بطاقة تعريف: ابوالمجد، محمدرضا، 1247 - 1322.
عنوان واسم المؤلف: السيف الصنيع لرقاب منكري علم البديع/ تالیف: محمد رضا النجفي الاصفهاني ؛ التحقیق: مجید هادي زاده.
تفاصيل المنشور: قم: مکتبة الادبیة المختصة، 1427ق.= 1385.
مواصفات المظهر: 320ص.
شابک : 15000 ریال:964-8629-85-4
حالة الاستماع: الاستعانة بمصادر خارجية/ تحت التوثيق
لسان : العربية.
ملحوظة: قائمة المصطلحات.
ملحوظة: فهرس: ص. [314] - 320.
ملحوظة: حساب تعريفي.
موضوع : ابوالمجد، محمدرضا، 1247 - 1322. -- السيرة الذاتية
موضوع : اللغة العربية -- بدیع
اللغة العربية -- المعاني والتعبير
المعرف المضاف: هادی زاده، مجید، 1349 -
ترتيب الكونجرس: PJA2038/الف8س9 1385
تصنيف ديوي: 808/04927
رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1 0 4 4 9 7 8
السيفُ الصَّنِیعُ
لِرقَاب مُنكري علمِ البَديع
تالِيفُ
آیَة الله العُظمَی
الشَّيخُ مُحَمَّدِ رِضَا النَّجَفیّ الأِصفَهَاني
تَحقيق
مجيد هادي زادة
المَکتَبَةُ الادبیَّة المختَصَة
ص: 1
حقوق الطبع محفوظة
للناشر
شابك 4 - 85 - 8629 - 964
ISBN 964 - 8629 - 85 - 4
الكتاب : السيف الصنيع لرقاب منكري علم البديع
المؤلّف : آية الله العظمى الشيخ محمد رضا النجفي الأصفهاني
المحقق : مجید هادی زاده
الناشر : المكتبة الأدبية المختصة
الطبعة : الأولى / ربيع الآخر - 1427 ه-
لیتوگرافی : تیز هوش - قم
المطبعة : ستارة - قم
الكمية : 2000 نسخة
السعر :15000 ریال
ص: 2
بِسمِ الله الرَّحمَن الرَّحِیم
ص: 3
ص: 4
مقدّمة المصحّح
تقدمة ... 11
1. النظر الأوّل: المؤلّف ... 12
1 - 1 أسرته ... 13
2 - 1ولادته ... 14
3 - 1 أجداده ... 14
4 - 1 عودته إلى أصفهان ... 15
5 - 1 عودته إلى النجف الأشرف ... 15
6 - 1 إجازاته ... 18
7 - 1 تدريسه في النجف الأشرف ... 19
8 - 1 الهجرة إلى كربلاء المقدّسة ... 19
9 - 1 الهجرة إلى أصفهان ... 20
10 - 1 هجرته إلى قم المقدسة ... 21
11 - 1 المجازون منه ... 22
12 - 1 العلامة النجف في مرآت أقوال الأعلام ... 22
ص: 5
13 - 1 آثاره ... 25
14 - 1 تلامذته ... 28
15 - 1 وفاته ... 30
16 - 1 موقت حياة العلّامة النجفي ... 31
2 النظر الثاني: العلّامة النجفي و علوم الأدب العربي ... 32
1 - 2 معرفته بدقائق علم النحو ... 32
2 - 2 معرفته بدقائق الأدب العربي ... 33
3 - 2 صلته الوثيقة بأدباء النجف الأشرف ... 33
4 - 2 تدقيقات دائمة في ما يرجع إلى الأدب العربي ... 35
5 - 2 خصائص أدب العلّامة النجفي ... 35
الف 5 - 2 غناء خزانته اللغوية ... 35
ب 5 - 2 براءة أدبه عن العجمة ... 36
ج 5 - 2 العناية التامة بالصنايع البديعية ... 36
د 5 - 2 الغناء المعنوي ... 36
س 5 - 2 رقّة المعاني ... 37
م 5 - 2 سعة حيطته ... 37
ي 5 - 2 النثر الفنّي المسجّع ... 37
3. النظر الثالث: المؤلّف ... 39
1 - 3 اسم الكتاب ... 39
2 - 3 تأريخ تدوين الرسالة ... 39
3 - 3 إشارةٌ إجماليةٌ إلى أصول آراء المصنف في هذا الكتاب ... 41
4 - 3 ثناء العلماء على الكتاب ... 56
4. النظر الرابع عملي في تحقيق الكتاب ... 57
ص: 6
المرحلة الأولى ... 57
المرحلة الثانية ... 58
المرحلة الثالثة ... 58
المرحلة الرابعة ... 59
المرحلة الخامسة ... 59
التعقيبات علي التقدمة التقدمة ... 61
نصّ الكتاب ... 75
فصلُ ... 85
فذلكة المقام ... 104
رجع ... 109
فذلكة المقام ... 118
فصلٌ ... 119
فصلٌ ... 125
رجع إلى ما كنّا بصدده ... 135
فصلٌ ... 136
فصلٌ ... 140
فصلٌ ... 143
فصلٌ ... 144
فصلٌ ... 164
[رواية قصيدة «التنصّر» ] ... 180
ثَبَت معاني غريب الألفاظ ... 185
ص: 7
التعليقات على النصّ ...213
الفهارس الفنّيّة ... 303
فهرس الآيات .... 305
فهرس الأعلام ... 305
فهرس الأشعار ... 308
أوّلاً: فهرس الأبيات ... 308
ثانيًا: فهرس المصاريع ... 311
فهرس مصادر التحقيق و التعليق ... 313
ص: 8
ص: 9
ص: 10
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الّلهمّ صلّ و سلّم على مؤدّب العالمين، مبتدء كتاب كلماتك وخبر جملة إيجادك سيّدنا و مولانا محمّد المصطفى الذي أدّبه ربُّه فأحسن تأديبه و على آله الّذين هم رافعوا لواء شرعه و مؤدّبوا أمّته من بعده.
و بعد؛ فهذا كتاب «السيف الصنيع لرقاب منكري علم البديع»(1) ، للحبر الكبير الشيخ أبي المجد محمّد الرضا(2)2 ابن العلّامة الفقيه الأصولي المفسّر الشيخ محمد حسين النجفي الأصفهانيّ قدس سرهما و الكتاب جزءٌ من تراثه الخالد في ساحة ما يرجع إلى لغة الضاد، فهو جزءٌ من خزانته الأدبيّة الكبرى.
و اليوم أقدّمه إلى أبناء وطنه، و إلى المهتمين باللغة العربية التي هي لغة كتاب الله الكريم، وسنّة نبيّه و أهل بيته الكرام علیهم السلام ، راجياً منه - تعالى - أن يتفضّل عليَّ بالقبول و أن يهدينا إلى ما فيه رضاه إنّه ولي الهداية و منه التوفيق!.
***
لاريب في أنّ المسلمين منذ بداية عصر الإسلام قد اعتنوا بهذه اللغة بما أنّها لغة الوحي المبين، ولا يمكن العثور على دقائقه والوصول إلى مغزاه - على ما هو المقدور للناس لا كما
ص: 11
هو حقه، فانّه لا يقدر عليه إلّا المعصومون الراسخون في العلم علیهم السلام - إلّا بالتدرّب التامّ فيها و المعرفة الكاملة بجليّها و خفيّها . و لذلك نرى ان كثيراً من المسلمين قد صنّفوا في العلوم الأدبيّة، بين العرب وغير العرب.
و من اللافت للنظر الجهود المضنية التي تحمّلها الفرس في هذا المجال؛ فكم منهم كمهيارٍ الديلمي رحمه الله - -من سلك سبيل الشعر ففاق الأقران، وكم منهم - كسيبويه - من اقتفى اثر النحاة ففاز في هذا الميدان وكم منهم كالزمخشري - من صنّف في علم اللغة فكان مصنفاً مجيداً، وكم منهم من لم يسلك سبيل التصنيف وكان في دهره وحيداً فريداً؛ و هذا أمرُ لاريب فيه ولا شبهة تعتريه.
و هذا الكتاب يمثل لنا إحدى الحلقات الأخيرة من سلسلة مؤلفات الفرس في الأدب العربيّ، فعلينا الاعتناء به، والارتواء من منهله فلا غرو لو اعتنيت به و صرفت شطراً من عمري في تحقیقه و تشکیله و تعجیمه، ثمّ تنظيم ثبَتٍ لغرائب معانيه و التعليق على ما يحتاج إلى التعليق من مبانيه.
و هذه تقدمتي عليه، و سيتم البحث فيها في أنظارٍ أربعة:
النظر الأوّل: المؤلّف، و ذكر شيء عن ترجمته و سوانح حياته؛
النظر الثاني: المؤلّف و علوم الأدب العربيّ
النظر الثالث: المؤلّف و ما رام المؤلّف أن يبيّنه فيه؛
النظر الرابع: عملي في تحقيق الكتاب.
و الله من وراء القصد.
ص: 12
هذا فصل عقدته في مبتدء هذه المقدّمة لإشارة اجمالية إلى حياة المؤلّف رحمه الله و سوانحها. و السرّ في عدم التفصيل فيه يرجع إلى أنّ بعض أصحاب القلم قد دوّنوا في الفترة الأخيرة مقالات و رسائل حوله بين إجمالٍ وتفصيل فمنهم من أطنب الكلام فيه ذاكراً جميع ما عثر عليه من أخباره و آثاره3(1) ، و منهم من قصر فيه4(2) . و لكن لكي لا يكون القارىء الكريم غير بصير بشخصية المؤلّف العلميّة و الجماعية ها أنا أذكر في هذا الفصل بعض ما يرجع إليه وإلى أسرته.
ولا يفوتني أن أذكر ان الهدف النهائي الحاسم من هذا المقال هو الإيعاز إلى شخصيته الأدبية، متعلّماً أو أستاذاً أو مصنّفاً، لما لهذه الجهة من شخصيّته من الصلة بكتابه هذا؛ فمن المفروض على المهتمين به لفت النظر إليها أكثر من غيرها من نواحي شخصيته و بروزاتها. فنسدّد في مختتمم هذا الفصل نحو أدبه لنرى ما له من القيمة و المكانة.
قال رحمه الله في سيرته الذاتية التي كتبها إجابةً عن مسؤول العلامة المدرّس التبريزي رحمه الله :
«أنا أبو المجد محمّد الرضا ابن الحاج الشيخ محمد حسين؛
ابن الحاج الشيخ محمّد باقر؛
ابن الشيخ محمّد تقي صاحب هداية المسترشدين.
و والدتي الشريفة الصالحة ربابة سلطان بیگم بنت السيّد محمّد علي المعروف بآقا مجتهد ابن السيد صدر الدين العامليّ؛
و أمّ والدي بنت السيد صدرالدين المذكور؛
و أمّ والدتي بنت الحاج السيد محمد باقر الرشتي المعروف بحجة الإسلام الشفتيّ؛
ص: 13
و أمّ والدها آقا مجتهد بنت الشيخ جعفر كاشف الغطاء؛
و أمّ الحاج الشيخ محمد باقر بنته أيضاً»5(1).
و عن الشيخ الطهرانی رحمه الله في توصيف أسرته:
«آل صاحب الحاشية. بيت علم جليل في اصفهان يُعد من أشرفها و أعرقها في الفضل، فقد نبغ فيه جمع من فطاحل العلماء و رجال الدين الأفاضل، كما قضوا دورًا مهمًّا في خدمة الشريعة ونالوا الرئاسة العامة، لا في
اصفهان فحسب بل في ايران مطلقاً»6(2).
و سنفصّل بعض الكلام حول آبائه الكرام في هذه التقدمة وتعقيباتها.
قال رحمه الله في سيرته الذاتيّة:
«الولادة وتأريخها:
و إذا عدَدتَ سِنِّي ثم نقصتها *** زَمَنَ الهموم فَتلكَ سَاعَة مولدِي7(3)
ولدت يوم عشري المحرّم8(4) سنة 1287 توأم الهم والغم في محلّة العمارة من محال النجف الأشرف».
أمّا أبوه رحمه الله فهو العالم العلّامة آية الله العظمى الشيخ محمد حسين النجف الأصفهاني؛ و قد كتب أخوه العلّامة آية الله الشهيد الشيخ نورالله رسالةً وجيزة في ترجمته9(5)؛
و أما جده رحمه الله فهو آية الله العظمى الشيخ محمّد باقر النجفي، من أعاظم تلاميذ المحقق الأنصار رحمه الله ؛ وأمّا جدّه الأعلى رحمه الله فهو آية الله العظمى الشيخ محمّد تقي صاحب الحاشية الكبيرة على معالم الدين و في هذه الطائفة فئة كبيرة من رجال العلم والدين.
ص: 14
قال رحمه الله:
«و لما ناهزت العشر من مدارج العمر سافرت إلى اصفهان و بقيت بضع سنين فيها».
وكانت عودته في سنة 1296 ه . ق . و في هذه الفترة كان جده العلّامة الشيخ محمّد باقر الزعيم الدينيّ لهذه البلدة.
و قد شرع في تحصيل العلم فيها على أساتذة لانعرفهم.
قال:
«ثمّ رجعت إلى النجف الأشرف في خدمة الجد والوالد في ذي الحجّة سنة 1300 ه . ق ».
وكان آنذاك ابن ثلاث عشرة سنةً. وقد طالت هجرته هذه 32 سنةً.
و في هذه الفترة حضر على جمع من المشايخ الكرام، فأخذ منهم ما كان يرومه من الأدب و الفقه والأصول والحكمة و التفسير وغيرها.
و هذه قائمة مشيرة إلى بعض أساتذته و الدروس التي حضر عليهم فيها:
الف: علم النحو
قال رحمه الله :
«أوّل من يستحقّ الذكر منهم: السيّد إبراهيم القزوينيّ قرأت عليه كتاب «نجاة العباد»10(1) و علم النحو خارجاً، و قد ذكرته في حلى الزمن
ص: 15
العاطل؛ قلت: حضرت درسه قبل أن أبلغ من التكليف الحد و يطرّز بالشعر مني ديباح الخدّ من قبل أن يرقم الشباب على خدّي لام العذار، و يتلاقى فيه الليل والنهار. و حضرت عليه علم النحو من غير كتاب، فأفادني ما أنساني صاحب الكتاب؛ لو رآه سيبويه لا تخذ إبراهيم فيه خليلاً »11(1).
و قال أيضاً:
«قرأت النحو من غير كتاب و معالم الأصول، و الروضة في شرح اللمعة؛ على السيّد العالم الفاضل السيد إبراهيم القزويني»12(2).
و هذا يدلّ بوضوح على أنّ هذه المحاضرات كانت في النجف الأشرف لا في اصفهان - كما تخيّله بعضهم13(3) -.
و القزويني رحمه الله هذا كان يُعد من الأفاضل و قد سكن أخيراً في كربلاء المعلّى14(4).
ب: علم العروض
العلّامة الآية الحجّة الملّا فتح الله الشريعت الأصفهاني رحمه الله15(5).
ج: علم الأخلاق
العلّامة الحجة الشيخ محمد باقر البهاري الهمدانیّ16(6)، من أعاظم تلاميذ شيخ العارفين الملّا حسينقلي الهمدانيّ قدس سرهما. وقد أشار النجفي إلى هذه الاستفادة في إجازة أصدرها لبعض تلامذته.
د: الرياضيات
الميرزا حبيب الله الأراكيّ المعروف بذي الفنون رحمه الله.
ص: 16
س: الهيأة والفلكيات
الميرزا حبيب الله الأراكي المعروف بذي الفنون الله.
ش: تفسير القرآن الكريم
أبوه العلّامة الشيخ محمد حسين النجفيّ17(1) رحمه الله . و قد قرأ عليه تفسير البيضاويّ و شطراً من تفسير الكشّاف.
ص: الحكمة
الميرزا حبيب الله الأراكي المعروف بذي الفنون رحمه الله.
ض: علم الحديث
1 - العلّامة الحجّة الملّا فتح الله الشريعت الأصفهاني رحمه الله ؛
2 - خاتم المحدثين العلّامة الحاج ميرزا حسين النوري الطبرسي رحمه الله صاحب المستدرك18(2).
ط : فن الشعر
العلّامة السيّد جعفر بن محمد الحسينيّ الحليّ رحمه الله ، الشاعر الكبير. له ديوان «سحر بابل و سجع البلابل».
ك: أصول الفقه، المرحلة الوسطى
1 - العلّامة الحجّة الشيخ فتح الله الشريعت الأصفهاني رحمه الله ؛
2 - أبوه العلّامة رحمه الله . و قد قرأ عليهما كتاب الرسائل - للشيخ الأعظم رحمه الله - وكتاب الفصول الغرويّة.
ص: 17
ل : أصول الفقه، المرحلة العلياء
و قد حضر في هذه المرحلة على عدّةٍ من الأعلام، كالسيد صاحب العروة رحمه الله ؛ و الشيخ صاحب الكفاية رحمه الله؛
و العلّامة السيد محمد الفشاركي الأصفهانيّ رحمه الله19(1) .
ي: الفقه، المرحلة العلياء
و قد حضر فيها على أساتذته في علم الأصول، و قد انقطع بعد مدة إلى السيّد الفشاركيّ رحمه الله.
و بعد هذه الفترة قد ترك الحضور على الأساتذة و اشتغل بالمحاضرات العلمية مع أفاضل تلامذته؛ قال:
«و بعد وفاته لم تكن لي رغبة في الحضور على أحد. فاقتصرت على المذاكرات العلمية مع فضلاء تلامذته، كالمرحوم الشيخ حسين المعروف بالكربلائي، والحاج الشيخ عبد الكريم اليزدي، و الميرزا حسين
النائينيّ »20(2).
و يبدو ممّا ذكرنا أنّه شرع في التحصيل في النجف الأشرف في أوائل سنة 1301 ه . ق . و فرغ منه في سنة 1316 ه- . ق . فاستغرقت هذه الفترة 15 سنةً.
و قد صدر له جمع من المشايخ إجازات تدلّ على رتبته السامية وأسماؤهم:
1. العلّامة ملّا فتح الله الشريعت الأصفهانيّ رحمه الله.
2. العلّامة السيد حسن الصدر الكاظميّ رحمه الله.
ص: 18
3. العلّامة الميرزا حسين النوريّ رحمه الله.
4. العلّامة الشيخ محمّد باقر البهاري الهمدانيّ رحمه الله.
5. العلّامة السيّد محمّد القزوينيّ الحليّ رحمه الله.
6. العلّامة السيّد حسين القزوينيّ الحلّيّ رحمه الله.
لاريب في أنه كان يُعدّ من المدرّسين في الحوزة العلميّة بالنجف الأشرف الكبرى، و لا كثير اطلاع لنا بالنسبة إلى تدريسه فيها. نعم! قال بعض أحفاده:
كان يدرّس في النجف الدورة الوسطى و بعض الكتب كالفصول، ثم شرع في تدريس الدورة العليا المسماة بالخارج»(1)21.
قال العلامة الطهراني رحمه الله :
«سكن كربلاء في الأواخر مدةً و يقول في الفائدة الفقهية عند ذكره لأيّام سكناه بكربلاء:
لقلت لأيّامٍ مضين ألّا ارجعي *** و قلت لأيام أتين الا ابعدي»(2) 22.
و قال شيخنا في الرواية العلّامة الحجة الآية السيّد محمّدرضا الحسيني الجلالي - متّعنا الله تعالى بطول بقائه - :
«و لم تحدد المصادر بداية هجرته إلى كربلاء، إلّا انّ أموراً في ترجمته تساعد على ذلك؛
منها: إجازة الميرزا حسين النوريّ - المتوفّى 1320 ه- . ق . - له في كربلاء؛
ص: 19
و منها مراسلاته الشعريّة إلى زميله الشيخ مصطفى التبريزي - ت 1337 ه . ق - . فانّه أرسل إليه - و هو في النجف - قطعاً شعريةً عديدةً مصرحاً بارساله من كربلاء. ويقول له ضمن كتاب إليه من كربلاء:
لئن سار عنك الجسم للطفّ قاصداً *** فعندك قلبي بالغريّ مقيم
فراع له حقّ الجوار مكرّماً *** فقد يكرم الجار الكريم كريم
وقيل: هاجر إلى كربلاء سنة 1330 ه. ق . و سكنها حتّى رجع إلى اصفهان سنة 1333 ه . ق .... و يظهر أنّه قد ألف شيئاً من تراثه الخالد في مدينة كربلاء إبّان اقامته هناك، مثل كتابه «نقد فلسفة داروين» المطبوع في بغداد 1331 ه. ق .... و أخيراً فانّ كربلاء هي مولد نجله الأكبر الشيخ مجدالدين الّذي يكنى به نحو سنة 1326 ه . ق . كما صرّح بذلك الحبيب آباديّ»(1) 23.
قال رحمه الله في سيرته الذاتيّة:
«و مكثت في النجف غالباً إلى سنة نيّف و عشرين. و فيها وقعت الحرب العامة الأوريائيّة، فعمّ شرّها الآفاق و سرى شرر منها إلى العراق، فسلب فيها الأمنيّة وتعبّأت جنود المنيّة. وكان الحزم المسافرة عنها و البعد و لو ذراعاً منها!. و لكن كانت بمنزلة المحال لانقطاع الطرق و تراكب الأهوال. و لكن أدركتني العناية الإلهية فهيأت كل سببٍ، فخرجت خائفاً أترقب.
و كانت من أحسن الأسفار و أجمعها لصنوف السعادات و من أهمها صحبة العلّامة الوحيد الحاج الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي - طاب ثراه - وقد ركبنا سيّارةً واحدةً من كربلاء إلى سلطان آباد العراق، فمكث رحمه الله
ص: 20
فيها وسافرت منها إلى مواطن آبائي اصفهان.
و قد وصلت إليها غرّة محرّم سنة 1334 ه . ق »24(1) .
و بعد أن وصل إلى أصفهان قد اختاره عمّه العلّامة الشيخ نور الله رحمه الله كخليفة لنفسه، ففوّض إليه جميع مناصبه؛ قال رحمه الله في نفس السيرة:
و الرئيس المطاع إذ ذاك لا فيها فقط، بل في جميع إيران عمّى ثقة الإسلام الحاج شیخ نورالله؛ و هو المدبّر و المدير لشؤون الدولة والملة في تلك الأيام الحرجة. وفوّض إلى جميع مناصبه الشرعيّة من الصلوة في مسجده و التدريس و احقاق الحقوق و الوعظ و غيرها و بالجملة تفرّغ عن جميع شؤونه و فوّضها إلىَّ»25(2) .
و في هذه الفترة كان يقيم الجماعة في مسجد عمّه، وكان يدرّس في حوزة أصفهان العلميّة كالتالي:
الف: كان يدرّس المرحلة العليا من علمي الفقه و الأصول في نفس المسجد؛
ب: وكان يدرّس المرحلة العليا من علم الفقه في مدرسة الصدر في السوق العبّاسي، و كان يدرّس في تلك المحاضرات كتاب «نجاة العباد» للعلّامة صاحب الجواهر؛
ج: وكان يدرّس علم الحديث في بيته في أيّام التعطيل.
في سنة 1345 ه. ق . هاجر إلى مدينة قم، وكان ذلك بطلب من صديقه العلّامة محيي حوزتها الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي رحمه الله. وكان هذا الصديق یوصی الطلبة بالحضور على دروسه.
و بعد سنةٍ عاد إلى اصفهان و اشتغل فيها بما كان مشغولاً به قبل هجرته. ثم سافر إلى قم لمرّةٍ ثانيةٍ في رحاب عمّه العلّامة آية الله الشهيد الشيخ نورالله الأصفهاني. وكان بدء السفر
ص: 21
في ربيع الأوّل لسنة 1346 ه . ق ؛ و ختامه في شهر الرجب من تلك السنة.
و قد أصدر إجازات روائية لبعض تلامذته و معاصريه نذكر منهم:
1 - سماحة آية الله العظمى الإمام الخميني رحمه الله.
2 - سماحة آية الله العظمى السيّد شهاب الدين النجفيّ المرعشيّ رحمه الله.
3- سماحة آية الله العظمى الحاج آقا رضا المدني الكاشانيّ رحمه الله.
4 - سماحة آية الله العظمى السيّد أحمد الخوانساريّ رحمه الله.
5 - سماحة آية الله العظمى السيّد مصطفى الصفائيّ الخوانساريّ رحمه الله.
6 - سماحة آية الله العظمى السيّد علي الفاني الأصفهانيّ رحمه الله.
7 - ولده سماحة آية الله الشيخ مجدالدين النجفيّ الأصفهانيّ رحمه الله.
8- ولده الآخر سماحة آية الله الشيخ عز الدين النجفيّ الأصفهانيّ رحمه الله.
9 - سماحة آية الله الشيخ محمد باقر النجفيّ الأصفهانيّ رحمه الله.
10 - سماحة آية الله الشيخ محمّد تقي النجفيّ الأصفهانيّ رحمه الله.
11 - الحاجة أمينة الأصفهانية، أجازها باجازة مفصلة سماها: «الإجازة الشاملة للسيّدة الفاضلة».
12 - سماحة آية الله الميرزا محمد باقر الكمرّه ايّ رحمه الله.
13 - سماحة آية الله الحاج ميرزا خليل الكمرّه ايّ رحمه الله.
14 - سماحة آية الله السيد مصطفى المهدويّ الأصفهانيّ رحمه الله.
15 - سماحة آية الله الشيخ محمد رضا الجرقونيّ الأصفهانيّ رحمه الله(1)26.
ص: 22
اتّفقت كلمة الأعلام على أنّ مصنّفنا الخبير يُعدّ من الرعيل الأول من العلماء، بل من المتفننين في ساحة العلم و المعرفة. و نأتي هيهنا بقائمة تشتمل على أقوال الأعلام حوله، و هذا ما عثرنا عليه، ويمكن أن يعثر الباحث على ما لم نعثر عليه.
الف: قول المحقق الكبير آية الله العظمى السيد حسن الصدر الكاظميّ رحمه الله
قال مقرّظاً على كتابه «نجعة المرتاد» :
«الفاضل النبيل نابغة العصر و وحيد الدهر الفقيه على التحقيق و المحقّق لكلّ غامضٍ دقيقٍ الشيخ أبي المجد محمّد الرضا الأصفهانيّ»27(1).
ب قول الشيخ المؤسس العلامة الحائري رحمه الله
قال:
«لو لم يكن الشيخ محمّدرضا متفنّناً باحثاً في شتى العلوم لكان الشيخ مرتضى في عصرنا»28(2) .
و قال :
«إنّ الشيخ محمّد الرضا هو الشيخ البهائيّ في عصرنا»29(3).
و قال:
«أعتقد انه لا أحد أفضل من الشيخ محمّدرضا، و هو أفضل من يعيش على الأرض»30(4).
ج: قول العلّامة السماويّ رحمه الله
«فاضلٌ تلقّى الفضل عن أبٍ و جدّ و لم يكفه ذلك حتّى سعى في تحصيله وجدِّ، إلى ذكاءٍ ثاقبٍ و نظرٍ صائبٍ و روحٍ خفيفةٍ و حاشية طبعٍ رقيقةٍ. أتى
ص: 23
النجف فارتقى معارج الكمال و زاحم بمناكب الفضل الرجال حتّى بلغ فيه الآمال ...» (1)31.
د: قول الشيخ العلّامة الطهرانيّ رحمه الله
«كان مجتهداً في الفقه محيطًا بأصوله وفروعه، متبحرًا في الأصول متقناً لمباحثه و مسائله متضلّعاً في الفلسفة خبيرًا بالتفسير بارعا في الكلام و العلوم الرياضيّة. وله في كلّ ذلك آراء ناضجة ونظريات صائبةٌ»(2)32.
ك: قول الإمام الخميني رحمه الله
قال رحمه الله في مبتدأ كتابه «چهل حديث»:
«الشيخ العلّامه المتكلّم الفقيه الأصولي الأديب المتبحّر الشيخ محمّدرضا آل العلّامة الوفي الشيخ محمّدتقي الأصفهاني - أدام الله توفيقه »33(3).
و: قول المحقّق آية الله العظمى المرعشيّ النجفيّ رحمه الله
قال:
«هذا الرجل من نوابغ العصر و أغاليط الزمان فقها و أصولاً و أدبا و شعرا و حديثًا و رياضيًّا... »34(4).
و قال أيضاً:
«الإمام الهمام القدوة الأسوة نابغة العصر و يتيمة الدهر ربّ الفضائل و كعبتها التي تهوي إليها الأفئدة ناطورة الفقه عالم الكتاب و السنة فقيه الأمة خرّيت الأدب وطائرها الصيّت شيخ الإجازة و مركز الرواية الرحله
ص: 24
المسند الثَّبَت الثَّبْت المصنّف المؤلّف المُجيد المَجيد مفسّر التفسير درّة تيجان المحدثين و مقدام المجتهدين حجة الإسلام و المسلمين آية الله العظمى ب-ي-ن الورى شيخنا و استاذنا الشيخ محمّد الرضا أبي المجد الاصبهاني النجفي، لازالت رياض الفضل بوجوده مبتهجة ضاحكة مستبشرة»35(1).
ي: و في الختام أشير إلى قول العلامة النجفیّ رحمه الله واصفاً نفسه و شاكياً مما جرت عليه من مصائب الدهر؛ فانّه قال:
ألَا إنّ شكلَ المالِ في الدهر منتجُ *** ولكنَّ شكلَ العلمِ فيه عقيمُ
فَمَن يشتري منِّي جميعَ فضائلي *** فإنّي بأَنحاءِ العلومِ عليمُ
فَقيهٌ أصولىٌ أديبٌ مفسِّرُ *** طبيبٌ بصيرٌ بالنجومِ حكيمُ
و ماذا انتفاعِي بالأصالةِ و الحجى *** إذا قيلَ هذا مقتِرٌ و عديمُ (2)36
و قد خلف رحمه الله في عمره من الآثار ما يبلغ عدده إلى ثلاثةٍ و ثلاثين أثراً بين كتابٍ كبيرٍ، أو رسالة صغيرة، أو تعليقةٍ على بعض آثار من تقدّم عليه من المؤلّفين.
و هذه القائمة تشتمل على فهرستها:
الف الحديث
1. «الحاشية على الأصول من الكافي».
ب: الفقه
.2 استيضاح المراد من قول الفاضل الجواد».
ص: 25
3. «ذخائر المجتهدين في شرح كتاب معالم الدين في فقه آليس».
4. «الروضة الغناء في تحقيق الغناء».
5. «سقط الدُّرِّ في أحكام الكرّ».
6. «غالية العطر في حكم الشعر».
7. «القبلة».
8. «نجعة المرتاد في شرح نجاة العباد». و قد سماه ب- : «كبوات الجياد في حواشي ميدان نجاة العباد» أيضاً.
9. رسالة في حكم آلة التسجيل المسماًة ب : «گرامافون».
ج: أصول الفقه
10. «إماطة الغين عن استعمال العين في معنيين».
11. «جليّة الحال في مسألتي الوضع و الاستعمال. و قد سماه ب- : «سمطا اللآل في مسألتي الوضع و الاستعمال» أيضاً.
12. «وقاية الأذهان و الألباب و لباب أصول السنة و الكتاب».
13. «التعليقة» على رسالة الحاكمة بين العلمين و الأصل للعلّامة السيّد مهدي الحكيم رحمه الله.
د: الفلسفة و الكلام
14. «القول الجميل إلى صدقي جميل».
.15 «گوهر گرانبها در ردّ عبدالبها».
16 «نقد فلسفة دارون».
ص: 26
ر: العرفان و المعارف الإلهية
17. «الأمجديّة في آداب شهر رمضان المبارك».
18. تعريب رسالة السير والسلوك»، المنسوب إلى السيّد بحر العلوم رحمه الله.
س: الأدب
19. «أداء المفروض في شرح أرجوزة العروض».
20. «الحاشية على شرح الواحديّ على ديوان المتنبيّ».
21. «ديوان أبي المجد».
22. «الروض الأريض فيما قال أو قيل فيه من القريض».
23. «السيف الصنيع لرقاب منكري علم البديع».
ص: الرياضيات
24. «حاشية أكرثاوذوسيوس».
ع: التراجم
25. حاشية روضات الجنّات».
26. «حلى الزمن العاطل في من أدركته من الأفاضل».
27. «أنا و الأيام».
ك: الإجازات
28. «الإجازة الشاملة للسيّدة الفاضلة».
ص: 27
ل: معرفة الكتب
29. «استقصاء كتب الأصحاب». و قد سماه ب : «تصانيف الشيعة» أيضاً.
30. «الردّ على فصل القضاء في عدم حجيّة فقه الرضا».
ى: الآثار الموسوعيّة
31. «الإيراد والإصدار في حل مسائل مشكلة من فنون متفرّقة». 32. «العقد الثمين في أجوبة مسائل الشيخ شجاع الدين».
33. «النوافج و الروزنامج».
و قد استفاد منه جمعٌ كبيرٌ من أعلام النجف الأشرف وكربلاء المعلّى، وقم المقدّسة، و أصفهان. و هيهنا نأتي بقائمة تشتمل على أسماء بعض تلاميذه (1)37؛ و هي:
1. سماحة آية الله العظمى الإمام الخمينيّ رحمه الله.
2. سماحة آية الله العظمى الحاج السيّد محمّدرضا الگلپایگانیّ رحمه الله.
3. سماحة آية الله العظمى السيّد شهاب الدين المرعشيّ النجفيّ رحمه الله.
4. سماحة آية الله العظمى الحاج السيّد أحمد الخوانساريّ رحمه الله.
5. سماحة آية الله العظمى الحاج السيّد علي العلّامة الفانيّ رحمه الله.
6. سماحة آية الله العظمى الحاج الشيخ رضا المدنيّ الكاشانيّ رحمه الله.
7. سماحة آية الله الحاج السيّد مصطفى الصفائىّ الخوانساريّ رحمه الله.
8. سماحة آية الله الحاج الشيخ مجدالدين النجفيّ رحمه الله ، المشتهر بمجد العلماء.
9. سماحة آية الله الحاج ميرزا عبدالله المجتهديّ التبريزيّ رحمه الله.
10. سماحة آية الله الحاج الشيخ أحمد الفيّاض رحمه الله.
ص: 28
11 . سماحة آية الله الحاج السيّد اسماعيل الهاشميّ رحمه الله.
12. سماحة آية الله الحاج الشيخ اسماعيل الكلباسيّ رحمه الله.
13 . سماحة آية الله الحاج الشيخ محمّد باقر النجفيّ رحمه الله ابن العلّامة الشيخ جمال الدين النجفيّ رحمه الله.
14 . سماحة آية الله الحاج الشيخ محمّد باقر الكمره ايّ رحمه الله.
15. سماحة آية الله الحاج الشيخ محمّد تقي النجفيّ رحمه الله ، ابن العلّامة الشيخ عبدالحسين النجفیّ رحمه الله.
16. سماحة آية الله الحاج الشيخ محمد حسين النجفيّ رحمه الله، ابن العلامة الشيخ محمّد
اسماعيل النجفيّ رحمه الله.
17. سماحة آية الله الحاج الشيخ حيدر على المحقّق رحمه الله.
18. سماحة آية الله الحاج السيّد محمّدرضا الخراسانيّ رحمه الله.
19. سماحة آية الله الحاج الشيخ عباسعلى الأديب رحمه الله.
20. سماحة آية الله الحاج السيّد عطاء الله الإماميّ رحمه الله.
21. سماحة آية الله الحاج الشيخ على المشكاة رحمه الله.
22. سماحة آية الله الحاج السيّد مجتبى المير محمّد صادقى رحمه الله.
23. سماحة آية الله الحاج الشيخ مرتضى المظاهريّ رحمه الله.
24. سماحة آية الله الحاج الشيخ مرتضى الأردكانيّ رحمه الله.
25. سماحة آية الله الحاج السيّد مصطفى المهدويّ رحمه الله.
26 سماحة آية الله الحاج السيّد مرتضى الموحّد الأبطحيّ رحمه الله.
27. سماحة العلّامه الحاج السيّد ريحان الدين المهدويّ رحمه الله.
28. سماحة العلّامه الدكتور محمّد حسن سه چهاريّ رحمه الله.
.29 سماحة العلّامه حیدر علیخان البرومند رحمه الله.
ص: 29
30. سماحة العلّامه الشيخ محمّد على معلّم الحبيب آباديّ رحمه الله.
و قد مات يوم الأحد 24 محرّم 1362 ه . ق . في أصفهان بعد أن ترك التدريس و إمامة الجماعة لمدة شهرين إثر مرض قد طرأ عليه. وقد دفن بمقبرة خاصة بأسرته في تكية رازي من تكايا تخت فولاد .
و قد رثاه جمعٌ من الشعراء و أرّخوا وفاته؛ منها:
قصيدةٌ للعلّامة الأديب الحاج ميرزا حسن خان الجابري الأنصاريّ رحمه الله و نصها:
لقد أفل الكواكب مذ توفّى *** رئيس العلم في ذاك الزمان
محمّد رضا الغروي شيخ *** سماء العلم لأهل الأصبهان
و لما راح راح الروح عمّا *** به شأن البيان من المعاني
تمنى الجابري بأن يؤرّخ *** وكَل لسانه عند البيان
إذا جاء البشير و قال أرّخ *** لقد آوى الرضا بالجنان
1321 الشمسيّ
و قصيدة للعلامة الأديب الحاج الميرزا حبيب الله النيّر رحمه الله ؛ و نصّها:
یا دهراً ذهبت بآية الله *** غدرت بنا فوا أسفاً و لهفاه
محمدالرضا الغروي أبوالمجد *** مضى نحو الجنان بقرب مولاه
أراد النير استيضاح فوته *** ففي شهر المحرّم طاب مثواه
فأرخ بعد نقص الست للعامّ *** رضا النجفيّ لبىّ داعي الله
1362 ه . ق . (1)38
ص: 30
1287، 20 محرّم الحرام ... الولادة في النجف الأشرف
1296... الهجرة إلى الأصفهان
1300، ذي الحجّه ... العودة إلى النجف الأشرف
1301، 7 الصفر ... فوت جدّه: الحاج الشيخ محمّد باقر رحمه الله
1308، يوم الأحد غرّة محرّم ... فوت أبيه: الشيخ محمّد حسين رحمه الله
1316، ذي القعدة ... فوت أستاذه، العلّامة الفشاركيّ رحمه الله و اختتام تحصيلاته
1324 ... تدوین رسالة «السيف الصنيع»
1325 ... بدأ تأليف مجموعة «النوافج و الروزنامج »
1326 ، 23 جمادى الأولى ... ولادة ابنه محمّد على الملّقب ب- : مجد الدین رحمه الله
1331 ... طبع رسالة «نقد فلسفة دارون» في بغداد
1333، 14 ذي القعده ... أخذ الإجازة من العلّامه السيّد حسن الصدر الكاظميّ رحمه الله
1333 ... الهجرة من العراق إلى أصفهان
1334، غرّة المحرّم ... الوصول إلى أصفهان
1337 ... طبع قطعة من «وقاية الأذهان» في أصفهان
1341 ... طبع رسالة «امجديّه» في أصفهان
1345 ... المهاجرة الأولى إلى قم المقدّسة
1345 ، الرجب ... فرغ العلّامة الشيخ كاظم آل كاشف الغطاء رحمه الله عن تدوين «ديوان العلّامة النجفي».
1345، الثالث من جمادى الثاني ... أصدر إجازة روائيةً للعلّامة الشيخ محمّد باقر الكمرّه ايّ رحمه الله
1345، أواخر السنة ... العودة إلى أصفهان
ص: 31
1346 ، ربيع الأول المهاجرة الثانية إلى قم المقدّسة في رحاب جمع من العلماء المعترضين
1346 ، بعد شهر الرجب ... العودة إلى أصفهان
1356 - 1354 ... تأليف حواشيه على «شرح الواحديّ» على ديوان المتنبيّ
1359 ، 17 شعبان ... الفراغ من تدوين رسالة «إماطة الغين»
1361، 9 ربيع الثاني ... تدوين سيرته الذاتية بطلب من العلّامة المرحوم الميرزا محمّد على المدرّس التبريزيّ رحمه الله
1362، يوم الأحد 24 محرّم ... فوته في أصفهان
***
يبدو من بعض ما كتب حول شخصيته و من آثاره أيضاً ان للعلامة النجفیّ رحمه الله كانت صلةً وثيقةً بالأدب العربيّ. وذلك زيادة على أنه وُلد في نزعةٍ عربيّةٍ وعاش فيها في صغره، يرجع إلى ذوقه الأدبيّ.
و قد رأينا فيما مضى أنّه قد حضر في علم النحو من غير كتابٍ على بعض الأساتذه، و هو يحكي عن هذا الحضور و يقول:
«قرأت عليه ... علم النحو خارجًا... حضرت درسه قبل أن أبلغ من التكليف الحد و يطرز بالشعر مني ديباج الخد؛ من قبل أن يرقم الشباب على خدّي لام العذار، ويتلاقى فيه الليل والنهار و حضرت عليه علم النحو من
ص: 32
غير كتاب، فأفادني ما أنساني صاحب «الكتاب»؛ لو رآه سیبویه لاتّخد إبراهيم فيه خليلاً»39(1).
و لذلك كان يكتب كما يكتب البلغاء من الأعراب؛ و هو قد أشار إلى سجيته هذه في ما كتب جواباً عن بعض فضلاء الفرس حيث قد عابه على نثره في وقاية الأذهان على أنّه عرّيقٌ في العربيّة ؛ قال رحمه الله :
«بلغني أنّ بعض فضلاء العجم اطّلع على أجزاء من هذا الكتاب، فقرّظه أبلغ تقريظٍ و أثنى عليه أحسن ثناء و لكنّه انتقد عليه بعبارة فارسية محصلها: ان عبارته عريقة فى العربية لا تشبه متعارف الكتب الأصولية لك العتبى أيّها الفاضل فلك على يد لا أجحدها و نعمة أشكرها!. و ذلك مني طبيعة لا تطبّع، وجرى عليَّ ما تعودته لا تكلّف. و انّي لم أتعوّد منذ نعومة الأظفار و مقتبل الشباب إلّا هذا النمط من الكتابة، وصعب على الإنسان ما لم يعوّد!»(2) 40.
و في فنّ الشعر كان ملازماً للسيّد جعفر الحليّ رحمه الله الشاعر الشهير؛ و هو يقول عن هذه المصاحبة:
«صاحبي العالم الفاضل، بل أستادي الذي منه تعلّمت سحر بابل، محلّي جيد الفضل بأبهى حليّ السيّد جعفر الحليّ »(3)41.
وقد عدّ العلّامة المهدوي رحمه الله السيد رضا الهنديّ النجفيّ رحمه الله أستاذه في هذا الفنّ 42(4).
وكان يصاحب جملةً من فضلاء النجف الأشرف الأدباء ليتفوّق في هذا الفن منهم:
ص: 33
1.العلّامة السيّد جعفر الحلّى؛
2.العلّامة الشيخ جواد الشبيبيّ رحمه الله؛
3. العلّامة السيّد محمّد سعيد الحبّوبيّ رحمه الله؛
4. العلّامة الشيخ عبد الحسين الجواهريّ رحمه الله؛
5. العلّامة السيّد إبراهيم الطباطبائيّ رحمه الله؛
6. العلّامة السيّد حسين الحلّيّ رحمه الله؛
7.العلّامة الشيخ عبّاس آل كاشف الغطاء رحمه الله؛
8.العلّامة الشيخ محمّد السماويّ رحمه الله؛
9. العلّامة الميرزا مصطفى التبريزيّ رحمه الله ؛
10. العلّامة الشيخ هادي آل كاشف الغطاء رحمه الله؛
وكانوا يناشدون بعض القصائد باشتراك منهم، منها قصيدةٌ اشترك فيها الشيخ هادي آل كاشف الغطاء، والشيخ جواد الشبيبيّ و السيّد جعفر الحليّ، والعلّامة النجفيّ. وانشدوها بعد أن رأوا قول صاحب العقد الفريد في مطاوي عبارةٍ من كتابه: «نظرت بعيني شادن ظمئان»؛ فقالوا:
ابن عبدربّه، الشيخ هادي آل كاشف الغطاء رحمه الله:
نظرتُ بعيني شادن ظمئان *** ظمياء بالتَّلعَات من نُعمانِ
الشيخ جواد الشبيبيّ رحمه الله :
وتمايلت أعطافها كغُصونِها *** ما أشبه الأعطافُ بالأَغصانِ
السيد جعفر الحليّ رحمه الله :
و شدا بذاك الريع جرسُ حليَّها *** فتمايَلت طربًا غصونُ البانِ
الشيخ أبو المجد الأصفهانيّ رحمه الله:
هيفاءُ غافيةُ لها من طرفها *** أسيافُ غنج فقن كلِّ يمانِ(1) 43
ص: 34
و إلى هذه المجالسة أشار العلّامة الأمين العامليّ رحمه الله حيث قال:
«لاختلاطه بأدباء النجف ... مدة طويلةً و ملازمته لهم و تخریجه بهم»44(1).
و كان كثيراً ما يطالع في الدواوين الأدبيّة و له بيتان جميلان حينما أراد أن يستقرض كتاب الجاسوس على القاموس من بعض أصدقائه، قال:
يا مَن بفيض أكفه و علومه *** أغنى الورى طرًّا عن القاموس
ما في فؤادي غير حبّك قاطنٌ *** فابعث إذا كُذِّبتُ بالجاسوس(2) 45
و لأدبه خصائص نشير إلى جملة منها :
الف :5 - :2 غناء خزانته اللغويّة
و نعني بها أنّه كان مبسوط اليد في اختيار المفردات للتعبير عما كان يختلج بباله؛ قال بعض مترجميه :
«و لا يسري إليه الضغف اللغوي الموجود في شعر كثير من أبناء الفرس، الذين يعانون الشعر العربي و ينظمون في هذه اللغة»46(3).
وقال العلّامة الطهرانيّ رحمه الله:
«... و احاطته بالمفردات اللغوية احاطةً تندر عند الأدباء فضلا عن العلماء»(4) 47 .
ص: 35
ب 5 - 2: براءة أدبه عن العجمة
حيث يبدو من المراجعة إلى آثاره المنظوم و المنثور أنّه لم يكن يختلط بين العربية و العجميّة، بل لا تسري إلى عبائره العجمة قط. و إلى هذه الخصيصة أشار العلّامة الأمين رحمه الله حيث قال:
«له شعرٌ عربيٌ فائقٌ لا يلوح عليه شيء من العجمة رغماً عنه انه نشأ مدّةً في بلاد العجم بعد ولادته في النجف»48(1).
ج :5 - :2 العناية التامّة بالصنايع البديعيّة
فانّه كان مهتّماً شديد الاهتمام باستخدام الصنايع البديعيّة في آثاره، حتّى عدّوه تابعاً للصفّی الحلّي رحمه الله في هذا المضمار. إليك أقوال بعض الأعلام في هذا الشأن:
قال العلّامة الأمين رحمه الله :
«و يكثر في شعره أنواع البديع و النكات الأدبية الدقيقة وقلما يخلو له بيت من ذلك»(2) 49 .
و قال الطهرانيّ رحمه الله :
«اضف إلى ذلك تأثره بالصفي الحلّي و عشقه لأنواع البديع، ولا يكاد يخلو من ذلك شيء من نظمه»(3) 50.
وقال الخاقانيّ:
«و شعره تأثر فيه بالصفي الحلّي و مدرسته، فقد عشق البديع و أنواعه و تأثر بالنكات الأدبية الدقيقة و يكاد لا يخلو كلّ بيتٍ له من ذلك»(4) 51.
د 5 - 2: الغناء المعنويّ
و نعني به أنّه كان يستخدم ألفاظاً قليلةً ليحمل عليها معاني كبيرةً رشيقةً؛ قال العلّامة
ص: 36
الطهراني رحمه الله :
و كان يحمل اللفظ معنىً أكثر من قابليّته»(1)52.
س 5 - 2: رقّة المعاني
و معاني عباراته رقيقةٌ بحيث يمكن أن تعدّ رقّة المعاني من خصائص أدبه؛ قال العلّامة الأمين رحمه الله :
«ويصح أن يقال فيه: انّه نظم المعاني الفارسية بالألفاظ العربية، كما قيل في مهيار»(2) 53 .
و قال الشيخ الطهرانيّ رحمه الله :
«و السرّ في ذلك يرجع إلى احاطه بالأدب الفارسية المعروف بذلك. و قد كان شأنه في ذلك شأن مهيار الديلمي رحمه الله الذي قيل فيه: انه نظم المعاني الفارسيّة في الألفاظ العربيّة»54(3).
م 5 - 2: سعة حيطته
و حيطتة أدبه كانت واسعةً بحيث كانت تشتمل على أساليب البيان المتعدّدة؛ فكانت تشتمل على الرثاء (4)55 ، الإخوانيّات(5) 56 ، و على الوعظ (6)57، و على الغزل 58(7)، و على الشكوى من الأسقام(8) 59، و من بعض الأقرباء(9) 60 ، و ممّا فعلته الدهور (10)61، و على المدح(11) 62، وذم ّبعض المؤسسات(12) 63 ، و اللغز(13) 64 ، و عتاب الإخوان(14) 65، والهجاء (15)66، وغيرها.
و هذا يظهر من النظر في آثاره و مسفوراته.
ي :5 - 2 النثر الفنّي المسجّع
وكان مهتّماً بالنثر الفنيّ في آثاره، وهذا يشاهد ولاسيّما في آثاره الأدبيّة.
ص: 37
إليك نصّ رسالةٍ أرسلها إلى بعض أصدقائه، و هي آيةٌ فيه:
«يا مَن ذَكرَني حين نسَاني بقيّةُ الأصحاب، وسلك معي طريق الوفاء مذ جفاني الأخدانُ والأترابُ. كيف أطيق أن أؤدّي شكر جميلك بلسان القلم و أنت المعجز للعرب الفصحاء فكيف بالأعجم الأبكم!. وقد وصلت القصيدة المرزية بعقود الجمان فقلت: سبحان من خلقك وعلمك البيان. امتثلت أمرك برد الجواب مع علمي بأني لستُ من فرسان هذا الميدان و لو أصبحتُ من نابغة بني ذبيان و لكني رأيتُ امتثال أمرِكَ من الفرض الواجب، فبعثتُ بأبياتٍ أرجو من فضلك العفو عن جميعها، فلولا اشتمالها على مدحك لقلت كلّها معايب. وكيف يبلغ حضيضُ الأرضِ ذرى كيوان أم كيف يقابل بصغار الحصى غوالي الدرر و المرجان!»(1) 67.
وقال العلّامة الطهرانيّ رحمه الله مشيراً إلى هذه الخصائص:
«و لكافة مؤلّفاته؛ لونٌ خاصٌّ و أسلوبٌ بديعٌ يحبّب قراءتها، أعانه على ذلك ما ذكرناه من براعته في الأدب و اللغة و غيرهما» (2)68 .
و قال الأستاذ عليّ الخاقانيّ يصف شعر أبي المجد رحمه الله:
«لا مجال لأيّ أديب أن يجحف حق الأصفهاني و أدبه الذي فاز به على كثير من أدباء العرب. و من تأمل في سيرته لاشك يرى أنّ المترجم له قد تجلّت فيه بعض ظواهر العبقرية، فإحاطته بالأدب و فهمه لأسراره وتوغله بالتتبع و وقوفه على المفردات اللغوية تدلّنا على ذكاء و حافظة نادرين.
و شعره تأثر فيه بالصفي الحلّي و مدرسته، فقد عشق البديع و أنواعه و تأثر بالنكات الأدبية الدقيقة، ولا يكاد يخلو كل بيتٍ له من ذلك.
و تفوّقه في المعنى هو من فهمه للأدب الفارسي الذي عرف بسعة الخيال و الابتكار في المعاني. فلابدع إذن امتيازه في شعره الذي لم يتعد كونه لفظياً
ص: 38
باسلوبِ اختلف فيه عن كثير من شعراء عصره»(1) 69.
و هذا الفصل عقدته لإشارة إجماليّة إلى ما يرجع إلى هذا الكتاب الذي بين يدي القارىء الكريم الآن فنقول:
يبدو من المراجعة إلى المصادر انّ الكتاب قد دُعي بأسماء ثلاثة:
1 - السيف الصنيع لرقاب منكري علم البديع؛
و قد أشار إليه المصنف في سيرته الذاتية(2) 70.
2 - السيف الصنيع على رقاب منكري علم البديع ؛
و قد أشار إليه كلٌّ من أصحاب الفضيلة الشيخ الطهرانيّ رحمه الله(3) 71 ، والأستاذ السيّد احمد الحسينيّ رحمه الله(4) 72 ، و المرحوم العلّامة المهدويّ رحمه الله73(5) ، و سماحة آية الله المرعشيّ النجفيّ رحمه الله(6) 74 ؛كما وقد ذكر في مقدّمات بعض رسائله كوقاية الأذهان(7) 75 و الرسالة الأمجديّة76(8).
3- السيف الصنيع رقاب منكري البديع
و قد ذكره العلّامة الأمين العامليّ رحمه الله(9) 77 .
وأصحّ الأسماء ما أشار إليه المصنّف نفسه، فلابدّ لنا من اختياره.
هذه الرسالة دوّنها المؤلّف في النصف الأخير من العشر الثالث من القرن الرابعة عشر
ص: 39
بعد أن نظم قصيدة اشتهرت باسم «التنصّر» بعد زواج بعض أصدقائه - و هو العلّامة الشيخ کاظم آل كاشف الغطاء رحمه الله - .
و بعد أن اشتهرت القصيدة في الأوساط العلمية بعث إليه العلّامة الحجة الآية الشيخ هادي آل كاشف الغطاء رحمه الله رسالة أشار فيها إلى بعض آرائه في مباني النقد الأدبي، فكتب العلّامة النجف هذه الرسالة مبيناً فيها آرائه الشخصيّة. ثم شرح رسالة كاشف الغطاء في مختتم رسالته هذه.
و القصيدة مضبوطةٌ في مختتم الرسالة، و الآن نأتي بنص تلك الرسالة هيهنا، لأنَّها لا تخلو عن فوائد:
« كِتَابِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ الأُسْتَاذ، لأُعْلِمَكَ أنّي مُنْتَبِه عَنْ سِنَةِ الْغَفْلَةِ، عَادِلٌ عَنِ الطَّرِيقَةِ الْجَائِرَةِ إِلَى الْجَادَّةِ الْعَدْلَةِ؛ مُهْتَدٍ إِلَى وَاضِحِ الْحَجَّةِ، بِأَبْلَغِ حُجَّةٍ. وَ أُحَاشِي أَدِيبًا يَتَخَطَّى عَنِ الطَّرِيقَةِ الْوُسْطَى وَ بَعِيدٌ أَنْ يَبْعُدَ عَنِ الْإِنْصَافِ لِيَقْرُبَ إِلَى الْخِلَافِ لِأَنَّكَ - أَيُّهَا الْمُنْصِفُ! - إِذَا نَظَرْتَ إِلَى الْقَصِيدَةِ، وَجَدْتَهَا كَالْخَرِيدَةِ؛ لِكُلِّ حُسْنٍ وَ مُحَسَّنَاتٍ، وَ تَجَمُّلٍ بِالْعَرَضِ وَ جمَالُ بالذَّاتِ. إِذِ الْحَلَى عَلَى المُشَوَّهَةِ النَّمِيمَةِ، لَا تَرْفَعُ لَهَا قِيمَةٌ: إِذِ الْحُلَلُ عَلَى الْعَجُوزِ السَّودَاءِ، لَا تُلْبِسُهَا حُلَّةَ حُسْنٍ وَ بَهَاءِ. وَ الشِّعْرُ إِذَا كَانَ مَحْلُولَ النِّظَامِ لَا تَرْفَعُهُ تَورِيَةٌ وَ لَا اسْتِخْدَامْ؛ وَإِذَا كَانَ وَاهِي الْأَسَاسِ لَا يُبْدِيهِ الْجِنَاسُ ؛ وَ إِذَا كَانَ أَنَا بِيبَ فِي أَجْوَافِهَا الرِّيحُ، فَلَا يُنْفِلُ مَوَازِينَهُ التَّمْلِيحُ وَ التَّلْمِيحُ وَإِذَا خَلَا مِنْ مَعْنَى مُخْتَرَعٍ، وَأَمْرٍ مُبْتَدَعٍ: وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ مِنَ الْمَتَانَةِ صَفْرًا، وَ مِنْ حُسْنِ الْأَسْلُوبِ الْآخِذِ بِمَجَامِعِ الْقُلُوبِ خَالِيًّا قَفْرًا؛
لَمْ يَقُمْ صَدرُهُ بَدِيعُ، وَ مَنْ حَلَاهُ بِهَذَا الْحَالِ، وَ زَيَّنَهُ وَهُوَ بِتِلْكَ الْخِلَالِ؛ كَانَ كَمَنْ حَلَا الْعَكَرَ بِالدُّرَرِ، وَ الْكَرَبَ بِالذَّهَبِ؛ وَ رَخِيصَ الْعَمُودِ، بِثَمِينِ الْعُقُودِ وَ طَوَّقَ عُنُقَ الْجَرَادَةِ بِأَبْهَى قِلَادَةٍ وَكَسَا النِّعَاجَ، حُلَلَ الدِّيبَاجِ؛ وَ
ص: 40
أَلْبَسَ أُمَّ حُبَيْن، مِنَ الْوَشْي حُلَّتَينِ. وَ الْأَدَبُ يَشْتَكِي مِمَّنْ لَا هِمَّةَ لَهُ إِلَّا الْجِنَاسَ بَينَ اللَّفْظَيْنِ، وَ الطَّبَاقَ بَينَ اثْنَيْنِ، وَ الْجَمَعَ بَينَ مِثْلَيْنِ، وَلَيْسَ لَهُ عِنَايَةٌ بِمِلِيحِ المُعَانِي، وَلَا أَنْتِقَادُ لِفَصِيحِ الْمُبَانِي؛ وَلَا الْتِفَاتٌ إِلَى حُسْنِ السَّبْكِ و التاليفِ، وَ مَتَانَةِ النظم والتَّرْصِيفِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَعْرِفُهُ الخَبِيرُ، وَ لا يُحْسِنُ عَنهُ التَّعْبِيرَ؛ وَ يُدْرِكُهُ بِالدَّوقِ وَ الْعِرْفَانِ، وَيَضِيقُ عَنْهُ الْبَيَانُ. وَمَا مُعْجِرُ أَحْمَدَ وَ ذِكْرَى حَبِيبٍ إِلَّا بِمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْ جَمَالِ المَعَانِي وَحُسْنِ :الأساليب؛ لَا بِالزَّخَارِيفِ اللَّفْظِيَّةِ، وَالْعَسْنَاتِ الْبَدِيعِيَّةِ إِلَّا إِذَا جَاءَتْ عَفْوا بِلَا تَكَلُّفٍ، وَعُرِضَتْ لِلْأَدِيبِ بِلَا تَعَسُّفٍ؛ وَلَمْ تَكُ هِيَ الْحَطَّ لِلْأَنْظَارِ، وَ الْقُطْبَ الَّذِي عَلَيهِ الْمَدَارُ. وَإِنَّا إِذَا رَجَعْنَا إِلَى الْوِجْدَانِ، وَكَشَفْنَا الْأَمْرَ بِالْاِمْتِحَانِ: وَجَدْنَا مِنْ أَنْفُسِنَا وَ مَنْ لَهُ أَدْنَى خِبْرَةٍ، أَنَّ لَنَا عَلَى تِلكَ الزَّخَارِيفِ تمام الْقُدْرَةِ وَلَيسَ فِي وُسْعِنَا أَنْ يَ الْفَحْلَيْنِ المُبرِّزَيْنِ بِبَيْتٍ وَاحِدٍ، وَلَا مَثَلٍ شَارِدٍ وَلَسْتُ أَقُولُ: إِنَّ مُحَسَنَاتِ الْبَدِيعِ غَيْرُ مُحَسَّنَةٍ، وَقُنُونَهُ غَيْرُ مُسْتَحْسَنَةٍ؛ وَإِنَّ العِلْمَ النَّبَاتِي لا يُخفِقُ بِالنَّصْرِ، وَ لا يَسُدُّ بِحَامِلِهِ التَّفْرًا وَلَكِنْ أَقُولُ - وَ التَّشْبِيهُ أَبْلَغُ عِندَ النَّبِيهِ! - : الْفَتَاتُ تُسَوَّرُ، إِذَا كَانَتْ تُنْظَرُ: وَ تُزَيَّنُ، إِذَا كَانَتْ تُسْتَحْسَنُ: وَ تُخَلخَلُ، إِذَا كَانَتْ تُقْبَلُ وَ تُقَرِّطُ وَ تُقَلَّدُ إِذا كَانَتْ ذَاتَ جِيدٍ أَجْيَدَ».
و هيهنا نذكر أصول آرائه حول النقد الأدبي. و هذه العبارات مستلة من نص الكتاب و لكنّها مبثوثة فيه، ولا يخفى ما في جمعها وجعلها منجمةً من التسهيل للعثور على آرائه.
و النكات الرئيسيّة الّتي يحتوي عليها الكتاب هي:
ص: 41
1 - وجوب الالتفات إلى علم البديع و اثباته على طريقة الحكماء.
قال رحمه الله :
الصَّانِعُ الحَكِيمُ - جَلَّتْ آلَاتُها - مُنْ خَلَقَ الْإِنْسَانَ وَ بَرَأَهُ، جَعَلَ طَبْعَهُ تجبُولاً عَلَى أَنْ يَتَطَلَّبَ سَبَبَ كُلِّ مَوجُودٍ يَرَاهُ: فَلَا يَزَالُ يَتَنقُلُ فِي مَرَاتِبٍ الأَسبَابِ، حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسَبِّبِهَا فَيَعْرِفَ بِذَلِكَ رَبَّ الْأَرْبَابِ (1)78 .
... وَ لَمَّا كَانَ الْحُسْنُ - الَّذِي هُوَ مِنْ أَشْرَفِ الْمُوجُودَاتِ أَمْرًا مَوجُودًا، وَ عَلَى خَفَاءِ حَقِيقَتِهِ ظَاهِرًا مَشْهُودًا وَجَبَ عَلَى الْإِنْسَانِ بِمُقْتَضَى جِبِلَتِهِ، وَ بدِيعِ فِطْرَتِهِ، أَنْ يَتَطَلبَ سَبَبَه(2) 79 .
... وَكَذَلِكَ اَعتَنى العُلَمَاءُ مِنَ الْقَرْنِ الثَّالِثِ إِلَى هَذَا الزَّمَانِ، بِضَبْطِ مُحَسَّنَاتِ الكَلَامِ. فَأَفْرَدُوا مَا عَذَرُوا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فِي عِلْمٍ سَمَّوهُ بِالبَدِيعِ فَكُلُّ مَا يُورِثُ فِي الْكَلَامِ حُسْنًا فَهُوَ مِنْ مَسَائِلِ هَذَا العِلمِ، فَيَدخُلُ فِيهِ أَكْثَرُ مَبَاحِثِ عِلم البَيَانِ وَ كَثِيرٌ مِنْ مَبَاحِثِ عِلم المعاني(3) 80.
2 - الإشارة إلى عظم مقدار علم البديع.
قال رحمه الله :
وَبِذَلِكَ تَعْرِفُ عِظَمَ مِقدَارِ هَذَا الْعِلْمٍ، وَ يُهَوِّنُ عِندَكَ شَغَبُ الجَاهِلِينَ بِهِ، ولا يَهُولُكَ أَمْرُهُمْ، إِذِ الْقَومُ لَمْ يَأْتُوا بِحُجَّةٍ نَظَرِيَّةٍ يَلْزَمُنَا الجَوَابُ عَنهَا، بَلْ كَلَامُهُمْ كَلَامُ سَائِرِ الْجَاهِلِينَ فِي الطَّعْنِ عَلَى سَائِرِ الْعُلُومِ فَالْجَوَابُ عَنهُ
الْجَوَابُ بِعَيْنِهِ (4)81.
3- الإشارة إلى رأيه حول دخول بعض النكات في عداد مسائل هذا العلم مما لاربط له بها و تعداده.
ص: 42
قال رحمه الله :
وَ مَتَى سَمِعَ مِنَّا الإِيمَانَ بِجَميع مَا بَينَ دَفَتَى كِتَابِ التَّفْدِ، وَ الحكم بأَنَّ كُل ما فِيهِ لَا يَحتَاجُ إِلَى النَّقدِ؟!. وَ بَيَانُ عَقِيدَتِنَا فِي ذَلِكَ يَحتَاجُ إِلَى الْإِطْنَابِ، وَ هُوَ خُرُوجٌ عَنْ مَوضعِ الْكِتَابِ وَإِجْمَالُهُ: إِنَّ القَومَ أَدْخَلُوا فِي مَسائلِ الْفَنِّ مَا هُوَ خَارِجٌ عَن مَوضُوعِهِ، وَذَكَرُوا فِي الْحَسَنَاتِ أُمُورًا لَيْسَتْ مِنهَا ، وَوَقَعَ هُمُ الاشتباه في عِدَّةٍ مِنَ النِّكَاتِ فَمِنْ أَمْئِلَةِ الأَوَّلِ: حُسنُ التهذيبِ وَالابْتِدَاءِ وَ الاختتام(1) 82 .
وَ مِنْ أَمْثِلَتِهِ: مَا ذَكَرُوهُ مِنَ الأُمُورِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى قُدْرَةِ الشَّاعِرِ، وَ تمكيهِ مِمَّا يَعْجِزُ عَنهُ كَثِيرٌ مِنَ الشُّعَرَاءِ مِنْ غَيرِ أَنْ يُورِثَ الْكَلَامَ حُسْنًا - كَالْحَذفِ وَالتَّنْقِيطِ وَنَحوِهِمَا(2) 83.
وَ مِنْ أَميلَتِهِ : المُوَارَدَة (3)84 .
.. وَ مِنْ أَمْيْلَتِهِ: الْإِيدَاعُ وَالتَّفْصِيلُ(4) 85.
... وَ مِنْ أَمْيْلَةِ الْقِسم الأَخِيرِ المُغَايَرَةُ(5) 86 .
... وَ مِنهَا : التَّورِيَةُ(6) 87 .
4 - رأي المؤلّف حول ماهية التورية.
قال رحمه الله :
إِنَّ اللَّفظَ الَّذِي لَهُ مَعَنَيَانِ - أَعَمُّ مِنْ كَونِهِمَا حَقِيقِيَّينِ، أَو بَجَازِيَّينِ، أَو مُختَلِفَينِ - إِمَّا أَنْ يَكُونَا مَعًا مُرَادَينِ مِنَ اللَّفظِ :
أو يَكُونَ المَرَادُ أَحَدَهُما المعيَّنَ ؛
أو أَحَدَهُمَا لَا بِعَينِهِ، أَمَّا الأَوَّلُ فَقَدْ يَكُونُ المعنى لا يَتِمُّ إلَّا بِهمَا مَعَاً(7) 88 .. و قَدْ يَتِمُ المَعْنَى بِأَحَدِهِمَا وَلَكِنْ يَقْرُنُ الْكَلَامُ بِقَرِينَتَيْنِ كُلِّ مِنهُما
ص: 43
يُقَرِّبُ مِن المعنيين غَيْرَ مَا تُقَرِّبُ الأُخْرَى(1) 89 ،
.. وَقَدْ لَا يَفْرُنُ بِمَا يُقَرِّبُ شَيْئًا مِنهُما ، وَتُسَمَّى التَّورِيَةَ الْجَرَّدَة .
وَ قَدْ يَقْرُنُ بِمَا يُقَرِّبُ أَحَدَهُمَا، وَتُسَمَّى المرشحة.
وَ هَذَا الْقِسمُ بِأَنْوَاعِهِ هِيَ التَّورِيَةُ البَدِيعِيَّةُ عِندِي فَهِي : اسْتِعمالُ اللَّفظِ فِي مَعنَتِيْهِ أَو أَكثَرَ بِلَا تَأْوِيلِ - عَلَى الْختَارِ عِندَنَا مِنْ جَوَازِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي أَكثَرَ مِنْ مَعْنَى وَاحِدٍ(2) 90 ؛
... وَأَمَّا الثَّانِي - وَهُوَ اسْتِعْمَالُ اللَّفظِ فِي أَحَدٍ مَعْنَتِيهِ ، فَإِنْ كَانَ الْمُعْنَيَانِ مُختَلِفَيْنِ فِي الظُّهُورِ وَأَرَادَ غَيْرَ الظَّاهِرٍ - سَوَاءٌ لَمْ يَنْصِبْ قَرِينَةً أَصْلًا، أَو نَصَبَهَا عَلَى القَرِيبِ خَاصَّةً، وَ تُسَمَّى المُرَشَّحَةَ - فَهُوَ التَّورِيَةُ الْعُرْفِيَّةُ(3) 91.
... وَ التَّعرِيفُ الَّذِي ذَكَرَهُ القَومُ لِلتَّورِيَّةِ البَدِيعِيَّةِ تَعرِيفٌ لِلتَّورِيَةِ بِهَذَا المعنى الَّذِي جَعَلُوهُ نُكتَةً أُخْرَى سَمُوهَا المُوَارَبَةَ مَعَ الْحَاقِ مَا لَيسَ مِنْ جِنْسِهَا بِهَا ، كَالمُوَارَبَةِ بِالتَّصْحِيفِ وَنَحْوِهِ؛ فَرَاجِعْ.
وَ بِالجُمْلَةِ : فَالتَّورِيَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ حَقِيقَةً اِخْتِلَافًا لَا يُمْكِنُ الجَمعُ بَينَهُمَا بتعريف واحد.
و تَعرِيفُهُمْ لِلتَّورِيَةِ مُنْطَبِقٌ عَلَى الْعُرْفِيَّةِ، لَا البَدِيعِيَّةِ، إذ المأخوذ في تَعرِيفِهِمْ أَمرَانِ كِلَاهُمَا مَفقُودٌ فِي التَّورِيَةِ البَدِيعِيَّة:
أَحَدُهُمَا: لُزُومُ اخْتِلَافِ المُعْنَيَيْنِ فِي الظُّهُورِ وَ الخَفَاءِ، وَ هَذَا لَيْسَ شَرْطًا فِي البَدِيعِيَّةِ قَطْعًا بِشَهَادَةِ كَثِيرٍ مِنَ الشَّوَاهِدِ الَّتِي ذَكَرُوهَا لَهَا(4) 92،
... ثانيهِمَا: إِرَادَةُ المُعْنَى الْبَعِيدِ خَاصَّةٌ لِيَقَعَ السَّامِعُ فِي خِلَافِ مَا سَمِعَ،
فَيُرَتِّبَ عَلَيْهِ غَرَضَهُ مِنْ إِخْفَاءِ الأَمْرِ مَعَ التَّخَلَّصِ عَنْ قُبح الْكِذَبِ (5)93.
5 - رأي المؤلّف في الفارق بين التورية البديعية و التورية العرفيِّة.
ص: 44
قال رحمه الله :
إِنَّ التَّورِيَةَ البَدِيعِيَّةَ مَبْنَاهَا عَلَى إِرَادَةِ الْمُعْنَيَينِ، وَ التَّورِيَةُ الْعُرْفِيَّةُ عَلَى إِرَادَةِ الْمَعَنَى الْبَعِيدِ. وَأَيضًا: قَدْ تَكُونُ الثَّانِيَةُ بِغَيرِ اللَّفْظِ الْمُسْتَرَكِ، كَقَولِكَ لَمَنْ يَسْأَلُ عَنْ زَيْدٍ: «لَيسَ هَيْهُنَا»، مُرِيدًا بِهِ: إِنَّهُ لَيسَ فِي مَوضِعِ وُقُوفِكَ، لَا فِي البيت.
وَأَمَّا الثَّانِي - وَ هُوَ اسْتِعْمَالُ اللَّفظِ فِي أَحَدِ الْمَعْنَتَينِ - ، فَإِنْ لَمْ يَقرُنِ الْكَلَامُ بما يُعَيِّنُ أَحَدَهُمَا فَهُو الإيهام(1) 94.
... وَ إِنِ اقْتَرَنَ مِنهُ بِمَا يُنَاسِبُ المعنَى الْآخَرَ وَ إِنْ لَمْ يُمكِنْ إِرَادَتُهُ: فَإِيهَامُ التَّورِيَةِ(2) 95.
6 - تلخيص القول في أنّ الصنايع البديعيّة بحاجة ماسة إلى تحقيق واسع، اذ الباحثون لم يوفّوا حقه بالبحث والتحقيق.
قال رحمه الله :
وَلَعَمْرِي إِنَّ المُتَأَخْرِينَ لَمْ يُوَفَّوا حَقَّها بِالْبَحْثِ، عَلَى أَنَّهَا جُلُّ بِضَاعَتِهِمْ، وَعُمْدَةُ صِنَاعَتِهِمْ(3) 96 .
7- تحريض الباحثين على التحقيق في مسائل هذا العلم.
قال رحمه الله :
... و هَذَا كُلُّهُ لَا يُوجِبُ طَعْنَا فِي هَذَا الْعِلمِ وَ لَا يَدْعُو إِلَى الْإِعْرَاضِ عَنهُ إِذْ حَالُ البَدِيعِ كَحَالِ سَائِرِ العُلُومِ. فَهَلْ تَعلَمُ عِلْمًا سَلِمَ جَمِيعُ مَسَائِلِهِ مِنَ الْإِيرَادِ، وَ لَمْ يَتَطَرَّقَ إِلَى شَيْءٍ مِنهَا الفَسَادُ؟!. بَلْ ذَلِكَ أَدْعَى لِلْخَوضِ فِي مَسَائِلِهِ، وَ التمييز بين حقهِ وَبَاطِلِه(4) 97 .
ص: 45
8 - الإشارة إلى ان للمحسنات شروطاً يجب الالمام بها.
قال رحمه الله :
وَلَكِنْ لِلْمُحَسَّنَاتِ البَدِيعِيَّةِ شُرُوطٌ لَا تَحْسُنُ إِلَّا بِهَا، وَمَوَارِدُ لا تُسْتَحْسَنُ إِلَّا فِيهَا وَجَمِيعُ ذَلِكَ مُبَيَّنٌ فِي ذَلِكَ أَو يَجِبُ بَيَانُهُ فِيهِ (1)98 .
9 - تعريض المصنّف بالبديعيين حيث لم يوفّوا حق البحث عن مقبّحات الكلام.
قال رحمه الله :
عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ كَمَا أَنَّ لَهُ مُحَسْنَاتٌ لَهُ مُقبِّحَاتٌ كَذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرَ أَهْلُ البَدِيعِ ذَلِكَ إِجْمَالاً فِي تَعرِيفِ هَذَا الْعِلْمِ، وَكَانَ الْأُولَى ذِكرَ ذَلِكَ تَفْصِيلًا وَ جَعْلَهُ مِنْ مَسَائِلِ الْفَنِّ وَ تَعْمِيمَ تَحدِيدِهِ بِأَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ مُحَسنَاتُ
الكلام ومُقبِّحَاتُهُ. ولَئِنْ تَرَكُوا ذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرُوا عِدَّةٌ مِنْهَا بِزَعْمِ أَنَّ تَرْكَهَا مِنَ الْمَسْنَاتِ كَالْاِنسِجَامِ. فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا الْعُمْدَةَ فِي تَعرِيفِهِ: الخُلُو عَنْ التَّكَلُّفِ وَالتَّعَقِيدِ، مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ لا يَكُونُ حَسَنًا مُجَرَّدِ الخُلُو عَنْ ذَلِكَ(2) 99.
