بطاقة تعريف: محمدي الري شهري ، محمد، - 1325
عنوان واسم المبدع: اکسیر المحبة / محمد الري شهري ؛ المساعده محمد التقدیري ؛ تلخیص عبدالهادي المسعودي
مواصفات النشر: قم : دار الحدیث ، 1424ق . = 1382.
مواصفات المظهر: ص 134
فروست : (مرکز بحوث دار الحدیث 58)
شابک : 964-7489-54-4 7000ریال
لسان : العربية .
ملحوظة: الرسالة كعنوان فرعي.
عنوان آخر: المحبه فی الکتاب و السنه . برگزیده
موضوع : دوستی (اسلام ) -- احادیث
احادیث -- قرن 14
معرف المضافة: محمدی ری شهری ، محمد، 1325 - . المحبه فی الکتاب و السنه . برگزیده
معرف المضافة: مسعودی ، عبدالهادی ، 1343 - . خلاصه کننده
معرف المضافة: تقدیری ، محمد، . - 1343
معرف المضافة: دار الحدیث ، مرکز چاپ و نشر
تصنيف الكونغرس: BP141/5 /د938017 1382
تصنيف ديوي: 297/212
رقم الببليوغرافيا الوطنية: م82-30258
ص: 1
بسم الله الرحمن الرحيم
ص: 2
ص: 3
ص: 4
ص: 5
ص: 6
الْحَمْدُ للّٰهِِ الَّذِي خَلَقَ الخَلائِقَ بِقُدْرَتِهِ ، وَاخْتَرَعَهُمْ عَلىٰ مَشَيَّتِهِ ، وَسَلَكَ بِهِمْ طَرِيقَ إرَادَتِهِ ، وَبَعَثَهُمْ في سَبيلِ مَحَبَّتِهِ ، ثُمَّ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الْمُصطَفَيْنِ التَّامِينَ فِي مَحَبَّتِهِ .
المحبة هي إحساس بالرغبة في شخصٍ ما، أو الميل إلى شيءٍ يجلب المتعة والسعادة للانسان، إنها الرغبة في الجمال المطلق والهيام بالكمال الدائم. و الانسان في جبلّته الاولى وفي خلق بواطنه يميل إلى استقبال نسيم المحبة الالهية ويحصل على اللذة الحقيقية.
المزيد من النصوص الدينية تدعونا إلى قاعدة الصداقة ومركز المحبة، وتطلب منا أن ننوّر جوهرة وجودنا باكسير المحبة الالهية لتكون أكثر إشراقاً من الذهب الإبريز، وأن نحكّم أكثر القواعد أصالةً لوجودنا وصنع شخصيتنا.
إن ما جاء في هذا الكتاب مأخوذ من مجموعة آيات وأحاديث ترتبط بموضوع المحبة والصداقة، وقد جاء الكثير منها بشكل كامل وجامع في القسم الثاني من كتاب (المحبة في الكتاب والسنة).
وفي هذا المنتقىٰ تمت المحافظة على الشكل المنطقي للكتاب،
ص: 7
وبقيت جميع العناوين الفرعية والأصلية، ولم نقلّل منه إلّافي عدد الأحاديث.
ولهذا المنتقىٰ توأم أيضاً باسم «دليل المحبة» وهو مأخوذ من القسم الأوّل والثالث من كتاب (المحبة في الكتاب والسنة). والكتاب المذكور طُبِع بمساعدة مجموعة اعداد الموسوعة في مركز تحقيقات دار الحديث، سيّما سماحة حجة الإسلام والمسلمين محمّد تقديري، لذا أرىٰ من المناسب هنا أن أتقدم بالشكر الجزيل لكلّ هؤلاء الاعزاء، وكذلك لسماحة حجة الإسلام والمسلمين عبدالهادي مسعودي الذي تحمّل مشقة تلخيص الكتاب.
أخيراً أدعو لهم مزيداً من الأجر والثواب
واللّٰه ولي التوفيق.
محمّدى رى شهرى
1381/5/20
ص: 8
إنّ محبّة اللّٰه دعامة الإسلام الذي هو دين جميع الأنبياء، ومنهج تكامل الإنسان، وقد ورد عن الإمام عليّ عليه السلام أنّه قال في هذا المعنىٰ :
«إنَّ هٰذَا الإِسلامَ دينُ اللّٰهِ الَّذِي اصطَفاهُ لِنَفسِهِ ... وأقامَ دَعائِمَهُ عَلىٰ مَحَبَّتِهِ »(1).
ومعنىٰ هذا الكلام أنّ محبّة اللّٰه أهمّ ركائز البناء الفردي والاجتماعي والتكامل المادّي والمعنوي للإنسان، وكلّ ما جاء به الأنبياء لهداية المجتمع البشري إنّما يؤتي ثماره فيما إذا قام على هذه الركيزة، وما لم يذوب الإنسان في محبّة اللّٰه لا يتسنّىٰ له إدراك الحكمة الكامنة من وراء خلقه.
لقد أشار الإمام السجّاد عليه السلام في دعاء مكارم الأخلاق الوارد في الصحيفة السجّادية إلىٰ اكسير المحبّة، حيث يقول:
«وَانهَج لي إلىٰ مَحَبَّتِكَ سَبيلاً سَهلَةً أَكمِل لي بِها خَيرَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ »(2).
وانطلاقاً من هذا التصوّر فكلّما ازداد حبّ الإنسان للّٰه، تتوفّر أمامه فرص أكثر لإدراك سرّ خلقه وبلوغ كماله الإنساني، ولهذا
ص: 9
يُخاطَب أهل بيت رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله - الذين بلغوا ذرىٰ مراتب الإنسانيّة والإمامة - في الزيارة الجامعة بصفة «التامّين في محبّة اللّٰه».
وقد اُفرد الفصل الأوّل من القسم الثاني لذكر الآيات والأحاديث التي تتضمّن دعاء أهل الإيمان بأساليب مختلفة من البيان لنيل إكسير محبّة اللّٰه.
الطريق إلى محبّة اللّٰه
إنّ القضيّة الأساسيّة هنا هي كيفيّة نيل محبّة اللّٰه، وقد مرّ ذكر توجيهات أهل البيت في هذا المضمار في الفصل الثاني، وهي تتلخص في ما يأتي:
إنّ أهمّ مبادئ محبّة اللّٰه من بعد فضله ورحمته هي معرفته. فهو تعالى قد غرس بفضله ورحمته حبّ كلّ ما هو حسن وجميل في فطرة الإنسان، وبما أنّه جامع لكلّ معاني الكمال والجمال، فمن غير الممكن أن يعرفه الإنسان ولا يحبّه، ومن هذا المنطلق يؤكّد الإمام المجتبىٰ عليه السلام أنّ :
«مَن عَرَفَ اللّٰهَ أحَبَّهُ »(1).
أنواع معرفة اللّٰه
هنالك طريقان أمام الإنسان لمعرفة اللّٰه:
ص: 10
الأوّل: طريق البرهان، وهو ما يستند عليه الإيمان.
والثاني: طريق الشهود، والذي يُسمّىٰ باليقين، ولهذا فإنّنا عندما نقول إنّ معرفة اللّٰه مبدأ لمحبّته، يتبادر إلى أذهاننا تساؤل عن نوع تلك المعرفة، وهل هي المعرفة البرهانيّة، أو الشهوديّة، أو كلاهما؟
والجواب هو: كلاهما؛ إذ كلّما ازدادت معرفة الإنسان باللّٰه، يزداد بنفس ذلك المقدار معرفةً بجماله وكماله، ويصبح أكثر انجذاباً إليه، ومعنىٰ هذا: إنّ المعرفة البرهانيّة يمكن أن تكون سبباً أيضاً لمحبّة اللّٰه، ولهذا السبب حينما سُئِل:
«كَيفَ اُحَبِّبُكَ إلىٰ خَلقِكَ؟» قال:
«اُذكُر أيادِيَّ عِندَهُم؛ فَإِنَّكَ إذا ذَكَرتَ لَهُم ذٰلِكَ أحَبّوني»(1).
ولكن لا شكّ في أنّ المعرفة التامّة - والتي يُعبَّر عنها بالعشق - لا تُنال إلّاعن طريق المعرفة الشهوديّة، وهو ما عبّر عنه بعض أهل المعرفة بقولهم: «وخلاصة القول هي: أنّ الإنسان لا يصير عاشقاً للّٰه ما لم يعرفه معرفة شهوديّة. وإذا أصبح عارفاً عن هذا الطريق فحينئذٍ يرىٰ كلّ المحاسن في اللّٰه «آللّٰهُ خَيْرٌ أَمّٰا يُشْرِكُونَ »(2) ، وفي مثل هذه الحالة من المستحيل أن يلتفت الإنسان إلى غير اللّٰه».
أعلى درجات المحبّة
وعلى هذا الأساس فإنَّ الذين يعرفون اللّٰه معرفة شهوديّة، قد وصلوا إلى أعلىٰ درجات المحبّة والعشق، وهم على طائفتين: الملائكة،
ص: 11
وأولو العلم، كما قال اللّٰه سبحانه وتعالىٰ : «شَهِدَ اَللّٰهُ أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ وَ اَلْمَلاٰئِكَةُ وَ أُولُوا اَلْعِلْمِ »(1) .
وقد وصف الإمام عليّ عليه السلام شدّة حبّ الطائفة الاُولىٰ - أي الملائكة - للّٰه، بقوله:
«... قَدِ استَفرَغَتهُم أشغالُ عِبادَتِهِ ، ووَصَلَت حَقائِقُ الإِيمانِ بَينَهُم وبَينَ مَعرِفَتِهِ ، وقَطَعَهُم الإِيقانُ بِهِ إلَى الوَلَهِ إلَيهِ ، ولَم تُجاوِز رَغَباتُهُم ما عِندَهُ إلىٰ ما عِندَ غَيرِهِ ، قد ذاقوا حَلاوَةَ مَعرِفَتِهِ ، وشَرِبوا بِالكَأسِ الرَّوِيَّةِ مِن مَحَبَّتِهِ »(2).
ووصف الإمام الصادق عليه السلام لذّة الطائفة الثانية من معرفة اللّٰه بقوله:
«لَو يَعلَمُ النّاسُ ما في فَضلِ مَعرِفَةِ اللّٰهِ عَزَّ وجَلَّ لَما مَدّوا أعيُنَهُم إلىٰ ما مَتَّعَ اللّٰهُ بِهِ الأَعداءَ مِن زَهرَةِ الحَياةِ الدُّنيا ونَعيمَها، وكانَت دُنياهُم أقَلَّ عِندَهُم مِمّا يَطَؤونَهُ بِأَرجُلِهِم، ولَنَعِموا بِمَعرِفَةِ اللّٰهِ جَلَّ وعَزَّ، وتَلَذَّذوا بِها تَلَذُّذَ مَن لَم يَزَل في رَوضاتِ الجِنانِ مَعَ أولياءِ اللّٰهِ ...»(3).
السبيل إلى بلوغ المعرفة الشهوديّة
يتلخّص السبيل إلىٰ بلوغ المعرفة الشهوديّة بالتخلية والتجلية، فالتخلية تعني تنظيف مرآة القلب من صدأ الرذائل وكدورتها، فقد
ص: 12
ورد في دعاء أبي حمزة الثمالي الذي رواه عن الإمام السجّاد عليه السلام أنّه قال مخاطباً اللّٰه عزّ وجلّ :
«وإنَّ الرّاحِلَ إلَيكَ قَريبُ المَسافَةِ ، وأنَّكَ لا تَحتَجِبُ عَن خَلقِكَ إلّاأن تَحجُبُهُمُ الأَعمالُ دونَكَ »(1).
إنّ الإمام السجّاد عليه السلام يصرّح في هذا الكلام أنّ جمال اللّٰه غير محجوب، وإنّما يأتي الحجاب من قبل الرذائل، ولو أنّ حجاب صدأ المعاصي اُزيل عن مرآة القلب لوصل الإنسان آنذاك إلى المعرفة الشهوديّة.
نستنتج في ضوء ما تقدّم أعلاه:
أوّلاً: لا تعتبر تجلية القلب طريقاً ثانياً للمعرفة الشهوديّة، بل تكفي تخلية القلب وتطهيره من غبار المعاصي لبلوغ المعرفة الشهوديّة، أمّا تحليته بالأعمال الصالحة فهي ممّا يزيد من قوّة هذه المعرفة.
ثانياً: إنّ حُجُب معرفة اللّٰه وموانع محبّته هما أمر واحد؛ لأنّ المعرفة الشهوديّة للّٰه تقترن - كما علمنا - بمحّبته، ولهذا فإنّ الّذين أزاحوا حجب المعرفة الشهوديّة بالتقوىٰ إنّما قطعوا بإكسير محبّته أسباب محبّة غيره، وهؤلاء وصفهم الإمام الباقر عليه السلام بقوله:
«... قَطَعوا مَحَبَّتَهُم بِمَحَبَّةِ رَبِّهِم... ونَظَروا إلَى اللّٰهِ عَزَّ وجَلَّ وإلىٰ مَحَبَّتِهِ بِقُلوبِهِم»(2).
ص: 13
ثالثاً: إنّ بعض العناوين التي وردت في «مبادئ محبّة اللّٰه»(1) أو «مبادئ التحبّب إلى اللّٰه» كالتقوىٰ والتوبة، هي أسباب لتجلية القلب، ويُعتبر أكثرها من أسباب تحليته، أمّا الأسباب الكامنة وراء الفصل بين «مبادئ المحبّة» و «مبادئ التحبّب» فهي أنّ المجموعة الاُولىٰ تمثّل عناصر محبّة العبد لربّه، في حين تعكس المجموعة الثانية عناصر محبّة اللّٰه لعبده، ولكن لا مانع من استخدام مبادئ أيّ منهما لتحقيق الأغراض المتوخّاة من مبادئ المجموعة الثانية، فقد ورد في نصّ القرآن الكريم والأحاديث الشريفة أنّ التوبة سبب لمحبّة اللّٰه لعبده، ولكنّها من الممكن أيضاً - في ضوء التوضيحات السالفة - أن تكون من أسباب محبّة العبد لربّه، وقد ورد ذكر امور اخرىٰ ، كمعرفة اللّٰه والتقوىٰ والدعاء، باعتبارها من جملة اسباب محبّة العبد لربّه، في حين آنهاتعتبر - من غير شك - من موجبات محبّة اللّٰه للعبد أيضاً.
لقد ورد بشأن بعض المبادئ كمبدأ «ذكر اللّٰه»(2) تصريحات تؤكّد أنّ ذكر اللّٰه سب لمحبّة اللّٰه للعبد، وهي في الوقت ذاته سبب لمحبّة العبد للّٰه.
أخطر آفات محبّة اللّٰه
حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة، وجذر كل حجاب، وبذر كلّ مانع من
ص: 14
موانع محبّة اللّٰه؛ ولهذا أوردناها في الباب الأوّل من أبواب موانع محبّة اللّٰه، وأطلقنا عليها تسمية «أخطر الموانع»(1)؛ إذ تفيد النصوص الواردة في هذا الباب أنّ محبّة اللّٰه لا تجتمع على الإطلاق مع حبّ الدنيا، ولا يتيسّر للإنسان معرفة اللّٰه وحبّه طالما كانت هناك ذرّة واحدة من غبار حبّ الدنيا جاثية على مرآة قلبه.
وهنا يتبادر إلى الأذهان سؤال مفاده: ما حبّ الدنيا؟ ولماذا يتعذّر اجتماعه مع حبّ اللّٰه ؟
إنّ الدنيا في الرؤية الإسلاميّة هي عبارة عن اتّخاذ الإمكانات واللذائذ المادّيّة والدنيويّة هدفاً، وأمّا إذا كان التمتّع باللذائذ المادّيّة والدنيويّة مقدّمة للسموّ المعنوي والاُخروي، ومدعاة للقرب الإلهي، فهذا لا يعتبر في الرؤية الإسلامية ميلاً نحو الدنيا، ولا يشكّل عائقاً يحول دون محبّة اللّٰه، بل على العكس هو بمثابة مقدّمة تمهّد الأجواء لحبّ اللّٰه.
ولكن إذا اتّخذت اللذائذ المادّيّة كهدف، ففي ذلك خطورة جمّة تهدّد القيم المعنويّة وركائز المحبّة: «مٰا جَعَلَ اَللّٰهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ »(2) .
كيف يتسنّى لقلب امتلأ بحبّ الدنيا وغمرته الظلمات، أن يكون للرحمن عرشاً ويتجلّى فيه نور السموات والأرض ؟! وانطلاقاً من
ص: 15
هذه الرؤية قال إمام العارفين:
«كما أنَّ الشَّمسَ وَاللَّيلَ لا يَجتَمِعانِ ، كَذٰلِكَ حُبُّ اللّٰهِ وحُبُّ الدُّنيا لايَجتَمِعانِ »(1).
ولا يبدو ثمّة فارق هنا بين اللذائذ المحلّلة والمحرّمة؛ لأنّ اللذائذ المحلّلة أيضاً إذا اتّخذت كهدف فهي تؤدّي بالمرء إلىٰ الانغماس في الظلمات، وتحول بينه وبين الحبّ الحقيقي للنور المطلق، وفي هذا المعنى قال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله لأبي ذرّ:
«لِيَكُن لَكَ في كُلِّ شَيءٍ نِيَّةٌ صالِحَةٌ حَتَّى الأَكل وَالنَّوم»(2)، فمن الطبيعيّ أنّ اللذائذ المحرّمة تغمس صاحبها في ظلمات أكثر، وتحجبه بحجب وحواجز أكبر.
إنّ الاجتناب عن مطلق حبّ الدنيا هو أسمىٰ مراتب التقوىٰ ، وإذا ناله الإنسان نال إكسير المحبّة، وبلغ أرفع درجات النعيم المعنوي، وعن هذا الصنف من المتّقين قال الإمام محمّد الباقر عليه السلام:
«قَطَعوا مَحَبَّتَهُم بِمَحَبَّةِ رَبِّهِم... ونَظَروا إلَى اللّٰهِ ...»(3).
علاج حبّ الدنيا
لحبّ الدنيا جذور منبثقة من أمراض القلب، والقلب السليم خالٍ من حبّ الدنيا. قال الإمام الصادق عليه السلام في بيانه لمعنىٰ الآية الكريمة «إِلاّٰ
ص: 16
مَنْ أَتَى اَللّٰهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ »(1) :
«هُوَ القَلبُ الَّذي سَلِمَ مِن حُبِّ الدُّنيا»(2).
هاهنا يأتي سؤال آخر عن جذور أمراض القلب التي توقع الإنسان في حبّ الدنيا، والجواب هو أنّ جذور أمراض القلب ومصدر كلّ الرذائل الأخلاقيّة يكمن في الأنانيّة؛ ولهذا فليس هنالك من سبيل لاجتثاث حبّ الدنيا من جذوره إلّامن خلال مكافحة خصلة الأنانيّة، وقد خاطب الإمام الخميني رحمه الله ولده قائلاً في هذا المعنىٰ :
«اُوصيك يابنيّ بالانعتاق من قيود الأنانيّة والعجب؛ فهما إرث الشيطان، وبهما عصىٰ أمر اللّٰه حين أمره بالسجود لوليّه وصفيّه، واعلم أنّ كلّ مصائب بني آدم ناتجة عن هذا الإرث الشيطاني، وهو أصل اُصول الفتنة، ولعلّ الآية الشريفة: « وَ قٰاتِلُوهُمْ حَتّٰى لاٰ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ اَلدِّينُ كُلُّهُ لِلّٰهِ »(3)
تشير في بعض مراحلها إلى الجهاد الأكبر ومحاربة أصل الفتنة وهو الشيطان الأكبر وجنودهُ المتوغّلون في أعماق قلوب النّاس، حيث يجب على كلّ امرئٍ أن يجاهد من أجل إزالة الفتنة من داخل نفسه ومن خارجها، وهذا هو الجهاد الذي إن انتصر فيه الإنسان، يصلح كلّ الناس وكلّ شيء»(4).
ص: 17
سرّ بناء الذات
ليس ثمّة فرصة هنا لدراسة منهج علماء الأخلاق ونقده في معالجة الأنانيّة والرذائل الأخلاقيّة الاُخرىٰ وتطهير القلب، ولهذا نكتفي ببحث توصيّة مهمّة من كلمات الإمام علي عليه السلام، حول سرّ بناء الذّات واصلاح القلب، إذ هو قوله عليه السلام:
«أصلُ صَلاحِ القَلبِ اشتِغالُهُ بِذِكرِ اللّٰهِ »(1).
هذه الكلمة من غرر أقوال الإمام عليّ عليه السلام، بل إنّها تعتبر من معجزاته العلميّة، فهو عليه السلام يلقّن في هذه الكلمة أدقّ دروس تطهير القلب، وأفضل مناهج السير والسلوك إلى اللّٰه، والأساس الذي تنطلق منه هذه الكلمة لبناء الذات هو ذكر اللّٰه، فذكر اللّٰه ينزّه الإنسان من طباعه الحيوانيّة، وهكذا يتسنّىٰ له تطهير ذاته من الرذائل الأخلاقيّة، والعثور على ذاته الإنسانيّة، وهذه الحالة تؤدّي به إلى معرفة اللّٰه ومحبّته، إذ
«مَن عَرَفَ نَفسَهُ فَقَد عَرَفَ رَبَّهُ »(2).
دور ذكر اللّٰه في بناء الإنسان
اهتمّت النصوص الإسلاميّة بالحديث تفصيليّاً عن دور ذكر اللّٰه في
ص: 18
بناء الإنسان، ونشير هنا إلى ثلاث مجاميع منها على سبيل المثال:
المجموعة الاُولىٰ : الروايات التي أشارت إلى دور ذكر اللّٰه في مكافحة أمراض القلب وصيانته، كالروايات التالية المنقولة عن أمير المؤمنين عليه السلام:
«ذِكرُ اللّٰهِ مَطرَدَةُ الشَّيطانِ »(1).
«ذِكرُ اللّٰهِ رَأسُ مالِ كُلِّ مُؤمِنٍ ، ورِبحُهُ السَّلامَةُ مِنَ الشَّيطانِ »(2).
«ذِكرُ اللّٰهِ دَواءُ إعلالِ النُّفوسِ »(3).
«يا مَنِ اسمُهُ دَواءٌ وذِكرُهُ شِفاءٌ »(4).
المجموعة الثانية: النصوص التي تبيّن دور ذكر اللّٰه في طمأنينة القلب وشرح الصدر، وإنارة القلب والفكر، وتنمية الحياة والمشاعر الباطنيّة، والتكامل المعنوي، من قبيل قوله تعالىٰ : «أَلاٰ بِذِكْرِ اَللّٰهِ تَطْمَئِنُّ اَلْقُلُوبُ »(5).
وما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام:
«الذِّكرُ يَشرَحُ الصَّدرَ»(6).
«دَوامُ الذِّكرِ يُنيرُ القَلبَ وَالفِكرَ»(7).
«مَن ذَكَرَ اللّٰهَ سُبحانَهُ أحيَا اللّٰهُ قَلبَهُ ونَوَّرَ عَقلَهُ ولُبَّهُ »(8).
ص: 19
«إنَّ اللّٰهَ سُبحانَهُ وتَعالىٰ جَعَلَ الذِّكرَ جِلاءً لِلقُلوبِ ؛ تَسمَعُ بِهِ بَعدَ الوَقرَةِ ، وتُبصِرُ بِهِ بَعدَ العَشوَةِ ، وتَنقادُ بِهِ بَعدَ المُعانَدَةِ »(1).
«مُداوَمَةُ الذِّكرِ قوتُ الأَرواحِ ، ومِفتاحُ الصَّلاحِ »(2).
المجموعة الثالثة: النصوص التي اعتبرت الاُنس باللّٰه ومجالسته ومحبّته كثمرة لذكره، نظير ما نقل عن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله في قوله:
«مَن أكثَرَ ذِكرَ اللّٰهِ عَزَّ وجَلَّ أحَبَّهُ »(3).
