بطاقة تعريف: اصفهانی ، محمدحسین ، 1320 - 1257
عنوان المؤلف واسمه: الأنوار القدسية بانضمام غديرية لم تطبع / ناظمه محمد حسين الأصفهاني ؛ صحیحه و علق علیه علي النهاوندي.
تفاصيل النشر: قم : موسسة المعارف الاسلامیة ، 1415ق . = 1373.
مواصفات المظهر: 192 ص .نمونه
فروست : (بنیاد معارف اسلامی 56)
شابک : 964-7777-17-5بها:3000ریال ؛ 964-7777-17-5بها:3000ریال
وضعیت فهرست نویسی : فهرستنویسی قبلی
موضوع : شعر مذهبی عربی -- ایران -- قرن 14
موضوع : شعر عربی -- ایران -- قرن 14
موضوع : غدیر خم -- شعر
معرف المضافة: افراسیابی نهاوندی ، علی ، مصحح
معرف المضافة: بنیاد معارف اسلامی
تصنيف الكونجرس: PJA5299/الف 6الف 8
تصنيف ديوي: 892/716
رقم الببليوغرافيا الوطنية: م 74-4751
اسم الكتاب ...الأنوار القدسية.
تأليف ...محمد حسين الأصفهاني .
نشر ...مؤسّسة المعارف الإسلامية .
الطبعة : ...الثانية 1423ه- . ق .
المطبعة :... عترت .
العدد : ...200 نسخة
جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة
المؤسسة المعارف الإسلامية
ایران - قم المقدّسة
ص: 1
اصفهانی ، محمد حسین، 1257 - 1320 .
الانوار القدسية بانضمام غديرية لم تطبع ، ناظمه محمد حسین الاصفهاني ؛ صححه وعلق عليه علي النهاوندي . - قم: مؤسسة المعارف الاسلامية، 1415 ق . = 1373.
192 ص . نمونه . (بنیاد معارف اسلامی ؛ 56) .
شابک : 5 - 17 - 7777 - 964 ISBN
چاپ دوم :1381.
1. شعر مذهبی عربی - ایران قرن 14. 2. شعر عربی - - ایران -- قرن 14 .
3. غدير خم - شعر. الف . افراسیابی نهاوندی ، علی ، مصحح. ب. بنياد معارف اسلامی. ج . عنوان. 8 الف 6 الف /55299jp
کتابخانه ملی ایران 4751 - 74 892 / 716
اسم الكتاب ...الأنوار القدسية.
تأليف ...محمد حسين الأصفهاني .
نشر ...مؤسّسة المعارف الإسلامية .
الطبعة : ...الثانية 1423ه- . ق .
المطبعة :... عترت .
العدد : ...200 نسخة
جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة
المؤسسة المعارف الإسلامية
ایران - قم المقدّسة
ص. ب 37182/168 تلفون 7732009 - فاکس 7743701 ص
E-mail: m_islamic@a¥na.com
ص: 2
في النبي الأعظم صلی الله علیه و آله
بسم الله الرحمن الرحيم
أَشْرَقَ كَالشَّمْسِ بِغَيْرِ حَاجِبِ*** مِنْ مَشْرِقِ الوُجوبِ نُورُ الوَاجِبِ
أَوْ مِنْ سَماء عالمِ الأَسْمَاءِ*** نُورُ المُحَمَّدِيَّةِ البَيضاء
لَقَدْ تَجَلَّى مَبْدَءُ المَبادِى*** مِنْ مَصْدَرِ الوُجُودِ والإيجاد
مِنْ أَمْرِهِ الماضى على الأشياء ***اَوْ عِلْمِهِ الفِعْلِيٌّ وَ القَضائِيّ
رَقِيقَةُ المَشِيئَةِ الفِعْلِيَّة ***أو المح-قيقَةُ المُحَمَّدِيَّة
أوْ هُوَ نَفْسُ النَّفَسِ الرَّحْمَانِي *** بصُورَةٍ بديعة المعاني
أوْ فَيْضُهُ المُقَدَّسُ الإطلاقي*** فاضَ عَلَى الأَنْفُسِ وَالآفاقِ
أَوْ أَنَّهُ حَقِيقَةُ المَثانِي ***وَعِنْدَ أهْلِ الحَقِّ حَق ثانٍ
لأبلْ هُوَ الحَقُّ فَمَنْ رَآهُ *** فَقَدْ رَأَى الحَقِّ فَما أَجْلاه
إِذْ مُقتضى الفناء في الشُّهُود*** عَيْنيَّةُ الشاهد والمشهود
هُوَ التَّجلى الشام والمجلى الأئم*** و مالِكُ الحُدثِ سُلْطانُ القِدَمِ
أبو العُقُولِ وَالنُّفُوسِ وَالبَشَرِ*** وَقُوَّةُ القُوى وَصُوَرَةُ الصُّورِ
وَلَوحُ الْوَاحِ مَجامِعِ الحَكَمِ ***أوْ فَلَمُ الأقلام أوْ أعْلَى القَلَمِ
أصل الأصول فَهُوَ عِلَّةُ العِلل ***عَقْلُ عملُ العُقُول فَهُوَ اَوَّلُ الأول
الصفحة الأولى من النسخة المخطوطة للاستاذ»
«السيد عبد العزيز الطباطبایی دام ظله »
ص: 3
بسم الله الرحمن الرحيم
أقدم للقراء الكرام أثراً ثميناً من آثار العلامة الشيخ محمد حسين الاصفهاني قدس الله نفسه الزكية. هذا الأثر الثمين قد طبع في النجف الأشرف وبيروت وإيران ولكن مع أغلاط كثيرة حتى السقط والتغيير لبعض الألفاظ أو الأبيات في موارد، وقد منّ الله تبارك وتعالى عليّ بأن خطر ببالي أن أصححه وأعلّق عليه، مع العلم بأنّه لم يكن أمراً سهلاً، وفي هذا المجال رأيت بعيني التوفيق الرباني حيث لقيت الأستاذ السيد عبد العزيز الطباطبائي دام ظله، ووجدت عنده النسخة المخطوطة من هذا الأثر بقلمه الشريف، وفي ظل إرشاداته وحسن أخلاقه عزمت على قصدي وقويت في عملي جزاه الله خيراً.
وأؤكد أن غرضي في هذا التحقيق ليس الشرح، بل إراءة نسخة صحيحة من هذا الأثر بقدر الوسع.
ومن ميزات طبعتنا هذه :
الأوّل: مقابلتها مع النسخة المخطوطة، وأنها قوبلت وصححت على نسخة الأصل بخط شيخنا الحجّة ناظم الأنوار القدسيّة قدس الله سره فقد حدثنا ابنه العلامة الشيخ محمد الغروي أن والده نظم هذه الأراجيز باقتراح من الحجّة المجاهد العلامة الاميني صاحب الغدير قدس سره، فلمّا أتم الشيخ نظمها اهدى له نسخة الاصل بخطه، فلما عزمنا على تحقيقه وطبعه راجعنا نجله العلامة الشيخ رضا الاميني فقال: إن والده وهب له هذه الدرّة الثمينة في حياته وتفضل مشكوراً بارسال مصورة عنها مع قصيدة غديرية له أيضاً رحمه الله لم تنشر من قبل فشكراً له على ما تفضل به وجزاه الله خيراً.
الثاني: إعرابها والضبط الصحيح للمفردات في أبياتها بقدر الوسع.
الثالث: شرح اللغات وشرح كثير من الاصطلاحات العرفانية والفلسفية، وذكر مآخذ الروايات والوقائع التاريخية التي استشهد بها في ضمن الأشعار.
الرابع: تعيين الأراجيز والأبيات والتعاليق بالأعداد بصورة مسلسلة.
واتبعت في عناوين الأراجيز كما في طبعة النجف الاشرف إلا في موارد قليلة، ونقلت ترجمة الناظم بقلم تلميذه الجليل محمد علي الغروي الاردوبادي قدس سرهما لأنه أعرف وأدق.
وفي الختام أشكر الأستاذ السيد عبدالعزيز الطباطبائي، والعلامة الشيخ رضا الاميني، والأستاذ الشيخ محمود الفتوحي دام ظلهما، وأرجو من الله تعالى الخير لهما بحق محمد وآله الطيبين الطاهرين .
قم المقدسة - علي افراسيابي النهاوندي
ص: 4
في النبي الأعظم صلی الله علیه و آله
بسم الله الرحمن الرحيم
أَشْرَقَ كَالشَّمْسِ بِغَيْرِ حَاجِبِ*** مِنْ مَشْرِقِ الوُجوبِ نُورُ الوَاجِبِ
أَوْ مِنْ سَماء عالمِ الأَسْمَاءِ*** نُورُ المُحَمَّدِيَّةِ البَيضاء
لَقَدْ تَجَلَّى مَبْدَءُ المَبادِى*** مِنْ مَصْدَرِ الوُجُودِ والإيجاد
مِنْ أَمْرِهِ الماضى على الأشياء ***اَوْ عِلْمِهِ الفِعْلِيٌّ وَ القَضائِيّ
رَقِيقَةُ المَشِيئَةِ الفِعْلِيَّة ***أو المح-قيقَةُ المُحَمَّدِيَّة
أوْ هُوَ نَفْسُ النَّفَسِ الرَّحْمَانِي *** بصُورَةٍ بديعة المعاني
أوْ فَيْضُهُ المُقَدَّسُ الإطلاقي*** فاضَ عَلَى الأَنْفُسِ وَالآفاقِ
أَوْ أَنَّهُ حَقِيقَةُ المَثانِي" ***وَعِنْدَ أهْلِ الحَقِّ حَق ثانٍ
لأبلْ هُوَ الحَقُّ فَمَنْ رَآهُ *** فَقَدْ رَأَى الحَقِّ فَما أَجْلاه
إِذْ مُقتضى الفناء في الشُّهُود*** عَيْنيَّةُ الشاهد والمشهود
هُوَ التَّجلى الشام والمجلى الأئم*** و مالِكُ الحُدثِ سُلْطانُ القِدَمِ
أبو العُقُولِ وَالنُّفُوسِ وَالبَشَرِ*** وَقُوَّةُ القُوى وَصُوَرَةُ الصُّورِ
وَلَوحُ الْوَاحِ مَجامِعِ الحَكَمِ ***أوْ فَلَمُ الأقلام أوْ أعْلَى القَلَمِ
أصل الأصول فَهُوَ عِلَّةُ العِلل ***عَقْلُ عملُ العُقُول فَهُوَ اَوَّلُ الأول
صورة الصفحة الأولى من النسخة الخطية
ص: 5
واتبعت في عناوين الاراجيز من طبعة النجف الاشرف الا فى موارد قليلة و نقلت ترجمة الناظم بقلم تلميذه الجليل محمد على الغروى الاردوبادي قدّس سرهما لأنه اعرف وادق.
و في الختام اشكر من الاستاذ السيد عبد العزيز الطباطبايي والاستاذ الشيخ محمود الفتوحى دام ظلّهما واستمد من الله تعالى جزاء الخير لهما بحق محمّد و آله الطيبين الطاهرين.
«قم المقدسة »
«علی افراسیابی (النهاوندی)»
ص: 6
شيخنا الإمام نابغة الدهر و فيلسوف الزمن وفقيه الامة حجة الإسلام آية الله الشيخ محمد حسين الاصفهاني النجفي رحمة الله واسعة و قدس نفسه الزكية.
لا عتب على اليراع ان وقف الافاضة في تحديد هذه الشخصية الفذة المستعصية على البيان، فهي في ارجائها الاسترسال عما يعييها سارية مع العقل و المنطق.
ان التعريف الفني لا يفي ببيان ما هو أجلى منه، و ان حقيقة ملكوتية لا يتسنى البحاثة عالم الناسوت تحليلها. فقصارى ما يمكن من الاشادة بهذه النفسية الكريمة التي أكسبها وضوحها غموضاً ، أن صاحبها هو ذلك الإنسان الكامل الذي خضعت له العقول والنفوس، أو الجوهر الفرد الذي ليس بمستطاع لشكل الدهر أن ينتج له نظيراً .
ان من المستصعب ان يخوض الباحث في هذا التيار المتدفق فيلتطم به او اذي ذلك الدأماء.
هب انه تقحم لجة من هاتيك اللجج فمن ذا الذي يستن به في الطريق المهيع إلى أن أياً منهايستحق التخصيص أو التقديم، فإن (شيخنا المترجم) فذ في كل
ص: 7
قَلْبَيْنِ فِي جَوْفهِ﴾ (1)، غير أن في فجوات الدهر معاجز، وللمولى سبحانه بين الفترات مواهب يخصّ به أفذاذاً حقت لهم العبقرية والنبوغ، ومن أولئك (شيخنا المترجم )فهو حين تراه فيلسوفاً يعرّفك حقائق الأشياء على ما هي عليه بقدر الطاقة البشرية تبصر به متكلّماً يفيض البرهنة كالسيل الآتي فيدع معاقد الشبه كالريشة في مهب الريح، وبينما هو فقيه متبحر يرد الفرع إلى الأصل فلا يدع في قرار عبابه الخضم ثمينة إلا استخرجها فإذا هو في أصوله محقق نسائله يأتي بما تركته له الأوائل، وقصرت عن مثله الأواخر، فتعرف منه نظريّاً يميّز من أجزاء العلوم الذرّة من الذرّة، ويفرّق بين الشعرة والشعرة.
وعلى حين انه كأحد الحفاظ في دراسة الحديث وروايته ودرايته يألفه الباحث النقيد الفذ في تطبيقها على النواميس المطردة والحكم الفاصل في القبول والردّ ، وربّما عطف على أي من الكتاب الحكيم نظرة عميقة فتحسب انه ينظر إلى الغيب من وراء ستر رقيق.
ومتى تنازل إلى نضد الشعر أو سرد القريض فلا يعلم الشاهد أهو وحي يوحى أو سحر يؤثر، نعم إن من الشعر لحكمة، وإن من البيان لسحراً».
وإليك شواهد صدق لما سردنا من الدعاوى آثرنا إيقافك عليها لئلا يذهب بك الحسبان إلى أنّها فتوى مجرّدة، وهي ما أبرزه مزبره القويم من منتوجات فكرته النابعة.
مُصَنّفاته:
ص: 8
(1) كتاب في أصول الفقه على أحدث طرز، وأحسن أسلوب، حاول فيه تهذيب هذا العلم واختصاره اختصاراً فنّيّاً ضمّنه دقائقه، غير ان من المأسوف عليه قد حالت المنية دون إكماله.
(2) حاشيته على كفاية الأصول للمحقق الخراساني رحمه الله سمّاها نهاية الدراية.
(3) رسالة في الصحيح والأعم.
(4) و (5) رسالتان في المشتق.
(6) رسالة فى الطلب والارادة.
(7) رسالة في علائم الحقيقة والمجاز.
(8) رسالة في الشرط المتأخر.
(9) رسالة فى الحقيقة الشرعيّة.
(10) رسالة في تقسيم الوضع إلى شخصي ونوعي.
(11) رسالة فى أن الألفاظ موضوعة للمعانى بما هي هي، أو من حيث كونها مرادة.
(12) تعليقة على رسالة القطع لشيخ الطائفة الإمام الأنصاري(رحمه الله علیه).
(13) رسالة في اشتراك الألفاظ.
(14) رسالة في موضوع العلم.
(15) رسالة في أقسام الوضع والبحث عن المعنى الحرفي.
(16) رسالة في أن إطلاق الأمر هل يقتضي التعبدية، أو التوصلية، أو لا.
(17) رسالة فى إطلاق اللفظ وإرادة نوعه وصنفه وشخصه.
(18) رسالة في تحقيق الحق وما يتعلّق به . وقد طبعت ملحقة بأوّل المجلد .
ص: 9
(19) حاشيته على كتاب المكاسب لشيخ الطائفة الإمام الأنصاري رحمه الله كبيرة ضخمة ،طبع الجزء الأول منها واما الجزء الثاني فهو تحت الطبع. و من امعن فيها علم أنها أولى الحواشي وان تأخر ظرفها.
(20) رسالة في اخذ الاجرة على الواجبات تحت الطبع.
(21) رسالة في أربع قواعد فقهية وقاعدة التجاوز، وقاعدة الفراغ و اصالة الصحة وقاعدة اليد.
(22) رسالة فى الاجارة مبسوطة.
(23) رسالة في صلاة المسافر.
(24) رسالة في الطهارة.
(25) منظومة في الاعتكاف
(26) منظومة في الصوم.
(27) رسالة في صلاة الجماعة.
(28) الوسيلة في أهم أبواب الفقه، طبعت ببغداد.
(29) تحفة الحكيم منظومة في الفلسفة العالية نسيج وحدها في تضمنها أصول الفن و في جودة السرد و حسن السبك وقوة النظم.
(30) رسالة في المعاد.
(31) رسالة في الاجتهاد والتقليد والعدالة.
(32) ديوان شعره الفارسي في مدایح و مراثي آل بيت الوحي صلوات الله عليهم، وكل شعره مشحون بالفلسفة والعرفان الناضج. ويلحقه دیوان غزلياته العرفانية الحكيمة.
(33) مجموع اراجيزه في كل من المعصومين الأربعة عشر صلوات الله عليهم وفي بعض رجالات بيت الوحي عليهم السلام« وهي هذه التي يزفها الطبع للقراء الكرام »وهناك شيىء كثير من نظم و نثر و فوائد لم يجمعها دفتا ديوان.
أحسب ان رغباتك الطامحة الى تعرف الحقائق الراهنة تحدوك الى الوقوف على مبدىء هذه المآثر وأنه كيف تأتى للفقيد الحصول على تلك المثابة ومن
ص: 10
المستصعب أو غير المستطاع للأكثر مثلها، نعم.
ليس على الله بمستنكر*** أن يجمع العالم في واحد
ان الحكمة نور يقذفه الله في قلب من يشاء والتوفيقات منح تختص بها المواد اللائقة وعلى ذلك لا تهمل طلبتك من عالم الاسباب توفرت لشيخنا الاستاذ موجبات النبوغ بأسرها و منها أن المقتضي لذلك قورن بعدم المانع فتمت العلة، ومعلولها ما تشاهده من التفرد في مستوى الفضيلة.
أسَاتذتُه
أتيح لشيخنا المترجم اساتذة من عباقرة الدنيا هم الأوضاح والغرر على جبهة الفضيلة والتنقيب فاستدر منهم أخلاق العلم واستنزف ثراءه فحصل على منة تستخف هضب الرواسي، وتسم قنة تهزأ بشم الجبال فانهال عليه سيله الأتي وطاوعته امواجه المتلاطمة، ألا وهم :
(1) المحقق الأكبر سيد نوابغ العالم السيد محمد الاصفهاني الفشاركي صاحب الأنظار العالية والافكار العميقة والثروة العلمية الطائلة والتأليف القيمة الجمة .
(2) العلامة النقيد العلم المفرد المولى محمد كاظم الخراساني الغروي صاحب الكفاية وغيرها، والمحقق الفذ في مستوى العلوم، وانتماء شيخنا المترجم الى استاذه هذا أكثر وأشهر لأنه طالت مدته فدأب على التلمذة عليه ثلاثة عشر عاماً فقهاً و أصولاً حتى قضى نحبه فاستقل شيخنا بالتدريس.
(3) الفقيه البارع الضليع الاقارضا الهمداني النجفي صاحب مصباح الفقيه و غيره المعروف ببعد النظر واصابة الفكر و اصالة الرأي والتقدم في الفقاهة، فان شيخنا المترجم قد أدرك برهة لا يستهان بها من أيامه و حضر مجلس درسه .
(4) أستاذ فلاسفة عصره الحكيم المتأله الحاج ميرزا محمد باقر الاصطهباناتي، فإن شيخنا المترجم أخذ منه الفن الأعلى - الفلسفة.
كل هؤلاء الأساتذة في الرعيل الأول من محققي تلمذة الطائفة الإمام
ص: 11
ثلاثة عشر عاماً فقهاً وأصولاً حتى قضى نحبه فاستقلّ شيخنا بالتدريس.
(3) الفقيه البارع الضليع الآقا رضا الهمداني النجفي صاحب مصباح الفقيه وغيره، المعروف ببعد النظر، وإصابة الفكر ، وأصالة الرأي، والتقدّم في الفقاهة، فإن شيخنا المترجم قد أدرك برهة لا يستهان بها من أيامه وحضر مجلس درسه.
(4) أستاذ فلاسفة عصره الحكيم المتألّه الحاج ميرزا محمد باقر الاصطهباناتي، فإن شيخنا المترجم أخذ منه الفنّ الأعلى: الفلسفة.
كلّ هؤلاء الأساتذة في الرعيل الأول من محققي تلمذة الطائفة الإمام المجدّد الشيرازي ،نزيل سامراء، المتوفى سنة 1312
التقت هذه المبادىء الفياضة بمحلّ قابل من تابعيه في التفكير، ونضوج في الرأي، وصفاء في الذهن كالمرآة الصافية ينعكس فيها ما يقابله من حقائق ودقائق فلا يكاد أن يزول، كلّ ذلك منبعث عن دفاع خارق للعادة، وكان من سلامة طبعه ،وحدة فكره وذكائه يتوصل إلى عالم يدرسه من العلوم فيحل عويصاته كفتى فيه، ولم تكن الاستفادة منه مقصورة على مجلس درسه لكنّه كان:
هو البحر من أي النواحي أتيته ***فنائله الافضال والعلم ساحله
فكان يسمعنا حتى في غير وقت الدراسة ما لم تقرط به اذن الدهر من علم وحكمة وفلسفة وأخلاق وأدب وتأريخ ونظم ونثر وفكاهة حتى خسرناه وخسره العلم والدين في الليلة الخامسة من شهر ذي الحجّة الحرام سنة 1361 عن عمر يناهز السنّة والستين عاماً، وكانت ولادته في ثاني محرّم الحرام سنة 1296 رحمه الله رحمة واسعة وقدّس نفسه الزكية.
محمد علي الغروي الأردوبادي
ص: 12
«فِي مَوْلِدِ صاحِبِ الرّسالَةِ الكُبرى»
« وَخاتَمِ الأَنْبِياءِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ و سلم»
1أَشْرَقَ كَالشَّمْسِ بِغَيْرِ حَاجِبِ*** مِنْ مَشْرِقِ الوُجوبِ نُورُ الوَاجِبِ
2 أَوْ مِنْ سَماءِ عالمِ الأَسْمَاءِ*** نُورُ المُحَمَّدِيَّةِ البَيضاء
3 لَقَدْ تَجَلَّى مَبْدَءُ المَبادِى*** مِنْ مَصْدَرِ الوُجُودِ والإيجاد
4 مِنْ أَمْرِهِ الماضى عَلَى الأَشياءِ ***اَوْ عِلْمِهِ الفِعْلِيٌّ(1) وَ القَضائِيّ(2)
5 رَقِيقَةُ (3)المَشِيئَةِ الفِعْلِيَّة ***أو الحَقيقَةُ المُحَمَّدِيَّة (4)
ص: 13
6 أوْ هُوَ نَفْسُ النَّفَسِ الرَّحْمَانِي(1) *** بصُورَةٍ بَديعَة المَعانِي
7 أوْ فَيْضُهُ (2)المُقَدَّسُ الإِطلاقِي*** فاضَ عَلَى الأَنْفُسِ وَالآفاقِ
8 أَوْ أَنَّهُ حَقِيقَةُ المَثانِي(3) ***وَعِنْدَ أهْلِ الحَقِّ حَق ثانٍ
9 لأبلْ هُوَ الحَقُّ فَمَنْ رَآهُ *** فَقَدْ رَأَى الحَقِّ فَما أَجْلاه(4)
10 إِذْ مُقتَضَى الفَناءِ فِي الشُّهُود*** عَيْنيَّةُ الشاهِدِ والمَشهودِ
11 هُوَ التَّجلى التامُ والمَجلَى الأَتَم*** و مالِكُ الحُدثِ سُلْظانُ القِدَمِ
12 أبو العُقُولِ وَالنُّفُوسِ وَالبَشَرِ*** وَقُوَّةُ القُوى وَصُوَرَةُ الصُّورِ
13وَلَوحُ الْوَاحِ مَجامِعِ الحَكَمِ ***أوْ قَلَمُ (5)الأقلام أوْ أعْلَى القَلَمِ
14 أصلُ الأُصولِ فَهُوَ عِلَّةُ العِلل ***عَقْلُ العُقُولِ فَهُوَ اَوَّلُ الأَولِ
15 حقيقَةُ الحَقائِقِ الكُلَيةِ ***وَجَوْهَرِ الجَواهِرِ العِلْوِيَّة
ص: 14
16 وُجُودُهُ جَمْعُ جَوامِعِ الكَلِمِ ***والجَوْهَرُ الفَرْدُ (1)الَّذِى لا ينقسمُ
17 هُوَ العَزِيزُ وَالشَّدِيدُ في القوى ***وَالمَلِكُ الَّذِي عَلَى العَرْشِ اسْتَوى
18 عَرْشِ الهُويّة المُحَمَّدِيَّة ***مَقامُهُ المَحْمُودُ بالخَتْمِيَّة
19 هُوَ المَدارُ فِى المُحِيطِ الأَعْظَمِ ***بِهِ انْتِظامُ عَقْدِهِ المُنَظَّمِ
20 بَلْ هُوَ في دائِرَةِ الدَوائِر*** مُديرُها عِندَ أولِى البَصائِرِ
21 وَالمَلَأُ الأَعلى حَريمُ بأبِهِ***وَالعَرْشُ مِرقاةٌ(2) إِلى جَنابِهِ
22 فاتِحَةُ الوُجُودِ خاتَمُ الرُّسُلِ*** جَلَّ عَنِ الثَّناءِ مَا شِئْتَ فَقُلْ
23 غَيْبُ الغُيُوب سِرُّ سِرُّ ذاته*** وعالم الأسْمَاءِ مِنْ صِفاتِه
24 وَنُسْخَةُ اللاهُوتِ نَقشُ جَبهَتِهِ ***بَل هِيَ بَلْ ذاتُ بَهْجَةٍ بِبَهجَتِهِ
25 طَلْعَتُهُ الغَراءُ فِى الظُهُورِ*** صِرْفُ الظُّهُورِ فَهُوَ صِرْفُ النُّورِ
26 ظُهُورُهُ ظُهُورُ نامُوسِ الأَزَلِ*** فَلا يَزالُ ظاهِراً وَلَمْ يَزَلْ
27 وَنُورُهُ المُحِيطُ بالأنوار*** يَجِلُّ أَنْ يُدْرَكَ بِالْأَبْصَارِ
28 كُلُّ وُجُودٍ هُوَ مِنْ وُجُودِهِ *** فَكُلُّ مَوْجُودٍ رَهِينُ جُودِهِ
29 وَعالَمُ الإِبْداعِ (3) مِنْ ظُهُورِهِ ***وَنَشْأَة التَكوِينِ ظِلُ نُورِه
30 بَلْ هُوَ رُوحُ عالَمِ الاَرْواحِ (4)*** وَجَاعِلُ الأَرْواحِ فِى الأَشباحِ
31 فَهُوَ حَياةُ عالَمِ الإِمكانِ ***مُحَدِّدُ الزَّمانِ والمَكانِ
ص: 15
32 وَايْنَ مِنْهُ عالِياتُ (1)الأحْرُفِ ***إنْ هِي إِلا نُقْطَةٌ فِي المُصْحَفِ
33مِنْ مُنْشَئآتِ(2) فَضْلِهِ المُبِينِ*** صَحِيفَةُ الإِبْداعِ وَ التَّكْوِینِ
34 لَوْحُ الوُجُودِ كُلُهُ نَقشُ یَدِه ِ***وَكُلُّهُ مِدادُهُ(3) مِنْ مَدَدِهِ
35 لأبِدْعَ (4)مِنْ تِلْكَ اليَدِ الفَيَّاضَةِ*** إِنَّ (5)- يَدَ اللهِ يَدُ الإِفاضَةِ
(2)
39 وَقَلْبُهُ مَجْلَى التَجَلَّى الذاتى*** وَصَدْرُهُ خَزانَةُ الحَياةِ
40 خَزانَةُ الأَسرار والمَعارِفِ ***وَماً بِهِ حَياةُ كُلِّ عارِفٍ
41 وَعَيْنُهُ عِند أُولِى الأَبصارِ*** عَيْنُ عُيُونِ عالم الأَسرارِ
42 وما رَواهُ لَيْلَةُ الإِسْراء ***يَخْتَصُّ عِلْمُهُ بِعَيْنِ الرائِى
43 وَسَمْعُهُ المُلْتَذُّ بِالخِطابِ ***بابٌ ِإلى الغَيْبِ وَاىٌ بابٍ
44 بَلْ كُلُّهُ لِلَّهِ سَمْعُ (1) وَبَصَرٌ***لا مَلَكٌ يُشْبِهُهُ وَلا بَشَرٌ
(3)
45 كَلامُهُ القُرآنُ وَ الْفُرْقانُ ***وَهُوَ لِسرٌ ذاتِهِ عُنْوانٌ(2)
46 فَهُوَ لِسأنُ اللهِ جَلَّ شَأنُهُ ***في وَحْيِهِ لا هُوَ تَرْجُمَانُهُ (3)
47 لُبٌّ(4) لُبابِ العِلمِ في كِتابِهِ*** َأكرِم(5) بمنْ أتى وما اتي بِهِ
48 كَفاهُ فِي بَلاغَةِ البَيانِ ***ما فِيهِ مِنْ بَدائِعِ المَعانِي
49 فِيهِ أُصُولُ الكَلِماتِ المُحْكَمَةِ*** وَكُلُّ ما في الصُّحُفِ المُكَرَّمَةِ
50 وَفِيهِ بِالنَّص الصّريح والأثَرِ*** كُلُّ صَغيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (6)
ص: 17
51 دَلائِلُ الإِعجازِ فِي آياتِهِ ***بذاتِهِ مُصدّق لِذاتِهِ
52 يَزْدادُ في مَر الدُّهُورٍ نُوراً*** وَزَادَهُ خَفائُه ظُهُوراً
53 وفِيهِ مِن جَواهِرِ الأَسرارِ***ما لا تَمَسّهُ يَدُ الأَفكارِ
54 ذِكْرٌ وَنُورٌ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ ***عَدْلُ وَ فَضلٌ(1) و إمِام(2) الأُمَّةِ
55 وَدِينُهُ فِي رُتبةِ الكَمالِ *** شَرِيعَةُ الجَلالِ وَالجَمالِ
56 شَرِيعةُ الإِخلاصِ وَالمَكارِمِ*** شَرِيعَةُ الآدابِ و العَزائم(3)
57 شَرِيعَةُ الحُقوقِ والعَدْلِ السَّوِى (4)***في الحُكْمِ ما بَينَ الضعِيفِ وَ الْقَوِىِّ
58 فَضائلُ الشَّرائِعِ المُعَظَّمَةِ ***فِي طَيِّها (5) بِكُلِّ مَعْنَى الكَلِمَةِ
59 فَانِّها خاتِمَةُ الشَّرائِعِ ***كَاَنَّها لَها مِنَ الطَّلائِعِ(6)
ص: 18
60 شَرِيعَةٌ (1) طَيِّبَةُ المَوارِدِ (2)*** زُلالُها(3) عَذبٌ لِكُل وارِدٍ
61 ماءُ الحَياةِ مِنْ زُلالِ مائِها*** وَبَهْجَةُ الفِرْدَوْسِ مِنْ صَفائها
62 شرِيعَةٌ رِياضُها أن-يقة (4) ***وَ غَرْسُها عَلى يَدِ الحَقِيقَةِ
63 عَلى يَدِ الخَبيرِ بِالمَصالِحِ*** أكْرِمْ بِهِ مِنْ مُرشِد و ناصِحٍ
64 شَرِيعَةٌ لا عُسرَ فيها وَ حَرَج ***سَمحاءُ(5) سَهْلَةٌ لِكُلِّ مَنْ وَلَجَ (6)
65 سَمْحاًء لا تَمُجُها(7) الطَّباعُ *** تَلتَذّ مِنْ بَيأنِها الأَسْماعُ
69 مُقتَبِسٌ مِن نُورِهِ الكليمُ *** وَفى فِناءِ (1) طُورِهِ مُقِيمٌ
70 فازَ المَسيحُ فِى الصِّبا بِعَهْدِهِ*** كَاَنَهُ كانَ رَضِيعَ مَهْدِهِ
(6)
71 وَ مَا المَسِيحُ وَالعُرُوجُ في السَّما ***فَهُوَ إِلى فَوْقِ السَّمَواتِ سَما(2)
72 وَجازَ مِنْ سُرادِقاتِ (3) العَظَمَةِ ***وحازَ(4) ما يَجِلُّ عَن كُلِ سِمَةٍ
73 فازَ (5)بِاَرقى رُتَبِ الشُّهُودِ*** وغايَةِ الغاياتِ في الصُّعُودِ
74 شاهَدَ فِي عُرُوجِهِ الكَنزَ الخَفِي(6)*** ونالَ مِنْ أَدْناه أَقْصَى الشَّرَفِ
75 وَاتَّصَلَ الظُّلُّ بذى الظَّلّ فَلا*** اَرْفَعْ مِنْهُ مَنزلاً وَ مَوْثلا(7)
76 هُوَ النَّبِيُّ حِينَ لا آدَمَ بَلْ*** وَلا وُجُودَ غَيْرُهُ عَزَّ وَجَلَّ
77 كانَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَ اللهِ أَحَدٌ*** والواحِدُ المطلقُ اَوَّلُ العَدَدِ
78 بَلْ هُوَ فِي مَراتِبِ الإيجادِ ***وُجُودُهُ مُقَدَّمُ(8) الأَعْدادِ
ص: 20
(7)
«لواءُ الحَمْدِ»
79 لَهُ لِواءُ الحَمْدِ وَالنَّصْرُ مَعَهُ ***فازَ بِظِله غداً مَنْ تَبِعَهُ
80 وِلايَةُ الله لَهُ عَلى الوَرى*** مِنْ غَيْرِ حَدِّ أَوَّلاً وآخِراً
81 وَكَيْفَ؟ وَهُوَ ظِلُّهُ المَمْدُودُ*** أَنَّی لَهُ الحُدُودُ وَالقُيُودُ؟
82 كُلُّ نَبِى هُوَ تَحْتَ رایتِهِ*** كُلُّ وَلِى هُوَ فِي وِلايَتِهِ
83 وَكُلُّ شَيْءٍ خاضع لأمره ***وَكُلُّ وَصْف هُوَ دُونَ قَدْرِهِ
84 وَ ما لِسانُ الشَّعْرِ ما أَطراهُ (1)***لَوْحُ الوُجُودِ كُلُّهُ ثَنائهُ
85 کفأهُ مَدْحاً مَدْحُ مَن سِواهُ ***وَجَلَّ أنْ يُدْرِكَهُ سِواه ُ
86 وَمِن كتِابِهِ المَجيدِ ظاهِرَةٌ ***آیاتُ مَجْدِهِ الأصِيلِ (2) الباهِرَةُ (3)
87 يُعْرِبُ (4) عَنْ شُؤُونِ سِرّ ذاتِهِ*** بِمُحكَماتِهِ وَ بَيناتِهِ
88 اُمُّ الكتاب من شُؤُونِ ذاتِهِ***وغايَةُ الإِخلاصِ مِنْ صِفاتِهِ
89 سُموهُ يُعرف بِالإِسراءِ ***وَكَهفُهُ(5) حِرْزُ (6)مِنَ البَلاءِ
ص: 21
90 طَاطَاَ -(1)كُلُّ الأنبيا لطاها *** ذلِكَ عِزُّ عَزَّ أَنْ يُضاهي (2)
91 تُقُبلَتْ تَوْبَةُ آدَمَ الصَّفي*** بِيُمْنِهِ أَكْرِمْ بِهِ مِنْ خَلَفٍ
92 وَسَجْدَةُ الأَمْلاكِ لا لِعِزَّتِهِ (3)***بَلْ نُورُ ياسين بَدأ في غُرتِهِ
93 بِهِ نَجى نُوحٌ مِنَ الطُّوفانِ *** بِمُرْسَلاتِ اللُّطْفِ وَالاِحْسانِ
94 نَجى مِنَ الرّيحِ العَقِيمِ(4) هُودٌ*** لأنَ لِداوُدَ بِهِ الحَدِيدُ
95 وفازَ إبْراهِيمُ بِالاِمامَةِ *** وَمِنْهُ نال هذِهِ الكَرامَةَ
96 بِهِ نَجى مِنْ كُلِّ كَيْدٍ وَ بَلا ***يُوسُفُ وَاسْتَوى عَلَى العَرْشِ العُلا
97 وكانَ لُقمانُ رَقيقُ نِعْمَتِهِ*** أُعْطِيَ رَمْزاً مِنْ دَقِيقٍ حِكْمَتِهِ
98 بَهَ نجاة يُونِسُ المَسْجُونِ*** مِنْ ظُلْمَةِ البَحْرِ وَبَطْنِ النُّونِ(5)
99 حجْرٌ (6)عَلى كُلِّ نَبِيٌّ وَ وَلِيٌّ*** خَلاصُةُ اِلّأ بِهِ مِمَّا ابْتُلِيَ
100 وَما ابْنُ مَرْيَمَ البَتُول اِلاّ *** مُبَشِّراً مِنَ العَلِي الأَعلى
101 وآلُ عِمرانَ عَلى مائِدَتِهِ *** بَلْ يَسْتَفِيدُ الكُل من فائِدَتِهِ
102 وَالأنسُ وَالْجِنُّ رجالاً ونِسا ***عَلى بِساطِهِ صَباحاً ومَسا
ص: 22
103فَلَيْسَ فِي الوُجُودِ إِلا نِعَمُهُ*** وَلا عَلَى الأَعْرَافِ(1) إِلا خَدَمهُ
104 وَلَيْسَ قَدْرُ ذلِكَ الإِنْعامِ*** مُخْتَفِياً إلا عَلَى الأَنْعامِ
(9)
105وَالفَتْحُ وَالنَّصْرُ يَدُورانِ مِعَهُ*** فما أعز جارَهُ وَامْنَعَهُ
106 وَفِي اللّقاءِ عَوْنُهُ الرَّحْمَنُ*** وفي البَلاءِ حِرْزُهُ الفُرْقانُ
107وَالعادِياتُ (2)خَيْلُهُ المُغِيرَةُ ***وَالذّارِياتُ (3) جُندُهُ المُثِيرَةُ
108وَبَطْشُهُ (4)الشَّدِيدُ بالأحزاب ***كَأَنَّهُ قارِعَةُ العَذابِ
109زَلْزَلَةُ السَّاعَةِ مِنْ زِلْزَالِهِ ***وَهَوْلُ يَوْمِ الحَشْرِ مِنْ أَهْوالِهِ
110 وَلا يَهُولُهُ تَكاثُرُ العُدى ***وهَلْ تُرى فَوقَ يَدِ اللهِ يَدا
111وَكُلَّما تَحَزّبُوا تَحَزّباً *** تَفَرَّقُوا كَأَنَّهُمْ أَيْدِي سَبا (5)
112كَأَنَّهُمْ وَهُمْ الُوفُ عادِيَةٌ*** عادٌ وأَحقافُ وَرِیحٌ عاتِيَةٌ
113جاثِيَةٌ (6) مِنْ هَوْلِ ذاكَ المُطلع (7)***وَانْفَطَرَتْ قُلُوبُهُمْ مِنَ الفَزَعِ
ص: 23
114حُصُونُهُمْ مِثْلُ الجِبالِ الرَّاسِيَةِ*** لكِنْ كَبَيْتِ العَنْكَبُوتِ وأهِيَةٌ
115ذلَّتْ لَهُ الرُّومُ وَدانَتِ (1) العرب ***وَانْخَذَلَ الفُرْسُ بِهِ وَلَا عَجَبَ
116 وَأَصْبَحَتْ بَعْدَ حُرُوبٍ غَاشِيَةٍ (2) ***مِن طُلَقائِهِ قُريشُ الطاغيَةُ
117 وَرَنةُ الرَّعْدِ تِجاهَ سَطوَتِهِ ***كَأَنَّهُ مِنْ رُعْبِهِ وَ خِيفَتِهِ
118صادَ قُلُوبَ العالَمينَ بِالنَّظَرِ*** وَشَقَّ بِالإِيمَانِ لَبَّةَ (3) القَمَرِ
119 وَمَا انشِقاقُ القَمَرِ المُنِيرِ*** سَطوتُهُ تَقْضِي عَلَى الأَثِيرِ(4)
(10)
120وَالطُّورُ دَكَةٌ(5) بِبابِ دارِهِ ***وَالنُّورُ كُلُّ النُّورِ فى مَنارِهِ
121 رَقِيَ إِلَى أَرْقَى مَعارِجِ الهِمَمِ ***وَجازَ عَنْ ذاتِ البُرُوحِ والقَلَمِ
122 مَقامُهُ المَحْمُودُ فِي قافِ القِدَمِ*** وَهُوَ مَقام لا يَمَسُّهُ قَدَمٌ
123وَاشْتَقَهُ مِنْ نُورِهِ رَبُّ الفَلَقِ ***أيْنَ التُرابُ مِنْهُ بَلْ أينَ العَلَقُ
124الشَّمْسُ كُوِّرَتْ(6) لِنُورِ بَدْرِهِ ***وَالنَّجْمُ يهوى لِعُلُو قَدْرِهِ
125والنَّبَأُ العَظِيمُ بَعْضُ سِيرته*** وَالفَجْرُ رَمْزٌ لِجَمَال طَلْعَتِهِ
126 والتِّينُ وَالزَّيتُونُ فَرْعُ دَوْحَتِهِ(7) ***وَطُورُ سِينِينَ حَريمُ ساحَتِهِ
ص: 24
127مؤلِدُهُ فى البلد الأمين*** أَكْرِمْ بِهِ مِنْ بَلَدٍ مَيْمُونٍ
128 بيُمْنِهِ الحَجّ إِلَيْهِ مُفْتَرَضٌ*** كَانَهُ مِنْ قَصْدِهِ هُوَ الغَرَضُ
(11)