10 - تحريض الباحثين على استخراج أنواع مبكرة من كلام الله وكلام البلغاء.
قال رحمه الله :
بَلِ الْحَقُّ إِنَّ الْقَومَ لَمْ يَذْكُرُوا مِنَ الْحَسَنَاتِ إِلَّا أَشْيَاءَ يَسِيرَةً، وَ هِيَ أَكْثَرُ مِمَّا ذَكَرُوهُ بِأَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ وَلَا يَزَالُ المُتَأَمِّلُ فِي كَلَام اللَّهِ - سُبحَانَهُ - يَظْفَرُ ينكَاتٍ شَرِيفَةٍ، وَمُحَسَنَاتٍ طَرِيقَةٍ لم يلتفت إليها الأَقْدَمُونَ. وَكَذَلِكَ الخطب و الأدعِيَّةُ المَنقُولَةُ عَنْ أَهْلِ الْبَيتِ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ - وَكِتَابُ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ
ص: 46
وَحدَهُ كَافٍ لأَنْ يَسْتَخرِجَ مِنهُ الْمُتَدَرِّبُ فِي الصَّنَاعَةِ - إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ القِطَانَةِ - أَضْعَافَ مَا ذَكَرُوهُ(1) 100.
11 - الإشارة إلى عظم مقدار هذا العلم.
قال رحمه الله : :
وَ لَعَمْرِي! إِنَّهُ عِلْمٌ جُهِلَ عَظِيمُ مِقدَارِهِ، فَتَسَارَعَتِ الْأَفكَارُ إِلَى إِنْكَارِهِ؛ وَ كَثرَ الطَّاعِنُونَ عَلَيهِ، فَقَلَّ الرَّاغِبُونَ فِيهِ: وَ لَمْ يَحْظَ بِتَوَجُهِ أَفْكَارِ المتأخّرِينَ إلَيهِ، لِظَّنِّهِمْ بِأَنَّ مَوضُوعَهُ عِدَّةٌ تَصَنُّعَاتٍ خَارِجَةٍ عَنْ مَوضُوعِ الْفَصَاحَةِ وَ الْبَلاغَةِ، وَغَفْلَتِهِمْ عَمَّا نَبهنَاكَ عَلَيهِ مِنْ أَنَّ جَمِيعَ مُحَسَنَاتِ الْكَلَامِ دَاخِلَةٌ فِي مَسَائِلِهِ، وَ أَنَّ عُمدَةَ مَبَاحِثِ عِلْمَيِ الْبَلَاغَةِ إِمَّا دَاخِلَةٌ فِي مَسَائِلِ هَذَا الْفَنِّ، أو مُقَدَّمَةً لها و مطلوبة لأجلها(2) 101.
12 - الإشارة إلى بعض نكات اسخرجه المصنّف من الآيات وكلام البلغاء.
قال رحمه الله :
.. فَلَهُ أَنْ يُلْحِقَ ذَلِكَ بِنِكَاتِ البَدِيعِ، وَ يَختَارَ لَهُ أَسْأَ يُنَاسِبُهُ: وَ قَدِ اسْتَحْسَنَ مَولَايَ الْأَخُ - لَمَّا عَرَضْتُ عَلَيْهِ ذَلِكَ - تَسْمِيَتَهُ بِالتَّسْبِيبِ(3) 102 .
... إِذَا رَأَيْتَهُمْ عَدُّوا مِنهَا: «عِتابُ المرءِ نَفْسَهُ، فَلَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنْ لا خُصُوصِيَّةَ لِلْعِتَابِ، بَلْ كَذَلِكَ مُطلَقُ الخِطَابِ مَعَ النَّفس(4) 103.
13 - الإشارة إلى أنّ الحسن في كل كلام تابع لخصوصيات ذلك الكلام.
قال رحمه الله :
وَلِلْحُسْنِ مَعَ ذَلِكَ أَسبَابٌ أُخَرُ تَتَّبِعُ خُصُوصِيَّاتِ المَوَارِدِ وَ
ص: 47
خُصُوصِيَّاتِ الْأَحْوَالِ وَ تَختَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَ الْعَادَاتِ. وَ مِثلُ ذَلِكَ وَ إِنْ كَانَ بَيَانُهُ بِقَولٍ كُلَّ مُمْتَنِعًا وَلَكِنَّهُ لَا يَحقَ عَلَى الْفَطِنِ المُتَدَرِّبِ في الصِّنَاعَةِ (1)104.
14 - الإشارة إلى أنّ في هذا العلم مجهولات كثيرة يجب الالمام بها.
قال رحمه الله :
.. و حَالُ الْبَدِيعِ فِي ذَلِكَ حَالَ سَائِرِ الْعُلُومِ، وَ وُجُودُ يَجْهُولَاتٍ كَثِيرَةٍ فِي
كُلِّ مِنهَا ظَاهِرٌ مَعْلُومٌ .
نعما هَذَا الدَّلِيلُ رَدُّ عَلَى مَنْ يَزْعَمُ الْحِصَارَ النِّكَاتِ بِهَذِهِ /A21/ الْحُصُورَاتِ، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّا لَاتَقُولُ بِذَلِكَ(2) 105 .
15 - الإشارة إلى الفارق بين البديعيّين و بين الجاهلين بهذا العلم.
قال رحمه الله :
إِنَّ عُلَمَاءَ الْبَدِيعِ لَا يُحَسِّنُونَ قَبِيحًا، ولا يُقبِّحُونَ حَسَنًا ، وَفَنُّهُمْ مَقْصُورٌ عَلَى بَيَانِ وَجْهِ الْحُسْنِ فِي الْكَلَامِ الْحَسَنِ وَجَمِيعِ جِهَاتِهِ مِنَ الْمَوَاضِعِ الْمُتَفَرِّقَةِ. وَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَ بَينَ سِوَاهُمْ: إِنَّ أَحَدَهُمْ يَتَمَكَّنُ مِنْ قَصدِ أَحَاسِنِ وَ تَطَلُّبهَا، وَغَيْرَهُمْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنهَا إِلَّا إِذَا وَقَعَتْ لَهُ اتَّفَاقًا:
وَأَيضًا: فَالْبَيتُ الْحَسَنُ إِذَا عُرِضَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْفَنِّ عَرَفَ مَوضِعَ الْحُسْنِ مِنْهُ وَأَمْكَنَهُ الْبَيَانُ، وَ قَطْعُ خَصْمِهِ بِوَاضِحَ الْبُرِهَانِ: وَأَمَّا الْجَاهِلُ - إِنْ فُرِضَ إِدْرَاكُهُ لِذَلِكَ! - فَلَا يُفَقٌ الْبِيضَ وَلَا يَنْضِحُ الْكِرَاعَ، وَلَا يَستَطِيعُ لِخَصْمِهِ الدَّفَاعَ وَإِذَا نَازَعَهُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ، أَو عَكَسَ عَلَيهِ الدَّعْوَى خَصْمُهُ الأله: لا يَجِدُ بُدا إِلَّا بِالْجَرْيِ عَلَى عَادَةِ النِّسَاءِ وَالصَّبْيَانِ، مِنْ تِكرَارِ الدَّعَوَى
ص: 48
وَ تَأْكِيدِ وبِغَمُوسِ الْأَيمَانِ وَإِنْ كَالَهُ الخصمُ بِصَاعِهِ، وَ بَاعَهُ بِذِرَاعِهِ: فَلَاتَرَى الشَّيْخَ إِلَّا وَ قَدْ وَفَّفَ حِمَارَهُ عَلَى القَنْطَرَةِ، وَنَصَبَ نَفْسَهُ غَرَضًا لِلْإِسْتِهْزَاءِ وَ المسخَرَة!(1) 106.
16 - الإشارة إلى رأي بعض المتأخّرين في التعصب على جماعة المتقدمين.
قال رحمه الله :
أَفْرَطَ جَمَاعَةٌ مِنَ المُتأَخْرِينَ، فِي التَّعَصُّبِ عَلَى الْمُتَقَدِّمِينَ: فَزَعَمُوا أَنَّهُ لَيسَ فِي أَشْعَارِهِمْ بَيْتٌ يُستَجَادُ، وَلَا مَعْنًى يُستَفَادُ. وَرَمَوهُمْ بِجُمُودِ الطَّبْعِ وَ التَّصَرُّفِ، وَ صُلُودِ الْفَهْمِ وَ التَّعَجْرُفِ؛ وَ جَحَدُوا مَا هُمْ مِنَ الْحَقِّ الواجب(2) 107 .
17 - الجواب عن هذا الرأي.
قال رحمه الله :
وَ أَمَّا إِنْكَارُهُمْ تَحَاسِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ فَهُوَ نَاشٍ مِنْ قِلَّةِ التَّتَبُّعِ، أَو كَثرَةِ التَّعَصُّبِ(3) 108 .
18 - الإشارة إلى رأي بعض المتأخّرين في التعصب لجماعة المتقدمين.
قال رحمه الله :
وَ أَفَرَطَ جَمَاعَةٌ في التَّعَصُّب لهُمْ حَتَّى زَعَمُوا الْحُسْنَ مَقْصُورًا عَلَى أَشْعَارِهِمْ، وَ الطَّرِيقَ مُنْحَصِرًا فِي اتَّبَاعَ آثَارِهِمْ وَ جَوْزُوا أَرْتِكَابَ مَا اَرْتَكَبُوهُ وَ إِنْ كَانَ قَبِيعًا، وَحَذَرُوا عَنِ التَّعَدِي عَنْ مَذَاهِبِهِمْ فِي الشِّعرِ وَإِنْ كَانَ مَلِيحًا(4) 109 .
ص: 49
19 - الجواب عن هذا الرأي.
قال رحمه الله :
فَهَؤُلَاءِ - أَعَزَّكَ اللَّهُ - قَومٌ عَادَمُوا الْبَصِيرَةَ، وَالمُتَأَخَّرُ الجِيدُ مَعَهُمْ فِي حَيْرَة؛ فَإِنْ نَظَمَ الشِّعْرَ مُسْتَمِلًا عَلَى المَعَانِي الرَّشِيقَةِ، وَ الْأَلْفَاظِ الرَّقِيقَةِ مَنَحُوهُ الْجَفَاءَ وَ الصُّدُودَ، وَ رَمَوهُ بِمَفَارَقَةِ الْعَمُودِ؛ وَإِنْ سَلَكَ مَسْلَكَ الأَوَائِلِ، قَالُوا: إِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِطَائِلٍ؛ لأَنَّهُ احْتَذَى عَلَى مِنَاهِمْ، وَنَسَجَ عَلَى مِنوَالِهِمْ(1) 110.
20 - رأي المصنف في بيان مرتبة كلٌّ من المتقدمين والمتأخرين في صناعة الشعر.
قال رحمه الله :
وَ الحَقُّ أنَّ المُتَقَدِّمِينَ لمَّا كَانُوا هُمُ الفَتَرِعُونَ لأَصْل الشعرِ وَالسَّابِقُونَ إِلَى مَعرِفَةِ قَوَافِيهِ وَ أَوزَانِهِ، وَ الْمُوَسِّسُونَ لِعُمُدِ أَرْكَانِهِ - كَالْاِسْتِعَارَةِ وَالتَّسْبِيهِ وَ الْجَازِ الْمُرْسَلِ ، وَ مُعْظَمِ نِكَاتِهِ - كَالْكَلَامِ الْجَامِعِ وَإِرسال المثلِ : وَكَانُوا هُمُ الَّذِينَ قَسَّمُوهُ إِلَى فُصُولٍ وَأَبْوَابٍ كَالمُدْحِ وَ الْهِجَاءِ وَالعِتَابِ - ؛ فَإِنَّ لَهُمْ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَيْسَ لِلْمُتَأَخَّرِ الْمُسْتَضِيءِ بِنُورِ نِبرَاسِهِمْ، أَلْبَانِي عَلَى مُحكَمِ أَسَاسِهِمْ إِذِ المُبدِعُ الْخَتَرَعُ لِكُلِّ فَنَّ وَ صَنعَةٍ لَا يُقَاسُ فِي الفَضلِ بِاعْتَذِي
المتَّبِعِ : وَإِنْ أَحْسَنَ فِيهِ كُلَّ الْإِحْسَانِ، وَأَثْقَنَهُ غَايَةَ الْإِثْقَانِ(2) 111.
... وَ هَذَا يَصِحُ لَنَا أَنْ نَقُولَ: إِنَّ الْقَدَمَاءَ أَشْعَرُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ بِالْمَعَنَى الَّذِي ذَكَرنَاهُ، لِلْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ: وَلَكِنَّ أَشْعَارَ المُتَأَخْرِينَ، أَحْسَنُ وَأَكْمَلُ مِنْ أَشْعَارِ الْمُتَقَدِّمِينَ لِاشْيَالِهَا عَلَى الْحَاسِنِ الَّتِي اخْتَرَعُوهَا، وَابْتَدَعُوهَا وَ حَاسِنَ أُخَرَ ظَفَرَتْ بِهَا الْأَنْهَامُ، عَلَى تَطَاوُلِ الْأَيَّامِ وَخُلُوهَا عَنِ الْقَبَائِحِ الَّتِي غَفَلَ عَنْهَا الْأَقْدَمُونَ إِذْ مَا زَالَ الْعُلَمَاءُ يُبَالِغُونَ فِي تَحْسِينِهِ وَ تَهْذِيبِهِ، وَ
ص: 50
يَسْعَونَ فِي دَفْعِ نَقَائِصِهِ وَ عُيُوبِهِ حَتَّى تَمَكَّنَ المُتَأَخَّرُ مِنْ أَنْ يَنْظِمَ مَا لَا يُقَاسُ فِي الْحُسنِ ينظم الأَوَّلِينَ(1) 112.
21 - الإشارة إلى لميّة تفوّق أشعار المتأخّرين عذوبةً على أشعار المتقدمين.
قال رحمه الله :
وَ الْقَدَمَاءُ لَمَّا كَانُوا أَهْلَ بَدَاوَةٍ وَضَنْكَ فِي المُعَاشِ، وَ الجَهْلِ بِمَا هُوَ مُتَعَارَفٌ عِندَ أَهْلِ الْمُدُنِ مِنْ أَصْنَافِ الْأَشْيَاءِ؛ لَا جَرَمَ الْحَصَرَتْ تَشْبِيهَاتُهُمْ وَ اسْتِعَارَاتُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْ مَعَانِيهِمْ وَأَمْتَاهِمْ وَ أَوصَافِهِمْ، بِمَا كَانَ مَوجُودًا في بَادِيَتِهِمْ وَ نَظَرَتْ إِلَيهِ أَبْصَارُهُمْ، وَوَصَلَتْ إِلَيْهِ أَفْكَارُهُمْ(2) 113 .
22 - الإشارة إلى أن حسن الشعر عند كلّ قوم تابع لطباعهم.
قال رحمه الله :
إِنَّ الشِّعْرَ الْمُسْتَحْسَنَ المُرغُوبَ فِيهِ عِنْدَ كُلِّ قَومٍ هُوَ مَا نَاسَبَ طِبَاعَهُمْ، وَ كَانَ مُوَافِقًا لِمَقاصِدِهِمْ وَأَغْرَاضِهِم وَ هَذَا نَرَى كَثِيرًا مِنْ شِعرِ الْعَرَبِ غَيرَ مُسْتَحْسَنِ لَدَى الْفُرْسِ، وَبِالْعَكسِ إِلَّا مَا تَوَافَقَتْ عَلَيهِ طِبَاعُ الْفَرِيقَيْنِ، وَ لم تختلف فِيهِ أَعْرَاضُ الطَّائِفَتَيْنِ(3) 114.
... وَ بِالْجُمْلَةِ لَاشَكَ عِنْدَ كُلِّ عَاقِلِ أَنَّ الْكَلَامَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى مُقْتَضَى الزَّمَانِ وَ طِبَاعِ أَهْلِهِ، وَ لَاصَفَاعَةَ أَبْيَنُ مِنْ أَنْ يَتَأَشَى شَاعِرٌ مِنْ أَهْلِ هَذَا الزَّمَانِ، وَ سَكَنَةِ الْبُلْدَانِ؛ بِأَعْرَابِيُّ جَاهِلٍ نَشَأَ فِي قَفْرٍ مَاحِلٍ، وَ رُبِّيٌّ فِي عَيْشٍ قَاحِلٍ(4) 115 .
23 - الإشارة إلى متطلبات النظم على طريقة المتأخّرين.
ص: 51
قال رحمه الله :
النَّظْمُ عَلَى طَرِيقَةِ المُتَأَخِّرِينَ مَعَ احْتِيَاجِهِ إِلَى رِقَةِ الطَّبْعِ، وَ حِدَّةِ الذِّهْنِ: وَكَثْرَةِ التَّصَرُّفِ، وَقِلَّةِ التَّعَجْرُفِ يَتَوَفَّفُ عَلَى إِثْقَانِ عُلُوم البَلاغةِ و الإطلاع عَلَى كَثِيرٍ مِنْ مَسَائِلِ الْعُلُومِ، لِيَتَمَكَّنَ مِنَ التوجيه والعَقْدِ و الْاِقْتِبَاسِ وَغَيرِ ذَلِكَ(1) 116.
24 - الإشارة إلى أنّ جلّ الصنايع البديعيّة مأخوذة من كلام المتقدمين.
قال رحمه الله :
عَلَى أَنَّ مَبْنَى هَذَا الشَّغَبِ عَلَى أَنَّ المتأخرِينَ ابْتَدَعُوا النِّكَاتِ البَدِيعِيَّةَ، وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ أَصْلِهِ فَإِنَّ جُلْ هَذِهِ النِّكَاتِ - بَلْ كُلَّهَا إِلَّا مَا شَدَّ - مَأْخُودَةٌ مِنْهُمْ، وَ مَأْتُورَةٌ عَنْهُمْ(2) 117.
25 - الإشارة إلى رأي بعضهم في أنّ العلم لا مدخليّة له في حسن الشعر.
قال رحمه الله :
وَ مَا بَقِ هَؤُلَاءِ إِلَّا شَغَبُ وَاحِدٌ، وَهُوَ إِنْكَارُ مَدْخَلِيَّةِ العِلْمِ فِي حُسْنِ الشَّعْرِ؛ بَلْ دَعْوَى مَانِعِيَّتِهِ، عَنْ نَظْمِ جَيَّدِهِ.
قَالُوا: وَلِهَذَا نَرَى أَكْثَرَ الشُّعَرَاءِ الْعِيدِينَ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْعِلمِ، وَتَرَى كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْعِلمِ لَيسَ لَهُمْ نَظْمٌ جَيَّدٌ. وَ هَذَا الْأَصْمَعِيُّ وَ أَبُو عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ كَانَا أَعْلَمَ أَهْل زَمَانِهِمَا وَشِعْرُهُمَا يَنْقُصُ عَنْ مُعَاصِرِيهِمَا مِنَ الشُّعَرَاء 118(3).
26 - جواب المصنّف عن هذا الرأي.
ص: 52
قال رحمه الله :
وَ مَا نَشَأَ هَذَا الْكَلَامُ إِلَّا مِنْ فَرْطِ الْجَهلِ، وَ قِلَّةِ الْعَقْلِ ؛ إِذْ فَضلُ الْعِلمِ لَا يُنْكِرُهُ إِلَّا جَاهِلٌ، وَ تَوَقُفُ الْعَمَلِ عَلَى الْعِلْمِ لَا يَتَوَقَّفُ فِيهِ عَاقِلٌ. وَالْجَاهِلُ وَ إِنْ أَصَابَ فَمَا لَهُ فِي مَدْحِ الْعُقَلَاءِ نَصِيبٌ، وَلَا يُقَالُ لَهُ إِلَّا: إِنَّ مَعَ الْخَوَاطِيءِ سَهُمْ مُصِيبٌ وَ العَالِمُ إِنْ أَصَابَ فَلَهُ جَزِيلُ المدح والثناءِ، وَ إِنْ أَخْطَأَ فَهُوَ مَعْذُورٌ عِنْدَ العُقلاء(1) 119.
27 - نكات ينبغي للمتأخّرين أن يخالفوا فيها المتقدّمين.
قال رحمه الله :
وَ بِالجُمْلَةِ الَّذِي يَنْبَغِي لِمتَأَخَّرِ أَنْ يُخَالِفَ فِيهِ أَكْثَرَ شِعْرِ المُتَقَدِّمِينَ أُمُورٌ نَذكُرُ المُهِمَّ مِنْهَا:
أولها: اسْتِعمالُ الضَّرُورَاتِ النَّحْوِيَّةِ وَ التَّرَاكِيبِ الَّتِي لَيْسَتْ عَلَى المتَعَارَفِ وَإِنْ كَانَتْ لَهَا وُجُوهٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ (2)120 .
ثانيها: اسْتِعْمَالُ الْأَوزَانِ الشَّاذَّةِ وَ الزِّحَافَاتِ الْقَبِيحَةِ، بَلِ الزِّحَافَاتِ المَائِزَةِ الَّتِي هِيَ مَكْرُوهَةٌ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَالْأُوزَانِ الْمَتَرُوكَةِ فِيهِ وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَعْمَلَةٌ عِنْدَ السَّابِقِينَ (3)121.
تَالِتُهَا: اسْتِعْمَالُ الْكَلِمَاتِ غَيْرِ المَانُوسَةِ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِمَّا لَا يُفْهَمُ إِلَّا بِمُرَاجَعَةِ كُتُبِ اللُّغَةِ؛ إِذْ لَا خَيْرَ فِي الشِّعْرِ الَّذِي لاَ يَفْهَمُهُ الْجُلَّاسُ، إِلَّا بِمُرَاجَعَةِ الْفَائِقِ وَ الْأَسَاسِ(4) 122؛
رَابِعُها: الْإِفْرَاطُ فِي ذِكْرِ الْأَمَاكِنِ وَ الْبِلَادِ. فَإِنَّ لِبِلَادِ الْعَرَبِ أَسْمَاءَ كَثِيرَةً كَادَتْ أَنْ يَزِيدَ عَدَدُهَا عَلَى عَدَدِ أَشْبَارٍ مَسَاحَتِهَا(5) 123!.
خَامِسُهَا: الْبُكَاءُ عَلَى الدِّمَنِ وَ الطَّلَالِ، وَالْإِنْحَاحُ عَلَيْهَا فِي السُّؤَالِ؛ وَ
ص: 53
بَيَانُ اسْتِعْجَامِهَا وَخَلَائِهَا، وَ تَغَيرِهَا وَعَفَائِهَا(1) 124 ؛
سَادِسُهَا: ذِكْرُ الطَّيْفِ وَ الحَيَالِ(2) 125:
سَابِعُها: - وَ هُوَ أَهَهَا ! - : الْاِكْتِفَاء بِالمعاني المبدُولَةِ، وَ التَّشْبِيهَاتِ الْعَامِّيَّةِ وَ النِّكَاتِ الْمُبْتَذِلَةِ، فَإِنَّ الْمُعَانِي وَ الْأَغْرَاضَ المُسْتَعْمَلَةَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ كَانَتْ تِلْكَ المُعَانِي وَالْأَعْرَاضَ الْعَامِّيَّةَ الَّتِي كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِهَا(3) 126.
28 - الإشارة إلى رأي المصنف في شرّ الشعر وخيره.
قال رحمه الله :
وَ لَو قِيلَ الآنَ: إِنَّ شَرَّ الشِّعْرِ مَا فَهِمَتْهُ الْعَوَامُ، أَو: إِنَّ خَيْرَ الشِّعْرِ مَا لا يَفْهَمُهُ غَالِبُ النَّاسِ، وَ إِنْ لَمْ يَصِحٌ بِوَجْهِ كُلِّي فَلَاشَكَ أَنَّهُ قَرِيبٌ جِدًّا إِلَى الصَّوَاب(4) 127 .
29 - تحذير الشعراء عن الالتفات البالغ إلى اللفظ وحده أو إلى المعنى وحده.
قال رحمه الله :
وَإِيَّاكَ أَنْ تَشْغُلَكَ المعاني و النِّكَاتُ الحِسَانُ، عَنْ مَحَاسِنِ الْأَلْفَاظِ فَيَفُوتُكَ مِنَ الحُسْنِ أَحَدُ شَطْرَيْهِ، أَو يَسْرى قُبْحُ اللَّفْظِ إلَى الْمَعْنَى فَلَا يَلْتَفِتُ أَدِيبٌ إلَيهِ(5) 128.
30 - الإشارة إلى تكلّفات بعض المتأخرين في الاستفادة عن بعض النصايع.
قال رحمه الله :
وَ كَمَا نَبهنَاكَ عَلَى مَا يَنْبَغِي أَنْ تُغَايِرَ فِيهِ المُتَقَدِّمِينَ، فَإِنَّا تُحَدِّرُكَ عَنْ تكلُفَاتِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَأَخَرِينَ فَإِنَّ وُلُوعَهُمْ بِعِدَّةٍ مِنَ الْحَاسِنِ الجَدِيدَةِ،
ص: 54
شَغَلَهُمْ عَنِ الْحَاسِنِ الْقَدِيةِ، وَ حَادَ بِهِمْ عَنِ الطَّرِيقَةِ الْقَوِيةِ(1) 129.
فَتَرَى أَحَدَهُمْ يَتْرُكُ اللَّازِمَ مِنْ أَقْسَام الانْتِلَافِ لِلتَّفْصِيلِ وَ تَشَايُه الْأَطْرَافِ (2)130 .
31 - رأي المصنّف في من يجوز الاقتداء به من الشعراء.
قال الله :
وَ أَنْتَ - أَعَزَّكَ اللَّهُ - إِنْ سَتَلْتَ فِي شَرْع الشِّعْرِ عَنْ خَيْرِ مَذَاهِبِهِ، وَ طَلَبْتَ إِمَامًا تَأْتُم بِهِ فِي مَنْدُوبِ النَّظْمِ وَ وَاجِبِهِ؛ فَعَلَيْكَ بِجَامِعِ الْأَلْفَاظِ وَ المُعَانِي، وَ الْاِقْتِدَاءِ بِالْقَاضِي الْأَرْجَانِيُّ: لَكِنْ مَعَ مُلَاحَظَةِ تَفَاوُتِ الْعَصْرَينِ مِنْ تَرْكِ أَلْفَاطٍ هِيَ فِي زَمَانِنَا وَحْشِيَّةٌ، وَ الْإِكْثَارِ مِمَّا أَشْتَهَرَ بَعْدَهُ مِنَ النِّكَاتِ البديعية(3) 131 .
32 - إشارة إجمالية إلى طائفتين من الشعراء والأدباء قد انتقدهم المصنّف في هذه الرسالة.
قال رحمه الله :
وَلْيَعْلَمِ النَّاظِرُ فِي رِسَالَتِي هَذِهِ أَنْ مَا تَعَمَّدْتُ الرَّدَ فِيهَا إِلَّا عَلَى طَائِفَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: مَنْ جَرَتْ عَلَى أَلْسِنَتِنَا ، تَسْمِيَتُهُمْ بِأَهْلِ الْعَمُودِ لِمَنَاسَبَةٍ ظَاهِرَةٍ عَلَى النَّاظِرِ فِيهَا وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُمْ جُهَّالُ يُنْكِرُونَ فَضْلَ الْعِلْمِ وَيَجْهَلُونَ قَدْرَهُ، وَيَجْحَدُونَ فَضَائِلَ المُتَأَخْرِينَ بِالمَرَةِ وَ يُوجِبُونَ النَّاسي بالمتقَدِّمِينَ فِي كُلِّ مَا خَبتَ وَطَابَ، وَيَتْبَعُونَ خُطَاهُمْ فِي كُلِ خَطَاءٍ وَصَوَابٍ.
وَ هَذِهِ الطَّائِفَةُ قَدْ طَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فِي سِنَةِ الْغَفْلَةِ، وَأَخَذَتْ مِنْ رِقَابِهِمْ مَأْخَذَهَا قَوَاطِعُ الْبَرَاهِينِ وَ الْأَدِلَّةِ.
ص: 55
وَآخَرِينَ هَامُوا بِعِدَّةِ أَلْفَاظِ حَفِظُوهَا مِنْ كُتُبِ الْبَدِيعِ، وَأَهتُهُمْ عَنْ ثِمَارِ الْفَوَائِدِ أَنْوَارُ الرَّبِيعِ؛ يَدِينُونَ بِمَا بَيْنَ دَفَتَيْهَا مِنْ فَاسِدٍ وَ صَحِيحٍ، وَيَقْضُونَ عِندَ ظَوَاهِرِهَا وُقُوفَ الْفَقِيهِ عِنْدَ النَّصَّ الصَّرِيحِ(1) 132.
هذه قائمةٌ إجماليّةٌ تشير إلى أهمّ ما أودعه المصنّف في رسالته هذه؛ وأظنّ أنّ الالمام بها يعين الباحثين للعثور على ما هو المطلوب لهم.
***
و الكتاب قد نال تقريظاً من قبل سماحة العلامة آية الله العظمى المرعشي النجفي هو من تلامذة المصنّف؛ و نص التقريض:
«كتاب السيف الصنيع على رقاب منكري البديع، للإمام الهمام القدوة الأسوة، نابغة العصر و يتيمة الدهر، ربّ الفضائل وكعبتها التى تهوي إليها الأفئدة، ناطورة ،الفقه، عالم الكتاب و السنّة، فقيه الأمة، خرّيت الأدب و
طائرها الصيّت، شيخ الإجازة و مركز الرواية الرحله المسند الثبت الثبت المصنّف المؤلّف الجيد المجيد، مفسّر التفسير درّة تيجان المحدثين و مقدام ،المجتهدين، حجة الإسلام و المسلمين آية الله العظمى بين الورى شيخنا و أستاذنا الشيخ محمد الرضا أبي المجد الأصبهاني النجفي، لازالت رياض الفضل بوجوده مبتهجةً ضاحكةً مستبشرةً .
ثم انّ «عليَّا» الموفى إليه في الكتاب و المخاطب بالتهنئة، هو شيخنا العلّامة البحاثة المتتبع المتدرّب ملحق الأحفاد بالأجداد والواسطة بين الأكابر و الأصاغر ، الشيخ علي بن محمّدرضا بن موسى بن فقيه الشيعة كاشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء طاب ثراه، وكان من مشايخنا فى الرواية.
ص: 56
الراجى المستكين أبو المعالي شهاب الدين الحسينيّ الحسنيّ المرعشيّ الرضويّ الموسويّ النقويّ المشتهر بالنجفيّ
حرّرتها في 18 شوّال المكرّم 1359
ببلدة قم المشرّفة حرم الأئمّة
و قال المحقّق الشيخ الطهرانيّ رحمه الله في وصف الكتاب:
«و هو كتاب نفس»(1) 133.
قد دُعيت من قبل العلّامة الحجة الشيخ هادي النجفي - أطال الله بقائه، و هو من أخلاف المصنّف - إلى تحقيق الكتاب و تصحيحه، و هو رام أن ينشر من آثار أجداده الصالحين ما يوفقه الله - تعالى - به خدمةً للعلم و حفظاً لتراثنا الخالد من الضياع. فدعاني إلى هذا العمل فقمت به من خلال ما يأتي ذكره من المراحل:
في هذه المرحلة قمت بضبط نصّ الكتاب. و فيه اعتمدت مخطوطةً هي المخطوطة الوحيدة منه على ما أعلم. و مواصفاتها:
قطعها: الرقعي 21×15سم.
عدد أوراقها : 54 ،ورقة 108 صفحات مع ورقة عطف و ورقة بدرقةٍ.
خطها: نسخي جميل، ملوّن
مسطرتها: يتراوح عدد السطور من 15 و حتّى 16 سطراً.
البلاغ: لم يوجد عليها بلاغُ.
ص: 57
تأريخ الاستكتاب: لم يعلم بالضبط.
الكاتب: لم يذكر اسمه فيها(1) 134.
وقد أشرت إلى تغيّر صفحاتها بحرفي /... A / و /...B/ .
و النسخة تبتدأ بورقة العطف، و عليها بيتان بخطّ نسخيّ غير خط كاتب النسخة، وهما لم يذكرا في ديوان أبي المجد. وقد ذكرهما العلّامة الأمين رحمه الله(2) 135 في ترجمة المصنّف اعتماداً على رسالة أرسلها إليه سماحة العلامة آية الله العظمى المرعشيّ النجفيّ ذاكراً فيها ترجمة أستاذه؛ و هما:
ألا يا ريمُ رفقًا بصبٍّ هامَ فيكا *** سقیمٍ و دواه غدَى في رشفِ فِيكا
أَلَا يا بدرُ سنًّا و يا يوسفُ حُسنًا *** فلوباعَكَ أهلُوك بنفسي أشتريكا
ثمّ في الصفحة الأولى يوجد تقريظٌ بقلم السماحة العلّامة المرعشيّ و بخطّ يده (3)136.
و في هامش الصفحتين / A4 / و /A53 / على اليسار منهما يوجد خطّ يد المصنّف مصححاً بعض العبارات. فالنسخة كتبت في حياته؛ و تقريظ العلّامة المرعشيّ يرجع إلى 18 شوّال المكرّم لسنة 1359 ه . ق . فإنّا و إن لم نعلم تأريخ استكتابها بالضبط و لكن يمكن أن يستظهر ان النسخة كتبت قبل هذا التاريخ.
و الظاهر انّ النسخة هي المخطوطة الوحيدة للكتاب حيث لم أعثر في فهارس المكتبات
الداخليّة والخارجيّة على نسخةٍ أخرى منه.
بعد الفراغ من ضبط النصّ قمت بتحريك النص و تشكيله، و ذلك حرصاً على تسهيل السبيل لمن يروم أن يطالع الكتاب.
ثمّ قمت بتنظيم ثبتٍ لمعاني المفردات الغريبة، و ذلك لأنّ الكتاب مملوّ منها وهي غريبةٌ عن أذهان كثير من أبناء الفرس. وكان الهدف الحاسم في هذه المرحلة ما كانت في المرحلة
ص: 58
السابقة عليها.
ثمّ قمت بتنظيم تعليقاتي على النص، فذكرت شيئاً حول الأعلام المذكورين فيه بين العلماء و الشعراء و غيرهما، وحول الكتب كذلك ؛ و أشرت إلى مصادر الأبيات المذكورة فيه في الدواوين الشعريّة أو مسفورات الأدباء أو الموسوعات الأدبية الجامعة. ولا يفوتني أن أذكر ان الموسوعة الكمبيوترية المسماة «الشعر ديوان العرب» و الّتي أصدرها المجمع الثقافي التابع لدولة أبوظبي كانت خير عون لي في هذه المرحلة، فكم من بيتٍ عثرت على قائله من خلالها ثم أرجعته إلى موضعه في ديوان منشده فكلّما ذكرت في قسم «التعليقات على النص» معلّقاً على بعض الأبيات اسم القائل ثمّ أشرت إلى عدم عثوري على ديوانه كان اعتمادي فيه على هذه الموسوعة؛ فشكر الله سعي أصحاب هذا المجمع حيث قاموا بهذا العمل الفخم و لهم منّي جريل الثناء.
و تمّت هذه المرحلة من خلال تنظيم الفهارس العامّة للكتاب و الفهارس تشتمل على:
1 - فهرس الآي القرآنية؛
2 - و فهرس الأسماء الأعلام ؛
3 - و فهرس الأبيات والمصاريع.
ثمّ ذكرت قائمةً تشتمل على أهم المصادر الّتي كانت بيدي في سبيل التحقيق و التعليق. و في هذه القائمة أشرت إلى أسماء المصادر الّتي أرجعت إليها في التعليقات مباشرةً، لا كلّ ما راجعت إليه في هذا السبيل. فكم من مصادر راجعت إليها و لكن لم أذكرها لأنّني لم أرجع إليها.
ص: 59
و الآن و أنا أرى نفسي منتهياً من مشروع تحقيق الكتاب و التعليق عليه لا يبقى عليّ شيء إلّا أن أحمد الموفّق على الإطلاق، الذي وفقني للقيام به و أعانني لأن أفرغ منه؛ فالحمد له، ثمّ الحمد له، ثمّ الحمد له.
ثمّ أهدي ثنائي إلى سماحة العلّامة الشيخ هادي النجفيّ الّذي دعاني إلى هذا العمل و هيّأ لي النسخة من مكتبة أسرته الشريفة، و إلى سماحة العلّامة السيد جواد الشهرستاني حيث سيقوم بطبع الكتاب و نشره، و سيّما إلى الفاضل المفضال سماحة الأستاذ علي زاهد پور حيث من عليّ فقرأ القسم الثاني من الكتاب - و هو قسم «نص الكتاب» - مبدياً لي أنظاره حول المغلق ره حول المغلق من العبارات وإعرابها، فله الثناء المتواصل.
و أخيراً، فأنا أهدي ما قمت به من الأعمال في إحياء هذا الكتاب إلى روح أبي العلّامة المغفور له سماحة الدكتور رضا هادي زاده - غفر الله له وأسكنه الله في فراديس جنانه و سقاه من شراب رحمته - .
و صلوات الله وسلامه على سيّد الموجودات
و فخر الأنبياء محمّد المصطفى، و على
أهل بيته الطاهرين المعصومين
مجيد هادي زاده
اصفهان، في ليلة القدر
23 رمضان المبارك سنة 1425 ه ق .
الموافق 1383/8/15 ه ش .
ص: 60
1. سنتكلّم عن هذا الاسم فيما يأتي من هذه التقدمة.
2. يعامل المصنّف مع هذه اللفظة في جميع آثاره معاملة اللقب، لا الاسم؛ فيأتي بها معرّفاً ب- «الألف واللام».
3.كرسالة «بيان مجد النبلاء در احوالات شیخ أبو المجد محمد رضا » للعلّامة الأستاذ المغفور له السيّد مصلح الدين المهدوي. و هذه الرسالة هو الفصل الثامن من كتابه الثمين «بيان سبل الهداية في ذكر اعقاب صاحب الهداية»، والذي دوّنه في ثلاثة مجلّدات. و قد طبع باسم «تاريخ علمی و اجتماعی اصفهان در دو قرن اخیر» و هذا الكتاب من أهمّ المصادر حول مصنّفنا العلّامة، وقد استفدت في هذه التقدمة عنه كثيراً، فشکر الله سعي مؤلّفه العلّامة. وسنذكره فيما يأتي من هذه التقدمة - حباً للاختصار - باسم تاريخ علمي .
و كالفصل الرابع من كتاب «قبيلة عالمان دین» للفاضل العلّامة الشيخ هادي النجفيّ، من أحفاد المصنّف.
4. كتقدمةٍ لبعض أحفاده أوردها في مبتدأ «وقاية الأذهان»، و تقدمةٍ أخرى للعلّامة الشيخ هادي النجفي أوردها في مبتدأ رسالة «أمجديّة». وكلاهما للمؤلّف، وسنشير إليهما
ص: 61
في قائمة مؤلّفاته.
5. راجع: «المسلسلات» - للعلامة الحجة الآية المرعشي النجفي - ج 2 صص 15، 16 .
6. راجع: «نقباء البشر» ج 2 ص 748
7. و انظر: «تاریخ علمى... ج 2 ص 431. أيضاً «ديوان أبي المجد» مقدمة المصحح ص 12 الهامش - والبيت لم يرد في ديوانه - ؛ وقاية الأذهان المقدمة ص 26 الهامش 1 .
8. و وقع هنا خطاً للعلامة المهدوي حيث ذكر في ج 2 ص 432 من «تاريخ علمي.... انه ولد في المحرم، و في ص 222 من نفس المجلّد أشار إلى انه ولد في شعبان.
9. و الرسالة هذه قد طبعت في مبتدأ تفسيره على القرآن الكريم المسمى ب- : «مجدالبيان»؛ راجع: «مجد «البيان» التقدمة صص .9 - 20
10 . و هو رسالة عمليّة للمحقق صاحب الجواهر.
11. راجع «تاريخ علمي» ج 2 ص 433. 12 .
12. راجع: «أعيان الشيعة ج 7 ص 16 القائمة 1.
13. انظر: مقدمة «ديوان أبي المجد» ص 13، مقدّمة «وقاية الأذهان» ص 27
14 . قال العلّامة الطهراني في ترجمته:
«هو السيّد محمّد إبراهيم ابن السيد هاشم بن محمّد علي الموسوي القزويني الحائري. عالم فاضل تلمّذ على والده العلّامة حتى حصلت له الإجازة منه، وكان من أئمة الجماعة في صحن أبي الفضل العبّاس علیه السلام توفى 24/7 / 1360». راجع: نقباء البشر » ج 1 ص 24 الرقم 61.
15. قال العلّامة الأمين في ترجمته ما ملخصّه:
«الشيخ فتح الله بن محمّد النمازي الشيرازي الغروي. ولد في 12 ربيع الأول سنة 1266. كان أحد أعلام علماء هذا العصر. أصله من مدينة شيراز... هاجر والد المترجم إلى
ص: 62
مدينة أصفهان و فيها كانت ولادة المترجم. وقد تلقى مبادئ العلوم فيها حيث حضر على مجالس علماء تلك البلدة ... فحضر على مولى حيدر الأصفهاني، و على المولى عبدالجواد الخراساني من أعلام تلامذة الشيخ محمّد تقي الأصفهاني صاحب الحاشية، و على الحاج مولى احمد السبزواري من أجلاء تلامذة السيّد حسن المدرّس، و ... على الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي الأصفهاني في كثير من المباحث الفكرية و الأصولية. ... ثم سافر إلى المشهد الرضوي ... ثم رجع إلى اصفهان و انقطع عن الحضور إلى الأساتيذ و أخذ في البحث و التدريس بطريقة أعجب الطلبة بها .
و اشتاق بعد ذلك إلى زيارة العتبات المقدّسة و لقاء أجلاء العلماء. ولمّا وصل إلى النجف الأشرف اجتمع حوله المحصلون فتصدى للتدريس و البحث و حضر في أثناء ذلك على الحاج ميرزا حبيب الله الشيرازي و على الشيخ محمد حسين الكاظمي مع قيامه بأعباء البحث و التدريس.
... و في سنة 1313ه- . ق . قصد بيت الله الحرام و زيارة قبر رسول الله اصلی الله علیه وآله وسلم ثم رجع إلى النجف و انقطع للتدريس و البحث والاملاء و التصنيف والفتوى و قضاء الحوائج إلى أن توفاه الله ليلة الأحد الثامن من شهر ربيع الثاني سنة 1339 ه- . ق . في النجف بمرض مزمن في صدره كان أصابه في سفره إلى الجهاد و الدفاع حين هاجم الإنكليز العراق.
... وكان يمتاز بمشاركته في فنون الفلسفة القديمة والحكمة الإلهيّة فضلاً عن العلوم الإسلاميّة في الكلام و الحديث و الرجال و خلافيّات الفرق و المقالات و ما لها وما عليها من الحجج و الأدلة.
... و كان جمع كثير من الناس يرجعون إلى فتاواه و يقلدونه في أحكام مسائلهم من عهد بعيد، و لكن بعد السيّد محمّد كاظم اليزدي أقبل إليه جمهور ثم بعد وفاة الميرزا محمّد تقي الشيرازي أصبح المقلّد الوحيد للشيعة في غالب الأقطار، وقلّما يصادف مثله.
... له من المؤلّفات كتاب «إنارة الحالك في قراءة ملك و مالك»، رجح فيه قراءة ملك و أنّها الموافقة لقراءة أهل البيت علیهم السلام و له رسالة «إيانة المختار في ارث الزوجة من ثمن
ص: 63
العقار» ... و رسالةٌ في «قاعدة الطهارة»، ورسالة في الواحد لا يصدر منه إلا الواحد»، و «رسالةٌ في نفي البأس» و انّ مدلوله نفي الحرمة، ورسالة في «قاعدة الضرر و الضرار»، و له رسائل و تحريرات كثيرة و غيرها كما انّ له مناظرات مع محمود شكري الآلوسي البغدادي».
راجع: «أعيان الشيعة ج 8 ص 391 القائمة 2.
16 . قال بعض أولاده في ترجمته:
«هو محمّد باقر بن الآخوند ملامحمّد جعفر البهاريّ الهمدانيّ. ولده رحمه الله في سلخ ذي الحجّة الحرام من سنة 1275 ه- . ق . في قرية بهار من نواحي بلدة همدان ... نشأ في بيت والده المرحوم و تحت تربیته و رعايته العمليّة والأدبية، فكانت له منذ نعومة أظفاره تصرّفاً تنبأ عن ذكائه المفرط.
... و بعد أن أكمل دروسه الأدبية و مرحلة دروس السطح ارتحل لتكميل مراحله العلمية إلى بلدة بروجرد، وكان بها آنذاك المرحوم المغفور له العلّامة آية الله الحاج ميرزا محمود البروجردي رحمه الله ، فدرس لديه الدروس الأصولية و الفقهيّة الاستدلالية حتى نال منه رحمه الله درجة الاجتهاد، وله من العمر آنذاك اثنان وعشرون عاماً فقط.
... و لمّا حصل من المرحوم ... على درجة الاجتهاد ارتحل إلى النجف الأشرف و لازم بها أبحاث المرحوم المغفور له العلّامة آية الله الآخوند مولى حسينقلي الهمدانيّ الدرجزينيّ رحمه الله ، و اشتغل فيها بتحرير آرائه الفقهيّة و الأصولية، وقد يعرض فيها لآراء أستاذه الآخوند الهمدانيّ ... و فاز باجازتي روايةٍ من المرحومين العلمين العالمين آيتي الله الشيخ طه نجف و الحاج ميرزا حسين النوريّ قدس سرهما ، وكان ذلك في سنة 1302 ه . ق.
.. و بعد أن أمضى من عمره الشريف في النجف الأشرف زهاء 21 عاماً سافر إلى ايران قاصداً زيارة الإمام علي بن موسى الرضاعلیه السلام ، و في عودته من زيارة الإمام علیه السلام مرّ على قريته بهمدان و ما أن علم وجوه البلد حلول الشيخ العلّامة بينهم حتّى التفّوا حول
ص: 64
سماحته ملحّين عليه بالبقاء بهمدان .
له من الآثار: ... «بدر الأمة فى جفر الائمة علیهم السلام»، «مستدرك الدرة»، «تسديد المكارم»، «حواشي على القوانين» ...
ارتحل إلى جوار رحمة الله - جل جلاله - بعد أن أمضى زهاء 15 عاماً من عمره الشريف في همدان حاكماً على الإطلاق في سلخ شهر شعبان المعظم سنة 1333 ه- . ق ».
راجع تقدمة كتاب القضاء» من فقه الباقر الصفحة الأولى.
17. لتفصيل أخباره و أخبار أبيه العلّامة راجع تاريخ علمي» ج 1، «قبيلة عالمان دين» صص 41 ، 63 و غيرهما من المصادر الكثيرة.
18. هو الميرزا حسين بن محمّد تقي النوريّ الطبرسيّ رحمه الله ، من أكابر المحدّثين. ولد في قرية يالو من قراء طبرستان سنة 1254 ه- . ق . وتوفّي في كوفة سنة 1320 ه- . ق . تلمّذ عند الشيخ الأعظم الشيخ مرتضى الأنصاري و الشيخ عبدالحسین شیخ العراقين و الحاج ملا علي الكنيّ و السيّد محمّد حسن الشيرازيّ. وكان من أكبر مشايخ الحديث و الإجازة بين المتأخّرين.
له من الآثار: 1 - «مستدرك الوسائل»، 2 - «معالم العبر»، 3 - «جنّة المأوى»، 4 - «نفس الرحمن في فضائل سلمان». راجع: «أعيان الشيعة ج 6 ص 143 القائمة 2، «ريحانة الأدب» ج 3 ص 389، «مكارم الآثار» ج 5 ص 1461، و غيرها.
19. هو السيّد العلّامة الإمام الفقيه الأصولي السيّد محمّد الفشاركي. ولد في قرية فشارك من توابع أصفهان سنة 1253 ه- . ق . في أسرة ... أصلها من الشرفاء الطباطبائية القاطنين ببلدة أزوارة.
... سافر إلى العراق و هو ابن إحدى عشر سنة، وجاور الحائر الشريف ... و في حدود سنة 1286 ه- . ق . هاجر إلى النجف الأشرف و حضر بحث السيّد المجدّد ... آية الله
ص: 65
الزمن الحاج ميرزا محمّد حسن الشيرازيّ رحمه الله ، فانقطع إليه واقتصر في الدرس عليه. و لمّا هاجر السيّد المجدّد من النجف الأشرف إلى سامراء فى سنة 1291 ه- . ق صحبه السيّد الفشاركي و توطّن معه وصار من أفضل مقرّبيه و خيرة خواصه و تلاميذه.
ثمّ ... لمّا ثلم الإسلام برحيل السيّد المجدّد إلى جوار ربه الكريم في سنة 1312 ه- . ق . رجع السيّد الفشاركيّ مهاجراً بأهله وأولاده إلى الغريّ الشريف ... فشرع في الدرس العمومي في داره الشريفة، ثمّ وضع له منبر التدريس في القبة التي فيها قبر أستاذه المجدّد ... ثمّ انتقل بدرسه إلى الجامع الهنديّ.
و مشايخه بحسب الترتيب الزمني: 1 - أخوه العالم الفاضل السيّد إبراهيم المعروف بالكبير، 2 - السيّد ابن المجاهد الطباطبائيّ، 3 - الأستاذ المعروف بالفاضل الأردكانيّ، 4 - السيّد المجدّد الميرزا محمد حسن الشيرازي. تلاميذه . ... و هم كثيرون، و منهم: ... آية الله العظمى الشيخ عبدالكريم الحائري، آية الله المحقق الشيخ محمد حسن كبّة، الفقيه البارع الشيخ محمد حسين الكمباني الأصفهاني، الفقيه المحقق و الأصولي المدقق الميرزا محمد حسين النائيني، الباحث الشهير و الأصولي التحرير الشيخ ضياء الدين العراقي، العلّامة الفقيه و الأصولي الأديب الشيخ محمّدرضا النجفيّ الأصفهانيّ.
مصنّفاته: 1 - رسالةٌ «في أصالة البراءة»، 2 - رسالة «تقوّي السافل بالعالي»، 3 - رسالة «في الدماء الثلاثة»، 4 - «رسالة في خلل الصلاة»، 5 - رسالة «في الخيارات»، 6 - «رسالة في الإجارة» و
مات رحمه الله في شهر ذي القعدة الحرام من شهور سنة 1316 ه- . ق .
الترجمة مستلّةٌ من تقدمة «الرسائل الفشاركيّة»، و التي طبعت باهتمام مؤسسة النشر الإسلامي راجع المصدر، التقدمة ص 5.
20. راجع: «تاريخ علمي» ج 2 ص 433 .
21. راجع: مقدمة «رسالة أمجديّة» ص 32 .
ص: 66
22 راجع: «نقباء البشر» ص 750.
23. راجع: «مجلة علوم الحديث» العربية، العدد 4 ص 321.
24. راجع: «تاريخ علمي» ج 2 ص 432.
25. راجع نفس المصدر.
26. راجع مقدّمة «ديوان أبي المجد» ص 20.
27. و هذا التقريظ هو إجازة اجتهاديّة روائية أصدرها له و نصها موجود في «تاريخ علمي» ج 2 ص 240.
.28 راجع نفس المصدر ص 265.
.29. راجع نفس المصدر أيضاً.
30. راجع مقدّمة «رسالة أمجديّه» ص 28
31. راجع: «الطليعة» ج 1 ص 335 و انظر: «أعيان الشيعة» ج 7 ص 16 القائمة 2، مقدّمة «رساله أمجديّه» ص 29.
32. انظر: «نقباء البشر » ج 2 ص ص 749
. راجع: «چهل حدیث» ص 3.
34. راجع: ع: «أعيان الشيعة ج 7 ص 16 القائمة 2.
35. العبارة مستلة من تقريظ كتبه على كتابنا هذا، و سنأتي بنصه بتمامه.
36. راجع: «ديوان أبي المجد» ص 123.
37. وقد أورد المرحوم العلّامة المهدوي قائمةً ذكر فيها أسماء 96 رجلاً من تلامذته؛ انظر: «تاريخ علمي» ج 2 ص 264 - 355.
38. راجع مقدّمة «وقاية الأذهان» ص 41.
39.راجع «تاريخ علمي» ج 2 ص 433.
40. راجع اعتذاره في مختتم «وقاية الأذهان» ص 603.
41. قد ذكرت عنه شيئاً يسيراً راجع التعليقات على النص التعليقة 130.
ص: 67
42. راجع: «تاريخ علمي» ج 2 ص 402.
43. انظر: تاريخ علمي ج 2 ص 408 .
44. راجع: «أعيان الشيعة» ج 7 ص 17 القائمة 1.
45. راجع: «ديوان أبي المجد» ص 89 .
46. راجع: «مقدّمة ديوان أبي المجد» ص 17.
47. راجع: نقباء البشر» ج 2 ص 749
48. راجع: «أعيان الشيعة» ج 7 ص 17 القائمة 1.
49. راجع: نفس المصدر القائمة .1
50. راجع: «نقباء البشر» ج 2 ص 74.
51. قاله الأستاذ الشيخ علي الخاقاني في «شعراء الغري»؛ انظر: مقدمة «ديوان أبي المجد» ص 17.
52. راجع: نقباء البشر» ج 2 ص 749 .
53. راجع: «أعيان الشيعة» ج 7 ص 17 القائمة 1.
54 . راجع: «نقباء البشر» ج 2 ص 749
55. كقوله في رثاء سيد الشهداء:
في الدار بين الغميم و السند *** أيّام وصل مضت و لم تعد
ضاع بها القلب و هي آهلةٌ *** وضاع مذ أفقرت بها جلدي
جرى علينا جور الزمان كما *** من قبلها قد جرى على لبد
طال عنائي بين الرسوم و هل *** للحرّ غير العناء و النكد؟
ألا ترى ابن النبي مضطهداً *** في الطف أضحى لشرّ مضطهد
يوم بقى ابن النبي منفرداً *** وهومن العزم غير منفرد
بماضيي سيفه و مقوله *** فرّق بين الضلال و الرشد
فقال لا أطلب الحياة و هل *** فراق دنیا کم سوی وکد
ص: 68
لما قعدتم عن نصر دينكم *** و آل شمل الهدى إلى البدد
و القصيدة طويلة؛ راجع: «ديوان أبي المجد» ص 50.
56. كقوله - وقد كتبه إلى صديقه الشيخ هادي آل كاشف الغطاء - :
أسير نواك أن تمنن عليه *** بتحرير تنل منه المثابه
إذا ما لست تعتقه بوصلٍ *** فلا تبخل عليه بالكتابه
راجع: «ديوان أبي المجد» ص 42.
57. كقوله:
بُنيّ اسمع إلى قولي *** تكن منّي على خُبرِ
حلبتُ الدهر شطريه *** فمن عسر و من يسر
و ذقت الدهر طعميه *** فمن حلو ومن مرّ
و عمّرت و ذرّفت *** على الخمسين من عمري
فكم نائبةٍ نابت *** فما ضاق بها صدري
وحاشا أن يضيق الص *** در مني و معي صبري
إذا مشكلةٌ عنّت *** و أعيى حملها فكري
توكلت على الله *** و فوّضتُ له أمري
كبزٍّ في يد التاجر *** ين الطيّ و النشر
لعلمي أنّ من أب *** دع خلقي كاشفُ ضرّی
فكم من فرجٍ عنها *** أتى من حيث لا أدري
راجع: «ديوان أبي المجد» ص 85.
58. كقوله:
و ريمٍ من بني الأتراك غرّ *** ثقيل الردف ذي خصر لطيف
طوى عن صبّه كشحاً خفيفاً *** و من عجب الهوى طيّ الخفيف
راجع: «ديوان أبي المجد» ص ص .99
ص: 69
59. كقوله:
أمَا لهذا الليل غد *** أم لك يا داء أمد
و قد فُقدت بقيّة القطعة؛ راجع: «ديوان أبي المجد» ص 60.
60 . كقوله:
و يا ربّ عمّ لي يريني بشاشةً *** و في قلبه غيظ علي قد التهب
فيا عمّنا لست النبي محمّداً *** فلم صار عمّي في الشقاء أبالهب!
راجع: «ديوان أبي المجد» ص 40.
61. كقوله:
لم تقبل الدنيا و عمري مقبلُ *** يوماً علىَّ و آذنت بنقار
ما كنت أطلبها و أقبل وصلها *** إذ أقبلت والعمر في إدبار
راجع: «ديوان أبي المجد» ص 81.
62. كقوله - و قد كتبه إلى ابن خاله السيّد مهدي نجل العلامة المرحوم السيّد اسماعيل الصدر - :
فيا راكباً زيافةً شدنيّةً *** تقد الفيافي بالرسيم و بالوخد
تحمّل هداك الله أزكى تحيّةٍ *** تبلّغها عني إلى السيّد المهدي
فتىً فاق في المجد المشايخ يافعاً *** و حاز المعالي و هو في دارة المهد
راجع: «ديوان أبي المجد» ص 56 .
63. كقوله:
و مدرسة باسم الأكابر شيّدت *** وما شيّدت إلا لفعل الكبائر
إذا اجتمعت فيها الأكابر ليلةً *** فما همّهم إلّا نكاح الأصاغر
راجع: «ديوان أبي المجد» ص 83.
64. كقوله:
إنّ الذي بنى الملاح هويته *** و إن ابتليت بهجره و بصدّه
ص: 70
اضحی اسم والده أخصّ صفاته *** و بثغره أضحى مصدّق جده
راجع: «ديوان أبي المجد» ص 60.
65. كقطعةٍ كتبها إلى صديقه الشيخ هادي آل كاشف الغطاء في سنة 1348 ه- . ق .
محبّتی حسناء كم قد حوت *** بديع حسن لم أطق عدّه
زوّجتها منك فطلّقتها *** من بعد ما باشرتها مدّة
فارجع إليها عاجلاً أنّها *** ما خرجت بعد من العدّة
فإن تَين منك فأكفاؤها *** كثر و من يخطبها عدّه
راجع: «ديوان أبي المجد» ص 61.
66. كقوله:
و قالوا الشيخ جاء على حمار *** وملء ثيابه خزيٌ و عار
و حين تشابها شكلاً و عقلاً *** سألت القوم أيهما الحمار!
راجع: «ديوان أبي المجد» ص84.
67 . راجع: مقدّمة «ديوان أبي المجد» ص 19.
.68. راجع: «نقباء البشر» ج 2 ص 753.
.69 العبارة منقولة عن كتاب «شعراء الغريّ» أو النجفيّات؛ و انظر: مقدّمة «وقاية الأذهان» ص 31.
70. راجع: «ريحانة الأدب» ج 7 ص 253، أيضاً: «تاريخ علمي» ج 2 ص 434.
71. راجع: «نقباء البشر » ج 2 ص 752
72. راجع: مقدّمة «ديوان أبي المجد» ص 23.
73. راجع: «تاريخ علمي» ج 2 ص 369.
74. في تقريظ كتبه على مبتدأ كتابنا هذا؛ و سنأتي بنصه في هذه التقدمة.
75. راجع: مقدّمة «وقاية الأذهان» ص 40.
76. راجع: مقدّمة «رسالة أمجديّه» ص 38
ص: 71
77. راجع: «أعيان الشيعة» ج 7 ص 17 القائمة 2.
78. راجع: نصّ الكتاب ص 85 .
79. راجع: نصّ الكتاب ص 86 .
80. راجع: نصّ الكتاب ص 87 .
81. راجع: نصّ الكتاب ص 89 .
82.راجع نصّ الكتاب ص 93 .
83.راجع: نصّ الكتاب ص 93 .
84. راجع: نصّ الكتاب ص 94 .
85. راجع نصّ الكتاب ص 95 .
86. راجع: نصّ الكتاب ص 96 .
87. راجع: نصّ الكتاب ص 97.
88. راجع: نصّ الكتاب ص 98.
89. راجع نصّ الكتاب ص 98 .
90.راجع: نصّ الكتاب ص 99 .
91. راجع نصّ الكتاب ص 99 .
92 . راجع: نصّ الكتاب ص 100.
93. راجع نصّ الكتاب ص 100 .
94. راجع: نصّ الكتاب ص 104.
95. راجع: نصّ الكتاب ص 104.
96. راجع: نصّ الكتاب ص 108 .
97 راجع: نصّ الكتاب ص 109 .
98. راجع نصّ الكتاب ص 109.
99. راجع: نصّ الكتاب ص 110 .
ص: 72
100. راجع: نصّ الكتاب ص 111.
101. راجع: نصّ الكتاب ص 111.
102. راجع: نصّ الكتاب ص 112.
103. راجع: نصّ الكتاب ص 114.
104. راجع نصّ الكتاب ص 115
105. راجع نصّ الكتاب ص 116.
106 . راجع: نصّ الكتاب ص 118 .
107. راجع: نصّ الكتاب ص 119 .
108. راجع: نصّ الكتاب ص 121.
109. راجع: نصّ الكتاب ص 122.
110. راجع: نصّ الكتاب ص 123.
111. راجع نصّ الكتاب ص 125 .
112. راجع نصّ الكتاب ص 127 .
113. راجع: نصّ الكتاب ص 128 .
114 . راجع: نصّ الكتاب ص 130.
115. راجع نصّ الكتاب ص 135 .
116. راجع: نصّ الكتاب ص 136.
117. راجع نصّ الكتاب ص 140 .
118. راجع: نصّ الكتاب ص 143.
119 راجع: نصّ الكتاب ص 143.
120. راجع نصّ الكتاب ص 145
121. راجع: نصّ الكتاب ص 146.
122. راجع: نصّ الكتاب ص 147.
ص: 73
123. راجع: نصّ الكتاب ص 152.
124. راجع: نصّ الكتاب ص 154.
125. راجع: نصّ الكتاب ص 157.
126. راجع: نصّ الكتاب ص 158.
127. راجع: نصّ الكتاب ص 160.
128. راجع: نصّ الكتاب ص 162.
129. راجع: نصّ الكتاب ص 164.
130. راجع: نصّ الكتاب ص 165.
131. راجع نصّ الكتاب ص 166.
132. راجع: نصّ الكتاب ص 177 .
133. راجع: «نقباء البشر » ج 2 ص 752 .
134. للتعريف بالنسخة باختصار تام راجع: «فهرس مخطوطات مكتبة آية الله النجفي» في «قبيلة عالمان دين الضميمة الثانية ص 231.
135. راجع: «أعيان الشيعة» ج 7 ص 19 القائمة 1.
136. و قد ذكرناه فيما مضى من هذه التقدمة.
ص: 74
ص: 75
ص: 76
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
بَعْدَ الْحَمْدِ وَ الصَّلَوةِ. فَإِنَّ الْأَدَبَ وَ إِنْ كُنْتُ مِمَّنْ رَغِبَ فِي تَحْصِيلِ فُنُونِهِ، وَ أقْتَطَفَ لِمَارَ الْفَوَائِدِ مِن فُنُونِهِ : فَلَّكَ بِرَقِيقِ الشِّعرِ حُرَّ الطَّبَاعِ، وَخَاضَ بُجُورَهُ فَلَا مِنْ فَرَائِدِهِ الْأَفْوَاهَ وَ الْأَسْاعَ؛ وَ جَنَى مِنْ أَزْهَارِ الْمُنتُورِ، مَا أَرْزَى شَذَاهُ بِالْخَيْرِيَّ وَ المَنتُورِ ؛ وَ وَجَّهَ نَحْوَ عُلُومِهِ - كَالْمُعَانِي وَ الْبَيَانِ، وَ الْقَوَافِي وَ الْأَوزَانِ - ؛ فِكْرًا ذَلَّلَ صِعَاتِهَا، وَ فَتَحَ بِحَدِيدِهِ أَبْوَابَهَا وَ لَكِنْ كَانَ ذَلِكَ وَ الصَّبَا في إيانِهِ، وَ الشَّبَابُ في عُنْفُوَانِهِ: وَلِسُلْطَانِ الصَّبَا نَزَعَاتٌ(1) ، وَلِقيطَانِهِ نَزَغَاتٌ .
ثُمَّ نَزَعْتُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ الدَّهْرُ عَنْ عِطْفِي بُرْدَ الشَّبَابِ، وَ يُلْبِسَ عَارِضِي قُبْطِيَّ الرِّيَابِ؛ فَمَا قِيلَ عَنِّي رَغِبَ فِيهِ، حَتَّى قِيلَ: رَغِبَ عَنْهُ؛ وَ لَا: سَمَا إِلَيهِ، حَتَّى: سَئِمَ مِنْهُ.
ص: 77
فَتَنْتُ عَلَى مُقَيَّدَاتِ الْقَوَافِي بِالْإِطْلَاقِ، وَ أَمْهَرْتُ عَرَائِسَ الْمُعَانِي بِالطَّلَاقِ؛ وَ جَعَلْتُ طَلَاقَهَا بَنا وَ قَطعًا، وَقُلْتُ: لَا رُجُوعَ لِي إِلَيْهَا قَطعا أو يَعُودَ الشُّخْبُ(1)النسخة الشنحب. ولم أعثر على هذه المادة في المعاجم . أمّا لفظة السُّخْب التي جعلتها في المتن، فهي بمعنى ما يُمتد من اللبن عند الحلب، فإذن يكون المعنى: لا رجوع لي ... حتى يرجع الحليب إلى الضرع؛ و المعنى صحيح لابأس به. و يُمكن أن تقرء العبارة في صورة أخرى، و هي: أو يعود الشَّنْخَبُ إلى الضرع و الشَّنخَبُ: الطويل من الرجال - تاج العروس ج 2 ص 137 القائمة 1 - ، و الضَّرَعُ - محرَّكةً - : الصغير السن الضعيف، فإذن يكون المعنى: لارجوع لي ... حتى يعود الرج--ل البالغ إلى صباوته وكلا المعنيين لا بأس بهما؛ ولكن الأوّل أولى. (2) إلَى الضَّرْعِ، وَ يَرْجِعَ إِلَى الْمُدْمَعِ الدَّمْعُ: وَكُنْتُ كَمَا قُلْتُ مِنْ أَبْيَاتٍ بَعَثْتُهَا لِبَعْضِ مَنْ أُحِبُّ :/A2/
تَرَكْتُ نَظْمَ الْقَوَافِي الْيَومَ عَنْ مَلَلِ *** وَقَدْ وَلِعْتُ - كَمَا تَدْرِي! - بِهَا زَمَنًا
فَلَسْتُ أَنْظِمُ لَا مَدْحًا وَلَا غَزَلًا *** إِذْ لَمْ يَجِدْ مُحْسِنَا طَرْفِي وَلَا حَسَنًا [2]
عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنِّي سِوَى بُوَيْتَاتٍ تَضَمَّنَتْ مُغَازَلَةَ الْفِرْلَانِ، وَمُفَاكَهَةَ الإِخْوَانِ أَو مُعَاتَبَةَ الْأَرْحَامِ وَ الشَّكْوَى مِنَ الزَّمَانِ؛ وَ مَا مَدَحْتُ أَحَدًا قَطُّ، سِوَى مَا كَانَ فِي جَوَابِ مَدَائِحِ الْإِخْوَانِ فَقَط .
ثُمَّ عَطَفْتُ عِنَانَ الْعَزْمِ نَحْوَ الْعُلُومِ الْعَقلِيَّةِ، فَحُزْتُ السَّبْقَ فِي مَيَادِينِهَا وَ لَاسِيَّا الْعُلُومِ التَّعْلِيمِيَّةِ: فَكَمْ جَنَّيْتُ مِنْ رِيَاضِ الرِّيَاضِي تَارَهَا الْيَائِعَةَ، وَأَزَحْتُ دَيَا جِيرَ الْمُعْضَلَاتِ بِبَرَاهِينِهَا السَّاطِعَةِ وَ أَبَتْ نَفْسِي الْعَرُوفُ(3) إِلَّا مَعْرِفَةَ أَدِلَّةِ
ص: 78
المُسَائِل، فَكَمْ رُضْتُهَا فَمَا رَضِيَتْ بِقَولِ الْقَائِل - شِعرًا - :
إِذَا مَنَعَنْكَ أَشْجَارُ المعَالِي *** جَنَاهَا الْغَضَّ فَاقْنَعْ بِالشَّمِيمِ [3]
وَ لَمْ أَزَلْ أَنْتَقِلُ مِنْ فَنْ إِلَى فَنِّ، فَأُنْقِنَهُ وَلَا أَرَى تَرْكَ الْحَسَنِ لأَجْلِ الْأَحْسَنِ وَ لا غَرْوَا فَالنَّفْسُ خَضْرَاءُ ، وَالشَّبَابُ لَا يَخْلُو مِنَ السَّودَاءِ ..
إِلَى أَنِ اسْتَقَرَّ الرَّأْيُّ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَ الْمَنَّهُ ، عَلَى خِدْمَةِ الشَّرِيفَينِ- : الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ - : إِذْ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْأَخْرَى بِحَالِي، وَالْأَجْدَرُ بِأَمْثَالِي: فَتَبِعْتُ /B2/ آثار آبَانِي الأَقْدَمِينَ فِي هِدَايَةِ الْمُسْتَرْشِدِينَ بِشَرْح مَعَالِمِ الدِّينِ [4]: فَأَعْدَدْتُ المُنهَلَ الصَّافِيَ لِلْوَارِدِ(1) ، وَ أَوضَحْتُ أَدِلَّةَ نِجَاةِ العِبَادِ[0] وَ بِرَغْبَتِي فِي الْعِلْمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ رَغِبْتُ عَمَّا عَدَاهُمَا، وَ وُلُوعِي بهما زَهْدَنِي فِيمَا سِوَاهُمَا.
إِلَى أَنْ يَسَّرَ اللَّهُ العُرْسَ الْمُبَارَكَ فِي الشَّهْرِ الْمُبَارَكِ؛ مِن سَنَةِ 1324 لِنُورِ حَدَقَةِ الْكَمَالِ، وَ نَورِ حَدِيقَةِ الْفَضْلِ وَ الْإِفْضَالِ المُقْتَنِي فِي جِدِّهِ وَإِبَائِهِ السَّلَفَ مِنْ أَجْدَادِهِ وَ آبَائِهِ: الفَاضِلِ الْكَامِلِ الْعَالِمِ الشَّيْخِ كَاظِم [6]: وَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا كَادَ أَنْ تَنْجَلِي(2) مِنَ الشَّبَابِ غَيَاطِلُهُ ، وَ عُرْيَ أَفْرَاسُ الصَّبَا وَرَوَاحِلُهُ» [7] وَقَدْ لَاحَتْ(3) مِنْ صَبَاحٍ المشيبِ تَبَاشِيرُهُ ، وَ تَفَتَّحَتْ مِنْ مَصْرَحٍ(4) ، رَوضِهِ أَزَاهِيرُهُ . وَقَدْ دَبَّحَ فُؤَادِي(5) قَبْلَ
ص: 79
أَوَانِهِ بَدِيعي الأَيَّامِ(1) لِمَعَانِي يَعْجِزُ عَنْهَا الْبَيَانُ: وَقَدْ أَقَلَّ الْقَلْبُ مِنْ صُرُوفِهِ مَا أَقَلَّهُ وَ بهِ مَا يَذُودُ الشِّعْرَ حَتَّى أَقَلَّهُ [8] وَلَكِنْ لَما كَانَ الْفُؤَادُ، قَدْ خَصَّهُ بِخَالِص الْوُدَادِ(2) ، فَلَازَالَ يُشْفِقُ عَلَيْهِ شَفَقَةَ الْوَالِدِ، وَيَحِنُّ إِلَيْهِ حَنِينَ أُمِّ الْوَاحِدِ؛ أُورَتْ مَسَرَّنِي بِمَسَرَّتِهِ زَنْدَ الْفِكْرِ بَعْدَ صُلُودِهِ ، وَ أَضْرَمَ فَرَحِي بِفَرْحَتِهِ جَمْرَ الْقَرِيحَةِ بَعْدَ حُمُودِهِ . فَصَنَعَ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيَّ، وَ أَحَبُّهُم لَدَيَّ كَلِمَتَهُ الْمَعْرُوفَةَ، وَهَنَا(3) بِهَا إِمَامَ الْمُلَّةِ الْحَنِيفَةِ، / A3 / وَ شَيخَ الطَّائِفَةِ الْجَعْفَرِيَّةِ الشَّيْحَ الإِمَامَ الأَعظَمَ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ الرِّضَا آلَ كَاشِفِ الْغِطَاءِ [9] - لَا زَالَتْ بُيُوتُ [10] عِزَّهِ مُتَّصِلَةَ الْأَسْبَابِ ثَابِتَةَ الْأَوْتَادِ - مَصُونَةً مِنَ الْعُيُوبِ عَدَى مَا فِيهَا لِلدَّخِيلِ مِنَ السَّنَادِ" -. لِأَنَّ بِنْتَ فِكْرِهِ إِذَا خَرَجَتْ - فِي زِينَتِها تَتَبَرَّجُ، وَ آنَ لَهَا أَنْ تَزَوَّجَ(4) : فَلَا تَخْتَارُ مِنْ غَيْرِ قَومِهَا بَعْلًا، وَلَا تَرَى غَيْرَ أَهْلِهَا أَهْلًا كَيْفَ وَهِيَ - شِعرًا- :
مِنْ مَعْشَرٍ إِمَّا كَرِيتُهُمْ لهُمْ *** أَو مَوتُ عَانِسَةٍ لَهَا تَفْتَاحُ [11]
وَلَا تَرْغَبُ فِي مَهْرٍ أَو صَدَاقٍ سِوَى الْأَهْلِيَّةِ وَالْاِسْتِحْقَاقِ.
وَ لَمَّا جُلِيَتْ تِلْكَ الْخَرِيدَةُ بِمَحْضَرٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْبَلْدَةِ وَفُضَلَائِهَا، وَتُلِيَتْ تِلْكَ
ص: 80
.
الْقَصِيدَةُ فِي يَجْمَع أَدَبَائِهَا وَشُعَرَائِهَا أَمَالَتْ بِأَعْطَافِهِمْ نَشْوَةَ(1) الطَّرَبِ، وَحَلَّتْ فِي أَدْوَاقِهِمْ كَأَنَّهَا ضَرْبٌ مِنَ الضَّرَبِ : وَ لَمْ تَكُ إِلَّا مَلِيحَةً كَشَفَتِ(2) الْقِنَاعَ، فَوَقَعَ عَلَى حُسْنِهَا الْإِجْمَاعُ : أَو لَطِيمَةً فُتِقَتْ بِالْعِرَاقِ، فَعَمَّ شَذَاهَا سَائِرَ [12] الْآفَاقِ. فَسَارَتْ كَالشُّهُبِ بَلْ كَمَجْدِ أَهلِيهَا ، وَ اعْتَرَفَ بِحُسْنِهَا حَاضِرُهَا وَبَادِيهَا.