وما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله:
«الذِّكرُ مِفتاحُ الاُنسِ »(4).
«ذِكرُ اللّٰهِ قوتُ النُّفوسِ ، ومُجالَسَةُ المَحبوبِ »(5).
يُستدلّ من هذه النصوص على أنّ ذكر اللّٰه يُجلي في الخطوة الاُولىٰ من السلوك إليه مرآة القلب من صدأ الرذائل والقبائح، ويقوّي في الخطوة الثانية قدرته على اكتساب المعارف الشهوديّة، ويقدّم في الخطوة الثالثة اكسير محبّة الواحد الأحد لسالكي هذا السبيل.
ونظراً لأهمّيّة دور ذكر اللّٰه في بناء الإنسان المؤمن والمجتمع الموحّد، فقد حثّت الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة على وجوب الإكثار منه، بل وديمومته.
قال سبحانه وتعالىٰ :
ص: 20
«يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اُذْكُرُوا اَللّٰهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً.»(1)
«فَإِذٰا قَضَيْتُمُ اَلصَّلاٰةَ فَاذْكُرُوا اَللّٰهَ قِيٰاماً وَ قُعُوداً وَ عَلىٰ جُنُوبِكُمْ .»(2)
لقد قال الصادق عليه السلام:
«ما مِن شيء إلّاوله حدّ ينتهي إليه، إلّاالذكر فليس له حدّ ينتهي إليه... ثمّ تلا هذه الآية: « يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اُذْكُرُوا اَللّٰهَ ذِكْراً كَثِيراً.»(3)
نقطتان مهمّتان
يبدو من الضروري هنا الالتفات إلى نقطتين مهمّتين، هما:
الأولىٰ : إنّ ما يوجب ظهور آثار الذكر في تخلية القلب وتجليته وبلوغ مرتبة المعرفة الشهوديّة ومحبّة اللّٰه هو الإكثار من الذكر والدوام عليه، كما صرّحت بذلك الكثير من النصوص التي مرّت سابقاً، وتأسيساً على هذا القول فإنّ الذكر الذي لا دوام له ولا غلبة له علىٰ القلب، لا يستطيع أن يكون منطلقاً لحركة الإنسان صوب الكمال المطلق.
ص: 21
لقد قدّم الفقيه والمحدّث الكبير الفيض الكاشاني رحمه الله في رسالة «زاد السالك» التي كتبها جواباً على سؤال عرضه عليه أحد العلماء عن كيفيّة السلوك إلىٰ اللّٰه، خمسة وعشرين توجيهاً؛ قال في التوجيه الثامن عشر منها:
«أكثِر من الأذكار والدعوات والأوراد التي تساعد على تهذيب النفس، في أوقات معيّنة وخاصّة بعد الصلوات الواجبة، وإذا استطاع المرء أن يشغل لسانه أكثر الأوقات بذكر اللّٰه وإن كانت الجوارح مشغولة بأعمال اُخرىٰ ، فيالها من سعادة. وقد نقل عن الإمام الباقر عليه السلام أن لسانه المبارك كان رطباً بذكر اللّٰه في أكثر الأوقات بذكر لا إله إلّا اللّٰه في أثناء الأكل والكلام والمشي إلى غير ذلك(1)، فإنّ هذا عون وإسناد قويّ لكلّ سالك، وإذا اقترن الذكر اللساني بالذكر القلبي ينجم عن ذلك توفيق باهر في زمن قصير، فعلىٰ الإنسان أن يحاول ما استطاع ذكر اللّٰه في كل لحظة لكي لا يغفل؛ إذ أنّ الذكر لا يضاهيه شيء في السلوك، وهذا بمثابة العون القوي للإنسان من أجل ترك معصية اللّٰه»(2).
الثّانيةُ : حقيقة الذكر هي استشعار المثول بين يدي اللّٰه تعالىٰ ، وهو
ص: 22
شعور يدفع الإنسان إلى تحمّل المسؤوليّات الفرديّة والاجتماعيّة.
وكلّما ازداد هذا الشعور لدىٰ الإنسان قوّة يتّخذ الذكر لديه طابعاً واقعيّاً أعمق، وتتمخّض عنه آثار وبركات أكثر، والدوام على الذكر بهذا المعنى هو أمر عسير جدّاً، قال الإمام الصادق عليه السلام لأحد أصحابه في هذا المعنىٰ :
«ألا اُخبِرُكَ بِأَشَدِّ ما فَرَضَ اللّٰهُ عَلىٰ خَلقِهِ؟ قالَ : قُلتُ : بَلىٰ ، قالَ :
إنصافُ النّاسِ مِن نَفسِكَ ومُواساتُكَ أخاكَ ، وذِكرُ اللّٰهِ في كُلِّ مَوطِنٍ ، أما إنّي لا أقولُ : سُبحانَ اللّٰهِ ، وَالحَمدُ للّٰهِِ ، ولا إلٰهَ إلَّااللّٰهُ ، وَاللّٰهُ أكبَرُ، وإن كانَ هٰذا مِن ذاكَ ، ولٰكِن ذِكرُ اللّٰهِ جَلَّ وعَزَّ في كُلِّ مَوطِنٍ إذا هَجَمتَ عَلىٰ طاعَةٍ أو عَلىٰ مَعصِيَةٍ »(1).
أكمل مصاديق الذكر
الصلاة أكمل مصاديق الذكر، والآية الكريمة: «أَقِمِ اَلصَّلاٰةَ لِذِكْرِي»(2) تشير إلى هذا المعنى. فالصلاة إذا اُقيمت بآدابها وشروطها - وخاصّة حضور القلب - ينجم عنها في الخطوة الاُولى تطهير القلب من كلّ رذيلة وكلّ قبيح، كما قال الباري تعالىٰ : «إِنَّ اَلصَّلاٰةَ تَنْهىٰ عَنِ اَلْفَحْشٰاءِ وَ اَلْمُنْكَرِ»(3) ، وإذا زكّى المرء نفسه من لوث الرذائل، اتّصف
ص: 23
بصفة التقوى، وتقوده في الخطوة الثانية إلى الدنوّ من بساط القرب الإلهي ومعرفته والأُنس به، كما نقل عن عليّ عليه السلام أنّه قال:
«الصَّلاةُ قُربانُ كُلِّ تَقِيٍّ »(1).
وعلى هذا الأساس؛ فالصلاة أفضل وسيلة لبناء الذات وبناء مجتمع التوحيد القائم على محبّة اللّٰه، وانطلاقاً من هذه الرؤية وصفها رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله بأنّها:
«خَيرُ مَوضوعٍ »(2)، وقد قال الإمام الصادق عليه السلام في وصفه لقيمة الصلاة ودورها في بناء الإنسان:
«ما مِن شَيءٍ بَعدَ المَعرِفَةِ يَعدِلُ هٰذِهِ الصَّلاةَ »(3).
فانطلاقاً من هذه الرؤية أكّد الإمام الخميني رحمه الله في وصيّته الأخلاقيّة بعد أن اعتبر الأنانيّة والعجب مصدراً لكلّ الفتن والمصائب التي تحلّ ببني آدم، والجهاد من أجل اجتثاث هذه الجذور الخبيثة جهاداً أكبراً، ووصف الانتصار في هذا الجهاد بأنّه مدعاة لإصلاح كلّ شيء وكلّ شخص، أكّد أنّ سبيل تحقيق هذا الانتصار - من بعد الاستعانة باللّٰه سبحانه - هي الصلاة.
وكان نصّ وصيّة السيّد الإمام إلى نجله كالآتي:
«عليك أن تسعىٰ يابنيّ لبلوغ هذا الانتصار، أو بلوغ بعض مراحله.
شمّر لهذه المهمّة عن ذراعيك، وقلّل من الأهواء النفسيّة التي لاتحصىٰ ولا تعدّ، واستعن باللّٰه تعالى؛ لأنّ المرء لا يحقّق بدون معونته أيّ
ص: 24
إنجاز. والصلاة - باعتبارها معراج العارفين، وسفر العاشقين - تقود إلى هذه الغاية. وإذا وُفّقتَ ووُفّقنا لأداء ركعة واحدة منها ومُشاهدة الأنوار المكنونة فيها والأسرار الخفيّة المودعة فيها ولو على قدر طاقتنا، نكون قد أدركنا نفحة واحدة من مقصد أولياء اللّٰه ومقصودهم، وشاهدنا لوحةً لصلاة معراج سيّد الأنبياء العارفين - عليه وعليهم وعلى آله الصلاة والسلام - مَنّ اللّٰه علينا وعليكم بفضله الكريم»(1).
وممّا يسترعي الاهتمام في هذا المجال هو أنّ الاستفادة الكاملة من آثار الصلاة وبركاتها في السير والسلوك إلىٰ اللّٰه، تستلزم توفّر شرطين:
إنّ طريق التوحيد ومعرفة اللّٰه ومحبّته طريق شائك وعسير لا يتيسّر سلوكه بدون الاستنارة بمصباحٍ والاهتداء بدليلٍ ، وبدون التمسّك بالولاية وشفاعة الوسيلة التي عيّنها اللّٰه للتقرّب(2) إليه، وبدون الدخول من الباب(3) التي حدّدها اللّٰه من أجل السير على بساط قربه، لهذا نقرأ في زيارة الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام:
«مَن أرادَ اللّٰهُ بَدَأَ بِكُم، ومَن وَحَّدَهُ قَبِلَ عَنكُم، ومَن قَصَدَهُ تَوَجَّهَ بِكُم»(4).
ص: 25
من هنا حدّد الإمام الصادق عليه السلام استيعاب حقيقة الصلاة، والاستفادة التامّة من الدين، كأفضل وسيلة للسلوك إلى اللّٰه، حيث قال في هذا المعنىٰ :
«إذا قُمتَ إلَى الصَّلاةِ فَقُل: اللّٰهُمَ إنّي اُقَدِّمُ إلَيكَ مُحَمَّداً صلى الله عليه و آله بَينَ يَدَي حاجَتي وأتَوَجَّهُ بِهِ إلَيكَ ، فَاجعَلني بِهِ وَجيهاً عِندَكَ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ ومِنَ المُقَرَّبينَ ، اجعَل صَلاتي بِهِ مَقبولَةً ، وذنبي بِهِ مَغفوراً، ودُعائي بِهِ مُستَجاباً، إنَّكَ أنتَ الغَفورُ الرَّحيمُ »(1).
أحد الشروط المهمّة لقبول الصلاة والانتفاع من آثارها وأنوارها وبركاتها، هو الزكاة، وقد أكّدت عليه النصوص الإسلاميّة كثيراً، فقد دعا القرآن الكريم الناس إلى دفع الزكاة إلى جانب أداء الصلاة، وأزاح الإمام الرّضا عليه السلام الستار عن سرّ هذا التقارن قائلاً:
«إنَّ اللّٰهَ عَزَّ وجَلَّ أمَرَ بِثَلاثَةٍ مَقرونٍ بِها ثَلاثَةً اُخرىٰ : أمَرَ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ؛ فَمَن صَلّىٰ ولَم يُزَكِّ لَم تُقبَل مِنهُ صَلاتُهُ »(2).
وقد بلغ دور إيتاء الزكاة للاستفادة من بركات الصلاة حدّاً جعل الإمام الصادق عليه السلام يقول:
«لا صَلاةَ لِمَن لا زَكاةَ لَهُ »(3).
ص: 26
إنّ الزكاة بمفهومها العام تشمل مطلق الحقوق الماليّة الواجبة منها والمستحبّة، ولهذا حينما سأل شخصٌ الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام:
«في كَم تَجِبُ الزَّكاةَ مِنَ المالِ؟ فَقالَ لَهُ : الزَّكاةُ الظّاهِرَةُ أمِ الباطِنَةُ تُريدُ؟ قالَ : اُريدُهُما جَميعاً. فَقالَ : أمَّا الظّاهِرَةُ فَفي كُلِّ ألفٍ خَمسَةٌ وعِشرونَ دِرهماً، وأمَّا الباطِنَةُ فَلا تَستَأثِر عَلىٰ أخيكَ بِما هُوَ أحوَجُ إلَيهِ مِنكَ »(1).
وعلى هذا الأساس يمكن القول بأنّ مطلق الإحسان للناس في سبيل اللّٰه عزّ وجلّ شرط لكمال الانتفاع من بركات مطلق الذكر وعلىٰ رأسه الصلاة.
إنّ دور خدمة النّاس في تكامل الإنسان؛ إلى حدٍّ يصف فيه رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله خدّام النّاس بأنّهم أفضل الناس قائلاً:
«خَيرُ النّاسِ مَنِ انتَفَعَ بِهِ النّاسُ »(2)، كما اعتبر الإمام عليّ عليه السلام الإِحسان إلى جانب طاعة اللّٰه تعالى الحكمة المبتغاة من وراء خلق الإنسان قائلاً:
«بِتَقوَى اللّٰهِ اُمِرتُم، ولِلإِحسانِ وَالطّاعَةِ خُلِقتُم»(3).
إنّ خدمة الناس - كما قال الإمام الخميني(4) قدس سره - هي في الواقع
ص: 27
خدمة للّٰه عزّ وجلّ ، وهي عبادة اجتماعية، فكلّما قدّم الإنسان مزيداً من الخدمة للناس - وخاصّة للمحرومين منهم - ازداد من اللّٰه قرباً، وله حبّاً، كما ورد في الحديث القدسي:
«يا أحمَدُ إنَّ المَحَبَّةَ للّٰهِِ هِيَ المَحَبَّةُ لِلفُقَراءِ »(1).
ويمكن تلخيص ما قلناه بشأن المنهج الموصل إلى المعرفة الشهوديّة ومحبّة اللّٰه في خمس جمل، هي:
1. الشعور الدائم بالحضور في محضر الباري تعالىٰ .
2. الاهتمام بحضور القلب في الصلاة.
3. الاستعانة باللّٰه تعالىٰ .
4. التمسّك والتوسّل بأهل البيت عليهم السلام.
5. خدمة الناس قربة إلى اللّٰه تعالى.
ص: 28
الكتاب
«وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلّٰهِ » .(1)
«قُلْ إِنْ كٰانَ آبٰاؤُكُمْ وَ أَبْنٰاؤُكُمْ وَ إِخْوٰانُكُمْ وَ أَزْوٰاجُكُمْ وَ عَشِيرَتُكُمْ وَ أَمْوٰالٌ اِقْتَرَفْتُمُوهٰا وَ تِجٰارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسٰادَهٰا وَ مَسٰاكِنُ تَرْضَوْنَهٰا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اَللّٰهِ وَ رَسُولِهِ وَ جِهٰادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتّٰى يَأْتِيَ اَللّٰهُ بِأَمْرِهِ وَ اَللّٰهُ لاٰ يَهْدِي اَلْقَوْمَ اَلْفٰاسِقِينَ » .(2)
الحديث
1. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: أحِبُّوا اللّٰهَ مِن كُلِّ قُلوبِكُم.(3)
ص: 29
2. إرشاد القلوب: رُوِيَ أنَّهُ صلى الله عليه و آله سَلَّمَ عَلَيهِ غُلامٌ دونَ البُلوغِ وبَشَّ لَهُ و تَبَسَّمَ فَرَحاً بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه و آله، فَقالَ لَهُ : أتُحِبُّني يا فَتىٰ؟ فَقالَ : إي وَ اللّٰهِ يا رَسولَ اللّٰهِ .
فَقالَ لَهُ : مِثلَ عَينَيكَ؟ فَقالَ : أكثَرَ.
فَقالَ : مِثلَ أبيكَ؟ فَقالَ : أكثَرَ.
فَقالَ : مِثلَ اُمِّكَ؟ فَقالَ : أكثَرَ.
فَقالَ : مِثلَ نَفسِكَ؟ فَقالَ : أكثَرَ وَ اللّٰهِ يا رَسولَ اللّٰهِ .
فَقالَ : أمِثلَ رَبِّكَ ، فَقالَ : اللّٰهَ اللّٰهَ اللّٰهَ يا رَسولَ اللّٰهِ ، لَيسَ هٰذا لَكَ و لا لِأَحَدٍ فَإِنَّما أحبَبتُكَ لِحُبِّ اللّٰهِ .
فَالتَفَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله إلىٰ مَن كانَ مَعَهُ و قالَ : هٰكَذا كونوا، أحِبُّوا اللّٰهَ لِإِحسانِهِ إلَيكُم و إنعامِهِ عَلَيكُم، و أحِبّوني لِحُبِّ اللّٰهِ .(1)
3. الإمام الصادق عليه السلام: الحُبُّ أفضَلُ مِنَ الخَوفِ .(2)
4. عنه عليه السلام: أوحَى اللّٰهُ عَزَّوجَلَّ إلىٰ داودَ عليه السلام: يا داودُ، بي فَافرَح، وبِذِكري فَتَلَذَّذ، وبِمُناجاتي فَتَنَعَّم، فَعَن قَريبٍ اُخلِي الدّارَ مِنَ الفاسِقينَ ، وأجعَلُ لَعنَتي عَلَى الظّالِمينَ .(3)
ص: 30
5. عنه عليه السلام - في دعائه -: إلٰهي فَتَدارَكني بِرَحمَتِكَ الَّتي بِها تَجمَعُ الخَيراتِ لِأَولِيائِكَ ، وبِها تَصرِفُ السَّيِّئاتِ عَن أحِبّائِكَ .(1)
6. عنه عليه السلام: لا يَمحَضُ رَجُلٌ الإِيمانَ بِاللّٰهِ حَتّىٰ يَكونَ اللّٰهُ أحَبَّ إلَيهِ (2)مِن نَفسِهِ وأبيهِ واُمِّهِ ووُلدِهِ وأهلِهِ ومالِهِ و(3) مِنَ النّاسِ كُلِّهِم.(4)
7. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله - في دعائه -: اللّٰهُمَّ اجعَل حُبَّكَ أحَبَّ الأَشياءِ إلَيَّ ، وَاجعَل خَشيَتَكَ أخوَفَ الأَشياءِ عِندي، وَاقطَع عَنّي حاجاتِ الدُّنيا بِالشَّوقِ إلىٰ لِقائِكَ .(5)
8. الإمام عليّ عليه السلام - في مناجاته -: إلٰهي، وعِزَّتِكَ وجَلالِكَ لَقَد أحبَبتُكَ مَحَبَّةً اِستَقَرَّت حَلاوَتُها في قَلبي، وما تَنعَقِدُ ضَمائِرُ مُوَحِّديكَ عَلىٰ أنَّكَ تُبغِضُ مُحِبِّيكَ .(6)
ص: 31
9. الإمام الحسين عليه السلام - في دُعائِهِ -: أنتَ الَّذي أزَلتَ الأَغيارَ عَن قُلوبِ أحِبّائِكَ حَتّىٰ لَم يُحِبّوا سِواكَ ... ماذا وَجَدَ مَن فَقَدَكَ؟! ومَا الَّذي فَقَدَ مَن وَجَدَكَ؟! لَقَد خابَ مَن رَضِيَ دونَكَ بَدَلاً.(1)
10. الإمام زين العابدين عليه السلام - في دُعائِهِ -: إلٰهي وسَيِّدي، هَدَأَتِ العُيونُ ، وغارَتِ النُّجومُ ، وسَكَنَتِ الحَرَكاتُ مِنَ الطَّيرِ فِي الوُكورِ وَالحيتانِ فِي البُحورِ، وأنتَ العَدلُ الَّذي لا يَجورُ، وَالقِسطُ الَّذي لا تَميلُ ، وَالدّائِمُ الَّذي لا يَزولُ ، أغلَقَتِ المُلوكُ أبوابَها، ودارَت عَلَيها حُرّاسُها، وبابُكَ مَفتوحٌ لِمَن دَعاكَ يا سَيِّدي، وخَلا كُلُّ حَبيبٍ بِحَبيبِهِ ، وأنتَ المَحبوبُ إلَيَّ .(2)
11. عنه عليه السلام - أيضاً -: إلٰهي، لَو قَرَنتَني بِالأَصفادِ، ومَنَعتَني سَيبَكَ مِن بَينِ الأَشهادِ... ماقَطَعتُ رَجائي مِنكَ ، ولا صَرَفتُ وَجهَ تَأميلي لِلعَفوِ عَنكَ ، ولا خَرَجَ حُبُّكَ مِن قَلبي.(3)
12. عنه عليه السلام - في زِيارَةِ أمينِ اللّٰهِ -: اللّٰهُمَّ إنَّ قُلوبَ المُخبِتينَ إلَيكَ والِهَةٌ ، وسُبُلَ الرّاغِبينَ إلَيكَ شارِعَةٌ .(4)
ص: 32
13. عنه عليه السلام - في مُناجاتِهِ -: سَيِّدي، أنتَ دَليلُ مَنِ انقَطَعَ دَليلُهُ ، وأمَلُ مَنِ امتَنَعَ تَأميلُهُ ، فَإِن كانَت ذُنوبي حالَت بَينَ دُعائي وإجابَتِكَ فَلَم يَحُل كَرَمُكَ بَيني وبَينَ مَغفِرَتِكَ ، وإنَّكَ لا تُضِلُّ مَن هَدَيتَ ، ولا تُذِلُّ مَن والَيتَ ، ولا يَفتَقِرُ مَن أغنَيتَ ، ولا يَسعَدُ مَن أشقَيتَ ، وعِزَّتِكَ لَقَد أحبَبتُكَ مَحَبَّةً اِستَقَرَّت في قَلبي حَلاوَتُها، وأنِسَت نَفسي بِبِشارَتِها، ومُحالٌ في عَدلِ أقضِيَتِكَ أن تَسُدَّ أسبابَ رَحمَتِكَ عَن مُعتَقِدي مَحَبَّتِكَ .(1)
14. عنه عليه السلام - أيضاً -: إلٰهي، كَسري لا يَجبُرُهُ إلّالُطفُكَ وحَنانُكَ ،..
