بما في كتاب اللّه فإن لم تحكما بما في كتاب اللّه فلا حكم لكما.

[387] وبآخر ، عن جعفر بن محمّد علیه السلام ، أنه قال : قال علي علیه السلام [ لهما ] - يعني الحكمين - : عليكما أن تحكما بما في كتاب اللّه ، فتحييان ما أحيى القرآن ، وتميتان ما أمات القرآن ، ولا تزيغا عنه.

[388] محمّد بن علي الدغشي ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه قال : لما انصرف من صفين خاض الناس في أمر الحكمين. فقال بعضهم (1) : ما يمنع أمير المؤمنين من أن يأمر بعض (2) أهل بيته ليتكلم؟

فقال علي صلوات اللّه عليه للحسن : قم يا حسن ، فقل في أمر هذين الرجلين - عبد اللّه بن قيس وعمرو بن العاص -.

فقام الحسن علیه السلام ، فقال :

يا أيها النّاس إنكم قد اكثرتم في أمر عبد اللّه بن قيس وعمرو بن العاص ، وإنما بعثا ليحكما بالكتاب على الهوى ، فحكما بالهوى على الكتاب ، ومن كان هكذا لم يسمّ حكما ، ولكنه محكوم عليه ، وقد

ص: 6


1- وفي نسخة - ج - : بعض الناس.
2- وفي نسخة - ج - : من.

أخطأ عبد اللّه بن قيس (1) في أن أومأ (2) بها الى عبد اللّه بن عمر ، فأخطأ في ذلك في ثلاث خصال : في أن أباه لم يرضه لها. وفي أنه لم يستأمره. وفي أنه لم يجتمع عليه المهاجرون والأنصار الذين عقدوها لمن قبله. وإنما الحكومة [ فضل من اللّه ] ، وقد حكم رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله سعدا (3) في بني قريظة ، فحكم فيهم بحكم اللّه لا شك فيه ، فنفذ رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله حكمه ، ولو خالف ذلك لم يجزه.

ثم قال علي علیه السلام لعبد اللّه بن عباس : قم ، فتكلم ثم جلس.

فقام عبد اللّه ، فقال :

أيها الناس إن للحق أهلا أصابوه بالتوفيق ، والناس بين راض به وراغب عنه. وإنما بعث عبد اللّه بن قيس بهدى لا بضلالة ، وبعث عمرو بن العاص بضلالة لا بهدى (4) ، فلما التقيا رجع عبد اللّه بن قيس عن هداه. وثبت عمرو بن العاص على ضلالته. واللّه لئن كانا حكما بالكتاب لقد حكما عليه ، وان كانا حكما بما اجتمعا عليه معا فما اجتمعا على شيء ، ولئن كانا حكما بما سارا عليه ، لقد سار عبد اللّه بن قيس وعلي إمامه وسار عمرو ومعاوية إمامه ، فما بعد هذا من عتب (5) ينتظر ، ولكنهم سأموا الحرب ، فاحبوا البقاء ودفعوا البلاء بمثله ورضي (6) كل قوم صاحبهم.

ص: 7


1- وهو أبو موسى الاشعري.
2- وفي المناقب 3 / 193 : أن أوصى.
3- أبو عمرو سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس الخزرجي.
4- وفي نسخة - ج - : الى هدى.
5- وفي الأصل وفي نسخة - ج - : عيب.
6- وفي المناقب 3 / 193 : ورجاء.

ثم جلس.

ثم قال علي صلوات اللّه عليه لعبد اللّه بن جعفر : قم ، فتكلم.

فقام عبد اللّه ، فقال :

أيها الناس إن هذا الأمر كان النظر فيه إلى علي علیه السلام والرضا فيه لغيره ، فجئتم بعبد اللّه بن قيس ، فقلتم : لا نرضى إلا بهذا ، فارض به فانه رضانا ، وأيم اللّه ما استفدناه علما ، ولا انتظرنا منه غائبا ، ولا أمّلنا ضعفه (1) ولارجونا توبة صاحبه ، ولا أفسدا بما فعلا العراق ، ولا أصلحا الشام ، ولا أماتا حق علي ، ولا احييا باطل معاوية ، ولا يذهب الحق رقية راق ، ولا نفخة شيطان ، وإنّا اليوم لعلى ما كنا عليه أمس.

ثم جلس.

[389] أبو نعيم ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه ، بينا هو يخطب يوما إذ وقفت إليه امرأة [ من بني عبس ].

فقالت : يا أمير المؤمنين ثلاث ملئت (2) القلوب عليك.

قال : وما هن ، ويحك؟

قالت : رضاك بالقضية ، وأخذك الدنيئة (3) ، وجزعك عند البلية.

فقال لها : ما أنت وهذا ، إنما أنت امرأة ، فارجعي الى بيتك ، واجلسي على ذيلك.

قالت : لا ، واللّه ما من جلوس إلا في ظلال السيوف (4).

ص: 8


1- وفي نسخة - ج - : منعه.
2- وفي الغارات 1 / 38 : بلبلن.
3- وفي نسخة - ج - : الدينية.
4- هكذا في الغارات أما في الاصل : إلا في تحت ظلال السيوف.

[390] محمّد بن سلام ، باسناده ، عن عبد اللّه بن أبي رافع (1) قال : بينا أمير المؤمنين علي صلوات اللّه عليه يخطب بالكوفة بعد انصرافه من صفين ، إذ قام رجل من جانب المسجد ، فقال : لا حكم إلا لله.

فسكت أمير المؤمنين علیه السلام . وجلس الرجل.

فرجع علي علیه السلام الى خطبته. فقام آخر ، فقال : مثل ذلك.

فسكت علي علیه السلام ، وسكت الرجل. فرجع علیه السلام الى خطبته ، حتى قام كذلك جماعة. فقال علیه السلام :

كلمة حق يراد بها باطل (2) لكم عندنا ثلاث خصال : لا نمنعكم مساجد اللّه أن تصلّوا معنا فيها ، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا ، ولا نبدأكم بحرب حتى تبدءونا ، وأشهد لقد أخبرني النبي الصادق عن الروح الأمين عن رب العالمين ، إنه لا يخرج علينا منكم فئة - قلّت أو كثرت - إلا جعل اللّه عزّ وجلّ حتفها على أيدينا.

وذكر باقي الحديث.

[391] أبو غسان ، باسناده ، عن ابن أبّزى (3) ، قال : شهدت مع علي علیه السلام صفين ثمانمائة ممن بايع بيعة الرضوان ، قتل معه منهم ثلاثة وستون رجلا منهم عمار بن ياسر رضوان اللّه عليه.

[392] وبآخر ، عن الحكم ، قال : شهد (4) مع علي صلوات اللّه عليه صفين ثمانون من أهل بدر ، وخمسون ومائتان ممن بايع تحت الشجرة.

[393] وبآخر ، عن سعيد بن جبير ، قال : شهد مع علي علیه السلام ثمانمائة

ص: 9


1- كاتب أمير المؤمنين علیه السلام .
2- أي : الكلمة كلمة حق ولكنكم تريدون إبطال الإمامة.
3- وفي نسخة - ج - : أبي أثر. وفي الاصل : اثرى وهو تصحيف.
4- هكذا في نسخة - ج - وفي الأصل : شهدت.

من الأنصار ، وتسعمائة ممن بايع بيعة الرضوان.

[394] وبآخر ، عن السدي (1) ، أنه قال : شهد مع علي علیه السلام من أهل بدر ثلاثون ومائة.

[395] وبآخر ، يرفعه : أن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله سار في بعض غزواته ليلة مع أصحابه ، فسمعوه يقول : جندب وما جندب ، والاقطع الخير زيد (2).

وكرر ذلك.

فقيل له : يا رسول اللّه سمعناك تذكر رجلين بخير ، فمن هما؟

قال : يكونان في هذه الامة ، يضرب أحدهما ضربة يفرق بين الحق والباطل (3) ، ويقطع يد الآخر في سبيل اللّه فتسبقه الى الجنة ثم يتبعها سائر جسده. فأما جندب (4) يقتل رجلا ساحرا كان قد افتتن الناس به. وأما زيد فقطعت يده يوم جلولاء ، وقتل مع علي علیه السلام يوم الجمل.

[396] اسماعيل بن أبان ، عن صلة (5) بن زفر ، قال : لما احتضر حذيفة بن اليمان وسجي ، جلست عند رأسه ، وأدخلت رأسي في الثوب معه ، وقلت : يا أبا عبد اللّه اذا وقعت الفتن فالى من تأمرني أن أفزع؟

قال : إذا كان ذلك فاشدد على راحلتك والحق بعلي علیه السلام

ص: 10


1- وهو اسماعيل بن عبد الرحمن المتوفى 128 ه- تابعي سكن الكوفة صاحب التفسير والمغازي والسير ( النجوم الزاهرة 1 / 308 ).
2- زيد بن صوحان وهو يدعى زيد الخير.
3- وفي الإصابة 1 / 250 : يضرب ضربة فيكون امة وحدة.
4- جندب بن كعب بن عبد اللّه الأزدي.
5- وفي نسخة - خ وج - : عيلة.

فإنه على الحق لا يفارقه.

قال : فلما مات حذيفة ، شددت على راحلتي ، ولحقت به علیه السلام .

[397] سعيد بن كثير بن عفير ، قال : خرج علي صلوات اللّه عليه الى صفين وخباب بن الأرت (1) مريض بالكوفة ، فرجع علي علیه السلام وقد توفي خباب.

قال : وكان مع علي علیه السلام من الأنصار البدريين : أبو أيوب الأنصاري (2) ، وأبو مسعود ، ورفاعة بن مالك العجلان (3) ، وسهل بن حنيف.

[398] أبو نعيم ، باسناده ، عن ابراهيم النخعي ، أنه سئل عن : أيهما كان الأفضل الأسود أو علقمة؟ قال : علقمة أفضل ، علقمة شهد صفين مع علي علیه السلام .

قيل لإبراهيم : أفقاتل علقمة في أيام صفين؟

قال : نعم قاتل حتى خضب سيفه.

وشهد عبد الرحمن بن أبي ليلى (4) صفين مع علي علیه السلام .

ص: 11


1- أبو يحيى : أو أبو عبد اللّه خباب بن الارت بن جندلة بن سعد التميمي من السابقين في الاسلام ولما أسلم استضعفه المشركون فعذبوه فصبر. هاجر الى المدينة ونزل الكوفة فمات فيها وهو ابن 73 سنة ولما رجع أمير المؤمنين من صفين مرّ بقبره فقال : رحم اللّه خبابا أسلم راغبا وهاجر طائعا وعاش مجاهدا ، توفي 37 ه.
2- وهو خالد بن زيد بن كليب.
3- هكذا في جميع النسخ واظنه رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان كما في الاستيعاب 1 / 389 وهو الذي شهد مشاهد الرسول وشهد مع علي علیه السلام الجمل وصفين ، ويكنى : أبا معاد.
4- وفي اسد الغابة 5 / 268 شهد هو وأبوه ( أبو ليلى الانصاري - داود بن بلبل بن بلال ) مع علي علیه السلام مشاهده كلها.

[399] شريك بن عبد اللّه ، عن يزيد (1) بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : قال : قتل اويس القرني (2) يوم صفين مع علي علیه السلام .

[400] عن الأصبغ بن نباتة ، قال : قال علي علیه السلام - يوم صفين - : أين شرطة الموت؟ فقام تسعة وتسعون رجلا.

فقال علي علیه السلام : ليس هذا تمام ما وعدت به. فقام (3) رجل عليه جبة من صوف (4).

فقال له علي علیه السلام : من أنت؟ قال : أنا اويس القرني.

فقال علي علیه السلام : اللّه اكبر ، وتقدموا الى القتال.

وكان اويس أول قتيل.

ص: 12


1- وفي الاصل : زيد بن أبي زياد.
2- اويس بن عامر بن جزء بن مالك القرني أصله من اليمن تابعي ، أدرك النبي صلی اللّه علیه و آله ولم يره استشهد 37 ه.
3- وفي الخصائص للرضي ص 21 : قال : فجاء رجل.
4- وفي الخصائص أضاف : متقلد سيفين.

[ مقتل عبيد اللّه بن عمر ]

اشارة

[401] عن الحسن (1) قال : قتل عبيد اللّه بن عمر يوم صفين مع معاوية ، قتله المسلمون ، وأخذوا سلبه ، وكان مالا كثيرا (2).

وقيل : إن عبيد اللّه بن عمر كان يرتجز ذلك اليوم ، ويقول :

أنا عبيد اللّه ينميني عمر *** خير قريش من مضى ومن غبر

الا رسول اللّه والشيخ الأغر (3)

وإنما نزغ عبيد اللّه بن عمر الى معاوية خوفا من علي علیه السلام لأنه كان أصاب دما في أيام عثمان ، وذلك أن عمر لما قتل وثب عبيد اللّه على رجل من العجم - يقال له الهرمزان - من المسلمين ، فقتله (4) ، فأقاموا (5) عليه عند عثمان. فقال : قتل أبوه بالأمس ويقتل هو اليوم ، فتواعده علي علیه السلام ، فلحق بمعاوية.

ص: 13


1- وفي نسخة - أ - : عن الحسين.
2- وفي نسخة - ج - : ذا مال كثير.
3- وأضاف نصر بن مزاحم في وقعة صفين ص 299 : قد أبطات عن نصر عثمان مضر *** والرّبعيّون فلا أسقطوا المطز وسارع الحيّ اليمانون الغرر *** والخبر في الناس قديما يبتدر
4- وزوجته وطفله الرضيع انتقاما لأبيه بدلا عن أبي لؤلؤ.
5- وفي الاصل : فقاموا عليه.

وقيل : إن أهل الشام فخروا به على أصحاب علي علیه السلام ، فقالوا : هذا عبيد اللّه بن عمر معنا! فقال لهم أصحاب علي علیه السلام : أو لم (1) تنظروا الى عدة من معنا من أخيار المهاجرين والأنصار من أهل بدر ومن بيعة الرضوان وممن شهد لهم رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بالجنة وتنظرون الى غلام هرب بنفسه من قتل وجب عليه؟

فقالوا : إنه ابن عمر.

قال لهم أصحاب علي علیه السلام : أفعمر أفضل أم أبو بكر؟

قالوا : أبو بكر.

قال أصحاب علي علیه السلام : فهذا محمّد بن أبي بكر معنا فاضل لم يصب حدا ولا هرب من إقامته عليه.

[ من شهد حروب أمير المؤمنين ]

[402] ابن أبي سلمة (2) باسناده ، عن أبيه (3) ، أنه قال : قتل مع علي علیه السلام بصفين خمسة وعشرون بدريا.

[403] ابن أبي خيثمة (4) ، عن يحيى بن معين (5) ، عن أبي مسمع ، عن

ص: 14


1- وفي الأصل ونسخة - ج - : لم.
2- واظنه عمر بن عبد اللّه ( أبي سلمة ) بن عبد الاسد ولد بالحبشة 2 ه. وتوفي بالمدينة 83 ه.
3- هكذا في - أ - و - د - ، أما في الاصل : باسناده عن يوثر عن أبيه ، وفي نسخة - ج - : باسناده عن بدر عن أبيه.
4- أبو بكر ، أحمد بن زهير ( أبي خيثمة ) بن حرب بن شداد النسائي ولد 185 ه- توفي 279 ه.
5- أبو زكريا يحيى بن معين بن عون بن زياد المري ولد 158 ه- عاش ببغداد وتوفي بالمدينة حاجا 233 ه.

سعيد بن عبد العزيز (1) ، قال : كان علي علیه السلام بالعراق يدعى أمير المؤمنين ، وكان معاوية بالشام يدعى الأمير ، فلما مات علي علیه السلام تسمى معاوية أمير المؤمنين.

[404] ابن الأعرابي (2) باسناده ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : دعا عمار يوم صفين بشراب ، فاتي بضياح من لبن ، فشربه ، ثم قال :

اليوم ألقى الأحبة محمّدا وحزبه

سمعت رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله يقول لي : تقتلك الفئة الباغية ، ويكون آخر زادك من الدنيا ضياح من لبن ، ثم تقدم إلى القتال ، فقاتل حتى قتل رحمة اللّه عليه.

[ ضبط الغريب ]

قوله. ضياح من لبن : الضياح : اللبن الخاثر يصب فيه الماء حتى ينضح أي يرق ويطيب ، وكل دواء وما أشبهه يصب فيه الماء يقال فيه : ضيحته : يصب الماء عليه ، ولكن لا يقال : ضياح إلا في اللبن وحده. وقيل : إن تضيحه : تبريده.

[405] محمّد بن راشد ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه أنه لما دخل الكوفة بعد منصرفه من صفين سمع بكاء النساء على من قتل بصفين. فقال علیه السلام : ما صاح من نساء أهل الشام أكثر.

ص: 15


1- أبو محمّد ، سعيد بن عبد العزيز الشوخي الدمشقي ولد 90 ه. وتوفي 167 ه.
2- أبو سعيد أحمد بن محمّد بن زياد بن بشر بن درهم ولد 246 ه- وتوفي بمكة 340 ه.

[ كتاب ابن أبي رافع ]

اشارة

[406] محمّد بن سلام ، باسناده ، عن عون بن عبيد اللّه (1) عن أبيه - وكان كاتبا لعلي علیه السلام - أنه سئل عن تسمية من شهد مع علي صلوات اللّه عليه حروبه من المهاجرين والأنصار الذين بشرهم رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بالجنة ، ومن التابعين ، ومن أفاضل العرب؟

- وكان عالما بذلك -.

فقال : شهد معه :

من بني عبد المطلب :

الحسن والحسين علیهماالسلام اللذان قال رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله فيهما : إنهما سيدا شباب أهل الجنة.

ومحمّد بن الحنفية الذي قال فيه رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله لعلي علیه السلام : إنه سيولد لك غلام بعدي فسمّه باسمي وكنّه بكنيتي (2) فسمّاه محمّدا ، وكنّاه أبا القاسم.

وعقيل بن أبي طالب.

وعبد اللّه بن عباس (3).

ص: 16


1- وفي الاصل و - ج - : عبد اللّه وهو غلط لأن أبا رافع له ولدان عبيد اللّه وعلي.
2- وفي الاصل : بكنتي.
3- وكان أحد الأمراء فيها.

ومحمّد وعون ابنا جعفر الطيار في الجنّة.

وعبد اللّه بن جعفر الذي قال له رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : إن أباك أشبه خلقي وخلقي وقد أشبهت خلق أبيك.

وعبد اللّه (1) وكثير وقثم وتمام بنو العباس بن عبد المطلب.

ومحمّد ومسلم ابنا عقيل بن أبي طالب.

ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب.

وربيعة وأبو رافع مولى رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله.

وأبو رافع الذي قال له رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : كيف أنت يا أبا رافع وقوم يقاتلون عليا ، وهو على الحق وهم على الباطل؟

فقال : ادع اللّه لي يا رسول اللّه إن أدركتهم ألاّ يفتني (2) ويقويني على قتالهم. فدعا له بذلك.

فلما نكث على علي علیه السلام من نكث ، باع أبو رافع أرضه بخيبر وبني قريظة وداره ، وتقوّى بذلك وقوى ولده وأهله وخرج بهم ، وهو يومئذ ابن خمس وثمانين سنة ، وقاتل في جميع حروب علي صلوات اللّه عليه.

ومن بني عبد المطلب أيضا :

ومن بني عبد المطلب أيضا :(3)

الحصين والحارث ابنا الحارث (4) ، وهما بدريان ، وشهدا مع النبي كل مشاهده.

ص: 17


1- هكذا في جميع النسخ ولا أدري لما ذا كرر اسمه وقد ذكره سابقا واظنه عبيد اللّه.
2- وفي نسخة - ب - : لا يغشني.
3- كذا في النسخ ، لكنّ المذكورين تحت هذا العنوان ليسا من بني عبد المطلب بل هما من بني المطلب فلاحظ.
4- وفي نسخة - ج - : ابنا الحرث.

ومن بني عبد شمس بن عبد مناف :

محمّد بن [ أبي ] حذيفة بن ربيعة ، وهو الذي كان عاملا لعثمان على مصر ، ثم قدم عليه المدينة ، فأعطاه مائة الف درهم ، فخرج بها الى المسجد ، فقال :

يا معشر المؤمنين من أين يعطيني عثمان هذا المال دونكم؟

ومن بني زهرة :

هاشم بن عتبة (1) بن أبي وقاص ، قتل يوم صفين ، وكانت راية علي علیه السلام يومئذ [ بيده ] وأخذها بعده ابنه عبد اللّه.

وعبد اللّه بن خباب بن الارت ، وهو أول من قتلته (2) الخوارج حين انصرفوا من صفين ، دعوه الى البراءة من علي علیه السلام ، فأبى ذلك ، فقتلوه بالمدائن.

ومن بني تيم (3) :

محمّد وعبد الرحمن ابنا أبي بكر بن أبي قحافة.

ومن بني مخزوم :

عمار بن ياسر رحمة اللّه عليه.

ومحمّد بن عمار.

وعمار هو عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن عنس ، وعنس من مدحج من اليمن ، وأبوه ياسر كان قدم مكة وحالف أبا حذيفة بن المغيرة المخزومي ، وزوجه أبو حذيفة أمة له يقال لها : سمية ، فولدت منه

ص: 18


1- وفي نسخة - ج - : ابن عطية. وهو هاشم المرقال.
2- وفي نسخة - ج وأ - : قتله.
3- هكذا في نسخة - د - وفي الأصل : تميم.

عمارا ، فأعتقه أبو حذيفة وكانت أمه - سمية - اول من قتل في الاسلام ، قتلها ابو جهل بمكة. ولحق ياسر الاسلام ، فأسلّم هو وعمار وسمية. ومات ياسر وخلف على سمية بعده الازرق ، وكان روميا ممن ترك من عبيد أهل الطائف الذين أعتقهم رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله فولدت منه سلمة بن الأزرق. فسلمة بن الأزرق أخو عمار لامه (1).

فمن أجل ذلك نسب عمار الى بني مخزوم. وعمار الذي قال فيه رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله : تقتله الفئة الباغية ، وبشر قاتله بالنار. قتل يوم صفين.

وممن كان مع علي علیه السلام سلمة ومحمّد ابنا أبي سلمة ، وامهما أمّ سلمة زوج النبي صلوات اللّه عليه وآله ، أتت بهما إلى علي علیه السلام ، فقالت : هما عليك صدقة ، فلو حسن بي أن أخرج لخرجت معك.

ومن بني جمح :

محمّد بن حاطب.

وعبد الرحمن بن [ حنبل ] (2) وهو الذي ضربه عثمان ، وسيره الى خيبر ، قتل يوم صفين.

ومن بني عامر بن لؤي :

عبد اللّه بن أبي سيرة بن أبي رهم (3).

ص: 19


1- هكذا ذكر الطبري والبلاذري ( الإصابة 1 / 28 ) ولكنه غريب جدا ، لأن ياسر كان معها حتى سن الشيوخة وأسلما معا. وأجاد أبو عمر حيث قال : خلف على سمية بعد ياسر الازرق غلام الحارث بن كلدة فولدت له سلمة فهو أخو عمار لامه ... وهو وهم فاحش ، فإن الازرق إنما خلف على سمية والدة زياد ، فسلمة بن الازرق أخوه لامه ( الاصابة 4 / 335 ).
2- وفي نسخة - ج - : بن حبان ، وفي الاصل : حسان ، والاصح ما ذكرناه.
3- وفي نسخة - أ - : راهم.

[ وعلي بن أبي رافع ] وكان علي بن أبي رافع صاحب خاتم علي علیه السلام وعلى بيت ماله.

وعبيد اللّه بن أبي رافع كاتبه.

ومن الأنصار البدريين

من بني مالك :

خزيمة وعدي ابنا النجار.

وأبو أيوب بن زيد بدري (1) : وهو الذي نزل عليه رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله [ يوم ] مقدمه المدينة ، وكان على مقدمة علي علیه السلام يوم صفين ، وهو الذي خاصم الخوارج يوم النهروان ، وهو الذي قال لمعاوية - حين أظهر سب علي علیه السلام - : كف يا معاوية عن سبّ علي! قال معاوية : ما أقدر على ذلك. فتنحى أبو أيوب ، وقال : واللّه لا أسكن أرضا أسمع فيها سبّ علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه. وخرج من المدينة الى ساحل البحر (2) ، فأقام هنالك حتى مات رحمة اللّه عليه.

وعمرو بن حزم بدري ، وهو الذي فتح للناس بابا من داره ، فدخلوا على عثمان ، فقتل يومئذ.

وحارثة بن النعمان بدري ، وهو الذي مرّ على النبي صلوات اللّه عليه وآله وجبرائيل معه ، فلم يسلّم. فقال جبرائيل علیه السلام : لو سلّم لرددت عليه ، فلما انصرف جبرائيل أرسل النبي صلوات اللّه عليه وآله

ص: 20


1- وقد مرّ اسمه في الحديث 397 من هذا الجزء.
2- وفي نسخة - أ - : جانب البحر.

الى حارثة فقال : ما منعك أن تسلّم عليّ وعلى من كان معي؟ قال : يا رسول اللّه رأيتكما في حديث قد أستفرغكما ، فكرهت أن أقطع عليكما بالسّلام ، فأشغلكما. فقال له النبي صلوات اللّه عليه وآله : ومن كان معي؟ قال : لا أدري ، قال : كان معي جبرائيل ولو سلّمت لردّ عليك.

وثعلبة بن عمير بدري ، وهو الذي أعطى عليا علیه السلام يوم الجمل مائة الف درهم أعانه بها ، قتل يوم صفين.

وربعي بن عمرو بدري.

وخزيمة بن أوس بدري.

وسراقة بن كعب بدري.

ومن بني مازن :

ومن بني مازن (1) :

أبو داود بن عامر بدري (2).

وعبد اللّه بن كعب بدري.

وقيس بن أبي صعصعة بدري.

ومن بني دينار :

النعمان بن عمرو بدري.

وسليمان بن الحارث بدري.

وبشر بن قيس بدري.

وسعيد بن سهيل بدري.

ص: 21


1- وفي نسخة - ج - : مازب.
2- قيل اسمه عمر أو عمير ( الإصابة 4 / 58 - 372 ).
ومن بني الحرث بن الخزرج :

ومن بني الحرث بن الخزرج (1) :

سماك بن حرب بدري (2).

وعباس بن قيس بدري.

وعبد اللّه بن زيد بدري.

ومن بني ساعدة :

اسيد بن مالك بدري.

وكعب بن عامر بدري.

وعياش بن حي بدري.

ومن بني عوف بن الخزرج :

عبادة بن الصامت - أحد النقباء ليلة العقبة ، وهو الذي بايع النبي صلوات اللّه عليه وآله على أن لا تأخذه لومة لائم - بدري.

وعمرو بن أنس بدري.

وعقبة بن وهب بدري.

وثابت بن هزال بدري.

ومن بني سلمة :

أبو اليسر (3) كعب بن عمر بدري ، وهو الذي قال حين نزل على النبي صلوات اللّه عليه وآله ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ

ص: 22


1- وفي نسخة - ج - : بني الحرث بني الخرج ، وفي نسخة - أ - : بني الحرث بن الخراج.
2- هكذا في جميع النسخ ، وفي كتب الاصحاب : ابن حرشة.
3- وفي نسخة - ج وأ - : ابو البشر. وهو الذي أسر العباس بن عبد المطلب يوم بدر كما سيذكره المؤلف في ج 3. وكان قصيرا والعباس طويلا ، فقال له النبي صلی اللّه علیه و آله : لقد أعانك عليه ملك كريم ، وهو الذي انتزع رآية المشركين من يد عزيز بن عمير يوم بدر.

الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) (1).

قال : قد وذرنا.

فلما نزلت : ( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ ) (2).

قال : قد رضينا.

فلما نزلت ( وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ ) .

قال : قد أنظرنا.

فلما نزلت ( وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ ) (3).

قال : قد تصدّقنا.

وعقبة بن عمرو الليثي بدري.

وعمير بن حارثة بدري.

وعبد اللّه بن عبد مناف بدري.

وخليدة بن عمرو بدري ، وهو الذي قال لعبد اللّه بن سلول - وهو آخذ بلجام بغلة النبي صلوات اللّه عليه وآله - : كف يدك قبل أن تبين منك.

وثعلبة بن قيظي بن صخر (4) بدري.

ومن بني زريق :

مسعود بن خالد بدري.

ورفاعة بن رافع بدري.

ص: 23


1- البقرة : 278.
2- وتتمّة الآية : ( لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة : 279.
3- البقرة : 280.
4- وفي نسخة - ج - : قبطي بن عجت.

وجبر بن أنيس بدري (1).

وعباد بن قيس بدري.

ومن بني بياضة :

مرة بن عامر بدري.

وجبلة بن ثعلبة بدري.

وخليفة بن عدي بدري.

ومن بني عمر بن عوف :

ومن بني عمر بن عوف (2) :

المنذر بن محمّد بدري.

وسهل بن حنيف بدري ، وهو الذي خلفه علي علیه السلام على المدينة حين خرج الى الكوفة (3).

والحارث بن النعمان بدري.

وعبيد بن أم عبيد بدري.

وأبو عبيدة (4) بن ربيعة بدري.

ومن بني عبد الأشهل :

مالك بن التيهان بدري ، وهو أحد النقباء ليلة العقبة.

وعبيد بن التيهان بدري ، وهو أحد النقباء أيضا ليلة العقبة ، وقتلا جميعا يوم صفين بين يدي علي علیه السلام .

وسعد بن زيد بدري.

ص: 24


1- وفي نسخة - ج - : حبذ بن أنس وفي - أ - : حسن بن أنس.
2- وفي نسخة - أ - : عمرة بن العود.
3- لحرب الجمل وشهد مع علي علیه السلام صفين وولاه بلاد فارس ( الاستيعاب 2 / 91 اسد الغابة 2 / 264 ).
4- وفي الأصل : أبو عبد.

وعباد بن بشر بدري.

وعبد اللّه بن سعد بدري.

وسلمة بن ثابت بدري.

ومن الأنصار ممّن صحب النبي صلوات اللّه عليه وآله وكانت له سابقة ولم يشهد بدرا

وواسى أصحاب بدر زيد بن أرقم - صاحب المنافقين - الذي اظهر عليهم نفاقهم.

وخزيمة بن ثابت ، وهو ذو الشهادتين الذي أجاز النبي صلوات اللّه عليه وآله شهادته بشهادة رجلين.

وعقبة بن عامر ، صاحب المنافقين ليلة العقبة ، وكان عاملا لعلي علیه السلام على الكوفة.

ورافع بن خديج.

والنعمان بن العجلان ، وكان عاملا لعلي علیه السلام على النهروان.

وقتادة بن ربعي ، وكان عاملا لعلي علیه السلام على مكة.

وحنظلة بن النعمان.

ومحمّد بن ثابت بن قيس بن شماس (1).

وأبو الورد ابن قيس (2).

والعلاء بن عمرو.

ص: 25


1- وفي نسخة - ج - : محمّد بن ثابت وقيس بن شماس.
2- أبو الورد ابن قيس بن فهد الانصاري. ( الاصابة 4 / 217 ).

وعبد اللّه بن أبي طلحة وهو الذي دعا رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله لأبيه في حمل أمه به ، فقال : اللّهمّ بارك لهما في ليلتهما.

والخبر في ذلك : إن أبا طلحة هذا كان قد خلف على أم أنس بن مالك بعد أبيه مالك ، وكانت أم أنس من أفضل نساء الأنصار ، ولما قدم رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله المدينة مهاجرا أهدى إليه المسلمون على مقاديرهم ، فأتت إليه أم أنس بأنس ، فقالت :

يا رسول اللّه أهدى إليك الناس على مقاديرهم ولم أجد ما اهدي إليك غير ابني هذا ، فخذه إليك يخدمك بين يديك ، فكان أنس يخدم النبي صلی اللّه علیه و آله .

وكان لامه من أبي طلحة غلام قد ولدته أمه منه ، وكان أبو طلحة من خيار الأنصار ، وكان يصوم النهار ويقوم الليل ويعمل سائر نهاره في ضيعة له ، فمرض الغلام ، وكان أبو طلحة إذا جاء من الليل نظر إليه وافتقده ، فمات الغلام يوما من ذلك ولم يعلم أبو طلحة بموته وعمدت أمه فسجّته في ناحية من البيت ، وجاء أبو طلحة ، فذهب لينظر إليه ، فقالت له أمه : دعه ولا تعرض له فانه قد هدأ واستراح. وكتمته أمره. فسر أبو طلحة بذلك. وآوى الى فراشه وأوت إليه وأصاب منها.

فلما أصبح ، قالت له : يا أبا طلحة أرأيت قوما أعارهم بعض جيرانهم عارية ، فاستمتعوا بها مدة ، ثم استرجع العارية أهلها ، فجعل الذين كانت عندهم يبكون عليها لاسترجاع أهلها إياها من عندهم ، ما حالهم؟ قال : مجانين. قالت : فلا نكون نحن من المجانين إن ابنك (1) قد هلك ، فتعزّ عنه بعزاء اللّه وسلّم إليه وخذ في جهازه.

ص: 26


1- وفي الاصل و - ج وأ - : بنيك.

فأتى أبو طلحة النبي صلوات اللّه عليه وآله ، فأخبره الخبر. فعجب النبي صلوات اللّه عليه وآله من أمرها ، ودعا لها ، وقال :

اللّهمّ بارك لهما في ليلتهما ، فحملت تلك الليلة من أبي طلحة بعبد اللّه هذا.

فلما وضعته لفته في خرقة ، وأرسلت به مع ابنها أنس الى النبي صلوات اللّه عليه وآله ، وتقول : يا رسول اللّه هذه ثمرة دعائك ، فأخذه رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، فحنكه (1) ، ودعا له.

وكان من أفضل أبناء الأنصار.

وممن كان مع علي صلوات اللّه عليه :

قيس بن سعد بن عبادة.

وسعد بن عبادة من بني ساعدة من الخزرج ، يكنى : أبا ثابت ، وكان سيدا من ساداتهم ، وكان يدعى الكامل لأنه كان في الجاهلية يحسن العوم (2) والرمي ، وكان من وجوه قومه ، وأسلم ولم يشهد بدرا لأنه كان يومئذ قد نهش (3).

ثم شهد مع النبي صلوات اللّه عليه وآله المشاهد كلها ، وكان خيّرا فاضلا ، وامتنع يوم السقيفة من أن يبايع لأبي بكر.

وقيل : إن ذلك كان لما سبق عنده من رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله وعقده البيعة لعلي علیه السلام ، فأبى أن يبايع لأبي بكر ، وخرج من المدينة خوفا على نفسه ، ولحق بحوران من أرض الشام ، فأقام بها الى أن توفي أبو بكر ، وصار الأمر الى عمر ، فامتنع أيضا من أن

ص: 27


1- أي دلك تحت ذقنه.
2- العوم : السباحة.
3- نهشته الحية : اذا لدغته.

يبايع (1) ، ومات بحوران بعد سنتين ونصف من أيام عمر.

وقيل : إنه سعى في قتله ، فقتل. وزعموا أن الجن قتله ، وأنهم سمعوا قائلا منهم يقول :

قتلتا سيّد الخزرج (2) *** سعد بن عبادة

رميناه بسهمين *** فلم نخط فؤاده

وهذا من المحال الذي لا تقبله العقول (3).

وابنه قيس هذا يكنى : أبا عبد الملك ، وكان فاضلا من شيعة علي صلوات اللّه عليه (4). وروي عن رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله أحاديث فيه ، وكان على مقدمة الحسن بن علي علیه السلام يوم المدائن.

وممن كان مع علي علیه السلام :

الحارث بن زياد.

وعبد اللّه بن زياد.

وجبلة بن عمرو.

وبشير بن أبي زيد.

وعمير بن زيد بن أحمر.

وثابت بن زيد بن وديعة.

ص: 28


1- وفي نسخة - ج - : أن يباع.
2- وفي نسخة - أ - : سيّد الانصار.
3- أقول : ولم يكرر منذ ذلك الزمان الى هذا اليوم.
4- واضاف في نسخة - أ - : وقال بعض الانصار : يقولون سعدا شقت الجن بطنه *** ألا ربما حققت فعلك بالعذر وما ذنب سعد أنه بال قائما *** ولكن سعدا لم يبايع أبا بكر لئن صبرت عن فتنة المال أنفس *** لما صبرت عن فتنة النهي والامر

وعبد الرحمن بن عبد ربه.

وعبد اللّه بن حراش (1) بن الحارث.

والبراء بن عازب.

وثابت بن قيس.

وقيس بن أحمد.

وعبد اللّه بن زيد.

وعبيد (2) مولى زيد ، قتل يوم النهروان.

والجعد بن رفاعة بن سعد (3).

وعثمان بن حنيف ، من أصحاب رسول اللّه قتل يوم صفين.

وأبو عباس الزرقي ، وهو فارس رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله ، واسمه عبيد بن معاوية.

وأبو حسن ، تميم بن عبد عمرو ، وكان عاملا لعلي علیه السلام على المدينة.

وعائذ بن عبد الرحمن.

وعمرو بن عزية بدري ، وهو الذي عقر الجمل يوم الجمل ، ويكنى : أبا حبة. قتل بالجزيرة.

والحجاج بن عمرو ، الذي كان يقول عند القتال : يا معشر الأنصار انصروا اللّه مرتين. يعني مع النبي ومع علي علیه السلام ، ويقول : أتريدون أن تقولوا لربنا : ( رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ) (4).

ص: 29


1- وفي نسخة - أ - : خدش وما صححناه من الاصابة.
2- وفي نسخة - أ - : عبيد اللّه.
3- وفي نسخة - أ - : رفاعة بن زيد.
4- الاحزاب : 67.

وعبد اللّه بن عامر.

وجابر بن عبد اللّه.

ومعاذ بن الصمة.

وعبد اللّه بن عامر بن مروان.

وجبير بن حباب بن المنذر.

وكعب بن عجرة.

ومرة بن النعمان.

وسهيل بن مسعود.

وسعيد بن سعد بن عبادة (1).

وخالد بن أبي دجانة.

وعثمان بن سعد.

وعامر بن زيد (2).

وزيد بن جارية (3).

وعبيد مولى زيد.

وبشر بن مسعود.

وصيفي (4) بن عبيد.

وعامر بن أوس.

ص: 30


1- وفي نسخة - ج - : سعيد بن عبادة ، وهو تصحيف.
2- وفي نسخة - أ - : عامر بن يزيد.
3- هكذا في جميع النسخ ، وأظنه تصحيف ، فان زيد بن حارثة استشهد في مؤتة. والظاهر هو زيد بن جارية الانصاري وهو الذي استصغره النبي صلی اللّه علیه و آله يوم احد. شهد مع علي علیه السلام صفين ( الاستيعاب 1 / 536 واسد الغابة 2 / 223 ).
4- هكذا في نسخة - أ -.

ومسعود بن قيس.

ويزيد بن طعمة.

وجابر بن زيد.

وقيس بن قيس.

ومعاوية بن حرام بن عمرو.

ومحمّد بن عمرو بن حزم.

وخالد بن أبي خالد ، قتل يوم صفين.

ومحمّد بن هلال بن المعلا.

وأبو زيد بن قيس.

وعامر بن مسعود.

وعبد اللّه بن عامر بن الحصين.

وعبد اللّه بن ثابت.

وعبد اللّه بن المعاذ بن الجموع.

وممّن كان مع علي صلوات اللّه عليه من أصحاب النبي صلوات اللّه عليه وآله من مهاجري العرب والتابعين الذين أوجب لهم رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله الجنة ، وسماهم بذلك :

عمرو بن الحمق الخزاعي.

بقي بعد علي علیه السلام ، فطلبه معاوية ، فهرب منه نحو الجزيرة (1) ومعه رجل من أصحاب علي علیه السلام يقال له : زاهر (2).

ص: 31


1- والجزيرة تعرف اليوم باسم الموصل - محافظة نينوى - العراق.
2- وهذا ليس زهير كما توهم بعض النساخ. وذكره الفصل بن الزبير الكوفي في تسمية من قتل مع الحسين حيث قال : وزاهر صاحب عمرو بن الحمق وكان صاحبه حين طلبه معاوية.

فلما نزلا الوادي نهشت (1) عمرا حية في جوف الليل ، فأصبح منتفخا ، فقال : يا زاهر تنحّ عني فان حبيبي رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله قد أخبرني انه سيشترك في دمي الجن والانس ، ولا بدّ لي من أن اقتل. فبيناهما على ذلك إذ رأيا نواصي الخيل في طلبه. فقال : يا زاهر تغيب ، فاذا قتلت فانهم سوف يأخذون رأسي ، فاذا انصرفوا فاخرج الى جسدي فواره (2).

قال زاهر : لا بل أنثر نبلي ثم أرميهم به ، فاذا أفنيت نبلي قتلت معك. قال : لا ، بل تفعل ما سألتك ، ينفعك اللّه به. فاختفى زاهر ، وأتى القوم ، فقتلوا عمرا واحتزوا رأسه ، فحملوه فكان أول رأس حمل في الإسلام ، ونصب للناس (3).

فلما انصرفوا خرج زاهر فوارى جثته.

ثم بقي زاهر حتى قتل مع الحسين صلوات اللّه عليه بالطف (4).

وعبد الرحمن بن بديل (5) الخزاعي الذي بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة ، قتل يوم صفين في ثلاثة آلاف رجل انفردوا للموت ، فقتلوا من أهل الشام نحوا من عشرين الفا ، ولم يزالوا يقتل منهم الواحد بعد الواحد حتى قتلوا عن آخرهم ، وكان عبد اللّه بن بديل يرتجز ، وهو

ص: 32


1- نهشته حية : عضته.
2- فواره : أي ادفنه.
3- وليس هذا أول مبتدعاته ، فمن اوّلياته التي لم يسبق إليها أحد قبله ثم صارت بعده سننا متبعة ، فإنه أول من جعل ابنه ولي عهد. وأول من اتخذ المقاصير في الجوامس. وأول من قتل مسلما صبرا وأول الملوك ، وأول من أقام على رأسه حرسا ، وأول من أسقط الحد عمن يستحق إقامة الحد عليه كالنجاشي ، وأول من ترك الجهر بالتسمية ، وأول من خطب الناس قاعدا.
4- أحد أسماء كربلاء.
5- وفي نسخة الاصل : بذيل ، وفي نسخة - ج - : بن زيل.

يقاتل ، فيقول :

أقتلكم ولا أرى معاوية *** هوت به في النار أم هاوية

وعبد اللّه بن بديل من الذين وصفهم اللّه تعالى بقوله : ( وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ ) (1).

قتل يوم صفين.

ومن بني أسلم :

بريد ، وعبد اللّه ، ومنقذ ، وعروة بنو مالك الذين يقول لهم علي علیه السلام وهو يرتجز :

جزى اللّه خيرا عصبة أسلمية *** حسان الوجوه صرعوا حول هاشم

بريد وعبد اللّه منهم ومنقذ *** وعروة أبناء مالك في الأقادم

وابن حصيب الأسلمي من المهاجرين وجهجاه (2) بن سعدا الغفاري ، وهو الذي نزع العصا من يد عثمان وكسرها ، ثم حصبه الناس وهو على المنبر.

وأبو شريح الخزاعي.

وصالح بن ناقد بدري.

وأبو راقد الحرث بن عوف الليثي ، وكان رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله بعثه الى قومه.

وعمير بن قرة الليثي ، وهو الذي حلف معاوية ليذيبنّ في اذنيه الرصاص.

ص: 33


1- التوبة : 92.
2- هكذا في الخاصة ، وفي الاصل : حجلة ، وهو تصحيف.

وزيد بن خالد الجهني.

ومسعود بن أسلم.

وعامر بن ذهل. وربيعة بن قيس وهما من عدوان.

وعبد السّلام من المهاجرين.

ومن التابعين الذين بشرهم [ رسول ] اللّه صلی اللّه علیه و آله بالجنة وأوجبها لهم :

زيد بن صوحان وهو يدعى زيد الخير ، وهو الذي قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن من بعدي رجل يسبقه عضو منه الى الجنة ثم يتبعه سائر جسده.

فقطعت يده يوم جلولاء (1) ، وخرج مع علي علیه السلام يوم الجمل ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إني أرى يدا تشير إليّ من السماء أن تعال ولا أراها إلا يدي ولا أراني إلا لاحقا بها ، فإذا قتلت يا أمير المؤمنين فادفني في ثيابي ودمي ، فاني مخاصم القوم.

ثم تقدم بين يدي علي صلوات اللّه عليه حتى قتل.

وقتل من [ بني ] عبد القيس مع علي يوم الجمل :

سيحان بن صوحان.

وراشد بن سمرة.

وعبد اللّه بن رقبة.

ص: 34


1- قال الحموي في معجم البلدان 2 / 156 : ( جلولاء بالمد : طسوج من طساسيج السواد في طريق خراسان بينها وبين خانقين سبعة فراسخ ). وهي قريبة من مدينة بعقوبة ، وفيها وقعت الحرب بين المسلمين والمجوس سنة 16 ه.

وأبو عبيدة. كلهم يأخذ اللواء بعد صاحبه. ثم أخذه صعصعة (1) فأثبت ثم عاش بعد ذلك.

وجندب الخير (2) قتل يوم صفين ، وهو الذي كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يرتجز به ليلة وهو يسوق أصحابه ، وهو يقول : جندب وما جندب. فلما أصبح ، قالوا : يا رسول اللّه سمعناك تذكر جندبا. فقال : نعم ، رجل يقال له : جندب من امتي يضرب ضربة يفرق بين الحق والباطل ، يبعثه اللّه يوم القيامة امة وحده (3).

فرأى جندب ساحرا بين يدي الوليد بن عقبة ، وكان عاملا لعثمان على الكوفة ، فقتله.

فقال له الوليد : لم قتلته؟

قال : أنا آتيك بالبينة ، إن النبي صلی اللّه علیه و آله قال : من رأى ساحرا فليضربه بالسيف. فأمر به الوليد الى السجن.

وكان على السجن رجل مسلم يقال له : دينار. فأطلق جندبا. فبلغ ذلك الوليد ، فأمر بدينار ، فضرب بالسياط حتى مات.

واويس بن عامر القرني ، قتل مع علي صلوات اللّه عليه بصفين ، وهو الذي قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن من بعدي رجل يقال له : اويس به شامة (4) بيضاء ، من لقيه فليبلغه مني السّلام ، فانه يشفع يوم القيامة لكذا وكذا من الناس.

وعلقمة بن قيس من التابعين ، اصيبت رجله يوم صفين.

ص: 35


1- صعصعة بن صوحان.
2- وهو جندب بن كعب الأزدي ، وقد مرّ ذكره في الحديث 395 فراجع.
3- راجع الحديث رقم 395.
4- أي علامة.

وهند الجملي (1) ، قتل يوم الجمل.

وعبد اللّه بن سلمة.

وزياد بن أبي حفصة التيمي.

ومحرز بن الصحصح (2) ، وهو الذي قاتل عبيد اللّه بن عمر بن الخطاب يوم صفين.

وهذه جمل من أخبار صفين وما في ذلك من فضائل علي أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه.

ص: 36


1- هند بن عمرو الجملي من بني جمل بن كنانة بن ناحية المرادي قتله عمرو بن يثربي الضبي.
2- هكذا في مقاتل الطالبين ص 23 ولا يخفى أن في جميع النسخ مذكور محمّد بن صبيح.

[ حرب النهروان ]

اشارة

وأما محاربة علي علیه السلام للخوارج فقد تقدم من ذلك ما جاء عنه صلوات اللّه عليه من أمر النبي صلوات اللّه عليه وآله بحربهم وقتلهم وأخباره ، وما يكون منهم ، وما يؤول إليه أمرهم ، وما كان من فعله علیه السلام في ذلك ، ونحن نذكر - كما شرطنا بعد ذلك - جملا من أخبارهم :

[407] فمن ذلك ما رواه محمّد بن راشد ، باسناده ، عن عمرو بن علي ، قال :

لما نزل أمير المؤمنين علیه السلام في منصرفه من صفين بحروراء ، صف المحكمة ؛ وهم يومئذ ثلاثون الفا.

وأقبل علي علیه السلام على بغلة رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله - الشهباء - حتى وقف بينهم بحيث يسمعونه ويسمع كلامهم ، فخطبهم ، فقال :

الحمد لله الذي دنا في علوه فحال دون القلوب ، وقرب فلم تدركه الأبصار ، الأول والآخر ، والظاهر والباطن الذي طلع على الغيوب ، وعفا عن الذنوب ، يطاع بإذنه فيشكر ، ويعصى بعلمه فيغفر ويستر ، لا يعجزه شيء طلبه ، ولا يمتنع منه أحد أراده ، قدر فحلم ، وعاقب فلم يظلم ، وابتلى من يحب ، ومن يبغض.

ثم قال - فيما أنزل على نبيه صلی اللّه علیه و آله ( لِيُمَحِّصَ اللّهُ

ص: 37

الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ ) (1) - : ثم أنتم أيها القوم قد علمتم أني كنت للتحكيم كارها حتى غلبتموني ، واللّه شهيد بيني وبينكم ، ثم كتبنا كما علمتم كتابا ، وشرطنا فيه أن يحييا ما أحيى القرآن ، ويميتا ما أمات القرآن ، فان هما لم يفعلا ذلك فلا حكومة لهما ، وأنتم على الكتاب من الشاهدين (2) ، وقد علمت [ إنّا ] على هيئتنا الاولى ، فما ذا تقولون؟ والى أين تذهبون (3)؟

فامتاز (4) منهم أربعة وعشرون الفا ، فقالوا : اللّهمّ إنا نعلم إن هذا هو الحق. ودخلوا معه.

وخرج منهم الف ، فعسكروا بالنخيلة ، وقالوا : هذا مكاننا حتى يرجع إمامنا إلى قتال أهل الشام.

وخرج منهم خمسة آلاف حتى أتوا النهروان. وبايعوا عبد اللّه بن وهب الراسبي على الموت.

[ أحاديث في الخوارج ]

[408] الدغشي ، باسناده ، عن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه ، أنه أمرني رسول اللّه صلوات اللّه عليه وآله أن اقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.

[409] عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : تفترق امتى فرقتين ، تمرق بينهما مارقة ، بقتلها أولى الطائفتين باللّه

ص: 38


1- آل عمران : 141.
2- وفي الاصل : الناهدين.
3- وفي نسخة - أ - : وما ذا تفعلون.
4- افترق وخرج.

وبرسوله.

قيل للخدري (1) : فإن عليا قتلهم. قال : وما يمنعه أن يكون أولاهم باللّه وبرسوله.

[410] وعن علي صلوات اللّه عليه ، أنه قال في خطبة خطبها :

أنا فقأت عين الفتنة ، [ لم يكن ليفقأها أحد غيري ] (2) ولو لم أك فيكم ما قوتل أهل الجمل ولا أهل الشام ولا أهل النهروان ، [ وأيم اللّه ] لو لا أن تتكلموا فتدعوا العمل لأخبرتكم بما سبق على لسان نبيكم صلوات اللّه عليه وآله لمن قاتلهم منكم مبصرا لضلالتهم عارفا بالهدى الذي نحن عليه.

ثم قال : سلوني قبل أن تفقدوني (3) ، فانكم لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة ، ولا عن فئة تهدي مائة أو تضل مائة إلا حدّثتكم بناعقها وسائقها.

فقام إليه رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين حدّثنا عن البلاء.

فقال علي علیه السلام : إذا سأل سائل فليعقل ، واذا سئل مسئول فليثبت ، [ ألا و ] إن من ورائكم امورا [ أتتكم جللا مزوحا وبلاء مكلحا مبلحا ] والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لو ترأت ، وفقدتموني لفشل كثير من السائلين وأطرق كثير من المسئولين ، وذلك إذا قلصت حربكم عن ناب وكشف عن ساق ، وصارت الأنباء (4) بلاء على

ص: 39


1- وفي نسخة - ج - : قيل لأبي سعيد الخدري.
2- هذه الزيادة موجودة في الغارات 1 / 7.
3- وفي الغارات : بعد تفقدوني : اني ميت أو مقتول بل قتلا ما ينتظر أشقاها أن يخضبها من فوقها بدم. والذي نفسي بيده ، لا تسألوني ...
4- وفي الغارات 1 / 9 : وكانت الدنيا بلاء.

أهلها حتى يفتح اللّه لبقية الأبرار.

فقام رجل ، فقال : حدّثنا يا أمير المؤمنين عن الفتن.

قال : إن الفتن إذا أقبلت اشتبهت وإذا أدبرت أسفرت ، وإنما الفتن تحوم كتحوم الرياح [ يصبن بلدا ويخطئن اخرى ] ، وإن أخوف الفتن عليكم عندي فتنة بني أميّة فانها عمياء مظلمة ، خصت رزيتها ، وعمت بليتها ، وأصاب البلاء من أبصر فيها ، وأخطأ البلاء من عمي عنها ، يظهر أهل باطلها على أهل حقها حتى تملأ الأرض عدوانا وظلما ، وإن أول من يكسر عمدها ، ويضع جبروتها ، وينزع أوتارها ، اللّه ربّ العالمين. ألا وستجدون في بني أميّة أرباب سوء لكم بعدي كالناقة الضروس تعض بفيها ، وتركض برجليها ، وتخبط بيديها ، وتمنع درها ، وإنه لا يزال (1) بلاؤهم بكم حتى لا يبقى في الأرض إلا نافع لهم ، أو غير ضار ، حتى لا تكون نصرة أحدكم إلا كنصرة العبد من سيده [ اذا رآه أطاعه ، واذا توارى عنه شتمه ] ، وأيم اللّه لو فرقوكم تحت كل كوكب لجمعكم اللّه لشرّ يوم لهم.

فقام رجل ، فقال : هل بعد ذلك جماعة ، يا أمير المؤمنين؟

فقال : نعم إلا أنها جماعة (2) شتى غير إن قبلتكم واحدة وحجكم واحد [ وعمرتكم واحدة ] والقلوب مختلفة كذا - وشبك بين أصابعه -.

قال : فيم ذلك يا أمير المؤمنين؟

قال : يقتل هذا هذا ، هجرا هجرا ، فتنة ، وقطيعة جاهلية ليس فيها إمام هدى ، ولا عالم بر ، ونحن أهل البيت فينا النجاة ولسنا فيها

ص: 40


1- وفي نسخة - ج - : اونة لا يزال.
2- وفي الغارات : ألا ان من بعدي جماع شتى.

الدعاة (1).

قال (2) : فما بعد ذلك يا أمير المؤمنين؟

قال : يفرّج اللّه البلاء برجل منا أهل البيت كتفريج الأديم (3) يأتي (4) ابن خير الامة يسومهم الخسف ويسقيهم كأسا مرة ، ودّت قريش بالدنيا وما فيها أن يقبل منهم بعض ما أعرض اليوم عليهم ويأبى إلا قتالا.

يعني الذي يفرج اللّه به البلاء المهدي صلوات اللّه عليه ، ومن يقوم بعده من ولده حتى يكون آخرهم الذي يجمع اللّه عزّ وجلّ له الامة كلها ويكون الدين كله لله كما أخبر عزّ وجلّ في كتابه ، ولا تكون فتنة ، وكما وعد سبحانه (5) ، ونسب ذلك الى المهدي علیه السلام لأنه أول قائم به ، وباذل نفسه فيه كما أن ذلك وغيره ممّا يكون في الإسلام من كل أحد يقوم من الأئمة فيه ، ويجري اللّه عزّ وجلّ به بركة على يديه فمنسوب الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لأنه أول قائم بدعوة الإسلام.

ومن ذلك قوله صلی اللّه علیه و آله وقد ذكر المهدي علیه السلام . فقيل له : ممن هو يا رسول اللّه؟ فقال : منا أهل البيت ، بنا يختم اللّه الدين كما فتحه بنا ،

ص: 41


1- وفي نسخة - ج - : وإنّا فيها دعاة.
2- وفي الغارات : فقام رجل فقال : يا أمير المؤمنين ما نصنع في ذلك الزمان؟ فقال (عليه السلام) : انظروا أهل بيت نبيكم فان لبدوا فالبدوا وان استصرخوكم فانصروهم تؤجروا ، ولا تسبقوهم فتصرعكم البلية. فقام رجل آخر فقال :
3- أي : تفريج الانسان المحصور في الجلد لتعذيبه ، وفي تفريجه راحة.
4- في الغارات : بأبي.
5- اشارة الى الآية الكريمة ( ... حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ) البقرة : 193.

وبنا يستنقذكم اللّه من الفتنة كما استنقذكم بنا من الشرك.

فنسب ذلك صلی اللّه علیه و آله الى نفسه لأنه أول قائم به وكذلك ينسب الى المهدي علیه السلام ما قام به وما يقوم به من بعده من وطد له الأمر من ولده.

وممّا يبيّن ذلك إيضاحا ما جاء نصا فيه ، عن النبي صلی اللّه علیه و آله ، أنه ذكر المهدي علیه السلام ، وما يجريه اللّه عزّ وجلّ من الخيرات والفتح على يديه.

فقيل له : يا رسول اللّه كل هذا يجمعه اللّه له؟

قال : نعم. وما لم يكن منه في حياته وأيامه هو كائن في أيام الائمة من بعده من ذريته.

وسنذكر القول في هذا بتمامه في الفصل الذي نذكر فيه أخبار المهدي علیه السلام - من هذا الكتاب - إن شاء اللّه ، وإنما ذكرت هاهنا ما ذكرت منه لما مرّ بي ما يوجب ذكره.

[411] المبارك بن فضالة ، عن أبي بصير العبدي ، عن أبي سعيد الخدري (1) ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : تقتتل فئتان عظيمتان من امتي ، فتمرق (2) من بينهما مارقة تقتلها أولى الفئتين بالحق.

قال علي بن زيد : فأخبر بذلك عدي بن بسر (3) بن أرطاة.

فأرسل الى أبي بصير يسأله عن هذا الحديث ، فقال : سمعت أبا سعد

ص: 42


1- وفي نسخة - ج - عن المبارك بن قضاعة عن أبي سعيد الخدري.
2- تمرق : تجوز وتخرق وتتعدى.
3- وفي نسخة الاصل : بشر ، وهو غلط ، واظنه عدي بن أرطاة.

الخدري يقول : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول ذلك.

ثمّ ضرب أبو بصير بيده على صدره ، وقال : لم تسأل عن هذا؟ قتلهم واللّه من أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلي علیه السلام ، وكان أولاهم بالحق.

فغضب عدي بن بسر بن أرطاة لذلك ، لأنه كان من أصحاب معاوية ، ومن غضب من الحق فلا أرضاه اللّه عزّ وجلّ.

[412] ابن لهيعة ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : سيخرج من بعدي أقوام يقولون الحق بألسنتهم ، وتأباه قلوبهم ، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يرمق السهم من الرمية ، ينظر الى نصله ولا يرى شيئا ، ثم ينظر الى قدحه فلا يرى شيئا ، ثم ينظر الى ريشه فلا يرى شيئا ، ثم ينظر الى رصافه فلا يرى شيئا ، فلا يعلق بهم من الدين إلا كما يعلق ذلك السهم (1).

[ ضبط الغريب ]

قوله : يمرقون. المروق : الخروج من الشيء من غير مدخله ، وكذلك الخوارج دخلوا الاسلام بالإقرار بالشهادتين وخرجوا منه بالنفاق على إمامهم الذي أمر اللّه عزّ وجلّ بطاعته ، وقرنها بطاعته وطاعة رسوله صلی اللّه علیه و آله ، فخرجوا من الدين من غير الموضع الذي دخلوا منه ، ويقال : مرق السهم من الرمية مروقا.

السهم : النبل الذي يرمى به. والرمية : ما يرمي الرامي من الصيد وغيره

ص: 43


1- وفي نسخة - ج - : يعلق من السهم.

فعيل في موضع مفعول بها وهي مرمية ، كما يقال : قتيل في موضع مقتول - ومروق السهم من الرمية : هو خروجه من غير الموضع الذي دخل فيها منه ، وذلك أن يرمي الرامي الطريدة (1) من الوحش ، يريد صيدها من قوسه فيصيبها بسهمه ، فيخرقها ، ويخرج من الجانب الثاني منها كله ، فتسقط الى الأرض لشدة الضربة.

والنصل : حديدة السهم ، يقال نصل السهم ، ونصل السيف لحديدته ، وانصلت السهم : إذا أخرجت نصله ، ونصلته : إذا جعلت له نصلا ، ونصل الشفرة : حديدتها ، ونصل البهمي : وهو نبات له رءوس حديدة ، يعلق بجلود الغنم ويدخل فيها ، كذلك أيضا يقال له : نصلها تشبيها بحديدة السهم.

والقدح : عود السهم وجمعه قداح.

والرصاف : عقب يلوى على موضع النوق (2) من السهم. وفي رواية اخرى من هذا الحديث ، ثم ينظر الى فرقه فلا يرى شيئا. والفرق : شق رأس السهم ، حيث يجعل الوتر من أراد أن يرمي عن القوس. والرصاف : جمع رصفة ، والرصفة : - كما ذكرنا - عقبة يلوى ويشد بالغراء (3) يعقب بها أسفل الفرق ليشتد لئلا ينشق السهم إذا نزع به الرامي ليرمي به عن القوس ، وكذلك قد يلوون مثل هذا العقب على ما يدخل من النصل في السهم إذا لم تكن فيه جبة (4) ، وكان إنما جعل في طرف النصل شوكة تدخل في السهم ، فيشدون عليه عقبة بالغراء لترم السهم. وتسمى أيضا : رصفة ، وجمعها رصاف ، وتسمى السهم التي يفعل بها ذلك ويشد بالعقب : موصوفة.

ص: 44


1- الطريدة : الصيد الذي أقبل عليه القوم والكلاب تطرده لتأخذه.
2- النوق : موضع الوتر من السهم.
3- الغراء : الذي يلصق به الريش.
4- الجبة السنان : مدخل ثعلب الرمح منه.

ومن السهام ما لا يرصف إذا كان لنصله جبة يدخل طرف السهم فيها ويترك الفوق أيضا بلا رصاف إذا أمنوا عليه أن ينكسر ، قال بعض شعراء العرب :

( رمتني فأصابتني بنبل غير مرصوفة )

وذلك لما يتخوف من النبل إذا كانت نصالها غير مرصوفة وكان بحباب أن يبقى النصل في بدن الذي يصيبه إذا انتزع السهم منه.

والريش ، هو الريش يلصق في السهم تحت الفرق ، فشبه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله خروج الخوارج من الدين لا يعلق بهم شيء منه بالسهم ترمي به الرمية فينفذها ويخرج منها لشدة الرمي ، ولا يعلق به شيء من دمها ، وذلك قوله : ينظر في نصله ، يعني الرامي ، إذا مضت الطريدة تجود بنفسها ، فأصاب سهمه في الأرض فيظن أنه أصابها أو لم يصبها ، فينظر في نصله فلا يري شيئا ، يعني من الدم على الحديدة ، ثم ينظر الى قدحه فلا يرى شيئا - يعني لا يرى شيئا على العود أيضا من الدم - ثم ينظر الى ريشه فلا يرى عليه شيئا ، ثم ينظر الى رصافه - يعني العقب الذي تحت الفرق - فلا يرى شيئا به أيضا من الدم.

وفي حديث آخر : ثم ينظر الى فرقه - وهو الشق كما ذكرنا الذي يكون في آخر السهم - فلا يرى الدم علق بشيء منه ، كذلك لا يعلق شيء من الدين بالخوارج كما شبههم النبي صلی اللّه علیه و آله بذلك ووصفهم بصفته.

ص: 45

[ ابن عباس والخوارج ]

[413] وبآخر ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : أرسلني علي أمير المؤمنين علیه السلام الى الخوارج الحرورية لاكلمهم ، فكلمتهم.

فقالوا : لا حكم إلا لله.

فقلت : أجل ، ولكن أما تقرءون القرآن (1) وقول اللّه عزّ وجلّ ( يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ ) (2) ، وقوله : ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ ) (3) ، وقوله : ( فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها ) (4). وقد شهد من شهد منكم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذ حكم سعدا في بني قريظة ، فلما حكم فيهم بالحق أجاز حكمه ، وقال : لقد حكمت فيهم بحكم اللّه من فوق سبعة أرفعة (5) ، فهل تقولون إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أخطأ في تحكيم سعد (6) في بني قريظة؟ وأيهم عندكم أوجب أن يحكم فيه أمر ما بين رجل وبين امرأته ، أو جزاء صيد يصيبه محرم ، أو الحكم في امة قد اختلفت وقتل بعضها بعضا ليرجع منها الى حكم الكتاب من خالفه ، فتحقن دماء الامة ويلم شعثها؟

ص: 46


1- وفي نسخة - ج - : أما تعرفون القرآن وتقرءون القرآن.
2- المائدة : 95.
3- المائدة : 49.
4- النساء : 35.
5- الرفيع : السماء ، جمعه : أرفعة.
6- وهو سعد بن معاذ.

فقال لهم ابن الكواء : دعوا ما يقول هذا وأصحابه ، وأقبلوا على ما أنتم عليه فان اللّه عزّ وجلّ قد أخبر أن هؤلاء قوم خصمون (1).

[414] أحمد بن شعيب النسائي (2) ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : لما خرجت الحرورية اعتزلوا في دار (3) وكانوا ستة آلاف. فقلت لعلي علیه السلام : يا أمير المؤمنين أبرد بالظهرا (4) لعلّي اكلم هؤلاء القوم فاني أخافهم عليك ، فصلّى وصلّيت معه ، ثم دخلت عليهم الدار نصف النهار - وهم يأكلون -. فقالوا : مرحبا بابن عباس ، فما جاء بك؟ فقلت : أتيتكم من أصحاب النبي صلی اللّه علیه و آله المهاجرين والأنصار ، ومن عند ابن عم النبي وصهره وعليهم نزل القرآن ، وهم أعلم بتأويله منكم ، وليس فيكم منهم أحد لأبلغكم ما يقولون وأبلغهم ما تقولون.

فانتحى الى نفر منهم ، فقلت : هاتوا ما نقمتم على أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلى ابن عمه.

قالوا : ثلاثا.

قلت : ما هن؟

قالوا : أما واحدة ، فإنه حكم الرجال في أمر اللّه [ فكفر ] وقد قال

ص: 47


1- اشارة الى الآية الكريمة : ( ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) . الزخرف : 58.
2- روى السيد محمّد بن عقيل العلوي في كتابه النصائح الكافية لمن يتولى معاوية ص 109 : فقد علمت ما جرى للإمام النسائي رحمه اللّه حيث جمع خصائص الإمام علي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه ، فإنه طولب في جامع دمشق أن يكتب مثلها في معاوية. فقال : لا أعرف فيه إلا قول النبي صلّى اللّه عليه [ وآله ] وسلم : لا أشبع اللّه بطنه. فضرب بالنعال وعصرت خصيتاه ، ثم مات شهيدا رحمه اللّه.
3- الدار : المنزل سواء كانت مبنية أم غير مبنية بل كل موضع حلّ به قوم فهو دارهم.
4- هكذا في الخصائص ، وفي الاصل : اترد بالصلاة.

اللّه عزّ وجلّ ( إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ ) (1).

قلت : هذه واحدة ، فما الثانية؟

قالوا : فانه أحلّ الغنائم (2) ، وحرم السبي ، فإن كان الذين قاتلهم وقتلهم كفارا لقد حلّ سبيهم ، وإن كانوا مؤمنين فما حلّ قتلهم ولا قتالهم ولا غنائمهم.

قلت : هذه اثنتان.

قالوا : نعم ، وأما الثالثة ، فانه محا من امرة المؤمنين ، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين ، وإن كان أمير المؤمنين فلم محا اسمه من امرة المؤمنين؟

قلت : هذه ثلاثة.

قالوا : نعم.

فقلت : هل عندكم غير هذا؟

قالوا : لا ، وحسبنا هذا.

قلت لهم : أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب اللّه عزّ وجلّ ، وأخبرتكم عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بما لا تدفعونه ، بأن الذي أنكرتموه قد جاء عن اللّه تعالى وعن رسوله صلی اللّه علیه و آله أترجعون؟

قالوا : نعم.

قال : قلت : أما قولكم : إنه حكم الرجال في أمر اللّه ، فأنا أقرأ عليكم من كتاب اللّه عزّ وجلّ أنه قد صيّر حكمه الى الرجال في ربع

ص: 48


1- الأنعام : 57.
2- وفي الخصائص ص 147 : فانه قاتل ولم يسب ولم يغنم.

درهم ، وأمر الرجال أن يحكموا فيه ، وذلك أرنب قتله محرم. قال اللّه تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ ) (1) فكان من حكم اللّه عزّ وجلّ بانه صيّره الى الرجال يحكمون فيه ، اناشدكم اللّه ، أحكم الرجال في صلاح ذات بينهم وحقن دمائهم (2) أفضل ، أم حكمهم في أرنب؟

قالوا : بل ذلك أفضل.

قال : وقلت : وقال اللّه عزّ وجلّ في المرأة وزوجها : ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً ) (3) ، فاناشدكم اللّه أحكم الرجال في صلاح ذات بينهم وحقن دمائهم أفضل ، أم حكمهم في بضع امرأة (4)؟

قالوا : بل ذلك أفضل.

قال : قلت : أو لستم تعلمون أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حكم سعدا في بني قريظة؟

قالوا : نعم.

قال : قلت : فهل خرجت من هذه؟

قالوا : بلى. قال : قلت : أما قولكم : إنه قاتل وقتل وأحلّ الغنائم ولم يسب الذراري ، فهو إنما فعل ذلك بتوقيف (5) من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إن ذلك هو الحكم في أهل القبلة ، ولم يفعله برأي نفسه ، وقد أنكر ذلك من أنكره في الوقت يوم الجمل ، فأخبرهم

ص: 49


1- المائدة : 95.
2- وفي نسخة - ج - : دمائكم.
3- النساء : 35.
4- نكاح امرأة.
5- وفي نسخة الاصل و - ج - وأ - بتوقيق.

بذلك ، وقال : فأيكم يضرب على عائشة ، فيأخذها في سهمه ، - إن أسهم -؟ قالوا : لا أحد ، واعترفوا له بالصواب فيما فعله ، فان قلتم أنتم إنكم تسبون امكم عائشة ، وتستحلون منها ما تستحلون من غيرها وهي امكم فقد كفرتم (1) ، وإن قلتم إنها ليست بامكم فقد كذبتم.

فأنتم في ذلك بين ضلالتين ، فالتمسوا المخرج.

فلم يحيروا جوابا إلا أن قالوا : صدقت.

قال : قلت : أفخرجت من هذه؟

قالوا : نعم.

قال : قلت : وأما محوه تسميته في المحاكمة - ، أمير المؤمنين - ، إذ قال معاوية وأصحابه : إنا اذا أقررنا أنه أمير المؤمنين لم يجب لنا أن نتحكم عليه ، أفلستم تعلمون أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لما قاضى المشركين بالحديبية (2) أمر عليا علیه السلام أن يكتب : هذا ما قاضى عليه محمّد رسول اللّه. فقال المشركون : إنا لو نعلم أنك رسول اللّه ما صددناك (3) ، ولكن اكتب محمّد بن عبد اللّه. فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : امحه ، فأبى من ذلك تعظيما له. فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أرني إياه. فأراه مكان رسول اللّه ، فمحاه ، وأبقى : هذا ما قاضى عليه محمّد بن عبد اللّه ، وقال : اللّه يعلم أني لرسوله. ورسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أفضل من علي وقد محا ذكر رسالته. فهل محاه ذلك من الرسالة؟

ص: 50


1- وفي الخصائص : لأن اللّه تعالى يقول : ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ ) . الاحزاب : 6.
2- واد قريب من مكة ( الحجاز ).
3- صد : منع وقابله.

قالوا : لا.

قال : قلت : وكيف يمحو مثله عليا من امرة المؤمنين.

فرجع منهم الفان ، وخرج سائرهم ، فخرج إليهم علي علیه السلام ، فقتلهم على ضلالتهم ، وقاتلهم (1) معه المهاجرون والأنصار وأهل البصائر من المسلمين.

ص: 51


1- وفي نسخة - د - : وقاتل معه.

[ منشا الفتنة ]

اشارة

[415] يحيى بن آدم ، باسناده ، عن حبيب بن أبي ثابت ، قال : أتيت أبا وائل (1) وهو في مسجد حي كذا (2) ، فاعتزلناه في المسجد.

فقلت : أخبرني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي علیه السلام . فيم قاتلوه؟ وفيم استجابوا له حين دعاهم؟ وفيم فارقوه ، فاستحلّ قتال من قاتل منهم؟

قال : كنا بصفين ، واستمر القتل في أهل الشام ، فقال عمرو لمعاوية : أرسل الى علي بالمصحف فإنه لا يأبى عليك.

فجاء رجل على فرس بالمصحف ، فقال : ندعوكم الى كتاب اللّه بيننا وبينكم. فقال علي علیه السلام : نحن أولى بكتاب اللّه منكم. ومال أكثر الناس الى الموادعة (3).

وجاءت الخوارج - ونحن نسميهم يومئذ القراء - وأسيافهم على عواتقهم ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، أتمنعنا أن نسير بأسيافنا الى هؤلاء ، فنقتلهم بحكم اللّه بيننا وبينهم.

ص: 52


1- واسمه شقيق بن سلمة الكوفي.
2- هكذا في النسخة - د - ، أما في الأصل ونسخة - ج - : مسجد حية.
3- الموادعة بمعنى الاصلاح.

فقام سهل بن حنيف (1) فقال : يا هؤلاء القوم اتهموا أنفسكم فإنا قد كنا مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوم الحديبية ، ولو نرى قتالا لقاتلنا. فجاء عمر ، فقال : يا رسول اللّه ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال : بلى. قال : أوليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار. قال : بلى. قال : فعلام نعطي الدنيئة في ديننا ، ونرجع لما يحكم اللّه بيننا وبينهم؟ فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا ابن الخطاب إني رسول اللّه ولن يضيعني اللّه.

فانطلق عمر وهو مغضب ، فأتى أبا بكر ، فقال له مثل ذلك. فقال له أبو بكر : إنه رسول اللّه ولن يضيعه اللّه أبدا. فانزلت سورة الفتح.

فأرسل الى عمر ، فقرأها عليه ، من أولها الى آخرها. فقال عمر : أفتح هو يا رسول اللّه.

قال : نعم.

ثم قال سهل للخوارج : إنّ هذا فتح.

فوضعت الحرب أوزارها بحكم الحكمين. ورجع علي علیه السلام الى الكوفة ، وفارقته الخوارج. ونزلوا حروراء وهم تسعة عشر الفا ، فأرسل علي علیه السلام إليهم فناشدهم اللّه ما الذي نقمتم عليّ ، أفي فيء قسمته؟ أم في حكم؟

وأتاهم صعصعة بن صوحان العبدي (2) فناشدهم اللّه أن

ص: 53


1- أبو عبد اللّه أو أبو سعد سهل بن حنيف بن واهب بن العكيم بن ثعلبه الصحابي البدري ، وكان في بدر ينضح عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالنبل ويقول : نبلوا سهلا فانه سهل ، استخلفه أمير المؤمنين على البصرة شهد معه صفين توفي 38 ه.
2- صعصعة بن صوحان بن حجر بن الحارث العبدي من سادات عبد القيس من أهل الكوفة كان خطيبا بليغا ، له مع معاوية مواقف يذكره المؤلف فيما بعد. شهد صفين مع علي. نفاه المغيرة من الكوفة الى جزيرة أوال في البحرين بأمر معاوية فمات فيها 60 ه- وقيل بالكوفة.

يرجعوا ، فأبوا.

فقال لهم : ما الذي نقمتم؟

فقالوا : نحاف أن ندخل في فتنة.

فقال : لا تعجلوا ضلالة العام مخافة فتنة قابل.

قالوا : نكون على ناحيتنا ، فان قبل القضية قاتلناه على ما قاتلنا عليه أهل الشام يوم صفين ، فان نقضها قاتلنا معه.

فساروا حتى قطعوا النهروان.

وافترقت منهم فرقة يقتلون الناس.

فقال أصحابهم : ما على هذا فارقنا عليا علیه السلام ، فلما بلغ عليا علیه السلام صنيعهم قام ، فقال : تسيرون الى عدوكم ، أو ترجعون الى هؤلاء الذين خلفكم في دياركم؟ قالوا : بل نرجع إليهم.

فقال علي علیه السلام : إني محدّثكم عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : إنّ طائفة تخرج من قبل المشرق عند اختلاف الناس ، لا يرون جهادكم مع جهادهم شيئا ولا صلاتكم مع صلاتهم شيئا ولا صيامكم مع صيامهم شيئا ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، علامتهم أن فيهم رجلا عضده كثدي المرأة يقتلهم أولى الطائفتين بالحق.

فسار علي إليهم ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، وجعلت خيل علي علیه السلام لا يقوم لهم.

فقال علي علیه السلام : أيها الناس إن كنتم انما تقاتلون لي فو اللّه

ص: 54

ما عندي ما اجازيكم به ، وإن كنتم تقاتلون لله فلا يكن هذا قتالكم ، فحملوا عليهم ، فقتلوهم كلهم.

فقال : اتبعوا المخدج ، فطلب فلم يوجد ، فركب علي علیه السلام دابته ، وانتهى الى وهدة (1) من الارض فإذا فيها قتلى بعضهم على بعض ، فاستخرج من تحتهم يجر برجليه ، فرآه الناس.

فقال علي علیه السلام : لا أغزو العلم.

فرجع الى الكوفة ، فقتل.

واستخلف على الناس الحسن بن علي علیه السلام ، فبعث قيس بن سعد في مقدمته في اثني عشر الف ، كما كان يفعل علي علیه السلام .

ثم بعث الحسن علیه السلام بالبيعة الى معاوية ، وكتب بذلك الى قيس بن سعد. فقام قيس في أصحابه ، فقال :

أيها الناس أتاكم أمران لا بدّ لكم من الدخول في أحدهما : دخول في فتنة ، أو قتال مع غير إمام.

قالوا : وما ذلك؟

قال : إن الحسن بن علي علیه السلام قد أعطى معاوية البيعة.

فرجع الناس فبايعوا لمعاوية.

ولم يكن لمعاوية همّ إلا الذين تألفهم يتساقطون عليه ، فيبايعونه حتى بقي منهم ثلاثمائة ونيف - وهم أصحاب النخيلة -.

[416] يحيى بن آدم (2) باسناده ، عن الأعمش ، قال : لما رأى أصحاب علي علیه السلام الخوارج قالوا : روحوا بنا روحة الى الجنة.

ص: 55


1- وهدة من الأرض : حفرة.
2- أبو زكريا يحيى بن آدم بن سليمان الاموي مولى آل أبي معيط توفي 203 ه.

فقال عبد اللّه بن وهب الراسبي (1) : لعلها روحة الى النار.

قالوا : شككت؟

قال : أتألون (2) على اللّه؟

فاعتزل منهم فروة بن نوفل الأشجعي بألف رجل ، فقال لهم أصحابهم : أشككتم؟ أما لو أن تبقى منا عصابة من بعدنا يدعون الى أمرنا لبدأناكم.

فسار فروة بن نوفل (3) الى الديلم ، فأوقعوا بها وقعة لم ير مثلها.

ثم رجعوا الى النخيلة ، فلما جاء معاوية قاتلوه ، فأرسل الى الكوفة إني خلفت أهل الشام.

قال يحيى : فخرجوا إليهم يعني أصابوهم -.

[417] أبو هاشم ، باسناده ، عن حميد بن هلال ، قال : دخل المسجد رجل ، فنقر كما ينقر الديك.

فقال رجل من أصحاب السواري : ما أحسن هذه الصلاة؟

فقال حذيفة : إن حدثتكم ، أن أصحاب السواري شراركم أكنتم تصدقون؟

فقام رجل ، فقال : لا تحفظن أصحاب السواري فتحفظهم فوجدهم خمسة وعشرين رجلا يصلون الى الأساطين لا يفترون ليلا ولا نهارا.

ص: 56


1- من الأزد من ائمة الاباضية ( الخوارج ) قاتل أمير المؤمنين فقتل بالنهروان - بين بغداد وواسط - 38 ه.
2- أي : ألم تخلفوني.
3- فروة بن نوفل بن شريك الاشجعي رئيس الشراة. أقام بعد الاعتزال شهرزور وبعد صلح الحسن (عليه السلام) زحف الى الكوفة وقتل في شهرزور 41 ه.

- وقال ذلك الرجل - : فلما كان يوم النهروان عددت أربعة وعشرين رجلا منهم ممن قتل ، وظننت أن الخامس والعشرين معهم ، ولكن خفي عليّ.

قال : يعني ممن قتله علي صلوات اللّه عليه.

[ مع ابن عباس أيضا ]

[418] عاصم بن كليب ، عن أبيه ، قال : إني لخارج من المسجد حتى جاء ابن عباس من عند معاوية ، وقد حكموا الحكمين ، فدخل دار سليمان بن ربيعة ، فجلس ، وأجلب الناس إليه (1) ، فما زال يؤتى إليه برجل بعد رجل وكثروا حتى خفت على نفسي ، فقال ابن عباس : إنكم قد أكثرتم ، فاختاروا رجلا منكم يتكلم عنكم ، فاختاروا رجلا أعور من بني تغلب يقال له : عتاب.

فقال : اللّه اكبر.

قال : اللّه كذا.

وقال : اللّه كذا ، ينزع بحجته من القرآن في سورة واحدة.

فقال ابن عباس : إني أراك عالما بما قد فصلت ووصلت.

انشدكم اللّه أيّ رجل كان فيكم أبو بكر؟

فأثنوا عليه خيرا.

قال : فانشدكم اللّه أيّ رجل كان فيكم عمر؟

فأثنوا عليه خيرا.

قال : فانشدكم اللّه لو أن رجلا أصاب ظبيا أو بعض الصيد وهو

ص: 57


1- وفي الاصل : عليه.

محرم فحكم فيه أحدهما ، أيجوز ( حكمه ) (1)؟

قالوا : لا ، لأن اللّه عزّ وجلّ يقول : ( يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ ) (2).

قال : فدماؤكم أعظم.

ثم قال : انشدكم اللّه أنتم تعلمون أن أهل الشام سألوا القضية وكرهناها وأبيناها ، فلما أصابتكم الجراح وعضتكم الحرب ، ومنعتم ماء الفرات ، أنشأتم تطلبوها ، واللّه حدّثني معاوية انه أتى بفرس بعيد البطن من الأرض ليهرب عليه حتى أتاه آت منكم ، فقال : إني رأيت أهل العراق مثل الناس ليلة النفر ، فأقام.

ص: 58


1- ما بين القوسين من نسخة - ج -.
2- المائدة : 95.

[ نعود الى ذكر الأحاديث ]

اشارة

[419] عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن ابن سيرين (1) قال : سمعت عبيدة يقول : ذكر علي علیه السلام أهل النهروان. فقال : فيهم رجل مخدوج اليد ، لو لا أن تبطروا لأنبأتكم بما وعد اللّه على لسان رسوله صلی اللّه علیه و آله الذين يقاتلونهم.

قال ابن سيرين : فقلت لعبيدة : أنت سمعته (2)؟

قال : إي وربّ الكعبة إي وربّ الكعبة إي وربّ الكعبة. [ يعني ثلاثا ].

[420] سفيان الثوري ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، انه لما قتل أهل النهروان ، قال : اطلبوا ذا الثدية. وطلبوه فلم يجدوه.

قال : فجعل يعرق جبينه ويقول : واللّه ما كذبت ولا كذبت ، هو رجل مخدوج اليد ، فاطلبوه. فلما استخرجوه ، فرآه ، سجد.

[421] محمّد بن داود ، باسناده ، عن مسروق ، قال : سألتني عائشة : من قتل الخوارج؟

ص: 59


1- أي محمّد بن سيرين.
2- وفي مسند أحمد بن حنبل 1 / 78 : قال ، قلت : أنت سمعته من محمّد؟ قال : إي ...

قلت : علي بن أبي طالب علیه السلام .

قالت : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : هم شرّ الخلق والخليقة يقتلهم خير الخلق والخليقة ، وأقربهم الى اللّه وسيلة.

وقد سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ويقول : علي مع الحق والحق مع علي (1).

قال : ثم ذكرت لها أن عليا علیه السلام استخرج ذا الثدية من قتلى أهل النهروان الذين قتلهم.

فقالت : إذا أتيت الكوفة فاكتب إليّ بأسماء من شهد ذلك - من يعرف من أهل البلد -. قال : فلما قدمت الكوفة ، وجدت الناس أتباعا ، فكتبت من كل سبع عشرة ممن شهد ذلك - ممن نعرفه - ، فأتيتها بشهادتهم.

فقالت : لعن اللّه عمرو بن العاص ، فإنه زعم هو قتله على نيل مصر.

[422] عبد اللّه بن الحارث ، باسناده ، عن عاصم بن كليب (2) ، عن أبيه ، قال : بينا علي يحدّث الناس بالكوفة وحوله جماعة ، إذ وقف عليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين أتأذن لي في الكلام؟

فقال : تكلم.

قال : فإني خرجت للعمرة ، فلقيت عائشة ، فقالت لي : ما هؤلاء الذين خرجوا بأرضكم يسمون الحرورية؟ قلت : قوم خرجوا بأرض

ص: 60


1- ولا يخفى أن هذه الجملة منفصلة عن الرواية الاولى وهي رواية في حدّ ذاتها جمعهما المؤلف في رواية واحدة ( لا حظ استخراج الحديث ) وبقية الرواية تابع للرواية الاولى.
2- وهو عاصم بن كليب بن شهاب بن المجنون الجرمي الكوفي توفي 137 ه. ( تهذيب التهذيب 5 / 55 ).

تسمّى حروراء ، فنسبوا إليها. فقالت : واللّه لو شاء علي بن أبي طالب لأخبركم بما أخبره به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عنهم. وقد جئتك يا أمير المؤمنين أسألك عن ذلك.

فهلّل علي علیه السلام وكبّر مرتين.

ثم قال : نعم ، دخلت على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وليس عنده أحد غير عائشة. فقال : يا علي ، كيف أنت وقوم كذا وكذا؟

قلت : اللّه ورسوله أعلم. قال : هم قوم يخرجون من المشرق يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، فيهم رجل مخدج كأن يده ثدي امرأة (1).

ثم نظر الى الناس فقال : انشدكم اللّه هل أخبرتكم بهم؟

قالوا : نعم.

قال : فانشدكم اللّه هل أخبرتكم أنه فيهم؟ فقلتم : إنه ليس فيهم. فحلفت لكم أنه فيهم وإني ما كذبت ولا كذبت ، فأتيتموني به تسحبونه كما نعت لكم.

قالوا : نعم. [ صدق اللّه ورسوله ].

[423] يحيى بن اكثم (2) باسناده ، عن ابن عباس ، قال : لما قتل علي علیه السلام أهل النهروان ، قال : أيّ نهر هذا؟

قالوا : هو النهروان.

قال : اطلبوا في القتلى رجلا أخدج إحدى اليدين ليست له كف

ص: 61


1- وفي خصائص النسائي ص 147 : ثدي حبشية.
2- أبو محمّد يحيى بن اكثم بن محمّد بن قطن التميمي الأسيدي المروزي القاضي ولد بمرو 159 واتصل بالمأمون ولاه قضاء البصرة 202 ه- ثم قضاء بغداد. واحتجاجه مع الامام الجواد مشهور. عزله المتوكل ومات في الربذة 242 ه.

ولا ذراع على موضع عضده مثل ثدي المرأة في طرفه حلمة مثل حلمة الثدي ، فيها سبع شعرات طوال.

فالتمسناه ، فلم نجده ، فما رأيته اشتدّ عليه شيء كما اشتدّ ذلك عليه. وقال : اطلبوه! فو اللّه ما كذبت ولا كذبت وأنه لفيهم.

فرجعنا ، وأتينا خندقا فيه قتلى بعضهم على بعض ، فاستخرجناه من تحتهم. فلما رآه فرح فرحا ما رأيناه فرح مثله.

[424] إسماعيل بن موسى ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه لما أتى بالمخدج سجد - سجدة الشكر - (1).

[425] الحكم بن سليمان ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : ذكر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الخوارج ووصفهم ، ثم قال : يقتلهم خير البرية علي بن أبي طالب علیه السلام .

[426] إسماعيل ، باسناده ، عن حبة العرني ، انه قال : لما فرغ علي علیه السلام من قتال أهل النهروان قام إليه رجل ، فقال : الحمد لله الذي قتلهم وأخزاهم وأفناهم.

فقال له علي علیه السلام : لقد بقي منهم من هو في أصلاب الرجال ومن هو في أرحام النساء ، ولا تزال الخارجة تخرج منهم بعد الخارجة حتى تخرج منهم فرقة - أو قال : طائفة - لا يناويهم أحد إلا قتلوه - أو قال : ظهروا عليه - ، قال : فيخرج إليهم رجل مني (2) - أو قال : من ولدي - فيقتلهم فلا يخرج منهم بعدها خارجة أبدا.

فاخلق أن يكون الخارج إليهم بعد ما كان منهم وصفه علي

ص: 62


1- وفي نسخة - ج - : سجدتي الشكر.
2- هكذا في نسخة - أ - وفي الاصل : من امتي.

صلوات اللّه عليه الإمام المنصور باللّه صلوات اللّه عليه ، فانه لم يكن للخوارج فئة أشد ولا أغلظ على الامة من فئة اللعين مخلد ، ولا فتنة أعظم من فتنته عمّت الأرض شرقا وغربا وبرا وبحرا حتى خرج إليه المنصور علیه السلام من دار ملكه ، فلم يزل يفله ويقل حده وجمعه ، ويقتلهم في كل موطن ، وهم يولون بين يديه ناكصين على أعقابهم هربا منه يتوغلون الصحاري والرمال ، ويقطعون الفيافي ، وينزلقون في قلل الجبال وهو على ذلك لا يثني عنهم عنان الطلب حيث ما أمعنوا ، وجدوا في الحرب متجشما في ذلك لفح الهجير والحر ، ومباشرة الثلج والقرّ والصرّ حتى أمكنه اللّه عزّ وجلّ من رمته وأفنى على يديه أكثر أهل نحلته. ولن تخرج إن شاء اللّه لهم بعد ذلك خارجة أبدا. وفيه إن شاء اللّه جاء الخير وبذلك عن علي صلوات اللّه عليه (1).

[ عائشة والخوارج ]

[427] الدغشي ، باسناده ، عن مسروق (2) ، قال : قالت لي عائشة : ترى قول علي علیه السلام « واللّه ما عبروا النهر ولا يعبرونه » حق؟

قلت : إي واللّه حق.

قالت : أفترى قوله في ذي الثدية : اطلبوه ، فو اللّه ما كذبت ولا كذبت؟

ص: 63


1- ومن المتوقع أن هذه الرواية وردت في المهدي محمّد بن الحسن العسكري - لأن شراذم من الخوارج وبقاياهم موجودون في الأرض ولهم حكومات كدولة عمان ودول في المغرب العربي حتى يظهر (عليه السلام) ويطهر الأرض منهم وهذه من مؤيدات عدم ظهوره (عليه السلام) بعد. وسنذكر في الجزء الخامس عشر بطلان ما ادعاه المؤلف من أن المنصور باللّه الفاطمي هو المهدي ، فراجع.
2- مسروق بن الأجذع بن مالك الهمداني الوادعي - أبو عائشة - سكن الكوفة ، توفي 63 ه.

قلت : إي واللّه.

قالت : واللّه إني لأعلم أن الحق مع علي ، ولكني كنت امرأة من الأحماء.

[428] وبآخر ، عن غالب الهمداني ، قال : أخبرني رجل من كندة ، قال : خرجت من الكوفة اريد الحج ، فمررت بعائشة ، فدخلت عليها.

فقالت لي : ممن الرجل؟

قلت : رجل من أهل العراق.

فقالت : إني أسألك عن أمر ، ولا تقل بلغني ولا قيل لي ، فإن ذلك قد ينسو به الكذب ، ولا تخبرني إلا عمّا رأته عيناك وسمعته اذناك.

قلت : سلي عما شئت يا أم المؤمنين ، فإني لا اخبرك إلا بما رأيت وسمعت.

قالت : شهدت شيئا من حروب على علیه السلام ؟

قلت : قد شهدت جميعها ، فاسألي عمّا شئت.

قالت : صف لي الموضع الذي اصيب فيه الخوارج؟

قلت : نعم ، اصيبوا. بجانب نهر يقال لأسفله : النهروان ، ولأعلاه :

تأمر ، أصبناهم بين أخافيق وأودية وطرق ، بقرب بناء لبوران بنت كسرى ، هنالك أصبناهم.

قالت : فأصبتم فيهم ذا الثدية؟

قلت : نعم أصبناه ، رجلا أسود له يد كثدي المرأة ، إذا مديت امتدت ، وإذا تركت تقلصت.

قالت : فعل اللّه بعمرو بن العاص ما فعل به ، فقد قال : إنه أصابه على نيل مصر.

ص: 64

قلت : يا اماه ، وما أردت بسؤلك عن ذلك؟

قالت : لخبر.

قلت : فإني أسألك بحقّ رسول اللّه إلا أخبرتنيه.

قالت : سبحان اللّه ، سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : هم شرّ الخلق والخليقة يقتلهم خير الخلق والخليقة ، وأقربهم عند اللّه وسيلة يوم القيامة.

ص: 65

[ ابن عباس ومعاوية ]

[429] وبآخر ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه الكناني - من أهل المدينة - حليفا لبني أميّة ، قال : حجّ معاوية ، فأتى المدينة ، فجلس في المسجد في حلقة ، فيها أصحاب النبي صلی اللّه علیه و آله فيهم عبد اللّه بن عباس (1).

فقال له معاوية : أنا كنت أولى بالأمر منك من ابن عمك.

قال ابن عباس : ولم؟

قال : لأني ابن عم الخليفة المقتول ظلما.

قال ابن عباس : فهذا إذا أولى بالأمر منك ومن ابن عمك - وأشار الى عبد اللّه بن عمر - لان أباه قتل مظلوما قبل ابن عمك.

قال معاوية : إن أبا هذا ليس كابن عمي ، إن أبا هذا قتله مشرك ، وإن ابن عمي قتله المسلمون.

فضحك ابن عباس ، وقال : ذاك واللّه أدحض لحجتك إذ كان المسلمون قتلوه.

فسكت معاوية ولم يجر جوابا.

ثم أقبل على سعد بن أبي وقاص.

ص: 66


1- وفي تاريخ دمشق 3 / 121 : في مجلس فيه سعد بن أبي وقاص وعبد اللّه بن عمر وعبد اللّه بن العباس.

فقال : وأنت يا سعد الذي لم تعرف حقنا عن باطل غيرنا ، فتكون معنا أو علينا (1).

فقال سعد : إني واللّه لما رأيت الظلمة قد غشيت الأرض قلت لبعيري : هيج ، فلما أسفرت مضيت.

قال له معاوية : لقد قرأت ما بين اللوحين ، فما سمعت فيه هيج (2).

فقال سعد : أما إذا أبيت ، فإني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول لعلي علیه السلام : أنت مع الحق والحق معك.

فقال له معاوية : لتجيئني بمن سمع ذلك معك أو لأفعلن أو لأصنعن -.

فقال سعد : بيني وبينك أمّ سلمة هي سمعته معي.

فقام معاوية وجماعة معه وسعد ، فأتوها.

فناداها معاوية.

فقال : يا أم المؤمنين إن الكذب قد فشى على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فلا يزال قائل يقول : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ما لم يقله ، وقد زعم سعد أنه سمع قولا من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله [ ما لم نسمعه ] سمعه يقول لعلي بن أبي طالب أنه مع الحق والحق معه (3) ، فإنك سمعت ذلك معه.

قالت : صدق سعد ، في بيتي قال ذلك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام .

ص: 67


1- وفي تاريخ دمشق : فلم تكن معنا ولا علينا.
2- وفي جميع المصادر التي لدينا كلمة إخ : صوت اناخة الجمل.
3- وفي تاريخ دمشق 3 / 121 : أنت مع الحق والحق معك حيثما دار.

قال سعد : اللّه اكبر.

فأقبل عليه معاوية ، فقال : الآن واللّه أنت ألوم ما تكون عندي ، واللّه لو سمعت هذا من رسول اللّه ما زلت خادما لعلي حتى أموت.

وكذب عدو اللّه قد سمع من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أكثر من ذلك ممّا ذكرناه ، وسمع قوله : من كنت مولاه فعليّ مولاه اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه. فما تولاّه ولا والاه بل حاربه وعاداه ولا رجع عما كان فيه ، إذ أخبره سعد وأمّ سلمة بما أخبراه به عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بل تمادى على ظلمه وأصرّ عليه.

ص: 68

[ ندامة عائشة ]

اشارة

[430] وبآخر ، عن عائشة ، أنها قالت : واللّه لوددت أني كنت غصنا رطبا ، ولم أسر مسيري - تعني الى البصرة - يا ليتني كنت حيضة ، يا ليتني كنت حممة.

[ ضبط الغريب ]

والحممة : الفحمة الباردة ، وجمعها حمم. ويقال للمرأة السوداء حممة ، شبهوها بالفحمة لسوادها.

[431] وبآخر ، عن قيس بن أبي حازم ، أنه قال : قالت عائشة : لا تدفنوني (1) مع أزواج النبي ، فإني أحدثت بعده حدثا - تعني خروجها مع طلحة والزبير -.

[432] وبآخر ، عن جميع بن عمير ، أنه قال : دخلت على عائشة ، وأنا غلام

ص: 69


1- وأظن أن هنا تصحيفا والصحيح : لا تدفنوني مع النبي صلی اللّه علیه و آله وادفنوني مع أزواج النبي. أو كما ذكرنا الحديث : ادفنوني مع أزواج النبي ( راجع تخريج الاحاديث ) ويؤيده ما رواه المجلسي في بحار الأنوار مجلد 8 / 640 : عن مصعب بن سلام ، عن موسى بن مطير ، عن أبيه ، عن أم حكيم بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ، قالت - لما نزلت بعائشة الموت - قلت لها : يا امتاه ندفنك في البيت مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - وقد كان موضع قبر تذخره لنفسها -؟ قالت : لا ، ألا تعلمون حيث سرت ، ادفنوني مع صواحبي فلست خيرهن.

مع أمي وخالتي ، فسألتاها عن أشياء ، ثم قالتا لها : ما كانت منزلة علي فيكم؟

قالت : سبحان اللّه كيف تسألاني عن رجل قبض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على صدره ، وسالت نفسه في يده فمسح بها وجهه ، ولم يدر الناس وجهة حيث يدفنونه؟ فقال : إن أفضل بقعة بقعة قبض فيها ، فادفنوه بها.

فقالتا لها : وكيف رأيت الخروج عليه؟

قالت : واللّه لوددت أني افتديت من ذلك بما في الأرض من شيء.

[433] وبآخر ، عن فاطمة بنت الحسين ، أنها زاملت (1) عائشة الى مكة ، فرأت يوما عذرة ، فقالت :

واللّه وددت أني كنت هذه ، ولم أخرج في وجهي الذي خرجت فيه.

قال عبد اللّه بن الحسين : فقد تابت ، فلا تقولوا إلا خيرا (2).

ص: 70


1- المزاملة : المعادلة على البعير.
2- إن هذه الرواية وأمثالها ربما تفيد الظن ، وبديهي أن الظن لا يقاوم العلم ولا يمكن رفع اليد منه بالظن. أضف الى ذلك الروايات الكثيرة المعارضة القوية أو المساوية لها رتبة. فمنها : ما رواه أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 26 : عن محمّد بن الحسين الأشناني ، عن موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، عن عثمان بن عبد الرحمن ، عن إسماعيل بن راشد ، باسناده ، قال : لما اتي عائشة نعي علي أمير المؤمنين علیه السلام تمثلت : فالقت عصاها واستقرت بها النوى *** كما قرّ عينا بالإياب المسافر ثم قالت : من قتله؟ *** فقيل : رجل من مراد. فقالت : فإن يك نائبا فلقد بغاه *** غلام ليس في فيه التراب وروى أيضا : عن الأشناني ، عن أحمد بن حازم ، عن عاصم بن عامر ، عن جرير ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البحتري قال : لما أن جاء عائشة قتل علي عليه السلام سجدت. وأما ما روي عن بكائها ، فكانت تبكي لأجل الخيبة لا للتوبة. وممّا يدل على ذلك ما رواه الواقدي باسناده ، أن عمار (رحمه اللّه) استأذن على عائشة بالبصرة بعد الفتح ، فأذنت له ، فدخل. فقال : يا أمة كيف رأيت صنع اللّه حين جمع بين الحق والباطل ، ألم يظهر الحق على الباطل ويزهق الباطل؟ فقالت : إن الحروب دول وسجال وقد اديل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، ولكن انظر يا عمار كيف تكون في عاقبة أمرك. وروى مسروق ، أنه قال : دخلت على عائشة ، فجلست احدثها ، واستدعت غلاما لها أسود ، يقال له : عبد الرحمن ، فجاء حتى وقف. فقالت : يا مسروق أتدري لم سميته عبد الرحمن ، فقلت : لا. فقالت حبا مني لعبد الرحمن بن ملجم. وأما قصتها مع جثمان الإمام الحسن عليه السلام فمن أهم الدلائل على ما ذكرنا.

[434] وعن عمرو بن أمّ سلمة ، أنه قال : قالت عائشة : واللّه لوددت أني شجرة ، واللّه لوددت إن كنت مدرة ، واللّه لوددت أن اللّه لم يكن خلقني شيئا ، ولم أسر سيري الذي سرت.

[435] وعن أبي جعفر - محمّد بن علي - صلوات اللّه عليه ، إن عيسى بن دينار المؤذن ، قال له : يا ابن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ما تقول في عائشة ، وقد سارت المسير الذي علمت الى أمير المؤمنين ، وأحدثت ما أحدثت في الدين؟

فقال أبو جعفر علیه السلام : أولم يبلغك ندامتها ، وقولها : يا ليتني كنت شجرة ، يا ليتني كنت حجرا؟

قال له عيسى : فما ذاك منها يا ابن رسول اللّه؟ قال : توبة.

[436] الليث بن سعد ، يرفعه الى عائشة ، أنها قالت :

لئن اكون قد قعدت عن يوم الجمل أحب إليّ من أن يكون [ لي ] من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سبعون - أو قالت أربعون - ولدا ذكرا.

ص: 71

[ ندامة عبد اللّه بن عمر ]

[437] وعن فاطمة بنت علي ، أنها قالت :

ما مات عبد اللّه بن عمر حتى تاب عن تخلفه عن علي علیه السلام [438] عن عبد اللّه بن عمر ، أنه قال : كان يقول : ما أسى على شيء من امور الدنيا إلا أن أكون قد قاتلنا الفئة الباغية مع علي بن أبي طالب علیه السلام .

[439] وعنه ، أنه قال :

ما أسى على شيء إلا على ظلماء الهواجر (1) ، وإني لم أكن قاتلت مع علي علیه السلام الفئة الباغية.

[ ندامة مسروق ]

[440] فطر (2) بن خليفة ، باسناده ، عن الشعبي ، أنه قال :

ما مات مسروق (3) حتى تاب الى اللّه عزّ وجلّ من تخلفه عن علي علیه السلام .

ص: 72


1- وفي طبقات ابن سعد 4 / 136 : ظماء الهواجر ومكابدة الليل وأ لا اكون قاتلت هذه الفئة الباغية التي حلّت بنا.
2- وفي الاصل : قطر. وهو أبو بكر الحناط فطر بن خليفة القرشي المخزومي ، توفي 153 ه.
3- وهو مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني الوادعي ، أبو عائشة الكوفي.

[ التحريض على القتال ]

ولم يزل علي علیه السلام - بعد قتله الخوارج - يدعو الناس الى الخروج الى قتال معاوية وأصحابه ، ليقضي دين رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الذي أمره وتقدم إليه بقضائه عنه من جهاد المنافقين الذين أمر اللّه عزّ وجلّ به بقوله ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ ) (1) ، لا يشغله عن ذلك شاغل ولا تدركه فيه سأمة ، والناس في ذلك يتثاقلون عنه ويتخلفون ويعتذرون لما أصابهم من طول الجهاد معه ، الى أن اصيب صلوات اللّه عليه على ذلك غير وان فيه ولا مقصر عنه.

ومن ذلك ما يؤثر من تحريضه ممّا رواه.

[441] الدغشي ، باسناده ، عنه علیه السلام ، أنه خطب الناس بالكوفة. فقال : بعد حمد اللّه ، والثناء عليه ، والصلاة على محمّد صلی اللّه علیه و آله :

أيها الناس المجتمعة أبدانهم ، المختلفة قلوبهم وأهواؤهم ، ما عزت دعوة من دعاكم ، ولا استراح قلب من قاساكم ، كلامكم يوهي (2) الصم الصلاب ، وفعلكم يطمع فيكم عدوكم ، إذا قلت لكم سيروا إليهم ، قلتم : كيت وكيت ، ومهما ، ولا ندري أعاليل وأضاليل (3) وفعل ذي

ص: 73


1- التوبة : 73.
2- وفي الغارات : كلامكم يوهن.
3- وفي نسخة - ج - : وأضالبل ، وفعلتم فعل.

الدين المطلّ ، هيهات لا يمنع الضيم الذليل ، ولا يدرك الحق إلا بالصدق والجد ، أيّ جار بعد جاركم تمنعون؟ وعن أيّ دار بعد داركم تدفعون؟ ومع أيّ إمام بعدي تقاتلون؟ الذليل واللّه من نصرتموه ، ومن فاز بكم فاز بالسهم الأخيب ، أصبحت لا أطمع في نصرتكم ، ولا أرغب في دعوتكم ، فرق اللّه بيني وبينكم ، وأبدل لي بكم من هو خير لي منكم ، وأبدل لكم بي من هو شرّ مني لكم.

فلما كان بالعشي راح الناس إليه يعتذرون ، فقال لهم :

أما أنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا ، وسيفا قاتلا ، وأثرة قبيحة ، يتخذها الظالمون عليكم حجة تبكي عيونكم ، ويدخل الفقر عليكم في بيوتكم ، ولا يبعد اللّه إلا من ظلم.

فكان كعب بن مالك بن جندب الأزدي إذا ذكر هذا الحديث ، يبكي ، ثم يقول : صدق واللّه أمير المؤمنين ، لقد رأينا بعده ذلا شاملا ، وسيفا قائلا ، وأثرة قبيحة.

[442] ومن ذلك ما رواه محمّد بن الجنيد ، عن أبي صادق ، قال : بعث معاوية خيلا فأغارت على الأنبار (1) ، فقتلوا عامل علي علیه السلام عليها ، وأصابوا من أهلها ، وانصرفوا. فبلغ ذلك عليا علیه السلام . فخرج من فوره مع من خفّ معه حتّى أتى النخيلة (2) ، فأدركه الناس ، وقالوا : ارجع يا أمير المؤمنين فنحن نكفيكهم.

فقال : واللّه لا تكفوني ولا تكفون أنفسكم.

ثم صعد المنبر : فحمد اللّه وأثنى عليه ، وصلّى على النبي صلی اللّه علیه و آله

ص: 74


1- مدينة في أواسط العراق.
2- النخيلة : على بعد فرسخين من الكوفة.

ثم قال : أيها الناس إن الجهاد باب من أبواب الجنة ، فمن تركه ألبسه اللّه الذلة ، وشمله البلاء ، وضرب بالصغار ، هذا عامل معاوية قد أغار على الأنبار ، فقتل بها عاملي ابن حسان ، ورجالا كثيرا ، وانتهكت بها حرم من النساء ، فقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والاخرى المعاهدة ، فينتزع خلخالها ورعاثها (1) لا تمتنع منه إلا بالاسترحام والاسترجاع ، ثم انصرفوا لم يكلم أحد منهم ، فو اللّه لو أن امرأ مات من دون هذا أسفا ما كان عندي ملوما ، بل كان عندي جديرا ، يا عجبا ، عجبت لبث القلوب ، وتشعب الآراء من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم ، وفشلكم عن حقكم حتى صرتم غرضا (2) ترمون ولا ترمون ، وتغزون ولا تغزون ، ويغار عليكم ولا تغيرون ، ويعصى اللّه وترضون. اذا قلت لكم : اغزوهم في البرد ، قلتم : هذه أيام صرّ وقرّ. واذا قلت لكم : اغزوهم في الحر ، قلتم : هذه حمارة القيظ (3) ، امهلنا حتى ينسلخ الحر. فأنتم من الحر والبرد تفرون ولأنتم واللّه من السيف أفر ، يا أشباه الرجال ولا رجال ، ويا طغام الأحلام ، ويا عقول ربات الحجال ، قد ملأتم قلبي غيظا بالعصيان والخذلان ، حتى قالت قريش : إن علي بن أبي طالب رجل شجاع ، ولكن لا علم له بالحرب ، ومن منهم أعلم بالحرب مني ، لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين ، وأنا الآن قد عاقبت الستين ، لكن لا رأي لمن لا يطاع ، كم أمرتكم أن تغزوهم قبل أن يغزوكم ، وقلت لكم : إنه لم يغز قوم قط في عقر دارهم إلاّ ذلوا ، فما قبلتم أمري ، ولا استجبتم لي ، أبدلني اللّه بكم

ص: 75


1- الرعاث : جمع رعثة أي الرعثة القرط.
2- غرضا : هدفا.
3- حمارة القيظ : شدة الحر.

من هو خير منكم ، وأبدلكم بي من هو شرّ لكم مني ، قد أصبحت لا أرجو نصرتكم ، ولا أصدق قولكم ، ولقد فاز بالسهم الأخيب من فاز بكم.

فقام إليه جندب بن عبد اللّه ، فقال : يا أمير المؤمنين هذا أنا وأخي (1) ، أقول كما قال موسى علیه السلام : ( رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي ) (2). فمرنا بأمرك. فو اللّه لنضر بن دونك ، وإن حال دون ما تريده جمر الغضا وشوك القتاد.

فأثنى عليهما خيرا ، وقال : وأين تقعان رحمكما اللّه ممّا اريد.

ثم نزل ، ولم يزل على ذلك يدعو الناس ويحضهم على جهاد عدوهم ، حتى اصيب صلوات اللّه عليه ورحمته وبركاته.

ص: 76


1- وفي الغارات 2 / 477 : آخذا بيد ابن أخ له يقال عبد الرحمن بن عبد اللّه بن عفيف. والقائم حبيب بن عفيف.
2- المائدة : 25.

[ الحجة على من حارب عليّا ]

اشارة

نكب من الاحتجاج على من حارب عليا ومن خذله

قد ذكرنا أنا لم نبسط هذا الكتاب إلا لذكر فضائل علي صلوات اللّه عليه ، وفضائل الائمة من ذريته علیهم السلام ، وما يدخل في ذلك ممّا يشبهه ، وإن ذكر ما يثبت إمامته ، ويوجب الحجة على من تقدم عليه ، ومن قال بذلك واعتقد يخرج عن حدّ هذا الكتاب لطوله ، واتساع القول فيه ، وكذلك الحجة فيه على مناصبيه والمتوثبين عليه وخاذليه ، تخرج أيضا إذا استقصيت عن حده. ولكنا لما ذكرنا من حاربه وناصبه ، ومن قام معه ونصره ، ومن تخلف عنه وخذله رأينا أن نذكر جملا من الحجة في ذلك ، لأن لا نخلي هذا الكتاب من ذكر شيء من ذلك ، فيلتبس الأمر في ذلك ، ويشكل على من قصر فهمه ، وقلّ علمه ، وإن كنا قد أوردنا فيه ما رواه الخاص والعام من فضل علي صلوات اللّه عليه ، وما يوجب إمامته وطاعته ، وينهى عن التقدم عليه ، وعن مخالفته ومناصبته والتخلف عنه ، وذكرت ما كان منه صلوات اللّه عليه من الصبر على تقدم من تقدم عليه بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، واستأثر دونه بحقه الذي جعله اللّه عزّ وجلّ ورسوله صلی اللّه علیه و آله مخافة ما يكون في ذلك من الاختلاف والتنازع واراقة الدماء ، وما يتخوف منه من الفتنة والردة لقرب عهد الإسلام وأهله بالجاهلية ، وكثرة من لم يعتقده

ص: 77

حق الاعتقاد ومن تسمى به من المنافقين والذين في قلوبهم مرض ، فسالم أبا بكر وعمر وعثمان أيام حياتهم مخافة ذلك ولما عهد إليه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، حتى أحدث عثمان ما أحدثه ، ممّا أنكره عليه جماعة من المسلمين الذين بتقديمهم إياه استحق فيما زعم! وزعم من أوجب ذلك له ما صار إليه ، وخيّروه بين أن يتوب عما أحدثه ويرجع عنه أو أن يعتزل ، فامتنع من كلا الأمرين ، وإذا كان من الواجب أن يقوم باقامتهم إياه ، فالواجب أن يعتزل بعزلهم له ، وتمالوا بأجمعهم في ذلك عليهم ، فلم يكن منهم إلا قائم في ذلك عليه ، حتى قتلوه ، أو خاذل له فيما أتوه إليه ، معرض عنهم فيه.

وكان علي صلوات اللّه عليه فيمن أعرض عن ذلك لم يكن منه فيه أمر ولا نهي ، خلا أنه نهاهم عن حصاره ، وأرسل الماء والطعام إليه ، فكان أكثرهم نفعا له.

فلما قتلوه أتوا عليا صلوات اللّه عليه بأجمعهم ، فبايعوه بعد أن دفعهم ، فلم يقبلوه منه ، ولا انصرفوا عنه ، وبعد أن شرط عليهم من السمع والطاعة في الحق والعدل ، ما تقدم ذكره ، وأخذ ميثاقهم ، وبيعتهم عليه ، بعد أن عقد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عليهم البيعة له في غير موطن - كما تقدم القول بذلك - فلما لم يجد أكثرهم عنده ما عودوه وأرادوه ، نكث من نكث منهم عليه ، وحاربوه ، وقعد من قعد منهم عن نصرته وخذلوه ، وقام أكثرهم معه وحاربوا من حاربه وناصبوا من ناصبه - كما تقدم القول باخبارهم - وما آلى إليه أمره علیه السلام وأمرهم.

وليس ترك علي صلوات اللّه عليه القيام على من تغلّب عليه بمسقط ما وجب له ، وقد أجمع المسلمون على أن سكوت ذي الحق عن طلب حقه ممن هو عنده وعليه ، ما سكت عن ذلك ولم يطلبه غير مسقط لشىء منه ،

ص: 78

وأن له إذا شاء أن يطلب ذلك منه طلبه ، والقيام فيه.

وكذلك امتناعه أن يبايعهم لما أتوه ليبايعوه ، ليس بمزيل ما وجب له ، كما أن ذا الحق إذا عرض عليه حقه ، فأبى في وقت ذلك أخذه ، وأخره الى وقت آخر لم يسقط ذلك ، مع ما أراد صلوات اللّه عليه في ذلك من التأكيد عليهم باشتراط ما شرطه لما تقدم - وعودوه من خلافه من غير الواجب.

وكان اول ما امتحن به علیه السلام بعد أن بويع ، وافضي الأمر إليه ، بعد أن أوغر صدور الخاصة بأن قطع عنهم من الإثرة ما عودوه ، والعامة بما حملهم من العدل عليه إلا من عصم اللّه جلّ ذكره ممّن امتحن اللّه بالايمان قلبه فخف عليه من ذلك ما استثقله غيره ، ما قد احتال به من أراد التوثب عليه من القيام بدم عثمان ممّن كان قد ألب عليه ، وقام مع قاتليه وممّن خذله ، وقعد عنه ، فامتحن علي صلوات اللّه عليه بذلك محنة لم يجد معها غير ما صار إليه ، لأن جميع الخواص والوجوه من جميع الصحابة والمهاجرين والأنصار كانوا قد حلوا فيه محلتين ونزلوا فيه منزلتين : بين قائم عليه مجاهر بذلك حتى قتل ، وبين راض بذلك ، خاذل له معرض عما حلّ به. وعامة من غاب عن ذلك من سواد الناس وجملتهم يكبرون قتله ، ويتعاظمونه مع ما قبحه لهم وألبهم به ، وأغراهم من قبح ذلك لهم ممّن خرج مع طلحة والزبير وعائشة ، واظهارهم أنهم إنما قاموا يطلبون بدم عثمان. وما اقتفاه معاوية وعمرو بن العاص في ذلك من آثارهم ، وسلكاه حتى صار ذلك عند العامة من أكبر الكبائر ، وأعظم العظائم لا يلتفتون فيه الى من قتله ، وأعان عليه ، ولا إلى من قعد عنه وخذله فيه من أكابر الصحابة الذين هم قدوتهم ، وعنهم يأخذون دينهم.

فوقف علي صلوات اللّه عليه من ذلك على أمرين ، المكروه في كليهما ، إن هو صرح بتصويب قتله استفسد العامة. وإن صرح بإنكاره استفسد الخاصة.

ص: 79

فكان أكثر ما عنده في ذلك إذا سئل عنه معاريض القول.

ومجمل الكلام كقوله صلوات اللّه عليه : ما سرني قتله ولا ساءني. فناولت الخاصة ذلك على الاستحقاق به. وناولته العامة على أنه أراد بقوله : ما سرني أنه قتل ، ولا ساءني إذا استشهد فدخل الجنة.

وكقوله علیه السلام : ما قتلته ولا أمرت بقتله ، وهذا بما أبان فيه عما كان منه.

وكقوله : قتله اللّه وأنا معه فتأول ذلك الذين قتلوه على أنه أراد به ، أنه مع اللّه عزّ وجلّ في قتله.

وتأولته العامة على أنه كان معه لما رووه عنه من النهي عن حصاره ، وارساله الماء إليه وهو محصور ، لأنه كان معه من لا ينبغي أن يقتل عطشا في كلام كثير يحتمل التأويل. وما سلم مع ذلك من الأقاويل كما أن سلطانا لو أسر أسيرا ، أو اعتقل رجلا مذكورا فمات الأسير ، أو المعتقل في سجنه لم يعد قائلا يقول : إنه هو الذي قتله ، أو سقاه سما ، أو احتال في موته حتى لو رأوا صاعقة وقعت عليه ، أو عذابا من السماء ، لما صرفهم ذلك عن أن يقولوا فيه.

وكان ما وقع من الفتنة ، وقتل من قتل فيها من الامة ، واختلاف الناس الى اليوم في ذلك مع شهرته ، واطباق من أطبق من الصحابة على قتل عثمان ، أو خذلانه ، ولحق من ذلك عليا علیه السلام وأولياء اللّه - الائمة من ذريته - ما لحقهم من السفلة والعوام مع ذلك ، فكيف لو قد قام علیه السلام على أبي بكر فقتله ، أو على عمر فقتله ، أو كان قد قام فيمن قام على عثمان؟

فمحنة أولياء اللّه ، وإن تحفظوا منها لا بدّ أن يمتحنوا بها ، ليكمل اللّه عزّ وجلّ بها لهم فضيلة الإمامة ، ويرفعهم في أعلى درجات الكرامة. وما كان عندي أن يكون جوابه وقوله وفعله غير السكوت عن ذلك كما سكت لما

ص: 80

نادى منادي أهل الشام بصفين أصحاب علي علیه السلام - وهم ما لم يحص عددهم يومئذ كثرة - : ادفعوا إلينا قتلة عثمان.

فقال أصحاب علي علیه السلام - عن آخرهم بلسان واحد - : كلنا قتلة عثمان.

أفكان يمكنه دفعهم كلهم الى أهل الشام ، فيقتلونهم؟ أو أن يقول لأهل الشام : هم مصيبون في قتلهم إياه؟ وليس كل من قال قولا بما لا يجب له يجب جوابه عليه ، ولو كان ذلك لوجب على كل سامع يسمع - محالا من الكلام - أن يجيب عنه ، أو يحتج على قائليه.

[ من يطالب بالدم؟ ]

والطلب بالحقوق إنما يكون لأهلها عند إمام المسلمين ، وذلك ممّا أجمعوا عليه ، وعلى أن عليا علیه السلام إمامهم يومئذ ، وليس من أهل الشام ، ولا من غيرهم من يستحق القيام بدم عثمان ، ولا طلب ذلك أحد ممن يستحقه عند علي علیه السلام فيحكم له فيه بما يوجب الحق له عنده.

ولكن الذين قاموا عليه ، ونكثوا بيعته ، وقعدوا أمره جعلوا ذلك سببا يستدعون به الجهال الى القيام معهم لما أرادوه التغلب على ظاهر أمر الدنيا (1) ، والتوثب على أولياء اللّه.

وسنذكر جميع ما احتجوا به ، وأوهموا أهل الضعف من العوام أنهم على حق من أجله. ونقض ذلك وبيان فساده إن شاء اللّه.

ص: 81


1- كما سيأتي أن معاوية اعتذر لابنة عثمان عند ما طلبت منه الثأر لأبيها ، وقد كان دم عثمان سلاحه ووسيلته لاشعال الحروب وقتل المسلمين في الأمس.

[ المتخلّفون عن أمير المؤمنين ]

اشارة

فأما المتخلفون عن الجهاد مع علي صلوات اللّه عليه ، وقتال من نكث بيعته ، ومن حاربه وناصبه ، فإنه تخلف عنه في ذلك من المعروفين من الصحابة :

سعد بن أبي وقاص ، وكان أحد الستة الذين سماهم عمر للشورى. وعبد اللّه بن عمر بن الخطاب. ومحمّد بن سلمة.

[ المرجئة ]

واقتدى بهم جماعة ، فقعدوا بقعودهم عنه ، ولم يشهدوا شيئا من حروبه معه ، ولا مع من حاربه هذه الفرقة هم أصل - المرجئة - وبهم اقتدوا ، وذهب الى ذلك من رأيهم (1) جماعة من الناس ، وصوبوهم فيه ، وذهبوا الى ما ذهبوا إليه ، فقالوا في الفريقين - في علي علیه السلام ، ومن قاتل معه ، وفي الذين حاربوه وناصبوه - ومن قتل من الفريقين إنهم يخافون عليهم العذاب ، ويرجون لهم الخلاص والثواب ، ولم يقطعوا عليهم بغير ذلك ، وتخلفوا عنهم.

والإرجاء : في اللغة التأخير. فسموا : مرجئة لتأخيرهم القول فيهم ،

ص: 82


1- كذا في جميع النسخ.

وتأخرهم عنهم ، ولم يقطعوا عليهم بثواب ولا عقاب لأنهم زعموا [ انهم ] كلهم موحدون ، ولا عذاب عندهم على من قال : لا إله إلاّ اللّه ، فقدموا المقال وأخروا الأعمال ، فكان هذا أصل الارجاء.

ثم تفرق أهله فرقا الى اليوم يزيدون على ذلك من القول وينقصون.

ورووا في الوقوف الذي وقفه من تقدم ذكرهم عن علي علیه السلام ، وعن الذين حاربوه ، وما ذكرناه عن أبي موسى الأشعري مما رواه أهل الكوفة ، لما أتاهم الحسن علیه السلام وعمار بن ياسر رضی اللّه عنه برسالة علي صلوات اللّه عليه ليستنفرهم ، فلما قرأ كتابه علیه السلام على جماعتهم قام أبو موسى الأشعري ، فقال : أما إني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : إنه سيكون من بعدي فتنة ، القائم فيها خير من الساعي ، والجالس خير من القائم ، فاقطعوا أوتار قسيكم ، واغمدوا سيوفكم ، وكونوا أحلاس بيوتكم.

فقال عمار بن ياسر رضی اللّه عنه : تلك التي تكون أنت منها ، أما واللّه لقد سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قد لعنك.

فقال أبو موسى : كان ذلك ، ولكنه استغفر لي.

فقال عمار : اللعنة فقد سمعتها ، وأما الاستغفار فلم أسمعه. وقال عمّار رضوان اللّه عليه : أشهد لقد أمرني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بأن أقاتل مع علي الناكثين والقاسطين.

فتعلق أهل الارجاء بالحديث الذي رواه أبو موسى ، وقد أجابه عمار رضی اللّه عنه بجملة تفسيره بقوله : تلك التي تكون أنت منها ، يعني : من أهل الفتنة التي نهى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عن القيام مع أهلها.

وأهل الفتنة هم أهل البغي ، وأهل التخلف عن الجهاد ، وقد أبان اللّه عزّ وجلّ ذلك فيما أنزله في الذين سألوا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله

ص: 83

الإذن في التخلف عن الجهاد معه ، فقال جلّ من قائل : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ ) (1).

[ جهاد أهل البغي ]

وقتل أهل البغي جهاد ، وقد أمر اللّه عزّ وجلّ به في كتابه وافترضه على المؤمنين من عباده كما افترض عليهم قتال المشركين بقوله تعالى : ( فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ ) (2) ، والفتنة إلى أمره الدخول في طاعة من أوجب عزّ وجلّ طاعته ، ولو كان القعود واجبا عن كل مفتون ، وقائم بفتنته لسقط فرض جهاد أهل البغي ، وهذا أوضح وأبين من أن يحتاج الى بيانه لما فيه من نصّ القرآن ، فمن قعد عن الخروج مع علي علیه السلام وعن محاربة من حاربه معه لغير عذر يوجب ذلك فقد خالف أمر اللّه عزّ وجلّ ، وترك فرضه الذي افترضه على المؤمنين من عباده من جهاد أهل البغي ، وليس ذلك ممّا يلزم جميع الناس أن يخرجوا فيه ، ولا في جهاد المشركين ، إذا قامت به طائفة منهم لقول اللّه عزّ وجلّ ( وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ ) (3).

وأما قوله جلّ من قائل : ( انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً ) (4). وقوله تعالى : ( وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ) (5). فهو إذا دهم المسلمين من عدوهم ما يحتاجون فيه الى ذلك ، وهذا قول أهل البيت صلوات اللّه

ص: 84


1- التوبة : 49.
2- الحجرات : 9.
3- التوبة : 122.
4- التوبة : 41.
5- التوبة : 36.

عليهم ، وجملة المنسوبين الى الفتيا من العوام ولو لا ذلك لهلك كل من لم يجاهد في سبيل اللّه وكذلك من له عذر لم يطق الجهاد معه فلا شيء عليه في التخلف عنه إذا صدقت نيته. ومن ذلك ما روي :

[443] عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال لأصحابه ، وقد انصرف من غزاة - : إن بالمدينة قوما ما قطعتم واديا ، ولا شهدتم مشهدا إلا وهم معكم فيه.

قالوا : من هم يا رسول اللّه؟ قال : قوم قعد بهم العذر ، وصدقت نياتهم.

وقد بيّن اللّه عزّ وجلّ هذا في كتابه فقال جلّ من قائل : ( لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ ) (1). فقد يكون لمن تخلف عن علي صلوات اللّه عليه من الصحابة الذين اقتدى بهم غيرهم بتخلفهم عنه ، وجعلوا ذلك حجة لما ذهبوا إليه عذر في التخلف لا يعلم الناس به. أو أنهم رأوا ان عليا علیه السلام مكتف بمن خرج ، وقام معه من المسلمين ، فوسعهم التخلف عنه ، وإن كان الخروج معه أفضل من القعود عنه. ومن ذلك ما تقدم ذكره من ندامة عبد اللّه بن عمر على تركه جهاد الفئة الباغية مع علي علیه السلام ، وعلى تخلفه عنه ، وذلك من الأخبار المأثورة المشهورة عنه.

ص: 85


1- التوبة : 91 و 92.

وجاء ذلك عنه من غير طريق ، وفي غير مقام.

وجاء مفسرا من قوله ، انه قال : ما آسي (1) على شيء إلا إني لم اكن قاتلت مع علي علیه السلام الناكثين - وهم أهل البصرة - ، والقاسطين - وهم أهل الشام - ، والمارقين - وهم أهل النهروان -. فذكرهم صنفا صنفا وشهد عليهم بما يوجب قتالهم ويحل دماءهم.

روى ذلك ، الوليد بن صبيح ، باسناده ، عن حبيب بن أبي ثابت ، أنه سمع عبد اللّه بن عمر بن الخطاب يقوله. فقد يكون غيره كذلك ندم على تخلفه عن علي علیه السلام ، إذ كان له عذر في التخلف ، أو تخلف لعلمه باستضلاع علي علیه السلام بمن معه دون أن يرى أن التخلف عنه لغير عذر تبعة.

وقد اعتذر الى علي علیه السلام جماعة ممن تخلف عنه ، فقبل عذر من اعتذر منهم. وقد ذكرت فيما مضى من هذا الكتاب ندامة عائشة على خروجها ، ورجوع طلحة والزبير لما ذكرهما علي علیه السلام قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيه (2). وقول سعد بن أبي وقاص بفضله وأنه على الحق (3).

فأما من تخلف عنه لغير عذر ، أو حاربه فقد عصى اللّه عزّ وجلّ ، وعصى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقد ذكرت الأخبار المشهورة في ذلك ، عن النبي صلی اللّه علیه و آله قوله فيه :

اللّهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله.

ص: 86


1- وفي نسخة - ج - : ما أسى أو قال : ما أسفت.
2- قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله للزبير : ... تقاتله وأنت ظالم.
3- لقد ذكر المؤلف الحديث مفصلا ، الحديث 429.

فمن تخلف عنه لغير عذر فقد خذله ، ومن خذله فقد عاداه.

وقوله له : سلمك سلمي ، وحربك حربي. فمن حاربه فقد حارب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ومن حارب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فقد حارب اللّه سبحانه.

وقوله : من آذى عليا فقد آذاني. ولا أذى أشد من المحاربة في غير ذلك ممّا ذكرناه ، ونذكره في هذا الكتاب ممّا هو في معنى ذلك.

وما جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من نصه على من يقاتله من بعده وأنهم الناكثون والقاسطون والمارقون ، ووصفه إياهم بصفاتهم ، وما يكون منهم وما يؤول إليه أمرهم ممّا جاء عن اللّه عزّ وجلّ.

فرؤساء الناكثين : - وهم أصحاب الجمل - طلحة والزبير وعائشة - قد تابوا من خروجهم عليه ، ورجعوا عليه وندموا على ما فرط منهم فيه ، فلم يجد أحد بعدهم سببا لذلك يتعلق به في أن يقول بقولهم ، أو يصوّب فعلهم ، أو أن يتخذ قولا يقول به ، ومذهبا يذهب إليه ، وهم قد رجعوا عنه.

وأما معاوية ، وأتباعه ، والخوارج ومن قال بقولهم ، فأصروا على باطلهم ، ولم يرجعوا عنه كما رجع من تقدمهم ، وأن معاوية وأصحابه ، إنما احتذوا على مثال أصحاب الجمل في انتحالهم القيام بطلب دم عثمان فلم يرعهم رجوع من استنّ ذلك لهم عن الرجوع عنه ، بل تمادوا على غيّهم ، وساعدتهم الدنيا فاستمالوا بها كثيرا من الناس ، فذهبوا الى مذهبهم ، وقالوا بمثل قولهم ، وتابع الخوارج على ما ذهبت إليه كل من أبغض عليا صلوات اللّه عليه أو ذهب الى التقصير به. وكل من أراد أن يأكل أموال الامة ، وسفك دمائها ، فجعل القول بذلك وسيلة الى ما أراده من ذلك.

وكان ممّا تهيأ لمعاوية بن أبي سفيان ممّا قوي به على مقاومة علي علیه السلام ، والخلاف عليه ، ووجد به أنصارا وأعوانا على ما أراده من ذلك ،

ص: 87

أنه كان مع أخيه يزيد بن أبي سفيان (1) ومع أبي عبيدة بن الجراح (2) ، وقد شهد فتوح الشام. والشام دار مملكة الروم ، وموضع أموالها وكنوزها وذخائرها وخيراتها.

ومعاوية من المؤلفة قلوبهم كما ذكرنا فيما تقدم ، وثبت ذلك ، وفيمن أعطاه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وأباه يوم حنين من غنائم هوازان ما أعطاهما مع جملة المؤلفة قلوبهم لرقة اسلامهم ليسترضيهم ويتألفهم على الإسلام ، ولم يكن ممن نزع عن الغلول ، والاستيثار بما قدر عليه من الفيء.

ثم هلك أخوه يزيد ، فاستعمله عمر بن الخطاب مكانه ، فاحتوى على مملكة الشام ، وبيوت أموال ملوك الروم ، وأموال أشرافهم ، فاكتسب من ذلك أموالا عظيمة وذخائر نفيسة ، فكان يرضي بها من معه ، ويستميلهم الى ما يريده ، ويعطي من أتاه.

ونزع إليه ممن يرغب في الدنيا ، وهم عامة الناس. واتفق له أن عليا صلوات اللّه عليه طالب عمال عثمان ، وكان من أقطعه عثمان قطيعة من مال المسلمين بما في أيديهم ممّا أقطعوه ، واقتطعوه ، ومن مثل ذلك خاف معاوية على ما في يديه ، ولعلمه بأن عليا صلوات اللّه عليه لا يدع له شيئا منه. فنزع إليه من كانت هذه حاله ومن خاف عليا علیه السلام واتقى جانبه أو من علم أنه ليس له من الدنيا عنده ما يريده.

وكان ممّا يشنعون به عليه وينذرون منه به ، أن بعضهم سأله (3) للحسن والحسين علیهماالسلام متكلفا لذلك من غير أن يسألاه فيه ولا أن يعلما بسؤاله ذلك لهما ، إلا أنه أراد الشناعة (4) عليه بذلك إذ قد علم أنه لا يفعله ، في أن

ص: 88


1- أسلم يوم الفتح ، توفي في دمشق بالطاعون 18 ه.
2- وهو عامر بن عبد اللّه الصحابي القرشي الفهري توفي بطاعون عمواس ودفن في غوربيسان 18 ه.
3- كما يأتي في الجزء السادس وهو خالد بن العمر.
4- وفي نسخة - ج - الشفاعة.

يزيدهما دراهم في عطائهما ، فانتهره من ذلك ، ولم يجبه إليه ، فجعل يبث ذلك عنه ، ويشنعه عليه ، ليؤنس أبناء الطمع منه (1) فلم يبق مع علي صلوات اللّه عليه إلا أهل البصائر في الدين الذين يجاهدون معه بأموالهم وأنفسهم ، كما افترض اللّه عزّ وجلّ كذلك الجهاد على كافة المؤمنين.

ولحق بمعاوية أبناء الدنيا ، وأهل الطمع ، وكل سخيف الدين عار من الورع ، وكل من استثقل العدل عليه ، وإقامة الحق فيه ، وعلم أن له عند معاوية ما يحبه من ذلك ويرضيه.

فلم يخلص مع علي صلوات اللّه عليه إلا أهل البصائر والورع من المهاجرين والأنصار ، والتابعين لهم بإحسان ، وأشراف العرب - من ربيعة ومضر - ممّن سمت همته إليه ، وأنف من الكون مع معاوية والانحياش إليه. حتى كان أكثر عسكره الرؤساء والأشراف والوجوه. حتى كان لكل رئيس منهم لواء ، ولكل سيد معسكر ، وقلّ ما تستقيم الامور على هذه الحال ، وقد قيل إن الشركة في الرئاسة شركة في الملك ، والشركة في الملك كالشركة في الزوجة.

وكان أصحاب معاوية الرؤساء منهم يطيعونه ويتبعونه لما يرجون من دنياه ، وسائرهم رعاع ، واتباع ، وبالطاعة تستقيم الامور.

[ تقييم المواقف ]

[444] ومن ذلك ما قد روي عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه امتحن أصحاب معاوية وأصحابه ، قبل أن يخرج الى معاوية ، فأرسل رجلا من الكوفة إلى حمص (2) وبها معاوية ، وقال للرجل :

ص: 89


1- الى هنا تنتهي نسخة - ج - :.
2- مدينة بين دمشق وحلب في الجمهورية العربية السورية.

اركب راحلتك وسر ، فاذا دخلت حمص ، فلا تعرج على شيء ، ولا تغيّر ثيابك ، واقصد المسجد الجامع ، فانخ راحلتك واعقلها ببابه ، وادخل المسجد على هيئتك. فإن الناس سيسألونك من أين قدمت؟

فقل : من الكوفة. فهم يسألونك عن امري ، فقل : تركته معتزما على غزوكم قد فرغ من عامة ما يحتاج إليه لذلك ، وما أظنه إلا وقد خرج على أثري. وانظر ما يكون منهم ، وارجع إليّ بالخبر.

ففعل الرجل ذلك.

فلما سمع أهل المسجد قوله خاضوا في ذلك وخاض الناس ، واتصل الخبر معاوية ، فأتى المسجد ، فرقى المنبر ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، وصلّى على النبي صلی اللّه علیه و آله ، ثم قال :

أيها الناس إنه قد انتهى إليّ ما قد فشى فيكم ، وانتهى إليكم من قدوم علي في أهل العراق إليكم لغزوكم ، فما أنتم قائلون في ذلك ، وصانعون؟

فسكتوا حتى كأن الطير على رءوسهم.

ثم قا [ م ] (1) رجل من سادات حمير ، فقال : أيها الأمير عليك المقال وعلينا انفعال.

( انفعال لغة حميرية يدخلون النون مكان اللام ).

فقال : أرى أن تبرزوا في غد على بركة اللّه.

ثمّ نزل ، فأصلحوا مبرزين.

وانصرف الرجل الى علي صلوات اللّه عليه وأخبره الخبر.

فأمر بالنداء في الناس بأن الصلاة جامعة ، وخرج الى المسجد

ص: 90


1- وفي الاصل : قال رجل.

الجامع ، وقد اجتمع الناس فيه. فرقى المنبر ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، وصلّى على النبي صلی اللّه علیه و آله ، وقال :

أيها الناس إنه قد انتهى إليّ أن معاوية قد برز من حمص في أهل الشام ، ومن معه يريد حربكم ، فما أنتم في ذلك قائلون وصانعون؟

فقام رجل ، فقال : يكون الأمر كذا. وقال الآخر : بل الرأي كذا. وقام آخر فقال غير ذلك. حتى قام منهم عدة ، واعتكر الكلام.

فنزل علي صلوات اللّه عليه ، وهو يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، غلب واللّه ابن آكلة الأكباد.

وقيل أيضا : إن الناس خاضوا بصفين ، فاختلط أصحاب معاوية ، وترك أكثرهم مراكزهم ، فخرج منهم ، فوقف بينهم ، فأشار بكمه عن يمينه ، فرجع كل من كان في تلك الناحية ، وأشار عن يساره ، ففعلوا كذلك.

فقال له بعض من شهده : إن هذه للطاعة.

فقال : إني ما أخلفتهم قط في وعد ولا وعيد.

فمن أجل هذا وما قدمنا قبله ممّا يجري (1) مجراه تهيأ لمعاوية أن يقاوم عليا علیه السلام . وعلي صلوات اللّه عليه في الفضل والاستحقاق بحيث لا يخفى مكانه على أحد أن يقيسه بمعاوية في خصلة من خصال الخير.

حتى أن بعض أهل التمييز والمعرفة سمع من يقول علي أفضل من معاوية.

فقال : هذا من فاسد القول ، إنه ليس يقال إن العسل أحلى من

ص: 91


1- هكذا في نسخة - أ - وفي الاصل : وما يجري.

الصبر ، ولا إن الحنظل أمر من السكر ، [ ف- ] معاوية أقلّ من أن يقاس بعلي علیه السلام .

تمّ الجزء الخامس من كتاب شرح الأخبار في فضائل الائمة الأطهار تأليف سيّدنا القاضي الأجلّ النعمان بن محمّد بن منصور قدّس اللّه روحه ورزقنا شفاعته وانسته.

ص: 92

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام

للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي

المتوفي سنة 363 ه. ق

الجزء السادس

ص: 93

ص: 94

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[ عدلوا الى معاوية ]

اشارة

فأما نزوع من نزع عن علي صلوات اللّه عليه الى معاوية ، فلم يكن أحد منهم نزع عنه إليه اختيارا لدينه ، ولا ناظرا لأمر آخرته ، وإنما نزع عنه إليه من نزع لما قدمنا ذكره من مطالبة علي صلوات اللّه عليه لهم بما أقطعوه واقتطعوه من مال اللّه ، وخوفهم من أن يقيم عليهم حدود اللّه ، ولما وثقوا به من إطعام معاوية إياهم مال اللّه وتبجيحهم (1) لديه في معاصي اللّه ، وتحرمهم (2) به من إقامة حدود اللّه التي لزمتهم ، كنزوع عبيد اللّه بن عمر بن الخطاب إليه لقتله الهرمزان - وقد ذكرنا قصته - وما كان من تخلية عثمان إياه ، وتواعد علي علیه السلام له بالقتل إن قدر عليه ، وإقامة الحق فيه ، والقود منه ، فلحق بمعاوية ، فأمنه.

ومثل النجاشي (3) لما شرب الخمر ، فأقام عليه علي علیه السلام الحد ، وخاف من ذلك ، فلحق بمعاوية ، فكان يشربها بالشام صراحا.

ومثل مصقلة بن هبيرة ، فإنه اشترى سبي بني ناجية (4) وأعتقهم فطلبه

ص: 95


1- أي تفاخرهم. وفي نسخة - ج - : تحبجهم.
2- وفي نسخة - أ - : وتحريمهم.
3- وهو قيس بن عمر الشاعر من بني الحارث بن كعب.
4- وهم قوم من النصارى من أهل البصرة أسلموا ، ثم ارتدوا ، فدعوهم الى الإسلام ، فأبوا ، فقاتلوهم ، واسروا منهم ، وأتوا بهم ، الى أمير المؤمنين ، فجاء مصقلة ، واشتراهم بخمسمائة الف درهم ، وهرب الى معاوية ، فقيل لأمير المؤمنين علیه السلام : ألا تأخذ الذرية؟ فقال : لا. فلم يعرض لهم.

علي علیه السلام بأثمانهم ، فهرب عنه الى معاوية في عامة بني شيبان ، وهم عدد كثير ، معروف كان عنده مقامهم ، ومشهورة أيامهم.

وكان يزيد بن حجبة من وجوه أصحاب علي علیه السلام فاستدرك عليه مالا من مال خراج المسلمين ، فطالبه به ، وحبسه لما له عن الأداء ، ففر من محبسه (1) ولحق بمعاوية في عدد كثير من قومه.

ولحق أيضا بمعاوية خالد بن معمر في عامة بني سدوس لأمر نقمه على علي صلوات اللّه عليه ، ولقدره ، وكثرة من جاء به الى معاوية من قومه. قال قائل شعرا :

معاوي أمر خالد بن معمر *** فإنك لو لا خالد لم تؤمر

وممّن هرب عن علي (2) صلوات اللّه عليه الى معاوية من مثل هؤلاء كثير من وجوه العرب ورؤسائهم ، ومن أهل البأس والنجدة والرئاسة في عشائرهم لما اتصل عن معاوية من بذله الأموال ، وإفضاله على الرجال ، وإقطاعه القطائع مثل إطعامه عمرو بن العاص خراج مصر ، وإقطاعه ذا الكلاع ، وحبيب بن سلمة (3) ، ويزيد بن حجبة ، وغيرهم ما أقطعهم ، وأنا لهم إياه ، وعلموا ما عند علي علیه السلام من شدته على الخائن ، وقمعه الظالم ، وعدله بين الناس ، واسترجاعه ما أقطعه عثمان ، وفشى ذلك عنه ، وتفاوض أهل الطمع ، وقلة الورع فيه ، حتى قال خالد بن المعمر للعباس بن الهيثم :

ص: 96


1- وفي نسخة - د - : من حبسه وهو يزيد بن حجبة التميمي من بني تيم بن ثعلبة.
2- وفي نسخة - ج - : اتى من هرب عن علي صلوات اللّه عليه.
3- هكذا في الاصل والصحيح حبيب بن مسلمة الفهري القرشي ولاه عثمان آذربايجان ، وولاه معاوية ارمينيا ومات فيها 42 ه- وشارك في صفين بجنب معاوية.

اتق اللّه في عشيرتك وانظر في نفسك ، ما تؤمل من رجل سألته أن يزيد في عطاء ابنيه الحسن والحسين دريهمات لما رأيته حالتهما (1) ، فأبى عليّ ، وغضب من سؤالي إياه ذلك.

فكان ذلك ممّا تهيأ به لمعاوية ما أراده ، وهو في ذلك مذموم غير مشكور ، بل مأثوم مأزور ، وممّا امتحن اللّه به عليا علیه السلام ، وهو فيه محمود مشكور ، مثاب مأجور ، وفيما منع منه معذور ، على أن أكثر من نزع عن علي علیه السلام ، ولحق بمعاوية لم يكونوا جهلوا فضل علي علیه السلام ، ولا غبي عنهم نقص معاوية ، ولكنهم إنما قصدوه للدنيا التي أرادوها وقصدوها.

وقد باين معاوية كثير منهم كالذي يحكى عن عمرو بن العاص ، أنه لما قدم عليه جعل يذكر له فضل القيام بدم عثمان ، وما في ذلك من الثواب والأجر (2) ، وما في اتباعه في ذلك إذا قام به (3).

فقال له عمرو : دعني من هذا يا معاوية إنما جئتك لطلب الدنيا ، ولو أردت الآخرة للحقت بعلي. فأقطعه مصر.

وكان ابنه قد كره له المسير (4) الى معاوية ، فلما سمع منه ما سمع قال : يا أبة وما عسى أن يكون من مصر في أن تؤثر بها الباطل على الحق؟

فقال عمرو : وان لم يشبعك مصر فلا أشبع اللّه بطنك (5).

وكالذي يحكى من قول معاوية للنجاشي ، وقد أقطعه وأرضاه : أينا (6)

ص: 97


1- هكذا في ب وفي نسخة الاصل : خلتهما.
2- وفي نسخة - أ - : من الأجر والثواب.
3- هكذا في نسخة - أ - وفي نسخة الاصل و - ج - : إذ قد قام بذلك.
4- وفي نسخة - ب - : المصير.
5- وفي نسخة - أ - : لك بطنا.
6- هكذا في نسخة د ، وفي بقية النسخ : أيهما.

أفضل ، أنا أو علي بن أبي طالب؟ فقال النجاشي شعرا :

نعم الفتى أنت لو لا أن بينكما

كما تفاضل ضوء الشمس والقمر

فرضي معاوية منه بذلك.

واخذ هذا على النجاشي من انتقد قوله ، فقال : ما علمت أحدا من أهل التمييز يقول إنه ليس بين علي علیه السلام وبين معاوية من الفضل إلا بقدر ما بين الشمس والقمر ، ولا من يجعل لمعاوية في الفضل حظا (1) ولا نصيبا مع علي علیه السلام إلا مثل ما بين هاشم وعبد شمس ، وبين عبد المطلب وحرب ، وبين أبي طالب وأبي سفيان ممّا تفاضل به البرّ والفاجر ، وتساوى فيه الجاهلي والإسلامي ممّا تفتخر به العرب فيما بينهما.

وقد الّفت كتابا سميته كتاب المناقب والمثالب ، ذكرت فيه فضل هاشم وولده وما له ولهم من المناقب في الجاهلية والإسلام ، وفضلهم في ذلك على عبد شمس وولده ، ومثالب عبد شمس وولده في الجاهلية والإسلام على الموازنة رجلا برجل الى وقت تأليفي ذلك ، وبسطي له ، فمن أحب معرفة ذلك نظر فيه ، ولو ذكرت ذلك في هذا الكتاب لخرج عن حده ، وهو في مثل قدر نصف هذا الكتاب.

على أن في قول النجاشي معنى لطيفا ، وذلك أن نور القمر إنما يكون عن نور الشمس ، كذلك معاوية إنما إسلامه من حسنات علي علیه السلام .

وعلى أن معاوية في كثير من مجالسه (2) ومقاماته لم ينكر ، ولا دفع فضل علي علیه السلام ، كالذي روي عنه أن رجلا (3) من أصحاب علي

ص: 98


1- وفي نسخة - ج - : حصا.
2- وفي نسخة - أ - : مجلسه.
3- ذكره ابن قتيبة في الإمامة والسياسة باسم : عبد اللّه بن أبي محجن الثقفي. وذكره المجلسي في بحار الأنوار مجلد 9 ص 578 نقلا عن الموفقيات للزبير بن بكار الزبيري باسم : مجفن بن أبي مجفن الضبي.

علیه السلام نزع إليه ، فأدخله عليه وعنده جماعة من أهل الشام ووجوه من معه من غيرهم ، فقال له : من أين أقبلت؟

قال : من عند هذا العي الجبان البخيل - يعني عليا علیه السلام -. فسكت معاوية.

وقام عمرو بن العاص ، فقال لمعاوية : أيها الأمير لا يسرك من يغرك.

فقال له معاوية : اجلس يا أبا عبد اللّه وأنت كما قال الأول شعرا :

مهما تسرك من تميم خصلة *** فلما يسؤك من تميم أكثر

وكره أن يسمع ذلك من حضره ، فلما انصرفوا احضر عمرو بن العاص ، وأمر بالرجل ، فادخل إليه (1).

ثم قال له : من عنيت بالعي الجبان البخيل؟

قال : علي بن أبي طالب.

قال : كذبت واللّه فيما قلت ، ولو لم يكن للامة إلا لسان علي لكفاها (2). وما انهزم علي قط ولا جبن في مشهد من مشاهد حروبه ، ولا بارزه أحد إلا قتله. ولو كان له بيتان ، بيت من تبن ، وبيت من تبر لأنفق تبره قبل تبنه.

قال الرجل : فإذا كان علي عندك بهذه المنزلة ، فلم حاربته؟

قال : لأجل هذا الخاتم الذي من غلب عليه جازت طينته (3).

ص: 99


1- وفي نسخة - أ - : فادخل عليه.
2- هكذا في نسخة - ج - : وفي الأصل : لكفيتها.
3- طنت الكتاب أي جعلت عليه الطعن والختم.

[ وأما عقيل ]

وكالذي جاء من خبر عقيل بن أبي طالب ، وذلك أنه أتى الى علي علیه السلام يسأله أن يعطيه ، فقال له علي علیه السلام : تلزم عليّ حتى يخرج عطائي فاعطيك.

فقال : وما عندك غير هذا؟

قال : لا.

فلحق معاوية فلما صار إليه ، حفل به (1) وسرّ بقدومه ، وأجزل العطاء له ، وأكرم نزله.

ثم جمع وجوه الناس ممن معه وجلس وذكر لهم قدوم عقيل ، وقال : ما ظنكم برجل لم يصلح لأخيه حتى فارقه وآثرنا عليه ، ودعا به.

فلما دخل رحب به وقربه ، وأقبل عليه ، ومازحه ، وقال : يا أبا يزيد من خير لك أنا أو علي؟

فقال له عقيل : أنت خير لنا من علي ، وعلي خير لنفسه منك لنفسك.

فضحك معاوية - وأراد أن يستر بضحكه ما قاله عقيل عمن حضر - وسكت عنه.

فجعل عقيل ينظر الى من في مجلس معاوية ويضحك.

فقال له معاوية : ما يضحك (2) يا أبا يزيد؟

فقال : ضحكت واللّه إني كنت عند علي ، والتفت الى جلسائه فلم أر غير المهاجرين ، والأنصار ، والبدريين ، وأهل بيعة الرضوان ، وأخاير

ص: 100


1- حفل القوم حفولا : اذا اجتمعوا.
2- وفي نسخة - ج - ما يضحك. وفي نسخة - أ - : ما أضحلك.

أصحاب النبي صلی اللّه علیه و آله ، وتصفحت من في مجلسك هذا فلم أر إلا الطلقاء (1) أصحابي وبقايا الأحزاب أصحابك.

وكان عقيل ممن أسر يوم بدر ، وفيمن اطلق بفكاك فكه به العباس مع نفسه (2).

فقال له معاوية : وأنت من الطلقاء يا أبا يزيد؟

فقال : إي واللّه ، ولكني أبت الى الحق ، وخرج منه هؤلاء معك.

قال : فلما ذا جئتنا؟

قال : لطلب الدنيا.

فاراد أن يقطع قوله ، فالتفت الى أهل الشام ، فقال : يا أهل الشام أسمعتم قول اللّه عزّ وجلّ : ( تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ ) (3).

قالوا : نعم.

قال : فأبو لهب عمّ هذا الشيخ المتكلم يعني عقيل - وضحك وضحكوا.

فقال لهم عقيل : فهل سمعتم قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ) . هي عمة أميركم معاوية ، هي ابنة حرب بن أميّة زوجة عمي أبي لهب وهما جميعا في النار ، فانظروا أيهما أفضل الراكب أم المركوب؟

فلما نظر معاوية الى جوابه قال : إن كنت إنما جئتنا يا أبا يزيد للدنيا فقد أنلناك منها ما قسم لك ، ونحن نزيدك ، والحق بأخيك ، فحسبنا ما لقينا منك.

ص: 101


1- وهم الذين منّ عليهم الرسول الكريم بالصفح عند ما فتح مكة وبعد أن ذاق منهم ألوان العذاب خاطبهم بما مفاده : ما ذا تروني صانع بكم؟ اخ كريم وابن اخ كريم. فقال صلی اللّه علیه و آله : اذهبوا فانتم الطلقاء.
2- كما سيذكره المؤلف مفصلا في ج 13 من هذا الكتاب.
3- المسد : 1.

فقال عقيل : واللّه لقد تركت معه الدين ، واقبلت الى دنياك ، فما أصبت من دينه ، ولا نلت من دنياك عوضا منه ، وما كثير اعطائك إياي ، وقليله عندي إلا سواء ، وإن كل ذلك عندي لقليل في جنب ما تركت من علي.

وانصرف على علي علیه السلام .

والأخبار في مثل هذا كثير ، وإن نحن أوردنا ما انتهى إلينا طال الكتاب بها ، وليس أحد يجهل فضل علي علیه السلام على معاوية إلا من لا علم له بأخبار الناس وأشرارهم ، ومن الفاضل ومن المفضول منهم ، وقد ذكرت فيما مضى من هذا الكتاب ، وأذكر فيما بقي منه ما في أقل قليل منه ما يبين لمن وفق لفهمه ما لعلي صلوات اللّه عليه من نهاية الفضل الذي لا يدعي لأحد بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مثله.

وأن معاوية ليس يقاس به ، ولا يدانيه في ذلك ، ولا يقارنه (1) ، بل معايبه ومثالبه (2) أغلب عليه ، واكثر ما فيه ، ولو لم يكن له ما يعيبه ويثلبه إلا محاربته عليا صلوات اللّه عليه ومعاداته إياه مع قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : حربك حربي وسلمك سلمي ، وقوله : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللّهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه. فمن عاداه اللّه عزّ وجلّ ، وكان حربا لرسوله صلی اللّه علیه و آله ، فأيّ نصيب له في الإسلام ، فكيف بان يدعى له فضيلة فيه؟

ص: 102


1- وفي نسخة - أ - : ولا يقاربه.
2- مثالب : نقائص.

[ الفضائل المزعومة ]

اشارة

وأكثر ما ادعى له من الفضل من ادعاه ممن مال إليه وتولاه لدنياه ، ومن تسبب به الى الباطل لنيل حطام الدنيا وإيثاره ذلك على الاخرى.

إنهم قالوا : كان حليما صبورا محتملا. والحلم والصبر والاحتمال إنما يحمد عليها من استعملها في طاعة اللّه عزّ وجلّ ، فحلم عما يجب في الدنيا الحلم عنه ، وصبر على طاعة اللّه ، وصبر عن معاصيه ، واحتمل المكروه في ذاته عزّ وجلّ.

فأمّا من حلم وصبر ، واحتمل في معاصيه عزّ وجلّ وما يوجب سخطه ، واستعمل ذلك فيما حادّ اللّه به ورسوله وأولياءه ليقوى بما استعمله من ذلك على ما ارتكبه من المعصية والعنود ، كما استعمل ذلك معاوية ليستميل به قلوب أهل الباطل إليه ليقوى بهم على مناصبة ولي اللّه ومحاربته ، فذلك فيما يعدّ من مثالبه ومعايبه وخطاياه ، وليس بأن يكون له في ذلك فضل.

وكذلك قالوا : كان سمحا جوادا وهوبا مفضالا ، وإنما يحمد السماحة والموهبة ، ويعدّ الإفضال ، ويذكر الجود (1) لمن جاد لماله في مرضات اللّه جلّ ذكره ، وأنفقه في سبيله.

ص: 103


1- وفي نسخة - أ - و - د - : ويزكو الجود.

فأما من غلّ أموال المسلمين وخانها واقتطعها وأقطعها ، وسمح بها ، ووصل من يستعين به على معصية اللّه جلّ ذكره ، وحرب وليه الذي أمر اللّه بطاعته وافترض مودته كما فعل معاوية ، فليس يعدّ من فعل ذلك في أهل (1) السماحة والجود والإفضال ، وإنما يعدّ من كانت هذه حاله في أهل الخيانة والغول والمحاربة لله عزّ وجلّ وللرسول صلی اللّه علیه و آله ، وقد جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : يسأل العبد يوم القيامة عن ماله مما جمعه وفيما أنفقه (2).

فجمع معاوية ما جمعه من الأموال معلوم ، وقد ذكرت ذلك وعطاءه وسخاءه ، فإنما كان على من نزع إليه كما ذكرنا ممن يطلب ذلك عنه.

وقالوا : كان ذا رأي وعقل وسياسة ، جمع بذلك قلوب من كان معه عليه إليه ، وانصلحت به أحوالهم له (3).

فإنما الرأي المحمود ما اصيب به الحق لا الباطل ، والرأي الذي يصيب به صاحبه الباطل مذموم غير واجب أن يستعمل ، والعاقل من عمل بطاعة اللّه ، فأما من عمل بمعاصيه فهو الجاهل.

وأما السياسة ، فقد أقام اللّه عزّ وجلّ منها للعباد في كتابه ، وعلى لسان رسوله صلی اللّه علیه و آله ، وفي سنّته ما إذا فعلوه استقام لهم به أمر دينهم الذي تعبّدهم بإقامته ، فمن جعل اللّه عزّ وجلّ إليه سياسة الخلق ، فساسهم بأمره ونهيه ، وحملهم على كتابه وسنّة رسوله كما فعل علي علیه السلام ، فقد

ص: 104


1- وفي نسخة - أ - : من فعل.
2- وقد مر ذكر الحديث كاملا في الجزء الأول الحديث 104.
3- وهذه الاقوال كلها موجودة في كتاب مناقب معاوية وجدت نسختها الخطية في مكتبه الحرم المكي ، وحاولت مطالعته ولكن منعت من قبل ادارة المكتبة.

استنقذ نفسه واستنقذ من أطاعه منهم من عذاب اللّه ، وأحرز (1) واحرزوا به ثوابه جلّ ذكره.

ومن تغلب على ما لم يجعله اللّه عزّ وجلّ له كتغلب معاوية ، وساس من اتبعه بما يحملهم (2) به على معصية اللّه ومعصية أوليائه الذين تعبدهم بطاعتهم (3) كما ساس معاوية وأصحابه بذلك وحملهم عليه ، فقد أهلك نفسه وأهلك من اتبعه ، ولم يكن محمود السياسة عند أهل العلم بكتاب اللّه وسنّة رسوله صلی اللّه علیه و آله ، وإنما السياسة المحمودة ما جرت على واجب الكتاب والسنّة.

وقالوا : كان عالما بالحرب بصيرا بالمكايد والمكر (4) والحيل فيه (5) مع ما جمع إليه من مكر عمرو بن العاص.

فالمكايد والمكر والحيل في الحرب إنما يحمد ذلك لأهل الحق إذا استعملوا منه ما يجب ، ويحل في أهل الباطل.

فأما مكر أهل الباطل واحتيالهم على أهل الحق فغير محمود لهم بل هو زائد في سوء أحوالهم وخطاياهم وآثامهم.

وقد قيل مثل ذلك لعلي صلوات اللّه عليه ، وأشار عليه كما ذكرنا بعض من رأى المكر والاحتيال على معاوية ، بأن يكتب إليه بعهد على الشام ، فاذا بايع له واستقر ذلك عند الناس عزله.

فقال علي صلوات اللّه عليه : إن هذا الرأي في أمر الدنيا ، فأما في أمر

ص: 105


1- وفي نسخة الأصل : وأحرزوه. وفي نسخة - أ - : وأحرز وأجزل ثوابه.
2- هكذا في جميع النسخ ما عدا نسخة - ب - : بما لا يحملهم.
3- وفي نسخة - أ - : بطاعته.
4- وفي نسخة - ج - : والمكروه.
5- هكذا في نسخة - أ - وفي بقية النسخ : فيها.

الدين فلا ينساغ ذلك ولا يجوز فيه ( وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً ) (1). وذلك أنه لو فعل ذلك لكان في توليته إياه وهو يعلم أنه لا يستحق الولاية ، ولا يجوز له الحكم في المسلمين معصية اللّه عزّ وجلّ ، ومخالف لما أمر به. وإن وزر ما يأتيه من محارم اللّه عزّ وجلّ ، ويذره من طاعته ، ويلحقه إثمه وإثم ما يرتكب من المسلمين ، وينال من الذنب (2) مذ توليه الى أن يعزله ، ولأنه إن عزله بعد أن ولاه ، وهو يوم يعزله على ما كان عليه يوم ولاه ، لم يكن له في عزله حجة إلا التوبة من فعله الذي فعل في توليته.

وقد قيل : ترك الذنب أوجب من طلب التوبة (3). وكان علي صلوات اللّه عليه يقول : لو استخرت (4) المكر - يعني في مثل هذا - ما كان معاوية أمكر مني (5).

[ لفتة نظر ]

وممّا أنكروه على علي صلوات اللّه عليه أنه سمى معاوية وأهل الشام القاسطين.

قالوا : فإن كان سمى طلحة والزبير وأصحابهم الناكثين لأنهم نكثوا بيعته ، والخوارج المارقين لأنهم مرقوا عنه ، فمن أين لزم أهل الشام اسم القاسطين ، ولم يأخذ على معاوية ولا عليهم جورا في حكم؟

فيقال لمن قال ذلك : إن عليا علیه السلام لم يسمهم بهذا الاسم ، وإنما

ص: 106


1- الكهف : 51.
2- وفي نسخة - أ - : من الدين.
3- ولذا اشتهر عند الأطباء : الوقاية خير من العلاج.
4- وفي نسخة - ج - : لو استحببت. وفي - أ - : استجزت.
5- وروي عنه علیه السلام أيضا ، قوله : لو لا التقى والدين لكنت أدهى العرب.

سماهم به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فإن كنت معترضا في ذلك فاعترض عليه.

وإنما ذكر علي صلوات اللّه عليه من ذلك ما سمعه وحكاه عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فإن اتهمته وأسقطت نقله عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فأنت أعلم ، ونفسك ، وقد فارقت بذلك جماعة المسلمين ، مع أن ذلك قد رواه كثير من الصحابة (1) ونقله عنهم ثقات الرواة من اصحاب الحديث.

وقد ذكرنا بعض من نقل ذلك عنه من الصحابة ممن آثره عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ونص بذلك عليهم : أنهم أهل الشام (2) روى ذلك عمار بن ياسر قدّس اللّه روحه وهو من الفضل في الموضع الذي لا يدفع عنه. ورواه عبد اللّه بن عمر ولم يشهد حربهم وتأسف على ذلك ، وندم عليه. ورواه عبد اللّه بن مسعود ، ومات قبل أن تكون هذه الحرب (3) في عدد كثير من الصحابة.

فأما جورهم في الحكم ، فأيّ جور أعظم من جور من جار على إمام زمانه ، وحاربه (4) ، واستحل قتل أفاضل الصحابة الذين شهد لهم رسول اللّه

ص: 107


1- وفي نسخة - ج - : من أصحابه.
2- في الجزء الخامس ، فراجع.
3- روى ابن حجر في الاصابة 2 / 319 ، قال أبو نعيم وغيره : مات سنة اثنين وثلاثين.
4- رحم اللّه السيّد علي العطاس ، حيث قال في قصيدته : ومن يحكي عن معا واصابة *** بحرب أبي السبطين فهو المحارب إلى أن قال : أوالي وليّ اللّه ناصر دينه *** ومن نزل القرآن فيه يخاطب فويل ابن هند من عداوة مهتد *** ينازعه في حقه ويطالب له الويل ما أجرأه فيما أتى به *** على حبر علم قدمته الأطائب

صلی اللّه علیه و آله بالجنة من أهل بدر ، ومن أهل بيعة الرضوان ، وأخبر عن بعضهم أن الفئة الباغية تقتله (1).

والجور ، إنما هو في اللغة : الميل عن الحق. فأيّ ميل يكون أعظم من هذا ، ومن منع الزكاة من وجب له قبضها ، والصلاة من استحق أن يقيمها ، والأحكام من هو ولي تنفيذها ، وولي ذلك غيره؟ فهل بقي من الميل عن الحق الى الباطل شيء ، لم يدخل فيه من فعل هذا. وقد فعله معاوية ومن اتبعه من أهل الشام وغيرهم؟ ولو كانوا على الحق لكان علي علیه السلام ، ومن اتبعه من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان على الباطل ، وإن لم يكن علي علیه السلام وأصحابه ممن ( جار عن الحق فالذين جاروا عنه هم ممن ) (2) حاربهم وخالفهم.

وقول هذا القائل ما حكيناه قول من لم يتعقب ما قاله ، ولا عرف الحق لأهله.

وهذه حجة ، ما علمنا أن معاوية ، ولا أحد من أصحابه احتج بها على علي علیه السلام ، ولا على احد ، لعلمهم بأنها لا تثبت لهم ، ولو ثبتت لكانوا أولى بأن يحتجوا بها. وكذلك أكثرها نحكيه من قول المحتجين له والذاكرين يزعمهم فضائله ، وإنما هم نوابت نبتوا بعد ذلك (3) ، وجاءوا بزخرف القول يبتغون به دنيا من زخرفوه له : من بني أميّة ، ومن تولاهم رغبة في دنياهم.

ولو كانت هذه الحجج (4) قد احتج بها معاوية ، أو أحد من أصحابه

ص: 108


1- يشير الى الصحابيّ الكبير عمّار بن ياسر رحمة اللّه عليه.
2- ما بين القوسين زيادة من نسخة - ج - لم تكن في الأصل. وكذا - أ - و - د -.
3- وفي نسخة - أ - : وإنما هم تواسوا بذلك.
4- وفي نسخة - ج - : هذه الحجة.

لذكرت في أخبارهم ، فلم نردها مذكورة في شيء منها (1) ولكني اثبتها في هذا الكتاب ونقضتها لئلاّ يلتبس الحق بالباطل على من سمعها ممّن يقصر فهمه ، ويقل تمييزه ، وباللّه أستعين على مادة وليه وفي ذلك أعول ، ولا حول ولا قوة إلا باللّه ( العلي العظيم ) (2).

وقالوا : خال المؤمنين (3) ، لأنه أخو رملة (4) بنت أبي سفيان زوج النبي صلی اللّه علیه و آله ، ولقول اللّه عزّ وجلّ : ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ ) (5) فتركوا أن ينزعوا بهذه الآية فيما نزع به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من ولاية علي علیه السلام في قوله : ألست أولى بكم منكم بأنفسكم؟ لقول اللّه عزّ وجلّ : ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) . فقالوا : اللّهمّ نعم. قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه. فنزعوا بها فيما لا يوجب شيئا ممّا ذكروه (6) لأن قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ ) . إنما أوجب به تحريم نكاحهن على غيره ، كما قال جلّ من قائل : ( وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً ) (7).

ص: 109


1- ولا يخفى انها مذكورة في كتاب مناقب معاوية المخطوطة في مكتبة الحرم المكي.
2- ما بين القوسين زيادة من نسخة - أ -.
3- واول من سماه بهذا الاسم عمرو بن أوس في قصة طويلة ، راجع وقعة صفين : ص 518.
4- هكذا في نسخة - أ - وفي نسختي الأصل و - ج - ميمونة بنت أبي سفيان وهو غلط لان ميمونة بنت الحارث ، والاصح ما نقلناه ، وكنيتها أم حبيبة. وكانت تحت عبيد اللّه بن جحش الأسدي ، فهاجر بها الى الحبشة وتنصر بها ، ومات هناك ، فتزوجها رسول اللّه بعده. ( راجع اعلام الورى : ص 141 ).
5- الأحزاب : 6.
6- وفي نسخة - ج - : لما ذكره.
7- الأحزاب : 53.

وما علمنا أن أحدا من قرابة أزواج النبي صلی اللّه علیه و آله ادعى بذلك فضيلة لنفسه ، ولا تسبب به ، بذكر قرابة للمؤمنين إذ لم يرد اللّه عزّ وجلّ بذلك القرابة ولا النسب فتستحقه أقاربهن ، ولا استحققن ( بذلك ) (1) ميراثا من المؤمنين ، ولا حجبن به أحدا عن ميراث كما تحجب الام (2) ، وقد قال اللّه عزّ وجلّ : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) (3). فلم يتقرب بعضهم الى بعض تقرب القرابة بالأنساب ولا تقرب غيرهم بهم ممن ليس من أهل الإيمان ، وقد كان لأزواج النبي صلی اللّه علیه و آله قرابات من المسلمين ومن المشركين ، فما تقرب أحد منهم ولا تقرب له بهذه القرابة ، ولا قال أحد إن أبا بكر ولا عمر ولا أبا سفيان أجداد المؤمنين (4) ولا عبد اللّه بن عمر ولا يزيد بن أبي سفيان ولا محمّد بن أبي بكر أخوال المؤمنين ، ولا غيرهم من أقارب أزواج النبي صلی اللّه علیه و آله ممن علمناه تقرب الى المؤمنين بقرابته منهن.

وهذا القول من قائليه (5) سخف وضعف ، وما لا يوجب فضيلة لمن أراد أن يجعلها له به ، ولو كانت فضيلة لعدت لغيره من أمثاله ولأبيه ولأخيه من قبله ، ولأبي بكر ولعمر وغيرهم من قرابات أزواج النبي صلی اللّه علیه و آله ، ولا نعلم أحدا نسب أحدا منهم الى ذلك غير من نسب معاوية إليه لافتقاره الى ما يوجب الفضل وعدمه وذلك.

ص: 110


1- ما بين القوسين زيادة من نسخة - أ -.
2- الطبقات التالية من الارث مثل الاخوة والأعمام.
3- الحجرات : 10.
4- من جهة بنتيهما : عائشة ، وحفصة. أو أن حي بن أخطب اليهودي جدّ المؤمنين ، وان بنات أبي سفيان وأبي بكر وعمر كيف تزوجن بأبناء اخواتهن. ان هذا واللّه لهو التلاعب بكتاب اللّه وأحكامه.
5- وفي نسخة الأصل : من قائله.

وقالوا : كان معاوية كاتب الوحي ، وقد كتب الوحي لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - وهو ما كان ينزل عليه من القرآن - جماعة ممن كان يومئذ يحسن الكتابة ، وكانوا قليلا (1) كعلي علیه السلام ، وقد كان يكتب ذلك وكتب ذلك قبل معاوية عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح ، ثم ارتد كافرا ، ولحق بمكة (2) قبل الفتح ، ونذر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله دمه يوم فتح مكة. وقد ذكرنا فيما تقدم خبره (3) واستنقاذ عثمان بن عفان إياه.

وما علمنا أحدا جعل كتابة الوحي فضيلة يتوسل بها الى أن يكون إماما بذلك ، والناس يكتبون القرآن الى اليوم. والتماس مثل هذا لمن يراد تفضيله ممّا يبيّن تخلفه عن الفضائل (4).

ص: 111


1- منهم زيد بن ارقم وزيد بن ثابت وحنظلة بن الربيع وعبد اللّه بن حنظل.
2- وفي نسخة - ج - : ولحق بمعاوية.
3- في الجزء الثالث. فراجع.
4- هذا وقال المدائني : كان زيد بن ثابت يكتب الوحي ، وكان معاوية يكتب للنبي صلی اللّه علیه و آله فيما بينه وبين العرب. وقال السيد محمّد بن عقيل في النصائح : اما كتابة معاوية للوحي والتنزيل فلم تصلح ، ومن ادعى ذلك فليثبت أية نزلت فكتبها معاوية ، اللّهم إلا أن يأتينا بالحديث الموضوع انه كتب آية الكرسي بقلم من ذهب جاء به جبرائيل هدية لمعاوية من فوق العرش نعوذ باللّه من الفرية على اللّه وعلى أمينه وعلى رسوله. ذلك وأيم اللّه العار والشنار ( قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ ) .

[ طلب الدم وسيلة ]

اشارة

وأما تسبب معاوية الى الخلاف على علي علیه السلام ومناصبته له لما عزله من (1) العمل الذي كان عليه ، وانتحاله الطلب بزعمه بدم عثمان امتثالا منه لما سبق به من ذلك طلحة والزبير ، إذ لم يجدوا شيئا يتوسلون به الى القيام بأنفسهم يوجب عند العامة لهم ما أرادوا التوثب عليه بالتغلب من أمر الامة ، فجعلوا القيام بدم عثمان سببا لذلك.

فقد ذكرنا ما لم يختلف فيه الناس من قيام المهاجرين والأنصار وسائر المسلمين على عثمان في إحداثه ، وما أرادوه منه من الرجوع عما كان منه ، أو الاعتزال ، فأبى عليهم. فأجمعوا (2) عليه بين خاذل وقاتل. وقد ذكرنا خبره (3) ، وما كان من جواب من كان مع علي علیه السلام لأهل الشام لما قالوا : ادفعوا إلينا قتلة عثمان. فقالوا - بلسان واحد - : كلنا قتلته. وهم مائة الف أو يزيدون.

ولو كان الأمر الى الطلب بدم عثمان لكان ذلك إنما يكون لأولاده ، فقد خلف أولادا ، وأعقابهم الى اليوم كثيرة. وما علمنا أن أحدا منهم طلب بدمه ، ولو طلبوا لما جاز لهم أن يطلبوه إلا عند إمام المسلمين ، أو من أقامه

ص: 112


1- هكذا في نسخة - أ - وفي الأصل : عن.
2- وفي نسخة - ج - : وأجمعوا.
3- في الجزء الخامس ، فراجع.

الإمام لتنفيذ الأحكام في القود والقصاص. فأما طلب معاوية بذلك وأهل الشام فليسوا بأولياء الدم ، ولا ممن يستحق الطلب به والقيام فيه ولذلك أعرض عنهم علي صلوات اللّه عليه ، كما أن طالبا لو طلب عند حاكم من الحكام ما ليس له ؛ لم يكن لقوله جواب عنده.

ولو كان المدعى عليهم دم عثمان قوم معروفون ممن كان مع علي علیه السلام ، ووجب عليهم القصاص ، فما جاز أن يدفعوا الى معاوية وأهل الشام ، وليسوا بأولياء الدم ، ولا ممن يجوز لهم القود ، أو العفو ، أو أخذ الدية ، ولأنهم مع ذلك غير مأمونين عليهم لو دفعوا إليهم.

ولو كان معاوية وأهل الشام أولياء للطلب بدم عثمان - كما زعموا - لم يكن لهم أن ينصبوا الحرب لإمام المسلمين قبل أن يطلبوا بحقهم عنده ، ويخاصموا إليه من ادعوا ذلك عليه. ثم يقولون له : إن لم تدفع إلينا من اتهمناه بدم ولينا قاتلناك ، وقتلناك إن قدرنا عليك ، ومن قدرنا عليه من أصحابك (1).

هذا هو الخروج والبغي على الأئمة وأهل الحق بعينه ، وليس سبيله سبيل الطلب بالحقوق. فإظهار معاوية وأصحابه الطلب والقيام بدم عثمان فاسد ومحال من جميع الجهات ، وفي كل المقالات ، ولم يكن معاوية يومئذ يدعي الإمامة ولا يدعها أحد له ممن كان معه ، ولا تسمى أمير المؤمنين إلا بعد أن تغلب على ظاهر أمر الحسن علیه السلام بعد أن قتل علي علیه السلام ، ولم ينته إلينا ولا سمعنا أن أحدا من أولياء دم عثمان قام عند معاوية فيه بعد تغلبه. ولا أنه أقاد أحدا منهم - من أحد ممن اتهم بقتله - بل قد أعولت ابنته - عائشة - لما دخل داره بالمدينة في حين تغلبه ، وذكرت مصاب أبيها.

ص: 113


1- وفي نسخة - أ - : عليه منكم.

فقال لها : يا ابنة أخي إن هؤلاء أعطونا سلطانا ، فأعطينا لهم أمانا ، وأظهرنا لهم حلما تحته غضب ، وأظهروا لنا طاعة تحتها حقد ، وابتعنا منهم هذا بهذا ، ومعهم سيوفهم ، وهم يرون مكان شيعتهم ، فإن نكثنا بهم نكثوا بنا ، ولا ندري أعلينا تكون الدائرة أم لنا ، ( ولئن تكوني بنت عم أمير المؤمنين ) (1) خير لك من أن تكوني امرأة من عرض الناس.

فهلا أعداها (2) على قتلة أبيها الذين قام عليهم ( قبيلة ) (3) بالأمس بدمه؟ أو قال لها : اطلبي بحقك واحضري خصمائك. وهلا طلب هو بذلك إن كان ولي الدم - كما زعم - وليس بوليه بإجماع الامة؟ ولو عفا عنه ولد عثمان ، لما كان له ولغيره أن يطلب به ، وكذلك إذا لم يطلبوا لم يجز الطلب لغيرهم.

وهذا قول جميع أهل القبلة في الطلب بالدم ، وقد قال اللّه عزّ من قائل : ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً ) (4). يعني يطلب عنده بحقه (5) ، فيبلغه الواجب له ، ولم يجعل للناس أن يقتصوا ويحكموا لأنفسهم ، ولا أن يأخذوا حقوقهم ممن كانت عليه عنوة بأيديهم ، ولا أن يطلب بذلك لهم غيرهم ممن لم يوكلوه لطلبه ، ولا أن يحكم لهم في ذلك إلا من جعل اللّه عزّ وجلّ الحكم إليه ، وهذا الذي لا يجوز غيره ، ولا يجزي الأحكام إلا به.

[ أقوى حجة عند الامويين ]

فالوجوه محيطة بفساد دعوى معاوية وغيره ممن ادعى دم عثمان والقيام

ص: 114


1- وفي نسخة الاصل : ولا تكوني بنت أمير المؤمنين.
2- اعداها : حثها.
3- ما بين القوسين زيادة من نسخة - ج و - أ -.
4- الإسراء : 33.
5- من القصاص وهو القتل ، أو الدية ، أو العفو.

فيه فضلا عن سفك الدماء ، وقتال المسلمين ، وإمامهم ، وقتلهم دون ذلك ، وما شك ذو عقل ولا تمييز علم أمر معاوية وما كان منه في ذلك أن مدافعته وقتاله علي بن أبي طالب علیه السلام ومن معه إنما كان دون أن يعتزل له إذا أعزله.

وممّا يؤيد ذلك ما رووه عنه أنه احتج على علي إذ أراد عزله ، واحتج به له غيره من بعده إذ رأى أنه من حجته بزعمه أن قال :

هذا موضع وضعني (1) به عمر بن الخطاب ولم يعزلني منه مذ ولاني إياه. وكان لا يدع أميرا إلا استبدل به أو غضب عليه لبعض ما يكون منه ، وربما أمر بإشخاصه إليه ، ولم يغضب عليّ مذ رضي عني ، ولا عزلني بعد إذ ولاني. ثم جمع إليّ الأرباع بعد أن قد كان ولاني ربعا ، وقوى أمري وثبت وطأتي. ثم أكد ذلك عثمان وشدده وقواه ومكنه ، ثم أمرتني بالاعتزال من غير أن أخون أو أحدثت (2) حدثا ولا أويت محدثا ، وأنت لم تأخذها (3) من جهة التشاور كما أخذها عثمان ، ولا نص عثمان عليك كما نص أبو بكر على عمر ، ولا أجمعت عليك الامة كما أجمعت على أبي بكر. فلم يكن لي أن اسلم إليك علقا في الضرعة (4) كنت تسلمته من أهله في الجماعة ، فإن حاربتني على ما في يدي منعتك منه ، وإن تركتني سلمته الى من يجتمع عليه الناس إن أمروني بتسليمه إليه ، ولي أن أمنعك بالسلاح إن شهرت عليّ السلاح وبالحجة إن طلبته مني بالحجة.

وقيل : إنه قال ، أو قال ذلك من تقوله له :

ص: 115


1- وفي نسخة - ج - : وضعنا.
2- وفي نسخة - أ - : ولا احدث.
3- الضمير إشارة الى الخلافة.
4- وفي الاصل : الفرقة. وفي نسخة - أ - : الضرقة.

احسبوا أن هذا العلق الذي صار في يدي كان لقطة التقطتها ثم طلبها مني علي ، وزعم أنها له ، أليس لي أن أمنعه منها ، حتى يتبين أنها له بعلامة أو دلالة؟ فإن قاتلني على ذلك قاتلته ، وإن كفّ عني حتى يتبين لي ذلك كففت عنه ، وأنا في منعي إياه إياها (1) محق ، وهو في طلب أخذها مني قبل البيان مبطل.

فهذه آكد حجة لمعاوية عند السفيانية وعند من تسبب بأسبابهم من المروانية (2) ، وقلّ من يعرفها منهم ، ومن عرف من حجة خصمه ما لا يعرفه الخصم من حجته ، كان أجدر بأن يكون أقوم بالحجة منه. ومن ضرب عن حجة خصمه عند الاحتجاج عليه كان جديرا بأن يجد من يقوم بها عليه.

وهذه الحجج وما قدمنا قبلها مما وضعه من أراد التقرب به الى المتغلبين من آل أبي سفيان ، وآل مروان ، يدل على ذلك ويبينه ، أنها لم تذكر في شيء من أخبار صفين ، ولا فيما جرى بين علي علیه السلام وبين معاوية. وقد صنف ذلك أهل الأهواء للفريقين وأهل الصدق في نقلهم ، وترك الميل في ذلك الى أحد دون أحد وهبه ، قال ذلك واحتج به فحججه بذلك أدحض وأفسد من أن يعبأ بها ، ويلتفت إليها. والحق بحمد اللّه معنا يدمغها ويدحضها ، ويبين لمن نظر بعين الإنصاف عوارها.

فأما قوله : إن عمر كان ولاه ولم يعزله ولا غضب عليه ، وإن عثمان

ص: 116


1- بمعنى : انا في منعي عليا علیه السلام ولاية الشام.
2- ولله در الشيخ الحفظي حيث يقول : وما جري فقد مضى وإنما *** يا ويل من والى لمن قد طلبا وكل من يسكت أو يلبس *** ومن لعذر فاسد يلتمس فذاك مفتون بكل حال *** قد خسر الربح ورأس المال واستبدل الأذى بكل خير *** وباع دينه بدنيا الغير

أقره على ما كان في يده وأكد ذلك له ، وإن ذلك مما رأى أنه لا ينبغي لعلي علیه السلام أن يزيله عنه.

فلو شئنا أن نقول في تولية من ولاه وإثبات من أثبته لقلنا ، ولكن لا أقل من أن يكون ما قال من توليته وإثباته وأن ذلك بحق واجب كما ذكر له أن يلي ما ولي عليه ويثبت فيما أثبت فيه ، فهل بين المسلمين اختلاف أن لمن ولاه أن يعزله ، وأنه إن عزله لم يكن له أن يعترض عليه في ذلك ، ولا أن يمتنع من العزل ، بأن يقول كما قال معاوية : إنه لم يحدث حدثا ولا آوى محدثا.

فإن أقرّ بذلك من احتج بهذه الحجة له قيل له : أو ليس ذلك كذلك يجب لمن ولي الأمر بعد الذي ولاه. والذي أثبته كما فعل ذلك أبو بكر وعمر وعثمان في توليتهم كثيرا ممن ولوه ، إذا أرادوا توليته ، وعزلهم لما أرادوا عزله. وولاه بعضهم وعزله من بعدهم لأنه إذا كان للأول أن يعزل من ولاه وارتضاه إذا رأى عزله كان ذلك أجوز لمن بعده إذا كان لم يرضه.

وهذا ممّا لا اختلاف فيه - فيما أعلمه - بينهم ، لأنه كثير موجود فيهم ، ولو ذكرنا من ولوه وعزلوه لطال ذكرهم ، وهو ما لا فائدة في ذكره لإجماعهم عليه ، ولكننا نذكر طرفا منه ليسمعه من قد لعله خفي ذلك عنه.

ص: 117

[ سعد بن أبي وقاص ]

اشارة

وقد كان سعد بن أبي وقاص من قريش - هو سعد بن مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب - يجتمع مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعد أربعة آباء.

وكان سعد هذا فيما رووه أحد العشرة الذين شهد لهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالجنة ، ودعا له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال : اللّهمّ أجب دعوته وسدد رميته ، وكان منه أرمى الناس.

وكان على الناس يوم القادسية (1) فدعا على رجل ، فقال : اللّهمّ اكفنا يده ولسانه. فقطعت يده واخرس لسانه ، لدعاء النبي صلی اللّه علیه و آله ، بأن يستجيب اللّه عزّ وجلّ دعوته.

وقد ذكرت فيما تقدم أنه تخلف عن الخروج مع علي علیه السلام لعذر - إذ ليس مثله يتخلف عنه إلا لذلك - ، وأن معاوية قال له بعد ذلك بالمدينة : أنت يا سعد الذي لم تعرف حقنا من باطل غيرنا فتكون معنا أو علينا.

فقال له - فيما جرى بينهما - : أما إذا أبيت ، فإني سمعت رسول اللّه صلّى

ص: 118


1- موضع من ارض العراق وقع فيه حرب المسلمين مع المجوس ، وكان النصر للمسلمين على دولة كسرى.

اللّه عليه وآله يقول لعلي علیه السلام : أنت مع الحق ، والحق معك.

فكذبه معاوية في ذلك وتواعده ، إن لم يأت بمن سمع ذلك معه ، واستشهد بام سلمة رضوان اللّه عليها.

فقالت : نعم ، في بيتي قال ذلك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

وقد ذكرت الخبر بتمامه فيما تقدم (1).

وكان سعد من أفاضل الصحابة عندهم ، وكان أحد الستة الذين أقامهم عمر للشورى ، واستعمله عمر على الكوفة ، ثم عزله ، ورضيه للخلافة.

واستعمله بعد ذلك عثمان على الكوفة ، ثمّ عزله عنها.

[ الوليد بن عقبة ]

وولي مكانه الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أميّة (2).

وكان أميّة بن عبد شمس (3) - فيما ذكر الكلبي - قد خرج الى الشام فوقع على أمة للخم (4) يهودية من أهل صفورية ، ولها زوج يهودي من أهل الصفورية ، فولدت ولدا سمي ذكوان ، فادعاه أمية ، وأخذه من أمه. وسلمه زوجها اليهودي الذي كان ولد على فراشه إليه ، وأتى به أمية الى مكة ، وكناه : أبا عمر. ولذلك قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، لما أمر بقتل عقبة بن أبي معيط - هذا الذي استعمله عثمان مكان سعد بن أبي وقاص - لما

ص: 119


1- في الجزء الخامس ، فراجع.
2- أبو وهب ، أخو عثمان لأمه ، رثى عثمانا توفي بالرقة 61 ه.
3- وهو أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي جد الامويين جاهلي ، عاش الى ما بعد مولد النبي صلی اللّه علیه و آله .
4- لخم : حي من اليمن. والصفورية قرية في فلسطين شمال غرب مدينة الناصرة. فيها آثار يونانية ورومانية.

استعطفه بالقرابة. فقال له رسول اللّه :

وأي قرابة لك ، إنما أنت يهودي من أهل صفورية. فقال : فمن للصبية (1)؟

قال : النار.

وكان معه من صبيته الوليد هذا. وهو ممن شهد له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالنار.

وكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قد استعمل الوليد على صدقات بني المصطلق.

وأتى فقال : منعوني الصدقة - وهو كاذب -.

فأمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالسلاح إليهم ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) (2).

وقد وقع بينه وبين علي صلوات اللّه عليه كلام. فقال : لأنا ارد للكتيبة ، واضرب لهامة (3) البطل المشيح منك. فأنزل اللّه عزّ وجلّ فيها : ( أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً ) الآية (4).

وكان الوليد هذا أخا عثمان لامه (5) ، وكان جده - أبو عمر - قد تزوج

ص: 120


1- أي للبنين. وبنوه يومئذ : الوليد وعمارة وخالد وهشام.
2- الحجرات : 6.
3- وفي نسخة - ب - : نهامة.
4- السجدة : 18. وبهذا الصدد يقول حسان بن ثابت : أنزل اللّه في الكتاب عزيز *** في على وفي الوليد قرآنا فتبوأ الوليد من ذاك فسقا *** وعلي مبوأ ايمانا ليس من كان مؤمنا عرف اللّه *** كمن كان فاسقا خوانا فعلي يلقى لدى اللّه عزا *** ووليد يلقى هناك هوانا سوف يجزى الوليد خزيا ونارا *** وعلي لا شك يجزى جنانا
5- أم عثمان أوى بنت كريز بن حبيب.

امرأة أبيه من بعده في الجاهلية. وكان الوليد مع هذا العرق الخبيث والأصل السوء ، وما أنزل اللّه عزّ وجلّ فيه ، وأنه من أهل النار ، وشهادة النبي صلی اللّه علیه و آله بالنار ، من سوء الحال بحيث لا يخفى حاله.

ولما ولاه عثمان الكوفة صلّى بالناس - وهو سكران - فلما سلّم التفت إليهم ، وقال : ازيدكم؟ (1) وشهد بذلك عليه عند عثمان ، فلم يجد بدا من عزله.

[ نعود الى الجواب ]

فهذا الوليد بهذا الحال قد عزل عثمان به سعد بن أبي وقاص على ما ذكرنا من حاله. فما امتنع سعد من أن يعتزل ، ولا قال لعثمان ، ولا لعمر قبله - إذ عزلاه - : لم تعزلاني؟ وما أحدثت حدثا ، ولا آويت محدثا ، كما قال معاوية ، أو تقول ذلك له ، ولا امتنع ، ولا كان أكثر ما قال في ذلك. إلا أنه لما قدم عليه الوليد بن عقبة عاملا مكانه وجاء بعزله ، قال له : ليت شعري اكست بعدنا أم حمقنا بعدك.

فقال له الوليد : يا أبا إسحاق ، ما كسنا ولا حمقنا ، ولكن القوم استاثروها.

فهذا فعل عثمان الذي يذكر معاوية أنه إمامه ومولاه ، فكان أولى به أن يقتدي بفعله ، ولا يحتج بشيء يخالفه فيه.

وأما قوله : إن عليا صلوات اللّه عليه لم يأخذ الخلافة من جهة التشاور

ص: 121


1- وفيه يقول الخطيئة : تكلم في الصلاة وزاد فيها *** علانية وجاهر بالنفاق ومجّ الخمر في سنن المصلي *** ونادى والجميع الى افتراق ازيدكم على أن تحمدوني *** فما لكم ومالي من خلاق

كما أخذها عثمان ، ولا نصّ عليه عثمان كما نصّ أبو بكر على عمر ، ولا اجتمعت الامة عليه كما اجتمعوا على أبي بكر.

فالإمامة فريضة من اللّه عزّ وجلّ افترضها على عباده ، وأمرهم بطاعة من افترضها له من ائمة دينه كما افترض عليهم طاعته وطاعة رسوله صلی اللّه علیه و آله ، ووصل هذه الطاعات الثلاث بعضها ببعض ، فقال جلّ من قائل : ( أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (1). ولم يفوض الطاعة إليهم فيقول لهم : أطيعوا من شئتم فيكون لهم أن ينصبوا إماما لأنفسهم يطيعونه ، وأن يقيموا نبيا أو الها من دونه ، ولكنهم إنما تعبّدوا بطاعة من اصطفاه عليهم ، وأقامه لهم من رسله ، فقال سبحانه : ( اللّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ ) (2) ، وقال سبحانه : ( إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) (3). وقال لإبراهيم : ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (4) ولم يكن النبي صلی اللّه علیه و آله جعل للناس في حياته أن يولوا عليهم واليا ، ولا أن يؤمّروا على أنفسهم أميرا ، بل كان هو في أيام حياته الذي يؤمّر عليهم الأمراء ، ويولي الولاة ، وطاعته واجبة على العباد في حياته وبعد وفاته ، وسنّته متبعة من بعده كما كانت متبعه في وقته ، وقد أمّر عليهم عليا علیه السلام وأخذ عليهم بيعته في غير موطن ، كما ذكرنا ذلك وبيناه في هذا الكتاب (5) ، فكان علي صلوات اللّه عليه إمام الامة بنص رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله والتوقيف عليه كما يجب أن تكون كذلك الإمامة لا كما زعم هذا القائل : إنها تكون باختيار الناس وإجماعهم كما زعم أنهم أجمعوا على أبي بكر وما أجمعوا عليه كما قال :

ص: 122


1- النساء : 59.
2- الحج : 75.
3- البقرة : 30.
4- البقرة : 124.
5- وفي نسخة - د - : في ذلك الكتاب.

ولا عقد له ذلك إلا نفر منهم ، وهذا ما لا يدفع ولا ينكر.

ولو لم تجب الإمامة للإمام حتى يجتمع الناس عليه ، ما أجمعوا على إنسان أبدا.

وإن كانت كما زعم إنما تجب باجماع الناس ، فلم أقام أبو بكر عمر دونهم ، وأنكروا عليه إقامته ، فلم يلتفت الى إنكارهم إذ اجتمعوا إليه ، فقالوا : نناشدك اللّه أن تولي علينا رجلا فظا غليظا.

فقال : أبا لله تخوفونني! أقعدوني.

فأقعدوه.

فقال : نعم إذا لقيت اللّه عزّ وجلّ ، قلت له : إني قد وليت عليهم خير أهلك.

فإن كانت الإمامة لا تجب إلا بإجماع الناس ، فقد أخطأ أبو بكر في توليته عمر عليهم ، وهم له كارهون ، وعمر في ولايته عليهم وهم عليه غير مجتمعين.

وفي اقتصار عمر بها على ستة من بعده جعلهم فيها يتشاورون دون جميع المسلمين. فلا هو اقتدى بفعلهم في أبي بكر ، ليجمعوا كما زعم هذا القائل على من رأوه ، ولا هو نصّ على رجل بعينه كما نصّ أبو بكر عليه.

والإمامة فريضة من فرائض الدين وليس للناس أن يحيلوا فريضة من فرائض دينهم ، ولا أن يزيدوا فيها ولا أن ينقصوا منها ، فالاستحالة إنما كانت في عقد الإمامة من قبل من جعلهم هذا القائل حجة لنفسه بزعمه ، وأخذ علي علیه السلام الإمامة إنما كان من الذي أوجب اللّه عزّ وجلّ أخذها منه عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

وقد تقرر (1) القول فيما تقدم من هذا الكتاب بذكر ذلك وما يؤيده

ص: 123


1- وفي الأصل : وقد تكرر.

ويشهد له ويثبته (1) ويؤكد صحته.

وأما قوله : إنه لم يكن له أن يسلّم إليه علقا (2) في الفرقة كان تسلّمه من أهله في الجماعة.

[ الجماعة ]

فالجماعة في المتعارف في اللغة : قوم مجتمعون على أمر ما كان. فإن اجتمعوا على حق كانت جماعتهم جماعة محمودة ، وإن اجتمعوا على باطل كانت جماعتهم جماعة مذمومة.

والقول في الجماعة والاجتماع يخرج من حدّ هذا الكتاب ، وقد أثبتنا منه صدرا كافيا في كتاب اختلاف اصول المذاهب ، فمن أثر علم ذلك وجده فيه إلا أنا نذكر في هذا الكتاب طرفا منه يكتفي به إن شاء اللّه تعالى.

وذلك إنا إنما وجدنا ذكر الجماعة يجرئ مع قولهم أهل السنّة والجماعة. فالسنّة : سنّة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . والجماعة المحمودة : هي الجماعة المجتمعة عليها وعلى القول بكتاب اللّه عزّ وجلّ ، وبما جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، كما كانت الجماعة التي كانت كذلك مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله تتبعه وتأخذ عنه ولا تفارقه ، هي الجماعة المحمودة. والمفارقون له ، وإن اجتمعوا وكثروا ، فليسوا بجماعة محمودة. وعلى ذلك تكون الجماعات من بعده ، وقد جاء عنه صلی اللّه علیه و آله أنه قال : افترق بنو إسرائيل على اثنين وسبعين فرقة ، وستفترق امتي (3) على ثلاث وسبعين فرقة ، فرقة واحدة ناجية وسائرها هالكة في النار.

ص: 124


1- وفي نسخة - أ - : يبينه.
2- العلق : الشيء النفيس.
3- وفي نسخة - ج - : على امتي.

قيل : يا رسول اللّه ، ومن الفرقة الناجية؟

قال : أهل السنّة والجماعة.

قيل : ومن أهل السنّة والجماعة؟

قال : الذين هم على ما أنا اليوم عليه وأصحابي (1).

وقد ذكرت أن الذي كان عليه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأصحابه ، إنه لم يكن يتقدم عليهم ، ولا يتأمر عليهم إلا من قدمه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأمّره ، وهذا ما لا اختلاف فيه بين المسلمين أعلمه. فأصحاب السنّة والجماعة بعده كذلك من اتبع من قدمه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وأمن عليهم ، وإن قلّ عددهم ، ومن خالف في ذلك سنّته ، وقدم من لم يقدمه ، وأمرّ من لم يؤمره ، فليسوا من أهل السنّة والجماعة المحمودة وهم أهل جماعة مذمومة.

وقد سئل علي صلوات اللّه عليه من أهل السنّة ، ومن أهل الجماعة ، ومن أهل البدعة؟

فقال : أما أهل السنّة فالمستمسكون بما سنّه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وان قلوا ، وأما أهل الجماعة فأنا ومن اتبعني وإن قلّوا (2) ، وأما أهل

ص: 125


1- رواه الترمذي وحسنه الالباني في صحيح الجامع : 5219.
2- ونعم ما قاله الشافعي رحمه اللّه : ولما رأيت الناس قد ذهبت بهم *** مذاهبهم في أبحر الغي والجهل ركبت على اسم اللّه في سفن النجا *** وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل وأمسكت حبل اللّه وهو ولاؤهم *** كما قد أمرنا بالتمسك بالحبل إذا افترقت في الدين سبعون فرقة *** ونيف كما جاء في محكم النقل ولم يك ناج منهم غير فرقة *** فقل لي بها يا ذا الرجاحة والعقل أفي الفرق الهلاك آل محمّد؟! *** أم الفرقة اللاتي نجت منهم قل لي فإن قلت في الناجين فالقول واحد *** وإن قلت في الهلاك حفت عن العدل إذا كان مولى القوم منهم فإنني *** رضيت بهم لا زال في ظلهم ظلي فخلّ عليا لي إماما ونسله *** وأنت من الباقين في اوسع الحل

البدعة فالمخالفون لأمر اللّه عزّ وجلّ وكتابه ورسوله والعاملون بآرائهم ، وأهوائهم في دينه.

المبتدعون ما لم يأت عن اللّه تعالى ولا عن رسول صلی اللّه علیه و آله ، وليس يقع اسم الجماعة على قوم مختلفين في دينهم ، وأحكامهم ، وحلالهم ، وحرامهم يقول كل واحد منهم في ذلك برأيه ، حتى يجتمعوا على ما في كتاب اللّه عزّ وجلّ وسنّة رسوله صلی اللّه علیه و آله .

فالجماعة المحمودة إنما هي جماعة الحق التي اجتمعت عليه ، والحق جامعها وعلتها. فمن كان عليه فهو من الجماعة المحمودة ولو لم يكن إلا واحدا.

وقد جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه قال للمؤمن : المؤمن وحده جماعة.

وقال اللّه عزّ وجلّ : ( إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً ) (1).

وقد جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه قال - في غير واحد ذكره - : يبعث يوم القيامة امة وحده ، فليس ينقض صاحب الحق ولا يضعه (2) عن درجته افتراق الناس عنه ولا يزيده في ذلك اجتماعهم عليه.

[ تقديم المفضول على الفاضل ]

وقد جاء عن بعض المتكلمين ، أنه قال - في أهل الفضل الذي تكلمنا عليه بعينه - : أكثر الناس يغلطون في حكم الإجماع في هذا المكان ويلحقون

ص: 126


1- النحل : 120.
2- وفي نسخة - ج - : ولا يدعه.

بغير شكله ، ويقول : إن الناس إنما اجتمعوا على تفضيل الفاضل لفضيلة وجدوها فيه.

فالاجتماع تبع الفضيلة الموجودة ، وليست الفضيلة تبعا للإجماع الذي كان منهم.

واذا كان الفضل في الفاضل موجودا فعليهم الإجماع عليه ، فإن اختلفوا فلا يبعد اللّه إلا من ظلم وخالف الحق ، والحق حق الفاضل ولن يصل إليه مع ضعف الموافق ، وقوة المخالف ، فإن وافق صاحب الحق إجماعا عليه ، فعليه الشكر ، والحق حقه. وإن وافق اختلافا فعليه الصبر ، والحق حقه.

وقد كان فضل علي علیه السلام ظاهرا مكشوفا وبينا معروفا ، ونصّ الرسول عليه مذكورا ، والخبر بذلك معروفا مشهورا ، فمن أجمع عليه فقد أصاب حظّه ، وأخطأ المخالف له وحرّم رشده ، وقد أصابه ذلك علیه السلام فصير لما اختلفوا فيه ، وقلّ ناصروه ، وتابعوه ، وشكر لما أجمع منهم عليه ونصروه. وقام لما وجد الى القيام سبيلا على من خالفه كما يجب ذلك عليه. وكان ثوابه على البلاء والصبر كثوابه على العطاء والشكر. وليس إنما يجب الحق ويكون أحق بالإجماع عليه ، ولكن الحق حق. وعلى الناس أن يجمعوا عليه ، ولا يعيده باطلا إن اختلفوا فيه ، ولم يقبل أحد منهم عليه ، بل الباطل يلزم من فارقه ، وهو نقيضه وضده. ولو كان الحق إنما يكون حقا بالإجماع لكان الباطل أولى أن يكون حقا لأن أكثر الناس قد أجمعوا عليه ، وقد ذكر اللّه عزّ وجلّ ذلك في غير موضع من كتابه ، فقال تعالى : ( وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ) (1) وقال تعالى :

( وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) (2). ( وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ) (3) وقال تعالى :

ص: 127


1- يوسف : 103.
2- الانعام : 37.
3- الانعام : 111.

( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ ) (1).

فهذه جملة من القول في الإجماع والجماعة ، والرد على ما قاله معاوية ، وتقول له بما لا يخفى الحق فيه على من وفق لفهمه وما فيه كفاية من كثير مثله ، واللّه يهدي من يشاء الى صراط مستقيم.

ص: 128


1- ص : 24.

[ حجة الخوارج ]

اشارة

وأما ما احتجت فيه الخوارج في مفارقتها (1) عليا علیه السلام ومحاربته ، فقد ذكرت فيما تقدم عنه صلوات اللّه عليه وعنهم وعمن حكى قولهم ، أنهم إنما نقموا عليه تحكيمه الحكمين.

وقالوا : إن بيعته كانت هدى ، وإنها أكد وأصلح من كل بيعة تقدمتها ، كان الناس أتوه لها طوعا راغبين في بيعته ، مسارعين إليها.

وإن طلحة والزبير نكثا عليه وبغيا ، وكان في قتالهما مصيبا موفقا.

وفي قتال معاوية الى أن حكم الحكمين.

قالوا : فأخطأ في ذلك إذ حكم في دماء المسلمين وفي نفسه عمرو بن العاص ، وهو ممن لا يجوز شهادته ، فكيف حكمه.

وقالوا : وتحكيمه شك في أمره ، فإن كان كذلك ، فلم قاتل وقتل من قتل على الشك ، وإن لم يكن في شك من أمره ، فالتحكيم غير واجب فيما لا شك فيه.

قالوا : وإن كنا نحن وغيرنا من أصحابه قد رأينا ذلك التحكيم لما رفع معاوية وأصحابه المصاحف وأطبقنا في ذلك عليه ، فلم يكن له أن يرجع

ص: 129


1- وفي نسخة - ج - : مفارقها.

إلينا - ونحن على الخطأ - وكان الواجب عليه أن يمضي على ما هو عليه من الحق والصواب ، فإذ قد فعل ذلك ، فقد زالت إمامته ، وسقطت طاعته ، ووجب جهاده إن أقام على ذلك ، أو ادعاه ولم يرجع عنه.

فهذه جملة (1) من قول الخوارج في علي علیه السلام .

فيقال لهم : إن عليا علیه السلام لم يكن في شك من أنه على الحق ، ومن معه ، وإن معاوية ومن معه على الباطل. ولا غاب عنه مكرهم في رفعهم المصاحف ، ولا أن ذلك كان منهم خدعة لما كانت عليهم الدائرة ، وفيهم الهزيمة ، وقد علم أن المصاحف التي رفعوها يشهد له وبحقه ما فيها ، فلم يقبل علي علیه السلام قولهم ، وأمركم بالجد في قتالهم (2) فأبيتم ذلك وانصرفتم عنه.

وقلتم له : قد دعوا الى الحق الذي كنا ندعوهم إليه ، وأجابوا الى ما سألناهم إياه من الرجوع الى ما في كتاب اللّه عزّ وجلّ ، فلسنا نقاتلهم.

فراجع من قال له ذلك منكم وبصرهم ، فلم يرجعوا الى قوله : ولم يستبصروا ، وهو على قولكم إمام مفترض الطاعة ، فعصيتموه ، وخالفتم ما أمركم به حتى تواعده منكم من تواعده بالقتل ، وبالقبض عليه ودفعه الى معاوية إن تمادى على ما هو فيه ، فيمن كان يقاتل معاوية إذ خذلتموه ، وبمن كان يمتنع عنكم لما به تواعدتموه من أثبت الحكومة التي. أنكرتموه ، وكفرتموه من أحلها. أنتم الذين أكرهتموه عليها ، أم هو الذي أتى منها ما لا حرج عليه فيه ، وما لم يجدوا غيره ، إذ عصيتموه وخالفتم أمره ، فقد دفع

ص: 130


1- وفي نسخة - ج - : فهو جملة من.
2- وفي نسخة - ج - : في قتاله.

الحكومة إذ كان دفعها يمكنه ، وإذ قد علم أنها خدعة ومكيدة من عدوه.

وأجاب إليها إذ لم يجد غير ذلك ولم يمكنه دفعها. وإذ قد علم أنها توجب حقه ، وتثبته على ما شرطه وأكده فيها ، وعلى ما كان دعا القوم إليه من الحكم بكتاب اللّه عزّ وجلّ.

واللّه جلّ من قائل يقول : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) (1) ( فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ) (2) ( فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) (3). وقال تعالى ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ ) (4).

وإنما قدم علي صلوات اللّه عليه من قدمه للحكم على أن يحكم بكتاب اللّه الذي دعوا يومئذ الى الحكم بما فيه ، وقد علم علیه السلام أن كتاب اللّه يشهد له ويشهد على معاوية ، فلو حكما بالكتاب لحكما بامامة علي علیه السلام ، وبعزل معاوية عما عزله عنه.

وهذا هو الذي دعا إليه علي علیه السلام ، وأراده من معاوية.

وأما ما أنكرتم من أن يحكم بذلك عمرو بن العاص ، فهل يكون عمرو بن العاص عندكم أسوأ حالا من النصارى؟ فقد قال اللّه عزّ وجلّ :

( وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فِيهِ ) (5). لأنهم لو حكموا بذلك لدخلوا في الإسلام ، كما أن عمرو بن العاص لو حكم بالكتاب لدخل في إمامة علي صلوات اللّه عليه لان الكتاب يشهد بتفضيل علي صلوات اللّه عليه على معاوية.

قال اللّه عزّ وجلّ ( يَرْفَعِ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ) (6) وقال تعالى : ( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ

ص: 131


1- المائدة : 45.
2- المائدة : 44.
3- المائدة : 47.
4- المائدة : 49.
5- المائدة : 47.
6- المجادلة : 11.

الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا ) (1) وقال تعالى : ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (2). وقال تعالى : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (3).

فعلي علیه السلام أرفع درجة من معاوية في السبق الى الإسلام ، والعلم ، والجهاد ، والنفقة في سبيل اللّه من قبل الفتح ، وأقرب الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وأحق بالخمس من معاوية ، وعلى معاوية أن يعطيه خمس ما غنمه ، وليس له ممّا غنم علي علیه السلام شيء ، مع ما ذكرناه (4) ونذكره في هذا الكتاب من فضائله وما نزل فيه من القرآن ممّا يوجب له الفضل على معاوية وغيره.

وما من فضيلة تذكر لأحد من الصحابة إلا وعلي علیه السلام له مثلها فقد شاركهم كلهم في فضائلهم ، واجتمع فيه ما قد افترق فيهم ، وانفرد بكثير من الفضائل دونهم ، لم يشركه فيها أحد منهم.

ولما أجاب معاوية عليا علیه السلام الى حكم الكتاب ، فقد أجاب الى الدخول في طاعته وأقرّ بإمامته من حيث لا يدري ، وإنما أراد علي صلوات اللّه عليه اجتماع الناس للحكم بكتاب اللّه عزّ وجلّ لتقرير معاوية على إمامته من الكتاب ، إذ فاته قهره بالغلبة بالسيف لاختلاف أصحابه عليه ، لما أدخله معاوية عليهم من الشبهة بالحيلة التي دفع بها الغلبة عن نفسه.

فأراد علي علیه السلام انه يرى من شبه بذلك عليه فساد ما شبه به عليهم ، وليعلموا صحيح حقه من باطل معاوية الذي هو عليه ، وان الذي دعاهم إليه من رفع المصاحف إنما كانت خديعة منه ، ومكرا ، وحيلة.

ص: 132


1- الحديد : 10.
2- الواقعة : 10.
3- الشورى : 23.
4- وفي نسخة - ج - : مع ذكره وذكره.

وقد قال اللّه عزّ وجلّ لمحمّد صلی اللّه علیه و آله لما نازعه المشركون :

( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (1) وقد علم أن المشركين هم الكاذبون.

وهذا من التحاكم الى اللّه عزّ وجلّ وما فيه إنصاف المتنازعين فيما بينهم ، وكذلك قال اللّه تعالى وهو أصدق القائلين ( قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللّهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) (2).

أراد بذلك إنصافهم في ظاهر الأمر ، وهو يعلم أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على الحق.

وكذلك لم يكن علي علیه السلام شك في أمره كما زعمتم ، وإنما أراد تقرير خصمه على ما أنكره من حقه وفضله بكتاب اللّه جلّ ذكره الذي دعا إليه لما أراده من المكر والخديعة بدعائه إليه ، وليعلم ذلك من شبه عليهم به.

فلما ترك الحكم بالكتاب من اقيم لذلك ، وحكم بالهوى دون الكتاب لم يجز حكمه بإجماع ، لأن من وكّل على شيء بعينه لم يكن له أن يتجاوزه الى غيره ، وقد مرّ فيما تقدم ذكر تحكيم اللّه عزّ وجلّ العباد في جزاء الصيد ، وفي شقاق ما بين الزوجين ، وتحكيم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سعدا في بني قريظة مع ما قدمناه (3) أيضا من احتجاج علي علیه السلام واحتجاج عبد اللّه بن عباس عليهم فيما أنكروه من التحكيم ورجوع من رجع منهم لما سمع ذلك الى الحق ، وفي ذلك كفاية لمن وفق لفهمه ، وهدي لرشده.

ص: 133


1- آل عمران : 61.
2- القصص : 49.
3- في أواخر الجزء الخامس ، عدة روايات.

[ بحث حول وثيقة التحكيم ]

وحكاية ما قيل إنه كان في كتاب القضية الذي كتب بين علي علیه السلام وبين معاوية ، واختلف فيه ، ولم يأت برواية صحيحة تثبت بنقلها صحته ، وأثبت ما جاء في ذلك ما أوقف عليه الزهري ، وعلي بن إسحاق ، ولم يلحق واحد منهما زمن ذلك. فلم يكن أيضا ما جاء عنهما من ذلك بثابت.

وطعن فيه لضعف ألفاظه ، وسخافة معانيه ، وأن فيه ما يضارع العجمة.

فقال الطاعنون في ذلك : إن كلام القوم كان معروفا ، وجوهره معلوما ، متى تكلفه (1) مولده لم يستطعه ، وما داخله من كلام غيره عرف فيه.

ونحن نذكر ما رووه من ذلك ، ولا أقل من أن يكون كذلك ، ونبيّن الحجة فيه على ما جاء مرويا عن الزهري وعن محمّد بن إسحاق انهما قالا كانت القضية بين علي علیه السلام وبين معاوية :

بسم اللّه الرحمن الرحيم ، هذا ما تقاضى عليه (2) علي أمير المؤمنين ومعاوية.

فقال معاوية : لو أقررت أنك أمير المؤمنين ما حاربتك ، ولو لا أنك أسن مني ما قدمتك ، فاكتب : هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان ، ودع ذكر أمير المؤمنين.

فأبى علي علیه السلام من أن يدع ذلك مدة من نهار ، ثم سمح بأن يدعه.

فهذا مثل ما دار بين رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوم الحديبية ، وبين

ص: 134


1- وفي نسخة - ج - : تكلف.
2- هكذا في نسخة - ج - وفي الأصل : علي.

مشركي قريش لما قاضاهم ، وكتب الكتاب بينه وبينهم. كتب : هذا ما قاضى عليه محمّد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

فقال المشركون : لو نعلم انك رسول اللّه ما صددناك ، ولكن اكتب - إن شئت - : هذا ما قاضى عليه محمّد بن عبد اللّه.

وكان الذي كتب القضية بين يدي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه.

فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : امح : رسول اللّه ، فاللّه يعلم أني رسوله ، وأكتب : محمّد بن عبد اللّه.

فتوقف علي صلوات اللّه عليه تهيبا لذلك.

فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أرني مكانه؟ فأراه إياه ، فمحاه.

( وقد ذكرنا (1) احتجاج الخوارج على ابن عباس بهذا ، وقولهم : لم محا اسمه من إمرة المؤمنين؟ فاحتج عليهم ابن عباس بما صنعه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من ذلك. وان ذلك لم يمح اسمه من الرسالة ، وكذلك ذلك لم يمح اسم علي علیه السلام من الإمامة ) (2) ، فكتب فيما رووه (3).

[ وثيقة التحكيم ]

هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان. قاضى علي على أهل العراق ومن كان معه من المؤمنين والمسلمين ، وقاضى معاوية على أهل الشام ومن كان معه من المؤمنين والمسلمين ، إنا ننزل عند حكم

ص: 135


1- في الجزء الخامس ، الحديث 1413.
2- ما بين القوسين زيادة من كلام المؤلف ، وليست من الرواية.
3- ورواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين عن عمر بن سعد عن أبي إسحاق عن بريد باختلاف يسير وتقديم وتأخير.

اللّه في كتابه فيما اختلفنا فيه من فاتحته الى خاتمته ، نحيي ما أحياه ونميت ما أمات.

فما وجدنا في كتاب اللّه عزّ وجلّ مسمى أخذنا به ، وما لم نجده في كتاب اللّه مسمى فالسنّة العادلة الجامعة غير المفرقة فيما اختلفنا فيه.

والحكمان ، عبد اللّه بن قيس الأشعري. وعمرو بن العاص.

وأخذ علي ومعاوية على الحكمين عهد اللّه ، وميثاقه للحكمين بما وجدا في كتاب اللّه مسمى ، وما لم يجدا في كتاب اللّه مسمى فالسنّة العادلة الجامعة غير المفرقة.

وأخذ الحكمان من علي بن أبي طالب ، ومعاوية بن أبي سفيان الذي يرضيان من العهد والميثاق ليقبلا ما قضيا به لهما وعليهما من خلع من خلعا منهما ، وتأمير من أمّرا منهما.

وأخذا لأنفسهما من علي ، ومعاوية ، والجندين كليهما الذي ، يرضيانه من العهد والميثاق إنهما مأمونان على أنفسهما وأبدانهما وأموالهما ، والأمة لهما أنصار على ما يقضيان به لهما وعليهما ، وأعوان على من بدّل وغيّر منهما.

وان القضية قد أوجبت بين المؤمنين الأمن ووضع السلاح أينما ساروا ، وكانوا [ آمنين ] على أنفسهم وأهليهم وأموالهم وأرضيهم شاهدهم وغائبهم.

وعلى عبد اللّه بن قيس وعمرو بن العاص عهد اللّه وميثاقه ليقضيان بين الأمة [ بالحق ] ولا يذرانها (1) في الفرقة من الحرب (2) حتى يقضيان.

وآخر أجل القضية بين الناس انسلاخ (3) شهر رمضان ، وإن أحبا أن يعجلا ذلك عجلاه ، وإن أحبا أن يؤخرا ذلك أو رأيا ذلك عن

ص: 136


1- وفي الاصل : لا يذرانهم.
2- وفي نسخة - أ - : في الفرقة والحوب.
3- انسلاخ : نهاية.

تراض منهما أخراه.

وان هلك أحد الحكمين قبل القضاء ، فإن أمير الشيعة والشيعة يختارون مكانه رجلا ، لا يألون في اختياره من أهل المعدلة والاقتصاد.

وأن ميعاد القضية أن يقضيا (1) بمكان يكون بين أهل الكوفة وأهل الحجاز وأهل الشام سواء ، لا يحضرهما فيه إلا من أراد ، وإن أراد أن يكون ذلك بدومة الجندل (2) كان ، وإن رضيا مكانا غيره حيث أحبا فليقضيان.

وعلى علي ومعاوية أن يجمعا على الحكمين. [ ونحن براء من حكم بغير ما نزل اللّه. اللّهمّ إنا نستعينك على من ترك ما في هذه الصحيفة ، وأراد فيها إلحادا وظلما ].

شهد [ على ما في الصحيفة ] عبد اللّه بن عباس وشهد الأشعث بن قيس.

وسعيد بن قيس.

وورقاء بن سمي البكري - ويقال الحارثي -.

وعبد اللّه بن الطفيل البكاوي (3).

ويقال عبد اللّه بن طليق.

ويقال عقبة بن زيد.

ويقال زياد بن كعب.

وحجر بن يزيد الكلبي.

وعبد اللّه بن جحفل العجلي (4).

وعقبة بن زياد المدحجي - أو الأنصاري -.

ص: 137


1- وفي نسخة الاصل : ان يقضي.
2- دومة الجندل بضم اوله وفتحه : بلدة في جوف سرحان.
3- وفي نسخة - أ - : البكاري.
4- وفي نسخة - ج - : العجلي والهمداني عقبة ...

ومالك بن كعب البجلي - أو الهمداني -.

[ وكتب عميرة يوم الاربعاء لثلاث عشرة بقيت من صفر سنة سبع وثلاثين ] (1).

فهذا معنى ما جاء في القضية وما روي عن الزهري ، ومحمّد بن إسحاق فيهما.

وان كان ذلك لا يثبت عند أهل العلم بالحديث ، لأنه مقطوع ، ولكن لا أقل من أن يكون الأمر على مثل ذلك.

فالذي وقع عليه التحكيم وعقدت عليه القضية أن يكون الحكم بكتاب اللّه جلّ ذكره ، وسنّة محمّد رسوله صلی اللّه علیه و آله ، ولو لم يقع الحكم ، وتعقد القضية على ذلك لما وجبت لأن اللّه عزّ وجلّ يقول وهو أصدق القائلين : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ) (2) والظالمون والفاسقون. وقال تعالى : ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ ) (3) فمن حكم بخلاف ذلك لم يجز حكمه.

ووجه آخر : إن التحكيم والقضية إنما عقد بين علي علیه السلام ، وبين معاوية فيما تنازعا فيه من الأمر ، وعلى ذلك حكما الحكمين بأن يتفقا على الحكم فيما تشاجرا فيه ، ويكون حكمها بكتاب اللّه عزّ وجلّ ، وسنّة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

فاتفق أن كان أحد الحكمين وهو عمرو بن العاص من أدهى العرب ، وأشدهم مكرا وحيلة وخديعة ، وهو عدوّ لعلي علیه السلام مباين بعداوته.

ص: 138


1- وقعة صفين : ص 511. ولا يخفى ان نصر بن مزاحم نقل صورة اخرى للوثيقة مفصلة : عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن زيد بن حسن. فراجع ص 504 منه.
2- المائدة : 44.
3- المائدة : 49.

واتفق أن كانت في الآخر وهو أبو موسى الأشعري خلال غلبت عليه استمالته الى ما حاوله عمرو بن العاص من المكر به ، والحيلة عليه ، والخديعة له.

ص: 139

[ مواقف الأشعري ]

اشارة

منها : ما قدمناه ذكره من أن رأيه كان الكفّ والقعود عن الفريقين.

وقد ذكرت أمره أهل الكوفة بالقعود لما جاءهم الحسن علیه السلام . وعمار بن ياسر بكتاب علي علیه السلام .

ومنها : أنه كان شديد الميل والمحبة لعبد اللّه بن عمر ، كما ذكرنا ، وقد آثر التخلف عن علي علیه السلام أولا ، ثم ندم على ذلك آخرا.

وقد ذكرنا ندامته على التخلف عن جهاد أصحاب الجمل و [ أصحاب ] معاوية و [ هم ] أهل الشام وأهل النهروان.

ومنها : أنه كان مائلا عن علي علیه السلام وعن ناحيته (1) ، وأنه كان يميل بعض الميل الى معاوية ، وقد وصفه بذلك علي علیه السلام ، وتقدم القول بذلك عنه فيه.

ومنها : أنه كان مائلا عن العدنانية الى القحطانية (2). ومن ذلك قوله يومئذ : لو كان الأمر لا ينال إلاّ بالقدم والشرف لكان رجل من ولد أبرهة

ص: 140


1- وفي نسخة الأصل : عن ناحية.
2- العدنانية : هي القبيلة التي ينتمي إليها أمير المؤمنين ، والقحطانية : وهي القبيلة التي ينتمي إليها هو وعبد اللّه بن عمر. والاحرى ان نقول : العصبية القبيلة هي الحاكمة على نفس أبي موسى لا الشرط الذي شرطه على أمير المؤمنين من احياء ما احياه القرآن ، واماتة ما اماته القرآن.

بن الصباح أولى به.

ومنها : تخلفه عن مقدار عمرو بن العاص في الدهاء والمكر والحيلة والخديعة.

[ اجتماع الحكمين ]

فلما اجتمع مع عمرو بن العاص ، أظهر له عمرو - لما أضمره من المكر به - التبجيل والتعظيم والتقدمة على نفسه ، وأن ذلك واجب عليه لسنّه وعلمه وفضله حتى إذا استحكم ذلك فيه ، وان طبع عنده جعل عمرو يدخل عليه من حيث علم أنه يميل نحوه ، من أن الواجب والرأي القعود عن الحرب وترك الدخول في الفتنة والعمل في صلاح ذات البين ، حتى لم يشك أبو موسى أن رأي عمرو في ذلك كرأيه.

ثم جعل يذكر له فضل عبد اللّه بن عمر وحاله ، ويكرر ذلك عليه (1) ، ويكثر ذكره ويطريه (2) ، ويذكر أبو موسى مثل ذلك فيه ، حتى رأى أبو موسى أن عبد اللّه عند عمرو ، في الحال التي هو فيها عنده ، أو أفضل من ذلك.

وقلّ إنسان يؤتى من قبل محبوبه وشهوته وإرادته وموافقته ونحلته إلا مال الى من يوافقه على ذلك ، وركن الى من يرى رأيه ، ويذهب الى ما ذهب إليه. فلما تمكن ذلك لعمرو بن العاص عند أبي موسى مع ما قدمه إليه من تبجيله ، وتعظيمه ، والميل إليه ، والتواضع له ، ثم موافقته إياه على ما هو عليه.

قال له : يا أبا موسى ، إنا إن ذهبنا أن ننظر في فضل علي على معاوية ،

ص: 141


1- وفي الأصل : ويكرر ذلك.
2- وفي نسخة - ج - : ويطير به.

وفي فضل معاوية على علي ، وما ادعى به الأمر لنفسه لطال ذلك. ونخشى أنه لا يصلح لنا به حكومة ، لأنا إن حكمنا بخلع معاوية وإثبات علي لم نعدم طاعنا (1) في ذلك من أهل الشام علينا ، ورادا لما حكمنا به. وقد استمال معاوية اكثر أهل الشام ، فليسوا براجعين عن نصرته والقيام معه ، ولا يرجع هو عن الذي قام فيه وطلبه. وإن نحن أثبتنا معاوية ، وخلعنا عليا كان الخوف في ذلك منه ، ومن معه اكثر ، فتبقى الفتنة بحالها ويهلك الناس فيها.

ولكن هل لك في شيء يصلح اللّه به أمر الامة ، ويقطع به الفتنة ويجري ذلك على يديك ويجزل اللّه به مثوبتك؟

قال أبو موسى : وما هو؟

قال عمرو بن العاص : أن تخلع أنت عليا ، وأخلع أنا معاوية ، ثم نقول للناس : اختاروا من شئتم غيرهما ، فإن هذين قد صار لكل واحد منهما شيعة وأحزاب وأنصار لا يسلّمون الأمر لصاحبه ، لما وقع بينهم من الاختلاف وسفك الدماء ، ونختار نحن لهم عبد اللّه بن عمر. فحاله الحال التي قد علمت وقد اعتزل هذه الحروب ، فليس أحد ممن كان فيها يكرهه من اجلها ، وقد سئم الفريقان الحرب لما نالهم فيها من القتل والجراح وذهاب الأموال والاغتراب عن الأوطان ، فلا شك أنهم يجيبون الى ذلك ويرونه ويتلقونه بالقبول ، ويجيب أيضا الى ذلك ويسارع إليه كل من اعتزل الطائفتين إذ كان رأي عبد اللّه بن عمر في ذلك كرأيهم ، وكان فيه أحدهم ومكانه منهم ومكان أبيه ما قد علمت.

فجاء عمرو بن العاص من ذلك الى أبي موسى بكل ما يعتقده ، ويشتهيه ، ويحبه ، ويميل إليه ، كما قدمنا ذلك ممّا كان من أغلب طباعه

ص: 142


1- وفي نسخة - أ - و - ج - : طاعتنا.

عليه ، ونقب عما في سويداء قلبه ، فأتاه من جهة ما يراه ويعتقده حتى كأنه هو ، ولم يأته من ذلك شيء ينكره ولا يكرهه ولا ينفر طباعه.

فأجابه أبو موسى الى ذلك ، واتفقا عليه ، ووجها الى من أحبا إحضاره ، والى عبد اللّه بن عمر بأن يوافقوهما للقضية - بدومة الجندل - (1) فلما وافى من بعثا إليه ، وحضر عبد اللّه بن عمر وهو لا يدري ما كان من الأمر بين عمرو بن العاص وبين أبي موسى ممّا عقداه في أمره.

فقال عمرو بن العاص لأبي موسى الأشعري : قم ، يا أبا موسى ، وفقك اللّه وقل بما أراك اللّه فيما قلدته وجعل إليك أمره وذلك بحسب ما واطأه عمرو بن العاص لما أراده من الحيلة والمكر به من تقديمه في كل شيء جرى قبل ذلك بينهما ، حتى أنهما كانا إذا مشيا جميعا تأخر عمرو عن أبي موسى ، وقدمه ، فإذا جبده ، وقدمه إليه ، وأراد أن يحدثه رنا قليلا لم يساوه.

فقام أبو موسى ، فتقدم عمرا ، كما جرت به سنّة ما بينهما (2) في تقديمه فحمد اللّه تعالى وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس إن عليا قد قدّمني كما علمتم وحكّمني ، وقد صار الناس الى ما صاروا إليه من الفتنة ، وسفك الدماء ، وقتل فيما بينه وبين معاوية من قد علمتم من الخلائق ، وقد رأيت أن الذي هو أصلح للأمة خلعه ليضع الحرب أوزارها ، وتحقن الدماء ، وتسكن الدهماء ، وقد خلعته كما خلعت خاتمي هذا. وأخذ خاتمه فخلعه من اصبعه ، ثم جلس.

وقام عمرو بن العاص. فحمد اللّه ، وأثنى عليه. ثم قال :

أيها الناس قد علمتم أن خليفتكم عثمان قتل مظلوما ، وأن معاوية ابن

ص: 143


1- دومة الجندل بضم أوله وفتحه : من اعمال المدينة سميت بدوم بن اسماعيل بن ابراهيم.
2- وفي نسخة - أ - : به سنتهما.

عمه وولي الطلب بدمه ، وقد كان هو وعمر من قبله ولياه ما ولياه ، فهو على ذلك ، وقد أثبته كما أثبت خاتمي في إصبعي هذا ، وأخذ خاتمه فأدخله في إصبعه ، ثم جلس.

فقام أبو موسى ، فقال : معاذ اللّه ما كنا اتفقنا إلا على خلع علي ومعاوية. فقال عمرو : سبحان اللّه ، يا أبا موسى متى كان هذا؟

وتراجعا الكلام بينهما واعتكر الى أن لعن كل واحد منهما صاحبه.

وافترق الناس على غير إحكام شيء ، ولا يشك أكثرهم أن عمرا خدع أبا موسى. وأقام أهل الشام على ما كانوا عليه لمعاوية ، وأهل العراق على ما كانوا عليه لعلي علیه السلام . ومن كان من شيعة كل واحد منهما ، خلا الخوارج الذين قدمنا ذكرهم ، ومفارقتهم لعلي علیه السلام لما أنكروه من أمر التحكيم ، وندموا عليه بعد أن رأوه ودعوا إليه.

وبقي معاوية على حالته يدعى : أميرا ، وعلي علیه السلام على ما كان عليه يدعى : أمير المؤمنين ، الى أن قتل صلوات اللّه عليه. ولم يعقد أحد شيئا ممّا كان بين أبي موسى وبين عمرو بن العاص ، ولا احتج به. وانصرف عمرو بن العاص الى معاوية.

وانصرف أبو موسى الى علي علیه السلام يعتذر ممّا كان منه ، وبقي الأمر على ما كان عليه الى أن قتل علي علیه السلام .

فهذه جملة من القول فيما جرى بين علي وبين من حاربه ، ممن انتحل دعوة الإسلام.

والحجة في أنهم بغوا عليه ، وفي أنه وفئته فئة أهل العدل ، وكل فئة حاربته فئة أهل البغي الذين أمر اللّه عزّ وجلّ بقتالهم في كتابه حتى يفيئوا الى أمره (1).

ص: 144


1- مفاد الآية الكريمة : ( فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ ) ( الحجرات : 9 ) وفي نسخة - ج - : ووافاهم.

وهذه نكت وجوامع من أخبار معاوية وسلفه وخلفه تبيّن عن سوء اعتقادهم وما كانوا عليه.

وقد ذكرت فيما تقدم من هذا الكتاب عداوة أبي سفيان لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وما تولاه من حربه والتأليب عليه والزحف بمن استنصر به من قبائل العرب إليه ، ومن لفّ لفيفه من بني عبد شمس كافة ، ومن بني أميّة خاصة ، وان معاوية ابنه كان في ذلك معه الى أن مكّن اللّه رسوله صلی اللّه علیه و آله ، وأعزّ دينه ، وفتح عليه مكة ، فاستسلم أبو سفيان والذين كانوا تمالئوا معه على حرب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من بنيه ، وأقاربه ، ومن كان على مثل رأيه من بنى أميّة وغيرهم ، وأظهروا الإسلام واعتصموا به لما غلب عليهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأتاهم (1) من المسلمين أنصار دين اللّه بما لا قبل لهم به ، واللّه عزّ وجلّ أعلم بما اعتقده في ذلك كل واحد منهم ، ولكنا نذكر في هذا الفصل من هذا الكتاب نكتا ممّا جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيهم ، وما كان بعد إظهارهم الإسلام منهم.

وقد ذكرت في كتاب المناقب والمثالب عداوة بني عبد شمس لبني عبد مناف على القديم ، وعداوة بني أميّة لبني هاشم بعد ذلك. وذلك ما يخرج ذكره عن حد هذا الكتاب ، وليس هو ممّا بني عليه ، وذكرت فيه ، وفي بعض ما تقدم من هذا الكتاب ما استفرغوا جهدهم فيه من محاربة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ومناصبته ، والسعي في إطفاء نور اللّه عزّ وجلّ الذي أبى اللّه إلا تمامه (2) وقطع دينه الذي كفل بإظهاره.

ص: 145


1- يوم الفتح.
2- وفي نسخة - ج - : إلاّ إتمامه.

[ أبو سفيان ]

اشارة

[445] فأما أبو سفيان ممّا يؤثر عنه بعد إسلامه.

أنه قال لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوما - وابنته أم حبيبة (1) عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وهو عنده في بيتها ، وهو يظهر المزاح لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - : واللّه إن هو إلا تركتك فتركتك العرب ، إن انتطحت جماء ، ولا ذات قرن.

فضحك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وقال : أنت تقول ذلك يا أبا حنظلة (2).

وهذا ممّا قيل في مثله : ما صدقك إلا مازح ، أو سكران.

ولو كان أبو سفيان يعتقد الإسلام حق الاعتقاد ، ويعرف لرسول اللّه فضل الرسالة لم يكن يمازحه بمثل هذا القول ، ولم يكن يعتقده.

[446] ومن ذلك أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله نظر يوما الى أبي سفيان مقبلا وخلفه ابنه معاوية ، فقال : اللّهمّ العن التابع والمتبوع ، اللّهمّ عليك بالأقيعس - يعني معاوية -.

ص: 146


1- وهي رملة بنت ابي سفيان توفيت 44 ه- تزوجها الرسول بعد ان مات زوجها عبيد اللّه بن جحش.
2- ابن أبي سفيان الاكبر قتل كافرا في بدر مع المشركين.

[447] ورأى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أبا سفيان يوما راكبا ومعاوية يقود به ويزيد يسوق ، فقال : اللّهمّ العن الراكب والقائد والسائق.

[448] ودخل أبو سفيان بعد أن كفّ بصره المسجد لحاجة ، فاقيمت الصلاة.

فقام مع الناس ، فلما ركع الإمام أطال الركوع فجعل أبو سفيان يقول لقائده - وهو الى جنبه - : لم يرفعوا رءوسهم بعد؟

قال : لا.

قال : لا رفعوها. فهذا قول مستخف بالإسلام ، وممّا يبيّن أنه كان لا يعتقده ، وأن إظهاره إياه ودخوله في الصلاة إنما كان رياء.

[449] وممّا يؤثر : أنه دخل يوما على عثمان - وقد كفّ بصره - ، فجلس ، ثم قال لعثمان : أعليّ عين؟ قال : لا. قال : يا عثمان لا تكن حجر بن حجر (1) ، انظر هذا المال ، فاجعله دولة بينكم ، وتلقفوا هذه الإمارة تلقف الكرة. وكان البراء بن عازب بالحضرة. فاستحيى عثمان من البراء ، وقال له : خرف أبو سفيان.

[450] أبو ليلى عبد اللّه بن عبد الرحمن ، يرفعه الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه كان جالسا في ملأ من أصحابه فيهم معاوية. فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : إن هذا - وأشار بيده الى معاوية - سيطلب الإمارة ، فإذا فعل فابقروا بطنه.

[451] سيّان (2) بإسناده عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص ، قال : كنا عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال : سيطلع عليكم من هذا الفج (3) رجل يموت وهو على غير ملتي. فقال عبد اللّه : وكنت قد

ص: 147


1- يشير الى عمر بن الخطاب.
2- وفي نسخة - أ - : سفيان.
3- الفج : الطريق.

خلفت أبي وقد لبس ثيابه يريد أن يأتي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فكنت كحابس البول خوفا من أن يكون هو الطالع ، فطلع معاوية.

[ بنو أميّة ]

[452] سفيان الثوري ، عن ابن طاوس.

قال : مرض أبي فدخل عليه بعض ولاة بني أمية يعوده ، فجلس على كرسي.

فلما خرج ، أمر بالكرسي فغسل ، وغسل أثره في الدار.

فقيل له في ذلك.

فقال : إن حذيفة لو أدرك هؤلاء ما استظل في ظلهم ولا شرب من مائهم الذي يشربون.

[453] صالح بن أحمد ، باسناده ، عن عبد اللّه بن مسعود ، أنه كان يقول : لكل شيء آفة ، وآفة الإسلام بنو أميّة ، وبنو مروان.

[454] عبد اللّه بن عبيد (1) باسناده ، عن عمر بن الخطاب ، أنه قال : كنا نقرأ فيما نقرأ : ( وَجاهِدُوا فِي اللّهِ حَقَّ جِهادِهِ ) (2) في آخر الزمان ، كما جاهدتم في أوله.

فقيل له : فمتى يكون ذلك؟

فقال : إذا كان بنو أميّة الأمراء وبنو المغيرة الوزراء.

وهذا التوقيف على بني أميّة ، فليس ممّا يكون مثله موقوفا على

ص: 148


1- وفي نسخة - ج - : ابن أحمد باسناده عمر بن الخطاب.
2- الحج : 78.

عمر لأنه من علم ما يكون ، ولا يكون ذلك إلا ممّا سمعه عمر من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وان لم يرفعه إليه.

[455] وبآخر ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، يقول : إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا ، اتخذوا دين اللّه دغلا ، وماله دولا ، وعباده خولا.

[456] يعلي بن عبيد ، باسناده ، عن سعيد المسيب (1) يرفعه ، قال : رأى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله شبان بني أميّة يطلعون على منبره وينزلون ، فاغتمّ لذلك ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ : ( وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَ االَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) (2) - يعني بني أميّة -.

وقيل له : إنما هي دنيا يعطونها ثم يصيرون الى النار.

[457] الأعمش ، باسناده ، عن عبد اللّه بن مسعود أنه قال : لكل شيء آفة ، وآفة [ هذا ] الدين بنو أميّة.

[458] وكيع ، باسناده ، يرفعه أنه كان أبغض الأحياء الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بنو أميّة.

[459] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي (3) صلوات اللّه عليه أنه قال في قوله تعالى : ( وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا ) (4).

قال : عنى بني أميّة.

ص: 149


1- أبو محمّد سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب المخزومي القرشي ولد 13 ه- توفي بالمدينة 94 ه.
2- الاسراء : 60.
3- وفي نسخة - ب - : بإسناده عن جعفر بن محمّد.
4- مريم : 97.

[460] حماد بن سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : ليرعفنّ جبار من جبابرة بني أميّة على منبري هذا [ فيسيل رعافه ].

قال علي بن زيد : فحدثني من رأى [ عمرو بن ] سعيد بن العاص رعف على منبر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فسال رعافه على درج المنبر.

[ بنو مروان ]

[461] وبآخر ، يرفعه أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعن الحكم بن أبي العاص ، وقال : جاء حتى شق الجدار إليّ ، وأنا مع بعض أزواجي فكلح (1) في وجهي.

ثم قال صلی اللّه علیه و آله : كأني أنظر الى بنيه يصعدون على منبري وينزلون.

ثم نفاه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من المدينة ، فلم يزل منفيا بنفي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في حياة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأبي بكر وعمر وصدرا من أيام عثمان ، ثم رده عثمان ، ووصله وحباه وقربه وأدناه. وكان ذلك ممّا نقمه الناس عليه لنقضه حكم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيه.

ولذلك قال الحسن بن علي علیه السلام لمروان : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعن أباك وأنت في صلبه.

[462] إسحاق ، عن أبي إسرائيل ، باسناده ، عن محمّد بن كعب القرظي ،

ص: 150


1- كلح يكلح : عبس وتكثر.

أنه قال : لعن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الحكم وما خرج من صلبه إلا القليل.

قال عمرو بن أبي بكر القريشي : ففرحنا بها لعمرو بن عبد العزيز. يعني أنه القليل ممّن خرج من صلبه ممّن لم تدركه لعنه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

[463] الأعمش ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه خطب الناس بخطبة ذكر فيها بني أميّة ، فقال فيهم : إن رأيتم رجلا من بنى أميّة في الماء الى حلقه ، فغطوه في الماء حتى يغرق ، فإنه لو لم يبق منهم إلا رجل واحد ، لبغي دين اللّه عوجا (1).

[464] عباد بن يعقوب ، باسناده ، عن حذيفة بن اليمان ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : إذا رأيتم الحكم بن أبي العاص (2) ولو تحت أستار الكعبة فاقتلوه.

ونفاه الى دهلك من أرض الحبشة.

[465] عن عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن عبد اللّه بن الزبير (3) ، أنه قال - وهو على المنبر ، مستند الى الكعبة - : وربّ هذا البيت الحرام والبلد الحرام (4) ، إن الحكم بن أبي العاص وولده لملعونون (5).

ص: 151


1- ولهذا المعنى يشير الشاعر بقوله : آل حرب أوقدتموا نار حرب *** ليس يخبو الزمان وقود فابن حرب للمصطفى وابن هند *** لعلي وللحسين يزيد
2- الحكم بن أبي عاص بن أميّة بن عبد شمس القرشي الذي نفاه الرسول صلی اللّه علیه و آله الى الطائف واعاده عثمان الى المدينة ، وهو عم عثمان وابو مروان رأس الدولة المروانية.
3- ولد 1 ه- وهو ابن الزبير بن العوام واسماء كبرى بنات أبي بكر ، اشترك مع عائشة. أعلن نفسه خليفة وعارض الامويين. قتله الحجاج 73 ه.
4- وفي نسخة - ج - : الحراب.
5- وفي كنز العمال 6 / 90 : ح 200 : وولده ملعونون على لسان محمّد (صلی اللّه عليه وآله وسلم).

[466] وبآخر ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أتي بمروان بن الحكم حين ولد ليحنكه (1) ، كما كان صلی اللّه علیه و آله يفعل بأولاد المسلمين إذا اتي بهم ، فرده ، ولم يحنكه ولا تناوله ، وقال : ائتوني بأزرقهم.

ص: 152


1- وفي حاشية نسخة الاصل : حنك الرجل الصبي : اذا مضغ زبيبا أو تمرا.

[ معاوية بن أبي سفيان ]

اشارة

[467] حسن بن حسين ، باسناده ، عن جابر بن عبد اللّه ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : يموت معاوية على غير ملتي (1).

[468] وبآخر ، عن طاوس (2) ، أنه قال : ما كان معاوية مؤمنا.

[469] وبآخر ، عن سعيد بن المسيب ، أنه قال : مرض معاوية ، مرضه الذي مات فيه ، فدخل عليه طبيب له نصراني ، فقال له : ويلك ما أراني أزداد مع علاجك إلا علة ومرضا؟ فقال له : واللّه ما أبقيت في علاجك شيئا أرجو به صحتك إلا وقد عالجتك به غير واحد ، فاني أبرأت به جماعة ، فان أنت ارتضيته وأمرتني بأن اعالجك به فعلت. قال : وما هو؟ قال : صليب (3) عندنا ما علق في عنق عليل إلا فاق. فقال له معاوية : عليّ به. فأتاه ، فعلقه في عنقه. فمات في ليلته تلك والصليب معلق في عنقه ، وأصبح وقد انزوت بين عينيه غصون انطوت من جلدة جبهته مكتوبة يقرأها كل من رآها ، كافرا.

ص: 153


1- وفي نسخة - ج - : وولده ملعون.
2- أبو عبد الرحمن طاوس بن كيسان الخولاني الهمداني ولد باليمن 33 وتوفي بمنى 106.
3- هكذا في نسخة - ج - وفي الأصل : طبيب.

[470] إسماعيل بن عامر ، باسناده : أن معاوية لما احتضر ، بكى! فقيل له : ما يبكيك؟

فقال : ما بكيت جزعا من الموت ، ولكني ذكرت أهل القليب ببدر.

فانزوي ما بين عينيه لبكائه كافر ، وبقي كذلك يراه كل من شهده ، وغسل ، وكفن ، ودفن وهو كذلك.

[471] محمّد بن علي (1) ، باسناده : أن أسقف (2) نجران كتب الى معاوية يستعينه في بناء كنيسة.

فأرسل إليه مائتي الف درهم من بيت مال المسلمين.

[472] يحيى بن عبيد اللّه ، باسناده عن أبي شيرين ، أنه تلا قول اللّه عزّ وجلّ : ( سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ. وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ) (3).

فقال : ان لم يكن هؤلاء معاوية وأصحابه فلسنا ندري من هم؟

[473] ابن عون ، باسناده ، قال : أول من غيّر حكم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله معاوية ، قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : الولد للفراش ، وللعاهر الحجر ، فألحق معاوية (4) زيادا بأبي سفيان ، لأنه زنى بأمه ، فحملته فيما قال منه.

ص: 154


1- وفي نسخة - ج - : أحمد بن علي.
2- وفي نسخة - ج - : اسفن بن نجران. واسقف النصارى : عالمهم ونجران : واد في اليمن.
3- القلم : 44 و 45.
4- ونعم ما قاله ابن مفرغ الحميري : ألا أبلغ معاوية بن صخر م *** غلغلة من الرجل اليماني أتغضب أن يقال أبوك عف *** وترضى أن يقال أبوك زاني فاشهد ان رحمك من زياد *** كرحم الفيل من ولد الأتان

[474] أبو نعيم (1) ، باسناده ، عن مسروق ، أنه مرت به سفينة فيها أصنام ، فقال : ما هذا؟

قالوا : معاوية بعث بهذه الأصنام الى الهند لتباع ممّن يعبدها.

فقال مسروق : واللّه ما أدري أيّ الرجلين معاوية ، أرجل قد يئس من الآخرة ، فهو يتمتع من دنياه؟ أو رجل زين له سوء عمله؟ أما واللّه لو أعلم أنه إنما يقتلني لغرقتها ، ولكني أخاف أن يعذبني ، فيفتنني.

[475] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه لما نظر الى رايات معاوية - يوم صفين - قال : هذه رايات أبي سفيان التي قاتل بها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

ثم قال علي علیه السلام (2) : واللّه ما أسلم القوم ولكنهم استسلموا ، وأسرّوا الكفر حتى وجدوا عليه أعوانا.

[ رجعوا إلى عداواتهم منّا ، إلا أنهم لم يدعوا الصلاة ] (3).

[476] هودة بن خليفة ، باسناده [ عن ] أبي بكرة ، أنه قال : أيرى الناس أني إنما عتبت على هؤلاء - يعني بني أميّة - في أمر الدنيا ، فقد

ص: 155


1- وفي نسخة - ج - : إبراهيم باسناده.
2- وفي وقعه صفين : رفع عمرو بن العاص بصفين شقة خميصة في رأس رمح. فقال ناس : هذا لواء عقده له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فلم يزالوا كذلك حتى بلغ عليا ، فقال علي علیه السلام : هل تدرون ما أمر هذا اللواء؟ إن عدو اللّه عمرو بن العاص أخرج له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله هذه الشقة. فقال : من يأخذها بما فيها؟ فقال عمرو : وما فيها يا رسول اللّه؟ قال : فيها أن لا تقاتل به مسلما ، ولا تقربه من كافر ، فأخذها فقد واللّه قرّبه من المشركين ، وقاتل به اليوم المسلمين. والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أسلموا ولكن استسلموا ... الخبر.
3- هذه الزيادة من وقعة صفين : ص 215.

استعملوا عبد اللّه على فارس ، واستعملوا داود على دار الرزق ، واستعملوا عبد الرحمن على بيت المال والديوان. أفليس لي في هؤلاء دينا ، كلا واللّه لكني إنما عتبت أنهم كفروا صراحة.

[477] سليمان بن عبد العزيز ، باسناده : أن معاوية نقم على رجل ، فأمر به فحلق رأسه ، وطيف به.

فبلغ ذلك ابن عباس وكعبا ، فقالا : ما لمعاوية قاتله اللّه ، ابتدع بدعة جعل الحلق عقوبة ومثلة وقد جعله اللّه نسكا وسنّة.

[478] يحيى الحماني ، باسناده ، عن سعد بن أبي وقاص ، أنه قيل له : إن معاوية ينهي عن متعة الحج.

قال : قد واللّه فعلها من آمن باللّه ورسوله ومعاوية كافر بهما.

[479] هودة بن خليفة ، باسناده ، عن أبي عالية قال : غزى يزيد بن أبي سفيان بالناس - وهو أمير على الشام - فغنموا ، وقسموا الغنائم ، فوقعت جارية في سهم رجل من المسلمين ، وكانت جميلة ، فذكرت ليزيد ، فانتزعها من الرجل.

وكان أبو ذر يومئذ بالشام ، فأتاه الرجل ، فشكا إليه ، واستعان به على يزيد ليردّ الجارية إليه. فانطلق إليه معه ، وسأله ذلك ، فتلكأ عليه.

فقال له أبو ذر : أما واللّه لئن فعلت ذلك ، لقد سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : إن أول من يبدل سنّتي رجل من بني أميّة.

ثم قام ، فلحقه يزيد ، فقال له : اذكرك اللّه عزّ وجلّ أنا ذلك الرجل؟

قال : لا. فردّ عليه الجارية.

[480] الشعبي ، باسناده ، عن عبد اللّه بن مسعود ، أنه قال : سمعت

ص: 156

رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : ائمة الكفر خمسة : معاوية وعمرو وذكر الثلاثة.

[481] يحيى بن يعلي ، باسناده ، عن صعصعة بن صوحان ، أنه قال : سمعت عبد اللّه بن مسعود يقول : خمسة من قريش ضالّون مضلّون معاوية وعمرو بن العاص (1) منهم.

[482] عبد اللّه بن صالح ، باسناده ، عن عمار بن ياسر ، أنه قال - يوم صفين - ، ونظر الى معاوية وأصحابه : واللّه ما أسلموا ولكن استسلموا وأسرّوا الكفر حتى وجدوا عليه أعوانا.

[483] يعلي بن عبيد ، باسناده ، عن سعيد بن سويد ، قال : خطبنا معاوية - بالنخيلة - (2) ، فقال : يا أهل العراق ، أترون إني إنما قاتلتكم لأنكم لا تصلّون ، واللّه إني لأعلم انكم لتصلّون وإنكم لتغتسلون عن الجنابة ، وإنما قاتلتكم لأتامر عليكم ، فقد تأمرت.

[484] أبو نعيم ، باسناده ، عن معاوية ، أنه قال : أنا أول الملوك.

[485] شهاب بن عباد (3) باسناده ، عن الشعبي ، أنه قال : اعتل معاوية ، فبكى.

فقال له مروان بن الحكم : ما يبكيك يا أمير المؤمنين؟

قال : كبرت سني ، ودق عظمي ، ورق جلدي ، وكثر الدمع في عيني ، وراجعت ما كنت عنه عزوفا (4) لو لا هواي ( في يزيد ) (5)

ص: 157


1- راجع كتاب الغدير للأميني 2 / 129 ففيه بحث مفصل عن عمرو بن العاص وترجمته.
2- تبعد عن الكوفة بفرسخين.
3- وفي نسخة - ج - : شهاد بن عباس.
4- عزفت نفسه عن الشيء : زهدت فيه وملّته.
5- هذه الزيادة من نسختي - أ - و - ج -.

لأبصرت رشدي.

[486] علي بن أبي الجعد ، باسناده ، عن الشعبي ، قال : خطب معاوية بالكوفة ، بعد أن بويع له.

فقال في خطبته : إنه لم يختلف امة بعد نبيها إلا غلب أهل باطلها ( على أهل حقها ).

وهذا حديث يروى عن النبي صلی اللّه علیه و آله أجراه اللّه على لسانه ، فلما قاله ندم.

فقال : إلا هذه الامة فإنها ، فتلجلج (1) لسانه ، ولم يدر ما يقول في ذلك ، فأخذ في غيره.

[487] حماد بن سلمة ، عن محمّد بن زياد ، قال : كتب معاوية الى مروان - وهو على المدينة - أن يبايع الناس ليزيد.

فقال عبد الرحمن بن أبي بكر : جاء بها معاوية هرقلية (2).

فقال مروان : أيها الناس إن هذا عبد الرحمن بن أبي بكر هو الذي أنزل اللّه عزّ وجلّ فيه : ( وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي ) (3) الآية.

فبلغ ذلك اخته عائشة ، فغضبت ، وقالت : لا واللّه ما هو به ولو شئت أن اسميه لسميته ، ولكن اللّه لعن أباك يامرون على لسان رسوله وأنت في صلبه ، فأنت قطعة من لعنة اللّه عزّ وجلّ.

[488] يحيى بن غيلان (4) ، باسناده ، عن عبد الملك قال : دخل سعيد بن العاص على معاوية ، فقال : السّلام عليكم.

ص: 158


1- التلجلج : التحرك والتردد في كلامه.
2- الهرقل : ملك من ملوك الروم.
3- الأحقاف : 17.
4- وفي نسخة - ج - : ابن عتيد.

فقال له معاوية : ما يمنعك أن تقول : السّلام عليك يا أمير المؤمنين؟

فقال له سعيد : لست بأمير المؤمنين ، واللّه ما رضيناك.

[489] يحيى بن عبد اللّه ، باسناده ، عن الحسن البصري ، أنه قال : قاتل اللّه معاوية سلب هذه الأمة أمرها ، ونازع الأمر أهله ، واستعمل على المؤمنين علجا (1) يعني زيادا.

[490] وبآخر ، عن الأسود (2) ، قال : قلت لعائشة : ألا تعجبين لرجل من الطلقاء ينازع رجلا من أهل بدر الخلافة - يعني منازعة معاوية عليا علیه السلام .

فقالت عائشة : لا تعجب ، فإن فرعون قد ملك بني إسرائيل أربعمائة سنة ، والملك لله يعطيه البرّ والفاجر (3).