وَكَانَتْ تِلْكَ الأَيَّامُ لِلْأَدَبِ مَيَادِينَ(3) السَّبَاقِ، جَرَتْ فِي حَلَبَاتِهَا أَفْكَارُ الْأُدَبَاءِ وَقَالَتْ: هُنَا تُعْرَفُ الْجُرْدُ الْعِنَاقُ. وَلَكِنَّهَا فَاقَتْ عَلَى (4) /B3/ ضَرَّاتِهَا تَفَوقَ الْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ، وَ تَقَدَّمَتْ تَقَدُّمَ الرَّأْسِ عَلَى الْكَاهِلِ ، وَكَانَتْ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ:
إِذَا جَاءَ مُوسَى وَأَلْقَ الْعَصَا *** فَقَدْ بَطَلَ السِّحْرُ وَ السَّاحِرُ [13]
فَتَأَخَّرَ فِي تِلكَ المَيَادِينَ مَنْ فِي غَيرِهَا تَقَدَّمَ، وَ سَبَقَ قَائِلُهَا غَيرَهُ(5) - صَلَّى لَهَا وَ سَلَّمَ ! -.
وَ مَا كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّ فَرِيحَتَهُ كَانَتْ أُورَى مِنْ قَرَائِحِهِمْ زَنْدًا ، أَو لِأَنَّ صَارِمَ فِكْرِهِ كَانَ أَرْهَفَ حَدَّا: وَقَدْ عَلِمَ الْقَومُ أَنَّ نَاظِمَهَا - أَدَامَ اللَّهُ بَعْدَهُ - كَانَ مِنْ أَقَلِّهِمْ لِلشِّعْرِ تَعَاطِيَّا، وَأَكْثَرِهِمْ عَنْهُ تَجَافِيًا : بَلْ لأَنَّهُ تَرَكَ المُسَالِكَ الْوَعْرَةَ، وَ اتَّبَعَ مِنْ شَرَائِعِهَا السَّمْحَةَ السَّهْلَةَ. فَعَطَّلَهَا عَنْ عَجْرَفَةِ الْأَعْرَابِ، وَ مُعْضَلَاتِ الْإِعْرَابِ وَ أَلْبَسَهَا
ص: 81
وَشْيَ الْحِضَارَةِ، وَ نَضَى عَنْهَا سَمِلَ أَبْرَادِ الْبِدَاوَةِ؛ وَأَسْكَنَ مُحَسَنَاتِ الْبَدِيعِ فِي رَفِيعِ أَبْيَاتِهَا، وَ لَمْ يَدَعْ لِلْوَهْنِ طَرِيقًا إِلَى مُحْكَمَاتِ آيَاتِهَا وَ غَيْرُهُ مَا حَادَ عَنِ الطَّريقَةِ، حَرَمَ تَوفِيقَهُ!.
***
ثُمَّ اتَّفَقَ لِي الْاجْتِمَاعُ مَعَهُمْ فِي مَجَالِسَ أَرْشَدْتُهُمْ فِيهَا إِلَى مَا بَيْنَهُ الْعُلَمَاءُ مِن وَاضِح الْحَجَّةِ وَالسُّنَّةِ، مِنْ زُهَاءِ أَلْفِ سَنَةٍ؛ وَ فَرَّقْتُ هُم بَيْنَ شِعْرِ الْخَوَاصٌ وَالْعَوَامٌ، وَبَيْنَ مَا يَقْتَضِيهِ هَذَا الْعَصْرُ وَ مَا أَقْتَضَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ /A4/ بِأَلْفِ عَامٍ؛ وَ نَصَبْتُ الْخِلْعَةَ دُسْتُورًا يَرْجِعُونَ إِلَيْهَا، وَأَسَاسًا يَبْتَنُونَ(1) عَلَيْهَا.
و - لَعَمْرُ الْفَضْل ! - لَا أَقُولُ ذَلِكَ تَرْوِيجًا لِلْبِضَاعَةِ، بَلْ أَقُولُهُ خَشْيَةً عَلَى الصِّنَاعَةِ(2) مِنَ الْإِضَاعَةِ؛ وَضَنَّا بِجَوَاهِرِهِ بِأَنْ تُنْظَمَ فِي غَيْرِ هَذَا السِّلكِ، وَ شَفَقَةً عَلَى سَبَائِكِهِ مِنْ أَنْ تُصَاغَ عَلَى غَيْرِ هَذَا السَّبْكِ.
وَ بَعدَ مَا كَثُرَ الْحِجَاجُ ، وَ طَالَ اللُّجَاجُ تَبَيَّنَ لَهُمْ وَاضِحُ الْحَجَّةِ، بِقَائِ الْحُجَّةِ ؛ فَعَدَلُوا عَنِ الطَّرِيقَةِ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى، وَعَلِمُوا أَنَّ الشَّرِيعَةَ الإِسْلَامِيَّةَ أَجْدَرُ بِالاِتِّبَاعِ وَ أَولَى فَنَظَمُوا فِي ذَلِكَ الْعُرْسِ الْمُيْمُونِ وَ غَيْرِهِ الشُّعَرَ الْأَخِذَ بِجَامِعِ
الْقُلُوبِ الْآخِذَ بِطَرَفَي الْحُسْنِ مِنَ اللَّفْظِ الْحَسَنِ وَ المُعنَى المَطْلُوبِ.
وَ مِنَ الطَّرِيفِ أَنَّهُ قُرِأَتْ(3) هُنَاكَ لِبَعْضِ شُعَرَاءِ الْعَصْرِ قَصِيدَةٌ عَلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي
ص: 82
أَقَامَتْهَا الطَّرِيقَةُ الْوَدَاعِيَّةُ عَلَى تَبَيَّاتِ(1) الْوَدَاعِ [14]، وَأَمَرَّ نَسِيمُ الْعِلْمِ النَّبَانِي مُؤْتَتَهَا بِالْقِلَاعِ(2) . فَضَحِكَ الْحَاضِرُونَ مِن بُكَائِهِ طَلَلًا وَ رَسْماً، وَ مَا سَمَتْ(3) أَنْفُسُهُمْ لِلْإِطْلَاعِ عَلَى صِفَاتِ أَسْمَاءَ وَ سَلْمَى [15].
وَ - لَعَمْرِي -! - لَقَدْ كَانَتْ قَصِيدَةً جَيَّدَةً لَو نُظِمَتْ قَبْلَ هَذَا بِأَلْفٍ مِنَ السِّنِينَ، وَمُدِحَ بِهَا أَعْرَابِيُّ ذُو عُنْجُهِيَّةٍ مِنْ سَاكِنِي الدَّهَنَا ءِ (16] أَو بِيْرِينَ [17] وَأَمَّا سَاكِنُوا أَرْيَافِ الْعِرَاقِ، فَإِنَّ طِبَاعَهُمُ /B4/ الرِّقَاق: لا تَتَحَمَّلُ أَمْثَالَ تِلْكَ الْجِبَالِ الرَّاسِيَةِ، وَلَا يَأْلُفُونَ مَا تَأْلُفَهُ أَهْلُ الْبَادِيَةِ فَأَدْرَكَ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ السَّدِيدِ، فَجَرَى بَعْدَ تِلْكَ الْكَبْوَةِ فِي الْمَسْلَكِ الْجَدِيدِ؛ حَتَّى نَظَمَ بَعْدَهَا بِأَيَّامٍ قَلَائِلَ مِثْلَ قَولِهِ - وَ لِلَّهِ دَرُّهُ مِنْ قَائِل : - مُخَلَّعُ البَسِيط -
مرَّ بِعَينِي فَقُلتُ هَذَا *** أَحْلَى مِنَ الظَّي أَلْفُ مَرَّة [18]
وَ لَمْ يَزَلْ يَجْرِي بَعدَهُ فِي هَذَا المِضْمَارِ، حَتَّى مَدَحَ كَاتِبَ الْحُرُوفِ بِقَصَائِدَ بَدِيعِيَّةٍ وَ
ص: 83
مَا لَحِقَهُ عِثَارٌ .
***
وَ لَمَّا اتَّفَقَتْ عَلَى ذَلِكَ الآرَاءُ عَلَى شَتَاتِها، وأجتَمَعَتْ عَلَيهِ مِنَ الأَهوَاءِ مُختلِفَاتُها كَتَبتُ بِذَلِكَ إِلَى عِبَادِ الفَضْلِ وَ عَمِيدِهِ، وَ رَضِي العِلمِ وَ مُفِيدِهِ [19] - : أَخِي الهَادِي بْنِ العَبَّاسِ بنِ عَلي آلِ كَاشِفِ الغِطَاءِ [20]. فَوَرَدَ مِنْهُ كِتَابٌ فِي الْجَوَابِ قَدْ تَخَضَ فِيهِ الرَّغْوَةَ عَنِ اللَّبَنِ الصَّرِيحِ، وَ أَبَانَ فِيهِ الحَقِّ بِالتَّلويحِ وَ التَّصْرِيحِ وَمَعَ ذَلِكَ زَعَمَ بَعضُ المُغَفَّلِينَ أَنَّهُ يَذْهَبُ إِلَى غَيرِ هَذَا المَذْهَبِ، وَ يَرغَبُ إِلَى مَا عَنهُ أَرغَبُ؛ وَ مَا دَرَى المِسْكِينُ إِنَّا بَعدَ هَذَا الاِنْتِلَافِ لَمْ تَعْرِفِ الْاِخْتِلَافَ؛ وَ بَعدَ عَقدِ الْإِخَاءِ الَّذِي وَجَبَ بِهِ عَلَينَا الوَفَاءُ، لَمَ تَحَلُلْ(1) عُرَاهُ بِاخْتِلَافِ الْآرَاءِ /A5/ وَ تَشَتُتِ الأَهْوَاءِ. وَ إِنِّي - وَ حَقٌّ أَلْوَدَادِ(2) وَ الْأَلْفَةِ، وَ قَدِيمِ الْحَبَّةِ وَ الصُّحْبَةِ! - لَو رَامَ قَلبي - مُخَالَفَتَهُ فِي أَمرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَينَ ضُلُوعِي مَوطِنًا، وَ قُلتُ لَهُ اتَّخِذْ سِوَى صَدرِي مَسْكَنَّا!.
وَ ظَنَّ قَومُ بِي التَّحَامُلَ عَلَى المُتَقَدِّمِينَ، وَ العَصَبِيَّةَ لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَالعُلُو فِي الاعْتِقَادِ بِعِلمِ البَدِيعِ، وَ اقْتِصَارِي فِي مَحَاسِنِ الشَّعَرِ عَلَى أَمْثَالِ التَّرضِيعِ وَ التَّصْرِيحِ فَلَزِمَنِي شَرحُ ذَلِكَ الْكِتَابِ الكَرِيمِ، لِيَعرِفَ الفَطِنُ النَّبِيهُ (3) أَنَّ الكِتَابَ لَا رَيْبَ فِيهِ [21] وَ أُقِيمَ بِهِ لَدَى قَاضِي الإِنصَافِ عَدْلَ البَيِّنَةِ، عَلَى أَنَّ مَا ظَنُّوهُ فِرْيَةٌ بَيِّنَةٌ وَأَكْشِفَ عَمَّا أَعْتَقِدُهُ بِوَاضِحِ البَيَانِ، وَ أُقِيمَ عَلَيْهِ سَاطِعَ الْبُرِهَانِ؛ لِتَبَيَّنَ
ص: 84
لِلْمُستَر شِدِينَ الْحَجَّةُ، وَتَقُومَ عَلَى أَهْلِ الْعَمُودِ الْمُتَعَجْرِفِينَ الحُجَّةُ.
وَ ظَنِّي أَنَّ رِسَالَتِي هَذِهِ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِمَنْ سَلِمَتْ سَلِيقَتُهُ مِنَ الْاِعْوِجَاجِ، وَ خَلَصَتْ شِيمَتُهُ مِنَ اللَّجَاجِ وَكَانَ مِنْ ذَوِي الطَّبَاعِ الرَّقِيقَةِ، وَ الْأَنْهَامِ الدَّقِيقَةِ؛ إِلَّا تَقَبَّلَهَا الْقَبُولَ الْحَسَنَ، وَ مَهَرَ خَرَائِدَ أَبْكَارِهَا بِأَغْلَى ثَمَنٍ. وَ أَمَّا الْمُثْرِي مِنَ الْجَهْلِ، المعدمُ مِنْ بِضَاعَةِ الفَضْلِ فَإِنِّي أَعلَمُ أَنَّهُ تَسُوؤُهُ هَذِهِ المَقَالَهُ، وَ يُطلِقُ لِسَانَهُ فِمَا لَا يَنبَغِي إِلَّا لَهُ لَا حَالَة؛ فَإِنَّ فِيهَا كَسَادَ سَلْعَتِهِ، وَ فَسَادَ حِرفَتِهِ. وَ سَوَاءٌ عِندِي إِنكَارُهُ وَ اعتِرَافُهُ، B5/ وَ لَا يَسُرُّني وِفَاقُهُ كَمَا لَا يَسُوقُنِي خِلَافُهُ - شِعرًا - : - طَوِيلٌ -
إذَا رَضِيَتْ عَنِّي كِرَامُ عَشِيرَتِي *** فَلازَالَ غَضْبَانًا عَلَيَّ لِتَامُهَا [22]
وَإِنِّي أَخْتَصِرُ القَولَ فِي ذَلِكَ إِذْ كُلُّ طَوِيلٍ مَمْلُولٌ، وَ أُفَصِّلُ تِلكَ اللَّالِي(1) فِي ضِمِنِ عِدَّةِ فُصُولٍ.
وَأَقُولُ :
الصَّانِعُ الْحَكِيمُ - جَلَّتْ آلَائُهُ!- مُذْ خَلَقَ الْإِنْسَانَ وَبَرَأَهُ، جَعَلَ طَبْعَهُ يَجَبُولًا عَلَى أَنْ يَتَطَلَّبَ سَبَبٌ كُلِّ مَوجُودٍ يَرَاهُ: فَلَا يَزَالُ يَتَنقُلُ في مَرَاتِبِ الأَسبَابِ، حَتَّى تنتهي تَنْتَهِيَ إِلَى مُسَبِّبِهَا فَيَعْرِفَ بِذَلِكَ رَبَّ الْأَرْبَابِ. وَ هَذَا مِنْ أَشْرَفِ مِنَنِهِ عَلَى الْإِنْسَانِ، وَ أَخَصٌ مَا مَيَّزَ بِهِ مِنْ سَائِرِ أَصْنَافِ الْحَيَوَانِ.
ص: 85
وَ لَمَّا كَانَ الْحُسْنُ - الَّذِي هُوَ مِنْ أَشْرَفِ المُوجُودَاتِ - أَمْرًا مَوجُودًا، وَعَلَى خَفَاءِ حَقِيقَتِهِ ظَاهِرًا مَشْهُودًا وَجَبَ عَلَى الْإِنْسَانِ بِمُقْتَضَى جِبِلَّتِهِ، وَبَدِيعِ فِطْرَتِهِ، أَنْ يَتَطَلَّبَ سَبَبَهُ، وَ يَتَفَحَّصَ عَمَّا أَو جَبَهُ؛ فَيَسْتَفِيدَ مِنْ ذَلِكَ - بَعْدَ العِلمِ الَّذِي هُوَ أَسْرَفُ المقاصِدِ، وَأَعْظَمُ الفَوَائِدِ : فَوَائِدَ جَلِيلَةٌ كَسُهُولَةِ الطَّلَبِ وَ التَّعبِيرِ مَتَى أَحْتَاجَ إِلَيهِ: وَأَلَّتَكُنِ مِنَ الْاِحْتِجَاجِ عَلَى مَنْ خَاصَمَهُ فِي ذَلِكَ. وَ أَنْ يَعرِفَ مِنْ كُلِّ حَسَنٍ مَرْتَبَتَهُ وَ يُنْزِلَهُ فِي ذَلِكَ مَنْزِلَتَهُ.
وَ لَنُوَضْحُ ذَلِكَ بِمِثالٍ وَ هُوَ: إِنَّ الإِنْسَانَ مَتَى نَظَرَ إِلَى شَجَرَتَيْنِ، وَأدرَكَ في /A6 / إحداهُمَا صِفَةً تُوجِبُ ارتيَاحَ النَّفْسِ وَ تَلَذُّذَ الْعَينِ؛ وَلَمْ يَجِدْ مِثْلَهَا فِي الْأُخرَى تَطَلَّبٌ بِحَسَبٍ فِطْرَتِهِ سَبَبَ ذَلِكَ حَتَّى تَقِفَهُ(1) المُقايَسَةُ وَالاعْتِبَارُ وَنَحوُهُمَا عَلَى أَنَّ الأُولَى صَارَتْ حَسَنَةٌ لِكُونَهَا مَورَقَةٌ (2) خَضْرَاءَ، وَ لَم تَحْسُن(3) الأُخرَى لِكَونَهَا يَابِسَةً وَلَمْ جَرْدَاءَ وَكَذَلِكَ إِنْ نَظَرَ إِلَى شَجَرَةٍ مُعْتَدِلَةٍ مُفَتَّحَةِ الأَزهَارِ، مُتَدَلِّيَةِ الأَثمار؛ وَقَاسَهَا إلَى أَضدَادِهَا صَحَ لَهُ الحُكمُ بِأَنَّ مُحَسَّنَاتِ الأَشجَارِ أُمُورٌ مِنهَا الاِعْتِدَالُ، وَتَفَتَّحُ الأَزْهَارِ، وَ أَخْضِرَارُ الْأَورَاقِ، وَ تَدَلِّي(4) الْثِّمَارِ، وَنَحوُ ذَلِكَ؛ فَيَرِ تَفِعُ بِذَلِكَ دَرَجَتُهُ عَنْ خُطَّةِ العَوَام، وَ يَسهُلُ لَهُ الطَّرِيقُ إِلَى مَعرِفَةِ المَلِكِ الْعَلّامِ فَيَكتَنِي بِالْعِلمِ عَنِ
ص: 86
الوجدَانِ، وَ غَيْرُهُ - إِنْ كَانَ ذَاطَبْعِ سَلِيمٍ ! - لَا يَعْلَمُ حَتَّى يَرَى بِالْعِيَانِ، وَ بَينَهُمَا مِنَ الفَرقِ البَيْنِ مَا لَا يَحتَاجُ إلَى البَيَانِ .
وَ الْحُسْنُ وَإِنْ كَانَ كَمَا حَقَّقَهُ الْعُلَمَاءُ الْعَارِفُونَ - أَمْرًا وَاحِدًا فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، وَ شَمْسًا وَاحِدَةً أَستَضَاءَتْ بِنُورِهَا الْأَرْضُ وَ السَّمَاءُ؛ فَتَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِ المَرَايَا تَجَلَّيَّاتُهَا، وَ اخْتَلَفَتْ مَرَاتِبُ قَبُولِ الأَشْيَاءِ لَهَا لَمَّا اخْتَلَفَتْ قَابِلِيَّاتُها ؛ فَاخْتَلَفَتْ لِذَلِكَ أَلقَابُهُ وَ صِفَاتُهُ، وَتَكَثَّرَتْ أَسماتُهُ وَ سِمَاتُهُ(1)، فَإِنْ كَانَ فِي الْوَجهِ سُمِّيَ بِالصَّبَاحَةِ، أَو فِي البَيَانِ دُعِي بِالفَصَاحَةِ، فَإِنَّ لَهُ فِي كُلِّ مَظهَرِ مِنْ تِلكَ المَظَاهِرِ نَوَامِيسَ كُلِّيَّةً، B6 وَقَوَاعِدَ عِلْمِيَّةً: قَدِ اعْتَنَى الْعُلَمَاءُ بِضَبِطِهَا، وَأَفَرَدُوا يُحَسْنَاتِ كُلِّ شَيْءٍ فَنَّا بِرَأْسِهِ. فَدَوَّنُوا عِلمَ الْأَخْلَاقِ لِحَاسِنِ الصِّفَاتِ(2) وَ الْمُلَكَاتِ، وَ لَحَاسِنِ الْأَصْوَاتِ عِلْمَيِ المُوسِيقَی وَ الإیقَاعَات.
وَ كَذَلِكَ أَعتَنَى الْعُلَمَاءُ مِنَ الْقَرْنِ الثَّالِثِ [23] إِلَى هَذَا الزَّمَانِ، بِضَبْطِ مُحَسَّنَاتِ الكَلَامِ. فَأَفْرَدُوا مَا عَتَرُوا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فِي عِلْمٍ سَمُوهُ بِالبَدِيعِ، فَكُلُّ مَا يُورِثُ فِي الْكَلَامِ حُسْنًا فَهُوَ مِنْ مَسَائِلِ هَذَا العِلمِ، فَيَدخُلُ فِيهِ أَكْثَرُ مَبَاحِثِ عِلْمٍ الْبَيَانِ وَكَثِيرٌ مِنْ مَبَاحِثِ عِلمِ المُعَانِي - كَالْإِيجَازِ وَ المُسَاوَاتِ وَالإِطْنَابِ المُشمَى عِندَهُمْ بِالْبَسطِ وَالتَّسْبِيهِ وَ الْاِسْتِعَارَةِ وَ الْكِنَايَةِ - ؛ وَ مِنهَا كَثِيرٌ مِنْ شَوَاهِدِ الْإِرْدَافِ وَ إِنْ كَانَتْ تِلكَ المَسَائِلُ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْجُهَةِ مِنْ مَسَائِلِ ذَينِكَ الْعِلْمَينِ. وَ أَنتَ إِذَا قَتَلْتَ
ص: 87
الْعِلْمَينِ خُبْرًا ، وَقَلبْتَها(1) بَطَنَا وَ ظَهْرًا عَلِمتَ أَنْ لَيسَ فِيها خَيْرٌ، وَلَا فِى عَصَاهُمَا سَيْرٌ إِلَّا مِنْ جَهَةِ تَحْسِينِ الْكَلَامِ. فَجَعْلُ عُلُومِ الْفَصَاحَةِ عِلْمًا وَاحِدًا، وَتَسْمِيَةُ الْجَمِيعِ بِاسْمِ وَاحِدٍ - كَمَا صَنَّفَهُ [24] بَعضُهُمْ [25] - لَا يَخلُو عَنْ وَجْهِ وَلَكِنَّ الأَمرَ فِي التَّسْمِيَةِ وَالْاِصطلاح سَهْلٌ.
وَلَا عَلَيكَ فِي أَتْبَاعِهِمْ إِنْ عَرَفتَ أَنَّ الغَرَضَ الأَصلِيَّ مِنَ العِلْمَينِ مَعًا هُوَ مَعرِفَةٌ مُحَسَنَاتِ الكَلامِ، وَلَا مَتَازُ كَلَامُ الْمَلِكِ الْعَلَّامٍ، عَن كَلَامِ سَائِرِ الْأَنَامِ، وَكَلَامُ الْفُصَحَاءِ عَنْ كَلَامِ الْعَوَامَ، إِلَّا بِمَا فِي مِنَ النِّكَاتِ وَ الْحَسَنَاتِ وَإِلَّا فَقَولُ السُّوقِ: «الرَّطْلُ مِنَ الْبَادِنْجَانِ /// بِدِرْهَمَينِ كَلَامُ عَلَى مُقْتَضَى الْحَالِ ؛ وَ قَولُهُ لِلْمُعَاكِسِ : «وَ اللَّهِ لَا أُعْطِي بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ أَكْثَرَ مِنْ رَطْلَيْنِ إِحْرَاجٌ عَلَى مُقْتَضَى الظَّاهِرِ؛ ... إِلَى غَيْرِ ذلك.
نَعَمْ! عَلَى عُلَمَاءِ المَعَانِي أَنْ يُبَيِّنُوا أَحكام الإطنابِ وَالْمَسَاوَاتِ، وَ عَلَى عُلَمَاءِ الْبَيَانِ أَنْ يُنَبِّهُوا عَلَى أَقْسَامِ الْإِسْتِعَارَاتِ وَ التَّسْبِيهَاتِ، وَ عَلَى عَالِمِ الْبَدِيعِ أَنْ يَأْخُذَ مَحاسِنَ الجَميع وَيَجْعَلَهَا مِنَ الْحَسَنَاتِ فَفِي عَدِّهِمْ مُطلَقَ التَّسْبِيهِ وَ الْاِسْتِعَارَةِ - مَثَلًا -مِنَ الْبَدِيعِ مُسَاعَةٌ ظَاهِرَةٌ: فَهَذَا أَعَزَّكَ اللَّهُ - سَبِيلُ الْبَدِيعِ وَ مَا عَرَّفْنَاكَ ثَمَرَتُهُ، وَ الْبَاعِتُ عَلَى اخْتِرَاعِهِ وَ تَدوِينِهِ؛ فَعَلَيْكَ مَعْرِفَةُ تَفصِيلِهِ إِذَا عَرَّفْتُكَ إِجْمَالَهُ، فَإِنِّي أَشْفَقْتُ عَلَيكَ مِنَ المُلالَةِ، فَتَرَكْتُ الإطالة.
ص: 88
وَبِذَلِكَ تَعْرِفُ عِظَمَ مِقدَارٍ هَذَا الْعِلْمٍ، وَيُهَوِّنُ عِندَكَ شَغَبُ الْجَاهِلِينَ بِهِ، وَ لا يَهُولُكَ أَمْرُهُمْ، إِذِ الْقَومُ لَمْ يَأْتُوا بِحُجَّةٍ نَظَرِيَّةٍ يَلْزَمُنَا الْجَوَابُ عَنهَا ، بَلْ كَلَامُهُمْ كَلَامُ سَائِرِ الْجَاهِلِينَ فِي الطَّعْنِ عَلَى سَائِرِ الْعُلُومِ فَالْجَوَابُ عَنهُ الْجَوَابُ بِعَيْنِهِ. وَقَدْ ذَكَرتُ شَطْرًا مِنْ ذَلِكَ فِي شَرْح أَرْجُوزَةِ الْعَرُوضِ [26].
وَنَحنُ مَعَ ذَلِكَ نَجرِي مَعَهُمْ فِي حَلْيَةِ المَناظَرَةِ، وَنَسْتَعْمِلُ الْإِنصَافَ لَا المَكَابَرَة؛ وَ نَقنَعُ عَنْهُمْ بِتَصَوُّرِ الدَّعْوَى عَنِ الدَّلِيلِ، وَ لَا تَحْمِلُهُمْ مِنَ الْاِسْتِد لَالِ الْعِبْءَ " التَّقِيلَ، وَ مِنَ الله / B7/ أهِدَايَةُ إِلَى قَصْدِ السَّبِيلِ.
فَتَقُولُ: قَدْ عَرَفْتَ أَنَّ الْحُسْنَ فِي الْكَلَام مَوجُودٌ، وَكُلُّ مَوجُودٍ فَلَابُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ؛ وَ تِلكَ الأَسبَابُ قَدْ جُمعَ مِنهَا مَا وَصَلَتْ إِلَيْهِ الْأَفكَارُ وَ دُوِّنَ فِي عِلْمٍ عَلَمُهُ الْبَدِيعُ.
فَالْخَصمُ إِنْ أَنكَرَ الْحُسْنَ فِي الْكَلَامِ فَهُوَ مُبَاهِتٌ سُوفَسْطَائِيُّ، وَ الْجَوَابُ عَنهُ جَوَابٌ عَنْ سَائِرِ فِرَقِ السُّوفَسْطَائِيَّة.
عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ التَّعَصُّبُ لِعَمُودِ الشِّعرِ، وَلَا التَّحَامُلُ عَلَى نُفَاثَةِ (1) السِّحْرِ؛ لأَنَّ وُجُودَ الْحُسْنِ كَانَ مُسَلَّما بَينَ الْفَرِيقَيْنِ، وَكَانَ النِّزَاعُ فِي الْحَسْنَاتِ الكَائِنَةِ فِي الْبَيْنِ؛ وَ هَذَا قَدْ خَرَجَ عَنْ مَوضِعِ الْخِصَامِ، وَ أَسْتَرَاحَ مِنْ حَيثُ ... (2) الكِرَامُ؛
ص: 89
وَ إِنِ اعْتَرَفَ بِوُجُودِ الْحُسْنِ فِيهِ وَ أَنْكَرَ أَسْبَابَهُ، فَالْجَوَابُ عَنهُ هُوَ الْجَوَابُ عَنِ الْقَائِلِينَ بِالصُّدْفَةِ وَالْاِتِّفَاقِ ؛
وَ إِنِ اعْتَرَفَ بِالْأَمْرَيْنِ مَعًا وَلَكِنْ أَنْكَرَ الْحُسْنَ فِي جَمِيعِ الشَّعرِ الَّذِي فِيهِ جَمِيعُ أَنوَاعِ الْبَدِيعِ وَأَنكَرَ النِّكَاتِ البَدِيعِيَّةَ عَلَى طَرِيقِ السَّلبِ الْكُلِّيِّ، فَقَدْ جَنَى عَلَى نَفْسِهِ وَ أَصحَابِهِ هَذَا الْجَاهِلُ، وَ أَسْقَطَ حَتَّى شِعرَ الْأَوَائِلِ إِذْ أَكْثَرُ النِّكَاتِ الْبَدِيعِيَّةِ ؛ مُسْتَخْرَجَةٌ مِنْ أَشْعَارِهِمْ، وَ أَكْثَرُ المُسْتَحْسَن مِنْ أَشْعَارِهِمْ هُوَ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الاِسْتِعَارَاتِ وَ التَّسْبِيهَاتِ وَ إِرسالِ المَثَلِ وَ غَيرِهَا مِمَّا هُوَ مِنْ أَجَلٌ مَسَائِلِ هَذَا العِلْمِ بَلْ مِنْهَا مَا هُوَ أَكْثَرُ أَسْتِعْمَالاً /A8 / عِندَهُمْ مِنَ الْمُتَأَخْرِينَ - كَالتَّفْرِيعِ وَ غَيرِهِ -؛
وَ إِنِ اعْتَرَفَ بِالْحُسْنِ فِيهَا وَلَكِنْ صَادَمَ الْعِيَانَ، وَ خَالَفَ الْوِجْدَانَ؛ وَكَابَرَ وَ ادَّعَى أَنَّ الْحُسْنَ فِيهَا لَيسَ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْعِلم مِنْ أَسْنَادِهِ إِلَى تِلْكَ النِّكَاتِ، بَلْ يَجْعَلُهُ مُسْتَنَدًا إِلَى أَمْرٍ خَفِيٌّ لَا يَعْلَمُهُ سِوَى عَالِمِ السِّرِّ وَ الْخَفِيَّاتِ؛ فَنَحْنُ نَعْرِضُ عَلَيهِ أَبيَاتًا مِنَ الشِّعرِ الَّذِي يَعْتَرِفُ(1) أَصْحَابُهُ بِحُسْنِهِ، وَ نُجَرِّدُهُ عَنْ تِلْكَ الْحَسَنَاتِ لِيَرَى كَيْفَ يَتَضَعْضَعُ مِنَ الْبَيتِ بُنيَانُهُ، وَيُهْدَمُ مِنْ حُسنِهِ أَركَانُهُ.
وَ نَقْتَصِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ شِعرٍ أَبِي عُبَادَة [27]، لأَنَّهُ عَمِيدُ أَهلِ الْعَمُودِ، وَمَنْ يُفَدَّى عِندَهُمْ بِالْآبَاءِ وَالْجُدُودِ: وَشِعْرُهُ يُسَمَّى عِندَهُمْ بِسَلَاسِلِ الذَّهَبِ [28]، وَهُوَ
ص: 90
أَقْرَبُ الشُّعَرَاءِ الْإِسْلَامِيِّينَ بِزَعِمِهِمْ إِلَى طَرِيقَةِ الْعَرَبِ [29]؛ فَنَعْرِضُ عَلَيْهِ مِثلَ قَولَهِ:
كَالْقِسِيِّ المُعَطَّفَاتِ بَل ال *** أَنهم مَبْرِيَّةٌ بَلِ الْأَو تَارِ [30]
وَ نَقُولُ: مُدَّعَى أَهْلِ الْعِلْمِ [31] أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ جِهَاتِ الْحُسْنِ فِي البَيتِ هُوَ مُرَاعَاةُ النَّظِيرِ، بَلْ وَ انْتِلَافُ اللَّفْظِ مَعَ اللَّفظِ عَلَى أَحَدٍ تَفسِيرَيْهِ بَينَ التَّسْبِيهَاتِ الْمُذْكُورَةِ، وَ إِيغَالُ التَّسْبِيهِ فِي قَولِهِ: «مَبْرِيَّةٌ». فَإِنْ زَعَمَ أَنَّ الْحُسْنَ لِغَيرِ ذَلِكَ فَلْيُغَير تَسْبِيهَ الْقِسِي إِلَى الْعَرَاجَيْنِ» و «الْأَهِلَّةِ» وَنَحوِهِمَا مِمَّا هُوَ مُتَحِدٌ مَعَ «الْقِسِيُّ» فِي جَهَةِ التَّشْبِيهِ؛
وَ يُحْذِفْ قَولَهُ: «مَبْرِيَّةٌ»، أو يُبْدِلْهُ إِلَى مَا لَا يَكُونُ إيغالاً /B8/ لِيَرَى صِحةَ مَا ادَّعَينَاهُ مِن سُقُوطٍ حُسنِ البَيتِ بِإِسقَاطِ تِلكَ النِّكَاتِ، أَو نُقصَانِهِ بِقَدَارٍ مَا يَنْقُصُ مِنهَا.
وَقَدْ سَاءَحْنَاهُ فِي أَقْتِصَارِنَا عَلَى النِّكَاتِ المُتَقَدِّمَةِ، وَكَانَ مِنْ حَقْنَا عَلَيْهِ أَنْ تُخَذِفَ التَّشْبِيهَاتِ كُلَّهَا ، لأنَّ التَّسْبِيهَ بِنَفْسِهِ مِنْ أَعْظَمِ نِكَاتِ الْبَدِيعِ.
وَ مِثْلَ قَولِهِ :
إِذَا مَا نَهَى النَّاهِي فَلَجَّ بِيَ الْهَوَى *** أَصَاخَتْ إِلَى الْوَاشِي فَلَجَّ بِهَا الهَجْرُ [32]
وَ نَقُولُ: إِنَّ مُعْظَمَ حُسْنِهِ مُسْتَنَدٌ إِلَى الْمَزَاوَجَةِ [33]، فَلْيُغَيِّرْهَا إِنْ أَمْكَنَهُ إِلَى مَا لَيْسَتْ فِيهِ.
و مثل قَولِهِ - يَصِفُ ذِنْبًا رَمَاهُ فَقَتَلَهُ - :
ص: 91
فَأَتْبَعْتُها أُخْرَى فَأَضْلَلْتُ نَصْلَها ***بحيثُ يَكُونُ اللُّبُ وَالرُّعْبُ وَالْحِقْدُ (34)
فَإِنَّا نَدَعِي أَنَّ الْحُسْنَ فِيهِ لِلْإِرْدَافِ فِي الشَّطْرِ الأَخِيرِ.
عَلَى أَنَّهُ قَصَّرَ فِيهِ عَنْ قَولِ الْقَائِلِ:
الضَّارِبِينَ بِكُلِّ أَبْيَضَ مِحْذِمٍ *** وَ الطَّاعِنِينَ بَجَامِعَ الْأَضْغَانِ [35]
لأَنَّ «الأَضْغَانَ» لَمَّا كَانَتْ هِيَ الْبَاعِتَةُ غَالِبًا عَلَى إِثَارَةِ الْحُرُوبِ وَالدَّاعِيَةُ إِلَى الطَّعْنِ، فَنَاسَبَ الْإِرْدَافَ وَ الْكِنَايَةَ عَنِ الْقَلبِ بِمَجَامِعِ الْأَصْغَانِ. وَ هَذَا بِخِلَافِ قُولِ البحتري (36) فِي ذِكْرِهِ مَوضِعَ اللُّبِّ، بَلِ الرُّعْبِ أَيضًا، وَ لَو كَانَ قَائِلُ هَذَا الْبَيتِ مُقَدَّمًا عَصْرُهُ [37] عَلَى عَصْرِ الْبُحْتُرِي فَلَاشَكَ أَنَّهُ قَدْ أَخَذَ مِنهُ /A9/ مَعنَى الْبَيتِ وَ أفْسَدَهُ.
ثُمَّ إِنَّ إِنبَاتَهُ اللُّبْ لِلذُّنْبِ لَعَلَّهُ مِمَّا لَا يَرْضَى بِهِ أُولُوا الْأَلْبَابِ، وَ قُبِحُهُ لَا يَحْفَ عَلَى صِبيَانِ الْكُتَّابِ.
وَلَا مَنَاصَ لِحَمَلَةِ عَرشِهِ إِلَّا - بِالتَّكَلُّفِ - دَعْوَى(1) انَّ الْمُرَادَ: اللُّبُّ وَلَو لِغَيرِ الذِّنْبِ؛
وَ هَذَا الْعُذْرُ أَقبَحُ مِنَ الذَّنْبِ(2) .
وَ الأَميلَةُ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرَةٌ لَا تَقِفُ عِندَ حَدٌ وَغَايَةٍ، وَ فِيمَا كَرَّرْنَا مِنهَا تَقَنُّعٌ وَ
ص: 92
كِفَايَةٌ. وَلاَ يَصْعُبُ عَلَيْكَ أَنْ تَزِيدَ عَلَيْهَا أَصْعَافَهَا بَعدَ التَّدَرُّبِ فِي الصَّنْعَةِ، وَالإِطْلَاعِ عَلَى مَا يَعْتَرِفُ الْعَمُودِيُّونَ بِحُسنِهِ. بَلْ عَلَيهِمْ أَنْ يُتْحِفُوكَ بِكُلِّ بَيْتٍ حَسَنٍ مِنْ جَاهِلِيُّ أَو إِسلَامِيٌّ ، وَ عَلَيْكَ أَنْ تَسْتَخْرِجَ مَوَاضِعَ الْإِحْسَانِ مِنهُ، حَتَّى لَا يَجِدَ أَحَدُهُمْ مِنَ الْاِعْتِرَافِ بِمَا أَدْعَيْنَاهُ مَفَرَّا، وَ يَعُودَ بَعدَ الإِنكَارِ مُدْعِنَّا مُقِرًّا.
وَ إِنْ سَلَّمَ جَمِيعَ ذَلِكَ وَنَازَعَنَا فِي بَعضٍ نِكَاتٍ خَاصَّةٍ وَقَالَ: إِنَّهَا غَيْرُ مُحَسِّنَةٍ، فَهُوَ حَقٌّ فِي الجُملَةِ وَ مَتَى [38] سَمِعَ مِنَّا الإِيمَانَ بِجَميع مَا بَينَ دَفَتَيْ كِتَابِ النَّقْدِ [39] و الحكمَ بِأَنَّ كُلَّ مَا فِيهِ لَا يَحتَاجُ إِلَى النَّقدِ ؟!.
وَ بَيَانُ عَقِيدَتِنَا فِي ذَلِكَ يَحتاجُ(1) إلَى الْإِطْنَابِ، وَ هُوَ خُرُوجٌ عَنْ مَوضِع(2) الْكِتَابِ. وَإِجْمَالُهُ: إِنَّ القَومَ أَدْخَلُوا فِي مَسائلِ الْفَنِّ مَا هُوَ خَارِجٌ عَن مَوضُوعِهِ، وَ ذَكَرُوا فِي الْحَسَنَاتِ أُمُورًا لَيْسَتْ مِنهَا، وَوَقَعَ لَهُمُ الْاِشْتِبَاهُ فِي عِدَّةٍ /B9/ مِنَ النِّكَات .
فَمِنْ أَمْئِلَةِ الأَوَّلِ: حُسنُ التَّهْذِيبِ وَالابْتِدَاءِ وَ الْاِحْتِتَام وَ نَحوُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مِن آدَابِ الشَّاعِرِ وَ النَّائِرِ، وَ الْجَمِيعُ تَوصِيَةٌ لِلْمُتَكَلَّم بِتَهْذِيبٍ شِعرِهِ وَ مُبَالَغَتِهِ فِي تَحْسِينِ الابْتِدَاءِ وَ الْإِحْتِنَامِ بِأَزْيَدَ مَا يَفْعَلُهُ فِي غَيْرِهِمَا، وَهَذَا خَارِجٌ عَن مَوضِعِ البديع(3)، إذ مَسَائِلُهُ مَا يَتَمَكَّنُ المُتَكَلَّمُ بِرَاعَاتِهِ مِنَ الْعَمَلِ بِالْوَصِيَّةِ الْمُذْكُورَةِ.
وَ مِنْ أَمْيْلَتِهِ: مَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى قُدْرَةِ الشَّاعِرِ، وَتَمَكَّنِهِ مِمَّا يَعْجِرُ
ص: 93
عَنْهُ كَثِيرٌ مِنَ الشُّعَرَاءِ مِنْ غَيرِ أَنْ يُورِثَ الْكَلَامَ حُسْنًا كَالْحَذفِ [40] وَ التَّنْقِيطِ [41] وَ نَحوِهِمَا ، فَإِنَّ خُلُو(1) الْكَلَامِ مِنْ أَحَدٍ الْحُرُوفِ، أَو مِنْ جَميعِ الحُرُوفِ المُعجَمَةِ، أَو حَرْفٌ مِنهُ مُعْجَبًا وَ الْآخَرُ مُهْمَلًا، أو أنّصَالُ جَميع حُرُوفِهِ فِي الْكِتَابَةِ، أَوِ انْفِصَالُ الجميع فِيهَا، مِمَّا لَا يُورِثَ الْكَلَامَ حُسْنًا قَطعًا.
وَ مِنْ أَمْتِلَتِهِ الْمَوَارَدَةُ (42)، إِذْ مِنَ المَعلُومِ أَنَّ الْبَيْتَ الْغَيْرَ(2)الْحَسَنِ لَا يَصِيرُ حَسَنًا بِمُجَرَّدِ التَّوَارُدِ، وَ غَيْرَ الْجَيدِ لَا تَنْقَلِبُ حَقِيقَتُهُ وَ لَو نَظَمَهُ أَلْفُ شَاعِرٍ، وَ هَذَا مِمَّا لا يخفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ وَ الَّذِي أَرَاهُ أَنَّ أَصلَ ذلِكَ مِنْ حِيَلِ السُّرَّاقِ لِلشِّعرِ، فَإِنَّهُمْ لا أَكْثَرُوا(3) مِنَ السَّرَقَاتِ(4) الْقَبِيحَةِ، وَ خَافُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنَ الْفَضِيحَةِ اتَّخَذُوا ذَلِكَ 4 جُنَّةً عَمَّا لَهُمْ مِنْ قَبِيحِ الْمُرَامِ. وَكَانَ ثُمَّ غَرَسَهَا المَلَامُ، وَ تَبِعَهُمْ أهل البَدِيعِ * فُحُولُ الشُّعَرَاءِ يَعْتَذِرُونَ //A10 عَنْ ذَلِكَ بِقَولِهمُ: «الشِّعرُ جَادٌ(5) ، وَرُبَّمَا وَقَعَ حَافِرٌ عَلَى حَافِرِ!» - كَمَا اعْتَذَرَ بِهِ [43] أَبُو الطَّيِّبِ [44] - . وَكَانَ الْعُلَمَاءُ يَعْتَذِرُونَ لَهُمْ بِذَلِكَ، كَمَا قَالَ أَبُو عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ [45]: «عُقُولُ رِجَالٍ تَوَافَتْ عَلَى أَلْسِنَتِهَا»[46] ... إِلَى آخره- .
نَعَمْ! لَو ثَبَتَ صِدْقُ مُدَّعِيهِ مِنْ عَدَمِ الْإِطْلَاعِ لَكَانَ دَالَّا عَلَى حُسْنِ قَرِيحَتِهِ لَو كَانَتِ الْمُوَارَدَةُ مَعَ أَحَدٍ مِن أَعَاظِمِ الشُّعَرَاءِ، كَمَا قَالَ ابْنُ مَيَّادَة [47] بَعدَ تَوَارُدِهِ مَعَ
ص: 94
الحُطَيئَةِ [48]: « آلآنَ عَلِمتُ أَنِّي شَاعِرٌ» [49] وَذَلِكَ أَمرٌ خَارِجٌ عَنْ مَوضِعِ(1) الْبَدِيعِ.
عَلَى أَنَّ ذَا النَّظَرِ التَّاقِبِ فِي قَوَاعِدِ الصِّنَاعَةِ لَا يُغِرُّهُ(2) ذَلِكَ وَلَا يَحْكُمُ بِحُسْنِ الْقَرِيحَةِ وَ لَو تَوَارَدَ مَعَ أَعْظَمِ الْفُحُولِ عَلَى بَيْتٍ رَدِيءٍ، وَ يُدْعِنُ لَهُ بِصُدُورِ بَيتٍ جَيِّدٍ عَنهُ وَ إِنْ لَمْ يَنظُمْ ذَلِكَ أَحَدٌ قَبلَهُ.
فَلَو تَوَارَدَ أَحَدٌ مَعَ أَمْرِهِ القَيْسِ [ 50] عَلَى قَولِهِ - شِعرًا : -
عَصَافِيرٌ وَ ذُبَانُ وَ دُودٌ *** وَ أَجْرَأُ مِنْ مُجَلِّحَةِ الذَّئابِ [51]
أَو مَعَ أَبِي نُوَاسٍ [52](3) عَلَى قَولِهِ - شِعرًا : -
يَا قَومُنَا مَا لِلْمَدِينِيَّةَ *** لَا تَأْكُلُ الْعَصْبَانَ مَشْوِيَّة [53]
وَ غَيرِ ذَلِكَ، لَمَّ تَحكُمْ إِلَّا بِقُدرَتِهِ عَلَى إِقَامَةِ الْوَزْنِ، بَلْ حَكَمَنَا عَلَيْهِ بِسُوءٍ الْقَرِيحَةِ. وَ لَونَظَمَ مَا يَقرَبُ مِن تَحَاسِنَ هَرِمِيَّاتِ » [54] زُهَيرٍ [55] و «سَيْفِيَّاتِ» [56] » الطَّيِّب [ 57] لَحَكَمَنَا بِكَونِهِ مِن أَعلَى الشُّعَرَاءِ طَبَقَةً؛ حُكْمَنَا بِهِ لَو تَوَارَدَ مَعَهُمَا /B10/ عَلَى القَصِيدَةِ بِعَيْنِهَا(4).
وَ مِنْ أَمْثِلَتِهِ: الْإِيدَاعُ [58] وَ التَّفْصِيلُ [59] إِذْ لَا فَائِدَةَ فِي أَنْ يُودِعَ الشَّاعِرُ شَطْرًا
ص: 95
مِنْ شِعْرِ غَيْرِهِ أَو شِعْرِهِ فِي قَصِيدَةٍ أُخْرَى، وَ مِنَ الْمُسْتَحِيلِ أَنْ لَا يَكُونَ الشَّطْرُ مِنَ الْبَيْتِ حَسَنًا وَلَكِنْ يَنقَلِبُ إلَى الحَسَن بِمُجَرَّدِ نَقلِهِ إِلَى قَصِيدَةٍ أُخْرَى إِلَّا إذا اجتَمَعَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ الَّتِي لَيسَ هُنَا تَحَلُّ ذِكرِهَا، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ أَجَلَّ نِكَاتِ الْبَدِيعِ.
وَ مِنْ أَمْثِلَةِ الْقِسم الأَخِيرِ: الْمُغَايَرَةُ. فَإِنَّ الْقَومَ أَدْرَكُوا الْحُسْنَ فِي مَوَارِدَ فِيهَا المَغَايَرَةُ، فَزَعَمُوا أَنَّ الْحُسْنَ هِيَ الْمَغَايَرَةُ وَ غَفَلُوا عَنْ أَنَّ قَولَ الْقَائِلِ: «إِنِّي أَكْرَهُ الخَيْرَ، وَأُحِبُّ الشَّرِّ وَ أَصْبُوا(1) إِلَى الْمَجُوزِ الْعَميَاءِ، لَا إِلَى الشَّائِةِ النَجْلَاءِ» - وَنَحوَ - ذَلِكَ - لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ حُسْنًا وَلَا فَائِدَةً إِلَّا الْعِلْمَ بِجُنُونِ المُتَكَلَّم.
وَلَو كَانَتِ الْمَغَايَرَةُ مِنْ مُحَسَّنَاتِ الْكَلَامِ لَكَانَ جَمِيعُ كَلِمَاتِ الْجَانِينَ - أَلَّتِي بِهَا يَمَتَازُونَ عَنِ الْعُقَلَاءِ - مِنْ مَسَائِلِ البَدِيعِ، لاشْمَالِهَا عَلَى الْمَغَايَرَةِ. وَ غَفَلُوا عَنْ أَنَّ الْحُسْنَ فِي تِلكَ المَوَارِدِ - كُلَّهَا - لِحُسْنِ التَّعْلِيلِ وَ أَنَّ تَعلِيلَ أَمْرٍ مُخَالِفٍ لِلْعَقل أَحْسَنُ - وَأَلْطَفُ فِي الدَّوقِ مِنْ إِثْبَاتِ أَمْرٍ مُوَافِقٍ وَ إِنْ أَحْسَنَ فِي تَعْلِيلِهِ بِأَمْرِ آخَرَ غَيْرِ عِلَّتِهِ الأصْلِيَّة.
فَقَولُ القَائِلِ: لَا أُحِبُّ الْحَبِيبَ وَ أُحِبُّ الرَّقِيبَ، قَبِيحُ جِدًّا! لَا يَكَادُ يَحِسُنُ إِلَّا بِتَعلِيلِ الأَوَّلِ بِفَرْطِ الْغَيْرَةِ، وَ الثَّانِي بِأَنَّهُ(2) كَمَا يَحْفَظُهُ عَنهُ يَحفَظُهُ عَنْ غَيْرِهِ. /A11/
وَلِهَذَا تَجِدُ الْحُسْنَ فِي أَبْيَاتِ [60] دِيكِ الْجِنِّ [61)، وَ فِي قَولِ الْقَائِلِ - شِعرًا -:
-كَامِلٌ -
ص: 96
فَوَدَدْتُ أَقْتُلَهَا لِفَرْطِ تَحَبَّنِي *** حَقٌّ تَكُونَ خَصِيمَنِي فِي الْمَحشَرِ
وَ نَكُونَ أَوَّلَ عَاشِقَيْنِ تَخَاصُماً *** يَومَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّ أَكْبَرِ
وَ أَقُولُ طَوّلْ فِي الْحِسَابِ وُقُوفَنَا *** حَتَّى يَطُولَ إِلَى الْمَلِيحَةِ مَنْظَرِي [62]
والمقصُودُ إِنْبَاتُ حُسْنِ هَذِهِ الأَبَيَاتِ مِنْ حَيثُ الْمَغَايَرَةُ، وَ إِنْ كَانَتْ رَدِينَةَ السَّبِكِ، وَاهِيَةَ السِّلْكِ وَ لَاتَجِدُ حُسْنًا فِي قَولِ كُثيرٍ [ 63] - شِعرًا - : - طَوِيلٌ -
أَلَا لَيْتَنَا يَا عَزُّ كُنَّا لِذِي غِنَّى *** بَعِيرَيْنِ نَرْعَى فِي الْخَلَاءِ وَنَعْزُبُ
كِلَانَا بِهِ عَرَّفَمَنْ يَرَنَا يَقُلْ *** عَلَى حُسْنِهَا جَرْبَاءَ تُعْدِي وَ أَجْرَبُ
إِذَا مَا وَرَدْنَا مَنْهَلًا صَاحَ أَهْلُهُ *** عَلَيْنَا فَمَا نَنْفَكُ نُرْمَى وَنُضْرَبُ
وَدَدْتُ وَ بَيْتِ اللهِ أَنَّكَ بَكْرَةٌ *** هِجَانٌ وَأَنِّي مُصْعَبٌ ثُمَّ نَهْرَبُ
نَكُونُ بَعِيري ذِي غِنًى فَيُضِيعُنَا *** فَلَا هُوَ يَرْعَانَا وَ لَا نَحْنُ نُطْلَبُ [64]
وَ مِنهَا : التَّورِيَةُ [65] فَإِنَّ الْقَومَ قَدْ عَرَّفُوا البَدِيعِيَّةَ، بِتَعْرِيفِ التَّورِيَةِ الْعُرْفِيَّةِ؛ فَقَالُوا: إِنَّهَا ذِكْرُ اللَّفظِ الَّذِي لَهُ مَعْنَيَانِ - : قَرِيبٌ وَ بَعِيدٌ - وَ إِرَادَةُ الْبَعِيدِ لِيُوهِم(1) السَّامِعُ إِرَادَةَ الْقَرِيبٍ، وَ سَاوَوا(2) بَيْنَهَا(3) وَ بَينَ الْإِيمَام وَ التَّخْبِيرِ [66](4)، وَكِلا الأَمرَينِ لَيسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي وَ بَيَانُ ذَلِكَ وَ إِنْ أَدَّى إِلَى الْإِطَالَةِ وَ لَكِنَّهُ نَفِيسٌ لَابُدَّ
ص: 97
لَنَا أَنْ تُتْحِفَ بِهِ قُرَّاءَ هَذِهِ /B11 / الرِّسَالَةِ وَ لَنُقَدِّمُ تَحْرِيرَ الْبَابِ، بِمَا هُوَ الْأَقْرَبُ عِنْدِي إِلَى الصَّوَابِ. وَ نَقُولُ:
إِنَّ اللَّفظَ الَّذِي لَهُ مَعَنَيَانِ - أَعَمُّ مِنْ كَونِهِمَا حَقِيقِيَّينِ(1) ، أَو بَجَازِيَّينِ، أَو مُختَلِفَينِ - إِمَّا أَنْ يَكُونَا مَعًا مُرَادَينِ مِنَ اللَّفْظِ ؛
أَو يَكُونَ الْمُرَادُ أَحَدَهُمَا المُعَيَّنَ ؛
أَو أَحَدَهُمَا لَا بِعَينِهِ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ يَكُونُ المُعنَى لَا يَتِمُّ إِلَّا بِهِما معًا، كَقَولي: - مَدِيدٌ -
وَفَتيُّ السِّنَّ تَحْسَبُهُ *** فِي حِجَاهُ وَ النَّدَى هَرِما [ 67]
وَكَقَولِ الْقَائِل - شِعرًا - وَافِرٌ -
وَمَا لِي نَحْرُ أَرْضِهِمُ وُصُولٌ *** فَقَدْ سَكَنُوا وَصِينُوا بِالْعَوَالِي [68]
و قوله - شِعرًا - : - كامل -
أَيُّ الْمَكَانِ تَرُومُ ثُمَّ مَنِ الَّذِي *** تَرْتَادُهُ فَأَجَبْتُهُ المَعْشُوقَا [69]
و «المعشوق» قَصْرُ بِسَامِرَّاءَ بَنَاهُ [70] الْمُتَوَكَّلُ [71] وَالأَخِيرُ مِنْ شَوَاهِدِ نُكْتَةٍ (2) اخْتَرَعَهَا بَعْضُ المُتَأَخَّرِينَ، وَ سَاهَا: بَرَاعَةَ الْجَوَابِ».[72]
وَ قَدْ يَتِمُّ الْمَعْنَى بِأَحَدِهِمَا وَلَكِنْ يَقْرُنُ الْكَلَامُ بِقَرِ ينَتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا يُقَرِّبُ مِنَ الْمُعْنَنِينِ غَيْرَ مَا تُقَرِّبُ الْأُخْرَى؛ كَقَولِ أَبْنِ نَبَاتَةَ [73] - شِعْرًا - :
وَ مُولحٌ بِفَخَاخِ *** یمُدُّهَا وَ شُبَاكِ
ص: 98
قَالَتْ لِي الْعَيْنُ ماذا *** يَصِيدُ قُلْتُ كَرَاكِ [74]
/A12 / وَكَقَولي - شِعرًا - : - طَوِيلٌ -
كَتَبْتُ إِلَيْهِ الخَطَّ مُسْتَقْرِيَّا لَهُ *** فَأَنْعَمَ فِيهِ وَهُوَ أَكْرَمُ مَنْ قَرَى [75]
إِنْ كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ لَفْظِ «مُسْتَفْرِيَّا» كَونُهُ مِنَ «الْقَرَى» : وَإِلَّا فَهُوَ مِنَ الْأَقْسَامِ الآتية.
وَقَدْ لَا يَقْرُنُ بِمَا يُقَرِّبُ شَيْئًا مِنهُمَا ، وَ تُسَمَّى التَّورِيَةَ الْجَرَّدَة [76].
وَقَدْ يَفْرُنُ بمَا يُقَرِّبُ أَحَدَهُمَا، وَتُسَمَّى المُرَشَحَةَ [77] .
وَ هَذَا الْقِسمُ بِأَنْوَاعِهِ هِيَ التَّورِيَةُ البَدِيعِيَّةُ عِندِي. فَهِي: اسْتِعْمَالُ اللّفظِ في مَعَنَيَيْهِ أَو أَكْثَرَ بِلَا تَأْوِيلٍ - عَلَى الْخَتَارِ عِندَنَا مِنْ جَوَازِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي أَكْثَرَ مِنْ مَعْنًى وَاحِدٍ، وَقَدْ حَتَّقْنَا ذَلِكَ فِي فَنِّ أُصُولِ الْفِقه (78] - أَو مَعَ التَّأْوِيلِ ب- «المُسَمَّى» وَنَحوِهِ مِنَ التَّكَلُّفَاتِ الْبَارِدَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْأُصُولِيُّونَ [79] .
وَأَمَّا الثاني - وَ هُوَ اسْتِعْمَالُ اللَّفظِ فِي أَحَدٍ مَعْنَتِيهِ ، فَإِنْ كَانَ الْمُعْنَيَانِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي الظُّهُورِ وَأَرَادَ غَيْرَ الظَّاهِرٍ - سَوَاءٌ لَمْ يُنْصِبْ قَرِينَةً أَصْلًا، أَو نَصَبَهَا عَلَى القَرِيبٍ خَاصَّةً، وَتُسَمَّى المُرَشَحَةَ - فَهُوَ التَّورِيَةُ الْعُرْفِيَّةُ، وَ تُسَمِّيهَا الْعَرَبُ ب-: «المَعَارِيض وَ المَلاحِنِ » [80] كَقَولِ القَائِلِ: «مَا رَأَيْتُ زَيدًا وَ لَا كَلَّمْتُهُ»: مُرِيدًا بِهِ خِلَافَ المعنى الظَّاهِرِ مِنهُ، وَهُوَ: مَا جَرَحْتُهُ وَ مَا ضَرَبْتُ رِئَتَهُ.
وَ التَّورِيَهُ بِهَذَا المعنى هِيَ الَّتِي تَبحَثُ عَنْ لُزُومِهَا الْفُقَهَاءُ [81] عِندَ الْاِصْطِرَارٍ إِلَى الْكِذب، وَإِيَّاهَا تَعْنِي الْعَرَبُ بِقَولِهَا: «فِي الْمُعَارِيضِ مَنْدُوحَةٌ /B12/ عَنِ
ص: 99
الأكاذيب»[82] .
وَ التَّعرِيفُ الَّذِي ذَكَرَهُ القَومُ لِلتَّورِيَةِ البَدِيعِيَّةِ تَعرِيفٌ لِلتَّورِيَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي جَعَلُوهُ يُكتَةً أُخْرَى سَمَّوهَا الْمُوَارَبَةَ [83] مَعَ إِلْحَاقِ مَا لَيسَ مِنْ جِنْسِهَا بِهَا، كَالْمُوَارَبَةِ بِالتَّصْحِيفِ وَنَحْوِهِ: فَرَاجِعْ [84] .
و بالجُمْلَةِ: فَالتَّورِيَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ(1) حَقِيقَةً اِخْتِلَافًا لَا يُمكِنُ الجَمعُ بَيْنَهُمَا بِتَعْرِيف وَاحِدٍ.
وَ تَعرِيفُهُمْ لِلتَّورِيَةِ مُنْطَبِقٌ عَلَى الْعُرْفِيَّةِ، لَا الْبَدِيعِيَّةِ، إِذِ الْمَأْخُوذُ فِي تَعرِيفِهِمْ أَمْرَانِ كِلَاهُمَا مَفقُودٌ فِي التَّورِيَةِ البَدِيعِيَّةِ:
أَحَدُهُمَا: لُزُومُ اخْتِلَافِ المُعْنَيَيْنِ فِي الظُّهُورِ وَ الخَفَاءِ، وَهَذَا لَيْسَ شَرْطًا فِي البَدِيعِيَّةِ قَطْعًا بِشَهَادَةِ كَثِيرٍ مِنَ الشَّوَاهِدِ الَّتِي ذَكَرُوهَا لَهَا، كَمَا لَا يَخفَى عَلَى الْمُتَأَمَّلِ (2) بَعدَ المتتَّبع - مِنْ تَكَلَّفَاتِهِمْ فِي جَعَلِ أَحَدِ الْمُعْنَيَيْنِ قَرِيبًا وَالآخَرِ بَعِيدًا -مَا يَقْضِي مِنهُ الْعَجَبَ. وَمَعَ ذَلِكَ قَدْ يَنْسَدُّ عَلَيهِمْ بَابُ التَّكْلِيفِ(3) فَلَا يَجِدُونَ غَيرَ عدم التَّعَرُّضِ مَلَاذَا، فَيَجعَلُونَ تَرْكَ الْبَحثِ عَنْ ذَلِكَ مَعْقِلاً(4) ، وَ مَعَاذَا !.
تَانِيهِمَا: إِرَادَةُ الْمَعْنَى الْبَعِيدِ خَاصَّةً لِيَقَعَ السَّامِعُ فِي خِلَافِ مَا سَمِعَ، فَيُرَتِّبَ عَلَيهِ غَرَضَهُ مِنْ إِخْفَاءِ الْأَمْرِ مَعَ التَّخَلُّصِ عَنْ قُبح الْكِذْبِ. وَلِهَذَا امْتَنَعَ فِيهَا نَصْبُ
ص: 100
الْقَرِينَةِ عَلَى الْمَعْنَى الْبَعِيدِ لِكَونِهِ نَقْضًا لِلْغَرَضِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْقَرِينَةُ ضَعِيفَةً غَيْرَ قَابِلَةٍ لِصَرْفِ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ
وَ هَذَا بِخِلَافِ التَّورِيَةِ /A13/ البَدِيعِيَّةِ، فَإِنَّ غَرَضَ المُوَرِّي يَتَعَلَّقُ بِإِفهام المُعْنَتِينِ. وَلِهَذَا لَا يَزَالُ يُكَرِّرُهَا عَلَى السَّامِعِ حَتَّى يُفْهِمَهَا: أَو يُصَرِّحُ بِأَنِّي أَرَدْتُ المعنيّيْنِ. وَلَا يَتَعَلَّقُ لَهُ غَرَضٌ بِاِخْفَاءِ الْمُرَادِ، بَلْ يَتَعَلَّقُ غَرَضُهُ بِإِفْهَامِهِمَا(1) مَعًا، فَإِنَّ فِيهَا إِظْهَارًا(2) لِصَنْعَتِهِ، وَ شَهَادَةً عَلَى مَهَارَتِهِ فِي حِرْفَتِهِ. وَلِهَذَا قَدْ يَعْتَرِنُ بِمَا يُقَرِّبُ كِلَا المُعْنَيَينِ، كَقَولِ ابْنِ نَبَاتَةَ [85] المُتَقَدِّمِ [86]؛ وَكَقَولِ الْآخَرِ - شِعْرًا : - طَوِيلٌ -
لَقَدْ كُنْتَ رَيْحَانِي وَوَجْهُكَ جَنَّتِي *** وَكُنَّا وَكَانَتْ لِلزَّمَانِ مَوَاهِبُ
فَعَارَضَنِي فِي وَرْدِ خَدَّكَ عَارِضٌ *** وَزَاحَمَنِي فِي وِرْد تَغْرِكَ شَارِبُ [87]
إِلَى غَيرِ ذَلِكَ مِنَ الشَّوَاهِدِ الَّتِي لَا تُحْصَى.
وَ لَكِنَّ القَومَ لَمَّا رَأَوا مُنَافَاةَ ذَلِكَ لِمَا اخْتَارُوهُ مِنَ التَّعرِيفِ أَسْقَطُوا ذَلِكَ مِنْ أَقْسَامِ التَّورِيَةِ؛ فَاقْتَصَرَ الْمُتَقَدِّمُونَ عَلَى قِسْمَيْنِ:
الْجَرَّدَةِ، وَقَدْ عَرَفْتَهَا؛
وَ الْمُرَشَحَةِ، وَهِيَ مَا أَقْتَرَنَتْ بِمَا يُقَرِّبُ المعنى القريب.
وَزَادَ المُمتَأَخِّرُونَ [88] قِسْماً ثَالِيًّا، وَهِيَ مَا أَقْتَرَنَ بِمَا يُقَرِّبُ الْبَعِيدَ، وَسَموهُ: المبينة وَ سَكَنُوا عَمَّا لَوِ افْتَرَنَتْ بِمَا يُقَرِّبُهُمَا مَعًا وَلَعَمْرِي مَا سَكَنُوا عَنْهَا مَعَ كَثْرَةِ أَمْيْلَتِهَا إِلَّا لِهَذِهِ النُّكَتَةِ. عَلَى أَنَّ فِي القِسم الثَّالِثِ كِفَايَةً لِلرَّدِّ عَلَيْهِمْ، وَ «اللَّبَيِّنَةُ» مُبَيِّنَةٌ لِفَسَادِ
ص: 101
دَعوَاهُمْ؛ لأَنَّهُمْ قَدْ أَخَذُوا - كَمَا سَمِعْتَ - فِي تَعْرِيفِهَا قَصْدَ تَوَهُمِ السَّامِعِ إِرَادَةَ القريب، فَكَيْفَ نَصَبَ قَرِينَةٌ /B13/ عَلَى خِلَافٍ مَقصُودِهِ ؟! فَتَأَمَّلْ .
وَ نُقِلَ فِي أَنْوَارِ الرَّبِيعِ [89] عَنْ بَعضِ عُلَمَاءِ الْفَنْ إِنَّهُ قَالَ: «إِذَا أَتَيْتَ فِي التَّورِيَةِ بِلَازِم كُلِّ مِنَ الْمَعْنَتَيْنِ مُكَافِنَا(1) وَ لَمْ يَتَرَبَّحْ أَحَدُهُمَا(2) عَلَى الْآخَرِ، فَكَأَنَّكَ لَمْ تَذْكُرْ شَيْئًا مِنَ الَّلازِمَيْنِ، وَصَارَ المُعنَى القَرِيبُ وَ البَعِيدُ فِي (3) دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، فَتَلْحَقُ بِالْمجَرَّدَةِ(4) ، كَقَولِ(5) ابْنِ الْوَرْدِيٌّ [10] - شِعرًا : -مُجتَثُّ -
قَالَتْ إِذَا كُنْتَ تَهْوَى ***وَصْلِي وَ تَخْشَى نُفُورِي
صِف وَرْدَ خَدِّي وَ إِلَّا *** أَجُورُ نَادَيْتَ جُورِى[91]
فَقَولُهُ: «وَرْدَ خَدِّي» يُلائِمُ أَنْ يُرَادَ بِقَولِهِ: «جَورِي» أَسمُ نُوعٍ مِنَ الْوَردِ [92]، وَ هُوَ المَعنَى الْبَعِيدُ الْمَقْصُودُ(6)، وَ قَولُهُ: «وَإلا أَجُورُ» يُلَائِمُ أنْ يُرَادَ بِهِ فِعْلُ الأمْرِ(7) هُوَ المَعْنَى الْقَرِيبُ » [93] أنتَهَى مَا نَقَلَهُ عَنْ بَعضٍ عُلَمَاءِ الْفَنَّ.
وَ لَعَمْرِي! إِنَّ مِثْلَهُ لَو صَدَرَ مِنْ جُهَّالِ الْفَنَّ لَكَانَ عَجِيبًا! إِذْ كَونُ الْمَعْنَتِينِ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ مِنَ الظُّهُورِ وَكَونُ أَحَدِهِمَا مَعَ ذَلِكَ قَرِيبًا وَ الْآخَرِ بَعِيدًا، تَنَاقُضِ
ص: 102
صريح؛ إِلَّا أَنْ يُتَكَلَّفَ وَ يُقَالَ: إِنَّ مُرَادَهُ اخْتِلَافُهُما مِنْ حَيثُ أَنْفُسِهِمَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مَسَاقِ الْكَلَام وَ الْمُرَادُ بِكَونِهِمَا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ مَعَ مُلَاحَظَةٍ مَسَاقِهِ.
وَ فِيهِ - مَعَ بُعْدِهِ وَ مُخَالَفَتِهِ لِمُرَادِ أَهْلِ البَدِيعِ مِنَ القَرِيبٍ وَ البَعِيدِ - : إِنَّ اللفظ / A14 / كَثِيرًا مَّا يَكُونُ مُسْتَرِكَا دِلَالَتُهُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ تَكُونُ عَلَى سَبِيلِ التَّوَاطِي، فَلَاسَبِيلَ حِينَئِذٍ إِلَى هَذَا التَّكَلُّفِ؛
عَلَى أَنَّا لَا نَعْرِفُ كَيْفَ صَحَ لَهُ الْحُكمُ بِكَونِ الْمُرَادِ مِنْ لَفْظِ «جَورِي» فِي بَيْتِ ابْنِ الْوَرْدِيّ: الْوَرْدَ بَعدَ تَسلِيمِهِ - بَلْ إِدْعَائِهِ - إِنَّ الْمُعَنَيَيْنِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَ مَعَ ذَلِكَ فَلا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ.
وَ لَيسَ دَعْوَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَصَدَ ذَلِكَ فِرَارًا عَنْ جَورٍ مَحْبُوبَتِهِ بِأَولَى مِنْ دَعوَى أَنَّهُ غَيْرَةً عَلَى خَدَّهَا وَ اسْتِنْكَافًا مِنْ تَسْبِيهِهِ بِمَا هُوَ أَدْوَنُ مِنهُ؛ أَو لِأَنَّهُ لَا يَرَى في الموجُودَاتِ مَا يُشْبِهُهُ فِي حُسْنِهِ وَ بَهَائِهِ، أَخْتَارَ الجَورَ مِنْهَا عَلَى تَكَلُّفِ التَّسْبِيهِ(1) ، وَ هَلْ هَذَا إِلَّا تَحَكُمْ لَا يَرْضَى بِهِ الفَطِنُ النَّبِيه ؟؟ .
وَ هَذَا - عَلَى عُلَاتَتِهِ(2) ! - بِمَعْزِلٍ عَن جَوَابِ الْإِسْكَالِ إِذ لَمْ يَزِدْ قَائِلُهُ عَلَى أَنْ بَيْنَ أَنَّ هَذَا الْقِسمَ مُلْحَقِّ بِالْجَرَّدَةِ؛ وَهَذَا غَيْرُ مَا نَبْثَغِيهِ.
وَ لَو قِيلَ: إِنَّ هَذَا الْقِسْمَ لَيْسَ مِنَ التَّورِيَةِ، بَلْ هُوَ اسْتِخْدَامٌ عَلَى رَأي صَاحِبِ المصباح [94]؛
ص: 103
قُلْنَا: أَوَّلاً: إِنَّ كَلَامَنَا مَعَ المَشْهُورِ الَّذِينَ لَم يَرتَضُوا تَفْسِيرَ الاِسْتِحْدَامِ إِلَّا بِمَا ذَكَرُوها(1) ؛
وَ ثَانِيَّا: إِنَّهُ لَا يُسَمَّى ذَلِكَ اسْتِحَدَامًا إِلَّا مَا إِذَا كَانَ الْمَعْنَيَانِ كِلَاهُمَا حَقِيقِيَّيْنِ (2) - كَمَا صَرَّحَ بِهِ [95] الشَّيخُ صَفِ الدِّينِ [96] -، وَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْئِلَةِ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ.
إِنَّ التَّورِيَةَ البَدِيعِيَّةَ مَبَنَاهَا عَلَى إِرَادَةِ الْمُعْنَيَينِ، وَ التَّورِيَةُ الْعُرْفِيَّةُ عَلَى إِرَادَةِ المعنى /14/ البَعِيدِ. وَ أَيضًا: قَدْ تَكُونُ الثَّانِيَةُ بِغَيرِ اللَّفظِ الْمُسْتَرَكِ، كَقَولِكَ لِمَنْ يَسْأَلُ عَنْ زَيدٍ: «لَيسَ هَيْهُنَا مُرِيدًا بِهِ إِنَّهُ لَيسَ في موضع وُقُوفِكَ، لَا فِي البَيتِ.
وَأَمَّا الثاني - وَ هُوَ اسْتِعْمَالُ اللَّفظِ فِي أَحَدِ الْمَعْنَتِينِ ، فَإِنْ لَمْ يَقرُنِ الْكَلَامُ بِمَا يُعَيِّنُ ، أَحَدَهُمَا فَهُو الإِبهَامُ. وَ يَنبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادَ الزَّمَخْشَرِيٌّ [97] مِنْ قَولِهِ: «وَ لَا تَرَى بَابًا فِي الْبَيَانِ أَدَقَّ وَ لَا أَلْطَفَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَ لَا أَنْفَعَ وَ لَا أَعْوَنَ عَلَى تَعَاطِي الْمُشْتَهَاتِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ - سُبحَانَهُ - وَ كَلَامِ نَبِيِّهِ»[98]؛ آخِرُ كَلَامِهِ.
وَأَمَّا حَمَلُ كَلَامِهِ عَلَى التَّورِيَةِ البَدِيعِيَّةِ - كَمَا ذَكَرُوهُ - فَلَا يَخْلُو عَنْ بُعْد، إِذْ هِيَ عَلَى فَرضِ وُقُوعِهَا فِي الكِتَابِ وَ السُّنَّةِ فَى غَايَةِ القِلَّةِ بِاعْتِرَافِهِمْ، فَلَا يُنَاسِبُهَا هَذَا الكَلَامُ فَتَأَمَّل !.
وَ إِنِ افْتَرَنَ مِنْهُ بِمَا يُنَاسِبُ المعنى الآخَرَ وَإِنْ لَمْ يُمكن إرَادَتُهُ: فَإِيهَامُ (3) التَّورِيَةِ:
ص: 104
كَقَولِ الصَّفي [99]:
وَ أَفْدِيهِ بِعَيْنِي وَ هُوَ سَاقِي [100]
وَكَقَولِهِ الآخَرِ: - خَفِيفٌ -
حِينَ لَا مُسْعِدٌ عَلَى الْوَجْدِ إِلَّا *** عَيْنُ حُرٌّ تَجُودُ أَو سَاقُ حُرِّ [ 101]
وَأَمَّا القِسْمُ الثَّالِثُ فَلَا يَحْضُرُني الآنَ شَاهِدٌ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّ مِنْهُ بَعْضَ شَوَاهِدِ الإِنسَاع؛ فَلْيُلَاحَظ!. وَيَسْهُلُ تَقِيلُهُ بِقَولِ الْقَائِلِ: «جِلْنِي بِزَيْدٍ»، لَوفُرِضَ أَنَّ «زَيدًا» عَلَمٌ لِرَجُلَيْنِ يَحْصُلُ الغَرَضُ بِكُلِّ مِنهُما؛ وَلْيُسَمَّ /A15/ التَّكْبِيرَ هَذَا مَا رَأَيْنَاهُ.
وَلَيْسَ المُقْصُودُ المُناقَشَةَ فِي الاِصْطِلاح كَي يُقَالَ: إِنَّهُ لَا مَشَاحَّةَ(1) فِيهِ، بَلِ الغَرَضُ تَحقِيقُ المَقَامِ وَ دَفَعُ مَا وَقَعَتْ(2) فِيهِ الأَوهَامُ: وَ النَّاظِرُ فِي أَمْرِ الْاِصْطِلاح 2بالخيار.