ولَوعَتي لا يُطفِئُها إلّالِقاؤُكَ ، وشَوقي إلَيكَ لا يَبُلُّهُ إلَّاالنَّظَر إلىٰ وَجهِكَ .(2)
15. الإمام الصادق عليه السلام - في دُعائِهِ -: اللّٰهُمَّ هَدَأَتِ الأَصواتُ ، وسَكَنَتِ الحَرَكاتُ ، وخَلا كُلُّ حَبيبٍ بِحَبيبِهِ وخَلَوتُ بِكَ ، أنتَ المَحبوبُ إلَيَّ ، فَاجعَل خَلوَتي مِنكَ اللَّيلَةَ العِتقَ مِنَ النّارِ.(3)
16. عنه عليه السلام - أيضاً -: سَيِّدي، أنَا مِن حُبِّكَ جائِعٌ لا أشبَعُ ، أنَا مِن حُبِّكَ ظَمآنُ لا أروىٰ ، وا شَوقاهُ إلىٰ مَن يَراني ولا أراهُ ! يا حَبيبَ
ص: 33
مَن تَحَبَّبَ إلَيهِ ، يا قُرَّةَ عَينِ مَن لاذَ بِهِ وَانقَطَعَ إلَيهِ ، قَد تَرىٰ وَحدَتي مِنَ الآدَمِيّينَ ووَحشَتي فَصَلِّ عَلىٰ مُحَمَّدٍ وآلِهِ وَاغفِر لي وآنِس وَحشَتي وَارحَم وَحدَتي وغُربَتي.(1)
17. الإمام الهادي عليه السلام - فِي الزِّيارَةِ الجامِعَةِ -: السَّلامُ عَلَى الدُّعاةِ إلَى اللّٰهِ ، وَالأَدِلّاءِ عَلىٰ مَرضاةِ اللّٰهِ ، المُستَقِرّينَ في أمرِ اللّٰهِ ، وَالتّامّينَ في مَحَبَّةِ اللّٰهِ (2).(3)
18. الإمام الصادق عليه السلام: إنَّ النّاسَ يَعبُدونَ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ عَلىٰ ثَلاثَةِ أوجُهٍ : فَطَبَقَةٌ يَعبُدونَهُ رَغبَةً في ثَوابِهِ فَتِلكَ عِبادَةُ الحُرَصاءِ وهُوَ الطَّمَعُ ، وآخَرونَ يَعبُدونَهُ فَرَقاً مِنَ النّارِ فَتِلكَ عِبادَةُ العَبيدِ وهِيَ الرَّهبَةُ ، ولٰكِنّي أعبُدُهُ حُبّاً لَهُ عَزَّوجَلَّ فَتِلكَ عِبادَةُ الكِرامِ وهُوَ
ص: 34
الأَمنُ ؛ لِقَولِهِ عَزَّوجَلَّ : «وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ »(1) ، ولِقَولِهِ عَزَّوجَلَّ : «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّٰهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اَللّٰهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ »(2) ، فَمَن أحَبَّ اللّٰهَ أحَبَّهُ اللّٰهُ عَزَّوجَلَّ ، ومَن أحَبَّهُ اللّٰهُ عَزَّوجَلَّ كانَ مِنَ الآمِنينَ .(3)
19. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: بَكىٰ شُعَيبٌ عليه السلام مِن حُبِّ اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ حَتّىٰ عَمِيَ ، فَرَدَّ اللّٰهُ عَزَّوجَلَّ عَلَيهِ بَصَرَهُ ، ثُمَّ بَكىٰ حَتّىٰ عَمِيَ ، فَرَدَّ اللّٰهُ عَلَيهِ بَصَرَهُ ، ثُمَّ بَكىٰ حَتّىٰ عَمِيَ ، فَرَدَّ اللّٰهُ عَلَيهِ بَصَرَهُ ، فَلَمّا كانَتِ الرّابِعَةُ أوحَى اللّٰهُ إلَيهِ : يا شُعَيبُ ، إلىٰ مَتىٰ يَكونُ هٰذا أبَداً مِنكَ؟! إن يَكُن هٰذا خَوفاً مِنَ النّارِ فَقَد أجَرتُكَ ، وإن يَكُن شَوقاً إلَى الجَنَّةِ فَقَد أبَحتُكَ .
قالَ : إلٰهي وسَيِّدي، أنتَ تَعلَمُ أنّي ما بَكَيتُ خَوفاً مِن نارِكَ ، ولا شَوقاً إلىٰ جَنَّتِكَ ، ولٰكِن عَقَدَ حُبُّكَ عَلىٰ قَلبي، فَلَستُ أصبِرُ أو أراكَ . فَأَوحَى اللّٰهُ جَلَّ جَلالُهُ إلَيهِ : أما إذا كانَ هٰذا هٰكَذا فَمِن أجلِ هٰذا ساُخدِمُكَ كَليمي موسَى بنَ عِمرانَ .(4)
ص: 35
20. مسكِّن الفؤاد: في أخبارِ داودَ عليه السلام: يا داودُ، أبلِغ أهلَ أرضي أنّي حَبيبُ مَن أحَبَّني، وجَليسُ مَن جالَسَني، ومُؤنِسٌ لِمَن أنِسَ بِذِكري، وصاحِبٌ لِمَن صاحَبَني، ومُختارٌ لِمَنِ اختارَني، ومُطيعٌ لِمَن أطاعَني.
ما أحَبَّني أحَدٌ أعلَمُ ذٰلِكَ يَقيناً مِن قَلبِهِ إلّاقَبِلتُهُ لِنَفسي، وأحبَبتُهُ حُبّاً لايَتَقَدَّمُهُ أحَدٌ مِن خَلقي. مَن طَلَبَني بِالحَقِّ وَجَدَني، ومَن طَلَبَ غَيري لَم يَجِدني. فَارفُضوا - يا أهلَ الأَرضِ - ما أنتُم عَلَيهِ مِن غُرورِها، وهَلُمّوا إلىٰ كَرامَتي ومُصاحَبَتي ومُجالَسَتي ومُؤانَسَتي، وأنَسوا بي اُؤانِسكُم واُسارِع إلىٰ مَحَبَّتِكُم.(1)
21. إرشاد القلوب: إنَّ اللّٰهَ تَعالىٰ أنزَلَ في بَعضِ كُتُبِهِ : عَبدي، أنَا وحَقّي لَكَ مُحِبٌّ ، فَبِحَقّي عَلَيكَ كُن لي مُحِبّاً.(2)
22. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: إنَّ داودَ عليه السلام قالَ فيما يُخاطِبُ رَبَّهُ عَزَّوجَلَّ :
ص: 36
يا رَبِّ ، أيُّ عِبادِكَ أحَبُّ إلَيكَ ، اُحِبُّهُ بِحُبِّكَ؟ قالَ : يا داودُ، أحَبُّ عِبادي إلَيَّ نَقِيُّ القَلبِ ، نَقِيُّ الكَفَّينِ ، لا يَأتي إلىٰ أحَدٍ سوءاً، ولا يَمشي بِالنَّميمَةِ ، تَزولُ الجِبالُ ولا يَزولُ ، وأحَبَّني، وأحَبَّ مَن يُحِبُّني، وحَبَّبَني إلىٰ عِبادي.
قالَ : يا رَبّ ، إنَّكَ لَتَعلَمُ أنّي اُحِبُّكَ ، واُحِبُّ مَن يُحِبَّكُ ، فَكَيفَ اُحَبِّبُكَ إلىٰ عِبادِكَ؟ قالَ : ذَكِّرهُم بِآياتي وبَلائي ونَعمائي.(1)
23. إرشاد القلوب: أوحَى اللّٰهُ إلىٰ موسى: ذَكِّر خَلقي نَعمائي، وأحسِن إلَيهِم، وحَبِّبني إلَيهم؛ فَإِنَّهُم لا يُحِبّونَ إلّامَن أحسَنَ إلَيهِم.(2)
24. فاطمة بنت رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله - في دُعائِها -: يا أكرَمَ الأَكرَمينَ ، ومُنتَهىٰ اُمنِيَّةِ السّائِلينَ ، أنتَ مَولايَ ، فَتَحتَ لي بابَ الدُّعاءِ وَالإِنابَةِ ، فَلا تُغلِق عَنّي بابَ القَبولِ وَالإِجابَةِ .(3)
ص: 37
25. الإمام زين العابدين عليه السلام - في مُناجاتِهِ -: إلٰهي... يا مُنتَهىٰ أمَلِ الآمِلينَ ، ويا غايَةَ سُؤلِ السّائِلينَ ، ويا أقصىٰ طَلِبَةِ الطّالِبينَ ، ويا أعلىٰ رَغبَةِ الرّاغِبينَ ... لَكَ تَخَضُّعي وسُؤالي، وإلَيكَ تَضَرُّعي وَابتِهالي.(1)
26. عنه عليه السلام:
أتُحرِقُني بِالنّارِ يا غايَةَ المُنىٰ؟! *** فَأَينَ رَجائي! ثُمَّ أينَ مَحَبَّتي!(2)
الكتاب
«وَ رِضْوٰانٌ مِنَ اَللّٰهِ أَكْبَرُ ذٰلِكَ هُوَ اَلْفَوْزُ اَلْعَظِيمُ » .(3)
الحديث
27. تفسير العيّاشي عن ثوير عن الإمام زين العابدين عليه السلام: إذا صارَ أهلُ الجَنَّةِ فِي الجَنَّةِ ، ودَخَلَ وَلِيُّ اللّٰهِ إلىٰ جَنّاتِهِ ومَساكِنِهِ ... ثُمَّ إنَّ الجَبّارَ يُشرِفُ عَلَيهِم فَيَقولُ لَهُم: أولِيائي وأهلَ طاعَتي وسُكّانَ جَنَّتي في جِواري، ألا هَل اُنَبِّئُكُم بِخَيرٍ مِمّا أنتُم فيهِ؟ فَيَقولونَ :
ص: 38
رَبَّنا وأيُّ شَيءٍ خَيرٌ مِمّا نَحنُ فيهِ ! [نَحنُ ] فيمَا اشتَهَت أنفُسُنا ولَذَّت أعيُنُنا مِنَ النِّعَمِ ، في جِوارِ الكَريمِ .
قالَ : فَيَعودُ عَلَيهِمُ القَولَ ، فَيَقولونَ : رَبَّنا نَعَم، فَأتِنا بِخَيرٍ مِمّا نَحنُ فيهِ . فَيَقولُ لَهُم تَباركَ وتَعالىٰ : رِضايَ عَنكُم ومَحَبَّتي لَكُم خَيرٌ وأعظَمُ مِمّا أنتُم فيهِ . قالَ : فَيَقولونَ : نَعَم يا رَبَّنا، رِضاكَ عَنّا ومَحَبَّتُكَ لَنا خَيرٌ لَنا وأطيَبُ لِأَنفُسِنا.
ثُمَّ قَرَأَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام هٰذِهِ الآيَةَ : «وَعَدَ اَللّٰهُ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنٰاتِ جَنّٰاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلْأَنْهٰارُ خٰالِدِينَ فِيهٰا وَ مَسٰاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنّٰاتِ عَدْنٍ وَ رِضْوٰانٌ مِنَ اَللّٰهِ أَكْبَرُ ذٰلِكَ هُوَ اَلْفَوْزُ اَلْعَظِيمُ »(1) .(2)
ص: 39
ص: 40
الكتاب
«وَ لٰكِنَّ اَللّٰهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ اَلْإِيمٰانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ اَلْكُفْرَ وَ اَلْفُسُوقَ وَ اَلْعِصْيٰانَ أُولٰئِكَ هُمُ اَلرّٰاشِدُونَ » .(1)
الحديث
28. الإمام عليّ عليه السلام: إذا أكرَمَ اللّٰهُ عَبداً شَغَلَهُ بِمَحَبَّتِهِ .(2)
29. الإمام زين العابدين عليه السلام - مِن دُعائِهِ فِي التَّحميدِ للّٰهِِ عَزَّوجَلَّ -:
اِبتَدَعَ بِقُدرَتِهِ الخَلقَ ابتِداعاً، وَاختَرَعَهُم عَلىٰ مَشِيَّتِهِ اختِراعاً، ثُمَّ سَلَكَ بِهِم طَريقَ إرادَتِهِ ، وبَعَثَهُم في سَبيلِ مَحَبَّتِهِ .(3)
ص: 41
30. الإمام عليّ عليه السلام - في صِفَةِ المَلائِكَةِ -: ثُمَّ خَلَقَ سُبحانَهُ لِإِسكانِ سَماواتِهِ وعِمارَةِ الصَّفيحِ الأَعلىٰ مِن مَلَكوتِهِ خَلقاً بَديعاً مِن مَلائِكَتِهِ ... قَدِ استَفرَغَتهُم أشغالُ عِبادَتِهِ ، ووَصَلَت حَقائِقُ الإِيمانِ بَينَهُم وبَينَ مَعرِفَتِهِ ، وقَطَعَهُم الإِيقانُ بِهِ إلَى الوَلَهِ إلَيهِ ، ولَم تُجاوِز رَغَباتُهُم ما عِندَهُ إلىٰ ما عِندَ غَيرِهِ ، قَد ذاقوا حَلاوَةَ مَعرِفَتِهِ ، وشَرِبوا بِالكَأسِ الرَّوِيَّةِ مِن مَحَبَّتِهِ .(1)
31. عنه عليه السلام: الشَّوقُ شيمَةُ الموقِنينَ .(2)
32. عنه عليه السلام - في دُعائِهِ -: يا غايَةَ آمالِ العارِفينَ ، يا غِياثَ المُستَغيثينَ ، يا حَبيبَ قُلوبِ الصّادِقينَ .(3)
33. الإمام زين العابدين عليه السلام - في مُناجاتِهِ -: يا مَن آنَسَ العارِفينَ بِطولِ مُناجاتِهِ ، وألبَسَ الخائِفينَ ثَوبَ مُوالاتِهِ .(4)
34. الإمام الصادق عليه السلام: لَو يَعلَمُ النّاسُ ما في فَضلِ مَعرِفةِ اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ ما مَدّوا أعيُنَهُم إلىٰ ما مَتَّعَ اللّٰهُ بِهِ الأعداءَ مِن زَهرَةِ الحَياةِ الدُّنيا ونَعيمِها، وكانَت دُنياهُم أقَلَّ عِندَهُم مِمّا يَطَؤونَهُ بِأرجُلِهِم،
ص: 42
ولَنَعِموا بِمَعرِفَةِ اللّٰهِ جَلَّ وعَزَّ، وتَلَذَّذوا بِها تَلَذُّذَ مَن لَم يَزَل في رَوضاتِ الجِنانِ مَعَ أولِياءِ اللّٰهِ .
إنَّ مَعرِفَةَ اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ آنِسٌ مِن كُلِّ وَحشَةٍ ، وصاحِبٌ مِن كُلِّ وَحدَةٍ ، ونورٌ مِن كُلِّ ظُلمَةٍ ، وقُوَّةٌ مِن كُلِّ ضَعفٍ ، وشِفاءٌ مِن كُلِّ سُقمٍ .(1)
35. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: مَن أكثَرَ ذِكرَ اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ أحَبَّهُ اللّٰهُ ، ومَن ذَكَرَ اللّٰهَ كَثيراً كُتِبَت لَهُ بَراءَتانِ : بَراءَةٌ مِنَ النّارِ، وبَراءَةٌ مِنَ النِّفاقِ .(2)
36. عنه صلى الله عليه و آله: قالَ اللّٰهُ عَزَّوجَلَّ لي: يا مُحَمَّدُ، لَو أنَّ الخَلائِقَ نَظَروا إلىٰ عَجائِبِ صُنعي ما عَبَدوا غَيري، ولَو أنَّهُم وَجَدوا حَلاوَةَ ذِكري في قُلوبِهِم لَزِموا بابي، ولَو أنَّهُم نَظَروا إلىٰ لَطائِفِ بِرّي مَا اشتَغَلوا بِشَيءٍ سِوايَ .(3)
37. عنه صلى الله عليه و آله: يَقولُ اللّٰهُ عَزَّوجَلَّ : إذا كانَ الغالِبُ عَلَى العَبدِ الاشتِغالَ
ص: 43
بي جَعَلتُ بُغيَتَهُ ولَذَّتَهُ في ذِكري، فَإِذا جَعَلتُ بُغيَتَهُ ولَذَّتَهُ في ذِكري عَشِقَني وعَشِقتُهُ ، فَإِذا عَشِقَني وعَشِقتُهُ رَفَعتُ الحِجابَ فيما بَيني وبَينَهُ ، وصَيَّرتُ ذٰلِكَ تَغالُباً عَلَيهِ ، لا يَسهو إذا سَهَا النّاسُ ، اُولٰئِكَ كَلامُهُم كَلامُ الأَنبِياءِ ، اُولٰئِكَ الأبطالُ حَقّاً.(1)
38. الإمام عليّ عليه السلام: الذِّكرُ مِفتاحُ الاُنسِ .(2)
39. عنه عليه السلام: ذِكرُ اللّٰهِ قُوتُ النُّفُوسِ وَمُجالَسَةُ الْمَحبُوبِ .(3)
40. الإمام زين العابدين عليه السلام - في دُعائِهِ -: اللّٰهُمَّ صَلِّ عَلىٰ مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، ونَبِّهني لِذِكرِكَ في أوقاتِ الغَفلَةِ ، وَاستَعمِلني بِطاعَتِكَ في أيّامِ المُهلَةِ ، وَانهَج لي إلىٰ مَحَبَّتِكَ سَبيلاً سَهلَةً ، أكمِل لي بِها خَيرَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ .(4)
41. الإمام الباقر عليه السلام - لِجابِرٍ -: اِعلَم يا جابِرُ، أنَّ أهلَ التَّقوىٰ أيسَرُ أهلِ الدُّنيا مَؤونَةً ، وأكثَرُهُم لَكَ مَعونَةً ، تَذكُر فَيُعينونَكَ ، وإن نَسيتَ ذَكَّروكَ ، قَوّالونَ بِأَمرِ اللّٰهِ ، قَوّامونَ عَلىٰ أمرِ اللّٰهِ ، قَطَعوا
ص: 44
مَحَبَّتَهُم بِمَحَبَّةِ رَبِّهِم، ووَحَشُوا الدُّنيا لِطاعَةِ مَليكِهِم، ونَظَروا إلَى اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ وإلىٰ مَحَبَّتِهِ بِقُلوبِهِم، وعَلِموا أنَّ ذٰلِكَ هُوَ المَنظورُ إلَيهِ لِعَظيمِ شَأنِهِ .(1)
42. الإمام الصادق عليه السلام - في دُعائِهِ عَندَ دُخولِهِ عَلَى المَنصورِ -:
اللّٰهُمَّ ... أعلَمُ أفضَلُ زادِ الرّاحِلِ إلَيكَ عَزمُ الإِرادَةِ ، وخُضوعُ الاِستِغاثَةِ ، وقَد ناجاكَ بِعَزمِ الإِرادَةِ وخُضوعِ الاِستِكانَةِ قَلبي.(2)
43. الإمام الكاظم عليه السلام - مِن دُعائِهِ عليه السلام لمّا حمل إلى بغداد -:
وقَد عَلِمتُ أنَّ أفضَلَ الزّادِ لِلرّاحِلِ إلَيكَ عَزمُ إرادَةٍ يَختارُكَ بِها وَقَد ناجَاك بِعَزمِ الإرادَةِ قَلبِي.(3)
44. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: اللّٰهُمَّ إنّي أسأَلُكَ ... الرِّضا بِالقَضاءِ ، وبَرَكَةَ المَوتِ
ص: 45
بَعدَ العَيشِ ، وبَردَ العَيشِ بَعدَ المَوتِ ، ولَذَّةَ المَنظَرِ إلىٰ وَجهِكَ ، وشَوقاً إلىٰ رُؤيَتِكَ ولِقائِكَ ، مِن غَيرِ ضَرّاءَ مُضِرَّةٍ ، ولا فِتنَةٍ مُضِلَّةٍ .(1)
45. عنه صلى الله عليه و آله: اللّٰهُمَّ اجعَل حُبَّكَ أحَبَّ الأَشياءِ إلَيَّ ، وَاجعَل خَشيَتَكَ أخوَفَ الأَشياءِ عِندي، وَاقطَع عَنّي حاجاتِ الدُّنيا بِالشَّوقِ إلىٰ لِقائِكَ ، وإذا أقرَرتَ أعيُنَ أهلِ الدُّنيا مِن دُنياهُم فَأَقرِر عَيني مِن عِبادَتِكَ .(2)
46. عنه صلى الله عليه و آله: كانَ مِن دُعاءِ داودَ يَقولُ : اللّٰهُمَّ إنّي أسأَلُكَ حُبَّكَ ، وحُبَّ مَن يُحِبُّكَ ، وَالعَمَلَ الَّذي يُبَلِّغُني حُبَّكَ . اللّٰهُمَّ اجعَل حُبَّكَ أحَبَّ إلَيَّ مِن نَفسي وأهلي ومِنَ الماءِ البارِدِ.(3)
47. عنه صلى الله عليه و آله - في دُعائِهِ -: اللّٰهُمَّ اجعَلنا مَشغولينَ بِأَمرِكَ ، آمِنينَ بِوَعدِكَ ، آيِسينَ مِن خَلقِكَ ، آنِسينَ بِكَ ، مُستَوحِشينَ مِن غَيرِكَ ،
ص: 46
راضينَ بِقَضائِكَ ، صابِرينَ عَلىٰ بَلائِكَ ، شاكِرينَ عَلىٰ نَعمائِكَ ، مُتَلَذِّذينَ بِذِكرِكَ ، فَرِحينَ بِكِتابِكَ ، مُناجينَ إيّاكَ آناءَ اللَّيلِ وأطرافَ النَّهارِ، مُستَعِدّينَ لِلمَوتِ ، مُشتاقينَ إلىٰ لِقائِكَ .(1)
48. فاطمة عليها السلام - أيضاً -: اللّٰهُمَّ ... أسأَلُكَ النَّظَرَ إلىٰ وَجهِكَ ، وَالشَّوقَ إلىٰ لِقائِكَ .(2)
49. الإمام زين العابدين عليه السلام - أيضاً -: اللّٰهُمَّ وإنّي أتوبُ إلَيكَ مِن كُلِّ ما خالَفَ إرادَتَكَ ، أو زالَ عَن مَحَبَّتِكَ ؛ مِن خَطَراتِ قَلبي، ولَحَظاتِ عَيني، وحِكاياتِ لِساني.(3)
50. عنه عليه السلام - في مُناجاتِهِ -: اللّٰهُمَّ اجعَلني مِنَ الَّذينَ جَدّوا في قَصدِكَ فَلَم يَنكِلوا، و سَلَكُوا الطَّريقَ إلَيكَ فَلَم يَعدِلوا، وَاعتَمَدوا عَلَيكَ فِي الوُصولِ حَتّىٰ وَصَلوا، فَرَوِيَت قُلوبُهُم مِن مَحَبَّتِكَ ، وأنِسَت نُفوسُهُم بِمَعرِفَتِكَ .(4)
51. عنه عليه السلام - أيضاً -: اللّٰهُمَّ ... وَاعمِ أبصارَ قُلوبِنا عَمّا خالَفَ مَحَبَّتَكَ .(5)
ص: 47
52. عنه عليه السلام - أيضاً -: اللّٰهُمَّ ... لا تَبتَلِيَنّي بِالكَسَلِ عَن عِبادَتِكَ ، ولَا العَمىٰ عَن سَبيلِكَ ، ولا بِالتَّعَرُّضِ لِخِلافِ مَحَبَّتِكَ .(1)
53. عنه عليه السلام - مُناجاتِهِ -: إلٰهي، فَاجعَلنا مِنَ الَّذينَ تَوَشَّحَت أشجارُ الشَّوقِ إلَيكَ في حَدائِقِ صُدورِهِم، وأخَذَت لَوعَةُ مَحَبَّتِكَ بِمَجامِعِ قُلوبِهِم، فَهُم إلىٰ أَوكارِ الأَفكارِ يَأوونَ ، وفي رِياضِ القُربِ وَالمُكاشَفَةِ يَرتَعُونَ ، ومِن حِياضِ المَحَبَّةِ بِكأسِ المُلاطَفَةِ يَكرَعُونَ ، وشَرائِعَ المُصافاةِ يَرِدونَ .(2)
54. الإمام الصادق عليه السلام - كانَ يَقولُ -: اللّٰهُمَّ املَأ قَلبي حُبّاً لَكَ ، وخَشيَةً مِنكَ ، وتَصديقاً وإيماناً بِكَ ، وفَرَقاً مِنكَ ، وشَوقاً إلَيكَ ، يا ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ .(3)
55. عنه عليه السلام: تَدعو بِهٰذَا الدُّعاءِ في دُبُرِ رَكَعَتي طَوافِ الفَريضَةِ ، تَقولُ بَعدَ التَّشَهُّدِ: اللّٰهُمَّ ارحَمني بِطَواعِيَتي إيّاكَ وطَواعِيَتي رَسولَكَ صلى الله عليه و آله، اللّٰهُمَّ جَنِّبني أن أتَعَدّىٰ حُدودَكَ ، وَاجعَلني مِمَّن يُحِبُّكَ ويُحِبُّ رَسولَكَ ومَلائِكَتَكَ وعِبادَكَ الصّالِحينَ .(4)
ص: 48
الكتاب
«إِنَّ اَللّٰهَ يُحِبُّ اَلتَّوّٰابِينَ وَ يُحِبُّ اَلْمُتَطَهِّرِينَ » .(1)
الحديث
56. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ تَعالىٰ يُحِبُّ الشّابَّ التّائِبَ .(2)
57. الإمام عليّ عليه السلام: توبوا إلَى اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ ، وَادخُلوا في مَحَبَّتِهِ ؛ فَإِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ التَّوّابينَ ويُحِبُّ المُتَطَهِّرينَ ، وَالمُؤمِنُ تَوّابٌ .(3)
ص: 49
58. الكافي عن أبو بصير: قُلتُ لِأَبي عَبدِاللّٰهِ عليه السلام: «يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اَللّٰهِ تَوْبَةً نَصُوحاً»(1) ؟ قالَ : هُوَ الذَّنبُ الَّذي لا يَعودُ فيهِ أبَداً. قُلتُ : وأيُّنا لَم يَعُد؟! فَقالَ : يا أبا مُحَمَّدٍ، إنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ مِن عِبادِهِ المُفَتَّنَ التَّوّابَ .(2)