ص: 159


1- العلج : الرجل الغليظ. وفي نسخة - أ - : عجلا.
2- واظنه الاسود بن يزيد بن قيس النخعي توفي 54 ه.
3- قال السيد محمّد بن عقيل العلوي في نصائح الكافية ص 12 : ان كلام عائشة يشير الى ثلاثة امور : 1 - دلالة مفهوم الصفة مخالفة أن معاوية ليس من أصحاب محمّد صلی اللّه علیه و آله . أقول : وقد نقل السيد النص من الدر المنثور هكذا ... رجل من الطلقاء ينازع أصحاب محمّد في الخلافة. 2 - الإشارة بالمثال الى فجور معاوية. 3 - تشبيهها معاوية بفرعون الذي بيّن اللّه حاله بقوله تعالى : ( وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ. وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ ) هود : 97 - 99. ولله درّ الشاعر حيث يقول : ما أنت بالحكم لترضى حكومته *** ولا الأصل ولا ذي الرأي والجدل

[491] عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عطاء ، أنه قال : لم تلد سمية ولدا على فراش ، غير زياد ، فإنها ولدته على فراش عبيد.

[492] وبآخر ، أن أبا سفيان مرّ ببلال وسلمان وصهيب. فقالوا : لقد كان في قصرة (1) عدو اللّه هذا مواضع لسيوف المسلمين.

فسمعهم أبو بكر ، فقال : تقولون مثل هذا لشيخ من شيوخ قريش؟

وانطلق الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وأخبر بما قالوه.

فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لعلك أغضبتهم؟ فإن كنت أغضبتهم ، فإنما أغضبت ربك.

[ فجاء أبو بكر إليهم وترضاهم وسألهم أن يستغفروا له. فقالوا : غفر اللّه لك ] (2).

[493] وبآخر ، أن أبا سفيان مرض في أيام عمر ، فدخل عليه عثمان يعوده ، فلما أراد عثمان القيام تمسك به ، وقال له : يا عثمان لي إليك حاجة! قال : وما هي؟

قال : إن مت فلا يليني غيرك ، ولا يصلّي عليّ إلا أنت.

قال : وكيف لي بذلك مع عمر؟

قال : فادفني ليلا ولا تخبره.

قال : أفعل.

قال : فاحلف لي باللات والعزى لتفعلن ذلك! فقال له عثمان : خرفت يا أبا سفيان.

فنقه (3) من علته تلك ، ومات في أيام عثمان ، فصلّى عليه.

ص: 160


1- قصرة : عنق.
2- هذه الزيادة من فصل الحاكم ص 20.
3- نقه : برئ من علّته.

[494] وبآخر ، أنه نزل في قادة الأحزاب أبي سفيان والحكم وغيرهما : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) (1) فأخبر اللّه عزّ وجلّ أنهم لم يؤمنوا بقلوبهم وإن أظهروا الإسلام بألسنتهم ، وفيهم نزلت : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ ) (2). ولم يسلم من قادة الأحزاب وأكابرهم غير أبي سفيان والحكم بن أبي العاص.

ولم يعتقدا ذلك لأن اللّه عزّ وجلّ قد أخبر أنهم لم يؤمنوا (3).

[495] وبآخر ، أن أبا سفيان قال بعد وفاة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما علمت أنه نبي حتى رأيته بعرفة في حجة الوداع ، وهو يخطب ، ورأيت ما حوله من الخلائق ، فقلت في نفسي : لو كان معي مثل نصف هؤلاء لقمت عليه.

فترك الخطبة ، وأقبل إليّ بوجهه ، وقال : إذا يكبك اللّه في النار على وجهك ، فعلمت حينئذ أنه نبي.

ومرة اخرى ، مرّ بي ومعي هند ، فقلت لها : يا هند بما ذا غلبني هذا الغلام من بني هاشم؟ وأنا أكبر منه سنا وأعظم شرفا في قومي وكنا في سفر.

فلما نزل يومه ذلك مضيت ، فسلّمت عليه. فقال : باللّه واللّه غلبتك يا أبا سفيان.

وقلت في نفسي : متى لقيته هند فأخبرته ، واللّه ما سمع مني ذلك غيرها ولأضربنها ضربا وجيعا ، وسكت ، وتغافلت عن قوله.

ص: 161


1- البقرة : 6.
2- إبراهيم : 28 و 29.
3- وفي نسخة - أ - : لأن اللّه عزّ وجلّ قد اجزاهم لا يؤمنون.

فلما أردت أن أقوم ، قال : هيه (1) يا أبا سفيان ، أقلت في نفسك : إن هندا أخبرتني بما قلت ، وأردت أن تضربها (2) ، ولا واللّه ما هي أخبرتني.

قال أبو سفيان : فعلمت أنه يوحى إليه من اللّه.

وكان أبو سفيان وابنه معاوية من المؤلفة قلوبهم ، وقد ذكرت فيما تقدم من هذا الكتاب ما أعطاهما رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مع من أعطاه من المؤلفة قلوبهم من غنائم هوازن يوم حنين.

والمنسوبون الى العلم بالأخبار من العامة قد اجتمعوا على ذلك. وذكروا المؤلفة قلوبهم في غير موضع من مؤلفاتهم. فقالوا : المؤلفة قلوبهم الذين كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يعطيهم العطايا ليتألفهم ويتألف بهم غيرهم على الإسلام إذا كانوا وجوه قومهم ، وإذ قد جعل اللّه له أن يعطيهم سهما من الصدقات ، فقال جلّ من قائل عند ذكر أهل الصدقات والمؤلفة قلوبهم.

قالوا : فكانوا : أبا سفيان بن حرب ، ومعاوية بن أبي سفيان ابنه ، وحكيم بن حزام ، وسهيل بن عمرو ، وحويطب بن عبد العزى (3) ، وصفوان بن أميّة (4) ، والعلاء بن حارثة الثقفي ، وعيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر ، والأقرع بن حابس ، ومالك بن العوف البصري ، والعباس بن مرداس

ص: 162


1- كلام حكاية الضحك.
2- وفي نسخة - ج - : وأردت ضربها.
3- حويطب بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود من بني عامر بن لؤي من المعمرين من أهل مكة ومات بالمدينة 54 ه.
4- صفوان بن أميّة بن خلف بن وهب الجمحي القرشي المكي ، أبو وهب مات بمكة 41 ه

السلمي (1) ، وقيس بن محرمة ، وجبير بن مطعم (2).

وما علمنا أحدا ممن ينسب الى العلم يقول : إن أحدا من هؤلاء يقاس بعلي علیه السلام ولا بأحد من أهل السوابق في الاسلام من البدريين وغيرهم ، ولا إنه يصلح للخلافة فيكون يستحق ذلك ، أو يقاس بواحد من أهل السوابق في الإسلام ، فيكون لمعاوية أن ينافس عليا علیه السلام في الإمامة ، أو الحسن علیه السلام من بعده كما قد فعل ، ولا لمن تسبب بسببه أن يدّعيها ، أو ينافس فيها.

وقد ذكر ابن إسحاق صاحب المغازي في كتابه المؤلف في السير من كان قد حسن إسلامه من المؤلفة قلوبهم بعد أن تألفهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بما تألفهم به.

فقال : وممن حسن إسلامه من المؤلفة قلوبهم من قريش من مسلمي الفتح : قيس بن محرمة ، وجبير بن مطعم ، والحارث بن هشام ، وحكيم بن حزام ، وحويطب بن عبد العزى ، وسهيل بن عمرو.

فهؤلاء من الذين ذكر أنه حسن إسلامهم بعد ، ولم يذكر فيهم أبا سفيان ولا معاوية وهما من مسلمي الفتح الذين غلب عليهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوم فتح مكة ، فأسلموا للغلبة عليهم.

ولما فتح رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الطائف (3) سأله أهلها أن يدع لهم اللات - وكانوا يعبدونها - لمدة ذكروها ، وقالوا : إنا نخشى في هدمها سفهاءنا! فأبى عليهم.

ص: 163


1- أبو ميثم العباس بن مرداس بن أبي عامر السلمي من مضر مات 18 ه.
2- أبو عدي جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي من سادات قريش توفي بالمدينة 59 ه.
3- مدينة في جنوب شرقي مكة على قمة جبل غزوان ومن أهم مصايف الحجاز.

وأرسل أبا سفيان لهدمها ومضى معه المغيرة بن شعبة (1) ، فتوقف أبو سفيان عن هدمها ، وأقام دونها ، وأرسل المغيرة ، وأبى أن يدخل الطائف.

وقال للمغيرة : امض أنت الى قومك ، فمضى فهدمها ولما رآها أبو سفيان تهدم جعل يقول : واها للاّت ، يتأسف على هدمها.

وقد ذكرت أنه خرج الى حنين مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله والأزلام معه ، وأنه أخرجها وضرب بها لما انهزم المسلمون ، وقال : هذه هزيمة لا ترجع دون البحر.

وقيل : إن عمر بن الخطاب نظر الى معاوية يوما ، فقال : هذا كسرى العرب (2).

[496] وبآخر ، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري ، أنه قال : ما عادى معاوية عليا علیه السلام إلا بغضه لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ولقد قاتله علي علیه السلام وقاتل أباه ، وهو يقول : صدق اللّه ورسوله ، وهما يقولان كذب اللّه ورسوله ، لا واللّه ما يساوي بين أهل بدر والسابقين ، وبين الطلقاء والمنافقين (3).

ص: 164


1- أبو عبد اللّه المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود الثقفي ولاه معاوية الكوفة ومات فيها 50 ه.
2- ونعم ما قال أبو عطاء السندي رحمه اللّه بهذا الصدد : إن الخيار من البرية هاشم *** وبنو أميّة أفجر الأشرار وبنو أميّة عودهم من خروع *** ولهاشم في المجد عود نضار أما الدعاة الى الجنان فهاشم *** وبنو أمية من دعاة النار وبهاشم زكت البلاد وأعشبت *** وبنو أميّة كالسراب الجاري
3- وقد ذكر الشيخ العاملي في اثبات الهداة 1 / 442 ، وفي خطبة أمير المؤمنين علیه السلام : فارتقبوا الفتنة الاموية والمملكة الكسروية. وروى الزركلي في الإعلام 8 / 173 : قول عمر في معاوية.

[497] وقيل لمعاوية - لما تغلب على الأمر - لو سكنت المدينة فهي دار الهجرة وبها قبر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

فقال : قد ضللت إذا ، وما أنا من المهتدين.

[498] وذكر علي علیه السلام معاوية فقال : معاوية طليق ابن طليق ، منافق ابن منافق ، وقد لعن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أبا سفيان ومعاوية ويزيد.

[499] وسمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله معاوية وعمرو بن العاص يتغنيان ، وقال : اللّهمّ اركسهما في الفتنة ركسا (1) ودعهما الى النار دعّا.

[500] وسمع علي علیه السلام رجلا يلعن أهل الشام ، فقال : ويحك لا تلعنهم ، ولكن العن معاوية وعمرو بن العاص وشيعتهما.

[501] وكان علي علیه السلام يلعنهم في قنوته.

[502] وجاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه أشرف يوم أحد على عسكر المشركين ، فقال : اللّهمّ العن القادة منهم والأتباع.

فأما الأتباع فإن اللّه يتوب على من يشاء منهم.

وأما القادة والرءوس فليس منهم مجيب (2) ولا ناج. ومن القادة يومئذ أبو سفيان وابنه معاوية معه.

[503] وعنه صلی اللّه علیه و آله أنه قال : يكون معاوية في صندوق من النار مقفل عليه ، لا تحته إلا فرعون في أسفل درك من جهنم ، ولو لا قول فرعون : ( أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى ) (3) لما كان تحت معاوية.

ص: 165


1- أي ثبت وأقام.
2- هكذا في كتاب العوالم ص 208 وفي الاصل : نجيب.
3- النازعات : 24.

[504] وقال صلی اللّه علیه و آله : يخرج من ادخل النار من هذه الامة بعد ما شاء اللّه ، ويبقى فيها رجل تحت صخرة الف سنة ينادي يا حنان يا منان.

فكان يقال : هو معاوية بن أبي سفيان.

[505] وعن صعصعة بن صوحان ، انه قال - في أيام يزيد - : ليت الأرض لفظت إلينا معاوية لننظر إليه كيف عذبه اللّه ، وينظر إلينا كيف عذبنا ابنه.

[506] وعن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، انه بعث يوما الى معاوية ، فقالوا : هو يأكل ، فمكث ساعة.

ثم بعث إليه ، فقالوا : هو يأكل ، فمكث ساعة.

ثم بعث إليه ثالثة. فقالوا : هو يأكل. فقال : لا أشبع اللّه بطنه.

فلم يكن بعد ذلك يشبع ، ولو أكل ما عسى أن يأكل (1).

[507] وعنه صلی اللّه علیه و آله أنه قال : إذا رأيتم معاوية يخطب على المنبر ، فاقتلوه.

قال الحسن البصري : قد واللّه رأوه يخطب فما فعلوا [ ولا أفلحوا ] (2).

[508] وعن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه نظر يوما الى معاوية ، فقال : إن هذا سيطلب هذا الأمر بعدي ، فمن أدركه منكم يطلب ذلك ، فليبقر بطنه بالسيف.

ص: 166


1- قال الشاعر يصف رجلا أكولا : وصاحب لي بطنه كالهاوية *** كأن في أمعائه معاوية
2- هذه الزيادة من كتاب وقعة صفين : ص 216.

[509] وعنه صلی اللّه علیه و آله أنه قال : إذا رأيتم عمرا مع معاوية ، فافرقوا بينهما ، فانهما لا يجتمعان لخير.

وأجرى معاوية ماء على موضع قبور الشهداء باحد ، فأمر بنبشهم ، فنبشوا واخرجوا من قبورهم رطابا يثنون ، وأصابت المسحاة رجل حمزة رضوان اللّه عليه ، فدميت ، وأزالهم معاوية من قبورهم ، وقد كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أمر بدفنهم هناك في مواضع مصارعهم ، وحمل بعضهم الى المدينة.

فأمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بردهم وبدفنهم في مصارعهم ، فغير ذلك معاوية ، ونقض أمر رسول اللّه [ فيهم ] (1).

[510] وعن أبي سعيد الخدري ، أنه سئل عن قتال معاوية لعلي علیه السلام فقال : معاوية الفاسق نازع الحق أهله.

[511] وبلغ سعد بن أبي وقاص كلام تكلم به معاوية ، فقال : من أين يدري الفاسق هذا.

[512] وذكر الحسن البصري معاوية ، فقال : جبار فاسق.

[513] وعن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه نظر الى معاوية يتبختر في برد حبرة وينظر الى عطفيه ، فلعنه.

وقال : أي يوم سوء لامتي منك ، وأي يوم سوء لذريتي من جرو يخرج من صلبك [ من ] يتخذ آيات اللّه هزوا ، ويستحل من حرمتي ما حرم اللّه تعالى.

[514] وعن أبي ذر رضوان اللّه عليه أنه قال : قد سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : ترد عليّ الحوض أمتي على خمس رايات - ثم ذكر حديثا طويلا ، قال فيه - :

ص: 167


1- هكذا صححناه ، وفي الاصل : فيه.

ثم يرد فرعون أمتي في أتباعه ، فأخذ بيده (1) فإذا أخذ بها اسودّ وجهه و [ ر ] جفت قدماه وخفقت أحشاؤه ، ويفعل ذلك بأتباعه.

ثم قال : هو معاوية بن أبي سفيان.

فأقول : ما ذا أخلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون : كذبنا الأكبر ومزقناه وقاتلنا الأصغر وقتلناه.

فأقول : اسلكوا طريق أصحابكم. فينصرفون ظمأ مسودة وجوههم لأنه لا يطعمون منه قطرة.

ومن أجل هذا الحديث وغيره ممّا رواه أبو ذر رحمة اللّه عليه عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في بني أميّة حلّ به ما حلّ من النفي والتكذيب ، وقد شهد له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالصدق. فقال عليه الصلاة والسّلام : ما أقلّت الغبراء ولا أظلّت الخضراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر (2) فنفاه عثمان الى الربذة ، فمات بها طريدا وحيدا ، كما أخبر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بذلك ، ورآه يمشي في غزوة تبوك في آخر الناس وحده. فقال : رحم اللّه أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده.

[ من أعمال معاوية ]

[ من أعمال معاوية ] (3)

وقيل : إن معاوية سمّ سعد بن أبي وقاص ، فمات ، لما كان يرويه عن

ص: 168


1- وفي اليقين : وهي راية العجل فأقوم إليه فأخذ بيده.
2- رواه احمد بن حنبل في مسنده عن ابيه عن حسن بن موسى وسليمان بن حوب قالا : حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن بلال بن أبي درداء عن أبي درداء أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : ما اقلت الغبراء ... الحديث ( مسند احمد 6 / 442 ).
3- ولا يخفى أن أعماله الاجرامية كثيرة لم يذكر المؤلف إلا الندر القليل ، ومن أراد الاطلاع على اكثر ممّا ذكره فليراجع : النصائح الكافية ، وفصل الحاكم ، وتقوية الايمان ردّ تزكية ابن أبي سفيان للسيد محمّد بن عقيل العلوي ، وغيرها.

رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيه.

وقيل لمالك بن أنس : كان معاوية حليما ، فقال : وكيف يكون حليما من أرسل بسر بن أرطاة ما بينه وبين اليمن لا يسمع بأحد عنده خبر يخاف منه إلا قتله حتى إذا قتل الناس وحلم ، ما كان بحليم ولا مبارك.

وذكر الشعبي معاوية ، فقال : كان كالجمل الطب (1) إن سكت عنه أقدم ، وإن قدم عليه تأخر.

[ ضبط الغريب ]

والجمل الطب : هو الذي يتعاهد موضع خفه أين يطاء به.

فكأنه شبهه بذلك الجمل. إنه ينظر في امور الناس كما ينظر ذلك الجمل أن يضع خفيه ، فمن رأى أنه يقدم عليه تأخر عنه ، ومن رأى أنه يحجم عنه أقدم عليه.

وقيل لشريك بن عبد اللّه : أكان معاوية - كما يقال - حليما؟

فقال : لا وكيف يكون حليما من سفه الحق.

[515] وقال الحسن البصري : غزوت الدوب (2) زمان معاوية ، وعلينا رجل من التابعين - ما رأيت رجلا أفضل منه -.

فانتهى إلينا ان معاوية قتل حجر بن عدي وأصحابه ، فصلّى بنا الظهر ، ثم خطب. فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبي صلی اللّه علیه و آله ، ثم قال : أما بعد ، فقد حدث في الإسلام حدث لم يكن مذ قبض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وذلك أن معاوية قتل حجر بن عدي

ص: 169


1- ونسخة الاصل : كالجمل الطت : أي الماهر المعلم.
2- وفي نسخة - أ - : الدروب ونسخة - ج - : الدرب.

وأصحابه من المسلمين صبرا ، فإن يك عند الناس تغيير (1) وإلا فاني أسأل اللّه أن يقبضني إليه.

قال الحسن : فو اللّه ما صلّينا العصر من ذلك اليوم حتى مات رحمة اللّه عليه.

ص: 170


1- وفي نسخة - ج - : تفسير.

[ مقتل حجر بن عدي ]

وكان حجر بن عدي من خيار الصحابة ، ولم يقتل في الإسلام مسلم صبرا قبله. قتله معاوية وأصحابه بعد أن حملوا إليه مصفدين في بستان (1).

فقيل : إن شجر ذلك البستان جفت من يوم ذلك وكان من أصحاب علي علیه السلام .

[516] فقيل : إن معاوية دخل - بعد أن قتل حجرا وأصحابه - (2) على عائشة.

ص: 171


1- يقال له مرج العذراء ، قرية بقوطة دمشق ، من اقليم خولان.
2- قال ابن العماد في شذرات الذهب 1 / 130 : واصحابه هم : 1 - ولده همام. 2 - شريك بن شداد الحضرمي. 3 - محرز بن شهاب التميمي. 4 - قبيصة بن ربيعة العبسي. 5 - كدام بن حيان العنزي. 6 - صيفي بن فسيل الشيباني. وأجاد من قال : جماعة بفنا عذراء قد دفنوا *** لهم من اللّه إجلال واكرام حجر وقبيصة صيفي شريكهم *** ومحرز ثم همام وكدام عليهم الف رضوان ومكرمة *** تترى تدوم عليهم كلما داموا ومثلها لعنات للذي سفكوا *** دماءهم وعذاب للذي استاموا

فقالت له : تدخل عليّ بعد أن قتلت حجرا وأصحابه ، أما خفت أن أقعد لك رجلا من المسلمين يقتلك.

فقال لها معاوية : لا اخاف ذلك ، لأني في دار أمان ، لكن كيف أنا في حوائجك؟

قالت : صالح.

قال : فدعيني وإياهم حتى نلتقي عند اللّه.

قالت : وكيف أدعك وقد أحدثت مثل هذا الحدث ، وغيّرت حكم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، [ حيث ] قال صلی اللّه علیه و آله : الولد للفراش ، فنفيت زيادا عمن ولد على فراشه ، ونسبته إلى أبيك ، ووليت يزيد برأي نفسك.

فقال : يا أم المؤمنين ، أما إذا أبيت ، فاني لو لم أقتل حجرا لقتل بيني وبينه خلق كثير ، واما زياد فإن أبي عهد إليّ فيه ، وأما يزيد فاني رأيته أحق الناس بهذا الأمر ، فوليته.

وكان عند عائشة المغيرة بن شعبة والمسور بن مخرمة (1) ، فقالت لهما : أما تسمعان عذر معاوية.

فأما المغيرة فرفق له في القول.

وأما المسور فغلظ عليه فيه ثم افترقوا. فوفد المسور بعد ذلك على معاوية في جماعة فحجبه دونهم فقضى حوائجهم وأخره ، ثم أدخله بعد ذلك إليه ، فقال له : أتذكر كلامك عند عائشة؟

قال : نعم واللّه ما أردت به إلا اللّه.

ص: 172


1- وهو أبو عبد الرحمن المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب القرشي وخاله عبد الرحمن بن عوف ولد 2 ه- أدرك النبي وسمع منه.

قال : دع هذا ، وهات حوائجك.

فأما اعتراف معاوية بقتل حجر وأصحابه فلشىء توهمه - قد يكون ، وقد لا يكون - فذلك القتل ظلما ، وقد تواعد اللّه تعالى عليه بالنار (1).

وأما اعتذاره في أن أباه عهد إليه في إلحاق زياد به ، فاتباعه أمر أبيه ومخالفته أمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ممّا تواعد اللّه تعالى عليه الفتنة والعذاب الاليم (2).

وأما قوله : إنه رأى يزيد أحق الناس بالإمامة فذلك من رأيه الفاسد ، وقد لعنه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - كما ذكرت - ولعن أباه وابنه يزيد. ومن لعنه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فهو ملعون ، والملعون لا يكون إماما (3).

ص: 173


1- اشار الى الآية الكريمة : ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً ) النساء : 93.
2- روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلی اللّه علیه و آله قال : لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فقد كفر. وروى أيضا عن سعد بن أبي وقاص قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه [ وآله ] يقول : من ادعى الى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام.
3- وخير ما نختم به هذا الجزء قصيدة للشاعر السوري محمّد مجذوب بعنوان : على قبر معاوية : أين القصور أبا يزيد ولهوها *** والصافنات وزهوها والسؤدد أين الدهاء نحرت عزته على *** أعتاب دنيا سحرها لا ينفد أثرت فانيها على الحق الذي *** هو لو علمت على الزمان مخلد تلك البهارج قد مضت لسبيلها *** وبقيت وحدك عبرة تتجدد هذا ضريحك لو بصرت ببؤسه *** لأسال مد معك المصير الاسود كتل من الترب المهين بخربة *** سكر الذباب بها فراح يعربد خفيت معالمها على زوارها *** فكأنها في مجهل لا يقصد ومشى بها ركب البلى فجدارها *** عار يكاد من الضراعة يسجد والقبة الشماء نكس طرفها *** فبكل جزء للفناء بها يد تهمي السحائب من خلال شقوقها *** والريح في جنباتها تتردد حتى المصلى مظلم فكأنه *** مذ كان لم يجتز به متعبد أأبا يزيد لتلك حكمة خالق *** تجلى على قلب الحكيم فيرشد أرأيت عاقبة الجموح ونزوة *** أودى بلبك غيها المتردد أغرتك بالدنيا فرحت تشنها *** حربا على الحق الصراح وتوقد أأبا يزيد وساء ذلك عترة *** ما ذا أقول وباب سمعك موصد قم وارمق النجف الشريف بنظرة *** يرتد طرفك وهو باك أرمد تلك العظام أعزّ ربك قدرها *** فتكاد لو لا خوف ربك تعبد أبدا تباكرها الوفود يحثها *** من كل صوب شوقها المتوقد نازعتها الدنيا ففزت بوردها *** ثم انطوى كالحلم ذاك المورد وسعت الى الاخرى فأصبح ذكرها *** في الخالدين وعطف ربك أخلد

فهذه نكت قد ذكرناها كما شرطنا مختصرة من مثالب معاوية وبني أميّة. وقد ذكرنا تمام القول في ذلك في كتاب المناقب والمثالب ، ومن أراد استقصاء ذلك نظر فيه ، وإن كنا أيضا قد اختصرناه. ففي واحدة ممّا ذكرنا من ذلك ما يوجب إسفاط من ذكرت فيه ولا يقاس بأهل الفضل الذين نطق القرآن بفضلهم وأبانهم الرسول به صلی اللّه علیه و آله وهم على وصيه والائمة من ولده علیهم السلام .

وقد ذكرنا ونذكر في هذا الكتاب من فضائله وفضائل الائمة من ولده علیهم السلام ما لا يخفى فضلهم ، وفرق ما بينهم وبين من ادعى مقاماتهم ، مع ما ذكرنا ونذكره من ذلك على من وفق لفهمه ، وهدي لرشده إن شاء اللّه تعالى.

تمّ الجزء السادس من كتاب شرح الأخبار ، والحمد لله ربّ العالمين وصلّى اللّه على رسوله وآله أجمعين ، ويتلوه الجزء السابع منه ، تأليف سيّدنا القاضي الأجل النعمان بن محمّد رضوان اللّه عليه.

ص: 174

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام

للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي

المتوفي سنة 363 ه. ق

الجزء السابع

ص: 175

ص: 176

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[ من فضائل أمير المؤمنين ]

وممّا جاء من مناقب علي صلوات اللّه عليه وفضائله وسوابقه.

[517] الدغشي ، باسناده ، عن عبد اللّه بن رقيم الكناني ، قال : قدمت المدينة ، فلقيت سعد بن أبي وقاص ، فقال لي : من أين أقبلت؟

قلت : من العراق.

قال : كيف تركت عليا علیه السلام ؟

قلت : صالحا.

قال : فهل سمعته ذكرني بشيء؟

قلت : لا.

قال : إنه لرجل لا أزال أحبه بعد ثلاث سمعتهن من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، سمعته يقول لعلي علیه السلام : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، غير إنه لا نبي بعدي.

وأمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بسد الأبواب التي كانت تشرع الى مسجده ، وترك باب علي علیه السلام .

فقال بعض أعمامه : يا رسول اللّه ، سددت بابي ، وتركت باب هذا الغلام - يعني عليا علیه السلام -؟

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما أنا سددت أبوابكم

ص: 177

وتركت بابه ، ولكنّ اللّه فعل ذلك ، وأمرني به ، فامتثلت أمره.

وبعث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أبا بكر ببراة الى أهل مكة ، فلما سار بها بعث عليا علیه السلام في أثره ، وأمره بأخذها منه ، ويؤدي عنه الى أهل مكة.

فقال أبو بكر : يا رسول اللّه ، أنزل فيّ شيء؟

قال : لا ، إلا أنه نزل عليّ ألا يبلغ عني إلا أنا أو رجل مني ، وعلي مني.

[518] وبآخر ، عن جميع بن عمير التميمي (1) ، قال : صلّيت في مسجد النبي صلی اللّه علیه و آله فرأيت عبد اللّه بن عمر جالسا ، فأتيته ، فسلمت عليه ، وجلست إليه ، وقلت : حدثني عن علي علیه السلام .

فقال : هذا منزل علي وهذا منزل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وإن شئت حدثتك عنه.

قلت : نعم حدثني عنه.

قال : آخى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بين أصحابه ، وترك عليا علیه السلام : فقال له : يا رسول اللّه آخيت بين المهاجرين وتركتني ، فمن أخي؟

قال : أما ترضى يا علي أن تكون أخي؟

قال : بلى ، يا رسول اللّه.

قال : فأنت أخي في الدنيا والآخرة.

وقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - يوم خيبر - : لأعطين الراية غدا رجلا يحب اللّه ورسوله ، ويحبه اللّه ورسوله ، فما منا أحد إلا رجا

ص: 178


1- وفي تهذيب التهذيب 2 / 111 : جميع بن عمير بن عفاف التيمي الكوفي.

أن يكون صاحبها. فلما أصبح ، قال : أين علي؟

قالوا : أرمد.

قال : ادعوه لي.

فدعي له ، فلما جاء تفل في عينه وأعطاه الراية ، وتقدم ، وسرنا معه فما تتامّ آخرنا حتى فتح اللّه به على أولنا.

قال : وبعث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أبا بكر ببراة ، فلما أتى ذا الحليفة (1) أرسل عليا علیه السلام فأخذها منه. فقال أبو بكر لعلي علیه السلام : أنزل فيّ شيء؟

قال : لا ، إلا أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل من أهل بيتي.

قال : فرجع أبو بكر الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال : يا رسول اللّه ، أنزل فيّ شيء؟

قال : لا ، ولكن لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل من أهل بيتي.

[519] وبآخر ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه قال : لما أمرني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بأن ألحق أبا بكر ، فآخذ منه برأة ، وأمضي بها في أهل مكة ، فأقرأها عليهم ، وأودي عنه إليهم. قلت : يا رسول اللّه ، إني لست بالخطيب (2) ، وأنا رجل حدث (3) السن.

قال : لا بدّ من أن تذهب بها ، أو أذهب بها أنا.

قلت : أما إذا كان ذلك ، فأنا أذهب بها يا رسول اللّه.

ص: 179


1- احدى المواقيت التي يحرم الحجاج منها.
2- وفي مسند أحمد 1 / 150 : ولا بالخطب.
3- هكذا في نسخة - ج - وفي نسخة الأصل : حديث السن.

قال : اذهب فسوف يثبت اللّه لسانك ويهدي قلبك (1).

[520] وبآخر ، عن أبي حازم ، قال : خرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال :

أيها الناس سدوا أبوابكم عن المسجد ، فكان الناس توقفوا. ثم خرج الثانية ، فقال ذلك ، فتوقفوا.

قال ابن عباس : فخرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الثالثة ، فقال : أيها الناس سدوا أبوابكم غير باب علي قبل أن ينزل العذاب ، فسدوا أبوابهم غير باب علي.

فقال بعض الناس : إنما ترك باب علي لقرابته. وقال بعضهم : لو كان ذلك للقرابة لكان حمزة أقرب إليه منه ، هو عمه ، وأخوه من الرضاعة ، ولكن من أجل ابنته فاطمة.

فلما كثر خوضهم في ذلك ، خرج إليهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال :

أيها الناس إنما أنا بشر ، واللّه ما أنا أصنع إلا بما أمرت به ، وما أعلم إلا بما علّمت ، وقد تعلمون أني نزلت قبا (2) ، فاتخذت بها مسجدا ومسكنا ، وما أردت التحويل ، فخرجت بي النافة ، واستقبلتني الأنصار ، فقلت : دعوها فإنها مأمورة ، فبركت حيث بنيت المسجد ، وإن اللّه أوحى إلى موسى علیه السلام أن اتخذ مسجدا طهرا تسكنه أنت وهارون وأبناء هارون ، وان اللّه قد أمرني أن أتخذ مسجدا طهرا أسكنه أنا وعلي وأبناء علي ، واللّه ما أنا سددت ، ولا أنا فتحت (3).

ص: 180


1- واضاف في الفضائل ص 323 : ثم وضع يده على فمه.
2- محلة من محلات المدينة المنورة.
3- قال علي بن عبد اللّه السمهودي في كتابه خلاصة الوفا باخبار دار المصطفى ص 252 بعد ذكر عدة روايات بان حديث سد الباب في أبي بكر وانه صلی اللّه علیه و آله أمر بسد الابواب إلا باب أبي بكر ، ثم قال :

[521] عن أم سلمة ، أنها قالت : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لا يحل هذا المسجد لجنب ولا لحائض إلا لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأزواجه وعلي وفاطمة بنت محمّد ، ألا إني قد بينت لكم لئلا تضلوا (1) [ مرتين ] (2).

[522] عن عبد اللّه بن عمر ، أنه قال : لقد اعطي علي بن أبي طالب علیه السلام ثلاث مناقب لئن تكون (3) لي إحداهن أحب إليّ من حمر النعم. زوّجه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فاطمة علیهاالسلام ، فولدت له السبطين الحسن والحسين علیهماالسلام . وأعطاه الراية يوم خيبر بعد أن قال : لأعطيّنها رجلا يحب اللّه ورسوله ، ويحبه اللّه ورسوله. وسد أبواب الناس كلهم عن المسجد (4) غير بابه.

[523] وبآخر ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : بعث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مصدّقا الى قوم ، فعدوا عليه فقتلوه ، فأرسل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إليهم عليا علیه السلام فقتل المقاتلة وسبى الذرية ، وانصرف

ص: 181


1- وفي تاريخ دمشق 1 / 271 : ألا هل بينت لكم ، ألا ساء أن تضلوا.
2- الزيادة من المناقب لابن شهر اشوب 2 / 194.
3- وفي نسخة - ج - : لا أن تكون.
4- هكذا صححناه وفي جميع النسخ : عن المسجد الحرام.

بها ، فبلغ النبي صلی اللّه علیه و آله قدومه ، فسرّ بما كان منه ، وخرج فتلقاه خارجا من المدينة ، فلما لقيه اعتنقه ، وقبّل بين عينيه ، وقال : بأبي وأمي من شد اللّه به عضدي كما شد عضد موسى بهارون.

[524] وبآخر ، عن أبي إسحاق ، قال : [ سأل عبد الرحمن بن خالد قثم ] (1) ابن العباس : بأيّ شيء ورث علي بن أبي طالب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله دون العباس؟

قال : لأنه كان أشدّنا به لزوقا ، وأسرعنا به لحوقا.

[525] وبآخر ، عن الحسن البصري (2) ، أن رجلا أتاه ، فقال له : يا أبا سعيد (3) ، إن إخوانك من الشيعة يزعمون أنك تبغض عليا علیه السلام .

فأطرق طويلا ، ثم رفع رأسه ، وقال :

ذكرت واللّه سهما صائبا من سهام اللّه عزّ وجلّ على أعدائه ، ربانيّ هذه الامة [ بعد نبيها ] (4) وعالمها وذا فضلها ، وذا شرفها ، وذا قرابة قريبة من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، لم يكن بالنومة عن حق اللّه ، ولا بالسروقة من مال اللّه ، أعطى القرآن واللّه عزائمه فيما عليه وله. [ فأورده رياضا مونقة وحدائق معذقة ذاك ] علي بن أبي طالب علیه السلام ، فكيف أبغضه! يا لكع.

[526] وبآخر ، عن جابر بن يزيد (5) ، أنه قال : لقد فتّشت في فقهاء أهل

ص: 182


1- هكذا صححناه وفي الاصل : قال : قلت لقثم بن العباس.
2- أبو سعيد ولد 21 ه- في المدينة وتوفي 110 ه- بالبصرة.
3- وفي الاصل : يا أبا سعيد الخدري ، وهو غلط ظاهر.
4- ما بين المعقوفتين من كتاب المناقب لابن المغازلي ص 73.
5- أبو عبد اللّه جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي التابعي الكوفي توفي 128 ه.

الحجاز وأهل العراق وأهل المغرب زيادة على ثمانمائة وسبعين رجلا ، فمحضتهم عما في صدورهم في رفق ولطف ، فما وجدت منهم إلا من يعرف لعلي صلوات اللّه عليه خلا ثلاثة نفر منهم ، فأخذت ما أصبت منهم فقذفته في الماء.

[527] وبآخر ، عن عبد اللّه بن علي بن الحسين ، يرفعه ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أتى مع جماعة من أصحابه الى علي علیه السلام مفتقدا له ، فنظر علي علیه السلام فلم يجد عنده شيئا يقربه إليهم.

فخرج يبتغي سلف دينار ، ليشتري لهم ما يتحفهم ، فمرّ غير بعيد ، فإذا هو بدينار على الأرض ، فتناوله ، وعرّف به فلم يجد له طالبا. فقال في نفسه : أشتري لهم به ما اقر به إليهم ، فإن جاء له طالب أديته إليه (1) ففعل ذلك ، واشترى بالدينار طعاما ، وأتى به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأصحابه ، فطعموا ، وانصرفوا وجعل ينشد الدينار فلم يجد له طالبا ، وأصابه عرضة ، فأتى به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأخبره بالخبر.

فقال : يا علي أعطاكه اللّه عزّ وجلّ لما اطلع على قلبك ، وما أردته وليس هو شيء للناس ، ودعا له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بخير.

[528] سعيد بن جبير (2) ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : قال رسول اللّه صلّى

ص: 183


1- هكذا في نسخة - ج - وفي الاصل : ودية إليه.
2- سعيد بن حبير بن هشام الاسدي الوالبي الكوفي التابعي الفقيه والمفسر والزاهد والعابد ويعرف بجهبذ العلماء. وفي طبقات الشعراني 1 / 36 : كان يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء في رمضان. صار واليا على الكوفة في خلافه عثمان وعلى المدينة في عهد معاوية ، وورد أن الحجاج ولاه القضاء في الكوفة في بادئ الامر ثم عزله. قتله الطاغية الحجاج بن يوسف الثقفي في شعبان سنة 95 ه- وهو ابن 49 سنة لانه كان يعتقد ويعترف بولاية أهل البيت (عليهم السلام). قال ابن الاثير : في جملة ما قال الحجاج لسعيد بن جبير : واللّه لأقتلنك ، أجابه : إني إذا لسعيد كما سمّتني أمي ، وضربت رقبته فبدر رأسه وعليه كمة بيضاء لاطية. فلما سقط رأسه هلل ثلاثا ، أفصح بمرة ولم يفصح بمرتين. ولما قتل سعيد التبس عقل الحجاج فجعل يقول : قيودنا قيودنا. فظنوا أنه يريد القيود فقطعوا رجلي سعيد من انصاف ساقيه وأخذوا القيود. ومرقده في ضواحي مدينة الحي بواسط العراق.

اللّه عليه وآله لعلي علیه السلام :

إن اللّه عزّ وجلّ أعطاك احدى عشرة خصلة ليس لأحد معك فيها دعوى ، ومن كفر فإن اللّه غني عن العالمين :

أنت أخي في الدنيا. وأنت أخي في الآخرة. وأنت صاحب رايتي في الدنيا. وأنت صاحب رايتي في الآخرة. وأنت في الدنيا وصيتي في أهلي. ومنزلك في الجنة بقرب منزلي. وعدوك عدوي ، وعدوي عدوّ اللّه. ووليك وليي ، ووليي ولي اللّه عزّ وجلّ. وحربك حربي. وسلمك سلمي.

ص: 184

[ احتجاجه (عليه السلام) في الشورى ]

[529] عن الأعمش ، عن عامر بن واثلة (1) ، قال : كنت على الباب يوم الشورى ، فارتفعت الأصوات بينهم ، فسمعت عليا علیه السلام يقول :

أيها الناس اللّه اللّه في أنفسكم ، إنها واللّه الفتنة العمياء الصماء البكماء المقعدة ، الى متى تعصون (2) اللّه ، أما تعلمون أنه ما من نفس تقتل ظلما أو يموت جوعا ، وما من ظلم يكون بعد اليوم أو جور أو فساد في الأرض إلا ووزر ذلك على من رد الحق عن أهله ، وأنا واللّه أهله.

واللّه ما الدنيا اريد ، ولقد علمت أنكم لن تفعلوا ، ولن تستقيموا ، ولن تجمعوا عليّ ، لكني أحتج عليكم ، واقيم المعذرة الى اللّه عزّ وجلّ بيني وبينكم.

بايع الناس أبا بكر ، وأنا واللّه أحقّ وأولى بها منه ، لكني خفت رجوع الناس على أعقابهم لما رأيت من طمع المنافقين في الكفر.

ثم جعلها أبو بكر من بعده لعمر ، فخفت آخرا ما خفته أولا ، وأنت يا عبد الرحمن بن عوف اقتديت بأبي بكر في عمر ، وحالك

ص: 185


1- هكذا صححناه وفي الاصل عمرو بن وائلة.
2- وفي نسخة - ج - : تقصون.

ما قال اللّه عزّ وجلّ في أهل الضلالة : ( إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ ) (1) أستقيم (2) لكم كما استقمتم ، فإذا غدرتم تغيرت ، واللّه على ما نقول وكيل ، أما تعلم أن عمر جعلني في خمسة أنا سادسهم لا يعرف لهم عليّ فضل في وجه من الوجوه ، وأنا أحتج عليكم بحجج لا يستطيع العربي منكم ولا المولى ولا المعاهد أن يجحدني منها حجة ، ولا يرد علي منها خصلة.

اناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أخ لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم اللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم من ولايته ولاية اللّه ، وعداوته عداوة اللّه غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم من قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أنت مني بمنزلة هارون من موسى غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم من له عم كعمي حمزة بن عبد المطلب أسد اللّه وأسد رسوله ، وسيد الشهداء عند اللّه [ غيري ]؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

ص: 186


1- الزخرف : 23.
2- وفي نسخة الاصل : استقمت ، وصححناه نسخة - ج -.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم من له زوجة كزوجتي فاطمة ابنة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وسيدة نساء عالمها ، وامها أول من آمن باللّه ورسوله [ غيري ]؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم من له سبطان مثل سبطي الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة [ غيري ]؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم أقرب الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مني؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم وصي لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم من آمن باللّه ورسوله صلی اللّه علیه و آله قبلي؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم من قدم صدقته بين يدي نجواه غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم أحد جاهد في سبيل اللّه كجهادي ، وقتل من المشركين كما قتلت ، وبذل نفسه بين يدي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كبذلي

ص: 187

لنفسي؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل أفيكم أحد أعطاه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سهمين - سهم في الخاصة ، وسهم في العامة - غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل أفيكم أحد ولي من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ما وليته عند موته ، حتى سالت نفسه بيده باختصاصه إياه بذلك ، ودعائه له أن يلي ذلك منه غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم أحد جاءته التعزية من اللّه عزّ وجلّ حين هتف بنا جبرائيل عند موت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وليس معه في البيت إلا أنا وفاطمة والحسن والحسين وهو مسجّى بيننا ، فقال :

السّلام عليكم أهل البيت ورحمة اللّه وبركاته ( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ ) (1) إن في اللّه عزاء من كل مصيبة ، ودركا من كل فائت ، وخلفا من كل هالك ، فباللّه فثقوا ، وله فارجعوا ، وإياه فاعبدوا ، وأعلموا أن المصاب من حرم الثواب ، والسّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته. غيري؟

ص: 188


1- آل عمران : 185.

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو ، أفيكم أحد ولي غسل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالروح والريحان مع كرام الملائكة غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد كفن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وحنطه مع الملائكة غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد وضع رسول اللّه في لحده ، وكان آخر الناس عهدا غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد كان يسمع حفيف أجنحة الملائكة غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد كان يقاتل بين يدي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وجبرائيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، وملك الموت (1) أمامه غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ،

ص: 189


1- عزرائيل.

أفيكم أحد شهد الكتاب بتطهيره في الخمسة أصحاب الكساء غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد قدمه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وولده وأهله معه للمباهلة لما أنزل اللّه عزّ وجلّ عليه : ( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) (1) وكان كنفس رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقال : أنت كنفسي ، غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد ترك رسول اللّه بابه مع أبوابه يشرع الى المسجد وسد أبواب جميع أصحابه غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد ورث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وصارت تركته إليه من بعده غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد استخلفه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على أهله ، وجعل طلاق نسائه بيده ، غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

ص: 190


1- آل عمران : 61.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد لا يجد حرا ولا بردا بدعاء رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد أمره رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على جميع الناس يوم جمع بني عبد المطلب وأندرهم كما أمره اللّه عزّ وجلّ أن ينذر عشيرته الأقربين ، وندبهم الى من يؤازره منهم على أمره على أن يجعله أخاه ووزيره في حياته ووصيه وخليفته على الأمة بعد وفاته ، فأبوا من ذلك ، وأجابه وعقد له ذلك وأمرهم بالسمع والطاعة له ، غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم أحد أقامه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في حجة الوداع عند ما احتج إليه عامة الامة ، فقال لهم : ألستم تعلمون أني أولى بكم منكم بأنفسكم؟ قالوا : اللّهمّ ، نعم. قال : فمن كنت مولاه فهذا مولاه ، اللّهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم أحد نهض به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على ظهره ليلة كسر أوثان الكعبة ، فألقاها عنها ، وكسرها ، غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد يعرف المنافقون ببغضهم إياه لما ابلي في المشركين غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

ص: 191

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد نودي باسمه من السماء يوم أحد « لا فتى إلا هو لا سيف إلا ذو الفقار » غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد أجابه الجن برسالة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد قال فيه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لأعطين الراية غدا رجلا يحبه اللّه ورسوله ، ويحب اللّه ورسوله ، كرار غير فرار ، لا يرجع حتى يفتح اللّه على يديه ، ثم أعطاه اياها ، ففتح اللّه على يديه ، غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد يشهد له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بأنه أعلم الناس بالقضاء ، وضرب على صدره ، ودعا له بالعلم بذلك ، غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم أحد من نزل من القرآن بمدحه وفضله مثل ما أنزل اللّه فيّ؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، هل فيكم أحد يدعي شرف كل آية في القرآن أولها ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) لسبقه الى الإيمان ، غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

ص: 192

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أمنكم أحد نزل فيه : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (1) غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فاناشدكم باللّه الذي لا إله إلا هو أيها النفر الخمسة ، أفيكم من أنزل اللّه عزّ وجلّ فيه : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) الى قوله : ( إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ) (2) غيري؟

قالوا : اللّهمّ ، لا.

قال : فحسبي بما أقررتم به من مناقبي وفضائلي ، ولو شئت أن أذكر غير ذلك كثيرا لذكرته ، فاصنعوا بعد ذلك ما أنتم صانعون ، فاللّه الشاهد على ما تفعلون.

قال عامر بن وائلة : فهذا ما حفظته ممّا عدده علي علیه السلام يومئذ من مناقبه على أهل الشورى ، فأقروا بها ، وصدقوه فيها. ثم لم أسمعه كلّمهم بعد ذلك بشيء حتى عقدوا ما عقدوه بينهم ، وافترقوا. وقد ذكرت في فصل قبل هذا جرى فيه مثل هذا الكلام ما أوجب مثل هذا القول من علي علیه السلام ، وأن ذلك لما خصه اللّه به من فضل الإمامة ، فلم يكن ينبغي له الإعراض عن ذلك ، وتركه كما لا ينبغي لمن خصه اللّه عزّ وجلّ بالنبوة أن يعرض عنها ، ويزهد فيها ، لا على أن ذلك كان من علي صلوات اللّه عليه لرغبته في شيء من أمر الدنيا. وقد علم الخاص والعام زهده فيها قبل أن يصير أمر الإمامة إليه وبعد ذلك.

ص: 193


1- المائدة : 55.
2- الانسان : 8 - 22.

[ سعد والسابّ عليّا ]

اشارة

[530] الأعمش ، باسناده ، عن سعد بن أبي وقاص : أنه سمع قوما يسبون بعض أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فقال : لا تسبوا أصحاب محمّد صلی اللّه علیه و آله فإنهم خير منكم ، وان عبتم عليهم ما عبتم.

فقال له رجل من القوم : أما واللّه ، إنا لنعيب عليكم ، ونجد في تخلفك عن سيد المسلمين (1) وإمام المتقين علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه.

فقال سعد : أما واللّه ما كان ذلك مني لموجدة عليه ، أو أن أكون لا أراه أحق الناس بها ، ولكنه رأي رأيت أخطأ أو أصاب ، وكيف يكون الذي تظنون بي ، وقد سمعت من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في علي علیه السلام من المناقب الشريفة ما إني وددت أن واحدة منهن لي بما طلعت الشمس عليه.

سمعت النبي صلی اللّه علیه و آله يقول - يوم غدير خم - : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللّهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر

ص: 194


1- وفي نسخة - ج - : سيّد المرسلين.

من نصره ، واخذل من خذله. شايلا بيده ، قد أسمع أهل النادي من جميع الناس - الأقصين والأدنين -.

وسمعته يقول له - لما خرج الى تبوك واستخلفه على المدينة وعلى أهله - ، وقد قال له : يا رسول اللّه ، إن بعض الناس يقولون : إنك إنما خلفتني استثقالا لي. فقال له :

يا علي ، إنه لا بدّ من إمام وأمير ، فأنا الإمام وأنت الأمير ، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى حيث استخلفه على بني إسرائيل إلا أنه لا نبي بعدي يوحى إليه. واللّه ما خلفتك عن أمري ، ولا عاقبتك عن أمري ، ولا أمرتك عن أمري إن أنا إلا مأمور.

وقال يوم خيبر - وقد انهزم أبو بكر وعمر ومن معهما - : لأعطين الراية غدا رجلا يحبه اللّه ورسوله ، ويحب اللّه ورسوله ، وليفتحن اللّه تعالى على يديه إن شاء اللّه تعالى ، ليس بفرار ولا نكاص ولا غدار ، يعطي السيف حقه ، والقرآن عزائمه والنصيحة أهلها. فلما كان من غد تشوق لها كل ذي شرف ، فدعا بعلي علیه السلام - وكان أرمد - فأجلسه بين يديه ، وتفل في عينيه وعلى بدنه.

ثم قال : اللّهمّ أذهب عنه الحرّ والبرد ، وارحمه ، وترحم عليه ، وأعنه ، واستعن به ، وانصره ، وانتصر به ، فانه عبدك وأخو رسولك. ودفع الراية إليه ، فخرج يمشي كأنه أسد ، ففتح اللّه عليه خيبر ، ثم حمل باب المدينة حتى وضعه ناحية ، فاجتمع عليه بعد ذلك سبعون رجلا ، فلم يقدروا أن يحملوه (1) فو اللّه ما وجد علي علیه السلام بعد ذلك حرا ولا بردا.

ولقد أشرفت عليه يومئذ ، فقالوا للجيش : من عليكم؟

ص: 195


1- وفي نسخة - ج - : أن يقيلوه.

قالوا : علي بن أبي طالب.

فقال بعضهم لبعض : لا قوام لكم به ، هذا وصيّ محمّد وهو سيد الأوصياء ، ومحمّد سيّد الأنبياء ، ولكنا لا نرضى أن نكون عبيدا ونحن ملوك.

وأمر رسول اللّه أعمامه وسائر أصحابه بسد أبوابهم من المسجد ، وترك باب علي علیه السلام حتى قال في ذلك حمزة بن عبد المطلب :

العجب من فضل اللّه عزّ وجلّ يؤتيه من يشاء ، يخرج العم من المسجد ، ويترك ابن العم.

فبلغ ذلك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فلقي حمزة ونحن معه.

فقال : يا حمزة بن عبد المطلب ، قد بلغني قولك في أمر المسجد ، وسدّي أبواب عمومتي وترك باب علي ، واللّه ما عن أمري فتحت الأبواب ، لكنه عن أمر ربّ العالمين. ولا عن أمري سددت ما سددت ، وتركت ما تركت لكنه عن أمر ربّ العالمين ، فأيكم سخط أمر ربّ العالمين.

فقال حمزة : فداك أبي وأمي ما نسخط ذلك بل نرضى ونسلّم ، فقد بعث إلينا وفي قومك من هو أكبر سنا منك ، وأطوع فيهم ، وأكثر أموالا ، وأبعد صوتا ، لكن اللّه تعالى يعلم حيث يجعل رسالته ، فخصّك بذاك دونهم ، فأهل ذلك ربنا وأهل ذلك أنت عنه وأهل ذلك عليّ من اللّه ومنك يا رسول اللّه ، فقد آمن بك عليّ إذ كفرنا بك ، وصدّقك إذ كذبناك ، ورضي باللّه وبك وهو غلام وجحدنا نحن ذلك ، ونحن رجال ، ودعوتنا وجميع بني عبد المطلب ، وطلبت من يؤازرك منا على أن تجعله أخاك ووزيرك في حياتك ووصيك وخليفتك من بعدك ، فأحجمنا وامتنعنا من ذلك ونحن رجال ،

ص: 196

وبذل لك نفسه وهو غلام ، فهنيئا لعلي ما منحه اللّه عزّ وجلّ إياه وفضله به وما ننكر فضله.

فابتهج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لذلك من قول عمه ، وأثنى عليه خيرا.

[ ابن عباس والشامي ]

[531] إبراهيم بن الفضل الكوفي ، باسناده ، عن موسى بن غسان ، قال : كان أهل الشام يسبون عليا صلوات اللّه عليه ، فاجتمعوا ذات يوم ، وقالوا : قد طال سبنا لهذا الرجل ، وهذا عبد اللّه بن عباس يفتي الناس بمكة ، فهلمّوا لترسلوا رسولا يسأله : لم قتل علي صلوات اللّه عليه من قتل من المسلمين؟ ولم يشركوا باللّه العظيم ، ولم يقتلوا من النفس التي حرم اللّه ، ولم يتركوا صلاة ولا زكاة ولا صوما ولم يكفروا بحجّ ولا بعمرة.

فاختاروا رجلا منهم ، واشتروا له زاحلة وزوّدوه ، وأرسلوه. فخرج حتى أتى مكة ، فوجد عبد اللّه بن عباس جالسا على زمزم يحدّث الناس ، فسلّم عليه ، فرد ابن عباس علیه السلام .

فقال له الرجل : رحمك اللّه إني رجل غريب ، فأقبل عليّ بسمعك وذهنك ، واسمع كلامي.

[ فوضع ] (1) يده على فمه يومي بها الى الناس أن اصمتوا ، فصمتوا ، ثم أقبل على الرجل ، فقال : ممن الرجل؟

قال : من أهل الشام.

ص: 197


1- هكذا صححناه ، وفي الاصل ونسخة - ج - : فقال ابن عباس بيده.

قال له ابن عباس : أعوان كل ظالم إلا من عصم اللّه (1) فما حاجتك ، يا أخا أهل الشام؟

قال : إني من عند قوم يلعنون عليا.

وكان ابن عباس متكئا على درب بئر زمزم (2) ، فاستوى جالسا ، وقال : ولم ذلك؟ لعنهم اللّه لقرب قرابته من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أم لسابقته في الإسلام؟

قال : رحمك اللّه ، فعلى ما ذا قتل المسلمين الذين لم يشركوا باللّه العظيم؟ ولم يقتلوا النفس التي حرم اللّه ، ولم يتركوا صلاة ولا زكاة ولا صوما ولم يكفروا بحجّ ولا بعمرة؟

قال ابن عباس : ويحك يا أخا أهل الشام ، سل عما يعنيك ، ودع عنك ما لا يعنيك.

قال الرجل : واللّه ما جئت لحجّ ولا لعمرة ولا جئت إلا لتشرح لي أمر علي وقتله أهل لا إله إلا اللّه ، واهدني واهد معي خلقا كثيرا ، فاني إنما جئتك عن قوم اشتروا لي راحلتي وزودوني وأرسلوني إليك لأسألك عما سألتك عنه ، وأرجع إليهم بجوابك.

قال ابن عباس : يا أخا أهل الشام إن الحديث لا يحدّث به إلا من سمعه فأدّاه كما سمعه.

قال له الرجل : يرحمك اللّه لو أنهم لم يعلموا أني كما يريدون في الإبلاغ إليهم لم يختاروني.

قال له : ويحك يا شامي ، إنما مثل علي علیه السلام في هذه الامة

ص: 198


1- وفي اليقين ص 106 : إلا من عصمهم اللّه.
2- وفي الاصل : على دائر بين زمزم. وفي نسخة - ج - : جالسا على زمزم.

كمثل العبد الصالح الذي قال له موسى : ( هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً ) (1).

ويحك ، اجلس حتى اخبرك بما سمعت وحفظت عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، قال : إن اللّه عزّ وجلّ لما أعطى موسى التوراة وعلمه من كل شيء قال موسى : أنا أعلم الناس ، فلما لقي الخضر علیه السلام أقرّ له بعلمه ولم يحسده كما حسدتم أنتم عليا علیه السلام ، وكان خرقه للسفينة لله رضا ، وسخطا لأهل الجهالة من الناس ، وكان قتله الغلام لله رضا ، وسخطا لأهل الجهالة من الناس.

ويحك يا شامي ، إنا كنا عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقد تزوج زينب بنت جحش (2) ، وكان يطعم الحيس ، وأقام اسبوعا يطعم الناس ، وكنا إذا دخلنا إليه جلسنا عنده نتحدث ، وكان ذلك يؤذيه ولم نعلم ، فانزلت هذه الآية : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ) (3). فكنا إذا اكلنا خرجنا من عنده ، فلما أتم اسبوعا خرج النبي صلی اللّه علیه و آله الى منزل أمّ سلمة ، وكان علي علیه السلام لم يأته في ذلك الاسبوع حياء منه ، فأقبل لما بلغه أنه خرج الى منزل أمّ سلمة حتى وقف على الباب ؛ فقرعه قرعا خفيفا ، فعرفه النبي صلی اللّه علیه و آله

ص: 199


1- الكهف : 66.
2- وهي زينب بنت جحش بن رئاب الاسدية ولدت 33 قبل الهجرة وكانت زوجة زيد بن حارثة فطلقها واسمها برّة وتزوجها الرسول صلی اللّه علیه و آله وسماها زينب توفيت 20 ه.
3- الاحزاب : 53.

ولم تعرفه أمّ سلمة. فقال لها النبي صلی اللّه علیه و آله : قومي فافتحي الباب.

قالت أمّ سلمة : وما بلغ من هذا الذي أقوم إليه ، فأستقبله بمعاصمي ومحاسني ، فأفتح له الباب ، وقد نزل فينا بالأمس ما قد نزل؟

فقال لها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - كالمغضب - : أمالي عليك من حق؟

قالت : بلى يا رسول اللّه.

قال : فقومي فافتحي الدار فإن بالباب رجلا ليس بالخرق ولا بالنزق ، وليس يدخل الباب بعد أن تفتحي الباب حتى يخفى عليه الوطء ، إن بالباب رجلا يحب اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله.

فقامت أم سلمة وهي تقول : بخ بخ لرجل يحب اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله ، ففتحت الباب. فأخذ علي صلوات اللّه عليه بعضادتي الباب ، ومكث حتى سكت عنه الوطء ، ودخلت أم سلمة خدرها ، فسلّم ثلاثا ، ثم دخل.

فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - ساعة رآه - : واللّه يا أبا الحسن لقد كنت مشتاقا إليك.

فقال له علي علیه السلام : وأنا واللّه بأبي أنت وأمي يا رسول اللّه أشدّ شوقا.

وقبّل كل واحد منهما بين عيني الآخر. ثم جلس علي علیه السلام ، والتفت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إلى أمّ سلمة - وهي في خدرها - فقال لها : أما تعرفين هذا؟

فقالت : بلى يا رسول اللّه ، هو أخوك وابن عمك علي علیه السلام .

ص: 200

فقال لها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا أمّ سلمة ، اسمعي واحفظي واشهدي ، هذا علي سيط لحمه بلحمي ، ودمه بدمي ، وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. يا أمّ سلمة ، اسمعي واحفظي واشهدي ، هذا علي قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.

قال الشامي : من الناكثون والقاسطون والمارقون؟

قال ابن عباس : الناكثون الذين بايعوه بالمدينة ونكثوا بيعتهم ، وقاتلوه بالبصرة. والقاسطون معاوية وأصحابه. والمارقون أهل النهروان.

قال : ثم قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لام سلمة : يا أمّ سلمة ، اسمعي واحفظي واشهدي ، هذا أخي في الدنيا ، وقريني في الآخرة.

يا أمّ سلمة ، اسمعي واحفظي واشهدي ، هذا عليّ عيبة علمي ، والباب الذي أوتي من قبله. والوصي على الأحياء من أهل بيتي ، وهو معي في السنام الأعلى صاحب لوائي ، ولذائد عن حوضي ، وصاحب شفاعتي.

يا أمّ سلمة ، اسمعي واحفظي واشهدي ، إن اللّه عزّ وجلّ دافع إليّ يوم القيامة لواءين : لواء الحمد ولواء الشفاعة ، ولواء الشفاعة بيدي ، ولواء الحمد بيد علي ، وهو واقف على حوضي ، لا يسقى من حوضي من شتمه ، أو شتم أهل بيته ، ولا من قتله ، ولا من قتل أهل بيته.

فقال له الشامي : حسبك يا بن عباس رحمك اللّه فرجت عني كربتي واحييتني وأحييت معي خلقا. فأحياك اللّه الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة اشهد اللّه واشهدك ، ومن حضر ، أن عليا مولاي

ص: 201

ومولى كل مسلم.

ثم انصرف الى الشام. فأعلم الذين أرسلوه بما كان من ابن عباس. فرجع معه خلق من أهل الشام عن سبّ علي علیه السلام .

[532] وكيع ، باسناده ، عن سلمان الفارسي قدّس اللّه روحه ، قال : صعد علي أمير المؤمنين المنبر ، فحمد اللّه ، وأثنى عليه ، وصلّى على النبيّ صلی اللّه علیه و آله ، وذكر شيئا أراد ذكره.

فقال له الناس : أخبرنا يا أمير المؤمنين عن نفسك؟

فقال : أما تعلمون أن اللّه عزّ وجلّ قال في كتابه : ( فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى ) (1).

قالوا : يا أمير المؤمنين ، إنا نحب أن تخبرنا عن نفسك.

قال : إنا أهل بيت لا يقاس بنا أحد.

قالوا : تخبرنا ، يا أمير المؤمنين ، عما خصّك اللّه به ورسوله صلی اللّه علیه و آله .

قال : كنت إذا سألت أعطيت ، وإذا سكت ابتديت.

ثم نزل عن المنبر.

ص: 202


1- النجم : 32.

[ حديث سدّ الأبواب ]

اشارة

[533] وبآخر ، عنه ، أنه قال : إن اللّه عزّ وجلّ أوحى الى موسى وأخيه ( أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ) (1).

فبنى موسى مسجدا ، وكان فيه هو وأخوه هارون علیهماالسلام ، وأهلوهما ، وان النبي صلی اللّه علیه و آله لما دخل المدينة (2) ابتنى المسجد ، وابتنى أصحابه حوله ، وفتحوا أبوابهم الى المسجد.

وان النبي صلی اللّه علیه و آله أرسل معاذ بن جبل (3) الى العباس ، فقال له : سدّ بابك الذي يلي المسجد.

فقال : سمعا وطاعة.

ثم أرسل الى حمزة فكان حديدا ، فتكلم بشيء ، ثم قال : سمعا وطاعة.

وأرسل الى أبي بكر ، فقال سمعا وطاعة.

ثم أرسل الى عمر بذلك ، فقال : ولكن يترك لي كوة (4) أنظر منها

ص: 203


1- يونس : 87.
2- هكذا في نسخة - ج - وفي الاصل : دخل المسجد.
3- أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الانصاري الخزرجي ولد 20 قبل الهجرة توفي عقيما بناحية الاردن 18 ه- ودفن بالقصير المعيني ( بالغور ).
4- وفي مناقب ابن المغازلي ص 254 : إني ارغب الى اللّه في خوخة.

الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذا خرج الى الصلاة ، وإذا انصرف.

فقال النبي صلی اللّه علیه و آله : لا ولا ثقبة. فقال : سمعا وطاعة.

وأرسل الى عثمان ، والى كل من كان له باب الى المسجد ، أن يسدّوا أبوابهم غير علي صلوات اللّه عليه. فقالوا : سمعا وطاعة.

فقال علي علیه السلام لمعاذ : أمرك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في شيء؟

قال : لا.

قال : فاسأله.

فأخبره معاذ بقول علي علیه السلام .

فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ارجع إليه ، فقل له : أقم (1) طاهرا مطهرا.

فلما ترك عليا علیه السلام وحده ، وجد قوم في أنفسهم وتكلموا فيه.

فقال العباس (2) لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أخرجت عمك وبني عمك وأبا بكر وعمر وتركت عليا وحده.

فقال : يا عم واللّه ما أنا الذي خرجتهم ، ولا أنا الذي تركت عليا انما أنا مأمور ، ما أمرت به فعلته ، وانما امرت أن لا يجامع أحد في المسجد ، ولا يدخله جنبا إلا أنا وعلي علیه السلام . عليّ مني بمنزلة

ص: 204


1- وفي مناقب ابن المغازلي : اسكن.
2- وفي مناقب ابن المغازلي : فقال حمزة.

هارون من موسى ، يحلّ له ما حلّ لي ، ويحرم عليه ما حرم عليّ. فقال العباس : سمعا وطاعة.

فقال النبي صلی اللّه علیه و آله : من تولاني تولى عليا ، ومن لم يقل بولاء علي فقد جحد ولايتي ، ومن كنت مولاه فعلي مولاه والى اللّه من والاه ، وعادى اللّه من عاداه. علي يبرئ ذمتي ويؤدي عني أمانتي ، وعلي ضامن عداتي ، وخافر ذمتي ، وعيبة علمي ، ومحيي شريعتي ، والذي يقاتل عن سنتي ، وهو مني وأنا منه ، وهو معي على السنام الأعلى ، يكسى معي إذا كسيت ، ويدعى معي إذا دعيت ، ويفد معي إذا وفدت ، يحلى معي إذا حليت ، وهو إمام المؤمنين ، وقائد الغرّ المحجلين ، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.

[ الرسول ومنزلة علي ]

[534] ابن لهيعة (1) ، باسناده ، عن معاذ بن جبل ، قال :

لما فشى أمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بمكة ، وأسلم من أسلم من المسلمين ، ووثب عليهم قومهم يعذبونهم ليفتنوهم عن دينهم ، وأذن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لهم في الهجرة ، فهاجر من خاف من قومه على نفسه وتفرقوا في البلدان ، وأقام مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من حماة قومه ، افتقد عليا علیه السلام - ذات يوم - فلم يعلم مكانه حتى أمسى ، فاشتدّ غمه به ، فرأت أثر الغم عليه خديجة رضوان اللّه عليها ، فقالت : يا رسول اللّه ما هذا الغم الذي أراه عليك؟

ص: 205


1- وهو أبو عبد الرحمن عبد اللّه بن لهيعة بن فرعان الحضرمي المصري قاضي مصر. ولد 97 ه. توفي بالقاهرة 174 ه.

قال : غاب علي منذ اليوم فما أدري ما صنع به ، وقد أعطاني اللّه عزّ وجلّ فيه ثلاثا في الدنيا وثلاثا في الآخرة لا أخاف معها عليه [ أن يموت ولا يقتل حتى يعطيني اللّه موعده إياي ] (1). إلا أني أخاف عليه واحدة.

قالت : يا رسول اللّه وما الثلاث الذي أعطاكها اللّه في الدنيا؟ وما الثلاث الذي أعطاكها اللّه في الآخرة؟ وما الواحدة التي تخشاها عليه؟

قال : يا خديجة ، إن اللّه عزّ وجلّ أعطاني في علي لدنياي : إنه يقتل أربعة وثمانين (2) مبارزا قبل أن يموت أو يقتل ، فإنه يواري عورتي عند موتي ، وإنه يقضي ديني وعداتي من بعدي. وأعطاني في علي لآخرتي إنه صاحب مفتاحي يوم أفتح أبواب الجنة ، وصاحب لوائي يوم القيامة ، وإنه صاحب حوضي. والتي أخافها عليه ضغائن له في قلوب قوم.

فخرجت خديجة في الليل تلتمس خبر علي علیه السلام ، فوافقته ، فأعلمته باغتمام رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بغيبته ، وألفته مقبلا إليه ، فسبقته تبشره ، فقام قائما ، فحمد اللّه تعالى رافعا يديه.

[535] وبآخر ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : قال لي جبرائيل علیه السلام : يا محمّد ، إن حفظة علي تفتخر على الملائكة.

قلت : بما ذا يا جبرائيل؟

ص: 206


1- هذه الزيادة من بحار الأنوار 40 / 65 الحديث 99.
2- وفي بحار الأنوار : أربعة وثلاثين.

قال : تقول : إنها لم تكتب على عليّ خطيئة منذ صحبته.

[ آية الاعتصام ]

[536] محمّد بن علي العنبري ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه كان جالسا في المسجد وحوله جماعة من أصحابه ، وفيهم علي إذ وقف عليه أعرابي ، فقال : يا رسول اللّه جئت إليك أسألك عن آية من كتاب اللّه تعالى سمعته يأمر فيها بما لم أدر ما هو.

قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : سل يا أعرابي.

قال : سمعت اللّه عزّ وجلّ يقول : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً ) (1) ، فما هذا الحبل الذي أمرنا أن نعتصم به؟

فأخذ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بيد الأعرابي ، فوضعها على كتف (2) علي علیه السلام ، وقال : هذا حبل اللّه الذي آمركم بالاعتصام به.

فدار الأعرابي من خلف علي علیه السلام ، فاعتنقه ، وقال : اللّهمّ إني أعتصم به.

فقال رسول اللّه : من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة ، فلينظر الى هذا الأعرابي.

[537] أحمد بن علي الروري (3) ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن عليا اوتي ما لم يؤته إلا نبي ، إن عليا لم يشرك باللّه قط ، ولم يكذب كذبة قط ، ولم يشرب خمرا قط.

ص: 207


1- آل عمران : 103.
2- هكذا في نسخة - ج - وفي الأصل : فوضعها من خلف على كتف.
3- وفي نسخة - ب - : الدوري.

[538] سفيان ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه قال :

لما نزلت : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) (1) سألت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عن قدر الصدقة؟

فقال : دينار.

قلت : إن أكثر الناس لا يجده.

قال : فما استطعت.

قال : فتصدقت وناجيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

وأنزل اللّه عزّ وجلّ : ( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ ) (2). وخفف اللّه ذلك عن الامة ولم يفعله غيري.

[539] أبو عبد الرحمن القصير (3) المقري ، باسناده ، عن عبد الرحمن بن سداد بن الهادبة (4) ، قال : وددت أني كنت قمت ، فذكرت مناقب علي بن أبي طالب علیه السلام ، وما قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيه يوما الى الليل ثم أقدم فتضرب عنقي.

[540] وبآخر ، عن أبي رجا العطارديّ (5) ، أنه سمع قوما من الخوارج يسبون عليا علیه السلام ، فقال : مهلا ويلكم أتسبون أخا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وابن عمه ، وأول من صدقه ، وآمن به ، واللّه لمقام علي صلوات اللّه عليه مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ساعة من نهار خير من أعماركم بأجمعها.

ص: 208


1- المجادلة : 12.
2- المجادلة : 13.
3- هكذا في نسخة - ج - وفي الاصل : القصر.
4- وفي نسخة - ب - : شداد بن المهادية.
5- المصري واسمه عمران.

[ حديث الراية ]

[541] أبو عوانة (1) ، باسناده ، عن عمرو بن ميمون (2) ، قال : كنا عند عبد اللّه بن عباس ، فأتاه قوم (3) ، فقالوا : إنا نحبّ أن نخلو معك.

فقام ، فجلس معهم ناحية ، ثم انصرف ، وهو ينفض ثوبه ، ويقول : اف لهؤلاء وقعوا في رجل قال فيه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عشر خلال ، كل خلة منها خير من الدنيا وما فيها ، وقعوا في علي أمير المؤمنين.

وقد قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لأعطين الراية غدا رجلا يحبّ اللّه ورسوله ، ويحبّه اللّه ورسوله لا يخزيه اللّه عزّ وجلّ ، فأعطاها عليا صلوات اللّه عليه.

وقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لبني عبد المطلب - وقد جمعهم - : أبكم يتولاّني؟

يعرض ذلك عليهم رجلا رجلا ويأبون حتى انتهى إلى علي علیه السلام - وهو أحدثهم سنا -.

فقال : أنا أتولاك يا رسول اللّه.

قال : فأنت أخي ووليي في الدنيا والآخرة.

ووضع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ثوبه عليه وعلى زوجته فاطمة علیهاالسلام وعلى ابنيه الحسن والحسين علیهماالسلام وقال : ( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ

ص: 209


1- وفي نسخة الأصل : أبو عوان.
2- أبو عبد اللّه ، ويقال : أبو يحيى عمرو بن ميمون الأودي المتوفى 75 ه.
3- وفي مناقب الخوارزمي ص 73 : إذ أتاه تسعة رهط.

تَطْهِيراً ) (1).

وقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من كنت مولاه فعلي مولاه.

وبعث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ببراءة مع أبي بكر إلى أهل مكة ، ثم أردفه بعلي علیه السلام ، فأخذها منه ، وقال : إنه لا يبلغ عني إلا رجل مني ، وعلي مني وأنا منه.

وخرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى تبوك ، واستخلفه على المدينة وعلى أهله ، فبكى ، وقال : أخرج معك يا رسول اللّه.

فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وأنت وزيري وخليفتي في قومي كما كان هارون وزير موسى علیهماالسلام وخليفته في قومه.

وكان أول من أسلم منا.

وسدّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أبواب المسجد غير بابه [ فكان يدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق سواه ] (2).

ونام على فراش رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ليلة هاجر ليري المشركين الذين تواطأ واعلى قتله أنه لم يزل ، فواساه بنفسه وبذلها دونه.

وأخبر اللّه عزّ وجلّ في كتابه ، أنه قد رضي عنه وعن أهل الشجرة بقوله تعالى : ( لَقَدْ رَضِيَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) (3) ، فكان علي علیه السلام أحدهم.

[ الرسول مع فاطمة ]

[542] يحيى بن أبي بكير ، باسناده ، عن معدان بن سنان ، أنه قال :

ص: 210


1- الأحزاب : 33.
2- الفتح : 18.
3- هذه الزيادة من مناقب الخوارزمي.

مرضت فاطمة علیهاالسلام بنت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فأتاها علیه السلام ليعودها ، فبكت وشكت إليه حالها. فقال : يا فاطمة أما ترضين أن زوجتك أقدم امتي سلما ، وأكثرهم علما ، وأعظمهم حلما؟

قالت : بلى ، رضيت يا رسول اللّه.

[543] الأعمش ، باسناده ، عن أبي أيوب الأنصاري (1) ، أنه قال : مرض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فعادته فاطمة ابنته صلوات اللّه عليها ، فلمّا نظرت الى ما برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من العلة بكت ، فقال : مه يا بنية ، أما علمت أن اللّه عزّ وجلّ اطلع الى الأرض اطلاعة ليختار لك قرينا ، فاختار لك عليا ، وأوحى إليّ أن أنكحك إياه ، فأنكحتك أعلمهم علما ، وأقدمهم سلما ، وأعظمهم حلما.

ومناقب علي وفضائله أكثر من أن يحيط بها هذا الكتاب فضلا عن هذا الباب ، ولكنا ذكرنا فيه نكتا منها بحسب ما شرطناه في أول هذا الكتاب.

فكلما يجري ذكره فيه فمن مناقبه وفضائله ، وقد شرحنا كثيرا ممّا تقدم ذكره منها في الأبواب التي قبل هذا الباب من هذا الكتاب وتكرر بعض ذلك في هذا الباب ممّا دخل فيه من جملة الأحاديث ممّا قبله ، فأغنى شرح ذلك في المتقدم عن إعادته وذكر في هذا الفصل ، ولم نذكر في هذا الكتاب إلا ما روته العامة من فضائل علي صلوات اللّه عليه ومناقبه دون ما رواه كثير من الشيعة ممّا ينكره العوام ، تركته اختصارا ، ولئلا اعرض به إن ذكرته

ص: 211


1- وهو خالد بن زيد الخزرجي صحابي نزل الرسول صلی اللّه علیه و آله في بيته في المدينة يوم الهجرة ، إلى أن تم بناء مسجد له. قاتل في اكثر الغزوات توفي بحصار القسطنطينية ودفن تحت اسوارها سنة 52 ه- ، كان ملوك العثمانيين يتقلدون سيف الخلافة امام قبره حيث اقيم مسجد شهير.

لظن المخالفين وإنكار الجاهلين وتكذيب المكذبين ، ولأن فيما رووه وأجمعوا عليه كفاية عما أنكروه واختلفوا فيه.

ولعل قائلا يقول إذا سمع بعض ما أثبتناه من هذا الكتاب من فضائل علي علیه السلام ومناقبه : إن لغيره مثل بعضها ، ويأتي بذلك ، وقلّ من يخلو من أن يكون فيه فضيلة ممن يذكر بخير.

ولكن لا يقاس من كثرت فضائله بمن قلّت فضائله أو نقصت عن فضائل من يقاس إليه ، كما يكون من يكون فيه أقل شيء من الفضائل أفضل ممن لا فضل له.

والفضائل التي تفاضل المؤمنون بها ممّا أجمعوا عليه ولم يختلفوا فيه ، ونطق الكتاب به وذكر اللّه عزّ وجلّ فيه فضل من كان من أهله وجوه :

ص: 212

[ أوجه التفاضل ]

[ 1 - الإيمان ]

أولها ما افترضه اللّه عزّ وجلّ أولا على عباده ذلك الإيمان به وبرسوله ، ونص على فضل السبق إليه ، فقال جلّ من قائل : ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (1) ، وقال تعالى : ( وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا ) (2) ، وقال تعالى : ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ ) (3) ، فأجمعوا على أن السبق الى الإسلام من أفضل الفضائل التي تفاضل المؤمنون بها. وقد ذكرنا فيما تقدم أن عليا علیه السلام أول من آمن باللّه وبرسوله من ذكور هذه الامة ، وذكرت ما ادخل في ذلك من ادخل من أهل العناد ، وما يبطل إدخاله ، ووجدناهم يذكرون السابقين الى الإسلام بفضيلة السبق على التقريب في الفضل ، ويسمّونهم ويعدّونهم فيقولون : إن السابقين من أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى الإسلام علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ، وزيد بن حارثة ، وأبو بكر ، وعثمان ، وطلحة (4) ، والزبير (5) ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الرحمن

ص: 213


1- الواقعة : 10.
2- الحشر : 10.
3- التوبة : 100.
4- وهو طلحة بن عبيد اللّه القرشي التميمي صحابي من أغنياء قريش ، قتل في وقعه الجمل وهو بجانب عائشة سنة 36 ه.
5- الزبير بن العوام القرشي الاسدي ، ابن عمة النبي صلی اللّه علیه و آله - صفية بنت عبد المطلب - اعتنق الاسلام بأول صباه ، هاجر الى الحبشة ثم المدينة ، انتخبه عمر في الشورى ، انسحب من قتال علي في الجمل ، اغتاله ابن جرموز سنة 36 ه.

بن عوف (1) ، وعمر بعد أناس كثير ، وسلمان الفارسي (2) ، وأبو ذر ، والمقداد (3) ، وعمار ، وعبد اللّه بن مسعود (4) ، وسعد بن زيد (5) ، وخباب بن الأرت (6) ، وصهيب (7) ، وبلال (8).

فلا أقلّ - إن تفاضل هؤلاء في درجة السبق وفضله - أن يكون علي علیه السلام أحدهم ، وإن كان قد سبقهم.

[ 2 - القرابة ]

ثم ذكروا بعد السبق الى الإسلام في الفضل فضل القربى من الرسول

ص: 214


1- القرشي الزهري صحابي ، كان تاجرا واسع الثراء ، ثامن من أسلم في مكة ، هاجر الى الحبشة ثم الى المدينة توفي 32 ه.
2- وان سلمان أسلم في المدينة بعد الهجرة وليس من جملة السابقين.
3- هو المقداد بن الاسود ، صحابي من الابطال نسب الى الاسود بن عبد يغوث ، وهو أحد السبعة الذين كانوا أول من اظهر الإسلام ، هاجر الى الحبشة ، قاتل في بدر وأحد لقب ( حب اللّه وحب رسول اللّه ) ، توفي بالمدينة 33 ه.
4- عبد اللّه بن مسعود بن غافل بن حبيب ، أبو عبد الرحمن الهذلي المتوفى 33 ه.
5- القرشي العدوي من السابقين الأولين لدعوة الإسلام هو وامرأته فاطمة اخت عمر. هاجرا الى الحبشة ، قاتل مع الرسول ، واشترك في فتوح الشام توفي بالمدينة 51 ه.
6- أبو عبد اللّه خباب بن الارت بن جندلة بن سعد بن حزيمة التميمي الصحابي الجليل ، قال بحر العلوم في رجاله : أحد السابقين الأولين الذي عذبوا في الدين ، فصبروا على أذى المشركين. روي أن قريشا أوقدت له نارا وسحبوه عليها في اطفائها وأودك ظهره وكان أثر النار ظاهرا عليه في جسده توفي بالكوفة 37 ه- وصلّى عليه أمير المؤمنين عن عمر يناهز 73 سنة.
7- صهيب بن سنان صحابي أحد السابقين الى الإسلام ، كان تاجرا في مكة وربح مالا وفيرا؟؟؟ منعه مشركو قريش من الهجرة الى المدينة بماله فتركه وهاجر توفي بالمدينة 38 ه.
8- بلال بن رياح الحبشي ، صحابي ، أول من أذن ، قاتل مع النبي صلی اللّه علیه و آله توفي بدمشق 20 ه.

صلی اللّه علیه و آله لقول اللّه عزّ وجلّ : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (1) ، وقوله تعالى : ( إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ. ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (2) ، وقوله تعالى : ( وَاتَّقُوا اللّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ ) (3) ، وقوله تعالى : ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) (4) ، وقوله تعالى : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (5) ، وقوله تعالى : ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللّهِ ) (6) ، وقوله تعالى : ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ) (7). وكان الذين يعدّون من ذوي قرابة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : علي بن أبي طالب علیه السلام ، وحمزة بن عبد المطلب ، وجعفر بن أبي طالب ، والحسن ، والحسين صلوات اللّه عليهم ، والعباس بن عبد المطلب ، وبنوه : عبد اللّه ، وعبيد اللّه (8) والفضل (9) ، وعبيدة بن الحارث (10) ، وأخوه أبو سفيان ، ومن حلّ محلهم ممن

ص: 215


1- الشورى : 23.
2- آل عمران : 33.
3- النساء : 1.
4- الشعراء : 214.
5- آل عمران : 61.
6- الأنفال : 75.
7- الأنفال : 41.
8- أبو محمّد عبيد اللّه بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي القرشي ولد 1 ه- كان أصغر من أخيه عبد اللّه بسنة ، رأى النبي صلی اللّه علیه و آله ولم يرو عنه شيئا واستعمله أمير المؤمنين علیه السلام على اليمن وكان جوادا ينحر كل يوم جزورا ، وهو أول من وضع الموائد في الطرق ، مات بالمدينة 87 ه.
9- من شجعان الصحابة ووجوههم كان أسن ولد العباس ثبت يوم حنين ، وأردفه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وراءه في حجة الوداع فلقب « ردف رسول اللّه » توفي 13 ه.
10- عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف ، أبو الحارث ، من ابطال قريش في الجاهلية والاسلام ، ولد بمكة 62 قبل الهجرة وأسلم قبل دخول النبي صلی اللّه علیه و آله دار الارقم ، وعقد له النبي ثاني لواء عقده بعد أن قدم المدينة ، وبعثه في ستين راكبا من المهاجرين ، فالتقى بالمشركين وعليهم أبو سفيان بن حرب في موضع يقال له : ثنية المرة ، وكان هذا أول قتال جرى في الاسلام ثم شهد بدرا واستشهد فيها 2 ه.

حرّم اللّه عزّ وجلّ عليهم الصدقة على لسان رسوله صلی اللّه علیه و آله لقرابتهم من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كما حرّمها عليه ، لأنها طهارات الناس وغسالة ذنوبهم (1) وعوضهم منها الخمس إكراما لهم. وكان علي من أخصّهم برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وألصقهم به - كما ذكرنا - وورثه دون جميعهم. وكان كما ذكرنا وصيه على الأحياء منهم ، ففضل أهل السبق الذين قدمنا ذكرهم بفضيلة القرابة ، إذ ليس لهم وبان بها عنهم ، وإن كان أيضا كما ذكرنا قد بان بالسبق فكان أفضلهم ، وليس أحد منهم يعد ويذكر معه في الفضل على ما بينا وقدمنا ، وهم أكابر الصحابة ، ومن تقدم عليه مستأثرا بحقه في الإمامة ، ومن ذكر معه من أهل الشورى وغيرهم.

[ 3 - الأعلمية ]

ثم ذكروا أن الفضل بعد السبق والقرابة في العلم بكتاب اللّه عزّ وجلّ وأحكامه وحلاله وحرامه لقول اللّه سبحانه : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (2) وقوله تعالى : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (3) وقوله تعالى : ( يَرْفَعِ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ) (4) وقوله تعالى : ( لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) (5) وقوله تعالى : ( هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) (6) وقوله تعالى : ( وَما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ ) (7) وقوله تعالى : ( إِنَّما يَخْشَى اللّهَ مِنْ

ص: 216


1- وفي نسخة - ج - : دونهم.
2- الزمر : 9.
3- الأنبياء : 7.
4- المجادلة : 11.
5- النساء : 83.
6- العنكبوت : 49.
7- العنكبوت : 43.

عِبادِهِ الْعُلَماءُ ) (1) ، وقد ذكرت فيما تقدم ما جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من الشهادة لعلي صلوات اللّه عليه بالعلم ، وسوف نذكر بعد هذا ما يؤيد ذلك [ ما ] شهد له به الصحابة. وقوله : سلوني قبل أن تفقدوني ، فإنكم لن تجدوا من هو أعلم بما بين اللوحين مني. ولم يدّع مقامه في ذلك أحد غيره ، ولم يزالوا أيام حياته يسألونه ، ولم يسأل هو أحدا منهم. وقد عدوّا من الصحابة رجالا ذكروهم بالعلم ، فقالوا : المذكورون بالعلم من الصحابة : علي بن أبي طالب علیه السلام ، وأبي بن كعب ، وعبد اللّه بن مسعود ، وعثمان بن عفان ، وزيد بن ثابت (2) ، وجابر بن عبد اللّه ، وأبو موسى الأشعري ، وعمر بن الخطاب ، ومعاذ بن جبل ، وسلمان الفارسي ، وحذيفة بن اليمان ، وكل هؤلاء معترف لعلي صلوات اللّه عليه بالعلم ، مقرّ له بالفضل فيه ، وهم وإن عدوّا في العلماء فإنهم لا يبلغون مكانه من العلم ولا يقاس أحد منهم به فيه ، فقد فضلهم وفاقهم علي علیه السلام بما حار من درجات الفضل بما ذكرناه ونذكره عنه صلوات اللّه عليه.

[ 4 - الجهاد ]

ثم ذكروا فضل الجهاد في سبيل اللّه وأهله لقول اللّه عزّ وجلّ : ( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً. دَرَجاتٍ

ص: 217


1- فاطر : 28.
2- أبو خارجة زيد بن ثابت بن الضحاك الانصاري الخزرجي ، كاتب الوحي ، ولد في المدينة 11 قبل الهجرة ونشأ بمكة وهاجر الى المدينة وهو ابن 11 سنة توفي 45 ه.

مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً ) (1) وقوله تعالى : ( إِنَّ اللّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ ) (2) الآية.

في آي كثير من القرآن ذكر اللّه عزّ وجلّ فيها فضل الجهاد وفضل أهله ، وقد ذكرت في هذا الكتاب جهاد علي صلوات اللّه عليه أيام حياة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وبعده ، وإنه لم يزل مجاهدا مذ أسلم حتى قبض صلی اللّه علیه و آله ، وختم اللّه له عزّ وجلّ له بالشهادة ، وأن جهاده فوق جهاد كل ذي جهاد ، وقد علم ذلك ، وأجمع عليه الخاصّ والعام ، واعترف له به كما ذكرنا أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقد ذكر بالجهاد والعناء فيه قوم من الصحابة ، فكان ممن ذكر منهم بذلك : علي ، وحمزة ، وعبيدة بن الحارث ، والزبير بن العوام ، وطلحة ، وأبو دجانة الأنصاري ، ومحمّد بن سلمة (3) ، وسعد بن أبي وقاص ، والبراء بن عازب (4) ، وسعد بن معاذ ، وليس أحد من هؤلاء ولا من غيرهم يقاس بعلي علیه السلام في الجهاد والعناء فيه بل هو أفضلهم في ذلك ، وقد حاز دونهم من الفضائل ما تقدم القول به.

[ 5 - التضحية ]

ثم ذكروا بعد الجهاد بالأنفس النفقة فيه ذكروا قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (5). وقوله تعالى : ( أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ ) (6). وقوله تعالى : ( وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ

ص: 218


1- النساء : 95 و 96.
2- التوبة : 111.
3- هكذا في الأصل واظنه محمّد بن أبي سلمة ( الاصابة 3 / 375 ).
4- أبو عمارة الصحابي المتوفى 72 ه.
5- البقرة : 195.
6- المنافقون : 10.

وَأَنْفُسِكُمْ ) (1). وقوله تعالى : ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ ) (2). وقوله تعالى : ( ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ ) (3).

والجود ، جودان : جود بالنفس ، وجود بالمال. وقد جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : من جبن عن الجهاد ، فليجهز بماله رجلا يجاهد في سبيل اللّه.

والمجاهد في سبيل اللّه وإن جهزه بماله غيره فله فضل الجهاد ، ولمن جهزه فضل النفقة في سبيل اللّه ولكليهما فضل ، والجود بالنفس أفضل في سبيل اللّه من الجود بالمال فيه.

وقد جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : أجود الناس من جاد بنفسه في سبيل اللّه ، وأبخل الناس من يبخل بالسلام. ومن جمع الجود بنفسه وماله كان أفضل ممن انفرد بواحد منهما ، فقد علم الخاصّ والعام أن عليا علیه السلام كان أكثر الناس جهادا ، وأن جهاده كان بنفسه وماله وكان بعد ذلك لا يدع عند نفسه شيئا فضل نفقته في جهاده وقوته وقوت عياله إلا أنفقه في سبيل اللّه قليلا كان أو كثيرا (4) ، وقد جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه سئل عن أيّ النفقة أفضل في سبيل اللّه؟ فقال : جهد من مقل.

وقد ذكر المعروفون من الصحابة بالنفقة في سبيل اللّه ، فذكروا منهم عليا

ص: 219


1- التوبة : 41.
2- البقرة : 245.
3- محمّد : 38.
4- روى أحمد بن حنبل في مسنده قوله : لقد رأيتني وإني لأربط الحجر على بطني من الجوع وأن صدقتي اليوم لتبلغ أربعة آلاف دينار ( وفي رواية أربعين الف دينار ).

صلوات اللّه عليه ، وفيه أنزل اللّه عزّ وجلّ كما تقدم القول بذلك : ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً ) (1) الآية. قالوا - ومنهم أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعبد الرحمن بن عوف - : ولعلي صلوات اللّه عليه في ذلك من الفضل ما نزل فيه من القرآن ، ومن ذلك ممّا نزل فيه قوله : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) (2) الآية ، نزلت في علي علیه السلام كما ذكرنا فيما تقدم وغيرها ممّا ذكرناه ونذكره في هذا الكتاب. وكان علي صلوات اللّه عليه أفضلهم في ذلك ممّا انفرد به من الفضائل التي تقدم ذكرها دونهم.

[ 6 - الورع والأعمال الصالحة ]

ثم ذكروا فضل الورع بعد ذلك والأعمال الصالحة ، لقول اللّه عزّ وجلّ : ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ. إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ. فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ ) (3) ( عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ. أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ. الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) (4). وقوله تعالى : ( رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ ) (5).

ص: 220


1- البقرة : 274.
2- الانسان : 8.
3- وهنا في الأصل : ( وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ وَالَّذِينَ هُمْ ... ) ونظرا لعدم وجودها في الآية حذفناها من المتن.
4- المؤمنون : 1 - 11.
5- النور : 37.

فكان علي صلوات اللّه عليه أفضل [ الناس في ] هذه الأعمال.

وكان أتم الناس بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله صلاة وأخشعهم فيها ، وجاء أن أحدا لم يقدر أن يحكي صلاة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من بعده إلاّ علي صلوات اللّه عليه ، ولا صلاة علي علیه السلام إلا علي بن الحسين ، كذلك الائمة بعده.

وكان أول من صلّى القبلتين.

وكان أكثر الناس إعراضا عن اللغو.

وكان أكثر الناس محافظة على إخراج زكاة ماله ، وفيه أنزل اللّه عزّ وجلّ كما تقدم بذلك في هذا الكتاب : ( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (1) وجرى ذلك في الائمة من ولده كما جاء القول بذلك فيما تقدم من هذا الكتاب.

وكان أحفظ الناس لفرجه ، وقد ذكرنا ما شهد به جبرائيل علیه السلام له عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من أن ملكيه يفخران على غيرهما ، بأنهما لم يكتبا عليه قط خطيئة ، ولأنه صحب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله طفلا فلم يعبد غير اللّه ، ولم يشرك به شيئا ، ولم يتخذ من دونه وليا ولا عبد صنما ، ولا اقترف إثما. وكان أورع الامة ، وقد عدّوا فيمن ذكروا بالورع جماعة من الصحابة فمنهم فيما قالوا : علي صلوات اللّه عليه ، وأبو بكر ، وعمرو بن مسعود (2) ، وأبو ذر ، وسلمان ، وعمار ، والمقداد ، وعبد اللّه بن عمر. وعلي أفضلهم في ذلك مع ما حازه - دونهم - من الفضل الذي تقدم ذكره.

ص: 221


1- المائدة : 55.
2- وأظنه عمرو بن مسعود بن معتب أخو عروة بن مسعود الصحابي.

[ 7 - الزهد ]

ثم ذكروا بعد ذلك فضل الزهد في الدنيا لقول اللّه عزّ وجلّ : ( أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللّهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ ) (1) وقوله تعالى : ( إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ) (2) وقوله تعالى : ( فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللّهِ الْغَرُورُ ) (3) فوصف عزّ وجلّ الدنيا ومتاعها وما فيها بالفناء والانقطاع ، والآخرة ونعيمها وما فيها بالبقاء والدوام ، ولم يحظر مع ذلك طلب الدنيا من وجهها وبحقها لأن معايش العباد منها بل قد اباح ذلك ، فقال سبحانه : ( وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ ) (4) وقال تعالى : ( وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّباً ) (5) وقال تعالى : ( وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ) (6) وكرر ذلك في كثير من كتابه ، ولكنه إنما ذكر ما ذكر من صفة الدنيا ، وانقطاعها ، وذهاب متاعها لئلاّ يغتبط بها أهلها ويتشاغلون عن الآخرة التي هي دار البقاء والحيوان بها ، ولينظروا إليها ، والى ما بأيديهم منها بعين الزهادة فيه وفيها ، فلا يغتبطوا بشيء من ذلك فيشحّوا به عما أوجبه اللّه عزّ وجلّ عليهم فيه ، أو أن يقدموا منه الى

ص: 222


1- الحديد : 20.
2- يونس : 24.
3- لقمان : 33.
4- الأعراف : 10.
5- المائدة : 88.
6- الجاثية : 13.

الآخرة ما يجدونه منه. فهذه حقيقة الزهد في الدنيا ليس على أنها تطرح بأسرها ، أو يكره كسب شيء منها ، ولو كان ذلك هو الفضل ، وإليه ندب اللّه عزّ وجلّ لم يكن أنبياؤه وأولياؤه ليملكوا منها علقا ولا يكتسبوا منها ، وقد ملكوا منها ، واكتسبوا كثيرا ، ولكنهم ينظرون الى ذلك بعين القلة والاحتقار ، وبها وصفه اللّه عزّ وجلّ به من الفناء والانقطاع ، ويزهدون فيه ويرغبون في الآخرة ومتاعها التي رغبهم اللّه عزّ وجلّ فيها ، ويقدمون بما في أيديهم من الدنيا لها ، ويقومون بما افترض اللّه عزّ وجلّ عليهم فيها ، ولو كانت الدنيا وما فيها مرفوضا لا ينبغي طلابه ولا اكتسابه لكان الواجب على العباد ذلك أن يفعلوه. وإذا ما فعلوا أخربوها وانقرضوا وشيكا منها ، وقد أمر اللّه عزّ وجلّ بالاستعداد منها لارهاب أعدائه وما يقوى على جهادهم به ، والنفقة في سبيله ، فقال سبحانه : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ ) (1) وقال تعالى : ( وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (2). وافترض النفقات على الزوجات ، فقال تعالى : ( وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) (3) وقال تعالى : ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللّهُ ) (4) فهل تكون النفقات إلا من اكتساب الدنيا ومتاعها ، والتصرف فيها وابتغاء الرزق منها ، وهذا ما لا يدفعه أحد من أهل العلم ولا ينكره.

[ نظرة علي الى الدنيا ]

[544] وقد جاء أن قوما ذموا الدنيا عند علي صلوات اللّه عليه ، فقام فيهم

ص: 223


1- الانفال : 60.
2- البقرة : 195.
3- النساء : 5.
4- الطلاق : 7.

خطيبا ، فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبي صلی اللّه علیه و آله ، فقال :

علام تذموا الدنيا ، وفيها تعملون ، الدنيا دار صدق لمن صدقها ، ودار غنى لمن تزود منها ، ودار عافيه لمن فهم عنها ، مساجد أولياء اللّه ومهبط وحيه ومصلى ملائكته ، اكتسبوا منها الجنة ، وربحوا فيها المرحمة ، فمن ذا يذمها ، وقد آذنت بينها ، وحذرا من بلائها ، وشوقت بسرورها ترغيبا وترهيبا ، وإعذارا وإنذارا.

أيها الذام للدنيا المعتل بتغييرها متى استدمت إليك بل متى غرتك؟ أبمصارع آبائك من البلاء ، أم بمضاجع امهاتك من الثرى؟ كم مرضت بيديك من حبيب؟ وكم دعوت له من طبيب تبغي له الشفاء وتكرهه على مرّ الدواء؟ مثلت لك به الدنيا نفسك وبمصرعه مصرعك ، غداة لا ينفعك أحباؤك ، ولا يغني عنك بكاؤك. في خطبة له معروفة.

[ شبهة الرهبانية ]

وقد ذكر بعض المتكلمين رهبانية النصارى وتركهم النكاح واطراحهم الدنيا وما فيها ، وما يدعوا إليها.

فقال : إن اللّه عزّ وجلّ إنما يبعث أنبياءه بإحياء شرائعه ، هذا لو كان من دين المسيح لكان ممّا تنقطع الشريعة لأنه إذا كان ممّا دعي إليه فواجب على الناس اتباعه فيه ، وإذا كان كذلك لم يتناسلوا ، فينقطعوا عمّا قليل ، وتنقطع الشريعة بانقطاعهم. قال : فدل ذلك على أن ليس الذي ابتدعه النصارى من ذلك ممّا جاءهم به المسيح علیه السلام .

والأخبار والشواهد على مثل هذا كثيرة ، وقد اعطى اللّه عزّ وجلّ كثيرا

ص: 224

من أنبيائه وأوليائه كثيرا من الدنيا ، ولو كان ذلك مكروها ما أعطاهم إياه ، وسأله سليمان علیه السلام ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فما أعاب ذلك عليه من سؤله ، بل ذكر عزّ وجلّ أنه أعطاه ذلك ، ونحن نشاهد ونرى في أيدي أولياء اللّه كثيرا ممّا خولهم اللّه عزّ وجلّ إياه ، وأعطاهم من الدنيا. ونعلم أن ذلك ممّا يعظم عندهم من فضل اللّه عزّ وجلّ لديهم ويكثر شكرهم إياه عليه ، وإن كانوا لا ينظرون إليه بعين الغبطة به ولا الرغبة فيه. ولا يلهيهم عظيم ما عندهم منه عما افترضه اللّه عزّ وجلّ عليهم واستخدمهم فيه من أمر دنياهم واخراهم بل ذلك في أعينهم أجل وفي صدورهم أعظم.

فهذه سبيل الزهد في الدنيا ومتاعها المحمود من فعله فيما اوتي منها ليس أن يكون ذلك رفضها وما فيها بالكلية وكراهته وتحريمه ، ومن حرم أو كره ما أحله اللّه عزّ وجلّ فقد خالف أمره وتعداه.

وقد ذكروا أيضا بالزهد من الصحابة رجالا ، فكان ممن ذكروه : علي علیه السلام ، وعمر بن الخطاب ، وعثمان بن مظعون (1) ، وأبو ذر ، وسلمان ، والمقداد. وعلي علیه السلام أفضلهم في ذلك مع ما بان به من الفضائل المتقدم ذكرها دونهم ، وقد ذكره رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بذلك فقال : علي لا يرزأ من الدنيا ولا ترزأ الدنيا منه ، يعني أنه لا يأخذ منها ما ليس له ولا تفتنه فتنقصه.

فهذه الفضائل التي عددتها ، وشهد الكتاب بها ، وأخبر الرسول صلی اللّه علیه و آله عنها قد تكامل في علي علیه السلام منها ما افترق في الناس ، وكان أفضلهم فيها ، وقد ذكرنا فضل من زاد الفضل فيه على من نقص منه ، والكامل الفضائل من اجتمعت فيه ولا يقاس به من لم تجتمع فيه ، وقد

ص: 225


1- أبو السائب القرشي الجمحي ، صحابي من الشجعان ، كان من حكماء العرب في الجاهلية هاجر الى الحبشة قاتل في بدر وتوفي بالمدينة 2 ه.

أجهد بنو أمية أنفسهم في أن يستروا فضائل أمير المؤمنين علي صلوات اللّه عليه في أيام تغلبهم ، وظهور سلطانهم ، فأظهروا لعنه على المنابر ، وأخافوا كل من حمل من فضائله ، أو روى من مناقبه شيئا أن يذكرها فيه صلی اللّه علیه و آله ، وعاقبوا بأشد العقوبات من نشر شيئا منها ، أو ذكره أو حدّث به ، وأبى اللّه جلّ ذكره إلا إظهار فضله ومناقبه ، وما زاده لعنهم إياه إلا تعظيما له في قلوب الامة ، وإجلالا ومعرفة بحقه ، وإقرارا بفضله.

وقد ذكر محمّد بن عبد اللّه الاسكافي (1) ، وهو من أهل الكلام والجدل من العامة - اختلاف الفرق في تفضيل علي علیه السلام على سائر الصحابة والتفضيل عليه بعد أن ذكر فضله.

فقال : ونحن ذاكرون قول الذين قدموا غيره عليه وأفرطوا وقصروا فيه بين حروري وخارجي وبين حشوي ومعتزلي.

فقال هذا القائل : ففرقة زعمت أن أبا بكر أفضل الناس بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وبعده عمر بن الخطاب ، وبعد عمر عثمان ، ثم أمسكت. وفرقة دانت بفضل أبي بكر وعمر ثم توقفت في عثمان وعلي. وفرقة دانت بفضل أبي بكر ووقفت فيمن بعده. وفرقة وقفت في الجميع ، وقالت : اللّه أعلم بالفضل أين هو. وفرقة دانت بإكفار عليّ والبراءة منه. قال : وهم الخوارج جميعا هذا قولهم. قال : وعلة إكفارهم إياه بزعمهم تحكيم الحكمين (2). قال : وفرقة أظهرت الطعن على علي علیه السلام وتولت معاوية. قال : وفرقة تولت عليا في ظاهر قولها ، ثم أظهرت له البغض فيما عرف من لحن قولها كما قال اللّه عزّ وجلّ : ( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ) (3).

ص: 226


1- في كتابه المعيار والموازنة وقد طبع اخيرا وقام بتحقيقه ونشره الشيخ محمّد باقر المحمودي. أما المؤلف فهو أبو جعفر وأصله من سمرقند توفي 240 ه.
2- المعيار والموازنة : ص 31.
3- محمّد : 30.

[ الفاضل والمفضول ]

اشارة

فذكر هذا القائل من العامة هذه الفرق ، وما انتحلته رادا عليها بعد أن أثبت أن عليا علیه السلام أفضل الناس بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وهذا القائل ممن ينتحل إمامة أبي بكر ، ويزعم أنه جائز أن يلي المفضول على الفاضل للذي هو أصلح. وقد تقدم القول في هذا الكتاب بفساد هذه المقالة من نصّ الكتاب والسنّة ، ولكنا أردنا أن نذكر إقرار هذا القائل بفضل علي علیه السلام ، ومن يقول بقوله وهم أكثر العامة لنبين بذلك ما قدمنا ذكره من أنا لم نثبت في كتابنا هذا من فضائل علي علیه السلام إلا ما روته العامة وأثبتته دون ما انفردت به الشيعة.

فقال هذا القائل الذي حكينا قوله : وأما الذين زعموا أن أبا بكر أفضل هذه الامة بعد نبيها صلی اللّه علیه و آله بالإمامة وإجماع الامة على توليته لما قد ذكرنا من إجازة أن يلي المفضول على الفاضل للذي هو أصلح ، فقال : والاحتجاج على هؤلاء أن نذكر فضائل القوم ، ومناقبهم ، وأحوالهم ، فنجمع بعضها إلى بعض وننظر في ذلك نظر من يريد التماس الحق لأن اللّه عزّ وجلّ قد جعل لكل شيء من العلم طريقا لا يعلم الحق إلا به ، ولا يستدل عليه إلا من قبله.

قال : فاذا جمعنا هذه المناقب ، وذكرنا هذه الفضائل ، أرينا من خالفنا أن

ص: 227

الفضائل في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه مجتمعة ، وأن مناقبه منها أعظمها قدرا ، وأرجحها وزنا ، وأعلاها في وجه الحق ، ولسنا نذكر عن ذلك شيئا إلا مشهورا معروفا يعرفه من خالفنا ، ولا ينكره من نظر في كتابنا.

قال : فأما فضل أمير المؤمنين علي صلوات اللّه عليه على جميع المؤمنين فقد بان عندنا وصح بحجج قائمة باهرة ظاهرة ولا يذهب عنها عند كشفنا لها والإخبار بها إلا معاند أو جاهل قد غلب عليه الجهل.

قال هذا القائل للذين زعموا أن أبا بكر أفضل من علي علیه السلام لإجماع الناس على بيعته : لسنا نحتج عليكم بما روته الرافضة من أن بيعة أبي بكر كانت على المغالبة والقهر دون الاجتماع ، ولكنا نحتج عليكم بما رويتم أنتم أن القوم لما بلغهم اجتماع الأنصار بادروا لبيعة أبي بكر مخافة الفتنة. وذكر هذا القائل حديثهم في ذلك.

[ وقفة عند السقيفة ]

[545] عن ابن عيينة ، باسناده ، عن عمر ، أنه قال : لما قبض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة (1) ليبايعوا سعد بن عبادة (2).

قال عمر : فمشيت إليهم مع أبي بكر وأبي عبيدة بن الجراح (3).

ص: 228


1- وهي ظلة كانوا يجلسون تحتها عند بئر بضاعة وهي السقيفة التي كانت بيعة أبي بكر ، قرية بني ساعدة عند بئر بضاعة والبئر وسط بيوتهم ، وشمالي البئر الى جهة المغرب بقية اطام المدينة ( عمدة الاخبار ص 336 ).
2- الصحابي الخزرجي من الامراء الاشراف في الجاهلية والاسلام أحد النقباء في بيعة العقبة شهد أحدا والخندق ، ارتحل الى حوران حيث قتل فيها سنة 14 ه.
3- وهو عامر بن عبد اللّه القرشي الفهري توفي بطاعون عمواس ودفن في غور بيسان سنة 18 ه.

فقال لهم أبو بكر : قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن هذا الأمر لا يكون إلا في قريش ، فبايعوا أي الرجلين شئتم ، عمر أو أبا عبيدة.

قال : ولم يحضر الموضع حينئذ من المهاجرين غيرنا.

قال عمر : فجعلت كلما ارتفعت الأصوات وخشيت الفتنة أقول لأبي بكر : مد يدك حتى ابايعك.

فمدّ يده ، فبايعته ، وبايعه أبو عبيدة ، ومن حضر من الأنصار خلا سعد بن عبادة فإنه لم يبايع حتى مات.

قال : وذلك أن التنازع كان بين الأوس والخزرج من الأنصار.

فكان بعضهم يقول : نبايع لسعد. وبعضهم يقول : لا نبايع إلا لرجل من الأوس.

وقال آخرون : يكون من الأوس أمير ومن الخزرج أمير. فحملهم ما كان بينهم من التنازع أن أخرجوها منهم وجعلوها لأبي بكر لما حضر.

قال هذا القائل : وكذلك قال عمر : كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى اللّه شرها.

[ ضبط الغريب ]

الفلتة : الأمر الذي يقع على غير إحكام ويأتي مفاجأة.

قال : فلم يكن القوم مالوا الى أبي بكر بالتفضيل.

قال : وإنما دفع أبو بكر ما أراد به الأنصار بالقرابة من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وبأن الإمامة في قريش ، وإذا كان ذلك كما قال هذا القائل ، وكذلك كان ، والخبر به ثابت مشهور. وأن أبا بكر

ص: 229

إنما دفع الأنصار عنها واستحقها دونهم بقرابته من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فمن كان أقرب منه الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأفضل منه أولى بها منه مع نص رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الذي قدمنا ذكره.

ثم قال هذا القائل : وممّا يحقق ما قلنا ويصدقه قول أبي بكر : ولّيتكم ولست بخيركم. يعنى نسبا كان التأويل خطأ لأن الخير شيء خرج مرسلا عاما ، ثم حمل على الخصوص ، وإذا كان ذلك بطلت حجة الأخبار ، وسقط الاحتجاج بالآثار ، ولم يجب علم ، إلا بما يوجد في القرآن ، وسقطت المناظرة وتعلق كل مبطل بمثل هذه العلة ، وجعل العام خاصا والخاص عاما.

قال : ولو جاز ذلك لجاز لقائل أن يقول : إنما عنى بقوله لست بخيركم دينا ، والكلام على عمومه ، فمن ادعى الأمر الذي لا يوصل الى علمه إلا بخبر منصوص كان عليه أن يأتي بذلك ، وقائل هذا لن يذهب الى معنى. وذلك أن نسب أبي بكر قد كان معروفا عند القوم غير مجهول ، ولم يكن بينهم مشاجرة في النسب فيحتاج أبو بكر الى ذكر نسبه ، وقد كانوا جميعا يعلمون أن أبا بكر ليس بخيرهم نسبا ، ولا معنى لهذا التاويل أكثر من اللفظ في الجملة.

قال هذا القائل : وإنما معنى قول أبي بكر عندنا على جهة الإبانة ، وإن بعض الناس توهموا أن ولايته كانت من جهة الفضل والتقدمة ، فأبان ذلك عن نفسه ، ونفى غلط من غلط من الناس في ذلك ، وخطّأهم وردّهم الى الحق لأن هذا أمر كان يجب عليه أن يحمل الناس على الصواب فيه (1) ، ويبين ما أخطئوا فيه. فقال : وليتكم

ص: 230


1- وفي نسخة - ج - : على وجه الثواب فيه.

ولست بخيركم ، فلا تجعلوا ولايتي سببا لغلطكم ، وقولكم : إني خير وأفضل من غيري.

قال هذا القائل : وقد احتال قوم لهذه الكلمة حيلة اخرى.

فقالوا : إنما كان ذلك منه على جهة التواضع والشفقة ، لأن المؤمن لا يمدح نفسه ولا يزكيها.

قال هذا القائل : وهذا التأويل أوضح خطأ من الأول مع ما يلزم قائله من النقص ، وذلك أن التواضع لا يكون في الكذب لأن هذا القول من غير أبي بكر كذب. فكيف يكون من غيره كذبا ومنه تواضعا ، وقد علمتم أن النبي صلی اللّه علیه و آله كان أكثر الناس تواضعا ، وأشدهم شفقة ، ولا يجوز أن يقول : ارسلت إليكم ولست بخيركم ، على التواضع والشفقة.

قال : وليس من التواضع أن يقول الزكي لست بزكي ، والمؤمن لست بمؤمن ، والعاقل لست بعاقل ، فيكون ذلك من قائله كذبا. وإنما التواضع أن يسكت الإنسان عن ذكر فضله وحسن المحاورة والمواساة لحسن العشرة. وقول هذا القائل في صفة التواضع ، قول غير مقنع ، ومن كان في المحل الذي حله أبو بكر محل الإمامة لم ينبغ له إذا كان محقا أن يسكت عن ذكر فضله تواضعا ، وقد جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : أنا أفضل ولد آدم علیه السلام ولا فخر ، وأنا سيد النبيين ولا فخر. وقال علي علیه السلام : أنا أفضل الأوصياء. وسلوني قبل أن تفقدوني فلن تجدوا أعلم بما بين اللوحين مني.

وقد ذكرت في هذا الكتاب ما عدده من مناقبه وفضائله على أهل الشورى وغيرهم. فمن الواجب على أهل الفضل الذين تعبّد اللّه العباد بمعرفة فضلهم أن يذكروه لهم وليعلموه ويعتقدوه لا أن يسكتوا عنه كما قال هذا

ص: 231

القائل. ولا أن يضعوا من أنفسهم ما رفعه اللّه عزّ وجلّ وافترض على العباد أن يعرفوه لهم ولن يعرفوه إلا بتعرفهم إياه ، ولو كان أبو بكر عند نفسه من أهل ذلك لم يقل ما قاله من أنه ليس بخيرهم ، ولو قال : إنه خيرهم لم يصدقوه ولم يقبلوا ذلك منه ، فصدقهم عن نفسه بما علم أنه لو قال غيره لم يقبل منه.

ثم قال هذا القائل الذي حكينا قوله : ثم نرجع الى المقدمين لأبي بكر على علي علیه السلام في المسألة فنقول : ما حجتكم في تفضيل أبي بكر على علي علیه السلام ؟

فإن لجئوا الى اجتماع الناس على اختياره ، وهو أكثر عللهم. قلنا لهم : إن تقديم أبي بكر باختيارهم لا يوجب له الفضل على غيره قبل الاختيار بلا فضل. وان قلتم : إنه إنما كان فاضلا باختيارهم. فإنما كان فاضلا بفعل غيره لا بفعل نفسه لأن اختيارهم له هو فعلهم ، فإذا كان إنما صار فاضلا باختيارهم ، فهو قبل اختيارهم غير فاضل.

فأرونا فضله على علي علیه السلام ، وتقدمه عليه بفضيلة يكون لاختيارهم بها مستحقا للامامة.

[ صلاة أبي بكر ]

قال : فإن قالوا الدليل على ما قلنا صلاته بالناس أيام حياة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : مروا أبا بكر فيصلّي بالناس (1).

ص: 232


1- المعيار والموازنة : ص 42 ط 1.

قلنا لهم : هذا خبر إنما جاء عن عائشة لم تقم به حجة ، ولم تنقله الأمة بالقبول له ، والاجتماع عليه. على أنا متى سلّمنا لكم هذا الحديث لم يجب به تقدمة لأبي بكر على علي علیه السلام . ومتى نظرنا الى آخر الحديث (1) احتجنا الى أن نطلب للحديث مخرجا من النقص والتقصير ، وذلك لأن في آخر الحديث : ان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لما وجد إفاقة وأحسّ بقوة خرج حتى أتى المسجد ، وتقدم فأخذ بيد أبي بكر ، فنحاه عن مقامه ، وقام في موضعه فصلّى بهم.

فقال بعض الناس : هذا من فعل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يدل على أن تقديم أبي بكر للصلاة لم يكن عن أمره ، لأنه لو كان ذلك بأمره لما خرج مبادرا مع الضعف والعلة حتى نحاه وصار في موضعه ، ولو كان ذلك عن أمره لتركه في مقامه ، ولصلّى خلفه كما صلّى خلف عبد الرحمن بن عوف لما جاء ، فوجده يصلّي بالناس. وقد شهدتم جميعا أن صلاة النبي صلی اللّه علیه و آله خلف عبد الرحمن بن عوف (2) لا يوجب له تقديما على النبي مع ما يدخل حديثكم هذا من الوهن والضعف والشذوذ.

[ باؤكم تجرّ وباؤنا لا تجرّ ]

وقد عارضتكم الرافضة في حديثكم هذا ، فقالوا لكم :

قبلتم قول عائشة في الصلاة وجعلتموها حجة ، ولم تقبلوا قول فاطمة علیهاالسلام في فدك! وشهادة أم أيمن لها ، وقد شهد لها رسول اللّه صلّى اللّه

ص: 233


1- وفي نسخة - ج - بين قوسين : لم لا يجب به تقدمة لأبي بكر على علي.
2- وهو أبو محمّد عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث الزهري القرشي ، ولد بعد عام الفيل بعشر سنين 44 قبل الهجرة ، ومات 32 ه.

عليه وآله بالجنة ، وقال : إنها سيّدة نساء العالمين.

فإن قلتم : لأن الحكم في الاموال لا يجب بشهادة امرأة.

قلنا لكم : وكذلك الحكم في الدين لا يقبل بقول امرأة.

ولئن كانت صلاة أبي بكر توجب له التقديم على من صلّى خلفه ، وأنه أفضل منهم ، فصلاة عمرو بن العاص بأبي بكر وعمر توجب له التقدمة عليهما.

فإن قال قائل : لعله قد كانت له فضائل لا نقف عليها ، وعلل لا نعرفها غير إنا نعلم أن اختيار الامة له عن تقديم وتفضيل.

قيل له : ما الفرق بينكم وبين من قال : إنهم اختاروا أبا بكر لعلة لا أقف عليها إلا أني أعلم أنهم لم يختاروه لأنه أفضل ، ولو كان قبل الاختيار أفضل من علي بن أبي طالب لبان ذلك وشهر ولكان ذلك ظاهرا غير مستتر. ولو كان اختيارهم له لعلة تفضيله ، وكانت إمامة المفضول غير جائزة لما حلّ للأنصار - وموضعهم من الدين والعلم ما قد علمتم - أن يقولوا : منا أمير ، ومنكم أمير ، ولكان حراما على أبي بكر أن يمدّ يده إلى عمر وأبي عبيدة ، ويقول : ابايع أيكما شاء فليمدّ يده ، وكيف يظن جاهل أن القوم قدموه لأنه كأن أفضلهم ، والأنصار لا تعرف له ذلك الفضل ، وتقول : منا أمير ، ومنكم أمير ، يا معشر المهاجرين. وأبو بكر أيضا قد أنكر ما ادعوا له من الفضل على غيره ، وكذب مقالتهم بقوله للأنصار : قد رضيت لكم أحد ذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم - يعني عمر وأبا عبيدة - وكيف يظن جاهل أنهم قدموه لأنه كان أفضلهم ، وعمر يقول : كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى اللّه شرها ، فلم يكن عند أحد منهم حجة يدعيها في تقديم أبي بكر على علي علیه السلام .

ثم نسق هذا القائل على قوله هذا ذكر فضائل أمير المؤمنين علي علیه السلام ، وجاء بمثل ما ذكرناه ونذكره في هذا الكتاب ممّا روى من

ص: 234

فضائله ومناقبه ، ونحن نقول : إنه من لم يستقص ذكر حجج خصمه عند ذكر الرد عليه ، أو ترك منها شيئا تعمدا له ، أو عن جهالة به فقد جعل لخصمه السبيل الى رد قوله والطعن عليه. ونرى هذا القائل قد ذكر أن حديث صلاة أبي بكر لم تأت إلا عن عائشة ، وضعفه من أجل ذلك بحجة غيره ، وأكثر مدار الحديث على عائشة كما وصف (1) ، ولكنه قد جاء من غير ذلك الطريق.

ونحن نذكر الطريق التي جاء منها لئلا يبقى لقائل في ذلك مقال ، ونؤيد قول هذا القائل في فساد الاحتجاج بالصلاة بما هو أقوى منه ، وكذلك حذف ذكره ما احتجوا به من فضائل أبي بكر ومناقبه بزعمهم ، فلم يذكر شيئا منها.

وقال : فإن قالوا : لعله قد كانت لأبي بكر فضائل لم نقف عليها.

قلنا لهم : كذا ، وهم يروون لأبي بكر فضائل كثيرة.

ونحن نذكر ما رووه منها ، واحتجوا به لفضله وإثبات إمامته ، وما يفسد ذلك من قولهم ، وإنما غرضنا في ذلك ذكر فضائل علي صلوات اللّه عليه ، ولأنا قد أثبتنا في هذا الكتاب أنه أفضل الناس بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ولم نقصد فيه تأكيد الإمامة لأن ذلك يخرج كما قلنا عن حدّ هذا الكتاب ، وقد بسطناه في كتاب غيره.

فمن زعم كما زعم هذا القائل أن أبا بكر لم يستحق الإمامة بالفضل لأن عليا علیه السلام أفضل منه فقد كفانا مؤونة الردّ عليه في هذا الكتاب.

ومن زعم أن أبا بكر أفضل منه فلا بدّ لنا من بيان فساد قوله فيه ليثبت له ما أصلناه عليه من فضله علیه السلام على سائر الامة بعد رسول اللّه صلّى

ص: 235


1- راجع ص 41 من كتاب المعيار والموازنة ط 1.

اللّه عليه وآله.

[ طرق اخرى للحديث ]

فأما ما ذكرناه من روايتهم في صلاة أبي بكر بالناس ، فقد روي ذلك كما قال هذا القائل.

[ 1 - ] عن عائشة.

[ 2 - ] وعن أنس بن مالك.

[ 3 - ] وعن عبد اللّه بن عمر بن الخطاب.

[ 4 - ] وعن عبيد [ اللّه بن عبد اللّه ] بن عتبة.

[ فأما حديث عائشة ]

[546] فرواه علي بن عاصم (1) ، عن عبد اللّه بن سعيد ، عن عبد اللّه بن أبي مليكة ، عن عائشة ، أنها قالت : ثقل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ليلة الاثنين ، وناداه بلال بالصلاة.

فقال : قولوا له ، فليقل لأبي بكر ، فليصلّ بالناس.

فقال بلال لأبي بكر : رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يأمرك أن تصلّي بالناس.

قالت : فتقدم أبو بكر ، وكان إذا صلّى لم يلتفت ، ولم يرفع رأسه ، فتقدم ، فكبّر ، ووجد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله خفة.

قالت : فخرج يتهادى بين رجلين.

ص: 236


1- وهو أبو الحسن علي بن عاصم بن صهيب الواسطي ولد 105 أصله من واسط وسكن بغداد ومات فيها 201 ه.

قال علي بن عاصم : الرجلان علي بن أبي طالب علیه السلام واسامة بن زيد (1).

وقال غيره : علي والفضل بن العباس.

قالت : فلما رآه الناس تفرجت الصفوف ، فعلم أبو بكر أنه لا يتقدم ذلك التقدم إلا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فذهب ليتأخر ، فدفعه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فأقامه مقامه.

ثم جاء رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فقعد الى جانبه فجعل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يكبّر ، وأبو بكر يكبّر بتكبيره ، والناس يكبّرون بتكبير أبي بكر.

قالت : فصلّى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالناس ، فلما سلّم استقبلهم بوجهه وأسند ظهره الى حجرتي ، فقام إليه أبو بكر.

فقال : يا رسول اللّه ، أراك أصبحت صالحا ، وهذا يوم بنت خارجة ، وكان منزلها خارجا من المدينة ، فائذن لي إن شئت.

قال : نعم ، أذنت لك.

قالت : فخرج أبو بكر الى منزل بنت خارجة ، وكان منزلها خارجا من المدينة ، وجلس رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يحدّث الناس ويحذرهم الفتن ، ويقول :

أيها الناس ، لا تمسكوا عليّ بشيء ، فإني لا احلّ إلا ما أحلّ اللّه عزّ وجلّ في القرآن ، ولا احرم إلا ما حرم فيه.

يا صفية بنت عبد المطلب يا عمة رسول اللّه ، يا فاطمة بنت محمّد ،

ص: 237


1- أبو محمّد اسامة بن زيد ولد بمكة 7 قبل الهجرة وأمّره رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قبل أن يبلغ العشرين من عمره ، ولما توفي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله رحل اسامة الى وادي القرى فسكنه ثم الشام ثم عاد الى المدينة فاقام الى أن توفي بالجوف 54 ه.

اعملا لما عند اللّه فإني لا اغني عنكما من اللّه شيئا.

قالت : وثقل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فدخل الى بيتي فمات عليه أفضل السّلام.

وأما حديث أنس :

[547] فرواه يريد بن هارون ، عن سفيان ، عن الزهري ، عن أنس ، أنه قال : لما مرض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مرضه الذي مات فيه ، أتى بلال ، فنادى بالصلاة. فقال : قد بلغت فمن شاء ، فليصلّ.

قال : يا رسول اللّه ، فمن يصلّي بالناس؟

قال : مر أبا بكر فيصلّ بالناس.

فقال بلال لأبي بكر : قد أمرك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أن تصلّي بالناس.

فلما تقدم أبو بكر ، رفعت الستور عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فنظرنا إليه كأنه ورقة بيضاء وعليه قميصه ، فظن أبو بكر أنه يريد الخروج فتأخر ، فأشار إليه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أن صلّ مكانك ، فصلّى أبو بكر ، وما رأينا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعد ذلك ، ومات من يومه عليه أفضل السّلام.

وأما حديث عبد اللّه بن عمر :

[548] فرواه مكي بن إبراهيم ، عن موسى ، عن أبي عبيدة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه قال : جاء ابن أمّ مكتوم ، فأذن النبي صلی اللّه علیه و آله في موضعه الذي قبض فيه بالصلاة الاولى ، فلم يستطع أن

ص: 238

يقوم من شدة المرض ، فقال له : قل لأبي بكر يقيم للناس صلاتهم.

فقالت عائشة : يا رسول اللّه إن أبا بكر رجل رقيق القلب ، وإنه متى يقوم مقامك تخنقه العبرة.

قال : وانتظر ما يكون من جواب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لها.

فقالت له : مر أبا بكر أن يقيم للناس صلاتهم.

ولم يجب عائشة بشيء. فنظرت عائشة الى حفصة ، وأشارت إليها أن تسأله أن يأمر أباها عمر.

فقالت حفصة : يا رسول اللّه ، لو أمرت عمر.

فصفق رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بيده ، وقال : إنكن صويحبات يوسف علیه السلام ، فاشتد ذلك على حفصة.

قال : فكان أبو بكر يقيم للناس صلاتهم أياما حتى قبض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

وأما حديث عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة :

[549] فرواه سهل بن محمّد ، عن سفيان ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة ، أنه قال : كان أول شكوى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في بيت ميمونة. فقال لعبد اللّه بن عتبة : قل للناس فليصلّوا.

فخرج ، فلقي عمر بن الخطاب ، فقال : صلّ بالناس. فتقدم عمر ، فسمع النبي صلی اللّه علیه و آله صوته.

فقال : أليس هذا صوت عمر؟

قالوا : نعم.

قال : يأبى اللّه ذلك والمسلمون ليصلّ بالناس أبو بكر.

ص: 239

ثم استأذن أزواجه أن يمرض في بيت عائشة.

قالت : يا رسول اللّه إن أبا بكر رقيق القلب لا يملك دمعه إن قام مقامك ، فلو أمرت غيره أن يصلّي بالناس ، فو اللّه ما أشاء أن يكون أول من يقوم مقامك.

فأبى عليها ، فراجعته في ذلك مرتين أو ثلاثا.

فقال : ليصلّ بالناس أبو بكر ، فانكنّ صويحبات يوسف علیه السلام .

فهذا الذي انتهى إلينا عمّن حمل هذا الحديث من العامة. وقد اختلف فيه الذين نقلوه - هذا الاختلاف -.

[ بحث حول الحديث ]

ففي بعض النقل أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أمر بلالا أن يأمر أبا بكر بالصلاة وأنه افتتحها ، فخرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فأخرجه ، وقام مقامه. وهذا حديث عائشة.

ولو ثبت هذا الحديث لكان الذي في آخره من إخراج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إياه من الصلاة ما يبين أن تقديمه لم يكن عن أمره ، لأنه لو قدمه لم يخرجه.

[550] وكذلك جاء الخبر عن الائمة صلوات اللّه عليهم : أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لما ثقل جاء بلال ليؤذن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالصلاة.

فقالت له عائشة : إن رسول اللّه ثقيل (1) ، قد اغمي عليه ، فلا

ص: 240


1- ضد الخفة ومعناه المرض.

تؤذه ، وقل لأبي بكر ، فليصلّ بالناس.

فخرج إليه ، فأخبره ، فتقدم ، فسمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله صوته ، فقال : ما هذا؟

فقالوا : عائشة أمرت أبا بكر أن يصلّي بالناس.

فقال : إنكن صويحبات يوسف علیه السلام .

وأخذ بيد علي صلوات اللّه عليه يتوكأ عليه ، وخرج ، فأخرج أبا بكر من الصلاة ، وصلّى بالناس. ومات من يومه صلی اللّه علیه و آله .

وهذا هو الخبر الصحيح الذي يثبته أوله آخره ، ويثبت نقله بصحته.

فأما ما روته العامة في ذلك ، فقد اختلفوا فيه. ففي خبر عائشة ما قد ذكرناه. وفي خبر أنس بن مالك ، أن النبي صلی اللّه علیه و آله لم يخرج ، وأن أبا بكر صلّى بالناس دونه. والخبران جميعا عن وقت واحد وصلاة واحدة.

وفي حديث عبد اللّه بن عمر ، أن أبا بكر صلّى بهم أياما.

وفي حديث عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة ، أن النبي صلی اللّه علیه و آله قال لأبيه عبد اللّه - : قل للناس فليصلّوا ، ولم يأمره بأن يصلّي بهم أحد. وأن عبد اللّه لقي عمر ، فقال له : صلّ بالناس ، وأن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنكر صلاة عمر بهم. وقال : يصلّي بالناس أبو بكر.

وفي بعض هذه الأخبار أنه أمر بلالا. وفي بعضها أنه أمر ابن أمّ مكتوم. وفي بعضها أنه أمر عبد اللّه بن عتبة ، فلم يبق شيء من التناقض إلا دخل هذا الحديث.

ومن قولهم إن الخبر إذا اختلف فيه مثل هذا الاختلاف لم تقم به حجة إذ لا يعلم أيّ الوجوه كان وجهه ، فتقوم الحجة به.

ص: 241

ولو ثبت هذا الخبر ، وأن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أمر أبا بكر أن يصلّي بالناس لم يكن له في ذلك فضل علي علیه السلام لأن عليا صلوات اللّه عليه لم يكن بإجماع منهم في القوم الذين صلّى بهم أبو بكر ، وأنه كان عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ومسنده الى صدره ، ولم يكن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إن كان كما زعموا أمر أبا بكر بالصلاة أن يدع الصلاة بل قد صلّى ، فصلاة علي علیه السلام مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أفضل من صلاة أبي بكر بالناس لا يدفع ذلك دافع ، وقد قدّم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل على أبي بكر وعمر ، وكان يصلّي بهما ، فلم يقل أحد منهم إن عمرو بن العاص أفضل من أبي بكر وعمر. وكذلك فقد بعث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعوثا وسرايا ، وأمر عليهم الامراء ، وكانوا يصلّون بهم ، فلم يدع أحد منهم بذلك الإمامة. وقد استخلف رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عليا علیه السلام في غزوة تبوك على المدينة ، فأقام يصلّي بالناس مذ خرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى أن انصرف. واستخلف أيضا في بعض غزواته أبا لبابة (1) ، وفي بعضها ابن أمّ مكتوم (2) ، وفي بعضها أبا ذر الغفاري. واستخلف عباد بن أسد بمكة ، فصلّى كل واحد منهم مدة ما غاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عن الناس بالناس ، وذلك أكثر من صلاة أبي بكر ، لو قد ثبت أنه صلّى.

ولو كانت الصلاة توجب الإمامة كما قالوا لم يكن لأبي بكر أن يقدّم عمر على الناس. وقد أنكر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كما رووا صلاته

ص: 242


1- بشير وقيل اسمه رفاعة بن عبد المنذر الانصاري.
2- وهو عمرو بن قيس بن زائدة بن الاصم ( جندب ) بن هرم بن رواحة القرشي العامري المؤذن ، وأمه أمّ مكتوم عاتكة بنت عبد اللّه بن عنكثة. وهو ابن خال خديجة أم المؤمنين هاجر الى المدينة واشترك في فتح القادسية ، واشهد بها.

بهم ، وفيهم جماعة قد قدّمهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على الصلاة وأكثر ما تعلقوا به في تقديم أبي بكر بالصلاة. وقد بينا فساد النقل فيها ، واضطرابه وتناقضه ، وأن ذلك - لو ثبت وصلح - لم يكن فيه حجة توجب الإمامة.

وقد أقام عمر الستة أصحاب الشورى ، وقصر الخلافة عليهم وأخرجهم كلهم من التقدمة ، وجعل الصلاة لصهيب فصلّى بهم أيام الشورى حتى تقدم عثمان ، وأكثرهم يرى الصلاة جائزة خلف البر والفاجر.

فهذه حجتهم بالصلاة وهي آكد حجة عندهم قد بينا فسادها بعد أن أثبتنا كلما بلغنا من روايتهم فيها ، ولم نقتصر على ما اقتصر عليه من ذكرنا قوله ، إذ اقتصر على حديث عائشة وحده وضعفه لئلاّ يأتي من يريد إثبات ذلك بغيره ، ممّا ذكرناه فيشتبه الأمر فيه على من قصر علمه وقلّ فهمه.

فأما ما ذكره القائل الذي قدمنا ذكر قوله عنهم من أنهم قالوا لعل لأبي بكر فضائل لم نقف عليها ، فقد ذكروا له فضائل بزعمهم ، ولسنا نقول إنه لم تكن له فضيلة ولا سابقة ، بل قد ذكرنا أنه قلّ من يذكر من الناس بخبر إلا وله فضيلة يذكر بها ، ولكن قد ذكرنا أن من اجتمعت فيه الفضائل أفضل ممن لم يكن فيه إلا بعضها ، ومن له فضيلة ما لا يجب أن يقاس به أهل النقص منها.

[ اسلام أبي بكر ]

وممّا رووا من فضائل أبي بكر قديم إسلامه ، وأن إسلام علي علیه السلام قبله كان وهو غير بالغ. وقد ذكرت فيما تقدم فساد ما احتجوا به من ذلك مختصرا وفيه كفاية من التطويل ، وقد ذكر هذا القائل الذي حكينا قوله في إسلام علي علیه السلام ، فقال : قد أجمعوا على أن عليا علیه السلام أسلم قبل أبي بكر ، إلاّ أنهم زعموا أن إسلامه كان وهو طفل.

ص: 243

قال : فقد وجب تصديقنا في أنه أسلم قبل أبي بكر ، ودعواهم في أنه أسلم وهو طفل غير مقبولة إلاّ بحجة.

قال : فان قال قائل : وقولكم إنه أسلم وهو بالغ ، دعوى مردودة (1).

قلنا : أما الإسلام فقد ثبت وحكمه قد وجب له بالدعوة والإقرار ، ولما دعاه النبي صلی اللّه علیه و آله إلى الإسلام وأمره بالإيمان ، وبدأ به قبل الخلق ، علمنا أنه لم يفعل ذلك به وإيمانه لا يجوز (2).

فإن قيل : قد يكون فعل ذلك به تأديبا.

قلنا : إنما يكون ذلك في دار الإيمان على النشوء والولادة ، فأما في دار الشرك والحرب ، فليس يجوز لا سيما عند بدء الدعوة والنبي صلی اللّه علیه و آله لم يكن ليدع ما امر به ، وأرسل إليه ، ويقصر الى دعاء الأطفال ودعاءهم لا يجوز ، والدار دار الشرك ، فليس يجوز أن يشتغل بالتطوع قبل الفريضة ، وما باله ولم يدع غير علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ، وليس في سنّة أن يدعى أطفال المشركين إلى الإسلام ، ويفرق بينهم وبين آبائهم.

قال هذا القائل : وللبالغ حدّ وحدود في الناس تفاضل في سرعة البلوغ وكمال العقول ، وذلك معروف فيما عليه الناس من التفاضل في العلم. وقد كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في صغر سنّه يعرف بالوقار والحلم والصدق ورجاحة العقل ، وكانت منزلة النبي صلی اللّه علیه و آله في ذلك على خلاف ما يتعارف من منازل الاطفال ، وكان علي صلوات اللّه عليه لا حقا له في ذلك ، ولذلك استحق أن يكون منه بمنزلة هارون من موسى علیه السلام . وقد قال اللّه عزّ وجلّ في يحيى : ( وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) (3)

ص: 244


1- المعيار والموازنة : ص 66.
2- هكذا في نسخة - ج - وفي الأصل : لا يكون.
3- مريم : 12.

فاختصاص اللّه من يختصه بفضله لا يقاس بالمتعارف في الناس لأن الخصوص غير العموم ، وذكر هذا القائل في مثل هذا حججا كثيرة قد قدمنا قبل هذا ما يغني عنها ، ويكفي من جملتها وغيرها ، ولو لم يكن إسلام علي صلوات اللّه عليه يعد إسلاما ما كان يفخر به على أهل الشورى ويقروا بفضله ، ويذكره رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ويعده في مناقبه ، وقد تقدم القول بذلك في غير موضع من هذا الكتاب ، وهذا أيضا كما ذكرنا ممّا يدفعه فعل أبي بكر لأنه قد قدم عمر وفي المسلمين الذين قدمه عليهم كثير ممن هو أقدم إسلاما منه ، وممّا رووه من فضائله أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سماه صديقا ، وقد ذكرنا فيما تقدم في روايات كثيرة أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال لعلي صلوات اللّه عليه : أنت الصديق الأكبر. وقد جاء هذا الاسم في كتاب اللّه عزّ وجلّ عاما للمؤمنين ، وذلك قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) (1) وإن كان ذلك الخصوص فلم كانت لأبي بكر خاصة دون أن يكون بها أفضل دون غيره؟ ولذلك قال لهم : وليتكم ولست بخيركم.

[ مصاحبته في الغار ]

وقالوا : من فضائله ، كونه مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في الغار وأن اللّه قد وصفه بصحبته ، فقال : ( ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنا ) (2).

فقال بعض من ناظرهم في ذلك من الشيعة (3) : إن الصحبة قد تكون

ص: 245


1- الحديد : 19.
2- التوبة : 40.
3- وهو مؤمن الطاق أبو جعفر محمّد بن النعمان مع ابن أبي حذرة عند أبي نعيم النخعي ، راجع احتجاج الطبرسي 2 / 378.

للبرّ والفاجر ، وقد وصف اللّه تعالى في كتابه صحبة مؤمن لكافر فقال ) (1) : ( وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً. وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً. قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً. لكِنَّا هُوَ اللّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً ) (2) قال : وقول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ( لا تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنا ) (3) نهى له عن الحزن الذي كان منه وكراهية له ، ولو لا أنه كان معصية لما نهاه عنه لأن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لا ينهى عن الطاعة ، وإنما ينهى عن المعصية.

وقالوا : فيما ادّعوه له من الفضل في قوله ( إِنَّ اللّهَ مَعَنا ) ؟

فإن اللّه عزّ وجلّ مع كل أحد كما قال سبحانه : ( ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ ) (4). وقال سبحانه : ( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ ) (5). وقال سبحانه : ( إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ) (6). فقد ذكر انه مع البرّ والفاجر.

قال : وقد كان مقام علي علیه السلام في اضطجاعه على فراش رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حينئذ باذلا نفسه دونه. وقد أخبره أن المشركين تمالئوا عليه ليقتلوه ، وكان في ذلك أفضل من أبي بكر.

وذكروا من فضائل أبي بكر أنه كان أسلم وهو ذو مال ، فأنفقه في سبيل اللّه وواسى به في حال العسرة ووقت هجرة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

ص: 246


1- ما بين القوسين سقط من نسخة الاصل موجودة في نسخة - ب -.
2- الكهف : 35 - 38.
3- الحديد : 19.
4- المجادلة : 7.
5- النساء : 108.
6- النحل : 128.

فيقال لهم : ذلك لا يجهل ولا ينكر أن له فيه فضلا ، فأما أن يكون يساوي بذلك الفضل عليا علیه السلام فضلا أن يفوقه فلا ، لأن اللّه عزّ وجلّ فرض على المؤمنين الجهاد في سبيله بأموالهم وأنفسهم.

فالمجاهد بنفسه وبما قدر عليه من ماله وإن قلّ أفضل من المجاهد بماله دون نفسه وإن كثر ، لأن بذل النفس والقليل من المال الذي لا يبقى باذله لنفسه غيره أفضل من بذل بعض المال ، والشح بالنفس. ولم يزل علي علیه السلام مذ أسلم يبذل نفسه وما قدر عليه ووجده من المال في سبيل اللّه عزّ وجلّ ، وليس أبو بكر ولا غيره ممن يقاس به في ذلك ولا يدانيه فيه لأن بذل المال إذا ذهب قد يخلف وليس في ردّ النفس إذا ذهبت حيلة.

[ هجرته مع الرسول ]

وزعموا أن من فضائل أبي بكر هجرته مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من مكة الى المدينة ، وصحبته إياه في هجرته هذه وحده دون سائر الناس غيره ، وفي ذلك فضل.

وفضل علي علیه السلام في المقام أياما بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لما استخلفه عليه ، وأقام له من الخلافة على أهله وقضاء ديونه وأداء ما كان عنده من الأمانات والودائع الى من كان ذلك له على حنق المشركين عليه لأنهم أرادوه ليلة خروجه ، فاضطجع لهم مضجعه ، وغيرهم بنفسه وستر عنهم أمره ولما يعلمون من محله منه ، فكانوا أشد الناس حنقا عليه ، لكن اللّه عزّ وجلّ حماه منهم ومنعه وصرف بأسهم عنه.

فكان مدة ما أقام علي صلوات اللّه عليه بمكة في خوف شديد وتهديد ووعيد ووحشة من فقد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وفقد ما جرت طباعه عليه من الأنس به والكون معه. وسار أبو بكر الى المدينة في حال أمن ودعة

ص: 247

وبرّ وسعة ، ففضل علي علیه السلام في ذلك على أبي بكر لا يجهل ولا يخفى ولا يستتر.

[ سيّد كهول الجنّة ]

وممّا آثروه من فضائل أبي بكر أنهم زعموا أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة.

وذلك لم يثبت. وان ثبت فليس يوجب لهما فضلا على علي علیه السلام لأن الجنة لا يدخلها الكهول ولا الشيوخ وإنما يدخلها ( أهلها شبابا ) (1) كما جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فقول النبي صلی اللّه علیه و آله إن كان قال ذلك ، فإنما سودهما على من شهد له بالجنة من كهول أصحابه. وعلي علیه السلام يومئذ دون الكهولية ، وقد قال النبي صلی اللّه علیه و آله :

الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما.

فهذا أبلغ من الفضل لأن سيادة الحسن والحسين لشباب أهل الجنة قد تكون لجميع من فيها إذ هم شباب كلهم ، وأبان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عليا صلوات اللّه عليه بدرجة فوق درجتهما ، فالذي جاء فيه أفضل ممّا جاء في أبي بكر.

[ أصحابي كالنجوم ]

وقالوا من فضائل أبي بكر : قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : اقتدوا بالّذين من بعدي أبي بكر وعمر.

وقد روي أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عمّ بهذا جميع أصحابه ،

ص: 248


1- ما بين القوسين من نسخة - ج -.

فقال : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. وقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : رضيت لامتي بما رضى لها ابن أمّ عبد - يعني ابن مسعود - (1). فهذا قول عمّ به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ولم يخصّ ، فيكون الفضل فيه لمن خصّ به.

[ قرب مجلسه من مجلس الرسول ]

وقالوا : من فضائل أبي بكر أن رسول اللّه صلوات اللّه عليه كان يقرب مجلسه.

وقرب المجلس ليس ممّا يوجب الفضل ، وقد كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يفد عليه من وفود العرب ، فيقرب ذوي الأسنان منهم وأهل التقدمة فيهم ، وبحضرته من أصحابه من هو أفضل عند اللّه وعنده ممن قربه منهم ، وفرش لأحدهم رداءه (2) ، وقال : إذا أتاكم كريم قوم ، فأكرموه. ومن المتعارف في الناس أن الرجل يقرب من أتاه ممن يبعد منه دون أهله وخاصته وولده ، مع أنه قد جاء من تقريبه لعلي صلوات اللّه عليه وقوله فيه ما ذكرناه ممّا لا يجهل فضله على أبي بكر وغيره ( وأشهر ذلك وأفضله ) (3) سدّه أبوابهم في مسجده وترك باب علي علیه السلام معه فيه وهذا هو القرب الحقيقي وأنه دعاه عند موته واستند الى صدره ومات كذلك مستندا إليه.

[ خليفة الرسول ]

وقالوا : من فضائل أبي بكر أن سماه المسلمون خليفة رسول اللّه صلّى اللّه

ص: 249


1- أي عبد اللّه بن مسعود.
2- كما هو معروف لا سارى طي حينما وفودوا عليه وفيهم بنت حاتم الطائي. ففرش (صلی اللّه عليه وآله وسلم) رداءه لها ، وأجلسها.
3- ما بين القوسين سقط من نسخة الاصل موجودة في نسخة - ب -.

عليه وآله لما استخلفه على الصلاة.

فقد ذكرنا فساد قولهم في الصلاة ، وأحق بأن يسمّى خليفة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من استخلفه على أهله وعلى امته ، وقد ذكرنا فيما تقدم استخلافه عليا علیه السلام ، وقوله : أنت مني بمنزلة هارون من موسى. وقد كان هارون (1) خليفة موسى في قومه. وحكى اللّه عزّ وجلّ عنه ذلك بقوله تعالى : ( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) (2).

[ وزير الرسول ]

وقالوا : من فضائل أبي بكر ، قول النبي صلی اللّه علیه و آله : وزيراي من أهل السماء جبرائيل وميكائيل ، ومن أهل الأرض أبو بكر وعمر.

فهذا الحديث إن ثبت ، ليس بموجب لهما فضلا على علي صلوات اللّه عليه بما قاله رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيهما ، لأن الوزارة إنما توجب المشاورة والرأي ورسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول لعلي علیه السلام : أنت أخي ووليي وأنت كنفسي ، وأنت مني وأنا منك. وهذه أحوال تفرق الوزارة وقد ذكرناها ، وغيرها ممّا هو في مثل حالها فيما تقدم ، وذكرت قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لبني عبد المطلب إذ جمعهم : يا بني عبد المطلب إن اللّه لم يبعث نبيا إلا جعل له أخا ووزيرا ووارثا ووصيا وخليفة في أهله ، فمن يقوم منكم فيبايعني على أن يكون أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أهلي ، وإمساكهم ، وقوله كذلك ثلاثا.

ثم قوله : لئن لم يقم قائمكم لتكونن في غيركم ، ثم لتندمن. وقيام علي علیه السلام من بينهم ومبايعته إياه على ما دعاهم إليه.

ص: 250


1- أخو موسى الكليم ، وأول أحبار بني إسرائيل أرسله موسى ليتكلم عنه عند فرعون.
2- الأعراف : 142.

[ أفضل الامّة بعد نبيّها ]

وقالوا : إن من فضائل أبي بكر أن عليا علیه السلام قال : أفضل هذه الامة بعد نبيها أبو بكر وعمر ، ولا أجد أحدا يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حدّ المفتري.

فهذا حديث لا يصح لما فيه من الباطل ، والحد لا يجب على من فضل مفضولا على فاضل. ولو قال : أفضل الناس أبو بكر لم يكن ذلك ممّا يوجب فضله عليه ، وقد قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما أقلّت الغبراء ، ولا أظلّت الخضراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر. فلم يكن أبو ذر بهذا القول أصدق من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . وهذا من المتعارف في الكلام أن يقول الرجل : فلان أكرم الناس ، وأجود الناس ، ولا يعني بذلك أنه [ لا ] أكرم ولا أجود منه. ويحلف أنه لا دخل داره أحد من الناس ، ويدخل هو فلا يحنث ، ويقول : ما أجد في الناس أحبّ إليّ من فلان ، ونفسه أحبّ إليه منه.

وقد روى بعضهم هذا الخبر مفسرا ، وأنه قيل له : فأنت؟

قال : نحن أهل بيت لا يقاس بنا غيرنا.

وقد يكون قوله صلوات اللّه عليه خير هذه الامة بعد نبيها أبو بكر وعمر على معنى أن من ولي مكانهما بعدهما من المتغلبين شر على الامة. وأنهما خير منهم في سيرتهما في الناس.

تمّ الجزء السابع من شرح الأخبار في فضائل الائمة الأطهار ، والحمد لله على نعمه ، وصلواته على رسوله سيّدنا محمّد وعلى آله الائمة الطاهرين وسلامه وتحياته ، وحسبنا اللّه ونعم الوكيل ونعم المولى ونعم النصير ، ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم.

ص: 251

ص: 252

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام

للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي

المتوفي سنة 363 ه. ق

الجزء الثامن

ص: 253

ص: 254

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[ الأمر بطاعة أمير المؤمنين ]

اشارة

ما جاء في الأمر بطاعة علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه واتباعه ، والكون معه.

[551] الدغشي ، باسناده ، عن عمران بن حصين (1) ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : علي ولي كل مؤمن بعدي.

[552] ( عن أبي إسحاق ، أنه قال ، قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من كنت مولاه فعلي مولاه ) (2).

[553] وبآخر ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : علي ولي كل مؤمن.

[554] وبآخر ، عن عبد اللّه بن المسحر ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : علي أولى المؤمنين بالمؤمنين بعدي.

[555] وبآخر ، عن البراء بن عازب (3) ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أقام عليا علیه السلام للناس ، وقال : هذا وليكم من بعدي.

فقال عمر : ليهنك يا علي أصبحت - أو قال : أمسيت ، أو أنت -

ص: 255


1- وهو عمران بن حصين بن عبيد بن عبد نهم بن حذيفة توفي 52 ه.
2- ما بين القوسين زيادة من نسخة - ج -.
3- أبو عامر البراء بن عازب بن عدي بن جشم الاوسي الانصاري الخزرجي ولد 10 قبل الهجرة من أصحاب الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) ومن أصفياء أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ( رجال الخوئي 3 / 275 ). نزل الكوفة ومات بها أيام مصعب بن الزبير سنة 72 عن عمر يناهز 82 سنة. وهو أخو أنس بن مالك من أمه.

ولي كل مؤمن.

[556] وبآخر ، عن أبي إسحاق ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من كنت وليه فعلي وليه.

[557] أبو قتادة ، باسناده ، عن أبي إسحاق ، عن جدي العامري ، قال : لما خرج علي علیه السلام الى أصحاب الجمل أردت الخروج معه ، فوجدت في نفسي ، فركبت الى المدينة ، فأتيت منزل ميمونة زوجة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فاستأذنت ، فأذنت لي ، فقالت : فمن الرجل؟

قلت : من بني عامر.

قالت : فما حاجتك؟

قلت : إن عليا خرج الى الوجه الذي علمت ، فأردت الخروج معه ، فوجدت في نفسي من ذلك ، وجئت أسألك.

قالت : اخرج معه ، فإنه لن يضل ولن يضل.

قال أبو إسحاق : وما شك [ في ] علي إلا فاسق.

[558] محمّد بن مخلد ، باسناده ، عن سلمان الفارسي رحمة اللّه عليه ، أنه قال : لما بايع الناس أبا بكر قام فيهم سلمان : فحمد اللّه تعالى ، وأثنى عليه.

ثم قال : أيها الناس اسمعوا مني حديثا واعقلوه ، فإني اوتيت علما كثيرا ، ولا احدثكم إلا بما أعلم ، إن لكم بلايا تتبعها منايا ، وإن عند علي علیه السلام علم ذلك ونبأه ، فاتبعوه واسألوه.

[559] زياد بن المنذر الهمداني ، عن أبي سخيلة (1) البصري ، قال : حججت

ص: 256


1- وفي نسخة - ج - : عن أبي سهيل البصري.

مع سليمان بن ربيعة (1) فمررنا بأبي ذر الغفاري رحمة اللّه عليه بالربذة (2) ، فأتيته ، فقلت : يا أبا ذر أوصني بما أنتفع به ، فإني أرى أمرا قد حدث ، واختلافا بين الناس قد وقع.

فقال : اوصيك باتباع كتاب اللّه عزّ وجلّ ، وعلي بن أبي طالب علیه السلام ، فإني أشهد على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لرايته وسمعته يقول : علي أول من آمن بي ، وأول من يصافحني (3) يوم القيامة ، وهو يعسوب المؤمنين ، وهو الصدّيق الأكبر ، وهو الفاروق يفرق بين الحق والباطل.

[560] حسن بن عطية العوفي ، عن أبيه ، عن عمران بن حصين ، قال : مرض علي علیه السلام على عهد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فعاده وعدناه معه ، ومعنا عمر. فجلس رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عند رأس علي علیه السلام ، وجلس عمر عند رجليه ، فقال عمر : يا رسول اللّه ما علي إلا لما به.

فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : والذي نفسي بيده ، يا عمر لا يموت حتى يملأ غيظا ويوسع عذرا ، ويؤخذ من بعدي صابرا.

[561] الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، قال : كنت عند عمر - وأنا غلام - فرأيته قد خلا برجل من الأنصار ، وليس معهما أحد غيري.

فقال : إنا نتحدث بأحاديث ونكره أن تذاع عنا.

قال : فرأيته إنما عرض بي ، فقلت : أما أنا فو اللّه عزّ وجلّ ما اجالس أحدا.

ص: 257


1- وفي بشارة المصطفى : مع سلمان الفارسي.
2- بالتحريك وإعجام الذال : قرية من قرى المدينة على ثلاثة أيام ( عمدة الأخبار ص 322 ).
3- وفي نسخة - ج - : صافحني.

فقال عمر : لا هذا ، ولا هذا ، عليك بالصفحة الجميلة.

قال : يعني لا تدع مجالستهم ولا تذع السر.

ثم أقبل على الأنصاري فقال : من تحدثون أن يؤمر بعدي؟

فقال الأنصاري : يظن الناس (1) فلانا فلانا ، وعدد رجالا ، ولم يذكر فيهم عليا علیه السلام ، أظنه للذي يعلم له في نفس عمر.

فقال عمر : فما ذكروا عليا. فسكت الأنصاري. فقال عمر : أما واللّه إني لأظن أنه لو ولي من اموركم شيئا لحملكم على الحق.

[562] السري بن عبد اللّه ، باسناده ، عن عمران بن حصين الخزاعي (2) ، أن بريدة دخل عليه [ في منزله ] (3) لما بايع الناس أبا بكر ، فقال : يا عمران ، أترى القوم نسوا ما سمعوه من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في حائط بني فلان من الأنصار إذ كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ومعه علي بن أبي طالب علیه السلام ، فجعل لا يدخل عليه أحد يسلم عليه [ إلا ردّ ] ، ثم قال له : سلّم على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.

فلم يرد على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أحد إلا عمر ، فانه قال : أعن أمر اللّه أم أمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؟

فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : عن أمر اللّه وأمر رسوله.

فقال له عمران : بلى واللّه إني لأذكر ذلك وأعرفه ، ولا أظنهم نسوه.

فقال له بريدة : أفلا تنطلق بنا الى أبي بكر ، فنسأله عن هذا

ص: 258


1- هكذا في نسخة - ج - وفي الأصل : يذكر الناس.
2- أبو نجيد عمران بن حصين بن عبيد الخزاعي ، أسلم عام خيبر وكانت معه راية خزاعة ولاه زياد قضاء البصرة وتوفي بها 52 ه.
3- كل ما بين المعقوفات من كتاب اليقين ص 75.

الأمر ، فإن كان عنده عهد من عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عهده إليه بعد ما كان منه في علي ، فإنه لا يكذب على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

قال عمران : فانطلقنا حتى دخلنا على أبي بكر ، فذكرنا ذلك له.

وقلنا : قد كنت أنت يومئذ فيمن سلّم على علي علیه السلام بامرة المؤمنين. فهل تذكر ذلك أم نسيته؟

فقال أبو بكر : بل أذكره ، وما نسيته.

فقال له بريدة : فهل ينبغي لأحد من المسلمين أن يتأمر على أمير المؤمنين؟ أو هل عندك بعد ذلك عهد من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عهده إليك ، وأمرك به؟ فإن كان ذلك فعرفناه ، فإنا نعلم أنك لا تقول على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إلا ما قال لك ، وعهده إليك.

فقال أبو بكر : لا واللّه ما عندي عهد من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ولا أمر أمرني به ولكن المسلمين رأوا رأيا فتابعتهم على رأيهم.

فقال له بريدة : واللّه ما ذلك لك وللمسلمين أن يخالفوا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

فقال أبو بكر : أرسل الى عمر ، فلعل عنده من هذا علما.

فأرسل الى عمر ، فجاء.

فقال له أبو بكر : إن هذين سألاني عن أمر قد شهدته كما علمته.

وقصّ عليه القصة.

فقال عمر : قد سمعت ذلك وعندي المخرج منه.

فقال : وما هو؟

قال : إن النبوة والإمامة لا يجتمع في [ أهل ] بيت واحد.

ص: 259

فقال له بريدة (1) - وكان رجلا مفوها جريا على الكلام - : يا عمر ، قد أبى اللّه ذلك عليك ، أما سمعته يقول في كتابه : ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ) (2) فقد جمع اللّه عزّ وجلّ لهم النبوة والملك.

قال : فغضب عمر حتى رأيت عينيه توقدتا ، وقال : لا أراكما جئتما إلا لتفرقا جماعة هذه الامة وتشتتا أمرها.

فقمنا ، وما زلنا نعرف في وجهه الغضب حتى مات.

[563] سليمان [ بن ] أبي الورد ، باسناده ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، أنه قال : قلت لعلي علیه السلام : يا أمير المؤمنين ، أسألك لأحمل عنك ، وقد انتظرت أن تقول شيئا من أمرك فلم تقله ، أفلا تحدثني عن أمرك هذا؟ أكان على عهد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله منه ذكر ، أم كان منه إليك فيه عهد ، أم هو شيء رأيته؟ فإنا قد أكثرنا فيك الأقاويل ، وأوثقها ما سمعناه منك ، ونحن نقول : إن الأمر لو كان لك بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لم ينازعك فيه أحد ، فان كان هذا الرجلان أحق بما ولياه منك سلّمنا لهما ما مضى من فعلهما ، وأعطيناك بقدر ما انتهيت إليه ، واللّه ما أدري إذا سئلت ما أقول؟ أزعم أنهما أولى بما كانا فيه منك مع ما نصبك له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في حجة الوداع ، فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللّهمّ

ص: 260


1- وهو بريدة بن الحصيب بن عبد اللّه بن الحرث بن الاعرج الأسلمي. وقيل : ان اسمه عامر ولقبه بريدة. سكن مرو ومات بها 63 ه.
2- النساء : 54.

وال من والاه ، وعاد من عاداه.

وان تك أولى بما كانا فيه منهما ، فعلام نتولاهما ، فان كان هذا الأمر يحل فيه الجواب والمسألة ، فأجبني. وإن لم يكن ذلك يحل ، فأبغض الامور إلينا ما كان كذلك.

فقال علي صلوات اللّه عليه : يا عبد الرحمن ، قبض واللّه نبيّ اللّه حين قبض وأنا أول الناس بالناس ، مني بقميصي هذا ، وقد كان من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إليّ عهد لو جنبوني بأنفي لأقررت سمعا وطاعة.

يا عبد الرحمن (1) ، إنه أول ما انتقصنا به إبطال حقنا في الخمس ، ثم طمع فينا رعيان البهم من قريش ، وقد كان لي على الناس حق ، لو قد ردوه إليّ عفوا لقبلته ، وقمت به ، وإن كان إلى أجل معلوم وكنت كرجل له على قوم حق إن عجلوه آخذه ، وحمدهم عليه ، وإن أخروه ، أخذه غير محمودين عليه ، إلا أني كنت رجلا اخذا السهولة ، وهو عند الناس قد أحزن ، وإنما يعرف الهدى بالأنوار ولست أستوحش في طريق الهدى لقلة من أجده من الناس ، فإذا سكت فاعفوني ، فإنه لو جاء أمر تحتاجون فيه الى الجواب لأجبتكم فيه ، كفوا عني ما كففت عنكم.

فقال عبد الرحمن : يا أمير المؤمنين لأنت في هذا كما قال الأول : لعمري لقد أيقظت من كان نائما ، وأسمعت من كانت له أذنان.

ص: 261


1- عبد الرحمن بن أبي ليلى واسمه يسار وقيل : داود الكوفي الانصاري والد محمّد وعيسى. توفي 82 ه. وقيل : غرق بدجيل.

[ ضبط الغريب ]

قوله : جنبوني : أي قادوني. الجنيبة : الدابة التي تقاد. والرعيان : الرعاة ، والبهم : صغار الغنم. وأحزن : أخذ في الوعر.

[ من عصى أمير المؤمنين ]

[564] وبآخر ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : ما ينقم الناس منك يا علي؟

قال : ما ينقمون مني إلا أني منك يا رسول اللّه.

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أيها الناس إنكم عباد اللّه وفي قبضته وأنا رسوله إليكم ، فإذا قلت لكم شيئا ، فاسمعوا لي وأطيعوا - وتبيّن الغضب في وجهه - ففزع لذلك من كان عنده.

وقالوا : يا رسول اللّه نعوذ باللّه من غضبه وغضبك!

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا أيها الناس ، لا تعصوا عليا ، فإنه من عصاه فقد عصاني ، ومن عصاني فقد عصى اللّه.

[565] سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أنه قال :

وعظنا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال : يا أيها الناس إنكم تحشرون يوم القيامة عراة. قال اللّه تعالى : ( كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ ) (1) وإنه سيؤتى يوم القيامة يقوم من أصحابي فيؤخذ بهم ذات الشمال. فأقول : أصحابي أصحابي.

فيقال لي : يا محمّد إنك لا تدري ما أحدثوا من بعدك.

ص: 262


1- الأنبياء : 104.

فأقول كما قال العبد الصالح : ( وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ. إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) (1).

فيقال : يا محمّد ، إنهم ارتدوا بعدك حين فارقتهم على أعقابهم.

وقال اللّه تعالى : ( أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ ) (2).

قال ابن جبير : ثم قال لي ابن عباس : يا سعيد بن جبير ، إنه يعني بالشاكرين ، صاحبك علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه. والمرتدين على أعقابهم الذين ارتدوا عنه.

[566] جعفر بن محمّد ، عن أبيه صلوات اللّه عليهما ، أن رجلا سأله ، فقال : يا ابن رسول اللّه ، بما ذا فضل علي صلوات اللّه عليه على الناس؟

فقال : يقول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من كنت مولاه فعليّ مولاه اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.

فقال الرجل : فهذا حديث معروف عند الناس يعرفه الخاص والعام ، فهل غير ذلك؟

فقال له أبو جعفر علیه السلام : ويحك وهل تدري ما يجمعه هذا القول ، وما يقتضيه ، إن اللّه عزّ وجلّ جعل له به على الامة ما جعله لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عليها من السمع والطاعة.

ص: 263


1- المائدة : 117 و 118.
2- آل عمران : 144.

[ الصدّيق الأكبر ]

[567] الأعمش ، عن أبي سخيلة (1) ، قال : قال أبو ذر رحمة اللّه عليه : يا أبا سخيلة ، إنما ستكون فتنة لا تشبه هذه التي نحن فيها فإن أدركتها فعليك بعلي بن أبي طالب ، فإني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول وقد أخذ بيد علي علیه السلام :

هذا أول من آمن بي ، وصدقني ، وهو أول من يصافحني يوم القيامة ، وهو الصدّيق الأكبر ، وهو الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل ، وهذا سلم اللّه ، وهذا حرب اللّه ، وهذا الذي يعصم من الفتنة ، وهذا يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظالمين ، وقد خاب من افترى.

ثم قال له : يا علي ، إن للجنة أبوابا وطرقا ، وإن للنار طرقا وأبوابا ، وستكون فتنة وضلالة ، وإنك لسبيل الجنة ، وراية الهدى وعلم الحق ، وإمام من آمن بي ، وولي من تولاني ، ونور من أطاعني. يا علي ، بك يذهب اللّه الغل ، ويشفي (2) صدور قوم مؤمنين ، وأنت قصد السبيل إن استدلوا بك لم يضلوا ، وإن اتبعوك لم يهلكوا.

ثم قال : أيها الناس اتبعوه وصدقوه ووازروه ، وسامحوه ، ولا تحسدوه ، ولا تجحدوه ، فإن جبرائيل علیه السلام أمرني بالذي قلت لكم.

[568] أبو علي الكلبي ، عن عبد الوهاب (3) ، عن مجاهد [ عن ابن عمر ] (4) قال :

ص: 264


1- واسمه عامر بن طريف ( اعيان الشيعة 7 / 49 ).
2- وفي نسخة - ج - : ويخفي.
3- وفي نسخة - ج - : عن عبد اللّه.
4- هكذا في مناقب ابن المغازلي ص 240.

قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من فارق عليا فقد فارقني ، ومن فارقني فقد فارق اللّه عزّ وجلّ.

[ مثل قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ]

[569] وبآخر ، عن سلمان الفارسي قدّس اللّه روحه ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول لعلي علیه السلام : يا علي فيك (1) مثل قل هو اللّه أحد ، من قرأها مرة كان له أجر من قرأ ثلث القرآن ، ومن قرأها مرتين كان له أجر من قرأ ثلثي القرآن ، ومن قرأها ثلاث مرات كان له ثواب من قرأ القرآن كله ، وكذلك أنت يا علي من أحبك بقلبه ، كان له ثواب ثلث الإسلام ، ومن أحبك بقلبه ، وأثنى عليك بلسانه ، كان له ثواب ثلثي الإسلام ، ومن أحبك بقلبه وأثنى عليك بلسانه وأعانك بيده ، كان له مثل ثواب الإسلام كله.

[570] محمّد بن علي العنبري ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه بينا هو بالمسجد ومعه جماعة من أصحابه ، وفيهم علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ، إذ وقف عليهم أعرابي ، فقال : أيكم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فأومئوا إليه ، فسلم عليه.

ثم قال : يا رسول اللّه جئتك أسألك عن حرف سمعته من كتاب اللّه عزّ وجلّ.

قال : سل يا أعرابي.

قال : قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (2) ما حبل اللّه الذي أمرنا بالاعتصام به؟

ص: 265


1- وفي أمالي الصدوق ص 37 : يا أبا الحسن مثلك في أمتي مثل ...
2- آل عمران : 103.

فأخذ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بكف الأعرابي فوضعها على كتف علي علیه السلام ، وقال : يا أعرابي ، هذا حبل اللّه ، اعتصم به.

فدار الأعرابي من خلف علي علیه السلام ، فالتزم به ، ثم قال : اللّهمّ إني أشهدك أني اعتصمت بحبلك.

قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من سرّه أن ينظر الى رجل من أهل الجنة فلينظر الى هذا الأعرابي.

فالعجب لمن سمع هذا من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فتخلف عن أن يفعل ما فعله هذا الأعرابي ، ويقول ما قاله ، فيكون من أهل الجنة ، ولكنه الحسد الذي هو أصل كل خطيئة ، كما جاء ذلك عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

[571] يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، باسناده ، عن مسروق ، قال : قالت صفية بنت حي (1) لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا رسول اللّه إنك قد أجليت بني النضير ، فإن كان أمر ، فإلى من؟

قال : علي بن أبي طالب.

[572] الأعمش ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس. [ قال : ستكون فتنة فمن أدركها منكم فعليه بخصلتين : كتاب اللّه وعلي بن أبي طالب فإني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ] (2) يقول - في علي علیه السلام وهو آخذ بيده - :

هذا أول من آمن بي ، وأول من يصافحني يوم القيامة ، وهو

ص: 266


1- وفي الاصل : بنت جني. وهي من سبي خيبر ، أسلمت فأعتقها النبي وتزوجها توفيت بالمدينة سنة 50 ه.
2- ما بين المعقوفتين من تاريخ دمشق 1 / 77 الحديث 124.

الصدّيق الأكبر ، وهو فاروق هذه الامة ، يفرق بين الحق والباطل ، وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب (1) الظلمة ، وهو بابي الذي اوتي منه ، وهو خليفتي من بعدي.

ص: 267


1- اليعسوب : وهو الذكر من النحل الذي يقدمها ويحامي عنها.

[ السير على خطى أمير المؤمنين ]

اشارة

[573] محمّد بن مخلد ، باسناده ، عن زيد بن أرقم ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال - يوما لجماعة من أصحابه ، وعنده علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه - :

ألا أدلكم على من إن أنتم اتبعتموه لم تضلوا ، وإن قبلتم منه لم تهلكوا؟

قالوا : بلى ، يا رسول اللّه.

قال : هذا - وأومى الى علي علیه السلام - ، ثم قال : وآزروه ، وناصحوه ، وصدقوه ، فإن جبرائيل علیه السلام أمرني بذلك أن أقول لكم.

[574] يونس بن عبيد ، عن الحسن البصري (1) قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوما لأصحابه : ألا أنبئكم بذروة الإسلام وسنامه وعموده؟

قالوا : بلى يا رسول اللّه.

فضرب بيده على كتف علي علیه السلام ، وقال : ها هو هذا ، من أطاعه دخل الجنة ، ومن عصاه دخل النار.

ص: 268


1- أبو سعيد ولد 21 ه- في المدينة له مكانة عظيمة في التصوف أقام في البصرة وتوفي فيها 110 ه.

[575] سفيان ، عن أبيه ، عن زيد بن أرقم [ و ] عن أبي ذر رحمة اللّه عليه ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، يقول :

من أنكر فضل علي بن أبي طالب وجحد ولايته فقد نزع ربقة الإسلام من عنقه ، أيها الناس : أنزلوا آل محمّد منكم منزلة الرأس من البدن. وبمنزلة العينين من الرأس ، إنما مثلهم فيكم مثل سفينة نوح علیه السلام من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها هلك.

[576] موسى بن داود ، باسناده ، عن زيد بن أرقم ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله :

من أراد أن يتمسك بقضيب الياقوت الأحمر الذي غرسه اللّه بيمينه لنبيه ، في جنة الخلد ، فليتمسك بعلي بن أبي طالب علیه السلام .

[577] عبد اللّه بن موسى (1) ، قال : تشاجر رجلان ، فقال أحدهما : أبو بكر أحق بالولاية من علي.

وقال الآخر : علي علیه السلام احق بذلك منه.

قال عبد اللّه بن موسى : فتراضيا بشريك بن عبد اللّه (2) ، فأتياه فاستأذنا عليه ، فخرج إليهما ، فوقف بين البابين ، وضرب بيده على عضادتي الباب ، فأخبرا بما تشاجرا فيه.

فقال شريك : سأخبركما بذلك ، حدثني الأعمش عن شقيق بن سلمة ، عن حذيفة بن اليمان : أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : إن اللّه عزّ وجلّ خلق عليا قضيبا في الجنة ، فمن تمسك به كان

ص: 269


1- وفي الاصل : عبد اللّه بن موسى عن شريك بن عبد اللّه ، وهو تصحيف.
2- وهو أبو عبد اللّه ولد 95 ه- ، شريك بن عبد اللّه بن الحارث النخعي الكوفي ، استقصاه المنصور على الكوفة 153 ، توفي بالكوفة 177 ه.

من أهل الجنة.

فاستعظم الرجل ذلك. فضرب شريك الباب في وجهه ، ثم دخل. فقال الرجل لصاحبه : هذا حديث ما سمعناه ، فهل لك أن تأتي نوح بن دراج (1).

فأتياه ، فأخبراه بما كان بينهما ، وبقول شريك لهما.

فقال لهما نوح : أتعجبان من هذا ، حدثني الأعمش ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن اللّه عزّ وجلّ خلق قضيبا من نور ، فعلقه ببطنان عرشه ، لا يناله إلا علي ومن تولاه من شيعته. ففيم تعجبان؟

فقال الرجل لصاحبه : هذه اخت تلك ، فهل لك أن نمضي الى وكيع بن الجراح (2).

فمضيا إليه ، فأخبراه بما كان بينهما ، وبما قال لهما شريك ونوح ، فقال لهما وكيع : أتعجبان من هذا؟ حدثني الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن أركان العرش لا ينالها إلا علي ومن تولاه من شيعته.

قال : فلم يبرح الرجل حتى اعترف بولاية علي صلوات اللّه عليه ، وتولاه.

[578] سليمان بن عبد اللّه بن سنان ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه

ص: 270


1- وهو أبو محمّد النخعي ، قاض من أصحاب أبي حنيفة كان أبوه حائكا من النبط ولي نوح القضاء بالكوفة واصبت عيناه فكان يقضي وهو أعمى واستمر ثلاث لا يعلم أحد بعماه وتوفي 182 ه.
2- وهو أبو سفيان وكيع بن الجراح بن مليح الرواسي ، ولد بالكوفة 129 ه- ، قال أحمد بن حنبل :

علیه السلام ، أنه قال : من منعنا مودته وولايته ، وتولى عدونا وقرب منه ، خرج من ولاية اللّه عزّ وجلّ الى ولاية الشيطان ، وحق على اللّه أن يحشره الى جهنم. إن اللّه عزّ وجلّ سمى من لم يتبع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في ولاية علي علیه السلام منافقين. وجعل من جحد وصي رسوله صلی اللّه علیه و آله إمامته كمن (1) جحد محمّدا صلی اللّه علیه و آله نبوته ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ : ( إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ ) يعنى الذين كذبوا بولاية الوصي ( قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللّهِ وَاللّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ ) لتكذيبهم بولاية علي علیه السلام . ( اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ ) هو وصي رسوله ( إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ ) بولايته عدوّهم ( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ) يعني برسالتك يا محمّد ( ثُمَّ كَفَرُوا ) بولاية وصيك ( فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ ) (2).

[579] عمرو بن ميمون ، عن جابر ، عن أبي جعفر محمّد بن علي صلوات اللّه عليه أنه قال :

قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أتاني جبرائيل ، فقال لي : يا محمّد ، قل لامتك ، من سرّه أن يكون مع اللّه واللّه معه ، فليتولّ علي بن أبي طالب ، وليتبرأ من عدوه ، وليسلم لفضله ، وليتبع أمره.

[ علي علیه السلام الهادي ]

[580] محمّد بن زياد الاعرابي ، باسناده ، عن عطاء بن السائب (3) ، عن

ص: 271


1- هكذا في نسخة - ب - وفي الأصل : لكن.
2- المنافقون : 1 - 3.
3- وهو أبو محمّد وقبل أبو السائب الثقفي الكوفي ، توفي 136 ه.

سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أنه قال : لما نزلت : ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) (1) قال النبي صلی اللّه علیه و آله : أنا المنذر ، وأنت يا علي الهادي ، بك يا علي يهتدي المهتدون.

[581] جابر ، عن أبي جعفر محمّد بن علي صلوات اللّه عليه ، قال :

بينما رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلي صلوات اللّه عليه يمشيان خارجا من المدينة ، عرضت لهما جنازة رثة الهيئة قليلة التبع ، فقال النبي صلی اللّه علیه و آله - للذين يحملونها - : من هذا الميت الذي معكم؟

قالوا : يا رسول اللّه فلان عبد لبني رياح كان مسرفا على نفسه ، فجفاه الناس ، فقلّ تبعه.

قال : فهل صلّيتم عليه؟

قالوا : لا.

قال : امضوا. ومضى معهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حتى انتهى الى موضع فسيح ، فأمر بوضعه فيه ، فصلّى عليه. ثم انتهى معهم إلى قبره ، فدفنه ، وسوى عليه التراب ، ثم تفرق القوم.

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : يا أبا الحسن ، أما سمعت ما قال هؤلاء في هذا الميت؟

قال : بلى يا رسول اللّه بأبي أنت وأمي ، وإني لأعرفه ، وله عندي قصة أخبرك بها.

قال. هات يا علي.

قال : واللّه ما أعلم أنه استقبلني قط إلا قال لي : أنا واللّه احبك

ص: 272


1- الرعد : 7.

وأتولاّك.

فقال النبي صلی اللّه علیه و آله : بها واللّه أدرك ما أدرك ، لقد رأيت - يا أبا الحسن - معه قبيلا من الملائكة يشيعون جنازته (1) حتى صلّوا عليه ، ودفنوه.

[582] أبو الجارود (2) ، قال : كنت عند أبي جعفر محمّد بن علي صلوات اللّه عليه مع جماعة من أصحابه ، فقال له رجل (3) منهم : يا ابن رسول اللّه ، حدثنا الحسن البصري أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال :

إن اللّه أرسلني برسالة ، فضقت بها ذرعا ، فتواعدني إن لم ابلغها أن يعذبني ، ثم قطع الحديث ، فسألناه تمامه ، وأن يخبرنا بالرسالة ما هي ، فجعل يروغ.

فقال أبو جعفر علیه السلام : ما لحسن ، قاتل اللّه حسنا ، أما واللّه لو شاء أن يخبركم لأخبركم ، ولكني أخبركم.

إن اللّه عزّ وجلّ بعث محمّدا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بشهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمّدا رسول اللّه ، وأقام الصلاة ، فشهد المسلمون الشهادتين ، وصلّوا فأقلوا وأكثروا. فجاء جبرائيل علیه السلام إلى النبي صلی اللّه علیه و آله فقال : يا محمّد علّم الناس صلاتهم وحدودها ومواقيتها وعددها.

فجمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الناس ، فقال : أيها الناس إن اللّه عزّ وجلّ فرض عليكم الصلاة في الفجر كذا وكذا عددها

ص: 273


1- وفي بحار الأنوار : 39 / 254 : إنه قد شيعه سبعون الف قبيل من الملائكة ، كل قبيل على سبعين الف قبيل.
2- وهو أبو جارود الاعمى الكوفي زياد بن المنذر.
3- وفي بحار الأنوار 37 / 140 : فقام إليه رجل من أهل البصرة يقال له عثمان الأعشى.

والظهر كذا وكذا عددها ووقتها حتى أتى على الصلوات الخمس.

ثم قال أبو جعفر علیه السلام : فهل تجدون هذا في القرآن.

قالوا : لا.

قال : ثم أنزل اللّه عزّ وجلّ وآتوا الزكاة ، فتزكى المسلمون على قدر ما يرون ، أعطى هذا من دراهمه ، وأعطى هذا من دنانيره ، وهذا من تمره ، وهذا من زرعه ، فأتاه جبرائيل علیه السلام . فقال : يا محمّد علّم الناس من زكاتهم مثل ما علّمتهم من صلاتهم.

فجمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الناس ، فقال : إن اللّه افترض عليكم الزكاة في الذهب من كذا وكذا وفي الفضة من كذا وكذا ، وعدّد جميع ما يجب فيه الزكاة وما يجب فيه منها.

ثم قال أبو جعفر علیه السلام : فهل تجدون هذا في كتاب اللّه؟

قالوا : لا.

قال : ثم أنزل اللّه عزّ وجلّ فريضة الحج ، فقال تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) (1). ليس فيه كيف يطوفون ولا كيف يسعون. فأتاه جبرائيل علیه السلام ، فقال : يا محمّد علّم الناس من حجهم ما علّمتهم من صلاتهم وزكاتهم.

فجمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الناس ، فقال : أيها الناس ، إن اللّه عزّ وجلّ قد فرض عليكم الحج ، وأوقفهم على مناسك الحج ومعالمه شيئا شيئا.

ثم قال أبو جعفر علیه السلام ، فهل تجدون ذلك مفسرا في كتاب اللّه؟

ص: 274


1- آل عمران : 97.

قالوا : لا.

قال : ثم أنزل اللّه عزّ وجلّ فرض الصيام ، وإنما كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يصوم يوم عاشورا ، فأتاه جبرائيل. فقال : يا محمّد علّم الناس من صومهم ما علّمتهم من صلاتهم وزكاتهم وحجهم.

فجمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الناس ، فقال : أيها الناس إن اللّه عزّ وجلّ قد فرض عليكم صيام شهر رمضان ، ثم [ علّمهم ] ما يجتنبون في صومهم وما يأتون وما يذرون.

ثم قال أبو جعفر علیه السلام : فهل تجدون هذا في كتاب اللّه تعالى؟

قالوا : لا.

قال : ثم أنزل اللّه عزّ وجلّ فريضة الجهاد ، فلم يعلموا كيف يجاهدون ، فأتاه جبرائيل ، فقال : يا محمّد علّم الناس من جهادهم ما علّمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم.

فجمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الناس ، فقال : أيها الناس إن اللّه عزّ وجلّ قد فرض عليكم الجهاد في سبيله بأموالكم وأنفسكم.

وبيّن لهم حدوده ، وأوضح لهم شروطه.

ثم أنزل اللّه عزّ وجلّ الولاية ، فقال : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (1).

فقال المسلمون : هذا لنا ، بعضنا أولياء بعض.

فجاء جبرائيل ، فقال : يا محمّد علّم الناس عن ولايتهم ما علّمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم وجهادهم.

ص: 275


1- المائدة : 55.

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا جبرائيل ، إن امتي حديثة عهد بجاهلية ، وأخاف عليهم أن يرتدوا ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ : ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (1) ، فلم يجد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بدّا من أن خرج الى الناس ، فقال : أيها الناس إن اللّه عزّ وجلّ بعثني برسالته ، فضقت بها ذرعا ، وخفت أن الناس يكذبوني ، فتواعدني إن لم ابلغها ليعذبني.

ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ، ثم قال : أيها الناس ألستم تعلمون أن اللّه مولاي وأني مولى المؤمنين ووليهم ، وأني أولى بكم من أنفسكم؟

قالوا : بلى.

قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللّهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحق معه حيث دار.

قال أبو جعفر صلوات اللّه عليه : فوجبت ولاية علي صلوات اللّه عليه على كل مسلم.

[583] عباد بن يعقوب ، باسناده ، عن يعلي بن مرة (2) ، أنه قال : كنا جلوسا عند النبي صلی اللّه علیه و آله إذ دخل علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ، فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : كذب من زعم أنه يتولاني ويحبني ويعادي هذا ويبغضه ، واللّه لا يبغضه ولا يعاديه

ص: 276


1- المائدة : 67.
2- أبو المرازم يعلي بن مرة بن وهب بن جابر بن عتاب بن مالك. وأمه سيابة ولذا يقال يعلي بن سيابة.

إلا كافر أو منافق أو ولد زنا.

[ بني الإسلام على خمس ]

[584] الحسن بن غالب ، باسناده ، عن أبي هارون العبدي ، أنه قال : كنت أرى رأي الخوارج ، فجلست يوما إلى أبي سعيد الخدري ، وهو يحدّث ، فقال : بني الإسلام على خمس ، فأخذ الناس بأربع وتركوا واحدة.

قلت : يا أبا سعيد ، ما هي الأربع التي أخذوا بها؟

قال : الصلاة والزكاة والصوم والحج.

قلت : وما الواحدة التي تركوها.

قال : ولاية علي بن أبي طالب علیه السلام .

قلت : انظر ما تقول ، هي مفروضة؟

قال : اي واللّه إنها لمفترضة (1).

[585] عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن البراء بن عازب ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : إن الصدقة لا تحلّ لي ولا لأهل بيتي ، لعن اللّه من ادعى الى غير أبيه ، ولعن من انتمى الى غير مواليه الولد لصاحب الفراش وللعاهر الحجر ، ليس لوارث وصية إلا وقد سمعتم مني ورأيتموني ، فمن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ألا إني فرطكم على الحوض ، ومكاثر بكم الامم يوم القيامة ، فلا تسودوا وجهي ، ألا لأستنقذن من النار رجالا وليستنقذن مني آخرون. فأقول : يا رب أصحابي؟

فيقال لي : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. ألا وان اللّه وليي

ص: 277


1- وفي أمالي المفيد ص 90 زيادة : قال الرجل : فقد كفر الناس اذن ، قال أبو سعيد : فما ذنبي؟

وأنا وليّ كل مؤمن ، ومن كنت مولاه فعليّ مولاه.

[586] سعيد بن خيثم ، باسناده : أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : إنه لم تكن امة إلا وقد كان لها علم تعرف به طاعة اللّه من معصيته ، ابتلى اللّه قوما ، فقال : لا تأكلوا الحيتان يوم السبت ، وابتلى قوما بناقة ، فقال : لا تعقروها. وابتلى قوما بنهر ، فقال : ( فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي ) (1) ، وجعل سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق ، وجعل باب حطة من دخله ساجدا غفر له.

وإن اللّه تبارك وتعالى لم يذر هذه الأمة حتى جعل لها علما تعرف به طاعته من معصيته ، وهو علي بن أبي طالب ، من تولاه فقد تولى اللّه ورسوله ، ومن عصاه فقد عصى اللّه ورسوله.

[587] عبد الرحمن بن محمّد ، باسناده ، عن أبي رافع ، قال : سير عثمان أبا ذر الى الربذة ، فأتيته لأسلم عليه ، فلما أردت الانصراف قال لي : إنه ستكون فتنة ، ولست أدري أدركها أم لا. ولعلك أن تدركها ، فان أدركتها فعليك بالشيخ علي بن أبي طالب ، فاني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول له : أنت أول من آمن بي ويصافحني يوم القيامة ، وأنت الصدّيق الأكبر ، وأنت الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل ، وأنت يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الكفرة.

[588] علي بن عابس ، باسناده ، عن أبي معشر ، قال : دخلت الرحبة ، فإذا علي صلوات اللّه عليه بين يديه مال مصبوب ، وهو يقول : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يموت عبد وهو يحبني إلا جئت أنا وهو يوم القيامة كهاتين - وجمع بين اصبعيه المسبّحتين - ولو شئت لقلت كهاتين

ص: 278


1- البقرة : 249.

وجمع بين المسبحة والوسطى - ، وهذه أفضل من هذه ، وأنا يعسوب المؤمنين ، وهذا - وأومأ بيده الى المال - يعسوب المنافقين ، بي يلوذ المؤمنون ، وبهذا يلوذ المنافقون.

[589] محمّد بن عبد الحميد السهمي ، باسناده ، عن عبد اللّه بن مسعود (1) ، قال : كنت عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فتنفس الصعداء.

فقلت : مالك ، يا نبيّ اللّه؟

فقال : نعيت إليّ نفسي.

قلت : ألا تستخلف علينا يا رسول اللّه.

قال : من؟

فذكرت أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير. كل ذلك لا يقول شيئا حتى ذكرت علي بن أبي طالب علیه السلام .

فرفع رأسه ونظر إليّ ، وقال : والذي نفسي بيده يا ابن مسعود لئن سمعوا له وأطاعوا ليدخلن الجنة أجمعين أكتعين (2).

[590] حدثنا جعفر بن سليمان الهاشمي ، باسناده عن عمر بن الخطاب ، أنه قال : لا يتم إسلام مؤمن (3) إلا أن يتولى علي بن أبي طالب.

ومثل هذا كثير قد ذكرنا جملة منه فيما تقدم من هذا الكتاب ، ونذكر بعد في باقيه كثيرا منه إن شاء اللّه تعالى. ومن أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه

ص: 279


1- عبد اللّه بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي ، أبو عبد الرحمن الصحابي من السابقين الى الاسلام وأول من جهر بقراءة القرآن بمكة ، وكان خادم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو من أهل مكة ، وكان قصيرا جدا يكاد الجلوس يوارونه ، وكان يحب الإكثار من التطيب ، وولي بعد النبي صلی اللّه علیه و آله بيت مال الكوفة ، ثم قدم المدينة في خلافة عثمان معترضا فتوفي فيها عن نحوستين عاما 32 ه.
2- أي تام دون نقص. ( مختار الصحاح ص 563 ).
3- وفي نسخة - ج - : مسلم.

وآله بطاعته ، فمن أين يجوز لأحد أن يتأمّر عليه ، ويوجب لنفسه طاعة دونه ، وإنما تكون الطاعة لاولي الأمر ، كما افترض اللّه عزّ وجلّ ذلك لهم في كتابه ، وقرن فيه طاعتهم بطاعته وطاعة رسوله صلی اللّه علیه و آله ، فقال : ( أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (1) فجعلها طاعات مقرونة موصلة لا يجزي بعضها ولا يقوم بعضها إلا ببعض ، وكما لا تقوم ، ولا تجري طاعة اللّه عزّ وجلّ مع معصية رسوله صلی اللّه علیه و آله ، وكذلك لا تجزي طاعة اللّه وطاعة رسوله صلی اللّه علیه و آله مع معصية أولي الأمر الذين أوجب اللّه عزّ وجلّ طاعتهم ، لأن في معصية أولي الأمر معصية اللّه ، ومعصية رسوله صلی اللّه علیه و آله ، إذ قد أوجب اللّه عزّ وجلّ في كتابه وعلى لسان رسوله صلی اللّه علیه و آله طاعتهم ، فلم يطع اللّه من عصاهم ، إذ قد افترض طاعتهم ، وكذلك لن يطيع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من عصى أحدا منهم ، إذ قد أمر عن أمر اللّه عزّ وجلّ بطاعتهم ، وقد نصّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كما ذكرنا فيما جاء عنه على طاعة علي علیه السلام ، ورغب في ذلك ، وذكر فضله وثوابه ، ونهى عن معصيته وحذر منها ، وذكر ما يوجبه من عقاب ربه.

وأكد ولايته وأقامه للامة مقامه ، ولم يقل شيئا من ذلك عبثا ولا تكلفا ، ولا من قبل نفسه ولا ليمرّ صفحا على من سمعه منه ، وانتهى إليه عنه ، لانه ليس من المتكلفين كما وصفه عزّ وجلّ في كتابه ، ولا ممن : ( يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ) (2) ، كما أخبر فيه عنه ، ولا يتبع كما وصفه عزّ وجلّ ( إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى ) إليه.

فأيّ بيان يكون أكثر من هذا البيان وأيّ نصّ يكون أوضح من هذا

ص: 280


1- النساء : 59.
2- النجم : 3.

النص على إمامة علي صلوات اللّه عليه من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو مع ذلك يؤكد قوله فيه ، بأنه عن اللّه عزّ وجلّ يقوله ، وبأمره يأمرهم بما أمرهم به من طاعته وولايته ومودته. فرحم اللّه امرأ سمع ذلك فوعاه ، واعتقده وعمل به ، ولم يمرّ صفحا عليه كما مرّ على كثير ممن سمعه. ( وَاللّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) كما قال عزّ وجلّ ( إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) ويضلّ كما أخبر سبحانه الظالمين ، هذا ما أسرّه (1) وعهده رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى علي علیه السلام .

[591] أبو نعيم الفضل بن دكين (2) ، باسناده ، عن سلمان الفارسي رحمة اللّه عليه أنه كان جالسا وحوله جماعة يحدّثهم ، إذ مرّ بهم علي صلوات اللّه عليه.

فقال سلمان لمن حوله : ألا تقومون إليه - يعني عليا صلوات اللّه عليه - فتأخذون بحجزته [ تسألونه ] فو اللّه ما يحدّثكم بسرّ نبيكم [ أحد ] غيره. [ وإنه لعالم الأرض وربانيها وإليه تسكن ، ولو فقدتموه لفقدتم العلم وأنكرتم الناس ] (3).

[592] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن جابر بن عبد اللّه ، أنه قال : ناجى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عليا صلوات اللّه عليه بحجرته - وهو محاصر للطائف - فأطال النجوى ، والناس ينظرون إليهما ، فتقدم أبو بكر وعمر ، فقالا : يا رسول اللّه ، لقد طالت منذ اليوم مناجاتك لعلي علیه السلام .

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما أنا انتجيته ، ولكن اللّه

ص: 281


1- وفي نسخة - ج - : أمره.
2- هو ابن دكين ، الفضل بن دكين ( واسمه عمرو ) بن حماد التيمي ، ولد 130 ه- ، وتوفي 219 ه.
3- ما بين المعقوفات من أمالي الصدوق : ص 327.

انتجاه.

[593] أبو غسان ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه قال : لما أنزل اللّه عزّ وجلّ : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) (1) كان عندي دينار فصرفته بعشرة دراهم ، وكنت إذا أردت أن أناجي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله تصدقت بدرهم حتى فنيت ، ولم يفعل ذلك أحد من المسلمين ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ : ( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ) الآية (2) ، فلم يعمل بآية النجوى أحد غيري.

[594] أبو غسان ، باسناده ، عن أمّ سلمة - زوج النبي صلی اللّه علیه و آله - أنها قالت : كان علي علیه السلام أقرب الناس برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عهدا. عدنا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوم قبض في بيت عائشة ، فجعل يقول : أجاء علي؟ مرارا.

قالت فاطمة صلوات اللّه عليها : كان بعثه لحاجة.

ثم جاء فظننا أن له إليه حاجة. فخرجنا من البيت وقعدنا من وراء الباب.

قالت : فكنت من أدناهن من الباب ، فأكبّ عليه علي علیه السلام ، فلم يزل يسارّه ويناجيه. ثم قبض من يومه ذلك ، وكان أقرب الناس به عهدا.

[595] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن علي بن الحسين صلوات اللّه عليه ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - في مرضه الذي قبض فيه -

ص: 282


1- المجادلة : 12.
2- المجادلة : 13.

ادعوا إليّ أخي.

فقالت عائشة : ادعوا أبا بكر ، فلعله أن يعهد إليه عهدا. فجاء أبو بكر ، فلما رآه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سكت ، ولم يقل شيئا.

ثم قال : ادعوا إليّ أخي ، فأرسلت حفصة (1) الى أبيها عمر ، فلما جاء ، لم يقل له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله شيئا.

ثم قال : ادعوا إليّ أخي ، فأرسلت فاطمة الى علي علیه السلام .

فجاء ، فلما رآه قال : ادن مني ، فدنا منه. فقال : اجلسني. فأجلسه.

ثم قال : احتضني ، فاحتضنه. فقال : اسندني الى صدرك ، فأسنده.

قال علي صلوات اللّه عليه : فما زال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يسارّني ويحدّثني ، وإني لأجد برد شفتيه ولسانه في أذني ، حتى قبض صلی اللّه علیه و آله .

قال : وكان آخر ما عهده إليّ أن قال : الصلاة الصلاة ، وما ملكت أيمانكم.

قال علي علیه السلام : وهي آخر وصايا الأنبياء صلوات اللّه عليهم.

[596] يحيى بن حبيب ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عمر ، قال : كنا عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فدعا عليا صلوات اللّه عليه وأدناه ،

ص: 283


1- حفصة بنت عمر بن الخطاب زوج النبي صلی اللّه علیه و آله ولدت بمكة ، وتزوجها خنيس بن حذافة السهمي فكانت عنده ، وأسلما ، وهاجرت معه الى المدينة ومات عنها ، فتزوجها النبي صلی اللّه علیه و آله ، ماتت في المدينة 45 ه.

فسارّه طويلا ، ثم قام علي علیه السلام ، فمضى. فلما ولّى قال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا أبا الحسن.

قال : لبيك يا رسول اللّه.

قال : لا تسقه إليّ إلا كما تساق الشاة الى حالبها.

فلم ندر من أراد ، وتسامع الناس ، فاجتمع الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله جماعة من المهاجرين والأنصار ، فلم يبرح حتى أقبل عليه علي علیه السلام بالحكم بن أبي العاص (1) ، وقد أخذ باذنه ولهازمه يجره حتى أقعده بين يدي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فلعنه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ثلاثا.

ثم قال : إن هذا سيخرج من صلبه فتنا تبلغ السماء.

فقالوا : يا رسول اللّه ، هو أذل وأهون من أن يكون ذلك منه!

فقال : بلى ويحكم يومئذ من شيعته.

ثم أمر به ، فسير به الى الدهلك.

[ أنس ومناقب علي ]

[597] محمّد بن منصور ، باسناده ، عن محمّد بن بشير ، قال : قدم عليّ رجل من أهل الكوفة ، فقال : إني اريد أن أسأل أنس بن مالك ، فانطلق بنا إليه.

قال : فانطلقت به الى أنس ، وكان أنس قد أصابته وضح ، وذهب بصره ، وكان لا يخرج إلا وعليه برقع ، فخرج إلينا كذلك.

ص: 284


1- الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي الاموي أسلم يوم الفتح وسكن المدينة فكان يفشي سر الرسول صلی اللّه علیه و آله فنفاه إلى الطائف وأمر باعادته عثمان زمن خلافته فمات فيها وقد عمي بصره وهو عم عثمان ووالد مروان رأس الدولة المروانية توفي 32 ه.

فقلت له : إن هذا امرؤ من أهل الكوفة أحبّ لقاءك ، والنظر إليك.

قال أنس : نعم الناس أهل الكوفة ، إلا أنهم هلكوا في الرجل - يعني عليا علیه السلام -.

فقال لي الرجل بيني وبينه : قم بنا ننصرف.

قلت : لم؟

قال : إنما جئت أسأله عن علي علیه السلام ، وقد بدا منه ما بدا ، فما عسى أن يقول بعد هذا؟

قلت : سله عما شئت ، فإنه لن يكذبك.

قال : فسأله عن علي علیه السلام .

قال له أنس : عمّ تسأل من أمره؟

قال : تخبرني عن منزلته من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

قال : أما إذا أبيت يا كوفي ، فإني اخبرك! [ كانت ] له ثلاث خصال من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لئن تكون لي واحدة منهن أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس ، كان أول من آمن باللّه وبرسوله ، وكان صاحب سرّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلانيته ، وكان وصيه من بعده.

[598] الأجلح (1) ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أن عليا علیه السلام خطب الناس عند خروجه لحرب أهل الجمل ، فقال : أيها الناس ما هذه المقالة السيئة ، بلغتني عنكم ، واللّه ليقتلن طلحة والزبير ،

ص: 285


1- هكذا في نسخة - ج - وفي الاصل : الاصلح ، وهو أجلح بن عبد اللّه بن حجية ، ويقال اسمه يحيى والاجلح لقبه ، توفي سنة 145 ه.

وليفتحن البصرة ، وليأتينكم مادة من الكوفة ستة آلاف وخمسمائة وستون.

قال عبد اللّه بن عباس : فقلت في نفسي : ومن أين يعلم هذا؟ ولكن الحرب خدعة ، وكان أول شيء من ذلك أن قدمت علينا مادة أهل الكوفة ، فخرجت ، فلقيتهم ، فسألتهم عن عدتهم.

فقالوا : ستة آلاف وخمسمائة وستون مثل ما ذكر.

ثم قتل طلحة والزبير ، وفتحت البصرة ، فعلمت أن ذلك ممّا أسرّه إليه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

[599] وقد جاء عنه علیه السلام أنه علّمه الف كلمة كل كلمة تفتح الف كلمة.

[600] سعيد بن حنظلة ، عن علقمة ، قال : سمعت عليا صلوات اللّه عليه ، يقول :

ما عن فئة تبلغ ثلاثمائة الى يوم القيامة إلا وقد علمت ناعقها وقائدها وسائقها.

[601] ابو مريم الأنصاري ، باسناده ، عن علي علیه السلام أنه خطب الناس ، فقال :

أيها الناس أنا فقأت عين الفتن بيدي ، ولم يكن [ أحد ] يجترئ عليها غيري ، ولو لم أكن فيكم ما قوتل أصحاب الجمل ، وأهل النهروان ، وايم اللّه لو لا أن تتكلوا فتدعوا العمل لأخبرتكم بما قضى اللّه على لسان نبيه علیه السلام لمن قاتلهم منكم مبصرا لضلالهم ، عارفا للهدى الذي نحن عليه.

ثم قال : سلوني قبل أن تفقدوني ، فاني ميت بل مقتول (1) ،

ص: 286


1- وفي الغارات 1 / 7 : اني ميت أو مقتول ، بل قتلا.

ما ينتظر أشقاها أن يخضبها بدم من فوقها - وأومى (1) بيده الى لحيته - فو الذي نفسي بيده لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة ، ولا عن فئة تضل مائة وتهدي مائة إلا نبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها.

فقام رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين حدثنا عن البلايا.

فقال : إنكم في زمان ذلك ، فإذا سأل سائل فليفعل ، وإذا سئل مسئول فليثبت إلا أن من ورائكم امورا لو فقدتموني لأطرق كثير من السائلين ، وفشل كثير من المسئولين. وذلك إذا اتصلت حربكم ، وشمرت عن ساق ، وكانت الدنيا ثقلا عليكم حتى يفتح اللّه لبقية الأبرار ، فانظروا قوما كانوا أصحاب رايات يوم بدر فلا تسبقوهم فتعرككم البلية.

ثم قام رجل آخر ، فقال : حدثنا عن الفتن يا أمير المؤمنين.

فقال : إن الفتن إذا أقبلت اشتبهت ، وإذا أدبرت أسفرت ، يشتبهن مقبلات ، ويعرفن مدبرات ، وإنما الفتن تحوم كالرياح يصبن بلدا ، ويخطئن اخرى.

ألا إن أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني أميّة ، فإنها فتنة عمياء مظلمة عمّت فتنتها ، وخصّت بليتها ، فأصاب البلاء من أبصر فيها ، وأخطى من عمي عنها ، يظهر أهل باطلها على أهل حقها حتى يملأ الأرض عدوانا وظلما.

ألا إن أول من يضع منها جبروتها ويكسر ذريتها وينزع أوتادها اللّه ربّ العالمين ، وايم اللّه لتجدن بني أميّة أرباب سوء لكم من

ص: 287


1- وفي الاصل : وأهوى.

بعدي كالناقة الضروس تعضّ بفيها ، وتخبط بيديها ، وتضرب برجليها ، وتمنع درّها ، ولا يزالون بكم حتى لا يتركون منكم إلا نافعا لهم أو غير ضار ، ولا يزال بلاؤهم بكم حتى يكون انتصاركم منهم كانتصار العبد من مولاه.

ألا إن قبلتكم واحدة ، وحجكم واحد ، وعمرتكم واحدة ، والقلوب مختلفة ، هكذا - وشبك بين أصابعه ، وأدخل بعضها في بعض -.

فقام رجل ، فقال : وما هذا يا أمير المؤمنين؟

وخالف بين أصابعه ، فقال : يقتل هذا هذا ، وهذا هذا فتنة ، وقطيعة جاهلية ، ليس فيها إمام هدى وعلم بر ، ونحن أهل البيت فينا نجاة ، ولسنا فيها.

فقام رجل آخر ، فقال : فما نصنع في ذلك الزمان يا أمير المؤمنين؟

فقال : تنظرون أهل بيت نبيكم ، فإن لبدوا فالبدوا (1) وإن استصرخوكم فانصروهم تنصروا وتؤجروا ، ولا تسبقوهم فتصرعكم البلية.

ثم قام رجل آخر ، فقال : ثم ما يكون بعد يا أمير المؤمنين؟

فقال : يفرج اللّه الفتن برجل من أهل البيت كتفريج الأديم يسومهم خسفا ويسقيهم بكأس مصبرة ، ولا يعطيهم إلا السيف. يضع السيف على عاتقه ثمانية أشهر ، فيجعلهم ملعونين أينما ثقفوا ، اخذوا وقتلوا تقتيلا.

[602] جعفر بن سليمان ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : أسرّ

ص: 288


1- البلد : السكون والسكوت.

رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى علي صلوات اللّه عليه ما يلقاه بعده.

فبكى علي علیه السلام ، وقال : يا رسول اللّه أسألك بقرابتي منك لما سألت اللّه عزّ وجلّ أن يقبضني في حياتك.

فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي ، تسألني أن أسأل اللّه أجلا مؤجلا.

فقال علي صلوات اللّه عليه : فعلى ما ذا أقاتلهم يا رسول اللّه؟

قال : على إحداثهم في الدين.

[603] يونس بن أبي يعقوب ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : كان فيما عهد إليّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أن اقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.

فالناكثون أصحاب الجمل ، والقاسطون أهل الشام ، والمارقون الخوارج.

[604] عبد اللّه بن صالح الجهني ، باسناده ، عن سعيد بن أبي سالم ، عن أبيه ، أنه قال : كنا مع علي علیه السلام بالكوفة (1) ، فقال - يوما من الأيام - ونحن عنده :

إني (2) سبط من الأسباط ، اقاتل على حق ليقوم ، ولن يقوم ، والأمر لهم ، فإذا كثروا فتنافسوا بعث اللّه عزّ وجلّ عليهم أقواما من هذا المشرق ، فقتلهم بددا ، وأحصاهم بهم عددا. واللّه لا يملكون سنة إلا ملكنا سنتين ولا يملكون سنتين إلا ملكنا أربعا ، وما من فئة تخرج

ص: 289


1- مدينة في العراق على الجانب الغربي عن نهر الفرات أسسها سعد بن أبي وقاص بعد معركة القادسية قريب الحيرة ، اتخذها أمير المؤمنين علیه السلام عاصمة له ، واستشهد فيها ، جعلها العباسيون عاصمة لهم ، ثم انتقلوا الى بغداد ، كانت مع البصرة مركزا للثقافة العربية.
2- وفي نسخة - ج - : أنا.

إلى يوم القيامة إلا ولو شئت لسميت لكم سائقها وناعقها.

قال : فقلت لأصحابي : فما المقام ، وقد أخبركم أن الأمر لهم؟

قالوا : لا شيء.

واستأذناه الى مصر. فأذن لمن شاء ، وأقام معه قوم منا.

[605] الدغشي ، باسناده عن الأصبغ بن نباتة (1) ، قال : لما انهزم أهل البصرة قام فتى الى علي صلوات اللّه عليه ، فقال : ما بال ما في الأخبية لا تقسم؟

فقال علي علیه السلام : لا حاجة لي في فتوى المتعلمين.

قال : ثم قام إليه فتى آخر. فقال مثل ذلك. فردّ عليه مثل ما ردّ أولا.

فقال له الفتى : أما واللّه ما عدلت.

فقال له علي علیه السلام : إن كنت كاذبا فبلغ اللّه بك سلطان فتى ثقيف.

ثم قال علي علیه السلام : اللّهمّ إني قد مللتهم وملوني ، فأبدلني بهم ما هو خير منهم ، وأبدلهم بي ما هو شرّ لهم.

قال الأصبغ بن نباتة : فبلغ ذلك الفتى سلطان الحجاج ، فقتله.

[606] وبآخر عن رجل من أهل البصرة قال : قال علي علیه السلام - على المنبر - :

ص: 290


1- الأصبغ بن نباتة بن الحارث بن عمرو بن فاتك بن عامر التميمي الحنظلي المجاشعي كان من خواص أمير المؤمنين وشهد معه صفين ، وكان على شرطة الخميس ، وكان شاعرا ، تقدم بالراية في صفين قائلا : إن الرجاء بالقنوط يدمغ *** حتى متى ترجو البقايا أصبغ أما ترى أحداث دهر تنبغ *** فادبغ هواك والأديم يدبغ والرفق فما قد تريد أبلغ *** اليوم شغل وغدا لا تفرغ وقاتل حتى حرك معاوية من مقامه.

يا أهل البصرة ، إن كنت قد أديت لكم الأمانة ونصحت لكم بالغيب ، واتهمتموني ، وكذبتموني ، فسلط اللّه عليكم فتى ثقيف.

فقام رجل ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، وما فتى ثقيف؟

قال : رجل لا يدع لله حرمة إلا انتهكها ، به داء يعتري الملوك ، لو لم تكن إلا النار لدخلها (1).

[ على اعتاب الشهادة ]

[607] يحيى بن السلم ، باسناده ، عن أبي الطفيل (2) ، قال :

دعا علي علیه السلام الناس الى البيعة ، فجاءه فيمن جاء عبد الرحمن بن ملجم لعنه اللّه ، فرده مرتين أو ثلاثا ، ثم بايعه ، فلما أخذ عليه قال : ما يحبس أشقاها ، والذي نفسي بيده لتخضبن هذه - وأومى الى لحيته - من هذا - وأومى الى رأسه -. ثم قال شعرا :

اشدد حيازيمك للموت

إذا حلّ بواديكا

ولا تجزع عن الموت

فإن الموت يأتيكا

[608] أبو نعيم ، باسناده ، عن عثمان بن المغيرة ، قال : لما دخل شهر رمضان الذي اصيب فيه علي صلوات اللّه عليه ، كان يفطر فيه ليلة عند الحسن وليلة عند الحسين علیه السلام [ وابن عباس ] (3) ولا يزيد على ثلاث لقم ، فيقولان له في ذلك.

فيقول : يا بني إنما هنّ ليال قلائل ، يأتي أمر اللّه تعالى ، وأنا خميص البطن أحبّ إليّ.

ص: 291


1- اشارة الى الحجاج بن يوسف الثقفي.
2- وهو عامر بن وائلة بن عبد اللّه بن عمرو بن جحش الليثي توفي بمكة 110 ه.
3- ما بين المعقوفتين من تاريخ دمشق 3 / 294.

[609] عبد اللّه بن صالح البصري ، باسناده ، عن يحيى بن سعد ، قال :

قال علي علیه السلام يوما - وعنده رجل من مراد ، من أهل مصر - لكأني أنظر الى أشقى مراد يخضب هذه - وأومى بيده الى لحيته - من هذا - وأومى الى رأسه -.

فقال الرجل المرادي الذي كان عنده : يا أمير المؤمنين ، لا تؤكد ذلك في مراد.

قال : واللّه ما كذبت ولا كذبت عدّد عليّ قبائلكم.

فجعل يعدّد عليه حتى ذكر سدوسا أو دؤلا (1) ، فقال علیه السلام :

اشدد حيازيمك للموت *** فإن الموت يأتيكا

تجزع من الموت *** إذا حلّ بواديكا

[610] وبآخر ، عن أبي سنان (2) الدؤلي ، أنه عاد عليا علیه السلام من مرض أصابه وقد وجد خفة منه. فقال : يا أمير المؤمنين ، أصبحت بارئا بحمد اللّه ، ولقد كنا خشينا عليك من علتك هذه.

قال : لكني ما خشيت منها على نفسي لأن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول لي فيما عهده إليّ : ستضرب ضربة هاهنا - وأومى الى رأسه - تسيل دمها حتى تخضب لحيتك ، يكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقى ثمودا.

[611] إسماعيل بن أبان (3) ، باسناده ، عن ثعلبة بن زيد الجملي ، قال :

ص: 292


1- سدوسا : أي قبيلة من بكرها. دؤلا : أي قبيلة من كنانة.
2- هكذا صححناه وفي الأصل : عن أبي سفيان.
3- أبو اسحاق إسماعيل بن أبان الوراق الأزدي المتوفى 216 ه.

قال علي علیه السلام : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لتخضبن هذه من هذا.

فلما اصيب جعل يأخذ لحيته فيتلقى بها الدم ويقول : انظروا هل صدقتكم.

[612] وبآخر ، عن أبي يحيى ، قال : قال علي علیه السلام : لتخضبن هذه من هذا.

فقلنا : واللّه لا يفعل ذلك أحد إلا أبدنا عشيرته.

فقال : مه ، إن هذا لهو العدوان المبين ، إنما هي النفس بالنفس. [ ولكن اصنعوا به ما صنع بقاتل النبي. قتل ، ثم احرق بالنار ]. (1)

[613] أبو غسان ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه قال : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لتغدرن بي الامة عهدا عهده إليّ النبي الصادق صلی اللّه علیه و آله .

فهذه أخبار مشهورة عن علي صلوات اللّه عليه قد رواها الخاص والعام وغيرها ممّا هو مأثور عنه علیه السلام كثير ، تركت ذكره اختصارا ، إذ كان شرطي في هذا الكتاب أن لا أذكر من مثل ذلك إلا ما كان مشهورا عند العامة دون ما انفردت به الخاصة ، والذي آثره به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عن أمر اللّه جلّ ذكره واختصه به من العلم والحكمة ، وأودعه إياه ، وأسره إليه من تأويل الكتاب وغوامض العلم ومكنون الحكمة ، أجلّ وأكثر وأعظم من أن يحويه هذا الكتاب ، أو أن يكون ما يكون منه مطلقا إلا في صدور ذوي الألباب لأن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لما أقامه وصيا من بعده وإماما لامته ، أفضى إليه بسرّه وبما أطلعه اللّه عليه ممّا أمره أن يفضي

ص: 293


1- ما بين المعقوفتين من تاريخ دمشق 3 / 293.

به إليه من علم غيبه ، وبأن ينقل من ذلك في الائمة من ولده ما جعل له أن ينقله فيهم ، ومن ذلك قوله اللّه جلّ من قائل : ( عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً. إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً. لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً ) (1) فقد ارتضى جلّ ذكره محمّدا صلی اللّه علیه و آله من رسله وأطلعه على ما شاء أن يطلعه عليه من علم غيبه ، الذي غيّبه عن جميع خلقه دون الرسل ، وأطلق الرسل من ذلك أن يعلموا أوصياءهم ما أطلقه لهم من ذلك ، وأطلق للأوصياء أن يودعوا الائمة ، وينقلوا إليهم ، وينقل بعضهم الى بعض من ذلك ما أطلقه سبحانه بالوحي الى رسله ليبلغوا ذلك عنه الى من أذن لهم في الإبلاغ إليهم ، ولم يفض ذلك العلم على الرسل وحدهم ، ومن ذلك قوله جلّ من قائل : ( وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ ) (2) ، يعني محمّدا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ، وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ) - والضنين : الشحيح - ، فلم يشح صلی اللّه علیه و آله بما علّمه اللّه من علم غيبه على وصيه بما جعل له منه ، ولا ضمن الوصي من ذلك بما جعل للأئمة من بعده عنده ، بل أعطى ذلك من يليه حسب ما جعل له منه ممّا ينتقل فيهم واحدا بعد واحد ، ورمز الوصي علیه السلام من ذلك وأبدى للامة ما ينبغي أن يبديه ويرمز به لهم ليكون ذلك شاهدا على وصيه ، وكذلك بيدي كل إمام ويرمز بقدر ما ينبغي أن يرمز ويبدي ممّا صار إليه ليكون ذلك شاهدا لإمامته كما ذكر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله للامة ما شهد لنبوته ، وسنذكر في هذا الكتاب بعض ما ينبغي أن نذكره فيه ممّا انتهى إلينا عن ائمتنا علیهم السلام من ذلك إن شاء اللّه. والذي ذكرته في هذا

ص: 294


1- الجن : 26 - 28.
2- النجم : 2.

الكتاب من سرّ النبي صلی اللّه علیه و آله الى علي علیه السلام وإخباره إياه بما يكون وذلك من علم غيب اللّه الذي أظهره عليه دليل وشاهد لمقامه الذي أقامه فيه ، إذ لم يكن غيره يدعي ذلك معه ، ولا يدعيه أحد له.

والحديث المأثور عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الذي يرويه عنه الخاص والعام ، أنه ذكر القرآن ، فقال : فيه نبأ من مضى من قبلكم وخبر من يأتي من بعدكم وحكم ما بينكم. هل يدعي أحد من الناس أو يدعي له أنه يعلم من القرآن خبر ما كان وما يأتي ، والحكم بين الناس غير من أودعه اللّه علم تأويله ، وهم ائمة دينه الّذين أودعهم ذلك ، ولسنا نقول إنهم يعلمون الغيب كله ، ولكنا نقول من ذلك ما قاله اللّه عزّ وجلّ من القول الذي حكينا من كتابه ، إنهم إنما يعلمون ما علّمهم اللّه ورسوله ممّا غيبه عن غيرهم وجعله شاهدا لإمامتهم من شيء قد خصوا به دون غيرهم ، كمثل ما حكيناه في هذا الكتاب عن علي علیه السلام ممّا قد رواه عنه الخاص والعام ولا يدفعه أحد من أهل العلم.

فأما حشو الناس وجهالهم وعوامهم ، فإنهم إذا سمعوا مثل هذا عن أولياء اللّه أنكروه وتعاظموه وكذبوا به ، وإذا جاءهم مثله عن أصحاب المخاريق ممن يدعي الكهانة والقضايا بالنجامة (1) وأمثالهم من المتخرصين (2) من شرار الناس ، قبلوه منهم وصدقوهم فيه. وقد جاء النهي من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عن تصديقهم والوعيد الشديد لمن قبل عنهم وصدقهم ، وجاءت الأخبار عنه صلی اللّه علیه و آله بالإخبار عما يكون ممّا كان كثير منه وينتظر ممّا يكون ما لم يكن بعد كثير ، روى ذلك عنه الخاص والعام ، وكان ذلك ممّا يشهد لنبوته ، ولذلك أودع ما أودعه من

ص: 295


1- أي علم النجوم.
2- الخرص : الكذب والافتراء.

ذلك الائمة من أهل بيته ، ليكون شاهدا لإمامتهم من مثل ما ذكرنا عن علي علیه السلام ونذكر بعد عن الائمة من ذريته إن شاء اللّه ، وبينا أن ذلك ممّا أبان به النبي صلی اللّه علیه و آله مقام علي صلوات اللّه عليه الذي أقام له دعاء النبي صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام بما دعا له به قد ذكرنا فيما تقدم من أبواب هذا الكتاب كثيرا من دعاء النبي صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام ممّا جاء في الأخبار التي جرى ذلك فيها ، ونذكر فيما بعد هذا الباب في مثل ذلك إن شاء اللّه.

ص: 296

[ دعاء النبي لعلي ]

[614] وممّا جاء في ذلك ما رواه الدغشي ، باسناده ، عن أبي الطفيل ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كان دعا لعلي علیه السلام أن لا يجد حرا ولا بردا.

قال : فكان ربما خرج علينا في الشتاء في رداء وإزار وفي الصيف في جبة.

[615] محمّد بن حنبل ، باسناده ، عن المنهال بن عمرو (1) ، قال : راح الناس الى المسجد في يوم صائف في الأزر والأردية ، وراح علي علیه السلام في ثياب كثاف. ثم كان الشتاء فراح الناس في الأقبية والسراويلات وراح علي علیه السلام في ثوبي كتان ، ثم دعا بماء فشرب ، وجعلت أنظر إليه وهو على المنبر يتصابّ عرقا. ثم نزل يصلّي.

قال : قلت لعبد الرحمن بن أبي ليلى : أرأيت من أمير المؤمنين الذي رأيت؟ قال : وما هو؟ فأخبرته.

قال : فطنت له ، قال : فدخل إليه ابن أبي ليلى ، فسأله عن ذلك.

فقال : أو ما بلغك ما كان من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في ذلك؟

ص: 297


1- وهو المنهال بن عمرو الاسدي مولاهم الكوفي.

قال عبد الرحمن : وما هو يا أمير المؤمنين؟

قال : دعاني يوم خيبر ، وأنا أرمد فجئت اقاد بين رجلين فتفل في راحته ثم ألصقها بعيني.

ثم قال : اللّهمّ أذهب عنه الحرّ والبرد والرمد ، فو اللّه ما وجدت بعدها حرا ولا بردا ولا رمدا حتى الساعة ولا أجده حتى أموت.

[616] وكيع (1) ، باسناده ، عن علي علیه السلام أنه قال : لما مات أبو طالب ، أتيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقلت : يا رسول اللّه إن عمك الضال قد مات (2).

فقال لي : فواره ، ولا تحدثن شيئا حتى تأتيني.

قال : فواريته ، فأمرني فاغتسلت ثم دعا لي بدعوات. ما أحب أن لي بهن ما على الأرض من شيء.

[617] علي بن عبد الحميد ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي صلوات اللّه عليه ، قال : شكا علي الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه يفلت القرآن من قبله.

فقال له : يا علي ألا اعلمك كلمات يثبتن القرآن في قلبك؟ قل :

اللّهمّ ارحمني بترك معاصيك أبدا ما أبقيتني ، وارحمني من تكلف ما لا يعنيني ، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني ، والزم قلبي حفظ

ص: 298


1- أبو سفيان ، وكيع بن الجراح بن مليح الرواسي ، ولد بالكوفة 129 ه- وتوفي راجعا من الحج بفيد 197 ه.
2- وهذه الرواية بما فيها من الاضطراب تعارضها روايات اخرى ، منها ما رواه وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن ابراهيم ، عن أبيه ، عن أبي ذر الغفاري قال : واللّه الذي لا إله إلا هو ما مات أبو طالب حتى أسلم. وأما هذه الرواية التي ذكرها المؤلف فقد رواها المفيد بصورة صحيحة راجع تخريج الاحاديث. الكلام حول إيمان أبي طالب فسوف يأتي في ج 13 من هذا الكتاب إن شاء اللّه.

كتابك كما علّمتني ، واجعلني أتلوه على النحو الذي يرضيك عني ، اللّهمّ نوّر بكتابك بصري ، وفرّج به قلبي ، واستعمل به جسدي ، ووفقني لذلك إنه لا يوفقني إلا أنت ، لا حول ولا قوة إلا باللّه.

قال : فقلت ذلك ، فما تفلت مني بعد ذلك شيء منه.

[618] أحمد بن شعيب النسائي ، باسناده ، عن عمرو بن ميمون (1) ، أنه قال : إني لجالس عند عبد اللّه بن عباس ، إذ أتاه تسعة رهط ، فقالوا له : إما أن تقوم معنا ، وإما أن يخلونا هؤلاء الّذين معك ، فإنا أردنا أن نسألك عن شيء فيما بيننا وبينك.

قال : بل أنا أقوم معكم [ قال : وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى ] (2) قال لنا : تحدثوا.

وقام فخلا معهم ، فلا أدري ما قالوا ، إلا أنه جاء وهو ينفض ثوبه ، ويقول : افّ وتفّ يقعون في رجل له عشر خصال (3) ما منها خصلة إلا وهي خير من الدنيا بما فيها. وقعوا في رجل قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لأبعثن رجلا يحب اللّه ورسوله ، ويحبه اللّه ورسوله لا يخزيه اللّه أبدا ، فاستشرف لذلك من استشرف. فقال : أين علي؟ فوجد يطحن ، وما كان أحدهم ليطحن ، فدعي ، وهو أرمد ، ولا يكاد أن يبصر ، فنفث في عينيه ، ودعا له ، ثم أخذ الراية فهزها ثلاثا ، ثم دفعها إليه.

فجاء بصفية بنت حي ( فأخذها منه ) (4).

ص: 299


1- ابو عبد اللّه أو أبو يحيى عمرو بن ميمون الاودي المتوفى 75 ه.
2- ما بين المعقوفتين موجود في خصائص أمير المؤمنين ص 62.
3- وفي خصائص النسائي : اف وتف وقعوا في رجل له بضع عشر.
4- ما بين القوسين زيادة من نسخة - ب -.

وبعث أبا بكر بسورة التوبة ، وبعث عليا خلفه فأخذها منه ، وقال : لا يذهب بها إلا رجل مني ، وعلي مني وأنا منه.

ودعا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عليا والحسن والحسين وفاطمة علیهم السلام ومدّ عليهم ثوبا ، وقال : اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة.

وألبسه النبي صلی اللّه علیه و آله ثوبه في الليلة التي أمره جبرائيل بالخروج فيها الى الغار. [ وشرى على نفسه ] (1) ونام على فراشه فجعل المشركون يرمونه ، وهم يحسبون أنه نبي اللّه علیه السلام ، فجاء أبو بكر إليه ، فقال : أين رسول اللّه؟ فقال : ذهب نحو بئر ميمونه (2) ، فاتبعه ، فدخل معه الغار ، والمشركون يرمون عليا صلوات اللّه عليه حتى أصبح.

وخرج الناس في غزوة تبوك ، فقال علي صلوات اللّه عليه : أخرج معك يا رسول اللّه؟ فقال : لا. فبكى! فقال : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي.

ثم قال : أنت خليفتي على كل مؤمن من بعدي.

وسدّ أبواب المسجد غير باب علي علیه السلام . وكان يدخل المسجد وهو جنب ، وهو طريقه ليس له طريق غيره.

وقال : من كنت وليه فعلي وليه.

قال ابن عباس : وأخبرنا اللّه سبحانه في القرآن أنه قد رضي عن

ص: 300


1- خصائص النسائي : ص 63.
2- بئر ميمونة : منسوبة الى ميمون بن خالد بن عامر الحضرمي حفرها بأعلى مكة في الجاهلية وعندها قبر أبي جعفر المنصور. ( معجم البلدان 1 / 436 ).

أصحاب الشجرة (1) وكان منهم ، وما أخبرنا بعد أنه سخط عليهم ، وقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعمر - حين قال له ائذن لي أن أضرب عنق حاطب (2) فقال : وما يدريك لعلّ اللّه قد اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.

[619] وعنه ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله :

يا علي ، ألا اعلمك كلمات إذا قلتهن غفر لك مع أنه مغفور لك. قل : لا إله إلا اللّه الحكيم الكريم ، لا إله إلا اللّه العلي العظيم ، سبحان اللّه ربّ السماوات السبع وربّ الأرضين السبع [ وما فيهن وما بينهن وما تحتهن ] (3) وربّ العرش العظيم والحمد لله ربّ العالمين.

[620] وعنه ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : بعثني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى اليمن وانا شاب فقلت : يا رسول اللّه تبعثني [ الى قوم ] (4) أقضي بينهم ولا علم لي بالقضاء.

فقال : ادن ، فدنوت. فضرب بيده على صدري.

ثم قال : اللّهمّ اهد قلبه وسدّد لسانه. فما شككت بعد ذلك في قضاء بين اثنين.

ص: 301


1- اشارة الى الآية الكريمة ( لَقَدْ رَضِيَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) الآية ( الفتح : 18 ).
2- وهو حاطب بن أبي بلتعة اللخمي 35 قبل الهجرة ، وهو الذي كاتب أهل مكة بتجهيز الرسول صلی اللّه علیه و آله إليهم فنزلت فيه : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم. فقال عمر : دعني أضرب عنقه. فاعتذر حاطب للنبي صلی اللّه علیه و آله فقبل عذره. مات في المدينة 30 ه.
3- ما بين المعقوفتين من مناقب الخوارزمي : ص 258.
4- من مسند أحمد بن حنبل 1 / 83.

[621] وعنه ، باسناده ، عن زيد بن أرقم ، وذكر حديث الغدير - وقد تقدم ذكره -.

قال زيد : فسمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - وقد أخذ بيد علي علیه السلام - : من كنت مولاه اللّهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه.

[622] سعيد ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : أعللت علة بلغت مني.

فقلت : اللّهمّ إن كان أجلي قد حضر فأرحني ، وإن كان متأخرا فارفق بي ، وإن كان بلاء فصبرني.

فإذا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، يسمع ما أقول. فقال : كيف قلت يا علي؟

فأعدت عليه ما قلت.

فقال : اللّهمّ عافه واشفه. [ ثم قال : قم. فقمت ].

قال : فما اشتكيت وجعي ذلك بعد.

[623] جابر بن صبيح ، باسناده ، عن أم عطية (1) ، قالت : بعث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه في بعث (2).

قالت : فسمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يدعو له وهو رافع يديه ، يقول : اللّهمّ لا تمتني حتى تجمع بيني وبين علي (3) بن أبي طالب.

ص: 302


1- الأنصارية ، ويقال لها نسيبة بنت كسب.
2- وفي مناقب ابن المغازلي ص 122 : ان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعث جيشا فيهم علي بن أبي طالب.
3- وفي مناقب الخوارزمي ص 20 : اللّهمّ لا تمتني حتى تريني عليا.

فدعاء النبي صلی اللّه علیه و آله لعلي بأن يوالي اللّه عزّ وجلّ من والاه ، ويعادي من عاداه ، وينصر من نصره (1) ، ويخذل من خذله بيان منه صلی اللّه علیه و آله على استخلافه وإمامته ، لأن النصر والولاية لا يكونان إلا لاولي الأمر الذين أوجب اللّه عزّ وجلّ ذلك لهم على كافة العباد ، ونهاهم عن أن يخذلوهم أو يعادوهم ، ودعاؤه علیه السلام بعد ذلك له مما يبين اختصاصه إياه وموقفه من قبله ومكانه عنده.

ص: 303


1- وفي الاصل : ينصر من نصراه.

[ قضاء أمير المؤمنين ]

اشارة

علم علي صلوات اللّه عليه وما ذكر من أحكامه وقضاياه وأمر النبي صلی اللّه علیه و آله بردّ ما اختلف فيه إليه.

[624] أبو غسان ، باسناده ، عن علي علیه السلام قال : بعثني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى اليمن. فقلت : يا رسول اللّه تبعثني الى قوم ذوي أسنان وأنا حديث السن ، ولا علم لي بالقضاء.

فقال لي : اذهب ، فان اللّه تعالى يهدي قلبك ويثبت لسانك.

قال : فما شككت بعد ذلك في قضاء بين اثنين.

[ الصيد في لباس الاحرام ]

[625] عمر بن حماد ، باسناده ، عن عبادة بن الصامت (1) ، قال : قدم من الشام حجاج ، فأصابوا أدحى نعامة فيه خمس بيضات ، وهم مجرمون ، فشووهن وأكلوهن ، ثم قالوا : ما أرانا إلا وقد أخطأنا وأصبنا الصيد ونحن محرمون ، فأتوا المدينة ، وذلك في أيام عمر بن الخطاب ، فأتوه

ص: 304


1- أبو الوليد ، عباد بن الصامت بن قيس الانصاري الصحابي ولد 38 قبل الهجرة. شهد العقبة ، ثم حضر فتح مصر وهو أول من ولى القضاء بفلسطين ، مات بالرملة أو ببيت المقدس 34 ه.

فقصوا عليه القصة ، فقال : انظروا الى قوم من أصحاب النبي صلی اللّه علیه و آله فاسألوهم عن ذلك ليحكموا فيه.

فأتوا جماعة من أصحاب النبي صلی اللّه علیه و آله ، فسألوهم ، فاختلفوا في الحكم في ذلك.

فقال عمر : إذا اختلفتم فهاهنا رجل كنا أمرنا إذا اختلفنا في شيء أن نحكمه فيه.

فأرسل الى امرأة يقال لها أم عطية ، فاستعار منها أتانا (1) لها ، فركبها ، وانطلق بالقوم معه حتى أتى عليا علیه السلام وهو بينبع في أرض له يجري فيها ماء ، ومعه قنبر.

فلما نظر قنبر الى عمر ، قال لعلي علیه السلام : هذا عمر قد أطلّك ، فخرج علي علیه السلام ، فتلقاه ، ثم قال له : هلا أرسلت إلينا ، فنأتيك؟

فقال له عمر : الحكم يؤتى في بيته ، فقصّ عليه القوم القصة.

فقال علي علیه السلام لعمر : مرهم فليعمدوا الى خمس قلائص (2) من الإبل فيطرقوها الفحل ، فإذا أنتجت اهدوا ما نتج منها جزاء عما أصابوا.

فقال له عمر : يا أبا الحسن إن الناقة قد تجهض.

فقال له علي علیه السلام : وكذلك البيضة قد تمزق.

فقال عمر : لهذا أمرنا أن نسألك.

ص: 305


1- الأتان : الحمارة.
2- القلوص من الابل : أول ما يركب من اناثها ، الشابة منها.

[ ضبط الغريب ]

قوله - في هذا الحديث - : أدحى نعامة. الأدحى : الموضع الذي تبيض فيه النعامة لتجمع بيضها فيه ، ثم تحضنه هناك.

وقوله قلائص : فالقلائص : جمع قلوص ، والقلوص الانثى من الإبل.

وقوله فليطرقوها الفحل : أن يفحلوه عليها ، يقال منه : أطرق الفحل ضرابه إذا نزاهن. والناقة طروقة فحلها ، والامرأة طروقة زوجها.

وأما قوله : إن الناقة تجهض : يعني تسقط ولدها ، الجهيض السقط الذي قد تمّ خلقه ، ونفخ فيه روحه من غير أن يعيش. يقال للناقة خاصة : أجهضت إجهاضا ، وهي مجهض ، والجمع مجاهيض ، وهي تجهض إذا ألقت ولدها.

وقوله : إن البيضة تمزق : أي تفسد ، يقال منه : مزقت البيضة مزوقا ، إذا فسدت فصارت دما.

[ عمر والاعرابي ]

[626] عمرو بن حماد القتاد ، بإسناده ، عن أنس بن مالك ، قال : كنت مع عمر بمنى ، إذ أقبل أعرابي معه ظهر (1).

فقال عمر : يا أنس ، سله هل يبيع الظهر.

فقمت إليه ، فسألته ، فقال : نعم.

فقام إليه عمر ، فاشترى منه أربعة عشر بعيرا.

ثم قال : يا أنس الحقها بالظهر - يعني التي له -.

ص: 306


1- الظهر - بالفتح - : الركاب التي تحمل الأثقال.

قال الأعرابي : يا أمير المؤمنين جردها من أحلاسها.

فقال عمر : إنما اشتريتها منك بأحلاسها وأقتابها.

فقال الأعرابي : يا أمير المؤمنين جردها من أحلاسها وأقتابها.

فقال عمر : إنما اشتريتها منك بأحلاسها وأقتابها. (1)

فقال الأعرابي : يا أمير المؤمنين ، جردها ، فما بعت منك أحلاسا ولا قتبا.

فقال عمر : هل لك أن تجعل بيننا وبينك رجلا كنا أمرنا إذا اختلفنا في شيء أن نحكمه.

ثم قال لي عمر : انظر هل نرى عليا في الشعب.

فأتيت الشعب فوجدت عليا علیه السلام قائما يصلّي ، ومعي الأعرابي ، فأخبرته. فقام حتى أتى عمر فقصّ عليه القصة.

فقال له علي علیه السلام : أكنت شرطت عليه أقتابها وأحلاسها؟

فقال عمر : لا ما اشترطت ذلك.

قال : فجردها له فإنما لك الإبل.

فقال أنس : فقال لي عمر : فجردها ، وادفع أقتابها وأحلاسها الى الأعرابي ، وألحقها بالظهر.

ففعلت. [ فدفع إليه عمر الثمن ] (2).

[627] محمّد بن سلام ، باسناده ، عن ضميرة ، قال : أصاب رجل محرم بيض نعام ، فأتى النبي صلی اللّه علیه و آله وسأله في ذلك فقال لعلي علیه السلام : احكم فيها يا علي!

ص: 307


1- الحلس : كل ما يوضع على ظهر الدابة تحت السرج أو الرجل. القتب : الرحل.
2- كنز العمال : 2 / 221.

فقال للرجل : اعمد الى أبكار من إبلك بعدد البيض ، فأحمل عليها الفحل وسمّ ما في بطونها هديا ، فما أنتجت فاهده.

فقال النبي صلی اللّه علیه و آله : الحمد لله جعل من أهل بيتي من يحكم بحكم داود.

[628] مكحول (1) ، باسناده ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله دعا عليا علیه السلام ليوجهه الى اليمن ، فدخلته هيبة ، فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ادن مني ، فدنا منه.

فقال : افتح فمك.

ففعل. فتفل فيه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقال :

اللّهمّ املأه علما وزده حكما وفهما.

ثم قال له : اطبق فمك ، ولا تكلمن أحدا حتى تصلّي ركعتين تقرا في الاولى منهما آية الكرسي ، وفي الثانية آية من الأعراف : ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ ) الى قوله ( رَبُّ الْعالَمِينَ ) (2).

ففعل. فكان من بعد أعلم الامة وأقضاها.

[629] إبراهيم بن محمّد ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه أنه قال :

علمني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الف باب من العلم ، كل باب منها يفتح الف باب.

[ عمر يستشير عليا ]

[630] يزيد بن أبي خالد ، باسناده ، عن طلحة بن عبيد اللّه (3) ، قال : أتى

ص: 308


1- أبو عبد الرحمن محمّد بن عبد اللّه بن عبد السّلام المعروف بمكحول من أهل بيروت ، توفي 321 ه.
2- الأعراف : 54.
3- الصحابي القرشي قتل في وقعة الجمل بجانب عائشة 36 ه.

عمر بمال فقسمه بين المسلمين ففضلت منه فضلة ، فاستشار عمر فيها من حضره من الصحابة.

فقالوا : خذها لنفسك ، فإنها إن قسمتها لم يصب كل رجل منا منها إلا ما لا يلتفت إليه.

فقال لعلي علیه السلام : ما تقول يا أبا الحسن؟

فقال : اقسمها أصابهم من ذلك ما أصابهم ، والقليل والكثير في ذلك سواء.

فقسمها عمر ، ثم التفت الى علي صلوات اللّه عليه ، فقال : ويد لك مع أياد لم أجزك بها (1).

[631] إسماعيل بن عياش (2) ، باسناده ، أن عليا علیه السلام قضى على عهد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بقضية ، فأعجبت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

فقال : الحمد لله الذي جعل الحكمة فينا أهل البيت.

[632] حمزة الرباب المغربي ، باسناده ، عن الحارث الأعور ، قال : دخلت المسجد فرأيت الناس يخوضون في الأحاديث ، فأتيت عليا صلوات اللّه عليه ، فأخبرته.

فقال : وقد فعلوها ، إني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : إنها ستكون فتنة.

قلت : فما المخرج منها يا رسول اللّه.

قال : كتاب اللّه فيه بناء ما قبلكم وخير ما بعدكم وحكم

ص: 309


1- يعني : هذه نعمة من نعمك الكثيرة التي لا استطيع أن اجزيك بها وأشكرك عليها.
2- هكذا صححناه وفي الاصل : إسماعيل بن عباس.

ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه اللّه ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله اللّه ، وهو حبل اللّه المتين والذكر الحكيم ، هو الذي لا يزيغ الأهواء ولا تلبس به الألسن ، ولا تنقضي عجائبه ، هو الذي لم تهنه الجن إذ سمعته : ( فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً ) (1) من قال به صدق ، ومن عمل به أجر ، ومن حكم عدل ، ومن دعا إليه هدي الى صراط مستقيم ، خذها إليك يا أعور.

[633] أحمد بن علي ، باسناده ، عن عائشة ، أنها قالت :

علي أعلم الناس بالسنّة.

[634] شريك ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال :

لئن لقيت نصارى بني تغلب لأقتلن المقاتلة ، ولأسبين الذرية ، فاني أنا الذي كتبت الكتاب بينهم وبين رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . وكان من الشرط عليهم فيه أن لا ينصروا أبناءهم.

[635] يحيى بن معن ، باسناده ، عن عطاء بن أبي رياح (2) ، أنه سئل : هل تعلم أحدا بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أعلم من علي علیه السلام ؟

فقال : لا واللّه ما أعلمه.

[636] علي بن هاشم ، باسناده ، عن سلمان الفارسي ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :

علي بن أبي طالب أعلم امتي بعدي.

[637] جعفر بن محمّد ، عن أبيه علیهماالسلام أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ :

ص: 310


1- الجن : 1.
2- عطاء بن أسلم بن صفوان تابعي ولد في جند ( اليمن ) 27 ه- وكان عبدا أسود ونشأ بمكة توفي 114 ه.

( قُلْ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) (1).

قال : الذي عنده علم الكتاب علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه.

[ سلوني قبل أن تفقدوني ]

[638] علي بن الأعرابي ، باسناده ، عن ابن شبرمة ، أنه قال : ما أحد قال على المنبر سلوني قبل أن تفقدوني غير علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه.

[639] علي بن لهيعة ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال يوما عنده جماعة من أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وقد ذكروا أهل الكتاب.

فقال علي علیه السلام : أما لو كسرت لي الوسادة ، وجلست عليها لحكمت بين أهل الفرقان بقرآنهم ، وبين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم بالحكم الذي نزل به جبرائيل علیه السلام ، وما من قريش رجل إلا وقد نزلت فيه آية يسوقه الى الجنة أو يقوده الى النار.

فقال ابن عباس : فما الآية التي نزلت فيك يا أمير المؤمنين؟

قال : قول اللّه عزّ وجلّ : ( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) (2).

[640] جعفر بن سليمان ، باسناده ، عن علي علیه السلام أن قوما ذكروا التشبيه في مجلسه ، فزجر القوم ، ونهاهم عن الكلام في ذلك فأمسكوا.

ثم قال : الحمد لله الذي بطن بخفيات الامور ، ودلت عليه أعلام الظهور واستتر بلطفه عن عين البصيرة ، فلا عين من لم يره تنكره ، ولا

ص: 311


1- الرعد : 43.
2- هود : 17.

قلب من أثبته يبصره ، سبق في العلو فلا شيء أعلا منه ، وقرب في الدنو فلا شيء أقرب منه. فلا استعلاؤه باعده عن شيء من خلقه ، ولا قربه ساواهم بالمكان به ، لم تطلع العقول على تحديد صفته ، ولم يحجبها السواتر عن يقين معرفته ، فهو الذي تشهد له عين الوجود على إقرار قلب ذي الجحود ، تعالى عما يقول المشبهون به الجاحدون له علوا كبيرا.

[641] علي بن زياد المنذر ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال :

قسم العلم ستة أجزاء فأعطي علي صلوات اللّه عليه منها خمسة ، وقسم بين الناس سدس ، فايم اللّه لقد شاركنا في سدسنا حتى لهو أعلم به منا.

[ ثلاثة سافروا وعاد اثنان ]

[642] علي بن مسهر ، باسناده ، عن شريح القاضي (1) ، قال : خرج ثلاثة في سفر فرجع اثنان ، وبقي واحد.

فجاء أولياؤه إليّ بالرجلين. فقالوا : إن هذين خرجا مع ولينا في سفر ، فقتلاه ، فسألتما ، فأنكرا ذلك ، وقالا : مالنا به من علم ، فدعوت أولياء الرجل بالبينة على دعواهم ، فلم يجدوا بينة تشهد بذلك لهم. وأتوا عليا علیه السلام فذكروا ذلك له.

فقال : إنه لو حضرت بينة ما قتلاه بحضرتهما ، وأمر بالرجلين ففرق بينهما ، وسأل أحدهما عن قصة الرجل ، فقال : خرج معنا ، فمات في

ص: 312


1- أبو أمية شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي أصله من اليمن ولي قضاء الكوفة مدة طويلة حتى استعفاه الحجاج 77 ه- مات بالكوفة 78 ه.

سفره ، فدفناه.

فقال : أين مات؟ وفي أيّ يوم مات؟ وفي أيّ ساعة مات؟ وأين دفنتموه؟ وفيما ذا كفنتموه؟ ومن غسله؟ ومن صلّى عليه؟ ومن أنزله في قبره؟ يسأله عن ذلك شيئا شيئا ، ويجيبه الرجل عنه حتى أتى على ما أراد من سؤاله.

ثم كبّر علي صلوات اللّه عليه ، وأمر من حوله ، فكبّروا حتى ارتفعت أصواتهم ، فسمع صاحبه التكبير ، فلم يشك في أن صاحبه قد أقر.

ثم أمر بالذي خاطبه فأبعد ، وأتي بالآخر ، فقال : أصدقنا كما صدق صاحبك.

فقال : يا أمير المؤمنين ، قتلناه ، وأخذنا ما معه.

فقال : وما أخذتما له ، فذكر ذلك ، فردّ الأول ، وقرره فأقر ، فدفعهما الى أولياء المقتول.

وقال محمّد بن سيرين (1) : الذي قاله شريح وهو ما ينبغي للقاضي أن يقوله ويفعله في مثل ذلك ، وللإمام أشياء ليست للقاضي.

[ امرأتان لزوج توفي ]

[643] سفيان بن عيينة ، باسناده ، عن محمّد بن يحيى ، قال :

كان لرجل امرأتان ، امرأة من الأنصار ، وامرأة من بني هاشم. فطلق الأنصارية (2) ، ثم مات بعد مدة ، فذكرت الأنصارية - التي

ص: 313


1- هكذا صححناه وفي الاصل : بن شيرين.
2- قال الإمام مالك في الموطأ ص 36 : وهي ترضع فمرت بها سنة ثم هلك عنها ولم تحض.

طلقها - أنها في عدتها ، وقامت عند عثمان بن عفان بميراثها منه ، فلم يدر ما يحكم به في ذلك ، وردّهم الى علي علیه السلام .

فقال : تحلف أنها لم تحض بعد أن طلقها ثلاث حيض ، وترثه.

فقال عثمان للهاشمية : هذا قضاء ابن عمك.

قالت : قد رضيته ، فلتحلف ، وترث.

فتحرجت الأنصارية من اليمين ، وتركت الميراث.

[ زوّج ابنته وزفّ اختها ]

[644] إسماعيل بن موسى ، باسناده ، عن رجل من أهل الشام تزوج ابنة لرجل من امرأة مهرية ، فزوّجه إياها ، ثمّ زفّ إليه ابنة له اخرى من أمة ، فبنابها ، ثم علم بعد ذلك أنها غير التي تزوج ، فخاصم أباها الى معاوية.

فقال معاوية : ما أرى إلا أنها امرأة بامرأة. وقال ذلك من حوله.

ثم رفعهما الى علي ، فأتيا إلى علي علیه السلام ، فقصّا عليه القصة. فمد يده الى الأرض ، فأخذ منها شيئا بإصبعه.

ثم قال : القضاء بينكما في هذا أيسر من هذا لهذه ، ما سقت إليها بما استحللت من فرجها ، وعلى أبيها أن يجهز الاخرى بمثل ما سقت الى هذه ، ويسوقها إليك بعد أن انقضى عدة هذه التي قد وطئتها منك ، ويجلد (1) أبوها نكالا لما فعل.

ص: 314


1- وفي كنز العمال 3 / 180 : يضرب.

[ معاوية وقضاء علي ]

[645] شريك بن عبد اللّه (1) ، باسناده ، عن ابن ابحر العجلي (2) ، قال : كنت عند معاوية ، فاختصم إليه رجلان في ثوب.

فقال أحدهما : ثوبي ، وأقام البينة. وقال الآخر : ثوبي اشتريته من السوق من رجل لا أعرفه.

فقال معاوية : لو كان لها علي بن أبي طالب.

قال ابن ابحر : فقلت له : قد شهدت عليا قضى في مثل هذا.

قال معاوية : وما الذي قضى به؟

قلت : قضى بالثوب للذي أقام البينة ، وقال الآخر : أطلب البائع منك.

فقضى معاوية بذلك بين الرجلين.

[646] عباد بن يعقوب ، باسناده ، عن علي بن الحسين صلوات اللّه عليه ، أنه قال لنفر من أهل الكوفة :

فيكم نثر علي علیه السلام علمه.

[647] أبو سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله :

أقضاكم علي بن أبي طالب.

[ مجنونة اقترفت جريمة ]

[648] عطاء بن السائب ، عن أبي ظبيان ، أن عمر بن الخطاب اوتي بامرأة

ص: 315


1- أبو عبد اللّه ، شريك بن عبد اللّه بن الحارث النخعي الكوفي ولد في بخارى 95 ه- ولي القضاء بالكوفة زمانا وتوفي في الكوفة 177 ه.
2- هكذا صححناه وفي الاصل : ابن الحر وهو حجار بن ابحر العجلي.

قد زنت - وكانت مجنونة - فأمر بها عمر أن ترجم.

فمروا بها على علي علیه السلام فأرسلها ، وقال لعمر : لقد علمت أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ ، وعن المجنون حتى يعقل ، وعن الصغير حتى يكبر (1) ، وهذه مجنونة.

فقال عمر : صدقت يا أبا الحسن. وخلّى عنها.

[ عمر وقضاء علي ]

[649] يزيد بن أبي جندب ، باسناده ، عن أبي رافع ، قال : تذاكر أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله العزل يوما عند عمر بن الخطاب في أيامه ، وفيهم علي علیه السلام وعثمان وطلحة ومعاذ بن جبل ، فاجتمع رأيهم على أن لا بأس له ، ثم أصغى رجل منهم الى صاحبه ، فقال : إنهم يزعمون أنها المودة الصغرى ، فقال عمر : ما تقول؟ فأخبره.

فقال : إذا اختلفتم وأنتم أهل بدر فإلى من نرجع؟ فقال علي علیه السلام : إنها لا تكون مؤدة حتى تمر بالتارات ، ألست تكون نطفة ، ثم تكون علقة ، ثم تكون مضغة ، ثم عظما ، ثم لحما ، ثم يكون خلقا آخر.

فقال له عمر : صدقت يا أبا الحسن ، فأبقاك اللّه للمعضلات.

[650] سلمان بن حرب ، قال : كان عمر بن الخطاب يقول لعلي علیه السلام - عند بعض ما يسأله عنه فيفرجه - :

لا أبقاني اللّه بعدك.

ص: 316


1- وفي فرائد السمطين 1 / 350 : وعن المجنون حتى يبرأ ، والغلام حتّى يدرك.

[651] سعيد بن المسيب (1) ، قال : كان عمر يقول :

اللّهمّ لا تبقني (2) لمعضلة ليس لها أبو الحسن.

[ عمر عند الحجر الأسود ]

[652] أبو سعيد الخدري ، قال : حججنا مع عمر ، فلما دخل الطواف ، استقبل الحجر الأسود ، فقبّله.

ثم قال : إنى لأعلم (3) أنك لا تضرّ ولا تنفع ، ولكني رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقبّلك ، فقبّلتك.

فقال له علي علیه السلام : بل إنه ليضرّ وينفع ويشهد يوم القيامة لمن وافاه بالموافاة.

فقال عمر : أعوذ باللّه أن أعيش في قوم ليس فيهم أبو الحسن.

[653] وفي رواية شعبة ، عن قتادة ، عن أنس : أن عمر لما قال :

إني لأعلم إنك حجر لا تضرّ ولا تنفع.

فقال له علي علیه السلام : لا تقل ذلك. فإن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ما فعل فعلا ، ولا سنّ سنّة إلا عن أمر اللّه عزّ وجلّ تدل على حكمة وتفيد معنى.

وذكر باقي الحديث.

[ هدم الاسلام ما كان قبله ]

[654] أبو عثمان البدري (4) ، قال : جاء رجل الى عمر بن الخطاب ، فقال :

ص: 317


1- وهو سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ القرشي المخزومي توفي 94 ه.
2- وفي فرائد السمطين 1 / 345 : أعوذ باللّه من معضلة.
3- وفي الاصل : لا أعلم.
4- وفي بحار الأنوار 40 / 230 : النهدي.

إني طلقت امرأتي في الشرك تطليقة ، وفي الاسلام تطليقتين (1) فما ترى؟

فسكت عمر.

فقال له الرجل : ما تقول؟

فقال : كما أنت حتى يجيء علي بن أبي طالب.

فجاء علي علیه السلام ، فقال للرجل : قصّ عليه قصتك.

فقال علي علیه السلام : هدم الاسلام ما كان قبله ، هي عندك على واحدة.

[ رجم الحامل ]

[655] أبو عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كان رجل من أصحاب النبي صلی اللّه علیه و آله يقال له : الهيثم ، قد أرسله عمر بن الخطاب في جيش ، فغاب غيبة بعيدة ، ثم قدم ، فجاءت امرأته بولد بعد قدومه بستة أشهر فأنكر ذلك منها ، وجاء بها الى عمر بن الخطاب ، وقصّ عليه قصتها ، فقال لها عمر : ما تقولين؟

فقالت : واللّه ما فجرت ولا غشني رجل غيره ، وإنه لابنه.

فأمر بها أن ترجم ، فذهبوا بها ، وحفروا لها حفيرا ، وأنزلوها فيه لترجم.

وبلغ عليا علیه السلام خبرها ، فجاء مسرعا ، فأدركها قبل أن ترجم ، فأخذ بيدها ، فنشلها من الحفرة.

ثم قال لعمر : أربع على نفسك (2) إنها صدقت ، إن اللّه عزّ وجلّ

ص: 318


1- هكذا صححناه وفي الاصل : على تطليقة.
2- أي : توقف.

يقول : ( وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ) (1). ( وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ ) (2) فالحمل والرضاع ثلاثون شهرا.

فقال عمر : لو لا علي لهلك عمر. وخلّى سبيلها. وألحق الولد بالرجل.

[656] إسماعيل بن صالح ، عن الحسن ، قال : بلغ عمر أن امرأة يتحدث عندها الرجال (3) ، فأرسل إليها ، فأتاها رسله ، وهي حامل ، فألقت ولدا ميتا ، فسأل عمر جلساءه.

فقالوا : يا أمير المؤمنين ، وإنما أنت مؤدب ولا عليك شيئا.

وكان علي علیه السلام بحضرتهم. فقال له عمر : ما تقول أنت يا أبا الحسن؟

فقال : قد قالوا.

قال : أعزم عليك لما قلت بما عندك.

قال : إن كانوا داروك فقد غشوك ، وإن كانوا اجتهدوا فقد أخطئوا ، أرى عليك الدية.

[ قال عمر : صدقت ]

[657] عبد اللّه بن سليمان العرزمي ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه صلوات اللّه عليه ، قال :

أتى عمر بن الخطاب برجل وجد ينكح في دبره وقامت البينة

ص: 319


1- الاحقاف : 15.
2- البقرة : 233.
3- وفي سنن البيهقي 6 / 123 : إن امرأة بغية يدخل عليها الرجال.

عليه أنهم رأوا ذلك كالمرود في المكحلة ، فلم يدر عمر ما يقضي فيه.

فأرسل الى علي صلوات اللّه عليه ، فأتاه ، فقصّ عليه قصته ، فأمر به فضرب عنقه ، ثم أمر بقصب فأضرب فيه نارا ، فأحرقه.

ثم قال : إن من الرجال من لهم أرحام كأرحام النساء ، في أجوافهم غدة كغدة البعير ، تهيج إذا هاجوا ، وتسكن إذا سكنوا.

فقال له رجل : فما لهم لا يحبلون كما تحبل النساء؟

فقال : لأن أرحامهم منكوسة.

[ غلام قتل مولاه ]

[658] أبو القاسم الكوفي ، باسناده ، قال : رفع الى عمران عبدا قتل مولاه ، فأمر بقتله.

فدعاه علي علیه السلام ، فقال له : أقتلت مولاك؟

قال : نعم.