ثُمَّ إِنَّهُ كَثِيرًا مَّا يُتَسَاءَحُ فِي إِرَادَةِ الْمَعَنَيَيْنِ حَتَّى أَنَّهُ يُكتَفَ بِإِمْكَانِ إِرَادَةِ المَعَنَتِينِ بِالْإِرَادَةِ الْاِسْتِعْمَالِيَّةِ فِي أَحَدِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنِ المَقْصُودُ وَاقِعًا إِلَّا المَعَنَى الْآخَرَ، كَقَولِ أَحَدِهِمْ فِي وَصفِ دَارِهِ - شِعرًا - :
وَأَخْشَى بِهَا أَنْ أُقِيمَ الصَّلَوةَ *** فَتَسْجُدُ حِيطَانَهَا الرَّاكِعَة
إِذَا مَا قَرَعْتُ إِذَا زُلْزِلَتْ *** خَشِيتُ بِأَنْ تَقْرَءَ الْوَاقِعَةً [102]
وَ يُكتفَ عَنْ كَونِ اللَّفْظِ ذَا مَعْنَتَيْنِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ إِذَا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي بَعضٍ مَوَارِدِ
ص: 105
اسْتِعْمَالِهِ وَكَانَ لَهُ اخْتِصَاصُ بِهِ كَقَولِ أَحَدِهِمْ - وَأَظُنُّهُ ابْنَ النَّقِيبِ [103] -:
وَ مُنْكِرُ أَضْحَى يُحَدِّى خَدَّهُ *** لَعَسَاهُ لَا يَشْكَى إِلَيْهِ وَ يَشْكُرُ
ويَقُصُّ لِحيتَهُ فَإِنْ نَادَيْتَهُ *** لَبَّاكَ وَهُوَ محَلِّقٌ(1) وَمُقَصِّرُ [104]
فَإِنَّ الْخَلْقَ وَ التَّقْصِيرَ بِمَعنِّى وَاحِدٍ، وَلَكِنَّ أَشْتِهَارَ اسْتِعْمَالِهِمَا فِي أَعْمَالِ الْحَجِّ حَقَّقَ مَوضُوعَ التَّورِيَةِ ، كَمَا أَنَّهُ يُكتَفَى عَنِ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ بِلَفْظَيْنِ إِذَا أَتَّفَقَا فِي الصُّورَةِ كَقَولِهِ :
مَا لى أَرَاكَ تَحْتَ رِقٌ [105]
وَ كَقَولِي فِي مُوَشَّحَةٍ [106] بَدِيعَةٍ فِي بَابِهَا، فَائِقَةٍ فِي الْحُسْنِ عَلَى أَتْرَابِهَا:
بِجنب آسِ العِذَارِ
كَالْوَرْدِ وَ الْجُنَّنَارِ
خَدٌ زَهَى بِاحْمرَارِ
عَنْ دَمِ قَلْبِي تَخَضَّبْ *** فَصَحٌ لَو قِيلَ عَنْدَمَ [107]
وَلَكَ أَنْ تُسَمّى هَذَا وَ أَشْبَاهَهُ بِالتَّورِيَةِ الْمُرَكَّبَةِ [108] جَرْيَّا عَلَى أَصْطِلَاحِهِمْ فِي /B15/ الجناس [19] .
وَ مِنَ التَّورِيَةِ مَا لَايَتِمُّ إِلَّا بِجَعْلِ أَحَدٍ الْمُعْنَتَيْنِ مِنْ أَفَرَادِ الْآخَرِ وَ تَرَتِيبِ آثَارِهِ عَلَيْهِ، كَقَولِ بَعْضِهِمْ فِي مَلِيحٍ حَلَقَ حَاجِبَهُ - شِعْرُ -:
سُلْطَانُ حُسْنٍ زَادَ فِي عَدْلِهِ *** فَاخْتَارَ أَنْ يَبْقَ بِلَا حَاجِبِ [110]
ص: 106
وَهَذَا النُّوعُ مِنَ التَّورِيَةِ يَقْرُبُ مِنَ الْاِسْتِعَارَةِ جِدًّا إذا كَانَتْ بَينَ المَعْنَتَيْنِ مُشَابَهَةٌ فَيَقَعُ التَّردِيدُ(1) بَينَهُمَا: كَقَولِ الشَّيخِ عَلَاءِ الدِّينِ [111 ]:
قَالَ لِي الْعَادِلُ المُفَنَّدُ فِيهَا *** يَومَ وَافَتْ وَ أَقْبَلَتْ مُخْتَالَةً
قُمْ بِنَا نَدَّعِي النُّبُوَّةَ فِي الْعِشْق *** فَقَدْ سَلَّمَتْ عَلَيْنَا الْغَزَالَة [112]
وَ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْبَيْتِ مِنْ أَقْسَامِ الْاِسْتِعَارَةِ، إِذْ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا دَعْوَى أَنَّ هَذِهِ المرأَة(2) ظَبْيَةٌ أَو شَمْسُ، وَ تَرَتِيبُ أَثَرِ سَلَامِهِمَا عَلَى سَلَامِهَا.
وَ مِثْلُهُ لِلشَّيْخ الصَّفِيِّ الدِّينِ [113]:
تَنَبَّأَ فِيكَ قَلْبِي وَ اسْتَرَابَتْ *** بِهِ قَومٌ وَ عَمَّهُمُ الضَّلَالُ
قدْ سَلَّمْتَ سَلَّمَتِ الْبَرَايَا *** إِلَيَّ وَقِيلَ كَلَّمَهُ الْغَزَالُ [114]
وَقَدْ يُجْمَعُ بَينَ الْاِسْتِعَارَةِ وَالتَّورِيَةِ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ، كَقَولِهِ:
يَا بَدْرُ أَهْلُكَ جَارُوا *** وَعَلَّمُوكَ التَّجَرِّي
فَلْيَفْعَلُوا مَا يَشَاوُا *** فَإِنَّهُمْ أَهْلُ بَدْرِ [115]
/A16 / فَإِنَّهُ أَطلَقَ لَفَظَ «البَدْرِ» عَلَى الحَبُوبِ بِالْاِسْتِعَارَةِ وَ رَتَّبَ عَلَيْهِ أَثَرَ البَدرِ بمعنى آخَرَ.
وَ أَنْتَ فِي هَذِهِ(3) الْأَقسَامِ بِالخِيَارِ، فَإِنْ شِئْتَ مُرَاعَاةَ مَا ذَكَرَهُ الْقَومُ مِنَ الشَّوَاهِدِ وَأَرَدْتَ عَدَمَ إِحْرَاجِهَا عَنْ حَرِيمِ التَّورِيَةِ تَسَاءَحْتَ فِيهَا وَصَفْنَاهُ، وَ عَمَّمْتَ الْاِسْمَ كَمَا
ص: 107
صَنَعْنَاهُ وَإِنْ شِئْتَ أَلْحَقْتَ كُلَّا مِنْ هَذِهِ الشَّوَاهِدِ وَأَمْثَالِهَا بِمَا يُنَاسِبُهَا مِنَ النِّكَاتِ(1) وَ عَدَّيْتَ(2) مَا لَا تَجِدُ مَا يُنَاسِبُهَا مِنَ النّكَاتِ المذكورة نُكْتَةٌ مُسْتَقِلَّة.
وَ مَعَ هَذِهِ النَّسَامُحَاتِ وَ مَا عَرَفْتَهُ مِنَّا مِنَ التَّوسِعَةِ فِي أَمْرِ التَّورِيَةِ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الشَّوَاهِدِ الَّتِي ذَكَرُوهَا لَهَا لَيْسَتْ مِنهَا؛ فَكَيْفَ لَو بَنَينَا عَلَى التَّطْبِيقِ الَّذِي يَلْزَمُ مِنْ تَعرِيفِهِمْ لَهَا وَأَلْزَمْنَاهُمْ حَدَّهُمْ؟!. أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ عَدُّوا مِنَ التَّورِيَةِ قَولَ الوَدَاعِيٌّ [116]
وَ قَائِلُ قَولِ لِيَ مَا سِنُّهَا*** فَقُلْتُ مَا فِي فَمِهَا سِنُّ [117]
وَهُوَ مِنْ(3) شَوَاهِدِ القَولِ بِالْمُوجَبِ.
وَقَولَ الآخَرِ :
عَنْ أَحْمَرِ الْمَشْرُوبِ مَا تَلْتَهِي *** قُلْتُ وَلَا عَنْ أَخْضَرِ الشَّارِبِ [118]
وَ فِي هَذَا البَيتِ عِدَّةُ نِكَاتٍ بَدِيعِيَّةٍ، أَظْهَرُهَا: التَّجْنِيسُ بَينَ «المَشرُوبِ» وَ «الشَّارِبِ وَ مُرَاعَاةُ النَّظِيرِ بَينَهُمَا: وَ التَّدْبِيجُ أَو إِمَامُهُ إِنْ لَمْ يَكُنِ المُرَادُ بِاِخْضِرَارِ الشَّارِبِ اللُّونَ. وَلَيسَ فِيهِ تَورِيَةٌ إِلَّا عَلَى مَعْنًى رَكِيك.... إِلَى غَيرِ /B16/ ذلِكَ مِمَّا لا يَخفَى عَلَى المُتَتَّبع.
وَقَدْ طَالَ الْكَلَامُ فِي التَّورِيَةِ، مَعَ ذَلِكَ بَقِيَتْ مِنهَا مَبَاحِثُ كَثِيرَةٌ يَسْتَدْعِي تَحقِيقُهَا تصنيف رِسَالَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ. وَلَعَمْرِي إِنَّ الْمُتَأَخَّرِينَ لَمْ يُوَفُّوا حَقَّهَا بِالْبَحْثِ، عَلَى أَنَّهَا جُلُ بِضَاعَتِهِمْ، وَعُمْدَةُ صِنَاعَتِهِمْ.
ص: 108
وَلِعُلَماءِ البَدِيعِ مَعَ ذَلِكَ مُسَاءَحَاتٌ كَثِيرَةٌ فِي ضَبْطِ الأَنوَاعِ وَ تَعْدَادِهَا. فَرُبَّمَا جَمَعُوا بَينَ أُمُورٍ مُخْتَلِفَةٍ بِاسْمِ وَاحِدٍ، وَ رُبَّمَا سَمَّوا نُكْتُنَةً وَاحِدَةً بِأَسْمَاءٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِتَوَهُم فَرْقٍ ضَعِيفٍ أَو تَمنُوعِ، فَأُوجَبَ ذَلِكَ تَكثِيرَ الْاِصْطِلَاحَاتِ(1) وَتَعَسُّرَ ضَبطِ النِّكَاتِ.
وَ تَفسِمَاتُ عُلَمَاءِ الْمُعَانِي لِمَا ذَكَرُوهُ مِنَ النِّكَاتِ أَحْسَنُ مِنْ تَقسِيَاتِ هَؤُلَاءِ، وَ أَقْرَبُ إِلَى الْاِعْتِبَارِ.
وَ هَذَا كُلُّهُ لَا يُوجِبُ طَعْنَّا فِي هَذَا الْعِلمِ وَلَا يَدْعُو إِلَى الْإِعْرَاضِ عَنهُ، إِذْ حَالُ البَدِيعِ كَحَالِ سَائِرِ العُلُومِ. فَهَلْ تَعلَمُ عِلْمًا سَلِمَ جَمِيعُ مَسَائِلِهِ مِنَ الْإِيرَادِ، وَ لَمْ يَتَطَرَّقْ إِلَى شَيْءٍ مِنهَا الْفَسَادُ؟!. بَلْ ذَلِكَ أَدْعَى(2) لِلْخَوضِ فِي مَسَائِلِهِ، وَ التمييزِ بَينَ حَقِّهِ وَ بَاطِلِه.
وَ إِنْ أَنكَرَ الْخَصمُ الْكُلِّيَّةَ فِي صَنَايعِ الْبَدِيعِ وَ قَالَ: لَيسَ كُلُّ تَجْنِيسٍ بِنَفِيسٍ، وَ لَا كُلُّ تَشرِيعٍ بِبَدِيعٍ؛ وَ نَحْنُ نَرَى مِنَ التَّلْمِيحِ مَا لَا يُسْتَمْلَحُ وَ مِنَ التَّردِيدِ مَا لَا يُرَادُ، وَ مِنَ التَّحْيِيرِ مَا لَا يُختَارُ وَنَرَى الْبَيتَ فِيهِ الْغُلُوُّ وَالْإغْرَاقُ، وَالتَّناسُبُ وَالطَّباق و الطَّباعُ لَا تَقبله /A17 / وَ الْأَسْمَاعُ تَسْتَثْقِلُهُ؛ وَ نَرَى المُطَرَّفَ وَ الْمُفَوَّفَ وَ لَيسَ لَهُ دِيبَاجُهُ، وَكَمْ بَيْتٍ لَمْ يَقْبَلِ الذَّوقُ إِدْمَاجَهُ، فَأَوجَبَ مِنَ البَيتِ إِحْرَاجَهُ؛
فَهُوَ حَقٌّ أَيضًا في الجُمْلَةِ. وَلَكِنْ لِلْمُحَسَّنَاتِ الْبَدِيعِيَّةِ شُرُوطٌ لَا تَحْسُنُ إِلَّا
ص: 109
بها [ 119]، وَمَوَارِدُ لَا تُسْتَحْسَنُ إِلَّا فِيهَا وَجَميعُ ذَلِكَ مُبَيَّنٌ في ذَلِكَ أَو يَجِبُ بَيَانُهُ فِيهِ. ؛ عَلَى أَنَّ الكَلامَ كَمَا أَنَّ لَهُ مُحَسَّنَاتٌ لَهُ مُقَبِّحَاتٌ كَذَلِكَ. وَقَدْ ذَكَرَ أَهْلُ البَدِيعِ ذَلِكَ إِجْمَالاً فِي تَعرِيفِ هَذَا الْعِلْمِ وَكَانَ الأَولَى ذِكرَ ذَلِكَ تَفْصِيلًا وَ جَعْلَهُ مِنْ مَسَائِلِ الْفَنِّ وَ تَعمِيمَ تَحدِيدِهِ بِأَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ مُحَسّنَاتُ الْكَلَام وَ مُقَبِّحَاتُهُ.
وَلَئِنْ تَرَكُوا ذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرُوا عِدَّةَ مِنْهَا بِزَعْمِ أَنَّ تَرْكَهَا مِنَ الْحَسَنَاتِ كَالْإِنسِجَامِ. فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا الْعُمْدَةَ فِي تَعرِيفِهِ: الخُلُوَّ عَنْ التَّكَلُّفِ وَالتَّعَقِيدِ، مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ لَا يَكُونُ حَسَنًا بِمُجَرَّدِ الْخُلُو عَنْ ذَلِكَ، وَإِلَّا لَكَانَ مِنْ شَوَاهِدِهِ قَولُ الْقَائِلِ:
رُبَّمَا أَوفَيْتُ فِي عَلَمٍ *** تَرْفَعْنَ تَوبِي شِمَالَاتُ [ 120]
وَ قَولُ السُّوقِيّ: «مَنْ يَشْتَرِي بَاذِنْجَانَ؟». نَعَمْ وُجُودُهَا مُقَبِّحْ لِلْكَلَامِ، وَإِذَا تَجَاوَزَ الْحَدَّ فِي الْكَلَامِ لَا يَكَادُ يَرفَعُهُمَا مُعْظَمُ مُحَسِّنَاتِ الْبَدِيعِ. وَكَذَلِكَ بَعْضُ الانْتِلَافاتِ الْمُذْكُورَةِ فِي كُتُبِ الْفَنَّ إِلَّا أَنْ تُؤْخَذَ فِي /B17/ حُدُودِهَا أُمُورٌ وُجُودِيَّةٌ تُوجِبُ دُخُوهَا فِي عِدَادِ الْمُحَسَنَاتِ.
وَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ يَأْتِي تَفْصِيلًا فِي شَرْحٍ الْكِتَابِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ! - .
غير أنَّا نَقُولُ هُنَا إِجْمَالاً هَلْ قَوهُمْ يُسْتَحْسَنُ فِي الْأَلْفَاظِ الْجِنَاسُ وَالاشْتِقَاقُ، وَفِي المُعَانِي الْغُلُوُّ وَ الْاِتِّفَاقُ إِلَّا كَقَولِكَ : يُسْتَحْسَنُ الدَّعَجُ فِي الْعَيْنَينِ، وَ الزَّجَجُ فِي الْحَاجِبَينِ؟ فَهَلْ يُنَا فِي ذَلِكَ إِنْ لَمْ يُسْتَحْسَنْ وَجْهُ فِيهِ عَيْنٌ دَعْجَاءُ سَودَاءُ، أَو زَجَجُ الْحَاجِبَينِ يَكْفِ فِي حُسْنِ الْوَجْهِ وَ إِنِ اسْتَتْبَعَ(1) الحَيَّةٌ طَوِيلَةٌ بَيضَاءَ؟.
ص: 110
وَ إِنِ اعْتَرَفَ بِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَ قَالَ: إِنَّا رُبَّمَا نَرَى الْبَيْتَ حَسَنًا وَلَانَرَى(1) فِيهِ شَيْئًا مِنَ النِّكَاتِ المذكورة ؛
فَهُوَ كَذَلِكَ؛ بَلِ الْحَقُّ إِنَّ الْقَومَ لَمْ يَذْكُرُوا مِنَ الْحَسَنَاتِ إِلَّا أَشْيَاءَ يَسِيرَةً، وَ هِيَ أَكثَرُ مِمَّا ذَكَرُوهُ بِأَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ. وَلَا يَزَالُ الْمُتَأَمِّلُ فِي كَلَامِ اللَّهِ - سُبحَانَهُ - يَظْفَرُ ينِكَاتٍ شَرِيفَةٍ، وَمُحَسَّنَاتٍ طَرِيقَةٍ لَمْ يُلتَفِتْ إِلَيْهَا الأَقْدَمُونَ. وَكَذَلِكَ الخُطَبُ وَ الأدعِيَةُ المَنقُولَةُ عَنْ أَهْلِ الْبَيتِ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ - وَكِتَابُ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ وَحدَهُ كَافٍ لأَنْ يَسْتَخرِجَ مِنهُ الْمُتَدَرِّبُ فِي الصَّنَاعَةِ - إِنْ كَانَ مِنْ أَهلِ الفِطَانَةِ - أَصْعَافَ مَا ذَكَرُوهُ.
وَ جَمِيعُ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِأَصْلِ الْعِلمِ وَ لَا بِصِحَّةِ مَسَائِلِهِ المَذْكُورَةِ فِيهِ، بَلْ ذَلِكَ أَدْعَى(2) لِلْخَوضِ فِيهِ، وَ التَّعوِيلِ عَلَيْهِ: لِتَزْدَادَ مَسَائِلُهُ وَ تَهْذَبَ زَلَائِلُهُ.
وَ لَعَمْرِي إِنَّهُ عِلْمٌ جُهِلَ عَظِيمُ مِقدَارِهِ، فَتَسَارَعَتِ /A18/ الْأَفكَارُ إِلَى إِنْكَارِهِ؛ وَكَثُرَ الطَّاعِنُونَ عَلَيهِ، فَقَلَّ الرَّاغِبُونَ فِيهِ: وَلَمْ يَحْظَ بِتَوَجُهِ أَفْكَارِ الْمُتَأَخْرِينَ إِلَيهِ لِظَهِمْ بِأَنَّ مَوضُوعَهُ عِدَّةٌ تَصَنُّعَاتٍ خَارِجَةٍ عَنْ مَوضُوعِ الْفَصَاحَةِ وَالْبَلَاغَةِ، وَ غَفْلَتِهِمْ عَمَّا نَبَّهْنَاكَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ جَمِيعَ مُحَسَّنَاتِ الْكَلَامِ دَاخِلَةٌ فِي مَسَائِلِهِ، وَ أَنَّ عُمدَةَ مَبَاحِثِ عِلْمَي الْبَلَاغَةِ إِمَّا دَاخِلَةٌ فِي مَسَائِلِ هَذَا الْفَنِّ، أَو مُقَدَّمَةٌ لَهَا وَ مَطْلُوبَةٌ
لأَجْلِهَا.
هَذَا السَّكَاكِيُّ [121] وَ هُوَ الْعَلَمُ فِي الْعِلْمَينِ، وَ الْمَوَسسُ لِلْفَنَّيْنِ: كَانَتْ عُقْيَ
ص: 111
مُسَاهَلَتِهِ فِي هَذَا الْفَنَّ وَثَرَهُ مُسَاعَحَتِهِ فِيهِ أَنْ فَاتَهُ عِنْدَ التَّكَكُم [122] عَلَى تَحَاسِنِ قَولِهِ - تَعَالَى : ( وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي ) [123] ... إِلَى آخِرِهِ - النّصفُ مِنهَا، أَو أَكثَرُ، وَ قَدْ تَنَبَّهَ لَهَا الْعَالِمُونَ [124] بِالْبَدِيعِ مِمَّنْ هُوَ دُونَ السَّكَا كِيّ [125] فِي الْفَضْلِ وَجَودَةِ الْفَهْمِ.
وَ لأَجلِ هَذَا الرَّأْيِ الْحَامِدِ وَ الظَّنِّ الْفَاسِدِ بَقِيَتْ عُمدَةٌ مَسَائِلِهِ الصَّحِيحَةِ مُنْحَصِرَةً فِيمَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ، بَلْ قَاسَى مِنْ أَغْبِيَاءِ المُتَأَخِّرِينَ مَا يُوجِبُ لِلنَّاظِرِ فِيهِ الرِّقَةَ لَهُ. وَ لَو أَعْطُوهُ حَقَّهُ مِنَ التَّأَملِ وَ الْبَحْثِ لَبَلَغَ عَلَى كُرُورِ الْأَعصَارِ بِتَلَاحُقِ الْأَفكَارِ مَرْتَبَةً تَبْهَرُ الْأَلْبَابَ، وَكَانَ أَنْفَعَ عِلْمٍ لِمَعْرِفَةِ إِعْجَازِ الْكِتَابِ.
وَ مَعَ ذَلِكَ فَلَا يَكَادُ يَغْفَ عَلَى الْمُتَدَرِّبِ الْفَطِنِ مَوقِعُ الْحُسْنِ مِنْ كُلِّ كَلَامٍ حَسَنٍ، فَمَنْ تَأَمَّلَ فِي قَولِهِ: «فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ » [126] /B18 / أَدْرَكَ الْحُسْنَ فِي تَرَتَّبِ كُلٌّ مِنَ التَّسْوِيلِ وَ الْقَتلِ وَ النَّدَمِ عَلَى مَا قَبْلَهُ حَتَّى صَحَّ عَطْفُ الجَمِيعِ بِالْفَاءِ؛ وَ رَأَى مِثلَ ذَلِكَ وَ إِنْ كَانَ كَلَامُ اللَّهِ أَجَلَّ مِنْ أَنْ يُقَاسَ بِغَيرِهِ - فِي قَولِ الشَّاعِرِ:
رَأَى فَحَبَّ فَرَامَ الْوَصْلَ فَامْتَنَعُوا *** فَسَامَ صَبْرًا فَأَعْتِى نَيْلَهُ فَقَضَى [127]
فَلَهُ أَنْ يُلْحِقَ ذَلِكَ بِنِكَاتِ البَدِيعِ، وَيَختَارَ لَهُ أَسْماً يُنَاسِبُهُ: وَقَدِ اسْتَحْسَنَ مَولَايَ الأخ [128] - لَمَّا عَرَضْتُ عَلَيْهِ ذَلِكَ - تَسْمِيَتَهُ بِالتَّسْبِيبِ.
وَ مَنْ نَظَرَ إِلَى قَولِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ - عَلَيهِ السَّلَامُ -: «دَاخِل فِي الْأَشْيَاءِ لَا بِمَا زَجَةٍ، خَارِجٌ عَنِ الْأَشْيَاءِ لَا بِعِبَايَنَةٍ» [129]، وَ رَأَى أَنْوَارَ الْحُسْنِ بَازِغَةً مِنْ إِثْبَاتِ الشَّيْءِ وَ نَفْيِ لَازِمِهِ وَ لَو غَالِبًا. وَ رَأَى مِثْلَهُ فِي قَولِ صَاحِبِيَ الْعَالِمِ الْفَاضِلِ، بَلْ
ص: 112
أُسْتَاذِيَ الَّذِي مِنْهُ تَعَلَّمْتُ سِحْرَ بَابِل مُحَلِّي جِيدَ الْفَضلِ بِأَبْهَى حُلِي، السَّيِّدِ جَعْفَرٍ الحِلِّيِّ [ 130] - رَحِمَ اللَّهُ شَبَابَهُ، وَ أَجْزَلَ ثَوَابَهُ! - :
وَلَأَرْكَبَنَّ لَهَا الْفَلَا بِسَفَائِنَ *** مَا مَسَّ مِنْ أَمْرَاسِهَا الْمُلَّاحُ
مِثْلُ الْقُصُورِ وَ مَا لَهُنَّ صَفَائِحُ *** أَو كَالْقُصُورِ وَمَا هُنَّ جَنَاحُ [131]
وَ فِي قَولِي أَصِفُ النِّيَاقَ أَيْضًا:
سَفَائِنُ لِلسَّرَى لَمْ تَدْرِ بَحْرًا *** وَ تَدْرِي مَا السَّبَاسِبُ وَ الْبِقَاعُ
فَلَا تَرْجُوا لِمَسْرَاهَا قَبُولاً *** وَلَا يَخْشَى الدَّبُورَ لَهُ شِرَاعُ [132]
/A19/ بَلْ لَكَ أَنْ تَسْتَفِيدَ مِنَ الشَّطْرِ الثاني أَنَّ إِثْبَاتَ لَوَازِمِ الصِّدِّ لِلشَّيْءِ يَزِيدُهُ حُسْنًا أَيْضًا.
وَ مِثْلُهُ قَولُ أَبِي نُوَاسٍ [133]
كَتَبْتُ مِنْ غَيْرِ قِرْطَاسٍ بِلَا قَلَمِ [134]
وَ البَيتُ فِي مَعْنَّ شَنِيعٍ، فَلَادَاعِيَ لِنَقْلِ تَمَامِهِ.
وَإِذَا تَأَمَّلْتَ قَولَ الْقَائِلِ:
وَ لَيْسَ صَرِيرُ النَّعْشِ مَا تَسْمَعُونَهُ *** وَلَكِنَّهُ أَضْلَاعُ قَومٍ تَقَصَّفُ [135]
رَأَيْتَ عُمْدَةَ الْحُسْنِ فِيهِ إِنْكَارَ أَمْرٍ ثَابِتٍ وَ أَدْعَاءَ أَمْرٍ غَيْرِ ثَابِتٍ، وَلَكَ أَنْ تُسَمِّي ذَلِكَ بِالمُغَالَطَةِ وَ تَجَعَلَ مِنْ شَوَاهِدِهَا قَولَ الْقَائِلِ:
وَ لَيْسَ الَّذِي يَجْرِي مِنَ الْعَيْنِ مَاؤُهَا *** وَلَكِنَّهُ نَفْسٌ تَذُوبُ فَتَقْطُرُ [136]
وَإِذَا - ! وَ إِذَا الْتَفَتَ إِلَى قَولِهِ - تَعَالَى -: «يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَ أَسْتَغْفِرِي
ص: 113
لِذَنْبِكِ » [13]، فَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ الألْتِفَاتَ مِنْ مُخَاطَبٍ إِلَى مُخَاطَبِ آخَرَ مِنْ نِكَاتِ الْبَدِيعِ، إِذْ لَيسَ هُوَ بِأَدْوَنَ مِمَّا ذَكَرُوهُ مِنَ الْالْتِفَاتِ عَنِ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ»[138] وَ نَحوِهِ؛ بَلْ هُوَ أَحْلَى مِنْهُ فِي الذَّوقِ وَأَطْيَبُ. وَ مِنْ شَوَاهِدِهِ قَولُهُ:
فَيَا لَيْلَتِي هَكَذَا هَكَذَا *** وَبِاللَّهِ بِاللَّهِ قِفْ يَا سَحَرُ [ 139]
وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ عَدُّوا مِنْهَا: «عِتَابُ الْمُرِءِ نَفْسَهُ» [140]، فَلَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنْ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْعِتَابِ، بَلْ كَذَلِكَ مُطلَقُ الخِطَابِ مَعَ النَّفْسِ؛ كَقَولي: /B19/
يا نَفسُ لِي مُرُّ الْآبَاءِ شِيمَةٌ *** فَصَاحِبِينِي مَرَّةً أَو فَارِقِي
لا رَجَعَتْ كَفِّ إِلَيَّ بَعْدَ مَا *** مُدَّتْ لِحَاجَةٍ إِلَى الْخَلَائِقِ [141]
وَظَاهِرٌ إِنَّ مِثْلَهَا أَو مِنهَا عِتَابُ الْقَلْبِ كَقَولِ الْبَهَاءِ زُهَيْرٍ [142]:
وَيْحَكَ يَا قَلْبُ أَمَا قُلْتُ لَكَ *** إِيَّاكَ أَنْ تَهْلِكَ فِيمَنْ هَلَكَ [143]
عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ دُخُولُ الْجَمِيعِ فِي نَوعِ التَّجْرِيدِ [144]، بِنَاءً عَلَى مَا عَرَّفُوهُ؛
وَ لِي فِي ذَلِكَ كَلَامُ لَا يَتَحَمَّلُهُ المَقَامُ.
وَإِذَا تَأَمَّلْتَ قَولَهُ تَعَالَى -: « تَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى» [145] -... إِلَى آخِرِه - ، وَ قَولَ الْبُحْتُرِي [146] :
مِنْ جِعَادِ الْأَكُفِّ غَيْرِ جِعَادٍ *** وَغِضَابِ الْوُجُوهِ غَيْرِ غِضَابِ [147]
أَدْرَكْتَ حُسْنًا ظَاهِرًا فِي إِثْبَاتِ الشَّيْءِ وَ نَفْيِهِ مَعًا، لا سيما إذا أَنْضَمَّتْ إِلَيهِ النُّورِيَةً أَو إِمَامُهَا: كَمَا فِي قُولِي:
طَلَّ دَمِي بِالْجُفُونِ ظَبيٌ *** لَوَى دُيُونَ أَهْوَى وَمَا طَل [148]
ص: 114
وَ هَذَا غَيرُ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ عِبَاقِ السَّلْبِ بَعدَ الإِيجَابِ وَ إِنْ كَانَ مُلَازِمًا مَعَهُ، إِذْ فِيهِ حُسْنُ زَائِدٌ عَلَى الطَّبَاقِ، وَ هُوَ إِيمَامُ إِثْبَاتِ الْوَاسِطَةِ بَينَ الْوُجُودِ وَ العَدَمِ وَ بَيَانُ ارْتِفَاعِهِمَا مَعًا وَ هَذَا غَيْرُ الْحُسْنِ الْحَاصِلِ مِنْ مُجَرَّدِ اجْتَماعِ لَفْظَيِ الْإِيجَابِ وَ السَّلْبِ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ وَ لَو لِأَمْرَينِ مُخْتَلِفَيْنِ، كَمَا فِي قَولِهِ - تَعَالَى! - : /A20/ فَلَا تَخْشَوا النَّاسَ وَ أَخْشَونِ) [149]. وَالْحُسْنُ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مَعْنَوِيٌّ، وَ فِي الثَّانِي يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لَفْظِيَّا. وَإِنْ كَانَ مَعْنَوِيًّا فَلَاشَكَ أَنَّهُ حَيْنِيَّةٌ أُخْرَى غَيْرُ مَا ذَكَرنَاهُ، وَأَنَّ مَا ذَكَرَنَاهُ أَعْلَى رُتْبَةً وَ الْمُعْتَبَرُ فِي تَعْدَادِ النِّكَاتِ هِيَ الْجِهَاتُ الَّتِي يُوجِبُ الْحُسْنَ وَ إِنْ كَانَ بَعضُهَا مُلازِما لِلْآخَرِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ عَدَّوا كُلًّا مِنَ التَّعدِيدِ وَ حُسْنِ النَّسَقِ مُسْتَقِلًّا مَعَ أَنَّهُما مُلَازِمَانِ لِلتَّفْوِيفِ ؟! [ 150]
و مِثْلُهُ نَفْ الضَّدَّيْنِ أَوِ الْأَصْدَادِ كَذَلِكَ، وَنَيْ جَمِيعِ مَا لِلْجِنسِ مِنَ الْأَنْوَاعِ كَقَولِ المتنبي [151] فِي هِجَاءِ كَافُورٍ [152] :
لا فِي الرِّجَالِ وَ لَا النِّسْوَانِ مَعْدُودٌ [153]
وَ لِلْحُسْنِ مَعَ ذَلِكَ أَسبَابٌ أَخَرُ تَتْبَعُ خُصُوصِيَّاتِ المَوَارِدِ وَ خُصُوصِيَّاتِ الأَحْوَالِ، وَتَختَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَ العَادَاتِ. وَ مِثلُ ذَلِكَ وَ إِنْ كَانَ بَيَانُهُ بِقَولٍ كُلِّيِّ مُمْتَنِعًا وَلَكِنَّهُ لَا يَخْفَ عَلَى الْفَطِنِ الْمُتَدَرِّبِ فِي الصِّنَاعَةِ : كَمَا فِي قَولِ الْبُحْتُرِي [154] يَهْجُو قَاضِيَّا :
فَلا تُشْلَلْ فَنِعْمَ أَخُو النَّدَامَى *** وَ سَاقِي فَضْلَةِ الزِّقِّ الزُّلَالِ [155]
وَ لَو كَانَ هَذَا فِي مُغَضٌ أَو مُطْرِبٍ لَكَانَ مَدْحًا مُتَوَسِّطًا، وَلَكِنَّ كَونَهُ فِي قَاضٍ
ص: 115
شَبَكتُهُ التَّقْوَى وَ الصَّلَاحُ وَ يَتَحَرَّجُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إِنَّهُ يَرْتَكِبُ الْمُبَاحَ، جَعَلَهُ مِنْ أَحْسَنِ أَلْهَجَاءِ ... إِلَى غَيرِ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ تَعْدَادُهُ الْخُرُوجَ عَنِ /B20/ المقَامِ.
وَ إِنَّمَا الْعَرَضُ بَيَانُ نَمُوذَجٍ(1) مِنْهَا، وَ تَرَغِيبُ أُولِي الْأَنْهَامِ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ عَلَى اسْتِحْرَاجِ أَمْنَالِهَا وَإِلْحَاقِهَا بِمَا ذَكَرُوهُ، لِيَتَّسِعَ نِطَاقُ هَذَا الْعِلمِ وَيُثبِتَ لَهُمْ عَلَى الْمُتَأَخَّرِ عَنْهُمْ مِنَ الْحَقِّ مِثلَ مَا ثَبَتَ لِلْمُتَقَدِّم عَلَيْهِمْ.
وَ آخِرُ مَا هُؤُلَاءِ مِنَ الحِيَلِ العَامِّيَّةِ : أَنْ يُنْشِدُوا أَبْيَاتًا حَسَنَةً يَزْعَمُونَ خُلُوَّهَا مِنَ النِّكَاتِ الْعِلمِيَّةِ وَيَجْعَلُونَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْحُسْنَ فِي الْكَلَامِ غَيْرُ تَابِعِ لِلنِّكَاتِ البديعية ؛
وَهَذَا جَهْلُ وَ مُكَابَرَةٌ، وَخُرُوجٌ عَنْ آدَابِ المُناظَرَةِ؛ إِذْ الْعَاقِلُ لَا يَرفَعُ الْيَدَ عَمَّا يَعلَمُ لأَجْلِ مَا لَا يَعْلَمُ. وَوُجُودُ مَسَائِلَ جَهُولَةٍ فِي كُلِّ عِلْمٍ لَا يَضُرُّ بِمَسَائِلِهِ المَعلُومَةِ. وَ ظَاهِرُ لَدَى مَنْ مَارَسَ سَائِرَ الْعُلُوم أَنَّهُ لَا عِلْمَ إِلَّا وَ فِيهِ مُشْكِلَاتٌ كَثِيرَةٌ قَدْ عَجِزَ أَرْبَابُهُ عَنْ حَلَّهَا وَ لَم يمنعُهُمْ ذَلِكَ عَنِ الْاِعْتِرَافِ بِسَائِرِ مَسَائِلِهِ، وَ لَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى بُطْلَانِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْلِهِ.
وَ لَو سَلَّمْنَا عَجْزَنَا عَنْ بَيَانِ الْوَجْهِ فِي تِلْكَ الأَبْيَاتِ الْيَسِيرَةِ فَعِنْدَنَا مِنَ الشَّعرِ الْجَيدِ مَا يَزِيدُ عَلَيْهَا بِأَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَ قَدْ عَرَفْنَا وَجْهَ الْحُسْنِ فِيهَا؛ فَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ تَكُونُ مِنْ مُشْكِلَاتِ الْفَنِّ، وَ حَلُّهَا فِي عُهْدَةِ مَنْ يَأْتِي بَعْدَنَا مِنْ فُضَلَاءِ الزَّمَنِ.
وَ حَالُ الْبَدِيعِ فِي ذَلِكَ حَالُ سَائِرِ الْعُلُومِ، وَ وُجُودُ يَجْهُولَاتٍ كَثِيرَةٍ فِي كُلٌّ مِنهَا
ص: 116
ظَاهِرٌ مَعْلُومٌ.
نَعَم هَذَا الدَّلِيلُ رَدُّ عَلَى مَنْ يَزْعَمُ الْحِصَارَ النِّكَاتِ بِهَذِهِ /A21/ المَحُصُورَاتِ، وَ قَدْ عَرَفْتَ أَنَّا لَا تَقُولُ بِذَلِكَ.
وَإِنْ نَازَعَنَا فِي النِّكَاتِ المُسْتَحْسِنَةِ عِندَ كَافَّةِ المتأخّرِينَ - كَالتَّورِيَةِ وَالتَّوجِيهِ وَ النَّضْمِينِ ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِمُبْهَةٍ عَرَضَتْ لَهُ وَهِيَ ظَنُّهُ خُلُو أَشْعَارِ المُتَقَدِّمِينَ عَنهَا، وَ احِصَارَ الْحَاسِنِ فِيمَا اهْتَدَوا إِلَيْهَا فَسَوفَ نُوضِحُ - بِعَونِ اللَّهِ! - فِي الْفُصُولِ الآتِيَةِ وُجُودَهَا فِي أَشْعَارِ الأَوَائِلِ أَوَّلاً، وَ عَدَمَ الْحِصَارِ الْحَاسِنِ فِيمَا عَرَّفُوهُ ثَانِيَّا؛
وَ إِنْ كَانَ ذَلِكَ لِنَبْوِ طَبْعِهِ عَنْهَا، وَعَدَمِ مَيْلِهِ إِلَيْهَا، مَعَ أَطْلَاعِهِ عَلَى جَيِّدِ الْأَشْعَارِ المُسْتَمِلَةِ لَهَا، فَهُوَ رَجُلٌ قَدْ غَلَظَ مِنْهُ الطَّبْعُ، وَ فَسَدَ مِنْهُ الذَّوقُ؛ - شِعْرٌ: -
وَ مَنْ يَكُ ذَا فَمٍ مُرٌّ مَرِيضٍ *** تجد مُوا بِهِ الْعَذَبَ الزَّلا لا [156]
ومثله لا يَنْفَعُهُ الْاِسْتِدلَالُ وَالْبُرْهَانُ، وَلَا يُعالج إِلَّا بِالْكَى وَالْإِدْهَانِ: وَهَذَا فَرِيضَةُ الطَّبِيبِ، لَا وَظِيفَةُ الأَديبِ. وَلَو كَانَ حَلَاوَةُ القَنْدِ وَ الْعَسَلِ، وَ طِيبُ عَرْفٍ الْعُودِ وَ الْمُنْدَلِ : مِمَّا يُمكنُ إِنْبَاتُهُ بِالدَّلِيلِ، لَأَمْكَنَنَا مِثْلُهُ وَ هَدَيْنَاهُ إِلَى وَاضِحِ السَّبِيلِ؛ وَلَكِنْ نَقُولُ لَهُ: إِنَّ إخوَانَكَ الَّذِينَ فَسَدَ مِنْهُمْ بَعضُ الحَوَاسِ، يَعْرِفُونَ حُسْنَ الْوِ جدَانِيَّاتِ بِالْقِيَاسِ، وَ يَعْتَرِفُونَ بِهِ لِأَجْلِ اتِّفَاقِ النَّاسِ فَكَمَا أَنَّ فَاقِدَ الذَّوقِ وَ الأَخْتَمِ ، يَعْرِفَانِ طِيبَ الْمِسْكِ وَ مَرَارَةَ الْعَلْقَم : مِنْ اتَّفَاقِ النَّاسِ عَلَيْهَا، فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَعْلَمَ حُسْنَ هَذِهِ /B21/ النِّكَاتِ مِنْ اتَّفَاقِ الْفُضَلَاءِ وَ الشُّعَرَاءِ عَلَيْهَا، وَوُلُوعِهِمْ بِهَا؛ مَعَ اخْتِلَافِ أَعْصَارِهِمْ، وَ تَبَاعُدِ بِلَادِهِمْ، بَلْ وَ اخْتِلَافِ لُغَاتِهِمْ؛ فَإِنَّ
ص: 117
أَمْثَالَ هَذِهِ النِّكَاتِ لا تَخْتَصُّ باللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ .
وَ بَعدَ ذَلِكَ لَا نُقَصِّرُ مَعَهُ فِي الْإِحْسَانِ، وَ نُرشِدُهُ إِلَى الْبِيَارِسْتَانِ؛ وَنَأْمُرُ الطَّبِيبَ بِتَعْدِيلِ مِزَاجِهِ، وَ الرِّفْقَ فِي عِلَاجِهِ: وَنَبْذُلُ لَهُ تَمَنَ الدَّوَاءِ، وَنُعِينُهُ بِصَالِح الدُّعَاءِ.
وَقَدْ طَالَتِ المَناظَرَةُ مَعَ هَذَا الْجَاحِدِ الْمَعَانِدِ، وَ إِنِ اسْتَمَلَتْ عَلَى عِدَّةِ فَوَائِدَ.
إِنَّ عُلَمَاءَ الْبَدِيعِ لَا يُحَسِّنُونَ قَبِيحًا ، وَلَا يُقَبِّحُونَ حَسَنًا ؛ وَ فَنَّهُمْ مَقْصُورٌ عَلَى بَيَانِ وَجْهِ الْحُسْنِ فِي الْكَلَامِ الْحَسَنِ وَ جَمِيعِ جِهَاتِهِ مِنَ الْمُوَاضِعِ المُتَفَرِّقَةِ.
وَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَ بَينَ سِوَاهُمْ: إِنَّ أَحَدَهُمْ يَتَمَكَّنُ مِنْ قَصدِ الْحَاسِنِ وَ تَطَلُّبِهَا، وَ غَيرَهُمْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنهَا إِلَّا إِذَا وَقَعَتْ لَهُ أَنْفَاقًا:
وَأَيضًا: فَالْبَيتُ الْحَسَنُ إِذَا عُرِضَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْفَنِّ عَرَفَ مَوضِعَ الْحُسْنِ مِنهُ وَ أَمْكَنَهُ الْبَيَانُ، وَقَطْعُ خَصْمِهِ بِوَاضِحِ الْبُرِهَانِ؛ وَأَمَّا الْجَاهِلُ - إِنْ فُرِضَ إِدْرَاكُهُ لِذَلِكَ! - فَلا يُفَقِّ : البِيضَ وَلَا يَنْضِحُ الْكِرَاعَ، وَلا يَسْتَطِيعُ لِخَصْمِهِ الدِّفَاعَ؛ وَإِذَا نَازَعَهُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ، أَو عَكَسَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى خَصْمُهُ الْأَلْدُّ؛ لَا يَجِدُ بُدًّا إِلَّا بِالْجَرْيِ عَلَى عَادَةِ النِّسَاءِ وَالصَّبْيَانِ مِنْ تِكرَارِ الدَّعوَى وَ تَأْكِيدِهِ بِغَمُوسِ الْأَمَانِ؛ وَإِنْ كَالَهُ الْخَصمُ بِصَاعِهِ، وَ بَاعَهُ بِذِرَاعِهِ؛ /A22/ فَلَاتَرَى الشَّيْخَ إِلَّا وَقَدْ وَقَفَ حِمَارَهُ عَلَى القَنْطَرَةِ، وَنَصَبَ نَفْسَهُ غَرَضًا لِلاِسْتِهْزَاءِ ء والمَسخَرَة.
وَبِالْجُمْلَةِ: فَأَهْلُ الْبَدِيعِ عَالِمُونَ، وَأَهْلُ الْعَمُودِ جَاهِلُونَ؛ وَ الْفَصلُ قَولُهُ - تعالى : «هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ »[157].
ص: 118
أَفْرَطَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، فِي التَّعَصُّبِ عَلَى الْمُتَقَدِّمِينَ؛ فَزَعَمُوا أَنَّهُ لَيسَ فِي أَشْعَارِهِمْ بَيْتُ يُستَجَادُ، وَلَا مَعْنَى يُستَفَادُ. وَ رَمَوهُمْ بِجُمُودِ الطَّبْعِ وَقِلَّةِ التَّصَرُّفِ، وَ صُلُودِ الفَهم وَ التَّعَجْرُفِ : وَ جَحَدُوا مَا لَهُمْ مِنَ الْحَقِّ الْوَاجِبِ، وَ لَمْ يَشْكُرُوا أَيَا دِيَهُمْ وَ الشُّكرُ عَلَى الْحُرُ ضَرَّتَهُ لَازِبٌ(1) . حَتَّى أَنَّ أَصْغَرَهُمْ يُرَبِّحُ نَفْسَهُ عَلَى هَؤُلَاءِ (2) الأَكَابِرِ، وَ يُنْكِرُ مَا هُمْ مِنْ جَمِيلِ الْمَائِرِ. وَ هَذَا عُدُولٌ عَنْ نَهْجِ الْحَقِّ وَ الْحِرَافٌ عَنْ جَادَةِ الصَّوَابِ، وَ خُطَّةٌ اعْتِسَافٍ لَا يَرْضَاهَا أُولُوا الأَلْبَابِ. كَيْفَ وَ المتَقَدِّمُونَ هُمُ الَّذِينَ أَوضَحُوا طُرُقَ البَلَاغَةِ وَ أَنَارَوهَا، وَأَسدَوا(3) بُرُودَ الْفَصَاحَةِ وَأَنَا رَوهَا : وَذَلَّلُوا مِنْ صِعَابِ الْمُعَانِي شُمُوسَهَا ، وَاطَّلَعُوا لَهُمْ فِي آفَاقِ الْأَلْفَاظِ شُمُوسَهَا. وَهُمْ عَرَّفُونَا العُدُولَ إِلَى الْاِسْتِعَارَةِ وَ الْجَازِ عَنِ الْحَقِيقَةِ، فَإِحْسَانُ الْمُتَأَخَّرِ مِنْ إحْسَانِهِمْ فِي الْحَقِيقَةِ.
وَبَلَغَ مِنْ تَعَصُّبِ هَؤُلَاءِ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا عَتَرَ عَلَى عَشْرَةٍ لِلْمُتَقَدِّمِينَ أَذَاعَهَا، أَو عَلَى كَبْوَةٍ أَشَاعَهَا وَ إِذَا وَقَعَ مِثلَهَا لِلْمُتَأَخَّرِ أَسْدَلَ /B22/ عَلَيْهَا السِّتْرَ وَ اعْتَذَرَ عَنهَا بِجَمِيلِ الْعُذْرِ فَتَرَاهُ يَنْعَى عَلَى أَمْرِءِ الْقَيْسِ [158] قَولَهُ: - طَوِيلٌ -
ص: 119
وَتَعْطُو بِرَخْصٍ غَيْرِ شِئْنٍ كَأَنَّهُ *** أَسَارِيعُ طَيْ أَو مَسَاوِيكُ إِسْحِلِ [159]
وَ يَقُولُ: إِنَّ الْجَارِيَةَ الصَّبِيحَةَ لَا تَرضَى أَنْ تُشَبَّهَ أَصَابِعُهَا الْمَلِيحَةُ، بِهَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ القَبِيحَةِ؛ وَلَا يَنْعَى(1) عَلَى الْمُتَأَخَّرِينَ وُلُوعَهُمْ بِتَسْبِيهِ الْأَصْدَاغِ * بِالْعَقَارِبِ [160]، مَعَ أَنَّ الْأَصَابِعَ لَيسَتْ أَشْرَفَ مِنَ الْأَصْدَاعَ، وَلَا الأَسَارِيعُ أَقْبَحَ مِنَ الْعَقَارِبِ. نَعَمْ لِقَائِلِ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ أَمْرَ الْقَيسَ وَ إِنْ أَبَلَّ الْغُلَّةَ وَلَكِنْ مَا أَرْوَى، وَ مَا أَصْمَى فِي رَمْيَنِهِ وَلَكِنْ أَشْوَى؛ وَ هُوَ إِنْ دَنَا إِلَى حُسْنِ النَّشْبِيهِ إِصْبَعًا، فَالْمُتَأَخِّرُونَ دَنَوا مِنْهُ بَاعًا؛ أو تَقَدَّمَ قَدَمًا فَالْمُتَأَخِّرُونَ تَقَدَّمُوا ذِرَاعًا وَ أَيْنَ مِنهُ قَولُهُمْ - وَافِرٌ -
كَأَنَّ بَنَانَهُ أَقْلَامُ عَاجٍ *** مُقَمَّعَةِ الرُّوسِ بِابْنُوسِ [161]
وَقَولُهُمْ: - كَامِل -
يُعْطِيكَهَا رَشَأْ كَأَنَّ بَنَانَهُ *** مِنْ فِضَّةٍ قَدْ طُرِّفَتْ عُنَّابًا [162]
لولا أَنَّهُ قَدْ أَفْسَدَهُ بِعَدَمِ مُرَاعَاةِ النَّظِيرِ بَينَ «الفِضَّةِ» وَ الْعُنَّابِ».
وَقَولُ الْكَامِلِ الهَذَّبِ الشَّيخِ مُحَمَّد رِضَا الشَّبِيبِيِّ [163] - سَلَّمَهُ الله تَعَالَى!- : - بسيط -
مَاءُ الشَّبَابِ سَقَ أَغْصَانَ أَنمُلِهِ *** فَأَثْرَتْ الجُنَاةِ الْحُبِّ عُنَّابًا [ 164]
وَ اعْتَرَضُوا عَلَيهِ أَيْضًا في قوله: - مُتَقَارَب -
وَهِرٌ نَصِيدُ قُلُوبَ الرّجَالِ *** وَأَفْلَتَ مِنْهَا ابْنُ عَمْر و حُجُر [165]
/A23 / وَ اسْتَبْشَعُوا أَسْمَ مَحْبُوبَتِهِ، وَقَالُوا: مَا زَادَ عَلَى أنْ جَعَلَ أَبَاهُ مِنْ فَأَرَاتِ
ص: 120
بَيْتِهِ! ، وَهُمْ يَعْتَذِرُونَ [166] عَنْ قَولِ أَبِي الطَّيِّبِ [167] :
وَ حَمْدَانُ(1) حَمْدُونٌ وَحَمْدُونُ حَارِثٌ (2) *** وَ حَارِتُ لُقْمَانُ وَ لُقْمَانُ رَاشِدُ [ 168]
بِأَنَّ قُبْحَ الْأَسْمَاءِ لَيسَ مِنْ ذَنْبِ الشَّاعِرِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُغَيِّرَ الْأَعْلَامَ. نَعَمْ فِي الْبَيتِ عَجْرَفَةٌ قَبِيحَةٌ، وَ مَا ظَنَنَّا عَاقِلًا يَجْعَلُ مِنْ مَفَاخِرِ أَبِيهِ أَنَّهُ مَا عَشِقَ مَعشُوقَتَهُ، أَو يَزعَمُ ذَلِكَ مِنْ تَحَاسِن الصِّفَاتِ فَيَصِفُ بِذَلِكَ حَظِيتَهُ .
وَ أَمَّا إِنْكَارُهُمْ تَحَاسِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ فَهُوَ نَاشٍ مِنْ قِلَّةِ التَّتَبُّع، أَو كَثرَةِ التَّعَصُّبِ. وَقَدِ أَشْتَمَلَ كِتَابُ الْحِمَاسَةِ [169] - لِأَبِي تَمامِ [ 170 ] - وَ الْمُفَضَّلِيَّاتِ [171] - [ لِلصَّبيّ للصبي [17] - عَلَى أَشْعَارٍ جَيَّدَةٍ كَثِيرَةٍ لَا تَبْلَى الأَيَّامُ جِدَّتَهَا، وَلَا يَسْلُبُ قِدَمُ الْعَهْدِ رونَقَهَا وَبَهْجَتَهَا: بَلْ لَا تَزَالُ نَرَى مِنَ الْحَاسِنِ هُمْ مَا يُعَجِّرُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ مُبَارَاتِهِ، وَ تُقَصِّرُ عَنْهُ لَدَى مُجَارَاتِهِ؛ كَقَولِهِ :
كَأَنَّ الْقَلْبَ سَاعَةَ قِيلَ يُغْدَى *** بِلَيْلَى الْعَامِرِيَّةِ أَو يُرَاحُ
قَطَاةٌ عَزَّهَا شَرَكٌ فَبَاتَتْ *** تُجَاذِبُهُ وَ قَدْ عَلِقَ الْجَنَاحُ [173]
وَ هَذَا تَشْبِيهُ، مَا لَهُ فِي الْحُسْنِ مِنْ شَبِيءٍ، وَ فِي قَولِهِ: «علق «الجناح» إيغَالُ يَعْجَرُ عَنْ نَعتِ حُسنِهِ الْمُقَالُ وَ مَا رَأَيْنَا لِمُتَأَخِّرِكُمْ فِي خَفَقَانِ الْقَلْبِ إِلَّا قَولَهُ /B23/
فَقُلْتُ وَصْلُكَ عُرْسٌ ***وَالْقَلْبُ يَرْقُصُ فِيهِ [174]
وَنَحوَهُ مِمَّا لَا يُشْبِهُ ذَلِكَ وَ لَا يُدَانِيهِ، فَضْلًا مِنْ أَنْ يُعَادِلَهُ وَيُمَائِلَهُ. وَقَول
ص: 121
عَنْتَرَة [175] :
سَمَوتُ إِلَيْهَا وَالنُّجُومُ كَأَنَّهَا *** قَوَارِيرُ فِيهَا زِثْبَقٌ يَتَرَجْرَجُ [176]
وَأَحْسَنُ مَا سَمِعنَا لِتَأَخَّرِكُمْ فِي ذَلِكَ قَولَ المُعَرِّيٌّ [177] :
وَسُهَيْلٌ كَوَجْنَةِ الْحُبِّ فِي اللُّو *** نِ وَ قَلْبِ الْحِب فِي الْخَفَقَانِ [178]
وَ هُوَ وَ إِنْ كَانَ قَدْ أَحْسَنَ فِي الْجَمع بَينَ تَشْبِيهَيْنِ، وَلَكِنَّ بَيْتَ الْمُتَقَدِّمِ أَعْذَبُ تَشبِيهَا ، وَهُوَ مِنَ التَّسْبِيهِ المُرَكَبِ الَّذِي هُوَ أَعلَى رُتْبَةً مِنْ غَيْرِهِ.
إلَى غَيرِ ذَلِكَ مِنْ تَحَاسِنِهِمُ الَّتِي لَا تَتَنَاهَى.
***
وَ أَفَرَطَ جَمَاعَةٌ فِي التَّعَصُّبِ لَهُمْ حَتَّى زَعَمُوا الْحُسْنَ مَقْصُورًا عَلَى أَشْعَارِهِمْ، وَ الطَّرِيقَ مُنْحَصِرًا فِي أَتِّبَاعِ آثَارِهِمْ وَ جَوَّزُوا أَرْتِكَابَ مَا أَرْتَكَبُوهُ وَ إِنْ كَانَ قَبِيحًا وَ حَذَرُوا(1) عَنِ التَّعَدِي عَنْ مَذَاهِبِهِمْ فِي الشِّعرِ وَ إِنْ كَانَ مَلِيحًا.
وَ إِذَا نَظَمَ الْمُتَأَخِّرُ الْجِيدُ شِعْرًا يَسْتَمِلُ عَلَى النِّكَاتِ الطَّرِيفَةِ، وَ الْمُعَانِي الطَّرِيفَةِ؛ نَكَسَوا رُؤُوسَهُمْ مُعْرِضِينَ، وَ وَلُّوا مُدْبِرِينَ؛ كَأَنَّهُ جَاءَ بِأَعظَمِ الْجَرَائِرِ(2) ، أَو أَرْتَكَبَ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ.
وَإِذَا قَرَعَ أَسْمَاعَهُمْ بَيْتٌ مَا فِيهِ إِلَّا ذِكْرُ نَاقَةٍ أَو بَعِيرٍ، أَرْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالتَّهْلِيلِ وَ التَّكْبِيرِ: وَتَرَاهُمْ /A24/ عِنْدَ ذلِكَ وَقَدْ حَرَّكَ أَذْقَانَهُمُ الاسْتِحْسَانُ وَ
ص: 122
الاِسْتِجَادَةُ، وَأَكْثَرُوا مِنَ الْاِسْتِعَادَةِ حَتَّى كَأَنَّ النَّاقَةَ كَانَتْ لَهُمْ أُمَّا، وَالْفَصِيلَ أَخَّا وَ الْبَعِيرَ أَبا أو عَمَّا !! .
وَ إِذَا نُظِمَ إِلَيهِ لَفظُ الشَّبَح(1) وَ الْقَيْصُومِ ، أَو الْقِلَامِ وَالتَّنُّومِ، أَو كَانَ فِيهِ ذِكْرُ أَمْكِنَةٍ مَشُومَةٍ، وَ بِقَاعِ غَيرِ مَعْلُومَةٍ ؛ لَكَانَ عِنْدَهُمُ الْغَايَةُ فِي الْإِقَامَةِ بِعَمُودِ الشِّعْرِ، مُلْحَقًا بحَلَالِ السِّحْرِ.
فَهَؤُلَاءِ - أعَزَّكَ اللَّهُ - قَومٌ عَادَمُوا الْبَصِيرَةَ، وَ الْمَمتَأَخَّرُ الْجِيدُ مَعَهُمْ فِي حَيْرَةٍ؛ فَإِنْ نَظَمَ الشِّعْرَ مُسْتَمِلًا عَلَى المُمعَانِي الرَّشِيقَةِ، وَ الألفاظ الرَّقِيقَةِ مَنَحُوهُ الجَفَاءَ و الصُّدُودَ ، وَ رَمَوهُ بِفَارَقَةِ الْعَمُودِ؛ وَإِنْ سَلَكَ مَسْلَكَ الأَوَائِلِ، قَالُوا: إِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِطَائِلٍ؛ لأَنَّهُ أحْتَذَى عَلَى مِثَالِهِمْ، وَنَسَجَ عَلَى مِنوَالِهِمْ.
وَ الشَّاهِدُ عَلَى ذَلِكَ مَا جَرَى لِشَيْخِ الصَّنَاعَةِ، وَ إِمَامٍ أَرْبَابِ البَرَاعَةِ : الشَّيْخِ أَبِي تَمامِ [179] - ، فَإِنَّ الْقَومَ جَعَلُوهُ أَوَّلَ مَنْ أَفْسَدَ الشِّعْرَ بِالْبَدِيعِ وَفَارَقَ عَمُودَ الشِّعرِ وَ سَلَكَ غَيرَ مَذْهَبِ الْأَوَائِلِ: فَكَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا عَلَيْهِ مِثْلَ قَولِهِ :
السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الْكُتُبِ *** فِي حَدِّهِ الْحَدُّ بَيْنَ الْحِدٌ وَ اللَّعِبِ [180]
وَقَالُوا: إِنَّ فِي هَذَا الْبَيتِ قَبَائِحَ مِنهَا: حُسْنُ التَّجْنِيسِ النَّامَ بَيْنَ «الْحَد» وَ «الْحَدٌ»، وَ حُسنُ الطَّبَاقِ بَينَ «اللَّعِبِ» و «الْجِدٌ». وَقَدَّمُوا عَلَيْهِ أَحَدَ تَلَامِذَتِهِ [181] وَ المتطفلِينَ عَلَى مَائِدَتِهِ؛ وَ سَمَّوا شِعرَهُ بِسَلَاسِلِ الذَّهَبِ [182]، وَحَكَمُوا بِحُسنِ حَذَاقَتِهِ،
ص: 123
وَ فَرْطِ بَدَاوَتِهِ؛ /B24/ فَكَأَنَّهُمْ أَسْتَحْسَنُوا مِثْلَ قَولِهِ:
خَيَالٌ يَعْتَرِينِي فِي المَنَامِ *** لِسَكْرَى اللَّحْظِ فَاتِنَةِ الْقَوَامِ
لِعَلْوَةَ إِنَّهَا شَجَنٌ لِقَلْبِي *** وَ بَلْبَالٌ لِقَلْبِي المُسْتَهَامِ [183]
وَ مِثلَ قَولِهِ :
مُنَى النَّفْسِ فِي أَسْمَاءَ لَو تَسْتَطِيعُها *** بِهَا وَجْدُهَا مِنْ غَادَةٍ وَ وَلُوعُهَا [184]
إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ شِعْرِهِ الْبَدِيعِ، الَّذِي لَمْ تَشِنْهُ تَحَاسِنُ الْبَدِيعِ !.
وَ لَمَّا نَظَمَ الشَّيخُ أَرْجُوزَنَهُ الْمَعْرُوفَةَ الَّتِي أَوَّلُهَا:
وَعَاذِلٌ عَدَلْتُهُ فِي عَذْلِهِ *** فَظَنَّ أَنِّي جَاهِلٌ مِنْ جَهْلِهِ(1) [185]
وَ هِيَ أَرْجُوزَةٌ عَلَى مَسْلَكِ الْبَدَاوَةِ وَ مَا لَهَا فِي الْحُسْنِ مِنْ شَبِيءٍ، وَلَا يَحْسَبُهَا مَنْ لا يَعرِفُ قَائِلَهَا إِلَّا أَنَّهَا لِرُؤْبَة [18] أَو أَبِيهِ [187] وَلِهَذَا أَسْتَحْسَنَهَا أَبْنُ الأَعْرَابِيُّ [188] وَ كَتَبَهَا بِخَطِهِ، وَ لَمَّا فعلِ ابْنِ الْأَعْرَابِيٌّ بِمَا عَرَفتَ مِنْ أَنَّ مَا يُورِدُهُ الأَعْرَابِيُّ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ، أَحلَى
قِيلَ: إِنَّهَا لِأَبِي تَمامِ [189] مَزَّقَهَا. وَأَهْلُ الْعَمُودِ يَعْتَذِرُونَ عَنْ فَبِيحٍ فِي النُّفُوسِ. وَ الْقِصَّةُ قَدْ نَقَلَهَا [190] الآمِدِيُّ [19] وَ غَيْرُهُ [192].
وَ هَذَا عُقْبَيَ الْجَهلِ وَ ثَمَرَةُ التَّعَصُّبِ !.
وَ اللَّازِمُ مِنَ الْأَمْرَيْنِ سَدُّ بَابِ النَّظمِ عَلَى الْمُتَأَخَّرِينَ، وَجَعَلُ الشِّعرِ مِنْ خَصَائِصِ الْمُتَقَدِّمِينَ.
ص: 124
وَكُلُّ هَذَا تَفْرِيطٌ وَإِفْرَاطٌ ، وَ تَنَكَّبُ عَنْ مُستَقِيمٍ /A25/ السِّرَاطِ، وَالْجَادَّةُ وَسَطٌ بَينَ طَرَفَيْنِ، وَ أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ.
وَ الْحَقُّ إِنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ لمَّا كَانُوا هُمُ الْمُخْتَرِعُونَ لأَصْلِ الشُّعرِ وَ السَّابِقُونَ إِلَى مَعرِفَةِ قَوَافِيهِ وَ أَوزَانِهِ، وَ الْمَوْسُسُونَ لِعُمُدِ أَرْكَانِهِ - كَالْاِسْتِعَارَةِ وَالتَّشْبِيهِ وَالْجَازِ الْمُرْسَلِ - ، وَ مُعْظَمِ نِكَاتِهِ - كَالْكَلَامِ الْجَامِعِ وَ إِرسال المثلِ وَكَانُوا هُمُ الَّذِينَ قَسَّمُوهُ إِلَى فُصُولٍ وَ أَبْوَابِ كَالْمُدْحِ وَ الْهِجَاءِ وَ الْعِتَابِ - ؛ فَإِنَّ لَهُمْ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَيْسَ لِلْمُتَأَخَّرِ الْمُسْتَضِيءِ بِنُورِ نِبرَاسِهِمُ الْبَانِي عَلَى مُحكَمِ أَسَاسِهِمْ؛ إِذِ المُبدِعُ الْختَرعُ لِكُلِّ فَنِّ وَ صَنعَةٍ لَا يُقَاسُ فِي الفَضلِ بِالْحْتَذِي المتبع؛ وَ إِنْ أَحْسَنَ فِيهِ كُلَّ الْإِحْسَانِ، وَأَنْقَنَهُ غَايَةَ الْإِتقَانِ .
وَ ذَلِكَ وَاضِحٌ لَدَى مَنْ أَنْصَفَ مِن نَفْسِهِ، وَقَاسَ الشِّعْرَ إِلَى سَائِرِ أَنْوَاعِ جِنْسِهِ: فَإِنْ جَعَلَهُ مِنَ الصَّنَائِعِ(1) فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ صَبِيٍّ إِذَا زَاوَلَ الْخَطَّ مُدَّةً قَلِيلَةً يَكتُبُ مَا يَقُوقُ فِي الْحُسنِ عَلَى مَنِ اخْتَرَعَ فَنَّ الْكِتَابَةِ، وَ تَنَبَّهَ إِلَى أَنَّهُ يَتَمَكَّنُ الإِنسَانُ مِنْ أَنْ يُبَيِّنَ جَميعَ مَطَالِبِهِ وَ هُوَ فِي أَقْصَى الْأَندُلُسِ مَنْ هُوَ فِي أَقْصَى الصِّينِ، وَ يُخَاطِبَ مَنْ يَأْتِي بَعدَهُ بِآلَافٍ مِنَ السِّنِينَ؛ وَ اسْتَخدَمَ الْيَدَ فِيمَا هُوَ فَرِيضَةُ اللِّسَانِ، وَ اسْتَخدَمَ الْأَبْصَارَ فِيَا هُوَ فَرِيضَةُ الآذَانِ فَوَضَعَ لِذَلِكَ الْخَطَّ وَ اخْتَرَعَ الْقِرْطَاسَ، وَنَبَّهَ النَّاسَ
ص: 125
عَلَى صَنَاعَةِ الْأَنْقَاسِ.
فَهَلْ تَرَى مِنْ نَفْسِكَ أَنْ تُرَبِّحَ ذَلِكَ الصَّبِيَّ الْغَبِيَّ وَ مَنْ يَعْمَلُ الْحِبْرَ وَ الْقِرطَاسَ فِي هَذَا الزَّمَانِ، /25/ وَيُحْسِنَ فِيهِمَا غَايَةَ الإِحْسَانِ؛ عَلَى(1) ذَلِكَ الرَّجُلِ الْعَظِيمِ، وَ اخترع الحكيم ؟!.
وَكُلٌّ مَنْ يَصُوعُ مِنَ الذَّهَبِ فِي هَذَا الزَّمَانِ مَا يُحَيَّرُ الْأَلْبَابَ، فَهَلْ يُقَاسُ فِي الْفَضلِ بِمَنِ اخْتَرَعَ أَصْلَ الصِّيَاغَةِ وَ عَلَّمَ النَّاسَ سَبْكَهُ وَ تَخلِيصَهُ مِنَ التُّرَابِ ؟!.
وَ إِنْ جَعَلَهُ(2) مِنَ الْعُلُومِ فَإِنَّ مَنِ اشْتَغَلَ قَلِيلًا بِعِلم(3) الهيئةِ وَالرَّصَدِ يُحِيطُ بأكثر مَعْلُومَاتِ الْمُتَقَدِّمِينَ، بَلْ يَطَّلِعُ عَلَى أُمُورٍ كَانَتْ عِندَهُمْ يَجْهُولَةً، فَيَعْلَمُ حَرَكَةً أَوجِ الشَّمْس وَكَانَ يَطْلَمِيُوسُ [193) يَزْعَمُ أَنَّهُ سَاكِنُ وَيَعْلَمُ بِحَرَكَةِ الثَّوَابِتِ، وَكَانُوا قَبلَ أُبَرْخُسَ [194] جَاهِلِينَ بِهَا ..
وَصُنَّاعُ هَذَا الزَّمَانِ يَصْنَعُونَ مِنَ الآلآتِ الرَّصَدِيَّةِ مَا لَايُقَاسُ فِي الحُسن بِآلَاتِ المُتَقَدِّمِينَ.
فَهَلْ تَرَى أَنْ تُرَبِّحَ هَؤُلَاءِ عَلَى الْحُكَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ الَّذِينَ عَرَفُوا الْحَرَكَاتِ الْفَلَكِيَّةَ، وَضَبَطُوا مَقَادِيرَهَا بِالْبَرَاهِينِ الْهِنْدِسِيَّةِ وَ اخْتَرَعُوا لِذَلِكَ أَصْلَ صَنَاعَةِ الآلآتِ، وَوَضَعُوا لِأَجْلِهَا عِلْمَ تَسْطِيحَ الْكُرَاتِ؟!.
ص: 126
نَعَمْ كُلُّ مَنْ زَادَ فِي كُلِّ فَنِّ وَ صَنْعَةٍ زِيَادَةً حَسَنَةً، أَو رَفَعَ عَنْهُ نَقِيصَةً بَيْنَةً؛ فَإِنَّ لَهُ قدَارِ اخْتِرَاعِهِ الْفَضلَ عَلَى مَنْ تَأَخَّرَ عَنهُ، كَمَا أَنَّ لِلْمُتَقَدِّمِ الْفَضلَ عَلَيْهِ.
وَلِهَذَا يَصِحُ لَنَا أَنْ نَقُولَ: إِنَّ الْقَدَمَاءَ أَشْعَرُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ بِالْمُعنَى الَّذِي ذَكَرنَاهُ، لِلْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ وَ لَكِنَّ أَشْعَارَ الْمُتَأَخِّرِينَ، أَحْسَنُ وَأَكْمَلُ مِنْ أَشْعَارِ المُتَقَدِّمِينَ؛ لاشتمالها عَلَى /A26/ الْحَاسِنِ الَّتِي اخْتَرَعُوهَا، وَ ابْتَدَعُوهَا، وَ تَحَاسِنَ أُخَرَ ظَفَرَتْ بها الأفهام، عَلَى تَطَاوُلِ الأيّامِ وَ خُلُوهَا عَن الْقَبَائِحِ الَّتِي غَفَلَ عَنْهَا الْأَقْدَمُونَ إِذْ مَا زَالَ الْعُلَمَاءُ يُبالِغُونَ فِي تَحسِينِهِ وَ تَهْذِيبِهِ، وَيَسْعَونَ فِي دَفْعِ نَقَائِصِهِ وَ عُيُوبِهِ؛ حَتَّى تَمَكَّنَ الْمُتَأَخِّرُ مِنْ أَنْ يَنْظِمَ مَا لَا يُقَاسُ فِي الْحُسنِ بِنَظْمِ الْأَوَّلِينَ.
وَ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالشِّعْرِ؛ بَلْ كُلُّ فَنَّ وَ صَنْعَةٍ يَكُونُ أَوَّلُ اخْتِرَاعِهِ قَلِيلَ الْمَسَائِلِ، مُمْتَزِجًا حَقُّهُ بِالْبَاطِلِ : ثُمَّ يَتَهَذَّبُ بِتَلَاحُقِ الْأَفكَارِ، عَلَى كُرُورِ الْأَعْصَارِ. وَ الْحَالُ فِيهِ كَالْحَالِ فِي سَائِرِ الصَّنَائِعِ الَّتِي تُصْنَعُ فِي الأَعْصَارِ اللَّاحِقَةِ، فَإِنَّهَا لَا تُقَاسُ حُسْنًا بِمَا
صُنِعَتْ فِي الْقُرُونِ السَّابِقَةِ - كَالْمُسَاكِنِ وَ الْمَلَابِسِ وَ آلَاتِ الْمَعَاشِ وَ الْعُلُومِ -.
وَكَذَلِكَ الْعُلُومُ، مِنَ الطَّبْ وَاهْنْدَسَةِ وَالنُّجُومِ؛ فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا النَّاظِرُ وَ رَأَى أَنَّهَا كَيفَ تَهَذَّبَتْ مَسَائِلُهُ، وَ أُثْقِنَتْ دَلَائِلُهُ؛ وَكَيفَ حَصْحَصَ حَقَّهُ، وَ زَهَقَ بَاطِلُهُ: ثُمَّ رَأَى أَنَّ الشعرَ مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَينِ، وَ لَمْ يَجِدْ فَارِفًا فِي الْبَيْنِ: عَلِمَ أَنَّا قَدْ عَدَلْنَا فِي الْقَضِيَّةِ، وَ مَا عَدَلْنَا عَنِ الْحَقِّ لِدَاعِ الْعَصَبِيَّةِ.
وَ أَيضًا: حُسْنُ التَّشْبِيهِ وَ الْاِسْتِعَارَةِ وَ مَا شَابَهَهُما مِنَ الْمُعَانِي الشُّعْرِيَّةِ تَابِعٌ
ص: 127
لِقِدَارِ مَعْرِفَةِ الشَّاعِرِ وَاطْلَاعِهِ عَلَى الأَشْيَاءِ(1) ، فَكُلَّمَا أَتَّسَعَتْ مَعْلُومَاتُهُ، أَزْدَادَتْ فِي الْحُسْنِ وَالْكَثرَةِ تَشبِيهَاتُهُ وَ اسْتِعَارَاتُهُ(2).
وَ الْقَدَمَاءُ لما / B26 / كَانُوا أَهْلَ بَدَاوَةٍ وَضَنْكَ فِي الْمَعَاشِ، وَالْجَهْلِ بِمَا هُوَ مُتَعَارَفٌ عِندَ أَهْلِ المَدنِ مِنْ أَصْنَافِ الْأَشْيَاءِ؛ لَا جَرَمَ الْحَصَرَتْ تَشْبِيهَاتُهُمْ وَ اسْتِعَارَاتُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْ مَعَانِيهِمْ وَأَمْثَالِهِمْ وَ أَو صَافِهِمْ، بِمَا كَانَ مَوجُودًا فِي بَادِيَتِهِمْ وَ نَظَرَتْ إِلَيهِ أَبْصَارُهُمْ، وَ وَصَلَتْ إِلَيْهِ أَفَكَارُهُمْ وَلِهَذَا تَرَى فِي اللاميَّةِ الَّتِي عُلِّقَتْ لِحُسْنها فى الْكَعْبَةِ المُشرَّفَةِ [195] المُشبَّة: «بَعَرَ الصَّيرَان »، وَ المُشَبَّهَ بِهِ: «حَبُّ الفلفل (3)»[196] - بِقَافَيْنِ [197]، أَو فَاتَيْنِ(4) .