59. الإمام زين العابدين عليه السلام - في دُعائِهِ -: قَد قُلتَ يا إلٰهي في مُحكَمِ كِتابِكَ إنَّكَ تَقبَلُ التَّوبَةَ عَن عِبادِكَ وتَعفو عَنِ السَّيِّئاتِ وتُحِبُّ التَّوّابينَ ، فَاقبَل تَوبَتي كَما وَعَدتَ ، وَاعفُ عَن سَيِّئاتي كَما ضَمِنتَ ، وأوجِب لي مَحَبَّتَكَ كَما شَرَطتَ .(3)
60. عنه عليه السلام - أيضاً -: أعتَذِرُ إلَيكَ يا إلٰهي... فَصَلِّ عَلىٰ مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وَاجعَل نَدامَتي عَلىٰ ما وَقَعتُ فيهِ مِنَ الزَّلّاتِ وعَزمي عَلىٰ تَركِ ما يَعرِضُ لي مِنَ السَّيِّئاتِ تَوبَةً توجِبُ لي مَحَبَّتَكَ ، يا مُحِبَّ التَّوّابينَ .(4)
61. عنه عليه السلام - أيضاً -: اللّٰهُمَّ ارزُقنا خَوفَ عِقابِ الوَعيدِ... وَاجعَلنا عِندَكَ مِنَ التَّوّابينَ الَّذينَ أوجَبتَ لَهُم مَحَبَّتَكَ ، وقَبِلتَ مِنهُم
ص: 50
مُراجَعَةَ طاعَتِكَ ، يا أعدَلَ العادِلينَ .(1)
62. الإمام الصادق عليه السلام: إذا تابَ العَبدُ تَوبَةً نَصوحاً أحَبَّهُ اللّٰهُ ، فَسَتَرَ عَلَيهِ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ .(2)
الكتاب
«قُلْ أَطِيعُوا اَللّٰهَ وَ اَلرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يُحِبُّ اَلْكٰافِرِينَ » .(3)
الحديث
63. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: إنَّ أحَبَّ الناسِ إلَى اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ يَومَ القِيامَةِ أطوَعُهُم لَهُ ، وأتقاهُم.(4)
64. الإمام عليّ عليه السلام: إن تَنَزَّهوا عَنِ المَعاصي يُحبِبكُمُ اللّٰهُ .(5)
ص: 51
65. الإمام الصادق عليه السلام: قالَ اللّٰهُ تَبارَكَ وتَعالىٰ : ما تَحَبَّبَ إلَيَّ عَبدي بِأَحَبَّ مِمَّا افتَرَضتُ عَلَيهِ .(1)
66. الأمالي للصدوق عن محمّد بن أبي عمير: حَدَّثَني مَن سَمِعَ أبا عَبدِاللّٰهِ الصَّادِقَ عليه السلام يَقولُ : ما أحَبَّ اللّٰهُ عَزَّوجَلَّ مَن عَصاهُ . ثُمَّ تَمَثَّلَ فَقالَ :
تَعصِي الإِلٰهَ وأنتَ تُظهِرُ حُبَّهُ *** هٰذا مُحالٌ فِي الفِعالِ بَديعُ
لَو كانَ حُبُّكَ صادِقاً لَأَطَعتَهُ *** إنَّ المُحِبَّ لِمَن يُحِبُّ مُطيعُ .(2)
الكتاب
«قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّٰهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اَللّٰهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ اَللّٰهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ » .(3)
ص: 52
الحديث
67. الإمام عليّ عليه السلام: أحَبُّ العِبادِ إلَى اللّٰهِ المُتَأَسّي بِنَبِيِّهِ ، وَالمُقتَصُّ لِأَثَرِهِ .(1)
68. الإمام الصادق عليه السلام: مَن سَرَّهُ أن يَعلَمَ أنَّ اللّٰهَ يُحِبُّهُ فَليَعمَلِ بِطاعَةِ اللّٰهِ ، وَليَتَّبِعنا؛ ألَم يَسمَع قَولَ اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله: «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّٰهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اَللّٰهُ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ » ؟! وَاللّٰهِ لا يُطيعُ اللّٰهَ عَبدٌ أبَداً إلّاأدخَلَ اللّٰهُ عَلَيهِ فِي طاعَتِهِ اتِّباعَنا، ولا وَاللّٰهِ لا يَتَّبِعُنا عَبدٌ أبَداً إلّاأحَبَّهُ اللّٰهُ . ولا وَاللّٰهِ لا يَدَعُ أحَدٌ اِتِّباعَنا أبَداً إلّاأبغَضَنا، ولا وَاللّٰهِ لا يُبغِضُنا أحَدٌ أبَداً إلّاعَصَى اللّٰهَ ، ومَن ماتَ عاصِياً للّٰهِِ أخزاهُ اللّٰهُ وأكَبَّهُ عَلىٰ وَجهِهِ فِي النّارِ، وَالحَمدُ للّٰهِِ رَبِّ العالَمينَ .(2)
69. بحار الأنوار عن الفضيل: قُلتُ لِأَبِي الحَسَنِ عليه السلام: أيُّ شَيءٍ أفضَلُ ما يَتَقَرَّبُ بِهِ العِبادُ إلَى اللّٰهِ فيمَا افتَرَضَ عَلَيهِم ؟ فَقالَ : أفضَلُ ما يَتَقَرَّبُ بِهِ العِبادُ إلَى اللّٰهِ طاعَةُ اللّٰهِ وطاعَةُ رَسولِهِ ، وحُبُّ اللّٰهِ وحُبُّ رَسولِهِ واُولِي الأَمرِ.(3)
ص: 53
70. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: أحَبُّكُم إلَى اللّٰهِ أحاسِنُكُم أخلاقاً، المُوَطَّؤونَ أكنافاً، الَّذينَ يَألَفونَ ويُؤلَفونَ .(1)
71. الإمام الصادق عليه السلام: عَلَيكُم بِمَكارِمِ الأَخلاقِ ؛ فَإِنَّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ يُحِبُّها، وإيّاكُم ومَذامَّ الأَفعالِ ؛ فَإِنَّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ يُبغِضُها.(2)
72. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ مَعالِيَ الاُمورِ وأشرافَها، ويَكرَهُ سَفسافَها.(3)
ص: 54
73. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ كَريمٌ يُحِبُّ الكَرَمَ ، ويُحِبُّ مَعالِي الأَخلاقِ ، وَيكرَهُ سَفسافَها(1).(2)
74. الإمام عليّ عليه السلام: تَحَبَّب إلَى اللّٰهِ سُبحانَهُ بِالرَّغبَةِ فيما لَدَيهِ .(3)
75. الإمام الصادق عليه السلام: قالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه و آله: يا رَسولَ اللّٰهِ ، عَلِّمني شَيئاً إذا أنَا فَعَلتُهُ أحَبَّنِي اللّٰهُ مِنَ السَّماءِ ، وأحَبَّني أهلُ الأَرضِ .
قالَ : اِرغَب فيما عِندَ اللّٰهِ يُحِبَّكَ اللّٰهُ ، وَازهَد فيما عِندَ النّاسِ يُحِبَّكَ النّاسُ .(4)
76. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: إنَّ رَجُلاً زارَ أخاً لَهُ في قَريَةٍ اُخرىٰ ، فَأَرصَدَ اللّٰهُ
ص: 55
لَهُ عَلىٰ مَدرَجَتِهِ مَلَكاً، فَلَمّا أتىٰ عَلَيهِ قالَ : أينَ تُريدُ؟ قالَ : اُريدُ أخاً لي في هٰذِهِ القَريَةِ . قالَ : هَل لَكَ عَلَيهِ مِن نِعمَةٍ تَرُبُّها(1)؟ قالَ :
لا، غَيرَ أنّي أحبَبتُهُ فِي اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ . قالَ : فَإِنّي رَسولُ اللّٰهِ إلَيكَ بِأَنَّ اللّٰهَ قَد أحَبَّكَ كَما أحبَبتَهُ فيهِ .(2)
77. عنه صلى الله عليه و آله: قالَ اللّٰهُ تَبارَكَ وتَعالىٰ : وَجَبَت مَحَبَّتي لِلمُتَحابّينَ فِيَّ ، وَالمُتَجالِسينَ فِيَّ ، وَالمُتَزاوِرينَ فِيَّ ، وَالمُتَباذِلينَ فِيَّ .(3)
78. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: قالَ عيسَى بنُ مَريَمَ لِلحَوارِيّينَ : تَحَبَّبوا إلَى اللّٰهِ وتَقَرَّبوا إلَيهِ . قالوا: يا روحَ اللّٰهِ ، بِماذا نَتَحَبَّبُ إلَى اللّٰهِ ونَتَقَرَّبُ؟ قالَ : بِبُغضِ أهلِ المَعاصي، وَالتَمِسوا رِضَى اللّٰهِ بِسَخَطِهِم.(4)
79. الإمام الصادق عليه السلام: طَلَبتُ حُبَّ اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ فَوَجَدتُهُ في بُغضِ
ص: 56
أهلِ المَعاصي.(1)
80. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: إن أحبَبتَ أن يُحِبَّكَ اللّٰهُ فَازهَد فِي الدُّنيا، وإن أحبَبتَ أن يُحِبَّكَ النّاسُ فَلا يَقَعُ في يَدِكَ مِن حُطامِها شَيءٌ إلّا نَبذتَهُ إلَيهِم.(2)
81. المسيح عليه السلام - لَمّا سُئِلَ عَن عَمَلٍ يورِثُ مَحَبَّةَ اللّٰهِ -: أبغِضُوا الدُّنيا يُحبِبكُمُ اللّٰهُ .(3)
84. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ السَّخِيَّ ؛ فَأَحِبّوهُ ، ويُبغِضُ البَخيلَ ؛ فَأَبغِضوهُ .(1)
85. عنه صلى الله عليه و آله: السَّخِيُّ الجَهولُ أحَبُّ إلَى اللّٰهِ مِنَ العابِدِ البَخيلِ .(2)
86. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: يا عائِشَةُ تَواضَعي؛ فَإِنَّ اللّٰهَ تَعالىٰ يُحِبُّ المُتَواضِعينَ ، ويُبغِضُ المُتَكَبِّرينَ .(3)
الكتاب
«إِنَّ اَللّٰهَ يُحِبُّ اَلَّذِينَ يُقٰاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيٰانٌ مَرْصُوصٌ » .(1)
يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اَللّٰهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى اَلْكٰافِرِينَ يُجٰاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ وَ لاٰ يَخٰافُونَ لَوْمَةَ لاٰئِمٍ ذٰلِكَ فَضْلُ اَللّٰهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشٰاءُ وَ اَللّٰهُ وٰاسِعٌ عَلِيمٌ .(2)
الحديث
89. تفسير الدرّ المنثور عن زيد بن أسلم - في قَولِهِ تَعالىٰ : «إِنَّ اَللّٰهَ يُحِبُّ اَلَّذِينَ يُقٰاتِلُونَ ...» -: نَزَلَت هٰذِهِ الآيَةُ في نَفَرٍ مِنَ الأَنصارِ فيهِم عَبدُاللّٰهِ بنُ رَواحَةَ ، قالوا في مَجلِسٍ : لَو نَعلَمُ أيُّ الأَعمالِ أحَبُّ إلَى اللّٰهِ لَعمِلنا بِهِ حَتّىٰ نَموت! فَأَنزَلَ اللّٰهُ هٰذِهِ فيهِم، فَقالَ
ص: 59
ابنُ رَواحَةَ : لا أبرَحُ حَبيساً في سَبيلِ اللّٰهِ حَتّىٰ أموتَ شَهيداً.(1)
90. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: حَمَلَةُ القُرآنِ هُمُ المَحفوفونَ بِرَحمَةِ اللّٰهِ ، المَلبوسونَ بِنورِ اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ . يا حَمَلَةَ القُرآنِ ، تَحَبَّبوا إلَى اللّٰهِ بِتَوقيرِ كِتابِهِ يَزِدكُم حُبّاً ويُحَبِّبكُم إلىٰ خَلقِهِ .(2)
91. الكافي عن أبوبصير: قُلتُ لِأَبي جَعفَرٍ عليه السلام: إذا قَرَأتُ القُرآنَ فَرَفَعتُ بِهِ صَوتي جاءَنِيَ الشَّيطانُ فَقالَ : إنَّما تُرائي بِهٰذا أهلَكَ وَالنّاسَ ، قالَ : يا أبا مُحَمَّدٍ اِقرَأ قِراءَةَ ما بَينَ القِراءَتَينِ تُسمِعُ أهلَكَ ، ورَجِّع بِالقُرآنِ صَوتَكَ ؛ فَإِنَّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ يُحِبُّ الصَّوتَ الحَسَنَ يُرَجَّعُ فيهِ تَرجيعاً.(3)
92. الإمام الصادق عليه السلام: مَن قَرَأَ في كُلِّ لَيلَةِ جُمُعَةٍ الواقِعَةَ أحَبَّهُ اللّٰهُ ، وأحَبَّهُ (4) إلَى النّاسِ أجمَعينَ ، ولَم يَرَ فِي الدُّنيا بُؤساً أبَداً ولا فَقراً ولا فاقَةً ولا آفَةً مِن آفاتِ الدُّنيا، وكانَ مِن رُفَقاءِ أميرِالمُؤمِنينَ عليه السلام. وهٰذِهِ السّورَةُ لِأَميرِالمُؤمِنين عليه السلام خاصَّةً ،
ص: 60
لا يَشرَكُهُ فيها أحَدٌ.(1)
93. عنه عليه السلام: لا تَدَعوا قِراءَةَ سورَةِ طٰه؛ فَإِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّها، ويُحِبُّ مَن قَرَأَها. ومَن أدمَنَ قِراءَتَها أعطاهُ اللّٰهُ يَومَ الِقيامَةِ كِتابَهُ بِيَمينِهِ ، ولَم يُحاسِبهُ بِما عَمِلَ فِي الإِسلامِ ، واُعطِيَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الأَجرِ حَتّىٰ يَرضىٰ .(2)
94. عنه عليه السلام: مَن قَرَأَ في فَرائِضِهِ «أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ ...»(3) شَهِدَ لَهُ يَومَ القِيامَةِ كُلُّ سَهلٍ وجَبَلٍ ومَدَرٍ بِأَنَّهُ كانَ مِنَ المُصَلّينَ ، ويُنادي لَهُ يَومَ القِيامَةِ مُنادٍ: صَدَقتُم عَلىٰ عَبدي، قَبِلتُ شَهادَتَكُم لَهُ وعَلَيهِ ، أدخِلوهُ الجَنَّةَ ، ولا تُحاسِبوهُ ؛ فَإِنَّهُ مِمَّن اُحِبُّهُ واُحِبُّ عَمَلَهُ .(4)
95. الإمام الصادق عليه السلام: أوحَى اللّٰهُ عَزَّوجَلَّ إلىٰ ذِي القَرنَينِ : وعِزَّتي وجَلالي، ما خَلَقتُ خَلقاً أحَبَّ إلَيَّ مِنَ المَعروفِ ، وسَأَجعَلُ لَهُ عَلَماً؛ فَمَن رَأَيتَني حَبَّبتُ (5) إلَيهِ المَعروفَ وَاصطِناعَهُ ، وحَبَّبتُ إلَى
ص: 61
النّاسِ الطَّلَبَ إلَيهِ فَأَحِبَّهُ وتَوَلَّهُ ؛ فَإِنّي اُحِبُّهُ وأتَوَلّاهُ . ومَن رَأَيتَني كَرَّهُت إلَيهِ المَعروفَ ، وبَغَّضتُ إلَى النّاسِ الطَّلَبَ إلَيهِ فَأَبغِضهُ ولا تَتَوَلَّهُ ؛ فَإِنَّهُ مِن شَرِّ مَن خَلَقتُ .(1)
96. الإمام الباقر عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ إراقَةَ الدِّماءِ ، وإطعامَ الطَّعامِ ، وإغاثَةَ اللَّهفانِ .(2)
97. الإمام الباقر عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ تَبارَكَ وتَعالىٰ يُحِبُّ إبرادَ الكَبِدِ الحَرّىٰ ، ومَن سَقىٰ كَبِداً حَرّىٰ مِن بَهيمَةٍ أو غَيرِها أظَلَّهُ اللّٰهُ يَومَ لا ظِلَّ إلّاظِلُّهُ .(3)
98. الإمام الصادق عليه السلام: إنَّ مِمّا خَصَّ اللّٰهُ عَزَّوجَلَّ بِهِ المُؤمِنَ أن يُعرِّفَهُ بِرَّ إخوانِهِ وإن قَلَّ ، ولَيسَ البِرُّ بِالكَثرَةِ ؛ وذٰلِكَ أنَّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ يَقولُ في كِتابِهِ : «وَ يُؤْثِرُونَ عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كٰانَ بِهِمْ
ص: 62
خَصٰاصَةٌ » ، ثُمَّ قالَ : «وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولٰئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ »(1) ، ومَن عَرَفَهُ اللّٰهُ عَزَّوجَلَّ بِذٰلِكَ أحَبَّهُ اللّٰهُ ، ومَن أحَبَّهُ اللّٰهُ تَبارَكَ وتَعالىٰ وَفّاهُ أجرَهُ يَومَ القِيامَةِ بِغَيرِ حِسابِ .(2)
الكتاب
«لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى اَلتَّقْوىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجٰالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَ اَللّٰهُ يُحِبُّ اَلْمُطَّهِّرِينَ » .(3)
الحديث
99. المستدرك على الصحيحين عن أبو أيّوب الأنصاريّ وجابر بن عبداللّٰه وأنس بن مالك: إنَّ هٰذِهِ الآيَةَ لَمّا نَزَلَت - «فِيهِ رِجٰالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا» - قالَ رَسولُ اللّٰهِ صلى الله عليه و آله: يا مَعشَرَ الأَنصارِ، إنَّ اللّٰهَ قَد أثنىٰ عَلَيكُم فِي الطَّهورِ خَيراً، فَما طَهورُكُم هٰذا؟ قالوا:
نَتَوَضَّأُ لِلصَّلاةِ ، ونَغتَسِلُ مِنَ الجَنابَةِ ، ونَستَنجي بِالماءِ . قالَ : هُوَ ذاكَ فَعَلَيكُم بِهِ .(4)
ص: 63
100. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ تَعالىٰ يُحِبُّ النّاسِكَ النَّظيفَ .(1)
101. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ طَيّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ ، نَظيفٌ يُحِبُّ النَّظافَةَ .(2)
102. الإمام عليّ عليه السلام: تَنَظَّفوا بِالماءِ مِنَ النَّتِنِ الرّيحِ الَّذي يُتَأَذّىٰ بِهِ ، تَعَهَّدوا أنفُسَكُم؛ فَإِنَّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ يُبغِضُ مِن عِبادِهِ القاذورَةَ الَّذي يَتَأَنَّفُ بِهِ مَن جَلَسَ إلَيهِ .(3)
105. عنه عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ سُبحانَهُ يُحِبُّ السَّهلَ النَّفسُ ، السَّمحَ الخَليقَةُ ، القَريبَ الأَمرُ.(1)
106. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: ما مِن صَدَقَةٍ أحَبُّ إلَى اللّٰهِ مِن قَولِ الحَقِّ .(2)
107. الكافي عن الحلبيّ عن الإمام الصادق عليه السلام: سَأَلتُهُ عَن قَولِ اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ : «أَوْ لاٰمَسْتُمُ اَلنِّسٰاءَ »(3) ، فَقالَ : هُوَ الجِماعُ ، ولٰكِنَّ اللّٰهَ سَتيرٌ يُحِبُّ السَّترَ؛ فَلَم يُسَمِّ كَما تُسَمّونَ .(4)
108. مسند الشهاب عن عمران بن حصين: أخَذَ رَسولُ اللّٰهِ صلى الله عليه و آله بِطَرَفِ عِمامَتي فَقالَ : يا عِمرانُ ، إنَّ اللّٰهَ تَبارَكَ وتَعالىٰ يُحِبُّ الإِنفاقَ ، ويُبغِضُ الإِقتارَ؛ فَأَنفِق وأطعِم، ولا تَصُرَّ صَرّاً فَيَعَسُرَ عَلَيكَ الطَّلَبُ . وَاعلَم أنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ البَصَرَ النّافِذَ عِندَ مَجيءِ الشَّهَواتِ ،
ص: 65
وَالعَقلَ الكامِلَ عِندَ نُزولِ الشُّبُهاتِ ، ويُحِبُّ السَّماحَةَ ولَو عَلىٰ تَمَراتٍ ، ويُحِبُّ الشَّجاعَةَ ولَو عَلىٰ قَتلِ حَيَّةٍ .(1)
109. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ جَميلٌ يُحِبُّ الجَمالَ ، ويُحِبُّ أن يَرىٰ أثَرَ نِعمَتِهِ عَلىٰ عَبدِهِ .(2)
110. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ وِترٌ يُحِبُّ الوِترَ.(3)
111. عنه صلى الله عليه و آله: ما مِن نَفَقَةٍ أحَبُّ إلَى اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ مِن نَفَقَةِ قَصدٍ.(4)
112. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ تَعالىٰ يُحِبُّ أن يَرىٰ عَبدَهُ تَعِباً في طَلَبِ الحَلالِ .(5)
ص: 66
113. عنه صلى الله عليه و آله: ما مِنَ الكَلامِ كَلِمَةٌ أحَبُّ إلَى اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ مِن قَولِ :
«لا إلٰهَ إلَّااللّٰهُ ».(1)
114. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ أن يُؤخَذَ بِرُخصَتِهِ ، كَما يُحِبُّ أن يُؤخَذَ بِعَزائِمِهِ . إنَّ اللّٰهَ بَعَثَني بِالحَنيفِيَّةِ السَّمحَةِ دينِ إبراهيمَ .(2)
115. عنه صلى الله عليه و آله: ما مِن قَطرَةٍ أحَبُّ إلَى اللّٰهِ مِن قَطرَتَينِ : قَطرَةِ دَمٍ في سَبيلِ اللّٰهِ ، وقَطرَةِ دَمعٍ - في سَوادِ اللَّيلِ - مِن خَشيَةِ اللّٰهِ .(3)
116. عنه صلى الله عليه و آله: إنّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ يُحِبُّ الصَّمتَ عِندَ ثَلاثٍ : عِندَ تِلاوَةِ القُرآنِ ، وعِندَ الزَّحفِ ، وعِندَ الجَنازَةِ .(4)