129وَالْمُؤْمِنُونَ اَفْلَحُوا بِالتَّلْبِيَةِ*** وَفِي سَبِيلِ دِينِهِ بِالتَّضْحِيَّةِ(1)
130 قامُوا بِأَمْرِهِ بِصِدْقٍ وَصَفاً ***صَفًّا كَأَنَّهُمْ صَفَائِحُ الصَّفا(2)
131وَانْشَرَحَتْ صُدُورُهُمْ بِنُورِهِ*** كَطارِقِ السَّمَاءِ(3) فِي ظُهُورِهِ
132قُلُوبُهُمْ خَالِصَةٌ مُمْتَحَنَةٌ ***حَقِيقَةُ الحَقِّ عَلَيْها بَيِّنة
133سيقُوا إلى جَنَّاتِ (4)عَدْنٍ زُمَراً(5) ***طُوبَى لِمَنْ عَلى سِياقِهِمْ جَرى
134وَمَالِكُ المُلْكِ بالإستقلال*** حَباهُ(6) بِالكَوْثَرِ والأََنْفالِ
135 وَعَصْرُهُ مِنْ أَفْضَلِ الأَعْصَارِ*** أَبهى(7) مِنَ الشَّمْسِ ضُحَى النَّهارِ
136 نِحْلَتُهُ (8)كَالنَّحْلِ فِي لُعابِها (9)***قَدْ جُعِلَ الشَّفاءُ فِي شَرابِها
137مُحَمَّدٌ لَهُ مِنَ المَحامِدِ*** ما جَلَّ عَنْ إِحْصاءِ أَي حَامِدٍ
ص: 25
138مُزَّمِّل(1) مُدَّثر لا ب-الرِداً ***بَلْ بِمَحاسِنِ العَطاءِ وَالنَّدى (2)
139 وَهُوَ شَفِيعُ الكُلِّ فِي القِيامَةِ ***عَلیهِ تاجُ هذِهِ الكَرامَةِ
140وَفُصِّلَتْ في الكُتُبِ المُنَزَّلَة*** آیاتُ فَضْلِهِ العَظيمِ المُنزَلَةِ
141وَلَيْتَ شِعْرِى ما تَقُولُ الشُّعَرا؟*** فى مَدْحِ مَنْ مادَحَهُ رَبُّ الوَرى _(3)
142 والشَّعْرُ كَالشَّعْرَى(4) رَفِيعُ المَنْزِلَةِ ***لكنْ لِعَظْمِ قَدْرِهِ لا قَدْرَ لَهُ
143 وَهَذِهِ هَدِيَّةُ النَّمْل إلى ***حَظِيرَةِ القُدسِ(5) وَسَاحَةِ العُلا
ص: 26
(12)
بنَصِّ الغَدير
«اَمِیرِالمُومِنینَ عَلیٍ صَلَواتٌ اللهِ عَلَیهِ»
144 عِيدُ الغَدِيِر أعْظَمُ الأَعيادِ*** كَمْ فِيهِ لِلَّهِ مِنَ الأيادى(1)
145 أكْمَلْ فِيهِ دِينَهُ المُبينا ***ثُمَّ ارْتَضَى الإِسْلامَ فِيهِ دِيناً
146 بِنِعْمَةٍ وَهِيَ أَتّمُ نِعْمَةٍ ***مَناً عَلَى النَّاسِ بِهِ أَتَمَّهُ
147بِنِعْمَةِ الأمْرَةِ وَالوِلايَةِ*** أَقامَ لِلدِّينِ الحَنِيفِ رأيَةٌ
148 تُظَلَلُ (2) العَرْشَ وَما سِواهُ*** وَالمَلاءَالأَعلى وَما حَواهُ
149آبانَ لِلْعِلْمِ بِهذا العلم*** ما جَلَّ أَنْ يَخْطُرَ فِى التّوَهُم
150 وَكَيْفَ وَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ المَعْرِفَةِ*** يُعْرِبُ عَنْ أَعْظَمِ اِسْم وَصِفَةٍ
151 وَهُوَ مَدَارُ الغَيْبِ وَالشُّهُود ***والقُطْبُ في دائرةِ الوُجُودِ
ص: 27
152أَبُو العُقُولِ والنُّفوسِ الكامِلَةِ ***وَالمَثَلُ الأَعلى لِمَنْ لا مِثْل لَهُ
153وَإِنَّهُ لَكَعْبَةُ التَّوْحِيدِ*** قبْلة كُلِّ عارِفٍ وَحِيدٍ
154 لرُوحِهِ المُقَدَّسِ المَنيعِ(1)*** وِلايَةُ التَّكْوِينِ وَالتَّشْرِيعِ
155 أَكرِم بِها ولأيَةٌ لِمَنْ أَتى*** فِى فَضْلِهِ الظَّاهِرِ نَصُّ هَلْ أَتى(2)
156وَهُوَ وَلِيُّ الأَمْرِ بِالنَّصّ الجَلِي ***وَعِنْدَهُ عِلْمُ الكِتابِ المُنزَلِ
157طارٌ بِفَضْلِهِ حَديثُ الطائر *** إِلى سَنامِ العَرْشِ (3) وَالدَّوائِرِ
158ولا أُباهِي بحَدِيثِ المَنْزِلَةِ*** فإِنَّهُ دُونَ مقام هُوَ لَهُ
(13)
159وما أَتى إِلى النَّبِيِّ الأُمّي ***كما أتاهُ في غَدِيرِ خُمّ
160 مِنْ آيَةٍ (4)فِي غَايَةِ التَّشْدِيدِ ***حاوِيَةٍ لِلوَعدِ والوَعِيدِ
161 آمرَةٍ بِنَصْبِ مَنْ لَوْلاهُ*** ما بَلَغَ المَبْدَأُ مُنْتَهاهُ
162فَأَوْقَفَ القَوْمَ عَنِ المَسِيرِ*** فِي شِدَّةِ الرَّمْضاء (5) وَالهَجِير(6)
ص: 28
163َاتَّخَدُوا مِنَ الحُدُوج(1) منبراً ***فَقامَ بِالتَّبليغ سَيِّدُ الوَرى
164 لَمّا رَقِىَ نَبِيُّنا الحُدُوجا ***ثَنى بِهِ إِلَى السَّمَا العُرُوجا
165وَمُذْ تَلاهُ الصُّنُو (2)رأقِياً بِها ***أَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها (3)
166 فَاجْتَمَعَ البَحْرانِ في الغَدِيرِ*** وَاقتَرَن السَّعْدانِ(4) فِي الأَثِيرِ
167وَاتَّصَلَ القَوْسانِ فِى الوُجُودِ*** مِنْ مَبْدَءِ الغَيْبِ إِلَى الشُّهُودِ
168فِيهِ تَجَلَّتْ لألى الكمال*** مَراتِبُ الجَلالِ وَالجَمالِ
169ثمَّ ابتدى بِخُطبَةٍ فَصِيحَةٍ*** بَليغَةٍ بالَغَ فِى النَّصِيحَةِ
170أَبان فِى خُطبته المُفَصَّلة *** ماً لِعَلِيٌّ مِنْ عَظيمٍ المَنْزِلَةِ
171 وقالَ للنَّاسِ أَلَسْتُ أولى*** بالمُؤْمِنِينَ كَالعَلِيِّ الأَعْلى
172 قالُوا: بَلَى وَالغَدْرُ في الفُؤادِ*** مُكْتَمِنُ كالنار في الرِّمادِ
173 فَقالَ وَالوَصِيُّ فِي يُمْناهُ: ***منْ كُنْتُ (5)مُوْلاهُ فَذا مَوْلاهُ
174 فَالمُرْتَضَى العَلِى قدراً وَسَمَهُ*** مَوْلاهُم بِكُلِّ مَعْنَى الكَلِمَة
175وَالنَّظْمُ وَالتَّرْتِيبُ في القَوْلِ يفي***بکوْنِهِ أَحَقَّ بِالتَّصَرُّف
176بلْ هُوَ أَقْصَى رُتَبِ الوِلاية ***ليسَ لَها حَدٌّ ولانِهايَةٌ
177فَإِنَّهُ مَجْلى صِفاتِ البارى*** في مَوضِعِ الإيرادِ والإِصدارِ
ص: 29
178وَنَشْأَةُ التَّكْوِينِ وَالإبداع*** مُنقادَةٌ لِأمرِه ِالمُطاعِ
179والقَلَمَ الأعلى وَلَوْحُ الحِكْمَةِ ***أمُ الكِتابِ وأَبُو الأَئِمَّة ِ
(14)
180بَلْ هُوَ أَصْلُ الكُتُبِ المُنَزَّلَة*** فَإِنَّهُ نُقْطَةُ باء البِسمِلةِ
181مِصباحُ نُورِ الأَحَدِى الذَّاتِ ***معَلَّمُ الأسماءِ والصِّفاتِ
182فِي كَفِّهِ الكَافِي مَفاتيح الظَّفَر *** لابل مَقاليد القضاء والقدر
183فِي يَدِهِ زِمَامُ فَيْضِ الأَزْلِ*** إِذْ يَدُهُ العُليا يَدَ اللهِ العَلي
174 وَعَيْنُهُ إِنْسانُ (1)عَيْنِ المَعْرِفَةِ ***بلْ هِيَ عَينُ اللهِ فِي كُلِّ صِفَةٍ
185 وَالسِّرُّ عِنْدَ سَمْعِهِ عَلانِيَةٌ*** إِذْ هُوَ لا تَخفى عليه خافِيَة ٌ
186وَقَلْبُهُ فِي قالب الوُجُودِ ***حياةُ كُلّ مُمْكِن مَوْجُودٍ
187 وَنُسْخَةُ اللّأهُوتِ وَجْهُهُ الحَسَنُ ***لَوْرامَ(2) لقْياهُ (3)الكَلِيمُ قِيلَ لَنْ
188 غُرَّتُهُ الغَرَاءُ فِي الضّياءِ***جَلَّتْ عَنِ التَشبِيهِ بِالبَيضاءِ
189 وَكَيْفَ وَهُوَ فالِقُ الإِصْباح*** فى أُفُقِ الأَرْواحِ والأَشباحِ
190 لِسانُهُ النَّاطِقُ بِالمَعارِفِ ***لسانُ غَيْب الله عِنْدَ العارِفِ
191 كلامُهُ يُعْرِبُ عَنْ مَقامِهِ *** لهُ التَّجَلَّى التامُ فِي كَلامِهِ
192وَفِيهِ مِنْ جَوامِعِ الحِكْمَةِ ما *** تَقاصَرَتْ عَنْهُ عُقُولُ الحُكّما
ص: 30
193 وفيه مِنْ لَطائِفِ اللُبابِ ***ما لا يَنالُهُ أُولُو الأَلبابِ
194 والقَدَمُ الثابِتُ مِنْهُ في اللِّقا ***كَنُقْطَةِ المَرْكز عِنْدَ المُلتَقى
(15)
195 کفأهُ فَخْراً أَنَّهُ قَدْ ارْتَقى*** خَيْر مَحَل وَاجَل مُرتَقى
196 ذاكَ مَحَلَّ وَضَعَ اللهُ يَدَهُ*** حَتَّى أَحَسَّ -(1) البَرْدَ مِمَّا بَرَدَهُ
197 عَلا عَلى كِتفِ النَّبِيِّ فَانتَهى*** إلى جِوارِ مَنْ اليه المُنتَهى
198 فبان في الكعبة سِرٌّ وبَدأ***نورٌ عَلى نُورٍ بِحَيْثُ اتَّحَدا
199وَمُذْ تَجَلّى مُشرِقاً نُورُ الهُدى ***خَرَّتْ(2) لَهُ الأَصْنامُ طُرَا سْجَداً
200 وَفِي اسْمِهِ كَنْزُ النَّجَاحِ وَالفَرَجِ*** حَدِّث بِما شِئتَ هُنا ولا حَرَجَ
201سَمَّاهُ بِاسْمِهِ العَلِيُّ الأعلى*** تَكَرُّماً مِنْهُ لَهُ وَفَضْلاً
202اسم سما في عالم الأسماء*** كَالْبَدْرِ في كواكِبِ السَّماءِ
203 اسمُ بِهِ يُسْتَدْفَعُ البَلاءُ *** وَإِنْ يَكُن أبرَمَهُ القَضاءُ
ص: 31
204إسم بِهِ أَوْرَقَتِ الأَشْجارُ ***اِسمٌ بِهِ أَيْنَعَتِ(1) الثَّمَارُ
205وقامَتِ السَّبْعُ العُلا بلا عمد*** بِاسمِ عَلى فَهُوَ خَيْرُ مُعْتَمَد
206 إسم بِهِ اسْتَدارَتِ الأفلاك***اِسمٌ بهِ اسْتَجارَتِ الأَملاكُ
207 اِسمٌ مُنير لرواقِ العَظَمَةِ*** بهِ سرادقاتها منتظمة
208 اِسمٌ به آدم نال الصَّفْوة ***مِنْ رَبِّهِ وَنالٌ مِنْهُ عَفْوَهُ
209 وباسْمِهِ نُوحٌ نجامِنَ الفرق*** وفُلْكُهُ جَرى عَلى خَيْرٍ نَسَقٍ
210 وَبِاسْمِهِ نالَ الخَلِيلُ الخُلَّةَ ***شرَّفَهُ الله بِتلكَ الحُلّة
211ونالَ مِنْهُ البَرْدَ وَالسَّلامَةَ *** بَلْ مِنْهُ نالَ مَنْصَبَ الإمامَةِ
212وباسْمِهِ مُوسَى غَداً كَلِيماً *** وَنالَ مِنْهُ مَنزِلاً كَرِيماً
213بِيُمْنِهِ أَفاقَ (2)لَمَّا صَعِقا(3)*** مِنَ التَّجَلّى حِين حاول اللقا
214وَبِاسْمِهِ سَمَا المَسِيحُ ذُو العُلا*** إلَى السَّمَاءِ آمِناً مِنَ البَلا
215 وَبِاسْمِهِ اسْتَغاثَ سَيِّدُ الوَرى*** حِينَ الَّذِي جَرى عَلَيهِ ما جَرى
216 وَبِاسْمِهِ كُل نَبِي وَ وَلِيِّ ***نجى مِنَ الشَّرِّ الَّذِي بِهِ ابْتُلِيَ
(16)
218 وَبَطْشُهُ هُوَ العَذابُ الاَكْبَرُ *** وَكادَتِ الأَرْضُ به تُدَمَّرُ (1)
219 سَلْ خَنْدَقاً وَخَيْبَراً وَبَدْرا*** فَانّها بِما أقولُ آدرى
220سَل أُحُداً فَفيهِ بِالنَّصِ الجَلِيِّ***نادَى الأَمينُ لأفَتى إِلّا علَى(2)
221 لِلَّهِ دَرٌ ضَرْبَةٍ أَفْضَلَ مِنْ*** عِبادَةِ الجَمِيعِ مِنْ إِنْسٍ وَجِنَّ
222يأضَرْبَةٌ قاضِيَةٌ عَلَى العِدى ***نَفْسِى وَأُمّى وَابِى لَكَ الفِدا
223وَكُمْ لِذلِكَ الرَّهِيفِ (3) المُنتضى(4)*** منْ ضَرْبَةٍ تَكادُ تَسْبِقُ القضا
224 وَكُمْ وَكُمْ بِعَضْبِهِ(5) قَدَّ (6)وَقَطَّ (7)*** لأمثلُه صاعِقَةُ العَذاب قَطُّ
225وَمَكْرُماتُهُ بِحَيثُ لاتُعِدُّ***وَهَلْ لِظِلَّ الأَحَدِ الواحِدِ حَدٌ
(17)
226بُشرى لِمَنْ يَرَى الغَدِيرَ عِيداً***لَهُ الهَنا عاشَ بِهِ سَعيداً
227يَوْمُ بِهِ تُحْيى قُلُوبُ الشيعة ***فَاللهُ قَدْ أَحْيى بِهِ الشَّرِيعَةَ
228 جُدِّدَ فِيهِ العَهْدُ وَالمِيثاق***فَضائَتِ الأنْفُسُ والآفاقُ
ص: 33
229يَوْم عَلَى العَرْشِ اسْتَوى رَبُّ العُلا*** فَاهْتَزَّتِ السَّبْعُ العُلا تهللا (1)
230يَوْمُ تُرى فِيهِ الْكِرَامُ البَرَرَةُ ***وُجُوهُها ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَة
221 يَوْمٌ عَلى رَغْمِ اللثَامِ الفَجَرَةِ ***ترى وُجُوهُها عَلَيْها غَبَرَةٌ(2)
(18)
232 ما اسْعَدَ الغَدِيرَ لَوْلاَ الغَدْرُ*** لكن بأهْلِهِ يَحِيقُ (3) المَكْرُ
233فَحِينَما غَابَ النَّبِيُّ المُصْطَفى*** بدَتْ حَسِيكَةُ (4) النّفاقِ والجفا
234 فَانْقَلَبُوا بِمُقْتَضَى الكِتابِ(5)*** بعْدَ نَبِيَّهِمْ عَلَى الأَعْقابِ
235مأراقبوا الذمام (6)في نَبِيِّهِم ***وَاغْتَصَبُوا الاِمْرَةَ مِنْ وَلِيهِمْ
236وما أزالَهُمْ عَنِ الحَقِّ الجَلي*** إلا اتِّباعُ الحَقِّ فِيهِمْ مِنْ عَلى
237 وَهُوَ شَدِيدٌ بأسهُ وَالحَقُّ مُرَّ(7) *** فَانْهَزَمَ الجَمْعُ ووَلَّوْا الدُّبْرَ
238 صَدُّوا وَسَدُّوا بَابِ عِلْمِ الهادِى*** بفتح باب بَيْعَةِ الأَوْغَادِ(8)
239 ما كان في نادِيهِمُ(9) السَّقِيفَةِ*** أعْظَمُ مُنْكَراً مِنَ الخَلِيفَةِ
ص: 34
240 أَعَنْ عَلى تُدْفَعُ الخِلافَة*** وَيُقتدى بابن أبي قحافة
241 وَكَيْفَ يَسْتَحِقُهَا ابْنُ حَنتَمَةَ ***أوِ ابْنُ عَفَانَ رَئيسُ الظَّلَمَةِ
242أَيْسْتَباحُ مِنبَرُ النُّبُوَّة ***ويُحْرَمُ المَخصوص بالأخوة
243 أَيَمْلِكُ المِحْرابَ عُبَادُ الوَثَنِ ***وَحِلْسُ(1) بَيْتِهِ الإمامُ المُؤْتَمَنُ
244 كَيْفَ يُقادُ قائد الإسلام*** لبيعَةِ الأَرْذَلِ فِى الأنام
245 أَيُسْلَبُ اللواء مِنْ فَخْرِ لَوى(2) ***يَحْمِلُهُ رَذِيلُ تَيْم وَعَدِيٍّ
246 أنصْرَفُ الزَّعَامَةُ الكُبرى إلى*** مَنْ لايَنالُ العَهْدَ مِنْ رَبِّ العُلا
247يا وَيْلَهُمْ قَدْ هَدَمُوا قَصْراً سَما *** بِالشّرْفِ الأقصى إلى هام(3) السَّما
248 فَخَرَّ مِنْ عُليا قُرَيْشٍ ماجد (4)*** مَنْ لا يُحَاذِي كَعْبَةَ الأماجد
249وَابْتُز(5) مِنْ رَأْسِ الفخار تاجُهُ*** فما ترى مِنْ بَعْدِهِ نِتاجُهُ
250 مِنْهُمْ جَرى مِنْ بَعْدُ كُلُّ مَاجَرى*** فَإِنَّ كُلَّ الصَّيْدِ فِي جَوْفِ الفرى(6)
251 قَدْ خَفَضُوا مَقامَهُ الرّفيعاً ***وَحَقُهُ ما بَيْنَهُمْ أضِيعاً
252 تَداولُوهُ بَيْنَهُمْ يداً بِيدٍ*** عَلَيْهِمُ اللَّعْنُ إلى مَدَى الأَبَدِ
ص: 35
(19)
253جَوْهَرَةُ القُدْسِ مِنَ الكَيْرِ الخَفِيُّ*** بَدَتْ فَابْدَتْ عَالِياتِ الأَحْرُفِ
254وَقَدْ تَجلّى مِنْ سَماءِ العَظَمَةِ*** مِن عالَمِ الأَسماءِ أَسمى كَلِمَةٍ
255بل هِيَ أُمُّ الكَلِماتِ المُحْكَمَة*** فِي غَيْبِ ذاتِها نَكاتُ مُبْهَمَةٌ
256أُمُّ أئِمَّةِ العُقُول الغُربَل ***أُمُّ أَبيها وَهُوَ عِلَّةُ العِلل
257رُوحُ النَّبِيُّ في عَظِيمِ المَنْزِلَةِ*** وفى الكفاء كُفْو(1) مَنْ لأكُفوَلَهُ
258تَمَثَلَتْ رَقِيقَةُ الوُجُودِ*** لطِيفَةُ جَلَّتْ عَنِ الشُّهُودِ
259تَطَوَّرَتْ فِي أَفْضَلِ الأَطْوَارِ*** نتيجةُ الأَدوارِ وَالأَكوارِ(2)
ص: 36
260 تَصَوَّرَتْ حَقِيقَةُ الكَمالِ ***بصُورَةٍ بَدِيعَةِ الجَمال
261 فَإِنَّهَا الحَوْراءُ فِي النُّزُولِ ***وفي الصُّعُودِ مِحْوَرُ العُقُول
262 يُمَثْلُ الوُجُوب فى الإمكان*** عیانُها (1) بِأَحْسَنِ البَيانِ
263 فَإِنَّها قُطْبُ رَحَى(2) الوُجُودِ*** فى قَوسَى النُزُولِ وَالصُّعُودِ
264 وَلَيْسَ فِى مُحِيطِ تِلكَ الدّائِرَةِ ***مَدارُها الأعْظَمُ إِلا الطَّاهِرَةُ
265 مَصُونَةٌ عَنْ كُلِّ رَسْم وَسِمَةٍ ***مَرْمُوزَةٌ فِي الصُّحُفِ المُكَرَّمة
266 صِدِّيقة لا مِثلُها صِدِّيقَةٌ*** تَفْرُغُ (3) بِالصِّدْقِ عَنِ الحَقِيقَةِ
267 بَدأ بِذلِكَ الوُجُودِ الزّاهِرِ*** سِّرٌ ظُهُورِ الحَقِّ فِي المَظاهِرِ
268 هي البتول الطهر والعذراء ***كَمَرْيَمَ الطُّهرِ وَلأسَواءٌ
269فَانّها سَيِّدَةُ النِّساءِ ***وَمَريَمُ الكبرى بلا خَفاءٍ
270وحبها مِنَ الصِّفاتِ العالية*** عَلَيهِ دَارَتِ القُرُونُ الخاليِةٌ
271 تَبَتَلَتْ (4)عَنْ دَنَسِ الطَّبِيعَةِ*** فيالَها مِنْ رُتْبَةٍ رَفِيعَةٍ
272مرفُوعَةُ الهِمَّة والعَزيمَةِ ***عَنْ نَشْأَةِ الزّخارِفِ الذّمِيمَةِ
273في أُفُقِ المَجْدِ هِيَ الزَّهْراءُ *** لِلشَّمْسِ مِنْ زُهْرَتِها الضّياءُ
274بَلْ هِيَ نُورُ عالم الأنوار*** ومطلع الشّمُوسِ والأَقمارِ
275 رَضِيعَةُ الوَحْيِ مِنَ الجَلِيلِ ***خلِيفَةٌ (5)لِمُحْكَمِ التَّنْزِيلِ
ص: 37
276مَفْطُومَةٌ (1) مِنْ زَلَلِ الأهْواءِ*** معْصُومَةٌ عَنْ وَصْمَةٍ (2)الأخطاء
277معْرِبَةٌ بِالسَّتْرِ وَالحَياءِ ***عَنْ غَيْبِ ذاتِ بارِيُّ الأَشْياءِ
278راضِيَةً بِكُلّ ما قَضَى القضا ***بماً يَضِيقُ عَنْهُ واسِعُ الفضا
279زَكِيَّةٌ مِنْ وَصْمَةِ القُيُودِ*** فَهِيَ غَنِيَّةٌ عَن الحُدُودِ
280يا قبللَةَ الأَرْواحِ وَالعُقُول ***وَكَعْبَةَ الشُّهُودِ وَالوُصُول
281مَنْ بِقُدُومِها تَشَرَّفَتْ منى*** وَمَنْ بها تُدْرَك غاية المنى
(20)
282 وبابها الرَّفِيعُ بابُ الرَّحْمَةِ ***ومُستجارُ كُلِّ ذِى مُلمَّة
283ومَا الحَطِيمُ (3) عِنْدَ بابِ فاطِمَةَ *** بِنُورِها تَطْفَاً نارُ الحاطِمَة (4)
284 وَبَيتُها المَعْمُورُ كَعْبَةُ السَّما ***اَضحى(5) ثرأه للثريا مَلْثَماً
285 وَخِدْرُها (6) السّامِي(7) رواقُ العَظَمَةِ***وَهُوَ مطافُ الكعبة المُعَظَمة
286 حِجابُها مثل حجاب البارى ***بارقة تذهَبُ بالأبصار
287تَمَثل الواجِبُ في حِجابها ***فكَيفَ بِالإِشراقِ مِن قِبابِها
ص: 38
(21)
288 يا دُرَّةَ العِصْمَةِ والوِلاية ***مِنْ صَدَفِ الحِكْمَةِ وَالعِنايَةِ
289ما الكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ فِي السَّمَاءِ ***مِنْ ضَوْءِ تِلكَ الدُّرَّةِ البَيْضَاءِ
290 والنَّیْرُ الأَعْظَمُ مِنْها كَالسُّها (1)***كَيْفَ وَلا حَدَّ لها ومنتهى
291أشْرَقَتِ العَوالِمُ العِلْوِيَّةُ ***بنُورٍ تِلْكَ الدُّرَّةِ البَهِيَّةِ
292 یا دَوْحَةُ جَازَتْ سَنامَ (2)الفَلَكِ ***بَلْ جاوَزَ السِّدْرَةَ فَرْعُهَا الزَّكى
293 يا دَوْحَةُ أغصانها تَدَلَّتْ (3)***بمَوْضِع فِيهِ العُقُولُ ضَلَّتْ
294 دنَتْ إِلَى مَقامِ أَوْ أَدْنَى فَلا*** تبْتَغِ (4)مِنْ ذلِك أعلى مَثَلاً
(22)
298مَبادِىُ الحَياةِ فِي البِداية*** وَمُنْتَهى الغاياتِ فِي النِّهايَةِ
299اَثمارُها عَزائِمُ القُرْآنِ ***فِى صَفَحاتِ مُصْحَفِ الإِمكان ِ
300آَثمارُها منابت لِلْمَعْرِفَةِ*** مِنْ جَنَّةِ الذَّاتِ غَدَتْ مُقْتَطَفَةٌ
(23)
301لَكَ الهَنا يا سَيِّدَ الوُجُودِ*** فى نَشَئاتِ الغَيْبِ وَالشُّهُود
302بِمَنْ تَعَالَى شَأْنُها عَنْ مِثْلٍ ***كَيْفَ وَلا تَكْرارَ فِي التَجَلَّى
303 لا يَتَثَنَّى هَيْكَلُ التَّوحِيد*** فَكَيفَ بِالنَّظِيرِ وَالنَّدِيدِ (1)
304 ومُلْتَقَى القوسين نَقْطَةٌ فَلا*** تَرى لَها ثانِيةً أَو بَدَلاً
305وَحِيدَةٌ فِي مَجْدِها القَدِيمِ*** فرِيدَةٌ في أَحْسَنِ التَّقْويمِ
306بُشراكَ يا أبا العُقُولِ العَشَرَةِ ***بِالبَضْعَةِ الطَّاهِرَةِ المُطَهَّرَةِ
307مُهْجَةُ (2)قَلْبِ عالمِ الإِمْكَانِ ***وَبَهْجَةُ الفِردَوسِ وَالجِنانِ
308غُرَّتُها الغَرَّاءُ مِصْباحُ الهدى ***يُعْرَفُ حُسْنُ الْمُنتَهى بِالمُبتدأ
309 وَفِي مُحَيَّاها (3)بِعَينِ الأَولِيا*** عَينانِ مِن ماءِ الحَياةِ والحَيا
310 بَلْ وَجْهَهَا الكَرِيمُ وَجْهُ البارِى*** وَقِبْلَةُ العارِفِ بِالأَسرارِ
ص: 40
(24)
311بُشراكَ يا خُلاصَةَ الإِيجَادِ*** بِصَفْوَةِ الأمجاد(1) والانجادِ
312أُمُّ الكِتابِ وابْنَةُ التَنزِيلِ *** رَبَّةُ بَيْتِ العِلْمِ بِالتَّأْوِيلِ
313 بَحْرُ النَّدى وَمَجمَعُ البَحْرَينِ*** قلْبُ الهُدى وَمُهجَةُ الكونين
314واحِدَةُ النَّبِيِّ اَوَّلُ العَدَدِ*** ثانِيَةُ الوَصِيُّ نُسْخَةُ الأَحَدِ
315 و مَرْكَزُ الخَمْسَةِ مِنْ أَهْلِ العَباً*** ومِحْوَرُ السَّبْع عُلُوّاً وَاَبَاً
316 لَكَ الهَنا يا سَيِّدَ البَرِيَةِ*** بِأَعْظَمِ المَواهِبِ السَّنِيَّةِ
317 أَتأكَ طاؤُوسُ رياضِ القُدسِ ***بِنَفْحَةٍ مِنْ نَفَحاتِ الأُنسِ
318 مِنْ جَنَّةِ الصِّفاتِ والأسماء*** جَلَّتْ عَنِ المَدِيحِ وَالثَّناءِ
319 فَارٌ تَاحَتِ(2) الأَرْواحُ مِنْ شَمِيمِها ***وَاهْتَزَّتِ النُّفُوسُ مِنْ نَسِيمها
320 بِهَا انتَشى(3) فِي الكونِ كُلُّ صاح(4)*** وطابَتِ الأَشباحُ بالاَرْواحِ
321 تحْيِي بِهَا الأَرْضُ وَمَنْ عَلَيها ***و مَرْجِعُ الأَمْرِ غَداً إِليها
ص: 41
(25)
322لَهفِي لَها لَقَدْ أضِيعَ قَدْرُها ***حَتّى تَوارى بالحِجابِ بَدْرُها
323 تَجَرَّعَتْ مِنْ غُصَصِ الزَّمانِ ***ما جاوَزَ الحَدَّ مِنَ البَيانِ
324وما أَصابَها مِن المُصاب ***مِفتاحُ بابِهِ حَدِيثُ البابِ
325 إِنَّ حَدِيثَ البابِ ذُو شُجُونٍ(1)*** مماً جَنَتْ بِهِ يَدُ الخَؤنِ(2)
326أَیهْجُمُ العِدَى عَلَى بَيْتِ الهُدى *** ومَهبَطِ الوَحيش ومُنتدى(3)النِّدى
(26)
«الضَّرَمُ (4)فِي البابِ»
327أَيَضْرَمُ النَّارُ ببِابِ دارِها*** وَآيَةُ النُّورِ عَلى مَنارِها
328وبأبُها بابُ نَبِي الرَّحْمَةِ ***وبأبُ أَبوابِ نَجاةِ الأُمَّةِ
329بَل بأبُها بأبُ العَلِى الأَعلى*** فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ قَدْ تَجَلّى
330مَا اكْتَسَبُوا بِالنَّارِ غَيْرَ العَارِ*** وَمِنْ وَرَائِهِ عَذابُ النَّارِ
331ما أَجْهَلَ القَوْمَ فَإِنَّ النَّارَ لا*** تطفِى نُورَ اللهِ جَلَّ وَعَلاً
ص: 42
332 لكِنَّ كَسْرَ الضّلْع(1) لَيْسَ يَنْجَبِرُ*** إِلا بِصَمْصَامِ (2)عَزيزِ مُقْتَدِرٍ
333 إِذْ رَضُ (3)تِلْكَ الأضْلُعِ الزَّكِيَّةِ ***رزِيَّةٌ لا مِثْلُها رَزِيَّةٌ
334 وَمِنْ نُبُوعِ الدَّمِ مِنْ ثَدْيَبها***يُعرفُ (4)عَظْمُ ماجرى عليها
335وَجاوَزُوا الحَدَّ بِلَطْمِ الخَدِّ***شَلَّتْ يَدُ الطَّغْيانِ وَالتَّعَدِّى
336 فَاحْمَرَّتِ(5) العَيْنُ وَعَيْنُ المَعْرِفَةِ *** تَذْرِفُ (6)بِالد مع عَلى تِلْكَ الصَّفَةِ
337 ولا يُزِيلُ (7) حُمْرَة العَيْنِ سوى*** بيضُ السُّيوف يَوْمَ يُنشر اللواء
338وللسياطِ رَنَّةٌ (8) صَداها ***فِي مَسْمَعِ الدَّهْرِ فَما أَشْجاها(9)
339 وَالأَثَرُ الباقِي كَمِثْلِ الدُّمْلَجِ(10)*** في عَضُدِ الزَّهْرَاءِ أَقْوَى الحُجَجِ
340 وَمِنْ سَوادِ مَتْنِهَا(11) اسْوَدَّ الفَضا ***يا ساعِدَ اللهِ الإمامَ المُرْتَضى
341 وَوَكْزُ(12) نَعْلِ السيف في جنبیها*** آتى بِكُلِّ ما أَتى عَلَيها
342 وَلَسْتُ اَدْرِى خَبَرَ المِسْمارِ(13)*** سَلْ صَدْرَها خَزانَةَ الأَسْرارِ
343 وَفِي جَنِينِ المَجْدِ مَا يُدْمِي الحَشا ***وَهَلْ لَهُمْ اِخْفَاءُ أَمْرٍ قَدْ فَشى
344والبابُ والجِدارُ وَالدّماء*** شُهُودُ صِدْقِ مابِهِ خَفاءٌ
ص: 43
345 لَقَدْ جَنَى الجانِى عَلى جَنِينها*** فَانْدَكَتِ الجبالُ مِنْ حَنِينها
346 أَهْكَذَا يُصْنَعُ بِابْنَةِ النَّبِيِّ*** حرْصاً عَلَى المُلْكِ فَيا لَلْعَجَبِ
347أتُمْنَعُ المَكْرُوبَةُ المَقْرُوحَةُ*** عَنِ البُكاً خَوْفاً مِنَ الفَضِيحَةِ
348 تاللهِ يَنْبَغِى لَها تَبْكِي دَماً ***ما دامَتِ الأرْضُ وَدارَتِ السَّما
349 لِفَقْدِ عِزّهاً أبيها السّامِي*** وَلاِ هتِضامِها (1) وذُلِّ الحامِي
350أتستَباحُ نُحْلَةُ (2)الصِّدِّيقة *** وارِثُها مِنْ أَشْرَفِ الخَلِيقَةِ
351كَيْفَ يُرَدُّ قَوْلُها بِالزّورِ*** إِذْ هُوَ رَدُّ آية التّطْهِير
352أيُؤْخَذُ الدِّينُ مِنَ الأَعْرَابِي ***ويُنبذُ المَنْصُوصُ في الكتاب
253 فَاسْتَلبُوا ما ملكت يداها*** وَارْتَكَبُوا الخِزْيَةَ مُنْتَهاها
354يا وَيْلَهُمْ قَدْ سَأَلُوهَا البَيِّنَةَ*** عَلَى خَلافِ السُّنَّةِ المُبَيِّنَةِ
355وَرَدُّهُمْ شَهادَةَ الشُّهود*** اَكبَرُ شاهِد عَلَى المَقْصُودِ
356 وَلَمْ يَكُنْ سَدُّ الثُّغُورِ غَرَضاً*** بَلْ سَدُّ بابِها وَبابِ المُرْتَضى
357 صَدُّوا عَن الحَقِّ وَسَدُّوا بابه*** كَأَنَّهُمْ قَدْ آمَنُوا عَذابَهُ
358 أَبَضْعَةُ الطُّهْرِ العَظِيمُ قَدْرُها*** تُدْفَنُ لَيْلاً وَيُعْفى (3) قَبْرُها
359 مادفِنَتْ لَيْلاً بِستر وَخَفا***إلا لِوَجدِها(4) على أهلِ الجَفا
360ما سَمِعَ السّامِعُ فيما سمعاً*** مَجْهُولَة بِالقَدْرِ وَالقَبْرِ مَعاً
361يا وَيْلَهُمْ مِنْ غَضَب الجَبّارِ ***بظُلْمِهِمْ رَیحانَةَ المُخْتَارِ
ص: 44
(27)
362 نُورُ الهُدى مِنْ أُفُقِ الحَقِّ بَدأ*** فَأَشْرَقَتْ بِهِ مَعالِمُ الهُدى
363 وَالنَّيْرُ الأَعْظَمُ نُورُهُ خَباً*** مُذ أَشْرَقَ الكَوْنُ بِنُورِ المُجْتَبى
364 وَكَيْفَ لا وَنُورُ وَجْهِهِ المُضىء ***زَيْتُونَةٌ يَكادُ زَيْتُها يُضيء
365 والمَثَلُ الأعْلَى لِنُورِ النُّور***ِ فَلَيْسَ أجْلى مِنْهُ فِى الظُّهُورِ
366 وَنُورة القاهِرُ للأنوار*** يَكادُ أنْ يَذهَب بِالأَبصار
367 وأدى طوى بِنُورِهِ استَنارا*** وَمِنه آنَسَ(1) الكليم ناراً
368 وَمِنْ سَناهُ خَرَّ(2) مُوسى صَعِقاً*** وَانْدَكَ مِنْهُ الطُّورُ لَمَّا أَشْرَقا
ص: 45
369 كَيفَ وهذا النَیِّرُ الإلهي*** مثالُ مَنْ لَيْسَ لَهُ التّناهِى
370 وذاتُهُ لَطِيفَةٌ قُدْسِيَّةٌ ***رَقِيقَةٌ(1) الحَقائِقِ العِلْوِيَّةِ
371وَمَا الْحُرُوفُ (2)العاليات الا ***اسمائه الغُر إذا تجلى
372 إِذْ هُوَ رَمْزُ الغَيْبِ وَالشُّهُود*** فاتِحَة الكِتابِ فِي الوُجُودِ
373 بَل ذاتُهُ نُقطة باءِ البِسمِلَةِ ***و مُجْمَلُ الحَقائِقِ المُفَصَّلة
(28)
374أَصل الوُجُودِ غاية الإيجادِ*** جَلَّ عَنِ الأَشباهِ وَالأَنْدادِ
375 بَلْ هُوَ فِي مَقامِهِ الكَرِيمِ*** رابطةُ الحادِثِ والقَدِيمِ
376 وَفِى مُحِيطِ الكَوْنِ وَالمَكانِ ***واسِطَة ُالوُجُوبِ والإِمكانِ
377 ومَبْدَءُ الخَيْرِ وَمُنْتَهَى الكَرَمِ*** ومَصْدَرُ الوُجُودِ مِنْ كَتْمِ العَدَمِ
378 سر الوُجُودِ فِي مُحَيَّاهُ عَلَنٌ*** فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ وَجْهُهُ الحَسَنُ
379 غرتُهُ مَطلَعُ انوار الأزلِ*** فلا يزالُ نُورُها وَلَمْ يَزَلْ
380 وفِي مَظَاهِرِ الوُجُودِ لَنْ تَرى*** أعْظَمَ مِنْهُ مَظْهَرا وَمَنْظَراً
381أعْظَمُ مَظْهَرٍ لأَجْلى ظاهِرٍ*** بِهِ ظُهُورُ سائِرِ المَظاهِرِ
ص: 46
(29)
382يَهْنِيكَ يا أَبَا الوُلاةِ السَّادَةِ*** وقادة الخَلْقِ إِلَى السَّعادَةِ
383بمَنْ تُسامي شرفاً وَمَجَّداً*** أَخاً وأمّاً وَاباً وَجَداً
384رَيْحَانَةُ الطُّهْرِ وَرُوحُ الطَّاهِرَةِ*** قَلْبُ الهُدى عَقْلُ العُقُول القاهرة
385إِنْسانُ عَيْنِ عالمِ الإِمْكَانِ*** وَبَهْجَةُ الزّمانِ وَالمَكانِ
356جامِعُ شَمْلِ(1) الحَقِّ وَالحَقِيقَةِ*** وَالفَرْدُ فِى الخِلْقَةِ وَالخَلِيقَة
387 وارِثُ سَيِّدِ الوُجُودِ مَنْ دَنى*** مِنْ رَبِّهِ فَنال غايَةَ المُنى
388 فاز وَجازَ مِنْ مَقامِ العَظَمَةِ ***كُلَّ فَضِيلَةٍ وَكُلَّ مَكْرَمَةٍ
389 بَلْ هُوَ مِنْهُ مِثْلُ نُور الباصِرَةِ*** وعَنْ مَعالِيهِ المَعانى قاصِرَة ٌ
390 بأبُ الهُدى وَبَيْتُهُ المَعْمُورُ*** منْ بِسناهُ يَنْجَلِى الدَّيْجُورُ(2)
391 قبْلَهُ كُلّ عارِفٍ رَبّانِي*** وَمُسْتَجارُ كَعْبَة الأَمانِي
392وبَيْتُهُ المَنِيعُ مِحْوَرُ الفَلَكَ*** وبابه الرَّفِيعُ مَرْكَزُ المَلَكِ
393مَا العَرْشُ مَا الكُرْسِيُّ مَا الضُّراحُ (3)*** ببابِهِ النَّجاجُ وَالفَلاحُ
394بَلْ هُوَ باب حِطَّةِ (4)الذُّنُوبِ ***وعنِدهُ مَفاتِحُ الغُيُوبِ
ص: 47
295بابُ جَوامِعِ العُلُومِ وَالحِكَمِ ***بأب التجليات بالمجلى الأتم
296 بناهُ بِالحَقِّ يَدُ التأييد*** على أساسِ العَدْلِ وَالتَّوْحِيدِ
(30)
397بُشراكَ يا حَقِيقَةَ المَثانِي(1)***بواحِدِ الدَّهْرِ بِغَيْرِ ثانى
398 بالحَسَنِ المَنْطِقِ والبيان ***وَمَنْ حَوى(2) بدايع المعاني
399 مَنِ اجْتَباهُ رَبُّهُ وَائْتَمَنَهُ*** سُبْحانَ مَنْ أَبْدَعَهُ وَاتقَنَهُ
400وَأَصْلُهُ مُؤَصِّلُ الأصول*** وَفَرْعُهُ جَواهِرُ العُقُولِ
401وآيةُ النُّورِ جَمَالُ غُرَّتهِ*** وَجَنَّةُ الخُلد مثال وَجْنَته
402لِسانُ صِدْقِهِ بِكُلّ قِيل*** حَقاً وَصِدْقاً مُنْيَةُ الخَلِيلِ (3)
403 وَرَوْضَةُ الدِّينِ بِوَجْهِهِ الحَسَنِ*** قُطُوفُها (4)دانِيَةٌ مَدَى الزَّمَنِ
404 زكت ثُمارُ العِلْمِ بِالزَّكي*** أكْرِمْ بِهذا الثَّمَرِ الجَنِيٌّ(5)
405 وَاهْتَزَّتِ السَّبْعُ العُلى لِمَوْلِدِهِ*** وطابَتِ الأَرْضُ بِطيبِ مَحْتَدِهِ (6)
ص: 48
(31)
406 لَكَ الهَنا بِالسَّيِّدِ المُطاعِ***يا لَيْثَ غَابِ(1) عالَمِ الإِبداعِ
407 سَمّاهُ سَيِّدُ البَرايا سَيِّداً*** كَفاهُ فَضْلاً لَوْ نَظَرْتَ جَيِّداً
408 فَهُوَ لَهُ السُّمو والسِّيادَة ***فِي مَلَكُوتِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
409 أعْطاهُ جَدُّهُ نَبِيُّ الرَّحْمَةِ ***سُودَدَهُ وَعِلْمَهُ وَحِلْمَهُ
410 مِنْ رشحاتِ بَحْرِ عِلْمِهِ الخِصم(2)*** جَرَتْ يَنَا بِيعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ
411 هُوَ الكِتابُ المُحْكَمُ المُبِينُ*** فى لَوْحِهِ التَشْرِيعُ وَالتَّكْوِينُ
412بامرِهِ جَرى بِما جَرى القَلَمُ*** وَالأمْرَ مِنْهُ أَمْرُ بارِيءِ النَّسْمِ(3)
(32)
413 وَحِلْمُهُ لَهُ المَقامُ السَّامِي*** في حِلْمِهِ ضَلَّتْ أُولُوا الأَحْلامِ
414 وَسِلْمُهُ فِى مَوْقِعِ التَسْلِيمِ*** منْ نَفَحاتِ قَلْبِهِ السّليم
415رِضاهُ فيما كانَ لِلّهِ رِضا***قضى عَلى حُقُوقِهِ بما قضى
ص: 49
416 وَصَبْرُهُ العَظِيمُ في الهزايز(1)*** يَكادُ أَنْ يُلْحَقَ بِالمَعاجِز
417مِنْ حِلْمِهِ أَصابَهُ مِنْ البَلا*** مألا تُطيقُهُ السَّمواتُ العُلى
418 تَبَّت یَدأ آكِلَةُ الأَكبادِ*** آتتْ بِرَأْسِ البَغْيِ وَالفَسادِ
419 اَتَتْ بمَنْ لا تَكْشفُ النِّسَاءُ عَنْ *** أخْبَثَ مِنْهُ فِي الشّقَاءِ وَالآحَنِ(2)
420ما لِابنِ هِندٍ لا أَباً لَهُ أَبى*** وِلايَةَ الأَمْرِ لِاَصْحابِ العَباً
421 فَأَشْهَرَ (3) الحَرْبَ عَلَى اللهِ العَلِيّ*** مُذحارَبَ الوَصِيَّ بِالنَّص الجَلِي