قال له : ولم قتلته؟

قال : غلبني على نفسي وأتاني في ذاتي.

فقال علي علیه السلام لأولياء المقتول : أدفنتم وليكم؟

قالوا : نعم.

قال : ومتى دفنتموه؟

قالوا : الساعة.

فقال علي علیه السلام لعمر : احبس هذا الغلام ولا تحدث فيه حدثا حتى تمر ثلاثة أيام.

ثم قال لأولياء المقتول : إذا مضت ثلاثة أيام فأحضرونا.

فلما مضت ثلاثة أيام حضروا ، فأخذ علي صلوات اللّه عليه بيد

ص: 320

عمر وخرجوا حتى وقفوا على قبر الرجل المقتول.

فقال علي صلوات اللّه عليه لأوليائه : هذا قبر صاحبكم؟

قالوا : نعم.

قال : احفروا.

فحفروا حتى انتهوا الى اللحد.

فقال : أخرجوا ميتكم.

فنظروا الى جوف القبر واللحد ، فلم يجدوه ، فأخبروه بذلك.

فقال علي صلوات اللّه عليه : اللّه أكبر ، واللّه ما كذبت ولا كذبت سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :

من يعمل من امتي عمل قوم لوط ثم يموت على ذلك فما هو مؤجل الى أن يوضع في لحده ، فاذا وضع فيه لم يمكث أكثر من ثلاث حتى تقذفه الأرض الى جملة قوم لوط المهلكين فيحشر معهم.

[ طلاق الأمة ]

[659] مصقلة بن عبد اللّه [ عن أبيه ] ، قال : جاء رجلان الى عمر بن الخطاب ، فسألاه عن طلاق العبد للأمة ، فمضى بهما الى حلقة فيها أمير المؤمنين علي صلوات اللّه عليه.

فقال له : ما طلاق العبد للأمة؟

فأشار إليه بإصبعه المسجة والتي تليها.

فقال للرجلين : تطليقتين.

فقال له أحدهما : سبحان اللّه جئناك وأنت أمير المؤمنين ، نسألك ، فجئت الى رجل فسألته وأجبتنا ما أفتاك به.

قال عمر : ويلك أتدري من ذلك الرجل؟ هو علي بن أبي طالب

ص: 321

علیه السلام سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : لو أن السماوات والأرض وضعتا في كفة ميزان ووضع إيمان علي في كفة اخرى لرجح إيمان علي (1).

[ الحليب يحسم النزاع ]

[660] قيس بن الربيع ، عن جابر الجعفي (2) ، عن تميم بن حزام الأسدي ، قال : كان رجل له امرأتان ، وكانتا قد حملتا منه ، فولدتا في بيت واحد في ليلة مظلمة ابنا وابنة ، ومات الرجل ، فادعت كل واحدة منهما الابن ، فرفع ذلك الى عمر.

فقال : أين أبو الحسن ، مفرج الكرب؟

فدعا له به ، فقصّ عليه القصة ، فدعا بقارورتين فوزنها ثم أمر كل واحدة فحلبت في قارورة ، ووزن القارورتين ، فرجحت إحداهما على الاخرى.

فقال علي علیه السلام : لابن التي لبنها أرجح والابنة للتي لبنها أخف.

فقال له عمر : من أين قلت ذلك يا أبا الحسن؟

ص: 322


1- قال العبدي : إنا روينا في الحديث خبرا *** يعرفه سائر من كان روى إن ابن خطاب أتاه رجل *** فقال : كم عدة تطليق الإما فقال : يا حيدر كم تطليقة *** للأمة اذكره فأومى المرتضى بإصبعيه فثنى الوجه إلى *** سائله قال : اثنتان وانثنى قال له : تعرف هذا؟ قال : لا *** قال له : هذا علي ذو العلا
2- أبو عبد اللّه جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي تابعي من فقهاء أهل الكوفة أثنى عليه بعض رجال الحديث توفي بالكوفة 128 ه.

فقال : لأن اللّه عزّ وجلّ جعل للذكر مثل حظ الانثيين (1).

[ مع زوجته رجل ]

[661] سعيد بن المسيب ، قال : وجد رجل (2) من أهل الشام رجلا مع امرأته ، فقتلهما ، وأن معاوية بن أبي سفيان أشكل عليه القضاء في ذلك ، فكتب إلى أبي موسى الأشعري أن يسأل عن ذلك عليا علیه السلام ، فسأله.

فقال له : ما ذكرك هذا ، وهو شيء لم يكن ببلدي عزمت عليك لما أخبرتني ، فاخبره.

فقال : أنا أبو الحسن ، إن لم تقم أربعة شهداء ، فليعط برمته.

[662] الاسود بن قيس ، عن زيد بن همام ، قال : سمعت عليا علیه السلام يقول - على المنبر - :

وددت أن الخصوم أنصفوني فإن أخطأت في قضية كانت في مالي.

[663] قيس بن أبي حازم (3) ، قال : جاء رجل الى علي صلوات اللّه عليه برجل معه.

فقال : إن هذا زوجني ابنته ، فأصبتها مجنونة.

وقال الآخر : ما علمت ذلك بها.

ص: 323


1- واضاف في البحار 40 / 234 : وقد جعلت الاطباء ذلك أساسا في الاستدلال على الذكر والانثى.
2- وهو ابن أبي الجسرين راجع الوسائل 19 / 102 ، الباب 69 الحديث 2.
3- قيس بن عبد عوف بن الحارث الأحمسي البجلي تابعي أدرك الجاهلية ، ورحل إلى النبي صلی اللّه علیه و آله ليبايعه فقبض وهو في الطريق ، وسكن قيس الكوفة توفي 84 ه.

فقال علي علیه السلام للزوج : وما جنونها؟

قال : إذا قعدت معها مقعد الرجل من المرأة ذهب عقلها.

فقال له علي صلوات اللّه عليه : وهل كنت لها أهلا ، هذه الربوخ.

[ بيضة من دجاجة ميتة ]

[664] عمار الدهني ، عن أبي الصهباء ، قال : قام ابن الكواء الى علي صلوات اللّه عليه - وهو على المنبر - ، فقال : إني وطأت على دجاجة ميتة ، فخرجت منها بيضة ، أفآكلها؟

قال علي علیه السلام : لا.

قال : فإن استحضنتها ، فخرج منها فروج ، آكله؟

قال : نعم.

قال : وكيف؟

قال : لأنه حي خرج من ميت ، وتلك ميتة خرجت من ميتة.

[665] مطرف ، قال : طلّق رفاعة (1) امرأة ، فتزوجها عبد الرحمن بن الزبير ، ثم طلقها ، فأراد رفاعة أن يراجعها.

فأتت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فذكرت ذلك له ، وقالت : إن عبد الرحمن لم يصل الي ، وإنما كنت معه مثل هدبة الصوف.

فتبسم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال : لا حتى تتزوجين زوجا يذوق عسيلتك وتذوقين عسيلته (2).

ص: 324


1- واظنه رفاعة بن رافع بن مالك بن عجلان الانصاري أبو معاذ شهد بدرا وصحب عليا فشهد معه الجمل وصفين توفي 41 ه.
2- ولا يخفى أن المراد من هذا الطلاق : الطلاق الثالث المحتاج الى المحلل بهذه الكيفية المذكورة في الرواية حيث ان في الطلاقين الاولين لا يحتاج الى المحلل. ويمكنها العودة الى زوجها الاول - إذا طلقها زوجها الثاني على أن لا يكون قد دخل بها - من دون عدة بل بعقد جديد للاول.

وأتى علي صلوات اللّه عليه في مثل ذلك ، فقال : لا تحل للزوج الأول الذي طلقها إلا أن تتزوج زوجا يهزها به ناحية.

[ يا أبا الغوث ]

[666] وعن عمه ، قال : لطمني رجل وأنا في السوق ، فقلت : وا غوثاه.

فإذا علي علیه السلام ورائي. فقال صلوات اللّه عليه : أتاك الغوث ، فالطمه كما لطمك ، فلطمته.

ثم أمر به فضرب تسع درر ، وقال : هذا حق السلطان لتعديلك ، وجرأتك.

[667] جابر بن عبد اللّه [ بن يحيى ] ، قال : جاء رجل الى علي بن أبي طالب علیه السلام . فقال : يا أمير المؤمنين ، اني كنت أعزل عن امرأتي ، وانها جاءت بولد.

فقال علي علیه السلام : اناشدك اللّه هل وطئتها ثم عاودتها قبل أن تبول؟

قال : نعم.

قال : فالولد لك.

[ امرأة تشتكي عند شريح ]

[668] سعد بن طريف (1) عن الأصبغ بن نباتة ، قال : أتت امرأة الى شريح ، فقالت : يا أبا أميّة ، إن لي خصما.

ص: 325


1- وفي الاصل : سعد بن أبي طريف.

قال : احضريه.

قالت : أنت هو ، فأخلني.

قال لمن حوله : تنحوا.

فقالت : إني امرأة لي ما للرجال ، ولي ما للنساء.

قال : فمن أيهما يكون البول؟

قالت : منهما جميعا.

قال : فأيهما يسبق (1).

قالت : ليس يسبق من أحدهما دون الآخر.

قال : إنك لتحدثين عجبا! قالت : وأعجب من ذلك وهو ما جئت فيه أنه تزوجني ابن عمي ، فحملت منه ، وولدت ، وأنه أخدمني جارية ، فمالت إليها نفسي ، فوطئتها ، فحملت مني ، وأتت بولد ، وإنما جئتك لتلحقني بالرجال إن كنت رجلا ، وتفرق بيني وبين زوجي.

فقام شريح من مجلس الحكم الى علي صلوات اللّه عليه ، فأخبره الخبر ، فأمر بها فدخلت إليه وسألها ، فأخبرته ، وأحضر ابن عمها ، فذكر مثل ذلك.

فقال علي علیه السلام : وهل وطئتها بعد ذلك؟

فقال : نعم.

قال : لأنت أجسر من خاصي الأسد (2).

ثم دعا بدينار الخادم وبامرأتين ، وقال لهم : أدخلوا بهذه بيتا ،

ص: 326


1- وفي المناقب 2 / 376 : فاني أبول بهما وينقطعان معا.
2- وفي المناقب 2 / 376 : صائد الاسد.

وجردوها ، وعدّوا اضلاع جنبيها ، [ ففعلوا ذلك ].

فقالوا : وجدنا في الجنب الأيمن اثني عشر ضلعا ، وفي الأيسر أحد عشر ضلعا (1).

فقال علي : اللّه أكبر ، جيئوني بالحجام؟ فجاءوا به. فأمره بأخذ شعرها وأعطاها حذاء ، ورداء ، وألحقها بالرجال.

فقال الزوج : يا أمير المؤمنين امرأتي ، من أين أخذت هذا؟

قال : من أبي آدم ، إن حواء خلقت من ضلع آدم. فأضلاع الرجل أقل من أضلاع المرأة بضلع.

[669] الفضل بن مختار ، عن أبي سكينة (2) ، قال : رفع إلى علي بن أبي طالب علیه السلام رجل مرّ بغلام على حائط يريد النزول عنه.

فقال له الرجل : ضع رجلك على هذه الخشبة - لخشبة كانت هنالك فوضعها عليها ، فزلت رجله عنها ، فسقط فمات. فقام عليه أولياؤه ، فودى علي صلوات اللّه عليه دية الغلام من بيت المال.

[ مملوك قتل مالكه ]

[670] وبهذا الاسناد ، أن عليا علیه السلام رفع إليه مملوك قتل حرا. فقال : يدفع الى أولياء المقتول. فدفع إليهم ، فعفوا عنه.

فقال له الناس : قتلت رجلا وصرت حرا.

فقال علي علیه السلام : لا ، هو ردّ على مواليه.

ص: 327


1- وما ذكره المؤلف صحيح ، وقد ذكر الخوارزمي في مناقبه ص 54 : اضلاع الجانب الايمن ثمانية عشر والايسر سبعة عشر.
2- الصحابي واسمه محلم بن سوار سكن الشام ( الاصابة 4 / 92 ).

[671] يحيى بن سعيد ، عن عمر بن داود الرقي قال : قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد صلوات اللّه عليه :

مات عقبة بن عامر الجهني ، وترك خيرا كثيرا من الأموال ومواشي وعبيد ، وكان له عبدان ، يقال لأحدهما : سالم ، وللآخر : ميمون ، فورثه بنو عمّ له ، وأعتقوا العبدين. وجاءت امرأة الى علي علیه السلام تذكر أنها امرأة عقبة وأنكرها بنو العم. فشهد لها سالم وميمون ، وعدلا ، وذكرت المرأة أنها حامل.

فقال علي علیه السلام : توقف المرأة ، فإن جاءت بولد فلا شيء لها ولا للولد من الميراث لانه إنما شهد لها على قولها عبدان لهما ، وإن لم تأت بولد ، فلها الربع لانه شهد لها بالزوجية حران قد أعتقهما من يستحق الميراث.

[ فضّة وعمر ]

[672] عمرو بن داود ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد صلوات اللّه عليه ، قال :

كانت لفاطمة علیهاالسلام جارية ، يقال لها : فضة (1) ، فصارت من بعدها الى علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ، فزوجها من أبي ثعلبة الحبشي ، فأولدها ابنا ، ثم مات عنها أو ثعلبة ، وتزوجها من بعده سليك الغطفاني (2) ، ثم توفي ابنها من أبي ثعلبة ، فامتنعت من سليك أن يقربها ، فشكاها الى عمر وذلك في أيامه. فقال لها عمر :

ص: 328


1- وهي فضة النوبية ( الاصابة 4 / 387 ).
2- وفي بحار الأنوار 40 / 227 : أبو مليك الغطفاني.

ما يشتكي منك سليك ، يا فضة؟

فقالت : أنت تحكم في ذلك ، وما يخفى عليك لم منعته من نفسي! قال عمر : ما أجد لك في ذلك رخصة.

قالت : يا أبا حفص ، ذهبت بك المذاهب إن ابني من غيره مات فأردت أن أستبرئ نفسي بحيضة ، فإذا أنا حضت علمت أن ابني مات ولا أخ له. وإن كنت حاملا كان الذي في بطني أخوه.

فقال عمر : شعرة من [ آل ] أبي طالب أفقه من عدي.

[673] وبهذا الاسناد أن عقبة بن أبي عقبة مات ، فحضر جنازته علي علیه السلام ومعه جماعة من الصحابة فيهم عمر - وذلك في أيامه. -

فقال علي صلوات اللّه عليه لرجل كان حاضرا. إن عقبة لما توفي حرمت عليك امرأتك ، فاحذر أن تقربها.

فقال عمر : كل قضاياك يا أبا الحسن عجيب ، وهذه من أعجبها ، يموت إنسان فتحرم على آخر امرأته! قال : نعم. إن هذا عبد كان لعقبة تزوج امرأة حرة هي اليوم ترث بعض ميراث عقبة ، فقد صار بعض زوجها رقا لها ، وبضع المرأة حرام على عبدها حتى تعتقه ويتزوجها.

فقال عمر : لمثل هذا أمرنا أن نسألك عما اختلفنا فيه.

[ حكم الخنثى ]

[674] الحسن بن الحكم ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه بينا هو في الرحبة إذ وقف إليه خمسة رهط [ فسلّموا ] (1) ، فلما رآهم أنكرهم ،

ص: 329


1- ما بين المعقوفتين من المستدرك للنوري : 3 / 169.

فقال : أمن أهل الشام أنتم ، أم من أهل الجزيرة؟

قالوا : من أهل الشام.

قال : وما تريدون؟

قالوا : جئنا إليك لتحكم بيننا ، نحن إخوة هلك والدنا وتركنا خمسة اخوة ، وهذا أحدنا - وأوموا الى واحد منهم - له ذكر كذكر الرجل وفرج كفرج المرأة ، فلم ندر كيف نورثه ، أنصيب رجل أم نصيب امراة؟

قال : فهلا سألتم معاوية؟

قالوا : قد سألناه ، فلم يدر ما يقضي به بيننا ، وهو الذي أرسلنا إليك لتقضي بيننا.

فقال علي علیه السلام : لعن اللّه قوما يرضون بقضايانا ويطعنون علينا في ديننا.

ثم قال لمن حوله : إن من صنع اللّه تعالى لكم إن أحوج عدوكم إليكم في أمر دينهم يسألونكم عنه ويأخذونه عنكم.

ثم قال للرهط : انطلقوا بأخيكم ، فاذا أراد أن يبول فانظروا الى بوله ، فان جاء أو سبق مجيئه من ذكره فهو رجل فورثوه ميراث الرجل. وإن جاء أو سبق من الفرج ، فهو امرأة فورثوها ميراث امرأة. [ فبال من ذكره ، فورثه كميراث الرجل منهم ] (1).

[ اربعة سقطوا في زبية ]

[675] محمّد بن عبد اللّه بن علي بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي

ص: 330


1- ما بين المعقوفتين من الغارات : 1 / 193.

علیه السلام أنه قضى في أربعة نفر تطلعوا الى أسد سقط في زبية (1) فسقط أحدهم ، فتمسك بالثاني ، وتمسك الثاني بالثالث ، والثالث بالرابع ، فسقطوا على الأسد ، فافترسهم ، فماتوا.

فقضى أن الأول فريسة الأسد ، وأن عليه ثلث دية الثاني ، وعلى الثاني ثلثا دية الثالث ، وعلى الثالث دية الرابع كاملة ، وليس على الرابع شيء ولا للأول شيء.

[ أقول ]

وقلّ من شرح هذه القضية ، وما علمت أن أحدا شرحها.

وشرحها : أن الرابع هو المجبوذ الى الموت ، وأن الثلاثة الذين هووا قبله ، وهم جذبوه ، فكانت ديته عليهم أثلاثا ، فغرم أولياء الأول ثلث الدية لأولياء الثاني ، وغرم أولياء الثاني ثلثي الدية لأولياء الثالث ، فزادوا من عندهم ثلث الدية كما غرم أولياء الأول ، فأخذ أولياء الثالث ثلثي الدية وغرموا دية كاملة ، فزادوا ثلثا من عندهم ، فصارت دية الرابع المجبوذ الذي لم يجن شيئا على الثلاثة الذين جنوا عليه ، وجرت كذلك من بعضهم على بعض لاستمساك بعضهم ببعض وضمن كل واحد ما يليه لمن تمسك به وضمن الثالث دية الرابع كاملة لانه هو الذي تمسك به ووجب له الرجوع على الثاني والأول بالثلثين لانهما جبذاه معه ، فكأن الثلث على كل واحد منهم.

[676] أحمد بن منيع (2) ، باسناده ، عن [ خش بن ] (3) المعتمر ، أن عليا

ص: 331


1- الزبية : الحفرة التي يصطاد فيها السباع.
2- في كتابه الأمالي.
3- هكذا صححناه وفي الاصل : حسن. وهو أبو المعتمر حنش بن المعتمر ويقال ابن ربيعة الكناني الكوفي.

علیه السلام قال :

بعثني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى اليمن ، فوجدت قوما من أهل اليمن قد احتفروا للأسد زبية ، فوقع فيها ، فأصبح الناس ينظرون إليه ، وازدحموا على الزبية ، فسقط فيها رجل ، فتعلق بآخر ، وتعلق الثاني بالثالث ، والثالث برابع ، فوقعوا كلهم على الأسد ، فقتلهم. فقام أولياء الثلاثة على أولياء الأول ، وقالوا : صاحبكم قتل أصحابنا ، ولبسوا السلاح وتهيئوا للحرب.

فقلت لهم : أنا أقضي بينكم في هذا بقضاء ، فإن رضيتموه والا فاذهبوا إلى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فاسألوه.

قالوا : وما هذا القضاء؟

قلت : اجمعوا من القبائل الذين حضروا الزبية ، وازدحموا عليها ، لأولياء الأول ربع دية ، لانه جبذ ثلاثة وهو رابعهم. وثلث دية لأولياء الثاني ، لانه جبذ اثنين وهو ثالثهما ، ونصف الدية لأولياء الثالث ، لانه جبذ واحدا وهو ثانيه ، ودية كاملة لأولياء الرابع ، لانه جبذ ولم يجبذ أحدا.

فأمسكوا عن الحرب وأتوا النبي صلی اللّه علیه و آله ، فأخبروه الخبر.

فقال : القضاء ما قضاه علي بينكم.

فهذه الرواية ، قد جاءت مفسرة ، وليس هي من الاولى في شيء. هذه ذكر فيها أن الذين سقطوا في الزبية إنما كان سقوطهم بازدحام من حضر معهم ولذلك جعل علي علیه السلام الدية على من حضر وليس في الاولى ذكر زحام ، وانما فيها أن بعضهم جبذ بعضا.

والذي ذكرته في هذا الباب من ذكر علم علي علیه السلام ، وما جاء

ص: 332

من قضاياه في المشكلات التي لم يدر أحد من الصحابة كيف القضاء فيها غيره يخرج إن تقصيته عن حدّ هذا الكتاب ، وقد ذكرت ذلك وما جاء من مثله عن الائمة صلوات اللّه عليهم في كتاب ( الاتفاق والافتراق ) وفي كتاب ( الإيضاح ) وفي غيرها من كتب الفقه التي بسطت فيها قول الائمة من أهل البيت صلوات اللّه عليهم في الحلال والحرام والقضايا والأحكام ، وأثبت فيها فضل علمهم صلوات اللّه عليهم على كافة الناس غيرهم ، وأن ذلك منقول فيهم يتوارثونه عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ليس كالذي تعاطاه من خالفهم من العوام من القول في ذلك بآرائهم وقياسهم واستحسانهم واستنباطهم وغير ذلك ممّا نحلوه من الأسماء باختراعهم ، وقد أخبر اللّه عزّ وجلّ في كتابه بما رفعه من درجات اولي العلم على عباده فقال تعالى : ( يَرْفَعِ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا ) ( ... الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ) (1) وقال جلّ من قائل : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (2) وقد أبان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله رفع درجة علي علیه السلام على جميع امته بما ذكرناه في هذا الباب. من قوله علیه السلام : أعلم الناس من بعدي ، وقوله علیه السلام : علي أقضاكم ، وأمره صلوات اللّه عليه إياهم أن يسألوه عما اختلفوا فيه ، وذلك من أبين البيان على إمامته وإقامته من بعده مقامه في ذلك لامته ، مع ما ذكرناه ونذكره في هذا الكتاب ممّا يؤيد ذلك ويؤكده ويوضحه ويبينه مع ما ذكرت في هذا الباب وفيما قبله من هذا الكتاب ونذكره من إقرار الصحابة له بفضله وعلمه ممّا آثره ورواه المنسوبون الى الفقه والحديث من العامة فضلا عما رواه وآثره من ذلك الخاصة. فمن أين يجوز أو ينبغي لجاهل أن يتقدم على عالم أو لعالم أن يتقدم على من هو أعلم

ص: 333


1- المجادلة : 11.
2- الزمر : 9.

منه ، أو لمن وضعه اللّه عزّ وجلّ أن يرتفع على من رفعه عليه درجة.

وهذا واضح لمن تدبره إذا هداه اللّه ووفقه ، ولو جاز للجاهل أن يتقدم على العالم ، وللمفضول أن ينافس الفاضل ، لبطل الفضل واتضعت درجة العلم التي رفع اللّه عزّ وجلّ أهلها وأبان في كتابه فضلهم وفضلها ، ومن كان محتاجا في دينه إلى من قد أبان اللّه عزّ وجلّ فضله بأن رفع بالعلم عليه درجته. وكيف يجوز له التقدم عليه ، أو أن يساوي نفسه به واللّه عزّ وجلّ يقول وهو أصدق القائلين : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (1) وقال تعالى : ( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) (2) وقد أمر الناس رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بردّ ما اختلفوا فيه الى علي صلوات اللّه عليه ، وأبان بذلك أنه ولي أمرهم من بعده على ما أمره اللّه به جلّ ذكره.

تمّ الجزء الثامن من كتاب شرح الأخبار في فضائل الائمة الأطهار الأبرار الأخيار تأليف سيدنا القاضي الأجل النعمان بن محمّد رضی اللّه عنه وأرضاه وأحسن منقلبه ومثواه - وهو نصف الكتاب - يوم الأول من رجب الأصب سنة 1126.

ص: 334


1- النحل : 43.
2- النساء : 83.

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام

للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي

المتوفي سنة 363 ه. ق

الجزء التاسع

ص: 335

ص: 336

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم

[ علي في القرآن ]

اشارة

قد ذكرت في باب من أبواب هذا الكتاب ما نزل من الوحي والقرآن في علي علیه السلام ، وولاية الائمة من ذريته صلوات اللّه عليه ، وذكرت في سائره كثيرا من ذكر ما نزل فيه صلوات اللّه عليه ممّا جاء ذكره مع غيره (1).

ورأيت إفراد هذا الباب بذكر باقي ذلك ممّا جاء مجردا في ذلك ، وباللّه التوفيق.

[ آية التطهير ]

[677] الدغشي ، باسناده ، عن [ أبي ] عبد اللّه الجدلي ، قال : أتيت عائشة ، فقلت : يا أم المؤمنين في أيّ شيء نزلت هذه الآية : ( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ. أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (2).

قالت : ائت أمّ سلمة ، فاسألها عن ذلك ، ففي بيتها نزلت هذه الآية.

فأتيت أمّ سلمة فأخبرتها بمجيئي الى عائشة وبما سألتها ، فأحالتني عليها.

ص: 337


1- في الجزء الرابع ، فراجع.
2- الاحزاب : 33.

فقالت أمّ سلمة : أما أنها لو شاءت أن تخبرك أخبرتك في أيّ شيء نزلت هذه الآية ، لكني اخبرك.

أتاني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال : لو أن عندي من أرسله الى علي وفاطمة والحسن والحسين ، فما كان غيري ، فدعوتهم ، وأجلس الحسن عن يمينه ، والحسين عن يساره ، وفاطمة بين يديه ، وعليا عند رأسه ، ثم أخذ ثوبا حبريا ، فجللهم الثوب.

ثم قال : اللّهمّ هؤلاء عترتي وأهل بيتي إليك لا الى النار ، اللّهمّ أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

قالت أمّ سلمة ، فقلت : يا نبيّ اللّه أدخلني معهم؟

فقال : لا يدخله إلا من هو مني وأنا منه ، وأنت من صالحات أزواجي ، وأنت الى خير.

[678] أبو غسان مالك بن إسماعيل (1) ، باسناده ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن أمّ سلمة ، قالت : لما نزلت هذه الآية ( في بيتي ) : ( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) في علي وفاطمة والحسن والحسين صلوات اللّه عليهم.

قالت : فقلت : يا رسول اللّه ألست من أهل البيت؟

قال : إنك على خير ، إنك من أزواج النبي ، وأنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين أهل البيت (2).

[679] أبو نعيم الفضل بن دكين ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه

ص: 338


1- مالك بن إسماعيل بن زياد بن درهم مولى كليب بن عامر النهدي ، أحد بني خزيمة. توفي بالكوفة 219 ه- في خلافة المعتصم.
2- لله در القائل : بأبي خمسة هم جنبوا الرجس *** كراما وطهّروا تطهيرا أحمد المصطفى ، فاطم أعني *** وعليا وشبرا وشبيرا من تولاّهم تولاّه ذو العرش *** ولقاه نضرة وسرورا وعلى مبغضيهم لعنة اللّه *** وأصلاهم المليك سعيرا

قال : نزلت (1) هذه الآية : ( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) في علي وفاطمة والحسن والحسين صلوات اللّه عليهم.

أدار النبي صلی اللّه علیه و آله عليه وعليهم كساءه ، ثم قال : اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

قال : وكانت أمّ سلمة على الباب ، فقالت : وأنا يا نبيّ اللّه. قال : إنك بخير أو على خير.

[ آية المباهلة ]

[680] عمرو بن بحر القتاد ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : قدم وقد نجران على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وفيهم السيد (2) والعاقب وأبو حارث - وهو عبد المسيح بن ثوبان اسقف نجران - وهم يومئذ سادة أهل نجران.

فقالوا : يا محمّد لم تذكر صاحبنا؟

قال : ومن صاحبكم؟

قالوا : عيسى بن مريم ، تزعم أنه عبد اللّه؟

قال : أجل ، هو عبد اللّه.

قالوا : فأرنا فيمن خلقه اللّه عبدا مثله فما رأيت وسمعت.

ص: 339


1- هكذا في نسخة ه- ، وفي الاصل : أفنزلت.
2- هكذا في نسخة ه- ، وفي الأصل : السبذ.

فأعرض نبيّ اللّه صلی اللّه علیه و آله عنهم. ونزل جبرائيل علیه السلام فقال : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) (1) الآية.

فقال لهم ذلك.

فقالوا : أما أنه ليس كما تقول.

فقال لهم : فإن اللّه عزّ وجلّ يقول : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (2).

قالوا : نلاعنك.

فخرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إليهم وقد أخذ (3) بيد علي علیه السلام ومعهما فاطمة والحسن والحسين.

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : هؤلاء أبناؤنا ونساؤنا وأنفسنا.

فهموا يلاعنوه.

ثم إن السيد قال لأبي الحارث [ والعاقب ] (4) : ما تصنعون بملاعنة هذا؟ إن كان كاذبا لم نصنع بملاعنته شيئا ، وإن كان صادقا لنهلكن.

ص: 340


1- آل عمران : 59.
2- آل عمران : 61.
3- هكذا في نسخة ه- ، وفي نسخة الاصل : وقد أخرج.
4- ولم يكن في الاصل من نسخة ه.

فصالحوا على الجزية.

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، والذي نفسي بيده ، لو لاعنوني ما حال عليهم الحول وبحضرتهم (1) منهم بشر ، ولأهلك اللّه الظالمين.

[681] عبد اللّه بن صالح البصري ، باسناده ، عن الحسن البصري ، قال : جاء اسقفا نجران الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعرض عليهما الإسلام.

فقالا : إنا قد أسلمنا قبلك.

فقال لهما رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يبعدكما عن الإسلام ثلاث : عبادة الصليب. وأكل لحم الخنزير. وقولكما إن لله عزّ وجلّ ولدا (2).

فقال له أحدهما (3) : فمن أبو عيسى؟

فسكت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - وكان لا يعجل حتى يكون ربه عزّ وجلّ هو الذي يأمره - فأنزل اللّه عزّ وجلّ ( إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ. فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (4). فدعاهما رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى المبارزة للدعاء ، وأخذ بيد علي

ص: 341


1- هكذا صححناه وفي الاصل : بخضر.
2- وفي شواهد التنزيل ص 122 : حب الصليب وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير.
3- وفي نسخة الاصل : احداهما.
4- آل عمران : 59 - 61.

وفاطمة والحسن والحسين صلوات عليهم أجمعين.

فقال أحدهما للآخر : قد أنصفك الرجل فإن بارزته بؤت باللعنة.

فقالا : لا نبارزك.

فأقرا بالجزية وكرها الإسلام.

[682] محمّد بن علي بن شافع ، يرفعه ، قال العباس بن عبد المطلب : أنا صاحب سقاية الحاج ، يفخر بذلك.

وقالت بنو شيبة : ونحن حجبة البيت.

وكان ذلك من قولهم لعلي علیه السلام يريدون بذلك الفخر عليه.

فقال علي علیه السلام : أنا أول من آمن باللّه وجاهد في سبيله. فأنزل اللّه عزّ وجلّ : ( أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللّهِ ) (1) الآية.

[683] بآخر ، أن الوليد بن عقبة بن أبي معيط (2) نازع عليا في شيء دار بينهما ، فقال له الوليد بن عقبه بن أبي معيط : أنا أشجع منك.

فأنزل اللّه عزّ وجلّ فيهما : ( أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً ) (3).

وقد ذكرت خبره بتمامه في موضع غير هذا من هذا الكتاب (4).

[684] عبد الوهاب ، باسناده ، عن أبي ذر أنه أقسم باللّه عزّ وجلّ أن هذه

ص: 342


1- التوبة : 19.
2- أبو وهب ، أخو عثمان بن عفان لأمه ، ولاه عثمان الكوفة. وصلّى الصبح فيها وهو سكران ، حرض معاوية على القتال ، مات بالرقة 61 ه.
3- السجدة : 18.
4- في الجزء السادس ، فراجع.

الآية نزلت في علي علیه السلام وحمزة وعبيدة ، وفي الوليد وشيبة وعتبة لما تبارزوا يوم بدر ( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) (1).

[685] موسى بن سلمة ، باسناده ، أنه لما أنزل اللّه عزّ وجلّ ( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) (2) قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : علي مني وأنا منه.

[686] مبدر (3) بإسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (4).

قال : كونوا مع علي ، وأصحاب علي علیه السلام .

[687] الأصبغ بن نباتة ، باسناده ، قال : [ كنت جالسا عند أمير المؤمنين ] فقام ابن الكواء الى علي علیه السلام ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني عن قول اللّه عزّ وجلّ ( وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها ) (5).

فقال علیه السلام : يا ابن الكواء (6) ، ويحك نحن باب اللّه الذي يؤتى منه. [ فمن بايعنا وأقرّ بولايتنا فقد أتى البيوت من أبوابها ، ومن

ص: 343


1- الحج : 19.
2- هود : 17.
3- هكذا في نسخة ه- وفي الاصل : الا مبدل.
4- التوبة : 119.
5- البقرة : 189.
6- وهو عبد اللّه بن عمرو من بني يشكر النسابة يقول فيه مسكين الدارمي : هلمّ الى بني الكواء تقضوا *** بحكمهم بأنساب الرجال وكان من الخوارج ، وكثير السؤال من أمير المؤمنين وكان يسأل تعنتا. قال الفيروزآبادي : الكواء كشداد : الخبيث الشتام وأبو الكواء من كناهم ، وإنما قيل للخبيث الشتام : الكواء ، لانه يكوي بلسانه كيا.

خالفنا وفضّل علينا غيرنا فقد أتى البيوت من ظهورها ] (1).

[688] إسرائيل ، عن جابر ، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن علي علیهم السلام عن قول اللّه عزّ وجلّ ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (2).

قال : نحن أهل الذكر.

[689] سليمان (3) الحكيم بن سليمان ، باسناده ، عن محمّد بن الحنفية ، أنه قال : واللّه لقد نزلت في علي علیه السلام سبعون آية من كتاب اللّه عزّ وجلّ كلها أوجبت له الجنة ، وقدمته على الامة.

[690] عباد بن يعقوب (4) ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام ، أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ « ياسين » : يقول يا محمّد. وقوله ( سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ ) (5).

قال : هم آل محمّد علیهم السلام ، - أهل بيته -.

[691] وبآخر ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : فينا نزلت هذه الآية ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ ) (6).

[692] وبآخر ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام ، أنه قال في قول

ص: 344


1- البرهان : 1 / 190.
2- النحل : 43.
3- هكذا في الاصل ، وفي نسخة ه- : وبآخر الحكم بن سليمان.
4- البخاري الرواجني أبو سعيد من أهل الكوفة فاضل إمامي ، له كتب منها أخبار المهدي المنتظر والمعرفة في الصحابة ، توفي 250 ه.
5- الصافات : 130.
6- القصص : 5.

اللّه عزّ وجلّ ( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) (1).

قال : فينا نزلت هذه الآية.

[693] وبآخر ، عنه علیه السلام ، أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ ( وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) (2).

قال : إيانا عنى بذلك ، منا شهيد على أهل كل زمان.

والوسط : العدل.

[694] أحمد بن عبد الرحمن ، باسناده ، عن السدي (3) أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ ) (4).

قال : نزلت في علي بن أبي طالب علیه السلام لما نام على فراش رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في الليلة التي تواعد فيها المشركون أن يأتوه ، فيقتلوه (5).

ص: 345


1- العنكبوت : 69.
2- البقرة : 143.
3- اسماعيل بن عبد الرحمن السدي تابعي حجازي الاصل سكن الكوفة ، توفي 128 ه.
4- البقرة : 207.
5- وفي ذلك يقول أمير المؤمنين علیه السلام : وفيت بنفسي خير من وطأ الحصى *** وأكرم خلق طاف بالبيت والحجر وبتّ أراعي منهم ما ينوبني *** وقد صبرت نفسي على القتل والأسر محمّد لما خاف أن يمكروا به *** فنجاه ذو الطول العظيم من المكر وبات رسول اللّه في الغار آمنا *** فما زال في حفظ الإله وفي ستر ( شواهد التنزيل : 1 / 103 - الحديث 143 ).

[695] بآخر ، عن مجاهد ، أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) (1).

قال : الذي جاء بالصدق محمّد صلی اللّه علیه و آله ، والذي صدّق به علي بن أبي طالب علیه السلام .

[ آية التصدّق ]

[696] عبد الرزاق ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً ) (2).

قال : نزلت في علي علیه السلام ، كانت له أربعة دنانير (3) ، فتصدّق بدينار منها نهارا ، وبدينار منها ليلا ، وبدينار منها سرا ، وبدينار علانية.

[697] عبد الوهاب ، باسناده ، عن عمر بن الخطاب ، أنه قال : أخرجت من مالي صدقة يتصدّق بها عني ، وأنا راكع [ أربعا و ] (4) عشرين مرة على أن ينزل فيّ مثل ما نزل في علي علیه السلام فما نزل في شيء.

ومثل ما نزل في علي علیه السلام لما تصدق وهو راكع ، وقد تقدم ذكره في قول اللّه عزّ وجلّ : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (5). فأراد عمر أن يكون له ولاية المؤمنين ولا يكون ذلك إلا لمن خصّه اللّه عزّ وجلّ به.

ص: 346


1- الزمر : 33.
2- البقرة : 274.
3- وفي مناقب ابن المغازلي والخوارزمي وكفاية الطالب وتاريخ دمشق : أربعة دراهم.
4- ما بين المعقوفتين من بحار الأنوار : 35 / 203.
5- المائدة : 55.

[698] عبد اللّه أبو محمّد ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عطاء ، قال : كنت جالسا عند أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين علیه السلام ، فمرّ بنا ابن عبد اللّه بن سلام.

فقلت لأبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام : هذا ابن الذي عنده علم من الكتاب.

قال : [ لا ] (1) الذي عنده علم من الكتاب علي بن أبي طالب علیه السلام نزلت فيه أربع آيات :

هذه الآية (2).

وقوله : ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) (3). فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : يا علي إنك تهدي المهتدين من بعدي.

ونزلت فيه : ( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) (4). فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أنت مني وأنا منك.

وقوله : ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (5) فلما أن انزلت أخذ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بيد علي علیه السلام وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.

ص: 347


1- ما بين المعقوفتين من : ما نزل من القرآن في علي للحبري : ص 63.
2- وعنده علم الكتاب.
3- الرعد : 7.
4- هود : 17.
5- المائدة : 67.

[ آية الولاية ]

[699] محمّد بن فضل (1) ، باسناده ، عن ابن عباس ، أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (2) قال : أتى عبد اللّه بن سلام ورهط من أهل الكتاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عند الظهر.

فقالوا : يا رسول اللّه إن بيوتنا قاصية [ من المسجد ] (3) ولا نجد محدثا دون هذا المسجد ، وإن قومنا لما رأونا قد صدقنا اللّه ورسوله وتركناهم ودينهم أظهروا لنا العداوة وأقسموا أن لا يخالطونا ولا يجالسونا ولا يكلمونا ، فشقّ ذلك علينا [ ولا نستطيع أن نجالس أصحابك لبعد المنازل ].

فبيناهم يشكون ذلك الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذ نزلت ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) .

فقرأها عليهم فقالوا : رضينا باللّه وبرسوله وبالمؤمنين [ وليا ].

ص: 348


1- هكذا في نسخة ه- ، وفي الأصل : قصل ابي محمّد.
2- المائدة : 55.
3- ما بين المعقوفتين من : النور المشتعل : ص 66.

وأذن بلال لصلاة الظهر ، فخرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى المسجد والناس يصلّون بين راكع وساجد وقاعد ، ومسكين يسأل.

فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : هل أعطاك أحد شيئا؟

فقال : نعم.

قال : ما ذا [ أعطاك ].

قال : خاتم فضة.

قال : من أعطاكه؟

قال : ذلك الرجل القائم. وأشار الى علي علیه السلام .

قال : على أي حالة أعطاكه؟

قال : [ اعطانيه ] وهو راكع.

فكبّر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأخبر عليا بما نزل فيه (1).

[700] عبد اللّه بن حكيم بن جبير ، عن علي علیه السلام أنه قال لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا رسول اللّه ، هل نقدر على رؤيتك في الجنة كلما أردنا؟

ص: 349


1- قال حسان بن ثابت : أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي *** وكل بطىء في الهدى ومسارع أيذهب مدحي والمحبر ضائع *** وما المدح في جنب الاله بضائع فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعا *** فدتك نفوس القوم يا خير راكع فأنزل فيك اللّه خير ولاية *** وبينها في محكمات الشرائع أقول : ومن المؤسف أن شيخ الاسلام ابن تيمية أو تمية الذي يدعى ما يدعي من العلم ينكر هذا الحديث المشهور بحد التواتر ويقول بكل وقاحة في منهاج السنة 1 / 156 : قد وضع بعض الكذابين حديثا مفترى أن هذه الآية ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ ... ) الآية » نزلت في علي لما تصدق بخاتمه في الصلاة. وهذا كذب باجماع اهل العلم بالنقل. يا سبحان اللّه ، في قلوبهم مرض فزادهم اللّه مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون.

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن لكلّ نبي رفيقا وهو أول من يؤمن به من امته. وأنت أول من آمن بي ، فأنت لي رفيقي في الجنة (1).

فأنزل اللّه عزّ وجلّ : ( فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ) (2).

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : يا علي قد أنزل اللّه عزّ وجلّ جواب ما سألت عنه وجعلك رفيقي في الجنة وأنت الصدّيق الأكبر ، لأنك أول من أسلم.

[701] أحمد بن محمّد بن زياد ابن الأعرابي ، باسناده ، عن ابن عباس ، قال (3) : لما أنزلت ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) (4).

قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أنا المنذر ، وعلي الهادي ، بك يا علي يهتدي المهتدون.

[702] وبآخر ، عن ابن عباس أيضا ، أنه قال : في قول اللّه عزّ وجلّ ( السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (5).

قال : سابق هذه الامة علي بن أبي طالب. (6)

[703] محمّد بن سنان ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد علیه السلام ، أنه قال

ص: 350


1- هكذا في الاصل ، وفي نسخة ه- : رفيقا ، وهو أول من آمن به ، فأنت رفيقي في الجنة فأنزل اللّه ...
2- النساء : 69.
3- وفي الاصل : قال له.
4- الرعد : 7.
5- الواقعة : 11.
6- وينسب إليه علیه السلام : سبقتكم الى الإسلام طرا *** صغيرا ما بلغت أوان حلمي

في قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ) (1).

قال : اختار محمّدا صلی اللّه علیه و آله وأهل بيته.

[704] وقال في قول اللّه عزّ وجلّ ( وَلَيَعْلَمَنَّ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا ) (2) : يعني بولاية علي علیه السلام ( وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ ) : يعني الّذين كفروا ولايته.

[705] ومنه قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام :

لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق.

[706] وقول بعض أصحابه (3) : ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إلا ببغضهم عليا علیه السلام .

[707] وإنه سئل عن قول اللّه عزّ وجلّ : ( ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللّهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ ) (4).

وقوله : ( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ ) (5). قال : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أخذ عليهم المواثيق مرتين لأمير المؤمنين علي علیه السلام :

فقال : هل تدرون من وليّكم بعدي؟

فقالوا : اللّه ورسوله أعلم.

قال : إن اللّه عزّ وجلّ يقول : ( وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) (6) وأشار الى علي علیه السلام فهو

ص: 351


1- القصص : 68.
2- العنكبوت : 11.
3- وهو أبو سعيد الخدري ، راجع تخريج الاحاديث.
4- محمّد : 28.
5- محمّد : 26.
6- التحريم : 4.

وليّكم بعدي.

والثانية : أشهدهم على أنفسهم يوم غدير خم. وقد كانوا يقولون : إن قبض - يعنون محمّدا رسول اللّه - لا نرجع الأمر في آل محمّد ، ولا نعطيهم الخمس. فأطلع اللّه عزّ وجلّ نبيه صلی اللّه علیه و آله على أمرهم ، وأنزل عليه : ( أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ. أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ) (1). وأنزل عليه : ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ. أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ. أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها. إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ ) (2).

[708] وقال في قوله اللّه عزّ وجلّ : ( وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا ) إيمانهم لمحمّد و ( إِيماناً ) (3) بولاية علي علیه السلام .

[709] وسئل عن قول اللّه عزّ وجلّ : ( قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً. قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللّهِ أَحَدٌ ) إن عصيته فيما أمرني ( وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً. إِلاَّ بَلاغاً مِنَ اللّهِ وَرِسالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ ) في ولاية علي ( فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ) (4).

قال لهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : الذي كرهتموه من ولاية علي ليس هو لي ولا عن أمري هو لله عزّ وجلّ أمرني به ولا أعصيه ، ولو عصيته لعذبني كما تواعدني.

ص: 352


1- الزخرف : 79 و 80.
2- محمّد : 22 - 25.
3- المدثر : 31.
4- الجن : 21 - 23.

[710] وعنه علیه السلام ، أنه قال : نزل في علي علیه السلام من سورة هل أتى على الانسان (1) قوله : ( إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً ) الى [ قوله تعالى ] ( إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ) (2).

وقال علیه السلام : من أراد أن يعرف ما أنزل اللّه عزّ وجلّ فينا وما أنزل في عدونا فليقرأ سورة : ( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا ) (3) فإنها نزلت آية فيهم وآية فينا.

[711] الحسن بن واسم ، باسناده ، عن طاوس قال : نزلت في علي علیه السلام سبعون (4) آية من كتاب اللّه عزّ وجلّ ما يشركه فيها أحد من الناس.

[712] سعد (5) بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن علي علیه السلام أنه قال : نزل القرآن أرباعا ، فربع فينا ، وربع في عدونا ، وربع سير وأمثال ، وربع فرائض وأحكام. ولنا كرائم القرآن.

فهذا يغني عن التطويل والإكثار. ومن نزل فيه ربع القرآن وكان له كرائمه مع ما ذكرناه أنه نصّ عليه فيه بعد ما تركنا ذكر ما رأينا أن العامة لم نروه ، وكرهنا ذكره لأن لا تعرضه لتكذيبها به اذ فيها ذكرنا من ذلك مالا

ص: 353


1- قال المغفور له جدنا آية اللّه الخراساني في كتاب الألفين ص 105 : وإنما الأبرار في النصّ الجلي *** سيدهم بالقطع مولانا علي آيات هل أتى لمن ، وهل أتى *** إلا لمن انزل فيه لا فتى
2- الإنسان : 5 - 22.
3- سورة محمّد صلی اللّه علیه و آله .
4- هكذا في نسخة ه- ، وفي الاصل : تسعون.
5- وفي كلا النسختين : سعيد.

يدفع فضل من نزل فيه من سمعه ، ولا يقس (1) به غيره وفي ذلك كفاية وبلاغ لذوي الألباب.

ص: 354


1- هكذا في نسخة ه- ، وفي الأصل : ولا يلبس.

[ زواج فاطمة بعليّ ]

ومناقب ومآثر وفضائل لعلي علیه السلام من وجوه شتى

[713] محمّد بن مسلم أبو عبد اللّه الرازي ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، قال : كانت فاطمة علیه السلام تذكر لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وكان لا يذكرها أحد إلا صدّ عنه حتى يئسوا منها ، فلقي سعد بن معاذ الأنصاري (1) عليا علیه السلام ، فقال له : واللّه ما أرى النبي صلی اللّه علیه و آله يريد بها غيرك.

فقال علي علیه السلام : أترى ذلك؟ فو اللّه ما أنا بواحد من الرجلين ما أنا بصاحب دنيا يلتمس لها ما عندي منها. لقد علم أنه مالي صفراء ولا بيضاء ، وما أنا بالكافر الذي يترفق به عن دينه ويتألفه ، إني لأول من أسلم.

قال : أعزم عليك لتفرجها عني ، فإن لي فرجا. [ لتفعلن ] (2).

قال : أقول ما ذا؟

قال : تقول جئت خاطبا الى اللّه ورسوله فاطمة بنت رسول اللّه

ص: 355


1- سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس الاوسي من أهل المدينة سيد الأوس وحامل لوائهم في بدر واحد ، ويوم خندق رمي بسهم ادى الى وفاته سنة 5 ه- ، ودفن بالبقيع عن عمر يناهز 37 سنة وحزن عليه الرسول صلی اللّه علیه و آله .
2- ما بين المعقوفتين من كشف الغمة 1 / 370.

صلی اللّه علیه و آله وعليها.

فانطلق علي حتى أتى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فأراد أن يتكلم ، فانحصر عن الكلام حياء وإجلالا لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

فلما رأى ذلك قال : كأن لك يا علي حاجة ، فتكلم بما تريده! قال : نعم إني جئت خاطبا الى اللّه ورسوله فاطمة بنت محمّد صلی اللّه علیه و آله .

فقال له النبي صلی اللّه علیه و آله : مرحبا ، كلمة ضعيفة (1).

فاستحى علي علیه السلام فرجع الى سعد.

فقال له : ما فعلت؟

قال : فعلت الذي أمرتني به. فما زاد عليّ أن رحب بي ، وقال كلمة ضعيفة.

فقال سعد : قد أنكحك والذي بعثه بالحق نبيا ، لأنه لا خلف عنده ولا كذب ، أعزم عليك لتأتينه ، فلتقولن متى تبنيني بأهلي يا رسول اللّه؟

قال علي علیه السلام : هذه أشد من الاولى ، بل أقول حاجتي لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؟

قال سعد : قل كما أمرتك.

فانطلق علي علیه السلام حتى أتى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

فقال له : متى تبنيني بأهلي يا رسول اللّه؟

قال : الليلة إن شاء اللّه. [ ثم انصرف ].

ص: 356


1- وفي كشف الغمة : مرحبا وحبا. ولم يزده على ذلك ثم تفرقا.

ثم دعا بلالا ، فقال : يا بلال إني قد زوجت ابنتي بابن عمي ، وأنا أحب أن يكون من سنتي إطعام الطعام عند النكاح ، فاذهب فخذ لنا فخذ شاة وأربعة أمداد - أو قال خمسة أمداد - واجعل لي قصعة لعلي اجمع عليها المهاجرين والأنصار ، فإذا فرغت منها فأذني بها.

فانطلق بلال ، ففعل الذي أمره به ، ثم أتاه بالقصعة ، فوضعها بين يديه. فطعن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في رأسها (1).

ثم قال : ادخل على القوم رفقة رفقة ولا تغادرن أحدا.

فجعل الناس يردّون كلما فرغت رفقة دخلت اخرى حتى فرغ الناس وصدروا عنها ، وهي كما هي.

ثم عمد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إليها فتفل فيها وبارك عليها. ثم قال : يا بلال احملها الى امهاتك ، وقل لهن يطعمن من النساء من غشيهن ، ويأكلن. ففعلن ، وأكلن.

ثم قام رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى النساء ، فقال لهن : إني قد زوجت (2) ابنتي ابن عمي ، وقد علمتن منزلتها مني ، وأنا دافعها إليه الآن إن شاء اللّه ، فدونكن ابنتكن.

فقمن النساء إليها فعلقنها من طيبهن وعلقن عليها من حليهن.

ثم إن النبيّ صلی اللّه علیه و آله قام وبينه وبين النساء سترة. فلما أن رأينه وثبن ، وتخلفت أسماء بنت عميس (3). فقال لها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من أنت؟ على رسلك.

ص: 357


1- واضاف في كشف الغمة : ثم تفل فيها وبرك.
2- وفي الاصل : تزوجت.
3- وسوف يأتي في فضل فاطمة الزهراء علیهاالسلام أنها ليست أسماء زوجة جعفر الطيار بل هي غيرها فراجع الجزء الحادي عشر. ومع أن في الاصل أسماء بنت عمش وهو تصحيف.

قالت : أنا أسماء أحرس ابنتك فاطمة ، إن الفتاة ليلة بنيانها لا بدّ لها من امرأة تكون قريبا منها إن عرضت لها حاجة أو أرادت شيئا أفضت بذلك إليها.

فقال لها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أسأل الهي أن يحرسك من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك ومن فوقك ومن تحتك من الشيطان الرجيم.

ثم خرج بفاطمة علیهاالسلام ، فأقبلت ، فلما أن رأت عليا علیه السلام جالسا الى جنب النبي صلی اللّه علیه و آله حصرت وبكت. فأشفق النبي صلی اللّه علیه و آله أن يكون بكاءها لأن عليا علیه السلام لا مال له (1).

فقال لها : ما يبكيك ما ألوتك (2) ونفسي ، وقد أصبت لك خير أهلي ، وايم اللّه لقد زوجتك سعيدا في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين.

ثم قال : يا أسماء املئي لي مخضب ماء وآتيني به.

فملأت وأتته به ، فأخذ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله منه ومجه فيه. ثم غسل فيه وجهه وقدميه ، ودعا فاطمة علیهاالسلام ، فأخذ كفا من ذلك الماء فنضحه على صدرها ، وأخذ كفا ثانيا فنضحه على ظهرها [ ثم أمرها أن تشرب بقية الماء ].

ص: 358


1- والعجب من المؤلف رحمه اللّه طرح هذا الاحتمال مع علو مقام الزهراء سلام اللّه عليها ومنزلتها وزهدها وإيثارها في سبيل اللّه ممّا يشهد لها القرآن بذلك وربما كان ذلك منها لتعرف من حضرها مقام ومنزله أمير المؤمنين (عليه السلام) وهذا الاحتمال لا يليق بشأنها.
2- ألوتك : أي قصدتك.

ثم دعا بعلي علیه السلام فصنع به مثل ذلك.

ثم قال : اللّهمّ إنهما مني وأنا منهما ، فكما أذهبت عني الرجس وطهرتني فأذهبه عنهما وطهرهما.

ثم قال : قوما الى بيتكما جمع اللّه بينكما ، وبارك لكما في سيركما ، وأصلح بالكما.

ثم إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قام فأغلق عليها بابهما بيده.

قال ابن عباس : خبرتني أسماء بنت عميس ، أنه لم يزل يدعو لهما لم يشرك (1) في دعائه أحدا حتى توارى في حجرته صلی اللّه علیه و آله .

[714] أبو غسان ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه دخل على فاطمة علیهاالسلام بعد أن بنابها علي علیه السلام بأيام فصنعت له طعاما كما تصنع الجارية إذا رأت بعض أهلها ، وقدمته له وبكت.

فقال : ما يبكيك [ يا بنية ] ، وقد زوجتك خير من أعلم.

[715] اسماعيل بن أبان (2) ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، قال : خطب أبو بكر فاطمة علیهاالسلام الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فأعرض عنه ، وخطبها عمر ، فأعرض عنه.

فقال لي عمر : أنت لها يا علي.

فقلت : واللّه ما عندي إلا درعي وسيفي وحملي.

قال : فسألني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعد ذلك ، ما عندك. فقلت : ذلك ، فزوجني فاطمة علیهاالسلام .

ص: 359


1- هكذا صححناه وفي الاصل : لم يشركما.
2- أبو اسحاق اسماعيل بن أبان الوراق الازدي ، توفي 216 ه.

وقال : لقد زوّجتك أولهم إسلاما ، وأكثرهم علما ، وأفضلهم حلما.

[716] عمر بن حماد ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعث مصدقا الى قوم ، فوثبوا عليه ، فقتلوه ، فأرسل إليهم عليا علیه السلام فقتل المقاتلة وسبى الذرية ، وانصرف.

وبلغ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله خبره ، فتلقاه خارجا من المدينة. فلما لقيه اعتنقه ، وقبّل بين عينيه ، وقال : بأبي وأمي من شدّ اللّه به عضدي كما شدّ عضد موسى بهارون علیهماالسلام .

ص: 360

[ زهد أمير المؤمنين ]

[717] سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : قسم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام بيت المال حتى ما ترك فيه شيئا.

ثم قال : يا قنبر ، أدخل عليّ الغنم.

فقال : يا أمير المؤمنين وما تريد من الغنم؟

فقال أمير المؤمنين : تشهد لي يوم القيامة أنها لم تجد فيه شيئا تلوه.

ثم قال : تشهد لي هذه البقعة يوم القيامة أني قد أديت الى كل ذي حق حقه.

ثم قال : يا حمراء تحمري ، ويا صفراء تصفري ، ويا بيضاء تبيضي ، وغيري غرّي. ثم تمثل فقال علیه السلام :

هذا جناي وخياره فيه *** إذ كل جان يده الى فيه

[718] أبو نعيم ، باسناده ، عن عبد الرحمن الخولاني ، عن عمته - وكانت تحت عقيل بن أبي طالب رضوان اللّه عليه - قالت : دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام بالكوفة فأصبته جالسا على البرذعة (1) حماز.

ص: 361


1- البرذعة : الذي يلقى تحت الرجل.

ثم دخلت إلى امرأة له من بني سليم ، فأصبت في بيتها متاعا كثيرا ، فلمتها ، وقلت لها : في بيتك مثل هذا المتاع وأمير المؤمنين علیه السلام جالس على برذعة حماز؟

فقالت : لا تلوميني فانا لا نخرج إليه ثوبا ينكره إلا بعث به الى بيت المال ، فوضعه فيه.

[719] أبو نعيم ، باسناده ، عن علي علیه السلام أنه كان يأخذ الجزية (1) من أهل الذمة من كل ذي صنعة ممّا يعمله من صاحب الابر ابرا ، ومن صاحب المال مالا ، فإذا قسم ما في بيت المال قسم ذلك فيقولون لا حاجة لنا به.

فيقول : أخذتم خياره وتتركون عليّ شراره. لا واللّه لا بدّ لكم من أن تأخذوه.

[720] عمر بن عبد الكريم ، باسناده ، عن مالك بن أنس ، قال : سألت الزهري : من كان أزهد الناس في الدنيا؟

قال : علي بن أبي طالب علیه السلام كان يقسم كل ما في بيت المال ، ثم يكنسه ، ويرشه ، ويصلّي فيه ويفرش لبدة ، ثم ينام عليه. ويقول : الآن طاب فيك المقيل لا تخاف مسارقا ولا ثاقبا.

ثم يقول : [ يا بيضاء ] بيضي ، و [ يا صفراء ] صفري ، وغيري غرّي ، واللّه لا أنال منك إلا الحقير اليسير.

قال : ولقد بلغنا أنه اشتهى كبدا مشوية على خبزة لبنة ، فأقام حولا يشتهيها. ثم ذكر ذلك الحسن علیه السلام يوما وهو صائم ،

ص: 362


1- ضريبة اسلامية تأخذها الحكومة الاسلامية من غير المسلمين ( أهل الكتاب ) الذين هم في ذمة الاسلام وحمايته. وأهل الكتاب هم : اليهود والنصارى والمجوس.

فصنعها له. فلما أراد أن يفطر قرّبها إليه ، فوقف سائل بالباب.

فقال : يا بني احملها إليه ، لا تقرأ صحيفتنا غدا ( أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيَ اوَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها ) الآية (1).

[721] أبو غسان ، باسناده ، عن الحسن البصري ، أنه ذكر يوما عليا علیه السلام فقال :

رحمة اللّه عليك يا أبا الحسن ومغفرته ورضوانه ، جمعت الدنيا حتى إذا اجتمعت بين يديك نكنتها بقضيبك ، ثم قلت : يا دنيا غرّي غيري.

[722] أبو نعيم ، باسناده ، أن عليا علیه السلام جمع المال في الرحبة بين جوالق (2) أبيض وأسود ، وقطيفة (3) بيضاء وسوداء ، وقوصرة (4) وجلد. ثم يقول :

هذا جناي وخياره فيه *** إذ كل جان يده الى فيه

ثم دعا بامراء الأسباع والعرفاء والمقاتلة فقال : هذا مالكم ، فاحملوه الى مساجدكم واقتسموه بينكم.

[723] وبآخر ، أن عليا علیه السلام استعمل سعد بن عمر الأنصاري ، فبقي عليه من الخراج ، فربطه الى اسطوانة في المسجد حتى وداه.

[724] الدغشي ، باسناده ، قال : اشترى علي علیه السلام بالكوفة قميصا بسبعة دراهم ، فلما لبسه خرج كمه عن يده ، فأمر بقطع ما خرج عن أطراف أصابعه.

ص: 363


1- الاحقاف : 20.
2- الجولق : وعاء.
3- القطيفة : دثار مخمل.
4- القوصرة : وعاء التمر ، وكناية عن التمر.

وكان اشتراه من غلام ، ومولاه غائب. فجاء مولى الغلام ، فأخبره ، فلحق عليا علیه السلام فقال : يا أمير المؤمنين ، هذا القميص لي وهو يقوم على ستة دراهم ، وذكر لي غلامي أنه باعه منك بسبعة دراهم. وهذا الدرهم الذي تزيده عليك.

قال : لا آخذه قد اشتريناه بما رضيناه.

[725] وبآخر ، أن عليا علیه السلام كان يخرج من القصر بالكوفة ، وعليه قميص الى نصف ساقه وإزار ، ورداء قريب منه ، ومعه درة (1) يمشي بها في الأسواق يأمرهم بتقوى اللّه ، وحسن البيع ، ويقول : اوفوا الكيل والميزان ولا تغشوا ولا تنفخوا في اللحم.

[726] وبآخر ، عنه علیه السلام أنه استعمل عاملا على عكبرا (2) ، ثم قال له : بين يدي أهل عمله استوف الذي عليهم ولا يجدوا فيك ضعفا.

ثم قال له : رح الي عند الظهر! فراح إليه.

قال العامل : فدخلت إليه ، فأصبت بين يديه قدحا وكوزا فيها ماء ، وجرابا مختوما. فنظر الى الخاتم ، وأنعم النظر فيه ، ثم فكه. فقلت في نفسي : فيه مال أو جوهر أراد أن يعرضه عليّ ، فأخرج منه وسيقا فصير في القدح منه ، وصبّ عليها ماء ، وشرب ، وسقاني ، ثم ختم (3) الجراب. فقلت : يا أمير المؤمنين الطعام بالعراق أكثر من أن يختم عليه.

فقال : ما أنا بشيء أحفظ مني لما ترى أني أخاف أن يجعل فيه

ص: 364


1- الدرة : بالكسر التي يضرب بها ( مختار الصحاح : ص 202 ).
2- قال الياقوتي : عكبرا اسم بليدة من نواحي دجيل قرب صريفين بينها وبين بغداد عشرة فراسخ والنسبة إليها عكبري.
3- وفي الاصل : الختم الحراب.

غير ما جعلت ، فأدخل بطني حراما (1).

ثمّ قال لي : إني لم أستطع أن أقول لك بحضرة القوم إلا ما قلت ، فإذا صرت إليهم - ولا قوة إلا باللّه - فخذهم بما آمرك به ، فإن خالفتني فأخذك اللّه به دوني ، وإن بلغني خلاف ما أمرتك عزلتك. إذا قدمت عليهم ، فلا تبيعن (2) لهم كسوة شتاء في شتاء ، ولا كسوة صيف في صيف ، ولا دابة يعملون عليها ، ولا تقيمن منهم أحدا على رجليه ، ولا تضربنه سوطا في درهم ، [ إنما أمرنا ] أن نأخذ منهم العفو (3).

فقلت : يا أمير المؤمنين ، إذا أرجع إليك كما خرجت من عندك؟

قال : وإن رجعت كذلك.

قال العامل : فخرجت في وجهي ذلك ، وقدمت وما بقي عليهم درهم إلا أدوه.

[727] محمّد بن عبد النور المسمعي ، باسناده عن عمر بن الخطاب ، أنه ذكر عليا علیه السلام فقال :

ذلك صهر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله نزل جبرائيل علیه السلام على النبي صلی اللّه علیه و آله ، فقال :

يا محمّد زوج عليا فاطمة صلوات اللّه عليها ، فزوّجه إياها بوحي اللّه عزّ وجلّ.

[728] علي بن هاشم ، باسناده ، عن سلمان الفارسي رحمة اللّه عليه ، أنه

ص: 365


1- وفي تاريخ دمشق 3 / 199 : أن أدخل بطني إلا طيبا.
2- وفي تاريخ دمشق : فلا تبيعن لهم رزقا يأكلونه ولا كسوه ...
3- هكذا صححناه وفي الاصل : فإنا لم أن تأخذ منهم إلا العفو.

قال : كنت مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في جماعة من أصحابه ، فناداني ، فأتيته. فقال : يا سلمان ، اشهد أن علي بن أبي طالب خيرهم وأفضلهم.

[729] وبآخر ، أنه قال : دخلت على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوم قبض ، وهو في غمرات الموت ، فأفاق افاقة.

فقال : علي بن أبي طالب أفضل من أترك بعدي (1).

ص: 366


1- وفي المناقب لابن مردويه : خير من أخلف بعدي.

[ خبر الراهب ]

[730] أبو الزبير ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، لما سار الى معاوية بن أبي سفيان ، وانتهى الى البليخ (1) عن شاطئ الفرات من أرض الجزيرة (2) نزل بأصحابه بقرب دير فيه راهب يقال له : شمعون بن الصفا بن يحيى.

فلما أن رآه نزل إليه ، وسلّم عليه ، وقال : يا أمير المؤمنين ، إن عندنا كتابا ، يقال إنه من كتب (3) حواري عيسى بن مريم فان شئت أتيتك به (4) ، فقرأته.

فقال : قد شئت.

فأتاه بكتاب ، فيه وجدت هذا الحديث مكتوبا عند رحل - واللّه أعلم - ولم أسمعه من أحد :

بسم اللّه الذي قضى فيما قضى وسطر فيها كتب ، إنه يبعث في

ص: 367


1- هكذا صححناه وفي الاصل : البلح. والبليخ : نهر بالجزيرة ، والجمع بلخ بالضم كما في القاموس.
2- ويسمى الآن بالموصل. ( محافظة نينوى ) العراق.
3- هكذا صححناه وفي الاصل : من كنت الحواري.
4- هكذا صححناه وفي الاصل : أنبئك به.

الاميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة ، ويدلهم على طريق الجنة ، وليس بفظ غليظ (1) ، ولاصحاب (2) في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة ، ولكن يعفو ويصفح. أمته الحامدون ، يحمدون اللّه في كل هبوط ، وعلى كل شرف (3) وصعود ، يذلل ألسنتهم بالتهليل والتكبير ينتصر بهم على من ناواه ، فإذا قبضه اللّه إليه اختلفت امته ، ثم اجتمعت ، ثم اختلفت. فيقبل في ذلك الزمان رجل هو أولى الناس في الدين والقرابة ، وأولى الناس بالناس حتى ينزل هذا المكان ووصفه [ أنه ] يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، ويقضي بالحق ، ولا يدلس في الحكم ، ينصح لله في العلانية ، ويخافه في السر ، ولا يخاف في اللّه لومة لائم ، الدنيا أهون عنده من رماد عصفت به الريح ، والموت عليه في جنب اللّه ألذ من شرب الماء البارد على الظماء ، فمن أدرك ذلك الزمان فليؤمن بذلك الرسول ، ويتبع هذا العبد الصالح ، ويقاتل معه ، فان القتل معه شهادة.

ثم قال شمعون : قد سمعت النبي صلی اللّه علیه و آله وآمنت به وصدقته ، وأدركتك ورأيت صفتك وما أنت عليه ، ونزلت إليك ، ولست بالذي أفارقك حتى يصيبني ما أصابك.

فبكى علي علیه السلام وبكى من [ كان ] حوله لبكائه. وقال : الحمد لله الذي لم يجعلني منسيا (4) ، الحمد لله الذي ذكرني في كتب

ص: 368


1- وفي الاصل : ليس بفظ ولا غليظ.
2- وفي نسخة ه- : ولا سحان.
3- وفي نسخة - ه- : هبوط وسير وصعود.
4- وفي المناقب 2 / 256 : الحمد لله الذي لم يخملني ولم يجعلني عنده منسيا.

الأبرار عنده.

قال حبة العرني (1) : فكان ذلك الديراني رفيقي. وكان أمير المؤمنين علیه السلام إذا تغدى غذاه معه ، وإذا تعشى عشاه معه ، حتى إذا كانت ليلة الهرير أصبح الناس يطلبون قتلاهم ، وخرج أمير المؤمنين علیه السلام فوجد شمعون بن يحيى الديراني بين القتلى قتيلا ، فصلّى عليه ، ودفنه ، وترحم عليه.

وقال : هذا منا أهل البيت.

[731] عباد بن يعقوب [ الرواجني ] ، عن الحارث بن الخزرج الأنصاري (2) ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول لعلي علیه السلام : المتقدم بين يديك كافر ( يعني في الامرة التي ادعوها والبدعة التي شرعوها ) (3) وإن أهل السماوات يسمونك أمير المؤمنين.

[732] أبو مخنف ، باسناده ، عن كميل بن زياد (4) ، قال : أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه وخرج بي نحو الجبانة (5) ، فلما أصحر ، تنفس الصعداء.

ثم قال : يا كميل إن هذه القلوب أوعية ، وخيرها أوعاها ، احفظ عني ما أقول لك.

ص: 369


1- هو حبّة بن جوين ( جوير ) العرني ، وكنية حبّة ( أبو قدامة ) ، وقيل ابن جرير العرني ، من أصحاب علي علیه السلام .. من اليمن. ونسب ابن داود إلى الكشي أنه ممدوح من القسم الأول. ( معجم رجال الحديث للسيد الخوئي : ج 4 ص 214 تحت رقم 2546 ).
2- صاحب راية الأنصار مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
3- ما بين القوسين من نسخة - ه- -.
4- كميل بن زياد بن نهيك النخعي ولد 12 ه- من أصحاب أمير المؤمنين وكان شريفا مطاعا في قومه ، شهد صفين مع علي علیه السلام ، سكن الكوفة قتله الطاغية الحجاج بن يوسف الثقفي صبرا.
5- أي المقابر.

الناس ثلاثة ، فعالم رباني ، ومتعلم على سبيل النجاة ، وهمج رعاع ، أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح ، لم يستضيؤوا بنور الهدى ، ولم يلجئوا الى ركن وثيق.

يا كميل بن زياد ، العلم خير من المال ، العلم يحرسك (1) وأنت تحرس المال ، العلم حاكم ، والمال محكوم عليه ، المال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الإنفاق.

يا كميل ، محبة العلم دين يدان به اللّه يكسب الطاعة من طلبه في حياته ، وحسن الاحدوثه بعد وفاته ، منفعة المال تزول بزواله ، ومنفعة العلم باقية ببقاء حامله.

يا كميل ، مات خزان الأموال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم مفقودة ، وأمثالهم في القلوب موجودة.

ثم قال : آه إن هاهنا - وأشار الى صدره - علما جما لو أصبت له حملة ، بل أصبت لقنا غير مأمون يستعمل آلة الدين للدنيا يستظهر بحجج اللّه على أوليائه ، وبنعمه على معاصيه ، أو مأمونا غير لقن منقادا لجملة الحق لا بصيرة له يقدح الشك في قلبه بأول عارض من الشبهة لا ذا ولا ذاك ، ورجلا منهمكا في اللذة سلس القياد للشهوة ، مغرما (2) بالادخار ليسوا من دعاة الدين ، بل هم أقرب شبها بالأنعام السائمة كذلك يموت العلم بموت حملته.

اللّهمّ لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهرا موجودا ، وإما خائفا مغمودا لئلا تبطل حجتك وبيناتك ، [ وان اولئك الاقلون

ص: 370


1- وفي نسخة - ه- : يحرشك.
2- وفي نسخة - ه- : معرضا.

عددا ] (1) الأعظمون قدرا يحفظ اللّه عزّ وجلّ بهم حججه حتى يودعوها نظرائهم ، ويزرعوها في قلوب أشباههم هجم بهم العلم حتى عرفوا حقائق الامور فباشروا روح اليقين ، واستلانوا ما استوعره المترفون ، وآنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، صحبوا الدنيا بأبدانهم ، وأرواحهم معلقة بالملإ الأعلى ، اولئك أولياء اللّه من خلقه ، والدعاة الى دينه ، آه شوقا إليهم.

أستغفر اللّه لي ولك ، انصرف إذا شئت.

[733] الأعمش (2) ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال لجابر بن عبد اللّه : يا جابر ما تقول في شجرة أنا أصلها وعلي فرعها والحسن والحسين ثمارها ، من تعلق بشيء منها اورده الجنة.

ص: 371


1- هكذا صححناه من أمالي المفيد : 155 وفي الاصل : وكم وأين اولئك الأعظمون.
2- وهو أبو محمّد سليمان بن مهران الأسدي الملقب الاعمش ولد 61 ه- أصله من بلاد الري ومنشأه ووفاته في الكوفة 148 ه.

[ الأعمش والمنصور ]

اشارة

[734] سليمان الأعمش قال : وجّه في طلبي أبو الدوانيق (1) في جوف الليل. فقلت في نفسي : واللّه ما وجه في طلبي في هذا الوقت إلا ليسألني عن فضائل علي بن أبي طالب علیه السلام ، فإن أنا صدقته قتلني ، وإن أنا كتمته وكذبته خرجت من ديني. واللّه لئن أموت على الحق خير من أن أعيش على الباطل.

قال : فاغتسلت ولبست ثيابا نقية ، وتحنطت بحنوط الموتى ، ومضيت مع الرسول ، فأدخلني عليه ، فسلّمت. فردّ عليّ ، وأدناني من مجلسه وأمرني بالجلوس ، فجلست ، فوجد رائحة الحنوط.

فقال لي : يا سليمان ما هذه الرائحة؟

قلت : اصدّقك؟

قال : نعم. قلت : لما جاءني رسولك في هذه الساعة ، قلت في نفسي : ما وجّه إليّ إلا ليسألني عن فضائل علي ، فان أنا صدقته قتلني.

ص: 372


1- وهو أبو جعفر ، عبد اللّه بن محمّد بن علي بن العباس المنصور ثاني خلفاء بني العباس ولد في الحميمة من أرض الشراة قرب معان 95 ه- ، وتولى الخلافة بعد أخيه السفاح 136 ه- ، بنى بغداد 145 ه- وجعلها دار ملكه بدلا من الهاشمية ، عرف بالبخل وسفك الدماء ، توفي بمكة ودفن بالحجون 158 ه.

فاغتسلت وتكفنت وتحنطت موطنا على ذلك نفسي.

فقال لي : يا سليمان كم رويت من فضائل علي علیه السلام ؟

قلت : أكثر من ستة وثلاثين ألف فضيلة (1).

فقال لي : يا سليمان لاحدّثنك بفضيلة ما أحسبك رويتها فيما رويته! قلت : حدّثني.

قال : كنت هاربا من بني مروان في أطراف البلاد مختفيا في الخلق أتوسل الى الناس بما رويت من فضائل علي علیه السلام فكنت بحلوان ، فمررت يوما بمسجد من مساجدها ، فدخلت أصلّي وفي نفسي أن أسأل القوم في قوت أتقوت به ، فلما قضى الإمام صلاته ، استدبر القبلة وتوجه إلينا (2) ، وإذا نحن بغلامين قد دخلا من باب المسجد ما رأيت أجمل منهما ، فوثب الإمام من موضعه ، فقبّل ما بين أعينهما.

وقال : مرحبا بكما وبسميكما ، وكان الى جانبي شاب جالس.

فقلت : ما هذا الغلامان من الشيخ؟

فقال : هما ابنا ابنته ، وليس في هذه المدينة أحد يتشيع غيره ، وإنسان آخر.

فقلت : ومن أراد بتسميتها؟

قال : الحسن والحسين.

قال : فأقبلت على الشيخ ، وقلت : هل لك في حديث فيقرّ اللّه به عينك؟

ص: 373


1- وفي مناقب الخوارزمي ص 201 : قلت : عشرة آلاف حديث وما يزداد.
2- وفي مناقب الخوارزمي ص 202 : فلم أر أحدا منهم يتكلم توقيرا لامامهم.

قال : إن أقررت عيني أقررت عينيك.

قلت : حدثني أبي ، عن جدي (1) ، قال : بينا أنا جالس في مجلس النبي ، فإذا نحن بفاطمة صلوات اللّه عليها قد أقبلت ، فقالت : يا رسول اللّه ، إن الحسن والحسين خرجا من عندي وقد بطيا عني ، ولا أدري أين هما.

فقال صلی اللّه علیه و آله : يا فاطمة ، إن اللّه أرأف بهما مني ومنك.

ثم رفع يديه نحو السماء ، فقال : اللّهمّ احفظهما بعينك التي لا تنام حيث كانا ، وأين كانا.

فهبط جبرائيل علیه السلام ، فقال : يا محمّد إن اللّه يقرئ السّلام عليك ، ويقول لك : يا محمّد لا تحزن عليهما ، فإنهما في حفظي ، وهما نائمان في حظيرة بني النجار ، وقد وكلت بهما ملكين يحفظانهما.

فقام رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقمنا معه حتى [ أتى ] الحظيرة. فوجدهما نائمين ، فأكبّ عليهما ، وجعل يقبّل بين عيني كل واحد منهما حتى استيقظا ، فحملهما على عاتقيه ، وجعل يسرع في مشيته ويقول : نعم المطي مطيكما ، ونعم الراكبان أنتما ، وأبوكما خير منكما حتى دخل بهما المسجد.

ثم قال : واللّه لاشرفنكما اليوم كما شرفكما اللّه عزّ وجلّ. ثم أقبل على جماعة أصحابه ، ثم قال :

أيها الناس ألا انبئكم بخير الناس أبا وأما؟

قالوا : بلى يا رسول اللّه.

ص: 374


1- وفي المناقب للخوارزمي : قال : من والدك وجدك؟ قلت : محمّد بن علي بن عبد اللّه بن العباس.

قال : هذان الحسن والحسين أبوهما علي بن أبي طالب ، وأمهما فاطمة الزهراء سيدة النساء العالمين.

ألا انبئكم بخير الناس جدّا وجدة؟

قالوا : بلى يا رسول اللّه.

قال : هذان الحسن والحسين جدهما رسول اللّه ، وجدتهما خديجة أول من آمن باللّه ورسوله (1).

ألا أخبركم بخير الناس عما وعمة؟

قالوا : بلى يا رسول اللّه.

قال صلی اللّه علیه و آله : هذان الحسن والحسين عمهما جعفر ذو الجناحين ، وعمتهما أم هاني بنت أبي طالب ، ما أشركت باللّه طرفة عين.

ألا أخبركم بخير الناس خالا وخالة؟

قالوا : بلى يا رسول اللّه.

قال : هذان الحسن والحسين خالهما قاسم بن رسول اللّه ، وخالتهما زينب [ بنت ] رسول اللّه.

قال صلی اللّه علیه و آله : إن اللّه عزّ وجلّ ليعلم أن أباهما وأمهما وجدهما وجدتهما وخالهما وعمهما وعمتهما في الجنة.

قال : فلما سمع الشيخ مني هذا الحديث ، نظر ، وقال : من أين أنت يا فتى؟

قلت : من أرض الكوفة.

قال : أعربي أم مولى؟

ص: 375


1- وفي بشارة المصطفى ص 115 : وجدتهما خديجة الكبرى بنت خويلد سيدة نساء الجنة.

قلت : عربي.

قال : أنت تحسن مثل هذا الكلام وتكون في مثل هذه الحال. فخلع عليّ خلعة وحملني على بغلة ورفع إليّ نفقة.

ثم قال لي : إن في مدينتا هذه أخا من إخوانك ، فإذا أنت خرجت من هذا الدرب الذي بين يديك ، فستراه جالسا على مسطبة له. فتقدم إليه ، وارو له من فضائل علي علیه السلام شيئا فانه سيغنيك عن جميع الناس.

فركبت البغلة ، فلما خرجت من الدرب الذي وصف لي بصرت بالرجل على ما وصفه لي فقصدت إليه ، ونزلت فسلّمت عليه.

فقال لي : إني لأعرف البغلة وأعرف الخلعة وما كساك وحملك من كساك إلا وأنت تحب أهل بيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

فقلت : أجل! قال : فحدثنا ممّا حدثته به.

فقلت : حدثني أبي عن جدي ، أنه قال : بينا نحن جلوس مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذ دخلت فاطمة علیهاالسلام فقالت - وهي تبكي - : يا رسول اللّه ، إن نساء قريش يقلن لي إن أباك قد زوّجك رجلا فقيرا لا شيء له وقد خطبك أكابر قريش.

فقال لها النبي صلی اللّه علیه و آله : يا فاطمة والذي بعث أباك بالحق واصطفاه بالرسالة ما زوّجتك عليا حتى زوّجتك اللّه إياه من فوق عرشه. اعلمي يا فاطمة إنه لما أراد اللّه عزّ وجلّ تزويجك عليا ، اوحى الى جبرائيل أن ناد في السماوات السبع.

فنادى جبرائيل علیه السلام ، فاجتمع الملائكة الى السماء الرابعة بازاء البيت المعمور. ثم أمر جبرائيل فنصب منبرا من نور عرشه وأمره

ص: 376

أن يخطب ، ويزوجك عليا ، فكان الخاطب جبرائيل علیه السلام ، والولي اللّه ، والشاهد الملائكة.

ثم أوحى جلّ ثناؤه الى رضوان - خازن الجنان - أن زخرف الجنان ، وزين الحور. وأمر اللّه عزّ وجلّ شجرة طوبى أن احملي ، فحملت ، وأمرها أن تنثر على الحور من عجائب ما انتثر عليهم ، فكل حورية خلقت بعد ذلك ، فالتي خلقت قبلها تفتخر عليها بما عندها من نثار ملاكك.

يا فاطمة إن اللّه عزّ وجلّ نظر الى الأرض نظرة فاختار منها عليا فجعله لك بعلا.

يا فاطمة إن عليا وشيعته هم الفائزون.

قال : فلما سمع الرجل هذا الحديث ، قال لي : ممن تكون؟

قلت : رجل من أهل الكوفة.

قال : أعربي أم مولى؟

قلت : عربي.

فدفع لي ألف درهم وعشرين ثوبا (1) ، وقال لي : يا فتى قد وجب حقك وأراك محبا لعلي علیه السلام ومن شيعته ، وأنا أطرفك بشيء تحدث به من فضله فيه عبرة لمن سمعه.

قلت : وما هو؟

قال لي : إذا كان غدا ، فانطلق الغداة الى مسجد بني فلان لترى شيئا ما رأيت ولا سمعت مثله.

فو اللّه ما تمت ليلتي تلك ، ولقد طالت عليّ ، فلما أتيت المسجد ،

ص: 377


1- وفي مناقب الخوارزمي ص 207 : أمر لي بعشرة آلاف درهم وكساني ثلاثين ثوبا.

فوجدت الإمام يقيم الصلاة ، فنظر إليّ رجل ، فكأنه عرفني. فأخذ بيدي وتقدم معي الى الصف الأول ، فزحم بي ، فأدخلني بين رجلين.

فلما صلّينا أخذ بيدي وبيد أحد الرجلين ، ومال بنا الى ركن من أركان المسجد ، وتفرق الناس ، فنظرت الى الرجل الذي صلّيت الى جانبه متلثما ما يبين منه غير عينيه.

فقال له الرجل : هذا الرجل الذي بعث به إليك فلان.

فأقبل إليّ وسلّم عليّ ورحب بي ، وحدثني حتى آنست به ، ثم حسر اللثام عن وجهه. فنظرت الى وجهه وجه خنزير لا أشك فيه أنه كذلك ، فراعني ما رأيت.

فقال لي : يا بني أخبرك بما أرسلت إليّ أن أخبرك به. كنت من أجمل الناس وجها وأحسنهم خلقا ، وكنت أرى رأي الخوارج ، فغلوت في ذلك ، وكنت كلما أذنت لصلاة ، أسبّ عليا علیه السلام وألعنه - ما بين أذاني وإقامتي للصلاة - مائة مرة ، حتى كان بيوم جمعة ، فلعنته خمسمائة مرة ، ثم صلّيت.

فلما قضيت الصلاة انصرفت الى منزلي (1) ، فوضعت جنبي ، فنمت ، فرأيت من منامي روضة خضراء مزخرفة وفيها نفر جلوس لم أر أحسن منهم ، معهم شبابان بأيديهما إبريق وكأس من فضة ، ورجل هو أفضل الجماعة فيما يرى ، وأحسنهم وجها ، وهيئة. يقول للشابين : اسقياني. فسقياه. ثم قال : اسقيا أباكما. فسقيا رجلا الى جانبه. ثم قال : اسقيا عم أبيكما حمزة. فسقيا رجلا (2). ثم قال : اسقيا

ص: 378


1- وفي الاصل : منزلتي.
2- هكذا في نسخة ه- وفي الاصل : اخرف.

عمكما (1) جعفر. فسقياه آخر. فكأني قد لغبت (2) عطشا.

فسألت الرجل أن يأمرهما أن يسقياني. فقال لهما : اسقيا هذا.

فقالا : لا يا رسول اللّه ، إنه يلعن أبانا كل يوم مائة مرة ، وقد لعنه اليوم خمسمائة مرة (3).

فقال : نعم لا تسقياه ، لا سقاه اللّه بل لعنه بكل لعنة ألف لعنة. ثم قال : اللّهمّ شوّه خلقه في الدنيا ، واجعله آية لمن رآه من عبادك.

فانتبهت من نومي ، وقد أنكرت نفسي ، وضربت بيدي الى وجهي ، فإذا هو على ما تراه ، فأنا منذ ذلك الوقت أترحم على علي علیه السلام واصلّي عليه أضعاف ما كنت ألعنه. فلعل اللّه أن يكفّر عني ما سلف.

قال الأعمش : ثم قال لي أبو جعفر ، فهل سمعت بهذا الحديث يا سليمان؟

قلت : لا (4).

ثم جعل يحدثني بفضائل علي علیه السلام ويسألني واحدثه حتى

ص: 379


1- وفي الاصل : اسقيا عمك.
2- أي ضعفت.
3- وفي مناقب الخوارزمي : كل يوم الف مرّة ولعنه اليوم أربعة آلاف مرّة.
4- واضاف في مناقب الخوارزمي : قال : يا سليمان حب علي إيمان وبغضه نفاق لا يحب عليا إلا مؤمن ولا يبغضه إلا كافر. فقلت : يا أمير المؤمنين لي الأمان؟ فقال : لك الأمان. فقلت : ما تقول فيمن يقتل هؤلاء؟ قال : في النار ولا أشك في ذلك. قلت : فما تقول فيمن قتل أولادهم وأولاد أولادهم؟ قال : فنكس رأسه ثم قال : يا سليمان الملك عقيم ، ولكن حدّث عن فضائل ...

أصبح.

[735] علي بن إبراهيم بن الهاشم ، باسناده ، عن سعيد بن جبير ، عن أبي الحمراء - خادم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله -.

قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : رأيت - ليلة اسري بي - على العرش مكتوبا لا إله إلا أنا وحدي ، خلقت جنة عدن بيدي ، محمّد صفوتي من خلقي ، أيدته بعلي.

[736] إسحاق بن أحمد البخاري ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : نظر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى علي علیه السلام ، فقال :

سيد في الدنيا وسيد في الآخرة ، يا علي حبيبك حبيبي ، وحبيبي حبيب اللّه ، وعدوك عدوي ، وعدوي عدو اللّه. [ فطوبى لمن أحبك من بعدي ] (1).

[737] محمّد بن الحسين ، باسناده ، عن أبي علقمة ، قال : صلّى بنا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوما صلاة الفجر ، فلما سلّم ، التفت إلينا.

فقال : ألا أخبركم برؤيا رأيتها البارحة في منامي؟

قلنا : بلى يا رسول اللّه.

قال : رأيت عمي حمزة وابن عمي جعفر رضوان اللّه عليهما وبين أيديهما طبق فيه نبق ، فأكلا منه مليّا ، ثم تحول النبق عنبا ، فأكلا منه مليا ، ثم تحول العنب رطبا ، فأكلا منه مليا. فقلت لهما بأبي وأمي قد صرتما الى الآخرة وعملتما ، فأي الأعمال في الدنيا أفضل؟ فأخبراني أيها وجدتما أفضل؟

فقالا : فديناك بالآباء والامهات وجدنا أفضل الأعمال : الصلاة

ص: 380


1- ما بين المعقوفتين زيادة موجودة في بشارة المصطفى ص 160.

عليك ، وسقي الماء وحب علي بن أبي طالب علیه السلام .

[738] [ وبآخر ] عن عبد اللّه بن أبان ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، قال :

سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :

النظر الى علي بن أبي طالب عبادة.

[739] سفيان الثوري ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : نادى مناد من السماء يوم احد :

لا فتى إلا علي ، ولا سيف إلا ذو الفقار (1).

[740] إسماعيل بن محمّد الكوفي ، باسناده ، عن جابر بن عبد اللّه الانصاري (2) ، أنه قال : لما قدم علي علیه السلام الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بفتح خيبر ، قال :

[ يا علي ] لو لا أن تقول فيك طائفة من امتي ما قالت النصارى في عيسى لقلت اليوم فيك مقالا لا تمرّ بملإ من الناس إلا أخذوا من تراب رجليك ، وفضل طهورك يستشفعون به. ولكن حسبك أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وإنك لتبرئ ذمتي وتقاتل على سنّتي ، وإنك في الآخرة غدا معي أقرب الناس مني ، وإنك على الحوض خليفتي ، وإنك أول من يرد على الحوض لأنّك أول من [ آمن ] بي ، وإنك أول من يكسى معي ، وإنك أول من يدخل الجنة من امتي.

ص: 381


1- قال الطبري في بشارة المصطفى ص 281 باسناده عن محمّد بن إسحاق : قال : وسمع في يوم احد وقد هاجت ريح عاصف كلام هاتف يهتف وهو يقول : لا سيف إلا ذو الفقار *** ولا فتى إلا علي واذا ندبتم هالكا *** فابكوا الوفي أخا الوفي
2- جابر بن عبد اللّه بن عمرو بن حزام الخزرجي السلمي الانصاري توفي 78 ه.

وإن شيعتك على منابر من نور مبيضة وجوههم [ حولي ] ، اشفع لهم حتى يكونوا في الجنة جيراني. وإن حربك حربي وسلمك سلمي ، وإن سريرة صدرك كسريرة صدري ، وإن ولدك ولدي ، وإنك تنجز عداتي ، وإن الحق على لسانك وفي قلبك وبين [ يديك ونصب ] (1) عينيك ، وإن الإيمان يخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي ، وانه لن يرد عليّ الحوض مبغض لك ، ولن يغيب عنه محب لك حتى يرده معك.

قال : فخرّ علي علیه السلام ساجدا ، وقال : الحمد لله الذي أنعم عليّ بالإسلام وعلّمني القرآن ، وحببني الى خير البرية خاتم النبيين وسيد المرسلين إحسانا منه إليّ وفضلا عليّ.

فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لولاك يا علي ما عرف المؤمن من بعدي.

[741] أبو جعفر الاصبهاني ، باسناده ، عن علي علیه السلام : أن رجلا قال له : عظني يا أمير المؤمنين.

فقال له علیه السلام : اترك لما تبقي ما تشتهي أبدا ، كفى بمن عفّ عما يشتهي كرما.

[742] عبد الكريم الهشيم (2) ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، قال : لما أمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يعرض نفسه على قبائل العرب ، إذا حضرت الموسم خرج لذلك ، وأمرني ، فخرجت معه ، وخرج معه أبو بكر ، وكان رجلا نسابة ، فدفعنا إلى قوم ، فوقف أبو بكر عليهم ،

ص: 382


1- ما بين المعقوفتين من مناقب ابن المغازلي ص 238.
2- وفي نسخة - ه- : عبد الكريم بن هشيم.

فسلّم ، فردوا السّلام.

فقال : ممن القوم؟

قالوا : من ربيعة.

قال : من هامتها أو من لهازمها (1)؟

قالوا : من هامتها (2) العظمى.

قال : وأيّ هامتها العظمى أنتم؟

قالوا : ذهل الأكبر.

قال : أمنكم عوف الذي كان يقال : لا حر بوادي عوف؟

قالوا : لا.

قال : أفمنكم بسطام بن قيس (3) ذو اللوى ومنتهى الأحياء؟

قالوا : لا.

قال : أفمنكم حساس بن مرة حامي الذمار (4) ومانع البحار؟

قالوا : لا.

قال : أفمنكم الحوفدان قاتل الملوك وسالبها أنفسها؟

قالوا : لا.

قال : أفمنكم المزدلف (5) صاحب العمامة الفردة؟

ص: 383


1- اللّهازم : لقب بني تيم اللّه بن ثعلبة.
2- الهامة : سيد القوم ورئيسهم.
3- أبو الصهباء شاعر من أشهر فرسان العرب في الجاهلية ، كان سيد شيبان ضرب المثل بفروسيته. وهو بسطام بن قيس بن مسعود الشيباني ، قتله عاصم بن خليفة الضبي يوم الشقيقة 10 قبل الهجرة.
4- الذمار : بالكسر ما يلزمك حفظه وحمايته.
5- وأظنه عمرو بن أبي ربيعة.

قالوا : لا.

قال : أفمنكم أخوال الملوك من كندة؟

قالوا : لا.

قال : أفأنتم أصهار الملوك من لخم؟

قالوا : لا.

قال : أفلستم ذهل الأكبر وأنتم ذهل الأصغر.

فقام إليه غلام من شيبان ، كان بقل وجهه ، يقال له : دغفل.

فقال : إن على سائلنا أن نسأله ، والعباء لا نعرفه أو تحمله. يا هذا إنك قد سألتنا فلم نكتمك ونحن سائلوك فلا تكتمنا. ممن الرجل؟

قال : من قريش.

قال : بخ بخ ، أهل الشرف والرئاسة. فمن أيّ قريش أنت؟

قال : من تيم بن مرة (1).

قال : أمكنت واللّه الزامي من صفا الشغرة (2). أمنكم قصي بن كلاب بن مرة الذي جمع القبائل من فهر ، وكان يدعى مجمعا؟ (3).

قال : لا.

قال : أفمنكم هاشم الذي هشم (4) الثريد وأطعم الحجيج؟

ص: 384


1- وهو تيم بن مرة بن كعب بن لؤي من قريش جد جاهلي من نسله أبو بكر وطلحة.
2- وفي نسخة : الصفرة.
3- وهو قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي سيد قريش وأول من كان له ملك بني كنانة ، مات أبوه وهو طفل فتزوجت أمه برجل من بني عذرة فانتقل بها الى أطراف الشام فشب في حجره وسمي قصيا ، واسمه زيد أو يزيد. هدم الكعبة وجدد بنيانها أسكن قومه مكة ، فلقبوه مجمعا لانه جمعهم من الشعاب والاودية ، اتخذ لنفسه دار الندوة وجعل بابها الى مسجد الكعبة ، مات بمكة ودفن بالحجون.
4- وهو هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة.

قالوا : لا.

قال : أفمنكم شيبة الحمد مطعم طير السماء الذي كان وجهه قمر يضيء ليلة الظلام الداجي؟

قال : لا.

قال : أفمن المفيضين بالناس أنت؟

قال : لا.

قال : أفمن أهل الندوة أنت؟

قال : لا.

قال : أفمن أهل الرفادة؟

قال : لا.

قال : أفمن أهل الحجابة؟

قال : لا.

قال : أفمن أهل السقاية أنت؟

قال : لا. فاجتذب أبو بكر زمام ناقته ، فرجع الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

فقال دغفل : أما واللّه لو وقفت لأخبرتك إنك زمعان قريش (1) أو ما أنا دغفل.

قال علي علیه السلام : فلما سمع ذلك رسول اللّه تبسم. وقلت أنا لأبي بكر : لقد وقعت من الأعرابي على باقعة (2).

قال : أجل يا أبا الحسن لكل طامة موكل والبلاء موكل بالمنطق.

ص: 385


1- الزمع : جمع زمعة وهي الزائدة من وراء الظلف أي مؤخر قريش.
2- باقعة : أي معيبة.

ثم دفعنا الى مجلس آخر عليه السكينة والوقار. فتقدم أبو بكر ، فسلّم ، فردوا علیه السلام . فقال : ممن القوم؟

قالوا له : من شيبان بن ربيعة.

فالتفت أبو بكر الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فقال له : بأبي وأمي أنت ليس بعد هؤلاء عزّ في قومهم. وكان في القوم مفروق بن عمرو (1) ، وهاني بن قبيصة (2) ، والمثنى بن حارثة ، والنعمان بن شريك. وكان مفروق بن عمرو قد أربى عليهم جمالا ولسانا. وكانت له غديرتان (3) تسقطان على تربيته ، وكان أدنى القوم من أبي بكر مجلسا.

فقال له أبو بكر : كم العدد فيكم؟

قال : إنا لنزيد على الف. ولن تغلب الف من قلة.

قال : فكيف المنعة فيكم؟

قال : علينا الجهد ولكل قوم جد.

قال : فكيف الحرب فيما بينكم وبين عدوكم؟

قال : إنا أشد ما يكون حين نغضب ، وأشد ما يكون غضبا حين [ التلقي ] ، وإنا لنؤثر جيادنا على أولادنا ، والسلاح على اللقاح ، والنصر من عند اللّه عزّ وجلّ بديل لنا وبديل علينا ، لعلك أخو قريش.

ص: 386


1- وهو النعمان بن عمرو بن ( الاصم ) بن قيس بن مسعود الشيباني. واسم مفروق اشهر ، من سادات بني شيبان ، فارس شاعر جاهلي. قتله قعنب بن عصمة يوم الاياد ، ودفن بين الكوفة وفيد سميت بعده ثنية مفروق.
2- هاني بن قبيصة بن هاني بن مسعود الشيباني أحد الشجعان الفصحاء ، أسره وديعة اليربوعي يوم الغبطين ( وهو بين تميم وشيبان ظفرت فيه تميم وأسر هاني ).
3- الغديرة واحدة ضفائر الشعر.

قال : إن كان قد بلغكم أمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فهو هذا - وأشار إلى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله -.

قال : قد بلغنا أنه يقول ذلك.

وأقبل على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فقال : ما تدعونا إليه يا أخا قريش؟

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أدعوكم الى شهادة أن لا إله إلا اللّه وأني محمّد رسول اللّه تؤوني وتنصروني ، فإن قريشا قد ظاهرت على أمر اللّه عزّ وجلّ وكذبت رسوله واستغنت بالباطل عن الحق إلا من عصم اللّه عزّ وجلّ منها ووفقه لدينه واللّه غنّي حميد.

قال : والى ما تدعونا أيضا؟

فتلا عليهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ( قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ) الى قوله : ( ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ ) (1).

قال : والى ما تدعونا أيضا؟

فتلا عليهم : ( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) (2).

قال مفروق بن عمرو : دعوت واللّه الى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال. ولقد أفك قوم ظاهروا عليك وكذبوك - وكأنه أحب أن يشركه هاني بن قبيضة في الكلام -. قال : وهذا هاني بن قبيصة وهو شيخنا وصاحب ديننا.

فتكلم هاني بن قبيضة فقال : يا أخا قريش قد سمعنا مقالتك ،

ص: 387


1- الأنعام : 151.
2- النحل : 90.

وإنا لنرى أن ترك ديننا والانتقال الى دينك في مجلس نجلسه ، ولم ننظر فيه - في أمرك ولم نرتئي في عاقبة ما تدعو إليه لزلة في الرأي ، أو عجال في النظر ، والزلة تكون مع العجلة ، وأن من ورائنا قوما يكرهون أن نعقد عليهم عقدا ، ولكن نرجع وترجع وتنظر وننظر - وكأنه أحب أن يشركه في الكلام المثنى بن حارثة -. فقال : وهذا المثنى بن حارثة وهو شيخنا وكبيرنا وصاحب حربنا.

فتكلم المثنى بن حارثة (1) ، فقال : يا أخا قريش قد سمعت مقالتك ، فأما الجواب في تركنا ديننا واتباعنا إياك على دينك فهو جواب هاني ، وأما الجواب في أن نؤويك وننصرك ، فإنا نزلنا بين صيرين : اليمامة (2) والسماوة (3).

[ ضبط الغريب ]

قوله : بين صيرين. الصير - في كلام العرب - : الشق. وفي الحديث : من نظر في صير باب - أي في شق باب - ففقئت عينه فهي هدر.

والصير أيضا في كلامهم ، صير البقر : وهو موضع محدود كالحظيرة من أغصان الشجر والحجارة ونحوها ، فإذا كان ذلك للغنم ، قيل زريبة. وصير كل شيء مصيره.

فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما هذان الصيران؟

قال : مياه العرب وأنهار كسرى ، فأما ما كان يلي مياه العرب فذنب صاحبه مغفور ، وعذره مقبول. وأما ما كان يلي أنهار كسرى

ص: 388


1- وهو المثنى بن حارثة بن سلمة الشيباني ، توفي 14 ه.
2- بلاد وسط الجزيرة العربية من مقاطعات نجد.
3- بلدة في وسط العراق محافظة المثنى.

فذنب صاحبه غير مغفور ، وعذره غير مقبول. وإنما نزلنا هنالك على عهد أخذه علينا كسرى ألاّ نحدث حدثا ولا نؤوي محدثا ، ولسنا نأمن من أن يكون هذا الأمر الذي تدعو إليه مما تكره الملوك ، فان أحببت أن نؤويك وننصرك ممّا يلي مياه العرب آويناك ونصرناك.

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما أسأتم في الردّ إذا فصحتم بالصدق ، وليس يقوم بدين اللّه عزّ وجلّ إلا من حاطه من جميع جوانبه ، أريتم إن لم تلبثوا إلا يسيرا حتى يمنحكم اللّه عزّ وجلّ أموالهم ويورثكم ديارهم ، ويفرشكم نساءهم ، أتسبّحون اللّه تعالى وتقدّسونه؟

فقال النعمان بن شريك : اللّهمّ لك ذلك.

فتلا عليهم : ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً ) (1).

ووثب صلی اللّه علیه و آله فأخذ بيدي ، وقال لي : يا علي ، أيّ أحلام في الجاهلية يرد اللّه عزّ وجلّ بها بأس بعضهم عن بعض ويتحاجزون بها في هذه الدنيا.

وكان من اولئك من أسلم ووفد على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ونال بما وعدهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من مملكة كسرى.

ونصر عليا علیه السلام في حروبه.

وفي هذا الحديث من فضل علي علیه السلام :

[ 1 - ] استصحاب رسول اللّه إياه على حداثة سنّه يومئذ يعرضه مع نفسه على العرب.

[ 2 - ] وإقباله عليه يخبره عن أحوالهم.

ص: 389


1- الاحزاب : 46.

[ 3 - ] واعتماده عليه بحضرتهم ليريهم اختصاصه إياه.

[ 4 - ] ومكانه منه على حداثة سنّه ، وقرب عهده.

وقد انتفع بذلك من لحقه منهم ونصره ، وكان مع حفظه للحديث وتركه لاعتراض ما اعترض غيره فيه ، وتقدمه بين يدي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، واللّه جلّ من قائل يقول : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (1).

ص: 390


1- الحجرات : 1.

[ ضرار ومعاوية ]

اشارة

[743] إسماعيل بن عبد اللّه ، عن محمّد بن يحيى ، باسناده ، عن محمّد بن غسان الكندي ، قال : قال معاوية بن أبي سفيان لضرار النهشلي (1) : يا ضرار ، صف لي علي بن أبي طالب؟

قال : أولا تعفيني عن ذلك؟

قال : أقسمت عليك لتفعلن.

قال [ ضرار ] : أما إذا أبيت ، فنعم.

كان واللّه شديد القوى ، بعيد المدى (2) ، يتفجر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة على لسانه ، يستوحش من الدنيا وزهدتها ، ويأنس بالليل ووحشته ، كان واللّه غزير الدمعة طويل الفكرة يقلّب كفيه ويخاطب نفسه (3).

كان واللّه فينا كأحدنا يجيبنا إذا دعوناه ويقربنا إذا أتيناه ، ونحن مع قربه لا نبتديه لعظمته ، ولا نكلمه لهيبته. فإن ابتسم فعن مثل

ص: 391


1- وهو ضرار بن ضمرة أعيان الشيعة 7 / 404.
2- وفي الحلية 1 / 84 : يقول فصلا ويحكم عدلا.
3- واضاف في الرياض النضرة 2 / 212 : يخاطب نفسه ، يعجبه من اللباس ما قصر ومن الطعام ما جشب كان واللّه ...

اللؤلؤ المنظوم ، يقدّم أهل الدين ويفضل المساكين ، لا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله.

وأقسم باللّه لقد رأيته في بعض أحواله ، وقد أرخى الليل سدوله ، وغارب نجومه ، وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته يتملل تململ السليم ، ويبكى بكاء الواله الحزين ، ويقول في بكائه :

يا دنيا أبي تعرضت أم إليّ تشوقت ، هيهات هيهات لا حان حينك قد بتتك ثلاثا لا رجعة فيك ، عيشتك حقير ، وعمرك قصير ، وخطرك يسير ، آه آه من بعد السفر ، وقلة الزاد ، ووحشة الطريق.

قال : فانهملت دموع معاوية على خده حتى كفكفها بكمه. واختنق القوم جميعا - ممن حضر - بالبكاء.

فقال معاوية : رحم اللّه أبا الحسن فلقد كان كذلك ، فكيف كان جزعك عليه ، باضرار؟

قال : جزع من ذبح ولدها (1) في حجرها فما تسكن حرارتها ولا ترقأ دمعتها.

قال معاوية : لكن أصحابي لو يسألوا عني بعد موتي ما أخبروا عني من هذا بشيء.

[ ابن عباس ومناقب علي ]

[744] اسماعيل ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه بينما يطوف البيت الحرام ، إذ هو بشاب قد شال يديه حتى تبين بياض ابطيه ، وهو يقول : اللّهمّ اني أبرأ إليك من علي بن أبي طالب ، وما أحدث في

ص: 392


1- وفي ذخائر العقبى ص 100 : من ذبح واحدها.

الاسلام.

فقال ابن عباس لبعض من حوله : لا يفتك الرجل.

فقبض عليه وأتي به إليه. فقال له عبد اللّه بن عباس : ممن الرجل؟

قال : من أهل الشام.

قال : ما اسمك؟

قال : ربيعة بن خارجة الخارجي.

قال : وأيّ شيء أحدث علي بن أبي طالب علیه السلام في الاسلام ، يا ربيعة؟

قال : قتله الموحدين يوم صفين ، ويوم النهروان ، ويوم الجمل ، ويوم النخيلة.

قال له : ويحك إنما قتل علي من خالف الملة ، وطعن في الاسلام ، وأمره بقتالهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فهل أنت راد على اللّه ورسوله؟

ويحك يا ربيعة إن لعلي علیه السلام أربع سوابق لو قسمت الواحدة منها على جميع الخلق لو سعتهم (1).

ص: 393


1- كما قال علیه السلام في قصيدته : محمّد النبي أخي وصنوي *** وحمزة سيّد الشهداء عمي وجعفر الذي يضحي ويمسي *** يطير مع الملائكة ابن أمي وبنت محمّد سكني وعرسي *** منوط لحمها بدمي ولحمي وسبطا أحمد ولداي منها *** فأيكم له سهم كسهمي سبقتكم الى الاسلام طرا *** على ما كان من فهمي وعلمي فأوجب لي ولايته عليكم *** رسول اللّه يوم غدير خم فويل ثم ويل ثم ويل *** لمن يلقى الإله غدا بظلمي

قال : وما هن يا ابن عباس؟

قال : إنه أول من آمن باللّه ورسوله صلی اللّه علیه و آله ، وصلّى مع النبي القبلتين ، وهاجر الهجرتين ، وبايع البيعتين [ والثانية ] (1) : لم يعبد قط صنما ، ولا شرب خمرا.

إن اللّه أوحى الى نبيه صلی اللّه علیه و آله أن زوّج عليا علیه السلام وفاطمة علیهاالسلام ، فاني قد زوّجتها منه ، فإن اللّه أمر شجرة في الجنة يقال لها : طوبى أن احملي ، فحملت ، ثم قال لها : اثمري ، فأثمرت ، ثم قال لها : انثري ، فنثرت درا كأمثال القلال (2) ، فالتقطه حور العين فهنّ في الجنة يتفاخرن به الى يوم القيامة ، يقلن : هذا نثار فاطمة بنت محمّد علیهاالسلام .

وكان يسمع وقع جناح جبرائيل علیه السلام على سطحه إذا هبط بالوحي على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

وكان صنم خزاعة مرفوعا فوق الكعبة. فقال النبي صلی اللّه علیه و آله :

انطلق بنا نلقي هذا الصنم عن البيت. فانطلقا ليلا. فقال له : يا أبا الحسن ارق على ظهري - وكان طول الكعبة أربعين ذراعا - فقال له : يا رسول اللّه بل ترق على ظهري فأنا أولى بذلك وأحق بحملك.

قال : يا علي إنك لن تقدر على ذلك ، ولو اجتمعت الامة على أن تحمل مني عضوا ما قدرت للإيمان الذي هو في قلبي.

وحمله رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فلما استوى عليه قال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : انتهيت يا علي؟

ص: 394


1- هكذا في بحار الأنوار 40 / 60 الحديث 94.
2- أي اللؤلؤ.

قال : والذي بعثك بالحق لو هممت أن أمسّ السماء بيدي لمسستها.

واحتمل الصنم فجلد به الأرض ، فتقطع قطعا ، ثم تعلق علي علیه السلام بالميزاب ، وتنحى عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إكراما وإجلالا له. ثم تخلى بنفسه الى الأرض ، فلما سقط ضحك.

فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما يضحكك يا علي؟ أضحك اللّه سنك.

قال : ضحكت يا رسول اللّه تعجبا من أني رميت بنفسي من فوق البيت الى الأرض وما ألمت ، وما أصابني وجع.

فقال له النبي صلی اللّه علیه و آله : وكيف تألم يا أبا الحسن ، أو يصيبك وجع إنما رفعك محمّد ، وأنزلك جبرائيل.

ص: 395

[ الرسول وفضائل علي ]

[745] الحسن بن محبوب (1) ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي طوبى لمن أحبك وصدق عليك ، وويل لمن أبغضك وكذب عليك.

يا علي أنت العالم لهذه الامة من أحبك فاز ، ومن أبغضك هلك.

يا علي أنا المدينة وأنت الباب وهل تؤتى المدينة إلا من بابها.

يا علي أهل مودتك كل أوّاب حفيظ ، وكل ذي طمر (2) لو أقسم على اللّه لبرّ قسمه. رضيت بالضعفاء أتباعا ورضوا بك إماما ، إخوانك كل طاو (3) وزاك ومجتهد يحب فيك ويبغض فيك ، ويحقر عند الخلق (4) عظيم المنزلة عند اللّه.

يا علي محبوك جيران اللّه في دار [ الفردوس ] (5) لا يأسفون على ما خلفوا في الدنيا.

ص: 396


1- أبو علي الحسن بن محبوب بن وهب بن جعفر بن وهب السراد البجلي ، توفي 224 عن عمر يناهز 75 عاما.
2- أي الذي لا يملك شيئا. ولا يخفى أن في الاصل : طمرين وقد صححناه.
3- الطاوي : الكاتم للحديث. والجائع.
4- وفي بحار الانوار 39 / 306 : محتقر عند الخلق.
5- وفي الاصل : القدس.

[ يا علي أنا ولي لمن واليت وأنا عدو لمن عاديت ] (1).

يا علي من أحبك أحبني ومن أبغضك أبغضني.

يا علي إخوانك يفرحون في ثلاث مواطن :

عند خروج أنفسهم وأنا وأنت شاهدهم.

وعند المساءلة في قبورهم.

وعند العرض على الصراط إذا سئل الخلق عن إيمانهم [ فلم يجيبوا ].

يا علي حربك حربي ، وسلمك سلمي ، من حاربك حاربني ، ومن سالمك سالمني ، ومن سالمني سالم اللّه.

يا علي بشر إخوانك ، إن اللّه قد رضي عنهم ، إذ أرضاك لهم قائدا ، ورضوا بك وليا.

يا علي أنت أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجلين.

يا علي شيعتك المنتجبون ولو لا أنت وشيعتك ما قام لله دين ، ولو لا من في الأرض منكم لما انزلت السماء قطرها.

يا علي أنت وشيعتك القائمون بالقسط ، وخيرة اللّه من خلقه.

يا علي أنت وشيعتك في ظل العرش تتحدثون الى أن يفرغ اللّه من الحساب.

يا علي أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم ، وأنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظل العرش ، يفزع الناس ولا تفزعون. ويحزن الناس ولا تحزنون.

يا علي أنت وشيعتك في [ الموقف ] (2) تطلبون ، وأنتم في الجنان

ص: 397


1- ما بين المعقوفتين من بحار الأنوار.
2- هكذا صححناه نقلا عن بحار الانوار وفي الاصل : في النار تطلبون.

تتنعمون ، وفيكم نزلت : ( وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ ) (1).

يا علي إن الملائكة وخزان الجنة يشتاقون إليكم ، وإن حملة العرش ليحبونكم ، ويسألون اللّه عزّ وجلّ المغفرة والجنة لكم ، ويفرحون بمن قدم عليهم منكم كما يفرح أهل الغائب بقدوم غائبهم بعد طول الغيبة.

يا علي شيعتك يخافون اللّه في السر ، ويتقونه في العلانية.

يا علي شيعتك يتنافسون في الدرجات لأنهم يلقون اللّه عزّ وجلّ وما عليهم من ذنب.

يا علي إن أعمال شيعتك تعرض عليّ في كل [ يوم جمعة ] فافرح بصالح ما عملوه ، واستغفر لسيئاتهم.

يا علي ذكرك في التوراة ، وذكر شيعتك قبل أن يخلقوا بخير ، وكذلك ذكركم في الانجيل ، وأعطاك اللّه من علم الكتاب ، وإن أهل الإنجيل ليعظمون عليا وشيعته وما يعرفونهم وأنت وشيعتك مذكورون في كتبهم.

يا علي أعلم أصحابك أن ذكرهم في السماء أفضل وأعظم من ذكرهم في الأرض ليفرحوا ويزدادوا اجتهادا. وأن أرواح شيعتك لتصعد الى السماء في رقادهم وعند وفاتهم ، فتنظر الملائكة إليها كما تنظر الناس الى الهلال شوقا إليهم ولما يرون من منزلتهم عند اللّه.

يا علي قل لأصحابك العارفين بك يتناهون عن الأعمال السيئة ، فانه ما من يوم وليلة إلا ورحمة اللّه تغشاهم ، فليتجانبوا الدنس.

ص: 398


1- ص : 62 و 63.

يا علي اشتد غضب اللّه على من قلاك وقلاهم (1) وبراء منك ومنهم ، واستبدل بك وبهم ، ومال الى غيرك وتركك وشيعتك ، واختار الضلال ونصب الحرب لك ولشيعتك ، وأبغضنا أهل البيت ، وأبغض من تولانا ، وعظمت رحمة اللّه لمن أحبك ونصرك واختارك وبذل مهجته وماله فينا.

يا علي اقرأهم مني السّلام من لم أر منهم ومن لم يرني ومن رأيته ورآني ، وأعلمهم أنهم اخواني الذين أشتاق إليهم ، ومرهم أن يجتهدوا في العمل فإنا لا نخرجهم من هدى الى ضلالة ، وأخبرهم أن اللّه عنهم راض ، وأنه يباهي بهم ملائكته وينظر إليهم في كل جمعة برحمته ويأمر الملائكة أن يستغفروا لهم.

يا علي لا ترغب عن قوم بلغهم أني احبك ، فأحبوك لحبي إياك ، وأدانوا اللّه عزّ وجلّ بمودتك ، وأعطوك صفو المودة ، واختاروك على الآباء والامهات والأبناء والأخوات وسلكوا طريقك وصبروا على ما حملوا من المكاره فينا ، وأتوا الى نصرنا ، وبذل المهج فينا مع الأذى وسوء القول ما يستقبلون من مضاضة ذلك (2) ، فكن بهم رحيما واقنع بهم فإن اللّه اختارهم بعلمه لنا من بين الخلق ، وجعلهم من طينتنا ، واستودعهم سرنا ، وألزم قلوبهم معرفة حقنا ، وجعلهم متمسكين بحبلنا لا يؤثرون علينا من خالفنا مع ما زووا من الدنيا عنهم وميلهم بالمكروه عليهم والتلف ، قد أيدهم اللّه بالتقوى ، وسلك بهم طريق الهدى.

فأعداؤك يا علي في غمرة الضلال متحيرون عموا عن المحجة [ وما جاء

ص: 399


1- أي : أبغضهم.
2- وفي بحار الأنوار : ما يقاسونه من مضاضة ذلك.

من عند اللّه ، وهم ] يصبحون ويمسون في سخطه. وشيعتك على منهاج الحق والاستقامة يصبحون ويمسون في رضاء اللّه عزّ وجلّ ، لا يستوحشون لكثرة من خالفهم [ ليسوا من الدنيا ، ولا الدنيا منهم ] (1) ، اولئك مصابيح الدجى - يقولها ثلاثا -.

ص: 400


1- هكذا صححناه من بحار الانوار وفي الاصل : ليس من الريا ولا الريا منهم.

[ حديث الدينار ]

[746] يحيى ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري قال : أصبح علي علیه السلام ذات يوم ، فقال لفاطمة علیهاالسلام : يا فاطمة هل عندك شيء [ تغذينيه ] (1).

قالت : والذي أكرم أبي بالنبوة ما أصبح اليوم عندي شيء اغذيكه ، وما كان عندي شيء منذ يومين إلا ما كنت اوثرك به على نفسي وعلى هذين - تعني الحسن والحسين علیهماالسلام -.

قال : فهلا كنت ذكرت ذلك لي ، فأبغركم شيئا؟

قالت : إني لأستحي من اللّه أن اكلّفك ما لا تقدر عليه ، ولا تجده.

فخرج علي علیه السلام من عندها ، واثقا باللّه ، حسن الظن به ، فأتى بعض الصحابة ، فاستقرض دينارا ، وأقرضه إياه. فمضى ليبتاع به لعياله ما يصلحهم ، فلقي المقداد بن الأسود (2) في يوم شديد الحر ، وقد لوحته الشمس من فوقه وأذته من تحته ، فلما رآه علي علیه السلام أنكر

ص: 401


1- هكذا صححناه من ذخائر العقبى ص 44 وفي الاصل : شيء الغذاء.
2- أبو معيد المقداد بن عمرو ويعرف بابن الاسود الكندي البهراني الحضرمي الصحابي الجليل سكن المدينة وتوفي على مقربة منها فحمل إليها ودفن فيها 33 ه.

حاله ، فقال : يا مقداد ما أزعجك هذه الساعة عن أهلك؟

فقال : يا أبا الحسن خلّ عن سبيلي ، ولا تسألني عما ورائي.

قال : يا أخي إنه لا ينبغي أن تجاوزني حتى أعلم علمك.

قال : يا أبا الحسن ، رغبة الى اللّه عزّ وجلّ وإليك أن تخلّي سبيلي ، ولا تكشفني عن حالي.

قال له : يا أخي لا يسعك أن تكتمني حالك.

قال : يا أبا الحسن ، أما إذا أبيت فو الذي أكرم محمّدا بالنبوة وأكرمك بالوصية ، ما أزعجني عن أهلي إلا الجهد ، وقد تركت عيالي يتضارعون جوعا. فلما سمعت ذلك منهم وبكاء العيال لم تحملني الأرض فخرجت مهموما راكبا رأسي ، فهذه قضيتي وحالي.

فهملت عينا علي علیه السلام بالبكاء حتى بلّت دموعه لحيته ، وقال له : أحلف بالذي حلفت به ما أزعجني وأخرجني عن أهلي غير الذي أخرجك وأزعجك عن أهلك ، ولكن قد استقرضت دينارا ، فهاكه قد آثرتك به على نفسي.

فدفع الدينار إليه ، وأتى المسجد ، فصلّى فيه الظهر والعصر والمغرب ، فلما قضى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الصلاة مرّ بعلي علیه السلام وهو يصلّي ، فغمزه [ برجله ] ، فأوجز في صلاته ، ثم لحق رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عند باب المسجد. فقال : يا أبا الحسن هل عندك شيء نتعشاه فنميل (1).

فأطرق علي علیه السلام ساعة لا يحير جوابا حياء من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وكان جبرائيل علیه السلام قد هبط على النبيّ

ص: 402


1- وفي كفاية الطالب ص 268 : هل عندك شيء تعشينا فأنفتل الى الرحل.

صلی اللّه علیه و آله ، فقال : يا محمّد إن اللّه عزّ وجلّ يأمرك ان تتعشى هذه الليلة عند علي علیه السلام ، فلما نظر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى سكوت علي علیه السلام قال : يا أبا الحسن ، مالك لا تقول شيئا ، أتقول : نعم ، فأمضي معك ، أم أنصرف؟

فقال - حياء من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - : نعم ، فامض بنا يا رسول اللّه.

فانطلقا ، فدخلا على فاطمة علیهاالسلام وهي في مصلاّها قد قضت صلاتها ، وخلفها في البيت جفنة تفور دخانها ، فلما أن أحست بالنبي وعلي علیهماالسلام قامت مبادرة الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وكانت من أحب الناس إليه ، فسلّمت عليه ، فردّ علیهاالسلام ، فمسح بيده على رأسها ، وقال : يا بنية كيف أمسيت رحمك اللّه [ عشّينا غفر اللّه لك ] (1) ، وجلس رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلي علیه السلام وجلست فاطمة والحسن والحسين علیهم السلام بحسب ما كانوا يجلسون على الطعام ، وعلي علیه السلام [ يظن ] أن الطعام شيء عملته فاطمة علیهاالسلام ، وهي تظن أنه جاء به مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حسب ما كان يفعل ذلك كثيرا ، وكشفت عن الجفنة ، فإذا ثريد يفور وعراق كثير ، فجعلوا يأكلون ، وعلي علیه السلام ينظر الى فاطمة علیه السلام نظرا شحيحا (2).

فقالت علیهاالسلام : يا أبا الحسن ، مالي أرى أكلك ضعيفا

ص: 403


1- ما بين المعقوفتين من كفاية الطالب.
2- النظر بغضب.

وعهدي بك منذ أول النهار سألت الغذاء ، ثم لم أرك ، وأراك مع ذلك تنظر الي نظرا شحيحا ، كأن في نفسك عليّ شيء.

قال علي علیه السلام : كيف لا يكون ذلك وقد كدت أرد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقد سألني العشاء عندي ، وأنا لا أعلم عندك شيء على قولك ، فمن أين هذا الطعام؟

قالت : والذي بعثه بالحق نبيا - وأشارت الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - ما عندي منه علم ، ولا ظننت إلا أنه شيء جئت به من عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

فأمسكت عن الطعام ، وأمسك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

وتغشى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الوحي ، فغمز بين كتفي علي علیه السلام ، ثم قال : كل يا علي ، كلي يا فاطمة ، ووضع يده فأكل.

وقال : هذا من عند اللّه ، يا علي هذا عوض دينارك ، هذا عوض إيثارك على نفسك ، هذه كرامة من عند اللّه عزّ وجلّ لنا أهل البيت.

فأنزل اللّه عزّ وجلّ فيه : ( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (1). واستعبر رسول اللّه ، وقال : الحمد لله الذي أنالكما كما أنال زكريا ومريم بنت عمران ، إذ كان ( كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ) (2).

ص: 404


1- الحشر : 9.
2- آل عمران : 37.

[747] أحمد بن شعيب [ النسائي ] ، باسناده ، عن [ هلال ، عن عوار ] (1) ، قال : قلت لعبد اللّه بن عمر : أخبرني عن علي علیه السلام وعثمان ، ومنزلة كل واحد منهما.

قال : أما علي علیه السلام فهذا منزله وهذا منزل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ولا اخبرك بأكثر من هذا. وأما عثمان فإنه أذنب ذنبا عظيما ، كان ممن تولّى يوم التقى الجمعان ، وذلك يوم أحد ، فغفر اللّه له ذلك فيمن غفر ، وأذنب فيكم [ ذنبا صغيرا ] فقتلتموه.

[748] وبآخر ، عن علي علیه السلام أنه قال : قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي يهلك فيك محبّ مفرط ، ومبغض مفرط ، ومثلك مثل المسيح غلت فيه النصارى ، فزعموا أنه ابن اللّه. وغلت فيه اليهود فزعموا أنه لغير رشده ، [ واقتصد قوم فنجوا ] (2).

[749] يحيى بن مساور ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه قال - يوما وعنده جماعة من أصحابه - : نقيّ القلب ؛ نقيّ النفس ؛ يقول صوابا ، ويمشي سدادا ، تزول الجبال ولا يزول ، هو مني وأنا منه.

قالوا : يا رسول اللّه ، من هو هذا؟

قال : علي بن أبي طالب ، نور اللّه بين عينيه.

[750] وبآخر ، عن أبي موسى الأشعري ، أنه قال لعمرو بن العاص - لما أن تفاوض في الحكومة - :

ويحك يا عمرو ، ما يدعوك الى أن تجعل الخلافة في غير علي بن أبي

ص: 405


1- ما بين المعقوفتين من خصائص النسائي ص 106 وفي الاصل : عن علاء بن عمران.
2- ما بين المعقوفتين من بحار الانوار 35 / 319.

طالب علیه السلام ؟ أما سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح (1) من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق؟ أما تذكر يوم كنا بباب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فخرج إلينا ، فقال :

إن إبراهيم خليل اللّه ، وموسى كليم اللّه ، وعيسى روح اللّه ، وأنا حبيب اللّه ، وعلي بن أبي طالب وديعتي عند اللّه؟

أو ما تذكر إذ كنا في سفر مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذ أقبل يسير على رجليه ، فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله :

والذي نفسي بيده لئن شئتم لأرينكم أيّ الناس شبها ومنطقا بابراهيم خليل الرحمن علیه السلام .

قالوا : ومن هو يا رسول اللّه؟

قال : هذا المقبل علي بن أبي طالب ، نور اللّه بين عينه.

فرفعوا أبصارهم فإذا وجه علي علیه السلام يضيء مثل الشمس.

[751] سعيد بن نوح العجلي ، باسناده ، عن أنس بن مالك. قال : كنت خادم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فسمعته يقول :

ليدخلن عليّ اليوم البيت رجل هو خير الأوصياء ، وسيد الشهداء ، وأقرب الناس يوم القيامة [ إليّ ] مجلسا (2).

ص: 406


1- لقد عثرت لجنة التنقيب عن الآثار السوفيتية في منطقة وادي قاف على قطع من هذه السفينة وعلى قطعة خشبية مكتوب عليها باللغة السامانية كلمات ترجمها العالم البريطاني ايف ماكس ( استاذ الألسن القديمة في جامعة مانجستر ) الى الانكليزية ، وإليك ترجمتها بالعربية : يا الهي ويا معيني برحمتك وكرمك ساعدني ولأجل هذه النفوس المقدسة محمّد وإيليا شبر شبير فاطمة الذين هم جميعهم عظماء ومكرمون ، العالم قائم لاجلهم ، ساعدني لأجل أسمائهم. ولا يخفى أن هذه اللوحة موجودة في متحف الآثار القديمة في موسكو. وأن إيليا وشبر وشبير يعني بالعربية علي والحسن والحسين.
2- وفي أمالي الصدوق ص 175 : وأدنى الناس منزلة من الأنبياء.

قال أنس بن مالك ، فقلت : اللّهمّ اجعله رجلا من الأنصار ، فدخل علي علیه السلام في ذلك اليوم.

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ومالي لا أقول هذا فيك ، وأنت تبرأ ذمتي وتحفظ وصيتي.

[752] حسن بن حريث بن عمارة (1) ، باسناده ، عن جابر بن عبد اللّه ، أنه سئل عن علي علیه السلام ، قال : ذلك خير البشر من شك فقد كفر.

ص: 407


1- هكذا في نسخة ه- وفي الاصل : حسن بن حر بن أبو عمار. والمفروض أن يكون : بن أبي عمار فلاحظ.

[ عليّ مع الملائكة ]

اشارة

قول الملائكة في علي علیه السلام وعونهم إياه وما جاء عنهم فيه

[753] سعد بن طريف ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام ، أنه قال : زارت الملائكة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فجاء عمر يريد أن يدخل إليه ، وعلي علیه السلام بالباب (1).

فقال له عمر : أتأذن لي؟

فقال له : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على حاجة.

وعلي علیه السلام يمسح العرق عن وجهه ويحسب بيده ، فانصرف عمر ، ثم عاد ، فقال له : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على حاجة ، ثم جاء الثالثة ، فقال : يا عمر إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله زاره اليوم ثلاثمائة وستون ملكا ، فهو معهم مشغول عنك وعن غيرك.

فانصرف عمر ، فلما أن صلّى الظهر أتى إلى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فقال : يا رسول اللّه أتيت اليوم إليك مرارا فردّني علي وزعم أنه زارك اليوم ثلاثمائة وستون ملكا.

فدعا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عليا علیه السلام ، فقال له :

ص: 408


1- وفي بحار الانوار 39 / 112 : أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله دعا عليا فقال : يا علي ، احفظ عليّ الباب فلا يدخلن أحد اليوم فإن ملائكة من ملائكة اللّه استأذنوا ربهم أن يتحدثوا لي اليوم إلى الليل ، فاقعد ، فقعد علي علیه السلام على الباب.

يا علي ، ما أعلمك أنه زارني اليوم ثلاثمائة وستون ملكا.

قال : يا رسول اللّه ، أحصيت سلامهم عليك.

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : والذي نفسي بيده ، ما زدت ولا نقصت قلامة ظفر ولقد أحصيت عددهم.

[754] محمّد بن عيسى النخعي ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام ، أنه قال : لما أن أمر اللّه عزّ وجلّ نبيه صلی اللّه علیه و آله بالهجرة ، وأعلمه بما عقد (1) المشركون من أن يثبوه ليقتلوه ، وأمر عليا علیه السلام بأن يضطجع مضجعه ، ففعل ، فأوحى اللّه عزّ وجلّ إلى جبرائيل وميكائيل علیهماالسلام :

إني قد آخيت بينكما وإني قابض روح أحدكما ، فاختارا ، أيكما أقبض روحه؟

فكلاهما أحبّ الحياة وكره الموت.

فأوحى اللّه عزّ وجلّ إليهما : ما أنتما في مواساتكما كمواساة علي لمحمّد. فانطلقا ، فاحفظاه من كل سوء من عدوي وعدوه حتى يصبح.

فهبطا ، فقعد أحدهما عند رأسه ، والآخر عند رجليه ، وهما يقولان : بخ بخ لك يا علي المحبوب المواسي بنفسه.

[755] أبو عثمان (2) قاضي الموصل ، باسناده ، عن أبي أيوب الأنصاري (3) أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : لقد صلّيت وعلي بن أبي طالب سبع سنين وذلك أنه لم يؤمن ذكر من قبله ، وذلك قول اللّه عزّ وجلّ ( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ

ص: 409


1- هكذا في نسخة ه- وفي الاصل : بما عقل.
2- وفي نسخة الاصل : أبو غسان.
3- وهو خالد بن زيد بن كعب بن ثعلبة من بني النجار ، توفي 51 ه.

يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ ) (1) لمن في الأرض وكان ذلك لي ولعلي وخديجة بنت خويلد ، ثم لمن آمن من بعد.

[ حديث الناقة ]

[756] محمّد بن مالك ، باسناده ، عن جابر بن عبد اللّه ، أنه قال : خرج علي علیه السلام ومعه إزار ، فباعه بستة دراهم في سوق المدينة ، وأقبل ليبتاع بها طعاما لعيال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فلقيه سائل.

فقال يا أبا الحسن عادتك الجميلة ، فدفع إليه الستة الدراهم ، وأقبل بلا شيء ، فلما أن صار في بعض الطريق لقي أعرابيا ومعه ناقة.

فقال له الأعرابي : هل تشتري مني هذه الناقة؟

قال له : ليس معي ثمنها.

قال : أنا أصبر عليك.

قال [ أمير المؤمنين ] : بكم هي؟

قال [ الأعرابي ] : بمائة درهم.

قال [ أمير المؤمنين ] : أخذتها.

قال : فدفعها إليه ، فأخذها علي علیه السلام منه ، ثم وقف عليهما أعرابي آخر.

فقال لعلي علیه السلام : أتبيع الناقة؟

قال : نعم.

قال [ الأعرابي ] بكم هي؟

قال : أخذتها من هذا بمائة درهم بنظرة فاعط ما شئت؟

ص: 410


1- غافر : 7.

قال : اعطيك مائة وستين درهما نقدا.

قال [ أمير المؤمنين ] : هي لك.

فوزن الدراهم ، فاستوفى البائع المائة ، وأتى علیه السلام بستين درهما فوضعها بين يدي النبي صلی اللّه علیه و آله . فضحك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقال :

نعم البائع ، ونعم المشتري. يا علي ، أما البائع منك فجبرائيل ، وأما المشتري منك فميكائيل. أعطيت ستة ، فأعطيت ستين. ولو زدت لزادك ، ولو دنقت لدنق عليك ، ألا إن اللّه عزّ وجلّ انتجبك ، فهداك.

[757] محمّد بن إسماعيل ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : قدم علي علیه السلام من بعض غزواته المباركة.

فقال له النبي صلی اللّه علیه و آله : يا على إن جبرائيل يقرئك السّلام ، وأخبرني أنه عنك راض.

قال : فبكى علي علیه السلام .

فقال له النبي صلی اللّه علیه و آله : أفرحا بكيت يا علي؟

قال : فكيف لا أفرح يا رسول اللّه ، وأنت تخبرني برضاء جبرائيل عني.

فقال : يا علي إن اللّه عزّ وجلّ وملائكته ورسوله عنك راضون ، ولو لا أني أخاف أن يقول فيك الناس ما قالت النصارى في عيسى بن مريم علیه السلام لقلت فيك اليوم قولا ما تمرّ بملإ من أمتي (1) إلا أخذوا التراب من تحت قدميك ، يرجون بذلك البركة والرحمة.

ص: 411


1- وفي مقتل الخوارزمي 1 / 46 : لا تمر بأحد من المسلمين.

[758] إسحاق بن وهب بن زياد ، باسناده ، عن جابر عن عبد اللّه ، أنه قال : لما أن قدم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بفتح خيبر.

قال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي ، إني اخبرت خبرك واوتيت مناي فيك ، وإني عنك راض.

قال : فدمعت عينا علي علیه السلام .

فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لا تبك فان اللّه وملائكته ورسله وجبرائيل وميكائيل وإسرافيل عنك راضون ، ولو لا أن تقول امتي فيك ما قالت النصارى في المسيح لقلت اليوم فيك مقالا لا تمرّ على ملأ من الناس قلّوا أو كثروا إلا أخذوا التراب من تحت قدميك ، وفضل طهورك ، يلتمسون به البركة ويستشفون به ، ولكن حسبك أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وإنك ترثني وأرثك ، وإن ولدك ولدي ، وحربك حربي ، وسلمك سلمي ، وإن سرك سري ، وعلانيتك علانيتي ، وإن سريرة صدرك كسريرة صدري ، وإن الإيمان قد خالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي ، وإنك تنجز عداتي ، وتقاتل على سنتي ، وإنك أول من يرد الحوض عليّ ، وإنك على الحوض خليفتي ، وإن الحق بين عينك وفي قلبك وعلى لسانك ، وإنك تكسى إذا كسيت ، وتحلى إذا حليت ، وتعطى إذا اعطيت ، وإن شيعتك يوم القيامة على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي ، أشفع لهم ، ويكونون في الجنة جيراني ، وكل مبغض لك وأهل بيتك يذاد عن حوضي.

قال : فخرّ علي (1) علیه السلام ساجدا. ثم رفع رأسه الى السماء

ص: 412


1- هكذا في نسخة ه- وفي الاصلب : فخرّ رأسه علي.

فقال : الحمد لله (1).

[759] محمّد بن ثابت ، باسناده ، عن عبد اللّه بن مسعود ، قال : كنا مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في غزوة من غزواته ، فنزل منزلا ونزل المسلمون معه على غير ماء ، والمشركون على ماء لهم ، فعطش النبي صلی اللّه علیه و آله .

فقال : من يسقني شرية من ماء وله الجنة؟

فلم يكن عند أحد ماء. فوثب علي علیه السلام فتناول القربة ، وقد غابت الشمس ، وخرج يمشي نحو الماء الذي عليه المشركون ، فأتاه ليلا فملأ القربة. فلما احتملها [ وخرج ، فجاءت ريح ] ، فوقع ، وهرق الماء فملأها ثانية ، فأصابه مثل ذلك. ثم ثالثة ، فأصابه مثل ذلك ، ثم ملأها (2) ، وأتى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بها مملوءة.

فقال : يا علي ، اسقطت ثلاث مرات؟

قال : نعم ، والذي بعثك بالحق يا رسول اللّه ، لقد أصابني ذلك ، فمن أخبرك؟

قال : جاء جبرائيل في جماعة من الملائكة ، فأخبرني أنهم أتوا إليك ، فسلّموا عليك ، فأصابك ريح أجنحتهم ، فسقطت ، ثم جاءني ميكائيل ، فأخبرني أنه أتاك في جماعة من الملائكة ، فسلّموا عليك ، فأصابك ريح أجنحتهم ، فسقطت. ثم جاءني إسرافيل ، فأخبرني أنه أتاك في جماعة من الملائكة ، فسلّموا عليك ، فأصابك مثل ذلك. وما

ص: 413


1- وفي كفاية الطالب ص 265 ومناقب الخوارزمي ص 76 : قال علي علیه السلام : فخررت ساجدا لله سبحانه وحمدته على ما أنعم به عليّ من الاسلام والقرآن وحببني الى خاتم النبيين وسيد المرسلين صلی اللّه علیه و آله .
2- وفي مناقب ابن شهر اشوب 2 / 242 : فلما كانت الرابعة ملأها.

أتوك إلا ليحفظوك(1).

[760] محمّد بن عمرو ، باسناده ، عن جابر بن عبد اللّه ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما عصاني قوم من المشركين إلا رميتهم بسهم اللّه.

قيل : وما سهم اللّه يا رسول اللّه؟

قال : علي بن أبي طالب ، ما بعثته في سرية ولا أبرزته لمبارزة إلا رأيت جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، وملك الموت أمامه وسحابة تظله حتى يعطيه اللّه خير النصر والظفر.

[761] عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن الليث ، قال : كان لعلي علیه السلام في ليلة واحدة ثلاثة ألف منقبة وثلاث مناقب. بعثه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يستقى له ماء ، فبينا هو على البئر إذ هبت ريح شديدة حتى استمسك بالبئر ، ثم مرت ريح ثانية ، ثم ثالثة كذلك ، فأتى النبي صلی اللّه علیه و آله فذكر ذلك له.

فقال له : يا أبا الحسن ، أما الريح الاولى فانه جبرائيل مرّ بك في ألف من الملائكة ، فسلّم ، وسلّموا عليك. وأما الريح الثانية فانه ميكائيل مرّ بك بألف من الملائكة ، فسلّم ، وسلموا عليك. وأما الريح الثالثة ، فانه اسرائيل مرّ بك بألف من الملائكة ، فسلّم وسلّموا عليك (2).

ص: 414


1- وهذا الصدد يقول الحميري : وسلّم جبريل وميكال ليلة *** عليه وحياة اسرافيل معربا أحاطوا به في روعة جاء يستقي *** وكان على الف بها قد تحزّبا ثلاثة آلاف ملائك سلّموا *** عليه فأدناهم وحيّا ورحّبا
2- ونعم ما قال القائل : ذاك الذي سلّم في ليلة *** عليه ميكال وجبريل ميكال في الف وجبريل في *** الف ويتلوهم سرافيل

[762] محمّد بن [ الجنيد ] (1) ، باسناده ، عن سعد بن المسيب ، قال : لقد أصابت عليا علیه السلام يوم احد ست عشرة ضربة ، وهو بين يدي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يذبّ عنه. كل ضربة منها يسقط الى الارض ، فإذا سقط رفعه جبرائيل علیه السلام .

[763] أحمد بن يحيى الأزدي ، باسناده ، عن إبراهيم النخعي (2) ، أنه قال. لما أسري برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى السماء هتف به هاتف من السماوات : يا محمّد إن اللّه عزّ وجلّ يقرئ عليك السّلام ، ويقول لك أقرئ علي بن أبي طالب مني السّلام.

[764] يحيى بن عبد الحميد ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه سئل عن علي بن أبي طالب علیه السلام ، فقال : ما تسألون عن رجل طالما سمع وقع جبرائيل علیه السلام فوق بيت نبيه.

[765] سعد بن طريف ، باسناده ، عن ابي جعفر محمّد بن علي علیه السلام ، أنه قال : دخل علي علیه السلام على فاطمة علیهاالسلام وعندها رسول اللّه لما انصرف عن أحد.

فقال لها : يا فاطمة خذي السيف غير ذميم.

فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أجدت القتال اليوم ، يا أبا الحسن؟

قال : اللّه ورسوله أعلم.

قال : ألا ابشرك يا علي إن جبرائيل قال - وأنت تقاتل - : لا سيف

ص: 415


1- هكذا صححناه من المناقب 2 / 240 وفي الاصل : محمّد بن الحسن.
2- أبو عمران النخعي ، ابراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود ، ولد 46 ه. من مذحج من اكابر التابعين صلاحا ، من أهل الكوفة. توفي مختفيا من الحجاج 96 ه.

إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا علي (1).

[766] الدغشي (2) ، باسناده ، عن الأصبغ بن نباته ، قال : كنا مع علي علیه السلام يوما في مسجد الكوفة إذ أقبل رجل أصهب اللحية ذو ظفيرتين (3) عليه ثوبان أخضران حتى جلس الى جانب علي علیه السلام ، وعلي عند سارية المسجد ، فلما رآه علي قام ، وقام الرجل معه ، فخرجا من المسجد ، فمكثا مليا.

فقال بعض لبعض : ما صنعنا شيئا تركنا أمير المؤمنين مع رجل لا نعرفه.

فقمنا ، فلقينا عليا علیه السلام راجعا ، فقلنا له : أخذنا على أنفسنا يا أمير المؤمنين إن تركناك مع رجل لا نعرفه.

قال : أتدرون من ذلك الرجل؟

قلنا : لا.

قال : هو الخضر (4) علیه السلام ، وقد أتاني مرتين قبل هذا وأخبرني أنه سيعود إليّ ، وحدثني بأشياء منها ما عرفته ، ومنها ما لم أعرفه.

قلنا : يا أمير المؤمنين ، بما ذا حدثك ، إن رأيت أن تخبرنا به ، فافعل.

قال : أما في مقامي هذا فلا ، ولكني أخبركم ببعض ما قال. إنه

ص: 416


1- نسبة الى دغش بن عمرو بن سلسلة بطن من طي.
2- قال الحميري ره : وله بلاء يوم احد صالح *** والمشرفية تأخذ الادبارا إذ جاء جبريل فنادى معلنا *** في المسلمين وأسمع الأبرارا لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى *** الا علي ان عددت فخارا
3- هكذا في الاصل وفي مناقب ابن شهر اشوب 2 / 246 : وله عقيصتان سوداوان أبيض اللحية.
4- وهو صاحب موسى علیه السلام ، أشار إليه القرآن ورفع ذكره.

ذكر الكوفة ، فقال : أما إنها مدرة لا يريدها جبار بسوء إلا قصمه اللّه عزّ وجلّ.

ثم قال لي : أتدري لم سميت الكوفة؟

قلت : لا.

قال : شقّ نهرها ملك يسمى كوفان.

[767] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن أمّ سلمة - زوج النبي صلی اللّه علیه و آله - ، قالت : كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عندي فخرج. ثم قال لي : يا أم سلمة : إن جاء علي فقولي له يلحقني بهذه الأدوات الى الجبل ، وإن أبطأ عليك وجاء بلال فقولي له : يلحقني بها.

قالت : فأبطأ علي علیه السلام وجاء بلال. فقلت : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يأمرك أن تأخذ هذه الأدوات فتلحقه بها الى الجبل.

قالت : فلما ذهب بلال ليتناولها جاء علي علیه السلام فأخبرته.

فقال لبلال : هلمّ بنا نتعاقبه (1) فمضيا يطلبان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في الجبل فلم يجداه ، فبينا هما في بعض الشعاب يطلبانه إذ لقيا رجلا يتوكأ على عصاه ، وكساء على عاتقه كأنه راع.

فقال له علي علیه السلام : هل رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؟

فقال : وهل لله من رسول؟

فغضب علي علیه السلام وتناول حجرا فرماه ، فأصاب بين

ص: 417


1- هكذا في الاصل ، وفي المناقب 2 / 249 : وخرج علي ومعه بلال يقفوان أثر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

عينيه ، فصاح صيحة ، فإذا الأرض كلها سوداء من خيل ورجال [ حتى أطافوا به. ثم أقبل علي علیه السلام فبيناهم كذلك ] (1) فأقبل طائران أبيضان ، فأخذ أحدهما يمنة والآخر يسرة [ فما زالا يضربانهم بأجنحتهما حتى ] انكشف ذلك السواد ، فلم ير منه شيء. [ ورجع الطائران حتى أخذا في الجبل ].

فقال علي علیه السلام لبلال : اتبع بنا هذين الطائرين فاني أراهما يعلمان حيث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

فقصدا نحوهما ، فلقيا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مقبلا من الجبل. فلما رأى عليا علیه السلام تبسم في وجهه ، وقال : يا علي مالي أراك مرعوبا (2) ، فقصّ عليه القصة.

فقال : إن ذلك الرجل إبليس اللعين أراد أن يكيدك ، وأن الطائرين جبرائيل وميكائيل كانا عندي فلما سمعنا الصوت أتياك ، يا علي ، ليعيناك.

[768] محمّد بن سلام ، [ عن علي ] بن يسار الكوفي ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : لما أخذت في غسل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أردت أن أنزع القميص ، فنوديت من جانب البيت : لا تنزع القميص ، فغسله في قميصه. وكنت اعان على تقليبه وأحسّ أن يدا غيري تقلبه معي ، وأردت أن أكبه لوجهه لأغسل ظهره ، فنوديت لا تكبه.

[769] الحلبي (3) ، باسناده ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد علیه السلام ، أنه

ص: 418


1- ما بين المعقوفتين من المناقب 2 / 250.
2- وفي المناقب : مالي أراك مذعورا.
3- واظنه عبيد اللّه بن علي بن أبي شعبة الحلبي.

قال : أوصى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عليا علیه السلام أن يغسله.

فقال : يا رسول اللّه إني لا أستطيع غسلك وحدي ، أنت ثقيل البدن ولا أستطيع أن اقلبك وحدي.

فقال : إن جبرائيل علیه السلام يغسلني معك ويناولك الماء الفضل (1) ، وقل له : فليعصب عينيه ، فإنه لا يرى أحد عورتي غيرك إلا عمي.

فكان الفضل يناوله الماء وجبرائيل يغسله معه. فلما غسله علیه السلام وكفنه ، أتى العباس ، فقال له : يا علي إن الناس قد اجتمعوا للصلاة على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فمن يصلّي عليه؟

فقال علي علیه السلام : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كان إماما حيا وميتا.

قال : وأين (2) تدفنه؟

قال [ أمير المؤمنين علیه السلام ] : بالبقعة التي قبض فيها.

قال : الأمر إليك.

فوقف علي علیه السلام فصلّى عليه. ثم أمر الناس أن يدخلوا عشرة عشرة يصلّون عليه ، ففعلوا. ثم حفر له في المكان الذي قبض فيه في بيت عائشة ، ودفنه هناك صلی اللّه علیه و آله .

[770] سفيان بن عيينة ، قال : أتينا جعفر بن محمّد علیه السلام نعزّيه بابنه إسماعيل ، فتحدث معنا ، فذكر وفاة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله

ص: 419


1- وهو الفضل بن العباس بن عبد المطلب.
2- هكذا في نسخة ه- وفي الاصل : رأيت.

وقال في الحديث :

فلما قبض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أتاهم آت - يعني أهل بيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - يسمعون كلامه ولا يرون شخصه ، فقال :

السّلام عليكم أهل البيت ورحمة اللّه وبركاته ( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ ) (1) إن في اللّه عزاء من كل مصيبة ، وخلفا من كل هالك ، فاللّه فارجوه وإياه فاعبدوه (2) واعلموا أن المصاب من حرم الثواب ، والسّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.

قال سفيان الثوري بن عيينه : فقلت لجعفر بن محمّد صلوات اللّه عليه : من كنتم ترون المتكلم؟

قال : كنا نراه جبرائيل علیه السلام (3).

وجاء أن فيما احتج به علي علیه السلام على النفر الخمسة يوم الشورى. وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم ، أنه قال لهم :

اناشدكم اللّه هل تعلمون أن رجلا جاءته التعزية من اللّه غيري. إذ هتف بنا جبرائيل علیه السلام ونحن في البيت - لما قبض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - ليس فيه إلا أنا وفاطمة والحسن والحسين ورسول اللّه صلّى اللّه

ص: 420


1- آل عمران : 185.
2- وفي طبقات ابن سعد 2 / 48 : فباللّه فثقوا وإياه فارجوا.
3- وفي بحار الانوار 39 / 102 : فقيل للباقر علیه السلام : ممن كانت التعزية؟ قال : من اللّه تعالى على لسان جبرائيل.

عليه وآله مسجّى بيننا. فقال :

السّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته ، إن في اللّه عزاء من كل مصيبة ، ودركا من كل فائت ، وخلفا من كل هالك ، فباللّه فثقوا ، وإياه فارجو ، وأعلموا أن المصاب من حرم الثواب.

أم هل فيكم من كان يسمع حفيف أجنحة الملائكة غيري؟ أم هل فيكم أحد كان يقاتل بين يدي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وجبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وملك الموت أمامه غيري؟

قالوا : اللّهمّ لا.

[ خلاصة القول ]

فهل يقاس أحد بمن زوّجه اللّه عزّ وجلّ سيدة نساء العالمين من فوق عرشه ، وأشهد على ذلك وعلى عقده له ملائكته ، وأحضر (1) له الحور العين ونثرت له في ذلك طوبى عن أمره من درها ، وأنزل اللّه عزّ وجلّ فيه من آي القرآن ما قد أنزل ممّا ذكرناه ، وخصه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالاختصاص الذي وصفناه ، وكلّمته الملائكة ، وراسلته وصحبته وأعانته ، وأخبر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بأنه خير البشر وخير البرية ، وخير من يخلفه من بعده ، وخليفته على امته ، ووصيه في أهله ، وشبهه بالمسيح عيسى بن مريم روح اللّه وكلمته ، ووصفه على لسان حواريه وتلامذته ، وذكره اللّه عزّ وجلّ في التوراة والانجيل والقرآن الكريم ، وكتب اسمه على عرشه ، وجعله خليفة رسوله على حوضه ، وفرق بين الحق والباطل به ، ووسم المؤمنين بمحبته والمنافقين ببغضه ، وعرف بهم بذلك ، ودلّ عليهم به ، وحمله على ظهره حين

ص: 421


1- وفي نسخة ه- : احضروا له.

أرقاه الى فوق الكعبة الرسول ، وأنزله عنه ودلاه جبرائيل علیه السلام ، وجعله اللّه عزّ وجلّ باب رسوله المنصوب من دونه الذي منه يؤتى إليه ، ومولى المؤمنين بشهادته الرسول بذلك له ، وأعز به أولياءه ، وقتل به أعداءه ، وجعله ولي المؤمنين بشهادة الرسول. وإمام المتقين ، وقائد الغرّ المحجلين الى جنات النعيم ، وصاحب لواء الحمد ، وأول من يدخل الجنة ، وجعله أخا لرسوله وبمنزلة هارون من موسى منه ، وأشبه الناس بابراهيم خليله ، وأول الناس إيمانا به وبرسوله ، وأحلّه محلّ نفسه ، وجعله وصيه من بعده ، والشاهد على الامة الذي يتلوه ، ومجاهد المنافقين ، والمقاتل على التأويل ، وأمر بسؤاله عما فيه يختلفون والردّ إليه ما لا يعلمون ، وأودعه علمه ، واختصه بسره ، وأخبر أنه مغفور له ، وورثه تراثه من بعده ، وافترض على الامة مودته ، وأخبر أنه ربانيها وحبرها ، والمعصوم منها ، وأودعه علم ما يكون من بعده ، وجعل الإمامة فيه وفي ولده ، وأمره بقتال الناكثين ، والقاسطين ، والمارقين ، وأخبر أنه أقرب الناس إليه أجمعين ، وأعلم بفضله ، وفضل الائمة من ذريته ، وفضل أهل ولايته وشيعته ، وبما أعده اللّه عزّ وجلّ لهم من ثوابه وكرامته ، وما شهد له به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ممّا آتاه اللّه عزّ وجلّ على يديه ، وأصاره بفضله إليه من الحكمة والعلم والمعرفة بالحلال والحرام والقضايا والأحكام ، وأخبر أنه أقضى الامة ، وأعلمهم بالكتاب والسنّة ، وما أمر به من اتباعه وطاعته وافترضه على الامة من ولايته ومودته ومودة أهل بيته ، وما نطق الكتاب به من ذلك وما اجتمعت الامة عليه من فضله وعفافه وزهده وورعه وحسن سيرته وسياسته وعدله ونصرته لأهل الحق ورأفته بهم ورحمته لهم وشدته على أهل الباطل ، وغلظته لا يشك محق في عدله ، ولا يطمع مبطل في ميله. أحب الناس إليه من اتقى اللّه عزّ وجلّ وعمل بطاعته ، وأبغضهم إليه من تعدى أمره ، وعمل بمعصيته ، لا يطمع من قرب منه في اثرته ، ولا يخاف من بعد عنه

ص: 422

نقص حقه ، الأثير عنده من أنصف نفسه ، والحقير لديه من تعدى الى ما ليس له.

فهذه بعض فضائل علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ومناقبه وأخلاقه وخصائصه. وقد ذكرت في هذا الكتاب بيانها وكثير غيرها لم أذكره لكثرتها ، ولئلا يطول الكتاب بها ، فمن ذا يساويه بغيره بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أو يفضل منهم أحدا عليه إلا من عمي عن الحق ، وسلك سبيل الضلالة ، أو من تكلف عن العلم وغلبت عليه الجهالة (1) ، أعاذنا اللّه وجميع المؤمنين والمؤمنات من الضلالة والجهالة ، ووفقنا للهداية والعلم والدراية بمنه وطوله وفضله.

تمّ الجزء التاسع بحمد لله تعالى وفضل نبيه المختار وآله الائمة الأطهار عليهم صلوات اللّه العزيز الغفّار.

بخط صالح يوم التاسع من شهر شعبان سنة 1116 ه.

ص: 423


1- رحم اللّه السيد الهندي حيث قال في قصيدته الكوثرية : يا من قد أنكر من آيا *** ت أبي حسن ما لا ينكر إن كنت لجهلك بالأيا *** م جحدت مقام أبي شبر فاسأل بدرا واسأل أحدا *** وسل الاحزاب وسل خيبر من دبّر فيها الامر ومن *** اردى الابطال ومن دمّر من هدّ حصون الشرك ومن *** شاد الاسلام ومن عمّر من قدّمه طه وعلى *** أهل الايمان له أمّر قاسوك أبا حسن بسواك *** وهل بالطود يقاس الذر أنّى ساووك بمن ناووك *** وهل ساووا نعلّي قنبر من غيرك من يدعى للحرب *** وللمحراب وللمنبر

ص: 424

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام

للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي

المتوفي سنة 363 ه. ق

الجزء العاشر

ص: 425

ص: 426

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

مصائب أمير المؤمنين

اشارة

مصائب أمير المؤمنين (1)

[771] بكر بن عبد الوهاب ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام ، أنه سئل عن سنّ علي علیه السلام يوم اصيب كم كانت؟

فقال : كان يوم اصيب ابن ثلاث وستين سنة.

قيل له : فما كانت صفته؟

قال : كان أدم اللون (2) شديد الادمة ثقيل العينين عظيمهما ، ذو بطن ، أصلع.

قيل : أكان طويلا أو قصيرا؟

قال : هو إلى القصر. أقرب.

قيل له : فما كانت كنيته؟

قال : أبو الحسن.

قيل [ له ] : فأين دفن؟

قال : بالكوفة ليلا وعمّي قبره.

ص: 427


1- هذا العنوان من نسخة و.
2- الأدمة لون مشوب بسواده.

[772] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن محمّد بن الحنفية (1) ، أنه سئل عن صفة علي صلوات اللّه عليه.

فقال : كان ضخم الهامة ، عريض المنكبين ، عظيم المشاش ، ضخم البطن ، خمش الساقين ، كأنما كسرت عظامه ثم جبرت ، لو أخذ الأسد لافترسه.

[773] يحيى بن الحسن ، باسناده ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه صلوات اللّه عليهما ، أنه سئل عن صفات علي صلوات اللّه عليه.

فقال : كان ضخم الهامة ، عريض ما بين المنكبين ، اذا مشى لا يسرع ، وهو مع ذلك يقطع أصحابه ، له إكليل من شعر ، أشعر الجسد ، أبيض الرأس واللحية ، عظيم البطن ، أخشن من الحجر في اللّه عزّ وجلّ.

[774] وبآخر ، عن المغيرة ، قال : كان علي علیه السلام غليظ منه ما استغلظ ، دقيق منه ما استدق ، قال : وكذلك صفة الأسد.

قال المغيرة : وكذلك صفة أشدّ الرجال.

[775] وبآخر ، عن الشعبي (2) ، قال : رأيت عليا علیه السلام وكان عريض اللحية قد أخذت ما بين منكبيه ، على رأسه زغيبات (3).

[776] وبآخر ، عن زيد بن وهب ، قال : قدم على علي علیه السلام نفر من أهل البصرة منهم رجل يقال له : الجعد [ بن نعجة ] (4) فرأى خشونة

ص: 428


1- وهو ابن أمير المؤمنين من زوجه خولة ، ولد سنة 21 وتوفي في المدينة سنة 81 ه- سيتعرض المؤلف إليه في الجزء الرابع عشر.
2- وهو عامر بن شراحيل بن عبد ، نسبته الى شعب بطن من همدان ولد ونشأ في الكوفة واتصل بعبد الملك بن مروان وكان نديمه وسميره ورسوله الى ملك الروم ، توفي سنة 110 ه.
3- الزغب : أول ما ينبت من الشعر.
4- من رؤساء الخوارج.

لباسه فكلّمه في ذلك.

فقال : ما لكم وللباسي هو أحصن لصلاتي ، وأجدر أن يقتدي بي المسلمون من بعدي (1).

فقال له : اتق اللّه يا أمير المؤمنين في نفسك ، ولا تحمل علينا فانك ميت.

فقال له علي علیه السلام : بل مقتول [ بضربة ] تخضب هذه - وقبض على لحيته - من هذا - وأومى الى رأسه - عهد معهود ، وقضاء مقضيّ ، وقد خاب من افترى.

[777] وبآخر ، عن أيوب بن خالد ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : من أشقى الأولين؟ ومن أشقى الآخرين؟

قال : اللّه ورسوله أعلم.

قال صلی اللّه علیه و آله : أشقى الأولين عاقر الناقة ، واشقى الآخرين قاتلك.

[778] وبآخر ، عن الحكيم بن سعد (2) ، قال : ذكر لنا علي علیه السلام أنه سيقتل. فقلنا : لو علمنا قاتلك لأبدنا (3) عترته.

قال : مه ، ذلك الظلم [ النفس بالنفس ] ، ولكن اصنعوا به ما يصنع بقاتل نبي أو وصي نبي ، يقتل ثم يحرق [ بالنار ].

[779] وبآخر ، عن أبي رافع ، قال : كنت مع علي علیه السلام بالكوفة وهو يمشي عند دار الزبير بن العوام (4) ، وقوم يتبعونه حتى أدموا عقبيه (5).

ص: 429


1- وفي الغارات 1 / 108 : هذا أبعد لي من الكبر وأجدر أن يقتدي بي المسلم :
2- هكذا صححناه وفي الاصل : بن سعيد.
3- وفي تاريخ دمشق 3 / 293 : لأبرنا.
4- هكذا في كلا النسختين ولا اعلم أن للزبير دارا في الكوفة.
5- وفي نسخة و: عينيه. والعقب : بكسر القاف مؤخر القدم ( مختار الصحاح / 443 ).

فالتفت إليهم.

فقال : اللّهمّ أرحني منهم ، فرق اللّه بيني وبينكم ، اللّهمّ أبدلني بهم خيرا منهم وأبدلهم بي شرا مني.

قال : فما كان إلا يومه حتى قتل صلوات اللّه عليه.

[780] وبآخر ، عن الحسين علیه السلام ، أنه قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام : رأيت حبيبي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله البارحة في المنام (1) فشكوت إليه ما لقيته بعده من أهل العراق ، فوعدني بالراحة منهم عن قريب.

قال : فما لبث بعد ذلك إلا جمعة حتى قتل صلوات اللّه عليه.

[781] وبآخر ، عن عثمان بن المغيرة ، قال : لما دخل شهر رمضان جعل علي علیه السلام يتعشى ليلة عند الحسن ، وليلة عند الحسين [ وليلة عند ابن عباس ] (2) ، ولا يزيد على ثلاث لقم ، فيقولان له في ذلك ، فيقول : إنما هي أيام قائل يأتي أمر اللّه عزّ وجلّ.

وأنا خميص البطن أحب إليّ [ فقتل من ليلته ] (3).

[ ليلة الشهادة ]

[782] وبآخر ، عن الحسن ، أنه قال : سهر علي علیه السلام [ في الليلة التي قتل في صبيحتها ولم يخرج الى المسجد لصلاة الليل على عادته. فقالت أمّ كلثوم : ما هذا الذي قد أسهرك؟ ] (4). فقال : اني مقتول لو

ص: 430


1- وفي نسخة و: في النوم.
2- ما بين المعقوفتين من مناقب الخوارزمي ص 283 ، وقيل عند عبد اللّه بن جعفر.
3- ما بين المعقوفتين من كنز العمال 6 / 411.
4- ما بين المعقوفتين زيادة من بحار الأنوار 42 / 226 الحديث 38.

قد اصبحت.

قال : فجاءه مؤذنه للصلاة ، فقام ثم رجع.

فقالت له ابنته : مر جعدة (1) فليصلّ بالناس؟

فقال : لا مفرّ من الأجل.

ثم قام ، فخرج ، فمرّ على صاحبه ، وقد سهر ليلته ينتظره ، فغلبته عيناه ، فنام فضربه برجله. وقال له : الصلاة. فقام ، فلما رآه ضربه.

[783] وبآخر ، عن الحسن بن كثير (2) ، عن أبيه ، قال : قام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام يريد الى صلاة الفجر ليلة قتله ، فاستقبله إوزّ كنّ في الدار عنده يصحن. قال : فجعلنا نطردهن عنه.

فقال : دعوهن فإنهن نوائح.

وخرج فأصيب صلوات اللّه عليه.

[ عاملوا قاتلي بالحسنى ]

[784] وبآخر ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه علیه السلام ، أنه قال : كان أمير المؤمنين علیه السلام يخرج الى صلاة الفجر ، وبيده درة يوقظ بها النوام في المسجد. فألفى ابن ملجم نائما قد سهر ليلته لانتظاره ، فخفقه (3) بالدرة ، وقال له : قم للصلاة.

فقام وضربه ، فأخذ ، فأتي به إليه.

فقال : أطعموه واسقوه وأحسنوا إساره. فان عشت أعفو إن شئت ، وإن شئت استقدت.

ص: 431


1- جعدة بن هبيرة بن أبي وهب المخزومي. وهو ابن اخت أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه.
2- وفي نسخة و: الحسين بن كثير.
3- خفقه : أي ضربه.

[785] وبآخر ، عن الحسن علیه السلام ، أنه قال : أمر أمير المؤمنين علي علیه السلام بالمرادي أن يوثق. وقال : كفوا عنه ، فإن أعش فالحق حقي ، أرى فيه رأيي ، وإن مت فرأيكم في حقكم.

[ دناءة القاتل ]

[786] وبآخر ، عن أبي عبد اللّه السلمي ، قال : كلّمت الحسن بن علي علیه السلام في رجل من قومي ، وكان أمير المؤمنين علي صلوات اللّه عليه قد بعث حبيب بن مالك (1) يحشر الناس من السواد ، فقال لي : تغدو إن شاء اللّه إليّ تجد كتابك ، وقد ختم ، وفرغ منه.

فلما أن كان من الغد خرجت من عند أهلي حتى إذا كنت عند أصحاب الرمان (2) ، استقبلني الناس يقولون : قتل أمير المؤمنين.

فقلت لغلامي : اسرع. فدخلنا القصر (3) فإذا حجرة فيها الحسن بن علي علیه السلام . فقال لي : ادن مني ، فدنوت منه. فإذا أمير المؤمنين علیه السلام متكئ ، فأتيته ، فسلّمت عليه ، وهو يحدّث الناس ، ويقول :

[ يا بني ] إني بتّ الليلة اوقظ أهلي للصلاة - وكانت ليلة الجمعة [ صبيحة بدر ] لتسع عشرة مضت من رمضان - فغلبتني عيناي ، وأنا جالس ، فسنح لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقلت : يا رسول اللّه ما لقيت من امتك من التفرق بعدك. فقال لي : ادع اللّه عليهم. فقلت : اللّهمّ أبدلهم بي شرا مني ، وأبدلني بهم خيرا منهم.

ص: 432


1- وفي تاريخ دمشق 3 / 296 : حبيب بن مرة.
2- وفي نسخة و: أصحاب الزمان.
3- وفي نسخة الاصل : فدخلت القصر.

قال : وجاء ابن النباح (1) ، فأذن بالصلاة ، وخرج أمامي وخرجت ، فلقيني الرجل ، وضربني.

قال : وجيء بابن ملجم الى علي علیه السلام .

فقالت له : أم كلثوم : يا عدو اللّه ، قتلت أمير المؤمنين؟

قال : لا ، ولكني قتلت أباك! قالت : أرجو أن لا يكون عليه من بأس.

قال ابن ملجم : أفعليّ تبكين إذا ، أما واللّه (2) لقد سممته أربعين ليلة - يعني سيفه الذي ضربه به - فإن أخلفني فأبعده اللّه.

فقالت : أما واللّه لتقتلن.

قال : لا واللّه إلا أن يموت أبوك.

قالت : أما واللّه ، ما عليه من بأس.

قال : أما واللّه لقد ضربته ضربة لو كانت بجميع أهل المصر ما أفاقوا منها (3).

[787] وبآخر ، عن عمر بن دينار ، قال : لما ضرب عدو اللّه ابن ملجم عليا علیه السلام وأخذ ، وجعل الناس يقولون : الحمد لله الذي أخزاك ، يا عدو اللّه ، وسلم أمير المؤمنين.

وقال : فعلى من تبكي رقية؟ - يعني ابنة علي علیه السلام ، وهي

ص: 433


1- هكذا صححناه وفي الاصل : ابن الصباح.
2- يعني حقا واللّه.
3- قال الفرزدق : فلا غرو للأشراف إن ظفرت بها *** ذئاب الأعادي من فصيح وأعجمي فحربة وحشيّ سقت حمزة الردى *** وحتيف عليّ من حسام ابن ملجم

أخت عمر بن علي لامه - (1).

[ ثم قال : واللّه لقد سممته شهرا - يعني سيفه - فإن أخلفني فأبعده اللّه وأسحقه ].

[788] وبآخر ، عن الحسن بن عمران (2) ، عن أبيه ، قال : رأيت الناس لما اخذ ابن ملجم ، وقد أحاطوا به لو استطاعوا لنشهوه بأسنانهم ، وهم يقولون له : يا عدو اللّه قتلت خير الناس. يا عدو اللّه أهلكت الامة.

قال : وهو ساكت لا يجيب أحدا منهم.

[ لحظات حاسمة ]

[789] وبآخر ، عن عمر بن ذمر (3) ، قال : لما ضرب علي علیه السلام دخلت عليه ، وقد عصب رأسه بعصابة. فقلت : يا أمير المؤمنين ، أرني الضربة ، فحلّ العصابة ، فنظرت إليها ، فقلت : ليست بشيء ، واللّه يا أمير المؤمنين ، وما هي إلا خدش.

فقال علیه السلام : إني مفارقكم ، إني مفارقكم - مرتين -.

فبكت أمّ كلثوم من وراء الحجاب.

فقال لها : امسكي لو ترين ما أرى ما بكيت.

فقلت : يا أمير المؤمنين ، ما ذا ترى؟

فقال : هذه الملائكة وقوف والنبيون. وهذا محمّد صلی اللّه علیه و آله يقول : يا علي ، ابشر فما تصير إليه خير ممّا أنت فيه.

ص: 434


1- هكذا في الأصل وفي نسخة و. واغلب الظن أن في الرواية سقط ولم أعثر على الرواية رغم البحث الحثيث عنها في المصادر المتوفرة لدي.
2- هكذا في نسخة و، وفي الأصل : الحسن بن عمر.
3- وفي بحار الانوار 42 / 223 : عن عمرو بن الحمق.

[790] وبآخر ، عن الأصبغ بن نباتة : كنا نسمر عند علي علیه السلام ، فيتحدث منا عنده نفر كل ليلة ، ثم يتبعهم غيرهم حتى تدور الدولة ، فكانت ليلة سمري ليلة الجمعة ، ليلة تسع عشرة مضت من شهر رمضان. فلم أزل عنده وأصحاب لي حتى ذهبت ساعات من الليل ، فانصرفنا إلى منازلنا ، ولم تكن تفوتنا صلاة الفجر والعشاء الآخرة معه.

قال : فخرجت حين السحر لاصليّ معه ، فإذا المصابيح تتوقده ، وإذا هم يقولون : قتل أمير المؤمنين علي علیه السلام .

قال : فمكثنا ثلاثا لا نصل إليه ، ثم دخلنا عليه ليله إحدى وعشرين من شهر رمضان زمرة بعد زمرة نسلّم عليه ، وندعو له ، فدخلت في عشرة نفر فسلّمنا عليه ، ودعونا له. وقلت : واللّه يا أمير المؤمنين إني لاحبك.

فقال : اللّه الذي لا إله إلا هو.

فحلفت.

فقال : أما والذي أنزل التوراة على موسى ، والإنجيل على عيسى ، والقرآن على محمّد أبي القاسم صلی اللّه علیه و آله ، لقد ضربت في الليلة التي قبض فيها يوشع بن نون (1) ، ولاقبض في الليلة التي رفع فيها عيسى بن مريم علیه السلام .

قال الأصبغ : وهي ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان.

[791] وبآخر ، عن سويد بن غفلة (2) ، قال : قتل أمير المؤمنين علي

ص: 435


1- وهو وصي النبي موسى بن عمران علیه السلام .
2- وهو سويد بن غفلة ( بالغين المعجمة والفاء ) بن عوسجة بن عامر الجعفي ، ولد عام الفيل وقدم المدينة وقد تمّ دفن الرسول صلی اللّه علیه و آله توفي بالكوفة سنة 81 ه- ، قال البرقي : انه من أولياء أمير المؤمنين. وفي شذرات الذهب : كان ففيها عابدا قانعا كبير القدر.

علیه السلام في شهر رمضان سنة أربعين ، أول ليلة من العشر الأواخر. وصلّى عليه الحسن ابنه ، وكبّر عليه خمسا.

[792] وبآخر ، عن هبيرة بن مريم (1) ، قال : لما دفن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام صعد الحسن بن علي علیه السلام المنبر ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، وصلّى على النبي وآله.

قال : أما بعد ، أيها الناس ، فانه قد اصيب فيكم الليلة رجل لم يسبقه الأولون ، ولا يدركه الآخرون ، ما ترك صفراء ولا بيضاء (2) إلا سبعمائة درهم بقيت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله ، ولقد كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يبعثه البعث فتكتنفه الملائكة ، جبرائيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، وملك الموت أمامه ، فما ينثني حتى يفتح اللّه على يديه ، ولقد صعد بروحه في الليلة التي صعد فيها بروح يحيى بن زكريا علیه السلام (3).

ص: 436


1- واظنه هبيرة بن يريم الخارفي الشبامي ، توفي 66 ه.
2- كناية عن الذهب والفضة.
3- وفي اثبات الوصية : التي رفع فيها عيسى بن مريم علیه السلام .

[ التخطيط للجريمة ]

اشارة

[793] موسى بن عبد الحميد بن مسروق ، باسناده ، عن إسماعيل بن راشد ، أنه ذكر قصة قتل علي علیه السلام ، فقال :

كان من خبر ابن ملجم لعنه اللّه وأصحابه أن عبد الرحمن بن ملجم ، والحارث بن عبيد اللّه (1) ، وعمرو بن بكر التميمي اجتمعوا في جماعة من الخوارج بمكة ، فذكروا أمر الناس ، فأعابوا الولاة. ثم ذكروا أهل النهروان وأصحابهم ، فترحموا عليهم. وقالوا : واللّه ما في البقاء بعدهم خير. فقد كانوا دعاة المسلمين الى عبادة ربهم ، وكانوا لا يخافون في اللّه لومة لائم ، فلو شرينا أنفسنا من اللّه عزّ وجلّ ، وأتينا ائمة الضلال ، فالتمسنا قتلهم وأرحنا منهم البلاد ، وأدركنا ثأر إخواننا.

فقال ابن ملجم لعنه اللّه : أنا اكفيكم علي بن أبي طالب - وكان من أهل المصر - (2).

وقال الحارث : أنا اكفيكم معاوية.

وقال عمرو بن بكر : أنا اكفيكم عمرو بن العاص.

ص: 437


1- وفي كفاية الطالب ص 460 : البرك بن عبد اللّه التميمي.
2- أهل المصر : أي من سكنة الكوفة.

فتعاهدوا وتواثقوا أن لا ينكص (1) رجل منهم عن صاحبه حتى يقتله أو يموت دونه ، وأخذوا أهبتهم ( وأخذوا أسيافهم فسموها ، واتعدوا لتسع عشر ليلة يمضين من شهر رمضان ثبت كل واحد منهم على صاحبه يقتله أو يموت دونه ) (2).

وتوجه كل واحد منهم إلى صاحبه. وصار عبد الرحمن بن ملجم الى الكوفة ، ولقي بها من [ بقي ] (3) من أصحابه. فكاتمهم أمره كراهة أن يظهروا شيئا منه ، إلى أن رأى ذات يوم أصحابا له من تيم الرباب - وكان أمير المؤمنين علیه السلام قد قتل منهم يوم النهروان عدة - فذكروا قتلاهم ورأى يومئذ معهم امرأة من تيم الرباب ، يقال لها : قطام (4) - قد كان أمير المؤمنين علیه السلام قتل أباها وكانت فائقة الجمال - فلما رآها علقها قلبه ، وخطبها ، فقالت : لا أتزوجك حتى تشفي قلبي.

قال لها : وما يشفي قلبك؟

قالت : قتل علي بن أبي طالب (5).

قال : ما قلت هذا وأنت تريدينني.

قالت : بلى ، إن قتلته وسلمت تزوجتك وانتفعت بي ، وإن هلكت فلك عند اللّه ما هو خير مني.

ص: 438


1- أن لا يتراجع عن صاحبه.
2- ما بين القوسين زيادة من نسخة و.
3- وفي كلا النسختين : لقي.
4- قيل هي بنت الاضبع التميمي وقيل بنت علقمة ( الامامة والسياسة : ص 159 ).
5- ونعم ما قال فرزدق : فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة *** كمهر قطام من فصيح وأعجم

قال لها : واللّه ما جئت الى هذا الموضع إلا لألتمس قتله! فإذا قلت ما قلت ، فهل عندك من معونة؟

قالت : نعم ، آخذ لك من يشد ظهرك ويساعدك على ذلك.

قال : افعلي.

فأتت رجلا من قومها يقال له : وردان. فأخبرته بالخبر ، وكلّمته في ذلك ، وذكرته مصاب من اصيب من قومه ، فأجابها الى ذلك. واجتمع مع عبد الرحمن بن ملجم لعنه اللّه. ( ولقي ابن ملجم ) (1) أيضا رجلا من النخع يقال له : شبيب (2) وكان يثق به ، فأطلعه على أمره ، ورغبه في معونته ومؤازرته على قتل علي علیه السلام إذ قد علم عدو اللّه شدته وجلده وخافه على نفسه ، وجبن من الإقدام عليه وحده. وأخبر شبيبا بخبر وردان بأنه قد أجابه الى ذلك وعاهده عليه ، وبما كان من قصة قطام. فتعاظم ذلك شبيب ، وقال : يا عبد الرحمن ، ويحك قد علمت سوابق علي علیه السلام في الاسلام ومكانه من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وشدته وشجاعته.

قال له : أفما تعلم من قتل من إخواننا ، ونحن ، فإنما نحتال في أن نفتك به ، ولسنا نبارزه ولا ننازله ، ولم يزل به حتى أجابه. فاجتمعوا ثلاثتهم ، وعرّفهما عبد الرحمن بن ملجم لعنه اللّه بالليلة التي واعد فيها أصحابه ، وقال : انظرا كيف يكون الرأي والعمل فيه ، وأتوا بها الى قطام. وكانت لها جزالة ورأي وحزم وتقشف ، وكانت تلزم المسجد مع النساء وتعتكف فيه. فأخبروها بما اجتمع أمرهم عليه ، وقالوا لها : هل عندك من حيلة في الوصول إليه في منزله.

ص: 439


1- ما بين القوسين من نسخة و.
2- وهو شبيب بن بجرة.

قالت : لا ، ولكن أمكن من ذلك وقت خروجه الى صلاة الفجر ، فانه يغلس بالخروج فتكمنون له عند باب المسجد ، فاذا دخل ، وثبتم عليه ، وضربتموه ضربة رجل واحد ، وخرجتم وافترقتم في الغلس (1) ، فتعاقدوا على ذلك ، واشتمل كل واحد منهم على سيفه ، وأتوا المسجد ليلا. فباتوا فيه مع من يبيت من الناس مقابل سدة الباب التي يخرج منها علي علیه السلام ، فلما خرج شدّ عليه شبيب فضربه بالسيف ، فوقع سيفه في عضادة الباب ، وضربه ابن ملجم لعنه اللّه على أمّ راسه ، وخرج وردان فهرب خوفا من أن يدركه الناس ، وصرخ بهم الناس.

فأما وردان (2) ، فهرب حتى دخل عليه بعض من رآه ، فقتله في منزله.

وأما شبيب (3) ، فخرج نحو باب كندة في الغلس وتصارخ الناس به ، فلحقه رجل من حضر موت ، وشبيب بيده السيف ، فرماه به ، فأخذه الحضرمي ، فلما رأى الناس قد لحقوه خاف أن يظنوا أنه في القتلة ، فرمى السيف ، ونجا شبيب في غمار الناس (4).

[ وأما عبد الرحمن ] وشدوا على ابن ملجم ، فأخذوه بعد أن ضربه رجل من همدان على رجله ، فصرعه.

وحضر وقت الصلاة ، فدفع علي علیه السلام في ظهر جعدة بن

ص: 440


1- الغلس : آخر الليل.
2- وهو وردان بن مجالد بن علقة بن القريش التيمي من تيم الرباب ، قتله عبد اللّه بن نجبة بن عبيد الكاهلي من بني تيم بن عبد مناة ، غضبا لأمير المؤمنين علیه السلام 40 ه.
3- هو شبيب بن بجرة الأشجعي الخارجي.
4- واختفى اثره.

هبيرة بن أبي وهب المخزومي ، فصلّى بالناس الغداة ، واحتمل علي علیه السلام الى القصر. وادخل عليه عدو اللّه ابن ملجم.

فقال له علي علیه السلام : أي عدو اللّه ألم احسن إليك؟

قال : نعم.

قال : فما حملك على ما صنعت؟

فأطرق.

فقال له علي علیه السلام : لا أراك إلا مقتولا وصائرا الى النار ومن شر خلق اللّه (1).

[794] وبآخر ، عن محمّد بن حنيف ، أنه قال : واللّه إني لاصلي في الليلة

ص: 441


1- ولله درّ بكر بن حماد التاهرتي حيث قال : قل لابن ملجم والأقدار غالبة *** هدمت ويلك للإسلام أركانا قتلت أفضل من يمشي على قدم *** وأول الناس إسلاما وإيمانا وأعلم الناس بالقرآن ثم بما *** سن الرسول لنا شرعا وتبيانا صهر النبي ومولاه وناصره *** أضحت مناقبه نورا وبرهانا وكان منه على رغم الحسود له *** مكان هارون من موسى بن عمرانا وكان في الحرب سيفا صارما ذكرا *** ليثا إذا لقي الأقران أقرانا ذكرت قاتله والدمع منحدر *** فقلت : سبحان ربّ العرش سبحانا إني لأحسبه ما كان من بشر *** يخشى المعاد ولكن كان شيطانا أشقى مراد إذا عدّت قبائلها *** وأخسر الناس عند اللّه ميزانا كعاقر الناقة الاولى التي جلبت *** على ثمود بأرض الحجر خسرانا قد كان يخبرهم أن سوف يخضبها *** قبل المنية أزمانا فأزمانا فلا عفا اللّه عنه ما تحمّله *** ولا سقى قبر عمران بن حطّانا لقوله في شقيّ ظل مختبلا *** ونال ما ناله ظلما وعدوانا يا ضربة من تقيّ ما أراد بها *** إلاّ ليبلغ من ذي العرش رضوانا بل ضربة من شقي أوردته لظى *** مخلدا قد أتى الرحمن غضبانا

التي ضرب فيها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام في المسجد في رجال كثير من أهل المصر ، كانوا يصلّون فيه لا يزالون الليل قياما وركعا وسجدا ، إذ خرج علي علیه السلام كمثل ما كان يخرج لصلاة الغداة ، فجعل ينادي : أيها الناس ، الصلاة ، الصلاة.

حسب ما كان يفعل ، ليعلم المصلّون وقت صلاة الفجر قد دخل ، فما هو إلا أن قال ذلك حتى نظرت إذا بريق السيوف. وسمعت قائلا يقول : الحكم لله لا لك يا علي. وتحرك الناس ، وسمعت عليا علیه السلام يقول : [ فزت وربّ الكعبة ]. لا يفوتكم الرجل.

فلم يكن همي إلا القصد إليه ، فرأيته قد غشاه الدم ، فلم ألبث أن اتي إليه بابن ملجم لعنه اللّه. وقد ادخل الى القصر ، ودخل معه من دخل من الناس ، فسمعته يقول :

النفس بالنفس ، إن هلكت فاقتلوه كما قتلني ، وإن بقيت رأيت فيه رأيي.

ودخلت فرأيت الحسن علیه السلام ناحية ، وعدو اللّه مكتوفا بين يديه. وأم كلثوم بنت علي علیه السلام تبكي ، فلما رأت ابن ملجم لعنه اللّه قالت : يا عدو اللّه إنه لا بأس على أبي ، واللّه يجزيك.

فقال لها عدو اللّه : فعلى من تبكين إذن؟ واللّه لقد اشتريته - يعني السيف الذي ضربه به - بألف ، وسممته بألف ، ولو كانت هذه الضربة بجميع أهل المصر ما بقي منهم أحد.

ودخل على علي علیه السلام جندب بن عبد اللّه (1) رضی اللّه عنه ،

ص: 442


1- واظنه جندب بن عبد اللّه بن سفيان البجلي العلقي المعروف بجندب بن أم جندب المتوفى سنة 61 ه. ويقال له : جندب الخير ، وجندب العارف.

فقال : يا أمير المؤمنين ، فقدناك - ولا نفقدك إن شاء اللّه - فإلى من الأمر من بعدك؟

فدعا الحسن والحسين صلوات اللّه عليهما ، فقال :

اوصيكما بتقوى اللّه عزّ وجلّ ، ولا تأسيا على شيء من الدنيا زوي عنكما ، وعليكما بقول الحق ، ومواساة اليتيم ، وعون الضعيف ، ونصرة المظلوم ، وقمع الظالم ، اعملا بما في كتاب اللّه عزّ وجلّ ، ولا تأخذكما في اللّه لومة لائم.

ثم نظر إلى محمّد بن الحنفية ، فقال له :

اوصيك بتقوى اللّه ، وتوقير أخويك لعظيم حقهما عليك ، وإيثار أمرهما.

ثم نظر إليهما ، فقال :

اوصيكما به ، فإنه أخوكما.

ثم قال للحسن علیه السلام :

واوصيك يا بني بديا في ذات نفسك بتقوى اللّه ، واقام الصلاة لوقتها ، وإيتاء الزكاة عند محلها ، وحسن الوضوء فإنه لا صلاة إلا بطهور ، ولا تقبل الصلاة ممن منع الزكاة ، واوصيك بأن تغفر الذنب (1) ، وتكظم الغيظ ، وبصلة الرحم ، والحلم عن الجاهل ، والتفقه في الدين ، [ والتثبت في الأمر ] ، والتعاهد للقرآن ، وحسن الجوار ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر.

ثم قال : حفظكم اللّه أهل البيت وحفظ فيكم نبيكم وأستودعكم اللّه وأقرأ عليكم السّلام.

ص: 443


1- وفي نسخة و: الذنوب.

[ وأخيرا ، ارتحل أبو الحسن ]

[795] وبآخر ، عن الواقدي ، أنه قال : قتل أمير المؤمنين علي علیه السلام ليلة الجمعة لتسع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان ، سنة أربعين ، وغسله الحسن والحسين علیهماالسلام وعبد اللّه بن جعفر (1) وكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ، وصلّى عليه الحسن علیه السلام ، وكبّر عليه سبع تكبيرات.

[ أحاديث في القاتل ]

[796] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن جابر بن سمرة (2) ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : يا علي ، من أشقى الأولين؟

قال : عاقر الناقة.

( أخذه من قوله اللّه عزّ وجلّ : (3) ( إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها ) (4).

قال : فمن أشقى الآخرين؟

قال : اللّه ورسوله أعلم.

قال : أشقى الآخرين قاتلك يا علي.

ص: 444


1- وفي بحار الأنوار 42 / 254 اضاف : وكان عنده من بقايا حنوط رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فحنطوه بها.
2- هكذا صححناه وفي الاصل : جابر بن شمر ، وهو أبو خالد جابر بن سمرة بن عمرو بن جندب بن حجير السوائي توفي بالكوفة في ولاية بشر بن مروان عليها سنة 74 وصلّى عليه عمرو بن حريث أيام المختار.
3- الشمس : 12.
4- ما بين القوسين زيادة من المؤلف لم تكن في الرواية.

[797] يحيى بن سلام ، باسناده ، عن أبي الطفيل (1) ، قال : دعا علي علیه السلام الناس الى البيعة ، فجاءه عبد الرحمن بن ملجم ، فرده - مرتين -. وبايعه في الثالثة. ثم قال له :

ما يحبس أشقاها ، والذي نفسي بيده لتخضبن هذه - وأومى الى لحيته - من هذا - وأومى الى رأسه -.

[798] وبآخر ، عنه ، أن عليا علیه السلام قسم مالا ، فجاءه ابن ملجم ، فأعطاه ، فقال :

اريد حياته (2) ويريد قتلي

عذيرك من خليلك من مراد

[799] عبد اللّه بن صالح ، باسناده ، عن زيد بن أسلم (3) ، [ عن أبي سنان الدؤلي ] (4) ، أنه قال : مرض علي علیه السلام ، فدخلنا إليه نعوده.

فقال : اني ما أخشى الموت من مرض ، لأني سمعت الصادق المصدق - يعني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - يقول لي : يا علي إنك ستضرب ضربة هاهنا - وأومى الى رأسه - يسيل دمها حتى تخضب لحيتك ، يكون صاحبها أشقى هذه الامة كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود.

[800] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن ثعلبة بن يزيد ، قال : قال علي علیه السلام : والذي نفسي بيده لتخضبن هذه - وأومى بيده الى لحيته - من هذا - وأومى بيده الى رأسه -.

ص: 445


1- عامر بن وائلة بن عبد اللّه بن عمرو الليثي الكناني القرشي ولد يوم أحد 3 ه- حمل راية علي علیه السلام في بعض وقائعه ، توفي بمكة 100 ه- وهو آخر من مات من الصحابة.
2- وفي بعض المصادر : حباءه.
3- أبو عبد اللّه أو أبو اسامة زيد بن أسلم العدوي العمري فقيه مفسر من أهل المدينة توفي 136 ه.
4- من تاريخ دمشق 3 / 276 الحديث 1363.

فلما اصيب وخضبت لحيته بالدم ، أخذها ، وقال : ألم أقل لكم إنها ستخضب.

[801] أبو غسان ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، قال : قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن هذه الامة ستغدر بك.

[ حبّك يا أمير المؤمنين ]

[802] الدغشي ، باسناده ، باسناده ، أن الأصبغ بن نباتة (1) قال : لما ضرب علي علیه السلام الضربة التي مات فيها ، كنا عنده ليلا ، فأغمي عليه ، فأفاق ، فنظر إلينا ، فقال : ما يجلسكم؟

فقلنا : حبك يا أمير المؤمنين.

فقال : أما والذي أنزل التوراة على موسى ، والإنجيل على عيسى ، والزبور على داود ، والفرقان على محمّد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لا يحبني عبد إلا رآني حيث يسرّه ، ولا يبغضني عبد إلا رآني حيث يكرهه. إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أخبرني أني اضرب في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان في الليلة التي مات فيها موسى علیه السلام - أو قال وصيّ موسى علیه السلام - وأموت في ليلة احدى وعشرين يمضي من شهر رمضان ، في الليلة التي رفع فيها عيسى علیه السلام .

قال الأصبغ : فمات والذي لا إله إلا هو فيها.

[803] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن محمّد بن عبد الرحمن ، قال : قال عبد الملك بن مروان (2) للزهري : أيّ واحد أنت؟ إن أعلمتني بعلامة

ص: 446


1- وهو الاصبغ بن نباتة بن الحارث بن عمرو بن فاتك بن عامر بن مجاشع بن دارم التميمي الحنظلي المجاشعي.
2- وهو خامس خليفة اموي ولد بالمدينة سنة 26 ه- ، وتوفي في دمشق سنة 86 ه- ، تولّى مقاليد الحكم سنة 65 ه.

اليوم الذي قتل فيه علي علیه السلام .

فقال له الزهري : نعم ، اخبرك أنه لم يرفع ذلك اليوم حصاة ببيت المقدس إلا وجد تحتها دم عبيط.

فقال عبد الملك بن مروان : إني وإياك في هذا الحديث لغريبان (1).

يعني : إنه لم يروه غيرهما.

[ صورة اخرى للوصية ]

[804] وبآخر ، محمّد بن حميد الاصباعي ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام ، أنه قال : أوصى علي علیه السلام إلى الحسن ، وكتب وصيته فكان فيها :

بسم اللّه الرحمن الرحيم

هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب :

أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأن محمّدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون ، صلی اللّه علیه و آله ، وأن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين لا شريك له ، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين.

ثم إني اوصيك يا حسن ، وجميع [ أهل بيتي ] وولدي ومن بلغه كتابي هذا من المؤمنين بتقوى اللّه ربكم ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (2) ، فاني سمعت

ص: 447


1- وفي مناقب الخوارزمي ص 281 : فقال : اني واياك غريبان في هذا الحديث.
2- آل عمران : 103.

رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : صلاح ذات البين خير من عامة الصلاة والصيام ، وإن المبيرة حالقة الدين فساد ذات البين ولا قوة إلا باللّه.

انظروا يا بنيّ في ذوي أرحامكم ، فصلوهم يهون اللّه عزّ وجلّ عليكم الحساب.

واللّه اللّه في الأيتام فلا يضيعن أحد منهم بحضرتكم (1).

واللّه اللّه في جيرانكم فإنهم وصية رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ما زال يوصينا بهم حتى ظننا أنه سيورثهم.

واللّه اللّه في القرآن فلا يسبقكم بالعمل به غيركم.

واللّه اللّه في الصلاة فإنها عماد دينكم.

واللّه اللّه في الزكاة فإنها تطفئ غضب ربكم.

واللّه اللّه في صيام شهر رمضان فإن صيامه جنة من النار لكم.

واللّه اللّه في بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا.

واللّه اللّه في الجهاد في سبيل اللّه بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم.

واللّه اللّه في ذمة أهل بيت نبيكم (2) فلا يظلموا بين أظهركم.

واللّه اللّه في أصحاب نبيكم صلی اللّه علیه و آله ، فإن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أوصى (3) بهم.

واللّه اللّه في الفقراء والمساكين فشاركوهم في معايشكم.

ص: 448


1- واضاف في بحار الانوار : فقد سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : من عال يتيما حتى يستغني أوجب اللّه عزّ وجلّ له بذلك الجنة ، كما أوجب اللّه لآكل مال اليتيم النار.
2- وفي نسخة و: في ذرية نبيكم.
3- وفي نسخة و: باهى.

واللّه اللّه فيما ملكت أيمانكم ، فإنه آخر ما تكلم به نبيكم.

قال علیه السلام : أوصيكم بالضعيف واليتيم ، والمرأة ، وما ملكت أيمانكم ، والصلاة الصلاة.

انظروا يا بنيّ ، لا تخافوا في اللّه لومة لائم يكفيكم اللّه من أرادكم (1) أو بغى عليكم ، قولوا للناس حسنا كما أمركم اللّه ، ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فيولي اللّه الأمر أشراركم ثم تدعون اللّه عزّ وجلّ فلا يستجاب لكم.

يا بنيّ ، عليكم بالتواصل والتباذل والتراحم ، وإياكم والتحاسد والتقاطع والتفرق والتباغض. وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ، واتقوا اللّه إن اللّه شديد العقاب.

حفظكم اللّه من أهل بيت وحفظ فيكم نبيكم وأستودعكم اللّه ، واقرئ عليكم السّلام ورحمة اللّه.

ثم لم ينطق بشيء إلا بلا إله إلا اللّه حتى قبض صلوات اللّه عليه أول ليلة من عشر شهر رمضان الأواخر (2).

[ حرصه على مستقبل الامّة ]

[805] سعيد بن سليمان ، باسناده ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : سمعت عليا علیه السلام وهو يقول على المنبر :

ص: 449


1- وفي بحار الانوار : من آذاكم.
2- وفي بحار الانوار 42 / 250 : حتى قبض علیه السلام في ثلاث ليال من العشر الأواخر ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ليلة الجمعة سنة أربعين من الهجرة. وكان ضرب ليلة احدى وعشرين من شهر رمضان.

من هاهنا من بني عبد المطلب ، فليدن مني.

فجعلوا يتوثبون إليه.

قال لهم : اذكركم باللّه أن تقتلوا بي إلا قاتلي ، ولا تضعوا غدا سيوفكم على عواتقكم - أو قال : على رقابكم - تخبطون بها الناس تقولون : قتلتم أمير المؤمنين.

قال : فما لبث بعد ذلك إلا جمعة حتى قتل صلوات اللّه عليه.

[806] أحمد بن صالح البصري ، باسناده عن عبيدة ، قال : سمعت عليا علیه السلام وهو على المنبر يقول :

اللّهمّ إني سئمتهم وسأموني ، ومللتهم وملّوني فأرحني منهم وأرحهم مني ، فما يمنع أشقاها أن يخضبها بدم - ووضع يده على لحيته - من هذه - ووضع يده على رأسه -.

[ نعود الى الأحاديث ]

[807] عبيد اللّه بن أمية ، قال : دخل جويرية (1) بن مسهر يوما على أمير المؤمنين علي علیه السلام ، فأصابه نائما ، فناداه : أيها النائم استيقظ فو الذي نفسي بيده ، لتضربن ضربة على رأسك تخضب منها لحيتك ، وذلك بما سمعته من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

فانتبه علي علیه السلام ، فقال له : اجلس يا جويرية حتى احدثك

ص: 450


1- هكذا صححناه وفي الاصل : حويرث ، وهكذا في باقي النسخ. وهو جويرية بن مسهر العبدي الكوفي ، صاحب أمير المؤمنين ، مرقده بخوزستان - فرماط - ، وسبب شهادته : أن معاوية تتبع أصحاب علي عليه السلام تحت كل حجر ومدر ، وأمر عامله زياد بن سمية - ابن أبيه - الذي ولع في دماء المسلمين أن يقتل جويرية بن مسهر ، فأحضره زياد ، وقطع يديه ورجليه وصلبه على جذع ، فاستشهد رحمة اللّه عليه.

عن نفسك. وأنت والذي نفسي بيده لتحملن الى العتلّ الزنيم (1) ، فليقطعن يدك ورجلك ، ثم ليصلبنك بحذاء جذع كافر.

فأخذه عبيد اللّه بن زياد ، فقطع يده ورجله ، ثم صلبه الى جنب ابن معكبر. فكان جذع ابن معكبر أطول ، وكان جذع جويرية دونه.

[808] علي بن كثير ، عن أبي صالح ، قال : سمعت عليا علیه السلام - على المنبر - يقول :

أين شقيكم ، أما واللّه ليضربني في هذا - يعني رأسه - حتى يخضب هذه يعني لحيته -.

[809] عبد اللّه بن محمّد بن عقيل ، عن علي بن أبي طالب علیه السلام ، أنه قال : قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي من أشقى ثمود؟

قلت : عاقر الناقة.

قال : فمن أشقى هذه الامة؟

قلت : اللّه ورسوله أعلم.

قال : قاتلك.

[810] أبو الجحاف ، باسناده ، وعن أبي عبد الرحمن السلمي ، قال : كان علي علیه السلام قد أخلى أهل السواد الى الكوفة ، وكان لي ابن عم بالسواد. فقلت للحسن علیه السلام : احب أن تعينني على أمير المؤمنين علیه السلام ، بأن يؤجل لابن عمي حتى يفرغ من ضيعته. فوعدني أن أغدو إليه ، فغدوت لميعاده ، فوجدت أمير المؤمنين علیه السلام قد ضرب الضربة التي ضرب ، ووجدت الحسن علیه السلام في اناس. فسمعته يقول : كانت البارحة ليلة بدر ، وكان أمير المؤمنين علیه السلام

ص: 451


1- الزنيم : الدعي.

يوقظ أهله للصلاة ، حتى كان في وجه الصبح ، فخفق خفقة ، ثم انتبه ، فنادى : يا حسن.

قلت : لبيك.

قال : رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قد أقبل ، فشكوت إليه ما لقيت من امته من اللأواء (1) واللدد (2) ، فقال لي : يا علي ادع اللّه عليهم. فقلت : اللّهمّ أبدلني بهم من هو خير لي منهم ، وأبدلهم بي من هو شرّ لهم مني.

ثم خرج فكان من أمره ما كان.

[811] إسماعيل البراز ، عن أم موسى (3) ، وليدة كانت لعلي بن أبي طالب علیه السلام ، قالت :

قال علي علیه السلام يوما لابنته أم كلثوم - وكانت خير بناته : يا بنية ما أراني إلا أقل ما أصحبك.

قالت : ولم يا أبتاه؟

قال : رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في منامي يمسح الغبار عن وجهي ، ويقول : يا علي لا عليك قد قضيت ما عليك.

قالت : فما لبث إلا يسيرا حتى قتل صلوات اللّه عليه.

[812] فطر بن خليفة (4) ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : أما واللّه إنه لعهد النبي صلی اللّه علیه و آله أن الامة ستغدر بي.

ص: 452


1- هكذا صححناه وفي الاصل : اللوذ. ومعناه : الشدة والخلاف.
2- الدد : شدة الخصومة.
3- وقيل إن اسمها فاختة وقيل حبيبة ، راجع اعيان الشيعة 3 / 488.
4- القرشي المخزومي المتوفى سنة 153.

[ صورة ثالثة للوصية ]

[813] بشر بن الوليد ، عن علي علیه السلام انه قال : أوصى فكان في وصيته علیه السلام :

بسم اللّه الرحمن الرحيم

هذا ما أمر به وقضى في ماله علي بن أبي طالب ، إنه تصدق بينبع أبتغي بذلك رضوان اللّه عزّ وجلّ ليولجني اللّه به الجنة ، ويصرفني به عن النار ، ويصرف النار عني ، وهي في سبيل اللّه ، ووجهه ينفق في كل نفقة في سبيل اللّه في الحرب والسلم ، وذي الرحم والقريب والبعيد. لا تباع ، ولا توهب ، ولا تورث. كل مال لي بينبع غير أن رياحا ، وأبا نيزر ، وجبيرا إن حدث بي حدث فهم محررون بعد أن يعملوا في المال خمس حجج ، وفيه نفقتهم ورزقهم ورزق أهاليهم ؛ [ ثم هم أحرار ] (1) فذلك الذي أقضي فيما كان لي بينبع حيّ أنا أو ميت ، ومع ذلك ما كان لي بوادي القرى من مال أو رقيق حيّ أنا أو ميت ، ومع ذلك الاذنية وأهلها حيّ أنا أوميت ، ومع ذلك دعد (2) وأهلها ، وأن زريقا له مثل ما كتبت لأبي نيزر ورياح وجبير. وإن ينبع (3) ومالي بوادي القرى (4) والاذنية ودعده (5) ينفق في كل نفقة يبتغي بها وجه

ص: 453


1- هكذا في مقتل أمير المؤمنين لابن أبي الدنيا - مخطوط -.
2- وفي بحار الانوار 42 / 40 : بديمة.
3- بالفتح ثم السكون وضم الموحدة وعين المهملة ، وهي على سبع مراحل من المدينة فيها 170 عينا ( عمدة الاخبار : ص 439 ).
4- واد كبير من اعمال المدينة كثير القرى بين المدينة والشام.
5- هكذا في الاصل والصحيح : درعة.

اللّه وفي سبيل اللّه وفي وجهه يوم تسودّ وجوه وتبيضّ وجوه لا يباع ذلك ولا يوهب ولا يورث حتى يرثه اللّه عزّ وجلّ ويتقبله بذلك قضيت ما بيني وبين اللّه ما قدمت حيّ أنا أو ميت.

هذا ما قضى علي بن أبي طالب في ماله وأوجبه ، يقوم على ذلك الحسن بن علي ما دام حيا ، فإن هلك فالحسين بن علي يليها ما دام حينا ، فإن هلك فالأول من ذوي السن والصلاح من ولده واحد بعد واحد ، يعدل فيها ، ويطعم بالمعروف ، ويصلحون فيها كإصلاحهم أموالهم ولا تباع من أولاد من بهذه القرى (1) الأربع من العبيد أحد ، وغلتها للمؤمنين أولهم وآخرهم ، فمن وليها من الناس فاذكره الاجتهاد والنصح والحفظ والأمانة.

وهذا كتاب علي بن أبي طالب بيده ، وهذه الصدقة في سبيل اللّه واجبة نبلة تصرف في كل نفقة في سبيل اللّه ووجهه ، وذوي الرحم ، والفقراء والمساكين ، وابن السبيل ، يقوم على ذلك أكبر ولد فاطمة علیهاالسلام من ذوي الأمانة والصلاح ، ويصلحها اصلاحه ماله يزرع ويغرس وينصح ويجتهد. لا يحل لأحد وليها أن يحكم فيها ، ولا أن يعمل بغير عهدي.

وكتب علي بن أبي طالب بيده ، لعشر خلون من جمادى الاولى سنة تسع وثلاثين.

وشهد عبيد اللّه بن أبي رافع (2).

ص: 454


1- وفي مقتل أمير المؤمنين لابن أبي الدنيا - مخطوط - : ولا يباع من أولاد نخل هذه القرى.
2- وفي نسخة و: عبد اللّه بن رافع.

وهياج بن [ أبي ] هياج (1).

قال عبيد اللّه : فكان بين كتابه هذا وبين قتله أربعة أشهر وثلاث عشرة ليلة (2).

__________________

(1) وفي بحار الانوار 42 / 42 : شهد أبو سمر بن أبرهة ، وصعصعة بن صوحان ، ويزيد بن قيس ، وهياج بن أبي هياج.

(2) ورثاه ولده الامام الحسن علیه السلام :

خلّ العيون وما أرد *** ن من البكاء على علي

لا تقبلن من الخلي *** فليس قلبك بالخلي

لله أنت إذا الرجا *** ل تضعضعت وسط الندي

فرجت غمته ولم *** تركن إلى فشل وعي

وقال آخر :

لقد هدّ ركني أبو شبر *** فما ذاقت العين طيب الوسن

ولا ذاقت العين طيب الكرى *** وألقيت دهري رهين الحزن

وأقلقني طول تذكاره *** حرارة ثكل الرقوب الشثن

قال صعصعة بن صوحان :

إلى من لي بأنسك يا أخيا *** ومن لي أن أبثّك ما لديّا

طوتك خطوب دهر قد توالى *** لذاك خطوبه نشرا وطيّا

فلو نشرت قواك لي المنايا *** شكوت إليك ما صنعت إليّا

بكيتك يا علي لدرّ عيني *** فلم تغن البكاء عليك شيئا

كفى حزنا بدفنك ثم إني *** نفضت تراب قبرك من يديّا

وكانت في حياتك لي عظات *** وأنت اليوم أوعظ منك حيّا

فيا أسفي عليك وطول شوقي *** إلى لو أن ذلك ردّ شيئا

وقال آخر :

دعوتك يا علي فلم تجبني *** وردّت دعوتي بأسا عليّا

بموتك ماتت اللذات عني *** وكانت حيّة إذ كنت حيّا

فيا أسفا عليك وطول شوقي *** إليك لو أن ذلك ردّ ليّا

وقال أبو الأسود الدؤلي ، وقيل : أم الهيثم بنت العريان النخعية :

ألا يا عين ويحك أسعدينا *** ألا تبكي أمير المؤمنينا

أتبكي أمّ كلثوم عليه *** بعبرتها وقد رأت اليقينا

ألا قل للخوارج حيث كانوا *** فلا قرّت عيون الشامتينا

أفي شهر الصيام فجعتمونا *** بخير الناس طرّا أجمعينا

قتلتم خير من ركب المطايا *** وذللها ومن ركب السفينا

ومن لبس النعال ومن حفاها *** ومن قرأ المثاني والمئينا

وكل مناقب الخيرات فيه *** وحبّ رسول ربّ العالمينا

لقد علمت قريش حيث كانت *** بأنك خيرها حسبا ودينا

إذا استقبلت وجه أبي حسين *** رأيت النور فوق الناظرينا

وكنا قبل مقتله بخير *** نرى مولى رسول اللّه فينا

يقيم الحق لا يرتاب فيه *** ويعدل في العدى والأقربينا

وليس بكاتم علما لديه *** ولم يخلق من المتجبرينا

كأن الناس إذ فقدوا عليا *** نعام حار في بلد سنينا

فلا تشمت معاوية بن صخر *** فإن بقية الخلفاء فينا

وقال السيد حيدر الحلي رحمه اللّه :

قم ناشد الاسلام عن مصابه *** اصيب بالنبي أم كتابه

أم أن ركب الموت عنه قد سرى *** بالروح محمولا على ركابه

بل قد قضى نفس النبي المرتضى *** وأدرج الليلة في أثوابه

مضى على اهتضامه بغضّة *** غضّ بها الدهر مدى أحقابه

عاش غريبا بينها وقد قضى *** بسيف أشقاها على اغترابه

لقد أراقوا ليلة القدر دما *** دماؤها انصببن بانصبابه

تنزل الروح فوا في روحه *** صاعدة شوقا الى ثوابه

فضجّ والاملاك فيها ضجة *** منها اقشعرّ الكون في إهابه

وانقلب السّلام للفجر بها *** للحشر إعوالا على مصابه

لله نفس أحمد من قد غدا *** من نفس كل مؤمن أولى به

غادره ابن ملجم ووجهه *** مخضب بالدم في محرابه

وجه لوجه اللّه كم عفّره *** في مسجد كان أبا ترابه

فأغبر وجه الدين لاصفراره *** وخضب الإيمان لاختضابه

ويزعمون حيث طللوا دمه *** في صومهم قد زيد في ثوابه

والصوم يدعو كل عام صارخا *** قد نضحوا دمي على ثيابه

أطاعة قتلهم من لم يكن *** تقبل طاعات الورى إلا به

قتلتم الصلاة في محرابها *** يا قاتليه وهو في محرابه

وشقّ رأس العدل سيف جوركم *** مذ شقّ منه الرأس في ذبابه

فليبك جبريل له ولينتحب *** في الملأ الأعلى على مصابه

نعم بكى والغيث من بكائه *** ينحب والرعد من انتحابه

منتدبا في صرخة وانما *** يستصرخ المهديّ في انتدابه

يا أيها المحجوب عن شيعته *** وكاشف الغمّا على احتجابه

كم تغمد السيف لقد تقطعت *** رقاب أهل الحق على ارتقابه

فانهض لها فليس إلاك لها *** قد سئم الصابر جرع صبابه

واطلب أباك المرتضى ممن غدا *** منقلبا عنه على أعقابه

فهو كتاب اللّه ضاع بينهم *** فاسأل بأمر اللّه عن كتابه

وقل ولكن بلسان مرهف *** واجعل دماء القوم في جوابه

يا عصبة الالحاد أين من قضى *** محتسبا وكنت في احتسابه

أين أمير المؤمنين أو ما *** عن قتله اكتفيت في اغتصابه

لله كم جرعة غيظ ساغها *** بعد نبيّ اللّه من أصحابه

وهي على العالم لو توزعت *** أشرقت العالم في شرابه

فانع الى أحمد ثقل أحمد *** وقل له يا خير من يدعى به

إن الألى على النفاق مردوا *** قد كشفوا بعدك عن نقابه

وصيّروا سرح الهدى فريسة *** للغيّ بين الطلس في ذيابه

وظلّ راعي إفكهم يحلب من *** ضرع لبون الجور في وطابه

فالأمة اليوم غدت في مجهل *** ظلّت طريق الحق في شعابه

لم يتشعب في قريش نسب *** إلا غدا في المحض من نيابه

حتى أتيت فأتى في حسب *** قد دخل التنزيل في حسابه

فيا لها غلطة دهر بعدها *** لا يحمد الدهر على صوابه

مشى الى خلف بها فأصبحت *** ارؤسه تتبع من أذنابه

وما كفاه أن أرانا ضلّة *** وهاده تعلو على هضابه

حتى أرانا ذئبه مفترسا *** بين الشبول ليثه في غابه

هذا أمير المؤمنين بعد ما *** ألجأهم للدين في ضرابه

وقاد من عتاتهم مصاعبا *** ما أسمحت لو لا شبا قرضابه

قد ألف الهيجاء حتى ليلها *** غرابه يأنس من عقابه

يمشي إليها وهو في ذهابه *** أشدّ شوقا منه في ايابه

كالشبل في وثبته والسيف في *** هيبته والصلّ في انسيابه

أرداه من لو لحظته عينه *** في مأزق لفرّ من ارهابه

ومرّ من بين الجموع هاربا *** يودّ أن يخرج من اهابه

وهو لعمري لو يشاء لم ينل *** ما نال أشقى القوم في أرابه

لكن غدا مسلما محتسبا *** والخير كل الخير في احتسابه

صلّى عليه اللّه من مضطهد *** قد أغضبوا الرحمن في اغتصابه

وقال السيد جعفر الحلي آل كمال الدين :

لبس الاسلام أبراد السواد *** يوم أردى المرتضى سيف المرادي

ليلة ما أصبحت إلا وقد *** غلب الغيّ على أمر الرشاد

والصلاح انخفضت أعلام *** وغدت ترفع أعلام الفساد

إن تقوض خيم الدين فقد *** فقدت خير دعام وعماد

ما رعى الغادر شهر اللّه في *** حجة اللّه على كل العباد

وببيت اللّه قد جدّ له *** ساجدا ينشج من خوف المعاد

يا ليال أنزل اللّه بها *** سور الذكر على أكرم هاد

محيت فيك على رغم العدى *** آية في فضلها الذكر ينادي

قتلوه وهو في محرابه *** طاوي الاحشاء عن ماء وزاد

سل بعينيه الدجى هل جفتا *** من بكاء أو ذاقتا طعم الرقاد

وسل الأنجم هل أبصرنه *** ليلة مضطجعا فوق الوساد

وسل الصبح اهل صادفه *** ملّ من نوح مذيب للجماد

سيّد مثلث الاخرى له *** فجفا النوم على لين المهاد

هو للمحراب والحرب اخ *** جاهد ما بين نفل وجهاد

نفسه الحرة قد عرّضها *** للظبا البيض وللسمر الصعاد

سامها بذلا فهابوا سومها *** فهي كالجوهر في سوق الكساد

طالما أقدم لا في صنعة *** من لبوس يتقي بأس الأعادي

فتحامتها وجوه تنجلي *** غبرة الهيجاء عنها بسواد

سلبوها وهو في غرّته *** حيث لا حرب ولا قرع جلاد

قسما لو نبهوه لرأوا *** دون أن يدنو له خرط القتاد

عاقر الناقة مع شقوته *** ليس بالأشقى من الرجس المرادي

فلقد عمم بالسيف فتى *** عمّ خلق اللّه طرا بالأيادي

فبكته الانس والجنّ معا *** و طيور الجوّ مع وحش البوادي

و بكاه الملأ الأعلى دما *** و غدا جبريل بالويل ينادي

هدمت واللّه أركان الهدى *** حيث لا من منذر فينا وهادي

ص: 455

ص: 456

ص: 457

ص: 458

فهل يدعي أحد أو يدعي له أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله اختصه من سره ، وأطلعه على علم ما يكون من بعده وعلى محاربة من حاربه ، وعلى أنه سيقتل من بعده ، ومن يقتله ، ومتى يكون ذلك ، وبشره بما له ولمن يقاتل معه من الثواب عند اللّه عزّ وجلّ. وهل يجوز أن يكون ذلك ويطلع عليه ، ويختصّ به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إلا من أقامه مقامه من بعده ، وأذن له بالجهاد في سبيل اللّه كما أذن اللّه عزّ وجلّ في ذلك له ، وكذلك إخباره اياه ، واطلاعه على ما يكون من بعده الى يوم القيامة ، وحكايته ذلك على المنبر على رءوس الأشهاد من الصحابة وغيرهم أنه ما من فئة تكون الى يوم القيامة إلا وهو يعلم ناعقها وقائدها وسائقها. وأنه يعلم ما بين اللوحين - يعني كتاب اللّه عزّ وجلّ - الذي أخبر سبحانه أن فيه بيان لكل شيء ، فأخبر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كما حكي ذلك عنه في هذا الكتاب وهو خبر مشهور يرويه الخاصّ والعام.

إن في كتاب اللّه عزّ وجلّ نبأ من مضى وخبر ما يكون وما يأتي.

ص: 459

واذا كان ذلك لا يوجد في ظاهره ، فهل يكون موجودا إلا في تأويله الذي أبان اللّه عزّ وجلّ يعلمه أولياءه؟ فقال سبحانه : ( وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) (1). وهو الذي عنى علي علیه السلام بقوله :

سلوني ، فإنكم لن تجدوا من أعلم بما بين اللوحين مني. فلو كان ذلك إنما عنى بظاهره لكان في الامة كثير يعلم ذلك ولا يخطئ فيه حرفا ، ولم يكن عليه علیه السلام ليقول في ذلك على رءوس الأشهاد ما يعلم أنه لا يصح من قوله ، وأن غيره يساويه فيه ، أو يقارنه ، أو يدعي علم شيء منه معه ، ولو كان ذلك لنافسوه فيه وادعوه معه.

ففي هذا أبين البيان على مقامه ، وأنه ولي أمر الامة بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ووصيه على ذلك الذي أقامه له كما أقام من تقدم من النبيين أوصياؤهم من بعدهم وعمدوا إليهم في ذلك وأودعوهم سرهم وأخبروهم عما يكون من بعدهم مما أوحاه اللّه عزّ وجلّ إليهم ، وجعله من العلم والحكمة عندهم سنة اللّه عزّ وجلّ في عباده : ( الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللّهِ تَبْدِيلاً ) (2).

ص: 460


1- آل عمران : 7.
2- الفتح : 23.

شهادة رسول اللّه لعليّ بالجنّة

اشارة

وذكر ما له في الآخرة

[814] الدغشي ، باسناده ، عن ابن الزبير ، أنه قال : كنت جالسا مع ابن عباس في المسجد نتحدث إذ دخل علينا رجل متلثم ، فجلس إلينا ، فقلنا له : من أنت؟

قال : إن آمنتموني تكلمت.

قلنا : لك الأمان.

فأرخى عمامته ، فإذا هو أبو ذر الغفاري رحمة اللّه عليه (1). وكان عثمان بن عفان قد نفاه من المدينة الى الربذة لما كان يحدث به عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من فضائل علي علیه السلام ، ورماه بالكذب ورسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : - فيما رواه الخاص والعام - ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر.

ص: 461


1- وهو جندب بن جنادة الصحابي المهاجري ، غني عن التعريف ، توفي في منفاه سنة 32 ه- في فلاة من الارض قرب قارعة الطريق وليس عنده إلا ابنته حيث توفيّت زوّجته وولده وهلك انعامه لسوء الاحوال الجوية والتغدية في منفاه. وجاء ركب من وجوه المسلمين من العراق قاصدين المدينة فيهم مالك الاشتر وحجر بن عدي وعبد اللّه بن مسعود وتولوا غسله والصلاة عليه ومواراته الثرى كما أخبر به الرسول الكريم صلی اللّه علیه و آله حيث قال : يسعد به أقوام يتولون أمره واقباره. وحملوا ابنته معهم الى المدينة الى دار أمير المؤمنين علیه السلام .

واظنه دخل المدينة حينئذ لحاجة له مترقبا.

قال ابن الزبير (1) فجعلت اتحدث وأبو ذر رحمة اللّه ورضوانه عليه يقطع حديثي بذكر فضائل علي علیه السلام . فقلت : يا أبا ذر إن المرء قد يحب المرء ثم يقصر. فأغاظ ذلك ابن عباس.

فقال : يا أبا ذر اناشدك اللّه بما لنا عليك من حق إلا حدثتنا بمناقب علي علیه السلام .

ثم قال أبو ذر : نعم ، إن لكم عليّ حقوقا لا أضرب لها أمدا ولا احصي لها عددا.

قال : فأسألك بحق حقوقنا عليك إلا حدثتنا؟

قال [ أبو ذر ] : نعم ، كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بحراء (2) ، وكان علي علیه السلام على الصفا عند دار حمزة بن عبد المطلب ، فدعاه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وقال : يا علي إني لأرجو أن تكون صاحبي في سفري هذا.

فقال : يا رسول اللّه ، وأيّ سفر هو؟

فقال : ذكرت لي أرض يقال لها : يثرب ، فان أعجل في القضاء ، فاتبعني.

فأقام بعده ليلتين ، ثم انطلق الى حراء ، فلم يجده ، فخنقته العبرة ، واقشعر ، فأراد أن ينطلق ليتبعه. فذكر أنه لا زاد معه وأنه لا يهتدي الطريق. وكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قد أمره في الليلة التي خرج فيها أن يضطجع مضجعه ، وأن يؤدي عنه أمانات كانت

ص: 462


1- وهو عبد اللّه بن الزبير بن العوام ولد 1 ه- ، قتله الحجاج 73 ه.
2- أي غار حراء مهبط الوحي على رسول اللّه من جبال مكة.

عنده (1) ، وأن يحكم أشياء (2) عهدها إليه في أهله ، ثم يلحق ، ففعل ذلك. فلما قضاه وأراد اللحوق برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أتى أمه - فاطمة بنت أسد - ليلا ، فقرع الباب عليها.

فقالت : من هذا؟

فقال : أنا علي.

فقالت : إن اللات والعزى منك بريئان.

فقال لها علي : اخفضي من صوتك ولا توقظي نوامك واكرمي ضيفك ، فأما اللات والعزى فهما مني بريئان كما ذكرت ، وأنا منهما بريء.

ففتحت له الباب ، فجلس.

فقال لها : هل عندك من شيء آكله؟

فرقّت له ، فقالت : ارفع الكساء ، فثم خبزة وشيء من تمر.

فأخذه ، ثم جعل يلاطفها حتى نامت. فوثب الحائط ، ثم سار ليلته ويومه. فأمسى بالروحاء (3) واستبطاه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وظهر الغمّ به عليه.

فقيل له في ذلك ، فقال : ومالي لا أغتم وقد خلفت خليلي ، ابن أبي طالب بمكة أمرته باللحوق بي إذا قضى ما عهدت إليه ، ولا أدري ما فعل اللّه به ، وإن اللّه عزّ وجلّ قد أعطاني فيه ثلاثا في الدنيا وثلاثا

ص: 463


1- قال ابن هشام في السيرة 2 / 93 : وكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ليس بمكة أحد عنده شيء يخشى عليه إلا وضعه عنده لما يعلم من صدقه وأمانته صلی اللّه علیه و آله .
2- في نسخة : والأشياء.
3- الروحاء : بالفتح ثم السكون ثم حاء المهملة ، أكثر ما قيل في المسافة بينها وبين المدينة 36 ميلا ( خلاصة الوفاء ص 558 ).

في الآخرة :

أعطاني في الدنيا ، فإنه صاحب لوائي ، وهو يواري عورتي ، وإنه صاحب مجلس القضاء من بعدي ، فأنا لا أخشى عليه أن يموت في حياتي.

وأما التي أعطاني به في الآخرة ، فإنه صاحب لوائي - لواء الحمد - يقدمني به الى الجنة ، وهو عون لي على مفاتيح خزائن الجنة ، وإنه صاحب حوضي يوم القيامة.

فأنا آمن عليه أن يرتد كافرا بعد إذ هداه اللّه ، ولكني أخاف عليه جهلة قريش. وذكر باقي الحديث.

[ ضغائن في صدور القوم ]

[815] وبآخر ، عن أنس بن مالك (1) ، قال : خرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلي علیه السلام معه وخرجت معهما ، فمشينا في حدائق المدينة ، فمررنا على حديقة.

فقال علي علیه السلام لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما أحسن هذه الحديقة يا رسول اللّه! فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : حديقتك يا علي في الجنة أحسن منها. حتى عدد سبع حدائق كل ذلك يقول له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مثل ذلك.

ثم بكى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال علي علیه السلام :

ص: 464


1- أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم النجاري الخزرجي الانصاري أبو ثمامة أو أبو حمزة ولد بالمدينة 10 قبل الهجرة خدم النبي صلی اللّه علیه و آله إلى أن قبض ، ثم رحل الى دمشق ثم الى البصرة فمات فيها 93 ه- وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة.

ما يبكيك يا رسول اللّه؟

قال : أبكاني اني ذكرت ضغائن لك في صدور قوم لا يبدونها لك حتى يفقدوني (1).

[816] وبآخر ، عنه ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ثلاثة تشتاق إليهم الجنة : علي بن أبي طالب وعمّار وسلمان.

[ خير الخلق يوم القيامة ]

[817] وبآخر ، أن عليا علیه السلام لما فرغ من قتال أهل البصرة وقف على أفواه ثلاث سكك. فقال : ألا اخبركم بخير الخلق يوم القيامة؟

قالوا : نعم يا أمير المؤمنين ، فمن هم؟

قال : سبعة من ولد عبد المطلب.

فقام إليه سلمان بن ربيعة ، فقال : أخبرنا بأسمائهم يا أمير المؤمنين.

قال : ما حدثتكم إلا وأنا اريد أن أخبركم به ، أولهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ووصيه صاحبكم ، وحمزة ، وجعفر ، والحسن والحسين ، والمهدي منا أهل البيت صلوات اللّه عليهم.

ص: 465


1- واضاف ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 325 الحديث 830 : فقال علي عليه السلام : فما اصنع يا رسول اللّه؟ قال : تصبر. قال : فان لم أستطع؟ قال : تلقى جميلا. قال : ويسلم لي ديني؟ قال : ويسلم لك دينك.

[818] وكيع ، عن الحكم بن عبد الرحمن بن الأخنس ، قال : خطبنا المغيرة بن شعبة ، فنال (1) من علي علیه السلام ، فقام إليه سعد بن زيد (2) فقال : إني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : علي في الجنة وهو خير البرية.

[ أشبه الناس بالمسيح ]

[819] وبآخر ، عن سلمان الفارسي (3) ، أنه قال : لما انصرف رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من غزوة بني المصطلق تقدم في مقدمة الناس ، وأمر عليا علیه السلام أن يكون في ساقتهم (4) يحفظهم ، فلما وصل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى المدينة أتى إلى باب المسجد ، فجلس ينتظر عليا علیه السلام لم يدخل منزله ، فرأيته يمسح العرق من وجهه.

ثم قال : يأتيكم الساعة من هذه الشعبة - وأشار بيده الى بعض الشعاب - رجل أشبه الناس بالمسيح ، وهو أفضل الناس بعدي يوم القيامة ، وأول من يدخل الجنة. فجعلنا ننظر الى الشعب.

فكان أول من طلع منه علي بن أبي طالب علیه السلام ، فلما انتهى

ص: 466


1- وفي نسخة و: فقال.
2- قال العاملي في اعيان الشيعة 7 / 222 : ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الرسول صلی اللّه علیه و آله .
3- أبو عبد اللّه سلمان الفارسي الصحابي توفي بالمدائن في العراق بسنة 36 ه- ومرقده يزار ويعرف باسم سلمان پاك. روى الكشي بسنده ، عن أسباط بن سالم ، عن موسى بن جعفر : إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين حواري محمّد بن عبد اللّه الذي لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر.
4- ساقة الجيش : مؤخرته.

الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قام إليه ، فاعتنقه ، وقبّل بين عينيه ، ودخلا.

فقال قوم من المنافقين : يشبّه ابن عمه بالمسيح ويمثله به. أفآلهتنا التي كنا نعبدها خير أم علي. فأنزل اللّه عزّ وجلّ فيهم : ( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ. وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) (1).

[ خير الامة في الدارين ]

[820] الحكم بن سليمان ، باسناده ، عن أبي رافع ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي صلوات اللّه عليه :

أنت خير امتي في الدنيا والآخرة ، زوجتك خير نساء امتي في الدنيا والآخرة ، وابناك سيدا امتي في الدنيا والآخرة.

[821] عبد اللّه بن محمّد بن عقيل ، عن جابر بن عبد اللّه ، أنه قال : جلسنا يوما مع النبي صلی اللّه علیه و آله فقال :

الآن يدخل عليكم رجل من أهل الجنة. ثم جعل يقول : اللّهمّ إن شئت جعلته عليا. فأقبل علیه السلام فدخل.

[822] الأشعث ، عن الحسن البصري (2) ، أنه سمع رجلا يقع في علي علیه السلام فقال : أما أن هذا وقع في رجل هو أخو رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في الدنيا (3) وأخوه في الآخرة.

ص: 467


1- الزخرف : 56 - 58.
2- أبو سعيد ، ولد بالمدينة 21 ، وتوفي بالبصرة سنة 110 ه.
3- وفي نسخة و: الديني.

[823] سليمان بن جعفر ، باسناده ، عن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين علیه السلام ، أنه قال : إذا كان يوم القيامة جمع اللّه عزّ وجلّ الخلق عراة ، فيوقفون بالمحشر ، حتى يعرقوا عرقا شديدا وتشتد أنفاسهم ، فيمكثون بذلك مقدار خمسين عاما ، وذلك قول اللّه عزّ وجلّ ( وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً ) (1).

قال : ثم ينادي مناد : وأين نبيّ الرحمة محمّد بن عبد اللّه الأمي فيتقدم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أمام الناس كلهم حتى ينتهي الى حوض طوله ما بين إيلة (2) الى صنعاء (3) ، فيقف عليه ، وينادي بصاحبكم - يعني عليا علیه السلام - فيتقدم أمام الناس ، وأنتم معه - يعني شيعة آل محمّد علیهم السلام - ، ثم يؤذن للناس فيمرون ، فمن بين وارد يومئذ ومصدود. فإذا رأى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من صرف عنه من محبينا بكى ، وقال : يا رب شيعة علي. فيبعث اللّه عزّ وجلّ إليه ملكا يقول له : ما يبكيك؟

فيقول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أبكي لاناس من شيعة علي أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار ، ومنعوا من ورود الحوض.

قال : فيقول له الملك : إن اللّه عزّ وجلّ يقول لك : إني قد وهبتهم لك ، وألحقتهم بك ، وصفحت عن ذنوبهم وجعلتهم مع من كانوا يتولّون ، وأوردتهم حوضك.

قال أبو جعفر علیه السلام : فكم من باك وباكية ينادون يومئذ :

ص: 468


1- طه : 108. والهمس الصوت الخفي.
2- ايلة : موضع في أعلى المدينة.
3- صنعاء : مدينة باليمن.

يا محمّداه. إذا رأوا ذلك فلا يبقى أحد كان يتولانا ، ويتبرأ من عدونا إلا كان في حيزنا ومعنا (1).

[824] أبو بكر بن أبي داود البغدادي ، عن عبد اللّه بن عباس (2) ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يأتي على الناس يوم القيامة وقت ما فيه راكب إلا نحن ، أربعة.

فقيل : من هم يا رسول اللّه؟

قال : أنا على البراق ، وأخي صالح (3) على ناقته التي عقرها قومه ، وعمي حمزة على ناقتي العضباء ، وأخي علي على ناقة من نوق الجنة عليه حلّتان خضراوان وعلى رأسه تاج ، ينادي : لا إله الا اللّه محمّد رسول اللّه.

فيقول الخلائق من هذا؟ أنبيّ مرسل ، أم ملك مقرب؟

فيناديهم مناد : ما هو نبيّ مرسل ، ولا ملك مقرب ، هذا إمام المتقين وقائد الغرّ المحجلين الى جنات النعيم.

[825] أبو العباس أحمد ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي ، ألا ترضى إذا جمع اللّه عزّ وجلّ

ص: 469


1- وفي أمالي المفيد ص 179 : إلا كان في حزبنا ومعنا وورد حوضنا.
2- أبو العباس ، ويكنى بابن عباس ، عبد اللّه بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، حبر الامة وترجمان القرآن ، ولد بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين وكف بصره في آخر عمره وتوفي بالطائف سنة 68 ه. قال العلاّمة في الخلاصة : ... من أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وكان محبا لعلي علیه السلام وتلميذه ، حاله في الجلالة والاخلاص لأمير المؤمنين علیه السلام أشهر من أن يخفى. وهناك أخبار ضعيفة السند ذكرها الشيخ الكشي في رجاله في مضمونها قدح في ابن عباس.
3- النبي الذي أرسله اللّه الى قوم ثمود ، ورد ذكره في القرآن.

الخلق في صعيد واحد (1) ، عراة حفاة مشاة فيها قد قطع أعناقهم العطش ، وكان أول من يدعى إبراهيم علیه السلام ، فيكسى ثوبين أبيضين.

ثم يقام عن يمين العرش ، ثم يفجر لي منقب الى الحوض (2) مثل ما بين بصرى وصنعاء (3) عليه قدحان من فضة بعدد نجوم السماء ، فأغترف منه ، وأتوضأ ، ثم اكتسي ثوبين أبيضين ، ثم أقوم عن يمين العرش ، وللعرش يمينان ، ثم تقوم أنت فتشرب وتتوضأ ، ثم تكسى ثوبين أبيضين ، ثم تقوم معي لا أدعى إلى حسنة إلا دعيت معي إليها.

[ السيّد في الدنيا والآخرة ]

[826] إسحاق بن أحمد البحراني ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كثيرا ما إذا نظر الى علي علیه السلام قال : سيد في الدنيا سيّد في الآخرة.

[827] أحمد بن يحيى الأزدي ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يأتي على الناس يوم القيامة وقت ما فيه راكب إلا أربعة.

قال له العباس : فداك أبي وأمي من هؤلاء الأربع؟

قال : أنا على البراق ، وأخي صالح على ناقة اللّه عزّ وجلّ التي

ص: 470


1- الصعيد : الارض المستوية التي لا نبات فيها.
2- وفي بشارة المصطفى ص 248 : ثم يفجر الى شعب من الجنة ، الى الحوض.
3- بصرى : قصبة كورة حوران من أعمال دمشق ، وصنعاء عاصمه اليمن.

عقرها قومه ، وعمي حمزة أسد اللّه وأسد رسول اللّه على ناقتي العضباء ، وأخي علي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة مدلحة (1) الجنبين وعليه حلّتان خضراوان من كسوة الرحمن ، على رأسه تاج من نور ، في ذلك التاج سبعون ركنا ، في كل ركن ياقوتة حمراء ، تضيء مسيرة ثلاثة أيام للراكب المجد. بيده لواء الحمد ينادي : لا إله إلا اللّه محمّد رسول اللّه.

فيقول الخلائق : من هذا ، أملك مقرب ، أم نبيّ مرسل ، أم حامل عرش؟

فيناديهم مناد من بطنان العرش ليس بملك مقرب ، ولا نبيّ مرسل ، ولا حامل عرش. هذا علي بن أبي طالب وصيّ رسول اللّه ، وإمام المتقين ، وقائد الغرّ المحجلين الى جنات النعيم.

[ الراضية المرضية ]

[828] أحمد بن يحيى الأزدي ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لما أسرى بي إلى السماء أخذ جبرائيل علیه السلام بيدي ، فأدخلني الجنة ، فأجلسني على درنوك (2) من درانيك الجنة ، فخرجت عليّ حوراء (3) ، فقالت : السّلام عليك يا محمّد ، السّلام عليك يا أحمد ، السّلام عليك يا رسول اللّه.

قلت : وعليك السّلام ، من أنت يرحمك اللّه؟

ص: 471


1- الدلح : الشيء بالحمل الثقيل.
2- الدرنوك : نوع من البسط.
3- واضاف في الرياض النضرة 2 / 211 : فخرجت منها حوراء لم أر أحسن منها.

قالت : أنا الراضية المرضية ، خلقني الجبار من ثلاثة أنواع ، أعلاي من مسك ، ووسطي من عنبر ، وأسفلي من كافور ، عجنت بماء الحيوان. ثم قال لي الجبار : كوني ، فكنت. خلقت لأخيك ووصيك وابن عمك علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه.

[ لواء الحمد ]

[829] الحسن ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، قال : اكتنفنا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في مسجد المدينة ، فتذاكرنا من أول أهل الجنة دخولا؟

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن أولكم دخولا الجنة علي بن أبي طالب.

فقام أبو دجانة الأنصاري (1) ، فقال : بأبي وأمي أنت يا رسول اللّه ، لقد سمعتك تقول قبل هذا : إن الجنة محرمة على الأنبياء والامم حتى تدخلها أنت ، يا رسول اللّه.

قال : صدقت يا أبا دجانة ، إن لله عزّ وجلّ لواء من نور وعمودا من نور خلقها قبل أن يخلق الدنيا بألف عام مكتوب على ذلك اللواء : أنا اللّه لا إله إلا أنا ، محمّد عبدي ورسولي الى خلقي [ وآل ] (2) محمّد خير البرية.

ثم أهوى بيده الى علي علیه السلام فقال : هذا حامل ذلك اللواء بين يدي يوم القيامة ، وصاحب لواء القوم أمامهم.

ص: 472


1- وهو سماك بن خرشة.
2- ما بين المعقوفتين من بحار الانوار 39 / 218 الحديث 11.

فكبّر الناس تكبيرة واحدة ، وأشرق لون علي علیه السلام فقال : الحمد لله الذي شرفنا برسوله صلی اللّه علیه و آله (1).

[830] الليث بن سعد ، باسناده ، عن أبي امامة الباهلي (2) ، قال : كنا ذات يوم جلوسا عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى أن قام ، فجاء علي بن أبي طالب علیه السلام ، فوافق رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ( قائما ، فلما رآه جلس ، ثم قال له : يا علي أتدري لم جلست؟

قال : اللّهمّ لا.

قال : [ لأخبرك ] (3) إني ختمت النبيين وإنك يا علي ختمت الوصيين ، إن حقا على اللّه عزّ وجلّ أن لا يقف موسى بن عمران موقفا يوم القيامة إلا وقف معه وصيه يوشع بن النون ، واني واقف وتقف معي ، ومسئول وتسأل معي ، فأعدّ للجواب.

يا علي ، إنما أنت عضو من أعضائي تزول إذا زلت ، وإن اللّه عزّ وجلّ قد أخذ ميثاقي وميثاقك وميثاق أهل مودّتك وشيعتك الى يوم القيامة ، فلكم شفاعتي.

[831] حماد بن سلمة ، باسناده ، عن الحسن البصري ، أنه قال : شهد ثلاثة عشرة رجلا كلهم من أصحاب محمّد صلی اللّه علیه و آله أنهم رأوا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قبّل بين عيني علي علیه السلام . ثم قال

ص: 473


1- واضاف في بحار الأنوار : فقال النبي صلی اللّه علیه و آله : ابشر يا علي ما من عبد يحبك وينتحل مودتك إلا بعثه اللّه يوم القيامة معنا. ثم قرأ النبي صلی اللّه علیه و آله هذه الآية : ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ. فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ) القمر :1. 55.
2- وهو صدى بن عجلان بن وهب الباهلي الصحابي ، كان مع أمير المؤمنين في صفين سكن الشام ، توفي في حمص 81 ه.
3- وفي الاصل : الاخبر.

له : يا ابن أبي طالب إنما أنت عضو من أعضائي تزول إذا ما زلت. أبشر يا علي فما بيني وبينك في الجنة إلا درجة النبوة ، وهي درجة الوسيلة لم يعطها أحد قبلي ولا يعطاها (1) أحد بعدي ، طولها أربعة آلاف فرسخ.

ثم التفت ، فنظر فإذا هو بأبي بكر ، فقال : يا أبا بكر وأنت؟

قال : نعم.

فقال : يا رسول اللّه جعلت فداك لكدت أهلك فيمن هلك.

قال : أمّا [ ما ] آمنت باللّه ، وشهدت أني رسول اللّه ، وعرفت لهذا ما عرفت بنو إسرائيل لهارون ؛ فإنك لن تضيع.

ثم ضرب بيده على منكب علي علیه السلام ، وقال : يا ابن أبي طالب أبشر فإنه لا يخرج بعدي فئة ثلاثمائة فما فوقها أو دونها إلا كنت أنت صاحبها وقائدها وسائقها ، والذي نفس محمّد بيده لأول من يقف أنت وأعداؤك ، وأنا قائم خلفك يدي بين كتفيك يصل برد كفي الى قلبك ) (2) ، فيثبت اللّه قدميك ويصدق قولك ، فلا تخاصم منهم أحدا إلا خصمته ، وقذفته في النار.

[832] مجاهد ، قال : سئل ابن عمر (3) عن علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ، فقال : أشهد أني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :

يا علي ، إني سألت اللّه عزّ وجلّ أن يعينني بك في سبع مواطن وعند حالات ، فأنت تلي غسلي من بين أهل بيتي ، وتنجز عداتي ، وتبري ذمتي ، وتقف معي على حوضي تسقي من يرد عليّ من امتي ، وسألت

ص: 474


1- هكذا صححناه وفي الاصل : يعلاها.
2- ما بين القوسين سقط من نسخة و.
3- وهو عبد اللّه بن عمر بن الخطاب ، هاجر الى المدينة قبل ابيه ، توفي بمكة سنة 73 ه.

اللّه عزّ وجلّ أن يعينني بك على فتح أبواب الجنة.

قيل : يا رسول اللّه ، وما فتح أبواب الجنة؟

قال : شهادة أن لا إله إلا اللّه ، وأني رسول اللّه ، والإقرار بولاية علي بن أبي طالب من بعدي.

[833] ابن عجلان ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : شكوت من حسد الناس لي الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

فقال : أما ترضى يا علي أن تكون أخي ووزيري في الدنيا والآخرة ، وأن أول من دخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين وفاطمة ، وذرياتنا ، وأزواجنا ، خلف ذرياتنا ، وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا.

يا علي ، أنا أكرم ولد آدم ولا فخر ، وليس بيني وبين ربي حجاب إلا النور. وأول من يكسى كسوة الجنة ولا فخر ، وأول من يؤذن له في الكلام ولا فخر ، وأول من يؤذن له في السجود ولا فخر ، وأول من يؤذن له في الشفاعة ولا فخر ، وأول من يسعى نوره أمامه ولا فخر ، وأول من يدخل الجنة ولا فخر ، وأول من يعطى سؤله ولا فخر ، وأول من يدخل الجنة بشفاعته ولا فخر ، واعطى لواء الحمد يوم القيامة ، فأعطيك يا علي تسعى به أمامي وتدخل الجنة بين يدي.

[834] وبآخر ، عن أبي امامة الباهلي (1) ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :

إن اللّه عزّ وجلّ اختار يوشع بن نون وصيا لموسى علیه السلام ،

ص: 475


1- وهو صدى بن عجلان بن وهب الباهلي.

وجعله من بعده نبيا ، ولو لا أن اللّه عزّ وجلّ ختم بي المرسلين وقضى أنه لا نبيّ بعدي لكنت يا علي من بعدي نبيا. ولكن اللّه عزّ وجلّ قد اختارك لي وصيا هاديا لامتي من بعدي ، فأنت صدّيقها وسائقها وقائدها الى الجنة برحمة اللّه عزّ وجلّ.

[835] يحيى بن الحسن ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :

إن علي بن أبي طالب ليزهر في الجنة لأهل الجنة ككوكب الصبح لأهل الدنيا.

[836] وبآخر ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوما - وأنا بين يديه أخدمه - يقول :

ليدخلن عليّ الساعة من هذا الباب رجل هو خير الأوصياء وسيد الشهداء ، وأقرب الناس من النبيين يوم القيامة مجلسا.

قال أنس بن مالك : اللّهمّ اجعله من الأنصار.

فدخل عليه علي بن أبي طالب علیه السلام .

[837] أبو البختري (1) ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه صلوات اللّه عليهما ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : منزلتي ومنزلتك يا علي في الآخرة متواجهتان كمنزلتي الأخوان.

[838] مالك بن أنس (2) ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، أنه قال : لما آخى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بين أصحابه جاء علي بن أبي طالب علیه السلام فقام قائما بين يدي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ثم

ص: 476


1- واظنه وهب بن وهب.
2- أبو عبد اللّه مالك بن أنس بن مالك الاصبحي الحميري وأحد الائمة الاربعة عند أهل السنة وإليه تنسب المالكية ، مولده ووفاته في المدينة 93 ه- - 179 ه.

قال : يا رسول اللّه ، قد رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت ، وتركتني. فإن يكن ذلك لموجدة منك عليّ فلك العتبى ، فقد ضاقت عليّ الأرض برحبها.

فتبسم إليه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وقال : ما الذي فعلت بأصحابي ، ولم أفعله بك يا علي؟

قال : آخيت بين كل اثنين منهم وأعطيت كل واحد منهم فضيلة ، وتركتني.

فقال له : مه يا علي ، تركتك لنفسي أنت أخي ووصيي ، وأنت معي في الجنة في قصر مع فاطمة زوجتك في الدنيا والآخرة ابنتي ومع الحسن والحسين ابنيّ وابنيكما.

يا علي إنما مثلنا مثل الشجرة أنا أصلها وأنت فرعها وفاطمة أغصانها والحسن والحسين ثمارها.

يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيّ بعدي.

يا علي يدك في يدي حتى أدخل الجنة.

يا علي إن اللّه عزّ وجلّ يبعث مناديا يوم القيامة من بطنان العرش مناديا ينادي : معشر الخلائق ، غضوا أبصاركم وطأطئوا رءوسكم حتى تمرّ فاطمة بنت محمّد على الصراط.

يا علي إنه من أحبك في حياتي وبعد وفاتي كنت له آمنا وأمانا ما طلعت الشمس وما غربت.

يا علي إنه من أبغضك في حياتي وبعد موتي مات ميتة جاهلية ، وحوسب بعمله في الإسلام.

يا علي أنت معي في الجنة.

يا علي وخصلة اخرى ادّخرها اللّه عزّ وجلّ لك.

ص: 477

قال : يا رسول اللّه ، وما هي؟

قال : إن لواء الحمد يوم القيامة بيدي وأنت معي تسقي المؤمنين من حوضي ، فإذا سرنا الى الجنة أعطيتك لواء الحمد ، وقدمت به بين يدي ، وهم خلفي.

يا علي ومن أبغضك أبغضني ، ومن أبغضني أبغضه اللّه ، ومن أبغضه اللّه أصلاه جهنم وساءت مصيرا.

[839] عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن أبي ذر ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول لعلي علیه السلام :

أنت أول عن آمن بي ، وأول من يصافحني يوم القيامة ، وأنت الصدّيق الأكبر ، وأنت الفاروق تفرق بين الحق والباطل ، وأنت يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظلمة.

قد ذكرت فيما تقدم من الأخبار كثيرا مما جرى فيها ذكر ما أفردت له هذا الباب من شهادة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي صلوات اللّه عليه بالجنة ، واختصاصه بما أعد اللّه عزّ وجلّ له فيها من الكرامة والمنزلة التي لا تنبغي إلا لمن قام مقامه ، وحلّ محله من الوصية والامامة ، والمقام الذي أقامه له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وإن كان قد عهد الجنة لغيره ، فإنه لم يأت عنه أنه بلغ بأحد منهم في ذلك مبلغه ، ولا ذكر فيه مثل ما ذكر في علي علیه السلام . وقد وعد اللّه عزّ وجل المؤمنين الجنة ، ولكنه لم يجعل لهم فيها مثل هذه المنازل والدرجات التي ذكرها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام وفي ذلك أبين البيان على مقامه ، وأنه كما قال فيه ، ونصّ عليه فيما ذكره وصيه من بعده كأحد أوصياء النبيين بعدهم وأفضلهم ، وصاحب أمر الامة بعده كما كان ، كذلك وصيّ كل نبي ، وصاحب أمر أمته من بعده ، وبانه لم يكن يجب لاحد أن يتقدم عليه ، ولا أن يدعي مقامه بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

ص: 478

فضائل أهل البيت (عليهم السلام)

اشارة

وممّا جاء في الاخبار مجملا في ذكر أهل بيت رسول اللّه صلوات اللّه عليهم أجمعين :

[840] أبو غسان ، باسناده ، عن أبي ذر رضوان اللّه عليه ، أنه أخذ بحلقتي باب الكعبة ، وقد اجتمع الناس للموسم (1) ، وحوّل وجهه الى الناس وهم أجمع ما كانوا في الطواف حول البيت.

فقال : أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، وإلا فأنا أعرفه بنفسي ، أنا أبو ذر الغفاري ، لا أخبركم إلا بما سمعت من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، سمعته يقول :

إني تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه ، وعترتي أهل بيتي ، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، [ ألا وإن ] مثلهما فيكم (2) سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق.

[841] وبآخر ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إني تارك فيكم الثقلين أحدهما اكبر من الآخر : كتاب اللّه حبل ممدود من السماء الى الأرض طرف منه عند اللّه ، وطرف منه في

ص: 479


1- أي : موسم الحج.
2- هكذا صححناه من كتاب البحار 23 / 134 الحديث 74. وفي الاصل : مثلهما مثل سفينة.

أيديكم ، فاستمسكوا به ، وعترتي.

قال فضيل : فقلت لعطية (1) : ما عترته؟

قال : أهل بيته.

[ أقول : ] وقول أصحاب اللغة في هذا أوضح وأصح.

قال الخليل (2) بن أحمد : عترة الرجل أقرباؤه من ولده وولد ولده وبني عمه.

فولد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فاطمة وولد ولده الحسن والحسين وابن عمه علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليهم أجمعين.

[843] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أن رجلا سأله ، فقال : يا أمير المؤمنين ، قوله اللّه عزّ وجلّ : ( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) (3) من عنى به؟

فقال علي علیه السلام : والذي نفسي بيده ، ما أحد ضرب عليه المواسى من قريش إلا وقد نزل فيه من كتاب اللّه طائفة. والذي نفسي بيده ، ما قضاه اللّه عزّ وجلّ لنا أهل البيت على لسان نبيه صلی اللّه علیه و آله أحبّ إليّ من أن يكون لي [ ملء ] هذه الرحبة ذهبا وفضة ، وما بي إلا يكون قد جفّ وجرى القلم بما هو كائن. ولكن لتعلموا ، واللّه ما مثلنا في هذه الامة إلا كمثل سفينة نوح في قومه ، أو باب حطة في بني إسرائيل.

ص: 480


1- وفي بحار الانوار 23 / 131 الحديث 64 : فقلت لأبي سعيد : من عترته.
2- هكذا في نسخة و، وفي الاصل : قال قيل بن.
3- هود : 17.

[ حديث الثقلين ]

[843] أبو نعيم ، عن زيد بن أرقم ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوم غدير خم وهو يقول :

إني تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه (1) من استمسك به كان على الهدى ، ومن تركه كان على الضلالة ، وأهل بيتي ، أذكّركم اللّه في أهل بيتي ، أذكّركم اللّه في أهل بيتي - يقولها ثلاثا -.

قال : فقلنا له : من أهل بيتك يا رسول اللّه (2) الدواوين؟

قال : آل علي وآل جعفر وآل العباس وآل عقيل الذي لا يأكلون الصدقة.

[844] أبو نعيم ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : قد خلفت فيكم الثقلين أحدهما اكبر من الآخر سببا موصولا من السماء الى الأرض : كتاب اللّه ، وعترتي أهل بيتي ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.

[ فقلت لأبي سعيد : من عترته؟ قال : أهل بيته ] (3).

[845] أبو نعيم أيضا ، باسناده عن النبي صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : اشتدّ غضب اللّه على اليهود [ أن قالوا : عزيز بن اللّه ] واشتدّ غضب اللّه على النصارى [ أن قالوا : المسيح ابن اللّه ] (4) واشتدّ غضب اللّه على من

ص: 481


1- وفي نسخة و: كتاب اللّه وعترتي.
2- وفي فرائد السمطين 2 / 250 : قلنا : من أهل بيته ، نساؤه؟ قال : لا ، أهل بيته ، أهله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده آل علي ... الحديث.
3- معاني الأخبار : ص 90.
4- ما بين المعقوفتين من كنز العمال : 1 / 67.

آذاني في عترتي من بعدي.

[846] الدغشي ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : إن في الجنة لؤلؤتين في بطنان العرش ، أحدهما بيضاء والاخرى صفراء ، في كل لؤلؤة منها سبعون الف غرفة أبوابها وأسرتها منها (1). فالبيضاء لمحمّد وأهل بيته ( علیهم السلام أجمعين ) والصفراء لإبراهيم وأهل بيته علیهم السلام .

قال الدغشي : فقلت لسعيد بن طريف : ما بطنان العرش؟

قال : وسطه.

[847] الليث بن سعد ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : إني كائن لكم يوم القيامة فرطا على الحوض ، وإني أسائلكم عن اثنتين : عن القرآن ، و [ عن ] عترتي.

[848] يحيى بن سلام ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : أتاني جبرائيل علیه السلام ، فقال : اللّه عزّ وجلّ قد بعثني إلى بلاده وعباده وهو أعلم بعباده وبلاده مني ، فقلبت أسفلها أعلاها ، فلم أجد فيها قبيلا أفضل من العرب.

ثم بعثني الى العرب ، فقلبت أسفلها أعلاها فلم أجد فيها قبيلا أفضل من قريش.

ثم بعثني الى قريش ، فقلبت أسفلها أعلاها ، فلم أجد فيها قبيلا أفضل من بني هاشم.

ثم بعثني الى بني هاشم فقلبت أسفلها أعلاها فلم أجد فيها أفضل من بني عبد المطلب.

ثم بعثني الى بني عبد المطلب فقلبت أسفلها أعلاها فلم أجد أحدا

ص: 482


1- وفي عمدة ابن البطريق : أبوابها وأكوابها من عرق واحد.

أفضل منك فبعثك رسولا.

[849] أبو غسان ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : إن اللّه خلق الخلق وفرقهم فريقين ، ثم جعلهم قبائل فجعلني من خير القبائل (1) ، ثم جعلهم بيوتا فجعلني من خيرهم بيتا ، فأنا خيركم فريقا وقبيلا وبيتا.

[850] وبآخر ، عنه ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : والذي نفسي بيده ، لا يدخل قلب عبد إيمان حتى يحبّ أهل بيتي لله عزّ وجلّ ولي.

[851] عبد اللّه بن صالح ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : اختار اللّه عزّ وجلّ من الناس العرب ، واختار من العرب كنانة واختار من كنانة النضر ، واختار من النضر عبد مناف ، واختار من عبد مناف هاشما ، واختار من هاشم عبد المطلب ، واختار من عبد المطلب عبد اللّه ، واختارني من عبد اللّه.

[852] وبآخر ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول على هذا المنبر :

ما بال قوم يزعمون. أن رحمي لا ينفع ، واللّه إن رحمي لينفع في الدنيا والآخرة (2) ، وإني فرطكم على الحوض. وسيأتي قوم يقول أحدهم : أنا فلان ( بن فلان ) (3) ويقول الآخر : أنا فلان بن فلان.

ص: 483


1- وفي ذخائر العقبى ص 10 : في خير قبيلة.
2- وفي مسند أحمد بن حنبل 3 / 18 : ما بال رجال يقولون : إن رحم رسول اللّه لا تنفع قومه؟ بلى واللّه إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة.
3- ما بين القوسين من نسخة - و-.

فأقول : أما النسب فقد عرفته ، ولكنكم رجعتم على أعقابكم.

[853] محمّد بن حميد الاصباغي ، باسناده ، عن الحسن علیه السلام ، أنه قال : إذا أردت أن تعتبرنا وبني أميّة (1) فاقرأ سورة الذين كفروا (2) فإن فينا منها آية ، وفيهم آية الى آخرها.

[854] يحيى بن سلام ، عن حماد بن سلمة ، يرفعه ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : الناس معادن في الخير والشر خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا (3).

[ السجاد ومنهال ]

[855] أبو غسان ، باسناده ، عن المنهال (4) بن عمر ، قال : دخلت على علي بن الحسين ، فقلت : كيف أصبحتم - أصلحك اللّه -؟

فنظر إليّ ، وقال :

ما كنت أرى أن شيخا مثلك بلغ ما بلغت من السن لا يدري كيف أصبحنا. فأما إذا لم تعلم فسأخبرك.