117. عنه صلى الله عليه و آله: أحَبُّ العَمَلِ إلَى اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ تَعجيلُ الصَّلاةِ لِأَوَّلِ وَقتِها.(5)
ص: 67
118. عنه صلى الله عليه و آله: اللّٰهُ عَزَّوجَلَّ عَفُوٌّ يُحِبُّ العَفوَ.(1)
119. الإمام الصادق عليه السلام: إنَّ القَصدَ أمرٌ يُحِبُّهُ اللّٰهُ عَزَّوجَلَّ .(2)
120. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ تَعالىٰ يُحِبُّ أن تَعدِلوا بَينَ أولادِكُم.(3)
121. عنه صلى الله عليه و آله: ثَلاثَةٌ يُحِبُّهَا اللّٰهُ : قِلَّةُ الكَلامِ ، وقِلَّةُ المَنامِ ، وقِلّةُ الطَّعامِ . ثَلاثَةٌ يُبغِضُهَا اللّٰهُ : كَثرَةُ الكَلامِ ، وكَثرَةُ المَنامِ ، وكَثرَةُ الطَّعامِ .(4)
122. عنه صلى الله عليه و آله: ثَلاثَةٌ يُحِبُّهَا اللّٰهُ سُبحانَهُ : القِيامُ بِحَقِّهِ ، وَالتَّواضُعُ لِخَلقِهِ ، وَالإِحسانُ إلىٰ عِبادِهِ .(5)
123. الإمام الصادق عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ يُحِبُّ البَيتَ الَّذي فيهِ العُرسُ .(6)
124. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: ما بُنِيَ فِي الإِسلامِ بِناءٌ أحَبُّ إلَى اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ
ص: 68
وأعَزُّ مِنَ التَّزويجِ .(1)
125. عنه صلى الله عليه و آله: إذَا التَقَى المُسلِمانِ فَسَلَّمَ كُلٌّ مِنهُما عَلىٰ صاحِبِهِ وتَصافَحا كانَ أحَبُّهُما إلَى اللّٰهِ أحسَنَهُما بِشراً لِصاحِبِهِ .(2)
126. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: أحَبُّ الأَعمالِ إلَى اللّٰهِ سُرورٌ تُدخِلُهُ عَلَى المُؤمِنِ ؛ تَطرُدُ عَنهُ جَوعَتَهُ ، أو تَكشِفُ عَنهُ كُربَتَهُ .(3)
127. الإمام الصادق عليه السلام: مِن أحَبِّ الأَعمالِ إلَى اللّٰهِ تَعالىٰ زِيارَةُ قَبرِ الحُسَينِ عليه السلام.(4)
128. الإمام عليّ عليه السلام: أحَبُّ الأَعمالِ إلَى اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ فِي الأَرضِ الدُّعاءُ .(5)
ص: 69
129. الإمام الصادق عليه السلام - لَمّا سَأَ لَهُ يَزيدُ بنُ هارونَ الواسِطِيُّ عَنِ الفَلّاحينَ -: هُمُ الزّارِعونَ كُنوزَ اللّٰهِ في أرضِهِ . وما فِي الأَعمالِ شَيءٌ أحَبُّ إلَى اللّٰهِ مِنَ الزِّراعَةِ ، وما بَعَثَ اللّٰهُ نَبِيّاً إلّازَرّاعاً، إلّا إدريسَ عليه السلام فَإِنَّهُ كانَ خَيّاطاً.(1)
130. الإمام عليّ عليه السلام: اِنتَظِرُوا الفَرَجَ ، ولاتَيأَسوا مِن رَوحِ اللّٰهِ ؛ فَإِنَّ أحَبَّ الأَعمالِ إلَى اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ انتِظارُ الفَرَجِ ، مادامَ عَلَيهِ العَبدُ المُؤمِنُ .(2)
«إِنَّ اَللّٰهَ يُحِبُّ اَلْمُقْسِطِينَ » .(1)
الحديث
131. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ المُؤمِنَ المُحتَرِفَ .(2)
132. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الحَيِيَّ الحَليمَ العَفيفَ المُتَعَفِّفَ .(3)
133. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ عَبدَهُ المُؤمِنَ الفَقيرَ المُتَعَفِّفَ أبَا العِيالِ .(4)
134. سنن الترمذي عن عبداللّٰه بن مسعود يرفعه: قالَ [رَسولُ اللّٰهِ صلى الله عليه و آله]:
ثَلاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللّٰهُ : رَجُلٌ قامَ مِنَ اللَّيلِ يَتلو كِتابَ اللّٰهِ ، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ صَدَقَةً بِيَمينِهِ يُخفيها - أراهُ قالَ : - مِن شِمالِهِ ، ورَجُلٌ كانَ في سَرِيَّةٍ فَانهَزَمَ أصحابُهُ فَاستَقبَلَ العَدُوَّ.(5)
ص: 71
135. مسند ابن حنبل عن مطرف بن عبداللّٰه بن الشّخّير: بَلَغَني عَن أبي ذَرٍّ حَديثٌ ، فَكُنتُ اُحِبُّ أن ألقاهُ ، فَلَقيتُهُ ، فَقُلتُ لَهُ : يا أبا ذَرٍّ، بَلَغَني عَنكَ حَديثٌ ، فَكُنتُ اُحِبُّ أن ألقاكَ فَأَسأَلَكَ عَنهُ . فَقالَ : قَد لَقيتَ فَاسأَل. قالَ : قُلتُ : بَلَغَني أنَّكَ تَقولُ : سَمِعتُ رَسولَ اللّٰهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : «ثَلاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللّٰهُ عَزَّوجَلَّ ، وثَلاثَةٌ يُبغِضُهُمُ اللّٰهُ عَزَّوجَلَّ »؟ قالَ :
نَعَم، فَما أخالُني أكذِبُ عَلىٰ خَليلي مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله - ثَلاثاً يَقولُها -. قالَ :
قُلتُ : مَنِ الثَّلاثَةُ الَّذينَ يُحِبُّهُمُ اللّٰهُ عَزَّوجَلَّ؟ قالَ : رَجُلٌ غَزا في سَبيلِ اللّٰهِ ، فَلَقِيَ العَدوَّ مُجاهِداً مُحتَسِباً فَقاتَلَ حَتّىٰ قُتِلَ ؛ وأنتُم تَجِدونَ في كِتابِ اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ : «إِنَّ اَللّٰهَ يُحِبُّ اَلَّذِينَ يُقٰاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا» .(1) يَكفِيَهُ اللّٰهُ إيّاهُ ؛ بِمَوتٍ أو حَياةٍ . ورَجُلٌ يَكونُ مَعَ قَومٍ فَيَسيرونَ حَتّىٰ يَشُقَّ عَلَيهِمُ الكَرىٰ أوِ النُّعاسُ ، فَيَنزِلونَ في آخِرِ اللَّيلِ فَيَقومُ إلىٰ وُضوئِهِ وصَلاتِهِ .(2)
136. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: ثَلاثَةٌ يَضحَكُ اللّٰهُ يَومَ القِيامَةِ إلَيهِم: الرَّجُلُ إذا قامَ مِنَ اللَّيلِ يُصَلّي، وَالقَومُ إذا صَفّوا لِلصَّلاةِ ، وَالقَومُ إذا صَفّوا لِقِتالِ العَدُوِّ.(3)
ص: 72
137. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ حَيِيٌّ سَتيرٌ يُحِبُّ الحَياءَ وَالسَّترَ؛ فَإِذَا اغتَسَلَ أحَدُكُم فَليَستَتِر.(1)
138. عنه صلى الله عليه و آله: أتاني جِبرائيلُ عليه السلام مَعَ سَبعينَ ألفَ مَلَكٍ بَعدَ صَلاةِ الظُّهرِ وقالَ ... يا مُحَمَّدُ، مَن أحَبَّ الجَماعَةَ أحَبَّهُ اللّٰهُ وَالمَلائِكَةُ أجمَعونَ .(2)
139. الإمام عليّ عليه السلام: كَفِّروا ذُنوبَكُم وتَحَبَّبوا إلىٰ رَبِّكُم بِالصَّدَقَةِ وصِلَةِ الرَّحِمِ .(3)
140. الإمام الباقر عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ تَبارَكَ وتَعالىٰ يُحِبُّ المُداعِبَ فِي الجَماعَةِ بِلا رَفَثٍ ، المُتَوَحِّدَ بِالفِكَرِ، المُتَخَلِّيَ بِالعِبَرِ، السّاهِرَ بِالصَّلاةِ .(4)
141. الإمام الصادق عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ العَبدَ أن يَطلُبَ إلَيهِ فِي الجُرمِ العَظيمِ ، ويُبغِضُ العَبدَ أن يَستَخِفَّ بِالجُرمِ اليَسيرِ.(5)
ص: 73
142. الزهد لابن مبارك عن فضالة بن عبيد: إنَّ داودَ عليه السلام سَأَلَ رَبَّهُ عَزَّوجَلَّ :... يا رَبِّ ، أخبِرني بِأَحِبّائِكَ مِن خَلقِكَ اُحِبَّهُم لَكَ؟ قالَ : ذو سُلطانٍ يَرحَمُ النّاسَ ، ويَحكُمُ لِلنّاسِ كَما يَحكُمُ لِنَفسِهِ ، ورَجُلٌ آتاهُ اللّٰهُ مالاً فَهُوَ يُنفِقُ مِنهُ ابتِغاءَ وَجهِ اللّٰهِ وفي طاعَةِ اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ ، ورَجُلٌ يُفني شَبابَهُ وقُوَّتَهُ في طاعَةِ اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ ، ورَجُلٌ كانَ قَلبُهُ مُعَلَّقاً فِي المَساجِدِ مِن حُبِّهِ إيّاها، ورَجُلٌ لَقِيَ امرَأَةً حَسناءَ فَأَمكَنَتهُ مِن نَفسِها فَتَرَكَها مِن خَشيَةِ اللّٰهِ ، ورَجُلٌ حَيثٌ كانَ يَعلَمُ أنَّ اللّٰهَ تَعالىٰ مَعَهُ ، نَقِيَّةٌ قُلوبُهُم، طَيِّبٌ كَسبُهُم، يَتَحابّونَ بِجَلالي، اُذكَرُ بِهِم، ويُذكَرونَ بِذِكري. ورَجُلٌ فاضَت عَيناهُ مِن خَشيَةِ اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ .(1)
143. المستدرك على الصحيحين عن ابن عبّاس عن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله:
ثَلاثَةٌ مَن كُنَّ فيهِ آواهُ اللّٰهُ في كَنَفِهِ ، وسَتَرَ عَلَيهِ بِرَحمَتِهِ ، وأدخَلَهُ في مَحَبَّتِهِ . قيلَ : ما هُنَّ يا رَسولَ اللّٰهِ؟ قالَ : مَن إذا اُعطِيَ شَكَرَ، وإذا قَدَرَ غَفَرَ، وإذا غَضِبَ فَتَرَ.(2)
144. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: مَن سَرَّهُ أن يُحِبَّ اللّٰهَ ورَسولَهُ أو يُحِبَّهُ اللّٰهُ ورَسولُهُ فَليَصدُق حَديثَهُ إذا حَدَّثَ ، وَليُؤَدِّ أمانَتَهُ إذَا ائتُمِنَ ، وَليُحسِن
ص: 74
جِوارَ مَن جاوَرَهُ .(1)
145. عيسى عليه السلام: إن أرَدتُم أن تَكونوا أحِبّاءَ اللّٰهِ وأصفِياءَ اللّٰهِ فَأَحِسِنوا إلىٰ مَن أساءَ إلَيكُم، وَاعفوا عَمَّن ظَلَمَكُم، وسَلِّموا عَلىٰ مَن أعرَضَ عَنكُم.(2)
146. إرشاد القلوب: رُوِيَ عَن أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله سَأَلَ رَبَّهُ سُبحانَهُ لَيلَةَ المِعراجِ فَقالَ : يا رَبِّ ، أيُّ الأَعمالِ أفضَلُ؟ فَقالَ اللّٰهُ تَعالىٰ : لَيسَ شَيءٌ أفضَلَ عِندي مِنَ التَّوَكُّلِ عَلَيَّ ، وَالرِّضا بِما قَسَمتُ . يا مُحَمَّدُ، وَجَبَت مَحَبَّتي لِلمُتَحابّينَ فِيَّ ، ووَجَبَت مَحَبَّتي لِلمُتَعاطِفينَ فِيَّ ، ووَجَبَت مَحَبَّتي لِلمُتَواصِلينَ فِيَّ ، ووَجَبَت مَحَبَّتي لِلمُتَوَكِّلينَ عَلَيَّ . ولَيسَ لِمَحَبَّتي عَلَمٌ ولا غايَةٌ ولا نِهايَةٌ ، وكُلَّما رَفَعتُ لَهُم عَلَماً وَضَعتُ لَهُم عَلَماً، اُولٰئِكَ الَّذينَ نَظَروا إلَى المَخلوقينَ بِنَظَري إلَيهِم، ولَم يَرفَعُوا الحَوائِجَ إلَى الخَلقِ ، بُطونُهُم خَفيفَةٌ مِن أكلِ الحَرامِ ، نَعيمُهُم فِي الدُّنيا ذِكري ومَحَبَّتي ورِضائي عَنهُم.(3)
ص: 75
147. الإمام عليّ عليه السلام: جاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَقالَ : عَلِّمني عَمَلاً يُحِبُّنِي اللّٰهُ عَلَيهِ ، ويُحِبُّنِي المَخلوقونَ ، ويُثرِي اللّٰهُ مالي، ويُصِحُّ بَدَني، ويُطيلُ عُمُري، ويَحشُرُني مَعَكَ . فَقالَ : هٰذِهِ سِتُّ خِصالٍ ، تَحتاجُ إلىٰ سِتّ خِصالٍ :
إذا أرَدتَ أن يُحِبَّكَ اللّٰهُ فَخَفهُ وَاتَّقِهِ . وإذا أرَدتَ أن يُحِبَّكَ المَخلوقونَ فَأحسِن إلَيهِم، وَارفِض ما في أيديهِم. وإذا أرَدتَ أن يُثرِيَ اللّٰهُ مالَكَ فَزَكِّهِ . وإذا أرَدتَ أن يُصِحَّ بَدَنَكَ فَأَكثِر مِنَ الصَّدَقَةِ . وإذا أرَدتَ أن يُطيلَ اللّٰهُ عُمُرَكَ فَصِل ذَوي أرحامِكَ .
وإذا أرَدتَ أن يَحشُرَكَ اللّٰهُ مَعي فَأَطِلِ السُّجودَ بَينَ يَدَيِ اللّٰهِ الواحِدِ القَهّارِ.(1)
148. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: المُؤمِنُ القَوِيُّ خَيرٌ وأحَبُّ إلَى اللّٰهِ مِنَ المُؤمِنِ الضَّعيفِ ، وفي كُلٍّ خَيرٌ. اِحرِص عَلىٰ ما يَنفَعُكَ ، وَاستَعِن بِاللّٰهِ ، ولا تَعجَز. وإن أصابَكَ شَيءٌ فَلا تَقُل: «لَو أنّي فَعَلتُ كانَ كَذا وكَذا»، ولٰكِن قُل: «قَدَرُ اللّٰهِ ، وما شاءَ فَعَلَ »؛ فَإِنَّ «لَو» تَفتَحُ عَمَلَ الشَّيطانِ .(2)
ص: 76
149. عنه صلى الله عليه و آله: مَن أكَثرَ ذِكرَ المَوتِ أحَبَّهُ اللّٰهُ .(1)
150. عنه صلى الله عليه و آله: طَلبُ العِلمِ فَريضَةٌ عَلىٰ كُلِّ مُسلِمٍ ، ألا إنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ بُغاةَ العِلمِ .(2)
151. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الأَبرارَ الأَتقِياءَ الأَخفِياءَ ؛ الَّذينَ إذا غابوا لَم يُفتَقَدوا، وإن حَضَروا لَم يُدعَوا ولَم يُعرَفوا، قُلوبُهُم مَصابيحُ الهُدىٰ ، يَخرُجونَ مِن كُلِّ غَبراءَ مُظلِمَةٍ .(3)
152. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ لَيُحِبُّ المُلِحّينَ فِي الدُّعاءِ .(4)
153. عيسى عليه السلام: كَيفَ يَستَكمِلُ حُبَّ رَبِّهِ مَن لا يُقرِضُهُ بَعضَ ما رَزَقَهُ؟!(5)
ص: 77
154. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: الخَلقُ عِيالُ اللّٰهِ ، فَأَحَبُّ الخَلقِ إلَى اللّٰهِ مَن نَفَعَ عِيالَ اللّٰهِ ، وأدخَلَ عَلىٰ أهلِ بَيتٍ سُروراً.(1)
155. عنه صلى الله عليه و آله: أحَبُّ عِبادِ اللّٰهِ إلَى اللّٰهِ أنفَعُهُم لِعِبادِهِ ، وأقوَمُهُم بِحَقِّهِ ؛ الَّذينَ يُحَبِّبُ إلَيهِمُ المَعروفَ وفِعالَهُ .(2)
156. الإمام زين العابدين عليه السلام: إنَّ أحَبَّ عَبيدي إلَيَّ التَّقِيُّ الطّالِبُ لِلثَّوابِ الجَزيلِ ، اللّازِمُ لِلعُلَماءِ ، التّابِعُ لِلحُلَماءِ ، القابِلُ عَنِ الحُكَماءِ .(3)
157. الإمام الباقر عليه السلام: لا تُحَقِّروا صَغيراً مِن حَوائِجِكُم؛ فَإِنَّ أحَبَّ المُؤمِنينَ إلَى اللّٰهِ تَعالىٰ أسأَلُهُم.(4)
158. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: أحَبُّ المُؤمِنَينَ إلَى اللّٰهِ مَن نَصَبَ نَفسَهُ في طاعَةِ اللّٰهِ ، ونَصَحَ لِاُمَّةِ نَبِيِّهِ ، وتَفَكَّرَ في عُيوبِهِ ، وأبصَرَ وعَقَلَ وعَمِلَ .(5)
ص: 78
159. عنه صلى الله عليه و آله: يَقولُ اللّٰهُ تَبارَكَ وتَعالىٰ : إنَّ أحَبَّ العِبادِ إلَيَّ المُتَحابّونَ مِن أجلي، المُتَعَلِّقَةُ قُلوبُهُم بِالمَساجِدِ، وَالمُستَغِفرونَ بِالأَسحارِ، اُولٰئِكَ إذا أرَدتُ بِأَهلِ الأَرضِ عُقوبَةً ذَكَرتُهُم فَصَرَفتُ العُقوبَةَ عَنهُم.(1)
160. عنه صلى الله عليه و آله: يَقولُ اللّٰهُ جَلَّ جَلالُهُ : مَلائِكَتي، وعِزَّتي وجَلالي ما خَلَقتُ خَلقاً أحَبَّ إلَيَّ مِنَ المُقِرّينَ لي بِتَوحيدي وأن لا إلٰهَ غَيري، وحَقٌّ عَلَيَّ أن لا اُصلِيَ بِالنّارِ أهلَ تَوحيدي.(2)
161. عنه صلى الله عليه و آله: اِعتَرِفوا بِنِعمَةِ اللّٰهِ رَبِّكُم عَزَّوجَلَّ وتوبوا إلَيهِ مِن جَميعِ ذُنوبِكُم؛ فَإِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الشّاكِرينَ مِن عِبادِهِ .(3)
162. عنه صلى الله عليه و آله: يا رَبِّ ، أيُّ عِبادِكَ أحَبُّ إلَيكَ؟ قالَ : الَّذينَ يَتَحابّونَ فِيَّ ، ويَغضَبونَ لِمَحارِمي كَما يَغضَبُ النَّمِرُ إذا حَرَنَ .(4)
163. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ أحَبَّ النّاسِ إلَى اللّٰهِ يَومَ القِيامَةِ وأدناهُم مِنهُ مَجلِساً إمامٌ عادِلٌ .(5)
ص: 79
164. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ أحَبَّكُم إلَى اللّٰهِ أحسَنُكُم عَمَلاً.(1)
165. عنه صلى الله عليه و آله: أحَبُّ العَبيدِ إلَى اللّٰهِ تَبارَكَ وتَعالىٰ الأَتقِياءُ الأَخفِياءُ .(2)
166. حلية الأولياء عن وهب بن منبّه: قالَ داودُ عليه السلام: يا رَبِّ ، أيُّ عِبادِكَ أحَبُّ إلَيكَ؟ قالَ : مُؤمِنٌ حَسَنُ الصَّلاةِ . قالَ : يا رَبِّ ، أيُّ عِبادِكَ أبغَضُ إلَيكَ؟ قالَ : كافِرٌ حَسَنُ الصّورَةِ ؛ كَفَرَ هٰذا وشَكَرَ هٰذا.(3)
167. ابن عبّاس: سَأَلَ موسىٰ رَبَّهُ وقالَ : ربِّ ، أيُّ عِبادِكَ أحَبُّ إلَيكَ؟ قالَ : الَّذي يَذكُرُني ولا يَنساني.(4)
168. الإمام عليّ عليه السلام - لِكُمَيلِ بنِ زِيادٍ -: يا كُمَيلُ ، إنَّ أحَبَّ ما تَمتَثِلُهُ العِبادُ إلَى اللّٰهِ - بَعدَ الإِقرارِ بِهِ وبِأَولِيائِهِ - التَّعَفُّفُ ، وَالتَحَمُّلُ ،
ص: 80
وَالاِصطِبارُ.(1)
169. عنه عليه السلام - في بَيانِ صِفاتِ المُتَّقينَ -: عِبادَ اللّٰهِ ، إنَّ مِن أحَبِّ عِبادِ اللّٰهِ إلَيهِ عَبداً أعانَهُ اللّٰهُ عَلىٰ نَفسِهِ ، فَاستَشعَرَ الحُزنَ وتَجَلبَبَ الخَوفَ ؛ فَزَهَرَ مِصباحُ الهُدىٰ في قَلبِهِ ، وأعَدَّ القِرىٰ (2) لِيَومِهِ النّازِلِ بِهِ ، فَقَرَّبَ عَلىٰ نَفسِهِ البَعيدَ، وهَوَّنَ الشَّديدَ.(3)
170. عنه عليه السلام: مَن مَقَتَ نَفسَهُ أحَبَّهُ اللّٰهُ .(4)
171. عنه عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ تَعالىٰ يُحِبُّ المُؤمِنَ العالِمَ الفَقيهَ الزّاهِدَ الخاشِعَ الحَيِيَّ العَليمَ الحَسَنَ الخُلُقُ المُقتَصِدَ المُنصِفَ .(5)
172. عنه عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ يُحِبُّ المُحتَرِفَ الأَمينَ .(6)
173. الإمام زين العابدين عليه السلام - في دُعائِهِ فِي الاِعتِرافِ -: أتوبُ إلَيكَ في مَقامي هٰذا... تَوبَةَ ... عالِمٍ بِأَنَّ العَفوَ عَنِ الذَّنبِ العَظيمِ لا يَتَعاظَمُكَ ... وأنَّ أحَبَّ عِبادِكَ إلَيكَ مَن تَرَكَ الاِستِكبارَ عَلَيكَ ،
ص: 81
وجانَبَ الإِصرارَ، ولَزِمَ الاِستِغفارَ.(1)
174. الإمام عليّ عليه السلام: أفضَلُ الخَلقِ أقضاهُم بِالحَقِّ ، وأحَبُّهُم إلَى اللّٰهِ سُبحانَهُ أقوَلُهُم لِلصِّدقِ .(2)
175. الإمام الصادق عليه السلام: أحَبُّ العِبادِ إلَى اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ رَجُلٌ صَدوقٌ فِي حَديثِهِ ، مُحافِظٌ عَلىٰ صَلَواتِهِ ومَا افتَرَضَ اللّٰهُ عَلَيهِ ، مَعَ أداءِ الأَمانَةِ .(3)
ص: 82
إنّ ما ورد في هذا الفصل يدلّ بكل جلاء على أنّ المعتقدات والأخلاق والأعمال الحسنة توجب محبّة الخالق للمخلوق، وبما أنّ الذات الإلهيّة منزّهة عن كلّ تبدّل وتغيير، يتبادر هنا إلى الأذهان سؤال مفاده: ما معنى محبّة اللّٰه للإنسان ؟
قيل: «محبّة اللّٰه للعباد إنعامه عليهم، وأن يوفّقهم لطاعته، ويهديهم لدينه الذي ارتضاه، وحُبُّ العباد للّٰه أن يطيعوه ولا يعصوه.
لقد قيل: محبّة اللّٰه صفة من صفات فعله؛ فهي إحسان مخصوص يليق بالعبد، وأمّا محبّة العبد للّٰه تعالىٰ فحالةٌ يجدها في قلبه، يحصل منها التعظيم له وإيثار رضاه والاستئناس بذكره»(1).