وَلَا تَرَى فِي أَشْعَارِهِمْ مِثلَ تَشبِيهَاتِ [198] ابْنِ الرُّومِيّ [199] وَ ابْنِ الْمُعْتَزَ [ 200] لا لِقُصُورِ أَفْهَامِهِمْ عَنْ دَرْكِ وَجْهِ التَّشْبِيهِ، بَلْ لِعَدَمِ أَطْلَاعِهِمْ عَلَى مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ رُكنيه. وَ الشَّاعِرُ بمَا هُوَ شَاعِرٌ لا يُكَلَّفُ إِلَّا بِأَنْ يُحَسِّنَ تَشْبِيهَ مَا يَرَاهُ، وَ يَخْتَارَ لَهُ أَحْسَنَ مَا يَبْلُغُهُ فَهُمُهُ وَ يُحِيطُ بِهِ عِلْمُهُ وَ أَمَّا تَشبِيهُ أَشْيَاءَ لَمْ يَقَعْ نَظَرُهُ عَلَيْهَا، أَوِ
ص: 128
التَّسْبِيهُ بِأُمُورٍ لَمْ يَبْلُغَ عِلْمُهُ إِلَيْهَا، فَيا لَيسَ فِي وُسْعِهِ(1)، وَ لَا يُلَامُ عَلَى تَرْكِهِ.
وَ أَيُّ ذَنْبٍ لِلْأَعْرَابِيِّ الَّذِي لَمْ يَرَ الْأَذَرْبُونَ مُدَّةَ عُمرِهِ، وَلَا مَدَاهِنَ الْفِضَّةِ طُول دَهْرِهِ أَنْ لَا يَقُول فِيهِ مُشَبها:
مَداهِنُ مِنْ فِضَّةٍ *** فِيهَا بَقَايَا غَالِيَة [201]
وَأَيُّ فَضْلٍ لِلْأُرْجَانِيّ [202] فِي قَصِيدَتِهِ الْبَدِيعِيَّةِ الَّتِي وَصَفَ فِيهَا الشَّمْعَةَ [203] عَلَى الْبَدَوِي الَّذِي سَكَنَ الدَّهْنَاءَ ، وَ لَم يَعْرِفْ مَا يُستَضَاءُ بِهِ فِي اللَّيْلِ غَيْرَ نُجُومِ السَّماءِ؟! / 27 / نَعَمْ لَهُ الْفَضلُ عَلَى مَنْ عَجَزَ عَنْ مِثلِ قَصِيدَتِهِ مِنْ سَكَنَةِ الأَمْصَارِ، لَاسُكَانِ الْبَوَادِي وَ القِفَارِ .
وَهَذَا مَقَامَ آخَرَ تُنْصِفُ فِيهِ الْمُتَقَدِّمِينَ، بَلْ تَنتَصِفُ لَهُمْ مِنَ المتأخّرِينَ، وَنَقُولُ: إِنَّا لَو لَا حَظْنَا مَا اخْتَرَعَهُ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُعَانِي الدَّقِيقَةِ وَالتَّشْبِيهَاتِ، وَالْاِسْتِعَارَاتِ وَ الْكِنَايَاتِ: وَنَسَبْنَاهَا إِلَى مَعلُومَاتِهِمْ، وَ لَاحَظْنَا تَصَرُّفَاتِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَنَسَبْنَاهَا إِلَى مَعْلُومَاتِهِمْ وَجَدْنَا الْمُتَقَدِّمِينَ أَكْثَرَ مَعَانِيَّا، وَأَحْسَنَ تَصَرُّفا. وَ هَذِهِ أَشْعَارُهُمْ مَشْحُونَةٌ بِمَحَاسِنِ المَعَانِي فِي كُلِّ بَابٍ مِنَ الشِّعْرِ وَ فِي كُلِّ مَقَامِ، لَا تُبْلِي جِدَّتَهَا الْأَيَّامُ.
وَ بِهَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ ظَهَرَتْ لَكَ صِحَّةُ مَا أَدْعَيْنَاهُ مِنْ أَنَّ أَشْعَارَ المُتَأَخَّرِينَ أَحْسَنُ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَ اتَّضَحَ(2) بِمَا مَرَّ أَنَّ الْفَضْلَ لِلْمُتَقَدِّمِ، حَتَّى فِمَا صَنَعَ الْمُتَأَخَّرُ.
وَ هَذِهِ الْحُكُومَةُ لَا تَختَصُّ بِالشِّعْر بَلْ هِيَ الْفَضْلُ فِي كُلِّ فَنَّ وَصَنْعَةٍ. وَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِهِمَا، أَنْ يَعْتَرِفَ بِالْفَضلِ لِلْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ فِيهِمَا.
ص: 129
وَكَذَلِكَ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَحْسَنَ فَنَّا وَصَنْعَةً أَنْ يَجْعَلَ مُعْظَمَ إِطْرَائِهِ، وَعُمْدَةَ تَنَائِهِ: لَمَنْ لَهُ الْاِخْتِرَاعُ، وَلَا يُمْدَحُ الْمُحْتَذِي إِلَّا بِحُسْنِ الْعَمَلِ وَجَودَةِ الْإِنْبَاعِ، وَهَذَا مما جُبِلَتْ عَلَيهِ الطَّبَاعُ فَإِنَّ مَنْ رَأَى آلَةَ السَّاعَةِ، أَطْرَى بِالثَّنَاءِ عَلَى مُخْتَرعِ تِلْكَ الصَّنَاعَةِ، وَلَا يَلْتَفِتُ ذِهْنُهُ إِلَى صَانِعِهَا إِلَّا بَعْدَ سَاعَةٍ. وَلَكِنْ هَلْ /B27/ تُرَاهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدَهَا يَتْرُكُ مَا يَصْنَعُهُ الْمُتَأَخِّرُونَ - وَ هِيَ أَحْسَنُ مَا يَكُونُ فِي الشَّكْلِ، وَأَثْقَنُ مَا يَكُونُ فِي الضَّبْطِ، وَأَصْغَرُ مَا يَكُونُ فِي الْحَجْمِ، حَتَّى أَنَّ مِنهَا مَا يُجْعَلُ مَكَانَ الْفَصِّ مِنَ الْخَاتَمِ ! - وَ يَشْتَرِيَ مَا صَنَعَهُ الْأَوَّلُونَ - وَ هِيَ فِيمَا بَلَغَنَا كَانَتْ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى سَبْعَمِأَة جُزْءٍ، وَكَانَ صَاحِبُهَا يُخْلِي لَهَا بَيْنا مِنْ بُيُوتِ الدَّارِ! - : هَذَا مِمَّا لَا يَرْتَكِبُهُ عَاقِلُ أَبَدًا.
وَهُنَا أَمْرُ آخَرُ: وَ هُوَ: إِنَّ الشِّعْرَ المُسْتَحْسَنَ الْمَرغُوبَ فِيهِ عِنْدَ كُلِّ قَومٍ هُوَ مَا نَاسَبَ طِبَاعَهُمْ، وَكَانَ مُوَافِقًا لِلقَاصِدِهِمْ وَأَغْرَاضِهِم وَلِهَذَا نَرَى كَثِيرًا مِنْ شِعرٍ الْعَرَبِ غَيْرَ مُسْتَحْسَنِ لَدَى الْفُرْسِ، وَبِالْعَكسِ إِلَّا مَا تَوَافَقَتْ عَلَيهِ طِبَاعُ الْفَرِيقَيْنِ، وَ لَمْ تَختَلِفْ فِيهِ أَعْرَاضُ الطَّائِفَتَيْنِ. وَقَدْ عُرِضَ عَلَيْنَا أَحْسَنُ شِعرِ شِكْسْبِيه [204] - وَ هُوَ أَشْهَرُ شُعَرَاءِ أَرُوبًا ، فَوَجَدْنَا أَكْثَرَ مَعَانِيهِ وَ تَشبيهَاتِهِ مُسْتَهْجَنَّةً لَدَيْنَا. وَلَا شَكَ أَنَّ مَا اسْتُحْسِنَ عِندَ أَهْلِ الْبَادِيَةِ سَمِجٌ عِندَ سَكَنَةِ الْأَمْصَارِ، وَ أَنَّ الطَّبَاعَ قَدِ اخْتَلَفَتْ بِاخْتِلَافِ الأَعْصَارِ؛ فَقَدِ انْقَضَتْ دَولَهُ الرَّنْدِ وَ الْعَرَارِ، وَ جَاءَتْ دَولَةً الْوَردِ وَ الْبَهَارِ ، وَ مَضَى زَمَانُ الشَّيْحَ وَالْأَيْقَانِ ، وَ جَاءَ زَمَانُ النَّسِرِينِ وَ السَّوسَانِ. وَقَدْ مَضَى الزَّمَانُ الَّذِي كَانَ فِيهِ صَيْدُ الْيَرْبُوعِ مَحْبُوبًا لَدَى الشُّعَرَاءِ، كَمَا
ص: 130
تمنى الرَّاجِزُ في قوله /A28/ - شِعرًا: -
أُحِبُّ أَنْ أَصْطَادَ ضَبًّا سَحْبَلًا *** رَعَى الرَّبِيعَ وَالشّتَاءَ أَرْمَلًا [205]
وَكَانَ يُعَدُّ مِنَ الْمُفَاخِرِ وَالْفَضَائِلِ، حَتَّى افْتَخَرَ بِهِ الْقَائِلُ - شِعْرًا: -
وَإِنِّي لَأَصْطَادُ الْيَرَابِيعَ كُلَّهَا *** شِفَارِيَّهَا وَالتَّدْمُرِي المَقَصَّعَا [206]
وَلَا عَتُبَ عَلَى هَذَا الْقَائِلِ ، لأَنَّهُ قَدِ افْتَخَرَ بِمَا كَانَ مَعْدُودًا عِنْدَ قَومِهِ مِنَ الفَضَائِلِ: وَ لَكِنْ هَلْ تَرَى لِلْحَضَرِيٌّ الَّذِي لَا يَرْغَبُ فِي الْيَرْبُوعِ وَيَعَافُ لَحْمَهُ، أَنْ يَصْبُوَ نَحْوَهُ وَ يَحْذُو فِي الشِّعْرِ حَذْوَهُ؟!.
نَعَمْ الْعَتْبُ - بَلِ اللُّؤْمُ - عَلَى مُتَنَكِّبِ سَهْلِ الشَّعْرِ وَ السَّالِكَ حُزُونَهُ ، أَعْنِي فَرْعَ الشَّجَرَةِ المُلْعُونَةِ؛ حَيثُ يَقُولُ:
فَمَا الْعَيْشُ إِلَّا الصَّبُّ يَحْرِشُهُ الْفَتَى *** وَ وِرْدٍ بِمُسْتَنَّ الْيَرَابِيعِ أَكْدَرُ [207]
وَلَا حُمْقَ أَبْيَنُ مِنْ حُمْقٍ شَاعِرٍ [208] وُلِدَ فِي بِلَادِ خُرَاسَانَ، وَ مَنَابِتِ الزَّعْفِرَانِ: وَ هِيَ مِنْ أَبْعَدِ الْبِلَادِ مِنْ مَنَابِتِ الشَّيْحِ وَ الْعُلْجَانِ ، ثُمَّ سَكَنَ ضَرَّةَ رِيَاضِ الْحِنَانِ: أَصْبَهَانَ [209] - وَهِيَ كَمَا قَالَ أَبُو نُوَاس [210]
بِلَادًا بَاعَدَ الرَّحْمَ *** نَ عَنْهَا الطَّلْحَ وَالْعُشْرَا
وَ لَمْ يَجْعَلْ مَصَابِدَهَا *** يَرَابِيعًا وَلَا وَحَرَا [211]۔
وَهَذَا الصَّقِيعُ مِنْ دَبِّ [212) إِلَى شَبِّ، لَمْ تَقَعْ عَينُهُ عَلَى يَرْبُوعٍ أَو ضَبِّ، ثُمَّ يَرَى الاحْتِرَاشَ وَ وِرْدَ مَا وَصَفَهُ أَرْفَعَ الْمُعَاشِ. ثُمَّ مَا كَفَّتْهُ لَونَتُهُ وَعُنْجُهِيَّتُهُ /B28/ حَتَّى قَرَنَهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْجَهْلِ الَّذِي هُوَ شِيمَتُهُ: إِذْ قَالَ بَعدَ ذَلِكَ : - شعر -
ص: 131
يحَيْثُ يَلُفُ المَرْءُ أَطْنَابَ بَيْتِهِ *** عَلَى الْعِزَّ وَ الْكُومُ المُرَاسِيلُ تُنْحَرُ [213]
و مَا دَرَى أَنَّ الْاِحْتِرَاشَ كَانَ دَأْبُ صَعَالِيكِ الْعَرَبِ، وَكَانَ مِمَّا يُعَيَّرُ بِهِ بَنُوتَمِيمٍ كَمَا قَالَ أَبُونُوَاسٍ:
إِذَا مَا تَمِيمِيُّ أَتَاكَ مُفَخَّرًا *** فَقُلْ عُدَّ عَنْ ذَا كَيْفَ أَكْلُكَ لِلضَّب [214]
وَكَانَتْ نِسَاتُهُمْ تَضْحَكُ مِنهُ؛ كَمَا قَالَ:
تَضْحَكُ مِنِّي أَنْ رَأَتْنِي أَحْتَرِشُ *** وَلَو حَرِشْتُ لَكَشَفْتُ عَنْ حِرِسُ [215]
وَ مَنْ لَفَّ أَطْنَابَ بَيْتِهِ عَلَى الْعِزَّ وَنَخَرَ الْكُومَ المُرَاسِيلَ مَا لَهُ وَلِلْاخْتِرَاشِ؟!.
وَ هَذَا الشَّاعِرُ دَأَبُهُ تَركُ المَعَانِي وَ خِدْمَةُ الْأَلْفَاظِ ، وَ التَّأَمِّي بِقَومٍ فِظَاظٍ(1) غِلَاظٌ وَهُوَ مَعَ أَنَّهُ كَانَ فِي عَصْرٍ غَلَبَتْ عَلَى الْأَلْفَاظِ المَعَانِي، وَجَادَ مِثلُ الْغَزِّيِّ [216] وَالقَاضِي الْأُرْجَانِي [217] لَا تَلْمَحُ الْعَينُ فِي أَبْيَاتِهِ مَعْنًى يُسْتَمْلَحُ، وَلَا يَطْرِفُ الطَّرْفُ مَعنًى يُسْتَطْرَفُ : بَلْ يَرَى مَعَانِ مَبْذُولَةً فِي ضِمْنِ أَلْفَاظٍ مَهُولَةٍ !..
وَ غَايَةُ اخْتِرَاعِهِ وَ قُصَارَاهُ وَ مُنتَهَى ابْتِدَاعِهِ وَ حُمَادَاهُ ؛ قَولُهُ - وَ هُوَ مِمَّا اخْتَارَهُ [21] أَبْنُ خَلَّكَانَ [219] مِنْ شِعرِهِ - :
وَقَفْنَا بِنُعْمَانَ الْأَرَاكَ وِ لِلنَّدَى *** سَقِيطٌ بِهِ ابْتَلَّتْ عَلَيْنَا الْمُطَارِفُ [220]
29 A/ إِلَى أَنْ قَالَ:
وَقَفْتُ بِهِ وَالدَّمْعُ أَكْثَرُهُ دَمٌ *** كَأَنِّي مِنْ عَيْنِي بِنُعْمَانَ رَاعِفُ [221]
ص: 132
وَلَا أَدْرِي مَا أَعْجَبَهُ مِنْ تَبَلُّلِ الملابس بِسَقِيطِ الطل حَتَّى طَفِقَ يُكَرِّرُهُ فِي شِعْرِهِ، فَقَالَ:
وَ ظِبَاءٍ مِنْ بَنِي اسدِ *** بهَوَاهَا الْقَلْبُ مَتُبُولُ [ 222]
إِلَى أَنْ قَالَ:
وَتَعَانَقْنَا وَ مِعْجَرُهَا *** بِسَقِيطِ الطَّلِّ مَبْلُولُ [223]
وَ بَعْدُهُ بَيْتُ لَا تَحِلُّ رِوَايَتُهُ إِلَّا لِمَنِ اسْتَصْحَبَ مَا بَيْنَ الدَّفَتَينِ، وَ أَكْثَرَ مِنْ تِلَاوَةِ المعوَّذَتَيْنِ وَ هُوَ قَولُهُ:
وَدَنَا نَحْوِي أَبو حَنَشٍ ***مَاجِدٌ فِي بَاعِهِ طُولُ [224]
وَ لَا أَظُنُّ أَبَا حَنَشٍ إِلَّا أَحَدَ شُيُوخِ الْحِنِّ، وَ الْمَعْرُوفُ إِنَّهُمْ يَحْضُرُونَ عِنْدَ ذِكْرِ أَسْمائِهِمْ!!.
ثُمَّ إِنَّهُ كَثِيرًا مَّا يُعَارِضُ الشَّرِيفَ الرَّضِيَّ [225] فِي قَصَائِدِهِ، وَ يُقَابِلُ بِرَخِيصٍ تَخْشَلَبِهِ غَوَالِيَ فَرَائِدِهِ؛ مِنهَا المُقْطُوعَةُ الَّتِي أَوَّهَا:
أُحِبُّكَ مَا أَقَامَ مِنْ وَجَمْعٌ *** وَمَا أَرْسَى بِمَكَّةَ أَخْشَبَاهَا [226]
فَإِنَّهُ عَارَضَهَا بِمَقْطُوعَةٍ لَهُ أَوَّهَا:
هِيَ الْجُرْعَاءُ صَادِيَةٌ رُبَاهَا *** فَزُرْهَا يَا هُذَيْمُ أمَا تَرَاهَا [227]
وَ مَنْ تَأَمَّلَهُمَا عَرَفَ الْغَنَّ مِنَ السَّمِينِ، وَاللُّجَيْنَ مِنَ اللَّجِينِ . نَعَمْ لَهُ فِيهَا بَيْتُ تَعْلَمُ عَجْزَ الشَّرِيفِ عَنْ نَظْمِهِ، وَ هُوَ قَولُهُ:
أَظُنُّ الخَمْرَ رِيقَتهَا وَظَنّي ***تُحقِّقُهُ إِذَا قَبَّلْتَ فَاهَا [228]
ص: 133
/B29/ وَ هَذِهِ قِيَادَةٌ، تَشُوبُهَا دِيَاثَةٌ لَا حَالَةَ، وَلَا يَحْسُنُ هَذَينِ الْفَنَّيْنِ إِلَّا مَنْ وَرِثَهُمَا عَنْ كَلَالِهِ(1). وَحَاشَا الْغَيْرَةِ الْهَاشِيمِيَّةِ، وَ النَّخْوَةِ الْعَلَوِيَّةِ، مِنْ أَنْ تَرْضَى يمثل هذه الدنية.
ثُمَّ لَا يَخْفَى عَلَى النَّاظِرِ، فِي دِيوَانِ هَذَا الشَّاعِرِ: أَنَّ كَثِيرًا مِنْ مَحَاسِنِ شُعَرَاءِ عَصْرِهِ، قَدْ دَخَلَ فِي عِدَادِ شِعْرِهِ؛ كَالْقَصِيدَةِ الَّتِي أَوَّهَا:
أَمِطْ عَن الدُّرَرِ الزُّهْرِ الْبَوَاقِينَا *** وَاجْعَلْ لِحَج تَلاقِينَا مَوَاقِينَا [ 229]
وَ هِيَ مِنْ أَشْهَرِ شِعْرِ مُعَاصِرِهِ الْغَزّيّ [230]. وَ مِثْلُ اللَّامِيَّةِ الَّتِي أَوَّلُها:
إنْ لَم أَمَتْ بِاللَّحْظَ قَالَ الْعُدَّلُ *** مَا قِيمَةُ السَّيْفِ الَّذِي لَا يَقْتُلُ [231]
وَ هَذَا الْبَيْتُ - كَمَا تَرَاهُ - قَدْ سُقٍ بِمِيَاهِ الْحَضَارَةِ وَ لَعِبَتْ بِهِ نَسَمَاتُ الْأَرْيَافِ فَكَيْفَ يَصْدُرُ عَنْ طَبْع مُتَعَجْرِفٍ جَافٌ [232]؟!.
هَذَا؛ وَقَدْ جَرَى الْقَلَمُ فِي هَذَا الْمَيْدَانِ عَلَى خِلَافِ مَا تُحِبُّ مِنْ إِفْشَاءِ الْمَنَاقِبِ، وَ سَتْرِ مَا لِلرِّجَالِ مِنَ الْمُثَالِبِ. وَلَكِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ أَحَاطَتْ بِحَسَنَاتِهِ سَيِّئَاتُهُ، وَقَلَّتْ إِصَابَاتُهُ، وَكَثُرَتْ عَتَرَاتُهُ؛ وَكَانَ أَحَدَ رُؤَسَاءِ الْمُتَعَجْرِفِينَ ، وَ مَنْ يَتَعَصَّبُ لَهُ عِصَابَةٌ الْعَمُودِيِّينَ. فَمَا عَلَيْنَا مِنْ جُنَاحٍ ، أَنْ تُبْصِرَهُمْ وَسْمَهُ فِي الْقِدَاحِ . وَمَعَ ذَلِكَ كَانَتْ فِي النَّفْسِ مِنهُ أَشْيَاءُ لَمْ أَجِدْ مِنْ بَنَّهَا بُدَّا ، وَ اعْتَلَجَتْ فِي الصَّدْرِ أُمُورٌ لَمْ أَسْتَطِعْ لَهَا رَدًّا.
وَلِلرَّجُلِ مَعَ ذَلِكَ شِعْرٌ مُتَوَسِّطٌ لَا يُنْكَرُ، بَلْ بَعْضُ تَحَاسِنَ هِيَ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ تُذكَرَ.
ص: 134
وَهُوَ مِنَ الْعَارِفِينَ بِذَاهِبِ /A30/ الْبِدَاوَةِ، وَ قَدْ يُوجَدُ فِي شِعْرِهِ حَلَاوَةٌ، وَ يَلُوحُ عَلَيْهَا طَلَاوَةٌ .
وَ كَانَ عِنْدَهُمْ عُودُ الْأَرَاكِ(1) مِنْ أَحْسَنِ الْهُدَايَا، وَ أَعْظَمِ الْعَطَايَا: وَلِهَذَا قَالَ الْحِمَاسِيُّ:
تَخَيَّرْتُ مِنْ نُعْمَانَ عُودَ أَرَاكَةِ *** هِنْدِ وَلَكِنْ مَنْ يُبَلِّغُهُ هِنْدَ [233]
وَ مَا أَهْدَاهُ هَذَا الصُّعْلُوكُ إِلَى حَظِيَّتِهِ (2) لَا يَرْضَى أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ هَذَا الزَّمَانِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى سَائِلِ أو يُعْطِيَهُ الجَارِيَتِهِ !.
وَكَانَ عِنْدَهُمُ التَّسْبِيهُ بِالْكَلْبِ وَ التَّيْسِ وَنَحْوِهِ حَسَنًا، كَمَا قَالَ أَحَدُهُمْ - شِعرًا -:
أَنْتَ كَالْكَلْبِ فِي حِفَاظِكَ لِلْوُ *** وَكَالتِّيسِ فِي نِطَاحِ الْقُرُومِ [234]
وَ لَو مَدَحَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعَصرِ بِمثلِ هَذَا الشِّعرِ لَكَانَتْ جَائِزَتُهُ تَتْفَ السَّبَالِ وَ الصَّفْحَ بِالنِّعَالِ.
و بالجُمْلَةِ لَاشَكٍّ عِنْدَ كُلِّ عَاقِلٍ أَنَّ الْكَلَامَ لَابُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى مُقْتَضَى الزَّمَانِ وَ طِبَاعِ أَهْلِهِ، وَ لَاصَقَاعَةَ أَبْيَنُ مِنْ أَنْ يَتَأَمَّى شَاعِرٌ مِنْ أَهْلِ هَذَا الزَّمَانِ، وَ سَكَنَةِ
ص: 135
الْبُلْدَانِ؛ بِأَعْرَابِيِّ جَاهِلٍ نَشَأَ فِي قَفْرٍ مَاحِلٍ ، وَ رُبِّي فِي عَيْشٍ قَاحِلٍ .
النَّظْمُ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ مَعَ احْتِيَاجِهِ إِلَى رِقَةِ الطَّبْعِ، وَ حِدَّةِ الذِّهْنِ: وَكَثْرَةِ التَّصَرُّفِ، وَقِلَّةِ التَّعَجْرُفِ : يَتَوَقَّفُ عَلَى إِثْقَانِ عُلُومِ الْبَلَاغَةِ وَ الْإِطْلَاعِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ مَسَائِلِ الْعُلُومِ، لِيَتَمَكَّنَ مِنَ التَّوجِيهِ /B30/ وَ الْعَقْدِ وَ الْاِقْتِبَاسِ وَغَيرِ ذَلِكَ.
ثُمَّ إِنَّ التَّورِيَةَ مِنْ أَعْظَمِ نِكَاتِ الْبَدِيعِ، وَ قَدْ وَلِعَ بِهَا الْمُتَأَخِّرُونَ، حَتَّى أَنَّ أَكْثَرَ شُعَرَاءِ الْقَرْنِ السَّابِعِ وَ الثَّامِنِ اقْتَصَرُوا مِنْ جَمِيعِ فُنُونِ الْبَدِيعِ عَلَيْهَا، وَ مَا سَمَتْ أَنْفُسُهُمْ إِلَّا إِلَيْهَا. فَمَا أَجْرَوا جِيَادَ الْفِكْرِ(1) فِي غَيْرِ حَلَبَاتِهَا ، وَ مَا حَلِيَ فِي أَذْوَاقِهِمْ غَيرُ نَبَاتِهَا، وَ مَا رَتَّلُوا فِي آنَاءِ اللَّيْلِ وَ أَطْرَافِ النَّهَارِ غَيْرَ آيَاتِهَا.
وَ أَحْسَنُ أَقْسَامِهَا مَا وَقَعَتِ التَّورِيَةُ فِيهَا بِأَلْفَاظِ مَسَائِلِ الْعُلُومِ، وَ أَنْظُمَّ إِلَيْهَا التَّوجِيهُ وَالْاِقْتِبَاسُ وَنَحوُهُمَا، هَذَا عَلَى صُعُوبَتِهَا فِي نَفْسِهَا. وَهُوَ كَمَا قَالَ الصَّفَدِيُّ [235] فِيهَا وَ فِي الْاِسْتِخْدَامٍ: «كُلّ مِنْهُمَا نَادِرُ الْوُقُوع، مُلْحَقِّ بِالْمُسْتَحِيل الممنوع - شعر -:
نَوعٌ يَشُقُّ عَلَى الْغَبِيِّ وُقُوعُهُ *** مِنْ أَيِّ بَابٍ جَاءَ يَغْدُو مُقَفَّلًا (236]
وَلَا يَفْرَعُ هَضْبَتَهُ فَارِعٌ، وَلَا يَقْرَعُ بَابَهُ قَارِحٌ إِلَّا مَنْ تَنْحُوا(2) الْبَلَاغَةُ نَحوَهُ فِي
ص: 136
الْخِطَابِ، وَ تَجْرِي رِيحُهَا بِأَمْرِهِ رَخَاءً حَيْثُ أَصَابَ(1) »[237) إِنْتَهَى.
وَلَمَّا رَأَى أَهْلُ الْعَمُودِ تَوَقَّفَ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ عَلَى عَدَدٍ وَافٍ مِنَ الْمَعْلُومِ وَأَكْفُهُمْ مِنهَا صَفْرٌ، وَ عَلَى رِفةِ الطَّبْعِ وَطِبَاعُهُمْ كَأَنَّهَا قُدَّتْ مِنْ صَخْرٍ : أَسْتَصْعَبُوا ذَلِكَ، وَ رَاثوا(2) أَنْفُسَهُمْ أَنَّهَا لَيسَتْ هُنَالِكَ. قَالُوا إِلَى ِإقَامَةِ مَا زَعَمُوهُ الْعَمُودَ، فَأَحْيَوا مِنْهُ الرُّسُومَ الْعَافِيَةَ ، لَا لِلْجَهْلِ بِالْحَقِّ بَلْ طَلَبًا لِلرَّاحَةِ وَ الْعَافِيَةِ ..
وَ اعْتَذَرُوا عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ /A31/ خَيْرَ الشِّعْرِ مَا أَشْبَهَ شِعْرَ الْأَوَائِلِ، وَ أَنَّ تَركَ الْعَرَبِ لِذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَيسَ تَحْتَهُ طَائِلٌ وَجَعَلُوا أَحْسَنَ الشَّعرِ مَا كَانَ فِيهِ طَلَاوَةٌ، وَجَعَلُوا الطَّلَاوَةَ مُنْحَصِرَةً بِمَسْلَكِ الْبَدَاوَةِ. وَ مَا هِيَ عِنْدَهُمْ إِلَّا عِدَّةُ أَسْمَاءٍ وَ صِفَاتٍ لِلنَّاقَةِ - كَشِمِلَّةٍ ، وَ زَيَّافَةٍ، وَعِيرَانَةٍ(3) - ، وَ عِدَّةٌ مِنْ أَسْمَاءِ نَبَاتَاتِ الْبَرِّ وَ حَيَوَانَاتِهَا، وَ أَعْلَامِ أَمْكِنَةِ الْعَرَبِ وَ دِيَارَاتِهَا، وَحَظَّرُوا الصَّنَابِعَ الْعِلْمِيَّةَ، وَ مَنْعُوا مِنَ المُعَانِي إِلَّا مَا كَانَتْ عُرْفِيَّةً عَامِّيَّةً. وَ عَلَى هَذَا يَسْهُلُ النَّظْمُ عَلَى عَمُودِ الشِّعْرِ، إِذْكُلُّ مَنْ حَفِظَ عِدَّةَ كَلِمَاتٍ لُغَوِيَّةٍ، يَتَمَكَّنُ أَنْ يَقُولَ مِنْ غَيْرِ فِكْرَةٍ وَ رَوِيَّةٍ - شِعْرٌ -:
كَمْ عَنْتَرِيسٍ لِي بِشَرْقِ الْحَمَى *** غَادَرْتُهَا بِالدَّوِّ تَرْعَى أَعْخَعَا [238]
وَلَازِمُ مَذْهَبِهِمْ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْبَيتُ عَامِرًا بِفُنُونِ الْحَاسِنِ خَالِيًا عَنِ الْعُيُوبِ، إِذْ فِيهِ أَكْثَرُ الْأُمُورِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَ مَا حَطَّتْ - وَ الْحَمدُ لِلَّهِ! - مِنْ قَدْرِهِ الرَّفِيعِ، صِنَاعَةٌ
ص: 137
بَدِيعِيَّةٌ وَ لَا مَعْنًى بَدِيعٌ.
ثُمَّ مَا كَفَاهُمْ عَارُ الْجَهْلِ حَتَّى قَرَنُوا إِلَيْهِ حَسَدَ أَرْبَابِ الْفَضلِ، وَأَكْثَرُوا مِنَ الطَّعْنِ عَلَى أَرْبَابِ الْمَعَانِي وَ النِّكَاتِ وَ قَالُوا: لَا نُسَمِّيكُمْ شُعَرَاءَ، لأَنَّ أَشْعَارَكُمْ غَيْرُ شَبِيبَةٍ بِأَشْعَارِهِمْ، وَ مَقَاصِدَكُمْ غَيْرُ مَقَاصِدِهِمْ فَإِنْ شِئْتُمْ سَمَّيْنَاكُمْ حُكَمَاءَ وَ فَلَاسِفَةٌ وَ مُتَصَنِّعِينَ، لَا شُعَرَاءَ مُفْلِقِينَ.
وَجَمِيعُ ذَلِكَ - أَعَزَّكَ اللَّهُ - وَ إِنْ أَطَالُوا فِي بَيَانِهِ فَإِنَّهُ لَيسَ تَحْتَهُ طَائِلٌ، وَهُوَ كَلَامُ جَاهِلٍ /B31/ أو مُتَجَاهِلِ: إِذِ الْكَلَامُ فِي حُسْنِ هَذَا الْمُسْلَكِ قَدْ تَقَدَّمَ وَفَرَغْنَا عَنْ بَيَانِهِ. وَ هَذِهِ صَقَاعَةٌ أُخْرَى قَدْ زَادُوهَا، وَرَفَاعَةٌ(1) جَدِيدَةٌ أَظْهَرُوهَا، وَكَانَ الأولى لهُمْ أَنْ يُخْفُوهَا، وَ مُلَخَّصُهَا لُزُومُ التَّأَمِّي بِهَؤُلَاءِ فِي تَرْكِ الْحَاسِنِ مَعَ الْاِعْتِرَافِ بِحُسْنِهَا. وَ هَذَا الْمُنَفَّلُ الْمِسْكِينُ أَوجَبَ التَّأَنِّي بِأَجْلَافٍ جَاهِلِينَ، بِحَدِّ لا يَقُولُ أَحَدٌ بِاسْتِحْبَابِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إِذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ - فِيمَا أَعْلَمُ - : إِنَّهُ يَكْرَهُ أَكْلَ الْقُطَافَةِ وَالْكِتَافَةَ ، وَإِنْ كَانَتَا فِي غَايَةِ اللَّطَافَةِ، لأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ - لَمْ يَأْكُلْهَا : أَو إِنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَرْكُ لَبْسِ الْفَرْهِ فِي الشّتَاءِ وَ الكَتَّانِ فِي الصَّيْفِ، وَ الْاِقْتِصَارُ فِي آلَاتِ الْحَرْبِ عَلَى الرُّحُ وَ الشَّيفِ وَ نَحوُ ذَلِكَ. هَذَا مَعَ مَا وَرَدَ مِنَ الْحَتْ عَلَى التَّأَنِّي بِهِ فِي حِكَمِ الْفُرْقَانِ، وَأَيَّدَهُ صَحِيحُ الْاِعْتِبَارِ وَأَوضَحُ البُرْهَانِ.
ثُمَّ إِنَّهُ لَا أَدْرِي لِمَ خَصُّوا الشِّعْرَ بِهَذِهِ المُنقَبَةِ، وَ أَو جَبُوا النَّاسِي فِيهِ بِهَذِهِ المرتبة: و
ص: 138
مَا بَالَهُمْ لَا يَتَأَشَونَ بِهِمْ فِي سَائِرِ الْعَادَاتِ وَ الصَّنَاعَاتِ، وَالْمَلَابِسِ وَالْمُأَكُولَاتِ؟!.
وَ لَإِنْ بَلَغَتِ الْعَصَبِيَّةُ بِهِمْ هَذِهِ المُرتَبَةَ، فَقَدْ رَاحُوا(1) بِصَفْقَةٍ خَاسِرَةٍ، وَحَرَّمُوا أَنْفُسَهُمْ لَذَائِدَ الدُّنْيَا مِنْ غَيرِ أَنْ يَكُونَ هُمْ أَجْرٌ فِي الْآخِرَةِ. وَإِنْ شَاءَ فَلْيَخْرُجْ مِنْ دَارِهِ يَومًا فِي شَمْلَتَيْنِ ، وَهُوَ قَابِضٌ عَلَى ضَبِّ يَقْضِمُهُ بِكِلْتَا الْيَدَيْنِ ؛ وَ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّ صِبْيَانَ الْكِتَابِ، يَكْفُونَنَا بِرَضْخِهِ بِالْحِجَارِ مَؤُونَةَ الْجَوَابِ.
وَتَخصِيصُهُمُ الشِّعْرَ بِهَذِهِ /A32/ المنزِلَةِ دَلِيلٌ لِمَا عَرَّفْنَاكَ مِنْ أَنَّهُ: مَا دَعَاهُمْ إِلَى نَشْرِهِمْ مِنْ عَمُودِ الشِّعْرِ عِظَامَهُ الْبَالِيَةَ، وَالتَّأَنِّي بِأَعْرَابِ نَجْدٍ [239] وَ الْعَالِيَةِ [ 240] إِلَّا قُصُورُ هِمَّتِهِمْ عَنْ تَطَلُّبِ الْمَرَاتِبِ الْعَالِيَةِ. وَمَا أُشَبِّهُهُمْ إِلَّا بِمَنْ تَعَاطَى الْبُنْيَانَ، وَعَجَزَ عَنْ تَعَلُّمِ مَا يَصْنَعُهُ الْبَنَّاؤُونَ فِي هَذَا الزَّمَانِ: فَطَفِقَ يَبْنِي بُيُوتًا حَقِيرَةً مِنَ الطِّينِ، وَ يَقُولُ: خَيْرُ الْبُنْيَانِ مَا أَشْبَهَ بِنَاءَ الْأَوَّلِينَ !.
وَكَانَ الْأُولَى هُمْ أَنْ يَسْلُكُوا إِلَى الشَّيْءِ بِآدَابِهِ، وَيَمْشُوا(2) إِلَيهِ بِأَسْبَابِهِ. فَيَصْرِفُوا الْعُمَرَ الَّذِي ضَيَّعُوهُ فِي ضَبْطِ أَسَامِي الْفَيَا فِي وَالسَّبَاسِبِ ، وَأَقْسَامِ سَيْرِ الرَّكَائِبِ فِي تَعَلُّمِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الشَّاعِرُ فِي تَحْسِينِ كَلَامِهِ، وَبُلُوغِ مَرَامِهِ؛ فَإِنَّ الْجِيدِينَ مِنَ المتأخّرِينَ بَشَرٌ وَ الْأَنْهَامِ؛ مْتَاهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَ المُمَلَائِكَةِ الْكِرَامِ، وَمَا عَرَفُوا بِالْوَحْيِ بَلْ طَلَبُوا الماءَ مِنْ بَجَارِيهِ، وَ وَصَلُوا إِلَى غَايَةِ الأَمرِ مِنْ مَبَادِيهِ. فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّا نَرجُو لَهُ أَنْ يَظْفَرَ بمُرَادِهِ، وَإِلَّا فَالْفَضْلُ لِلَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ [241] وَطَرِيقُ
ص: 139
المَعَاشِ لَيْسَ مُنْحَصِرًا بِالشِّعْرِ، فَإِنَّ الْحَيَاكَةَ صَنْعَةٌ مَرغُوبَةٌ فِي كُلِّ زَمَانٍ، وَ الْفَاعِلُ وَ إِنْ لَمْ يُحْسِنِ البِنَاءَ يُعْطَى كُلَّ يَومٍ دِرْهَمَيْنِ(1) !!.
عَلَى أَنَّ مَبْنَى هَذَا الشَّغَبِ عَلَى أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ ابْتَدَعُوا النِّكَاتِ البَدِيعِيَّةَ، وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ أَصْلِهِ. فَإِنَّ جُلَّ هَذِهِ النِّكَاتِ - بَلْ كُلَّهَا إِلَّا مَا شَدَّ - مَأْخُوذَةٌ مِنهُمْ، وَ مَأْتُورَةٌ عَنْهُمْ. وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ مَا اسْتَحَبَّتْ(2) عُيُونُهُمْ /B32 / وَأَوجَبَتْ جُفُونُهُمْ(3) إِلَّا عِدَّةِ نِكَاتٍ ؛
مِنْهَا : التَّورِيةُ؛ وَ هَذَا الْمَاسِيُّ يَقُولُ:
وَلانَأَتْ عَنَّا الْعَشِيرَةُ كُلُّهَا *** أَعْنَا وَ حَالَفْنَا السُّيُوفَ عَلَى الدَّهْرِ
مَا أَسْلَمَتْنَا عِنْدَ كُلِّ كَرِيهَةٍ *** وَلَا نَحْنُ أَغْضَيْنَا الْجُفُونَ عَلَى وِتْرِ [242]
سُبْحَانَ الْمَانِ، مَا أَبْلَغَ هَذَا الْكَلَامَ، وَ مَا أَفْصَحَ هَذَا النِّظَامَ؛ وَ هَذِهِ التَّورِيَةُ مَا أَحْلَى نَبَاتَهَا، وَأَعْذَبَ فُرَاتَهَا. وَ لَو وَقَعَتْ مِثلُهَا لِأَحَدٍ مِنَ الْعِصَابَةِ النَّبَاتِيَّةِ، وَ الرَّافِعِينَ لِلْأَلْوِيَةِ الفَاضِلِيَّةِ لَا عَدَدْنَاهَا إِلَّا غُرَّةً(4) فِي جَبِينِ مَفَاخِرِهِ، وَعُنْوَانَّا لِصَحِيفَةِ .. وَ الْمَعْنَيَانِ فِيهَا مُتَسَاوِيَانِ وَ قَدِ افْتَرَنَ الْكَلَامُ بِقَرِينَتَيْنِ كُلِّ مِنْهُمَا تُقَرِّبُ غَيْرَ مَا تُقَرِّبُ الأُخْرَى.
ص: 140
وَ لَيسَ كَمَا يَقُولُ مُتَكَلَّفَةُ أَهْلِ الْبَدِيعِ [243] مِنْ أَنَّ المعنَى الْقَرِيبٍ هُوَ جُفُونُ الْعَيْنِ، وَالمُرَادُ المعنى البَعِيدُ - وَ هُوَ جُفُونُ السُّيُوفِ ..
و قَدْ ذَكَرَ الْبَدِيعِيُّونَ لِلتَّورِيَةِ شَوَاهِدَ كَثِيرَةٌ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَ أَشْعَارِ القُدَمَاءِ، وَلَكِنَّ الْأَمْرَ فِي بَعْضِهَا لَا يَخْلُو عَنْ جَفَاءٍ، وَ الْمُقَامُ لَا يَسَعُ ذَلِكَ.
وَ مِنها: التَّوجِيهُ. وَ عُدْرُ الْقَدَمَاءِ فِي تَركِهِ وَاضِحٌ، لأَنَّهُمْ مَا كَانُوا يُنْقِنُونَ الهُنَدَسَةَ وَ الْحِسَابَ، وَ لَا يَعْرِفُونَ مَا لِلْأَرْتُمَاطِين (244) مِنَ الْأَبْوَابِ. وَلَارُعُونَةَ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُتَوَفَّعَ مِنَ الْأَعْرَابِيُّ الْجَاهِلِ التَّوجِيهُ بِغَوَامِضِ الْمَسَائِلِ. وَنَحْنُ نَرَى لَهُمْ مِنَ التَّوجِيهِ بِمَا كَانُوا يَعْرِفُونَهُ مِنَ الْعُلُومِ - كَالزَّجْرِ وَ الْفَالِ وَ الْقِيَافَةِ - /A33/ أَشْيَاءَ كَثِيرَةٌ .
وَ الْغَرَضُ: إِنَّ تَرَكَهُمْ لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ لَمْ يَكُنْ لِزُهْدِهِمْ فِيهَا ، بَلْ كَانَ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِمْ بِهَا. وَ لَاشَكٍّ عِندَنَا لَو أَنَّهُمْ أَدْرَكُوا هَذَا الْعَصْرَ لَزَيَّنُوا أَشْعَارَهُمْ بِلَطَائِفِ التَّوجِيهَاتِ، وَ مَحَاسِنِ الْاِقْتِبَاسَاتِ.
فَتَأَمَّلْ - هَدَاكَ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كَلَام الْفَرِيقَينِ، لِتَعْلَمَ أَيَّ الْفَرِيقَينِ أَولَى بِالْمُتَقَدِّمِينَ وَأَحَبُّ لَدَيْهِمْ، مَنْ يَنسِبُ جُرَّ الْمُفَاخِرِ وَ الْحَاسِنِ إِلَيْهِمْ، وَيَسْعَى فِي تَشَيُّدِ(1) مَا أَمَّسُوهُ، وَ يُحَسِّنُ اتَّبَاعَهُمْ فِيهَا اخْتَرَعُوهُ؛ أَمْ هَذَا الصَّدِيقَ الْجَاهِلَ الَّذِي اتَّفَقَ الْعُقَلَاء عَلَى أَنَّهُ شَرٌّ مِنَ الْعَدُوِّ العَاقِلِ !؟ : فَيَسْلِبُهُمْ ثَوبَ الْفَخَارِ، وَيَنْسِبُ إِلَيْهِمْ كُلَّ
ص: 141
عَيْبٍ وَعَوَارٍ. هَذَا صَنِيعُ الْعَمُودَينِ(1) بِالمُتَقَدِّمِينَ، وَ«هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعا »[245] .
وَأَمَّا قَوهُمْ: «لَأَنْسَمَّى مَنْ فَارَقَ الْعَمُودَ شَاعِرًا»، فَهَذَا أَيضًا كَلَامٌ صَدَرَ عَنْ جَهْلٍ وَ غَبَاوَةٍ، إِذْ حَقَّقَ أَهْلُ الْعِلمِ أَنَّ الشِّعْرَ هُوَ الْكَلَامُ المُوزُونُ مَعَ الْقَصْدِ، وفي اشْتِرَاطِ الْمُعْنَى خِلَافٌ. وَإِنْ كَانَ شَرْطًا فَهُوَ أَضَرُّ عَلَيهِمْ، فَكُلُّ مَنْ تَلَبَّسَ بِهِ مِقْدَاراً مَّا(2)، صَدَقَ عَلَيْهِ لَفْظُ الشَّاعِرِ - كَمَا فِي سَائِرِ المُشْتَقَّاتِ - ، شَابَهَ شِعْرُهُ شِعْرَ الْعَرَبِ أَمْ لا .
وَإِنْ أَرَادُوا أَنَّهُمْ لَا يُسَمُّونَهُ شَاعِرًا مُحْسِنًا، فَإِنْ كَانَ مَرْجَعُهُ إِلَى إِنْكَارِ الْحُسْنِ فِيمَا يَرْتَكِبُهُ المُتَأَخِّرُونَ، فَقَدْ فَرَغْنَا عَنْ جَوَابِهِ فِيَا سَبَقَ؛
وَ إِنْ كَانَ غَيرَ ذَلِكَ فَفَسَادُهُ ظَاهِرٌ، إِذْ لَاشَكَ فِي أَنَّ كُلَّ مَنْ نَظَمَ الشِّعْرَ الْجَيَّدَ الْحَسَنَ، فَهُوَ شَاعِرٌ مُجِيدٌ مُحْسِنٌ. وَيُخْلُهُمْ بِالتَّسْمِيَةِ /B33 / مِمَّا لَا يَضُرُّ خَصْمَهُمْ وَهَلْ يَضُرُّ بَائِعَ الدُّرَّةِ أَنْ لَا يُسَمِّيهِ جَوهَرِيًّا بَائِعُ الْبَعَرَةِ؟!.
عَلَى أَنَّهُ بَعدَ مَا تَبَتَ لَهُمُ الشِّعرُ الْحَسَنُ الجَيِّدُ، فَهُمْ لَا يَتَأَشفُونَ عَلَى لَفْظِ الشَّاعِر: إِذْ هُمْ لَيْسُوا كَأَهْلِ الْعَمُودِ، أَهْلُ يُوجِبُونَ عَلَى الْأَلْفَاظِ الْجُمُودَ؛ إِذْ الشَّاعِرُ مَكَرُوهُ عِندَ عُمُومِ النَّاسِ، بَلْ مَدْمُومٌ فِي الشَّرْعِ أَيضًا؛ وَقَدِ ادَّعَى الشَّيْخُ [246] فِي الخلافِ [247] الْإِجْمَاعَ عَلَى كَرَاهَةِ نَظْمِ الشِّعْرِ [248]، فَلْيُسَمَّ نَظْمُ المُتَأَخِّرِينَ بِالْكَلَامِ
ص: 142
الْجيّدِ الْحَسَنِ، وَ يَبْقَ لَفظُ الشُّعرِ مَوفُورًا عَلَيْهِمْ مَخصُوصًا بِهِمْ.
فَهُمْ بِعَدَمِ تَسْمِيَتِهِمْ، مُحْسِنُونَ إِلَى الْمَتَأَخَّرِ مِنْ حَيثُ لَا يَشْعُرُونَ!.
وَ مَا بَقِ هَؤُلَاءِ إِلَّا شَغَبُ وَاحِدٌ، وَ هُوَ إِنْكَارُ مَدْخَلِيَّةِ الْعِلْمِ فِي حُسْنِ الشِّعْرِ؛ بَلْ دَعْوَى مَانِعِيَّتِهِ، عَنْ نَظم جَيْدِهِ!.
قَالُوا: وَلِهَذَا نَرَى أَكْثَرَ الشُّعَرَاءِ الْعِيدِ بنَ لَيْسُوا(1) مِنْ أَهْلِ الْعِلمِ، وَنَرَى كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَيسَ لَهُمْ نَظْمٌ جَيَّدٌ. وَ هَذَا الْأَصْمَعِيُّ [249] وَ أَبُو عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ [250]، كَانَا أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِمَا وَشِعْرُهُمَا يَنْقُصُ عَنْ مُعَاصِرِيهِمَا مِنَ الشُّعَرَاءِ.
وَ مَا نَشَأَ هَذَا الْكَلَامُ إِلَّا مِنْ فَرْطِ الْجَهلِ، وَ قِلَّةِ الْعَقْلِ؛ إِذْ فَضلُ الْعِلمِ لَا يُنْكِرُهُ إِلَّا جَاهِلٌ، وَ تَوَقُفُ الْعَمَلِ عَلَى الْعِلْمِ لَا يَتَوَقَّفُ فِيهِ عَاقِلٌ. وَ الْجَاهِلُ وَإِنْ أَصَابَ فَمَا لَهُ فِي مَدْحِ الْعُقَلَاءِ نَصِيبٌ، وَ لَا يُقَالُ لَهُ إِلَّا إِنَّ مَعَ الْخَوَاطِيءِ سَهُمْ مُصِيبٌ [251]. وَ العَالِمُ إِنْ أَصَابَ فَلَهُ جَزِيلُ المَدحِ وَ الثَّنَاءِ، وَإِنْ أَخْطَأَ فَهُوَ مَعْذُورٌ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ. وَ مَنْ تَكَلَّفَ عَمَلًا قَبلَ إِثْقَانِ عِلْمِهِ فَقَدْ /A34 / كَلَّفَ نَفْسَهُ شَطَطًا، وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهِ فَرَطًا.
وَلَيْسَ الْمَرَادُ تَوَقُفَ كُلِّ صَنْعَةٍ عَلَى جَمِيعِ الْعُلُومِ: إِذْ عِلْمُ الطِّبُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيهِ اسْتِنْبَاطُ الأَحْكَامِ، وَ عِلْمُ الْفِقْهِ لَا يُفِيدُ فِي مُعَالَجَةِ الْأَسْقَامِ، وَ مَعْرِفَةٌ قَوَاعِدِ الْحِيَاكَةِ لا تُفِيدُ الْبَنَّاءَ، وَ الْعِلمُ بِقَوَاعِدِ الْبِنَاءِ(2) لَا يُجْدِي فِي تَحْسِينِ الْغِنَاءِ. بَلِ المَرَادُ تَوَقُفُ كُلِّ
ص: 143
صَنْعَةٍ عَلَى مَعْرِفَةِ عِلْمٍ تِلْكَ الصَّنْعَةِ. فَلَا يَرِدُ النَّقْصُ عَلَيْنَا بِالفُقَهَاءِ وَالْحُكَمَاء، ولا بِالْأَصْمَعِيِّ وَ ابْنِ الْعَلَاءِ؛ إِذِ الْأَوَّلُ فَتُهُ الرِّوَايَةُ، وَ الثَّانِي عِلْمُهُ الْعَرَبِيَّةُ وَ الْقِرَاءَةُ.
وَأَيضًا: لا يُفيدُ الْعِلْمُ إِلَّا مَنْ كَانَ لَهُ مَلَكَةُ الصَّنْعَةِ، وَكَانَ قَابِلا لِتِلْكَ الْحِرْفَةِ، فَعِلمُ الْحَرْبِ لَا يُفيدُ إِلَّا الْأَبْطَالَ، وَلَا يُغْنِي عَنْ ثَبَاتِ الْجَنَانِ وَقُوَّةِ الْيَدِ يَومَ النِّزَالِ. وَكَمَا أَنَّ عِلمَ الْبِنَاءِ(1) لَا يُفيدُ الأَشَلَّ لَدَى الْبُنْيَانِ، كَذَلِكَ لَا يُفيدُ مَنْ لَيسَ لَهُ مَلَكَةُ الشِّعر إِثْقَانُهُ لِعِلْمَيِ الْمَعَانِي وَ الْبَيَانِ؛ وَكَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْبَلَاغَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَلَكَةُ الشِّعْرِ، وَ مَنْ كَانَتْ لَهُ تِلكَ لَمْ يَتَعَاطَى النَّظمَ لِاشْتِغَالِهِ بِالْعِلمِ الَّذِي هُوَ أَشْرَفُ، وَ تَرَفُّعِهِ عَنْ مَنْزِلَةِ الشُّعَرَاءِ، وَنَاهِيكَ شَاهِدًا عَلَى ذَلِكَ مَا كَتَبَهُ [252) إِلَى الْحَقِّق [253] وَالِدُهُ السَّعِيدُ [254]، وَ هُوَ مَشْهُورٌ.
وَرُبَّمَا يَكُونُ الْعَالِمُ لَهُ الشِّعْرُ الْجَيِّدُ، وَلَكِنَّهُ يُخْفِيهِ عَنِ النَّاسِ وَلَا يَكَادُ يُذِيعُهُ، وَ بِالجُمْلَةِ فَالنَّقْضُ إِنَّمَا يَرِدُ بِعَالِمٍ بِعُلُومِ الْفَصَاحَةِ ذِي مَلَكَةٍ تَامَّةٍ قَدْ تَعَاطَى النَّظْمَ وَ قَصُرَ مَعَ ذَلِكَ /B34/ نَظْمُهُ عَنْ عَوَامّ الشُّعَرَاءِ، وَأَنَّى لَهُمْ بِإِثْبَاتِ ذَلِكَ ؟؟.
وَأَمَّا أَهْلُ الْعِلْمِ فَيَكْفِيهِمْ فِي إِبْطَالِ دَعْوَى خَصْمِهِمْ مِثلُ ابْنِ المُعتَزَ [255] وَ الشَّيْخِ صَفِيِّ الدِّينِ [256] وَ غَيْرِهِمَا (257]
قَدْ عَرَفْتَ أَنَّ الشِّعْرَ عِندَ المُتَأَخَّرِينَ، لَيسَ بِأَمْرٍ مُغَابِرٍ لِمَا عَرَفْتَ عِندَ الْمُتَقَدِّمِينَ؛
ص: 144
وَ لَا فَرقَ إِلَّا أَنَّ الْمُتَأَخَّرِينَ، قَدِ اسْتَحْسَنُوا عِدَّةٌ مِنْ نِكَاتِ المُتَقَدِّمِينَ: فَأَكْثَرُوا مِنهَا وَ ظَفِرُوا بِبَعْضٍ مُحَسَّنَاتِ الْكَلَام عَلَى تَطَاوُلِ الْأَيَّامِ فَأَلْحَقُوهَا بِهَا، وَأَسْقَطُوا بَعْضَ مَا كَانَ مُتَدَاوِلَّا بَيْنَهُمْ إِمَّا لِعَدَم كَونِهَا مُحَسَّنَةً فِي نَفْسِهَا أَو لِعَدَم مُلامتِها لِعَادَاتِهِمْ، وَ مُخَالَفَتِهَا لِأَحْوَالِ زَمَانِهِمْ.
وَ عَرَفْتَ أيضًا أَنَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالشِّعْرِ، بَلْ هُوَ القِياسُ المطَّرَدُ في جميع الفنون و الصَّنَائِعِ. وَ لَا يَنْقَضِي عَلَى فَنَّ وَ صَنْعَةٍ مِقْدَارٌ مِنَ الزَّمَانِ إِلَّا وَيُنْقَصُ فِيهِ وَيُزَادُ، وَ وَلَا تَخْتَلِفُ قَوَاعِدُهُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ وَ الْبِلَادِ وَ سَيَأْتِي زَمَانٌ يَنْتَقِدُ أَهْلُهُ عَلَيْنَا، كَمَا انْتَقَدْنَا عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، وَ يَتْرُكُونَ أُمُورًا كَانَتْ عِندَنَا حَسَنَةٌ، وَ يَرْفَعُونَ عَنهَا نَقَائِصَ بَيْنَةٌ وَيُكَمَلُونَ نَقَائِصَ مَا ابْتَدَعْنَاهُ، وَيَخْتَرِعُونَ أَضْعَافَ مَا اخْتَرَعْنَاهُ. وَ ذَلِكَ مِمَّا لا يَسُوؤُنَا(1) مِثْقَالَ ذَرَّةٍ، بَلْ لَنَا بِذَلِكَ الرّضَا وَ الْمُسَرَّةُ: كَمَا أَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْفُحُولَ المُفْلِقِينَ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ، لَو عَتَرُوا عَلَى شِعْرِ الْأَرْجَانِيّ [258]، وَرَأَوا(2) حُسْنَ أَلْفَاظِهِ وَ تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْمَعَانِي لَقَرَّتْ بِهِ عُيُونُهُمْ، وَ تَلَجَتْ بِهِ صُدُورُهُمْ: وَ قَابَلُوهُ بِالتَّعْظِيمِ /A35 / وَ الْإِجْلَالِ، كَمَا أَنَّهُمْ لَو عَتَرَوا عَلَى شِعْرِ مَنْ لَا أُسَمِّيهِ(3) لَجَازُوهُ بِصَفْعِ الْقَذَالِ وَنَتْفِ السِّبَالِ .
وَبِالْجُمْلَةِ الَّذِي يَنْبَغِي لِلْمُتَأَخْرٍ أَنْ يُخَالِفَ فِيهِ أَكْثَرَ شِعْرِ الْمُتَقَدِّمِينَ أُمُورٌ نَذْكُرُ المَهِمَّ مِنْهَا:
ص: 145
أَوَّلهُا : اسْتِعْمَالُ الضَّرُورَاتِ النَّحْوِيَّةِ، وَ التَّرَاكِيبِ الَّتِي لَيْسَتْ عَلَى المُتَعَارَفِ وَإِنْ كَانَتْ لَهَا وُجُوهٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ إِذْ لَا يَجُوزُ لِلْمُتَأَخِّرِ جَمِيعُ مَا جَازَ لِلْمُتَقَدِّمِ. وَهَذَا بَابٌ قَدْ كَفَانَا مَنْ كَانَ قَبْلَنَا الْكَلَامَ فِيهِ.
ثَانِيهَا: اسْتِعْمَالُ الْأَوزَانِ الشَّاذَّةِ وَ الزَّحَافَاتِ الْقَبِيحَةِ، بَلِ الزِّحَافَاتِ الْجَائِزَةِ الَّتِي هِيَ مَكْرُوهَةٌ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَ الْأَوزَانِ المُتَرُوكَةِ فِيهِ وَ إِنْ كَانَتْ مُسْتَعمَلَةٌ عِنْدَ السَّابِقِينَ. فَيَتْرُكُ مِنَ الْبَسِيطِ مَثَلًا الْعَرُوضَ الْجُرُوةَ الْخَبُونَةَ الْحَذَاءَ [259] وَإِنْ وُجِدَ لِلْعَرَبِ النَّظْمُ عَلَيْهَا كَقَولِ الْحِمَاسِيّ :
إِنَّ شِوَاءَ وَ نَشْوَةً *** وَخَبَبَ الْبَازِلِ الْأُمُونِ [ 260]
وَيَقْتَصِرُ مِنْ زِحَافِ الْحَشْوِ الطَّوِيلِ عَلَى الْقَبضِ [261]، وَيَكُفُّ عَنِ الْكَفِّ [262] بَلْ وَ يَتْرُكُ قَبضَ الْجُزءِ السُّبَاعِيّ [263] أَيضًا وَ إِنْ حَكَمَ الْعَرُوضِيُّونَ بِأَنَّهُ صَالِحٌ وَ يُوجَدُ فِي شِعْرِ الْعَرَبِ كَثِيرًا وَصَاحِبُ السَّلِيقَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ إِنْ سَمِعَ قَولَ زُهَيْرٍ [264) .
أَ تَعْذِرُ سَلْمَى بِالنَّوَى أَمْ تَرُومُهَا *** وَسَلْمَى الَّذِي الَّتِي لَا تَرُومُهَا [265]
وَ أَدْرَكَ يُفْلَهُ عَلَى كَوَاهِلِ الْأَسْمَاعِ، عَرَفَ أَنَّ قَولَنَا أَحْرَى بِالْإِنْبَاعِ.
وَ لِيُعْلَمْ أَنَّ /B35 / الزِّحَافَاتِ غَيْرِ الْقَبِيحَةِ فِي الْجُمْلَةِ يَختَلِفُ حَدُّهَا كَثْرَةٌ وَقِلَّةً بِاخْتِلَافِ الْبُحُورِ، فَرُبَّمَا يَكُونُ حَسَنًا قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ - كَإِضْمَارِ الْكَامِلِ [266] - ، وَ رُبَّمَا يَكُونُ اِكْتَارُهُ مُسْتَهْجَنَّا دُونَ قَلِيلِهِ - كَقَبْضِ الطَّوِيلِ [267]، وَ الشَّاهِدُ عَلَيهِ قَولُهُ:
أَ تَطْلُبُ مِنْ أَسْوَدٍ بِيشُهُ دُونَهُ *** أَبُو مَطَرٍ وَعَامِرٍ وَأَبُو سَعْدِ [268]
ص: 146
[إِذا](1) جَمِيعُ أَجْزَائِهِ مَقْبُوضَةٌ. وَقُبْحُ هَذَا الْبَيتِ عِندَ الْقَومِ مُجَرَّدُ الإِكثارِ، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ فِيهِ قُبْحًا آخَرَ عَلَى اخْتَارِ؛ وَهُوَ قَبْضُ السُّبَاعِيِّ مُطلَقًا.
وَ يَخْتَلِفُ أيضًا بِاعْتِبَارِ أَجْزَاءِ الْبَيتِ، فَيُكرَهُ أَوَّلُ الصَّدرِ وَالْابْتِدَاءُ دُونَ غَيرِهِمَا، كَخَبْنِ السُّبَاعِيِّ الْبَسِيطِ [269] .
وَرُبَّمَا يَكُونُ تَركُ الزِّحَافِ فِي جَمِيعِ الْبَيتِ مُسْتَقْبَعًا، كَأَوَّلِ المَنْسَرِح [270] فَإِنَّهُ يُوجِبُ التَّقْلَ فِيهِ.
و المَقَامُ لَا يَسَعُ تَفْصِيلَ ذَلِكَ، وَ إِنَّمَا الْغَرَضُ تَنْبِيهُ النَّاظِمِ الجَيْدِ كَيْ لَا يَغْتَرَّ بِإِطْلَاقِ كَلَامِ الْعَرُوضِيِّينَ، وَحُكْمِهِمْ بِحُسْنٍ بَعْضِ الزِّحَافَاتِ مُطْلَقًا. وَقَدْ بَيَّنَتُ ذَلِكَ فِي شَرحِ أُرْجُوزَةِ الْعَرُوضِ، المُسَمَّى بِ- «أَدَاءِ الْمَفْرُوضِ»[271] وَ ذَلِكَ بَابٌ مَا قَرَعَهُ قَبْلِي قَارِحٌ، وَهَضْبَةٌ مَا فَرَعَهَا قَبْلِي فَارِحٌ فَارْجِعْ إِلَى ذَلِكَ الشَّرحِ تَنَلْ مِنهُ الْمُرَادَ، وَ سَرِّحِ الطَّرْفَ فِي خَمَائِلِهِ تَجِدْهَا نِعْمَ الْمُرَادُ!.
وَكَذَلِكَ حُكْمُهُمْ بِقُبْحِ زِحَافِ الْمُزْدَوَجِ [272]، فَإِنَّهُ عَلَى إِطْلَاقِهِ مَنُوعٌ، وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ أَيضًا فِي الشَّرحِ المذكور.
ثَالِثُهَا : اسْتِعْمَالُ الْكَلِمَاتِ غَيْرِ(2) الْمُأْنُوسَةِ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِمَّا لَا يُفْهَمُ إِلَّا بِرَاجَعَةِ كُتُبِ اللُّغَةِ؛ إذ لا خَيْرَ فِي الشِّعْرِ الَّذِي لاَ يَفهَمُهُ الْجُلَّاسُ، A35 / إِلَّا بِرَاجَعَةِ الْفَائِقِ [273] وَ الْأَسَاسِ [274) أَو يَحْتَاجُ قَائِلُهُ إِلَى أَنْ يَحمِل كِتَابَ الحيط [275] أو
ص: 147
الغريب [276) لِتَفْسِيرِ مَا فِي شِعرِهِ مِنَ الْغَرِيبٍ.
وَ مَا تَرَى مِنْهَا(1) فِي شِعرِ المُطْبُوعِينَ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ؛ فَالْوَجهُ فِيهِ كَونُ ذَلِكَ مَأْنُوسًا لَدَيْهِمْ، وَ مُتَدَاوَلا عِنْدَهُمْ. وَلَيْسَ عَلَى الشَّاعِرِ إِلَّا أَنْ يُلَاحِظَ حَالَ أَهْلِ عَصْرِهِ، وَ لَا يَتَجَاوَزَ الْتَعَارَفَ لَدَى أُدَبَاءِ مِصْرِهِ.
نَعَمْ لَا عُذْرَ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَأَخَّرِينَ فِي نَظْمِهِمْ أَلْفَاظًا لَاتَجِدُهَا فِي شِعْرِ المُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِمْ، كَالشَّيْخِ أَبِي تَمَّام [277] حَيْثُ يَقُولُ:
أَهْيَسُ أَلْيَسُ لَمَّاءٌ إِلَى هِمَمِ *** تُفَرِّقُ الْأَسْدَ فِي آذِيهَا اللَّيسَا [278]
وَظَاهِرٌ لَدَيْنَا أَنَّ عَصْرَ مِسْكِينِ الدَّارِ مِيٌّ [279] وَ عَنْتَرَةَ الْعَبَسِيِّ [280] مُتَقَدِّمُ عَلَيهِ بِكَثِيرٍ، وَلَا تَرَى مِثْلَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي أَشْعَارِهِمْ غَالِبًا.
ثُمَّ إِنَّكَ تَرَى جَمَاعَةً مِنْ ذَوِي الطَّبَاعِ الْغِلَاطِ، جَعَلُوا وُكْدَهُمْ نَظْمَ غَرَائِبِ الأَلْفَاظِ حَتَّى كَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا لِلشِّعْرِ مَعْنَى سِوَى نَظم الْأَلْفَاظِ الْغَرِيبَةِ، وَ الْكَلِمَاتِ الْعَجِيبَةِ. فَخَرَجَتْ دَوَاوِيتُهُمْ مِنْ عِدَادِ دَوَاوِينِ الشِّعْرِ وَ دَخَلَتْ فِي عِدَادِ كُتُبِ اللُّغَةِ لَكِنْ مِنْ غَيرِ تَرْتِيبٍ وَلَا تَهْذِيبٍ، وَخَيْرٌ مِنهَا الصِّحَاحُ [281] وَ التَّهْذِيبُ [282] لِكُونِهِمَا مُبَوَّبَيْنِ مُهَذَّبَيْن .
وَبَلَغَنَا عَنِ الشَّاءِ نَاصِرِ الدِّينِ [283] أَنَّهُ قَالَ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ مِنْ شُعَرَاءِ الْفُرْسِ: «إِنَّ الْفَرْقَ بَينَكَ / B36 / وَبَينَ الشَّيْخ سَعْدِيٌّ [284] إِنَّ الشَّيخَ قَدْ تَكَلَّمَ فِي سَبْعَمِأَةِ سَنَةٍ قَبلَ هَذَا الزَّمَانِ بِلِسَانِ هَذَا الزَّمَانِ، وَ أَنْتَ قَدْ تَكَلَّمْتَ فِي هَذَا الْعَصْرِ بِلِسَانِ ذَلِكَ
ص: 148
الْعَصْرِ ! » [285].
وَمِنَ الطَّرِيفِ مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ [286] طَبَقَاتِ الْأَطِباءِ [287]: وَهُوَ: إِنَّ أَبْنَ الصَّيْفِي المنبُونَ بِحَيْ بَيْض [288] كَتَبَ إِلَى أَمِينِ الدَّولَةِ ابْنِ التَّلْمِيذِ [289] وَرَقَةً يَقْصُدُ فِيهَا أَنْ يُنْفِذَ إِلَيْهِ شِيَافَ أَبَارٍ؛ وَ هِيَ: «أُزْكِنُكَ أَيُّهَا الطَّبُ اللَّبُ الأَسِيُّ النَّطَاسِيُّ النَّفِيسُ النَّقْرِيسُ أَرْجَنَتْ عِنْدَكَ أُمُّ خَنَوَّرٍ وَ سَكَعَتْ عَنْكَ أُمُّ هَوَبَرٍ أَنِّي مُسْتَأْخَذْ أَشْعَرُ فِي حَنَادِرِي رَطْبًا لَيْسَ كَلْبَ شَبْوَةٍ وَلَا كَنَخْرِ الْمُنْصَحَةِ وَلَا كَنَكْرِ الحِضْبِ بَلْ كَسَفْعِ النَّخِيخِ فَأَنَا مِنَ التَبَاشِيرِ إِلَى الْغَبَاشِيرِ لَا أَعْرِفُ ابْنَ سَمِيرٍ مِن ابْنِ جَمِيرٍ وَلَا أُحِسُّ صَفْوَانَ مِنْ هَمَّامَ ، بَلْ آوِنَةٌ أَرْجَحِنَّ شَاصِبًا وَفَيْتَةً حْتَبْطِي مُقْلَولِيًّا وَ تَارَةً أَعْرَنْزِمُ وَطُورًا أَسْلَنْقِي كُلُّ ذَلِكَ مَعَ أَخٌ وَ أَخٌ وَتَهُم قَرُونَتِي أَنْ أَرْفَعَ عَقِيرَتِي بِعَاطِ عَادٍ إِلَى هِيَاطٍ وَ مِيَاطٍ وَ هَالِيَ أَوَّلُ وَ أَهْوَنُ وَ جُبَارٌ وَ دَبَارٌ وَمُؤْنِسٌ وَ عَرُوبَةٌ وَ شِيَارٌ [ 290] وَ لَا أَحِيصُ وَلَا أَلِيصُ وَ " " لَا أَغْرَنْدِي وَلَا أَسْرَنْدِي فَبَادِرْنِي بِأَشْيَافِ الأَبَارِ النَّافِعِ لِعِلَّتِي النَّاقِع لِغُلَّتي»[291] .
فَلَمَّا قَرَأَهَا أَمِينُ الدَّولَةِ نَهَضَ لِوَقْتِهِ وَ أَخَذَ حِفْنَةٌ شِيَافٍ، وَقَالَ لِتِلْمِيذِهِ: أَوصِلْهَا(1) إِيَّاهَا عَاجِلًا، وَلَا تُتَكَلَّفُ قِرَاءَةَ وَرَقَةٍ ثَانِيَةٍ. /A37/
هَذَا؛ وَلَا يَخْفَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي كُلِّ عَصْرٍ هُوَ مَعْلُومِيَّةُ الأَلْفَاظِ لَدَى عُلَمائِهَا وَ أُدَبَائِهَا، وَ شُهْرَتُهَا بَينَ فُضَلَائِهَا وَشُعَرَائِهَا : لَا الْهمَجِ الرَّعَاعِ ، الَّذِينَ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ
ص: 149
الْمَعْرِفَةِ وَالإطلاع.
وَ الاِنصَافُ أَنَّ أَهْلَ الْعَصرِ لَم يُعْطُوا هَذِهِ اللُّغَةَ الشَّرِيفَةَ حَقَّهَا مِنَ الْحِفْظِ، و تَسَاءَحُوا فِيهَا حَتَّى صَارَتْ مَظَنَّةٌ لِلضَّيَاع. فَغَدَتْ أَوَانِسُ أَلْفَاظِهَا عِنْدَهُمْ وَحْشِيَّةٌ، وَ كَادَتْ أَنْ تَذهَبَ بِالْكُلِّيَّةِ. وَمَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ لَا يَجُوزُ لِلشَّاعِرِ أَنْ يَتَعَدَّى المَعْرُوف المُشْهُورَ تَخْفِيفًا عَلَى السَّامِعِينَ، وَقَطعًا لِأَلْسُنِ الْحَاسِدِينَ.
فَاسْتِعْمَالُ اللَّفْظَةِ الْعَرَبِيَّةِ الْفَصِيحَةِ وَإِنْ كَانَتْ خَالِيَةً عَنْ تَنَافُرِ الْحُرُوفِ وَكَانَتْ خَفِيفَةٌ عَلَى الطَّبَاعِ، لَذِيذَةٌ فِي الأَسْمَاعِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ عَيْبًا - فِيمَا أَرَى - فِي الشِّعْرِ، بَلْ هُوَ عَيْبٌ فِي أَهْلِ(1) الْعَصْرِ. وَكَثِيرٌ مِنْهَا مَا هُوَ مِنْ أَظْهَرِ شَوَاهِدِ الْفَرَائِدِ بِاصْطِلَاح أَهلِ الْعِلمِ، فَكَانَ عَلَى الْمُتَأَخِّرِينَ أَنْ يَتْبَعُوا تِلْكَ الْفَرَائِدَ، وَ يُزَيَّنُوا بِهَا مَا يَنْظُمُونَ(2) مِنَ الْقَلَائِدِ : لِتَنْمُنَ عُقُودُهُمْ بِتِلْكَ اللَّآل(3)، وَيَتَّسِعَ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمُ الْمَجَالُ.
وَكَمْ فِي هَذِهِ اللُّغَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ الْفَاظِ فَصِيحَةٍ مَهْجُورَةٍ، وَ كَلِمَاتٍ مَلِيحَةٍ غَيرِ مَشْهُورَةٍ، تُعِينُ الشَّاعِرَ عَلَى نَظم مَعَانٍ طَرِيفَةٍ ، وَيَتَأْثى فِيهَا صَنَائِعُ لَطِيفَةٌ: لَو نَظَمَهَا الْعَالِمُ بِهَا لَعَابَهُ جَهَلَةُ الزَّمَانِ، وَ تَنَاوَلَتْهُ الأَلسُنُ(4) مِنْ كُلِّ مَكَانٍ. فَالْتَجَؤُوا /B37/ حَذَرًا عَنْ ذَلِكَ إِلَى إِبْدَاعِ نَفَائِسِ التَّجْنِيسِ وَ التَّورِيَةِ، فِي ضِمْنِ أَلْفَاظٍ خَسِيسَةٍ عَامِّيَّةٍ، وَأَصْطِلاحاتٍ سُوقِيَّة.