ص: 484


1- وفي البرهان 4 / 180 : من أراد أن يعلم فضلنا على عدونا.
2- أي : سورة محمّد صلی اللّه علیه و آله : ( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ ) .
3- قال النراقي في جامع السعادات 1 / 24 في جواب من احتج بهذا الحديث من عدم تأثير التربية في تصحيح أخلاق الانسان ، وأن الاخلاق من توابع المزاج الغير قابل للتبديل ، فقال (رحمه اللّه) : إن توابع المزاج من المقتضيات التي يمكن زوالها لا من اللوازم التي يمتنع انفكاكها لما ثبت في الحكمة من أن النفوس الانسانية متفقة في الحقيقة ، وفي بدو فطرتها خالية عن جميع الأخلاق والأحوال كما هو شأن العقل الهيولائي ، ثم ما يحصل لها منهما إما من مقتضيات الاختيار والعادة أو استعدادات الابدان والامزجة. والمقتضي ما يمكن زواله كالبرودة للماء لا ما يمتنع انفكاكه كالزوجية للاربعة. ثم إنه رحمه اللّه ينكر صحة الحديث أصلاً.
4- وفي نسخة و: المنهاد.

أصبحنا بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون ، إذ كانوا يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم ، وأصبح شيخنا وسيدنا وأقربنا من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - يعني عليا علیه السلام - يتقرب الى عدونا بسبه على المنابر (1) ، وأصبحت قريش تعد أن لها الفضل على العرب لأن محمّدا صلی اللّه علیه و آله منها ، ولا تعدلها فضل إلا به. وأصبحت العرب تعد أن لها الفضل على العجم لأن محمّدا صلی اللّه علیه و آله منها ، وأصبحت العجم مقرة لهم بذلك ، فلئن كانت العرب صادقة أن لها الفضل على العجم ، وكانت قريش صادقة بأن لها الفضل على العرب بذلك ، فإن لنا الفضل أهل البيت على جميعهم فهم يأخذون بحقنا ولا يعرفون لنا حقا.

فهكذا أصبحت إن لم تكن تعلم كيف أصبحنا.

[856] الليث بن سعد ، باسناده ، عن عمر بن الخطاب ، أنه لما دوّن الدواوين قال الناس له : أنت أمير المؤمنين فابدأ بنفسك.

فقال عمر : لا بل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الإمام ، فابدءوا برهطه ثم الأقرب فالأقرب إليه. [ حتى يدعى عمر في بني عدي ] (2).

[ الصدقة حرام على آل محمّد ]

[857] أبو غسان ، باسناده ، عن زيد ابن أرقم ، أنه قال : آل محمّد الذين

ص: 485


1- وفي تفسير القمي 2 / 134 اضافة الجملة التالية : وأصبح عدونا يعطى المال والشرف وأصبح من يحبنا محقورا منقوصا حقه ، وأصحبت قريش ...
2- ما بين المعقوفتين زيادة من مقتل الخوارزمي : ص 94.

لا تحل لهم الصدقة : آل [ علي ] (1) ، وآل جعفر ، وآل عقيل ، وآل عباس.

[858] يحيى بن سلام ، باسناده ، عن أبي هريرة ، قال : اتي الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بتمر من تمر الصدقة ، فأمر فيه بأمره. وكان الحسن علیه السلام بين يديه فأخذ تمرة من ذلك التمر - وهو يومئذ طفل صغير - فجعل يلوكها ولم يره رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله واحتمله على عاتقه ، فجعل لعابه يسيل عليه ، فنظر إليه ، فاذا التمر في فيه ، فانتزعها منه ، فألقاها في التمر ، وقال : إن آل محمّد لا يأكلون الصدقة.

[859] الليت بن سعد ، باسناده ، عن عائشة ، قالت : ذبح رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بقرة في حجة الوداع ، وقال : هذه عمن حج من آل محمّد.

[860] جندل بن والق (2) ، باسناده ، عن أبي رافع ، أنه قال : كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذا أراد أن يضحي اشترى كبشين عظيمين أقرنين أملحين ، فإذا صلّى وخطب دعا بأحدهما وهو في المصلّى فذبحه بيده ، ثم يقول : اللّهمّ هذا عن امتي جميعا من شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ ، ثم يوتى بالآخر ، فذبحه بيده ، ثم يقول : اللّهمّ هذا عن محمّد وآل محمّد.

فمكثوا سنين ليس أحدهم يضحي ، قد كفاهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله المئونة.

[861] الليث بن سعد ، باسناده ، عن عبد اللّه بن الحارث بن نوفل الهاشمي (3) ، قال : إن ربيعة بن الحارث وعباس بن عبد المطلب قالا

ص: 486


1- هكذا صححناه وفي الأصل : آل محمّد.
2- وفي نسخة و: ابن فاق.
3- من أشرف قريش من أهل المدينة ، ولد 9 ه- أمه هند اخت معاوية ، هرب إلى عمان وتوفي بها 84 ه.

[ لعبد المطلب ] (1) بن ربيعة وللفضل بن العباس (2) : ائتيا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقولا له : يا رسول اللّه إنا قد بلغنا ما ترى من السنّ وأحببنا أن نتزوج ، وأنت يا رسول اللّه أبرّ الناس وأوصلهم ، وليس عند أبوينا ما يصدقان عنا ، فاستعملنا يا رسول اللّه على الصدقات نؤدي إليك ما تؤدي العمال ونصيب ما كان فيها من مرفق (3).

فذكرا ذلك لعلي علیه السلام ، فقال : لا واللّه ما يستعمل أحدا منكما على الصدقات.

فقال ربيعة بن الحارث : هذا حسد منك.

فالقى علي علیه السلام رداءه ، ثم اضطجع ، وقال : أنا أبو الحسن ، واللّه إن برحت من منامي هذا حتى يأتيكما جواب ذلك.

فانطلقا فوافيا صلاة الظهر قد قامت ، فصلّيا مع الناس. ثم انصرف رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إلى منزل زينب بنت جحش ، فأتياه فاستأذنا عليه فأذن لهما.

قال عبد المطلب : فتواكلنا الكلام (4) قليلا. فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : اخرجا ما تسران ، فكلمناه بالذي أمرنا به أبونا ، فسكت ساعة. ثم رفع طرفه الى سقف البيت حتى طال علينا وظننا

ص: 487


1- من مناقب ابن شهر اشوب 2 / 108 ، وفي الاصل : عبد اللّه بن ربيعه وهو تصحيف. وهو عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم ، سكن المدينة ، وانتقل إلى الشام في خلافه عمر ، فتوفي في دمشق 62 ه.
2- وهو الفضل بن عباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي ، وهو أحد زعماء المدينة في ثورتها على بني أميّة ، وأظهر في وقعة الحرة بسالة عجيبة وقتل بها 63 ه.
3- أي : من النفع.
4- فتواكلنا الكلام : سكتنا قليلا.

أنه لا يرجع إلينا جوابا ، ورأينا زينب من وراء الحجاب تلمح بيدها أن اجلسا ، فإذا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إنما ينظر في أمرنا. ثم قال لنا :

إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس ، وإنها لا تحلّ لمحمّد ولا لآل محمّد ، ادع لي نوفل بن الحارث. فدعي له به.

فقال له : يا نوفل أنكح عبد اللّه ، فأنكحني (1).

ثم قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ادع لي محمّد بن حدي (2) - رجل من بني زبيد كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله استعمله على الأخماس - فدعي له به.

فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنكح الفضل.

فأنكحه ، ثم أمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أن يصدّق عنهما من الخمس.

[862] أبو نعيم ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : أحبّ حبيب آل محمّد علیهم السلام ما أحبهم ، فإذا أبغضهم فأبغضه ، وابغض باغض آل محمّد ما أبغضهم ، فإذا أحبهم فأحبه ، وأنا ابشرك بالبشرى.

[863] أبو غسان ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال [ قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ] : ليس منا من لم يوقر كبيرنا ، ويرحم صغيرنا ، ويعرف لنا حقنا.

[864] وبآخر ، عن الحسن بن علي علیه السلام ، أنه قال : من أحبنا لله جئنا نحن وهو يوم القيامة كهاتين - وجمع بين اصبعيه المسبحة والوسطى

ص: 488


1- أي : زوجني امرأة.
2- هكذا في الاصل.

من يده - ولو شئت لقلت : كهاتين - وجمع بين المسبحتين من يديه جميعا -. من أحبنا للدنيا ، فإذا جاءت الدنيا اتسعت للبرّ والفاجر.

[865] الحسين بن عطية ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام ، أنه قال :

بحبكم إيانا تغفر ذنوبكم.

[866] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن جابر ، قال : كنا عند ( أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام فنظر الى غلام ينظر إليه ويبكي ، فقال له :

ما يبكيك يا غلام؟

قال : بكيت واللّه من حبّكم يا ابن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

قال : نظرت حيث نظر اللّه ، واخترت من اختار اللّه.

[867] أبو غسان ، باسناده ، عن أبي مسعود الأنصاري ، أنه قال :

لو صلّيت صلاة لا اصلي فيها على محمّد وعلى آل محمّد ما رأيت أنها تتم (1).

[868] إسماعيل بن موسى ، باسناده ، عن أمّ سلمة - زوج النبيّ صلی اللّه علیه و آله - ، قالت : صنعت لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله طعاما وهو في بيتي على منامة - والمنامة [ على ] دكان - (2) فأتيته بالطعام ، فوضعته بين يديه. فقال لي : ادع عليا وفاطمة والحسن والحسين. فدعوتهم له ، فأكلوا معه ، فقال :

اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

ص: 489


1- قال الشافعي (رحمه اللّه) : يا أهل بيت رسول اللّه حبكم *** فرض من اللّه في القرآن أنزله كفاكم من عظيم القدر أنكم *** من لم يصلّ عليكم لا صلاة له
2- المنامة : موضع المنام. والدكان بناء يسطح أعلاه.

[ وخاصّتي ]

[869] المطلب ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه أتاه يوما علي وفاطمة والحسن والحسين صلوات اللّه عليهم أجمعين ، وكلهم يقول : أنا أحبّ الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فأخذ فاطمة مما يلي بطنه وعليا مما يلي ظهره وحسنا وحسينا عن يمينه وعن شماله (1).

ثم قال لهم : أنتم مني وأنا منكم.

[ في ليلة الاسراء ]

[870] أبو محمّد الهمداني ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال :

قال لي ربي - ليلة أسري بي - : من خلفت على امتك يا محمّد؟

قلت : أنت يا رب.

فقال لي : يا محمّد إني انتجبتك لرسالتي واصطفيتك لنفسي ، فأنت نبي وخير خلقي ، ثم الصدّيق الأكبر الذي خلقته من طينك ، وجعلته وزيرك وأبا سبطيك المهديين سيدي شباب أهل الجنة ، وزوجته خيرة نساء العالمين.

يا محمّد أنت شجرة وعلي أغصانها وفاطمة ورقها والحسن والحسين ) (2) ثمارها ، خلقتها من طينة عليين ، وجعلت شيعتكم منكم لأنهم لو ضربوا على أنوفهم بالسيوف لم يزدادوا لكم إلا حبا.

ص: 490


1- وفي أمالي الصدوق ص 21 : والحسن عن يمينه والحسين عن يساره.
2- ما بين القوسين سقط من نسخة - و-.

قلت : يا رب ، من الصدّيق الأكبر؟

قال : علي بن أبي طالب.

[871] الحسن بن عطية العوفي ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، أنه قال :

كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يأتي باب علي علیه السلام إذا خرج الى صلاة الصبح ، فيقول :

السّلام عليكم أهل البيت ورحمة اللّه وبركاته ( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (1) الصلاة ، الصلاة.

[872] سلمة بن كهيل (2) ، باسناده عن أمّ سلمة (3) زوج النبيّ صلی اللّه علیه و آله - ، أنها قالت : أرسل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى علي وفاطمة والحسن والحسين صلوات اللّه عليهم ، فأتوه وهو في بيتي ، فانتزع كساء كان تحتي فألقاه عليهم وعليه ، ثم قال :

اللّهمّ إن هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

فقلت : يا رسول اللّه ، أنا معهم؟

قال : إنك على خير والى خير ، إنك من قوم آخرين.

[873] إسماعيل بن موسى ، باسناده ، عن أمّ سلمة - زوج النبيّ صلی اللّه علیه و آله - قالت : كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في بيتي على

ص: 491


1- الاحزاب : 33.
2- وفي نسخة الاصل : سلمة بن هيكل.
3- وهي أم المؤمنين ، واسمها : هند بنت أبي أميّة - حذيفة وقيل سهيل - بن عبد اللّه بن عمرو بن مخزوم. ولدت 28 قبل الهجرة. هاجرت مع زوجها أبي سلمة بن عبد الاسد الى الحبشة ثم هاجرا إلى المدينة ومات زوجها ، وتزوجها الرسول صلی اللّه علیه و آله وتوفيت في المدينة 62 ه.

منامة - تعني الدكان - فأتيته بطعام قد صنعته له. فقال : ادع لي عليا وفاطمة والحسن والحسين ، فدعوتهم له ، فأكلوا معه ، فقال :

اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

[874] وبآخر ، عن الليث بن سعد (1) ، قال : أتى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وفاطمة والحسن والحسين ، وكلهم يقول : أنا أحبّ الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

فأخذ فاطمة ممّا دون يلي بطنه وعليا ممّا يلي ظهره وحسنا عن يمينه وحسينا عن شماله ، ثم قال : أنتم مني وأنا منكم.

[875] مسدد بن مسرهد ، باسناده ، عن عبد اللّه بن ربيعة ، قال : اجتمع بنو عبد المطلب ، فقالوا : نسأل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله السعاية ، فأتوا عليا علیه السلام فكلموه في ذلك.

فقال : إن اللّه عزّ وجلّ قد أبى ذلك (2) عليكم أن يطعمكم اوساخ أيدي الناس - أو قال : غسالة أيدي الناس -.

قال عبد اللّه بن ربيعة : فأرسلني أبي وأرسل العباس الفضل ، فأتينا النبي صلی اللّه علیه و آله لنكلمه في ذلك ، فحضرنا.

فقال : هاتيا ما تقولان.

فقلنا : يا رسول اللّه أرسلنا أبوانا بكذا وكذا.

فقال : إن اللّه عزّ وجلّ قد أبى لكم ذلك ورسوله أن يطعمكم

ص: 492


1- هو أبو الحارث الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي ، ولد في قلقشندة 94 ه- ، قال الشافعي : الليث أفقه من مالك. توفي في القاهرة 175 ه.
2- وفي نسخة و: ذلكم.

أوساخ أيدي الناس - أو قال : غسالة أيدي الناس -.

[ الإيمان في حبّ اللّه ورسوله ]

[876] هارون بن معروف ، باسناده ، عن المطلب بن ربيعة ، قال : جاء العباس الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو مغضب.

فقال له : ما شأنك؟

فقال : يا رسول اللّه ، مالنا ولقريش.

قال : مالكم ولهم؟

قال : يلقى بعضهم بعضا بوجوه مسفرة ، فاذا لقونا لقونا بغير ذلك (1).

فغضب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حتى اشتدّ عرق بين عينيه ، فلما استقرّ الغضب عنه قال : والذي نفس محمّد بيده لا يدخل قلب امرئ إيمان - أبدا - حتى يحبكم لله ولرسوله. ثم قال : ما بال رجال يؤذونني في العباس ، إن عمّ الرجل صنو أبيه.

[877] وبآخر ، عن عبد اللّه بن الحارث ، قال : قالت أمّ الفضل (2) : لما وجع (3) رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بكيت.

فقال : ما يبكيك؟

ص: 493


1- وفي الدر المنثور : إنا لنخرج فنرى قريشا تحدث فاذا رأونا سكتوا.
2- وهي لبابة بنت الحارث الهلالية ، زوجة العباس بن عبد المطلب وأمّ عبد اللّه ، وهي التي ضربت أبا لهب بعمود فشجته حين رأته يضرب أبا رافع مولى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في حجرة زمزم بمكة وكان موت أبي لهب بعد الضربة بسبع ليال أسلمت بعد خديجة وكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يزورها توفيت 30 ه.
3- هكذا صححناه ، وفي الاصل : رجع.

فقلت : يا رسول اللّه إني أخاف عليك ولا أدري ما نلقى من الناس من بعدك.

فقال : أنتم المستضعفون بعدي.

[ ستة لعنهم اللّه ]

[878] سفيان الثوري ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : ستة لعنهم اللّه عزّ وجلّ ولعنهم كل نبيّ مجاب :

الزائد في كتاب اللّه. والمنكر لقدر اللّه. والتارك لسنتي. والمتسلط بالجبروت ليعزّ من أذله اللّه ويذلّ من أعزه اللّه. والمستحل من عترتي ما حرم اللّه. والمستحل حرم اللّه (1).

[ أمّ سلمة وعمرة الهمدانية ]

[879] أحمد بن صالح ، باسناده ، عن أم سلمة - زوج النبيّ صلی اللّه علیه و آله - [ قالت ] : (2) إن عمرة الهمدانية ذكرت عندها عليا علیه السلام ذات يوم.

فقالت لها أمّ سلمة : أتحبينه أم تبغضينه؟

فقالت : يا أمتاه ما أحبه ولا أبغضه.

قالت أمّ سلمة : واللّه لقد أنزل اللّه عزّ وجلّ على رسوله صلی اللّه علیه و آله في بيتي : ( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ

ص: 494


1- وزاد في الخصال ص 350 : والمتكبر على عباد اللّه عزّ وجلّ.
2- وفي مشكل الآثار 1 / 336 : فقالت عمرة : يا أم المؤمنين أخبريني عن هذا الرجل الذي قتل بين أظهرنا فمحبّ ومبغض ، تريد علي بن أبي طالب علیه السلام .

وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (1) ، وما في البيت إلاّ جبرائيل علیه السلام ، ورسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلي وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام وأنا.

فقلت : أنا يا رسول اللّه من أهل البيت؟

فقال : أنت صالح نسائي (2).

فلو قال : يا عمرة ، نعم ، لكان أحبّ إليّ ممّا تطلع عليه الشمس وتغرب.

[ بالولاية تقبل الأعمال ]

[880] حسن بن حسين ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين علیه السلام ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله :

ما بال قوم إذا ذكر عندهم [ إبراهيم ] آل إبراهيم وآل عمران استبشروا ، وإذا ذكر عندهم أهل بيتي اشمأزت قلوبهم [ وكلحت وجوههم ] ، والذي نفسي بيده لو أن أحدهم لقي اللّه عزّ وجلّ بعمل سبعين نبيا ولم يلق بولايتهم ما تقبل منه (3).

[881] وبآخر ، عن المعروف المكي ، قال : قلت لأبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام : إنكم لتعتدوا بفضل لكم على غيركم.

فقال : إن علينا من اللّه عزّ وجلّ لطهارة ، وإن لنا من رسوله صلّى

ص: 495


1- الاحزاب : 33.
2- وفي مشكل الآثار : فقال : إن لك عند اللّه خيرا.
3- وفي أمالي المفيد ص 75 : بعمل سبعين نبيا ثم لم يأت بولاية ولي الأمر من أهل البيت ما قبل اللّه منه صرفا ولا عدلا.

اللّه عليه وآله لولادة ، وإن لنا في كتاب اللّه لسهما ، وإن لنا الأنفال خاصة ، فعلى من ظلمنا لعنة اللّه.

[882] عبد اللّه بن أبي يعقوب ، قال : قلت لزيد بن علي بن الحسين (1) : إن الناس قد اختلفوا في أمركم ، فأخبرني بذلك بشيء أعلمه من كتاب اللّه عزّ وجلّ.

قال : أما تقرأ من سورة ياسين [ قوله تعالى ] : ( إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ ) (2).

قلت : نعم.

قال : مثلهم في هذه الامة مثل علي والحسن والحسين علیهم السلام والرابع بعدهم الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى ، قال يا قوم اتبعوا المرسلين ، وهو المنتظر من آل محمّد ، يدعوا الى ما دعوا إليه.

قلت : فأنت هو؟

قال : لو كنت أنا هو ، فإني إذن السعيد.

وهذا من زيد وجهل منه بالمنتظر. وإنما المنتظر هو المهدي صلوات اللّه عليه ، وسنذكر أخباره وما جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيه في باب مفرد في هذا الكتاب. وهذا الجهل من زيد بالمنتظر من آل محمّد هو الذي حمله على القيام فيما ليس له ، فصار الى ما صار إليه ، وقد وعظه صاحب زمانه أخوه أبو جعفر محمّد بن علي علیه السلام في ذلك ، وحذره مصرعه ، وقال له : احذر أن تكون غدا المصلوب بالكناسة. فلم يقبل منه ، فكان كما حذره.

ص: 496


1- ولد سنة 80 ه- واستشهد 122 ه.
2- ياسين : 14.

ولما بان عنه وانفرد برأيه ، وزعم أن الامام إنما هو من قام وشهر سيفه دون من جلس وأرخى عليه ستره وادعى لنفسه ما ليس له ، وقام معه من قام من الشيعة من لا علم له بحقيقة الأمر. وأرسل أبو جعفر علیه السلام إليه رجلا من خاصته (1) ، وأمره بما يقول. فأتاه ، ودخل في جملة من يدخل إليه.

فلما احتفل مجلسه بوجوه أصحابه قال له الرجل :

يا ابن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله هل أوصى إليك أبوك ، وأقامك هذا المقام بعده.

قال : لا أوصى إليّ ولا إلى غيري ، وإنما الإمام منا من قام بأمر الناس.

قال : فإن غيرك يقول إنه قد أوصى إليه وأقامه.

قال : لو كان ذاك ما كتمه أبي عني ، واللّه لقد كان ينفض لي المخ من العظم ليطعمنيه. فما يضعه في فيّ حتى ينفخ فيه ليبرده ، وهو يتقي عليّ حرارة المخ ولا يتقي عليّ حرارة النار ، فيخبرني بمن أوصى إليه ، وما كان ذلك لينبغي له.

قال الرجل : فكيف كتم يعقوب أمر يوسف على إخوته وأمره أن لا يقصص رؤياه عليهم فيكيدوا له ، واطلع على ذلك غيرهم ، وخصّ يوسف بذلك دونهم.

فلم يحر زيد في ذلك جوابا أكثر من أن نبذ الرجل وانتهره.

وعلم وجه الحق في ذلك أهل البصائر ممن حضره فانفضوا عنه (2). ذكرنا هذا لكي يرى من سمع في هذا الكتاب من فضائل أهل البيت علیهم السلام

ص: 497


1- وهو محمّد بن النعمان بن أبي طريقة الملقب بأبي جعفر الاحول.
2- أقول : وقد ناقشنا هذا الكلام في الجزء الثالث عشر مفصلا. وأوردنا أدلة على بطلانه ، فراجع.

أن فضلهم لا يكون إلا باتباع وليّ الأمر منهم ، فأما من صدف عنه منهم فهو كمن صدف عنه من سائر الناس ، وقد عرى من الفضل. قال اللّه عزّ وجلّ لنوح علیه السلام في ابنه : ( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ ) (1).

ص: 498


1- هود : 46.

[ نعود إلى فضائل أهل البيت ]

اشارة

[883] وبآخر ، عن المقداد (1) ، قال : حضرت الحج ، فتعلق أبو ذر بأستار الكعبة ، وحوّل وجهه الى الناس وقال :

أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي : أنا جندب بن جنادة ، أنا أبو ذر الغفاري ، سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قرأ هذه الآية : ( إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (2) ، ثم قال :

الأبوة من نوح ، والآل من إبراهيم ، والصفوة من إسماعيل ، والذرية الطاهرة من أهل بيت محمّد صلی اللّه علیه و آله ، وأهل بيت محمّد صلی اللّه علیه و آله هم السماء المرفوعة والأرض المبسوطة والشمس الضاحية والقمر المنير والنجوم الزاهرة والجبال الراسية والبحار الزاخرة والزيتونة المباركة ، أضاء زيتها وسطع شعاعها وملأ الأرض لمعانها. وعلي علیه السلام رأسها وهو الصدّيق الأكبر والفاروق الأعظم.

ص: 499


1- وهو المقداد بن الأسود صحابي من الابطال نسب الى الأسود بن عبد يغوث ، وهو أحد السبعة الذين كانوا أول من أظهر الإسلام ، هاجر إلى الحبشة ، قاتل في بدر واحد ، لقب ( حب اللّه وحب رسول اللّه ) توفي بالمدينة سنة 33 ه.
2- آل عمران : 33.

ألا أيتها الامة المتحيرة واللّه لو قدمتم من قدمه اللّه ورسوله ، وأخرتم من أخره اللّه ورسوله ، وسلّمتم الحكومات الى أهلها ووليها ما طاش أحد في حكم اللّه ولا اختلف اثنان في فرائض اللّه ، ولا ضلّت الامة بعد نبيها ، ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) (1).

[ الأنوار الخمسة ]

[884] أحمد بن محمّد بن عيسى المصري ، باسناده ، عن أبي هريرة ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :

لما خلق اللّه عزّ وجلّ علیه السلام ونفخ فيه من روحه ، نظر آدم علیه السلام يمنة العرش ، فإذا من النور خمسة أشباح على صورته ركعا سجدا.

فقال : يا ربّ هل خلقت أحدا من البشر قبلي؟

قال : لا.

قال : فمن هؤلاء الذين أراهم على هيئتي وعلى صورتي؟

قال : هؤلاء خمسة من ولدك لولاهم ما خلقتك ولا خلقت الجنة ولا النار ولا العرش ولا الكرسي ولا السماء ولا الأرض ولا الملائكة ولا الانس ولا الجن.

هؤلاء خمسة اشتققت لهم أسماء من أسمائي. فأنا المحمود وهذا محمّد ، وأنا الأعلى وهذا علي ، وأنا الفاطر وهذه فاطمة ، وأنا الإحسان وهذا حسن ، وأنا المحسن وهذا الحسين. آليت بعزتي أن لا يأتيني أحد

ص: 500


1- الشعراء : 227.

بمثقال حبة من خردل من حبّ أحد منهم إلا أدخلته جنتي ، وآليت بعزتي أن لا يأتيني أحد بمثقال حبة من خردل من بغض أحد منهم إلا أدخلته ناري ولا ابالي.

يا آدم ، وهؤلاء صفوتي من خلقي بهم انجي وبهم اهلك (1).

[885] عباد بن يعقوب ، باسناده ، عن أبي رافع - مولى النبي صلی اللّه علیه و آله - أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله :

من لم يعرف حق عترتي فهو بإحدى ثلاث : إما منافق ، وإما الزانية (2) وإما أن تكون أمه حملت به بغير طهر.

[ سادة أهل الجنة ]

[886] فرات ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :

نحن سبعة من ولد عبد المطلب سادة أهل الجنة ، أنا وعلي وجعفر وحمزة والحسن والحسين والمهدي.

[ مثل أهل بيتي ]

[887] عبد الرحمن بن نجران ، باسناده عن حذيفة بن أسد ، أنه قال : سمعت أبا ذر - وهو متعلق بحلقة باب الكعبة - : أنا جندب لمن عرفني ، وأنا أبو ذر لمن لم يعرفني ، سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :

ص: 501


1- وأضاف في فرائد السمطين 1 / 37 : فإذا كان لك إليّ حاجة فبهؤلاء توسل. فقال النبيّ صلی اللّه علیه و آله : نحن سفينة النجاة من تعلق بها نجا ومن حاد عنها هلك ، فمن كان له إلى اللّه حاجة فليسأل بنا أهل البيت.
2- هكذا في الاصل ، والاصح : وإما لزنية.

إنما مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح في لجة البحر من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق (1) ، ألا هل بلّغت.

[ أهل بيتي أمان لأهل الأرض ]

[888] فضالة بن أيوب ، باسناده ، عن فضيل الرسان ، قال : كتب محمّد بن إبراهيم الى أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد علیه السلام يقول له : أخبرني عن فضل أهل البيت. فكتب إليه : كتبت تسألني عن فضلنا أهل البيت ، وأن من فضلنا أن جعل الكواكب أمانا لأهل السماء وجعلنا أمانا لأهل الأرض.

يعني حديث النبي صلی اللّه علیه و آله : إن النجوم أمان لأهل السماء ، فإذا ذهبت النجوم أتى لأهل السماء ما يوعدون. وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فإذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يوعدون.

[ أبو ذر في البيت الحرام ]

[889] الحسن بن محبوب (2) ، باسناده ، عن زيان بن عمرانة ، قال رأيت أبا ذر متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول :

أيها الناس أنا جندب من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري ، أذكركم اللّه من سمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : ما أقلّت الغبراء ولا أظلّت الخضراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر. ألا قال ذلك؟

ص: 502


1- وفي فرائد السمطين 2 / 246 : تخلف عنها هلك.
2- وهو أبو علي الحسن بن محبوب السراد ، ولد 149 ه- ، من أهل الكوفة ، وتوفي 224 ه.

فقال طوائف من الناس : اللّهمّ نعم ، لقد سمعناه يقول ذلك.

فقال : واللّه ما كذبت مذ عرفت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ولا اكذب حتى ألقاه. ولقد سمعته يقول :

أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي حبل ممدود من السماء الى الأرض ، طرف منه بيد اللّه ، وطرف منه بأيديكم.

فانظروا كيف تحفظوني في أهل بيتي ، وإن اللّه قد عهد إليّ أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.

ولقد سمعته يقول :

يا أيها الناس إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق. ومثل باب حطة بني إسرائيل.

ص: 503

[ من هم المستضعفون؟ ]

اشارة

[890] فضالة بن أيوب (1) ، عن عثمان بن أبان ، قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد علیه السلام :

إذا سمعتم اللّه عزّ وجلّ ذكر أحدا في كتابه ممن مضى بخير ، فنحن مثلهم ، وإذا ذكر أحدا من هذه الامة بخير ، فنحن هم.

قال : وسألته عن قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا ، مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً ) (2).

قال : نحن اولئك.

[ آية المودّة ]

[891] محمّد بن خالد ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام ، أنه سئل عن قول اللّه عزّ وجلّ : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (3)

ص: 504


1- الازدي سكن الاهواز ثقة في حديثه مستقيما في دينه ( النجاشي : 311 ).
2- النساء : 75.
3- الشورى : 23.

فقال : إن اللّه عزّ وجلّ علم أن قوما يحبون رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ويبغضون قرابته ، وكره لنبيه صلی اللّه علیه و آله أن يكون في قلبه على أحد من المؤمنين شيء ، ففرض مودة أهل بيته ، فمن عمل ذلك عمل بفريضة اللّه ومن تركها ترك ما فرض اللّه عليه.

[892] حماد بن عيسى ، باسناده ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد علیه السلام أنه سئل عن قول اللّه عزّ وجلّ : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ ) (1).

قال : فينا أنزلت ، أورث اللّه عزّ وجلّ الكتاب الائمة منا.

وقوله ( فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ ) يعني منهم من لا يعرف إمام زمانه ولا يأتمّ به فهو ظالم لنفسه بذلك.

وقوله : ( وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ ) : يعني من هو منهم في النسب ممن عرف إمام زمانه وائتمّ به واتبعه فاقتصد سبيل ربه بذلك و « السابق ( بِالْخَيْراتِ ) هو الإمام منا.

[893] محمّد بن إسماعيل ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام أنه سئل عن قول اللّه عزّ وجلّ حكاية عن إبراهيم علیه السلام : ( رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ) (2).

فقال : نحن تلك الذرية.

ص: 505


1- فاطر : 32.
2- إبراهيم : 37.

[ كونوا مع الصادقين ]

[894] موسى بن إسحاق ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد علیه السلام ، أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (1).

قال : نحن الصادقون ما حملناه (2) إليكم عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعنه تبارك اسمه.

[ النظر الى أربع عبادة ]

[895] محمّد بن عبد اللّه الحلبي ، باسناده ، عن عبد اللّه بن مسعد ، أنه كان يقول :

النظر الى أهل بيت النبي عبادة ، والنظر الى الكعبة عبادة ، والنظر الى المصحف عبادة ، والنظر الى الوالدين عبادة.

[896] محمّد بن عبيد اللّه ، باسناده عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد علیه السلام ، أنه قال : خطب عمر بن الخطاب الى علي علیه السلام ابنته أمّ كلثوم.

فقال علي علیه السلام : إنها صغيرة.

فقال عمر : إنما أردت منها ، إني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سبي ونسبي ، فأردت أن يكون لي بها سبب من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أتصل

ص: 506


1- التوبة : 119.
2- هكذا صححناه وفي الاصل : عن حملناه.

به من أجله (1).

[897] جعفر بن الأحمر ، قال : دخلت على فطر الخياط - وقد اغمي عليه - ، فقرأت عند رأسه سورة ياسين ، فرفع رأسه إليّ.

ص: 507


1- قال علي بن أحمد المتوفى 352 ه- في الاستغاثة ص 91 ما نصه : وأما تزويج عمر من أم كلثوم بنت أمير المؤمنين علیه السلام فانه حدثنا جماعة من مشايخنا الثقات ، منهم جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي ، عن أحمد بن الفضل ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن عبد اللّه بن سنان ، قال : سألت جعفر بن محمّد الصادق علیه السلام عن تزويج عمر من أمّ كلثوم. فقال عليه السلام : ذلك فرج غصبنا عليه. وهذا الخبر مشكل لما رواه مشايخنا عامة في تزويجه منها وذلك في الخبر : أن عمر بعث العباس بن عبد المطلب الى أمير المؤمنين عليه السلام يسأله أن يزوجه أمّ كلثوم ، فامتنع عليه السلام فلما رجع العباس الى عمر يخبره امتناعه ، قال : يا عباس أيأنف من تزويجي؟ واللّه لئن لم يزوجني لاقتلنه. فرجع العباس الى علي عليه السلام ، فأعلمه بذلك. فأقام علي عليه السلام على الامتناع ، فأخبر العباس عمر ، فقال له عمر : احضر في يوم الجمعة في المسجد وكن قريبا من المنبر لتسمع ما يجري فتعلم أني قادر على قتله إن أردت. فحضر العباس المسجد ، فلما فرغ عمر من الخطبة قال : أيها الناس إن هاهنا رجلا من أصحاب محمّد وقد زنى وهو محصن وقد اطلع عليه أمير المؤمنين وحده ، فما أنتم قائلون؟ فقال الناس من كل جانب : اذا كان أمير المؤمنين اطلع عليه فما الحاجة إلى أن يطلع عليه غيره وليمض في حكم اللّه. فلما انصرف عمر ، قال للعباس : امض الى علي فاعلمه بما قد سمعته ، فو اللّه لئن لم يفعل لأفعلن. فصار العباس الى علي عليه السلام فعرفه ذلك. فقال علي عليه السلام : أنا أعلم أن ذلك ممّا يهون عليه وما كنت بالذي أفعل ما يلتمسه أبدا. فقال العباس : لئن لم تفعله فأنا أفعل وأقسمت عليك أن لا تخالف قولي وفعلي. فمضى العباس الى عمر ، فأعلمه أن يفعل ما يريد من ذلك فجمع عمر الناس فقال : إن هذا العباس عمّ عليّ بن أبي طالب وقد جعل إليه أمر ابنته أمّ كلثوم وقد أمره أن يزوجني منها ، فزوجه العباس بعد مدة يسيرة ، فحملوها إليه. وقال المفيد في المسائل السروية : إن الخبر الوارد بتزويج أمير المؤمنين عليه السلام ابنته من عمر غير ثابت ، وطريقه من الزبير بن بكار ، وطريقه معروف لم يكن موثوقا به في النقل ، وكان متهما فيما يذكره من بغضه لأمير المؤمنين علیه السلام وغير مأمون فيما يدعيه عنهم في بني هاشم ، وانما نشر الحديث أبي محمّد الحسن بن يحيى صاحب النسب ذلك في كتابه ، فظن كثير من الناس أنه حق لرواية رجل علوي له وهو انما رواه عن ابن الزبير. كما روى الحديث نفسه مختلفا. فتارة يروي أن أمير المؤمنين علیه السلام تولى العقد له على ابنته. وتارة يروي عن العباس أنه تولى ذلك عنه. وتارة يروي أنه لم يقع العقد إلا بعد وعيد من عمر وتهديد لبني هاشم. وتارة يروي أنه كان من اختياره وايثاره. ... وبدء هذا القول وكثرة الاختلاف يبطل الحديث ، ولا يكون له تأثير على حال.

فقال لي : جعفر.

قال : قلت : لبيك.

قال : ما يسرني بحبي أهل بيت محمّد صلی اللّه علیه و آله وعدد كل شعر في جسدي يذكر اللّه عزّ وجلّ وأنا أبغضهم.

[ السؤال يوم القيامة ]

[898] حسن بن حسين الأنصاري ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :

لا يزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسال [ عن أربع ] :

عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن حبنا أهل البيت.

[899] محمّد بن عبد اللّه ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : صلّى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله صلاة الفجر ، ثم التفت إلينا ، فنظر مليا ، ثم سجد ست سجدات.

فقال له العباس : يا رسول اللّه ، ما هذا السجود؟

ص: 508

فقال : هبط عليّ جبرائيل ، فقال : إنك يا محمّد في الجنة ، فسجدت. ثم بشّرني أن عليا في الجنة ، فسجدت. ثم بشرني أن فاطمة في الجنة ، فسجدت. ثم بشرني أن الحسن والحسين في الجنة وأنهما سيدا شبابها ، فسجدت. ثم بشرني أن عمي حمزة في الجنة ، فسجدت. ثم بشرني أن ابن عمي جعفر في الجنة يطير فيها بجناحين ، فسجدت.

قال : فكان العباس بعد ذلك يقول : منا سبعة ليس في الناس مثلهم : منا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلي وفاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفر ذو الجناحين ، وليس من هذه الأمة أحد يعدلهم ، فمن ناصبنا حربا أو جحدنا حقنا فقد حارب اللّه ورسوله وجحد ما أنزل اللّه عزّ وجلّ على نبيه صلی اللّه علیه و آله .

[ الرسول وفاطمة ]

[900] يحيى بن عبد الحميد ، باسناده ، عن أبي أيوب الأنصاري ، قال : مرض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فأتته فاطمة علیهاالسلام تعوده ، فلما رأت ما به [ من الجهد والضعف ] بكت.

فقال لها : ما يبكيك يا فاطمة ، أما علمت أن اللّه عزّ وجلّ أطلع إلى أهل الأرض اطلاعة ، فاختار منهم أباك ، فجعله نبيا ، ثم أطلع إليهم ثانية ، فاختار منهم بعلك ، فجعله لي وصيا ، وأوحى إليّ أن ازوجك إياه ، أما علمت يا فاطمة أن لكرامة أباك زوّجك أعظمهم حلما ، وأقدمهم سلما ، وأكثرهم علما.

فسّرت فاطمة علیهاالسلام بذلك واستبشرت. فلما رأى ذلك منها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أراد أن يزيدها من مزيد الخير الذي قسمه اللّه له ولأهل بيته عليه و علیهم السلام .

ص: 509

فقال : يا فاطمة إن لعلي أربعة أضراس (1) ثواقب : إيمانه باللّه ورسوله ، وعلمه وحكمته ، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، وقضاؤه بكتاب اللّه عزّ وجلّ.

يا فاطمة إنا أهل بيت اعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الأولين قبلنا ولا يدركها أحد من الآخرين بعدنا :

نبينا خير الأنبياء وهو أبوك ، ووصينا خير الأوصياء وهو بعلك ، وشهيدنا خير الشهداء وهو عمّ أبيك ، ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث يشاء وهو ابن عمّ أبيك. ومنا سبطا هذه الامة وهما ابناك. ومنا مهدي هذه (2) الامة في آخر الزمان.

[ ذرية بعضها من بعض ]

[901] عبد اللّه بن بشير ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ علیه السلام أنه قال :

عجبا للناس كيف غفلوا أو تناسوا أو نسوا قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوم مشربة أم إبراهيم ، إذ وثبت قدمه ، وجاء الناس يعودونه ويسلّمون عليه حتى تضايق بهم المكان. ثم جاء علي علیه السلام فسلّم عليه ، وقد أخذ الناس مجالسهم ، فلم يوسعوا له ، ولم ير أن يتخطاهم الى رسول اللّه. فلما رآهم لا يوسعون قال له : ادن مني يا علي ، فدنا منه فأجلسه الى جانبه ، ثم قال :

ص: 510


1- وفي بحار الانوار 43 / 98 : يا فاطمة لعلي ثمان خصال : إيمانه باللّه ورسوله ، وعلمه ، وحكمته ، وزوجته ... وهكذا في مناقب ابن المغازلي : ص 102.
2- وفي نسخة - و - : ومنا المهدي لهذه ...

أيها الناس هذا أنتم تفعلون بأهل بيتي في حياتي فكيف بعد موتي؟

أما واللّه لا تقربون من أهل بيتي قربة إلا تقربتم من اللّه منزلة. ولا تبعدون من أهل بيتي حتى تعرضوا عنهم إلا أعرض اللّه عنكم.

يا أيها الناس إن القرب والقرابة ، والبشرى والبشارة ، والرضا والرضوان ، والحب والمحبة لمن أحب عليا وتولاه وائتمّ به لفضله ، وبأهل بيته من بعده. وحق عليّ لأدخلنهم في شفاعتي. وحق عليّ أن يستجاب لي فيهم لأنهم أتباعي ، ومن تبعني فإنه مني مثل ما جرى في إبراهيم لأنني من إبراهيم ، وابراهيم مني ، فسنّته سنّتي وسنّتي سنّته ، وفضلي فضله وفضله فضلي ، وأنا أفضل منه فضلا ، يصدق قولي قول اللّه عزّ وجلّ ( ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (1).

[902] أحمد بن عمر ، عن جابر بن يزيد الجعفي (2) ، أنه قام في المسجد فقال : أيها الناس إني أبرأ من المرجئة والقدرية والحرورية وبني أميّة وشاهري السيف على آل محمّد.

فأقبل الناس يقولون : ما لجابر ، أجنّ جابر؟

ثم قام إليه شعبة ، فقال : يا جابر ، لأيّ شيء قلت ما قلت؟

قال : قال لي محمّد بن علي بن الحسين علیه السلام : إذا سمعت بزلزلة الشام ، واختلفت شيعا بنو أميّة ، وسقط جانب مسجد الكوفة الأيمن ، وطلعت راية آل عباس (3) ، فقم ، فأبرأ من المرجئة والقدرية

ص: 511


1- آل عمران : 34.
2- وفي كلا النسختين زيد الجعفي تصحيف ، وهو أبو عبد اللّه جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي تابعي سكن وتوفي بالكوفة 128 ه.
3- أي بني العباس.

والحرورية وبني أميّة وشاهري السيف على آل محمّد. فكان ذلك ، ففعلت ما أمرني به أن أفعله.

[903] علي بن الحزور ، باسناده ، عن أبي ذر رحمة اللّه عليه ، أنه صعد درجة الكعبة حتى أخذ بحلقة الباب ، ثم أسند ظهره إليه ، وقال :

أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري ، سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :

من قاتل أهل بيتي في الاولى ، وتوفي في الثالثة فهو من شيعة الدجال (1).

وسمعته يقول : إنما مثل أهل بيتي في هذه الامة مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تركها هلك.

وسمعته يقول : اجعلوا أهل بيتي فيكم مكان الرأس من الجسد ومكان العينين من الرأس ، فإن الجسد لا يهتدي إلا بالرأس ، ولا يهتدي الرأس إلا بالعينين. ادخلوا حيث دخلوا ، واخرجوا من حيث خرجوا ، ولا تعلّموهم فهم أعلم منكم.

وسمعته يقول : ما تركت فئة تقتل مائة ولا تهدي مائة إلا وقد نبأت ناعقها وقائدها وسائقها ومنتهى أمرها ، وأودعت ذلك عند أهل بيتي يرث حيهم ميتهم حتى يقتل الدجال.

[ حبّ أهل البيت حسنة ]

[904] محمّد بن حماد ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال لرجل : ألا

ص: 512


1- وفي بحار الأنوار 23 / 120 الحديث 40 : من قاتلني في الاولى ، وقاتل أهل بيتي في الثانية ، حشرة اللّه تعالى في الثالثة مع الدجال.

اخبرك بالحسنة التي من جاء بها دخل الجنة ، والسيئة التي من جاء بها كبّ على وجهه في النار؟

قال : بلى ، يا أمير المؤمنين.

قال : الحسنة حبنا أهل البيت ، والسيئة بغضنا.

[905] أحمد بن يحيى ، باسناده ، عن عائشة (1) - زوج النبي صلی اللّه علیه و آله - أنها قالت : لما ولد لأبي ابنه محمّد (2) ، فحمله الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

فقال : يا رسول اللّه سمّه باسم.

فسماه محمّدا. وقال : يا رسول اللّه ادع له بالبركة.

فقال : اللّهمّ بارك فيه وارزقه بره ، وأعنه على تأدية حقه ، واجعله محبا لنبيك ولأهل نبيه.

قالت عائشة : فقاتلني واللّه بالبصرة مع علي بن أبي طالب علیه السلام ، فذكرت يومئذ الدعوة ، فوددت أني كنت مقيمة عليلة سبع سنين ولم أخرج ذلك الخروج.

[906] علي بن حمزة ، باسناده ، عن الحسين بن علي علیه السلام ، أنه قال : من أحبنا أهل البيت لله لا لغيره نفعه اللّه يحبنا وإن كان أسيرا بالديلم (3) ، ومن أحبنا لغير ذلك فإن اللّه يفعل ما يريد. إن حبنا أهل البيت ليسقط الذنوب عن العباد كما يسقط الريح الورق من الشجرة.

ص: 513


1- وهي عائشة بنت أبي بكر ولدت 9 قبل الهجرة ، ماتت 58 ه.
2- وهو محمّد بن أبي بكر أمير مصر ومن أنصار أمير المؤمنين والمقاتلين في نصرته شهد الجمل وصفين. قال علي علیه السلام في حقه : إنه ابني. قتله معاوية بن خديج من قواد عمرو بن العاص 38 ه.
3- الديلم : منطقة جبلية في گيلان شمال بلاد قزوين.

[ أنا سلم لمن سالمكم ]

[907] علي بن هاشم ، باسناده ، عن الحسن علیه السلام ، أنه قال :

من أحبنا أهل البيت لله جلّ ذكره لا لغيره نفعه اللّه سبحانه بحبنا ، إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات اللّه عليهم : أنا سلم لمن سالمكم ، وحرب لمن حاربكم.

[908] شريك بن عبد اللّه ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال :

إني تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه عزّ وجلّ وعترتي أهل بيتي. ألا إنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، ألا وهما الخليفتان من بعدي.

[909] محمّد (1) بن إبراهيم ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : ما من نبي إلا وقد أعطي سبعة نجباء رفقاء. وأن نبينا صلی اللّه علیه و آله قد أعطي أربعة عشر ، أنا ، وابني - حسنا وحسينا - ، وحمزة أسد اللّه وأسد رسوله صلی اللّه علیه و آله ، وجعفر له جناحان مضرّجان بالدم (2) يطير بهما في الجنة حيث يشاء ، وعبيدة بن الحارث (3) ، وزيد بن حارثة ، وبلال ، وسلمان ، وعمار ، والمقداد ، وحذيفة ، وابن مسعود رضوان اللّه عليهم أجمعين.

[910] عبد اللّه بن حكيم ، باسناده ، عن أبي جعفر محمّد بن علي علیه السلام

ص: 514


1- وفي نسخة و: صحرز بن إبراهيم.
2- وفي نسخة و: بالدماء.
3- وفي مناقب الخوارزمي ص 212 : والعباس.

عن قول اللّه عزّ وجلّ : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (1).

قال : هي قرابة ما بينه وبيننا (2) ، وتزعم قريش قرابة ما بينه وبينهم ، وكيف يكون ذلك ونحن أقرب إليه منهم! [911] أبو عبد الرحمن المسعودي ، باسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال :

نزلت هذه الآية في خمسة ( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (3) في رسول اللّه وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات اللّه عليهم أجمعين.

تمّ الجزء العاشر بحمد اللّه تعالى وفضل سيّدنا المختار وآله الائمة الأطهار عليهم صلوات اللّه العزيز الغفّار.

ص: 515


1- الشورى : 23.
2- وفي بحار الأنوار 23 / 241 : نزعم أنها قرابة ما بيننا وبينه.
3- الاحزاب : 33.

ص: 516

تخريج الأحاديث

ص: 517

ص: 518

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[380] رواه الخوارزمي في المناقب ص 156 ، ضمن رواية مفصلة أخذنا موضع الحاجة منها :

قال رضی اللّه عنه : وروي أن في اليوم العاشر من حرب صفين اقتتل الناس قتالا شديدا حتى عانق الرجال الرجال ، وانهزم طائفة من أصحاب أمير المؤمنين علیه السلام ، وأمير المؤمنين واقف ينظر إليهم ، وركض الأشتر في آثارهم يستردهم ، ويقول : أما تستحون تدعون أمير المؤمنين علیه السلام وسيد المسلمين.

وأقبل أمير المؤمنين ومعه الحسن والحسين ومحمّد ابنه ومحمّد بن أبي بكر وعبد اللّه بن جعفر حتى صاروا الى رايات ربيعة والنبل يقع عليهم ، فقال له ابنه محمّد : يا أبة ، لو بادرت الى هذه الرايات التي تلينا فإن فيها بقية لنا والنبل كما ترى. فقال : يا بني إن لأبيك يوما لن يعدوه.

ثم صاح بصوت عال جهير : لمن هذه الرايات؟

قالوا : رايات ربيعة.

قال : بل هي رايات اللّه ، عصم اللّه أهلها وثبت أقدامهم ، ... الحديث.

[381] رواه الحاكم في المستدرك 3 / 402 بسنده ، عن عبد الرحمن بن أبي

ص: 519

ليلى ، الحديث مع اختلاف يسير.

ورواه أبو نعيم أيضا في حلية الأولياء 2 / 896 ، وابن سعد في طبقاته 6 / 112.

[382] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 169 ، عن ابن مردويه ، عن ابن أبي حازم التميمي ، وأبو وايل ، قال أمير المؤمنين علیه السلام : ... الحديث.

ورواه إبراهيم بن محمّد الثقفي في الغارات 1 / 30 ، عن بكر بن عيسى ، عن الأعمش ، عن الحكم بن عيينة ، عن قيس بن أبي حازم ، قال : سمعت عليا علیه السلام يقول : ... الحديث مع تفاوت.

ورواه محمّد بن عقيل في النصائح الكافية ص 31.

[383] رواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين ( باختلاف يسير ) ص 218 ، عن قيس بن الربيع ، وسليمان بن قرم ، عن الأعمش ، عن الحارث بن سعيد ، عن علي علیه السلام ... الحديث.

[384] رواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي إسحاق قال : خرج علي يوم صفين ... الحديث. ورواه أيضا ابن سعد في الطبقات 3 / 43. ورواه المجلسي أيضا في بحار الانوار 5 / 105 الحديث 31.

[385] روى قسما من الخطبة نصر بن مزاحم في وقعة صفين ص 223.

[386] رواه المفيد في الارشاد ص 144 - ضمن خطبة - مرسلا. والمجلسي في بحار الأنوار مجلد 8 / 611.

[388] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 193 ، عن محمّد بن عبد اللّه الرعيني ، باسناده ، عن علي علیه السلام ... الحديث.

[389] رواه ابن أبي الحديد في شرح النهج ، عن أبي نعيم الحافظ ، عن أبي عاصم الثقفي ، قال : جاءت امرأة ... الحديث.

ص: 520

ورواه إبراهيم بن محمّد الثقفي - أبو إسحاق - في الغارات 1 / 38 ، عن محمّد ، عن أبي عاصم الثقفي - محمّد بن أبي أيوب - عن أبي عون الثقفي بن عبيد اللّه ، قال : جاءت امرأة ... الحديث.

[391] رواه محمّد بن أبي بكر التلمساني في الجوهرة ص 102. ورواه ابن عبد البر في الاستيعاب 2 / 413. ورواه أيضا السيد المدني في الدرجات الرفيعة ص 256.

[392] رواه الحاكم في مستدرك الصحيحين 3 / 104 بطريقين ، عن الحكم ، ... الحديث.

[393] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 167 ، عن سعيد بن جبير.

[395] ذكر ابن حجر مقطعا من الحديث مع تفاوت الاصابة 1 / 250 ، عن ابن السكن ، عن يحيى بن كثير صاحب البصري ، عن أبيه ، عن الجريري ، عن عبد اللّه بن بريدة عن أبيه ... الحديث.

[396] روى الهيثمي في مجمع الزوائد 7 / 336 - بهذا المضمون والمعنى - عن زيد بن وهب ، عن حذيفة ، في الفتنة ، قال فيه زيد لحذيفة : فقلنا : يا أبا عبد اللّه وإن ذلك لكائن؟ فقال بعض أصحابه : يا أبا عبد اللّه ، فكيف نصنع إن أدركنا ذلك؟ قال : انظروا للفرقة التي تدعو الى أمر علي علیه السلام ، فالزموها فإنها على الهدى.

ورواه البزار ، ورجاله ثقات. والعسقلاني في فتح الباري 16 / 165.

[399] رواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين ص 324 ، عن حفص بن عمران البرجمي ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي البختري ، قال : اصيب اويس القرني مع علي بصفين.

[400] رواه الشريف الرضي في خصائص أمير المؤمنين ص 21 ، عن أبي

ص: 521

نعيم - الفضل بن دكين - ، عن محمّد بن سليمان الاصبهاني ، عن يونس ، عن الاصبغ بن نباتة ، قال : ... الحديث.

[401] ورواه الطوسي في الفهرست ص 133 عن الدوري - أبي بكر - ، عن ابن الحسين زيد بن محمّد الكوفي ، عن أحمد بن موسى بن إسحاق. قال : حدثنا صرار ( ضرار ) بن صرد ، عن علي بن هاشم بن البريد ، عن محمّد بن عبيد اللّه بن أبي رافع ، عن عون بن عبيد اللّه ، عن أبيه ، الحديث. وذكره السيّد الخوئي في معجم رجال الحديث 11 / 69.

[405] روى المجلسي في بحار الأنوار المجلد 8 ص 484 ط قديم حديثا مرسلا يشابه النص ، قال : سمع أمير المؤمنين مرثية بعض نساء القتلى ، فقال : أما إنهم أضروا بنسائهم ، فتركوهن أياما حزانى بائسات ، قاتل اللّه معاوية ، اللّهمّ احمله آثامهم ، وأوزارا وأثقالا مع اثقاله ، اللّهمّ لا تعف عنه.

[407] روى المفيد في الارشاد مشابها لهذه الخطبة راجع ص 144.

[408] روى أحمد بن إسماعيل الطالقاني في كتاب الأربعين ، الحديث 48 ، عن أبي عبد اللّه ، عن الحنظلي ، عن محمّد بن سعيد العوفي ، عن أبيه ، عن عمرو بن عطية ، عن الحسن بن عطية ، عن سعد بن جنادة ، عن علي ، قال : امرت بقتال القاسطين والناكثين والمارقين ... الحديث.

وهذا الكتاب مطبوع في مجلة تراثنا العدد الاول سنة 1405.

[409] رواه أحمد بن حنبل في مسنده بخمسة طرق الى أبي سعيد الخدري ، بمضمون واحد : 3 / 48 ، و 3 / 64 ، و 3 / 82 ، و 3 / 95.

وعن أبيه ، عن يحيى ، عن عوف ، عن أبي نصرة ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يفترق أمتى فرقتين ، فيمترق بينهما مارقة يقتلها أولى الطائفتين بالحق.

ص: 522

ورواه أيضا الخوارزمي في المناقب ، ص 182 بسنده ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث.

[410] رواه أبو إسحاق ، إبراهيم بن محمّد الثقفي في الغارات 1 / 5 بطريقين :

1 - عن إسماعيل بن أبان ، عن عبد الغفار بن القاسم ، عن المنصور بن عمرو ، عن زر بن حبيش ، قال : سمعت أمير المؤمنين ، ... الحديث.

2 - عن أحمد بن عمران ، عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش قال : خطب علي علیه السلام ... الحديث.

ورواه سليم في قيس العامري في كتابه ص 156 مرسلا ، ... الحديث.

وروى قسما من الخطبة الكنجي في كفاية الطالب ص 180.

[412] رواه ابن المغازلي في المناقب ص 53 ، عن محمّد بن علي البيع ، عن أحمد بن موسى المالكي ، عن محمّد بن علي النحوي ، عن إسماعيل بن إسحاق القاضي ، عن عبد اللّه بن مسلمة ، عن مالك بن يحيى ، عن محمّد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة ، عن أبي سعيد ... الحديث باختلاف يسير.

ورواه أحمد بن حنبل في مسنده بعدة طرق واختلاف في الألفاظ 3 / 15 ، و 3 / 73 ، و 3 / 504.

[414] كما أشار المؤلف النسائي في الخصائص ص 147 : عن عمرو بن علي ، عن عبد الرحمن بن مهدي ، عن عكرمة بن عمار ، عن أبي زميل ، عن عبد اللّه بن عباس ... الحديث.

[419] رواه احمد بن حنبل في كتاب الفضائل 2 / 612 ، عن إبراهيم ، عن

ص: 523

عبد الرحمن بن حماد السبيعي ، عن ابن عون ، عن محمّد بن سيرين ، عن عبيدة ... الحديث.

ورواه مسلم في صحيحه - كتاب الزكاة -.

[420] روى الخوارزمي في المناقب ص 185 ، عن أحمد بن الحسين ، عن محمّد بن الحسين ، عن أبي أحمد الحافظ ، عن أبي عروبة ، عن إسماعيل بن يعقوب ، عن عقبة بن مكرم ، عن عبد اللّه بن عيسى ، عن يونس بن عبيد ، عن محمّد بن سيرين ، عن عبيدة السلماني :

أن عليا علیه السلام خطب أهل الكوفة ... الى قوله : فاطلبوه.

فطلبوه ، فلم يقدروا عليه ، ثم قال : اطلبوه ، واللّه ما كذبت ولا كذبت ، فطلبوه فوجدوه منكبا على وجهه في جدول من تلك الجداول ، فأخذوا برجله ، فجروه ، فأتوا به أمير المؤمنين علیه السلام ، فكبّر ، وحمد اللّه وخرّ ساجدا ومن معه من المسلمين.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار المجلد 8 ص 612.

[421] كما أشرنا في الحاشية أن هذه الرواية التي ذكرها المؤلف تضمن روايتين منفصلتين جمعهما في رواية واحدة.

1 - رواه التلمساني في الجوهرة ص 110 ، عن يزيد بن أبي زياد ، قال : سألت سعيد بن جبير عن أصحاب النهر ، فقال : حدثني مسروق ، قال : سألتني عائشة ... الحديث.

ولا يخفى أن المؤلف ذكر في الجزء الأول - الحديث 74 - حديثا مشابها لما نقله هنا ، فراجع.

2 - روى ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 62 عن طريق آخر : سلّم محمّد بن أبي بكر يوم الجمل على عائشة ، فلم تكلمه ، فقال : اسألك باللّه الذي لا إله إلا هو سمعناك تقولين الزم علي بن أبي طالب

ص: 524

علیه السلام فإني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : الحق مع علي وعلي مع الحق لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض.

قالت : بلى قد سمعت ذلك منه.

وأتى عبد اللّه ومحمّد ابنا بديل الى عائشة وناشداها بذلك ، فاعترفت.

[422] رواه النسائي في الخصائص ص 142 مع تفاوت في بعض الكلمات :

عن علي بن المندر ، عن أبيه ، عن عاصم بن كليب الحرمي ، عن أبيه ، قال : ... الحديث.

[429] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 20 / 157. ونقله المحمودي في ترجمة الامام علي 3 / 121 .. ( ولا يخفى أننا كلما ذكرنا تاريخ دمشق كان قصدنا الاجزاء الثلاثة التي ألفها المحمودي من تاريخ دمشق ). متفاوت ، عن علي بن أحمد بن منصور ، عن أحمد بن عبد الواحد ، عن جده ، عن محمّد بن يوسف ، عن محمّد بن علي ، وأحمد بن حازم ، عن أبي غسان ، عن سهل بن شعيب النهمي ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه المديني ، قال : حج معاوية ... الحديث.

ولا يخفى أن أكثر المصادر قسموا الرواية الى قسمين وذكروا قسما منها. ففي كتاب سليم بن قيس ص 202 ، وفي إثبات الهداة للحرّ العاملي 2 / 330 ذكرا القسم الأول وهو حوار معاوية مع عبد اللّه بن العباس.

وفي تاريخ ابن كثير 8 / 77 ، ومجمع الزوائد للهيثمي 7 / 235 ، والمناقب لابن شهر اشوب 3 / 62 القسم الاخير منها.

[431] رواه المجلسي في بحار الأنوار المجلد 8 ص 460 ط قديم :

عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن عائشة ،

ص: 525

قالت : ادفنوني مع أزواج النبي صلی اللّه علیه و آله فإني قد أحدثت بعده حدثا.

[432] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 15 ، عن عبد المنعم بن عبد الكريم ، عن محمّد بن عبد الرحمن ، عن محمّد بن أحمد بن حمدان.

حيلولة : وأخبرتنا أم المجتبى ، عن إبراهيم السلمي ، عن أبي بكر بن المقري ، قالا : أنبأنا أبو يعلي عن عبد الرحمن بن صالح ، عن أبي بكر بن عياش ، عن صدقة بن سعيد ، عن جميع بن عمير ... الحديث.

ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 112.

[438] روى فضل بن شاذان في الإيضاح ص 369 عن أبي نعيم - الفضل بن الدكين - ، عن عبد العزيز بن سياه ، عن حبيب بن أبي ثابت ، قال :

شهدت ابن عمر في مرضه الذي مات فيه ، فسمعته يقول : ما آسى على شيء إلا أن أكون قاتلت الفئة الباغية.

قلت : يا أبا عبد الرحمن مع من؟

قال : مع علي بن أبي طالب علیه السلام .

رواه ابن سعد في طبقاته 4 / 137. وابن الأثير في اسد الغاية 4 / 33.

[439] روى السيد محمّد بن عقيل في نصائح الكافية لمن يتولى معاوية ص 34 عن أبي حنيفة ، عن عطاء بن أبي رياح ، عن ابن عمر ، قال : ما آسى على شيء إلا أن أكون قاتلت الفئة الباغية ، وعلى صوم الهواجر.

وهكذا في الرياض النضرة 2 / 242 وأضاف قائلا : وفيه دليل على صحة خلافته عندهم.

وروى ابن سعد في طبقاته عن سعيد بن جبير ، قال ابن عمر :

ص: 526

ما آسى من الدنيا إلا على ثلاث : ظمأ الهواجر ، ومكابدة الليل ، وأن لا أكون قاتلت هذه الفئة الباغية التي حلّت بنا.

[440] رواه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 1 / 369 ، عن هيثم ، عن مجالد ، عن الشعبي : أن مسروقا ندم على إبطائه عن علي بن أبي طالب علیه السلام .

رواه ابن عبد البر في الاستيعاب ، عن إبراهيم النخعي : أن مسروق بن الأجدع لم يمت حتى تاب من تخلفه عن علي كرم اللّه وجهه.

[441] روى أبو إسحاق - إبراهيم بن محمّد الثقفي - في الغارات 2 / 482 ، عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي ... الحديث.

وروى أيضا الشريف الرضي هذه الخطبة في النهج ، انظر شرح ابن أبي الحديد 1 / 152.

[442] رواه الميرزا حبيب اللّه الخوئي في منهاج البراعة 1 / 415 ، عن أحمد بن محمّد بن سعيد ، عن جعفر بن عبد اللّه العلوي وأحمد بن محمّد الكوفي ، عن علي بن العباس ، عن إسماعيل بن إسحاق ، جميعا ، عن فرج بن قرة ، عن مسعدة بن صدقة ، عن ابن أبي ليلى ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ... الحديث.

ورواه إبراهيم بن محمّد الثقفي في الغارات 2 / 475.

[446] رواه الاميني في الغدير 10 / 139 ، عن كتاب صفين ، عن البراء بن عازب ، قال : أقبل أبو سفيان ومعه معاوية ، فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : اللّهمّ العن التابع والمتبوع ، اللّهمّ عليك بالأقيعس.

فقال ابن البراء لأبيه : من الأقيعس؟

قال : معاوية.

[447] رواه الصدوق في الخصال 1 / 191 الحديث 264 ، عن أحمد بن محمّد

ص: 527

بن الصقر الصائغ ، عن محمّد بن جعفر ، عن أبي الاحوص ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن أبي غسان ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن الاعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد اللّه بن الحارث ، عن عبد اللّه بن مالك الزبيدي ، عن عبد اللّه بن عمرو ، أن أبا سفيان ... الحديث.

ورواه الطبري في تاريخه 11 / 357. ونصر بن مزاحم في وقعة صفين 220. والمجلسي في بحار الأنوار المجلد 8 ط قديم ، ص 380.

[449] روى السيد محمّد بن عقيل العلوي في النصائح الكافية ص 101 ، عن الحسن البصري : أن أبا سفيان دخل على عثمان حين صارت الخلافة إليه ، فقال : قد صارت إليك بعد تيم وعدي ، فأدرها كالكرة واجعل أوتادها بني أميّة ، فإنما هو الملك ، ولا أدري ما جنة ولا نار.

فصاح به عثمان : ثم عني فعل اللّه بك وفعل.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار المجلد 8 ط قديم ، ص 326.

[450] رواه علي بن موسى الحسيني المتوفى 664 في الملاحم والفتن ص 111 ، الباب 19 ، عن كتاب الفتن للسليلي من أمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بقتل معاوية إذا ادعى الإمارة. وذكر بإسناده ، عن محمّد بن لبيد ، عن نفر من قومي من بني عبد الأشهل شهد بدرا ، كنا عند النبي ومعنا معاوية ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار المجلد 8 ، ص 565.

[451] رواه البلاذري في الجزء الاول من تاريخه الكبير عن عبد اللّه بن صالح ، عن يحيى بن آدم ، عن شريك ، عن ليث ، عن طاوس ، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص ، قال : كنت جالسا عند النبي صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

[453] وروى أبو نعيم عن علي علیه السلام أنه قال : لكل امة آفة ، وآفة هذه

ص: 528

الامة بنو أميّة ( كنز العمال 6 / 91 ).

[454] رواه إبراهيم بن محمّد الثقفي في الغارات 2 / 571 عن المسور بن مخرمة ، قال : لقي عمر بن الخطاب عبد الرحمن بن عوف ، فقال : أليس كنا نقرأ ... الحديث.

ورواه في النصائح الكافية لمن يتولى معاوية ص 134 وص 32.

[455] رواه محمّد بن الحسن العاملي في اثبات الهداة 1 / 365 الحديث 478 ، عن أبي سعيد الخدري ، مرسلا.

[456] رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي وابن عساكر ، عن سعيد بن المسيب ، قال : رأى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث. ( راجع الغدير 8 / 248 ).

ورواه أيضا العلوي في النصائح الكافية ، ص 136. والمجلسي في بحار الأنوار مجلد 8 ط قديم ، ص 378.

[457] رواه السيد العلوي في النصائح الكافية ، ص 133 : عن نعيم بن حماد في الفتن ، عن ابن مسعود (رحمه اللّه) ، قال : إن لكل دين آفة ، وآفة هذا الدين بنو أميّة.

[458] أخرجه الحاكم في مستدرك الصحيحين 4 / 480 ، وصححه على شرط الشيخين عن أبي برزة ، ان أبغض الأحياء - أو الناس - الى رسول اللّه بنو أميّة ورواه الهيثمي في مجمعه 10 / 71.

[460] قال السيد العلوي في النصائح الكافية ص 63 : عن ابن قتيبة ، وغيره ، عن أبي هريرة - ره - قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

[461] روى المتقي في كنز العمال 6 / 90 ، عن عبد الرحمن بن أبي بكر ، الحديث قريب لهذا المعنى.

ص: 529

ذكر السيد العلوي في النصائح ص 136 أن فخر الدين الرازي قال في تفسيره ... الحديث.

أما قول الامام الحسن علیه السلام لمروان فقد روى الهيثمي في مجمع الزوائد 10 / 72 ، عن أبي يحيى ، قال : كنت بين الحسن والحسين ومروان يتسابان فجعل الحسن يسكّت الحسين ، فقال مروان : أهل بيت ملعونون.

فغضب الحسن ، وقال : قلت أهل بيت ملعونون ، فو اللّه لقد لعنك اللّه ، وأنت في صلب أبيك.

وفي كنز العمال 6 / 90 ، عن يحيى النخعي ، وروى الحديث ، ولكن أضاف في قول الامام الحسن ، كما يلي :

أقلت : أهل بيت ملعونون ، فو اللّه لقد لعنك على لسان نبيه صلی اللّه علیه و آله وأنت في صلب أبيك.

[462] روى الحديث المتقي في كنز العمال 6 / 91 ، عن محمّد بن كعب القرظي ، قال : لعن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الحكم وما ولد إلا الصالحين وهم قليل.

قال : أخرجه عبد الرزاق في الجامع.

[463] رواه إبراهيم بن محمّد الثقفي في الغارات 2 / 570 ، عن المسيب بن نجبة الفزاري ، عن علي علیه السلام ، قال : من وجدتموه من بني أميّة ، فغطوا على صماخه وهو في ماء حتى يدخل الماء في فيه.

[464] روى المجلسي في بحار الانوار مجلد 8 ص 566 ، عن حماد بن عيسى العبسي ، عن بلال بن يحيى ، عن حذيفة بن اليمان ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إذا رأيتم معاوية بن أبي سفيان على المنبر ، فاضربوه بالسيف ، واذا رأيتم الحكم بن أبي العاص ، ولو تحت

ص: 530

أستار الكعبة ، فاقتلوه.

[465] رواه المتقي في كنز العمال 6 / 90 ، عن عبد اللّه بن الزبير ، وهو على المنبر ... الحديث.

وأخرجه الحاكم في مستدرك الصحيحين 4 / 481.

[466] روى علي بن موسى الحسيني في الملاحم والفتن ص 30 ، عن نعيم بن حماد في كتاب الفتن من أهل هلاك عامة أمته على يد بني أميّة ، قال : حدثنا عبد اللّه بن مروان المرائي ، عن أبي بكر بن سعد ، أن مروان بن الحكم لما ولد رفع إلى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ليدعو له ، فأبى أن يفعل ، ثم قال : ابن الزرقاء هلاك عامة أمتي على يديه ويدي ورثته.

وروى مثله المتقي في كنز العمال 6 / 40.

[467] رواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين ص 217 ، عن جعفر الاحمر ، عن ليث ، عن محارب بن زياد ، عن جابر بن عبد اللّه ، قال : قال رسول اللّه : يموت معاوية على غير ملتي.

[469] روى المجلسي في بحار الأنوار المجلد 8 ص 560 ، عن الراغب أنه قال :

قال أمير المؤمنين علیه السلام : لا يموت ابن هند حتى يعلّق الصليب في عنقه.

وقد رواه الأحنف بن قيس ، وابن شهاب الزهري ، والاعثم الكوفي ، وأبو حيان التوحيدي وأبو الثلاج. فكأن كما قال علیه السلام .

[475] روى نصر بن مزاحم في وقعة صفين ص 215 ، عن أبي عبد الرحمن المسعودي ، عن يونس بن الأرقم بن عوف ، عن شيخ من بكر بن وائل قال :

كنا مع على بصفين ... والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أسلموا

ص: 531

ولكن استسلموا ، وأسروا الكفر ، فلما وجدوا أعوانا رجعوا إلى عداوتهم منا ، إلا أنهم لم يدعوا الصلاة.

[478] ذكر السيد محمّد بن عقيل في النصائح الكافية ص 114 : أن الترمذي روى في جامعه حديثا عن ابن عباس ، قال فيه : تمتع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأبو بكر وعمر وعثمان ، وأول من نهى عنه معاوية.

[479] قال السيد العلوي في النصائح الكافية ص 134 : وأخرج الترمذي ، والنسائي ، وأبو داود ، وابن ماجة ، عن أبي ذر ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال :

أول من يبدل سنّتي رجل من بني أميّة.

وأما الهيثمي في الصواعق المحرقة ص 132 فقد ذكر عن مسند الروياني ، عن أبي الدرداء ، قال : سمعت النبي صلی اللّه علیه و آله :

أول من يبدل سنّتي رجل من بني أميّة يقال له يزيد.

[480] وروى ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 164 ، عن ابن مسعود ، قال :

قال النبيّ صلی اللّه علیه و آله : ائمة الكفر معاوية وعمرو.

[482] روى نصر بن مزاحم في وقعة صفين ص 215 ، عن عبد العزيز بن سياه ، عن حبيب بن أبي ثابت ، قال : لما كان قتال صفين قال رجل لعمار : يا أبا اليقظان : ألم يقل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : قاتلوا الناس حتى يسلموا ، فإذا سلموا عصموا مني دماءهم وأموالهم؟

قال : بلى ولكن واللّه ما أسلموا ، ولكن استسلموا وأسروا الكفر حتى وجدوا عليه أعوانا.

ورواه السيد على المدني في الدرجات الرفيعة ص 269. والمجلسي

ص: 532

في بحار الأنوار المجلد 8 / 565.

[483] رواه أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 45 ، عن أبي عبيد ، عن الفضل المصري ، عن عثمان بن أبي شيبة ، عن أبي معاوية ، عن الأعمش.

وحدثني أبو عبيد ، عن فضل ، عن عبد الرحمن بن شريك ، عن أبيه ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن سويد ، قال : صلّى بنا معاوية بالنخيلة الجمعة في الصحن ثم خطبنا فقال :

إني واللّه ما قاتلتكم لتصلّوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولا لتزكوا ، إنكم لتفعلون ذلك ، وإنما قاتلتكم لأتأمر عليكم ، وقد أعطاني اللّه ذلك وأنتم كارهون.

[484] قال السيد العلوي في النصائح الكافية ص 190 : وأخرج ابن أبي شيبة ، عن سعيد بن جمهان ، قال : قلت لسفينة : إن بني أميّة يزعمون أن الخلافة فيهم.

فقال : كذب بنو الرزقاء ، بل هم الملوك من شرّ الملوك ، وأول الملوك معاوية.

[486] رواه أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ، ص 45 ، عن أحمد بن عبيد اللّه بن عمار ، عن أحمد بن بشر ، عن الحسن بن الحسن ، وعيسى بن مهران ، قالوا : حدثنا علي بن الجعد ، عن قيس بن الربيع ، عن عطاء بن السائب ، عن الشعبي ، قال خطب معاوية .. الخبر.

[487] رواه الحاكم في مستدرك الصحيحين 4 / 481 بسنده عن محمّد بن زياد ... الخبر.

ورواه السيوطي عن أبي عثمان النهدي في ذيل تفسير قوله تعالى ( وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ ) - الدر المنثور 6 / 41 -.

ورواه المجلسي في بحار الانوار المجلد 8 ص 382.

ص: 533

[490] قال ابن كثير في تاريخه 8 / 131 أخرجه أبو داود الطيالسي ، قال الأسود بن يزيد ... الخبر.

ورواه السيد العلوي في النصائح الكافية ص 12 ، بتفاوت ، حيث قال : وأخرج ابن أبي حاتم عن الأسود بن يزيد ... الخبر.

[492] وروى السيد العلوي في فصل الحاكم ص 20 : جاء في الأخبار الصحيحة ، أن جماعة من أصحاب الصفة مرّ بهم أبو سفيان بن حرب بعد إسلامه ، فعضوا أيديهم عليه ، وقالوا : وا أسفاه ، كيف لم تأخذ السيوف مأخذها من عنق عدو اللّه.

وكان معه أبو بكر ، فقال لهم : أتقولون هذا لسيد البطحاء؟

فرفع قوله الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فأنكره ، وقال لأبي بكر : انظر لا تكون أغضبتهم فتكون قد أغضبت ربك.

فجاء أبو بكر إليهم وترضاهم وسألهم أن يستغفروا له.

فقالوا : غفر اللّه لك.

[494] روى علي بن موسى الحسيني في الملاحم والفتن ص 121 باب 33 عن ابن عباس في قوله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها ) أنهم بنو المغيرة وبنو أميّة ، وأن بني المغيرة قتلوا يوم بدر وأن بني أميّة متعوا الى حين.

ورواه محمّد بن الحسن العاملي في إثبات الهداة 2 / 328 ، الحديث 27.

قال السيد العلوي في فصل الحاكم ص 11 : وقد صحح الحاكم حديث علي في قوله عزّ وجلّ : وأحلّوا ، الآية.

[499] رواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين ص 218 ، عن محمّد بن فصيل عن يزيد بن أبي زياد ، عن سليمان بن عمرو ، أبي هلال أنه سمع

ص: 534

أبا برزة الأسلمي يقول : إنهم كانوا مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فسمعوا غناء ، فتشرفوا له. فقام رجل فاستمع له وذاك قبل أن تحرم الخمر. فأتاهم ، ثم رجع فقال : هذا معاوية وعمرو بن العاص يجيب أحدهما الآخر وهو يقول :

يزال حوارى تلوح عظامه

زوى الحرب عنه أن يحسّ فيقبرا

فرفع رسول اللّه يديه ، فقال : اللّهمّ اركسهم في الفتنة ركسا ، اللّهمّ دعّهم الى النار دعا.

ورواه أحمد بن حنبل في مسنده 4 / 421. والسيد العلوي في النصائح ص 117. والمجلسي في بحار الأنوار مجلد 8 ص 565 ط قديم.

[501] رواه أبو يوسف القاضي في الآثار ص 71 من طريق إبراهيم ، قال : إن عليا رضی اللّه عنه قنت يدعو على معاوية حين حاربه فأخذ أهل الكوفة عنه.

وروى الطبري في تاريخه 6 / 40 قال : كان علي إذا صلّى الغداة يقنت ، يقول : اللّهمّ العن معاوية وعمرا ... الخبر.

[502] أورد عبد اللّه البحراني في كتاب العوالم - قسم الامام الحسن علیه السلام ص 208 باب ما جرى بينه علیه السلام وبين معاوية - ذكر مناظرة طويلة الى قوله : « مواطن لعن الرسول صلی اللّه علیه و آله أبا سفيان ».

والسادس : يوم الأحزاب يوم جاء أبو سفيان بجمع قريش وجاء عيينة بن حصن بغطفان ، فلعن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله القادة والأتباع والساقة الى يوم القيامة.

فقيل : يا رسول اللّه أما في الأتباع مؤمن؟

قال : لا تصيب اللعنة مؤمنا من الأتباع ، وأما القادة فليس فيهم

ص: 535

مؤمن ولا مجيب ولا ناج.

[503] رواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين بثلاث طرق :

1 - عن يحيى بن يعلي ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، قال عبد اللّه بن عمر : إن معاوية في تابوت في الدرك الأسفل من النار ، ولو لا كلمة فرعون : « أنا ربكم الأعلى » ما كان أحد أسفل من معاوية الخبر ص 217.

2 - عن عمر ، عن يحيى بن يعلى ، عن عمار الدهني ، عن أبي المثنى ، عن عبد اللّه بن عمر ، الخبر ص 218.

3 - عن محمّد بن فضيل ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن عبد اللّه بن عمر ، الخبر ص 219.

[504] وروى الأميني في الغدير 10 / 142 حديثا مرفوعا مشهورا عن النبي صلی اللّه علیه و آله أنه قال : إن معاوية في تابوت من نار في أسفل درك منها ينادي : يا حنان يا منان الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين.

[506] قال السيد العلوي في النصائح ص 203 : رواه مسلم عن ابن عباس ره ، أنه كان يلعب مع الصبيان ، فجاء له النبي صلی اللّه علیه و آله فهرب وتوارى ، فجاءه وضربه بين كتفيه ، ثم قال : اذهب فادع لي معاوية.

قال : فجئت ، فقلت : هو يأكل.

ثم قال : اذهب ، فادع لي معاوية.

قال : فجئت ، فقلت : هو يأكل.

فقال : لا أشبع اللّه بطنه.

[507] رواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين ص 216 ، عن الحكم ، عن

ص: 536

عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ، عن عبد اللّه بن مسعود ، ... الحديث.

ورواه أيضا ، عن الحكم بن ظهير ، عن إسماعيل ، عن الحسن ... الحديث.

[508] روى المجلسي في بحار الأنوار المجلد 8 ص 561 ، عن الحميري ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن الثمالي ، قال : سمعت أبا جعفر يقول : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - ومعاوية يكتب بين يديه ، وأهوى بيده الى خاصرته بالسيف - من أدرك هذا يوما أميرا ، فليبقر خاصرته بالسيف ... الخبر.

[509] رواه نصر بن مزاحم في وقعة صفين ص 218 ، عن أبي عبد الرحمن ، عن العلاء بن يزيد القرشي ، عن جعفر بن محمّد ، قال : دخل زيد بن أرقم على معاوية ، فإذا عمرو بن العاص جالس معه على السرير ، فلما رأى ذلك زيد جاء حتى رمى بنفسه بينهما.

فقال عمرو بن العاص : أما وجدت لك مجلسا إلا أن تقطع بيني وبين أمير المؤمنين؟

فقال زيد : إن رسول اللّه غزا غزوة وأنتما معه ، فرآكما مجتمعين فنظر إليكما نظرا شديدا ، ثم رآكما اليوم الثاني واليوم الثالث ، كل ذلك يديم النظر إليكما ، فقال في اليوم الثالث : إذا رأيتم معاوية وعمرو بن العاص مجتمعين ففرقوا بينهما ، فإنهما لن يجتمعا على خير.

[514] كما ذكر المؤلف الحديث طويل رواه السيد علي بن موسى في اليقين في امرة أمير المؤمنين علیه السلام ص 126 ، عن أحمد بن محمّد الهمداني ، عن محمّد بن جعفر ، عن أبيه ، عن محمّد بن أيوب ، عن نوح بن أبي النعمان الأزدي ، عن صخر بن الحكم الفزاري ، عن جنان

ص: 537

بن الحرب الأزدي ، عن ربيع بن حميد الضبي ، عن مالك بن ضمرة الرواسي ، عن أبي ذر الغفاري ، ثم ذكر الحديث بتفاوت.

[515] رواه البحراني في العوالم ص 259 ، عن علي بن مالك النحوي ، عن الحسين بن عطاء ، عن محمّد بن سعيد البصري ، عن أبي عبد الرحمن الأصباغي ، عن عطاء بن مسلم ، عن الحسن بن أبي الحسن البصري ، قال : كنت غازيا زمن معاوية بخراسان ، وكان علينا رجل من التابعين [ وفي النصائح ص 73 الربيع بن زياد الحارثي ] فصلّى بنا يوما الظهر ، ثم صعد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه وقال :

أيها الناس إنه قد حدث في الإسلام حدث عظيم لم يكن منذ قبض اللّه نبيه صلی اللّه علیه و آله مثله. بلغني أن معاوية قتل حجرا وأصحابه ، فإن يك عند المسلمين غير فسبيل ذلك ، فان لم يكن عندهم غير فأسأل اللّه أن يقبضني إليه ، وأن يعجل ذلك.

قال الحسن بن أبي الحسن : فلا واللّه ما صلّى بنا صلاة غيرها حتى سمعنا عليه الصياح.

[516] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 4 / 92 ، عن عثمان ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، أن معاوية دخل على عائشة ، الخبر.

وذكر الأميني مقاطع من الخبر في الغدير 10 / 245.

[517] ذكر أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 175 قطعة من الرواية ، عن حجاج ، عن فطر ، عن عبد اللّه بن شريك ، عن عبد اللّه بن الرقيم الكناني ، قال : خرجنا الى المدينة زمن الجمل ، فلقينا سعد بن مالك بها ... الحديث.

[518] ذكر الكنجي في كفاية الطالب ص 193 قطعة من الرواية. عن

ص: 538

القاضي أحمد بن محمّد ، عن عمر الدينوري ، عن الكروخي ، عن محمود بن القاسم ، عن عبد الجبار الجراحي ، عن محمّد بن أحمد المحبوبي ، عن محمّد بن عيسى السلمي ، عن يوسف بن موسى القطان البغدادي ، عن علي بن قادم ، عن علي بن حسن بن صالح بن حي ، عن حكيم بن جبير ، عن جميع بن عمير التيمي ، عن ابن عمر ، قال : آخى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بين أصحابه ، فجاء علي علیه السلام تدمع عيناه ، فقال : يا رسول اللّه ، آخيت بين أصحابك ولم تواخ بيني وبين أحد؟

فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أنت اخي في الدنيا والآخرة.

[519] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 150 - بتفاوت - قال : حدثني أبو بكر ، حدثنا عمر بن حماد ، عن أسباط بن نصر ، عن نضر ، عن سماك ، عن حنش ، عن علي (رضي اللّه عنه) : أن النبي صلی اللّه علیه و آله حين بعثه ببراءة ، فقال : يا نبي اللّه إني لست باللسن ولا بالخطب.

قال : ما به أن أذهب أنا أو تذهب بها أنت.

قال : فإن كان لا بد فسأذهب أنا.

قال : فانطلق فإن اللّه يثبت لسانك ويهدي قلبك.

قال : ثم وضع يده على فمه.

ورواه أيضا في الفضائل ص 323.

[521] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 271 ، الحديث 334 : أخبرنا أبو علي ابن السبط وأبو بكر المقري وأبو عبد اللّه البارع وأبو غالب عبد اللّه بن أحمد بن بركة السمسار ، قالوا : أنبأنا أبو الغنائم بن المأمون ، أنبأنا علي بن محمّد الحربي ، أنبأنا جعفر بن أحمد بن محمّد بن المصباح. أنبأنا أحمد بن عبدة ، أنبأنا الحسن بن صالح بن الأسود ، عن عمه

ص: 539

منصور بن الاسود ، عن عمر بن عمير الهجري ، عن عروة بن فيروز ، عن جسرة ، عن أمّ سلمة ، قالت ... الحديث.

ورواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 194. ورواه الخوارزمي في مناقبه ص 229.

[522] رواه إبراهيم بن محمّد بن المؤيد في فرائد السمطين 1 / 207 ، عن عبد اللّه بن أحمد ، عن عبد الرحمن بن عبد السميع ، عن شاذان بن جبرائيل ، عن محمّد بن عبد العزيز ، عن محمّد بن أحمد بن علي النطنزي ، عن سعيد بن أبي الرجاء ، عن عبد الواحد بن أحمد ، عن أبي أحمد بن عبد اللّه ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن أحمد بن منيع ، عن أبي أحمد الزبيري ، عن هشام بن سعد ، عن عمرو بن أسيد ، عن ابن عمر ... الحديث.

ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 221 ، والكنجي في كفاية الطالب ص 136 ، وابن شهر اشوب في المناقب 2 / 190 ، والمجلسي في بحار الأنوار 39 / 38 بعدة طرق.

[524] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 12 ، عن أبي الفضل ابن البقال ، عن أبي الحسين بن بشران ، عن أبي عمرو بن السماك ، عن حنبل بن إسحاق ، عن مالك بن إسماعيل ، عن زهير ، عن أبي إسحاق ، قال : سأل عبد الرحمن بن خالد ، قثم بن العباس ... الحديث.

ورواه النسائي في الخصائص ص 108 ، وأبو نعيم في حلية الأولياء 1 / 68 ، والمجلسي في بحار الأنوار 38 / 340. وقد مرّ ذكر هذا الحديث في الجزء الثاني / الحديث 185. ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 105.

ص: 540

[525] رواه بتفاوت ابن المغازلي في المناقب ص 73 ، عن محمّد بن القاسم ، عن أبيه ، عن العباس بن ميمون ، عن ابن عائشة ، عن أبيه ، عن عوف ، عن الحسن ... الحديث.

ورواه التلمساني أيضا في الجوهرة ص 74 ، والمجلسي في بحار الأنوار 40 / 117 الحديث 2 ، وفي 42 / 144 أيضا ، ورواه أيضا الصدوق في أماليه ص 352 الحديث 1.

[527] الخوارزمي في مناقبه ص 230 بطريق آخر ، عن شهردار ، عن عبدوس بن عبد اللّه ، عن أبيه ، عن أبي بلال ، عن القاسم بن بندار ، عن إبراهيم بن الحسين ، عن أبي المظفر ، عن جعفر بن سليمان ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث بتفاوت.

ورواه ابن المغازلي في مناقبه ص 366 ، عن أبي سعيد الخدري بطريق آخر.

ورواه نصا ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 76.

[528] روى الصدوق في الخصال 2 / 429 ، عن محمّد بن علي ، عن محمّد بن أبي القاسم ، عن محمّد بن علي الكوفي ، عن نصر بن مزاحم المنقري ، عن أبي خالد ، عن زيد بن علي بن الحسين ، عن آبائه ، عن علي علیه السلام قال : كان لي عشر من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لم يعطهن أحد قبلي ولا يعطاهن أحد بعدي قال لي : يا علي أنت أخي في الدنيا والآخرة ، وأنت أقرب الناس مني موقفا يوم القيامة ، ومنزلي ومنزلك في الجنة متواجهين كمنزل الأخوين ، وأنت الوصي ، وأنت الولي ، وأنت الوزير ، وعدوك عدوي وعدوي عدو اللّه ، ووليك وليي ووليي ولي اللّه.

[529] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 87 بتفاوت واختصار عن محمّد

ص: 541

بن إبراهيم ، عن أحمد بن عبد المنعم ، عن أبي الحسن العتيقي ، عن أبي الحسن الدار قطني ، عن أحمد بن محمّد بن سعيد ، عن يحيى بن زكريا ، عن يعقوب بن معبد ، عن مثنى ، عن سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن عاصم بن ضمرة ، وهبيرة ، وعن العلاء بن صالح ، عن المنهال بن عمرو ، عن عباد بن عبد اللّه الأسدي. وعن عامر بن وائله.

قالوا : قال علي بن أبي طالب يوم الشورى ... الحديث.

ورواه ابن المغازلي في مناقبه ص 112 بطريقين الى عامر بن وائلة.

ورواه إبراهيم بن محمّد في فرائد السمطين 1 / 319.

ورواه الطبرسي في الاحتجاج 1 / 134 والبحراني في غاية المرام ص 474.

[530] ويشابهه ما رواه الحاكم في مستدرك الصحيحين 3 / 499 بسنده عن قيس بن أبي حازم ، قال : كنت بالمدينة فبينا أنا أطوف في السوق إذ بلغت أحجار الزيت ، فرأيت قوما مجتمعين على فارس قد ركب دابة وهو يشتم علي بن أبي طالب علیه السلام ، والناس وقوف حواليه ، إذ أقبل سعد بن أبي وقاص ، فوقف عليهم فقال : ما هذا؟

فقالوا : رجل يشتم علي بن أبي طالب.

فتقدم سعد ، فأفرجوا له حتى وقف عليه ، فقال : يا هذا على ما تشتم علي بن أبي طالب؟ ألم يكن أول من أسلم.

ألم يكن أول من صلّى مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

ألم يكن أزهد الناس؟

ألم يكن أعلم الناس؟

ص: 542

وذكر حتى قال : ألم يكن ختن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على ابنته؟

ألم يكن صاحب راية رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في غزواته؟

ثم استقبل القبلة ورفع يديه وقال : اللّهمّ إن هذا يشتم وليا من أوليائك فلا تفرق هذا الجمع حتى تريهم قدرتك.

قال قيس : فو اللّه ما تفرقنا حتى ساخت به دابته فرمته على هامته في تلك الاحجار ، فانفلق دماغه ومات.

قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

[531] سبق أن المؤلف ذكر هذا الحديث في الجزء الثاني الرقم 170 فراجع.

ورواه أيضا السيد بن طاوس في اليقين ص 106 : عن أحمد بن هشام الطبري ، عن محمّد بن نسيم القرشي ، عن الحسن بن الحسين ، عن يحيى بن يعلي ، عن الأعمش ، وعن جعفر بن محمّد الكوفي ، عن عبد اللّه بن داهر الرازي ، عن أبي داهر بن يحيى ، عن الأعمش ، عن عباية الأسدي ... الحديث.

ورواه أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 330.

[532] روى أحمد بن شعيب في خصائصه ص 112 : عن محمّد بن المثنى ، عن أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة عن أبي البختري ، عن علي علیه السلام ، قال : كنت إذا سئلت اعطيت ، وإذا سكت ابتديت.

ورواه أيضا أبو نعيم في حلية الاولياء 1 / 68 و 4 / 382 ، والحاكم في المستدرك 3 / 125 ، والهندي في كنز العمال 6 / 394 والترمذي في صحيحه 2 / 299 ، عن يوسف بن سعيد ، عن الحجاج بن خديج ، عن

ص: 543

أبي الحرب ، عن أبي الأسود ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : كنت واللّه إذا سئلت اعطيت وإذا سكت ابتديت.

[533] رواه ابن المغازلي - بتفاوت - في مناقبه ص 253 الحديث 303 ، عن محمّد بن أحمد بن عثمان ، عن محمّد بن المظفر ، عن محمّد بن الحسين ، عن جعفر بن عبد اللّه ، عن إسماعيل بن أبان ، عن سلام بن أبي عمرة ، عن المعروف بن خربوذ ، عن أبي طفيل ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري ... الحديث.

أما القسم الأخير من الحديث قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من تولاني تولى عليا ... لم تكن مع الرواية التي ذكرها ابن المغازلي ووجدتها في كتاب اليقين لابن طاوس ص 35 - بتفاوت - عن أبي الفرج أحمد بن جعفر النسائي ، عن ابن جرير ، عن عبد اللّه بن داهر ، عن أبي زاهر الأحمري ، عن الأعمش ، عن عباية ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : هذا علي بن أبي طالب لحمه من لحمي ، ودمه من دمي ، وهو مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي. وقال : يا أم سلمة اشهدي واسمعي هذا علي أمير المؤمنين وسيد المسلمين ووعاء علمي ، وبابي الذي أوتي منه ، وأخي في الدنيا والآخرة ، ومعي في السنام الأعلى ، يقتل القاسطين والناكثين والمارقين.

ورواه أبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ، ص 167.

[534] رواه المجلسي في بحار الأنوار 40 / 64 الحديث 99 عن تفسير فرات : أبو القاسم الحسيني ، معنعنا ، عن معاذ بن جبل ... الحديث بتفاوت.

[535] رواه ابن المغازلي في مناقبه ، ص 127 الحديث 168 ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن محمّد العلوي ، عن محمّد بن محمود ، عن إبراهيم

ص: 544

بن مهدي ، عن معاذ بن شعبة ، عن شريك ، عن أبي الوقاص العامري ، عن محمّد بن عمار بن ياسر ، عن أبيه ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن حفظتي عليّ يفتخران على الحفظة بكينونتها معه ، وذلك أنهما لم يصعدا له إلى اللّه تبارك وتعالى بشيء يسخطه.

ورواه أيضا الخطيب في تاريخ بغداد 14 / 49. والخوارزمي في مقتل الحسين ص 37.

[536] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 76.

ورواه أيضا السيد البحراني في البرهان 1 / 306 ، وروايات اخرى بنفس المضمون مع اختلاف في الألفاظ والسند.

[538] رواه ابن المغازلي في مناقبه ، ص 325 الحديث 372 ، عن محمّد بن أحمد بن عثمان ، عن محمّد بن العباس ، عن أبي عبيد ابن حريويه ، عن الحسين بن محمّد الزعفراني ، عن علي بن عبيد اللّه ، عن يحيى بن آدم ، عن عبيد اللّه بن عبد الرحمن الأشجعي ، عن سفيان بن سعيد ، عن عثمان بن المغيرة الثقفي ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن علي بن علقمة ، عن علي بن أبي طالب ، قال : لما نزلت ... الحديث بتفاوت بسيط في الألفاظ.

ورواه أيضا النسائي في الخصائص ، ص 39. والطبري في تفسيره 28 / 14. وابن كثير في تفسيره 4 / 326.

[540] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 9.

[541] رواه الخوارزمي في مناقبه ، ص 73 - بتفاوت بسيط - ، عن أحمد بن الحسين ، عن أبي عبد اللّه الحافظ ، عن أحمد بن جعفر القطيعي ، عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه ، عن يحيى بن معاذ ، عن أبي عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون قال ... الحديث.

ص: 545

ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 86.

ورواه البحراني في غاية المرام ص 142.

[542] روى المجلسي في بحار الأنوار 37 / 40 الحديث 13 عن أمالي الطوسي بتفاوت ، عن أبي عمرو ، عن ابن عقدة ، عن أبي الفضل بن يوسف ، عن محمّد بن عكاشة ، عن حميد بن المثنى ، عن يحيى بن طلحة ، عن أيوب بن الحر ، عن أبي اسحاق السبيعي ، عن الحارث ، عن علي علیه السلام ، قال : إن فاطمة شكت إلى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال : ألا ترضين ... الحديث.

وروى أبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ، ص 246 الحديث مفصلا.

ورواه الهندي في كنز العمال 6 / 153.

[543] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 296 ، عن عبد الملك بن قيبا الحريمي ، عن يحيى بن ثابت ، عن الحسن بن أبي نصر ، عن محمّد بن الحسين ، عن أبي القاسم بن أحمد ، عن محمّد بن عبد اللّه الحضرمي ، عن محمّد بن مرزوق ، عن حسين الاشقر ، عن قيس ، عن الأعمش ، عن عباية بن ربعي ، عن أبي أيوب الأنصاري ... الحديث.

ورواه الهندي في كنز العمال 6 / 153. والهيثمي في مجمع الزوائد 8 / 353.

ورواه الصدوق في الخصال ص 412 الحديث 16.

[544] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 213 ، عن أبي القاسم العلوي ، عن رشاء بن نظيف ، عن الحسن بن إسماعيل ، عن أحمد بن مروان ، عن محمّد بن عبد العزيز ، عن الفضل بن موفق ، عن السري بن القاسم ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عاصم بن ضمرة ، قال : ...

ص: 546

الحديث بتفاوت.

ورواه أيضا أبو جعفر الاسكافي في المعيار والموازنة ص 268. ورواه أيضا ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص 141.

[545] رواه السيد البحراني في غاية المرام ص 560 الباب 57 من عدة مصادر فراجع.

[551] رواه ابن المغازلي في مناقبه ، ص 224 ، عن محمّد بن الحسين الزعفراني ، عن جعفر بن محمّد ، عن علي بن الحسين البزار وموسى بن محمّد البجلي ، قالا : حدثنا جعفر بن سليمان ، عن يزيد الرشك ، عن مطرف بن عبد اللّه ، عن عمران بن حصين أن رسول اللّه ... الحديث.

ورواه ابن كثير في البداية والنهاية 7 / 344 ، وأبو داود الطيالسي في مسنده ص 111 ، الحديث 829.

[552] لقد مرّ ذكر هذا الحديث في الجزء الأول ، الحديث 23 ، فراجع.

[553] لقد مرّ ذكر هذا الحديث أيضا في الجزء الأول الحديث 9 ، فراجع.

[556] انظر الحديث 552.

[557] روى الحرّ العاملي في اثبات الهداة 2 / 157 ... الحديث.

[696] روى محمّد بن عمر الكشي في كتاب الرجال ، عن محمّد بن حماد الساسي ، عن صالح بن نوح ، عن زيد بن المعدل ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام قال : خطب سلمان ، فقال :

الحمد لله الذي هداني لدينه ، الى أن قال : فإن عند علي علم البلايا ، وعلم الوصايا ، وفصل الخطاب ، على منهاج هارون بن عمران ... الحديث.

[559] رواه أبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ص 84 ، عن الحسن بن محمّد ، عن أبيه ، عن محمّد بن محمّد بن النعمان ، عن محمّد بن عمر

ص: 547

الجعابي ، عن أحمد بن محمّد بن سعيد ، عن محمّد بن يحيى الأودي ، عن إسماعيل بن أبان ، عن فضيل بن الزبير ، عن أبي عبيد اللّه ، عن أبي سخيلة : قال حججت ... الحديث.

ورواه ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 91.

[560] روى ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 267 - قريبا منه - ، عن أبي الوفاء عمرو بن الفضل ، عن إبراهيم بن محمّد ، عن إبراهيم بن عبد اللّه ، عن عمر بن الحسن ، عن أبي يعلى المسمعي ، عن عبد العزيز بن الخطاب ، عن ناصح بن عبد اللّه المحلمي ، عن عطاء بن السائب ، عن أنس بن مالك ، قال : مرض علي ... الحديث.

[562] رواه ابن طاوس في اليقين ص 74 ، عن هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري ، ومحمّد بن عبد اللّه بن محمّد ، قالا : حدثنا محمّد بن القاسم بن زكريا ، عن عباد بن يعقوب الأسدي الرواجني ، عن السري بن عبد اللّه السلمي ، عن علي بن حزور ، قال : دخلت أنا والعلاء بن هلال الخفاف على أبي إسحاق السبيعي حين قدم من خراسان ، فجرى الحديث.

فقلت يا أبا إسحاق أحدثك بحديث حدثنيه أخوك أبو داود ، عن عمران بن حصين الخزاعي ... الحديث.

[564] روى الحرّ العاملي في اثبات الهداة 2 / 52 الحديث 225 ، عن محمّد بن عمر ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسن الخزاعي ، عن حسن بن حسين المدني ، عن عمرو بن ثابت ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي يحيى ، عن ابن عباس ، قال : صعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله المنبر - قريب لما ذكره المؤلف -.

[565] روى الكنجي في كفاية الطالب ص 86 ، عن أحمد بن عبد الدائم ،

ص: 548

وغيره ، محمّد بن صدقة الحراني ، عن أبي عبد اللّه بن الفضل الفراوي ، عن محمّد بن عبد الرحمن الكنجرودي ، عن عبد اللّه بن محمّد الرازي ، عن محمّد بن أيوب ، عن محمّد بن كثير ، عن سفيان الثوري ، عن المغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث بتفاوت.

[566] روى الصدوق في أماليه ص 107 ، الحديث 2 ، عن محمّد بن عمر الحافظ ، عن جعفر بن محمّد الحسني ، عن محمّد بن علي بن خلف ، عن سهل بن عامر ، عن زافر بن سليمان ، عن شريك بن أبي إسحاق ، قال : قلت لعلي بن الحسين : ما معنى قول النبي صلی اللّه علیه و آله : من كنت مولاه فعلي مولاه؟

قال : أخبرهم أنه الإمام بعده.

[567] روى ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 76 الحديث 122 قطعة منه ، عن أبي القاسم بن السمرقندي ، عن عاصم بن الحسن ، عن أبي عمر بن مهدي ، عن أبي العباس بن عقدة ، عن محمّد بن أحمد ، عن مخلد بن شداد ، عن محمّد بن عبيد اللّه ، عن أبي سخيلة قال ... الحديث.

ورواه البحراني في غاية المرام ، ص 506. وابن شهر اشوب في المناقب 2 / 91 و 3 / 315.

[568] رواه ابن المغازلي في مناقبه ، ص 240 الحديث 287 ، عن أحمد بن محمّد بن عبد الوهاب ، عن عمر بن عبد اللّه ، عن عيسى بن محمّد - الطوماري - ، عن محمّد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن صبيح الأسدي ، عن يحيى بن يعلى الأسلمي ، عن عمران بن عمران ، عن أبي إدريس ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث. ورواه الهندي في كنز العمال 6 / 156.

ص: 549

ورواه الخوارزمي ص 57 ، ورواه الحاكم في المستدرك 3 / 123 ، عن معاوية بن ثعلبة ، عن أبي ذر قال : قال النبي صلی اللّه علیه و آله : يا علي من فارقني فقد فارق اللّه ومن فارقك فقد فارقني.

[569] روى الصدوق ره رواية مفصلة في ضمنها هذه الرواية. - أمالي الصدوق - المجلس التاسع ص 37 الحديث 5 ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى العطار ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه الدهقان ، عن عروة ، عن شعيب ، عن أبي بصير ، عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

[570] راجع الحديث 536.

[571] رواه الشيخ المفيد في أماليه ص 166 ، عن علي بن خالد المراغي ، عن علي بن الحسن الكوفي ، عن جعفر بن محمّد بن مروان ، عن أبيه ، عن مسيح بن محمّد ، عن أبي علي ابن عمرة الخراساني ، عن إسحاق بن ابراهيم ، عن أبي إسحاق السبيعي ، قال : دخلنا على مسروق بن الأجدع ... الحديث بتفاوت.

ورواه أبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ص 48. ورواه الطبرسي في إعلام الورى ، ص 149.

[572] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 77 ، الحديث 124 ، عن أبي القاسم ابن السمرقندي ، عن أبي القاسم بن مسعدة ، عن عبد الرحمن بن عمرو الفارسي ، عن أبي أحمد ابن عدي ، عن علي بن سعيد بن بشير ، عن عبد اللّه بن داهر الرازي ، عن أبيه ، عن الأعمش ، عن عباية ، عن ابن عباس ... الحديث.

[576] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 217 ، الحديث 273 ، عن علي بن عمر

ص: 550

بن عبد اللّه ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي بن زكريا ، عن الحسن بن علي بن راشد الواسطي ، عن شريك ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي الطفيل ، عن زيد بن أرقم ... الحديث.

ورواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 186 الحديث 148 والخوارزمي في مناقبه ص 35. ورواه البحراني في غاية المرام ص 581 الباب 71 ، الحديث 35.

[577] رواه المجلسي في بحار الأنوار 39 / 259 مرسلا.

[580] رواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 148 الحديث 112 ، عن محمّد بن أبي القاسم ، عن أبيه ، عن شهردار بن شيرويه بن شهردار ، عن أبيه ، عن حمد بن أحمد بن حمدان ، عن عبد اللّه بن عمر ، عن أحمد بن محمّد بن الحسين ، عن أحمد بن محمّد بن أبي زيد البصري ، عن الفضل بن يوسف بن يعقوب ، عن الحسن بن الحسين الأنصاري ، عن معاذ بن مسلم ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن عبد اللّه بن العباس ... الحديث.

[581] رواه المجلسي في بحار الأنوار 39 / 254 الحديث 26 ، عن المحاسن :

أبي ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن رياح بن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام ... الحديث بتفاوت.

[582] رواه المجلسي في بحار الأنوار 37 / 140 الحديث 34 ، عن زياد بن المنذر قال : كنت عند أبي جعفر ... الحديث.

وقد مرّ ذكره في الجزء الأول الحديث 25.

[583] وقد مرّت عدة روايات مشابهة في الجزء الأول 91 وما بعدها فراجع.

[584] رواه الشيخ المفيد في أماليه ص 90 ، عن علي بن بلال المهلبي ، عن عبد اللّه بن راشد الاصفهاني ، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي ، عن

ص: 551

إسماعيل بن صبيح ، عن سالم بن أبي سالم البصير ، عن أبي هارون العبدي قال : كنت أرى ... الحديث.

[585] لقد سبق ذكر هذا الحديث ، راجع الجزء الثاني الحديث 216 ، فراجع.

[587] رواه بتفاوت ابن عساكر في تاريخ دمشق 10 / 76 الحديث 123 ، عن محمّد بن يحيى القرشي ، عن علي بن الحسن بن الحسين ، عن أحمد بن الحسين ، عن الحسن بن رشيق العسكري ، عن محمّد بن رزين ، عن سفيان بن بشر الأسدي ، عن علي بن هاشم ، عن محمّد بن عبيد اللّه ، عن عبيد اللّه بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن أبي ذر الغفاري ... الحديث.

وروى الحديث نصا البحراني في غاية المرام ص 486 الباب 15 الحديث 36. والجويني في فرائد السمطين 1 / 140 الحديث 103.

[588] لقد مرّ هذا الحديث في الجزء الثاني ... الحديث 212.

[589] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 72 الحديث 1115 ، عن هبة اللّه بن سهل بن عمر ، عن جده عمر بن محمّد بن الحسين البسطامي ، عن أبي عبد اللّه الحافظ ، عن محمّد بن علي الآدمي ، عن إسحاق بن إبراهيم الصنعاني ، عن عبد الرزاق بن همام ، عن أبيه ، عن مينا بن يحيى ، عن عبد اللّه بن مسعود ، قال : كنا مع النبي صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

ورواه الخوارزمي ص 64 بطريق آخر. ورواه المفيد في أماليه ص 30 والحرّ العاملي في إثبات الهداة 2 / 102 الحديث 418.

[590] روى أبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ص 224 ، عن عبد ربه بن علقمة ، عن حماد بن سلمة ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، قال : قال عمر بن الخطاب : تحببوا الى الأشراف وتوددوا واتقوا على أعراضكم من السفلة ، واعلموا أنه لا يتمّ شرف إلا بولاية

ص: 552

علي بن أبي طالب.

[591] رواه المجلسي في بحار الأنوار 40 / 135 الحديث 22 نقلا عن أمالي الصدوق ، عن ابن ناتانة ، عن علي بن إبراهيم ، عن جعفر بن سلمة ، عن الثقفي ، عن المسعودي عن يحيى بن سالم ، عن إسرائيل ، عن ميسرة ، عن منهال بن عمرو ، عن زر بن حبيش ، قال : مرّ علي على بغلة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ان في ملأ ، فقال سلمان ره ... الحديث.

ورواه الطبري في بشارة المصطفى ، ص 265.

[592] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 125 الحديث 164 ، عن أحمد بن محمّد بن عبد الوهاب ، عن الحسين بن محمّد بن الحسين العلوي ، عن محمّد بن محمود ، عن أحمد بن عمار بن خالد ، عن مخول بن إبراهيم النهدي ، عن عبد الجبار بن العباس ، عن عمار الدهني ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد اللّه ، قال ... الحديث بتفاوت.

ورواه ابن الأثير في اسد الغابة 4 / 27. والهندي في كنز العمال 6 / 159. والمجلسي في بحار الأنوار 38 / 300. والبغدادي في تاريخه 7 / 402. والترمذي في صحيحه 2 / 300.

[593] رواه الحسكاني في شواهد التنزيل 2 / 234 الحديث 954 ، عن ابن يحيى الحيكاني ، عن يوسف بن أحمد الصيدلاني ، عن أبي جعفر العقيلي ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن يحيى بن عبد الحميد ، عن الاشجعي ، عن سفيان بن المغيرة الثقفي ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن علي بن علقمة ، عن علي بن أبي طالب ... الحديث بتفاوت.

ورواه أبو نعيم في النور المشتعل ص 251 ، عن ابن عباس. ورواه الصدوق في الخصال ص 574. وابن المغازلي ص 325.

ص: 553

[594] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 17 الحديث 1030 ، عن محمّد بن الفضل ، وأبي المظفر بن أبي القاسم ، قال : عن محمّد بن عبد الرحمن ، عن ابن حمدان ، عن زهير ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن مغيرة ، عن أمّ موسى ، قالت : قالت أمّ سلمة : ... الحديث.

[595] روى أبو جعفر الصفار في بصائر الدرجات ص 313 الجزء السابع الباب الأول الحديث الأول ، عن أبي القاسم ، عن محمّد بن يحيى العطار ، عن محمّد بن الحسن الصفار ، عن محمّد بن عبد الجبار ، عن البرقي ، عن فضالة بن أيوب ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن عمرة بنت أبي رافع ، عن أمّ سلمة ... الحديث بتفاوت.

[599] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 483 الحديث 1003 ، عن أبي القاسم ابن السمرقندي ، عن أبي القاسم ابن مسعده ، عن حمزة بن يوسف ، عن أبي أحمد ابن عبد ، عن أبي يعلى ، عن كامل بن طلحة ، عن ابن لهيعة ، عن يحيى بن عبد اللّه ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد اللّه بن عمرو .. الحديث.

[601] رواه إبراهيم بن محمّد الثقفي في الغارات 1 / 4 ، عن أحمد بن عمران بن محمّد بن أبي ليلى الأنصاري ، عن أبيه ، عن ابن أبي ليلى ، عن المنهال بن عمرو ، عن زر بن حبيش ، قال : خطب علي علیه السلام ... الحديث. ورواه اليعقوبي في تاريخه 2 / 192.

[602] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 109 ، عن سعد بن عبد اللّه المروزي ، عن الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد ، عن عبد الرزاق بن عمر ، عن أحمد بن موسى ، عن محمّد بن علي بن رحيم ، عن أحمد بن حازم ، عن شهاب بن عباد ، عن جعفر بن سليمان ، عن أبي هارون ، عن أبي

ص: 554

سعيد ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار مجلد 8 ط قديم ص 11.

[603] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 110 ، عن سعد بن عبد اللّه بن الحسن الهمداني ، عن الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد ، عن عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم ، عن أحمد بن موسى بن مردويه ، عن محمّد بن علي بن رحيم ، عن أحمد بن حازم ، عن عثمان بن محمّد ، عن يونس بن أبي يعقوب ، عن حماد بن عبد الرحمن الأنصاري ، عن أبي سعيد التميمي ، عن علي علیه السلام ... الحديث.

[607] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 279 الحديث 1365 ، عن أبي غالب ابن البناء ، عن محمّد بن أحمد بن محمّد ، عن موسى بن عيسى بن عبد اللّه السراح ، عن عبد اللّه بن أبي داود ، عن إسحاق بن إسماعيل ، عن إسحاق بن سليمان ، عن فطر بن خليفة ، عن أبي الطفيل ... الحديث.

ورواه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص 159. والمحب الطبري في ذخائر العقبى ص 159.

[608] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 293 ، عن إسماعيل بن محمّد ، عن أبي بكر ابن الطبري ، عن أبي الحسين بن الفضل ، عن عبد اللّه بن جعفر ، عن يعقوب بن سفيان ، عن أبي نعيم ، عن عبد الجبار بن العباس الهمداني ، عن عثمان بن المغيرة ... الحديث.

[610] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 274 ، عن علي بن أحمد العاصمي ، عن إسماعيل بن أحمد الواعظ ، عن أبيه ، عن محمّد بن عبد اللّه الحافظ ، عن إبراهيم بن اسماعيل المقري ، عن عثمان بن سعيد الدارمي ، عن عبد اللّه بن صالح ، عن الليث بن سعد ، عن خالد بن

ص: 555

يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي سنان الدؤلي ، أنه عاد عليا علیه السلام ... الحديث.

ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 277 الحديث 1363 ، والمجلسي في بحار الانوار 42 / 193 الحديث 10.

[612] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 293 الحديث 1390 ، عن أبي الحسن بن قيس ، عن أبي محمّد بن أبي نصر ، عن خيثمة ، عن إسحاق بن سيار ، عن أبي علقمة ، عن سفيان ، عن عمران بن ظبيان ، عن حكيم بن سعد.

[613] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 115 الحديث 1156 - مضمونا - : عن الحسين بن عبد الملك ، عن سعيد بن أحمد ، عن محمّد بن عبد اللّه ، عن عمر بن الحسن القاضي ، عن أحمد بن الحسن الخزاز ، عن أبيه ، عن حصين بن مخارق ، عن سعيد بن الخميس ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ثعلبة ، عن علي علیه السلام ، أن القرية تكون فيها من الشيعة ، فيدفع بهم عنها ، ثم قال : أيم اللّه إلا أن أقولها ، فو اللّه لعهد إليّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أن الامة ستغدر بي.

ورواه البغدادي في تاريخه 11 / 216. والحاكم في المستدرك 3 / 140 ، والهندي في كنز العمال 6 / 73 ، والهيثمي في مجمعه 9 / 137.

[614] رواه أحمد بن إسماعيل في كتاب الأربعين الحديث 52 ، عن علي بن الشافعي ، عن محمّد بن الحسين بن أحمد ، عن القاسم بن أبي القاسم ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن يزيد ، عن عثمان بن أبي شيبة ، عن وكيع ، عن ابن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : كان أبو ليلى يسير مع علي ، فكان يلبس ثياب الصيف في الشتاء

ص: 556

وثياب الشتاء في الصيف ... الحديث بتفاوت.

ورواه أيضا ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 300.

[615] رواه بتفاوت الكنجي في كفاية الطالب ص 271 ، عن علي بن عبد اللّه ، عن المبارك بن الحسن ، عن أبي القاسم بن اليسرى ، عن عبيد اللّه بن محمّد العكبري ، عن أحمد بن هشام الأنماطي ، عن حسن بن سلام السواق ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن ابن أبي ليلى ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ... الحديث.

ورواه محمّد بن محمّد الشافعي في أسنى المطالب ص 64. والبحراني في حلية الأبرار 1 / 111. وابن المغازلي في مناقبه ص 74 الحديث 110.

[616] روى المجلسي في بحار الانوار 35 / 125 الحديث 67 : وأخبرني مشايخي محمّد بن إدريس وشاذان بن جبرائيل ومحمّد بن علي بأسانيدهم الى الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان يرفعه ، قال : لما مات أبو طالب رضی اللّه عنه أتى أمير المؤمنين علیه السلام النبي صلی اللّه علیه و آله فأذنه بموته ، فتوجع توجعا عظيما وحزن حزنا شديدا ، ثم قال لأمير المؤمنين :

امض يا علي فتولّ أمره وتولّ غسله وتحنيطه وتكفينه ، فإذا رفعته على سريرته فأعلمني.

ففعل ذلك أمير المؤمنين علیه السلام ، فلما رفعه على السرير اعترضه النبي صلی اللّه علیه و آله فرقّ وتحزن ، وقال : وصلت رحما وجزيت خيرا يا عم ، فلقد ربيت وكفلت صغيرا ، ونصرت وآزرت كبيرا ... الحديث.

[618] رواه النسائي في خصائصه ص 61 ، عن ميمون بن المثنى ، عن أبي

ص: 557

عوانة الوضاح ، عن أبي بلج ابن أبي سليم ، عن عمرو بن ميمون ، أنه قال : إني لجالس الى ابن عباس ... الحديث.

ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 187 الحديث 251.

ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 241.

ورواه أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 330. والجويني في فرائد السمطين 1 / 327 الحديث 255. والخوارزمي في مناقبه ص 74. وابن طاوس في اليقين ص 109. والمجلسي في بحار الانوار 40 / 49. والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 87.

[619] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 258 ، عن علي بن أحمد العاصمي ، عن إسماعيل بن أحمد الواعظ ، عن أبيه ، عن أحمد بن الحسين ، عن محمّد بن عبد اللّه الحافظ ، عن محمّد بن أحمد المحبوبي ، عن سعيد بن مسعود ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن علي علیه السلام قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

ورواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 141 الحديث 104. ورواه محمّد بن محمّد الشافعي في أسنى المطالب ص 94. ورواه أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 158 و 1 / 92. والترمذي في صحيحه 2 / 264. والحاكم في المستدرك 3 / 138.

[620] رواه أحمد بن حنبل في الفضائل ، ص 580 الحديث 984 ، عن ابن نمير ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، عن علي ... الحديث.

ورواه ابن ماجة في صحيحه ص 168 ، والحاكم في المستدرك 3 / 135. والبيهقي في سننه 10 / 86. والبغدادي في تاريخه 12 / 443.

ص: 558

[621] رواه النسائي في خصائصه ص 95 ، عن قتيبة بن سعيد ، عن ابن أبي عدي ، عن عوف ، عن ميمون ، عن زيد بن أرقم ... الحديث.

ورواه أيضا الخوارزمي في مناقبه ، ص 93 بطريق آخر ، عن زيد وابن المغازلي في مناقبه ص 20. وابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 5 الحديث 501.

[622] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 83 ، عن يحيى ، عن شعبة ، عن عمرة بن مرة ، عن عبد اللّه بن سلمة ، عن علي رضی اللّه عنه ... الحديث.

ورواه الحاكم في المستدرك 2 / 620. وأبو نعيم في حلية الأولياء 5 / 96. والمحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 216.

[623] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 122 الحديث 160 ، عن عبد الواحد بن علي بن العباس البزاز ، عن عبيد اللّه بن محمّد ، عن الحسين بن محمّد المحاملي ، عن علي بن مسلم ، عن أبي عاصم ، عن أبي الجراح ، عن جابر بن صبيح ، عن أم شراحيل ، عن أمّ عطية ، أن رسول اللّه ... الحديث.

ورواه الترمذي في صحيحه 2 / 301. والخوارزمي في مناقبه ص 30. والمجلسي في بحار الانوار 38 / 299.

[624] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 495 الحديث 1017 ، حيلولة ، عن أبي القاسم ابن الحصين ، عن أبي علي ابن المذهب ، عن أحمد بن جعفر ، عن أبي الربيع الزهراني ، وعلي بن حكيم الأودي ، ومحمّد بن جعفر الزركاني ، وزكريا بن يحيى ، وعبيد اللّه بن عامر بن زرارة الحضرمي ، وداود بن عمرو الضبي ، قالوا : أنبأنا شريك ، عن سماك ، عن حنش ، عن علي علیه السلام قال : بعثني النبي صلّى اللّه

ص: 559

عليه وآله .... الحديث.

ورواه الجويني في فرائد السمطين - بطريق آخر - 1 / 169 الحديث 130. والسيوطي في الدر المنثور.

[625] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 364 ، عن أبي القاسم الكوفي ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 40 / 231 الحديث 10 ، عن عمر بن حماد ، عن عبادة بن الصامت ... الحديث.

[626] رواه الهندي في كنز العمال 2 / 221. ورواه المجلسي في بحار الانوار 40 / 229.

[629] رواه الصدوق في الخصال 2 / 645 الحديث 30 ، عن أبيه ومحمّد بن الحسن ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن عبد اللّه بن حماد الأنصاري ، عن صباح المزني ، عن حارث بن حصيرة ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن أمير المؤمنين علیه السلام ... الحديث.

[630] رواه المحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 197 ، عن موسى بن طلحة بتفاوت.

ورواه المجلسي في 40 / 230 الحديث 9.

[631] رواه ابن المغازلي في مناقبة ص 288 الحديث 329 ، عن علي بن عمر بن عبد اللّه بن شوذب ، عن جده ، عن عبد الجليل بن أبي رافع ، عن عمار بن يزيد ، عن إسماعيل بن عياش ، عن صفوان بن عمرو ، عن عبد اللّه المازني ، قال : فصل علي علیه السلام على عهد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بقضية ... الحديث.

ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى 85. والقندوزي في ينابيع المودة 75.

ص: 560

[633] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 48 الحديث 1081 ، عن أبي البركات الأنماطي ، عن أحمد بن الحسن ، عن عبد الملك بن محمّد ، عن أبي علي ابن الصراف ، عن محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ، عن محمّد بن عبد اللّه بن نمير ، عن يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن حجدب بن حرعب التيمي ، عن عطاء ، عن عائشة ، قالت : علي أعلم الناس بالسنّة.

ورواه الخوارزمي في مناقبه بتفاوت ص 46.

ورواه التلمساني في الجوهرة ص 72.

[635] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 53 الحديث 1089 ، عن علي بن محمّد الواسطي ، عن أبي بكر ابن يبرى ، عن محمّد بن الحسين بن محمّد ، عن ابن أبي خيثمة ، عن يحيى بن معين ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، قال : قلت لعطاء بن أبي رياح : أكان في أصحاب محمّد صلی اللّه علیه و آله أعلم من علي علیه السلام ؟

قال : لا واللّه ما أعلمه.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 40 / 147. وابن شهر اشوب في المناقب 2 / 30. وابن الأثير في أسد الغابة 6 / 22. والمحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 194.

[636] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 332 ، عن محمّد بن طرخان ، عن الحسن بن أحمد ، عن شيرويه بن شهردار الديلمي ، عن أبي إسحاق القفال ، عن أبي إسحاق بن خرشيد ، عن أحمد بن محمّد ، عن نجيح بن إبراهيم الزهري ، عن ضرار بن صرد ، عن علي بن هاشم ، عن محمّد بن عبد اللّه الهاشمي ، عن محمّد بن عمرو بن حرم ، عن عباد بن عبد اللّه ، عن سلمان ، قال : أعلم امتي بعدي علي بن أبي طالب.

ص: 561

ورواه الخوارزمي في مناقبه ص 40. ورواه الحرّ العاملي في إثبات الهداة 2 / 50 الحديث 217. والاربلي في كشف الغمة 1 / 112 والمجلسي في بحار الأنوار 40 / 135 الحديث 24.

[637] رواه المجلسي في بحار الأنوار 35 / 434 الحديث 18 ، باسناده عن الثعلبي ، عن عبد اللّه بن محمّد القائني ، عن محمّد بن عثمان النصيبي ، عن أبي بكر السبيعي ، عن عبد اللّه بن محمّد بن منصور ، عن جنيد الرازي ، عن محمّد بن الحسين الاسكاف ، عن محمّد بن مفضل ، عن جندل بن علي ، عن إسماعيل بن شمعان ، عن أبي عمر زادان ، عن ابن الحنفية مثله. وبهذا الاسناد عن السبيعي عن الحسن بن إبراهيم الجصاص ، عن حسين بن الحكم ، عن سعيد بن عثمان ، عن أبي مريم ، عن عبد اللّه بن عطاء ، قال : كنت جالسا مع أبي جعفر في المسجد ... الحديث.

[638] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 24 الحديث 1044 ، عن أبي طالب ابن أبي عقيل ، عن أبي الحسن الخلعي ، عن أبي محمّد بن النحاس ، عن أبي سعيد بن الأعرابي ، عن عبد اللّه بن الحسين ، عن محمّد بن عقيل ، عن ابن شبرمة يقول : ما كان أحد على المنبر يقول : سلوني عن ما بين اللوحين إلا علي بن أبي طالب.

[639] رواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 338 الحديث 261 ، عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن علي الطوسي ، عن محمّد بن العباس الغضائري ، عن محمّد بن سعيد الفرخزادي ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبي عبد اللّه القاشي ، عن أبي الحسين النصيبي ، عن محمّد بن الحسين السبيعي ، عن علي بن إبراهيم ، عن الحسين بن الحكم ، عن إسماعيل بن صبيح ، عن أبي الجارود ، عن حبيب بن يسار ، عن زادان ، قال :

ص: 562

سمعت عليا علیه السلام يقول : ... الحديث.

ورواه الصفار في بصائر الدرجات ص 135 الحديث 7. والمجلسي في بحار الانوار 40 / 136.

[641] رواه الخوارزمي في مقتله ص 44 ، عن علي بن أحمد الكرباسي ، عن أحمد بن عبد الرحمن ، عن محمّد بن إبراهيم ، عن محمّد بن جعفر بن هارون الكوفي ، عن عبد الرحمن بن حامد التميمي ، عن حميد بن مسعدة ، عن يونس بن أرقم ، عن الجارود ، عن عدي بن ثابت ، عن ابن عباس ... الحديث.

ورواه الاربلي في كشف الغمة 1 / 117. وابن شهر اشوب في المناقب 2 / 30. والمجلسي في بحار الأنوار 40 / 147 الباب 93.

[642] رواه المفيد في الارشاد ص 115 بتفاوت. والمجلسي في بحار الأنوار 40 / 259.

[643] رواه المجلسي في بحار الأنوار 40 / 236 ، عن الكشاف للثعلبي. والاربعين للخطيب ، عن سفيان بن عيينة ، باسناده عن محمّد بن يحيى ... الحديث.

ورواه مالك بن أنس في الموطأ - طلاق المريض - ص 36 ، روى بسنده ، عن محمّد بن يحيى بن حيان : كانت عند جدي حيان امرأتان - هاشمية وأنصارية - فطلق الأنصارية ... الحديث.

[644] رواه المتقي الهندي في كنز العمال 3 / 180 عن أبي الوضين ... الحديث.

ورواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 376 ، عن إسماعيل بن موسى ... الحديث.

[645] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 376 ، عن ابن بطة وشريك

ص: 563

باسنادهما ، عن ابن أبحر العجلي ، قال : كنت عند معاوية ... الحديث.

ورواه المتقي الهندي في كنز العمال 3 / 118 عن أحجار بن أبحر ... الحديث.

[647] ذكر ابن ماجة في صحيحه ، باب فضائل أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ص 14 ، عن أنس بن مالك ، قال : قال النبي صلی اللّه علیه و آله : وأقضاهم علي بن أبي طالب.

[648] رواه أبو داود في صحيحه 28 / 147 ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس ، قال : أتى عمر ... الحديث.

ورواه الخوارزمي في مناقبه ص 38 ، عن محمود بن عمر الزمخشري ، عن علي بن الحسين ، عن إسماعيل بن الحسين ، عن عبد الرحمن بن أحمد ، عن عبد الصمد بن علي بن محمّد ، عن السري بن سهل الجنديسابوري ، عن عبد اللّه بن رشيد ، عن عبد الوارث بن سعيد ، عن عمرو ، عن الحسن ، أن عمر بن الخطاب اتي بامرأة مجنونة ... الحديث.

ورواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 349 الحديث 275.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 40 / 250 الحديث 24.

[650] رواه المحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 197 ، عن يحيى بن عقيل ، قال : كان عمر يقول لعلي : لا أبقاني اللّه بعدك يا علي.

قال : أخرجه ابن السمان في الموافقة.

[651] رواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 344 الحديث 267 ، عن أبي الفضل ابن أبي الثناء ، عن أبي الفتح ابن عبد المنعم بن أبي البركات بن محمّد ، عن محمّد بن الفضل ، عن أحمد بن الحسين بن علي ، عن

ص: 564

يحيى بن محمّد الأسفرايني ، عن محمّد بن الحسين ، عن بشر بن موسى ، عن الحميدي ، عن سفيان ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، قال : قال عمر بن الخطاب : أعوذ باللّه من معضلة ليس لها أبو الحسن - يعني علي بن أبي طالب علیه السلام .

[652] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 40 الحديث 1073 ، عن أبي عبد اللّه الحسين بن عبد الملك ، عن إبراهيم بن منصور ، عن أبي بكر بن المقري ، عن الفضل بن محمّد بن إبراهيم ، عن محمّد بن عبد الملك ، عن محمّد بن أبي عمر البزاز ، عن عبد العزيز بن عبد الصمد ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث مفصلا.

ورواه الحاكم في المستدرك 1 / 457.

[654] رواه المجلسي في بحار الانوار 40 / 230 ، عن أبي عثمان النهدي.

[655] رواه بتفاوت الجويني في فرائد السمطين 1 / 346 الحديث 269 ، عن عثمان بن الموفق ، عن زينب بنت أبي القاسم ، عن محمّد بن عمر الزمخشري ، عن علي بن الحسين السمان ، عن محمّد بن محمّد بن زكريا التستري ، عن محمّد بن أحمد ، عن يحيى بن أبي طالب ، عن أبي بدر عن سعيد بن أبي عروبة ، عن داود بن أبي القصاب ، عن أبي حرب بن أبي الأسود ، عن أبي الأسود ، أن عمر ... الحديث.

ورواه المتقي الهندي في كنز العمال 3 / 328. والمحبّ الطبرى في ذخائر العقبى 82. والرياض النضرة 2 / 194. والبيهقي في سننه 7 / 442. والمفيد في الارشاد ص 110. والمجلسي في بحار الأنوار 40 / 232 الحديث 12.

[656] رواه البيهقي في سننه 6 / 123. ورواه المفيد في الارشاد ص 109 مرسلا.

ص: 565

[658] رواه المجلسي في بحار الانوار 40 / 230 الحديث 10 ، عن أبي القاسم الكوفي.

[659] رواه ابن المغازليّ في مناقبه ص 289 الحديث 330 ، عن أحمد بن محمّد ، عن عمر بن عبد اللّه ، عن محمّد بن عثمان ، عن محمّد بن سليمان ، عن جعفر بن محمّد ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن رقبة بن مصقلة بن عبد اللّه ، عن أبيه ، عن جده قال : أتى عمر ... الحديث.

ورواه الخوارزمي في مناقبه ص 77. والمجلسي في بحار الانوار 40 / 236 ، عن أبي عبيدة ، عن أبي صمرة.

[660] رواه المجلسي في بحار الأنوار 40 / 234. ورواه المتقي في كنز العمال 3 / 179 - مضمونا عن ابن عباس في قضية اخرى مشابهة.

[661] رواه الحرّ العاملي في وسائل الشيعة 19 / 102 ، باب 69 أن من قتل شخصا ثم ادعى أنه دخل بيته ... أو رآه يزني بزوجته ، الحديث 2 ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن علي بن إسماعيل ، عن أحمد بن النضر ، عن الحسين بن عمرو ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ... الخبر.

ورواه مالك بن أنس في الموطأ - كتاب الأقضية - ص 126.

[664] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 376.

[665] رواه الزمخشري في الكشاف 1 / 275.

[667] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 377 ، عن جابر عن عبد اللّه بن يحيى.

[668] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 54 ، عن محمّد بن محمّد الشيخي ، عن محمّد بن محمّد الماهاني ، عن أحمد بن علي بن منصور ، عن محمّد بن أحمد بن أبي حفص ، عن أحمد بن هارون الهروي ، عن علي بن

ص: 566

إسماعيل الصفار ، عن علي بن عبد اللّه بن معاوية ، عن عبد اللّه بن معاوية ، عن أبيه ، عن جده ميسرة ، عن شريح القاضي ... الخبر.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 40 / 258 ، عن الحسن بن علي العبدي ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ... الخبر.

ورواه بهذا السند ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 376. والمفيد في الارشاد ص 114.

[672] رواه المجلسي في بحار الأنوار 40 / 227 الحديث 7 ، حيث قال : ومن ذلك ذكر الجاحظ عن النظام في كتاب الفتيا ما ذكر عمر بن داود عن الصادق علیه السلام ... الخبر.

ورواه ابن شهر اشوب في المناقب 1 / 493.

[673] رواه المجلسي في بحار الأنوار 40 / 225 ، الحديث 6 ، عن عمر بن داود ، عن الصادق علیه السلام ، أن عقبة بن أبي عقبة ... الخبر.

ورواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 348 الحديث 272 ، باسناده ، عن ابن عباس ... الخبر.

ورواه أيضا الخوارزمي في مناقبه ، ص 51.

[674] رواه أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد الثقفي في الغارات 1 / 192 ، عن الحسن بن بكر البجلي ، عن أبيه ، قال : كنا عند علي ... الخبر.

[675] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 378 ، عن محمّد بن قيس ، عن أبي جعفر علیه السلام ، قال : قضى أمير المؤمنين في أربعة نفر ... الخبر.

وذكره المحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 199. والطحاوي في مشكل الآثار 3 / 58.

[676] رواه أحمد بن حنبل في مسنده ، عن أبي سعيد ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن حنش ، عن علي علیه السلام ، قال : بعثني رسول اللّه

ص: 567

صلی اللّه علیه و آله الى اليمن ... الخبر.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 40 / 245. وأبو داود الطيالسي في مسنده 1 / 18. والبيهقي في سننه 8 / 111. وابن شهر اشوب في مناقبه 2 / 353.

[678] رواه الحبري في ما نزل من القرآن في علي علیه السلام ، عن حسن بن حسين ، عن أبي غسان ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن أمّ سلمة ... الحديث.

[679] رواه الخطيب في تاريخ بغداد 10 / 278 ، بسنده ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث.

وابن جرير الطبري في تفسيره 22 / 5.

[680] رواه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ص 122 الحديث 169 ، عن محمّد بن أبي سعيد المقري ، عن أحمد بن خليل ، عن يزيد بن زريع ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ... الخبر.

[682] رواه مفصلا الكنجي في كفاية الطالب ص 237 ، عن محمّد بن هبة اللّه ، عن علي بن الحسن الشافعي ، عن الحسين بن إسحاق ، عن أحمد بن محمّد البيروني ، عن خيرون بن عيسى ، عن يحيى بن سليمان ، عن عباد بن عبد الصمد ، عن أنس ... الحديث.

ورواه الرازي في تفسيره 4 / 422. والطبري في تفسيره 10 / 59.

[683] رواه ابن المغازلي في مناقبة 324 الحديث 371 ، عن أحمد بن محمّد بن عبد الوهاب ، عن عمر بن عبد اللّه ، عن محمّد بن جعفر العسكري ، عن محمّد بن عثمان ، عن عبادة بن زياد ، عن عمرو بن ثابت ، عن محمّد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ... الحديث.

وبهذا الصدد يقول حسان بن ثابت :

ص: 568

أنزل اللّه والكتاب عزيز *** في علي وفي الوليد قرآنا

فتبوأ الوليد من ذاك فسقا *** وعليّ مبوأ إيمانا

ليس من كان مؤمنا عرف اللّه *** كمن كان فاسقا خوانا

سوف يجزى الوليد خزيا ونارا *** وعليّ لا شك يجزى جنانا

فعليّ يلقى لدى اللّه عزا *** ووليد يلقى هناك هوانا

[684] رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3 / 17 ، عن وكيع بن الجراح ، عن سفيان ، عن أبي هاشم ، عن أبي مجلز ، عن قيس بن عباد ، قال :

سمعت أبا ذر يقسم ... الخبر.

[686] رواه الكنجي في كفاية الطالب ، ص 235 ، عن محمّد بن هبة اللّه بن القاضي ، عن محمّد بن هبة اللّه بن محمّد ، عن علي بن الحسن الحافظ ، عن أبي القاسم بن السمرقندي ، عن عاصم بن الحسن ، عن أبي عمر بن مهدي ، عن أبي العباس بن عقدة ، عن يعقوب بن يوسف ، عن حسين بن حماد ، عن أبيه ، عن جابر ، عن أبي جعفر علیه السلام ... الخبر.

ورواه الخوارزمي في مناقبه ص 198 ، عن الحسن بن أحمد العطار الهمداني ، عن الحسن بن أحمد المقري ، عن أحمد بن عبد اللّه ، عن محمّد بن أحمد بن علي ، عن محمّد بن عثمان ، عن إبراهيم بن محمّد ، عن محمّد بن مروان ، عن محمّد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ... الخبر.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 35 / 410 الحديث 3.

[687] رواه السيد البحراني في البرهان في تفسير القرآن 1 / 190 الحديث الرابع ، عن الطبرسي في الاحتجاج عن الأصبغ بن نباتة ... الخبر.

[688] رواه البحراني في البرهان 2 / 369 الحديث 1 ، عن محمّد بن يعقوب ،

ص: 569

عن الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشاء ، عن عبد اللّه بن عجلان ، عن أبي جعفر علیه السلام ... الحديث.

[689] روى الحسكاني في شواهد التنزيل 1 / 39 الحديث 50 ، عن أبي سعيد المعادي ، عن أبي الحسين الكهبلي ، عن أبي جعفر الحضرمي ، عن إبراهيم بن عبد اللّه ، عن تليد بن سليمان ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : نزلت في علي سبعون آية لم يشركه فيها أحد.

[690] رواه الصدوق في معاني الأخبار ص 122 الحديث 2 ، عن محمّد بن إبراهيم ، عن عبد العزيز بن يحيى ، عن الخضر بن أبي فاطمة ، عن وهب بن نافع ، عن كادح ، عن الصادق ، عن أبيه - محمّد بن علي - ، عن آبائه ، عن علي ... الحديث.

ورواه ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 88 ، عن ابن عباس.

[691] رواه البحراني في البرهان 3 / 217 الحديث 3 ، عن ابن بابويه ، عن محمّد بن عمر ، عن محمّد بن حسين ، عن أحمد بن تميم ، عن سريح بن سلمة ، عن إبراهيم بن يوسف ، عن عبد الجبار ، عن الأعشى الثقفي ، عن أبي صادق ، عن علي علیه السلام ... الحديث.

[692] رواه الحسكاني في شواهد التنزيل 1 / 442 الحديث 606 ، عن أبي الحسن الأهوازي ، عن أبي بكر البيضاوي ، عن محمّد بن القاسم ، عن عباد ، عن الحسن بن حماد ، عن زياد بن المنذر ، عن أبي جعفر علیه السلام ... الحديث.

ورواه فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره ص 118.

[693] رواه الحسكاني في شواهد التنزيل 1 / 92 الحديث 129 ، عن محمّد بن عبد اللّه بن أحمد الصوفي ، عن محمّد بن أحمد بن محمّد ، عن عبد العزيز بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عمر ، عن بشر بن المفضل ، عن عيسى

ص: 570

بن يوسف ، عن علي بن يحيى ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس ، عن علي علیه السلام ... الحديث بتفاوت.

[694] رواه المجلسي في بحار الأنوار 36 / 42 الحديث 5 ، عن الثعلبي ، عن محمّد بن عبد اللّه ، عن محمّد بن عثمان النصيبي ، عن محمّد بن الحسين ، عن أحمد بن محمّد بن سعيد ، عن محمّد بن منصور ، عن أحمد بن عبد الرحمن ، عن الحسن بن محمّد بن فرقد ، عن الحكم بن ظهير ، عن السدي ... الحديث.

[695] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 269 الحديث 317 ، عن علي بن الحسين ، عن علي بن محمّد بن أحمد ، عن عبد اللّه بن محمّد الحافظ ، عن الحسن بن علي ، عن محمّد بن الحسن ، عن عمر بن سعيد ، عن ليث ، عن مجاهد ... الحديث.

ورواه بطريق آخر الى مجاهد الكنجي في كفاية الطالب ص 233. والحاكم في المستدرك 3 / 129. والهندي في كنز العمال 1 / 251. وابن عساكر في تاريخه 2 / 418 الحديث 917. والسيوطي في الدر المنثور 5 / 328.

[696] رواه الحبري في ما نزل من القرآن في علي علیه السلام ، ص 47 ، عن حسن بن حسين ، عن حبان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ... الحديث.

ورواه الحسكاني في شواهد التنزيل 1 / 114 الحديث 163.

ورواه بتفاوت الكنجي في كفاية الطالب ، ص 232. وابن المغازلي في مناقبه ص 280 الحديث 325. وابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 414 الحديث 912. والخوارزمي في مناقبه ص 198.

[697] رواه المجلسي في بحار الأنوار 35 / 203 ، عن الحسن بن محمّد العلوي ،

ص: 571

عن جده يحيى ، عن أحمد بن يزيد ، عن عبد الوهاب ، عن مخلد ، عن المبارك ، عن الحسن ، قال : قال عمر بن الخطاب ... الخبر.

[698] رواه الحبري في ما نزل من القرآن في علي علیه السلام ، ص 63 ، عن سعيد بن عثمان ، عن أبي مريم ، عن عبد اللّه بن عطاء ، قال : ... الخبر.

[699] رواه أبو نعيم في ما نزل من القرآن في علي ، ص 64 الحديث 7 ، عن إبراهيم بن أحمد المقري ، عن أحمد بن نوح ، عن أبي عمر الدوري ، عن محمّد بن مروان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ... الحديث.

ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 249.

ولله درّ القائل :

وافى الصلاة مع الزكاة فقامها *** واللّه يرحم عبده الصبارا

من ذا بخاتمه تصدّق راكعا *** وأسره في نفسه إسرارا

من كان بات على فراش محمّد *** ومحمّد أسرى يؤم الغارا

من كان جبريل يقوم يمينه *** يوما وميكال يقوم يسارا

من كان في القرآن سمي مؤمنا *** في تسع آيات جعلن كبارا

[701] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 416 الحديث 916 ، عن أبي طالب ، عن أبي الحسن ، عن أبي محمّد ، عن أبي سعيد ابن الأعرابي ، عن الفضل بن يوسف ، عن الحسن بن الحسين الأنصاري ، عن معاذ بن مسلم ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ... الخبر.

ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 232.

[702] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 5 ، عن السدي ، عن أبي مالك ،

ص: 572

عن ابن عباس ... الحديث.

ورواه ابن المغازلي في مناقبه ص 320 الحديث 365. وأبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ص 88.

[703] روى البحراني في البرهان 3 / 236 الحديث 4 : ابن شهر اشوب ، عن علي بن الجعد ، عن شعبة ، عن حماد بن سلمة ، عن أنس ، قال النبي صلی اللّه علیه و آله : إن اللّه خلق آدم من طين كيف شاء ويختار كيف يشاء. إن اللّه اختارني وأهل بيتي ... الحديث.

[705] رواه محمّد بن محمّد الشافعي في أسنى المطالب ص 54 ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن وكيع ، عن الأعمش ، عن علي علیه السلام : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الامي إليّ أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.

[706] لقد سبق أن ذكر المؤلف الحديث في الجزء الأول فراجع. ورواه محمّد بن محمّد الشافعي في أسنى المطالب ص 56 ، عن ابن مريد ، عن علي بن أحمد بن محمّد ، عن ابن طبرزد ، عن أبي الفتح المروزي ، عن محمّد بن أحمد بن سليمان ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : إنا كنا لنعرف المنافقين نحن معاشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب.

[707] روى البحراني في البرهان 4 / 187 الحديث 5 : الطبرسي ، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه علیه السلام : إنهم بنو أميّة كرهوا ما أنزل اللّه في ولاية علي علیه السلام قوله تعالى : ( ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ ... ) الآية.

وروى أيضا ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمّد بن القاسم ، عن عبيد الكندي ، عن عبد اللّه بن الفارس ، عن محمّد بن علي ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، في قوله ( إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ ) عن الإيمان بتركهم ولاية أمير المؤمنين ( الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ ) يعني

ص: 573

الثاني قوله ( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللّهُ ) وهو ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين ... الحديث.

[708] رواه البحراني في البرهان 4 / 406 الحديث 1 : محمّد بن يعقوب ، عن علي بن محمّد ، عن بعض أصحابنا ، عن ابن محبوب ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الماضي [ موسى بن جعفر علیه السلام ] ... الحديث.

[709] رواه البحراني أيضا في البرهان 4 / 392 الحديث 1 : محمّد بن يعقوب ، عن علي بن محمّد ، عن بعض أصحابنا ، عن ابن محبوب ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن [ موسى بن جعفر علیه السلام ] ... الحديث.

[710] روى القسم الأول من الرواية البحراني في البرهان 4 / 412 الحديث 4 ، عن المفيد في الاختصاص ... الحديث مفصلا.

أما القسم الثاني فقد رواه البحراني أيضا في البرهان 4 / 180 الحديث 3 ، عن محمّد بن العباس ، عن أحمد بن محمّد بن سعيد ، عن أحمد بن الحسن ، عن أبيه ، عن حصين بن مخارق ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : سورة محمّد صلی اللّه علیه و آله فينا ... الحديث.

[711] روى أبو نعيم في ما نزل من القرآن في علي ص 34 الحديث 5 ، عن أبي عبد اللّه الشيرازي ، عن أبي بكر الجرجرائي ، عن أبي أحمد البصري ، عن أبي علي هشام بن علي ، عن قيس بن حفص ، عن يونس بن أرقم ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : نزلت في علي سبعون آية ما شركه فيهن أحد.

[712] رواه الحبري في ما نزل من القرآن في علي علیه السلام ص 44 ، عن

ص: 574

حسن بن حسين ، عن حسين بن سليمان ، عن أبي الجارود ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن علي علیه السلام ، قال : نزل القرآن ... الحديث.

ورواه بعدة طرق أبو نعيم في ما نزل من القرآن في علي ص 36.

[713] رواه الهيثمي في مجمعه 9 / 207 ، عن ابن عباس ... الحديث.

ورواه الاربلي في كشف الغمة 1 / 370 ، عن ابن عباس ... الحديث.

[714] رواه الاربلي في كشف الغمة 1 / 373 ، أن النبي صلی اللّه علیه و آله دخل على فاطمة ... الحديث.

[715] رواه الهندي في كنز العمال 6 / 392. ورواه ابن الأثير في اسد الغابة 5 : 520 ، بسنده ، عن الحارث ، عن علي علیه السلام ... الحديث.

[716] رواه البحراني في البرهان 3 / 226 الحديث 1 ، عن محمّد بن العباس ، عن الحسن بن محمّد بن يحيى ، عن جده يحيى بن الحسين ، عن أحمد بن يحيى بن الحسن ، عن أحمد بن الاودي ، عن عمر بن خالد بن طلحة ، عن عبيد بن المهلب البصري ، عن المنذر بن يزيد الصيني ، عن أبان ، عن أنس بن مالك ، قال : بعث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

[719] روى ابن عبد البر في الاستيعاب 2 / 465 ، بسنده ، عن عنترة الشيباني ، قال : كان علي ... الحديث بتفاوت.

[724] روى ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 195 الحديث 1246 ، عن المختار بن عبد الحميد ، عن عبد الرحمن بن محمّد ، عن عبد اللّه بن حمد ، عن إبراهيم بن خزيم ، عن عبد بن حميد ، عن محمّد بن عبيد ، عن المختار بن نافع ، عن أبي المطر ... الحديث مفصلا.

ص: 575

ورواه الهندي في كنز العمال 15 / 162 الحديث 462.

[725] رواه ابن عساكر 3 / 192 الحديث 1243 ، عن محمّد بن عبد الباقي ، عن الحسن بن علي ، عن محمّد بن العباس ، عن أحمد بن معروف ، عن الحسين بن الفهم ، عن محمّد بن سعد ، عن الفضل بن دكين ، عن الحر بن جرموز ، عن أبيه قال : رأيت عليا وهو يخرج ... الحديث.

ورواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3 / 28. والمتقي الهندي في كنز العمال 15 / 165. والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 101.

[726] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 198 ، الحديث 1249 ، عن محمّد بن إسماعيل الفضيلي ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن أحمد ، عن الهيثم بن كليب ، عن محمّد بن علي ، عن أبي نعيم ، عن إسماعيل بن إبراهيم ، عن عبد الملك بن عمير ، قال : حدثني رجل من ثقيف أن عليا استعمله على عكبرا ... الخبر.

[727] روى الأمر تسري في أرجح المطالب ص 262 ، عن أنس بن مالك ، قال : كنت عند النبي صلی اللّه علیه و آله فغشيه الوحي ، فلما أفاق ، قال : هل تدري ما جاء به جبرائيل؟

قلت : اللّه ورسوله أعلم.

قال : أمرني ربي ان ازوج فاطمة من علي ... الحديث.

[728] رواه الأربلي في كشف الغمة 1 / 156 نقلا عن كتاب المناقب للحافظ أحمد بن موسى بن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري ، عن سلمان ، أنه قال : رآني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فناداني.

فقلت : لبيك يا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

قال : اشهدك اليوم أن علي بن أبي طالب خيرهم وأفضلهم.

ورواه العلاّمة النوري ( صاحب المستدرك ) في فضائل سلمان ،

ص: 576

ص 113 ط حجري.

[729] رواه النوري صاحب المستدرك في فضائل سلمان ، ص 113 ، نقلا عن المناقب للحافظ أحمد بن موسى بن مردويه ، عن سلمان الفارسي ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : علي بن أبي طالب خير من اخلف بعدي.

[730] رواه مختصرا بتفاوت ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 256.

ورواه المجلسي باختلاف في بحار الأنوار 36 / 211.

[731] رواه ابن طاوس في اليقين ص 78 نقلا عن كتاب المعرفة لعباد بن يعقوب الرواجني ، قال : أخبرنا محمّد بن يحيى التميمي ، عن أبي قتادة الحراني ، عن أبيه ، عن الحارث بن الخزرج قال : سمعت رسول اللّه ... الحديث.

[732] رواه المفيد في أماليه ، ص 154 ، عن محمّد بن علي بن الحسين عن أبيه ، عن محمّد بن أبي القاسم ، عن محمّد بن علي الصيرفي ، عن نصر بن مزاحم ، عن عمرو بن سعيد ، عن فضيل بن خديج ، عن كميل بن زياد ... الخبر.

ورواه أبو اسحاق الثقفي في الغارات 1 / 148 ، عن يحيى بن صالح الحريري ، عن الفضل بن خديج ، عن كميل بن زياد.

ورواه أيضا سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ، ص 132 بطريق آخر الى كميل بن زياد ... الخبر.

[733] روى الحسكاني ، في شواهد التنزيل 1 / 428 الحديث 588 ، عن أبي سهل الجامعي ، عن عمر بن أحمد ، عن ابن عبد اللّه بن علي ، عن إبراهيم بن الحسين التستري ، عن الحسن بن إدريس الحريري ، عن أبي عثمان الجحدري ، عن فضال بن جبير ، عن أبي امامة الباهلي ، قال :

ص: 577

قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن اللّه خلق الأنبياء من شجر شتى وخلقني وعليا من شجرة واحدة فأنا أصلها وعلي فرعها والحسن والحسين ثمارها وأشياعنا أوراقها ، فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا ... الحديث.

[734] رواه الخوارزمي في المناقب ص 200 ، عن علي بن الحسين الغزنوي ، عن إسماعيل بن عمر بن أحمد ، عن أبي القاسم ابن سعد الاسماعيلي ، عن حمزة بن يوسف السهمي ، عن عبد اللّه بن عدي بن عبد اللّه ، عن الحسين بن عقر بن حماد ، عن يوسف بن عدي بن زريق ، عن جرير بن عبد الحميد الضبي ، عن سليمان بن مهران الأعمش ... الحديث مفصلا.

ورواه أبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ص 171 بالسند المتقدم ، وفي ص 113 بسند آخر الى الأعمش.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 37 / 88 الحديث 55.

[735] رواه المتقي الهندي 6 / 158 ، ورواه أبو نعيم في حليته 3 / 26.

ورواه المغازلي في مناقبه ص 39 الحديث 61 ، عن محمّد بن أحمد بن سهل النحوي ، عن محمّد بن أحمد ، عن العباد ، عن محمّد بن إسحاق ، عن أبي بكر الغرافي ، عن إسماعيل بن علية ، عن أبي الحمراء ، قال ... الحديث.

ورواه المحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 272. والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 121. والخوارزمي في مناقبه ، ص 229. ورواه المجلسي في بحار الأنوار 36 / 53 بعدة طرق.

[736] رواه أبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ص 160 ، عن أحمد بن محمّد بن سعيد المؤدب ، عن محمّد بن سليمان ، عن أحمد بن الأزهر ، عن

ص: 578

عبد الرزاق بن همام ، عن معمر بن راشد ، عن الزهري ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه ، عن عبد اللّه بن عباس ... الحديث.

[737] رواه الخوارزمي في مقتله 1 / 41 ، عن علي بن أحمد الكرباسي ، عن أحمد بن عبد الرحمن ، عن محمّد بن إبراهيم ، عن عبد اللّه بن محمّد الأسدي ، عن محمّد بن الحسن المقري ، عن محمّد بن الحسين الخثعمي ، عن محمّد بن الوليد العقيلي ، عن علي بن سليمان المصري ، عن عياش ، عن ابن لهيعة ، عن الحارث بن يزيد ، عن أبي علقمة مولى بني هاشم ، قال ... الحديث.

[738] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 404 الحديث 902 ، عن أبي القاسم بن السمرقندي ، عن أبي القاسم ابن مسعدة ، عن حمزة بن يوسف ، عن أبي أحمد بن عدي ، عن حاجب بن مالك ، عن علي بن المثنى ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن مطر بن أبي مطر ، عن أنس بن مالك ، قال : قال النبي صلی اللّه علیه و آله : النظر الى وجه علي عبادة.

ورواه السيوطي في اللآلي 1 / 175 بطريق آخر عن أنس.

[739] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 197 الحديث 234 ، عن الفضل بن محمّد بن عبد اللّه ، عن محمّد بن علي ، عن محمّد بن عبد اللّه ، عن الهيثم بن خلف بن محمّد ، عن علي بن المنذر ، عن ابن فضل ، عن عمرو بن ثابت ، عن محمّد بن عبيد اللّه بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث.

[740] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 237 الحديث 285 ، عن علي بن عبيد اللّه بن القصاب ، عن محمّد بن أحمد بن يعقوب ، عن علي بن سليمان ، عن عبد الكريم بن علي ، عن جعفر بن محمّد ، عن الحسن بن

ص: 579

الحسين العرني ، عن كادح بن جعفر ، عن عبد اللّه بن لهيعة ، عن عبد الرحمن بن زياد ، عن مسلم بن يسار ، عن جابر بن عبد اللّه [ الأنصاري ] ... الحديث مفصلا.

ورواه الخوارزمي في مقتله 1 / 45 ، وأبو جعفر الطبري في بشارة المصطفى ص 155.

[743] رواه أبو نعيم في حلية الأولياء 1 / 84 بسنده عن أبي صالح ... الخبر.

ورواه ابن عبد البر في الاستيعاب 2 / 463. والمحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 212. وفي ذخائر العقبى ص 100. والتلمساني في الجوهرة ص 75.

[744] رواه فرات الكوفي في تفسيره ص 90 ، عن الحسن بن الحسين الزنجاني ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ... الخبر.

[745] رواه المجلسي في بحار الأنوار 39 / 306 ، الحديث 122 ، باسناده ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين علیه السلام قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث.

[746] رواه الكنجي في كفاية الطالب ، ص 367 ، عن محمّد بن هبة اللّه الشيرازي ، عن علي بن الحسن الشافعي ، عن عبد الرحمن بن محمّد ، عن محمّد بن علي بن محمّد ، عن عمر بن أحمد بن عثمان ، عن أحمد بن محمّد بن سليمان ، عن محمّد بن خلف الخدادي ، عن حسين بن حسن ، عن قيس بن الربيع ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد ... الحديث.

ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 45. ورواه المجلسي في بحار الأنوار 37 / 103 الحديث 7 عن كتاب كشف الغمة ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث.

ص: 580

[747] رواه أحمد بن شعيب النسائي في خصائصه ص 106 ، عن هلال بن العلاء ، عن عرار ، أنه قال : سألت عبد اللّه بن عمر ... الخبر.

ورواه المتقي الهندي في كنز العمال 6 / 159 وص 392.

[748] رواه المجلسي في بحار الأنوار 35 / 319 الحديث 14 ، عن ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن علي بن محمّد بن علي الحسيني ، عن جعفر بن محمّد بن عيسى ، عن عبيد اللّه بن علي ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي علیه السلام ... الحديث بتفاوت.

ورواه محمّد بن محمّد الشافعي في أسنى المطالب ص 68. ورواه أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 160.

[751] رواه المجلسي في بحار الأنوار 37 / 300 الحديث 21 ، عن محمّد بن علي الأصفهاني ، عن الحسين بن محمّد بن ميمون ، عن علي بن عباس ، عن الحارث بن حصيرة ، عن القاسم بن محمّد ، عن أنس بن مالك ... الحديث بتفاوت.

ورواه أيضا في 38 / 134 الحديث 87. ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 212. وأبو نعيم في حلية الأولياء 1 / 63. ورواه الصدوق نصا في أماليه ، ص 175.

[752] رواه المفيد في أماليه ص 46 ، عن محمّد بن عمران المرزباني ، عن عبد اللّه بن محمّد الطوسي ، عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل ، عن علي بن حكيم الأودي ، عن شريك ، عن عثمان بن أبي زرعة ، عن سالم بن أبي الجعد ، قال : سئل جابر بن عبد اللّه الأنصاري ... الخبر.

[753] رواه الفرات الكوفي ص 22 ، عن جعفر بن محمّد بن يوسف ، بإسناده ، عن الحسن ، عن عبد اللّه بن عباس ... الحديث بتفاوت.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 39 / 111 الحديث 19.

ص: 581

[754] روى الحسكاني في شواهد التنزيل 1 / 96 الحديث 133 ، عن أبي سعد السعدي ، عن السلمي ، عن محمّد بن أحمد بن زكريا الطحان. عن إبراهيم بن أحمد البذوري ، عن سليمان بن أحمد المطلي ، عن سعيد بن عبد اللّه ، عن علي ، عن حكام الرازي ، عن شعبة ، عن أبي سلمة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث بتفاوت.

ورواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 65 عن ابن عباس وأبي رافع وهند بن أبي هالة ... الحديث. ورواه السبط الجوزي في تذكرة الخواص ص 41. والهبراني في البرهان 1 / 207. ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 239.

[755] رواه البحراني في البرهان ، عن ابن فياض ، عن أبي أيوب الأنصاري ... الحديث.

ورواه بتفاوت الكنجي في كفاية الطالب ، ص 398.

[756] روى المجلسي في بحار الأنوار 41 / 44 الحديث 1 في حديث مفصل عن الهمداني ، عن عمر بن سهل ، عن زيد بن إسماعيل الصائغ ، عن معاوية بن هشام ، عن سفيان ، عن عبد الملك بن عمير ، عن خالد بن ربعي ... الحديث بتفاوت.

ورواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 244 مختصرا عن الفضائل لأحمد بن حنبل.

[757] روى القسم الأخير من الرواية الخوارزمي في مقتله 1 / 45 ، عن أبي منصور ، عن محمود بن إسماعيل ، عن أحمد بن فاشاده [ كذا ] ، عن الطبراني ، عن أحمد بن محمّد القنطري ، عن حرب بن الحسين ، عن يحيى بن يعلى ، عن محمّد بن عبيد اللّه بن أبي رافع ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي - والذي نفسي بيده - لو لا أن

ص: 582

تقول فيك ... الحديث.

[758] رواه بتفاوت الكنجي في كفاية الطالب ص 264 ، عن إبراهيم بن يوسف بن بركة الكتبي ، عن أبي العلاء الهمداني عن عبد اللّه بن عبدوس ، عن الحسين بن سلمة بن علي ، عن مسند زيد بن علي علیه السلام ، عن الفضل بن الفضل بن العباس ، عن محمّد بن سهل ، عن محمّد بن عبد اللّه البلوي ، عن إبراهيم بن عبد اللّه ، عن أبيه ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : - يوم فتحت خيبر - لو لا أن يقول ... الحديث.

ورواه الخوارزمي في مناقبه ص 74.

[759] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 242 ، عن محمّد بن ثابت ، باسناده ، عن ابن مسعود ... الحديث.

ورواه الفلكي المفسر باسناده ، عن محمّد بن الحنفية ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 39 / 94 ، عن ابن عوان ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن ابن عباس ... الحديث.

[760] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 239 ، عن محمّد بن عمرو ، باسناده ، عن جابر بن عبد اللّه ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 39 / 101.

[761] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 242 ، عن عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، عن الليث وكان يقول : كان لعلي ... الخبر.

[762] رواه ابن الأثير في اسد الغابة 4 / 20 بسنده ، عن سعيد بن المسيب ... الخبر.

ص: 583

ورواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 240 ، عن محمّد بن الجنيد ، باسناده ، عن سعيد بن المسيب ... الخبر.

[763] رواه البحراني في حديث طويل في غاية المرام ، ص 663 الباب 126 ، عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اذينه ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ... الحديث.

[764] رواه البحراني في غاية المرام ، ص 662 الباب 125 الحديث 2 ، عن مسند أحمد بن حنبل ، عن عبد اللّه بن الحسين ، عن سعيد بن سعيد ، عن حسين ، عن ابن عباس ، قال : ذكر عنده علي بن أبي طالب ...

الخبر.

ورواه أيضا في الحديث الثالث ، عن يحيى بن عبد الحميد ، باسناده عن عبد اللّه بن عباس ... الخبر.

[765] روى ابن المغازلي في مناقبه ص 198 الحديث 235 ، عن عيسى بن خلف بن محمّد ، عن علي بن محمّد بن عبد اللّه ، عن إسماعيل بن محمّد بن إسماعيل ، عن الحسن بن عرفة ، عن عمار بن محمّد ، عن سعد بن طريف الحنظلي ، عن أبي جعفر محمّد بن علي ، قال ...

الحديث بتفاوت.

[766] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 246 ، عن الأصبغ بن نباتة ... الحديث بتفاوت.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 39 / 130 الحديث 1 ، عن الكاتب ، عن الزعفراني ، عن الثقفي ، عن إبراهيم بن ميمون ، عن مصعب بن سلام ، عن ابن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ... الحديث بتفاوت.

[767] رواه ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 249 عن كتاب إبراهيم ، عن أبي سارة الشامي ، باسناده ، عن أمّ سلمة. وعن ابن فياض ، عن إسماعيل

ص: 584

بن أبان ، باسناده ، عن أمّ سلمة ... الحديث.

[768] روى الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 36 ، عن ابن عباس قريبا منه.

ورواه أيضا البيهقي في سننه 3 / 388.

[769] رواه المحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 178 ، عن حسين بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : أوصى النبي صلی اللّه علیه و آله عليا ... الحديث بتفاوت.

[770] رواه المجلسي في بحار الأنوار 39 / 102 ، عن سفيان بن عيينة ، عن الصادق. ورواه أيضا عن الباقر علیه السلام .

ورواه ابن سعد في الطبقات 2 / 48 بسنده ، عن جعفر بن محمّد عن ابيه ... الحديث مفصلا.

[771] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 30 الحديث 56 ، عن محمّد بن شجاع ، عن أبي عمرو بن منة ، عن الحسن بن محمّد بن أحمد ، عن أبي الحسن النباني ، عن عبد اللّه بن محمّد ، عن محمّد بن سعد ، عن محمّد بن عمر ، عن أبي بكر بن عبد اللّه ، عن إسحاق بن عبد اللّه ، قال : سألت أبا جعفر ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 42 / 220 الحديث 27 ، عن إسحاق بن عبد اللّه بن أبي مروان ، عن الباقر علیه السلام ... الحديث.

ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 402.

[772] رواه المجلسي في بحار الأنوار 35 / 2 ، عن ابن الحنفية ... الحديث بتفاوت.

[774] رواه المجلسي أيضا في بحار الأنوار 35 / 2 عن المغيرة ... الخبر.

[775] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 27 الحديث 44 ، عن قراتكين

ص: 585

بن الأسعد ، عن أبي محمّد الجوهري ، عن أبي الحسن بن لؤلؤ ، عن محمّد بن الحسين بن شهريار ، عن أبي حفص الفلاس ، عن يحيى بن سعيد ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عامر ، قال : ما رأيت رجلا أعظم لحية من علي ، قد ملأت ما بين منكبيه بيضاء ، وفي الرأس زغبات.

[776] رواه أبو اسحاق الثقفي في الغارات 1 / 107 ، عن محمّد ، عن الحسن ، عن إبراهيم ، عن يوسف بن بهلول السعدي ، عن شريك بن عبد اللّه ، عن عثمان الأعشى ، عن زيد بن وهب ، قال : قدم على علي علیه السلام ... الخبر.

ورواه المحبّ الطبري في الذخائر ص 112. وسبط الجوزي في تذكرة الخواص ص 158. والمجلسي في بحار الأنوار 42 / 195 الحديث 13.

[777] رواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 385 ، الحديث 317 ، عن أبي الحسن بن يحيى بن الحسين ، عن أبي الحسين ابن محمّد بن محمّد ، عن محمّد بن أبي العباس العصاري ، عن محمّد بن سعيد الفرخزادي ، عن أحمد بن محمّد بن إبراهيم ، عن محمّد بن عبد اللّه بن حمدون ، عن عبد اللّه بن محمّد بن الحسن ، عن عبد اللّه بن هاشم ، عن وكيع بن الجراح ، عن قتيبة ، عن الضحاك بن مزاحم ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي أتدري من أشقى الأولين ... الحديث.

ورواه الكنجي في كفاية الطالب ، ص 462 بسندين عن النبي صلی اللّه علیه و آله .

[778] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 293 الحديث 1390 ، عن أبي الحسن ابن قيس ، عن أبي الفياض ، عن أبي محمّد ابن أبي نصر ، عن

ص: 586

خيثمة ، عن إسحاق بن سيار ، عن أبي علقمة ، عن سفيان ، عن عمران بن ظبيان ، عن حكيم بن سعد ، أنه قيل لعلي علیه السلام ... الخبر.

[779] روى ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 281 ، عن عبد اللّه بن أبي رافع.

سمعته يقول : اللّهمّ أرحني ... الخبر.

ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 295 الحديث 1395 ، عن الحسن بن علي ... الخبر.

[780] رواه بتفاوت المجلسي في بحار الأنوار 42 / 291 عن محمّد بن الحنفية ... الحديث مفصلا.

[781] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 283 ، عن علي بن أحمد العاصمي ، عن إسماعيل بن أحمد ، عن أحمد بن الحسين ، عن أبي الحسين ابن الفضل ، عن عبد اللّه بن جعفر ، عن يعقوب بن سفيان ، عن أبي نعيم ، عن عبد الجبار ، عن عباس الهمداني ، عن عثمان بن المغيرة ... الخبر.

ورواه المتقي الهندي في كنز العمال 6 / 411. ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 293 ، الحديث 1393. ورواه المجلسي في بحار الأنوار 42 / 224 ، الحديث 34.

[782] رواه المجلسي في بحار الأنوار 42 / 226 الحديث 38 ، عن عبد اللّه بن موسى ، عن الحسن بن دينار ، عن الحسن البصري : قال سهر أمير المؤمنين ... الخبر.

[783] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 294 الحديث 1393 ، عن إسماعيل بن أحمد ، عن أبي الحسين ابن النقور ، عن عيسى بن علي ، عن عبد اللّه بن محمّد ، عن إسحاق بن ابراهيم المروزي ، عن عفيف بن سالم الموصلي ، عن الحسن بن كثير عن أبيه ... الخبر.

ص: 587

وابن الأثير في اسد الغابة 4 / 35. والمتقي الهندي في كنز العمال 6 / 413. والمحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 245.

[784] روى المتقي الهندي في كنز العمال 6 / 413 ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، قال علي علیه السلام : ... الخبر.

ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 297 ، الحديث 1398 ، عن عبد اللّه بن محمّد بن محمّد ، وأبي القاسم ابن السمرقندي ، عن أبي محمّد الصريفيني ، عن محمّد بن عمر بن علي بن خلف ، عن عبد اللّه بن الأشعث ، عن كثير بن عبيد ، عن أنس - وهو ابن عياض - ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ... الخبر.

[786] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 295 الحديث 1396 ، عن أبي غالب ابن البناء ، عن أبي الحسين ابن الآبنوسي ، عن أحمد بن عبد الرحمن بن جعفر ، عن محمّد بن عبد اللّه بن غيلان ، عن أبي هاشم ، عن أبي اسامة ، عن أبي جناب ، عن أبي عون الثقفي ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ... الخبر.

ورواه مختصرا التلمساني في الجوهرة ص 115.

[789] رواه المجلسي في بحار الأنوار 42 / 223 الحديث 32 ، عن أبي حمزة ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن عمرو بن الحمق ... الخبر.

[792] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 334 الحديث 1480 بتغير في مواضع الكلمات مع حفظها في الرواية ، عن أبي غالب ابن البناء ، عن أبي الغنائم ابن المأمون ، عن أبي الحسن الدار قطني ، عن أحمد بن عبد اللّه بن محمّد ، عن إسحاق بن الصيف ، عن عبد الرزاق ، عن يحيى بن العلاء ، عن عمه شعيب بن خالد ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة بن بريم ... الخبر.

ص: 588

ورواه ابن المغازلي بتفاوت في مناقبة ص 13. والمتقي الهندي في كنز العمال 6 / 412. وأحمد بن حنبل في مسنده 1 / 199. والمسعودي في اثبات الوصية ص 133.

[793] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 460 ، عن أبي هشام محمّد بن يزيد الرفاعي ، عن أبي اسامة ، عن أبي جناب الكلبي ، عن أبي عون الثقفي ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ... الخبر مفصلا.

ورواه الاربلي في كشف الغمة 1 / 428 مرفوعا الى إسماعيل بن راشد ... الخبر. والمجلسي في بحار الأنوار 42 / 228 الحديث 41 ، من عدة طرق.

ورواه الخوارزمي في مناقبه ص 274 ، عن علي بن أحمد العاصمي ، عن إسماعيل بن أحمد الواعظ ، عن أحمد بن الحسين ، عن أحمد بن محمّد بن الحرث الاصفهاني ، عن محمّد بن حسان ، عن محمّد بن محمّد الجرجاني ، عن موسى ، عن عبد الرحمن الكندي.

قال أحمد بن الحسين : وفيما أجاز لي شيخنا أبو عبد اللّه الحافظ : حدثني أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن بطة ، عن محمّد بن العباس بن أيوب الاخرم وأحمد بن سعيد بن جعفر بن سعيد الأشعري.

قالا : محمّد بن عبد الرحمن بن محمّد بن مسروق ، عن عثمان بن عبد الرحمن الحراني ، عن إسماعيل بن راشد ... الخبر.

[794] ذكر المجلسي هذه الرواية في بحار الأنوار من عدة مصادر بصورة متقطعة فقد ذكر قسما منها في 42 / 239 ، وقطعة في ص 244.

[795] ورواه أيضا المجلسي في بحار الأنوار 42 / 254 ، الحديث 56 ، بتفاوت يسير.

[796] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 204 ، الحديث 231 ، عن عبد اللّه بن

ص: 589

محمّد الرفاعي ، عن الحسن بن أحمد ، عن عبد اللّه بن إسحاق ، عن محمّد بن يوسف بن الصباح ، عن إسماعيل بن أبان ، عن ناصح ، عن سماك بن حرب ، عن جابر بن سمرة ... الحديث.

ورواه ابن كثير في البداية والنهاية 7 / 325. والنسائي في الخصائص ، ص 39. والخطيب في تاريخ بغداد 1 / 135. والثعلبي في قصص الأنبياء ، ص 100.

[797] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 279 الحديث 1365 ، عن أبي غالب ابن البناء ، عن محمّد بن أحمد بن محمّد بن حسنون ، عن موسى بن عيسى بن عبد اللّه السراج ، عن عبد اللّه بن أبي داود ، عن إسحاق بن إسماعيل ، عن إسحاق بن سليمان ، عن فطر بن خليفة ، عن أبي الطفيل ... الخبر.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 42 / 192 ، الحديث 6 نقلا عن الارشاد ، عن علي بن المنذر الطريقي ، عن أبي الفضل العبدي ، عن فطر ، عن أبي الطفيل عامر بن وائلة ... الخبر.

[798] رواه ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص 160 نقلا عن ابن مسعد في الطبقات ... الخبر.

والمجلسي في بحار الأنوار 42 / 196.

[799] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 274 ، عن علي بن أحمد العاصمي ، عن إسماعيل بن أحمد الواعظ ، عن أحمد بن الحسين البيهقي ، عن محمّد بن عبد اللّه بن صالح ، عن الليث بن سعد ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أسلم ، أن أبا سنان الدؤلي حدثه أنه عاد عليا علیه السلام ... الخبر.

ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 276 ، الحديث 1361.

ص: 590

[800] رواه التلمساني في الجوهرة ، ص 118 ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن تعلبة الحماني ... الخبر.

ورواه ابن عبد البرّ في الاستيعاب 2 / 470.

[801] روى الحاكم في المستدرك 3 / 140 ، عن أبي إدريس الأودي ، عن علي علیه السلام قال : إن ممّا عهد إليّ النبي صلی اللّه علیه و آله أن الامة ستغدر بي بعده.

ورواه الخطيب في تاريخ بغداد 11 / 216. والمتقي في كنز العمال 6 / 73. والهيثمي في مجمع الزوائد 3 / 140.

[802] وقد ذكر المؤلف هذا الخبر في الجزء الأول رقم (121).

[803] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 281 ، عن محمّد بن سمان بن يوسف الهمداني ، عن شجاع بن المظفر بن شجاع ، عن أحمد بن علي بن هلال ، عن محمّد بن حمزة بن محمّد ، عن العباس بن محمّد الدوري ، عن أبي النصر ، عن أبي معشر ، عن محمّد بن عبد الرحمن القرشي ، عن الزهري ... الخبر.

ورواه الاربلي في كشف الغمة 1 / 433. والجويني في فرائد السمطين 1 / 388 ، الحديث 325.

[804] رواه المجلسي في بحار الأنوار 42 / 248 الحديث 51 نقلا عن فروع الكافي ( ج 7 / 51 ) : عن أبي علي الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبار ومحمّد بن إسماعيل ، عن الفضل ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : بعث إليّ أبو الحسن موسى علیه السلام بوصية أمير المؤمنين علیه السلام ... الخبر.

[805] ويقاربه ما رواه ابن شهر اشوب في المناقب 3 / 312 نقلا عن المحاسن ... ثم أوصى فقال : يا بني عبد المطلب لا ألفينكم تخوضون دماء

ص: 591

المسلمين خوضا تقولون : قتل أمير المؤمنين ، ألا لا يقتلن بي إلا قاتلي. ونهى عن المثلة.

ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 116. والمجلسي في بحار الأنوار 42 / 239.

[806] روى ابن سعد في الطبقات 3 ص 22 بسنده عن عبيدة ، قال : قال علي علیه السلام : ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 42 / 196 ، عن محمّد بن عبيدة ، قال : قال أمير المؤمنين علیه السلام : ... الحديث.

[807] رواه المفيد في الارشاد ص 170 : أن جويرية بن مسهر وقف على باب القصر ، فقال : أين أمير المؤمنين علیه السلام ... الخبر.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 42 / 148 ، الحديث 11.

[808] روى المجلسي في بحار الأنوار 42 / 191 الحديث 3 نقلا عن الأمالي :

باسناد أخي دعبل عن الرضا عن آبائه علیهم السلام ، قال : خطب الناس أمير المؤمنين علیه السلام بالكوفة فقال :

معاشر الناس إن الحق قد غلبه الباطل ، وليغلبن الباطل عما قليل ابن أشقاكم - أو قال : شقيكم ، شك أبي - هذا ، فو اللّه ليضربن هذه فليخضبنها من هذه - وأشار بيده إلى هامته ولحيته -.

[809] روى ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 287 الحديث 1379 ، عن أبي بكر ابن عبد الباقي ، وأحمد بن عبيد اللّه ، والحسن بن المظفر ، وأحمد بن الحسن ، قالوا : أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، عن أبي بكر ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى المعطشي ، عن إسحاق بن بنان بن معن الأنماطي ، عن يوسف بن موسى ، عن إسماعيل بن أبان ، عن ناصح ، عن سماك بن حرب ، عن جابر بن سمرة ... الحديث.

ص: 592

ورواه الطبراني في المعجم الكبير 1 / 101 ، والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 136.

[810] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 3 / 295 الحديث 1396 ، عن أبي غالب ابن البناء ، عن أبي الحسين ابن الآبنوسي ، عن أحمد بن عبد الرحمن بن جعفر ، عن محمّد بن عبد اللّه بن غيلان ، عن أبي هاشم ، عن أبي اسامة ، عن أبي جناب قال : وحدثني أبو عون الثقفي ، قال : كنت أقرأ على أبي عبد الرحمن السلمي وكان الحسن بن علي يقرأ عليه. قال أبو عبد الرحمن ... الخبر.

ورواه ابن الأثير في اسد الغابة 4 / 36. وابن سعد في الطبقات 3 / 24. وابن عبد البرّ في الاستيعاب 2 / 470.

[811] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 280 ، عن سعد بن عبد اللّه بن الحسن الهمداني ، عن الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد ، عن عبد الرزاق بن عمر ، عن أحمد بن موسى بن مردويه ، عن سعد بن عبد اللّه الهمداني ، وعن سليمان بن إبراهيم ، عن أبي بكر أحمد بن موسى ، عن محمّد بن علي بن دحيم ، عن أحمد بن خازم ، عن أحمد بن صبيح القرشي ، عن يحيى بن يعلى ، عن إسماعيل البزاز ، عن أمّ موسى سرية علي علیه السلام ... الخبر.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 42 / 225 الحديث 35 نقلا عن الارشاد : عن إسماعيل بن زياد ، عن أمّ موسى خادمة علي علیه السلام - وهي حاضنة فاطمة ابنته - قالت ... الخبر.

[812] روى الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 137 ، عن ثعلبة ، أنه قال - يعني أمير المؤمنين علیه السلام - على المنبر : واللّه إنه لعهد النبيّ صلی اللّه علیه و آله الامي إليّ أن الامة ستغدر بي. قال : ورواه البزاز.

ص: 593

[813] رواه المجلسي في بحار الأنوار 42 / 40 الحديث 19 نقلا عن فروع الكافي ( ج 7 / 54 ) : عن أبي علي الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبار ومحمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : بعث إلى أبو الحسن موسى علیه السلام بوصية أمير المؤمنين علیه السلام ، وهي : ... الوصية مفصلا.

[815] رواه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 4 / 107 ، عن يونس بن خباب ، عن أنس بن مالك ... الحديث.

ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 273 ، عن عبد اللّه بن عمر بن حمويه ، عن علي بن الحسن بن هبة اللّه ، عن أحمد بن عبيد اللّه العكبري ، عن الحسن بن علي الجوهري ، عن علي بن محمّد بن أحمد ، عن عمر بن محمّد الباقلاني ، عن أحمد بن يزيد ، عن المفضل بن صالح الأسدي ، عن يونس بن خباب ، عن عثمان بن حاضر ، عن أنس بن مالك ... الحديث.

ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 325 الحديث 830.

[816] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 131 ، عن محمّد بن عبد الواحد بن المتوكل ، عن أبي القاسم بن اليسري ، عن عبيد اللّه بن محمّد الحافظ ، عن عبد اللّه بن سليمان ، عن إسحاق بن إبراهيم النهشلي ، عن يحيى بن أبي بكر ، عن الحسن بن صالح ، عن أبي ربيعه الأيادي ، عن الحسن ، عن أنس قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : اشتاقت الجنة الى ثلاثة ، الى علي وعمار وسلمان.

ورواه الترمذي 2 / 310. وابن الأثير في اسد الغابة 2 / 330. والمحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 209.

[818] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 189 ، عن علي بن عاصم ، عن

ص: 594

حصين ، عن هلال بن ليساف ، عن عبد اللّه بن ظالم المازني ، قال :

لما خرج معاوية من الكوفة استعمل المغيرة بن شعبه. قال : فأقام خطباء يقعون في علي ، قال : وأنا الى جنب سعيد بن زيد بن عمر بن نفيل ، قال : فغضب ، فقام فأخذ بيدي فتبعته ، فقال : ألا ترى الى هذا الرجل الظالم لنفسه الذي يأمر بلعن رجل من أهل الجنة.

وروى أيضا في 1 / 188 ، عن وكيع ، عن شعبة ، عن الحرّ بن الصباح ، عن عبد الرحمن بن الأخنس ، قال : خطبنا المغيرة بن شعبة ، فنال من علي علیه السلام ، فقام سعيد بن زيد ، فقال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : النبي في الجنة ، وعلي في الجنة.

[821] روى أحمد بن حنبل في مسنده 3 / 380 ، عن يزيد ، عن شريك بن عبد اللّه ، عن عبد اللّه بن محمّد بن عقيل ، عن جابر بن عبد اللّه ، قال : كنا مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : يطلع عليكم رجل من أهل الجنة ، اللّهمّ اجعله عليا ، اللّهمّ اجعله عليا.

قال : فجاء علي (رضي اللّه عنه).

[819] وروى في 3 / 356 ، عن إبراهيم بن أبي العباس ، عن أبي المليح ، عن عبد اللّه بن محمّد بن عقيل ، عن جابر ، قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يطلع من تحت هذا السور رجل من أهل الجنة ، اللّهمّ إن شئت جعلته عليا. ثلاث مرّات. فطلع علي (رضي اللّه عنه).

[823] رواه المفيد في أماليه ص 178 ، عن جعفر بن محمّد بن قولويه ، عن محمّد بن الحسين بن عامر ، عن المعلى بن محمّد البصري ، عن محمّد بن جمهور العمي ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي محمّد الوابشي ، عن أبي الورد ، قال : سمعت أبا جعفر محمّد بن علي الباقر علیه السلام ... الحديث.

ص: 595

[824] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 333 ، الحديث 837 ، عن أبي الحسن ابن قبيس وأبي منصور ابن خيرون ، عن أبي بكر الخطيب ، عن عبيد اللّه النجار ، عن محمّد بن المظفر ، عن عبد الجبار بن أحمد بن عبيد اللّه السمسار ، عن علي بن المثنى الطهوي ، عن زيد بن الحباب ، عن عبد اللّه بن لهيعة ، عن جعفر بن ربيعة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول اللّه ... الحديث مفصلا.

ورواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 87. والكنجي في كفاية الطالب ص 185. والمجلسي في بحار الأنوار 40 / 12 الحديث 27. والمتقي في كنز العمال 6 / 403.

[825] رواه محمّد بن أبي القاسم الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص 249 ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد اللّه بن الحرث بن نوفل ، أنه سمع عليا ... الحديث.

ورواه المتقي الهندي في كنز العمال 6 / 403.

[826] روى المفيد في أماليه ص 19 ، عن محمّد بن المظفر ، عن محمّد بن حرير ، عن أحمد بن إسماعيل ، عن عبد الرحمن الوراق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة ، عن عبد اللّه بن عباس ، قال : نظر النبي صلی اللّه علیه و آله الى علي بن أبي طالب علیه السلام فقال : سيد في الدنيا وسيد في الآخرة.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 39 / 273 الحديث 48.

[827] رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 11 / 112.

[828] رواه المحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 211 عن أنس ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

[829] رواه فرات بن إبراهيم في تفسيره عن أبي القاسم الحسين معنعنا ، عن

ص: 596

جابر بن عبد اللّه ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 39 / 218 ... الحديث.

[832] روى الجويني في فرائد السمطين 1 / 228 الحديث 178 ، عن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الملك وعبد الرحيم بن عبد الملك ، عن زاهر بن الثقفي ، عن زاهر بن طاهر بن محمّد المستملي ، عن محمّد بن الفضل الصاعدي ، عن أحمد بن الحسين البيهقي ، عن محمّد بن عبد اللّه الحافظ ، عن بشر بن محمّد بن ياسين ، عن محمّد بن إسحاق بن خزيمة ، عن عمرو بن عثمان بن راشد ، عن عبد اللّه بن مسعود ابن الشامي ، عن ياسين بن محمّد بن أيمن ، عن أبي صالح ، عن أبي حازم ، عن ابن عباس ، قال قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أعطاني ربي عزّ وجلّ في علي خصالا في الدنيا وخصالا في الآخرة. أعطاني به في الدنيا أنه صاحب لوائي عند كل شدة وكريهة. وأعطاني به في الدنيا أنه غامضي وغاسلي ودافني ... الحديث.

[835] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 140 الحديث 185 ، عن أبي نصر بن الطحان ، عن أحمد بن علي بن جعفر ، عن علي بن جامع ، عن أحمد بن محمّد بن عبد العزيز الوشاء ، عن أسد بن موسى ، عن حماد بن سلمة ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، أن النبي صلی اللّه علیه و آله قال : إن علي بن أبي طالب يضيء لأهل الجنة كما يزهر كوكب الصبح لأهل الدنيا.

ورواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 295 الحديث 233. والمتقي الهندي في كنز العمال 6 / 153.

[837] رواه المفيد في أماليه ص 111 ، عن علي بن محمّد الكاتب ، عن الحسن بن علي الزعفراني ، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي ، عن عثمان بن

ص: 597

أبي شيبة ، عن عمرو بن ميمون ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جده قال : قال أمير المؤمنين ... الحديث مفصلا.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 38 / 155 ، الحديث 130.

[838] روى ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 107 الحديث 148 عن أبي القاسم بن السمرقندي ، عن أبي الحسين ابن النقور ، عن عيسى بن علي ، عن عبد اللّه بن محمّد ، عن الحسين بن محمّد الذراع ، عن عبد الوبر بن عباد العبدي ، عن يزيد بن معن ، عن عبد اللّه بن شرحبيل ، عن زيد بن أبي أوفى.

وعن عبد اللّه بن محمّد البغوي ، عن محمّد بن علي الجوزجاني ، عن نصر بن علي الجهضمي ، عن عبد المؤمن بن عباد بن عمرو العبدي ، عن يزيد بن معن ، عن عبد اللّه بن شرحبيل ، عن رجل من قريش ، عن زيد بن أبي أوفى ، قال : دخلت على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مسجده ... الحديث بتفاوت واختصار.

[839] قال المناوي في فيض القدير 4 / 358 : روى الطبراني والبزار عن أبي ذر وسلمان مطولا ، قال : أخذ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بيد علي علیه السلام فقال : هذا أول من يصافحني ... الحديث.

ورواه ابن حجر في الاصابة 1 / 167 ، عن إسحاق بن بشر الأسدي ، عن خالد بن الحارث ، عن عوف ، عن الحسن ، عن أبي ليلى الغفاري ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

[840] رواه المجلسي في بحار الأنوار 23 / 135 الحديث 74 ، عن جعفر بن نعيم ، عن عمه محمّد بن شاذان ، عن الفضل بن شاذان ، عن عبيد بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن حبيش بن المعتمر ،

ص: 598

قال : رأيت أبا ذر الغفاري آخذا بحلقة باب الكعبة ... الحديث.

ورواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 247 الحديث 519 - الحديث بتفاوت -.

[841] رواه الصدوق في معاني الأخبار ص 90 الحديث الأول ، عن الحسن بن عبد اللّه بن سعيد ، عن محمّد بن أحمد بن حمدان ، عن المغيرة بن محمّد بن المهلب ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن داود ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث.

ورواه أيضا في الخصال ص 65 الحديث 97.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 23 / 131 ، الحديث 64.

[842] رواه المتقي في كنز العمال 1 / 250 عن عباد بن عبد اللّه الأسدي.

ورواه البحراني في البرهان 2 / 213 الحديث 6. والشيخ المفيد في أماليه ، عن علي بن بلال المهلبي ، عن علي بن عبد اللّه بن أسد ، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي ، عن إسماعيل بن أبان ، عن الصباح بن يحيى المزني ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن عباد بن عبد اللّه ، قال : قام رجل الى أمير المؤمنين ، قال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني ... الحديث.

[843] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 250 ، الحديث 520 ، عن أحمد بن محمّد ، عن عبد اللّه بن محمّد ، عن محمّد بن يحيى بن مندة ، عن حميد بن سعد ، عن حيان الكرماني ، عن سعيد بن مسروق ، عن يزيد بن حيان ، قال : دخلنا على زيد بن أرقم ... الحديث.

ورواه الشبراوي في الاتحاف بحبّ الأشراف ص 22 ، ورواه الحاكم في المستدرك 3 / 109.

[844] رواه الصدوق في معاني الأخبار ص 90 ، عن الحسين بن عبد اللّه ،

ص: 599

عن محمّد بن أحمد بن حمدان ، عن المغيرة بن محمّد بن المهلب ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن داود ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 23 / 131 الحديث 64. ورواه بطريق آخر باضافة الجملة الآتية في آخر الحديث : ( فانظروا ما ذا تخلفوني فيهما ) ابن المغازلي في المناقب ص 236 الحديث 283.

[845] رواه المتقي الهندي في كنز العمال 1 / 67 و 5 / 276 عن أبي سعيد الخدري. وقريب منه رواه المناوي في فيض القدير 1 / 515.

[846] رواه ابن البطريق في العمدة ص 37 ، عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن أبي السلطين ، عن أحمد بن سعيد ، عن محمّد بن أحمد ، عن أحمد بن أحمد ، عن محمّد بن إبراهيم ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن علي علیه السلام ... الحديث.

[847] رواه أبو نعيم في حلية الأولياء 9 / 64 بسنده عن علي علیه السلام ... الحديث.

[848] رواه ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 13 ، عن عائشة باختصار. ورواه أيضا المناوي في فيض القدير 4 / 499.

[849] رواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 10 ، عن العباس بن عبد المطلب ، قال : بلغ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعض ما يقول الناس ، فصعد المنبر ، فقال : من أنا؟ قالوا : أنت رسول اللّه. فقال : أنا محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطلب ، إن اللّه خلق الخلق فجعلني من خير خلقه وجعلهم فرقتين ... الحديث.

[850] رواه المجلسي في بحار الأنوار 36 / 322 الحديث 178 ، عن محمّد بن عبد اللّه ، عن محمّد بن جعفر بن محمّد ، عن محمّد بن عبد الرحمن ، عن

ص: 600

أبي أحمد الطوسي ، وأحمد بن محمّد المقري ، عن محمّد بن نجي ، عن داود بن الحسين ، عن خرام بن نجي الشامي ، عن عتبة بن نبهان ، عن مكحول ، عن واثلة بن الاسقع ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لا يتم الايمان إلا بمحبتنا أهل البيت ... الحديث.

[851] روى الصدوق في الخصال ص 36 ، الحديث 11 ، عن محمّد بن الحسن بن أحمد ، عن محمّد بن الحسن الصفار ، عن محمّد بن عبد الجبار ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ظريف بن ناصح ، عن إبراهيم بن يحيى ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : قسم اللّه تبارك وتعالى أهل الأرض قسمين فجعلني في خيرهما ، ثم قسم النصف الآخر على ثلاثة فكنت خير الثلاثة ، ثم اختار العرب من الناس ، ثم اختار قريشا من العرب ، ثم اختار بني هاشم من قريش ، ثم اختار بني عبد المطلب من بني هاشم ، ثم اختارني من بني عبد المطلب.

[852] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 3 / 18 عن أبي عامر ، عن زهير ، عن عبد اللّه بن محمّد ، عن حمزة بن أبي سعيد الخدري ، عن أبيه ، قال سمعت النبي صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

ورواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 288 الحديث 548.

[853] رواه البحراني في البرهان 4 / 180 ، الحديث 4 ، عن أحمد بن محمّد الكاتب ، عن حميد بن الربيع ، عن عبيد بن موسى ، عن قطر بن إبراهيم ، عن أبي الحسن موسى علیه السلام أنه قال : من أراد أن يعلم فضلنا ... الحديث.

[854] لم نعثر على سنده فقد ذكرنا في الحاشية أن النراقي ذكره في جامع السعادات 1 / 24 ورده.

ص: 601

[855] رواه علي بن إبراهيم القمي في تفسيره 2 / 134 ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي عبد اللّه الصادق علیه السلام قال : لقي المنهال بن عمر علي بن الحسين علیه السلام ...

ورواه المجلسي في بحار الانوار 24 / 170 ، الحديث 4.

[856] رواه مرسلا الخوارزمي في مقتل الحسين 1 / 94.

[857] راجع الحديث 843.

[858] روى ابن المغازلي في مناقبه ، ص 76 قريب منه ، عن الحسن بن أحمد ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن القاسم ، عن أحمد بن الهيثم ، عن مسلم بن إبراهيم ، عن الربيع بن مسلم ، عن محمّد بن زياد ، عن أبي هريرة ... الحديث.

ورواه أحمد بن حنبل في مسنده 2 / 476. والمتقي في كنز العمال 3 / 320.

[861] رواه باختصار ابن شهر اشوب في المناقب 2 / 107.

[863] رواه المفيد في أماليه ص 17 ، عن علي بن محمّد ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن الحسن بن نصير ، عن أبيه ، عن عبد الغفار بن القاسم ، عن المنهال بن عمرو ، عن محمّد بن علي بن الحنفية ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

[864] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 78 بتقديم وتأخير في الجمل مع حفظ المضمون ، عن أحمد بن محمّد ، عن أحمد بن الفضل ، عن أحمد بن عبد الرحمن ، عن محمّد بن أحمد بن حمدان ، عن أبي العباس ابن الحسن ، عن محمّد بن يزيد ، عن محمّد بن فضل ، عن السري بن إسماعيل ، عن الشعبي ، عن سفيان بن أبي ليلى ... الخبر.

ورواه الهيثمي في مجمعه 10 / 281 ، عن الحسين بن علي.

ص: 602

[865] سيأتي الحديث مفصلا في الجزء السادس عشر إن شاء اللّه.

[867] رواه البيهقي في سننه 2 / 379. والدار قطني في سننه ص 136.

[868] رواه ابن بطريق في العمدة ص 39 الحديث 22 ، عن أبي عبد اللّه ابن فنجويه ، عن أبي بكر ابن مالك القطيعي ، عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل ، عن ابي ، عن عبد اللّه بن نمير ، عن عبد الملك بن سليمان ، عن عطاء بن رياح ، عمن سمع أمّ سلمة تقول ... الحديث.

[869] رواه الصدوق في أماليه ص 21 الحديث 2 ، عن أحمد بن زياد ، عن علي بن إبراهيم ، عن جعفر بن سلمة الأهوازي ، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي ، عن عثمان بن أبي شيبة ومحرز بن هشام ، عن مطلب بن زياد عن ليث بن أبي سليم ... الحديث.

[871] رواه الترمذي في صحيحه 2 / 29. ورواه الحاكم في المستدرك 3 / 158. والمجلسي في بحار الأنوار 35 / 223.

[872] رواه الترمذي في صحيحه 2 / 209. والطحاوي في مشكل الآثار 1 / 335. وابن جرير الطبري في تفسيره 22 / 6.

[873] راجع الحديث 868.

[874] راجع الحديث 869.

[875] راجع الحديث 861.

[876] رواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 9 ، عن ابن عباس. ورواه السيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) ، عن المطلب بن ربيعة.

[877] رواه المفيد في أماليه - باختلاف يسير - ص 131 ، عن محمّد بن الحسين المقري ، عن عبد الكريم بن محمّد البجلي ، عن محمّد بن علي ، عن زيد بن المعدل ، عن أبان بن عثمان ، عن زيد بن علي بن الحسين ،

ص: 603

قال : وضع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في مرضه الذي توفي فيه رأسه في حجر أمّ الفضل ... الحديث.

[878] رواه الصدوق في الخصال ص 350 الحديث 25 ، عن محمّد بن عمر ، عن محمّد بن الحسين بن حفص ، عن ثابت بن غارم ، عن عبد الملك بن الوليد ، عن عمرو بن عبد الجبار ، عن عبد اللّه بن زياد ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي علیه السلام ، قال : قال النبي صلی اللّه علیه و آله : سبعة لعنهم اللّه وكل نبي مجاب ... الحديث.

ورواه ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 143.

[879] رواه المجلسي في بحار الأنوار 35 / 216 الحديث 22 ، عن الحسن بن حباش ، عن عمرة الهمدانية ... الحديث.

ورواه الطحاوي في مشكل الآثار 1 / 336.

[880] رواه المفيد في أماليه ص 75 ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام ، عن مرازم ، عن جعفر بن محمّد الصادق علیه السلام ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما بال أقوام من امتي ... الحديث.

ورواه البحراني في البرهان 1 / 279 ، الحديث 15.

[884] رواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 36 الحديث 1 ، عن عبد القادر بن أبي صالح ، عن هبة اللّه بن موسى ، عن هناد بن إبراهيم ، عن الحسن بن محمّد ، عن محمّد بن فرحان ، عن محمّد بن يزيد ، عن قتيبة ، عن الليث بن سعد ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

[885] رواه الصدوق في الخصال ص 110 الحديث 82 ، عن الحسن بن أحمد بن إدريس ، عن أبيه ، عن محمّد بن أحمد ، عن أبي نصر البغدادي ، عن

ص: 604

محمّد بن جعفر الأحمر ، عن إسماعيل بن العباس ، عن داود بن الحسن ، عن أبي رافع ، عن علي علیه السلام ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث.

[886] رواه ابن ماجة في سننه 2 / 24 الحديث 4087 ، عن هدية بن عبد الوهاب ، عن سعد بن عبد الحميد ، عن علي بن زياد اليمامي ، عن عكرمة بن عمار ، عن إسحاق بن عبد اللّه ، عن أنس بن مالك ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ...

ورواه ابن المغازلي في مناقبه ص 38 الحديث 71. والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 15. والخطيب البغدادي في تاريخه 9 / 434. والحاكم في المستدرك 3 / 211.

[887] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 246 الحديث 519 ، عن عثمان بن الموفق ، عن المؤيد بن محمّد ، عن عبد الجبار بن محمّد ، عن علي بن أحمد ، عن الفضل بن أحمد ، عن أبي علي ابن أبي بكر ، عن محمّد بن إدريس ، عن الفضل بن صالح ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن حنش بن المعتمر الكناني ، قال : سمعت أبا ذر ، وهو آخذ بباب الكعبة ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 23 / 119 ، الحديث 38.

[888] روى الجويني في فرائد السمطين 1 / 45 الحديث 11.

حديثا طويلا يتضمن هذا المعني :

عن ابن بابويه ، عن محمّد بن أحمد ، عن أحمد بن يحيى ، عن بكر بن عبد اللّه ، عن فضل بن الصقر ، عن معاوية ، عن الأعمش ، عن جعفر بن محمّد الصادق علیه السلام ... الحديث.

ورواه بطريق آخر في الجزء الثاني ص 241 ، الحديث 515 ، عن

ص: 605

سلمة بن الأكوع عن النبي صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

[896] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 282 ، عن المؤيد بن محمّد ، عن عثمان بن الموفق ، عن محمّد بن العباس ، عن محمّد بن سعيد ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبي عبد اللّه الثقفي ، عن عبد اللّه بن محمّد ، عن محمّد بن عمران ، عن محمّد بن إسحاق ، عن أبي عبيد القاسم بن سلام ، عن عبد اللّه بن صالح ، عن الليث ، عن هشام بن سعد ، عن عطاء ، قال : خطب عمر ... الخبر.

ورواه الشبراوي في الاتحاف بحبّ الأشراف ص 19 عن ابن عمر.

[898] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 159 الحديث 644 ، عن إسماعيل بن أبي القاسم ، عن عمر بن أحمد ، عن أحمد بن جعفر ، عن محمّد بن محمّد بن سليمان ، عن يعقوب بن إسحاق ، عن الحارث بن محمّد ، عن أبي بكر بن عياش ، عن معروف بن خربوذ ، عن أبي الطفيل ، عن أبي ذر ... الحديث.

ورواه الصدوق في الخصال ص 253 ، الحديث 125 ، عن أمير المؤمنين. وابن المغازلي في مناقبه ، ص 120 عن ابن عباس. والصدوق أيضا في أماليه ص 43 الحديث 9.

[899] روى المفيد رواية قريبة لهذا المعنى في أماليه ص 20. وروى المجلسي أيضا في بحار الأنوار 37 / 59.

[900] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 102 ، عن محمّد بن أحمد بن سهل ، عن محمّد بن الحسن ، عن جعفر بن نصير ، عن محمّد بن عبد اللّه ، عن محمّد بن مرزوق ، عن حسين الأشقر ، عن قيس ، عن الأعمش ، عن عباية بن ربعي ، عن أبي أيوب الأنصاري ... الحديث.

ص: 606

ورواه الصدوق في الخصال ص 312 ، الحديث 16. والمجلسي في بحار الأنوار 43 / 97 ، الحديث 8.

[901] رواه الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص 20 ، عن الحسن بن الحسين ، عن محمّد بن الحسن بن الحسين ، عن أبيه ، عن محمّد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن محمّد القبطي ، قال : قال الصادق علیه السلام : ... الحديث.

[903] رواه المجلسي في بحار الأنوار 23 / 121 الحديث 44 ، عن أبي المفضل ، عن محمّد بن محمّد بن سليمان ، عن سويد بن سعيد ، عن المفضل بن عبد اللّه ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن حنش بن المعتمر ، قال : سمعت أبا ذر الغفاري ... الحديث.

[904] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 297 الحديث 554 ، عن محمّد بن عبد اللّه ، عن محمّد بن عثمان ، عن محمّد بن الحسين ، عن الحسين بن إبراهيم ، عن حسين بن الحكم ، عن إسماعيل بن أبان ، عن فضيل بن الزبير ، عن أبي داود السبيعي ، عن أبي عبد اللّه الجدلي ، قال : دخلت على علي علیه السلام فقال : ... الخبر.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 24 / 42.

[906] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 2 : عن محمّد بن أحمد بن شهريار ، عن حمزة بن محمّد بن يعقوب ، عن أحمد بن محمّد الجواليقي ، عن محمّد بن أحمد بن الوليد ، عن سعدان ، عن علي ، عن حسين بن نصر ، عن أبيه ، عن الصباح المزني ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي رزين ، عن علي بن الحسين ، أنه قال : ... الخبر.

[907] روى القسم الأخير من الرواية ابن المغازلي ص 63 الحديث 90 ، عن

ص: 607

أحمد بن محمّد بن عبد الوهاب ، عن عمر بن عبد اللّه بن شوذب ، عن الحسين بن إسحاق ، عن زكريا بن يحيى ، عن فضيل بن عبد الوهاب ، عن تليد بن سليمان ، عن أبي الجحاف ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال : أبصر النبي عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : أنا حرب لمن حاربكم ، وسلم لمن سالمكم.

[908] رواه المجلسي في بحار الأنوار 23 / 126 الحديث 54 ، عن الحسن بن علي بن شعيب ، عن عيسى بن محمّد العلوي ، عن أحمد بن أبي حازم ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن شريك بن الركين ، عن القاسم بن حسان ، عن زيد بن ثابت ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث.

[909] رواه الخوارزمي في مناقبه ص 210 ، عن محمود بن عمر ، عن علي بن مروك ، عن إسماعيل بن علي بن الحسين ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن علي ، عن أحمد بن حازم ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن فطر بن خليفة ، عن كثير النواء ، عن عبد اللّه بن مليك ، قال : سمعت عليا علیه السلام يقول : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

[910] رواه المجلسي في بحار الأنوار 23 / 241 الحديث 13 ، عن جعفر بن محمّد الفزاري ، باسناده ، عن عباد بن عبد اللّه ، قال : كنت عند جعفر بن محمّد علیه السلام فسأله رجل عن قول اللّه : قل لا أسألكم ... الخبر.

[911] رواه المجلسي في بحار الانوار 35 / 208 الحديث 4 ، عن أبي عمرو ، عن ابن عقدة ، عن يعقوب بن يوسف ، عن محمّد بن إسحاق ، عن هلال بن أيوب عن عطية ، قال : سألت أبا سعيد الخدري عن قوله تعالى ... الخبر.

ص: 608

الفهرس

محتويات الجزء السادس

بقية أخبار صفيّن....................................................... 3

مقتل عبيداللّه بن عمر ................................................ 13

كتاب ابن أبي رافع .................................................. 16

حرب النهروان ...................................................... 37

ابن عباس والخوارج .................................................. 46

منشا الفتنة .......................................................... 52

نعود الى ذكر الأحاديث ............................................. 59

ابن عباس ومعاوية ................................................... 66

ندامة عائشة ........................................................ 69

التحريض على القتال ................................................ 73

الحجة على من حارب عليّا ........................................... 77

المتخلّفون عن أمير المؤمنين ............................................ 82

محتويات الجزء السادس

عدلوا الى معاوية ..................................................... 95

الفضائل المزعومة .................................................. 103

ص: 609

طلب الدم وسيلة .................................................. 112

سعد بن أبي وقاص ................................................. 118

حجة الخوارج ..................................................... 129

مواقف الأشعري .................................................. 140

أبو سفيان ......................................................... 146

معاوية بن أبي سفيان ............................................... 153

مقتل حجر بن عدي ............................................... 171

محتويات الجزء السابع

من فضائل أمير المؤمنين ............................................. 177

احتجاجه (عليه السلام) في الشورى .......................................... 185

سعد والسابّ عليّا ................................................. 194

حديث سدّ الأبواب ................................................ 203

أوجه التفاضل ..................................................... 213

الفاضل والمفضول .................................................. 227

محتويات الجزء الثامن

الأمر بطاعة أمير المؤمنين ............................................ 255

السير على خطى أمير المؤمنين ....................................... 268

دعاء النبي لعلي .................................................... 297

قضاء أمير المؤمنين ................................................. 304

محتويات الجزء التاسع

علي في القرآن ..................................................... 337

آية الولاية ........................................................ 348

ص: 610

زواج فاطمة بعليّ .................................................. 355

زهد أمير المؤمنين .................................................. 361

خبر الراهب ....................................................... 367

الأعمش والمنصور .................................................. 372

ضرار ومعاوية ..................................................... 391

الرسول وفضائل علي .............................................. 396

حديث الدينار ..................................................... 401

عليّ مع الملائكة ................................................... 408

محتويات الجزء العاشر

مصائب أمير المؤمنين ............................................... 427

التخطيط للجريمة .................................................. 437

شهادة رسول اللّه لعليّ بالجنّة ........................................ 461

فضائل أهل البيت (عليهم السلام) ............................................. 479

نعود إلى فضائل أهل البيت ......................................... 499

من هم المستضعفون؟ ............................................... 504

تخريج الأحاديث ................................................... 517

ص: 611

المجلد 3

هوية الكتاب

المؤلف: القاضي النعمان بن محمّد التميميّ المغربي

المحقق: السيد محمّد الحسيني الجلالي

الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي

المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي

الطبعة: 1

الموضوع : سيرة النبي (صلی اللّه عليه وآله وسلم) وأهل البيت (عليهم السلام)

تاريخ النشر : 1412 ه-.ق

الصفحات: 599

المكتبة الإسلامية

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام

للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي

المتوفي سنة 363 ه. ق

الجزء الحادي عشر

مؤسسة النشر الإسلامي

التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة

ص: 1

اشارة

شابك (الدورة) 3-397-470-964-978

ISBN 978 - 964 - 470 - 397 - 3

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام

ج 3

(11 - 16)

تأليف: القاضي النعمان بن محمد التميمي المغربي رحمه اللّه

تحقيق: السيد محمد الحسيني الجلالي

الموضوع: التاريخ

چاپ ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي

عدد الصفحات: 600

الطبعة: الثانية

المطبوع: 500 نسخة

التاريخ: 1431 ه .ق .

شابك (ج 1): 3-397-470-964-978

ISBN 978 - 964 - 470 - 397 - 3

قم - شارع الأمين - ابتداء شارع الجمهورية الإسلامية ص . ب 749-37185

تلفون: 2933219 - 2932219 فاكس: 2933517

ص: 2

اشارة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[ بقية فضائل أهل البيت ]

اشارة

[912] أبو سلمة ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري. وسعيد بن المسيب (1) عن أبي ذر رضي اللّه عنه. وأبو عبد اللّه جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق ، مثل باب حطة لبني إسرائيل.

[913] هشام بن الحكم ، قال : قال لي موسى بن جعفر بن محمد علیه السلام : عشر من كانت فيه واحدة منها فليس منا ولا من شيعتنا : الجنون ، والجذام ، والبرص ، وفساد الأهل ، ورداء الأصل ، والمفعول في دبره ، والمتصدق على الأبواب (2) ، والبخيل ، والجبان ، والمتشبه بالنساء.

[ في قبة تحت العرش ]

[914] ابن إسحاق الهمداني ، عن حسان الطائي ، عن أبي موسى

ص: 3


1- وهو سعيد بن المسيب بن حزين بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ القريشي المخزومي أبو محمد المتوفى سنة 94 ه بالمدينة.
2- وفي الخصال ص 336 : وأن يسأل الناس بكفه.

الأشعري ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين [ يوم القيامة ] (1) في قبة تحت العرش.

[ أبو الحمراء وآية التطهير ]

[915] أبو الحمراء (2) ، قال : رابطت المدينة سبعة أشهر كيوم واحد (3) ، فكنت أرى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذا طلع الفجر جاء الى باب علي وفاطمة علیهماالسلام ، فقال : الصلاة الصلاة ( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (4).

[916] وعن علي علیه السلام ، قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من صنع الى أحد من أهل بيتي معروفا كافأته يوم القيامة.

[ حبّ أهل البيت ]

[917] محمد بن علي بن عبد اللّه بن عباس ، باسناده عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أحبوا اللّه لما يعدكم به من نعمته (5) ، وأحبوني لحب اللّه ، واحبوا أهل بيتي لحبي.

[918] إسحاق بن عبد اللّه بن طلحة ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : نحن بنو عبد المطلب سادة الجنة ، أنا ، وعلي ، وجعفر بن أبي طالب ، وحمزة بن عبد المطلب ، والحسن ، والحسين ، والمهدي.

ص: 4


1- ما بين المعقوفتين من مجمع الزوائد 9 / 184.
2- واسمه هلال بن الحارث أو ابن الظفر ، خادم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .
3- أي أن هذه الصورة تتكرر يوميا طيلة سبعة اشهر التي سكنت فيها المدينة.
4- الأحزاب : 33.
5- وفي صحيح الترمذي 2 / 301 الحديث 14 : لما يغذوكم من نعمه.

[919] عبد اللّه بن سليمان ، عن أبيه ، عن عمار بن ياسر ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أهل بيتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره.

[ كل نسب منقطع إلا نسبي ]

[920] الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَاتَّقُوا اللّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ ) (1) قال : نزلت في رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وذوي أرحامه لأنه قال صلی اللّه علیه و آله : كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي.

[921] أبو صالح ، عن ابن عباس ، أنه قال في قول اللّه تعالى : ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً ) (2) ، قال : يقول : لا يقتلوا أهل بيت نبيكم (3).

[922] سماعة بن مهران (4) قال : قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام في قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً ) (5).

ص: 5


1- النساء : 1.
2- النساء : 29.
3- وأضاف في البرهان 1 / 364 : إن اللّه عزّ وجلّ يقول في كتابه : قل تعالوا ندع أبناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم. قال : كان أبناء هذه الامة الحسن والحسين وكان نساؤهم فاطمة علیهاالسلام وأنفسهم النبي صلی اللّه علیه و آله وعلي علیه السلام .
4- أبو ناشرة سماعة بن مهران بن عبد الرحمن الحضرمي مولى عبد بن وائل بن حجر الحضرمي ، كان يتجر في القز ويخرج به إلى حران ونزل الكوفة في كندة ، ومات بالمدينة 145 ه.
5- النساء : 75.

قال : نحن اولئك.

[ توبة آدم ]

[923] صفوان الجمال (1) ، قال : دخلت على أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام وهو يقرأ هذه الآية : ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) (2) ثم التفت إليّ.

فقال : يا صفوان إن اللّه تعالى ألهم آدم علیه السلام أن يرمي بطرفه نحو العرش ، فإذا هو بخمسة أشباح من نور يسبّحون اللّه ويقدسونه.

فقال آدم : يا ربّ من هؤلاء؟

قال : يا آدم صفوتي من خلقي لولاهم ما خلقت الجنة ولا النار ، خلقت الجنة لهم ولمن والاهم ، والنار لمن عاداهم. لو أن عبدا من عبادي أتى بذنوب كالحبال الرواسي ثم توسل إليّ بحق هؤلاء لعفوت له.

فلما أن وقع آدم في الخطيّة قال : يا رب بحق هؤلاء الأشباح اغفر لي فأوحى اللّه عزّ وجلّ إليه : إنك توسلت إليّ بصفوتي وقد عفوت لك.

قال آدم : يا ربّ بالمغفرة التي غفرت إلا أخبرتني من هم.

فأوحى اللّه إليه : يا آدم هؤلاء خمسة من ولدك ، لعظيم حقهم عندي اشتقت لهم خمسة أسماء من أسمائي ، فأنا المحمود وهذا محمد ، وأنا العلي وهذا علي ، وأنا الفاطر وهذه فاطمة ، وأنا المحسن وهذا

ص: 6


1- وهو أبو محمد صفوان بن مهران بن المغيرة الأسدي الكوفي وكان يسكن بني حرام بالكوفة.
2- البقرة : 37.

الحسن ، وأنا الإحسان فهذا الحسين (1).

[ ملّة ابراهيم ]

[924] سفيان بن عمرة (2) ، عن حسان ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ) (3).

قال : نحن واللّه على ملّة إبراهيم ، وشريعته شريعتنا ، ولقد رغب أعداؤنا عن ملّة إبراهيم بتركهم ولايتنا ، واللّه يا حسان لقد أخذ اللّه ميثاقا بالولاية لنا في الدجى الأول على لسان كل نبي وأخذ ميثاقنا عليه وأخذه على امته ، فمن رغب عنا فقد رغب عن ملّة إبراهيم وشريعته.

[925] ابن أبي زياد الكوفي (4) ، عن أبيه ، عن علي علیه السلام ، قال : لما انزلت : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ أَلا بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) (5) ، قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ذلك من أحبّ اللّه [ ورسوله ] (6) وأحبّ أهل بيتي صادقا غير كاذب.

[926] المفضل (7) ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال :

ص: 7


1- وفي فرائد السمطين 1 / 37 : وأنا الإحسان وهذا الحسن وأنا المحسن وهذا الحسين.
2- وأظنه سفيان بن أبي عمير البارقي الكوفي.
3- البقرة : 130.
4- وأظنه اسماعيل بن أبي زياد.
5- الرعد : 28.
6- ما بين المعقوفتين من كنز العمال 1 / 251.
7- المفضل بن عمر ( اعيان الشيعة 10 / 132 ).

من أحبنا أهل البيت تتابعت الحكمة على لسانه ، وجدّد له كل يوم عمل سبعين عابد عبد اللّه سبعين سنة.

[ أساس الاسلام ]

[927] مدرك بن عبد الرحمن ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال : الإسلام عريان ولباسه الحياء ، وزينته الوقار ، ومروته العمل الصالح ، وعماده الورع. لكل شيء أساس وأساس الإسلام حبنا أهل البيت.

[ طيب الولادة وحبّ أهل البيت ]

[928] حسين بن زياد ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد ، عن آبائه علیهم السلام : أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : من أحبنا أهل البيت فليحمد اللّه على أول النعم.

قيل : يا رسول اللّه وما أول النعم؟

قال : طيب الولادة ، ولا يحبنا إلا من طابت ولادته.

[929] يونس بن ظبيان ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال : إن موسى وهارون علیهماالسلام لما دخلا على فرعون لم يكن في الذين حضروا واستشارهم يومئذ فيهم من هو لغير رشده (1) ، ولو كانوا كذلك أمروه بقتلهما ، ولما قالوا : ( أَرْجِهْ وَأَخاهُ ) (2) وأشاروه بالتأنّي والنظر.

قال : ثم وضع أبو عبد اللّه يده على صدره ، قال : وكذلك - واللّه -

ص: 8


1- وفي البرهان 2 / 27 : لم يكن في جلسائه يومئذ ولد سفاح كانوا ولد نكاح كلهم.
2- الأعراف : 111.

نحن لا ينزع إلينا (1) - يعني بالمكروه - إلا كل خبيث الولادة.

[ أصل الخير ]

[930] عبد اللّه بن مسكان (2) ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، أنه قال : نحن أصل (3) كل خير ، ومن فروعنا كل بر ، ومن البر : التوحيد ، والصلاة ، والصيام ، وكظم الغيظ ، والعفو عن المسيء ، ورحمة الفقير ، وتعاهد الجار ، والاقرار بالفضل لأهله. وعدونا أصل (4) الشر ، ومن فروعهم كل قبيح ، ومن القبيح : التشبيه ، والكذب ، والبخل ، والنميمة ، والقطيعة ، وأكل الربا ، [ وأكل ] مال اليتيم بغير حقه ، وتعدّي الحدود التي أمر اللّه تعالى بها ، وركوب الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، والزنا ، والسرقة ، وكل ما وافق ذلك من القبيح. وكذب من زعم أنه معنا وهو متعلق بفروع غيرنا.

[931] أبو حمزة الثمالي ، عن أبي الطفيل (5) ، قال : قام أمير المؤمنين علیه السلام على المنبر ، فقال :

إن اللّه بعث محمدا صلی اللّه علیه و آله بالنبوة واصطفاه بالرسالة ، وعندنا أهل البيت مفاتيح العلم وأبواب الحكمة وضياء الأمر ، وفصل الخطاب. ومن أحبنا ينفعه إيمانه ، ويتقبل منه عمله ، ومن لا يحبنا أهل البيت لا يتقبل منه إيمانه ولا ينفعه عمله ، وإن أدأب (6) نفسه

ص: 9


1- هكذا صححناه وفي الاصل : لا يسرع إلينا.
2- أبو محمد : مولى عنزة ، له كتاب في الامامة وفي الحلال والحرام ، مات في أيام الامام الرضا علیه السلام .
3- هكذا صححناه وفي الاصل : أهل.
4- هكذا صححناه وفي الاصل : أهل.
5- وهو عامر بن وائلة بن عبد اللّه بن عمرو بن جحش بن جري الليثي المتوفي 110 ه.
6- أدأب : أي أجهد وأتعب.

بالليل والنهار.

[ قوام الاسلام ]

[932] أبو صادق (1) ، قال : سمعت عليا علیه السلام يقول : إن في الاسلام ثلاثا ، لا يقوم إلا عليهن ، ولا ينفع واحدة دون صاحبتها : الصلاة ، والزكاة ، والولاية (2).

[933] عبد اللّه بن نمير الهمداني (3) ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال :

النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض.

[934] الليث بن سعد ، باسناده ، عن أبي وائل (4) ، قال : كنت بالمدينة لما بويع لعثمان ، فدخلت المسجد ، فرأيت رجلا يصفّق باحدى يديه على الأخرى ، ويقول : يا عجبا من قريش استأثروها على أهل البيت معدن الفضيلة ونجوم الأرض ، ونور البلاد ، واللّه إن فيهم رجلا ما رأينا بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو أولى بالحق ، ولا أقضى بالعدل ، ولا آمر بالمعروف ولا أنهى عن المنكر منه.

فقلت له : من أنت يرحمك اللّه ، ومن الرجل الذي وصفت؟

فقال : أنا المقداد بن الأسود (5) ، والذي وصفته : علي بن أبي طالب.

ص: 10


1- وهو أبو صادق الأزدى الكوفي ، قيل : اسمه مسلم بن يزيد ، وقيل : عبد اللّه بن ناجد.
2- وفي فرائد السمطين 1 / 79 الحديث 49 : الموالاة.
3- واظنه عبد اللّه بن نمير الكوفي ، يكنى أبا هشام ، توفي 199 ه.
4- وهو شقيق بن سلمة الكوفي.
5- أبو معبد أو أبو عمرو الصحابي البطل ولد 37 ق ه في اليمن ثم الى مكة شهد بدرا وسكن المدينة وتوفي في مقربة منها ودفن في المدينة 33 ه.

قال : فمكث ما شاء اللّه ، ثم لقيت أبا ذر ، فحدثته بقول المقداد.

فقال أبو ذر : صدق واللّه مقداد.

قلت له : فما منعكم أن تجعلوا هذا الأمر فيهم؟

قال : أبى ذلك عليهم قومهم.

قلت : فما منعكم أن تعينوهم؟

قال : مه ، لا تسألني عن هذا.

قال : ثم كان من أمر أبي ذر مع عثمان ما كان - يعني عن نفيه إياه من المدينة الى الربذة -.

[935] الحسن بن عبد اللّه ، عن أبي الضحى ، عن زيد بن أرقم ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إني تارك فيكم اثنين : القرآن وأهل بيتي ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض يوم القيامة.

[936] عبد اللّه بن عثمان العمري ، عن أبي لهيعة (1) ، عن عبد اللّه - أبي هبيرة - ، عن أبي ذر ، أنه قال : مثلكم ومثل أهل بيت نبيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق.

[937] عبد اللّه بن صالح ، يرفعه الى علي علیه السلام ، أنه قال :

نزل القرآن ارباعا ، ربعا فينا ، وربعا في عدونا ، وربعا سيرة وأمثال (2) ، وربعا فرائض وأحكام. لنا عزائم القرآن.

[938] سفيان ، باسناده ، عن علي بن الحسين ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ستة لعنهم اللّه [ ولعنتهم ] (3) وكل نبيّ مجاب : الزائد في القرآن ، وكل مكذّب بقدر اللّه ، والتارك لسنّتي ، والمتسلّط

ص: 11


1- وأظنه عبد اللّه بن لهيعة بن فرعان الحضرمي المصري.
2- وفي ما نزل من القرآن في علي للحبري ص 44 : وربع حلال وحرام.
3- ما بين المعقوفتين من كنز العمال 8 / 191 واسد الغابة 4 / 107.

بالجبروت ليذلّ من أعزّ اللّه ويعزّ من أذلّ اللّه ، والمستحلّ من عترتي ما حرّم اللّه ، والمستحلّ لحرم اللّه (1).

[ الذرّية الطيّبة ]

[939] على بن هاشم ، باسناده ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام : قال : قال اللّه عز وجلّ لمحمد صلی اللّه علیه و آله :

إني اصطفيتك ، وانتجبت لك عليا ، وجعلت منكما ذريّة طيبة جعلت لهم الخمس.

[939] وقال علیه السلام :

إن اللّه عزّ وجلّ اتخذ محمدا عبدا قبل أن يتخذه رسولا وكان علي أحبّ اللّه ، فأحبه اللّه ، ونصح لله فنصح اللّه له ، وإن حقنا في كتاب اللّه لنا صفو الأموال ، ولنا الأنفال.

[941] شريك بن عبد اللّه ، عن الدكين ، عن القاسم ، عن زيد بن ثابت (2) ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله :

إني تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي [ ألا وهما الخليفتان من بعدي ] (3) لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.

[942] المطلب بن عبد اللّه ، عن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله :

إني فرط لكم (4) ، فاوصيكم بعترتي خيرا ، فإن موعدكم

ص: 12


1- وفي اسد الغابة 4 / 107 أضاف : والمستأثر بالفيء.
2- صحابي خزرجي أمره الرسول أن يتعلم السريانية ليقرأ له ما يرد عليه من الكتب المدونة بالعبرية توفي 45 ه.
3- ما بين المعقوفتين من بحار الانوار 23 / 126 الحديث 54.
4- وفي تاريخ دمشق 2 / 368 : أيها الناس إني لكم فرط.

الحوض.

[ أهل البيت أمان للامّة ]

[943] سلمة بن الأكوع (1) ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لامّتي.

[944] إسماعيل بن موسى ، باسناده ، عن أبي هريرة ، قال : نظر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى علي وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام فقال :

أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم (2).

[945] محول (3) بن إبراهيم ، باسناده ، عن أمّ سلمة ، قالت :

نزلت هذه الآية في بيتي : ( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (4). وفي البيت سبعة : جبرائيل ، وميكائيل ، ورسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين.

قالت : وأنا على باب البيت جالسة ، فقلت : يا رسول اللّه ألست من أهل البيت؟

قال : إنك على خير وإنك من أزواج النبي. وما قال أنا من أهل البيت.

فأفضل أهل البيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وبه استحق الفضل من استحقه من أهل البيت.

ص: 13


1- وهو سلمة بن عمرو بن سنان الاكوع الاسلمي صحابي توفي بالمدينة 74 ه.
2- وفي كفاية الطالب ص 331 : أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم.
3- وفي الخصال ص 403 : مخول.
4- الاحزاب : 33.

والذي يليه منهم علي صلواته اللّه عليه ، وهو كما جاء فيما تقدم أخوه ووزيره ووصيه وخليفته والشاهد على امته من بعده ، فما جاء في فضل أهل البيت علیهم السلام فله بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أفضله (1) وفاطمة علیهاالسلام بعده ، هي ابنة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأمّ الأئمة من ذريته فهي في الفضل أولاهم به ، ثم الأئمة من ولدها واحد بعد واحد ، سادات أهل زمانهم أئمتهم ومواليهم ، ولهم من الفضل على جميعهم ما يوجب الإمامة لهم ، وهم أفضل ذرية علي وفاطمة علیهماالسلام ومن أهل البيت الفاضل أعلى وأشرف من غيرهم ، منهم يعلو الإمامة وشرفها ، ومن لم يتولّ الإمام في كل زمان منهم ، فمن ينسب إليهم ، ويعرف فضله ، ويدين بالطاعة له فهو منقطع النسب كما قطع اللّه عزّ وجلّ نسب ابن نوح لما تخلّف عن الركوب في السفينة معه عنه ، وقال : ( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ) (2). ومن تولّى أئمة الحق من أهل بيت محمد صلی اللّه علیه و آله ، وعرف حقهم ، ودان بإمامتهم ، وتقلد عهد إمام زمانه منهم ، ووفى بما أخذ له ، فهو من أهل البيت بالتولّي لهم ، كما قال إبراهيم علیه السلام فيما حكاه اللّه تعالى من قوله : ( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) (3) ، وكما قال سبحانه : ( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) (4) ، كما قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لسلمان الفارسي رحمة اللّه عليه : سلمان منا أهل البيت. فنسبه الى أهل بيته لتوليه إياهم صلوات اللّه عليهم.

ص: 14


1- كذا في الأصل.
2- هود : 6 ،.
3- إبراهيم : 36.
4- المائدة : 51.

خديجة الكبرى

[ ذكر فضل خديجة بنت خويلد زوج النبي ]

هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن القصي ، ولم يولد للنبي صلی اللّه علیه و آله ولد إلا منها ، ما خلا ابنه إبراهيم ، فإنه ولد له من مارية القبطية (1). وولد له من خديجة القاسم وبه كان يكنى والطاهر والطيب وفاطمة وزينب ورقية (2) وأمّ كلثوم.

فأما القاسم والطيب فماتا بمكة صغيرين ، ومات الطاهر كذلك صغيرا.

وأما إبراهيم من مارية فولد بالمدينة بعد ثمان سنين من مقدمه ، وعاش سنة وعشرة أشهر وثمانية أيام ، ومات بالمدينة.

وكانت خديجة قبل النبي عند عتيق بن عامر المخزومي ، وولدت له حارثة ، ومات عنها بمكة ، وتزوجها بعده أبو هالة زرارة بن ساس الأسدي ، ومات عنها بمكة وولدت له هند بن أبي هالة ، وكانت خديجة ذات مال كثير وعبيد ومضاربين لها يتجرون في مالها ، ويسافرون به لها إلى الشام. فلما اتصل بها عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ما هو عليه من الأمانة والطهارة والصدق والعفاف أرسلت إليه ، وسألته أن يخرج ببضاعة الى الشام ، ففعل وأرسلت معه غلاما

ص: 15


1- مصرية الاصل أهداها المقوقس عامل الاسكندرية فتزوجها توفيت 16 ه.
2- وأما زينب فكانت في الجاهلية تحت أبي العاص ابن الربيع. ورقية تحت عتبة بن أبي لهب ، ثم تزوجهما عثمان بن عفان بالتعاقب.

يقال له : ميسرة فجاءها بفضل واسع لم يأتها غيره.

وأخبرها غلامها بما شاهده من فضله وآيات رآها فيه. وكان لها ابن عم يقال له ورقة بن نوفل على دين النصرانية قد قرأ الكتب ، وكان يذكر لها أن نبيا إن بعثه يبعث من قريش ، فلما أخبرها غلامها بما شاهد منه مع ما اتصل بها من آياته وعلامات النبوة فيه ذكرت ذلك لابن عمها ورقة.

فقال : واللّه ما أشك ، إنه هو النبي المنتظر.

وكان ورقة هذا قد خطب خديجة ، وهمّت بتزويجه لما تبيّن لها أمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأراد اللّه كرامتها ألهمها أن أرسلت الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله تعرض بنفسها عليه ، فتزوجها وبنى بها صلی اللّه علیه و آله وهو ابن خمس وعشرين سنة ، ولم يتزوج عليها غيرها ، ولا تزوج امرأة إلاّ بعد أن ماتت.

وكانت من أفضل نسائه وأحبهن إليه ، وكانت تنتظر نبوته ، ويسألها ابن عمها عن ذلك ، وعن دلائل تعرفها فيه ، فتخبره بذلك ، فيقول : هو واللّه النبي المنتظر ، وله في ذلك أشعار كثير قالها (1) ، ومات قبل أن يبعث اللّه نبيه محمدا صلی اللّه علیه و آله .

وكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يعارض خديجة ويخبرها بما يأتيه من قبل أن ينبأ به ، وما يراه في منامه ، وتخبره هي بقول ورقة ، فلما أتاه الوحي من عند اللّه عزّ وجلّ بالرسالة أخبرها بذلك ودعاها إلى الإسلام ، فأسلمت ، فكانت أول من أسلم ، ثم دعا عليا علیه السلام من غد ، فأسلم. وقد مضى ذكر خبر إسلامه علیه السلام (2).

وكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في ابتداء أمره إذا دعا قومه فكذبوه ،

ص: 16


1- راجع الجزء الثاني.
2- في الجزء الثاني.

ونالوا منه وهموا به ، منعه منهم عمه أبو طالب. وكان سيدا مطاعا فيهم ، وكان يأتي خديجة مغموما لما يناله منهم ، فتهدئه ، وتصبره ، وتهون عليه. وبذلت ما لها له ، فكان ذلك مما يعزّبه.

فلما كثر الاسلام والمسلمون بمكة مات أبو طالب عم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ثم ماتت خديجة بعده بثلاثة أيام. وكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : ما اغتممت بغمّ أيام حياة أبي طالب وخديجة لما كان أبو طالب يدفعه عنه وخديجة تعزيه وتصبره وتهون عليه ما يلقاه في ذات اللّه عزّ وجلّ.

[ بيت من لؤلؤ ]

[946] الدغشي ، باسناده ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لفاطمة علیهاالسلام :

إن جبرائيل علیه السلام عهد إليّ إن بيت امك خديجة في الجنة بين بيت مريم ابنة عمران وبين بيت آسية امرأة فرعون ، من لؤلؤ جوفاء ، لا صخب فيه ولا نصب.

[947] وبآخر ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : قال لي جبرائيل :

بشّر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب فيه - يعني قصب الزمرد -.

[ منزلة خديجة عند الرسول ]

[948] وبآخر ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه أهدى إليه لحم جمل - أو لحم جزور -. فأخذ بيده لحما ، فأعطاه رسول اللّه ، وقال : اذهب الى فلانة - أو قال [ الى ] فلان -.

ص: 17

فقالت عائشة : يا رسول اللّه لم غمرت يدك قد كان فينا من يكفيك؟

قال : ويحك إن خديجة أوصتني بها - أو قال : [ أوصتني ] به -.

يعني من أرسل ذلك اللحم إليه. فأدركت عائشة الغيرة لذكر خديجة. فقالت : كأن ليس في الأرض امرأة إلا خديجة.

فخرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو غضبان فلبث ما شاء اللّه أن يلبث. ثم دخل عليها وعندها امها - أم رومان - (1). فقالت : يا رسول اللّه ما لعائشة؟ إنها حدثة ، وهي غيراء.

فأخذ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بشدق عائشة ، ثم قال : ألست القائلة : كأن ليس في الأرض امرأة إلا خديجة؟ لقد آمنت بي إذ كفر بي قومك ، وقبلتني إذ رفضني قومك ، ورزقت مني الولد إذ حرمت مني.

قالت عائشة : فما ترك شدقي حتى ذهب من نفسي كل شيء كنت أجده على خديجة.

[949] وبآخر ، عن عروة بن الزبير (2) ، قال : توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة (3).

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لقد رأيت لخديجة بيتا من

ص: 18


1- وهي زينب وقيل دعد بنت عبد بن دهمان. وكانت تحت عبد اللّه بن الحارث بن سبنجرة فمات فخلف عليها أبو بكر وهي أم عائشة وعبد الرحمن توفيت 6 ه.
2- وهو أبو عبد اللّه عروة بن الزبير بن العوام الاسدي القرشي ولد 22 ه انتقل الى البصرة ثم إلى مصر واقام سبع سنين ، وعاد الى المدينة وتوفي بها 93 ه وبئر عروة بالمدينة منسوب إليه. وهو أخو عبد اللّه لابيه وأمه.
3- توفيت خديجة رضوان اللّه عليها في شهر رمضان سنة عشرة من النبوة أي قبل الهجرة بثلاث سنوات.

قصب لا صخب فيه ولا نصب. وهو قصب اللؤلؤ.

[950] وبآخر ، عن ابن شهاب ، قال : بلغني أن خديجة بنت خويلد كانت أول من آمن باللّه عزّ وجلّ ورسوله ، وماتت قبل أن تفرض الصلاة.

[951] وبآخر ، عن الليث بن سعد ، قال : أخبرني غير واحد أن ميسرة - غلام خديجة بنت خويلد - قدم من الشام في السفر الذي خرج فيه مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، سبق الى خديجة فأخبرها بخبره مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وبما أصاب من الربح ببركته ، وبما رأى منه.

فقالت له : أرينه إذا دخلت العير.

ووقفت حتى دخل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على بعير.

فقال لها ميسرة : (1) هذا محمد وهذه السحابة التي ذكرت لك.

فنظرت خديجة الى سحابة من نور تظله ، وتسير معه ، لما أراد اللّه عزّ وجلّ من كرامتها به. ووقع في قلبها لما أراده اللّه بها من السعادة. فأرسلت الى عمها وصنعت له طعاما وشرابا ، فأكل وشرب حتى إذا أخذ الشراب منه أرسلت الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أقبل أنت ونفر من أهل بيتك فليخطبوني في ذلك من عمي فإنه سيزوجك. ففعل ، وأتوه وهو ثمل ، فكلموه في ذلك ، فتزوجها. وأمرت بمكانها بحلة حبرة فألقتها عليه ، وبعير فنحر ليأكل منه الناس ، وبطيب عبير فطيبت به عمها. فلما أفاق من سكره قال : ما هذه الحبرة ، وما هذا البعير. وما هذا اللحم؟

قالوا : زوجت خديجة من محمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب.

ص: 19


1- ذكره ابن حجر في الاصابة 3 / 470 رقم 8284 دون الاشارة الى نسبه.

قال : ما فعلت.

قالت خديجة : لا تجمع على أمرين ، إن عقدت عليّ ولم تشاورني ثم تسفه نفسك في قومك ، وقد حضرك فلان وفلان وفلان ، فان الرجل وإن كان قليل المال حدث السن ، فله نسب وأصل في قومه ، فاسكت على ما صنعت ، فأنا كنت أولى بالغضب منك إذ زوجتني بغير أمري.

فقبل ذلك ، وسكت.

[ ذكرى خديجة ]

[952] عن عائشة ، قالت : سمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله صوت هالة بنت خويلد (1) ، فقال : ما رأيت كاليوم صوتا أشبه بصوت أم هند - يعني خديجة - من هذا الصوت.

قالت عائشة : فقلت : يا رسول اللّه ما يذكرك عجوزا من عجائز قريش!.

فغضب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله غضبا شديدا لم أره غضب مثله قبله ولا بعده.

ثم قال : لا تذكري أم هند ، فقد كانت لها مني اثنتان أول من آمنت بي ، ورزقت مني الولد وحرمتيه.

[953] وبآخر ، عن قتادة (2) ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : كفى بك من نساء العالمين (3) أربع : مريم ابنة عمران ، وآسية

ص: 20


1- وهي هالة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشية الاسدية اخت خديجة ووالدة أبي العاص بن الربيع.
2- وأظنه قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز ، ولد 61 ه وهو أبو الخطاب السدوسى البصري توفي بالطاعون 118 ه.
3- وفي بحار الانوار 37 / 68 : حسبك من نساء العالمين.

امرأة فرعون ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد.

[954] الليث بن سعد ، باسناده ، عن [ ابن ] (1) شهاب ، قال : بلغنا أن خديجة كانت أول من آمن باللّه ورسوله ، وماتت قبل أن تفرض الصلاة.

[955] وكيع ، باسناده ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال لخديجة : يا خديجة ، هذا جبرائيل يخبرني أن اللّه عزّ وجلّ أرسله إليك بالسلام.

فقالت خديجة : اللّه السلام ولله السلام وعلى جبرائيل السلام.

[956] عبد الرحمن بن صالح ، باسناده ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ذكر يوما خديجة فأثنى عليها ، وعائشة تسمع.

فقالت عائشة : عجبا منك كان رجلا لم يتزوج قبلك ذات وجنتين.

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أذكرتيها يا عائشة؟

وغضب فاشتدّ غضبه.

قال : واللّه لقد كانت أول من آمن بي ، وصدّقني وتبعني.

فقالت عائشة : أعوذ باللّه من غضب اللّه وغضب رسوله.

فقال لها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لا تعودي يا عائشة أن تذكري خديجة إلا بما هي أهله.

فقالت عائشة : واللّه لا أعود الى ذلك أبدا.

[957] وبآخر ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه ذكر يوما خديجة ، فترحم عليها ، وذكر محاسن أفعالها ، فغارت عائشة لذلك.

قالت : ليت شعري ، ما يذكرك من عجوز حمراء الشدقين قد

ص: 21


1- هكذا صححناه وفي الاصل : أبي. ولد 61 ه.

أبدلك اللّه عزّ وجلّ بها من هو خير منها! فغضب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله غضبا شديدا.

قال : لا واللّه ما بدلت خيرا منها لقد آمنت بي قبل أن تر مني ، وصدّقتني قبل أن تصدّقن ، ورزقت مني من الولد ما قد حرمتنّ.

فقالت عائشة : واللّه لا أذكرها بعد هذا بسوء يا رسول اللّه.

فخديجة رضوان اللّه عليها ولدت الأئمة ، وكانت أول من آمن من الامة واللّه عزّ وجلّ يقول وهو أصدق القائلين : ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (1) وبشرها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالجنة وآتاها جبرائيل علیه السلام عن اللّه عزّ وجلّ ، وأنفقت مالها في سبيل اللّه وعلى رسوله صلی اللّه علیه و آله . وكانت أول من عرفه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من النساء وبنى بها منهن ، لم يعرف من النساء امرأة قبلها. وكانت أحبّ أزواجه إليه وأكرمهن عليه وأفضلهن عنده وأم بنيه وبناته ومسليته كما ذكر صلی اللّه علیه و آله ومفرجة غمومه. ولم يكن بينه وبينها اختلاف أيام حياتها حتى قبضت وهو عنها راض ولها شاكر رحمة اللّه ورضوانه عليها.

ص: 22


1- الواقعة : 11.

فاطمة الزهراء عليها السلام

[ ذكر فضل فاطمة بنت رسول اللّه ]

كانت أحبّ بناته إليه وأكرمهن عليه ، وخصّ اللّه عزّ وجلّ بها وصيه وخليفته من بعده على امته ، وهي أمّ الأئمة من ذريته. ولها من الفضل ما يطول ذكره. فمن ذلك ما رواه.

[958] الدغشي ، عن عائشة ، أنها قالت : أقبلت يوما فاطمة بنت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، تمشي - كأن مشيتها مشيته - فلما رآها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : مرحبا يا بنتي.

ثم أجلسها الى جانبه ، فأسرّ إليها سرا. فبكت [ بكاء شديدا ] (1).

فقلت لها : سبحان اللّه ، خصّك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بسره وتبكين.

ثم أقبل عليها رسول اللّه ، فأسرّ إليها سرا أيضا ، فضحكت.

فقلت : ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن وضحكا أقرب من بكاء.

ثم سألتها بعد ذلك عما أسره إليها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

فقالت : ما كنت لأفشي سره في أيام حياته.

ص: 23


1- حلية الاولياء 2 / 29.

فلما قبض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سألتها عن ذلك.

فقالت : إنه أسرّ إليّ : يا فاطمة ، إن جبرائيل علیه السلام كان يعارضني بالقرآن في كل عام مرة ، وإنه عارضني به في هذا العام مرتين لا أراني إلا وقد حضر أجلي وإنك أول أهل بيتي لحوقا بي ، فبكيت. ثم أسرّ لي ثانيا ، فقال لي : يا فاطمة ، إني لك نعم السلف أوما ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الامة - أو قال : نساء المؤمنين - فسررت بذلك ، وضحكت.

[959] وبآخر ، عنه صلی اللّه علیه و آله ، أنه نظر يوما الى فاطمة علیهاالسلام ، فقال لها :

يا فاطمة إنك سدت نساء امتي كما سادت مريم ابنة عمران على نساء [ عالمها ] (1).

[ الرسول يسقي الحسن ]

[960] وبآخر ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه قال : زارنا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فاستسقى الحسن. فقام رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى [ منحة ] (2) لنا بكية (3) ، فمصّ منها في قدح ، وأتى به الحسن ، فقام إليه الحسين ، فنال بيده إليه بكفه.

فقالت فاطمة : كأن الحسن أحبهما إليك يا رسول اللّه؟

قال : لا ، إلا أنه هو الذي استسقاه ، اني وإياك وهذان - يعني

ص: 24


1- هكذا صححناه وفي الاصل : العالمين.
2- هكذا صححناه وفي الاصل : مبنحه. والمنحة : أن يمنح الرجل أخاه ناقة أو شاة يحلبها زمانا وأياما ثم يردها.
3- وفي بحار الانوار 37 / 72 الحديث 39 : فقام النبي صلی اللّه علیه و آله الى شاة لنا بكيء ، فدرت.

الحسن والحسين - وهذا - وأومى إليّ - في الجنة في مكان واحد [ يوم القيامة ] (1).

[ ضبط الغريب ]

قوله : منحة لنا بكية يعني : شاة للحلب ، قليلة اللبن في الضرع بغير درة فيه. ويقال منه : مصّ صلبه : الشيء إذا أعطاه إياه قليلا قليلا.

والمصّ أيضا : الحلب الذي باصبعين.

[961] وبآخر ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : سيد اشباب أهل الجنة الحسن والحسين إلا ابني الخالة يحيى وعيسى. وامهما سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم ابنة عمران (2).

[ حديث الدينار ]

[962] وبآخر ، عن عبد اللّه بن مسعود (3) ، قال : جاء علي علیه السلام الى أبي ثعلبة الجهني ، فقال له : يا أبا ثعلبة ، أقرضني دينارا.

قال : أمن حاجة ، يا أبا الحسن؟

قال [ أمير المؤمنين ] : نعم.

قال : فشطر مالي لك ، فخذه حلالا في الدنيا والآخرة.

فقال له علي علیه السلام : ما بي حاجة الي غير ما سألتك.

قال : فربع مالي أو ما أردت منه خذه حلالا في الدنيا والآخرة.

قال : ما اريد غير قرض دينار ، فإن فعلت ، وإلا انصرف.

ص: 25


1- مسند أحمد بن حنبل 1 / 101.
2- وجملة : وامهما سيدة ... الخ لم تكن في بحار الانوار 43 / 316.
3- وهو عبد اللّه بن مسعود بن غافل بن حبيب ، أبو عبد الرحمن الهذلي توفي 33 ه.

فدفع إليه دينارا واحدا ، فأخذه ليشتري به لأهله ما يقوتهم وقد مضت لهم ثلاثة أيام لم يطعموا شيئا. فمرّ بالمقداد قاعدا في ظل جدار قد غارتا عيناه من الجوع.

فقال له علي علیه السلام : يا مقداد ما أقعدك في هذه الظهيرة في ظل هذا الجدار.

قال : يا أبا الحسن ، أقول كما قال العبد الصالح لما تولى الى الظل ( رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ) (1).

قال : مذ كم يا مقداد؟

قال : مذ أربع ، يا أبا الحسن.

قال علي علیه السلام : فنحن مذ ثلاث وأنت مذ أربع ، أنت أحق بالدينار.

فأعطاه الدينار ، ومضى علي علیه السلام الى المسجد فصلّى فيه الظهر والعصر والمغرب مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله [ وكان ذلك اليوم صائما ، فأتاه جبرائيل علیه السلام فقال : يا محمد يكون إفطارك الليلة عند علي وفاطمة علیهماالسلام : فلما قضى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله صلاة المغرب أخذ بيد علي ومشى معه الى منزله ودخلا.

فقالت فاطمة : وا سوأتاه من رسول اللّه أما علم أبو الحسن أنه ليس في منزلنا شيء.

ودخلت الي البيت ، فصلّت ركعتين ، ثم قالت :

اللّهمّ إنك تعلم أن هذا محمد رسولك ، وأن هذا صهره علي وليك ، وأن هذين الحسن والحسين سبطا نبيك ، وأني فاطمة بنت نبيك ، وقد نزل بي من الأمر ما أنت أعلم به مني ، اللّهمّ فأنزل علينا

ص: 26


1- القصص : 24.

مائدة من السماء كما أنزلتها على بني إسرائيل ، اللّهمّ إن بني إسرائيل كفروا بها وإنا لا نكفر بها.

ثم التفت ، فإذا هي بصحفة (1) مملؤة ثريد عليها عراق كثير تفور من غير نار ، تفوح منها رائحة المسك. فحمدت اللّه وشكرته واحتملتها ، فوضعتها بين يدي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلي علیه السلام ودعت الحسن والحسين علیهماالسلام ، وجلست معهم. فجعل علي يأكل وينظر إليها.

فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا أبا الحسن كل ولا تسأل حبيبتي عن شيء. فالحمد لله الذي رأيت في منزلك مثل مريم بنت عمران : ( كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ) (2) هذا يا أبا الحسن بالدينار الذي أعطيته المقداد. قسمه اللّه عزّ وجلّ على خمسة وعشرين جزء. عجّل لك منها جزء في الدنيا ، وأخّر لك أربعة وعشرين منها الى الآخرة.

[ فدك لفاطمة ]

[963] وبآخر ، عن أبي سعيد الخدري ، أن اللّه عزّ وجلّ لما أنزل على رسوله صلی اللّه علیه و آله : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) (3) دعا فاطمة ، فأعطاها فدكا.

[964] الحكم بن سليمان ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال :

ص: 27


1- وفي بحار الانوار 43 / 31 : فاذا بجفنة من خبز ولحم.
2- آل عمران : 37.
3- الاسراء : 26.

زوّجني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله خير نساء هذه الامة ، وأنا خير الوصيين.

[ اللّه يأمر بتزويج فاطمة ]

[965] عن النور ، باسناده ، عن عمر بن الخطاب ، أنه ذكر عليا ، فقال : صهر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله نزل جبرائيل على النبي صلی اللّه علیه و آله فقال :

يا محمد ، إن اللّه يأمرك أن تزوج فاطمة من علي.

[966] الفضل بن دكين (1) ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال :

لما زفّت فاطمة الى علي علیه السلام كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قدامها (2) ، وجبرائيل عن يمينها ، وميكائيل عن شمالها ، وسبعون الف ملك من خلفها يسبحون اللّه ويقدّسونه حتى طلع الفجر.

[ ليلة زفاف فاطمة ]

[967] ابن الأعرابي ، باسناده ، عن أسماء بنت عميس (3) ، أنها قالت : كنت فيمن زفّت فاطمة الى علي علیه السلام ، فلما دخلت بيتها أقبل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حتى دخل عليها ، فدعا بماء ، فذكر اسم اللّه عليه ، ثم شرب منه ، ومجّ من الماء فيما بين درع فاطمة وبدنها ، ثم مجّ منه أيضا فيما بين سربال علي وبدنه.

ص: 28


1- وهو أبو نعيم ، الفضل بن دكين - عمرو - بن حماد بن زهير التميمي ، ولد 130 ه وتوفي 218 ه وهو من كبار شيوخ البخاري.
2- وفي ذخائر العقبى : أمامها.
3- راجع الهامش الثاني من صحفة 57 حول أسماء بنت عميس.

ثم قال : اللّهمّ احفظ أهل البيت ، وبارك فيهم وبارك عليهم ، واجعلهم مباركين أين كانوا.

ثم جزى اللّه أسماء وصويحباتها خيرا.

[968] أحمد بن الطبري ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، قال : سألت أمي عن صفة فاطمة علیهاالسلام .

فقالت : بيضاء بيضة كأنها القمر في ليلة التمام ، والشمس إذا خرجت من السحاب (1).

[ يغضب اللّه لغضب فاطمة ]

[969] جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن علي علیهم السلام ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال لفاطمة : يا فاطمة إن اللّه عزّ وجلّ ليغضب لغضبك ، ويرضى لرضاك.

فقيل : إن بعض موالي (2) جعفر بن محمد علیه السلام بلغه هذا الحديث ، فأتاه.

فقال : ما هذا الحديث الذي يحدّث عنك بعض فتبان قريش؟

قال : وما هو؟

قال : يزعمون أنك حدّثتهم أن النبي صلی اللّه علیه و آله قال لفاطمة علیهاالسلام : إن اللّه ليغضب لغضبك.

قال : نعم ، قد حدثتهم بذلك ، فما أردت بسؤالك عن ذلك؟

ص: 29


1- وفي دلائل الامامة ص 75 : بيضاء مشربة حمرة لها شعر أسود. قال عبد اللّه : فكانت واللّه كما قال الشاعر : بيضاء تحسب من قيام شهرها *** وتغيب فيه وهو داج أسحم فكأنها فيه نهار مشرق *** وكأنه ليل عليها مظلم
2- أمالي الصدوق ص 314 : هو صندل.

قال : سمعت قوما ينكرونه.

قال : أو ليس قد جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه قال :

إن اللّه عزّ وجلّ ليغضب لعبده المؤمن [ ويرضى لرضاه ] ، فما أنكروا أن تكون فاطمة أحد المؤمنين [ يغضب اللّه لغضبها ويرضى لرضاها ] (1).

قال الموالي : اللّه أعلم حيث يجعل رسالته.

[ فاطمة بضعة مني ]

[970] حسن بن زيد ، عن جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال ، قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله :

إنما فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ، ومن أحبها فقد أحبني ، ومن سرها فقد سرني (2).

[ فاطمة وأسماء ]

[971] موسى بن أيوب ، باسناده ، عن أسماء ابنة عميس ، أنها قالت : لما اشتكت فاطمة علیهاالسلام شكواها التي توفيت فيها.

قالت لي : وا سوأتاه ، فما يصنع بالنساء إذا متن؟

قالت : وكنّ يحملن على سرير الموتى وعليهم ثوب.

فقلت لها : ألا اريك شيئا رأيته إذ كنت مع ابن عمك بأرض الحبشة يصنعونه بالنساء إذا حملن.

قالت : نعم.

ص: 30


1- أمالي الصدوق : ص 314.
2- قال الشاعر : وقد علموا أن النبي يسره *** مسرتها جدا ويشنى اغتمامها

فدعوت بجريد [ رطبة ] ، وعملت نعشا ثم أراءتها إياه ، فاستحسنته وقالت : نعم ، اجعلي هذا عليّ ولا يلي غسلي إلا علي وأنت.

وأمرت صلوات اللّه عليها بأن تدفن ليلا.

فدفنت ليلا ، ولم يصلّ أحد منهم عليها ، ولا عرفوا مكان قبرها ... وقالوا في ذلك لعلي علیه السلام ، فقال : بذلك أوصت.

وكان الذي بين وفاتها ووفات رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سبعين يوما.

[972] سفيان ، باسناده ، أن عليا علیه السلام ذكرت له بنت أبي جهل ، فأراد أن ينكحها ، فبلغ ذلك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال على المنبر - وعلي علیه السلام يسمعه - : ألا وإنه انتهى إليّ أن عليا أراد أن ينكح العوراء ابنة أبي جهل ، ولم يكن له أن يجمع بين بنت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وبنت عدو اللّه ، وإنما فاطمة بضعة مني من أغضبها فقد أغضبني (1).