والإنصاف إنّنا إذا شئنا بيان معنىٰ محبّة الخالق للمخلوق، يتحتّم علينا أن نرىٰ ما المقصود من محبّة المخلوق للخالق ؟ فإنّ اللّٰه سبحانه يُنزل العبد منه حيث أنزله من نفسه(2).
فهناك طائفة من أهل الإيمان تعني محبّتهم للّٰه طاعتهم له، وترك
ص: 83
معصيتهم إيّاه، وهؤلاء في الحقيقة لا يتنعّمون بنعمة المحبّة، وعبادتهم غير قائمة على أساس المحبّة، وإنّما على أساس الخوف والخشية، وفي المقابل تعني محبّة اللّٰه لهذه الطائفة توفيق العمل الصالح في الدنيا، وجزاؤهم في الآخرة الجنّة.
ولكن في الوقت نفسه يوجد من بين عباد اللّٰه ثلّة - وإن كانت قليلة عدداً - تحبّ اللّٰه واقعاً وتطيعه لا عن خوفٍ من عذابه، ولا طمعاً في جنّته، وإنّما حبّاً له وتعلّقاً به، هذه الثلّة تقول في مناجاتها للّٰه:
«سيّدي أنا مِن حبّك ظمآنٌ لا أُروىٰ »، وتقول أيضاً: «ما أطيب طعم حبّك»، وأيضاً: «يانعيمي وجنّتي»، وأيضاً: «فهبني يا إلهي... صبرت على حرّ نارك فكيف أصبر على فراقك»، وما إلىٰ ذلك.
ومن الطبيعيّ أنّ حبّ اللّٰه لهذه الثلّة يتّخذ مفهوماً آخر، والمعنىٰ والمفهوم الحقيقي لهذين النوعين من المحبّة لا يدركه إلّامن بلغ تلك المرحلة، وكلّ كلام يستهدف بيان المحبّة الحقيقيّة للمخلوق تجاه الخالق وتفسيرها وبالعكس يبقىٰ ناقصاً غير وافٍ بالغرض، وأفضل بيان يعكس آثار هذه المحبّة هو ما ورد في حديث «التقرّب بالنوافل»(1).
إنّ الفقيه والمحقّق الكبير الشيخ البهائي رحمه الله بخصوص هذا الحديث
ص: 84
قد قال: «وهذا الحديث صحيح السند، وهو من الأحاديث المشهورة بين الخاصّة والعامّة، وقد رووه في صحاحهم بأدنىٰ تغيير». وقال في بيانه لمعنىٰ جملة: وإنّه ليتقرّب إليَّ بالنّافلة حتّىٰ اُحبّه:
«النوافل جميع الأعمال غير الواجبة ممّا يُفعل لوجه اللّٰه سبحانه، وأمّا تخصيصها بالصلاة المندوبة فعُرفٌ طارئ ومعنىٰ محبّة اللّٰه سبحانه للعبد توفيقه للتجافي عن دار الغرور والترقّي إلى عالم النور، والاُنس باللّٰه والوحشة ممّا سواه، وصيرورة جميع الهموم همّاً واحداً.
قال بعض العارفين: إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر فيما أقامك».
وقال أيضاً في بيان قوله تعالىٰ : «فإذا احببتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به...» إلىٰ آخر الحديث.
«لأصحاب القلوب في هذا المقام كلمات سنيّة، وإشارات سريّة، وتلويحات ذوقيّة، تعطّر مشام الأرواح وتحيي رميم الأشباح، لا يُهتدىٰ إلى معناها، ولا يَطّلع على مغزاها إلّامن أتعب بدنه بالرياضة وعنىٰ نفسه بالمجاهدات حتّىٰ ذاق مشربهم وعرف مطلبهم، وأمّا من لم يفهم تلك الرموز، ولم يهتد إلى هاتيك الكنوز؛ لعكوفه على الحظوظ الدنيّة وانهماكه في اللذّات البدنيّة، فهو عند سماع تلك الكلمات على خطر عظيم من التروّي في غياهب الإلحاد، والوقوع في مهاوي الحلول والاتّحاد، تعالىٰ اللّٰه عن ذلك علوّاً كبيراً.
ونحن نتكلّم في هذا المقام بما يسهل تناوله على الأفهام، فنقول:
ص: 85
هذا مبالغة في القرب وبيان استيلاء سلطان المحبّة على ظاهر العبد وباطنه وسرّه وعلانيته. فالمراد - واللّٰه أعلم - إنّي إذا أحببتُ عبدي جذبته إلى محلّ الاُنس، وصرفته إلى عالم القدس، وصيّرت فكره مستغرقاً في أسرار الملكوت، وحواسّه مقصورة على اجتلاء أنوار الجبروت، فتثبت في مقام القرب قدمه، ويمتزج بالمحبّة لحمه ودمه، إلىٰ أن يغيب عن نفسه، ويذهل عن حسّه، فتتلاشىٰ الأغيار في نظره حتّى أكون له بمنزلة سمعه وبصره»(1).
ص: 86
الكتاب
«مٰا جَعَلَ اَللّٰهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ » .(1)
«كَلاّٰ بَلْ تُحِبُّونَ اَلْعٰاجِلَةَ * وَ تَذَرُونَ اَلْآخِرَةَ » .(2)
الحديث
176. عيسى عليه السلام: بِحَقٍّ أقولُ لَكُم: إنَّ العَبدَ لا يَقدِرُ عَلىٰ أن يَخدِمَ رَبَّينِ ، ولا مَحالَةَ أنَّهُ يُؤثِرُ أحَدَهُما عَلَى الآخَرِ وإن جَهَدَ، كَذٰلِكَ لا يَجتَمِعُ لَكُم حُبُّ اللّٰهِ وحُبُّ الدُّنيا.(3)
ص: 87
177. مسكّن الفؤاد: في أخبارِ داودَ عليه السلام: ما لِأَولِيائي وَالهَمِّ بِالدُّنيا؟! إنَّ الهَمَّ يُذهِبُ حَلاوَةَ مُناجاتي في قُلوبِهِم. يا داودُ، إنَّ مَحَبَّتي مِن أولِيائي أن يَكونوا روحانِيِّينَ لا يَغتَمّونَ .(1)
178. إرشاد القلوب في حديث المعراج - قالَ اللّٰهُ تعالىٰ -: يا أحمَدُ، لَو صَلَّى العَبدُ صَلاةَ أهلِ السَّماءِ وَالأَرضِ ، وصامَ صِيامَ أهلِ السَّماءِ وَالأَرضِ ، وطَوىٰ مِنَ الطَّعامِ مِثلَ المَلائِكَةِ ، ولَبِسَ لِباسَ العاري، ثُمَّ أرىٰ في قَلِبهِ مِن حُبِّ الدُّنيا ذَرَّةً أو سُمعَتِها أو رِئاسَتِها أو حُلِيِّها أو زينَتِها لا يُجاوِرُني في داري، ولَأَنزَعَنَّ مِن قَلبِهِ مَحَبَّتي، وعَلَيكَ سَلامي ومَحَبَّتي.(2)
179. الإمام عليّ عليه السلام: كَما أنَّ الشَّمسَ وَاللَّيلَ لا يَجتَمِعانِ كَذٰلِكَ حُبُّ اللّٰهِ وحُبُّ الدُّنيا لا يَجتَمِعانِ .(3)
180. عنه عليه السلام: مَن أحَبَّ لِقاءَ اللّٰهِ سُبحانَهُ سَلا عَنِ الدُّنيا.(4)
181. عنه عليه السلام - فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إلَيهِ -: حُبُّ الرِّئاسَةِ شاغِلٌ عَن حُبِّ اللّٰهِ سُبحانَهُ .(5)
ص: 88
182. الإمام زين العابدين عليه السلام - في دُعائِهِ -: وَانزَع مِن قَلبي حُبَّ دُنيا دَنِيَّةٍ ؛ تَنهىٰ عَمّا عِندَكَ ، وتَصُدُّ عَنِ ابتِغاءِ الوَسيلَةِ إلَيكَ ، وتُذهِلُ عَنِ التَّقَرُّبُ مِنكَ .(1)
183. الإمام الصادق عليه السلام: إذا تَخَلَّى المُؤمِنُ مِن الدُّنيا سَما، ووَجَدَ حَلاوَةَ حُبِّ اللّٰهِ ، وكانَ عِندَ أهلِ الدُّنيا كَأَنَّهُ قَد خُولِطَ(2)، وإنَّما خالَطَ القَومُ حَلاوَةَ حُبِّ اللّٰهِ فَلَم يَشتَغِلوا بِغَيرِهِ .(3)
184. عنه عليه السلام: إذا رَأَيتُمُ العالِمَ مُحِبّاً لِدُنياهُ فَاتَّهِموهُ عَلىٰ دينِكُم؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحِبٍّ لِشَيءٍ يَحوطُ ما أحَبَّ .
وقالَ صلى الله عليه و آله: أوحَى اللّٰهُ إلىٰ داودَ عليه السلام: لا تَجعَل بَيني وبَينَكَ عالِماً مَفتوناً بِالدُّنيا؛ فَيَصُدَّكَ عَن طَريقِ مَحَبَّتي؛ فَإِنَّ اُولٰئِكَ قُطّاعُ طَريقِ عِبادِيَ المُريدينَ . إنَّ أدنىٰ ما أنَا صانِعٌ بِهِم أن أنزَعَ حَلاوَةَ مُناجاتي عَن قُلوبِهِم.(4)
ص: 89
الكتاب
«إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يُحِبُّ اَلْمُعْتَدِينَ » .(1)
«وَ اَللّٰهُ لاٰ يُحِبُّ كُلَّ كَفّٰارٍ أَثِيمٍ » .(2)
«وَ اَللّٰهُ لاٰ يُحِبُّ اَلظّٰالِمِينَ » .(3)
«إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يُحِبُّ مَنْ كٰانَ خَوّٰاناً أَثِيماً» .(4)
«وَ اَللّٰهُ لاٰ يُحِبُّ اَلْمُفْسِدِينَ » .(5)
«إِنَّهُ لاٰ يُحِبُّ اَلْمُسْرِفِينَ » .(6)
«إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يُحِبُّ اَلْخٰائِنِينَ » .(7)
«إِنَّهُ لاٰ يُحِبُّ اَلْمُسْتَكْبِرِينَ » .(8)
ص: 90
«إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يُحِبُّ كُلَّ خَوّٰانٍ كَفُورٍ» .(1)
«إِنَّ قٰارُونَ كٰانَ مِنْ قَوْمِ مُوسىٰ فَبَغىٰ عَلَيْهِمْ وَ آتَيْنٰاهُ مِنَ اَلْكُنُوزِ مٰا إِنَّ مَفٰاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي اَلْقُوَّةِ إِذْ قٰالَ لَهُ قَوْمُهُ لاٰ تَفْرَحْ إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يُحِبُّ اَلْفَرِحِينَ » .(2)
«إِنَّهُ لاٰ يُحِبُّ اَلْكٰافِرِينَ » .(3)
«وَ لاٰ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنّٰاسِ وَ لاٰ تَمْشِ فِي اَلْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتٰالٍ فَخُورٍ» .(4)
185. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللّٰهُ ولا يَنظُرُ إلَيهِم: أميرٌ جائِرٌ، وشَيخٌ زانٍ ، وعابِدٌ مُتَكَبِّرٌ.(5)
186. مسند ابن حنبل عن مطرف بن عبداللّٰه: بَلَغَني عَن أبي ذَرٍّ حَديثٌ ، فَكُنتُ اُحِبُّ أن ألقاهُ ، فَلَقيتُهُ ، فَقُلتُ لَهُ :... بَلَغَني أنَّكَ تَقولُ :
ص: 91
سَمِعتُ رَسولَ اللّٰهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : «ثَلاثَةُ يُحِبُّهُمُ اللّٰهُ عَزَّوجَلَّ وثَلاثَةٌ يُبغِضُهُمُ اللّٰهُ عَزَّوجَلَّ »؟ قالَ : نَعَم، فَما أخالُني أكذِبُ عَلىٰ خَليلي مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله - ثَلاثاً يَقولُها -... قُلتُ : مَنِ الثَّلاثَةُ الَّذينَ يُبغِضُهُمَ اللّٰهُ؟ قالَ : «الفَخورُ المُختالُ ؛ وأنتُم تَجِدونَ في كِتابِ اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ : «إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يُحِبُّ مَنْ كٰانَ مُخْتٰالاً فَخُوراً» ، وَالبَخيلُ المَنّانُ ، وَالتّاجِرُ والبَيّاعُ الحَلّافُ ».(1)
187. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: ثَلاثَةٌ يُبغِضُهُمُ اللّٰهُ : المَنّانُ بِصَدَقَتِهِ ، وَالمُقتِرُ مَعَ سَعَتِهِ ، وَالفَقيرُ المُسرِفُ .(2)
188. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ يُبغِضُ الشَّيخَ الزّانِيَ ، وَالغَنِيَّ الظَّلومَ ، وَالفَقيرَ المُختالَ ، وَالسّائِلَ المُلحِفَ . ويُحبِطُ أجرَ المُعطِي المَنّانِ .
ويَمقُتُ البَذيخَ الجَرِيَّ الكَذّابَ .(3)
189. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ يُبغِضُ رَجُلاً يُدخَلُ عَلَيهِ في بَيتِهِ ولا يُقاتِلُ .(4)
ص: 92
190. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ يُبغِضُ المُعَبِّسَ في وُجوهِ إخوانِهِ .(1)
191. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ تَعالىٰ يُبغِضُ البَخيلَ في حَياتِهِ ، السَّخيَّ عِندَ مَوتِهِ .(2)
192. عنه صلى الله عليه و آله: خُلُقانِ يُحِبُّهُمَا اللّٰهُ ، وخُلُقانِ يُبغِضُهُمَا اللّٰهُ ؛ فَأَمَّا اللَّذانِ يُحِبُّهُمَا اللّٰهُ فَالسَّخاءُ وَالسَّماحَةُ . وأمَّا اللَّذانِ يُبغِضُهُمَا اللّٰهُ تَعالىٰ فَسوءُ الخُلُقِ وَالبُخلُ . وإذا أرادَ اللّٰهُ بِعَبدٍ خَيراً اِستَعمَلَهُ عَلىٰ قَضاءِ حَوائِجِ النّاسِ .(3)
193. الإمام الباقر عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ يُبغِضُ كُلَّ مِطلاقٍ ذَوّاقٍ .(4)
194. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ يُبغِضُ كُلَّ ... عالِمٍ بِالدُّنيا جاهِلٍ بِالآخِرَةِ .(5)
ص: 93
195. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ يُبغِضُ كُلَّ مُبتَدِعٍ .(1)
196. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ موسَى بنَ عِمرانَ سَأَلَ رَبَّهُ ورَفَعَ يَدَيهِ فَقالَ :
«يا رَبِّ ، أينَ ذَهَبتُ اُوذيتُ »! فَأَوحَى اللّٰهُ تَعالىٰ إلَيهِ : يا موسىٰ ، إنَّ في عَسكَرِكَ غَمّازاً. فَقالَ : يا رَبِّ ، دُلَّني عَلَيهِ؟ فَأَوحَى اللّٰهُ تَعالىٰ إلَيهِ : إنّي اُبغِضُ الغَمّازَ فَكَيفَ أغمِزُ؟!(2)
197. عنه صلى الله عليه و آله: إيّاكُم وَالفُحشَ ؛ فَإِنَّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ لا يُحِبُّ الفاحِشَ المُتَفَحِّشَ .(3)
198. الإمام الباقر عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ يُبغِضُ اللَّعّانَ ، السَّبّابَ الطَّعّانَ عَلَى المُؤمِنينَ ، الفاحِشَ ، المُتَفَحِّشَ ، السّائِلَ المُلحِفَ .(4)
199. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ يُبغِضُ ابنَ السَّبعينَ في هَيئَةِ ابنِ عِشرينَ ؛ في مِشيَتِهِ ومَنظَرِهِ .(5)
200. الإمام الصادق عليه السلام: قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ لَيُبغِضُ
ص: 94
المُؤمِنَ الضَّعيفَ الَّذي لا دينَ لَهُ . فَقيلَ لَهُ : ومَا المُؤمِنُ الَّذي لا دينَ لَهُ؟ قالَ : الَّذي لا يَنهىٰ عَنِ المُنكَرِ.(1)
201. الإمام عليّ عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ سُبحانَهُ لَيُبغِضُ الوَقِحَ المُتَجَرِّئَ عَلَى المَعاصي.(2)
202. عنه عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ سُبحانَهُ لَيُبغِضُ الطَّويلَ الأَمَلُ السَّيِّئَ العَمَلُ .(3)
203. الخصال عن الحسين بن عثمان عَنِ الإِمامِ الصّادِقِ عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ يُبغِضُ الغَنِيَّ الظَّلومَ ، وَالشَّيخَ الفاجِرَ، وَالصُّعلوكَ المُختالَ . ثُمَّ قالَ : أتَدري مَا الصُّعلوكُ المُختالُ؟ قالَ : فَقُلنا:
القَليلُ المالُ . قالَ : لا، هُوَ الَّذي لا يَتَقَرَّبُ إلَى اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ بِشَيءٍ مِن مالِهِ .(4)
204. الإمام عليٌّ عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ يُبغِضُ العَبدَ فاغِراً(5) فاهُ ويَقولُ : اللّٰهُمَّ ارزُقني، ويَترُكُ الطَّلَبَ .(6)
ص: 95
205. من لا يحضره الفقيه: قيلَ لِلصّادِقِ جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ عليهما السلام: بَلَغَنا أنَّ رَسولَ اللّٰهِ صلى الله عليه و آله قالَ : «إنَّ اللّٰهَ تَبارَكَ وتَعالىٰ لَيُبغِضُ البَيتَ اللَّحِمَ ، وَاللَّحمَ السَّمينَ »! فَقالَ عليه السلام: إنّا لَنَأكُلُ اللَّحمَ ونُحِبُّهُ ، وإنَّما عَنىٰ صلى الله عليه و آله البَيتَ الَّذي تُؤكَلُ فيهِ لُحومُ النّاسِ بِالغيبَةِ ، وعَنىٰ ب «اللَّحِمِ السَّمينِ » المُتَبَختِرَ المُختالَ في مِشيَتِهِ .(1)
206. الإمام الصادق عليه السلام: إذا أبغَضَ اللّٰهُ عَبداً حَبَّبَ إلَيهِ المالَ ، وبَسَطَ لَهُ الآمالَ ، وألهَمَهُ دُنياهُ ، وَوكَلَهُ إلىٰ هَواهُ ؛ فَرَكِبَ العِنادَ، وبَسَطَ الفَسادَ، وظَلَمَ العِبادَ.(2)
207. الإمام الكاظم عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ جَلَّ وعَزَّ يُبغِضُ العَبدَ النَّوّامَ الفارِغَ .(3)
208. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: أبغَضُ النّاسِ إلَى اللّٰهِ وأبعَدُهُم مِنهُ مَجلِساً إمامٌ جائِرٌ.(4)
ص: 96
209. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ مِن أبغَضِ الخَلقِ إلَى اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ لَمَنَ آمَنَ ثُمَّ كَفَرَ.(1)
210. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ أبغَضَ الرِّجالِ إلَى اللّٰهِ الأَلَدُّ الخَصِمُ .(2)
211. عنه صلى الله عليه و آله: أبغَضُ الخَلقِ إلَى اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ مَن جَرَّدَ ظَهرَ مُسلِمٍ بِغَيرِ حَقٍّ ، ومَن ضَرَبَ في غَيرِ حَقٍّ مَن لَم يَضرِبهُ ، أو قَتَلَ مَن لَم يَقتُلهُ .(3)
212. عنه صلى الله عليه و آله: أبغَضُ العِبادِ إلَى اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ مَن ضَنَّ (4) عَلىٰ عِيالِهِ .(5)
213. جامع الأحاديث: قالَ رَسولُ اللّٰهِ صلى الله عليه و آله: ألا اُخبِرُكُم بِأَبغَضِ الخَلقِ إلَى اللّٰهِ تَعالىٰ؟ قالوا: بَلىٰ يا رَسولَ اللّٰهِ . قالَ : الزَّنّاؤونَ بِحَلائِلِ جيرانِهِم.(6)
ص: 97
214. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: إنَّ أبغَضَ النّاسِ إلَى اللّٰهِ مَنِ اتَّقاهُ النّاسُ لِلِسانِهِ .(1)
215. عنه صلى الله عليه و آله: إنّ أبغَضَ النّاسِ إلَى اللّٰهِ تَعالىٰ مَن يَقتَدي بِسَيِّئَةِ المُؤمِنِ ولا يَقتَدي بِحَسَنَتِهِ .(2)
216. عنه صلى الله عليه و آله: أبغَضُ النّاسِ إلَى اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ مَن كانَ ثَوبُهُ خَيراً مِن عَمَلِهِ ، وأن يَكونَ ثِيابُهُ ثِيابَ الأَنبِياءِ وعَمَلُهُ عَمَلَ الجَبابِرَةِ .(3)
217. عنه صلى الله عليه و آله: ثَمانِيَةٌ أبغَضُ خَليقَةِ اللّٰهِ إلَيهِ يَومَ القِيامَةِ : السَّقّارونَ ؛ وهُمُ الكَذّابونَ ، وَالخَيّالونَ ؛ وهُمُ المُستَكبِرونَ ، وَالَّذينَ يَكنِزونَ البَغضاءَ لِإِخوانِهِم في صُدورِهِم فَإِذا لَقوهُم حَلَفوا لَهُم، وَالَّذينَ إذا دُعوا إلَى اللّٰهِ ورَسولِهِ كانوا بِطاءً وإذا دُعوا إلَى الشَّيطانِ وأمرِهِ كانوا سِراعاً، وَالَّذينَ لا شَرِفَ لَهُم طَمَعٌ مِنَ الدُّنيا إلَّااستَحَلّوهُ بِأَيمانِهِم وإن لَم يَكُن لَهُم بِذٰلِكَ حَقٌّ ، وَالمَشّاؤونَ بِالنَّميمَةِ ، وَالمُفَرِّقونَ بَينَ الأَحِبَّةِ ، وَالباغونَ البُرَآءَ الرُّخصَةَ .(4)
218. الإمام عليّ عليه السلام: إنَّ أبغَضَ خَلقِ اللّٰهِ إلَى اللّٰهِ رَجُلٌ قَمَشَ (5) عِلماً
ص: 98
مِن أغمارِ غَشوَةٍ وأوباشِ (1) فِتنَةٍ ، فَهُوَ في عَمىً عَنِ الهُدَى الَّذي أتىٰ مِن عِندِ رَبِّهِ ، وضالٌّ عَن سُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله، يَظُنُّ أنَّ الحَقَّ في صحفِهِ .(2)
219. عنه عليه السلام: إنَّ مِن أبغَضِ الخَلقِ إلَى اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ لَرَجُلَينِ : رَجُلٌ وَكَلَهُ اللّٰهُ إلىٰ نَفسِهِ ؛ فَهُوَ جائِرٌ عَن قَصدِ السَّبيلِ ، مَشعوفٌ (3) بِكَلامِ بِدعَةٍ ، قَد لَهِجَ (4) بِالصَّومِ وَالصَّلاةِ ، فَهُوَ فِتنَةٌ لِمَنِ افتَتَنَ بِهِ ، ضالٌّ عَن هَديِ مَن كانَ قَبلَهُ ، مُضِلٌّ لِمَنِ اقتَدىٰ بِهِ في حَياتِهِ وبَعدَ مَوتِهِ ، حَمّالٌ خَطايا غَيرِهِ ، رَهنٌ بِخَطيئَتِهِ .