ص: 150
وَ مِنَ الْغَبْنِ أَنْ تَشْتَهِرَ الْهِنْدُوَانِيَّاتُ وَ تَكُونَ السُّيُوفُ الذَّرِّيَّةُ غَيْرَ مَشْهُورَةٍ، مَعَ مَا فِيهَا مِنْ حُسْنِ الْمَاخَذِ وَبَدِيعِ التَّصَرُّفِ، فَإِنَّهَا نُسِبَتْ إِلَى مَا فِيهَا مِنَ الْفِرِندِ . وَ هِيَ نِسْبَةٌ لَطِيفَةٌ بَعدَ اسْتِعَارَةِ لَفظِ الذَّرِّ لَهَا، فَهِيَ كَلِمَةٌ مُفْرَدَةٌ تَقُومُ مَقَامَ جُمْلَةٍ. وَأَمَّا سبَةُ الهِنْدُوَانِيُّ، فَإِنَّهُ مِنْ نِسبَةِ الشَّيْءٍ إِلَى صَانِعِهِ، أَو تَحَلَّ صَنَاعَتِهِ؛ وَهِيَ نِسبَةً عَامِّيَّةٌ شائِعَةٌ، كَيْسبَة النَّعَالِ الْحَضْرَمِيَّة.
نَعَمْ لَا رَيْبَ فِي قُبْحِ اسْتِعْمَالِ الْأَلْفَاظِ الْكَرِيهَةِ مِنْهَا، كَأَسْمَاءِ اللَّبَنِ الْخَائِرِ ، وَهِيَ: عُتَلِطٌ ، وَعُكَلِدٌ ، وَ عُجَلِطٌ ، وَنَحوِ ذَلِكَ وَلَكِنَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِهَا، بَلْ فِي الأَلْفَاظِ(1) المَشهُورَةِ مَا هِيَ كَذَلِكَ . وَمَا لَفْظُ مُشْتَهَرٌ(2) فِي النَّقْلِ كَمُسْتَشْزَرٍ(3) ، لَكِنَّ الْحَظَّ قَدْ غَطَّى عَلَى مُسْتَعْمِلِيهِ [292] كَالْبُحْتُرِيٌّ [293] وَ غَيْرِهِ [294]، وَ لَمْ يُسَاعِدِ أمْرَة الْقَيْسِ(4)[295] فَنُعِي عَلَيهِ قَولُهُ:
غَدَائِرُهَا مُسْتَشْزَرَاتٌ إِلَى الْعُلَى [296]
حَتَّى جَعَلَهُ عُلَمَاءُ المُعَانِي أَعْظَمَ شَوَاهِدِ التَّنَافُرِ فِي الْكَلِمَةِ [297] .
وَ لِيُعْلَمْ أَنَّ مَا أَو جَبْنَاهُ عَلَى الشُّعَرَاءِ مِنَ الْاِحْتِرَازِ عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ مُخْتَصُّ بِمَا إِذَا كَانَ الْعَرَضُ مِنَ الشِّعرِ الْحُسْنَ وَالْإِجَادَةَ فِي النَّظم؛ وَ بِمَا إِذَا لَمْ يَتَوَفَّفْ عَلَيْهَا نَظْمُ
ص: 151
مَعْنَى مُخْتَرَعٍ حَسَنٍ، أَوِ الْإِنْيَانُ بِصِنَاعَةٍ بَدِيعَةٍ، فَلَابَأْسَ بِهَا إِذَا كَانَ الْغَرَضُ أَمْتِحَانَ الْخَاطِرِ، أَو بَيَانَ الْقُدْرَةِ أَو غَيْرَ /A38 / ذَلِكَ، مِثلُ مَا يُصْنَعُ لِلْإِلْغَازِ أَوِ الْاِمْتِحَانِ؛ كَقَولِ الْقَائِلِ:
أَنا أَنْتَ الضَّارِبِي أَنْتَ أَنَا [298]
وَ مِنهُ أَبْيَاتُ العَايَاةِ [299] فِي عِلمِ الْعَرُوضِ ؛ كَقَولِهِ:
رَجُلٌ بِمَكَّةَ قَتَلَ رَجُلًا ***وَ سَرَقَ الَّذِي كَانَ فِي عِمَامَةِ أَحْوَصَا [300]
كَما أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهَا إِذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ نَظم مَا سَنَحَ لَهُ مِنَ الْمُعَانِي اللَّطِيفَةِ، وَ النِّكَاتِ الطَّرِيفَةِ ، إِلَّا بِاسْتِعْمَالِ بَعضِ الْأُمُورِ الْمُذْكُورَةِ.
وَ الْوَجهُ فِيهِ مَا سَتَعْرِفُهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى! - مِنْ أَنَّ الْقَبِيحَ الْقَلِيلَ يُغْتَفَرُ(1) مِنْ أَجْلِ الْحُسْنِ الْكَثِيرِ: وَ أَنَّ الشِّعْرَ الْحَسَنَ مَا زَادَتْ مُحَسْنَاتُهُ عَلَى مُقَبِّحَاتِهِ، لَا خُصُوصَ مَا فِيهِ الْحُسْنُ وَلَيسَ فِيهِ قُبْحٌ أَصْلًا.
رَابِعُهَا : الْإِفْرَاطُ فِي ذِكْرِ الْأَمَاكِنِ وَ الْبِلَادِ. فَإِنَّ لِبِلَادِ الْعَرَبِ أَسْمَاءَ كَثِيرَةً كَادَتْ أَنْ يَزِيدَ عَدَدُهَا عَلَى عَدَدِ أَشْبَارِ مَسَاحَتِهَا! - شِعْرًا - :
مَهَامِهَا وَ خُرُوقًا لَا أَنيسَ بهَا *** إِلَّا الضَّوَابِحَ وَالْأَصْدَاءَ وَالْبُو مَا [301]
وَهُمْ مُولِعُونَ بِذِكْرِهَا فِي أَشْعَارِهِمْ وَ هُمُ الْعُذْرُ فِي ذَلِكَ، لأَنَّ لَهُمْ فِي تِلْكَ الْأَمَاكِنِ أَيَّامُ مِنَ الْوَقَابِعِ وَ الْحُرُوبِ، وَ مُفَارَقَةِ صَاحِبٍ وَ وَدَاعِ تَحْبُوبِ؛ دُونَ
ص: 152
المتأَخَّرِ الَّذِي لَا يَعْرِفُ تِلْكَ الْأَرَاضِي وَ الْجِبَالَ، وَلَا يَتَعَلَّقُ لَهُ غَرَضٌ بِذَلِكَ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ. قَالَ ابْنُ مُقْبِل [302] :
يَا دَارَ كَبْشَةَ تِلْكَ لَمْ تَتَغَيَّرِ *** بِجُنُوبِ ذِي خَشُبٍ فَحَزْمٍ عَصَنْصَرِ [303]
/B38/ فَهَلْ تَرَى أَحَدًا مِنْ ذَوِي الطَّبَاعِ المُسْتَقِيمَةِ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ مَوقِعَ ذِي خَشَبَةٍ كَيْ يَعْرِفَ جُنُوبَهُ، وَلَمْ يُفَارِقْ فِيهِ مَحْبُوبَهُ؛ أَنْ يَرتَاحَ لِهَذَا الْبَيْتِ وَأَمْثَالِهِ، أَو يُحِبَّ أَنْ يَنْسِجَ عَلَى مِنْوَالِهِ!؟ .
وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الْوَرْدِ [304] :
عَفَتْ بَعْدَنَا مِنْ أُمِّ حَسَّانَ غَضْوَرُ *** وَفِي الرَّمْلِ مِنْهَا آيَةٌ لَا تَغَيَّرُ
وَ بِالْغُرِّ وَالْغَرَّاءِ مِنْهَا مَنَازِلٌ *** وَحَولَ الصَّفَا مِنْ أَهْلِهَا مُتَدَورُ (305]
وَ مُحَصَّلُ هَذَا الشِّعْرِ: إِنَّ لِأُمِّ حَسَّانَ آيَتَيْنِ(1) : إِحْدَاهُمَا فِي غَصْوَرَ وَ هِيَ عَافِيَةٌ ، وَ أُخْرَى فِي الرَّمْلِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ: وَبِالْغَرِّ وَالْغَرَّاءِ لَهَا مَنَازِلُ، وَكَذَلِكَ حَولَ الصَّفَا.
فَهَذَا الشَّاعِرُ يُعْذَرُ فِي هَذَا النَّظْمِ لِمَعْرِفَتِهِ تِلكَ الأَمَاكِنَ وَ مَعْرِفَتِهِ حُسْنَ أُمِّ حَسَّانَ وَجَمَالَهَا، دُونَ الْمُتَأَخِّرِ الَّذِي لَا يَعْرِفُهَا وَلَا يَعْرِفُ مَنَازِهَا.
وَ قَالَ أَبُو دَهْبَل [306] مُخَاطِبًا نَاقَتَهُ، وَيُرْوَى لِغَيْرِهِ:
حِنِّي فَمَا عَلَيْكِ أَنْ تَحِنِّي *** وَدُونَ آلَيْكِ رُحَى الْحَزِينِ
وَعَرْضِ السَّاوَةِ الْقَسْوَنٌ *** وَالرَّمْلِ مِنْ عَالجِ الْبُجُونِ
وَ رُعْنَ سَلْمَى وَأَخَا الْأَخْشَنِ *** ثُمَّ غَدَتْ وَهِيَ تَنَالُ مِنِّي
ص: 153
جَاعِلَةَ الْغَوِيرِ كَالْمِجَنَّ *** وَحَارِنَا فِي الْجَانِبِ الأَيْمَنِ
عَامِدَةً أَرْضَ بَنِي أَنْفَنِ [307]
/A39 / عُقِرَتْ تِلكَ النَّاقَةُ المُلْعُونَةُ، الْوَاخِدَةُ فِي تِلْكَ الْأَرَاضِي المجهولة، الْقَاصِدَةُ تِلكَ الطَّائِفَةَ المُشْؤُومَةَ.
وَبِالْجُملَةِ فَعَلَى هَؤُلَاءِ أَنْ يَصِفُوا بِلَادَهُمُ الْقَاحِلَةَ ، وَأَرَاضِيَهُمُ الْمَاحِلَةَ ، وَعَلَى سَكَنَةِ الأَريَافِ أَنْ يَصِفُوا مَا فِي بِلَادِهِمْ مِنَ الْأَمْكِنَةِ اللطيفة، والمُتَنَزَّهَاتِ(1) الطَّرِيفَةِ(2) ، إِذَا تَعَلَّقَتْ أَغْرَاضُهُمْ بِذَلِكَ. وَلَا يُتُعَدَّى عَنْهَا إِلَّا إِلَى الْبِلَادِ الَّتِي أَسْمَاؤُهَا عَذَّبَةٌ مَشْهُورَةٌ [308] كَحَاجِرٍ [309] وَ سَلْعِ[310] وَنَحْوِهِمَا، إِذَا تَوَقَّفَ نَظْمُ مَعْنَى حَسَنٍ عَلَيْهِمَا، أَو طَاوَعَتْهُ التَّورِيَةُ وَنَحْوُهَا فِيهِمَا كَمَا لَا يَخْفَى شَوَاهِدُ ذَلِكَ عَلَى الْمُتَتَبعِ فِي أَشْعَارِ الْمُتَأَخِّرِينَ، كَمَا فِي قَولِ [311] أَبْنِ نَبَاتَة [312] فَإِنَّهُ لَا مَنْعَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، بَلْ ذَلِكَ مِمَّا يَزِيدُ الشَّعْرَ حَلَاوَةٌ وَطَلَاوَةٌ ، إِذْ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَصْدُقَ عَلَيْهِ حَدُّ الْفَرَائِدِ فِي أَصْطِلاح البديعيين.
خَامِسُهَا: الْبُكَاءُ عَلَى الدِّمَنِ وَ الطَّلَالِ(3) ، وَالْإِلْحَاحُ عَلَيْهَا فِي السُّؤَالِ؛ وَ بَيَانُ اسْتِعْجَامِهَا وَخَلَائِهَا، وَتَغَيرِهَا وَعَفَائِهَا: وَمَا جَرَى عَلَيْهَا مِنَ الرِّيَاحِ وَالْأَنْوَاءِ ، وَ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ بَعْرِ الضِّبَاءِ(4) وَ الدُّعَاءُ لَهَا بِسُقْيَا الْأَمطَارِ، وَ التَّشَكِّي مِنَ
ص: 154
الْعُذَالِ عَلَى الْوُقُوفِ فِي الدِّيَارِ؛ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا شَغَلَ أَكْثَرَ شِعْرِ المُتَقَدِّمِينَ، وَمُقَلِّدِيهِمْ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ فَإِنَّهَا مَعَانٍ تَكَرَّرَتْ عَلَى الْأَسْمَاعِ، حَتَّى مَلَّتْهَا الطَّبَاعُ.
وَإِذَا تَأَمَّلْتَ فِي الشِّعْرِ المُشتَمِل عَلَى 839 هَذِهِ الْأُمُورِ وَجَدْتَ المُسْتَفَادَةَ مِنهُ مَعْنًى وَاحِدًا، وَ هُوَ إِنَّ أَمْرَأَةً كَانَ لَهَا مَنزِلُ ارْتَحَلَتْ عَنهُ إِلَى حَيثُ ال(1) ، وَ عُفِيَتْ رُسُومٌ لَهَا إِلَّا آثَارٌ تَلُوحُ لِمَنْ تَأَمَّلَ؛ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَانِي الَّتِي إِنْ لَمتَتَجَهَا الْأَسْمَاعُ بِالمُرَّةِ فَلَا تَتَحَمَّلُهَا أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ. وَ إِنَّمَا تُكَثّرُ الْقَصَائِدُ وَ تُؤَلِّفُ الدَّوَاوِينُ بِفَرْضِهَا تَارَةً بِالْغُورِ [313] وَ تَارَةً فِي نَجْدٍ [314]، مَنْسُوبَةً طَورًا إِلَى هِنْدٍ وَطُورًا إِلَى دَعْدٍ ؛ وَ يُعَيَّنُ المَكَانُ تَارَةً (315]، وَ تَارَةً يُقَالُ: أَنَّهُ بَينَ مَوضِعَيْنِ – كَحَاجِرٍ وَ لَعْلَمٍ [316] - أَو بَينَ مَوَاضِعَ ثَلَاثَةٍ؛ كَقَولِهِ :
بيْنَ الشَّقِيقَةِ فَاللَّوَى فَالْأَجْرَع [317]
فَإِنْ «عَفَا ذُوحُسًا مِنْ فَرْتَنَى فَالْفَوَارِعُ»[318] تَكُونُ مَطْلَعَ قَصِيدَةِ نَابِغَةَ بَنِي ذُبيان [319] أَو بَنِي الْجَعْدِ [320]، وَإِنْ عَفَتْ بَعدَهُ مِنْ أُمِّ حَسَانٍ غَضْوَرُ [321] يَكُونُ ذُيْيَانَ مُسْتَهَلَّ قَصِيدَةِ عُرْوَةِ بْنِ الْوَرْدِ [322]. وَ الطَّبَاعُ بَحْبُولَةٌ عَلَى مُعَادَاةِ الْحَدِيثِ الْمَعَادِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ زِيَادَةٌ فِي المَعْنَى الْمُسْتَفَادِ.
وَلَسْتُ أَنْهَى عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ وَ أَمْنَعُ مِن اسْتِعْمَالِهَا فِي الشِّعْرِ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَ أَوَّلُ مَنْ حَنَّهُمْ عَلَى سَدٌ هَذِهِ الْأَبْوَابِ مِنَ
ص: 155
الشَّعْرِ الْحَسَنُ بْنُ هَانِي [323] فِيَا أَعْلَمُ. بَلْ أَقُولُ: إِنَّهَا أَبْوَابٌ لِلشَّعرِ كَالمديح وَالجَاءِ لَا يُكتفَ فِيهَا بِبَيَانِ هَذِهِ الْمُوضَوعَاتِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْتَرَعَ فِيهَا مَعَانِي حَسَنَةٌ، وَنِكَاتُ مُسْتَحْسَنَةٌ. فَكَمَا لَا يَكْفِي عِندَ الْبُلَغَاءِ فِي الْمُدْحِ وَ الْهِجَاءِ قَولُكَ: إِنَّ فُلَانًا رَجُلٌ لَتِيمٌ، أَو إِنَّ /A40/ الصَّرِيمَ رَجُلٌ أَسْمُهُ عَمْرُو وَ هُوَ كَرِيمٌ، بَلْ هُمَا مَوضِعَانِ لِلْمَدْحِ وَأَلْهِجَاءِ؛ وَلَيْسَ المَدْحُ وَ الْهِجَاءُ إِلَّا مَا يُؤْتَى بِهِ مِنَ الْمُعَانِي وَ النِّكَاتِ، عِنْدَ إِرَادَةِ مَدْحِ هَذَا وَ هَجْوِ ذَاكَ؛ كَذَلِكَ هَذِهِ الْأَبْوَابُ فَلَا يَكْفِي فِيهَا قَولُكَ إِنَّ فِي مُنْقَطِعِ الرَّمْلِ مِنْ يَبْرِينَ عِدَّةَ أَطْلَالٍ وَقَفْتُ عَلَيْهَا وَلَا مَنِيَ الْعُذَالُ: وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَدُورُ أَمْرُهَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَكَاذِيبِ الْبَارِدَةِ، أَوِ الْقَضَايَا الصَّادِقَةِ الَّتِي لَيْسَتْ فِيهَا فَائِدَةٌ.
وَلَا يُعَدُّ مِنَ الشِّعْرِ الْجَيّدِ إِلَّا مَا يَأْتِي بِهِ الشَّاعِرُ مِنَ الْمُعَانِي الطَّرِيفَةِ، وَ النِّكَاتِ اللَّطِيفَة؛ عِنْدَ الْوُقُوفِ عَلَى الدِّيَارِ، وَ مُخَاطَبَةِ النَّوَى وَالْأَحْجَارٍ؛ وَنَحْوُ ذَلِكَ.
فَعَلَى الْمُتَأَخَّرِ أَنْ لَا يَكْتَفِي عِنْدَ إِرَادَةِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى بَيَانِ هَذِهِ الْمُوضُوعَاتِ وَ مَا يَأْتِي فِيهَا مِنَ الْأَوْصَافِ وَالمُعَانِي الْعَامِّيَّةِ الَّتِي لَا تَتَعَصَّى(1) عَلَى أَحَدٍ، بَلْ يَقِفَ كَوُقُوفِ أَبِي الطَّيِّبِ [324] فِي قَولِهِ:
بَلِيتُ بَلِي الْأَطْلَالِ إِنْ لَمْ أَقِفْ بِهَا ***وُقُوفَ شَحِيحٍ ضَاعَ فِي التُّرْبِ خَاتَمُهُ [325]
وَلَا يَصِفُ عَفَاءَ الدِّيَارِ إِلَّا بِمِثْلِ قَولِ الْقَائِلِ :
وَلَا رَأَيْتُ الحِسْمَ وَالرَّبْعَ أَشْكَلَا *** عَفَاءً سَأَلْتُ الرَّكْبَ أَيُّهُمَا جِسْمِي [326]
ص: 156
وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْوُقُوفِ وَ السُّؤَالِ إِلَّا كَقَولِ مَنْ قَالَ:
فَمِنْ وَاقِفٍ فِي جَفْنِهِ الدَّمْعُ وَاقِفٌ *** وَمِنْ سَائِلِ عَنْ جَفْنِهِ الدَّمْعُ سَائِلُ [327]
/B40/ إِلَى غَيرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَخْفَ عَلَى المُتبعِ فِي أَشْعَارِ الْمُتَأَخَّرِينَ وَإِنْ كُنْتُ لا أَخُصُّهُمْ بِهَذِهِ الْفَضِيلَةِ، بَلْ لِلْمُتَقَدِّمِينَ فِي ذَلِكَ مَعَانٍ جَلِيلَةٌ وَلَكِنَّ مَعَانِي المتأخّرِينَ أَلْطَفُ، وَأَكْثَرُ شِعْرِ الْأَقْدَمِينَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْقِسْمِ الأَوَّلِ.
سَادِسُهَا: ذِكْرُ الطَّيْفِ وَالْخَيَالِ : وَ الْحَالُ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي السَّابِقِ عَلَيْهِ؛ فَيُقَالُ كَمَا قَالَ ابْنُ النَّبِيهِ [328] :
يَا نَارَ أَشْوَاقِيَ لَا تَخْمُدِي *** لَعَلَّ ضَيْفَ الطَّيْفِ أَنْ يَهْتَدِي [329]
أَو كَمَا قَالَ السَّرُّوجِيُّ [330] :
يَا حُسْنَ طَيْفٍ مِنْ خَيَالِكَ زَارَنِي *** مِنْ فَرْحَةٍ بِلِقَاهُ مَا حَتَّقْتُهُ
فَمضَى وَفِي قَلْبِي عَلَيْهِ حَسْرَةٌ*** لَوكَانَ يُمْكِنُنِي الرِّقَادُ لَحَقْتُهُ [331]
لَا كَمَا قَالَ الْبُحْتُرِيُّ [332] :
خَيَالٌ يَعْتَرِينِي فِي المَنَامِ*** لِسَكْرَى اللَّحْظِ فَاتِنَةِ الْقَوَامِ [333]
فَإِنَّ هَذَا الْخَيَالِ الَّذِي أَعْتَرَى أَبَا عُبَادَةَ يَعْتَرِي غَالِبَ الْعُزَّابِ، وَلَكِنَّ أَعْيَاهُمْ يُعبرُ عَنْهُ بِأَحْسَنَ [مِنْ](1) هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَ عَلَى عُلَاتَتِهِ(2) فَإِنَّهُ أَهْوَنُ مِنْ قَولِهِ :
وَلَا وَصْل إِلَّا أَنْ يَطُوفَ خَيَالُهَا *** بِنَا تَحْتَ جُؤْشُوشٍ مِنَ اللَّيْلِ أَسْفَعِ [334]
ص: 157
وَ مَا قَدْرُ هَذَا(1) الْمَعْنَى الَّذِي لَا يَعْجِرُ أَنْزَلُ الْعَوَامِّ عَنْ مِثْلِهِ، حَتَّى تَتَحَمَّلَ الْأَذَانُ ثِقُلَ لَفْظِ «جُؤْشُوشِ» لِأَجْلِهِ؛ عَلَى أَنِّي لَا أُنْكِرُ فَضْلَهُ، وَأَسْتَعْذِبُ /A41/ قَولَهُ:
إذَا أَنْتَزَعَتْهُ مِنْ يَدَيَّ انْتِبَاهَةٌ *** ظَنَنْتُ حَبِيبًا رَاحَ مِنِّي أَو غَدًا
وَ لَم أَرَ مِثْلَيْنَا وَ لَا مِثلَ شَأْنِنَا *** نُعَذِّبُ أَيْقَاظًا وَنَنْعَمُ هُجَّدَ [335]
بَلْ أَقُولُ تَأَدُّبَا الْفَضْلُ لِمَنْ تَقَدَّمَ، وَلَكِنْ فِي النَّفْسِ مَا اللَّهُ بِهِ أَعْلَمُ ، وَ «الطَّيفُ » هُوَ الْحَكَمُ: فَإِنَّ الرَّاعِيَ [336) جَعَلَهُ غُولاً، حيثُ قَالَ:
طَافَ الْخَيَالُ بِأَصْحَابِي فَقُلْتُ لَهُمْ *** أَأُمُّ شَدْرَةَ زَارَتْنَا أَمِ الْغُولُ [337]
وَطَرَدَهُ جَرِيرٌ [338] فِي بَيْتِهِ المَعرُوفِ [339]، وَقَدْ تَرَكَّبَ بِهِ الْمُتَأَخِّرُ وَ جَعَلَهُ بَدْرًا لِفَرْطِ نُورِهِ تَرَاهُ مُقْلَةٌ النَّائِمِ، قَالَ ابْنُ الْعَفِيفِ [340]
يَا حَبَّذا طَيْفُكَ مِنْ قَادِمٍ *** يَا أَحْسَنَ الْعَالَمُ فِي الْعَالَمِ
بَدْرٌ تَجَلَّى نُورُهُ سَاطِعًا ***حَتَّى رَأَتْهُ مُقْلَةُ النَّائِمِ [341]
وَمِمَّا ذَكَرْنَا فِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ يُعْرَفُ الْحَالُ فِمَا وَلَعَ بِهِ الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ تَعْدَادِ أَسَامِي السَّبَاسِبِ وَ النَّجَائِبِ(2) ، وَسَيْرِهَا بِالْجَنَائِبِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ .
سَابِعُها: - وَ هُوَ أَهمها : الاكْتِفَاءُ بِالمعاني المبذولة، والتشبيهات العامية و النِّكَاتِ الْمُبْتَذِلَةِ؛ فَإِنَّ الْمَعَانِي وَالْأَغْرَاضَ المُسْتَعْمَلَةَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ كَانَتْ تِلْكَ المُعَانِي وَ الْأَعْرَاضَ الْعَامِّيَّةَ الَّتِي كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِهَا، حَتَّى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَرْقُ بَينَ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ الْبَدَوِيُّ مَعَ رَاعِي إِبِلِهِ، وَ حَالِي غَنَمِهِ، وَ بَينَ شِعْرِهِ؛ /B41 / إِلَّا مُجَرَّدَ الْوَزْنِ؛
ص: 158
كَقَولِ التَّمِيمِيّ:
هُمَا إِيلَانِ فِيهِمَا مَا عَلِمْتُمُ *** فَأَدُّوهُمَا إِنْ شِنْتُمُ أَنْ نُسَالِما
وَ إِنْ شِنْتُمُ أَلْقَحْتُمُ وَ نَبِحْتُمُ *** وَ إِنْ شِئْتُمْ عَيْنًا بِعَيْنِ كَمَا هُمَا [ 342]
حَتَّى أَنَّ مِنَ الشِّعْرِ الْمَنْقُولِ مَا يُشَكُ فِي كَونِهِ شِعْرًا، إِذْ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ قَصَدَ ذَلِكَ وَإِنِ أتَّفَقَ انْطِبَاقُهُ عَلَى بَعضِ الْأُوزَانِ: كَقَولِهِ:
وَ قَولِهِ :
لا تُفْسِدُوا أَبَالَكُمْ *** إنما لَنَا إِيمَا لَكُمْ [343]
يَا لَيْتَ أَنِّي وَسَبِيعًا فِي غَنَمْ *** وَ الْخُرْجُ مِنِّي فَوقَ كَرَّارٍ أَجَمْ [344]
ثُمَّ اسْتَعْمَلُوا فِي الشِّعْرِ التَّشْبِيهَاتِ وَ النِّكَاتِ وَ الْمُعَانِيَ الشِّعْرِيَةَ، وَلَكِنَّهَا كَانَتْ قَرِيبَةً مِنَ المُعَانِي الْأَوَّلِيَّةِ : بِحَيثُ لَا تَتَعَدَّاهَا(1) إِلَّا قَلِيلًا. ثُمَّ لَمْ تَزَلِ الْمُعَانِي تَزْدَادُ رِقَةً وَ جَلَاوَةً، وَالتَّشْبِيهَاتُ رَونَقًا وَطَلَاوَةً : وَذَلِكَ لِمَا عَرَفْتَ مِنْ كَونِ ذَلِكَ مُقْتَضَى كُرُورٍ الْأَعْصَارِ عَلَى كُلِّ صَنْعَةٍ وَفَنِّ، وَ تَنْقُلِ كُلٌّ مِنهُما فِي كُلِّ قَرْنٍ عَنْ حَسَنٍ إِلَى أَحْسَنَ؛ وَ سَاعَدَ ذَلِكَ اخْتِلَافُ الْعَرَب إلَى الْبِلادِ المُتَمَدِّنَةِ، وَأَطْلَاعُهُمْ عَلَى مَا لِلْفُرْسِ مِنَ المُعَانِي المُسْتَحْسَنَةِ حَتَّى غَدَتِ المُعَانِي المَألُوفَةُ عِندَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَحْشِيَّةً عِندَ المتأخّرِينَ؛ وَكَادَ أَنْ /A42/ تُرْفَعَ الْمُشَارَكَةُ مِنَ الْبَيْنِ، وَيَنْطِقَ لِسَانُ الشِّعْرِ بِأَنَّهُ لَا يَرَى الْفَرِيقَيْنِ: فَإِنَّكَ لَو سَمِعْتَ قَولَ الْقَائِلِ:
وَ يَكَادُ يُقْرَأُ مِنْ صَفَاءِ خُدُودِهِ *** مَا مَرَّ تَحْتَ الْخَدِّ مِنْ أَلْفاظِهِ [345]
ص: 159
عَلِمْتَ - يَقِينًا ! - بِأَنَّ قَائِلَهُ لَيسَ مِنَ الْجَاهِلِيِّينَ(1) ، وَ لَا مِنَ الْخَضْرَ مِينَ [346]: بَلْ لا يَعْتَرِضُكَ الشَّكُ فِي أَنَّ قَائِلَهُ مُتَأَخِّرٌ عَنِ الْقَرْنِ الثَّالِثِ [347]، وَأَنَّ شُعَرَاءَ الْأَعْصَارِ السَّابِقَةِ عَلَيهِ مَا كَانُوا يَهْتَدُونَ إِلَى مِثْلِهِ.
فَعَلَى الشَّاعِرِ أَنْ يَعْلَمَ أَوَّلَا أَنَّ الْمُعَانِي هِيَ المُطْلُوبَةُ مِنَ الْكَلَامِ، وَهِيَ الْحَسْنَةُ لَهُ ذَانًا، وَالألْفَاظُ مُحَسَّنَةٌ لَهُ بِالْعَرَضِ وَلَا تُطْلَبُ إِلَّا لِأَجْلِ مَعَانِيهَا : كَمَا قَالَ الشَّيْخُ [348]
أنْظُرْ تَجِدْ صُوَرَ الْأَلْفَاظِ وَاحِدَةً *** وَإِنَّمَا لِمَعَانٍ تُعْشَقُ الصُّوَرُ [ 349]
ثُمَّ يَتَطَلَّبَ مِنَ الْمُعَانِي الدَّقِيقَةِ الْجَلِيلَةِ مَا يَكُونُ دُونَ الْفَلْسَفَةِ فِي الْكَلَامِ، وَفَوقَ مَا تَصِلُ إِلَيْهِ أَفْكَارُ الْعَوَامٌ. وَ لَا يُزَهُدُهُ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَوَائِلِ - وَ أَظُنُّهُ أَبَا عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ [350] مِنْ: «أَنَّ خَيْرَ الشِّعْرِ مَا فَهِمَتْهُ(2) الْعَوَامُّ»[351] فَإِنَّهُ حَقٌّ فِي الشِّعْرِ المُصْنُوعِ فِي عَصْرِهِ وَ مَا قَبْلَهُ مِنَ الْأَعْصَارِ، حَيثُ كَانَتِ الْمُعَانِي عُرْفِيَّةً عَامِّيَّةً. إِذْ عَدَمُ فَهْمِهِمْ لِلشِّعْرِ الَّذِي مَعْنَاهُ مِنْ مَعَانِيهِمْ، لَا يَكُونُ إِلَّا لِعِقَادَةِ التَّرْكِيبِ وَنَحْوِهِ مِنْ عُيُوبِ الْكَلَامِ، وَأَمَّا عَدَمُ فَهْمِهِمْ لِلشِّعْرِ إِذَا كَانَ الجَلَالَةِ /B42/ مَعْنَاهُ وَأَشْمَالِهِ عَلَى دَقَائِقَ وَنِكَاتٍ لَا تَصِلُ إِلَيهِ أَنْهَامُهُمْ، فَهُوَ غَيْرُ مُرَخَّصِ لِسِعْرِهِ، بَلْ كَاشِفٌ عَنْ جَلَالَةِ قَدْرِهِ [352] .
وَ لَو قِيلَ الآنَ إِنَّ شَرَّ الشَّعْرِ مَا فَهِمَتْهُ(3) الْعَوَام، أو: إِنَّ خَيْرَ الشِّعْرِ مَا لَا يَفْهَمُهُ غَالِبُ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَ بِوَجْهِ كُلِّيِّ فَلَاشَكَ أَنَّهُ قَرِيبٌ جِدًّا إِلَى الصَّوَابِ، وَ مُطَابِقٌ
ص: 160
لِلْقِيَاسِ، فَإِنَّكَ لَو رَأَيْتَ مُتَكَلَّمَا مَعَ عَبْدِهِ أو جَارِينِهِ فِي مَقَاصِدِهِ الْمُتَعَارَفَةِ وَ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إِفْهَامِهِمْ، حَمَلْتَهُ عَلَى الْعَيِّ وَ قُبْحِ الْبَيَانِ، دُونَ مَا إِذَا تَكَلَّمَ فِي دَقَائِقِ الْعُلُومِ وَ حاول إثباتها بِالْبُرْهَانِ وَ مَتَى رَأَيْتَ فِي الْمُتَأَخَّرِينَ مَنْ يَنْتَحِلُ الْأَدَبَ وَهُوَ يَمِيلُ إِلَى حَاوَلَ إِثْبَاتَهَا هَذَا المُذْهَبِ؛ فَحُكْمُهُ حُكمُ الْعَوَامٌ بَلْ هُوَ مِنْهُمْ، وَ إِنِ امْتَازَ بِالدَّعْوَى وَالزِّيِّ عَنْهُمْ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمُتَتَّبِعُ(1) فِي كُلِّ فَنِّ وَصَنْعَةٍ، عُلَمَاءُ ذَلِكَ الْفَنِّ وَأَسَاتِيدُ تِلْكَ الصَّنْعَةِ؛ وَ لا عِبْرَة بِالْعَوَامُ مُطْلَقًا وَ لَا بِعُلَمَاءِ غَيرِ ذَلِكَ الْعَصْرِ. نَعَمْ لَابُدَّ لِلشَّاعِرِ أَنْ يُلَاحِظَ مَوَاقِعَ نَظْمِهِ، وَ يُخَاطِبَ كُلَّ أَحَدٍ بِمِقْدَارِ فَهْمِهِ، وَ لَا يُكَلِّفَ السَّامِعَ فَوقَ عِلْمِهِ؛ فَتَفُوتُهُ المَقَاصِدُ، وَتَذْهَبُ ضَيَاعًا مَا يَصْنَعُهُ مِنَ الْقَصَائِدِ.
فَخَالَفَةُ شَرَايعِ الْآدَابِ جَائِزَةٌ إِذَا كَانَ الْغَرَضُ مِنَ الشِّعْرِ صِرْفَ الْجَائِزَةِ، أَو نَحْوَهَا مِنَ الْأَغْرَاضِ الْمُتَنَوَّعَةِ، فَإِنَّ الشَّاعِرَ فِي سَعَةٍ. هَذَا أَبْنُ رَبِيعَةَ [353]، وَهُوَ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ عِدَّةِ أَبْيَاتٍ مِنْ شِعْرِهِ - مِنْ يُجِيدِي شُعَرَاءِ عَصْرِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ تَرَى /A43/ أَكْثَرَ شِعْرِهِ قَدْ تَجَاوَزَ حَدَّ الرَّقَةِ، بَلْ بَلَغَ أَقْصَى غَايَاتِ الرِّكَةِ ا: وَفِيهِ مِنَ ؛ الثانتِ مَا لَا يَليقُ إِلَّا بِرَبَّاتِ الْحِجَالِ ، وَيَسْتَحْيِي مِنْ رِوَايَتِهِ فَحُولُ الرِّجَالِ وَ مَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّهُ كَانَ يَقْصُدُ مِنْ شِعْرِهِ إِفْهَامَ الْغَوَانِي الْكَوَاعِبِ ، وَ التَّوَصُّلَ بِذَلِكَ إِلَى مَا لَهُ عِنْدَهُنَّ مِنَ الْمَارِبِ؛ فَتَرَاهُ يَقُولُ:
مِنْ عَاشِقٍ كَلِفِ الْفُؤَادِ مُتَيَّمٍ *** يُهْدِى السَّلَامَ إِلَى الْمُلِيحَةِ كَلْتَمِ [354]
وَ لَاشَكَ أَنَّهُ لَو مَدَحَ هَذِهِ الْمَلِيحَةَ - : كَلْثَم - بِقَصِيدَةٍ تَشْتَمِلُ عَلَى أَلْفَاظِ
ص: 161
ابْنِ هَانِي [355]، وَمَعَانِي الْأُرْجَانِي [356]: مَا كَانَتْ تُعْجِبُهُ أَصْلًا، وَمَا كَانَتْ تَمنُحُهُ بَعدَ الصُّدُودِ وَصْلا؛ وَلَكِنْ هَذَا الْبَيْتِ عِنْدَهَا مِنَ الْاِسْتِحْسَانِ، مَوقِعٌ لَيسَ لِقَولِ المتنبي [357] :
أَزُورُهُمْ وَ سَوَادُ اللَّيْلِ يَشْفَعُ لِي *** وَأَنْتَنِي وَبَيَاضُ الصُّبْحِ يُغْرِي بي [358]
عِنْدَ عُلَماءِ الْبَدِيعِ وَالْبَيَانِ .
هَذَا؛ وَإِيَّاكَ أَنْ تَشْغُلَكَ المُعَانِي وَ النِّكَاتُ الْحِسَانُ، عَنْ مَحَاسِنِ الْأَلْفَاظِ ؛ فَيَفُوتُكَ مِنَ الْحُسْن أَحَدُ شَطْرَيْهِ، أَو يَسْرِي قُبْحُ اللَّفْظِ إلَى المَعْنَى فَلَا يَلْتَفِتُ أَدِيبُ إلَيهِ. وَ المُعَانِي وَأَكْثَرُ النِّكَاتِ يَشْتَرِكُ فِيهَا جَمِيعُ الْأُمَمِ، مِنَ الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ وَ تَأْتِي فِي أَلْفَاظٍ فَارْسِيَّةٍ، كَمَا يَأْتِي فِي كَلِمَاتٍ عَرَبِيَّةٍ فَإِذَنْ أَيْنَ فَضْلُ هَذِهِ اللُّغَةِ الَّتِي شَرَّفَ اللَّهُ قدْرَهَا /B43/ وَأَعْلَى فِي الدَّارَينِ أَمْرَهَا !؟.
هَذَا وَ بَقِيَتْ أُمُورٌ أُخَرُ مَنَعَنَا عَنْ ذِكْرِهَا ضِيقُ الْجَالِ، وَ بِالْقِيَاسِ عَلَى هَذِهِ الأُمُورِ السَّبْعَةِ تَظْهَرُ لِلْمُتَأَمِّلِ حَقِيقَةُ الْحَالِ.
وَ قَدْ عَنَّ لِي أَنْ أَثْبُتَ هُنَا قَصِيدَةَ الْخَلَّبِ أَهْلَالِي [359]، وَهِيَ مِنْ مَشْهُورِ شِعْرِهِمْ، وَ هُوَ مِنْ أَحْسَنِهِ عِنْدَهُمْ حَتَّى أَنَّهُ - عَلَى مَا قَالُوا لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بَدَوِيٌّ إِلَّا وَهُوَ يَحْفَظْهَا [ 360]!!. وَ ذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنَ الشَّوَاهِدِ عَلَى أَكْثَرِ مَا ادَّعَيْنَاهُ فِي هَذِهِ الرِّسَالَةِ، وَ إِنْ كَانَ شَرْطُنَا فِيهَا تَرْكَ الْإِطَالَةِ؛ وَ هِيَ هَذِهِ:
وَجَدْتُ بِهَا وَجْدَ الَّذِي ضَلَّ نَضَوَهُ *** بِمَكَّةَ يَومًا وَالرِّفَاقُ نُزُولُ
بَغَى مَا بَغَى حَتَّى أَتَى اللَّيْلُ دُونَهُ *** وَرِيحٌ تَعَلَّى بِالتُّرَابِ جَفُولُ
ص: 162
أَتَى صَاحِبَيْهِ بَعْدَ مَا ضَلَّ سَعْيَهُ *** بِحَيْثُ تَلَاقَتْ عَامِرٌ وَ سَلُولُ
فَقَالَ أَحْمِلَا رَحْلِي وَرَحْلَيْكُمَا مَعًا *** فَقَالَا لَهُ كُلُّ السَّفَاءِ تَقُولُ
فَقَالَ أَحْمِلَانِي وَأَتْرُكَا الرَّحْلَ إِنَّهُ *** بِمَهْلَكَةِ وَ الْعَاقِبَاتُ تَدُولُ
فَقَالَا مَعَاذَ اللَّهِ وَاسْتَرْبَعَتُها *** وَرَحْلَيْها عِيرَانَةٌ وَذَمُولُ
شَكَا مِنْ خَلِيلَيهِ الْجَفَاءَ وَنَقْدُهُ *** إِذَا قَامَ يَسْتَامُ الرِّكَابَ قَلِيلُ
فَبَيْنَاهُ يَشْرِى رَحْلَهُ قَالَ قَائِلٌ *** مَنْ جَمَلٌ رَخْوُ المَلاطِ َذلُولُ
مُحَلَّى بِأَطْوَاقٍ عِتَاقٍ تُزِينُهُ *** أَهِلَّهُ جُنَّ بَيْنَهُنَّ فُصُولُ
/A44/ فَهَلَّلَ حِينًا ثُمَّ رَاحَ بِنَضْوِهِ *** وَقَدْ حَانَ مِنْ شَمْسِ النَّهَارِ أُفُولُ
فَمَا تَمَّ قَرْنُ الشَّمْسِ حَتَّى أَنَاخَهُ *** قَرْنٍ وَلِلْمُسْتَعْجِلَاتِ دَلِيلُ
فَلَمَّا طَوَى الشَّخْصَيْنِ وَ أَزْوَرَّ مِنْهُمَا *** وَوَطَّنَهُ بِالنَّقْرِ وَهُوَ ذَلُولُ
فَقَامَا يَجُرَّانِ النِّيَابَ كِلَاهُمَا *** لِمَا قَدْ أَسَرًا بِالْخَلِيلِ قَبِيلُ
فَقَالَ أَرْفَعَا رَحْلَيْكُمَا وَتَرَفَّعَا *** فَاءُ الأَدَاوِي بِالْفَلَاةِ قَلِيلُ [361]
وَهَذِهِ الْقَصِيدَةُ وَ إِنْ جَعَلَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَعْرَابِيُّ [362] ضَالَّةَ الْأَدِيبِ [363] فَمَا لِلنَّاظِرِ فِيهَا حَقٌّ وَلَا نَصِيبٌ، سَوَى الإِطْلَاعِ عَلَى قِصَّةٍ كَاذِيَةٍ بَارِدَةٍ، كَثِيرًا مَّا يَقَعُ أَمْنَالُهَا وَ لا يُعْتَنى بها لِقِلَّةِ الْفَائِدَةِ.
وَلَكِنَّهَا(1) أَوفَرُ حَظًّا مِنْ هَذِهِ الْمِسْكِينَةِ الَّتِي تُشبِّبَ بِهَا فِي هَذَا الشِّعْرِ، لأنها لَمْ تَسْتَفِدْ شَيْئًا مِنْ وَصفِ حُسْنِهَا وَ جَمَالِهَا، وَلَا الشَّكْوَى مِنْ فِرَاقِهَا وَ الشَّوقِ إِلَى
ص: 163
وِصَالِهَا - عَلَى مَا جَرَتْ عَلَيْهِ سِيرَةُ الْعُشَّاقِ - ، بَلْ قَنَعَ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ بِمَا ذَكَرَهُ فِي بَعضِ الشَّطْرِ الأَوَّلِ، ثُمَّ شَغَلَهُ عَنهَا وَصْفُ النَّضْرِ وَ مَا لَهُ مِنَ الْأَطْوَاقِ الْعِتَاقِ.
وَ أَنَا - أَيُّهَا الْأَدِيبُ المَنْصِفُ - أُنْشِدُكَ وَذِمَامَ الْأَدَبِ إِلَّا أَنْ تُرَاجِعَ بَعدَ ذَلِكَ قَصِيدَةَ لِلْقَاضِي الْأُرَّجَانِيّ [364] عَلَى وَزْنِ هَذِهِ وَ قَافِيَتِهَا، أَوَّلُهَا:
جَمَالٌ وَلَكِنْ أَيْنَ مِنْكَ جَمِيلٌ *** وَحُسْنُ وَإِحْسَانُ الْحِسَانِ قَلِيلُ [365]
/B44/ وَ هِيَ مِنْ أَوسَطِ قَصَائِدِهِ، وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَرْدَيْ شِعْرِهِ فَمَا هِيَ مِنْ قَلَائِدِهِ : وَ إِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ وَ ظَهَرَ لَكَ أَنَّ بَيْتًا وَاحِدًا مِنهَا وَ هُوَ قَولُهُ:
يَبِيتُ لَهَا قَلْبِي وَ طَرْفُكِ وَ الصَّبَا *** جَمِيعًا وَكُلٌّ يَا أُمَيْمٌ عَلِيلُ [366] -
خَيْرٌ مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْبَدَوِيَّةِ وَأَخَوَاتِهَا، وَ مَا فِيهَا مِنْ أَوصَافِ نِيَاقِهَا وَفَلَوَاتِهَا : عَلِمْتَ يَقِينا - وَلَا أَظُنُّكَ بَعْدُ فِي شَكٍّ مِنهَا ! - صِحةَ مَا عَرَّفْنَاكَ مِنَ الْبُونِ الْبَعِيدِ بَينَ مَا ! - كَانَ عَلَيهِ الشِّعْرُ فِي الزَّمَانِ الْقَدِيمِ وَ مَا هُوَ عَلَيهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَ الْفَرقُ الْوَاضِحُ بَينَ مَا يُسْتَحْسَنُ عِندَ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَ مَا يَرْغَبُ إِلَيْهِ قَاطِنُوا الْبُلْدَانِ.
وَ كَمَا نَهْنَاكَ عَلَى مَا يَنْبَغِي أَنْ تُغَايِرَ فِيهِ الْمُتَقَدِّمِينَ، فَإِنَّا تُحَذِّرُكَ عَنْ تَكَلُّفَاتِ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ فَإِنَّ وَلُوعَهُمْ بِعِدَّةٍ مِنَ الْحَاسِنِ الْجَدِيدَةِ، شَغَلَهُمْ عَنِ الْحَاسِنِ الْقَدِيمَةِ، وَ حَادَ بِهِمْ عَنِ الطَّرِيقَةِ الْقَوِيةِ. فَتَرَاهُمْ عَنِ اسْتِحْكَامِ الصَّنْعَةِ وَ فَصِيحِ الأَلْفَاظِ بِمَعْزِلٍ، وَ يُنْشِدُ لِسَانُ حَالِهِمْ: «وَ لَيسَ بِرَسْمِ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ» [367].
ص: 164
فَتَرَى أَحَدَهُمْ يَتْرُكُ اللَّازِمَ مِنْ أَقْسَامِ الْاِنْتِلَافِ لِلتَّفْصِيلِ وَ تَشَابُهِ الْأَطْرَافِ. فَهُوَ لَيسَ بِشَاعِرٍ إِلَّا إِذَا ظَفِرَتْ مِنْهُ الْيَدَانُ، بِلَفْظِ لَهُ مَعْنَيَانِ؛ أَو وَقَعَتْ مِنْهُ الْعَيْنُ، عَلَى لَفْظَيْنِ مُتَجَانِسَيْنِ. وَ مِثْلُهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي قُنُونِ الْكَلَامِ، وَ يَنْحَصِرُ أَقْتِدَارُهُ فِي أَنْ يَتَّفِقَ لَهُ تَورِيَةٌ أَوِ اسْتِخْدَامٌ. /A45 وَ الشَّاعِرُ مَنْ كَانَتِ المُعَانِي طُوعَ يَدَيْهِ، و الألفاظ مُنْقَادَةً لَدَيهِ؛ وَهَذَا تَلْعَبُ بِهِ الْأَلْفَاظُ وَ تَذهَبُ بِهِ حَيثُ شَاءَتْ، وَيَرْضَى بِهَا كَيْفَ جَاءَتْ، حَسُنَتْ أَو سَاءَتْ.
وَ هَؤُلَاءِ قَومٌ أَفْلَتُوا مِنْ شُبَّاكِ التَّعَجْرُفِ ، وَ وَقَعُوا فِي شَرَكِ التَّكَلُّفِ؛ فَزَيَّنُوا أَبْيَاتًا بُنيَتْ عَلَى شُفَا جُرُفٍ هَارٍ [368] وَكَلِمَاتٍ خَبِيئَةٍ كَشَجَرَةٍ أَجْتُنَّتْ مِنْ فَوقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِ قَرَارٍ [369]: يَتْرُكُونَ الْوَاجِبَ لِأَجْلِ الْمَندُوبِ، وَلَا يَأْتُونَ بِمُحَسِّنٍ وَاحِدٍ إِلَّا فِي ضِمِنِ ضُرُوبٍ مِنَ الْعُيُوبِ؛ وَلَا تَسْمَعُ لَهُمْ إِلَّا مَا نَضَبَ مَاؤُهُ، وَذَهَبَ رَونَقُهُ وَبَهَاؤُهُ، وَ إِنِ اسْتَمَلَ عَلَى مُحَسِّنَاتٍ مَعْدُودَةٍ، فَمَا هِيَ إِلَّا كَفِضَّةٍ عَلَى مَلْحُودَةٍ.
وَ مَنِ ارْتَكَبَ تَكَلَّفَاتٍ كَثِيرَةً لِأَجْلِ تَورِيَةٍ حَقِيرَةٍ؛ أَو قَادَهُ حُبُّ التَّجْنِيسِ إِلَى كُلِّ مَعْنَى خَسِيسٍ - حَتَّى قَالَ:
وَلَمَّا وَرَدْنَا مَاءَ مَدْيَنَ قَالَ لِي *** و حَقٌّ شُعَيْبٍ أَنْتَ فِي الْحُبِّ أَشْعَبُ [370]
أَو يَقُولَ:
وَلَمْ يُرَ قَانٌ مِثْلُ ذِي يَرَقَانٍ *** وَ مَنْ يَشُمُّ الْبَرْقَ وَهُوَ عَلَيْهِ سُؤْمُ [371]۔
ص: 165
فَقَاضِي الْعِلْمِ لَا يَحْكُمُ عَلَيهِ إِلَّا بِالصَّفَاعَةِ، وَ شُهُودُ الأَدبِ لا تَشْهَدُ عَلَيهِ إِلَّا بِالرَّقَاعَةِ : وَ مَنْ شَغَلَتْهُ دَقَائِقُ الْمَعَانِي، عَنْ تَحْسِينِ الْأَلْفَاظِ وَتَحْكِيم المُبَانِي فَذَكَرَ فِي شِعْرِهِ مَا يَفُوقُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَفَلَا طُنُ [372] فِي مُلْتَقَطَاتِهِ [373] /B45/وَ الشَّيْخُ [374] فِي إِشَارَاتِهِ [375] فَهُوَ دَعِيٌّ(1) فِي انْتِسَابِهِ إِلَى أَهْلِ الْأَدَبِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ نَسَبٌ وَلَا سَبَبٌ. وَ مَثَالِبُ هَؤُلَاءِ أَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الْعَمُودِ، وَشِعْرُهُمْ أَولَى بِالجُمُودِ، بَلْ هُوَ الْجُلْمود.
وَفِيمَا ذَكَرَهُ المَولَى الْأَخُ فِي الْكِتَابِ [376]، مَا يُغْنِي عَنِ الْإِسْهَابِ ، وَقَدَّ أَطْنَابَ ، الإِطْنَابِ.
وَ أَنْتَ - أَعَزَّكَ اللَّهُ - إِنْ سَئَلْتَ فِي شَرْعِ الشِّعْرِ عَنْ خَيْرِ مَذَاهِبِهِ، وَ طَلَبْتَ إِمَامًا تَأْتُم بِهِ فِي مَنْدُوبِ النَّظم وَ وَاجِبِهِ فَعَلَيْكَ بِجَامِع الْأَلْفَاظِ وَالْمُعَانِي وَ الْاِفْتِدَاءِ بِالْقَاضِي الْأُرْجَانِيّ [377] لَكِنْ مَعَ مُلَاحَظَةِ تَفَاوُتِ الْعَصْرَينِ مِنْ تَرْكِ أَلْفَاظٍ هِيَ فِي مَعَهُ زَمَانِنَا وَحْشِيَّةٌ، وَ الْاِكْتَارِ مِمَّا اشْتَهَرَ بَعْدَهُ مِنَ النّكَاتِ الْبَدِيعِيَّةِ.
هَذَا؛ وَ قَدْ آنَ أَنْ نَتْلُو عَلَيْكَ آيَاتِ الْكِتَابِ الْمُبِينِ، لِتَزْدَادَ بَصِيرَةً وَتَكُونَ مِنَ الموقِنِينَ وَ نَرْفَعَ عَنْ مُتَشَابِهَاتِهِ الْحِجَابَ بِآيَاتٍ مُحْكَمَاتٍ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَنُقَوِّلَ مُتَشَابِهَاتِهِ، بِمُحْكَمَاتِهِ، وَنُوَضِّحَ الأَمرَ فِيهِ لِمَنْ لَمْ يُدْرِكْ لُطْفَ إِشَارَاتِهِ، وَ لَمْ يَفْعَمْهُ عَرْفُ عِبَارَاتِهِ؛ وَ نَشْرَحَهُ بَلْ نَشْرَحَ بِهِ الصُّدُورَ، وَ تُجْلِسَ عَرَائِسَ نُصُوصِهَا فِي مِنَصَّةِ الظُّهُورِ. لِيَعْلَمَ المُنْصِفُ أَنِّي لَا أَفْرَعُ إِلَّا عَنْ لِسَانِهِ، وَلَا أَكْتُبُ إِلَّا عَنْ بَنَانِهِ؛ وَ
ص: 166
تَبَيَّنَ الْحَجَّةُ لِمَنْ أَرَادَ قَصْدَ السَّبِيلِ وَ وَاضِحَ السُّنَّةِ، وَ تُتَمَّمَ الْحُجَّةُ عَلَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ يَبْتَغُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ [378].
***
قَالَ - أَدَامَ اللَّهُ بَقَاهُ، وَلَا أَرَانِي /A46/ يَومًا لَا أَرَاهُ! - : كِتَابِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الشَّيْخُ : الْإِمَامُ الْأُسْتَاذُ لِأُعْلِمَكَ أَنِّي مُنْتَبِهُ - بَلْ مُنَبِّها - عَنْ سِنَةِ الْغَفْلَةِ، عَادِلٌ عَنِ الطَّرِيقَةِ الجَائِرَةِ - وَلَولَا أَلْهَادِي [379] مَا أَهْتَدَيْنَا إِلَى الْجَادَّةِ الْعَدْلَةِ؛ مُهْتَدٍ - بَلْ هَادٍ ! - إِلَى وَاضِحِ الْمَحَجَّةِ، بِأَبْلَغِ حُجَّةٍ. وَأَحَاشِي أَدِيبًا يَتَخَطَّى عَنِ الطَّرِيقَةِ الْوُسْطَى الَّتِي هِيَ بَينَ تَفْرِيطِ المتعجْرِفِينَ، وَإِفْرَاطِ الْمُتَكَلِّفِينَ؛ وَقَدْ نَهنَاكَ نَحْنُ عَلَيْهَا، وَأَرْشَدْنَاكَ إِلَيْهَا؛ ونبهنَاكَ عَلَى أَنَّهَا الْجَامِعَةُ لَحَاسِنِ المُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخْرِينَ، وَ الْفَاقِدَةُ لِعَجْرَفَةِ الْعَمُودِيِّينَ(1) ، وَ تَكَلُّفِ الْمُتَكَلِّفِينَ؛ وَ بَعِيدٌ عَنْ ذِي الطَّبْعِ الْمُسْتَقِيمِ، وَالذِّهْنِ السَّلِيمِ، أَنْ يَبْعُدَ عَنِ الْإِنْصَافِ الَّذِي هُوَ أَحْسَنُ الأَوصَافِ لِيَقْرُبَ إِلَى الْاِعْتِسَافِ وَ يُؤَاثِرَ الْوِفَاقَ عَلَى الْخِلَافِ.
وَمِمَّا يُحِقُ الْحَقَّ وَيُبْطِلُ البَاطِلَ، وَيُقِرُّ عَيْنَ الْمَوَافِي وَيُرْغِمُ أَنْفَ الْجَادِلِ: قَولُهُ: لأَنَّكَ أَيُّهَا الْمُنْصِفُ ! - إِذَا نَظَرْتَ إِلَى الْقَصِيدَةِ، وَجَدْتَهَا كَالْخَرِيدَةِ : لِكُلِّ حُسْنٍ وَ مُحَسِّنَاتٍ، وَ تَجَمُّلٍ بِالْعَرَضِ وَ جَمَالُ بِالذَّاتِ. فَإِنَّ إِطْرَاءَهُ فِي الثَّنَاءِ عَلَى الْقَصِيدَةِ وَ إِنْ كَانَ لِعَينِ الرِّضَا وَلَكِنَّهُ فَصْلٌ لِلْقَضَاءِ إِذْ مَا حَسَّنَهَا حَلْيُ الْبَدِيعِ إِلَّا لِكَونِهِ حَضَرِيَّةً بَيْضَاءَ، لَا بَدَوِيَّةً سَودَاءَ وَ لَو كَانَتْ مِنَ الْعَجْرَفَاتِ الْقَدِيمَةِ مَا حَسَّنَهَا
ص: 167
الْحَلْيُ: إِذِ الْحَلْيُّ عَلَى الْمُشَوَّهَةِ النَّمِيمَةِ، لَا تَرْفَعُ لَهَا قِيمَةً وَقُبِلَتْ مُذْ أَقْبَلَتْ فِي حُلَلِ الْحِضَارَةِ، لأنَّهَا شَابَّةٌ عَلَيْهَا رَونَقٌ /B46/ وَنَضَارَةٌ: وَ مَا كَانَتْ تُقْبَلُ لَو كَانَتْ حيزبوناً مِنْ سَاكِنَاتِ الدَّهْنَاءِ ، إِذِ الْحُلَلُ عَلَى الْعَجُوزِ السُّودَاءِ، لَا تُلْبِسُهَا حُلَّةَ حُسْنِ وَ بَهَاءِ!
وَأَمَّا قَولُهُ - أَدَامَ اللَّهُ بَقَاءَهُ! - : وَ الشِّعْرُ إِذَا كَانَ مَحْلُولَ النِّظَامِ - : خَفَّضَ قَدْرَهُ وَ وَسَمَ بِوَصْمٍ - لَا تَرْفَعُهُ تَورِيَةٌ وَ لَا اسْتِخْدَامْ؛ وَ إِذَا كَانَ وَاهِي الْأَسَاسِ يَضُرُّهُ الْاِقْتِبَاسُ، وَلَا يُجْدِيهِ الْجِنَاسُ وَ إِذَا كَانَ أَنَابِيبَ فِي أَجْوَافِهَا الرِّيحُ، فَلَا يُفْقِلُ مَوَازِينَهُ الَّتمْلِيحُ وَ التَّلْمِيحُ، فَبَيَانُهُ مَا نَبَّهْنَاكَ سَابِقَا مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ كَمَا أَنَّ لَهُ مُحَسِّنَاتٌ لا يَحْسُنُ إِلَّا بِهَا، فَكَذَلِكَ لَهُ مُقَبِّحَاتٌ يَعْرُضُ عَلَيْهَا فَقَولُنَا إِنَّ الْجَنَاسَ وَالطَّبَاقَ وَ المُزَاوَجَةَ وَ الْاِتِّفَاقَ مِنَ الْحَسَنَاتِ، لَيسَ حُكْمًا بِالْحُسْنِ الْفِعْلِيِّ لِكُلِّ كَلَامٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ ذَلِكَ مَشْرُوطٌ بِعَدَم مُقَبِّحَاتٍ تَزِيدُ عَلَى تِلْكَ المُّحَسْنَاتِ.
وَ لَيْسَ قَولُ الْبَدِيعِيُّ: يَحْسُنُ فِي الْكَلَام التَّورِيَةُ وَالْاِسْتِخْدَامُ إِلَّا كَقَولِكَ يَحْسُنُ فِي الْإِنْسَانِ الشَّنَبُ فِي التَّغْرِ وَالْفَلَجُ فِي الْأَسْنَانِ؛ فَكَمَا لَا تَحْكُمُ بِحُسْنِ جَارِيَةٍ شَنْبَاءَ، إِذَا كَانَتْ سَودَاءَ عَمْيَاءَ وَلَا تُسَمَّى الْعَجُوزَ الشَّمْطَاءَ حَسْنَاءَ(1)، وَ لَو كَانَتْ عَلَى وَجْنَتِهَا السَّودَاءِ(2) شَامَةٌ خَضْرَاءُ؛ كَذَلِكَ لَا تَحْكُمُ بِالْحُسْنِ عَلَى بَیتٍ رَدِيءِ السَّبْكِ، وَاهِي النَّسْجِ ، قَبِيحِ اللَّفْظِ سَاقِطِ الْمَعْنَى؛ بِمُجَرَّدِ جِنَاسِ بَينَ لَفْظَيهِ، وَ تَشَابِهِ بَينَ طَرَفَيْهِ. نَعَمْ لَنَا أَنْ تَقُولَ: هَذَا الْبَيْتُ الْقَبِيحُ فِيهِ تَورِيَّةٌ حَسَنَةٌ، أو: إِنَّ
ص: 168
مُرَاعَاةَ النَّظِيرِ فِيهِ /A47/ لَوكَانَ فِي بَيْتٍ حَسَنٍ لَكَانَتْ مُسْتَحْسَنَةٌ: كَمَا أَنَّهُ لَكَ أَنْ تَقُولَ: مَا أَحْسَنَ هَذِهِ الشَّامَةَ الخَضْرَاءَ، لَو كَانَتْ فِي وَجْنَةٍ حَمْرَاءَ، لجَارِيَةٍ بَيْضَاءَ؛أَو: هَذَا الْحَاجِبُ حَسَنُ وَ إِنْ كَانَ فِي وَجْهِ كَثِيرِ الْمَعَايِبِ.
وَأَمَّا الْحُكْمُ بِالْحُسنِ الْفِعْلِيُّ فِي [الْوَجْهِ أَوِ الْبَيتِ ](1) وَ فِي جَمِيعِ مَظَاهِرِ الْحُسنِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِوُجُودِ عِدَّةٍ مِنْ مُعْظَمِ الْحَسَنَاتِ مَعَ الْخُلُوِّ عَنِ الْمُفَتِّحَاتِ أَصْلًا، وَلَا أَقَلَّ مِنْ(2) زِيَادَةِ الْحَسَنَاتِ عَلَيْهَا بِحَسَبِ الْقُوَّةِ.
ثُمَّ إِنَّ مَا لِلْكَلَامِ مِنَ الْقَبْحَاتِ، مِنهَا أُمُورٌ جُزْئِيَّةٌ يُمكِنُ أَنْ يَنْعَسِفَ(3) بِالْحُسْنِ إِذَا عَارَضَتْهَا(4) مُحَسَّنَاتٌ هِيَ أَقْوَى مِنْهَا؛
وَ مِنْهَا مَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ مَا لِلْأَعْضَاءِ مِنَ الْآفَاتِ: فَكَمَا لَا مِيلُ الطَّبْعُ إِلَى شَيْخ أَعْمَى أَشَلَّ أَعْرَجَ، وَ إِنْ كَانَ ذَا حَاجِبِ مُزَجَجٍ، وَ تَغْرٍ مُفَلَّحٍ ، كَذَلِكَ لَاعِيلُ الطَّبْعُ إِلَى الْكَلَامِ إِلَّا مَعَ خُلُوِّهِ عَنْ هَذَا الْقِسْمِ مِنَ الْمُقَبِّحَاتِ الَّتِي هِيَ بَعْدَ عَدَمِ وُجُودِ شَرَائِطِ الْبَلَاغَةِ فِيهِ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ وَالْإِجْمَالُ فِيهِ الأَمرَانِ اللُّذَانِ نَبْنَا عَلَيها، وَهُمَا: التَّعَجْرُفُ، وَ التَّكَلُّفُ.
وَ قَدْ أَحْسَنَ بَيَانَهُ الْأُولَى الْأَخُ، إِلَّا أَنَّ قَولَهُ: وَإِذَا خَلَا مِنْ مَعْنِّى مُخْتَرَعٍ، وَ أَمْرٍ مُبْتَدَعٍ؛ مِمَّا لَا يُمكِنُ الْتِرَامُ بِظَاهِرِهِ، إِذِ الْاِخْتِرَاعُ مِمَّا لَا يَقَعُ لِلشَّاعِرِ إِلَّا قَلِيلًا، وَ
ص: 169
اشْتِرَاطُهُ(1) فِي حُسْنِ الشِّعْرِ مُوجِبْ لِخُرُوج أَكْثَرِ أَشْعَارِ المُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخْرِينَ عَنْ حَرِيمِ الْحُسْنِ وَالْإِجَادَةِ وَ هَذَا الشَّرْطُ عَلَى الْعَمُودِيِّينَ(2) ، أَكْثَرُ ضَرَرًا، وَأَعْظَمُ خَطَرًا: فَلَابُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَرَادُ الْاِخْتِرَاعَ بِغَيرِ مَعْنَاهُ الْاِصْطِلاحِي /B47/ أَو: إِنَّ المراد: إِذَا خَلَا مِنهُ وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ مِنَ الْمَتَانَةِ صَفْرًا، وَ مِنْ حُسْنِ الْأُسْلُوبِ الْآخِذِ بِمَجَامِعِ الْقُلُوبِ خَالِيًا قَفْرًا؛ فَإِنَّهُ لَا تَرْفَعُ(3) الْيَدُ عَنِ 3 بنِ إِلَّا لِأَجْلِ الاِخْتِرَاعِ أو تحوهِ؛ وَإِذَا خَلَا الْكَلَامُ مِنْ هِذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ كَانَ سَاقِطًا فَلْيَتَأَمَّلْ!.
وَكَذَلِكَ قَولُهُ: لَمْ يَقُمْ صَدرُهُ بَدِيعُ إِذِ الْاِخْتِرَاعُ مِنْ أَعْظَمِ نِكَاتِ الْبَدِيعِ، وَكَذَلِكَ حُسْنُ الْأُسلُوبِ لأَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى بَعْضِ الْاِنْتِلَافَاتِ الْمُذْكُورَةِ فِي فَنَّهِ. وَأَمَّا الْمُتَانَهُ فَهِيَ مِنَ الْمُتَشَابِهَاتِ لَا تَعْلَمُ الْمَرَادَ مِنهَا لِنَرَى أَنَّهَا هَلْ يَرْجِعُ إِلَى إِحْدَى نِكَاتِ الْبَدِيعِ أَمْ لَا فَلَابُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ غَيرَهُمَا مِنَ الْبَدِيعِ، أَو خُصُوصَ مَا دُونَهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ: كَمَا يُرْشِدُ إِلَيهِ مَا مَثَّلَ بِهِ فِي قَولِهِ: وَ مَنْ حَلَاهُ بِهَذَا الْحَالِ، وَ زَيَّنَهُ وَ هُوَ بِتِلْكَ الْخِلَالِ : كَانَ كَمَنْ حَلَا الْعَكَرَ بِالدُّرَرِ، وَ الْكَرَبَ بِالذَّهَبِ؛ وَ رَخِيصَ الْعَمُودِ بِثَمِينِ الْعُقُودِ: وَطَوَّقَ عُنُقَ الْجَرَادَةِ - لَو كَانَ لَهُ ذَلِكَ بِأَبْهَى قِلَادَةٍ وَكَسَا النَّعَاجَ ، حُلَلَ الدِّيبَاجِ: وَأَلْبَسَ أُمَّ حُبَيْنِ ، مِنَ الْوَشْيِ حُلَّتَينِ. وَلَكِنْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِمَا إِذَا تَجَاوَزَ الْحَدَّ، وَكَانَ فِي الْكَلَامِ بِمَنْزِلَةِ الْعُيُوبِ الَّتِي مَثَلُنَا بِهَا فِي الْجَسَدِ. وَأَمَّا الْقَلِيلُ مِنْهُ فَقَدْ يُتَسَاءَحُ فِيهِ إِذَا تَوَقَّفَ نَظْمُ مَعْنَى مُخْتَرَعٍ عَلَيْهِ، أَو دَعَتِ الضَّرُورَةُ إِلَيْهِ.
ص: 170
وَكَثِيرًا مَّا لَا يَتَأَتى المعانى الْجَيِّدَةُ وَالتَّشْبِيهَاتُ الْحَسَنَةُ إِلَّا مَعَ بَعض الْفَاظِ سَاقِطَةٍ، وَقَوَافِي غَيرِ مُتَمَكِّنَةٍ؛ وَ لَا يُمكِنُ نَظْمُ المَعْنَى الْجَلِيلِ، إِلَّا بِتَكَلُّفٍ قَلِيلِ. فَلَانَرَى لِلشَّاعِرِ أَنْ يَرْفَعَ /A48/ الْيَدَ عَنِ المُعَانِي اللَّطِيفَةِ، وَالنِّكَاتِ الطَّرِيفَةِ؛ لِأَدْنَى تَكَلُّفٍ
وَنَحْوِهِ. كَمَا أَنَا لَا نَسْمَحُ لَهُ ارْتِكَابَ ذَلِكَ لِأَيِّ مَعْنَى عَرَضَ، وَ تَشْبِيهِ سَنَحَ.
و القولُ الْكُلِّيُّ فِي ذَلِكَ هُوَ: إِنْ زَادَ حُسْنُ مَا قَصَدَ نَظْمَهُ عَلَى الْقُبْحِ الَّذِي لَابُدَّ مِنهُ، فَلَابَأْسَ بِهِ حِينَئِذٍ ؛ وَ إِنْ رَجَحَ قُبْحُ التَّكَلُّفِ عَلَى حُسْنِ الْمُعْنَى الْمُقْصُودِ، فَتَرْكُ نَظْمِهِ هُوَ الْأَرْجَحُ.
وَ أَمَّا مَوَارِدُهُ فِيمَا لَا يُمْكِنُ بِقَولٍ كُلِّيٍّ، فَهُوَ مَوكُولٌ إِلَى تَأَمُّلِ النَّاظِمِ، وَحُكْمِ أَرْبَابٍ الخيرَةِ وَالْبَصِيرَةِ. وَ الْوَجهُ فِيهِ هُوَ مَا عَرَفْتَ سَابِقَا مِنْ أَنَّ الْقُبْحَ الْقَلِيلَ يُتَسَاءَحُ فِيهِ إِذَا كَانَ فِي ضِمْنِ الْحُسْنِ الْكَثِيرِ.
وَ مَنْ أَرَادَ الْاِقْتِصَارَ فِي النَّظْمِ عَلَى الشِّعْرِ الْمُشْتَمِل عَلَى الْحُسْنِ المطلوب الْخَالِي مِنْ جَمِيعِ الْعُيُوبِ؛ فَقَدْ رَامَ صَعْبًا أَلْبَتَّةَ، وَ لَمْ يَتَمَكَّنْ طُولَ عُمْرِهِ إِلَّا عَلَى نَظْمِ أَبْيَاتٍ أَرْبَعَةٍ أَو سِتَّةٍ!.
وَمَنْ تَأَمَّلَ فِي مَحَاسِنِ الشُّعَرَاءِ الْجِيدِينَ، مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ؛ لَمْ يُقَعْ طَرفُهُ عَلَى بَيْتٍ، إِلَّا وَ فِيهِ مَوضِعُ لِلَوْ وَ لَيْتَ !.
وَ أَصْعَبُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَو حَاوَلَ جَمِيعَ مَا لِلْمَحَاسِنِ مِنَ الْفُنُونِ، فَإِنَّهُ مِنَ الْمُمْتَنِعِ الَّذِي لَا يَكُونُ إِذِ الرَّقَةُ وَالْقُوَّةُ صِفَتَانِ مُحَسِّنَتَانِ، وَهُمَا مُتَضَادَّتَانِ؛ وَمَسْلَكُ الْبِدَاوَةِ وَ الحِضَارَةِ فِي كُلِّ مِنْهَا حُسْنُ وَلَا يَكَادَانِ يَجْتَمِعَانِ.
ص: 171
وَلَا يَختَصُّ بِالشِّعْرِ هَذِهِ الْخِلَالُ ، بَلْ هِيَ عَامَّةٌ فِي جَميع مَظَاهِرِ الْحُسْنِ وَ الْحَالِ: التَّوبِ الصَّفِيقِ(1) مَحَاسِنُ لَا يُعْقَلُ أَنْ تُوجَدَ فِي الرَّقِيقِ وَ بِالْعَكْسِ، وَ لِلسُّمْرِ المُهَازِيلِ مَحَاسِنُ لَا تُوجَدُ /B48/ فِي الْبِيضِ السَّمَانِ وَبِالْعَكْسِ. وَلَا تَكَادُ تَرَى جَارِيَةً حَسْنَاءَ إِلَّا وَ فِيهَا مَعَايِبُ مَعْدُودَةٌ، وَ جِهَاتٌ لِلْحُسْنِ مَفْقُودَةٌ : بَلْ لَمْ تَسْمَعْ بِخِلَافِهِ إِلَّا مَا يَقُولُهُ عُلَمَاءُ التَّارِيخِ مِنْ أَمْرِ شِيرِينَ، حَظِيَّةِ أَبَرْوِيزَ [380].
فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ اعْتِرَاضَ الْعَمُودِيِّينَ(2) عَلَى الشِّعْرِ الْمَبْنِي عَلَى الرِّقَةِ، بِأَنَّهُ لَيسَ فِيهِ مَتَانَةٌ: وَالَّذِي عَلَى مَسْلَكِ الْحِضَارَةِ، بِأَنَّهُ مَا فِيهِ بِدَاوَةٌ، نَاشٍ مِنْ فَرْطِ الْجَهْلِ وَ الْغَبَاوَةِ؛ وَ مَا هُوَ إِلَّا كَالْاِعْتِرَاضٍ عَلَى التَّوبِ المُطْلُوبِ لِرِقَتِهِ، بِأَنَّهُ مَا فِيهِ صَفَاقَةٌ .. فَلَيسَ لِلشَّاعِرِ أَنْ يَرْفَعَ الْيَدَ عَنْ جَمِيعِ الْحَاسِنِ الْمَعْنَوِيَّةِ وَاللَّفْظِيَّةِ وَيَقْنَعَ بِخُلُو الشَّعْرِ ؛ عَنْ صُنُوفِ الْعُيُوبِ فَيُدْخِلَ شِعْرَهُ فِي عِدَادِ كَلَام الْعَوام، وَ لَا أَنْ يَتَكَلَّفَ الجَمْعَ بَينَ جَمِيعِ مَا لِلْحُسْنِ مِنَ الْأَقْسَامِ وَلَا أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى فَنِّ وَاحِدٍ، فَيَفُوتُهُ ثَمَرَاتُ بَاقِي الْفَوَائِدِ: فَإِنَّ الشِّعْرَ بُسْتَانٌ يَحْسُنُ أَنْ تَكُونَ فِيهِ صُنُوفُ الْأَشْجَارِ وَ الْمَارِ، وَضُرُوبُ الْأَزْهَارِ وَ الْأَنْوَارِ. فَيَنْبَغِي أَنْ يَصْرِفَ الهُمَّ تَارَةً نَحْوَ الْمُعَانِي فَيَأْتِيَ مِنْهَا بِالْمُعْجِزَاتِ، و يُوَجِّهَ الْفِكْرَ تَارَةً نَحْوَ الْأَلْفَاظِ وَالنِّكَاتِ، فَيَأْخُذَ مِنَ الْحُسْنِ بِجَمِيعِ أَطْرَافِهِ، وَيَأْتِيَ مِنْهُ بِجَمِيعِ أَصْنَافِهِ.