ص: 31


1- ومحصل ما قاله السيد المرتضى في تنزيه الأنبياء ص 212 : إن هذا الخبر من الاخبار الموضوعة وينحصر راويه بالكرابيسي وهو من العامة مستدلا به للنيل من مقام أمير المؤمنين عليه السلام مما يشهد العقل بكذبه وفساده ، وهي امور : 1 - أن النبي صلى اللّه عليه وآله لا ينكر ما اباحه الاسلام ، فللرجل أن يتزوج أربعا فكيف ينكر الرسول هذا المباح ويعلن بذلك على المنابر. 2 - أن الخبر يتضمن الطعن على النبي صلى اللّه عليه وآله لانه انما زوج فاطمة عليها السلام من أمير المؤمنين بعد أن اختار اللّه لها ذلك ، ومن المعلوم أن اللّه لا يختار لها من بين الخلائق من يؤذيها ويغمها ، وهذا أدل دليل على كذب القصة. 3 - أنه لم يعهد من أمير المؤمنين عليه السلام خلاف على الرسول صلى اللّه عليه وآله ولا كان ، فكيف يتصور منه هذه المخالفة التي توجب تأثر الرسول الأكرم صلى اللّه عليه وآله وقد ذكر ذلك المؤلف في الرواية المشابهة (987) قول أمير المؤمنين عليه السلام : ما كنت لآتي شيئا تكرهه يا رسول اللّه. 4 - أنه لو صحّ ذلك لانتهزه الاعداء من بني أميّة وأتباعهم للطعن به على أمير المؤمنين في الوقت الذي لم نعثر على من يرويه سوى الكرابيسي.

فماتت صلوات اللّه عليها وهي غضباء على جميعهم لما [ منعوها وأخذوا ] (1) من حقها ، واستنصرت بهم فلم تجد أحدا ينصرها. ومن أجل ذلك منعتهم الصلاة عليها ، وأوصت أن تدفن ليلا كما جاء ذلك ، ولم يشهدها غير علي علیه السلام وخاصته وذلك لما كان من أمرها.

[ مطالبتها بالميراث ]

[973] مما رواه محمد بن سلام بن سار الكوفي ، باسناده ، عنها علیهاالسلام ، أنه لما أمر أبو بكر بأخذ فدك (2) من يديها ، وقد كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أقطعها إياها لما أنزل اللّه عزّ وجلّ ( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) (3) فكانت مما أفاء اللّه عزّ وجلّ عليه.

فقال أبو بكر : هي لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

فشهد علي علیه السلام وأم أيمن - وهي ممن شهد له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالجنة - إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أقطعها ذلك فاطمة علیهاالسلام .

فردّ أبو بكر شهادتها ، وقال : علي جار الى نفسه وشهادة أم أيمن وحدها لا تجوز.

فقالت فاطمة علیهاالسلام : إن لا يكن ذلك ، فميراثي من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

ص: 32


1- وفي الاصل : لما منعته وأخذ من حقها.
2- واحة في الحجاز على مقربة من خيبر ، كان أهلها من المزارعين اليهود اشتهرت قديما بثمرها وقمحها ، أرسل النبي عليا على رأس مائة من رجاله لمحاربتهم ثم صالحهم على املاكهم سنة 7 ه ، فوهبا لفاطمة الزهراء وجعلت فاطمة عاملها فيها. وبعد وفاة الرسول طرف عاملها وصادروها.
3- الاسراء : 26.

فقال : إن الأنبياء لا يورثون.

وهذا خلاف كتاب اللّه عزّ وجلّ لأنه يقول جلّ من قائل : ( وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ ) (1) وقال حكاية عن زكريا علیه السلام : ( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) (2). وذكر فرض المواريث ذكرا عاما لم يستثن فيها أحدا.

خرجت صلوات اللّه عليها في ذلك الى مجلس أبي بكر ، واحتجت فيه عليه ، فلم ينصرف الى قولها واستنصرت الامة فلم تجد لها ناصرا ، فلذلك ولما هو أعظم وأجلّ منه في الاستيثار بحق بعلها ، وبينها لزمت فراشها أسفا وكمدا (3) حتى لحقت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعد سبعين يوما من وفاته غما وحزنا عليه ، وهي ساخطة على الامة لما اضطهدته فيها وابتزته من حق بعلها وبنيها.

ص: 33


1- النمل : 16.
2- مريم : 6.
3- لقد أجمل المؤلف الكلام هنا ، وليس ملازمتها الفراش لما ذكره فحسب ، بل عوامل اخرى أجاد الشاعر بيانها قائلا : وللسياط رنة صداها *** في مسمع الدهر فما أشجاها والأثر الباقي كمثل الدملج *** في عضد الزهراء أقوى الحجج ومن سواد متنها اسود الفضا *** يا ساعد اللّه الامام المرتضى ولست أدري خبر المسمار *** سل صدرها خزانة الأسرار وفي جنين المجد ما يدمي الحشى *** وهل لهم إخفاء أمر قد فشى والباب والجدار والدماء *** شهود صدق ما به خفاء لقد جنى الجاني على جنينها *** فاندكت الجبال من حنينها ورضّ تلك الاضلع الزكية *** رزية ما مثلها رزية وجاوز الحدّ بلطم الخدّ *** شلت يد الطغيان والتعدي فاحمرت العين وعين المعرفة *** تذرف بالدمع على تلك الصفة فإن كسر الظلع ليس ينجبر *** إلا بصمصام عزيز مقتدر أهكذا يصنع بابنة النبي *** حرصا على الملك فيا للعجب

[ خطبة الزهراء ]

[974] [ وروى ] (1) محمد بن سلام ، باسناده ، عن فاطمة علیهاالسلام ، أنه لما اعتزم أبو بكر على منعها فدك والعوالي (2). لاءت خمارها على رأسها [ واشتملت بجلبابها ] ، ثم أقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها ما تخرم من مشية رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مشيتها حتى انتهت إلى أبي بكر ، وهو في حشد من المهاجرين والأنصار. فنيطت دونها ودون الناس ملاءة. [ فجلست ] ثم أنّت أنّة أجهش القوم لها بالبكاء [ فارتجّ المجلس ].

فأمسكت حتى سكن نشيج القوم ، وهدأت فورتهم. ثم افتتحت الكلام بالحمد لله والثناء عليه بما هو أهله ، والصلاة على نبيه محمد صلی اللّه علیه و آله . فعلت أصوات الناس بالبكاء عند ذكر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فأمسكت حتى سكنوا ثم قالت :

[ أيها الناس اعلموا أني فاطمة وأبي محمد ، أقول عودا وبدء ، ولا أقول ما أقول غلطا ، ولا أفعل ما أفعل شططا ] (3) بسم اللّه الرحمن

ص: 34


1- وفي الاصل : واه.
2- العوالي : ضيعة عامر بينها وبين المدينة ثلاثة أميال. ( عمدة الاخبار للعباسي ص 374 ).
3- ما بين المعقوفتين من دلائل الامامة.

الرحيم ( لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ) (1). فإن تعزوه تجدوه أبي دون نسائكم ، وأخا ابن عمي دون رجالكم ، قد بلغ النذارة صادعا بالرسالة ، سائلا عن مدرجة المشركين ، حائدا عن سنتهم ، ضاربا ثبجهم (2) ، وآخذا بأكظامهم ، يجذ الهام ويكبّ الاصنام ، حتى انهزم الجمع وولّوا الدبر ، وأوضح الليل عن صبحه ، وأسفر الحق عن محضه ، ونطق زعيم الدين ، وخرست شقاشق الشياطين ، وفهتم بكلمة الإخلاص ، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم ، مذقة الشارب ، ونهزة الطامع ، وقبسة العجلان ، وموطأ الإقدام ، تشربون الطرق ، وتقتاتون القد ، أذلة خاشعين ، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم ، فأنقذكم اللّه برسوله صلی اللّه علیه و آله بعد اللتيا والتي ، وبعد أن مني ببهم الرجال ، وذؤبان العرب ، وبعد لفيف من ذوايب العرب ، كلما أحشوا نارا للحرب أو نجم قرن للضلالة أو فغرت فاغرة للمشركين [ فاها ] قذف أخاه عليا في لهواتها ، فلا ينكفئ حتى يطأ سماكها بأخمصه ، ويخمد حرّ لهبها بحده ، مكدودا في ذات اللّه [ مجتهدا في أمر اللّه ، قريبا من رسول اللّه ، سيدا في أولياء اللّه ] مشمرا ناصحا ، وأنتم في رفاهية ، وادعون آمنون ، حتى إذا اختار اللّه لنبيه دار أوليائه ومحل أنبيائه ، ظهرت حسكة النفاق واستهتك جلباب الدين ونطق كاظم الغاوين ، ونبغ خامل الآفلين ، وهذر فنيق المبطلين ، يخطر في عرصاتكم وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخا بكم ، فوجدكم لدعائه مجيبين ولعزمه متطاولين ، واستنهضكم فوجدكم خفافا ،

ص: 35


1- التوبة : 128.
2- وفي الاصل : اشجعم.

وأحمشكم فألفاكم غضابا ، فوسمتم غير إبلكم ، ووردتم غير شربكم ، هذا ، والعهد قريب والكلم رحيب ، والجرح لما يندمل [ والرسول لما يقبر ].

حذرا زعمتم خوف الفتنة ، ألا في الفتنة سقطوا ، وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ، فهيهات [ منكم ، وكيف ] بكم وأنى لكم أنى تؤفكون ، وكتاب اللّه بين أظهركم [ اموره ظاهرة ، وأحكامه زاهرة ، وأعلامه باهرة ] وزواجره بينة ، وشواهده لائحة ، وأوامره واضحة. أرغبة عنه تريدون أم بغيره تحكمون؟ بئس للظالمين بدلا.

ألا ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين.

ثم أنتم هؤلاء تزعمون أن لا إرث لنا ، أفحكم الجاهلية تبغون؟ ومن أحسن من اللّه حكما لقوم يوقنون؟

إيها معاشر [ الناس ] أبتزّ إرثيه.

[ يا ابن أبي قحافة ] أفي الكتاب أن ترث أباك ولا أرث أبي! لقد جئت شيئا فريا.

[ جرأة منكم على قطيعة الرحم ونكث العهد.

أفعلي عمد تركتم كتاب اللّه ونبذتموه وراء ظهوركم ، إذ يقول :

( وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ ) (1) وفيما اقتصّ من خبر يحيى وزكريا إذ يقول ( قالَ رَبِ ) ( ... فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا. يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) (2) وقال عزّ وجلّ : ( يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) (3) وقال تعالى : ( إِنْ تَرَكَ خَيْراً

ص: 36


1- النمل : 16.
2- مريم : 3 - 6.
3- النساء : 11.

الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) (1).

وزعمتم أن لا حظّ لي ولا إرث من أبي. أفخصكم اللّه بآية أخرج أبي منها؟ أم تقولون : إن أهل ملّتين لا يتوارثان؟

أو لست أنا وأبي من أهل ملّة واحدة؟ أم أنتم بخصوص القرآن وعمومه أعلم ممن جاء به ] (2).

فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك. فنعم الحكم اللّه ، والزعيم محمد ، والموعد يوم القيامة ، وعند الساعة يخسر المبطلون ، ولكلّ نبأ مستقر ، وسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحلّ عليه عذاب مقيم.

ثم عدلت صلوات اللّه عليها الى مجلس الأنصار ، فقالت :

معاشر [ النقيبة ] (3) وأعضاد الملّة وحصون الإسلام ما هذه الفترة في حقي والسنة عن ضلامتي؟ أما كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله [ أبي يقول : المرء ] (4) يحفظ في ولده.

سرعان ما نسيتم وعجلان ما أحدثتم. ثم تقولون مات محمد فخطب جليل استوسع وهيه ، واستشمر فتقه لفقدان راتقه فاظلمت البلاد لغيبته واكتأب خيرة اللّه لموته (5) واكدت الآمال واطيع الحريم وزالت الحرمة عند مماته صلی اللّه علیه و آله .

فتلك نازلة أعلن بها كتاب اللّه في [ افنيتكم ] (6) ، وعند ممساكم

ص: 37


1- البقرة : 180.
2- ما بين المعقوفتين سقط من الاصل ، ونقلناها من دلائل الامامة.
3- وفي الاصل : البقية.
4- سقط من الاصل ، ونقلناها من دلائل الامامة.
5- هكذا صححناه وفي الاصلى : واكتابت خيرة اللّه في خلقه.
6- وفي الاصل : افيتكم.

ومصبحكم هاتفا بكم ولقبل ما حلّ بأنبياء اللّه ورسله. ( وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ ) (1).

[ إيها بني قيلة! أأهضم ] (2) تراث أبي؟ وأنتم بمرأى ومسمع تشملكم الدعوة ، وفيكم [ العدة ] والعدد ولكم الدار ، وأنتم نخبة اللّه التي انتخب لدينه وأنصار رسوله والخيرة التي اختار لنا أهل البيت ، فنابذتم [ فينا ] العرب ، وكافحتم الامم ، حتى دارت بكم وبنا (3) رحى الإسلام ، وخضعت رقاب أهل الشرك ، وخبت نيران الباطل ، ووهنت دعوته ، واستوسق نظام الدين ، فنكصتم بعد الإقدام ، وأسررتم بعد البيان لقوم نكثوا أيمانهم ( أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) (4).

[ ألا لا أرى واللّه إلا أن أخلدتم الى الخفض وركنتم الى الدعة فمججتم الذي استرعيتم ، ولفظتم الذي سوغتم ( إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ. أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ ) (5) ( وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللّهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ) ] (6).

ص: 38


1- آل عمران : 144.
2- هكذا في بلاغة النساء وفي الاصل : ابني قبلة اهتضم.
3- وفي الاصل : لكم بنا.
4- التوبة : 13.
5- قوم ثمود : قبيلة بائدة يرجع تاريخها الى أقدم العصور سكنت بالقرب من الحجر في وادي القرى.
6- دلائل الامامة ص 34 والآية 8 و 9 من سورة ابراهيم.

ألا ، لقد قلت ما قلت على علم مني بالخذلان الذي خامر صدوركم واستفزّ قلوبكم. ولكن قلت الذي قلت لبثة الصدر ونفثة (1) الغيظ ومعذرة إليكم وحجة عليكم وإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإنّ اللّه لغنيّ حميد.

فدونكموها ، فاحتقبوها دبرة الظهر باقية العار موسومة [ بغضب اللّه ] وشنار الأبد موصولة بنار اللّه الموقدة التي تطّلع على الأفئدة. فبعين اللّه ما تفعلون ، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون.

أنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فاعملوا إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون.

ثم قالت : ربنا احكم بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الحاكمين.

ثم انحرفت الى قبر أبيها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقالت : (2).

قد كان بعدك أنباء وهنبثة *** لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها *** واختل قومك فأشهدهم فقد شغبوا (3)

[ إنا فقدناك فقد الأرض وابلها *** وغاب مذ غبت عنا الوحي والكتب

ابدى رجال لنا نجوى صدورهم *** لما مضيت وحالت دونك الترب ]

تجهّمتنا رجال واستخفّ بنا *** إذ غبت عنا فكل الخلق قد غضبوا (4)

ص: 39


1- هكذا صححناه وفي الاصل : بعثة الغيظ.
2- قال الأربلي : ثم التفتت الى قبر أبيها متمثلة بقول هند ابنة أثاثة وذكر الابيات.
3- وفي كشف الغمة : فقد نكبوا.
4- والعجز في كشف الغمة : لما فقدت وكل الإرث منتصب.

[ وكنت بدرا ونورا يستضاء به *** عليك تنزل من ذي العزة الكتب

وكان جبريل بالآيات يؤنسنا *** فقد فقدت وكل الخير محتجب ]

فليت قبلك كان الموت حلّ بنا *** قوم تمنوا فعموا بالذي طلبوا (1)

[ إنا رزئنا بما لم يرز ذو شجن *** من البرية لا عجم ولا عرب ] (2)

ثم انصرفت صلوات اللّه عليها الى منزلها ، فلم تزل ذات فراش حتى لحقت برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كما أخبرها أنها أول لاحق به من أهل بيته.

[ شرح الخطبة ]

شرح ما في خطبة فاطمة صلوات اللّه عليها جملة ذلك أن معنى كلامها هذا علیهاالسلام ليس فيما منعت من فدك والعوالي خاصة ، بل كان ذلك فيما تغلب فيه عليها من ذلك وعلي بعلها والأئمة من بعده بنيها من الإمامة التي جعلها عزّ وجلّ فيهم ونصّ بها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فما قدمنا في هذا الكتاب ذكر جمل منه.

وأرادت بذلك صلوات اللّه عليها ما قد ذكرته في كلامها من إقامة الحجة على الامة ، وإبلاغ المعذرة إليهم ، وإيضاح الحقّ والبيان فيما فيها اهتضموه ، وتغلب عليهم فيه واستأثر من حقهم به لئلاّ يقولوا ، كما قالوا : أهل بيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سلموا ذلك طائعين ، ولم يكن خروجها لما خرجت له وقالته من ذلك إلا عن إذن علي علیه السلام إذ لا يجوز أن تخرج من بيتها لمثل هذا المقام ، وأن تتكلم على رءوس الناس بمثل هذا [ من ] المهاجرين والأنصار.

ص: 40


1- وفي الكشف : فليت قبلك كان الموت صادقنا *** لما مضيت وحالت دونك الكتب
2- ما بين المعقوفات في القصيدة من دلائل الامامة ص 35.

الحشد : الجمع إذا دعوا فأتوا لما دعوا له.

كان أبو بكر قد علم بمجيء فاطمة علیهاالسلام إليه ، فجمع الناس لئلاّ يعتابوا عليه رأيا إذ لم يكونوا بحضرته.

وقوله : نيطت دونها ودون الناس ملاءة.

نيطت : علقت ، يقال منه : ناط الشيء ينوطه : إذا علقه. يقال منه : نطت القربة إذا علقتها.

والنوط علق الشيء ، وهو مصدر ناط ، يقول : ناط الشيء بنوطة نوطا إذا علقه (1).

والملاءة : الربطة ، وهي مثل الرداء في العرض والطول.

وقوله : أجهش القوم بالبكاء.

يقال منه : أجهش نفسي ، إذا نهضت إليه وهم بالبكاء (2). قال الطرماح :

أجهش نفسي وقلت ألا لا تبعدوا.

وقوله : حتى سكن نشيج القوم.

يقال منه : نشيج الباكي ، ينشج إذا غصها البكاء في حلقه ولما ينتحب. ومن ذلك نشيج الحمار ، لأنه صوت في حلقه. ويقال منه : نشجت القدر : إذا غلت (3) ، والطعنة إذا سمع خروج الدم منها ، صوت في داخلها.

وقولها : فإن تعزوه : من اعتزى ، والاعتزاء : الاتصال في الدعوة ، إذا كانت حرب. فكل من ادعى في شعاره أنا فلان بن فلان أو فلان الفلاني فقد اعتزى إليه.

ص: 41


1- لسان العرب 7 / 421.
2- لسان العرب 6 / 276.
3- لسان العرب 2 / 378.

قال نصر بن سيار :

فكيف وأصلي من تميم وفرعها الى أصل فرعي واعتزاي اعتزاؤها وقولها : صادعا بالرسالة.

من قول اللّه عزّ وجلّ ( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ ) (1). يقال منه : صدع الرجل بالحق إذا تكلم به جهارا.

وقولها : مائلا عن مدرجة المشركين. أي عن طريق الباطل الذي هم عليه.

والمدرجة : ممرّ الإنسان على مسلك الطريق. وكذلك مدارج الريح. يقال :

ريح دروج : وهي التي تؤثر في الأرض خطوطا كالطريق.

قال العجاج :

أمثالها في الراسيات مدرجة

وقولها : ضاربا ثبجهم.

الثبج : أعلى الكاهل. والكاهل : أصل العنق تعني ضرب رقابهم.

وقولها : آخذا بأكظامهم.

الكظم مخرج النفس. يقال منه : قد غمّه الشيء فأخذ بكظمه. فما يقدر أن يتنفس فهو مكظوم.

وكظيم : أي مكروب (2).

وقولها : يجذ الهام.

تقول : بقطع الرءوس. والجذ : القطع المستأصل الوحي والكسر للشيء الصلب.

وقولها : يكبّ الأصنام.

تقول : يكفئها على وجوهها. وذلك كسره صلی اللّه علیه و آله إياها وقلبه

ص: 42


1- الحجر : 94.
2- لسان العرب 12 / 518.

لها عن مواضعها التي كانت فيها على الكعبة وغيرها.

وقولها : ونطق زعيم الدين.

الزعيم هاهنا الذي يسود قومه. يقال منه : زعم يزعم زعامة : اي صار لهم زعيما (1) ، ولذلك قيل للكفيل زعيم ، كأنه ساد من كفل به. وعنت صلوات اللّه عليها بزعيم الدين : رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، تقول : إنه نطق بالرسالة وبما أوحاه اللّه عزّ وجلّ إليه من القرآن.

وقولها : خرست شقاشق الشياطين.

الخرس : ذهاب الكلام وذهاب الصوت من الشيء. يقال منه : كتيبة خرساء : إذا لم يسمع لها صوت ولا جلبة ، وعلم اخرس : إذا لم يسمع صوت صدى (2).

والشقاشق : جمع شقشقة ، وهي التي يغط بها البعير ، وتخرج من شدقه إذا هدر. وإذا نحر لم توجد كذلك ، وإنما هي لحمة في آخر فيه تنتفخ إذا هاج وتمتد حتى تخرج من حلقه ، فاذا سكن انفشت. والناقة تهدر ولا تغط (3) ، لانه لا شقشقة لها تمتد كذلك إذ لا تهيج ، فضربت ذلك مثلا لصولة الكفار وانقطاعها برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

والشياطين جمع الشيطان ، على قدر فيعال. يقال منه : تشيطن الرجل ، وتشطن : أي صار شيطانا ، وفعل فعله.

وقولها : فهتم بكلمة الاخلاص.

يقال منه فاه الرجل بالكلام : إذا لفظ به ، وهو يفوه به شعر ، وما فاهوا به ولهم مقيم. ورجل مفوه : قادر على الكلام.

ص: 43


1- لسان العرب 12 / 266.
2- لسان العرب 6 / 62.
3- لسان العرب 10 / 184.

وكلمة الإخلاص : شهادة أن لا إله إلا اللّه ، وأن محمدا رسول اللّه.

وقولها : مذفة الشارب ، ونهزة الطامع ، وقبسة العجلان ، وموطأ الأقدام.

المذاق في الشراب : خلط الماء باللبن. تقول مذقته : إذا خلطته مذقا.

والنهزة : اسم الشيء الذي يتناول ويمكن تناوله كالغنيمة. يقال : انتهزها فقد امكنتك قبل الفوت.

والقبس : شعلة النار ، قال اللّه عزّ وجلّ حكاية عن موسى علیه السلام :

( إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ) (1). يقال للآخذ من ذلك قبس واقتبس إذا أخذ من لهب النار في طعم يعلق به. ومن ذلك يقال : قبست العلم فاقتبسته ، واقتبست الرجل نارا. وأقبسته علما إذا أعطيته ذلك (2).

وموطأ الأقدام : الموضع الذي تطأه. ضربت ذلك صلوات اللّه عليها مثلا لما كانوا فيه من الذلة حتى أعزّهم اللّه عزّ وجلّ برسوله صلی اللّه علیه و آله ، وأن الناس كانوا يتخطفونهم من حولهم كما أخبر اللّه عزّ وجلّ بذلك في كتابه ويطعمون فيهم وينتهزونهم ويطئونهم بالذل والصغار.

وقولها : تشربون الطرق.

والطرق : الماء الذي بالت فيه الدواب قد اصفر (3) تقول : هذا ماء قد طرقته الإبل وهي تطرقه طرقا ، وهو ماء طرق.

قال الشاعر :

وقال الذي يرجو الغلالة وادعوا *** عن الماء لا يطرق ومن طوارق

فما زلن حتى صار طرقا وشسه *** بأصفر تذريه سجالا أيانق

ص: 44


1- النمل : 7.
2- لسان العرب 6 / 167.
3- لسان العرب 10 / 216.

وقولها : تقتاتون القد.

من القوت. والقد : ما يقد من الجلد الني (1) ومنه اشتق القديد الذي يقد من اللحم وكانوا يأكلون [ ذلك ] عند المسغبة.

وقولها : أذلة خاشعين.

الذل : الهوان. والخشوع : الخضوع.

وقولها : بعد اللتيا والتي.

واللتيا : تصغير التي ، والتي : معرفة لتي ولا تقول بها في المعرفة إلا على هذه اللغة ، وجعلوا إحدى اللامين تقوية للاخرى ، وجمعها اللاتي ، وجمع الجمع اللواتي. وكأنهم كنوا بها في قولهم اللتيا والتي عن شدة أو داهية صغرى وكبرى.

وقولها : بعد لفيف ذوايب العرب.

فاللفيف : ما اجتمع من الناس من قبائل شتى (2) ، يقال منه : جاء القوم بلفهم ولفيفهم. ولف الناس ما يلف من هاهنا وهاهنا كما يلف الانسان القوم لما يريده من شهادة زور وغير ذلك مما يريد أن يجمعهم إليه من مثل هذا.

والذوايب جمع ذؤابة. وذؤابة القوم موضع عزهم وشرفهم ، يقال منه : فلان من ذؤابة بني فلان إذا كان من أهل بيت شرفهم وعزهم. والجمع ذوائب والقياس الذائب ، ولكنهم يستثقلون الجمع بين همزتين فلينوا الاولى منهما.

وقولها : كلما أحشوا نارا للحرب أو نجم قرن للضلالة أو فغرت فاغزة للمشركين فاها قذف أخاه [ عليا ] في لهواتها.

أحشوا : أوقدوا. تقول : حششت النار بالحطب. وأنا أحشها ، وهو ضمك ما تفرق من الحطب الى النار لتستوقد. قال العجاج :

تاللّه لو لا أن تحش الطبخ *** بي الجحيم ، حيث لا مستصرخ

ص: 45


1- لسان العرب 3 / 344.
2- لسان العرب 9 / 318.

يعني بالطبخ : ملائكة النار الموكلين بالعذاب من فيها ، شبههم بالطباخين الذين يوقدون النار على اللحم ليطبخوه (1).

ونجم قرن للضلالة ، تقول : ارتفع للضال ونجم قام. يقال للخارج الذي يخرج على السلطان ناجم لقيامه على من يقوم عليه. وقرن الرجل نده في الشجاعة والقوة. ويقال منه : تبارزت الأقران وتواجهوا واقتتلوا.

وفغرت فاغرة فاها. والفغر : فتح الفم. يقال : فغر الرجل فاه : أي فتحه.

والفاغرة : التي قد فتحت فمها. ضربت ذلك مثلا للحرب إذ اشتدت ومثلث من يقتل فيها بابتلاعها إياهم كأنها فغرت فاها : أي فتحته لتأتيهم من يقتل فيها.

قذف أخاه [ عليا ] في لهواتها. تعني : إنهاض النبي صلی اللّه علیه و آله عليا علیه السلام لمبارزة الأقران من المشركين الشجعان.

واللّهوات ، جمع لهات. واللّهات : لحمة مشرفة في أقصى الفم فيما يلي الحلق. ويقال : إنها شقشقة البعير ولكل ذي حلق لهاه. والجمع : اللّها ، واللّهوات.

وقولها : فلا ينكفئ ، تقول : لا ينقلب منهزما إذا بعثه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لحرب. يقال منه الكفئ القوم إذا انهزموا وانكفأوا.

وقولها : حتى يطأ سماكها بأخمصه.

فالسماك والسمك : المرتفع. قال اللّه عزّ وجلّ ( رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها ) (2) ويقال : سنام سامك : أي مرتفع. والسماكان : نجمان مرتفعان. ومن ذلك سمي الرجل سماكا ، يريدون به العلو والرفعة. تقول : لا ينثني ولا يرجع في الحرب حتى يطأ أعلى من فيها ، فمن يقاتله ويبارزه بأخمصه.

ص: 46


1- لسان العرب 6 / 284.
2- النازعات : 28.

والأخمص : ما ارتفع من أسف القدم عن الأرض وهو وسطه. ويقال : وهو خميص القدم (1).

قال الشاعر :

وكأن أخمصها بالشوك منتعل

وقولها : ويخمد حرّ لهبا بحده.

تعني الحرب شبهتها ، فاذا هو قتل المناحبين له فيها أو هزمهم اخمدوا (2) كحدّ السيف وحدّ السنان. واحتدّ الرجل إذا غضب وحده وغضبه.

وقولها : وأنتم في رفاهية.

يقال منه : رفهه عيش فلان رفاهية ، فهو رفيه العيش ، أي هو في خير وخفض.

وقولها : ظهرت حسكة النفاق.

من حسك الصدر : وهو حقد العداوة. وتقول إنه حسك الصدر على فلان.

وقولها : واستهتك جلباب الدين.

استهتك ، استفعل من الهتك (3) ، والهتك أن تجذب ثوبا أو سترا فتقطعه من موضعه ، أو تشق طائفة فيبدو لذلك ما وراءه ، فلذلك يقال : هتك اللّه ستره ، ورجل مهتوك الستر ، متهتك. ورجل مستهتك لا يبالي أن يهتك ستره عن عورته. ويقال ذلك لكل شيء هتك وأهتك واستهتك.

والجلباب : ثوب أوسع من الخمار ودون الرداء تغطي به المرأة رأسها وصدرها ، فإذا فعلت ذلك قيل تجلببت (4) ، فضربت فاطمة صلوات اللّه عليها

ص: 47


1- لسان العرب 7 / 30.
2- لسان العرب 3 / 164.
3- لسان العرب 10 / 411.
4- لسان العرب 1 / 272.

ذلك مثلا لهتكهم حرمان الدين واستخفافهم بها.

وقولها : ونطق كاظم الغاوين.

فالكظم : السكوت. والكاظم : الساكت. تقول : نطق من كان من الغد ، أن قد أسكته رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . والغاوون جمع غاو من الغي. والغي مصدر من قولك غوي الغاوي ، فهو يغوى غيا. والغي : الضلال ضد الهدى.

وقولها : نبغ خامل الآفلين.

يقال : نبغ فلان إذا قال الشعر ولم يكن قاله قبل ذلك. وقيل : إن زيادا قال الشعر بعد أن كبر ، فسمي النابغة لذلك ، وقيل : بل سمي بذلك لقوله :

( وقد نبغت لهم مناشئون ) (1).

فمعنى نبغ هاهنا : ظهر اليوم من كان خاملا من الآفلين.

وقولها : وهدر فنيق المبطلين.

البعير يهدر هديرا وهدرا. والحمامة أيضا تهدر.

والفنيق : الفحل من الإبل.

ضربته مثلا لمن استفحل من المبطلين من الامة فراءس عليها وتناول ما ليس له منها.

وقولها : يخطر في عرصاتكم.

تعني : الفحل من الإبل الذي ضربته مثلا. والفحل من الإبل يخطر بزينه إذا مشى مختالا. وكذلك الناقة ، وكذلك الإنسان إذا مشى يخطر بيديه كبرا.

والعرصات : جمع عرصة. وعرصة الدار : وسطها.

وقولها : واطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخا بكم.

ص: 48


1- وحلت في بني القين بن جسر *** وقد نبغت لنا منهم شئون ( لسان العرب 8 / 452 ).

مغرز الشيء : أصله مثل مغارز الريش ، ومغارز الاضلاع.

وقولها : ولعزمه متطاولين.

المتطاول : الشيء المستشرف إليه. قال الشاعر :

تطاولت فاستشرفته فرأيته

فقلت له أأنت عمرو الفوارس

وقولها : واحمشكم فألفاكم غضابا.

تقول : أغضبكم فوجدكم كذلك. يقال منه الرجل إذا اشتدّ غضبه : قد استحمش غضبا.

وقولها : فوسمتم غير إبلكم ، ووردتم غير شربكم.

مثل ضربته لاغتصابهم الامامة من أهلها وأخذهم غير حقهم منها.

وقولها : هذا والعهد قريب.

تعني برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وإن ذلك كان منهم بقرب وفاته.

وقولها : والكلم رحيب.

أي واسع. تعني ما تكلم به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في امامة علي علیه السلام فما أوجبها وأكدها.

وقولها : والجرح لما يندمل.

تقول يبرأ. واندمال الجرح : برؤه. تعني : موت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

وقولها : أنى تؤفكون.

تقول : أين تصدون عن الحق. والأفاك الذي يأفك الناس عن الحق بالكذب. والإفك ، تقول : أفك الرجل عن أمر كذا ، إذا صرف عنه بالكذب والباطل.

وقولها : ابتز ارثيه.

تقول : اسلب ارثي ، تعني ميراثها من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الذي استلبته ومنعته.

ص: 49

والبز هاهنا الاستلاب. والعرب تقول : من عزّ بزّ معناه من غلب سلب.

والهاء من ارثيه زائدة وهي تسمى هاء الاستراحة من قول اللّه عزّ وجلّ ( ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ. هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ ) (1) وقوله تعالى : ( وَما أَدْراكَ ماهِيَهْ ) وهي لغة قريشية.

وقولها : لقد جئت شيئا فريا.

والفريّ - هاهنا - : الأمر العظيم. والفري أيضا : الكذب. والفري : القذف.

وقولها : فدونكها مخطومة مرحولة.

تعني ظلامتها مثلتها بناقة عليها رحلها وخطامها ، ضربتها مثلا لظلامتها التي ارتكبها منها.

وقولها : والزعيم محمد.

فالزعيم : الكفيل. لأن محمدا صلی اللّه علیه و آله قد تكفل لمن أطاعه بالجنة. وتكفل لمن بغي عليه بالنصر ، والانتصاف ممن بغى عليه وظلمه.

وقولها : ما هذه السنة عن ظلامتي.

السنة : الوسن. يقال منه : قد وسن الرجل ، إذا أخذته سنة النعاس ، وقد غلبه وسنه. قال اللّه عزّ وجلّ : ( اللّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ) (2) فالسنة النعاس من غير استشغال نوم.

قال الشاعر :

وسنان أقصده النعاس فرنقت *** في عينه سنة وليس بنائم (3)

ومعنى قولها ما هذه السنة عن ظلامتي تعني التغافل عنها. والتهاون بها كما يكون الناعس عن الشيء غافلا عنه إذا لم ينصروها في ذلك ، ولا أعانوها عليه.

وقولها : سرعان ما نسيتم وعجلان ما أحدثتم. هي كلمات تقولها العرب

ص: 50


1- الحاقة : 28 و 29.
2- البقرة : 255.
3- لسان العرب 6 / 233.

لسرعان ما صنعت كذا وكذا. تعني أسرع ما صنعته ولوشكان ما خرجت ولعجلان ما جئت. قال الشاعر :

أيخطب فيكم بعد قتل رجالكم *** لسرعان هذا والدماء تصبب (1)

قولها : فخطب جليل استوسع وهيه.

فالخطب : الأمر ، يقال ما خطبك : أي ما أمرك. ويقال : هذا خطب جليل. وخطب يسير. والجمع خطوب. قال اللّه تعالى : ( فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ ) (2).

واستوسع وهيه : أي اتسع ما وهي من أجله ، تعني : مصاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وما وهي من أجله من الأمر واتسع وهيه لذلك.

وقولها : واستشمر فتقه لفقدان راتقه.

يقال منه : رتق الفتق إذا لحمه وأصلحه. تعني فقدان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الذي كان يرتق ما انفتق من الامور.

وقولها : واكتابت خيرة اللّه في خلقه.

تعني بموت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله والكآبة من الهمة ، والانكسار من الحزن في الوجه خاصة. تقول : كئب الرجل ، والكئب كأبة ، يوقف الألف ، وكآبة بالمد.

وقولها : واكدت الآمال.

تقول : انقطعت. قال اللّه عزّ وجلّ : ( وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى ) (3) أي قطع ما كان يعطيه. وقد قيل : إن المعطي إذا أعطى عطاء نزرا قليلا قيل أكدى ، والأول أشبه بالمعنى. ويقال : فلان قد بلغ الناس كديته : أي أنه كان يعطي ثم أمسك. قالت الخنساء :

ص: 51


1- لسان العرب 8 / 152.
2- الحجر : 57.
3- النجم : 34.

فتى الفتيان ما بلغوا كداها

وقولها : [ إيها ] بني قيلة.

فهو من الدعاء المنسوب ، تقول : يا بني قيلة ، تعني : الأنصار ، وهم الأوس والخزرج ابنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن مادر بن حبد اللّه بن الأمرد بن عوف بن نبتة بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ ، وهما ابنا قيلة ، وهم الأنصار ، نسبوا الى امهم.

وقولها : اهتضم تراث أبي.

تقول : انقص ميراث أبي. ويقال منه : هضمت حقي : أي انتقصته.

وهضمت من حقي طائفة : أي تركتها. والهضام : الذي يترك من حقه ويعطي غيره. يقال : قد هضم له من حقه (1) قال لبيد :

ومقسم يعطي العشيرة حقها *** ومعدلم لحقوقها هضامها

والتراث تاؤه واو وهو تركه الميراث. ولا يجمع كما يجمع الميراث. فيقال : تواريث.

وقولها : وأنتم نخبة اللّه التي انتخب لدينه.

النخبة : الخيرة لما اختير ، واستخلص نخبة ونخابة ، وهو مصدر النخيب :

المختار المستخلص المصطفى اختيارا على غيره. وتنخب : اختار واستخلص.

وقولها : فنابذتم العرب وكافحتم الامم.

المنابذة : انتباذ الفريقين للحرب. تقول : نبذت إليهم الحرب على سواء :

أي نابذناهم الحرب. والنبذ طرحك الشيء ، والمنبوذ : ولد الزنا الذي تنبذه أمه : أي تطرحه ليخفي أمرها. فكأن المنابذة طرح ما بين الفريقين من الصلح والاتفاق بين بعضهم وبعض.

والمكافحة - في الحرب - : المضاربة تلقاء الوجوه. قال الشاعر :

ص: 52


1- لسان العرب 12 / 612.

تكافح لوحات الهواجر بالضحى *** مكافحة للمنخرين وللفم (1)

وقولها : وخبت نيران الباطل.

الخبو : سكون لهب النار. وخبت النار : اذا سكنت. وخبت الحرب كذلك. وخبت النار تخبو خبوا : إذا طفئت.

وقولها : واستوسق نظام الدين.

تقول : اجتمع وانضمّ بعضه الى بعض.

والوسق : ضمّك الشيء بعضه الى بعض. والاتساق : الانضمام والاستواء. ويقال : استوسقت الإبل : إذا اجتمعت وانضمت. واستوسق النظام كذلك. وهذا مثل ضربته لاجتماع المؤمنين والفتهم على إقامة دين اللّه عزّ وجلّ في حياة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

وقولها : فنكصتم بعد الإقدام.

النكوص : الإحجام عن الشيء. يقال لمن أراد أمرا ثم رجع عنه : نكص على عقبيه.

وقولها : نكثوا أيمانهم.

نكث اليمين ، ونكث العهد والعقد : حلّه من بعد أن عقد وأبرم. وكذلك النقض. قال اللّه عزّ وجلّ : ( فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ ) (2) وقال أيضا : ( وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها ) (3) وقال : ( وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ ) (4). قيل : إن ذلك ضرب مثلا لامرأة حمقاء كانت تغزل الغزل ، ثم تفتله على خلاف ما فتلته إذا غزلته ، فينحلّ ويفسد وذلك النكث. والنكيثة اسم.

ص: 53


1- لسان العرب 2 / 573.
2- الفتح : 10.
3- النحل : 91.
4- النحل : 92.

وقولها : لقد قلت ما قلت على علم مني بالخذلان الذي خامر صدوركم واستفزّ قلوبكم.

[ خامر صدوركم ] (1) : خالطها. يقال منه : خامره الداء : إذا خالط جوفه.

وكلما يخمر بالماء يقال : اختمر. إذا خالطه يختمر به من طعم أو ريح لم يكن قبل ذلك فيه.

واستفزّ - استفعل - : من الإفزاز. والإفزاز : الإفزاع والذعر. ويقال : استفزّ الرجل حتى القي في الجهل ، واستفزّ حتى اخرج من داره : بمعنى خوّف وافزع حتى فعل ذلك.

وقولها : لبثة الصدر وبعثة الغيظ.

فبثة الصدر : خروج ما في القلب ، والحديث به. وأصل البث : تفريق الأشياء ، كبث الخيل في الغارة وبث الكلاب للصيد. وخلق اللّه الخلق وبثهم في الأرض وتقول : أبثه الحديث ابثاثا ، فأنا مبثه. والحديث مبث. تقول علیهاالسلام : ولكنني بثثت ما في الصدر. والبث أيضا شدة الحزن. قيل : لأن صاحبه لا يصير حتى يبثّه : أي يشكوه. قال اللّه عزّ وجلّ حكاية عن يعقوب :

( إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ ) (2) وقد يكون قولها أيضا في هذا إنها تبث ما في قلبها من الغم بما ذكرته وان كانت تعلم أن ذلك لا يصرفهم عما هم عليه.

وبعثة الغيظ ، ما يبعثه : أي يرسله. ويبعث عنه من القول وغيره.

وقولها : فدونكموها ، فاحتقبوها.

تعني ظلامتها التي تظلمت إليهم ، تقول : احتقبوا إثمها. وأصل الاحتقاب : شدّ الحقبة من خلف ، وكل ما حمل من خلف ، تقول : احتقب واستحقب ، والاثم كذلك يحتقب. قال الشاعر :

ص: 54


1- وفي الاصل : صدوركم خامر صدوكم.
2- يوسف : 86.

فاليوم فاشرب (1) غير مستحقب *** إثما من اللّه ولا واغل

وقولها : دبرة الظهر.

تعني بثقلها كما يدبر ظهر الدابة الحمل الثقيل.

وقولها : موسومة بشنار الأبد.

العيب والعار يلزم الرجل من فعل يفعله. عار وشنار. وقلّ ما يقرءون الشنار في العار. وكذلك جاء في هذا الكلام بعد ذكر العار ويجيء مفردا في الشعر.

قال الشاعر :

ولو لا رعيهم سمع الشنار

فهذا شرح آخر هذه الخطبة التي خطبتها فاطمة علیهاالسلام .

[ نعود الى فضائل الزهراء ]

[975] الربيع بن صبيح (2) ، باسناده عن عائشة - زوج النبي صلی اللّه علیه و آله - ، أنها سئلت : أيّ النساء احبّ الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؟

قالت : فاطمة. ومن الرجال ، علي.

قيل لها : وكيف ، وقد بلغنا أنه سئل أيّ النساء أحبّ إليك؟

فقال : عائشة بنت أبي بكر. وقيل : أيّ الرجال أحبّ إليك؟ قال : أبوها.

فقالت عائشة : اللّهمّ غفرا لا تخدعوني إني واللّه ما أنا عصبته فأقول ما لا أملكه ، إنهم إنما سألوه عن أيّ الناس أحبّ إليه ، ولم يسألوه عن

ص: 55


1- وفي لسان العرب 1 / 325 : فاليوم اسقي غير.
2- وهو أبو بكر ، الربيع بن صبيح السعدي البصري خرج غازيا إلى السند فمات في البحر ودفن في إحدى الجزر 160 ه.

نفسه. وكيف يكون ذلك ، وفاطمة التي يقول لها : [ فداك ] (1) نفسي أنت سيدة نساء العالمين. فقيل له : يا رسول اللّه فأين مريم؟

قال : تلك سيدة نساء قومها.

فقال لها : يا فاطمة ، زوّجتك سيد العرب. فقيل له : يا رسول اللّه ، فأنت؟ قال : أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب ، وأبناؤه الحسن والحسين سيد اشباب أهل الجنة.

قيل لها : فإن ما بلغنا أن أبا بكر وعمر سيدا كهول الجنة من الأولين والآخرين.

فقالت : إني واللّه ما أدري ما هذا ولأن يكون كذلك أحبّ إليّ من حرم النعم ، فإن كان قاله ، فأين إبراهيم خليل الرحمن؟ ولكني سمعته يقول :

أهل الجنة شباب جرد مرد ليس عليهم شعر إلا على رءوسهم والحواجب منهم وأشفار العيون. ولم أسمعه يقول إن فيها كهولا. ولقد علمت أنكم إنما تدرءون فضل علي فو اللّه ما يمنعه أن يكون له الفضل وهو أول المؤمنين إيمانا برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأسبقهم الى نصرته ، وأقولهم بالحق ، ولقد كان صواما وقواما وآخر الخلق عهدا برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حتى فاضت نفسه في يده ، ولقد أوصى إليه بما لم يطمع فيه غيره.

[976] شريك بن عبد اللّه ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه لما زوّج فاطمة علیهاالسلام من علي صلوات اللّه عليه ودخل بها ، جعلت أم أيمن (2) معها تؤنسها ، وفارقها من الليل ثم غدا إليها بالغداة

ص: 56


1- هكذا صححناه وفي الاصل : فذلك.
2- وهي بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حسن بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان مولاهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . غلبت عليها كنيتها ، كنيت بابنها أيمن بن عبيد وهى أم اسامة بن زيد. تزوجها زيد بن حارثة بعد عبيد الحبشي فولدت له اسامة ، وهي التي استشهدت فاطمة بها في أمر فدك ، فشهدت لها ، ورفض شهادتها. توفيت 11 ه.

يدق الباب.

فقالت أم أيمن : من هذا؟

قال : أنا رسول اللّه.

فأتته مسرعة وهي تقول : فداك أبي وأمي. وفتحت له الباب.

فقال لها : يا أم أيمن ، هاهنا أخي (1).

قالت : يا نبيّ اللّه ، ومن أخوك؟

قال : علي بن أبي طالب.

قالت : يا نبيّ اللّه ، إنما عرف الناس الحلال والحرام بك ، أتزوج ابنتك من أخيك؟

قال : يا أم أيمن ليس هو أخي من أبي وأمي الذي يحرم عليه نكاح ابنتي هو أخي في الدين ، ومعي في أعلى علّيين.

ثم دخل على فاطمة ، فوجد عندها أسماء بنت عميس (2).

ص: 57


1- وفي كفاية الطالب ص 306 : أثم أخي يا أم أيمن.
2- وهي أسماء بنت عميس بن معبد بن الحرث بن تميم بن كعب الخثعمية ، أسلمت في مكة وهاجرت مع زوجها جعفر بن أبي طالب الى الحبشة سنة 5 بعد بعثة الرسول ، فولدت عبد اللّه ( الذي عاش ثمانون عاما وتوفي في المدينة. الدر المنثور ص 35 ). فلما استشهد جعفر تزوجها أبو بكر ، فطلقها ، فتزوجها علي بن أبي طالب. وتوفيت بالكوفة سنة 36 ، ودفنت في احدى جبانات الكوفة ، ويدعى أن في ضواحي الهاشمية على نهر الجر بوعية من محافظة بابل ( الحلة ) قبر مشيد لها ( مراقد المعارف 1 - 141 ). أخواتها : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : رحم اللّه الأخوات من أهل الجنة : 1 - أسماء بنت عميس وكانت تحت جعفر بن أبي طالب. 2 - سلمى بنت عميس وكانت تحت حمزة بن عبد المطلب. 3 - أمّ الفضل لبابة وكانت تحت عباس بن عبد المطلب. 4 - وأم المؤمنين ميمونة. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : إن عميس أكرم الناس اصهارا. وقال أيضا لهند امهن : هي أكرم عجوز جمعت على الارض اصهارا ( ذخائر العقبى ص 22 طبقات ابن سعد 8 / 205 ، الدر المنثور ص 35 ، ذيل المذيل ص 85 ، الحلية 2 / 74 ، خلاصة الذهب ص 421 ). أيّ أسماء كانت في الزفاف : لقد ذكرت أسماء بنت عميس في هذا الحديث وفي الحديث المرقم 967 ذكر فقط أسماء دون ذكر أبيها. مع العلم أن أسماء بنت عميس كما ذكرنا كانت تحت جعفر بن أبي طالب وهاجر بها الى أرض الحبشة. وبقي جعفر وزوجته أسماء بأرض الحبشة حتى هاجر النبي صلى اللّه عليه وآله الى المدينة. وقدم جعفر المدينة يوم فتح خيبر سنة سبع للهجرة ، مع أن زواج فاطمة الزهراء عليها السلام بعد واقعة بدر بايام قلائل. ويدل على عدم كون أسماء هي أسماء بنت عميس الخبر الذي ذكره المؤلف رقم 971 حول كيفية تشييع النساء في الحبشة وصنعها لفاطمة الزهراء عليها السلام التابوت. فمحصل ما ذكرنا أنها ليست هي بنت عميس بل هي أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصاري - المكناة بام سلمة وهي غير أمّ سلمة أم المؤمنين كما لا يخفى -. قال الكنجي في كفاية الطالب ص 308 : ولها أحاديث عن النبي صلى اللّه عليه وآله . روى عنها شهر بن حوشب وغيره من الناس واللّه اعلم.

فقال لها : ما خلفك عند فاطمة؟

قالت : يا رسول اللّه إن الفتاة إذا زفت الى زوجها لا بدّ أن يكون عندها امرأة تخبرها بحاجتها.

قال : اللّهمّ أسكن أسماء الجنان (1).

ثم أقبل على فاطمة [ فقال ] : أنا وأنت وهو في الرفيق الأعلى ، يا فاطمة.

فقال : يا فاطمة ، إني لم آلك نصحا ولا زوجتك عن أمري بل عن أمر ربي ، لقد زوجتك أقدمهم سلما ، وأعظمهم حلما ، وأكثرهم علما

ص: 58


1- وفي كفاية الطالب : أسأل إلهي ان يحرسك من فوقك ومن تحتك ، ومن بين يديك ، ومن خلفك ، وعن يمينك ، وعن شمالك من الشيطان الرجيم.

في الدنيا من الأولين ، وفي الآخرة من الصالحين. أنا وأنت وهو في الرفيق الأعلى.

يا فاطمة ، إن اللّه عزّ وجلّ اطلع الى الأرض اطلاعة ، فاختارني منها ، فجعلني نبيا ، ثم اطلع عليها الثانية ، فاختار منها عليا بعلك وجعله لي وصيا.

[977] حسن بن عبد اللّه ، عن جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال : جاء سهل بن عبد الرحمن الى عمر بن عبد العزيز (1) فقال : إن قومك يقولون إنك تؤثر عليهم ولد فاطمة.

فقال له عمر : سمعت الثقة من أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله تخبر عنه حتى كأني سمعته منه أنه قال :

إنما فاطمة بضعة مني ، يرضيني ما أرضاها ويسخطني ما أسخطها ، فو اللّه إني لحقيق أن أطلب رضاء رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله [ ورضاه ] ورضاءها في ولدها.

[ وقد علموا أن النبي يسره

مسرتها جدا ويشني اغتمامها ] (2)

[978] أحمد بن شعيب النسائي ، باسناده عن أمّ سلمة ، أنها قالت :

دعا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فاطمة علیهاالسلام فأسرّ إليها سرا ، فبكت. ثم أسرّ إليها سرا ، ضحكت (3) فسئلت عن ذلك.

فقالت : ما كنت لأفشي سره أيام حياته.

قالت أمّ سلمة : فلما توفي سألتها ، فقالت : أسرّ إليّ أنه يموت ،

ص: 59


1- وهو أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الخليفة الاموي ولد 61 ه وتوفي 101 ه.
2- بحار الانوار 43 / 39.
3- وفي خصائص النسائي ص 117 : دعا فاطمة ( رحمهااللّه ) فناجاها فبكت ثم حدثها فضحكت.

فبكيت. ثم أخبرني أني سيدة نساء أهل الجنة ما خلا مريم بنت عمران ، فضحكت.

[979] وبآخر ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله :

الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من مريم بنت عمران.

[ فاطمة سيدة نساء العالمين ]

[980] وبآخر ، عن أبي هريرة ، أنه قال : أبطأ عنا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوما ، ثم جاء. فقلنا : يا رسول اللّه لقد شقّ علينا تخلفك اليوم.

فقال : إن ملكا من ملائكة السماء لم يكن زارني ، فاستأذن اللّه تعالى في زيارتي ، فأذن له. كان عندي ، ويبشرني أن ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين (1) وأن ابنيها - الحسن والحسين - سيد اشباب أهل الجنة.

[981] وبآخر ، عن المسور بن مخرمة (2) ، قال سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو على المنبر يقول :

إن بني هشام بن المغيرة (3) استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب ، فلا اذن ، ثم لا اذن ، ثم لا اذن إلا أن يريد علي بن أبي طالب أن يطلق ابنتي ، وأن ينكح ابنتهم ، فإنما هي بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها ، وما كان لعلي أن يجمع بين بنت رسول اللّه

ص: 60


1- وفي خصائص النسائي ص 118 : سيدة نساء امتي.
2- وهو أبو عبد الرحمن المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب القرشي البصري ولد 2 ه. خاله عبد الرحمن بن عوف قتل في فتنة ابن الزبير 64 ه.
3- يعنى بني مخزوم.

صلی اللّه علیه و آله وبين بنت عدو اللّه (1).

[982] وبآخر ، عنه ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : إن فاطمة بضعة مني من أغضبها أغضبني.

[ الملائكة تعين فاطمة ]

[983] عمرو بن مسهر ، باسناده ، عن عمار بن ياسر (2) ، قال : بعثني رسول اللّه الى علي علیه السلام لأدعوه إليه ، فأتيت باب حجرته ، فقرعته مليا ، فلم يجبني أحد. فسمعت صوت رحى ، ففتحت الباب ، فإذا فاطمة علیهاالسلام نائمة والحسن نائم على ثديها ، والرحى تدور ولا أرى أحدا يديرها. فانصرفت مرعوبا الى النبي صلی اللّه علیه و آله ، فأخبرته بما رأيت.

فقال لي : وما يعجبك من هذا يا عمار ، إن كان اللّه عزّ وجلّ نظر الي ابنة نبيه ولا معين لها فأيدها بمن يعينها على أمرها.

[984] إسماعيل بن موسى ، باسناده ، عن عبد اللّه بن مسعود ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول - في غزوة تبوك ، ونحن نسير معه - :

إن اللّه عزّ وجلّ لما أمرني أن ازوّج فاطمة من علي ، ففعلت. قال لي جبرائيل علیه السلام : إن اللّه قد بنى جنة من لؤلؤة بين كل قصبة الى قصبة من ياقوت (3) مشذرة بالذهب وجعل سقوفها زبرجد الأخضر. وجعل فيها طاقات من زمرد (4) مكللة باليواقيت. ثم جعل

ص: 61


1- راجع تعليقة الحديث 972 في صفحة 31.
2- وفي بحار الانوار 43 / 45 : رواه عن أبي ذر الغفاري.
3- وفي مجمع الزوائد 9 / 204 : بين كل قصبة الى قصبة لؤلؤة من ياقوتة.
4- وفي مجمع الزوائد : وجعل فيها طافات من لؤلؤة مكللة.

عليها غرفا لبنة من فضة ولبنة من ذهب ، ولبنة من در ، ولبنة من ياقوت ، ولبنة من زبرجد ، وجعل فيها عيونا تنبع في نواحيها وحفها بالأنهار. وجعل على الأنهار قبابا من درّ قد رصعت بسلاسل الذهب وحفت بأنواع الشجر ، وبني في كل غصن بيتا ، وجعل في كل قبة أريكة من درة بيضاء ، غشاؤها السندس والاستبرق ، وفرشها بالزعفران ، وفتقها بالمسك والعنبر ، وجعل [ في كل قبة والقبة لها ] (1) مائة باب على كل [ باب ] جاريتان وشجرتان في كل قبة مفرش وكتاب مكتوب فيه آية الكرسي.

فقلت يا جبرائيل : لمن بنى اللّه عزّ وجلّ هذه الجنة؟

فقال : هذه الجنة بناها اللّه جلّ اسمه لعلي بن أبي طالب وفاطمة ابنتك سوى جنانها تحفة أتحفها اللّه بها ولتقرّ بذلك عينك ، يا محمد.

[ فاطمة في المحشر ]

[985] علي بن جرير ، باسناده ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه علیهم السلام ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال :

إذا كان يوم القيامة نصب للنبيين منابر من نور ونصب لي في أعلاها منبر ، ثم يقال لي : قم ، فاخطب ، فأرقى منبري ، فأخطب خطبة لم يخطب أحد (2) مثلها.

ثم تنصب منابر من نور للوصيين فيكون علي على أعلاها منبرا ، ثم يقال له : اخطب ، فيخطب بخطبة لم يخطب مثلها أحد من الوصيين.

ثم تنصب منابر من نور لأولاد الوصيين (3) فيكون الحسن

ص: 62


1- ما بين المعقوفتين من دلائل الامامة ص 51.
2- وفي بحار الانوار 43 / 64 الحديث 57 : بخطبة لم يسمع أحد من الأنبياء والرسل مثلها.
3- وفي بحار الانوار : ثم ينصب لأولاد الأنبياء والمرسلين منابر من نور.

والحسين على أعلاها ، ثم يقال لها : قوما فاخطبا ، فيخطبان بما لم يخطب به أحد من أبناء الوصيين.

ثم ينادي مناد (1) : يا أهل الجمع غضوا أبصاركم وطأطئوا رءوسكم لتجوز فاطمة بنت محمد. فيفعلون ذلك ، وتجوز فاطمة وبين يديها مائة الف ملك وعن يمينها مثلهم ، وعن شمالها مثلهم ، ومن خلفها مثلهم ، ومائة الف ملك يحملونها على أجنحتهم حتى إذا صارت الى باب الجنة ألقى اللّه عزّ وجلّ في قلبها أن تلتفت.

فيقال لها : ما التفاتك؟

فتقول : أي رب إني احبّ أن تريني قدري في هذا اليوم.

فيقول اللّه : ارجعي يا فاطمة ، فانظري من أحبك وأحبّ ذريتك ، فخذي بيده وأدخليه الجنة.

قال جعفر بن محمد علیه السلام : فانها لتلتقط شيعتها ومحبيها كما يلتقط الطير الحبّ الجيد من بين الحبّ الرديء ، حتى إذا صارت هي وشيعتها ومحبوها على باب الجنة ألقى اللّه عزّ وجلّ في قلوب شيعتها ومحبيها أن يلتفتوا.

فيقال لهم : ما التفاتكم وقد امرتم الى الجنة؟

فيقولون : إلهنا نحبّ أن نرى قدرنا في هذا اليوم.

فيقال لهم : ارجعوا ، فانظروا من أحبكم في حبّ فاطمة أو سلّم عليكم في حبها ، أو صافحكم ، أو ردّ عنكم [ غيبة ] (2) فيه ، أو سقى جرعة ماء ، فخذوا بيده ، فادخلوه الجنة.

قال جعفر بن محمد صلوات اللّه عليه : فو اللّه ما يبقى يومئذ في

ص: 63


1- وفي بحار الانوار : وهو جبرائيل.
2- هكذا صححناه وفي الاصل : عينه.

النار (1) إلا كافر أو منافق في ولايتنا ، فعندها يقولون : ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ. فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (2).

ثم قال جعفر بن محمد صلوات اللّه عليه : كذبوا ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه [ وإنّهم لكاذبون ] ) (3) كما قال تعالى.

ثم ينادي مناد : لمن الكرم اليوم.

فيقال : لله الواحد القهار ولمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين.

[ أفضل نساء العالمين ]

[986] علي بن هاشم ، باسناده ، عن زياد بن المنذر ، عن عبد اللّه بن عمر بن علي ، عن آبائه ، أنهم يقولون : أفضل نساء العالمين آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد صلی اللّه علیه و آله .

[987] وبآخر ، عن الشعبي ، قال : خطب علي صلوات اللّه عليه ابنة أبي جهل الى عمها الحارث بن هشام (4) واستأمر النبي صلی اللّه علیه و آله ، وقال : أتأمرني بها؟

فقال له : لا ، فاطمة بضعة مني ولا احبّ أن تجزع ولا تحزن.

فقال علي علیه السلام : ما كنت لآتي شيئا تكرهه ، يا رسول اللّه (5).

ص: 64


1- وفي بحار الانوار : لا يبقى في الناس.
2- الشعراء : 100 - 102.
3- الانعام : 28.
4- وهو أبو عبد الرحمن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي من المؤلفة قلوبهم ، أسلم يوم الفتح ، انتقل الى الشام ومات بطاعون عمواس 18 ه.
5- وصدر هذا الحديث يناقض ذيله وليس أمير المؤمنين علیه السلام ممن لا يدرك أن هذا النبأ يزعج الرسول الاكرم حتى يقدم عليه ثم يعتذر. اضف الى ذلك حال الشعبي وموقفه مع علي مما لا يخفى على أحد.

[988] علي بن هاشم ، باسناده ، عن عائشة ، أنها ذكرت فاطمة علیهاالسلام فقالت :

ما رأيت أحدا أصدق منها إلا أباها (1).

[989] محمد بن سعيد ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال :

لما زفّت فاطمة الى علي علیه السلام كبّر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وكان بلال بين يديه فكبّر.

فقال رسول اللّه : لم كبّرت ، يا بلال.

فقال : يا رسول اللّه كبّرت فكبّرت.

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما كبّرت أنا حتى كبّر جبرائيل علیه السلام .

[990] أحمد بن صالح ، باسناده ، عن حذيفة اليماني ، قال : صلّيت مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله المغرب (2) ثم قام يصلّي حتى صلّى العشاء الآخرة ، ثم خرج ، فاتبعته ، فقال لي :

إن ملكا من ملائكة السماء استأذن اللّه عزّ وجلّ في زيارتي ، فأذن له ، فأخبرني أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ، وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.

[991] محمد بن عبد الرحمن ، باسناده ، عن علي علیه السلام : أنه قال :

نظر إليّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله والى فاطمة.

ص: 65


1- وفي حلية الاولياء 2 / 41 : غير أبيها.
2- صحيح الترمذي 2 / 306 : عن حذيفة قال : سألتني أمي : متى عهدك؟ - تعني النبي صلی اللّه علیه و آله -. فقلت : ما لي به عهد منذ كذا وكذا. فقالت متى؟ فقلت لها : دعيني آتي النبي صلی اللّه علیه و آله فاصلّي معه المغرب وأسأله أن يستغفر لي ولك. فأتيت النبي صلی اللّه علیه و آله فصلّيت معه المغرب ... الحديث.

فقال : يا علي ، من كنت عليه غضبان فإن اللّه ورسوله عليه غضبانان. ويا فاطمة ، من كنت عليه غضبى فإن اللّه ورسوله عليه غضبانان.

ويا علي ، من كنت عليه راضيا فإن اللّه ورسوله عليه راضيان ومن كنت يا فاطمة راضية عنه كان اللّه ورسوله عنه راضيين.

[ عقد النكاح في السماء ]

[992] عبد الرزاق ، باسناده ، عن أم أيمن ، قالت : رآني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأنا أبكي.

فقال : ما يبكيك يا أم أيمن؟

فقلت : يا رسول اللّه حضرت تزويج فتى من الأنصار فأتي بسكّر مصر ولوز فنثر على من حضر فذكرت تزويج فاطمة ، وإنه لا نثار كان فيه.

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا أم أيمن ، اخبرك عن تزويج فاطمة.

إن اللّه عزّ وجلّ بعث الروح الأمين جبرائيل علیه السلام ومعه ميكائيل ، فجلسا على كرسيين من نور تحت العرش ، وأقام الملائكة المقربين والحور العين صفوفا. فأوحى الى شجرة طوبى أن انثري عليهم ، فنثرت عليهم الياقوت الأحمر والزمرد الأخضر واللؤلؤ الأبيض والمرجان والمسك الأذفر والعنبر الأشهب والكافور الأبيض والزعفران ، فمن التقطه من الملائكة افتخر به على [ سائر ] الملائكة ، ومن التقطه من الحور العين افتخرت على [ سائر ] حور العين.

وعقد جبرائيل وميكائيل في السماء نكاح فاطمة. فكان جبرائيل المتكلم عن علي ، وميكائيل الرادّ عني ، وما عقدت نكاحها في الأرض

ص: 66

حتى عقدت لها الملائكة في السماء. [ تسبيحة الزهراء ]

[993] حمران بن أبان الرازي ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، قال : كانت فاطمة علیهاالسلام تخدم وتقوم بمهنة بيتها ، فأتعبتها الخدمة وأخلقتها وأثر الرحى في يدها ونالها من ذلك ضرر شديد (1).

وجاء الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله رقيق من سبي المشركين.

فقلت لها : لو أنك مضيت إلى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فاستخدمته خادما يكفيك الخدمة. فمضت الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فوجدته على شغل ، فانصرفت. فلما كان من غد أتانا فوقف على الباب ، ونحن في لفاعنا.

فقال : السلام عليكم يا أهل البيت.

ص: 67


1- ومن العجب أن ابن سكرة العباسي الهاشمي يهاجم الزهراء البتول لأجل هذه الخدمة والجهد في المنزل ولتزويجها بأمير المؤمنين علیه السلام ، فيجيبه شاعر أهل البيت ابن الحجاج البغدادي في قصيدة طويلة ذكرها الاميني في الغدير 4 / 89 مطلعها : لا أكذب اللّه إن الصدق ينجيني *** يد الأمير بحمد اللّه تحييني الى أن يقول فما وجدت شفاء تستفيد به *** إلا ابتغاءك تهجو آل ياسين كافاك ربك إذ أجرتك قدرته *** بسبّ أهل العلا الغرّ الميامين فقر وكفر هميع أنت بينهما *** حتى الممات بلا دينا ولا دين فكان قولك في الزهراء فاطمة *** قول امرئ لهج بالنصب مفتون عيّرتها بالرحى والزاد تطحنه *** لا زال زادك حبا غير مطحون وقلت إن رسول اللّه زوّجها *** مسكينة بنت مسكين لمسكين كذبت بابن التي باب استها *** سلس الاغلاق بالليل مفكوك الزرافين ستّ النساء غدا في الحشر يخدمها *** أهل الجنان بحور الخرّد العين ( القصيدة 58 بيتا )

فسكتنا حياء منه صلی اللّه علیه و آله ، فوثبت فأخذت ثوبي ، وقلت : وعليك السلام يا رسول اللّه ادخل فداك أبي وأمي ، فدخل ، وبقيت فاطمة في اللفاع.

فقال لها : ما كانت حاجتك أمس يا بنية؟

فاستحيت منه وسكتت. فخشيت أن يقوم ولا تذكر له شيئا.

فقلت : أنا اخبرك بحاجتها يا رسول اللّه. أصابها من الخدمة ضرر شديد ، وبلغها أن رقيقا جاءتك ، فقلت لها : لو استخدمت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله خادما ، فجاءتك ، لتذكر ذلك ، فوجدتك على شغل.

فقال لها النبي صلی اللّه علیه و آله : يا بنية ما جاءني من الرقيق ما يسع نساء جميع المسلمين ، وما كنت بالذي اوثرك عليهن ، ولكن اعطيك ما هو خير لك من خادم وخادمة ، إذا انصرفت من صلاتك ، أو آويت الى مضجعك فسبحي اللّه ثلاثا وثلاثين تسبيحة ، وكبّريه ثلاثا وثلاثين تكبيرة ، واحمديه ثلاثا وثلاثين تحميدة. واختمي ذلك بشهادة أن لا إله إلا اللّه - وذلك ذكر اللّه بما هو أهله - مائة مرة ، تكون لك بذلك مائة حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، فيكتب اللّه عزّ وجلّ لك في ذلك الف حسنة ، فذلك خير لك من خادم وخادمة ومن الدنيا وما فيها.

فأخرجت رأسها من اللفاع ، فقالت : رضيت عن اللّه وعن رسول اللّه - ثلاثا -.

قال علي علیه السلام : فما تركناها مذ سمعناها من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعد كل صلاة مكتوبة (1).

ص: 68


1- قال أبو نعيم في الحلية 1 / 69 : عن علي : فما فاتني منذ سمعتها من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إلا ليلة صفين فاني نسيتها حتى ذكرتها من آخر الليل ، فقلتها.

[ ضبط الغريب ]

اللفاع : ما يشتمل به وغطى الرأس. قال الشاعر :

أنا إذا أمرّ العدى تسرعا *** واجتمعت بالشران تلفعا

يقول : شمل الناس شرهم. ويقال : لفع الشيب يلفع لفعا : إذا شمل الرأس. وتلفع الرجل : اذا شمله الشيب. كأنه غطى سواد شعره. قال سريد :

كيف يرجون شفائي بعد ما *** ألفع الرأس مشيب وصلع

ويقال : قد تلفعت الامرأة ، فهي متلفعة : اذا غطت رأسها بشيء. واللفاع مثل القناع.

ففضل فاطمة علیهاالسلام هو فضل علي علیه السلام لاختصاص اللّه عزّ وجلّ بها إياه وتزويجه إياها وايثاره إياه بها. وفضل الأئمة من ولده منها لأنها امهم صلوات اللّه عليها وعليهم أجمعين.

ومن أغضبها وأسخطها فقد أغضب اللّه ورسوله صلی اللّه علیه و آله كما جاء ذلك عنه صلی اللّه علیه و آله . وقد ذكرنا ما تناوله منها من تناوله ، وما كان منها من انكار ذلك وسخطه. وقولها لهم فيه ، وعتبها عليهم. وما أوصت به من دفنها ليلا وأن لا يشهد أحد منهم جنازتها. وكفي بذلك خزيا لمن ارتكب منها ما ارتكب وفعل ، ويوم القيامة يخسر المبطلون وفيه يبلس المجرمون ، وما اللّه بغافل عما يعملون وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون (1).

ص: 69


1- واختلف في تاريخ وفاتها : فبعض ذكر أنها بقيت بعد والدها صلی اللّه علیه و آله خمسة وسبعين يوما كما ذكره الكليني في الكافي والمفيد في الاختصاص. وبعض ذكر أنها بقيت أربعين يوما كما في روضة الواعظين ص 130 وكتاب السقيفة لسليم بن قيس الهلالي ص 1. وبعض ذكر أنها توفيت في الثالث من جمادى الآخر سنة إحدى عشرة ، ذكره الكفعمي في المصباح والمجلسي في بحار الانوار 43 / 215 ، رواه أبو بصير عن الصادق علیه السلام ، وهو الأصح. روى الصدوق في الخصال ص 361 ، عن محمد بن عمير البغدادي ، عن أحمد بن الحسن بن عبد الكريم ، عن عباد بن صهيب ، عن عيسى بن عبد اللّه العمري ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي علیه السلام : خلقت الارض لسبعة بهم يرزقون ، وبهم يمطرون ، وبهم ينصرون : أبو ذر وسلمان والمقداد وعمار وحذيفة وعبد اللّه بن مسعود. قال علي علیه السلام : وأنا إمامهم وهم الذين شهدوا الصلاة على فاطمة. روى المجلسي في بحار الانوار 43 / 210 عن المفيد ، عن الصدوق ، عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن القاسم بن محمد رازي ، عن علي بن محمد الرامهرمزي ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين عليه السلام قال : لما مرضت فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وصت الى علي بن أبي طالب عليه السلام أن يكتم أمرها ويخفي خبرها ، ولا يؤذن أحدا بمرضها. ففعل ذلك ، وكان يمرضها بنفسه وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس رحمها اللّه على استمرار ذلك كما وصت به. فلما حضرتها الوفاة وصت أمير المؤمنين أن يتولى أمرها ، ويدفنها ليلا ويعفي قبرها. فتولى ذلك أمير المؤمنين عليه السلام. ودفنها ، وعفي موضع قبرها. فلما نفض يده من تراب القبر ، هاج به الحزن ، فأرسل دموعه على خديه وحول وجهه إلى قبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، فقال : السلام عليك يا رسول اللّه ، السلام عليك من ابنتك وحبيبتك وقرة عينك وزائرتك ، والبائنة في الثرى ببقيعك. المختار اللّه لها سرعة اللحاق بك ، قلّ يا رسول اللّه عن صفيتك صبري ، وضعف عن سيدة النساء تجلدي ، إلا أن في التأسي لي بسنّتك ، والحزن الذي حلّ بي لفراقك موضع التعزي ، ولقد وسدتك في ملحود قبرك بعد أن فاضت نفسك على صدري وغمضتك بيدي ، وتوليت أمرك بنفسي. نعم وفي كتاب اللّه أنعم القبول. إنّا لله وإنا إليه راجعون. قد استرجعت الوديعة واخذت الرهينة واختلست الزهراء ، فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول اللّه. أما حزني فسرمد ، وأما ليلي فمسهد. لا يبرح الحزن من قلبي أو يختار اللّه لي دارك التي فيها أنت مقيم. كمد مقيّح ، وهم مهيّج سرعان ما فرق اللّه بيننا. وإلى اللّه أشكو ، وستنبئك ابنتك بتظاهر امتك علي ، وعلى هضمها حقها ، فاستخبرها الحال. فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد الى بثه سبيلا ، وستقول ، ويحكم اللّه وهو خير الحاكمين. سلام عليك يا رسول اللّه سلام مودع لا سئم ولا قال. فإن أنصرف فلا عن ملالة وإن اقم فلا عن سوء ظني بما وعد اللّه الصابرين. الصبر أيمن وأجمل ، ولو لا غلبة المستولين علينا ، لجعلت المقام عند قبرك لزاما. والتلبث عنده معكوفا ، ولا عولت إعوال الثكلى على جليل الرزية. فبعين اللّه تدفن بنتك سرا ، ويهتضم حقها قهرا ، ويمنع إرثها جهرا ، ولم يطل العهد ولم يخلق منك الذكر ، فإلى اللّه يا رسول اللّه المشتكى. وفيك أجمل العزاء. فصلوات اللّه عليها وعليك ورحمة اللّه وبركاته. المراثي ففي الديوان المنسوب الى أمير المؤمنين علیه السلام ، أنه أنشد بعد وفاة فاطمة علیهاالسلام . ألا هل الى طول الحياة سبيل *** وأنى وهذا الموت ليس يحول وإني وإن أصبحت بالموت موقنا *** فلي أمل من دون ذاك طويل وللدهر ألوان تروح وتغتدي *** وإن نفوسا بينهن تسيل ومنزل حق لا معارج دونه *** لكل امرئ منها إليه سبيل قطعت بأيام التعزز ذكره *** وكل عزيز ما هناك ذليل أرى علل الدنيا عليّ كثيرة *** وصاحبها حتى الممات عليل وإني لمشتاق إلى من احبه *** فهل لي إلى من قد هويت سبيل وإني وإن شطت بي الدار نازحا *** وقد مات قبلي بالفراق جميل فقد قال في الأمثال في البين قائل *** أضربه يوم الفراق رحيل لكل اجتماع من خليلين فرقة *** وكل الذي دون الفراق قليل وإن افتقادي فاطما بعد أحمد *** دليل على أن لا يدوم خليل وكيف هناك العيش من بعد فقدهم *** لعمرك شيء ما إليه سبيل سيعرض عن ذكري وتنسى مودتي *** ويظهر بعدي للخليل عديل وليس خليلي بالملول ولا الذي *** إذا غبت يرضاه سواي بديل ولكن خليلي من يدوم وصاله *** ويحفظ سرّي قلبه ودخيل إذا انقطعت يوما من العيش مدّتي *** فان بكاء الباكيات قليل يريد الفتى أن لا يموت حبيبه *** وليس الى ما يبتغيه سبيل وليس جليلا رزء مال وفقده *** ولكن رزء الأكرمين جليل لذلك جنبي لا يؤاتيه مضجع *** وفي القلب من حرّ الفراق غليل وقال ابن قريعة : يا من يسأل دائبا *** عن كل معضلة سخيفة لا تكشفن مغطئا *** فلربما كشفت جيفة ولربّ مستور بدا *** كالطبل من تحت القطيفة ان الجواب لحاضر *** لكنني اخفيه خيفة لو لا اعتذار رعية *** الغي سياستها الخليفة وسيوف أعداء بها *** هاماتنا أبدا نقيفة لنشرت من أسرار آل *** محمد جملا طريفة يغنيكم عما رواه *** مالك وأبو حنيفة وأريتكم أن الحسين *** اصيب من يوم السقيفة ولأيّ حال لحدت *** في الليل فاطمة الشريفة ولما حمت شيخيكم *** عن وطئ حجرتها المنيفة اوه لبنت محمد *** ماتت بغصتها أسيفة وقال الشيخ حسن الحلّي : لا رعى اللّه قيلة وعراها *** سخط موسى وحلّ منها عراها أغضبت أحمدا بعزل امام *** فيه كم آية جهارا تلاها واجهته بما لهارون قدما *** واجهت قومه ضلالا سفاها أخرته وأمّرت شيخ تيم *** سرّ كفرانها وقطب شقاها خالفته على الضلال وحادت *** عن أخي المصطفى منار هداها أحدثت للورى أحاديث كذب *** لا نبيّ ولا وصيّ رواها أسخطت ربها فلا رضى الرحمن *** عنها وخالفت نصّ طاها فلكم قال وارثي ووصيي *** حيدر وهو للورى مولاها هو مني كمثل هارون وهو *** الفلك للعالمين فيه نجاها فاحفظوا لي وصيتي بابن عمي *** انه للعلوم شمس سماها أيها القوم إن بعدي كتاب اللّه *** فيكم وعترتي لن تضاهى إن من صدّ عنهما كبرياء *** فله النار في غد يصلاها فغدا منهم يقاسي كتاب اللّه *** هجرا والآل فرط جفاها حاربوا فاطما وقد فرض اللّه *** على الخلق حبها وولاها لقيت منهم خطوبا عظاما *** لا يطيق الطود الأشمّ لقاها كسر ضلع وغصب ارث ولطما *** واهتضاما منه استطال عناها اخرجوها من المدينة قهرا *** مذ أطالت لفقد طه نعاها وعلى هضمها تواطأت *** الأنصار سرا وأظهرت بفضاها عزلت بعلها عن الحلّ والعقد *** عنادا وأمّرت ادعياها غصباها تراثها ولظى الو *** جد وفرط السقام قد أورثاها دفعاها عنه عنادا وظلما *** مزقا صكّها وما راعياها وادّعت نحلة لها من أبيها *** سيد الأنبياء فلم ينحلاها فانثنت والفضاء ضاق عليها *** وشواظ الزفير حشو حشاها وأتت دارها تجرّ رداها *** والجوى كاد أن يريها رداها فأتوا نحو دارها وأداروا الجز *** ل كي يحرقوا عليها خباها عصروها بالباب قسرا الى أن *** كسروا ضلعها وهدوا قواها ألجئوها الى الجدار فألقت *** محسنا وهي تندب الطهر طاها دخلوا الدار وهي حسرى فقادوا *** بنجاد الحسام حامي حماها برزت خلفهم تقوم وتكبو *** وحشاها ذابت بنار شجاها قال الشيخ محمد علي اليعقوبي : ترك الصبا لك والصبابة *** صب كفاه ما اصابه الى قوله ولقد يعزّ على رسول *** اللّه ما جنت الصحابة قد مات فانقلبوا على *** الاعقاب لم يخشوا عقابه منعوا البتولة أن تنوح *** عليه أو تبكي مصابه نعش النبي أمامهم *** ووراءهم نبذوا كتابه لم يحفظوا للمرتضى *** رحم النبوة والقرابة لو لم يكن خير الورى *** بعد النبي لما استنابه قد أطفئوا نور الهدى *** مذ اضرموا بالنار بابه أسد الإله فكيف قد *** ولجت ذئاب القوم غابه وعدوا على بنت الهدى *** ضربا بحضرته المهابة في أيّ حكم قد أباحوا *** إرث فاطم واغتصابه بيت النبوة بيتها *** شادت يد الباري قبابه أذن الاله برفعه *** والقوم قد هتكوا حجابه بأبي وديعة أحمد *** جرعا سقاها الظلم صابه عاشت معصبة الجبين *** تئنّ من تلك العصابة حتى قضت وعيونها *** عبرى ومهجتها مذابه وامضّ خطب في حشى الا *** سلام قد أورى التهابه بالليل واراها الوصيّ *** وقبرها عفّى ترابه

ص: 70

ص: 71

ص: 72

ص: 73

الحسنان عليهما السلام

[ ذكر ما جاء في فضل الحسن والحسين ]

[994] عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، باسناده ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله رأى الحسن والحسين علیهماالسلام مقبلين إليه.

فقال : هذان سيد اشباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما.

[995] الحسن بن عطية ، باسناده ، عن حذيفة اليماني (1) ، قال : سألتني أمي متى عهدك برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ولم أكن رأيته قبل ذلك بأيام ، فأخبرتها. ثم قالت : امض إليه واسأله أن يستغفر لك ولي.

فأتيته ، فصلّيت معه صلاة المغرب ، ثم انفتل ، فقام فصلّى حتى صلّى العشاء الآخرة. ثم خرج ، فتبعته لأسأله ذلك ، فعرض له رجل ، فوقف معه طويلا ووقفت حتى انصرف عنه.

ومضى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فاتبعته ، فأحسّ بوقع قدمي ، فانفتل.

فقال : من هذا؟

ص: 74


1- وهو حذيفة بن اليمان الصحابي الجليل قتل أبوه في احد خطأ ، شارك في فتح نهاوند وشوشتر ، ولاه عثمان على المدائن ، ولما قتل عثمان أقره أمير المؤمنين على ولايته ، توفي بعد خلافة أمير المؤمنين علیه السلام بأربعين يوما سنة 36 ه ودفن في المدائن بالعراق.

فقلت : حذيفة.

فقال : ما تريد؟

فأخبرته بخبري.

قال : أرأيت الرجل الذي وقف معي؟

قلت : نعم.

قال : إنه ملك من الملائكة استأذن في زيارتي ، فاذن له ، ولم يكن هبط الى الأرض قبل هذه الساعة. فسلّم عليّ وبشرني : أن الحسن والحسين سيد اشباب أهل الجنة ، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة.

قال : وأخبرته بما كان بيني وبين أمي.

فقال : غفر اللّه لك ولامك ، يا حذيفة.

[996] أبو غسان ، باسناده ، عن أبي هريرة ، قال : بينا نحن نصلّي مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله صلاة العشاء إذ دخل الحسن والحسين علیهماالسلام فجعلا إذا سجد يثبان على ظهره ، فاذا أراد أن يرفع رأسه أخذهما بيده أخذا رفيقا حتى يضعهما على الأرض. فاذا عاد الى السجود عادا حتى قضى صلاته. فانصرف (1) ، فجاءا إليه ، فأخذهما فقبّلهما ، ووضعهما على فخذيه.

قال أبو هريرة : فقمت إليه ، فقلت : يا رسول اللّه ، ألا أذهب بهما.

قال : لا.

فبرقت برقة ، فقال لهما : الحقا بامكما. فلم يزالا في ضوئها حتى دخلا المنزل.

[997] وبآخر ، عن البراء بن عازب (2) ، قال : رأيت رسول اللّه صلّى اللّه

ص: 75


1- هكذا في الاصل.
2- وهو أبو عمارة البراء بن عازب بن الحارث الخزرجي ، ولي أمارة الري بفارس 24 ه ، ثم سكن الكوفة ، وتوفي 71 ه.

عليه وآله يحمل الحسن والحسين علیهماالسلام وهو يقول : اللّهمّ إني احبهما ، فاحبب من أحبهما (1).

[ سيدا شباب أهل الجنة ]

[998] وبآخر ، عن جابر بن عبد اللّه الانصاري ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :

الحسن والحسين سيد اشباب أهل الجنة.

[999] وبآخر ، عن أبي هريرة ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :

الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.

[1000] وبآخر ، عن أبي هريرة ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول :

من أحبّ الحسن والحسين فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني.

[ من أحبني فليحب هذين ]

[1001] وبآخر ، عن أبي ذر رضی اللّه عنه ، أنه قال : كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوما يصلّي بالناس ، وأقبل الحسن والحسين علیهماالسلام - وهما غلامان - يثبان على ظهره إذا سجد ، وأقبل الناس ينحونهما عنه ، فلما انصرف قال : دعوهما بأبي وأمي هما ، من أحبني فليحبب هذين.

[1002] وبآخر ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه سمع بكاء الحسن

ص: 76


1- وفي رواية اسامة : اللّهمّ إني احبهما فأحبهما وأحب من يحبهما.

علیه السلام (1) وهو صبي ، فقال لفاطمة صلوات اللّه عليها : ما للحسن ، ألم أقل لك أن بكاءه يؤذيني.

[1003] وبآخر ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه كان يفرج ما بين رجلي الحسين (2) ويقبّل ما بينهما (3).

[ كرم السبطين ]

[1004] وبآخر ، عن الحسن علیه السلام ، أن رجلا لقيه ، فسأله.

فقال له : إن المسألة لا تصلح إلا في ثلاث : فقر مدقع ، أو غرم مفظع ، أو حمالة مثقلة (4).

فقال : يا ابن رسول اللّه ، ففي بعض ذلك أسأل.

فأمر له بمائة دينار.

[ ضبط الغريب ]

قوله : مدقع.

الدقاع : التراب المنثور على وجه الأرض. قال الشاعر :

وجرت بها الدقعاء هيف كأنها

تسحّ ترابا من حصاصات منخل (5)

ص: 77


1- وفي بحار الانوار 43 / 295 : فسمع الحسين يبكي.
2- وفي تاريخ بغداد 3 / 209 : وهو يفحج بين فخذي الحسين.
3- وفي تاريخ بغداد أضاف : ويقول : لعن اللّه قاتلك. قال جابر : فقلت : يا رسول اللّه ومن قاتله؟ قال : رجل من امتي يبغض عترتي لا تناله شفاعتي ، كأني بنفسه بين أطباق النيران يرسب تارة ويطفو اخرى وأن جوفه ليقول : عق عق.
4- وفي الخصال ص 135 : دم مفجع.
5- راجع لسان العرب : مادة ( دقع ).

ويقال من ذلك : ادقع فلان ، فهو مدقع ، إذا التزق بالأرض فقرا. والداقع من الرجال : الذي يطلب مداق الكسر. ويقال للجوع الشديد : الديقوع.

وقوله : غرم مفظع.

المفظع من الأمر : الشديد المبرح. يقال منه : فظع الأمر ، يفظع فظاعة ، وأفظع افظاعا فهو مفظع وفظيع.

وقوله : حمالة مثقلة.

الحمالة : هاهنا الدية يحملها قوم عن قوم. وقد يطرحون الهاء منها فيقولون : حمال. قال الأعشى :

فرع تبع يهو في غصن المج

د كثير الندى عظيم الحمال(1)

ويرمي غزير الندى ...

هذا ، قول الخليل في الحمال : إنها الحمالة.

وأما أبو عمرو ابن العلى ، فقال : الحمال - هاهنا - جمع حمالة.

وأما أبو عبيدة ، فقال : الحمال : العقوبة والمكروه والنكال.

* * *

ثم أتى هذا الرجل الحسين علیه السلام ، فقال له مثل ذلك ، وقد علم ما أعطاه الحسن علیه السلام ، فأعطاه تسعة وتسعين دينارا. نقص دينارا ، مما أعطاه الحسن علیه السلام ، بعد أن قال مثل ما قاله الحسن علیه السلام .

ثم أتى عبد اللّه بن عمر ، فسأله ، فأعطاه تسعة دنانير ، ولم يقل له شيئا.

فقال له الرجل : ما منعك أن تنصح لي كما نصح لي هذان الغلامان؟

ص: 78


1- رواه جمال الدين في لسان العرب 11 / 180 هكذا : فرع نبع يهتز في غصن المج *** د عظيم الندى كثير الحمال

فقال : وما قالا لك؟

فأخبره.

فقال له ابن عمر : وأين تعدلني بابني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؟ فو اللّه لغرا بالعلم.

[ ضبط الغريب ]

غرا يقول : زقا. يقال من ذلك : يغر الطائر فرخه اذا زقه.

[ الحسنان يتصارعان ]

[1005] أبو غسان ، باسناده ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله نظر الى الحسن والحسين علیهماالسلام ، وهما صبيان صغيران يصرعان ، فجعل يقول للحسن : إيها حسن!.

فقالت فاطمة علیهاالسلام : يا رسول اللّه ، كأنه أحبهما إليك هو أكبرهما (1) تقول له : إيها.

قال : كلا ، ولكن هذا جبرائيل علیه السلام يقول : إيها حسين.

[ ضبط الغريب ]

فقوله : إيها : هى لفظة تقولها العرب تريد بها الاستزادة. قال حاتم :

إيها فدا لكم أمي وما ولدت

حاموا على مجدكم واكفو الذي اتكلا

[1006] وبآخر ، أن الحسين علیه السلام جاء الى عمر ، فاستأذن عليه.

وكان عمر على شغل فلم يؤذن له ، فجلس. ثم جاء ابن عمر ، فاستأذن ، فلم يؤذن له ، فجلس.

ص: 79


1- وفي مقتل الخوارزمي ص 105 : فقالت فاطمة علیهاالسلام : تستنهض الكبير على الصغير.

فلما رأى ذلك الحسين علیه السلام ، انصرف. ثم أمر عمر بإدخال الحسين علیه السلام فخرج الآذن ، فلم يجده ، فعاد إليه ، فقال له : إنه لما لم يؤذن له أنصرف.

فأرسل إليه عمر ، فجاء فقال له : انصرفت بعد أن استأذنت ، يا ابن رسول اللّه؟

قال : لم يؤذن لي ، وجاء عبد اللّه ، فلم يؤذن له ، فعلمت أنه إذا لم يؤذن له أنه لا يؤذن لي.

فقال له عمر : وما أنت وعبد اللّه ، هل [ أنبت ] (1) الشعر في الرأس إلا اللّه وأنتم (2). [ إذا جئت فلا تستأذن ] (3).

[ نعم الراكبان ]

[1007] وبآخر ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مرّ بمجلس من مجالس الأنصار ، وقد حمل الحسن والحسين علیهاالسلام على عاتقيه - وهما صغيران -.

فقالوا : نعم المطية أنت لهما يا رسول اللّه.

قال : ونعم الراكبان هما (4).

[1008] الامراثي ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه سمع

ص: 80


1- هكذا صححناه من الصواعق ص 107 وفي الاصل : أنت.
2- وفي الصواعق : بعد اللّه إلا أنتم.
3- ما بين المعقوفتين من مقتل الخوارزمي ص 145.
4- وفي هذا يقول الحميري ره : أتى حسنا والحسين الرسول *** وقد برزوا ضحوة يلعبان وضمّهما وتفدّاهما *** وكانا لديه بذاك المكان وطأطأ تحتهما عاتقيه *** فنعم المطيّة والراكبان

بكاء الحسن والحسين علیهماالسلام فقام فزعا حتى علم حالهما ، ثم انصرف وهو يقول : إن الولد لفتنة لقد قمت وما أعقل (1).

[ أبو هريرة مع الامام الحسن ]

[1009] شريك بن عبد اللّه ، باسناده ، عن أبي هريرة ، أنه قال للحسن بن علي علیه السلام : اكشف لي عن بطنك [ فداك أبي ] (2) حتى اقبّل المكان الذي رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقبّله ، فكشف له عن بطنه ، فقبّل سرّته.

قال شريك : لو كانت السرّة من العورة ما كشفها الحسن علیه السلام .

وكذلك هو فيما جاء عن الأئمة صلوات اللّه عليهم أن عورة الرجل ما بين سرته وركبته.

ثمّ الجزء الحادي عشر من كتاب شرح الأخبار في فضائل الائمة الأطهار علیهم السلام .

ص: 81


1- وفي رواية اخرى : وما معي عقلي.
2- ما بين المعقوفتين من ذخائر العقبى ص 126.

ص: 82

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام

للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي

المتوفي سنة 363 ه. ق

الجزء الثاني عشر

ص: 83

ص: 84

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[ بقية فضائل الحسنين علیهماالسلام ]

اشارة

[1010] الدغشي ، باسناده ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه قال :

كان الحسن والحسين علیهماالسلام عند النبي صلی اللّه علیه و آله - وهما صغيران - فطلبا الماء ، فابطي عليهما ، فبكيا ، فأعطاهما رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لسانه ، فامتصاه ، فدرّ عليهما ماء ، فشربا حتى رويا.

[1011] أبو نعيم ، باسناده ، عن حذيفة اليماني ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال :

أتاني جبرائيل علیه السلام ، فبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.

[ هؤلاء أهل بيتى ]

[1012] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن أمّ سلمة ، قالت : دعا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فاطمة والحسن والحسين علیهم السلام ، فأخذ الحسن فوضعه على صدره ، واحتضن الحسين على ذراعه.

ص: 85

قالت أمّ سلمة (1) : وكنت أنا جالسة خلفه ، وفاطمة بين يديه ، فلبث هويا من الليل لا نرى إلا أنه قد رقد فزجل الحسين عن ذراعه ، فذهبت لأخذه ، فسبقني إليه لأخذه.

فقلت : يا رسول اللّه ما كنت اراك إلا نائما.

قال : ما نمت مذ أتوني.

ثم قال لفاطمة - بعد ما مضى من الليل صدر - : آتي أهلك لا أرى إلا وقد أعجبهم أن تأتيهم.

فحملت الحسين ومشى الحسن بين يديها ، وجلس رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ينظر إليهم.

ثم قال : اللّهمّ هؤلاء عترتي ، وأهل بيتي ، اللّهمّ إني احبهم ، فأحبهم - ثلاث مرات -.

[1013] الليث بن سعد (2) ، باسناده ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كان يصلّي يوما في بيته (3) والحسين بن علي علیه السلام صغير بالقرب منه ، فكان إذا سجد جاء الحسين علیه السلام يركب ظهره ، ثم حرك رجليه ، وقال : حل ، حل. فإذا أراد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أن يرفع رأسه أخذه فوضعه الى جانبه ، فإذا سجد عاد على ظهره ، وقال : حل ، حل. فلم يزل يفعل ذلك حتى فرغ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من صلاته ، ورجل من اليهود بالقرب منه ينظر الى ذلك من فعله.

فقال : يا محمد إنكم لتفعلون بالصبيان شيئا ما نفعله نحن بهم.

ص: 86


1- واسمها هند بنت أبي أميّة حذيفة - سهيل - بن المغيرة بن عبد اللّه بن عمرو بن مخزوم ، أم المؤمنين.
2- هكذا صححناه وفي الاصل : سعيد.
3- وفي المناقب 4 / 71 : في فئة.

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أما لو كنتم تؤمنون باللّه ورسوله لرحمتم الصبيان.

فقال : فاني أومن باللّه وبرسوله.

وأسلم لما رأى من رسوله اللّه صلی اللّه علیه و آله مع عظيم قدره.

[ ضبط الغريب ]

قوله : حل ، حل.

يقال من ذلك للإبل إذا فلت ( حل ) بالتخفيف. وهو زجر للابل تساق به. تقوله العرب إذا زجرتها لتسوقها.

[ يدهن رجلي أكرم الناس ]

[1014] الليث بن سعد (1) ، باسناده ، أن رجلا نذر أن يدهن بقارورة عنده رجلي أفضل قريش ، فسأل عن ذلك.

فقيل له : إن مخرمة أعلم الناس اليوم بأنساب قريش ، فاسأله عن ذلك.

فسأله - وقد خرف - وعنده ابنه المسور ، فمدّ الشيخ رجليه ، وقال : ادهنها.

فقال المسور - ابنه - للرجل : لا تفعل ، أيها الرجل ، إن الشيخ قد خرف ، إنما ذهب الى ما كان في الجاهلية.

وأرسله الى الحسن والحسين صلوات اللّه عليه ، فقال [ له ] : ادهن بهما أرجلهما فهما أكرم الناس ، وأفضلهم اليوم (2).

ص: 87


1- هكذا صححناه ، وفي الأصل : سعيد.
2- وفي المناقب 3 / 400 : فهما أفضل الناس وأكرمهم اليوم.

[ الحسن والحسين سبطان ]

[1015] عبد اللّه بن صالح ، باسناده ، عن يعلي بن مرة ، أنه قال : خرجنا مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله نمشي (1) ، فاذا الحسين علیه السلام وهو صبي صغير يلعب. فبسط رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يديه نحوه ، فجعل الحسين يمرّ مرة هاهنا ، ومرة هاهنا ، ويضاحك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حتى أخذه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فجعل إحدى يديه تحت ذقنه ، والاخرى عند رأسه ، وأهوى إليه ، فقبّله ، واعتنقه.

ثم قال : حسين مني وأنا منه ، أحبّ اللّه من أحبه.

ثم قال : الحسن والحسين سبطان من الأسباط.

[ التسمية ]

[1016] أبو غسان ، باسناده ، عن علي صلوات اللّه عليه ، أنه قال :

لما ولد الحسن سمته أمه حربا ، فجاء النبي صلی اللّه علیه و آله ، فقال : أروني ابني ، ما سميتموه؟

قلت : حربا.

قال : لا ، بل هو حسن.

فلما ولد الحسين سمته حربا ، فجاء النبي صلی اللّه علیه و آله فقال : أروني ابني ، ما سميتموه؟

قلت : حربا.

قال : لا ، بل هو حسين.

فلما ولد محسن سمته حربا ، فجاء النبي صلی اللّه علیه و آله فقال :

ص: 88


1- وفي مقتل الخوارزمي ص 146 : خرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى طعام دعي له.

أروني ابني ، ما سميتموه؟

قلت : حربا.

قال : بل هو محسن. ثم قال : إني سميتهم بأسماء أولاد هارون شبر وشبير ومشبر.

[1017] وبآخر ، عن عمران بن سلمان ، أنه قال :

إن الحسن والحسين اسمان من أسماء أهل الجنة ، لم يكونا في الجاهلية (1).

[ مولدهما ]

[1018] أبو نعيم ، باسناده ، عن أبي رافع ، أنه قال :

رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أذّن في اذن الحسن بن علي علیه السلام لما ولد. وأذّن كذلك في اذن الحسين علیه السلام لما ولد.

[1019] ابن أبي كريمة ، باسناده ، عن ابن عباس (2) ، أنه قال :

كان رسول اللّه يعوذ حسنا وحسينا. فيقول : اعيذكما بكلمات اللّه التامة من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة. ثم يقول : هكذا كان أبي ابراهيم علیه السلام يعوذ إسماعيل وإسحاق.

[ ضبط الغريب ]

قوله : هامة.

الهيم : دبيب الهوام الأرض. والهوام ما كان من حشاش الأرض نحو

ص: 89


1- وفي العوالم ص 25 : من أسامي أهل الجنة ولم يكونا في الدنيا.
2- وهو عبد اللّه بن عباس.

العقارب وما أشبهها. الواحدة هامة لأنها تهم : أي تدب.

والعين اللامة : التي تلمّ بالانسان : أي تصيبه. ويقولون : أعوذ باللّه من السامة واللامة : يعنون باللامة ما يلمّ مما يخاف منه أن ينزل.

[ العقيقة ]

[1020] أبو غسان ، باسناده ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عقّ عن الحسن والحسين صلوات اللّه عليهما شاة شاة.

وقال : كلوا وأطعموا وابعثوا الى القابلة برجل.

يعني الربع المؤخر من الشاة ، ولا تكسروا عظمها. ولم يكن بينهما إلا الطهر طهرت في نفاس الحسن ، وحملت بالحسين علیه السلام .

[ ضبط الغريب ]

قوله عقّ العقيقة : الشعر الذي يولد به المولود ، وكذلك الوبر الذي يولد به الفضل وغيره من الدواب ، فاذا سقط ذلك ذهب هذا الاسم عنه.

وسنّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أن يحلق رأس المولود في اليوم السابع من ولادته ويتصدق عنه بوزن الشعر ورقا ويذبح عنه شاة ، ويجعل دمها على موضع الحلق من رأسه ، وتفصّل الشاة أعضاء ، ويعطى القابلة الربع المؤخر ، ويطعم المساكين. وتسمى تلك الشاة عقيقة ، لأنها ذبحت بسبب حلق العقيقة.

[ ضبط الغريب ]

وأصل العقيقة : هو الشعر الذي يولد به المولود قال امرؤ القيس :

أيا هند لا تنكحي بوهة *** عليه عقيقته أحسبا

ص: 90

والبوهة من الرجال : الضعيف.

قوله : عليه عقيقة : معناه أنه لم يحلق رأسه مذ ولد. يصفه باللؤم وسوء الهيئة.

والأحسب : الذي ابيضت جلدته من داء ، وفسد شعره فصار أحمر وأبيض كذلك هو من الابل. وهو من الناس الابرص.

وكذلك عقيقة الدابة : شعرها ، أو وبرها ، أو صوفها الذي تولد به.

قال زهير يصف حمارا وحشيا :

إذ لك أم أم في البطن جأب *** عليه من عقيقة عفاء

الجأب : الحمار

ص: 91

[ يحيى بن يعمر والحجاج ]

اشارة

[1021] الشعبي (1) ، قال : كنت بواسط ، وكان يوم أضحى (2) فحضرت صلاة العيد مع الحجاج (3) ، فخطب خطبة بليغة ، فلما انصرف ، جاءني رسوله ، فأتيته ، فوجدته جالسا مستوفزا ( يعني جالسا متهيئا للقيام غير مطمئن بالجلوس ).

فقال : يا شعبي ، هذا يوم الاضحى ، وقد أردت أن اضحي فيه برجل من أهل العراق ، فأحببت أن تسمع قوله ، فتعلم أني قد أصبت [ الرأي ] فيما أفعل به.

فقلت : أيها الأمير ، أفترى أن تستنّ بسنّة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وتضحي بما أمر أن يضحى به ، وتفعل مثل ما فعله ، وتدع ما أردت أن تفعله به في هذا اليوم العظيم الى غيره.

قال : يا شعبي ، إنك إذا سمعت ما يقول صوبت رأيي فيه لكذبه على اللّه وعلى رسوله صلی اللّه علیه و آله وإدخاله الشبهة في الإسلام.

ص: 92


1- أبو عمرو الكوفي الحميري.
2- يوم العاشر من شهر ذي الحجة.
3- الحجاج بن يوسف الثقفي ، ولد في الطائف واشتهر بولائه للبيت الاموي. ولاه عبد الملك بن مروان ، وتولى مكة والمدينة والطائف والعراق ، أسس مدينة واسط ، اشتهر بالخطابة والظلم والشدة في الحكم ، وسفك الدماء. توفي بواسط 95 ه.

قلت : أفيرى الأمير أن يعفيني عن ذلك؟

قال : لا بدّ من ذلك.

ثم أمر بنطع (1) ، فبسط ، وبسياف ، فاحضر. وقال : أحضروا الشيخ. فأتوا به ، فاذا هو يحيى بن يعمر (2) [ العدواني ] ، فاغتممت غما شديدا ، وقلت في نفسي : وأيّ شيء يقول يحيى مما يوجب قتله.

فقال له الحجاج : أنت تزعم أنك زعيم العراق؟

قال يحيى : [ الزعم كذب ] (3) ولكني أقول إني فقيه من فقهاء أهل العراق.

قال : فمن أيّ فقهك؟ زعمك (4) الحسن والحسين من ذرية رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؟

قال : ما أنا زاعم لذلك بل أنا قائله بحق.

قال : وبأيّ حق قلت ذلك؟

قال : بكتاب اللّه عزّ وجلّ.

فنظر إليّ الحجاج ، فقال : اسمع ما يقول فإن هذا مما لم يكن سمعته عنه أتعرف أنت في كتاب اللّه عزّ وجلّ دليلا بأن الحسن والحسين من ذرية محمد صلی اللّه علیه و آله ؟ فجعلت افكر في ذلك

ص: 93


1- بساط من الجلد يفرش تحت المحكوم عليه بالعذاب أو بقطع الرأس.
2- هكذا صححناه ، وفي الاصل : معمر. العدواني الوشقي المضري البصري التابعي ، قال الحموي في معجم الادباء : انه لقي عبد اللّه بن العباس وعبد اللّه بن عمر ، وروى عنه قتادة السندوسي ، ولد بالبصرة ، ومنشأه خراسان ، والعدواني نسبة الى عدوان قيس بن غيلان ، وكان عداده في بني ليث بن كنانة ، أحد قراء البصرة ، وعنه أخذ عبد اللّه بن اسحاق. وكان إمام القراء بالبصرة عالما بالقرآن فقيها لغويا ، توفي 129 ه.
3- هكذا صححناه ، وفي الاصل : الزعم الكذب.
4- وفي بحار الانوار 25 / 244 : فمن أي فقهك زعمت أن الحسن والحسين ...

فلم أجد في القرآن شيئا يدلّ على ذلك ، وفكر الحجاج مليا ، ثم قال ليحيى : لعلك تريد قول اللّه عزّ وجلّ ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (1) وأن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله خرج للمباهلة ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين.

قال الشعبي : فكأنما أهدى الى قلبي سرورا ، وقلت في نفسي : قد خلص يحيى ، وكان الحجاج حافظا للقرآن. فقال له يحيى : واللّه إنها الحجة في ذلك البالغة ، ولكني ليس منها أحتجّ لما قلت.

فاصفرّ وجه الحجاج ، فأطرق مليا ، ثم رفع رأسه الى يحيى ، وقال له : إن جئت من كتاب اللّه عزّ وجلّ بغيرها فلك عشرة [ آلاف درهم ] (2) ، وان لم تأت بها فأنا في حلّ من دمك.

قال : نعم.

قال الشعبي : فغمني قوله وقلت في نفسي : لما كان في الذي نزع له الحجاج ما يحتجّ به يحيى ويرضى بأنه قد عرفه ، وسبقه إليه ، ويتخلص منه حتى ردّ عليه ، فأفحمه ، فإن جاءه بعد هذا بشيء لم آمن أن يدخل فيه عليه من القول ما يبطل به حجته ، لأنه يريه أنه قد علم ما قد جهله هو.

فقال يحيى للحجاج : قول اللّه عزّ وجلّ ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ ) (3) من عني بذلك؟

ص: 94


1- آل عمران : 61.
2- هكذا صححناه وفي الاصل : الادف ادهم.
3- الأنعام : 84.

قال الحجاج : إبراهيم.

قال يحيى : فداود وسليمان من ذريته؟

قال [ الحجاج ] : نعم.

قال يحيى : ومن نصّ اللّه عزّ وجلّ عليه بعد هذا أنه من ذريته؟

فقرأ الحجاج. ( وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) .

قال يحيى : ومن؟

فقرأ الحجاج : ( وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى ) (1).

قال يحيى : ومن أين كان عيسى من ذرية إبراهيم ولا أب له من صلبه؟

قال : من قبل أمه.

قال يحيى : فمن أقرب رحما مريم (2) من إبراهيم أم فاطمة من محمد أم الحسن والحسين منه أم عيسى من إبراهيم.

قال الشعبي : فكأنما لقمه حجرا.

فقال : اطلقوه قبحه اللّه وادفعوا إليه عشرة آلاف درهم لا بارك اللّه له فيها.

ثم أقبل عليّ ، فقال : قد كان رأيك صوابا لكنا أبيناه. ودعا بجزور فنحره ، وقام فدعا بالطعام ، فأكل وأكلنا معه ، وما تكلم بكلمة حتى انصرفنا ، وما زال واجما غما بما احتجّ به يحيى بن يعمر عليه.

[ ضبط الغريب ]

قوله : واجما.

ص: 95


1- الأنعام : 85.
2- أي : مريم بنت عمران.

الوجوم : السكوت على غيظ أو همّ ، يقال منه : رأيته واجما واقما.

[ ويل للظالم من يوم المظلوم ]

[1022] إسماعيل بن أبان ، باسناده ، عن الحسن بن علي علیه السلام ، أنه مرّ - في مسجد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - بحلقة فيها قوم من بني أميّة ، فتغامزوا به وذلك عند ما تغلّب معاوية على ظاهر أمره. فرآهم وتغامزهم به. فصلّى ركعتين ثم جاءهم. فلما رأوه جعل كل واحد منهم يتنحى عنه مجلسه له.

فقال لهم : كونوا كما أنتم فاني لم أرد الجلوس معكم ولكن قد رأيت تغامزكم بي. أما واللّه لا تملكون يوما إلا ملكنا يومين. ولا شهرا إلا ملكنا شهرين ، ولا سنة إلا ملكنا سنتين. وأنا لنأكل في سلطانكم ونشرب ونلبس ونركب وننكح ، وأنتم لا تأكلون في سلطاننا ولا تشربون ولا تلبسون ولا تنكحون (1).

فقال له رجل : وكيف يكون ذلك يا أبا محمد ، وأنتم أجود الناس ، وأرأفهم ، وأرحمهم تأمنون في سلطان القوم ولا يأمنون في سلطانكم؟

فقال : لأنهم عادونا بكيد الشيطان ، وكيد الشيطان كان ضعيفا ، وإنا عاديناهم بكيد اللّه ، وكيد اللّه شديد.

[ ضبط الغريب ]

الكيد : من المكيدة ، وهي الاحتيال. والفعل منه كاد يكيد كيدا ، وهو في الحق حلال ، وفي الباطل حرام. قال اللّه عزّ وجلّ ( إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ

ص: 96


1- وفي المناقب اضاف : ولا تركبون.

كَيْداً فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً ) (1) فكيد الكافرين هو احتيالهم على أولياء اللّه عزّ وجلّ وذلك حرام عليهم ، وكيد اللّه هو احتيال أوليائه على أعدائهم ، وذلك من الحلال المباح لهم.

[ سخاء الحسن ]

[1023] عبد اللّه بن موسى ، عن علي علیه السلام ، أنه خطب الناس ، فقال :

إن ابن أخيكم الحسن بن علي قد جمع مالا وهو يريد أن يقسمه بينكم.

فحضر الناس لذلك ، فقام الحسن علیه السلام فقال : إنما جمعته للفقراء. فقام كثير من الناس ، وجلس كثير ، وكان أول من أخذ منه الأشعث بن قيس.

[1024] ابن أبي خيثمة (2) ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال :

كان الحسن أشبه الناس برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيما بين الصدر الى الرأس. والحسين أشبه الناس به فيما كان أسفل من ذلك.

[1025] ابن الأعرابي ، باسناده ، عن أبي هريرة ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، يقول :

من أحبّ الحسن والحسين فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني (3).

ص: 97


1- الطارق : 16.
2- وهو أبو بكر ، وأظنه أحمد بن زهير ( أبي خيثمة ) بن حرب بن شداد النسائي ولد 185 ه ، مؤرخ من حفاظ القرآن عامي ، توفي في بغداد 279 ه.
3- وفي مسند أحمد 2 / 288 : لم يذكر اسم الحسنين في صدر الحديث بل ذكر في آخر الحديث : يعني حسنا وحسينا.

[ من أحبّنا فهو معنا ]

[1026] نضر بن الجهضمي (1) ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال :

أخذ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بيد الحسن والحسين علیهماالسلام فقال :

من أحبني ، وأحبّ هذين ، وأباهما ، وامهما كان معي في درجتي في الجنة.

[ الشجرة الطيّبة ]

[1027] عبد اللّه بن لهيعة ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال لعلي علیه السلام :

أنا وأنت يا علي من شجرة ، أنا أصلها وأنت فرعها ، والحسن والحسين من أغصانها ، وفاطمة ثمرتها (2) ، فمن تعلق بغصن من أغصانها أدخله الجنة.

[ تميمة من زغب جناح جبرائيل ]

[1028] محمد بن سلام ، باسناده ، أن رسول اللّه كان له وسادة لا يجلس

ص: 98


1- هكذا صححناه وفي الاصل : الجهضي.
2- وفي مقتل الخوارزمي ص 108 لم يذكر هذه الجملة ( فاطمة ثمرتها ). وفي كفاية الطالب ص 425 ذكر : وفاطمة فرعها. وأنشد أبو بكر الحلبي على ضوء هذا الحديث : يا حبذا دوحة في الخلد نابتة *** ما في الجنان لها شبه من الشجر المصطفى أصلها والفرع فاطمة *** ثم اللقاح عليّ سيد البشر و الهاشميان سبطاها لها ثمر *** و الشيعة الورق الملتف بالثمر هذا حديث رسول اللّه جاء به *** أهل الرواية في العالي من الخبر إني بحبهم أرجو النجاة غدا *** و الفوز مع زمرة من أحسن الزمر

عليها أحد إلا جبرائيل علیه السلام إذ جاءه ، فإذا قام طويت ، فعلق بها من زغب (1) جناحه ، فتلتقطه فاطمة علیهاالسلام حتى إذا اجتمع عندها جعلته في تمائم الحسن والحسين علیهماالسلام .

[ ضبط الغريب ]

التمائم : جمع تميمة. والتميمة : قلادة من يسور. ونحو ذلك يجعل فيها العوذة ، وتعلق في أعناق الصبيان.

قال الشاعر [ رقاع بن قيس الأسدي ] :

بلاد بها نيطت عليّ تمائمي *** وأول أرض مسّ جلدي ترابها

وقال آخر :

وكيف يضلّ العنبري ببلدة

بها قطعت عنه يسور التمائم (2)

وفي الحديث : أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله نهى عن التمائم والتول. وقال - في تعلق تميمة - : فلا أتم اللّه له. ورخص فيما كان من ذلك من كتاب اللّه عزّ وجلّ وما يتقرب به إليه.

والنهي الذي جاء في ذلك عنه صلی اللّه علیه و آله إنما هو فيما يعلقونه فيه من الودع والخرز والأعواد والحديد والنحاس وأشباه ذلك مما يرون أنه ينفع من علق عليه. فنهى عن ذلك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

والتول : ما تضعه النساء مما يزعمن أنه يحببهن الى أزواجهن ويسمينه : العطف ، وهو ضرب من السحر ، واحدته توله وجمعه تول.

[ آخر لحظات مع الرسول ]

[1029] وبآخر ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لما احتضر دعا بالحسن

ص: 99


1- الزغب : صغار الريش.
2- لسان العرب 12 / 70 ، والقائل هو الفرزدق.

والحسين علیهماالسلام فوضعهما على وجهه ، وجعل يقبّلهما حتى اغمي عليه ، فأخذهما علي علیه السلام عن وجهه ، ففتح رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عينيه ، وقال لعلي علیه السلام :

دعهما يستمتعان مني وأستمتع منهما فانه سيصيبهما بعدي أثرة.

أراد بالإثرة ما استأثر به أهل التغلّب من حقهما ، فأخذوه لأنفسهم فآثروه به عليهما أثرة بغير حق.

[ ريحانتا الرسول ]

[1030] علي بن هاشم (1) ، باسناده ، عن سعيد بن المسيب ، أنه قال : دخل رجل من الأنصار إلى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله (2) وهو مستلق على ظهره ، والحسن والحسين يلعبان على بطنه ، فقال : أتحبها يا رسول اللّه؟

قال : وكيف لا احبهما وهما ريحانتاي (3) في الدنيا والآخرة.

[1031] علي بن هاشم ، باسناده ، عن أبي رافع ، أن فاطمة علیهاالسلام أتت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالحسن والحسين علیهماالسلام وهما صغيران.

فقالت : يا رسول اللّه هذان ابناك ، فانحلهما.

فقال : نعم ، أما الحسن فقد نحلته هيبتي وحلمي ، وأما الحسين فقد نحلته جودي ونجدتي (4). أرضيت يا فاطمة؟

ص: 100


1- أبو الحسن ، وأظنه علي بن هاشم بن البرية الكوفي الخزاز ، المتوفى 181 ه.
2- وفي كنز العمال 7 / 110 : سعة بن مالك ، قال : دخلت علي النبي ( ص ) ...
3- قال الرضي (رحمه اللّه) : شبه بالريحان لان الولد يشمّ ويضمّ كما يشمّ الريحان. وأصل الريحان مأخوذ من الشيء الذي يتروح إليه ويتنفس من الكرب به.
4- وفي الخصال ص 77 : أما الحسن فان له هيبتي وسؤددي ، وأما الحسين ، فان له جرأتي وجودي.

فقالت : رضيت يا رسول اللّه.

[ ضبط الغريب ]

قولها : انحلهما.

النحل : العطاء بلا عوض ، ونحل المرأة مهرها.

فكان الحسن مهيبا حليما. والحسين علیه السلام نجدا جوادا.

[1032] محمد بن رستم ، باسناده ، عن سلمان الفارسي رحمة اللّه عليه ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال :

من أحبّ الحسن والحسين أحببته ، ومن أحببته أحبه اللّه ، ومن أحبه اللّه أدخله الجنة. ومن أبغضهما أبغضته ، ومن أبغضته أبغضه اللّه ، ومن أبغضه اللّه أدخله النار (1).

[ أفضل الأسباط ]

[1033] جعفر بن محمد ، أن رجلا سأله ، فقال : يا ابن رسول اللّه ، سمعت اليوم حديثا سنّ بي وأعجبني ، وأردت أن أسمعه منك.

فقال : وما هو؟

قال : سمعت عن بعض أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه سمعه يقول :

أنا أفضل النبيين ، وعلي أفضل الوصيين ، والحسن والحسين أفضل الأسباط.

قال : نعم. قد سمعوا ذلك منه ، حتى أن بعضهم أتى الى الحسن

ص: 101


1- وفي فرائد السمطين 2 / 97 : ومن أبغضهما - أو بغي عليهما - أبغضته ومن أبغضته أبغضه اللّه وأدخله نار جهنم وله عذاب مقيم.

علیه السلام وهو غلام صغير ، ففرك اذنه حتى ألمه ، وصاح ، وقال :

مالك يا بن رسول اللّه ، أردت أن أجعل هذه علامة بيني وبينك.

قال : لما ذا ويحك؟

قال : ليوم الشفاعة ، يوم يشفع به جدك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأبوك وصيه علیه السلام وأنت وأخوك ثمرة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فتشفع لي.

وقد كان فاعل هذا بالحسن علیه السلام يجد علامة غير هذه ، فما ينبغي أن يفعل مثله بمثله ، ولكن ذلك من سوء الاختيار.

[ من أحبّني فليحبّهما ]

[1034] موسى بن مطير ، عن أبيه ، قال : كنت جالسا مع أبي هريرة في مسجد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذ مرّ بنا الحسين علیه السلام ، فقام إليه أبو هريرة ، فسلّم عليه ، ورحّب به.

وقال : بأبي أنت وأمي يا بن رسول اللّه.

ثم عاد إلينا.

فقال : ألا احدثكم عن هذا وعن أخيه؟

قلنا : بلى. وذلك مسجد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لم يغيّر.

فقال : إني جالس في أصل هذا العمود أنتظر الصلاة ، إذ خرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فوقف ، فصلّى ركعتين ، وأنه لفي السجدة الثانية إذ خرج أخو هذا - يعني الحسن علیه السلام - وهو غلام يشتدّ نحو رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حتى انتهى إليه ، وهو ساجد ، فركب على ظهره. ثم خرج هذا يشتدّ خلفه حتى ركب خلفه. فرأيت رسول اللّه يريد أن يرفع صلبه فلم يمنعه إلا مكانهما.

فقمت وأخذتها أخذا رفيقا عن ظهر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله

ص: 102

ووضعتهما على الأرض. وجلس رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فتعلّقا بعنقه. فلما انصرف من الصلاة ، أخذهما فوضعهما في حجره ، وقبّل كل واحد منهما.

ثم قال لي : يا أبا هريرة من أحبني فليحبهما.

- يقولها : ثلاث مرات - [1035] سعيد بن عمر ، قال : سمعت يوسف بن عمرو بن غالب على المنبر - يوم النحر - (1) سبّ الحسن بن علي علیه السلام . فذكرت ذلك لأبي إسحاق الشعبي ، فقال : قاتله اللّه لقد أتى عظيمة ، سبّ سيد شباب أهل الجنة ما سمعت أحدا قط سبه قبله. سبه اللّه وسيفعل ، إن كان مودة الحسن والحسين علیه السلام قذفت في قلب البر والفاجر.

[1036] سعيد بن عمر ، باسناده ، عن بشر بن غالب ، قال : إني لجالس عند الحسين بن علي علیه السلام إذ أتاه رجل ، فقال : يا أبا عبد اللّه ، سمعت رجلا يبكي لموت معاوية بن أبي سفيان.

فقال الحسين علیه السلام : لا أرقأ اللّه دمعته ، ولا فرج همه ، ولا كشف غمه ، ولا سلى حزنه ، أترى أنه يكون بعده من هو شرّ منه تربت يداه وفمه ، أما واللّه لقد أصبح من النادمين.

[ ضبط الغريب ]

قوله علیه السلام : لا أرقأ اللّه دمعته.

يقال : رقاء الدمع هو رقا رقوا إذا ارتفع وسكن. يقول :

( لا زال الشاعر بكي دوبل لا يرقي اللّه دمعه.

الا انما يبكي من الذل دوبل (2).

ص: 103


1- أي يوم الاضحى.
2- ما بين القوسين كذا في الأصل.

وقوله : تربت يداه وفمه.

يقال منه : ترب الرجل إذا الصق بالتراب من الفقر. ومنه قول اللّه عزّ وجلّ ( أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ ) (1) يقال : اترب الرجل اذا استغنى.

[1037] مخول بن إبراهيم (2) باسناده ، أن رجلا جاء الى النبي صلی اللّه علیه و آله ، فأصاب الحسين في حجرة وهو صغير. فقال الرجل : ابنك يا رسول اللّه؟

قال : ابني وما ولدته.

قال : أتحبه؟

قال : اللّه عزّ وجلّ أشدّ حبا مني له.

[ الحسن ومعاوية ]

[1038] الربيع بن سليمان البصري ، باسناده ، عن أبي جعفر علیه السلام قال :

قدم الحسن بن علي علیه السلام على معاوية ، فقام خطيبا بين السماطين ، والحسين جالس. فتكلم الحسن علیه السلام بكلام عجيب فحدّ معاوية لما سمع من فصاحته وبلاغته ، ولما سمع أهل الشام منه. فقام إليه مروان (3) فأخذه بيده ، وقال له : اقعد فإنك صبي أحمق تعلمت الكلام بالعراق ثم جئتنا به.

فغضب الحسين علیه السلام وقال لمروان : كذبت ولا أم لك ،

ص: 104


1- البلد : 16.
2- وهو مخول بن ابراهيم بن مخول بن راشد النهدي الكوفي.
3- وهو مروان بن الحكم ولد 2 ه الخليفة الاموي الرابع وبه انتقلت الخلافة من السفيانيين الى المروانيين ، دافع عن عثمان واشترك في معركة الجمل مع عائشة ، بويع بالخلافة في الجابية ، ثم في دمشق ، مات بالطاعون في دمشق 65 ه.

هو فضل آتانا اللّه وأن بالمشرق مدينة يقال لها : بلسا ، وبالمغرب مدينة يقال لها : بلقاء ، وما بينهما ولد نبيّ غيره وغيري.

وكان رأس الجالوت حاضرا عند معاوية ، فقال : صدق واللّه ، إنهما لمدينتان وما عرفهما قط إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ ، أو ولد نبيّ.

[1039] سفيان الثوري ، باسناده ، عن الشعبي ، أنه قال :

لما كان الصلح بين الحسن بن علي علیه السلام وبين معاوية ، أراد الحسن علیه السلام الخروج الى المدينة.

فقال له معاوية : ما أنت بالذي تذهب حتى تخطب الناس وتخبرهم بأن الأمر قد صار لي.

قال الشعبي : فسمعت الحسن علیه السلام يقول - على المنبر - بعد أن حمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على محمد وآله :

أما بعد ، فإن أكيس الكيس التقي ، وان أعجز العجز الفجور. وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية حق كان لي ، فتركته له وإنما فعلت ذلك لحقن دمائكم ، وتحصين أموالكم (1) ( وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ ) (2).

[ ضبط الغريب ]

قوله : أكيس الكيس.

قال الخليل : الكيّس : البصير بالامور النافذ فيها. والجمع : الأكياس والأكائس (3).

ص: 105


1- وفي مقتل أمير المؤمنين لابن أبي الدنيا - مخطوط - فتركته التماس الاصلاح لهذه الامة.
2- الأنبياء : 111.
3- لسان العرب 6 / 200.

وقال غيره : الكيس العقل وأنشد :

ما يصنع الأحمق المرزوق بالكيس

[1040] سفيان الثوري ، باسناده ، عن أبي هريرة ، قال : كنت مع النبي صلی اللّه علیه و آله في بعض أسواق المدينة ، فانصرف وانصرفت ، حتى أتى فناء (1) فاطمة علیهاالسلام ، فنادى ثلاث مرات : يا حسن. فلم يجبه أحد ، فانصرف حتى أتى فناء عائشة فقعد وقعدت معه.

فأقبل الحسن علیه السلام يشتدّ نحو رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . وفتح رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يديه حتى التزمه.

ثم قال : اللّهمّ إني احبه فأحبه ، وأحبّ من أحبه (2).

[1041] وبآخر ، عن بريدة (3) ، أنه قال : بينا رسول اللّه يخطب - على المنبر - إذ أقبل الحسن والحسين ، وهما صغيران ، عليهما قميصان أحمران يشتدان نحوه يعثران ، ويقومان ، فنزل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فأخذهما فوضعهما بين يديه - على المنبر - وقال : صدق اللّه عزّ وجلّ : ( إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) (4) رأيت هذين ، فلم أصبر. ثم مضى في خطبته.

[1042] وبآخر ، عن اسامة بن زيد ، أنه قال : طرقت النبي صلی اللّه علیه و آله ذات ليلة لحاجة عرضت لي ، فخرج إليّ وهو مشتمل على شيء لم أدر ما هو. فلما فرغت من حاجتي قلت : ما الذي أنت مشتمل عليه ، يا رسول اللّه؟

ص: 106


1- فناء الدار : ما امتد من جوانبها والجمع أفنية.
2- وفي مقتل الخوارزمي ص 100 : وأحب من يحبه - ثلاث مرات -.
3- أبو عبد اللّه بريدة بن الحصيب الاسلمي المروزي ، شهد خيبر وفتح مكة ، توفي 63 ه.
4- الانفال : 28.

فكشف ، وإذا الحسن والحسين علیهماالسلام على وركيه قد احتضنهما.

فقال : هذان أبنائي وابنا بنتي ، اللّهمّ (1) إني احبهما واحبّ من أحبهما.

[ ضبط الغريب ]

قوله : طرقت النبي صلی اللّه علیه و آله .

الطارق : الآتي ليلا.

[1043] محمد بن عبد اللّه ، باسناده ، عن عمر بن الخطاب ، أنه قال : رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلى عاتقيه الحسن والحسين ، فوجدت عليهما نفاسة.

فقلت : نعم الفرس تحتكما.

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ونعم الفارسان هما.

[ ضبط الغريب ]

فوجدت عليهما نفاسة.

يقال من ذلك : نفست على فلان نفاسة ، ونفس الشيء نفاسة : أي صار نفيسا. والشيء النفيس المتنافس فيه : وهو الذي يطلب ويرغب فيه الناس بعضهم على بعض ، فكأنه حسدهما - مكانهما من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - ورغب أن يكون له منزلتهما.

[1044] الحسن بن موسى (2) ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، قال :

ص: 107


1- وفي مناقب ابن المغازلي ص 374 : اللّهمّ إنك تعلم اني أحبهما.
2- واظنه الحسن بن موسى الخشاب.

دخلت على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو في منزل عائشة (1) ، وهو محتب ، وحوله أزواجه. فبينما نحن كذلك ، إذ أقبل علي بن أبي طالب علیه السلام بالباب ، فأذن له ، فدخل.

فلما رآه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : مرحبا يا أبا الحسن ، مرحبا يا أخي وابن عمي ، وناوله يده ، فصافحه.

وقبّل علي علیه السلام بين عيني رسول اللّه ، وقبّله رسول اللّه ثم أجلسه عن يمينه ، وقال : ما فعل ابناي الحسن والحسين؟

قال : مضيا الى بيت أمّ سلمة يطلبان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

فبينما نحن كذلك ، إذ قالوا : [ ان ] عثمان وعمر وأبا بكر وجماعة من أصحاب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالباب. فأذن لهم ، وتفرّق أزواجه ، ودخلوا ، فسلّموا ، وجلسوا.

ثم أقبل أبو ذر وسلمان ، فأذن لهما ، فدخلا ، فسلّما على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فصافحهما ، فقبّلا بين عيني رسول اللّه ، وأوسع أبو بكر وعمر لهما ، فهويا الى علي علیه السلام .

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يجلسان الى من يحبهما ويحبانه.

ثم أقبل بلال ومعه الحسن والحسين علیهماالسلام فدخل.

فقال لهما رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : مرحبا بحبيبيّ وابني حبيبي.

ص: 108


1- وهي ابنة أبي بكر ، زوج الرسول صلی اللّه علیه و آله ، وكانت المحرضة على علي علیه السلام بعد مقتل عثمان وهي صاحبة الجمل في الوقعة التي سميت بوقعه الجمل وقد مرّ خبرها ، ماتت 58 ه وقبرها في القاهرة.

فقبّل بين أعينهما ، وجلسا بين يديه ، ثم قاما يدخلان الى عائشة.

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أحبيهما يا عائشة وامحضيهما المحبة ، فانهما ثمرة فؤادي ، وسيد اشباب أهل الجنة ، ما أحبهما أحد إلا أحبه اللّه ، ولا أبغضهما أحد إلا أبغضه اللّه ، من أحبهما [ فقد أحبني ، ومن أحبني فقد أحبّ اللّه ، ومن أبغضهما ] فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض اللّه ، وكأني أرى ما يرتكب منهما ، وذلك في سابق علم اللّه عزّ وجلّ ، وكأني أرى مقعدهما من الجنة ، ومقعد من أبغضهما من النار ، والذي نفسي بيده ليكبّ اللّه عدوهما ومبغضيهما في النار على وجوههم.

ثم قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لا تولوا أهل الذمة رقاب المسلمين ، فتذلوهم. ولا يبدئهم من ولوا عليه بالسلام ، ويصافحهم. خذوهم بحلق رءوسهم ، واظهار ذنانيرهم (1). إن حرمة المؤمن عند اللّه أعظم من حرمة الملائكة.

قال عمر بن الخطاب : ومن جبرائيل؟

فالتفت الى علي علیه السلام فقال : ما تقول يا أبا الحسن؟

فقال : من جبرائيل وميكائيل واسرافيل وحملة العرش والملائكة المقربين.

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : صدق أخي وابن عمي.

ثم التفت إلينا ، فقال : قد ملأ اللّه قلبه إيمانا وعلما وفقها. فمن أشكل عليه شيء من أمر دينه وشرائعه وفرائضه وسنّته فليأت عليا.

ثم أخذ بيده فقال : يا علي من أحبك أحبني ، من أحبني فقد أحبّ اللّه ، ومن أبغضك فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض اللّه ،

ص: 109


1- كذا في الاصل.

ومن سبّك سبّني ، ومن سبّني فقد سبّ اللّه.

أنت يا علي ، قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، ومن خالف سنّتي.

[ ضبط الغريب ]

قوله : محتب.

الاحتباء : أن يحتبي الرجل ثوبه ويديره على ظهره ويشدّه على ساقيه.

والحبوة : الثوب الذي يحتبي به ، أي يلتفّ به.

قوله : مرحبا.

تقولها العرب للمقبل عليهم ، أي انزل في الرحب.

والرحب : السعة. ونصبوا مرحبا باضمار أنزل وأقم.

وقوله : امحضيهما المحبة.

يقول : اخلصيهما إياها وكل شيء خلص. حتى لا يشوبه غيره ، وهو محض.

[1045] يحيى بن الحسين ، باسناده ، عن جعفر بن محمد بن علي ، عن أبيه ، قال :

لما ولد الحسن بن علي علیه السلام أهدى جبرائيل علیه السلام للنبي صلی اللّه علیه و آله اسمه في سرقة من حرير من ثياب الجنة مكتوب فيها حسن ، واشتقّ منه اسم الحسين علیه السلام .

فلما ولدت فاطمة علیهاالسلام الحسن علیه السلام أتت به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فسمّاه : حسنا.

فلما ولدت الحسين علیه السلام أتته به ، فقال : هذا أحسن من ذلك ، فسمّاه الحسين.

ص: 110

[ ضبط الغريب ]

قوله : سرقة من حرير (1).

السرقة أجود الحرير ، يقال من ذلك حريرة سرقة ، قال الشاعر :

يرفلن في سرق الحرير وخزه *** يسحبن من هدّابه أذيالا (2)

[ الحجّ مشيا على الأقدام ]

[1046] وبآخر ، أن الحسن والحسين علیهماالسلام حجّا ، فخرجا الى الحج يمضيان - من المدينة - فلم يمرا براكب فرآهما يمشيان إلا نزل يمشي ، فاشتدّ ذلك على كثير من الناس.

فقالوا لسعد بن أبي وقاص : قد اشتدّ علينا المشي ولا يسعنا أن نركب وأبناء رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يمشيان.

فجاء سعد الى الحسن علیه السلام فقال : يا أبا محمد ، إن المشي قد ثقل على جماعة ممن معك من الناس ، ولم يسعهم الركوب وأنتما تمشيان ، فلو ركبتم (3) لركب الناس.

قال : قد جعلت على نفسي أن أمشي ، ولكني أتنكب الطريق.

فأخذا جانبا حيث لا يراهما الناس.

[1047] وبآخر ، أن الحسن علیه السلام حجّ خمسا وعشرين حجة ماشيا.

ص: 111


1- قال الجوهري : السرق شقق الحرير. قال أبو عبيد : إلا أنها البيض منها والواحدة منها سرقة. وأصلها بالفارسية ( سره : أي جيد ).
2- ورواه جمال الدين في لسان العرب 10 / 156 ، هكذا : يرفلن في سرق الحرير وقزه *** يسحبن من هدّابه أذيالا
3- وفي بحار الانوار 43 / 276 الحديث 46 : والناس إذا رأوكما تمشيان لم تطب أنفسهم أن يركبوا فلو ركبتما ...

وأن النجائب لتقاد معه (1).

[1048] وبآخر ، عن أمّ الفضل ابنة الحارث ، أنها رأت في المنام - وفاطمة علیهاالسلام حامل بالحسن - أن عضوا من أعضاء رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في بيتها (2).

قالت : فراعني ذلك وذكرته للنبي صلی اللّه علیه و آله ، فقال : خيرا رأيت ، تلد فاطمة إن شاء اللّه غلاما يكون في بيتك تكفلينه (3) وتربينه. فكان كذلك.

[1049] وبآخر ، عن أبي هريرة ، قال : رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقبّل الحسين ، وهو غلام صغير ، وأن لعابه يسيل على شفتي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فيتلمظه.

[1050] وبآخر ، عن تغلب بن مرة (4) ، قال :

سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : حسين مني وأنا من حسين ، أحبّ اللّه من أحبّ حسينا ، حسين سبط من الأسباط.

[1051] وبآخر ، أن الحسين علیه السلام كان يقعد في المكان المظلم ، فيهتدى إليه ببياض غرة جبينه.

[1052] بآخر ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، قال : إذا استقرّ أهل الجنة في الجنة ، قالت الجنة : يا ربّ أليس قد وعدتني أن تزينني بركنين من أركانك؟

فيقول اللّه عزّ وجلّ : بلى قد زينتك بالحسن والحسين (5).

ص: 112


1- وأضاف في فرائد السمطين 2 / 123 : وقاسم اللّه ماله ثلاث مرات حتى أن كان ليعطي نعلا ويمسك ويعطي خفا ويمسك خفا.
2- وفي الذرية الطاهرة ص 101 : قالت : يا رسول اللّه رأيت عضوا من أعضائك في بيتي.
3- وفي مسند أحمد 6 / 339 : تكفلينه بلبن ابنك قثم. قال فولدت حسنا فأعطيته فأرضعته.
4- وفي صحيح الترمذي 13 / 159 : يعلى بن مرة.
5- وأضاف في تاريخ بغداد 2 / 238 : فماست الجنة ميسا كما تميس العروس.

[1053] إسماعيل بن صالح ، باسناده ، أن فاطمة علیهاالسلام قالت لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا رسول اللّه إن أمّ سلمة قد غلبتني على الحسن والحسين ما يبرحان من عندها ولست أصبر عنهما.

فقال ذلك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لام سلمة.

فقالت : يا رسول اللّه إني احبهما حبا شديدا.

فقال لها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أتحبينهما؟

فقالت : أي واللّه احبهما.

فأعاد ذلك عليها ثلاثا ، وهي تقول مثل ذلك.

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : والذي بعثني بالحق نبيا [ أنهما ] لسيد الشباب أهل الجنة.

[1054] أبو سعيد الاشج ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، قال : سئل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أيّ أهلك أحبّ إليك؟

قال : الحسن والحسين.

وكان يقول لفاطمة صلوات اللّه عليها : دعي ابنيّ أشمهما.

ويضمهما إليه.

[1055] وبآخر ، أن النبي صلی اللّه علیه و آله سمع بكاء الحسن والحسين علیهماالسلام ، فقام فزعا مسرعا نحوهما حتى علم حالهما.

ثم قال : إن الولد لفتنة لقد قمت وما أعقل (1).

[ قسّم ماله لوجه اللّه مرتين ]

[1056] حسن بن حسين ، باسناده ، أن الحسن (عليه السلام) قاسم ربه ماله مرتين (2).

ص: 113


1- وفي المناقب 3 / 385 : لقد قمت إليهما وما معي عقلي.
2- وفي سنن البيهقي 4 / 331 وحلية الأولياء 2 / 37 : قاسم اللّه تعالى ماله ثلاث مرات.

وفي حديث آخر حتى الخف بالخف والنعل بالنعل.

يعني : أنه أخرج نصف ماله مرتين ، فتصدق به في سبيل اللّه عزّ وجلّ (1).

[1057] وبآخر ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال :

إن الولد ريحانة من اللّه قسّمها بين العباد ، وإن ريحانتي من الدنيا الحسن والحسين سميتهما باسمي سبطي بني إسرائيل.

[ ضبط الغريب ]

الريحان : كل نبت طيب ، وخصّوا به الآس لبقائه على الزمان لا يتناثر ورقه.

فشبه صلی اللّه علیه و آله الولد به لأنه من أطيب النبات ، وشبه بريحه ريح الولد.

[1058] حسن بن حسين ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه خرج بالحسن والحسين ، فقال : من أحب اللّه ورسوله فليحب هذين.

[1059] أحمد بن إسماعيل ، باسناده ، عن محمد بن علي علیه السلام ، أنه قال :

بعث اللّه عزّ وجلّ أملاكا ، فأبطأ أحدهم ، فأوهى اللّه جناحه. فسقط على جزيرة من جزائر البحر. فلما دنا مولد الحسين علیه السلام بعث اللّه جبرائيل علیه السلام ببشارته الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فمرّ بذلك الملك ، فقال له : أيها الملك الطيب ريحه الحسن وجهه الكريم على ربه ، ألا تدعو الى ربك أن يطلق جناحي هذا الواهي.

ص: 114


1- أي : كان يعطى النعل ويمسك النعل ويعطي الخف ويمسك الخف.

فقال له : ليس ذلك لي ولكني قد أرسلت الى من هو أكرم على اللّه مني ، وسأسأله أن يدعو اللّه لك.

فلما بشّر جبرائيل النبي صلی اللّه علیه و آله بمولد الحسين علیه السلام فقال له : يا محمد إني مررت بملك على جزيرة من جزائر البحر قد وهي جناحه ، فسألني أن أدعو اللّه له. فقلت : إني ارسلت الى من هو أكرم على اللّه مني وسأسأله أن يدعو اللّه لك ، فادع له يا محمد.

قال : فدعا اللّه له النبي صلی اللّه علیه و آله . فأوحى اللّه عزّ وجلّ الى جبرائيل أن يأمر ذلك الملك أن يدفّ دفيفا الى المولود - يعني الحسين علیه السلام - فيمسح جناحه الواهي به فإنه يصح. ففعل ذلك ، فصحّ جناحه ، وعرج الى السماء.

قال محمد بن علي علیه السلام : أفترى أن قوما قتلوا الحسين يفلحوا أبدا!

[ ضبط الغريب ]

قوله : يدفّ دفيفا.

دفيف الطائر ، أن يدفّ بجناحيه : أي يضربهما ويحركهما للطيران ورجلاه في الأرض. والدفيف : أيضا السير البطيء (1).

عرج ، العروج : الارتقاء الى فوق. والمعراج : ما يرقى عليه.

[1060] جعفر بن فروي ، باسناده ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كان جالسا مع أصحابه إذ أقبل إليه الحسن والحسين علیهماالسلام وهما صغيران ، فجعلا ينزوان عليه ، فمرة يضع لهما رأسه ، ومرة يأخذهما إليه ، فقبّلهما ورجل (2) من جلسائه ينظر إليه كالمتعجب من ذلك.

ص: 115


1- لسان العرب 9 / 104.
2- وهو أبو بحر الاقرع بن حابس بن عقال المجاشعي الدارمى من جملة المؤلفة قلوبهم وهو من سادات تميم. وهو المنادي من وراء الحجرات ( تاج العروس 6 / 44 رجال السيد الخوئي 3 / 228 ).

ثم قال : يا رسول اللّه ما أعلم أني قبّلت ولدا إليّ قط.

فغضب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حتى التمع لونه.

فقال للرجل : إن كان لله عزّ وجلّ قد نزع الرحمة من قلبك فما أصنع بك ، من لم يرحم صغيرنا ، ويعزز كبيرنا فليس منا.

[ ضبط الغريب ]

قوله : ينزوان يقول : يثبان. والنزو : الوثبان. ومنه نزو البهائم : إنما هو وثبان ذكروها على اناثها ، وهو الذي وصف به ذلك. وكني عن السفاد.

وقوله : التمع لونه.

أي : تغيّر. يقال منه : التمع وجه الرجل : إذا تغيّر. واللمع والتلمع في الحجر والثوب ، والشيء يكون من ألوان شيء. ويقال : المعت الناقة ، فهي تلمع الماعا : إذا حملت ، وتلمّع ضرعها : أي تلون ألوانا ، من ذلك قول لبيد :

مهلا أبيت اللعن لا تأكل معه

إن استه من برص ملمّعه (1)

يعني : لمعة بياض أو لمعة سواد أو حمرة كذلك يتلون وجه الانسان ، إذا غضب واشتد غضبه بحمرة وبصفرة وربدة. فمن ذلك يقال : التمع وجهه. والتمع لونه : إذا تلون الوانا.

وقوله : يعزز كبيرنا.

أي : يجلّه ويعظّمه.

[1061] إسماعيل بن زيد (2) ، باسناده ، عن محمد بن علي علیه السلام ،

ص: 116


1- لسان العرب 8 / 324.
2- وأظنه اسماعيل بن زيد الطحان. وذكره ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 400 : اسماعيل بن بريد راجع تخريج الأحاديث.

أنه قال :

أذنب رجل ذنبا في حياة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فطلب ، فتغيب حتى وجد الحسن والحسين علیهماالسلام في طريق خال ، فأخذهما ، فاحتملهما على عاتقه وأتى بهما الى النبي صلی اللّه علیه و آله فقال : يا رسول اللّه ، إني مستجير باللّه وبهما.

فضحك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله حتى ردّ يده الى فمه. ثم قال للرجل : اذهب ، فأنت طليق.

وقال للحسن وللحسين علیهماالسلام : قد شفعتكما فيه أي فتيان. فأنزل اللّه عزّ وجلّ : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوَّاباً رَحِيماً ) (1).

[1062] وبآخر ، عبد اللّه بن شداد بن الهاد ، باسناده ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كان يصلّي بالناس ، فأتى الحسين علیه السلام وهو صغير ، فركب على ظهره ، وهو ساجد ، فأطال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله السجود ، حتى نزل ، فرفع ، وأتم الصلاة ، وانصرف ، ولم يكن علم الناس أمر الحسين علیه السلام .

فقالوا : يا رسول اللّه ، لقد أطلت السجود حتى ظننا أنه حدث أمر (2).

فقال : إن ابني هذا ارتحلني فكرهت أن اعجله حتى يقضي حاجته.

[ ضبط الغريب ]

قوله : ارتحلني.

ص: 117


1- النساء : 64.
2- وأضاف في مسند أحمد 6 / 467 : أو أنه يوحى إليك.

يقال : ارتحل الرجل إذا استوى على راحلته ليمضي. وارتحل البعير رحلة : أي سار ، فجرى ذلك في الكلام حتى قيل : ارتحل البعير في المسير.

[1063] وبآخر ، أن الحسن لم يسمع منه قط كلمة فيها مكروها [ إلا ] مرة واحدة ، فانه كان بين [ الحسن ] (1) علیه السلام وعمرو بن عثمان خصومة في أرض ، فذكر ذلك الحسين للحسن علیهماالسلام .

فقال الحسن علیه السلام : ليس لعمرو عندنا إلا ما يرغم أنفه. فقيل : إن هذه الكلمة هي التي حفظت عنه (2) وذلك لما نحله رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

ص: 118


1- هكذا صححناه وفي الاصل : الحسين علیه السلام .
2- وفي الصواعق المحرقة ص 83 : فهذه أشد كلمة فحش سمعتها منه.

[ في حظيرة بني النجار ]

اشارة

[1064] الأعمش ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، قال : بينا نحن عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذ أتاه عن فاطمة علیهاالسلام أن الحسن والحسين علیهماالسلام خرجا عنها ، فلم تدر أين هما. وأنها طلبتهما فلم تجدهما.

فقال لها : أي بنية (1) إن اللّه عزّ وجلّ حافظهما.

ثم رفع يديه الى السماء ، فقال : اللّهمّ احفظ ولديّ حيث كانا ، وأين أخذا ، فهبط عليه جبرائيل علیه السلام .

فقال : يا محمد إن اللّه يقرئك السلام ، ويقول لا تحزن عليهما فهما في حفظي حيث كانا ، وأين توجها ، وهما الآن في حظيرة بني النجار ، وقد وكلت بهما ملكين يحفظانهما.

فقام رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وقمنا معه الى الحظيرة ، فوجدهما نائمين وقد اعتنقا. فأكبّ عليهما يقبّل ما بين أعينهما حتى استيقظا ، فحملهما على عاتقيه ، وجعل يسرع لبيت فاطمة علیهاالسلام بهما حتى وصل بهما المسجد ، فأصاب جماعة من الناس قد فزعوا لذلك.

ص: 119


1- وفي فرائد السمطين 2 / 92 : فقال لها : لا تبكين يا بنية.

فقال : أيها الناس ألا اخبركم بخير الناس أبا وأما؟

فقالوا : بلى يا رسول اللّه.

[ قال ] : هما هذان الحسن والحسين ، وأبوهما علي وصيي أفضل الوصيين ، وامهما فاطمة ابنتي أفضل نساء العالمين. ألا اخبركم بخير الناس جدا وجدة؟

فقالوا : بلى يا رسول اللّه.

قال : هذان الحسن والحسين جدهما رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وجدتهما خديجة أول من آمن باللّه ورسوله. ألا اخبركم بخير الناس عما وعمة؟

قالوا : بلى يا رسول اللّه.

قال : هذان الحسن والحسين عمهما جعفر الطيار في الجنة وعمتهما أم هاني بنت أبي طالب ما أشركت باللّه طرفة عين. ألا اخبركم بخير الناس خالا وخالة؟

فقالوا : بلى يا رسول اللّه.

قال : هذان الحسن والحسين خالهما القاسم ابن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وخالتهما زينب بنت رسول اللّه.

ثم قال : اللّهمّ إنك تعلم أنهما وأباهما وامهما وجدهما وجدتهما وخالهما وعمهما وعمتهما في الجنة وأن شيعتهما ومحبيهما في الجنة (1).

[ ضبط الغريب ]

قوله : حظيرة بني النجار.

الحظيرة : ما حظر : أي ما منع بحائط أو ذرب أو غيره ذلك من البساتين

ص: 120


1- وفي فرائد السمطين أضاف : ومن أبغضهما في النار.

وغيرهما من الأرض. والحظر : المنع.

ففضل الحسن والحسين علیهماالسلام فضل لعلي وفاطمة علیهماالسلام لأنهما أبواهما ، وفضل للأئمة من ولد الحسين صلوات اللّه عليهم أجمعين. لأن الحسين أبوهم والحسن عمهم. وفضل لمن تولاهم ، أو دان بحبهما وإمامتهما وتبرأ من أعدائهما ومن نصب لهما واستأثر بحقهما بقدر ما لكل امرئ منهم من ذلك باستحقاقه من الفضل والمثوبة والأجر ، وبقدر ذلك وعلى حبه يكون لأعدائهم ومناصبيهم وغاصبيهم حقهم وقاتليهم وخاذليهم والمتوثبين عليهم ولأعوانهم وأوليائهم من النقيصة والإثم والوزر كما جاء عن الحسين بن علي علیه السلام أنه قال :

من تولانا بقلبه وذبّ عنا بلسانه ويده فهو معنا في الرفيق الأعلى ، ومن تولانا بقلبه وذبّ عنا بلسانه وضعف أن يذبّ عنا بيده فهو معنا في الجنة دون ذلك ، ومن تولانا بقلبه وضعف أن يذبّ عنا بلسانه ويده فهو معنا في الجنة دون ذلك.

ومن أبغضنا بقلبه وأعان علينا بلسانه ويده فهو في الدرك الأسف من النار ، ومن أبغضنا بقلبه وأعان علينا بلسانه ولم يعن علينا بيده فهو في النار فوق ذلك ، ومن أبغضنا بقلبه ولم يعن علينا بلسانه ولا بيده فهو في النار فوق ذلك.

على هذه السبيل يكون درجات محبيهم في الجنة ومبغضيهم في النار.

ص: 121

مصاب الحسن عليه السلام

[ ذكر ما قام به الحسن الى أن مات مسموما ]

فبعد الذي ذكرنا مما نصّ به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على امامة علي علیه السلام وفضله ، وما ذكرناه قبله ، وما ذكرناه في الباب الذي قبل هذا الباب من نصه على فضل الحسن والحسين صلوات اللّه عليهما ، والاخبار عن مكانهما وموضعهما منه ، والأمر بولايتهما ومحبتهما والترغيب في ذلك ، والنهي عن بغضهما وعداوتهما ، والتحذير من ذلك ، نذكر ما ارتكب به الحسن بن علي علیه السلام وما استحلّ منه.

[ أسباب صلح الحسن ]

إنه لما أصيب علي علیه السلام وأفضت الامامة الى الحسن علیه السلام جمع له معاوية جموع طغام الشام ، ومن استمع له بالبذل والإطعام من السحت والحرام ، وقد قتل أنصار الدين واكثر المؤمنين ، واستفحل أمر المتغلبين ، ومال اكثر الناس ميلهم لما به من الدنيا استمالوهم.

وأقبل معاوية بجموعه الى الحسن علیه السلام ولم يجد علیه السلام من الناس من يلقاه بمثلهم. وقد تقدم من القول فيما كان من أمير المؤمنين علي علیه السلام من استنهاضهم الى قتال معاوية وأصحابه ، وتحريضهم على ذلك

ص: 122

وتخلفهم عنه غير قليل لا يقوم له ما يريده بهم ، وهم الذين خلصوا للحسن علیه السلام .

ووجه إليه معاوية يسأله تسليم الأمر إليه ، ويدعوه الى ذلك ، ويبذل له ولشيعته وأنصاره الأمان والبر والإكرام ، والرغائب الجسام.

فلما لم يجد الحسن غير ذلك أجابه الى ما لم يجد بدّا منه ، وما ليس يقطعه عن حقه ، ولا يدفعه عن الإمامة له ، لأن الامامة حق من حقوق اللّه عزّ وجلّ وأمر من أمره ليس يوجبها لغير أهلها ترك أهلها لا تسليم اياها لمن تغلب عليهم فيها.

كما لم يجب ذلك لمن تقدم [ المستأثرين ] بها لتسليم صاحبها إياها لمن توثب عليها واغتصبها وذلك مثلما لا خلاف بين الامة أن الإمام إذ استقضى قاضيا أو استعمل عاملا ، فسلّم ذلك القاضي القضاء ، أو ذلك العامل العمالة الى غيرهما ، أو خرجا فما جعل من ذلك لهما أن ذلك لا يوجب لمن خرجا من ذلك إليه أخذه بخروجهما وتسليمهما عن رضا ولا عن كره. والإمامة أعلى وأجل من ذلك وأوجب أن لا يكون إلا لمن جعلها اللّه له وأقامه لها ، وليس التغلب على ظاهر أمرها ، مما يزيل من جعلت له عنها سلّمها أو لم يسلّمها. وعلى الامة ألا يأتمّون إلا بمن جعل اللّه عزّ وجلّ الإمامة له بنصّ الرسول صلی اللّه علیه و آله كما تقدم بذلك القول. وبنصّ إمام على إمام الى أن تقوم الساعة.

فاهتبل معاوية الفرصة وتغلب على ظاهر أمر الإمامة والامة.

ثم جعل معاوية يبغي بالحسن الغوائل ، ويحتال عليه بالحيل ليفتك به كما فتك بأبيه علیه السلام من قبله صلوات اللّه عليهما. فلم يمكنه من ذلك ما أراد إلا بأن دسّ إليه من سمه ، فمات مسموما علیه السلام .

[ معاويه يتآمر ]

[1065] يحيى بن الحسين بن جعفر ، باسناده ، أن الحسن علیه السلام سقي السم ، وأن معاوية بعث الى امرأته جعدة بنت الاشعث بن

ص: 123

القيس (1) مائة الف درهم. وكان بينها وبين الحسن منازعة. وهمّ بطلاقها - فكان مطلاقا (2) - ، فأرسل إليها سما لتسقيه إياه ، ووعدها بأن يزوجها من ابنه يزيد ، وأن ينيلها من الدنيا شيئا كثيرا ، فحملها ما كان بينها وبين الحسن علیه السلام ، وما تخوفت من طلاقه إياها ، وما عجله لها معاوية وما وعدها به على أن سقته ذلك السم.

فأقام أربعين يوما في علة شديدة.

[ الحسن يوصي ]

[1066] وكان مما حكي عن الحسن علیه السلام أنه قام الى المثحم (3) وعنده جماعة من شيعته ، [ وفيهم ] الحسين علیه السلام ثم جاءهم.

فقال : ما جئتكم حتى لفظت طائفة من كبدي ، ولقد سقيت السم مرارا ، فما كان بأشدّ عليّ من هذه المرة ، وأنا ميّت.

فقال الحسين علیه السلام : فمن [ فعل ] بك ذلك؟

قال : وما تريد من ذلك ، تريد أن تطلب بثاري؟ دعني ومن صنع بي ذلك الى يوم القيامة الوقوف معه بين يدي اللّه ، ولا تحدثن في ذلك بعدي حدثا (4).

ص: 124


1- قال الصادق علیه السلام : إن الاشعث بن قيس شرك في دم أمير المؤمنين ، وابنته جعدة سمت الحسن ، ومحمد ابنه شرك دم الحسين علیه السلام ( الكافي 8 / 167 ).
2- هذه من التهم الاموية التي تنسب للامام الزكي سبط رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وان فعلتها ما كان تخوفا من الطلاق ، بل من خسة ذاتها ودناءة نفسها التي سولت لها في ارتكاب هذه الجريمة. ولذا لما جاءت الى معاوية تطالبه الوفاء بما وعدها ، فقال لها : إنا لم نرضك للحسن فنرضاك لأنفسنا.
3- هكذا في الاصل. وأظنه المخدع كما في بعض الروايات : وهو بيت صغير الذي يكون داخل البيت الكبير.
4- وفي مقاتل الطالبيين ص 48 : وما تريد منه؟ أتريد أن تقتله إن يكن هو هو فاللّه أشد نقمة منك وإن لم يكن هو فما احب أن يؤخذ بي بريء.

وفوض الأمر إليه وأقامه المقام الذي أقامه اللّه عزّ وجلّ ورسوله صلی اللّه علیه و آله فيه ونصّ عليه في محضر من شيعته ، وعرّفهم أنه القائم في مقام الامامة بعده مع ما سبق إليهم ، واطلعوا عليه فيهما من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ومن أمير المؤمنين علیه السلام ، وأوصاه أن يدفنه مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إن لم ينازع في ذلك ، [ فإن ] نازعه في ذلك منازع ترك ذلك ودفنه في الجبانة الى جانب أمه فاطمة صلوات اللّه عليهما.

[ موقف عائشة من دفن الحسن ]

وقيل : إن ذلك انتهى الى عائشة ، واختلف القول فيه عنها.

فقال قوم : إنها قالت : ألا ما في البيت إلا مكان قبر واحد كنت أردته لنفسي ، والحسن أحقّ به مني (1).

وقيل : بل منعت من ذلك أشدّ المنع ، وركبت بغلا ، وخرجت الى جماعة بني أمية ، تقول : هكذا اغتصب علي بيتي (2) ، ويدفن الحسن في مكان أعددته لنفسي.

وقيل : إن بعض الشعراء قال في ذلك شعرا يقول فيه :

( فيوما على بغل ويوما على جمل ) (3).

ص: 125


1- قال المحب الطبري في ذخائر العقبى ص 141 : وقد كانت عائشة أباحت له أن يدفن مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في بيتها وكان سألها ذلك في مرضه ، فلما مات منع من ذلك مروان وبنو أمية.
2- رواه بتفاوت المجلسي في بحار الانوار 44 / 154 في ذيل حديث 24.
3- وقال آخر : أيا بنت أبي بكر *** لا كان ولا كنت لك التسع من الثمن *** ففي الكل تصرّفت تجمّلت تبغّلت *** وإن عشت تفيّلت

واللّه أعلم أيّ ذلك كان منهما.

وكان سعيد بن العاص عاملا لمعاوية على المدينة (1) ، وكان بها يومئذ مروان بن الحكم. فانتهى الذي قاله الحسن علیه السلام الى سعيد ، وقال له بنو أميّة : ما أنت صانع في ذلك؟ هؤلاء يريدون أن يدفنوا الحسن مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وهم قد منعوا عثمان من ذلك.

فقال سعيد : ما كنت بالذي أحول بينهم وبين ذلك.

فغضب مروان بن الحكم ، وقال : إن لا تصنع في هذا شيئا فخلّ بيني وبينهم.

فقال : أنت وذلك.

فجمع مروان بني أميّة وحشمهم ومواليهم وأخذوا السلاح.

فبلغ ذلك الحسن ، فقال للحسين علیه السلام : أناشدك اللّه أن تهيج في هذا الأمر ، وادفني مع أمي.

وتأكيد ذلك عليه ، واستحلفه فيه. ومات الحسن علیه السلام .

وبلع الحسين علیه السلام اجتماع من جمعه مروان ، وأنهم قد أخذوا السلاح ووقفوا ليمنعوا من دفن الحسن مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فحمي لذلك واهتاج له.

وكان علیه السلام أبيّ النفس شهما شجاعا. وجاءه مواليه وشيعته ، فأمرهم فأخذوا سلاحهم.

واحتمل سرير الحسن علیه السلام ليصلّي عليه. وخرج سعيد بن العاص ، فدفع الحسين علیه السلام في قفاه ، وقال له : تقدم لو لا السنّة ما قدمتك (2).

ص: 126


1- ولاه عثمان الكوفة ثم المدينة ، اعتزل الجمل وصفين مات بالعقيق 59 ه.
2- مقاتل الطالبيين ص 50.

يعني على ظاهر الأمر أن السلطان أو من أقامه للصلاة بالناس ، إذا حضر الجنازة كان أحق بالصلاة عليها من وليها.

فصلّى عليه سعيد بن العاص ، فلما انصرف قام عبد اللّه بن جعفر الى الحسين علیه السلام ، فقال له : عزمت عليك لما امتثلت وصية أخيك ولم تخالفه ، وتلقح شرا.

ووقف الى جمع بني أميّة ، فقال : قد علمتم الحسين بن علي علیه السلام ، وإنه لا يقرّ على الضيم ، وقد أوصاه أخوه أن يدفنه بالبقيع (1) ، فلا تلجئوه الى أن يلقح شرا بوقوفكم ، فانصرفوا.

وتقدم عبد اللّه بن جعفر (2) فأخذ بمقدم السرير ولم يزل بالحسين علیه السلام حتى أجابوا. ومضى نحو البقيع ، فدفنه الى جنب فاطمة علیهاالسلام ، كما اوصي بذلك ، وانصرفوا. وسبق الخبر الى معاوية بموت الحسن علیه السلام في الوقت الذي مات فيه قبل أن يدفن ، وإنه أوصى أن يدفن مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فأظهر لموته سرورا. وقال : إن صدق ظني بمروان فبمنعه من دفنه مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وجعل يقول : إيها مروان.

فلما دفن أرسلوا رسولا إليه ثانيا بالخبر ، ففرح لذلك ، وأثنى على مروان خيرا.

[ بنت الأشعث قاتلة وخائنة ]

[1067] يحيى ، باسناده ، عن مغيرة ، أنه ذكر وفاة الحسن علیه السلام فقال :

ص: 127


1- بقيع الغرقد وهو مقبرة أهل المدينة. ( عمدة الاخبار ص 276 ).
2- ولد في الحبشة ابن أخي أمير المؤمنين علیه السلام ، جاء مع أبيه الى المدينة ، لقب ببحر الجود لكرمه ، كان مع علي يوم صفين ، وهو زوج عقيلة بني هاشم زينب الكبرى ، توفي بالمدينة 80 ه.

أرسل رجل (1) الى امرأته جعدة بنت أشعث بمائة ألف درهم.

وقال لها : إني ازوجك ابني. وبعث إليها شربة سم لتسقيه إياها.

ففعلت. فصوغها الدراهم ، ولم يزوجها ابنه.

كنى عن ذكر معاوية للتقية.

قال : فتزوجها بعد الحسن رجل من آل طلحة وأولدها أولادا ، وكانوا يعيرون بذلك. [ وقالوا : يا بني مسمة الازواج ] (2).

[1068] وبآخر ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : كان الحسن علیه السلام قد سقي السم ، سقته امرأته إياه - جعدة بنت الاشعث - فكانت نفسه فيه ، واعطيت على ذلك مالا كثيرا.

فو اللّه ما خار اللّه لها ، وكان الخيرة والغبطة لابن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فيما أصان اللّه إليه من نعيم الآخرة ، وكان الذي أعطاها ذلك ، وأرسله إليها على ذلك غير مصيب ولا موفق ، وخرج من الدنيا ملوما مذموما ، قد سلب اللّه ما كان فيه ، وأخرجه منه الى ضيق ما استودع من حضرته ، وكان اللّه حسيبه.

[1069] وبآخر ، عن يحيى ، قال : توفي الحسن علیه السلام وسعد بن أبي وقاص (3) بعد ما مضت من إمارة معاوية عشر سنين ، أنهما سقيا السم.

وقيل : إن رجلا بعث الى زوجة الحسن علیه السلام - بنت الأشعث بن القيس - مائة ألف درهم وشربة من سم أن تسقيه الحسن علیه السلام ، ففعلت ، فمات منها ، وأوصى أن يدفن مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، إلا أن يخاف أن يهراق في ذلك دم. وأرادوا

ص: 128


1- وفي بحار الانوار 44 / 155 الحديث 25 : صرح في الحديث اسم معاوية.
2- ما بين المعقوفتين من مقاتل الطالبيين ص 48.
3- القرشي وكان من أفراد الشورى توفي بالمدينة 55 ه.

ذلك ، فجمع لهم مروان من كان هناك من بني أميّة وحشمهم ومواليهم وأخذوا السلاح. فبلغ ذلك الحسين علیه السلام فجاءهم ومن معه من مواليه وشيعته في السلاح ليدفنوا الحسن علیه السلام في بيت النبي صلی اللّه علیه و آله .

وأقبل مروان هو وأصحابه ، وهو يقول :

يا رب هيجا هي خير من دعة ، أيدفن عثمان في البقيع ، ويدفن الحسن بن علي في بيت النبي!؟ واللّه لا يكون ذلك أبدا وأنا أحمل السيف (1) ، وكادت أن تقع الفتنة. وأبى الحسين علیه السلام إلا مع النبي صلی اللّه علیه و آله ، وكلّمه عبد اللّه بن جعفر والمسور بن مخرمة في أن يدفنه في البقيع كما عهد إليه. وقال له عبد اللّه بن جعفر :

عزمت عليك باللّه أن تكلمني كلمة (2).

وأخذ بمقدم السرير ومضى نحو البقيع ، فانصرف مروان. وبلغ معاوية ما كان أراده من دفن الحسن علیه السلام في بيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله (3).

فقال : ما أنصفنا بنو هاشم حيث يريدون دفن الحسن في بيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وقد منعوا عثمان من ذلك (4) ، ولئن كان ظني بمروان صادقا ، فلن يصلوا الى ذلك.

ص: 129


1- أيتذكر هذا الرجل عثمان وينسى صفح وعفو أمير المؤمنين في يوم البيعة ويوم الجمل وما قاله في ذلك اليوم. راجع الجزء الرابع الحديث 333. هكذا يرد الجميل؟ ونعمّ ما قاله الشاعر : وحسبكم هذا التفاوت بيننا *** وكل إناء بما فيه ينضح
2- راجع مقاتل الطالبيين ص 48.
3- مقتل الخوارزمي ص 138.
4- لانه أقرب من الحسن الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أو لأمر آخر لا نعرفه لعله العصبية القبلية التي نبذها الاسلام والتزم بها المنافقون.

وجعل يقول : إيها مروان ، أنت لها.

[1070] الزبير بن عباد ، باسناده ، عن [ يحيى بن ] عبد اللّه بن علي : أن الحسن علیه السلام أصابه بطن. فلما أيقن بالموت ، أرسل الى عائشة أن يدفن مع رسول اللّه.

فقالت : نعم (1) ، وما بقي إلا موضع قبر واحد كنت أردته لنفسي.

فلما سمع بذلك بنو أميّة استلأموا السلاح هم وبنو هاشم للقتال. فبلغ ذلك الحسن علیه السلام ، فقال لأهله :

أما إذا كان هذا فلا حاجة لي بذلك ، ادفنوني في جانب أمي فاطمة علیهاالسلام .

[ ضبط الغريب ]

استلأموا السلاح.

اللامة : الدرع. فاذا لبسها الرجل ، قيل : استلأم مهموز.

[ نعي الحسن ]

[1071] وبآخر ، عن أبي اليقظان (2) ، قال :

قدم البصرة بوفاة الحسن علیه السلام عبد اللّه بن سنان الهزلي مسرعا في السير بذلك.

فقال الجارود بن أبي سيرة في ذلك :

اذا ما يريد السوء أقبل نحونا *** بإحدى الدواهي الربد سار فأسرعا

ص: 130


1- وفي ذخائر العقبى ص 142 : نعم حبا وكرامة.
2- وأظنه عمار بن أبي الاخوص.

فان كان شرا سار يوما وليلة *** وان كان خيرا أقسط السير أربعا

[ ضبط الغريب ]

قوله : الربد.

جمع ربداء. والربدة لون بين السواد والصفرة كلون الرماد. وهو لون قبيح ، فنسب الداهية إليه ووصفها به كأنه قال : داهية مظلمة.

وقوله : أقسط السير أربعا.

قسمه على أربع مراحل. يقال منه : قد قسط القدم الشيء بينهم إذا قسموه على العدل. والقسط : بالسوية.

ولما جاء خبره نعاه زياد لجلسائه. وخرج الحكم بن العاص الثقفي ، فنعاه الناس ، فعلت الأصوات بالبكاء عليه.

[ متى ذلّ الناس؟ ]

[1072] وبآخر ، عن عمرو بن بشير (1) ، قال : قلت لأبي إسحاق : متى ذلّ الناس؟

قال : لمّا مات الحسن بن علي علیه السلام وقتل حجر بن عدي (2) وادعى زياد (3).

[ وداعا يا أبا محمد ]

[1073] وبآخر ، أن الحسن بن علي علیه السلام توفي وهو ابن ثماني

ص: 131


1- وفي مقاتل الطالبيين ص 50 : عمر بن بشر.
2- وقد مرّ خبره.
3- زياد بن أبيه ادعاه معاوية أنه ابن أبي سفيان.

وأربعين سنة. وكانت وفاته في شهر ربيع الاول سنة تسع وأربعين.

وقيل : في صفر من سنة خمسين بعد سنة احدى وخمسين (1).

ص: 132


1- انساب الاشراف 3 / 64. المراثي رثاه الامام الحسين علیه السلام قائلا : أأدهن رأسي أم تطيب مجالسي *** ورأسك معفور وأنت سليب أو أستمتع الدنيا لشيء احبه *** ألا كل ما أدنا إليك حبيب فلا زلت أبكي ما تغنت حمامة *** عليك وما هبّت صبا وجنوب وما هملت عيني من الدمع قطرة *** وما اخضرّ في دوح الحجاز قضيب بكائي طويل والدموع غزيرة *** وأنت بعيد والمزار قريب غريب وأطراف البيوت تحوطه *** ألا كل من تحت التراب غريب ولا يفرح الباقي خلاف الذي مضى *** وكل فتى للموت فيه نصيب فليس حريب من اصيب بماله *** ولكن من وارى أخاه حريب نسيبك من أمسى يناجيك طيفة *** وليس لمن تحت التراب نسيب وقال سليمان بن قتة : يا كذب اللّه من نعى حسنا *** ليس لتكذيب قوله ثمن أحول في الدار لا أراك وفي النا *** ر اناس جوارهم غبن كنت خليلي وكنت خالصتي *** لكل حيّ من أهله سكن وقال النجاشي : يا جعد بكيه ولا تسأمي *** بكاء حق ليس بالباطل على ابن بنت الطاهر المصطفى *** وابن ابن عم المصطفى الفاضل كان اذا شبت له ناره *** يوقدها بالشرف القابل كيما يراها بائس مرمل *** أو ذو اغتراب ليس بالآهل لن تغلقي بابا على مثله *** في الناس من حاف ولا ناعل نعم فتى الهيجاء يوم الوغى *** والسيد القائل والفاعل وقال رجل من غطفان : بنو حسن كانوا مناخ ركابنا *** قديما وما كنا ابن عمران نتبع وقال أبو اليقظان : أتاني فوق العال من أرض مسكن *** بأن إمام الحق أمسى مسالما فما زلت مذ نبئته بكآبة *** أراعي النجوم خاشع الطرف واجما فراجعت نفسي ثم قلت لها اصبري *** فإن الإمام كان باللّه عالما

فهذه جملة من القول فيما اوتي الى الحسن بن علي علیه السلام وما ارتكب بنو أميّة منه لعداوتهم لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ولأهل بيته علیهم السلام ولمطالبتهم إياهم بثأر من قتل منهم على أيديهم من المشركين من آبائهم وأوليائهم وحقد الجاهلية المتقدم فيهم عليهم.

ص: 133

[ مقتل الحسين عليه السلام ]

[ ذكر ما ارتكبوه من الحسين علیه السلام ]

[1074] محمد بن إبراهيم ، باسناده ، عن عائشة ، قالت : أجلس رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الحسين على فخذه ، فأتاه جبرائيل علیه السلام ، فقال له : [ تحبه؟

قال : ألا احبّ ابني ] (1).

[ قال : ] يا محمد ، إن امتك ستقتل ابنك هذا من بعدك.

فدمعت عينا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

فقال له جبرائيل علیه السلام : إن شئت أتيتك بتربة الأرض التي يقتل فيها.

قال : نعم.

فأتاه بتراب من تراب الطف.

[ الرسول وأمّ سلمة ]

[1075] أبو غسان ، باسناده ، عن زينب بنت جحش زوج النبي صلّى اللّه

ص: 134


1- ما بين المعقوفتين من المناقب 4 / 55.

عليه وآله : رأيت عمة [ النبي صلی اللّه علیه و آله ] أميمة بنت عبد المطلب ، أنها قالت :

كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله نائما في بيتي ، والحسين علیه السلام صبي صغير يجول في البيت. فجاء حتى جلس على بطن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فبال. فبادرت لأخذه. فقال : دعي ابني.

فتركته حتى إذا فرغ. فصبّ عليه ماء ، ثم احتضنه (1). وقام يصلّي ، وكان إذا قام احتضنه [ إليه ، واذا ركع ] وسجد وجلس وضعه على الأرض ، حتى قضى صلاته صلی اللّه علیه و آله ثم يدعو ويرفع يديه (2).

فقلت : يا رسول اللّه لقد رأيتك تصنع في صلاتك شيئا ما رأيتك تصنعه قط! قال : إن جبرائيل علیه السلام أتاني فأخبرني أن ابني هذا يقتل بعدي. وقال : إن شئت أريتك من التربة التي يقتل عليها.

فقلت أرني.

فأراني تربة حمراء.

[1076] سعد بن طريف ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه قال :

دخل الحسين علیه السلام على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو غلام صغير ، فوضعه على بطنه. فأتاه جبرائيل علیه السلام ، فقال :

يا محمد إن ابنك هذا تقتله امتك على رأس ستين سنة من هجرتك.

ص: 135


1- وفي تاريخ دمشق 1 / 181 : ثم دعا بماء وقال : إنه يصب من الغلام ويغسل من الجارية فصبوا صبا ، ثم توضأ وقام يصلّي.
2- وفي مفتاح النجاة ص 135 : فلما جلس جعل يدعو ويرفع يديه.

ثم أراه التربة التي يقتل عليها.

[1077] الأعمش (1) ، عن أبي عبيد ، أنه قال : [ دخلنا على أبي هرثم الضبي حين أقبل من صفين وهو مع علي وهو جالس على دكان ] (2) كنا جلوسا (3) ، فدخلت شاة فبعرت. فقال بعض أصحاب علي علیه السلام : لقد ذكرني هذا البعر حديثا سمعته من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام .

فقيل له : هات بعض هناتكم معاشر الشيعة.

قال : أقبلنا مع أمير المؤمنين علیه السلام من صفين حتى نزل كربلاء ، فصلّى بنا الفجر بين شجرات حرمل ، فلما قضى الصلاة ، انفتل فإذا هو ببعر غزال ، فأخذه ، ففته ، وجعل يشمه.

ثم قال : يحشر من هذا المكان يوم القيامة قوم يدخلون الجنة بغير حساب (4).

[ ضبط الغريب ]

قوله : بعض هناتكم.

يقال : ما رأيت من فلان هناة : أشياء مكروهة. ولا يقال في الخير هناة.

[1078] أبو نعيم ، باسناده ، عن كعب ، أن عليا علیه السلام مرّ به وهو جالس مع قوم.

ص: 136


1- أبو محمد سليمان بن مهران الاسدي الكاهلي الكوفي الاعمش ولد بالكوفة ، وتوفي 145 ه.
2- طبقات ابن سعد - مخطوط -.
3- وفي مقتل الخوارزمي ص 165 : عن أبي فاطمة ، قال : جاء مولاي أبو هرثمة من صفين ، فسلّمنا عليه ، فمرت شاة ، فبعرت ...
4- قال : قالت جرداء ( امرأته وكانت أشد حبا لعلي وأشد لقوله تصديقا ) : وما تنكر من هذا؟ هو أعلم بما قال منك - نادت بذلك وهو في جوف البيت -.

فقال لهم : يقتل ولد لهذا في عصابة لا يجف عرق خيولهم حتى يردوا على محمد صلی اللّه علیه و آله (1).

فمرّ الحسن علیه السلام ، فقالوا له : هو هذا يا أبا إسحاق؟

قال : لا.

ثم مرّ الحسين علیه السلام ، فقالوا له : هو هذا؟

قال : نعم وهذا ما سمعه كعب من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

[ فتية تبكي عليهم السماء والأرض ]

[1079] الدغشي ، باسناده ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال :

سرنا مع علي علیه السلام الى شاطئ الفرات ، فمرّ راهب ، فقال له : يا راهب ، أين العين التي هاهنا؟

قال : لا أعلم بها إلا بالخبر ، فانه يقال : إنه لا يعلم مكانها إلا نبي أو وصيّ نبي.

فأخذ علي علیه السلام مع الوادي ، وجعل ينظر يمينا وشمالا ، ثم قال : احفروا هاهنا.

فحفروا فوجدوا حجرا ، فقال : ارفعوه.

فرفعوه ، فإذا عين ماء تحته. فشربنا وسقينا دوابنا.

ثم قال علي علیه السلام لنا : يقتل هاهنا من آل محمد فتية تبكي عليهم السماء والأرض.

ص: 137


1- وفي أمالي الصدوق ص 121 : سمعت كعب الأحبار يقول : إن في كتابنا ، أن رجلا من ولد محمد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقتل ولا يجف ...

[ أمير المؤمنين يحدّد موضع الشهادة ]

[1080] القاسم بن محمد المروزي ، باسناده ، عن شيب بن محزوم (1) ، أنه قال :

بينا نحن نسير مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام إذ بلغ كربلاء. فقال : ما اسم هذا المكان؟

قالوا : كربلاء.

قال : كرب وبلاء.

ثم نزل ، فقعد علي على رابية ، ثم قال : يقتل في هذا الموضع خير شهداء على ظهر الأرض بعد شهداء رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . ثم قام ، فنظرت فإذا عظام حمار.

[ قال : قلت : بعض كذباته وربّ الكعبة ]

فقلت لغلامي : خذ عظما. فأخذه ، وجاءني به. فقلت له : احفر له هاهنا. حيث جلس أمير المؤمنين علي علیه السلام ، فحفر هنالك حفيرا ، فدفنت فيه العظم ، وأبقيت منه شيئا يسيرا على وجه الأرض ليرى موضعه (2).

فلما قتل الحسين علیه السلام ، قلت لأصحابي : انطلقوا بنا الى المكان الذي قتل فيه الحسين علیه السلام . فإذا جسد الحسين علیه السلام على العظم الذي دفنت ، وأصحابه [ ربضة ] حوله.

ص: 138


1- وفي مقتل الخوارزمي 1 / 161 : شيبان بن محزم. وكان عثمانيا. وفي طبقات ابن سعد : وكان عثمانيا يبغض عليا.
2- وأضاف في مقتل الخوارزمي : ثم ضرب الدهر ضرباته.

[ لا بارك اللّه في يزيد ]

[1081] الليث بن سعد ، باسناده ، عن معاذ بن جبل (1) ، قال :

خرج علينا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ونحن ببابه - أنا وأبو عبيدة - فقال :

إني محمد النبي ، أوتيت مفاتيح الكلام ، فأطيعوني ما دمت بين أظهركم ، فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب اللّه فاحلّوا حلاله وحرّموا حرامه.

ألا وإن أمامكم فتن كقطع الليل ، وقد نعي إليّ حبيبي الحسين ، واخبرت بقاتله وموضع مصرعه. والذي بعثني بالحق لا يقتل بين ظهراني قوم فلا يمنعوه إلا خالف (2) اللّه بين كلامهم ، وألبسهم شنعا.

ويح لأفراخ محمد من جبار عفريت مترف يقتل خلفي وخلف خلفي.

ثم قال : يزيد لا بارك اللّه في يزيد. ودمعت عيناه.

[1082] إبراهيم بن ميمون ، باسناده ، عن علي علیه السلام : أنه قال :

جاء جبرائيل علیه السلام الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فقال : يا رسول اللّه إن الرعد ملك السحاب قد استأذن اللّه في زيارتك ، وهو آتيك.

فبينا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله معنا إذ أتاه ، فسلّم عليه ، فقال له : يا رعد هل لك المنزل؟

ص: 139


1- الأنصاري الخزرجي شهد المشاهد كلها مع الرسول صلی اللّه علیه و آله مات بطاعون عمواس 18 ه نقل السيد الخوئي في رجاله 18 / 184 : عن كتاب سليم بن قيس الهلالي أنه من أصحاب الصحيفة ( وأصحاب الصحيفة هم الذين كتبوا صحيفة والتزموا فيها بازالة الامامة عن علي علیه السلام ).
2- هكذا في الاصل والاصلح : خالفوا.

قال : نعم.

فخرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله والرعد معه حتى انتهيا الى المنزل ، ثم دخلا الحجرة. فدخل رسول اللّه البيت ، ووقف الرعد في [ باب ] الحجرة.

فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ادخل.

فقال : أنا لا أدخل بيتا فيه تصاوير.

قال : وكان نمط (1) لبعض أزواج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيه صور ، موضوع على فراش النبي صلی اللّه علیه و آله .

قال : فما نصنع به البيعة؟

قال : لا ، ولكن ابسطوا وطئوا عليه.

ففعل ذلك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . ودخل الرعد البيت واستلقى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وجاء الحسين علیه السلام فقعد على بطنه.

فقال له الرعد : من هذا يا رسول اللّه؟

قال : هذا ابني وابن ابنتي.

قال : إن امتك ستقتله من بعدك. فإن شئت ارينك تربة البلاد التي يقتل بها.

قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : نعم.

فبسط جناحه نحو المشرق ، وجاء بقبضة من تراب أحمر من كربلاء ، فأعطاها النبي صلی اللّه علیه و آله . فخرج صلی اللّه علیه و آله وهو يبكي ويقول :

هذا المنبئ [ بأن ] الحسين يقتل من بعدي.

ص: 140


1- ثوب من صوف ، ويطرح أيضا على الهودج.

[ هرثمة وحديث الشهادة ]

[1083] هزيمة بن سلمة (1) ، قال : غزوت مع علي علیه السلام صفين ، فلما نزل كربلاء صلّى بنا الفجر ، فلما سلّم على الصفوف رفع إليه من ترابها ، فشمها.

ثم قال : آه لك من تربة ، ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب.

فلما انصرفت قلت لأهلي - وكانت تحبّ عليا صلوات اللّه عليه وتتولاه - (2) : ألا اخبرك عن علي - وقصصت عليها القصة - ، وقلت لها :

وما يدريه بذلك ، وما أطلعه اللّه على الغيب؟

قالت : دعنا منك فإن أمير المؤمنين لم يقل إلا حقا.

فلما نزل الحسين بن علي علیه السلام وأصحابه كربلاء كنت في البعث الذي بعثهم عبيد اللّه الى الحسين علیه السلام ، فلما انتهيت إليهم عرفت الموضع الذي صلّى بنا علي علیه السلام فيه وذكرت قوله. وكرهت مسيري ، وأقبلت على فرسي حتى أتيت الحسين علیه السلام ، فسلّمت عليه ، وحدثته بالذي سمعت من أبيه في ذلك الموضع.

فقال لي : أفمعنا أنت أم علينا؟

قلت : يا ابن رسول اللّه - لا عليك ولا معك تركت ولدا وعيالا أخاف عبيد اللّه.

ص: 141


1- هكذا في الاصل وفي أمالي الصدوق ص 117 : هرثمة بن أبي مسلم ، وكذا في بحار الانوار 44 / 257.
2- وهي جرداء بنت سمين.

فقال علیه السلام : أما لا فولّ هاربا حتى لا تسمع لنا صوتا ، ولا ترى لنا مقتلا - فو الذي نفسي بيده - لا يسمع صوتنا (1) ، ولا يرى مقتلنا اليوم أحد فلا يعيننا إلا أدخله اللّه النار.

فأدبرت هاربا حتى لا أسمع لهم صوتا ، ولا أرى لهم مقتلا.

[1084] علي بن موسى الجهني ، باسناده ، عن صالح بن أربد ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لام سلمة :

اجلسي بالباب ولا يلجن عليّ أحد.

فجاء الحسين علیه السلام - وهو [ صغير ] - (2) ، فذهبت أمّ سلمة لتتناوله ، فسبقها الباب.

قالت : فلما طال عليّ خفت أن يكون قد وجد علي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فتطلعت من الباب فرأيته يقلب بكفيه شيئا ، والصبي نائم على بطنه ودموعه تسيل ، فلما نظر إليّ قال : ادخلي.

قلت : يا رسول اللّه إن ابنك جاء فذهبت لتناوله ، فسبقني. فلما طال عليّ خفت أن يكون وجد عليّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فتطلعت من الباب ، فرأيتك تقلب بكفيك شيئا ، ودموعك تسيل ، والصبي نائم على بطنك.

قال : إن جبرائيل علیه السلام أتاني بالتربة التي يقتل عليها ، وأخبرني أن امتي تقتله.

[1085] محمد بن ربيعة الحضرمي ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، قال : أتاني جبرائيل علیه السلام فقال :

يا محمد إن امتك ستقتل ابنك حسينا من بعدك.

ص: 142


1- وفي أمالي الصدوق : لا يسمع اليوم واعيتنا.
2- هكذا صححناه ، وفي الاصل : وهو وصيف.

قلت : أولا اراجع اللّه فيه؟

قال : إنه أمر قد كتبه اللّه عزّ وجلّ.

ولما مات الحسن علیه السلام ، وأفضت الإمامة من بعده الى الحسين علیه السلام قام بها ودعا الى نفسه واعتقد المؤمنون ولايته وإمامته.

ومات معاوية ، وولى مكانه يزيد ابنه وبلغه أخبار الحسين علیه السلام ، فتواعده ، وهمّ به ، وانتهى ذلك الى الحسين علیه السلام ، وكان بالمدينة.

[ المسير الى كربلاء ]

فتوجه الى مكة بأهله وولده ، فحجّ ، وأراد المسير الى العراق. وكان بالعراق جماعة من أوليائه وأهل دعوته.

وكان مسلم بن عقيل رحمة اللّه عليه قد بايع له جماعة من أهل الكوفة في استتارهم (1).

فلما همّ بالخروج من مكة لقيه ابن الزبير ، فقال : يا أبا عبد اللّه إنك مطلوب ، فلو مكثت بمكة ، فكنت كأحد حمام هذا البيت. واستجرت بحرم اللّه لكان ذلك أحسن لك.

فقال له الحسين علیه السلام : يمنعني من ذلك قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : سيستحلّ هذا الحرم من أجلي رجل من قريش ، واللّه لا أكون ذلك الرجل ، صنع اللّه بي ما هو صانع.

( فكان الذي استحلّ الحرم من أجله : ابن الزبير ) (2).

ص: 143


1- بل علنا وفي المسجد الجامع.
2- في الحادثة التي تعرف بفتنة ابن الزبير.

وخرج الحسين يريد العراق ، فلما مرّ بباب المسجد تمثل بهذين البيتين :

لا ذعرت السوام في فلق الصبح *** مغيرا ولا دعيت يزيدا

يوم أعطي مخافة الموت ضيما *** والمنايا يرصدنني أن احيدا

[ ضبط الغريب ]

السوام : النعم السائمة. وأكثر ما يقولون هذا الاسم على الإبل خاصة.

والسائمة : الراعية التي تسوم الكلأ إذا داومت رعيه ، وهي سوام. والرعاة يسومونها ، أي يرعونها.

وفي رواية اخرى تمثل بهذين البيتين بالمدينة.

[1086] الزبير بن بكار ، باسناده ، عن أبي سعيد المقبري (1) ، قال :

رأيت الحسين بن علي علیه السلام ، وأنه ليمشي بين رجلين يعمد على هذا مرة ، وعلى هذا مرة اخرى حتى دخل مسجد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وهو يقول :

لا ذعرت السوام في فلق الصبح *** مغيرا ولا دعيت يزيدا

يوم أعطي مخافة الموت ضيما *** والمنايا يرصدنني أن احيدا

( وهذان البيتان لابن المفرغ الحميري تمثل بهما الحسين علیه السلام ) (2).

قال : فعلمت بذلك أنه لا يلبث [ إلا قليلا ] حتى يخرج فما لبث إلا قليلا حتى لحق بمكة.

والخبر الأول عن الزبير ، باسناده ، عن مجاهد بن الضحاك ، قال :

لما أراد الحسين علیه السلام الخروج من مكة الى العراق مرّ بباب

ص: 144


1- هكذا صححناه وفي الاصل : المعري.
2- ما بين القوسين من قول المؤلف ولم تكن في الرواية.

المسجد ، فتمثل بهذين البيتين قال :

لا ذعرت السوام ...

وقد يكون قال ذلك في الموضعين جميعا.

[1087] عمرو بن ثابت ، عن أبي سعيد ، قال :

كنا جلوسا مع الحسين بن علي علیه السلام عند جمرة العقبة (1) ، فلقيه عبد اللّه بن الزبير ، فخلا به ، ثم مضى.

فقال لنا الحسين علیه السلام : أتدرون ما يقول هذا؟ يقول : كن حمامة من حمام هذا المسجد ، واللّه لئن اقتل خارجا منه بشبر أحبّ إليّ من أن اقتل فيه ، ولئن اقتل خارجا منه بشيرين أحبّ الي من أن اقتل خارجا منه بشبر.

واللّه لو كنت في جحر هامة لأخرجوني حتى يقضوا فيّ حاجتهم.

واللّه ليعتدوا فىّ كما اعتدت اليهود في السبت.

وفي مسير الحسين علیه السلام الى العراق ، وذكر مقتله علیه السلام خبر طويل.

ص: 145


1- جمرة العقبة : موضع في منى ، يرميه الحاج في ضمن أعمال الحج مع جمرتين - الصغرى والوسطى - بالحصاة.

[ مأساة الطف ]

اشارة

وجملة ذلك باختصار أنه خرج من مكة (1) يريد العراق ، وانتهى ذلك الى

ص: 146


1- وعند عزمه على الخروج الى العراق ، قال في خطبة له : الحمد لله ، وما شاء اللّه ، ولا قوة إلا باللّه ، خطّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة ، وما أولهني الى اسلافي اشتياق يعقوب الى يوسف. وخير لي مصرع أنا لاقيه. كأن بأوصالي تتقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء يملأن مني اكراشا جوفا وأجربة سغبا لا محيص عن يوم خطّ بالقلم. رضا اللّه رضانا أهل البيت ، نصبر على بلائه ، ويوفينا اجور الصابرين. لن نشذ عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لحمته ، بل هي مجموعة له في حضيرة القدس ، تقرّبهم عينه وينجز لهم وعده. ألا ومن كان فينا باذلا مهجته ، وموطنا على لقاء اللّه نفسه ، فليرحل معنا ، فاني راحل مصبحا إن شاء اللّه. ضبط الغريب : خطّ الموت : كتب الموت. الاسلاف : الآباء المتقدمين. الأوصال : الأعضاء. عسلان : الذئاب الكثيرة السريعة العدو. وخلاصة المعنى ( كأن بأوصالي تتقطعها عسلان الفلوات ) : إن هؤلاء الذين يقاتلونني هم من موضع بين نواويس ( وهي محلة قبور النصارى ) وكربلاء ، وهم أشد قساوة وخسة من الكلاب والذئاب. أجربة : جمع جراب. وهو الهميان ، أطلق على بطونها استعارة. السغب : ( بالفتح ) الجوع. المهجة : الروح الكرش : ما هو في الحيوان بمنزلة المعدة في الانسان.

يزيد بن معاوية لعنة اللّه عليه.

[ مسلم بن عقيل ]

وكان مسلم بن عقيل بن أبي طالب رضی اللّه عنه - كما ذكرنا - قد قدم الكوفة ، وبايع للحسين بن علي علیه السلام جماعة من أهلها.

وكان على الكوفة يومئذ النعمان بن بشير (1) ، وانتهى ذلك إليه. فقال : إن ابن بنت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أحبّ إلينا من ابن بنت بجدل - يعني يزيد بن معاوية لعنهما اللّه ، أمه منسوبة بنت بجدل الكلبية -.

وانتهى ذلك الى يزيد لعنة اللّه عليه. فعزله ، وولي على الكوفة عبيد اللّه بن زياد ، وأمره بقتل مسلم بن عقيل ، وبأن يقطع على الحسين علیه السلام قبل أن يصل الى الكوفة.

فقبض على مسلم بن عقيل فقتله ، وصلبه (2) ، ويطلب أصحابه ، ولزم الكوفة.

ص: 147


1- الصحابي الخزرجي ، التزم جانب معاوية وأعانه بصفين ، فولاه الكوفة ثم ولاه يزيد حمص انتقض على الامويين بزمن مروان بن الحكم والتزم ابن الزبير ففرّ الى حمص ، اغتاله مشايعو بني أميّة من أهل حمص سنة 65 ه.
2- هكذا في الاصل ولم يذكر أحد من المؤرخين أنه صلبه بل بعد أن قبض عليه بحفر حفيرة عند عجز أصحاب ابن زياد من مواجهته ، ثم قتله ورمى بجسده من فوق دار الامارة ، ثم سحب في أزقة الكوفة. وفيه يقول الشاعر : قصر الامارة لا بنيت وليتما *** نسفتك غاشية قعدت مهيلا فبمسلم إذ خرّ منك لوجهه *** خرّ الحسين من الجواد قتيلا ولعند ما سحبوه في أسواقهم *** سحبوا علي بن الحسين عليلا ورثاه آخر : إن يغدروا بك عن عمد فقد غدروا *** بالمرتضى وابنه سرا واعلانا لاقاك جمعهم فى الدار منفردا *** كما تلاقى بغاث الطير عقبانا فعدت تنثر بالهندي هامهم *** والرمح ينظمهم مثني ووحدانا حتى غدوت أسيرا في أكفهم *** وكان من نوب الايام ما كانا كأنما نفسك اختارت لها عطشا *** لما درت أن سيقضي السبط عطشانا فلم تطق أن تسيغ الماء عن ظما *** من ضربة ساقها بكر بن حمرانا يا مسلم بن عقيل لا أغب ثرى *** ضريحك المزن هطالا وهتانا نصرت سبط رسول اللّه مجتهدا *** وذقت في نصره للضرّ ألوانا ورام تقريعك الرجس الدعي بما *** قد كان لفّقه زورا وبهتانا ألقمته بجواب قاطع حجرا *** وللجهول به أوضحت برهانا بذلت نفسك في مرضاة خالقها *** حتى قضيت بسيف البغي ظمآنا

[ ملاقاة الحرّ بالحسين ]

وأرسل الحرّ بن يزيد الحنظلي [ اليربوعي ] في خيل ، فلقي الحسين علیه السلام بكربلاء (1) ، فتواقفا.

ص: 148


1- قال أبو مخنف : فبينا هو ( يعني الحسين علیه السلام ) جالس بالثعلبية ، واذا هو بالسواد قد ارتفع. فقال لاصحابه : ما هذا السواد؟ فقال : انظروا ما هو. فمضى منهم رجل ، فقال : يا مولاي ، خيل مقبلة علينا. انتهى. والثعلبية : من منازل طريق مكة الى الكوفة بين شقوق والحزيمة. وقال الصدوق في أماليه : وبلغ عبيد اللّه بن زياد لعنه اللّه الخبر ، وأن الحسين قد نزل الرهيمية فأسرى إليه الحر بن يزيد في الف فارس. انتهى. وفي معجم البلدان ج 3 حرف الراء : الرهيمية - بالتصغير - ضيعة قرب الكوفة ، بينها وبيني خفية ثلاثة أميال. وقال الشهيد الجلالي في حاشية القول السديد بشأن الحر الشهيد لجدي آية اللّه الخراساني ص 98 : انها قرية صغيرة من ضواحي النجف. تقع غرب مدينة النجف الاشرف على طريق الحج البري ، تبعد عن النجف 5 / 24 كم. وقال المفيد في الارشاد ص 223 : ثم سار ( يعني الحسين علیه السلام ) من بطن العقبة حتى تزل شراف ، فلما كان في السحر أمر فتيانه فاستقوا من الماء فأكثروا ثم سار منها حتى انتصف النهار. فبينا هو يسير إذ كبّر رجل من أصحابه. فقال له الحسين علیه السلام : اللّه اكبر ، لم كبّرت ... قالوا : نراه واللّه أذان الخيل ... ( فكان الحر وأصحابه ). شراف : منزل بعد بطن العقبة وقبل الرهيمية. وعلى كل حال فان المذكور في كتب الاصحاب : أن الحسين لم يلتق مع الحر في كربلاء بل في طريق مكة الى الكوفة وبالضبط في المنازل القريبة من الكوفة ثم اجبر على تغيير مسيره ورافقه الحر وأصحابه حتى نزل كربلاء.

وأرسل عبيد اللّه بن زياد بعد ذلك عمر بن سعد بن أبي وقاص في عسكر جحفل ، وعدة عتيدة.

فوافى الحسين علیه السلام ، وقد واقفه الحرّ بالطف من كربلاء ، ولم يكن بينهما قتال.

فقال لهم الحسين علیه السلام : ما تريدون منا؟

قالوا : نريد قتلك.

قال : ولم؟

قالوا : لأنك جئت لتفسد أهل هذا المصر - يعنون الكوفة - على أمير المؤمنين - يعنون يزيد لعنه اللّه -.

قال : ما جئت لذلك.

قالوا : بلى قد صحّ عند أمير المؤمنين.

قال : فأنا أنصرف الى المدينة.

قالوا : لا ، واللّه لا ندعك لتنصرف.

قال : فأنا أمضي الى يزيد حتى أضع يدي في يده (1).

قالوا : لا ، إلا أن تسلّم نفسك إلينا ، فنمضي بك إلى الأمير - يعنون عبيد اللّه بن زياد - فيحكم فيك بحكمه.

ص: 149


1- هكذا في الاصل. وهذا الكلام عجيب بالنظر لما عرف عنه صلوات اللّه عليه. وقوله جوابا لقيس بن الاشعث حيث قال : ... انزل على حكم بني عمك ، فانهم لن يروك إلا ما تجب. فقال عليه السلام له : لا ، واللّه لا اعطيهم بيدي اعطاء الذليل ولا اقر اقرار العبيد. وقوله أيضا : فإني لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين إلا برما. كما سيذكره المؤلف لاحقا. وربما يكون جواب سيد الشهداء لهم بهذا الجواب حتى يوقفهم على مدى خباثتهم ولؤمهم.

فلما لم يجد عندهم غير ذلك.

[ خطبة الحسين في أصحابه ]

[1088] قام خطيبا في أصحابه.

فحمد اللّه ، وأثنى عليه ، وصلّى على محمد صلی اللّه علیه و آله ، وذكر فضله وقرابته منه ومكانه.

ثم قال : إنه قد نزل ما ترون من الأمر ، وإن الدنيا قد تغيّرت وتنكرت ، وأدبر معروفها ، واستمرّت وولّت حتى لم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء ، وإلا خسيس عيش كالمرعى الوبيل. ألا ترون أن الحق لا يعمل به ، وأن الباطل لا يتناهى عنه ، فليرغب المؤمنون في لقاء اللّه عزّ وجلّ. فإني لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين الباغين إلا برما.

[ ضبط الغريب ]

قوله علیه السلام : لم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء.

فالصبابة : ما فضل في أسفل الإناء من الشراب ، وجمعها صبابات.

وقوله : كالمرعى الوبيل.

الوبيل : الوخيم الذي لا يتمر به ، يقال منه : استوبل القوم الارض : إذا أصابهم فيها وخم.

وقوله : الحياة مع الظالمين [ الباغين ] إلا برما.

يقال منه : برمت من كذا. وكذا اذا ضجرت منه : برما. ومنه التبرم من الشيء ، وهو الضجر منه.

البغي : الترفع والعلو ومجاوزة المقدار.

ص: 150

[ لحوق الحرّ بالحسين ]

ولما عرض عليهم الحسين علیه السلام ما عرضه وبذل لهم ما بذله وأبوا عليه قال الحرّ لعمر بن سعد (1) : إنه واللّه لو سألنا مثل الذي سألنا الحسين الترك والديلم لما وسعنا قتالهم ، فاقبلوا ذلك منه.

قال عمر : وما كنت بالذي أقبله دون أمر الأمير - يعني عبيد اللّه بن زياد - (2).

قال : وكتب بذلك إليه.

فقال : الآن لما علقته أيدينا ندعه ، لا واللّه إلا أن يأتي على حكمي ، وأنفذ فيه ما رأيته.

فكتب بذلك إليهما.

فأما الحرّ بن يزيد ، فضرب وجه فرسه حتى دخل في أصحاب الحسين علیه السلام ، وصار في جملته (3).

وأما عمر بن سعد اللعين فعبأ أصحابه ، وتقدم الى الحسين علیه السلام ليقاتله.

ص: 151


1- وهو عمر بن سعد بن أبي وقاص قاد جيش ابن زياد واشتبك مع أبي عبد اللّه علیه السلام في معركة أسفرت عن استشهاد الحسين علیه السلام بعد أن أبى الاستسلام. قتله المختار على فراشه - كما أخبره الحسين في كربلاء قبل الشهادة - سنة 66 ه بالكوفة.
2- عبيد اللّه بن زياد بن أبيه عامل الامويين في العراق صاحب مجزرة كربلاء. قتل في معركة الخازر في شمال العراق التي جرت بينه وبين إبراهيم بن مالك الاشتر قائد جيش المختار الثقفي سنة 67 ه ،
3- واستشهد تحت لوائه مع جمع من قومه ورثاه علي بن الحسين علیه السلام : لنعم الحرّ حرّ بني رياح *** صبور عند مختلف الرماح ونعم الحرّ اذا نادى حسينا *** فجاد بنفسه عند الصباح فيا ربي أضفه في جنان *** وزوّجه مع الحور الملاح وقيل : إن هذه الابيات للإمام الحسين علیه السلام راجع القول السديد لآيه اللّه الخراساني ص 146.

[ الحسين وأصحابه ]

فقال الحسين علیه السلام لأصحابه :

إن هؤلاء لا يطلبون منكم غيري ، وأنا فلست اسلّم إليهم نفسي أو يقتلوني ، فمن شاء منكم فلينصرف عني محللا من ذلك.

قالوا : وكيف ننصرف عن ابن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، نقتل بين يديه بعد أن نبذل مجهودنا في عدوه ، وفي دفعه عنه حتى نلقى اللّه عزّ وجلّ.

[ مصرع علي بن الحسين ]

وجعل أصحاب عمر بن سعد ينادونهم في الجواز إليهم حتى أنهم نادوا علي بن الحسين علیه السلام الأصغر.

وكان أخوه علي الأكبر علیه السلام يومئذ عليلا لا يملك من نفسه شيئا.

قالوا له : إن لك قرابة من أمير المؤمنين - يعنون يزيد اللعين - يريدون : أن ميمونة بنت أبي سفيان جدته لأمه أم ليلى بنت مرة ، وامها ميمونة بنت أبي سفيان (1).

قالوا له : فإن شئت آمنّاك ، وصرت الى الدنيا.

قال لهم علي علیه السلام : قرابة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله

ص: 152


1- هكذا يذكر المؤلّف هنا وهو صحيح ، ولكنه في الجزء الثالث عشر يقول : إنه وعبد اللّه بن الحسين وامهما : الرباب بنت امرئ القيس بن جابر بن كعب. أما بالنسبة الى اسم بنت أبي سفيان وهي رملة أم حبيبة وليس اسمها ميمونة لان ميمونة بنت الحارث. أما رملة ، فكانت تحت عبيد اللّه بن جحش أسلمت مع زوجها ، وهاجرت الى الحبشة. وتوفي زوجها هناك بعد أن تنصّر ، وتزوجها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . توفيت 44 ه.

أحق أن ترعى. ثم حمل فيهم ، وهو يقول شعرا :

أنا علي بن الحسين بن علي *** أنا وبيت اللّه أولى بالنبي

اضربكم بالسيف أحمي عن أبي *** تاللّه لا يحكم فينا ابن الدعي

[ ضرب غلام هاشمي قرشي ]

[ ابن الدعي ] يعني عبيد اللّه بن زياد اللعين.

والتحم القتال ، ولم يزل علي بن الحسين علیه السلام يحمل فيهم على فرسه ، ويقتل منهم ، ويرجع الي أبيه ويقول : يا أبة ، العطش.

وكانوا يومئذ قد منعوهم الفرات ، وأجهدهم العطش.

فيقول له الحسين علیه السلام : اصبر حبيبي فلعلك لا تمسي حتى يسقيك جدك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

فلم يزل كذلك يحمل فيهم ، ويقتل منهم حتى أصاب حلقه سهم رمي به.

ويقال : بل حمل عليه مرة بن منقذ بن النعمان من عبد القيس ، فطعنه ، فأنفذه.

فأخذه الحسين علیه السلام ، فضمه إليه ، فجعل يقول له : يا أبة هذا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول لي : عجّل القدوم علينا (1).

ولم يزل كذلك على صدره حتى مات. فلما نظر إليه علیه السلام ميتا قال : [ ولدي ] على الدنيا بعدك العفا.

[ تحقيق في علي الأكبر ]

واختلف القول فيهما.

ص: 153


1- وفي مقتل الخوارزمي 2 / 31 : أبتاه هذا جدي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قد سقاني بكأسه الا وفى شربة لا أظمأ بعدها أبدا وهو يقول لك العجل فان لك كأسا مذخورا.

فقيل : إن المقتول - كما ذكرنا - هو علي الأصغر ، إنه قتل يومئذ وفي اذنه قرط.

وان علي الأكبر هو الباقي يومئذ. وكان علیه السلام عليلا دنفا ، وانه يومئذ ابن ثلاث وعشرين سنة. وكان معه ابنه محمد بن علي علیه السلام ابن سنتين. وانه كان وصيّ أبيه الحسين علیه السلام . وهذه الرواية هي الرواية الفاشية الغالبة.

وقال آخرون : المقتول هو علي الأكبر وصيّ أبيه. فلما قتل عهد الى علي الأصغر الذي هو لام ولد.

فأما المقتول يومئذ فامه [ ليلى ] بنت مرة بن عروة بن مسعود الثقفي. وعلي الباقي لام ولد فيما أجمعوا عليه (1).

[ نعود إلى ذكر الحسين وأصحابه ]

ولم يزل أصحاب الحسين رحمة اللّه عليهم أجمعين يقاتلون ويقتلون من أصحاب عمر بن سعد ويقتلون واحدا بعد واحد حتى قتلوا عن آخرهم (2) لكثرة عدوهم وقلتهم.

وبقي الحسين علیه السلام وحده بنفسه ، وامتنع أن يسلّم نفسه إليهم ليحكموا فيه.

وقيل : إنه لما عرض على من كان معه الانصراف وحلّ لهم من ذلك انصرف عامتهم (3) ، فلم يبق معه إلا أقل من سبعين رجلا رضوا بالموت معه.

ص: 154


1- وسيعود المؤلف الكلام في هذا الموضوع في الجزء 13.
2- وقد ذكر المؤرخون أن بعضهم جرح وعولج وبرأ منهم الحسن بن الحسن بن علي ( الحسن المثنى ) وتولى صدقات علي علیه السلام . كما سيذكره في الجزء الثالث عشر.
3- اشارة الى خطبته علیه السلام التي قال فيها : ألا واني قد أذنت لكم ، فانطلقوا جميعا في حل ، ليس عليكم مني ذمام. وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا ، وليأخذ كل واحد منكم بيد رجل من أهل بيتي. وتفرقوا في سواد هذا الليل وذروني وهؤلاء القوم فانهم لا يريدون غيري.

فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم.

وقيل : إنهم كانوا اثنين وسبعين (1) رجلا. فقتلوا عن آخرهم بعد أن قتلوا في المعركة من أصحاب عمر بن سعد ثمانية وثمانين رجلا غير من أدركته الجراحة بعد ذلك ، فمات منها.

[ مصرع أبي عبد اللّه علیه السلام ]

وجرح الحسين صلوات اللّه عليه جراحات كثيرة. وثبت لهم [ و ] قد أوهنته الجراح ، فأحجموا عنه مليا. ثم تعاوروه رميا بالنبل ، وحمل عليه سنان بن أنس النخعي فطعنه ، فأثبته ، وأجهز خولى بن يزيد الأصبحي من حمير ؛ واحتزّ رأسه ، وأتى عبيد اللّه بن زياد ، فقال :

املأ ركابي فضة وذهبا

إني قتلت السيّد المحجّبا

قتلت خير الناس امّا وأبا (2)

وقتل صلوات اللّه عليه يوم عاشوراء سنة إحدى وستين.

ص: 155


1- وعدّهم الفضل بن الزبير الأسدي في تسمية من قتل مع الحسين علیه السلام الى مائة وسبعة رجلا.
2- وفي الصواعق المحرقة ص 117 : املأ ركابي فضة وذهبا *** فقد قتلت الملك المحجبا ومن يصلّي القبلتين في الصبا *** وخيرهم إذ يذكرون النسبا قتلت خير الناس امّا وأبا فغضب ابن زياد من قوله ، وقال : إذا علمت ذلك فلم قتلته؟ واللّه لا نلت مني خيرا ولا لحقك به. ثم ضرب عنقه.

[ وقائع بعد الشهادة ]

اشارة

ولما قتل علیه السلام انتهبوا ما كان معه ومع أصحابه من الأمتعة والأسلحة والمال والكراع.

وساقوا من كان معهم من الحرم سبايا ومضوا بعلي بن الحسين الأكبر الباقي [ من ولده ] (1) وهو شديد العلة لا يعقل ما هو فيه (2).

وقيل : إن ابنه محمد بن علي علیه السلام يومئذ كان مع الحرم ابن سنتين.

[1089] وقال علي بن الحسين علیه السلام : فما فهمته وعقلته مع علتي وشدتها أنه أتي بي الى عمر بن سعد. فلما رأى ما بي أعرض عني ، فبقيت مطروحا لما بي.

فأتاني رجل من أهل الشام ، فاحتملني ، فمضى بي وهو يبكي ، وقال لي :

يا ابن رسول اللّه ، إني أخاف عليك فكن عندي.

ومضى بي الى رحله وأكرم نزلي ، وكان كلما نظر إليّ يبكي. فكنت أقول في نفسي إن يكن عند أحد من هؤلاء خير فعند هذا الرجل.

ص: 156


1- هكذا صححناه وفي الاصل : الباقي وولده في هو شديد.
2- كيف وهو الامام بعد أبيه؟

فلما صرنا الى عبيد اللّه بن زياد سأل عني.

فقيل : قد ترك. وطلبت ، فلم اوجد. فنادى مناد : من وجد علي بن الحسين ، فليأت به ، وله ثلاثمائة درهم.

فدخل عليّ الرجل الذي كنت عنده - وهو يبكي - وجعل يربط يدي الى عنقي ، ويقول : أخاف على نفسي يا ابن رسول اللّه إن سترتك عنهم أن يقتلوني.

فدفعني إليهم مربوطا ، وأخذ الثلاثمائة درهم وأنا انظر [ إليه ].

[ مجلس ابن الباغية ]

ومضى بي الى عبيد اللّه بن زياد اللعين فلما صرت بين يديه قال :

من أنت؟

قلت : أنا علي بن الحسين.

قال : أو لم يقتل اللّه علي بن الحسين؟

قلت : كان أخي ، وقد قتله الناس.

قال عبيد اللّه بن زياد : بل قتله اللّه.

فقال علي علیه السلام : ( اللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها ) (1).

فأمر عبيد اللّه بن زياد اللعين بقتل علي بن الحسين.

فصاحت زينب بنت علي : [ يا ابن ] زياد حسبك من دمائنا ، اناشدك اللّه إن قتلته إلا قتلتني معه.

فتركني.

ص: 157


1- الزمر : 42.

[ أهل البيت في الشام ]

ووجه بي الي يزيد لعنه اللّه مع سائر حرم الحسين علیه السلام وحرم من اصيب معه.

فلما صرنا بين يدي يزيد اللعين قام رجل من أهل الشام فقال : يا أمير المؤمنين نساؤهم لنا حلال.

فقال علي بن الحسين علیه السلام : كذبت ، إلا أن تخرج من ملة الإسلام ، فتستحلّ ذلك بغير دين.

فأطرق يزيد مليا ، وأمر بالنسوة ، فادخلن الى نسائه (1). ثم أمر برأس الحسين علیه السلام فرفع على سن قناة. فلما رأين ذلك نساؤه أعولن.

فدخل - اللعين - يزيد على نسائه ، فقال : ما لكن لا تبكين مع بنات عمكن.

وأمرهن أن يعولن معهن تمردا على اللّه عزّ وجلّ واستهزاء بأولياء اللّه علیهم السلام .

ثم قال :

نفلق هاما من رجال أعزّة *** علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما

صبرنا وكان الصبر منا سجية *** بأسيافنا يفرين هاما ومعصما (2)

ص: 158


1- روى المجلسي في بحار الانوار 45 / 140 : عن الصدوق ، عن ماجيلويه ، عن عمه ، عن الكوفي ، عن نصر بن مزاحم ، عن لوط بن يحيى ، عن الحارث بن كعب ، عن فاطمة بنت علي علیهاالسلام ، قالت : ثم إن يزيد لعنه اللّه أمر بنساء الحسين فحبسن مع علي بن الحسين في محبس لا يكنهم من حرّ ولا قرّ حتى تقشرت وجوههم.
2- ورواه الخوارزمي في مقتله 2 / 56 ، هكذا. أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت *** قواضب في ايماننا تقطر الدما صبرنا وكان الصبر منّا عزيمة *** وأسيافنا يقطعن كفا ومعصما نفلق هاما من اناس أعزة *** علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما

وجعل يستفره الطرب والسرور ، والنسوة يبكين ويندبن ، ونساؤه يعولن معهن ، وهو يقول :

شجي بكى شجوة فاجعا *** قتيلا وباك على من قتل

فلم أر كاليوم في مأثم *** كان الظبا به والنفل

[ ضبط الغريب ]

الشجي : الهيم. والشجاء : الهم. قال الشاعر :

ولقد شجتك هموم شجوها شاجي *** فما ترى من تولى قصب أمواجي

والنفل : المغنم.

فشبه اللعين نساءه بالظبي ، وجعل نساء الحسين علیه السلام مغنما.

ثم أمر يزيد اللعين برأس الحسين علیه السلام فطيف به في مدائن الشام وغيرها.

وأمر باطلاق علي بن الحسين علیه السلام . وخيّره بين المقام عنده ، أو الانصراف. فاختار الانصراف الى المدينة ، فسرحه.

ولما أمر اللعين بأن يطاف برأس الحسين علیه السلام في البلدان اتي به الى المدينة ، وعامله عليها يومئذ عمرو بن سعيد [ الأشدق ] (1). فسمع صياح النساء ، فقال : ما هذا؟

قيل : نساء بني هاشم يبكين لما رأين رأس الحسين.

ص: 159


1- عمرو بن سعيد بن العاص سمي الاشدق لفصاحته ، ولي مكة والمدينة لمعاوية وابنه يزيد ، عاضد مروان بن الحكم في طلب الخلافة فجعل له مروان ولاية العهد بعد ابنه عبد الملك ، ولما ولي عبد الملك ساءت الامور بينهما الى أن تمكن منه عبد الملك فقتله سنة 70 ه.

[ لؤم مروان ]

وكان عنده مروان بن الحكم.

فقال مروان اللعين متمثلا :

عجت نساء بني زياد عجة *** كعجيج نسوتنا غداة الاذيب (1)

عنى اللعين عجيج نساء بني عبد الشمس لمن قتل منهم يوم بدر.

فأما ما أقاموه ظاهرا من أمر عثمان ، فمروان اللعين فيمن ألب عليه وشمت بمصابه ، وهو القائل :

لما أتاه نعيه ذينه *** من كسر ضلعا كسر جنبه

ولكن دخول بني أميّة بدماء الجاهلية التي طلبوا بها رسول اللّه في عترته وأهل بيته.

ولما قال ذلك مروان اللعين ، قال عمرو بن سعيد - عامل المدينة يومئذ - :

لوددت واللّه أن أمير المؤمنين لم يكن يبعث إلينا برأس الحسين.

فقال له مروان : اسكت لا أم لك ، وقل كما قال الأول :

ضربوا رأس شريز ضربة *** اشتت أوتاد ملك فاستتر

ثم أتى برأس الحسين الى عمرو بن سعيد ، فأعرض بوجهه عنه واستعظم أمره (2).

ص: 160


1- وفي أنساب الاشراف 3 / 217 : عجت نساء بني زبيد عجة *** كعجيج نسوتنا غداة الأرنب
2- وفي كشف الغمة 2 / 68 : عمن أخبر عمرو بن سعيد بقتل الحسين علیه السلام قال : فدخلت عليه فلما رآني تبسم إليّ ضاحكا ثم أنشأ متمثلا بقول عمرو بن معدى كرب : عجت نساء ... الخ. ثم قال عمرو : هذه واعية بواعية عثمان. ثم صعد المنبر فأعلم الناس بقتل الحسين ودعا ليزيد بن معاوية ، ونزل.

فقال مروان اللعين لحامل الرأس : هاته.

فدفعه إليه ، فأخذه بيده ، وقال :

يا حبذا بردك في اليدين *** ولونك الأحمر في الخدّين

وهذه العداوة المحضة الأصيلة ، وطلب القديم من ثار الجاهلية ، لم يستطع مروان اللعين أن يخفيه ، وبعثه السرور بقتل الحسين صلوات اللّه عليه ، على أن أخذه بيده ، وقال ما قاله.

وقد كان علي علیه السلام أسره يوم الجمل ، فمنّ عليه وأطلقه ، فما راعى ذلك ولا حفظه بل قد شاور معاوية اللعين في نبش قبر علي صلوات اللّه عليه لما غلب على الأمر ، فتمثل بقول الأول :

أجنوا أخاهم في الحفير ووسدوا *** أخاهم وألقوا عامرا لم يوسد

يحرضه بذلك على نبش قبر علي علیه السلام ، ويذكره قتلى بدر من بني عبد الشمس ، ومن قتل منهم على الكفر غير موسد ولا مدفون.

فأما عثمان لو كان أراده ، فقد كان عثمان ، فهذا ما لا ستر عليه ولا خفاء به من تنكله ذحول الجاهلية.

ثم استشار معاوية في نبش قبر علي علیه السلام عبد اللّه بن عامر بن كريز (1).

فقال : ما احبّ أن تعلم مكان قبره ، ولا أن تسأل عنه ، ولا احبّ أن تكون هذه العقوبة بيننا وبين قومنا.

فقبل معاوية من عبد اللّه ما أشار به عليه ، وأعرض عن رأي مروان اللعين فيما أشار به من نبش قبر علي علیه السلام الذي استحباه ومنّ عليه ، وأطلقه من

ص: 161


1- وأظنه عبد اللّه بن عامر القرشي ولد بمكة ، اشترك في فتوح فارس وحاز أموالا كثيرة ، ولاه عثمان البصرة ، التزم جانب عائشة مخالفة لعلي ، ولاه معاوية البصرة مرة ثانية ، ثم صرفه عنها ، فأقام بالمدينة. توفي في مكة 59 ه.

الأسر ، ولكن غلب على اللعين الحقد على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لما قتل من أهل بيته على الكفر باللّه والشرك به ولعنه إياه ، ولأن عليا علیه السلام أتى به الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لما أراد نفيه يقوده باذنه. وقد ذكرنا فيما تقدم (1) خبره في ذلك وما كان منه.

ص: 162


1- راجع الحديث 599.

نعود الى ذكر شيء

اشارة

من مصرع الحسين والوقائع بعد الشهادة

[1090] الزبير بن بكار ، باسناده ، عن المدائني ، قال : لما قتل حول الحسين علیه السلام جمع من كان معه ، وبقي الحسين علیه السلام عامة النهار لا يتقدم عليه أحد إلا انصرف عنه ، وكره أن يتولى قتله حتى حمل رجل من كندة يقال له مالك بن بشير ، فضربه على رأسه ، وعلى رأسه برنس ، فقطع برنسه ووصل السيف الى رأسه ، فأدماه.

فقال له الحسين علیه السلام : لا أكلت بيمينك ولا شربت بها ، وحشرك اللّه مع الظالمين.

ورمى الحسين علیه السلام بالبرنس (1) ، ولبس قلنسوة ، واعتم عليها ، وتنحى فقصر. وأقبل الشمر بن ذي الجوشن لعنه اللّه ، فترك الحسين علیه السلام ومضى الى رحله فيمن تبعه ، فمشى إليهم الحسين بن علي صلوات اللّه عليه. فحالوا بينه وبين رحله ، وأقدموا عليه وأحاطوا به فقاتل صلوات اللّه عليه الرجالة حتى انكشفوا عنه بعد أن قتل منهم جماعة. ثم تصايح آخرون ، فأحاطوا به.

[1091] قال عبد اللّه بن عمارة بن عبد يغوث : ما رأيت [ مكثورا ] قط

ص: 163


1- ثوب يكون غطاء الرأس جزء منه متصلا به.

أربط جأشا من الحسين علیه السلام (1) قتل ولده وجميع أصحابه حوله ، وأحاطت الكتائب به ، فو اللّه لكان يشدّ عليهم ، فينكشفوا عنه انكشاف المعز شدّ عليها الأسد.

فمكث مليا من النهار والناس يدافعون ، ويكرهون الاقدام عليه.

فصاح بهم (2) شمر بن ذي الجوشن لعنه اللّه (3) : ثكلتكم امكم ، ما تنظرون بالرجل؟ فاقدموا عليه.

وكان أول من انتهى إليه زرعة بن شريك التميمي ، فضرب كفه اليسرى ، فضرب الحسين صلوات اللّه عليه ، فطعنه ، فسقط ، وقد أثبته الجراح.

فقال الخولى بن يزيد : احتز رأسه ، فأكبّ عليه ، فارعد.

فقال له سنان بن مالك : أبان اللّه يدك.

فنزل فاحتزّ رأسه.

[1092] ابن أبي أيسر ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال :

وجد في الحسين علیه السلام بعد أن قتل ثلاث وثلاثين طعنة ، وأربعا وأربعين ضربة ورمية.

[1093] الزبير بن بكار ، باسناده ، عن الشعبي ، أنه قال : وجد في الحسين علیه السلام بعد أن قتل مائة خرق وبضعة عشر خرقا من السهام ، وآثار الطعن والضرب بالسيوف.

ص: 164


1- وفي تاريخ الامم 4 / 345 : فو اللّه ما رأيت مكثورا قط قد قتل ولده وأهل بيته واصحابه أربط جأشا ولا أمضى جنبا منه.
2- هكذا صححناه ، وفي الاصل : فصاح بينهم.
3- أبو السابغة شمر بن شرحبيل بن قرط الضبابي الكلابي قتله أبو عمرة من أصحاب المختار قرب قربة الكنانية بخوزستان سنة 66 ه.

[1094] وبآخر ، عن أبي مخنف ، أنه قال : أخذ بحر بن كعب سراويل الحسين علیه السلام فكانت يداه تقطران في الشتاء دما فاذا أصاف يبستا ، فكانتا كالعود اليابس.

وأخذ قطيفته كانت معه قيس بن الأشعث ، وكان يقال له : قيس قطيفة.

وأخذ برنسه مالك بن بشير الكندي - وكان من خز - فأتى به الى أهله.

وقالت امرأته - أمّ عبد اللّه بنت الحارث - : أسلب الحسين تدخله بيتي ، أخرجه واللّه لا دخل بيتنا أبدا.

فلم يزل فقيرا محتاجا حتى هلك (1).

[1095] عبد اللّه بن الجبار بن العلى ، عن سفيان بن عيينة ، أنه قال : سمعت جدتي تقول :

كنت أيام قتل الحسين علیه السلام جويرية ، فذهبت أنظر إلى إبل الحسين علیه السلام لما أخذوها ، فنحروها ، فكنا ننظر الى لحمها كانت الجمر.

[1096] يزيد بن هارون الواسطي ، عن أمه ، عن جدتها ، قالت :

إننا اوتينا بلحم جزور من إبل الحسين بن علي علیه السلام ، فوضعته تحت سريري ، وذهبت أنظر فإذا هو يتوقد نارا.

[1097] محمد بن الزبير ، باسناده ، عن [ زيد ] (2) بن أبي الزناد ، أنه قال :

كنت ابن أربع عشر سنة حين قتل الحسين صلوات اللّه عليه ،

ص: 165


1- وفي مقتل الخوارزمي 2 / 34 : - وتدخل بيتي اخرج عني حشا اللّه قبرك نارا. وذكر أصحابه ، أنه يبست يداه ولم يزل فقيرا بأسوإ حال إلى أن مات.
2- هكذا صححناه وفي الاصل : يزيد.

فرأينا السماء تقطر دما ، وصار الورس (1) رمادا.

[1098] محمد بن [ الحكم ] (2) ، باسناده ، عن بشار بن الحكم ، عن أمه ، أنها قالت :

انتهب الناس ورسا من عسكر الحسين علیه السلام ، فما استعملته امرأة إلا برصت.

[1099] اسامة بن سمير ، باسناده عن أم سالم (3) ، أنها قالت :

لما قتل الحسين بن علي علیه السلام مطرت السماء مطرا كالدم احمرّت منه البيوت والحيطان ، فبلغ ذلك البصرة والكوفة والشام وخراسان حتى كنا لا نشك أنه سينزل العذاب.

[1100] محمد بن يوسف ، باسناده ، عن حماد بن سلمة ، أنه قال : مطر الناس ليالي قتل الحسين علیه السلام دما.

[1101] محمد بن مخلد ، باسناده ، عن عمرو بن زياد ، أنه قال :

أصبحت جبابنا (4) يوم قتل الحسين علیه السلام ملآنة دما.

[1102] محمد بن يوسف ، باسناده ، عن نصرة (5) الأزدية ، أنها قالت :

لما قتل الحسين بن علي علیه السلام مطرت السماء دما ، وأصبح كل شيء لنا ملآنا دما.

[1103] سليمان بن شبيب ، باسناده ، عن محمد بن بشير (6) ، أنه قال : لم

ص: 166


1- الورس : نبات السمسم. وفي مقتل الخوارزمي 2 / 91 : وصار الورس الذي في عسكره رمادا.
2- هكذا صححناه وفي الاصل : حاكم. وفي بحار الانوار 45 / 300 : محمد بن الحكم عن أمه ... الخبر.
3- هكذا صححناه وفي الاصل : أمّ سلمة.
4- هكذا صححناه وفي الاصل : جناننا. وجباب جمع جب وهو البئر.
5- هكذا صححناه وفي الاصل : قصره.
6- هكذا في الاصل وأظنه : محمد بن سيرين.

تر هذه الحمرة [ التي ] في افق السماء حتى قتل الحسين علیه السلام .

[1104] محمد بن مخلد ، باسناده ، عن الأسود بن قيس ، أنه قال : كنت ليالي مقتل الحسين علیه السلام ابن عشرين سنة ، فارتفعت حمرة من قبل المشرق وحمرة من قبل المغرب ، فكادتا تلتقيان في كبد السماء ستة أشهر.

[1105] عن مقاتل ، قال : سمعت أبا بكر بن عباس يقول :

رأيت في منامي النبي صلی اللّه علیه و آله وابراهيم الخليل علیه السلام يصلّيان على قبر الحسين علیه السلام .

[1106] الحسن بن داود ، باسناده ، عن أمّ سلمة - زوج النبي صلی اللّه علیه و آله - أنها قالت :

رأيت النبي صلی اللّه علیه و آله - في منامي - يبكي ، فقلت : يا رسول اللّه ما يبكيك؟

قال : قتل ابني الحسين.

فلما أصبحت جاءنا نعيه.

[1107] الحسن بن محمد ، باسناده ، عن أمّ سلمة - زوج النبي صلی اللّه علیه و آله - أنها أصبحت ذات يوم ، فقالت لخادمها : لا أرى ابني الحسين إلا وقتل. ما سمعت نوح الجن مذ قبض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إلا البارحة ، فإني سمعتهم يقولون :

ألا يا عين جودي لي بجهد (1)

ومن يبكي على الشهداء بعدي

على رهط تقودهم المنايا

الى متجبر في ملك [ عبد ]

[1108] عبد اللّه بن مسلم المتلالي ، عن أبيه ، عن جده ، أنه قال :

سمعت نوح الجن على قتل الحسين علیه السلام يقولون :

ص: 167


1- وفي مجمع الزوائد 9 / 199 : ألا يا عين فاحتفلي بجهدي.

ابك ابن فاطمة الذي *** من موته شاب الشعر

ولقتله زلزلتم *** ولقتله كسف القمر (1)

[1109] داود بن قاسم ، عن هشام ، أنه قال : سمعت أبا جرثومة الكلبي قال :

لما قتل الحسين علیه السلام سمعت مناديا ينادي من جبانة - يعني المقبرة -

أيها القوم القاتلون جهلا حسينا *** ابشروا بالعذاب والتنكيل

كل من في السماء يدعو عليكم *** من نبيّ وحافظ ورسول

قد لعنتم على لسان ابن داود *** وموسى وصاحب الانجيل

[1110] محمد بن ميمون ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال :

رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - في النوم - أشعث أغبر ، ومعه قارورة فيها دم. فقال لي : لم أزل منذ الليل ألتقط دم الحسين وأصحابه. وكان ذلك يوم قتل الحسين علیه السلام .

[1111] إبراهيم بن محمد ، باسناده ، عن محمد بن الحنفية ، أنه قال :

قتل منا مع الحسين بن علي علیه السلام تسعة عشر شابا (2) كلهم ارتكض في جوف فاطمة علیهاالسلام .

[1112] محمد بن إبراهيم التميمي ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال :

أوحى اللّه الى نبيه محمد صلی اللّه علیه و آله : إني قتلت بدم يحيى بن زكريا سبعين الفا ، واني اقتل بدم الحسين بن علي (3) سبعين الفا وسبعين الفا.

[1113] عبد اللّه بن زواق ، قال : سمعت رجلا من الانصار يحدّث معمرا ،

ص: 168


1- وفي بحار الانوار 45 / 236 : ( من قتله ) بدلا ( من موته ). وكذلك فيه ( خسف القمر ) بدلا من ( كسف القمر ).
2- وفي كشف الغمة 2 / 56 وطبقات ابن سعد : لقد قتلوا سبعة عشر إنسانا.
3- وفي مستدرك الصحيحين 2 / 290 : وإني قاتل على دم ابن بنتك.

قال : لما كان اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي علیه السلام ( من رجل في بعض الليل في منى ، فسمع ) (1) صوتا على كبكب ، كأنه صوت امرأة تنوح :

ابك ابكي حسينا أيما.

فأجابتها اخرى من ثبير تقول :

( ابك ابكي ابن الرسول أيما ) قال الرجل : فكتبت تلك الليلة فاذا هي الليلة التي تتلو اليوم الذي قتل الحسين علیه السلام .

[ ضبط الغريب ]

فيه : كبكب : جبل مما يلي المسجد من منى.

وثبير : جبل أيضا هناك يقابله.

وقولهما : أيما.

كلمة تستعملها نوائح العرب إذا ذكرت من تنوح عليه ، قلت : أيما يردن ، أيما رجل كان. وهي كلمة تستعمل في المدح ، يقولون : فلان أيما فلان. وقد يسقطون الياء فيقولون فلان ما فلان. وفي الحديث عن أم زرع ، أنها قالت :

زوجي ما أبو زرع. تمدحه.

[1114] عبد الرزاق ، قال : قلت لمعمر : أخبرني أبي ، أنه قال :

ما نجى أحد ممن قتل الحسين علیه السلام من القتل فمات حتى رمي بداء في جسده.

فقال : صدقت قد سمعت هذا الحديث من غير واحد.

[1115] محمد بن معين الأصباغي ، عن أبي معمر ، قال : أخبرني من

ص: 169


1- كذا في الأصل.

أدرك مقتل الحسين علیه السلام : مكثت السماء بعد مقتله شهرا حمراء.

[1116] محمد بن حميد الأصباغي ، باسناده ، عن يوسف بن شهيب ، عن حبيب بن بشار ، قال :

لما اصيب الحسين علیه السلام قام زيد بن أرقم (1) على باب المسجد فقال :

أفعلتموها ، قتلتموه ، أما إني سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول للحسن والحسين علیهماالسلام : اللّهمّ أستودعكهما وصالح المؤمنين.

[1117] خالد بن يزيد ، عن حزام بن عثمان قال : جيء برأس الحسين علیه السلام الى عبيد اللّه بن زياد وعنده زيد بن أرقم ، فجعل ينكث ثناياه بقضيب بيده ، ويقول : ما أحسن ثغر أبي عبد اللّه.

وكان قد أجلس زيد بن أرقم معه على السرير.

فقال : نحّ قضيبك ، أتضعه موضعا طالما رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يلثمه.

فقال له عبيد اللّه : إنك قد خرفت.

فوثب زيد بن أرقم عن السرير ولصق بالارض ، وقال : أشهد لقد رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله والحسن علیه السلام على فخذه اليمنى ويده اليمنى على رأسه ، والحسين علیه السلام على فخذه اليسري ، ويده اليسرى على رأسه. وهو يقول : اللّهمّ إني أستودعكهما ، وصالح المؤمنين. وكيف كان حفظك لوديعة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إن كنت مؤمنا.

[1118] أبو نعيم ، باسناده ، عن الربيع بن خثيم ، أنه لما انتهى إليه مقتل

ص: 170


1- الصحابي المعروف المتوفى 66 ه.

الحسين علیه السلام وأصحابه قال :

لقد قتلوا فتية لو أدركهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لأقعدهم في حجره ، ووضع فمه على أفواههم (1).

[1119] أبو نعيم ، باسناده ، عن أمّ سلمة ، أنها لما بلغها مقتل الحسين علیه السلام ضربت قبة في مسجد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله جلست فيها ولبست سوادا.

[1120] سلمان بن محمد بن أبي فاطمة ، باسناده ، عن جوير بن سعيد ، قال :

أمسى رجل من الحي صحيحا وأصبح أعمى ، فمررت ببابه بكرة ، والناس يسألون : ما الذي أصابك؟

فقال : رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في منامي وبين يديه طشت وبيده سكين ، وهو يقول : ائتوني بقتلة الحسين. ولا يؤتى بأحد إلا ذبحه في ذلك الطشت ، وذهب بي إليه.

فقال لي : ما أنت ممن قتل الحسين؟

فقلت : يا رسول اللّه شهدته واللّه ، ما رميت بسهم ، ولا طعنت برمح ، ولا ضربت بسيف.

فقال لي : لا واللّه ، ولكنك سودت وكثرت (2).

ثم أخذ من ذلك الدم بإصبعيه ، فأهوى به الى عيني ، فأصبحت كما ترون.

[1121] سليمان بن أبي فاطمة ، باسناده ، عن الصلت بن الوليد ، قال : تذاكرنا يوما ونحن في مجلس ، أنه لم يفلت ممن شرك في قتل الحسين

ص: 171


1- وفي طبقات ابن سعد - مخطوط - : فمه على افمامهم.
2- وفي مقتل الخوارزمي 2 / 104 : ولكنك كثرت السواد.

علیه السلام أحد إلا قتل أو أصابته عقوبة.

فقال رجل - ممن كان في المجلس - : قد شهدت قتل الحسين ، وما أصابني شيء أكرهه الى اليوم.

فما قام من المجلس حتى مرّ غلام بيده مجمرة فيها [ النار ] فطارت منها شرارة ، فتعلقت بثياب الرجل ، وهبّت ريح ، فأضرمتها نار ، فاحترقت ومات مكانه.

[1122] سفيان ، باسناده ، عن الربيع بن خثيم ، أنه لما انتهى إليه قتل الحسين علیه السلام فتح بابه ، وقد اجتمع الناس إليه ، فقالوا : قتلوا الحسين ابن رسول اللّه.

ثم رفع طرفه الى السماء. فقال : اللّهمّ عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما يختلفون (1). ثم دخل فأغلق بابه فما خرج بعد ذلك.

ص: 172


1- وفي طبقات ابن سعد - مخطوط - : تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون. المراثي قال عقبة بن عميق السهمي : مررت على قبر الحسين بكربلاء *** ففاض عليه من دموعي غزيرها وما زلت أبكيه وارثي لشجوه *** ويسعد عيني دمعها وزفيرها وبكيت من بعد الحسين عصائبا *** أطافت به من جانبيه قبورها اذا العين قرت في احياء وأنتم *** تخافون في الدنيا فاظلم نورها سلام على أهل القبور بكربلاء *** وقل لها مني سلام يزورها سلام بآصال العشي وبالضحى *** توديه نكباء الرياح ومورها ولا برح الوفاد زوار قبره *** يفوح عليهم مسكها وعبيرها وقال كميت بن زيد الاسدي : أضحكني الدهر وأبكاني *** والدهر ذو صرف وألوان لتسعة بالطف قد غودروا *** فيها جميعا رهن أكفان وستة لا يتمارى بهم *** بنو عقيل خير فرسان وابن علي الخير مولاهم *** فذكرهم هيّج أشجاني وقال دعبل الخزاعي : بكيت لرسم الدار من عرفات *** وأذريت دمع العين بالعبرات أبان عرى صبري وهاجت صبابتي *** رسوم ديار قد عفت بشتات مدارس آيات خلت من تلاوة *** ومنزل وحي مقفر العرصات لآل رسول اللّه بالخيف من منى *** وبالبيت والتعريف والجمرات ديار علي والحسين وجعفر *** وحمزة والسجاد ذي الثفنات ... الى قوله ... أفاطم لو خلت الحسين مجدلا *** وقد مات عطشانا بشط فرات اذن للطمت الخد فاطم عنده *** وأجريت دمع العين في الوجنات أفاطم قومي يا ابنة الخير واندبي *** نجوم سماوات بأرض فلاة وقوله أيضا : يا امة قتلت حسينا عنوة *** لم ترع حقّ اللّه فيه فتهتدي قتلوه يوم الطف طعنا بالقنا *** سلبا ومبرا بالحسام المقصد ولطالما ناداهم بكلامه *** جدي النبي خصيمكم في الموعد يا قوم إن الماء يلمع بينكم *** واسوت ظمآن الحشى يتوقد قد شفني عطشي وأقلقني الذي *** أنا فيه من ثقل الحديد المجهد فأتاه سهم من يد مشومة *** من قوس ملعون خبيث المولد يا عين جودي بالدموع واهملي *** وابكي الحسين السيد ابن السيد وقال السيد الرضي رحمه اللّه : شغل الدموع عن الديار بكاؤها *** لبكاء فاطمة على أولادها وا لهفتاه لعصبة علوية *** تبعت أميّة بعد عزّ قيادها اللّه سابقكم الى أرواحها *** وكسبتم الآثام في أجسادها إن قوضت تلك القباب فانما *** خرت عماد الدين قبل عمادها في صفوة اللّه التي أوحى لها *** وقضى أوامره الى أمجادها يروي مناقب فضلها أعداؤها *** أبدا ويسندها الى أضدادها يا غيرة اللّه اغضبي لنبيه *** وتزحزحي بالبيض عن أغمادها من عصبة ضاعت دماء محمد *** وفيه بين يزيدها وزيادها صفدات مال اللّه ملء أكفّها *** واكفّ آل اللّه في أصفادها ضربوا بسيف محمد أبناءه *** ضرب الغرائب عدن بعد ذبادها يا يوم عاشوراء كم لك لوعة *** تترقص الأحشاء من أبقادها

[1123] علي بن صلت ، قال : جاء رجل الى السدي ، فقال له : إني كنت

ص: 173

من شهد قتل الحسين علیه السلام وما طعنت برمح ولا ضربت بسيف ، فرأيت في المنام ، كأن القيامة قد قامت وكان الناس قد حشروا ، فمررت برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال لي : أشهدت حسينا؟

قلت : نعم ، واللّه ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح.

فبخص بإصبعه في عيني ، فأصبحت أعمى.

فقال له السدي : فترد من الماء البارد.

[1124] امرأة كعب ، قالت : قيل له : قتل الحسين بن علي علیه السلام .

قال : لا واللّه ما قتل ولو قتل نهارا لما أمسيتم حتى تروا لذلك علامة ولو قتل ليلا أصبحتم حتى تروا لذلك علامة.

قالت : فلما أمسوا احمرّ افق المساء. فقال : ألا إنه قتل الحسين بن علي علیه السلام بكت السماء عليه كما بكت على يحيى بن زكريا.

تمّ الجزء الثاني عشر من كتاب شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار ، ما أضاء الليل وأضاء النهار.

ص: 174

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام

للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي

المتوفي سنة 363 ه. ق

الجزء الثالث عشر

ص: 175

ص: 176

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( ذكر من قتل مع الحسين صلوات اللّه عليه من أهل بيته )

[ أولاد الحسين علیه السلام ]

قتل مع الحسين بن علي صلوات اللّه عليه يوم قتل ، ابنه علي بن الحسين (1). وقد ذكرنا خبره فيما مضى.

قتله : مرة بن منقذ بن النعمان [ العبدي ].

وعبد اللّه بن الحسين (2).

وامهما الرباب بنت امرئ القيس بن جابر بن كعب بن عليم من كلب. وكانت أم سكينة بنت الحسين أيضا. وكان يحبها ، وهو يقول فيها هذا البيت :

لعمرك انني لاحبّ دارا

تحلّ بها سكينة والرباب (3)

ص: 177


1- وكان له من العمر سبع وعشرين سنة ( وقيل : إنه كان متزوجا وله ولد ) وهو أول من قتل من بني هاشم في كربلاء. أمه : ليلي بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي. كنيته : أبو الحسن. ( ورد اسمه في الزيارة الرجبية المنقولة في بحار الانوار 101 / 341. وذكره المفيد في الارشاد ، وابن الأثير في تاريخه 4 / 293 ، والخوارزمي في المقتل 2 / 47 ، وفي نسب قريش ص 57 ، وأدب الطف 1 / 273 وأنساب الاشراف 3 / 200 ).
2- هكذا في النسختين ، ولا يخفى أن أم علي بن الحسين هي ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي ، فلا حظ.
3- وذكر الاصفهاني في الأغاني 14 / 163 وابن الجوزي في تذكرة الخواص ص 265 : لعمرك إنني لا حبّ دارا *** تكون بها سكينة والرباب أحبهما وأبذل جلّ مالي *** وليس لعاتب عندى عتاب والرباب بنت امرئ القيس هي من خيار النساء وأفضلهن أدبا وجمالا وعقلا. أسلم أبوها في خلافة عمر وكان نصرانيا من عرب الشام ، فما صلّى صلاة حتى ولاه عمر على من أسلم من قضاعة ، وما أمسى حتى خطب إليه أمير المؤمنين علیه السلام ابنته الرباب على ابنه الحسين. فزوجه إياها وجاء بها الحسين علیه السلام مع حرمه الى الطف ، وقتل ولدها وهي تنظر إليه. ( ابن الأثير في الكامل 4 / 45 ). ورثت الحسين علیه السلام في الشام بعد أن أخذت رأسه وقبّلته ووضعته في حجرها ، وهي تقول : وا حسينا فلا نسيت حسينا *** أقصدته أسنّة الأعداء غادروه بكربلاء صريعا *** لا سقى اللّه جانبي كربلاء ( تاريخ الفرماني ص 4 ) ولما رجعت الى المدينة أقامت فيها لا تهدأ ليلا ولا نهارا من البكاء على الحسين ولم تستظل تحت سقف حتى ماتت بعد قتله كمدا سنة 62 ه. وفي تذكرة الخواص ص 148 : إن رجلا من بعض الاشراف خطبها ، فأبت ، وقالت : ما كنت لأتخذ حما بعد رسول اللّه 9. وذكره أيضا ابن الأثير في الكامل 4 / 36.

وكان عبد اللّه يومئذ صغيرا ، وكان في حجر أبيه الحسين علیه السلام ، فجاءه سهم فذبحه (1).

رماه به هاني (2) بن ثبيت (3) الحضرمي (4)

وقتل معه يومئذ :

أبو بكر بن الحسين علیه السلام . رمي أيضا بسهم ، فأصابه ، فمات منه.

والذي رماه حرملة الكاهلي.

وهو لأمّ ولد (5).

ص: 178


1- قال الباقر علیه السلام : فلم يسقط من ذلك الدم قطرة الى الأرض ( اللّهوف ص 54 ).
2- هكذا في نسخة - ز - وفي الاصل : بهاني.
3- هكذا صححناه وفي الاصل : ابن بنت.
4- قال الخوارزمي في مقتله 2 / 47 والأصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 59 : رماه عقبة بن بشر ، فذبحه.
5- ذكره الأصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 57 : ولم يذكر قاتله. وذكر ابن الأثير في الكامل 4 / 75 : إن عبد اللّه بن الغنوي رمى أبا بكر بن الحسين بن علي. وقال الخوارزمي في مقتله 2 / 47 : إنه أبو بكر بن الحسن ، وهو الذي ارتجز في الميدان : شيخي علي ذو الفخار الاطول ... الى آخر الابيات. وقال ابن الأثير في الكامل 4 / 92 : إنه ابن الحسن علیه السلام ، وأمه أمّ ولد ، قتله حرملة بن كاهل. وذكر في الزيارة الرجبية المنقولة في البحار 101 / 341. وفي الإرشاد وتاريخي الطبري والمسعودي أيضا. وذكر ذلك في مقاتل الطالبيين ص 86 وأضاف : إنه قتل أيضا في كربلاء أبو بكر بن علي ، وأمه ليلى بنت مسعود بن خالد. ونقل عن الباقر علیه السلام : أن رجلا من همدان قتله. وجاء في المناقب 2 / 107. وبرز الى الميدان أبو بكر بن علي ، وهو يرتجز : شيخي علي ذو الفقار الأطول *** من هاشم الخير الكرام المفضل هذا الحسين ابن النبيّ المرسل *** عنه نحامي بالحسام المصقل أفديه نفسي عن أخ منجل وقال الطبري في ذخائر العقبى ص 117 : إن أمه ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلي ، وهي التي تزوجها عبد اللّه بن جعفر خلف عليها بعد عمه ، وولدت له أولادا. ويظهر من جميع ما ذكرنا ، أن ثلاثة كناهم : أبو بكر استشهدوا في كربلاء ، وهم : 1 - أبو بكر بن علي. 2 - أبو بكر بن الحسن. 3 - أبو بكر بن الحسين.

[ القاسم بن الحسن ]

قال حميد بن مسلم : وقتل معه يومئذ القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب. قتله عمرو بن سعيد بن عمرو بن نفيل الازدي (1) ، وهو لأمّ ولد.

قال حميد بن مسلم : رأيت القاسم بن [ ال ] حسن بن علي يوم الطف ، وقد خرج إلينا ، وهو غلام كأن وجهه شقة قمر (2) ، عليه قميص ونعلان (3) ، قد انقطع شسع نعله اليسرى.

فقال لي عمر [ و ] بن سعيد بن عمر [ و ] بن نفيل [ الأزدي ] - وهو الى

ص: 179


1- قاله ابن الأثير في الكامل 4 / 75 والاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 88. وقال الطبري : قتله سعد بن عمرو بن نفيل الازدي.
2- دخل المعركة وهو يترجز ويقول : إني أنا القاسم من نسل علي *** نحن وبيت اللّه أولى بالنبي من شمر ذي الجوشن وابن الدعي ( المناقب 4 / 106 )
3- وفي نسخة ز : نعلاه.

جانبي - : واللّه لأقتلنه.

قلت : وما تريد من قتل هذا؟

فلم يلتفت إليّ ، وحمل عليه ، فضربه ، فصرعه ، فنادى : يا عماه. فصار (1) الحسين إليه ، فضربه بالسيف. فاتقاه [ عمرو ] بيده ، فأبانها من المرفق ، وأدبر. وحملت عليه خيل الكوفة ليحملوه. فحمل عليهم الحسين علیه السلام ، فنكصوا عليه ، ووطئوه ، فقتلوه.

ووقف الحسين علیه السلام على الغلام ، وقد مات فعلا (2) ، فقال : عزّ على عمك أن تدعوه فلا يجيبك ، أو يجيبك فلا [ ينفعك ] ، وويل لقوم قتلوك ، ومن خصمهم (3) فيك يوم القيامة (4) [ جدك وأبوك ].

ثم أمر به فاحتمل (5) فكأني أنظر إليه ورجلاه تخطان في الأرض ، حتى وضع مع علي بن الحسين علیه السلام . وسمعتهم يقولون : هذا القاسم بن الحسن بن علي علیه السلام .

[ عبد اللّه بن الحسن ]

وقتل معه يومئذ عبد اللّه بن [ الحسن ] (6) علیه السلام ، لأمّ ولد ، وكان الحسين

ص: 180


1- هكذا في نسخة ز وفي الاصل : فثار.
2- وفي الخوارزمي 2 / 28 والطبري 6 / 256 والكامل 4 / 33 واللّهوف ص 50 : وهو يفحص برجليه.
3- هكذا صححناه وفي الاصل ونسخة ز : خصهم.
4- وفي الارشاد ص 268 ، والبداية 8 / 186 : إن الحسين قال : بعدا لقوم قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدك ، عزّ واللّه على عمك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك فلا ينفعك ، صوت واللّه هذا يوم كثر واتره وقلّ ناصره.
5- ثم احتمله على صدره حتى ألقاه مع ابنه علي ومن قتل معه من أهل بيته ( الطبري 5 / 447 ، الخوارزمي في مقتله 2 / 47 ، الكامل 4 / 75 ، البستان الجامع ص 35 ).
6- وهو عبد اللّه بن الحسن الأكبر ، قال الطبري في تاريخه 6 / 269 وهو المكنى بأبي بكر. أمه : أمّ ولد ، يقال لها : رملة ( الدر النظيم ص 170 ، حياة الامام الحسن 2 / 462 ). قال الخوارزمي في مقتله 2 / 29 : دخل الميدان مرتجزا : إن تنكروني فأنا ابن حيدره *** ضرغام آجام وليث قسوره على الأعادي مثل ريح صرصره *** اكيلكم بالسيف كيل السندرة وقال ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 106 : إنه كان يرتجز : إن تنكروني فأنا فرع الحسن *** سبط النبيّ المصطفى والمؤتمن هذا الحسين كالأسير المرتهن *** بين اناس لا سقوا صوب المزن أما عبد اللّه بن الحسن الأصغر : فامه : بنت الشليل بن عبد اللّه البجلي. خرج من عند النساء وهو غلام في الحادية عشر من عمره فشدّ حتى وقف الى جنب عمه الحسين. فلحفته زينب لتحبسه ، فأبى ، وقد أحاطت الأعداء به. وجاء أبحر بن كعب هاويا بالسيف على الحسين. فصاح الغلام : يا ابن الخبيثة ، أتقتل عمي؟ فعدل الى الغلام ، فتلقاه بيده ، فأطنها الى الجلد. فصاح الغلام : يا عم ، قطعوا يدي. فقال له الحسين : يا ابن أخي اصبر على ما نزل بك واحتسب في ذلك الخير ، فان اللّه يلحقك بآبائك الصالحين. ( الطبري 6 / 359 ). ورماه حرملة بن كاهل وهو في حجر عمه فاستشهد. ( اللّهوف ص 68 ).

علیه السلام قد زوّجه ابنته سكينة (1). فقتل يومئذ قبل أن يبتني بها (2).

ص: 181


1- سكينة ( بفتح السين المهملة وكسر الكاف ) بنت الامام الحسين علیه السلام . امها : الرباب بنت امرئ القيس ( شذرات الذهب 1 / 154 ، نور الابصار ص 157 ). ويظهر أن امها أعطتها هذا اللقب لسكونها وهدوئها. ولدت في المدينة ، وكانت تزين مجالس نساء المدينة بعلمها وأدبها وتقواها وكان منزلها بمثابة ندوة لتعلّم الفقه والحديث. قال ابن الجوزي وابن خلكان والنووي في تهذيب الأسماء 1 / 263 : إن مدة حياتها خمس وسبعون سنة وتوفيت 117 ه ، قال الطبرسي في اعلام الورى ص 127 ، والصبّان في إسعاف الراغبين ص 202 ، وابن حبيبة في المحبر ص 438 : تزوجها عبد اللّه بن الحسن المستشهد في كربلاء.
2- وفي المترادفات للمدائني ص 64 : كان عبد اللّه بن الحسن أبا عذرها.

[ العباس وإخوته ]

اشارة

وقتل معه يومئذ اخوة العباس بن علي بن أبي طالب (1).

[1125] إسماعيل بن أوس ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال : عبّأ الحسين بن علي أصحابه يوم الطف وأعطى الراية أخاه العباس بن علي (2).

وسمّي العباس : السقّاء ، لان الحسين علیه السلام عطش ، وقد منعوه الماء ، وأخذ العباس قربة ومضى نحو الماء (3) ، واتبعه إخوته من

ص: 182


1- وهو أكبر اخوته لامه وأبيه وآخر من قتل منهم. ( اللّهوف ص 51 ) ، أمه : أمّ البنين ، فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر المعروف بالوحيد بن كلاب.
2- حمل لواء الحسين علیه السلام . ( اللّهوف ص 57 ).
3- روى أبو مخنف : أنه لما منع الحسين علیه السلام وأصحابه من الماء ، وذلك قبل أن يجمع على الحرب اشتدّ بالحسين وأصحابه العطش ، فدعا أخاه العباس ، فبعثه في ثلاثين فارسا وعشرين راجلا ليلا ، فجاؤوا حتى دنوا من الماء ، واستقدم نافع ، فمنعهم عمرو بن الحجاج. فامتنعوا منه بالسيوف ، ملأوا القربة ، وأتوا بها ، والعباس بن علي ونافع يذبان عنهم ، ويحملان على القوم حتى خلصوا بالقربة الى الحسين ، فسمي بالسقّاء ، وأبا القربة. ( ابصار العين ص 27 ). قال الفضل بن محمد بن الفضل في ذلك : إني لأذكر للعباس موقفه *** بكربلاء وهام القوم تختطف يحمي الحسين ويحميه على ظمأ *** ولا يولي ولا يثني فيختلف ولا أرى مشهدا يوما كمشهده *** مع الحسين عليه الفضل والشرف أكرم به مشهدا بانت فضيلته *** وما أضاع له أفعاله خلف

ولد علي علیه السلام : عثمان وجعفر وعبد اللّه. فكشفوا أصحاب عبيد اللّه عن الماء. وملأ العباس القربة ، وجاء بها فحملها على ظهره الى الحسين وحده. وقد قتل إخوته (1) : [ عثمان ] وجعفر وعبد اللّه في

ص: 183


1- لامه وأبيه وهم عبد اللّه وعثمان وجعفر. ( ذخائر العقبى ص 117 ). وروى أرباب المقاتل : إن أول من برز من إخوة العباس لامه وأبيه : عبد اللّه بن علي : وكان عمره حين قتل خمسا وعشرين سنة ، قتله : هاني بن ثبيت الحضرمي ( ثبيت بضم الثاء المثلثة وفتح الباء الموحدة وسكون الياء المثناة من تحت وآخره تاء ). الكامل 4 / 76 ، الارشاد ص 269 ، مقتل الخوارزمي 2 / 47. دخل المعركة مرتجرا : أنا ابن ذي النجدة والأفضال *** ذاك علي الخير في الأفعال سيف رسول اللّه ذو النكال *** في كل يوم ظاهر الاهوال ( ابصار العين ص 34 ) وقال في فتوح البلدان للبلاذري 5 / 205 : إنه قال : شيخي علي ذو الفخار الأطول *** من هاشم الخير الكريم المفضل هذا حسين ابن النبيّ المرسل *** عنه نحامي بالحسام المصقل أفديه نفسي من أخ مبجل *** يا رب فامنحني ثواب المنزل وذكر أن قاتله : زجر بن بدر النخعي. عثمان بن علي : وكان عمره احدى وعشرين سنة دخل المعركة قائلا : إني أنا العثمان ذو المفاخر *** شيخي على ذو الفعال الطاهر هذا حسين سيد الأكابر *** وسيد الصغار والأكابر بعد النبي والوصيّ الناصر ( المناقب 4 / 109 ) رماه خولى بن يزيد الاصبحي بسهم فأضعفه وشدّ عليه رجل من بني أبان بن دارم فقتله ، وأخذ رأسه ليتقرب به. ( مقاتل الطالبيين ص 82 ، مقتل الخوارزمي 2 / 47 ، ابصار العين ص 35 ). جعفر بن علي : كان عمره حين قتل تسع عشرة سنة ، تقدم الى الحرب يضرب بسيفه قائلا : إني أنا جعفر ذو المعالي *** ابن علي الخير ذي الافضال قتله : هاني بن ثبيت الحضرمي ، أو خولى بن يزيد الأصبحي ( مقاتل الطالبيين ص 83 ، مقتل الخوارزمي 2 / 47 ، ابصار العين ص 35 ).