422 وَسَنَّ سَب سَيّدِ الأكابِرِ*** بَغياً عَلَى اللهِ عَلَى المَنابِرِ
423 وَبَعْدَهُ عَدا عِناداً واعْتَدى*** عَلى سَلِيله سُلالة الهُدى
424 فَاسْتَلَب الإِمْرَةَ بِالتَّسْوِيل*** عَنْ أَهْلِ بَيْتِ الوَحْيِ وَالتَّنْزِيلِ
425 كَيْفَ يَليقُ الرّجُسُ بالإمارة*** دُونَ سَلِيلِ القُدْسِ وَالطَّهارة
426فَلا وَرَبِّ العَرْشِ لا يَلِيقُ ***بمَنْصَبِ الإمامَةِ الطَّلِيقُ
427 لكنَّهُ رَيْبُ الزَّمانِ ذُوغِيَرٍ*** ساعَدَهُ الغَدْرُ (4) عَلَيهِ وَالقَدَرُ
428فَانتَشَرَ الشَّرُّ وَشَاعَ المُنكَرُ*** وَلَيْسَ لِلْمَعْرُوفِ إسمٌ يُذكَرُ
429 وَكَمْ وَكَمْ مِنْ حُرُمَاتٍ هُتكت*** وَمِنْ دِماء زاكياتٍ سفِكَتْ
430وما جَرى مِنْهُ عَلَى الإِمامِ*** تَنكُلُ(5) عَنْهُ الْسُنُ الأَقلامِ
431وَكَمْ وَكَمْ مِنْهُ تَجَرَّعَ الغُصَصَ*** وجُرْعَةُ السُّم أخِيرَةُ القِصَص
432وكانَ سهُمُهُ عَقِيبَ رِحْلَتِهِ ***سهام بَغْيِهِمْ وَهَتْكِ حُرْمَتِهِ
ص: 50
(33)
433أَيمْنَعُ الحَبِيبُ عَنْ حَبِيبِهِ*** ظُلماً ولا مانِعَ عَنْ رَقيبهِ
434أَیستَباحُ قُرْبُهُ لِصاحِبِهِ*** وَيُحْرَمُ الأَقْرَبُ مِنْ أقاربه
435أَيُحْرَمُ الزَّكِيُّ عَنْ قُرْبِ النَّبِيِّ*** وَساغَ قُرْبُهُ لِرِجْسٍ أَجْنَبِيٌّ
436يا وَيْل مَرْوانَ وَوَيْلٌ عايشة ***لَقَدْ تَحَمَّلًا خَطايا فَاحِشَةً
437ما رأقَبُوا النَّبِيَّ فِي قُرْباهُ*** بُعْداً (1) لِمَنْ أَبْعَدَ مُجْتَباهُ
438 وَمَا رَمَوْهُ إِذْ رَمَوْهُ بَلْ رَمَى*** مَنْ كانَ اشْقَى مِنْهُمْ وَأَظْلَماً
439لهفى لآلِ الْمُصْطَفَى الأماجد***رماهُمُ الكُلُّ بِقَوسٍ وأحِد ٍ
440قَوْسُ الأُلى(2) وَهَلْ تَرى مَنِ الألى ***مَنْ وَتَرَ النَّبِي فِيهِمْ أَوَّلاً
441أُولئِكَ الَّذِينَ عَمْداً كَفَرُوا*** برَبِّهِمْ فَبُدِّلُوا أَوْ غُيَّرُوا
442 هُمْ أَسسُوا السَّقِيفَةَ السَّخِيفَةً ***ظُلماً وما أَدراكَ ما السَّقِيفَةُ
443 بَناءُ غَدْرٍ بِيَدٍ مُحتالَةٍ*** عَلى أَسأسِ الكُفْرِ وَالضّلالَةِ
قَضَتْ عَلَى الدِّينِ الحَنِيفِ وَالهُدى *** بِضَرْبَةٍ لابُدَّ مِنْها اَبَداً
445 قَضَتْ عَلَى الشَّرِيعَةِ الغَرّاءِ *** فَاسْوَدَّ مِنْها أَفُقُ السَّمَاءِ
قَضَتْ بِجَورِها عَلَى الكِتابِ ***فَغَيّبتْهُ عَنْ أُولِي الألبابِ
447 قَضَتْ عَلَى سُنَّةِ سَيّدِ الوَرى ***فَأَصْبَحَتْ إِلَى الوَرى كُما تَرى
ص: 51
448 قَضَتْ على المِنبِر والمِحرابِ*** فأَصْبَحاً غَنِيمَةَ الأَذناب ِ
449 قَضَتْ عَلى لُیُوثِ آلِ غالِبٍ(1) ***فَأَصْبَحَتْ فَرِيسَة(2) الثّعَالِبِ
450 قَضَتْ عَلَى كَفِيلِ أَهْلِ الدِّينِ*** فَاقْعَدَتْهُ حُجْرَةَ الظَّنِينِ(3)
451قَضَتْ عَلَى العِلْمِ بِسَد بابِهِ*** فال(4) أَمْرُهُ إِلى خَرابِهِ
452 قَضَتْ عَلَى الْإِمْرَةِ وَالوِلايَةِ*** فَثَمَّ لفَّتْ رأية الهداية
453 قَضَتْ عَلَى حُقُوقِ آلِ المُصْطَفَى*** بِكُلّ ما اَمْكَنَها مِنَ الجَفا
454فيالَها مِنْ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ ***مَبْدَءِ كُلَّ عَثْرَةٍ وَزِلَّة
455 لَقَدْ أَضاعُوا شَرَف الخِلافَةِ*** بعقدها لابْنِ أَبِى قُحافة
456 تَاللهِ ما أَظَلَّتِ(5) السَّقِيفَةُ*** يَوْماً عَلَى انْتَنَ (6) مِنْهُ جيفة
457 وَهُوَ بِمعزل عَنِ الإِمارة ***لَوْلاً أَتْباعُ نَفْسِهِ الآمَارَةِ
458 وَقَدْ رَأى بَيْعَتَهُ المَشُومَةً ***السّامِرِىُّ فَلْتَةٌ(7) مَذمُومَةً
459 وَهُوَ مِن العِجْل أَخَسُّ مَنزِلَةٌ ***فَإِنَّهُ عِجْلٌ وَلا خُوار(8) لَهُ
460 وأعْجَبا أبِالعَتِيقِ يُقتَدى*** وَيُتْرَكُ الحَقُّ وَاهْلُهُ سُدى(9)
461 تَعساً لَهُمْ فَمَا عَدَا مِمَّا بَداً ***حَتى توارْدُوا عَلَى وِرْدِ الرَّدى
ص: 52
(34)
462 " أسْفَرَ(1) صُبْحُ اليُمْنِ وَالسَّعَادَةِ ***عَنْ وَجْهِ سِرَّ الغَيْبِ وَالشَّهادة
463 أسْفَرَ عَنْ مِراةِ غَيْبِ الذَّاتِ ***وَنُسْخَةِ الأَسماءِ والصِّفات ِ
464 تُعرِبُ عَنْ غَيْبِ الغُيُوبِ ذاته ***تفْصِحُ عَنْ أَسْمَائِهِ صِفاتُه
465 يُنبِيءُ عَنْ حِققَةِ الحَقائِقِ*** بِالْحَقِّ وَالصِّدْقِ بِوَجْه لأئِقٍ
466 لقَدْ تَجَلَّى أَعْظَمُ المَجالِي*** فِى الذّاتِ والصِّفاتِ والأَفعالِ
467 رُوحُ الحَقِيقَةِ المُحَمَّدِيَّةِ*** عَقْلُ العُقُولِ الكُمَّلِ العِلّيّة
(35)
468 فَيْضُ مُقَدَّسٌ عَنِ الشَّوائِبِ ***مُفيضُ كُل شاهِدٍ وَغَائِبٍ
469 تَنَفَّسَ الصُّبْحُ بِنُورِ لَمْ يَزَلْ ***بَلْ هُوَ عِنْدَ أَهْلِهِ صُبْحُ الأَزْلِ
ص: 53
470 وَكَيْفَ وَهُوَ النَّفْسُ الرَّحْمَانِي*** فِي نَفس كُلِّ عارِفٍ رَبّانِی
471بهِ قِوامُ الكَلِماتِ المُحْكَمَةِ*** بِهِ نظامُ الصُّحُفِ المُكَرَّمة
472تَنَفَّسَ الصُّبْحُ بِسِرِّ القدم *** بصُورَةٍ جامِعَةٍ لِلْكِلّم
473تَنَفَّسَ الصُّبْحُ بِالاسْمِ الأَعْظَمِ ***محى عَنِ الوُجُودِ رَسْمَ العَدَمِ
474 بَل فالق الإِصْباحِ قَدْ تَجَلّى ***فَلا تَرى بَعْدَ النَّهارِ لَيْلاً
475فَأَصْبَحَ العِلْمُ مِلأُ النُّور*** وَأَيُّ فَوْزٍ فَوْقَ نُورِ الطُّورِ
476 ونارُ مُوسى قَبْسٌ (1)مِنْ نُورِهِ ***بَلْ كُلُّ ما فِى الكَوْنِ مِنْ ظُهُورِهِ
477 أَشْرَقَ بَدْرُ مِنْ سَماءِ المَعْرِفَةِ*** بِهِ اسْتَبانَ كُلُّ إِسْم وَصِفَةٍ
478 بِهِ استَنارَ عالَمُ الإبداعِ*** وَالكُلُّ تَحْتَ ذلِكَ الشُّعاعِ
479بِهِ استَنارَ ما يُرى ولا يُرى ***مِنْ ذِروَةِ (2)العَرشِ إلى تَحْتِ الثَرى (3)
(36)
480 فَهُوَ بِوَجْهِهِ الرَّضِيِّ المَرْضِى*** نُورُ السَّمَوَاتِ وَنُورُ الأَرْضِ
481فلا تُوازِى نُورَهُ الأَنْوارُ*** بَلْ جَلَّ أَنْ تُدْرِكَهُ الأَبْصَارُ
482غُرتُهُ بارِقَةُ (4)الفُتُوة ***قرَّةُ عَيْنِ خاتم النُّبُوَّةِ
483تبدو عَلى غُرَّتِهِ الغَرّاءِ ***شارِقَةُ (5) الشَّهامَةِ البَيضاء ِ
ص: 54
484 بادِيَةٌ مِنْ آيَةِ الشَّهامَةِ*** دَلائِلُ الإِعجازِ وَالكَرامَةِ
485 مِنْ فَوْقِ هامَةِ(1) السَّماءِ هِمَّتُهُ*** تكادُ تَسْبِقُ القضاً مَشِيَّتُهُ
486 ماهامَةُ السَّماءِ مِنْ مَداها*** إِنَّ إلى ربك مُنتَهاها
487أم الكتاب في عُلُو المَنْزِلَةِ*** وفى الإبا نقطَةٌ باءِ البِسْمِلَةِ
488 تَمَّتْ بِهِ دَائِرَةُ الشَّهَادَةِ ***وفي محيطها له السَيادضة
489 لَوْكُشِفَ الغِطَاءُ (2) عَنْكَ لأترى*** سِواهُ مَرْكَزاً لَها وَمِحوَراً
490 وَهَلْ تَرى لِمُلْتَقَى القَوْسَيْنِ*** أثبت نُقْطَة مِنَ الحُسَيْنِ
491 فَلا وَرَبِّ هذِهِ الدَّوائِرِ*** جلَّ عَنِ الأَشباهِ والنَّظائِرِ
(37)
492 بُشراكَ يا فاتِحةَ الكِتابِ*** بالمُعْجِزِ الباقِى مَدَى الأَحْقابِ(3)
493 وآيةُ التَّوْحِيدِ وَالرسالة*** وَسر معْنى لَفْظَةِ الجَلالَةِ
494 بَلْ هُوَ قُرْآنٌ وَفُرقان معاً ***فَما أجَلَّ شَأنهُ وَارْفَعا
495 هو الكتاب الناطق الإلهي*** وَهُوَ مِثال ذاتِهِ كَما هِيَ
496وَنَشْأَةُ الأسماء والشُّؤون*** كلُّ نقُوشُ لَوحِهِ المَكْنُونِ
497 لَا حُكْمَ لِلْقَضاءِ إلّا ما حَكَم ***كأَنَّهُ طَوْعُ (4) بَنانِهِ القَلَمُ
ص: 55
498 رابِطَةُ المُرادِ بالإرادَةِ ***كَاَنَّهُ وأسِطَةُ القِلادَة ِ
499 ناطِقَةُ الوُجُودِ عَيْنُ المَعْرِفَةِ ***وَنُسْخَةُ اللاهُوتِ ذاتاً وَصِفَةٌ
500 في يَدِهِ اَزِمَةُ (1) الأيادى(2)***بالقَبْضِ وَالبَسْطِ عَلى العباد
501 بَلْ يَدُهُ العُليا يَدُ الإِفاضَةِ ***في الأمْرِ وَالخَلْقِ وَلا غَضاضةً (3)
(38)
502 لَكَ الهنا يا سَيِّدِ الكَونَينِ*** فَغايَةُ الآمالِ فِى الحُسَيْنِ
503 وارِثُ كُلِّ المَجْدِ وَالعُلياء ***مِنَ المُحَمَّدِيَّةِ البَيْضاء
504فَإِنَّهُ مِنْكَ وَأَنْتَ مِنْهُ فِى*** كل المعانى يا لَهُ مِنْ شَرَف
505 وَفِيهِ سِرُّ الكُلِّ فِي الكُلِّ بَدأ*** رُوحانٍ فِى رُوحِ الكَمالِ اتَّحَدا
506 لكَ العُرُوجُ فِي السَّمَواتِ العُلى*** لة العُرُوجُ في سموات العُلا (4)
507 حَضُكَ مُنتهى الشُّهُودِ في دنا*** وَسَهْمُهُ أَقْصَى المُنى مِنَ الفَنَا
508منك أسأسُ العَدْلِ وَالتَّوْحِيدِ*** منْهُ بَناءُ قَصْرِهِ المَشِيد(5)
509 مِنكَ لواءُ الدِّينِ وَهُوَ حامِلُهُ*** قامَ بِحَمْلِهِ الثَّقِيل كاهِلُهُ (6)
510والمَكرُماتُ وَالمَعالِى كُلُّها *** اَنْتَ لَهَا المَبْدَءُ وَهُوَ المُنْتَهى
ص: 56
511لَكَ الهَنا يا صاحِبَ الوِلايَةِ*** بِنِعْمَةٍ لَيْسَ لَها نِهايَةٌ
512 أَنْتَ مِنَ الوُجُودِ عَيْنُ العَيْنِ*** فَكُنْ قَرِيرَ العَينِ بِالحُسَيْنِ
513 شُبْلُك فِي القُوَّةِ وَالشَّجاعة*** نَفْسُكَ فِى العِزَّةِ وَالمَناعَةِ
514 مَنطِقُك البليغ في البيان*** لِسانُكَ البَدِيعُ فى المَعانِي
515 طَلْعَتُكَ الغراء بالإشراق*** كَالبَدْرِ فِي الأَنْفُسِ وَالآفاقِ
516 صِفاتُكَ الغُرُ لَهُ ميراث***والمَجدُ مابين الورى تُراثُ
517لَكَ الهَنا يا غايَةَ الإيجادِ*** بِمَبدَءِ الخَيْراتِ والأَيادِى
518 وَهُوَ سَفِينَةُ النّجاة فى اللُّجَجِ*** وبأبُها السّامِي وَمَنْ لَجَّ وَلَجَ (1)
519سُلطانُ إِقليمِ الحِفاظِ والاِبا*** مَليكُ عَرْشِ الفَخْرِ أماً وأباً
520 رافِعُ رايَةِ الهُدى بِمُهْجَتِهِ ***كاشِفُ ظُلْمَةِ العِمى بِبَهْجَتِهِ
521بهِ اسْتَقامَتْ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ*** به عَلَتْ أرْكَانُهَا الرَّفِيعَةُ
(39)
522 بَنَى المَعالِى بِمعالِي هِمَمِه ***مَا اخْضَرَّ عُودُ الدِّينِ إِلا بِدَمِهِ
523بِنَفْسِهِ اشْتَرى حَياةَ الدِّينِ*** فَيا لَها مِنْ ثَمَنٍ ثَمِينٍ
524أَحيى مَعالِمَ الهُدَى بِرُوحِهِ*** داوى جُرُوحَ الدِّينِ مِنْ جُرُوحِهِ
525جَفَّتْ(2) رِياضُ العِلْمِ بِالسُّمُومِ ***لَوْ لَمْ يُرَوِّها(3) دَمُ المَظْلُومِ
ص: 57
526فَأَصْبَحَتْ مُورِقةَ الأَشْجَارِ ***یانِعَةٌ (1) زاكِيَةَ الثّمار
527أَقْعَدَ كُلَّ قائِمٍ بِنَهْضَتِهِ*** حَتَّى أقامَ الدِّينَ بَعْدَ كَبوتِهِ (2)
528 قامَتْ بِهِ قَواعِدُ التَّوْحِيدِ*** مُذلَجَاَت بِرُكنِها الشَّدِيدِ
529 وَأَصْبَحَتْ قويمة البنيان*** بعَزْمِهِ عَزائِمُ القُرْآنِ
530 غَدَتْ بِهِ سامِيَةُ القِبابِ(3) ***مَعاهِدُ(4) السُّنَّةِ والكِتابِ
(40)
531أَفاضَ كَالحَيا (5) عَلَى الوُرادِ*** ماءَ الحَياةِ وَهُوَ ظامئ صادٍ
532وَكِظَةُ(6) الظمأ وفِي طَى الحشا*** رِيُّ الوَرى وَاللهُ يَقْضِى ما يَشا
533وَالْتَهَبَتْ اَحْشاءُهُ مِنَ الظَّما ***فَاَمْطَرَتْ سَحائِبُ القُدْسِ دَماً
534وَقَدْ بَكَتْهُ وَالدُّمُوعُ حُمْرٌ ***بِيضُ السُيُوفِ(7) والرِّماحُ السُّمُرُ (8)
535 تَفَطَّرَ (9) القَلْبُ مِنَ الظَّما وَما *** تَفَتَرَ العَزْمُ وَلا تُثلما
ص: 58
536 وَمَنْ يَدُکُّ(1) نُورُهُ الطُّورَ فَلا ***يندکُ طَوْدُ عَزْمِهِ مِنَ البَلا
537 تَعْجَبُ مِنْ ثَبَاتِهِ الأَمْلاك*** ومِنْ تَجَولاته الأفلاك
538 لا غَرْوَ (2) إِنَّهُ ابْنُ بُجدَة(3)اللقا ***قَدْ ارْتَقى فِى المَجْدِ خَيْرٌ مُرْتَقى
539شِبْلُ عَلِيٌّ وَهُوَ لَيْثُ غَابِهِ(4)***لأبَلْ كَأَنَّ الغاب في اهابِهِ (5)
540كراتُهُ فِي ذلِك المضمار(6) ***تُكَوِّرُ (7)اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ
541 وَعُضُبُهُ (8) صاعِقَةُ العَذاب ***على بقايا بَدْرٍ وَالأحزاب
542 سطا(9) بِسَيْفِهِ فَفَاضَتِ(10) الربى ***بِالدَّمِ حَتَّى بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبى(11)
543فَرَّقَ جَمْعَ الكُفْرِ وَالضَّلال*** لجَمْع شَمْلِ الدِّينِ والكَمال
544آنارَ بِالْبَارِقِ وَجْهَ الحَقِّ ***وَفِي وَمِيضِهِ (12) رُمُوزُ الصِّدْقِ
545 حَتى تَجَلَّى الدِّينُ في جماله*** يَشْكُرُ فِعْلُهُ لِسانَ حالِهِ
546 قامَ بِحَقِّ السَّيْف بَلْ أَعْطاهُ*** ماليْسَ يُعْطِي مثلَهُ سِواهُ
ص: 59
547كَأَنَّ مُنْتَضاه(1) مَحْتُومُ القَضا ***بَلِ القَضاً فِي حَدِّ ذاكَ المُنتَهى
548كَأَنَّهُ طَيْرُ الفَنارَ هِيفُهُ (2) *** يَقْضِي عَلى صُفُوفِهِمْ رَفِيفُهُ (3)
549أوْ صَرْ صَرْ(4) فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٌّ*** كَانَهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ
550اَوْ بِصَرِيرِهِ (5)كَرِيح عاتية*** كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خاوية
(41)
551وفِي المَعالي حَقًّها لَمّا عَلا*** عَلَى العَوالِي كَالخَطِيبِ فِي المَلاً
552يَتْلُو كِتابَ اللهِ وَالحَقائق*** تَشْهَدُ أَنَّهُ الكِتابُ الناطِقُ
553قَدْ وَرَثَ العُرُوجُ في الكَمال*** مِنْ جَدِّهِ لكِنْ عَلَى العَوالِي
554وهِيَ العوالي وَهِيَ المعالى*** وَالخَيْرُكُلُ الخَيْرِ فِي المَالِ
555 هُوَ الذَّبِيحُ في منى الطُّفُوف*** لكِنَّهُ ضَرِيبَةُ السُّيُوفِ
556 هُوَ الخَلِيلُ المُبتلى بِالنّار*** وَالفَرْقُ كالنّارِ عَلَى المَنارِ(6)
ص: 60
557نُوحٌ وَلكِنْ أَيْنَ مِنْ طُوفانِهِ*** طُوفانُهُ فَلَيْسَ مِنْ أقرانه
558تاللهِ مَا ابْتَلَى نَبِيٌّ أَوْ وَلِيُّ *** فِي سالِفِ الدَّهرِ بِمِثلِ مَا ابتُلِيَ
(42)
559لَهُ مَصائِبُ تَكِلُّ الأَلْسُنُ ***عَنْها فَكَيْفَ شَاهَدَتْهَا الأَعْيُنُ
560أعظمُها رُزُاً (1)عَلَى الإِسلامِ*** سَبئُ(2) ذَرارِي سَيْد الأنام
561 ضلالة لا مثلُها ضَلالة*** سَبىُ بناتِ الوَحْى وَالرّسالة
562 وَسَوْقُها مِنْ بَلَدٍ إلى بَلدٍ*** بَيْن المَلاً أَشْنَعُ ظُلْم وَأَشَدُّ
563 وَأفْظَعْ الخُطُوبِ (3) وَالدَّواهِي(4)*** دُخُولُها في مَجْلِسِ الملاهي
564 وَلَدْغُ (5) حَيَّةٍ لَها بريقها ***دُونَ وُقُوفها لدى طليقها
565وَيَسْلُبُ اللُبِّ حَدِيثُ السَّلْبِ ***یا(6) ساعِدَ اللهِ بنات الحجب
566تَحَمَلَتْ أُمَيَّةٌ اَوْزَارَها*** وعارُها مُذسَلبَتْ إزارها
567 وَكَيْفَ يُرْجَى الخَيْرُ مِنْ خَمارِها*** تَبَّتْ یَدٌ مُدَّتْ إلى خِمارِها (7)
568 وَأَدْرَكَتْ مِنَ النَّبِيِّ ثارها ***وفي ذراريهِ قَضَتْ اَوْتارها (8)
ص: 61
569واعجَبا يُدْرَكُ ثارُ الكَفَرَةِ ***مِنْ أهْل بَدْرٍ بِالبُدُورِ النَّيِّرَةِ
570فَيا لَثاراتِ النَّبِيِّ الهادِى*** بِما جَنَتْ بِهِ يَدُ الأَعادِي
571وَمَنْ لَها إلا الامامُ المُنتظَرُ*** آعزهُ اللهُ بِفَتح وَظَفَرٍ
ص: 62
(43)
572 سُبْحانَ مَنْ أَبْدَعَ في الإِيجادِ*** بسره المُودَع فى السجادِ
573آَبانِ سِرِّ الحَقِّ والحَقيقَةِ *** بِصورَةٍ بَدِيعَةٍ أَنِيقَةٍ (1)
574 تَصَوَّرَتْ فِي أَعْظَمِ المَجالِي*** حَقِيقَةُ الجَلالِ والجَمالِ
575 جَلْ عَنِ الثَّناءِ فِي جَلالِهِ*** عَزَّ عَنِ الأَطْرافِ(2) في جماله
576 بَدْرُ سَماءِ عالمِ الأَسْمَاءِ*** وَزَيْنُ أَهْلِ الاَرْضِ وَالسَّماءِ
577 غُرَّةُ وَجْهِ عالم الإمكان*** قَرَّةُ عَيْنِ العِلم والعِرفانِ
578 نُورُ الهُدى وَبَهْجَةُ اللاهوت ***رُوحُ التقى وَمُهْجَةُ النَّاسُوت
579 قُطْبُ مُحِيطِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ***وقبلة الأقطار(3) في العبادة
ص: 63
580 وَكَعْبَةُ الأَوْتادِ وَالاَبدال*** وَمُسْتَجارُ الكُلِّ فِى الأهوالِ
581 نتِيجةُ الجَواهِرِ الزَّواهِرِ(1)*** وَصَفْوَةُ الكُل مِنَ القَواهِرِ(2)
582 مُؤَصِّلُ الأصُولِ فِى البدايةِ*** وغايَةُ الغاياتِ فِى النّهايَةِ
583 مبدَأُ كل طائل(3) ونائل(4)*** ومُنتَهَى الخَيْراتِ والفَضائِلِ
584 وَنَفْسُهُ اللطِيفَةُ الزَّكية*** صَحِيفَةُ المَكارِمِ السَّنِيَّةِ
585 بَلْ هِيَ أُمُّ الصُّحُفِ المُكَرَّمَةِ*** جَوامِعُ الحِكْمَةِ مِنْها مُحْكَمَةٌ
586 بَلِ الحُرُوفُ العاليات طرّاً ***تَحْكِي عَنِ اسْمِهِ العَلِيِّ قَدْراً
587 هُوَ الكِتابُ الناطق الربوبي*** وَمَخْزَنُ الأَسْرارِ وَالغُيُوبِ
588 يُفْصِحُ عَنْ مَقامِ سِرِّ الذَّاتِ*** يُعْرِبُ عَنْ حَقائقِ الصِّفاتِ
589 وَفِي الثَّناءِ وَالدُّعا لِسانُه*** لِسانُ بارِيهِ تَعالى شَأنُهُ
590 زبورهُ نُورُ رواقِ العَظَمَةِ *** يَفُوقُ كُل الزُّبْرِ المُعَظَمَةِ
591 زبُورُهُ فِي الحَمْدِ وَالتَّمْجِيدِ*** زِينَةُ عَرْشِ رَبِّهِ المَجِيدِ
592 فِيهِ مِنَ الإِخْلاصِ وَالتَّوْحِيدِ*** ما لأتَرى عَليهِ مِنْ مَزيدٍ
593 وحالُهُ أبْلَغُ مِنْ مَقالِهِ *** جَلَّ عَنِ الوَصْفِ لِسانُ حالِهِ
594 فَإِنَّهُ مُعَلِّمُ الضَّراعَةِ (5)***والإعتراف منه بالإضاعة(6)
595 لَهُ لَدَى العَجْزِ وَالاسْتِكانَةِ(7)***مكانة لا فوقها مكانة
ص: 64
596 وفى العُبُوديَّةِ وَالعِبادَةِ *** في غايَةِ السُّمُوِّ والسِّيادَةِ
597 مَقامُهُ الكَرِيمُ فِي أَقْصَى الفَنا*** تُراثُهُ مِنْ جَدِّهِ حِينَ دَنا
598 وَفَوْزُهُ بمُنْتَهى الشُّهود ***مِنْ مَبْدَءِ الإِيجادِ وَالوُجُودِ
599 وَكَيْفَ لا وَهُوَ سَلِيلُ الخِيرَةِ ***حفيد(1) لا أعْبُدُ(2) رَبَّاً لَمْ أَرَهُ
600 ونُورُهُ الباهِرُ فِي المِحرابِ*** يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ وَالألْبَابِ
601 وَالثَّفنات (3) الغُرُّ في مساجده *** اَطوارُهُ السَّبْعَةُ(4) فِي مَشاهِدِهِ
602 بِنُورِهَا اسْتَنَارَتِ السَّبْعُ العُلى*** وَالمَلَأُ الأَعْلىَ بِنُورِها عَلا
603 وآيَةُ النُّورِ عَلى جَبينِهِ*** وَشّقَةُ البَدْرِ عَلى عِرْنِينه(5)
604 كَأَنَّ كَفَّيه لدى الدعاء *** ميزانُ عَدْل الله في القَضاءِ
605 قيامُهُ فِي ساعَةِ الضَّراعَةِ *** يُذَكِّرُ النَّاسَ قِيامَ السَّاعَةِ
606 وُقُوفُهُ بَيْنَ يَدَى مَعْبُودِهِ ***يُذَكِّرُ المُوْقِفَ فِي رُعُودِهِ (6)
607 لِسانُهُ فى موقعِ التَّلاوَةِ*** عَيْنُ الحَياةِ مَعْدِنُ الحَلاوَةِ
608 وَكَيْفَ لا وَإِنّما لِسانُهُ *** مَهْبَطُ وحى اللهِ جَلَّ شَانُهُ
ص: 65
609 لاَبَل لِسانُه لدى التلاوة*** لسانُ غَيْبِ اللهِ فى الطلاوة (1)
610 تلاوة تُفَطَّرُ القُلُوبا*** بالرُّعْب بَل تَكَادُ أن تذوبا
611 تِلاوَةٌ تَهابُهَا الأمْلاك*** تَكَادُ تَنْدَکُّ بِهَا الأفلاك
612 وَكَيْفَ وَهِيَ مِنْ سَماءِ العَظَمَةِ ***ومَصْدَرُ الصَّحائف المُعَظَّمة
613 تمثل الواجب في آياته *** بل ذاته الأقدس في صفاته
614 تمَثَلَ الشَّعائر المُعَظَّمة *** تمَثلاً بِكُلِّ مَعْنَى الكَلِمَةِ
615 تَمَثَّلَ العُرُوجُ في الصَّلاةِ*** إلى سمواتِ المُكاشفات
616 تمثل الجَحِيمَ فِي حُرُورِهِ*** وَالخُلْدَ فِي حَرِيرِهِ وَحُورِه
617 وَمَكْرُماته بلا إحصاء*** جَلَّتْ عَنِ المَدِيحِ وَالثَّناءِ
(45)
618 وَصَبْرُهُ الجَمِيلُ فِي المَصائبِ *** وَحِلْمُهُ مِنْ أَعْجَبِ العَجائِبِ
619 ونال مِنْ ذَوِى القُلُوبِ القاسية *** مالا تُطِيقُهُ الجِبالُ الرَّاسِيَةُ
620 شاهَد بِالطَّفِّ مِنَ الفَظَائِعِ *** مالا آمَضَ (2)مِنْهُ في الفَجَائِعِ
621 كَيْفَ وَفِي مَصارع(3)الكِرام*** مَصارعُ العُقُولِ وَالأَحْلامِ
622 وَكادَ أَنْ تَقْضِي عَلى حَياتِهِ*** وَهُوَ عَلى ما هُوَ مِنْ ثباتِه
ص: 66
(46)
623 شاهَد رَضٌ هَيْكَلِ التَّوْحِيدِ*** بعادِياتِ(1) الشِّرْكِ وَالجُحُودِ
624 وَهُوَ يُضَعْضِعُ(2) السَّمَواتِ العُلى*** فَهَلْ تَرى أَعْظَمَ مِنْ هذا البلا
625 شاهَدَ رَأْسَ المَجْدِ والمَعالى*** عَلَى العَوالِى(3) فِي يَدِ الأَنْدَالِ(4)
626 وَأَنَّهُ مِنْ أعظم الرزايا*** عَلَى النَبِّئِّ سَيِّدِ البَرايا
627 كَيْفَ وَهَذا الرَّأْسُ رَأْسُ الدِّينِ*** وَهُوَ مَدارُ عَالِمِ التَّكْوِينِ
628 وَقِبْلَةُ العُقُولِ والنُّفُوسِ*** وَمَطلَعُ الأقمارِ وَالشُّمُوسِ
629 رَأَى اضْطِرامَ النار في الخِباءِ (5)***وهُو خِباءُ العِزِّ وَالإِباءِ
630 رأى هُجُومَ الكُفْرِ وَالضَّلالَةِ*** عَلى بَناتِ الوَحْي والرِّسالَةِ
631 رأى فِرارَهُنَّ فِي الْبَيْداء(6)*** وَهُوَ عَليهِ أعْظَمُ الأَرْزاء
632 شاهَدَ فِي عَقائلِ النُّبُوَّةِ *** مأليْسَ فِي شَرِيعَةِ المُرُوةِ
633 من نهبها وسلبها وضربها*** وَلا مُجِيرٌ قَط غَيْر رَبِّها
634 لَقَدْ رَأى رَبُّ الحِفاظ وَالإباء ***حرائِرَ المُختارِ فشي أَسرِ السَّباءِ (7)
635 شاهَدَ سَوْقَ الخَفِراتِ(8)الطَّاهِرَةِ ***سوافِرِ(9) الوُجُوه ِلِابنِ العاهِرَةِ(10)
ص: 67
636 وَقَدْ رَأَى مِنَ الدَّعِي(1) بْنِ الدَّعِي*** هَتكَ المَصُوناتِ بِقَولٍ مُوجع
(47)
637 وَما رَآهُ فِي دَمِشتِ الشّامِ***أدهى(2) مِنَ الكُل عَلَى الإمامِ
638 وَمِنْهُ مِنْ عَظْمِ البَلا لأجْزِعا*** يالَيتَ أُمّى لَمْ تَلِدْنِي سَمِعاً
639 أَتُضْرَبُ الدُّفُوفُ وَالطُّبُولُ *** وَابْنُ النَّبِيِّ رَأْسُهُ مَحْمُولٌ
640 وَاتَّخَذُوا يَوْمَ المُصابٍ عِيداً*** بَغياً لِكَيْ يُرْضُوا بِهِ يَزِيدا
641 شاهَد رَبَّاتِ(3) خُدُورِ العِصْمَةِ *** مَهْتُوكَةٌ بَيْنَ لِثامِ الأُمَّةِ
642 كانَهُنَّ مِنْ سَبايَا الرُّوم*** فيالَهُ مِنْ مَنْظَرٍ مَشُوم
643 رَأى وُقُوفَ الطَّاهِراتِ الزَّاكِيّة*** قبالَةَ (4)الرِّجْسَ يَزيدَ الطَّاغِيَةِ
644 وَهُنَّ فى الوثاقِ والجبال*** في مَحْشَدِ(5) الأَوْغَادِ وَالأَنْدَالِ
645 وَقَدْ رَأى مِنْ ذلِكَ الكَفُورِ*** ما دُونَهُ المَوْتُ عَلَى الغَيُورِ
646 كَيْفَ وَقَدْ شَاهَدَ مُرْشَفَ (6)النَّبِيِّ *** يقرعُ (7)بِالْعُودِ قياللعجب
ص: 68
647 شَلَّتْ يَد مُدَّتْ إِلَيهِ مَداً *** كادَتْ لَهُ الاَرْضُ (1) تُهَد هَدّا
648 تِلكَ الثَّنايا(2)نُقْطَةُ التّوحيد*** وَمَرْكَزُ التَّجْرِيدِ وَالتَّفْرِيدِ
649 ثغرٌ (3) بِهِ نَمَّتْ(4) حُدُودُ المَعْرِفَةِ ***غَدَتْ رُسُومُها به مُنْكَشَفَةٌ
650 ثَغْرُ بِهِ سُدَّتْ ثُغُورُ الدين *** تَنْكُثُهُ مِخْصَرَةُ (5) اللَّعِينِ
651 لا بدْعَ مِنْ طاغِيَةِ الإلحاد***مِن أُمُّهُ آكِلَةُ الأَكبادِ
652 وما َرأى فِى نَفْسِهِ مِنَ البَلا*** مِنْ عَظمِهِ تَنْدَكُ أطوادُ العُلا
653 كَيْفَ وَأَضْحَى قائِدُ العِبادِ*** مُصَفَّداً يُقادُ فِي الأصْفادِ(6)
654 وبأسِطُ الیَدَينِ بِالعَطاءِ *** أَصبَحَ مَغْلُولاً بِلاخَطاءِ
655 غَلَّتْ (7) يَدُ الضَّلالِ وَالفَسادِ*** غَلَّتْ يَدَ المَعْرُوفِ وَالايادى
656 أَیسْحَبُ(8)المُطلَقَ فِي القُبُود*** وَهُوَ مُجَرَّدُ عَنِ الحُدُودِ
657 أصْبَحَ قُطْبُ حَلْقَةِ التَّوْحِيدِ*** في حَلَقِ القُيُودِ مِنْ حَدِيدٍ
658 وَسِيقَ جَوْهَرُ الوُجُودِ المُطْلَقِ*** إِلى ابْنِ مَرْجانَةً ذلك الشِقِيِّ
659 ولا نَسَل(9) عَمّارَأى مِنَ الأذى*** يا حَبَّذا المَوْتُ المَرِيحُ(10) حَبَّذاً
ص: 69
(48)
660 وَمَا انْقَضَى بُكَاءُهُ حَتَّى قَضى*** حياته وهُوَ حَلِيفٌ للرضا
661 وَكَيْفَ لا يَبْكِي وَقَدْ شَاهَد ما *** بكَتْ لَهُ عَيْنُ السَّمَاءِ بالدَّما
662 وَكَيْفَ لا تَبْكِي دَماً عَيْنُ السَّما*** وَقَدْ بَكَتْ سَحائِبُ القُدسِ دَماً
663 وَفِي ذُرِّى (1) العوالم العِلْوِيَّةِ*** أُقيمَتِ المَآتْمُ (2)الشَّجِيَّةُ (3)
664 ناهيكَ (4) فِى ذلِكَ لَطْمُ الحُورِ*** فِى جَنَّةِ الحُبُور (5) وَالسُّرُور
665 فَكَيْفَ تُنْسى هَذِهِ الرَّزِيَّةُ*** وَالوِتْرُ (6) وِتْرُ سَيّدِ البَرِيَّةِ
666 إِنْ يَكُنِ المُوْتُورُ سَيِّدَ الوَرى *** فَهَلْ تَرى أَعْظَمَ مِنْهُ هَلْ تَرى
(49)
667 أمْ هَلْ تَرَى يَذْهَبُ ثَارُ(7) المُصْطَفَى*** هَدْراً وَلا يُطلَبُ مِنْ أَهْلِ الجَفا
ص: 70
668 فَلا وَرَبِّ العَرْشِ هَذا الثَارُ*** يَطْلُبُهُ المُنتَقِمُ القَهارُ
669 على يد الحُجَّةِ خَاتِمِ الحُجَعِ*** مَنْ يَفْتَحُ الله بِهِ بابَ الفَرَجِ
670 فَكُلُّ قَلْبِ بِالأسى(1) شَجِيٌّ ***حَتَّى يَقُومُ القائمُ المَهْدِى
671 فَانصُرْهُ ياربِّ وَخُذ بثاره*** وَاجْعَلَنِى اللّهُمَّ مِنْ انَصارِهِ
ص: 71
(50)
672 أضاءَ وَجْهُ العِلْم وَالرُّسُوم *** بِنُورِ وَجْهِ باقِرِ العُلُومِ
673 إِذْ هُوَ شَمْسُ مَشْرِق الحقائق*** وَبَدْرُهُ المُشْرِقُ بالدقائق
674 وَكَعْبَةُ العِلْمِ وَمُسْتَجارُها *** بل في فِناءِ بابِهِ قَرارُها
675 وَمَشْعَرُ التَّوْحِيدِ وَالشُّهُودِ*** بَلْ مَشْرَعُ الحَياةِ وَالوُجُودِ
676 بَلْ هُوَ ماء الحيوان الجارى*** فَإِنَّهُ سِرُّ الوُجُودِ السّارى
677 رَقيقَةُ الحَقيقَةِ الكُلِّيَةِ ***حَقيقَةُ الرّقائِقِ العِلْوِيَّةِ
678 إِذْ هُوَ فِي مَقامِهِ المَكين*** وأسِطَةً التَشرِيعِ والتّكْوِينِ
679 صحِيفَةُ التكوين من إنشائه ***وَنُسْخَةُ التَّشْرِيع مِنْ إمْلائِهِ
680 ما قَلَمُ القَضا و ما لَوْحُ القَدَرِ*** لَوْلا بَنانُهُ لَدَى أَهْلِ النَّظَرِ
681 فَإِنَّهُ قُطْبُ رَحَى المَشِيَّة*** لأبلْ هُوَ المَشِيَّةُ الفِعْليَّةُ
ص: 72
682 هُوَ المَدارُ فِى مُحيط المَعْرِفَةِ*** بِهِ اسْتَدارَ كُلُّ إِسْم وَصِفَةٍ
683 لأبل هُوَ المُدِيرُ فى أفلاكها *** وَهُوَ لَهُ الحُكْمُ عَلى أَمْلاكِها
684 وفي كتاب علمه الربوبي*** دقائِقُ الأَسرارِ والغُيُوبِ
685 أم الكتاب فى عُلُو رُتبته*** فصلُ الخِطابِ في بَلِيغِ حِكْمَتِهِ
686 جَوامِعُ الحِكْمَةِ مُفْرَداتُهُ *** سَحائِبُ الرَّحْمَةِ مُرْسَلاتُهُ
687 وَهُوَ لِسانُ الله في بيانه*** وسِرُّهُ المُودَعُ فى لِسانِهِ
(51)
688 قامَ بِحَمْلِ رأيَةِ الرّسالة ***بمُحْكَمِ البَيانِ وَالدَّلالة
689 فَطَبَقَ الأَرْضَ (1) بلابَتيَها *** بِالعِلْمِ إشفاقاً بِمَنْ عَلَيْها
690 وَشَيَّدَ (2) الدينَ الحَنِيفَ السّامِي *** حَتَّى عَلَتْ دَعائِمُ الإِسْلامِ
691 قامَتْ بِهِ قَواعِدُ التَّوْحِيدِ*** وَاسْتَحْكَمَتْ برأيه الشّدِيدِ
692 فَرَّقَ جَمْعَ الغَيِّ وَالضَّلال *** بِجَمْعِ شَمْلِ العِلْمِ وَالكَمَالِ
693 أَحْيِي دَوارِسَ (3)الرُّبُوعِ الخالية *** فَأَصْبَحَتْ ذاتَ قِباب عالية
694 آنارَ وَجْهَ الحَقِّ وَالحَقِيقَةِ *** باَحْسَنِ البَيانِ وَالطَّرِيقَة
695 أَحْيى بِما فِيهِ مِنَ اللَّطَائِفِ*** لطيفَةَ العارِفِ والمُكاشِفِ
ص: 73
696 أَحيی بِعِلمِه مَعالِمَ الهُدى*** فَأَصْبَحَتْ آمِنَةٌ مِنَ الرَّدى (1)
697 وَأَشْرَقَتْ بِهِ سَماءُ المَعْرِفَةِ*** مذ اَصْبَحَتْ وَشَمْسها مُنْكَسفَةٌ
(52)
698 بَل استَنارَ عالَمُ الأنوار *** بِنُورِهِ الخاطِفِ(2) للأَبصار ِ
699 بهِ اسْتَنارَ المَلَأُ الأَعلى كما *** بالنَيِّرِ الأَعْظَمِ ضاءَتِ السَّما
700 فَإِنَّهُ فِى النُّورِ وَالضّياءِ *** نُورُ سَماء عالمِ الأَسْمَاءِ
701 عُلُومُهُ الغُر مصابيح الهدى *** بِنُورِ عِلْمِهِ اهْتَدى مَنِ اهْتَدى
702 هُوَ الصِّراطُ المُسْتَقِيمُ الأَزَلى*** بِهِ اهْتَدى كُلُّ نَبِى وَ وَلِيِّ
703 عُلُومُهُ أَثْمَارُهُ الزَّكِيَّة *** مِنْ دَوْحَةِ العِلْمِ المُحَمَّدِيَّةِ
704 جَوْهَرُ عِلْمِهِ مِنَ الكَنزِ الخَفِي*** فَياَلَهُ مِنْ شَرَفٍ فِي شَرَفٍ
705 ناشر آثار النبي الهادي*** بِالعِلْمِ وَالحِكْمَةِ وَالإرْشاد(3)
706 بِهِ اسْتَبانَتْ لِأُولى الأفهام*** معالمُ الحَلالِ وَالحَرامِ
707 بِهِ صَفَتْ شَرِيعَةُ المُخْتارِ*** عَنْ كَدِرِ الأَهْواءِ وَالأفكار
708 كأنَّها الكَوْثَرُ فِي الصَّفاءِ*** طابَ وُرُودُها لطيب الماء
709 بهِ نَمَتْ وَ أَوْرَقَتْ أَشْجارُها *** بهِ زَكَتْ وَأيْنَعَتْ اثمارُها
710 بِهِ تَدَلَّتْ لِذوِي المَعالي***أَغصانهُا فى غايَةِ الكَمالِ
711 فاقَتْ بِيُمْنِهِ شَرائِعُ السَّلَفِ *** فَهِيَ كَدُرَّةٍ وَتِلكَ كَالصِّدِّفِ
ص: 74
(53)
712 وَكَانَ كَالنَّبِيِّ فِي شَمَائِلِهِ *** وفِى صِفاتِهِ وفِى دَلائِلِهِ
713 ففي مُحَيَّاهُ حَياةُ العُرفا *** وَكَيْفَ لَا وَهُوَ شَبِيهُ المُصْطَفى
714 وَوَجْهُهُ الوَجِيهُ قِبْلَةُ الوَرى*** مِنْ كُلِّ ما يُرى وما لَيسَ يُرى
715 وَعَيْنُهُ عَيْنُ عُيُونِ المَعْرِفَةِ ***َسرارُها بِنُورِها مُنكَشِفةٌ