وَ الْأَدَبُ يَشْتَكِي مِمَّنْ لَاهِمَّةَ لَهُ إِلَّا الْجِنَاسَ بَينَ اللَّفْظَيْنِ، وَ الطَّبَاقَ بَينَ اثْنَيْنِ، وَ الْجَمَعَ بَينَ مِثْلَيْنِ ؛ كَمَا أَنَّهُ يَشْتَكِي مِمَّنْ لَا هَمَّ لَهُ إِلَّا ذِكْرَ الدِّمَنِ وَالْأَطْلَالِ ، وَ
ص: 172
وَصْفَ النِّيَاقِ وَ الْجِمَالِ؛ هَمُّهُ مَقْصُورٌ عَلَى الْأَلْفَاظِ ؛ وَ لَيْسَ لَهُ /A49/ عِنَايَةٌ بِمَلِيحٍ الْمَعَانِي، وَ لَا انْتِقَادُ لِفَصِيحِ الْمَبَانِي؛ وَ لَا الْتِفَاتٌ إِلَى حُسْنِ السَّبْكِ وَ التَّأْلِيفِ، وَ مَتَانَةِ الْنَّظْمِ وَ التَّرْصِيفِ؛ وَلَا مُرَاعَاةٌ لِلنَّظَائِرِ، وَ لَا الْتِفَاتُ إِلَى النَّوَادِرٍ؛ وَ لَا أَقْتِبَاسُ مِنْ كَلَامِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَا عِقْدٌ لِأَحَادِيثِ الْمَعْصُومِينَ؛ وَلَا تَوجِيهُ بِمَسَائِلِ الْعُلُومِ، وَلَا تَلْمِيحٌ إِلَى خَبَرٍ مَعْلُومٍ؛ وَ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَسْطُورٌ فِي كُتُبِ أَلْفَنِّ أَو غَيرُ مَذْكُورٍ فِيهَا وَلَكِنْ يَعْرِفُهُ الْخَبِيرُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يُحْسِنُ عَنْهُ التَّعْبِيرَ؛ وَ يُدْرِكُهُ بِالذَّوقِ وَ الْعِرْفَانِ، وَ إِنْ كَانَ يَضِيقُ عَنْهُ الْبَيَانُ.
وَأَمَّا قَولُهُ: وَ مَا مُعْجِزُ أَحْمَدَ [381] وَذِكْرَى حَبِيبٍ [382]، إِلَّا بِمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْ جَمَالِ الْمَعَانِي وَ حُسْنِ الْأَسَالِيبِ لَا بِالزَّخَارِيفِ اللَّفْظِيَّةِ، وَالْمَحَسِّنَاتِ الْبَدِيعِيَّةِ؛ فَيَّا يَظُنُّ أَهْلُ الْعَمُودِ أَنَّهُ شَاهِدٌ لَهُمْ، فَيَطِيرُونَ بِهِ فَرَحًا، وَ أَولَى هُمْ أَنْ يَمُوتُوا بِهِ تَرَحًا . فَإِنَّ الْمُتَنَبِيَّ وَ أَبَاتَامٍ، إِمَامَا مَذْهَبِ الْبَدِيعِ الَّذِي يَجِبُ بِهِمَا الْإِنْيَامُ؛ وَقَدْ سَمِعْتَ فِي هَذِهِ الرِّسَالَةِ كَلَامَ أَهْلِ الْعَمُودِ فِيها ، وَ تَلْبَهُمْ هَا، وَدِفَاعَنَا عَنْهُما وَمَا صَنَّفْنَا هَذِهِ الرِّسَالَةَ إِلَّا لِإِحْيَاءِ طَرِيقَتِهِمَا ، وَ إِلْزَامِ النَّاسِ بِالتَّدَينِ بِشَرِيعَتِهِمَا. وَ مَ-ا أمْتَازَ شِعْرُهُمَا مِنْ بَيْنِ شِعْرِ مُعَاصِرِيهِمَا إِلَّا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى تَحَاسِنِ الْبَدِيعِ؛ فَلَابُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الْحَاسِنِ الْبَدِيعِيَّةِ»: النِّكَاتِ الَّتِي لَا يُعْبَأُ بِهَا - كَالتَّفْصِيلِ وَنَحْوِهِ مِمَّا عرفت B49/ تَفْصِيلَهُ . . كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَولُهُ - دَامَ ظِلُّهُ! - : لَا بِالزَّخَارِيفِ اللَّفْظِيَّةِ : لَا أَنْ يَكُونَ الْمَرَادُ مِثْلَ التَّجْنِيسِ الَّذِي مِنْ أَحْسَنِ شَوَاهِدِهِ قَولُ أَبِي تَمام - رَحِمَهُ الله، شعر - :
ص: 173
يَمُدُّونَ مِنْ أَيْدٍ عَوَاصٍ عَوَاصِمٍ *** تَصُولُ بِأَسْيَافٍ قَوَاضٍ قَوَاضِبِ [383]
إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا دَاعِيَ إِلَى ذِكْرِهِ بَعْدَ كَونِ مَذْهَبِهِ فِي الْحِنَاسِ، مَعْلُومًا عِندَ جَميع النَّاسِ وَهُوَ أَعْظَمُ مَا يَنْعَى عَلَيهِ الْعَمُودِيُّونَ، وَلَعَمْرِي لَقَدْ أَفْرَطَ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ - شعر -:
خَشُنْتِ عَلَيْهِ أُخْتُ بَنِي خُشَيْنٍ*** وَأَنْجَحَ فِيكَ قَولَ الْعَاذِلِينَ [384]
وَ نَصَبَ نَفْسَهُ مَسْخَرَةٌ حَتَّى قَالَ فِيهِ مُجَانُ بَغْدَادَ: «إِنَّ قَلِيلًا مِنَ النُّورَةِ، يُذْهِبُ هَذِهِ الْخُشُونَة».
وَمِثْلُهُ قَولُهُ:
إِنَّ مَنْ عَنَّ وَالِدَيْهِ لَمَلْعُونَ *** وَ مَنْ عَقٌّ مَنْزِلًا بِالْعَقِيقِ [385]
وَ قَولُهُ - وَ هُوَ كَمَا قِيلَ مِنْ كَلَامِ البَرْسَمِينَ - :
فَاسْلَمْ سَلِمْتَ مِنَ الْآفَاتِ مَا سَلِمَتْ *** سَلَامُ سَلْمَى وَ مَها أَورَقَ السَّلَمُ [386]
وَكَذَلِكَ أَبُو الطَّيِّبِ [387]: فَإِنَّ جِنَاسَاتِهِ الْحَسَنَةَ مَعْلُومَةٌ، وَإِفْرَاطَهُ حَتَّى أَنْتَهَى بِهِ إلَى بَيْتِ الْقَلْقَلَة [388] ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ إِلَى بَيَانِ
وَ لَا مِثْلَ الطَّبَاقِ الَّذِي مِنْ تَحَاسِنِهِ قَولُ أَبِي تَمَّامٍ [389]: /A50/
وَ تَنَظَرِي خَبَبَ الرِّكَابِ يَنُصُّهَا *** مُحْيِي الْقَرِيضِ إِلَى مُمِيتِ المالِ [390]
وَلَا مِثْلَ المُقَابَلَةِ الَّتِي لَم يُعرَف(1) فِيهَا مِثْلُ قَولِ أَبِي الطَّيِّب:
ص: 174
أَزُورُهُمْ وَ سَوَادُ اللَّيْلِ يَشْفَعُ لِي *** وَأَنْتَنِي وَبَيَاضُ الصُّبْحِ يُغْرِي بِي [391]
إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا تُعَدُّ وَ [لا] تُحْصَى(1) مِمَّا لَهُما مِنْ مَحَاسِنِ النِّكَاتِ.
وَأَمَّا قَولُهُ: إِلَّا إِذَا جَاءَتْ عَفْوًا بِلَا تَكَلُّفٍ، فَلَيْسَ الْمَرَادُ مِنهَا أَنْ يَأْتِيَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ حِينَئِذٍ فَضْلُ لِلشَّاعِرِ فِيهِ لِوُقُوعِهَا مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ.
وَ أَيْضًا كَيْفَ يَصِحُ ذَلِكَ مَعَ مَا وَقَعَ فِي الْآيَاتِ، مِنْ صُنُوفِ تِلْكَ النِّكَاتِ؟!. بَلِ الْمَرَادُ أَنْ لَا يَحْتَاجَ الشَّاعِرُ فِي اسْتِعْمَالِهِمَا إِلَى التَّعْقِيدِ الْمَعْنَوِيٌّ وَ رَفْعِ الْيَدِ عَنِ الْاِنْتِلَافاتِ اللَّازِمَةِ كَمَا هُوَ صَرِيحٌ قَولِهِ: وَ عُرِضَتْ لِلْأَدِيبِ بِلَا تَعَسُّفِ [392]؛ وَ هُوَ حَقٌّ مَعَ التَّفْصِيلِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ سَابِقًا.
وَأَمَّا قَولُهُ: وَلَمْ تَكُ هِيَ الْمَحَطَّ لِلْأَنْظَارِ، وَ الْقُطْبَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمَدَارُ، فَالْمُرَادُ مَا عَرَفْتَ مِنْ لُزُومِ التَّفَنَّنِ(2) فِي الْحَاسِنِ، وَ عَدَمِ الْاِقْتِصَارِ عَلَى فَنِّ وَاحِدٍ.
وَأَمَّا قَولُهُ: وَ إِنَّا إِذَا رَجَعْنَا إِلَى الْوِجْدَانِ، وَكَشَفْنَا الْأَمْرَ بِالْاِمْتِحَانِ: وَجَدْنَا مِنْ أَنْفُسِنَا وَ مَنْ لَهُ أَدْنَى خِبْرَةٍ، إِنَّ لَنَا عَلَى تِلكَ الزَّخَارِيفِ تَمَامَ الْقُدْرَةِ؛ فَالْمُرَادُ مِنهُ مَا عَرَفْتَ مِنَ النِّكَاتِ الَّتِي لَا يُعْبَأُ بِهَا، وَأَمَّا غَيْرِهَا، فَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِالْعَجْزِ فَهُوَ يَعْلَمُ بِعَجْزِي عَنْ نَظْمِ مِثْلِ قَولِهِ: /B50/
يَا دُرٌ تَغْرِ حَبِيبي *** ُنْ بِالْعَقِيقِ رَحِیماً
وَلَا تَعَضُّ عَلَيْهِ *** كأ لم يجدك يتم [ 393]
وَ عَنْ قَولِهِ فِي مَلِيحٍ نَشْوَانَ:
ص: 175
وَ السُّكْرُ فِي وَجْنَتِهِ وَ طَرْفِهِ *** يَفْتَحُ وَرْدًا وَ يَغُضُّ نَرْجِسًا [394]
إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُطِيقُهُ الْإِحْصَاءُ.
وَأَمَّا قَولُهُ: وَلَيسَ فِي وُسْعِنَا أَنْ نُضَاهِيَ الْفَحْلَيْنِ الْمُبَرِّزَيْنِ - وَهُمَا بِالْاِصْطِلَاحِ الَّذِي أَتَّفَقْنَا عَلَيهِ أَبُو تَقَامٍ [395] وَ أَبُو الطَّيِّبِ [396] - بِبَيْتٍ وَاحِدٍ، وَ لَا مَثَلٍ شَارِدٍ : فَلَا أَظُنُّ(1) أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِ- « الْبَيْتِ الْوَاحِدِ»: بَيْتَ الْبُوقَاتِ وَ الطُّبُول [397] لأَبِي الطَّيِّبِ؛ وَ بِ- «الْمُثَلِ الشَّارِدِ»: مِثلَ قَولِ أَبِي تَمَّامٍ:
وَكُلُّ شَيْءٍ لَهُ شَيْءٌ يَكُونُ بِهِ *** فَسَادُهُ وَ فَسَادُ الْكَلْبِ فِي السَّمَنِ [398]
بَلِ الْمَرَادُ مَا هُما مِنَ الْحَاسِنِ وَ الْأَمْثَالِ. وَ لَاشَكٍّ فِي عَجْزِي، وَلَا أَقْرُنُهُ مَعِي فِي ذلِكَ عَنْ مُبَارَاتِهِمَا وَمُبَارَاةِ سَائِرِ الْعِيدِينَ، كَالْوَدَاعِيّ [399] وَالصَّف [400] وَغَيْرِهِمَا.
وَ أَمَا قَولُهُ: وَ لَسْتُ أَقُولُ: إِنَّ مُحَسَّنَاتِ الْبَدِيعِ غَيْرُ مُحَسَّنَةٍ، وَ فُنُونَهُ غَيْرُ مُسْتَحْسَنَةٍ ؛ وَ إِنَّ الْعِلْمَ النَّبَاتِي لَا يُخْفِقُ بِالنَّصْرِ ، وَلَايَسُدُّ بِحَامِلِهِ التَّغْرَ؛ وَلَكِنْ أَقُولُ - وَ التَّشْبِيه أَبْلَغُ عِندَ النَّبِيهِ ! - : الْفَتَاتُ تُسَوَّرُ ، إِذَا كَانَتْ تُنْظَرُ؛ وَ تُزَيَّنُ، إِذَا كَانَتْ تُسْتَحْسَنُ؛ وَ تُخَلْخَلُ، إِذَا كَانَتْ تُقْبَلُ وَ تُقَرَّطُ وَ تُقَلَّدُ، إِذَا كَانَتْ ذَاتَ جِيدٍ أَجْيَدَ؛ /A51 / وَ تُكْسَى خَيْرَ جِلْبَابِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْعَارُ تَحْتَ النِّيَابِ؛ وَ ذَاتُ الْعِوَارِ(2) ،لا يُصْلِحُهَا دِمْلَجٌ وَلَاسِوَارٌ.
وَ عِنْدِي «وَ لِلنَّاسِ فِيمَا يَعْشِقُونَ مَذَاهِبُ » [401] وَ مِلَلٌ، تَفْضِيلُ المَلِيحَةِ الْعَاطِلَةِ
ص: 176
عَلَى الْقَبِيحَةِ ذَاتِ الْحَلِي وَ الْحَلَلِ. وَ الْمَرَادُ مِنهَا مَا نَهنَاكَ عَلَيهِ سَابِقًا. وَ رَأْيُ مَولَايَ مُوَافِق(1) - إنْ شَاءَ الله ..
***
[وَ لْيَعْلَم](2) النَّاظِرُ فِي رِسَالَتِي هَذِهِ أَنْ مَا تَعَمَّدْتُ الرَّدَ فِيهَا إِلَّا عَلَى طَائِفَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: مَنْ جَرَتْ عَلَى أَلْسِنَتِنَا، تَسْمِيَتُهُمْ بِأَهْلِ الْعَمُودِ لِمُنَاسَبَةٍ ظَاهِرَةٍ عَلَى النَّاظِرِ فِيهَا وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُمْ جُهَّالٌ يُنْكِرُونَ فَضْلَ الْعِلْمِ وَيَجْهَلُونَ قَدْرَهُ، وَ يَجْحَدُونَ(3) فَضَائِلَ الْمُتَأَخَّرِينَ بِالمَرَّةِ: وَ يُوجِبُونَ التَّأْسِيَ بِالْمُتَقَدِّمِينَ فِي كُلِّ مَا خَبُتَ وَ طَابَ، وَيَتْبَعُونَ خُطَاهُمْ فِي كُلِ خَطَاءٍ وَصَوَابٍ.
وَ هَذِهِ الطَّائِفَةُ قَدْ طَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَ هُم نائمون في سِنَةِ الْغَفْلَة، و أَخَذَتْ مِنْ رِقَابِهِمْ مَأْخَذَهَا قَوَاطِعُ الْبَرَاهِينِ وَ الْأَدِلَّةِ.
وَ آخَرِينَ هَامُوا بِعِدَّةِ أَلْفَاظٍ حَفِظُوهَا مِنْ كُتُبِ الْبَدِيعِ، وَأَهْتُهُمْ عَنْ ثِمَارِ الْفَوَائِدِ أَنْوَارُ الرَّبِيعِ [402]؛ يَدِينُونَ بِمَا بَيْنَ دَفَتَيْهَا مِنْ فَاسِدٍ وَ صَحِيحٍ، وَ يَقْضُونَ(4) عِندَ ظَوَاهِرِهَا وُقُوفَ الْفَقِيهِ عِنْدَ النَّص الصّريح .
وَكُلٌّ مِنْهُمَا عَارٍ مِنْ ثِيَابِ الْفَضْلِ عَارٌ عَلَى ذَوِي الْآدَابِ، بَلْ لَا يَرْضَى ذُو اللُّبِ
ص: 177
أَنْ يَعُدَّهُمَا(1) مِنْ ذَوِي /B51/ الْأَلْبَابِ!.
وَأَمَّا مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الْجِيدِينَ - عَلَى اخْتِلَافِ مَذَاهِبِهِمْ فِي الْكَلَام - فَإِنِّي أَعْرِفُ لِكُلٍّ حَقَّهُ، وَ أُولِيهِ مِنَ الثَّنَاءِ مَا اسْتَحَقَّهُ؛ وَلَسْتُ(2) مِنْ ذَوِي الْآرَاءِ الْحَامِدَةِ، الَّذِينَ يَتَعَصَّبُونَ لِطَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ. وَ فُنُونُ الشِّعْرِ عِنْدِي كَالْفَوَاكِهِ كُلٌّ فِيهِ لَذَّتُهُ، أو كَالأَزْهَار(3) كُلٌّ لَهُ رَائِحَتُهُ؛ وَلِكُلٍّ حَاسِنُ مَخْصُوصَةٌ بِهِ مَقْصُورَةٌ عَلَيْهِ، وَ قَدْ تَقَدَّمَتْ فِيَا سَبَقَ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ.
نَعَمْ تَخْتَلِفُ طِبَاعُ الْأَنَامِ فِيمَا تُؤْثِرُهُ(4) مِنْ تِلْكَ الْأَقْسَامِ فَيَخُصُّ كُلُّ قَومٍ بِعَزِيدِ الرَّغْبَةِ مَا يُنَاسِبُ أَزْمِنَتهَا وَ بِلَادَهَا، وَ يُوَافِقُ مَقَاصِدَهَا وَمُعْتَادَهَا. وَمِثْلُ هَذَا الاِخْتِلَافِ مَوجُودٌ بَينَ النَّاسِ فِي سَائِرِ الْأَشْيَاءِ، فَيَخْتَارُ كُلُّ قَومٍ مِنْهُمْ قِسْماً مِنَ الْمُنَازِلِ، وَ المَلَابِسِ وَالْمَآكِلِ. وَ هَذَا تَخصِيصٌ حَسَنٌ بِمَزِيدِ الرَّغْبَةِ إِلَيهِ، لَاقَصْرُ الْحُسْنِ عَلَيْهِ. وَ هَذَا مَعْنَى مَا قَدَّمْتُهُ مِنِ اخْتِلَافِ الطَّبَاعِ بِاخْتِلَافِ الْأَعْصَارِ وَ الْأَمْصَارِ.
وَ إِنْ سَئَلْتَ عَنْ أَمْثَلِ تِلكَ الطَّرَائِقِ عِنْدِي، فَلِي مَذْهَبٌ فَرْدٌ أَعِيشُ بِهِ وَحْدِي، وَ بَيَانُهُ لَا يَنْفَعُ النَّاظِرَ وَ لَا يُجْدِي. وَ بَعْدَ مَا بَيَّنْتُ لَهُ الْحَاسِنَ وَ أَرْشَدْتُهَا إِلَيْهَا، فَلْيَخْتَرْ لِنَفْسِهِ مَا يَرُوقُ لَهَا مِنْهَا وَيَعْلُو لَدَيْها.
***
ص: 178
[هَذِهِ الرَّسَالَهُ](1) - أَيُّهَا المولى الأخ - جَامِعَةٌ لَحَاسِنِ اللَّاحِقِينَ وَ السَّابِقِينَ، تُغَلُّ بهَا أَعْنَاقُ المُعَجْرَفِينَ وَالْمُتَكَلِّفِينَ، رَافِعَةٌ لِأَعْلَام الْعِلْمِ دَافِعَةٌ لِشُبَهَاتِ الْجَاهِلِينَ. /A52 / وَ ظَنّي بِكَ وَ بِسَائِرِ مَنْ يَقَعُ إِلَيهِ الْكِتَابُ مِنْ أُمَّةِ الْفَضْلِ وَالآدَابِ؛ حُسْنُ الصَّنِيع فَإِنِّي مَا أَرَدْتُ قَبِيحًا فِيمَا صَنَعْتُ، وَإِصْلَاحُ مَا فِيهِ مِنَ الْفَسَادِ فَإِنِّي مَا أَرَدْتُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ. وَ رَحِمَ اللَّهُ أَمْرَءً لَمَّ شَعْتَ(2) أَخَاهُ ، أَو كَفَّ عَنْهُ أَذَاهُ. وَ أَمَّا مَنْ لَبِسَ لِي جِلْدَ الَّمْرِ ، وَ تَقَلَّبَ مِنْ ضَغَائِنِهِ عَلَى جَمْرٍ : فَإِنِّي أُحَذِّرُهُ الْبَغْيَ فَإِنَّ الْبَغْيَ مَصْرَعُهُ وَخِيمٌ، وَلَا أَلُومُهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ دَاءٌ فِي النَّاسِ قَدِيما، وَالنَّاسُ أَشْبَاهُ. وَأَشكال(3) وَلَا آخَذُهُ بِذَلِكَ فَنِعْمَ الآخِذُ المنتَقِمُ اللَّهُ(4) وَلَيْسَ لَهُ جَوَابٌ عِنْدِي، سِوَى أَبْيَاتِ المُفَنِّعِ الْكِنْدِي [403]:
وَ إِنَّ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي أَبِي *** وَبَيْنَ بَنِي عَمِّي تُخْتَلِفٌ جِدًّا
فَإِنْ أَكَلُوا لَحْمِي وَفَرْتُ لُحُومَهُمْ *** وَ إِنْ هَدَمُوا بَحْدِي بَنَيْتُ لَهُمْ بَحْدًا
ص: 179
وَ إِنْ زَجَرُوا طَيْرًا بِنَحْسٍ تَمرُّ بي *** زَجَرْتُ لَهُمْ طَيْرًا تَمرُّ بِهِمْ سَعْدًا
وَلَا أَهْلُ الْحِقْدَ القَدِيمَ عَلَيْهِمُ *** فَلَيْسَ رَئِيسُ الْقَومِ مَنْ يَحْمِلُ الْحِقْدَا [404]
وَمَا كُنْتُ أَقْطَعُ كَنِّي بِضِرْسِي ، وَ أَقُولُ: قَطَعْتُ بَعْضِي وَ شَفَيْتُ نَفْسِي، بَلْ أَصِلُهُ وَ إِنْ قَطَعَ وَاضِحَ الْوَدَادِ، وَ إِنْ مَنَعَ(1)؛ وَ لَا أَبِيعُ حَظِّي مِنْهُ وَ إِنْ بَاعَ حَظَّهُ مِنِّي، وَأَزْدَادُ مَيْلًا إِلَيهِ كُلَّمَا أَزْدَادَ مَيْلًا عَنِّي. وَإِذَا انْقَطَعَتْ مِنَ الرَّحِمِ الْأَوَاصِرُ ، صَغُرَتْ عِنْدَهَا كَبَائِرُ الْجَرَائِرِ، وَاللهُ يَغْفِرُ لَهُ ذَلِكَ. /B52/ وَلالُومَ عَلَيهِ وَلا تَثْرِيبَ ، وَلَا أَكْدُرُ صَفْوَ خَاطِرِهِ بِالْعَذْلِ وَ التَّانيب*
فَإِنَّ عَهْدِي بِهِ وَاللَّهُ يَكْلَؤُهُ *** وَإِنْ أَتَى الذَّنْبَ مِمَّنْ يَكْرَهُ الْعَدْ لَا [405]
بَلْ أَقُولُ لَهُ:
إِنْ سَاءَ نِي مِنْكَ ذلِكَ *** فَقَدْ سَرَّنِي أَنِّي خَطَرْتُ بِبَالِكَ [406]
***
ثُمَّ لَمَّا كَانَتِ الْقَصِيدَةُ الْخَلَّعَةُ، هی الْبَاعِثَةُ عَلَى تَصْنِيفِ الرِّسَالَةِ؛ وَ النَّاظِرُ فِيهَا لابدَّ أَنْ تَسْمُو نَفْسَهُ إِلَيْهَا، وَيُحِبُّ الْإِطْلَاعَ عَلَيْهَا، أَلْحَقْنَاهَا بِهَا وَهِيَ :
قَلْبِي بِشَرْعِ الهَوَى تَنَصَّرْ *** شَوا إِلَى خِصْرِهِ المُزَنَّرْ
ص: 180
كَنِسَةٌ تِلْكَ أَمْ كِنَاسٌ *** وَغِلْمَةٌ أَمْ قَطِيعُ جُؤذَرٌ
وَكَمْ بِهِمْ مِنْ مَلِيكِ حُسْنٍ*** جَارَ عَلَى النَّاسِ إِذْ تَأَمَّرْ
لَهُ بِأَجْفَانِهِ جُنُودٌ *** تَظفَرُ بِالْفَتْح حِينَ تُكْسَرْ
وَا حَرَبَ الْقَلْبُ مِنْ صَغِيرٍ*** عَلَيَّ مِنْ تِهِ تَكَبَّر
يَضْحَكُ مِنْ لَوعَتِي وَأَبْكِي*** يَنَامُ عَنْ لَيْلَتِي وَأَشْهَرْ
وَدَدْتُ أَنِّي لَهُ وُشَاحٌ*** لَو أَنَّ لِلْمَرْءِ مَا تَخَيَّرُ
وُشَاحَهُ كَمْ هَصَرْتَ غُصْنًا *** مَا كَانَ لَولَاكَ قَطُّ يُهْصَرْ
أَمَا تَرَى إِذْ تَجُولُ لَعْبًا*** إِزَارَهُ الثَّابِت المُّوَقَرْ
/A53 / جَارَانِ رِدْفٌ لَهُ وَ خِضْرٌ *** أَنْجَدَ هَذَا وَذَاكَ غَوَّرْ
كَمْ ظَاهِرٍ مُضْمَرٍ لِوَجْدِي *** لظَاهِرٍ مِنْهُمَا وَ مُضْمَرْ
علَيَّ مُسْتَأْسِدٌ غَزَالٌ *** إِنْ سُمتُهُ قُبْلَةً تَنَمَّرْ
إِنِّي فَقِيرُ إِلَيْهِ لَكِنْ *** قُبْلَةٍ قَانِعٌ وَ مُعْتَرْ
وَ رُبَّ وَعْدٍ بِلَمْ خَدٍّ *** جَادَ بِهِ بَعْدَ مَا تَعَذَّرْ
سَقَاهُ مَاءُ الشَّبَابِ حَتَّى*** أَيْنَعَ نَبْتُ الْعِذَارِ وَأَخْضَرْ
أَلَيْسَ مَنْ هَامَ يَا عَذُولِي*** بِمِثلِ هَذَا الْعِذَارُ يُعْذَر
أَخْفَيْتُ فِي جُنْحِهِ غَرَامِي*** فَاللَّيْلُ أَخْقَ لَهُ وَأَسْتَرْ
عَرَّفَهُ لَامُ عَارِضَيْهِ*** لَيَّ لِم بَعْدَهَا تَنَكَّرْ
بِجَنْبِ خَطُ العِذَارٍ خَالٌ *** نُقْطَةٍ شُكْلَتْ بِعَنْبَرْ
ص: 181
وَقْعَ لِي خَالُهُ بِحَتْني *** ثائلَا خَطَّهُ المُزَوَّرْ
قلَتَيْه يُريدُ قَتْلي*** يَا رَبِّ سَهَلْ وَلَا تَعَشَر [ 407]
أَخْفَيْتُ وَصْف الْحَبِيبِ دَهْرًا *** وَاليَومَ بِاسْم الحَبِيبِ أَجْهَرُ
هَوَيْتُ أَحْوَى اللقات ألمَى *** أَهْيَفَ سَاجِى الجُفُونِ أَحْوَرُ
كَاللَّيْثِ وَالضَّيِ حِينَ يَسْطُو *** وَحِينَ يَعْطُووَحِينَ يُنْظَرْ
فَوَجْهُهُ جَنَّتِي وَ حُورِي *** جُفُونُهُ وَ الشّفَاةُ كَوثَرْ
/B53 / عَنَايَ مِنْهُ وَ مِنْ عَذُولٍ *** يَهْجُرُ هَذَا وَذَاكَ يُهْجَرْ
يَسْأَلُ عَمَّنْ كَلَفْتُ فِيهِ *** وَهُوَ بِهِ لَويَشَاءُ أَخْبَرْ
هَلْ رِيقُهُ الشَّهْدُ قُلْتُ أَحْلَى *** أَو وَجْهُهُ البَدْرُ قُلْتُ أَنْوَر
قَالَ فَذَا الْغُصْنُ قَدْ حَكَاهُ *** فِي حُسْنِ قَد فَقُلْتُ قَصَّرْ
لغُصْنُ يَهْوِي لَهُ خُضُوعًا *** و الضَّيُّ مِنْ أَجْلِهِ تَعَفَّرْ
صَغَرَهُ عَاذِلي و لَمَّا *** شَاهَدَ ذَاكَ الْجَمَلَ كَبَّرْ
لَّا رَأَى صُورَةٌ سَبَتْني *** صَدَّقَ مَا مِثْلُهَا تُصَوَّرُ
يَا غُصْنَ بَانٍ وَدَعْصَ رَمْلٍ *** وَ جِيدَ رَيْمٍ وَطَرْفَ جُؤذَرْ
خضرُكَ هَذَا الضَّعِيفُ يَعْیَي *** مِنْ حَمْلِهِ قَامَةً وَ خَنْجَرْ
مُؤَنَّتُ الطَّرْفِ مِنْكَ أمْضَى *** شَبًّا مِنَ الصَّارِمِ المُذكَّر
فَاتِرُهُ لَايُقَاسُ حَدًا *** بِبَارِدٍ لِلسُّيُوفِ أَبْتَرْ
أَغْمِدْ شَبَاهُ فَأَيِّ قَرْمٍ *** مِنْ بَأْسِ جَفْنَيْكَ لَيْسَ يَدْعَرْ
ص: 182
يَا شَاهِرًا سَيْفَهُ الْمُّحَلَّى *** جَفْنَكَ بِالْفَتْكِ مِنْهُ أَشْهَرْ
لِدَولَةِ الْحُسْنِ نَحْنُ جُنْدٌ *** وَأَنْتَ سُلْطَانُهَا المُّظَفَرْ
فَانْشُرْ لَوَاءَ الْجُعُودِ فِينَا *** تُكَسِّرُ كِسْرَى بِنَا وَ قَيْصَرْ
يَا صَاحَ سُكْرُ الشَّبَابِ إِثْمُ *** بِالسِّيبِ مِنْ بَعْدِهِ يُكَفَّرْ
/A54 / جَرَى كُمَيْتُ الشَّبَابِ حَتَّى*** أَتَارَ فِي عَارِضَيَّ عِثْيَرْ
أَقْبَلَ صُبْحُ المُشِيبِ نَحْوِي *** يَسْعَى وَ عَصْرُ الشَّبَابِ أَدْبَرْ
مُذْ كَادَ غُصْنُ الشَّبَابِ يَذْوِي*** بِعُرْسِ فَرْعِ الْكِرَامِ أَثمَرْ
عُرْسٌ بِهِ الهَمُّ عَادَ يُطْوَى *** لَا بَلْ بِهِ المَيْتُ كَادَ يُنْشَرْ
عُرْسُ فَتَّى أَبْهَرَ الْبَرَايَا *** فِي حُسْنَي مَنْظَرٍ وَمَخْبَرْ
أَنهَى إِلَى عَمِّهِ عَلِيٍّ *** حَدِيثٍ بَحْدٍ لَهُ وَ مَفْخَرْ
وَمَا رَوَى لِلْعُلَى عَلِيٍّ *** أَصَحَ أَخْبَارِهَا وَأَشْهَرُ
عَنِ الرِّضَا عَنْ أَبِيهِ مُوسَى *** مُسَلْسَلًا عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرٌ
إنْ حُدِّلُوا عَنْ رَوَاءِ صَادٍ *** فَعَنْهُ يُرْوَى وَ عَنْهُ يُؤْثَرْ
يَشْتَقُ فِعْلُ الْجَمِيلِ مِنْهُ *** وَهُوَ لِفِعْلِ الْجَمِيلِ مَصْدَرُ
ذُو قَلَمٍ إِنْ جَرَى بِأَمْرٍ *** جَرَى عَلَى اللُّوحِ بِالمُقَدَّرْ
عَجِبْتُ مِنْ مُدْيَةٍ بَرَتْهُ *** وَحَدُّهُ بِالسُّيُوفِ أَثَّر
مَا كَادَ سِرٌ عَلَيْهِ يَخْفَى *** وَ سِرُّهُ لَا يَكَ وَ سِرُّهُ لَا يَكَادُ يَظهَرْ
إِنْ سَالَ بِالْحِبْرِ فَوقَ طُرْسٍ *** رَاقَكَ فِي وَشیِهِ المُّحَبَّر
ص: 183
تَرَى نَظِيمَ الْحُسَانِ مِنْهُ *** عَلَى وُجُوهِ الطُّرُوسِ يُنْثَرْ
حَبَاهُ غَابَ حَوَاهُ قِدْمًا *** صُورَة صَلِّ وَ بَأسَ قَسْوَرْ
/B54/ كَمْ حَلَّ أَسْرٍ وَفَكَ رِقٌ *** خَطَّ عَلَى رَبِّهِ وَحَرَّرْ
مَنَاقِبٌ لا تَكَادُ تُحْصَى*** وَسُؤدَدٌ لَا يَكَادُ يُحْصَرْ
قُرْآنُهُ مَا خَتَمْتُ لَكِنْ *** قَرَأْتُ مِنْهُ الَّذِي تَيَسَّرْ
خُذْهَا أَبَا أَحْمَدَ فَتَاةً *** جَاءَتْ لِفَرْطِ الحَيَا تَعَثَّر
منْ قَاصِرٍ مَدْحُهُ عَلَيْكُمْ *** وَإِنْ يَكُنْ فِي المَدِيحِ قَصَّرْ
قِيلَةٌ أُهْدِيَتْ لِكُفْوِ *** لَهَا بِحُسْنِ الْقَبُولِ أَمْهَرْ
لَدَيْهِ أَلْقَتْ قَنَاعَهَا عَنْ *** مَحَاسِنِ عَنْ سِوَاهُ تُسْتَرْ
رِيدَةٌ فِي الْجَمَالِ فَاقَتْ *** أَلْفَ قَصِيدٍ لِأَلْفِ عَنْتَرْ
مَا حَاكَ بَشَّارُهُمْ نَظِيرًا *** وَهُوَ ابْنُ بُرْدٍ لَهَا وَحَبَّرٌ
كَمْ خَطَبَتْها نُفُوسُ قَومٍ *** فَكُنْتَ أَولَى بِهَا وَأَجْدَرُ [ 408]
ص: 184
ص: 185
ص: 186
ثَبَتٌ لمعاني غريب الألفاظ
على حسب استعمالها في الكتاب
المرتَّب ترتيبًا أبتثيًّا
*حرف الهمزة*
أبراد
الأبراد: جمع بُرد، وهو الثّوب المخطّط.
ابن جَمِير
ابن جَمِير الليل والنهار .
ابن سَمِير
ابن سَمير الليل الَّذِي لا ممر فيه. ابناسَمير: الليل والنهار.
أحنَبطِيِ
أحتبطي: أمتلي، غيظًا.
أذقانهم
جمع: ذقن؛ و هو مجتمع اللَّحییَن من أسفلهما.
أَرجحِنُّ
أرجحن: اهتزَّ.
أَرجَنت
أرجنت: أقامت.
أرهَف
ص: 187
رهف السيف رققه.
أريَاف
الأرياف: جمع الريف و الريف: أرضُ صبا يصبو : حنَّ و اشتاق إليه. فيها زرع و خضبٌ وأرضٌ ريفةٌ خِصْبةٌ. و أرأفت الأرض و أريفت أخضبت.
أزَاهِيره
جمع زهرة وزهرة الدنيا بهجتها و غزارتها.
أَرْكُنُك
أزكنه الأمر: أعلمه و أفهمه إيّاه.
استبشعوا
استبشعه: عدّه قبيحًا.
استعجامها
عَجَم يعجُمُ عَجْماً وَ عُجْمًا ، العَجْمَاءُ: الرملة التي لا شجر فيها.
أسدَوا
أَسدَى إِسْداء الثوبَ: أَقامَ سَدَاه. والسَدَى من الثوب: ما مُدَّ من خيوطه طولاً.
أسلَنقِي
اِسلَنقَی : انبسط على ظهره فنام عليه.
أصبُو
صبا بصبُو : حنَّ و اشتاق إلیه.
أَضَرَم
ضَرِمت النارُ: اشتعلت. و أضرم النار: أوقدها.
إطرائه
أطراه بالغ في مدحه.
أطرى
أطرى فلاناً: أحسن الثناء عليه و بالغ في مدحه .
اعتساف
اعتسف الأمر: ركبه بلا تدبر ولاروية.
اعتَلجَ
اعتلج التطم. يقال: اعتلجت الهموم في صدره أي: تلاطمت.
أَعرَنزِم
أعرنزمَ: أَتَجمَّعَ و انقبضَ.
ص: 188
أعطافهم
العِطف جمعه: أعطاف و عطاف و عطوف: الأرياف أرياف. من كلّ شيءٍ: جانبه.
أكفهم
الأكف جمع الأكاف، و هو: البرذعة. و البرذعة: ما يُجعل على الحمار للركوب علیه.
الآذريون
الآذريون: جنس زهرٍ من المركّبات، برتقاليّ اللون.
الآسي
الآسي: جمعه أساة وإساء، و هو الطبيب.
الاحتراش
احتَرَسَ الضبّ: اصطاده.
الأَخْثَم
خَثَم يخثُم أَنفَهُ: كسره.
الأراك
الأَراك: شجر ذوشوكٍ، خَوَّار العودِ تُتَّخِذُ منه المساويك.
الأرياف
الأریاف أریاف.
الأساريع
الأساريع: دود بيضُ حُمر الرؤوس تتغذي بالأوراق و الأثمار.
الإسهاب
أسهَبَ الكلام: أطال.
الأصداغ
الأصداغ: جمع صُدغ و هو هيهنا: الشعر المتدلّي على ما بين العين والأذن.
الأطلال
الأطلال: جمع طَلَل. و و هو: الموضع المرتفع.
الأهلة
جمعُ الهِلَال، و هو مصدر هال و الهلال: غرّة القمر.
الأنقاس
النّفس جمعه أنقاس المداد الّذي يُكتب به .
ص: 189
الأنواء
الأنواء مفرده: النَّوء، وهو: المطر.
الأواصر
الأواصر جمع الوصر، و هو العهد.
الأيهُقان
الأيهقان جمع الأيهقانة. و هو: عُشب يطول، و له وردة حمراء وورقةٌ عريض.أو : الجرجيرُ البرُيّ.
البَهَار
البهار نبتُ طيّب الرائحة، ويقال له: عين البقر، أو: بهار البر.
التَاَنُّث
تأنث الرجل: تشبّه بالأنثى في لينه ورقّة کلامه و تکسّر اعضائه .
التأنيب
أنبه: عنّفه ولامه.
التَّحامُل
تحامَلَ على فلان: جار و لم يعدِل.
التَّعَجرُف
التَّعجرُف - عَجْرَفَة.
التَّنُّوم
التَّنُّوم: شجر له ثمر شربه مع الحرف والماء يُخرجُ الدود، و التَّضَمُّد بوَرَقه مع الخَلِّ يَقلَعُ الثَآليلَ.
التَّيْس
التّيس :جمعه: تيوس و أتياس، و هو: الذَّكَر من المعز و الظباء والوعول.
الثَّغرِ
الثَّغر: مقدم الأسنان .
الجُرد
الجُرد: الخَيل الّتي لا رجالة فيها.
الجَردَاء
الجردُ و الأجرد: المكان لانبات فيه؛ و الجرداء: الشجرة لاورقة عليها.
الجُلمُود
الجلمود الصخر.
الحِجَاج
حاجَّه حِجاجاً خاصمه فحَجَّه.
ص: 190
الحِجَال
الحِجَال مفرده: الحَجَلَة. و رَبَّات الحجال:النساء.
الحياكة
حِياکَة الثوب: نسجه. الحائك: النسّاج.
الحَيزَبُون
الحيزبون: العجوز، ومثله الحيزبُور.
الخَاثِر
خَثَر اللبنُ: تَخُنَ واشتدّ.
الخِلال
الخلال جمع الخلل، وهو الوهن و الفساد.
الخِلعَة
الخِلعَة: الثوب الّذي يُعطَى مِنحةً. و اللفظة بضم الأوّل - : الخلعة - وردت بمعنى خيار المال. ولكن اختيار المكسورة لمكان المناسبة بينها و بين قوله: «و نَضَى عنها سَمِلَ أبرادِ البداوة».
الخَيَال
الخَيَال: ما تشبّه لك من الصور في المنام.
الدَّعَج
دَعِجَتِ العينُ: كانت واسعةً شديدة السواد و البياض.
الدِّمَن
الدِّمَن مفرده الدمنة، وهي: آثار الدار.
الدِّهنَاء
الدهناء : الفلاة .
الذَّر
الذَّر: صغار النمل الهباءُ المنتَشَر في الهواء.
الذَّرِيَّة
الذرّيّ: فرند السيف وماؤه. يُشبَّهان في الصفاء بمدبّ النمل و الدر. و المدبُّ: المجرى مدبّ النمل أي مجراه.
الرَّعَاع
الرعاع: سَفْلَة الناس.
الرَّغْوة
الرغوة ما على اللبن و الماء من الزبد.
الرَّند
ص: 191
الرَّند: شجرةٌ صغيرة طيّبة الرائحة من فصيلة الغاريّات.
الزَّجَج
زجّ الحاجبُ: دقّ و تقوَّس في طولٍ.
السَّبَاسِب
السَّبَاسب جمعُ السَبْسَب، وهو: الأرض الواسعة التي لاماء فيها. الأرض المستوية البعيدة.
السِّرَاط
السِّراط : السبيل الواضح و الصاد أعلى للمضارعة، والسين الأصل.
السِّمَان
السّمان مفردُه سَامِن و سَمين و هو كثير الشحم و الدسم.
السِنَاد
السناد: كلُّ عيبٍ في القافية قبل الرويّ.
السَّودَاء
السوداء: مرض الماليخوليا.
الشامَّة
الشامة - شامة.
الشَّبَح
الشَّبَح: الباب العالي البناء و الشخص .
الشُّخْب
شخبت اللبن حلبت. و هو ما يمتدُّ من اللبن كالخيط عند الحَلْب. و هو فَعلٌ بمعنى مفعول.
الشَّغَب
الشَّغَب: الشرّ و الفتنة. شَغِب القوم: أثار بينهم الشر والفتنة.
الشَّمْطَاء
شَمِط يَسْمَطُ: خالط بياض رأسه سواد، فهوأَسْمَط، و هي شمطاء.
الشَّنَب
الشَّنَب : البَردُ. شَيْبَ الرَّجلُ: كان أبيضَ الأسنانِ حسنَها.
الشِّيح
الشيح مفرده شيحة، و هي: نبات أنواعه كثيرة وكله طيب الرائحة.
ص: 192
الصُّدُود
الصُّدود: الإعراض و الميل عن اشیء.
الصُعلُوك
الصُعلُوك: الفقير.
الصَّفْع
صَفَع صفعًا: ضرب قفاه أو بدَنَه بكفّه مبسوطةَ.
الصَّفيق
صَفُق يصفُقُ الثوبُ: كثف نسجه. ثوبٌ صفيقٌ: كثيفٌ نسجُه.
الصَّقِيع
الصَّقيع الغائب البعيدُ الّذي لا يُدرَى أين هو. يقال: و ما أدري إلى أيّ صُقعٍ ذهب.
الصِّيرَان
الصِّيرَان جمعُ الصِّيار، و هو القطيع من البقر.
الضَّرَب
الضَّرَب و الضَّرْب: العسل الأبيض الغليظ.
الطَّبُ
الطب: الحاذق في عمله.
الطَّرِيف
الطَّريف جمعه طرف و طراف، و هو: الغريب النادر من الثمر و نحوه.
الطَّريفَة
الطَّريفَة ← الطريف.
الطَّلاوة
الطَّلاوة: الحسن و البهجة. يقال: هذا كلام ما عليه طلاوة: إذا كان غنا لا ملاحة له.
الطَّلُ
الطَّلُ جمعه طلال وطلل: المطر الضعيف. الندى .
الطَّيْف
طافَ طيفا الخيالُ: جاء في النوم.
العَافِية
عفا يعفُو الأثرُ أو المنزلُ: إيحى و درس و بلي .
ص: 193
العِبء
العِبْءُ جمعه أعباء، و هي: الثقل الحمل.
العِتَاق
الظاهر انّ اللفظة من عَتَقَ يَعتِقُ عِتقًا بمعنى ،سبق فالعتاق: السبق. و لكن لم ينصّ اللغويّون على ورود مصدر اللفظة على هذه الزنة.
العَجرَفات
العَجرَفات ← عجرفة.
العُلْجَان
في بعض مصادر اللغة: نبت معروف،لم يزد عليه.
العَرَاجين
مفرده عُرجُون. و هو أصل العِذق الّذي يبقى على النخل يابسًا بعد أن تُقطع عنه الشماريخ.
العَرار
العَرار جمع عَرَارة، و هي: نباتٌ ناعمٌ أصفر طيّب الرائحة النرجس البرّي.
العَفو
و يقال: فَعَلهُ عفوا أي: بديهيَّا من تِلقاء نفسه .
العَكَر
العَكَر مفرده العَكَرَة، و هي: القطعة من الإبل.
العَلقَم
العَلقَم الحنظَل كلُّ شيءٍ مرّ .
العَمُوديُّون
هم أهل العمود و أهل العُمد. أي: الّذين يسكنون الأخبية و الأخبية ما يُعمل و من وبرٍ أو صوفٍ للسكن. فأراد المؤلّف بهم: مَن ينتمي إلى ساكني الصحراء و البدويّين و أهل الوَبَر.
الغَباشِير
الغباشير: ما بين السَحَر و المساء من الضوء، و ما بين الغروب و العشاء منه.
الغَوَاني
الغواني مفرده الغانية، و هو المرأة
ص: 194
المتزوجة.
الفِرِند
الفِرِند جوهر السيف و وشيه، و هو ما يُرَى فيه شبه مدبّ النمل و ← الذَّرِّيَّة في هذا الثبت.
الفَلَج
فَلج يُفلَجُ تباعد ما بين أسنانه.
الفَيَافِي
الفيافي مفرده الفيفی، و هو: المفازة لاماءَ فیها.
القَاحِلَة
القاحِلَة - قاحل.
القِدَاح
القِدَاح جمع القِدح، و هو سَهمُ القِمَار. يقال: صَدَقَهُم وَسمَ قِدحه، أي: قال لهم الحقّ.
القَذَال
القَذَالُ جمعه قُذُل وأَقذِلَة: ما بين الأذنين من مؤخّر الرأس.
القَرَى
قَرَى يقرِي الضيف: أضافه.
القُطَافة
القطافة ما يُسقط من العنب إذا قُطِف، أي: جُنِيَ.
القِفَار
جمع قَفر، و هو: الخَلاء من الأرض لاماءَ فيه ولاناس ولا كلاء .
القَلَائد
القلائدُ مفرده القلادة، و هو ما جعل في العُنُق من الحِلىّ.
القِلَام
القلام جمع القَلَم، و هو : اليَرَاعَة، أو: إذا بُرِئَت.
القَيصُوم
القيصوم: نباتٌ طيّب الرائحة يُتداوى به.
الكاهل
الكاهل : مقدَّم أعلى الظهر ممّا يلي العُنُق.
الكَبوَة
ص: 195
الكبوة المرّة من كبا. وكبا لوجهه انكبّ على وجهه.
الكَرَب
الكَرَب مفرده كَرَبَة، و هو أصول السعف الغُلاظ العراض التي تُقطع معها، سُمّي بذلك لأنه كَرَب أن يُقطَع و دَنَا من ذلك.
الكِنافة
الكِنَافَة : نوع من الحلويات تُحشَى بالجُبن أو بغيره.
الكَوَاعب
الكواعِب مفرده الكاعب، و هو من الجواري الناهد و نَهَدَتِ المرأة كعب ثدياها.
اللَّبُّ
اللَّبُّ : الملازم لعمله المقيم له.
اللَّجِين
اللَّجِين: نوع من العَلَف، و هو العَلَف، المتَّخَذ من الورق المدقوق المخلوط بدقيقٍ أو شعيرٍ.
اللُّجَين
اللُّجَين: الفضّة. ولا مكبر لهذه اللفظة.
المَاحِلَة
الماحِلَة ← ماحلٌ.
المُبَرسَمين
المُبَرسَم : الذي أصيب بالبرسام. و البِرسامُ: داء الجنب، و هو التهابٌ يصيبُ
غشاءَ الرئة.
المُتَعَجرِفِين
العَجرَفَة : الجفوة في الكلام.
المُتَنَزَّهات
المتنزَّهُ: مكان التنزه. مكان نَزْهُ و نَزِه و نَزِيهُ: حَسَن المناخ مقصود لجودته وبعده عن فساد الهواء.
المِنْصَحَة
المنصحة الأبرة.
المَحَجَّة
المحجة: جادة الطريق أي وسطه. سُمّيت بذلك لأنها تُقصد.
المُعْفَّلِين
ص: 196
المغفَّلين جمع المُغفّل، و هو من لا فطنةَ له.
المَنبُوز
نَبَزه بكذا: لقَّبه به، و هو شائعٌ في الألقاب القبيحة.
المَندَل
المَنَدَل جمعه مَنَادِل: العود الطيّب الرائحة.
المَهازِيل
المهازيلُ جمع المَهزُول، و هو: المصاب بالهُزال و الهُزال: قلَّة اللحم والشحم .
النَجَائب
نجائب الشيء: خالصه نجائب الإِبل: الخالص من الإبل.
النَّخْوَة
النّخوَة: الكبر و الفخر.
النِّطَاسي
النِّطاسي: العالِمُ الطَّبيب الحاذق.
النِعَاج
النِّعاج جمع النَعجَة، و هو: الأنثى من الواحدة الضأن.
النِّقرِيس
النِّقرِيس: الطبيب المدقِّق.
النَّمِر
النَمِر و النِمر والنَمر: ضربٌ من السباع من عائلة السنور أصغر من الأسد، و هو منقَّط الجلد نقطاً سوداً و بيضًا.
النَّوَى
النَّوَى: الدَّارِ.
النِّيَاق
النِّياق جمع نيق، و هو: أعلى موضع في الجبل.
الهَمَج
الهمج جمعه أهماج، و هو: الرعاع من الناس الحَمقَى.
الهِنْدُوَانِيَّات
الهِندُوانيُّ والهُندُوانيُّ: المنسوب إلى الهند، يقال: سيفُ هندوانيُّ و هي نسبةُ شاذَّة.
الواخِدة
وَخَدَ يَخِدُ البعير: أسرع وصار يرمى
ص: 197
بقوائمه كالنعام.
الوَجْنَة
الوَجنَة: ما ارتفع من الخدِّين.
الوَشي
الوَشْي - وَشْي
اليَرْبُوع
اليربوع جمعه يرابيع، و هو نوعٌ من القواضم يشبه الفأر، قصير اليدين طويل الرجلين، و له ذنب طويل .
أُمِّ حُبَين
أُمِّ حُبَين : دُويبةٌ عظيمة البطن تشبه سامَّ أبرص.
أُمّ خنَوّر
أُمِّ ختور: الدنيا.
أُمِّ هُوبَر
أمِّ هُوبَر . الهوبَر: الفهد، الصّبحُ. أبو هُبَيرَة: ذكر الضفادع أم هبيرة: أنثاها.
أنابيب
الأنابيب مفرده الأنبوب. و هوبالاستعارة - : كلّ أجوفٍ مستديرٍ.
أَنارُوها
أنارَ الثوبَ: جعل له نِيراً، أى خطوطًا.
أهون
الأهون يوم الإثنين.
أوانِس
الأوانس جمع الآنسة، و هو: الطيّبة النفس.
أُورَتْ
وَرَى الزند: خرجت ناره و تقول لمن أنجدك وأَعانك: وَرَتْ بِكَ زِنادي.
أُورَى
أُورَى - أورت.
أَوَّلُ
الأَوَّل: يوم الأحد، ويقال له: أوهد.
* حرف الباء*
بأَجلَاف
الأجلافُ جمع جِلف، وهو الأحمق.
ص: 198
بالرِّقَاعة
رَقُعَ رَقَاعَةً: حَمق. الرَّقاعة: الحُمْق.
بِرضخّه
رَضَعَ يَرضَحُ رأسه بالحجر: رَضَهُ. أي: دقه و جَرَشَه.
بُرُود
برود - أبراد
بِالصَّقَاعة
بالصَّقاعة - الصَّقِيع.
بِعَاطِ عَاط
عاطٍ عاطٍ: زجر للذئب و للخيل.
بَعْر
البَعْرُ: ما تقدف به ذوات الخفّ و ذوات الظلف من الأوساخ يقال: بعرت الماشية أي: ألقت البَعْرَ.
بِغَمُوس
اليمين الغَمُوس أي: الكاذبة التي يتعمدها صاحبها.
بِفَرضها
الفَرضُ : السُّنَّة.
بِوَصْم
الوَصْمُ: الفترة في الجسد المرض. العيب و العار.
* حرف التاء*
تَبَاشِيره
التباشير أوائل كلّ شي.
تَتَعَصَّى
تَعَصّى عليه عصاه. و تعصى الأمر: اعتاض .
تَشرِيب
تَرَبَهُ لامه. قَبَّحَ عليه فعلَهُ.
تَرَحًا
تَرِحَ يَترَحُ حَزُنَ.
تُسَوَّرُ
تَسَوَّرَ المرأَة: ألبسها سِوَارًا. و السِّوَار: حلية كالطوق تلبسه المرأة في زندها أو معصمها.
ص: 199
تَطَلَّبَ
تطَلَّبَ أي: طلبه مرَّةً بعد بعد أُخرى مع تكلّف.
تُقَرَّط
قَرَطَّ الجارية: ألبسها القُرْط. والقُرْط: ما يُعَلَّقُ في شحمة الأُذُنِ من درّةٍ ونحوها.
تُقَلَّد
القِلَادةُ: ما جُعِلَ في العنق من الحِليّ.
تَقَنَّعُ
كذا في النسخة. والتَّقنُّع: تكلُّف القناعة. المعنى لا يلائم قوله «وكفاية».
* حرف الثاء*
ثَغْر
ثَغر - الثَغر.
ثَلبَهُم
ثَلَبَهُ: عابَهُ ولامَهُ. سَبَّهُ.
ثَلَجَت
ثَلَجَتْ نفسِي به ارتاحَت به.
*حرف الجيم*
جَادُ
جاد الباطل و الظاهر أنهم أرادوا به: الشعر باطل لا أصل له، فيمكن توارده لكلّ شاعر، و ليس قول أحدٍ منهم أصلا فيه.
جُبَارٌ
الجبار : يوم الثلاثاء .
جَمْرٍ
الجَمرُ: النارُ المُتَّقَدَة.
جَید
الجيدُ جمعه أجياد و جُيُود: العُنُق، مقدّم العُنُق.
* حرف الحاء*
حَادَ
حاد عنه: مال.
حُزُونَة
حُزُونة جمع الحَزْن، و هو ما غَلُظَ من الأرض، وقلَّما يكون إلّا مرتفعًا.
حَصْحَصَ
حَصْحَصَ حَصْحَصَة الحقُّ: بان بعدَ كتمانه.
ص: 200
حَظِيَّة
الحظيَّة: السُّرِّيَّة المكرَّمة عند أميرٍ أو ملكٍ.
حظيته
حظيَّتَة - حظَيَّة.
حفنة
الحَفْنَةُ والحُفْنَةُ: مِلءُ الكفَّين.
حلباتها
حلبات جمع الحَلبَة. و الحَلبَة: الدفعة من الخيل في السِباق. يقال: فلانٌ يركُضُ في كل حلبة من حَلَبَاتِ المجد.
حَلْبَة
حلبة - حلبات.
حُمَادَاه
الحُمَاد: الغاية و مبلغ الجُهدِ. يُقال: حُمَادَك أن تفعل كذا، أي: غايتك و مبلغ جهدِك.
حَنَادِري
الحنادِر مفرده حُندُورة، و هي: سواد العين.
* حرف الخاء*
خُبْرًا
خَبرَ خُبْرًا عَلِمَه بحقيقته و كنهه.
خَرَائِد
الخرائد جمعُ الخَرُود و الخريد، و هما: البكر لم تُمَسُّ قطُّ.
خَضْرَاء
فلان أخضر كثير الخير و الخضراء: الخير والسعة والنعيم.
الخُطَّة
الخطّة: الجهل. الأمر المشكل الذي لا يهتدى إليه.
خَمَائِله
الخمائِل جمعُ الخَمِيلَة، وهو: الموضع الكثيرُ الشجر.
خُمُودِه
خَدَت النارُ : سكن لهبها و لم يطفأ جَمرُها .
*حرف الدال *
دُبَار
الدُّبَارُ : يوم الأربعاء.
ص: 201
دَبٍّ
دبَّ يَدُبُّ دَبَّا، والدَّبُّ: المشي على اليدين و الرجلين كالطفل.
دَعِيٌّ
الدَّعيُّ: الذي يدَّعي غير أبيه أو غير قومه.
دِمْلَج
الدِّملَجُ: حلى يُلبَسُ في المِعصَم.
دَيَاجِير
مفرده الدَيجُور: الظلام.
*حرف الذال*
ذِمَام
الذِمَام جمعُ أَذِمَّة، وهو الحرمة الحقُّ.
*حرف الراء*
رُضتُها
راضَ يرُوض روضًا ... المُهرَ: ذلله طوّعه وعلَّمه السير.
رَفَاعَة
الرفاعة - مثلثة الأوّل - من الصوت: ارتفاعه و شدته.
* حرف الزاء*
زَند
الزند: العودُ الّذي يُقْدَحُ به النارُ.
زَيَّافَة
زافَ يَزِيفُ: تبختر في مشيه و تمايل. زافت الناقة: أسرعت في تمايل.
* حرف السين*
سَبْكه
سبَك الفضَّةَ: أذابها وصبّها في قالبٍ.
سَكَعَت
سَكَعَ : مَشَى مُتَعَسِّفًا لا يدري أينَ يَأْخذ فى بلادِ الله .
سِلْعَته
السلعة جمعه سِلَع. و هو المتاع و ما يُتَاجَرُ به .
سَمجٌ
سَمُجَ يَسمُعُ سَمَاجَةٌ: قَبحَ فهو سَمْجٌ وسَمِجٌ.
سَمِل
ص: 202
السَمِل: الثوبُ الخَلَقُ البالي. جمعه: أسمال.
*حرف الشين*
شَارِد
الشارِدُ النادر. شوارِدُ اللغة: نادرها و غرائبها.
شَاصِبًا
يقال: عيشٌ شاصِبٌ أي: شاقّ. الشصْبُ: المشقّة.
شَامَّةٌ
الشامة: نقطةٌ سوداء على الوجه تزيده حُسنًا.
شَبْوَة
الشَبوَةُ: عَلَمٌ للعقرب .
شَرَك
الشَّرَك: حبائل الصيد.
شَطَطًا
الشَّطْطُ : الإفراط.
شَعْث
الشَّعْث و الشَّعَث: انتشار الأمر وخلَلُه.
شَغَب
شَغَبْ شَغَبًا القوم و بهم و عليهم: هَيَّجَ الشرُّ عليهم.
شَمْلَتَين
الشَّمْلَة : كساء واسعٌ يُشتَمَل به.
شُمُوسَهَا
شَمَسَ يَسْمُسُ شُمُوسًا: امتنع، تأبى. يقال: شَمَسَتِ الدابَّةُ: نفرت و تمرَّدت على صاحبها.
شِيَار
الشِيَار : يوم السبت.
شِيَاف
الشَّيَافُ: دواءٌ يُستعمل للعين.
* حرف الصاد*
صَخْر
الصَّخْر : جمع الصَّخرة و الصَّخَرة.
صَفْوَان
يومَ صفوان: يومٌ باردٌ .
ص: 203
صَقَاعَة
الصقاعة -عند المولّدين - : برودة الطبع.
صُلُود
الصَّلْدُ : الصُّلب الأملس. وصَلَدَ الزَّندُ صُلُودًا: صوَّت ولم يُورٍ.
صُلُوده
صُلُوده - صُلُود.
* حرف الضاد*
ضَرَّتَه
ضَرَّةُ المرأة: امرأة زوجها؛ و هما ضرتان.
ضَنْك
الضَّنك: الضيِّق من كلّ شيء .
* حرف الطاء*
طريقة
طريفة - الطَّرِيف.
طَلَاوَة
طلاوة - الطلاوة.
طَوع
الطوعُ: الطائع. يقال: هو طَوعُ يدكَ أي: منقادٌ لك.
*حرف العين *
عَافِية
عافية ← العافية.
عُثَلِط
أُهملت هذه اللفظة و أختاها في كثير من المعاجم، و قال بعضهم: لَبَنُ عُتَلِط : خائِرٌ تَخِينُ، وكذلك عُجَلِط و عُكَلِط . قيل: هو المتكبّدُ الغَليظُ.
عَجْرَفَة
العجرفة: جَفوَةٌ في الكلام. يُقال: في كلامه عجرفِيَّةٌ و تَعَجْرُفٌ أَي جَفوةٌ.
عُجَلط
عُجَلِط - عُثَلِط .
عُراه
العُرى جمع العُروة. والعُروة: ما يُوثَق و یشتدُّ به .
عَرْف
العَرْفُ: الرائحة مطلقًا. وأكثر اسمتعماله في
ص: 204
الطيِّبة.
عَرُوبَة
العروبة: يوم الجمعة.
عِطفي
العِطَّفّ من كلّ شيءٍ: جانبه. و العطاف يقال للرداء، و سمي بذلك لوقوعه على عطفي الرجُل، و هما ناحيتا عنقه.
عِقْد
العقد - القلادة.
عُكَلط
عُكَلِط - عُتَلِط .
عُنْجُهِيَّة
لم يتعرَّض كثير من المعاجم لهذه اللفظة فى مادة عنج. وقال بعضهم: و يقال أعرابيُّ فيه عنجهيّة أي: جفاء وكبر.
عَنَّ
عَنَّ له الشيء: ظهر أمامه و اعترض.
*حرف الغين *
غَيَاطِلُهُ
الغيطلُ: هيئة الشمس من مغربها وقت العصر. و المراد هنا: أوان ختام الشباب.
* حرف الفاء*
فِظَاظ
الفظاظ الفَظُّ، و هو ماءُ الكِرْسِ يُعتَصَر و يُشرَبُ في المفاوز و به شُبِّه الرجلُ الفَضُّ الغليظُ لِغَلَظِه.
فَلا يُفَقَّىءُ:
فلان لا يرد الرواية و لا يُنضج الكراعَ و لا يُفَقِّىءُ البيض، يقال للعاجز .
فَلَوَاتِهَا
الفلوات جمع الفلاة، و هو الصحراء الواسعة.
فنُونه
فنون جمع الأفنون، وهو: الغُصنُ المُلتَفُّ. و في بعض المعاجم: جمع الأفنون: أفانين.
*حرف القاف*
قَاحِل
فَحَلَ قُحُولا الشيءُ يَبْسَ.
قاسَی
ص: 205
قَاسَى مُقَاسَاةَ الألم: تحمّل مشاقَّه.
قبطي
القُبطِيَّة و القِبطِيَّة: ثيابٌ من كتَّانٍ منسوبةٌ إلى القبط. وقال بعضهم: لمّا ألزمت الثيابُ هذا الاسمَ غيَّروا اللفظ، فالإنسان قِبطيُّ بالكسر - و الثوب قُبطيُّ - بالضم - .
قَتلتَ
يقال : قَتَلَ الشيءَ خُبرا أي: أحاط به علمًا.
قَدَّ
قدَّ الشيءَ: قطعه، شقَّه.
قُدَّت
قُدَّت ← قدَّ.
قُرُنَتي
القُرونة: النَّفْس.
قَفْر
قَفْر← القَفْر.
قَلَائده
قَلَائده← القلائد.
* حرف الكاف*
كَالخَرِيدة
كالخريدة ← خرائد.
كَالزَجر
زَجَرَ يزجُر الطير: أطاره، فتفاءل به إن كان طيرانه عن اليمين، أو تطير منه إن كان عن اليسار.
كَالَه
كَالَ يكيلُ كَيلًا الفلانَ: عَيَّنَ كَمِّيَّتَهُ و مقداره بواسطة آلةٍ معدة لذلك، كالصاع أو الذراع و نحوهما.
كَسَفْع الزَّخِيخ
سفعُ الزخيخ الاصطلَاء بالجمرة.
كَشمِلَّة
شَمَّلَ الرجلُ: أسرع ناقةٌ شِمالٌ و ناقَةٌ شِمِلَّةٌ سريعةٌ .
كَنَخْز
النَخْرُ: الوجع. يقال: نَخَزه بالحديدة: وَجَأَهُ بها نخزه بكلمةٍ أو جَعَه بها.
ص: 206
كَنكَرِ الحِصْبِ
نَكَزُ الحِضب: لَسْعُ الحَيَّةِ.
* حرف اللام *
لا أحِيصُ
لا أحيص: لا أَعدِلُ ولَا أُحيدُ.
لا أسرندِي
لا أسرندي ← لا أغرَندِي.
لَا أَفْزَع
أفزَعه من النوم: نبَّهَه.
لَا أَعْرَندِي
لا أغزندي: لا أعلو بالشتم و الضرب و القهر و الغلبة.
لَازِب
اللازب الثابت يُقال: صار الأمر ضربةً لازب أي: صار لازما ثابتًا.
لَا يُخفِق
خَفَقَتِ الرَّايةُ : اضطربت و تَحَرَّكَت.
لَا يَفرَع
فَرَعَ يَفرَعُ الجبل: صعده.
لا يهُولُك
هالَ هولاً الأمرُ فلانًا: أفزعه وعَظُمَ عليه.
لبس
يُقال: لبسَ فلان لفلان جلد النمر أي تنكَّر له . و ← النَمِر.
للسُّمر
السُمْرُ مفرده سَمْراء، وهو من كان لونها بين السواد و البياض.
لَطِيمة
اللَّطيمةُ: وعاء المسك.
لِعَجْرَفَة
لِعَجْرَفَة ← عَجْرَفَة.
لِغُلَّتِي
الغُلَّةُ جمعه غُلَل: العطش الشديد.
لَم تَمُجْهَا
مَجَّ الشَّرابَ من فَمِه: رَمَى به. و يقال على الاستعارة: هذا كلام تَمُجُّهُ الأسماعُ أي: تقذفُه و تستكرهُه.
ص: 207
لَمَّ
لَمَّ الشيءَ: جَمَعَه وضَمَّه. يُقال: لَمَ اللَّهُ شعتَ فلانٍ أي قارب بين شتيت أموره و أصلح من حاله ما تشعَّث.
لَم يَفْعَمْه
فَغَمَ يَفغَمُ الطيب فلانًا: ملأ خيا شيمَهُ.
لَم يَكُن
كَنَّ يَكُنُّ الشيء: ستره، غطاه. و العلم في قلبه : أسرَّه .
لِلمُمَاكِس
ماكَسَ مِكاسًا و مُماكَسَةً، فهو مُمَاكِسٌ. ماكسه استحطه الثمن واستنقصه إيَّاه.
لِنَبْو
نَبا يَنبُو نَبُوا و نَبوةً الطبعُ عن الشيء: نفر و لم يَقبَله.
* حرف الميم*
مَاحِل
الماحل: الجَدب. يقال: أرضٌ ماحلٌ أي: جدبَةٌ. والجدب: انقطاع المطر.
مُؤنِس
المُؤنس يوم الخميس.
مُتَدَلِّيَة
تدلّى الثمرُ من الشجر تعلق واسترسل.
مُتَنَكِّب
مُجَّان
المُجَّان جمعُ الماجِن، و هو مِن بَجَنَ يَجُنُ: مزح وقلّ حياء كانه صلب وجهه.
مَحلُول
الحَلَّة والحِلَّة: التكسُّر والضعف.
مَدَاهِن
المداهن جمع المُدهُن، و هو قارورة الدُّهن.
مُزنَتَها
المزنة: المطرة.
مَعْقلا
المَعْقِل جمعه مَعاقِل : الملجاً.
مفلّج
المفلّج ← الفَلَج.
ص: 208
مُقْلة
المقلَةُ: العين.
مَقْلُولِيًا
مَقلَولِيِاً . قلقًا متجافيًا عن محلّى القَلَّة:النًهضةُ من مرضٍ.
مَلحُودَة
الملحود: اللَّحْد، أي: الحجر الذي يُوضَع على القبر.
مِنَصَّة
المِنَصَّةُ : الكرسىُّ تُرفَع عليه العروسُ في جلائها. أمّا المنصّةُ: الحجْلَة تُعدُّ للعروس. فالموافق للسياق هو بكسر الأوّل.
مَهُولَة
المَهولةُ: الكريهة المخوفة.
*حرف النون *
النَّاقِع
دواء ناقع: ناجِعُ، كانه استقر قراره فكَسَرَ الغُلَّةَ.
نَتف
نَتَف نَتْقًا الريش أو الشَعَرَ ونحوَه: نزعه.
نَزَغَات
النزغ الكلام الذي يُغرَى به الناسُ نَزْغُ الشيطان وساوسه و ما يَحمِلُ به الإنسانَ على المعاصي.
نَشوَان
النشوان و مؤنّثه نَشْوَى: السكران.
نشوة
مثلثة النون: السُكر.
نَضَبَ
نضَبَ ينضُبُ الماءُ: جرى و سال.
نَضَى
النَّضِي: التجريد، يقال: نضاه من ثوبه :جرَّدَه.
نفاثة
نَفَثَ فُلانًا: سحره نَفْتُ الشَّيطانِ: الشعر. يقال: ما أحسنَ نَفَتَاته أى شِعرُه. و هذا من نُفَاثَاتِ فلانٍ: من شعره.
النِيَاق
ص: 209
النِياقُ جمعُ النِيق، و هو: أرفع موضعٍ في الجَبَل.
نِيَاقُها
نياقها ← النياق.
* حرف الهاء*
هَضْبَة
الهضبة: الجبل المنبسَط على وجه الأرض.
هَضَبَتَه
هضبته ← هضبة.
هَمَّام
الهَمَّام: يوم البرد.
هَنَأَ
هَنَا يَهنَأُ هَنْاً. هناه بالأمر: قال له لِيَهْنِتَكَ أي طلب له الفرح والسرور و الراحة.
هياط و مِيَاط
هياط و میاطٍ: اضطرابٌ و مجيءٌ و ذهابٌ.
* حرف الواو *
وَجْنَة
وَجنَة ← الوَجنَة.
وَشْي
وَشَى الثوبَ وشيّا حَسَنًا: نقشه و حَسَّنَه. يقال: ثوبٌ مَوشِيٌّ وَ مُوَشَّى. فالوشي هنا بمعنى الزينة و النقش.
وَكَدَهُم
الوَكْد: المراد و القصد، يقال: وَكَدَ وَكدَه أي قَصَدَ قصده.
* حرف الياء*
يَبْرِين
يبرين: اسم ناحيةٍ وقد ذكرناه في التعليقات على الكتاب.
يَتَضَعضَع
ضَعضَعَه: هدمه حتّى الأرض.
يَربُوع
يَربُوع ← اليَربُوع.
يُستَطرَف
استطرفَ عَدَّهُ طَرِيفًا. والطَّريف: الغريب النادر.
ص: 210
يُفَدِّى
فَدَّى تفديةً فلانا بنفسه أي قال له : جُعِلت فداك.
يَقضِمُه
قَضَم يَقضِمُ الشيء: كسره بأطراف أسنانه وأكَلَه.
يَنعَسِف
إنعسَف: انعطَف.
يَنْعى
يقال: هو ينعَى على فلانٍ ذنوبَه أي: يظهرها و يشهرها.
ص: 211
ص: 212
ص: 213
ص: 214
[1] من أحبّ.
و هو كما جاء في ديوانه - صديقه الشيخ هادي آل كاشف الغطاء، وقد بعثها إليه من الكاظميّة المقدّسة ← التعليقة الآتية.
[2] ترَكتُ نظمَ... .
راجع: «ديوان أبي المجد» ص 140. و تتمة القطعة:
و كنتَ عيني على الأعداء ترقبُهم *** فلا تكُن أنتَ يا عيني لهُم أُدْنَا!
و من مليح شعر الغزّى :
قالُوا هجرتَ الشعرَ قلتُ ضرورةً *** بابُ الدَّواعِي و البواعث مغلَقُ
خَلَتِ الديار فلاكريم يُرتجى *** منه النَّوال و لا مليح يُعشقُ
راجع : «شذرات الذهب» ج 4 ص 216 ؛ «الوافي بالوفيات» ج 6 ص 52.
[3] إذا منعَتك... .
البيت لابن قلاقس. و هو البيت 33 من قصيدةً له أوّلها:
هفَا طرَبي إلى عافَي الرُّسومِ فلاروَّى الغمامُ رُبى الغمِيمِ
و القصيدة في البحر الوافر، و فيها: «فاقنع بالهشيم». و لم أعثر على «دیوانه».
[4]... معالم الدين.
إشارةٌ إلى كتاب «هداية المسترشدين في شرح معالم الدين». و المتن في غاية الاشتهار،
ص: 215
و هو من مؤلّفات الشيخ حسن صاحب المعالم. و الشرح للشيخ محمّد تقي الرازي الأصفهاني الجد الأعلى لمؤلّفنا العظيم. و هو خير ما ألف في مباحث الألفاظ من علم الأصول. و هو في ثلاث مجلدات، وقد فرغ من المجلد الأوّل في 10 ربيع الآخر لسنة 1237 ه- ق. و الكتاب طبع عدّة مرّات، منها طبعة سنة 1269 و أخرى سنة 1310 ه-.ق. وطبع أخيرًا بقم في ثلاثة مجلّدات.
[5] أدلّة نجاة العباد.
إشارة إلى كتاب «نجعة المرتاد في شرح نجاة العباد». و المتن للشيخ الإمام محمّد حسن النجفي صاحب «الجواهر». و هو متنُ فُتِيَويي استخرجه من «الجواهر» لعمل المقلّدين. للشارح مجموعة من الحواشي عليه، و الظاهر ان هذه المجموعة غير شرحه عليه الذي سماه «نجعة المرتاد». و ما وفقه الله - سبحانه و تعالى - لإتمام شرحه، فهو ناقصٌ ؛ بل لم يخرج منه شيء غير كتاب الطهارة وجزء من كتاب الصلاة.
[6] الشيخ كاظم.