المعركة على الماء (1) ، ولم يكن لأحد منهم عقب. وورثهم العباس (2) وقتل بعدهم (3) يومئذ ، وخلف ولده عبيد اللّه بن العباس (4) ، وبقى محمد (5) وعمرو (6) ابنا علي علیه السلام .

ص: 184


1- ولله درّ هذا القائل : قوم إذا نودوا لدفع ملمة *** والخيل بين مدعس ومكردس لبسوا القلوب على الدروع وأقبلوا *** يتهافتون على ذهاب الأنفس
2- وسيأتي التحقيق عن هذا الموضوع تحت عنوان : من الوارث؟ في ص 186.
3- قال العباس علیه السلام لأخيه عبد اللّه - وكان أكبر اخوانه من أبيه وأمه - : تقدم يا أخي حتى أراك قتيلا ، فأحتسبك. ( مقاتل الطالبيين ص 82 ). وفي رواية اخرى : قال لاخوته : تقدموا يا بني أمي حتى أراكم نصحتم لله ولرسوله. قال ابن الاثير في الكامل 4 / 76 : إن العباس قال لاخوانه : تقدموا حتى أرثكم فانه لا ولد لكم. ففعلوا ، فقتلوا. أقول : كيف؟ والعباس في تلك الساعات الرهيبة يفكر في المال والمادة الخسيسة ولو كان بهذه الدرجة لقبل الأمان من عبيد اللّه بن زياد الذي أتى به شمر بن ذي الجوشن ليلة عاشوراء. تعالى عن ذلك علوا كبيرا. هذه النفس الأبية مع هذه المصاعب الجسيمة من صياح الأطفال واستشهاد الاخوة والعشيرة ، مع أن أبا عبد اللّه الصادق علیه السلام يقول في حقه : كان عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة صلب الإيمان ، جاهد مع أبي عبد اللّه الحسين علیه السلام وأبلى بلاء حسنا ، ومضى شهيدا. أيعقل في حقه هذه الكلام؟
4- قال أبو الفرج الاصفهاني في المقاتل ص 55 عن أبي الفضل العباس : وأمه أمّ البنين - وهو اكبر ولدها -. وهو آخر من قتل من اخوته لامه وأبيه لانه كان له عقب ولم يكن لهم. فقدمهم بين يديه ، فقتلوا جميعا. فحاز مواريثهم. ثم تقدم ، فقتل فورثهم وإياه عبيد اللّه ، ونازعه في ذلك عمه عمرو بن علي فصولح على شيء رضي به.
5- قال ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 113 : محمد الأصغر بن علي بن أبي طالب لم يقتل لمرضه. أما الخوارزمي فقد ذكر في مقتله 2 / 28 : إن محمدا استشهد في كربلاء. قال الطبري : قتله رجل من تميم من بني أبان بن دارم. وقال الخليفة بن الخياط في تاريخه 1 / 225 : إن أمه : لبانة بنت عبد اللّه بن العباس ، كنيته : أبا القاسم.
6- قال الخوارزمي في مقتله 2 / 28 ، والطبري في الذخيرة ص 164 : إنه قتل في كربلاء. وفي السلسلة العلوية ص 96 وفي عمدة الطالب ص 362 : تخلف عن أخيه الحسين ، ولم يسر معه الى الكوفة ، وكان قد دعاه الى الخروج معه ، فلم يخرج. ويقال : إنه لما بلغه قتل أخيه الحسين علیه السلام خرج في المعصفرات له ، وجلس بفناء داره ، وقال : أنا الغلام الحازم ، ولو خرجت معهم لذهبت في المعركة ، وقتلت ، وعاش مدة 85 سنة. وقد تولى صدقات علي علیه السلام بأمر من الحجاج. وقتل سنة 67 ه ، ودفن في ينبع من أرض تهامة. رثاه سالم بقوله : صلّى الإله على قبر تضمّن من *** نسل الوصي على خير من سئلا قد كنت أكرمهم كفا وأكثرهم *** علما وأبرهم حلا ومرتحلا

وأما محمد ، فسلّم لعبد اللّه بن العباس حصته من تراث عثمان وجعفر وعبد اللّه أبناء علي علیه السلام .

وأما عمرو بن علي ، فكان أصغر ولد علي ، وقام بعد ذلك في حظه من ميراث اخوته : عثمان وجعفر وعبد اللّه حتى صولح وارضي من ذلك وكان العباس وعثمان وعبد اللّه وجعفر ، بنو علي علیه السلام . امهم أمّ البنين بنت [ حزام ] (1) بن خالد بن ربيعة بن الوليد (2).

وعمرو بن علي لا شقيق له ، وإنما شقيقته رقية الكبرى ، امهما الصهباء - بذلك تعرف - واسمها : أم حبيب بنت ربيعة.

فما أدري من أين طلب عمرو بن علي ميراث اخوته غير أشقائه مع شقيقهم العباس ، وهو أحق بذلك منه باجماع على أن الاخوة والأخوات من الأب لا يرثون مع الاخوة والأخوات من والأب والام شيئا لقول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الذي آثر به وصيّه علي بن أبي طالب علیه السلام ، ورواه الخاص والعام (3) ، إنه قال : أعيان

ص: 185


1- هكذا صححناه وفي الاصل : بنت حمل.
2- أمّ البنين : فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر المعروف بالوحيد بن كلاب بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ( ابصار العين ص 26 ).
3- روى الحرّ العاملي في وسائل الشيعة ( 17 / 503 الحديث 2 / 3 ) باسناده ، عن الحارث الأعور ، عن أمير المؤمنين ، أنه قال : أعيان بني الام أقرب من بني العلات. وأيضا باسناده ، عن محمد بن علي بن الحسين ، عن النبي صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : أعيان بني الام أحق بالميراث من بني العلات. وروى محمد بن الحسن في التهذيب 9 / 327 الحديث 13 باسناده ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن محمد بن أبي يونس ، عن أبي نعيم ، عن سفيان بن سعيد ، عن أبي اسحاق السبيعي ، عن الحارث ، عن أمير المؤمنين علیه السلام ، قال : أعيان بني الام يرثون دون بني العلات.

بني [ الام ] (1) يتوارثون دون بني العلات.

وهذا ما أجمع عليه أهل الفتيا. إلا أن يكون ادعى أن العباس قتل قبلهم ، ولم تقم على ذلك بينة (2) مع أنه قد ادعى وطلب ما ليس

ص: 186


1- هكذا صححناه وفي الأصل : آدم.
2- من الوارث؟ لقد أجاد المؤلف في اثباته واستدلاله بأن العباس هو الوارث لاخوته من أمه وأبيه دون ( محمد وعمرو ) الاخوة من الأب. واستشكاله على عمرو لطلبه ما ليس له في محله. ولكن الإشكال في أن العباس حسب تتبعنا للروايات لم يكن وارثا في ذلك الحال لانّ الطبقة الاولى إذا كانت موجودة تحجب الطبقة الثانية ( التالية ). وقد اكدت روايات عديدة على وجودها ، منها : قال صاحب رياض الأحزان ص 60 : وأقامت أمّ البنين زوجة أمير المؤمنين العزاء على الحسين علیه السلام ، واجتمع عندها نساء بني هاشم يندبن الحسين وأهل بيته. وبكت أمّ سلمة ، وقالت : فعلوها ملأ اللّه قبورهم نارا. وقال المامقاني في تنقيح المقال : ويستفاد من قوة إيمانها أن بشرا كلما نعى إليها أحدا من أولادها الاربعة قالت ( ما معناه ) : أخبرني عن الحسين. فلما نعى إليها الحسين ، قالت : قد قطعت أنياط قلبي أولادي كلهم فداء لأبي عبد اللّه الحسين علیه السلام ومن تحت الخضراء ... الحديث. وقال أبو الحسن الأخفش في شرح الكامل : وقد كانت تخرج الى البقيع كل يوم ترثيه ، تحمل ولده [ العباس ] عبيد اللّه ، فيجتمع لسماع رثائها أهل المدينة وفيهم مروان بن الحكم فيكون لشجى الندبة. ومن قولها رضي اللّه عنها : يا من رأى العباس كر على جماهير النقد *** ووراه من أبناء حيدر كل ليث ذي لبد انبئت أن ابني اصيب برأسه مقطوع يد *** ويلي على شبلي أمال برأسه ضرب العمد لو كان سيفك في يديك لما دنا منك أحد وقولها أيضا : لا تدعوني ويك أمّ البنين *** تذكريني بليوث العرين كانت بنون لي ادعى بهم *** قد واصلوا الموت بقطع الوتين تنازع الخرصان أشلاءهم *** فكلهم أمسى صريعا طعين يا ليت شعرى أكما أخبروا *** بأن عباسا قطيع اليمين

له ، وذلك أنه أراد أن يكون يلي أمر [ صدقات ] علي علیه السلام ، وقد كان وصية علي علیه السلام أن لا يلي أمر ما [ أوقفه ] (1) من أموال الصدقات إلا ولده من فاطمة علیهاالسلام وأعقابهم ما تناسلوا.

[1126] وقد روى الزبير عن عمه مصعب بن عبد اللّه ، أنه قال : كان عمرو آخر ولد علي بن أبي طالب علیه السلام وقدم مع أبان بن عثمان على الوليد بن عبد الملك (2) يسأله أن يوليه صدقة أبيه علي بن أبي طالب علیه السلام ، وكان يليها يومئذ ابن أخيه الحسن بن [ الحسن ] بن علي (3) فعرض عليه الوليد الصلة ، و [ قضاء ] الدين.

قال [ عمرو ] : لا حاجة لي في ذلك ، إني سألت صدقة أبي أن أتولاها ، فأنا أولى بها من ابن أخي ، فاكتب لي في ولايتها.

فوضع الوليد في رقعة - أبيات ربيع بن أبي الحقيق - شعرا :

أنا اذا مالت دواعي الهوى *** وأنصت السامع للقائل

واصطرع القوم بألبابهم *** نقضي لحكم عادل فاصل (4)

ص: 187


1- هكذا صححناه وفي الاصل : ما أنفقه.
2- كنيته : أبو العباس ، ولد سنة 48 ، وولي بعد وفاة أبيه سنة 86 ه الخلافة ، فكانت مدة خلافته تسع سنوات وثمانية أشهر وتوفي سنة 96 ه.
3- كنيته أبو محمد ، وهو الذي نجى من واقعة الطف كما ذكره المؤلف ص 196 في جملة الاسارى. توفي حوالي سنة 90 ه ودفن في المدينة.
4- وفي عمدة الطالب ص 86 : واضطرب القوم بأحلامهم *** تقضي بحكم فاصل عادل

لا نجعل الباطل حقا ولا *** نلظ (1) دون الحق بالباطل

نخاف أن تسفه أحلامنا *** فنخمل (2) الدهر مع الخامل

ثم رفع الرقعة الى أبان ، وقال : ادفعها إليه ، وعرفه أني لا أدخله على ولد فاطمة بنت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله غيرهم ، وانصرف عنه عمرو غضبانا ، ولم يقبل له صلة.

ولو أفاد الوليد هذا القول فيما تغلّب عليه (3) لكان أولى به.

[ ضبط الغريب ]

قوله : واصطرع القوم بألبابهم.

الصرع : طرح الانسان بالأرض. فتقول : صرعته صرعا ، إذا طرحته بالأرض.

والمصارعة : تعالج الاثنين أيهما يصرع صاحبه.

الألباب - هاهنا - جمع تلبيب ، يقال منه : تلبيب وتلابيب. والتلبيب : مجمع ما في موضع اللبة من ثياب الرجل. واللبة : موضع واسطة العقد إذا عدل في العنق.

قال ذو الرمة (4) :

براقة الخد (5) واللبات واضحة *** كأنها ظبية أقصى بها لبب

ص: 188


1- وفي مناقب ابن شهر اشوب 4 / 174 ، والعمدة : نلفظ.
2- هكذا في نسخة - ز - وفي الأصل : فنخسر.
3- اشارة الى ردّ الخلافة إلى أهلها.
4- وفي نسخة ز : ابن الرقمة.
5- وفي لسان العرب 1 / 733 : براقة الجيد.

فجمع ، وإنما هى لبة واحدة ، والعرب تجمع الواحد والاثنين مما يكون في الإنسان ، فيقولون : لباب المرأة ، وترائبها ومعاصمها ، ويقال لواسطة العقد : لبة ، لانها تكون في اللبة. والعرب تسمي الشيء باسم ما صاحبه ولاءمه.

ويقال : أخذ فلان تلبيب فلان ؛ ولبيب فلان : إذا أخذ مجامع ثيابه عند نحره ، أو جعل في عنقه ثوبا ، أو حبلا ، أو قبض في ذلك على موضع تلبيبه.

وقد يفعل ذلك الإنسان من يريد أن يصرعه.

وقوله : ( ولا نلظ دون الحق [ بالباطل ] ).

الألظاظ : الالحاح على الشيء ، يقال منه : ألظ على الشيء ، وألظ منه.

سميت الملاظة في الحرب ، يقال منه : رجل ملظاظ ، وملظاء : أي ملح.

قال [ الزاجر ] :

( عجبت والدهر له لظيظ ) (1)

ويقال رجل لظ [ فظ ] : أي عسير متشدد.

وقيل للحية اذا تلظظ : إذا هي حركت رأسها من شدة اغتياظها. وقيل : انما سميت النار لظى من أجل لزوقها بالجلد ، واشتقاقه من الالظاظ. والنار تلظى وتتلظى : إذا اشتد توقدها. والاصل تلظظ ، فقلبوا أحد الظاءين الى الياء. وفي الحديث : ( ألظوا [ في الدعاء ] ب : يا ذا الجلال والاكرام ) : أي سلوا اللّه في الدعاء بهذه الكلمة ، وأديموا السؤال.

وقوله : الدهر. يقول إذا فعلنا ذلك خملنا طول الدهر. والمخمول : الاخفاء. والخامل : الخفي. يقال منه : رجل خامل الذكر : أي لا يكاد أن يعرف ولا يذكر. والخامل : القول الخفيض. وفي الحديث : ( اذكروا اللّه ذكرا خاملا ) (2) أي خفيا ، يعني سرا.

ص: 189


1- لسان العرب 7 / 460.
2- لسان العرب 11 / 221.

[ الصدقات ]

[ الصدقات ](1)

[1127] وروى هارون بن موسى ، أن عبد الملك بن مروان (2) ولي علي

ص: 190


1- ما هي الصدقات : وهى مجموعة أراضي وعيون وبساتين من : ألف - أوقاف فاطمة : البساتين السبع التي أوصى لحوائط مخيرق اليهودي بها الى النبي صلى اللّه عليه وآله ، ومات مسلما ، وهي : الدلال ، وبرقة ، والصافية ، والمثيب ، ومشربة أم إبراهيم ، والأعراف ، وحسني. فأوقفها النبي صلى اللّه عليه وآله سنة سبع من الهجرة على خصوص فاطمة عليها السلام ، وكان يأخذ منها في حياته لأضيافه وحوائجه ، وعند وفاتها أوصت بهذه البساتين وكل ما كان لها من المال الى علي عليه السلام ، ومن بعده الحسن ، ومن بعده الى الحسين ، ثم الى الأكبر من ولد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله . وأشهدت على الوصية المقداد بن الأسود ، والزبير بن العوام ( الكامل للمبرد 3 / 115 ، تاريخ المدينة 2 / 263 ). ب - أوقاف علي عليه السلام : ومن الصدقات ما كان له في خيبر ، ووادي القرى وسويقة الغفران ، وبئر قيس ، والشجرة ، وعيون استخرجها في ينبع منها : يحير ، وعين نولا ، وعين أبي نيزر ، وعين أبي ميرز وهي التي أراد معاوية أن يشتريها من الحسين عليه السلام عند ما أصاب الحسين دين عظيم. فقال عليه السلام : إن أبي أوقفها ابتغاء وجه اللّه فلا اغيره ( معجم البلدان 5 / 180 ، تاريخ المدينة 2 / 249 ، الكامل للمبرد 3 / 114 ) وقد مرّ ذكرها في وصيته عليه السلام في الجزء العاشر من هذا الكتاب ص 453 ، فراجع. عوائد الصدقات : وقد بلغت غلة الصدقات أربعين ألف دينار ( السيرة الحلبية 2 / 219 ). تولية الصدقات : أوصى علي عليه السلام في أوقافه على الصدقات ابنه الحسن ، ومن بعده الحسين عليه السلام ، ومن بعده ممن يراه الحسين عليه السلام صالحا للقيام عليها. قال في العمدة ص 85 : وكان أمير المؤمنين عليه السلام قد شرط على أن يتولى صدقاته ولده من فاطمة دون غيرهم من اولاده. بعض من تولاّها : قام على هذه الاوقاف من بعد الحسين عليه السلام زين العابدين عليه السلام ، فنازعه عمه عمرو بن علي بن أبي طالب عليه السلام الى عبد الملك بن مروان ( سفينة البحار 3 / 272 ، اللّهوف ص 15 ، الارشاد 2 / 139 ) فقاله له : يا أمير المؤمنين أنا ابن المصدق وهذا ابن فاطمة ، فأنا أحق بها منه ، فتمثل عبد الملك بقول ابن أبي الحقيق ( التي مرّ ذكرها ). ثم قال لعلي بن الحسين : قد وليتكها ، فقاما وخرجا. فتناوله عمرو وآذاه ، فما ردّ عليه السجاد عليه السلام شيء ( المناقب 4 / 173 ). قال ابن عساكر في تاريخه 4 / 164 : وممن تولى أمر الصدقات من بني الحسن : الحسن المثنى ، فنازعه عمه عمرو الاطرف. وكان الحسن بن الحسن بن علي عليه السلام وصي أبيه ، وولي صدقة علي عليه السلام. فسأله الحجاج بن يوسف الثقفي - وهو على المدينة - أن يدخل عمرو بن علي في الوصية ، فأبى. ثم قدم الحسن على عبد الملك ، فرحب به ، وكان الحسن قد أسرع إليه الشيب ، فسأله الوليد عما قدم له ، فأخبره بما سأله الحجاج ، فكتب إليه أن امسك عنه ، ووصله.
2- وهو أحد خلفاء الامويين ، ولد سنة 26 ، واستعمله معاوية على المدينة ، وهو ابن 16 سنة ، وانتقلت إليه الخلافة بموت أبيه سنة 65 ه ، وتوفي سنة 86 ه - في دمشق. ( الطبري 8 / 1. ميزان الاعتدال 2 / 153 ).

بن الحسين علیه السلام صدقات النبي صلی اللّه علیه و آله وصدقات علي علیه السلام وكانتا مضمونتين ، فجاء عمرو بن علي الى عبد الملك بن مروان يتظلم منه في ذلك ، ويقول : أنا أحق منه بها.

فقال له عبد الملك : أقول كما قال ابن أبي الحقيق (1) : اني اذا مالت دواعي الهوى ... وأنشده الأربعة الأبيات المتقدم ذكرها.

ثم جاء بعد ذلك الى ابنه الوليد طمعا فيه أن يوليه ذلك ، فأجابه بما أجابه أبوه به.

[ نعود الى ذكر العباس ]

وكان الذي ولي قتل العباس بن علي يومئذ يزيد بن زياد الحنفي (2) وأخذ سلبه حكيم بن طفيل الطائي وقيل إنه شرك في قتله يزيد. وكان بعد أن قتل اخوته عبد اللّه وعثمان وجعفر معه قاصدين الماء (3). ويرجع وحده بالقربة فيحمل على أصحاب عبيد اللّه بن زياد الحائلين دون الماء. فيقتل منهم ، ويضرب فيهم حتى يتفرجوا عن الماء فيأتي الفرات فيملأ القربة ، ويحملها ، ويأتي بها الحسين علیه السلام وأصحابه ، فيسقيهم حتى تكاثروا عليه ، وأوهنته الجراح من النبل ، فقتلوه كذلك (4) بين الفرات والسرادق ، وهو يحمل الماء ،

ص: 191


1- وهو ربيع بن أبي الحقيق اليهودي.
2- وقيل يزيد بن زرقاء الجهني ( ابصار العين ص 30 ).
3- وفي نسخة ز : لما قصد الماء بهم.
4- روى أبو عمر البخاري عن المفضل بن عمر ، أنه قال : قال الصادق علیه السلام : كان عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة صلب الايمان جاهد مع أبي عبد اللّه وأبلى بلاء حسنا ، ومضى شهيدا ( عمدة الطالب ص 349 ). وروي أنه دخل المعركة مرتجزاً: لا أرهب الموت إذ الموت رقا *** حتى اواري في المصاليب لقا نفسي لنفس المصطفى الطهر وفا *** إني أنا العباس أغدو بالسقا ولا اخاف السيئ يوم الملتقى ( المناقب 4 / 109 ) وقيل إنه قال أيضا : اقاتل القوم بقلب مهند *** أذبّ عن سبط النبيّ أحمد أضربكم بالصارم المهند *** حتى تحيدوا عن قتال سيدي إني أنا العباس ذو التودّد *** نجل عليّ المرتضى المؤيد فهزم القوم ودخل المشرعة وأراد أن يشرب الماء ، فذكر عطش الحسين علیه السلام فصبّ الماء من يده ، ولم يشرب ، وملأ القربة وخرج منها قائلا : يا نفس من بعد الحسين هوني *** من بعده لا كنت أن تكوني هذا حسين شارب المنون *** وتشربين بارد المعين هيهات ما هذا فعال ديني *** ولا فعال صادق اليقين ( ناسخ التواريخ 2 / 347 ) فكمن له زيد بن ورقاء الجهني من وراء نخلة وعاونه حكيم بن طفيل ، فضربه على يمينه ، فقطعه ، وأخذ السيف بشماله وحمل عليهم وهو يرتجز : واللّه إن قطعتم يميني *** إني احامي أبدا عن ديني وعن إمام صادق اليقين *** نجل النبيّ الطاهر الأمين فقاتل حتى ضعف ، فكمن له حكيم بن طفيل الطائي من وراء نخلة ، فضربه على شماله ، فقال : يا نفس لا تخشي من الكفار *** وأبشري برحمة الجبار مع النبيّ السيد المختار *** قد قطعوا ببغيهم يساري فأصلهم يا ربّ حرّ النار فلما رآه الحسين صريعا على شط الفرات بكى ، وقال : الآن انكسر ظهري وشمت بي عدوي ، وأنشد قائلا : تعديتم يا شرّ قوم ببغيكم *** وخالفتم قول النبي محمد أما كان خير الرسل وصاكم بنا *** أما نحن من نسل النبي المسدد أما كانت الزهراء أمي دونكم *** أما كان خير البرية أحمد لعنتم واخربتم بما قد جنيتم *** فسوف تلاقوا حرّ نار توقد قال الامام علي بن الحسين علیه السلام : رحم اللّه العباس ، فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه ، فأبدله اللّه عزّ وجلّ بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن أبي طالب ، وأن للعباس عند اللّه تعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة ( بحار الانوار ط قديم 9 / 147 ). ونعم ما قال الشاعر : بذلت يا عباس نفسا نفيسة *** بنصر حسين عزّ بالنصر من قبل أبيت التذاذ الماء قبل التذاذه *** فحسن فعال المرء فرع من الاصل فأنت أخو السبطين في يوم مفخر *** وفي يوم بذل الماء أنت أبو الفضل

ص: 192

وثم قبره (1) رحمه اللّه .

وقطعوا يديه ورجليه حنقا عليه ، ولما أبلى فيهم وقتل منهم فلذلك سمي السقّاء.

وفيه يقول الفضل بن محمد بن الحسن بن عبيد اللّه بن العباس بن علي علیه السلام (2) :

أحق الناس أن يبكى عليه *** إذ (3) أبكى الحسين بكربلاء

أخوه وابن والده علي *** أبو الفضل المضرّج بالدماء

ومن واساه لا يثنيه شيء *** وجاء له على عطش بماء

ص: 193


1- والمروي أن الامام زين العابدين علیه السلام تولى دفنه عند ما دفن أباه وأصحابه يوم الثالث عشر من شهر محرم ، أي بعد الفاجعة بثلاثة أيام ( وسيلة الدارين ص 347 ).
2- ذكر ذلك في تاريخ بغداد 12 / 136 ، أدب الطف 1 / 227 ، المقاتل ص 84 فهم يؤيدون المؤلف في نسبتها الى الشاعر المذكور أما في كتاب روض الجنان للمؤرخ الهندي أشرف علي ص 325 نسب هذه الأبيات الى فضل بن الحسن بن عبيد اللّه ، وكذلك في كتاب عيون الاخبار وفنون الآثار والحق مع الموافقين للمؤلف. والشاعر ( الفضل بن محمد بن فضل ) هو معاصر للمتوكل ، وقد ذكر في أعيان الشيعة 42 / 282. وأمه جعفرية ، وأن أباه محمد بن الفضل كان من الشعراء المعاصرين للمأمون العباسي ، ومن أبياته : اني لأذكر العباس موقفه *** بكربلاء وهام القوم تختلف يحمي الحسين ويسقيه على ظمأ *** و لا يولي ولا يثني ولا يقف
3- ذكر أرباب المقاتل : فتى ابكى ... الخ. ( معجم الشعراء للمرزباني ص 184 ).

[ ضبط الغريب ]

قوله : المضرج بالدماء ، يقال لكل شيء تلطخ بالدماء أو نحوه قد تضرج تضرجا وهو مضرج ، قال الشاعر يصف الشراب :

( في قرقر بلعاب الشمس مضروج ) (1)

وقتل العباس بن علي يومئذ وهو ابن أربع وثلاثين سنة (2) وقتل عبد اللّه بن علي يومئذ وهو ابن خمس وعشرين سنة. وقتل عثمان بن علي وهو ابن احدى وعشرين سنة. وقتل جعفر بن علي وهو ابن سبع عشر سنة (3).

ص: 194


1- لسان العرب 2 / 313.
2- ولد العباس علیه السلام سنة ست وعشرين من الهجرة ، وعاش مع أبيه أربع عشرة سنة حضر بعض الحروب ، فلم يأذن له أبوه بالنزال. ومع أخيه الحسن الى اربع وعشرين سنة ، ومع أخيه الحسين الى أن بلغ أربعا وثلاثين سنة ( أبصار العين ص 26 ).
3- قال الاصفهاني في المقاتل ص 83 ، والخوارزمي في مقتله 2 / 47 : انه ابن تسع عشر سنة ، وقد سبق أن شرحنا كيفية مبارزاتهم ، فراجع.

[ أولاد عقيل ]

وقتل يومئذ مع الحسين علیه السلام من ولد عقيل بن أبي طالب (1) :

عبد الرحمن بن عقيل (2) ، أمه : أمّ ولد. قتله : عثمان بن خالد الجهني.

وعبد اللّه بن عقيل (3) ، وأمه : أمّ ولد. قتله : عمرو بن الصبيح ، [ أضعفه بسهم ] رماه به [ بشير بن حوط ] الهمداني.

وعبد اللّه بن مسلم بن عقيل (4) ، أمه : رقية بنت علي بن أبي طالب ، قتله : عمرو بن الصبيح [ الصداني ] ، ويقال : أسد بن مالك.

ص: 195


1- لم يذكر المؤلف سوى ثلاثة ، ونحن عند ما نتعرض لترجمة عقيل بن أبي طالب نذكر البقية إن شاء اللّه.
2- دخل ساحة الوغى ، وهو يرتجز قائلا : ابن عقيل فاعرفوا مكاني *** من هاشم وهاشم اخواني كهول صدق سادة الاقران *** هذا حسين شامخ البنان ( الفتوح 5 / 203. وأضاف في ناسخ التواريخ 2 / 321 : وسيد الشيب مع الشبان ). وقال الاصفهاني في المقاتل ص 95 : فشد عليه عثمان بن خالد الجهني ، وبشير بن حوط ، فقتلاه.
3- ذكره أيضا المسعودي في مروج الذهب 3 / 62 ، والخوارزمي في مقتله 2 / 47. وقال أبو الفرج الاصفهاني في المقاتل : قتله عثمان بن خالد بن أسد الجهني ، ورجل من همدان ، وقال ابن الاثير في الكامل 4 / 92 : قتله عمرو بن صبيح الصيداوي.
4- دخل المعركة مرتجزا : اليوم ألقى مسلما وهو أبي *** وفتية ماتوا على دين النبي ليسوا كقوم عرفوا بالكذب *** لكن خيار وكرام النسب من هاشم السادات أهل الحسب ( مروج الذهب 3 / 92 ، الفتوح 5 / 203 ). وقاتل قتال الابطال حتى رماه عمرو بن صبيح الصيداني سهما ، فاتقاه الغلام بيده ، فسمرها الى جبهته. فما استطاع أن يزيلها وشدّ عليه وغد فطعنه بالرمح في قلبه واستشهد. ( الكامل لابن الاثير 3 / 293 ، المناقب لابن شهرآشوب 2 / 220. وقيل : قتله أسيد أو أسد بن مالك الحضرمي. بحار الانوار 101 / 340 ط جديد ).

[ الأسرى ]

والذين اسروا منهم بعد من قتل منهم يومئذ :

علي بن الحسين علیه السلام وكان عليلا دنفا (1) ، وقد ذكرنا خبره. وكان يومئذ ابن ثلاث وعشرين سنة.

وابنه محمد بن علي ، وكان طفلا صغيرا.

والحسن بن الحسن (2).

ص: 196


1- قال السيد هاشم البحراني في حلية الابرار 2 / 67 : عند ما هجم القوم على فسطاط آل البيت ، أحاطوا حول الامام السجاد ، فقال شمر بن ذي الجوشن : اقتلوا هذا. فقال رجل من أصحابه : يا سبحان اللّه أتقتل فتى حدثا مريضا لا يقاتل.
2- وهو الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. كنيته : أبو محمد الهاشمي. روى ابن طاوس صاحب اللّهوف ص 86 : أن الحسن المثنى قاتل بين يدي عمه الحسين علیه السلام ذلك اليوم. وقتل سبعة عشر نفسا وأصابه ثمانية عشر جراحة ، واثخن بالجرح. فقال خاله أسماء بن جارحة : دعوه لي. فان وهبه الامير عبيد اللّه بن زياد لي وإلا رأى رأيه فيه. فتركوه له ، فحمله الى الكوفة ، وحكوا ذلك لابن زياد ، فقال : دعوا لأبي حسان ابن اخته ، وداواه حتى برئ ، وحمله الى المدينة ، وكان معهم أيضا زيد وعمر ولدا الحسن السبط ، وقد تولى صدقات علي علیه السلام ودسّ إليه السم سليمان بن عبد الملك ، فمات عن عمر يناهز ثلاثة وخمسين سنة ، وذلك في سنة سبع وتسعين للهجرة ( عمدة الطالب ص 86 ).

وعبد اللّه بن الحسن (1).

والقاسم بن عبد اللّه بن جعفر.

وعمرو بن الحسين (2).

ومحمد بن الحسين (3).

ومحمد بن عقيل (4).

والقاسم بن محمد بن جعفر بن أبي طالب (5).

ص: 197


1- وقد ذكرنا خبره في ص 180 من هذا الجزء ، فراجع.
2- قال ابن طاوس المتوفى سنة 664 ه في اللّهوف ص 85 : دعا يزيد يوما بعلي بن الحسين ومعه عمرو بن الحسين وهو صبي ( يقال : إن عمره احدى عشر سنة ) فقال له يزيد : يا عمرو تقاتل خالدا؟ - يعنى ابنه وكان في سنه -. فقال عمرو : لا ولكن اعطني سكينا وأعطه سكينا حتى اقاتله ، فضمه يزيد إليه ، وقال : شنشنة أعرفها من اخزم *** هل تلد الحية إلا الحية وقد قال ابن الاثير في الكامل 4 / 87 ، والطبري في تاريخه 6 / 262 : انه عمرو بن الحسن ، واللّه اعلم.
3- في بعض الاخبار أن للحسين ولدين وهما محمد ومحسن. أما محسن بن الحسين مدفون في جبل جوشن قرب حلب ( أدب الطف 1 / 47 ).
4- قال الخوارزمي في مقتله 2 / 48 : انه استشهد في كربلاء.
5- أمه : أمّ ولد. قال الاصفهاني في المقاتل ص 119 : دخل المعركة مرتجزا : أنا الغلام الابطحي الطالب *** من معشر من هاشم من غالب ونحن حقا سادة الدوائب *** هذا حسين أطيب الاطائب من عترة التقي العاقب وذكر المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 169 نقلا عن المناقب : أنه اشترك في واقعة كربلاء الأليمة ونجى من المعركة.

وعبد اللّه بن العباس بن علي بن أبي طالب (1).

ومن النساء (2) أمّ كلثوم بنت علي بن أبي طالب (3).

وأمّ الحسن بنت علي بن أبي طالب (4).

وفاطمة (5).

ص: 198


1- هذا الاسم سقط من نسخة ز.
2- ولم يذكر المؤلف عقيلة بني هاشم في جملة الأسرى. وأظنة أنه نسى أو خطأ من الناسخ وهي زينب بنت أمير المؤمنين علیه السلام ( زينب الكبرى ). امها : سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء. ولدت في المدينة السنة السادسة للهجرة. وقد تربت في حجر النبوة ومهبط الوحي ومدرسة الولاية. ومن نتائج تربيتها كانت لها حلقة تدريس تفسير القرآن الكريم للنساء ، وممن حضرت هذه الجلسات هند زوجة يزيد بن معاوية. وما خطبتها في الكوفة والشام إلا دليل واضح على فضلها وقدرتها البلاغية والعلمية. تزوجت من عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب. شاهدت حادثة كربلاء سنة 61 ه وكانت تواصل البكاء وتقيم النياحة على شهداء كربلاء في دارها بالمدينة مما أخاف الحكام الامويين ، فقرروا ابعادها الى مصر ، وكانت بها حتى توفيت في الرابع عشر من رجب عام 62 ه ( مزارات أهل البيت عليهم السلام في القاهرة لمحمد حسين الحسيني الجلالي ). وقيل إن مدفنها في قرية خارج مدينة دمشق تعرف باسمها.
3- واسمها زينب الصغرى ، وقد كانت مع أخيها الحسين علیه السلام بكربلاء وكانت مع السجاد علیه السلام في الشام ثم الى المدينة. وقد خطبت بالكوفة تلك الخطبة المشهورة ، من وراء كلتها رافعة صوتها بالبكاء. فقالت : ( يا أهل الكوفة سوأة لكم ، مالكم خذلتم حسينا ... ) فضج الناس بالبكاء والنحيب ، فلم ير باك وباكية أكثر من ذلك اليوم. وزوجها : عون بن جعفر الذي استشهد في كربلاء وكان له من العمر يوم قتل ستة وخمسون سنة. وقال ابن حجر في الاصابة 2 / 374 : إن محمد بن جعفر بن أبي طالب تزوجها. وقال الواقدي : إن محمدا هذا استشهد بتستر. وقال صاحب العمدة : إن جعفر خلف ولدين : محمد الاكبر الذي استشهد في صفين. ومحمد الاصغر استشهد في كربلاء. وأما القاسم بن محمد انه استشهد في شوشتر ( الدرجات الرفيعة ص 185 ) توفيت في المدينة بعد رجوعها مع السبايا. وكانت مدة مكثها في المدينة أربعة اشهر وعشرة أيام. هكذا ذكر في عمدة الطالب ومروج الذهب.
4- قال الامين في أعيان الشيعة 7 / 36 : وامها أم سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفية.
5- وامها : أم اسحاق بنت طلحة بن عبيد اللّه. حيث كانت عند الامام الحسن علیه السلام ، وقد أنجبت منه طلحة الذي درج ولا عقب له. ثم تزوجها الحسين علیه السلام بوصية من أخيه الحسن عليه السلام فولدت له فاطمة. وكانت فاطمة كريمة الاخلاق تشبه في ملامحها الزهراء البتول ، وهي أكبر سنا من اختها سكينة. تزوجها الحسن المثنى ابن الحسن علیه السلام ، وقد كانت مع زوجها في كربلاء. وسبيت مع العائلة الى الكوفة وخطبت فيها. توفيت في السنة التي توفيت فيها سكينة ( سنة 117 ه ) وكان مدفنها في المدينة.

وسكينة (1) ابنتا الحسين بن علي.

[1128] قيل : إن زينب بنت عقيل بن أبي طالب (2) خرجت على الناس بالبقيع تبكي قتلاها ، وهي تقول :

ما ذا تقولون اذ قال النبيّ لكم *** ما ذا فعلتم وأنتم آخر الامم

بأهل بيتي وقد أضحوا بحضرتكم *** منهم اسارى وقتلى ضرّجوا بدم

هل كان هذا جزائي إذ نصحت لكم *** أن تخلفوني بسوء في ذوى رحمي (3)

فقال أبو الأسود الدؤلي (4) : وقد سمعتها تقول : ( رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ ) (5).

وهذا قول من لم يعتقد عداوة أهل بيت محمد. فأما الذين اعتقدوا عداوتهم وقصدوا لما قصدوا إليه منهم فهم مصرّون على كفرهم وعلى ما ارتكبوه منهم ، وقد قتلوا من أهل بيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعد هذا خلقا كثيرا قلّ

ص: 199


1- سبق أن ذكرنا مختصرا من حياتها ص 181 من هذا الجزء ، فراجع.
2- وأوردها أيضا عيون الاخبار لابن قتيبة 1 / 213 ، ومقتل الخوارزمي 2 / 76 ، ومجمع الزوائد 9 / 200 ، وتاريخ الطبري 6 / 268. وقد ذكر ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 116 هذه الابيات هكذا : ما ذا تقولون إن قال النبي لكم *** يوم الحساب وصدق القول مسموع أسلمتموه بأيدى الظالمين فما *** منكم له اليوم عند اللّه مشفوع ما كان عند غداة الطف إذ حضروا *** تلك المنايا ولا عنهنّ مدفوع قال العاملي في أعيان الشيعة 7 / 36 : القائلة لهذه الابيات رمله بنت عقيل.
3- وزاد السبط الجوزي في تذكرة الخواص بيتا رابعا : ذريتي وبنو عمي بمضيعة *** منهم اسارى وقتلى ضرجوا بدم
4- وهو ظالم بن عمرو بن سفيان الدؤلي.
5- الاعراف : 23.

من يحصي عددهم ظلما لهم ، واستخفافا لحقهم غير من تعاطى ما ليس له منهم ، فصرعه تعاطيه ما ليس له ، وتعديه الى غير حظه ، وتسمية اسمه. ومن أراد استلاب ما سلب من غيره ، والطلب بغير حقه ، ومن أجل ذلك أعرضنا عن ذكر من كانت هذه سبيله وطوينا كشحا عن مصابه ، واللّه يحكم في ذلك بحكمه ويقضى بما شاء بين عباده.

ص: 200

[ فضائل اسرة أمير المؤمنين ]

اشارة

وقد ذكرنا من فضل علي وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام فيما تقدم. وذكرنا من فضل جعفر بن أبي طالب ، أخي علي علیه السلام كثيرا. ونذكر في هذا الباب شيئا مما انتهى إلينا من ذلك ، ومن فضائل غيرهم من أهل بيته إن شاء اللّه تعالى.

[1129] محمد بن عباد بن يعقوب ، باسناده ، عن جعفر بن محمد ، أنه قال : كانت أم علي علیه السلام احدى أحد عشر امرأة بدرية. فلما أن ماتت نزع رسول اللّه قميصه فأعطاهم إياه. وقال : كفنوها فيه ، ليدفع عنها ضغطة القبر. ونزل في قبرها ، فاضطجع في لحدها. وقال : أردت أن يوسع عليها ، فانه لم ينفعني أحد بعد أبي طالب كنفعها.

[1130] محمد بن علي بن أعرابي ، باسناده ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه قال : قدم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عام الحديبية فصالحهم على أن يقدم من قابل ، ولا يدخل مكة بفرس ولا سلاح ، ولا يخرج منها أحد ، فنزل بطن مرو. وتخلف علي علیه السلام بمكة ، فأخرج بنت حمزة (1) على بعير. فلقيه رجل من المشركين ، فلما علم أنه

ص: 201


1- واسمها امامة. وقيل : إن امها زينب بنت عميس الخثعمية ، وقيل : امها : سلمى بنت عميس. كما سيأتي إن شاء اللّه.

علي لم يجسر على مقاومته ، فكان اكثر ما قدر عليه أن شتم الجارية ، وشتم أباها.

وقدم بها علي بطن مرو على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فنازعه فيها جعفر وزيد بن حارثة. فقال له جعفر : هي ابنة عمي وخالتها عندي ، والنساء عورة.

وقال زيد : هي مولاتي ، وقد آخى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بيني وبين أبيها ، وأنا أحقكم بها.

قال علي علیه السلام : هي ابنة عمي ، وقد تركتموها بمكة تضرب ويشتم أبوها واخوتها ، وأنا أحقكم بها.

فسمع النبي صلی اللّه علیه و آله كلامهم. فقال صلی اللّه علیه و آله : أنا أقضي بينكم فيها وفي غيرها. أما أنت يا جعفر فأشبهت خلقي وخلقي وأما أنت يا علي فأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبيّ بعدي : وأما أنت يا زيد فمولى اللّه ومولى رسوله ، فادفعوها الى خالتها فان النساء عورة.

[ جعفر بن أبي طالب ]

اشارة

[ جعفر بن أبي طالب ] (1)

[ الصدقة في الليل ]

[1131] سعد بن طريف ، باسناده ، عن جعفر بن أبي طالب علیه السلام

ص: 202


1- واستشهد من أولاد جعفر بن أبي طالب ثلاثة لم يذكرهم المؤلف وهم : عون بن عبد اللّه بن جعفر : أمه : العقيلة زينب بنت علي علیهماالسلام دخل ساحة الوغى مرتجزا : إن تكروني فأنا ابن جعفر *** شهيد صدق في الجنان أزهر يطير فيها بجناح أخضر *** كفى بهذا شرفا في المحشر ( ناسخ التواريخ 2 / 321 ) قتله : عبد اللّه بن قطنة الطائي ( الكامل 4 / 75 ، مقتل الخوارزمي 2 / 47 ، مقاتل الطالبيين ص 60 ، بحار الانوار 101 / 341 ، الفتوح 5 / 304 ، الارشاد ص 268 ، عمدة الطالب ص 200 ). محمد بن عبد اللّه بن جعفر : أمه : الحوصاء بنت حفصة بنت ثقيف من بكر بن وائل. دخل المعركة وهو يرتجز يقول : نشكو الى اللّه من العدوان *** قتال قوم في الردى عميان قد بدّلوا معالم القرآن *** ومحكم التنزيل والتبيان وأظهروا الكفر مع الطغيان فحمل عليه عامر بن نهثل التميمي فقتله. ( الارشاد ص 268 ، الفتوح 5 / 204 ، ابصار العين ص 40 ، مقتل الخوارزمي 2 / 47 ، عمدة الطالب ص 200 ). عبد اللّه بن عبد اللّه بن جعفر : أمه : الحوصاء بنت حفصة. قال أبو الفرج الاصفهاني في المقاتل ص 92 : ذكر يحيى بن الحسن العلوي فيما حدثني به أحمد بن سعيد عنه : أنه قتل مع الحسين بالطف. وذكره أيضا الخوارزمي في مقتله. وأنكر بعض المؤرخين استشهاده في كربلاء ، ويؤيد هذا القول ما قاله عبد اللّه بن جعفر لما بلغه قتل الحسين علیه السلام دخل عليه بعض مواليه يعزونه والناس يعزونه. فقال مولاه : هذا ما لقيناه من الحسين. فحذفه ابن جعفر بنعله قائلا : يا ابن اللخناء أللحسين تقول هذا. واللّه لو شهدته لأحببت أن لا افارقه حتى اقتل معه. واللّه إنه لما يسخي بنفس منهما ويهون على المصاب بهما أنهما اصيبا مع أخي وابن عمي مواسيين له صابرين معه. ثم قال : إن لم تكن آست الحسين يديّ فقد آساه ولدي ( الكامل 4 / 89 ، الطبري 6 / 268 ) حيث صرح بأن اثنين استشهدا في كربلاء ، واللّه اعلم.

لما أن بعثه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى النجاشي (1) ركب البحر ، فبيناهم يجرون في الليل إذ سمعوا قائلا يقول : اسمعوا ما أقول لكم يا أهل السفينة وأخبركم به من ربكم ، فتقدم جعفر علیه السلام الى مقدم السفينة.

فقال : أين مخبرنا عن ربنا؟ فاذا قائل يقول : إن الصدقات بالنهار تطفئ غضب الرب ، والصدقة بالليل تطفئ الخطايا كما يطفئ الماء النار.

ص: 203


1- وهو أصحمة بن أبحر ملك الحبشة واسمه بالعربية عطية ، والنجاشي لقب له. أسلم على عهد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . وتوفي ببلاده قبل فتح مكة ( اسد الغابة 1 / 120 ).
[ قتال جعفر ]

[1132] عبد الملك بن هشام ، باسناده ، [ أن ] جعفر بن أبي طالب علیه السلام ، أخذ اللواء يوم مؤتة بيمينه. فلم يزل يقاتل حتى قطعت يمينه. فأخذه بشماله ، فلم يزل يقاتل حتى قطعت شماله. فاحتضن اللواء بعضديه ، وجعل يقاتل حتى قتل علیه السلام .

[1133] محمد بن حميد ، باسناده ، أن جعفر بن أبي طالب علیه السلام لم يزل يقاتل يوم مؤتة بيمينه حتى جرح سبعين جراحة بين ضربة وطعنة ، فأدركه الجرح ، فقتل رحمه اللّه .

[ مقام جعفر ]

[1134] خالد بن يزيد ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال :

رأيت جعفر بن أبي طالب علیه السلام في الجنة ملكا يطير فيها بجناحين مضرّجين قوادمهما بالدماء ، يتبوأ منها حيث يشاء يطير فيها مع الملائكة.

[ بأيهما اسرّ؟ ]

[1135] الأجلح ، باسناده ، أن جعفر بن أبي طالب ، قدم على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من الحبشة يوم فتح خيبر ، فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما أدري بأيهما أنا اسرّ بفتح خيبر أم بقدوم جعفر؟ وضمه إليه ، وقبّل ما بين عينيه.

ص: 204

[ الرسول وجعفر ]

[1136] سلمة ( بن شيش ) (1) ، باسناده ، عن جعفر بن محمد علیه السلام [ أنه ] قال : سمعت أبي يقول : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : خلق الناس بأشجار شتى وخلقت أنا وجعفر من طينة واحدة. وأنا وآل عبد المطلب من شجرة واحدة. وأنا [ و ] جعفر من غصن من أغصانها فأشبه خلقي خلقه وخلقه خلقي (2).

[1137] محمد بن الحسن (3) ، باسناده ، أن أبا طالب مرّ برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ومعه علي علیه السلام وهما يصلّيان ، وجعفر مع أبي طالب. فقال أبو طالب له : ارجع فصل جناح ابن عمك. فأتى جعفر الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأسلم ، وصلّى معهما ، وكانت أول صلاة صلاّها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في جماعة.

[ جعفر هاجر الهجرتين ]

[1138] وبآخر ، عن جعفر بن محمد علیه السلام ، قال : ضرب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لجعفر بن أبي طالب بسهمه يوم بدر ، وهو بأرض الحبشة ، وهاجر الهجرتين - هاجر الى أرض الحبشة ، وهاجر الى المدينة -.

ص: 205


1- ما بين القوسين من نسخة ز.
2- وفي حياة القلوب 2 / 128 ، وذخائر العقبى ص 215 ، وكتاب ربيع الأبرار للزمخشري : عند ما كان يمرّ جعفر على جماعة يتصورون أنه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ويقولون له : السلام عليك يا رسول اللّه.
3- وفي نسخة ز : يحيى بن الحسن.
[ نعي جعفر ]

[1139] أحمد بن يحيى ، باسناده ، عن أنس بن مالك ، قال : خطبنا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعيناه تذرفان ، فقال : أخذ الراية جعفر ، فقتل ، ثم أخذها زيد بن حارث (1) فقتل ، ثم أخذها عبد اللّه بن رواحة (2). فقتل ، ثم أخذها خالد بن الوليد (3).

ثم علي علیه السلام التفت الى مؤتة (4) وقال لهم : بايعهم ، إن

ص: 206


1- وهو زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي ، اختطف في الجاهلية صغيرا ، واشترته خديجة بنت خويلد ، فوهبته الى النبي صلی اللّه علیه و آله حين تزوجها ، فتبناه قبل الاسلام ، واعتقه ، وزوجه بنت عمته ، واستمر الناس يدعونه زيد بن محمد حتى نزلت الآية الكريمة ( ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ ) وقد جعله النبي صلی اللّه علیه و آله أحد الامراء في غزوة مؤتة ( خزانة الادب للبغدادي 1 / 363 ، الروض الآنف 1 / 164 ).
2- وهو عبد اللّه بن رواحة بن ثعلبة الانصاري. كنيته : أبو محمد. شهد بدرا واحدا وخندق والحديبية ، واستخلفه الرسول صلی اللّه علیه و آله على المدينة في احدى غزواته ، وصحبه في عمرة القضاء وله فيها رجز. وكان أحد الامراء في وقعة مؤتة ( امتاع الاستماع 1 / 270 ، خزانة الادب 1 / 362 ).
3- خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي ، أسلم قبل الفتح سنة 7 ه ، ومات بحمص سنة 31 ه ( الاصابة 1 / 412 ، طبقات ابن سعد 4 / 252 ).
4- واقعة وقعت في سنة 8 للهجرة. سبب الغزوة : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بعث الحرث بن عمير الازدي الى ملك بصرى بكتاب ، فلما نزل مؤتة عرض له شرحبيل بن عمرو النسائي فقتله ، ولم يقتل لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله غيره. فشق عليه ذلك ، قندب الناس وعسكر بالجرف وهم ثلاثة آلاف وشيعهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الى ثنية الوداع ، فساروا حتى نزلوا أرض مؤتة ، فالتقى بهم هرقل في أربعمائة ألف منهم أربعون ألف مقرنين ، فالتقوا ، فثبت المسلمون واستشهد زيد بن حارثة وعبد اللّه بن رواحة وجعفر بن أبي طالب ( تذكرة الخواص 189 ). مؤتة : قرية من قرى البلقاء في حدود الشام ، وقبر سيدنا جعفر في ضيعة كما قال المهلبي : مآب أذرح مدينتا الشراة على اثني عشر ميلا من أذرح من ضيعة تعرف مؤتة بها قبر جعفر. وقد وجد جثمانه بهيئته وثيابه وعليه الدم طريا والسيف في عنقه لم يتغير من بدنه شيء ، وذلك حينما ازمعوا على تجديد بناء المرقد الطاهر ( مراقد المعارف 1 / 225 ).

اصيب جعفر فأميركم زيد بن حارثة. فإن اصيب زيد فأميركم عبد اللّه بن رواحة ، ولم يذكر الامرة بعده غيره (1).

فلما اصيبوا ثلاثتهم رضي اللّه عنهم أخذ الراية خالد بن الوليد عن غير إمرة ، ففتح اللّه للمسلمين.

[ السنّة الحسنة ]

[1140] إبراهيم بن علي ، باسناده ، عن عائشة ، قالت : لما [ أتى ] نعي جعفر وعرفنا في وجه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الحزن. وقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : اصنعوا لآل جعفر طعاما ، فقد جاءهم ما يشغلهم أن يصنعوا لأنفسهم.

فجرت بذلك السنّة من بعد بأن يصنع لأهل بيت خواصهم طعاما.

وقالت أسماء بنت عميس ترثي جعفر بن أبي طالب علیه السلام بهذه الابيات :

يا جعفر الطيار خير مضرب *** للخيل يوم تطاعن وتشاح

قد كنت لي جبلا ألوذ بظلّه *** فتركتني أمشي بأجرد ضاحي

قد كنت ذات حمية ما عشت لي *** أمشي البراز وأنت كنت جناحي

فاليوم أخشع للذليل وأتقي *** منه وأدفع ظالمي بالراح

[ ضبط الغريب ]

قولها : تشاح ، يقال منه شجى فلان فاه : إذا فتحه. وشحا اللجام فم الفرس. قال الشاعر :

ص: 207


1- قال اليعقوبي في تاريخه 1 / 66 ط لندن 1883 م : إن الامراء الذين عينهم الرسول ثلاثة : جعفر وزيد وعبد اللّه.

كأن فاها ، واللجام شاحية

جنبا غبيط ملس نواحيه (1)

ويقال من ذلك : اقبلت الخيل شواحي وشواحيات : إذا أقبلت فاتحة أفواهها.

وقولها : فتركتني أمشي بأجرد ضاحي.

الأجرد : الذي لا نبات فيه من الجبال والارضين.

والضاحي : ما ليس له ظل. يقال منه : ضحا الرجل ضحيا إذا أصابه حرّ الشمس. وفي القرآن : ( وَلا تَضْحى ) (2) أي : لا يصيبك حرّ الشمس يعني في الجنة.

وقولها : ألوذ. اللوذ : مصدر لاذ ، يلوذ ، لواذا ، ولواذا ، واللياذ مصدر اللواذة. الملاوذة أن تستتر بشيء مخافة من تراه وتخافه.

وقولها : وأدفع ظالمي بالراح.

الراح : جمع الراحة. والراحة باطن الكف ، وذلك مما يدفع به الضعيف الذليل من نفسه أن يتقي براحة كفه.

[ حسّان يرثيه ]

وقال حسّان بن ثابت (3) يرثي جعفرا ومن قتل معه شعرا (4) :

ص: 208


1- هكذا صححناه من لسان العرب 14 / 424 وفي الاصل : فان فاها والحمام شاحية *** حينا عبيط ملبس نواحيه
2- ( وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى ) طه : 19.
3- حسان بن ثابت بن المنذر من الشعراء المخضرمين ويعرف بشاعر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . كنيته : أبو الوليد. ولد قبل ولادة الرسول صلی اللّه علیه و آله بثمان سنين وعاش مائة وعشرين سنة. قال في المستدرك 3 / 486 : أربعة تناسلوا من صلب واحد عاش كل واحد منهم مائة وعشرين سنة ، وهم : حسان بن ثابت بن المنذر بن حزام ... الخ. عاش أبو الوليد ستين سنة في الجاهلية وستين في الاسلام ، وذهب بصره ، توفي سنة 55 ه ( اسد الغابة 2 / 7 ).
4- وهذه القصيدة ذكرها ابن هشام في سيرته 4 / 36. وأنهاها الى سبعة عشر بيتا ، ومطلعها : تأويني نيل وبيثرب أعسر *** وهم اذا ما نوم الناس مسهر

رأيت خيار المسلمين تتابعوا (1) *** شعوبا وخلفا بعدهم يتأخر (2)

فلا يبعدون اللّه قتلى تتابعوا *** جميعا وأسباب المنية تخطر (3)

وزيد وعبد اللّه حين تتابعوا *** بمؤتة فيهم ذو الجناحين جعفر

غداة (4) غدا بالمؤمنين يقودهم *** الى الموت ميمون النقية أزهر

أعزّ كضوء البدر من آل هاشم *** أبي إذا سم (5) الضلامة مجسر

فطاعن حتى مال غير موسد *** بمعترك فيه القنا ينكسر

وصار مع المستشهدين (6) ثوابه *** جنان ومتلف الحدائق أخضر

وكنا نرى في جعفر من محمد *** وقارا (7) وأمرا حازما حين يأمر

وما زال (8) في الاسلام من آل هاشم *** دعائم عزّ لا ترام (9) ومفخر

هم جبل الاسلام والناس حولهم *** قيام الى طود يروق ويبهر (10)

بها ليل منهم جعفر وابن أمه *** علي ومنهم أحمد المتخير

وحمزة والعباس منهم وفيهم (11) *** عقيل وماء العود من حيث يعصر

ص: 209


1- وفي الاصابة 4 / 238 والسيرة 4 / 36 : تواردوا.
2- شعوب وقد خلقت ممن يؤخر ( الاصابة 2 / 238 ) وفي الديوان : شعوب وقد خلفت فيمن يؤخر.
3- وقد ذكر ابن هشام في السيرة 4 / 36 ، هذا البيت والبيت الذي يليه هكذا. فلا يبعدن اللّه قتلى تتابعوا *** بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر وزيد وعبد اللّه حين تتابعوا *** جميعا وأسباب المنية تخطر
4- وفي السيرة : غداة مضوا بالمؤمنين.
5- وفي السيرة : إذا سيم.
6- وفي نسخة ز : المتشهدين.
7- وفي السيرة : وفاء.
8- وفي الديوان : فلا زال. وفي السيرة : فما يزال.
9- وفي الديوان : عز لا تزول. وفي السيرة : لا يزلن.
10- وفي السيرة : رضام الى طود يروق ويقهر.
11- وفي شرح النهج لابن أبي الحديد 15 / 62 : وحمزة والعباس منهم ومنهم. بعض الكلمات الغريبة : شعب بضم الشين : وهي القبيلة. خلف : من يأتي بعده. أزهر : أبيض. أبي : عزيز الجانب. سيم : كلف وحمل. المجسر : المقدام الجسور. معترك : موضع الحرب. الرضام : جمع رضيم ، وهي الحجارة يتراكم بعضها على بعض. الطود : الجبل.

[ ويرثيه أيضا كعب ]

وقال كعب بن مالك (1) يرثي جعفر وأصحابه شعرا :

نام (2) العيون ودمع عينك يهمل

سحا كما وكفّ الضباب المخضل

وكأنما بين الجوانح والحشا

مما تأويني شهاب مدخل

وجدا على النفر الذين تتابعوا

سرعى بمؤتة غود روا لم ينقل (3)

صلّى الاله عليهم من فتية

وسقى عظامهم الغمام المسبل

صبروا هنا لك (4) للاله نفوسهم

حذرا له وحفيظة أن ينكلوا (5)

فمضوا أمام المؤمنين (6) كأنهم

فنق عليهن الحديد المرفل

إذ يهتدون بجعفر ولوائه

قدام أولهم ونعم (7) الاول

حتى تفرقت الصفوف وجعفر

بين الصفوف لدى الحتوف مجدل (8)

ص: 210


1- وهو أحد شعراء الرسول صلی اللّه علیه و آله الذين كانوا يردون الاذى عنه. أسلم وشهد العقبة. توفي في عهد معاوية 50 ه وهو ابن سبع وسبعين سنة. أما القصيدة فهي مؤلفة من 25 بيتا وقد ابتدأ المؤلف بالمطلع ثم انتقل الى البيت الرابع.
2- وفي السيرة : هدف العيون.
3- وفي السيرة : يوما بمؤتة اشتدوا لم ينقلوا.
4- وفي السيرة : صبروا بمؤتة.
5- وفي نسخة ز : عند الحمام وحفيظة أن ينكلوا. وفي السيرة : حذر الردى ومخافة أن يتكلوا.
6- وفي السيرة. امام المسلمين.
7- السيرة : فنعم الاول.
8- وفي السيرة : حتى تفرجت الصفوف وجعفر *** حيث التقى وعنت الصفوف مجدل

فتغيّر القمر المنير لقدره (1) *** والشمس قد كسفت وكادت تأفل

قرم علا بنيانه من هاشم *** فرع اشمّ وسؤدد ما ينقل (2)

قوم بهم عصم الاله عباده (3) *** وعليهم نزل الكتاب المنزل

بيض الوجوه ترى بطون اكفهم *** تندى إذا اعتذر الزمان الممحل

ويهديهم رضي الاله لخلقه *** وبحدهم (4) نصر النبي المرسل

[ ضبط الغريب ]

فأما قول حسان بن ثابت : رأيت خيار المسلمين تتابعوا شعوبا.

تتابعوا : أي اتبع بعضهم بعضا شعوب.

تفرقوا : فارقوا الدنيا وأهلها.

والشعب : يكون تفرقا ، ويكون اجتماعا. فمن الاجتماع ، قول الطرماح شعرا :

شتت شعب الحي بعد الالتيام *** وسخال اليوم ربيع المقام (5)

ويقول : شتت شملهم بعد الالتيام. ويقول : شعب بين القوم : إذا فرق بينهم. واشعب الطريق : إذا تفرق. واشعب أغصان الشجر : إذا تفرقت. وعصا في رأسها شعبتان. وشعب الجبال : ما تفرق من رءوسها.

وقوله : وخلفا بعدهم يتأخر.

الخلف ( بجزم اللام ) هم القرون من الناس. قال الشاعر :

ص: 211


1- السيرة : لفقده.
2- السيرة : فرعا اشم وسؤددا ما ينقل.
3- السيرة : قوم بهم نصر الاله عباده.
4- السيرة : وبجدهم.
5- وفي لسان العرب 1 / 498 : شعث شعب الحي بعد التئام *** وشجاك اليوم ربع المقام

فبئس الخلق كان أبوك فينا *** وبئس الخلق خلف أبيك خلفا

والخلف من الصالحين. قال تبارك وتعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ ) (1).

وقوله : ميمون النقيبة أزهر. النقيبة من العمل ، يقول : إنه لميمون النقيبة كرم الفعال. الازهر : بمعنى المنير.

وقوله : أبي إذا سيم الظلامة مجسر.

الأبي : الذي يأبى من أن يظلم أو يظلم.

والمجسر ، الجسور والجسارة ، يقال منه رجل جسور وجسر ومجسر.

وقوله : بمعترك. فالمعترك الموضع الذي يعترك القوم فيه للقتال. اعتراكهم : اعتلاجهم. أخذ ذلك من عرك الاديم إذا عرك : لترطيبه.

والطود : الجبل العظيم.

وقوله : يروق. الروق : الاعجاب ، يقول : راقني هذا الامر فهو يروقني إذا أعجبه.

وقوله : يبهر : يقول يعجز من رؤيته ، ويقال للشيء إذا اعجزه الشيء قد أبهره ، وهو شيء يبهر : يعجز.

وأما قول كعب : وبها ليل : جمع بهلول. والبهلول : الرجل الحي : أي الكريم.

ودمع عينك يهمل ، يقال منه : همل الدمع ، وكل شيء ترك لا يستعمل فهو مهمل.

وقوله : سحا. تقول من ذلك سيح المطر ، والدمع. وهو سح سحا : اذا اشتدّ انصبابه.

قال امرؤ القيس :

فأضحى يسيح الماء من كل قبعة

يكبّ على الاذقان دوح الكنهبل (2)

ص: 212


1- مريم : 59.
2- وفي لسان العرب 11 / 103 : فأضحى يسح الماء من كل فيقة *** يكبّ على الاذقان دوح الكنهبل

وقوله : كما وكفّ الضباب.

وكفّ : قطر. يقول : وكفّ الدار ، إذا قطر. وو كف الدمع يكفّ وكفا ووكيفا. ودمع واكف. والضباب جمع ضبة : شقة مستطيلة من المزادة والقربة.

وقوله : مخضل ، الخضل : البدن المبلول. اخضلتنا السماء : أي بلتنا بلا شديدا.

وقوله : تأويني ، يقول : راجعني وعاودني.

والشهاب : شعلة النار. الغمام : السحاب. المسبل : التام الطويل العام. والحفيظة : من المحافظة على المحارم والمكارم وضعها عن الحروب. يقال من ذلك رجل ذو حفيظة ، ورجال من أهل الحفاظ.

وقوله : أن ينكلوا : أي ينكلوا ويرجعوا. يقال منه : نكل الرجل عن الشيء ، إذا أحجم ورجع عنه. ويقال : نكل ينكل في لغة بني تميم. ونكل ينكل في لغة أهل الحجاز.

وقوله : فنق : شبههم بفحول الإبل. والفنيق : الفحل من الإبل الذي لا يؤدي ولا يركب بكرامته على أهله.

وقوله : عليهن الحديد المرفل.

يعني السابقة التامة التي يجرّ على من مشى فيها الترفل : جرّ الذيل.

وقوله في الشمس : وكادت تأفل. أي تغيب. وكل شيء غاب فهو آفل. والقرم : الفحل من الإبل.

[ وقوله : ] الزمان الممحل.

الماحل : القليل المطر. الممحل : انقطاع المطر ويبس الارض.

ص: 213

[ اسرة أبي طالب ]

اشارة

وكان ولد أبي طالب الذكور أربعة :

طالب : وبه كان يكنى.

وعقيل : وبين مولدهما عشر سنين.

وجعفر : بينه وبين عقيل عشر سنين.

وعلي : أصغرهم ، بينه وبين جعفر عشر سنين.

وأعقبوا كلهم ما خلا طالب ، فانه لم يعقب.

وأم هاني : واسمها فاختة.

وجمانة.

وامهم فاطمة بنت أسد بن هاشم. أسلمت ، فكانت ربت النبي صلی اللّه علیه و آله . وقد ذكرنا قوله عليه الصلاة والسلام فيها عند موتها. وهي أول هاشمية ولدت من هاشمي.

[1141] [ السري ] بن سهيل (1) ، باسناده عن الزبير بن العوام ، قال :

سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يدعو النساء الى البيعة لما أنزل اللّه تعالى : « يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ» ...

ص: 214


1- هكذا صححناه وفي الاصل : السهل بن سهيل.

الآية (1). قال : فكانت فاطمة بنت أسد بن هاشم أول امرأة بايعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

[ وداعا يا أمّ أمير المؤمنين ]

[1142] بكر بن عبد الوهاب ، باسناده ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله دفن فاطمة بنت أسد بن هاشم ، أم علي علیه السلام بالروحاء وكفنها في قميصه ، ونزل في قبرها ، وتمعّك في لحدها. فقيل له في ذلك ، فقال : إن أبي هلك وأنا صغير ، وهلكت أمي ، وأخذتني هي وأبو طالب ، وكانا يوسعان عليّ ، ويؤثران لي على أولادهما ، فأحببت أن يوسع اللّه عليها في قبرها. وكانت مبايعة مهاجرة من أفضل المؤمنات ، ودعا لها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وجزاها خيرا (2).

[1143] ابن أبي عمير ، عن عبد اللّه بن سنان ، باسناده ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال : أوصت فاطمة بنت أسد بن هاشم ، أم علي بن أبي طالب الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقبل وصيتها ، فقالت له : يا رسول اللّه اني أردت أن أعتق [ جاريتي ] (3) هذه.

فقال لها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ما قدّمت من خير تجديه (4).

فلما توفيت نزع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قميصه ، وقال : كفنوها [ فيه ]. واضطجع في لحدها ، وقال : أما قميصي فأمان لها يوم

ص: 215


1- الممتحنة : 12.
2- قال ابن الصباغ في الفصول ص 31 : وقال صلی اللّه علیه و آله : اللّه الذي يحيي ويميت وهو حي.
3- هكذا صححناه وفي الاصل : جارية.
4- وفي بحار الانوار 35 / 77 : فستجديه.

القيامة ، وأما اضطجاعي في قبرها فليوسع اللّه عليها.

[ أمّ هاني واختها ]

وأم هاني وجمانة ابنتا أبي طالب اختا علي علیه السلام المبايعتان ، ولما فتح رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مكة ، وندر دماء قوم سماهم ، وقال : اقتلوهم حيث وجدتموهم ، وكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله خطب أم هاني بنت أبي طالب ، فاعتذرت إليه بأنها غيّرة لا تملك نفسها ، فعذرها.

[1144] فتزوجها هبيرة بن أبي وهب المخزومي (1) وكان فيمن ندر رسول اللّه دمه رجلان من أحمائها بني مخزوم (2) ، فاستجارا بها. فدخل علي علیه السلام ، فرآهما ، فأخذ سيفه ، وقام ليقتلهما ، فحالت فيما بينه وبينهما ، وكانت ايدة (3) فلوت [ يده ] ، وانتزعت السيف منه ، فغلبته. وأغلقت عليهما باب بيتها ، فألحّ علي علیه السلام ، فقالت له : بيني وبينك رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

وانتهى الخبر الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قبل أن يصلا إليه ، فلما رآهما ضحك صلی اللّه علیه و آله ، وقال لعلي علیه السلام : هيه يا أبا الحسن غلبتك أم هاني؟

قال علیه السلام : يا رسول اللّه ، واللّه ما ملكت من يدي شيئا

ص: 216


1- هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم تزوج من أم هاني وقد ولدت له أولادا ، وهرب الى نجران ، ومات مشركا ( ذخائر العقبى ص 223 ). وقال ابن أبي الحديد : ولدت أم هاني لهبيرة بن أبي وهب بنين أربعة : جعدة وعمرا وهانئا ويوسف ( شرح نهج البلاغة 10 / 79 ).
2- وهما عبد اللّه بن أبي ربيعة والحارث بن هشام ( المغازي 2 / 829. السيرة لابن هشام 4 / 53 ).
3- أي قوية.

حتى انتزعت السيف من يدي.

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لو أن أبا طالب ولد الناس كلهم لكانوا أشداء.

ثم قال لام هاني - وهو مبتسم - : إنا قد ندرنا دمهما يا أم هاني.

قالت : يا رسول اللّه اني قد أجرتهما ، فهبهما لي.

قال صلی اللّه علیه و آله : قد أجرنا من أجرت يا أم هاني. وقال لعلي علیه السلام : أعرض عنهما ، ودعهما لها.

[ جمانة ]

وكانت جمانة عند ابن عمها أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب (1). وكان أبو سفيان هذا أخا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه

ص: 217


1- روي أنه أحد الخمسة الذين كانوا يشبهون رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وجمعهم ابن سيد الناس في بيتين : خمسة شبهة المختار من مضر *** بأحسن ما خولوا من شبهه الحسن بجعفر وأين عمّ المصطفى قثم *** وسائب وأبي سفيان والحسن وهو أبو سفيان ابن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم ، ابن عم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وأخوه من الرضاعة ( وقيل إن اسمه المغيرة ، وقيل إن المغيرة هو أخوه من أمه كما ورد في الذخائر ص 243 ) ، وكان يألف رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قبل البعثة ، وبعده عاداه وهجاه ، وكان شاعرا ، وقد ردّ عليه حسان بن ثابت بقوله : هجوت محمدا فأجبت عنه *** وعند اللّه في ذاك الجزاء قال أبو هشام : وأنشد أبو سفيان ابن الحارث قوله في إسلامه ، واعتذر إليه مما كان مضى عنه. فمن قوله : لعمرك اني يوم أحمل راية *** لتغلب خيل اللاّت خيل محمد كالمدلج الحيران أظلم ليله *** فهذا أواني حين اهدى واهتدي توفي سنة 16 ه ، وكان هو الذي حفر قبره بيده قبل أن يموت بثلاثة أيام ( سيرة ابن هشام 4 / 401 ، الدرجات الرفيعة ص 167 ).

وآله من الرضاعة أرضعتهما حليمة (1) وكان يألف رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وأسلم عام الفتح ، وشهد حنين ، وقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أرجو أن يكون أبو سفيان خلفا من عمه حمزة.

وقال فيه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أبو سفيان من فتيان أهل الجنة. ومات بالمدينة ، وكان سبب موته`ثؤلول في رأسه ، فحلقه الحلاق بمنى ، فقطعه ، ولما احتضر قال لأهله : لا تبكوا عليّ ، فاني لم اصطف بخطيئة مذ أسلمت (2) ، وكانت وفاته سنة عشرين ، ودفن بالبقيع ، ولم يبق له عقب (3) وهو ابن عم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

وأبوه الحارث ، وهو اكبر ولد عبد المطلب وبه يكنى وشهد معه حفر زمزم وهو عمّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

ص: 218


1- حليمة السعدية بنت أبي ذؤيب من بني سعد بن بكر زوجها الحارث بن عبد العزي بن رفاعة من هوازن ( السيرة 4 / 158. تفسير الرازي 4 / 210 ، المغازي 2 / 806 ).
2- وفي الذخائر ص 243 ، والاستيعاب 4 / 84 : قال : اني لم أنطف بخطيئة يوم أسلمت.
3- وقد ذكر المؤرخون له أولادا. قال صاحب الدرجات الرفيعة : انه خلف ثلاثة ذكور وبنتا وهم : 1 - عبد اللّه : قال محبّ الدين الطبري في الذخائر ص 243 : ان عبد اللّه رأى النبي صلی اللّه علیه و آله وكان معه مسلما بعد الفتح ، وقد مدح أمير المؤمنين في أبيات منها. صلّى علي مخلصا بصلاته *** لخمس عشر من سنيه كوامل وخلى اناسا بعده يتبعونه *** له عمل أفضل به صنع عامل وقال ابن عساكر : بأن عبد اللّه لحق بعلي علیه السلام بالمدائن ، وكان شاعرا أجاب الوليد بن عقبة ، قائلا : ( منا علي الخير صاحب خيبر ) ... الخ. وقال المفيد عن الواقدي : قتل عبد اللّه بن أبي سفيان بكربلاء شهيدا مع الحسين علیه السلام ( الدرجات الرفيعة ص 189 ). 2 - جعفر : وأمه جمانة بنت أبي طالب ، وقد شهد حنينا مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ولم يزل مع أبيه ملازما للنبي صلی اللّه علیه و آله حتى قبض ، وتوفي بدمشق سنة 50 ه ( ذخائر العقبى ص 243 الدرجات ص 165 ). 3 - أبو الهياج. وقيل اسمه علي ، وقيل اسمه عبد اللّه. 4 - عاتكة تزوجها مقصب بن أبي لهب ، فولدت له ( الذخائر ص 242 ) وأضاف أنه لم يكن من أولاده المغيرة بل هو أخوه من أبيه وأمه غذية بنت قريش بن طريف ، واللّه اعلم.

[ أولاد عبد المطّلب ]

اشارة

وكان لعبد المطّلب بن هاشم (1) جدّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من الولد : عشرة ذكور ، ومن البنات : ست بنات.

فولده الاصغر عبد اللّه أبو رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وتوفي في حياة عبد المطّلب. والحارث وهو اكبر ولده. والزبير. وأبو طالب واسمه عبد المناف. والعباس. وضرار. وحمزة. والمقرم. وأبو لهب واسمه عبد العزى. والعبدان ، واسمه حجل ، ويقال : نوفل. فهؤلاء أعمام النبي صلی اللّه علیه و آله .

وعبد اللّه وأبو طالب والزبير وعاتكة (2) واميمة (3) والبيضاء (4) وبرة (5)

ص: 219


1- وكانت قريش تقول : عبد المطلب ابراهيم الثاني. ولد في المدينة وتوفي في مكة سنة تسع من عام الفيل ولرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من العمر ثمان سنين ، ولعبد المطلب مائة وعشرون سنة ، وأعظمت قريش موته ، وغسل بالماء والسدرة ، وكانت قريش أول من غسل الموتى بالسدر. ولفّ في حلتين من حلل اليمن وطرح عليه المسك حلى ستره ، وحمل على أيدي الرجل عدة أيام اعظاما واكراما واكبارا لتغيبه في التراب ( عيون الاثر 1 / 1. تاريخ اليعقوبي 2 / 11 ).
2- وكانت عند أبي أميّة ابن المغيرة المخزومي ، فولدت له : عبد اللّه وقد أسلم وشهد فتح مكة وحنين والطائف وفيها رمي بسهم فقتل ( كما في الذخائر ص 250 ) وزهير.
3- وكانت عند جحش ابن أخي بني غنم فولدت له : عبد اللّه ( وكان من المهاجرين الى الحبشة وتنصّر فيها ) وعبيد اللّه ( وهو الذي عقد له أول لواء في الاسلام ) وأبا أحمد وزينب وأم حبيبة وحمنة ( الذخائر ص 251 ).
4- وهى أم حكيم.
5- وكانت عند أبي دهم ابن عبد العزى العامري. ثم خلف عليها بعده عبد الاسد بن هلال المخزومي ، فولدت له : أبا سلمة ، وكان من المهاجرين الى الحبشة ثم الى المدينة وشهد بدرا وجرح يوم احد فمات منه.

سبعة منهم أشقاء ، وامهم فاطمة بنت عمرو بن عمران بن مخزوم (1).

والعباس وضرار شقيقان ، امهما نبيلة ، من ولد النمر بن قاسط.

وحمزة والمقرم وصفية (2) أشقاء ، امهم هالة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة.

والحارث وأروي (3) شقيقان ، وامهما صفية (4) ، امرأة من بني عامر بن صعصعة.

والعبد وحيد لامه ، وهي ممتنعة بنت عمر من خزاعة.

[ أبو طالب ]

ولما ولد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كفله جده عبد المطّلب ، فلما مات

ص: 220


1- وهكذا ذكره فخار بن معد المتوفى 620 ه في كتابه الحجة على الذاهب ص 254 ، أما ابن هشام في السيرة 1 / 109 : فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن مخزوم بن يقظة.
2- وهي أمّ الزبير ، أسلمت وشهدت الخندق ، وقتلت رجلا من اليهود ، عند ما تخلف حسان بن ثابت في المدينة وطلبت منه أن يذهب الى قتله ، فاستعذر ، ولما قتلته خوفا من أن يذهب الى قومه ويرشدهم على عورات المسلمين ضرب لها النبي صلی اللّه علیه و آله بسهم ، وروت الحديث.
3- وكانت عند عمير بن وهب ، فولدت له : طليبا ثم خلف عليها كلدة بن عبد المناف. أما طليب فقد أسلم ، وكان سبب اسلامه أمه. ذكر الواقدي : أن طليبا أسلم في دار الارقم ، ثم خرج فدخل على أمه اروى بنت عبد المطلب. فقال : اتبعت محمدا ، وأسلمت لله عزّ وجلّ. فقالت : إن أحق من واددت وعضدت ابن خالك ، واللّه لو قدرنا على ما يقدر عليه الرجال لمنعناه. ثم شهدت الشهادتين ( ذخائر العقبى ص 251 ).
4- صفية بنت جندب.

عبد المطّلب كفله عمه أبو طالب شقيق أبيه ، فلما اختصه اللّه عزّ وجلّ بالنبوة ، وابتعثه بالرسالة حماه أبو طالب ونصره ومنع منه من أراد أذاه ، وصدق رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيما جاء به من الرسالة والنبوة ، وعنف من دفع ذلك وكذبه ، إلا أنه لم يظهر الإسلام (1) وكان ذلك أنفع لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لأنه كان سيدا مطاعا في قومه ، فلو أسلم لكان كرجل من المسلمين ، ولم يبلغ من الذبّ عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ما بلغ وهو على حالته ، ولم يكن يتحاماه المشركون فيه كما تحاموه ، وكان ذلك من صنع اللّه عزّ وجلّ لرسوله صلی اللّه علیه و آله ، وله في نصرة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، والذبّ عنه ، والمحاماة عنه من دونه ما يخرج ذكره بطوله عن حدّ هذا الكتاب ، وله في ذلك أشعار كثيرة معروفة يستدعي فيها قبائل العرب لنصرة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ويؤكد فيها فضله وصدقه وأمر ابنيه عليا وجعفر باتباعه ، ورغبهما في ذلك ، وأقرّ بنبوة محمد صلی اللّه علیه و آله ، وذكر ذلك في غير موضع من شعره. فمنه

ص: 221


1- روى محمد بن ادريس ، عن الصادق علیه السلام عن آبائه ، عن علي علیه السلام ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : هبط عليّ جبرائيل ، فقال لي : يا محمد إن اللّه عزّ وجلّ مشفعك في ستة بطن حملتك آمنة بنت وهب وصلب أنزلك عبد اللّه بن عبد المطلب وحجر كفلك أبو طالب ( الحجة على الذاهب ص 48 ) : وروى عن الصادق عليه السلام أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : إن أصحاب الكهف أسرّوا الايمان وأظهروا الكفر فأتاهم اللّه أجرهم مرتين ، وأبا طالب أسرّ الايمان وأظهر الشرك فأتاه اللّه أجره مرتين ( شرح النهج لابن أبي الحديد 14 / 70 ). وعن الشعبي مرفوعا ، عن أمير المؤمنين عليه السلام : كان واللّه أبو طالب بن عبد المطلب مؤمنا مسلما يكتم ايمانه على بني هاشم ان تساندها قريش ( بحار الانوار 35 / 112 ). وعن أبي علي الموضح ، انه قال : تواترت الاخبار عن علي بن الحسين عليه السلام أنه سئل عن أبي طالب أكان مؤمنا؟ فقال عليه السلام : نعم. فقيل له : إن قوما هاهنا يزعمون أنه كافر. فقال عليه السلام : واعجباه أيطعنون على علي بن أبي طالب أو على رسول اللّه. وقد نهى اللّه أن يقرّ مؤمنة مع كافر في غير آية من القرآن ولا يشك أحد أن فاطمة بنت أسد رضي اللّه عنها من المؤمنات الصادقات ، فانها لم تزل تحت أبي طالب حتى مات أبو طالب ( بحار الانوار 35 / 112 ).

قوله في شعر له هذه الابيات (1) :

ألا أبلغا عني على ذات بيننا (2) *** لؤيا وخصّا من لؤي بني كعب

ألم تعلموا إنا وجدنا محمدا *** نبيا (3) كموسى خط في أول الكتب

وأن عليه في العباد محبة *** ولا خير (4) ممن خصّه اللّه في الحب

وقوله في آخر :

فأمسى ابن عبد اللّه فينا مصدّقا *** على ساخط من قومنا غير معتب

وقوله [ في ] قصيدة له طويلة (5) شعرا :

وما ترك قوم - لا أبا لك - سيدا *** يحوط الذمار غير ذرب مؤاكل

ص: 222


1- وقد أنشد هذه الابيات في شأن الصحيفة واكل الارضة ما فيها من ظلم وقطيعة رحم وهي مؤلفة من سبعة أبيات مطلعها : ألا من لهم آخر الليل منصب *** وشعب العصا من قومك المتشعب وما ذكره المؤلف (رحمه اللّه) هو من الابيات الاخيرة من القصيدة. أما القصيدة فقد ذكرت في الديوان ص 17. وايمان أبي طالب للمفيد ص 79 ، ناسخ التواريخ 1 / 260 ، الكامل لابن الأثير 2 / 36. أما الشيخ الاميني في الغدير 7 / 333 فقد ذكر القصيدة في أربعة عشر بيتا ولم يذكر البيت الأخير ( فأمسى ابن عبد اللّه مصدقا ) من جملتها. وقد ذكرت القصيدة في روض الانف 1 / 221 ، والسيرة لابن هشام 1 / 319 ، الاحتجاج للطبرسي 1 / 346 ، شرح ابن أبي الحديد 14 / 72 ، خزانة الادب 1 / 261 ، بلوغ الادب للآلوسي 1 / 325.
2- وفي السيرة : ذات بينها.
3- وفي السيرة : رسولا.
4- وفي السيرة والروض الانف : ( ولا خير ممن خصه اللّه بالحب ) وفي نسخة ز : ولا حيف فيمن خصه اللّه.
5- وتعرف القصيدة باللامية ، ومطلعها : خليلي ما اذني لاول عاذل *** بصفراء في حق ولا عند باطل وقد ذكر ابن أبي الحديد القصيدة في سبعة عشر بيتا ( شرح النهج 14 / 39 ) وابن هشام في تسعين بيتا والأمينى في الغدير 7 / 340 في مائة وأحد وعشرين بيتا. ومن الملاحظ أن المؤلف ره قد نقل الابيات باختلاف وتقديم وتأخير مثلا : فأيده ربّ العباد. موقعه في أواخر القصيدة جاء بها قبل : لكنا اتبعناه على كل حالة.

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه *** ثمال [ ال ] يتامى عصمة للأرامل

يلوذ به الهلاك من آل هاشم *** فهم عنده في نعمة وفواضل

وقوله فيها :

كذبتم وبيت اللّه نترك أحمدا (1) *** ولما نطاعن (2) حوله ونناضل

ونسلمه حتى نصرع حوله *** ونذهل عن أبنائنا والحلائل

لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد *** واخوته داب المحبّ المواصل (3)

فلا زال في الدنيا جمالا لأهلها *** وزينا لمن والاه ربّ المشاكل (4)

فما مثله (5) في الناس أيّ مؤمل *** إذا قامت (6) الحكام عند التفاضل

حليم رشيد عادل غير طائش *** يوالي إلها ليس عنه بغافل

فأيده ربّ العباد بنصره *** وأظهر دينا حقه غير باطل (7)

فو اللّه لو لا أن أجيء بسبة *** تعد على أشياخنا في المحافل (8)

لكنا اتبعناه على كل حالة *** من الدهر جدا غير قول التهازل

لقد علموا أن ابننا لا مكذب *** لدينا ولا يعني بقول (9) الأباطل

[ ضبط الغريب ]

قوله : يحوط الذمار. ذمار الرجل : كلما يلزمه حماة والدافع عنه وان ضيّعه

ص: 223


1- نترك محمدا. وفي نسخة الشنقيطي : نبرى محمدا.
2- السيرة : ولما نطاعن دونه ونناضل.
3- السيرة : وأجبته حبّ حبيب المواصل.
4- السيرة : زينا لمن ولاه ذب المشاكل.
5- السيرة : فمن مثله.
6- اذا قاسه الحكام.
7- السيرة : غير فاصل.
8- السيرة : تجسر على أشياخنا في القبائل.
9- السيرة : ولا نعني بقول إلا باطل.

لزمه القوم لذلك. والذمر : اللوم والتحريض.

الذرب : الجاد من كل شيء (1) قال الشاعر :

( اني لقيت ذربة من الذرب )

يعنى امرأة سليطة.

الموكل من الرجل : الذي يتكل أمره على غيره ( فيعينه ، ومثله رجل مكليه : وهو الذي يكل أمره على غيره ) (2).

وقوله : يستسقى الغمام بوجهه.

الغمام : السحاب. والثمال : اللبن.

[ استشهاد الرسول بأبيات أبي طالب ]

[1145] ولما أن دعا رسول اللّه على [ مضر ]. وقال : اللّهمّ اجعلها عليهم كسنيّ يوسف.

فاحبس الغيث عنهم ، واجدبوا حتى هلك اكثرهم واسترحم لهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فاستسقى ، فما انصرف حتى همت الناس أنفسهم من شدة المطر. فقال صلی اللّه علیه و آله : لو أن أبا طالب شهد هذا المشهد لسرّه لما سبق ، ومنه قوله : ( وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ).

[ واستشهاده أيضا في يوم بدر ]

ولما أن جرح عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب (3) يوم بدر

ص: 224


1- وفي نسخة ز : المجادة من كل شيء.
2- ومنه قول أبي المثلم ( حامي الحقيقة لا وان ولا وكل ) لسان العرب 11 / 735.
3- أسلم وكان مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في مكة ، ثم هاجر وشهد بدرا ، وذكر ابن اسحاق أن النبي صلی اللّه علیه و آله عقد لعبيدة راية ، وارسله في سرية قبل واقعة بدر ، فكانت أول راية عقدت في الاسلام. قال ابن هشام في السيرة ص 526 : لما اصيب في قطع رجله يوم بدر قال : أما واللّه لو أدرك أبو طالب هذا اليوم لعلم أني أحق بما قال منه حيث يقول : كذبتم وبيت اللّه نبرى محمدا *** ولما تطاعن دونه ونناضل وتوفي في العام الثاني للهجرة.

وانصرف رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وصار الى بعض الطريق ، سال مخ ساق عبيدة (1) وكان ضرب على ساقه ، واشتدّ عليه واحتضر ، وجاء رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فدعا له ، وأثنى عليه وبشره بالجنة.

وكان شيخنا مسنا. ويقال إنه بارز من بارزه ، وهو يتوكأ على عصا (2). فقال لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : نحن كما قال أبو طالب. وأنشده شعرا :

ونسلمه حتى نصرع حوله *** ونذهل عن أبنائنا والحلائل

[ نعود الى ذكر أبي طالب ]

وكان اظهار أبي طالب ما اظهر من التمسك بدين العرب ، والرغبة فيه مع تصديقه لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله واقراره بنبوته ، مما أيد اللّه به أمر محمد صلی اللّه علیه و آله ، لانه [ لو ] أظهر الاسلام لرفضته العرب ولم يعضده من عضده منهم على نصرة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

والاخبار يطول ذكرها في تربيته رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وايثاره إياه على ولده وقيامه به وبذله نفسه دونه.

ص: 225


1- المغازي 1 / 69 ، شرح النهج لابن أبي الحديد 14 / 80 ، خزانة الادب 2 / 64.
2- الحجة على الذاهب الى تكفير أبي طالب لشمس الدين المتوفى 630 ه ص 302 ، الكامل لابن الاثير 2 / 125.

[ حمزة بن عبد المطّلب ]

فأما حمزة بن عبد المطلب عمّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وعمّ علي علیه السلام ، فكان على ما كان عليه أبو طالب من الحمية في رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله والذبّ عنه ولم يسلم الى أن خرج يوما لصيد ، ومرّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في المسجد الحرام ينادي قريشا ، فنالوا منه ، وكان أكثرهم قولا فيه أبو جهل (1).

وجاء حمزة من الصيد ، فاخبر بذلك (2) ، فجاء مغضبا وهو مقلد قوسه حسب ما كان في صيده ، فكان من شأنه اذا دخل المسجد أن يبدأ ، فيطوف بالبيت ثم يأتي نادي بني عبد المطلب ، فيجلس فلم يلو على شيء حتى وقف على أبي جهل ، فشجه شجة منكرة ، وقال : أتشتم ابن أخي ، فأنا على دينه أقول ما يقول. فاردد عليّ ان استطعت.

فقام إليه [ رجال ] (3) من بني مخزوم لينتصروا منه ، فقام إليهم أبو جهل ، وقال : دعوا أبا عمارة ، فاني واللّه سببت ابن أخيه سبا قبيحا. ( وانما فعل ذلك ليستميله لأن لا يسلم )

فتمادى حمزة على الاسلام ، وأتى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وأظهر

ص: 226


1- وهو عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي. كنيته : أبو الحكم. كناه المسلمون أبا جهل ، وكان أشد الناس عداوة لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وشهد بدرا ، فكان من جملة قتلى المشركين ( امتناع الاسماء 1 / 1. السيرة الحلبية 2 / 33 ).
2- إذ أقبل حمزة متوحشا بقوسه راجعا من قنص له فوجد النبي صلی اللّه علیه و آله في دار اخته مهموما وهى باكية ، فقال له : ما شأنك؟ قالت : ذلّ الحمى ، يا أبا عمارة لو لقيت ما لقي ابن اخيك محمد آنفا من أبي الحكم ابن هشام ، وجده هاهنا جالسا ، فأذله وسبه وبلغ منه ما يكره ، فانصرف [ حمزة ] الى المسجد ( المناقب 1 / 62 ).
3- هكذا صححناه وفي الأصل : رجل.

اسلامه فعلم بنو عبد شمس أنه سيمنع من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لما أن أسلم.

وكان حمزة منيع الجانب من قريش ، شديد العارضة ، أبيّ النفس. فكفّ بنو عبد شمس من أذى النبي صلی اللّه علیه و آله ، وعن شتمه ، وأظهر حمزة الاسلام ، ودخل في جملة أهله.

[ عقب حمزة ]

وكان يكنى أبا عمارة ، ولا عقب له ، وكان قد ولد له ولد سماه عمارة من امرأة بني النجار ، ومات. وكانت له ابنة يقال لها : أم أبيها ، وهي التي تقدم الخبر باخراج علي علیه السلام لها من مكة في عمرة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بعد الحديبية ، وأنه تنافس في كفالتها معه من ذكر في الخبر. وعرضها علي علیه السلام على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ليتزوجها (1). فقال صلی اللّه علیه و آله : إنها ابنة أخي في الرضاعة. وكان حمزة علیه السلام قد رضع مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أرضعتهما امرأة من مكة ( يقال لها : ثويبة ) (2).

ص: 227


1- قال الطبرى في الذخائر ص 107 : اخرج مسلم عن علي علیه السلام ، قال : قلت لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : مالك لا تنوق في قريش وتدعنا ( أي لم تتزوج من قريش ولا تتزوج من بني هاشم )؟ قال صلى اللّه عليه وآله : وعندكم شيء؟ قلت : نعم بنت حمزة. فقال صلى اللّه عليه وآله : إنها لا تحل لي فانها ابنة اخي من الرضاعة. وفي الاستيعاب 1 / 17 : عن ابن عباس ، قال : قيل للنبي صلى اللّه عليه وآله : ألا تتزوج ابنة حمزة؟ فقال صلى اللّه عليه وآله : انها ابنة أخي من الرضاعة.
2- وكان حمزة أخا رسول اللّه من الرضاعة أرضعتهما وعبد اللّه بن عبد الأسد ثويبة بلبن ابنها مسروح ، وكانت ثويبة مولاة أبي لهب ( ذخائر العقبى ص 172 ). وقال في الاصابة 1 / 16 : ولدت آمنة لعبد اللّه رسول اللّه وولدت هالة لعبد المطلب حمزة ، فأرضعت منهما أبا سلمة ابن عبد الاسد. فكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يكرم ثويبة ، وكانت تدخل على النبي صلی اللّه علیه و آله بعد أن تزوج خديجة ، فكانت خديجة تكرمها وأعتقها أبو لهب بعد ما هاجر الرسول الى المدينة. فكان صلی اللّه علیه و آله بعث إليها من المدينة بكسوة وصلة حتى ماتت بعد فتح خيبر.

[ جهاده ]

فهاجر حمزة مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى المدينة وشهد بدرا ، ولما أن توافقوا للقتال يومئذ برز من المشركين عتبة (1) وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة ودعوا للمبارزة ، فبرز إليهم علي علیه السلام وحمزة عمّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ، وقد كان يومئذ شيخا مسنا ، خرج الى المبارزة يتوكأ على عصاه ، ولما أن تبارزا يومئذ أنزل اللّه عزّ وجلّ فيهم ( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) الآية (2).

فبارز علي علیه السلام الوليد بن عتبة ، فقتله ، وبارز حمزة شيبة ، فقتله. وبارز عبيدة بن الحارث عتبة ، فاختلف بينهما ضربتان أثبت كل واحد منهما صاحبه ، فعطف حمزة علیه السلام وعلي علیه السلام على عتبة ، فقتلاه ، واستنقذا عبيدة بن الحارث ، وقد قطع عتبة رجله (3) ، فمات من ذلك بعد منصرفهم الى المدينة بالصفراء (4). وقتل حمزة يومئذ طعيمة بن عدي ، وسبأ الخزاعي ، وجماعة من المشركين.

[ شجاعته ]

وكان حمزة يدعى : أسد اللّه وأسد رسوله ، لنجدته وشجاعته واقدامه ، وشهد

ص: 228


1- وهو عتبة بن ربيعة بن عبد قيس. كنيته : أبو الوليد من شخصيات قريش وكان يضمر عداء شديدا لرسول اللّه ، وقد نشأ في حجر حرب بن أميّة لانه كان يتيما ، وقد شهد بدرا. وكان ضخم الجثة عظيم الهامة طلب يوم بدر بخوذة ليلبسها ، فلم يجد ما يسع هامته. وقد قتله علي بن أبي طالب ( الروض الانف 1 / 1. نسب قريش ص 153 ).
2- الحج : 19.
3- وفي نسخة ز : رجليه.
4- الصفراء بالتأنيث : وادي الصفراء من ناحية المدينة وهو واد كثير النخل والزرع في طريق الحاج بينه وبين بدر مرحلة وماؤها عيون ( مراصد الاطلاع مادة الصفراء ).

يوم احد (1) ، فأبلى من المشركين بلاء شديدا ، وقتل منهم عددا كثيرا ، وقتل يومئذ عثمان بن أبي طلحة صاحب لواء المشركين (2).

وكان إذا هجم يومئذ انفرجوا ، ولم يقم أحد منهم له ، فهجم في جماعة منهم ، فافترقوا ، وكان فيهم وحشي بن الحارث ، وكان من سودان مكة عبدا لجبير بن مطعم (3) ، فاستتر منه [ خلف ] شجرة ، ولم يرد حمزة علیه السلام وسار مقدما أمامه في طلب المشركين.

فرماه وحشي بحربة كانت معه ، فأصاب مقتله فسقط ، وأحاط به المشركون فمثلوا به لشدة ما أبلى [ في ] هم وكثرة من قتل منهم. وكانت هند أمّ معاوية مع المشركين يومئذ تحرضهم على القتل ، فلما أن قتل حمزة أتت إليه ، فبقرت بطنه وأخذت قطعة من كبده ، فرمتها في فمها ولاكتها ، وأرادت أن تبلعها ، فلم تستطع وألقتها (4).

ص: 229


1- عن عمر يناهز الاربع والستين سنة.
2- قال الواقدي في المغازي 1 / 246 : وكان يرتجز أمام النساء : اني على أهل اللواء حقا *** ان تخطب الصعدة أو تندقا
3- جبير بن مطعم بن عدي ( شرح النهج لابن أبي الحديد 15 / 13 ).
4- قال حسان بن ثابت وهو يبكي : أتعرف الدار عفا رسمها *** بعدك صوب المسيل الهاطل بين السراديح فأدمانة *** فمدفع الروحاء في حائل سألتها من ذاك فاستجمعت *** لم تدر ما مرجوعة السائل دع عنك دارا قد عفا رسمها *** وابك على حمزة ذي النائل المالئ الشيزى إذا أعصفت *** غبراء في ذي الشيم الماحل والتارك القرن لذي لبدة *** يعثر في ذي الخرص الذابل واللابس الخيل إذا أحجمت *** كالليث في عابته الباسل أبيض في الذروة من هاشم *** لم يمرّ درن الحق بالباطل مال شهيدا بين أسيافكم *** شلّت يدا وحشي من قاتل صلّى عليه اللّه في جنة *** عالية مكرمة الداخل كنا نرى حمزة حرزا لنا *** في كل أمر نابنا نازل وكان في الاسلام ذا تدرا *** يكفيك فقد القاعد الخاذل لا تفرجى يا هند واستجلبي *** دمعا فأذري عبرة الثاكل وابكي على عتبة إذ قطه *** بالسيف تحت الرهج الجائل اذ خرّ في مشيخة منكم *** من كل عات قلبه جاهل أرداهم حمزة في اسرة *** يمشون تحت الحلق الفاضل غداة جبريل وزير له *** نعم وزير الفارس الحامل ضبط الغريب : عفا : غبر ودرس. الصوب : المطر. السراديح : جمع سرداح ، وهو الوادي. ادمانه : مكان بعينه. المدفع : حيث يندفع السيل. الحائل : الجبل. النائل : العطاء. الشيزي : الجهان التي تصنع من خشب الشين. وأعصفت : اشتدت. الغبراء : التي تثير الغبار وتهيجه. الشيم : الماء البارد. الماحل : من المحل وهو القحط. القرن : الذي يقاومك في القتال. ذو الخرص : الرمح ، والخرص سنانه. ذا تدرا : يريد انه كان كثير الدفاع عنا. الرهج : الغبار. الجائل : المتحرك الثائر مما اثارته سنابك الخيل واقدام المحاربين. الحلق : الدروع. وقال كعب بن مالك : ولقد هددت لفقد حمزة هدة *** ظلت بنات الجوف منها ترعد ولو أنه فجعت حواء بمثله *** لرأيت رأسي صخرها يتبدد قوم تمكن في ذؤابة هاشم *** حيث النبوة والندى والسؤدد والعاقر الكوم الجلاد اذا غدت *** ريح يكاد الماء فيها يجمد والتارك القرن الكمى مجدلا *** يوم الكريهة القنا يتقصد وتراه يرفل في الحديد كأنه *** ذو لبدة شأن البرائن أربد عمّ النبي محمد وصفيه *** ورد الحمام فطاب ذاك المورد وأتى المنية معلما في اسرة *** نصروا النبي ومنهم المستشهد ولقد أخال بذاك هندا بشرت *** لتميت داخل غصة لا تبرد الى قوله : شتان من هو في جهنم ناويا *** أبدا ومن هو في الجنان مخلّد ضبط الغريب : بنات الجوف : يعني قلبه وما اتصل به مما يشتمل عليه الجوف. ذؤابة هاشم : أعاليها ، وأراد سمي أنسابها وأرفعها. الكوم : جمع كوماء ، وهي من الابل العظيمة السنام. مجدلا : مطروحا على الجدالة وهي الارض. الحديد : أراد به الدروع. البراثن : للسباع بمنزلة الاصابع للانسان. الاربد : الاغبر يخالط لونه سواد.

فقال النبي صلی اللّه علیه و آله : أما إنها لو ابتلعتها حتى يخالط دم حمزة دمها لما طعمتها النار ، ولكن أبى اللّه ذلك. ووقف عليه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، واشتدّ حزنه عليه ، فقال صلی اللّه علیه و آله : لئن أمكنني اللّه عزّ وجلّ منهم لامثلن منهم سبعين. فأنزل اللّه عزّ وجلّ ( وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ

ص: 230

بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ. وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ ) (1).

وصبر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فدفنه مع الشهداء في مصارعهم.

ولما أن صار الى المدينة سمع بكاء نساء الانصار على من قتل منهم ، فقال صلی اللّه علیه و آله : لكن حمزة لا بواكي له.

فسمع ذلك الأنصار ، واجتمع نساؤهم وآتين منزل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فجعلن يبكين حمزة ، فخرج صلی اللّه علیه و آله ، فجزاهن خيرا ، وامرهن أن ينصرفن.

[ قاتل حمزة ]

وأسلم وحشي بعد ذلك ، فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : غيّب وجهك عني.

فكان إذا رآه توارى منه ، وخرج بعد ذلك الى الشام (2) ، وكان يشرب الخمر ويلبس المعصفرات وحدّ على شرب الخمر وهو أول من حدّ في الشام على شر الخمر (3).

ص: 231


1- النحل : 126.
2- الى مدينة حمص.
3- قال ابن الاثير في الكامل 2 / 251 : وهو أول من لبس المعصفر المصقول في الشام.

[ العباس بن عبد المطّلب ]

وأما العباس بن عبد المطّلب (1) عمّ الرسول ، فإنه كان أسن بثلاث سنين من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ولم يسلم الى أن شهد بدرا مع مشركي أهل مكة. وكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله [ قد ] قال للمسلمين يوم بدر : فمن قدرتم أن تأسروه من بني هاشم فلا تقتلوه ، فانهم اخرجوا كرها.

فاسر العباس فيمن اسر (2) ، وشدّ في الوثاق ، فكان يئن لشدة الرباط ، فإذا سمعه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يئن ، قال : احفظوني في العباس ، فانه عمي (3) وعم الرجل صنو أبيه. ولما أن منّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله على من اسر من المشركين يوم بدر على أن يفدوا أنفسهم منّ عليه فيهم.

وقال صلی اللّه علیه و آله له : أفد نفسك وابن أخيك عقيلا ، فانه ليس له مال ، وكان قد اسر معه يومئذ. فقال : أنا ما عندي مال.

فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : فأين المال الذي دفعته يوم خروجك من مكة الى أمّ الفضل ، وقلت لها : إن اصبت فلعبد اللّه كذا ، وللفضل كذا ، ولك كذا ، ولفلان كذا. وذكر له ما قال.

فقال العباس : واللّه ما سمع مني ذلك غيرها ، وما أطلعك على ذلك إلا اللّه. وأسلم ، وفدى نفسه وعقيل بن أبي طالب ، وكان مع النبي صلی اللّه علیه و آله ليلة العقبة. فعقد له على الانصار ، وأعطاه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله السقاية يوم فتح مكة. وعاش بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى أن أدرك

ص: 232


1- وأمه أول عربية كست البيت حريرا وفاء لنذرها.
2- أسره أبو اليسر كعب بن عمر.
3- رواه أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 94.

أيام عثمان بن عفان ، فمات فيها في المدينة ، وقد كفّ بصره ، وكان طول أيامه بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يعرف لعلي علیه السلام حقه ويحثه على القيام ، ويبذل له نفسه في ذلك ، ولما أن قبض رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سلّم أمره لعلي عليه والسلام ، ولم يعارضه في شيء من أمر القيام بأمره ، وقال له : أين تدفنه يا أبا الحسن؟

فقال علیه السلام : في الموضع الذي قبض فيه ، وفعل ذلك ، ولم يجر بينهما اختلاف خلا ما جاء في الظاهر بأنه طلب منه تراث رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وخاصمه في ذلك الى أبي بكر ، فقضى أبو بكر لعلي.

وقد قيل إن ذلك كان بينهما توقيفا لأبي بكر على ما استأثر به من حق علي علیه السلام .

وقد قال بعض المتكلمين لبعض الشيعة (1) عند بني العباس : أليس قد خاصم علي علیه السلام العباس عند أبي بكر ، قال : فأيهما كان على الحق؟

أراد إن قال العباس ظلم عليا ، وإن قال علي أوحش بني العباس. فقال : كانا على الحق كما كان الملكان اللذان تسوّرا المحراب على داود علیه السلام واختصما إليه. وانما أرادا تقريره على الخطيئة التي وقع فيها ، فكذلك أراد علي والعباس ، ألم تر أن العباس لما قال أبو بكر ما قال عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه

ص: 233


1- روى المدني في الدرجات الرفيعة ص 91 : أن متكلما قال لهارون الرشيد : اريد أن اقرر هشام بن الحكم بأن عليا كان ظالما. فقال له : إن حصلت لك كذا وكذا. فأمر به ، فلما حضر هشام قال له المتكلم : يا أبا محمد روت الامة بأجمعها أن عليا نازع العباس الى أبي بكر في تركه النبي صلی اللّه علیه و آله . قال هشام : نعم. قال : فأيهما الظالم لصاحبه. قال هشام : فقلت له : لم يكن فيهما ظالم. قال : أفيختصم اثنان في أمروهما جميعا محقان؟ قال هشام : نعم اختصم الملكان الى داود ، وليس فيهما ظالم ، وانما أرادا أن ينبها داود على الخطيئة ويعرفاه الحكم. كذلك علي عليه السلام والعباس تحاكما الى أبي بكر ليعرفاه ظلمه وينبهاه على خطئه ، فلم يحر المتكلم جوابا واستحسن الرشيد ذلك.

وآله مما أوجب حق علي علیه السلام ثم يدفع ذلك ولا ناظر فيه ، ولم يكن اكثر من أن تبسم وأخذ بيد علي علیه السلام ثم قاما.

وكان العباس يرغب في العطاء وأتى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وقد أتى بمال ، وأمر به فصبّ بناحية المسجد ، وخرج الى الصلاة ، فمرّ عليه ، فما التفت إليه. [ ولما ] انفتل من الصلاة قام إليه العباس ، فقال : يا رسول اللّه قد جاء هذا وأنا في عيال وعليّ دين ، فمر لي منه بما تراه.

فقال له صلی اللّه علیه و آله : خذ منه ما يكفيك. فجاء الى المال وبسط رداءه ، وأخذ شيئا كثيرا ، فذهب لينهض به ، فلم يستطع ، فنقص منه مرارا حتى نهض بما أخذ ، ومضى ، فأتبعه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ببصره ، ولم يقل له شيئا.

وفرض عمر العطاء الى ناس ، ففرض لكل رجل من أهل بدر أربعة آلاف ، وفرض للعباس اثنا عشر ألفا.

ولما كان عام الرماد [ ة ] (1) واشتدّ القحط ، فخرج بالناس واستسقى لهم ، فلما أن قام ليستسقي أخذ بيد العباس ، فقال : اللّهمّ هذا كبيرنا وسيدنا وعمّ نبينا ، نتوجه إليك ، فاسقنا ، فسقوا (2).

وتوفي العباس وهو ابن تسع وثمانين سنة (3) وصلّى عليه عثمان بن عفان ، وأنزله في قبره ابنه عبد اللّه (4).

ص: 234


1- وهو عام جدب وقحط وقع على عهد عمر سمي ذلك من رمده أو أرمده إذا هلكه وصيره كالرماد. وأرمد إذا هلك بالرمدة ، والرمادة الهلاك. وقيل سمي بذلك لان الجدب صير ألوانهم كلون الرماد.
2- قال الطبري في الذخائر ص 199 : أخرجه إبراهيم بن عبد الصمد ، عن عبد اللّه بن عمر ، قال : استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس. وقال : اللّهمّ هذا عمّ نبيك صلی اللّه علیه و آله نتوجه به إليك فاسقنا. قال : فما برحوا حتى سقاهم اللّه تعالى.
3- عن عمر يناهز ثمان وثمانين سنة ( ذخائر العقبى ص 207 ، الدرجات الرفيعة ص 96 ، الكامل 3 / 136 ).
4- دفن في البقيع ودخل قبره ابنه عبد اللّه بن العباس ( الاستيعاب 1 / 100 ، المدخل لابن الحاج 1 / 265، وفاء الوفاء 2 / 105 ).

[ نعود الى ذكر أولاد أبي طالب ]

[ طالب بن أبي طالب ]

وأما طالب بن أبي طالب (1) فهو الذي يقول في رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله هذه الأبيات :

وقد حلّ مجد بني هاشم

فكان النعامة (2) والزهرة

ومحض بني هاشم أحمد *** رسول المليك على فترة

عظيم المكارم نور البلاد *** حريّ الفؤاد صدى الزبرة

كريم المشاهد سمح البنان *** اذا ضنّ ذو الجود والقدرة

عفيف تقيّ نقيّ الردا *** طهر السراويل والازرة

جواد رفيع على المعتقين *** وزين الاقارب والاسرة

واشوس كالليث لم ينهه *** لدى الحرب زجرة ذى الزجرة

وكم من صريع له قد ثوى *** طويل التأوّه والزفرة

[ ضبط الغريب ]

[ قوله ] مجد بني هاشم. المجد : نبل الشرف ، يقال منه : مجد الرجال ، ومجد

ص: 235


1- قال في العمدة : هو اكبر أولاد أبي طالب وبه يكنى وهو أسن من أخيه علي بثلاثين سنة وان قريشا أكرهته على الخروج معها في بدر. ونقل الكليني رواية عن الصادق علیه السلام بأنه أسلم. وهو الذي ذكر الابيات في مدح الرسول صلی اللّه علیه و آله والتي ذكرها المؤلف ( راجع عمدة الطالب ص 20 الدرجات الرفيعة ص 62 ). وقال الطبري في الذخائر ص 249: إنه مات كافراً.
2- وفي نسخة ز : النعائم.

العباس. وأمجده : كرم فعاله. واللّه عزّ وجلّ هو المجيد ، بمجيد فعاله. ومجده خلقه لعظمته.

والمحض : الخالص من كل شيء الذي لا يشوبه غيره. ويقال منه : رجل ممحوض الضريبة (1) : أي مخلّص. وفضته [ محضة ] : إذا لم يخالطها شيء.

والفترة : أصلها السكون. يقال لكل ما بين رسولين من الزمان فترة. و [ الضن ] (2) : الشح. قال اللّه تعالى : ( وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ) (3).

وقوله : نقيّ الردى : أي ما ارتدي به وهو الثوب الواسع غير المخيط. والسروال : ما ليس من الثياب.

الازرة : ما اتّزر به. وأراد بطهارة ذلك ونقائه البراءة من العيوب والدنس (4) ، والعرب تضرب ذلك مثلا للسلامة من العيوب ، قال اللّه عزّ وجلّ :

( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) (5). والمعتقون : الطالبون. والاشوس : الذي يعرف الغضب في نظره يقال عنه : رجل أشوس وامرأة شوساء. والزجر : يقال زجرت البعير حتى مضى وزجرت عامل سوء عن عمله فازدجر أي نهيته فانتهى ، وهي في الابل وأشباهها الحث على السير ، وفي الناس النهي والمنع. والتأوّه والتوجع : إذا قال المتوجع آه فقد تأوه.

والزفرة : من الزفر ، والزفر والزفير الواحدة من فعل ذلك وهو أن يملأ الرجل

ص: 236


1- قال الشاعر : تجد قوما ذوي حسب وحال *** كراما حيثما حسبوا محاضا ( لسان العرب 7 / 227 )
2- هكذا صححناه وفي الاصل : الظن.
3- التكوير : 24.
4- قال عدي بن زيد : أجل إن اللّه قد فضلكم *** فوق من أحكأ صلبا بازار ( لسان العرب 4 / 17 )
5- المدثر : 4.

صدره غما ثم يتأوه به فهو في الزفير (1) والواحدة منه زفرة ، قال اللّه عزّ وجلّ حكاية عن أهل النار : « ولَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ) (2) ، والزفير ما ذكرناه.

والشهيق : مذ النفس بالزفير. وذلك أن يرمي بنفسه حتى يخرجه من صدره.

[ نعود الى ذكر طالب ]

ولمّا نفر أهل مكة الى بدر تخلف عنهم بنو هاشم ، فأكرهوهم على الخروج ، وبذلك قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله للمسلمين يوم بدر : من قدرتم أن تأسروه من بني هاشم فلا تقتلوه ، فانهم انما خرجوا كرها. ففي ذلك طالب بن أبي طالب (3) يقول هذه الابيات :

يا ربّ إمّا خرجوا بطالب *** في مقنب عن هذه المقانب

فاجعلهم المغلوب غير الغالب *** وارددهم المسلوب غير سالب (4)

قوله : المقنب : زهاء ثلاثمائة فارس (5).

[ عقيل بن أبي طالب ]

وأما عقيل بن أبي طالب (6) فكان أحبّ ولد أبي طالب إليه.

ص: 237


1- قال الشاعر : ( فتستريح النفس من زفراتها ) لسان العرب 4 / 325.
2- هود : 106.
3- وكان طالب مع العباس يوم بدر فلم يعرف خبره ( المناقب 2 / 180 ).
4- وقد ذكر في عمدة الطالب ص 15 هذا البيت هكذا : فليكن المطلوب غير طالب *** والرجل المغلوب غير الغالب
5- لسان العرب 1 / 691.
6- وكان علي بن الحسين علیه السلام يعطف على آل عقيل ويقدمهم على غيرهم من آل جعفر. فقيل له في ذلك ، قال : اني لأذكر يومهم مع أبي عبد اللّه الحسين فأرق لهم ( كامل الزيارة لابن قولويه ص 107 بحار الانوار 11 / 123 ط قديم ) وقد ذكر المؤلف من ولد عقيل الذين استشهدوا مع الحسين علیه السلام في كربلاء ثلاثة وهم : 1 - عبد الرحمن بن عقيل. 2 - عبد اللّه بن عقيل. 3 - عبد اللّه بن مسلم بن عقيل. ولم يذكر غيرهم ، ونحن نذكر من وقفنا عليه حسب ما ذكره المؤرخون : 1 - مسلم بن عقيل : وهو سفير الحسين علیه السلام لأهل الكوفة. واستشهد فيها قبل ورود الحسين علیه السلام الى كربلاء. 2 - محمد بن عقيل : ولم يذكره سوى الخوارزمي في مقتله 2 / 48 وذكره المؤلف في جملة الأسرى. 3 - جعفر بن عقيل : وأمه الخوصاء بنت عمرو العامري. دخل المعركة فجالد القوم يضرب فيهم بسيفه قدما ، وهو يقول : أنا الغلام الابطحي الطالبي *** من معشر في هاشم من غالب ونحن حقا سادة الذوائب *** هذا حسين أطيب الاطائب قتله : بشر بن حوط قاتل أخيه عبد الرحمن ( ابصار العين ص 53 ، الكامل 4 / 92. مقاتل الطالبيين ص 87 ) وقيل : قتله عروة بن عبد اللّه الخثعمي. 4 - محمد بن مسلم بن عقيل : أمه أمّ ولد. قال أبو جعفر علیه السلام : حمل بنو أبي طالب بعد قتل عبد اللّه حملة واحده ، فصاح بهم الحسين علیه السلام : صبرا على الموت يا بني عمومتي. فوقع فيهم محمد بن مسلم ، قتله أبو مرهم الازدي ولقيط بن إياس الجهني ( ابصار العين ص 50 ، المقاتل ص 87 ، الخوارزمي 2 / 47 ). 5 - محمد بن أبي سعيد بن عقيل : أمه أمّ ولد. قال حميد بن مسلم الازدي : لما صرع الحسين علیه السلام خرج غلام مذعورا يلتفت يمينا وشمالا فشدّ عليه فارس فضربه ، فسألت عن الغلام ، قيل : محمد بن أبي سفيان. وعن الفارس : لقيط بن إياس الجهني. وقال هشام الكلبي حدث هاني بن ثبيت الحضرمي ، قال : كنت ممن شهد قتل الحسين علیه السلام فو اللّه اني لواقف عاشر عشرة ليس منا رجل إلا على فرس ، وقد حالت الخيل وتضعضعت إذ خرج غلام من آل الحسين وهو ممسك بعود من تلك الابنية عليه ازار وقميص وهو مذعور يتلفت يمينا وشمالا ، فكأني انظر الى درتين في اذنيه يتذبذبان كلما التفت ، إذ أقبل رجل يركض حتى إذا دنا منه مال عن فرسه ، ثم اقتصد الغلام فقطعه بالسيف. قال هشام الكلبي : إن هاني بن ثبيت الحضرمي هو صاحب الغلام عن نفسه استحياء وخوفا. ( ابصار العين ص 51 ، الخوارزمي 2 / 47 ، الكامل 4 / 92 ). 6 - جعفر بن محمد بن عقيل : ذكره الخوارزمي في مقتله 2 / 47.

وأسلم عليا الى رسول اللّه ، وجعفرا الى العباس ليربياهما كما كانت أشراف العرب تفعل ذلك بأبنائها ، وتمسك بعقيل ، وقال : إذا بقى لي عقيل

ص: 238

فلا ابالي ، وكان ذلك من صنع اللّه عزّ وجلّ لعلي علیه السلام ، فان كان عند رسول اللّه فمن اللّه عليه بالسبق الى الاسلام.

[1146] وكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول لعقيل : اني لاحبك يا عقيل حبّين ، حبّ لك وحبّ لحبّ أبي طالب إياك.

[ في ليلة بدر ]

[1147] عن أمير المؤمنين علیه السلام ، أنه قال : لما أن كانت ليلة بدر ، أصابنا وعك من حمى ، وشيء من مطر ، وافترق الناس يستترون تحت الشجر فنظرت إليهم من الليل ، ( فلم أر أحدا غير رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ) (1) ، فلم يزل قائما يصلّي والناس نيام حتى انفجر الصبح ، فصاح : الصلاة عباد اللّه ، فأقبل الناس إليه من تحت الشجر (2). فصلّى بهم. فلما انتقل أقبل عليهم فذكر فضل الجهاد ورغبهم فيه ، ثم قال لهم : إن بني المطلب قوم اخرجوا كرها ولم يريدوا قتالكم ، فمن لقي منكم أحدا فلا يقتله إن قدر عليه وليأسره ، وليأت به أسيرا.

قال : فلما انهزم القوم ، وقتل من قتل ، واسر من اسر منهم ، نظرت فاذا عقيل في الاسارى ، مشدودة يده الى عنقه بنسعة (3) ، فصددت (4) عنه ، فصاح بي : يا علي يا بن أم [ أما واللّه ] لقد رأيت مكاني ، ولكنك عمدا تصدّعني.

ص: 239


1- ما بين القوسين من نسخة ز.
2- هكذا صححناه وفي الاصل : من الشجرة.
3- النسع - جمعها نسوع - : سير أو حبل عريض طويل تشدّ به الرحال.
4- وفي الاصل : فصدرت.

قال علي علیه السلام : فلم اجبه بشيء ، وأتيت النبي صلی اللّه علیه و آله ، فقلت : يا رسول اللّه ، هل لك في أبي يزيد مشدودة يده بنسعة الى عنقه.

فقال صلی اللّه علیه و آله : انطلق بنا إليه. فمضينا نمشي نحوه ، فلما رآنا قال : يا رسول اللّه إن كنتم قتلتم أبا جهل فقد ظفرتم ، والا فادركوه ما دام القوم يحدثان قرحتهم.

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : بل قتله اللّه يا عقيل.

[1148] ودخل عقيل على امرأته فاطمة بنت [ الوليد بن ] عتبة بن ربيعة ، لما انصرف من قتال المشركين يوم هوازن وسيفه متلطخ بالدم. فقالت له : قد عرفت إنك قد قاتلت ولكن ما الذي جئتنا به من الغنائم.

فأخرج إليها ابرة ، وقال : هذه ما أصبت فدونكها ، فخيطي بها ثيابك. فأخذتها.

ثم سمع منادي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : من أصاب من الغنائم شيئا فليأت به ولو كانت ابرة ، ارددوا الخياط والمخيط فان الغلول في النار. فرجع إليها ، وقال لها : ما ارى إبرتك إلا فاتتك. فأخذها ، ومضى بها مع ما جاء به فوضعه في المغنم ، وجاء فيما جاء به بفصّ من جواهر أحمر ، وجارية. فنظر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى الفص ، فأعجبه فقال : لو لا التملك يعني لنحميه ، ونقله والجارية عقيلا (1).

[ ضبط الغريب ]

الخياط : ما خيط به ، والمخيط وما قد خيط به من الثياب وغيرها.

ص: 240


1- كذا في الاصل.

ومال عقيل بعد ذلك الى حبّ المال والكسب لما رأى الناس قد مالوا الى ذلك.

وأتى عليا علیه السلام وهو في الكوفة. فقال له : اعطني من المال ما اتسع فيه كما اتسع الناس (1).

فعرض عليه ما عنده ، فلم يقبضه.

وقال : اعطني ما في يديك من مال المسلمين.

فقال له : أما هذا فما إليه من سبيل ، ولكني أكتب لك الى مالي [ بينبع ] فنأخذ منه.

قال : ما يرضيني من ذلك شيئا وسأذهب الى رجل يعطيني (2).

[1149] فأتى معاوية ، فسرّ معاوية بقدومه عليه ، وجمع وجوه أهل الشام ، وأحضره. وقال لهم : هذا أبو يزيد عقيل بن أبي طالب قد اختارنا على أخيه علي ورآنا خيرا له منه.

فقال له عقيل : هو كذلك يا معاوية إن فينا اللين في غير ضعف ، وعزة في غير صلف ، وأنتم بني أميّة فلينكم غدر ، وعزكم كبر.

ص: 241


1- والى هذا المعنى يشير علیه السلام في كلامه : ( واللّه لقد رأيت عقيلا وقد أملق حتى استماحني من بركم صاعا ، ورأيت صبيانه شعث الشعور غبر الألوان من فقرهم كأنما سودت وجوههم بالعظلم ، وعاودني مؤكدا. وكرر عليّ القول مرددا ، فأصغيت إليه سمعي ، فظن أني ابيعه ديني ، وأتبع قياده مفارقا طريقتي ، فأحميت له حديدة ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها ، فضج ضجيج ذي دنف من ألمها ، وكاد أن يحترق من ميسمها. فقلت له : ثكلتك الثواكل يا عقيل ، أتئن من حديدة أحماها انسانها للعبه وتجرّني الى نار سجّرها جبارها لغضبه ، أتئن من الاذى ولا أإن من لظى ( شرح ابن أبي الحديد 11 / 245 ).
2- أخرجه البغوي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه أن عقيلا جاء الى علي علیه السلام بالعراق ، فسأله ، فقال علیه السلام : أحببت أن أكتب لك الى مالي بينبع ، فاعطينك منه. فقال عقيل : لأذهبن الى رجل هو أوصل لي منك. فذهب الى معاوية ( ذخائر العقبى ص 222 ). قال ابن أبي الحديد : أن عقيل ذكر قصة الحديدة لمعاوية ، فجعل معاوية يتعجب ويقول : هيهات هيهات عقمت النساء أن يلدن مثله [ أي مثل علي عليه السلام ].

ثم نظر الى معاوية وتصفح وجوه من حوله ، وضحك.

فقال معاوية : ما أضحكك يا أبا يزيد ، أمنا ضحكت أم من علي؟

فقال : ضحكت واللّه بما قسم اللّه لعلي. اني كنت في مجلسه ، فنظرت الى من فيه ، فلم أر غير المهاجرين والانصار ونظرت الى من في مجلسك ، فلم أر غير الطلقاء وبقايا الاحزاب.

فقال معاوية لأهل الشام : ألا تعجبون من رجل يقول هذا القول وأنتم تقرءون قول اللّه عزّ وجلّ : ( تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ. ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ. سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ ) (1) وهو عمّ علي (2).

وأقبل على عقيل ، فقال له : يا أبا يزيد أين ترى عمك أبا لهب الآن من النار ، وما هو الآن صانع فيها؟

فأقبل [ عقيل ] على أهل الشام ، فقال : ألا تعجبون من معاوية يقول مثل هذا القول ، وأنتم تقرءون : ( وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ. فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) (3) وهي عمة معاوية.

ثم أقبل على معاوية ، فقال : إذا شئت أن تعلم أين أبو لهب من النار ، فأنت تراه فيها إذا دخلتها مفترشا عمتك حمالة الحطب ، فتعلم

ص: 242


1- المسد : 1 - 3.
2- والى هذا يشير أمير المؤمنين علیه السلام في قوله : أبا لهب تبّت يدا أبا لهب *** وصخرة بنت الحرب حمالة الحطب خذلت نبي اللّه قاطع رحمه *** فكنت كمن باع السلامة بالعطب لخوف أبي جهل فأصبحت تابعا *** له كذلك الرأس يتبعه الذنب ( الكنى والألقاب 1 / 143 ط صيدا 1337 ه )
3- المسد : 4 و 5.

حينئذ أن الراكب أفضل من المركوب.

فندم معاوية على اعتراضه ، قال : ما كل هذا أردنا يا أبا يزيد ، وإنما أردنا أن نمازحك ونبسطك.

قال عقيل : وكذلك أيضا أردت أن نبسطك ونمازحك.

قال معاوية : ونحن يا أبا يزيد بعد هذه نفعل بك ما لم يفعله علي بك. فقد انتهى إليّ أنك سألته فمنعك ، ونحن نعطيك دون أن تسألنا. - أراد بذلك أن يرضيه ليلين في القول معه -

فقال : نعم ، فقد سألت عليا فبذل لي ماله ، فلم يرضني ، وسألته دينه ، فمنعني. وأنت تسمح بما يمنعه عليّ وتبخل بما بذله.

فسكت معاوية. فلما انصرف أهل الشام عنه ، فدعا بمال كثير فأعطاه عقيلا. وقال : يا أبا يزيد قد كنا نحبّ مقامك عندنا ، فأما بعد ما لقيناه منك ، فانصرف الى مكانك.

فقال عقيل : واللّه اني لأرغب في ذلك منك ، وما كثرة عطائك إياي وقلّته عندي سواء ، وان فضل ما بيننا عندي ليسير ، وما كنت من يسمح لك بعرضه ونقصه طمعا فيما يناله منك.

وانصرف.

[ عقيل يسقي الحجيج ]

[1150] وروى عطاء بن أبي رياح ، أنه قال : رأيت عقيل بن أبي طالب ينزع بغرب (1) على بئر زمزم ، وعليها غروب كثيرة يسقي الحجيج ومعه رجال من قومه وما معهم أحد من مواليهم ، وأن أسافل قميصهم لمبتلة بالماء ينزعون من قبل الحج في أيام منى ، وبعد الحج يبتغون بذلك

ص: 243


1- كذا في الأصل.

الأجر لا يكلونه الى عبد لهم ولا مولى.

وفي علي وعقيل يقول [ جعدة ] بن هبيرة المخزومي (1) هذا البيت :

أنا من بني مخزوم (2) ان كنت سائلا *** ومن هاشم أمي لخير قبيل

فمن ذا الذي ينوء عليّ بخاله *** وخالي علي ذو الندا وعقيل

[ ضبط الغريب ]

ينوء : يقوم. أي يقوم بفخر خاله. يقال ناء : إذا نهض فتثاقل ، وناء اذا مال للسقوط.

قال أبو إسحاق : كان عقيل بن أبي طالب من أنسب الناس ، وكان يقول معد : يكنى : ابا فضاعة.

[ عبد اللّه بن عباس ]

وأما عبد اللّه بن عباس ، فكان من خاصة أولياء أمير المؤمنين علي علیه السلام وأهل محبته ، وكان خصيصا به ، مائلا إليه يتولاه ، ويبرأ من أعدائه ، ويشهد [ معه ] حروبه ، وكان على ولايته الى أن مات بالطائف ، وقد كفّ بصره سنة ثمان وستين ، وهو ابن اثنين وسبعين سنة.

وقد تقدم من ذكر ولايته لعلي علیه السلام ، وقوله فيه كثير من ذكر فضائل علي علیه السلام ، وعلى ذلك كان العباس وولده كلهم من الولاية لعلي عليه

ص: 244


1- وجعدة بن هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عابد بن عمران بن مخزوم ، وأمه : أم هاني بنت أبي طالب. شهد مع علي علیه السلام صفين وأبلى بها بلاء حسنا. ولاه خاله أمير المؤمنين علیه السلام على خراسان قالوا : وكان فقيها. توفي في حكومة معاوية ( الدرجات الرفيعة ص 1. الاستيعاب 1 / 240 ) ومن الملاحظ أنه كان في الاصل ونسخة ز : جعفر بدل جعدة وهو خطأ وقد صححناه.
2- ونقل في الاستيعاب لعبد ربه المتوفى 463 ه 1 / 204 : أبي من مخزوم. وفي شرح النهج لابن أبي الحديد 1 / 79 : فمن ذا الذي ينائي.

السلام ولولده من بعده ويعتقدون امامتهم بذلك يعرفون.

واذ قام من قام منهم ، وأظهروا السواد أو لباسه حزنا بزعمهم على الحسين علیه السلام ، وأظهروا القيام بثاره والدعوة الى الائمة من ولده ، فلما تمكنوا عادوا عليهم من العداوة والطلب والتوثب باضعاف ما كان من بني [ أميّة ] مثل ذلك إليهم ، فعادت ولايتهم اياه عداوة ، ومودتهم بغضا ، مما استأثروا بحقهم وتباعدوا مما توسلوا إليه بهم بعد الولاية والمودة وقرب القرابة (1).

ص: 245


1- أقول : لم يتعرض المؤلف الى من استشهد في ركب الحسين علیه السلام من أصحابه ، ولذا نذكر أسماءهم نقلا عن كتاب تسمية من قتل مع الحسين علیه السلام تأليف الفضل بن الزبير بن عمرو بن درهم الاسدي الكوفي من أصحاب الامامين الباقر والصادق علیهماالسلام . الشهداء من أصحاب الحسين : 1 - سليمان مولى الحسين بن علي عليه السلام قتله سليمان بن عوف الحضرمي. 2 - منجح مولى الحسين بن علي عليه السلام قتله حسان بن بكر الحنظلي. 3 - قارب الديلمي مولى الحسين بن علي عليه السلام. 4 - الحارث بن نبهان مولى حمزة بن عبد المطلب. 5 - عبد اللّه بن يقطر رضيع الحسين بن علي. بالكوفة رمي به من فوق القصر فتكسر ، فقام إليه عبد الملك بن عمير اللخمي ، فقتله واحتز رأسه. وقتل من بني أسد بن خزيمة : 6 - حبيب بن مظاهر ، قتله بديل بن صريم الغفقاني ، وكان يأخذ البيعة للحسين عليه السلام. 7 - أنس بن الحارث ، وكانت له صحبة من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله . 8 - قيس بن مسهر الصيداوي. 9 - سليمان بن ربيعة. 10 - مسلم بن عوسجة السعدي من بني سعد بن ثعلبة ، قتله مسلم بن عبد اللّه وعبيد اللّه بن أبي خشكارة. وقتل من بني غفار بن مليل بن صمرة : 11 و 12 - عبد اللّه وعبيد اللّه ابنا قيس بن أبي عروة. 13 - جون بن أحوى مولى لأبي ذر الغفاري. وقتل من بني تميم : 14 - الحر بن يزيد ، وكان قد لحق بالحسين بن علي بعد. 15 - شبيب بن عبد اللّه من بني نفيل بن دارم. وقتل من بني تغلب : 16 و 17 - قاسط وكردوس ابنا زهير بن الحارث. 18 - كنانة بن عتيق. 19 - الضرغامة بن مالك. وقتل من قيس بن ثعلبة : 20 - جوين بن مالك. 21 - عمرو بن ضبيعة. وقتل من عبد القيس من أهل البصرة : 22 - يزيد بن قاسط. 23 - عبد اللّه بن يزيد. 24 - عبيد اللّه بن يزيد. 25 - عامر بن مسلم. 26 - سالم مولى عامر بن مسلم. 27 - سيف بن مالك. 28 - الأدهم بن أميّة. وقتل من الأنصار : 29 - عمرو بن قرظة. 30 - عبد الرحمن بن عبد رب ، من بني سالم بن الخزرج ، وكان أمير المؤمنين عليه السلام رباه وعلّمه القرآن. 31 - نعيم بن العجلان الأنصاري. 32 - عمران بن كعب الانصاري. 33 - سعد بن الحارث. 34 - أبو الحتوف ابن الحارث. وقتل من بني الحارث بن كعب : 35 - الضباب بن عامر. وقتل من بني خثعم. 36 - عبد اللّه بن بشر الاكلة. 37 - سويد بن عمرو بن المطاع ، قتله هانئ بن ثبيت الحضرمي. 38 - بكر بن حي التيملي من بني تيم اللّه بن ثعلبة. 39 - جابر بن الحجاج مولى عامر بن نهشل من بني تيم اللّه. 40 - مسعود بن الحجاج. 41 - عبد الرحمن بن مسعود بن الحجاج. وقتل من عبد اللّه : 42 - مجمع بن عبد اللّه. 43 - عائذ بن مجمع. وقتل من طي : 44 - عامر بن حسان بن شريح بن سعد بن حارثة بن لام. 45 - أميّة بن سعد. وقتل من مراد : 46 - نافع بن هلال الجملي ، وكان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام. 47 - جنادة بن الحارث السلماني. 48 - واضح الرومي غلام جنادة بن الحارث. وقتل من بني شيبان بن ثعلبة : 49 - جبلة بن علي. وقتل من بني حنيفة : 50 - سعيد بن عبد اللّه. وقتل من خولان : 51 - جندب بن حجير. 52 - حجير بن جندب بن حجير. وقتل من صيدا : 53 - عمرو بن خالد الصيداوي. 54 - سعد مولاه. وقتل من كلب : 55 - عبد اللّه بن عمرو بن عياش بن عبد قيس. 56 - أسلم مولى لهم. وقتل من كندة : 57 - الحارث بن امرؤ القيس. 58 - يزيد بن زيد بن المهاصر. 59 - زاهر صاحب عمرو بن الحمق ، وكان صاحبه حين طلبه معاوية. وقتل من بجيلة : 60 - كثير بن عبد اللّه الشعبي. 61 - مهاجر بن أوس. 62 - سلمان بن مضارب ، ابن عمه. 63 - النعمان بن عمرو. 64 - الحلاس بن عمرو الراسبيان. وقتل من خرقة جهينة : 65 - مجمع بن زياد. 66 - عباد بن أبي المهاجر الجهني. 67 - عقبة بن الصلت. وقتل من الازد : 68 - مسلم بن كثير. 69 - القاسم بن بشر. 70 - زهير بن سليم. 71 - مولى لأهل شدة يدعى رافعا. وقتل من همدان : 72 - أبو ثمامة عمرو بن عبد اللّه الصائدي ، وكان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ، قتله قيس بن عبد اللّه. 73 - يزيد بن عبد اللّه المشرقي. 74 - حنظلة بن أسعد الشبامي. 75 - عبد الرحمن بن عبد اللّه الارحبي. 76 - عمار بن سلامة الدالاني. 77 - عابس بن أبي شبيب الشاكري. 78 - شوذب مولى شاكر. 79 - سيف بن الحارث بن سريح. 80 - مالك بن عبد اللّه بن سريح. 81 - همام بن سلمة القانصي. 82 - سوار بن حمير الجابري ، مات لستة أشهر عن جراحته. 83 - عمرو بن عبد اللّه الجندعي ، مات من جراحة كانت به على رأس سنة. 84 - هانئ بن عروة المرادي بالكوفة ، قتله عبيد اللّه بن زياد. 85 - بشير بن عمر. 86 - الهفهاف بن المهند الراسبي من البصرة ، حين سمع بخروج الحسين عليه السلام ، فسار حتى انتهى الى العسكر بعد قتله فدخل عسكر عمرو بن سعد ثم انتضى سيفه وشد فيهم. [ وكان آخر من استشهد مع الحسين عليه السلام في أرض الطف ].

ص: 246

ص: 247

ص: 248

ص: 249

( ذكر فضائل الائمة من ولد الحسين بن علي عليه السلام )

( ذكر فضل علي بن الحسين عليهما السلام )

اشارة

وكان علي بن الحسين علیه السلام أعبد أهل زمانه وأفضلهم ، يشهد له بذلك الخاص والعام وكان يدعى سيد العابدين.

[ السجاد وواقعة الطف ]

وكان مع أبيه الحسين علیه السلام يوم الطف ، وهو وصيه. وقد ولد له : محمد بن علي وهو يومئذ في جملة العيال ، وكان علي بن الحسين علیه السلام يومئذ عليلا دنفا ( ثقيل العلة ، شديدها ) (1) ، فلم يستطع القتال ، وكان مع النساء يمرضنه.

وقتل علي الاصغر أخوه ، فلما أن قتلوا عن آخرهم حملوه مع جملة النساء والصبيان فرآه رجل من أهل الشام على ما هو عليه من العلة ، فرقّ له ، فأخذه إليه ، وقال علي بن الحسين علیه السلام : فكان يمرضني ويرفق بي ويبكي إذا رأى ما بي من الضعف والعلة ، وأسلمني النساء خوفا عليّ وظنوا به خيرا ، وأنه يسترني ، فلما أن صرنا الى الكوفة ذكر خبري لعبيد اللّه (2) بن زياد ، فطلبني ،

ص: 250


1- لسان العرب 9 / 107.
2- وفي الاصل : عبد اللّه.

فلم يجدني ، فسمعت النداء على أنه من وجد علي بن الحسين وجاء به فله ثلاثمائة درهم ، فدخل الرجل إليّ وأنا في منزله ، فقال : يا ابن بنت رسول اللّه قد تسمع النداء ، وأنا أخاف على نفسي إن كتمت أمرك ، وأخذ بيدي فشدها الى عنقي ، وأخرجني الى عبيد اللّه بن زياد ، وأخذ منه ثلاثمائة درهم [ وأنا انظر إليها ] (1).

ولما أن رآه اللعين عبيد اللّه بن زياد (2) ، قال : أنت علي بن الحسين.

قال له علیه السلام : نعم.

قال : أولم يقتل اللّه علي بن الحسين؟

قال علي بن الحسين علیه السلام : كان لي [ أخ ] يسمى عليا ، فقتله الناس (3).

قال عبيد اللّه : إن اللّه قتله.

قال علي علیه السلام : ( اللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) (4).

فأمر عبيد اللّه اللعين ليقتل. فصاحت زينب بنت علي : حسبك من دمائنا ، أناشدك اللّه إن عزمت على قتله إلا قتلتني قبله.

ص: 251


1- طبقات ابن سعد : مخطوط.
2- ولد سنة 39 ه وأبوه زياد بن سمية ، وهو ابن لعبيد الرومي لكن معاوية ألحقه بأبيه وكان يعرف بزياد ابن أبيه. وأم زياد : مرجانة ، وكانت مجوسية ، وقد اشتهرت بالبغي وقد فارقها زياد فتزوج بها شيرويه ، وكان كافرا ، ونشأ منذ طفولته عند زوج أمه ، ولما ترعرع اخذه أبوه ، وقد قال عبيد اللّه في احدى خطبه : أنا ابن زياد اشبهته من بين وطء الحصى ولم ينزعن فيه خال ولا ابن عم. قتله إبراهيم بن الاشتر قائد جيش المختار سنة 67 ه في خازر من أرض الموصل ( البداية والنهاية 8 / 2. عيون الاخبار 1 / 299 ).
3- قال ابن الاثير في تاريخه 3 / 27 : قال علیه السلام : كان لي أخ يسمى عليا قتلتموه ، وان له منكم مطالبا يوم القيامة ( الحدائق الوردية 1 / 128 ).
4- الزمر : 42.

وقال له بعض من حضره : هو على ما ترى من العلة ، وما أراه إلا ميتا عن قريب.

فتركه ، وصار مع جملة الحرم الى يزيد اللعين (1) فلما أن صاروا بين يديه قام رجل من الشام ، فقال : يا أمير المؤمنين نساؤهم لنا حلال.

فقال علي علیه السلام : كذبت إلا أن تخرج من ملة الاسلام ، فتستحل ذلك بغيرها.

فأطرق يزيد ، ولم يقل في ذلك شيئا.

ولما بلغ من النداء على رأس الحسين علیه السلام (2) والاستهانة [ بحرمه ]

ص: 252


1- وهو يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ، ولد بالماطرون سنة 25 ه ثاني ملوك الدولة الاموية ، تولى الخلافة بعد وفاة أبيه سنة 60 ه وكان نزوعا الى اللّهو ، ويروى له شعر رقيق ، وهو من أشقى الخلفاء توفي بحوارين من أرض حمص سنة 64 ه ( تاريخ اليعقوبي 2 / 215 ، تاريخ ابن الاثير 4 / 49 ).
2- وهو يترنم بهذه الأبيات : ليت أشياخي ببدر شهدوا *** جزع الخزرج من وقع الاسل لأهلّوا واستهلّوا فرحا *** ثم قالوا يا يزيد لا تشل قد قتلنا القرم من ساداتهم *** و عدلناه ببدر فاعتدل لعبت هاشم بالملك فلا *** خبر جاء ولا وحي نزل لست من خندف إن لم أنتقم *** من بني أحمد ما كان فعل ( اعلام النساء 1 / 504 ، البداية والنهاية 8 / 192 ) وذلك في محضر العقيلة ، والتي ردت عليه بخطبتها المشهورة منها : وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر إلينا بالشنف والشنان ، والاحن والاضغان. ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم : لأهلّوا واستهلّوا فرحا ثم قالوا يا يزيد لا تشل منحنيا على ثنايا أبي عبد اللّه سيد شباب أهل الجنة تنكثها بمخصرتك ، وكيف لا تقول ذلك؟ وقد نكأت القرحة واستأصلت الشأفة باراقتك دماء ذرية محمد صلی اللّه علیه و آله ، ونجوم الأرض من آل عبد المطلب ، وتهتف بأشياخك زعمت أنك تناديهم ، فلتردن وشيكا موردهم ، ولتودن إنك شللت وبكمت ، ولم تكن قلت ما قلت وفعلت ما فعلت. اللّهمّ خذ لنا بحقنا وانتقم ممن ظلمنا ، وأحلل غضبك بمن سفك دماءنا وقتل حماتنا ... ( بلاغات النساء لاحمد بن أبي طاهر ص 21 ، الخوارزمي في مقتله 2 / 64 ، السيدة زينب وأخبار الزينبيات للعبيدي ص 86 ، اللّهوف ص 79 ط 1369 ه ). قال ابن تيمية المتوفى سنة 728 ه في رسالته ( سؤال في يزيد بن معاوية ) التي كتبها بعد قرون من واقعة الطف الرهيبة منتصرا ليزيد منكرا كونه المردد لشعر ابن الزبعري : ليت اشياخي ببدر شهدوا ص 14. وقال في ص 15 : إنه [ يزيد ] قتل الحسين تشفيا ، وأخذ بثار أقاربه من الكفار فهو أيضا كاذب مفتر. وقال أيضا في ص 17 : ومع هذا فيزيد لم يأمر بقتل الحسين ولا حمل رأسه الى بين يديه ، ولا نكث بالقضيب على ثناياه. قال الغزالى : وقد زعمت طائفة أن يزيد بن معاوية لم يرض بقتل الحسين وادعوا أن قتله وقع خطأ. وكيف يكون هذا وحال الحسين لا يحتمل الغلط لما جرى من قتاله ومكاتبة يزيد الى ابن زياد به ، وحثه على قتله ومنعه من الماء. وقتله عطشانا ، وحمل رأسه وأهله سبايا عرايا على اقتاب الجمال إليه ، وقرع ثناياه بالقضيب ، ولما دخل علي بن الحسين علیه السلام على يزيد قال : أنت ابن الذي قتله اللّه. فقال : أنا علي ابن من قتلته. ثم قرأ ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها ) ( تذكرة الخواص ص 62 ). ولما وفد مسلم بن زياد على يزيد بجله وكرمه تقديرا لأخيه عبيد اللّه بن زياد ، وقال له : لقد وجبت مودتكم ومحبتكم على آل أبي سفيان وولاه خراسان ( ينابيع المودة 1 / 149 ، الصراط السوي في مناقب آل النبي ص 85 ، الفتوح 5 / 254 ). وكتب إليه يزيد بعد مقتل الحسين علیه السلام : أفد عليّ لاجازيك على ما فعلت. ولما جاء استقبله يزيد ، وقبّل ما بين عينيه وأجلسه على سرير ملكه ، وقال للمغني : غن ، وللساقي : اسق. ثم قال : اسقني شربة أروي فؤادي *** ثم صل فاسق مثلها ابن زياد موضع السرّ والامانة عندي *** وعلى ثغر مغنمي وجهادي وأوصله ألف ألف درهم ، ومثلها لعمر بن سعد ، وأطلق له خراج العراق سنة ( مرآة الزمان في تواريخ الاعيان ص 106 ). ولا أدري كيف يقول ابن تيمية ذلك الكلام رغم سعة اطلاعه كما يدعون إن لم يك متعمدا على التناسي وقلب الحقائق ، واللّه خير الحاكمين.

ونساء من قتل معه من أهل بيته ما أراده ، وعلي علیه السلام على حاله من العلة. وما أراده اللّه تعالى من سلامته ، وأن لا تنقطع الامامة بانقطاعه. فسرحهم يزيد اللعين ، وانصرف الى المدينة. [ عبادته ]

وهو امام الائمة ، وأبو الائمة ومنه تناسل ولد الحسين علیه السلام كلهم.

ص: 253

وليس للحسين علیه السلام عقب إلا منه. ولزم الخمول (1) للتقية والعبادة.

[1151] وكان يقال له : ذو الثفنات لأنه كان بموضع السجود منه ( ثفنات كثفنات البعير ) ، وهي مباركه التي يبرك عليها من يديه ورجليه - لانه كان من علي بن الحسين في مواضع السجود مثل ذلك لادمانه اياه. ولانه كان يصلّي في كل يوم وليلة ألف ركعة (2) ، وكان ربما سقط من ذلك شيء فجمع ، فلما أن مات وغسّل جعل معه في اكفانه.

[1152] ولمّا أن جرد ليغسّل وجدوا على عاتقه حبلا قد أثر مثل ذلك فسألوا عنه ابنه محمد علیه السلام ، فقال : واللّه ما علم بهذا غيري ، وما كان أطلعني عليه ، ولكني علمته من حيث لم يكن يعلم أني علمت به ، كان إذا جنّ الليل وهدأت العيون قام الى منزله ، فجمع كلما يبقى فيه من قوت أهله ، وجعله في جراب ، ورمى به على عاتقه ، وخرج ، فكنت أخرج في أثره مخافة عليه ، فأراه يقصد قوما في دورهم من أهل الفقر يفرق ذلك ، وهو متلثم لا يعرفونه ، وكنت كثيرا ما أجدهم قياما لا يعرفونه ، وكنت كثيرا ما أجدهم قياما على أبوابهم ينتظرون ، فاذا أقبل وأنا وراءه مستتر منه تباشروا. وقالوا : قد جاء صاحب الجراب ، فلا يزال كذلك يختلف حتى لا يكون في منزله

ص: 254


1- من الصعب تسمية هذا الشكل من النضال بالخمول بل الاولى التعبير عنه بتغير اسلوب المواجهة مع الظالمين.
2- ولهذا يشير المؤلف في ارجوزته : كانت له لغير معنى السمعة *** في اليوم والليلة ألف ركعة وأثر السجود في مساجده *** فكان من ذلك في مشاهده يدعوه من عمر البلادا *** ذا الثفنات العابد السجّادا ( الارجوزة المختارة ص 186 )

شيء ما يفضل من قوت أهله ، فهذا هو أثر ذلك الجراب.

[1153] وقيل : إنه كان في المدينة عدة بيوت يأتيهم قوتهم من علي بن الحسين علیه السلام ، ولا يدرون من حيث يأتيهم ذلك ، فما عرفوا ذلك حتى مات. فانقطع ذلك عنهم وعلموا أن ذلك كان من عنده.

وانما فعل ذلك لما جاء في الصدقة بالسرّ من الفضل (1). وقيل : إن تلك البيوت [ حصيت ] فوجدت مائة بيت ، في كل بيت جماعة من الناس.

[ من دعائه علیه السلام ]

[1154] وكان علي بن الحسين علیه السلام يصوم النهار ويقوم الليل ، فاذا أرقدت كل عين دعا بدعاء (2) وكان يدعو به كل ليلة يقول فيه :

إلهي غارت نجوم سماواتك ، ونامت عيون خلقك ، وهدأت أصوات عبادك ، وغلقت ملوك بني اميّة عليها أبوابها ، وطاف عليها حرّاسها ، واحتجبوا عمّن يسألهم حاجة أو يبتغي منهم فائدة ، وأنت إلهي حيّ قيّوم لا تأخذك سنة ولا نوم ، ولا يشغلك شيء عن شيء.

أبواب سماواتك لمن دعاك مفتّحات ، وخزائنك غير مغلّقات ورحمتك غير محجوبة ، وفوائدك لمن سلكها غير محظورات. أنت إلهي الكريم الّذي لا تردّ سائلا من المؤمنين سألك ، ولا تحتجب عن طالب منهم أرادك ، لا وعزّتك ما تختزل حوائجهم

ص: 255


1- راجع الكافي 4 / 8 وبحار الانوار 46 / 89 و 100.
2- قال طاوس الفقيه : رأيته يطوف من العشاء الى السحر ويتعبد ، فلما لم ير أحدا رمق الى السماء بطرفه وقال : الهي غارت ... ( بحار الانوار 46 / 81 ).

دونك ، ولا يقضيها أحد غيرك.

اللّهمّ وقد ترى وقوفي ، وذلّ مقامي [ و ] موقفي بين يديك ، وتعلم سريرتي ، وتطلع على ما في قلبي ، وما يصلحني لآخرتي ودنياي.

إلهي وترقب الموت ، وهول المطّلع ، والوقوف بين يديك نقصني مطعمي ومشربي ، وغصني بريقي ، وأقلقني عن وسادي ، وهجعني ومنعني من رقادي.

إلهي كيف ينام من يخاف وثبات ملك الموت في طوارق الليل وطوارق النهار.

ثم يبكي حتى ربما أيقظ أهله بكاؤه ، فيفزعون إليه ، فيجدونه قد ألصق خدّيه بالتراب وهو يقول : ربّ أسألك الراحة والروح والأمن والأمان.

[1155] وروي عن طاوس اليماني (1) ، أنه قال : حججت فدخلت الحجر ليلا ، فرأيت علي بن الحسين علیه السلام فيه قائما يصلّي ، فدنوت منه ، وقلت : رجل من الصالحين ، لعلّي أسمع منه نداء (2) ، فأنتفع به ، فسمعته يقول في دعائه وهو ساجد : عبدك بفنائك ، مسكينك بفنائك ، فقيرك بفنائك ، سائلك بفنائك.

ثم يدعو بما يريد.

ص: 256


1- وهو أبو عبد الرحمن ، طاوس بن كيسان اليماني الخولاني وأمه قادسية ، وأبوه من النمر بن قاسط ، ولد سنة 33 ه ، وقيل إن اسمه ذكوان ولقبه طاوس. وهو من فقهاء العامة ، وقال العلاّمة النوري في المستدرك 3 / 319 : لم يشك أحد في كونه عامي المذهب ، وقال المامقاني في تنقيح المقال 2 / 107 : هو من زهاد العامة ، وعدّه الشيخ الطوسي من أصحاب الامام السجاد عليه السلام ولعله لما روى ابن شهرآشوب عنه. توفي حاجا بمكة قبل التروية سنة 106 وصلّى عليه هشام بن عبد الملك. ( تهذيب التهذيب 5 / 8 ).
2- وفي نسخة ز : دعاء.

قال طاوس : فأخذتهنّ عنه ، فما دعوت بعد ذلك بهنّ في كرب إلا فرّج اللّه عليّ.

[1156] وقيل : إن سائلا يسأل في بعض سكك المدينة في جوف الليل.

فقال : أين الزاهدون في الدنيا ، الراغبون في الآخرة؟

فنودي من ناحية البقيع لا يعرف من ناداه ، ذلك علي بن الحسين.

[ حلمه علیه السلام ]

[1157] وقيل : إن [ الحسن بن الحسن ] بن علي وقف على [ علي ] بن الحسين ، فأسمعه ، [ وشتمه ] وعنده جماعة ، فسكت علیه السلام فلم يجبه ، فلما مضى قال لمن معه : قد سمعتم ما قال هذا الرجل؟

قالوا : سمعنا وساءنا ما سمعناه ولقد كنا نحبّ أن تقول.

فتلا علیه السلام : ( وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (1).

ثم قال : احبّ أن تقوموا معي الى [ منزله ] حتى تسمعوا ردّي عليه ، فانه لم ينبغ لي أن أردّ عليه في مجلسي.

فقام القوم معه ، [ وهم ] يرون أنه يستنصف منه. فلما أتى الى منزله استأذن عليه ، فخرج إليه ، وظنّ أنه إنما جاء ليتنصف منه ، فبدأه ، فواثبه بالكلام.

فقال : على رسلك يا أخي ، قد سمعت ما قلت في مجلسي ونحن في مجلسك ، فاسمع ما أقول لك : إن كان الذي قلت لي كما قلت فإنّي أسأل اللّه أن يغفر لي ، وإن لم يكن ذلك كما قلت فإنّي أسأل اللّه أن يغفر لك.

ص: 257


1- آل عمران : 134.

فاستحى الحسن ، وقام إليه وقبّل رأسه وما بين عينيه ، وقال : بل قلت لك واللّه ما ليس فيك ، واستغفره واعتذر إليه.

[1158] وروي عنه علیه السلام ، أنه كان إذا قام الى الصلاة تغير لونه ، وأصابته رعدة ، وحال أمره. وربما يسأله عن حاله من لا يعرف أمره في ذلك فيقول : إني اريد الوقوف بين يدي ملك عظيم.

[ السجاد والزهري ]

[1159] وقيل : إن الزهري (1) غارف ذنبا فخاف منه على نفسه ، فاستوحش من الناس ، وهام على وجهه ، فلقيه علي بن الحسين علیه السلام فقال له : يا زهري ، لقنوطك من رحمة اللّه التي وسعت كل شيء أعظم من الذنب الذي خشيت منه على نفسك.

فسكن الزهري الى قوله ، وقال : اللّه أعلم حيث يجعل رسالته. ثم وعظه علي بن الحسين علیه السلام بمواعظ ، وتلا عليه آيات [ من القرآن ] فيما قار به في التوبة (2) والاستغفار. فتاب واستغفر ورجع الى أهله ، ولزم علي بن الحسين علیه السلام ، وكان يعدّ من أصحابه ، وكان يروي عنه ويحدث بفضله. وكذلك قال له بعض بني مروان : يا زهري ما فعل نبيك؟ - يعني علي بن الحسين علیه السلام - لما كان يرفع

ص: 258


1- الزهري بالضم وسكون الهاء ، وهو محمد بن عبيد اللّه بن شهاب الزهري ، ولد سنة 58 ه ، وهو من فقهاء المدينة ومن التابعين وكان مع عبد الملك بن مروان ومع ابنه هشام ، واستقصاه يزيد بن عبد الملك ، وكان يبغض عليا وينال منه ، قال السيد ابن طاوس : إنه عدوّ منهم. روى الزهري عن عائشة ، قالت : كنت عند النبي إذ أقبل العباس وعلي ، فقال : يا عائشة : إن سرك أن تنظري الى رجلين من أهل النار فانظري الى هذين قد طلعا ، فنظرت فاذا هما العباس وعلي بن أبي طالب ( شرح النهج 1 / 355 ) وتوفي سنة 135 ه ودفن في ضيعة خلف وادي القرى تسمى سغب. ( معجم البلدان 5 / 277 ).
2- وفي نسخة ز : التورية.

به الزهري ويذكر من فضله.

[1160] وكان علي بن الحسين علیه السلام يقول : الحلم هو الذل (1).

[1161] وقيل : إن جارية له كانت قائمة عليه توضئه ، فسقط الإبريق من يدها على وجهه ؛ فشجه ؛ فنظر إليها ، فقالت : يا مولاي إن اللّه عزّ وجلّ يقول : ( وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ ) .

قال علیه السلام : كظمت غيظي.

قالت : ويقول : ( وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ ) .

قال علیه السلام : قد عفوت عنك.

ص: 259


1- إن الحلم من الصفات الحميدة التي تزين الانسان وترفعه من التسرع في مواجهته للمشاكل بما لا يحسن عواقبه ، وتزيده رفعة وعلوا. وقد عدّ علماء الاخلاق أسبابا للحلم : 1 - الرحمة للجاهل : وهو من أكد أسباب الحلم. 2 - الترفع عن السباب : وذلك من شرف النفس وعلو الهمة. 3 - القدرة على الانتصار : وذلك من سعة الصدر ، وحسن الثقة. 4 - الاستهانة بالمحلوم عنه ، وفيه قال عمر بن علي : سكتّ عن السفيه فظن أني *** عييت عن الجواب وما عييت إذا نطق السفيه فلا تجبه *** فأحسن من اجابته السكوت 5 - الاستحياء من الجواب : وهذا من صيانة النفس وكمال المروءة. 6 - التفضل على السباب : وهو في نهاية الكرم وعلو الهمة وحب التفضل والتألف. 7 - استكفاف السباب وقطع الجواب : وهذا يكون من الحزم. 8 - الوفاء ليد سالفه وحرمة لازمه : وهذا يكون من الوفاء وحسن العهد. 9 - الخوف من العقوبة على الجواب : وهذا من ضعف النفس وربما اقتضاء الحزم. 10 - المكر وتوقع الفرص الخفية : وهذا من الدهاء. 11 - قصد ايلامه وتزايد غضبه بالسكوت عنه. فاذا عدم أحد هذه الاسباب كان ذلا لا حلما. والى هذا المعنى يشير الامام زين العابدين علیه السلام بقوله : الحلم هو الذل. فالحلم : هو ضبط النفس عن هيجان الغضب. فاذا فقد الغضب بعد سماع ما يغضب كان ذلك من ذل النفس ومهانتها وقلة الحمية وفقد الشجاعة والغيرة. قال الشاعر : ... أرى الحلم في بعض المواضع ذلة *** وفي بعضها عزّا يسود فاعله

قالت : يقول : ( وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (1).

قال علیه السلام : فأنت حرة لوجه اللّه.

[ اللّه أعلم حيث يجعل رسالته ]

[1162] وولّي هشام بن اسماعيل المخزومي (2) المدينة ، فنال علي بن الحسين علیه السلام من الاذى والمكروه عظيما ، ثم عزله الوليد (3) بعد ذلك وأمر أن يوقف للناس ، فلم يكن أخوف من أحد [ كخوفه ] من علي بن الحسين علیه السلام لما ناله منه أن يرفع ذلك عليه ويقول فيه ويشكره ، فلم يقل فيه شيئا ونهى خاصته وأهل بيته ، وكل من سمع له من القول فيه بسوء.

ثم أرسل إليه وهو واقف عند دار مروان : انظر ما أعجزك من مال تؤخذ به فعندنا ما يسعك ، وطب نفسا منا ، ومن كل من يطيعنا.

فنادى هشام - وهو قائم - بأعلى صوته : اللّه أعلم حيث يجعل رسالته.

[1163] ونادى علي بن الحسين علیه السلام يوما مملوكا له ، فلم يجبه وهو يسمعه ، فقال : يا بني اناديك فلا تجيبني أما تخاف أن اعاقبك؟

قال : لا واللّه ما أخافك وذلك الذي حملني على أن لم اجبك.

فقال علي بن الحسين علیه السلام : الحمد اللّه الذي جعل مملوكي آمنا مني (4).

ص: 260


1- آل عمران : 134.
2- وكان يؤذي علي بن الحسين ويشتم عليا على المنبر وينال منه. ( تذكرة الخواص ص 328 ).
3- وهو الوليد بن عبد الملك.
4- وفي الارشاد ص 147 الحديث 17 : يأمنني.
[ أيام فتنة ابن الزبير ]

[1164] وروي عنه علیه السلام ، أنه قال : خرجت يوما من منزلي أيام فتنة ابن الزبير ، وقد ضاق صدري بما ينتهي إليّ منها ، فانتهيت الى حائط [ لي ] (1) فاتكيت عليه ، ووقفت كذلك مقاربا ، فاني لعلى ذلك إذ وقف عليّ رجل عليه ثياب بيض ما أعرفه فنظر الى وجهي ، فقال لي : يا علي بن الحسين ، مالي أراك كئيبا محزونا ؛ أعلى الدنيا حزنك؟ فرزق [ اللّه ] حاضر يأكل منه البرّ والفاجر. أم على الآخرة [ فهو ] وعد صادق ويحكم به ملك قادر.

قلت : اللّهمّ ما آسي على الدنيا ، ولا من أجل الآخرة كان مني ما ترى.

قال : ففيم حزنك؟

قلت : تخوفت فتنة ابن الزبير.

فضحك ، وقال : يا علي بن الحسين ، هل رأيت أحدا قط توكل على اللّه فلم يكفه؟

قلت : لا. وبقيت مفكرا في قوله ، ثم رفعت رأسي ، فلم أجد أحدا (2).

[ دين زيد بن اسامة ]

[1165] واعتل زيد بن اسامة بن زيد علته التي مات فيها ، فلما احتضر ،

ص: 261


1- كلمة ( لي ) نقلناها من الارشاد.
2- وأضاف في الفصول لابن الصباغ ص 203 : ... فاذا قائل أسمع صوته ولا أرى شخصه يقول : يا علي بن الحسين هذا الخضر ناجاك.

حضره علي بن الحسين علیه السلام ، فجعل يبكي ، فقال له علي بن الحسين علیه السلام : ما يبكيك؟

قال : [ يبكيني ] خلفت عليّ خمسة عشر ألف دينار دينا ، وليس فيما أخلفه وفاء ذلك.

فقال له علي بن الحسين علیه السلام : فطب نفسا فعليّ وفاء ذلك عنك.

فوفّاه عنه.

[ السجاد لعبده : اقتصّ منّي ]

[1146] وقيل : إن مولى لعلي بن الحسين علیه السلام [ كان ] يتولى له عمارة ضيعة ، فجاء ليطلعها ، فأصاب منها فسادا وتضيّعا كثيرا أغاضه من ذلك ما رآه ، فغمه ، فقرع المولى بسوط كان في يده وكان ذلك ما لم يكن منه الى أحد قبله مثله.

وندم على ما كان منه ندامة شديدة ، فلما انصرف الى منزله أرسل يطلب المولى ، فأتاه فوجده مقاربا والسوط بين يديه ، فظنّ يريد عقوبته ، فاشتدّ خوفه. فأخذ علي بن الحسين علیه السلام السوط ، ومدّ يده إليه ، وقال : يا هذا قد كان مني إليك ما لم يتقدم لي مثله ، وكانت هفوة وزلة. فدونك السوط اقتصّ مني.

فقال المولى : يا مولاي واللّه إن ظننت إلا أنك تريد عقوبتي ، وأنا مستحق العقوبة فكيف أقتصّ منك.

قال علیه السلام : ويحك اقتص.

قال : معاذ اللّه أنت في حلّ وسعة.

فكرر عليه مرارا والمولى في ذلك يتعاظم قوله ويجلله ، فلما لم يره يقتصّ قال له علیه السلام : أما إذا أبيت ، فالضيعة صدقة عليك.

ص: 262

فأعطاه إياه.

[1167] وكان إذا انقضى الشتاء تصدق بكسوته في الشتاء ، وإذا انقضى الصيف تصدق بكسوته في الصيف. وكان يلبس من خير الثياب.

فقيل له : تعطيها من لا يعرف بقيمتها ولا يليق به لباسها ، فلو بعتها وتصدقت بثمنها.

فقال علیه السلام : اني لأكره أن أبيع ثوبا صلّيت فيه.

[ انقطاعه الى اللّه ]

[1168] وكان إذا وقف في الصلاة لم يشتغل بغيرها ولم يسمع شيئا لشغله بالصلاة. وسقط بعض ولده في بعض الليالي ، فانكسرت يده ، فصاح أهل الدار ، وأتاهم الجيران ، وجيء بالمجبّر [ فجبّر الصبي ] وهو يصيح من الألم ، وكل ذلك لا يسمعه.

فلما أصبح رأى يد الصبي مربوطة الى عنقه ، فقال : ما هذا؟ فأخبروه.

[ فرزدق وقصيدته ]

[1169] وكان علیه السلام ورعا حليما وقورا جميلا ، وحجّ في بعض السنين فجعل الناس ينظرون الى جماله وكماله. ويقول من لم يعرفه لمن عسى أن يعرفه ؛ من هذا؟! ليخبروه. قال قائل من الناس لفرزدق (1) من هذا؟

ص: 263


1- وهو همام بن غالب بن صعصعة ، وأمه : ليلى بنت عابس ، قيل إنه ولد سنة 10 ه. دخل أبوه على أمير المؤمنين في البصرة ومعه ابنه فرزدق ، فأخبره أنه يقول الشعر. وكان له أخ وهو هميم بن غالب واخت جعثن وكانت امرأة صدق ، وكان جرير يذكرها في مهاجاته لفرزدق ، وكان يقول : أستغفر اللّه فيما قلت لجعثن. تزوج ابنة عمه ، النوار بنت أعين بن صعصعة. توفي سنة 110 ه عن عمر يناهز المائة سنة. ودفن في مقابر البصرة. وأما القصيدة فمؤلفة من 28 بيتا ذكرها عبد الوهاب المكي في طبقات الشافعية الكبرى 1 / 153. وقال ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 169 : إنها مؤلفة من 41 بيتا وذكر تمام القصيدة. وكذا في حلية الابرار 2 / 50 ، وفي مجمع فنون الشعر ص 70 ط حجر 1335 : عدها 40 بيتا. المناسبة : لما حجّ هشام بن عبد الملك ، فلم يقدر على استلام الحجر من الزحام ، فنصب له منبر ، وجلس عليه ، وأطاف به أهل الشام. فبينما هو كذلك ، اذ أقبل علي بن الحسين علیه السلام وعليه ازار ورداء من أحسن الناس وجها وأطيبهم رائحة ، بين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز ، فجعل يطوف ، فاذا بلغ موضع الحجر تنحى الناس حتى يستلمه هيبة. فقال له شامي : من هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال : لا أعرفه!! لئلا يرغب فيه أهل الشام. فقال الفرزدق : أنا أعرفه ( وكان حاضرا ). فقال الشامي : من هو ، يا أبا الفراس؟ فأنشأ القصيدة التي مطلعها : يا سائلي أين حلّ الجود والكرم *** عندى بيان إذا طلاّبه قدموا هذا الذي تعرف البطحاء وطأته *** والبيت يعرفه والحلّ والحرم الى آخر الأبيات. فغضب هشام ومنع جائزته ، وقال : ألا قلت فينا مثلها ، فحبسه بعسفان ( بين مكة والمدينة ) فبلغ ذلك علي بن الحسين فبعث إليه باثني عشر ألف درهم ، وقال : اعذرنا يا أبا فراس. فلو كان عندنا أكثر من هذه لوصلناك به ، فردها ، وقال : يا بن رسول اللّه ما قلت هذا الذي قلت إلا غضبا لله ولرسوله ، وما كنت لأرزأ عليه شيئا ، فردها عليه. فقال له علي بن الحسين علیه السلام : بحقي عليك لما قبلتها ، فقد رأى اللّه مكانك وعلم نيتك ، فقبلها. فجعل فرزدق يهجو هشاما ، وهو في الحبس ، فكان مما جاء به قوله : أيحبسني بين المدينة والتي *** إليها قلوب الناس يهوى منيبها يقلب رأسا لم يكن رأس سيد *** وعينا له حولاء تبدو عيوبها فاخبر هشام بذلك فأطلقه. وفي رواية أبي بكر العلاف : أنه أخرجه الى البصرة.

فأنشأ يقول :

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته *** والبيت يعرفه والحلّ والحرم

هذا ابن خير عباد لله كلّهم *** هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلم

يكاد يمسكه عرفان راحته *** ركن الحطيم إذا [ ما جاء ] يستلم

يغضي حياء ويغضي من مهابته *** فلا يكلم إلاّ حين يبتسم

إذا رأته قريش قال قائلها *** الى مكارم هذا ينتهي الكرم

ص: 264

أيّ القبائل (1) ليست في رقابهم *** لأولية هذا أوله نعم

[ عليّ الأكبر ]

وكان للحسين علیه السلام ابنان ، يدعى كل واحد منهما عليا.

فالعامة تزعم أن المقتول منهما معه هو الاكبر (2).

وأهل العلم من [ أوليائهم ] وشيعتهم وغيرهم من علماء العامة [ العارفين ] بالأنساب والتواريخ يقولون : إن المقتول مع الحسين علیه السلام هو الاصغر وان الباقي منهما هو الأكبر ، وانه كان يوم قتل الحسين علیه السلام دنفا شديد العلة فذلك كان سبب بقائه. وقد تقدم ذكر ذلك.

ذكر محمد بن عمر الواقدي : أن علي بن الحسين ولد سنة ثلاث وثلاثين من الهجرة ، وقتل الحسين علیه السلام يوم عاشوراء سنة إحدى وستين ، وكان على هذا يوم قتل أبوه علیه السلام ابن ثمان وعشرون سنة.

وذكر غير الواقدي : أنه ولد في أيام عثمان ، فيما ذكر الواقدي وغيره ، قتل في ذي الحجة من سنة خمس وثلاثين ، وهذا قريب المعنى فيما تقدم ذكره.

وزعم عوام الناس : أنه كان يوم قتل أبوه طفلا ، وأن أباه أوصى به الى غيره ليعدلوا بالامامة عنه (3).

أما أهل العلم بالأخبار والأنساب والتواريخ منهم فقد قالوا مثل ما ذكرنا أنه كان رجلا ، وان زعموا أنه الأصغر.

ص: 265


1- وفي رواية اخرى : أيّ الخلائق ليست.
2- الاصابة لابن الحجر 3 / 412 ، البداية والنهاية لابن كثير 9 / 103 ، الاخبار الطوال للدينورى ص 254 ، لوائح الانوار للشعراني 1 / 23 ، المعارف لابن قتيبة ص 93 ، حياة الحيوان 1 / 169 ، الكامل لابن الأثير 4 / 30 ، الروض الانف 2 / 326 ، تاريخ الطبري 6 / 260 ، الفصول المهمة لابن الصباغ ص 469.
3- كتاب عبيد اللّه المهدي ص 80 وذكر الطبري في الذخائر : أنه كان صغيرا.

[1170] وروى الزبير البكاري (1) عن مصعب بن عبد اللّه ، أنه شهد علي بن الحسين الأصغر مع أبيه [ في ] كربلاء ، وهو ابن ثلاث وعشرين سنة (2) ، وكان مريضا ، وكان ابن أمّ ولد.

[ أمه ]

واختلفوا في أمه ، فقال بعضهم : كانت سندية.

وقال آخرون : تسمى جيدة.

وقال بعضهم : كانت تسمى سلامة (3).

وقال ابن الكلبي : ولّى علي بن أبي طالب علیه السلام الحريث بن جابر الحنفي جانبا من المشرق ، فبعث إليه ببنت يزدجرد شهرياران بن كسرى ، فأعطاها علي علیه السلام ابنه الحسين علیه السلام (4) فولدت منه عليا (5).

ص: 266


1- وهو الزبير بن بكار بن عبد اللّه بن مصعب بن ثابت بن عبد اللّه بن الزبير بن العوام. كنيته : أبو عبد اللّه المدني ، ولد بالمدينة سنة 172 ه وهو أحد النسابين المعروفين ، وكان شاعرا صدوقا راوية نبيل القدر ، ولي قضاء مكة ، توفي في مكة 256 ه ( رجال المامقاني 1 / 1. الاعلام 1 / 332 ).
2- غاية الاختصار لتاج الدين ابن زهرة المتوفى 753 ه ص 156.
3- قال ابن قتيبة في المعارف ص 94 : إن اسمها سندية ، ويقال لها : سلافة ، ويقال : غزالة. وفي مرآة الجنات لليافعي 1 / 190 هكذا. وفي النجوم الزاهرة لابن التغربردي 1 / 229 : أن اسمها سندية.
4- وفي الارشاد ص 139 : وكان أمير المؤمنين علیه السلام ولّى حريت بن جابر الحنفي جانبا من المشرق ، فبعث إليه بابنتي يزدجرد بن شهرياران بن كسرى ، فنحل ابنه الحسين شاه زنان منهما ، فأولدها الامام زين العابدين. وفي اصول الكافي 1 / 466 : إن اسمها شهربانويه بنت يزدجرد بن شهريار. وفي المناقب 4 / 176 : إن اسمها شهربانويه ، ويسمونها أيضا شاه زنان. وفي الفصول المهمة لابن الصباغ ص 199 : اسمها شاه زنان بنت كسرى. ولم يتعرض المؤلف الى اسمها في هذا النقل. ومعنى شاه زنان أي ملكة النساء وشهربانويه أي ملكة المدينة. وربما يعود اختلاف الروايات في تسميتها الى ما قيل إن أمير المؤمنين علیه السلام سألها يوما عن اسمها ، فقالت : شاه زنان. فقال علیه السلام : أنت شهربانويه. وأظن هذا التغير لاجل اختصاص الزهراء بذلك كما مرّ في ج 11 أن فاطمة هي سيدة نساء العالمين.
5- والى هذا يشير أبو الاسود الدؤلي : وان غلاما بين كسرى وهاشم *** لأكرم من نيطت عليه التمائم

وقال غيره : إن حريث بن جابر بعث الى أمير المؤمنين ببنتي يزدجرد بن شهرياران بن كسرى ، وأعطى واحدة منهما ابنه الحسين علیه السلام فأولدها علي بن الحسين ، وأعطى الاخرى محمد بن أبي بكر فأولدها قاسم بن محمد بن أبي بكر فهما ابنا خاله.

فهذا نقض الخبر الأول الذي فيه أن علي بن الحسين علیه السلام ولد في سنه ثلاث وثلاثين من الهجرة (1) في أيام عثمان ، وذلك قبل أن يصير ظاهر الامر الى علي علیه السلام .

والأول أثبت ، ويؤيد ذلك أن علي بن الحسين علیه السلام قد روى عن علي بن أبي طالب أخبارا حملت عنه منها :

[ ما يتبع الرجل بعد موته ]

[1171] ما رواه عن سعيد بن طريف ، أنه قال : حدثني علي بن الحسين علیه السلام ، أنه قال : سمعت علي بن أبي طالب علیه السلام يقول :

أيها الناس أتدرون ما يتبع الرجل بعد موته؟

فسكتوا.

فقال علیه السلام : يتبعه الولد ، يتركه فيدعو له بعد موته ويستغفره. ويتبعه الصدقة أوقفها في حياته ، فيتبعه أجرها بعد موته.

ويتبعه السنّة الصالحة يعمل بها ، فيعمل بها بعد موته فيتبعه أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقض من أجرهم شيئا.

[ موقفه الصمودي ]

[1172] وروي عن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أنه

ص: 267


1- دلائل الامامة للطبري ص 81 ، وبحار الانوار 11 / 4.

قال : قدم بنا على يزيد بن معاوية لعنه اللّه بعد ما قتل الحسين علیه السلام ونحن اثنا عشر غلاما ليس منا أحد إلا مجموعة يداه الى عنقه وفينا علي بن الحسين. فقال لنا يزيد : صيرتم أنفسكم عبيدا لأهل العراق ، ما علمت بمخرج أبي عبد اللّه حتى بلغني قتله.

( كذب عدوّ اللّه بل هو الذي جهز إليه الجيوش وقد ذكرت خبره فيما مضى ).

فتلا علي بن الحسين : ( ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ. لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ ) (1).

فأطرق مليا وجعل يعبث بلحيته وهو مغضب ثم قرأ ( ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ) (2). ثم قال : يا أهل الشام ما ترون في هؤلاء؟

فقال قائلهم : قد قتل (3) ولا تتخذ جروا من كلب سوء.

فقال النعمان بن بشير : انظر ما كنت ترى أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يفعله فيهم لو كان حيا ، فافعله.

فبكى يزيد ، فقالت فاطمة بنت الحسين علیه السلام : يا يزيد ما تقول في بنات رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سبايا عندك.

فاشتدّ بكاؤه حتى سمع ذلك نساؤه ، فبكين حتى سمع بكاؤهن من كان في مجلسه.

ص: 268


1- الحديد : 22 و 33.
2- الشورى : 30.
3- هكذا في الاصل.

وقيل : إن ذلك بعد أن أجلسهنّ في منزل لا يكنهنّ من برد ولا حر. فأقاموا فيه شهرا ونصف حتى اقشرت وجوههنّ من حرّ الشمس ، ثم أطلقهم.

[ دين الحسين علیه السلام ]

[1173] وروي عن جعفر بن محمد ، أنه قال : اصيب الحسين علیه السلام وعليه دين بضع وسبعون ألف دينار. قال : وكفّ يزيد عن أموال الحسين علیه السلام ، غير أن سعيد بن العاص هدم دار علي بن أبي طالب ودار عقيل ودار الرباب بنت امرئ القيس ، وكانت تحت الحسين ، وهي أم سكينة.

قال : واهتمّ أبي - علي بن الحسين علیه السلام - بدين أبيه هما شديدا حتى امتنع من الطعام والشراب والنوم في اكثر أيامه ولياليه.

فأتاه آت في المنام ، فقال له : لا تهتمّ بدين أبيك فقد قضاه اللّه بمال بجيش.

( فقال علي له : واللّه ما أعرف في أموال أبي مالا يقال له : بجيش ) (1).

فلما كان في الليلة الثانية رأى مثل ذلك ، فسأل عنه أهله.

فقالت له امرأة من أهله : كان لأبيك عبد رومي يقال له بجيش ، استنبط له عينا بذى خشب ، فسأل عن ذلك ، فأخبر به. وأن الحسين كان [ قد ] أعطى الرباب بنت امرئ القيس منها سقي يوم السبت وليلة السبت نحلة فورثت ذلك سكينه بنتها.

فما مضت بعد ذلك قلائل حتى أرسل الوليد بن عتبه بن أبي

ص: 269


1- قال ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 144 : بجنس. وفي سفينة البحار 1 / 477 : نحيس بالحاء المهملة.

سفيان الى علي بن الحسين علیه السلام يقول له : انه ذكرت لي عين أبيك بذي خشب تعرف بجيش ، فان أحببت بيعها ابتعتها منك.

قال له علي بن الحسين علیه السلام : خذها بدين الحسين علیه السلام ، وذكر له. قال : أخذتها.

واستثنى منها ما كان لسكينة. وأوفى دين الحسين علیه السلام .

[ دعاؤه على قاتل أبيه ]

وكان علي بن الحسين علیه السلام يدعو في كل يوم وليلة أن يريه اللّه قاتل أبيه مقتولا. فلما قتل المختار (1) قتلة الحسين علیه السلام بعث برأس عبيد اللّه بن زياد ورأس عمر بن سعد (2) مع رسول من قبله الى علي بن الحسين علیه السلام . وقال لرسوله : إنه يصلّي من الليل فإذا أصبح وصلّى الغداة هجع (3) ثم يقوم [ فيستاك ] ، يؤتى بغذائه ، فاذا أتيت بابه ، فاسأل عنه ، فاذا قيل لك إن المائدة وضعت بين يديه فاستأذن عليه وضع الرأسين على [ مائدته ] ، وقل له :

ص: 270


1- وهو المختار بن أبي عبيدة مسعود الثقفي ، كنيته : أبو إسحاق ، ولد في السنة الاولى للهجرة ، وهو من أهل الطائف. انتقل منها الى المدينة مع أبيه في زمن عمر ، وتوجه أبوه الى العراق ، فاستشهد بوم الجسر ، وبقى المختار في المدينة منقطعا الى بني هاشم وعمه سعد بن مسعود الثقفي أمير المدائن ، وسكن البصرة. ولما قتل الحسين علیه السلام قبض عليه ابن زياد أمير البصرة ونفاه بشفاعة عبد اللّه بن عمر ( زوج اخت المختار ) الى الطائف ، ولما مات يزيد بن معاوية رجع الى العراق ودخل الكوفة وقتل قتلة الحسين علیه السلام ، قاتله مصعب بن الزبير ، فقتله ( تاريخ الطبري 7 / 1. الحور العين ص 182 ، الكامل 3 / 404 ).
2- وهو عمر بن سعد بن أبي وقاص ، أرسله عبيد اللّه بن زياد على أربعة آلاف لقتال الديلم ، وكتب له عهده على الري. ثم لما علم ابن زياد بمسير الحسين علیه السلام من مكة الى الكوفة ، كتب الى عمر بن سعد أن يعود بمن معه فولاه قتال الحسين علیه السلام ، فاستعفاه أولا ، ثم أطاع فكانت الفاجعة بمقتل الحسين علیه السلام ، وعاش الى أن خرج المختار فقتل بيده ( طبقات ابن سعد 5 / 2. الكامل 4 / 31 ).
3- وفي المناقب 4 / 144 : نام.

المختار يقرئ عليك السلام ويقول لك : يا ابن رسول اللّه قد بلغك اللّه ثارك.

ففعل الرسول ذلك. فلما رأى علي بن الحسين رأسين على [ مائدته ] خرّ لله ساجدا ، وقال : الحمد لله الذي أجاب دعائي (1) وبلغني ثاري من قتلة أبي.

ودعا للمختار وجزاه خيرا (2).

[1174] وروي عن عبد اللّه بن موسى ، عن أبيه ، عن جده ، أنه قال : كانت أمي فاطمة بنت الحسين علیه السلام تأمرني أن أجلس الى خالي علي بن الحسين علیه السلام ، فما جلست إليه مجلسا قط إلا أفدت منه علما (3).

[ زهده علیه السلام ]

[1175] سعيد بن كلثوم ، قال : كنت عند أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام فذكر علي بن أبي طالب علیه السلام فقال : واللّه ما أكل من الدنيا حراما قط حتى مضى لسبيله ، وما عرض عليه أمران هما رضاء اللّه إلا أخذ بأشدها عليه في دينه ، [ وما نزلت ] برسول اللّه صلی اللّه علیه و آله نازلة [ قط ] إلا ودعاه يقدمه أمامه لها ثقة به ، وما أطاق عمل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من هذه الامة غيره ، وأنه كان ليعمل عمل رجل كان وجهه بين الجنة والنار يرجو ثواب هذه ويخاف عقاب هذه.

ص: 271


1- وفي المناقب أيضا : دعوتي.
2- وعن الامام الباقر علیه السلام : لا تسبوا المختار ، فانه قتل قتلتنا وطلب ثارنا وزوّج أراملنا وقسّم فيئنا ( بحار الانوار 10 / 283 ). قالت فاطمة بنت أمير المؤمنين علیه السلام : ما تحنأت امرأة منا ولا أجالت في عينها مرودا ، ولا امتشطت حتى بعث المختار برأس عبيد اللّه بن زياد. قال الكشي في رجاله ص 115 : وصفوة القول في شأن المختار : كان رجلا صادقا في أخذه لثار الحسين علیه السلام .
3- وفي بحار الانوار 46 / 73 : فما جلست إليه قط إلا قمت بخير قد أفدته إما خشية لله تحدث لله في قلبي لما أرى من خشيته لله ، أو علم استفدته منه.

ولقد أعتق من ماله ألف مملوك ابتغاء وجه اللّه ، والنجاة من النار مما كدّ فيه بيده ورشح فيه جبينه ، وأنه كان ليقوت بالخل والزبيب والعجوة ، وما كان لباسه إلا الكرابيس ، إذا فصل شيء من يده من كمه قطعه بالجلم ، وما أشبهه من أهل بيته أحد ، وان كان أقرب القوم شبها في أحواله وأفعاله علي بن الحسين علیه السلام .

[ عبادته علیه السلام ]

[1176] وجاء عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه دخل على أبيه علي بن الحسين علیه السلام فرآه في حال رق له بها ، لما بلغت به العبادة ، وقد اصفرّ لونه من السهر والصيام ورمضت عيناه من البكاء ودثرت [ جبهته ] وانخرم [ أنفه ] من السجود ، وورم كفاه وقدماه من القيام فلم يملك أن بكى رحمة له.

قال : فعلم أني بكيت لما رأيت منه. فقال : يا بني أعطني بعض الصحف التي فيها ذكر عبادة علي علیه السلام . فأعطيته منها صحيفة ، فنظر في شيء منها ، ثم وضعها بين يديه ، وقال : ومن يقوى على عبادة علي. ثم لم يمت حتى عمل بعمل علي علیه السلام .

[1177] وعن أبي جعفر علیه السلام ، أنه قال : كان علي بن الحسين علیه السلام يصلّي في كل يوم وليلة ألف ركعة وان كانت الريح لتميله اذا هو قائم في الصلاة كما تميل السنبلة.

[1178] وعن سفيان بن عيينة ، أنه قال : ما رؤي علي بن الحسين علیه السلام جائرا بيده فحدثه فهو يمشى زاره (1).

[1179] وروي عن زرارة بن أعين ، أنه قال : كانت لعلي بن الحسين

ص: 272


1- وفي بحار الانوار 46 / 93 : جائزا بيديه فخذيه وهو يمشي.

علیه السلام ناقة ، حج عليها أربعا وعشرين حجة ما أقرعها قرعة قط.

[1180] إبراهيم بن علي الواقفي (1) ، عن أبيه ، قال : حججت مع علي بن الحسين علیه السلام يوما وهو على ناقة له ، فالتاثت عليه ، فرفع القضيب ، فأشار عليها به ، وقال : لو لا خوف القصاص لفعلت.

[1181] ومرّ علي بن الحسين علیه السلام يوما على سعيد بن المسيب وعنده رجل [ قرشي ] فقال له : من هذا؟

فقال ابن المسيب. هذا سيد العابدين علي بن الحسين.

[1182] أبو حمزة اليماني ، قال : سمعت علي بن الحسين يقول : ما احب أن لي بنصيبي من الدنيا حمر النعم. وما تجرعت جرعة هي أحب إليّ من جرعة غيظ لا اكاف عليها صاحبها.

[ الإنفاق في سبيل اللّه ]

[1183] وروي عن جعفر بن محمد ، أنه قال : كان علي بن الحسين علیه السلام يعجبه العنب ، فدخل منه الى المدينة شيء حسن ، فاشترت منه أمّ ولده شيئا ، وأتت به عند افطاره ، فأعجبه ، فمن قبل أن يمدّ يده إليه وقف بالباب سائل ، فقال لها : احمليه إليه ، فقالت : يا مولاي بعضه يكفيه ، قال : لا. وأرسله إليه كله. واشترت له من غد ، وأتت به إليه فوقف السائل ، ففعل مثل ذلك [ فأرسله إليه ]. واشترت له في الليلة الثالثة ، ولم يأت السائل ، فأكل ، وقال : ما فاتنا عنه شيء والحمد اللّه.

[ مسرف يهدّد السجاد ]

[1184] وانتهى الى علي بن الحسين علیه السلام : أن مسرفا استعمل على

ص: 273


1- هكذا في الاصل ، وقد أورد المفيد في الارشاد : الرافعي. وفي نسخة ز : الواثقي.

المدينة وأنه يتواعده بسوء وكان يقول علیه السلام : لم أر مثل التقدم في الدعاء له لأن العبد [ ليس يحضره ] الاجابة في كل [ وقت ] فجعل يكثر من الدعاء لما اتصل به عن مسرف.

وكان من دعائه : ربّ كم من نعمة أنعمت بها عليّ قلّ لك عندها شكري ، وكم من بلية ابتليتني بها قلّ لك عندها صبري ، فكم من معصية أتيتها فسترتها عليّ ولم تفضحني. يا من قلّ له عند نعمته شكري ، فلم يحرمني ، [ و ] يا من قلّ له عند بليته صبري فلم يخذلني ، ويا من رآني على المعاصي فلم يفضحني. يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا ، [ و ] يا ذا النعم التي لا تحصى عددا ، صلّ على محمد وعلى آل محمد وبك أدفع نحره وبك أستعيذ من شره.

فلما قدم مسرف الى المدينة أرسل الى علي بن الحسين وعنده مروان بن الحكم ، وقد علم ما ذكره من وعيده ، فجعل يغريه به ، فلما دخل عليه ، قام إليه ، فاعتنقه وقبّل رأسه ، وأجلسه الى جانبه ، وأقبل عليه بوجهه ليسأله عن حاله وأحوال أهله ، فلما رأى ذلك مروان جعل يثني على علي بن الحسين علیه السلام ويذكر فضله.

فقال مسرف : دعني عن كلامك ، فاني إنما فعلت ما فعلت من بره واكرامه وقضاء حوائجه ما قد أمرني به أمير المؤمنين.

ثم قال لعلي بن الحسين علیه السلام : إنما جعلت الاجتماع معك لما سبق إليك عني لأن لا تستوحش مني ، وأنا احب الاجتماع معك والانس بك ، والتبرك بقربك ، والنظر فيما تحب من صلتك وبرك وأنا على ذلك ، لكني أخاف أن يستوحش أهلك إن طال عندي مقامك ، فانصرف إليهم ليسكنوا ويعلموا ويعلم الناس مالك عند أمير المؤمنين وعندي من الجميل.

ثم قال : قدّموا دابته.

ص: 274

قالوا : ماله دابة.

قال مسرف : قدّموا له دابتي.

فقدّموها له بين يديه ، وعزم عليه أن يركبها ، فركب ، وانصرف الى أهله ، وهم والناس ينظرون ما يكون منه فيه.

[ وفاته ]

توفي علي بن الحسين علیه السلام بالمدينة أول سنة أربع وتسعين (1) ، وكان يكنى : أبا الحسين (2).

[1185] وغسله أبو جعفر ابنه محمد بن علي ، فلما أراد أن يغسل فرجه ، قال : لقد كنت أجلّك عن أمسّ فرجك حيا ، وأنت ميتا كما كنت حيا فما كنت لأمس عورتك. ودعا بام ولد له فتولت غسل عورته.

ودفن في البقيع.

وضربت امرأته على قبره فسطاط ( فلما كان العشي جاءت ناقة له فوضعت جرانها على الفسطاط ) وجعلت تحن.

فقال أبو جعفر علیه السلام لبعض مواليه : نحّها لأن لا يرى الناس. فأخذ بمشفرها ونحاها عن الفسطاط.

وتوفي علي بن الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة.

[ ضبط الغريب ]

الجران : مقدم العنق من مذبح البعير الى منحره ، فاذا برك البعير ومدّ عنقه على الارض قيل ألقى بجرانه على الارض.

مشفر البعير : شفته السفلى المتدلية.

ص: 275


1- وفي الارشاد واصول الكافي 1 / 469 : قبض في سنة خمس وتسعين وله سبع وخمسون سنة.
2- وفي نسخة ز : أبا الحسن.

الامام محمد الباقر عليه السلام

اشارة

وأما أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين علیه السلام كانت أمه أمّ عبد اللّه [ فاطمة ] بنت [ الحسن ] بن علي بن أبي طالب. وقيل إنه أول من اجتمعت له ولادة الحسن والحسين.

[1186] وروى يحيى بن الحسن ، عن أبي برة قال : حدثنا عبد اللّه بن ميمون القداح ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي علیه السلام قال : دخلت على جابر بن عبد اللّه الانصاري ، وقد كفّ بصره ، فسلّمت عليه ، فردّ عليّ السلام ، وقال : من أنت؟ قلت : محمد بن علي بن الحسين علیه السلام ، فقال لي : بأبي وامّي ادن مني. فقبّل يدي ثم أهوى الى رجلي ليقبّلهما ، فاجتذبتهما. ثم قال : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقرئك السلام. فقلت : على رسول اللّه السلام ورحمة اللّه وبركاته ، وقلت له : وكيف ذلك يا جابر؟ قال : كنت ذات يوم ، فقال لي : يا جابر ستلقى بعدي محمد بن علي بن الحسين من ولدي ، وهو رجل يهب اللّه له النور والحكمة ، فأقرته مني السلام.

وحديث جابر هذا مع محمد بن علي علیه السلام حديث مشهور معروف يرويه عند الخاص والعام ، رواه فقهاء أهل المدينة وأهل العراق من العامة ،

ص: 276

ويؤثر عن كبرائهم ، يرويه أبو حنيفة ومالك والشافعي وغيرهم.

ومنه أخذوا ذكر حجة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لان أبا جعفر محمد بن علي علیه السلام سأل عنها جابر بن عبد اللّه الانصاري في هذا المجلس لانه شهدها مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وأخبره بها شيئا فشيئا مذ خرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من المدينة الى قضاء الحج ، وهو أتم حديث جاء في ذلك يروي عن أبي جعفر [ محمد ] بن علي علیه السلام .

وكان أفقه أهل زمانه ، وأخذ عنه ظاهر علم الحلال والحرام أهل الفقه من الخواص والعوام (1). وسمي باقر العلوم لانه أول من يقرأ عنه من الائمة من آل محمد صلی اللّه علیه و آله ، فأظهره ، وذلك لانه وجد من الزمان لينا من بني أميّة لقرب انقطاع أيامهم ولشغل من بقي منهم بلهوهم وآثامهم (2).

[1187] وروي عن عبد الرحمن بن صالح الازدي ، عن ابي مالك الحسني ، عن عبد اللّه بن العطاء المكي ، قال : ما رأيت العلماء عند أحد قط أصغر منهم عند أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين لتواضعهم

ص: 277


1- قال محمد بن مسلم : سألت الباقر علیه السلام عن ثلاثين الف حديث ( المناقب 4 / 195 ).
2- وقد أشار المؤلف الى هذا في ارجوزته : أظهر ما رواه عن آبائه *** من جملة الفقه على استوائه وحدّث الناس بما كان سمع *** من ظاهر الحديث عنهم فاتبع واحتاج للذي روى كل أحد *** فأقبلوا إليه من كل بلد وضرب الناس من الآفاق *** إليه في الركب وفي الرفاق ودخلوا في جملة الوفود *** وعدد الجماعة العديد الى أن يقول : ووجدت شيعته بعض الفرج *** وزال عنها كل أسباب الحرج وكان ذاك من ولي النعمة *** حياطة لدينه ورحمة ولو تمادت شدة البلية *** لا نقطع الدين على الكلية واللّه ذو النعمة والآلاء *** يمتحن العباد بالبلاء ( الارجوزة المختارة ص 188 )

له ولمعرفتهم لحقّه ولعلمه واقتباسهم منه. ولقد رأيت الحكم بن عيينة على حالته في الناس وسنّه وهو بين يديه يتعلم منه ، ويأخذ منه كالصبي بين يدي المعلم.

[ الخضر مع الامام الباقر ]

[1188] وروي عن جعفر بن محمد بن علي ، أنه قال : حججت مع أبي محمد بن علي ، فبينا هو يصلّي من الليل في الحجر في ليالي العشر ، وأنا خلفه إذ جاء رجل أبيض الرأس واللحية جليل العظام بعيد ما بين المنكبين عريض الصدر عليه ثوبان غليظان أبيضان في هيئة المحرم ، فجلس الى جانبه فكأنه ظن أنه يريد حاجة ، فخفف الصلاة ، فلما سلّم أقبل إليه بوجهه ، فقال له الرجل : يا أبا جعفر أخبرني عن بدء خلق هذا البيت كيف كان؟

فقال أبو جعفر علیه السلام : ممن أنت؟

فقال له الرجل : من أهل الشام.

فقال له علیه السلام : إن أحاديثنا إذا اسقطت الى الشام جاءتنا صحاحا ، واذا اسقطت الى العراق جاءتنا وقد زيد فيها ونقص. ( يعني أن شيعتهم بالعراق كثيرا بأخذ ذلك بعضهم من بعض ، فيقع من ذلك الزيادة والنقصان بين النقلة ، وهم بالشام قليل ، فاذا سقط الحديث الى من يسقط إليه بقي على حاله ).

قال : ثم أقبل عليه فقال : بدء خلق هذا البيت ، إن اللّه تعالى لما قال للملائكة ( إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) (1).

فردّوا عليه بقولهم : ( أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ

ص: 278


1- البقرة : 30.

الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ) .

وقالوا بأنفسهم : نحن الحافّون بعرشه والمسبّحون بحمده ، فيستخلف غيرنا ، ونحن أقرب إليه.

قال اللّه عزّ وجلّ : ( إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ ) . ( وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ». ) فعلموا أنهم قد وقعوا في الخطيئة ، فعاذوا بالعرش ، فطافوا سبعة أشواط ليسترضوا ربهم عزّ وجلّ ، فرضي عنهم.

وقال لهم : اهبطوا الى الارض فابنوا لي بيتا يلوذ به من أذنب من عبادي ، ويطوف حوله كما طفتم أنتم حول عرشي ، فأرضى عنهم كما رضيت عنكم.

فبنوا هذا البيت ، فهذا يا عبد اللّه بدء هذا البيت.

قال له الرجل : صدقت يا أبا جعفر ، فما بدء هذا الحجر؟

قال علیه السلام : إن اللّه عزّ وجلّ لما أخذ ميثاق بني آدم أجرى نهرا أحلى من العسل ، وألين من الزبد ، ثم أمر القلم [ فاستمدّ ] من ذلك النهر وكتب اقرارهم ، وما هو كائن الى يوم القيامة ثم ألقم الكتاب هذا الحجر. فهذا الاستلام الذي ترى إنما هو بيعة على إقرارهم.

قال جعفر بن محمد علیه السلام : وكان أبي إذا استلم الركن قال : « اللّهمّ أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته ليشهد لي عندك بالوفاء ».

فقال له الرجل : صدقت يا أبا جعفر. ثم قام ، فلما ولى [ قال لي ] أبي : اردده عليّ. فخرجت وراءه وأنا وراءه الى أن حال الزحام بيني وبينه حتى الى الصفا ، فعدت الى الصفا ، فلم أره.

( فذهبت الى المروة فلم أره ، فجئت الى أبي ، فأخبرته. قال [ أبي ] : إني أراه الخضر علیه السلام ).

ص: 279

فهذا يؤثر عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام على ظاهر القول فيه وتحته من سرّ الحكمة في الباطن ما هو جوهره ولبابه وسرّ الحكمة فيه.

[ مع هشام بن عبد الملك ]

[1189] ويروى عن الزهري ، أنه قال : حج هشام بن عبد الملك ، فدخل المسجد الحرام معتمدا على يد سالم مولاه ، ورأى محمد بن علي جالسا في المسجد والناس حوله يسألونه.

فقال له سالم : يا أمير المؤمنين هذا محمد بن علي بن الحسين علیه السلام .

قال له هشام : المفتون به أهل العراق؟

قال : نعم.

قال [ هشام ] : اذهب إليه ، وقل له يقول لك أمير المؤمنين : ما الذي يأكل الناس يوم القيامة ويشربون الى أن يفصل بينهم.

فجاء إليه فذكر له ذلك.

فقال له أبو جعفر : إن اللّه عزّ وجلّ يقول : ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ ) (1). فيحشر الناس يوم القيامة على الارض. وتكون لهم الخبزة النقية يأكلون منها [ وأنهار متفجرة يشربون منها ] الى أن يفرغ من حسابهم.

فانصرف سالم الى هشام ، فأخبره بجوابه ، فرأى هشام أنه ظفر به.

فقال : اللّه اكبر ، ارجع إليه ، فقل له : ما شغلهم عن الأكل والشراب يومئذ ما هم فيه من هول يوم القيامة.

فرجع إليه فقال له ذلك.

ص: 280


1- ابراهيم : 48.

فقال له أبو جعفر علیه السلام : هم في النار أهول من ذلك وما شغلهم ما هم فيه أبدا عن أن قالوا لأهل الجنة : ( أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ ) (1). وأكلوا الضريع (2) والزقوم (3) وشربوا الصديد (4) والحميم (5).

فرجع الى هشام ، فأخبره ، فأفحم ، فلم يحر جوابا.

[1190] قيس بن ربيع ، قال : سألت أبا اسحاق [ السبيعي ] عن المسح ( يعني : على الخفين ) ، فقال : أدركت الناس يسحبون حتى لقيت محمد بن على بن الحسين وما رأيت مثله. فسألته عن المسح ، فنهاني عنه ، وقال : لم يكن علي علیه السلام يمسح [ عليها ] ، [ وكان يقول ] (6) :

وسبق [ الكتاب ] الكعبان الخفين ( يعني قول اللّه عزّ وجلّ ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) (7) ) قال أبو اسحاق : فما مسحت مذ نهاني.

قال قيس : فما مسحت مذ سمعت هذا من أبي اسحاق.

[1191] الزبير [ بن ] أبي بكر ، قال : كان محمد بن علي بن الحسين يدعى باقر العلم لأهل التقى ، وله يقول القرضي (8) شعرا :

ص: 281


1- الاعراف : 50.
2- الغاشية : 6.
3- الواقعة : 52.
4- ابراهيم : 16.
5- يونس : 4.
6- هكذا صححناه وفي الاصل : قال علي علیه السلام .
7- المائدة : 6.
8- هكذا في الاصل ، وفي نسخة ز : القويطي ، وفي المناقب 4 / 197 : القرطي ، وفي الارشاد القرطبي.

يا باقر العلم لأهل التقى *** وخير من أبى على الأجبل

قال الزبير : وقال مالك بن أعين [ الجهني ] في محمد بن علي بن الحسين شعرا :

إذا طلب الناس علم القرآن *** كانت قريش عليه عيالا

وان قيل هذا (1) ابن بنت النبي *** رأيت (2) لذلك فرغا طوالا

نجوم تهلل للمد لجي *** ن جبال تورث علما جبالا (3)

[ أردت أن أعظه فوعظني ]

[1192] وكان محمد بن المنكدر ، يقول : ما كنت أظن أني أرى مثل علي بن الحسين علیه السلام حتى رأيت ابنه محمد بن علي علیه السلام ، ولقد أردت مرة أن أعظه فوعظني.

فقيل له : وكيف ذلك؟

قال : خرجت الى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيني أبو جعفر علیه السلام ، وكان رجلا بدينا ثقيل الجسم وهو معتمد على غلامين له أسودين. فقلت في نفسي : شيخ من شيوخ قريش في هذه الساعة على هذه الحالة في طلب الدنيا ، لأعظه. فدنوت منه ، فسلّمت عليه ، ورأيته قد [ تصبب ] عرقا.

فقلت : أصلحك اللّه شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحالة في طلب الدنيا ، أرأيت لو جاءك الموت وأنت على هذه

ص: 282


1- وفي الارشاد : قيل قلت أين.
2- وفي الارشاد أيضا : ابن لذلك.
3- ونقلها ابن المهنا في عمدة الطالب ص 195 بهذه الصورة : إذا طلب الناس علم القرآن *** كانت قريش عليه عيالا وان قيل هذا ابن بنت النبي *** نال بذاك فروعا طوالا نجوم تهلل للمد لجي *** ن جبالا تورث علما جيالا

الحال في طلب الدنيا.

قال : فخلا الغلامين من يده ، ثم تساند الى الحائط ، فقال :

لو جاءني [ واللّه ] الموت وأنا على هذه الحال جاءني وأنا على طاعة من طاعة اللّه عزّ وجلّ ، اكفّ بها نفسي وأهلي عن الناس ، وانما كنت أخاف الموت لو جاءني وأنا على معصية من معاصي اللّه.

قلت : رحمك اللّه أردت أن أعظك فوعظتني.

[1193] وقيل : إن أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين علیه السلام كان يحبو قوما يغشون مجلسه الخمسمائة الى الالف [ درهم ] كل رجل منهم ، وكان يحب مجالستهم ولا يملّهم ، منهم : عمرو بن دينار ، وعبد اللّه بن عبيدة بن عميرة.

قال سفيان : وكان يحمل الصلة والكسوة ويقول : هنيئا لكم من أول السنة.

[ هكذا الاخوّة ]

[1194] الحسن بن كثير ، قال : جلست الى جعفر بن محمد بن علي بن الحسين علیهم السلام ، فسألني عن حالي ، فشكوت إليه تخلل المال وجفاء الاخوان.

فقال : ليس الأخ أخا يرعاك غنيا ويقطعك فقيرا. ثم أمر الى غلام كان بين يديه كلام. فأخرج كيسا ، فدفعه إليّ ، وقال : استعن بهذا ، وإذا نفذ فأعلمني. فوجدت فيه سبعمائة درهم.

[1195] الحسن بن صالح ، قال : سمعت أبا جعفر يقول : ما شيب شيء بشيء أحسن من حلم بعلم (1).

ص: 283


1- يشير الامام علیه السلام الى النتيجة الطيبة التي تستحصل من خلط وشيب الحلم بالعلم. وقد نقل والد الشيخ البهائي في كتابه نور الحقيقة ص 212 : أنه قيل للاسكندر : إن فلانا وفلانا ينتقصانك ويثلبانك فلو عاقبتهما. فقال : هما بعد العقوبة أعذر في نقصي وثلبي.

[ مع أبي هاشم ]

[1196] عبد اللّه بن الحسين ، قال : وقف أبو هاشم عبد اللّه بن محمد بن الحنفية (1) على أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين علیه السلام ، وهو في المسجد وحوله جماعة من الناس قد اختلفوا يأثرون عنه ويستفتونه ، فحسده أبو هاشم ، فشتمه وشتم أباه ، وقال : تدعون وصية رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالأباطيل وهي لنا دونكم.

فأقبل عليه أبو جعفر غير مكترث ، فقال : قل ما بدا لك ، أنا ابن فاطمة وأنت ابن الحنفية ، فوثب الناس على أبي هاشم يرمونه بالحصاة ويضربونه بالنعال حتى أخرجوه من المسجد.

[ مع زيد بن علي ]

ولمّا نظر زيد بن علي بن الحسين الى اقبال الناس على أخيه محمد

ص: 284


1- ذكر اسمه في كتاب منتقلة الطالبيين المخطوط بمكتبة أمير المؤمنين العامة في النجف الاشرف ص 42 ، وقال : حبسه الوليد بن عبد الملك في شيء كان بينه وبين زيد بن الحسن ، وأراد قتله ، فوفد عليه علي بن الحسين ، وسأله في اطلاقه ، فأطلقه ، وقتله سليمان بن عبد الملك سقاه السم ، فمات بالحمية والبلق من أرض الشام. وقال عبد القاهر البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق ص 309 : إنه من شيوخ واصل بن عطاء. وقال السيد الخوئي في رجاله 10 / 321 : قال السيد ابن المهنا في عمدة الطالب ( الفصل الثالث من الاصل الثالث في عقب محمد بن الحنفية ) : فأما أبو هاشم المعروف بعبد اللّه الاكبر إمام الكيسانية ، وعنه انتقلت البيعة الى بني العباس. وعن ابن شهرآشوب في المناقب : إن أبا هاشم هذا كان ثقة جليلا من العلماء. روى عنه الزهري وأثنى عليه ، وعمرو بن دينار وغيرهما مات سنة تسع أو ثمان وتسعين. أقول ( والكلام للامام الخوئي دام ظله ) : لم نجد هذا في المناقب واللّه العالم.

بن علي ( وعلو ذكره فيهم حسده ) وقال له : مالك لا تقوم وتدعو الناس الى القيام معك؟ فأعرض عنه وقال علیه السلام له : لهذا وقت لا نتعداه. فدعا الى نفسه ، وقال له : انما الامام منا من أظهر سيفه ، وقام يطلب حق آل محمد لا من أرخى عليه سترا وجلس في بيته. وأوهم الشيعة أنه انما قام بأمر أخيه ، فأجابه جماعة منهم ، وأظهر نفسه.

فقال أبو جعفر : يا زيد إن مثل القائم من أهل هذا البيت قبل قيام مهديهم مثل فرخ نهض من عشه من قبل أن يستوي جناحاه ، فاذا فعل ذلك سقط فأخذه الصبيان يتلاعبون به (1) ، فاتق اللّه في نفسك أن لا تكون غدا المصلوب بالكناسة. فلم يلتفت الى قوله ، فأظهر البراءة منه ، فلما أحسّ الشيعة ، توقف كثير من كان انتدب للقيام معه.

[1197] وجاء بعضهم (2) ، فقال له : هذا الذي تدعونا إليه عندك فيه

ص: 285


1- وفي اصول الكافي 8 / 264 ، عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي بن رفعة ... الخبر ، وذكر قسما من الخبر ابن شهرآشوب في المناقب 1 / 188 و 260. أقول : إن هذا لا يفيدنا وقفة في زيد بعد انقطاع الخبر عن الاسناد ومن المحتمل أن الامام عليه السلام لم يكن بصدد بيان حرمة الخروج وانما هو بصدد تعريف زيد بخفايا الحوادث وما قدره اللّه تعالى وانقضاء دولة الباطل حيث جعل لها حدا محدودا وأمدا تنتهي إليه أسرار منها امتحان الخلق ، واختبار مقدار دولة الباطل حيث جعل لها حدا محدودا وأمدا تنتهي إليه أسرار منها امتحان الخلق ، واختبار مقدار طاعتهم له ، فما لم يبلغ الكتاب أجله لا تزول تلك الدولة الغاشمة ، ولا ينتصر حزب اللّه إلا بعد تكامل جميع العوامل المؤثرة في الانتصار. فعليه يكون كلامه عليه السلام جاريا مجرى الشفقة على تلك النفس الطاهرة من أن تنالها يد السوء والعدوان. فالمراد من قوله عليه السلام « فاتق اللّه في نفسك أن لا تكون غدا المصلوب بالكناسة » بيان الخوف من القتل ، فيذهب ذلك الدم الزاكي ضياعا. وهذا نظير ما جاء في بعض الأخبار من قول الباقر عليه السلام حين استشاره زيد على الخروج ، فقال : لا تفعل أن تكون المقتول والمصلوب على ظهر الكوفة. فان النهي فيه للشفقة. وبعبارة اخرى هو نهي إرشادي لا نهي تحريمي ( بعنوان أنه حكم تكليفي ) وبهذا يتضح أن تهجم المؤلف على زيد رحمة اللّه عليه في غير مورده.
2- قال أبو مالك الأحمسي : إنه صاحب الطاق وهو محمد بن النعمان بن أبي طريقة الملقب بأبي جعفر الاحول.

عهد من أبيك أو من وصية أوصى بها إليك؟

قال [ زيد ] : لا.

فقال : فإن أخاك أبا جعفر يذكر إن أباه عهد إليه عهده ، وأوصى إليه وعرفنا من أشهده علينا من ثقات أوليائه.

قال [ زيد ] : معاذ اللّه فلو كان ذلك لأطلعني عليه ، واللّه لقد كان ربما ينفض المخ من العظام ليطعمني اياه ، فما يضعه في فمي حتى يبرده ، فهو يتوقى عليّ من حرارة المخ ولا يتوقى عليّ من حرارة النار! ويطلع غيري على ذلك ويستره عني!

قال الرجل : نعم قد يكون ذلك ، وهذا كتاب اللّه يشهد به.

قال : وأين هذا من كتاب اللّه؟

قال : فيما حكاه اللّه تعالى عن يعقوب عن قوله ليوسف لما أخبره بما رآه وأعلمه أن الامر يصير إليه. فقال له : ( يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) (1) وأمره بكتمانه عنهم ، وأخبره بما يصير إليه من الامر ( وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ ) (2) ولم يطلع اخوته على ذلك.

فافحم ولم يحر جوابا (3).

ص: 286


1- يوسف : 5.
2- يوسف : 6.
3- ذكر السيد علي بن الحسين بن شد قم ص 74 : قال الحافظ علي بن محمد بن علي الخزاز القمي في كفاية الاثر : كان زيد بن علي علیه السلام معروفا بالستر والصلاح مشهورا عند الخاص والعام وهو بالمحل الشريف الجليل ، وكان خروجه على سبيل الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا على سبيل المخالفة لابن أخيه ( جعفر بن محمد ) ، وإنما وقع الخلاف من جهة الناس ، وذلك أن زيد بن علي علیه السلام لماخرج ولم يخرج جعفر بن محمد توهم قوم من الشيعة أن امتناع جعفر كان للمخالفة ، وإنما كان ضربا من التدبير. وقالوا : ليس الامام من جلس في بيته وأغلق بابه وأرخى عليه ستره ، وإنما الامام من خرج بسيفه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، فهذا سبب وقوع الخلاف بين الشيعة. وأما جعفر وزيد فما كان خلاف بينهما. والدليل على صحة قولنا قول زيد بن علي عليه السلام : من أراد الجهاد فاليّ ، ومن أراد العلم فالى ابن أخي جعفر بن محمد. فلو ادعى الامامة لنفسه لم ينف كمال العلم عن نفسه إذ الامام أعلم من الرعية. ومن المشهور قول جعفر عليه السلام : رحم اللّه عمي زيدا لو ظفر لوفى إنما دعا الى الرضا من آل محمد صلى اللّه عليه وآله وأنا الرضا. أقول : فلو فرضنا صحة الروايتين التي نقلهما المؤلف في شأن زيد عليه السلام ، وأغمضنا العين عن الاشكالات السابقة فإنها معارضة مع الروايات الصحيحة المستفيضة التي تدل على صحة سلوكه وعلو مقامه وعظيم قدره ، منها : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله للحسين عليه السلام : يخرج رجل من صلبك يقال له زيد يتخطى هو وأصحابه يوم القيامة رقاب الناس غرا محجلين يدخلون الجنة بغير حساب. وعن أنس بن مالك ، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : يقتل رجل من ولدي يقال له زيد : بموضع يعرف الكناسة يدعو الى الحق ويتبعه كل مؤمن. وقال الكشي في رجاله في ترجمة الحميري : عن فضيل الرسان ، قال : دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام بعد ما قتل زيد بن علي عليه السلام فادخلت بيتا في جوف بيت ، وقال لي : يا فضيل قتل عمي زيد بن علي؟ قلت : نعم ، جعلت فداك. فقال : رحمه اللّه أما أنه كان مؤمنا وكان عارفا وكان عالما وكان صدوقا. أما أنه لو ظفر لوفى ، أما أنه لو ملك لعرف كيف يصنعها. قال الامام الصادق عليه السلام : لا تقولوا خرج زيد ، فان زيدا كان عالما ( اصول الكافي 8 / 264 ).

وسمع ذلك من بقي معه ممن كان أجابه ، فافترقوا عنه ، فظفر به هشام بن عبد الملك ، فقتله ، وصلبه على كناسة الكوفة ، وأحرقه بالنار. فكان كما حذره أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين علیه السلام ، وكما وصف له بالفرخ نهض عن عشه من قبل أن يستوي جناحاه ، فأخذه الصبيان يتلاعبون به.

ص: 287

[ وفاته ]

واختلف في سنة وفاته ، فقال الواقدي : توفي أبو جعفر محمد بن علي بالمدينة سنة تسع عشر ومائة ، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة.

وقال سفيان بن عيينة : سمعت جعفر بن محمد علیه السلام يقول : سمعت أبي علیه السلام يقول لعمتي فاطمة بنت الحسين علیه السلام وقد كلّمته في شيء : لي ثمان وخمسون سنة ، وتوفي [ تلك ] السنة.

وقال مصعب بن عبد اللّه : توفي أبو جعفر محمد بن علي في المدينة سنة أربع عشر ومائة.

قال الزبير : قال لي محمد بن الحسين بن زوالة : توفي محمد بن علي بن الحسين علیه السلام في آخر أيام هشام في سنة أربع وعشرين ومائة. وتوفي هشام سنة خمسة وعشرين ومائة ، وكانت ولايته سنة غير شهر واحد ، واللّه أعلم.

تمّ الجزء الثالث عشر من كتاب شرح الأخبار في فضائل الائمة الاطهار سلام اللّه عليهم ، وحسبنا اللّه ونعم الوكيل ، من تأليف سيّدنا الأجل القاضي النعمان بن محمد بن منصور قدّس اللّه روحه بحقّ سيدنا محمّد وآله أجمعين.

ص: 288

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام

للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي

المتوفي سنة 363 ه. ق

الجزء الرابع عشر

ص: 289

ص: 290

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الامام الصادق عليه السلام

اشارة

أما جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب علیهم السلام فهو وصيّ أبيه محمد بن علي علیه السلام ، وإليه صار الأمر من بعده ، وبه كان يكنى : أبو جعفر.

وكان جعفر يكنى : أبو عبد اللّه.

وكان أعلم أهل زمانه ، وعنه تفرع العلم بالحلال والحرام في الخاص والعام. ومن رواه (1) عنه من الكبراء المذكورين بالفقه من العامة : أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي (2) ، ومالك بن أنس المدني (3) ، وسفيان الثوري ، وشيبة بن عيينة (4) ، والحسن بن صالح (5) ، وأيوب السختياني (6) ، وعمرو بن

ص: 291


1- أي روى العلم عنه.
2- التيمي الكوفي ، امام الحنفية أحد الائمة الاربعة عند أهل السنّة أصله من فارس ولد سنة 80 ه ونشأ بالكوفة وتوفي سنة 150 ه ودفن ببغداد.
3- قال مالك : ما رأت عين ولا سمعت اذن ولا خطر على قلب بشر ، أفضل من جعفر الصادق فضلا وعلما وعبادة وورعا. وهو أبو عبد اللّه مالك بن أنس بن مالك الاصبحي الحميري امام دار الهجرة وأحد الائمة الاربعة عند أهل السنّة وإليه تنسب المالكية ولد سنة 93 ه بالمدينة وتوفي بها سنة 179 ه.
4- هكذا في الاصل وأظنه سفيان بن عيينة.
5- هكذا صححناه وفي الاصل : حي بن صالح. وهو أبو عبد اللّه الحسن بن صالح بن حي الهمداني الثوري الكوفي المولود سنة 100 ه من زعماء الفرقة البترية من الزيدية توفي مختفيا في الكوفة سنة 168 ه.
6- هكذا صححناه وفي الاصل : أيوب ابن السجستاني. هو أبو بكر أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني البصري ولد 66 ه سيد فقهاء عصره ( حلية الاولياء 3 / 3 ) تابعي من النساك الزهاد توفي 131 ه.

دينار (1) ، وكثير من علماء العامة.

وكان موصوفا بالعلم والفضل والورع ، لا ينكر فضله ولا يجهل مقامه عند الخاص والعام.

[1198] عن حمزة بن حمران (2) ، والحسين بن زياد (3) ، قالا : صلّينا في مسجد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ثم توجهنا الى أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، فدخلنا عليه في داره (4) ، فأذّن وأقام [ الصلاة ] (5) وتقدم فصلّى ، فتنحينا ناحية ، فلما ركع قلنا : نحسب تسبيحه ، فعدّ أحدنا ثلاثا وثلاثين تسبيحة ، وعدّ الآخر أربعا وثلاثين تسبيحة.

[1199] وحجّ جعفر بن محمد ، فأتى جمرة العقبة ، فوجد الناس وقوفا عندها فقال : إنا لله ، تستبدعون بدعة ، ودعا غلاما يقال له : سعيد ، فأتاه.

فقال له : نادعني الناس أن ليس هذا موضع وقوف.

فنادى سعيد : أيها الناس يقول لكم مولاي جعفر بن محمد ، انفضّوا ، فليس هذا موضع وقوف.

فانفضّ الناس.

[ سلوني قبل أن تفقدوني ]

[1200] صالح بن أبي الأسود (6) ، قال : سمعت جعفر بن محمد عليه

ص: 292


1- أبو محمد الاثرم عمرو بن دينار الجمحي بالولاء كان مفتي أهل مكة ولد 46 ه وتوفي 126 ه.
2- وهو حمزة بن حمران بن أعين الشيباني.
3- وفي بحار الانوار 50 / 47 : والحسن بن زياد.
4- وفي بحار الانوار أضاف : وعنده قوم.
5- وفي الاصل : أقام الصلاة.
6- وفي بحار الانوار 47 / 33 : عن صالح بن الأسود.

السلام يقول : سلوني قبل أن تفقدوني فانه لا يحدّثكم أحد بعدي مثلي حتى يقوم صاحبكم.

وكذلك استترت الائمة من بعد للتقية ، فلم يقم أحد منهم بظاهر علم ، ولا أظهره حتى قام المهدي (1).

والى أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام نسبت الجعفرية ، وهي قرية من قرى الشيعة (2) كانوا قبل ذلك يقولون بإمامة محمد بن الحنفية ثم اختلفوا ، فتفرقوا فرقا كثيرة بعد ذلك ، وحسبت هذه القرية على أن الإمام في زمانه محمد بن الحنفية ، ثم جعفر بن محمد من بعده ، وفي ذلك يقول السيد الحميري - وكان منهم - شعرا :

تجعفرت باسم اللّه واللّه اكبر *** وأيقنت أن اللّه يعفو ويغفر

في شعر طويل (3).

وقال يعتذر الى جعفر بن محمد صلوات اللّه عليه :

ص: 293


1- ومراده المهدي الفاطمي وهو الذي يعتقد المؤلف أنه المهدي الموعود الذي أشار إليه الامام الصادق علیه السلام بقوله : صاحبكم. وأما الصحيح فقد انتقل العلم الى ابنه الامام موسى بن جعفر علیه السلام .
2- هكذا في الاصل ولم أعثر على اسم هذه القرية في الكتب.
3- ودنت بدين غير ما كنت دائنا *** به ، ونهاني سيد الناس جعفر فقلت هب إني قد تهودت برهة *** وإلا فديني دين من يتنصّر فإني إلى الرحمن من ذاك تائب *** وإني قد أسلمت واللّه اكبر فلست بغال ما حييت وراجع *** إلى ما عليه كنت أخفي وأضمر ولا قائلا حي برضوى محمد *** وإن عاب جهال مقالي وأكثروا ولكنه ممن مضى لسبيله *** على أفضل الحالات يقفي ويخبر مع الطيبين الطاهرين الاولى لهم *** من المصطفى فرع زكيّ وعنصر والسيد الحميري هو اسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعه الحميري - أبو هاشم - ولد 105 ه. ونشأ بالبصرة ومات ببغداد 173 ه.

أيا راكبا نحو المدينة جسرة *** همرجانة نطوي بها كل سبسب (1)

اذا ما هداك اللّه عاينت جعفرا **** فقل لوليّ اللّه وابن المهذب

ألا يا وليّ اللّه وابن نبيّه (2) *** أتوب الى الرحمن ثم تأوبي

إليك من الذنب الذي كنت مطنبا *** اجاهد فيه دائبا كل معتب(3)

وما كان قولي في ابن خولة مبطنا *** معاندة مني لنسل المطيّب

ولكن روينا عن وصيّ محمد (4) *** ولم يك فيما قال بالمكذب

بأن وليّ الأمر يفقد لا يرى *** سنينا كفقد الخائف المترقب

ويقسم أموال الفقيد كأنما *** تغيّبه بين الصفيح المنصب(5)

فان قلت لا فالحقّ قولك والذي *** تقف فحتم غير ما متعصب

فانّ وليّ الأمر والقائم الذي *** تطلع نفسي نحوه يتطرّب

ص: 294


1- وفي اعلام الورى ص 279 : عذافرة يطوى بها كل سبسب.
2- وفي المناقب 4 / 246 : ألا يا أمين اللّه وابن وليه.
3- وفي اعلام الورى ص 279 : احارب فيه جاهدا كل معرب.
4- وفي اعلام الورى : وصيّ نبينا.
5- وذكر الطبرسي بقية القصيدة في اعلام الورى ص 281 هكذا : فيمكث حينا ثم يشرق شخصه *** مضيئا بنور العدل إشراق كوكب يسير بنصر اللّه من بيت ربه *** على سؤدد منه وأمر مسبب يسير الى أعدائه بلوائه *** فيقتلهم قتلا كحران مغضب فلما روى أن ابن خولة غائب *** صرفنا إليه قوله لم نكذب وقلنا هو المهدي والقائم الذي *** يعيش به من عدله كل مجدب فإن قلت : لا ، فالقول قولك والذي *** أمرت فحتم غير ما متعتب واشهد ربي أن قولك حجة *** على الناس طرأ من مطيع ومذنب بأن ولي الأمر والقائم الذي *** تطلع نفسي نحوه بتطرب له غيبة لا بدّ من أن يغيبها *** فصلّى عليه اللّه من متغيب فيمكث حينا ثم يظهر حينه *** فيملأ عدلا كل شرق ومغرب بذاك أدين اللّه سرا وجهرة *** ولست وإن عوتبت فيه بمعتب

له غيبة لا بدّ أن يستغيبها *** فصلّى عليه اللّه من متغيب

[ ضبط الغريب ]

الجسرة : الناقة الطويلة ، ويقال العظيمة.

والهمرجانة : السريعة. والسبسب : المفازة.

والمهذب : الذي هذب نفسه عن عيوبه ، أي خلص منها. قال الشاعر :

ولست بمستبق أخا لا تلمّه *** على شعث ، أيّ الرجال المهذّب؟

والتأوب من أوب : أي ترجّع (1). والتأوب من السير.

والمطنب : البليغ. والمنطق في المدح والذم إذا بالغ في ذلك. قيل : أطنب فيه ، وهو المطنب.

والمعتب : العاتب. والمعاتبة المفاعلة من العتاب يكون بين الاثنين يعاتب كل منهما صاحبه يذكران الموجدة. والاسم من ذلك العتبى. يقول : كان يجاهد في ذلك لعاتبه عليه.

والجهاد : القتال ، اخذ من اجتهدت نفسه في الشيء إذا بلغت فيه المجهود.

وعنى بابن خولة : محمد بن علي - ابن الحنفية - وهي خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن عبد اللّه (2) بن بلغة بن الدول بن حنيفة بن لجيم (3).

وقال قوم : هي خولة بنت أبا بسر بن جعفر.

وقال قوم : كانت أمة من سبي اليمامة صارت الى علي علیه السلام .

قالوا : ولم تكن من أنفس بني حنيفة ، فكان خالد بن الوليد صالحهم على

ص: 295


1- لسان العرب 1 / 218.
2- وفي بحار الانوار 42 / 99 : ابن عبيد.
3- هكذا صححناه وفي الاصل : حتم. وفي بحار الانوار هكذا ذكره : خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدول بن حنفية بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل.

الرقيق (1).

والصفح من الصفاح : وهي الحجارة العراض واحدتهما صفاحة ، فكانوا ينصبونها في قبورهم ليتقي الموتى من التراب.

والمنصب والمنصوب في معنى مفعل.

وكان الذين يقولون محمد بن الحنفية من الشيعة يزعمون أنه المهدي الذي جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه يقوم فيملأ الأرض عدلا. فلما مات ولم يكن ذلك كرهوا أن ينقضوا قولهم ويرجعوا عنه.

فقالوا : لم يمت وهو في غار في جبل رضوى (2) حماقة منهم وجهالة. وفي ذلك يقول السيد الحميري إذ كان يتولاه :

ألا قل للوصيّ فدتك نفسي *** أطلت بذلك الغار المقاما (3)

أضرّ بمعشر وألوك منا (4) *** وسمّوك الخليفة والاماما

ص: 296


1- قال المجلسي في بحار الانوار 42 / 99 : قال قوم : إنها سبية من سبايا الردة ، قوتل أهلها على يد خالد بن الوليد في أيام أبي بكر لما منع كثير من العرب الزكاة ، وارتدت بنو حنيفة وادعت نبوة مسيلمة ، وإن أبا بكر دفعها إلى علي عليه السلام من سهمه في المغنم. وقال قوم منهم أبو الحسن علي بن محمد بن سيف المدائني : هي سبية في أيام رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، قالوا : بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عليا عليه السلام إلى اليمن ، فأصاب خولة في بني زبيد ، وقد ارتدوا مع عمرو بن معدي كرب ، وكانت زبيد سبتها من بني حنيفة في غارة لهم عليهم فصارت في سهم علي عليه السلام ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : إن ولدت منك غلاما فسمه باسمي وكنه بكنيتي ، فولدت له بعد موت فاطمة عليها السلام محمدا فكناه أبا القاسم. وقال قوم - وهم المحققون وقولهم الاظهر - : إن بني أسد أغارت على بني حنيفة في خلافة أبي بكر فسبوا خولة. وقدموا بها المدينة فباعوها من علي عليه السلام وبلغ قومها خبرها فقدموا المدينة على علي فعرّفوها ، وأخبروه بموضعها منهم. فأعتقها ومهرها وتزوجها فولدت له محمدا فكناه أبا القاسم. وهذا القول هو اختيار أحمد بن يحيى البلاذري في تاريخ الاشراف.
2- بين أسدين ونمرين تؤنسه الملائكة ويحرسه النمران ( المقالات والفرق ص 28 ).
3- وفي اعيان الشيعة 3 / 409 : بذلك الجبل المقاما.
4- هكذا صححناه وفي الاصل : حيا.

وعادوا أهل هذا الارض طرا *** مقامك عندهم ستين عاما(1)

وما ذاق ابن خولة طعم موت *** ولا وارت له أرض عظاما

ولكن حلّ في شعب برضوى (2) *** تراجعه الملائكة السلاما

وأن به له لمحلّ صدق *** وأندية تحدّثه كلاما

هدانا اللّه اوحزداك أمر (3) *** به وعليه نلتمس التماما

قام مردة المرسدي حتى (4) *** نرى راياتنا تترى نظاما

وقال الكثير (5) فيه - وكان ممن يقول بامامة ابن الحنفية - :

ألا إن الائمة في قريش *** ولاة الأمر أربعة سواء

عليّ والثلاثة من بنيه *** هم الاسباط ليس بهم خفاء(6)

فسبط سبط إيمان وبرّ *** وسبط غيبته كربلاء

وسبط لا يذوق الموت حتى *** يقود الخيل يقدمها اللواء

يغيب لا يرى فيهم زمانا (7) *** برضوى عنده عسل وماء

وانما أخذت هذه المقالة ممن قال بها بعد موته بمدة طويله. وأما موته فلم يكن خفيا ولا مستورا ولا مات في غيبة غابها وانما مات في المدينة.

[1201] روي عن الواقدي ، أنه قال : حدثني زيد بن سائب ، قال :

سمعت أبا هاشم عبد اللّه بن محمد بن علي يقول : توفي أبي في المحرم

ص: 297


1- وفي اعيان الشيعة : وعادوا فيك اهل الارض طرا *** مقامك عنهم ستين عاما
2- وفي اعيان الشيعة : لقد أوفى بمورق شعب رضوى.
3- وفي اعيان الشيعة : هدانا اللّه اذ جرتم لأمر.
4- وفي اعيان الشيعة : تمام مودة المهدي حتى.
5- وهو الشاعر كثير بن عبد الرحمن.
6- وفي اعلام الورى ص 280 : هم أسباطنا والاوصياء.
7- وفي المقالات والفرق ص 29 : مغيب لا يراعيهم سنينا.

أول سنة إحدى وثمانين ، فلما وضعناه في البقيع لنصلّي عليه أتانا أبان بن عثمان وهو الوالي يومئذ ليصلّي عليه.

قال : فقلت له : إنك لا تصلّي عليه أبدا إلا أن تطلب إلينا ذلك.

فقال له أبان : أنتم أولى بجنازتكم ، فيصلّي عليها من شئتم.

قلنا له : فتقدم فصلّي عليها.

فزعم من تعلق بالمقالة التي قالها فيه من أنه لم يمت ، وكانوا على ذلك الى أن كلّم بعض رؤسائهم أبا جعفر محمد بن علي علیه السلام في مثل ذلك ، فقال له : ويحك ما هذه الحماقة ، أنتم أعلم به منا أم نحن ، قد حدثني أبي علي بن الحسين علیه السلام أنه قد شهد موته وغسله وتكفينه والصلاة عليه وأنزله في قبره.

فقال له : شبه على أبيك كما شبه عيسى بن مريم على اليهود.

فقال محمد بن علي علیه السلام : أفتجعل هذه الحجة قضاء بينك وبيننا.

قال : نعم.

قال : أرأيت اليهود الذين شبه عيس عليهم كانوا أولياءه أو أعداءه؟

قال : بل كانوا أعداءه.

قال : أفكان أبي عدو محمد بن علي فشبه عليه؟

قال : لا.

وانقطع وترك ما كان عليه ورجع الى قول محمد بن علي ، وتتابعوا على ذلك من الرجوع في أيام جعفر بن محمد علیه السلام ، فسمّوا بالجعفرية.

ص: 298

[ مع أبي حنيفة ]

[1202] وجاء أبو حنيفة من أهل العراق يوما إلى أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ليستمع منه ، وخرج أبو عبد اللّه علیه السلام يتوكأ على عصا.

فقال له أبو حنيفة (1) : يا ابن رسول اللّه ما بلغت من السن ما تحتاج منه الى العصا.

قال : هو كذلك ، ولكنها عصا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أردت التبرك بها.

فوثب أبو حنيفة إليه ، وقال : اقبّلها يا ابن رسول اللّه. فحسر أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام عن ذراعه ، وقال له : واللّه لقد علمت أن هذا من بشرة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وأن هذا من شعره فما قبّلته وتقبّل عصا.

[1203] وكان مالك بن أنس يستمع من جعفر بن محمد علیه السلام ، وكثيرا ما يذكر من سماعه عنه. وربما قال : حدثني الثقة ، يعنيه.

[1204] دخل سفيان الثوري يوما ، فسمع منه كلاما أعجبه ، فقال : واللّه يا ابن رسول اللّه الجوهر.

فقال له جعفر بن محمد علیه السلام : بل هذا خير من الجوهر ، وهل الجوهر إلا حجر.

[1205] [ وجاء ] إليه يوما الحسن بن صالح بن حي وأصحابه ، فقال له :

يا ابن رسول اللّه ما تقول في قول اللّه عزّ وجلّ ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

ص: 299


1- وهو النعمان بن ثابت المتوفى 150 ه المولود بالكوفة وأخذ من الامام الصادق كما مر ، ثم أسس مذهب القياس.

أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (1) من اولي الأمر الذين أمر اللّه عزّ وجلّ بطاعتهم؟

قال : العلماء.

فلما خرجوا قال الحسن بن صالح لأصحابه : ما صنعنا شيئا ، ألا سألناه من هؤلاء العلماء؟ فرجعوا إليه فسألوه.

فقال [ علیه السلام ] : الائمة منّا أهل البيت.

[1206] [ إن الصادق علیه السلام قال لأبي حنيفة لما دخل عليه : من أنت؟

قال : أبو حنيفة.

قال علیه السلام : مفتي أهل العراق؟

قال : نعم ] (2).

قال علیه السلام لأبي حنيفة : الّذي تعتمد عليه في الفتيا؟

قال : كتاب اللّه وسنّة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

قال : فلما لم تجد له نصا في ذلك؟

قال : أقيسه على ما وجدته.

قال : ويحك يا نعمان ، إن أول من قاس إبليس ، فأخطأ ، قال : ( خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ) (3) فرأى أن النار أشرف من الطين ، وأن من خلق من الفاضل أن لا يسجد للمفضول.

ثم قال : يا نعمان ، أيهما أطهر عندك البول أو المني؟

قال : المني.

ص: 300


1- النساء : 59.
2- ما بين المعقوفتين غير موجود في الاصل نقلناه من كتاب الاحتجاج للطبرسي ص 361.
3- سور : 76.

قال : فكيف جعل اللّه عزّ وجلّ في البول الوضوء ، وفي المني الغسل وهو الأطهر ، هل يقاس هذه؟

قال : لا.

قال : أيهما أعظم الزنا أم القتل؟

قال : القتل.

قال : فقد جعل اللّه عزّ وجلّ في قتل النفس شاهدين إذا شهدا بالقتل على إنسان قتل إذا طلب قتله وليّ الدم ، ولا يحلّ من شهد عليه بالزنا إلا أن يشهد عليه أربعة ، ولو كان الدين جاريا على القياس لكان القتل [ بالشاهدين ] (1) الذي هو أعظم يكون الشهود فيه اكثر.

وأيهما أعظم الصلاة أم الصوم؟

قال : الصلاة [ أفضل ].

قال : فقد أمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الحائض أن تقضي الصوم ، ولا تقضي الصلاة. ولو كان على القياس لكان الذي هو أعظم أحقّ أن يقضى.

فسكت أبو حنيفة ولم يحر جوابا.

ص: 301


1- الزيادة غير موجودة في الأصل.

[ من دعائه علیه السلام ]

اشارة

[1207] لما قتل داود (1) المعلّى بن خنيس (2) ، فدخل عليه أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، وقد قال لابنه إسماعيل علیه السلام : اتبعني بالسيف.

فقال لداود : قتلت مولاي ، وأخذت ما لي؟

قال داود : ما أنا قتلته.

قال : من قتله؟

قال : هذا - وأومى بيده الى شرطي بين يديه -.

قال جعفر بن محمد علیه السلام لإسماعيل ابنه : خذ هذا - يعني الشرطي - فقبض عليه إسماعيل.

فجعل الشرطي يقول لداود : تأمرني بقتل الرجل ، فلما قتلته بأمرك ، قلت : هذا قتله.

قال له أبو عبد اللّه علیه السلام : قد صدقت فيما قلت ، وما قتله إلا هو. ولأدعون اللّه عليه.

ثم خرج ، فقال داود : يهددنا بدعائه.

ص: 302


1- وهو داود بن علي بن عبد اللّه بن العباس - عم السفاح - والي المدينة.
2- وهو أبو عبد اللّه مولى الامام الصادق علیه السلام .

وبات جعفر بن محمد بن علي علیه السلام في ليلته قائما يصلّي ويدعو على داود ، وكان مما سمع من دعائه علیه السلام عند وجه السحر ، وهو ساجد :

يا ذا القوة والقدرة ، ويا ذا المحال الشديد ، ويا ذا العزة ، التي خضع لك كل خلقك قائما ذليلا ، عجّل أخذك لداود ، وانتقامك منه.

وبات داود هائما قد اغمي عليه.

قالت لبابة بنت عبد اللّه بن عباس (1) : فقمت ، أفتقده في الليل ، فوجدته مستلقيا على قفاه ، وثعبان قد انطوى على صدره ، وجعل فاه على فيه. فأدخلت يدي في كمي ، فناولته ، فعطف فاه عليّ. فرميت به فانساب في ناحية البيت ، وانبهت [ الى ] داود ، فوجدته حائرا قد احمرتا عيناه ، فكرهت أن اخبره بما كان منه ، وخرجت عنه (2) فانصرفت إليه ثانية ، فوجدت ذلك الثعبان كذلك ، ففعلت مثل الذي فعلت المرة الاولى ، وحركت داود فأصبته ميتا. فما رفع جعفر بن محمد رأسه من السجود حتى سمع الهاتفة (3) والناس يقولون : مات داود.

[1208] وسعي بجعفر بن محمد علیه السلام الى أبي الداوانيق ، فقال للربيع (4) - حاجبه - : يا ربيع ، ائتني بجعفر ، قتلني اللّه إن لم أقتله.

فجاء به الربيع.

ص: 303


1- وفي بحار الانوار 47 / 176 : وفي رواية لبابة بنت عبد اللّه بن العباس : بات داود تلك الليلة حائرا قد اغمي عليه ، فقمت ... مع اختلافات يسيرة.
2- وفي المناقب 3 / 357 والبحار : وجزعت عليه.
3- وفي بحار الانوار : سمع الواعية.
4- هو أبو الفضل الربيع بن يونس بن محمد بن أبي فروة ولد 111 ه عاش الى خلافة الهادي العباسي وتوفي 169 ه.

قال الربيع : فلما قرب منه حرك شفتيه. فلما دخل عليه قال له : يا جعفر تحاول الفتنة وتريد سفك دماء المسلمين وتلحد في سلطاني وتبتغي (1) الغوائل.

فقال له جعفر بن محمد : يا أمير المؤمنين ما فعلت ذلك ولا أردته فقد علمت قديما ما أنا عليه ، فلا تقبل عليّ من كاذب إن كذب ، وساع إن سعى بي عندك.

فسكت.

ثم قال : يا أبا عبد اللّه واللّه اني لأعلم أنت عليه قديما كما ذكرت ، ولو كنت قد فعلت ما قيل لك فقد ابتلي أيوب (2) ، فصبر.

وظلم يوسف (3) ، فغفر. وأعطى سليمان (4) ، فشكر.

[ فقال : ] وهؤلاء أنبياء اللّه إليهم يرجع أنسابنا ، ارتفع الى هاهنا.

فرفعه إليه ، وأجلسه على فراشه الى جانبه ، ثم دعا برجل فقال : ألست القائل عن هذا كذا وكذا؟

قال : نعم يا أمير المؤمنين.

قال : فسمعت ذلك منه ، أو بلغك عنه؟

قال : بل سمعت باذني.

قال : أفتحلف على ذلك؟

قال : نعم.

قال : فقل : واللّه الذي لا إله إلا هو الطالب الغالب.

فقال جعفر بن محمد علیه السلام : يا أمير المؤمنين إن رأيت أن

ص: 304


1- وفي اعلام الورى ص 270 : تبغيني الغوائل.
2- النبي الصابر ذكره تعالى في القرآن الكريم.
3- يوسف بن يعقوب النبي وقصته مع اخوته كما في القرآن الكريم.
4- سليمان بن داود الذي أعطاه اللّه الملك والنبوة.

تجعل استحلافه إليّ ، فأستحلفه بما شئت.

[ ثم ] قال : يا أمير المؤمنين ، إن العبد إذا وحّد اللّه ومجّده وحلف بعد ذلك لم ينتقم اللّه منه ، وان كذب في الدنيا.

ثم أقبل على الرجل فقال له : تحلف بما أستحلفك به؟

قال : نعم.

قال علیه السلام : فاتق اللّه في نفسك ولا تحلف كاذبا ، واستقبل أمير المؤمنين ، وقل الحق.

قال : ما قلت إلا ما سمعته منك ولا أرجع.

قال جعفر بن محمد علیه السلام : اللّهمّ أنت الشاهد عليه والعالم بقوله.

ثم أقبل عليه ، وقال له : قل إن كنت حالفا : ( برئت من [ حول ] اللّه وقوّته ، وأسلمت إلى حولي وقوّتي إن لم يكن جعفر بن محمد قال كذا وكذا ) (1).

فقال الرجل ذلك ، فما برح مكانه حتى صرع ، فمات.

قال أبو الدوانيق : خذوا برجليه لعنه اللّه (2).

فجروه حتى أخرجوه. وعطف أبو الدوانيق على أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام يسترضيه ، ثم قال : انصرف يا أبا عبد اللّه فاني أخشى أن يسوء ظن أهلك بنا فيك.

فلما انصرف لحقه الربيع فقال : يا ابن رسول اللّه لقد دخلت عليه ، وما ظننت إلا أنه سيقتلك لما رأيت من حنقه عليك ، ويمينه أنه ليقتلك ، فلما دخلت إليه رأيتك حركت شفتيك ، فنظرت إليه قد

ص: 305


1- وفي اعلام الورى ص 271 أضاف : والتجأت إلى حولي وقوتي لقد فعل كذا وكذا جعفر.
2- وفي اعلام الورى : جروا برجليه.

حال عما كان لك عليه ، وما أراك إلا دعوت اللّه تعالى ، فعلّمني ما دعوت.

قال : دعوت بدعاء جدي الحسين بن علي علیه السلام .

قال : وما هو ، جعلت فداك؟

قال : قلت : يا عدتي عند شدتي ، ويا غوثي عند كربتي ، احرسني بعينك الّتي لا تنام ، واكفني برحمتك (1) الّتي لا ترام (2).

[ توضيح وبيان ]

وقول جعفر بن محمد لأبي الدوانيق (3) : قد علمت قديما ما أنا عليه. وقول أبي الدوانيق : إنه يعلم ذلك.

وانما ذكّره شيئا قد كان شاهده منه ، وذلك أنه يوما في أيام بني أميّة وجعلوا يستحثونه على القيام ، ويذكرون كثرة أوليائه ، وكان أكثرهم قولا أبو الدوانيق ، فضرب أبو عبد اللّه علیه السلام [ على ] فخذ أبي الودانيق.

ثم قال له : أما بلغك قول أبي لاخيه زيد لما همّ بالقيام : ويحك يا زيد احذر أن تكون غدا المصلوب بالكناسة ، إنّا أهل بيت لا يقوم منا قائم قبل أوان قيام مهدينا إلا كان كمثل فرخ طائر نهض عن عشه قبل أن يستوي جناحاه فما هو أن يستقل مرة أو مرتين بالطيران حتى سقط ، فيأخذه الصبيان يتلاعبون به (4).

ص: 306


1- وفي اعلام الورى : بركنك.
2- قال الربيع : فحفظت هذا الدعاء فما نزلت بي شدة قط فدعوت به إلا فرج اللّه عني ( اعلام الورى ص 271 ).
3- وهو أبو جعفر المنصور الدوانيقي ثاني خلفاء بني العباس. والدانق وحدة عملة نقدية كانت رائجة في ذلك الزمان سمي بها لبخله الشديد.
4- وقد مرّ البحث حول هذه الرواية في الجزء الثالث عشر.

فقال له : متى يكون قيام مهديكم يا ابن رسول اللّه فقال : واللّه لا يكون ذلك حتى يتلاعب أنت وذريتك من بعدك بهذا الأمر دهرا طويلا.

فقال له أبو الدوانيق : أنا يا ابن رسول اللّه؟

قال : نعم ، أنت.

فكان ذلك مما صرف اللّه عنه به شره.

فاذا سعى به إليه ، وقيل له فيه ذكر هذا الحديث ، فعلم أنه لا يقوم عليه.

[1209] وأرسل إليه يوما ، وقد سعى به إليه ، وأكد عليه أمره ، وعلم كثرة أتباعه ، فلما دخل أبو عبد اللّه علیه السلام حرّك شفتيه ، فرأى منه أبو الدوانيق فقال : ما تقول يا جعفر ، تسبني ، وتلعنني.

فقال : لا واللّه يا أمير المؤمنين ما سببتك ، ولا لعنتك.

قال : فما حركت به شفتيك؟

قال : دعوت اللّه عزّ وجلّ.

قال : بما دعوت؟

قال : قلت : اللّهمّ إنك تكفي من كل شيء ، ولا يكفي منك شيء ، فاكفنيه يا كافي كل شيء.

فقال له أبو الدوانيق : لا واللّه ما مثلك يترك.

فقال أبو عبد اللّه علیه السلام : يا أمير المؤمنين إني بلغت من السنين ما لم يبلغه أحد من آبائي في الإسلام ، وما أراني أن أصحبك إلا قليلا ، وما أرى هذه السنة تتم لي ، فلا تعجل عليّ فتبوأ بإثمي (1).

فرقّ له وخلّى سبيله. وتوفي تلك السنة سلام اللّه عليه ، وكانت وفاته في المدينة في شوال سنة ثمان وأربعين ومائة. وهو ابن ثمان

ص: 307


1- وفي بحار الانوار 47 / 206 أضاف : فقال أبو جعفر : احسبوا له. فحسبوا ، فمات في شوال.

وستين (1).

ويقال : تسع وستين وقال مالك بن أعين الجهني يرثيه شعرا :

فيا ليتني ثم يا ليتني (2) *** شهدت الذي كنت لم أشهد

فآسيت في بثه جعفرا *** وشاهدت في لطف العود

فان قيل نفسك قلت الفداء *** وكفّ المنية بالموصد

عشية يدفن فيك الهدى *** وغرة زهرة بني أحمد (3)

وقال الآخر :

يا عين ابك جعفر بن محمد *** زين المشاعر كلها والمسجد(4)

ص: 308


1- توفي في الخامس والعشرين من شهر شوال متأثرا بسم دسه إليه المنصور العباسي علي يد عامله على المدينة محمد بن سليمان.
2- وفي المناقب 4 / 277 : وغيبت عنك فيا ليتني.
3- وفي المناقب أيضا : وغرة من بني أحمد.
4- وقال العوني أيضا : عج بالمطي على بقيع الغرقد *** واقرأ التحية جعفر بن محمد وقل ابن بنت محمد ووصيه *** يا نور كل هداية لم تجحد يا صادقا شهد الإله بصدقه *** فكفى مهابة ذي الجلال الأمجد يا بن الهدى وابا الهدى وأنت الهدى *** يا نور حاضر سرّ كل موحد يا بن النبي محمد أنت الذي *** أوضحت قصد ولاء آل محمد يا سادس الانوار يا علم الهدى *** ضلّ امرؤ بولاتكم لم يهتد وقال أبو هريرة الأبار : أقول وقد راحوا به يحملونه *** على كاهل من حامليه وعاتق أتدرون ما ذا تحملون إلى الثرى *** ثبيرا ثوى من رأس علياء شاهق غداة حثا الحاثون فوق ضريحه *** ترابا وأولى كان فوق المفارق أبا صادق ابن الصادقين إليه *** بآبائك الاطهار حلفة صادق لحقا بكم ذو العرش أقسم في الورى *** فقال اللّه تعالى رب المشارق نجوم هي اثنا عشرة كن سبقا *** إلى اللّه في علم من اللّه سابق

[ بعض فرق الشيعة ]

اشارة

وكان لجعفر من الأولاد الذكور خمسة : عبد اللّه ، وإسماعيل. امهما فاطمة بنت الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب علیه السلام .

وامها : أم حبيب بنت عمرو بن علي بن أبي طالب علیه السلام .

وامها : أسماء بنت عقيل بن أبي طالب.

ولم يكن جعفر بن محمد علیه السلام تزوج عليها ولا اتخذ سرية حتى ماتت.

[ الاسماعيلية ]

وكان إسماعيل أحبهما إليه وأبرّهما به. وولد لإسماعيل [ محمد ] بن إسماعيل ، وبلغ مبلغ الرجال في حياة أبيه ، وتوفي أبوه في حياة أبيه جعفر بن محمد علیه السلام بالعريض ، فحمل على رقاب الرجال حتى دفن بالبقيع. وكان أبوه جعفر بن محمد علیه السلام يأمر به ، فينزل ، ثم يكشف عن وجهه ، وينظر إليه ، ففعل ذلك ، وهو يسار به الى البقيع مرارا. وكان ذلك سببا (1). وكان قوم من الشيعة يقولون : توفي إسماعيل في حياة أبيه.

ويقولون : انه عهد إليه ، وانه هو عهد الى ابنه محمد (2) وهم على ذلك الى

ص: 309


1- هكذا في الاصل.
2- أقول : كيف يعهد إليه أبوه وهو لم يستلم العهد بعد ، لان أباه كان حيا ومات هو في حياة أبيه.

اليوم يقولون بامامة ولده واحد بعد واحد.

[ الفطحية ]

وقال فريق من الشيعة بإمامة عبد اللّه بن جعفر [ الافطح ] (1) بعد أبيه جعفر بن محمد. ومات عبد اللّه بعد أبيه جعفر علیه السلام سبعين يوما ، ولم يدع ولدا ولا عقب له. وانقرض الذين كانوا يقولون بامامته ، فليس يقول أحد بذلك.

وولد لجعفر بن محمد علیه السلام بعد وفاة فاطمة أمّ عبد اللّه وإسماعيل ، موسى ومحمد وعلي لام ولد.

فقال قوم : بامامة موسى بعد أبيه جعفر بن محمد علیه السلام (2).

ثم اختلفوا بعد موته ، فزعم قوم أنه حي لم يمت ولا يموت حتى يقوم ويملأ الارض عدلا.

[ القطيعية ]

وقوم منهم قطعوا على موته ، وقالوا : بامامة علي ابنه من بعده (3) ، وسموه علي

ص: 310


1- سمي بذلك لانه كان أفطح الرأس.
2- ومما يدل على امامته علیه السلام : ما رواه الطبرسى عن محمد بن يعقوب الكليني ، باسناده ، عن أحمد بن ادريس ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، قال : دعا أبو عبد اللّه أبا الحسين موسى - ونحن عنده - فقال لنا : عليكم بهذا بعدي فهو واللّه صاحبكم بعدي. وروى أيضا عن محمد بن الوليد ، قال : سمعت علي بن جعفر ، قال : سمعت أبي جعفر ابن محمد عليه السلام يقول لجماعة من خاصته وأصحابه : استوصوا بابني موسى خيرا فإنه أفضل ولدي ومن أخلف من بعدي وهو القائم مقامي والحجة لله تعالى على كافة خلقه من بعدي.
3- ومما يدل على امامته علیه السلام : ما رواه محمد بن يعقوب ، عن أحمد بن مهران ، عن محمد بن سنان واسماعيل بن عباد القصري ، جميعا عن داود الرقي ، قال : قلت لأبي ابراهيم : جعلت فداك إنه قد كبر سني فخذ بيدي وانقذني من النار من صاحبنا بعدك. قال : فأشار إلى ابنه أبي الحسن علي الرضا ، فقال : هذا صاحبكم من بعدي. وعنه ، عن ابن مهران ، عن محمد بن علي ، عن الضحاك بن الاشعث ، عن داود بن زربي ، قال : جئت إلى أبي ابراهيم عليه السلام بمال فأخذ بعضه وترك بعضه. فقلت : جعلت فداك أصلحك اللّه لأيّ شيء تركته عندي؟ فقال : إن صاحب هذا الأمر يطلبه منك. فلما جاء نعيه بعث إليّ أبو الحسن الرضا عليه السلام فسألني ذلك المال فدفعته إليه.