716 وَصَدْرُهُ خَزانَةُ الجَواهِرِ*** وَكَنزُ اَسرارِ الوُجُودِ الزاهر(1)
717وَقَلْبُهُ طُورُ تَجَلَّى البارى***يَنْدَكُ فيِهِ عالَمُ الأَنوارِ
718 وَرُوحُهُ فِي عَالَمِ الأَرْواحِ*** منْزِلَةَ الرُّوحِ مِنَ الأَشباحِ
719 وَالخَيْرُ كُلُّ الخَيْرِ فِى لِسانِهِ*** وَالعِلْمُ كُلُّ العِلْمِ فِى بَيانِهِ
720 مَنْطِقُهُ مِنْطَقَةُ الكَمال *** ناطقَةُ العَدْلِ والاعتدال
721 وللِصَّوابِ والخَطأ مِيزانٌ*** والحَقُّ والصِّدقُ لَهُ عِنوانٌ
(54)
722 بَلْ هُوَ مِفْتَاحُ مَفاتيح الهُدى *** وَعِنْدَهُ الغَيْبُ شُهُودٌ اَبَداً
723 بِهِ تَجَلَّتْ صَفْوَةُ المَعارِفِ (2)*** فِي قَلْبِ كُلّ سالِك وَعارِفٍ
ص: 75
724 بذِكْرِه الطمانَتِ القُلُوبُ ***وَانْكَشَفَتْ بِهِ لَها الغُيُوبُ
725 الْقَتْ لَهُ اَرْبابُها عِنانها*** حَيْثُ رَأَتْ بَيانَها عِيانَها (1)
726 فالغَيْبُ عِنْدَهُمْ بَداً شُهُودا*** نالُوا بِهِ مَقامَهُ المَحْمُودا
727بَل عايّنُوا وَعانَقُوا الحَقيقة*** مُذْراقَبُوا وَظائف الطَّرِيقَةِ
728 وَانْتَشَرَتْ بِجِدِّهِ العُلُومُ*** وَانحفَظَتْ بِحَدِّهِ الرُّسُومُ
729 سَمَتْ بِهِ مَعَاهِدُ العِلْم إلى*** هامِ الضُّراحِ (2)والسَّمواتِ العُلى
730 حَتَّى تَجَلَّتْ لِأُولى الألْبَابِ ***حَقائِقُ السُّنَّةِ والكِتاب ِ
731 أَحْكَمَها بِمُحْكم الأَساسِ *** جلت عنِ الرَّأي أو القِياسِ
732 وسَدَّ باب الظَّنِّ وَالتَّخْمِين *** بفتح باب العِلْمِ وَاليَقِينِ
733 وبابُهُ المَفْتُوحُ بابُ البارِى *** وبأب علم المُصْطَفَى المُخْتار
734 هَلْ يُتْرَكُ العَيْنُ وَيُطْلَبُ الأَثَرُ *** فَما أَضَلَّ مَنْ تَوَلّى وَكَفَرَ
735 فَاتَّبَعُوا إِبْلِيسَ فِي قِياسِه*** وَاسْتَحْسَنُوا البَنا عَلى أَساسِهِ
736 وَاتَّخَذُوا سَبِيلَهُ سَبِيلاً*** ما راقَبُوا اللهَ وَلا الرَّسُولا
737 صَدُّواعَنِ الحَقِّ وَتَاهُوا(3) فِي العَمَى*** في مِثْلِهِ تَحْبِسُ قَطْرَها السَّما
738 حادُوا (4)عَنِ العِتْرَةِ وَالكِتابِ*** بَلْ نُكِسُوا (5) قِدْماً عَلَى الأَعْقابِ
739 وَإِنَّ أَشباة آبِى حَنِيفَةَ *** نَتائِجُ السُّوءِ مِنَ السَّقِيفَة
740 هي الأساس للمساوى كلها*** وَيَسْتَظِلُّ الكُلُّ تَحْتَ ظِلّها
741 عَمَّ بَلاءُ دائِهَا المَسْتُورِ*** وَلَيْسَ يَنْجَلِي إلى الظُهُورِ
ص: 76
742 إلى ظُهُورِ خاتِمِ الوِلايَةِ *** مَنْ هُوَ مَأْمُولٌ لِكُلِّ غايَةٍ
743 فَهُوَ مُعِيدُ المِلَّةِ البَيضاءِ *** نَقيَّةٌ مِنْ زَلَلِ الآراءِ
(55)
744 تَعْساً وَبُؤْساً لهشامِ الشّومِ *** مِنْ هَتْكه لِباقِرِ العُلُوم
745 أَيُطلَبُ الرَّمْى مِنَ الإمام *** مَعَ الرُّماةِ مِنْ عُلُوجِ (1) الشّامِ
746 وَهُوَ ابْنُ مَنْ خاطبه الله بما*** رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَاللهُ رمى
747 وَهُوَ ابْنُ سَهم اللهِ إِذْ رَماهُ *** قبان لاإله إلا الله
748 حَتَّى بَدَتْ مِنْ رَمْيِهِ الكَرامَةُ *** وَلِلْعَدُوّ الخِزْى وَالنَّدامَة
749 أَيُوقَفُ القائم بالأمر لدى*** اذَلُّ مَخْلُوق تَرَدّى فِى الرّدى(2)
ص: 77
750 طالَ وُقُوفُ حُجَّةِ الرَّحْمَنِ(1)*** بينَ يَدَى طاغِيَةِ الزَّمانِ
751 حَتَّى تَرائى غَضَبَ الجَبَّارِ*** منْ وَجَناتِ مُهجة المُختار
752 سُحقاً لرأس الكفر والفساد *** رمی إمام الحق بالإلحاد
753 وَإِنَّهُ لَطِيفَةُ التَّوْحِيدِ *** وَمُهْجَةُ التَّجْرِيدِ وَالتَّفْرِيدِ
754 سَليلُ مَنْ بسَيْفِهِ أَقامَهُ*** يَعْرِفُ كُلُّ مُسْلِمٍ مَقامَهُ
755 لكِنَّ حُبّ المُلْكِ داءٌ مُهْلِك*** وَكَم بِهذا الدّاءِ قِدماً هُلِكُوا
756 تَباً لَهُ تَاللهِ بِاللهِ كَفَرَ*** مُذ بَدَلَ الباقِرِ كُفراً بِالبَقَرِ
757 وَكَذَّبَ النَّبِيَّ فِي مَقَالَتِهِ*** وتأة (2) في الغَيِّ وَفِي ضَلالَتِهِ
(56)
758 وَ مَهَّدَ السَّرْجَ لَهُ تمهيداً*** حَتّى قَضى بِسمِّهِ شَهِيداً
759 وَيْلٌ لِمَرْوان وماذا يَبتَغى*** مِنَ الطَّرِيدِ (3) الوزغ(4) بنِ الوَزَغِ
760 ومنبتُ السُّوءِ وَأَصْلُ الشَّجَرَةِ *** نَباتُهُ المُرُّ لثامُ الفَجَرَةِ
761 مَلْعُونَةٌ فِي الذِّكْرِ تِلْكَ الشَّجَرَةُ*** خَبِيثَةٌ أغصانُها وَالثَّمَرَةُ
ص: 78
762 مَنابِتُ خَبيثَةُ اَثمارُها*** لَمْ يَبْقَ فِي الأَيَّامِ إِلاّ عارُها
763 أَثمارُهَا الضَّلالُ والإلحادُ*** وَالبَغى والبِغاءُ وَالفَسادُ
764 وَكَمْ دَمٍ مُحَرَّمٍ اَرَاقُوا*** سالَتْ بهِ الحِجازُ والعِراقُ
765 كُمْ هَتَكُوا مِنْ النَّبِيِّ حُرْمَتهُ ***كُمْ جَزَرُوا (1) جزر الأضاحي(2) لَحْمَتَهُ
766 بَلْ صَلَبُوا وَاحْرَقُوا جُثْمانَهُ (3)*** وَمَزَّقُوا (4) بِرِشْقِهِم (5) قُرآنهُ
767 وَهَدمُهُمْ (6) لِلكَعبَةِ المُعظمَةِ*** مَشْهُودُ كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ
768 هُمْ أَوْلِياءُ (7) الأَمْرِ فِى الإسلام*** أمْ خُلَفَاءُ سَيِّدِ الأنامِ
769 لا وَالَّذِي آعَزّ دِينَ المُصْطَفَى*** لا أَولياءُهُ ولأهُم خُلفاء ٌ
770 بَلْ هُمْ بِمَعْزِل(8)عَنِ الخِلافَةِ ***بَلْ هُمْ عَلَى الدِّينِ الحَنِيفِ آفَةٌ
771 بَلْ هُمْ وَأَوْلِيائُهُمْ فِى النار*** فِى نارِ قَهرِ الواحِدِ القَهّارِ
ص: 79
(57)
772 شَقَّ ظَلامَ الجَهْلِ فَجْرُ المَعْرِفَةِ *** بِصُبحِهِ الصَّادِقِ رَسماً وَصِفَةٌ
773 أصْبَحَ مُشرِقاً مُحِيطُ الدِّينِ*** بضُوءِ صُبْحِ العِلْمِ وَاليَقِينِ
774 وَأَصْبَحَتْ دائِرَةُ الحقائق*** مُشْرِقَةً بِنُورِ عِلْم الصَّادِقِ
775 وَأَصْبَحَتْ بهِ أصول المعرفة*** عَلى أسأسٍ جَلَّ عَنْ كُلِّ صِفَةٍ
776 وَأَصْبَحَتْ قَواعِدُ التَّوْحِيدِ*** قائِمَةٌ بِرأْسِهِ السَّدِيدِ
777 وَأَصْبَحَتْ لطائف المعارف *** جَلِيَّةٌ فِي قَلْبِ كُلّ عارِفٍ
778 وَأَصْبَحَتْ مَعاهد العُلُومِ *** واضِحَةَ الحُدُودِ وَالرُّسُومِ
779 وَأصْبَحَتْ بهِ مَعالِمُ الْهُدى *** زاهِرَةً لِمَنْ تَحَرّى (1) رَشَداً
780 وأصْبَحَتْ سُنَّةُ خَيْرِ الأَنبياءِ*** كَالقَمَرِ البازغ(2) نُوراً وَضِيا
781 وَأَصْبَحَتْ دَقائقُ الكِتابِ *** تَلْمَعُ الشَّمْسِ بِلاحِجاب ٍ
ص: 80
(58)
782 وَأَشْرَقَتْ مِنْ أُفُقِ الرّسالَةِ*** شمْسُ الهُدى وَالرُّشْدِ وَالدَّلالة
783 بَلْ مِنْ سَماءِ الذَّاتِ بَدْرُ المَعْرِفَةِ *** بِهِ اسْتَنارَ كُلُّ إسْم وَصِفَةٍ
784 بَلْ هُوَ صُبْحُ الأَزَلِ الوَضَاحُ (1)*** مِنْ نُورِهِ العُقُول وَالأَرْواحُ
785 وَهُوَ مَدارُ عالَم ِالأسماءِ *** واسطَةُ الإبداعِ والإِنشاءِ
786 وَكُلُّ نورٍ هُوَ ضُوءُ نُورِهِ*** وَنُورُ سَيْناءَ سَناً مِنْ طُورِهِ
787 وَنُورُهُ فِى عالَمِ الأَنوارِ*** كَالبَدْرِ فِي الكَواكِبِ الدَّرَارِى(2)
788 آنفاسُهُ كَالنَّفَسِ الرَّحْمَانِي*** حياةٌ ما فِي عالَم ِالإمكانِ
789 وَفَيضُ عِلمِهِ عَلَى الأنام*** مُقدسٌ عَنْ دَرَنِ(3) الأَوْهام
790 وَامْرُهُ المَاضِي كَلَمْحِ بِالبَصَرِ*** بَلْ هُوَ مِحْوَرُ القَضاءِ وَالقَدَرِ
791 وَعَزْمُهُ المُحِيطُ بِالجِهاتِ*** كَنُقْطَةِ المَرْكَزِ فِي الثَّبَاتِ
792 غرَّتُهُ الغراء في الإشراق *** بارقةُ الأنْفُسِ والآفاق
793 مَنْطِقُهُ كَالوَحْي لاسِواه*** إِذْ هُوَ لا يَنْطِقُ عَنْ هَواه
794 فَإِنَّهُ فِى ذاته العليّة *** سَرُّ الحَقِيقةِ المُحمَّدِيَّة
795 لسأنُهُ مِفتاحُ أَبوابِ الحِكَمِ *** لِسأنُهُ مِصْباحُ أَرْبابِ الهِمَمِ
796 لِسانُهُ مَحَجَّةُ (4) القُلُوبِ*** لِلسَّيْرِ فِى عَوالِمِ الغُيُوبِ
ص: 81
797 لسانُه لِسانُ غَيْبِ البارى*** وَسِره المُحيط بِالأَسرار
798 تَجَلَّتِ الأَسْرارُ مِنْ لِسانِهِ*** وَانْجَلَّتِ الأستارُ مِن بيَانِهِ
799 بدَتْ بِنُورِ عِلْمِهِ الرَّبَّانِي *** حقيقةُ القُرْآنِ وَالمَثانِي
800 وَكَيْفَ لا وَعِلْمُهُ الإلهى*** مرآة غَيْبِ ذاتِهِ كَما هِى
801 وَعَلَّمَ الأَسْمَاءَ آدَمَ الصَّفي*** فِي كُنه ذاتِهِ وَسِرهِ الخَفِي
802 ونالَ حِضْرٌ مِنْ لَدُنْهُ عِلْماً ***ومنه لقمان استفاد حُكماً
803 وَمِنْهُ دَاوُدُ أَصابَ الحِكْمَةَ *** ثُمَّ ابْنُهُ إِذْ هُوَ بابُ الرَّحْمَةِ
804 وَعِندَهُ عِلْمُ الكِتابِ كُله*** فَكُلُّ مَنْ سِواهُ تَحْتَ ظِلِّهِ
805 بَلْ هُوَ كَالبَحْرِ مِنَ الحَبابِ *** مِمَّنْ لَهُ عِلْمٌ مِنَ الكِتابِ
806 وَكُلُّ ما فِى الصُّحُفِ المُكَرَّمَةِ *** فَفِي كِتابِهِ الحَكيمِ مُحْكَمَة
807 إِذْ هُوَ فِي مَقامِهِ الرَّفِيعِ *** صَحِيفَةُ التَّكْوِينِ وَالتَّشْرِيعِ
808 وَكَيْفَ لا وَهِيَ بِهِ قَوامُها*** وَمِنْهُ بَدْءُها بِهِ خِتامُها
809 قامَ بِتَكْمِيلِ العُقُولِ وَالنُّهى(1) *** مَبْدَءُهُ النَّبِيُّ وَهُوَ المُنْتَهى
(59)
810 بَثَّ لُبابَ العِلْمِ فِي الأَلْبَابِ *** و مَيَّز القِشْرَ مِنَ اللُّبابِ
811 أَحْيى بِاَنواعِ العلُومِ وَالحِكَمِ *** قُلُوبٌ أرْبابِ المَعالِى والهِمَمِ
812 رَوَى الصُّدُورَ بِالعُلُومِ الشَّافِية*** فَإِنَّهُ عَيْنُ الحَياةِ الصّافِيَة ِ
ص: 82
813 أفاضَ كَالحَيَا عَلى مَواتِها *** فَأَسْفَرَ الصَّباحُ(1) عَنْ حَياتِها
814 آبانَ عَنْ حَقائق العرفانِ *** بمُحْكَمِ البَيانِ وَالبُنْيان
815 شَيَّدَ أَرْكَانَ الهُدى بِحِكْمَتِهِ *** وشاد(2) قَصْرها بعالى همَّتِهِ
816 همَّتُهُ مِنْ هامَةِ السَّماءِ*** كَقاب قَوْسَينِ مِنَ الغَبْراءِ(3)
817 مَهدَ لِلسَّيْرِ إِلَى الحَقِيقَةِ*** قَواعِدِ السُّلُوكِ وَالطَّرِيقَةِ
818 أَعْرَبَ عَنْ مَقَام سِرِّ الذَّاتِ *** وعالَمِ الأَسْمَاءِ وَالصِّفاتِ
819 حَتَّى تَجَلَّى الحَقُّ فِي كَلامِهِ *** فَشاهَدُوهُ وَهُوَ فِي مَقامِهِ
820 بَلْ أشْرَقَتْ حَقِيقَةُ الحَقائق*** مُذْ بَزغَتْ شَمْسُ مُحیّا الصّادِقِ
821 وفِى بَيانِهِ وفِى عَيانِهِ *** غِنىٍّ لِذِي عَينَيْنِ عَنْ بُرهانِهِ
822 فَلا وَحَقِّ الصِّدْقِ لولا الصَّادِقُ *** لَمْ يَكُ بِالْحَقِّ الحَقِيقِ ناطق
823 لَهُ يَدُ المَعْرُوفِ عِنْدَ العَارِف *** بلْ يَدُهُ البَيْضاً عَلَى المَعارِف
824 دَعا إلى مَكارِمِ الأَخْلاقِ*** بِالْقَوْلِ وَالفِعْلِ بِالْاِتِّفَاقِ
825 سَنَّ حَدِيثَ الصِّدْقِ صِدْقُ لَهْجَتِهِ *** وَحَسَّنَ الأَخْلاقَ حُسْنُ بَهْجَتِهِ
826 وَسارَ فِي النَّاسِ بِأَحْسَنِ السِّيرِ*** سِيرَتُهُ سِيَرَةُ خَيْرَةِ الخِيرِ
827 وَهَلْ تَرى مَكارِمَ الأَخْلاقِ*** اِلا عَنِ الطَّبِيبِ فِي الأَعْراقِ(4)
828 كانَ عَظِيمُ خُلْقِهِ تُراثاً *** عَنْ جَدِّهِ أكرم به مشیراثاً
829 أفْصَحَ عَنْ حقائق الكتاب *** بِما يُزِيلُ رَيْبَةَ المُرْتَابِ
830 فَإِنَّهُ سَلِيلٌ مَنْ خُوطبَ بِهِ*** وَهُوَ وَلِى عَهْدِهِ وَمَنْصَبِهِ
ص: 83
831 بَلْ هُوَ فِى صَحِيفَةِ الوُجُودِ*** كَنُقطَةِ الباءِ لَدَى الشُّهُودِ
832 وَلَيْسَ ما فِى الكُتُبِ المُنَزَّلَةِ *** اِلّأوَفِى نُقطَةِ باءِ البِسْمِلَةِ
833 وَفِى بَيانِه لِحِفْظِ السُّنَّةِ*** ما ليَسَ فِي اَلسِنَةِ الأ َسِنَّة(1)
834 دافَعَ عَنْها بِقُواهُ العالية*** مِمَّا خَلَتْ عَنْهُ القُرُونُ الخالِيَةُ
835 جاهَدَ عَنْها أَعْظَمَ الجِهادِ*** بِبَث رُوحِ العِلْمِ وَالإِرْشادِ
836 فَاسْتَحْكَمَتْ بِجِدِّهِ حُدُودُها*** يُغْنِيكَ عَنْ آثارها شُهُودُها
837 أَحْيى رُبُوعَ(2) العِلْمِ بَعْدَ الطَّمْسِ(3)*** فَاخْضَرَّ عُودُهُ عَقِيبَ اليَبْسِ
838 حَتَّى غَدَتْ رِياضُها أَنِيقَةً*** وَاثْمَرَتْ ثِمارُها الحَقيقَةَ
839 عادَتْ بِهِ شَرِيعَةُ الأَحْكامِ*** نقِيَّةٌ عَنْ كَدِرِ الأَوْهامِ
840 حتَّى صَفاً لأهْلِها زُلالها *** وَبانَ عَنْ حَرامِها حَلالُها
841 أكْرِمْ بِها شَرِيعَةٌ مُعَظَّمَةٌ*** بناءُها عَلى أَساسِ العَظَمَةِ
842 عَلى أَساسِ الوَحيش والتَّنزيلِ*** عَلى يَدِ الخَبِيرِ بِالتّأوِيلِ
(60)
843 وَيْلٌ لِمَنْ مَالَ عَنِ الحَقِّ السَّوِى *** وَاتَّبَعَ الباطل إبليسَ الغَوِىَّ
844 وَاسْتَبْدَلُ الصَّادِقُ مِصْباح الهدى*** بِالمُفْتَرِى الكاذِبِ مِفْتَاحِ الرَّدى
845 أَيْنَ هُدَى العِلْمِ مِنَ القِياسِ *** وَالوَحْى مِنْ وَساوِسِ الخَنَّاسِ
ص: 84
846 وَأيْنَ نُورُ السُّنَّة البيضاء *** مِنْ ظُلْمَةِ الأهواء والآراء ش
847 لقَدْ تَجَلَّى الحَقُّ لكِنَّ الهَوى *** يُغْوِى وَكُلُّ مَنْ غَوى فَقَدْ هَوى(1)
848 وان حُبّ الجاهِ يُعْمي وَيُصِمُّ*** عُرْوَتُهُ وَثِيقة لا تَنفَصِمُ (2)
849 وَهُوَ غِطَاءُ العَقْلِ وَالبَصِيرَةِ *** أخْبَثُ ما تَسُرُّهُ السَّرِيرَةُ
850 مَبْدَه كُل فِتْنَةٍ وَآفَةٍ *** غايَةُ مَنْ تَقَمَّصَ (3) الخِلافَةَ
851 مِنهُ جَرى عَلى أَئِمَّةِ الهُدى*** مِنَ البَلا ما لَيْسَ يُحْصى عَدَداً
(61)
852 وَيْلُ الدَّوانِيقى ما أَشقاهُ *** قَدْ بَلَغَ الغايَةَ فِي شَقاهُ
853 مِمَّا جَرى مِنْهُ عَلى إمامِهِ *** مِمَّا يُزيلُ القَلْبُ عَنْ مَقامِهِ
854 أَیسْحَبُ(4) الإمامُ وَهُوَ حافِ*** أَهكَذَا شَرِيعَةُ الإِنْصافِ
855 وهُوَ ابْنُ مَنْ عَلا عَلَى البُراقِ*** إِلى مَقامٍ ماارتَقاهُ رأقٍ
856 أَيُوقَفُ المَوْلى أَمامَ عَبْدِهِ *** وَالعَرْشُ عَرْشُهُ أَبَا عَنْ جَدِّهِ
857 أَيُوقَفُ الإمامُ وَهُوَ حاسِرٌ(5)*** يا وَيْلَهُ ما ذلك التّجاسُرُ
858 إِذْ هُوَ تاج المَجدِ والكَرامَةِ*** فَلا أَحَقِّ مِنهُ بِالعِمامَةش
ص: 85
859 يا وَيْلَهُ مِنْ شَتْمِهِ وَسَبِّهِ*** ظلْماً فَما أَكْفَرَهُ بِرَبِّهِ
860 أمثلُهُ يُشْتَمُ أوْ يُسَبُّ *** وَهُوَ لاَرْبابِ المَعالِى رَبُّ
861 وحَرْقُهُ لِبابِ بَيْتِ الشَّرَفِ *** تُراثُهُ مِنْ أمَراءِ السَّلَفِ
862 والباب ذاكَ البابُ بابُ العَظَمَةِ *** والنّارُ تِلكَ النّارُ نارُ الظَّلَمة
863 والبابُ بابُ كَعْبَةِ التَّوْحِيدِ*** وَالنَّارُ نارُ الكُفْرِ وَالجُحُودِ
864 وَكُمْ وَكَمْ بَني عَلَى الفَتْكِ (1) به *** لَوْلَمْ تَكُنْ عِنايَةٌ مِنْ رَبِّهِ
865 أتى بِظُلمِهِ عَلى اَتَمّهش *** حَتَّى أَتَمَّ ظُلْمَهُ بِسَمِّهِ
866 جَنى عَلَى ذُرِّيَّةِ الرَّسُولِ*** جنايَةٌ تَذْهَبُ بِالعُقُولِ
867 وَما جَنى بِهِ عَلَى بَنِي الحَسَنِ *** لَمْ يَسْمَع الدَّهْرُ بِمِثْلِهِ وَلَنْ
ص: 86
(62)
868 أشرق نُورُ العِلْمِ والعبادة *** فِي مَلَكُوتِ الغَيْبِ وَالشَّهادَةِ
869 وَقَدْ تَجَلَّى نَيرُ اللاهوت *** فَأَشْرَقَتْ مَشارِقُ النَّاسُوتِ
870 اَوْ نُورُ طُورِ الجَبَرُوتِ سَطَعا *** فَانْدَكَ فِيهِ الطُّورُ وَالنُّورُ مَعاً
871 وَالطُّورُ فان في فناء بابِه *** وَالنُّورُ كُل النُّورِ مِنْ قبابِهِ
872 فَإِنَّهُ مَبْدَه كُل نُور *** بَلْ هُوَ مُنْتَهاهُ في الظُّهور
873 نُورٌ تَعالى شَأْنُهُ عَنْ حَدَّ *** وَعَزَّ فِي نُعُوتِهِ عَنْ عَدَّ
874 ذلِكَ نُورُ مُنْية الكليمِ *** رُؤْيَتُهُ مِنْ زَمَن قَديمٍ
875 ذلِكَ نُورُ كَعْبَة الأعاظم *** وَقِبْلَةُ الحاجاتِ مُوسَى الكاظم
876 أَبو العُقُول وَالنُّفُوسِ النيّرة *** اُمُّ الكِتابِ وابْنُ خَيْرِ الخِيَرَةِ
877 بَلْ هُوَ نُورُ كَعْبَةِ التَّوْحِيدِ*** وَقِبلَةُ الشاهد في الشُّهُود
ص: 87
878 نُورُ سَماءِ الذَّاتِ وَالصِّفاتِ *** بِهِ حَياةٌ عالَمِ الحَياة ِ
879 فالِقُ صُبح الأزلِ المُنير*** بِهِ اسْتَنارَ كُلُّ مُسْتَنير
880 أضاءَتِ السَّبْعُ العُلى بِنُورِه*** كَأَنَّها تَدُورُ حَوْلَ طُورِهِ
(63)
881 تَوَدُّ وَهِي ركَّعٌ بِابِهِ *** تَكُونَ(1) سُجَّداً عَلى تُرابِهِ
882 وبابُهُ كَعْبَةُ كُلّ سالِك *** وَمُسْتَجارُ الكُلِّ فِى المَهالِكِ
883 وبابُهُ مُلْتَزَمُ الأَرْواحِ *** بابُ المَقامِ قِبْلَةُ الضُّراحِ
884 وَهُوَ مَطَافُ كَعْبَة الإسلام *** وَمَشْعرُ المَشاعِرِ العِظامِ
885 وبابه باب القضاء الجارى *** كَيْفَ وَهذَا الباب بابُ البارى
886 باب بدا لله فيه ما بدأ*** بأبٌ إِلَيْهِ مَرْجِعُ الأَمْرِ غَداً
887 أكْرِمْ بِهِ فَإِنَّهُ بابُ الهُدى*** آنعمْ بِهِ فَإِنَّهُ بابُ النَّدى
888 بَلْ هُو بابُ الكشف والشُّهُود*** والسير في عوالم الوُجُودِ
889 فِى وبابُ أبواب التَّجَلِّياتِ*** فِى الذّاتِ والأَفْعالِ وَالصِّفاتِ
890 وباب أبوابِ المَعالِى والهِمَمِ *** بابُ مَدِينَةِ العُلُومِ وَالحِكَمِ
891 وَكَيْفَ لا وَأَنَّهُ ابْنُ بُجدَتِهِ *** سِرُّ عَلى فِي عُلُو رُتبتَه
892 وَسِرُّ خَيْرِ الخَلْقِ فِي سَرِيرَتِهِ *** في عِلْمِهِ وَحِلْمِهِ وَسِيرَتِهِ
893 والجَوْهَرُ الفَرْدُ مِنَ الكَنزِ الخَفِيّ*** وحاز فيما حازَ كُلَّ الشَّرَفِ
ص: 88
894 كُرْسِیُ عِلْمِهِ العَظِيمِ أَرْفَعُ *** مِنَ السَّمَواتِ العُلى وَأَوْسَعُ
895 فَإِنَّهُ في عِلْمِهِ الإشراقي *** مَليكُ عَرْشِهِ بالاستحقاق
896 وَكَيْفَ وَهُوَ أَعْظَمُ المُرائِي*** لغَيْبِ ذاتِ بارِي الأَشْياءِ
897 فَإِنَّهُ كَالشَّمْسِ وَالضّياءِ *** مِنَ المُحَمَّدِيَّةِ البيضاء
898 فَهَلْ تَرى بِغَيْرِهِ يُصاهى*** مُهْجَةُ يأسِينَ وَقَلْبُ طاها
899 إلى علاهُ مُنْتَهى مَكَارِمِهِ *** ذا فاتِحُ الخَيْرِ وهذا خاتمه
900 لَهُ الخِلافَةُ المُحَمَّدِيَّةُ *** فى كُل مَكْرُماتِه العليّةِ
901 لَهُ الخِلافَةُ الإلهيَّةُ فِي *** عِبادِهِ اَكرِم بِهِ مِنْ خَلَف
902 يُعْرِبُ حَقّاً في تجلياته *** عَنْ ذاتِهِ العُليا وَعَنْ صِفاتِهِ
( 64 )
903 يُفْصِحُ صِدْقاً وَهُوَ فِي السُّجُونِ *** عَنْ مُسْتَسِرٌ غَيْبِهِ المَكْنُونِ
904 هُوَ اسْمُهُ الأَعْظَمُ وَهُوَ مُخْتَفِي*** وَالمَظْهَرُ الأتم للكنز الخفي
905 أو في حِجابِ القُدْسِ ناموس الازل *** فلا يَزالُ باطِناً وَلَمْ يَزَلْ
906 أَوْ فِي مُحِيطِ الكِبْرِياءِ وَالشَّرَفِ *** كالدُّرَّةِ البَيضاءِ وَهِيَ فِي الصَّدَفِ
907 وَأَشْرَقَتْ مِنْ حَلَقِ القُيُودِ*** نُقْطَةُ قطب حَلْقَةِ الوُجُودِ
908 وَمُذْ عَلَى الجِسْرِ غَداً مُصفّداً***«وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ »(1)بَدأ
909يُمَثلُ المَبْدَة في ثنائه*** فِى جَبَرُوتِهِ وَكبريائه
ص: 89
910 تكْبِيرُهُ مِنْ أَفصَحِ البَيانش *** عَلَى الكَبيرِ المُتَعالِي الشّانِ
911 يُمَثلُ المُنزَلَ فِي آياتِهِ*** إِذا تَلَى الآياتِ فِي صَلاتِهِ
912 يُمَثَّلُ العَظِيمَ فِي رُكُوعِهِ *** وَهُوَ عَلى ما هُوَ مِنْ خُضُوعِهِ
913 کَما يُمَثلُ العَلِيَّ الأعلى*** عند سُجُودِهِ إِذا تَدَلَّى
914 يُمَثلُ المَشْهُود في تشهده *** مُذْ بَلَغَ الغَايَاتِ فِي تَجَرَّدِهِ
915 یمثلُ النَّبِيَّ في سَلامِهِ *** وَالمِسْكُ (1)كُلِّ المِسْكِ فِي خِتامِهِ
916 وَهُوَ حَلِيفٌ السَّجْدَةِ الطَّوِيلَةِ *** وَصاحِبُ الضّراعَةِ الجَميلة ِ
917 وَازْهَرَتْ عَوالِمُ الوُجُودِ *** بِنُورِهِ الزاهر في السُّجُودِ
918 وَكانَ مِنْ دُمُوعِهِ الغَزِيرَةِ (2) *** سَحائِبُ الرَّحْمَةِ مُسْتَشِيرَة
919 يُعْرِبُ فِى القِيامِ والقُعُودِ *** عَنْ قَوْسَي النُّزُولِ وَالصُّعُودِ
920 وفى قُيُودِهِ عَنِ انْقِيادِهِ*** لِلهِ وَالفَناءِ فِى مُرادِهِ
(65)
921 آياتُ مُعْجِزَاتِهِ مُرْتَسَمَةٌ ***فِي صَفَحاتِ الصُّحُفِ المُكَرَّمَةِ
922 لهُ مِنَ المَآثر الجليلة *** ماليس يُحْصِي أَحَدٌ تَفْصِيلَهُ
923 لَهُ يَدُ المَعْرُوفِ وَالأيادي*** عَلَى الوَرى مِن حاضر وبادٍ
924 بَلْ كُلُّ ما في عالم الإيجادِ*** مِنْ ذلِكَ المَعْرُوفِ وَالآيادِى
925 إذْ يَدُهُ الباسِطَةُ القَوِيَّة *** حضقاً یَدُ الباسِطِ بِالعَطِيِّةِ
ص: 90
926 وَمِنْ آيَادِيهِ عَلَى العِبادِ*** مَعْرِفَةُ المَبْدَءِ وَالمَعادِ
927 وَنِعْمَةُ العِلْمِ آتَمُّ نِعْمَةٍ *** وَليُّها ولىُّ أَمرِ الأَمَّةِ
928 مَعْرُوفُهُ المَعارِفُ المَأثورة *** فَهِيَ عَلَى ذِمَّتِهِ مَقْصُورَةٌ
929 فَإِنَّهُ قُطْبُ مُحِيطِ المَعْرِفَةِ*** بَلْ هُوَ سِرُّكُل إِسْم وَصِفَةٍ
(66)
930وَبَابُهُ بابُ شِفاء المَرْضى*** وَكُلُّ حاجَةٍ لَدَيْهِ تُقضى
931 وبابه باب حَوائِجِ الوَرى *** لأجْلِهِ غَداً بِهِ مُشْتَهِراً
932 وَكَعْبَةُ الرَّجاً لِكُلِّ راج *** وَمُسْتَجارُ المُلتجي المُحتاج
933 وَكَيْفَ لا وَالباب بابُ الرَّحْمَةِ ***وفِى فِنائِهِ نجاةٌ الأُمَّةِ
934 لَهُ مِنَ الخَوارِقِ (1)الجَسِيمَةِ *** ما جَبْهَةُ الدَّهْرِ بِهِ وَسِيمَةٌ (2)
935 يُغْنِيكَ عَنْ بَيانِها عَيانُها*** وأنَّما شُهودُها بُرهانُها
936 وَكَظْمُهُ لِلْغَيْظِ مِنْ صِفاتِهِ *** ثبُوتُهُ يُغْنِيكَ عَنْ اثباتِهِ
(67 )
«الكَوارِثُ (3)وَالحَنُ»
937 قَضى حَياتُهُ مَدَى الزَّمانِ *** وَهِىَ حَياةُ عالَمِ الإمكانِ
938 فِي السِّجْنِ وَالحَدِيدِ والعَذابِ *** يا لِعَظيمِ الرُّزْءِ وَالمُصابِ
ص: 91
939 وَنُورُهُ فِي ظُلْمَةِ المَطْمُورة (1) ***أَنارٌ وَجْهُ قُطرَيِ المَعْمُورة(2)
940 بَلِ الجِهاتُ الستُ والسَّبْعُ العُلى *** وَالمَلَأُ الأَعْلَى اسْتَنارَتْ كُمَّلاً
941 وَيْلٌ لِهرُونَ الخَنَا (3)أَخْنى عَلَى ***مُوسى رَبِيبِ المَجْدِيل ربِّ العُلا
942 مِنْ بَعْدِ أَنْ قَضَى عَلَى صَلَاتِهِ *** يَقْطَعُها لأبل عَلى حَياتِهِ
943 سَيَّرَهُ مِنْ طَيْبَةِ الغَراء *** ظُلْماً إلى بَصْرَةَ وَالزَّوْراءِ (4)
944 وَلا تَخَلْ اَخْرَجَهُ عَنْ وَطَنِه *** لأبَل آزالَ رُوحُهُ عَنْ بَدَنِهِ
945 كَيْفَ وَاَيْنَ الرّوضَةُ المُنَوَّرَةُ *** مِنْ مَحْبَسِ السَّنْدِيٌّ رَأْسِ الفَجَرَةِ
946 وَلَمْ يَزَلْ يُعالج(5) الحُبُوساً *** وَكانَ كُلُّ يَوْمِهِ عَبُوساً
947 وَعَضَهُ القَيْدُ فَرْضٌ ساقه *** لَهفِي لِمَنْ آمَضَّهُ (6)وِثاقُهُ
948 وَلَمْ يَزَلْ مُصفّداً مُكَبَّلاً(7) *** حَتى قَضى بِالسَّمِّ مُوسَى الأَجَلا
949 آنَسَ (8)ناراً مَن سُمُوم ِالسَّمِّ *** فَزَادَهُ غَماً عَقِيبَ غَمٌ
950 نُورُ الهُدى خَبأ فَاظْلَمَ الفَضا *** یا ساعِدَ اللهِ إِمامَنا الرِّضا
951 وأعَجَباً مَنْ هُوَ أَزْكَى ثَمَرَةٍ ***مِن دَوْحَةِ المَجْدِ الأثيل(9)المُثْمِرَةِ
952 مِنْ دَوْحَة العلياء والفتوة *** مِنْ دَوحَة التنزيل وَالنُّبُوَّةِ
953 كَيْفَ قَضَى بِالرُّطَبِ المَسْمُومِ *** على يَدِ ابْنِ شاهِكِ المَشُومِ
ص: 92
(68)
954 أَمثلُ مُوسى وارِثِ الرّسالة *** يُحْمَلُ نَعْشُهُ مَعَ الحَمالة
955 نَعشُ تَطُوفُ حَوْلَهُ الأفلاك*** تَبَرَّكَتْ بِحَمْلِهِ الأَمْلاك
956 وَلَمْ يُشَيّعَهُ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ *** فیالَها مِنْ غُرْبَةٍ بِغَيْر حَدٌّ
957 بل شَبَّعَتُهُ الزَّفَرَاتُ -(1) المُحْرِقَةُ*** مِنْ أَنفُسٌ قُلُوبُها مُحْتَرِقَةٌ
958 شَيَّعَهُ العُقُولُ وَالاَرْواحُ *** لَهُمْ عَلَى غُرْبَتِهِ نِيَاحُ
959 وَكَيْفَ نَعْشُ صاحِبِ الخِلافَةِ*** يُرْمَى عَلَى الجِسْرِمِنَ الرَّصافَةِ
960 تنُوحُ فِي غُرْبَتِهِ عَليه *** خَشْخَشَةُ الحَدِيدِ فِي رِجْلَيْهِ (2)
961 ناحَتْ عَلَيْهِ زُمَرُ المَلائِكِ *** بَل نأحَتِ الحُورُ عَلَى الأَرائك
962 أَمْ كَيْفَ يُسْتَخَفَّ بِالنَّداءِ*** عَلَيهِ وَهُوَ أَعْظَمُ الأَرْزَاءِ
963 فيا لِذَكَ الهَتْكِ وَالجِسارَةِ *** عَلى سَلِيلِ القُدْسِ وَالطَّهارة
964 نادى عَلَيْهِ الرّجسُ بِالتَّحْقِير*** وَإِنَّهُ ابْنُ آية التَّطهِير
965 أيذكَرُ الطَّيِّبُ وَابْنُ الطَّيِّبِ***بأَفْحَشِ القَوْلِ فَيا لَلْعَجَبِ
966 وَهُوَ ابْنُ مَنْ نُودِيَ بِاسْمِهِ عَلَى *** مَنابِرِ القُدْسِ بِعِزّ وَعَلى
967 نُودِيَ بِاسْمِهِ العَظيم السّامِي*** فِي الصَّلَواتِ الخَمْسِ بِالإِعْظامِ
968 أَحْجَّةُ الحَقِّ إمامُ الرّافِضَةِ *** بَلْ حُجَّةُ الباطِلِ مِنْهُ داحِضَةٌ (3)
ص: 93
969 وَلَيْسَ فِي الغَيْبِ وَلَا الشَّهَادَةِ *** سَواهُ قائِدٌ إلَى السَّعادَةِ
970 بَلْ رَفَضَ الباطِلَ رَفْضاً رَفضاً *** و مَحَّضَ الحَقَّ الصَّرِيحَ مَحضاً
971 فَلا وَرَبِّ العَرْشِ لَوْلاً الكاظِمُ *** لَمْ يَكُ لِلدِّينِ الحَنِيفِ ناظِمٌ
ص: 94
(69)
972 قَدِاسْتَوى سُلْطانُ إِقْلِيمِ الرّضا*** بِاليُمْنِ وَالعِزّ عَلى عَرْشِ القَضا
973 عَرْشِ الخِلافَةِ الإِلَهِيَّةِ فِى*** عِبادِهِ فَيالَهُ مِنْ شَرَفٍ
974 لا بَل عَلى أَريكَةِ الهُوِيَّةِ *** وَمَرْكَزِ المَشَّيَّة الفِعْلِيَّة
975 لَهُ الوِلايَةُ المُحَمَّدِيَّةُ *** فى سر ذاتِهِ عَلَى البَرِيَّةِ
976 وِلايةُ التَّكْوِينِ وَالإبْداعِ *** أكْرِمْ بِهَذَا المَلِكِ المُطاعِ
977 إذْ يَدُهُ العليا يد الأيادي*** فَهُوَ مِثالُ مَبْدَءِ المَبادِى
978 اَسْمَائُهُ الحُسْنَى لَهُ صِفاتُ *** وهى لذاته تَجَليات
979 سُلطانُهُ عَلَى الوَرَى سُلْطَانُهُ*** فَما أَعَزَّهُ تَعالى شَانُهُ
980 أَعْظَمُ ما أَحَبَّ أنْ يُعْرَفَ بِهِ*** فِى ذاتِهِ وَفِي مَعالي رُتْبَتِهِ
981 فَهُوَ مِنْ الكَنزِ الخَفِيِّ الباهِرِ*** ذاتاً وَوَصْفاً أعْظَمُ المَظاهِرِ
ص: 95
982 مَقامُهُ الرَّفِيعُ فِي أَعْلَى القَلَمِ *** وَلَوْحُ ذاتِهِ صَحِيفَةُ الحِكَمِ
983 فاتِحَةُ الكِتابِ فِي الجَلالَةِ *** إِذْ هُوَ سِرُّ خاتم الرِّسالَةِ
984 بل نُقْطَةُ البَاهِي فِي عَيْنِ الرّضا *** فانه سِرُّ أَبِيهِ المُرْتَضى
985 آیاتَ كِبرِيائِهِ والعَظَمَةِ *** بيِّنَةٌ في الزُّبُرِ المُعَظَّمة
986 صَحِيفَةُ الوُجُودِ مِنْ آيَاتِهِ*** لَطِيفَةُ الشُّهُودِ سِرُّ ذاتِهِ
987 وَمُحْكَماتُ الكَلِماتِ الباهِرَةِ *** لذاته العليا شُؤُنْ ظَاهِرَةٌ
988وَالحَرْفُ عالياته مرتسمة ***في ذاتِهِ العَلِيُّ قَدْراً وَسِمْةٌ
989 تحكى عَنِ الغَيْبِ المَصُونِ ذاتُهُ *** تُعْرِبُ عَنْ شُؤ نِهِ صِفاتُه
990 ظُهُورُهُ ظُهُورُ نُور النور*** فَلا أَتَمَّ مِنْهُ فِى الظُّهُورِ
991 شَمْسُ سَماء عالم اللاهوت *** وَالقَمَرُ الزاهر في الناسُوتِ
992 وَالمَلَكُوتُ (1)مِنْ ظِلالِ نُورِهِ *** وَالمُلْكُ كُلُّهُ فِنَاءُ طُورِهِ
993 و الجبَرُوتُ (2) كَالمُسَخَّراتِ *** لِأَمرِهِ فِى المَحوِ والإِثباتِ
994 وَالمَلَأُ الأَعْلَى سُرادِقاتُهُ *** وَالعَرْشُ والسَّبْعُ العُلى مرقاتُهُ
995 غُرَّتُهُ نُورُ رِواقِ العَظَمَةِ *** ديباجَةُ الكَوْنِ بِها مُنتَظَمَةٌ
996 طَلْعَتُهُ مَطْلَعُ انوارِ الهُدى *** ولا ترى لها أُفُولاً أبداً
997 ووَجْهُهُ قِبْلَهُ كُلّ عارف ***وَمُسْتَجارُ كَعْبَةِ المَعارِف
998 وَفِى مُحَيَّاهُ حَياةُ الأوْلِيا *** وَكَيْفَ وَهُوَ رُوحُ خَيْرِ الأَنْبِيا
999 وَعَيْنُهُ عَيْنُ الرّضاءِ بِالقَضا*** نَفْسِى لَكَ الفِداءُ يا عَيْنَ الرّضا
1000ولاتسل(3) عَنْ قَلْبِهِ السَّليم*** إذْ لأتُنالُ نُقْطَةُ التَّسْلِيم
ص: 96
1001 وَهُوَ بِما فِيهِ مِنَ الجَواهِرٍ*** مُمَثَلُ الكَنز الخَفِيِّ الباهِرِ
1002 جَلَّ عَنِ الحُدُودِ وَالرُّسُومِ *** ما فِيهِ مِنْ جَواهِرِ العُلُومِ
1003 مفاتِحُ الغُيُوبِ في لسانه*** مِصابِحُ الشُّهُودِ في بيَانِهِ
(70)
1004وَعَزَّ شَأْنُهُ عَنِ المُشاكِلِ *** فِى حَلِّهِ لِعُقْدَةِ المَشاكِلِ
1005 لِسانُهُ عَيْنُ الحَياةِ الدائمة*** بِهِ مَبادِى الحَياةِ قائِمَةٌ
1006لِسانُهُ ناطِقَةُ التَّوْحِيدِ *** وَ مَنْطِقُ التَّجْرِيدِ(1) وَالتَّفْرِيدِ
1007 مَنْطِقُهُ مِنْطَقَةُ الشَّوارِقِ *** فِى الفَلَكِ الدَّوارِ باِلبَوارِقِ
1008يُنبِي فِي بَيانِهِ الكَريمِ ***عَنْ مُوجَزاتِ النَّبَأ العَظيمِ
1009 يُعْرِبُ عَنْ جَوامِعِ العُلُومِ*** بأحْسَنِ الحُدودِ والرَّسُومِ
1010يُفْصِحُ عَنْ مَصادِرِ الأُمُورِ*** وَكَيْفَ وَهُوَ مَبْدَأُ الصُّدُورِ