ورَجُلٌ قَمَشَ جَهلاً في جُهّالِ النّاسِ ، عانٍ بِأَغباشِ الفِتنَةِ ، قَد سَمّاهُ أشباهُ النّاسِ عالِماً ولَم يَغنَ فيهِ يَوماً سالِماً.(5)
220. الإمام عليّ عليه السلام: إنَّ مِن أبغَضِ الرِّجالِ إلَى اللّٰهِ تَعالىٰ لَعَبداً وَكَلَهُ اللّٰهُ إلىٰ نَفسِهِ ، جائِراً عَن قَصدِ السَّبيلِ ، سائِراً بِغَيرِ دَليلٍ ، إن دُعِيَ
ص: 99
إلىٰ حَرثِ الدُّنيا عَمِلَ ، وإن دُعِيَ إلىٰ حَرثِ الآخِرَةِ كَسِلَ ، كَأَنَّ ما عَمِلَ لَهُ واجِبٌ عَلَيهِ ، وكَأَنَّ ما وَنىٰ (1) فيهِ ساقِطٌ عَنهُ .(2)
221. عنه عليه السلام: أبغَضُ الخَلائِقِ إلَى اللّٰهِ المُغتابُ .(3)
222. عنه عليه السلام: أمقَتُ العِبادِ إلَى اللّٰهِ سُبحانَهُ مَن كانَ هِمَّتُهُ بَطنَهُ وفَرجَهُ .(4)
223. عنه عليه السلام: أبعَدُ الخَلائِقِ مِنَ اللّٰهِ تَعالىٰ البَخيلُ الغَنِيُّ .(5)
224. الإمام زين العابدين عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ تَبارَكَ وتَعالىٰ أوحىٰ إلى دانِيالَ :
إنَّ أمقَتَ عَبيدي إلَيَّ الجاهِلُ المُستَخِفُّ بِحَقِّ أهلِ العِلمِ ، التّارِكُ لِلاِقتِداءِ بِهِم.(6)
225. عنه عليه السلام: ألا وإنَّ أبغَضَ النّاسِ إلَى اللّٰهِ مَن يَقتَدي بِسُنَّةِ إمامٍ ولا يَقتَدي بِأَعمالِهِ .(7)
226. الإمام الباقر عليه السلام: ما أحَدٌ أبغَضَ إلَى اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ مِمَّن يَستَكبِرُ عَن
ص: 100
عِبادَتِهِ ، ولا يَسأَلُ ما عِندَهُ .(1)
227. المحاسن عن عثمان بن عيسى عَمَّن ذَكَرَهُ عَن بَعضِ أصحابِنا:
قُلتُ لِأَبي عَبدِاللّٰهِ عليه السلام: مَن أبغَضُ الخَلقِ إلَى اللّٰهِ؟ قالَ : مَن يَتَّهِمُ اللّٰهَ . قُلتُ : وأحَدٌ يَتَّهِمُ اللّٰهَ؟! قالَ : نَعَم، مَنِ استَخارَ اللّٰهَ فَجاءَتهُ الخِيَرَةُ بِما يَكرَهُ فَسَخِطَ، فَذٰلِكَ يَتَّهِمُ اللّٰهَ .(2)
الكتاب
«لاٰ يُحِبُّ اَللّٰهُ اَلْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ اَلْقَوْلِ إِلاّٰ مَنْ ظُلِمَ وَ كٰانَ اَللّٰهُ سَمِيعاً عَلِيماً» .(3)
«وَ اَللّٰهُ لاٰ يُحِبُّ اَلْفَسٰادَ» .(4)
«يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مٰا لاٰ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اَللّٰهِ أَنْ تَقُولُوا مٰا لاٰ تَفْعَلُونَ » .(5)
ص: 101
الحديث
228. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ يُبغِضُ الوَسِخَ وَالشَّعثَ .(1)
229. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الإِنفاقَ ويُبغِضُ الإِقتارَ.(2)
230. عنه صلى الله عليه و آله: إنّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ يُبغِضُ الآكِلَ فَوقَ شِبَعِهِ ، وَالغافِلَ عَن طاعَةِ رَبِّهِ ، وَالتّارِكَ سُنَّةَ نَبِيِّهِ ، وَالمُخفِرَ(3) ذِمَّتَهُ ، وَالمُبغِضَ عِترَةَ نَبِيِّهِ ، وَالمُؤذِيَ جيرانَهُ .(4)
231. عنه صلى الله عليه و آله: لا يُحِبُّ اللّٰهُ إضاعَةَ المالِ ، ولا كَثرَةَ السُّؤالِ ، ولا قيلَ وقالَ .(5)
232. عنه صلى الله عليه و آله: أبغَضُ الكَلامِ إلَى اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ أن يَقولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ :
«اِتَّقِ اللّٰهَ » فَيَقولَ : «عَلَيكَ بِنَفسِكَ ».(6)
ص: 102
233. عنه صلى الله عليه و آله: كَبُرَ مَقتاً عِندَ اللّٰهِ الأَكلُ مِن غَيرِ جوعٍ ، وَالنَّومُ مِن غَيرِ سَهَرٍ، وَالضِّحكُ مِن غَيرِ عَجَبٍ ، وصَوتُ الرَّنَّةِ عِندَ المُصيبَةِ ، وَالمِزمارُ عِندَ النِّعمَةِ .(1)
234. عنه صلى الله عليه و آله: مِنَ الغَيرَةِ ما يُحِبُّ اللّٰهُ ، ومِنها ما يُبغِضُ اللّٰهُ ؛ فَأَمَّا الَّتي يُحِبُّهَا اللّٰهُ فَالغَيرَةُ فِي الرّيبَةِ . وأمَّا (الغَيرَةُ ) الَّتي يُبغِضُهَا اللّٰهُ فَالغَيرَةُ في غَيرِ ريبَةٍ .
وإنَّ مِنَ الخُيَلاءِ ما يُبغِضُ اللّٰهُ ، ومِنها ما يُحِبُّ اللّٰهُ ، فَأَمَّا الخُيَلاءُ الَّتي يُحِبُّ اللّٰهُ فَاختِيالُ الرَّجُلِ نَفسَهُ عِندَ القِتالِ ، وَاختِيالُهُ عِندَ الصَّدَقَةِ . وأمَّا الَّتي يُبغِضُ اللّٰهُ فَاختِيالُهُ فِي البَغيِ .(2)
235. الكافي عن صفوان بن مهران عن الإمامِ الصّادِقِ عليه السلام: قالَ رَسولُ اللّٰهِ صلى الله عليه و آله:... ما مِن شَيءٍ أبغَضُ إلَى اللّٰهِ عَزَّ وجَلَّ مِن بَيتٍ يَخرَبُ فِي الإِسلامِ بِالفُرقَةِ - يَعني بِالطّلاقِ -. ثُمَّ قالَ أبو عبدِاللّٰهِ عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ إنَّما وَكَّدَ فِي الطَّلاقِ وكَرَّرَ فيهِ
ص: 103
القَولَ مِن بُغضِهِ الفُرقَةَ (1).
236. الإمام الرضا عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ يَكرَهُ شُهرَةَ العِبادَةِ ، وشُهرَةُ النّاسِ .(2)
237. الكافي عن عبداللّٰه بن محمّد عن الإمام الصادق عليه السلام: إنَّ رَجُلاً مِن خَثعَمٍ جاءَ إلىٰ رَسولِ اللّٰه صلى الله عليه و آله فَقالَ : يا رَسولَ اللّٰهِ ، أخبِرني ما أفضَلُ الإِسلامِ؟ قالَ : الإِيمانُ بِاللّٰهِ . قالَ : ثُمَّ ماذا؟ قالَ : ثُمَّ صِلَةُ الرَّحِم. قالَ : ثُمَّ ماذا؟ قالَ : الأَمرُ بِالمَعروفِ ، وَالنَّهيُ عَنِ المُنكَرِ.
قالَ : فَقالَ الرَّجُلُ : فَأَيُّ الأَعمالِ أبغَضُ إلَى اللّٰهِ؟ قالَ :
الشِّركُ بِاللّٰهِ . قالَ : ثُمَّ ماذا؟ قالَ : قَطيعَةُ الرَّحِمِ . قالَ : ثُمَّ ماذا؟ قالَ : الأَمرُ بِالمُنكَرِ، وَالنَّهيُ عَنِ المَعروفِ .(3)
238. الإمام زين العابدين عليه السلام - في سُجودِهِ -: اللّٰهُمَّ إن كُنتُ
ص: 104
قَد عَصَيتُكَ فَإِنّي قَد أطَعتُكَ في أحَبِّ الأَشياءِ إلَيكَ ؛ وهُوَ الإِيمانُ بِكَ ، مَنّاً مِنكَ عَلَيَّ ، لا مَنّاً مِنّي علَيكَ . وتَرَكتُ مَعصِيَتَكَ في أبغَضِ الأَشياءِ إلَيكَ ؛ وهُوَ أن أدعُوَ لَكَ وَلَداً أو أدعُوَ لَكَ شَريكاً، مَنّاً مِنكَ عَلَيَّ ، لا مَنّاً مِنّي علَيكَ .(1)
239. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: ما مِن شَيءٍ أحَبُّ إلَى اللّٰهِ تَعالىٰ مِن شابٍّ تائِبٍ ، وما مِن شَيءٍ أبغَضُ إلَى اللّٰهِ تَعالىٰ مِن شَيخٍ مُقيمٍ عَلىٰ مَعاصيهِ .
وما فِي الحَسَناتِ حَسَنَةٌ أحَبَّ إلَى اللّٰهِ تَعالىٰ مِن حَسَنَةٍ تُعمَلُ في لَيلَةِ جُمُعَةٍ أو يَومِ جُمُعَةٍ ، وما مِنَ الذُّنوبِ ذَنبٌ أبغَضُ إلَى اللّٰهِ تَعالىٰ مِن ذَنبٍ يُعمَلُ في لَيلَةِ الجُمُعَةِ أو يَومِ الجُمُعَةِ .(2)
240. عنه صلى الله عليه و آله: ما شَيءٌ أبغَضُ إلَى اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ مِنَ البُخلِ ، وسوءِ الخُلُقِ ، وإنَّهُ لَيُفسِدُ العَمَلَ كَما يُفسِدُ الخَلُّ العَسَلَ .(3)
241. الإمام الصادق عليه السلام عَن آبائِهِ عليهم السلام: قالَ رَسولُ اللّٰهِ صلى الله عليه و آله: إنَّ أحَبَّ السُّبحَةِ إلَى اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ سُبحَةُ الحَديثِ ، وأبغَضُ الكَلامِ إلَى اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ التَّحريفُ .
قيلَ : يا رَسولَ اللّٰهِ وما سُبحَةُ الحَديثِ؟ قالَ : الرَّجُلُ
ص: 105
يَسمَعُ حِرصَ الدُّنيا وباطِلَها فَيَغتَمُّ عِندَ ذٰلِكَ ، فَيَذكُرُ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ . وأمَّا التَّحريفُ فَكَقَولِ الرَّجُلِ : إنّي لَمَجهودٌ، وما لي، وما عِندي.(1)
242. الإمام الصادق عليه السلام: أبغَضُ ما يَكونُ العَبدُ إلَى اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ إذَا امتَلَأَ بَطنُهُ .(2)
ص: 106
243. الإمام عليّ عليه السلام: القَلبُ المُحِبُّ للّٰهِِ يُحِبُّ كَثيراً النَّصَبَ للّٰهِِ ، وَالقَلبُ اللّاهي عَنِ اللّٰهِ يُحِبُّ الرّاحَةَ ، فَلا تَظُنَّ يَابنَ آدَمَ أنَّكَ تُدرِكُ رِفعَةَ البِرِّ بِغَيرِ مَشَقَّةٍ ؛ فَإِنَّ الحَقَّ ثَقيلٌ مُرٌّ، وَالباطِلَ خَفيفٌ حُلوٌ وَنِيٌّ (1).(2)
244. الإمام الصادق عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ تَبارَكَ وتَعالىٰ أوحىٰ إلىٰ داودَ عليه السلام: ما لي أراكَ وحداناً؟! قالَ هَجَرتُ النّاسَ وهَجَروني فيكَ . قالَ : فَما لي أراكَ ساكِتاً؟! قالَ : خَشيَتُكَ أسكَتَتني. قالَ : فَما لي أراكَ
ص: 107
نَصِباً؟! قالَ : حُبُّكَ أنصَبَني.(1)
245. عنه عليه السلام: كانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام شَديدَ الاِجتِهادِ فِي العِبادَةِ ؛ نَهارَهُ صائِمٌ ولَيلَهُ قائِمٌ ، فَأَضَرَّ ذٰلِكَ بِجِسمِهِ ، فَقُلتُ لَهُ : يا أبَة، كَم هٰذَا الدُّؤوبُ؟! فَقالَ : أتَحَبَّبُ إلىٰ رَبّي لَعَلَّهُ يُزلِفُني.(2)
246. المناقب لابن شهرآشوب عن عبداللّٰه بن مسعود: كُنّا عِندَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله، فَأَقبَلَ راكِبٌ حَتّىٰ أناخَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه و آله، فَقالَ : يا رَسولَ اللّٰهِ ، إنّي أتَيتُكَ مِن مَسيرَةِ سَبعٍ - أنصَبتُ بَدَني، وأسهَرتُ لَيلي، وأظمَأتُ نَهاري، وأنصَبتُ راحِلَتي -؛ لِأَسأَلَكَ عَن خَصلَتَينِ أسهَرَتاني. فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله: مَا اسمُكَ؟ فَقالَ :
زَيدُ الخَيلِ . قالَ : أنتَ زَيدُ الخَيرِ، سَل، فَرُبَّ مُعضِلَةٍ قَد سُئِلَ عَنها. فَقالَ : أسأَلُكَ عَن عَلامَةِ اللّٰهِ تَعالىٰ فيمَن يُريدُ وعَلامَتُهُ فيمَن لا يُريدُ؟ فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله: كَيفَ أصبَحتَ؟ قالَ : أصبَحتُ اُحِبُّ الخَيرَ ومَن يَعمَلُ بِهِ ، وإن عَمِلتُ بِهِ أيقَنتُ ثَوابَهُ ، وإن فاتَني مِنهُ شَيءٌ حَنَنتُ إلَيهِ . فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله: هيهِ ، هٰذِهِ
ص: 108
عَلامَةُ اللّٰهِ فيمَن يُريدُ، وعَلامَتُهُ فيمَن لا يُريدُ أن لَو أرادَكَ لِلآخَرينَ لَهَيَّأَكَ لَها ثُمَّ لا يُبالي بِأَيِّ وادٍ هَلَكتَ .(1)
247. الإمام الصادق عليه السلام: وَاللّٰهِ ما أحَبَّ اللّٰهَ مَن أحَبَّ الدُّنيا ووالىٰ غَيرَنا، ومَن عَرَفَ حَقَّنا وأحَبَّنا فَقَد أحَبَّ اللّٰهَ تَبارَكَ وتَعالىٰ .(2)
248. الإمام الهادي عليه السلام - فِي الزِّيارَةِ الجامِعَةِ -: ومَن أحَبَّكُم فَقَد أحَبَّ اللّٰهَ ، ومَن أبغَضَكُم فَقَد أبغَضَ اللّٰهَ .(3)
249. الإمام الصادق عليه السلام: كانَ فيما ناجَى اللّٰهُ عَزَّوجَلَّ بِهِ موسَى بنَ
ص: 109
عِمرانَ عليه السلام أن قالَ لَهُ : يَابنَ عِمرانَ ، كَذِبَ مَن زَعَمَ أنَّهُ يُحِبُّني فَإِذا جَنَّهُ اللَّيلُ نامَ عَنّي؛ ألَيسَ كُلُّ مُحِبٍّ يُحِبُّ خَلوَةَ حَبيبِهِ؟! ها أنَا ذا - يَابنَ عِمرانَ - مُطَّلِعٌ عَلىٰ أحِبّائي، إذا جَنَّهُمُ اللَّيلُ حُوِّلَت أبصارُهُم مِن قُلوبِهِم، ومَثُلَت عُقوبَتي بَينَ أعيُنِهِم، يُخاطِبونّي عَنِ المُشاهَدَةِ ، ويُكَلِّمونّي عَنِ الحُضورِ.
يَابنَ عِمرانَ ، هَب لي مِن قَلبِكَ الخُشوعَ ، ومِن بَدَنِكَ الخُضوعَ ، ومِن عَينَيكَ الدُّموعَ فِي ظُلَمِ اللَّيلِ ، وَادعُني؛ فَإِنَّكَ تَجِدُني قَريباً مُجيباً.(1)
ص: 110
250. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: مَن كانَ يُحِبُّ أن يَعلَمَ مَنزِلَتَهُ عِندَ اللّٰهِ فَليَنظُر كَيفَ مَنزِلَةُ اللّٰهِ عِندَهُ ؛ فَإِنَّ اللّٰهَ يُنزِلُ العَبدَ مِنهُ حَيثُ أنزَلَهُ مِن نَفسِهِ .(1)
251. الإمام عليّ عليه السلام: مَن أحَبَّ أن يَعلَمَ كَيفَ مَنزِلَتُهُ عِندَ اللّٰهِ فَليَنظُر كَيفَ مَنزِلَةُ اللّٰهِ عِندَهُ ؛ فَإِنَّ كُلَّ مَن خيرَ لَهُ أمرانِ ؛ أمرُ الدُّنيا وأمرُ الآخِرَةِ ، فَاختارَ أمرَ الآخِرَةِ عَلَى الدُّنيا فَذٰلِكَ الَّذي يُحِبُّ اللّٰهَ ،
ص: 111
ومَنِ اختارَ أمرَ الدُّنيا فَذٰلِكَ الَّذي لا مَنزِلَةَ للّٰهِِ عِندَهُ .(1)
252. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: إذا أحَبَّ اللّٰهُ عَبداً مِن اُمَّتي قَذَفَ في قُلوبِ أصفِيائِهِ وأرواحِ مَلائِكَتِهِ وسُكّانِ عَرشِهِ مَحَبَّتَهُ لِيُحِبّوهُ ، فَذٰلِكَ المُحِبُّ حَقّاً، طوبىٰ لَهُ ، ولَهُ شَفاعَةٌ عِندَ اللّٰهِ يَومَ القِيامَةِ .(2)
253. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله - مخاطباً للّٰهِِ عَزَّوجَلَّ -: يا رَبِّ ، وَدَدتُ أنّي أعلَمُ مَن تُحِبُّ مِن عِبادِكَ فَاُحِبُّهُ . قالَ : إذا رَأَيتَ عَبدي يُكثِرُ ذِكري فَأَنَا أذِنتُ لَهُ في ذٰلِكَ ، وأنَا اُحِبُّهُ ، وإذا رَأَيتَ عَبدي لا يَذكُرُني فَأَنَا حَجَبتُهُ عَن ذٰلِكَ ، وأنَا أبغَضتُهُ .(3)
254. عنه صلى الله عليه و آله: عَلامَةُ حُبِّ اللّٰهِ حُبُّ ذِكرِ اللّٰهِ ، وعَلامَةُ بُغضِ اللّٰهِ بُغضُ
ص: 112
ذِكرِ اللّٰهِ .(1)
255. الإمام عليّ عليه السلام: الذِّكرُ لَذَّةُ المُحِبّينَ .(2)
256. عنه عليه السلام - في دُعاءٍ لَهُ يَلجَأُ فيهِ إلَى اللّٰهِ لِيَهدِيَهُ إلَى الرَّشادِ -:
اللّٰهُمَّ إنَّكَ آنَسُ الآنِسينَ لِأَولِيائِكَ ، وأحضَرُهُم بِالكِفايَةِ لِلمُتَوَكِّلينَ عَلَيكَ ، تُشاهِدُهُم في سَرائِرِهِم، وتَطَّلِعُ عَلَيهِم في ضَمائِرِهِم، وتَعلَمُ مَبلَغَ بَصائِرِهِم؛ فَأَسرارُهُم لَكَ مَكشوفَةٌ ، وقُلوبُهُم إلَيكَ مَلهوفَةٌ ، إن أوحَشَتهُمُ الغُربَةُ آنَسَهُم ذِكرُكَ ، وإن صُبَّت عَلَيهِمُ المَصائِبُ لَجَؤوا إلَى الاِستِجارَةِ بِكَ ؛ عِلماً بِأَنَّ أزِمَّةَ الاُمورِ بِيَدِكَ ، ومَصادِرَها عَن قَضائِكَ .(3)
257. الإمام الحسين عليه السلام - أيضاً -: أنتَ الَّذي أزَلتَ الأَغيارَ عَن قُلوبِ أحِبّائِكَ ... أنتَ المونِسُ لَهُم حَيثُ أوحَشَتهُمُ العَوالِمُ .(4)
258. الإمام زين العابدين عليه السلام - فِي مُناجاةِ الذّاكِرين -: إلٰهي...
أستَغفِرُكَ مِن كُلِّ لَذَّةٍ بِغَيرِ ذِكرِكَ ، ومِن كُلِّ راحَةٍ بِغَيرِ اُنسِكَ ،
ص: 113
ومِن كُلِّ سُرورٍ بِغَيرِ قُربِكَ ومِن كُلِّ شُغلٍ بِغَيرِ طاعَتِكَ .(1)
259. عنه عليه السلام - في مُناجاتِهِ -: يا مَن آنَسَ العارِفينَ بِطولِ مُناجاتِهِ ، وألبَسَ الخائِفينَ ثَوبَ مُوالاتِهِ .(2)
260. عنه عليه السلام - في دُعائِهِ -: اللّٰهُمَّ ... ألبِس قَلبِيَ الوَحشَةَ مِن شِرارِ خَلقِكَ ، وهَب لِيَ الاُنسَ بِكَ وبِأَولِيائِكَ وأهلِ طاعَتِكَ .(3)
261. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: إذا أحَبَّ اللّٰهُ عَبداً حَماهُ الدُّنيا؛ كَما يَظَلُّ أحَدُكُم يَحمي سَقيمَهُ الماءَ .(4)
262. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ يُعطِي الدُّنيا مَن يُحِبُّ ومَن لا يُحِبُّ ،
ص: 114
ولا يُعطِي الدّينَ إلّالِمَن أحَبَّ ؛ فَمَن أعطاهُ اللّٰهُ الدّينَ فَقَد أحَبَّهُ .(1)
263. الإمام عليّ عليه السلام: مِمّا يَدُلُّكَ عَلىٰ دَناءَةِ الدُّنيا أنَّ اللّٰهَ جَلَّ ثَناؤُهُ زَواها عَن أولِيائِهِ وأحِبّائِهِ ؛ نَظَراً وَاختِياراً، وبَسَطَها لِأَعدائِهِ ؛ فِتنَةً وَاختِباراً(2).
264. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: إذا أحَبَّ اللّٰهُ عَبداً اِبتَلاهُ بِعَظيمِ البَلاءِ ، فَمَن رَضِيَ فَلَهُ عِندَ اللّٰهِ الرِّضىٰ ، ومَن سَخَطَ البَلاءَ فَلَهُ عِندَ اللّٰهِ السَّخَطُ.(3)
265. عنه صلى الله عليه و آله: إذا أحَبَّ اللّٰهُ عَبداً ألصَقَ بِهِ البَلاءَ ؛ فَإِنَّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ يُريدُ أن يُصافِيَهُ .(4)
ص: 115
266. عنه صلى الله عليه و آله: إذا أحَبَّ اللّٰهُ عَزَّوجَلَّ عَبداً صَبَّ عَلَيهِ البَلاءَ صَبّاً، وثَجَّهُ (1) عَلَيهِ ثَجّاً. فَإِذا دَعَا العَبدُ قالَ جِبريلُ : أي رَبِّ ، اِقضِ حاجَتَهُ؟ فَيَقولُ تَعالىٰ : دَعهُ ؛ فَإِنّي اُحِبُّ أن أسمَعَ صَوتَهُ . فَإِذا دَعا، يَقولُ عَزَّوجَلَّ : لَبَّيكَ عَبدي، وعِزَّتي لا تَسأَلُني شَيئاً إلّا اُعطيكَ ، ولا تَدعوني بِشَيءٍ إلَّااستَجَبتُ ، فَإِمّا أن اُعَجِّلَ لَكَ ، وإمّا أن أدَّخِرَ لَكَ أفضَلَ مِنهُ .(2)
267. الإمام الصادق عليه السلام: إنَّ عَظيمِ الأَجرِ لَمَعَ عَظيمِ البَلاءِ ، وما أحَبَّ اللّٰهُ قَوماً إلَّاابتَلاهُم.(3)
الكتاب
«أَلاٰ إِنَّ أَوْلِيٰاءَ اَللّٰهِ لاٰ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لاٰ هُمْ يَحْزَنُونَ » .(4)
ص: 116
الحديث
268. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: إذا أحَبَّ اللّٰهُ عَبداً نَصَبَ في قَلبِهِ نائِحَةً مِنَ الحُزنِ ؛ فَإِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ كُلَّ قَلبٍ حَزينٍ .(1)
269. عنه صلى الله عليه و آله: إذا أحَبَّ اللّٰهُ تَعالىٰ عَبداً نَكَتَ في قَلبِهِ نُكتَةً بَيضاءَ ، وفَتَحَ مَسامِعَ قَلبِهِ ، ووَكَّلَ بِهِ مَلَكاً يُسَدِّدُهُ .(2)
270. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ تَعالىٰ إذا أحَبَّ عَبداً جَعَلَ رِزقَهُ كَفافاً.(3)
271. عنه صلى الله عليه و آله: الأَخلاقُ مَنائِحُ مِنَ اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ ؛ فَإِذا أحَبَّ عَبداً مَنَحَهُ خُلُقاً حَسَناً، وإذا أبغَضَ عَبداً مَنَحَهُ خُلُقاً سَيِّئاً.(4)
272. عنه صلى الله عليه و آله عَن جَبرَئيلَ عَنِ اللّٰهِ عَزَّوجَلَّ : الإِخلاصُ سِرٌّ مِن أسرارِي، استَودَعتُهُ قَلبَ مَن أحبَبتُ مِن عِبادي.(5)
273. الإمام عليّ عليه السلام: إذا أحَبَّ اللّٰهُ عَبداً ألهَمَهُ الصِّدقَ .(6)
ص: 117
274. عنه عليه السلام: إذا أحَبَّ اللّٰهُ عَبداً زَيَّنَهُ بِالسَّكينَةِ وَالحِلمِ .(1)
275. عنه عليه السلام: إذا أحَبَّ اللّٰهُ عَبداً حَبَّبَ إلَيهِ الأَمانَةَ .(2)
276. عنه عليه السلام: إذا أحَبَّ اللّٰهُ عَبداً ألهَمَهُ رُشدَهُ ، ووَفَّقَهُ لِطاعَتِهِ .(3)
277. عنه عليه السلام: إذا أحَبَّ اللّٰهُ عَبداً وَعَظَهُ بِالعِبَرِ.(4)
278. عنه عليه السلام: إذا أحَبَّ اللّٰهُ عَبداً رَزَقَهُ قَلباً سَليماً، وخُلُقاً قَويماً.(5)
279. عنه عليه السلام: السَّخاءُ وَالشَّجاعَةُ غَرائِزُ شَريفَةٌ ، يَضَعُهَا اللّٰهُ سُبحانَهُ فيمَن أحَبَّهُ وَامتَحَنَهُ .(6)
280. الإمام الصادق عليه السلام: إذا أحَبَّ اللّٰهُ تَعالىٰ عَبداً ألهَمَهُ العَمَلَ بثَمانِ خِصالٍ : غَضِّ البَصَرِ عَنِ المَحارِمِ ، وَالخَوفِ مِنَ اللّٰهِ جَلَّ ذِكرُهُ ، وَالحَياءِ ، وَالحلفِ (7)، [وَ] الصَّبرِ، وَالأَمانَةِ ، وَالصِّدقِ ، وَالسَّخاءِ .(8)
281. عنه عليه السلام: اِجتَهَدتُ فِي العِبادَةِ وأنَا شابٌّ ، فَقالَ لي أبي: يا بُنَيَّ ، دونَ ما أراكَ تَصنَعُ ؛ فَإِنَّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ إذا أحَبَّ عَبداً رَضِيَ عَنهُ
ص: 118
بِاليَسيرِ.(1)
282. عنه عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ إذا أحَبَّ عَبداً فَعَمِلَ عَمَلاً قَليلاً جَزاهُ بِالقَليلِ الكَثيرَ، ولَم يَتَعاظَمهُ أن يَجزِيَ بِالقَليلِ الكَثيرَ لَهُ .(2)
283. عنه عليه السلام: إذا أحَبَّ اللّٰهُ تَعالىٰ عَبداً ألهَمَهُ الطّاعَةَ ، وألزَمَهُ القَناعَةَ ، وفَقَّهَهُ فِي الدّينِ ، وقَوّاهُ بِاليَقينِ ؛ فَاكتَفىٰ بِالكَفافِ ، وَاكتَسىٰ بِالعَفافِ . وإذا أبغَضَ اللّٰهُ عَبداً حَبَّبَ إلَيهِ المالَ ، وبَسَطَ لَهُ الآمالَ ، وألهَمَهُ دُنياهُ ، ووَكَلَهُ إلىٰ هَواهُ ؛ فَرَكِبَ العِنادَ، وبَسَطَ الفَسادَ، وظَلَمَ العِبادَ.(3)
284. عنه عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ إذا أحَبَّ عَبداً عَصَمَهُ ، (وجَعَلَ غَناهُ في نَفسِهِ )، وجَعَلَ ثَوابَهُ بَينَ عَينَيهِ .(4)
ص: 119
ص: 120
285. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: قالَ اللّٰهُ عَزَّوجَلَّ : مَن أهانَ لي وَلِيّاً فَقَد أرصَدَ لِمُحارَبَتي. وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبدٌ بِشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ مِمَّاافتَرَضتُ عَلَيهِ ، وإنَّهُ لَيَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنّافِلَةِ حَتّىٰ اُحِبَّهُ ، فَإِذا أحبَبتُهُ كُنتُ سَمعَهُ الَّذي يَسمَعُ بِهِ ، وبَصَرَهُ الَّذي يُبصِرُ بِهِ ، ولِسانَهُ الَّذي يَنطِقُ بِهِ ، ويَدَهُ الَّتي يَبطِشُ بِها، إن دَعاني أجَبتُهُ ، وإن سَأَلَني أعطَيتُهُ .(1)
286. عنه صلى الله عليه و آله: إنَّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ يَقولُ :... ما يَزالُ عَبدي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ
ص: 121
بِالنَّوافِلِ حَتّىٰ اُحِبَّهُ ؛ فَأَكونَ أنَا سَمعَهُ الَّذي يَسمَعُ بِهِ ، وبَصَرَهُ الَّذي يُبصِرُ بِهِ ، ولِسانَهُ الَّذي يَنطِقُ بِهِ ، وقَلبَهُ الَّذي يَعقِلُ بِهِ ، فَإِذا دَعا أجَبتُهُ ، وإذا سَأَلَني أعطَيتُهُ .(1)
287. المناقب لابن شهرآشوب: رُوِيَ أنَّهُ استَسقىٰ عُبّادُ البَصرَةِ - مِثلُ أيّوبَ السِّجِستانِيِّ ، وصالِحٍ المَزيّ ، وعُتبَةَ العلامِ ، وحَبيبٍ القادِسِيِّ ، ومالِكِ بنِ دينارٍ، وأبي صالِحٍ الأَعمىٰ ، وجَعفَرِ بنِ سُلَيمانَ ، وثابِتٍ البَنانِيِّ ، ورابِعَةَ ، وسُعدانَةَ - وَانصَرَفوا خائِبينَ ، فَإِذا هُم بِفَتىً قَد أقبَلَ وقَد أكرَبَتهُ أحزانُهُ وأقلَقَتهُ أشجانُهُ ، فَطافَ بِالكَعبَةِ أشواطاً، ثُمَّ أقبَلَ عَلَينا وسَمّانا واحِداً واحِداً، فَقُلنا:
لَبَّيكَ يا شابُّ . فَقالَ : أما فيكُم أحَدٌ يُجيبُهُ الرَّحمٰنُ؟! فَقُلنا:
يا فَتىٰ ، عَلَينَا الدُّعاءُ وعَلَيهِ الإِجابَةُ . قالَ : اُبعُدوا عَنِ الكَعبَةِ ؛ فَلَو كانَ فيكُم أحَدٌ يُجيبُهُ الرَّحمٰنُ لَأَجابَهُ .
ثُمَّ أتَى الكَعبَةَ فَخَرَّ ساجِداً، فَسَمِعتُهُ يَقولُ في سُجودِهِ :
«سَيِّدي، بِحُبِّكَ لي إلّاأسقَيتَهُمُ الغَيثَ »، فَمَا استَتَمَّ الكَلامَ حَتّىٰ أتاهُمُ الغَيثُ كَأَفواهِ القِرَبِ . ثُمَّ وَلّىٰ عَنّا قائِلاً:
مَن عَرَفَ الرَّبَّ فَلَم تُغنِهِ *** مَعرِفَةُ الرَّبِّ فَهٰذا شَقِي
ما ضَرَّ فِي الطّاعَةِ مانالَهُ *** في طاعَةِ اللّٰهِ وماذا لَقِي
ما يَصنَعُ العَبدُ بِعِزِّ الغِنىٰ *** وَالعِزُّ كُلُّ العِزِّ لِلمُتَّقي
ص: 122
فَسُئِلَ عَنهُ ، فَقالوا: هٰذا زَينُ العابِدينَ عليه السلام.(1)
288. الإمام عليّ عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ أوحىٰ إلىٰ موسىٰ عليه السلام: مَن أحَبَّ حَبيباً أنِسَ بِهِ ، ومَن أنِسَ بِحَبيبٍ صَدَّقَ قَولَهُ ورَضِيَ فِعلَهُ ، ومَن وَثَقَ بِحَبيبٍ اِعتَمَدَ عَلَيهِ ، ومَنِ اشتاقَ إلىٰ حَبيبٍ جَدَّ فِي السَّيرِ إلَيهِ .
يا موسىٰ ، ذِكري لِلذّاكِرينَ ، وزِيارَتي لِلمُشتاقينَ ، وجَنَّتي لِلمُطيعينَ ، وأنَا خاصَّةً لِلمُحِبّينَ .(2)
289. المحجّة البيضاء: في أخبارِ داودَ عليه السلام: إنَّ اللّٰهَ عَزَّوجَلَّ أوحىٰ إلَيهِ :
يا داودُ، إلىٰ كَم تَذكُرُ الجَنَّةَ ولا تَسأَلُنِي الشَّوقَ إلَيَّ؟! قالَ :
يا رَبِّ ، مَبنِ المُشتاقونَ إلَيكَ؟ قالَ : إنَّ الُمشتاقينَ إلَيَّ الَّذينَ صَفَّيتُهُم مِن كُلِّ كَدَرٍ، وأنبَهتُهُم بِالحَذَرِ، وخَرَقتُ مِن قُلوبِهِم إلَيَّ خَرقاً يَنظُرونَ إلَيَّ ...
يا داودُ، إنّي خَلَقتُ قُلوبَ المُشتاقينَ مِن رِضواني، ونَعَّمتُها بِنورِ وَجهي، وَاتَّخَذتُهُم لِنَفسي مُحَدَّثينَ ، وجَعَلتُ أبدانَهُم مَوضِعَ نَظَري إلَى الأَرضِ ، وقَطَعتُ مِن قلُوبِهِم طَريقاً يَنظُرونَ بِهِ
ص: 123
إلَيَّ ، يَزدادونَ في كُلِّ يَومٍ شَوقاً.(1)
290. الإمام زين العابدين عليه السلام - في مُناجاةِ العارِفين -: إلٰهي، فَاجعَلنا مِنَ الَّذينَ تَوَشَّحَت أشجارُ الشَّوقِ إلَيكَ في حَدائِقِ صُدورِهِم، وأخَذَت لَوعَةُ مَحَبَّتِكَ بِمَجامِعِ قُلوبِهِم... وقَرَّت بِالنَّظَرِ إلىٰ مَحبوبِهِم أعيُنُهُم.(2)
291. عنه عليه السلام - فِي مُناجاةِ المُحبّينَ -: إلٰهي، مَن ذَا الَّذي ذاقَ حَلاوَةَ مَحَبَّتِكَ فَرامَ مِنكَ بَدَلاً! ومَن ذَا الَّذي أنِسَ بِقُربِكَ فَابتَغىٰ عَنكَ حِوَلاً! إلٰهي، فَاجعَلنا مِمَّنِ اصطَفَيتَهُ لِقُربِكَ ووِلايَتِكَ ، وأخلَصتَهُ لِوُدِّكَ ومَحَبَّتِكَ ، وشَوَّقتَهُ إلىٰ لِقائِكَ ، ورَضَّيتَهُ بِقَضائِكَ ، ومَنَحتَهُ بِالنَّظَرِ إلىٰ وَجهِكَ ، وحَبَوتَهُ بِرِضاكَ ، وأعَذتَهُ مِن هَجرِكَ وقَلاكَ ، وبَوَّأتَهُ مَقعَدَ الصِّدقِ في جِوارِكَ ، وخَصَصتَهُ بِمَعرِفَتِكَ ، وأهَّلتَهُ لِعِبادَتِكَ ، وهَيَّمتَهُ لِإِرادَتِكَ ، وَاجتَبَيتَهُ لِمُشاهَدَتِكَ ، وأخلَيتَ وَجهَهُ لَكَ ، وفَرَّغتَ فُؤادَهُ لِحُبِّكَ ، ورَغَّبتَهُ فيما عِندَكَ ، وألهَمتَهُ ذِكرَكَ ، وأوزَعتَهُ شُكرَكَ ، وشَغَلتَهُ بِطاعَتِكَ ، وصَيَّرتَهُ مِن صالِحي بَرِيَّتِكَ ، وَاختَرتَهُ لِمُناجاتِكَ ، وقَطَعتَ عَنهُ كُلَّ شَيءٍ يَقطَعُهُ عَنكَ .
اللّٰهُمَّ اجعَلنا مِمَّن دَأبُهُمُ الاِرتِياحُ إلَيكَ وَالحَنينُ ، ودَهرُهُمُ الزَّفرَةُ وَالأَنينُ ، جِباهُهُم ساجِدَةٌ لِعَظَمَتِكَ ، وعُيونُهُم ساهِرَةٌ في
ص: 124
خِدمَتِكَ ، ودُموعُهُم سائِلَةٌ مِن خَشيَتِكَ ، وقُلوبُهُم مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحَبَّتِكَ ، وأفئِدَتُهُم مُنخَلِعَةٌ مِن مَهابَتِكَ .
يا مَن أنوارُ قُدسِهِ لِأَبصارِ مُحِبّيهِ رائِقَةٌ ، وسُبُحاتُ وَجهِهِ لِقُلوبِ عارِفيهِ شائِقَةٌ ، يا مُنىٰ قُلوبِ المُشتاقينَ ، ويا غايَةَ آمالِ المُحِبّينَ ، أسأَلُكَ حُبَّكَ ، وحُبَّ مَن يُحِبُّكَ ، وحُبَّ كُلِّ عَمَلٍ يوصِلُني إلىٰ قُربِكَ ، وأن تَجعَلَكَ أحَبَّ إلَيَّ مِمّا سِواكَ ، وأن تَجعَلَ حُبّي إيّاكَ قائِداً إلىٰ رِضوانِكَ ، وشَوقي إلَيكَ ذائِداً عَن عِصيانِكَ ، وَامنُن بِالنَّظَرِ إلَيكَ عَلَيَّ ، وَانظُر بِعَينِ الوُدِّ وَالعَطفِ إلَيَّ ، ولا تَصرِف عَنّي وَجهَكَ ، وَاجعَلني مِن أهلِ الإِسعادِ وَالحُظوَةِ عِندَكَ ، يا مُجيبُ ، يا أرحَمَ الرّاحِمينَ .(1)
292. عنه عليه السلام: إنَّما اُولُو الأَلبابِ الَّذينَ عَمِلوا بِالفِكرَةِ حَتّىٰ وَرِثوا مِنهُ حُبَّ اللّٰهِ ؛ فَإِنَّ حُبَّ اللّٰهِ إذا وَرِثَهُ القَلبُ استَضاءَ ، وأسرَعَ إلَيهِ اللُّطفُ ، فَإِذا نَزَلَ مَنزِلَةَ اللُّطفِ صارَ مِن أهلِ الفَوائِدِ؛ تَكَلَّمَ بِالحِكمَةِ ، فَإِذا تَكَلَّمَ بِالحِكمَةِ صارَ صاحِبَ فِطنَةٍ ، فَإِذا نَزَلَ مَنزِلَةَ الفِطنَةِ عَمِلَ بِها فِي القُدرَةِ ، فَإِذا عَمِلَ بِها فِي القُدرَةِ عَرَفَ الأَطباقَ السَّبعَةَ ، فَإِذا بَلَغَ إلىٰ هٰذِهِ المَنزِلَةِ صارَ يَتَقَلَّبُ فِكرُهُ بِلُطفٍ وحِكمَةٍ وبَيانٍ ، فَإِذا بَلَغَ هٰذِهِ المَنزِلَةَ جَعَلَ شَهوَتَهُ ومَحَبَّة(2) في خالِقِهِ ، فَإِذا فَعَلَ ذٰلِكَ نَزَلَ المَنزِلَةَ الكُبرىٰ ؛ فَعايَنَ رَبَّهُ
ص: 125
في قَلبِهِ ، ووَرِثَ الحِكمَةَ بِغَيرِ ما وَرِثَهُ الحُكَماءُ ، ووَرِثَ العِلمَ بِغَيرِ ما وَرِثَهُ العُلَماءُ ، ووَرِثَ الصِّدقَ بِغَيرِ ما وَرِثَهُ الصِّدّيقونَ .(1)
الكتاب
«مَنْ كٰانَ يُرِيدُ ثَوٰابَ اَلدُّنْيٰا فَعِنْدَ اَللّٰهِ ثَوٰابُ اَلدُّنْيٰا وَ اَلْآخِرَةِ » .(2)
الحديث
293. رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: أَلقَلْبُ ثَلاثَةُ أنْواعٍ ، قَلْبٌ مَشْغُولٌ بِالدُّنيا، وَقَلْبٌ مَشْغُولٌ بِالْعُقْبى، وَقَلبٌ مَشْغُولٌ بِالْمَولىٰ ، أَمَّا الْقَلْبُ الْمَشْغُولُ بِالدُّنْيا فَلَهُ الشِّدَّةُ وَالْبَلاءُ ، وَأمَّا الْقَلْبُ الْمَشْغُولُ بِالعُقْبىٰ فَلَهُ الدَّرَجٰاتُ العُلىٰ ، وَأَمَّا الْقَلْبُ الْمَشْغُولُ بِالْمَوْلىٰ فَلَهُ الدُّنْيا وَالعُقْبىٰ وَالْمَولىٰ .(3)
294. الإمام زين العابدين عليه السلام - في الدّعاء -: وَانْهَجْ لي إلىٰ مَحَبَّتِكَ سَبيلاً سهَلَةً ، أكمِل لي بِها خَيرَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ .(4)
ص: 126
أشرنا إلى أنّ محبّة اللّٰه سبحانه هي سرّ التوفيق في الحياة، وهي كيمياء بناء الذات والسبيل إلى بلوغ جميع الآمال والتطلّعات، كما ورد في ختام دعاء عرفة: «ماذا وجد من فقدك! وما الذي فقد من وجدك! لقد خاب من رضي دونك بدلاً»(1).
واستناداً إلى ما ورد في نصوص هذا الفصل وبعض الأحاديث المتعلّقة به في الفصول السابقة، يمكن تلخيص أبرز وأشمل آثار وبركات محبّة اللّٰه في أمرين:
إنّ محبّة اللّٰه تعالىٰ - كما بينّا من قبل - لها جذور في المعرفة الشهوديّة، هذا من جهة، ومن جهة اُخرىٰ كمقدّمة لأجل الوصول إلى كمال معرفة اللّٰه صفاته وأسمائه. وبما أنّ كمال اللّٰه مطلق لا حدّ له؛ فإنّ محبّته تكون على الدوام بمثابة طاقة تجعل الإنسان يخطى ببركات أعلىٰ مراتب التوحيد، وكما قال بعض أهل المعرفة: «إذا استغرقت
ص: 127
في التوحيد تحظىٰ في كلّ لحظة برعاية خاصّة من الباري تعالىٰ لم تكن حظيت بها من قبل، فرعاية اللّٰه لها في كلّ لحظة رونق جديد».
الحكمة من وراء خلق الإنسان هي خلافة اللّٰه، كما قال تعالى: «وَ إِذْ قٰالَ رَبُّكَ لِلْمَلاٰئِكَةِ إِنِّي جٰاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً »(1) ، والخليفة لابدّ وأن تكون لديه القدرة على النهوض بأعمال مستخلفه. وقد قيل في هذا المعنىٰ : «العبوديّة جوهرة كنهها الربوبيّة»(2)، وجاء في الحديث القدسي:
«عَبدي أطِعني حَتّىٰ أجعَلَكَ مِثلي»(3)، وروي أيضاً:
«إنَّ اللّٰهَ تَعالىٰ يَقولُ في بَعضِ كُتُبِهِ : يَابنَ آدَمَ ! أنا حَيٌّ لا أموتُ ، أطِعني في ما أمَرتُكَ حَتّى أجعَلَكَ حَيّاً لا تَموتُ . يَابنَ آدَمَ ! أنَا أقولُ لِلشَّيءِ : كُن فَيَكونُ ، أطِعني فيما أمَرتُكَ أجعَلَكَ تَقولُ لِلشَّيءِ : كُن فَيَكونُ »(4). الشيء الكفيل بأن يوصل الإنسان إلى مقام خلافة اللّٰه هو محبّته تعالى، كما قال بعض أهل المعرفة - ما معناه -:
«كما أنّ النار إذا سرت في الحديد، تجد الحديد يفعل ما تفعله النار، كذلك إذا سرت محبّة اللّٰه في قلب العبد يصبح قادراً على أن يفعل فعل اللّٰه بإذن اللّٰه».
وكما ورد في أحاديث التقرّب بالنوافل - وهي أحاديث نقلها
ص: 128
الفريقان - أنّ الإنسان يتقرّب إلى اللّٰه بالنوافل خطوة بعد خطوة إلى أن يصبح خليقاً بنيل محبّة اللّٰه، وعندئذ يصبح اللّٰه بالنسبة له بمثابة عينه واُذنه ولسانه ويده ورجله وقلبه(1). وبعبارة اُخرىٰ : أنّه يذوب في اللّٰه ويبلغ مقام الفناء فيه، ويفقد عندئذ إرادته؛ فعينه ترىٰ ما يريده اللّٰه، ولسانه يتكلّم بما يحبّه اللّٰه، وهكذا أيضاً تعمل سائر جوارحه وفقاً لإرادة اللّٰه، والأهمّ من كلّ ذلك هو أنّ تفكيره يدرك ما يشاء له اللّٰه إدراكه.
وفي مثل هذه الحالة، يتّخذ الإنسان صبغة خلافة اللّٰه، ويصبح مثلاً للّٰه؛ وكلّما يريد يتيسّر له بطلب من اللّٰه وإذنه.
اللّهمّ صلّ على محمّد وآله واجعلنا آنسين بك، مستوحشين من غيرك، متلذذين بذكرك مشتاقين إلى لقائك.
اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ونبهني لذكرك في أوقات الغفلة واستعملني بطاعتك في أيام المهلة وانهج لي إلى محبّتك سبيلاً سهلة أكمل لي بها خير الدُّنيا والآخرة وتقبّل منّا، يا مبدّل السيّئات بالحسنات يا أرحم الراحمين.
ص: 129