الارض ، وهذه الفرقة سميت القطيعية ، لقطعهم بالموت على موسى. [ في حبس هارون الرشيد مسموما ].

ثم اختلفوا بعد الموت على ابن موسى.

[1] فقال قوم منهم : مات علي ، ولم يخلف ولدا بالغا ، وانما خلف ابنه محمدا صغيرا طفلا لا يؤتم به ولا علم عنده.

[2] وقال قوم منهم بامامته ، وسموه محمد التقي النقي (1). ثم قالوا : بإمامة ابنه علي وسموه علي الناصح (2). ثم قالوا : بامامة ابنه من بعده الحسن ، وسموه

ص: 311


1- ومما يدل على امامته علیه السلام : ما رواه محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن صفوان بن يحيى قال : قلت للرضا عليه السلام : قد كنا نسألك قبل أن يهب اللّه لك أبا جعفر فكنت تقول : يهب اللّه لي غلاما ، فقد وهبه اللّه لك ، فأقرّ عيوننا فلا أرانا اللّه يومك فإن كان كون فإلى من؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر عليه السلام وهو قائم بين يديه ، فقلت له : جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين!؟ قال : وما يضره من ذلك قد قام عيسى بالحجة وهو ابن أقل من ثلاث سنين. وعنه ، عن علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الوليد ، عن يحيى بن حبيب الزيات ، قال : أخبرني من كان عند الرضا عليه السلام جالسا ، فلما نهضوا قال لهم أبو الحسن الرضا عليه السلام : ألقوا أبا جعفر فسلّموا عليه وأحدثوا به عهدا فلما نهض القوم ؛ التفت إليّ ، فقال : رحم اللّه المفضل إنه كان ليقنع دون هذا.
2- ومما يدل على امامة علي بن محمد الهادي علیه السلام : ما رواه الكليني ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مهران ، قال : لما خرج أبو جعفر في الدفعة الاولى من المدينة إلى بغداد فقلت له : إني أخاف عليك في هذا الوجه فإلى من الأمر بعدك؟ قال : فكرّ بوجهه إليّ ضاحكا وقال : ليس حيث ظننت في هذه السنة. فلما استدعى به المعتصم سرت إليه فقلت : جعلت فداك أنت خارج فإلى من الامر بعدك؟ فبكى حتى اخضلّت لحيته ، ثم التفت إليّ ، فقال : عند هذه يخاف عليّ. الامر من بعدي إلى ابني عليّ.

الحسن الفاضل (1).

ثم مات الحسن ولم يدع ولدا ذكرا ، واختلف هؤلاء الذين كانوا على ولايته.

فقال قوم منهم بولاية جعفر بن علي ، وأنكروا امامة الحسن في حياته. وقالوا : قد امتحناه فلم نجد عنده علما. ولما أن مات ولم يدع ولدا احتجوا بعد ذلك ، وقالوا : لا يكون الإمام إماما إلا وله خلف وعقب. وحاز جعفر بن علي (2) على ميراث أخيه بعد دعاو ادعاها من قال بامامته ، من حمل زعم انه ترك في بعض جواريه ، ومنعوا من تسوية ميراثه حتى بطلت دعاواهم وانكشف أمرهم عند الخاصّ والعام والسلطان.

ثم تفرقوا فرقا كثيرة.

وقال قوم منهم كما ذكرنا بامامة جعفر بن علي ، وقالوا : بعده بامامة ابنه علي واخته فاطمة بنت علي.

ص: 312


1- ومما يدل على إمامة أبي محمد الحسن بن علي العسكري علیه السلام : ما رواه محمد بن يعقوب ، عن علي بن محمد عن جعفر بن محمد الكوفي ، عن بشار بن أحمد البصري ، عن علي بن عمر النوفلي ، قال : كنت مع أبي الحسن عليه السلام في صحن داره فمرّ بنا محمد ابنه ، فقلت : جعلت فداك هذا صاحبنا بعدك؟ فقال : لا ، صاحبكم بعدي ابني الحسن. وعنه ، عن علي بن محمد ، عن محمد بن أحمد القلانسي ، عن علي بن الحسين بن عمرو ، عن علي بن مهزيار ، قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام. إن كان كون - وأعوذ باللّه - فإلى من؟ قال : عهدي إلى الاكبر من ولدي - يعني الحسن عليه السلام -.
2- وهو المعروف بجعفر الكذاب وبعد توبته سمي بجعفر التائب.

وقال قوم بامامة علي دون فاطمة.

ثم اختلفوا بعد موت علي وفاطمة ، وغلوا في الائمة. وزعم بعضهم : أنهم إلهه ، تعالى عن قولهم علوا كبيرا. وقال بعضهم : هم أنبياء ، هم يعلمون الغيب واكثروا في التخليط ، والدعاوى الباطلة.

وافترق الذين قالوا بامامة الحسن فرقا كثيرة.

[1] فقال قائل منهم : إن الحسن لم يمت ، ولا يجوز أن يموت ، ولم يكن له ولد ، لان الارض لا تخلو من امام. وقد روينا أن القائم له غيبتان ، فهذا احدى الغيبتين ، وسيظهر ويعرف ، ثم يغيب غيبة اخرى.

[2] وقالت فرقة اخرى : إن الحسن مات ولكنه يحيى وهو القائم. قالوا : ومعنى القائم أن يقوم بعد الموت. قالوا : والحسن قد مات ، ولا شك فيه ولا ولد له وسوف يحيى بعد الموت.

[3] وقالت فرقة اخرى : إن الحسن قد كان لما أن احتضره الموت ولا ولد له أوصى إلى أخيه جعفر. وقالوا بامامة جعفر بعد الحسن.

[4] وقالت فرقة اخرى : كان مبطلا في دعواه للإمامة ، وكانوا مخطئين في انتحال إمامته. وجعفر هو الإمام في حياة الحسن وبعد وفاته.

[5] وقالت فرقة اخرى : الامام محمد أخو الحسن وجعفر ، وهو المتوفى في حياة أبيه (1) ، وقد كنا أخطأنا في القول بامامة الحسن لانه مات ، ولا عقب له. وقالوا : وجعفر لا يستحق الامامة لما وجدنا فيه من الفسق الظاهر والاعلان. وكان الحسن على مثل هذا.

فلما بطلت إمامتهما جميعا علمنا أن الامام محمد إذ له عقب. وكانت من أبيه إليه اشارة ، وهو القائم المهدي.

[6] وقالت طائفة اخرى منهم : إن الامام الحسن بن علي ، وليس الامر

ص: 313


1- وهو المدفون بالقرب من سامراء وعليه بني مشهد بهيّ ، يعرف بالسيد محمد.

على ما ذكر انه مات وانه لا عقب له ، ولكن للحسن ابن يقال له : محمد ، ولد للحسن من قبل وفاته سنتين وهو مستور خائف من جعفر وغيره من أعدائه. وقالوا : هو القائم الامام (1).

[7] وقالت فرقة اخرى : بل له ولد ، ولد بعد وفاته بثمانية أشهر ، وان الولد الذي يدعيه من زعم أنه ولد له قبل وفاته بسنتين باطل لانه لم يكن يخفى لو كان.

[8] وقالت فرقة اخرى : ليس للحسن ولد أصلا لأنا قد امتحنا ذلك ، فطلبناه غاية الطلب فلم نجده (2) ، ولا يجوز ذلك بدعوى لا برهان لها. ولكنه قد ترك حملا قد صح وعرف في سيرته له وستلد ولدا ذكرا ، وهو الامام القائم.

[9] وقالت فرقة اخرى : قد صحّ موت الحسن ، وصحّ أن لا ولد له ، ويبطل ما ادعي من أمر الحمل. وثبت أنه لا إمام بعد الحسن. وهذا جائز في العقول أن يرفع اللّه الحجة من أهل الأرض بمعاصيهم ، وهي فترة وزمان لا امام فيه ، والارض اليوم بغير حجة ، كما كانت الفترة قبل ظهور النبي صلی اللّه علیه و آله (3).

[10] وقالت فرقة اخرى : إن الحسن علیه السلام مات ، وصح موته ، وقد اختلف الناس هذا الاختلاف ، فلا ندري كيف هو؟ لكنا لا نشك له ولدا ، ولا ندري ولد قبل موته أو بعده إلا أن نعلم أن الأرض لا تخلو من حجة ، وان اسمه محمد ، وهو الخلف الغائب المستور ، ونحن متمسكون بهذا حتى يظهر.

ص: 314


1- والى هذا القول يذهب اصحابنا الامامية. ومما يدل عليه ما رواه الكلينى ، عن محمد بن علي ، عن جعفر بن محمد الكوفي ، عن جعفر بن محمد المكفوف عن عمرو الأهوازي قال : أراني أبو محمد ابنه ، وقال : هذا صاحبكم بعدي.
2- وقديما قيل إن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.
3- وهذه الدعوى باطلة لان أوصياء عيسى كانوا موجودين ومنهم آباء النبي صلی اللّه علیه و آله الموحدين.

[11] وقالت فرقة اخرى : إن الحسن مات (1) ، ولا بدّ من إمام للناس ، ولا تخلو الأرض من حجة ، ولا ندري من ولده ، أو من ولد غيره.

فهذه جملة فرق القطيعية من الشيعة. وقيل لهم القطيعية ، لانهم قطعوا على وفاة موسى بن جعفر بن محمد. وتولوا بعده عليا ابنه. ولم يقولوا بقول من زعم أن موسى حيّ لم يمت ، وهو القائم الذي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما (2).

[ الكيسانية ]

وسموا الكيسانية بكيسان (3) رئيسهم ، وكان فيما قيل مولى لعلي علیه السلام ، وكان مع المختار يتتبع قتلة الحسين علیه السلام فيقتلهم ويخرب منازلهم ، وزعموا أن ابن الحنفية أمر المختار بذلك. وكان ابن الزبير لما قام بمكة قبض على محمد بن الحنفية في خمسة عشر رجلا من بني هاشم. فبعث المختار قوما يكمنون النهار ويمشون الليل حتى كسروا الحبس ، واستخرجوهم منه ، وأوصلوهم إلى أمانهم ، وكان المختار عاملا لابن الزبير. فلما اتصل به ذلك عزله (4) عنه ، واشخصه إليه ، فامتنع. وكتب إليه : من المختار بن عبيد اللّه (5) [ الثقفي ] خليفة الوصي (6) محمد بن علي الى عبد اللّه اسما ، ثم ختم الكتاب بسبه ، وذكر مساويه ، وبعث به إليه ، وأظهر القول بامامة محمد بن الحنفية ، ولهم اختلاف كثير ، وأخبار طويلة. تخرج عن حدّ هذا الكتاب.

ص: 315


1- وفي نسخة الاصل : إنه الحسن ، ولا بد ...
2- وهم الواقفية.
3- وأظنه أبا عمرة ، كيسان بن عمران.
4- هكذا صححناه وفي الاصل : عن له.
5- هكذا صححناه وفي الاصل : عبد اللّه.
6- وفي نسخة ز : من المختار بن الخليفة الوصي.

وجملة ذلك أن بعضهم زعم أن الإمامة في الحسن والحسين علیهماالسلام . ثم في محمد بن علي - ابن الحنفية - وفي ذلك يقول بعضهم شعرا :

ألا إن الائمة من قريش *** ولاة الحق أربعة سواء

عليّ والثلاثة من بنيه *** هم الأسباط ليس بهم خفاء

فسبط سبط ايمان وبرّ *** وسبط غيبته كربلاء

وسبط لا يذوق الموت حتى *** يقود الخيل يقدمها اللواء

يغيب فلا يرى فيهم زمانا *** برضوى عنده عسل وماء

وقال آخرون منهم بابطال إمامة الحسن والحسين علیهماالسلام ، وزعموا أن محمد بن الحنفية هو وصيّ أبيه علي علیه السلام .

ثم اختلفوا فيه وفيمن بعده.

[1] فزعمت فرقة اخرى ، كما ذكرنا أنه حيّ لم يمت.

[2] وقالت فرقة اخرى ، بل مات ، وأوصى الى ابنه أبي هاشم ، اسمه عبد اللّه قد مات ، وانه يرجع ، وانه هو المهدي الذي يخرج فيملأ الأرض عدلا.

[3] وقال آخرون : بل مات أبو هاشم ، وأوصى الى أخيه علي ، وأوصى علي الى ابنه الحسن ، وأوصى الحسن الى ابنه علي. وزعموا أن الإمامة في ولد محمد بن الحنفية لا يخرج الى غيرهم ، وأن القائم المهدي منهم يكون.

[4] وزعمت فرقة اخرى منهم أن أبا هاشم مات ، وأوصى الى عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب (1) ، وهو غلام صغير. وأنه دفع الى صالح بن مدرك ، وأمره أن يحفظه إلى أن يبلغ عبد اللّه بن معاوية ، فدفعها إليه ، ففعل. وعبد اللّه هذا هو صاحب أصبهان (2) الذي قتله أبو مسلم في حبسه (3).

ص: 316


1- وأمه أم عون بنت عون بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب.
2- وهي المدينة التاريخية في ايران وتعرف الآن باصفهان.
3- المقالات والفرق : ص 39 وأبو مسلم هو الخراساني.

[5] وقالت فرقه اخرى منهم : عبد اللّه بن معاوية حيّ لم يمت ، وانه مقيم في جبال أصبهان ، ولا يموت حتى يقوم ، وأنه هو القائم المهدي الذي يبشر به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ولا يموت حتى يلي أمر الناس ، فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا.

[6] وقالت فرقة اخرى منهم : قد مات عبد اللّه بن معاوية ، ولم يوص الى أحد. وقالوا : بامامة رؤسائهم.

[7] وقالت فرقة اخرى (1) : إن أبا هشام أوصى الى محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس (2). ودفع الوصية الى أبيه علي بن عبد اللّه بن العباس ، لانه مات عنده بأرض السراة من الشام ، وكان محمد الوصي. قالوا : إليه يومئذ [ دفع الوصية وكان ] صبيا صغيرا.

[8] وقالت فرقه اخرى منهم : إن محمد بن علي ، أوصى الى ابنه ابراهيم صاحب أبي مسلم الذي كان دعا إليه ، وادعوا أن الامامة صارت الى أبيه محمد بن علي ، من جهة أبي هاشم ، وأنها إنما صارت الى محمد في ولد العباس من جهة محمد بن الحنفية. وزعموا أن محمد بن الحنفية كان الامام بعد أبيه علي بن أبي طالب علیه السلام . وبهذا القول تعلق بنو العباس.

[ الزيدية ]

الزيدية من الشيعة ، فزعموا أن من دعا الى طاعة اللّه عزّ وجلّ من آل محمد فهو إمام مفترض الطاعة. قالوا : وكان علي إماما حين دعا الناس الى نفسه ، ثم الحسن والحسين ، ثم زين العابدين ، ثم زيد بن علي ، ثم يحيى بن زيد ، ثم عيسى بن زيد ، ثم محمد بن عبد اللّه بن الحسن [ بن الحسن بن علي ] بن أبي

ص: 317


1- وهم : الرياحية.
2- وأمه العالية بنت عبد اللّه بن العباس بن عبد المطلب.

طالب (1).

فهؤلاء عندهم أئمة قاموا ، ودعوا الناس الى أنفسهم. قالوا : وكل من قام من ولد الحسن أو ولد الحسين دون سائر الناس فهو إمام حق وجائز له أن يخرج ويقوم ويدعو الى نفسه ، ويدعي الإمامة. وهم كلهم عندهم شرعا سواء من قام منهم ، فهو امام مفترض الطاعة ، ومن تخلف عنه - قالوا : وهو يستطيع القيام معه - فهو كافر.

فأول من قام بهذا القول زيد بن علي بن الحسين بن علي ، وبه سميت هذه الفرقة الزيدية. ولكل من ذكرنا من هذه الفرقة احتجاج فيما ذهبوا إليه وذكروه ، والحجة عليهم تخرج عن حدّ هذا الكتاب ، ونحتاج الى كتاب مثله. وقد ذكرنا ما يكتفى به من ذلك في كتاب « اختلاف اصول المذاهب ». وكتاب « الامامة » وغيرهما مما جمعته. واللّه الموفق للصواب بفضل رحمته. فتاهت هذه الفرق في مهاوي الضلالة ، وتعكست في العمى والجهالة ، وأولياء اللّه ائمة دينه كاد لا يعرفهم إلا خواصّ أوليائهم ، ومن منّ اللّه عليهم بمعرفتهم إلى أن يتم اللّه جلّ ذكره ، وبلغ الكتاب أجله ، فأنجز تبارك وتعالى وعده ، وأظهر

ص: 318


1- قال المؤلف في ارجوزته ص 214 : وقالت الطائفة الزيدية *** مقالة لم تك بالمرضية بأن كل قائم يقوم من *** نسل الحسين بن علي الحسن بسيفه يدعو إلى التقدم *** فهو الإمام دون من لم يقم منهم ومن كل امرئ في وقته *** مستترا قد انزوى في بيته واتبعوا زيدا على ما رتبوا *** من الدعاوى وإليه نسبوا حتى إذا قتل قاموا بعده *** مع الحسين حين قام وحده واتبعوا يحيى بن زيد إذ بدا *** ثم تولّوا بعده محمدا أعني ابن عبد اللّه من نسل حسن *** وكلهم ظل قتيلا مرتهن فهؤلاء عندهم أئمة *** ومن يقوم بعدهم للامة وكل من سواهم الرعية *** كسائر الامة بالسوية

حجة وليه المهدي الذي يبشر به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من العنصر الزكي ، والركن الرضي ، من ولد الصادق جعفر بن محمد بن علي [ بن الحسين ] بن علي علیهم السلام . والذي ادعى من ذكرناه من الفرق أنه لمن ذكره ، وأكذب اللّه عزّ وجلّ دعاواهم ، بذهاب من ادعوا ذلك له ، ولم يظهر لأحد منهم شيء مما رووه حتى ادعوا لهم الحياة بعد الممات إغراقا في الجهالة ، ونهوكا في الضلالة ، ولئلاّ يكذبوا أنفسهم فيما ادعوه لهم من ذلك ، وكثير ممن ادعوه ذلك له لم يدعه لنفسه ، وكثير منهم من ادعاه فاهلك بنفسه ، إذ قام بما ليس له. وقد ذكرنا قصة زيد بن علي بن الحسين علیهم السلام ، وهو أول من قام بذلك وادعى الإمامة ، فكان من قتله وصلبه ما تقدم ذكره (1).

[ يحيى بن زيد ]

ثم قام من بعده ابنه يحيى بن زيد بن علي بن الحسين.

وأمه : ريطة بنت أبي هاشم عبد اللّه بن محمد بن الحنفية.

وخرج يريد خراسان في أيام الوليد بن عبد الملك ، فلحقه نصر بن بشار قبل أن يعبر النهر بالجوزجان (2). فقاتل حتى قتل وصلب ، وأرسل نصر بن بشار (3) برأسه الى يوسف بن عمرو مع قيس بن زيد الحنظلي.

وأنفذ يوسف بن عمرو الرأس [ أي رأس زيد علیه السلام ] (4) الى الوليد

ص: 319


1- في الجزء الثالث عشر.
2- هكذا صححناه وفي الاصل : بالخورخان. قال الشاعر : ألا يا عين ويحك اسعديني *** لمقتل ماجد بالجوزجان
3- وفي أنساب الاشراف 3 / 260 : نصر بن سيار.
4- وأظن هنا جملة أو كلمة سقطت من الاصل أو خطأ من الناسخ. قال البلاذري في أنساب الاشراف 3 / 263 : وصلبت جثته على باب الجوزجان سنة خمس وعشرين ومائة ، فلم تزل جثة يحيى مصلوبة إلى أن ظهرت المسودة بخراسان ، فأنزلوه وغسلوه وكفنوه وصلّوا عليه ودفنوه ... وما ذكره المؤلف من أمر الوليد ليوسف فهذا كان بالنسبة الى جسد زيد رحمة اللّه عليه ، كما ورد ذلك في أنساب الاشراف 3 / 257 وعمدة الطالب ص 258 ، واللّه اعلم.

بن عبد الملك ، فأخبره أنه صلبه. فكتب إليه بأن يحرق جثته بالنار. فكان في كتابه : احرق العجل ، ثم انسفه في اليمّ نسفا. وكان الذي تولى ذلك منه خراش بن حوشب بن زيد بن وريم (1).

وقال يحيى في أبيه زيد هذا البيت شعرا :

لكن قتيل معشر يطلبونه *** وليس لزيد في العراقين طالب(2)

[ أبو هاشم ]

وقام أبو هاشم عبد اللّه بن محمد بن الحنفية (3) ، فادعى الامامة ، فسمه سليمان بن عبد الملك ، فمات. وكان ذلك أنه انتهى الى سليمان خبره ، فأرسل إليه ، فوقف عليه وأظهر بره وإكرامه ، فلما أراد الانصراف دخل الى سليمان ليودعه في يوم شديد الحر ، وقد تقدم ثقله ، فحبسه يتغدى عنه. ثم خرج ليلحق ثقله ، فمرّ [ بالحميمة ] (4) وقد عطش ، فاستسقى ، وقد أعدّ له سم ، فسقي. وأرسل

ص: 320


1- وبهذا الصدد بقول الشاعر : لعن اللّه حوشبا *** وخراشا ومزيدا إنهم حاربوا الإله *** وآذوا محمدا يا خراش بن حوشب *** أنت أشقى الورى غدا
2- وهذا الشطر الاخير من ثلاثة اشطر ذكرها لبني هاشم حيث قال : خليلي عني بالمدينة بلغا *** بني هاشم أهل النهى والتجارب فحتى متى لا تطلبون بثاركم *** أميّة إن الدهر جمّ العجائب لكل قتيل معشر يطلبونه *** وليس لزيد بالعراقيين طالب
3- وأمه أمّ ولد تدعى نائلة.
4- هكذا صححناه وفي الاصل : فمرّ بأمسه. والحميمة من أرض الشام.

رسولا الى محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس ، وكان هنالك ، فأتاه ، وحضر وفاته ، ودفنه ، ومن هناك قيل إنه أوصى إليه.

[ عبد اللّه بن معاوية ]

وقام عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر بن [ أبي ] طالب (1) وادعى الإمامة ، وهو الذي قيل إن أبا هاشم أوصى إليه ، ودعا لنفسه بالكوفة ، فاجابه جماعة بها ، وذلك في سنة سبع وعشرين ومائة. وقال له رجال من أهل الكوفة : قد فني رجالنا بسببكم وقتل أكثرنا معكم ، فاخرج الى فارس فانهم أهل مودة.

[ فخرج إليها ] فنزل أصبهان ودعا الى نفسه ، فأجابه ناس كثير من العرب والعجم ، فاستخرج الأموال ، واستولى [ على ] أرض فارس كلها وأصبهان وما والاها من البلاد ، واستعمل أخاه الحسن بن معاوية على اصطخر (2) ، ويزيد بن معاوية على شيراز ، وعلي بن معاوية على كرمان ، وصالح بن معاوية على قم. وجاءه بنو هاشم ، فمن أراد منهم عملا فاستعمله ، ومن أراد صلة وصله. وقدم إليه معهم أبو العباس وأبو جعفر ابنا محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس ، فوالاهما بعض الكور. ولم يزل عبد اللّه بن معاوية باصطخر حتى أتاه عامر بن صالح مع داود بن زندة ، فقاتلهم ، فانهزم عبد اللّه بن معاوية فيمن معه من أصحاب عبد اللّه بن معاوية ، فهزمهم ابن ضبارة ، وأسر منهم أربعين رجلا ، وكان فيمن أسر منهم عبد اللّه بن العباس.

فقال له ابن ضبارة : ما جاءك به الى ابن معاوية ، فقد عرفت خلافه على

ص: 321


1- وأمه أسماء بنت العباس بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب ( الاغاني 11 / 72 ).
2- هكذا صححناه وفي الاصل : اصطبحر. قال الحموى بين اصطخر وشيراز 12 فرسخا ( معجم البلدان 1 / 211 ).

أمير المؤمنين - يعني مروان بن محمد -؟

فقال : كان عليّ دين فأتيته لاصيب منه فضلا.

فقام إليه ابن وطن ، فقال : ابن أخينا.

فوهبه له ، وخلى سبيله ، وكان اسر منهم ، وبعث به وبهم الى ابن هبيرة (1) ، وحمل ابن هبيرة الى مروان بن محمد ، وابن ضبارة يومئذ في مفازة كرمان (2) يطلب عبد اللّه بن معاوية.

ومرّ عبد اللّه بن معاوية وأخوه هاربين الى أن صاروا الى هزلة ، فقبض [ عليهم ] مالك بن الهيثم ، وكتب بأخبارهم الى أبي مسلم. وقد قام بخراسان وقوّى أمره ، فأمره بقتل عبد اللّه ، فقتله. وأمره بأن يرفع إليه يزيد والحسن بن معاوية أخوي عبد اللّه ، فرفعهما إليه ، فحبسهما أبو مسلم مدة ، ثم خلى سبيلهما وأما علي بن معاوية ، فقتله ابن ضبارة.

[ محمد بن عبد اللّه ]

ثم قام محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب علیه السلام (3) يدعو سرا الى نفسه ، ويخلو بالواحد بعد الواحد في ذلك ، ويدعي الامامة ، وزعم أنه المهدي الذي بشّر به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وكان أبوه قد ادعى ذلك له لما ولد. وقال : قد جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : المهدي من ولدي ويواطي اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي. وهو ابني هذا. وبشّر به ، وهنئ به. وكان محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن قد أظهر أمره في أيام بني أميّة.

ص: 322


1- وأظنه سعيد بن عمرو بن جعدة بن هبيرة.
2- بلدة في جنوب ايران.
3- وأمه : هند بنت أبي عبيدة بن عبد اللّه. وكنيته : أبو عبد اللّه.

وقيل : إنه اجتمع رجال من بني هاشم في منزل ، منهم أبو العباس ، وأبو جعفر بن علي بن عبد اللّه بن عباس ، وجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب علیه السلام ، وإبراهيم بن محمد بن علي ، وغيرهم ، وحضرهم محمد بن عبد اللّه بن الحسن [ بن الحسن ] بن علي بن أبي طالب علیه السلام . فتذاكروا من بني أميّة ، فقام (1) محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن ، فحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبي وآله ، وذكر فضله ، وما اكرمه اللّه عزّ وجلّ به.

ثم قال : إنكم أهل بيت قد فضلكم اللّه عزّ وجلّ بالرسالة واختاركم لها واكثركم ذرية محمد صلی اللّه علیه و آله (2) وسائركم بنو عمه ، وعترته ، وأولى الناس بالمخافة من اللّه عزّ وجلّ ، إن ضيعتم أمره أن ينزع منكم ما أعطاكم كما انتزع مثل ذلك عن بني إسرائيل بعد أن كانوا أحبّ خلقه إليه ضيعوا أمره ، وقد ترون كتاب اللّه معطلا وسنّة نبيه صلی اللّه علیه و آله متروكة ، والباطل حيا ، والحق ميتا. فأيكم يري لنفسه للقيام بحق اللّه أهل ونحن نراه لذلك ، وهذه أيد مبسوطة لبيعته ، ومن أحس لنفسه عجزا أو خاف ، وهنا فلا يحلّ له التوالي على الامة ، فليس بأفقهها في الدين ولا بأعلمها بالتأويل مع ما يعرف مما نحن به جاهلون ، وأقول قولي واستغفر اللّه لي ولكم.

فلم يجبه أحد بشيء ، وسكتوا غير أبي جعفر ، فانه قال له : أمنع اللّه بك قومك فلن تزال فينا تسمو الى خير وترجى لدفع الضر (3) ما كنت حيا.

ثم حضرت صلاة العصر ، فخرجوا الى الصلاة ، وفشى ذلك عن محمد بن عبد اللّه من الدعاء الى نفسه ، ودعا له أخوه إبراهيم فلم يتمكن له أمر حتى غلب

ص: 323


1- وفي مقاتل الطالبيين ص 170 : فقام عبد اللّه بن الحسن.
2- وفي مقاتل الطالبيين ص 171 : واكثركم بركة يا ذرية محمد صلی اللّه علیه و آله .
3- هكذا صححناه وفي الاصل : مضر.

أبو مسلم على مروان بن محمد ، وولي أبو العباس ، فسأل من محمد وابراهيم ابنا عبد اللّه بن الحسن بن الحسن (1). فاختفيا ، ووفد عليه من وفد من بني هاشم أبوهما عبد اللّه بن الحسن بن الحسن ، فقرّ به واكرمه وخصه وسأل عن ابنيه فذكر أنه لا يدري أين توجها. وجعل يكرر السؤال عنهما وقتا بعد وقت ، كل ذلك ينكر أن يكون يعلم حيث هما. وذكر ذلك لاخيه الحسن بن الحسن ، فقال له : إن أعاد عليك المسألة فقل له : علمهما عند عمهما. فأعاد عليه المسألة ، فقال ذلك له. فأرسل أبو العباس الى عمهما الحسن ، فسأله عنهما ، فقال : يا أمير المؤمنين اكلمك على هيئة الخلافة أو كما يكلم الرجل ابن عمه؟

فقال له أبو العباس : بل كما يكلم الرجل ابن عمه.

فقال له الحسن : اناشدك اللّه يا أمير المؤمنين إن كان اللّه عزّ وجلّ قدّر لمحمد وابراهيم أن يليا من هذا الامر شيئا ، فجهدت وجهد أهل الارض معك أن تردّ ما قدّر اللّه لهما ، أتردونه؟

قال : لا.

قال : فاناشدك اللّه إن كان اللّه لم يقدّر لهما شيئا منه فجهدت ، وجهد أهل الأرض معهما على أن ينالا ما لم يقدّر لهما أن ينالا [ أينالا ]؟

قال : لا.

قال : فما تنغيصك على هذا الشيخ النعمة التي أنعمت بها عليه؟

قال أبو العباس : لا أذكرهما بعد هذا اليوم.

فما ذكرهما حتى مات. فلما مات وولي أخوه أبو جعفر يوم وفاته ، وأمر يومئذ زياد بن عبد اللّه بن الحارث أن يطلب محمد وإبراهيم ابني عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب علیهم السلام ، وضمنه القبض عليهما. فأرسل الى المدينة ، فقبض على أبيهما عبد اللّه بن الحسن واخوته : الحسن وداود وإبراهيم

ص: 324


1- المعروف بالحسن المثلث.

فحملوا الى أبي جعفر مصفدين في الحديد على الجمال بلا أوطية. فوافوا أبا جعفر في طريق مكة بالربذة ، فسأله عبد اللّه أن يأذن له عليه. فأبى أبو جعفر وصيّرهم الى السجن ، فمات عبد اللّه في السجن (1) بعد ثلاث سنين ، ومات إخوته ، وتغيب محمد وابراهيم في البادية. ثم ظهر محمد بن عبد اللّه بن الحسن في المدينة أول يوم من رجب من سنة خمس وأربعين ومائة ودخل مسجد المدينة قبل الفجر. فخطب حتى حضرت الصلاة ، فنزل وصلّى بالناس ، وذلك بعد أن اجتمع إليه من كان يبايعه ، وبايعه سائر الناس طوعا ، واستعمل العمال ، وغلب على المدينة ومكة والبصرة وجبى الأموال ، وانتهى أمره الى أبي جعفر ، وكان ابراهيم أخوه قد صار الى البصرة يدعو إليه ، وأنفذ أبو جعفر إليهما عيسى بن موسى في أربعة آلاف من الجند (2) ، فلما أحسّ محمد بن عبد اللّه به قد أتى حفر خندق النبي صلی اللّه علیه و آله الذي كان احتفره للاحزاب ، فاجتمع زهاء ألف رجل. فلما قرب منه عيسى ، قام خطيبا فيهم ، فقال :

أيها الناس إن هذا الرجل قد قرب منكم في عدد وعدة ، وأحللتكم من بيعتي ، فمن أحبّ القيام ، فليقم ، ومن أحبّ الانصراف ، فلينصرف.

فلما سمعوا ذلك تسلل اكثرهم عنه ، وبقي في شرذمة (3) ونزل عيسى بن موسى بالخندق على أربعة أميال من المدينة يوم السبت لا ثني عشرة ليلة من شهر رمضان سنة خمس وأربعين ومائة. فأقام يوم السبت ويوم الاحد. وبرز إليه محمد غداة يوم الاثنين في أهل المدينة. فلما ترأت الفئتان نادى عيسى بن موسى بنفسه : يا محمد إن أمير المؤمنين أمرني أن لا اقاتلك حتى أعرض الأمان على نفسك وأهلك ومالك وولدك وأصحابك ، وتعطي من المال كذا وكذا ،

ص: 325


1- بالهاشمية في العراق.
2- أما في مقاتل الطالبيين لأبي فرج الاصفهاني فقد ذكر أن عيسى بن موسى أرسله الى محمد بن عبد اللّه. ووجه الى ابراهيم خازم بن خزيمة في أربعة آلاف الى أهواز.
3- المجموعة القليلة.

ويقضي عنك دينك ويفعل بك.

فصاح إليه محمد : دع عنك هذا ، فو اللّه ما يثنيني عنكم جزع ، ولا يقربني منكم طمع.

واستحرّ القتال ، وانهزم أصحاب محمد بن عبد اللّه بن الحسن ، ونزل وقاتل ، وقتل بيده جماعة وحمل عليه ابن قحطبة ، فطعنه في صدره ، فصرعه ، ثم نزل فاحتز رأسه وأتى به عيسى بن موسى.

وكان أخوه ابراهيم قد صار الى البصرة في أول سنة ثلاث وأربعين ومائة يدعو إليه ، وأجاب دعوته بشر كثير. فأرسل إليه أبو جعفر عيسى بن موسى (1) ، والتقيا ، فتناجزا ، فقتل إبراهيم بن عبد اللّه يوم الاثنين لخمس بقيت من ذي الحجة سنة خمس وأربعين ومائة ، واتي أبو جعفر برأسه وهو بالكوفة ، فلما وضع بين يديه سجد ، وكان عيسى بن يزيد فيمن خرج مع محمد بن عبد اللّه بن الحسن ، ومع أخيه ابراهيم ، وطلبه أبو جعفر واختفى ، ومات بالكوفة عند الحسن بن صالح بن حي مختفيا هاربا من أبي جعفر.

وهرب عبد اللّه بن محمد بن عبد اللّه بن الحسن المعروف بالأشتر ، فلم يزل مختفيا لا يعرف له خبر حتى ظهر بطبرستان ، ودعا الى نفسه ، فقتل هناك (2).

وخرج موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب في حياة إخوته محمد وإبراهيم الى الشام يدعو الى محمد أخيه ، فلما قتل محمد وابراهيم قدم موسى من الشام ، فصار الى منزل بني العنب بالبصرة ، وعليها يومئذ عامل - محمد بن سليمان - لأبي جعفر. فاخبر بخبره. فأرسل إليه ، وأخذ وأتى إليه وهو خاله. فقال له محمد بن سليمان : قطع اللّه رحمك ، ما أردت إذ قصدت بلدا أنا فيه إن أنا وجهتك الى المنصور قال الناس : قطع رحمه وأساء الى أخواله ، وإن

ص: 326


1- لقد مرّ أنه ذكرنا عن مقاتل الطالبيين : أنه خازم.
2- وفي مقاتل الطالبيين ص 208 : إن هشام بن عمرو قتله في أرض السند.

أطلقتك أغضب أمير المؤمنين.

ثم وجه به ومن كان معه الى المنصور. فلما وصلوا إليه قدم موسى بن عبد اللّه ، فضربه خمسمائة سوط ، وموسى لا ينطق ولا يتحرك. فعجب المنصور ، لصبره ، وقال : يصبني عذر (1) أهل الجرائم على صبرهم ، فكيف بهذا الفتى الذي لم يصبه الشمس.

فقال : يا أمير المؤمنين ، إذا صبر أهل الباطل على باطلهم كنا على الحق أولى بالصبر.

فلما دفع عنه ، قال له الربيع : لقد كنت عندي من رجال أهلك حتى رأيتك ، وكأنه يحزّ في جلد غيرك.

فقال موسى هذا البيت :

أني من القوم الذين تزيدهم *** قسوا وصبرا شدة الحدثان

وبلغ أبا جعفر عن حمزة بن إسحاق بن علي بن عبد اللّه بن جعفر (2) أنه يريد القيام عليه ، فبعث به الى المدينة فاوقف بها ، وشتم وحبس حتى مات.

وكان أبو جعفر قد ولى الحسن بن يزيد بن الحسين بن علي بن أبي طالب المدينة ، فكان أحد من أعان على أبي عبد اللّه. ثم بلغ أبا جعفر عنه أنه يريد القيام عليه. فعزله ، وأمر به فاوقف ، وشتم ، وقبضت أمواله وحبس معه ابنه علي. وأما علي فتوفي في السجن في حياة أبيه ، ولم يزل الحسن أيضا محبوسا حتى مات أبو جعفر ، فأطلقه ابنه المهدي فيمن أطلق من بني هاشم.

[ صاحب فخ ]

وأما الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن المقتول بفخ (3) ، فانه كان مقيما

ص: 327


1- هكذا في الاصل.
2- ابن جعفر بن أبي طالب.
3- روى أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 289 : بسنده عن الحسين بن الحكم ، عن الحسن بن الحسن عن الحكم بن جامع الثمالي عن الحسين بن زيد ، عن ريطة بنت عبد اللّه ، عن زيد بن علي ، قال : انتهى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله موضع فخ فصلّى بأصحابه صلاة الجنازة ، ثم قال : يقتل هاهنا رجل من أهل بيتي في عصابة من المؤمنين ينزل لهم بأكفان وحنوط من الجنة تسبق أرواحهم أجسادهم إلى الجنة ... الحديث. وبسنده أيضا عن الحسن بن عبد الواحد ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن الحسين بن المفضل العطار ، عن محمد بن فضيل ، عن محمد بن اسحاق ، عن أبي جعفر محمد بن علي قال : مرّ النبي صلى اللّه عليه وآله بفخ ، فنزل فصلّى ركعة ، فلما صلّى الثانية بكى وهو في الصلاة ، فلما رأى الناس النبي صلى اللّه عليه وآله يبكي بكوا. فلما انصرف ، قال : ما يبكيكم؟ قالوا : لما رأيناك تبكي بكينا يا رسول اللّه. قال : نزل عليّ جبرائيل لما صلّيت الركعة الاولى فقال : يا محمد إن رجلا من ولدك يقتل في هذا المكان ، وأجر الشهيد معه أجر شهيدين.

ببغداد لا يؤمر بالخروج حتى توفي المسمى بالمهدى بن أبي جعفر وبويع ابنه الملقب بالهادي. وقدم وفد من جرجان ، فأذن الحسين بن علي له بالخروج ، فلم يلبث أن خرج عليه بالمدينة ، وذلك سنة تسع وستين ومائة ، وبايعه فيها كثير من الشيعة. ثم خرج الى مكة ، فدخلها ، فسار إليه سليمان بن أبي جعفر - وكان على الموسم - ومعه موسى بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد اللّه ، فصيّره على ميسرته ، ومحمد بن سليمان على ميمنته ، والعباس بن محمد وسليمان [ بن أبي جعفر ] في القلب.

فلما لقيهم الحسين بفخ تطارد له سليمان ، فحمل عليه الحسين مع أصحابه حتى انحدروا في الوادي ، وحمل عليهم محمد بن سليمان من خلفهم فطعنهم طعنة واحدة ، ورمى الحسين بن علي بن الحسن رجل من الأتراك - يقال له : حماد - بسهم ، فقتله. فأعطاه محمد بن سليمان مائة الف درهم ومائة ثوب وقتل خلق من الشيعة والطالبيين ، وذلك في يوم التروية سنة تسع وستين ومائة ، وحمل رأسه الى موسى - المعروف بالهادي - ، فادخل الى بغداد في أول سنة سبعين ومائة (1).

ص: 328


1- وقبل ارسال الرءوس المطهرة الى بغداد حمل الى موسى بن جعفر وعنده جماعة من ولد الحسن والحسين ، فلم يتكلم أحد منهم بشيء إلا موسى بن جعفر علیه السلام . فقيل له : هذا رأس الحسن. قال : نعم ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، مضى واللّه مسلما صالحا صواما قواما آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ما كان في أهل بيته مثله. فلم يجيبوه بشيء. وقال عيسى بن عبد اللّه يرثي الحسين صاحب فخ : فلأبكين على الحسين *** بعولة وعلى الحسن وعلي ابن عاتكة الذي *** أتوه ليس بذي كفن تركوا بفخ غدوة *** في غير منزلة الوطن كانوا كراما فانقضوا *** لا طائشين ولا جبن غسلوا المذلة عنهم *** غسل الثياب من الدرن هدي العباد بجدهم *** فلهم على الناس المنن وقال آخر : يا عين ابكي بدمع منك منهمر *** فقد رأيت الذي لاقى بنو حسن صرعى بفخ تجري الريح فوقهم *** أذيالها وغوادي الدلج المرن حتى عفت أعظم لو كان شاهدها *** محمد ذبّ عنها ثم لم تهن

وقتل مع الحسين يومئذ سليمان بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن ، وعبد اللّه بن إسحاق بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن قتلا في المعركة. وكان فيهم الحسن بن محمد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، فطلب الأمان ، فأمنه العباس بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن العباس ، فصار إليه ، فاستسقاه ماء ، فأمر له بماء فهو يشرب إذ أتاه محمد بن سليمان بن علي بن عبد اللّه بن العباس من خلفه ، وهو واقف يشرب ، فضربه بسيفه ، فرمى برأسه ، فلما قتله شدّ عليه موسى بن عيسى بالسيف ، فقال له : بابن الخنا ، أقتلت خالي بعد الأمان ، فقد أحلّ اللّه دمك. فزجرهما العباس بن محمد حتى يكفّا.

واستأمن منهم علي بن إبراهيم ، فاومن ، وحمل الى الهادي ، فحبسه ، وأمر في عبد اللّه بن الحسن بن علي بن الحسن ، فحمل أيضا ، ثم حبس حتى خليا بعد ذلك ، وتفرق كل من كان مع الحسين بعد أن قتل من قتل بفخ من الطالبيين.

ص: 329

[ يحيى بن عبد اللّه ]

فلحق يحيى بن عبد اللّه (1) بالديلم فظهر فيهم ، ودعا الى نفسه ، - وجمع الجموع هناك واستعدّ للحرب واستجأش بالديلم ، وغيرهم.

وعلم هارون الرشيد ، فأرسل إليه الفضل بن يحيى بن برمك ، وعقد له على الخيل وثغور الديلم وطبرستان وما يليهما ، وضمّ إليه خلقا كثيرا من الجنود من قواد خراسان وغيرهم ، فسار إليه الفضل بن يحيى ، ونزل بازائه وكاتبه وآتاه الأمان والعهود المؤكدة ، ووعده بالإحسان والهبات والصلاة والجوائز والقطائع ، وأرغبه ، ومشت السفراء بينهما بذلك حتى أجابه الى قبول ما عرض عليه من الأمان ، والدخول فيه بغير حرب ، ولا قتال ، فتقدم به الفضل به يحيى على الرشيد ، وقد كان يتخوف سوء كتمه وشدة أمره وهاله وكبر في صدره موقع ما كان من الفضل بن يحيى في ذلك عنده وسرّ به. وكان الفضل يلاطف يحيى بن عبد اللّه ويبره ، فبلغ ذلك الرشيد فجفا الفضل وغضب عليه ، حتى كلمته فيه أمّ محمد بنت الرشيد ، فرضي عنه. ثم بعث الرشيد بعد ذلك بيحيى بن عبد اللّه الى المدينة فحبسه بها ، فلم يزل محبوسا حتى مات (2). وقيل : إنه حبسه في بئر ، فوجد فيها ميتا قد غص على حملها (3).

ص: 330


1- وهو من أصحاب الحسين صاحب فخ الناجين من القتل فاستتر مدة يجول في البلدان ويطلب موضعا يلجأ إليه حتى لحق بالديلم.
2- قال ادريس بن محمد بن يحيى بن عبد اللّه : قتل جدي بالجوع والعطش في الحبس.
3- هكذا في الاصل. قال علي بن إبراهيم العلوي يرثيه : يا بقعة مات بها سيد *** ما مثله في الأرض من سيد مات الهدى من بعده والندى *** وسمي الموت به معتدي فكم حيا حزت من وجهه *** وكم ندى يحيى به المجتدي لا زلت غيث اللّه يا قبره *** عليك منه رائح مغتدي كان لنا غيثا به نرتوي *** وكان كالنجم به نهتدي فإن رمانا الدهر عن قوسه *** وخاننا في منتهى السؤدد فمن قريب نبتغي ثاره *** بالحسنيّ الثائر المهتدي إن ابن عبد اللّه يحيى ثوى *** والمجد والسؤدد في ملحد

[ إدريس بن عبد اللّه ]

وكان إدريس بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، قد شهد مع الحسين بن علي فخ ، فلما كان من الأمر ما كان اخرجه مولى له يقال له : راشد ، مختفيا حتى سار به الى مصر. ثم أخرجه منهما حتى سار الى المغرب ، فأظهره وعرفه أهل البلاد من البربر ، فأجابوه ، وتولوه. فلم يزل فيهم أمره يقوى ويزيد إلى أن بلغ ذلك الرشيد ، فوجه إليه مولى كان يسمى المهدي ، يقال له : شماخ ، وكان شيخا مجربا محكما وأمره بأن يحتال عليه ويقتله ، فخرج شماخ حتى صار الى المغرب ، وتوصل الى إدريس بعلم الطب ، وليس في موضع طبيب (1) ، فقرّبه ، وأنس به انسا شديدا. ثم شكا إليه علته ، فصنع له دواء ، وجعل فيه سما ، فسقاه إياه ، ومات ، وهرب شماخ فلم يقدر عليه ، وصار الى الرشيد ، فأخبره ، وأجازه ، وأحسن إليه ، وخلف إدريس حملا بام ولد ، فولدت ولدا سمي إدريس. وبلغ وضبط الأمر ، وولد له فسماه محمد ، فتناسلوا وكثروا وهم في المغرب.

[ أحمد بن عيسى ]

وصار أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الى عبادان ناحية البصرة. فبلغ هارون أنه تحرك بها للقيام ، فار تحل هارون لما بلغ إليه الخبر من الكوفة الى مدينة السلام ، وذلك في سنة خمس وثمانين ومائة

ص: 331


1- قال أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 326 : وكان طبيبا.

وأرسل الى العمال بالقبض عليه. وكان أحمد بن عيسى بن زيد وابن ادريس يترددان من البصرة وكور الاهواز ونواحيها وأطرافها. فكتب الرشيد الى أبي [ الساج ] (1) مع اخيه الرشيد الخادم وكان على البحرين ، والى خالد بن الأزهر وكان بالأهواز ، بالسمع والطاعة لعيسى الدوراني (2). وأمر عيسى بطلب أحمد بن عيسى بن زيد ، فقدم الأهواز ، وأظهر أنه قدم لأخذ الزنادقة ، وانصب إليه الهدايا والالطاف ، وجاء العمال ، وهابه الناس. وجعل يسأل سرا عن أحمد بن عيسى. فجاءه رجل من البربر ، وكان يختلف الى أحمد بن عيسى ، ويخدمه ويمشي في حوائجه واموره فذكر له أنه وابن ادريس يختلفان الى عبادان والى ربط اخرى والى البصرة اخرى. فقدم عيسى البصرة ، وأخبر أن هناك رجلا من شيعتهم لا يدين اللّه إلا بمحبتهم وموالاتهم ، وأنه رجل مؤثر ومكثر ، وله جمع وعدة ، ومنعة. فدسّ رجلا عنه إليهما برسالاته وكتابه ، وضرب فيه على خطه حتى داخلهما الرسول ، وعلم مكانهما ووثقا به واطمأنا إليه ، فأخبرهما بأخبار عيسى ، وأخافهما عنه ، فسألاه عن حيلة إن كانت عنده لهما ، فقال : أنا اخرجكما إن شئتما الى مصر ، وإن شئتما الى المغرب.

قالا : فأيّ طريق تأخذ بنا؟.

قال : على واسط ، ثم اخرجكما على الدواب وآخذكما على طريق الكوفة.

فوثق القوم به واطمأنوا إليه ، وكان معهم الخضر كاتب إبراهيم بن عبد اللّه. فحملهم من البصرة في سفينة الى واسط ، وقال : اسبقكم إليها لأكري لكم الدواب حتى تقدموا ، وقد فرغت من حوائجكم.

فقالوا : امض على اسم اللّه.

فمضى ، وجاء الى أبي [ الساج ] ، فأخبره. فأرسل أبو الساج معه قوما من

ص: 332


1- هكذا صححناه وفي الاصل : ابن شماخ.
2- وفي مقاتل الطالبيين ص 412 : عيسى الرواوزدي.

ثقاته ، وأمرهم ولا يعلمونهم أنهم من أسباب السلطان في شيء حتى يوافوا بهم. ومضى الى مدينة السلام (1) ، فدخل على الرشيد ، وأخبره انه ظفر بهم وحملتهم السفينة ، وأرسل الرشيد من ينزلهم ويأتيه بهم.

وجاءهم الرجل مع أعوان أبي الساج ، فذكر لهم أنهم قوم سيارة ، وأنه قد اكترى لهم. فلما صاروا الى [ بعض الطريق ] (2) أتاهم أهل الصدقة ليأخذوا ما يجب عليهم. فخلى أصحاب أبي الساج بهم ، وأخبروهم الخبر أنهم أعوان أبي الساج ، وعرفوهم أمرهم ، فتركوهم ، وسمع ذلك أحمد بن عيسى ، ومن معه ، فعلموا ما صاروا إليه ، فلما حضرت صلاة الظهر نزلوا ليصلّوا ، فتسلّلوا من بين النخيل وتركوا السفينة ، وما فيها لهم من قليل وكثير (3).

فلما انتهوا الى واسط وجدوا رسل الرشيد الذين بعث بهم ليستلموهم منهم. فأخبروهم بخبرهم. فمضى بهم أعوان الرشيد ، فأوصلوهم إليه ، فضربهم ضربا مبرحا ، وصيّرهم الى المنطبق (4) ، وأمر بقتل أبي الساج وصلبه ، وقال : صانعت وداهنت عليّ. فسأله فيه أخوه ، واستعان عليه ، فتركه.

وامر بطلبهم ، فثبت عنده أن الخضر - كاتب ابراهيم - مات فامر به فنبش ، واحرق بالنار ، وأفلت الباقون ، وصار أحمد بن عيسى وابن ادريس الى البصرة واستتر بها. ثم خرجا الى الكوفة.

ثم عاد أحمد الى البصرة وكان بها مختفيا الى أن مات على ذلك. وخلف ابنيه محمدا وعليا مستترين. وتوفي محمد بالشام ، وإليه انتمى الناجم بالبصرة

ص: 333


1- اسم لمدينة بغداد الحالية.
2- هكذا صححناه وفي الاصل : صاروا الى الجاز الاكبر.
3- وأظن أن هنا كلمة ساقطة : وطال انتظار الموكلين بهم ، فلم يعرفوا خبرهم وما الذي أبطأ بهم ، فخرجوا يطلبونهم فلم يجدوهم ، وتتبعوا آثارهم وجدّوا في أمرهم ، فرجعوا إلى الزورق خائبين حتى وصلوا واسط.
4- السجن المظلم تحت الارض.

سنة خمس وخمسين ومائتين سنة المعروف العلوي (1).

[ أبو السرايا ]

ثم قام أبو السرايا - وهو السري بن المنصور من بني ربيعة [ بن ذهل بن شيبان ] (2) سنة تسع وتسعين ومائة يدعو الى محمد بن إبراهيم طباطبا ولم يسمه ، وأظهر الدعاء الى الوصي من آل محمد والى كتاب اللّه وسنّة نبيه صلی اللّه علیه و آله ، وكان ذلك سبّب أن أبا السرايا من الجند مع هرثمة (3) بن أعين ، فمنعوه إذرافه ، فغضب ، وخرج حتى أتى الابصار ، فقتل العامل بها. وأتى بن طباطبا محمد بن إبراهيم ، وكان في حبس الرشيد ، كانت فتنة محمد بن رشيدة وفتحت السجون ، خرج فيمن خرج الى ناحية الرقة مع محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر ، وكان معه في حبس الرشيد ، وكان محمد قد سار إليها يدعو الى نفسه ، فمات قبل أن يصل إليها ، ووصل محمد بن ابراهيم طباطبا فحاول الدعوة الى نفسه بها ، فلم يمكنه ذلك ، فصار الى الكوفة واستتر بها الى أن دخل أبو السرايا ، فبايعه ، وقام يدعو إليه ، واستجاب له بشر كثير ، وأقبل بهم وأخذوا واسط الكوفة ، وأظهر أمر محمد بن إبراهيم طباطبا العلوي ، وسار بهم حتى دخل الى نهر صرصر. فأرسل حسن بن سهل [ عبدوس بن عبد الصمد وهارون بن محمد ] (4) بن أبي خالد في عسكر إليهم ، فالتقوا بهم ، فلم يصنعوا شيئا ، فبعث الحسن بن سهل الى هرثمة (5) ، وهو يخلو أنه يريد الى خراسان نحو المأمون فردّه ، وبعثه إليهم - الى [ نهر ] صرصر - والتقى بهم ، فهزمهم ، واتبعهم الى قصر ابن هبيرة(6) ،

ص: 334


1- هكذا في الاصل.
2- هكذا صححناه وفي الاصل : الحسن بن المنصور بن رسعة.
3- هكذا صححناه وفي الاصل : هزيمة.
4- هكذا صححناه وفي الاصل : عدوس بن محمد وابن أبي خالد.
5- هكذا صححناه وفي الاصل : هزيمة.
6- أنساب الاشراف 3 / 266.

وقتل منهم خلقا كثيرا ، وانهزموا. وادخلوا الكوفة. ومات محمد بن إبراهيم طباطبا العلوي. وقام أبو السرايا مكانه فتى من العلويين ، يقال له : محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين ، ولم يزل هرثمة يحاربهم حتى ضعفوا وهرب أبو السرايا ، ودخل هرثمة الكوفة وأقام بها أياما ، ثم توجه الى المأمون وهو بخراسان ، فظفر بعد ذلك بأبي السرايا والعلوي الذي كان معه قد أقامه. فقتل أبا السرايا (1) ، وحمل العلوي الى المأمون الى خراسان. فكان الذي ... منهما الحسن بن سهل. وقطع أبا السرايا نصفين وصلبه على باب الجسر (2) ، وبعث بمحمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين الى المأمون الى خراسان (3).

[ ابن الأفطس ]

وقتل في أيام المأمون عبد اللّه بن الحسن بن علي بن علي بن الحسن

ص: 335


1- قال الهيثم بن عبد اللّه الخثعمي في رثائه : وسل عن الظاعنين ما فعلوا *** وأين بعد ارتحالهم نزلوا يا ليت شعري والليت عصمة من *** يأمل ما حال دونه الأجل أين استقرت نوى الاحبة أم *** هل يرتجى للأحبة القفل ركب الحت يد الزمان على *** إزعاجهم في البلاد فانتقلوا الى أن يقول أبا السرايا نفسي مفجعة *** عليك والعين دمعها خضل من كان يغضي عليك مصطبرا *** فان صبري عليك مختزل هلا وقاك الردى الجبان إذا *** ضاقت عليه بنفسه الجبل أم كيف لم تخشك المنون ولم *** يرهبك إذ حان يومك الأجل فاذهب حميدا فكلّ ذي أجل *** يموت يوما إذا انقضى الأجل والموت مبسوطة حبائله *** والناس ناج منهم ومحتبل
2- قال أبو الفرج الأصفهاني : فصلب رأسه في الجانب الشرقي وصلب بدنه في الجانب الغربي.
3- فأقام مدة يسيرة - 40 يوما - ثم دست إليه شربة فكان يختلف كبده وحشوته ، حتى مات.

المعروف بابن الأفطس (1). وكان ممن حضر وقعة فخ ، وأخذ الأمان ، ثم حبس بعد ذلك ، ثم أقدم عليه جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك ، فضرب عنقه.

[ الحسن بن الحسين بن زيد ]

والحسن بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب علیه السلام ، قتل مع أبي السرايا بالتنوين.

[ زيد بن عبد اللّه ]

وزيد بن عبد اللّه بن الحسن [ بن الحسن ] بن علي بن أبي طالب علیه السلام ، قتل أيضا بالتنوين.

[ علي بن عبد اللّه ]

وعلي بن عبد اللّه بن الحسن بن محمد بن عبد اللّه بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب ، قتل باليمن مع ابراهيم بن موسى (2).

[ محمد بن جعفر بن محمد ]

وقام جماعة من العلويين في سنة المائتين على المأمون ، وكان من قام منهم عليه محمد بن جعفر بن محمد ، قام بمكة ، فبايعه أهل الحجاز وتهامة على الخلافة ولم يبايعوا أحدا من ولد علي قبله ، وادعى الإمامة.

وكانت قد أصاب إحدى عينيه شيء ، فاستبشر به. وقال : إني لأرجو أن

ص: 336


1- هكذا صححناه وفي الاصل : عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن الحسن المعروف بالافطس.
2- وفي نسخة : قتله باليمن ابراهيم بن موسى.

أكون [ المهدي ] القائم ، فقد بلغني أنه يكون في إحدى عينيه شيء. فانفذ إليه الحسن بن سهل وهارون بن موسى المسيب ، وعيسى بن يزيد الجلودي وورقاء بن محمد الشيباني وهم من جملة قواد المأمون وأوقعوا على أصحابه بالمدينة ومكة وقتلوا منهم خلقا كثيرا ، وتفرق عامتهم واستأمن ، واكذب نفسه فبما ادعاه من الإمامة ، فاومن وحمل الى المأمون الى خراسان ، فمات بها (1).

وقام بالبصرة ابنه علي بن محمد بن جعفر وأقامه معه العباس بن محمد بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.

ثم قام معهما بها زيد بن موسى بن جعفر ، فظفر بهم أجمعين ، وحملوا الى المأمون فعفا عنهم ولطف بهم ، وأقاموا عنده بخراسان.

ص: 337


1- راجع مقاتل الطالبيين ص 360.

[ ولاية العهد للامام الرضا علیه السلام ]

وقيل : إنه وقع الى المأمون رجل من الشيعة فكاسره (1) ، فقامت الحجة عليه ، وانقطع المأمون وأراه القبول لما أجابه ، وجعل يستحثه عن إمام الزمان عندهم ، فأومى له علي بن موسى بن جعفر بن محمد ، فرأى أنه قد ظفر ببغيته ، ودبر امرا وأدار الحيلة فيه أن يظهره ويدعو إليه ، ثم يعمل في قتله ، ولم يطلع أحدا من الناس على باطن مراده في ذلك [ كي ] لا يفشوا ذلك عنه غير أنه دعا الفضل بن سهل فقال له : هل أنت مانعي من أمر أردته.

قال : وما ذاك يا أمير المؤمنين؟

قال : ابايع الرجل من ولد علي بن أبي طالب علیه السلام وأختاره وأسرّ هذا الأمر إليه.

فقال له الفضل : ما أردته يا أمير المؤمنين ، فأنا معك عليه.

وبلغ ذلك الحسن بن سهل ، فأنكره على الفضل ، واجتمعا عند المأمون ، فقال للفضل : أما علمت أبا محمد؟

قال : نعم يا أمير المؤمنين.

قال : فما قال فيه؟

قال : نفر منه ، فأنكره عليّ.

ص: 338


1- أي خاصمه.

فقال الحسن : أياذن لي أمير المؤمنين بالكلام؟

قال : تكلم.

فتكلم وعظّم دولة بني العباس وقدر المأمون ، وذكر ما يتخوفه من الانحراف إن فعل ما ذكر.

فقال المأمون : قد رأيت أما يكون على هذا الأمر ثلاثة ما رآني واحد منا.

قد ذهب ، ثم أغلظ في القول ووكد قوله. وذكر أنه لم ير في أهله من يصلح لذلك ، وان كان عاهد اللّه أن يظفر بالمخلوع أن يصير هذا الأمر إليه في ولد علي علیه السلام .

فلما سمع الحسن منه ذلك ورأى عزمه عليه قال : رأيي مع رأيك يا أمير المؤمنين.

فأمر أن يخرج الى بغداد وأن يتلطف بإشخاص علي بن موسى إليه برفق واكرام (1) ، وكان علي بن موسى بالشام (2). فلما صار الحسن الى بغداد ، وكان المأمون كتب معه الى علي بن موسى ، وأرسل به الحسن رسولا إليه ، وكتب معه كتابا ، وكان ذلك الكتاب قبل أن يشخص إليه من كان قام عليه من الطالبيين ، وأمره بإشخاصهم معه وكتب الى الجلودي في حمل محمد بن جعفر ، وعلي بن موسى ، وعلي بن الحسن بن زيد ، وإسماعيل بن موسى ، وابن الارقط ، ومن كان قد خرج ، فحملهم الجلودي وأخذ بهم على طريق البصرة وإبراهيم بن المهدي بها ، وقد انتهى الخبر إليه ، وما اريد به علي بن موسى بن جعفر ، وذكر ذلك لمن يخصه من العباسيين وغيرهم ، فأشار عليه إسماعيل بن جعفر بن سليمان بن علي بقتل علي بن موسى بن جعفر بن محمد ، فلم يقدر إبراهيم على ذلك. وحملوا على طريق الأهواز ، وصاروا الى فارس فلقيهم رجاء

ص: 339


1- هكذا صححناه وفي الاصل : بر وإكرام.
2- لم يكن الامام الرضا علیه السلام بالشام أبدا.

بن الضحاك وتسلمهم من الجلودي ، وقدم بهم على مرو وعلى المأمون لعشر خلون من جمادى الآخر سنة إحدى ومائتين ، فصيروا في دار ميدان الفضل ، ويقال لها : داراسي ، أنزل علي بن موسى منها في بيت وحده ، والباقون في بيت آخر بجماعتهم وفرش لهم. وجاء الفضل فدخل الى علي بن موسى بن جعفر متعظما له ، [ فأخبره ] (1) أنه يوجب حقه ، ثم ذكر ما أراد له ، فرأى عنه انقباض. ثم ادخل على المأمون فاكرمه وشكره كما كان من تركه التعرض لما دخل فيه أهلا. وأن محله عنده محل العم لسنه وقدره ، وأمر له بوسادة ، فصيرت له بقربه ، وأجلسه عليها ، وأذن الناس حتى رأوا ذلك ، وانصرف ، ثم نقلهم من تلك الدار الى غيرها. وادخل علي بن موسى عليه في حجره من داره ليس بينه وبينه إلا ستر ، وجعل الفضل يراسله ويكاتبه في أن يبايع له وهو في كل ذلك يأبى.

ثم لقيه الفضل بنفسه في ذلك ، فقال له : إن أمير المؤمنين أعطى اللّه عهدا أن يصير هذا الأمر في خير من يعلم ، وليس ذلك إلا أنت.

قال [ علیه السلام ] : فلست كذلك.

وامتنع ، وأدخله المأمون الى نفسه ، فقال : يا أبا الحسن إني أعطيت اللّه عهدا ، ولست تاركه حتى اصير هذا الامر إليك من بعدي ، وقد علمت أن عمر بن الخطاب أدخل عليا في الشورى ، وأمر بضرب عنقه إن لم يصر الى أمره (2).

ولم يزل به حتى أجابه وذلك بعد قدومه شهر رمضان سنة احدى ومائتين ، وكان المأمون قبل ذلك بأيام لبس الخضرة ، وكساها رجاله ، وأمر الناس بلباسها ، ولبسها الناس جميعا ، ولبسها القاضي ، وجلس المأمون للبيعة لعلي بن موسى ، وسماه الرضا ، وأمر بوسادتين ، فاكثر حشوهما حتى لحقا بفراشه ، ثم

ص: 340


1- هكذا صححناه وفي الاصل : فخبره.
2- الارشاد ص 310.

أجلس عليا عليهما وعليه عمامة وسيف ، ثم أمر العباس ابنه بالبيعة له والناس ، فرفع علي بن موسى يده فتلقها بظهرها وجه نفسه ، ينظر وجوههم. فقال له المأمون : ابسط يديك ليبايعك القوم.

قال : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كان إذا بايع فعل هكذا.

فبايعه القوم من الهاشميين وغيرهم من الصحابة والقواد.

وخرج الفضل بن سهل على الناس ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، وصلّى على النبي وعلى أهل بيته ، وبشرهم بما منّ اللّه به عليهم من رأي أمير المؤمنين في البيعة للرضا إذا كان ابن علي بن أبي طالب علیه السلام وابن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

وأمر للناس برزق سنة. ثم جلس المأمون في يوم الخميس بعد أربعة أيام ، فأذن للناس فدخلوا ، والرضا في المجلس الذي كان فيه بويع ، والفضل بينهما على كرسي ، والعباس بن المأمون على يسار أبيه على وسادة واحدة ومحمد بن جعفر في أول الصف يسرة وعبد اللّه بن الحسن بن عبد اللّه بن العباس بن علي بن أبي طالب علیه السلام على اليمين دون إسحاق بن موسى بن عيسى بن محمد بن علي بن إسماعيل بن عبد اللّه بن العباس ، والى جنب عبد اللّه بن الحسن بن الفضل ، ثم عبد الصمد. ثم دخل باقي الطالبيين والعباسيين ، واجلسوا دون هؤلاء في الايوان متصلين بهم.

واقيم للناس سماطين على رسومهم ، وأتى بالمال ، فصبوا بدرا (1) في وسط الدار. وقالت (2) الخطباء والشعراء ، فذكروا فضل أمير المؤمنين ، وما كان منه في الشعر وذكر فضل علي بن أبي طالب علیه السلام .

ثم قام أبو العباد في آخر الايوان ، فبدأ بالعباس بن المأمون ، فقام العباس ،

ص: 341


1- بدرا جمع بدرة وهو ما يصرّ فيه المال.
2- وفي نسخه ز : وقامت.

فدنا من أبيه ، فقبّل يده ، وأمره بالجلوس. ثم نادى محمد بن جعفر بن محمد ، فلم يقم ، فأشار إليه الفضل أن قم ، فقام ، فدنا من أمير المؤمنين ، ثم مضى نحو حارسه ، وهكذا كانت السنّة عندهم ، فلما كان في وسط الايوان ناداه المأمون (1) : يا أبا جعفر ارجع الى مجلسك.

ثم نودي بعلوي وعباسي حتى انفضّ المجلس (2).

وأعطى محمد بن جعفر ستين ألف دينار ، وأعطى كذلك عبد اللّه بن الحسن ، وعيسى بن يعقوب ، وعبد الصمد بن علي ، وإسحاق بن موسى ، وعيس لكل واحد منهم ستين ألف دينار. وأعطى علي بن الحسن وزيد العلوي أربعين ألف دينار. وأعطى إسماعيل بن موسى وغيره من الطالبيين لكل واحد منهم ثلاثين ألف دينار.

وجلس علي بن موسى في مجلس المأمون يوم الجمعة بعد الصلاة. ودخل الناس إليه كما كانوا يدخلون الى المأمون ، وطرز الطراز ، وضرب السكة باسمه ، وزوّج المأمون ابنته أمّ الفضل من محمد بن علي بن موسى.

وأقام علي بن موسى على ذلك مع المأمون باقي سنة إحدى ومائتين وشهرا وإحدى عشرة ليلة من سنة ثلاث ومائتين ، ثم سقي السم.

[ شهادة الامام الرضا علیه السلام ]

[1210] قال أبو الصلت (3) للعراقي : دخلت على علي بن موسى حين بويع له ، فقال لي : ما ترى ما وقعت فيه؟

قلت : خير إن شاء اللّه تعالى.

ص: 342


1- هكذا صححناه وفي الاصل : المؤمنون.
2- قال الطبرسي في اعلام الورى ص 321 : ثم جعل أبو عباد يدعو بعلوي وعباسي فيقبضان جوائزهما حتى نفذت الأموال.
3- هكذا في الاصل وأظنه كما في الروايات أبا الصلت الهروي.

قال : أيّ خير في هذا؟

ثم عدت إليه بعد ، فقال : يا أبا الصلت قد واللّه فعلوها - يعني أنهم سقوه (1) -.

واعتلّ يوم الأحد لأربع عشرة ليلة خلت من صفر سنة ثلاث ومائتين. وأظهر المأمون [ الحزن ] عليه.

وان ذلك انما نالهما من طعام أكلاه جميعا ، فلما كان ليلة السبت لثلاث بقين من صفر سنة ثلاث ومائتين صرخ على علي بن موسى ، وأرسل الى اسماعيل وزيد ومحمد بن جعفر فجيء بهم في جوف الليل ، وأصبح علي ميتا.

وخرج المأمون الى الناس ، فقال : أصبح الرضا صالحا فالحمد لله. وانصرف الناس وأمر باحضار الناس دار المأمون في نصف النهار ، وأجمعوا ، وأظهروا موته ، فلما خرجت جنازته قام المأمون باكيا.

ثم قال : لقد كنت اريد أن يجعلني اللّه المقدم قبلك للموت ، فأبى اللّه إلا ما أراد ، لو لا أني خفت أن يقول قوم إنك لم تمت ما اظهرتك للناس طبابك (2).

ثم حمل لبنة لقبره ، فقال له بعضهم : يا أمير المؤمنين ، أنا أحملها.

فقال : استكثر هذا لأخي.

ثم مشى الى القبر ، وأظهر من الجزع عليه شيئا عجيبا.

[1211] وروي عن منصور بن بشير ، قال : سمعت عبد اللّه بن بشير ، يقول : أستغفر اللّه ، وما أظنه يغفر لي.

فقلت : سبحان اللّه ، وكيف ذلك؟

ص: 343


1- أي السم.
2- هكذا في الاصل.

قال : دخلت يوما على المأمون - ونحن بخراسان - فقال لي : متى أخذت أظفارك ، يا أبا عبد اللّه؟

قلت : مذ جمعة.

فقال : طوّلها الى جمعتين.

ففعلت ، ثم جئته ، فقلت له : يا أمير المؤمنين قد فعلت ما أمرتني به من تطويل أظفاري. فأمر بخادم ، فجاء بجام مختوم ، ففكّ ختامه ، وكشف عنه ، وإذا فيه شيء شبيه بالتمر الهندي ، فقال لي : امرس هذا بيدك. ففعلت.

ثم قال لي : دع يديك حتى تجفا. وأمر بالاسراج ، وقد كان الرضا عليلا. فركب إليه ، وأمرني أن أركب ، فركبت معه ، فلما دخل عليه سأله عن حاله ، فأقبل يخبره. فقال له : ألم يأتك أحد من هؤلاء المترفقين؟

فقال : لا.

فجرد (1) ، وصاح على غلمانه ، فقال : أفلم تأخذ شيئا؟

قال : لا.

قال : فماء الرمان مما ينبغي ألاّ تفارقة ، يا غلام عشر رمان.

فجيء بها ، فرماها إليّ ، وقال : قشرها يا أبا عبد اللّه ، وامرسها ففعلت ( ويداي على حالهما. ثم أخذ قدحا من ماء الرمان بيده وسقاه ) (2) إياه. فما أقام إلا يوما حتى مات (3).

ص: 344


1- وفي الارشاد : فغضب المأمون.
2- ما بين القوسين من نسخة ز.
3- وفي الارشاد واعلام الورى : إلا يومين حتى مات.

[ أيام المعتصم ]

وقام على المعتصم :

محمد بن القاسم بن علي بن عثمان (1) بن علي بن الحسين بالطالقان ، ودعا الى نفسه ، واستجاب له جماعة ، ثم أخذه عبد اللّه بن طاهر ، وأرسله الى المعتصم في سنة تسع عشر ومائتين مقيدا في محمل بلا وطاء ، وعليه جبة من صوف ، فحبسه المعتصم ، فاحتال في الخلاص ، وخلص من الحبس ، وهرب.

وقام عبد اللّه بن الحسن بن عبد اللّه بن اسماعيل بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب ودعا الى نفسه ، فاخذ ، وحبس [ في سامراء ] ، ومات في الحبس.

[ أيام المتوكل ]

وقام منهم في أيام المتوكل :

الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسين بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

وقام بالري ، أحمد بن عيسى بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

وقام هارون بن الحسين - ويعرف بالكركي - بن أحمد بن محمد بن اسماعيل بن محمد - المعروف بالارقط - بن عبد اللّه بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

وقام بالحجاز اسماعيل بن يوسف بن ابراهيم بن موسى بن عبد اللّه بن [ الحسن بن ] الحسن بن علي بن أبي طالب ، وهو ابن عشرين سنة.

وقام بعده محمد بن يوسف وهو أخوه الاكبر منه عشرين سنة ، ويعرف بالاخصير.

ص: 345


1- وفي مقاتل الطالبيين ص 382 : محمد بن القاسم بن عمر بن علي بن الحسين.

وقام أيضا عبد اللّه بن موسى [ بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ].

[ أيام المستعين ]

وممن قام منهم في أيام المستعين :

قام بالكوفة ، يحيى بن عمر بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (1).

وقام أيضا معه عبد اللّه بن اسماعيل بن ابراهيم بن محمد بن علي بن محمد بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.

وصالح ، وابراهيم ابنا عثمان بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

وأحمد بن محمد بن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

[ أيام المهتدي ]

وممن قام منهم في أيام المهتدي :

يحيى بن عبد الرحمن بن القاسم بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

ومحمد بن عبد اللّه [ بن اسماعيل بن ابراهيم بن محمد بن عبد اللّه بن أبي الكرام بن محمد بن علي ] (2) بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.

ومحمد بن الحسن بن محمد بن الحسن بن زيد بن محمد بن ابراهيم بن الحسن بن زيد بن علي بن أبي طالب.

ص: 346


1- هكذا صححناه وفي الاصل : يحيى بن عمير بن يحيى بن الحسين.
2- هكذا صححناه وفي الاصل : محمد بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.

ومحمد بن الحسن بن محمد بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

وجعفر بن محمد بن اسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

وممن قام منهم في أيام المهتدي أيضا :

موسى بن عبد اللّه بن موسى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

وابنه ادريس بن موسى.

وابن أخيه محمد بن يحيى بن عبد اللّه بن موسى.

وأحمد بن زيد بن الحسن بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن [ علي بن ] أبي طالب.

وابراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن ابراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (1).

وعيسى بن اسماعيل بن جعفر بن ابراهيم [ بن محمد بن علي ] بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.

[ أيام المعتمد العباسي ]

وممن قام منهم في أيام المعتمد :

محمد بن أحمد بن موسى بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب (2).

وأحمد بن محمد بن عبد اللّه بن ابراهيم طباطبا [ بن الحسن ] بن اسماعيل بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، وكان لقيه : نعثل.

ص: 347


1- هكذا في الاصل.
2- وأظنه محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن علي بن عمر بن علي.

وحمزة بن الحسن بن محمد بن جعفر بن القاسم بن إسحاق بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.

ومحمد بن جعفر بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

وعبد اللّه بن علي بن يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

ومحمد بن أحمد [ بن محمد ] بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

والحسن بن ابراهيم بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن [ علي بن الحسين بن ] علي بن أبي طالب.

ومحمد بن عبد اللّه بن عبد اللّه [ بن ] الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ويعرف بالعصفي.

والحسين بن محمد بن حمزة بن عبد اللّه بن الحسين بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

ومحمد بن ابراهيم بن موسى بن ابراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن القاسم بن اسحاق بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.

وعبد اللّه بن الحسن بن ابراهيم بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

وعلي وعبد اللّه ابنا موسى بن عبد اللّه بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

وعلي بن جعفر بن هارون بن اسحاق بن الحسن بن زيد [ بن الحسن ] بن علي بن أبي طالب.

ومحمد بن عبد اللّه بن جعفر بن محمد بن عبد اللّه بن جعفر بن ابراهيم بن محمد بن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب.

ص: 348

[ أيام المعتضد العباسي ]

وممن قام منهم في أيام المعتضد :

محمد بن عبد اللّه بن محمد بن القاسم بن حمزة بن الحسن بن عبيد اللّه بن العباس بن علي بن أبي طالب.

ومحمد بن زيد بن محمد بن اسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، وابنه زيد بن محمد.

[ أيام المكتفى العباسي ]

وممن نسب الى القيام أيام المكتفي :

محمد بن علي بن ابراهيم بن محمد بن [ الحسن بن جعفر بن عبيد اللّه بن الحسين بن علي ] بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

ومحمد بن حمزة بن عبيد اللّه بن العباس بن [ الحسن بن عبيد اللّه بن العباس ] بن علي بن أبي طالب.

فهذه أسماء الذين قاموا يدعون الامامة من الطالبيين الى أن قام المهدي باللّه أمير المؤمنين (1) ، وكانوا كما وصفهم الإمام محمد بن علي عليه وعلى الائمة من آبائه وذريته أفضل السلام : مثل أفراخ نهضت من أعشاشها قبل أن تستوي أجنحتها كما كان إلا أن نهض كل فرخ نهضة أو نهضتين حتى أخذه الصبيان يتلاعبون به. فمن هؤلاء من قتل ، ومنهم من حبس فمات في الحبس ، ومنه من غلب عليه ، فهرب ، فمات مطلوبا مختفيا. وهذا عاجل الجزاء في الدنيا (2).

ص: 349


1- اشارة الى الخليفة الفاطمي.
2- فهذا حكم مستعجل على ثوار قاموا لله ودافعوا عن دينه وطلبوا الشهادة لاجل مرضاته.

فمن سمي بغير اسمه وطلب ما ليس له ، وتعجيل ما أجل اللّه تعالى ، ووضع الأمر في غير موضعه الذي وضعه سبحانه. وقد كان من هؤلاء ما كان ومن غيرهم ممن قام منهم بغير أسباب السلطان بل بالبغي من بعضهم على بعض وعلى الناس ما يطول ذكره وذكر أخبارهم. وكيف تفرقت الأحوال بهم ، وقتل من قتل منهم (1) ، وذلك ما يخرج ذكره عن حدّ هذا الكتاب لطوله ، ولأن ذلك لو ذكر في هذا الكتاب لقطع المراد به.

وانما ذكرنا هذه الجملة من أخبارهم عن تشبههم من أفرد اللّه جلّ اسمه بالقيام بحقه ، وتقدم الخبر أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بصفته وحاله ووقته ، وعن آبائه بذلك بالدلالة عليه والتحذير من ادعى مقامه والتقدم بين يديه ، والأخبار بأن ذلك يوجب هلاك من فعله ، وادعاه ، وقام بما ليس له به منه ، وكان ما حلّ بهؤلاء مصداق ما قاله الائمة من آبائه صلوات اللّه عليهم ، فلم يزالوا واحدا بعد واحد منهم مستترين لتغلّب أعداء اللّه عليهم حافظين لامانة اللّه عندهم التي .... من الإمامة التي أوجبها على العباد لهم وما استودعهم من مكنون علمه بنقله واحد الى واحد منهم صار ذلك عنهم إليه ، صلوات اللّه عليه (2) .

ص: 350


1- أقول : نستنتج من مفاد كلام المؤلف أن من ادعى الإمامة والمهدوية فيما سبق الدولة الفاطمية باطلة لأنها لم تدم ، ولو استقامت لفترة من الزمان فسرعان ما غلب عليهم الظالمون أو أزلامهم وأبادوهم أو فرقوهم. وأن المهدي الفاطمي هو الحق المهدي الموعود لان دولته تدوم الى الأبد وتشمل البلدان شرقا وغربا ، وتجسد فيها كل ما ذكره النبي صلی اللّه علیه و آله والائمة الأطهار علیهم السلام من التنبوءات والعلامات. وبما أن هذه الدولة ازيلت كسابقتها ولم تدم بعد غزوة صلاح الدين الايوبي على مصر وقتله الفاطميين بطلت هذه الدعوى ، وأن المهدي الذي ركز المؤلف عليه وادعاه وجعله مصداقا للأحاديث والاخبار التي يذكرها المؤلف فيما يأتي وادعى صحتها متنا وسندا ودلالة لم يكن هو المهدي الموعود. وأظن أن الذي أوقعه في هذا الالتباس هو عدم مراجعته للروايات التي تحدد عدد الائمة والخلفاء بعد الرسول الكريم. وبهذا التحديد نعرف أن المهدي الذي هو المصداق الحقيقي لما اسرده ونذكره من الروايات هو خاتمة هذه الائمة والخلفاء. والعجيب أن الأحاديث الواردة في أن الائمة علیهم السلام اثنا عشر متواترة بشكل يمكن القول بأنها من المسلّمات ، مما حدى ببعض الحاقدين والمناوئين أن يخرجوها عن مداليلها الأصلية حتى تنطبق على أناس آخرين فمهما حاولوا تجاوز العدد أو قلّ فالخلفاء الراشدون دون العدد والامويون أو العباسيون أكثر وكذلك الفاطميون. وصفوة القول أن هذه الاحاديث لا يمكن تأوليها ولا انطباقها إلا على أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام. وقد ألف بعض الاعلام كتابا يبحث عن الأحاديث الواردة عن الرسول الاكرم صلی اللّه علیه و آله في الائمة الاثنى عشر سندا ومتنا ودلالة ، أمثال الشيخ علي بن محمد الرازي في كتابه كفاية الاثر في النصوص على الائمة الاثنى عشر ، والشيخ أحمد بن محمد بن عبد اللّه بن عياش في كتابه مقتضب الأثر في النصّ على الائمة الاثنى عشر ، والشيخ محمد الكراجكي في الاستنصار في النصّ على الائمة الاطهار ، وغيرهم. وهنا نذكر عدة روايات فهي غيض من فيض : 1 - روى الحرّ العاملي في اثبات الهداة 1 / 546 الحديث 366 : عن محمد بن عثمان ، عن أحمد بن أبي خيثمة الاصبحي ، عن يحيى بن معين ، عن عبد اللّه بن صالح ، عن الليث بن سعد ، عن خلف بن يزيد ، عن سعد بن أبي هلال ، عن ربيعة بن سيف ، قال : كنا عند شقيّ الاصبحي فقال : سمعت عبد اللّه بن عمر يقول : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقول : يكون خلفي اثنا عشر خليفة. 2 - وعن زهير بن معاوية ، عن زياد بن علاقة ، وسماك بن حرب ، وحسين بن عبد الرحمن ، كلهم ، عن جابر بن سمرة : أن النبي صلى اللّه عليه وآله ، قال : يكون بعدي اثنا عشر خليفة. ثم تكلم بكلام لم أفهمه. قال بعضهم : فسألت القوم ، فقالوا : قال : كلهم من قريش. 3 - وعن جعفر بن محمد بن مسرود ، عن الحسن بن محمد بن عامر ، عن المعلّى بن محمد البصري ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة بن أعين ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : نحن اثنا عشر اماما منهم الحسن والحسين ثم الأئمة من ولد الحسين عليه السلام. 4 - وعن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن غياث بن ابراهيم ، عن الصادق عليه السلام ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي عليه السلام قال : سئل أمير المؤمنين عن معنى قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : اني مخلف فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، من العترة؟ فقال : أنا والحسن والحسين والائمة تسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم وقائمهم ، لا يفارقون كتاب اللّه ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله على الحوض. 5 - وعن علي بن أحمد بن محمد الدقاق ، عن محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي ، عن موسى بن عبد اللّه النخعي ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن الحسن بن محمد بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن يحيى بن القاسم ، عن جعفر بن محمد الصادق ، عن أبيه ، عن جده علیهم السلام ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : الائمة بعدي اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم هم خلفائي وأوصيائي وأوليائي وحجج اللّه على امتي بعدي المقرّ بهم مؤمن والمنكر لهم كافر. 6 - وعن أحمد بن محمد بن يحيى العطار ، عن أبيه ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن ثابت بن دينار الثمالي ، عن علي بن الحسين علیه السلام ، عن الحسين بن علي علیه السلام ، عن علي بن أبي طالب علیه السلام ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : الائمة من بعدي اثنا عشر أولهم أنت يا علي وآخرهم القائم الذي. يفتح اللّه تعالى ذكره على يده مشارق الارض ومغاربها. 7 - وعن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن أبي الصلت الهروي ، قال : سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول : أنشدت مولاي علي بن موسى الرضا علیه السلام قصيدة التي أولها : مدارس آيات خلت عن تلاوة *** ومهبط وحي مقفر العرصات فلما انتهيت الى قوله : خروج امام لا محالة خارج *** يقوم على اسم اللّه والبركات يميز فينا كل حقّ وباطل *** ويجزي على النعماء والنقمات بكى الرضا علیه السلام شديدا ثم رفع رأسه إليّ ، ثم قال : يا خزاعي ، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين ، فهل تدري من هذا الامام ، ومتى يقوم؟ فقلت : لا يا مولاي ، إلا أني سمعت بخروج امام منكم يطهر الأرض من الفساد ويملأها عدلا. فقال : يا دعبل الامام بعدي محمد ابني ، وبعد محمد ابنه علي ، وبعد علي ابنه الحسن ، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته ، المطاع في ظهوره ، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتى يخرج فيملأها عدلا كما ملئت جورا ... الحديث. 8 - وعن محمد بن الحسين ، عن ابن محبوب ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر علیه السلام ، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري ، قال : دخلت على فاطمة علیهاالسلام وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها ، فعددت اثني عشر آخرهم القائم ، ثلاثة منهم محمد وثلاثة منهم علي.
2- أقول : نستنتج من مفاد كلام المؤلف أن من ادعى الإمامة والمهدوية فيما سبق الدولة الفاطمية باطلة لأنها لم تدم ، ولو استقامت لفترة من الزمان فسرعان ما غلب عليهم الظالمون أو أزلامهم وأبادوهم أو فرقوهم. وأن المهدي الفاطمي هو الحق المهدي الموعود لان دولته تدوم الى الأبد وتشمل البلدان شرقا وغربا ، وتجسد فيها كل ما ذكره النبي صلی اللّه علیه و آله والائمة الأطهار علیهم السلام من التنبوءات والعلامات. وبما أن هذه الدولة ازيلت كسابقتها ولم تدم بعد غزوة صلاح الدين الايوبي على مصر وقتله الفاطميين بطلت هذه الدعوى ، وأن المهدي الذي ركز المؤلف عليه وادعاه وجعله مصداقا للأحاديث والاخبار التي يذكرها المؤلف فيما يأتي وادعى صحتها متنا وسندا ودلالة لم يكن هو المهدي الموعود. وأظن أن الذي أوقعه في هذا الالتباس هو عدم مراجعته للروايات التي تحدد عدد الائمة والخلفاء بعد الرسول الكريم. وبهذا التحديد نعرف أن المهدي الذي هو المصداق الحقيقي لما اسرده ونذكره من الروايات هو خاتمة هذه الائمة والخلفاء. والعجيب أن الأحاديث الواردة في أن الائمة علیهم السلام اثنا عشر متواترة بشكل يمكن القول بأنها من المسلّمات ، مما حدى ببعض الحاقدين والمناوئين أن يخرجوها عن مداليلها الأصلية حتى تنطبق على أناس آخرين فمهما حاولوا تجاوز العدد أو قلّ فالخلفاء الراشدون دون العدد والامويون أو العباسيون أكثر وكذلك الفاطميون. وصفوة القول أن هذه الاحاديث لا يمكن تأوليها ولا انطباقها إلا على أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام. وقد ألف بعض الاعلام كتابا يبحث عن الأحاديث الواردة عن الرسول الاكرم صلی اللّه علیه و آله في الائمة الاثنى عشر سندا ومتنا ودلالة ، أمثال الشيخ علي بن محمد الرازي في كتابه كفاية الاثر في النصوص على الائمة الاثنى عشر ، والشيخ أحمد بن محمد بن عبد اللّه بن عياش في كتابه مقتضب الأثر في النصّ على الائمة الاثنى عشر ، والشيخ محمد الكراجكي في الاستنصار في النصّ على الائمة الاطهار ، وغيرهم. وهنا نذكر عدة روايات فهي غيض من فيض : 1 - روى الحرّ العاملي في اثبات الهداة 1 / 546 الحديث 366 : عن محمد بن عثمان ، عن أحمد بن أبي خيثمة الاصبحي ، عن يحيى بن معين ، عن عبد اللّه بن صالح ، عن الليث بن سعد ، عن خلف بن يزيد ، عن سعد بن أبي هلال ، عن ربيعة بن سيف ، قال : كنا عند شقيّ الاصبحي فقال : سمعت عبد اللّه بن عمر يقول : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقول : يكون خلفي اثنا عشر خليفة. 2 - وعن زهير بن معاوية ، عن زياد بن علاقة ، وسماك بن حرب ، وحسين بن عبد الرحمن ، كلهم ، عن جابر بن سمرة : أن النبي صلى اللّه عليه وآله ، قال : يكون بعدي اثنا عشر خليفة. ثم تكلم بكلام لم أفهمه. قال بعضهم : فسألت القوم ، فقالوا : قال : كلهم من قريش. 3 - وعن جعفر بن محمد بن مسرود ، عن الحسن بن محمد بن عامر ، عن المعلّى بن محمد البصري ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة بن أعين ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : نحن اثنا عشر اماما منهم الحسن والحسين ثم الأئمة من ولد الحسين عليه السلام. 4 - وعن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن غياث بن ابراهيم ، عن الصادق عليه السلام ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي عليه السلام قال : سئل أمير المؤمنين عن معنى قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : اني مخلف فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، من العترة؟ فقال : أنا والحسن والحسين والائمة تسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم وقائمهم ، لا يفارقون كتاب اللّه ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله على الحوض. 5 - وعن علي بن أحمد بن محمد الدقاق ، عن محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي ، عن موسى بن عبد اللّه النخعي ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن الحسن بن محمد بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن يحيى بن القاسم ، عن جعفر بن محمد الصادق ، عن أبيه ، عن جده علیهم السلام ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : الائمة بعدي اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم هم خلفائي وأوصيائي وأوليائي وحجج اللّه على امتي بعدي المقرّ بهم مؤمن والمنكر لهم كافر. 6 - وعن أحمد بن محمد بن يحيى العطار ، عن أبيه ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن ثابت بن دينار الثمالي ، عن علي بن الحسين علیه السلام ، عن الحسين بن علي علیه السلام ، عن علي بن أبي طالب علیه السلام ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : الائمة من بعدي اثنا عشر أولهم أنت يا علي وآخرهم القائم الذي. يفتح اللّه تعالى ذكره على يده مشارق الارض ومغاربها. 7 - وعن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن أبي الصلت الهروي ، قال : سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول : أنشدت مولاي علي بن موسى الرضا علیه السلام قصيدة التي أولها : مدارس آيات خلت عن تلاوة *** ومهبط وحي مقفر العرصات فلما انتهيت الى قوله : خروج امام لا محالة خارج *** يقوم على اسم اللّه والبركات يميز فينا كل حقّ وباطل *** ويجزي على النعماء والنقمات بكى الرضا علیه السلام شديدا ثم رفع رأسه إليّ ، ثم قال : يا خزاعي ، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين ، فهل تدري من هذا الامام ، ومتى يقوم؟ فقلت : لا يا مولاي ، إلا أني سمعت بخروج امام منكم يطهر الأرض من الفساد ويملأها عدلا. فقال : يا دعبل الامام بعدي محمد ابني ، وبعد محمد ابنه علي ، وبعد علي ابنه الحسن ، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته ، المطاع في ظهوره ، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتى يخرج فيملأها عدلا كما ملئت جورا ... الحديث. 8 - وعن محمد بن الحسين ، عن ابن محبوب ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر علیه السلام ، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري ، قال : دخلت على فاطمة علیهاالسلام وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها ، فعددت اثني عشر آخرهم القائم ، ثلاثة منهم محمد وثلاثة منهم علي.

ص: 351

ص: 352

[ ظهور المهدي الفاطمي ]

فلما آن وقته وحان حين قيامه الذي قدره اللّه عزّ وجلّ فيه وحدّه له ، ودعت الدعاة إليه ، وسلّم من كان الأمر بيده إليه ما كان بيده منه علیه السلام ، فقام وحده وأولياءه والدعاة إليه بائعون عنه وحيدا فريدا ، كما جاء الخبر عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بذلك عنه ، وقد طلبه أعداء اللّه ، وأمروا بالقبض عليه ، فخرج من محل داره ومكان قراره بنفسه لم يصحبه من أوليائه ، ولا حضره أحد ، ولا كان معه غير وديعة اللّه في يديه حجته ووصيه وليّ الامر بعده ، وهو حينئذ طفل صغير يقطع به وبنفسه المفاوز ، ويجوز المخاوف ويقتحم المتالف ، والعيون والرصد عليه ، والرسل قد انفذت الى كل سلطان بين يديه بأخذه بالقبض عليه بقطع من لدن المشرق الى أقصى المغرب ، سبق أعداء اللّه المتغلبين في أرضه سبقا ، وقد وكلوا بأخذه ويترصدوا الرصد سرا عيونهم عليه ، وتفجروا أعينهم إليه ، وهو مع ذلك في الهيئة الحسنة ، والزيّ الأنيق ، والنعمة الظاهرة ، واللباس الحسن ، والمركب السني ، غير مشهور بزيّ الفقراء ، ولا يظهر حالا من أحوال الوضعاء ، ومعه الحدة والأموال والاثقال والجمال والاحمال ، يظهر أنه من التجار ، وبهاء منظره وظاهره وسره ومخبوبه يدل على ما هو عليه في باطن أمره وانكشف ذلك عنه لكثرة من رآه وصحبه ممن فيه أقل تمييز.

وذكر بعضهم ذلك له وتفاوضوا مما بينهم فيه ، والشمس لا يخفي عن ذوي الأبصار ، والقمر لا يستتر عن النظار ، فلم يزل على ذلك ، واللّه يحميه ويستره

ص: 353

ويقيه ، ويدفع عنه حتى أظهر منه وأعزّ نصره وأنجز وعده. وقام طالعا من المغرب في أوانه كما جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن الشمس تطلع من مغربها على رأس ثلاثمائة - وسنذكر ذلك في موضعه بيانه إن شاء اللّه تعالى - ، ذلك بالقهر والعز الظاهر - المغرب من أقصى الى أدنى - وانتشرت دعوته دعاؤه وأولياؤه بالمشرق ، وعمّ ذلك كل من فيه ظاهرا ومستورا الى أن ينجز اللّه وعده لمن أوجب له من ولد ظهره على جميع الأرض ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، كما وعد اللّه عزّ وجلّ بذلك في كتابه (1) فيملأ الارض عدلا ، كما أخبر بذلك عنه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله كان ما كان في حياته ، وما يكون بعد ذلك من ولده فهو منسوب إليه صلوات اللّه عليه ، كما أن جميع ذلك ينسب الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذ كان أول ما جاء به ، وعنه تأصل وتفرع ، ولم يزل صلی اللّه علیه و آله في عزّ ومنعة وسلطان وقوة الى أن مضى لسبيله (2) بعد أن قام بما افترض اللّه عليه من القيام بدينه وكتابه وسنّة نبيه صلی اللّه علیه و آله عزيزا في نفسه قويا في اموره مذلا لأعدائه ، معزا لأوليائه ، وكل من سميناه وذكرناه ممن ادعى من أهل بيته مقامه ، وأقام طمعا في نيل ما أفرده اللّه عزّ وجلّ به ، فلم يقم أحد منهم إلا بعد أن أعدّ العدة والرجال ، وجمع الأموال ، ورأى أنه يغلب ويبلغ ما دام وطلب ولم يكن أحد منهم في ذلك إلا معذرا بنفسه ، وملقيا الى التهلكة بيده ، فمحقوا عن آخرهم ، وبددت جموعهم ، وأعزّ اللّه وليه وأظهر كذلك وأعزّ محمدا صلی اللّه علیه و آله وحده ، فلو لم يكن من آياته ودلائله ، والشواهد له ومعجزاته غير هذا لكفى من تأملها بحقيقة الإنصاف ، وانقاد الى الحق بعد الاعتراف ، وان كنا إنما ذكرنا من أمره في هذا الباب جملا ونكتا إذ كان ذكره ذلك يخرج عن حدّ هذا الكتاب ، وقد ذكرنا ذلك واثبتناه في كتاب الدولة.

ص: 354


1- التوبة : 33.
2- اشارة الى المهدي الفاطمي.

[ معالم المهدي ]

اشارة

ونحن نذكر الآن أيضا جملا ، مما جاء به صفاته والبشارة فيه بمقدار ما اتسع له هذا الكتاب ، وان كنت أفردت كتابا قبل هذا لذلك ، وهو كتاب معالم الهدى ، ولكنا نجعل في هذا الكتاب بابا نذكره فيه جملا إن شاء اللّه تعالى.

[ ذكر معالم المهدي ]

قصدنا في هذا الباب نحو ما قصدنا في جملة هذا الكتاب مما اثبته في أوله من الاقتصار على الأخبار الصحيحة المشهورة مع حذف الأسانيد ، واطراح التكرار لكثرة الروايات في الخبر الواحد من الطريق الواحد لئلاّ يطول بذلك الكتاب ، ويختصر الباب.

مما جاء من البشرى بالمهدي علیه السلام ومما يكون من الخبر المشهور المأثور.

[1212] عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الذي يرويه الخاصّ والعام ، أنه قال :

لو لم يبق من القيامة (1) إلا يوم واحد لطوّل اللّه حقا بذلك (2)

ص: 355


1- وفي سنن أبي داود 4 / 106 : لو لم يبق من الدنيا.
2- وفي سنن أبي داود : لطوّل اللّه ذلك اليوم.

اليوم حتى يبعث فيه رجلا من أهل بيتي يملأ بها عدلا كما ملئت جورا.

[1213] وعن علي علیه السلام مثله.

[1214] وعن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم وليلة لخرج فيه المهدي.

[1215] وعن أبي جعفر - محمد بن علي بن الحسين علیه السلام - أنه قال في قول اللّه عزّ وجلّ ( اعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ) (1) يعني بموتها : كفر أهلها. والكافر (2) ميت ، فيحييها اللّه عزّ وجلّ بالقائم منا أهل البيت ، ويحيى الأرض ويحيى أهلها بعد موتها. [ المتشبّه بالمهدي ]

وما جاء في هلاك من تشبه بالمهدي عجل اللّه فرجه :

[1216] مما جاء عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه سئل عن الفرج ، متى يكون؟

فقال : إن اللّه عزّ وجلّ يقول : ( فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ) (3).

ثم قال : يرفع لآل جعفر بن أبي طالب راية ضلال ، ثم يرفع آل عباس راية أضلّ منها وأشر ، ثم يرفع لآل الحسن بن علي علیه السلام رايات وليست بشيء ، ثم يرفع لولد الحسين علیه السلام راية فيها الأمر.

[1217] وعن أبي جعفر محمد بن علي ، أنه قال : كل خارج منا مقتول

ص: 356


1- الحديد : 17.
2- هكذا صححناه وفي الاصل : والكافرين.
3- الاعراف : 71.

فلا تتبعوه إن كان ابنى هذا - ووضع يده على أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام - فلا تتبعوه حتى تروا ما تعرفون (1).

[1218] وعن علي بن الحسين علیه السلام ، أنه قال : لا يخرج منا أحد قبل خروج القائم إلا كان مثله مثل فرخ [ طار ] من وكره قبل أن يستوي جناحاه ، فأخذه الصبيان يتلاعبون به.

[ حديث في الانتظار ]

ومما جاء في انتظار المهدي [ عجّل اللّه فرجه ] [1219] ما جاء عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : من حبس نفسه لداعينا ، وكان منتظرا لقائمنا كان كالمتشحط [ بدمه ] بين سيفه وترسه في سبيل اللّه.

[ فضل المهدي علیه السلام ]

ومما جاء في فضل المهدي [ عجل اللّه فرجه : ] [1220] روي عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين علیه السلام ، أنه قال : اذا قام قائمنا أهل البيت نزع البخل والجبن عن قلوب شيعتنا ، فيقتل الرجل منهم المائة فلا يبالي بهم ويشرف أهل هذا الامر ، ويحفظ نسلهم حتى تنقضي الدنيا. ويتقرب الناس الى الامام بزيارة قبور المؤمنين ، ويزار قبر كل مؤمن من عهد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في مشارق الارض ومغاربها ، ويقف المؤمن فيقول : يا أخي قد وددت أنك باق حتى تشهد هذه الدولة فقد كنت توليت أهلها وتناصبت عدوها ، فبارك اللّه لك فيما أنت فيه ، وثبتنا على ما كنت عليه.

ص: 357


1- راجع تخريج الأحاديث.

[1221] وعن أبي بشرين (1) ، أنه قال :

المهدى يعدل نبينا.

[1222] وعن المشا (2) ، أنه قال : داود النبي تمنّى أن يلحق المهدي ويكون من أصحابه.

[1223] ابراهيم بن مسيرة ، قال : قلت لطاوس : إن قوما يقولون : إن عمر بن عبد العزيز هو المهدي.

قال طاوس : وليس كما يقولون ، إن المهدي إذا كان زاد المحسن في احسانه وخفف المسيء في اساءته ، والمهدي جواد بالمال شديد على العمال رحيم بالمساكين.

ص: 358


1- وفي عقد الدرر ص 148 : عن محمد بن سيرين ، راجع تخريج الأحاديث.
2- هكذا في الاصل.

[ اتباع المهدي والقيام معه ]

اشارة

ومما جاء من الامر في اتباع المهدي علیه السلام والقيام معه ، وغير ذلك من الأخبار عنه :

[1224] أنه روي عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه ذكر المهدي ، فقال : من رآه فليتابعه ولو حبوا على الثلج - النار - فانه خليفة اللّه في أرضه.

[1225] وعنه علیه السلام ، أنه قال : يقوم رجل من ولدي على مقدمته رجل يقال له : المنصور+ يوطئ له - أو قال : يمكّن له (1) - واجب على كل مؤمن نصرته - أو قال : إجابته -.

هذا حديث عبد الرزاق ، باسناده عن النبي صلی اللّه علیه و آله .

وكان بين يدي المهدي صلوات اللّه عليه أبو القاسم صاحب دعوة اليمن ، وكان يسمي المنصور ، وهو وطّأ ومكّن للمهدي صلوات اللّه عليه عن المنصور أخذوا به ما سار إليه ، ارسل لما أطلق الدعوة ليتمثل سيرته وينتفي أفعاله ، وكان قد أظهر أمره باليمن وعزت دعوته وكثر أتباعه. فأقام أبو عبد اللّه عنده مدة ، ثم توجه نحو المغرب ، ففتح اللّه على يديه ، ووطأ لوليه البلاد تلك ، وهاجر الى الجهة التي كان بها.

ص: 359


1- وفي سنن أبي داود 6 / 163 : يواطئ أو يمكّن لآل محمد كما مكّنت قريش لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

[1226] ومن رواية محمد بن عيسى بن مسكين القاضي ، عن سحر يرفعه الى [ ابن ] مسعود ، أنه قال : كنا عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوما إذ جاء إليه فئة (1) من بني هاشم ، فلما رآهم تغير وجهه ، وأطرق ، فقلنا : يا رسول اللّه إنا نرى وجهك الذي تنكره.

فقال : إنا أهل بيت اختار اللّه لهم الآخرة على الدنيا ، و [ إن أهل بيتي ] سيلقون بعدي تطريدا وتشريدا حتى يقوم رجل من أهل بيتي يملأها عدلا وقسطا ، كما ملئت ظلما وجورا ، فمن أدركه فليأته ولو حبوا على الثلج.

[1227] وعن مجاهد ، يرفعه ، وذكر أخبارا مما يكون ، أنه قال : ثم بعث قائم آل محمد في عقابه لهم أدق في أعين الناس من الكحل ، يفتح اللّه عليه مشارق الأرض ومغاربها ، ألا وهم المؤمنون حقا ، ألا وانه خير الجهاد في آخر الزمان.

وكذلك كان أنصار المهدي صلوات اللّه عليه عند عامة الناس في حال جهال ينظرون إليهم بعين القلة والجهل.

[1228] وعن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : لا يلبث العدل بعدي إلا قليل حتى ينقطع ، فكلما انقطع من العدل شيء جاء من الجور مثله حتى يولد في الجور من لا يعرف غيره ثم يأت اللّه عزّ وجلّ بالعدل. وكلما جاء من العدل شيء ذهب من الجور مثله حتى يولد في العدل من لا يعرف غيره.

فقيل : يا رسول اللّه ، من أهل الجور؟

قال : بنو عمنا إذا أسلمت لهم الدنيا.

قيل : فمن أهل العدل؟

ص: 360


1- وفي سنن ابن ماجة 2 / 26 : فتية.

قال : نحن أهل البيت.

فعلى هذا يجيء الأمر شيئا بعد شيء على يد واحد بعد واحد من الائمة من أهل بيت محمد صلوات اللّه عليهم ولا يكون ذلك دفعة واحدة. وكان سبب ذلك ومفتاحه وأول من جرى على يديه المهدي صلوات اللّه عليه.

[1229] وعن أمير المؤمنين علیه السلام ، أنه قال : لا يزال الناس ينقصون حتى لا يقال اللّه إلا خفية ، فاذا كان ذلك بعث اللّه من يملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما.

[1230] وعنه علیه السلام ، أنه قال : كان ذلك ينقص الناس حتى لا يقول أحد اللّه إلا خفية ، فاذا كان ذلك بعث اللّه يعسوب الدين ، فضرب بذنبه (1) ، فيجتمعون [ إليه يجتمع ] قزع الخريف (2) ، إني لا أعلم اسم أميرهم ، ومتاخر رجالهم (3).

[ ضبط الغريب ]

اليعسوب : أمير النحل الذي يلاذ به ويجتمع إليه ، والقزع واحده قرعة ، وهي قطعة من السحاب دقيقة كذلك يجتمع سحاب الخريف شيئا الى شيء من مثل ذلك حتى يعظم.

فشبه أمير المؤمنين علي علیه السلام اجتماع أنصار المهدي بذلك وكذلك كان أمرهم إنما اجتمعت الدعوة التي هاجر إليها ، وأظهر اللّه عزّ وجلّ أمره بها ، ونصره بأهلها ، الى القائم بدعوتهم ، الواحد بعد الواحد والثلاثة الى أن كثّر اللّه عددهم ونصرهم وأظهرهم على أهل السلطان والقوة والعدد والعدة

ص: 361


1- هكذا صححناه وفي الاصل : بنانيه.
2- وفي الاصل : فيجتمعون كقزع الخريف.
3- وفي الملاحم والفتن ص 81 : ومناخ ركابهم.

الذين كانوا قبل ذلك يملكونهم ويظهرون عليهم ، وكانوا قبل ذلك أذلة فيهم فملكهم اللّه عزّ وجلّ أمرهم ، وقتل الجبابرة بينهم بأيديهم وورثهم ملكهم وديارهم وأموالهم وكذلك يورث اللّه الأرض ومن فيها أولياءه كما وعدهم عزّ وجلّ ذكره وهو لا يخلف وعده.

[1231] وعن علي علیه السلام ، أنه قال : بنا يبتر اللّه الكذب ، وبنا يدرك ثاره المؤمن ، وبنا يتخلع ربق الذلّ من أعناقكم لا بكم ، وبنا يختم لا بكم.

[ ضبط الغريب ]

قوله : يبتر : أي يقطع. والبتر : قطع الذنب ونحوه إذا استوصل ، يقال منه : بتره ، فانبتر.

وكذلك قطع أولياءه اللّه الكذب الذي كذبه الظالمون على اللّه عزّ وجلّ وعلى رسوله وأوليائه بما أتوا به من الحق عن اللّه وعن رسوله فقطعوا بذلك كذب الظالمين ، وانتحال المبطلين. البترة : الظلامة في الدم وغيره ، فباولياء اللّه يدرك المؤمنون ما ظلموا به من ذلك ، ويدرك أولياء اللّه ثاراتهم ممن نال ذلك من أسلافهم.

وقوله : بنا يتخلع ربق الذل من أعناقكم.

الربق جمع ربقة ، وهو الخيط الواحد أيضا منه ربقة ، وهو ما يجعل في العنق يربط به الشاة وغيرها. وفي الحديث : من فعل كذا وكذا فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ، أي في عنقه من عقد الاسلام. وقتل منه شاة مربقة ومربوقة كل ذلك صفات التي يربط في عنقها خيط ، فبأولياء اللّه يزول ربق الذل من أعناق المؤمنين التي كان أعداء اللّه أوثقوهم بها في غلبهم عليهم.

[1232] وعن أبي سعيد الخدري ، قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه

ص: 362

وآله يقول : أبشروا (1) بالمهدي فانه يبعث [ في امتي ] على اختلاف من الناس شديد وزلازل (2) يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، ويرضى به ساكن السماء ، وساكن الارض ، ويملأ اللّه به قلوب عباده سرورا وسعهم (3) عدله.

[1233] وعن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : المهدي من نسل فاطمة سيدة نساء هذه الامة - طالت الايام أو قصرت - يخرج فيملأ الارض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما.

قيل : ومتى يخرج يا رسول اللّه؟

قال : إذا كان زلازل في أطراف الارض وارتشت القضاة ، وفجرت الامة ، يخرج من المغرب في ساقه شامة وبين كتفيه شامة فردا غريبا.

قيل : وكيف يكون فردا غريبا يا رسول اللّه؟

قال : لانه ينفرد من أهله ويتغرب عن وطنه.

وكذلك قام فردا غريبا من المغرب.

وكانت قبل قيامه زلازل ، وكانت به العلامة التي وصفها رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ولم يقم حتى ارتشت القضاة ، وصار القضاء كذلك يتقبل بالمال ، وفجرت الامة.

[1233] وعنه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : لا بدّ من قائم من ولد فاطمة يقوم من المغرب بين الخمسة الى السبعة يكسر شوكة المبتدعين ، ويقتل الضالّين.

ص: 363


1- وفي كتاب الفتن لأبي نعيم لوحة 94 : ابشركم بالمهدي.
2- هكذا صححناه وفي الاصل : بلابل ، راجع تخريج الأحاديث.
3- هكذا صححناه وفي الاصل : سيعمهم.

وكذلك قام المهدي علیه السلام من المغرب ، وظهر فيه أمره بعد أن كان مستترا بوصول صاحب دعوته المغرّب بجموع عساكر أوليائه المستجيبين لدعوته إليه في سنة ست وتسعين ومائتين ، وصار الى دار مملكته بالمغرب - بإفريقية - في سنة سبع تسعين تتلوها.

[1234] وعن جعفر بن محمد بن على صلوات اللّه عليهم ، أنه ذكر المهدي علیه السلام . فقال : تطلع الرايات السود. وأومى بيده الى المشرق ، وتطلع رايات المهديّ من هاهنا ، وأومى بيده الى المغرب.

وذلك في أيام بني أميّة قبل قيام بني العباس.

وطلعت راياتهم السود من قبل المشرق من جهة خراسان ، فطلعت رايات المهدي بعد ذلك من المغرب كما قال صلوات اللّه عليه.

[1235] عبد الرحمن بن بكار الأقرع القيرواني ، قال : حججت ، فدخلت المدينة ، فأتيت مسجد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فرأيت الناس مجتمعين على مالك بن أنس يسألونه ويفتيهم. فقصدت نحوه ، فاذا أنا برجل وسيم حاضر في المسجد وحوله حفدة يدفعون الناس عنه ، فقلت لبعض من حوله : من هذا؟

قالوا : موسى بن جعفر.

فتركت مالكا ، وتبعته ، ولم أزل أتلطف حتى لصقت به ، فقلت :

يا ابن رسول اللّه إني رجل من أهل المغرب من شيعتكم وممن يدين اللّه بولايتكم.

قال لي : إليك عني يا رجل ، فانه قد وكّل بنا حفظة أخافهم عليك.

قلت : باسم اللّه ، وانما أردت أن أسألك.

فقال : سل عما تريد؟

ص: 364

قلت : إنا قد روينا أن المهدي منكم ، فمتى يكون قيامه ، وأين يقوم؟

فقال : إن مثل من سألت عنه مثل عمود سقط من السماء رأسه من المغرب وأصله في المشرق ، فمن أين ترى العمود يقوم إذا اقيم؟

قلت : من قبل رأسه.

قال : فحسبك ، من المغرب يقوم وأصله من المشرق وهناك يستوي قيامه ويتم أمره.

وكذلك كان المهدي علیه السلام ونشأته بالمشرق ثم هاجر الى المغرب ، فقام من جهته. وبالمشرق يتم أمره ، ويقوم من ذريته من يتم اللّه به ذلك فيما هناك ، ويورثه الأرض كما قال عزّ وجلّ في كتابه المبين : ( وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ ) (1) وكله ينسب الى المهدي علیه السلام لانه مفتاحه وبدعوته امتدّ أمره ، وكل قائم من ولده من بعده مهدي قد هداهم اللّه عزّ وجلّ ذكره ، وهدى بهم عباده إليه سبحانه ، فهم الائمة المهديّون والعباد الصالحون الذين ذكرهم اللّه في كتابه أنه يورثهم الارض وهو لا يخلف الميعاد.

[1236] أبو وهاب ، باسناده يرفعه الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : يخرج ناس من المشرق ، فيعطون المهدي سلطانه (2) يدعونه.

ودعوة المهدي علیه السلام والائمة من ولده علیهم السلام قد انتشرت بحمد اللّه في جميع الأرض ، وغرت في غير موضع من أقطارها بالمشرق والمغرب فيوشك أن يكون بعض أوليائهم يقومون من قبل المشرق يدعوهم في تمام أمرهم فيقومون لوليّ الزمان هناك سلطانه واللّه يقرب ذلك وينجز وعده لاوليائه

ص: 365


1- الأنبياء : 105.
2- وفي كنز العمال ج 14 / الحديث 38657 : فيوطئون للمهدي.

بفضله ورحمته لعباده وحوله وقوته.

وقد يكون المراد بالذين يخرجون من المشرق من خرج منه من الدعاة إليه كما كان أبو عبد اللّه صاحب دعوة المغرب ومن كان معه ممن أرسله داعي اليمن ، وقد ذكرت خبرهم في كتاب الدولة.

[1237] الحبري ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، وسلمان ، وحذيفة بن اليمان يرفعونه الى [ النبي صلی اللّه علیه و آله ] : تمام أمر آل محمد علیهم السلام عند ظهور رايات تخرج من السند (1).

ودعوة وليّ الزمان قد ظهرت بالسند ، وعن أوليائه بها من غلب داعية هناك على صاحب مملكة السند ، فقتله ، وكان على المجوسية ، وقتل رجاله ، وهدم الصنم الذي كانوا يعبدونه ، وجعل الهيكل كل الذي كان فيه مسجدا جامعا ، وعزّ سلطانه ، وذلك بحول اللّه وقوته ، يشهد انجاز وعده لأوليائه على ما جاء في هذا الخبر من ظهور رايات السند ، إذ قد ظهرت رايات السند في دعوة أولياء اللّه هناك ، وعن أهلها وظهر سلطان وليّ الزمان بها.

[ الصادق علیه السلام مع قوم من أهل الكوفة ]

[1238] عن جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال لقوم من أهل الكوفة : أنصارنا غيركم ما يقوم مع قائمنا من أهل الكوفة إلا خمسون رجلا ، وما من بلدة إلا ومعه منهم طائفة إلا أهل البصرة فانه لا يخرج معه منهم إنسان.

فأهل الكوفة في قدم الزمان هم كانوا اكثر أنصار من قام من أهل بيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يدعي الامامة ممن قدمنا ذكره. وكان في هذا

ص: 366


1- بكسر أوله وسكون ثانيه وآخره دال مهملة ، بلاد بين الهند وكرمان وسجستان ( معجم البلدان 3 / 267 ).

الحديث ما يوجب إبطال ما ادعوه فيما قدمنا ذكره. ودعوة وليّ الزمان اليوم بحمد اللّه قد ظهرت ، وقامت دعاته في أكثر البلدان ، وأجاب إليها في كل بلدان عالم منه ، وأقل ذلك اليوم بالكوفة كما جاء في الخبر.

وأما البصرة : فالغالب على أهلها اليوم القول بالاعتزال ، ويوشك أنه متى ظهر القائم بالمشرق لا تقوم معه منهم لبعد المعتزلة من قول أهل الحق حتى يغلب عليهم قهرا ، وعلى أمثالهم بحول اللّه وقوته إن شاء اللّه تعالى.

[1239] ومن رواية محمد بن حميد القيرواني ، وكان شيعيا يرفعه ، الى سالم بن أبي الجعد ، أنه قال : كنت أطوف بالبيت أنا وسعيد بن حمير ، فطفنا ما شاء اللّه ، ثم أتينا حلقة في هذا المسجد فيها عبد اللّه بن عمر ، وابن العاص ، وابن صفوان ، وناس من قريش ، فقال عبد اللّه بن عمر : ولنا من أين أنتم؟

قلنا : من أهل العراق.

قال : ومن أيّ أهل العراق؟

قال له عبد اللّه بن صفوان الجمعي : سواء أهل الكوفة وأهل البصرة.

فقال عبد اللّه بن عمر : ولأهل الكوفة خير من أهل البصرة لانهم اكثر تتبعا للمهدي.

وهذا مما لم يقله عبد اللّه بن عمر برأيه ، ولا من قبل نفسه ، وإنما هو شيء سمعه من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أو بلغه عنه ، لأن هذا ومثله من علم ما يكون لا يؤخذ إلا عن أنبياء اللّه. وهذا مما ذكرنا قبله مما يعلو أهل البصرة بالقول بالاعتزال الى اليوم ، وذلك مما يخلفهم من القيام مع وليّ الزمان إذا انتهى إليهم حتى يظهر عليهم وعلى غيرهم من أمثالهم كما ذكرنا بحول اللّه وقوته.

[1240] وروى سليمان بن جعفر حديثا يرفعه الى علي بن أبي طالب عليه

ص: 367

السلام ، أنه ذكر أمر القائم من آل محمد المهدي ، وما يكون منه على يديه من الأمر ، ثم قال : صاحب هذا الأمر الطريد الشريد الفريد الوحيد.

وكذلك كان المهدي علیه السلام لما فشت دعوته بالمشرق وكثرت دعاته وبنو أخيه والمستجيبون لهم ، نقم الاعداء [ عليه ] ، فطلبوه ، واتصل الخبر به ، فخرج من بني أهله وأسلم أمواله ، طريدا لخوفهم شريدا لما اتقاه منهم ، فريدا لا صاحب له في هجرته ، ولا أنيس له من وحدته غير وليّ الامر من بعده وهو حينئذ طفل صغير لم ينتصر من أهله إلا عليه (1) ليؤدي أمانة اللّه عزّ وجلّ إليه ، وكان همّه واشتغاله به اكثر من همّه واشتغاله بنفسه ، وكان سبيله في ذلك سبيل جده رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذ خرج من مكة خوفا من المشركين لما اجتمعوا على قتله ، وأبى اللّه إلا نجاتهما وظهورهما على من ناواهما ، واظهار دينه بهما وعلى أيديهما ، ولو كره الكافرون.

تمّ الجزء الرابع عشر من كتاب شرح الأخبار في فضائل الائمة الطاهرين الابرار ، والحمد لله وحده ، وصلاته على رسوله سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، وسلامه عليهم أجمعين ، من تأليف سيدنا الأجل القاضي النعمان بن محمد بن منصور ، قدّس اللّه روحه وانسه.

ص: 368


1- هكذا في الاصل.

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام

للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي

المتوفي سنة 363 ه. ق

الجزء الخامس عشر

ص: 369

ص: 370

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[ حول ظهور المهدي علیه السلام ]

اشارة

[1241] عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام يقول : إن الإسلام بدأ غريبا ، وسيعود غريبا كما بدأ ، فطوبى للغرباء.

( وهذا حديث معروف يروى عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، رواه كثير من الخاصّ والعام ، وإنما حكاه جعفر بن محمد الصادق عنه صلوات اللّه عليه ، وتركت إسناده إليه ) (1).

قال أبو بصير : فقلت له : اشرح لي هذا ، جعلت فداك يا ابن رسول اللّه.

قال علیه السلام : يستأنف الداعي منا دعاء جديدا كما دعا رسول اللّه.

وكذلك المهدي استأنف دعاء جديدا الى اللّه لما غيّرت السنن وكثرت البدع ، وتغلّب أئمة الضلال ، واندرس ذكر ائمة الهدى الذين افترض اللّه طاعتهم على العباد وأقامهم للدعاء إليه ، والدلالة بآياته عليه ، ونسي ذكرهم ، وانقطع خبرهم لغلبة ائمة الجور عليهم.

فلما أنجز اللّه بالدعاء للائمة ما وعدهم به من ظهور مهديهم احتاج

ص: 371


1- ما بين القوسين هو كلام المؤلف.

أن يدعوهم دعاء جديدا كما ابتدأهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالدعاء أولا.

[ خطبة أمير المؤمنين في الكوفة ]

[1242] وعن أمير المؤمنين علیه السلام ، أنه خطب الناس في الكوفة ، وندبهم الى الجهاد ، وحذرهم الفشل ، وما يخشى من سوء عواقبه. فلما فرغ من خطبته قام إليه رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين ، من ذا يرومنا (1) وأنت فينا أخو رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وابن عمه ، وصهره ، ومعنا لواء رسول اللّه ورايته ، ومعنا ابنا رسول اللّه الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، فلو اجتمعت الجن والإنس علينا ما أطاقونا.

فقال له علي علیه السلام : وكيف يكون ذلك ، ولم يشتدّ البلاء وتظهر الحمية وتستبى الذرية ، ويطحنكم طحن الرحى ببقالها حتى لا يبقى إلا نافع لهم ، أو غير ضارّ لهم. فإذا كان ذلك ابتعث اللّه خير هذه الامة ( أو قال : البرية ) فيقتلهم هرجا هرجا حتى يرضى اللّه ، وحتى يقول قريش والعرب : واللّه لو كان هذا من آل محمد لرحمنا. ويتمنون أنهم رأوني ساعة من نهار لأشفع لهم اللّه.

فقام إليه رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين ، ومتى يبلغ رضا اللّه؟

قال : يقذف اللّه في قلبه الرحمة ، فيرفع السيف عنهم.

فقال له : متى يكون ذلك؟

قال : إن شاء اللّه.

ص: 372


1- يرومنا : يريدنا.

[ ضبط الغريب ]

قوله : طحن الرحى ببقالها. البقال : خرقة أو جلدة تلقى تحت الرحى إذا كانت تطحن.

قوله : هرجا هرجا : القتال ، والاختلاط فيه.

وكذلك لم يقم المهدي حتى اشتد البلاء وظهرت الحمية من بني العباس ومن بني أميّة ، وسبيت الذرية - ذرية رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله - عند مقتل الحسين علیه السلام ، وطحنت الفتنة طحن الرحى ببقالها ، وحتى لم يبق من المؤمنين إلا نافع لأعداء اللّه لما ينالون منهم ، أو غير ضارّ لهم. فعند ذلك قام ابن خير هذه الامة وهو المهدي ابن علي الوصي (1) وابن خير البرية لانه ابن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فقتل من أعداء اللّه أيام مدته من وصلت إليه يده.

ويقتل كذلك من ولده منهم من بقي حتى يجعل اللّه في قلبه الرحمة ، فيرفع السيف عنهم كما قال علي علیه السلام ، ولم يقل علیه السلام من ذلك إلا ما أخبره به رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وأطلعه على ما يكون من مثل ذلك وغيره ، وذلك من شواهده وبراهينه علیه السلام .

[ سيرة المهدي ]

[1243] وعن جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال : لو قام قائمنا ما أقام الناس على الطلاق إلا بالسيف ، ولو قد كان ذلك لم يكن إلا بسيرة علي بن أبي طالب علیه السلام .

وكذلك كان الأمر لما قام المهدي ، أقام الناس على طلاق العدة (2)

ص: 373


1- أقول كما ذكرت في ج 14 : إن هذه كلها تدل وتشير على بقية اللّه الاعظم المهدي ابن الحسن العسكري عجل اللّه فرجه وليس كما تصوره المؤلف.
2- وهو أن يطلق على الشرائط ثم يرجع في العدة ويطأ.

والسنّة (1) على ما نصّه اللّه في كتابه وسنّة رسوله صلی اللّه علیه و آله ، وقطع طلاق البدعة (2) ، وكل ما ابتدعه المبتدعون في الدين والاحكام ، والقول في الحلال والحرام ، وأقام الناس بالسيف على سيرة علي علیه السلام التي سار بها في الامة على ما عهد إليه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ومما آثره على ذلك الأئمة من ولده ، فأحيوا ما أماته المبطلون من أحكام الدين ، وقطعوا بدع المبتدعين ، ولا يزال ذلك حتى يعود الدين جديدا غضّا كما ابتدأ في الإسلام صفوا محضا كما نشأ. ويكون الدين لله كما وعد تعالى في كتابه ، ويظهر على كل دين كما أوجب في ايجابه ، ويكون ذلك على أيدي ائمة دينه وأوليائه ، وينسب الى المهدي أو لهم إذا كان سبب ابتدائه ، وعنه تفرع ما تفرع فيه الى غاية انتهائه كما ينسب ذلك وما قبله الى محمد النبي صلی اللّه علیه و آله إذ هو في شريعته وملّته ولأهل دعوته وامته وعلى يد الائمة من ذريته.

[1244] ومما جاء مما يؤكد ذلك مما هو في معناه ما روي عن سلمان الفارسي رحمة اللّه عليه مما آثره عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه ذكر المهدي علیه السلام وقال : إنه لقاتل الظالمين ويقتل الزنادقة ، ولا يقبل منهم توبة ، ولا يأخذ منهم جزية ، ولا يدع في الأرض أحدا على غير دين الاسلام إلا قتله ، ويهلك الترك والخزر والديلم والحبش ، ويؤتي بملوك الروم مصفدين في الحديد ، ولا يدع يهوديا ولا نصرانيا ، ولا يوجب لهم ذمة ، ويردّ الناس جميعا على ملّة إبراهيم ومحمد علیهماالسلام .

فهذا مما ذكرنا أنه يجري شيئا بعد شيء على يد المهدي والائمة من ولده ، وينسب إليه إذ هو أول من فتحه وقام به ، والى رسول اللّه إذ هو صاحب

ص: 374


1- وهو الطلاق مع الشقاق بينهما وعدم التلاؤم فيما بينهما وينقسم الى بائن ورجعي.
2- وهو الطلاق مع عدم تمامية الشروط مثل طلاق الحائض.

الشريعة والملّة ووليّ الائمة والامامة وصاحب الرسالة والدعوة كما قيل أنه يكون لبعض الائمة فلم يكن فيه حتى قبض وهو يكون في وليه من بعده وينسب إليه.

[1245] وقد جاء هذا أيضا عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام فيما رواه حمزة بن حمران عنه ، أنه قال : عددت عليه الائمة بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله واحدا بعد واحد حتى بلغت إليه ، وشهدت أن اللّه تعالى فرض طاعتهم ، فلما سميته أومى بيده إليّ أن أسكت ، فسكتّ.

فقال : ما كانت الائمة على حال مذ قبض اللّه نبيّه ، ألا ومن سميت أولى الناس بالناس.

ثم قال : إذا حدثتكم في رجل منا بشيء بأنه يكون فيه فلم يكن فيه فهو كائن في ولده من بعده.

فهذا بيان ما ذكرته ومصداقه ، ويؤيد ذلك ويشده ويؤكده قول اللّه تعالى في محمد صلی اللّه علیه و آله : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) (1) هذا وعد من اللّه لرسوله صلی اللّه علیه و آله أنجز له بعضه في حياته ، ثم أظهر عليه من الأديان ، وأنجز ذلك وينجز باقيه على أيدي الائمة من ذريته.

[1246] ومن مثل ذلك ما رواه الحسن بن محبوب ، باسناده ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال : إذا قام القائم منا عرض الإيمان على كل ناصب ، فان دخل فيه بحقيقة والاّ ضرب عنقه ، أو يؤديه (2) الجزية كما يؤديها أهل الذمة اليوم ، ويشدّ (3) على وسطه

ص: 375


1- التوبة : 33.
2- وفي بحار الانوار 52 / 375 : أو يؤدي.
3- هكذا صححناه وفي الاصل : يشتد.

الهميان ، ويطردهم من الأمصار الى السواد.

وهذا مما لم يكن بعد ممن مضى من الائمة ، وهو كائن لمن يقول منهم اذا دان العالم ، وقوى أمره ، وكان الدين واحدا كما وعد اللّه تعالى.

[1247] ومما رواه زادان ، عن سلمان الفارسي ( رحمة اللّه عليه ) ، ومن ذلك مما آثره عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه قال : لا بدّ من قائم من ولد فاطمة يقوم من المغرب يقتل الزنادقة ، ويملك الترك ، والخزر ، والديلم ، والحبش ، ويؤتى بملوك الروم مصفدين في الحديد ، ولا تقوم راية إلا راية الايمان.

وهذا من معنى ما تقدم ذكره وشرحناه.

[ المهدي هو الفاتح للقسطنطينية ]

[1248] ومن رواية الشعبي ، عن حذيفة بن اليمان ، مما آثره عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال :

لا يفتح بلنجر ، ولا جبل الديلم ، ولا القسطنطينية إلا رجل من بني هاشم (1).

يعنى امام ذلك الزمان من ولد المهدي ، ولم يكن ولا يكون إمام من بني هاشم ، إلا علي علیه السلام والائمة من ذريته ، نسل رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وذريته من فاطمة الزهراء سيدة نساء العالم ، كما جاء ذلك فيما تقدم ذكره من هذا الكتاب ، ولا يفتح هذا الموضع إلا هم علیهم السلام (2).

[1249] ومن ذلك أيضا ما رواه الشعبي ، أنه قال : أخبرني مالك بن

ص: 376


1- وفي عقد الدرر ص 223 : إلا على يدي رجل من آل محمد.
2- وقد زالت الدولة الفاطمية ولم تفتح هذه الاماكن ، وهذه هي علامات للحجة المنتظر عجل اللّه فرجه.

صحار الهمداني ، قال : غزونا بلنجر في خلافة عثمان ، فنكثنا ، وجرح أخي فحملته بين يدي جريحا ، وقد انصرفنا ، فاني لأسير يوما إذ أدركني رجل من خلفي ، فضرب ظهري بسوط في يده ، فالتفت فاذا هو حذيفة ( بن اليمان ) فسلّمت عليه.

فقال : من هذا بين يديك؟

فقلت : أخي مجروحا ، ولقد رأيت ما لقينا في غزوتنا ، ولكنا نرجو أن نفتحها من قابل إن شاء اللّه تعالى.

فقال حذيفة : الذي يفتح الديلم ، وبلنجر ، والقسطنطينية رجل من بني هشام ، بهم فتح اللّه الأمر وبهم يختم.

فما أنه فتح ، ويفتح من هذه المواضع وغيرها ، فلا بدّ أن يفتحه الفتح الكامل الذي لا يكون بعده دين غير دين الاسلام قائم ذلك الزمان من آل محمد صلی اللّه علیه و آله الذي يجمع اللّه له أمر العباد ويظهر دينه على الدين كله كما وعد سبحانه ذلك في الكتاب.

[1250] ومن حديث وكيع بن الجرّاح ، يرفعه الى النبي صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : ليفتحن القسطنطينية ، ولنعم الأمير أميرهم ، ولنعم الجيش ذلك الجيش.

والقسطنطينية بعد لم تفتح ، والذي يفتحها كما جاء في الخبر قبل هذا ، قائم من الامة من آل محمد صلی اللّه علیه و آله .

ص: 377

[ صفة المهدي ]

اشارة

[1251] ومن حديث سفيان الثوري ، يرفعه الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : المهدي رجل من ولدي ، أرى وجهه كالكوكب الدري ، اللون لون عربي ، والجسم جسم إسرائيلي.

فكذلك كان المهدي صلی اللّه علیه و آله ، وسيما من أجمل الرجال وجها كأن وجهه كوكب دري كما قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في صفته.

[ ضبط الغريب ]

والكوكب الدري : هو المضيء من الكواكب ، وجمعها دراري.

وكذلك كان وجه المهدي مشرقا مضيئا كأنما هو نور يلوح منه لمن نظر إليه.

قوله : اللون لون عربي. وكذلك كان لونه كلون رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله سيد العرب ، أبلج الوجه ، يشوبه حمرة ، وهو الذي يقول له أهل المعرفة بالحلي من العرب : الرفق والسمرة ، ولا يقولون : أبيض في ألوان الناس ، وهذا أفضل ألوان الناس عند العرب ، وهو اكثر ألوان أشرافهم.

وقوله : الجسم جسم إسرائيلي : وأجسام بني اسرائيل أجسام جسيمة ، وهم في الاكثر والأغلب أجسم من العرب.

وكذلك كان المهدي وسيما جسيما بساطا لا يكاد أحد يماشيه إلا

ص: 378

قصر عنه ، وصغر الى جانبه ، وكذلك كان من صارت إليه الامامة من بعده الى اليوم ، قد أتاهم اللّه تعالى بالفضل والجمال والكمال.

ولقد حاول المهدي باللّه في حين استتاره أن يخفي نفسه ويخملها فما قدر على ذلك ، وكان حيثما مرّ ورآه من يحصّل أمره ، يقول : واللّه ما هذا إلا ملك من الملوك ، وما هذا سوقة ولا تاجر كما يقول.

وكذلك حاول المنصور مرارا أن يخفي نفسه لبعض من أراد أن يسمع كلامه فتزيا بغير زيّه ، ولبس خلاف لباسه ، ودخل بين جماعة تقدم إليهم في اطراح اجلاله وتبجيله ، وأن يحلوه محل أحدهم. ففعلوا ، فما خفي على من رآه.

وفعل ذلك في بعض أسفاره ودخل الى بعض حصون المرابطين في بعض الأطراف ، وبها من لم يره قط ، فما خفي عنهم. وفعل مثل ذلك لما ظفر باللعين مخلد ، وصار في أسره. وبمعتد بن محمد بن جرز لما صار في الأسر إليه أيضا ، فما خفي عن واحد منهما بل عرفاه ، وما كانا قبل ذلك رأياه. والعرب تقول في مثل هذا في بعض امثالها : هيهات لا يخفى القمر.

[1252] وروى عبد اللّه بن عمر ، وذلك مما آثره أو نقله عن رسوله اللّه صلی اللّه علیه و آله ، قال :

يعطى المهدي قوة عشرة.

وكذلك كان المهدي قويا معروفا بذلك من حداثة سنّه.

[1253] ومن حديث قتادة ، يرفعه الى النبي صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال :

المهدي أجلى الجبهة أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.

وكذلك كانت صفة المهدي أقنى وأجلى ، وهاتان الصفتان من أحسن صفات الجباه والانوف ، وملأ عدله ما وصل إليه سلطانه من الأرض ، ويملأ باقيها من يأتي بعده.

وقيل لبعض الائمة الماضين : أنت المهدي؟

ص: 379

قال : كيف أكون المهدي ، وقد بلغت من السن ما ترون. وأخذ ساعده فمدّ جلده ، وقال : المهدي لا يؤخذ له بالركاب.

[1254] وعن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه قال : يقوم المهدي علیه السلام وليس في رأسه ولا لحيته طاقة بيضاء.

وكذلك كان المهدي لما قام بالامامة ، وسلمها إليه إمام الزمان الذي كان في عصره ونصّ عليه بأنه مهديّ الائمة ، ودعت بذلك إليه دعاته. وهو يومئذ حدث السن مقتبل الشباب من الفتيان وأحسن الشبان.

[1255] وروي عن عبد اللّه بن مسعود مما آثره عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : إنكم معشر هذه الامة تصيرون أربع امم.

امة قائمة على الحق لا ينقص الباطل منها شيئا.

قيل : ولا يقاتلون؟

فقال : بلى ، ويزلزلون زلزالا شديدا.

وامة على الباطل ليسوا من الحق على شيء.

قيل : وهم يصلّون؟

قال : نعم ، وتكون صلاتهم عليهم شاهدا.

وامة يذهبون يريدون الحق ، فيخطئونه ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، ولا يعودون فيه حتى يعود السهم على فوقه.

وامة برأيهم يقولون هؤلاء أهدى بل هؤلاء أهدى فيلبثون في ذلك ما شاء اللّه أن يلبثوا. ثم يوشك الإسلام أن يعود الى الباب الذي خرج منه.

قيل : إلى أين يا عبد الرحمن؟

قال : الى بني عبد المطلب.

ص: 380

[ ضبط الغريب ]

قوله : يمرقون. المروق : الخروج من الشق من غير مدخله. والمروق من الدين :

الخروج عنه بالنفاق ، وذلك خلاف الدخول فيه بالايمان. ومروق السهم خروجه منها من غير موضع الذي دخل منه ، وهو أن يرمي الرامي الصيد ، أو ما رمى بسهمه فينفذه ويخرج السهم كله منه من الموضع الذي انفذ منه لشدة الضربة ولا يعلق بالسهم شيء من الدم لسرعة خروجه لشدتها.

وقد وصف رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الخوارج بهذه الصفة ، فقال : يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.

والرميّة : هي المرمية فعيلة في مكان مفعولة.

وقوله : ثم لا يعودون حتى يعود السهم على فوقه.

والفوق من السهم الشق الذي في طرفه الذي يجعل في الوتر في حين الرمي به ، وللسهم اذا رمى به ، فانما يقع على نصله ، وليس يعود الى فوقه. فأراد أنهم لا يرجعون الى الإسلام بعد خروجهم منه.

وقوله : يصيرون أربع امم. امة قائمة على الحق فانهم يقاتلون ويزلزلون زلزالا شديدا. فهم علي علیه السلام وأصحابه ومن تولاّهم ، وكذلك قوتلوا معه علیه السلام ومن بعده ، وزلزلوا زلزالا شديدا.

والامة الذي ذكر أنهم على الباطل ليسوا هم من الحق على شيء ، وأنهم يصلّون وتكون صلاتهم عليهم شاهدا ، فهم أهل التغلب والتوثب ، ائمة الضلال من بني أميّة وبني العباس ، ومن والاهم واتبعهم.

والامة الذي ذكر أنهم يريدون الحق فيخطئونه ، وأنهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية فهم الخوارج ، وبذلك وصفهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

والامة الذين يقولون هؤلاء أهدى بل هؤلاء أهدى ، هم العوام المنسوبين

ص: 381

الى العلم من العامة الذين ترأسوا على الامة بما انتحلوه من العلم بآرائهم وأهوائهم ، واختلفوا في تفضيل الرؤساء والأتباع في الحلال والحرام والقضايا والاحكام ، فقوم يقولون هؤلاء أهدى.

ولبثوا كما قال على ذلك ما شاء اللّه حتى قام مهديّ الامة ، فعاد الاسلام الى الباب الذي خرج منه كما قال بما أقامه فيه مدة أيامه ، وحيث انتهت طاعته ، وأقامه ويقيمه كذلك الائمة من ذريته على ما قدمنا ذكره بدعوته وسيرته حتى يجمع اللّه تعالى على طاعتهم ويورثهم الأرض كما وعدهم ، ويكون الدين - كما قال تعالى - كله لله ويظهره ( عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) (1).

[1256] وروي عن أبي صادق أنه سمع رجلا يقول : فتح الملهب طبرستان (2).

فقال أبو صادق : حكاه عن حذيفة ، فيما آثره عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أن الذي يفتتح طبرستان والديلم ومدينة بلنجر والقسطنطينية رجل من بني هاشم.

فما أفتحه المسلمون من هذه البلدان وغيرها من سلطان من كانت في يديه من المشركين وغيرهم قائم وأمرهم ثابت يحاربون من افتتحها ويغلب هؤلاء مرة وهؤلاء مرة عليها وينال كل فريق منهم من الفريق الآخر ، فليس ذلك مما يعدّ فتحا.

وإنما الفتح ما كان مع هلاك العدو ، والظهور عليه وحسم أثره ، وانقطاع مدته وخبره ، وزوال سلطانه ، وذلك ما يكون على يدي أولياء اللّه الذين وعدهم اللّه في كتابه أنهم يرثون الأرض ، وأنه يظهر بهم دينه على الدين كله واللّه

ص: 382


1- التوبة : 33.
2- وهو ما يعرف الآن بمازندران شمال ايران.

تعالى هو ينجز لهم وعده ، ولا يخلف الميعاد.

فما جاء أنهم يفتحونه ، وقد فتحه غيرهم من قبل ظهور أمرهم ، وتمام الوعد لهم ، فليس ذلك الفتح مما يعدّ فتحا حتى يكون الفتح لهم بهلاك أعداء اللّه أجمعين على أيديهم وايراثهم جميع الأرض. وظهور دين اللّه تعالى على الدين كله كما وعد في كتابه ، وهلاك أعدائه ، وانقطاع أمرهم ، وانحسام ذكرهم ، وما كانوا به يدينون وآلهتهم وما كانوا يعبدون ، فذلك هو الفتح المبين كما قال اللّه تعالى لنبيه محمد صلی اللّه علیه و آله ( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ) (1) وكان ذلك فتح مكة عليه وظهوره على أهلها وانقطاع دينهم الذي كانوا به يدينون ، وعبادتهم وما كانوا يعبدون ، وكذلك وعد اللّه تعالى عباده الصالحين وهم أولياء الائمة الطاهرين أن يورثهم ويظهر دينه بهم ( عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) (2) فهذا هو الفتح المبين ، واللّه ينجز وعده ، ولا يخلف الميعاد.

[1257] ومما رواه عنان بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال : لو كان لي من الأمر شيء لهدمت كل بناء يحول بين الصفا والمروة ، ولا يكون ذلك إلا على يدي رجل من بني هاشم.

فما بين الصفا والمروة ولا يكون ذلك إلا سعي الحجيج.

وأول من سعى فيه آدم علیه السلام ، فلما صار ببطن الوادي تراءى له ابليس اللعين الذي أخرجه من الجنة ، وقد انحدر من الصفا يريد المروة ، فلما رآه سعى علیه السلام ، فصار السعي هناك سنّة ، وأحدث الناس بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله هناك أبنية حالت بين الصفا والمروة ، فأخبر الصادق صلوات اللّه عليه ما أحدثوه ، وابتدعوه ، فانّ هدمه من الواجب ، وأخبر أن ذلك لا يكون إلا على يدي رجل من بني هاشم فلم يكن ذلك الى اليوم ، وسيكون لمن يظهره اللّه من ائمة الحق وشيكا إن شاء اللّه.

ص: 383


1- الفتح : 1.
2- التوبة : 33.

[1258] وعن علي علیه السلام ، أنه قال لرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أمنّا المهدي أم غيرنا (1)؟

قال : بل منّا. بنا يختم الدين كما افتتح بنا ، وبنا يؤلف اللّه بين قلوبهم بعد عداوة [ الفتنة ] كما ألف بنا بين قلوبهم بعد عداوة الشرك.

فهذا مما قدمنا ذكره ، مما تواترت الأخبار به من أن المهدي من ذرية محمد النبي صلی اللّه علیه و آله ومن ولد علي بن أبي طالب علیه السلام . وقول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : بنا يختم الدين كما افتتح بنا. فافتتاح الدين كان برسول اللّه. وبما أقام وصيه عليا من القيام بما أسند إليه منه. وكذلك يختم بالمهدي وبالائمة من ولده حتى يكون انقطاع الدنيا ، وقيام القيامة في عصر إمام منهم ، ويجمع اللّه الامم كلها على دين محمد صلی اللّه علیه و آله الذي ابتعثه كما أخبر تعالى في كتابه أنه يظهره على الدين كله ، ويكون الدين كله لله ، وأنه يورث الأرض عباده الصالحين ، وهم أولياؤه ائمة دينه من ذرية محمد صلی اللّه علیه و آله وولد علي ، وأنه كما أخبر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أن اللّه تعالى يؤلف بهم بين قلوب عباده بعد عداوة الفتنة كما ألف بين قلوبهم بعد عداوة الشرك. وذلك قول اللّه تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً ) (2).

[ المهدي من أهل البيت ]

[1259] وعن علي علیه السلام ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : المهدي منا أهل البيت يصلحه اللّه في ليلة واحدة.

قوله : يصلحه اللّه في ليلة واحدة ليس ذلك أنه كان فاسدا فيصلحه ، ولكنه

ص: 384


1- وفي عقد الدرر ص 25 : أمنّا المهدي ، أو من غيرنا؟
2- آل عمران : 103.

من قول القائل : فلان يصلح لأمر كذا ، إذا كان أهلا لذلك الأمر ، كذلك رآه اللّه تعالى أهلا لما صار إليه ورآه كذلك بتوفيقه من كان أمر الامامة إليه في وقته قبل مصيره إليه. فسلم أمرها إليه في ليلة واحدة أراه اللّه ذلك فيها.

وقد كان قبل ذلك أهل غيره لها فما أهل لذلك أحد إلا مات لما أراد اللّه تعالى من مصيرها الى مستحقها ، ولذلك قيل إن الامام الذي سلّمها إليه يمثل في وقت تسليمها إليه ، فقال عند ذلك : اللّه أعطاك التي لا فوقها ، وكم أرادوا صرفها وعوفها عنك ، ويأبى اللّه إلا سوقها إليك حتى طوقوك طوقها.

[1260] وعن عبد اللّه بن مسعود ، أنه قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، يقول : لا تنقضي الدنيا حتى يليها (1) رجل من عترتي ، ويحكم بما أنزل اللّه.

[1261] ومن رواية عبد الرزاق ، يرفعه الى أبي سعيد الخدري ، أنه قال : ذكر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بلاء يصيب هذه الامة حتى لا يجد الرجل ملجأ يلجأ إليه من الظلم.

ثم قال : ثم يبعث اللّه رجلا من أهل بيتي فيملأ الارض قسطا وعدلا ، كما ملئت جورا وظلما ، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض لا يبقى السماء (2) من قطرها [ شيئا إلا صبته ] مدرارا ، ولا [ تدع ] الأرض من نباتها شيئا إلا أخرجته حتى يتمنّى الاحياء الاموات.

[ ضبط الغريب ]

قوله : عترتي أهل بيتي. العترة في لغة العرب القرابة من ولد الولد ، وبني

ص: 385


1- وفي فرائد السمطين 2 / 328 : حتى يلي امتي.
2- وفي مشكاة المصابيح 3 / 27 : لا تدع السماء.

العم دينا. فالمهدي وولده قرابة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من ولد فاطمة علیهاالسلام ومن ولد علي علیه السلام ، وهو ابن عمه دينا ووصيه ومن تقدم ذكر فضله واثبات إمامته ، وإمامة الائمة من ذريته. وما ذكر رسول اللّه في هذا الخبر من أنه يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، فقد ذكرنا فيما تقدم ما كان ويكون من ذلك ، وبيّنا الوجه فيه ، فأغنى ذلك عن اعادته.

[1262] وروى الشعبي ، عن تميم الداري (1) ، أنه قال : ما دخلت مدينة من مدائن الشام أحبّ إليّ من مدينة أنطاكية (2) ، قال رسول اللّه : بها كسر ألواح موسى ، ومائدة سليمان ومنبره ، وعصا موسى في غار من غاراتها ، فما من غمامة شرقية ولا غربية ولا جنوبية ولا قبلية إلا إذا جاءت تلك الغار أرخت عليه من بركاتها لما فيه. أما أنه لا تذهب الأيام والليالي حتى يتولاها رجل من ولدي من عترتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي (3) ، أشبه الناس بخلقي خلقا وبخلقي خلقا.

[1263] وروى محمد بن سلام ، باسناده عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه قال : إذا قام القائم منّا سار الى انطاكية ، فيستخرج منها

ص: 386


1- أبو رقية تميم بن أوس بن خارجة الداري أسلم 9 ه مات بفلسطين 40 ه
2- انطاكية : قصبة العواصم من الثغور الشامية بينها وبين حلب يوم وليلة ( معجم البلدان 1 / 382 ).
3- ومن الملاحظ أن الحديث الذي نقله صاحب عقد الدرر لم يكن جملة ( يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ) ، ولكن الذي لا يمكن انكاره كثرة الأحاديث الواردة والمتضمنة لهذه الجملة. قال يحيى بن الحسن : اعلم إن الذي قد تقدم في الصحاح مما يماثل هذا الخبر من قوله صلى اللّه عليه وآله : اسمه اسمى ، واسم أبيه اسم أبي. وهو أن الكلام في ذلك لا يخلو من أحد قسمين : إما أن يكون النبي صلى اللّه عليه وآله أراد بقوله : اسم أبيه اسم أبي ، انه جعله علامة تدل على أنه ولد الحسين دون الحسن لان لا يعتقد معتقد ذلك. فان كان مراده ذلك ، فهو المقصود ، وهو المراد بالخبر لان المهدي عليه السلام بلا خلاف من ولد الحسين عليه السلام ، فيكون اسم أبيه مشابها لكنية الحسين ، فيكون قد انتظم اللفظ والمعنى وصار حقيقة فيه. والقسم الثاني : أن يكون الراوي وهم من قوله : ابني الى قوله أبي فيكون قد وهم بحرف تقديره انه قال : ابني ، فقال : هو « أبي » ، والمراد بابنه الحسن لان المهدي علیه السلام محمد بن الحسن باجماع كافه الامة. وقال الكنجي في كفاية الطالب ص 485 : ولا يرتاب اللبيب أن هذه الزيادة لا اعتبار بها مع اجتماع هؤلاء الائمة على خلافها. وذكر أبو داود : وفي معظم روايات الحفاظ والثقات من نقلة الاخبار اسمه اسمي فقط ، والذي روي واسم أبيه اسم أبي فهو زائدة وهو يريد في الحديث وان صح فمعناه واسم أبيه اسم أبي ، أي الحسين وكنيته أبو عبد اللّه ، فجعل الكنية اسما كناية عن أنه من ولد الحسين دون الحسن ، ويحتمل أن يكون الراوي توهم قوله ابني فصحفه ، فقال : أبي ، فوجب حمله على هذا جمعا بين الروايات. وقال علي بن عيسى : أما أصحابنا الشيعة فلا يصححون هذا الحديث لما ثبت عندهم من اسمه واسم أبيه ، وأما الجمهور فقد نقلوا أن زائدة كان يزيد في الاحاديث فوجب المصير إلى أنه من زيادته ليكون جمعا بين الأقوال والروايات. انتهى. أقول : وأقل ما يمكن أن يقال هنا إذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال ، وبهذا يتضح فساد ما استدله المؤلف في ذيل الحديث (1263) على ما فيه.

التوراة من غار هي فيه مع عصا والحجر.

وقوله : يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي فكذلك جاء في غير موضع أن القائم بالامامة من آل محمد صلی اللّه علیه و آله من ولد المهدي الذي يجمع اللّه تعالى له الامم ويكون له الدين واحدا ويظهر اللّه تعالى دينه على الدين كله ، كذلك اسمه محمد بن عبد اللّه وهذا لا يكون كما ذكرنا دفعة واحدة بل تعالى اللّه بالائمة من ولد المهدي أمره ودينه والايمان والمؤمنين شيئا شيئا ، ويفتح على يدي كل واحد منهم ما يفتحه حتى يكون الذي يدين له جميع أهل الارض يفتح ما بقي منها ، ويقتل باقي من فيها من أعداء اللّه ، ويكون الدين كله لله كما أخبر تعالى بذلك في كتابه ووعده عباده الصالحين ائمة دينه يوم القيامة ، ويكون النقلة من الدنيا الى الآخرة.

[ ممن هو المهدي؟ ]

[1264] ومن رواية ابن غسان ، باسناده ، عن عبد اللّه بن عباس ، أن

ص: 387

رجلا سأله عن السماء مما هي؟ وعن البرق مما هو؟ وعن أول شيء عاذ بالبيت؟ وعن المهدى ممن هو؟

قال له ابن عباس : لقد سألت عن عظيم ، وهو في علم اللّه يسير.

أما السماء فهي ماء مكفوف.

وأما البرق فهو من الماء.

وأما أول شيء عاذ بالبيت فان الحيتان الكبار كنّ يأكلن الصغار منهم في زمن الطوفان ، فاستعذن بالبيت فأعاذهنّ اللّه.

فأما المهدي ، فانه من أهل البيت أكرمكم اللّه بأولهم وسينقذكم بآخرهم.

قوله : أكرمكم بأولهم ، يعني محمد صلی اللّه علیه و آله ، أكرم اللّه المؤمنين بأن أوجب لهم بطاعته الجنة في الآخرة ، وهي أعظم ما يكرم اللّه به المطيعين من عباده ، واكرامه وانعامه اكثر من أن يحصيه عباده كما قال تعالى ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّهِ لا تُحْصُوها ) (1) وبالائمة من ذريته يستنقذ آخرهم من فتنة المنافقين الضالّين ، وغلبة المشركين حتى يكون له الدين كما أخبر في كتابه المبين.

[ الفتن ثلاث ]

[1265] من رواية ابن سلام ، باسناده ، عن أمير المؤمنين علي علیه السلام ، أنه قال : الفتن ثلاث : فتنة السرّاء ، وفتنة الضرّاء ، وفتنة يمحّص الناس فيها تمحيص ذهب المعدن ، ولا يزالون كذلك حتى يخرج رجل منّا عترة النبي صلی اللّه علیه و آله فيصلح اللّه أمرهم.

[ ضبط الغريب ]

قوله : فتنة السرّاء ، ما قد فتن به من مضى من هذه الامة بما اعطوه من

ص: 388


1- ابراهيم : 34.

الدنيا بغير حلّة ، واستمالهم به أعداء اللّه المتغلبين على أمر أولياء اللّه.

وفتنة الضرّاء : ما فتن به العباد وابتلوا به من جور ائمة الجور عليهم وتغلبهم وانتهاكهم اياهم.

وأما قوله : فتنة يمحّص الناس فيها تمحيص ذهب المعدن. فالمحص - في لغة العرب - : إخلاص الشيء ، تقول محصته محصا : أي أخلصته من كل عيب ، قال اللّه تعالى : ( وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ ) (1) فيما امتحن الناس به من افتتان أعداء اللّه بائمة الجور واتباعهم الناس ببذل الدنيا لمن أسعدهم ، وتتابع المكروه على من تمسك بدينه صابرا على مكروههم. محّص اللّه تعالى المؤمنين وأخلصهم ، وأبانهم ممن مال الى أعدائه للرغبة والرهبة ، فلم يزالوا على ذلك حتى قام مهديّهم ، فاستنقذ من بلغت إليه دعوته ومدّته وأيامه ، ونالته يده من المؤمنين ، واستنقذ بعده وتستنقذ كذلك الائمة من ذريته من بقي منهم حتى ينجز اللّه وعده لأوليائه وعباده المؤمنين ، ويحق وعيده على أعدائه الكافرين ويكون الدين كله كما قال. فالسعيد كل السعيد من صبر لذلك وأخلص وانتظر ، كما قال وهو أصدق القائلين : ( فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ) (2).

[1266] وروى أحمد بن عمر ، باسناده ، عن علي علیه السلام أنه قال لبعض شيعته وقد ذكر تغلّب أهل الباطل : يا معشر شيعتنا صلّوا معهم الجمعات ، وأدوا إليهم الأمانات ، فإذا جاء التمييز قامت الحرب على ساق ، فمعنا أهل البيت باب من أبواب الجنة من اتبعه كان محسنا ، ومن تخلّف عنه كان ممحقا ، ومن لحق به لحق بالحق.

ألا إن الدين [ بنا ] فتح وبنا يختم ، ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم

ص: 389


1- آل عمران : 141.
2- الاعراف : 71.

واحد لولاّه اللّه تعالى رجلا منا يملأها عدلا كما ملئت جورا.

وقوله : فمعنا أهل البيت باب من أبواب الجنة : يعني امام الزمان في كل عصر فهو باب الجنة ، من قصده ودخل في جملته وعمل بأمره صار الى الجنة ، ومن تخلّف عنه محق. وقد ذكرنا فيما تقدم معنى قوله : يملأها عدلا كما ملئت جورا. وأن أصل ذلك وأول ما فعله المهدي ، ويتم اللّه ذلك من بعده بالائمة من ولده ، وينسب ذلك إليه إذ كان ابتداؤه ومفتاحه وسببه وأول قائم به.

[1267] وروى عبد اللّه بن حبلة ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : ليخرجن الاسلام نادّا من أيدي الناس كأنه البعير الشارد من الإبل ، لا يردّه اللّه إلا برجل منا.

[ أقول ]

سمعت الامام المعز لدين اللّه عزّ وجلّ يحدّث عما كان من أمر المهدي ، وقول بعض شيوخ الأولياء : يا مولانا ، أأنت المهدي المنتظر الذي يجمع اللّه لك العباد ويملك الارض ، ويكون لك الدين واحدا؟

فقال له المهدي : فضل اللّه تعالى كثير واسع ، ولنا منه قسم جزيل ، ولمن يأتي من بعدنا فضله ، ولو كان الفضل لواحد لما وصل إلينا منه شيء.

ثم قال المعز : كان المهدي مفتاح قفل الفضل والرحمة والبركات والنعمة فيه فتح اللّه تعالى ذلك للعباد ، وذلك يتصل عنه من ذريته حتى يتمّ لهم وعد اللّه الذي وعدهم اياه بفضله وقوته وحوله. وقول علي علیه السلام : ليخرجن الاسلام نادّا من أيدى الناس.

فالندود : الشرود. يقال منه : ندا البعير ، إذا شرد واستقصى ، وهو نادّ اذا فعل ذلك.

ص: 390

[ احذروا ثلاثا ]

[1268] ومن رواية ابن غسان ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال :

احذروا على دينكم ثلاثا : رجلا آتاه اللّه القرآن وكان يدين الاسلام غير ذلك ما لله ، ثم انسلخ ونبذه وراء ظهره وسلّ سيفه على جاره ، ورماه بالإشراك.

قالوا : يا أمير المؤمنين ، فأيهما أولى بها؟

قال : الرامي.

ورجلا استخفته الأحاديث ، فكلّما وضع احدوثة كذب ، وانقطعت أمطها بأطول منها أن يدارك الرجال سعته.

ورجلا هو كأحدكم ، آتاه اللّه سلطانا ، فقال : من أطاعني فقد أطاع اللّه ، ومن عصاني فقد عصى اللّه وكذب ، ليس لمخلوق طاعة في معصية الخالق.

ألا وانه لا بدّ من رحى سلطان يقوم على ضلالة ، فإذا قامت طحنت ، وان لطحنها رءوفا ، وان رؤفها حدتها ، وعلى اللّه فكها.

ألا وان أطائب ارومتى ، وأبرار عترتي ، أحكم الناس صغارا ، وأعلم الناس كبارا ، بنا يبتر اللّه الزمان الكدي ، وبنا يبتر الكذب ، وانا أهل بيت من حكم اللّه حكمنا ، ومن قول صدق سمعنا ، فان تتبعوا آثارنا تهدوا ببصائرنا ، وان تحيدوا عنا تهلكوا بأيدينا ، أو ما شاء اللّه.

ويح للفروخ فروخ آل محمد من خليفة غير مستخلف يقتل خلفي ، وخلف الخلف ، واللّه لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّله اللّه حتى يخرج منا رجل يقال له : المهدي ، يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.

ص: 391

[ ضبط الغريب ]

قوله : أمطها ، يقول : أمدها ، أي : اتبعها باخرى. يقال من ذلك : تكلم فمطّ حاجته ، أي مده.

قوله : وهو رجل كأحدكم آتاه اللّه سلطانا ، فقال : من أطاعني فقد أطاع اللّه ... الخ. يعني من وصف المتغلبين سلطان الدنيا يبين بذلك. قوله : رجل هو كأحدكم ، يعني من سائر الناس يدعي أن من أطاعه أطاع اللّه ، ومن عصاه عصى اللّه وكذب. ولم يقل أنه نبي ولا امام ، أما أنبياء اللّه وائمة دينه فمن أطاعهم فقد أطاع اللّه ، ومن عصاهم فقد عصى اللّه لقوله تعالى : ( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللّهَ ) (1) وقوله : ( أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (2) وشرحنا هذا لئلاّ يحمله من لم يتسع في العلم على العموم إذا سمعه.

وقوله : لا بدّ من رحى سلطان يقوم. يعني ما يدور عليه أمره ، والرحى يضرب مثلا لذلك ، وللحرب يقال : دار رحى الحرب الى حومته ، ورحى الموت الى موقعه. قال الشاعر :

والناس في غفلاتهم *** ورحى المنية تطحن

وقال : إن لطحنها رءوفا.

الرءوف : القرن ، شبّه حدثها بحدة القرن. وعلى اللّه فكها. يقول : إن اللّه سيفكّ ذلك الحد.

وقوله : ألا وإن أطائب ارومتى.

الارومة : أصل الشجرة. وأصل الخشب يعني بارومته اياه وبعترته ، ولده وولد ولده. وقد شرحنا ذلك فيما تقدم.

ص: 392


1- النساء : 80.
2- النساء : 59.

وعني بالخليفة الذي استخلفه الناس. فسنّ ذلك لمن بعده. فقتلوا فروخ آل محمد يعني من قتل من ذريته ، والخلف : الذرية الصالحة - بفتح اللام -. والخلف - بجزم اللام - الذرية السوء. وقال اللّه تعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ ) (1).

[1269] ومن رواية ابن غسان ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : يخرج منا رجلان ، أحدهما من الآخر ، يقال لأحدهما المهدي ، وللآخر المرضي.

فالمهدي قد كان. والرضي يكون من ذريته كما قال علي علیه السلام : إنه منه.

[1270] وفي رواية اخرى عن علي علیه السلام ، أنه قال : كأني أنظر الى دينكم موليا يحصحص بذنبه ليس بأيديكم منه شيء حتى يرده اللّه عليكم برجل منا.

قوله : يحصحص بذنبه ، شبّه الدين إذا ذهب من أيدي الناس ببعير قد ندّ واشتدّ عدوا وهو يحرك ذنبه. والحصحصة في اللغة : الحركة في الشيء حتى يستقر. والحصص - الحصحصة أيضا - : السرعة في العدو.

[1271] وعنه علیه السلام ، أنه قال : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو لم يبق من الدنيا غير يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتى يملك فيه رجل مني ، فاذا رأيتم ذلك اليوم لم يرم رام بسهم ولا بحجر ولا يطعن برمح فاحمدوا اللّه ، فان ابتليتم فاصبروا فان العاقبة للمتقين.

فهذا مما تقدم القول فيه أنه يكون من ذرية المهدي في الائمة من يجمع اللّه العباد على طاعته وتقطع الحرب ويكون الدين كله لله كما أخبر تعالى وليظهر دينه على الدين كله.

ص: 393


1- مريم : 59.

[ المهدي من نسل فاطمة ]

اشارة

[1272] ومن رواية مخنف بن عبد اللّه ، باسناده عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، [ أنه ] قال : المهدي من نسل فاطمة سيدة نساء العالمين. طالت الأيام أم قصرت يخرج فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، ويطيب العيش في زمانه ، ويصيح صائح بلعنة بني أميّة وشيعتهم ، والصلاة على محمد والبركة على علي وشيعته ، فيومئذ يؤمن الناس كلهم أجمعون.

فهذا ما ذكرنا أنه يكون لبعض الائمة من نسل المهدي ، وينسب إليه ؛ لأنه سببه ومفتاحه ، وأول من قام من آل محمد كما يكون ذلك أيضا ، ينسب الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لانه بني الامة وصاحب الشريعة والملّة ، وقد قال اللّه تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) (1) وينسب ذلك إليه ، إذ كان أول من قام بذلك وسنّه وأصّله.

[1273] ومن حديث عبد الرزاق ، عن معمر بن سعيد بن أبي عروفة ، عن قتادة ، قال : قلت لسعيد (2) : المهديّ حقّ؟

ص: 394


1- الفتح : 28.
2- وهو سعيد بن المسيب.

قال : حق.

قلت : ممن؟

قال : من قريش.

قلت : من أيّ قريش؟

قال : من بني هاشم.

قلت : من أيّ [ بني ] هاشم؟

قال : من بني عبد المطلب.

قلت : من أيّ بني عبد المطلب؟

قال : من ولد فاطمة.

ولو سأل من أيّ ولد فاطمة هو ، لأخبره من ولد الحسين ، لأنّه قد روى ذلك ، وسنذكره. ولم يقل سعيد هذا برأيه ولكنه سماع سمعه.

[1274] وروى أبو المليح ، عن زياد بن بشار ، عن ابن نفيل ، عن سعيد بن المسيب ، عن أمّ سلمة ، أنها قالت : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : المهدي من عترتي من ولد فاطمة ابنتي.

فما جاء فيما تقدم ذكره من أن المهدي من قريش ومن بني هاشم فانما روي ذلك على مثل ما جاء الخبر فيه عن سعيد بن المسيّب ولم يسأل السائل من روى ذلك له عمّا بعد ، ولو سأل عن ذلك لأوقف عليه ، وسنذكر بعد هذا من أوقف عليه النصّ إن شاء اللّه.

[1275] وروى زاذان ، عن سلمان الفارسي ، أنه قال : لا بدّ من قائم من ولد فاطمة يقوم من المغرب فيكسر شوكة المبتدعين ، ويقتل الظالمين. وكذلك قام المهدي من المغرب ، وهو من فاطمة ، ولما جاءت به الروايات من هذا خاف بنو العباس من ادريس بن الحسين لمّا صار الى المغرب ، واحتالوا في أن سمّوه - وقد ذكرت فيما مضى - وكانوا في ذلك كما قال اللّه تعالى : ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ

ص: 395

الْكافِرُونَ ) (1).

[1276] حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن إدريس ، قال : كنت قاعدا في حلقة المسجد فيها المسيب ، فسمعته يقول : سمعت عليا علیه السلام يقول :

ألا اخبركم عن أهل بيتي ، أما عبد اللّه بن جعفر فصاحب لهم. وأما الحسن بن علي فصاحب جفنة وخوان ، ولو قد التفت بحلف البطان لم يغن عنكم في الحرب حبالة عصفور. وأما ابن عباس فلا يقرؤكم. وأما أنا والحسين فنحن منكم وأنتم منّا.

وإن هؤلاء القوم سيدولون عليكم بمعصيتكم إمامكم في الحق ، وبطاعتهم إمامهم في الباطل ، وبفسادكم في أرضكم ، وصلاحهم في أرضهم ، ويطول دولتهم عليكم حتى لا يبقى منكم إلا نافع أو غير ضار حتى يكون نصرتكم منهم نصرة العبد من سيده ، إذا رآه أطاعه ، واذا غاب منه شتمه ، وحتى يكون الناس باكين. باك يبكي على دينه ، وباك يبكي على دنياه ، وحتى لا يدعو اللّه حرمة إلا استحلوها ، وحتى يدخل ظلمهم كل بيت شعر ومدر. فإن أتاكم اللّه بالعافية بالعلل فاحمدوه. وان ابتليتم فاصبروا ، فان العاقبة للمتقين. وفو الذي فلق الحبة وبرئ النسمة لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لبعث اللّه لهم من يسقيهم كأسا مصبرة (2) ؛ حتى يتمنوا أن اكون فيهم فأشفع لهم عنده ، وحتى يقول الناس من قريش : لو كان هذا من قريش لرحمنا.

[ ضبط الغريب ]

قوله : حبالة عصفور : الحبالة الشرك الذي يصاد به الطائر وغيره من

ص: 396


1- التوبة : 32.
2- أي فيها الصبر وهو نبات مرّ المذاق.

الصيد.

وقوله : إن هؤلاء القوم سيدلون عليكم. يعني بنو أمية وبنو العباس يدالون لتكون لهم الدولة.

والباكي على دينه لما يراه قد انتقص فيهم. والباكي على دنياه هو لما يظلمونه فيه ويأخذون منها من يديه.

[1277] وروي عن جعفر بن محمد علیه السلام ، عن جده علي بن الحسين علیه السلام ، أنه سئل عن المهدي ، فقال : هو من ولدي.

[1278] وروى شريك بن عبد اللّه ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين علیهم السلام ، أنه قال : إذا قام قائمنا أهل البيت قسم بالسوية ، وعدل في خلق الرحمن ، البرّ منهم ، والفاجر منهم ، من أطاعه أطاع اللّه ، ومن عصاه عصى اللّه (1) ، ويستخرج التوراة والإنجيل وسائر كتب اللّه [ من غار ] بأنطاكية ، فيحكم بين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم ، [ وبين أهل الزبور بزبورهم ] ، وبين أهل القرآن بقرآنهم. وتخرج الأرض كنوزها من الذهب والفضة ، فيقول : أيها الناس هلموا ، فخذوا ما سفكتم فيه الدماء ، وقطعتم فيه الأرحام ، ويعطي ما لم يعطه أحد قبله ، ولا يعطه أحد بعده. اسمه اسم نبي ، يملأ الأرض [ قسطا و ] عدلا كما ملئت ظلما وجورا.

فهذا ما ذكرنا أنه يكون لبعض الائمة من آل محمد صلی اللّه علیه و آله من ولد المهدي وينسب ذلك إليه لأنه أول قائم منهم ومفتاح أمرهم.

[1279] ومما رواه ونسخه يرفعه الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه

ص: 397


1- وفي بحار الانوار 51 / 29 بعد كلمة عصى اللّه : فانما سمي المهدي لانه يهدي لأمر خفي يستخرج ... الخ.

قال : إني رأيت بني أميّة على منابر الأرض وسيملكونكم ، فتجدونهم أرباب سوء ، فانتظروا وأخلاف سفهائهم ، فإذا اختلف سفهاؤهم ارتدوا على أعقابهم لا يرتقون فتقا إلا فتق اللّه عليهم أعظم منه حتى يخرج مهديّنا.

واهتمّ رسول اللّه بالرؤيا التي رآها فأنزل اللّه عليه : ( وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) (1).

فقوله : إن بني أميّة لا يزالون يملكون حتى يختلف سفهاؤهم فاذا اختلفوا ارتدوا على أعقابهم حتى يخرج المهدي هو فيما قدمنا ذكره يعني يخرج المهدي خروج من يملك الارض من ذريته وبني أميّة ، وان انقطع ملكهم من المشرق وبقيت لهم بقية المغرب بجزيرة الأندلس ، وسيكون أمرهم على ما وصفه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وينجز اللّه ما وعده في كتابه المبين من ايراث الأرض عباده الصالحين.

وقوله : لا يرتقون فتقا إلا فتق اللّه عليهم أعظم منه. الرتق الحلم. الفتق واصلاحه حتى يعود بحال ما كان قبل أن يتفتق ، وكذلك قال أصحاب التفسير في قول اللّه تعالى : ( السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما ) (2). قالوا :

كانتا السماء لا تمطر ، والارض لا تنبت ، ففتق اللّه السماء ، فامطرت السماء وفتق الأرض فأنبتت.

[1280] ومن رواية يحيى بن محمد بن سلام ، يرفعه الى عبد اللّه بن مسعود ، أنه قال : قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوما : انطلق معي بابن مسعود. فمضيت معه حتى أتينا بيتا قد غصّ ببني هاشم. فقال لهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من كان معكم من غيركم ،

ص: 398


1- الاسراء : 60.
2- الأنبياء : 30.

فليقم. فقام من كان معهم من غيرهم حتى لم يبق إلا بنو هاشم خاصة - بنو عبد المطلب وبنو العباس - فقال [ لهم ] النبي : يا علي أخبرني جبرائيل أنك مقتول بعدي ، فأردت اراجع ربي. فأبى عليّ. قال : كأنه ولينكم ولاة بني أميّة يقصدون بكم الضرورة يلتمسون بكم المشقة ، ثم تكون دولة لبني العباس يعملون فيها عمل الجبارين ، فالويل لعترتي ولأهل بيتي ولبني أميّة مما يلقون من بني العباس ، ويهرب من بني أميّة رجال ، فيلحقون بأقصى المغرب ، فيستحلّون فيه المحارم زمانا. ثم يخرج رجل من عترتي غضبا لما لقى أهل بيتي وعترتي ، فيملأ الارض عدلا كما ملئت جورا وظلما يسقيه اللّه من صوب الغمام.

فقال ناس من بني العباس : يا رسول اللّه ، أيكون هذا ونحن أحياء.

فنظر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إليهم كالماقت لهم ، ثم قال : والذي نفسي بيده إن في أصلاب فارس والروم [ لمن هو ] أرجى عندي لأهل بيتي من بني العباس.

وقوله : صوب الغمام ، الصوب : المطر. والغمام : السحاب الرقيق.

ص: 399

[ الأئمة اثنا عشر ]

[1281] وعن علي بن الحسين علیه السلام ، أنه قال : يقوم القائم منا ( يعني المهدي ) ثم يكون بعده اثنا عشر مهديا ( يعني من الائمة من ذريته ) (1).

[1282] وعن أبي الحارث بلال بن فروة ، يرفعه ( الى النبي صلی اللّه علیه و آله ) ، أنه قال : لن تهلك هذه الامة حتى يليها اثنا عشر خليفة كلهم من أهل النبي ، كلهم يعمل بالحق ، ودين الهدى ، منهم رجلان ، يملك أحدهما أربعين سنة ، والآخر ثلاثين سنة.

وهذا مثل الحديث الذي قبله.

[1283] ومن رواية يحيى بن السلام (2) ، يرفعه الى عبد اللّه بن عمر ، أنه قال : ابشروا فيوشك أيام الجبارين أن تنقطع ، ثم يكون بعدهم الجابر الذي يجبر اللّه به امة محمد صلی اللّه علیه و آله ، المهدي ، ثم المنصور ، ثم عدّد ائمة مهديين.

فهذا مما لم يقله عبد اللّه إلا مما سمعه عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أو بلغه عنه لأن ذلك من أخبار ما يكون ، ولا يقول ذلك إلا من جاء فيه علم من

ص: 400


1- راجع تخريج الاحاديث.
2- يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة التيمي ولد 124 ه وتوفي بمصر 200 ه.

عند اللّه تعالى. وقد كان المهدي والمنصور و [ من ] كان بعد هما ويكون كذلك ائمة مهديون وينجز اللّه لهم ما وعدهم في كتابه ، وعلى لسان رسوله بحوله وقوته.

[1284] ومن رواية الدغشي ، يرفعه الى أبي الحارث ، أنه قال : يكون المهدي وسبعة من بعده من ولده كلهم صالح لم ير مثلهم.

وهذا أيضا مما انتهى إليه من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله [ ويحقق ] ما قدمناه.

[1285] وعن الدغشي ، يرفعه الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : يخرج بعدي من بني هاشم رجل يبايع بين الركن والمقام ، فيغلب صاحب الشام أربعة آلاف يخسف لهم بالبيداء (1) ، ثم يسير إليهم. والمحروم من حرم غنيمتهم ، ثم يملك بعد ذلك سبع سنين.

فهذا مما ينتظر ويكون يبايع الناس الإمام يومئذ بين الركن والمقام ، ويهلك اللّه تعالى عدوه كما وعد بذلك على لسان نبيه بحوله وقوته.

[1286] وعنه ، يرفعه الى عبد اللّه بن مسعود ، أنه قال : بينا النبي صلی اللّه علیه و آله جالس في جماعة من أصحابه ، إذ مرّ به فتية من قريش (2) ، فتغير وجهه ، فقال له بعض من حضره : يا رسول اللّه قد ساءنا ما رأينا في وجهك.

فقال : إن أهل بيتي اختار اللّه لهم الآخرة على الدنيا ، وسيصيبهم بعدي تطريد وبلاء وتشريد. حتى يخرج قوم من هاهنا - وأومى الى جهة المشرق - ومعهم رايات سود يسألون الحق فلا يعطونه ، ثم يدفعونها الى رجل من أهل بيتي ، فيملأها عدلا.

[1287] ( ومن ) صفوان الجمّال ، قال : قلت يوما لأبي عبد اللّه جعفر بن

ص: 401


1- بين مكة والمدينة.
2- وفي سنن ابن ماجة 2 / 25 : من بني هاشم.

محمد علیه السلام ، وأنا عنده : يا ابن رسول اللّه ، أمنكم السفاح؟

فأطرق الى الارض مليا.

ثم قال : يا ثابت منا السفاح ، ومن النفاخ ، ومنا الصدّيق ، ومنا الفاروق ، ومنا الهادي ، ومنا المهدي ، ومنا المهتدي ، ومنا من يهتدي به ، ومنا من تغرب الشمس على رأسه ، وتطلع من مغربها ، نحن ثلة اللّه ، منا أسد اللّه ، ونحن خزّان اللّه.

يا ثابت ، ما نحن خزانة على ذهب ولا فضة ، ولكن على المكنون من علمه. نحن دعائم اللّه ، نحن ذخيرة اللّه ، ورسوله أبونا الأكبر ، وعلي أبونا الأصغر ، وفاطمة امنا ، وخديجة بنت خويلد والدتنا ، وجعفر الطيار في الجنة عمنا ، وحمزة سيد الشهداء عم أبينا. فمن له (1) حسب كحسبنا ، ونسب كنسبنا؟ استودعنا اللّه سره ، وائتمننا على وحيه وعلمه ، وأنطقنا بحكمته ، فهذه حالنا عنده.

فالذين سماهم ائمة منهم قد مضى ، ومنهم من يأتي ، كنى عنهم لصفاتهم وأفعالهم.

وقوله : نحن ثلة اللّه. الثلة في لغة العرب الجماعة. ويقال لخاصة الرجل جماعته يعني أنهم أهل الخاصة عند اللّه تعالى الذين اختصهم بفضله.

[1288] وعن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه قال : إذا قام قائم آل محمد اوتي عصى موسى ، وأخرج التوراة من أنطاكية ، ونزع اللّه الرعب من قلوب شيعته ، وألقى في قلوب عدوهم حتى يكون قلوبهم كزبر الحديد ، وحتى يدعو الرجل ، فيضرب عنقه ، فيقال : فيما قتلته فلا يكون قتله بعلمه (2).

ص: 402


1- هكذا صححناه وفي الاصل : فمن ذا له.
2- هكذا صححناه وفي الاصل : بعمله.

[ بدء الدعوة الفاطمية ]

اشارة

المهدي والدلائل عليه

[ في اليمن ]

ما أخبره الثقات من أصحاب أبي القاسم - صاحب دعوة اليمن - وهو الحسن بن فرج بن حوشب بن دادان الكوفي ، وكان من أجلة الدعاة ، وخيارهم ، وثقاتهم ، ومن أهل الصدق والورع والفضل والدين ، وإخلاص الولاية لأولياء اللّه تعالى ، وكذلك كان ، وعليه مات رضوان اللّه عليه.

وكان بسبب اتصاله بأولياء اللّه شواهد للحق يطول ذكره ، وقد ذكرنا في كتاب الدولة الطاهرة المرضية. وكان اتصاله واطلاقه داعيا باليمن من قبل أن يظهر المهدي في أيام الإمام الذي سلّم الأمر إليه في حياته إذ كان أمانة في يديه ، فصار أبو القاسم الى اليمن في جملة من حجّ منهم في ذلك العام ، وصار الى اليمن في أول سنة تسعين ومائتين بعد اذن له في ذلك وفي الجهاد ، فنصر ، ولم يقم أحد فسمي المنصور. وقد ذكرت جاء في الخبر قيل : إنه يقوم باليمن رجل يقال له [ أبو القاسم ] قبل قيام المهدي يوطئ له. وكان اذا سمع من يسميه المنصور يقول : المنصور إمام آل محمد ، أما سمعتم قول الشاعر :

إذا ظهر المنصور من آل أحمد *** فقل لبني العباس قوموا على رجل

وهذا مما ذكر أنه من خبر ما يكون ، فان ذلك لم يكن إلا عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله مما أتاه عن اللّه.

ص: 403

فقال قائل : هذا البيت لما بلغه عنه ، وكذلك كان الأمر لما قام المنصور وهو أمر بني العباس ، وان كان واهيا من قبل ذلك الوقت والى اليوم كالقائم على رجل كما قال صاحب البيت : من ترفع سقط وما هي إلا رجل واهية ، واللّه يغرب [ ويظهر وليه ] عليهم وعلى جميع أعدائه بحوله وقوته.

فذكر أن الثقات من أصحاب أبي القاسم هذا الذي قدمنا ذكره صاحب دعوة اليمن ، أنه قال : بشرت مرارا بدعوة المهدي ، وبأني أقوم بها قبل أن أقوم بذلك ، وأن أعرفه ، فمن ذلك أني لما توجهت الى اليمن قصدت صنعاء (1) واني لسائر يوما بقرب قرية من قراها إذا انقطع شسع نعلي ، فملت الى الصخرة كانت بقربي ، فجلست عليها لا صلحه ، فنظرت الى الشيخ قصد إليّ مسرعا حتى وقف عليّ ، وقد أدركه النفس ، فقال لي : ممن الرجل؟

فقلت له : رجل غريب.

فقال : هل معك خبر من المهدي؟

قلت : ومن المهدي ، ما أعرفه؟

قال : إذا كنت لا تعرفه ، فأظنّ هذا شيء جرى باتفاق.

قلت : وما هو؟

قال : كان بهذه القرية شيخ لحقناه من الشيعة ، وكان يقول لنا : سيدخل داعي المهدي هذا البلد ، ويمرّ بهذه القرية ، فينقطع شسع نعله ، فيجلس هذه يصلحه.

قلت : كلام الشيعة كثير.

قال : اي واللّه كثير.

وولّى عني ولم أر فيه قبولا افاتحه.

قال : دخلت صنعاء ، فقصدت المسجد الجامع بها ، فصلّيت ركعتين ، وقد

ص: 404


1- وهي عاصمة جمهورية اليمن.

أدركني كلل (1) ، فلففت ردائي ، واستلقيت ، وجعلته تحت رأسي ، ورفعت إحدى رجليّ على الاخرى ، فلما اطمأن بي المكان حتى وقف عليّ شيخ ، فرفسني برجله ، وقال : قم. وانتهرني.

قلت : مالي أيها الشيخ ، قصدت دون هؤلاء الجماعة في المسجد قد تضجعوا.

فقال : قم ، لا تشبه بمن له هذا المضجع.

قلت : ومن هو؟

قال : نأثر (2) من شيوخ لنا أن داعي المهدي يدخل هذا المسجد ، فيضطجع على هذه الاسطوانة مثل هذا الاضطجاع ، فنحن لا ندع أحدا يتشبه به.

فقمت وجلست ، وأقبل عليه رجل. قال : ما أعجب أمرك ، أفترى هذا هو داعي المهدي. وأخذ في الكلام في مثل ذلك.

ولم أر فيهما قبولا فافاتحهما ، وقمت وتنحيت عن المكان.

قوله : رفسني. الرفسة : الصدمة بالرجل في الصدر.

وسمع أبو القاسم صاحب دعوة اليمن حديثا يرويه الشيعة باليمن ، وقد تمكن أمره ، وذلك أن الشيعة قديما كانوا كثيرا باليمن لمقام علي أمير المؤمنين علیه السلام فيهم لما بعثه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إليهم.

[1289] وقيل : إن رجالا منهم وفدوا على جعفر بن محمد علیه السلام ليأخذوا عنه ، ويسمعوا منه. فسألهم عن مواضعهم ، فذكر بعضهم أنه من المذيخرة (3) ، وذكر أنها من قرى اليمن.

فقال جعفر بن محمد علیه السلام : هي مدينة صفتها كذا

ص: 405


1- أي تعب.
2- ننقل عن.
3- اسم قلعة حصينة في رأس جبل صبر وفيها عين ماء يسقي عدة قرى باليمن ( معجم البلدان 5 / 90 ).

وكذا (1). وصفها بصفتها حتى كأنه يراها بين يديه.

قالوا : نعم.

ثم قال علیه السلام : أما أنه لا يزال لنا فيها عدو.

وقال آخرون : إنهم من مدينة ، يقال لها : الجند (2) من صفتها كيت وكيت.

فوصفها حتى كأنه من أهلها.

قالوا : نعم.

قال : ما أبعد بينها وبين المذيخرة ، إن الجند لا يزال لنا فيها مواليا بقيت.

وقام قوم : نحن من جيشان (3).

قال : مدينة من صفتها كذا وكذا.

قالوا : نعم.

قال : هي مدينة ، وبأعلاها سدرة وأسفلها سدرة.

قالوا : نعم.

قال : إن بين السدرتين لكنز لآل محمد.

فلما حدّثوا أبا القاسم صاحب دعوتهم ، قال : مولاي جعفر بن محمد علیه السلام ، قال : ولقد انكشف لي من أمر هذه المدائن كلما ذكر فيها. أما الكنز الذي ذكر أنه من جيشان بين السدرتين ، فأنا واللّه استخرجته. لقد استخرجت منها سبعين رجلا أعدتهم دعاة كلهم ، ولقد أقام اللّه تعالى بهم لآل محمد أمرا عظيما.

ص: 406


1- وفي هامش الاصل : كيت وكيت.
2- وهي من المدن النجدية باليمن بينها وبين صنعاء 58 فرسخا ( معجم البلدان 2 / 169 ).
3- بالفتح ثم السكون وشين معجمة وألف ونون مدينة باليمن.

وكان الغالب على أهل جيشان التشيع ، وابن جيران الشاعر منهم.

قال أبو القاسم : وأما المذيخرة فما زلت أعرف فيها عدوا لآل محمد صلی اللّه علیه و آله كما قال الصادق علیه السلام : ولقد مخضتها مخض السقاء ، وأكفيتها إكفاء الإناء ، وهم على مثل ذلك الى اليوم كما علمهم.

وأما الجند ، فاني كان لي بها خير عظيم ، دخلتها وأنا مستتر ، فقصدت المسجد الجامع بها ، فصلّيت به الظهر والعصر والمغرب ، ونظرت الى قوم معهم هيئة المبيت ، فقلت لهم : [ هل ] يبيت في هذا المسجد ، فاني رجل غريب أردت المبيت فيه؟

قالوا : نعم ، وكلنا غرباء ، ونحن نبيت فيه.

وجلست ، فلما صلّينا العشاء الآخرة ، تحلق فيه جماعة يتناظرون في العلم ، فأقاموا على ذلك من الليل ، وكانوا على حلقتين ، حلقة من الشيعة وحلقة من الجماعة ، فجلست فيما بين الحلقتين أسمع كلام هؤلاء وهؤلاء ، حتى انصرف الشيعة ، وقام الآخرون لينصرفوا ، فقال لهم رجل منهم : اجلسوا.

فجلسوا ، وجعل ينظر الى اولئك الشيعة وهم ينصرفون ، حتى انصرف آخرهم ، فعطف وأصحابه ، وقال : أتعرفون لهذه الليلة خبرا تقدم؟

قالوا : لا.

فاستخرج كتابا من كمه ، قال : ما تعرفون هذا الكتاب الذي يروي ما فيه عن فلان أو سماه هؤلاء الشيعة؟ وسمى الكتاب.

قالوا : نعم.

فقرأ عليهم منه أخبارا كثيرة من روايات الشيعة وأخبار المهدي ، وما يكون من أمره ، وذكر أن داعيه يدخل أرض اليمن ، وأنه يبيت

ص: 407

ليلة كذا وكذا في جامع الجند. ثم عطف على القوم ، فقال : ألم تسمعوا هذا الخبر؟

قالوا : بلى واللّه قد سمعناه.

قال : فانظروا الى غفلة هؤلاء - يعني الشيعة - عن هذه الليلة أن يذكروها.

قال أبو القاسم : فاقشعر جلدي ، وتداخلني خوف شديد. ثم قال : ما ترون؟

قالوا : نرى ما تريد.

قال : الذي أرى أن نخرج جميع من في المسجد ، ولا يبيت فيه الليلة أحد ، فإذا كان غدا عرفناهم فساد روايتهم وكذب من روى ذلك لهم.

قالوا : هذا هو الرأي.

فقام قائما ، وقال : ليخرج كل من كان في المسجد ، [ لا يبيت ] الليلة فيه أحد. وجعل أصحابه يخرجون الناس ، فآويت الى ركن من أركان المسجد حتى خرج عامتهم ولم يبق إلا رجل يطفئ القناديل وانتهى إليّ ، فرآني ، فقال : من هذا؟ فقلت : رجل غريب.

قال : قم ، فاخرج ، أما سمعت ما قال الشيوخ.

قلت : إني رجل واللّه ما اعرف أين أتوجه ، فأحتسب ثوابي ، وآوني هذه الليلة في بيتك.

قال : واللّه ما عندي لك مكان.

قال : قلت : يا هذا تخرجني من بيت اللّه ولا تؤويني في بيتك وتعرض بي الهلاك.

فكأنه استحيا ، فقال : قم إن شئت. وخرج وأغلق الباب ، فناولني لذلك خوف شديد ، وبتّ على حذر ولم آمن أن يختبروا

ص: 408

المسجد من غد ، وهل بات فيه أحد؟ فما اختبروا لذلك ، وسلّم اللّه وأحسن.

وذكر ذلك أبو القاسم بعد أن ظهر أمره لمن حضر تلك الليلة منهم المسجد ، وكان ذلك عندهم من البراهين (1).

قال أبو القاسم : وخرجت من الجند اريد ناحية من نواحي اليمن ، فاني لسائر على الطريق الذي أخذته اني رأيت عسكرا عظيما قد أقبل ، وكان معي نفر ، قالوا : هذا واللّه جيش أبي يعفر ، وقد جاء لحرب جعفر بن إبراهيم صاحب المذيخرة ، وتفرقوا في وعر جبل كنا فيه يستترون الى أن يجوز العسكر خوفا من معرفتهم. وقصدت وحدي ناحية من الوعر ، فوافقت كهفا ، فدخلت فيه ، فاني جالس ، فدخل عليّ رجل ، فسلّم عليّ ، وجلس ، وقال : ممن الرجل؟

قلت : من هذه السيارة أتانا الجيش ، فتخوفنا ، وافترقنا نستتر الى أن يمضي [ الجيش ].

فدعا بالخير ؛ وأقبل يحدثني ، ثم قال لي : أعندك علم من الفتيا؟

قلت : عندي من ذلك مثل ما يكون عند مثلي.

فسألني عن مسائل ، فأجبته فيها. فلما أتيت على آخرها ملأ عينيه مني ، وأهملتا دموعا ، ثم قبّل رأسي ويدي ورجلي ، وقال : يا سيدي ، رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أرسلني إليك لتستنقذني ، وتأخذ بيدي.

قلت : وكيف ذلك أيها الرجل؟

قال : كنت رجل أرى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في منامي في كل عام في ليلة معروفة من السنة ، وكنت أتأهب لتلك

ص: 409


1- أقول : والبرهان كما ترى.

الليلة فلا يحرم رؤياي. فلما كانت تلك الليلة من هذا العام ، فلم أر فيها ولا بعدها. اغتممت غما شديدا ، فلما بتّ البارحة رأيته ، فجعلت أبكي إليه ، فأقول : يا رسول اللّه ، لقد طال شوقي إليك ؛ وحرمت منك ما كنت تعودته ، وساء ظني بنفسي لذلك. فقال : لا يسوء ظنك فهذا داعي المهدي قد حلّ بالبلد الذي أنت فيه بين ظهراني أهله ، فاذهب إليه.

قلت : وأين أجده يا رسول اللّه ومن هو؟

قال : اذهب غدا الى الكهف الفلاني - وسماه لي هذا الكهف - فانك تجده مستترا.

قلت له : يا رسول اللّه صفه لي. فوصفك بصفتك ، وقال : سله كذا وكذا - وذكر لي المسائل التي سألتك عنها ، فان أجابك بكذا وكذا - وذكر لي ما أجبتني - فهو صاحبك.

قال أبو القاسم : فأدركتني خشية ، وقلت في نفس : ما عسى أصنع فيمن أرسله رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فكشفت له أمري ، ودعوته ، فأجاب ، فأخذت عليه العهود في مقامه.

وكان هذا الرجل معروفا من أجلة أصحابه.

قال أبو القاسم : وكان الامام لما بعثني الى اليمن ، أمرني أن أقصد عدن لاعة (1). فلما سرت الى اليمن سالت عدن لاعة ، فكل من سألته عن ذلك ، قال : انما نعرف بعدن أبين (2) ، فقلت في نفسي : لعل هذا الاسم قد غيّر وبدّل عما يعرفه الامام.

فقصدت عدن أبين لما أجد ، وسألت عما يحمل إليه من التجارة ،

ص: 410


1- وهي قرية بجنب مدينة لاعة من أعمال صنعاء ( معجم البلدان 4 / 89 ).
2- الساحلية.

ولأستتر بذلك ، فقيل : العطب - يعنون القطن - ، وقيل لي : إن بها ناس من الشيعة فانها فرضة الهند وأم البلد.

فاشتريت قطنا ، وقصدت إليها ، فلما وصلت إليها سألت عن [ سوق ] بيع القطن ، فدللت إليها ، فاكتريت فيه حانوتا فيها بما معي منه ، ورأيت في [ ذلك ] (1) السوق قوما يتذاكرون فضائل علي علیه السلام ، فأصابنا مطر دائم ، فاني يوما لجالس في داخل الحانوت ، والمطر يسكب إذ دخل عليّ جماعة منهم ، فجلسوا وتحدثوا عندي ، ثم أخذ أحدهم بيدي فخلا بي ، فقال : ما هذا وجه بياع قطن ، ولكن معك شيء من علم آل محمد.

قلت : أنا رجل تاجر.

قال : دعني من هذا ، لعلك سمعت ببني موسى؟

قلت : نعم.

قال : فنحن هم ، ونحن شيعته ، وهذا أوان ننتظر فيه دخول داعي المهدي إلينا على ما تقدمت به الروايات عندنا ، وانّا لنجد صفته فيك ، ولهذا جئناك ، فهات ما عندك ، فنحن إخوانك.

قال أبو القاسم : ولم يزل بي حتى كشفت له الأمر وما برح حتى أخذت عليه العهد. وقام فأتاني بأصحابه ، فأخذت عليهم ، فعزموا عليّ ، فنقلوني الى محلهم ، وكنت عندهم ، وآتوني برجال ممن كان بالموضع من أصحابهم ، فأخذت عليهم. ثم قالوا : إن اخواننا من الشيعة بعدن لاعة فترى نرسل إليهم؟

قلت : وثمّ عدن لاعة؟

قالوا : نعم.

ص: 411


1- وفي الاصل : تلك.

قلت : وإليها أرسلت ولم أجد أحدا يخبرني عنها.

فارسلوا إليها ، فأتاني رجال منهم ، وأخذت عليهم وسرت معهم ، فأصبت دار شيعة وأخبروني عن رجل منهم يقال [ له ] (1) : أحمد بن عبد اللّه بن خليع ، كان فيهم ذا علم وأنه كان ينتظر قدومي ويقول لهم : بهذا العام يدخل عليكم داعي المهدي. واشترى سلاحا ، وأعدّه لقدومي ، وأتوني بذلك.

قالوا : خبره اتصل بابن يعفر صاحب اليمن ، فرفعه إليه فحبسه ، فمات في محبسه.

قال : وأنزلوني بدار من دوره.

وتزوج أبو القاسم بنت أحمد هذا المتوفى. وبعث بابن أخيه - الهيثم - داعيا [ له ] ، فكان أول [ داع ] له ، واستجاب له خلق عظيم من أهله. والدعوة الى اليوم بها قد قويت ، وظهرت ، وقهرت من خالفها ، وغلب أمرها بحمد اللّه تعالى.

قال أبو القاسم : ولما تمكنت لي الامور ببعض ما احبّ كتبت الى الامام بذلك ، فورد على جواب كتابي (2) وبأنه الامام المهدي ، وبأنه سلّم الامر إليه ، فمن قبل أن يصل إليّ جوابه تمكنت لي الامور وقويت ، ورأيت من النصر والفتح ما لم أكن أعرفه. فلما صار إليّ الكتاب بما كان من أمر المهدي علمت أن ذلك إنما كان ببركته ، وبمنّ دعوته ودولته ، وتهيأت لي امور من أعمال المؤمنين فبعثت بها إليه ، وطرائز وظرائف من طرائز اليمن وظرائفها ، فكان ذلك أول شيء وصل إليه.

ص: 412


1- وفي الاصل : يقال لهم.
2- وفي الاصل : جواب كتابه.

واستأذنه أبو القاسم بعد ذلك بالحرب ، فأذن له ، فأظهر أمره ، وقام بالحرب ، وافتتح مدائن باليمن ، وغلب على ملوكها ، وافتتح صنعاء ، وأخرج بني يعفر منها ، وفرق الدعاة في سائر اليمن وما يليه من البلدان ، ولم يزل أمره يعلو ويزيد الى أن كانت فتنة محّص اللّه تعالى المؤمنين منها ومحق الكافرين والمنافقين من بناحيه منها ما نال غيرهم في أخبار يطول شرحها. وتوفي أبو القاسم رحمة اللّه عليه باليمن في غربة ومنعة وفي وفد من المؤمنين وسعد من الدين ، وكانت بعده أحداث وأخبار يطول شرحها.

[ في شمال إفريقيا ]

وآيات المهدي في الدعوة التي أيده اللّه تعالى بها وأعز نصره بأيدي أهلها وهي الدعوة التي قام بها أبو عبد اللّه الحسين بن أحمد بن زاكي (1) الكوفي ببلد كتامة ، وقد ذكرنا سيرته فيها من أولها الى آخرها في كتاب الدولة. ولكنا نذكر في هذا الكتاب طرفا من ذلك لما جرى للمهدي. ونبتدئ أنه قدم الى المغرب من قبله مدة طويلة رجلان من أهل المشرق ويعرفان [ الأول ] بالحلواني ، والثاني بأبي سفيان. فنزل كل واحد منهما بناحية. فلما صارا الى مرماجنة نزل أحدهما - وكان يعرف بأبي سفيان - بها بموضع يقال له : تالا في موضع بأرض مرماجنة. بنى فيه مسجد الروم ، وتزوج امرأة. وكان له عبد وأمة. وكان عابدا

ص: 413


1- هكذا في الاصل والصحيح : زكريا. وهو أبو عبد اللّه الشيعي المعروف بالمعلم. الممهد لخلافة المهدي والمبشر للمذهب الاسماعيلي ، اتبعه خلق كثير من أهل المغرب ، وقوى أمره وثار على الحاكم وانتزع الحكم من إبراهيم بن الاغلب وسلمه الى المهدي الذي بدوره لما استقرت له الامور فتك بأبي عبد اللّه وأخيه أبي العباس في مدينة رقادة ثم أمر له بتشييع رسمي. ( الدولة الفاطمية لعباس الحمداني ص 169 ، الاعلام للزركلي 2 / 249 ، دول الشيعة في التاريخ لمغنية 62.

عالما يصوم النهار ويقوم الليل ملازما لمسجده ، وكان أهل تلك الناحية قد عرفوا فضله ، وكان يروي عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، وكان ورعا زاهدا فاضلا ، ويروي عنه في ذلك اخبار كثيرة ، وتشيع على يديه بشر كثير ، ومن أجل ذلك استقرت الشيعة قديما بمدينتي الأندلس ومجانة.

[ أما الحلواني ]

ونزل الحلواني بسوجمار بالقرب من بلد كتامة ، وكان أحواله كأحوال أبي سفيان وتشيع على يديه كذلك عالم كثير من أهل تلك الناحية.

ومما كان يؤثر ، أنه قال : بعثت أنا وأبو سفيان الى هذه الجهة ، ووصف لنا. وقيل لنا : إنكما تأتيا أرضا بورا واحرثاها وذللاها الى أن يأتي صاحب البذر ، فيبذر. وكان يقول : سيأتي داعي المهدي. ووصف أبا عبد اللّه بصفته ، ويقول : إن في فيه اصبعا في اخبار له ذكرها.

[ داعي المغرب ]

وكان الإمام الذي أخرج أبا القاسم ، فلما تمكنت الدعوة واظهر أمرها أرسل الى أبي القاسم داعي اليمن أبا عبد اللّه الحسين بن أحمد داعي المغرب بالمقام عنده ليقتدي بسيرته ، وأفعاله ، ويشاهد ذلك ، ثم يسير الى المغرب ، ويقصد بلد كتامة ، فصار الى اليمن ، وأقام عند أبي القاسم شهورا. وكان أبو القاسم به معجبا يذكر فضله ويثني بالجميل عليه.

وقيل : إنه لما ودعه لينصرف عنه وهو بقلعة لاعة - بالموضع الذي بنى فيه - نظر إليه منصبا منحدرا منها ، ومعه جماعة من أصحابه. فنظر أبو القاسم إليه ، ثم قال لهم - وأشار الى أبي عبد اللّه - : إن بين كتفيه لنجاة خلق عظيم.

ص: 414

وكان أبو عبد اللّه من خيار المؤمنين وأفضلهم من الدين في نهايته ، ومن الورع في غايته ، لطيفا عاقلا عالما بالتأويل ، يحسن منه ما يقول.

وانصرف من عند أبي القاسم من اليمن في وقت خروج الحجيج من اليمن للحج ، فصار الى مكة. فلما استقرّ الحجيج بمنى في أيام التشريق ، جعل أبو عبد اللّه يسأل عن موضع نزول أهل المغرب ليخرج في جملتهم إذا نفروا. فمرّ برجال من كتامة قد كانوا حجوا في ذلك العام ممن كان تشيع بأسباب الحلواني ممن لم يلحقه ، فسمعهم يتذاكرون فضل أمير المؤمنين علي علیه السلام ، وجلس إليهم وفاتحهم في ذلك ، فمالوا إليه ، ووجدوا عنده من ذلك ما لم يكونوا سمعوا به ، واعجبوا به ، وسألوه عن بلده ، فذكر لهم أنه من أهل المشرق ولكنه يريد المغرب ، فسرّوا بذلك ، واغتبطوا بصحبته ، وكان منهم إليه اكرام واجلال ، وجرى من حضره معهم ما يطول ذكره مما قد ذكرناه في غير هذا الكتاب مما ذكرنا إنا ألّفناه.

وخرج معهم من مكة حتى صاروا الى سوجمار حيث كان الحلواني ، فهو من بلد كتامة ، مسيرة يوم ، نزلوا عند شيوخ لهم من الشيعة قد أدرك بعضهم الحلواني ، واجتمع اولئك الشيوخ عند أبي عبد اللّه فوجد عندهم المعرفة والتهيؤ للقبول ما لم يجده عند الذين قدم معهم ، ففتح لهم بعض ما عنده ، فخلوا به في ليلتهم تلك ، وذعنوا إليه في تعريفهم أمره.

وقال - من أدرك الحلواني منهم - : واللّه لقد وصفك لنا شيخنا بصفتك ما غادر غير أنه ذكر أن في فيك اصبع.

فتبسم أبو عبد اللّه ولم يزالوا حتى أظهر لهم أمره ، وأخذ عليهم في ليلتهم تلك ، ولما أخذ عليهم بالكتمان وضع اصبعه في فيه كما يفعل من يأمر بالصمت ، وقال لهم : هذا الاصبع الذي ذكر الحلواني في فيّ.

ص: 415

ولما أصبحوا أجلسوا أصحابهم ، وأظهروا من تعظيم أبي عبد اللّه ما لم يكن قبل منهم ، وقالوا لأصحابهم : نحن نخرج معكم ، فأقيموا عندنا اليوم. ثم اطلعوه على خبره ، فأخذ عليهم.

ودخل بلد كتامة في سنة ثمان ومائتين ، ومضى معه الرجال الذين أخذ عليهم بسوجمار. فلما صار الى جبل بلد كتامة تنازع الذين قدموا معه من الكتاميين فيه ، وأراد كل فريق منهم أن يكون قصده إليه ، ونزوله عليه. ثم اتفقوا على أن يخبروه في ذلك ، فقال لهم : أين فج الاخيار؟

فنظر بعضهم الى بعض بما قال ، قالوا له : ومن أين تعلم أنت هذا الفج؟

قال : ما أعلمه ، ولكن امرت أن يكون دخولي الى بلد كتامة منه ، فأيكم كان طريقه عليه ، وقصد موضعه من جهته كنت معه.

فكان ذلك طريق جميلة ، فسار معهم. وقال للآخرين : أنا أزوركم ، وآتي كل قوم منكم في مواضعهم. ونزل ايكجان من بلد كتامة في حدّ بني سكتان.

أبو عمر ، قال : اشتريت ثوبا من الزهافي ومتاع كنت اشتريته سرت به الى بغداد. وطلب الثوب مني لخليفة كان يقرب ما استخلف وأدخلت الى القصر لأقبض ثمنه ، فدفعت الى شيخ له هيئة حسنة ، وهو جالس ، وعن يمينه فتى جميل الوجه حسن الهيئة ، فاشترى الشيخ الثوب مني ، وأمر لي بثمنه ، ثم سألني عن بلدي ، فقلت : من أهل المغرب.

قال : من أيّ المغرب أنت؟

قلت : من مدينة يقال لها : مجانة.

قال : وأين أنت من مكان يقال له جيحل؟

ص: 416

قلت : وثم موضع يقال له : جيجل؟

قال : ما سمعت بهذا الموضع؟

ثم أنكرت ، فقلت له : تريد جيحن (1).

قال : وثم موضع يقال له : جيجن.

قلت : هو من موضع كتامة بيننا وبينه مسافة خمسة أيام.

قال : قد يكون صحّف.

ثم ضرب بيده على كتف الفتى ، فقال : اذا خرج الخارج من جيجن هذه ، فان خروجه سبب انقطاع دولتكم يا بني العباس.

وكان كثير ما يرد كتب بني العباس الى عمالهم بافريقية وفي أواخرها.

وأحسن الرباط خيلا ، ورجلا ، وعدة ، فان السجل إنما يطوى من آخره.

وذلك كما صحّ عندهم من الروايات في اخبار ما يكون انقطاع دولتهم هناك. وهذا ما يجري مجراه من الاخبار عما يكون انما يأتي من أنبياء اللّه الذين أطلعهم عليه من عليم غيبه الذي لا يطلع عليه إلا من ارتضى من رسوله ، كما قال تعالى (2). فصار من ذلك ما صار ، الى من صار إليه عنهم علیهم السلام ، ورفع الى من حدث به وذكره على ما قدمنا القول فيه من ذلك من مثل هذا ، ومن غيره مما هو في معناه.

[1290] ومن هذا المعنى ما رواه محمد بن سلام الكوفي ، باسناده ، عن عبد اللّه بن الحسن ، أنه كان في أيام بني أميّة ، إذا خلا بمن يثق به

ص: 417


1- هكذا صححناه وفي الاصل : جيجل.
2- اشارة الى الآية : ( عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً. إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ) الجن : 26 و 27.

ذكر له سرّ أحوال بني أميّة ، وأومى الى القيام عليهم. فلما ظهر أبو مسلم بخراسان ، سكت عن ذلك.

فقيل له : هذا أبو مسلم قد قام يدعو الى الرضا من آل محمد ، ولبس السواد ، وسود راياته على الحسين علیه السلام ، وقد كنت تذكر مثل هذا ، وأنت اليوم لا تذكره ، فما الذي فيه؟

فقال : واللّه لهذه الرايات أضرّ عليكم وأغلظ عليكم من رايات بني أميّة. ولكن انظروا هل طلعت رايات من المغرب؟

قالوا : لا.

قال : فهي التي يكون الفرج معها ، فاذا طلعت فبادروا إليها.

[1291] وروى يحيى بن سلام - صاحب التفسير - رفعه باسناده الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : تطلع الشمس من مغربها على رأس الثلاثمائة من هجرتي.

وهذا حديث مشهور ، ولم تطلع الشمس من مغربها في هذا الوقت ولا قبله ولا بعده ، وإنما عنى عليه الصلاة والسلام بذلك قيام المهدي بالظهور من المغرب.

والعرب تقول : طلع علينا فلان ، وطلع من مكان كذا وكذا إذا أقبل منه.

ويسمّون الرجل الفاضل شمسا ، قال الشاعر :

فانك شمس والملوك كواكب *** اذا طلعت لم يبد منهنّ كوكب

وقد سمّى اللّه تعالى نبيه سراجا ، فقال : ( إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَداعِي اًإِلَى اللّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً ) (1). وسمّى اللّه تعالى الشمس سراجا ، فقال : ( وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً ) (2) وقال : ( سِراجاً وَهَّاجاً ) (3) يعني الشمس.

ص: 418


1- الاحزاب : 45 و 46.
2- نوح : 16.
3- النبأ : 13.

والمهدي هو المراد بالشمس التي ذكر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنها تطلع من المغرب على رأس الثلاثمائة من هجرته ، وكذلك طلع هو علیه السلام في سنة سبع وتسعين ومائتين ، ورأس الثلاثمائة ما دخل في عقد آخر عدها أعني العشرة الآخرة من عدد الثلاثمائة ، ولم يطلع في ذلك الوقت ، ولا فيما قرب منه من قبله ولا من بعده شمس من المغرب ، ولا انسان يشبه بالشمس ويضاف اسمها إليه غيره.

ومن ذلك ما قاله الفهري في المهدي علیه السلام في قصيدة له طويلة :

فعند الست والتسعين قطع القول والعذر *** لأمر ما يقول الناس بيع الدر بالبعر

وصار الجوهر المكنون علفا غير ذي قدر *** يتيم كان خلف الباب فانقضّ على الوكر

ففي سنة ست وتسعين ظهر أبو عبد اللّه على مملكة إفريقيا ، وأقام دعوة المهدي ، ورأى الناس أن الاشراف فيهم ، وهم الارذلون ، وقد سلب ملكهم قوم لا خلاق لهم وهم أصحاب أبي عبد اللّه وأنصار دولة الحق.

وقوله : يتيم كان خلف الباب ، يعني المهدي ، وكذلك كان. مات أبوه وهو صغير وكذلك كان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . وهذا مما قدمنا ذكره أن قائله قالوا منه ما انتهى إليهم عن أنبياء اللّه تعالى ، ومن أخبار ما يكون.

ومن ذلك قول الحربي ، وكان شيخا من قرية من قرى تونس ، يقال لها : أعرابي ، قد خرف ، وكان عنده أخبار ما يكون ، فانتهى خبره الى إبراهيم بن أحمد الأغلبي (1) ، وكان قد بحث عن هذه الاخبار ، فطلبها ، ولحق أيام أبي

ص: 419


1- وهو ابن الاغلب ابراهيم بن أحمد بن محمد بن الأغلب من امراء الأغالبة ، المولود 237 ه تولى الحكم في افريقية سنة 261 ه وانتقل إلى تونس سنه 281 فسكنها واتخذ بها القصور ، وغزا الإفرنج ، فافتتح كثيرا من حصونهم وقلاعهم. وأخيرا اصيب بالماليخوليا فقتل كثيرا من أصحابه وكتابه وحجابه ونسائه ، وقتل اثنين من أبنائه وثمانية إخوة له وبناته. عزله المعتضد العباسي سنة 289 ه ومات في نفس السنة في صقلية ودفن بها وقيل حمل الى القيروان ومدة ولايته 28 سنة وستة اشهر ( ابن خلدون 4 / 1. البيان المغرب 1 / 116 ، الاعلام 1 / 22 ).

عبد اللّه ، وأرسل إليه وهو ببلد كتامة يدعوه الى الرجوع عما هو عليه ، ويحذره نفسه. وقد ذكرت ما جرى بينهما في كتاب الدولة. ولما تبين أنه صاحب الامر أعرض عنه ، وكان إذا خلا مع من يثق به فجرى ذكره يقول : واللّه لو دخل من آخر أبواب مدينتي هذه لأخرجن من باب آخر. ثم ظهر يومه ، فخرج من إفريقيا الى بلد الروم (1) غازيا ، وأسلم ملكه (2) لما علم أن أمر أبي عبد اللّه وظهوره على إفريقيا قد قرب.

وكان لما بلغه أمر الحربي هذا بعث في طلبه ، فحمل إليه وهو ابن أربع وتسعين سنة ، فسأله أن يخبره بما عنده في أمر مدتهم ودولتهم ، فأنكر أن يكون عنده علم من ذلك ويلوك منه ، فجزم عليه ، وآمنه ، وحلف له أن اخبره ليحسن إليه ، وأن لا يناله إلا كل ما يحبه ، وتواعده بالمكروه إن تمادى على كتمان ذلك عنه ، وكان الحربي شاعرا ، وكان له قصيدة في ذلك تعرف بقصيدة الحربي طويلة ، عرض فيها لخبر ما يكون تعريضا دون التصريح لما خاف أن يهيجه ذلك ، فيناله مكروه منه ، أولها :

أقول وأسلمت القريض لأهله *** وعشت زمانا وهو خير مكاعب

أمن بعد تسعين سنينا أعدها *** وأربعة من بعد ذاك رواتب

ازاحم أهل الشعر بالشعر راجزا *** أبى اللّه هذا بعد أن جبّ غاربي

ولكنني أرجو من اللّه عفوه *** بأوبة مأمون السريرة تائب

وآمل غفرانا بفضل تلاوة *** ارددها ليلي بفكرة آئب

صرفت اموري للّذي أنا عبده *** على ربّ العرش معطي الرغائب

فلست حياتي سائلا غير ذي العلى *** وإلا فجبّت من يميني رواجبي

ألا يا أمين اللّه وابن أمينه *** وعاشر سادات الملوك الأغالب

ص: 420


1- الى صقلية.
2- الى ابنه أبي العباس عبد اللّه.

وجدت كتابا قد تقادم عهده *** رواية أشياخ كرام المناسب

رواية وهب عن سطيح ودينل *** مشايخ علم صادق غير كاذب

تتابع رايات من الشرق سبعة *** الى الغرب سود خافقات الذوائب

يسين بأخزر العيون تراهم *** مباسمهم سمط طوال الشوارب

ويقول فيها هذه الأبيات :

ولاة بني العباس عشرون واليا *** تدين لهم بالرغم أرض المغارب

وفي الست والتسعين تهبط راية *** من الغرب في جمع كثيف المواكب

يمزق أرض البربرية جمعهم *** بخيل كأمثال القطا المتسارب

وتطلع شمس اللّه من غرب أرضه *** فلا توبة ترجى هناك لتائب

سمي نبيّ اللّه وابن وصيه *** واكرم مولود وأشرف طالب

فيملأ أرض اللّه عدلا ورحمة *** بأيام صدق طيبات المكاسب

وبالأعور الدجال ينهدّ جمعه *** سوى عصبة في باذخ الطود راتب

ويقتله من بعد عيسى بن مريم *** بقدرة ربّ ماله من مغالب

ومن بعدها موت ابن مريم مفضيا *** الى اللّه في حكم من اللّه واجب

فرمز له فيها ، وأغمض معانيها ، وجعل كلامها شعرا ليحمل الحذف والاغماض.

[ ضبط الغريب ]

وأما قوله : وأسلمت القريض. يقول : تركت قول الشعر ، يعني من قبل ذلك. والقريض ، في اللغة : قول الشعر ، والنطق به. يقال منه : فلان يقرض الشعر أي يصنفه. والقريض الاسم من ذلك القصيدة.

والرواتب : القوائم. يقال منه : رتب يرتب الرجل : إذا نفض قائما.

وقوله : إن جبّ غار بي.

الجب : استئصال ما يقطع من السنام وغيره اذا قطعه بأجمعه. قيل : جبّه ،

ص: 421

وهو مجبوب ، وقد جبّه ، أي قطعه كلاّ (1).

الغارب : أعلى الظهر ، وأعلى السنام ، ولهو الغارب أيضا ، ومنه قيل : حبلك على غاربك (2) ، شبهتها بالبعير الذي يلقى رسنه على ظهره ، ويثبت ، وإذا قطع سنام البعير ضعف ، فشبه نفسه بضعف الكبر بالبعير المجبوب الغارب.

الاوبة : الرجوع يعني الرجوع الى اللّه بالتوبة ، والآئب : الراجع.

وقوله : وإلا فجبّت من يميني رواجبي ، جبّ كما ذكرنا قطعت واستأصلت.

والرواجب ، جمع راجبة. والراجبة : يجمع ما بين الرجبين من كل اصبع ومن السلامي ما بين المفصلين. والراجبة الطائرة التي [ في ] الدائرة من الحامين الوجنتين من رجليه يقول : وإلا قطعت أصابعه من ذلك الحدّين يمينه تقسم بذلك على ما ذكره (3).

خزر العيون : الخزر في العين انقلاب الحدقة نحو اللحاظ وهو حول قبيح. وفعل ذلك ناظر الشيء من غير حول. قيل : خزر فلان عورا ذلك إذا نظر إليه بلحظ عينيه كالمغضب. ومنه قول الراجز :

لقد تخازرت وما بين من خزر

ثم كسرت العين من غير عور يصفهم بالغضب ، ويقال للرجل الطويل الاصابع : انه أبسط الاصابع (4).

والكثيف من الكثافة : وهي الكثرة والتفاف. والفعل منه كثف يكثف كثافة ، والكثيف اسم كثرية يوصف به العسكر والسحاب والماء (5).

ص: 422


1- ومنه قال الشاعر : ونأخذ بعده بذناب عيش *** أجب الظهر ليس له سنام وفي الحديث : أنهم كانوا يجبون أسنمة الإبل وهي حية. ( لسان العرب 1 / 248 ).
2- هذه الجملة كناية عن الطلاق يعني أنت مرسلة مطلقة غير مشدودة ولا ممسكة بعقد النكاح
3- راجع لسان العرب 1 / 412.
4- لسان العرب 4 / 236.
5- ومنه قول الشاعر : وتحت كثيف الماء في باطن الثرى *** ملائكة تنحط فيه وتصعد

والمواكب جمع موكب ، وهو ما اجتمع من الخيل وانفرد من الكثير منها. والجم : الكثير. والطود : الحبل الباذخ المشرف. والراتب : القائم.

فهذا شرح ما في هذه الأبيات من الغرائب.

[ شرح القصيدة ]

وأما شرح معانيها وما كان مما ذكر فيها.

فأما قوله : تتابع رايات من الشرق سبعة ، فهي الرايات التي دخلت إفريقيا من أرض المغرب. وقيل : إنه لا بدّ من راية ثامنة تدخل وهي التي تفتح المغرب. وهذا إنما يكون لأولياء اللّه إذا ملكوا المشرق وأنفذوها مما هناك إن شاء اللّه تعالى.

وقوله : وفي الست والتسعين ، يعني ما قدمنا ذكره أن ذلك في سته وتسعين ومائتين ، أعني فتح أبي عبد اللّه إفريقيا ، وازالة دولة بني العباس منها.

وقوله : وتطلع شمس اللّه من غرب أرضه وقد ذكرنا معناه قبل هذا.

وقوله : بالأعور الدجال ينهدّ جمعه. الأعور الدجال هو ذو العوار المبين مخلد (1) اللعين هدّ بباطله جموع اللّه فلم يبق منهم إلا من لحق بالجبل الابيض بالمهدية.

فمن كان ساكنا بها فزع إليهم ممن كان ساكنا في نواحي إفريقيا.

وقوله : ويقتله من بعد ذلك ابن مريم. يعنى المنصور وفي بعض الروايات : ويقتله المنصور وهو ابن مريم ، ومن هذا المعنى قول ابن أعقب شعرا :

قد قلت لما طار عني الكرى *** حتى متى ذا الليل لا يصبح

عذبني الحزن وفقد الكرى *** كلاهما أقسم لا يبرح

وكيف لا يحزن من لا يرى *** بانه ببلع يا مسطح

ص: 423


1- هو أبو يزيد مخلد كيداد المغربي. ( اسماعيليان در تاريخ ص 171 ).

دهرا يرى فيه امام الهدى *** بأسه بالمعروف يستفتح

ويبتني البيضاء في لجة *** خضراء فيها نونها يسبح

ينجو من الاهوال سكانها *** والأرض منها كلها تفتح

لو مدّ من عمري الى عمره *** لكنت في القرن الذي يفلح

هيهات ما ذا العمر مما أرى *** فيما أرى الموت به يسمح

[ ضبط الغريب ]

الكرى : النوم. وعنى بالبيضاء : مدينة المهدية (1).

وقوله : ينجو من الاهوال سكانها. وكذلك نجوا من أهوال فتنة مخلد الدجال.

ومن ذلك قول ابن أعقب ، شعرا :

اسمع الحق ودع عنك اللعب *** وهاك قولا صادقا غير كذب

في الست والتسعين يأتيك العجب *** بعد كمال المائتين في رجب

ينفض من جيحل جيش ذو لجب *** امضى من الجمر إذ الجمر التهب

من بربر يسعون من كل حدب *** ركبا ورجلا ما يملّون التعب

قد ملأوا المشرق خوفا ورهب *** وأنزلوا المغرب ذلاّ ونصب

إذا رأى الكوكب الطويل الذنب *** فذاك حدث ظاهر قد اقترب

تسعين ألفا بين رأس وذنب *** سيماهم الحقد واظهار الغضب

يعززها الراكب في عذر الركب *** يقودهم كهل عظيم بالكتب

يأوى الى الحزم إذا الجبل اضطرب *** ويأخذ الامر البعيد من كتب

تنقلب الدولة فيما تنقلب *** مهدية في نصّ انتظار الكتب

عن دانيال وسطيح للعرب

ص: 424


1- بناها عبيد اللّه المهدي تقع على سبعين ميلا جنوب القيروان يحيط بها البحر من ثلاث جهات.

[ ضبط الغريب ]

قوله : جيش ذو لجب. اللجب صوت العسكر يقال من ذلك (1).

والحدب : ما ارتفع من الارض. والكتب : القرب.

وقوله : في الست والتسعين بعد المائتين. كذلك كان دخول أبي عبد اللّه إفريقيا ، وازالته ملك بني الاغلب منها في سنة ستة وتسعين ومائتين في رجب. وكذلك دخول الخوف من أجله على أهل المشرق ، فأزال أعداء اللّه تعالى من المغرب وكذلك كان جيشه عامته بربر وفيهم أخلاط من قريش ومن العرب ، ممن كان في المدائن التي افتتحها قبل ذلك ، وكذلك كان أبو عبد اللّه في حين ذلك أهلا عليما بالكتب ذا سياسة بالامور ، وكذلك انقلبت الدولة به الى المهدي. وما سمعنا من أخبارها يكون بأصحّ من هذا الشعر في المعنى.

وأنشد أبو اليسر إبراهيم بن محمد الشيباني (2) أبا عبد اللّه هذا الشعر لما صار. الى إفريقيا ، وعنده وجوه أهل القيروان. فقال أبو عبدون القاضي ما سمعنا من الحدثان شيئا أصدق من هذا الشعر.

وكان ابراهيم بن أحمد قد نقم على أهل بلزمة أمرا فعلوه ولم يكن يقدر عليهم ، فلطف بهم وأظهر برّ من يأتيه منهم واكرامه وأقطعهم القطائع ووفّر لهم الصلات وأتاه جماعة منهم ، أنزلهم برفادة في موضع بنى عليه سورا ونصب عليهم أبوابا ، فلما اجتمع إليه منهم من رأى أنه لا يأتيه غيرهم فتك بهم في ليلة من الليالي ، فقتلهم عن آخرهم.

وكان ببلزمة يومئذ رجل من الشيعة يقال [ له ] : محمد بن رمضان من أهل

ص: 425


1- لسان العرب 1 / 735.
2- البغدادي أصلا ولد 223 واستقر في القيروان فترأس ديوان الإنشاء لبني الاغلب ثم للفاطميين الى أن توفي سنة 298 ه.

نفطة من مدائن قسطنطينة وكان شاعرا. وصار إليه علم من علم ما يكون ويذكر انقطاع دولة بني الأغلب ، ويصف المهدي ويذكر قرب ظهوره ، فانتهى ذلك عنه الى إبراهيم بن أحمد ، فأمر بطلبه ، وأحسن بذلك فلجأ الى بلزمة ومدح رؤساءها ، فأووه وحموه ، فلما وقع إبراهيم بن أحمد بن أوقع به ، وانتهى إليه ، قال في ذلك هذه الأبيات :

جلّ المصاب لئن كان الذي ذكروا *** مما أتتنا به الأنباء والخبر

عن ألف أروع كالاساد قد قتلوا *** في ساعة من سواد الليل إذ غدروا

لو كان من بيت الآساد أيقظهم *** حلّت به منهم الاحداث والغير

قل لابن أحمد ابراهيم مالكه *** عن الخبير بما يأتي ولا يذر

عن المشرّد في حبّ الائمة من *** آل النبي وخير الناس إن ذكروا

اعلم بأن شرار الناس أطولهم *** يدا يمكروهم يوما اذا قدروا

لا سيما الضيف والجار القريب ومن *** أعطوه ذمتهم من قبل ما خفروا

فما اعتذارك من عار ومنقصة *** أتيتها عامدا إن قام معتذر

جرّعت ضيفك كأسا أنت شاربها *** عما قليل وأمر اللّه ينتظر

فدولة القائم المهدي قد أزفت *** أيامها في الذي أنبا به الاثر

عن النبيّ وفيها قطع مدتكم *** يا آل أغلب أهل الغدر فاقتصروا

وقطع أمر بني العباس بعدكم *** قطع أمر بني مروان إذ بطروا

المالكة : الرسالة. أزفت : قربت وأخبر بقرب قيام المهدي وكان كما قال ، وأدرك قيامه وأيامه ، واستقضاه على الناحية التي كان بها ، ومات في أيامه ، وقد قارب المائة سنة.

ومما قاله قبل ذلك في ظهور المهدي ، قوله في قصيدة :

كأني بشمس الأرض قد طلعت لنا *** من الغرب مقرونا إليها هلالها

فيملأ أرض اللّه قسطا بعدله *** بما ضمّ منها سهلها وجبالها

إذ آمن منها ما أخاف وأتقي *** فأظفر بالزلفى به وأنا لها

ص: 426

فقال : شمس الأرض : يعني المهدي على ما قدمنا شرحه وما جاءت به الروايات في ذلك.

وقوله : مقرونا إليها هلالها. فالهلال الذي ذكرناه وليّ عهده القائم من بعده ، وما علمنا أحدا قبله. ذكر مثل ذلك ولحق مما قال بإمامته وظفر بالزلفى لديه به كما ذكرنا عنه. وبما أخبرنا به بعض من أدركنا من شيوخ إفريقيا ممن كان يصحب ولاتها الأغالبة وأقاربهم. وكان الغالب عليهم التشيع. وكان من جملتهم أعني الغالبة رجل يقال له : يعقوب بن المصا ، فأخبرنا من أدركه وصحبه ممن كان يجامعه على التشيع أنه كانت له ضيعة بالساحل ، وبالقرب من الجزيرة التي ابتنيت مدائن من بعد ، فكان إذا خرج الى ضيعته يأتي هذه الجزيرة ، فيصلّي فيها ، ويمشي بها ، وينظر إليها ، ويقول : هذه واللّه صفة الجزيرة التي يقال إن المهدي يبتني فيها مهدية ، وما أعلم ساحل إفريقيا الذي يقال إن المهدي يبني فيها مدينة موضعا هو أشبه بما وصف من هذه الجزيرة. وكان ابن أحمد المعروف بالحلواني قديم الاختلاف الى حصون الرباط الساحل من وقت حداثته للرباط والحرس. ثم بعد ذلك حصن المفسر منها واشتهر ذكره ، وترأس به فكان يحدث أنه أتى مرة قصر جمة الذي هو بقرب الجزيرة التي بنيت بها المهدية.

قال : وكان لهذا القصر رجل فاضل متعبد يقال له : سليمان الغلفاني ، وكان يغشاه ليتبارك به ، فأتيناه مرة ، فأقمنا بقصر جمة مختلف إليه وكانت الجزيرة بنيت بها المهدية بقرب هذا القصر ينزل بها الروم في فوارن بحلوها ويستترون ، فيختطفون ما قدروا عليه من الناس والأموال.

قال : وكان المرابطون إذا نزلوا قصر جمة في وقت اجتماعهم للمشي بالعدة على ساحل البحر يدخلون هذه الجزيرة ويختبرون أن لا يكون فيها أحد من العدو.

قال : فدخلناها مرة مع الغلفاني ، فاختبرناها فلم نجد فيها أحدا. ثم سرنا مع الغلفاني الى غار كان فيها بالموضع الذي ابتنى فيه المهدي قصره ، فاختبرناه فلم

ص: 427

نجد به أحدا ، وخرجنا منه وصلّى الغلفاني ركعات عند الغار ، وصلّينا كذلك معه. ثم جلس يحدثنا فكان مما قال : إن اللّه تعالى سيعرّف (1) هذا الموضع بأحبّ خلق اللّه إليه.

وهذا مما بلغه على ما قدمنا ذكره وانما جاء مما ذكرناه مما انتهى إلينا من بشرى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بالمهدي وبالائمة من ولده ، وما يكون منه ومنهم في ذلك ، كما بشرت الأنبياء به صلی اللّه علیه و آله من قبل مبعثه. وكذلك جاءت عنه الأخبار عمن كان آثر العلوم وقبل ذلك في الشعر كما جاء عن أميّة بن أبي الصلت ، وورقة بن نوفل ، وزيد بن عمرو ، وأسعد بن أبي كرب ، وسيف بن ذى يزن ، والقس (2) بن ساعدة ، وخالد بن سنان ، وغيرهم.

ومما كان في أمر المهدي والائمة من ولده صلوات اللّه عليهم أجمعين من البراهين والآيات المشاهدة لإمامتهم بعد الذي ذكرناه من خروج المهدي من وطنه الى المغرب في هجرته وما حرسه اللّه تعالى به وصرفه عنه كيد الظالمين بعد بذلهم المجهود في تطلبه ، وتعمّ الرسل من بين يديه ، بصفته وخبره الى جميع عمالهم ليقبضوا عليه ، وأعمى اللّه تعالى عيونهم عنه ، ووقاه ، وسلّمه الى أن حلّ مدينة سجلماسة ، وكلما حلّ ببلد أفضل على العامل عليه ، ووصله ، فأهدى إليه ، فمنهم من لم يعرفه واكرمه لذلك ، ومنهم من عرفه وترك التعرض له لما كان منه ومنهم من عرفه ذلك حذره. واخبارهم بذلك مما يطول ذكره ، وذلك كله لما ألقاه اللّه تعالى في قلوبهم له حتى إذا حلّ سجلماسة عامل ابن مدرار سلطانها بذلك ، فكان يخصه ويكرمه ويوجب حقه الى أن وصلت رسل صاحب بغداد وافريقيا إليه واتصلت الاخبار من جهات كثيرة به ، وبأنه هو الذي يدعو إليه أبو عبد اللّه ، وأمر بالقبض عليه ، وحذر من أن يفوته أو أن

ص: 428


1- هكذا في الاصل.
2- هكذا صححناه وفي الاصل : القيس.

يداهن في أمره. فسأله عن نفسه ، فعرفه أنه من ولد الحسين علیه السلام لصلبه.

فقال : لم لم تعرّفنا بذلك قبل هذا؟

فقال : ما كان لي من حاجة الى ذكر ذلك ، فأذكره [ عند ما ] تسألني عنه ، فاذا سألتني عنه لم يسعني أن أنتفي من [ نسبي ولا ] أن اكتمه ، فأطلعتك على ما سألتني.

فقال له : فهذا الرجل [ يذكر ] ببلد كتامة ، وغلب على نواحي إفريقيا إليك يدعو.

قال : ما رأيت الرجل ولا أعرفه.

وكذلك كأن لم يكن [ يتذكر ] ، كما قدمنا الخبر بذلك. قال : ولكنه بلغني أنه يدعو [ للمهدي ] من آل محمد.

قال : فإنه أخذ إفريقيا وأقبل بعساكره ، وما يدعو إلا إليك.

قال : أهل النسب بالمغرب كثير ، فان كان [ لي يدعو ] نفعتك عنده ، ولم أضرك ، وإن كان الى غيري لم [ يكن لي ] في ذلك مقال.

فحرم الشقي حظه منه وغلبت الشقوة [ عليه ] واختطفه ، وجعل الحرس عليه وأقصاه ، وأظهر جفوته وهرب أبو عبد اللّه منه ، وكتب إليه بخبر ، فانه إليه جاء ويسأله [ أن لا ] يتعرض ، ويعده بالجميل. فقتل رسل أبي عبد اللّه ومزق الكتاب وأظهر الغضب والانفة مما كتب به إليه ، وغلّ اللّه يده عنه ، وقصرها أن يناله بمكروه حتى نزل أبو عبد اللّه سجلماسة ، وخرج بمجموعة إليه وحاربه. فتغلّب أبو عبد اللّه عليه وولّى هاربا ، فأدرك فاتي به إليه بعد أن خرج المهدي وتلقاه أولياؤه. وأمر بقتل الفاسق ابن مدرار ، وكان [ قد ] كفّ يده عنه ، وهو في حوزته ، وقد أصرّ عليه لشقوته ، آية عبرة وبرهان للمهدي.

وقد كان أبو عبد اللّه يقول لاصحابه الذين استجابوا لدعوته : إن اللّه يحفظ المهدي ويقيه ويدفع عنه حتى يظهر ويعز نصره. فلما رأوا ذلك قويت بصائرهم وخلصت نياتهم ، وكان أبو العباس أخو أبي عبد اللّه وهو اكبر منه ،

ص: 429

وأخصّ بالولاية قديما قد قدم مع المهدي حتى وصل معه الى طرابلس. ثم أرسله المهدي الى أخيه مقدما بين يديه ، وهو يومئذ ببلد كتامة ، وكان عزم المهدي أن يقصد قصد أبي عبد اللّه ، وأراد أن يعرفه ذلك فظهر على أبي العباس بالقيروان. وعلم أنه أخو أبي عبد اللّه ، وبأنه قدم مع المهدي فعاقبه [ على ] ذلك وأخرجه الى جهة قسطنطينة. فلم ير المهدى أن يقصد الى أبي عبد اللّه خوفا على أبي العباس أن يعلم بحقيقة أمره فيقتل. فحمل نفسه على المكروه ، وسار الى سجلماسة ، وكتب الى أبي عبد اللّه بذلك ، وكان أبو العباس رديء السيرة. ولما ثار مدلج على زيادة اللّه خرج أهل السجن وخرج أبو العباس فيمن خرج وتوجه راجعا الى المشرق ، فلحقه زيادة اللّه في وقت هروبه بطرابلس ، وقبض عليه ثم خلاه. ولما اجتمع مع أبي عبد اللّه أحدث نفاقا واستفسد رجال الدولة بعد أن صار المهدي الى إفريقيا ، ووسوس الى أخيه أبي عبد اللّه واستفسده ، وأراد أن يكون الأمر والنهي والإصدار والإيراد لهما دون المهدي ، وأن يكون المهدي كالمولى عليه معهما. وكان أبو عبد اللّه قد عوّد شيوخ المياميين قبل ذلك امور عشائرهم بأيديهم والأموال التي أفاء اللّه بها على وليه في أيديهم. فلما وصل المهدي قبض ذلك ، وصار إليه ، وانفرد بالأمر كما أفرده اللّه به ، وأخلّ أبو العباس الشيوخ من هذا الوجه ، ويشبه عليهم دلّ اكثرهم عليه ، وعاقده على الوثوب على المهدي كما تعاقد المنافقون على الوثوب على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من قبله ، فكلما عقدوا عقدا انحلّ في أيديهم ، وكلما أبرموا أمرا أحلّه اللّه عليهم ، واذا دخلوا إليه ليخاطبوه بما أبرموه وتوثبوا عليه أفحموا عما أرادوا أن يقولوه ، وغلّت أيديهم عنه ، وهو في ذلك قد علم أمرهم فلم يرعه ذلك ولا غير شيئا من حاله ، وكانوا يدخلون إليه بسلاحهم فلا يحجبهم ، ولا يتعدّاهم ، ولم يبق له على الوفاء بما أخذ له عليهم إلا قليل منهم حتى شتت اللّه أمرهم ، ومحقهم ، وقتل من قتل منهم ، ثم هرب من هرب منهم عن بابه ، ولحقوا ببلد كتامة ، وأقاموا وغدا من أوغادهم يدعون إليه ، وأحدقوا دعوة ، واستحلّوا فيها المحارم ، وأتوا فيها بالعظائم ، فأخرج

ص: 430

إليهم المهدي وليّ عهده (1) فهدم جمعهم وقتل رجالهم ، وأسر المناجم فيهم ، وتاب أكثرهم ، فعفا عنهم ، وأصلح امورهم ، وكانت في ذلك آيات وبراهين ومعجزات وأخبار يطول شرحها ويخرج عن حدّ هذا الكتاب استقصاؤها وشرحها.

فأما من ثار عليه وعلى الائمة من ولده من الوثاب ، وخرج عليهم من الخوارج ، وما كان في ذلك أيضا لهم من البراهين فهو ما إن ذكرناه قطع ما أردناه من بسط هذا الكتاب الذي عليه بسطنا وخرج عن حده. وأعظم ذلك ما كان في فتنة الدجال اللعين مخلد في أيام القائم والمنصور والمعز ( صلعم ) لما قام من بعد [ هم ] ، وقد بسطنا من أخبار فتنة الدجال اللعين مخلد ، وما كان من الآيات والبراهين والمعجزات فيها للقائم والمنصور ( صلعم ) كتابا ضخما كبيرا استقصينا فيه جميع ما جرى في ذلك ، وبسطنا أيضا كتابا عددا في سير المعز الى حين انتهى إليه. ومما أفرده اللّه به وخصه بالفضل فيه ، وما له في ذلك من البراهين الواضحة والشواهد البينة في أقل القليل من ذلك ما يكتفي به أولو الألباب ، ومن هدى اللّه الى الحق ، ووفق للصواب. وانما رسمنا كتابنا هذا برسم الاختصار والاقتصار على عيون الأخبار ، وإن كان قد طال ، وان كنا قد اختصرنا وتركنا كثيرا مما ينبغي أن نذكره ، فحذفنا ذلك لكثرة فضائل أولياء اللّه التي قصدنا الى ذكرها ، وما وهبه اللّه تعالى ، واختصهم به منها ، واللّه يصل ذلك بالمزيد لهم من فضله كما وعدهم وهو لا يخلف الميعاد.

تمّ الجزء الخامس عشر من كتاب شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار من تأليف سيدنا القاضي النعمان بن محمد قدّس اللّه روحه وأنعم.

ص: 431


1- وهو القائم الفاطمي.

ص: 432

شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار عليهم السلام

للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي

المتوفي سنة 363 ه. ق

الجزء السادس عشر

ص: 433

ص: 434

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[ صفات شيعة أمير المؤمنين علیه السلام ]

اشارة

[1292] [ بشير ] بن أبي بشير (1) قال : تخلفت عن زيارة أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام سنينا لتعذر الاشياء عليّ. ثم لطفت في شيء حتى اجتمع لي ، فخرجت الى الحج ، فلما قضيت حجي قصدت المدينة الى أبي جعفر علیه السلام ، فدخلت عليه ، فقال لي : يا أبا بشير لم أرك سنين؟

فقلت له : جعلت فداك ، كبر سنّي ، ودقّ عظمي ، وقلّت ذات يدي ، فلما كان هذا العام وقع في يدي شيء ، فاشتريت نضوا (2) وزادا ، وتركت لأهلي نفقة بما شئت عنه اكثر مما ركبته ، فلما قضيت حجي ، قلت : أمرّ بأبي جعفر ، فأقضي من حقه ما يجب.

فقال لي : يا أبا بشير إذا كان يوم القيامة فزعتم إلينا ، وفزعنا الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وفزع الى اللّه ، فأين تذهب يا أبا بشير؟

قلت : الى الجنة.

ص: 435


1- وأظنه بشير بن ميمون الوابشي النبال الكوفي. راجع اعيان الشيعة 3 / 586.
2- أي بعيرا هزيلا.

قال : الى الجنة ، واللّه الى الجنة ، واللّه الى الجنة - يقولها ثلاث -.

[ محبة الاخوة ]

[1293] [ سماعة ] بن مهران ، قال : قال لي أبو عبد اللّه علیه السلام : يا سماعة ، كيف حبك لا خوانك؟

قلت : جعلت فداك ، واللّه اني احبهم وأودهم.

قال : يا سماعة إذا رأيت الرجل شديد الحبّ لاخوانه فهكذا هو في دينه.

يا سماعة إن اللّه يبعث شيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من عيوب ، ولهم من ذنوب ، مبيضة وجوههم ، مستورة عوراتهم ، آمنة روعاتهم قد سهلت مواردهم وذهبت عنهم الشدائد ، يحزن الناس ولا يحزنون ، يفزع الناس ولا يفزعون ، وذلك قوله تعالى ( مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ) (1).

[ أعينونا بورع واجتهاد ]

[1294] عمران بن مقدم ، قال : سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، يقول : خرجت مع أبي الى مسجد النبي صلی اللّه علیه و آله حتى إذا كنا بين القبر والمنبر نظر الى ناس من أصحابه ، فدنا منهم وسلّم عليهم.

ثم قال لهم : إني واللّه احبّ ريحكم وأرواحكم ، فأعينونا على ذلك بورع واجتهاد. [ واعلموا أن ولايتنا لا تنال إلا بالعمل والاجتهاد ] (2) أنتم واللّه شيعتنا ، فأنتم شرطة اللّه ، وأنتم أنصار اللّه ،

ص: 436


1- النمل : 89.
2- ما بين المعقوفتين من أمالي الصدوق ص 500.

وأنتم السابقون الأولون [ والسابقون ] الآخرون ، السابقون في الدنيا الى الخير ، والسابقون في الآخرة الى الجنة. ضمنّا لكم (1) الجنة بضمان اللّه ، وضمان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

واللّه ما على درج الجنة اكثر أرواحا منكم ، وانكم لفي الجنة. فتنافسوا في الدرجات أنتم الطيبون ، ونساؤكم الطيبات ، كل مؤمنة حوراء عينا ، وكل مؤمن صديقكم.

ولقد قال أمير المؤمنين علیه السلام : أبشروا فو اللّه لقد مات رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو راض عنكم أيها الشيعة ، ألا إن لكل شيء ذروة (2) ، وذروة الإسلام الشيعة ، ألا لكل شيء دعامة ، ودعامة الإسلام الشيعة ، ألا إن لكل شيء شرف ، وشرف الاسلام الشيعة ، ألا إن لكل شيء سيد ، وسيد المجالس الشيعة ، ألا إن لكل شيء أمانا ، وأمان الأرض الشيعة.

واللّه لو لا من في الارض منكم ما استكمل أهل خلاقكم [ ولا أصابوا ] الطيبات ما لهم في الدنيا ، وما في الآخرة نصيب ، كل ناصب وان تعبّد واجتهد منسوب الى هذه الآية ( عامِلَةٌ ناصِبَةٌ. تَصْلى ناراً حامِيَةً ) (3).

[ ضبط الغريب ]

قوله : ذروة الإسلام الشيعة. ذروة كل شيء أعلاه ، ودعامة الشيء : أصله الذي يثبت عليه. والناصب هو الذي نصب العداوة لآل محمد ، وقد

ص: 437


1- هكذا صححناه وفي الاصل : هنيئا لكم.
2- وفي أمالى الصدوق : لكل شيء عروة.
3- الغاشية : 3 و 4.

أمر اللّه تعالى في كتابه بمودتهم ، فمن عاداهم فقد خالف اللّه ورسوله وكتابه ولم ينفعه عمل يعمله ما كان مصرا على ذلك غير تائب.

وقوله : وأنتم شرطة اللّه ، القيام بأمره من ذلك. شرطة الجيش : هم شراطة السلطان الذين يقومون بالامور.

[ من مات على الولاية ]

[1295] موسى بن عباس ، باسناده ، أنه قال لي أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام : من مات منكم على أمرنا كمن ضرب فسطاطه الى روات القائم ، بل بمنزلة من استشهد مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

[1296] [ حماد ] بن أعين ، قال : قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام : أما ترضون - يعني الشيعة - أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفوا ألسنتكم ، فتدخلوا الجنة.

أما ترضون بأن يأتي قوم يلعن بعضهم بعضا. ألا أنتم ومن قال مثل قولكم من مات منكم على أمرنا هذا كان بمنزلة من استشهد مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله (1).

[ من سرّ أخاه المؤمن ]

[1297] أبو بصير ، عن أبي حمزة ، قال : دخلت على أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام وعنده أبان ، فقال له أبان : حدثني جعلت فداك عن فضل المؤمن.

قال : نعم يا أبان. المؤمن منكم إذا توفي أتاه رجل في أحسن ما يكون من الصور إليه في حين خروج نفسه ، وعند دخوله قبره ، وعند

ص: 438


1- وفي البرهان 4 / 293 : على هذا الأمر لشهيد بمنزلة الضارب بسيف في سبيل اللّه.

نشوره ، وعند وقوفه بين يدي ربه ، فيقول : ابشر يا وليّ اللّه بكرامته ورضوانه.

فيقول له المؤمن : يا عبد اللّه ، ما أحسن صورتك وأطيب رائحتك ، وتبشرني عند خروج نفسي ، وعند دخول قبري ، وعند نشوري ، وعند موقفي بين يدي ربي ، فمن أنت جزيت خيرا؟

فيقول له : أنا السرور الذي أدخلته على فلان يوم كذا وكذا ، بعثني اللّه إليك لأقيك الأهوال حتى تلقاه.

يا أبان ، المؤمن منكم إذا مات عرج الملكان ، فيقولان : إنا كنا مع وليّ لك ، فنعم المولى كنت له ، وقد أمرت بقبض روحه ، وجئنا أن نعبدك في سماواتك. فيقول تعالى : لا حاجة لي أن تعبداني في سماواتي يعبدني غيركما ، ولكن اهبطا الى قبر وليي ، وآنساه ، وصلّيا عليه في قبره الى يوم أبعثه. فيصلّي ملك عند رأسه ، وملك عند رجليه ، الركعة من صلاتهما أفضل من سبعين ركعة من صلاة الآدميين.

[ مقام الموالي ]

[1298] زيد بن أرقم ، قال : قال الحسين علیه السلام : ما من شيعتنا إلا صدّيق وشهيد.

[ قلت ] : جعلت فداك أنّى يكون ذلك ، وهم يموتون على فراشهم؟

فقال : أما تتلو كتاب اللّه تعالى في الذين آمنوا باللّه ورسوله : ( أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ) (1).

قلت : جعلت فداك ، كأني واللّه ما قرأت هذه الآية [ من كتاب

ص: 439


1- الحديد : 19.

اللّه ] قط.

قال : إنه لو لم يكن الشهداء إلا من قتل بالسيف لقال اللّه الشهداء (1).

[ الشرح ]

وهذا خبر يحتاج الى الشرح. ومجمل [ القول ] : الشهداء والصدّيقون هم الائمة من آل محمد في كل قرن منهم شهيد كما قال اللّه تعالى ( جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً ) (2) يعني الذين هم في عصره لان قوله هؤلاء لا يكون إلا لقوم أشار إليهم قد حضروا ولا يكون لمن لم يأت بعد ، والشهيد على كل امة امام زمانهم والائمة هم الشهداء لقول اللّه تعالى : ( وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ ) (3) والنبيّون هم الرسل الى العباد ، والشهداء هم الائمة بين كل نبيين وبعد محمد صلی اللّه علیه و آله من ذريته الى أن تقوم الساعة لقول اللّه تعالى ( وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) (4) عنى به الائمة ، فهم رءوس المؤمنين. واسم الايمان يجمع الرسل والائمة وسائر المؤمنين لانهم كلهم آمنوا باللّه والائمة أيضا هم الصدّيقون بالحقيقة لانهم صدّقوا الرسول بما بلغوا عنهم وقاموا بما قاموا له من دين اللّه الذي شرعه لعباده بهم ، وهم الشهداء عليهم ، كل امام شاهد على أهل عصره يشهد لهم وعليهم عند اللّه تعالى بما شاهد من أعمالهم واللّه تعالى أعلم بذلك من الخلق أجمعين ولا يسأل عما يفعل كما قال اللّه تعالى ( وَهُمْ يُسْئَلُونَ ) ، ولا يكون الشاهد إلا على من شاهده ورآه ووقف عليه.

ص: 440


1- وفي البرهان 4 / 292 : قال : لو كان ليس إلا كما تقولون كان الشهداء قليلا.
2- النساء : 41.
3- الزمر : 69.
4- الحديد : 19.

والشهداء والصدّيقون بالحقيقة كما ذكرناهم ائمة العباد ، ومن تولاّهم ينسب إليهم ، وكان منهم بالتولي كما قال اللّه تعالى حكاية عن خليله إبراهيم ( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) (1). فمن هذا المعنى قول الحسين علیه السلام في هذا الحديث الذي شرحناه : ما من شيعتنا إلا صدّيق وشهيد نسبهم الى الصدّيقين والشهداء الذين هم الائمة علیهم السلام بتوليهم إياهم على نحو ما قدمنا ذكره.

[1299] ابن حفص ، عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام يقول : إذا اجتمع الخلائق يوم القيامة لفصل القضاء وضع للائمة منابر من نور ، فصيّر اللّه تعالى حساب شيعتنا إلينا ، فما كان بينهم وبين اللّه استوهبناه ، وما كان بينهم وبين العباد قضيناه ، وما كان بيننا وبينهم فنحن أحقّ بالعفو عنهم ، ومن ذلك قول اللّه تعالى ( إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ ) (2).

[1300] ابن الهيثم ، عن بشير الدهان ، قال : قال لي أبو عبد اللّه علیه السلام : يا بشير أقررتم وأنكر الناس ، وتوليتم وعادى الناس ، وعرفتم وجهل الناس ، وأحببتم وأبغض الناس ، فهنيئا لكم.

[ المحبّ لأهل البيت علیهم السلام ]

[1301] عن أبي بصير ، باسناده ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : يجيء من يجيئنا (3) يوم القيامة حتى يرد على نبينا محمد صلی اللّه علیه و آله الحوض كهاتين - وجمع بين اصبعيه -.

[1302] [ وبآخر ] يرفعه الى علي علیه السلام ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لي :

ص: 441


1- ابراهيم : 36.
2- الغاشية : 25 و 26.
3- هكذا في الاصل وأظنه : من يحبنا.

يا علي ، اذا كان يوم القيامة وضعت عن يمين العرش موائد من يواقيت ولؤلؤ يجلس حولها رجال يأكلون ويشربون والناس في الحساب.

قال علي علیه السلام ، فقلت : من هؤلاء يا رسول اللّه؟

قال : شيعتك يا علي ، وأنت امامهم يوم القيامة.

[1303] أبو عبد اللّه الجدلي ، قد قال : قال علي بن أبي طالب علیه السلام : يا أبا عبد اللّه ألا احدثك بالحسنة (1) التي من جاء بها أمن فزع يوم القيامة ، وبالسيئة (2) التي من جاء بها أكبه اللّه في النار لوجهه؟

قلت : بلى يا أمير المؤمنين.

قال : الحسنة حبنا ، والسيئة بغضنا.

[1304] حماد بن أعين ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي علیه السلام يقول : واللّه لنشفعن ، واللّه لنشفعن ، واللّه لنشفعن.

قلت : لمن يا ابن رسول اللّه؟

قال : لشيعتنا حتى يقول عدونا ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ. وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ. فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (3).

[1305] أبو عبد اللّه ، عن [ أبي ] جعفر علیه السلام ، أنه قال : إن اللّه تعالى تعالى بعث شيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من ذنوب وعيوب مبيضة وجوههم ، مستورة عوراتهم ، آمنة روعاتهم ، قد سهلت لهم الموارد ، وذهبت عنهم الشدائد ، يركبون نوقا من نواقيب يدورون خلال الجنة ، يوضع لهم الموائد ، فلا يزالون يطعمون والناس في الحساب ، وهو قول

ص: 442


1- هكذا صححناه وفي الاصل : بالجنة.
2- هكذا صححناه وفي الاصل : السنة.
3- الشعراء : 100.

اللّه تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ. لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ. لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) (1).

[1306] ابن مصعب ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، أنه قال : من أحبنا لا لدنيا يصيبها منه ولا لقرابة بيننا وبينه ، وعادى عدونا لا [ لا حنة كانت ] (2) بينه وبينه ثم أتى الى اللّه يوم القيامة وعليه ذنوب مثل زبد البحر ورمل عالج وقطر السماء وعدد أيام الدنيا بدّلها اللّه له حسنات.

[ الرسول وشيعة علي ]

[1307] أبو بصير ، عن أبي عبد اللّه ، عن آبائه ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال لعلي علیه السلام : بشّر شيعتك إن اللّه قد رضي عنهم إذ رضيك لهم إماما ، ورضوا بك وليا.

يا علي ، أنت أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجلين.

يا علي ، شيعتك المنتجبون ، لو لا أنت وشيعتك ما قام لله دين ، ولو لا من في الأرض منكم ما أنزلت السماء قطرها.

يا علي ، شيعتك القائمون بالقسط ، وخيرة اللّه من خلقه.

يا علي ، أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم ، وتمنعون من كرهتم ، وأنتم الآمنون (3) يوم الفزع الاكبر في ظلّ العرش ، يفزع

ص: 443


1- الأنبياء : 101 - 103.
2- هكذا صححناه وفي الاصل : لا تره بينه.
3- هكذا صححناه وفي الاصل : المؤمنون.