1011 رموز عليهِ كُنُورُ المَعْرِفَةِ *** حقائق الدين بها مُنْكَشِفَةٌ
1012بِنُورِ عِلْمِهِ وَحُسْنِ المَنْطِقِ *** يَكْشِفُ عَنْ سِر الُوجُودِ المُطلَقِ
1013 وَفِي بَيانِهِ مَكارِمُ الشّيمِ *** وفى معانيه بدائع الحِكَمِ
1014 وَفَى بِبَذْلِهِ العُلُومَ حَقَّها*** کَرامَةٌ عَلى مَنِ اسْتَحَقَّها
1015 عُلُومُهُ الحَقَّةُ فِى الإِشراقِ *** كَالشَّمْسِ فِي الأَنفسِ والآفاقِ
ص: 97
1016 كُلُّ كَلامِهِ جَوامِعُ الكَلِمِ *** عُقُودُها وثيقةٌ لا تَنفَصِمُ
1017 كَلامُهُ هُدَى لِمَنْ بِهِ اهْتَدَى *** وَقَوْلُهُ فَضْلُ عَلى مَنِ اعْتَدى
1018 كَلامُهُ نُورٌ وَنُورُ الطُّورِ*** كَأَنَّه ظهورُ ذاكَ النُّورِ
1019 كلامه لطِيفَةُ المَعارِف *** حياة كُلّ سالِكٍ وَعارِفٍ
1020 بِهِ تجَلَّتْ لألِى الأَبصارِ*** حَقائِقُ الأسرارِ وَالأنوارِ
1021بِهِ سَمَتْ مَعاهِدُ العُلُومِ ***حَتَّى عَلَتْ عَلَى ذُرَى(1) النُّجُومِ
1022 بَلْ جازَتِ السَّدْرَة مُنتَهاها ***تَكادُ أَنْ(2)تَدْنُو إلى أَدْناها
1023 كَيْفَ وَرَبَّانِیُها عَلِيٌّ *** فَلا يُنالُ قَدْرُهَا العَلِيُّ
1024عَلِيٌّ الرّضا سَلِيلُ المُرْتَضى *** وَمَنْ بِكَفِّهِ مَقالِيدُ القَضا
1025 عَقْلُ العُقُولِ فِى عُلُوّ المَرْتَبَةِ *** نَفْسُ الرَّسُولِ فِى سُموّ المَنْقَبَةِ
1026 أصْلُ الأُصُولِ فَهُوَ أَسْمَى شَجَرَةٍ*** فَرْعُ البَتُولِ فَهُوَ أَزْكَى ثَمَرَةٍ
1027 وَبِاسْمِهِ اسْتَدارَتِ الدَّوائِرُ*** وباسْمِهِ اسْتَقامَتِ السَّرائِرُ
1028 وَبِاسْمِهِ السَّامِي جَرى فَلْكُ الفَلَكِ *** وَذِكْرُهُ عِنْوانُ تَسْبِيحِ المَلَكِ
1029 وَذِكْرُهُ تَحْيى بِهِ القُلُوبُ *** وَتَنْجَلِي بِذِكْرِهِ الكُرُوبُ
1030 هُوَ المَثانِى بَلْ هُوَ التَّوْحِيدُ*** هُو الكِتابُ المُحْكَمُ المَجِيدُ
1031 فَمَنْ يُضاهي شرفاً وجاهاً *** رُوحَ مُحَمَّدٍ وَقَلْبِ طاها
1032 بَيْضاءُ مُوسَى هِيَ فِي يَمِينِهِ*** وَنُورُ يأسِينَ عَلى جَبِينِهِ
1033وآيَةُ النُّورِ سَناءُ نُورِهِ *** وَالنُّورُكُلُ النُّورِ فِي ظُهُورِهِ
1034 في لوح نَفْسِهِ مَقام الرِضا *** عَنْ وَصْفِهِ تَكُلُّ أَقْلَامُ القَضا
ص: 98
1035 لَقَدْ تَفاني فِي الرِضاءِ بِالْقَضا *** حَتى تَسامى وتُسمّى بالرِّضا
1036 بَلْ فِي رِضًا البارِى رِضاهُ فان *** بَل ذاتِهِ بذلِكَ العِنوانِ
1037 بَلْ جازَ عَنْ أقصى مراتب الفنا*** حَتَّى تَجَلّى قائلاً إِنّى أنا
1038 هُوَ ابْنُ مَنْ دَنى إلى أَدْناه(1)*** مأكَذَّبَ الفُؤادُ ما رَآهُ
1039 وَهُوَ لِذلِكَ الفُؤادِ ثَمَرَةٌ *** فَأَيْنَ مِنْهُ الطُّورُ ايْنَ الشَّجَرَةُ
1040 يُمَثْلُ النَّبِيَّ فِي أَخْلاقِهِ*** فَإِنَّهُ النَّابِتُ مِنْ أَعْراقِهِ(2)
1041 لَهُ كَراماتٌ وَمُكرُماتٌ *** فِي صَفَحاتِ الدَّهْرِ بَيْناتٌ
1042 شُهُودُ صِدْقٍ لسمو ذاتِهِ*** كَأَنَّهُ النَّبِيُّ فِي صِفاتِهِ
(71)
1043 تَرَى المُلُوكَ سُجَّداً ببابِه*** فَالعِزكُل العز فِي أَعتابِهِ
1045 تَطُوفُ حَوْلَ قَبْرِهِ الأَمْلاك*** كانه المِحوَرٌ والأَفلاكُ
1045 تَبْكِي عَلى مِحْنَتِهِ وَكُرْبَتِهِ *** وَبُعْدِهِ عَنْ دَارِهِ وَغُرْيَتِهِ
1046 وَيْلٌ بَلِ الوَيْلاتُ لِلْمَأْمُونِ *** وَيْلٌ لذاك الغادر الخَؤنِ
1047لَمْ يَحْفَظِ النَّبِيَّ فِي سَبِيلِهِ*** وَتأة فِي الغَيِّ وَفِي سَبِيلِه
1048 خانَ آمِينَ اللهِ فِى أمانته *** فَهَلْ تَرى أَعْظَمَ مِنْ خِيانَتِهِ
1049 أخْرَجَهُ مِنْ مَهْبَطِ التَّنْزِيلِ ***إِلَيْهِ بِالخِداعِ والتَسويلِ(3)
ص: 99
1050 وَلا يُحِيقُ المَكْرُ أَى مَكْرٍ*** إِلا بِأَهْلِهِ كَما فِي الذِّكْرِ(1)
1051 وَلاهُ عَهْدَهُ وَجَلَّ جَهْدَهُ *** فِي نَقْضِ عَهْدِهِ وَنَكْثِ عَهْدِهِ
1052فَيالَها ولاية مَشؤُومَةٍ ***كانَتْ لَها نَتِيجَةٌ مَسْمُومَةٌ
1053 وبأن من مآثر الإمام*** بِاَنَّهُ اَحَقُ بِالمَقامِ
1054 فَقَدْ بَدَتْ في مُدَّة الولاية ***خَوارِقُ لَيْسَ لَها نِهايةً
1055 وَكانَ ما يَبْدُو مِنَ الخَوارِقِ *** أمضى عَلَى الخَصْمِ مِنَ البَوارِقِ
1056فازدادَ ذلِكَ الحُقُودُ حَسَداً *** فَإِنَّهُ نارٌ تُذِيبُ الجَسَدا
1057 فَاغْتالَهُ بِالعِنَبِ المَسْمُومِ *** وَيْلٌ لِذاكَ الظَّالِمِ الغَشُومِ(2)
1058 لؤلاً رِضاهُ بِالقَضاءِ الجارِى*** لَاسْوَدَّ وَجْهُ الدَّهْرِ بِالبَوارِ
1059ومادَتِ(3) الأَرْضُ بلابتيها ***وَساخَتِ (4)الأَرْضُ بِمَنْ عَلَيها
1060 قَضى شَهِيداً صابِراً مُحْتَسَباً (5)*** وَهُوَ غَرِيبٌ بَلْ غَرِيبُ الغُرَبا
1061 تقطَّعَتْ أمْعاءُهُ بِالسَّمِّ *** فِداهُ نَفسِي وَأَبِي وَأُمِّى
(72)
1063 نأحَ الأمينُ وَهُوَ ذُو شجون(1)*** مِمَّا جَنَتْ بِهِ يَدُ المَأْمُونِ
1064 عَلَيْهِ سَيِّدُ الوَرى يَنُوحُ ***حُزناً فَكَيْفَ لا يَنُوحُ الرُّوحُ
1065 ناحَتْ عَلَيهِ الأَنْبِيَاءُ وَالرُّسُلُ*** بَلِ العُقُولُ وَالنُّفُوسُ وَالمُثل
1066 ناحَتْ عَلَيْهِ الحُورُ فِي الجِنانِ *** تأسياً بِخَيْرَةِ النِّسْوانِ
1067 بَكى عَلَيْهِ ما يُرى وَلا يُرى *** والبَرُّ والبَحْرُ وَأَطْباقُ الثّرى(2)
1068 لَقَدْ بَكَى البَيْتُ وَمُسْتَجارُهُ *** وَكَيْفَ لا وَمِنْهُ عَزَّ َجارُهُ
1069 وَقَدْ بَكاه المَشْعَرُ الحَرامُ *** وَالحَجَرُ الأسودُ والمَقامُ
1070لِفَقْدِ عِزّهاً وَمَنْ حَماها *** بِعزِّهِ عَنْ كُل مادّها ها(3)
1071 بَلْ هُوَ عِزِّ الأرْضِ وَالسَّماءِ*** والمَلأِ الأَعلى عَلى سَواءٍ
ص: 101
(73)
1072 سُبْحانَ مَنْ جادَ عَلَى الذُّواتِ ***بِمُقْتَضَى الأَسْمَاءِ وَالصِّفاتِ
1073 فَقَدْ تَجَلّى بِاسْمِهِ الجَوادِ *** فِي مَصْدَرِ الخَيْرَاتِ وَالآيادِى
1074 فِي عُنْصُرِ النُّبُوَّةِ الخَتْمِيَّةِ *** بصُورَةِ الوِلاية العليّة
1075 حَقيقَةُ الاَمانَةِ المَعْرُوضَة (1)*** رَقِيقَةُ الدِّيانَةِ المَفْرُوضَة
1076 صَحِيفَةُ المكارِمِ الجَميلَةِ*** لَطيفةُ المَعارِفِ الجَليلةِ
1077سِرُّ النَّبِيِّ خاتم النُّبُوَّةِ *** فى العِلْمِ وَالحِكْمَةِ وَالمُرُوةِ
1078 وَمُهْجَةُ المَخصُوصِ بِالأُخُوَّةِ*** فِى الحُكمِ وَالاِباءِ وَالفُتُوةِ
1079 سَلِيل ياسِين وَسِبْطُ طاها ***فَقَدْ تَعالى شَرفاً وجاهاً
ص: 102
1080 سُلالةُ الخَلِيل فِي وَفائِهِ *** وَصَفْوَةُ الصَّفِي فِي صَفَاتِهِ
1081 سأحِلُ جُودِهِ هُوَ الجُودِيُّ ***بِهِ نجِیٌ ربنا نجِیٌ
1082 بَلْ هُوَ لِلْكَلِيم تاجُ رَأْسِهِ ***فِي بَطْشِهِ وَفِي شَدِيدِ بَأْسِهِ
1083 بَلْ هُوَ رُوحُ الرُّوحِ فِى ابْنِ مَرْيَمَ *** وَهُوَ مِنَ الكَلامِ أُمُّ الكَلِم
1084 وَحِشْمَةُ اللهِ رَهِينُ نِعْمَ ***فى مُلْكِهِ وَعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ
1085 وَلا تُرى في الأنبياءِ مَكْرَمةً *** الّا وَفِيهِ كُلُّ مَعْنَى الكَلِمَةِ
1086 وَوَجْهُهُ مِصْباحٌ نُورِ النُّورِ*** طلْعَتُهُ مَنَصَّةُ الظُّهور
1087 وَنُورُ وَجْهِهِ كَنُورِ البارى*** يَذْهَبُ بِالألْبَابِ وَالأبْصارِ
1088 غُرَّتُه بارقة الكمال *** شارِقَةُ الجَلالِ والجَمالِ
1089 وَعَيْنُهُ في عالمِ التَّكْوِينِ*** إنسانُ عَيْن الحَقِّ واليَقينِ
1090 وَقَلْبُهُ عَرْشُ مَلِيكِ المَعْرِفَةِ *** بَلْ عَرْشُ مَنْ لا إِسْمَ لَه وَلا صِفَةً
1091 وَصَدْرُهُ خَزانَةُ الغُيُوبِ *** فى سِرِّهِ مَسَرَّةُ القُلُوبِ
1092 لِسانُه شَرِيعَةُ الأحْكامِ *** لأبلْ لِسانُ الوَحْيِ وَالإلهامِ
1093 لِسانُه يَنْطِقُ لأعَنِ الهَوى*** فَإِنَّهُ مِنَ الشَّدِيد فِى القُوى
1094 يُمثل النَّبِيَّ في مَنْطِقِهِ ***فَإِنَّ هَذَا النُّورٌ مِنْ مَشْرِقِهِ
1095 كَانَهُ أُرِيد ذاكَ المَنْطِقُ *** هذا كتابنا عليكُمْ يَنطِقُ
1096 كَلامُهُ أُمُّ جَوامِعَ الكَلِمِ*** وَمِنْهُ سِرُّ الكُل فِى الكُلِّ عُلِمَ
1097 كَلامُهُ هُوَ الكِتابُ النَّاطِقُ *** آياتُهُ الغُرُّ هِىَ الحَقائِقُ
1098 حَقِيقَةُ السَّبْعِ المَثانِي (1) ذاتُهُ *** وَالكَلِمات كُلُّها آياتُهُ
ص: 103
1099 سِرُّ عَلى فِى عُلُو المَنْزِلَةِ*** فَهُوَ إذا نُقْطَةُ باءِ البِسْمِلَةِ
1100 وُجُودُهُ مِصْباحُ انوارِ الهُدى *** وَجُودُهُ مِفْتَاحُ أَبْوابِ النَّدى
1101 دَلِيلُ أهْلِ الاَرْضِ وَالسَّماءِ *** بَلْ سِرُّهُ مُعَلِّمُ الأَسْمَاءِ
1102 وَلَيْسَ عِنْدِى عالِياتُ الأَحْرُفِ ***الأرُمُوزُ سِر سِرِّهِ الخَفِي
1103 هُوَ الجَوادُ لا إلى نِهايَةٍ*** وُجُودُهُ غايَةُ كُلِّ غايَةٍ
1104 هُوَ الجَوادُ بِالوُجُودِ السّارِى*** وَجُودُهُ مظهَرُ جُودِ البارِى
1105 هُوَ الجَوادُ المَحْضُ لا لغاية *** فَإِنَّهُ المَبْدَءُ وَالنِّهايَةُ
1106 وَكُلُّ ما فِى الكَوْنِ فَيْضُ جُودِهِ *** وَالجُودُ كَالذَّاتِي فِي وُجُودِهِ
1107 وَمِنْ بَدِيعِ جُودِهِ الإبداع*** فَانَّهُ فِي أَمْرِهِ مُطاعٌ
1108 فَالمُبْدَعاتُ مِنْ مَعالِى هِمَمِهِ *** والكائِنَاتُ نَبْذَةٌ مِنْ كَرَمِهِ
1109 وَجَنَّةُ النَّعِيمِ مِنْ نَعْمَائِهِ ***وَكَيْفَ وَالجَوادُ مِنْ أَسْمَائِهِ
1110 هُوَ الجَوادُ بِالعُلُومِ وَالحِكَمِ *** بَلْ كُلّ ما في اللوْحِ يَسْطُرُ القَلَمُ
1111 لَهُ يَدُ المَعْرُوفِ بِالمَعارِفِ *** فإِنَّها قُرَّةُ عَيْنِ العارِف
1112 بَلْ يَدُهُ البَيْضاً تَعالَتْ عَنْ صِفَةٍ*** إِذْ هِي بيضاءُ سَماءِ المَعْرِفَةِ
1113 وَهِيَ يَدُ الجَوادِ بِالإفاضَةِ *** اَكرِمْ بِهذِهِ اليَدِ الفَيَّاضَةِ
(74)
1114 وبابُ أبوابِ المُرادِ بابُهُ *** وَالحِرْزُ مِنْ كُلِّ البَلاحِجابُهُ
1115 كَيْفُ الوَرى وَغَوْثُ كُلِّ مُلْتَجِي*** فى الضَّيْقِ وَالشِّدَّةِ بابُ الفَرْجِ
ص: 104
1116 وَكَعْبَةُ اليْتِ لِكُلِّ ناسِكٍ *** وَقِبْلَةُ الضُّراحِ (1) لِلْمَلائِكِ
1117 مُعْتَكَف لِلتّاليِاتِ ذِكراً *** مُخْتَلَفُ المُدَبّراتِ اَمْراً
1118 وَهُوَ مَدارُ الفَلَكِ الدَّوارِ*** وَمَرْكَزُ الثَّابِتِ وَالسَّيارِ
1119 وَالحُجُبُ السَّبْعَةُ (2) سِتْرُ بابِهِ ***والحَضراتُ الخَمْسُ(3) في قِبابِهِ
1120 وَالْعَرْشُ کرسی ببابِ دارِهِ*** وَمُسْتَوِى الرَّحْمَةِ فِي جَوارِهِ
1121 كَيْفَ وبابُ الجُودِ لِلْجَوادِ ***وَاسْمُ الجَوادِ مَبْدَءُ الإيجادِ
1122 وَكَمْ لِأَرْبابِ العُقُولِ المُرْسَلة*** بأبٌ مِنَ الخَيْر وباب الجُودِ لَهُ
1123 كُلُّ المَعالِى فِي أَئِمَّةِ الوَرى *** هُوَ الجَوادُ اَوَّلاً وآخِراً
1124 وَكُلُّهُمْ أَسْمَاء حُسْنَى البارِى *** وَالجُودُ مَبْدَءُ الوُجُودِ السّارِى
1125 وَكُلُّهُمْ جَواهِرُ الكَنزِ الخَفِيّ*** وَاسْمُ الجَوادِ مَبْدَءُ التَّعَرُّفِ
1126 وَكُلُّ إِسْم مَبْدَءُ العِنايَةِ *** وَاسْمُ الجَوادِ مَبْدَءٌ وَغايَةٌ
1127 مَنْ جادَ سادَ فَلَهُ السّيادَة*** فِي مَلَكُوتِ الغَيْبِ وَالشَّهادَةِ
1128 وَالمَكْرُمَاتُ كُلُّها فِي الجُودِ*** أكْرِمْ بِهِ مِنْ خُلُقٍ مَحْمُودٍ
ص: 105
(75)
1129 عَيْنُ الرِّضا لأبُدَّ مِنْها فِيهِ*** فَهُوَ إذاً سِرُّ الرِّضا أَبِيهِ
1130 بَلْ هُوَ كَالكَاظِمِ فِي مَراتِبِهِ*** فَإِنَّ كَظمَ الغَيْظِ جُودُ صاحِبِهِ
1131 يُمَثْلُ الصَّادِقَ فيما وَعَدا *** إذْ صادِقُ الوَعدِ جَوادٌ اَبَداً
1132 يُمَثِّلُ الباقِرَ فِي المَكارِمِ *** فَإِنَّ نَشْرَ العِلْمِ جُودُ العالِمِ
1133 يُمَثَّلُ السَّجادَ فِي فَضائِلِهِ *** فَإِنَّ بَذلَ الجَهْدِ جُودُ بِأذِلِهِ
1134 وَلَيْسَ كَالشَّهِيدِ مِنْ جَوادٍ *** بِالنَّفْسِ والأَموالِ والأَولادِ
1135 وَمَنْ كَعَمِّهِ الزَّكِيّ المُجْتَبى*** فَإِنَّهُ الكَرِيمُ مِنْ آلِ العَبا
1136 بلْ حِلْمُهُ مِنْ جُودِهِ العظِيمِ*** فَلا آحَقَّ مِنْهُ بِالتَّكرِيم ِ
1137 هُوَ الجَوادُ صَفْوَةُ الأجْوادِ *** وَنُخْبةُ الوُجُودِ والإيجاد ِ
1138 يُمَثْلُ المَبْدَءَ جُوداً جُودُهُ *** والمَثَلُ الأعْلَى لَهُ وُجُودُهُ
1139 كُلُّ مَبادِى الجُودِ والإيجادِ*** لأتَنتَهي إلّا إلَى الجَوادِ
1140 كَانَ ماءَ الحَيَوانِ جُودُهُ *** حَياةُ كُلّ مُمْكِن وُجُودُهُ
1141 وَلَيْسَ فِي الأیدِى يَدُ الأيادِى *** عَلَى الوَرى إلّا يَدُ الجَوادِ
1142 وَلا يَدُ المَعْرُوفِ إِلّا يَدُهُ*** فَهُوَ لِكُلِّ مَصْدَرٍ مَوْرِدُهُ
1143 هُوَ الجَوادُ لا جَوادَ غَيْرُهُ***لأخير فِى الوُجُودِ إِلا خَيْرُهُ
114 وَجادَ بِالتَّكْوِينِ وَالتَّشْرِيع *** بمُقْتَضَى مَقامِهِ المَنیِعِ
1145 حَتَّى إذا لَمْ تَبْقَ مِنْهُ باقية *** جادَ بِأَنفَسِ النُّفُوسِ الرّاقِيَةِ
ص: 106
1146 جادَ بنفسه سَميِماً ظامِياً(1) *** نال مِنَ الجُودِ مَقاماً ساميِاً
1147 وَالعُرْوَةُ الوُثْقَى الَّتِى لا تَنْفَصِمُ ***تقطَّعَتْ ظُلْماً بِسَمِّ المُعْتَصِمِ
1148 قَضى شَهِيداً فَهُوَ فِي شَبابِهِ*** دُسَّ(2) إليه السَّمُّ فِى شَرابِهِ
1149 آفطَرَ عَنْ صِيامِهِ بِالسَّمْ *** فَانْفَطَرَتْ مِنْهُ سَماءُ العِلْمِ
1150 وَانْشَقَّتِ السَّماءُ بِالبُكاءِ*** عَلى عِمَادِ الأَرْضِ وَالسَّماءِ
1151 وَانْطَمَسَتْ(3) نُجُومُها حَيْثُ خَبا (4)*** بَدْرُ المَعالِى شَرَفاً وَمَنْصَباً
1152 وَانْتَثَرَتْ (5) كَواكِبُ السُّهُودِ(6) *** على نِظامِ عالَمَ الوُجُودِ
1153 وَكادَتِ الأَرْضُ لَهُ تَمِيدُ (7) *** باَهْلِها إِذْ فُقِد العَمِيدُ
1154 قَضى بَعِيدَ الدَّارِ عَنْ بِلادِهِ ***وَعَن عِيالِهِ وَعَنْ اَوْلادِهِ
(76)
1155 تَبْكِي عَلَى غُرْبَتِهِ الأَمْلاكُ *** تَنُوحُ فى صَرِيرِها(8) الأَفلاكُ
1156 تَبْكِيهِ حُزْناً أَعْيُنُ النجوم *** تَلْعَنُ قاتِلِيِه بِالرُّجُومٍ
1157 وناحَتِ العُقُولُ وَالأَرْواحُ *** بَل ناحَتِ الأظلالُ والأَشباحُ
ص: 107
1158 صُبَّتْ عَلَيهِ ادْمُعُ المَعالِي*** هُدَّتْ لَهُ أطْوادُهَا العَوالِي
1159 بَكَتْ لِرَبَّانِيهَا العُلُومُ ***ناحَت عَلى حافِظَها الرُّسُومُ
1160 قضى شَهِيداً وَبَكاهُ الجُودُ ***كَانَّهُ بَنَفْسِهِ يَجُودُ
1161 يُبْكِي عَلى مُصابِهِ مِحْرَابُهُ *** كَاَنَّه أَصابَهُ مُصابُه ُ
1162 تَبكِي الليالِي البِيضِ(1) بِالضَّراعَةِ *** سُوداً إلى يَومِ قِيام السّاعَةِ
1163 تَعْساً وَبُؤْساً لابْنَةِ المَأْمُونِ*** مِنْ غَدْرِها لِحِقْدِهَا المَكْنُونِ
1164فَانّها سِرُّ اَبِيها الغادِرِ*** مُشْتَقَةٌ مِنْ أَسْوَءِ المَصادِرِ
1165 قَدْ نَالَ مِنْهَا مِنْ عَظَائِمِ المِحَنِ*** ما ليس يُنسى ذِكْرُهُ مَدَى الزَّمَن
1166 فَكُمْ سَعَتْ إلى أبيها الخائِنِ***بهِ لِما فِيها مِنَ الضّغائِنِ(2)
1167 حَتَّى إذا تَمَّ لَهَا الشَّقاءُ*** أَتَتْ بِمَا اسْوَدَّ بِهِ الفَضاءُ
1168 سَمَّتْهُ غِيلَةٌ (3) بِأَمْرِ المُعْتَصِمِ *** والحِقْدُ داءٌ هِيَ يُعْمِي وَيُصِمُّ
1169 وَيْلٌ لَها مِمَّا جَنَتْ يَداها*** وَفِي شَقاها تَبعَتْ أَباها
1170 بَلْ هِيَ أَشْقَى مِنْهُ إِذْ مَا عَرَفَتْ*** حقَّ وَليّها ولا بِهِ وَفَتْ
1171 وَلا تَحنَّنَتْ عَلى شَبابِهِ *** وَلا تَعَطَّفَتْ عَلَى اغْتِرَابِهِ(4)
1172 تبَّتْ يَداها وَيَداً أبِيها *** مُصِيبَةٌ جَلَّ العزاءُ فِيها
ص: 108
(77)
1173 لَقَدْ تَجَلَّى مَبْدَءُ الإِيجَادِ*** فِي غاية الوُجُودِ بِاسم ِالهادِى
1174 أَحْسَنَ خَلْقَ كُلِّ شَيْءٍ فَهَدَى*** وَبِاسْمِهِ الهَادِى اهْتَدَى مَنِ اهْتَدَى
1175 مَيَّزَ بَيْنَ الماءِ وَالسَّرابِ *** بالعلم الهادي إلى الصوابِ
1176 فَبانَ وَجْهُ الحَقِّ ذاتاً وَصِفَةٌ *** بنيّرِ العِلْمِ وَنُورِ المَعْرِفَةِ
1177وَانْفَجَرَتْ لِكُلِّ قَلْبٍ صادٍ *** عَيْنُ الحَياةِ مِنْ مُحَيَّا الهادِى
1178 مِنْهُ حَياةُ الرُّوحِ بالهداية *** بَلْ مُطلَقُ الحَياةِ بِالعِنايَةِ
1179 بَلْ هُوَ فِي العُقُولِ وَالاَرْواحِ ***کالرُّوحِ فِي الأَجْسادِ وَالأشباح
1180 كَيْفَ وَمِنْ مَشْرِقِهِ صُبْحُ الأَزَلِ*** فَلا يَزالُ مُشرِقاً وَلَمْ يَزَلْ
1181 بِهِ حَياة عالم الإمْكَانِ*** فَإِنَّهُ كَالنَّفْسِ الرَّحْمانِي(1)
1182 مَعْنَى الحَقِيقَةِ المُحَمَّدِيَّة ***وَصُورَةُ المَشِيَّة الفِعْلِيَّة
ص: 109
(78)
1183 وَوَجْهُهُ فِي مُصْحَفِ الإِمْكَانِ *** فاتِحَةُ الكِتابِ فِي القُرآنِ
1184 بَلْ وَجْهُهُ عِنْوانُ حُسْنِ الذَّاتِ *** ديباجَةُ الأَسْمَاءِ وَالصِّفاتِ
1185 طَلْعَتُهُ مَطلَعُ نُورِ النُّورِ *** وَمَشْرِقُ الشُّمُوسِ وَالبُدُورٍ
1186 عُرَّتُهُ فِي أُفُقِ الإمامة*** بارِقَةُ العِزَّةِ وَالكَرامَةِ
1187 نُورُ الهُدى وَالرُّشْد فِي جَبِينِهِ بَحْرُ النَّدَى وَالجُودِ فِي يَمِينِهِ
1188 بل هي بيضاء سَماءِ المَعرِفةِ*** بِها أَضاءَ كُلُّ اسْمٍ وَصِفَةٍ
1189 بَلْ يَدُهُ فِي البَسْطِ فَوْقَ كُل يَدِ*** وَكَيْفَ لا وَهِيَ يَدُاللهِ الأَحدِ
1190 كِلتا يَدَيْهِ مَبْدَءُ الآيادِي*** وفِيهِما نِهاية ُالمُرادِ
1191 فَفِي اليَمِينِ قَلَمُ العِنايَةِ*** وفِى الشِّمَالِ عَلَمُ الهِدايَةِ
1192 وَاليُمْنُ وَالآمانُ فِى يُمْناهُ*** وَاليُسْرُ وَاليَسارُ فِى يُسْراهُ
1193 وَعَيْنُهُ بأصِرَةُ البَصائِرِ *** وَنُورُهَا النَّافِذُ فِي الضَّمَائِرِ
1194 بَلْ عَيْنُهُ فِي النُّورِ وَالشُّعَاعِ*** إِنْسانُ عَين عالَمِ الإِبداعِ
1195 بَلْ هِي فِي الضّياءِ وَالبَهَاءِ *** قُرَّةُ عَيْنِ عالَمِ الأَسْمَاءِ
1196 آنفاسُه ُجَواهِرُ النَّاسُوتِ *** وَصَدْرُهُ خَزَانَةُ اللّاهوتِ
1197 وقَلْبُهُ فِي قالِبِ الإمكانِ*** كالرُّوح فى الأعْيانِ وَالأكوان
1198 وَكَيْفَ وَهُوَ أَعْظَمُ المَظَاهِرِ*** لِلْمُتَجَلَّى بِالجَمَالِ الباهِرِ
1199 هِمَّتُهُ فَوْقَ سَمواتِ الهِمَمِ *** بَلْ هِي كَالعَنْقاء في قافِ القِدم ِ
1200 وَعَزْمُهُ يَكادُ يُسْبِقُ القَضا*** كَيْفَ وَفِي رِضاهُ لِلَّهِ رِضاً
ص: 110
1201 وَهُوَ لَهُ وِلايَةُ الهِدايةِ *** فِى مُنتَهى مَراتِبِ الوِلايَةِ
1202 وهُوَ يُمَثَّلُ النَّبِيَّ الهادِى*** فِى بَثَّ (1) رُوحِ العِلْمِ وَالاِرْشادِ
1203 فَإِنَّهُ لِكُلّ قوم هادٍ***کَجَدّهِ المُنْذِرِ للعِبادِ
1204 بَلْ سِرُّهُ الخَفِيُّ فِي هِدايَتِهِ *** مُوصِلُ كُلّ مُمْكِن لِغايَتِهِ
1205 فَهُوَ لَهُ فِي مَسْنَدِ التَّمْكِينِ *** هدايَةُ التّشْرِيع والتَّكْوِينِ
1206 هُوَ النَّقِيُّ لَمْ يَزَلْ نَقِيّاً*** وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً
1207 بَلْ هُوَ مِنْ شَوائِبِ الإِمكانِ*** مُقدسٌ بِمُحْكَم البُرهانِ
1208 وَكَيْفَ وَهُوَ بَرْزَخ البرازِخ ِ*** وَدُونَهُ كُلُّ مقام ٍشامِخِ
1209 وَسِرُّهُ بِكُل مَعْناهُ نَقِيٌّ*** فَإِنَّهُ سِرُّ الوُجُودِ المُطلَقِ
1210فَهُوَ مُجَرَّدُ عَن القُيُودِ*** فَكَيْفَ بِالرُّسُومِ وَالحُدُودِ
1211 فَهُوَ نَقِيُّ السِّرِّ وَالسَّرِيرَةِ *** وَسِرُّ جَدّهِ بِحُكمِ السِّيّرِةِ
1212 وَهُوَ كِتابٌ لَيْسَ فِيهِ رَیِّب*** وشاهِدٌ فِيهِ تَجَلَّى الغَيْبُ
1213 وَكَيْفَ لا وَهُوَ ابْنُ مَنْ تَدَلّى(2)*** في قُرْبِهِ مِنَ العَلِيِّ الأعلى
1214 ما كذب الفؤادُ ما رَآهُ *** مُذْ بَلَغَ الشُّهُودَ مُنْتَهاهُ
1215 مِرآتُهُ نَقِيَّةٌ مِنَ الكَدّرِ *** فما طَغَى قَطُّ وَما زاغَ (3) البَصَرُ
(79)
1216 حاز مِن الجَلالِ والجمال*** ما جاوَزَ الحَدَّ مِنَ الكَمالِ
ص: 111
1217 كَمالُهُ لَيْسَ لَهُ نهاية *** فَانَهُ غايَة كُل غايَة ٍ
1218 وَفِي مُحِيطِ كُلِّ اسْمٍ وَصِفَةٍ*** هُوَ المَدارُ عِنْدَ أَهْلِ المَعْرِفَةِ
1219 ومِحْوَرُ الأفلاكِ بَلْ مُدِيرُها*** بل مِنهُ أَدنى آثَرٍ أَثِيرُها
1220 والعَرْشُ والسَّبْعُ العُلى بِبابِهِ *** مُثْنِيَةُ (1) العِطْفِ إلى أَعتابِهِ
1221 لَهُ مِنَ النُّعُوتِ والشُّؤُونِ *** ما جَلَّ أنْ يَخْطُرَ في الظُّنُّون ِ
(80 )
1222وبابه بابُ رَواقِ العَظَمَةِ *** وَمُسْتَجارُ الكعبة المُعظمة
1223 وَهُوَ مَطافُ المَلأ الأعلى كما *** تَطُوفُ بِالضُراحِ أملاك السَّما
1224 وبابُهُ كَعْبَةُ أهْلِ المَعْرِفَةِ ***لَهُمْ بها منايك موظفة
1225 وَهُوَ مِنى وَفِيهِ غايَةُ المُنى*** وَكَيْفَ لا وَهُوَ مَقام مَنْ دَنا
1226 فَاَيْنَ مِنْهُ الحِجْرُ وَالمَقامُ *** وَأَيْنَ مِنْهُ المَشْعَرُ الحَرامُ
1227 وَالحَرَمُ الأَمْنُ حَريمُ بابه*** وَالبَيْتُ مَنْسُوبٌ إلى جنابه
1228 مَلْجَأ كل ملةٍ وَنَحْلة*** وَهُوَ لأَرْباب القُلُوبِ قِبْلَةٌ
1229 مَلاذ كُلّ حاضِرٍ وَباد (2)*** وَكَيْفَ لا والباب باب الهادى
1230 بَلْ هُوَ بابُ اللهِ مَنْ آتَاهُ *** فقد أتى الله فما أعلاه
1231 وَلَسْتُ أحْصِي مَكْرُماتِ الهادى*** فانها في العَد كَالأَعْدادِ
1232 وُجُودُهُ الفَرْدُ مُقَومُ العَدَدِ *** فَهُوَ مِثال واحِدِيَّةِ الأحد
ص: 112
1233 مقامُهُ المَنِيعُ جَمْعُ الجَمْعِ(1)*** بمُحْكَمِ العَقْلِ وَحُكْمِ السَّمْعِ
1234 وَلَيْسَ يَدْنُو مِنْ مَقامِهِ العَلِيِّ*** لا مَلَكٌ ولا نَبِیٍّ أَو وَلِىٌّ
1235وَلَيْسَ فِي وُسْعِ نَبِيٌّ أَوْ مَلَكٍ *** نَيْلُ مَقامٍ دُونَهُ أَعْلَى الفَلَكِ
1236 لَهُ مَعارِجُ إلَى الصُّعُود*** في مُبْتَداها مُنْتَهى الشُّهُودِ
1237 إِذْ هُوَ سِرُّ مَنْ رَقِي(2) أَرْقاها *** ونألَ أقصَى العِزِّ مِن أَذناها
1238 لا يَرْتَقِيها اَحَدٌ سِواهٌ *** غايَةٌ سَيْرِ الغَيْرِ مُبْتَداهُ
1239 هِیَ المَقاماتُ فَما أَرقاها *** إذْ مُنْتَهَى السِّدْرَةِ مُبْتَداها
(81)
1240وَيْلٌ لِمَنْ مَشَاهُ فِي رِكابِهِ *** إسائَةٌ مِنْهُ إِلى جَنابِهِ
1241 وَهُوَ ابْنُ مَنْ أسرى بهِ الجَليلُ*** وَكانَ فِى رِكابِهِ جِبريلُ
1242 آبوهُ فارِسُ الوُجُودِ كُلِّهِ *** ورأمحُ السَّماءِ تَحْتَ ِظلُّه ِ
1243 أفِي رِكابِ العَبْدِ يمشى سَيِّدُهُ *** لا وَالَّذِي بِنَصْرِهِ يُؤَيَّدُهُ
1244 فَالنتَصَرَ اللهُ له ُبِالمُنْتَصِر*** و هكَذا أَخذُ عَزيزٍ مُقْتَدِرٍ
1245 وَكَمْ أساءَ المُتَوَكَّلُ الأَدَبَ*** أحْضَرَهُ عِندَ الشَّرابِ وَالطَّرَبِ
1246 وَهُوَ مِنَ السُّنَّةِ وَالكِتابِ *** منْزِلَةَ اللُّبِّ مِنَ اللُّبابِ
ص: 113
1247 أَهْذِهِ القَبائِحُ الشَّنِيعَةُ *** بمَحْضَرٍ مَنْ صاحِبُ الشَّرِيعَةِ
1248 أَيُطلَبُ الشّرْبُ مِنَ الاِمامِ *** وَهُوَ وَلِيُّ عِصْمَةِ الأَحْكامِ
1249 أیُطلضبُ الغِناءُ بِالأشعارِ***مِنْ مَعْدِنِ الحِكْمَةِ والأنوارِ
(82)
«خانُ الصَّعاليك» (1)
1250 انزلَهُ فِي أِشنِعِ المنازِلِ*** وفَخْرُ كُل مَنْزِلٍ بِالنَّازِلِ
1251 مَنْ هُوَ عِنْدَ رَبِّهِ مَكِينٌ *** فَلا عَلَيْهِ أَيْنَما يَكُونُ
1252 لهُ رِياضُ القُدْسِ مَأوى ومقر*** خانُ الصَّعالِيكَ غِطاء ٌلِلْبَصَرِ
1253 شاهَدَ مِنْهُ فِي بَنِي الرَّسُولِ *** مأكاد أنْ يَذْهَبُ بِالعُقُولِ
1254 وَكَمْ أَساءَ القَوْل فِي أَبِيهِ*** عَلِيِّ القَدْرِ وَفِي بَنِيِهِ
1255 حَتى انتَهَى الأمرُ إِلى الصِّدِّيقة*** فَاَظْهَرَ الكُفْرَ عَلَى الحَقِيقَةِ
1256 عاجَلَهُ (2)5 المُنتَقِمُ القّهارُ*** بِضَرْبَةٍ تَقْدَحُ (3) مِنْهَا النَّارُ
1257 فَانْهارَّ(4) فِي نارِ الجَحِيمِ المُؤْصَدَةِ(5)*** مُخَلَّداً في عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ
ص: 114
(83)
1258 قاسَى(1) الإمامُ مِنْ بَنِي العباس ِ*** ما لَيْسَ فِي الوَهْمِ وَفِي القِياسِ
1259كُمْ مَرَّةٍ مِنْ بَعْدِ مَرَّةٍ حُبِسَ*** وَهُوَ بِما يَراهُ مِنْهُمْ مُختبس
1260 حَتى قَضى بالغَمِّ عُمْراً كاملاً*** فَسَمَّهُ المُعتز سماً فاتلاً
1361 قضى شَهيداً فِي ديارِ الغُرْبَةِ*** فِى شِدَّةٍ وَمِحْنَةٍ وَكُرْبَةٍ
(84 )
1262 بَكَتْهُ عَيْنُ الرُّشْدِ والهداية *** حَيْثُ هَوى مِنْها اَجَل رأيَةٍ
1263 بَكَتْهُ عَيْنُ العِلْمِ وَالآدابِ *** وَمُحْكَمِ السُّنَّة والكِتاب ِ
1264 بَكَتْهُ عَيْنُ الفَلَكِ الدَّوارِ *** حُزناً عَلَى المُدِير والمَدارِ
1265 بَكاهُ آدَمُ الصَّفِيُّ مُذْ مَضى*** صَفاءُ وَجْهِ الدَّهْرِ وَاسْوَدَّ الفَضا
1266 وناحَ نُوحٌ لِعَظيمِ شَأْنِهِ *** حَيْثُ رَأى أعْظَمَ مِنْ طُوفانه
1367وَرُزُؤُهُ الجليلُ فِي الخَليلِ ***رَماه ُبِالبُكاءِ والعَويلِ(2)
1368 لَقَدْ بَكَى الكَلِيمُ حَتَّى صُعِقا (3) *** كَأَنَّ رُوحَه ُتَحاوَلَ(4) اللِّقا
ص: 115
1269 مِنْ رَنّةِ (1)المَسِيحِ فِي السَّمَاءِ ***أرْجاؤُها تَرْتَجُ (2) بِالبُكاءِ
1270 يَكاهُ جَدُّهُ النَّبِيُّ المُجْتَبى*** كَأَنَّهُ ضِياءُ عَيْنِهِ خَبَا
1271 بَكَتْهُ أَعْيُنُ البُدُورِ النَّيّرَةِ *** آباؤُهُ الغُرَّ الكِرامُ البَررَةُ
1272 بَكاهُ كُلُّ ما سِوَى اللهِ عَلى*** مُصابِهِ حَتَّى الوُحُوشِ فِي الفَلا (3)
ص: 116
(85)
1273 لقَدْ بَدأ سِرُّ المَلِيكِ الأَكْبَر*** في قائدِ الحَقِّ الزَّكى العَسْكَرِىِّ
1274 سِرُّ النَّبِيِّ فِي مَحاسِنِ الشَّيَمِ(1)*** (وَمَنْ يُشابِهُ آبَهُ فَما ظَلَمَ)
1275 بَلْ هُوَ فِي كُلِّ مَعَانِيهِ حَسَنٌ *** فَإِنَّهُ سِرُّ النَّبِي المُؤتَمَنِ
1276 بَلْ فِيهِ سِرُّ الحَقِّ بِالحَقِّ نَزَلَ *** إذْ هُوَ مُسْتَوْدَعُ ناموس الأزلِ
1277وَأَصْلُه فاتِحَةُ الوُجُودِ*** وَفَرْعُهُ خاتِمَةُ الشُّهُودِ
1278 وَقَدْ تَجَلَّى نُورُ وَجْهِهِ الحَسَنِ *** فَانْدَكَّ فِيهِ الطُّورُ وَالنُّورُ وَلَنْ
1279 وَكَيْفَ وَهُوَ أَعْظَمُ الأنوارِ*** وَكَيْفَ وَهُوَ نُورُ وَجْهِ البارِى
(86)
1280 آسماؤُهُ الحُسْنى تَجَلَّتْ فِيهِ *** نَفْسِي الفِدا لِوَجْهِهِ الوَجِيهِ
1281 بَلْ اسْمُهُ الأَعْظَمُ قَدْ تَجَلَّى*** فِيهِ فَإِنَّهُ ابْنُ مَنْ تَدَلىّ
ص: 117
1282 یمَثْلُ الواجِبَ فِي صِفاتِهِ *** كَيْفَ وَغَيْبُ الذَّاتِ سِرُّ ذاتِهِ
1283 هُوَ الزَّكَى فِي عُلُوّ الشَّأْنِ *** عَنْ وَصْمَةِ (1)الحُدُوثِ وَالإمكانِ
1284 و مُطلَقُ الوُجُودِ عَنْ قُيُودِها ***وَعَنْ رُسُومِها وَعَنْ حُدُودِها
1285 وَذَاتُهُ فِي مُصْحَفِ الآياتِ *** اُمُّ الكِتابِ في سُمُوّ الذَّاتِ
1286 وَهُوَ أَبُو العُقُولِ بِالْكُلّيّةِ *** وَكُلُّها فِى ذاتِهِ مَطوِيَّةٌ
1287 إِذْ هُوَ كَاللَّطِيفَةِ القُدْسِيَّةِ *** من الحَقِيقَةِ المُحَمَّدِيَّة
1288 وَوَجْهُهُ كِتابُ حُسْنِ ذاتِهِ ***وَفِهرِسُ الأسماءِ فِي صِفاتِهِ
1289 غُرَّتُه شارِقَةُ الجَمال *** اَلحاظُهُ(2)بارقَةُ الجَلالِ
1290 وَجَنَّةُ النَّعِيمِ فِي وَجْنَتِهِ ***كُلُّ نَعِيمٍ هُوَ فِي جَنَّتِهِ
1291 وَعَيْنُهُ عَيْنُ عُيُونِ النُّورِ*** تَمَثَّلُ البَصِيرِ بِالأُمُورِ
1292وَعِنْدَ نُورِها المُحِيطِ القاهِرِ*** سِيّانَ كُلُّ باطِنٍ وَظَاهِرٍ
1293 يُمَثلُ الكَثر الخَفِيِّ صَدرُهُ *** فَجَل شَأنُهُ وَعَزَّ قَدْرُهُ
1294 وَقَلْبُهُ مِشْكاةُ نُورِ الذّاتِ *** مجَرِّداً عَنِ التَّعَيُّناتش
1295 وَفِى تَجَلّيّاتِهِ مَجْلاهُ*** فَما أجَلَهُ وَما اَجلاهُ
1296 وَالغَيْبُ فِي مُحِيطِهِ شُهُودٌ *** لأبل هُوَ الشَّاهِدُ والمَشْهُودُ
1297 وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الغَيْبِ وَفِي*** كتابه المُبِينِ كُلُّ الأَحْرُفِ
1298فيه الحُرُوفُ العالياتُ (3)کالنُّقطِ *** ولأسِواهُ نَقْطَةُ المَرْكَر قَط
1299 فَإِنَّهُ كَالنَّفْسِ الرَّحْمَانِي*** فى كَلِماتِ عالمِ الإمكانِ
ص: 118
1300لطائف الأسرارِ في لطيفَتِهِ*** دقائق الأفكار في صَحِيفَتِهِ
1301حَبّتُهُ بَذرُ ثِمارِ المَعْرِفَةِ*** بها تَدَلّى(1) كُلُّ اِسْم وَصِفَةٍ
1302 وَفِى سُوَيْداهُ(2) بياضُ النُّور*** يَفُوقُ نُورَ الطُّورِ في الظُّهُورِ
1303 لسانُه هُوَ الكِتابُ النَّاطِقُ *** وتنجلىِ بِنُورِهِ الحَقائِقُ
1304 لسانُهُ النَّاطِقُ بِالصّوابِ*** مَعْرِفَةُ السُّنَّةِ والكتاب
1305 بَلْ هُوَ فِي حِفْظِ حُدُودِ السُّنَّةِ *** احَدُّ (3)مِنْ الْسِنَةِ الاسِنَّةِ
1306رسُومُها بِرَأيَهِ السَّدِيدِ*** قَدْ أَصْبَحَتْ أَقوى مِنَ الحَدِيدِ
1307 لأبلْ لِسانُ الوَحْيِ وَالتَّنْزِيلِ *** يُغْنِي سَماعُهُ عَنِ الدِّلِيلِ
1308 فَهُوَ لِسانُ خاتم الرسالة*** فِى النُطقِ والبَيانِ والدِّلالَةِ
1309 مَقامُهُ مِنَ النَّبِيِّ السّامِي*** مَنْزِلَةَ المَعْنى مِنَ الكَلامِ
1310 لَهُ مَقامُ لِى(4) مَعَ اللهِ وَلا*** اَرْفَعَ مِنْهُ فِي مَقاماتِ العُلا
1311 مَنْطِقُهُ مَنْطِقَةُ السَّماءِ*** فِي عَالمِ الصِّفاتِ والأَسماءش
1312 مَنْطِقُهُ البليغُ فِي المَعارِف*** ميزانُ كُلِّ سألِكٍ وعارِفٍ
1313 بَلْ هُوَ فِي بَيانِهِ الوَحِيدِ*** رُوحُ الهُدى وَمُهْجَةُ التوحِيد
1314 إِذْ هُو سر المُرتضى أبيه *** وَنُقْطَةُ الباءِ تَجَلَّتْ فِيهِ
1315 فَهُوَ قوامُ الصُّحُفِ المُنزَّلَة *** وَمُجْمَلُ الصَّحائف المُفَصَّلة
1316 لأبلْ تَجَلَّى اللهُ في كَلامِهِ *** فَإِنَّهُ النَّازِلُ مِنْ مَقامِهِ
1317 إذ ذاتُهُ مِرْآةُ غَيْبِ الذَّاتِ *** تَحُلُّ فِيهِ صُوَرُ الصِّفاتِ
ص: 119
1318 مَنطقُهُ كثرُ جَواهِرٍ الكَلِم *** وَالجَوْهَرُ الفَرْدُ هُناكَ يَنْقَسِمُ
1319 كُلُّ كَلامِه أُصُولُ الحِكْمَةِ *** فُرُوعُها جَوامِعُ مُهمَّةٌ
1320 وَالكُلُّ أُمُّ الكَلِمِ الطَّيِّبِ فِى *** وَحْدَتِهِ فَيالَهُ مِنْ شَرَفِ
1321 كَيْفَ وَأُمُّ الكَلِماتِ ذاتُهُ *** حياةُ كُلِّ مُمْكِن حَياتُهُ
1322 فَالْمُبْدَعاتُ مِنْ بَدِيعِ جُودِهِ*** بَلْ كُل ما فِي الكُونِ مِنْ وُجُودِهِ
1323 وَالفَلَكُ الأَعلى يَدُورُ حَوْلَهُ *** كَالْعَبْدِ يَرْجُو فَضْلَهُ وَطَوْلَهُ
1324 وَالبَدْرُ تَمْثالُ لِظِّلِّ بابِهِ*** وَالشَّمْسُ خَدُّها عَلى تُرابِهِ
1325 لَهُ مِنَ المَعْرُوفِ وَالآيادِى*** ماهُوَ مَعْرُوفٌ بِكُلِّ نادِى
1326 بَل عالَمُ الوُجُودِ مِنْ خَيْراتِهِ*** وَكَيْفَ وَالخَيْرُ حَلِيفٌ(1) ذاتِهِ
1327 إِذْ يَدُهُ البيضاءُ بِالْإِعْطاء*** حَقّاً يَدُ الباسِطِ بِالْعَطاءِ
1328وَهِيَ يَدُ الإِحْسانِ وَالإِنْعامِ*** بَلْ يَدُ ذِي الجَلالِ وَالإكْرامِ
1329تلك یَداللهِ فَماً أَقواها*** والأَبحرُ السَّبْعَةُ مِن نِداها
1330 فَلَيْسَ فَوقَها يَدُ فِي الجُودِ*** والجُودُ جُود واجِبٍ الوُجُودِ
(87)
1331 لَهُ مِنَ العُلُومِ وَالمَعارف *** ما جَلَّ عَنْ تَوْصِيف اَىِّ واصِفٍ
1332 رَغماً لِمَنْ اَكَرَهُ وَلَمْ يُحِط*** خَيْراً بِما رَوَوهُ عَنْهُ وَضْبطَ
1333 وَكَيْفَ وَهُوَ حُجَّةُ اللهِ عَلى*** عِبادِهِ فَجَلَ عَنْ أنْ يُجْهَلاً
ص: 120
1334 وَعِلْمُهُ تُراثُهُ مِن جَدَّهِ*** لا أَنهُ بِكَسْبِه وَجِدهِ
1335 وَهُوَ أَمِينُ اللهِ فِى الاناءِ *** وَصَدْرُهُ مُسْتَودَعُ الأَحْكامِ
1336 وَقَلْبُهُ مِرآة ذاتِ البارِى*** فِی سِرِّهِ لَطائِفُ الأسرارِ
1337 أَصابَ مِنْ لَدُنْهُ عِلْماً جَمّاً *** وَلا تَرى كَيْفاً لَهُ وَكَمّاً
1338كَيْفَ وَلا حَدَّ لِعِلْمِ البَارِى *** والسِّرُّ فِي المَجلَى الأَتمَّ سارٍ
1339 كُلُّ عُلُومِ الأَنْبِياءِ وَالرُّسُلِ *** مِنْ عِلْمِهِ مِثلُ الظَّلالِ والمُثُلِ
1340 وَالفَرْعُ رَشْحُ(1) الأَصْلِ فِي ظُهُورِهِ *** ذاتاً وَوَصْفاً فَهُوَ ظِلُّ نُورِهِ
1341 ذُواتُها مِنْ رَشَحاتِ ذاتِهِ *** فماً صِفاتُ الكُلِّ مِنْ صِفاتِهِ
1342 لَهُ مَقامُ فِي العُلُومِ وَالحِكَمِ *** يَجِلُ عَنْ حِيطَةِ لَوْحٍ أَوْ قَلَمٍ
1343 لَهُ مَقامٌ فِى الشُّهُودِ وَالفَنا *** يُمَثَّلُ المَشْهُودَ فِي إِنِّي أَنَا
1344 يُمَثْلُ النَّبِيَّ فِي أَدْنَاهُ *** صُورَتُهُ تُنبِيُّ عَنْ مَعْناهُ
1345حازَ مِنَ النَّبِيِّ كُلَّ مَكْرُمَةٍ*** فَهِى لَهُ بِكُلِّ مَعْنَى الكَلِمَةِ
1346 فاز بِأَقصى رُتَبِ الوِلايَة *** وِلأيَّةِ الإِرشادِ والهِدايَةِ
1347 وِلايَة ِالتَشرِيعِ والتَّكْوِينِ*** أكْرِمْ بِهَذَا العِزّ وَالتَّمْكِينِ
(88)
1348 وَهُوَ أَبو المَهْدِى وَابْنُ الهَادِى*** فلا أَحَقَّ مِنهُ بِالإرشادِ
1349 لَطِيفَةُ النَّبِي عِلةُ العِللِ*** وأسطَةُ الفَيْضِ وَإِنْ دَقَّ وَجَلَّ
ص: 121
1350 ليْسَ لِفَضْلِهِ المُبِينِ كاتِمٌ***مَبدأُهُ ومُنتهاهُ الخاتِمُ
1351 فَهُوَ سليلُ خاتِمِ الرِّسالَةِ *** وَصاحِبِ الرّفْعَةِ وَالجَلالَةِ
1352 وَهُوَ أبو الخاتِمِ لِلوِلايَةِ*** مَنْ هُوَ مَأْمُولٌ لِكُلِّ غايَةٍ
1353 قاسى عَظِيماً فِي عَظِيمٍ شَأْنِهِ*** مِنْ خُلَفَاءِ الجَوْرِ فِي زَمَانِهِ
(89)
1354 حَتَّى إذا أَلقِيَ فِي السِّباعِ(1)***وَهُوَ ابْنُ لَيْث غابة الإبداع
1355شِبْلُ عَلِيٌّ أَسَدِ اللهِ وَلا*** يرى لديه الأسدُ الأ مَثلاً
1356 وَكَيْفَ وَهُوَ مالِكُ الأَرْواحِ*** بِأَمْرِهِ تَحْلُ في الأَشباحِ
1357تطايَرَتْ(2) اَرْواحُهَا لِهَيْبَتِهِ*** وَاضْطَرَبَتْ أَشْياحُهَا مِنْ خِيفَتِهِ
1358 وَكَمْ رَأى فِي عُمْرِهِ القَصِيرِ*** مِنْهُمْ مِنَ التَّوْهِينِ وَالتَّحْقِيرِ
1359 أَيُطلَبُ الأَسْراجُ - (3) وَالأَلْجامُ*** لِلْبَغْلِ مِنْهُ وَهُوَ الاِمامُ
ص: 122
1360 فَتَبّرَ اللهُ(1) بِهِ أَعْمَارَهُمْ ***كَما مَحَى مِنْ بَعْدِهِمْ آثارَهُمْ
1361حَتَّى قَضَى العُمْرَ بِما يُقاسِي(2)*** فَسَمَّهُ المُعْتَمِدُ العَبّاسِي
1362 قَضى عَلى شَبابِهِ مَسْمُوماً*** مُضْطَهَداً (3) مُحْتَسَباً مَظْلُوماً
1363فناحَتِ الحُورُ عَلى شَبابِهِ*** وَصَبَّتِ الدُّمُوعِ فِي مُصابِهِ
1364 تَضَعْضَعَتْ (4)لِرُزْثْهِ السَّبْعُ العُلا*** وَالمَلأُ الأَعلى تَحيبُهُ عَلى
1365 وَانصَّدَعَتْ (5) لِرُزْثْهِ الجبال*** كانه الساعَةُ وَالأَهوالُ
1366 لَوْ لَمْ يَكُنْ بَقِيَّةُ اللهِ لَما *** رَأَيْتَ فِى الوُجُودِ اَرْضاً وَسَماً
1367 بَكَتهُ عَيْنُ الحَقِّ وَالحَقِيقَةِ*** وشِرعَةُ المُختارِ وَالطَّرِيقَةِ
1368 لِرُزْثْهِ اقْشَعَرَّتِ الأَظِلَّةُ *** بَكاهُ كُلُّ مِلَّةٍ ونِحلةٍ
1369 لَقَدْ بَكَاهُ الرُّوحُ وَالأرْواحُ*** لِما اسْتَحَلُّوا مِنْهُ وَاسْتَباحُوا
1370 صَبراً جَميلاً أَيُّهَا المُؤمَّلُ ***وَالصَّبْرُ فِى الرُزْءِ الجَلِيل أَجْمَلُ
1371 وَاَحْسَنَ اللهُ لكَ العَزاء فِى*** مصِيبَةٍ لَيْسَ لَها مِنْ خَلَفٍ
1372يا حُجَّةَ اللهِ وَخاتِمِ الحُجَج*** أغِث مَواليكَ إِلى مَتَى الفَرَجُ
ص: 123
(90)
1373 قَدْ حَازَ شَعْبَانُ عَظِيمَ الشَّرَفِ *** مِنْ مَعْدِنِ اللُّطْفِ الجَلِي وَالخَفِيّ
1374 فَقَدْ تَجَلّى فِيهِ وَجهُ البارِى *** بنُورِهِ القاهِرِ للأَنوارِ
1375 وَاَىُّ نورٍ هُوَ نُورُ النُّورِ*** يَنْدَكُ فِي سَناهُ نُورُ الطُّورِ
1376 أَشْرَقَ نُورٌ مِنْ سَماءِ الذَّاتِ *** تَجْلُوبِهِ حَقائِقُ الصِّفاتِ
1377نُورُ الوِلاية ِالمُحَمَّديَةِ***فِى أَعظَمِ المَظاهِرِ العِلّيَةِ
1378 بِهِ اسْتَنارَ عالُم الإمْكَانِ*** بَلْ نَشْأَةُ الثُبُوتِ لِلأَعْيانِ
1379 أَشْرَقَ كَالشَّمْسِ ضُحَى النَّهارِ*** مِنْ مُسْتَسِرِّ عالَمِ الأَسرارِ
1380 أَكْرِمْ بِهِ مِنْ غَائِبٍ مَشْهُودٍ*** بَدامِنَ الغَيْبِ إِلَى الشُّهُودِ
1381 لَيْس سِواهُ نَيّرٌ مُغَيِّبٌ *** فَهُوَ عَنِ الغَيْبِ المَصُونِ يُعْرِبُ
ص: 124
(91)
1382 غُرَّتُهُ قُرَّةٌ عَيْنِ المَعْرِفَةِ*** حقِيقَةُ الحَقِّ بها مُنْكَشِفَةٌ
1383 تُشْرِقُ مِنْ طَلْعَتِهِ شَمْسُ الأَبَدِ*** لَيسَ لَها حَدٌ ولالَها اَمَدٌ
1384 وَكَيْفَ وَهُوَ خاتِمُ الوِلايَةِ*** فَهَلْ لِغايَةِ الكَمالِ غايَة ُ
1385 وَوَجْهُهُ المُضِيءُ مِصْبَاحُ الهُدى*** يزدادُ نُوراً وضِياءُ أَبداً
1386 وَالكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ فِي السَّمَاءِ*** مِشْكاةُ ذاكَ النُّورِ والضّياءِ
1387 وَاللهُ كُلَّ ما يَشاءُ یَهْدِى*** بِنُورِهِ وَالنُّورُ نُورُ المَهْدِى
1388 وَصَدْرُهُ كَنزُ جَواهِرِ الحِكَمِ *** مَعْدِنُ أَسْرارِ الحُدوثِ وَالقِدَمِ
1389 وَقَلْبُهُ مُقَلّبُ القُلُوبِ*** وَعِندَهُ مَفاتِحُ الغُيُوبِ
1390 وَعَيْتُهُ مِرآة غَيْب الذّاتِ *** عَيْناً بِلا تَعَيُّنِ الصِفاتِ
1391 لِسانُهُ ناطِقَةُ الوُجُودِ*** مُعَرَّفُ الرُّسوم والحدودِ
1392 وَكَيْفَ لَا وَهُوَ لِسانُ البَارِى*** يُنْبِيُّ عَنْ حَقائقِ الأَسْرارِ
1393 وَاليُمْنُ كُلَّ اليُمْنِ فِي جَبِينه*** وَالخَيْرُكُلُ الخَيْرِ فِي يَمِينِهِ
(92)
1394 وَهُوَ وَلِيُّ الأَمرِ لاسِواهُ*** ومَبْدَءُ الخَيرِ ومُنتَهاهُ
1395 وَمَصْدَرُ الوُجُودِ فِي البِدايَةِ*** وَغايةُ الإيجادِ فِى النِهايَةِ
ص: 125
1396كَلَّ لِسانُ المَدْحَ عَنْ جَلالِهِ*** وأَبهَرَ(1) العُقُولُ فِى جَمالُهُ
1397 بِذلِكَ الجَلالِ وَالجَمالِ*** قَدْ خُتِمَتْ دائِرةُ الكَمالِ
(93)
1398 بُشراكَ يا فاتِحَة الوُجُودِ ***بِخاتِمِ الوِلايَةِ المَوعُودِ
1399 رَبِّ المَعالِي وَرَبِيبِ المَجْدِ*** وَوارِثِ المَجْدِ أَبا عَنْ جَدٌ
1400رُوحِ الهُدى عَقلِ العُقُولِ الشَّامِخَةِ*** قلْبِ التَّقى نَفْسِ النُّفُوسِ الباذِخَةِ(2)
1401 وَمُلْتَقَى القَوْسَينِ فِي الوُجُودِ*** ومَرْكَزِ المُحِيطِ فِي الشُّهُودِ
1402 هُوَ المَدارُ بَلْ هُوَ المُدِيرُ*** بامْرِهِ التَّقْدِيرُ وَالتَّدْبِيرُ
1403 وَعالَمُ الإبْداعِ تَحْتَ أَمْرِهِ *** وَنَشْأَةُ التَّكوِينِ دُونَ قَدْرِهِ
1404 وَالقَلَمُ الأعلى لِسانُ حالِهِ*** وَاللَّوْحُ كَالعِنْوانٍ مِنْ كَمَالِهِ
1405بقيَّةُ اللهِ وَصَفْوَةُ الرُّسُل***وَنُخْبَةُ الوُجُودِ ما شِئتَ فَقُلْ
1406 لَكَ الهَنا يا سَيِّد البَرايا *** بِمأ حَباكَ وأهِبُ العَطايا
1407بالجَوْهَرِ الفَرْدِ مِن الجَواهِرِ *** فِي الحُسنِ والكَمالِ والمَفاخِرِ
1408 وَالمَقْصَدِ الأَقْصَى مِنَ الإيجادِ*** والغايَةِ القُصوى مِنَ المَبادِى
1409 لَطيفَةِ اللّطائِفِ القُدسِيَّة *** صَحِيفَةِ الفَضائِلِ النَّفْسِيَّةِ
1410 نَتيجَةِ النُّفُوسِ وَالعُقُولِ*** فِى قَوْسَيِ الصُّعُودِ وَالنُّزُول ِ
ص: 126
1411 مِنْ جَنَّةِ الأسماءِ أَسمى شَجَرَةٍ*** لِدَوحةِ الوُجُودِ أَزْكَى ثَمَرَةٍ
1412تَطَّوُرُ الوُجُودِ فِي ادْوارِهِ*** فَجاءَ بِالأكْمَلِ مِنْ أَطوارِهِ
1413 وَجَاءَتِ القُوى فِي الاسْتِكْمالِ*** بِصُورَةٍ جَلَّتْ عَنِ المِثالِ
1414 فَإِنَّها حَقيقَةُ الحضقائِقِ *** جامِعَةُ كُلِّ كَمالٍ لأئِقٍ
(94)
1415بُشراك يا أبا الأئِمَّةِ الغُرّرِ*** بِغُرَّةِ الدَّهْرِ وَدُرَّةِ الدُّرَرِ
1416 غُرَّتُهُ بَهْجَةُ مُهْجَةِ الهُدى *** فَما أجَلَّ المُنْتَهى وَالمُبْتَدا
1417ناشِرِ رايَةِ الهُدى بِهِمتِهِ*** كأسِرِ شَوْكَةِ العِدى بِصَوْلَتِهِ
1418 سَطوَتُهُ تَغْضِى عَلى كُلِّ اَحَدٍ*** فَإِنَّ هذا الشبل من ذاك الأسد
1419 وَهُوَ مُعِيدُ الملة البَيضاءِ *** مُجَدِّدُ الشَّرِيعَةِ الغَراءِ
1420 وناظِمُ الدِّينِ نِظاماً حَسَناً *** وَمَنْ بِهِ الحَقُّ يَعُودُ بَيِّناً
1421 وَهَل سِواهُ قائِمٌ بِالقِسطِ*** وَباسطُ العَدْلِ بأَوفى بَسط ٍ
1422وَلَيْسَ لِلّهِ يَد سِوى يَدِهِ *** ولا لِجَمْعِ الكُفْرِ غَيْرُ مُفْرَدِهِ
1422 ولا سِواهُ جامِعٌ لِلشَّمْلِ*** والحاكِمُ العَدْلُ بِقَوْلٍ فَصل ٍ
(90)
1424 بُشراكَ أَيُّهَا الزَّكِيُ العَسكَريّ*** بِالمَلِكِ المُهَيْمَنِ(1)المُقْتَدِرِ
ص: 127
1425 سُلطانِ إقليمِ الوُجُودِ كُلِّهِ ***وَكُلُّ شَيءٍ هُوَ تَحْتَ ظِلِّهِ
1426 وَصاحِبِ الفَتْحِ وَناشِرِ اللِّوا*** وَالمَلِكِ الَّذِى عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى
1427 عَرْشِ الخِلافَةِ المُحَمَّدِيَّةِ *** بَلْ مُسْتَوَى الحَقِيقَةِ الكُلّيّة
1428 أكْرِمْ بِهَذَا المَلِكِ المُطاعِ*** فِى نَشْأَةِ التَّكْوِينِ وَالإبْداعِ
1429 خَلِيفَةِ المُبْدِيِ فِى الإفضالِ*** فِى مُنْتَهَى العَدْلِ وَالاعْتِدالِ
1430 وَالمَلَكُوتُ كُلُّها طَوْعُ يَدِهِ *** وَالمُلْكُ كَالمَمْلُوكِ عِنْدَ سَيّدِهِ
1431فاتِحِ بابِ الجُودِ وَ الأَيادِى*** وخاتَمِ الأَمْجَادِ فِي الإِرْشادِ
1432 لَطِيفَةِ العِلْمِ وَرُوحِ الحِكْمَةِ*** وَمَعْدِنِ الحِلْمِ وَعَيْنِ الرَّحْمَةِ
1433 كَهْف الوَرى والغَوثِ عِندَ الإلتِجا*** وفِي فِناءِ بابِهِ كُلُّ الرَجا
(96)
1434يا غائباً مِثالُهُ عِيانُهُ*** اِنْهَضْ عَلَى اسْمِ اللهِ جَلَّ شَأْنُهُ
1435يا كَعْبَةَ التَّوْحِيدِ مِنْ جَورِ العِدى ***تَهَدَّمَتْ وَاللهِ أَرْكانُ الهُدى
1436 يا صاحِبَ البَيْتِ وَمُسْتَجارَهُ ***أَلا تَرى قَدْ هَتَكُوا أَستارَه ُ
1437يا شَرَفَ المَشاعِرِ العِظامِ *** عَطفاً عَلى شَعَائِرِ الإِسْلامِ
1438يا غايَة َالآمالِ يا أقصَى المُنى***نَهْضاً مَتى تَحْلُ فِي وأدِى مِنى
1439يا دَوْحَةَ المَجْدِ العَظِيم شَأْنُها *** لَهْفِى لَها تَقَطَّعَتْ أغصانُها
1440 مَتى نَراها والقُطُوفُ (1) دانية*** مَتى تَراها والثِّمارُ زاكِيَةٌ
ص: 128
1441يا أَيُّهَا القَصْرُ المَشِيدُ السّامِي*** كَيْفَ دَهاكَ (1)حادِثُ الإمامِ
1442 حَتى تَداعَى(2)مِنْكَ مَا يَسْمُو عَلَى*** سَمكِ(3)الضُراحِ والسَّمواتِ العُلى
1443 مَتى نَراكَ بَعدَ طولِ المُدَّةِ *** مُشَيَّداً(4) بِعِدَّةٍ وَعُدَة ٍ
(97)
1444الْغَوْثَ أَيُّهَا الكِتابُ النَّاطِقُ *** فَالْحَرْبُ قَدْ بانَتْ لَها الحَقائِقُ
1445 نَهضاً فَقَدْ آلَتْ (5)إِلَى الخَرابِ*** مَعاهِدُ السُّنَّةِ وَالكِتابِ
1446 تَكادُ أَن تُطفِئَ ظُلْمَةُ الفِتَنِ*** نُورَ مَصابِيحِ الفُرُوضِ وَالسُّنَنِ
1447 اُنشُرلِواكَ اَيُّهَا المَوْتُورُ*** فَإِنَّكَ المُؤيَّدُ المَنْصُورُ
1448وَقُمْ بِعَزمَةٍ تُسابِقُ القَضا*** وَسَطوَةٍ تُثِيرُ فِي وَجْهِ الفَضا
1449 ثُمَّ املَأ ِالبَيداءِ مِن عِرابِها(6)*** وَصُل(7)بِها فَاَنتَ لَیْثُ غابِها
1450وَزَلْزِلِ الأَرْضَ بِها زِلْزَالَها *** تَذَكَّرِ السَّاعَةَ فِي أَهْوالِها
ص: 129
(98)
1451 اُنشُر لِواكَ يا وَلِى الثّارِ*** فَلَيْسَ لِلْغَيُورِ مِن قَرارٍ
1452 فَقَدْ أزِيلَ الحَقُّ عَنْ مَراتِبِهِ ***وَانْتَشَرَ الباطِلُ فِي مَذاهِبِهِ
1453لَمْ يَبْقَ لِلإسْلامِ إِلاّ الإِسمُ*** وَلا مِنَ القُرآنِ إِلَّا الرَّسْمُ
1454 وَانتَ بِالَّذِى أَصابَ العِترَةَ ***أَعْرَفُ فَهُوَ لَيْسَ يُحْصى كَثْرَةٌ
1455 فَاسْتَلَبُوا الإِمْرَةَ وَالوِلايَة َ*** قِدماً مِنَ المَنْصُوصِ بالِوصايَةِ
1456ثُمَّ بَنَوا قواعِدَ الرّسالَةِ *** عَلى أَساسِ البَغْيِ وَالضَّلالَةِ
1457 وَكَيْفَ لا وابنُ أبي قُحافَةَ *** بِبَغْيِهِمْ تَقَمَّصَ الخِلافَةَ
1458 أَيُرْتَجَي الخَيْرُ مِنَ العَتِيقِ *** الكاذِبِ المعروفِ بِالصِّدِّيقِ
1459 أوِ الصّهاكِيِّ وَسُوءِ فِطْرَتِهِ ***أوِ ابْن عَفّانِ قَتيلِ بَطنَتِهِ
1460 أمْ كَيْفَ يُرْجَى الخَيْرُ مِنْ أُمَيَّةَ*** هَلْ تَلِدُ الحَيَّةُ إِلا الحَيَّةَ
1461 لَمْ تَبْقَ مِنْ دِينِ النَّبِيِّ باقِيَةَ *** لَمَّا انتَهَى إلى يَزِيدَ الطَّاغِيَةِ
1462 وَكَيْفَ يَبْقَى الدِّينُ وَالعَمِيدُ*** رَأسُ الفُجُورِ وَالخَنا(1) يَزِيدُ
1463 يزِيدُهُمْ كُفْراً وَطُغْياناً وَلا*** مَزِيدَ فِى الدَّهْرِ عَلى ما فَعَلاً
1464وَشَاعَ عَنْ ذاكَ اللَّعِينِ فِي الأَزَلِ*** لا خَبَرٌ جاءَ وَلا وَحْيٌ نَزَلَ
1465 وقال أَيُّهَا الإمامُ المُنتَقِم*** وَلَسْتُ مِنْ خِنْدِفٍ (2) إِنْ لَمْ أَنْتَقِمْ
ص: 130
1466وَكَمْ دَمٍ آَراقَهُ مُهَنَّدُهُ (1)*** وَحَرَّةٍ (2)أبرزها شلَّتْ يَدُهُ
1467 وَكَيْفَ تُسبِى حَرَمُ المُخْتَارِ*** ودائِعُ الله عَلَى الأَکوارِ-(3)
1468 وَحَمْلُ رَأسِ المَجْدِ والمَعالِى*** عَلَى العَوالِى أَشْنَعُ الأَفْعَالِ
1469 وَازْدادَ ذلِك الأَساسُ شَرٌاً*** فِى كُل يَوْمٍ وَهَلُمَّ جَرًا
1470 أبعْدَ هَذَا لِلْغَیُورِ صَبْرٌ*** وَهَلْ لِذاكَ الكَسْرِ بَعْدُ جَبْرٌ
(99)
«يا لَثارأتِ النَّبِيِّ الهَادِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ»
1471فَيا لَثاراتِ(4)النّبِيِّ الهادِي*** فِي دِينِهِ وَآلِهِ الأَمْجادِ
1472يا صاحِبَ الأمْرِ اغِثْ دِينَ الهُدى*** فَأَنتَ مَنْصُورٌ عَلى مَنِ اعْتَدى
1473 يا صاحِبَ العَصْرِ لَقَدْ طال المَدى*** أماً لِسَيفِ اللهِ أن يُجرَّداً
1474 يا أَيُّهَا القَائِمُ بِالقِسْطِ أَقِمْ*** وَجْهَكَ لِلدِّينِ الحَنيفِ وَانْتَقِمْ
1475 لِدِينِ آبائِكَ مِن أعدائِهِ***بعَضْبِكَ العادِلِ في قضائِهِ
1476وَطَهِّرِ الأَرْضَ مِنْ الأرْجاسِ*** بِسَطوَةٍ تُزَلْزِلُ الرَّوَاسِى
1477 وَما جَناهُ الجِبْتُ(5)وَالطَّاغُوتُ *** فَهُوَ عَلى مِثْلِكَ لايَفُوتُ
1478 مَتى نَرى سَيْفَكَ فِي الرّقابِ ***كَانَّهُ صاعِقَةُ العَذابِ
ص: 131
1479 مَتى نَرى بوارق السُّيُوفِ *** كَانَّها تَبْرُقُ بِالحُتُوفِ (1)
1480مَتى نَرى كمُاة(2) آلِ غالِبٍ*** تَصُولُ (3)كَاللَّيْثِ عَلَى الثّعَالِبِ
1481 مَتى نَرَى خَيْلَكَ تَمْلَأُ الفَضا *** تَخالُهُمْ أمْضَى المَواضِي لِلقَضا
1482 مَتى نَراكَ مُدْرِكاً لِلثّار*** رتَبْتُرُ (4)الأَعْمارَ بِالبّتّارِ
1483 تُحيي بِهِ العِبادُ والبِلادُ *** تُشفى بِهِ الصُّدُورُ والأَكبادُ
1484 مَتى نَرَى مَنْهَلكَ(5)العَذْبَ الرَّوِيَّ ***مِنْ بَعْدِ أَنْ طَالَ الصَّدى فَنَرتَوِى (6)
1485 يا رَبِّ عَجِّل لِوَليَّكَ الفَرَجَ*** فَإِنَّنَا فِي كُلِّ ضَيْقٍ وَحَرَجٍ
1486 وَانْصُرْ به الدِّينَ وَاهْلَهُ كَما*** وَعَدْتَهُ مَنْ مِنكَ أوْ فِي ذِمَماً
ص: 132
(100)
1487وَلَّيْتُ وَجْهِي شَطْرَ قَبْلَةِ الْوَرى*** ومَنْ بها تَشَرَّفَتْ أُمّ ُالقُرى
1488 قُطْبُ مُحيطِ عالَمِ الْوُجُودِ*** في قَوْسَي النُّزُولِ وَالصُّعُودِ
1489 فَفِى النُّزولِ كَعْبَةُ الرَّزايا*** وَفِي الصُّعُود قِبلًةُ البًرايا
1490بِلْ هِيَ بابُ حِطَّةِ(1)الْخَطايا*** وَمَوْئِلُ(2) الْهِباتِ وَالْعَطايا
1491 أُمُّ الكِتابِ فِي جَوامِع الْعُلا*** أمُ الْمُصابِ فِي مَجامِعِ البَلاً
1492 رَضِيعَةُ الْوَحْيِ شَقِيقَةُ (3) الْهُدَى *** رَبيبَةُ (4)الْفَضْلِ حَلِيفَةُ النَّدى
1493 رَبَّةُ خِدْر القُدْسِ وَالطَّهارة *** فِي الصَّوْنِ وَالْعِفَافِ وَالْخَفَارَةِ (5)
ص: 133
1494 فَإِنَّها تُمثِّلُ الكَنزِ الخَفّيِ*** بِالسِّتْرِ وَالْحَياءِ والتَّعَفُّفِ
1495تُمَثِّلُ الغَيْبِ المَصُونَ ذاتها*** تُعرِبُ عَنْ صِفاتِه صِفاتُها
(101)
1496 مَلِيكَةُ الدُّنْيا عَقِيلَةُ(1)النِّسا ***عَدِيلَةُ الْخَامِسِ مِنْ أَهْلِ الْكِسا
1497شَرِيكَةُ الشَّهِيدِ فِي مَصائِبِهِ*** كَفِيلَةُ السَّجّاد في نوائِبِهِ
1498بل هي ناموس رواقِ الْعَظَمَةِ *** سيّدَةُ الْعَقائلِ المُعَظَّمَةِ
1499ما وَرَثَتْهُ مِنْ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ *** جَوامِعُ العِلْمِ أصُولُ الحِكْمَةِ
1500سِرُّ أَبيها فِي عُلُوّ الهِمَّةِ ***والصَّبْر فِي الشَّدائِدِ المُلِّمَةِ
1501ثباتُها تُنْبِيُّ عَنْ ثَباتِهِ***كَأَنَّ فِيها كُلُّ مَكْرُمَاتِهِ
1502 لَها مِنْ الصَّبْرِ عَلَى الْمَصَائبِ*** ما جَلَّ أَنْ يُعَدَّ فِي العجائِبِ
1503بل كادَ أَنْ يُلْحَقَ بِالْمَعَاجِز*** لا أَنَّهُ حِرْفَةُ كُلّ عاجِزِ
1504 فاِنّها سلالة الولاية *** ولاية لَيْسَ لَها نهاية
1505بيانُها يُفْصِحُ عَنْ بَیانِهِ*** كأنَّها تُفْرِغُ(2)عَنْ لِسانِهِ
1506 نأهِيكَ(3)فِيهِ الْخُطَبُ الْمَأثُورَةُ***فَإِنَّها كَالدُّرَرِ الْمَنْثُورّة(4)
1507 بَلْ هِيَ لَوْلاَ الْحَطُّ عَنْ مَقامِها ***كَاللُّؤْلُؤِ الْمَنْضُودِ(5)في نِظامِها
ص: 134
1508 فَإِنَّها وَلِيدَةُ الفَصاحَةِ *** والِدُها فارِسُ تِلكَ السّاحَةِ
1509وَما أَصابَ أُمِّها مِنَ البَلا*** فَهُوَ تُراثُها بطَفٌ كَرْبَلاً
(102)
1510لكنَّها عَظِيمَةٌ بَلْواها*** منَ الْخُطُوب شاهَدتْ أدها ها(1)
1511رأَتْ هُجُومَ الْخَيْلِ بِالنَّارِ عَلى*** خبائها(2)أَوْ مِحورِ السَّبْعِ الْعُلى
1512وَاسْتَلَبُوا يا وَيْلَهُمْ قَرارَها *** مُذْ سَلَبُوا إزارَها خِمارَها
1513 وسَبْيُهُمْ وَدائِعَ الْمُخْتَارِ*** عارٌ عَلَى الإِسلامِ اَىُّ عارٍ
1514 يَكادُ أنْ يَذْهَبَ بِالْعُقُولِ*** سَبْىٌ بَناتِ الْوَحْيِ وَالتَّنْزِيلِ
1515 وَمارَأَتْ بِالطَّفْ مِنْ أَهْوالِها *** جَلَّ عَنِ الْوَصْفِ بَيانٌ حالِها
1516 وَمَنْ يُطِيقُ وَصْفَ سُوء حالها *** مُذرَأَتِ السَّبْطَ عَلى رِمالِها
1517مُعَفَّرُ الْخَدَّ مُضَرَّجاً(3) بِدَم***لَهْفِى عَلى جَمالِ سُلْطانِ الْقِدَم
1518 وَحَوْلَهُ فِتْيانُهُ عَلى الثَّرى*** كالشُّهُبِ الزَّهْرِ تَحُوطُ القَمَراً
1519 وأهاً عَلى كَواكِبِ السُّعُودِ*** عَقدِ نِظامِ الغَيْبِ والشُّهُودِ
1520 كَيْفَ هَوَتْ وَانتَرَتْ اَشْلَاؤُها(4)*** باىّ ذَنْبٍ سُفِكَتْ دِماؤها
1521وشاهَدَتْ رَیْحانَةَ الرَّسُولِ*** مُذ داسَها (5)حَوافِرُ الخُيُولِ
ص: 135
1522 فَأَصْبَحَتْ خَزانَةُ اللاهوت ***حَلْبَةً (1)خَيْلِ الْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ
1523 صَدْرٌ تَرَبّى فَوْقَ صَدْرِ الْمُصْطَفَى *** تَرَضُّهُ الخَيْلُ عَلَى الدُّنْيَا الْعَفا
(103)
1525 ترى الْعَوَالِي(2) مَرْكَزَ الْمَعالِى***مدْرِجَةٌ لِذِرْوَةِ الكَمالِ
1525 أَوْ هِيَ عَرْشُ وَعَلَيْهِ التّاجُ*** أوْ أَنَّهَا الْبْراقُ (3)وَالمِعْراجُ
1526 نالَ مِنَ الْعُرُوج ما تَمَنّى*** كَقابَ قَوْسَيْن دَنا أَوْ أدْنى
1527 حَتَّى تَجَلّى قائِلاً إِنّى أَناَ *** مِنْ شَجَرِ الْقَناةِ (4)فِي طُورِ الْفَناء
1528 لِسانُ حالِهِ لِسلطانِ القِدَمِ *** سَعياً عَلَى الرَّأْسِ إِلَيْكَ لَا الْقَدَمِ
1529 وَسَوْقُها إلى يَزِيد الطاغِيَة*** أَشجى فَجِيعَةٍ وَادْهي داهِيَةٍ
1530وما رَأتْهُ فِى دِمَشْقِ الشّامِ*** يَذْهَبُ بِالْعُقُولِ وَالْأَحْلامِ
1531 أَما مَهارَأْسُ الْاِمامِ الزَّاكِى*** وَخَلْفَها النَّوائِحُ الْبُواكِي
1532 أَوِ الكِتابُ الناطِقُ المُبِينُ*** حُفَّ بِهِ الحَنِينُ والأَنينُ
ص: 136
(104)
1533وَأفْظَعُ الكُلِّ دُخُولُ الطَّاهِرَةِ *** حاسِرَةُ عَلَى ابْنِ هِنْدِ العاهِرَةِ
1534 ومالَها و مَجْلِسَ الشَّرابِ *** وَهِيَ ابْنَةُ السُّنَّةِ وَالكِتابِ
1535 أَنُوقَفُ الحُرَّةُ مِنْ آلِ العَبا*** بَيْنَ يَدَى طَلِيقِها وأعَجَباً
1536يَشْتُمُها طاغِيَةُ الِإلحادِ ***وَهِيَ سُلالةُ النبئ الهادِى
1537 بَلْ سَمِعَتْ مِنْ ذلِكَ اللَّعِينِ*** سَبَّ أبيها وَهُوَ أَصْلُ الدِّينِ
1538 أَتُنسَبُ الطَّاهِرَةُ الصَّدِّيقَةُ*** للْكِذْبِ وَهِيَ أَصْدَقُ الخَلِيقَةِ
1539أَصَفْوَةُ الوَلِيِّ نُخْبَةُ النَّبِيِّ*** عَدوّةُ اللَّهِ فَيا لَلْعَجَبٍ
1540و أ(1) حَرَّ قَلباهُ لِقَلْبِ الحُرَّةِ*** فَما رَأَتْهُ لا أَطِيقُ ذِكْرَهُ
1541شَلَّتْ يَد مُدَّتْ بِفَرْعِ العُودِ*** إلى ثنايا العدلِ والتوحِيدِ
1542تِلْكَ الثَّنايا مُرشَفُ الرَّسُولِ ***وَمَلْثُمُ (2)الطَّاهِرَةِ البتولِ
1542 وَما جَناهُ بِاللَّسانِ أَعْظَمُ *** وَكُفْرُهُ المَكْنُونُ مِنْهُ يُعْلَمُ
1543وَقَدْ أَبانَتْ كُفْرٌ ذاك الطّاغِي*** باحْسَنِ البَيانِ والبلاغِ
1545 حَنَّتْ بِقَلْبٍ مُوجَعٍ مُحْتَرِقٍ*** على أخيها فَأَجَابَهَا الشَّقِيُّ
1546يا صَيْحَهُ تُحْمَدُ مِنْ صَوائِحَ*** ما أهْوَنُ النَّوحَ عَلَى النَّوائِحِ
ص: 137
(105)
1547 تمَثَلَ النَّبِيُّ في سَلِيلِهِ*** فِي خَلْقِهِ وَخُلْقِهِ وَقِيلِهِ
1548 كَما تَجَلَّى اللهُ فِي نَبِيِّهِ*** فَقَدْ تَجَلَّى هُوَ فِي وَلِيه
1549 وَقَدْ تَجَلّىَ قَلَمُ الأقلام*** فِى لَوْحٍ سِرِّ الوَحْيِ والإِلهامِ
1550 فِيهِ تَجَلَّى مُحْكَمُ التَّنْزِيل ***کما تَجَلَّى باطِنُ التَّأْوِيلِ
1551وَكَيْفَ وَهُوَ صَفْوَةُ الوِلايَةِ*** وَنُخْبةُ المَبْعُوثِ بالهِدايةِ
1552شَمَائِلِ النَبيِّ في شَمائِلِهِ *** وَصَولَةُ الوَصِي مِنْ فَضائِلِهِ
1553 هُوَ الوَصِيُّ فِي عُلُوّ هِمَّتِهِ ***وفى إبائه وفى فُتُوتِهِ
1554كُلُّ جَمِيلٍ هُوَ فِي جَمَالِهِ***و كُلُّ عِزّ هُوَ فِي جَلالِهِ
1555 هُوَ ابْنُ مَنْ دَنى إلى أَدْناهُ ***فما أجَلَّهُ وَما أَعْلاهُ
1556رَيْحَانَةُ الحُسَينِ أَزْكَى ثَمَرَةٍ*** لمُهْجَةِ النَّبِيِّ خَيْرِ الخِيَرَةِ
[رَبْحانَةُ الحُسَيْنِ رُوحُ الطَّاهِرَةِ ***لمُهجةِ النَّبِي أزكى ثَمَرَةٍ ]
ص: 138
1557فَتى قُرَيْشٍ بَلْ فَتَى الوُجُودِ*** وَلَيْثُها بَلْ أَسَدُ الأُسُودِ
1558وَسَيْفُهَا العادِلُ فِي قَضائِهِ*** بَلْ هُوَ سَيْفُ اللهِ فِى امْضائِهِ (1)
1559 فارِسُها بَل فارِسُ الإسلام *** أكْرِمْ بِهَذَا البَطَلِ الهُمامِ(2)
1560 مِنْ دَوْحةِ العُلْيَاءِ غُصْنُهَا الطَّرِىُّ(3)*** نَماهُ بِالقُدْسِ نَمِيرُ (4)الكَوْثَرِ
1561 ذاكَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ بْنِ عَلِيٌّ *** لَطيفَةُ اللّطفِ الخَفِيٌّ والجَلِيِّ
(107)
1562 فِي عالمِ التَّكْوِينِ كَوْنُ جَامِعٌ *** يَندَكُّ فِي وُجُودِهِ الجَوامِعُ
1563 بَلْ هُوَ فِي صَحِيفَةِ الأَكْوانِ*** فاتِحَةُ الكِتابِ فِى القُرْآنِ
1564غُرَّتْهُ غُرَّةٌ سَيّدِ الرُّسُلِ *** نُورُ العُقُولِ وَالنُّفُوسِ وَالمُثُلِ
1565 قُرَّةُ عَيْنِ الحَقِّ وَالحَقيقَةِ***دُرَّهُ تاجِ الشَّرْعِ وَالطَّرِيقَةِ
1566 وَوَجْهُهُ المُضِي فِى الأَعْيانِ*** بدْرُ سَماءِ عالَمِ الإمكانِ
1567 كَيْفَ وَفِي الإِشْرَاقِ وَالضّياءِ *** شَمْسُ سَماءِ عالَمِ الأَسْمَاءِ
(108)
1568 وَنُورُهُ المُنِيرُ نُورُ النُّور***ِ فَایْنَ مِنْ سَناهُ(5)نُورُ الطُّور
ص: 139
1569أَسْفَرَ (1)مِنْ مَشْرِقِهِ صُبْحُ الأَزَلِ *** بِهِ اسْتَنارَ الكَوْنُ فيما لَمْ يَزَلْ
1570بَلْ لا يَزالُ مُستنيراً أبداً *** وَكَيْفَ لا وَنُورُهُ نُورُ الهُدى
1571 نُورٌ بَدأ فِي أُفُقِ الرّسالَةِ*** فِى العِزّ والرَّفعَةِ والجَلالَةِ
1572 بَلْ هُوَ فِي الظُّهُورِ سِرُّ المُصْطَفى*** فَمُنْتَهى جَلاهُ غايَةُ الخَفا
1573 هُوَ النَّبِيُّ في مَعارِجِ العُلا*** لكِن عُرُوجُهُ بِطَفٌ كَرْبَلاً
1574 نالَ مِنَ العُرُوجِ مُنتَهَى الشَّرَفِ *** وَمِنْ رِياضِ القُدْسِ أَفْضَلَ الغُرَفِ
1575 وَالحَرْبُ قَدْ بانَتْ لَهَا الحَقائِقُ*** مُذْ في يَمِينِهِ تَجَلَّى البارِقُ
1576وَافْرَسُ الفُرْسانِ لَیْثُ غَابِها ***وَاخْتُلِس(2)الكُمأةُ مِنْ رِكابِها
1577فَكَمْ كَمِیْ حِينَ الْقَى الشَّرَّ(3)فَرَّ*** يَقُولُ مِنْ خِيفَتِهِ أَيْنَ المَفَرُّ
1578كَمْ بَطَلٍ مِنْ عَضْبِهِ(4) البَتّارِ*** شاهَدَ فِي الدُّنيا عَذابَ النّارِ
1579 سَطاً عَلى جُمُوعِهِمْ مُنْفَرِداً*** حَتَّى إِذا أَوْرَدَهُمْ وِرْدَ الرَّدى
1580 صالَ كَجَدِّهِ الوَصِيُّ المُرتَضى*** بصَوْلَةٍ تُشْبِهُ مَحْتُومَ القضا
1581حتى إذا تم نصابُ(5) الحَرْبِ *** بالطَّعْنِ فِي صُدُورِهِمْ وَالضَّرْبِ
(109)
1582فاجَأَهُ ابْنُ مَرَّةَ(6) الغَدّارُ *** فكادَ يَهوِى الفَلَكُ الدَّوارُ
ص: 140
1583أَلَيْسَ يَهْوِى الفَلَكُ الدَّوارُ*** إِنْ زَالَ عَنْ مَرْكَزِهِ المَدارُ
1584 بَلْ هُوَ فِي مَقامِهِ المَكِينِ*** مَدارُ كُل عالَم التّكْوِينِ
1585 وَانْشَقَّ رأسُ المَجدِ والفَخارِ*** بَل مُهْجَةُ المُختارِ والكَرّارِ
1586لَمَّا أُصِيبَتْ هامَةُ الكَرامَةِ*** عَلى أبِيهِ قامَتِ القِيامَةُ