الناس ولا تفزعون ، ويحزن الناس ولا تحزون ، أنت وشيعتك بالموقف تطلبون ، وأنتم في الجنان تتنعمون.

يا علي ، إن الملائكة وخزان الجنة يشتاقون إليكم ، ويفرحون بمن قدم عليهم منكم كما يفرح أهل الغائب بقدوم غائبهم بعد طول الغيبة.

يا علي ، شيعتك يخافون اللّه في السرّ والاعلان.

يا علي ، شيعتك الذين يتنافسون في الدرجات لانهم يلقون اللّه تعالى وما عليهم ذنوب.

يا علي ، إن أعمال شيعتك ستعرض عليّ في كل جمعة ، فأفرح بصالح ما بلغني من أعمالهم ، وأستغفر لسيئاتهم.

يا علي ، ذكرك في التوراة ، وذكر شيعتك قبل أن يخلقوا بكل خير ، وكذلك في الانجيل. فاسأل أهل التوراة والإنجيل فانهم إن صدقوك أخبروك ، فانهم ليعظمون عليا وشيعته.

يا علي ، اخبر شيعتك إن ذكرهم في السماء (1) في رقادهم وعند وفاتهم ، فينظر الملائكة إليها كما ينظر الناس الى الهلال شوقا إليهم ، ولما يرون من منزلتهم عند اللّه.

يا علي ، قل لأصحابك العارفين بك يتنزهون عن أعمال السوء التي لا يفارقها عدوهم ، فما من يوم وليلة إلا ورحمة اللّه تغشاهم ، فليجتنبوا الدنس.

يا علي ، اشتدّ غضب اللّه على من قلاهم وبرئ منك ومنهم ، واستبدل بك وبهم ، ومال الى غيرك وتركك وشيعتك واختار الضلال ونصب لك ولشيعتك وأبغضنا أهل البيت ، وأبغض من

ص: 444


1- وفي بشارة المصطفى ص 181 : إن أرواح شيعتك لتصعد الى السماء.

تولانا. وعظمت محبة اللّه لمن أحبك ونصرك واختارك وبذل مهجته وماله فينا.

يا علي ، أقرئهم مني السلام من لم أر منهم ولم يرني ، وأعلمهم أنهم إخواني الذين أشتاق إليهم ، وكذلك من جاء من بعدهم منهم ، فليتمسكوا (1) بحبل اللّه ، وليعتصموا به ، وليجتهدوا في العمل ، فاني لا اخرجهم من هدى الى ضلال أبدا. وأخبرهم أن اللّه تعالى راض عنهم وأنه يباهي بهم ملائكته ، وينظر إليهم في جمعه برحمة ، ويأمر الملائكة أن يستغفروا لهم.

يا علي ، لا ترغب عن نصرة قوم بلغهم أني احبك ، فأحبوك لحبي إياك ، ودانوا اللّه بمودتك وأعطوك [ صفوة ] (2) المودة من قلوبهم ، واختاروك على الآباء والاخوة والاولاد ، وسلكوا طريقك وقد حملوا على المكاره فينا مع الأذى وسوء القول ، وما يستقبلون به من مضاضة ، وكن بهم رحيما ، واقنع بهم ، فان اللّه اختارهم بعلمه لنا من الخلق. خلقهم من طينتنا ، واستودعهم سرّنا ، وألزم قلوبهم معرفته حبنا وشرح صدورهم ، وجعلهم مستمسكين بحبلنا لا يؤثرون علينا من خالفنا مع ما يرون من الدنيا عندهم. ليس الرياء منهم وليسوا [ منه ] (3) اولئك مصابيح الدنيا.

[1308] محمد بن سلام ، باسناده ، عن علي بن الحسين علیه السلام ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من أحبّ عليا بقلبه أتاه اللّه يوم القيامة مثل ثلث ثواب هذه الامة.

ص: 445


1- هكذا صححناه وفي الاصل : فيتمسكوا.
2- هكذا صححناه وفي الاصل : صفقة.
3- هكذا صححناه وفي الاصل : منهم.

ومن أحبه بقلبه وأظهر ذلك بلسانه [ أعطاه اللّه تعالى يوم القيامة مثل ثواب ثلثا هذه الامة.

ومن أحبه بقلبه وأظهر ذلك بلسانه ] وأعانه بيده أعطاه اللّه تعالى يوم القيامة مثل ثواب هذه الامة كاملا.

فمن فعل ذلك بالائمة من ولده فقد فعله به لان حبهم حبه ، ونصرتهم نصرته.

ص: 446

[ صفة من يبغض عليا أمير المؤمنين علیه السلام ]

اشارة

[1309] وكيع الجراح (1) ، عن الأعمش (2) ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : عهد إليّ رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.

[1310] عطاء (3) ، عن عبد اللّه بن عباس ، أنه قال : ما أبغض عليا إلا من هو لغير رشده ، أو من حملته أمه وهو حائض.

[1311] حوثرية بن سهر ، قال : مررت بعلي علیه السلام وسلّمت عليه ، فأدناني ثم قال لي : يا حوثرية إني إذا رأيتك أحببتك فاحبب حبيب آل محمد ما أحبهم ، فاذا [ أبغضت ] (4) فابغض مبغض آل محمد ما أبغضهم ، واذا أحبهم فاحببه.

[1312] بشر بن غالب ، [ الاسدي الكوفي ] (5) قال : سمعت الحسين بن علي علیه السلام يقول :

ص: 447


1- الرواسي : أبو سفيان ولد بالكوفة 129 وتوفي بفيد 197 ه.
2- وهو سليمان بن مهران.
3- عطاء بن السائب.
4- وفي الاصل : أبغض.
5- اعيان الشيعة : 3 / 575.

من أحبنا بقلبه وأعاننا بلسانه ونصرنا بيده فهو معنا في الرفيق الأعلى يوم القيامة ، ومن احبنا بقلبه ولم ينصرنا بلسانه ولا بيده فهو معنا في الجنة دون ذلك بمنزلة ، ومن أبغضنا بقلبه وأعان (1) علينا بلسانه ويده فهو في الدرك الأسفل من النار ، ومن أبغضنا بقلبه وأعان علينا بلسانه ولم يعن علينا بيده فهو في النار فوق ذلك بدرجة.

[1313] [ سفيان ] بن ليلي الهمداني ، قال : دخلت على علي بن الحسين علیه السلام ، قال لي : يا سفيان من أحبنا ولا يحبنا إلا لله وقرابتنا من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، وحق اللّه الذي افترضه فأحبنا بقلبه ؛ ونصرنا بلسانه ؛ وقاتل عنا بسيفه كان معنا في الدرجات العلى. ومن أحبنا بقلبه ؛ ونصرنا بلسانه ، وضعف أن يعيننا بسيفه كان في الجنة دون ذلك.

يا سفيان ، ومن أبغضنا بقلبه ولعننا بلسانه وقاتلنا بسيفه كان في أسفل درك من النار. ومن أبغضنا بقلبه ولعننا بلسانه وجبن أن يقاتلنا بسيفه فهو في النار فوق ذلك. ومن أبغضنا ولم يلعننا بلسانه ولم يقاتلنا بسيفه فهو في النار فوق ذلك.

قال : يا سفيان ، إن لم اكن سمعت هذا من الحسين علیه السلام فاكلت مع الرجال يوم يخرج (2).

[1314] ابن اكتم الخزاعي ، قال : كنا مع علي علیه السلام يوم الجمل بالبصرة ، فسمعته يقول :

اشهدوا قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ترد عليّ أنت وشيعتك رواء ، ويرد عليّ عدوكم عطاشا مقمحين ، وجمع كتفيه الى ذقنه.

ص: 448


1- وفي الاصل : أعلن.
2- هكذا في الاصل.

[ ضبط الغريب ]

قوله : يرد عليّ عدوكم مقمحين.

القامح من الابل : الذي قد اشتدّ عطشه حتى فتر لذلك فتورا شديدا. ويقال للذليل : مقمح لا يكاد يرفع بصره من الذل ، وفي القرآن : ( فَهُمْ مُقْمَحُونَ ) أي خاشعون لا يرفعون أبصارهم من الذل. ويقال : القامح من الابل : الذي يرد الحوض ولا يشرب.

فهذا كله يكون على أعداء آل محمد يوم القيامة يكونون أذلة خاشعين لا يرفعون رءوسهم من الذل.

[1315] عمران بن [ ميثم ] ، قال : دخلت على حبابة [ الوالبية ] (1) ، فسمعتها تقول (2) : واللّه ما أحد على الفطرة إلا نحن وشيعتنا ، والناس براء.

وهذا صحيح لأن من لم يكن من شيعة محمد وآل محمد فهو من عدوهم ، وقال اللّه تعالى ( هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ ) (3) ومن كان عدوا لمحمد وآله لم يكن على فطرة الإسلام حتى يتولاه.

[ الرسول يستغفر لشيعة علي ]

[1316] أبو رافع ، قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي علیه السلام : يا

ص: 449


1- وهى أم الندى حبابة بنت جعفر الوالبية الاسدية.
2- وفي اعيان الشيعة 4 / 383 : عن عمران بن ميثم ، قال : دخلت أنا وعباية الاسدي على امرأة من بني أسد يقال لها حبابة الوالبية فقال لها عباية : تدرين من هذا الشاب الذي معي؟ قالت : لا. قال لها : هذا ابن أخيك ميثم. قالت : ابن أخي واللّه حقا ألا احدثكم بحديث سمعته من أبي عبد اللّه الحسين بن علي علیه السلام ؟ قلنا : بلى. قالت : سمعت الحسين بن علي يقول : نحن وشيعتنا على الفطرة ... الحديث.
3- القصص : 15.

علي ثلاث لامتي وعلّمت الأسماء كلها كما علمتها. ورأيت أصحاب الراية فلما مررت عليك وعلى شيعتك استغفرت لكم.

[1317] عبد الرحمن بن قيس (1) ، عن رجل من قومه ، قال : رأيت عليا علیه السلام جالسا في الرحبة يتحدث ، فأطال الحديث حتى اضطره الشمس الى حائط القصر. فقام فتعلق بثوبه رجل من همدان ، فقال : يا أمير المؤمنين حدثني حديثا جامعا ينفعني اللّه به.

فقال علیه السلام : أخبرني رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أرد أنا وشيعتي [ الحوض ] رواء مرويين ، ويرد عداتنا ظماء مظمئين [ مسودة وجوههم ]. خذها إليك قصيرة من طويلة ، أنت مع من أحببت ولك ما اكتسبت. [ أرسلني يا أخا همدان ، ثم دخل القصر ] (2).

[1318] ابن المنذر عن محمد بن علي علیه السلام أنه قال : لا تنتصروا لنا بألسنتكم من الناس فانكم لا تزيدوهم إلا غراء بنا ، إنا لنسمع الحسنة فنقبلها ، ونسمع السيئة فنتركها. يحبوننا إلا حبّونا (3) ، ألا إن اللّه قد أخذنا وشيعتنا ، فما من أحد هو يستطيع أن يدعنا ، ولا أحد لم يأخذه معنا فيستطيع أن يكون فينا ، إنا يوم القيامة أخذنا بحجز أبينا ، وان شيعتنا آخذون بحجزنا.

[ أول أربعة يدخلون الجنة ]

[1319] أبو رافع ، قال : شكا علي علیه السلام الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بغض قريش وحسدهم إياه.

ص: 450


1- وفي أمالي المفيد : عبد الرزاق بن قيس الرحبي.
2- أمالي المفيد ص 208.
3- هكذا في الاصل.

فقال له رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : أما ترضى يا علي إنك أخي ، وأنا أول أربعة يدخلون الجنة ، أنا وأنت والحسن والحسين وذرياتنا خلف ظهورنا وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا ، انك وشيعتك تردون عليّ الحوض رواء مرويين ، وان عدوك يردون عليّ ظماء مقمحين.

[1320] [ عن ] أبي الحجاف (1) ، قال : بلغني أن الحارث أتى علي بن أبي طالب علیه السلام ليلا ، فقال له : يا حارث ما جاء بك هذه الساعة؟

فقال : حبك يا أمير المؤمنين.

قال : واللّه ما جاء بك إلا حبي؟

قال : واللّه ما جاء بي إلا حبك.

قال علیه السلام : فأبشر يا حارث لن تموت نفس تحبني إلا رأتني حيث تحب ، واللّه لا تموت نفس تبغضني إلا رأتني حيث تبغضني(2).

يعني : إن أولياءه يرونه حيث يقتصون ، يبشرهم برحمة اللّه إياهم ، وأعداؤه يرونه حينئذ وقد نزل بهم الموت يبشرهم بعذاب لهم. وقد مضى مثل هذا فيما تقدم (3).

[1321] عبد الرحمن بن قيس الاربحي ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه

ص: 451


1- وهو داود بن أبي عوف. أعيان الشيعة 2 / 369.
2- قال الشاعر : يا حار همدان من يمت يرني *** من مؤمن أو منافق قبلا يعرفني طرفه وأعرفه *** بعينه واسمه وما عملا
3- راجع الجزء الاول ، الحديث 121.

السلام ، أنه قال : إن الرجل من شيعتنا ليخرج من بلية ، فيغشاه أن لا يتكلم بكلمة ولا يعمل عملا حتى يرجع الى بيته ، وما يرجع حتى يملأ اللّه صحيفته برا.

يمرّ على من يحبنا فإذا رأوه ذكرونا به ، ويمرّ على عدونا فيؤذونه فينا ويشتمونه ، فيأجره اللّه كما آذوه فينا ، ما ننتظر نحن وشيعتنا إلا إحدى الحسنيين ، إما فتح يقرّ اللّه به أعيننا ، وإما قبض الى رحمة اللّه ، فما عند اللّه خير للأبرار.

[1322] جابر ، قال : سمعت أبا جعفر علیه السلام قال : شيعتنا من يأمن إذا آمنا ، ويخاف إذا خفنا.

[1323] أبو وقاص العامري ، عن أمّ سلمة - زوج النبي صلی اللّه علیه و آله - [ قالت ] : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول لعلي علیه السلام : ألا ابشرك يا علي؟

قال : نعم ، قبلت البشرى من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

قال : هذا مقام جبرائيل علیه السلام من عندي الآن ، وقد أمرني أن ابشرك لانك ومحبك في الجنة ، وعدوك في النار.

[1324] ابن سماك ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب.

قال علي علیه السلام : من هم يا رسول اللّه؟

قال : شيعتك يا علي أنت امامهم.

[1325] وعن جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال : نزلت هذه الآية فينا وفي شيعتنا : ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ. وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) (1) وذلك أن اللّه تعالى يفضلنا ويفضل شيعتنا حتى إنا لنشفع ويشفعون ، فلما رأى

ص: 452


1- الشعراء : 100 و 101.

ذلك من ليس منهم ، قالوا : ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ. وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) .

[1326] ابن فاختة ، عن أبيه ، قال : كنت عند أمير المؤمنين علي علیه السلام فجاءه رجل عليه أثر سفرة (1). فسلّم عليه ، ثم قال : قدمت يا أمير المؤمنين من بلد لم أجد لك فيها محبا ، فلم أر المقام به.

قال : وأيّ بلد هو؟

قال : البصرة.

قال : أما واللّه لو استطاعوا أن يحبوني لأحبوني ، إني وشيعتي لفي ميثاق اللّه لا يزداد فينا رجل ولا ينقص منا رجل. واللّه لو ضربت المؤمن على أنفه بالسيف ما أبغضني ، ولو أعطيت المنافق الذهب والفضة ما أحبني.

وكان هذا بعقب ما أوقعه علي علیه السلام بأهل البصرة لما قاموا مع عائشة لم يكن حينئذ من يحبه ، فأما اليوم ففيهم كثير يتوالونه ، وأن اكثرهم يذهب مذهب الاعتزال.

[1327] حسن بن حسين (2) ، عن أبي جعفر علیه السلام ، أنه قال : إن لله ملائكة يسيرون في الارض ، فإذا مرّوا بقوم يذكرون محمدا وآل محمد احتفوا به ، وفتحت أبواب السماء لهم ، ثم تقول الملائكة لهم : إن سبّحتم سبّحنا ، وان مجّدتم مجّدنا ، وان قدّمتم قدّمنا ، فلا يزالون يؤمنون عليهم حتى يتفرقوا.

[ من دمعت عيناه فينا ]

[1328] ربيع [ ابن ] المنذر ، عن أبيه ، قال : سمعت الحسين بن علي عليه

ص: 453


1- هكذا في الاصل وأظنه : السفر.
2- وأظنه الحسن بن الحسين الكوفي السكوني.

السلام يقول : من (1) دمعت عيناه فينا دمعة ، أو قطرت قطرة فينا بوّأه اللّه بها في الجنة أضعافا (2).

[1329] يحيى بن علاء ، عن أبان ، قال : سمعت جعفر بن محمد علیه السلام يقول : إن العبد ليكون على طريقه حسنة فهو لا يعرف شيئا من أمرنا ، فلا يقبل اللّه منه ذلك ، فاذا أراد اللّه به خيرا عرّفه أمرنا ، وكتب له بكل حسنة عشر أمثالها.

[1330] جابر ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، قال : قالت أمّ سلمة : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : علي وشيعته هم الفائزون يوم القيامة.

[1331] أبو ولاّد الحناط (3) ، قال : كنت عند أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، فدخل عليه من أصحابنا ، فقال له : يا ابن رسول اللّه ما ذا نلقى فيكم من الناس إذا علموا [ إنا ] نحبكم أبغضونا وكرهونا واستثقلوا مجالسنا ونلقي منهم.

وكان أبو عبد اللّه علیه السلام متكئا ، فاستوى جالسا ، فقال :

وما عليكم واللّه ما في النار واحد منكم ، محسنكم واللّه سيد مسود في الجنة ، ومسيئكم مغفور له اي واللّه. إذا كان يوم القيامة فزع نبينا الى اللّه ، وفزعنا الى نبينا ، وفزع محبونا إلينا.

ثم نظر فقال : يا أبا ولاّد ، فالى أين ترى أنه يراد بنا وبكم؟

قلت : الى الجنة إن شاء اللّه.

قال : الى الجنة واللّه ، الى الجنة واللّه.

ص: 454


1- وفي بشارة المصطفى ص 62 : ما من عبد.
2- وفي بشارة المصطفى : حقبا.
3- هكذا صححناه وفي الاصل : أبو ولاّد الخياط ، واسمه حفص.

[ الأصناف الخمسة ]

[1332] حصين الازدي ، قال : قال لي أبو جعفر محمد بن علي علیه السلام : الناس يوم القيامة خمسة أصناف :

صنف أخذوا الملك بالجبر به كما أخذ كسرى ملكه.

وصنف لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا ، اولئك المبتدعة. - يعني المرجئة -.

وصنف وضعوا السيوف على عواتقهم وقادوا المقدر الى أهوائهم - يعني الخوارج -.

وصنف ساقوا الناس في حبنا الى النار ، اولئك الغالية.

وصنف أحبونا في اللّه تعالى وجاهدوا عدونا لله فاولئك منا ونحن منهم.

[1333] قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي علیه السلام يقرأ : ( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ. إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ ) (1) ثم قال : نحن وشيعتنا أصحاب اليمين.

[1334] [ الحارث ] ، عن علي علیه السلام ، أنه قال : قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : مثلي [ ومثل علي بن أبي طالب ] شجرة أنا أصلها ، وعلي فرعها ، والحسن والحسين ثمرها ، والشيعة ورقها ، فهل يخرج من الطيب [ إلا ] الطيب.

[1335] قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي علیه السلام يقول : وشيعتنا في الناس كالنحل في الطير ، لو يعلم الطير ما في أفواهها اكلتها (2) ،

ص: 455


1- المدثر : 38 و 39.
2- وفى بحار الانوار 24 / 112 : ما في أجواف النحل ما بقي منها شيء إلا اكلته. راجع التخريج.

فمثل العلم الذي في صدور شيعة أولياء اللّه كالعسل الذي في بطون النحل ، وكان الناس لو علموا في صدورهم من ذلك لأخذوه منهم.

[1336] وعن جابر ، عن جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال : ليس من شيعتنا من ظلم الناس ، ولن ينال ولايتنا إلا بالورع.

[1337] وعنه ، أنه قال : كنت عند أبي جعفر علیه السلام جالسا إذ جاء شاب فجلس عنده وجعل ينظر إليه ، ويبكي.

فقال له أبو جعفر علیه السلام : يا فتى [ مالك ]؟

قال : من حبكم أهل البيت.

فقال له أبو جعفر علیه السلام : نظرت حيث نظر اللّه ، واخترت من اختار اللّه.

[1338] سالم بن [ أبي ] جعدة ، قال : قال علي علیه السلام شيعتنا ذيل شفاههم ، خمص بطونهم ، تعرف الرهبانية في وجوههم.

[ الشيعة حراس في الارض ]

[1339] وعن جعفر بن محمد علیه السلام ، عن أبيه ، أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال [ لعلي ] : إن في السماء حرسا ، وهم الملائكة ، وفي الأرض حرسا ، وهم شيعتك يا علي.

[ بنا فتح اللّه وبنا يختم ]

[1340] الأعمش ، [ عن ] (1) قيس بن غالب الاسدي ، قال : ولما وفد الناس على يزيد بن معاوية لما استخلف ، قلت لأهل بيتي : هل أن نجعل نحن وفادتنا على ابن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الحسين بن

ص: 456


1- وفي الاصل : الاعمش بن قيس.

علي علیه السلام ، فأجابوني ، فخرجت أنا وأخي عبد اللّه بن غالب ، وزر بن حبيش (1) ، وهاني بن عروة ، وعبادة بن ربعي في جماعة من قومنا حتى انتهينا الى المدينة ، فأتينا منزل الحسين بن علي علیه السلام ، فاستأذنا عليه ، فخرجت إلينا جارية ، فقلت لها : استأذني لنا على ابن رسول اللّه ، وأعلميه أن مواليه بالباب.

فأذنت لنا ، فدخلنا عليه ، فقال : ما أقدمكم هذا البلد في غير حجّ ولا عمرة؟

قلنا : يا بن رسول اللّه ، وفد الناس على يزيد بن معاوية ، فأحببنا أن وفادتنا عليك.

قال : واللّه؟

قلنا : واللّه.

قال : ابشروا يقولها ثلاثا ، ثم قال : أتأذنون لي أن أقوم؟

قلنا : نعم.

فقام فتوضا ثم صلّى ركعتين ، وعاد إلينا.

فقال ابن ربعي : يا ابن رسول اللّه ، إن الحواريين كانت لهم علامات يعرفون بها ، فهل لكم علامات تعرفون بها؟

فقال له : يا عبادة نحن علامات الايمان في بيت الايمان ، من أحبنا أحبه اللّه ونفعه ايمانه يوم القيامة ويقبل منه عمله ، ومن أبغضنا أبغضه اللّه ولم ينفعه ايمانه ولم يتقبل عمله.

قال : فقلت : وان دأب ونصب؟

قال : نعم ، وصام وصلّى. ثم قال : يا عبادة نحن ينابيع الحكمة وبنا جرت النبوة وبنا يفتح وبنا يختم لا بغيرنا.

ص: 457


1- زر بن حبيش بن حباشة الكوفي عاش 120 سنة ومات 83 ه.

[1341] [ عاصم بن ] (1) حميد ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر علیه السلام ، أنه قال : إذا مات العبد المؤمن دخل معه قبره ستة صور منهن صورة حسنة أحسنهن وجها [ وأبها هن هيئة ] وأطيبهن ريحا ، وأنظفهن صورة ، فيكون منهن عن يمينه ، والاخرى عن يساره ، والاخرى خلفه ، والاخرى قدامه ، والاخرى عند رجليه. [ وتقف ] التي هي أحسنهن عند رأسه. فان أتى عن يمينه منعته التي عن يمينه ، ثم كذلك تمنعه من جميع الجهات الست ، فيقول لأحسنهن صورة ، وهي التي عند رأسه : من أنت جزاكنّ اللّه خيرا؟

فتقول التي عن يمينه : أنا الصلاة. وتقول التي عن يساره : أنا الزكاة. وتقول التي بين يديه : أنا الصيام. وتقول التي من خلفه : أنا الحج والعمرة. وتقول التي عند رجليه : أنا [ برّ من ] وصلت إخوانك.

ثم [ يقول ] (2) للتي عند رأسه : من أنت؟ فأنت [ أحسنهن وجها ] وأطيبهن ريحا وأبها هن هيئة.

فتقول : أنا الولاية لآل محمد صلوات اللّه عليهم أجمعين.

[ يشهدون مجالس المؤمنين ]

[1342] ابن الكيسان الصنعاني ، قال : سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام يقول : إن لله ملائكة سياحين في الارض ليس لهم عمل إلا السياحة ، فاذا مرّوا بملإ يذكرون آل محمد صلوات اللّه عليهم أجمعين ينادون : هاهنا ، الى ذكر أولياء اللّه ، ويشهدونهم في مجلسهم ، ويسمعون حديثهم ، ثم يعرجون الى السماء ، فيكتبون ذلك فيها ،

ص: 458


1- بحار الانوار 6 / 135 الحديث 50.
2- وفي الاصل : قال.

ويقولون : ذكر محمد وآل محمد في مجلس كذا وكذا.

[1343] وهب عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا جعفر يقول : ما من مجلس فيه أبرار ولا فجار يتفرقون عنه من غير أن يذكروا اللّه فيه أو يذكروننا إلا كان ذلك المجلس حسرة عليهم يوم القيامة.

[1344] علي بن حمزة ، قال : قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام :

ما اجتمع من أصحابنا جماعة في ذكر اللّه أو في شيء من ذكرنا إلا بعث إبليس شيطانا في عنقه شريط ليفرق جماعتهم.

ثم قال علي بن حمزة : جاءني قوم من أصحابنا ليستمعوا مني شيئا ، فتجللت بهم موضعا حتى جئنا الى مسجد بني كاهل (1) ، فدخلنا المسجد ، فلما أخذنا في الحديث ، فلم نلبث أن جاء صبيان يرموننا بالآجر ، فذكرت الحديث.

قوله : في عنقه شريط : ستة خيوط تفتل من خوص.

[1345] [ عبد اللّه ] بن الوليد السمان ، قال : دخلنا على أبي عبد اللّه علیه السلام [ في زمن بني مروان ] ، وأربعون شابا من أهل الكوفة.

[ فقال علیه السلام : ممن أنتم؟

قلنا : من أهل الكوفة ] (2).

فقال : ما من بلد من البلدان اكثر محبا لنا من أهل الكوفة ولا سيما هذه العصابة ، إن اللّه تعالى هداكم لأمر جهله الناس ، فأحببتمونا وأبغضنا الناس ، وتابعتمونا وخالفنا الناس ، وصدّقتمونا وكذبنا الناس ، فأحياكم اللّه محيانا ، وأماتكم مماتنا. وأشهد على أبي [ علیه السلام ] أنه كان يقول : ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقرّ به عينيه

ص: 459


1- وأظنه مسجد بني وائل ، واللّه اعلم.
2- ما بين المعقوفتين زيادة من بشارة المصطفى ص 79.

أو يغتبط إلا أن تبلغ نفسه هاهنا - وأومى بيده الى حلقه - وان اللّه تعالى قال لجدنا محمد صلی اللّه علیه و آله : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً ) (1).

[1346] ابن زياد عن أبي جعفر علیه السلام أنه قال : من أحبنا لله تعالى وصلّى الصلاة لوقتها فله أن يدخل الجنة من حيث شاء.

[1347] وقال : سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن قول اللّه تعالى : ( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (2).

قال : هو واللّه ما أنتم عليه من المعرفة.

[1348] جعفر بن محمد علیه السلام ، عن أبيه ، عن آبائه علیهم السلام أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال لعلي علیه السلام : إن اللّه قد غفر لك ولولدك ولشيعتك ولمحبي شيعتك ومحبي محبي شيعتك.

وهذا خبر يشهده القرآن ويؤيده غيره من الحديث المشهور ، وذلك أن ولد علي علیه السلام ذرية الرسول لان اللّه تعالى قد أخبر في كتابه بأن عيسى علیه السلام من ذرية ابراهيم علیه السلام ، وذلك من قبل أمه بقوله : ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ ) (3) وقد قال تعالى : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ ) (4) فرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أول المؤمنين ، فمن آمن من ذريته فهو مغفور له لان اللّه تعالى يلحقهم به ، ومن أحبهم وكان من شيعتهم فهو منهم.

وقوله حكاية عن ابراهيم علیه السلام : ( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) (5) وقول رسول

ص: 460


1- الرعد : 38.
2- البقرة : 269.
3- الانعام : 84 و 85
4- الطور : 21
5- ابراهيم : 36.

اللّه صلی اللّه علیه و آله : من أحبّ قوما حشر معهم. وقوله عليه الصلاة والسلام : أنت مع من أحببت.

[1349] أبو الجارود ، قال : قلت لجعفر بن محمد علیه السلام بأن الناس يعيبونا بحبكم.

قال : أعد عليّ. فأعدت عليه.

فقال : لكني اخبرك أنه اذا كان يوم القيامة جمع اللّه تعالى الخلائق في صعيد واحد ، فيسمعهم الداعي ويفقدهم البعيد. ثم يأمر اللّه النار فتزفر زفرة يركب الناس لها بعضهم على بعض ، فاذا كان ذلك قام محمد نبينا صلی اللّه علیه و آله فيشفع ، وقمنا فشفعنا ، وقام شيعتنا فشفعوا ، فعند ذلك سواهم : ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ. فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (1).

واللّه يا أبا الجارود ، ما طلبوا الكرّة إلا ليكونن من شيعتنا.

[1350] ابن زيد ، عن محمد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي علیه السلام يقول : كان عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله نفر من أصحابه وفيهم علي علیه السلام ، فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن اللّه تعالى إذا بعث الخلق يوم القيامة خرج قوم من قبورهم ، بياض وجوههم كبياض الثلج ، عليهم ثياب بياضها كبياض اللبن [ و ] نعال من ذهب شركها [ من لؤلؤ ] (2) يتلألأ ، يؤتون بنوق من نوق الجنة بيض عليها رحائل الذهب ، فيركبونها حتى ينتهون الى الجبّار ، والناس يحاسبون ويفزعون ويعتبون وهم يأكلون ويشربون.

فقال علي علیه السلام : يا رسول اللّه من هؤلاء؟

ص: 461


1- الشعراء : 102.
2- من البرهان 2 / 24 ، وفي الاصل : نور.

قال : هم شيعتك يا أبا الحسن. وذلك قوله تعالى : ( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً ) (1).

[1351] وقال أبو بصير ، قال : سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام يقول : ما يضرّ من اكرمه اللّه بأن يكون من شيعتنا ما أصابه في الدنيا ولو لم يكن يقدر على شيء يأكله إلا الحشيش.

[1352] قال : وسمعته يقول : قال أبو جعفر - يعني أباه - : ما من مؤمن من يحضره الموت إلا رأى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعليا وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام حيث يسره ، ولا كافرا إلا رآهم.

[1353] مثنى ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه قال : إن حول العرش رجال لهم وجوه من نور على منابر من نور [ بمنزلة الأنبياء ] وليسوا بأنبياء [ وبمنزلة الشهداء ] ولا شهداء ليعظمهم النبيون والمرسلون.

قال : جعلت فداك ، ما أعظم منزلة هؤلاء القوم.

[ قال : ] فانهم واللّه شيعة علي ؛ وهو امامهم.

[1354] خالد الكناسي ، قال : قال رجل لأبي عبد اللّه علیه السلام : ألا أصف لك ديني ، يا ابن رسول اللّه؟

قال : بلى.

قال : فاني أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن عليا بعد رسول اللّه الامام الذي افترض اللّه طاعته ، ثم الحسن ، ثم الحسين ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم أنت تلك المنزلة.

فقال أبو عبد اللّه علیه السلام : يرحمك اللّه ، واللّه لا يلقى اللّه عبد

ص: 462


1- مريم : 85.

هذا دينه إلا بعثه اللّه تعالى مع محمد وعلي وإبراهيم علیهم السلام .

[ المؤمن لا تمسّه النار ]

[1355] الحضرمي ، قال : قال أبو عبد اللّه علیه السلام : واللّه لا يموت عبد يحب اللّه ؛ ورسوله ؛ وولايتنا أهل البيت فتمسه [ النار ] أبدا.

قال ذلك ثلاثا.

ص: 463

[ الامام الصادق مع أبي بصير ]

اشارة

[1356] أبو بصير ، قال : دخلت على أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، وقد كبر سني وذهب بصري وقرب أجلي ، مع أني لست أدري ما أرد عليه.

فقال : وإنك لتقول هذا يا أبا محمد ، أما علمت أن اللّه يكرم الشباب منكم ويجلّ الشيخ.

قلت : هذا لنا يا ابن رسول اللّه؟

فقال : نعم ، وأكثر منه.

قلت : زدني يا ابن رسول اللّه.

قال : أما سمعت قول اللّه تعالى : ( رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ) (1) أما أنه إياكم عنى [ إذ ] وفيتم بما أخذ عليكم من عهدنا ولم تستبدلوا بنا غيرنا ، هل سررتك يا أبا محمد؟

قلت : نعم جعلت فداك ، فزدني.

قال : رفض الناس الخير ورفضتم الشر ، وافترقوا على فرق وتشعبوا على شعب ، وتشعبتم مع أهل بيت نبيكم ، فابشروا ثم ابشروا ، فأنتم

ص: 464


1- الاحزاب : 23.

واللّه المرحومون المتقبل من محسنكم المتجاوز عن مسيئكم ، من لم يكن على ما أنتم عليه لم يتقبل منه حسنة ، ولا يتجاوز له سيئة ، هل سررتك يا أبا محمد؟

قلت : بلى زدني ، جعلت فداك.

قال : فان اللّه تعالى وكل ملائكة من ملائكته يسقطون الذنوب عن شيعتنا كما يسقط الورق عن الشجر أو ان سقوطه ، وذلك قوله :

( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ ) (1) فاستغفار الملائكة واللّه لكم دون هذا الخلق كلهم ، هل سررتك يا أبا محمد؟

قلت : نعم ، فزدني جعلت فداك.

فقال : ذكركم اللّه تعالى في قوله : ( وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ. أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ ) (2) فأنتم واللّه في الجنة تحبرون وفي النار تطلبون ، هل سررتك يا أبا محمد؟

قلت : نعم جعلت فداك ، [ فزدني ].

قال : ذكركم اللّه تعالى في كتابه ، فقال : ( يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللّهُ ) (3) واللّه ما استثنى أحدا غير علي وأهل بيته وشيعته.

ولقد ذكركم اللّه في موضع آخر من كتابه ، فقال : « اولئك مَعَ

ص: 465


1- غافر : 7.
2- ص : 62 و 63.
3- الدخان : 41 و 42.

الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً » (1) فرسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في هذا الموضع من النبيّين ونحن الصدّيقون والشهداء ، وأنتم الصالحون ، هل سررتك يا أبا محمد؟

قلت : نعم جعلت فداك ، فزدني.

قال : قد ذكركم اللّه تعالى في كتابه ، فقال : ( يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ) (2) واللّه ما عنى غيركم ، هل سررتك يا أبا محمد؟

قلت : نعم جعلك فداك ، فزدني.

قال : ذكركم اللّه تعالى في كتابه : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (3) ، فأنتم واللّه اولو الألباب ، هل سررتك يا أبا محمد؟

قلت : نعم ، فزدني جعلت فداك.

قال : قال اللّه تعالى : ( إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ ) (4) أنتم عباده الذين عنى بذلك ، هل سررتك يا أبا محمد؟

[ قلت ] (5) : نعم ، فزدني جعلت فداك.

قال : كل آية في كتاب اللّه تسوق الى الجنة وتذكر الخير فهي فينا ، وكل آية تحذر الناس وتذكر أهلها فهي في عدونا ومن خالفنا.

ص: 466


1- النساء : 69.
2- الزمر : 53.
3- الزمر : 9.
4- الحجر : 42.
5- وفي الاصل : قال.

ثم سمع الناس يعجون يومئذ بالأبطح ، فقال علیه السلام : ما أكثر العجيج وأقل الحجيج ، واللّه ما يقبل إلا منك ومن أصحابك يا أبا محمد ... الحديث.

[1357] أبو سعيد الخدري ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : سيأتي على أهل الجنة ساعة يرون فيها نور الشمس والقمر (1). يقولون : أليس قد وعدنا ربنا أن لا نرى فيها شمسا ولا زمهريرا؟ (2).

فيقال لهم : صدقتم ، ولكن هذا رجل من شيعة علي علیه السلام يتحول من غرفة الى غرفة [ فهذا الذي أشرق عليكم من نور وجهه ] (3).

[1358] جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه علیهم السلام ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : إذا كان يوم القيامة أوحى اللّه تعالى الى جهنم أن اخمدي ، فانه يريد أن يمرّ عليك شيعة علي علیه السلام .

قال : فيمرون عليها ولا يحسون بها ، فتناديهم من تحت أقدامهم : عجلوا ؛ عجلوا ؛ فقد أطفأ نوركم لهيبي.

[1359] فضل بن الزبير ، قال : قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : إنا أهل بيت خلقنا من علّيين وخلقت قلوبنا من الذي خلقنا ، وخلقت شيعتنا من أسفل ذلك ، وخلقت قلوب شيعتنا [ من ] الذي خلقوا منه. وان عدونا خلقوا من سجّين ، وخلقت قلوبهم من الذي خلقوا منه. فهل يستطيع أهل علّيين أن يكونوا أهل سجّين؟

ص: 467


1- هكذا صححناه وفي الاصل : نورا لا شمس ولا قمر.
2- اشارة الى الآية الكريمة ( لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً ) الانسان : 13.
3- ما بين المعقوفتين زيادة من بشارة المصطفى ص 159.

[1360] جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال لعلي علیه السلام : يا علي ، إن شيعتنا يخرجون من قبورهم يوم القيامة على ما بهم من العيوب ، ولهم من الذنوب ، وجوههم كالقمر ليلة البدر وقد فرجت عنهم الشدائد ؛ وسهلت لهم الموارد ؛ وأعطوا الأمن والأمان ؛ وارتفعت عنهم الاحزان ، يخاف الناس ولا يخافون ؛ ويحزن الناس ولا يحزنون ، شرك نعالهم يتلألأ نورا ، على نوق لها أجنحة قد ذللت من غير مهانة ، وتحببت من رياضة أعناقها ذهب أحمر ألين من الحرير لكرامتهم على اللّه تعالى.

[1361] ابن أبي الجعد ، عن زيد بن أرقم ، قال : خرجت أمّ سلمة على قوم وهم يذكرون عليا وعثمان ، فقالت : أيّ شيء يقولون؟ شيعة علي هم الفائزون ، وهذا مما سمعته من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقوله.

وقد ذكرناه عنه وهو خبر مشهور.

[1362] الثوري (1) ، يرفعه الى علي علیه السلام ، أنه قال : نحن ومن يحبنا كهاتين - وجمع بين اصبعيه المسبحة والوسطى - حتى نرد على نبينا الحوض.

[1363] عن عمار بن ياسر ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، يقول : نوديت ليلة اسري بي الى السماء - الى ربي - : يا محمد ، قلت : لبيك وسعديك.

قال : إني اصطفيتك لنفسي وانتجبتك لرسالتي ، وأنت نبيي ورسولي وخير خلقي ، ثم الصدّيق الاكبر علي وصيّك ، خلقته من طينتك وجعلته وزيرك ، وابناك الحسن والحسين. أنتم من شجرة ،

ص: 468


1- سفيان الثوري.

أنت يا محمد أصلها وعلي غصنها والحسن والحسين ثمارها ، خلقتكم من طينة علّيين ، وجعلت شيعتكم منكم ، فقلوبهم تهوي إليكم.

قلت : يا رب هو الصدّيق الاكبر؟

قال : نعم ، هو الصدّيق الاكبر.

[1364] الحكم بن سليمان ، باسناده ، عن عبد اللّه بن محمد ، عن عمرو بن علي بن أبي طالب ، قال : نزلت في علي علیه السلام وشيعته آية من كتاب اللّه وهو قوله : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (1).

[1365] أبو بصير ، قال : قال لنا أبو جعفر محمد بن علي علیه السلام : ليهنكم الاسم الذي نحلكم اللّه تعالى إيّاه.

قلنا : وما هو يا ابن رسول اللّه؟

قال : الشيعة ، إن اللّه يقول : ( إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ. إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) (2) وقال : ( هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ ) (3).

وشيعة الرجل - في اللغة - : أنصاره وأصحابه والموافقون له ، ولذلك قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : شيعة علي هم الفائزون.

وذكر علیه السلام شيعة علي علیه السلام في غير حديث ، وقد ذكر بعض ذلك ، ولم يأت عنه صلی اللّه علیه و آله مثل ذلك لأحد من أصحابه - فيما علمناه - لم يقل شيعة أبي بكر ولا عمر ولا غيرهما ، ولا ذكر إلا شيعة علي الذين هم أنصاره ، ودعا لهم بذلك ، ودعا على مخالفيهم ، فقال صلی اللّه علیه و آله : من كنت مولاه فعليّ مولاه اللّهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من

ص: 469


1- البينة : 7.
2- الصافات : 83 و 84.
3- القصص : 15.

نصره ، واخذل من خذله. ولم يقل ذلك لأحد غيره ، وفي ذلك بيان لاستخلافه إياه وامامته دون من سواه. ومن هذا الوجه أيضا أن شيعة الرجل أنصاره وأصحابه وموافقوه قول اللّه تعالى في قصة نوح علیه السلام : ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) (1).

وكان ابراهيم ثالث النطقاء المرسلين ، أرسله اللّه تعالى بعد نوح علیه السلام مصدّقا له ، ولما جاء به من الرسالة من عند اللّه ناصرا بذلك له موافقا لما جاء به من الرسالة ، فكان بذلك من شيعته كما أخبر اللّه تعالى بذلك.

وكذلك قوله : ( فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ) (2). كان الذي استغاث موسى علیه السلام رجل مؤمن من أنصار موسى علیه السلام وأتباعه ، والشيعة في اللغة - أيضا - : كل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة أصنافهم (3) ، ومن ذلك قول اللّه تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ ) (4) ، وقوله : ( كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ ) (5) أي : بأمثالهم من الشيع الماضية. والمشايعة - في اللغة - : المتابعة في الأمر ، ويقال منه : شايعت فلانا على كذا : اذا تابعه عليه. وقد كان لعلي علیه السلام في حياة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قوم اتبعوه على أمر وتولّوه وعرفوا حقه وحفظوا ما استحفظهم رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله من أمره يعرفون بذلك ، ولم يكن مثل ذلك لأحد من الصحابة غيره ، إذ لم [ يكن ] أحد منهم في مقام من يتّبع ويتولى من له أمر يتّبع ، وكان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يعرّفهم بذلك ويثني به عليهم. ويسميهم : « شيعة علي » ويذكر فضله مثل سلمان وأبي ذر والمقداد وعمار.

ص: 470


1- الصافات : 83 و 84.
2- القصص : 15.
3- في نسختنا هذه العبارة كما يلي : فهم شيعة أصنافهم شيعة. والظاهر أنه سهو من النساخ.
4- الحجر : 10.
5- سبأ : 54.

وقال لعمار : تقتلك الفئة الباغية. وقد علم أنه من فئة علي علیه السلام ومن شيعته ، فتبيّن [ من ] ذلك أن فئته فئة العدل ، فقتله أصحاب معاوية بصفين ، وقد تقدم ذكر خبره بتمامه وشرحه (1).

[ قارئ القرآن يزهر ]

[1366] عبد العلي بن أعين ، قال : سمعت أبا عبد اللّه - يعني : جعفر بن محمد - علیه السلام يقول : إنا وأتباعنا ، ليكون منا الرجل في البيت يتلو القرآن ، فيزهر لأهل السماء كما يزهر الكوكب الدرّي لأهل الأرض.

[1367] وعنه علیه السلام ، أنه قال : واللّه لا يحبنا عبد إلا كان معنا يوم القيامة ، فاستظلّ بظلّنا ، ورافقنا في منازلنا. واللّه لا يحبنا عبد حتى يطهّر اللّه قلبه ، ولا يطهّر قلبه حتى يسلّم لنا ، واذا سلّم لنا سلّمه اللّه من سوء الحساب ، وآمنه من الفزع الاكبر.

[1368] وعنه علیه السلام ، أنه قال لقوم من أصحابه : عرفتمونا وأنكرنا الناس ، وأحببتمونا وأبغضنا الناس ، فرزقكم اللّه موافقة محمد وسقاكم من حوضه.

[1369] ميمون الايادي ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه ذكر أبا هريرة الشاعر [ العجلي ] رحمة اللّه عليه قال : فقلت : إنه كان يشرب الخمر!.

فقال : ويحك! يا ميمون أعزيز على اللّه أن يغفر لرجل من شيعة علي مثل هذا (2)؟

ص: 471


1- راجع الجزء الرابع.
2- إن هذا محمول على عدم اصراره على شرب الخمر وعدم استحلاله ذلك ، وإلا فان شارب الخمر مع علمه بحرمته واصراره على ذلك لا يكون من شيعة علي ، انما شيعته من اتبع هداه وأطاعه.

[1370] رفاعة ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام قال : ما ضرّ من كان على هذا الرأي ألاّ يكون له ما يستظلّ به إلا الشجر ، ولا يأكل إلا من ورقها؟

[1371] الرازي ، قال : قال أبو جعفر محمد بن علي علیه السلام : ما يقول من قبلكم (1) في هذه الآية : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها ) (2).

قال : قلت : يقولون : نزلت في أهل القبلة.

قال : كلّهم؟

قلت : كلّهم.

قال : فينبغي أن يكونوا قد غفر لهم كلّهم.

قلت : يا ابن رسول اللّه فيمن نزلت؟

قال : فينا.

قلت : فما لشيعتكم؟

قال : لمن اتقى وأصلح - منهم - الجنة ، بنا يغفر اللّه ذنوبهم وبنا يقضي ديونهم ، ونحن باب حطتهم كحطة بني اسرائيل (3). اسرائيل [1372] وقال : سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام يقول : أخذ الناس يمينا وشمالا ولزمتم بني (4) نبيكم فأبشروا.

ص: 472


1- يريد : من لم يكن على هذا الأمر وهم أبناء العامة.
2- فاطر : 32 و 33.
3- باب حطة ، باب كان في بني اسرائيل من دخله كان آمنا وغفر له خطاياه.
4- العبارة هنا غير واضحة في نسختنا وانما وضعناها استظهارا. وفي الاصل : ولزمتم بين نبيكم. وفي بشارة المصطفى ص 92 : وانكم لزمتم صاحبكم.

قال : قلت : جعلت فداك إني لأرجو أن لا يجعلنا اللّه واياهم سواء.

فقال : لا واللّه ولا كرامة.

[1373] عقبة بن خالد قال : دخلت أنا والمعلّى [ بن خنيس ] على أبي عبد اللّه علیه السلام في مجلسه وليس هو فيه ، ثم خرج علينا من جانب البيت من عند سارية ، فجلس ، ثم قال : أنتم اولو الالباب في كتاب اللّه ، قال تعالى : ( إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (1) فأبشروا ، فأنتم على إحدى الحسنيين من اللّه ، إن أبقيتم حتى ترون ما تمدون إليه رقابكم ، شفى اللّه صدوركم ، وأذهب غيض قلوبكم ، وأحاد لكم (2) على عدوكم وهو قول اللّه عزّ وجلّ : ( وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ ) (3) وان مضيتم قبل أن تروا ذلك مضيتم على دين اللّه تعالى الذي رضيه لنبيه صلی اللّه علیه و آله وبعثتم على ذلك.

ثم أقبل عليّ ، فقال : يا عقبة ، إن اللّه تعالى لا يقبل من العباد - يوم القيامة - إلا ما أنتم عليه ، وما بين أحدكم وبين أن يقرّ به عينه إلا أن تبلغ نفسه الى هذه - وأهوى بيده الى حلقه -.

[1374] وعنه علیه السلام ، أنه قال لجماعة من شيعته اجتمعوا عنده : أخبروني أيّ هذه الفرق أسوأ حالا عند علمة (4) الناس؟ فقال له بعضهم : جعلت فداك ما أعلم أحدا أسوأ حالا عندهم منا. قال :

ص: 473


1- زمر : 9.
2- أحال : من الحول والقوة. والمعنى : نصركم. وفي البرهان 2 / 108 : أدانكم.
3- التوبة : 15.
4- علمة الناس أي علماؤهم ، ومن يدعي منهم العلم.

فاستوى جالسا ، ثم قال : أما واللّه ما في النار منكم اثنان ، واللّه ولا واحد ، وما نزلت هذه الآية إلا فيكم : ( وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ. أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ ) (1).

ثم قال : أتدرون لم ساءت حالكم عندهم؟

قالوا : لا.

قال : لأنهم أطاعوا ابليس وعصيتموه فأغراهم بكم.

[1375] سليمان بن خالد ، قال : كنت في طريق الحج أسير ليلا في محملي وأنا أقرأ في آخر ( تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ ) إذ خامرني النوم فاذا أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام في محمله الى جانبي يقول : اقرأ يا سليمان ، فقرأت ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً ) (2).

فقال لي : هذه فينا ، أما واللّه لقد وعظنا وهو يعلم إنّا لا نزني ، اقرأ يا سليمان.

فقرأت حتى انتهيت الى قوله : ( إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ ) (3).

فقال لي : قف. فوقفت.

فقال : هذه فيكم ، إنه يؤتى بالمؤمن المذنب منكم يوم القيامة فيكون هو الذي يلي [ حسابه ] (4) فيوقفه على سيئاته شيئا فشيئا

ص: 474


1- ص : 62 و 63.
2- الفرقان : 68.
3- الفرقان : 70.
4- هكذا صححناه وفي الاصل : حسناته.

فيقول : عملت كذا في يوم كذا؟ فيقول : نعم يا رب.

[ قال : حتى يوقفه على سيئاته كلها ].

فيقول : سترتها عليك في دار الدنيا ، وأغفرها لك اليوم ، ابدّلها لعبدي حسنات.

ثم ترفع صحيفته للناس فيقولون : سبحان اللّه أما كان لهذا العبد ولا سيئة واحدة؟

فذلك قوله : فاولئك يبدّل اللّه سيئاتهم حسنات.

ثم قال : اقرأ.

فقرأت حتى انتهيت الى قوله : ( وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً ) (1).

قال : هذه فينا ، اقرأ ، فقرأت حتى انتهيت الى قوله : ( وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً ) (2).

قال : هذه فيكم ، اذا ذكرتم فضلنا لم تشكّوا فيه.

ثم قال : اقرأ ، فقرأت حتى انتهيت الى قوله : ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً ) (3) الى آخر هذه السورة.

قال : هذه فينا.

[ إنكم على دين اللّه ]

[1376] عقبة (4) ، عن ميسر ، قال : كنت أنا وعلقمة الحضرمي وأبو حسان [ العجلي ] (5) وابو عبد اللّه بن عجلان (6) جلوسا ننتظر أبا جعفر

ص: 475


1- الفرقان : 72.
2- الفرقان : 73.
3- الفرقان : 74.
4- وأظنة عقبة بن شيبة الاسدي.
5- الكوفي واسمه موسى بن عبدة.
6- هكذا صححناه وفي الاصل : عجلاف.

علیه السلام ، فخرج علينا ، فقال : مرحبا وأهلا ، واللّه اني لاحبّ ريحكم وأرواحكم ، وانكم على دين اللّه.

فقال علقمة : فمن كان على هذا الدين تشهد له بالجنة يا ابن رسول اللّه؟

فمكث هنيئة ، ثم قال : انظروا ، فان تكونوا فارقتم الكبائر ، فأنا أشهد.

قالوا له : وما الكبائر؟

قال : هذا في كتاب اللّه سبع : الشرك باللّه العظيم ، واكل مال اليتيم ، واكل الربا بعد البينة ، وعقوق الوالدين ، والفرار من الزحف ، وقتل المؤمن ، وقذف المحصنة.

قال : قلنا : ما منا أحد أصاب من هذه شيئا.

قال : أنتم اذا.

[ أنتم أخذتم من رسول اللّه ]

[1377] وعنه ، عن أبيه ، قال : سمعت أبا عبد اللّه - يعني : جعفر بن محمد - علیه السلام يقول : اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوا للناس ، فانه ما كان لله فهو لله ، وما كان للناس فلا يصعد الى اللّه ، ولا تخاصموا الناس بدينكم فان الخصومة عرضة القلب (1) ، إن اللّه قال لنبيه محمد : ( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) (2) وقال : ( أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) (3).

ص: 476


1- وفي البرهان 3 / 233 : فان الخصومة ممرضة للقلب.
2- القصص : 56.
3- يونس : 99.

ذروا الناس ، فان الناس أخذوا عن الناس وانكم أخذتم من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، واني سمعت أبي يقول : إن اللّه عزّ وجلّ اذا كتب لعبد أن يدخل هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير الى وكره.

[1378] [ محمد الحلبي ] قال : سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام يقول : من اتقى اللّه [ منكم ] وأصلح ، فهو منا أهل البيت (1).

يعني علیه السلام : أن يكون منهم بالتولي لهم لقول اللّه حكاية عن خليله ابراهيم علیه السلام : ( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) (2) وقوله تعالى ( وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) (3).

[1379] وقال : دخلت المسجد أنا وأبان بن تغلب (4) ، فرأينا أبا عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام جالسا والناس حوله يستفتونه ، فقصدنا إليه ، فقال له أبان : يا ابن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله هذه الكعبة؟

قال : نعم اذا رأيتها فقل : الحمد لله الذي شرّفك وكرّمك وجعلك مثابة للناس وأمنا.

ثم قال : إن اللّه تعالى أول ما خلق من الارض الكعبة ، ثم بث الارض من تحتها وجعلها جوفاء ، وهي بازاء البيت المعمور ، وما بينهما حرم ، ولو أن رجلا كان يطوف بها فأتاه أخوه المسلم في كل حين يسأله أن يمضي معه في حاجة ، لكان قطع طوافه وذهابه معه أفضل. ولو أن رجلا من أهل ولايتنا لقي اللّه تعالى بعدد رمل عالج ذنوبا لكان حقا على اللّه أن يغفر له.

ص: 477


1- البرهان 2 / 318.
2- ابراهيم : 36.
3- المائدة : 51.
4- وهو أبو سعيد أبان بن تغلب بن رياح الكوفي البكري الكندي توفي في حياة الامام الصادق علیه السلام سنة 141 ه.

[ عبد مات على حبّ علي ]

اشارة

[1380] عبد اللّه بن مالك ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال : بينا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يوما بالمدينة جالسا وحوله نفر من أصحابه إذ نظر الى سواد عظيم نازل من السماء ، فقام فزعا وقام معه أصحابه ، فتخلل طرق المدينة ، وهو ينظر الى السواد حتى أتاه ، فاذا بنعش يحمله أربعة من العبيد ، وليس وراءه تبع ، فقال : من هذا الميت؟

قالوا : يا رسول اللّه عبد كان لبني رباح مسرفا على نفسه أوثقه مواليه ، فمات في الوثاق ، فأمرونا بدفنه.

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله [ لعلي ] (1) : انظر إليه لعلك أن تعرفه.

فكشف عنه علي علیه السلام فاذا بأسود في عنقه غلّ وفي رجليه قيد.

فقال علي علیه السلام : بلى واللّه يا رسول اللّه إني لأعرفه ، وما لقيته - قط - إلا وقال لي : يا مولاي أنا واللّه احبك ، وأشهد أنه لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا كافر.

ص: 478


1- زيادة منا اقتضاه السياق.

فقال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لا جرم أنه قد نفعه ذلك ، هذا - واللّه - سبعون قبيلا (1) من الملائكة ، ففي كل قبيل (2) سبعون ألف ملك هبطوا من السماء يشهدون جنازته ويصلّون عليه.

وأمر رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله بقطع الغلّ من عنقه والقيد من رجليه وصلّى عليه ودفنه وترحّم عليه.

[1381] ثروة الرماح (3) قال : قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام :

قول اللّه : ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى ) (4) ثم قال لي : ما يقول هؤلاء في هذه الآية؟

قلت : جعلت فداك لا أدري.

قال : لكني أدري ، يزعمون أنها لهم على العموم ، ولا واللّه ما هي إلا لكم خاصة ، أنتم الحجيج والناس سواد.

[ العبادة بدون الولاية ]

[1382] أبو حمزة الثمالي ، قال : قال علي بن الحسين علیه السلام : أيّ البقاع أفضل؟

قلت : اللّه ورسوله [ وابن رسوله ] أعلم.

قال : أفضل البقاع ما بين الركن والمقام ، ولو أن رجلا عمّر ما عمّر نوح علیه السلام في قومه [ الف سنة إلا خمسين ] (5) ، يصوم النهار

ص: 479


1- القبيل : الجماعة.
2- وفي الاصل : قبيلة - وهو خطأ -.
3- وفي البرهان 1 / 204 : اسماعيل بن نجيح الرماح.
4- البقرة : 203.
5- ما بين المعقوفتين زيادة من بشارة المصطفى ص 71.

ويقوم الليل في ذلك الموضع ، ثم لقي اللّه تعالى بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك [ شيئا ].

[1383] أبو حمزة ، قال : سمعت أبا جعفر - محمد بن علي علیه السلام - [ يقول : ] لو أن عبدا عبد بين الركن والمقام حتى ينقطع أوصاله ثم لم يلق اللّه بحبنا وولايتنا - أهل البيت - ما قبل اللّه منه.

[1384] وعنه ، قال : سمعت أبا جعفر علیه السلام يقول : إن الجنة تشتاق ، وليشتدّ ضوؤها لمجيء شيعة علي ، وهم في الدنيا قبل أن يدخلوها.

[1385] ابراهيم بن أبي السبيل ، قال : قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام - ونحن جماعة من أوليائه جلوسا بين يديه ، ابتدأ من قبل نفسه - : احببتمونا وأبغضنا الناس ، وصدّقتمونا وكذبنا الناس ، فجعل اللّه محياكم [ ومماتكم ] (1) محيانا ومماتنا ، واللّه ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقرّبه عينه إلا أن تبلغ نفسه الى هذا المكان - وأومى بيده الى حلقه ، ومدّ جلده -.

ثم أعاد ذلك ، واللّه ما رضي بذلك حتى حلف لنا ، فقال : واللّه الذي لا اللّه إلا هو يحدّثني ابن عمي - ابن علي - بذلك ، أما ترضون أن تصلّوا ويصلّو [ ن ] (2) فيقبل منكم ولا يقبل منهم ، واللّه لا تقبل (3) الصلاة إلا منكم ، ولا الزكاة إلا منكم ، ولا الحج إلا منكم ، فاتقوا اللّه فانكم في هدنة ، وأدوا الامانة ، فاذا تميّز الناس فعند ذلك يذهب كل قوم الى جهة أهوائهم ، وتذهبون حيث ذهب رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلي علیه السلام .

ص: 480


1- ما بين المعقوفات زيادة منا اقتضاه السياق.
2- ما بين المعقوفات زيادة منا اقتضاه السياق.
3- هكذا صححناه وفي الاصل : يقبل.

إن الناس أخذوا من هاهنا وهاهنا وأنتم أخذتم أخذ اللّه ، إن اللّه اختار لكم من عباده محمدا صلی اللّه علیه و آله واخترتم خيرة اللّه ، فمحمد خيرة اللّه ، ونحن خيرة اللّه ، فاتقوا اللّه وأدوا الامانات الى الاسود والابيض ، وان كان حروريا (1) ، وان كان شاميا (2).

[1386] يزيد بن حلقة الحلواني ، عن عبد الرحمن ، قال : قال أبو جعفر علیه السلام : انما يغبط أحد حتى يبلغ نفسه الى هاهنا ، فينزل عليه ملك [ الموت ] فيقول : أما ما كنت ترجو فقد اعطيت ، وأما ما كنت تخاف فقد أمنت منه ، ويفتح له باب الى منزله من الجنة ، فيقال له : انظر الى مسكنك من الجنة ، وهذا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلي والحسن والحسين هم رفقاؤك ، وذلك قول اللّه : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ) (3).

[1387] الحلبي ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، أنه قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : [ ... ] (4) إن أدرك الدجال آمن به ، وان لم يدركه كتب من أصحابه. وان ربي مثل لي امتي في الطين ، وعلّمني الاسماء كلها كما علّمها آدم ، فمرّ بي أصحاب الرايات ، فاستغفرت لعلي وشيعته ، إن ربي وعدني في شيعة علي علیه السلام خصلة ، قيل : وما هي يا رسول اللّه؟

قال : المنفرة لمن آمن منهم واتقى ، [ وان اللّه ] لا يغادر صغيرة ولا

ص: 481


1- الحرورية هم الخوارج.
2- لعله اشارة الى أصحاب معاوية بن أبي سفيان - فقد كان اكثرهم من أهل الشام - وذلك لما أبدوه لامير المؤمنين علیه السلام وشيعته من العداوة والبغضاء.
3- يونس : 63.
4- إن في الحديث سقط ، راجع تخريج الاحاديث.

كبيرة ، ولهم تبدل السيئات حسنات.

[1388] الفضل بن بشار ، قال : قلت لأبي عبد اللّه علیه السلام : ترى اننا ننزل بذنوبنا منزلة المستضعفين؟

قال : فقال : لا واللّه لا يفعل اللّه ذلك بكم أبدا.

[1389] أبو بكر الحضرمي (1) ، قال : قلت لأبي عبد اللّه علیه السلام : قول أبيك : لو أدركت عكرمة قبل أن يموت لعلّمته كلمات لا تطعمه النار.

قال : نعم.

قلت : جعلت فداك وما هنّ (2).

قال : ما أنتم عليه.

ثم قال : من تولى محمدا لم تطعمه النار.

[1390] وعنه ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، أنه قال : اذا مات المؤمن منكم جعل روحه مع النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين.

[1391] وعن أبي عبد اللّه ابن يحيى ، قال : سمعت عليا علیه السلام يقول : إن ابني فاطمة اشترك في حبها البر والفاجر ، وانه كتب لي : لا يحبني كافر ولا يبغضني مؤمن ، وقد خاب من افترى.

[1392] صفوان عن عبد اللّه بن مسكان ، عن سليمان [ بن ] (3) هارون العجلي ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، أنه قال لقوم كانوا عنده من الشيعة : أما واللّه انكم على دين اللّه ، قال اللّه تعالى : (4) ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً

ص: 482


1- اسمه عبد اللّه بن محمد راجع اعيان الشيعة 2 / 293.
2- في نسختنا : وما هي ، وما أثبتناه هو الصحيح.
3- يحتمل وجود سقط هنا وهو كلمة بن أو و.
4- في الاصل : قال اللّه تعالى لهم.

كَرِيماً ) (1).

[1393] عبد اللّه بن مسكان ، عن زيد بن الوليد ، عن يحيى بن سابق ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، قال يحيى : دخلت عليه لاودعه مع قوم من أصحابه ، فلما ودعناه ، قال لنا : أما واللّه إنكم لعلى دين اللّه وان من خالفكم لعلى غير الحق ، واللّه - ما أشدّه (2) - انكم في الجنة ، واني لأرجو أن يقرّ اللّه أعينكم من قريب.

[1394] حبيبة (3) الاعشى ، قال : سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام يقول : عاديتم فينا الامة ، والآباء والابناء والازواج والاخوة فثوابكم على اللّه والرسول ، وان أحوج ما يكون فيه الى حبنا الى أن بلغت النفس الى هذه - وأهوى بيده الى حلقه -.

[1395] أبو جارود بن المنذر ، قال : سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام يقول : إذا بلغت أحدكم هذه - وأومى بيده الى حلقه - قرّت عينه.

[1396] ابن مسكان ، عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبد اللّه علیه السلام : يا أبا محمد لا تعجبك كثرة صلاتهم وصيامهم فان الامر - واللّه - هاهنا ، نحن السبيل والوجه الذي يؤتى اللّه تعالى منه.

[1397] كليب الصنداني ، قال : قال لنا أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام : أما واللّه إنكم على دين اللّه ، وعلى دين ملائكته ، فأعينونا على ذلك بالورع والاجتهاد ، أما واللّه ما يتقبل إلا منكم ، فاتقوا اللّه ، وكفوا ألسنتكم ، وصلّوا في مساجدكم ، وعودوا مرضاكم ، فاذا تميّز الناس ، فتميزوا.

ص: 483


1- النساء : 31.
2- كذا ظاهر الكلمة.
3- هذه الكلمة غير واضحة وانما وضعناها استظهارا.

[ تفرحون لفرحنا ]

[1398] وعن أبي كهمس ، قال : دخلنا على أبي عبد اللّه نعزيه بابنه اسماعيل ، فقال : رحمكم اللّه تفزعون لفزعنا ، وتفرحون لفرحنا ، أما يحسبكم اذا نادى منادي عدل من ربكم أن يكون كل قوم مع من تولّوا في دنياهم ، فنفزع الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وتفزعون إلينا؟

[1399] عبد اللّه بن مسكان عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن قول اللّه تعالى : ( يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ) (1) أخاصة هي أم عامة؟

قال : بل هي لك ولأصحابك.

[1400] عباد بن زياد ، قال : قال أبو عبد اللّه علیه السلام : يا عباد ما على ملة ابراهيم أحد غيركم ، ولا يقبل الحجّ إلا منكم ، ولا يغفر الذنوب إلا لكم ، وان أرواحنا لتحبّ أرواحكم ، وانا لنحبّ رؤياكم وزيارتكم.

[1401] علي بن النعمان ، عن يزيد بن خليفة الحلواني ، قال : قال لنا أبو عبد اللّه علیه السلام : واللّه ما على (2) أحدكم لو قد كان على قلّة جبل حتى ينتهي إليه أجله. انه من عمل لله كان ثوابه على اللّه ، وان كل رياء فهو شرك.

[1402] أبو هارون الجرجاني ، عن مبشر ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن

ص: 484


1- الزمر : 53.
2- في الاصل : على ما.

علي ، يقول : من لقي اللّه لا يشرك به شيئا ، ويجتنب المحارم التي أوجب اللّه عليها النار (1).

[1403] ابن مسكان ، عن معلّى بن خنيس ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، أنه قال : إن اللّه تعالى إذا أراد بعبد خيرا وكّل به ملكا حتى يأخذ بعنقه - وأشار باصبعه - فيدخله في هذا الامر شاء أو أبى.

[1404] عمرو بن زيد ، عن اسحاق بن حبيش ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه قال : يخرج شيعتنا يوم القيامة من قبورهم على ما فيهم من عيوب ولهم من ذنوب على نوق لها (2) أجنحة ، شرك نعالهم من نور يتلألأ ، قد سهلت لهم الموارد ، وذهبت عنهم الشدائد آمنة روعاتهم ، مستورة عوارتهم ، قد اعطوا الأمن والامان ، وانقطعت عنهم الاحزان ، يخاف الناس ولا يخافون ، ويحزن الناس ولا يحزنون ، فتنطلق بهم الى ظلّ العرش ، فتوضع بين أيديهم موائد ، يأكلون منها ويشربون ، والناس في الحساب.

[1405] أبو إسحاق النحوي ، قال : سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام يقول : إن اللّه أثنى على نبيه محمد صلی اللّه علیه و آله [ بقوله : ] (3) ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (4) ثم فوّض إليه فقال : ( وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (5) ، وان نبيّ اللّه فوّض الى علي علیه السلام فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وائتمنه.

وانكم سلّمتم وجحد [ الناس ] واللّه لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا ،

ص: 485


1- كذا في الاصل.
2- في نسختنا : لها على. ولعل كلمة على نسخة بدل.
3- زيادة منا اقتضاه السياق.
4- القلم : 4.
5- الحشر : 7.

وتصمتوا اذا صمتنا ، ونحن فيما بينكم وبين اللّه تعالى واقية ، ما جعل اللّه لأحد [ خيرا ] خلاف أمرنا (1).

[1406] ابن العلي ، قال : كنت عند أبي عبد اللّه وزرارة ومحمد بن مسلم ، فقال أبو عبد اللّه علیه السلام : لا تطعم النار من كان على هذا الامر. فقال له زرارة : يا ابن رسول اللّه إن في من ينتحل هذا الامر من يريى ويشرب الخمر.

قال : اذا كان ، ضيّق اللّه عليه في معيشته وابتلاه في الدنيا وعاقبه فيها حتى يخرج منها وليس له ذنب.

[1407] حماد بن عيسى ، عن ابراهيم ، قال : سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام يقول : إن اللّه تعالى خصّكم بأربع ، الولاية : وهى خير ما طلعت عليه الشمس ، وعفا عنكم عن ثلاث : الخطأ ، والنسيان ، وما اكرهتم عليه.

[1408] حماد بن عيسى ، عن ابراهيم ، عن بعض أصحابه ، عن أبي جعفر علیه السلام ، أنه قال لقوم من شيعته : ما من يوم إلا يذكركم اللّه فيه بخير ، وما من ليلة إلا يكفيكم اللّه تعالى فيها بعافية ، ولقد نزلتم من اللّه بمنزلة ما ينظر معها الى غيركم إلا أن يتوب تائب فيتوب عليه ، فأنتم سيف اللّه ، وأنتم سوط اللّه ، وأنتم أنصار اللّه ، وأنتم السابقون الأولون والآخرون ، السابقون في الدنيا الى الايمان ، والسابقون في الآخرة الى الجنة ، وما من شيء في أيدي مخالفيكم من أهل ولا مال إلا وهو لنا.

وقد تجاوز اللّه عن سيئاتكم ، وقد ضمنا لكم الجنة بضمان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وضمان اللّه تعالى لكم.

ص: 486


1- هكذا صححناه وفي الاصل : لأحد من خلاف فيما امر به. راجع تخريج الاحاديث.

فأنتم أهل الرشاد والتقوى ، وأهل الخير والايمان ، وأهل الفتح والظفر.

[1409] أبو عبيدة [ زياد الحذّاء ] قال : دخلت على أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام فقلت : بأبي وأمي أنت ، خلا بي الشيطان فخشيت نفسي ، ثم أذكر حبي إياكم ، وانقطاعي لكم ، وموالاتي لكم ، فتطيب نفسي.

فقال لي : يا زياد ، وهل الدين إلا الحب ، ألم تسمع قول اللّه تعالى : ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) (1) وقال : ( يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ ... ) (2).

فالدين هو الحب.

[1410] ابن شعيب ، قال : سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام يقول : يسأل الرجل في قبره عن امام زمانه ، فاذا أثبته وسّع له في قبره سبعة أذرع ، وفتح منه باب الى الجنة وقيل له : نم نومة العروس قرير العين.

[1411] ابن جعفر ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، قال : كان الناس بعد نبيهم أهل جاهلية إلا من عصم اللّه تعالى من أهل البيت.

[1412] ابن عبد اللّه ، باسناده ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : أمرني ربي بحبّ أربعة ، قيل : ومن هم يا رسول اللّه؟

قال : علي وسلمان والمقداد وعمار (3).

[1413] عن أبي ليلى ، عن الحسين بن علي علیه السلام ، أنه قال : قال رسول اللّه : الزموا مودّتنا أهل البيت ، فانه من لقي اللّه يوم القيامة

ص: 487


1- آل عمران : 31.
2- الحشر : 9 : ( وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ ... ) الآية.
3- وفي بحار الانوار 22 / 321 بدل كلمة عمار : كلمة أبا ذر الغفاري.

وهو يودّنا دخل الجنة بشفاعتنا. [ والذي نفسي بيده لا ينتفع عبد بعمله إلا بمعرفته بحقنا ] (1).

[1414] معمر بن حثيم ، عن أخيه ، قال : قال لي أبو جعفر علیه السلام : يا معمر ليس منا من قطعك (2) ولكن من وصلكم وتركهم ، وليس منا ولا منكم من ظلم الناس.

يا معمر زينونا بالورع.

يا معمر أخذ الناس يمينا وشمالا وأخذتم القصد ، اخترتم من اختار اللّه ، ونظرتم بنور اللّه ، واتبعتم اللّه وتقربتم من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فطوبى لمن كان في زمرة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الطيبين الطاهرين غدا وأهل بيته.

فالويل والخزي لمن حشره اللّه ضدا لرسوله ولأهل بيته صلی اللّه علیه و آله .

يا معمر ما نحن وأنتم إلا كهاتين يوم القيامة - وجمع بين اصبعيه - المسبحة والوسطى -.

يا معمر شيعتنا من أحبّ اللّه ، وعدونا من أبغضنا لقرابتنا من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

يا معمر أيستأثرون من رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؟

يا معمر من أهل بيت أضيع منا بعد رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ؟ وما يستطيع أحدنا أن يكلّم خادمه بحاجته ، فاللّه المستعان.

[1415] بشر بن غالب ، قال : سألني الحسين بن علي علیه السلام عن أهل

ص: 488


1- الزيادة من أمالي المفيد ص 35.
2- كذا في نسختنا ، ولعل الصحيح : قطعهم.

الكوفة فقال : ما فعل أبناء العرب بها؟

قلت : يا ابن رسول اللّه ، أسبلوا الستور ، وشربوا الخمور ، ويزينون بالخلاهنات (1).

قال : فما فعل أبناء الموالي؟

قلت : يغدون ويروحون الى الاسواق ، فيقعدون على الكرسي ، ويحلفون بالأيمان الفاجرة.

فقال : أما أنه لا تذهب الايام حتى يكونوا دفّتين كدفّتي المصحف ، لا يحبنا أحد منهم إلا كان معنا يوم القيامة ، له نور يعرف به حتى يؤتى بهم أبانا عليا علیه السلام ، فيسقيهم من الحوض ، ثم ندخل نحن وهم الجنة ، يقدمنا أبونا رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

[1416] سليم بن قيس الهلالي ، قال : قلت لأمير المؤمنين علي علیه السلام :

إن أهل بيتي يقطعوني واوصلهم ، ويحرموني فاعطيهم ، ويكلموني وأعفو عنهم ، ويشتموني ولا أشتمهم.

فقال أمير المؤمنين علي علیه السلام : عهدت الناس ورقا لا شوك فيه ، وهم اليوم شوك لا ورق فيه.

فقلت : فكيف أصنع يا أمير المؤمنين؟

قال : ولّهم غرضك ليوم فقرك.

شيعتنا ثلاثة أصناف : صنف يصلونا ، وصنف يصلون الناس ، وصنف والوا وليّنا وعادوا عدوّنا. اولئك الاولياء الاخيار الحكماء العلماء وطوبى لهم وحسن مآب.

[1417] محمد بن الهارون الهمداني ، قال : خرج أبو جعفر علیه السلام يوما على أصحابه وهم جلوس على بابه ينتظرون خروجه فقال لهم :

ص: 489


1- الكلمة غير واضحة في نسختنا.

تنجّز - والبشرى من اللّه - ، واللّه ما أحد من الناس يتنجّز لي البشرى من اللّه غيركم ، ثم قرأ : ( ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً ) (1).

ثم قال : نحن أهل البيت قرابة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

[1418] الحسين بن محمد الطيالسي ، قال : حدثنا اسحاق - مولى جعفر بن محمد - قال : سمعت مولاي جعفر علیه السلام يقول : إن اللّه تعالى إذا جمع الخلق يوم القيامة لم يعتذر الى أحد من خلقه إلا الى فقراء شيعتنا ، فيقول لهم : وعزتي وجلالي ما أفقرتكم في الدنيا لهوانكم عليّ ولكني ذخرت لكم ما عندي ، فتصفّحوا وجوه الخلق ، فمن كان صنع الى أحد منكم معروفا في الدنيا فليأخد بيده ، فليدخله الجنة فانهم يومئذ ليتعلّقون بفقراء شيعتنا فيقول كل واحد منهم : ألم أفعل بك في الدنيا كذا؟ فمن عرّفوه ممّن كان فعل ذلك لهم أدخلوه الجنة.

[1419] الفضل بن يسار ، قال : حدثني الثقة من أصحابنا ، عن عبد اللّه بن الحسين بن علي علیه السلام ، أنه قال : واللّه الذي لا إله غيره لا يحب محبنا - على غير يد كانت منه إليه - ، ولا يبغض عبد مبغضنا - على غير شحناء كانت بينه وبينه - ، ثم لقي اللّه تعالى وعليه من الذنوب مثل زبد البحر إلا غفر اللّه [ له ].

[1420] أبو الجارود ، قال : سمعت أبا جعفر علیه السلام يقول : أليس عدل من ربكم أن يقوم منادي يوم القيامة فينادي ليقم كل قوم الى من تولوه في الدنيا ، فتفزعون إلينا فتجدونا عند النبي صلی اللّه علیه و آله ؟

ص: 490


1- الشورى : 23.

[ مرحبا يا بشير ]

اشارة

[1421] يحيى بن مشاور ، قال : أخبرني بشير النبال - وكان يرمي بالنبل - قال : أردت زيارة أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام فاشتريت بعيرا نضوا لم أجد بما تهيأ لي من الثمن غيره ، فقال لي قوم :

[ لا ] يحملك. فركبت ومشيت حتى قدمت المدينة وقد تشقق وجهي ويداي ورجلاي ، فأتيت باب أبي جعفر علیه السلام فأصبت غلاما بالباب فقلت له : استأذن لي على ابن رسول اللّه وقل له : بشير النبال ماثل بالباب. فسمع صوتي فقال : ادخل يا بشير. فلما رآني قال : مرحبا يا بشير ، ما هذا الذي أرى بك.

قلت : جعلت فداك اشتريت بعيرا نضوا فركبت ومشيت.

فقال : وما الذي دعاك الى ذلك؟

قلت : حبكم واللّه.

قال : أفلا افيدك؟

قلت : بلى.

قال : اذا كان يوم القيامة ، فزع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى اللّه تعالى ، وفزعنا الى رسول اللّه ، وفزع محبّونا إلينا فالى أين ترون نذهب بكم؟

ص: 491

قال : الى الجنة.

قال : الى الجنة وربّ الكعبة ، الى الجنة - قالها مرتين -.

[1422] عبد الحميد بن سعيد ، قال : قال أبو عبد اللّه علیه السلام : ما أحسبك تأنس بأحد في المدينة.

قلت : لا يا ابن رسول اللّه.

قال : فاني لك ذلك.

فقال علیه السلام : يا عبد الحميد لكم واللّه يغفر الذنوب ، ومنكم يقبل الحسنات ، أبشروا ، [ فاني ] (1) كثيرا ما [ كنت ] (2) أسمع أبي رضی اللّه عنه يقول لاصحابه : أبشروا ، فما بين أحدكم وبين أن يغتبط ويلقى السرور إلا أن تبلغ نفسه الى هاهنا - وأشار بيده الى حلقه -.

ثم قال : إنه اذا كان ذلك واحتضر ، أتاه رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وجبرئيل ، وملك الموت ، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام . فيدنو منه علي علیه السلام ، فينظر إليه ، ثم يلتفت الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله فيقول : يا رسول اللّه هذا كان يحبنا فأحبه ، فيقول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا جبرئيل إن هذا كان يحبّ اللّه ورسوله وأهل بيته فأحبه. فيقول جبرئيل : يا ملك الموت إن هذا كان يحبّ اللّه ورسوله وأهل بيت رسوله فأحبه. فيدنو [ منه ] (3) ملك الموت ، فيقول : يا عبد اللّه أخذت فكاك رهانك ، أخذت براءة أمانك.

ثم يقول (4) : تمسكت بالعصمة الكبرى في الحياة الدنيا؟

ص: 492


1- ما بين المعقوفات زيادة منا اقتضاه السياق.
2- ما بين المعقوفات زيادة منا اقتضاه السياق.
3- كملة « منه » لا بد لها هنا من أجل السياق.
4- في الاصل : قال.

فيوفّقه اللّه فيقول : نعم.

فيسأل ملك الموت عمّا تمسك به؟

فيقول : ولاية علي بن أبي طالب.

فيقول : أبشر ، فقد أدركت ما كنت ترجوه ، وأمنت مما كنت تخافه ، أبشر بالسلف الصالح بمرافقة رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلي بن أبي طالب علیه السلام وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام .

ثم يسلّ روحه سلاّ رفيقا ، ثم ينزل إليه بكفن من الجنة وحنوط وحلّة خضراء يكفن بها ويحنط.

فاذا وضع في قبره قيل له : نم نومة عروس على فراش ، أبشر بروح وريحان وربّ غير غضبان وجنة نعيم.

ثم يفتح له في قبره مسيرة شهر أمامه وعن يمينه وعن شماله ومن خلفه ، ويفتح له باب الى الجنة ، فيدخل عليه روحها وريحانها الى أن يبعث.

قال : واذا احتضر الكافر حضره رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وعلي وجبرئيل وملك الموت علیهم السلام ، فيدنو منه علي علیه السلام ، ثم يلتفت ، فيقول : يا رسول اللّه إن هذا كان يبغضنا أهل البيت.

فيقول النبي صلی اللّه علیه و آله لجبرئيل : يا جبرئيل إن هذا كان يبغض اللّه ورسوله وأهل بيت رسول اللّه ، فابغضه.

فيقول جبرئيل لملك الموت : إن هذا كان يبغض اللّه ورسوله وأهل بيت رسوله ، فاعنف عليه وابغضه.

فيدنو منه ملك الموت فيقول : يا عبد اللّه أخذ [ ت ] (1) فكاك

ص: 493


1- زيادة منا اقتضاه السياق.

رهانك؟ أخذت براءة أمانك؟ تمسكت بالعصمة الكبرى في الحياة الدنيا؟

فيقول : لا ، وما أعرف شيئا مما تقول.

فيقول له ملك الموت : أبشر يا عدوّ اللّه بخزي اللّه وعذابه في نار جهنم ، أما ما كنت ترجو فقد فاتك ، وأما ما كنت تحذر فقد نزل بك.

ثم يسلّ روحه سلاّ ، ويوكّل به ثلاثمائة شيطان فيبصقون بوجهه حتى يوضع في قبره ، ويفتح له فيه باب الى جهنم ، فيدخل عليه زفيرها وحرّها الى أن يبعث ، ثم ينطلق بروحه الى برهوت (1).

[1423] ( وعنه ) قال : سمعني أبو عبد اللّه علیه السلام وأنا اقول : أسأل [ اللّه ] الجنة.

فقال لي : يا أبا محمد أنت واللّه في الجنة ، فاسأل اللّه أن لا يخرجك منها.

قلت : وكيف ذلك - جعلت فداك -.

فقال : من كان في ولايتنا فهو في الجنة.

[ أقول : ] يعني علیه السلام أنه من أهل الجنة. فاسألوا اللّه أن لا يخرجكم منها الى ولاية عدونا.

[1424] الفضل ، قال : تحدثنا عند أبي عبد اللّه علیه السلام ، فذكرنا عين الحياة فقال علیه السلام : أتدرون ما عين الحياة؟

قلنا : اللّه وابن رسوله أعلم.

قال : نحن عين الحياة ، فمن عرفنا وتولاّنا فقد شرب عين الحياة ، وأحياه اللّه الحياة الدائمة في الجنة وأنجاه من النار.

ص: 494


1- برهوت واد بحضرموت تحضر فيه ارواح المشركين.

[1425] الاصبغ ، قال : سمعت عليا علیه السلام يقول : قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي إن لله تعالى قضبا (1) من ياقوت لا يناله إلا نحن وشيعتنا وسائر الناس براء.

[1426] جابر بن عبد اللّه الانصاري ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول لعلي : ألا أمنحك ، ألا ابشرك؟

قال : بلى يا رسول اللّه.

قال : خلقت أنا وأنت من طينة واحدة ففضلت منها فضلة فخلق منها شيعتنا [ فاذا كان يوم القيامة دعي الناس بأسماء امهاتهم إلا شيعتك ] (2) فانهم يدعون بأسمائهم وأسماء آبائهم لطيب مولدهم.

[1427] أبو عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين علي علیه السلام أنه قال : لما نزلت على رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ) (3) قال المقداد بن الاسود الكندي : يا رسول اللّه وما طوبى؟

قال : يا مقداد ، شجرة في الجنة ، لو يسير الراكب الجواد في ظلها مائة عام ما قطعها ، وورقها وقشرها [ زبرجد ] (4) أخضر ، وزهرها رياض صفر ، وضيعتها زنجبيل وعسل ، وبطحاؤها ياقوت أحمر وزمرد أخضر ، وترابها مسك وعنبر ، وحشيشها زعفران ، خلالها لجوج

ص: 495


1- القضب : جمع قضيب.
2- زيادة من بشارة المصطفى ص 15 وفيه « فإنهم يدعون بأسماء آبائهم ... ».
3- الرعد : 29.
4- هذا ما استظهرناه والكلمة غير واضحة.

[ كذا ] يتأجّج من غير وقود ، يتفجّر من أصلها السلسبيل ، (1) ظلها مجلس من مجالس شيعة علي علیه السلام ، يألفونه ويتحدثون فيه.

فبيناهم يوما في ظلها إذ جاءتهم الملائكة تقود لهم (2) خيلا بسلاسل من ذهب كأن وجوهها المصابيح نضارة وحسنا ، وبرها [ كذا ] خزّ أحمر ومرعر [ كذا ] أبيض محيطا لم ينظر (3) الناظرون الى مثلها حسنا وبهاء ، قد ذللت من غير مهانة ونجبت من غير رياضة ، عليها رحال ألواحها من الدرّ والياقوت مضيئة بألوان المرجان ، وصفاتها [ كذا ] من الذهب الأحمر ملبسة بالعبقري والارجوان فأناخوها لهم.

ثم قالوا : ربكم يقرئكم السلام فقوموا فزوروه ليزيدكم من فضله ، فانه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم. فيستوي كل رجل منهم على راحلته وينطلقون صفا واحدا معتدلا لا يفوت أحد منهم أحدا ، ولا يمرون بشجرة من شجر الجنة إلا اتحفتهم بثمارها ، ورحلت لهم عن طريقهم كرامة لهم ، من غير أن تفرق بينهم ، حتى اذا انتهوا الى الجبار تعالى ، قالوا : ربنا أنت السلام ومنك السلام وأنت ذو الجلال والاكرام.

فيقول تعالى : كذلك أنا ومرحبا بعبادي الذين حفظوا وصيتي في أهل [ بيت ] (4) نبيي ، ورعوا حقي ، وخافوني بالغيب وكأني مني على حال مشفقين.

فيقولون : وعزتك وجلالك ما قدرناك حقّ قدرك ولا أدّينا حقك فائذن لنا بالسجود.

ص: 496


1- السلسبيل : الماء العذب السهل المساغ.
2- في الاصل : تقودهم.
3- في الاصل : ولم ينظر.
4- زيادة منا اقتضاه السياق.

فيقول لهم ربهم : اني قد وضعت عنكم العبادة وأرحت أبدانكم فطال ما أنصبتم لي الابدان ، فالآن أفضتم الى روحي ورحمتي فاسألوني بما شئتم ، فلا يزال يا مقداد ممنونا عليهم في العطايا والمواهب حتى أن المقصّر من شيعة علي ليتمنى يومئذ في امنيته مثل جميع الدنيا مذ خلقها اللّه تعالى الى يوم القيامة.

فيقول لهم ربهم : لقد قصّرتم في أمانيكم ، ورضيتم بدون ما لحق لكم ، فانظروا الى مواهب ربكم.

فينظرون ، فاذا هم بقباب وقصور في أعلى علوّ ، من الياقوت الاحمر والجوهر الاخضر والابيض والاصفر يزهر نورها ، فلولا أنها مسخرة لم تكد الابصار أن تراها لشدة نورها ، فما كان منها من الياقوت الاحمر فهو مفروش بالسندس الاخضر ، وما كان منها من الياقوت الاصفر فهو مفروش بالرياض مشوب بالفضة البيضاء والذهب الاحمر ، قواعدها وأركانها من الجوهر ، يخرج من أبوابها وعرصتها (1) نور مثل شعاع الشمس ، وعلى كل قصر من تلك القصور جنتان مدهامتان فيهما عينان نضاختان ، فاذا أرادوا الانصراف الى منازلهم حولوا الى فرس من نور بأيدي ولدان مخلدين ، بيد كل واحد منهم حكمة (2) فرس من تلك الافراس ، لجمها وأعينها من الفضة البيضاء والذهب الاحمر والجوهر ، فلما دخلوا منازلهم أتتهم الملائكة يهنئونهم بكرامة اللّه لهم ، حتى اذا استقروا قيل لهم : هل ( وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ) (3).

ص: 497


1- كذا ظاهر الكلمة.
2- حكمة الفرس : لجامه ( ط ).
3- الأعراف : 33

قالوا : نعم ربنا رضينا فارض عنا.

قال : برضاي عنكم ، وبحبكم أهل بيت نبيكم أحللتكم داري وصافحتكم الملائكة فهنيئا لكم عطاء غير مجذوذ ليس ينغّص.

فعندها قالوا : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ. الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ ) (1).

[1428] هاشم الصداني ، قال : قال لي أبو عبد اللّه علیه السلام : يا هاشم حدثني أبي ، وأبي وهو خير مني ، عن جدي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال : ما من رجل من شيعتنا يموت إلا خرج من قبره يوم القيامة مثل القمر ليلة البدر ، فيقال له : سل.

فيقول : أسأل في النظر الى محمد علیه السلام .

قال : فيأذن اللّه تعالى لشيعتنا في زيارة محمد صلی اللّه علیه و آله في الجنة ، وينصب لمحمد منبر فيصعد عليه هو وعلي علیه السلام ويحف بذلك المنبر شيعة آل محمد ويلقى عليهم النور ، حتى أن أحدهم اذا رجع الى منزله لم تقدر الحور أن تملأ أبصارها منه.

ثم قال أبو عبد اللّه علیه السلام : فلمثل هذا فليعمل العاملون.

[1429] الاصبغ ، عن علي علیه السلام ، أنه قال في قوله اللّه تعالى : ( قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) (2) قال : ليفرح شيعتنا بما اعطوا ، فذلك خير مما اعطي عدونا من الذهب والفضة.

[1430] أبو الجارود ، عن أبي جعفر علیه السلام ، أنه قال في قول اللّه

ص: 498


1- فاطر : 34 و 35
2- يونس : 58.

تعالى : ( ما جَعَلَ اللّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ) (1) قال : قال علي علیه السلام : ليس من عبد امتحن اللّه قلبه [ بالايمان إلا وجد مودتنا في قلبه ] (2) فهو يودنا ، وليس من عبد ممّن سخط اللّه عليه إلا وهو يجد بغضنا على قلبه ، فهو يبغضنا ، فأصبحنا نفرح بحبّ للمحبّ.

وأصبح محبنا ينتظر رحمة اللّه ، وكأن أبواب الجنة قد تفتحت له وأصبح مبغضنا على شفا حفرة من النار ينهار به في نار جهنم.

فهنيئا لاهل الرحمة برحمة ربهم ، وتعسا لاهل النار بمثواهم ، ولا يستوي من أحبنا ومن أبغضنا ، ولا يجتمع حبنا وبغضنا في قلب واحد ، إن اللّه لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه ، يحبّ بهذا ويبغض بهذا ، أما المحبّ فيخلص الحبّ لنا كما يخلص الذهب بالنار لا كدر فيه.

ومبغضنا على تلك المنزلة ، ونحن النجباء ، وأفراطنا أفراط الأنبياء وأنا وصيّ الاوصياء وشيعتي من حزب اللّه ، والفئة الباغية من حزب الشيطان. فمن أراد أن يعلم حبنا فليمتحن قلبه ، فان شارك حبنا عدوّنا ، فليس منا ولسنا منه ، واللّه عدوهم وجبرئيل وميكائيل ، واللّه عدو للكافرين.

[1431] علي بن أسباط ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، أنه قال : ما ابتلى اللّه به شيعتنا فلن يبتليهم بأربع ، بأن يكونوا لغير رشدهم ، أو يمنوا في أكفهم ، أو يبتلوا في أدبارهم ، أو يكونوا منهم خصي.

[1432] أبو حمزة ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، أنه قال : أربع خصال

ص: 499


1- الأحزاب : 4.
2- الزيادة من البرهان 3 / 290.

لا تكون في شيعتنا المؤمنين : لا يكون من شيعتنا مجبوبا ، ولا يسأل على الابواب ، ولا يولد له من الزنا ، ولا ينكح في دبره.

[1433] عبد الحميد الواسطي ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، أنه قال : (1) إن الشفاعة لمقبولة ، ولا تقبل عن ناصب ، وان المؤمن [ من ] شيعتنا ليشفع في جاره ، وما له من حسنة ، فيقول : يا ربّ جاري كان يكفّ عني الاذى. [ فيشفع فيه ] (2) فيقول اللّه تعالى : أنا أحق لمكافأته عنك ، فيشفعه فيه وما له من حسنة. فان أدنى المؤمنين شفاعة لمن يشفع لثلاثين انسانا ، فعند ذلك يقول عدونا ( فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) (3).

[1434] أبو بصير ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام ، أنه قال في قول اللّه تعالى : ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ ) (4) قال : هم شيعة علي علیه السلام .

[1435] وعنه قال : سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام عن قول اللّه تعالى : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (5).

قال : نحن نعلم وعدونا الذين لا يعلمون ] (6). وشيعتنا اولو الالباب.

[1436] مالك ، قال : قال أبو عبد اللّه علیه السلام : يا مالك ، أما ترضون [ أنكم ] تقيمون الصلاة وتؤتون الزكاة [ ل ] امام آل محمد وتدخلون

ص: 500


1- إن المؤلف ترك ذكر صدر الحديث. راجع تخريج الاحاديث.
2- زيادة من البرهان 3 / 186.
3- الشعراء : 100.
4- الزمر : 21.
5- الزمر : 9.
6- الزيادة من البرهان 4 / 70.

الجنة بسلام؟ إنه ما من قوم يأتمون برجل إلا جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه ، وذلك قول اللّه يعنيهم : ( يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ) (1) وانكم تدعون بامامكم من آل محمد فتأتون وجوهكم تزهر ، وكتبكم بأيمانكم مسجلة من عند العليّ الاعلى الى النبيّ الرءوف الرحيم : ( اني امتحنت قلب فلان بن فلان بالهدى وولاية أهل بيتك الاصفياء ) مختوم عليها بخاتم من مسك أذفر.

يا مالك من مات على ما أنتم عليه فهو كالمتشحط بدمه في سبيل اللّه.

[ صفات الشيعة ]

[1437] علي بن زيد ، عن أبيه ، قال : كنت عند أبي عبد اللّه علیه السلام إذ دخل عليه عيسى بن عبد اللّه القمي ، فرحّب به ، وقرّب مجلسه ثم قال له : يا عيسى بن عبد اللّه ليس منا ولا كرامة من كان في مصر فيه ألف أو يزيدون فكان [ في ] ذلك المصر أورع منه.

[1438] محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر علیه السلام ، أنه قال : لا تذهب بكم المذاهب ، فو اللّه ما شيعتنا إلا من أطاع اللّه.

[1439] جابر الجعفي ، قال : قال لي أبو جعفر علیه السلام : أيكفي من انتحل التشيع (2) أن يقول : هو يحبنا أهل البيت؟ فو اللّه ما شيعتنا إلا من اتقى اللّه وأطاعه ، وما كانوا يعرفون [ إلا ] بالتواضع والخشوع ، وكثرة ذكر اللّه تعالى ، والصوم ، والصلاة ، والبرّ بالوالدين ، والتلطف

ص: 501


1- العنكبوت : 25.
2- هكذا صححناه من روضة الواعظين ص 394 وفي الاصل : الشيعة.

والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة وللغارمين واليتامى ، وصدق الحديث ، وتلاوة القرآن ، وكفّ الألسن إلا من خير.

قال : فقلت : يا ابن رسول اللّه ، ما يعلم أحد بهذه الصفة.

قال : يا جابر ، لا تذهبن بك المذاهب ، حسب الرجل أن يقول : أحبّ عليا وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك يعمل صالحا. فلو قال : إني احبّ رسول اللّه ثم [ لا يعمل بعمله ولا ] يتبع سيرته ما كان ينفعه حبه إياه ، ورسول اللّه خير من علي. فاتقوا اللّه واعملوا لما عند اللّه ، ليس بين اللّه وبين أحد قرابة.

أحبّ العباد الى اللّه وأكرمهم عليه أتقاهم له ، فاعملوا - يا جابر - بطاعة اللّه وما يقرّبكم منه ، فما يتقرب الى اللّه إلا بطاعة ، وما معي براءة من النار ، ولا على اللّه لأحد من حجة.

من كان مطيعا لله فهو لنا ولي ، ومن كان له عاصيا فهو لنا عدو واللّه ما ينال ولايتنا إلا بالعمل الصالح والورع.

[1440] عمرو بن سعيد ، قال : دخلنا على أبي جعفر علیه السلام ونحن جماعة من الشيعة فقال : كونوا لنا النمرقة الوسطى ، يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم التالي ، واعملوا صالحا يا شيعة آل محمد فانه ليس بيننا وبين اللّه قرابة ، ولا لنا على اللّه حجة ، ولا يتقرب إليه إلا بالطاعة ، فمن كان مطيعا نفعته ولايتنا ، ومن كان عاصيا لله لم تنفعه ولايتنا.

[1441] السدي بن محمد ، يرفعه الى أمير المؤمنين علي علیه السلام ، أن قوما اتبعوه - يوما - ، فالتفت إليهم فقال : من أنتم؟

فقالوا : شيعتك يا أمير المؤمنين.

فقال : ما لي لا أرى عليكم سيماء الشيعة؟

فقالوا : وما سيماء الشيعة؟

فقال : سيماهم أنهم صفر الوجوه من السهر والقيام ، خمص

ص: 502

البطون من الصيام ، ذبل الشفاه من التلاوة والدعاء ، عليهم عبرة الخاشعين.

[1442] جابر ، قال : كان أبو جعفر علیه السلام يقول : شيعتنا ذبل شفاههم خمص بطونهم تعرف الرهبانية في وجوههم.

[1443] أبو يعقوب ، قال : قال أبو عبد اللّه علیه السلام يوما لبعض شيعته :

إن شيعة علي علیه السلام كانوا (1) خمص البطون ذبل الشفاه أهل رأفة ورحمة وعلم وحلم فأعينونا على ما أنتم عليه بالورع والاجتهاد.

[1444] محمد بن النضر ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام أنه قال : قال علي علیه السلام : إن لله عبادا من أوليائنا ، رسخ عظيم جلال اللّه في قلوبهم ، وأمكن الخوف من ضمائرهم ، وجلّ الحياء بين أعينهم ، وأوطنت الفكرة أفئدتهم ، فنفوا عن اللّه تحريف الضالّين وكذب الملحدين وشكوك المرتابين وحيرة المتحيرين وغلوّ المعتدين الذين فارقوا (2) دينهم وكانوا شيعا ، لا ترهقهم قترة ، ولا ينظرون الى الدنيا بغير مقت. فهم سنام الاسلام ، ومصابيح العلم ، كلامهم نور ومجانبتهم حسرة. وهم الحجة من ذي الحجة ، المنصورون بحجج من احتجّ اللّه تعالى به على خلقه ، فاتبعوهم واقتدوا بهم ترشدوا.

[1445] الكلبي ، قال : قال لي أبو عبد اللّه علیه السلام : اذا أردت أن تعرف أصحابي فانظر من اشتدّ ورعه ، وخاف خالقه ، ورجا ثوابه ، فاذا رأيت هؤلاء فهم أصحابي.

[1446] الفضل ، قال : قال رجل لأبي عبد اللّه علیه السلام : إن أصحابك يقولون كذا وكذا - كلاما قبيحا -.

ص: 503


1- في الاصل : كان.
2- كذا في الاصل والصحيح : فرقوا.

فغضب أبو عبد اللّه علیه السلام ، وقال : ما هؤلاء أصحابي إنما أصحابي - واللّه - الاتقياء الابرار.

[1447] المفضل بن عمر ، قال : قال أبو عبد اللّه علیه السلام : من عفّ فرجه وبطنه ، واشتدّ اجتهاده ، وعمل لخالقه ، ورجا ثوابه ، وخاف عقابه ، فاذا رأيت اولئك فهم شيعة جعفر.

[1448] ابراهيم بن عمر اليماني ، عن رجل حدثه ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، أنه قال : شيعتنا أهل الهدى والتقوى ، وأهل الخير والايمان وأهل الفلاح والظفر.

[1449] أبو المقدام ، عن أبيه ، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام ، أنه قال : شيعتنا المتباذلون في ولايتنا ، المتحابون في مودتنا ، الذين إن غضبوا لم يظلموا ، وان رضوا لم يسرفوا [ وهم ] بركة على من جاوروا وسلم لمن خالطوا.

[1450] محمد بن عجلان ، قال : كنت عند أبي عبد اللّه علیه السلام ، فدخل عليه رجل ، فسلّم عليه ، وجلس ، فجعل أبو عبد اللّه علیه السلام يسأله ، فقال له : كيف من خلفت من اخوانك؟

فأحسن عليهم الثناء.

فقال : كيف عيادة أغنيائهم لفقرائهم؟

فقال : قليلة.

فقال : كيف مشاهدة أغنيائهم لفقرائهم؟

قال : قليلة.

فقال : كيف صلة أغنيائهم لفقرائهم في ذات أيديهم؟

قال : ذلك أقل ، وانك تذكر أخلاقا ما هي عندنا.

قال : فكيف تزعم أن هؤلاء شيعة؟

ص: 504

[1451] أبو اسماعيل ، قال : قلت لأبي جعفر علیه السلام : الشيعة عندنا كثير.

قال : هل يتعطف الغني على الفقير ، ويتجاوز المحسن منهم عن المسيء ويتواسون؟

قلت : لا.

قال : ليس هؤلاء شيعة ، إنما الشيعة من يفعل هذا.

* * *

ص: 505

[ كونوا لنا دعاة صامتين ]

[1452] وعن أبي عبد اللّه علیه السلام ، أنه أوصى بعض شيعته فقال لهم : كونوا لنا دعاة صامتين.

قالوا : وكيف ذلك يا ابن رسول اللّه؟

قال : تعملون بما أمرناكم به من طاعة اللّه وتنتهون عما نهيناكم عنه ومعاصيه ، فاذا رأى الناس ما أنتم عليه علموا فضل ما عندنا فسارعوا إليه.

أشهد لقد سمعت أبي علیه السلام يقول : شيعتنا فيما مضى خير من كان ، إن كان امام مسجد في الحي كان منهم ، وان كان مؤذن في القبيلة كان منهم ، وان كان موضع وديعة وأمانة كان منهم ، وان كان عالم يقصد إليه الناس لدينهم ومصالح امورهم كان منهم ، فكونوا أنتم كذلك ، حبّبونا الى الناس ، ولا تبغّضونا إليهم.

[1453] وعنه علیه السلام ، أنه قال للمفضل : أي مفضل قل لشيعتنا كونوا دعاة إلينا بالكفّ عن محارم اللّه ، واجتناب معاصيه واتباع رضوانه ، فانهم اذا كانوا كذلك كان الناس إلينا مسارعين.

[1454] وعن الفضل ، أنه قال : قال لي أبو عبد اللّه علیه السلام : انما شيعة جعفر من كفّ لسانه ، وعمل لخالقه حتى يكون كالحنيّة من كثرة

ص: 506

الصلاة ، وكالصافي من الصيام ، وكالاخرس من طول السكوت. هل في من يدعي أنه من شيعتنا من قد أدأب ليله طول القيام وأدأب نهاره من الصيام أو منع نفسه لذّات الدنيا ونعيمها خوفا من اللّه ، وشوقا إلينا أهل البيت؟

أنّى يكونون لنا شيعة وهم يخاصمون عدونا فينا حتى يزيدوه عداوة ويهرّون هرير الكلب ويطمعون طمع الغراب.

[1455] وعن أبي جعفر علیه السلام ، أنه قال : رحم اللّه عبدا من شيعتنا حببنا الى الناس ولم يبغضنا إليهم.

أما واللّه لو يروون ما نقول ، ولا يحرفونه ، ولا يبدلونه علينا برأيهم ما استطاع أن يتعلق عليهم بشيء ، ولكن أحدهم يسمع منا الكلمة فينيط عشرا ويتناولها برأيه.

رحم اللّه من سمع ما يسمع من مكنون سرنا فدفنه في قلبه.

ثم قال : واللّه لا يجعل اللّه من عادانا ومن تولاّنا في دار واحدة.

[1456] وقال أبو عبد اللّه علیه السلام لرجل قدم عليه من الكوفة فسأله عن شيعته ، فأخبره بحالهم.

فقال أبو عبد اللّه علیه السلام : ليس اجتماع أمرنا بالتصديق والقبول فقط ، ان احتمال أمرنا ستره وصيانته عن غير أهله ، فأقرئهم السلام وقل لهم : رحم اللّه عبدا اجتر مودة الناس إلينا والى نفسه ، فحدثهم بما يعرفون وستر عنهم ما ينكرون ويجهلون.

واللّه ، ما الناصب لنا حربا بأشد علينا مؤونة من الناطق علينا بما ذكر ، ولو كانوا يقولون عني ما أقول ما عبأت بقولهم ولكانوا أصحابي حقا.

[1457] وعنه علیه السلام ، أنه قال لبعض شيعته - يوصيهم - : اتقوا اللّه وأحسنوا صحبة من تصاحبونه ، وجوار من تجاورونه ، وأدوا الامانات

ص: 507

الى أهلها ، ولا تسموا الناس خنازير - ان كنتم من شيعتنا -. فقولوا ما نقول ، واعملوا من أمرناكم ، فكونوا لنا شيعة ولا تقولوا فينا ما لا نقول في أنفسنا فلا تكونوا لنا شيعة.

إن أبي حدثني ، أن الرجل من شيعتنا كان في الحي فيكون ودائعهم عنده ووصاياهم إليه ، فكذلك أنتم فكونوا.

[1458] وعن أبي جعفر علیه السلام ، أنه أوصى رجلا من أصحابه الى قوم من شيعته فقال له (1) : بلّغهم عني السلام ، وأوصهم (2) بتقوى اللّه العظيم وبأن يعود غنيّهم على فقيرهم ، ويعود صحيحهم عليلهم ، ويحضر حيّهم ميتهم [ وأن ] يتلاقوا في بيوتهم ، فان لقاء بعضهم بعضا حياة لأمرنا ، رحم اللّه امرأ أحيى أمرنا (3) وعمل بأحسنه.

قل لهم : إنا لا نقني من اللّه شيئا إلا بعمل صالح تعملونه ، ولن تنالوا ولايتنا إلا بالورع ، وان أشدّ الناس حسرة - يوم القيامة - من وصف عملا ثم خالفه الى غيره.

والذي جاء في هذا الباب من وصايا الائمة علیهم السلام أولياءهم بطاعة اللّه وتنزيههم من أهل المعاصي منهم ، فليس بخلاف لما جاء في الباب الذي قبله من رحمة اللّه تعالى لمن أذنب منهم ، وعفوه عن جميعهم ، لان الذي أمروهم به وندبوهم إليه من طاعة اللّه واجتناب معاصيه هو الذي يوجب لهم نيل الفضل عنده وكريم المنزلة لديه ، ومن كان ممن يقترف الذنوب منهم فهو دون هؤلاء في المنزلة ، ومن المغفور لهم في الآخرة يبيّن ذلك ما رواه أبو بصير.

[1459] ابن الحكم الخثعمي (4) ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عليه

ص: 508


1- في الاصل : لهم.
2- في الاصل : واوصيهم.
3- في الاصل : بأمرنا.
4- في الاصل : الجشعمي.

السلام ، أنه قال : المؤمنون رجلان فمن (1) صدق ما عاهد اللّه عليه ووفى بشرطه له فهو ممن قال اللّه تعالى : ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيْهِ ) (2) وذلك ممن لا يصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الآخرة وممن يشفع ولا يشفع له.

ومؤمن كخامة الزرع يعوج أحيانا ويقوم أحيانا ، فذلك ممن يصيبه أهوال الدنيا وأهوال الآخرة وهو ممن يشفع له.

[1460] وما جاء عنه علیه السلام ، أنه قال لقوم من شيعته : واللّه انكم كلكم في الجنة ، ولكن ما أقبح بالرجل منكم يكون قد دخل الجنة مع قوم قد اجتهدوا وعملوا الاعمال الصالحة ، ويكون هو بينهم قد هتك ستره وبدت عورته.

قيل : وان ذلك لكائن؟! قال : نعم اذا لم يحفظ بطنه ولسانه وفرجه.

فهذا بيان ما قلناه ، فرحم اللّه امرأ نافس في أعلى الدرجات ولم يرض نفسه بالدون في دار البقاء والخلود التي كما قال تعالى : ( أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً ) (3).

[ ضبط الغريب ]

قوله : كخامة الزرع ، فخامة الزرع أول ما ينبت على ساق واحدة. والخامة :

القصبة ، قال الشاعر :

انما نحن مثل خامة زرع *** فمتى بان بان محصده

ص: 509


1- كذا في الاصل ولعل الصحيح : « فمؤمن ».
2- الاحزاب : 23.
3- الاسراء : 21.

تمّ الجزء السادس عشر من كتاب شرح الأخبار ، وتمّ بتمامه الكتاب بحمد اللّه العزيز الوهّاب ، من تأليف سيّدنا القاضى النعمان بن محمد أعلى اللّه قدسه ورزقنا شفاعته وأنسه.

* * *

ص: 510

تخريج الأحاديث

ص: 511

ص: 512

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[912] ذكر المؤلف ثلاث طرق للحديث :

1 - عن أبي سعيد الخدري ، ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 167.

2 - عن أبي ذر الغفاري ، ورواه الحاكم في المستدرك 2 / 343 والمتقي في كنز العمال 6 / 216. والهيثمي في مجمعه 9 / 168. والمجلسي في بحار الانوار 36 / 293 الحديث 122. والطبري في بشارة المصطفى ص 88.

3 - عن علي علیه السلام ، ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 20.

[913] روى الصدوق في الخصال ص 336 الحديث 37 : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن أبي سعيد الآدمي ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى الخزاز ، عن الصادق علیه السلام قال : إن اللّه أعفى شيعتنا من ست خصال : عن الجنون ، والجذام ، والبرص ، والابنة ، وأن يولد له من زنا ، وأن يسأل الناس بكفه.

[914] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 311 : عن ابن المقير ، عن مبارك بن قيس ، عن أحمد ، عن عبيد اللّه بن محمد ، عن محمد بن جعفر ،

ص: 513

عن أحمد بن يحيى ، عن زهير بن عباد ، عن حسان بن ابراهيم ، عن سفيان ، عن أبي اسحاق ، عن جبار الطائي ، عن عبد اللّه بن قيس ... الحديث.

ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 184 ، قال : ورواه الطبراني.

[915] رواه ابن جرير الطبري بسندين عن أبي حمراء في تفسيره 22 / 6.

وأحمد بن حنبل في مسنده 2 / 252. والمجلسي في بحار الانوار 35 / 214 الحديث 18 ، وفي ص 223 أيضا ، وفي 43 / 53.

[916] رواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 19.

[917] رواه أبو نعيم في حليته 3 / 211. والترمذي في صحيحه 2 / 308. والحاكم في المستدرك 3 / 149. والخطيب في تاريخ بغداد 4 / 159.

[918] رواه المحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 / 209. وابن حجر في الصواعق المحرقة ص 96. والحاكم في المستدرك 3 / 211 وابن ماجة في صحيحه ص 309.

[920] رواه الحبري في كتاب ما نزل من القرآن في علي علیه السلام ص 52 : عن حسن بن حسين ، عن حبان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ... الخبر.

[921] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 318 الحديث 362 : عن أحمد بن محمد ، عن عمر بن عبد اللّه ، عن جعفر بن محمد ، عن قاسم بن محمد ، عن جندل بن والق ، عن محمد بن عثمان ، عن الكلبي ، عن كامل بن العلاء ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ... الخبر.

[922] رواه البحراني في البرهان 1 / 394 الحديث 3 : عن سماعة ، قال : سألت أبا عبد اللّه ... الخبر.

[923] روى الجويني هذا الحديث عن رسول اللّه في فرائد السمطين 1 / 36 الحديث 1 : عن عبد القادر بن أبي صالح ، عن هبة اللّه بن

ص: 514

موسى ، عن هناد بن إبراهيم ، عن الحسن بن محمد ، عن محمد بن فرحان ، عن محمد بن يزيد ، عن الليث بن سعد ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلی اللّه علیه و آله : أنه لما خلق اللّه تعالى آدم أبو البشر ونفخ فيه من روحه التفت آدم يمنة العرش فإذا في النور خمسة أشباح ... الحديث.

[925] رواه المتقي الهندي في كنز العمال 1 / 251.

[927] روى المتقي في كنز العمال 6 / 218 ، و 7 / 103 : يا علي إن الإسلام عريان ، لباسه التقوى ، ورياشه الهدي ، وزينته الحياء ، وعماره الورع ، وملاكه العمل الصالح ، وأساس الإسلام حبي ، وحبّ أهل بيتي.

[928] روى الجويني في فرائد السمطين 2 / 40 الحديث 373 بسنده عن أبي بكر بن أبي قحافة ، يقول : رأيت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله خيم خيمة - وهو متكئ على قوس عربية - وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام ، فقال : يا معشر المسلمين أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة. وحرب لمن حاربهم ، ووليّ لمن والاهم ، لا يحبهم إلا سعيد الجد طيب المولد ، ولا يبغضهم إلا شقي الجد رديّ الولادة.

أما الحديث الذي ذكره المؤلف رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 176 : عن محمد بن الحسن ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الرحمن الكوفي ، عن عبد اللّه بن محمد ، عن الحسين بن يزيد ، عن الصادق علیه السلام ، عن آبائه ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

[929] رواه البحراني في البرهان 2 / 27 ، الحديث 1 : عن العياشي ، عن يونس بن ظبيان قال : ... الخبر.

[930] رواه المجلسي في بحار الانوار 24 / 303 الحديث 15 : عن أبي جعفر

ص: 515

الطوسي ، باسناده ، عن أبي عبد اللّه ، أنه قال : ... الخبر.

[932] رواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 79 الحديث 49 : عن جعفر بن محمد العلوي ، عن محمد بن عبد اللّه ، عن محمد بن علي بن دحيم ، عن أحمد بن حازم ، عن عاصم بن يوسف ، عن سفيان بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن أبي صادق ، عن علي علیه السلام ... الحديث.

[933] رواه المجلسي بتقديم وتأخير في الجملتين في بحار الانوار 36 / 291 الحديث 104 : عن علي بن الحسين ، عن محمد بن الحسين ، عن جعفر بن الحسين ، عن شقيق بن أحمد ، عن سماك ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : أهل بيتي أمان لأهل الارض كما أن النجوم أمان لأهل السماء.

قيل : يا رسول اللّه فالائمة بعدك من أهل بيتك؟

قال : نعم الائمة بعدي اثنا عشر ، تسعة من صلب الحسين امناء معصومون ، ومنا مهدي هذه الامة ، ألا إنهم أهل بيتي وعترتي من لحمي ودعي ، ما بال أقوام يؤذونني فيهم لا أنا لهم اللّه شفاعتي.

ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 17 : عن إياس بن سلمة ، عن أبيه ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

[934] روى السيد المدني في الدرجات الرفيعة ص 224 رواية مشابهة فراجع.

[935] رواه الحاكم في مستدرك الصحيحين 3 / 148 بسنده عن مسلم بن صبيح ، عن زيد بن أرقم ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

[936] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 246 الحديث 519 : عن المفضل بن صالح ، عن أبي اسحاق السبيعي ، عن حنش بن المعتمر ، عن

ص: 516

أبي ذر ... الحديث.

[937] رواه الحبري في كتابه ما نزل من القرآن في علي علیه السلام ص 44 : عن حسن بن حسين ، عن حسين بن سليمان ، عن أبي الجارود ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن علي علیه السلام ... الحديث.

[938] رواه ابن الأثير في اسد الغابة 4 / 107 : عن عمرو بن شعراء اليافعي ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث.

ورواه المتقي في كنز العمال 8 / 191. والذهبي في ميزان الاعتدال 2 / 119. والحاكم في المستدرك 1 / 36. وابن حجر في الصواعق المحرقة ص 143.

[940] روى الحرّ العاملي في وسائل الشيعة 6 / 371 الحديث 21 : عن محمد بن محمد بن النعمان ، باسناده ، عن الصادق علیه السلام قال :

نحن قوم فرض اللّه طاعتنا في القرآن لنا الأنفال ولنا صفو المال .... الحديث.

[941] رواه المجلسي في بحار الانوار 23 / 126 الحديث 54 : عن الحسن بن على بن شعيب ، عن عيسى بن محمد العلوي ، عن أحمد بن أبي حازم ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن شريك ، عن الركين بن الربيع ، عن القاسم بن حسان ، عن زيد بن ثابت ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث.

[942] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 368 الحديث 867 : عن أبي القاسم ابن السمرقندي ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد اللّه بن جعفر ، عن يعقوب بن سفيان ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن طلحة بن جبر ، عن المطلب بن عبد اللّه ، عن مصعب بن عبد الرحمن ، عن عبد الرحمن بن عوف ... الحديث.

[943] راجع الحديث 933.

ص: 517

[944] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 331 : عن يوسف بن خليل ، عن يحيى بن أسعد ، عن محمد بن الحسين ، عن حسن بن علي بن محمد ، عن أحمد بن جعفر ، عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه ، عن تليد بن سليمان ، عن أبي الجحاف ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : نظر النبي صلی اللّه علیه و آله الى علي وفاطمة والحسن والحسين فقال : أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 37 / 79 الحديث 48.

[945] رواه الصدوق في الخصال ص 403 الحديث 113 : عن أبيه ، عن عبد اللّه بن الحسن ، عن أحمد بن علي ، عن ابراهيم بن محمد ، عن مخول بن ابراهيم ، عن عبد الجبار بن العباس ، عن عمار بن معاوية ، عن عمرة بنت أفعى ، قالت : سمعت أمّ سلمة ، تقول : ... الحديث.

[946] روى المجلسي في بحار الانوار 43 / 27 الحديث 31 : عن أبي عبد اللّه رواية مشابهة.

[947] رواه ابن المغازلي ص 337 الحديث 387 : عن أحمد بن أبي خيثمة ، عن موسى بن إسماعيل ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ... الحديث.

ورواه ابن ابن البطريق في العمدة ص 392 الحديث 782.

[948] روى ابن بطريق في العمدة ص 393 الحديث 785 رواية مشابهة : عن سهل بن عثمان ، عن حفص بن غياث ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ... الحديث.

ورواه أيضا المجلسي في بحار الانوار 16 / 12.

[949] رواه المجلسي في بحار الانوار 16 / 11 مرسلا ، عن عروة بن الزبير ... الخبر.

ورواه الدولابي في الذرية الطاهرة ص 64 الحديث 32 : عن

ص: 518

يونس بن عبد الاعلى ، عن ابن وهب ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير قال : ... الحديث.

[950] روى الدولابي في الذرية الطاهرة ص 64 الحديث 30 : عن أبي الاشعث ، عن زهير بن العلاء ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، قال : توفيت خديجة بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين وهي أول من آمن بالنبي صلی اللّه علیه و آله .

[951] روى ابن المغازلي في مناقبه ص 332 الحديث 378 : عن أحمد بن أبي خيثمة ، عن أبي سلمة ، عن حماد بن سلمة ، عن عمار بن أبي عمار ، عن ابن عباس ... الحديث بتفاوت.

[952] رواه ابن حجر في الاصابة 4 / 421 : عن ابن مسهر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ... الحديث.

[953] رواه ابن البطريق في العمدة ص 387 الحديث 766 : من تفسير الثعلبي ، عن الحسين بن محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الملك بن محمود ، عن محمد بن يعقوب الفرجي ، عن زكريا بن يحيى ، عن داود بن الزبرقان ، عن محمد بن حجادة ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة : أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، قال : حسبك من نساء العالمين ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 36.

[954] راجع الحديث 950.

[955] رواه الدولابي في الذرية الطاهرة ص 61 الحديث 25 : عن ابن هشام قال : إن جبرائيل أتى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فقال : اقرئ خديجة السلام من ربها ... الحديث.

[956] روى الدولابي في الذرية الطاهرة ص 53 الحديث 17 : عن محمد بن عبد اللّه ، عن مروان بن معاوية ، عن وائل بن داود ، عن عبد اللّه

ص: 519

البهي ، قال : قالت عائشة : ... الحديث بتفاوت.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 16 / 12.

[957] روى ابن البطريق في العمدة ص 394 الحديث 789 : عن محمد بن اسحاق ، عن أمّ سلمة ، وعن أبي اسحاق باسناده ، عن أم رومان ، قالت : ... الحديث بتفاوت.

[958] رواه المجلسي في بحار الانوار 37 / 67 عن صحيح مسلم ، عن فضيل بن حسين ، عن أبي عوانة ، عن فراس ، عن عامر ، عن مسروق ، عن عائشة ، قال : كن أزواج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عنده لم يغادر منهن واحدة ، فأقبلت فاطمة ... الحديث.

ورواه في 35 / 230 ، وفي 43 / 51. ورواه الطحاوي في مشكل الآثار 1 / 48. وأبو نعيم في حليته 2 / 29.

[959] روى الصدوق في معاني الاخبار ص 107 : عن أحمد بن زياد ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، قال : قلت لأبي عبد اللّه علیه السلام : أخبرني عن قول رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله في فاطمة : إنها سيدة نساء العالمين. أهي سيدة نساء عالمها؟ فقال : ذاك لمريم كانت سيدة نساء عالمها وفاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين.

[960] رواه ابن البطريق في العمدة ص 395 الحديث 793 : عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه ، عن عفان ، عن معاذ بن جبل ، عن قيس بن الربيع ، عن أبي المقدام ، عن عبد الرحمن الازرق ، عن علي علیه السلام ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 37 / 72 الحديث 39.

[961] رواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 316 : عن أبي سعيد ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

ص: 520

ورواه النسائي في خصائصه ص 124 : عن يعقوب بن ابراهيم ، عن مروان ، عن الحكم بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث.

[962] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 367 : عن محمد بن هبة اللّه ، عن علي بن الحسن الشافعي ، عن عبد الرحمن بن محمد ، عن محمد بن علي بن محمد ، عن عمر بن أحمد ، عن أحمد بن محمد بن سليمان ، عن محمد بن خلف ، عن حسين بن حسين ، عن قيس بن الربيع ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 31 الحديث 38. ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 45 : عن أبي سعيد.

[963] رواه الهيثمي في مجمع الزوائد 7 / 49. والذهبي في ميزان الاعتدال 2 / 228. والمتقي في كنز العمال 2 / 158. والسيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى : وآت ذا القربى حقه.

[965] روى الطبري في دلائل الإمامة ص 50 : عن ابراهيم بن أحمد ، عن محمد بن جعفر بن محمد ، عن أحمد بن عبيد بن ناصح ، عن عبد النور المسمعي ، عن شعبة بن الحجاج ، عن عمر بن عميرة ، عن ابراهيم بن مسروق ، عن عبد اللّه بن مسعود قال : لما قدم على الكوفة - يعني عبد اللّه بن مسعود - فقلنا له : حدثنا عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله . فقال ... سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول في تبوك ونحن نسير معه : إن اللّه عزّ وجلّ أمرني أن ازوج فاطمة من علي ، ففعلت ، وقال لي جبرائيل : ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 43 / 41. ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 31.

[966] رواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 32 : عن ابن عباس

ص: 521

... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 92 الحديث 1.

[967] رواه الشبراوي في الاتحاف بحبّ الاشراف ص 21. والمجلسي في بحار الانوار 43 / 116.

وسوف يذكر المؤلف رواية مفصلة عن زفاف فاطمة علیهاالسلام راجع الحديث 976.

[968] رواه الخوارزمي في مقتله ص 70 : عن أبي الفضل الحفربندي ، عن الحسن بن أحمد ، عن اسماعيل بن أبي نصر ، عن أبي عبد اللّه ، عن الحسن بن محمد ، عن محمد بن زكريا ، عن عبد اللّه بن المثنى ، عن ثمامة بن عبد اللّه بن أنس ، عن أنس بن مالك ... الخبر.

ورواه الطبرى في دلائل الامامة ص 55.

[969] رواه الصدوق في أماليه ص 313 المجلس 61 : عن محمد بن علي بن الحسين ، عن يحيى بن زيد بن العباس ، عن علي بن العباس ، عن علي بن المنذر ، عن عبد اللّه بن سالم ، عن حسين بن زيد ، عن علي بن عمر ، عن الصادق جعفر بن محمد علیه السلام ، عن علي بن الحسين ، عن الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله أنه قال : يا فاطمة إن اللّه تبارك وتعالى ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك. قال : فجاء صندل فقال لجعفر بن محمد : ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 54. ورواه المغازلي في مناقبه ص 352 الحديث 401.

[970] رواه ابن شهرآشوب - في عدة روايات - في المناقب 3 / 332.

[971] روى الخوارزمي في مقتله ص 82 : عن أبي منصور الديلمي ، عن الحسن بن أحمد ، عن أحمد بن عبد اللّه ، عن ابراهيم بن عبد اللّه ، عن

ص: 522

أبي العباس السراج ، عن قتيبة بن سعيد ، عن محمد بن موسى ، عن عون بن محمد بن علي ، عن أمه أم جعفر ، وعن عبادة بن المهاجر ، عن أم جعفر. قالت أسماء ... الخبر بتفاوت مع حفظ المضمون.

[972] رواه الخوارزمي في مقتله ص 53 : عن علي بن الحسين ، عن المسور بن مخرمة ، عن علي أنه خطب بنت أبي جهل ... الحديث مفصلا.

[973] رواه البحراني في البرهان 2 / 414 الحديث 1 : عن محمد بن يعقوب ، عن علي بن محمد بن عبد اللّه ، عن السياري ، عن علي بن أسباط ... الحديث بتفاوت.

[974] ذكر الطبري في دلائل الامامة 30 وما بعدها سبع طرق للخطبة فراجع.

[976] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 307 : عن أبي الحسن البغدادي ، عن المبارك بن الحسن ، عن أبي القاسم بن اليسري ، عن ابن بطة ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن حميد ، عن هارون بن المغيرة ، عن عمرو بن قيس ، عن شعيب بن خالد ، عن عثمان بن حنظلة ، عن أبيه ، عن جده ، عن عبد اللّه بن عباس ... الحديث مفصلا.

[977] رواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 39 : عن سهل بن عبد اللّه ... الخبر.

[978] رواه النسائي : في الخصائص ص 117 : عن هلال بن بشير ، عن محمد بن خلف ، عن موسى بن يعقوب ، عن هاشم بن هاشم ، عن عبد اللّه بن وهب ، عن أمّ سلمة ... الخبر.

[979] رواه النسائي في خصائصه ص 117 : عن اسحاق بن ابراهيم ، عن جرير ، عن يزيد بن زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نعيم ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث.

ص: 523

[981] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 365 : عن أحمد بن عبد الدائم ، عن عبد اللّه بن عبد اللّه ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي المقنعي ، عن أحمد بن مالك ، عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه ، عن هاشم بن أبي القاسم ، عن الليث ، عن عبد اللّه بن أبي مليكة ، عن المسور بن مخرمة ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

ورواه النسائي في الخصائص ص 120. وابن البطريق في العمدة ص 385.

[980] رواه النسائي في خصائصه ص 118 : عن محمد بن منصور الطوسي ، عن محمد بن عبد اللّه ، عن محمد بن مروان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ... الحديث.

[982] رواه المتقي في كنز العمال 6 / 220. والمناوي في فيض القدير 4 / 421. وابن البطريق في العمدة ص 384 الحديث 757 : عن أبي الوليد ، عن ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن أبي مليكة ، عن المسور بن مخرمة ... الحديث.

[983] روى المجلسي في بحار الانوار 43 / 45 الحديث 44 عن أبي ذر الغفاري ، قال : بعثني النبي صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

وفي دلائل الامامة ص 48 رواه عن سلمان.

[984] رواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 204. والطبري في دلائل الإمامة ص 50 : عن ابراهيم بن أحمد ، عن محمد بن جعفر ، عن أحمد بن عبيد ، عن عبد النور المسمعي ، عن شعبة بن الحجاج ، عن عمر بن عميرة ، عن ابراهيم بن مسروق ، عن عبد اللّه بن مسعود ... الحديث.

ورواه الخوارزمي في مقتله ص 76.

[985] رواه المجلسي في بحار الأنوار 43 / 64 الحديث 57 : عن سهل بن أحمد الدينوري معنعنا عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد علیه السلام

ص: 524

قال : قال جابر لأبي جعفر علیه السلام : جعلت فداك يا ابن رسول اللّه حدثني بحديث في فضل جدتك فاطمة إذا أنا حدثت به الشيعة فرحوا بذلك. قال أبو جعفر علیه السلام : حدثني أبي ، عن جدي ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : ... الحديث.

[986] روى المجلسي في بحار الانوار 43 / 36 : عن كتاب أبي بكر الشيرازي ، وروى أبو الهذيل عن مقاتل ، عن محمد بن الحنفية ، عن أبيه : أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قرأ ( إِنَّ اللّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ ... ) الآية ، فقال لي : يا علي ، خير نساء العالمين أربع : مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، وآسية بنت مزاحم.

ورواه ابن عبد البرّ في الاستيعاب 2 / 720 وص 750 عن أبي هريرة ... الحديث.

[987] راجع الحديث 972.

[988] رواه أبو نعيم في حلية الأولياء بسنده : عن عمرو بن دينار ، قال : قالت عائشة : ... الخبر.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 84 الحديث 7.

[989] روى الطبري في دلائل الإمامة ص 23 عدة روايات تتضمن المعنى بتفاوت في الألفاظ.

[990] رواه الترمذي في صحيحه 2 / 306 باب مناقب الحسن والحسين ، بسنده عن حذيفة ... الحديث.

ورواه الحاكم في مستدرك الصحيحين 3 / 151. وأحمد بن حنبل في مسنده 5 / 391. وأبو نعيم في حلية الاولياء 4 / 190. والمتقي في كنز العمال 6 / 218.

[992] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 341 : عن أحمد بن المظفر ، عن

ص: 525

عبد اللّه بن محمد ، عن علي بن العباس البجلي ، عن علي بن المثنى ، عن زيد بن الحباب ، عن عبد اللّه بن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد اللّه ، قال : دخلت أم أيمن على النبي صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

ورواه الصدوق في أماليه - مضمونا - ص 336 الحديث 3. وأيضا المجلسي في بحار الانوار 43 / 98 الحديث 10.

[993] رواه أبو نعيم في حلية الاولياء 1 / 69 بسنده عن شبث بن ربعي ، عن علي بن أبي طالب ... الحديث.

ورواه مضمونا ابن البطريق في العمدة ص 383 الحديث 755 وأحمد بن حنبل في مسنده 1 / 153.

[994] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 99 الحديث 410 : عن محمد بن أبي القاسم ، عن عبد اللطيف بن القبيطي ، عن طاهر بن محمد ، عن محمد بن الحسين ، عن القاسم بن أبي المنذر ، عن علي بن أبي تميم ، عن محمد بن يزيد ، عن محمد بن موسى ، عن المعلّى بن عبد الرحمن ، عن ابن أبي ذئب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

ورواه الترمذي في صحيحه 2 / 306. وأحمد بن حنبل في مسنده 3 / 3 وص 62 ص 82. والمتقي في كنز العمال 6 / 217. والحاكم في المستدرك 3 / 167. وأبو نعيم في الحلية 4 / 139. والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 183. والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 129.

[995] رواه أحمد بن حنبل في الفضائل ص 788 الحديث 1406 : عن العباس بن إبراهيم ، عن محمد بن اسماعيل ، عن عمرو العنقري ، عن إسرائيل ، عن ميسرة بن حبيب ، عن المنهال بن عمرو ، عن زر بن حبيش ، عن حذيفة ... الحديث. ورواه أيضا في مسنده 5 / 391.

ص: 526

ورواه الطبري في بشارة المصطفى ص 271. والمتقي في كنز العمال 6 / 217.

[996] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 355 : عن أبي علي ابن شاذان ، عن ابن درستويه ، عن الفسوي ، عن حماد بن حماد ، عن أبي العلاء ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ... الحديث.

ورواه الحاكم في المستدرك 3 / 167. وأحمد بن حنبل في مسنده 2 / 513. والمتقي في كنز العمال 7 / 109. والهيثمي في مجمعه 9 / 181.

[997] رواه أحمد بن حنبل في الفضائل ص 775 الحديث 1371 : عن وكيع ، عن سفيان ، عن أبي الحجاف ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : اللّهمّ اني احبهما ، فأحبهما.

ورواه الترمذي في صحيحه 2 / 240. ورواه النسائي في خصائصه ص 36. وأحمد بن حنبل في مسنده 5 / 319.

[998] رواه المتقي في كنز العمال 6 / 220.

[999] رواه النسائي في خصائصه ص 34 ضمن حديث مفصل.

ورواه ابن سعد في الطبقات - مخطوط - عن عفان بن مسلم ، عن خالد بن عبد اللّه ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نعيم ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث.

[1000] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 2 / 288 : عن أبي أحمد ، عن سفيان ، عن أبي الحجاف ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 264 الحديث 17.

[1001] روى ابن شهرآشوب في المناقب : 3 / 384 : عن أبي صالح ، عن أبي هريرة : ... الحديث.

ص: 527

[1002] رواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 295 عن يزيد بن أبي زياد : خرج النبي صلی اللّه علیه و آله من بيت عائشة فمرّ على بيت فاطمة ، فسمع ... الحديث.

[1003] رواه الخطيب البغدادي في تاريخه 3 / 209 : عن الازهري ، عن المعافي بن زكريا ، عن محمد بن مزيد ، عن علي بن مسلم ، عن سعيد بن عامر ، عن قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن جده ، عن جابر بن عبد اللّه ... الحديث.

[1004] روى الصدوق في الخصال ص 135 رواية مشابهة : عن أبيه ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن إبراهيم بن هاشم. وسهل بن زياد ، عن إسماعيل بن مرار ، وعبد الجبار بن المبارك ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن الصادق علیه السلام ... الخبر.

وروى عبد اللّه البحراني في العوالم ص 99 أيضا رواية مشابهة.

[1005] رواه الخوارزمي في مقتله ص 105 : عن السيد أبي طالب باسناده الى علي علیه السلام ... الحديث.

ورواه المتقي في كنز العمال 7 / 107. وعبد اللّه البحراني في العوالم ص 37.

[1006] رواه المتقي في كنز العمال 7 / 105. وابن حجر في الصواعق المحرقة ص 107 ولكنة قال : إن الحسن ... الخ.

ورواه ابن سعد في الطبقات : عن سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن عبيد بن حنين ، عن حسين بن علي ... في حديث طويل.

[1007] روى المجلسي في بحار الانوار 43 / 286 رواية تتضمن المعنى : عن عبيد اللّه بن موسى ، عن سفيان ، نحن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن مسعود ... الحديث.

ص: 528

ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 130. والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 181.

[1008] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 385 : عن سفيان بن عيينة ، باسناده ، أنه سمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

ورواه البلاذري في أنساب الاشراف 3 / 19 الحديث 24.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 284 الحديث 50. وعبد اللّه البحراني في العوالم ص 55.

[1009] رواه بتفاوت أحمد بن حنبل في مسنده 2 / 255 : عن محمد بن أبي عدي ، عن ابن عون عن عمير بن إسحاق ، قال : كنت مع الحسن بن علي ، فلقينا أبو هريرة ... الخبر.

ورواه أيضا في ص 488 و 427.

ورواه البلاذري في أنساب الاشراف 3 / 18 الحديث 21.

والمحبّ الطبرى نصا في ذخائر العقبى ص 126.

[1010] روى ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 385 : ومن ايثارهما على نفسه صلی اللّه علیه و آله أنه قال : عطش المسلمون عطشا شديدا ، فجاءت فاطمة بالحسن والحسين الى النبي ، فقالت : يا رسول اللّه انهما صغيران لا يحتملان العطش. فدعا الحسن فأعطاه لسانه فمصه حتى ارتوى ، ثم دعا الحسين فأعطاه لسانه فمصه حتى ارتوى.

وروى ابن حجر في تهذيب التهذيب 2 / 298 قريبا منه.

[1013] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 71 : عن الليث بن سعد ... الحديث.

[1014] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 400 : عن الليث بن سعد باسناده ... الخبر.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 319.

ص: 529

[1015] رواه الخوارزمي في مقتل الحسين ص 146 : عن علي بن أحمد ، عن إسماعيل بن أحمد ، عن أحمد بن الحسين ، عن عثمان بن مسلم ، عن وهيب ، عن عبد اللّه بن عثمان ، عن سعيد بن أبي راشد ، عن يعلى [ بن مرة ] العامري : أنه خرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث [1016] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 106 الحديث 413 : عن محمد بن أبي بكر ، عن محمد بن محمود ، عن عبد الغني بن الحسن ، عن هبة اللّه بن الحصين ، عن أبي علي بن المذهب ، عن أبي بكر القطيعي ، عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه ، عن الحجاج ، عن إسرائيل ، عن أبي اسحاق ، عن هاني بن هاني ، عن علي علیه السلام ... الحديث.

ورواه الحاكم في المستدرك 3 / 165. والمتقي في كنز العمال 6 / 221 ، وأحمد بن حنبل 1 / 98. والبيهقي في سننه 6 / 165 و 7 / 63.

والمجلسي في بحار الانوار 43 / 251 الحديث 28.

[1017] رواه عبد اللّه البحراني في العوالم ص 25 عن المناقب : عن عمران بن سلمان وعمرو بن ثابت ... الخبر.

[1018] رواه الحاكم في مستدرك الصحيحين 3 / 179 : عن عبد اللّه بن أبي رافع ، عن أبيه ... الخبر.

والمجلسي في بحار الانوار 43 / 282. والبحراني في العوالم - الامام الحسن علیه السلام - ص 16 الحديث 2.

[1019] رواه ابن البطريق في العمدة ص 396 الحديث 795 : عن عثمان بن أبي شيبة ، عن جرير ، عن منصور ، عن منهال ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ... الحديث.

والمجلسي في بحار الانوار 43 / 282 : عن ابن عمر. والترمذي في صحيحه 1 / 6. والمتقي في كنز العمال 5 / 195. وأبو نعيم في حلية

ص: 530

الاولياء 5 / 44. والهيثمي في مجمعه 10 / 188. والجويني في فرائد السمطين 2 / 112 الحديث 416.

[1020] رواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 282 باختصار : عن أبي غسان. وأبي رافع ... الحديث.

[1021] رواه المجلسي في بحار الانوار 25 / 143 الحديث 26 ... الخبر.

ورواه مختصرا في 43 / 228. والخوارزمي في مقتل الحسين علیه السلام ص 89. والجويني في فرائد السمطين 2 / 75 الحديث 397.

ورواه نصا الامين العاملي في أعيان الشيعة 10 / 304.

[1024] رواه الترمذي في سننه 5 / 659 الحديث 3779 : عن عبد اللّه بن عبد الرحمن ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي اسحاق ، عن هاني بن هاني ، عن علي علیه السلام ... الحديث.

وأحمد بن حنبل في مسنده 1 / 99.

[1025] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 2 / 288 : عن أبي أحمد ، عن سفيان ، عن أبي الحجاف ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني - يعني حسنا وحسينا -.

والخطيب البغدادي في تاريخه 1 / 141.

[1026] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 25 الحديث 366 : عن عبد الرحمن بن عبد اللطيف ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن أحمد ، عن عمر بن أحمد وعبد اللّه بن المبارك ، عن نصر بن علي ، عن الحسن بن علي بن اسحاق ، عن أبي عبد الرحمن ابن أبي بكر ، عن أبي علي الهروي ، عن محمد بن يحيى ، عن زكريا بن يحيى الساجي ، عن نصر بن علي ، عن علي بن جعفر بن محمد ، عن أخيه موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي

ص: 531

طالب ، قال : ... الحديث.

ورواه ابن البطريق في العمدة ص 395 الحديث 792 : عن نصر بن علي الجهضمي ، عن علي بن جعفر ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي ... الحديث.

ورواه أيضا أحمد بن حنبل في الفضائل ص 693 الحديث 1185.

[1027] رواه الخوارزمي في مقتله ص 108 : عن الحسين بن أحمد ، عن أحمد بن عبد اللّه ، عن محمد بن أحمد ، عن يحيى بن محمد الجناني ، عن عثمان بن عبد اللّه ، عن ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي : يا علي ادن مني وضع خمسك في خمسي ، يا علي خلقت ... الحديث.

[1028] رواه الدولابي في الذرية الطاهرة ص 119 الحديث 142 : عن أحمد بن يحيى ، عن عباد بن يعقوب ، عن يحيى بن سالم ، عن صباح ، عن الحسن بن الحكم ، عن الشمال بنت موسى ، عن أم عثمان ، قالت : ... الخبر.

ورواه المحبّ الطبرى في ذخائر العقبى ص 134.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 266 الحديث 23.

[1030] رواه المتقي في كنز العمال 7 / 110 : عن سعد بن مالك ، قال : دخلت على النبي صلی اللّه علیه و آله ... الحديث. والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 181.

[1031] رواه الصدوق في الخصال 1 / 77 الحديث 122 : عن الحسن بن محمد بن يحيى ، عن جده ، عن الزبير بن أبي بكر ، عن ابراهيم بن حمزة ، عن ابراهيم بن علي ، عن أبيه ، عن جدته [ زينب ] بنت أبي رافع قالت : أتت فاطمة ... الحديث.

ص: 532

والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 129.

والبحراني في العوالم ص 42.

[1032] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 96 الحديث 408 : عن محمد بن محمد بن علي ، عن علي بن بندار ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الكريم بن أبي الفضل ، عن محمد بن المطهر ، عن حمزة بن محمد ، عن عبد الصمد بن محمد ، عن منصور بن اسماعيل ، عن محمد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن نجدة ، عن يحيى الحماني ، عن قيس ، عن محمد بن رستم ، عن زياد عن سلمان ، قال : قال النبي صلی اللّه علیه و آله : ... الحديث.

[1034] رواه عبد اللّه البحراني في العوالم ص 50 الحديث 12 : عن أبي بكر اللفتواني ، عن أبي هريرة ... الحديث.

وروى الحديث فقط أبو داود الطيالسي في مسنده : 10 / 327.

[1039] رواه الخوارزمي في مقتله ص 134 : عن أبي علي الحداد ، عن الطبراني ، عن أبي خليفة ، عن علي ابن المديني ، عن سفيان ، عن مجالد ، عن الشعبي ... الخبر بتفاوت.

والمجلسي في بحار الانوار 44 / 63 الحديث 11. والتلمساني في الجوهرة ص 30.

[1040] رواه الخوارزمي في مقتله ص 100 : عن أحمد بن الحسين ، عن محمد بن الحسن ، عن أبي حامد الشرقي ، عن أبي الازهر ، عن أبي النصر ، عن ورقاء ، عن عبيد اللّه بن أبي يزيد ، عن نافع بن جبير ، عن أبي هريرة قال : كنت مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

ورواه أبو نعيم في حلية الاولياء 2 / 35 ، والحاكم في المستدرك 3 / 178.

[1041] رواه الخوارزمي في مقتله 1 / 94 : عن عبد الملك بن أبي القاسم ،

ص: 533

عن محمود بن القاسم ، عن أبي محمد الجراحي ، عن العباس المحبوبي ، عن أبي عيسى الترمذي ، عن الحسين بن حريث ، عن علي بن الحسين بن واقد ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن بريدة ، عن أبيه ... الحديث.

ورواه المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 131. والمجلسي في بحار الانوار 43 / 284 الحديث 50. والنسائي في صحيحه ، والحاكم في المستدرك 1 / 287 ، وأحمد بن حنبل في مسنده 5 / 354.

[1042] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 374 الحديث 421 : عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن ابراهيم ، عن ابن منيع ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن خالد بن مخلد ، عن موسى بن يعقوب ، عن عبد اللّه بن أبي بكر ، عن مسلم بن أبي جهل ، عن حسن بن اسامة ، عن اسامة بن زيد ... الحديث.

ورواه الترمذي في صحيحة 2 / 240. والجويني في فرائد السمطين 2 / 70 الحديث 394. والنسائي في خصائصه ص 123.

[1043] رواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 181 باسناده عن عمر بن الخطاب ... الحديث.

والمتقي الهندي في كنز العمال 7 / 106.

[1045] رواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 251 الحديث 28.

ورواه الصدوق في معاني الأخبار ص 58 الحديث 8 : عن الحسن بن محمد ، عن جده ، عن أحمد بن صالح ، عن عبد اللّه بن عيسى ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ... الحديث.

ورواه عبد اللّه البحراني في العوالم ص 27.

[1046] رواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 276 الحديث 46 : عن إبراهيم الرافعي ، عن أبيه ، عن جده ... الحديث.

ص: 534

[1047] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 122 الحديث : 423. : عن عبد الصمد بن أحمد ، عن عبد الرحمن بن علي ، عن محمد بن عبد الباقي ، عن أبي محمد الجوهري ، عن ابن حيويه ، عن ابن معروف ، عن الحسين بن الفهم ، عن محمد بن سعد ، عن علي بن محمد ، عن خلاد بن عبيدة ، عن علي بن زيد ، قال : ... الخبر.

ورواه البيهقي في سننه 4 / 331. والحاكم في مستدرك الصحيحين 3 / 169.

[1048] رواه الدولابي في الذرية الطاهرة ص 101 الحديث 109 : عن الحسن بن علي بن عفان ، عن معاوية بن هشام ، عن علي بن صالح ، عن سماك ، عن حرب ، عن قابوس بن المخارق ، عن أمّ الفضل ... الحديث.

ورواه أحمد بن حنبل في مسنده : 6 / 339 و 340. والمجلسي في بحار الانوار : 43 / 342 الحديث 14.

[1050] رواه محمد بن عيسى الترمذي في صحيحه 13 / 159 : عن الحسن بن عرفة ، عن اسماعيل بن عياشي ، عن عبد اللّه بن عثمان ، عن خثيم ، عن سعيد بن راشد ، عن يعلى بن مرة ... الحديث.

ورواه أحمد بن حنبل في مسنده 4 / 174. وابن ماجة في سننه 1 / 64. والجويني في فرائد السمطين 2 / 129 الحديث 428 و 429.

ورواه ابن قولويه القمي المتوفى 367 ه في كامل الزيارات ص 52.

[1052] رواه الخطيب البغدادي في تاريخه 2 / 238. والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 184. والمتقي في كنز العمال 6 / 221.

[1054] رواه الترمذي في صحيحه 2 / 306 : عن أنس بن مالك ... الحديث.

ص: 535

ورواه المناوي في فيض القدير 1 / 148. والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 122. والمجلسي في بحار الانوار 43 / 299.

[1055] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 385 : عن يحيى بن أبي كثير وسفيان بن عيينة باسنادهما أنه سمع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

ورواه البحراني في العوالم ص 55 الحديث 1.

[1056] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 14 عن عبد اللّه بن عمر ، عن ابن عباس ، قال : لما اصيب معاوية وقال : ما آسى على شيء إلا على أن أحجّ ماشيا ، ولقد حجّ الحسن بن علي خمسا وعشرين حجة ماشيا ، وأن النجائب لتقاد معه وقد قاسم اللّه ماله ... الخبر.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 339.

[1058] راجع الحديث 1025.

[1059] رواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 258 الحديث 47 ... الحديث بتفاوت.

[1060] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 384. وبتفاوت البلاذري في أنساب الاشراف 3 / 6 الحديث 2 : عن الأعين ، عن روح بن عبادة ، عن محمد بن أبي حفصة ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ... الحديث.

ورواه البحراني في العوالم ص 53.

[1061] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 3 / 400 : عن اسماعيل بن بريد ، باسناده ، عن محمد بن علي ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 318 الحديث 2.

[1062] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 6 / 467 : عن يزيد بن هارون ، عن جرير بن حازم ، عن محمد بن يعقوب ، عن عبد اللّه بن شداد ، عن

ص: 536

أبيه ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 294 الحديث 55 : عن عبد اللّه بن شيبة ، عن أبيه : أنه دعي النبي صلی اللّه علیه و آله الى صلاة والحسن متعلق به فوضعه النبي صلی اللّه علیه و آله مقابل جنبه ، وصلّى ، فلما سجد أطال السجود فرفعت رأسي من بين القوم ، فاذا الحسن على كتف رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، فلما سلّم ، قال له القوم : ... الحديث.

[1063] رواه ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 83 ، قال : وأخرج ابن سعد عن عمير بن اسحاق أنه لم يسمع منه ... الخبر.

[1064] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 90 الحديث 406. والمجلسي في بحار الانوار 43 / 301 ، الحديث 65. والمتقي في كنز العمال 6 / 221. والهيثمي في مجمعه 9 / 184. وقد مرّ الحديث مفصلا ، راجع الحديث 730.

[1065] رواه بتفاوت ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 83. والمجلسي في بحار الانوار 44 / 149 الحديث 18.

[1066] رواه بتفاوت الخوارزمي في مقتله ص 136 : عن أحمد بن الحسين ، عن أبي عبد اللّه الحافظ ، عن طاهر بن محمد ، عن ابراهيم بن حماد ، عن عباس بن محمد الدوري ، عن عثمان بن عمر ، عن ابن عون ، عن عمير بن اسحاق ... الخبر.

ورواه نصّا أبو نعيم في حلية الاولياء 2 / 38. والبلاذري في أنساب الاشراف 3 / 59. والاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 48.

والمجلسي في بحار الانوار 44 / 148 الحديث 15. والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 141.

[1067] رواه الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 48 : عن أحمد بن

ص: 537

عبيد اللّه بن عمار ، عن عيسى بن مهران ، عن عبيد بن الصباح ، عن جرير ، عن مغيرة ... الخبر.

ورواه الخوارزمي في مقتله ص 136. والبحراني في العوالم ص 278. والمجلسي في بحار الانوار 44 / 155 الحديث 25.

[1069] رواه الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 48 : عن أحمد بن عبيد اللّه ، عن عيسى بن مهران ، عن يحيى بن أبي بكير ، عن شعبة ، عن أبي بكر بن حفص قال : ... الخبر.

[1070] رواه نصا الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 49 : عن أحمد بن سعيد ، عن يحيى بن الحسن ، عن محمد بن اسماعيل ، عن فائد مولى عباد. وعن جرمي ، عن زبير ، عن عادل ، عن يحيى بن عبيد اللّه بن علي ... الخبر.

ورواه مرسلا المحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 143.

[1072] رواه الصدوق في الخصال ص 181 الحديث 248 : عن الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، عن جده ، عن داود ، عن عيسى بن عبد الرحمن ، عن أبي مالك الجنبي ، عن عمر بن بشر الهمداني ، قال :

قلت لأبي اسحاق : ... الخبر.

ورواه أيضا الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 50.

[1073] رواه الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 50 : عن أحمد بن سعيد ، عن يحيى بن الحسن ، عن علي بن إبراهيم ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، وجميل بن دراج ، عن جعفر بن محمد : توفي وهو ابن ثماني وأربعين سنة.

[1074] رواه الخوارزمي 1 / 159 : عن أبي عبد اللّه ، عن أحمد بن علي المقري ، عن محمد بن عبد الوهاب ، عن أبي عبد الوهاب بن حبيب ، عن إبراهيم بن أبي يحيى المدني ، عن عمارة بن يزيد ، عن محمد بن

ص: 538

إبراهيم التيمي ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ... الحديث.

ورواه ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 55. والاربلي في كشف الغمة 2 / 12.

[1075] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 181 الحديث 230 : عن أم المجتبى العلوية ، عن أبي بكر ابن المقرئ ، عن أبي يعلى ، عن عبد الرحمن بن صالح ، عن عبد الرحيم بن سليمان ، عن ليث بن أبي سليم ، عن جرير بن الحسن العبسي ، عن مولى زينب ، عن زينب ، قالت : ... الحديث.

[1077] رواه الخوارزمي في مقتله ص 165 : عن علي بن أحمد ، عن إسماعيل بن أحمد ، عن أبيه ، عن أبي عبد اللّه الحافظ ، عن خلف بن محمد البخاري ، عن صالح بن محمد ، عن أحمد بن حيان ، عن عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن نشيط أبي فاطمة : ... الخبر.

ورواه ابن حجر في تهذيب التهذيب 2 / 347. والكنجي في كفاية الطالب ص 427.

[1078] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 445 : عن علي بن عبد العزيز ، عن أبي نعيم ، عن عبد الجبار بن العباس ، عن عمار الدهني ، قال : فمرّ علي علیه السلام على كعب ، فقال : ... الخبر.

ورواه ابن حجر في تهذيب التهذيب 2 / 347. وفي مجمع الزوائد 9 / 193. والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى 145. والصدوق في أماليه ص 121 الحديث 4.

[1079] روى الاربلي في كشف الغمة 2 / 12 قول أمير المؤمنين الموجود في ذيل الخبر عن الأصبغ بن نباتة ، عن علي علیه السلام قال : أتينا معه موضع قبر الحسين فقال علي علیه السلام : هاهنا مناخ ركابهم وموضع رحالهم وهاهنا مهراق دمائهم ، فتية من آل محمد صلی اللّه علیه و آله

ص: 539

يقتلون بهذه العرصة ، تبكي عليهم السماء والارض.

[1080] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 427 : عن يوسف بن خليل ، عن ابن أبي زيد ، عن محمود ، عن ابن فاذشاه ، عن أبي القاسم الطبراني ، عن محمد بن يحيى ، عن ابن حماد ، عن أبي عوانة ، عن عطاء بن السائب ، عن ميمون بن مهران ، عن شيبان بن مخرم ... الخبر.

ورواه أيضا الخوارزمي في مقتله 1 / 161. والمجلسي في بحار الانوار 44 / 254.

[1083] رواه الصدوق في أماليه ص 117 الحديث 6 : عن أحمد بن الحسن ، عن الحسن بن علي السكري ، عن محمد بن زكريا ، عن قيس بن حفص ، عن حسين الأشقر ، عن منصور بن الأسود ، عن أبي حسان التيمي ، عن نشيط بن عبيد ، عن رجل منهم ، عن جرداء بنت سمين ، عن زوجها هرثمة بن أبي مسلم ... الخبر.

[1086] رواه البلاذري في أنساب الاشراف 3 / 156 : عن أبي مخنف ، عن عبد الملك بن نوفل ، عن أبي سعيد المقبري ... الخبر.

[1089] رواه ابن سعد في الطبقات - مخطوط -.

[1091] رواه بتفاوت الطبري في تاريخ الامم والملوك 4 / 345 : عن أبي مخنف ، عن الحجاج بن عبد اللّه بن عمار بن يغوث البارقي ، قال عبد اللّه بن عمار : ... الخبر.

[1092] روى الصدوق في أماليه ص 139 الحديث 1 : عن محمد بن علي بن الحسين بن موسى ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن البرقي ، عن داود بن أبي يزيد ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر الباقر ، قال : اصيب الحسين بن علي علیه السلام ووجد به ثلاثمائة وبضعة وعشرين طعنة برمح أو ضربة

ص: 540

بالسيف أو رمية بسهم ، فروي أنها كانت كلها في مقدمه لانه علیه السلام كان لا يولي.

ورواه أيضا المجلسي في بحار الانوار 45 / 94 الحديث 36.

والسيد البحراني في حلية الابرار 1 / 604.

ورواه مرسلا البلاذري في أنساب الاشراف 3 / 203.

[1094] روى البلاذري قسما منه في أنساب الاشراف 3 / 204 الحديث 44. والحرّ العاملي في إثبات الوصية 2 / 578 الحديث 24.

[1095] روى المجلسي في بحار الانوار 45 / 310 : عن أحمد بن الحسين ، عن أبي عبد اللّه الحافظ ، عن محمد بن يعقوب ، عن العباس بن محمد الدوري ، عن يحيى بن معين ، عن جرير ، عن زيد بن أبي الزناد ، قال : قتل الحسين ولي أربعة عشر سنة وصار الورس الذي في عسكره رمادا واحمرت آفاق السماء ، ونحروا ناقة في عسكرهم فكانوا يرون في لحمها النيران.

وروى الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 196 : ... وكانت معه ابل فزجروها فصارت جمرة في منازلهم.

[1096] رواه ابن حجر في تهذيب التهذيب 2 / 354 : عن الحميدي ، عن ابن عيينة ، عن جدته - أم أبيه - قالت : لقد رأيت الورس عادت رمادا ، ولقد رأيت اللحم كان فيه النار حين قتل الحسين علیه السلام .

[1097] رواه الخوارزمي في مقتل الحسين 2 / 90 : عن أحمد بن الحسين ، عن أبي عبد اللّه الحافظ ، عن محمد بن يعقوب ، عن العباس بن محمد الدوري ، عن يحيى بن معين ، عن جرير ، عن زيد بن أبي الزناد ... الخبر.

وقد مرّ ذكر هذا الخبر في الحديث 1095.

ص: 541

ورواه ابن حجر في تهذيب التهذيب 2 / 354.

[1098] رواه المجلسي في بحار الانوار 45 / 300 : عن محمد بن الحكم عن أمه ... الخبر.

[1099] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 166 الحديث 453 : عن ابن سليمان ، عن أم سالم - خالة لجعفر بن سليمان - قالت : ... الخبر.

ورواه الطبري في ذخائر العقبى ص 145. ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 4 / 339. والذهبي في تاريخ الاسلام 2 / 349.

[1100] روى الشبراوي في الاتحاف بحبّ الأشرف ص 42 مرسلا : ومما ظهر يوم قتله من الآيات أن السماء أمطرت دما ، وأن أوانيهم ملئت دما.

[1102] رواه ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 116. والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 145.

[1103] رواه أبو نعيم في حلية الأولياء 2 / 276 بسنده عن هشام ، عن محمد ... الخبر. والمتقي الهندي في كنز العمال 7 / 111. والهيثمى في مجمعه 9 / 197.

[1104] روى الذهبي في تاريخ الاسلام 2 / 348 : عن علي بن مدرك ، عن جده الاسود بن قيس ، قال : احمرت آفاق السماء بعد قتل الحسين ستة أشهر يرى فيها كالدم ، فحدّثت بذلك شريكا. فقال لي : ما أنت من الأسود؟ فقلت : هو جدّي أبو أمي فقال : أما واللّه انّه لصدوق.

ورواه المجلسي نصا في بحار الانوار 45 / 216.

[1107] رواه الصدوق في أماليه ص 120 الحديث 2 : عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن نصر بن مزاحم ، عن عمر بن سعد ، عن

ص: 542

عمرو بن الليث ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أمّ سلمة ... الحديث بتفاوت.

ورواه الخوارزمي في مقتله 2 / 94. والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 199. والمحبّ الطبري في ذخائره ص 150.

[1108] رواه المجلسي مرسلا في بحار الانوار 45 / 236.

[1109] رواه ابن كثير الدمشقي بتفاوت يسير عن أمّ سلمة في البداية والنهاية 8 / 200 : عن أحمد ، عن الحسين بن إدريس ، عن هاشم بن هاشم ، عن أمه ، عن أمّ سلمة ، قالت : سمعت الجن ينحن على الحسين وهنّ يقلن : ... الخبر.

[1110] رواه الخوارزمي في مقتله 2 / 94 : عن أبي العلاء ، عن هبة اللّه بن محمد الشيباني ، عن الحسن بن على التميمي ، عن أحمد بن جعفر القطيعي ، عن ابراهيم بن عبد اللّه ، عن سليمان بن حرب ، عن حماد ، عن عمار : أن ابن عباس رأى النبي صلی اللّه علیه و آله في منامه يوما ... الخبر.

ورواه الحاكم في المستدرك 4 / 397. وأحمد بن حنبل في مسنده 1 / 242. وابن الاثير في اسد الغابة 2 / 22. وابن عبد البر في الاستيعاب 1 / 144. والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 148.

[1111] رواه الاربلي في كشف الغمة 2 / 56 : عن منذر قال : كنا اذا ذكرنا عند محمد بن علي قتل الحسين علیه السلام قال : لقد قتلوا ... الخبر.

ورواه ابن سعد في الطبقات - مخطوط - عن الفضل بن دكين ، عن فطر ، عن منذر ، قال : كنا إذا ذكرنا ... الخبر.

[1112] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 436 : عن محمد بن محمود ، عن زيد بن الحسن الكندي ، عن أبي منصور الفزاز ، عن أحمد بن علي

ص: 543

بن ثابت ، عن أحمد بن عثمان بن مياح ، عن محمد بن عبد اللّه بن ابراهيم الشافعي ، عن محمد بن شداد المسمعي ، عن الفضل بن دكين ، عن عبد اللّه بن حبيب ، عن ابن ثابت ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ... الخبر.

ورواه الحاكم في مستدرك الصحيحين 2 / 290 ، وأيضا في 3 / 178. والمحبّ الطبري في ذخائر العقبى ص 150. والخوارزمي في مقتله 2 / 96.

[1114] روى الخوارزمي في مقتله 2 / 97 : عن أبي الفتح الهمداني ، عن أبي الحسين بن يعقوب ، عن عيسى بن علي بن الجراح ، عن محمد بن الحسن المقري ، عن أحمد بن يحيى ، عن عمر بن شبة ، عن عبيد بن حماد ، عن عطاء بن مسلم ، قال : قال السدي : أتيت كربلاء أبيع البزّ بها ، فعمل لنا شيخ من طي طعاما فتعشينا عنده فذكر قتل الحسين علیه السلام . فقلت : ما شرك أحد في قتله إلا مات بأسوإ ميتة ، فقال : ما اكذبكم يا أهل العراق فانا ممن شرك في قتله ، فلم يبرح حتى دنا من المصباح وهو يتقد بنفط ، فذهبت النار بلحيته فعدا فألقى نفسه في الماء فرأيته واللّه كأنه حممة.

وروى مثله الجويني في فرائد السمطين 2 / 167 الحديث 456.

[1115] روى ابن كثير الدمشقي في تفسير القرآن المطبوع بهامش فتح البيان 9 / 162 : عن ابن أبي حاتم ، عن علي بن الحسين ، عن محمد بن عمرو زنيج ، عن جرير ، عن زيد بن أبي زياد ، قال : لما قتل الحسين بن علي ( رض ) احمرت آفاق السماء أربعة اشهر. قال زيد : واحمرارها بكاؤها ... الخبر.

[1116] روى الخوارزمي في مقتله 2 / 46 : عن أحمد بن الحسين ، عن علي بن أحمد بن عبدان ، عن أحمد بن عبيد الصفار ، عن ابراهيم بن

ص: 544

عبد اللّه ، عن حجاج بن منهال ، عن عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، قال : سمعت أمّ سلمة لعنت أهل العراق لما نعي الحسين علیه السلام ، وقالت : قتلوه قتلهم اللّه ، غروه وأذلوه لعنهم اللّه.

[1117] رواه الخوارزمي في مقتله 2 / 45 : عن علي بن أحمد العاصمي ، عن إسماعيل بن أحمد البيهقي ، عن أحمد بن الحسين البيهقي ، عن أبي عبد اللّه الحافظ ، عن محمد بن يعقوب ، عن عبد اللّه بن أحمد ، عن إسماعيل بن أميّة ، عن حبيب ، عن أبي اسحاق ، عن زيد بن أرقم ... الخبر.

ورواه ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 118.

[1118] رواه ابن سعد في الطبقات - مخطوط - : عن الفضل بن دكين ، عن سفيان ، عن شيخ ، قال : لما اصيب الحسين بن علي قال الربيع ... الخبر.

[1120] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 405 بتفاوت في الكلمات مع حفظ المضمون ، الحديث 459 : عن الحسن بن أحمد بن موسى ، عن عبيد اللّه بن أبي مسلم الفرضي ، عن محمد بن القاسم الأنباري النحوي ، عن موسى بن اسحاق الانصاري ، عن هارون بن حاتم ، عن عبد الرحمن بن أبي حماد ، عن ثابت بن اسماعيل ، عن أبي النضر الحرمي ، قال : رأيت رجلا سمج العمى ... الخبر.

ورواه الخوارزمي في مقتل الحسين 2 / 104. وابن الجوزي في التذكرة ص 291. وابن حجر في الصواعق ص 194.

[1121] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 437 بتفاوت : عن أبي نصر بن الشيرازي ، عن علي بن الحسن الشافعي ، عن أبي القاسم ابن السمرقندي ، عن أحمد بن الحسن ، عن أبي علي ابن شاذان ، عن محمد بن الحسن بن مقسم ، عن أحمد بن يحيى ، عن عمر بن شبة ، عن عبيد

ص: 545

بن حناد ، قال السدي : ... الخبر.

ورواه الخوارزمي في مقتله 2 / 97. وابن الجوزي في التذكرة ص 392.

[1122] رواه القندوزي في ينابيع المودة ص 323. ورواه ابن سعد في الطبقات - مخطوط - : عن الفاضل بن دكين ، عن سفيان ، عن نسير بن ذعلوق ، عن هبيرة بن خزيمة ، قال : قال الربيع بن خثيم : ... الخبر.

[1123] روى الكنجي في كفاية الطالب ص 436 : عن محمد بن هبة اللّه بن محمد الشافعي ، عن أبي القاسم الحافظ ، عن أبو عبد اللّه الخلال ، عن سعيد بن أحمد العيار ، عن محمد بن عبد اللّه بن محمد بن زكريا الشيباني ، عن عمر بن الحسن بن علي بن مالك ، عن أحمد بن الحسن الخزاز ، عن أبيه ، عن حسين بن مخارق ، عن داود بن أبي هند ، عن ابن سيرين ، قال : لم تبك السماء على أحد بعد يحيى بن زكريا إلا على الحسين بن علي علیه السلام .

وروى السيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى : ( فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ ) الدخان : 29 ، قال : وأخرج ابن أبي الدنيا : إلا على اثنين ( الى أن قال ) وتدري ما بكاء السماء؟ قال : تحمر وتصير وردة كالدهان ، إن يحيى بن زكريا لما قتل احمرت السماء وقطرت دما وإن حسين بن علي علیه السلام يوم قتل احمرت السماء.

[1126] رواه ابن أبي الدنيا في مقتل أمير المؤمنين علیه السلام - مخطوط - : عن الحسين ، عن عبد اللّه ، عن الزبير ، عن عمه ، أنه قال : كان عمرو بن علي آخر ولد علي بن أبي طالب علیه السلام ، ووفد على الوليد ... الخبر.

[1127] رواه ابن عبد ربه الأندلسي في العقد الفريد 4 / 401 ط 1363 : قال أبو الحسن المدائني ، قد جاء عمرو بن علي ... الخبر.

ص: 546

ورواه المجلسي في بحار الانوار 42 / 91 : عن المفيد في الارشاد : عن هارون بن موسى ، عن عبد الملك بن عبد العزيز ... الخبر.

[1128] رواه ابن المغازلي في مناقب علي بن أبي طالب علیه السلام ص 387 : عن محمد بن القاسم ، عن أحمد بن سعيد بن عبد اللّه ، عن الزبير بن بكار ، قال : لما [ أتى أهل المدينة مقتل الحسين ] خرجت زينب بنت عقيل بن أبي طالب وهي زينب الصغرى ترثي أهلها ... الخبر. ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 441.

وروى هذه الابيات المفيد في أماليه ص 196 منسوبة الى أسماء بنت عقيل.

[1129] رواه أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 4 : عن العباس بن علي بن العباس النسائي ، عن عبد اللّه بن محمد بن أيوب ، عن الحسن بن بشر ، عن سعدان بن الوليد ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : لما ماتت فاطمة أم علي بن أبي طالب ... الحديث.

[1130] رواه النسائي في خصائصه ص 139 : عن أحمد بن حرب ، عن قاسم بن يزيد الحرمي ، عن اسرائيل ، عن أبي اسحاق ، عن هبيرة بن مريم ، وهاني بن هاني ، عن علي علیه السلام ... الحديث.

ورواه أحمد بن حنبل عن ابن عباس في مسنده 1 / 230 وص 115. وأحمد بن إسماعيل في الاربعين ، الباب 20.

[1131] روى الصدوق في أماليه ص 300 الحديث 15 : عن محمد بن علي ما جيلويه ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبي جميلة ، عن عمرو بن خالد ، عن الصادق جعفر بن محمد علیه السلام ، قال : إن صدقة النهار تميث الخطيئة كما تميث الماء الملح ، وان صدقة الليل تطفئ غضب الربّ جلّ جلاله.

ص: 547

[1132] رواه مرسلا ابن هشام في السيرة النبوية 4 / 12.

[1133] روى ابن البطريق في العمدة ص 408 الحديث 842 : باسناده ، عن نافع ، عن عبد اللّه بن عمر ، قال : وكنت فيهم في تلك الغزوة فالتمسنا جعفرا فوجدناه في القتلى ووجدنا ما في جسده بضعا وتسعين من طعنة ورمية.

ورواه البخاري في صحيحه ج 5 باب غزوة مؤتة ص 143.

[1134] روى الترمذي في صحيحة ج 5 باب مناقب جعفر بن أبي طالب ص 154 : عن أبي هريرة ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : رأيت جعفرا يطير مع الملائكة في الجنة.

والطبراني من طريق سالم بن أبي الجعدة. وابن حجر في الاصابة 1 / 238. والطبري في ذخائر العقبى ص 216.

[1135] رواه أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 6 : عن محمد بن ابراهيم بن أبان السراج ، عن بشار بن موسى الخفاف ، عن أبي عوانة ، عن الاجلح ، عن الشعبي ... الحديث.

ورواه الصدوق في الخصال 1 / 76 الحديث 121 ، و 2 / 484 ، الحديث 58. وابن أبي الحديد في الشرح 3 / 407. وابن الاثير في اسد الغابة 1 / 287.

[1136] رواه أيضا أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 10 في روايتين منفصلتين :

1 - محمد بن الحسين الأشناني ، عن محمد بن عبيد المحاربي ، عن علي بن غراب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لجعفر : أنت أشبهت خلقي وخلقي.

2 - محمد بن الحسين الأشناني ، عن جعفر بن محمد الرماني ، عن محمد بن جبلة ، عن محمد بن بكر ، عن أبي الجارود ، عن عبد اللّه بن

ص: 548

معاوية بن عبد اللّه بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده ، قال : خرج رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وهو يقول : خلق الناس من أشجار شتى وأنا وجعفر من شجرة واحدة.

[1137] رواه شمس الدين الموسوي المتوفى 630 ه في الحجة على الذاهب الى تكفير أبي طالب : عن أبي الفتح الكراجكي ، عن محمد بن علي بن صخر الاودي ، عن عمر بن محمد بن سيف ، عن محمد بن محمد بن سليمان ، عن محمد بن ضوء بن صلصال بن الدلهمس ، عن أبي ضوء ابن صلصال بن الدلهمس.

قال : كنت أنصر النبي صلی اللّه علیه و آله مع أبي طالب في شدة الغيظ ، إذ خرج أبو طالب إليّ - شبيها بالملهوف - فقال لي : يا أبا الغضنفر هل رأيت هذين الغلامين - يعني النبي وعليا - فقلت : ما رأيتهما مذ جلست. فقال : قم بنا في الطلب لهما ، فلست آمن قريشا أن تكون اغتالتهما.

قال : فمضينا حتى خرجنا من أبيات مكة ، ثم صرنا الى جبل من جبالها ، فاسترقيناه الى قلّته ، فاذا بالنبي صلی اللّه علیه و آله وعلي على يمينه ، وهما قائمان بازاء عين الشمس يركعان ويسجدان ، فقال أبو طالب لجعفر ابنه - وكان معنا - : صل جناح ابن عمك ... الخبر.

[1138] رواه اليافعي المتوفى 768 ه 1 / 14. والطبري في ذخائر العقبى 208. وفي كتاب رياحين الشريعة 2 / 302.

[1139] قال اليعقوبي في تاريخه 1 / 66 ط لندن 1883 م : إن الامراء الذين عيّنهم الرسول ثلاثة : جعفر وزيد وعبد اللّه.

[1140] رواه ابن هشام في السيرة 4 / 15 في حديث طويل : عن ابن اسحاق ، عن عبد اللّه بن أبي بكر ، عن أمّ عيسى الخزاعية ، عن أم جعفر بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب ، عن جدتها أسماء بنت

ص: 549

عميس ... الخبر.

ورواه ابن الاثير في الكامل 2 / 238.

وروى ابن اسحاق في المغازي : عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ... الحديث ( الاصابة 1 / 238 ).

[1141] رواه ابن حجر في تهذيب التهذيب 1 / 75 : عن السري بن سهل الجند نيسابوري ، عن محمد بن عمرو ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن مغيرة ، عن ابراهيم ، عن الحسن البصري ، عن الزبير بن العوام ، قال : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

[1142] رواه الصدوق في علل الشرائع ص 160 : عن الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، عن جده ، عن بكر بن عبد الوهاب ، عن عيسى بن عبد اللّه ، عن أبيه ، عن جده : أن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله دفن فاطمة ... الحديث.

[1143] رواه المجلسي في بحار الانوار 35 / 77 الحديث 13 : عن الحسن بن محمد العلوي ، عن جده ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه الصادق علیه السلام ... الحديث.

[1144] رواه باختلاف الواقدي في المغازي 2 / 828 : عن ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبي مرة مولى عقيل ، عن أم هاني ... الخبر.

[1145] روى ابن شهرآشوب : عن ابن عباس ومجاهد في قوله تعالى « ضرب اللّه مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة » النحل : 112 : جاء خباب بن الارت ، فقال : يا رسول اللّه ادع ربك أن يستنصر لنا على مضر. فقال صلی اللّه علیه و آله : إنكم لتعجلون. ثم قال بعد كلام له : اللّهمّ اشدد وطأتك على مضر ، واجعل عليها سنين كسنيّ يوسف. فقطع اللّه عنهم المطر حتى مات الشجر ، وذهب الثمر واجدبت الارض وماتت المواشي وأكلوا الملهز فعطفوه وعطف ورغب الى اللّه ، فمطروا ،

ص: 550

ومطر أهل المدينة مطرا خافوا الغرق وانهدام البنيان ، فشكوا إليه ذلك ، فقال صلی اللّه علیه و آله : اللّهمّ حوالينا ولا علينا.

وفي ص 137 : فانجاب السحاب عن السماء وظهرت الشمس وقال صلی اللّه علیه و آله : لله درّ أبي طالب لو كان حيا لقرّت به عيناه.

وذكر رواية مشابهة بنفس المضمون البغدادي في خزانة الادب 2 / 68.

[1146] رواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 272. والصدوق في أماليه ص 111. وفي الخصال ص 76. وتاريخ الخميس 1 / 163.

[1147] مناقب ابن شهرآشوب 2 / 146.

[1148] رواه الواقدي في المغازي 2 / 918.

[1149] رواه المجلسي في بحار الانوار 42 / 114.

[1150] رواه الطبري في ذخائر العقبى ص 223.

[1151] روى المجلسي في بحار الانوار 46 / 74 الحديث 63 : عن عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر علیه السلام ، قال :

كان علي بن الحسين يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة.

[1152] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 2 / 254. والسيد هاشم في حلية الابرار 2 / 19 نقلا عن ابن بابويه : عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن علي بن أسباط ، عن اسماعيل بن منصور ، عن بعض أصحابنا ... الخبر. ونقل في ص 14 رواية اخرى فراجع.

[1153] رواه المفيد في الارشاد ص 274. والمجلسي في بحار الانوار 46 / 56 الحديث 7 : عن الحسن بن محمد بن يحيى ، عن جده ، عن أبي نصر ، عن عبد الرحمن بن صالح ، عن يونس بن بكير ، عن ابن

ص: 551

اسحاق ، قال : كان في المدينة ... الخبر.

ورواه المحبّ الطبري في تذكرة الخواص ص 328.

[1154] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 80 باختلاف في العبارات.

[1155] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 75 الحديث 66 : عن الحسن بن محمد ، عن جده ، عن سلمة بن شبيب ، عن عبيد اللّه بن محمد التيمي ، قال : سمعت شيخا عن عبد القيس يقول : قال طاوس : دخلت الحجر ... الخبر.

[1156] رواه المفيد في الارشاد 2 / 145 الحديث 11 : عن الحسن بن محمد ، عن جده ، عن عماد بن أبان ، عن عبد اللّه بن بكير ، عن زرارة بن أعين ، قال : سمع سائلا. ورواه ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 148.

[1157] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 54 الحديث 1 : عن الحسن بن محمد ، عن جده ، عن محمد بن جعفر وغيره ... الخبر.

[1158] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 81.

[1159] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 159.

[1161] رواه الصدوق في أماليه ص 201 : عن الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، عن يحيى بن الحسين بن جعفر ، عن عبد اللّه بن محمد ، عن عبد الرزاق ... الخبر.

[1162] رواه المفيد في الارشاد ص 274 : عن الواقدي ، عن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن علي ، قال : كان هشام بن إسماعيل ... الخبر.

[1163] رواه المجلسي مرسلا في بحار الانوار 46 / 56 الحديث 6.

والطبرسى في اعلام الورى ص 154. والمفيد في الارشاد ص 258.

[1164] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 450 : عن عبد اللطيف بن القبيطي ، عن محمد بن عبد الباقي ، عن حمد بن أحمد ، عن محمد بن

ص: 552

أحمد ، عن عبيد اللّه بن جعفر الرازي ، عن علي بن رجاء الفارسي ، عن عمرو بن خالد ، عن أبي حمزة الثمالي ... الخبر.

ورواه المفيد في أماليه ص 127. وابن الصباغ في الفصول ص 203.

[1165] رواه المفيد في الارشاد ص 258 : عن الحسن بن محمد ، عن جده ، عن أبي نصر ، عن محمد بن علي بن عبد اللّه ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن هارون ، عن عمرو بن دينار ، قال : حضرت زيد بن اسامة ... الخبر.

[1166] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 96. وابن شهرآشوب في المناقب 4 / 158.

[1167] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 154. والمجلسي في بحار الانوار 46 / 90.

[1168] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 150.

[1169] رواه الكشي في رجاله ص 118 : عن محمد بن مسعود ، عن محمد بن جعفر ، عن محمد بن أحمد بن مجاهد ، عن العلاء بن محمد بن زكريا ، عن عبيد اللّه بن محمد بن عائشة ، عن أبيه : أن هشام بن عبد الملك ... الخ.

[1171] روى الحرّ العاملي في وسائل الشيعة 6 / 292 المجلد 12 باب 1 الحديث 2 - 3 عن الامام الصادق علیه السلام بنفس المضمون.

[1173] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 52 الحديث 2.

[1174] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 73 الحديث 59 : عن الحسن بن محمد بن يحيى ، عن جده ، عن ادريس بن محمد بن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن ، وأحمد بن عبد اللّه بن موسى ، واسماعيل بن يعقوب جميعا ، عن عبد اللّه بن موسى ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كانت أمي فاطمة بنت الحسين ... الخبر.

ص: 553

ورواه المفيد في الارشاد ص 255.

[1175] رواه المفيد في الارشاد ص 255 : عن الحسن بن محمد بن يحيى ، عن جده ، عن أبي محمد الانصاري ، عن محمد بن ميمون البزاز ، عن الحسن بن علوان ، عن أبي علي زياد بن رستم ، عن سعيد بن كلثوم ، قال : كنت عند الصادق علیه السلام ... الخبر.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 74 الحديث 65.

[1176] رواه المفيد في الارشاد ص 256 ذيل حديث سعيد بن كلثوم الآنف الذكر.

ورواه ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 149.

[1177] رواه المفيد أيضا في الارشاد ص 256 : عن عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر علیه السلام قال : كان علي بن الحسين علیه السلام ... الخبر.

ورواه ابن الصباغ في الفصول ص 201. والمجلسي في بحار الانوار 46 / 79.

[1179] روى المجلسي في بحار الانوار 46 / 70 الحديث 46 : نقلا عن كتاب ثواب الاعمال ص 46 : عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن البرقي ، عن يونس بن يعقوب ، عن الصادق علیه السلام قال : قال علي بن الحسين علیه السلام لابنه محمد علیه السلام حين حضرته الوفاة : إنني حججت على ناقتي هذه عشرين حجة فلم اقرعها بسوط قرعة ، فإذا نفقت فادفنها لا تأكل لحمها السباع فان رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : ما من بعير يوقف عليه موقف عرفة سبع حجج إلا جعله اللّه من نعم الجنة ، وبارك في نسله. فلما نفقت حفر لها أبو جعفر علیه السلام ودفنها.

[1180] رواه المفيد في الارشاد ص 256 : عن الحسن بن محمد ، عن جده ،

ص: 554

عن أحمد بن محمد الرافعي ، عن إبراهيم بن علي ، عن أبيه ، قال : حججت مع علي بن الحسين علیه السلام ... الخبر.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 76 الحديث 69.

[1181] رواه المفيد أيضا في الارشاد ص 257 : عن الحسن بن محمد ، عن جده ، عن محمد بن أحمد ، عن أبيه : أن فتى من قريش جلس الى سعيد بن المسيب ... الخبر.

[1182] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 74 الحديث 64 : عن ابن عبدون ، عن علي بن محمد بن الزبير ، عن علي بن فضال ، عن العباس بن عامر ، عن أحمد بن زرق ، عن أبي اسامة ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام قال : كان علي بن الحسين علیه السلام يقول : ما تجرعت ... الحديث.

[1183] رواه البرقي في المحاسن 547 : عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، قال : كان علي بن الحسين علیه السلام يعجبه العنب.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 72 الحديث 55.

[1184] رواه المفيد في الارشاد ص 259 : عن الحسن بن محمد ، عن جده ، عن داود بن القاسم ، عن الحسين بن زيد ، عن عمه - عمر بن علي - ، عن أبيه علي بن الحسين علیه السلام ... الخبر.

[1185] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 149 الحديث 6.

[1186] رواه الصدوق في أماليه ص 353 : عن ابن الوليد ، عن الحميري ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن الصادق جعفر بن محمد علیه السلام ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 223 الحديث 1.

ورواه المفيد نصا في الارشاد ص 262.

[1187] رواه المفيد في الارشاد ص 263 : عن الحسن بن محمد ، عن جده عن محمد بن القاسم الشيباني ، عن عبد الرحمن بن صالح الازدي ... الحديث.

ص: 555

ورواه أيضا ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 204. والسبط الجوزي في التذكرة ص 337. والسيد هاشم البحراني 2 / 106.

[1189] رواه المفيد في الارشاد ص 264 : عن الحسن بن محمد ، عن جده ، عن الزبير بن أبي بكر ، عن عبد الرحمن بن عبد اللّه الزهري ، قال : حجّ هشام بن عبد الملك ... الخبر.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 332 الحديث 14. والسيد هاشم البحراني في حلية الابرار 2 / 107.

[1190] رواه المفيد في الارشاد ص 263 : عن مخول بن ابراهيم ، عن قيس بن الربيع : قال : سألت أبا اسحاق ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 287 الحديث 4.

[1191] رواه المفيد في الارشاد ص 262 مرسلا.

[1192] رواه الشيخ الطوسي في التهذيب 6 / 325 : عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، ومحمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، قال : إن محمد بن المنكدر ... الخبر.

ورواه المفيد في الارشاد ص 264. والمجلسي في بحار الانوار 46 / 350 الحديث 3.

[1193] رواه المفيد في الارشاد ص 266 : عن أبي نعيم النخعي ، عن معاوية بن هشام ، عن سليمان بن فزم ، قال : كان أبو جعفر ... الخبر.

ورواه ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 207.

[1194] رواه أيضا المفيد في الارشاد ص 266 : عن الحسن بن محمد ، عن جده ، عن أبي نصر ، عن محمد بن الحسين ، عن أسود بن عامر ، عن حيان بن علي ، عن الحسن بن كثير ، قال : شكوت الى أبي جعفر ... الخبر.

ص: 556

ورواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 288 الحديث 6.

[1195] رواه المفيد في الارشاد ص 266 : عن اسحاق بن منصور السلولي ، قال : سمعت الحسن بن صالح يقول : سمعت أبا جعفر محمد بن على علیه السلام يقول : ما شيب شيء بشيء أحسن من حلم بعلم.

ورواه الصدوق في الخصال ص 4 ، وفي أماليه ص 243 بسنده عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

ورواه أيضا عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الحرّ العاملي في وسائل الشيعة ج 6 الحديث 12 الباب 26 ص 212.

[1197] رواه الكليني في اصول الكافي ( باب الاضطرار ) : عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبان ، قال : أخبرني الأحول.

ورواه ابن شهرآشوب في المناقب 1 / 359 : عن أبي مالك الاحمسي ... الخبر.

[1198] رواه المجلسي في بحار الانوار 47 / 50 الحديث 81 : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن حمزة بن حمران والحسن بن زياد ، قالا : ... الخبر.

[1199] رواه الحرّ العاملي في وسائل الشيعة 60 / 77 الحديث 3 عن عبد اللّه بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر قال : قال أخي موسى علیه السلام : اني كنت مع أبي بمنى ، فأتى جمرة العقبة فرأى الناس عندها وقوفا ... الخبر.

ورواه عبد اللّه بن جعفر الحميري في قرب الاسناد ص 107.

[1200] رواه الاربلي في كشف الغمة 2 / 380 : عن صالح بن الأسود ، قال : سمعت جعفر بن محمد علیه السلام يقول ... الخبر.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 47 / 33.

ص: 557

[1202] رواه المجلسي في بحار الانوار 47 / 28. وابن شهرآشوب في المناقب 4 / 248.

[1203] رواه المجلسي في بحار الانوار 47 / 28 : وسأل سيف الدولة عبد الحميد المالكي قاضي الكوفة عن مالك ، فوصفه وقال : كان جره بنده جعفر الصادق أي الربيب. وكان مالك كثيرا ما يدعي سماعه وربما قال : حدثني الثقة يعنيه علیه السلام .

[1204] رواه ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 248 : عن أبي جعفر الطوسى ، قال : كان ابراهيم بن أدهم ومالك بن دينار من غلمانه ودخل إليه سفيان الثوري.

[1205] رواه المجلسي في بحار الانوار 47 / 29 الحديث 29.

[1206] رواه الطبرسي في الاحتجاج في حديث طويل بتقديم وتأخير في الجمل ص 360.

[1207] وجدت القسم الاول من الخبر - أي الى نهاية الدعاء - في أعلام الورى ص 270 مرسلا مع تفاوت.

أما القسم الأخير ، قول لبابة بنت عبد اللّه الى آخر الخبر في بحار الانوار 47 / 177 ، والمناقب 3 / 357.

[1208] رواه الطبرسي في اعلام الورى ص 271.

[1209] رواه المجلسي في بحار الانوار 47 / 206 الحديث 47 : عن يحيى بن الحسين بن جعفر بن عبد اللّه بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، قال : كتب إليّ عباد بن يعقوب يخبرني عن محمد بن إسحاق عن أبيه ، قال ... الخبر بتفاوت يسير.

[1211] رواه شيخنا المفيد في الارشاد ص 315 : عن محمد بن علي بن حمزة ، عن منصور بن بشير ، عن أخيه عبد اللّه بن بشير ، قال : أمرني المأمون أن أطول اظفاري.

ص: 558

ورواه الطبرسي في إعلام الورى ص 324.

[1212] رواه أبو داود السجستاني في سننه 4 / 106 الحديث 4282 : عن مسدد ، عن يحيى ، عن سفيان. وعن أحمد بن ابراهيم ، عن عبيد اللّه بن موسى ، عن فطر. وعن محمد بن العلاء ، عن أبي بكر - يعني ابن عياش -.

كلهم ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد اللّه ، عن النبي صلی اللّه علیه و آله لو لم يبق ... الحديث.

وفي سنن الترمذي 4 / 34 الحديث 2231 : عن أبي هريرة ... الحديث.

ورواه محمد بن طلحة الشافعي في مطالب السئول في مناقب آل الرسول الجزء الثاني ، الباب الثاني عشر : رواه عن عبد اللّه بن مسعود ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

ورواه أيضا الحافظ القرطبي في التذكرة ص 635. والخطيب التبريزي في مشكاة المصابيح 3 / 28 الحديث 5452. والسيوطي في الحاوي في الجزء الثاني ( أخبار المهدي ).

[1213] رواه مبارك بن محمد في جامع الاصول 11 / 49 الحديث 7811 : عن علي علیه السلام ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، أنه قال ... الحديث. ومحمد بن طلحة في مطالب السئول الجزء الثاني ، الباب الثاني عشر. والسبط الجوزي في تذكرة الخواص ص 364. وفي مختصر سنن أبي داود للحافظ المنذري 6 / 159 الحديث 4114. وابن كثير في النهاية 1 / 25.

[1215] رواه البحراني في المحجة فيما نزل في القائم الحجة ص 221 : عن محمد بن العباس ، عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي جعفر الاحول ، عن سلام بن

ص: 559

المستنير ، عن أبي جعفر علیه السلام في قوله تعالى ... الخبر.

ورواه الصدوق أيضا في كمال الدين وتمام النعمة 2 / 668.

[1216] روى البحراني في البرهان 2 / 23 الحديث 1 : عن أحمد بن محمد ، عن أبي الحسن الرضا علیه السلام ، قال : سمعته يقول : ما أحسن الصبر انتظار الفرج ، أما سمعت قول العبد الصالح : وانتظروا إني معكم من المنتظرين.

[1217] روى المجلسي في بحار الانوار 52 / 141 : عن الكليني ، عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، قال : قال أبو عبد اللّه علیه السلام : اعرف إمامك فانك إذا عرفته لم يضرك تقدم هذا الامر أو تأخر.

[1218] رواه المجلسي في بحار الانوار 52 / 139 الحديث 48 : عن محمد بن همام ، عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن أحمد بن علي الجعفي ، عن محمد بن المثنى الحضرمي ، عن أبيه ، عن عثمان بن زيد ، عن جابر ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر علیه السلام ، قال : مثل من خرج منا أهل البيت قبل قيام القائم مثل فرخ طار ووقع في كوة فتلاعبت به الصبيان.

[1219] روى المجلسي في بحار الانوار 52 / 123 الحديث 7 : عن أمير المؤمنين علیه السلام : الآخذ بأمرنا معنا غدا في حظيرة القدس ، والمنتظر لأمرنا كالمتشحط بدمه في سبيل اللّه.

[1221] رواه يوسف بن يحيى السلمي في عقد الدرر في اخبار المنتظر ص 148 : عن محمد بن سيرين. قيل له : المهدي خير ، أو أبو بكر وعمر؟ قال : هو خير منهما ، ويعدل نبيا.

[1222] روى المجلسي في بحار الانوار 52 / 319 الحديث 21 : عن عبد اللّه بن جعفر ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن حريز ، قال : سمعت أبا

ص: 560

عبد اللّه علیه السلام يقول : لن تذهب الدنيا حتى يخرج رجل منا أهل البيت يحكم بحكم داود وآل داود لا يسأل بيّنة.

[1223] قال أحمد بن سهل البلخي في كتابه البدء والتاريخ ، الجزء الثاني ، الفصل السابع ص 182 :

وقيل لطاوس : هو المهدي الذي سمع به؟ - يعني عمر بن عبد العزيز - قال : لا ، إن هذا لا يستكمل العدل وان ذاك يستكمله.

وقال عبد الرحمن السيوطي في الحاوي للفتاوي الجزء الثاني ص 154 ، عن طاوس : إذا كان المهدي يبذل المال ، ويشتد على العمال ، ويرحم المساكين.

ورواه أيضا في ص 150 حيث قال : وعن طاوس ، قال : علامة المهدي أن يكون شديدا على العمال ، جوادا بالمال ، رحيما بالمساكين.

[1225] رواه - بتفاوت يسير ذكرناه كما أشرنا إليه في الحديث - أبو داود في سننه 6 / 108 الحديث 419 : عن هارون ، عن هلال بن عمرو ، أبي قبيس ، عن مطرف بن طريف ، عن أبي الحسن ، عن هلال بن عمرو ، عن علي علیه السلام ، قال : قال النبي صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

ورواه أيضا في الحديث 4122. ورواه أيضا محمد بن عبد اللّه التبريزي في مشكاة المصابيح 3 / 27 الحديث 5458. وعبد الرحمن السيوطي في الحاوي للفتاوي 2 / 125.

[1229] رواه بتفاوت السيد مصطفى الكاظمي في بشارة الاسلام في ظهور صاحب الزمان علیه السلام ص 204 : عن محمد بن علي ، عن وهب بن حفص ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، يقول : كان أمير المؤمنين علیه السلام ، يقول : لا يزال ينقصون حتى لا يقال اللّه ... الحديث.

[1230] روى علي بن موسى في الملاحم والفتن ص 80 الباب 181 : عن

ص: 561

نعيم ، عن ابن معاوية وأبو اسامة ويحيى بن اليمان ، عن الأعمش ، عن ابراهيم التميمي ، عن أبيه ، عن علي علیه السلام ، قال : تنقض الفتن حتى لا يقول أحد لا إله إلا اللّه - وقال بعضهم : لا يقال اللّه اللّه - ثم يضرب يعسوب الدين بذنبه ، ثم يبعث اللّه قوما قزعا كقزع الحريف وإني لأعرف اسم أميرهم ومناخ ركابهم.

[1231] قال ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة ط قديم 1 / 92 : قال شيخنا أبو عثمان ، وقال أبو عبيدة. وزاد فيها في رواية : جعفر بن محمد ، عن آبائه علیه السلام :

ألا إن أبرار عترتي وأطايب أرومتي أحلم الناس صغارا وأعلم الناس كبارا ، ألا وانا أهل بيت من علم اللّه علمنا ، وبحكم اللّه حكمنا ، ومن قول صادق سمعنا ، فان تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا ، وان لم تفعلوا يهلككم اللّه بأيدينا ، معنا راية الحق من تبعها لحق ، ومن تأخر عنها عرق ، ألا وبنا يدرك ترة كل مؤمن ، وبنا تخلع ربقة الذل من أعناقكم ، وبنا فتح لا بكم ، ومنا يختم لا بكم.

وروى قريبا منه المجلسي في بحار الانوار 51 / 75 الحديث 29 عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

[1232] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 310 الحديث 561 : عن محمد بن أبي القاسم الزورني ، وغيره ، عن عبد اللّه بن عمر الصفار. وعن عثمان بن الموفق ، عن عبد الحميد بن محمد بن ابراهيم الخوارزمي ، عن الحسن بن أحمد ، عن أبي علي الحسن ، عن أحمد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن جعفر بن مالك ، عن عبد اللّه بن أحمد ، عن أبيه ، عن عبد الرزاق ، عن جعفر بن سليمان ، عن المعلّى بن زياد ، عن العلاء بن بشر ، عن بكر بن عمرو ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : ابشركم بالمهدي ببعث في امتى على اختلاف

ص: 562

من الناس ... الحديث.

ورواه المتقي الهندي في كنز العمال ج 14 الحديث 38653.

ورواه محمد صدّيق حسن الفتوحي في الاذاعة ص 143. والمجلسي في بحار الانوار 51 / 74 الحديث 23. ويوسف بن يحيى في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 156 و 164.

[1236] رواه ابن ماجة في سننه 2 / 34 الحديث 4088 : عن حرملة بن يحيى البصري وابراهيم بن سعيد الجوهري ، قالا : حدثنا عبد الغفار بن داود الحراني ، عن ابن لهيعة ، عن أبي زرعة ، عن عبد اللّه بن الحرث ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يخرج ناس من المشرق فيوطئون للمهدي » يعني سلطانه.

ورواه الجويني في فرائد السمطين الجزء الثاني الحديث 584. وابن كثير في النهاية الجزء الاول. والسيوطي في الفتاوى 2 / 137. والمتقي الهندي في كنز العمال ج 14 الحديث 38657.

[1241] رواه المجلسي في بحار الانوار 52 / 366 الحديث 147 رواه : عن الكناسي ، عن أبي بصير ، عن كامل ، عن أبي جعفر ... الحديث.

والحديث 148 : عن عبد الواحد ، عن محمد بن جعفر القرشي ، عن ابن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ... الحديث نصا.

[1242] نقل المجلسي نبذا من الرواية في بحار الانوار 51 / 121.

[1243] روى يوسف بن يحيى في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 227 : عن عبد اللّه بن عطاء ، قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر ، فقلت : إذا خرج المهدي بأيّ سيرة يسير؟ قال : يهدم ما قبله ، كما صنع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، ويستأنف الاسلام جديدا.

وروى المجلسي في بحار الانوار 52 / 340 الحديث 88 : قال أبو

ص: 563

عبد اللّه علیه السلام للمفضل بن عمر : لو كان هذا الأمر إلينا لما كان إلا عيش رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وسيرة أمير المؤمنين علیه السلام .

[1244] روى المجلسي في بحار الانوار 52 / 340 الحديث 90 : عن ابن بكير ، قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن قوله « وله أسلم من في السماوات والارض طوعا وكرها ». قال : انزلت في القائم علیه السلام إذا خرج باليهود والنصارى والصابئين والزنادقة وأهل الردة والكفار في شرق الارض وغربها ، فعرض عليهم الاسلام فمن أسلم طوعا أمره بالصلاة والزكاة ، وما يؤمر به المسلم ، ويجب لله عليه ، ومن لم يسلم ضرب عنقه حتى لا يبقى في المشارق والمغارب أحد إلا وحّد اللّه ... الحديث.

[1246] رواه المجلسي في بحار الانوار 52 / 375 الحديث 175 الكليني : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن الاحول ، عن سلام بن المستنير ، قال : سمعت أبا جعفر علیه السلام يحدّث : إذا قام القائم علیه السلام عرض الايمان ... الحديث.

[1248] رواه يوسف بن يحيى في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 223 : عن حذيفة بن اليمان (رحمه اللّه) أنه قال : لا يفتح ... الحديث.

[1251] رواه ابن حجر في الفتاوى الحديثة ص 39 : أخرج الرواياني في مسنده وأبو نعيم ، أنه صلی اللّه علیه و آله قال : المهدي رجل من ولدي ... الحديث.

ورواه السيوطي في الحاوي للفتاوي ، الجزء الثاني - أخبار المهدي -. والسفاريني في لوائح الانوار البهية ، الجزء الثاني - أخبار المهدي - الفائدة الاولى.

[1253] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 330 الحديث 582 : عن أبي

ص: 564

نعيم ، عن الوليد ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أبي نصرة ، عن أبي سعيد الخدري ... الحديث.

ورواه محمد بن عبد اللّه في مشكاة المصابيح 3 / 28 الحديث 5454. وابن الاثير في النهاية 1 / 27. والسيوطي في الفتاوى الحديثة 2 / 123.

ورواه المتقي الهندي في كنز العمال الجزء الرابع عشر الحديث 38665. والقاري في مرقاة المفاتيح ص 180.

[1254] روى يوسف بن يحيى في عقد الدرر ص 41 : عن الباقر ، قال : سئل أمير المؤمنين علیه السلام ، عن صفة المهدي.

فقال : هو شابّ مربوع حسن الوجه يسيل شعره على منكبيه يعلو نور وجهه سواد شعره ولحيته ورأسه.

[1258] رواه محمد صدّيق في الاذاعة ص 25 : عن علي بن أبي طالب علیه السلام أنه قال للنبي صلی اللّه علیه و آله : أمنّا المهدي أم من غيرنا؟ ... الحديث.

ورواه يوسف بن يحيى في عقد الدرر ص 25. وابن حجر في الصواعق المحرقة ص 161.

[1259] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 331 الحديث 583 : عن علي بن أبي عبد اللّه ، عن محمد بن ناصر ، عن أبي الحسن بن المبارك ، عن الحسن بن أحمد ، عن عثمان بن أحمد ، عن عبد الملك بن محمد ، عن أبي نعيم ، عن أبي عمرو بن حمدان ، عن الحسن بن سفيان ، عن ابن نمير ، عن أبيه ، عن علي ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : المهدي منا ... الحديث.

ورواه القرطبي في التذكرة ص 616 : عن أبي نعيم ، عن محمد بن الحنفية ، عن أبيه علي علیه السلام ، قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه

ص: 565

وآله ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 51 / 86.

[1260] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 328 الحديث 578 : عن علي بن أنجب ، عن عبد اللّه بن عمر الصفار ، عن عبد الرحيم بن عبد الكريم القشيري ، عن عبد الكريم بن هوازن ، عن أبي سعيد الإسماعيلي ، عن أبي محمد بن أحمد ، عن عبد اللّه بن غنام ، عن محمد بن العلاء ، عن إسحاق بن منصور ، عن سليمان بن قرم ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد اللّه ، قال : قال النبي صلی اللّه علیه و آله : لا تنقضي الدنيا حتى يلي امتى رجل من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي.

[1261] رواه المتقي في كنز العمال الجزء الرابع عشر الحديث 38708. والخطيب العمري في مشكاة المصابيح 3 / 27 الحديث 5457.

ورواه يوسف بن يحيى في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 17 و 48 و 60. وابن البطريق في العمدة ص 436. والحاكم في المستدرك 4 / 465. والسيد مصطفى في بشارة الاسلام ص 21. والكنجي في كفاية الطالب ص 493.

[1262] رواه بتفاوت يسير يوسف بن يحيى المقدسي الشافعي في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 219 : عن التميم الداري ... الحديث.

وأخرجه أبو إسحاق الثعلبي في عرائس المجالس ص 186.

[1263] روى المقدسي الشافعي في عقد الدرر ص 40 : عن كعب ، قال :

إنما سمى المهدي لأنه يهدي الى أمر خفي ويستخرج التوراة والانجيل من أرض يقال لها انطاكية.

[1265] روى السيوطي في الحاوي للفتاوي 2 / 138 : عن نعيم بن حماد في كتاب الفتن بسند صحيح على شرط مسلم ، عن علي ، قال : الفتن أربع : فتنة السراء وفتنة الضراء وفتنة كذا ، فذكر معدن الذهب ، ثم

ص: 566

يخرج رجل من عترة الرسول صلی اللّه علیه و آله يصلح على يديه أمرهم.

رواه يوسف بن يحيى في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 57.

[1268] روى ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة ط قديم 1 / 92 ، القسم الثاني من الرواية ( أعني : ألا إن أبرار عترتي ... الخ ) : عن أبي عثمان ... الحديث.

وقد مرّ الحديث في الجزء الرابع عشر فراجع.

[1273] رواه يوسف بن يحيى في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 23 : عن قتادة ، قال : قلت لسعيد بن المسيب : أحق المهدي؟ ... الحديث.

[1274] رواه ابن ماجة في سننه 2 / 24 الحديث 4086 : عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن أحمد بن عبد الملك ، عن أبي المليح الرقي ، عن زياد بن بيان ، عن علي بن نفيل ، عن سعيد بن المسيب ، قال : كنا عند أمّ سلمة فتذاكرنا المهدي ، فقالت : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : المهدي من ولد فاطمة.

ورواه حمد بن محمد في معالم السنن ص 344. والبغوي في مصابيح السنّة 1 / 193. والخطابي في مختصر سنن أبي داود 6 / 159 الحديث 4115. ومحمد بن أبي بكر الدمشقي في المنار المنيف في الصحيح والضعيف ص 146 الحديث 334.

[1275] روى المجلسي في بحار الانوار ، باسناده عن محمد بن أحمد الإيادي يرفعه الى أمير المؤمنين ، قال : المستضعفون في الارض المذكورون في الكتاب الذين يجعلهم أئمة نحن أهل البيت يبعث اللّه مهديهم ، فيعزّهم ، ويذلّ عدوهم.

[1278] رواه المجلسي في بحار الانوار 51 / 29 الحديث 3 : عن سعد ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن عبد اللّه بن المغيرة ، عن سفيان بن

ص: 567

عبد المؤمن الانصاري ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، قال : أقبل رجل إلى أبي جعفر وأنا حاضر ، فقال : رحمك اللّه اقبض هذه الخمسمائة درهم ، فضعها في مواضعها ، فانها زكاة مالي.

فقال أبو جعفر علیه السلام : بل خذها أنت فضعها في جيرانك والأيتام والمساكين وفي إخوانك من المسلمين ، إنما يكون هذا إذا قام قائمنا فانه يقسم بالسوية ... الخبر.

[1281] روى المجلسي في بحار الانوار 51 / 133 الحديث 3 : عن الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن عبد السلام الهروي ، عن وكيع بن الجراح ، عن الربيع بن سعد ، عن عبد الرحمن بن سليط ، قال : قال الحسين بن علي علیه السلام : منا اثنا عشر مهديا أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وآخرهم التاسع من ولدي وهو الإمام بالحق يحيي اللّه به الأرض بعد موتها ، ويظهر به دين الحق على الدين كله ، ولو كره المشركون .... الحديث.

[1283] رواه السيوطي في الحاوي للفتاوي 2 / 61 : عن نعيم ، عن عبد اللّه بن عمرو ، قال : يكون بعد الجبارين الجابر يجبر اللّه به امة محمد صلی اللّه علیه و آله ، ثم المهدي ، ثم المنصور ، ثم السلام ، ثم أمير العصب ، فمن قدر على الموت بعد ذلك فليمت.

[1285] رواه علي بن أبي بكر الهيثمي في موارد الضمان - ما يقرب منه - ص 464 الحديث 1881 : عن أبي علي ، عن محمد بن يزيد ، عن وهب بن جرير ، عن هشام بن أبي عبد اللّه ، عن قتادة ، عن صالح ، عن مجاهد ، عن أمّ سلمة ، قالت : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

ورواه الخطيب العمري في مشكاة المصابيح 3 / 27 الحديث 5456. والمنذري في مختصر سنن أبي داود 6 / 160 الحديث 4117.

ص: 568

[1286] رواه ابن ماجة في سننه 2 / 25 الحديث 4082 : عن عثمان بن أبي شيبة ، عن معاوية بن هشام ، عن علي بن صالح ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن ابراهيم ، عن علقمة ، عن عبد اللّه ، قال : بينما نحن عند رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله إذ أقبل فتية من بني هاشم ... الحديث.

ورواه القرطبي في التذكرة ص 616 و 614. وابن قيم الجوزية في المنار المنيف في الصحيح والضعيف ص 149. وابن الصباغ في الفصول المهمة الفصل الثاني عشر. والسيوطي في الحاوي للفتاوي 2 / 127. وابن حجر في الصواعق المحرقة ص 162. ويوسف بن يحيى في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 124.

[1287] روى القندوزي في ينابيع المودة ص 424 : عن كتاب المحجة ، عن أبي بصير قال : قال جعفر الصادق علیه السلام : ما كان قول لوط علیه السلام لقومه : « لو أن لي بكم قوة أو آوي الى ركن شديد » إلا تمنيا لقوة القائم المهدي وشدة أصحابه ، وهم الركن الشديد ، فان الرجل منهم يعطى قوة أربعين رجلا ، وان قلب رجل منهم أشد من زبر الحديد ، لو مروا بالجبال الحديد لتدكدكت ، لا يكفون سيوفهم حتى يرضى اللّه عزّ وجلّ.

[1292] روى محمد بن أبي القاسم الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص 87 : عن عمر بن محمد. وحميد بن محمد بن أحمد الثقفي ، عن محمد بن عبد الرحمن العلوي ، عن جعفر بن محمد الجعفري ، وزيد بن جعفر ، عن محمد بن القاسم المحاربي ، عن الحسن بن محمد بن عبد الواحد ، عن حرب بن الحسن الطحان ، عن يحيى بن مساور ، عن بشير النبال - وكان يبري النبل وقد اشتريت بعيرا نضوا ، فقال لي قوم : يحملك وقال قوم : لا يحملك. فركبت ومشيت حتى وصلت المدينة ، وقد تشقق وجهي ويداي ورجلاي ، فأتيت باب أبي جعفر

ص: 569

علیه السلام ، فقلت : يا غلام استأذن لي عليه.

قال : فسمع صوتي ، فقال : ادخل يا بشير مرحبا ، ما هذا الذي أرى بك؟

فقلت : جعلت فداك اشتريت بعيرا نضوا ، فركبت ومشيت ، فشقق وجهي ويداي ورجلاي.

فقال : فما دعاك الى ذلك.

قلت : حبكم واللّه جعلت فداك.

قال : إذا كان يوم القيامة فزع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله الى اللّه وفزعنا الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله وفزعتم إلينا. فإلى أين ترون نذهب بكم؟ الى الجنة وربّ الكعبة ، الى الجنة وربّ الكعبة.

[1293] رواه مضمونا الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص 47 : عن محمد بن أحمد بن شهريار ، عن محمد بن محمد البرسي ، عن عبيد اللّه بن محمد الشيباني ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن العباس البجلي ، عن جعفر بن محمد الرماني ، عن الحسن بن الحسين العابد ، عن الحسين بن علوان ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن الباقر علیه السلام ، قال : إن اللّه تبارك وتعالى يبعث شيعتنا يوم القيامة من قبورهم على ما كان منهم من الذنوب والعيوب ووجوههم ... الخبر.

[1294] رواه الصدوق في أماليه ص 500 الحديث 4 : عن محمد بن الحسن ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه الصادق علیه السلام ... الحديث.

ورواه النيسابوري في روضة الواعظين 2 / 295 ورواه المجلسي في بحار الانوار 7 / 303.

[1295] روى المجلسي في بحار الانوار 52 / 126 الحديث 18 : عن علي بن

ص: 570

النعمان ، عن إسحاق بن عمار وغيره ، عن الفيض بن المختار ، قال : سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام يقول : من مات منكم وهو منتظر لهذا الأمر كمن هو مع القائم في فسطاطه.

قال : ثم مكث هنيئة ، ثم قال : لا بل كمن قارع معه بسيفه. ثم قال : لا واللّه إلا كمن استشهد مع رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله .

[1296] رواه البحراني في تفسير البرهان 4 / 292 الحديث 11 : عن محمد بن يعقوب ، باسناده ، عن عبد اللّه بن مسكان ، عن مالك الجهني ، قال : قال أبو عبد اللّه علیه السلام : يا مالك أما ترضون ... الخبر.

[1298] رواه البحراني في البرهان في تفسير القرآن 4 / 292 الحديث 2 : عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، عن أبيه ، عن حمزة بن عبد اللّه الجعفري ، عن جميل بن درّاج ، عن عمرو بن مروان ، عن الحارث بن حصيرة ، عن زيد بن أرقم ، عن الحسين بن علي علیه السلام ، قال : ما من شيعتنا ... الخبر.

[1299] رواه البحراني في البرهان 4 / 455 الحديث 3 - بتفاوت - : عن ابن بابويه ، عن أحمد بن أبي جعفر البيهقي ، عن علي بن محمد بن مهرويه ، عن داود بن سليمان ، عن علي بن موسى ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : اذا كان يوم القيامة ولّينا حساب شيعتنا ... الخبر.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 7 / 274 الحديث 48.

[1300] ذكره السيد العاملي في أعيان الشيعة 3 / 582 ، عن تفسير العياشي : عن بشير الدهان ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، قال : عرفتم في منكرين كثير واحببتم في مبغضين كثير وقد يكون حبّ في اللّه ورسوله فثوابه على اللّه ... الحديث.

[1301] روى ابن شهرآشوب في المناقب 2 / 162 : عن طارق ، قال

ص: 571

أمير المؤمنين علیه السلام : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لأقمعنّ بيدي هاتين من الحوض أعداءنا إذ أوردته أحباؤنا.

[1302] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 193 : عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر الباقر علیه السلام ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي :

يا علي ، إن عن يمين العرش لمنابر من نور ومواسيد من نور فاذا كان يوم القيامة جئت أنت وشيعتك تجلسون على تلك المنابر تأكلون وتشربون ، والناس في الموقف يحاسبون.

[1303] رواه الحبري في ما نزل من القرآن في علي علیه السلام ص 68 : عن اسماعيل بن أبان ، عن فضيل بن الزبير ، عن أبي داود السبيعي ، عن أبي عبد اللّه الجدلي ، قال : دخلت على علي علیه السلام فقال : يا أبا عبد اللّه ألا احدثك ... الخبر.

[1304] روى البحراني في البرهان 3 / 187 الحديث 10 : عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي اسامة ، عن أبي عبد اللّه وأبي جعفر علیهماالسلام ، أنهما قالا : واللّه لنشفعنّ من المذنبين من شيعتنا حتى يقول أعداؤنا إذا رأوا ذلك « فما لنا من شافعين ... الآية ».

وقال أيضا : عن أبي علي الطبرسي ، باسناده عن حمران بن أعين ، عن الصادق علیه السلام ، قال : واللّه لنشفعنّ لشيعتنا - ثلاث مرات - حتى يقول الناس « فما لنا من شافعين ... الآية ».

[1305] روى البحراني في البرهان 3 / 73 ، الحديث 3 : عن محمد بن العباس ، عن حميد بن زياد ، باسناده يرفعه الى أبي جميلة ، عن عمرو بن رشيد ، عن أبي جعفر علیه السلام أنه قال في حديث : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : إن عليا وشيعته يوم القيامة على كثبان

ص: 572

المسك الاذفر ، يفزع الناس ولا يفزعون ويحزن الناس ولا يحزنون وهو قول اللّه عزّ وجلّ ( لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ ... ) الآية ».

ورواه أيضا المجلسي في بحار الانوار 7 / 185 الحديث 35.

[1306] رواه الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص 89 : عن محمد بن محمد - المفيد - ، عن محمد بن عمر الجعابي ، عن أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، عن محمد بن القاسم الحارثي ، عن أحمد بن صبيح ، عن محمد بن اسماعيل الهمداني ، عن الحسين بن مصعب ، قال : سمعت جعفر بن محمد علیه السلام يقول : من أحبنا وأحبّ محبنا لا لغرض من الدنيا يصيبها منه ... الخبر.

[1307] رواه الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص 180 : عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق علیه السلام ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين علیه السلام ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث مفصلا.

[1309] راجع الحديث 81 ، الجزء الاول.

[1310] راجع الحديث 91.

[1311] راجع الحديث 861 ، الجزء الثاني.

[1312] رواه المفيد في الارشاد ص 28 : عن الحسن بن حمزة ، عن أحمد بن عبد اللّه ، عن أبيه ، عن داود بن النعمان ، عن عمرو بن المقدام ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي ... الخبر.

[1314] روى ابن شهرآشوب في المناقب 2 / 162 : عن أبي رافع من خمسة طرق ، قال النبي صلی اللّه علیه و آله : يا علي ترد عليّ الحوض وشيعتك رواء مرويين ، ويرد عليك عدوك ظماء مقمحين.

[1315] روى المفيد في الاختصاص ص 102 : أن أبي بصير ، عن أبي

ص: 573

عبد اللّه الصادق علیه السلام ، قال في حديث طويل ذكر في آخره ، قال : قال علي بن الحسين علیه السلام : ليس على فطرة الاسلام غيرنا وغير شيعتنا ، وسائر الناس من ذلك براء.

[1316] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 184 : عن أبي محمد الفحام ، عن المنصوري ، عن عم أبيه موسى بن عيسى بن أحمد ، عن عمر بن موسى بن عيسى بن أحمد ، عن علي بن محمد ، عن أبيه ، عن موسى بن جعفر علیه السلام قال : قال الصادق علیه السلام : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي إن اللّه عزّ وجلّ قد غفر لك ولشيعتك ولمحبي شيعتك.

[1317] رواه المفيد في أماليه ص 208 : عن محمد بن عمر الجعابي ، عن أحمد بن محمد بن سعيد ، عن أبي عوانة ، عن موسى بن يوسف بن يوسف القطان ، عن أحمد بن يحيى الأزدي ، عن اسماعيل بن أبان ، عن علي بن هاشم بن بريد ، عن أبيه ، عن عبد الرزاق بن قيس الرحبي. قال : كنت جالسا مع علي بن أبي طالب على باب القصر ... الخبر.

ورواه الطبري في بشارة المصطفى ص 50.

[1318] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 43 : القسم الاخير من الحديث : عن عمر بن ابراهيم ، عن سعيد بن محمد ، عن محمد بن علي بن الحسين ، عن محمد بن الحجاج الجعفي ، عن زيد بن محمد ، عن علي بن الحسين بن عبيد ، عن اسماعيل بن أبان الأزدي ، عن عمرو بن ثابت ، عن ميسرة بن حبيب ، عن علي بن الحسين علیه السلام ، قال : إنا يوم القيامة آخذون بحجزة نبينا ، وان شيعتنا آخذون بحجزتنا.

[1319] رواه الصدوق في الخصال 1 / 254 الحديث 128 : عن علي بن محمد بن الحسن ، عن عبد اللّه بن زيدان ، عن الحسن بن محمد ، عن حسن بن حسين ، عن يحيى بن مساور ، عن أبي خالد ، عن زيد بن

ص: 574

علي ، عن آبائه ، عن علي علیه السلام ، قال : شكوت الى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

[1320] رواه الطبري - بتفاوت - في بشارة المصطفى ص 154 : عن أبي الحسين بن أبي الطيب ، عن أحمد بن أبي القاسم الفارسي ، عن عيسى بن مهران ، عن مخول بن ابراهيم ، عن جابر الجعفي ، عن عبيد اللّه بن شريك عن الحارث ، قال : أتيت أمير المؤمنين ... الخبر.

[1323] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 153 : عن أبي عبد اللّه بن أحمد ، عن عبد اللّه بن محمد بن يعقوب ، عن محمد بن الحسين بن حفص ، عن أحمد بن عثمان ، عن قصبة ، عن سوار الاعمى ، عن داود بن أبي عوف ، عن محمد بن عمير ، عن فاطمة ، عن أمّ سلمة ... الحديث بتفاوت.

[1324] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 293 الحديث : 335 : عن محمد بن اسماعيل العلوي ، عن عبد اللّه بن محمد ، عن أحمد بن علي الرازي ، عن علي بن الحسين ، عن إسماعيل بن أبان الأزدي ، عن عمرو بن حريث ، عن داود بن سليك ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

[1325] راجع الحديث 1304.

[1326] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 107 القسم الاخير من الرواية ... سمعت عليا يقول : واللّه لو صببت الدنيا على المنافق صبا ما أحبني ، ولو ضربت بسيفي هذا خيشوم المؤمن لأحبني ... الحديث.

[1328] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 62 : عن الحسن بن محمد ، عن محمد بن الحسن الطوسي ، عن محمد بن محمد بن النعمان ، عن عثمان الدقاق ، عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن أحمد بن يحيى الأزدي ، عن مخول بن ابراهيم ، عن الربيع بن المنذر ، عن أبيه ، عن

ص: 575

الحسين بن علي علیه السلام ... الحديث.

ورواه بطريق آخر في ص 104.

[1329] روى البحراني في البرهان 1 / 565 الحديث 4 : عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، عن أبيه ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن زرارة ، قال : سئل أبو عبد اللّه علیه السلام وأنا جالس عن قول اللّه : ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ) يجري لهؤلاء ممن لا يعرف منهم هذا الامر؟ فقال : انما هي للمؤمنين خاصة ... الخبر.

[1330] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 161 : عن ابراهيم بن أحمد ، عن محمد بن العيص ، عن هشام بن عمار ، عن خالد بن عبد اللّه الطحان ، عن أيوب السجستاني ، عن أبي قلابة الحوبي ، قال : سألت أمّ سلمة ... الحديث.

[1331] راجع الحديث 1292.

[1333] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 162 : عن أبي الحسين ابن أبي الطيب ، عن أحمد بن أبي القاسم القرشي ، عن عيسى بن مهران ، عن اسماعيل بن أميّة ، عن عنبسة العابد ، عن جابر بن عبد اللّه ، عن الباقر علیه السلام : كنا جلوسا معه فتلا رجل هذه الآية ( كُلُّ نَفْسٍ ... ) ، فقال رجل : ومن أصحاب اليمين؟ قال علیه السلام : شيعة علي بن أبي طالب علیه السلام .

[1334] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 63 : عن محمد بن أحمد بن شهريار ، عن محمد بن محمد بن الحسين ، عن الحسن بن محمد بن عبد اللّه التميمي ، عن علي بن الحسين بن سفيان ، عن عباد بن يعقوب ، عن يحيى بن بستان ، عن أبي اسحاق ، عن عاصم بن ضمرة ، والحارث عن علي علیه السلام : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ... الحديث.

ص: 576

[1335] رواه المجلسي في بحار الانوار 24 / 112 الحديث 4 : عن الكليني ، باسناده عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، قال : اتقوا على دينكم واحجبوه بالتقية ، فانه لا إيمان لمن لا تقية له ، انما أنتم في الناس كالنحل في الطير ، لو أن الطير يعلم ما في أجواف النحل ما بقي منها شيء إلا أكلته ، ولو أن الناس علموا ما في أجوافكم أنكم تحبونا أهل البيت لأكلوكم بألسنتهم ولنحلوكم في السرّ والعلانية ، رحم اللّه عبدا منكم كان على ولايتنا.

[1336] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 143 : عن الحسن بن الحسين بن بابويه ، عن محمد بن بابويه ، عن محمد بن عيسى ، عن عبد اللّه بن جعفر ، عن ابراهيم بن هاشم ، عن اسماعيل بن مراد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن كليب بن معاوية الاسدي ، قال : سمعت أبا عبد اللّه يقول : أما أنكم واللّه لعلى دين اللّه ودين ملائكته ، فأعينونا على ذلك بورع واجتهاد ، عليكم بالصلاة عليكم بالورع.

[1337] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 143 : عن محمد بن الحسن بن الحسين ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن اسماعيل بن مرار ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن يحيى الحلبي ، عن أبي المعزي ، عن يزيد بن خليفة ، قال : قال أبو عبد اللّه علیه السلام - ونحن عنده - : نظر اللّه واخترتم ما اختار اللّه ... الحديث.

[1338] روى النيسابوري في روضة الواعظين ص 294 : قال أبو جعفر :

إنما شيعة علي علیه السلام : الشاحبون الناحلون الذابلون ، ذابلة شفاههم ، خمصة بطونهم ، متغيرة ألوانهم ، مصفرة وجوههم ، إذا جنّهم الليل اتخذوا الارض فراشا ، واستقبلوا الارض بجباههم ، كثيرة سجودهم ، كثيرة دموعهم ، كثير دعاؤهم ، كثير بكاؤهم ، يفرح الناس وهم يخزنون.

ص: 577

[1339] روى الخوارزمي في المناقب ص 235 : عن جعفر بن محمد ، آبائه ، عن علي علیه السلام ، أن النبي صلی اللّه علیه و آله قال له : إن في السماء حرسا وهم الملائكة ... الحديث.

[1341] رواه المجلسي في بحار الانوار 6 / 235 الحديث 50 : عن ابن أبي نجران والبزنطي عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير ، عن أحدهما علیهماالسلام ... الحديث.

[1342] روى الصدوق في أماليه ص 257 الحديث 11 : عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن أبي بكر الواسطي ، عن عبد اللّه بن يوسف ، عن أبي اسحاق ، عن سفيان الثوري. والاعمش ، عن عبد اللّه بن السائب ، عن زادان ، عن عبد اللّه بن مسعود ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن لله ملائكة سيّاحين في الارض يبلغوني عن امتي السلام.

[1345] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 81 : عن محمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن حمزة ، عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن الوليد ، قال : دخلنا على أبي عبد اللّه في زمن بني مروان ، فقال : ممن أنتم ... الخبر.

[1347] روى البحراني في البرهان 1 / 255 الحديث الاول : محمد بن يعقوب ، عن علي بن ابراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن أيوب بن الحر ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه في قول اللّه تعالى ( وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ ... ) . فقال طاعة اللّه ومعرفة الامام.

[1348] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 184 : عن أبي محمد الفحام ، عن المنصوري ، عن موسى بن عيسى بن أحمد ، عن عمر بن موسى ، عن علي بن محمد ، عن أبيه علیه السلام ، عن موسى بن جعفر عليه

ص: 578

السلام ، عن الصادق علیه السلام قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي ، إن اللّه عزّ وجلّ قد غفر لك ولشيعتك ، ولمحبي شيعتك ، فأبشر.

[1350] رواه البحراني في البرهان 3 / 24 الحديث 2 مفصلا : عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عبد اللّه بن شريك العامري ، عن أبي عبد اللّه الصادق علیه السلام قال : سأل علي علیه السلام رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عن تفسير قوله ( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ ... ) الحديث.

[1353] روى النيسابوري في روضة الواعظين ص 296 : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن اللّه تعالى يبعث اناسا وجوههم من نور على كراسي من نور عليهم ثياب من نور في ظلّ العرش بمنزلة الأنبياء وليسوا بالأنبياء وبمنزلة الشهداء وليسوا بالشهداء.

فقال رجل : أنا منهم يا رسول اللّه؟

قال صلی اللّه علیه و آله : لا.

قال الآخر : أنا منهم ، يا رسول اللّه؟

قال : لا.

قيل : من هم يا رسول اللّه؟

قال : - فوضع يده على رأس علي - وقال : هذا وشيعته.

[1356] رواه المفيد في الاختصاص ص 101 مفصلا : محمد بن الحسن بن أحمد ، عن الحسن بن متيل ، عن ابراهيم بن اسحاق النهاوندي ، عن محمد بن سليمان الديلمي ، عن أبي سليم الديلمي ، عن أبي بصير ، قال : أتيت أبا عبد اللّه علیه السلام ، بعد أن كبر سني ، وقد أجهدني النفس ... الخبر.

[1357] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 159 : عن أحمد بن أبي جعفر

ص: 579

البيهقي ، عن علي بن جعفر المدني ، عن عبد اللّه بن محمد المروزي ، عن لويز المصيصي ، عن سفيان بن عيينة ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال ... الحديث.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 8 / 149 الحديث 81.

[1359] روى محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات ص 20 ، الحديث 2 : عن عمران بن موسى ، عن ابراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي ، عن محمد بن سنان ، عن اسماعيل بن جابر ، وكرام ، عن محمد بن مضارب ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، قال : إن اللّه جعلنا من علّيّين ... الحديث بتفاوت.

وروى في ص 171 : عن علي بن الحسين في حديث طويل بهذا المضمون.

[1360] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 46 : عن محمد بن أحمد بن شهريار ، عن محمد بن محمد البرسي ، عن عبيد اللّه بن محمد ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن العباس البجلي ، عن جعفر بن محمد الرماني ، عن الحسن بن الحسين العابد ، عن الحسين بن علوان ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر الباقر علیه السلام ، قال : إن اللّه تبارك وتعالى يبعث شيعتنا يوم القيامة من قبورهم ... الحديث.

ورواه الدولابي في الذرية الطاهرة ص 168 الحديث 227 : عن أحمد بن يحيى ، عن يحيى بن محمد ، عن محمد بن علي الكندي ، عن محمد بن سالم ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن علي بن أبي طالب علیهم السلام قال : قال لي رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : يا علي ... الحديث.

[1362] روى المجلسي في بحار الانوار 44 / 59 : عن أبي الفرج الاصفهاني ، عن محمد بن أحمد ، عن الفضل بن الحسن البصري ، عن أبي عمرويه ، عن مكي بن ابراهيم ، عن السري بن اسماعيل ، عن

ص: 580

الشعبي ، عن سفيان ، قال : أتيت الحسن بن علي ... ، فقال : فأبشر يا سفيان فاني سمعت عليا علیه السلام يقول : سمعت رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله يقول : يرد عليّ الحوض أهل بيتي ومن أحبهم من امتي كهاتين - يعني السبابتين - أو كهاتين - يعني السبابة والوسطى - إحداهما تفضل على الاخرى.

[1363] رواه المجلسي في بحار الانوار 37 / 76 الحديث 42 : يرفعه الى عمار بن ياسر ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : لما اسري بي الى السماء أوحى اللّه إليّ ... الحديث.

[1364] روى الحبري في ما نزل من القرآن في علي ص 90 : عن حسن بن حسين ، عن حيان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا ... ) الآية » في علي علیه السلام وشيعته.

[1365] رواه البحراني في البرهان 4 / 20 الحديث 1 : عن علي بن ابراهيم ، عن أبي العباس ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن النضر بن سويد ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر ، أنه قال : ليهنكم الاسم ... الحديث.

[1368] راجع الحديث 1300.

[1369] روى الأمين العاملي في أعيان الشيعة المجلد الثاني ص 441 مرسلا : عن أبي بصير ، قال أبو عبد اللّه علیه السلام : من ينشدنا شعر أبي هريرة؟

قلت : جعلت فداك إنه كان يشرب.

فقال : رحمه اللّه ، وما ذنب يغفره اللّه لو لا بغض.

[1371] رواه البحراني في البرهان 3 / 364 الحديث 12 : عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن ابن أبي حمزة ، عن زكريا المؤمن ، عن أبي سلام ، عن سورة بن كليب ، قال : قلت لأبي جعفر

ص: 581

علیه السلام : ما معنى قوله عزّ وجلّ ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا ... ) . الحديث بتفاوت.

[1372] رواه بتفاوت الطبري في بشارة المصطفى ص 91 : عن الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي ، عن أبيه ، عن محمد بن محمد بن النعمان ، عن محمد بن عمر الجعابي ، عن أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، عن الحسن بن عتبة ، عن أحمد بن النصر ، عن محمد بن الصامت الجعفي ، قال : كنا عند أبي عبد اللّه علیه السلام جماعة من البصريين فحدثهم بحديث أبيه ، عن جابر بن عبد اللّه في الحج املاه عليهم ، فلما قاموا ، قال أبو عبد اللّه علیه السلام : إن الناس أخذوا يمينا وشمالا وانكم لزمتم صاحبكم ... الحديث.

[1373] رواه البحراني في البرهان 2 / 108 : عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، عن أبي فضال ، عن علي بن عقبة بن خالد ، قال : دخلت أنا ومعلّى بن خنيس على أبي عبد اللّه علیه السلام فأذن لنا وليس هو في مجلسه ... الحديث.

[1374] رواه مفصلا الطبري في بشارة المصطفى ص 187 : عن أبي محمد الفحام قال : دخل سماعة بن مهران على الصادق علیه السلام ، فقال :

يا سماعة من شر الناس؟

قال : نحن يا ابن رسول اللّه.

قال : فغضب علیه السلام ... الحديث.

[1375] رواه البحراني في البرهان 3 / 174 الحديث 2 : عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن سليمان بن خالد ، قال : كنت في محمل أقرأ ، إذنا داني أبو عبد اللّه علیه السلام :

اقرأ يا سليمان - وأنا في هذه الآيات التي في آخر تبارك ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ ... ) الحديث.

ص: 582

[1376] رواه البحراني في البرهان 1 / 364 الحديث 6 : عن العياشي ، عن ميسر ، قال : كنت أنا وعلقمة الحضرمي وأبو حسان العجلي وعبد اللّه بن عجلان ننتظر أبا جعفر علیه السلام ... الحديث.

[1377] رواه البحراني في البرهان 3 / 233 الحديث 22 : عن ابن بابويه ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أبيه ، قال : سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام يقول : اجعلوا اموركم لله ولا تجعلوه للناس ... الحديث.

[1378] رواه البحراني في البرهان 2 / 318 الحديث 6 : عن محمد الحلبي ، عن أبي عبد اللّه الصادق علیه السلام ، قال : من اتقى اللّه منكم وأصلح فهو منّا أهل البيت.

قلت : منكم أهل البيت؟

قال : منّا أهل البيت.

[1380] راجع الحديث 1371.

[1381] رواه البحراني في البرهان 1 / 204 الحديث 4 : عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن أحمد بن الحسن التميمي ، عن معاوية بن وهب ، عن اسماعيل بن نجيح الرماح ، قال : كنا عند أبي عبد اللّه علیه السلام بمنى ليلة من الليالي ، فقال : ما يقول هؤلاء ( فَمَنْ تَعَجَّلَ ... ) الحديث.

[1382] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 70 : عن الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي ، عن أبيه ، عن محمد بن محمد بن النعمان ، عن محمد بن عمر الجعابي ، عن عبد اللّه بن أحمد بن مستور ، عن عبد اللّه بن يحيى ، عن علي بن عاصم ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال : قال لنا علي بن الحسين علیه السلام : أيّ البقاء أفضل؟ ... الحديث.

[1383] روى الصدوق في الخصال ص 41 الحديث 29 : عن أبيه ، ومحمد

ص: 583

بن الحسن ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث النخعي ، قال : قال أبو عبد اللّه علیه السلام : ... ورجل يتدارك ذنبه بالتوبة ، وأنّى له بالتوبة ، واللّه لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل اللّه منه إلا بولايتنا أهل البيت.

[1385] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 69 : بسنده عن أبي الجارود ، عن الباقر علیه السلام قال : يا أبا الجارود أما ترضون تصلّوا فيقبل منكم وتصوموا فيقبل منكم وتحجوا فيقبل منكم ، واللّه إنه ليصلّي غيركم فما يقبل منه ويصوم فما يقبل منه ويحج غيركم فما يقبل منه.

[1386] رواه البحراني في البرهان 2 / 190 الحديث 8 : عن عبد الرحيم ، قال : قال أبو جعفر : إنما أحدكم حين تبلغ نفسه هاهنا ... الحديث.

[1387] روى الصدوق في أماليه ص 468 الحديث 2 : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن الفضل بن صالح الأسدي ، عن محمد بن مروان ، عن الصادق عن أبيه ، عن آبائه علیهم السلام ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : من أبغضنا أهل البيت بعثه اللّه يوم القيامة يهوديا.

قيل : يا رسول اللّه ، وإن شهد الشهادتين؟

قال : فإنما احتجز بهاتين الكلمتين عن سفك دمه أو يؤدي الجزية عن يد وهو صاغر.

ثم قال : من أبغضنا أهل البيت بعثه اللّه يهوديا.

قيل : فكيف يا رسول اللّه؟

قال : إن أدرك الدجال آمن به.

أقول : ولعلّ السقط من الحديث ما نقلناه من أمالي الصدوق آنف الذكر. والقسم الاخير من الحديث رواه البحراني في البرهان 3 / 174 الحديث 6 : عن محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن

ص: 584

أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن محمد الحلبي ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام ، قال : إن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله قال : إن اللّه مثل لي امتي في الطين ... الحديث.

[1388] روى البحراني في البرهان 1 / 407 الحديث 10 : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن درّاج ، قال : قلت لأبي عبد اللّه علیه السلام : إني ربما ذكرت هؤلاء المستضعفين ، فأقول : نحن وهم في منازل الجنة.

فقال أبو عبد اللّه علیه السلام : لا يفعل اللّه تعالى ذلك بكم أبدا.

[1392] راجع الحديث 1376.

[1397] روى الصدوق في أماليه ص 326 الحديث 17 : عن الحسين بن ابراهيم ، عن أحمد بن يحيى بن زكريا ، عن بكر بن عبد اللّه بن حبيب ، عن تميم بن بهلول ، عن جعفر بن عثمان الاحول ، عن سليمان بن مهران ، قال : دخلت على الصادق علیه السلام وعنده نفر من الشيعة ، فسمعته ، وهو يقول : معاشر الشيعة كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شيئا ، قولوا للناس حسنا ، احفظوا ألسنتكم ، وكفوها عن الفضول ، وقبيح القول.

وروى الطبري في بشارة المصطفى ص 143 قريبا لما رواه المؤلف راجع تخريج الاحاديث 1336.

[1398] راجع الحديث 1318.

[1399] روى البحراني في البرهان 4 / 78 الحديث 1 : عن محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي عبد اللّه علیه السلام في حديث أبي بصير ، قال :

قد ذكركم في كتابه ( يا عِبادِيَ الَّذِينَ ... الآية ) واللّه ما أراد بهذا غيركم.

[1400] راجع الحديث 1294.

ص: 585

[1401] روى محمد بن محمد الشعيري في جامع الاخبار ص 34 : عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب علیهم السلام ، عن رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله ، يقول : لو أن المؤمن خرج من الدنيا وعليه مثل ذنوب أهل الارض لكان الموت كفارة لتلك الذنوب ... من شيعتك ومواليك ... الحديث.

[1404] راجع الحديث 1294.

[1405] رواه البحراني في البرهان 4 / 304 الحديث 1 : عن محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن أبي زاهر ، عن علي بن اسماعيل ، عن صفوان بن يحيى ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي اسحاق النحوي ، قال : دخلت على أبي عبد اللّه علیه السلام ، فسمعته يقول :

إن اللّه عزّ وجلّ أدّب نبيه على محبته ، فقال : ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) ثم فوض إليه ، فقال عزّ وجلّ : ( وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) وقال عزّ وجلّ : ( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللّهَ ) ثم قال : وان نبيّ اللّه فوض الى علي علیه السلام ، وائتمنه. فسلّمتم وجحد الناس فو اللّه لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا ، وأن تصمتوا إذا صمتنا ، ونحن فيما بينكم وبين اللّه عزّ وجلّ ، ما جعل اللّه لأحد خيرا في خلاف أمرنا.

[1406] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 38 : عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن محمد بن الحسين ، عن محمد بن حمزة ، عن الحسين بن علي بن الحسين ، عن محمد بن الحسين النحوي ، عن سعد بن عبد اللّه الاشعري ، عن عبد اللّه بن أحمد ، عن جعفر بن خالد ، عن صفوان بن يحيى ، عن حذيفة بن منصور ، قال : كنت عند أبي عبد اللّه إذ دخل عليه رجل فقال : جعلت فداك إن لي أخا لا يؤلي من محبتكم واجلالكم وتعظيمكم غير أنه يشرب الخمر.

فقال الصادق : إنه لعظيم أن يكون محبنا بهذه الحالة ... إلا أن هذا

ص: 586

لا يخرج من الدنيا حتى يتوب أو يبتليه اللّه ببلاء في جسده فيكون تحبيطا لخطاياه حتى يلقى اللّه عزّ وجلّ ولا ذنب عليه ... الحديث.

[1408] راجع الحديث 1294.

[1409] روى البحراني في البرهان 1 / 276 الحديث 4 : عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمال ، عن أبي عبيدة زياد الحذّاء ، عن أبي جعفر علیه السلام ، أنه قال : يا زياد ويحك ، وهل الدين إلا الحب؟ ألا ترى الى قول اللّه ( إِنْ كُنْتُمْ ... ) الآية.

[1411] روى البحراني في البرهان 1 / 320 الحديث 7 - بتفاوت في الألفاظ مع حفظ المضمون -.

[1412] رواه المجلسي باختلاف يسير في بحار الانوار 22 / 321 الحديث 10 : عن السندي بن محمد ، عن صفوان الجمال ، قال أبو عبد اللّه علیه السلام : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : إن اللّه تبارك وتعالى أمرني بحبّ أربعة ... الحديث.

[1413] رواه المفيد في أماليه ص 35 : عن قيس ، عن ليث بن أبي سليم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن الحسين بن علي بن أبي طالب علیهماالسلام ، قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله : الزموا مودتنا.

[1417] روى البحراني في البرهان 4 / 164 الحديث 10 : عن محمد بن ابراهيم ، عن عبد العزيز بن يحيى البصري ، عن محمد بن زكريا ، عن أحمد بن محمد بن يزيد ، عن أبي نعيم ، عن حاجب عبيد اللّه بن زياد ، عن علي بن الحسين علیه السلام ، قال لرجل : أما قرأت كتاب اللّه عزّ وجلّ؟ قال : نعم. قال : قرأت هذه الآية ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) ؟ قال : بلى. قال : نحن اولئك.

[1418] روى ابن شهرآشوب في المناقب 2 / 120 :

ص: 587

ولما نعى رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله عليا بحال جعفر في أرض مؤتة ، قال : إنا لله وانا إليه راجعون ، فأنزل عزّ وجلّ : ( الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ ... ) الآية.

وقال له رجل : إني واللّه لاحبك في اللّه تعالى.

فقال علیه السلام : إن كنت تحبني فأعد للفقر تجفافا أو جلبابا.

[1419] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 89 : عن المفيد ، عن محمد بن عمر الجعابي عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن القاسم الحارثي ، عن أحمد بن صبيح ، عن محمد بن اسماعيل الهمداني ، عن الحسين بن مصعب ، قال : سمعت جعفر بن محمد علیه السلام يقول : من أحبنا وأحبّ محبنا لا لغرض دنيا يصيبها منه وعادى عدونا لا لإحنة كانت بينه وبينه ثم جاء يوم القيامة وعليه من الذنوب مثل رمل عالج وزبد البحر غفرها له.

[1421] راجع تخريج الحديث المرقم 1292.

[1426] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 14 : عن الحسن بن محمد الطوسى ، عن أبيه ، عن المفيد ، عن محمد بن عمر الجعابي ، عن جعفر بن محمد ، عن أحمد بن عبد المنعم ، عن عبد اللّه بن محمد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر قال : قال رسول اللّه صلی اللّه علیه و آله لعلي بن أبي طالب علیه السلام : ألا ابشرك ألا أمتحنك ... الحديث.

[1429] رواه البحراني في البرهان 2 / 188 الحديث 3 : عن الاصبغ بن نباتة.

[1430] رواه البحراني في البرهان 3 / 290 الحديث 2 : عن علي بن ابراهيم ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر ... الخبر. وفي الحديث الاول عن الصادق بطريق آخر : محمد بن العباس ، عن محمد بن الحسين ،

ص: 588

عن جعفر بن عبد اللّه المحمدي ، عن كثير بن عياش ، عن أبي الجارود ، عن الصادق علیه السلام ... الخبر.

[1433] رواه البحراني في البرهان 3 / 185 الحديث 2 : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن عمر بن أبان ، عن عبد الحميد الوابشي [ كذا ] عن أبي جعفر علیه السلام قال : قلت له : إن لنا جارا ينتهك المحارم كلها حتى أنه ليترك الصلاة فضلا عن غيرها.

فقال : سبحان اللّه وأعظم ذلك ، ألا اخبرك بمن هو شرّ منه؟

فقلت : بلى.

فقال : الناصب لنا شرّ منه. أما أنه ليس عبد يذكر عنده أهل البيت فيرق لذكرنا إلا مسحت الملائكة ظهره ؛ وغفر له ذنوبه كلها إلا أن يجيء بذنب يخرجه عن الايمان ، وان الشفاعة لمقبولة ... الخبر.

[1435] رواه البحراني في البرهان 4 / 71 الحديث 10 : عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين ، عن أبي داود المسرق ، عن محمد بن مروان ، قال : قلت لابي عبد اللّه علیه السلام : هل يستوي الذين يعلمون ... الخ.

ورواه المجلسي في بحار الانوار 24 / 120 في عدة طرق. وفي ج 8 / 56 الحديث 7.

[1439] رواه النيسابوري في روضة الواعظين ص 394 عن أبي جعفر الباقر علیه السلام ، مرسلا.

[1441] رواه محمد بن محمد الشعيري في جامع الاخبار ص 35 : عن أحمد بن عبدون البزاز ، عن محمد بن عبد اللّه الشيباني ، عن أحمد بن عبد اللّه العبراني ، عن عبد اللّه بن موسى ، عن محمد بن سنان ، عن محمد بن المفضل ، عن موسى بن جعفر ، قال : خرج أمير المؤمنين علیه السلام

ص: 589

... الخبر.

ورواه ابن شهرآشوب في المناقب 2 / 120.

[1442] رواه مرسلا النيسابوري في روضة الواعظين ص 394.

[1445] روى الصدوق في أماليه ص 326 الحديث 17 : عن الحسين بن ابراهيم ، عن أحمد بن يحيى ، عن بكر بن عبد اللّه ، عن تميم بن بهلول ، عن جعفر بن عثمان الاحول ، عن سليمان بن مهران ، قال : دخلت على الصادق علیه السلام وعنده نفر من الشيعة ، فسمعته وهو يقول : معاشر الشيعة كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شينا ، قولوا للناس حسنا احفظوا ألسنتكم وكفوها عن الفضول وقبيح القول.

[1456] روى الطبرى في بشارة المصطفى ص 97 : عن المفيد ، عن جعفر بن محمد بن قولويه ، عن محمد بن همام الاسكافي ، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد الاهوازي ، عن علي بن حديد ، عن سيف بن عميرة ، عن مدرك بن زهير ، قال أبو عبد اللّه علیه السلام : يا مدرك إن أمرنا ليس بقبوله فقط ولكنه بصيانته وكتمانه من غير أهله ، أقرئ أصحابنا السلام ورحمة اللّه وبركاته ، وقل لهم : رحم اللّه امرأ اجتر مودة الناس إلينا وحدثهم بما يعرفون وترك ما ينكرون.

[1458] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 132 : عن الحسن بن الحسين بن بابويه ، عن عمه محمد بن الحسن ، عن أبيه الحسن بن الحسين ، عن محمد بن علي بن الحسين ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن صفوان ، عن خيثمة الجعفي ، قال : دخلت على الصادق جعفر بن محمد علیه السلام ، وأنا اريد الشخوص ، فقال : أبلغ موالينا السلام وأوصهم بتقوى اللّه وأن يعود غنيهم فقيرهم وقويهم ضعيفهم ... الحديث.

ص: 590

الفهرس

محتويات الجزء الحادي عشر

بقية فضائل أهل البيت ... 3

أبو الحمراء وآية التطهير ... 4

حبّ أهل البيت ... 4

كل نسب منقطع إلا نسبي ... 5

توبة آدم ... 6

ملّة ابراهيم ... 7

أساس الاسلام ... 8

طيب الولادة وحبّ أهل البيت ... 8

أصل الخير ... 9

قوام الاسلام ... 10

الذرّية الطيّبة ... 12

أهل البيت أمان للامّة ... 13

خديجة الكبرى وفضائلها... 15

بيت من لؤلؤ ... 17

ذكرى خديجة ... 20

ص: 591

فاطمة الزهراء عليها السلام وفضائلها 23

حديث الدينار ... 25

فدك لفاطمة ... 27

اللّه يأمر بتزويج فاطمة ... 28

ليلة زفاف فاطمة ... 28

يغضب اللّه لغضب فاطمة ... 29

فاطمة بضعة مني ... 30

فاطمة وأسماء ... 30

مطالبتها بالميراث ... 32

خطبة الزهراء ... 34

شرح الخطبة الزهراء 40

نعود الى فضائل الزهراء ... 55

تسبيحة الزهراء ... 67

الحسنان عليهما السلام 74

سيدا شباب أهل الجنة ... 79

من أحبني فليحب هذين ... 76

كرم السبطين ... 77

الحسنان يتصارعان ... 79

نعم الراكبان... 80

أبو هريرة مع الامام الحسن ... 81

محتويات الجزء الثاني عشر

بقية فضائل الحسنين عليهما السلام ... 85

يدهن رجلي أكرم الناس ... 87

التسميتها ... 88

ص: 592

مولدهما ... 89

العقيقة ... 90

يحيى بن يعمر والحجاج ... 92

ويل للظالم من يوم المظلوم ... 96

من أحبّنا فهو معنا ... 98

ريحانتا الرسول ... 100

أفضل الأسباط ... 101

الحسن ومعاوية ... 104

الحجّ مشيا على الأقدام ... 111

الحسن (عليه السلام) يقسّم ما له لوجه اللّه ... 113

في حظيرة بني النجار ... 119

مصاب الحسن عليه السلام 122

معاويه يتآمر ... 123

الحسن يوصي ... 124

موقف عائشة من دفن الحسن ... 125

بنت الأشعث قاتلة وخائنة ... 127

نعي الحسن ... 130

مقتل الحسين عليه السلام ... 134

فتية تبكي عليهم السماء والأرض ... 137

أمير المؤمنين يحدّد موضع الشهادة ... 138

لا بارك اللّه في يزيد ... 139

هرثمة وحديث الشهادة ... 141

المسير الى كربلاء ... 143

مأساة الطف ... 146

مسلم بن عقيل ... 147

ص: 593

ملاقاة الحرّ بالحسين ... 148

خطبة الحسين في أصحابه ... 150

لحوق الحرّ بالحسين ... 151

مصرع علي الأصغر (عليه السلام) ... 152

تحقيق في علي الأكبر (عليه السلام) ... 153

مصرع أبي عبد اللّه عليه السلام ... 155

وقائع بعد الشهادة ... 156

مجلس (عليه السلام) في مجلس ابن زياد ... 157

أهل البيت في الشام ... 158

لؤم مروان ... 160

نعود الى ذكر شيء من المصرع والوقائع ... 163

محتويات الجزء الثالث عشر

ذكر من قتل مع الحسين صلوات اللّه عليه من أهل بيته ... 177

أولاد الحسين عليه السلام ... 177

القاسم بن الحسن (عليه السلام) ... 179

عبد اللّه بن الحسن (عليه السلام) ... 180

العباس (عليه السلام) وإخوته ... 182

أولاد عقيل ... 195

الأسرى ... 196

اسرة أمير المؤمنين ... 201

جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) ... 202

قتال جعفر ومقامه ... 204

جعفر هاجر الهجرتين ... 205

نعي جعفر ... 206

ص: 594

السنّة الحسنة ... 207

حسّان يرثيه جعفراً... 208

كعب يرثي جعفراً ... 210

اسرة أبي طالب ... 214

وداعا يا أمّ أمير المؤمنين ... 215

أمّ هاني وجمانة ... 216

أولاد عبد المطّلب ... 219

أبو طالب ... 220

حمزة بن عبد المطّلب ... 226

العباس بن عبد المطّلب ... 232

نعود الى ذكر أولاد أبي طالب ... 235

طالب بن أبي طالب ... 235

عقيل بن أبي طالب ... 237

عبد اللّه بن عباس ... 244

ذكر أسماء الشهداء من أصحاب الحسين (عليه السلام)... 250

ذكر فضل علي زين العابدين عليه السلام ... 250

السجاد وواقعة الطف ... 250

عبادته ... 253

من دعائه عليه السلام ... 255

السجاد والزهري ... 258

أيام فتنة ابن الزبير ... 261

السجاد لعبده : اقتصّ منّي... 262

فرزدق وقصيدته ... 263

أمه ... 266

موقفه الصمودي ... 267

ص: 595

دين الحسين عليه السلام ... 269

دعاؤه على قاتل أبيه... 270

زهده عليه السلام ... 271

[ الإنفاق في سبيل اللّه ... 273

وفاته ... 275

الامام محمد الباقر عليه السلام وفضائله 276

[ الخضر مع الامام الباقر ... 278

[ مع هشام بن عبد الملك ... 280

ابن المنطدر والباقر (عليه السلام) ... 282

مع أخيه زيد ... 284

وفاته ... 288

محتويات الجزء الرابع عشر

الامام الصادق عليه السلام وفضائله 291

سلوني قبل أن تفقدوني ... 292

مع أبي حنيفة ... 299

من دعائه عليه السلام ... 302

بعض فرق الشيعة 309

الاسماعيلية ... 309

الفطحية ... 310

القطيعية ... 310

الكيسانية ... 315

الزيدية ... 317

يحيى بن زيد ... 319

أبو هاشم ... 320

عبد اللّه بن معاوية ... 321

ص: 596

محمد بن عبد اللّه ... 322

صاحب فخ ... 327

يحيى بن عبد اللّه ... 330

إدريس بن عبد اللّه وأحمد بن عيسى ... 331

أبو السرايا ... 334

ابن الأفطس ... 335

الحسن بن الحسين بن زيد وزيد بن عبداللّه وعلي بن عبداللّه... 336

ولاية العهد للامام الرضا عليه السلام ... 338

شهادة الامام الرضا عليه السلام ... 342

ذكر من قام أيام المعتصم والمتوكل... 345

ذكر من قام أيام المستعين والمهتدي ... 346

ذكر من قام أيام المعتمد العباسي ... 347

ذكر من قام أيام المعتضد والمكتفي ... 349

ظهور المهدي الفاطمي... 353

معالم المهدي ... 355

ذكر معالم المهدي ... 355

المتشبّه بالمهدي ... 356

فضل المهدي عليه السلام ... 357

اتباع المهدي والقيام معه ... 359

الصادق عليه السلام مع قوم من أهل الكوفة ... 366

محتويات الجزء الخامس عشر

حول ظهور المهدي عليه السلام ... 371

خطبة أمير المؤمنين في الكوفة ... 372

سيرة المهدي ... 373

المهدي هو الفاتح للقسطنطينية ... 376

ص: 597

صفة المهدي ... 378

المهدي من أهل البيت ... 384

ممن هو المهدي؟ ... 387

الفتن ثلاث ... 388

احذروا ثلاثا ... 391

المهدي من نسل فاطمة ... 394

بدء الدعوة الفاطمية ... 403

في اليمن ... 403

في شمال إفريقيا ... 413

محتويات الجزء السادس عشر

صفات شيعة أمير المؤمنين عليه السلام ... 435

محبة الاخوة ... 436

من مات على الولاية ... 438

مقام الموالي ... 439

الرسول وشيعة علي ... 443

من أبغض عليا أمير المؤمنين عليه السلام ومن أحبه... 447

الرسول يستغفر لشيعة علي ... 449

أول أربعة يدخلون الجنة ... 450

من دمعت عيناه في أهل البيت (عليهم السلام)... 453

الناس يوم القيامة خمسة أصناف ... 455

الشيعة حراس في الارض ... 456

الملائكة تشهد مجالس المؤمنين ... 458

المؤمن لا تمسّه النار ... 463

ما قاله الامام الصادق (عليه السلام) لأبي بصير حول الشيعة... 464

ص: 598

منزلة المحبّ اذا تلا القرآن ... 471

ما قاله الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) في عبد مات على حبّ علي ... 478

العبادة بدون الولاية ... 479

المؤمن يفرح لفرحهم (عليهم السلام) ويفزع لفزعهم (عليهم السلام) ... 484

ما قاله الامام الباقر (عليه السلام) لبشير النبّال حول الشيعة ... 491

صفات الشيعة ... 501

وصايا الامام الباقر والصادق (عليهماالسلام) للشيعة ... 506

تخريج الأحاديث... 511

ص: 599

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.