1587 وَمُذْ رَأى قُرَّةَ عَينِ المُصْطَفى*** مُعَفّراً(1) قالَ عَلَى الدُّنْيَا العَفا(2)
1588 وَانهَمَلَتْ (3) عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ*** بل بِدَمٍ مِنْ قَلْبِهِ الجَزُوعِ
1589 وَكَيْفَ لا يَبْكِي دَماً قَلْبُ الهُدى*** وَمُهْجَةُ القَلْبِ غَدَتْ نَهْبَ (4)العِدى
(110)
1590 بَكَتْ عَلى شَبابِهِ عَيْنُ السَّمَا *** فامْطَرَتْ لِعَظْمِ رُزْئْهِ دَماً
1591 وَ آذَنَتْ حُزناً بالانفِطارِ*** مُذ غابِ عَنْها قَمَرُ الأَقمارِ
1592 ناحَتْ عَلَيهِ الكَعْبَةُ المُكَرَّمَةُ *** مُذْ أَصْبَحَتْ أَرْكَانُها مُنْهَدِمَةً
1593 كَيْفَ وَنَاحَتْ كَعْبَةُ التَّوْحِيدِ*** على مُصابٍ رُكْنِها الوَحِيدِ
1594 ناحَتْ عَلى كَفيلها العقائِلُ *** والمَكْرُمَاتُ الغُرُّ وَالفَضائل
1595 بَكَتهُ بالغُدُوِّ والآصالِ*** عَيْنُ العُلا والمَجْدِ وَالكَمالِ
1596 بَكاهُ ما يُرى وما لَيْسَ يُرى*** مِنْ ذِرْوَةِ العَرْشِ إِلى تَحْتِ الثّرى
ص: 141
1597 بكاهُ حُزْناً رَبُّ أَرْبابِ النُّهى*** وَمَنْ هُوَ المَبْدَءُ وَهُوَ المُنْتَهى
1598 وَمَنْ بَكاهُ سيِّد البَرايا*** فَرُزئُهُ مِنْ أعظَمِ الرَّزايا
1599 بَكَتْهُ عَیْنُ الرُّشْدِ والهِدايَة *** وَمَنْ هُوَ المَنْصُوصُ بالوِصايَةِ
1600 لَقَدْ بَكَتْ كَالمُزْنِ(1) عَيْنُ المَعْرِفَةِ ***عَلى فَقيِدِ كُلُّ اسْمٍ وَصِفَةٍ
(111)
1601يأ ساعِدَ اللهِ آبَاهُ مُدْخَباً *** نَيِّرُهُ الأكْبَرُ فِي ظِلّ الظُّبا(2)
1602رَأَى الخليلَ فِي مِنَى الطُّفُوفِ *** ذَبِيحُهُ ضَرِيبَةُ السُّيوفِ
1603 لَهْفِي عَلى عَقائلِ الرّسالَةِ*** لَمَّا رَأَيْنَهُ بِتِلكَ الحالَةِ
1604 عَلا نَحِيبُهُنَّ وَالصِياحُ*** فَانْدَهَشَ العُقُولُ وَالارْواحُ
1605 لَهْفِى لَها إِذْ تَنْدُبُ الرَّسُولاً*** فكأدَتِ الجِبالُ أن تَزُولاً
1606 لَهْفِى لَها مُذْ فَقَدَتْ عَمِيدَها*** وَهَلْ يُوازِى أَحَدٌ فَقِيدَها
1607 وَمَنْ يُوازِى شَرَفاً وجاهاً*** مِثالَ ياسِينِ وقَلبَ طاها
ص: 142
(112)
1608 أبو الإباء وَابْنُ بُجدّة اللِّقا*** رَقِيَ مِنَ العُلياءِ خَيْرَ مُرتَقى
1609 ذاكَ أبَو الفَضلِ أَخُو المَعالِي*** سُلالةُ الجَلالِ والجَمالِ
1610شِبْلُ عَلِيٌّ لَيْثُ غَابَةِ القِدَمِ ***(ومَنْ يُشابِه أَبَهُ فَما ظَلَّم) (1)
1611صِنْوُ الكَرِيمَيْنِ سَلِيلي الهُدى ***عِلْماً وَحِلْماً شَرَفاً وسؤدَدا
1612 هُوَ الزَّكِيُّ فِي مَدارِجِ الكَرَمِ *** هُوَ الشَّهِيدُ فِي مَعارِج الهِمَمِ
(113)
1613 وارِثُ مَنْ حَازَ مَوَارِيثَ الرُّسُلِ*** أبى العُقُولِ وَالنُّفُوسِ وَالمُثل
1614 وَكَيْفَ لا وَذاتُهُ القُدْسِيَّةُ*** مجمُوعَةُ الفَضائلِ النَّفْسِيَّةِ
ص: 143
1615 عَلَيْهِ أفلاكُ المَعالِى دائِرَةٌ*** فَإِنَّهُ قُطْبُ مُحيطِ الدّائِرَة ِ
1616 لَهُ مِنَ العُلياءِ وَالمَآثِرِ*** ما جَلَّ أنْ يَخْطُرَ فِى الخَواطِرِ
1617 وَكَيْفَ وَهُوَ فِي عُلُوّ المَنْزِلَةِ*** كَالرُّوحِ مِنْ نُقْطَةِ باءِ البِسْمِلَةِ
1618 وَهُوَ قوام مُصْحَفِ الشَّهادة*** تَمَّتْ بِهِ دَائِرَةُ السَّعادَة
1619 وَهُوَ لِكُلِّ شِدَّةٍ مُلمة*** فإِنَّهُ عَنْقاءُ قافِ الهِمَّة
1620 وَهُوَ حَلِيفُ الحَقِّ وَالحَقِيقَةِ*** وَالفَرْدُ في الخِلْقَةِ والخَلِيقَة
1621 وَقَدْ تَجَلّى بالجَمالِ الباهِرِ*** حتّى بَدأ سِرُّ الوُجُودِ الزَّاهِرِ
1622 غُرَّتُهُ الغَراءُ فِى الظُّهُورِ*** تكادُ أنْ تَغْلِبَ نُورَ الطُّور
1623 وَفِي سَماءِ المَجْدِ وَالفَخارِ*** بالحَقِّ يُدعى قَمَرُ الأقمارِ
1624 بَلْ فِي سَماءِ عالمِ الأَسْمَاءِ*** كَالقَمَرِ البازعِ فِي السَّماءِ
(114)
1625 بَلْ عالمُ التَّكْوِينِ مِنْ شُعاعِهِ*** جَلَّ جَلالُ اللهِ فِي إبْداعِهِ
1626سِرُّ أَبِيهِ وَهُوَ سِرُّ البارِى*** مَليكُ عَرشِ عالَمِ الأسرارِ
1627 أَبُوهُ عَيْنُ الله سِرُّ البارى*** مليك عَرْشِ عالم الأَسرارِ
1628 فَإِنَّهُ إنْسانُ عَيْنِ المَعْرِفَةِ*** مِرآتها لِكُلِّ إسْم وَصِفَةٍ
1629 لَيسَ يَدُ اللهِ سوى أَبِيهِ *** وَقُدْرَةُ اللهِ تَجَلَّتْ فِيهِ
1630 فَهُوَ يَدُ اللهِ وَهذا ساعِدُهُ*** تُغْنِيكَ عَنْ اثْباتِهِ مَشاهِدُة
1631 فلا سِوى أَبِيهِ لِلَّهِ يَدْ *** ولا سِواهُ لأَبيهِ عَضُدٌ
ص: 144
1632 لَهُ اليَدُ البَيْضَاءُ فِي الكِفاحِ(1)***وَكَيْفَ وَهُوَ مالِكُ الأرواحِ
1633 يُمَثِّلُ الكَّرارَ فِي كَرّاتِهِ*** بَل فِي المَعانِي الغُرُ مِنْ صِفاتِهِ(2)
1634صَوْلَتُهُ عِند النّزالِ صَوْلَتُهُ *** لَولا الغُلُو قُلْتُ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ
1635هُوَ المُحِيطُ فِي تَجَوّلاتِه*** وَنُقْطَةُ المَرْكَزِ فِي ثَباتِهِ
1636سَطوَتُهُ لَولا القضاءُ الجارِى*** تَقضِى عَلَى العالَم بالبَوارِ-(3)
1637ورأسِمُ المَنُون(4)حَدُّ مُفْرَده*** وَالفَرقُ بَعْدَ الجَمْعِ مِنْ ضَرْبٍ يَدِهِ
1638 بارِقُهُ (5)صاعِقَةُ العَذابِ ***بارقةٌ تذهَبُ بِالألْبَابِ
1639بارِقُه تَحْصُدُ فِي الرُّؤْسِ*** تزْهَقُ بِالأَرْواحِ وَالنُّفُوسِ
(115)
1643 بِهِمَّةٍ مِنْ فَوْقِ هامَةِ الفَلَكِ *** وَلا يَنالُها نَبِيٌّ أَوْ مَلَك
1644 وَاسْتَعْرَضَ الصُّفُوفَ وَاسْتَطَالاً(1) *** عَلَى العِدى وَنَكَسَ الأبطالاً (2)
1645 لَفَ جُيُوشَ البَغْيِ وَالفَسادِ *** بِنَشْرِ رُوحِ العَدْلِ وَالرَّشادِ
1646 كرَّ عَلَيْهِمْ كَرَّةَ الكَرارِ*** أوْرَدَهُمْ بِالسَّيْفِ وِرْدَ النَّارِ
1647 آثَر بِالماءِ أَخاهُ الظَّامي*** حَتّى غَداً مُعْتَرضَ السّهام ِ
1648 ولا يَهُمُّهُ السّهام ُحاشا ***مَن(3) هَمُّهُ سِقَايَةُ العِطاشا
(116)
1649 فَجادَ بِاليَمِينِ وَالشِّمال(4)*** لِنُصَرةِ الدّينِ وَحِفْظِ الآلِ
1650 قامَ بِحَمْلِ رأيَةِ التَّوْحِيدِ *** حَتَّى هَوى مِنْ عَمَدٍ حَدِيدٍ
1651وَالدِّينُ لَمَّا قُطِعَتْ يَداهُ ***تَقَطَّعَتْ مِنْ بَعْدِهِ عُراه-(5)
1652 وَانْطَمَسَتْ (6) مِنْ بَعْدِهِ أَعْلامُهُ ***مُذ فَقَدَت عَميدَها قُوامُهُ
1653وَانْصَدَعَتْ (7) مُهْجَةً سَيِّدِ البَشَرِ*** لِقَتْلِهِ وَظَهْرُ سِبْطِهِ انْكَسَرَ
1654وبان الانكسارُ فِي جَبِينِهِ *** فَانْدَكَّتِ الجِبالُ مِنْ حَنِينِهِ
1655 وَكَيْفَ لا وَهُوَ جَمَالُ بَهْجَتِهِ*** وَفِي مُحَيَّاهُ سُرُورُ مُهْجَتِهِ
ص: 146
1656 كافل أهْلِهِ وساقِي صِبَيتِهِ *** وَحامِلُ اللِّوا بِعالِي هِمَّتِهِ
1657 واحِدَةُ لكِنَّهُ كُلُّ القُوى*** وَلَيْثُ غَابِهِ بِطَفِّ نَينَوى
(117)
1658ناحَ عَلى أَخِيهِ نَوْحَ الثَّكْلى(1)*** بَلْ النَّبِيُّ فِي الرَّفِيقِ الأَعْلى
1659وَانْشَقَّتِ السَّماءُ وَامْطَرَتْ دَماً *** فما أجَلَّ رُزْئَهُ وَأَعْظَماً
1660بكاهُ كَالهطّالِ(2) حُزْناً والِدهُ *** وَكَيْفَ لأوبانَ مِنْهُ ساعِدُهُ
1661 بكاهُ صِنْوُهُ الزَّكِيُّ المُجْتَبى*** وكيفَ لا وَنُورُ عَينِه خَباً
1662 ناحَتْ بَناتُ الوَحْي والتَّنزيلِ *** عَلَيهِ مُذ أَمْسَتْ بِلا كَفيلٍ
1663ناحَتْ عَلَيهِ الحُورُ فِي قُصُورِها *** لِنوح ِآلِ البَيْتِ فِي خُدْرِها
1664 ناحَتْ عَلَيهِ زُمَرُ الأَمْلاكِ*** مُذ ناحَتِ العَقائِلُ الزَّواكِي
(118)
مَنْ لِلْخَفَراتِ (3)الطَّاهِرَةِ»
1665 فَمَنْ لِتِلْكَ الخَفَراتِ الطّاهِرةِ ***مُذْ سُببَتْ حَسْرَى(4)القِناعِ سَافِرَةٌ(5)
ص: 147
1666أيْنَ رَبِيبُ المَجْدِ أُمّاً وَاباً *** مِنْ أَخَوَاتِهِ وَهُنَّ فِي السَّبا
1667وَأَيْنَ مِن وَدائِعِ النُّبُوَّةِ *** مُمَثَلُ الغَيْرَة والفُتُوّة
1668 وَأَيْنَ مِنْها رَبُّ أَرْبابِ الإِبا*** إِذْ هَجَمَ الخَيْلُ عَلَيْهِنَّ(1)الخِبا
1669 فَأَصْبَحَتْ نَهْباً لِكُلِّ مارِقٍ(2)*** مُسْوَدَّةَ المُتونِ والعَواتِق
1670 فِيهَا اشْتَفَى العَدُوُّ مِنْ ضَعَائِنِهِ ***فَأَيْنَ حَامِي الظُّعْنِ(3)عَنْ ظَعائِنِهِ
1671 أَيْنَ فَتَى الفِتْيانِ يَوْمَ المُلْحَمَةِ *** عن فتياتِهِ بِأيدِى الظَّلَمَة ِ
1672فليْتَهُ يَرى بِعَيْنِ البارِى ***عَزائِزَ الله عَلَى الأَكْوار
1673 يَهْدِى بها مِنْ بَلدٍ إلى بَلَدٍ *** وَهُنَّ فِي أَعْظَمِ كَرْبٍ وَكَمَدٍ(4)
ص: 148
(119)
1674 رَبُّ المعالى وربيبُ النُّجَبا*** مَنْ أُوتِيَ الكِتابَ فِي عَهْدِ الصَّبا
1675 ذلِكَ عَبْدُ اللهِ اِسْماً وَصِفَةٌ *** أتاهُ رَبُّهُ كِتابَ المَعْرِفَةِ
1676 فِى غَيْبِهِ صَحِيفَةُ الشَّهادَةِ *** لَطِيفَةُ العِزَّةِ وَالسَّعادَة
1677شهادة انْتَجَتِ الشُّهُوداً *** وَأَعْقَبَتْ فِي مَجْدِهِ خُلُودا
1678 بَلْ لَوْحُ نَفْسِهِ الكِتابُ المُحْكَمُ *** وَمَنْ عَلاهُ يَسْتَمِدُّ القَلَمُ
1679فَإِنَّهُ رَضِيعُ مَهْدِ العِصْمَةِ *** غَذَتْهُ بِالحِكْمَةِ ثَدىُ الرَّحْمَةِ
(120)
1680فَهُوَ مَسِيحُ عَهْدِهِ وَلَا عَجَبَ *** فَإِنَّهُ أشْرَفُ مِنْهُ في النسب
150
ص: 149
1681 فَأَيْنَ مَرْيَمُ البَتُولُ (1) شَرَفاً ***مِنْ خَيْرَةِ النِّسَاءِ بِنْتِ المُصْطَفى
1682 بَلْ مَرْيَمُ الحُرَّةُ فِي عَلاءِها*** وَفَضْلِها تُعَدُّ مِنْ إماءِها (2)
1683 وَهُوَ ذَبِيحُ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ فِدا ***قَضى عَلى حَياتِهِ سَهُمُ الرَّدى
(121)
1684بلْ هُوَ كَالنَّبِيِّ فِي مِعْرَاجِهِ ***لكِنَّهُ بِالدَّمِ مِنْ أَوْداجِهِ (3)
1685 تقمَّصَ العُلْيَاءَ فِي قِماطِهِ(4) *** وَحِشْمَةُ اللهِ عَلى بِساطِهِ
1686قرَّةٌ عَيْنِ المُصْطَفَى وَالمُرْتَضى*** سِرُّ أَبيِهِ فِي الرِّضاء ِبالقَضا
1687والآيَةُ الكُبرى وأعْظَمُ الحُجج*** فُلكُ النّجاةِ فِي غَوامِرِ(5)اللجَجِ
1688 والكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ رَمْزُ غُرَتِهِ *** والدُّرَّةُ البَيْضاً جَمَالُ طَلْعَتِهِ
1689 حَباهُ رَبُّهُ بما حَباهُ ***وَمِنْ شَرابِ جَنَّةٍ سَقاهُ
1690 حُبُّ لقاءِ اللهِ مِلأ صَدْرِهِ ***هِمَّتُهُ عَلَى عُلُوِّ قَدْرِهِ
1691 فداً بنَحْرِهِ أباه السّامِي*** غَدارَمِيَّةٌ (6) لِسَهُم الرَّامِى
1692 فازَ وحازَ قِدْحَهُ (7)المُعَلاً (8)*** فماً أجَلَّ سَهْمَهُ وَأعْلَى
ص: 150
1693 وَكانَ سَهْمُهُ النَّصِيبَ الأوْفى*** صَفى لَهُ كَالعَسَلِ المُصَفّى
1694 فَهُوَ وَإِنْ أَصْبَحَ ظَامِيّ الحَشا *** مِنْ نارٍ شَوْقِهِ تَلَظَّى عَطَشا
1695 لَمْ تَبْرُدِ الغُلَّهُ (1)مِنْ أَحْشَاءُ ***حَتَّى سَقاهُ السَّهمُ ما سَقاهُ
(122)
1696 وما رَمَاهُ إِذْ رَمَاهُ حَرْمَلَةُ*** وَإِنَّما رماهُ مَنْ مَهَّدَ لَهُ
1697 سَهمٌ أَتى مِنْ جانبِ السَّقِيفَةِ*** وَقَوْسُهُ عَلى يَدِ الخَلِيفَةِ
1698 وَيْلٌ لَهُ مِمَّا جَنَتْ يَداهُ *** وَهَلْ جَنى بما جنى عَداهُ
1699وما اَصابَ سَهْمُهُ نَحْوَ الصَّبِيِّ*** بَلْ كَبِدِ الدِّينِ وَمُهْجَةِ النَّبِيِّ
1700 لَهفِي عَلى أَبِيهِ إِذْ رَآهُ *** غارَتْ(2) لِشِدَّةِ الظَّما عَيْناهُ
1701 وَلَمْ يَجِدْ شَرْبَةَ مَاءٍ لِلصَّبِى *** فساقَهُ التَّقْدِيرُ نَحْوَ الطَّلب
1702 وَهُوَ عَلَى الأَبِيهِ أَعْظَمُ الكُرَبِ*** فَكَيْفَ بِالحِرْمَانِ مِنْ بَعْدِ الطَّلَبِ
17:3 سَقاهُ سَهُمُ المَارِقِ (3)اللعِينِ*** ماءَ المَنُونِ بَدَلَ المَعِينِ
1704 يا وَيْلَ لابْنِ كَاهِلِ المَشْؤُومِ *** مِنْ سَهْمِهِ المُحَدَّدِ المَسْمُومِ
1705 في حِين ما كانَ عَلَيهِ يَعْطِفُ *** رَآهُ فِي دِمائِهِ يُرَفْرِفُ (4)
ص: 151
(123)
1706 مِنْ دَمِهِ الزَّاكِى رَمَى نَحْو السَّما*** فَما أَجَلَّ لُطْفَهُ وَاَعْظَماً
1707 لَوْ كانَ لَمْ يَرْم بِهِ اِليها*** لساخَتِ الأَرْضُ بِمَنْ عَلَيْها
1708 فَاحْمَرَّتِ السَّماءُ مِنْ فَيْضِ دَمِهِ *** وَيْلٌ مِنَ اللهِ لَهُمْ مِنْ نِقَمِهِ
1709 فَكَيْفَ حَالُ أُمِّهِ حَيْثُ تَرى*** رَضِيعَها جَرى عَلَيهِ ما جَرى
1710غادَرَها(1) كَالدُّرَّةِ البَيضاءِ *** وعادَ كالیاقُوتَةِ الحَمراءِ
1711 حَنَّتْ (2)عَلَيهِ حَنَّةَ الفَصِيلِ(3) *** بَكَتهُ بالإشراقِ وَالأصيلِ
1712 كَيْفَ وَقَدْ فَارَقَ رُوحَهُ البَدَنَ *** فَحَقِّ أنْ تَبْكِي لَهُ مَدَى الزَّمَن
1713 رَقٌ لَهُ العَدُرُّ وَالصَّدِيقُ *** وَهُوَ رَضِيعٌ وَبِهِ حَقِيقٌ
1714 وَحَقَّ لِلسَّمَاءِ أَنْ تَبكي دَماً *** كَيْفَ وَبِالسَّهم غَداً مُنفَطِما
1715 وَحَقَّ لِلْأَرْواحِ أَنْ يَنُوحُوا*** فانَّهُ لِكُل رُوح رُوح
1716 وَحَقَّ لِلنُّفُوسِ وَالعُقُول*** أَنْ يَصْرُخُوا لِمُهْجَةِ الرَّسُولِ
(124)
1717وناحتِ الخَمْسَةُ مِنْ آلِ العَبا*** عَلى وَحيدِ الدَّهرِ أماً وَاباً
ص: 152
1718لَقدَ بَكاهُ البَلَدث الحَرامُ ***والبَيْتُ والمَشاعِرُ العِظامُ
1719 ناحَتْ عَلَيهِ الحُورُ في القُصُورِ*** لعَظمِ رُزْءِ نَحْرِهِ المَنْحُورِ
1720بُؤساً لِيَوم ِنَحرِهِ ما أفجَعَهُ ***يَوْمٍ بِهِ تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ (1)
1721 اذْهَل اُمَّ الطِّفْلِ هَوْلُ مَنْظَرِهِ*** عَمَّا أصِيبٌ طِفْلُها فِى مَنْحَرهِ
1722فيا لَهُ مِنْ مَنْظَرٍ مَهولٍ *** يَذْهَبُ بِالأَلْبَابِ وَالعُقُولِ
1723 لَهفِي لَها إِذْ تَنْدُبُ الرَّضِيعاً*** نَدباً يُحاكِي(2) قَلْبَهَا الوَجِيعا
(125)
1724تَقُولُ يا بُنَيَّ يا مُؤمَّلى*** یا مُنتَهى قَصْدِى وَاقْصَى أمَلِي
1725 جَفَّ الرّضاعُ حِينَ عَزّ الماءُ*** أَصْبَحْتَ لا ماءَ وَلا غَذاءٌ
1726 فَساقَكَ الظَّمَا إِلَى وِرْدِ الرَّدى*** كَأَنَّمَا رَبُّكَ (3)فِي سَهْمِ العِدى
1727 یا ماءَ عَيْنِي وَحَيَاةً قَلبي*** منْ لِبَلائِي وَعَظيمِ كَرْبى
1728رجوْتُ أَنْ تَكُونَ لِي نِعْمَ الخَلْفِ*** وسَلوةً (4)لي عَنْ مُصابى بِالسَّلَفِ
1729 وَما جَرى فِى خَلَدِى (5) اَنَّ القَضا ***يُجْرِى عَلى أَحَرَّ مِنْ جَمْرِ الغَضا (6)
ص: 153
1730حَتَّى رَأَيْتُ القَدَرَ المَقْدُورا*** حَيْثُ رَأَيْتُ نَحْركَ المَنْحُوراً
1731ما خِلْتُ أَنَّ السَّهمَ لِلفِطامِ(1)*** حَتَّى أَرَتْنِي جَهْرَةً أَيَّامِي
1732 فَلَيْتَنِي دُونَكَ كُنتُ غَرَضاً *** لِلنَّبلِ(2) لَكِنْ مَنْ لِمَحْتُومِ القَضا
ص: 154
(126)
1733 اضاءَ بِالطَّفُوفِ نَجْمُ المُجْتَبى*** فَأَشْرَقَتْ بهِ السُّهول والرّبى(1)
1734 بَلْ أَشْرَقَ الكَوْنَ بِوَجْهِهِ المُضِى*** وَالمَلَأُ الأعْلَى بِنُورِهِ يُضِى
1735 كَيْفَ وَ فِي غُرَتِهِ الغَرَّاءِ *** نورُ المُحَمَّدِيَّةِ البَيْضاء
1736بل شاطِئٌ(2) الفُرآتِ قَدْ تَجَلّى*** في طورِهِ نُورُ العَلِىِّ الأَعلى
1737 فَنُورُهُ مشكاةُ نُورِ البارِى*** بِهِ اسْتَنارَ عالمُ الأَنْوارِ
1738 تَمَثَّلَتْ مَحاسِنُ النَّبِيِّ *** فِى القاسِمِ بن الحَسَن الزّكِيِّ
1739 والمَكْرُمَاتُ الغُرمِنْ أبيه *** عَلِيّ القَدْرُ تَجَلَّتْ فيه
(127)
1740يُشْبِه عَمَّه الشَّهيدَ فِي الإبا*** وَفِي الحَيَا سِرُّ أَبِيهِ المُجْتَبى
ص: 155
1741 بدرُ الكَمالِ فِي سَماءِ المَجْدِ*** وَوارِثُ المَجْدِ آباً عَنْ جَدٌ
1742 أَزْكَى فُرُوعِ دَوْحَةِ النُّبُوَّةِ*** في المَجْدِ والمَنْعَةِ وَالفُتوَّة
1743 بَدْرُ الدُّجى فِى أُفُقِ الكَرامَةِ*** شَمْسُ الضُّحى في فَلَكِ الشَّهامَةِ
1744 هُوَ الفَتى بِكُلِّ مَعْنَى الكَلِمَةِ*** بل أَسَد ُالُأسُودِ يَوْمَ المَلْحَمَةِ (1)
1745 وَكَيْفَ وَهُوَ لَيْثُ آلِ غالِبٍ*** وَعِنْدَهُ الأسودُ كَالثَّعَالِبِ
1746 أكْرِمْ بِهِ مِنْ فارس يَوْمَ اللِّقا*** مَن لايَخافُ الشَّرَّ عِندَ المُلتقى
1747 قُطْبُ مُحِيطِ الحَرْبِ فِي ثَباتِهِ*** تُغنِیكَ حَرْبُ الطَّفْ عَنْ اثباتِهِ
1748 تَهابُهُ الكُماة والابِطالُ ***تَفِرُّ مِنْ خِيفَتِهِ الرّجال ُ
(128)
1749كَأَنَّمَاهُمْ حُمْرُ(2) مُسْتَنْفِرَةٌ (3)***فَرَّت إذا شَدَّتْ عَلَيْها قَسْوَرَةٌ
1750بارِقَةُ الرَّحْمَةِ فِي جَبِينِهِ*** صاعِقَةُ العذابِ فى يَمينِه ِ
1751 بارِقُهُ كَالرَّعْدِ فِي رَعِيدِهِ ***كَأَنَّ يَوْمَ الحَرْب يَوْمُ عِيدِه ِ
1752يُمَثْلُ الكَرّارَ في شَجَاعَتِهِ*** وَكَيْفَ وَالأرْواحُ تَحْتَ طَاعَتِهِ
1753فَإِنَّ هَذَا الشَّبُل مِنْ ذاكَ الأَسَدِ*** فَامْرُهُ فِي الرُّوح ماضٍ وَالجَسَدِ
1754 يَخْتَطِفُ (4)الاَرْواحَ مِنْ أَبْدانِها *** وَيَحْصُدُ الرُّوسَ مِنْ فُرسانِها
ص: 156
1755وغاصَ (1)بِالبَتّارِ فِي تَيّارِها (2)*** حتى آزالَ الخَيْلَ عَنْ قَرارِها
1756 جاهَدَ فِي اِحياءِ دِينِ البارِي*** وذَبَّ (3)عَنْ شَرِيعَةِ المُخْتارِ
1757قد بِبَذْلِ رُوحِهِ قَلْبَ الهُدى*** على ظمأ كاديفتُ (4)الكبداً
1758 سَطا عَلَى(5) الألُوفِ وَهُوَ واحِدٌ *** فيا بِنَفْسِى ذَلِكَ المُجاهد
1759 لَفَّ صُفُوفَ البَغي بِالصُّفُوفِ*** ببارِقٍ يَبْرُقُ بِالحُتُوفِ
(129)
1760 حَتَّى إذا مَزَّقَهُمْ(6)جَمِيعاً *** بِضَرْبَةِ الأزدى(7)هَوى (8)صرِيعاً
1761 كَأَنَّهُ مِنَ التَّجَلَّى صَعِقاً*** مُذرُوحُهُ القُدسِّىُّ حاوَلَ اللِّقا
1762 لَهْفِى عَلَيهِ مُذ أتاهُ عَمُّهُ *** فَاشْتَبَكَ(9) الحَرْبُ وَزَادَ غَمُّهُ
1763 فَكَيْفَ حال مُهْجَةِ الرَّسُولِ ***بَيْنَ يَدَى حَوافِر(10) الخُيُولِ
1764فَسَلْ عِظامَ صَدْرِهِ يا وَيْلى*** هَلْ سَلِمَتْ بَعْدَ هُجُوم الخَيْلِ
ص: 157
(130)
1765 بكاهُ عَمُّهُ عَلَى بَلائِهِ *** كادَ يَذُوبُ الصَّخْرُ مِنْ بُكائِهِ
1766وَقَدْ بَكَى عَلى فَتَى الفِتْيان*** فِتْيان فِهرٍ وَبَنِى عَدْنانٍ
1767بَكى عَلى شَبابِهِ شُبّانُها*** ناحَ عَلى فارسِها فُرْسانُها
1768 وَصَرْخَةُ العقائلِ الزَّواكِي(1)*** لقَدْ عَلَتْ إلى ذُرّى(2)الأفلاكِ
1769 بَكى عَلَى مُهْجَتِهِ الرَّسُولُ*** ناحَتْ عَلى بَهْجَتِهَا البَتُولُ
1770 بكاهُ جَدُّهُ الوَصِيُّ المُرْتَضى*** مُذفَتِّ فِي ساعِدِهِ (3)حُكْمُ القَضا
1771 وَحَقَّ أَنْ يَبْكِي أَبُوهُ المُجْتَبى*** دَماً فَاِنَّ نُورٌ عَيْنِهِ خَباً
1772 وَكَيْفَ لَا يَبْكِي عَلى خَضابِهِ *** مِنْ دَمِهِ وَهُوَ عَلى شَبابِهِ
1773لَمْ يَتَهَنَّا (4)بِشَبابِهِ وَلا*** بالعَيْشِ فى أَوانِهِ وَلا وَلا
1774 بَكى عَلى عارِضِهِ السَّحابُ*** حَنَّ شَجاً (5) لِخَدِّهِ التُرابُ
1775 وَالحُورُ فِي قُصُورِها صَوائِح *** صَوائِحُ تَتْبَعُها نَوائِحُ
1776 خَررَّ لِرُزْيْهِ السَّماکُ (6)الرَّامِحُ*** وَكَيْفَ لا وَالخَطْبُ خَطْبُ فادِحٌ (7)
ص: 158
1777 وَالأَرْضُ زَلْزَلَتْ لَهُ زِلزالها*** مُذ فَقَدَتْ بِفَقْدِهِ جَمالهَا
1778 وَانْهَمَلَتْ (1)لِرُزْئِهِ عَيْنُ السَّمَا*** دَماً فكادَ أَنْ يُصِيبَهَا العَمى
1779 اظلَمَتِ الدُّنْيا بِعَينِ عَمِّهِ*** وَاَحْزَنِي لِهَمِّهِ وَغَمِّهِ
1780 لَمَّا رَأى قُرَّةَ عَيْنِهِ عَلَى *** وَجْهِ الثَّری يَفْحَصُ (2)مِنْ عَظْمِ البَلا
1781 قَدْ عَجِبَتْ مِنْ صَبْرِهِ الأَمْلاكُ*** وَلا يُحِيطُ وَضفَهُ الإِدراكُ
ص: 159
(131)
1782 يا رَبِّي المَحْمُودَ فِي فِعالِهِ *** صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ
1783 وَصَلَّ بِالْاِشْراقِ وَالأَصِيلِ(1)*** عَلَى الإِمام ِمِن بَنى عَقيلٍ
1784 اَوَّل فادٍ فازَ بالشَّهادَةِ*** وحازَ أَقصى رُتَبِ السَّعادَة
1785 اَوَّل رافِعٍ لراية الهُدى*** خُصَّ بِفَضْلِ السَّبْقِ بَيْنَ الشُّهَدا
1786 دُرَّةٌ تاجِ الفَضْلِ وَالكَرامَةِ*** قرَّةُ عَيْن المَجدِ والشَّهامَة
1787 غُرَّةُ وَجْهِ الدَّهْرِ فِي السَّعادَةِ ***فإِنَّهُ فَاتِحَةُ الشَّهادَةِ
(132)
1788كفاهُ فَخراً مَنصَبُ السَّفارَةِ *** وَهُوَ دَلِيلُ القُدْسِ وَالطَّهارة
1789کَفاهُ فَضْلاً شَرَفُ الرّسالَةِ ***عَنْ مَعْدِنِ العِزَّةِ وَالجَلالَةِ
ص: 160
1792 وَهُوَ اَخُ ابْنِ عَمِّهِ المَظْلُوم*** نائِبُهُ الخاصُّ عَلَى العُمُوم ِ
1791 وَعَيْنُهُ كانَتْ بِهِ قَرِيرَةٌ *** حَيْثُ رَآهُ نافِذَ البَصِيرَةِ
1792لسانُهُ الدَّاعِى إِلَى الصّوابِ*** بِمُحْكَمِ السُّنَّةِ وَالكِتابِ
1793 مَنْطِقُهُ النَّاطِقُ بِالحَقائِقِ *** فَهُوَ مُمَثَلُ الكتاب الناطِقِ
1794 وَلِيُّهُ المَنْصُوبُ للهداية*** فَهُوَ وَلِى صاحِبِ الوِلايَةِ
(133)
1795 لَهُ مِنَ العُلُومِ ما يَلِيقُ بِهِ*** بِمُقْتَضَى رُتْبَتِهِ وَمَنْصَبِهِ
1796 يَمِينُهُ فِى القَبْضِ وَالبَسْطِ مَعاً*** فَما أَجَلَّ شَأنَهُ وَارْفَعا
1797فارِسُ عَدنانَ وَلَيْثُ غابِها*** وَسَيْفُها الصِّقيلُ فِي حِرابِها (1)
1798 بلْ هُوَسَيْفُ السَّبْطِ سَيْفُ البارِى*** وَلَيْثُ غابِ عِتْرَةِ المُخْتارِ
1799 أَشْرَقَ كُوفانُ(2) بِنُورِ رَبِّها ***مُذْحَلَّ فِيها رَبُّ أَرْبابِ النُّهى
1800 بایِعَهُ مِنْ أَهْلِها أُلُوفٌ*** والغَدْرُ مِنْهُمْ شايعٌ مَعْرُوفٌ
(134)
1801 ثباتُهُ مِنْ بَعْدِ غَدْرِ الغَدَرَةِ *** ثباتُ عَمِّهِ أَمِيرِ البَرَرة
ص: 161
بلْ هُوَ فِي وَحْدَتْهِ وَغُرْبَتِهِ**** كعَمَّه فِى باسِهِ وَسَطوَتِهِ
1803 لَهُ مِنَ الشَّهامَةِ الشَّماءِ(1) *** ما جاز حَدَّ المَدْح والثَّناءِ
1804 أيامُهُ مَشْهُودَةٌ مَعْرُوفَةٌ *** يَعْرِفُها اَبْطالُ اَهْلِ الكُوفَةِ
1805 كَم فارسٍ فيها فَرِيسَتةُ الأَسَدِ *** كُمْ بَطَل فارَقَ رُوحُهُ الجَسَد
1806 وَكَمْ كَمِيٌّ حَدُّ سَيْفِهِ قَضى*** على حَياتِهِ كَمَحْتُومِ القَضا
1807وَكَمْ شُجاع ذَهَبَتْ قُواهُ*** وَذابَ قَلْبُهُ إِذا رَآهُ
1808 شَدَّ عَلَيْهِمْ شِدَّةَ اللَّيْثِ الحَرِبِ*** قَرَّتْ عُيُونُ آلِ عَبْدِ المُطلب ِ
1809بَلْ عَيْنُ عَمِّهِ العَلِيٌّ قَدْراً*** إِذْ هُوَ بِالبَارِقِ أَحْصى بَدْراً
1810 ذَكَّرَ يَوْمَ خَيْبَرٍ وَخَنْدَقٍ***بِصَوْلَةٍ تُبِيدُ (2)كُلَّ فَيْلَقٍ(3) (135)
1811 تكاثَرُوا عَليه وَهُوَ واحِدٌ*** لا ناصِرُ لَهُ وَلا مُساعِدٌ
1812 رَمَوهُ بِالنَّارِ مِنَ السُّطوح*** لِروحِهِ الفِداءُ كُلُّ رُوحٍ
1813حَتَّى إذا اُثخِنَ (5)بالجِراحِ*** وَاشْتَدَّ ضَعْفُهُ عَنِ الكِفاحِ
1814لَمْ يَظْفَرُوا عَلَيهِ بِالقِتالِ*** فاتَّخَذُوا طريقَ الاحتِيالِ
1815 فَساقَهَ القَضا إِلَى الجَفِيرَةِ*** اَوْذِرْوَةِ القُدْسِ مِنَ الحَظِيرَةِ
ص: 162
(136)
1816 أصْبَحَ مُسلِمٌ أَسيرَ الكَفَرَةِ*** تَعْساً وَبُؤساً لِلِئامِ الغَدَرَةِ
1817كان أميراً فَغَداً أَسِيراً ***كذاكَ شَأْنُ الدَّهْرِ أَنْ يَجُوراً
1818 أدْخِلَ مَكْتُوفاً عَلَى ابْنِ العاهِرَةِ*** عَذَّبَهُ الله بِنارِ الآخِرَة ِ
1819 أَسْمَعَهُ سَبّاً وَشَتْماً فَاحِشَاً*** رَماهُ باطِلاً بِما يُدمِى الحَشى
1820 وَمَا اشْتَفى(1) بِمُسْلِمٍ بِمَا لَقِيَ*** حَتَّى اشتفَى مِنْهُ بِضَرْبِ العُنُقِ
1821 وَبَعْدَهُ رَمَاهُ مِنْ أعْلَى البَنا فَانْكَسَرَتْ عِظامُهُ وَأَحْزَنا (2)
(137)
« زَعِيما مُضَر(3)يُجرّانِ»
1822 وَشُدَّ رِجْلاهُ وَرِجْلاهانِي*** بِالْحَبْلِ يا لِلذُّلِّ والهَوانِ
1823 فَأَصْبَحاً مَلعَبَةِ الأَطفالِ*** بالسَّحْبِ (4)فِى الأَسواقِ بِالجِبالِ
(138)
1824 فَلْتَبكهِ عَيْنُ السَّما دَماً فَما*** أَجَلَّ رُزْء مسلِمٍ وأَعظَما
ص: 163
1825 وَقَدْ بَكَاهُ السِّبْطُ حِينَ مانعِى(1)*** إِلَيْهِ مُسْلِمٌ بِقَلْبٍ مُوجَع ٍ
1826 فَارْتَجَتِ(2) الأَرْجاءُ بِالبُكاءِ*** على عَمِيدِ المِلّة البَيضاءِ
1827 وَاهْتَزَّ عَرْشُ المَلِكِ الجَلِيل*** على فَقِيدِ الشَّرَفِ الأَصيلِ
1828وناحَتِ العُقُولُ وَالاَرْواحُ ***لِمَا اسْتَحَلُّو مِنْهُ وَاسْتَباحُوا
1829 صُبَّتْ دُمُوعُ خاتم النُّبُوَّةِ*** على فَقِيدِ المَجدِ َوالفُتُوَّة
1830 بَكاهُ عَمُّهُ عَلَى مُصابِهِ ***وحق أن يَبكِيَ دَماً لما بِهِ
1831 بَكَى عَلى غُرْبَتِهِ آلُ العَباً*** وَكَيْفَ لا وَهُوَ غَرِيبُ الغُرَبا
1832 ناحَتْ عَلَيْهِ اَهْلُ بَيْتِ العِصْمَةِ*** فيالَهُرمِن مثلِهِ مُلِمَّة (3)
ص: 164
(139)
1833 لذى الجِناحَينِ اخْفَضِ الجناحاً*** ولُذبِهِ(1) لِكَى تَرَى النَّجاحاً
1834 فَإِنَّهُ فِى كَرَمِ الخِصالِ*** أَبُو المَساكينِ أَخُو المَعالِي
1835 وَهُوَ سَلِيل سَيّدِ البَطْحاءِ *** سُلألةُ المَنْعَةِ وَالإباء ِ
1836عنْقاءُ قافِ المَجْدِ وَالفَخار*** جعْفَرُ المَنْعُوتُ بِالطَّیَارِ
1837بلْ وَهُوَ الطَّيَّارُ فِي جَوِّ الأَزَلِ *** فَلا يَزالُ راقياً وَلَمْ يَزَلْ
1838 نالَ المَعالِى بِسَليمِ فِطرَتِهِ*** رَقِي سَماءَها بِعالِى هِمَّتِهِ
1839بَلْ کادَ أَنْ يَدْنُو إلى حَيْثُ دَنا*** مِنْ جازَ عَنْ أَقصى مَراتِبِ الفَنا
1840 وَكَيْفَ وَهُوَ ذُو الجَناحَينِ فَلا*** يَفُوتُهُ على مَراتِبِ العُلا
1841 وَمَنْ غَداً نُقْطَةٌ مُلْتَقاها*** لا بِدعَ(2) أَن يَرقى إلى أَرقاها
ص: 165
(140)
1842غُرَّتُهُ غُرَّةُ سَيّدِ الرُّسُلِ*** فَما تَشاءُ فِي مُحْيَّاهُ فَقُلْ
1843 طَلْعَتُهُ بَدْرُ سَماءِ المَعْرِفَةِ*** تَقَدَّسَتْ عَنْ أَى نَعْتٍ وَصِفَةِ
1844 وَنُورُهُ في أُفُقِ الكَرامَةِ***كَأَنَّهُ مِنْ فَلَكِ الإمامَةِ
1845 وَزِيدَ فِي حُسْنِ النِّظامِ الحَسَنِ*** لَمَّا تَجَلَى نُورُ وَجْهِهِ السَّنِيٌّ(1)
1846 له شَمائِلُ مُحَمَّدِيَّةٌ ***فِى طيّها فَضائِلُ عِلِّيّةِ
1847 دَلائِلُ التَّوْحِيد فِى شَمائِلِهِ ***وَالعَدْلُ وَالاِنْصافُ مِنْ فَضائِلِهِ
1848 وَآيَةُ النُّور على سِيمَائِهِ *** وَكُلُّ نُورٍ هُوَ مِنْ سَمائِهِ
1849 بَوارِقُ العِزَّةِ مِنْ الْحاظِهِ(2)*** شوارِقُ الحِكْمَةِ فِي اَلْفاظِهِ
1850 وَفِيهِ مِنْ مَكارِمِ الأخلاقِ ***مالَيسَ فِى الأنْفُسِ والآفاقش
1851 إِذْ هُوَ فِى المَكارمِ السَّنيَةِ** مِنْ دَوْحَةِ المَجْدِ المُحَمَّدِيَّة
1852 وذاتَه فِى شَرَفِ الأَصالَةِ*** لؤلُوةٌ مِنْ صَدَف الرِّسالَةِ
(141)
«صِنْوُ (3)عَلِيٌّ»
1853صِنْوُ عَلِيٌّ فِي عُلُوّ المَرْتَبَةِ *** فَيأ لها فَضِيلَةً ومَنقبَةً
ص: 166
1854 صِنْوانٍ فِي الجَلالِ وَالجَمالِ*** منْ دَوْحَة العُلياءِ والكَمالِ
1855 هُما رَضيعَاً لبَنِ الوِلايَةِ ***غَذَتْهُما الحِكْمَةُ وَالعِنايَةُ
1856 هُما جَناحا سَيِّدِ البَرايا *** عَوناهُ فِى الخُطُوبِ وَالرّزايا
1857وفِيهِما لِخاتِمِ النُّبُوَّة ِ*** اَتُمَّ عِدَّةٍ وَأَقْوى قُوَّةٍ
1858 يَداهُ فِي المَعْرُوفِ وَالآيادِى*** وفي شَدِيدِ البَطشِ بِالأَعادِي
1859 وَصَلَّيا مَعَ النَّبِيِّ السّامِي***وَالنَّاسُ عُكَّفٌ(1)عَلَى الأَصْنامِ
1860 وَافَتَخَرَ الوَصِيُّ بالطَّيَّارِ*** وَفِيهِ كُلُّ الفَضْلِ وَالفّخارِ
1861 وَكَمْ بِهِ اسْتَغَاثَ عِنْدَ الشَّدّة *** وَهُوَ بِغَيْرِ عِدَّةٍ وَعُدَّةٍ
1862 مُذْهَجَمَ العِدَى عَلى بَيْتِ الهُدى*** وَلَمْ يَجِدْ عُوْناً عَلَيْهِمْ أَحَداً
1863 وَاسْتَبْشَرَ الطُّهْرُ بِلُقيا طَلْعَتِهِ*** لَمَّا آَتاهُ قادِمَاً مِنْ هِجْرَتِهِ
1864هَرْوَلَ (2)فِي اسْتِقْبَالِهِ تَكَرُّماً *** فَما أَجَلَّ قَدْرُهُ وَأَعْظَما
(142)
1865 حَبّاهُ(3)إكراماً لَهُ لَمَّا وَرَدَ*** بتُحْفَة باقِيَةٍ إلَى الأَبَدِ
1866 تَقاضرَتْ عَنْ قَدْرِهِ المَفاخِرُ*** كَيْفَ والطَّيَّار صَيْتُ طائِرٌ
1867يُمَثَّلُ النَّبِي فِي مُهابِتِهِ *** فإِنَّهُ النّابِت ُمِن مَنابَتِهِ
1868 يُمَثْلُ الوَصِيَّ فِى الفُتُوةِ *** فَإِنَّهُ بِمُقْتَضَى الأُخُوَةِ
ص: 167
1869 وَكانَ يَحْذُو حَذْوَهُ (1) عِنْدَ اللّقا*** حَتَّى ارْتَقى فِي المَجْدِ خَيْرَ مُرْتَقى
1870 لَهُ مِنَ الجُرْأَةِ وَالإقْدامِ*** ما لا تَنالُهُ يَدُ الاَوْهامِ
1871 لَهُ مِنْ الثَّبَاتِ فِي النّزالِ(2)*** ماجَلَّ أَنْ يَخْطُرَ فِى الخَيالِ
1872 مازالَ عَنْ مَرْكَزِهِ فِي الحَرْبِ *** بِالرَّميِ وَالطَّعْنِ (3)وَلا بِالضَّرْبِ
(143)
1873وَلَمْ يَزَلْ فِي يَدِهِ لواهُ *** حتى إذا ما قُطِعَتْ يَداهُ
1874 لَهُ اليَدُ البَيْضاً عَلى دِينِ الهُدى ***فَداهُ بِاليَدَينِ فِي حَرْبِ العِدى
1875وَقُدَّ (4)نِصْفَينِ بِسَيْفِ الرُّومِى*** شَلَّتْ يَمِينُ ذلِكَ المَشُومِ
1876ثُمَّ عَلَتْ عَلى رِماحٍ جُثَّتُهُ*** عَلَتْ بذلك العُلُو رُتبَتُهُ
1877 مِنها إلى حَظِيرَةِ القُدْسِ ارْتَقى*** فما أجل المُرْتَقِي وَالمُرْتَقى
1878 وَهُوَ فَقِيدُ أَهْلِ بَيْتِ العِصْمَةِ ***بكاه كَالغَيْث نَبِيُّ الرَّحْمَةِ
1879 وَكَيْفَ لا يَبْكِيهِ سَيّدُ الوَرى*** وَقَدْ جَرى عَلَى الفَقِيدِ مَا جَرى
1880 وَهُوَ فَقِيدُ المَجْدِ وَالفّخارِ *** عَمِيدُ أهْل بَيْتِهِ الأَطهارِ
1881 وَمِنْ سَمَاع نَعْيِهِ (5)اسْوَدَّ الفَضا*** بِعَينِ صِنوِهِ الوَصِيُّ المُرْتَضى
1882 وَكَيْفَ لا وَنُورُ عَيْنِهِ خَباً*** يا ساعِدَ اللهِ الوَصِيَّ المُجْتَبى
ص: 168
1883بكاهُ لَمَّا بانَ مِنْهُ ساعِدُهُ ***بَيْتُ الهُدى تَهَدَّمَتْ قَواعِدُهُ
1884فَجِيعَةٌ قاصِمَةٌ لِلظَّهْرِ *** فَحَقِّ أَنْ يَبْكِيه طول الدَّهرِ
1885 بَكَتْهُ عَيْنُ المَجْدِ وَالسّيادَةِ *** بَلْ كُلُّ ما فِي الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
1886يَحُقُ لِلسَّماءِ أَنْ تَبْكِي دَماً *** مُذْ رُفِعَتْ جُثّتُهُ نَحْوَ السَّما
(144)
1887 نُورُ الهُدى فِى قَلْبِ عَمّ المُصْطَفى*** في غايَةِ الظُّهُورِ فِي عَيْنِ الخَفا
1888 فى سِرِّهِ حَقِيقَةُ الإيمان*ِ** سِرٌ تعالى شَأْنُهُ عَنْ شَأْنٍ
1889 إيمانُهُ يُمَثْلُ الواجِبَ في *** مَقامِ غَيْبِ الذَّاتِ وَالكَنِزِ الخَفِي
1890إيمانُهُ المَكْنُونُ سامٍ (1) إِسمُه ُ*** إلا المطَهَّرُونَ لا يَمَسُّهُ
1891 إيمانُهُ بِالغَيْبِ غَيْبُ ذاتِهِ *** لَهُ التَجَلَّى التامُ فِي آياتِهِ
1892 آیاتُهُ عِندَ أُولِى الأَبصارِ*** أَجلى مِنَ الشَّمْسِ ضُحَى النَّهارِ
1893 وَهُوَ كَفِيلُ خَاتِمِ النُّبُوَّةِ *** وَعَنْهُ قَدْ حامى بِكُلّ قُوَّةِ
1894 ناصِرُهُ الوَحيد ُفِي زَمانِهِ *** وَرُكْنُهُ الشَّدِيدُ فِي أَوانِهِ
(145)
1895 عَمِيدُ أَهْلِهِ زَعِيمُ أَسْرَتِهِ*** وَكَهْفُهُ الحَصِينُ يَوْمَ عُسْرَتِهِ
ص: 169
1896حجابُهُ العَزِيزُ عَنْ أَعْدائِهِ *** وَحِرْزُهُ الحَرِيزُ في ضَرائِهِ(1)
1897 فَمَنْ أجَلُ شَرفاً وجاهاً*** مِن حِرزِ ياسِينِ وكَهفِ طاها
1898 قامَ بِنُصْرَةِ النَّبِي السّامي*** حَتَّى اسْتَوَتْ قَواعِدُ الإِسْلامِ
1899جاهَدَ عَنْهُ أعْظَمَ الجِهادِ*** حَتَّى عَلا أَمْرَ النَّبِيِّ الهادِى
1900حَماهُ عَنْ أَذى قُرَيْشِ الكَفَرَةِ *** بصَوْلَةٍ ذَلَّتْ لَه الجَبَابِرَةُ
1901صابَرَ كُلَّ مِحنَة ٍوكُربّةٍ*** وَالشّعْبُ مِنْ تِلْكَ الكُرُوبِ شُعْبَةٌ
1902أكْرِمْ بِهِ مِنْ ناصِرٍ وحامٍ *** وكافِلٍ للسّيّد الَأنامِ
1903کَفاهُ فَخَّرَ أَشْرَفِ الكِفالَةِ*** لِصاحِبِ الدَّعْوَةِ وَالرِّسالَةِ
1904 لِسانُهُ البَلِيعُ فِى ثَنائِهِ***أَمضى مِنَ السَّيْفِ عَلى أعْدائِهِ
1905 لَهُ مِنَ المَنْظُومِ وَالمَنْثُورِ*** ما جَعَلَ العالَمَ مِلاً النُّورِ
1906 يُنْبِيُّ عَنْ إيمانِهِ بِقَلْبِهِ *** وَإِنَّهُ عَلَى هُدَى مِنْ رَبِّهِ
1907وَأَشْرَقَتْ أُمُّ القُرى بِنُورِهِ *** وَكُلُّ نُورٍ هُوَ نُورُ طُورِهِ
(146)
1908 وَكَيْفَ لا وَهُوَ أَبُو الأَنوارِ*** وَمَطلَعُ الشُّمُوسِ وَالأَقْمارِ
1909 مَبْدَأُ كُل نَيَّرٍ وَشارِقٍ*** وَكَيْفَ وَهُوَ مَشْرِقُ المَشارِقِ
1910 بلْ هُوَ بَيْضاءُ سَماءِ المَجْدِ*** ملِيكُ عَرْشِهِ أباً عَنْ جَد
1911 لَهُ السُّمُو كابراً (2)عَنْ كابِرٍ*** فَهُوَ تُراثُهُ مِنَ الأكابِرِ
ص: 170
1912أَزْكى فُرُوعِ دَوْحَةِ الخَلِيلِ*** فَيالَهُ مِنْ شَرَفٍ أَصِيلٍ
1913 بَلْ شَرَفُ الأَشْرافِ مِنْ عَدْنَانٍ*** مَلأذُها(1) فِى نُوبِ (2)الزَّمانِ
1914 لَهُ مِنَ السُّمُو ما يَسْمُو عَلى*** ذُرَى الضُّراح (3)والسَّماواتِ العُلى
1915 وَكَيْفَ لا وَهُوَ كَفِيلُ المُصْطَفى*** أَبُو المَيامِينَ الهُداةِ الخُلَفاً
1916 ووالدُ الوَصِّىِ والطَّيارِ *** وَهُوَ لَعَمْرى مَنتَهَى الفَخارِ
1917بِضَوْئِهِ أَضاءَتِ البَطْحاءُ*** لأبَل بِهِ أضاءَتِ السَّماءُ
1918وَالنَّيّرُ الأَعْظَمُ فِى سَمائِهِ*** مِثْلُ السُّهى(4)فِي النُّورِ مِنْ سِيمَائِهِ
(147 )
1919كَيْفَ وَمِنْ غُرَّتِهِ تَجَلَّى ***لأهْلِهِ نُورُ العَلِيّ الأَعلى
1920 سادَ الوَرى بِمَكَّةَ المُكَرَّمَةِ *** فَحازَ بالسُّودَه كُل مَكرَمَةٍ
1921 بَلْ هُوَ فَخْرُ البَلَدِ الحَرامِ*** بلْ شَرفُ المَشاعِرِ العِظامِ
1922وقِبْلَةُ الآَمالِ والَأمانِي*** بَلْ مُسْتَجارُ كَعْبَةِ الإيمانِ
1923 وَفِي حِمَى(5) سُوْدَدِهِ وَهَيْبَتِهِ*** تَمَّ لِداعِ الحَقِّ أَمْرُ دَعْوَتِهِ
1924 ما تَمَّتِ الدَّعْوَةُ المُختارِ*** لَوْلاهُ فَهُوَ أَصْلُ دِينِ البارِى
1925كَيْفَ وَظِلُّ اللَّهِ فِي الأَنامِ *** فِى ظِلِّهِ دَعا إلى الإسْلامِ
ص: 171
1926وَانْتَشَرَ الإِسْلامُ فِي حِماهُ *** مَكرَمَةٌ مانالَها سِواه ُ
1927 رأيَتُهُ عَلَتْ بِعالی هِمَّتِهِ *** كَفاهُ هذا في عُلُوِّ رُتْبَتِهِ
1928 مَفاخِرُ يَعْلُوبِها الفَخارُ*** ماثِرُ تَحلُوبِها الآثارُ
1929 ذَاكَ أبوطالِبٍ المَنْعُوتُ *** مَنْ قَصَرَتْ عَنْ شَأْنِهِ النُّعُوتُ
1930يَجِلُ عَنْ أَى مَدِيحٍ قَدْرُهُ*** لكِنَّهُ يَحْيَى القُلُوبَ ذِكْرُهُ
(148)
1931 وما بِهِ رَماهُ عابِدُ الوَثَنِ *** اِفكٌ وَزُورٌ وَشَقاء (2) وَأَحَنُ (3)
1933 فَقَدْ رَمَى الوَصِيَّ بِالإلْحادِ*** وَسَنَّ سَبَّه عَلَى الأَعوادِ
1932 فَإنَّه أَولى بِما رَماهُ*** فَما أَضَلَّهُ وَما أَعماهُ
1934 وحارَبَ النَّبِيَّ غَيْر مَرَّةٍ*** ثُمَّ عَلَى الكَرارِ كَرَّكَرَّةٌ
1935 وَاغْتَصَبُ الإِمْرَةَ وَالوِلاية*** منْ أَهْلِ بَيْتِ الرُّشْدِ والهِدايَةِ
1936 وَغِيلَةٌ سَمَّ الزَّكي المُجْتَبى*** وَكَمْ اَباد الصُّلَحاءِ النُّجَبا
1937فهذهِ التَّبْدَةُ مِنْ آثامِهِ*** نَصيبُهُ الوافِرُ مِنْ إسلامِهِ
ص: 172
(149)
1938 إن غاظَكَ(1) الزَّمَانُ وَالدَّهْرُ الحَرِبُ(2) *** فَلُذْ بِحَمْزَةَ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ
1939 فُهُوَ سَلِيلُ السّادَةِ الأَكارِمِ*** مِن دَوحَةِ العُلياءِ والمَكارِمِ
1940 مِنْ دَوْحَة النُّبُوَّةِ الغَراءِ *** مِنْ جَنَّةِ الصِّفاتِ وَالأَسْمَاءِ
1941 هُوَ العَزِيزُ ما اَعَزَّ جَارَهُ*** يجِيرُ بِاللُّطفِ مَنِ اسْتَجارَهُ
1942اليْهِ تنَتَهِى مَكارِمُ الأولى*** فَهُوَ رَبِيبُ المَجْدِ بَلْ رَبُّ العُلا
(150 )
1943 وَهُوَ مِثالُ الشَّرَفِ الأَصِيلِ *** وَهَیْكلُ المَجدِ بِلا مَثيلٍ
1944 بَلْ هُوَ فِى عَين أولى الأبصار*** إنسانُ عَين المجد والفخار
ص: 173
1945 وَكَيْفَ وَهُوَ مَفْخَرُ الأَئِمَّةِ*** سَيِّدُ أَعْمامِ نَبِّي الرَّحْمَةِ
1946 وَهُوَ لَهُ أَخٌ مِنَ الرَّضَاعَةِ*** نال بِهِ القُوَّةَ وَالشَّجَاعَةَ
1947 بَلْ مَكْرُمَاتُ خاتم النُّبُوَّةِ *** تُراثُهُ مِنْ طَرَفِ الأُخُوَّة ِ
1948آياتُ فَضْلِهِ المُبِينِ مُحْكَمَةٌ*** بَيِّنَةٌ في الصُّحُفِ المُكَرَّمَة
(151)
1949طَلْعَتُهُ تَشْرُقُ بِالشَّهامَةِ *** غُرَّتُهُ تَبْرُقُ بِالكَرامَةِ
1950مَنْطِقُهُ ناطِقَةُ الفَصاحَةِ *** وَكَفُّهُ كَالغَيثِ فِي السَّمَاحَةِ
1951وَقَلْبُهُ مِشْكاهُ نُورِ المَعْرِفَةِ*** معرِفَةِ المَبْدَءِ ذاتاً وَصِفَةٌ
1952 جوامِعُ الحِكْمَةِ فِي لَطيفَتِهِ*** مَكارِمُ الأَخْلاقِ فِي صَحِيفَتِهِ
1953 والعِزُّ والإِباءُ والحَمِيَّة *** إحدى مَعالِى نَفْسِهِ الأبيَّة (1)
1954 وَهُوَ مَلاذ أهْلِ بَيْتِ العِصْمَةِ *** وَالغَوْثُ فِى الشَّدائِدِ المُلِمَّةِ
1955 وفارِسُ الإسلامِ فِي حُرُوبِها *** وَمَفْزَعُ الأَيَّامِ فِى خُطُوبِها
1956 مُفْتَرِسُ (2) الذَّئابِ وَالأُسُودِ*** وَلَيْثُ غَابِ الغَيْبِ وَالشُّهُودِ
(152)
1957بل أسَدُ اللهِ فَجَلَّتْ قُدْرَتُهُ *** تَقْضِي عَلَى كُلِّ كَمِیٌ صَوْلَتُهُ
1958 تَفِرُّ مِنْهُ الأسْدُ كَالثّعَالِبِ*** قَرَّتْ بِهِ عُيُونُ آلِ غالبٍ
ص: 174
1959 تَرْعَدُ مِنْ صَولَتِهِ الضَّراغِمَةُ(1)*** وَكَيْفَ وَهُوَ ضَيْغَمُ الضَّیاغِمَةِ
1960 بَلْ فِيهِ مِنْ مَهابَةِ الرَّسُولِ*** ما كادَ أَنْ يَذْهَبَ بِالعُقُولِ
1961 بَلْ هُوَ سَيْفُ اللَّهِ فِي هَامِ(2)العِدى***ولَيْسَ سَيْفُ اللَّهِ يَنبُو(3) أَبَداً
1962 وَسَهُمُهُ الصَّائِبُ فِي مَرْماهُ *** فَلَيْسَ يَعْدُوهُ إلى سِواهُ
(153)
1963لَهُ مَواقِفُ بِبَدْرٍ وَأحُدٍ *** وَالفَضْلُ لِلساعِدِ مِنْهُ وَالعَضُدِ
1964 فَسَاعِدُ الدِّينِ الحَنِيفِ ساعِدُهُ ***وَاسْتَحْكَمَتْ بِعَزمهِ قَواعِدُهُ
1965 وَفَتَّ (4) فِي أَعْضَادِ عُبَادِ الصَّنَمِ *** بالعَضُدِ الأقوى مِنَ الطَّوْدِ(5) الاشم
1966 فكَمْ اَباد مِنْ عُتاةِ الكَفَرَةِ *** وَأَوْقَعَ الكَسْرَ عَلَى الجَبابِرَة ِ
1967 كُمْ مِنْ كَتِيبَةٍ(6) لَهُمْ مَحاها*** بحَدٌ سَيْفِهِ مَتى وأفأها(7)
1968 كَم رأيَةٍ نَكَسَها بِسَطوَتِهِ***کَم هامَةٍ حَطمَها بِهِمَّتِهِ
1969 كُمْ حَاضَ بِالبَّتارِ فِي تَیارِها *** وَكَمْ اَزالَ الخَيْل عَنْ قرارِها
ص: 175
(154)
1970 حَتَّى إِذَا اشتاقَ إلى دارِ البَقا *** مِن طَعْنَةِ الوَحْشِى آنَسَ اللِّقا
1971 هَوى عَلى وَجْهِ الثَّرَى قَتِيلاً ***فمَثَلَتْ (1)هِندٌ بِه تَمثيلاً
1972 حَتَّى غَدَتْ تَلُوكُ(2) مِنْهُ الكَبِدا*** بَلْ كَبِدَ الدِّينِ وَمُهْجَةَ الهُدى
1973 فَسُمِّيَتْ آكِلَةَ الأَكْبَادِ *** وَاللَّهُ لِلظَّالم بالمِرصادِ
1974 فهل تَريها أخَذَتْ بثارِها *** بِلْ ذَهَبَتْ بِعارِها وَنارِها
1975 فَدّاً (3)بنَفْسِهِ النَّبِى الأُمِّى*** فَدَيْتُهُ أَكْرِمْ بِهِ مِنْ عَمَّ
1976 وَقَدْ بَكَاهُ سَيِّدُ البَرأياً*** وَهُوَ عَلَيهِ أعْظَمُ الرّزايا
1977 بل أَغيَظُ المَواقِفِ المُلِمَّة*** موْقِفهُ عَلى نَبِيُّ الرَّحْمَةِ
1978 كَيْفَ وَقَدْ مُثَّلَ تَمْثِيلاً بِمَنْ*** لمْ يَسمُح ِ(4)الدَّهْرُ بِمِثْلِهِ وَلَنْ
(100)
1979 بِالمَثَلِ الأعْلَى لِكُلِّ مَكْرُمَةٍ ***بِالآيةِ العُظمى لنُور العَظَمَة ِ
1980 بِمُهْجَةِ المَجْدِ وَبَهْجَةِ الشَّرَفِ *** بِهَيْكَلِ القُدْسِ وَصَفْوَةِ السَّلَفِ
1981 فَلْتَبْكِهِ عُيُونُ أَمْلاكِ السَّما *** فَاِنَّ عَرْشَ المَجْدِ قَدْ تَهَدّما
ص: 176
1982 وَلْتَبْكِهِ عُيُونُ آلِ فَهْرِ*** فَإِنَّهُ إِنْسانُ عَيْنِ الدَّهْرِ
1983 بَكَتْهُ عَيْنُ العِزَّ وَالإباء ***بكَتهُ عَيْنُ المَجْدِ وَالعُلياء
1984 وَقَدْ بَكَاهُ سَيْفُهُ الصَّقِيلُ*** حَيْثُ أصابَ حَدَّهُ الفُلُولُ (1)
(156)
1985فَهَلْ يَضِنُّ مُسْلِمٌ بِعَبْرتهِ(3)*** عَلى فَقِيدِ المُصْطَفَى وَعِترَتِهِ
1986 ناحَتْ عَلَيهِ المِلةُ البَيْضاءُ *** وَحَنَتِ الشَّرِيعَةُ الغَراء ُ
1987 ناحَتْ عَلَيهِ اخْتُهُ صَفِيَّة ***تَندُبُهُ بِندْبَةٍ شَجِيَّة (4)
1988 تُذِيبُ قَلْبَ الصَّخْرَةِ الصَّمَاءِ(5) *** أَشجى شَجِيَّ مِنْ نُدْبَةِ الخَنْساءِ (6)
(157)
1989 يا طالب المَعْرُوفِ وَالأيادى *** لُذ بِمُحَمَّدٍ سَليلِ الهادِى
ص: 177
1990فَانهُ السَّيِّدُ وَابْنُ السَّادَةِ *** فِي مَلَكُوتِ الغَيْبِ وَالشَّهادة ِ
1991 أكْرِمْ بِهِ مِنْ سَيِّدٍ مُطَاع ٍ*** فِى عالَمِ التَّكْوِينِ وَالإبْداعِ
1992 وَكَيْفَ لا وَهُوَ ابْنُ مَنْ تَدَلّى***سِرُّ أبِيهِ فِيهِ قَدْ تَجَلّى
1993 يُمَثلُ المَبْعُوثُ بِالرّسالة *** فِى العِزِّ والرَفْعَةِ وَالجَلالَةِ
1994 أَخلاقُهُ الغُرُّ مُحَمَّدِيَّة *** وَكُلُّ مَكْرُماتِهِ عِلِّیَةٌ
1995 خُلاصَةُ الأمْجادِ وَالأَكارِمِ*** وَصَفْوَة الإيجادِ فِي المَكارِمِ
(158)
1996 صفاته الفاضِلَةُ القُدْسِيَّةُ *** دیباجَةُ الفَضائلِ النَّفْسِيَّةِ
1997 وَكَيْفَ وهو وارث النبوة *** فى المجد والمَنْعة (1)وَالفُتُوَّةِ
1998 وَمِنْ مَصادِرِ العُلُومِ الحَقِّةِ *** عُلُومُهُ مُشْتَقَةٌ بِالدِّقَة
1999إذْ هُوَ غُصْنُ دَوْحَة الإمامة *** فى العِلْمِ وَالحِكْمَةِ وَالكَرامَةِ
2000بلْ هُوَ فى ولاية الإرشاد*** إلى الهدى سر أبيه الهادى
2001 مَقامُهُ الكَرِيمُ مِنْ أَبِيهِ *** يَبْدُو مِنَ البَداءِ فِى أَخِيهِ
2002وَكَفُهُ كَالدُّرَةِ اليتيمة (2)***ليْسَ كَمِثْلِها یَدْ كَرِيمَةٌ
2003 بَلْ يَدُهُ فِي الجُودِ والعوالي(3)*** یدُ النَّبِيِّ المُصْطَفَى وَالآلِ
2004 أكْرِمْ بِها فَإِنَّها يَدُ النَّدى *** مبسوطة على البراباً أبداً
ص: 178
179
2005 تلك يدُ المَعْرُوفِ ما انَداها *** وَكُلُّ خَيْرٍ هُوَ مِنْ نَداها
(159)
2006 وبائه مُختَلَفُ الأَمْلاكِ *** مُعْتَكَفُ العُبادِ والنُسّاكِ
2007 وَكَعْبَةُ الوُفُودِ(1)للوفادِ ***و قبُلَةُ الشُّهُودِ لِلأَوْتاد
2008 وبابُهُ مَطافُ كُلِّ طائِفٍ*** وَمُسْتَجارُ الكُل فِي المَخاوِف ِ
2009وبابُهُ الرَّفِيعُ بابُ العَظَمَةِ *** وَمَشْعرُ الشَّعائِرِ المُعظَّمةِ
2010وبابُهُ بابُ النّجاةِ وَالفَرْجِ *** عَنْ كُلِّ شِدَّةٍ وَضَيقٍ وَحَرَجٍ
2011 وبابُهُ منْهَلُ كل صادٍ***وَمَشْرعُ(2) الحَياةِ لِلْوُرادِ
(160)
2012 وَكَمْ بَدَتْ فِيهِ مِنَ الخَوَارِقِ *** حتى بها أَقَرَّ كُلُّ مارِقٍ
2013 لا غَرُو أَنَّهُ ابْنُ مَنْ شَقَّ القَمَر *** وَذاكَ فِى أَسرعَ مِنْ لَمْحِ البَصَرِ
2014 وَأَنَّهُ ابْنُ بُجْدَةِ(3) الكَرامَةِ*** تُراثُهُ شَهامَةُ الإِمامَة ِ
2015 مِنْ عُنْصُرِ النُّبُوَّةِ الخَتْمِيَّةِ *** منْ جَوْهَرِ الوِلايَةِ العِلّيَةِ
ص: 179
(161)
2016 لَهُ يَدُ البَيْضَاءِ فِي التَّصَرُّف *** يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ سِرُّهُ الخَفِيُّ
2017 وحازَ مِن مَراتِبِ الكَمالِ*** ما جازَ حَدَّ الوَصْف بِالمَقالِ
2018 مقامُهُ السّامِي مِنَ الوِلاية ِ*** فَوْقَ السَّمَاءِ لا إلى النِّهايَةِ
2019 فازَ بِأَرقى رُتَبِ الكَرامَةِ*** بِكُلِّ مَعْناها سِوَى الإِمامَةِ
2020 فَنُورُهُ نُورُ َمَصابيحِ الهُدى*** وجُودُهُ جُودُ مَفاتيحِ النِّدى
2021 بَلْ هُوَ فِي وُجُودِهِ الرَّبَّانِي*** إنسانُ عَيْنِ نَشْأَةِ الأَعْيانِ
(162)
2022 وَهُوَ اَتمُّ الكَلِماتِ المُحْكَمَة *** إِذ نُقطَةُ الباءِ لِسيمَاهُ سِمَةٌ
2023 بَل نُورُهُ مِنْ نَيْرِ النُّبُوَّةِ *** وَفِيهِ كُلُّ غايَةٍ مَرْجُوةٌ
2024 بِهِ استَدارَ الفَلَكُ الدَّوّارُ*** لأبل به استنارت الأنوار
2025 لأبَل بِنُورِ عِلمِهِ الإلهِي*** حَقِيقَةُ الحَقِّ بَدَتْ كَماهِيِ
2026بَل ذاتُهُ مِرآة حُسنِ الذَّاتِ *** وَالصُّورَةُ الأَسْمَاءِ وَالصِّفاتِ
2027 أَكرِم بِهِ مِنْ عُنصُرِ رَبُوبى*** مُسْتَوْدَع الأَسرارِ والغُيُوبِ
2028 قَدْ فَازَ مَنْ لأذبِهِ فِي كُرْبَتِهِ*** فَالفَوْزُكُلُ الفَوْزِ عِنْدَ تُرْبَتِهِ
2029 رَوْضَتُهُ خَيْرُ رِياضِ الجَنَّةِ *** فَإِنَّها مِنَ البَلاءِ جُنَّةٌ
ص: 180
181
2030 رَوْضَتُهُ خَيْرُ رِياضِ القُدْسِ*** يُشَمُّ مِنْهُ نَفَحات ُالأُنسِ
2031 رَوْضَتُهُ جَنَّةُ أَهْلِ المَعْرِفَةِ *** فِيها تَجَلَّى كُلُّ اسْمٍ وَصِفَةٍ
2032 ضَريحُهُ أَسمى مِن الضُّراحِ *** وَكَيْفَ وَهُوَ مَعْقِلُ(1)الاَرْواحِ
2033 قُبّتُهُ مِنْ قُبَّةِ السَّماءِ *** كَقابَ قَوْسَيْنِ مِنَ الغَبْراءِ(2)
2034حَرِيمُهُ حِرْزُ مِنَ المَخاوِفِ *** والحَرَمُ الأَمْنُ لِكُلِّ خَائِفٍ
2035 حِصنٌ مَنيعٌ للوَرى جَوارُهُ*** يأحَبَّذا جِوارُهُ وَجارُهُ
2036 لُذ بفنائِهِ بِعَزمٍ صائِبٍ*** تَجِدهُ عَوْناً لَكَ فِي النّوائِبِ
2037 وفِي فِنائِهِ دَواءُ الدّاءِ *** وَغايَةٌ المَأمُولِ والرّجاءِ
2038 وَاليُسْرُ بَعْدَ العُسْرِ فِي فِنائِهِ*** بَلْ كُلُّ خَيْرٍ هُوَ مِنْ عَطائِهِ
«تَمَّ الكتابُ بِعُونِ اللهِ تَعَالَى»
« والحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العالَمين»
ص: 181
للناظم قدّس سرّه ولم تُطبع الاّ فِى هذه الطبعة وأُخذتْ مِن النسخة المخطوطة ولهذا أُفردت بالذكر وما الحقتْ فى ضمن الديون
1 أَكرِم بِيَومِ الغَدِير عِيداً *** لَكَ الهَنادُم (1) بِهِ سَعِيداً
2 وَعِشْ بِاَصفى عَيْشِ وَاهْني*** فَالعَيْشُ فِيهِ غَداً رَغِيداً (2)
3 بِنِعْمَةِ اللهِ فِيهِ حَدَّث *** وَاشْكُرْ لِتُسْتَوْجَبَ المَزِيدا
4 فَالدِّينُ قَد نال مِنْهُ حَظَّاً *** لأزال غَضّاً (3)بِهِ جَدِيداً
5 يَوْمَ بِهِ الحَقُّ قَدْ تَجَلى*** وَقَدْ غَداً غَيْبُهُ شُهُوداً
6 يَوْمٌ بِهِ الدِّينُ قَدْ تَعالى *** وَنالَ مِنْ سَعْدِهِ سُعُوداً
7 يوم بَدأفِيهِ سِرّ قُدس ***كَالصُّبْح إذ مَثَّلَ العَمُودا
ص: 182
8 فَشاهَدُوا فِيهِ طَوْدَ نُورٍ *** مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْمَعُوا رَعِيداً
9 وَأَشْرَقَتْ ذِرْوَةُ المَعالِي*** بِرَبِّها سُودَداً (1)وَجُوداً
10 وَكَمْ أرَادُوا لِيُطْفِئُوهُ *** لكِن اَبی نُورُهُ الخُمُودا
11 وَلِلْهُدى شِيدَ(2) فيهِ قَصْرُ *** عَلى التُّقى لَمْ يَزَلْ مَشِيداً
12 بناهُ رَبُّ السَّماً رفيعاً *** لِيَذْكُرُوا إِسْمَهُ المَجِيدا
13 تَرُوحُ (3)أَمْلاكُها وَتَغْدُو(4)*** بِبابِه رُكَعاً سجُوداً
14 جاز السَّمواتِ ارتفاعاً*** وَسِدْرَة المُنتَهى صُعُوداً
15 وَسُلَّ(5) لِلَّهِ فِيهِ سَيفٌ ***بحَدِّهِ يَقْطَعُ الحَدِيدا
16 وَفِي لَظَى(6) الحَرْبِ وَهُوَ فَرْدٌ*** يُفَرِّقُ الجَمْعَ وَالعَدِيدا
17 وَما رَأَيْنا لَوْلاهُ دِيناً *** ولا رُسُوماً ولا حُدُوداً
18 لؤلا نفاق ولا شِقاقٌ*** لمْ يُبق ِكُفراً وَلا جُحوداً
19 إِنْ كُنْتَ تَبْغِى شُهُودَ صِدْقٍ*** سل عنْهُ بدراً أو الوَلِيدا
20 سَلْ خَندقاً وابْنَ عَبْدَوَدٍّ*** سَلْ خَيْبَراً عَنْهُ وَاليَهُودا
21 وَجازَ حَدَّ الثّنا بأُحدٍ*** حَيْثُ ارْتَقى مُرْتَقى بَعِيداً
22 وَفِيهِ فاضَ الغَدِيرُ حَتَّى***كادتْ لَهُ الأَرْضُ أنْ تَمِيدا
23 آحيی به اللهُ كُلَّ قَلْبٍ ***ما كان صَلداً (7) وَلا حَقُوداً
24 وَيْلٌ لِمَنْ غَاظَهُ الغَدِيرُ *** وَيْلٌ عَلى مَنْ أَبَى الوَدُودا
ص: 183
25 فَغَنِّ وَاطْرَبْ أَلَسْتَ تَسْمَعُ *** مِنْ مَلَكُوتِ السَّما نَشِيداً (1)
26 إِنَّ السَّمواتِ راقِصاتٌ *** صَفّق(2) لَها إِنْ تَكُنْ رَشِيداً
27 - وَاخْضَرَّ فِيهِ عُودُ (3) الأَمانِي*** حيْثُ الغَوانِى ضَرَبْنَ عُوداً
28 وطَوّقَ(4)العِزَّ اَىَّ عِزٍّ ***بامْرَةِ المُؤْمِنِينَ جِيداً
29 جِيدٌ لَهُ ذَلَّ كُلُّ جِيدٍ***يَقُودُ سُلْطانُهُ الجُنُودا
30 اَتَتْهُ مِنْ مَبْدَءِ المَبادِى *** خِلافةٌ اعْقَبَتْ وُجُودا
31 ولأية لا أجَلَّ منِها *** وَلا عَلَيْها تَرى مَزِيداً
32 وِلايَةٌ مَعنَويَّةٌ لا*** مَحِيصَ عَنْها وَلا مَحِيدا
33 لِحُكْمِها انقادَ كُلُّ شَيْءٍ*** طَوْعاً وَكَرْهاً كما أُرِيدا
34 قُمْ وَارْوِعَنِّى حَدِيثَ عَهْدٍ*** قد كان ميثاقُهُ أكيداً
35 لُمَّا آتَى الوَحْى يَوْمَ خُمِّ*** وَقَدْ حَوَى الوَعدَ والوَعِيدا
36 قامَ نَبِيُّ الهُدى خطيباً *** وكانَ رَبُّ الوَرى شَهيداً
37 فَبلِّغَ الأَمْرَ فِى عَلِيٌّ*** بِكُلّ ما يَرْغَمُ (5)الحَسودا
38 فقال فِى خُطبةٍ تَفُوقُ *** بِلَفْظِهَا الجَوْهَرَ النَّضِيدا
39 أَلَسْتُ أولى بِكُمْ فَقالُوا *** بَلَى وَقَدْ أَضْمَرُوا الحُقُودا
40 فَقالَ مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ هذا*** مَؤلاهُ أَكرِم بِهِ عَمِيداً
41 فَقَد تَعَذّى بِعِلمِ رَبِّى*** إِذ كانَ فِي بَيْتِهِ وَلِيداً
42 وَأَمْرُهُ مِن ماضِيِه أَمضى*** عَلَى البَرايا بِيضاً وَسُوداً
ص: 184
43 وَرَأَيْهُ فِى الأُمُورِ طُرّاً (1)*** كَرُمْحِهِ قَدْ بَدا سَدِيداً
44 بِهِ رحَى الحَقِّ مُسْتَدِيرٌ*** فَقَدْ غَدا قُطْبُهُ الوَحِيدا
45 لَهُ مِن المُكرُماتِ مالاً*** یُحصى بَلا مِريَةٍ عَدِيداً
46 كَفاهُ آئ (2)الكتابِ مَدْحاً ***فَلَو أَرومَنَّ(3) لَن أَزِيدا
47 فَاهْتَزَّ عَرْشُ العُلا لِمَوْلى*** لَه الوَرى أَصْبَحُوا عَبِيداً
48 قبايَعُوهُ وَ خالَفُوهُ*** لَمّا رَأَوا بأسَهُ شَدِيداً
49 وَحِينَ غَابَ النَّبِيُّ عَنْهُمْ*** أَكرِم بِهِ غائباً فَقِيداً
50 مالُوا عَنِ الحَقِّ وَاسْتَحَلُّوا*** ذِمامَهُ خالَفُوا العُهُودا
51 وصالِحُ المُؤمِنينَ فِيهِم*** أصْبَحَ مُسْتَضْعَفاً فَرِيداً
52 لَوْلا القَضا رَبُّهُمْ أَتاهُمْ ***بصَيْحَةٍ أَهْلَكَتْ ثَمُوداً
53 عَوْداً عَلَى البَدْءِ قُلْ وَكَرّر*** أَكرِم بِيَومِ الغَديرِ عِيداً
ص: 185
يؤسفنا أن وقعت بعض الأخطاء في هذه الطبعة القشيبة ، وقد بادرنا بإحصاء المهم منها - تاركين يسيرها لفطنة القارىء اللبيب - وبهذه الصورة :
البيت ...الهامش ... الخطأ ...الصحيح
11...-... سُلظان ...سُلطان
-...6 ... فاجبت ... فأحببت
-....9 ...المبطبوعة ... المطبوعة
-...14...الشئون ... الشؤون
52...-...خَفائُه ....خَفاؤُهُ
65...-... سَمْحاً... سَمْحَاءُ
84...-....ثَنائُهُ.... ثَناؤُهُ
-...73...العبير... البعير
-...95...والعالم ... والعام
168...-... لالى ...لأولي
-....104... الغذير... الغدير
228 ...-...فضائت ...فضاءت
-...115... الأحد ... أحد
280 ...-...قبللة ...قِبْلَةَ
371 ...-...أسْمائُهُ... أَسْماؤُهُ
387 ...-...دنی ...دنا
393 ...-....النَّجاجُ ... النَّجاحُ
425 ...-...بلامارة .... بِالْإِمَارَةِ
468...-...حققه ... حقيقة
533...-...أخشاءه ... أخشاوه
-...250...الفسخة ... الفسحة
-...268...للاستثاثة ... للاستغاثة
614...-...ثَمَثُلاً... تَمَثلاً
615...-...ثَمَثَل ...تَمَثَّلَ
660...-...بكاءه ... بُكَاؤُهُ
-...318... مجتمهم ... مجتمعهم
-....325... عطى ... غطّى
746...-...حاطبَةُ ... خاطَبَةُ
769...-...أوْلِياءُهُ ... أَوْلِياؤُهُ
771...-...وَأَوْلِياتُهُم ... وَأوْلِياؤُهُم
-....350...الهمزة ... همزة
808...-...بَدْعُها ... بَدوُها
809...-...مبْدَءُة ... مَبْدَؤُهُ
841...-....بناءها ... بناؤُها
-....368... بالشقشية ... بالشقشقية
898...-...يُصاهي ... يُضاهي
-...381... الخناژ ... الخنا :
-...382...لازوار... لازورار
963...-...لذك ...لذاك
987...-....شُونُ ... شُؤُونٌ
989...-....شُونِهِ ...شُؤُونِهِ
1046....-....الخَوْنِ ....الخَؤُونِ
-...397...تا ... إلى
-...400....الفاطر... فاطر
1116...-...اليت ... البَيْتِ
-...416... وانمحبت ... وانمحت
1168...-....هِيَ ... هُوَ
1240...-....اسائة... اساءة
ص 117...-... أسْمائُه ...أَسْماؤُهُ
-...507...أدات ...أداة
-...515 ...والكلماة ...والكماة
1627....-...بُوهُ عَينُ اللهِ وَهُوَ نُوزُها .... به الهدايَةُ اسْتَنارَ طُورُها
1639...-...الرُّؤْسِ ... الرُّؤُوسِ
-...535...رؤسهم ... رؤوسهم
-...539...ذهبت ...ذهب
1663...-...خُذرها... خدرها
-...546...يستحيى ... تستحيى
-....546... حالكونهن .... حال كونهن
1682...-...علاءها ... علائها
1682....-...علاءها ... علائها
ص 151...-... أصاب ... أصابه
-...586...حالكونه ...حال كونه
1776...-...خَررَّ ...خَرَ
-...594...الاعزال ...الاعزل
-...612...هذ ... هذا
-...612... تميز ... تمييز
ص170...-...ابوا ... ابو
ص182...-...الديون ... الديوان
ص: 186
الموضوع ....الصفحة
كلمة المصحح ...5
ترجمة الناظم ...7
في مولد النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) ...13
معاجزه و مقاماته (صلی الله علیه وآله وسلم)...16
القرآن الكريم ...17
الدين الابدى ...18
فضله على الانبياء...19
المعراج ...20
لواء الحمد...21
فوز الانبیاء به...22
سلطانه الظافر ...23
تدرّجه في العظمة ...24
الحجيج والمؤمنون ...52
فى صاحب خلافة الله الكبرى اميرالمؤمنين(عليه السلام) ...27
سر واقعة الغدير ...28
مرتبته (عليه السلام)...30
کسره الاصنام...31
صولته ...32
عيد الغدير...33
ص: 187
الموضوع ...الصفحة
الغدر والختل ...34
في مولد الصدّيقة الطاهرة (سلام الله علیها)...36
بابها و حجابها ...38
انوارها المشرقة ...39
الشجرة الطيبة وثمارها...39
تهنئة سيّد الرسل بها ...40
البشرى ...41
الرّزيّة الكبرى والضرم في الباب ...42
فی مولد الحسن المجتبى(عليه السلام)...45
موقفه من الكيان العالمى ...46
ووالد وماولد ...47
البشرى ...48
التهنئة والفضائل والتسليم والرضا ...49
المدفن القدسي ...51
فى مولد الامام الشهيد الحسين (عليه السلام)...53
النور الانور ...54
البشرى ...55
التهنئة ...56
الدم الاقدس ...57
الفؤاد الصادي ...58
الرأس الكريم ...60
الفوادح ...61
في الامام السجاد (عليه السلام)...63
الصبر والحلم الفجائع المشهودة...67
ص: 188
الموضوع ... الصفحة
دمشق والفوادح ...68
الامام عليه السلام يبكي ...70
يا لثارات الحسين(عليه السلام)...70
في الامام محمد الباقر (عليه السلام)...72
راية الرسالة ...73
النور الالهى ...74
المشائل القدسيّة وهو والغيب ...75
هشام والظلم ...77
الشهيد المسموم ...78
في الامام جعفر الصادق (عليه السلام) ...80
شمس الهدى ...81
انواع العلوم ...82
الدوانيقى والقساوة...85
باب الحوائج الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) ...87
باب الرحمة ...88
السجن والسرّ ...89
الكوارث والمحن ...91
النعش المحمول ...93
فى الامام علی بن موسی الرضا(عليه السلام) ...95
قوله و بیانه ...97
الحرم المنيع ...99
الباكون عليه ...100
في الامام الجواد (عليه السلام) ...102
باب المراد والفرج ...104
ممثل السلف الطاهر...106
ص: 189
الموضوع...الصفحة
البكاء عليه ...107
في الامام الهادي (عليه السلام)...109
الجوارح والجوانح ...110
بابه والكعبة ...112
خان الصعاليك ...114
المصائب ومن بكى عليه...116
في الامام العسكري (عليه السلام)...117
علومه ومعارفه ...120
بركة السباع ...122
فى مولد الامام المهدى (عجل الله تعالی فرجه) ...124
غرّته وولى الامر ...125
بشراک ...126
انهض على اسم الله ...128
الغوث ...129
انشر لواک...130
في زينب الكبرى(سلام الله علیه)...133
فى على الاكبر (عليه السلام) ...138
فى قمر الهاشميين (عليه السلام)...149
فى القاسم بن الحسن (عليه السلام)...155
فى اوّل الشهداء مسلم بن عقيل (عليه السلام)...160
في جعفر الطيار(عليه السلام) ...165
فى ابی طالب (عليه السلام) ...169
في حمزة بن عبدالمطلب (عليه السلام) ...173
في محمّد بن الهادی(عليه السلام) ...177
قصيدة غديرية ...182
ص: 190
الاصطلاح ...رقم التعليقة ...الصفحة
العلم الفعلى ...1...13
القضاء ...2...13
الرقيقة ...3...13
الحقيقة المحمدية ...4...13
النفس الرحماني ...426...109
الفيض ...6...14
قلم الاقلام ...9....14
الجوهر الفرد ...10...15
الابداع ...12...15
عالم الارواح ...13...15
الحروف العاليات ...14...16
العزائم ...30...18
الكنز المخفى ...49...20
الاعراف ...46...23
الاثير ...74...24
الحديث ذو شجون ...163...42
الضراح ...190...47
ص: 191
الاصطلاح ...رقم التعليقة .....الصفحة
الاطوار السبعة ...284...65
الملكوت ...391...96
الجبروت ...392...96
التجريد والتفريد ...394...97
السبع المثاني ...410...103
الحب السبع ...412...105
الحضرات الحمس ...413...105
كواكب السعود ...419...107
جمع الجمع ...432...113
السماكان ...594...158
ص: 192