هو الشيخ كاظم بن موسى بن محمد آل كاشف الغطاء. من أصدقاء المصنّف، وقد تزوّج بنت عمه الشيخ علي آل كاشف الغطاء و لم أعثر على ترجمةٍ له في المصادر، وكان أكثر الظنّ أنها توجد في «العبقات العنبرية في الطبقات الجعفريّة»، إذ فيه تراجم كثير من رجال آل كاشف الغطاء، و لكن لم أعثر عليها فيه.
و انظر: «ديوان أبي المجد» ص 158 ،«تاریخ علمی و اجتماعی اصفهان» ج 2 ص 407.
[7] و عُرّي أفراس....
مقتبسُ من قول زهير بن أبي سُلمى:
صحَا القلبُ عن سلمى و أقصر باطلُه *** و عرّي أفراسُ الصبا عرّي أفراسُ الصِبا و رواحلُه
و هو مطلع قصيدة له في البحر الطويل، وعدد أبياتها 47. و لم أعثر على «ديوانه».
[8] و قد أقلَّ القلب.
ص: 216
هكذا العبارة في النسخة و هي ناظرةٌ إلى قول المتنبيّ:
وبي ما يذوذُ الشعرَ عنى أقلُّهُ *** و لكن قلبي يا ابنة القوم قُلَّبُ
راجع: «ديوان »المتنبي ص 467.
[9] الشَّيخ عليّ ... آل كاشف الغطاء.
هو الشَّيخ عليّ بن الشيخ محمّد رضا بن الشيخ موسى بن الشيخ جعفر. عالمٌ أديبٌ شاعرٌ من شيوخ الفقه و الأدب، قويّ الحافظة. كان محيطا في التاريخ و أحوال الرجال. وُلد في النجف الأشرف سنة 1267 ه- ق. و قرأ على فضلاء أسرته و أعلام عصره، وسافر إلى مصر والشام والحجاز و القسطنطنيّة و الهند وعاد إلى العراق، و قد استغرقت جولته سبع سنين. له له مكتبة نفيسة تُعتبر من أشهر مكتبات النجف و أوسعها. و انتهت إليه زعامة بيته فكان من أعيان علماء النجف و مشاهير رجالها، إلى أن مات في هذه البلدة المباركة سنة 1350 ه- ق .
راجع: «معجم الشعراء» ج 4 ص 36 القائمة 1؛ «ماضي النجف و حاضرها ج 1 ص 163؛ «معارف الرجال» ج 2 ص 136؛ «مکارم الآثار » ج 6 ص 1910؛ «نقباء البشر» ج 4 ص 1437؛ «معجم رجال الفكر والأدب» ج 3 ص 1406.
و في هذه الأسرة المباركة الشيخ عليّ بن الشَّيخ محمّد رضا بن الشيخ هادي آل كاشف الغطاء، و قد ورث زعامة أسرة آل كاشف الغطاء خلفا للشيخ محمد حسين كاشف الغطاء. وقد توفي أخيرًا في سنة 1412ه-ق. فرحمهم الله رحمةً واسعةً.
[10] بيوت .
الظاهر انّ «بيوت» هيهنا جمع بيت بمعنى ما اشتمل من النظم على مصراعين، صدرٍ و عجز و هذا المعنى و إن كان غريبًا بالنسبة إلى معناه المشهور و لكن يرشدك إليه قوله: «الأسباب» و «الأوتاد» و «السناد». و لو أنّ المصنّف كان أراد معناه المشهور لكان قوله: «عدى ما فيها للدخيل من السناد» قبيحًا ، إذ المقام مقام المدح والدعاء، لا التعريض و الذمّ. و له - قدس سرّه - في مديح صديقه العلّامة الشيخ مصطفى التبريزيّ:
لم يشُن بيتَ مجده قطّ عيبٌ *** غير ما فيه من سنادِ الدَّخيل
ص: 217
راجع: «ديوان» أبي المجد ص 116.
[11] من معشَر ... .
البيت للسيد جعفر الحلّي، و هو البيت 52 من قصيدةٍ له أوّلها:
هزوا معاطفهم و هنَّ رماحُ ***و نضوا لواحِظَهم و هنَّ صفاحُ
و القصيدة في البحر الكامل، وروايتها: ... لها يجتاح». و لم أعثر على «ديوانه».
[12] سائر.
استعمال «السائر» هيهنا بمعنى الجميع - كما هو المستعمل اليوم - لا يخلو عن شيءٍ، بل الظاهر عدم وروده في اللغة الفصحى. قال الفيروزآبادي: «السائر: الباقي، لا الجميع، كما توهّم جماعات. أو قد يُستعمل له»؛ راجع: «القاموس المحيط» ص 376 القائمة 2.
[13] إذا جاء ... .
البيت لعبد الباقي العمريّ، و هو البيت 31 من قصيدة له أوّلها:
نعم سفر القمر الباهر *** فها هو في أفقه زاهر
و القصيدة من البحر المتقارب، و لم أعثر على «ديوانه». و انظر: «الکشکول» ج 1 ص 394 .
[14] ثِنيَّات الوَداع.
ثنِيَّات جمع: ثنيَّة؛ و «ثنيَّة الوَداع» وادٍ بالمدينة. قال الزَّبيدي: «سميت لأنّ من سافر منها إلى مكة - شرفها الله تعالى - كان يودع ثمّ يشيَّع إليها ... و الذي في اللسان: انّ الوداع وادٍ بمكة، و ثنية الوداع منسوبة إليه. و لما دخل النبي - صلى الله عليه و آله و سلّم - مكة یوم الفتح استقبله إماء مكة يُصَفِّقْنَ ويَقلنَ :
طلع البدرُ علينا *** من ثنيَّات الوداع
وجب الشكرُ علينا *** ما دعا لله داع»
راجع: «تاج العروس» ج 11 ص 500 القائمة 1.
ص: 218
و قال الزمخشري: «لما بلغ رسول الله - صلى الله عليه و آله و سلّم - في هجرته ثنية الوداع استقبله الجواري يضربن بالدفوف و يغنين .... راجع: «ربيع الأبرار» ج 3 ص 120 الفقرة 10. و النويري أيضاً قال في الفصل الذي عقده «لبيان أقسام السماع و بواعثه» في نهايته»: «إنشادهم بالدق والألحان عند مقدم النبي - صلى الله عليه و آله و سلّم - يقولون طلع البدر ... » . راجع: نهاية الإرب» ج 6 ص 504.
[15] أسماء و سلمي.
و هما من عرائس الأبيات عند شعراء العرب، كلیلی و کهند، و کدعد. و قد كثر ذکر تلك العرائس وغيرها في أشعارهم، فلاحاجة إلى ذكر نموذج منها.
[16] الدهناء.
قلنا فى ثبت معانى غريب الألفاظ إنّ الدهناء ورد بمعنى الفلاة. وهناك قرى سميت الدهناء، وقريةٌ سمّيت الدُّهُنَّا راجع: معجم البلدان ج 2 ص 493 القائمة 1، ثمّ ص 494 القائمة 1.
و لم يذكر السمعانيّ الدهنائيِّ في «الأنساب».
[17] بِيرِين .
قريةٌ من قرى حِمص. و فيها حدث أمرٌ ظريفٌ للنعمان بن بشير الأنصاري. راجع:
«معجم البلدان» ج 1 ص 526 القائمة 2.
و لم يذكر السمعانيّ البِيرِينيّ في «الأنساب».
[18] مرَّ بعيني ... .
لم أعثر على قائله، والوقوف عليه يعيننا في معرفة ناظم تلك القصيدة الثنِيَّاتِيَّة، و لكن لم أتعرَّف به.
[19] رضيّ العلم و مفيده.
ص: 219
إشارةُ إلى أسامي جمع من أعلام الأمّة في فنون الأدب و العلم، و هم: العماد الكاتب، و ابن العميد و السيّد الرضيّ و الشيخ المفيد - رحمهم الله تعالى ..
[20] الهادي بن العبّاس.
هو هادي بن الشيخ عبّاس بن عليّ بن الشَّيخ جعفر كاشف الغطاء، فقيه مجتهد أديب شاعر. ولد في النجف سنة 1289 ه-.ق. و تتلمذ على علماء عصره كوالده و الشيخ محمّد كاظم الخراساني و السيّد محمّد كاظم اليزدي كان له مجلس أدبي علمي يحضره كبار الأدباء و الفقهاء، و فيه تقام المناظرات الكلامية و الشعريّة. وكانت له مكتبة تُعتبر من أنفس مكتبات النجف و أكثرها قيمةً من ناحية النفائس والنوادر له أشعار، وأجاد فيها. و أكثر شعره موجودٌ في «ديواني» السيد جعفر الحلّي و الشيخ جواد الشبيبي حيث ساجلها شعريًا. له «شرح شرائع الإسلام» و «مدارك نهج البلاغة و دفع الشبهات عنه»، و مستدرك نهج البلاغة». توفي في النجف الأشرف سنة 1361 ه-.ق.
راجع: «معجم الشعراء» ج 6 ص 70 القائمة 2 ؛«شعراء الغَري» ج 12 ص 357؛ «الغدير» ج 4 ص 198؛ «ماضي النجف و حاضرها» ج 1 ص 165؛ «معارف الرجال» ج 3 ص 245؛ «معجم رجال الفكر والأدب» ج 3 ص 1054.
[21] لاريبَ فِيهِ.
تلميحٌ إلى كريمة 2 البقرة.
[22] إذا رَضِيت... .
البيت لأبي العيناء، و هو بيت مفرد في البحر الطويل. وقال ابن الفارض في البيت 81 من «تائيّته الكبرى ».
فمن شاء فليغضب سواك و لا أذىً *** إذا رضيت عنّي كرامُ عشيرتي
و قال ابن دانيال الموصلىّ:
و لستُ أبالي باللواتي قلينَني *** إذا رضيت عنّي كرامُ عشيرتي
و انظر أيضاً: «الكشكول» ج 1 ص 284 .
ص: 220
[23] القرن الثالث.
حيث إن ابن المعتز - المتوفى سنة 296 ه-.ق. - ألف كتابه «كتاب البديع» في هذا القرن. و من عصره إلى يومنا هذا لا يزال تدوّن و تؤلَّف آثارٌ في هذا الفن.
[24] صنَّفه.
كذا في النسخة؛ والأولى: صَنَعَه.
[25] بعضهم.
هذا يرجع إلى العصور المتقدمة. فنرى مثلًا أنّ ابن المعتز يعقد الباب الأوّل من البديع في الاستعارة - راجع: «كتاب البديع» ص 3 ، و يتكلّم في هذا الكتاب عمّا يرجع إلى فنّي - المعاني والبيان. أمّا في العصور المتأخرة ولاسيما في الآثار المؤلّفة بعد ظهور الإمام عبد القاهر الجرجاني فلم أعثر على عالم حكم باتحاد العلوم الثلاثة و تسمية الجميع باسم واحدٍ. نعم! كثيرًا ما يشيرون إلى أنّ الثلاثة تجتمع تحت عنوان كلّيّ، و هو علوم الفصاحة أو علوم البلاغة، و لكن مع المحافظة على تسمية كلّ واحدٍ باسمه الخاص به.
[26] شرح أرجوزة العروض.
إشارة إلى كتاب «أداء المفروض في شرح أرجوزة العروض». و الأرجوزة للعلّامة الأميرزا مصطفى التبريزي المتوفى سنة 1337 ه-.ق. ابن العلّامة حسن بن باقر بن احمد التبريزي، و الشرح لمؤلّفنا العظيم. و عندي منه نسختان إحداهما بخط يد تلميذ الشارح الإمام العلّامة السيّد الخميني - رحمهم الله تعالى - . و لووفقني الله - سبحانه .. - و تعالى - سأقوم بتحقيق الكتاب و تصحيحه؛ والتوفيق منه - سبحانه و تعالى - .
[27] أبو عبادة.
و أبو عبادة الوليد بن عبد بن يحيى الطائيّ المشهور بالبحتريّ، و سرد ابن خلّكان نسبه إلى يعرب بن قحطان. شاعرٌ كبيرٌ ولد سنة 206 ه- ق . بِمَنبِج بين حلب و الفرات، و
ص: 221
مات سنة 284 ه-.ق به. وكان مع المتنبي و أبي تمام أشعر أبناء عصره، و فضّله المعرّي عليها. و حكى ياقوت انّه كان يعد نفسه تابعًا لأبي تمّام لاندا به. له «ديوان كبير»، و «کتاب الحماسة» على مثال «حماسة» أبي تمّامٍ.
راجع «وفيات الأعيان» ج 6 ص 21؛ «تاريخ بغداد» ج 12 ص 446؛ «الأعلام» ج 8 ص 121 القائمة 2؛ «معجم الشعراء» ج 6 ص 110 القائمة 2: «المنتظم» ج 6 ص 11؛ «معجم الأدباء» ج 19 ص 248 الرقم 93.
[ 28 ] سلاسل الذهب.
قال ابن خلكان: «و كان يقال لشعر البحتري سلاسل الذهب»؛ راجع: «وفيات الأعيان» ج 6 ص 23.
[ 29] إلى طريقة العرب.
و يشبه هذا الكلام قول الثعالبي : «الإجماع واقع على أنه أطبع المحدثين والمولّدين»؛ راجع «أمراء الشعر ص 194 تاريخ الأدب العربي» - لعمر فروخ - ج 2 ص 359.
[30] كالقسي المعطّفات... .
من قصيدةٍ له في البحر الخفيف و عدد أبياتها 40 ، و هو البیت 12 منها؛ راجع: «دیوان البحتري» ج 2 ص 987 .
و للهبل - من اليمنييّن، وقد توفّى سنة 1079 ه-.ق. - :
كالقسى المعطفات كالأس *** هم مبريةً و كالأوتار
[31] مدعى أهل العلم.
فانظر مثلًا: «المطوّل في شرح التلخيص» ص 645.
[32] إذا ما لحَى... .
البيت من قصيدة له في البحر الطويل، وعدد أبياتها 40، و هو البيت 8 منها؛ راجع:
ص: 222
«ديوان البحتريّ» ج 2 ص 844. و ما جعلناه في المتن مأخوذ من «الديوان»؛ و في النسخة:
إذا ما لحى اللاحي فلجَّ به الهوى *** أصاخ إلى الواشي فلجَّ به الهجر
[33] باب المزاوجة.
كما حكم به سعدالدين وكثيرٌ من البديعيّين؛ راجع: «المطوّل في شرح التلخيص» ص 650 .
[34] فأتبعته أخرى... .
من قصيدة له في البحر الطويل، وعدد أبياتها 40، و هو البيت 31 منها؛ راجع: «دیوان البحتري» ج 2 ص 744.
[35] الضَّاربين بكلّ ... .
البيت لعمرو بن معدي كرب الزبيدي من قصيدة له في البحر الكامل، وعدد أبياتها 31، و هو البيت 28 منها؛ راجع: دیوان عمرو بن معدي كرب» ص 162.
و قال أميّة الدانيّ:
الضاربين بكلّ أبيض مخذمٍ *** و الطاعنين بكلِّ أسمر مدعس
و لابن زنباغ الطنجيّ:
الطاعنين بكلِّ أسمر مدعسٍ *** و الضاربين بكلِّ أبيض مخذمِ
[36] البحتري.
مضت الإشارة إلى ترجمته ← التعليقة 27 .
[37] مقدّمًا على عصره.
وكذلك كان حيث توفي ابن معدي كرب سنة 21 ه-ق. أو ما يقرب منها - انظر : مقدمة «دیوانه» ص 20 - ، بينما ان البحتري توفّى سنة 284 ه-ق..
ص: 223
[38] متى.
الظاهر انّ «متى» هنا من أدوات الاستفهام، ومعناه الاستفهام الإنكاري؛ لا من أدوات الشرط الجازم لفعلين .
[39] كتاب النقد.
الظاهر أنّه أراد ب- «النقد» هيهنا الحاضر، و «جميع ما بين دفتي كتاب النقد» أي: جميع ما يوجد و يحضر لدينا من قواعد البلاغة.
[40] الحذف.
لتوضيح هذه الصنعة راجع: «أنوار الربيع» ج 6 ص 176؛ «خزانة الأدب» - لابن حجّة - ص 536؛ «شرح الكافية» - للحلّي - ص 276.
[41] التنقيط.
الظاهر انّ المصنّف أراد بهذه الصنعة أن يأتي الناظم أو الناثر ببيتٍ أو نثرٍ يكون جميع حروفه معجمةً؛ كقول الحريريّ:
فتنتني فجنّنتني تجنّي *** بتفنٍّ يفتنٍّ غبَّ تجنّى
و هذه الصنعة من ملحقات صنعة الحذف و تذكر معها . و ← التعليقة الماضية.
[42] المواردة.
لتوضيح هذه الصنعة راجع: «أنوار الربيع» ج 6 ص 86؛ «خزانة الأدب» - لابن حجة - ص 503؛ «شرح الكافية - للحلّي - ص 205؛ «تحرير التحبير» ص 400. -
[43] كما اعتذر به .
قال ابن رشيق: «و سُئل أبو الطيّب عن مثل ذلك ؟ فقال : الشعر جادّةٌ وربّما وقع الحافر على موضع الحافر» راجع: «العمدة » ج 2 ص 1052 .
ص: 224
[44] أبو الطيب.
هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعني الكوفي الكندي أبو الطيب المتنبي الشاعر الحكيم و أحد مفاخر الأدب العربي، بل من علماء الأدب من يعدّه أشعر الإسلاميين. قال الذهبي: «ليس في العالم أحدٌ أشعر منه أبدا، و أما مثله فقليل!». ولد بالكوفة سنة 303 ه-ق. ونشأ بالشام، ثم تنقل في البادية طلبًا للأدب و علم العربية و أيام الناس. تنبّأ في بادية السماوة ثمّ أسر و سُجن حتى تاب وفد على سيف الدولة سنة 337 ه- ق. فمدحه و حظى عنده ثم زار مصر و العراق و بلاد فارس و شيراز، و فيه مدح عضدالدولة ابن بابويه الديلمي. ثم عاد يريد بغداد فالكوفة، فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسديّ في الطريق فقتله مع ابنه و غلامه بالقرب من دير العاقول في الجانب الغربي من سواد بغداد؛ وكان ذلك في سنة 354 ه- ق . له «ديوان» شعرٍ شُرح عدة مرّات. و لصاحب بن عباد و الثعالبي و غيرهما من الأعلام رسائل حول شعره و شخصیته.
راجع: «الأعلام» ج 1 ص 115 القائمة 2؛ «معجم الشعراء» ج 1 ص 96 القائمة 2؛ تاریخ بغداد ج 4 ص 102؛ المنتظم ج 7 ص 24؛ وفيات الأعيان» ج 1 ص 120؛ «العبر» ج 2 ص 299 شذرات الذهب ج 3 ص 111.
[45] أبو عمرو بن العلاء.
هو أبو عمر و زبان بن عمار التميمي المازني البصري بن العلاء. هذا هو المشهور، وقال ابن خلكان: «و الصحيح ان كنيته .اسمه و قيل اسمه ،زبان، و قيل غير ذلك؛ و ليس صحيح. من أئمة اللغة و الأدب و أحد القرّاء السبعة. ولد بمكة سنة 70 ه-.ق و نشأ بالبصرة و مات بالكوفة سنة 154 ه- ق . مدحه الفرزدق و أبو عبيدة و غيرهما بما ينبيء عن غزارة علمه .
راجع: «الأعلام» ج 3 ص 41 القائمة 2 «نزهة الألباء» ص 31؛ «غاية النهاية» ج 1 ص 288؛ «معجم الأدباء» - لكامل سلمان - ج 2 ص 412 القائمة 2؛ «وفيات الأعيان» ج ص 466؛ «شذارت الذهب» ج 1 ص 386 مراتب النحويين» ص 13؛ «طبقات القرّاء» ج 1 ص 288 .
ص: 225
[46] عقول رجال.
قال العسكري: «سئل أبو عمرو بن العلاء عن الشاعرين يتفقان على لفظ واحدٍ و معنى؟ فقال: عقول رجال توافت على ألسنتها راجع: «كتاب الصناعتين» ص قال ابن رشيق: سئل أبو عمرو بن العلاء: أرأيت الشاعرين يتفقان في المعنى ويتواردان في اللفظ لم يلق واحد منهما و لا يسمع شعره؟ قال: تلك عقول رجال توافت على ألسنتها»؛ راجع: «العمدة » ج 2 ص 1052. و عقد الراغب الأصفهاني في كتابه «المحاضرات» فصلا في «التوارد في الشعر و ادّعاء ذلك»، و ذكر العبارة في صدر الفصل. و انظر أيضاً: «كفاية الطالب» ص 109 .
[47] ابن ميّادَة.
هو أبو شرحبيل الرماح بن أبرد الذبياني المعروف بابن ميادة، شاعر رقيق هجاء من مخضرمي مخضر مي الأموية و العبّاسيّة؛ ويقال : أنّه أشعر الغطفانيين في الجاهلية والإسلام. كان مقامه بنجد يفد على الخلفاء و الأمراء و يعود و أخباره كثيرةٌ جمع بعضها الزبير بن بكار في «أخبار ابن ميّادة».
راجع: «الأعلام» ج 3 ص 31 القائمة 3؛ «معجم الادباء» - لياقوت - ج 4 ص 212؛ «خزانة الأدب» ج 1 ص 77؛ «معجم الشعراء» ج 2 ص 264 القائمة 1.
[48] الحُطيئة.
أبو ملكية جرول بن أوس بن مالك العبسي المعروف بالحطيئة، شاعر مخضرم أدرك الجاهليّة والإسلام. كان هجاء عنيفا لم يكد يسلم من لسانه أحد، وهجا أمه وأباه ونفسه!. له «ديوان» شعر. مات نحو سنة 45 ه-.ق. ولم يعلم تاريخ ولادته. و قال ابن شاكر: «لقب بالحطيئة لقربه من الأرض، فانّه كان قصيرًا»
راجع: «الأعلام» ج 1 ص 118 القائمة ؛ «فوات الوفيات» ج 1 ص 276 الرقم 96؛ «خزانة الأدب» ج 1 ص 409 «معجم الشعراء» ج 1 ص 398 القائمة 1.
[49] الآن علمت.
ص: 226
قال ابوالفرج: «بلغني انه لما قال ابن ميادّة:
تمشَی به ظُلمانه و جَاذِرُه
قيل له : لقد سبقك الحطيئة إلى هذا فقال: والله ما علمت أنّ الحطيئة قال هذا قطّ، و الآن علمت - والله ! - أني شاعرٌ حين واطأت الحطيئة»؛ راجع: «الأغاني» ج 2 ص 162 و الحكاية أوردها ابن أبي الإصبع أيضاً في نهاية باب المواردة من «تحرير التحبير».
[50] امرىء القيس.
هو امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي، واسمه: حندج أو مليكة أو عدي أشهر شعراء العرب على الإطلاق. كان أبوه ملك أسد و غطفان، و أمه أخت المهلهل الشاعر فلقنه المهلهل الشعر فقاله و هو غلام. واضطرب أمره طول حياته حتى لقب بالملك الظليل مات في أنقرة سنة 80 قبل الهجرة. له ديوان صغير، و له المعلقة المشهورة. راجع: «معجم الشعراء» ج 1 ص 303 القائمة 2؛ «الأعلام» ج 2 ص 11 القائمة 3.
[51] عصافير و ذبّانٌ...
من قصيدة له في البحر الوافر، وعدد أبياتها 13، و هو البيت 2 منها. راجع: «دیوان» امرىء القيس ص 72.
[52] أبونواس.
هو أبونواس الحسن بن هاني بن عبدالأول بن صباح، شاعر العراق في عصره. ولد في الأهواز و نشأ بالبصرة و رحل إلى بغداد، فاتصل فيها بالخلفاء العباسيين. و حكى ابن خلكان أنّه قال جوابًا عمّن سأله عن نسبه: «أغناني أدبي عن نسبي». هو أوّل من نهج للشعر طريقته الحضرية و أخرجه من اللهجة البدوية، وقد نظم في جميع أنواع الشعر و أجود شعره خمرياته. له «ديوان شعرٍ، ولابن منظور الإفريقي كتاب سماه «أخبار أبي نواس» طبع في نهاية «الأغاني» لأبي الفرج. و للجاحظ و أبي عبيده و النظام و غيرهم كلمات في فضله و غزارة أدبه. ولد سنة 146 ه-ق. و مات سنة 198 ه- ق . وحكى ابن العماد مناظرةً لطيفة بينه و بين أبي العتاهية، وذكره في عداد من توفى سنة 296 ه-. ق.!
ص: 227
راجع: «معجم الشعراء» ج 2 ص 81 القائمة 1؛ «الأعلام» ج 2 ص 225 القائمة 1؛ «تاریخ بغداد» ج 7 ص436 ؛«وفيات الأعيان» ج 2 ص 95 الرقم 170؛ «شذرات 170الذهب» ج 2 ص 47.
[53] يا قومنا ما... .
الرواية المشهورة الموجودة في بعض المصادر:
یا عمرو ما بال المدينيّة *** لا تأكل العصبان مشوية
من قصيدة له في البحر السريع، وعدد أبياتها 9، و هو البيت 5 منها. و لم أعثر عليها في «دیوانه».
[54] هَرِميَّات زهير.
هي مجموعةُ من المدائح لزهير بن أبي سُلمى في هَرِم بن سنان. و لعلّ من خيرها قوله:
دع ذا و عد القول في هَرِم *** خير الكهول و سيّدِ الحَضْرِ
لو كنتَ من شيءٍ سوى بشر *** كنت المنوّر ليلة البدر
إلى آخره. و هذا القول بمكان من المدح ،البليغ حتى قال بعض من عاش في صدر الإسلام بعد أن سمعه: «ذلك رسول الله - صلى الله عليه و آله و سلّم »؛ راجع: «الأغاني» ج 10 ص 354.
[55] زُهَير.
هو زُهير بن أبي سلمى ربيعة بن رياح المزني. حكيم الشعراء في الجاهليّة، و في أئمّة الأدب من يفضّله على شعراء العرب كافةً. قال ابن الأعرابي: «كان لزهير في الشعر ما لم يكن لغيره، كان أبوه شاعرًا، و خاله شاعرًا، و أخته سلمى شاعرةً، و إيناه كعب و بجير شاعرين، و أخته الخنساء ء شاعرة!». كان يقيم في الحاجر من ديار نجد؛ و له المعلّقة الميمية الشهيرة له «دیوان». مات سنة 13 قبل الهجرة و لم يعلم تاريخ ولادته.
راجع: «الأعلام» ج 3 ص 52؛ «معجم الشعراء» ج 2 ص 283؛ «خزانة الأدب» ج 1 ص375؛ «معاهد التنصيص » - - الطبعة المحقّقة - ج 1 ص 327 .
ص: 228
[56] سَيفِيَّات.
إشارة إلى مجموعة من المدائح أنشدها المتنبي في سَيف الدولة، و هذه المجموعة اشتهرت بالسيفيَّات. و هي من أطيب أشعار أبي الطيب. ولعلّ من أحسنها منظومة صدرها:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم *** و تأتى على قدر الكرام المكارم
راجع: «ديوان» المتنبي ص 385 و لولا خوف الإطالة لكان جديرٌ بنا أن نذكر القطعة بتمامها هيهنا
[57] أبي الطيب.
مضت الإشارة إلى ترجمته ← التعليقة 44.
[58] الإيداع.
لتوضيح هذه الصنعة راجع: «أنوار الربيع» ج 6 ص 73؛ «خزانة الأدب» - للحموي - ص 461 ؛ نهاية الارب» ج 7 ص 164؛ «تحرير التحبير» ص 380؛ «شرح الكافية البديعيّة» ص 266 . و ← التعليقة الآتية.
[59] التفصيل.
راجع: «أنوار الربيع» ج 6 ص 166؛ «خزانة الأدب» - للحموي - ص 275. و هذه الصنعة - كما قال المصنّف - مشتركة مع صنعة الإيداع؛ قال ابن معصوم: «و لافرق بينه و بين الإيداع سوى أن الإيداع إيراد الشاعر شطر بيت لغيره، و التفصيل إيراده شطر بيت لنفسه؛ و ليس تحته كبير أمرٍ»؛ راجع نفس المصدر المتقدم ذكره في صدر التعليقة.
[60] الحسن في أبيات.
الظاهر أنّه إشارة إلى قطعةٍ له يحثّ فيها على عدم الثبات في الحبّ، بل اختيار الحبيب بعد حبیب!؛ و صدرها:
اِشرِب على وجهِ الحبيب المقبلِ *** و علَى الفمِ المتبسِّمِ المتقبّل
ص: 229
و القطعة في البحر الكامل، ولها ه أبيات. و لم أعثر على «ديوانه».
[61] ديك الجن.
هو عبد السلام بن رغبان بن عبد السلام الكلبي، المعروف بديك الجن. شاعر مجيد، من شعراء العصر العباسي. سمي بديك الجن لأنّ عينيه كانتا خضراوين. ولد بحمص سنة 161 ه-.ق. و توفّي بها سنة 235 ه-.ق.، و لم يفارق بلاد الشام. قال ابن خلكان: «وكان يتشيّع تشيّعًا حسنًا، و له مراتٍ في الحسين؛ فرضي الله - تعالى - عنه وأرضاه.
راجع: «الأعلام» ج 4 ص 5 القائمة 2؛ وفيات الأعيان» ج 3 ص 184 الرقم 384؛ «معجم الشعراء» ج 3 ص 162 القائمة 2.
[62] فوددت أقتلها... .
لم أعثر على قائله.
[ 63] كُثَيِّر.
هو أبو صخر كُثَيِّر بن عبدالرحمن الخزاعي، شاعر متيّم مشهور. من أهل مدينة، و أكثر إقامته بمصر. كان مختصا بعبد الملك بن مروان و بنيه و في نفسه شمم و ترفع. يقال: كان شاعر أهل الحجاز في الإسلام لا يقدّمون عليه أحدًا. أخباره مع عزّة بنت حميل الضمرية كثيرة، و كان عفيفًا في حبّه و ما نال منها شيئًا. توفّي بالمدينة سنة 105 ه- ق. له «دیوان» شعر، و للزبير بن بكار «أخبار كُثَيِّر».
راجع: «الأعلام» ج 5 ص 219 القائمة ؛ «الوافي بالوفيات» ج 1 ص 433؛ «وفيات الأعيان» ج 4 ص 106؛ «معاهد التنصيص» - الطبعة المحققة - ج 2 ص 136؛ «خزانة الأدب» ج 2 ص 381؛ «شذرات الذهب» ج 1 ص 234.
[64] ألَا ليتنا يا عزَ... .
من قصيدة له في البحر الطويل، وعدد أبياتها 30 ، و المرويّ في المتن الأبيات 25، 26، 27، 28 منها. و البيتان الأولان في المتن مشوّشان جدَّا. و لم أعثر على «ديوانه».
ص: 230
[65] التورية.
لتوضيح هذه الصنعة راجع: «شرح الكافية» - للحلّي - ص 135؛ «خزانة الأدب» - لا بن حجّة- ص 239؛ «أنوار الربيع ج 5 ص 5؛ «المثل السائر» ج 3 ص 76؛ «نهاية الإرب» ج 7 ص 131؛ «تحرير التحبير» ص 268.
[66] ساووا بينهما.
إشارة إلى أسماء ذكرها البديعيّون لهذه الصنعة. فالمشهور سماها التورية؛ فانظر مثلًا: «البديع في البديع» ص 97؛ «خزانة الأدب» - لابن حجة - ص 239؛ «بديع القرآن» ص102؛
و النويريّ سمّاه: الإيهام؛ راجع: «نهاية الارب» ج 7 ص 131؛
و يقال لها التخيير و التوجيه أيضاً فانظر خزانة الأدب» نفس الصفحة؛ «شرح الكافية» - للحلّي - ص 136 و لتفصيل الكلام راجع: تعاليقنا على «الراح القراح» ص 136 .
[67] و فتيُّ السنّ... .
و هو بيتٌ مفردٌ له؛ راجع: «ديوان» أبي المجد ص 125.
[68] و ما لي نحو... .
لم أعثر على قائله.
[69] أي المكان ترومُ... .
لم أعثر على قائله، ولم يُذكر في «خزانة الأدب» - لابن حجة - ، و لا في «أنوار الربيع» مع حرصها على تكثير الشواهد في هذا الباب.
[ 70] بسامرّاء بناه.
ص: 231
كذا؛ و الصحيح: بناه المعتمد. قال الزَّبيدي: «و المعشوق... اسم قصرٍ بسُرَّ مَن رأى بالجانب الغربي منه، بناه المعتمد على الله» راجع: «تاج العروس» ج 13 ص 334 القائمة 2. و قال ياقوت: «المعشوق ... اسم لقصر عظيم بالجانب الغربي من دجلة قبالة سامراء عمّره المعتمد على الله. وعمر قصرًا آخر يقال له: الأحمدي ... قال عبدالله بن المعتز:
و الأحمديُّ إليه منتسبٌ *** من قبل و المعشوق يعشقه
راجع: معجم البلدان» ج 5 ص 156 القائمة 2.
[71] المتوكّل.
هو أبو الفضل جعفر بن محمّد الملقب بالمتوكل العبّاسي. ولد سنة 206 ه-.ق. ببغداد بويع له بعد وفاة أخيه الواثق سنة 232 ه-.ق. له أخبار كثيرةٌ، وقد هجاه بعض الشعراء - رضی الله عنه وأرضاه - لهدمه قبر سيّدالشهداء و مولى الكونين إمامنا الحسين - عليه السلام - و ما حوله سنة 236 ه- ق . مات سنة 247 ه-.ق. في سامراء، وعليه ما يستحقه.
راجع «الأعلام»ج 2 ص 127 القائمة 1: «الكامل» ج 7 ص 11؛ «تاريخ الطبري» ج 11 ص 26.
[72] براعة الجواب.
لم أعثر على مبدع هذه الصنعة. هذه الصنعة. و هناك يُذكر براعة الاستهلال، و براعة التخلّص و براعة الختام و براعة الطلب و براعة القطع و براعة المطلع و براعة المقطع. أما براعة الجواب فلم أعثر عليه بين الصنائع البديعيّة المذكورة في مصادر هذا الفنّ.
[73] ابن نباتة.
هو أبوبكر جمال الدين محمّد بن محمّد بن محمد الفارقي المشهور بابن نباتة المصري، شاعر عصره وأحد الكتاب المترسلين. ولد فى القاهرة سنة 686 ه-.ق. و توفّى بها سنة 768 ه- .ق. له «ديوان» شعر، و «سرح العيون» في شرح رسالة ابن زيدون، و «سجع المطوق». قال ابن حجر: «شعره في الذروة ... كان حامل لواء الشعر في زمانه».
راجع: «الأعلام » ج 7 ص 38 القائمة 2؛ «البداية و النهاية» ج 14 ص 322؛ «الدرر
ص: 232
الكامنة» ج 4 ص 216 الرقم 585؛ «النجوم الزاهرة » ج 11 ص 95؛ «الوافي بالوفيات» ج 1 ص 311 .
[74] و مولع بفخاخ ... .
من قطعةٍ له ذات بيتين في البحر المجتث و لم أعثر على «دیوانه». و انظر: «أنوار الربيع» ج 5 ص 42. و للشيخ صلاح الدين الصفديّ:
أعار على سرح الكرى عند ما رمى ال *** كراكي غزال للبدور يحاكي
فقلت ارجعي يا عين عن ورد حسنه *** أ لم تنظريه كيف صاد كراك
راجع «خزانة الأدب» - لابن حجة - ص 385 .
[75] كتبتُ إليه ... .
و هو بيتٌ مفردٌ له راجع: «ديوان» أبي المجد ص 86 .
[76] التورية المجرّدة .
للتفصيل حول هذا القسم من صنعة التورية راجع: خزانة الأدب» - لابن حجّة - ص 351؛ «أنوار الربيع» ج 5 ص 6.
[77] المرشّحة.
للتفصيل حول هذا القسم من صنعة التورية راجع: «خزانة الأدب» - لابن حجة - ص 352؛ «أنوار الربيع» ج 5 ص 9.
[7] في فنّ أصول الفقه.
راجع: «وقاية الأذهان» - له رحمه الله - ص 87. ثمّ لمّا انتقد المحقق العراقي - رحمه الله - على هذا القول في «مقالاته - راجع مقالات الأصول» ج 1 ص 48 - كتب المصنف رسالةً مفردةً في توضيح رأيه هذا ، و أسماه «إماطة الغين عن استعمال العين في معنيين». و هذه الرسالة طبعت في نهاية «الوقاية» ص 605.
ص: 233
[79] ذكره الأصوليّون.
و لتفصيل هذا المبحث راجع: «اللؤلؤة الغرويّة » ج 1 ص 130؛ «كفاية الأصول» ص 36. و قال المصنّف نفسه: بل يأوّلها إلى إرادة المسمّى، و هو من أبرد التأويل»؛ راجع: «وقاية الأذهان» ص 88 .
[80] المعاريض والملاحن .
و هو الذي يقال له المعارضة، و هو قريب من التورية جدا. انظر: «البرهان في وجوه البيان» ص 118؛ «معجم مصطلحات النقد العربيّ القديم» ص 380 القائمة .2.
[1] عن لزومها الفقهاء.
فانظر مثلًا إلى قول الشيخ الأعظم حيث يقول: «أما التورية و هو أن يريد بلفظ معنىً مطابقًا للواقع و قصد من إلقائه أن يفهم المخاطب منه خلاف ذلك مما هو ظاهر فيه ... كما لو قلت في مقام إنكار ما قلته في حق أحدٍ علم الله ما قلته وأردت بكلمة «ما» الموصولة و فهم المخاطب النافية»؛ راجع: «كتاب المكاسب» - الطبعة الحجرية - / المكاسب المحرّمة 50 السطر 27.
[2] في المعاريض مندوحةٌ.
لم أعثر عليه في مصادر أمثال العرب ك- «مجمع الأمثال». و أورده الزَّبيدي كحديثٍ
نبوي راجع «إتحاف السادة المتّقين» ج 10 ص 72. و قال بعضهم:
لا يكذبُ العاقلُ ما *** أمكنه صدقٌ يجب
ففي المعاريض له *** مندوحةٌ عن الكذب
[83] المواربة.
لتوضيح هذا الاصطلاح راجع: «أنوار الربيع ج 2 ص 299؛ «خزانة الأدب» - لابن حجّة - ص 141؛ «تحرير التحبير» ص 249 .
ص: 234
[84] فراجع.
فراجع مثلاً إلى قول الحلّي حيث قال في توضيح هذه الصنعة: «كقول أبي نواس في «خالصة» جارية الرشيد هاجيًا لها:
لقد ضاع شعري على بابكم *** كما ضاع حليُّ على خالصة
فلمّا بلغ الرشيد ذلك و أنكر قال: لم أقل إلّا :
لقد ضاءَ شعري... *** كما ضاء حلىُّ....
فاستحسن الرشيد مواربته»؛ راجع: «شرح الكافية البديعية» ص 84.
[85] ابن نباتة.
مضت الإشارة إلى ترجمته ← التعليقة 73 .
[86] المتقدم.
مضى ما يتعلّق به. ← التعليقة 74 .
[87] لقد كُنتَ ...
القطعة نسبها العبّاسيّ إلى عزّ الدين الموصلي، ورواية المصراع الأوّل على ما فيه:
لقد كنتَ لي وحدي و وجهكَ روضتي
راجع: «معاهد التنصيص» - الطبعة القديمة - ص 544.
[88] و زاد المتأخّرون.
كما ذكرها ابن حجّة - المتوفى سنة 837 ه. ق. - ، فقال: «التورية المبينة هو الّذي يُذكر فيه لازم المورى عنه بعد لفظ التورية»؛ راجع: «خزانة الأدب» - له - ص 353. و انظر: «أنوار الربيع» ج 5 ص 10.
[89] أنوار الربيع.
ص: 235
إشارةٌ إلى كتاب «أنوار الربيع في أنواع البديع» للسيّد صدر الدين عليّ المدنيّ الشيرازي. و هذا الكتاب من خير ما ألف في فن البديع لو لم يكن خيره على الإطلاق و أجمعه لمطالبه و شوارده و نوادره. ألّفه المدنى طوال ست عشرة سنة شرحًا على بديعيّته الّتی نظمها في إثنتا عشرة ليلة. وقال في تاريخ ختامه :
بعونِ اللهِ تمَّ الشرح نظماَ *** و نثرا مُخجلا درَّ النظام
و مسكُ ختامه من طاب نشرًا *** أتى تاريخُه طيب الختام
راجع: «أنوار الربيع» ج 1 ص 332.
و الكتاب حقّقه الأستاذ شاكر هادي شكر في سبعة مجلدات، وطبع بكربلاء المقدّسة ثمّ أعيد طبعه بالأوفست.
[90] ابن الورديّ.
هو أبو حفص زين الدين عمر بن مظفّر بن عمر المعرّي الكندي المعروف بابن الوردي شاعر أديب مورّخ. ولد سنة 691 ه-.ق. في معرة النعمان و توفّي بحلب سنة 749 ه-ق. له «دیوان شعر ، و تتمّة المختصر » و «تحرير الخصاصة في تيسير الخلاصة و غيرها. وإليه تنسب اللامية الّتي أوّلها:
اعتزِل ذكرَ الأغاني و الغزل
و في النسبة ترديدٌ. و قال السيوطيّ: «نظمه في الذروة العليا و الطبقة القصوى».
راجع: «الأعلام» ج 5 ص 67 القائمة 2؛ (النجوم الزاهرة» ج 10 ص 240؛ «فوات الوفيات» ج 3 ص 157 الرقم (383) «بغية الوعاة» ج 2 ص 226 الرقم 1858.
[91] قالت إذا... .
البيت كما في المصدر - أي أنوار الربيع - ، ورواية «الديوان»:
قالَت إذا كنتَ ترجو *** أنسِي و تخشى نفوري
و لم أعثر عليه.
[92] نوعٍ من الورد
ص: 236
اسمه جار النهر. و هو نباتٌ يشبه النَيلُوفَر، ويكون غائصًا في الماء.
[93] إذا أتيت في.
راجع: «أنوار الربيع» ج 5 ص 8.
[94] صاحب المصباح.
لم أتعرّف به. إذ هناك قسط به. إذ هناك قسط من الكتب في علوم البلاغة تسمّى بالمصباح ، ك- «المصباح» لابن سراج المالكي، و «مصباح الزمان في المعاني و «البيان» لمحمّد بن محمّد الأسدي المقدسي و «المصباح في اختصار المفتاح في المعاني و«البيان» لمحمّد بن محمد بن عبدالله بن مالك، و مصباح المعاني للسيد جمال الدين محمد المعروف بابن نورالدین، و «المصباح في المعاني و «البيان» لمحمّد بن محمّد بن عبدالله بن مالك أيضاً. و لم أعثر على تلك الكتب، فلم أهتد إلى مراد المؤلّف - رحمه الله -.
[95] صرّح به.
حيث قال في تعريف صنعة الاستخدام: «و هو عبارةٌ عن أن يأتي المتكلّم بلفظةٍ مشتركةٍ بين معنيين اشتراكًا أصلياً .....»؛ راجع: «شرح الكافية البديعيّة» ذيل توضيح الصنعة 123 ص 296 .
[96] الشيخ صفي الدين.
هو صفي الدين عبدالعزيز بن سرايا بن عليّ السَّنْبِسِيِّ الطائي، شاعر عصره. ولد سنة 677 ه-.ق. في الحلّة ونشأ بها، و اشتغل بالتجارة فكان يرحل إلى الشام و مصر و غيرهما ثم يعود إلى العراق. و تقرّب من ملوك الدولة الأرتُقِيَّة ومدحهم. ثم رحل إلى القاهرة فمدح ملوكها. توفّي ببغداد سنة 750 ه- .ق. له «ديوان شعر - و قال ابن حجر: «و كان الصدر شمس الدين يعتقد أنّه ما نظم الشعر أحدٌ مثله مطلقًا» ، و «العاطل الحالي»، و «الأغلاطي»، و «دررالنحور» المعروف بالأرتقيات. و من الغريب ان ابن العماد لم يذكره في «الشذرات».
ص: 237
راجع «الأعلام» ج 4 ص 17 القائمة 3؛ «معجم الشعراء» ج 3 ص 178 القائمة 1؛ «الدرر الكامنة » ج 2 ص 369 الرقم 2430؛ و تقدمتنا على كتاب «الراح القراح» ص 49 .
[97] الزمخشريّ.
هو أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي الزمخشري، من كبار أئمة العلم و التفسر و اللغة والآداب. ولد فى زمخشر سنة 467ه- ق . وسافر إلى مكة فجاور بها زمنًا، فلقب بجارالله و تنقل في البلاد ثم عاد إلى الجرجانية فتوفّي فيها سنة 538 ه-. ق. قال ابن خلكان: «كان إمام عصره من غير مدافع». له «الكشاف»، و «أساس البلاغة»، و هما من خيار التصانيف، و «الفائق في غريب الحديث»، و «المستقصى في الأمثال»، وغيرها.
راجع «الأعلام» ج 7 ص 178 القائمة 2؛ معجم الأدباء» - لياقوت - ج 7 ص 147؛ «شذرات الذهب» ج 4 ص 280؛ سير أعلام النبلاء » ج 20 ص 151؛ «وفيات الأعيان» ج 5 ص 168؛ «معجم الأدباء» ج 19 ص 126 الرقم 41.
[98] ولاتری بابًا.
لم أعثر على مصدر العبارة بين مصنّفات الزمخشريّ. و انظر: «خزانة الأدب» . لابن حجّة - ص 239، ثمّ تعليقاتنا على «الراح القراح» ص 135 الرقم 1؛ «أنوار الربيع» ج 5 ص 5.
[99] الصفي.
مضت الإشارة إلى ترجمته آنفاً ← التعليقة 96 .
[100] و أُفديه بعَيني... .
قال:
و ساقٍ من بنِی الأتراک طِفلٍ *** أَتیهُ به علی جمع الرفاقِ
أملِّکُه قیادِی و هو رِقِّی *** و أفدِیه بعینی و هو ساقِی
و القطعة في البحر الوافر. راجع: «ديوان» صفي الدين الحلّي ص 482.
ص: 238
[101] حين لامسعدٌ... .
البيت نسبه المصنّف إلى صفي الدين الحلّي، و لكن لم أعثر عليه لا في «ديوانه» و لا في دیوان غيره من الشعراء.
[102] و أخشي بها... .
لم أعثر على قائله.
[103] ابن النَّقيب.
هو عبد الرحمن بن محمّد بن محمّد الحسينيّ ابن النقيب، أديب دمشق في عصره. ولد سنة 1048 ه-.ق. في دمشق له الشعر الحسن و الأخبار المستعذبة. كان من الفضلاء النبلاء له «كتاب الحدائق و الغرف» و «ديوان شعر و قصيدةٌ في «الندماء و المغنين». توفّي في دمشق سنة 1081 ه-.ق. راجع: «الأعلام » ج 3 ص 332 القائمة 2: «معجم الشعراء» ج 3 ص 130 القائمة 1.
[104] و منكر أضحى... .
لم يجزم المصنّف بكون القطعة من أشعار ابن النقيب. و هو صحيحٌ حيث لم توجد في «ديوانه»، و لم أعثر عليها في شعر غيره من الشعراء أيضًا. و البيت الأوّل مشوّش جدا، و لا يمكنني تصحيحه.
[105] ما لي أراك... .
لم أعثر عليه.
[106] موشَّحة.
الموشّح نوع من الشعر اخترعه الأندلسيون ثم شاع في سائر بلاد العرب، و ليس هنا مجال التحقيق حوله. قال ابن سناء الملك: «يتألف الموشّح في الأكثر من ستّة أقفال و خمسة
ص: 239
أبيات، و يقال له التام و في الأقل من خمسة أقفال و خمسة أبيات، ويقال له الأقرع»؛ راجع: «دارالطراز» ص 25. و للتحقيق حول هذا النوع من الشعر راجع: «الموشح في الأندلس و في المشرق»، و كذا الباب الثالث من «الشعر في عهد المرابطين و الموحّدين بالأندلس ».
[107] بجَنبِ آس ... .
من موشّحةٍ طويلةٍ له، وقد مدح بها الشيخ علي كاشف الغطاء و هنّأه بزواج الشيخ كاظم بن الشيخ موسى راجع: «ديوان» أبي المجد ص 127. و قد أشار المصنّف إلى هذا الزواج في صدر كتابنا هذا.
[108] التورية المركَّبة.
هذا القسم من التورية كما صرَّح به المصنَّف من إبداعاته، ولم يوجد له عينٌ و لا أثرٌ في مصادر القوم البديعيّة.
[109] الجناس.
أي: الجناس المركّب. ولتوضيح هذه الصنعة راجع: «أنوار الربيع» ج 1 ص 97؛ «خزانة الأدب» - لابن حجّة - ص 25؛ «نهاية الارب» ج 7 ص 92؛ «تحرير التحبير» ص 102.
[110] سلطان حُسنٍ.
من قطعةٍ للشابّ الظريف في مليح قلندريِّ، و هي:
هويتُ مَن ريقتُه قرقف *** و ما له فى ذاكَ من شارب
قلندريًّا حلقوا حاجبًا *** منه كنون الخطّ من كاتب
سلطان حسن زاد فى عدله *** و اختار أن يبقى بلا حاجب
و كما ترى ان رواية «الديوان»: «و اختار...». راجع «دیوان» الشاب الظريف ص 69 القطعة 47.
ص: 240
[ 111] الشيخ علاء الدين.
هو الشَّيخ علاء الدين الوَداعيّ، وسنأتي بترجمةٍ موجزةٍ عنه عند التصريح باسمه «الوَداعىّ». ← التعليقة .116
[112] قال لى العاذلُ ... .
القطعة نسبها كلٌّ من ابن الحجر و الأنطاكي إلى علاء الدين الوداعي كما في المتن . راجع: «الدرر الكامنة» ج 3 ص 132؛ «تزيين الأسواق» ج 2 ص 241؛ و روايتها للبيت الأوّل:
قلت للعاذل المفنّد فيها *** يوم زارت و سلّمت مختالة
و لكمال الدين ابن النبيه:
بدر تم له من الشَعر هاله *** من رآه المحبّين هاله
قَصُرَ الليلُ حين زار و لاغر *** و غزال غارت عليه الغزالة
راجع شذرات الذهب ج 5 ص 177؛ «فوات الوفيات» ج 3 ص 67.
[113] صفي الدين الحلّى.
مضت الإشارة إلى ترجمته. ← التعليقة 96 .
[114] تنبا فيك قلبي...
من قطعة له في البحر الوافر، وعدد أبياتها 3. ورواية «الديوان»: «فاسترابت». والّذي وقع في وسطها :
و صدَّهم الهوى أن يؤمنوا بي *** و قالوا إنَّ معجزَة محالُ
راجع «دیوان» صفي الدين الحلّي ص 476 .
[115] يا بدر أهلك ... .
لم أعثر على القطعة، لا في «ديوان» صفي الدين ولا في غيره من دواوين الشعراء.
ص: 241
[116] الوداعيّ.
هو علاء الدين علي بن المظفر بن إبراهيم الكندي الوداعي، و يقال له: ابن عرفة. أديب متفنّن شاعر عارف بالحديث و القراءات من أهل الإسكندرية. ولد سنة 640 ه-ق . وأقام بدمشق و توفّى فيها سنة 716 ه-.ق. له التذكرة الكنديّة خمسون جزءا، و «دیوان» شعر. قال ابن حجر: «وكان شديدًا في مذهب التشيّع؛ فرحمه الله - تعالى - رحمةً واسعةً.
راجع: «الأعلام» ج 5 ص 23 القائمة 2؛ «معجم الشعراء» ج 4 ص 53 القائمة 2 «الدرر الكامنة» ج 3 ص 130 الرقم 298؛ «البداية والنهاية» ج 14 ج 78؛ «شذرات الذهب» ج 6 ص 185.
[117] و قائل قول ... .
لم أعثر عليه، لا في «ديوان» الوداعيّ ولا في غيره من دواوين الشعراء. و ابن شاكر ذكر البيت في ترجمته في مختتم قطعةٍ قالها في هجو زوجة أبيه؛ راجع: «فوات الوفيات» ج 4 ص 292 و روايته «و قائل قل ....».
[118] عن أحمر المشروب ...
البيت لابن نباتة المصري من قطعةٍ له في البحر السريع، وعدد أبياتها 2. وصدرها:
مُقبَّل الوجه أدارَ الطلا *** فقال لي في حبّها عاتبي
و لم أعثر على «دیوانه» و انظر: «معاهد التنصيص» - الطبعة القديمة - ص 427 .
[ 119] شروط لا يحسن إلّا بها.
و هذه الشروط مبثوثةٌ في الآثار البديعيّة، وقد جمع بعض المعاصرين قسطاً صالحاً منها في كتابه «من روائع البديع». فانّ هذا الكتاب و إن خلا عن دقائق هذا العلم و فرائده و لذلك لم يعبأ به، و لكن له أهميّةُ من هذه الجهة.
[120] ربما أوفيت.... .
البيت الجُذَيمة الأبرش، من قصيدة له في البحر المديد و عدد أبياتها 11، و هو الأوّل
ص: 242
منها. ورواية «الديوان»: «ترفعن بردي....»؛ و لم أعثر عليه.
[121] السكاكيّ.
هو أبو يعقوب سراج الدين يوسف بن أبي بكر بن محمد السكاكي الخوارزمي. عالم بالعربية و الأدب. مولده سنة 555 ه- ق . بخوارزم و وفاته سنة 626 ه- .ق. به. له «مفتاح العلوم»، و «رسالة في علم المناظرة».
راجع: «الأعلام» ج 8 ص 222 القائمة 1؛ «الجواهر المضيئة» ج 2 ص 225؛ «معجم 1؛ الأدباء» - لكامل سلمان - ج 7 ص 44 القائمة 1: «شذرات الذهب» ج 5 ص 222.
[122] فاته عند التكلّم.
راجع: «مفتاح العلوم» ص 176. و السكاكي نظر في هذه الآية الشريفة من أربع جهات من جهة علم البيان، و من جهة علم المعاني و من جهة الفصاحة المعنوية، و من جهة الفصاحة اللفظية؛ وكلامه لا يخلو عن دقائق كثيرة.
[123] قيل يا أرض ....
كريمة 44 هود.
[124] تنبه لها العالمون.
كالشيخ صفي الدين الحلّي حيث استخرج من الآية المباركة عشرة صنائع بديعية؛ راجع: « شرح الكافية البديعية» ص 292 .
[125] السكاكي.
مضت الإشارة إلى ترجمته آنها ← التعليقة 121.
[126] فطوّعت له ... .
كريمة 30 المائدة. والآية في النسخة مشوّشةٌ جداً، ولاحاجة إلى ذكرها.
ص: 243
[127] رأى فحبّ... .
قال الأنطاكيّ: «قال شمس الدين بن العفيف:
قِف و استمِع سيرةَ الضبِّ الّذي قتلوا *** فراحَ في حبِّهم لم يبلغ الغرضا
رأى فحبَّ فرامَ الوصلَ فامتنعوا *** فسيمَ صبرًا فأعيا نيله فقضى»
راجع تزيين «الأسواق ج 2 ص 238. و لكلّ من عبداللطيف الصيرفيّ و أديب إسحاق - من مسيحيّي الدمشق المتوفى سنة 1302 ه- ق . - تخميس البيت.
[128] مولاي الأخ.
المراد به صاحب الرسالة المشروحة في كتابنا هذا. و هو العلّامة الشيخ هادي بن الشيخ عباس آل كاشف الغطاء. وذكرنا نبذة من ترجمته في هذه التعليقات. ← التعليقة 20.
[129] داخل في الأشياء.
لم أعثر على ما نقله المصنّف في المصادر الحديثية. والظاهر انه ملفّق من امتزاج بعض غرر أقواله - عليه السلام - ، كقوله: «مع كلّ شيءٍ لا بمقارنة و غير كلّ شيءٍ لابمزايلة» - راجع: «نهج البلاغة» ص 40 - ، و قوله: «داخل في الأشياء لا كشيء داخل و خارج من الأشياء لاكشيءٍ خارج» - راجع: «بحار الأنوار ج 61 ص 105 - . و انظر: نفس المصدر ج 3 ص 271، ج 10 ص 119.
[130] السيد جعفر الحلّي.
هو كمال الدين أبو يحيى السيد جعفر بن حمد بن محمّد الحسيني الحلّي النجفي، ينتهي نسبه إلى زيد الشهيد - رحمه الله .. ولد في بعض قرى الحلة سنة 1277 ه-ق. و توفّى في النجف الأشرف سنة 1315 ه-.ق. من أشهر مشاهير شعراء عصره. قرأ المقدمات و مبادي العلوم على والده، و انتقل إلى النجف في أوائل شبيبته، فحضر على شيوخ النجف و نبغ بتفوّق، و كان إلى جانب عبقريته الشعريّة فاضلا مشاركًا في العلوم الإلهية و الدينية. قال السيد الأمين: «انّه كان شريكنا في الدرس، فقد هيمن على المجالس الأدبيّة و هو شابُّ لم يبلغ
ص: 244
الثلاثين». له حكاياتٌ وقصصٌ كثيرة. وله ديوان شعرٍ أسماه «سحر بابل و سجع البلابل»، و «الجعفريات» ديوان شعرٍ في رثاء آل البيت - عليهم السلام - .
راجع «معجم الشعراء» ج 1 ص 403 القائمة 2؛«أعيان الشيعة ج 4 ص 97؛ «معارف الرجال» ج 1 ص 171؛ «نقباء البشر» ج 1 ص 288؛ «معجم رجال الفكر و الأدب» ج 1 ص 440.
[ 131 ] و لأركبنَّ لها... .
من قصيدة طويلة له في البحر الكامل، وعدد أبياتها 90، و البيتان هما 35، 37 منها. و لم أعثر على «ديوانه».
[ 132] سفائن للسرى...
من قصيدة له طويلة، وعدد أبياتها ،36، و هما البيتان 21، 22 منها. راجع: «دیوان» أبي المجد ص 96 .
[133] أبي نواس.
مضت الإشارة إلى ترجمته. ← التعليقة 52.
[134 ] كتبتُ من غير... .
من منظومةٍ له في البحر البسيط و الرواية المشهورة: «كتبت في غير قرطاس ...»، و هو الصحيح. و لم أعثر عليها في «ديوانه».
و إن قال المؤلف - قدس سره - : «و البيت في معنى شنيع فلاداعي لنقل تمامه» و لكن ألفاظ البيت أبية لامانع من نقله؛ فتمامه:
في حاجةٍ عرضت لي لا أسمّيها
[ 135] و ليس صرير... .
البيت للعطوي. قال الزجّاجيّ: أنشدنا الأخفش قال: أنشدني المبرّد قال: أنشدني
ص: 245
العطوي لنفسه يرثي أحمد بن أبي دؤاد : الطويل
و ليسَ صرير النعش ما تسمعونه *** و لكنَّه أصلابُ قومٍ تَقَصَّفُ
و ليس نسيم المسك ريًّا حنوطه *** و لكنَّه ذاكَ الثناء المخلَّفُ»
راجع: «أمالي الزجاجي» ص 85 و انظر: «الأغاني» باب أخبار العطوي ج 23 ص 133؛ «الأمالي» - للقالي - ج 1 ص 113؛ وفيات الأعيان» ج 1 ص 90.
و البيتان تمثّل بهما ابن المعتز حين حمل عبيد الله الوزير وزير المعتضد على أعناق الرجال راجع: «فوات الوفيات» ج 2 ص 434.
[136] وليس الّذي.... .
البيت لمجنون العامري، من قصيدة له في البحر الطويل. و عدد أبياتها 5، و هو البيت الأخير منها. راجع: «دیوان» مجنون ليلى ص 84.
[137] يوسف أعرض.
كريمة 29 يوسف.
[138] الإلتفات عن الغيبة.
لتوضيح هذه الصنعة راجع: «أنوار الربيع» ج 1 ص 363؛ «كتاب الصناعتين» ص 392؛ «المثل السائر» ج 2 ص 170؛ «خزانة الأدب» - لابن حجة - ص 73؛ «العمدة» ج 2 ص 45؛ نهاية الارب» ج 7 ص 116؛ «شرح الكافية البديعيّة» ص 78.
[139] فيا ليلتي هكذا... .
البيت لبهاء الدين زهير من قطعةٍ له في البحر المتقارب. وصدرها :
رعَى اللهُ ليلةَ وصلٍ خلت *** و ما خالطَ الصفوَ فيها كدر
راجع «دیوان» بهاءالدین زهير ص 94.
[ 140] عتاب المرء نفسه.
ص: 246
لتوضيح هذه الصنعة راجع: «أنوار الربيع» ج 3 ص 203؛ «خزانة الأدب» - لا بن حجّة - ص 180؛ نهاية الارب» ج 7 ص 125؛ «تحرير التحبير» ص 166؛ «شرح الكافية البديعيّة » ص 81 .
[141] يانفس لي.... .
من منظومةٍ له في البحر الرجز، وصدرها :
ليلُ الشباب إذ غدَى مفارقي *** لاحَ صباحُ الشيبِ في مفارقي
و عدد أبياتها 18 ، و هما البيتان 15، 16 منها. ورواية «الديوان»: «لحاجةٍ مدّت...». راجع: «ديوان أبي المجد ص 102 .
[142] بهاء زهير.
هو بهاءالدين أبو الفضل زهير بن محمّد بن علي المهلبي العتكي. ولد بمكة سنة 581 ه- .ق. ونشأ بقوص و اتصل بخدمة الملك الصالح ايوب بمصر، فقربه و جعله من خواص كتابه. قال ابن خلكان في وصفه: «من فصلاء عصره و أحسنهم نظا و نثرا و خطا، و من أكبرهم مروءة»؛ ثم حكى اجتماعه به. توفّى سنة 656 ه-.ق. بمصر. قال ابن العماد: «توفّي قبل المغرب يوم الأحد رابع ذي القعدة، و دفن من الغد بعد صلاة الظهر بتربة بالقرافة الصغرى». له «دیوان» شعرٍ تُرجم إلى الإنكليزيّة نظرًا.
راجع: «الأعلام» ج 3 ص 52 القائمة 2؛ «معجم الشعراء» ج 1 ص 282 القائمة 2؛ «وفيات الأعيان» ج 2 ص 332؛ «شذرات الذهب» ج 5 ص 408؛ «سير أعلام النبلاء» ج 23 ص 355؛ «حسن المحاضرة» ج 1 ص 567 الرقم 30 «النجوم الزاهرة» ج 7 ص 62 .
[143] ويحك يا قلب...
من قصيدةٍ له في البحر السريع، و عدد أبياتها 10، و هو الأوّل منها. راجع: «ديوان» بهاء الدين زهير ص 151.
ص: 247
[144] التجريد.
لتوضيح هذه الصنعة راجع: «أنوار الربيع» ج 6 ص 153؛ «خزانة الأدب» - لابن حجّة - ص 532؛ «نهاية الارب» ج 7 ص 156؛ «شرح الكافية البديعية» ص 207.
[145] تري الناس.
كريمة 2 الحج.
[146] البحتريّ.
مضت الإشارة إلى ترجمته. ← التعليقة 27 .
[147] من جعاد الأكفّ... .
من قصيدة له في البحر الخفيف و عدد أبياتها 38 و هو البيت 36 منها. راجع: «دیوان» البحتري ج 1 ص 87 .
[148] طل دمي... .
لم أعثر على البيت في «ديوان» أبي المجد. و قوله: «طلّ» لضرورة الوزن، ولوكان «أطلّ» لكان أنسب.
[149] فلا تخشوا الناس.
كريمة 44 المائدة. والآية المباركة في النسخة مشوّشة جدًّا، ولاحاجة إلى ذكرها.
[ 150] للتفويف.
لتوضيح هذه الصنعة راجع: «انوار الربيع» ج 2 ص 308؛ «نهاية الارب» ج 7 ص 141؛ «خزانة الأدب» - لابن حجّة - ص 139؛ «تحرير التحبير» ص 260؛ «شرح الكافية البديعيّة» ص 79 .
ص: 248
[151] المتنبّي.
مضت الإشارة إلى ترجتمه ← التعليقة 44.
[152] كافور
هو أبوالمسك كافور بن عبدالله الإخشيدي صاحب المتنبي. كان عبدا حبشيا ولد سنة 292 ه-.ق. اشتراه الإخشيدي ملك مصر فنسب إليه، و اعتقه فترقى عنده. وكان فطنًا ذكيًّا حسن السياسة و ما زالت تصعد حتى ملك مصر. له أخبار كثيرة. توفي بالقاهرة سنة 357 ه- ق. وقيل: حمل تابوته إلى القدس فدفن فيها. و جاء ابن خلكان بشيءٍ من أخباره مع المتنبي حيث كان من مادحيه أوّلاً ثم هجاه و ترك مصر و ذكره ابن العماد في من توفّي في سنة 356 ه- ق .
راجع: «الأعلام» ج 5 ص 216 القائمة 1؛ «النجوم الزاهرة» ج 4 ص 10؛ «وفيات الأعيان» ج 4 ص 99 الرقم 545 شذرات الذهب» ج 3 ص 122؛ «سير أعلام النبلاء» ج 16 ص 190؛ «المنتظم» ج 14 ص 199.
[153] لا في الرجال..
لم أعثر عليه و له في هجوه قصيدة في هذا الوزن و على هذه القافية، و مطلعها:
عيدٌ بأيَّةٍ حالٍ عدتَ يا عيدُ *** بما مضَى أم لأمر فيك تجديدُ
و لم يوجد المصراع فيها أيضاً. راجع: «ديوان المتنبيّ» ص 506.
[154] البحتريّ.
مضت الإشارة إلى ترجمته. ← التعليقة 27 .
[155] فلا تشلل... .
من قطعة له في البحر الوافر، وعدد أبياتها 6، و هو الأخير منها. و رواية «الديوان»: «الزق المذال». راجع: «دیوان» البحتري ج 3 ص 1867 .
ص: 249
[156] و من يك... .
من قصيدةٍ طويلةٍ للمتنبّي في البحر الوافر، وعدد أبياتها 47، و هو البيت 30 منها. و رواية «الديوان»: «الماء الزلالا» راجع: «ديوان المتنبي ص 141 .
[157] هل يستوي.
كريمة 9 الزمر.
[158] امرىء القيس.
مضت الإشارة إلى ترجمته ← التعليقة 50 .
[159] و تعطي برخص... .
هو البيت 39 من معلّقته الشهيرة و رواية «الديوان»: «وتعطو برخص...». راجع: «دیوان» امرىء القيس ص 46.
[ 160] تشبيه الأصداغ بالعقارب .
كقول ابن الدهان :
و مُعقربُ الأصداغٍ ما للَدِيغها *** راقٍ و لا لِعليلهَا تعليلُ
و ابن حمديس :
أ تدُبُّ في جفنيهٍ طائفةُ الكرى *** و عقارب الأصداغ ذاتُ دبيبِ
و الثعالبيّ:
إن ذُقتَ ضَرَّاءَ العقاربِ فَابْقِيَنْ *** بعقارب الأصداغ في السرَّاءِ
و الشَّيخ كاظم بن الشَّيخ محمّد آل كاشف الغطاء المتوفى سنة 1333 ه- ق - :
و عقرَبا صدغَيك لن يبرَحا *** ما إن غَفت عيناك بستانَها
[161] كأنّ بنانه... .
لم أعثر على قائله.
ص: 250
[162] يعطيكها رشاً.. .
لم أعثر على قائله. و أورد ابن عبدربه عن عكاشة بن الحصين:
من كفّ جاريةٍ كأنَّ بنانَها ***من فضّةِ قد طُرّفت عُنَّابًا
راجع: «العقد الفريد» ج 7 ص 80 و أورده الراغب في فصل «مَن يستطاب سماع الغناء منه» من «محاضراته» من غير اسناده إلى أحد.
[163] الشبيبيّ.
هو الشيخ محمّدرضا بن محمّد جواد بن محمّد الجزائري النجفي، الشهير بالشبيبي. عالم كبير أديب شاعر. ولد في النجف في 6 رمضان لسنة 1306 ه-ق. و نشأ به على والده العالم و تلمّذ عليه ثم حضر الأبحاث العالية على السيّد حسين الحمامي و الشيخ محمدكاظم الخراساني. قرض الشعر و أجاد فيه وشارك في العلوم الحديثة. وكان حامل مشعل الحركة الفكريّة و النهضة الوطنيّة في العراق. و بعد تأسيس المملكة في العراق تولى منصب وزارة المعارف و غيرها من المناصب الكثيرة . وكانت لديه مكتبةٌ فيها نفائس المخطوطات له آثار كثيرة، منها «ديوان» شعره، و منها «أدب المغاربة و الأندلسيين»، و «تأريخ الفلسفة من أقدم عصورها». توفّي ببغداد فجر يوم الجمعة 2 شعبان لسنة 1385 ه-. ق. و نقل إلى النجف و دفن به .
راجع: معجم الشعراء ج 5 ص 6 القائمة 1 أعلام الأدب» ج 2 ص 181؛ «شعراء الغري» ج 1 ص 3؛ نقباء البشر » ج 2 ص 745: معجم رجال الفكر و الأدب» ج 2 ص 718 .
[164] ماء الشباب... .
لم أعثر على «ديوانه».
[165] و هرَّ تصيد... .
من قصيدةٍ طويلةٍ له في البحر المتقارب، وعدد أبياتها 43، و هو البيت 8 منها. راجع:
ص: 251
«دیوان» امرء القیس ص 109.
[166] و هم یعتذرون.
إشارة إلى قول ابن فورجة الذي حكاه البرقوقي، فانّه بعد أن ذكر ان الصاحب عاب هذا لبيت قال: قال ابن فورجة ... فليت شعري ما الّذي استقبحه؟، فإن استقبح قوله: و حمدان حمدون، فليس في حمدان ما يستقبح من حيث اللفظ ، بل و المعنى. كيف يصنع و الرجل اسمه هكذا، و هكذا آباؤه؟!»؛ راجع: «شرح ديوان المتنبي» - لعبد الرحمن البرقوقي - ج 1 ص 400.
[167] ابي الطيّب.
مضت الإشارة إلى ترجمته. ← التعليقة 44.
[ 168] فحمدون حمدونُ ... .
من قصيدةٍ طويلةٍ له في البحر الطويل، وعدد أبياتها 44 ، و هو البيت 40 منها. راجع: «ديوان» المتنبيّ ص 321.
[ 169] كتاب الحماسة.
هو كتاب الحاسة الذي جمعه أبو تمام و أودع فيه ما اختاره من أشعار من تقدم عليه من شعراء العرب و رتب كتابه هذا على أبواب عشرة و أوّل الأبواب و أهمها باب الحماسة، فغلب الاسم على الكتاب حتى يدعى «كتاب الحماسة». وعليه شروح، منها شرح ابن جني النحوي، و شرح المرزوقي، و شرح الخطيب التبريزي و اقتفى بعض الأدباء أثر أبي تمام في هذا الأمر، فكتب ابن الشجري «حماسته» و البياسي «الحماسة المغربية»، و ابن الفرج البصري «الحماسة البصريّة»، و الحسن بن أحمد «حماسة الظرفاء». و الكتاب طبع عدّة مرّات، منها طبعة الدكتور عبدالمنعم أحمد صالح، و منها طبعة أحمد حسن حسن بسج. و لاتخلو كلتا الطبعتين عن نقصٍ و اهمالٍ.
ص: 252
[ 170 ] أبي تمّام.
هو أبو تمّام حبيب بن أوس بن الحارث الطائيّ، الشاعر الكبير، أحد أمراء البيان. ولد في جاسم من قرى سوريّا سنة 188 ه- ق و رحل إلى مصر و استقدمه المعتصم إلى بغداد فأجازه و قدمه على شعراء وقته. فأقام في العراق ثم ولّى بريد الموصل، فلم يتم سنتين حتى توفّى بها في سنة 231 ه-.ق. كان فصيحا حلو الكلام يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة من أراجيز العرب غير القصائد و المقاطع و فضّله بعضهم على المتنبي و البحتري. قال ابن خلكان كان أوحد عصره في ديباجة لفظه و نصاعة شعره و حسن أسلوبه». له «دیوان» شعر، و «دیوان الحماسة»، و «فحول الشعراء»، و «مختار أشعار القبائل». وكتب في سيرته كثير من المتقدمين والمتأخرين، منها ما للصولي و المرزباني. راجع: «الأعلام» ج 2 ص 165 القائمة 1؛ «معجم الشعراء» ج 2 ص 16 القائمة 1؛ وفيات الأعيان» ج 2 ص 11؛ «خزانة الأدب» ج 1 ص 172؛ «معاهد التنصيص» ج 1 ص 38؛ «شذرات الذهب» ج 2 ص 186؛ تاریخ بغداد ج 8 ص 248 . و من الغريب ان 8 ياقوت لم يذكره في «معجم الأدباء».
[171] المفضّليّات.
«المفضّليّات» هى مجموعةٌ اختارها المفضّل الضبيّ من أشعار من تقدّم عليه من الشعراء. و هذه المجموعة التي سماها «الاختيارات» تشتمل على 128 قصيدة. و اختلفت المجموعة بحسب الروايات المختلفة، و أصحها و أضبطها ما رواه ابن الأعرابي عن الضبيّ. و «المفضّليّات» من وثائق القرن الثاني فهو جديرٌ بالاهتمام البالغ و قد طبعت عدّة مرّات في مصر ولبنان وغيرهما.
[172] الضبّي.
هو أبو العباس المفضّل بن محمّد بن يعلي الضبي. راوية علامة بالشعر و الأدب و أيام العرب، من أهل الكوفة. يقال: هو أوثق من روى الشعر من الكوفيين. لزم المهديّ العبّاسي و صنّف له كتابه «المفضّليّات»، و سماه «الاختيارات» و له «كتاب الأمثال»، و «معاني الشعر». لم يعلم تاريخ ولادته، و توفّى سنة 168 ه- ق . و لم يذكره ابن العماد في «شذرات
ص: 253
الذهب».
راجع «الأعلام» ج 7 ص 280 القائمة 1؛ «معجم الأدباء» - لياقوت - ج 7 ص 171؛ «تاریخ بغداد» ج 13 ص 121؛ «معجم الأدباء» - لكامل سلمان - ج 6 ص 258 القائمة 2.
[173 ] كأنّ القلب...
من قصيدة المجنون ليلى في البحر الوافر، وعدد أبياتها ، و هما البيتان 4، 5 منها. ورواية «الديوان»: «كأنّ القلب ليلة ...». راجع: «دیوان» مجنون ليلى ص 52.
[174] فقلت وصلك... .
البيت نسبه الأنطاكيّ إلى الورّاق و روايته «فالقلب يرقص...». راجع: «تزيين الأسواق» ج 2 ص 138 و الحمدون بن الحاج السلمي المتوفى سنة 1232 ه-.ق.
يومَ لُقياه يرقصُ القلبُ فيه *** من وُلوعِي و لَوعتي و اضطرابي
[175] عنترة.
هو عنترة بن شداد بن عمرو العبسي. أشهر فرسان العرب في الجاهلية و من شعراء الطبقة الأولى من أهل نجد في شعره رقّةٌ و عذوبة، وكان مغرماً بابنة عمه عبلة، فقلّ أن تخلو له قصيدة من ذكرها. اجتمع في شبابه بامرىء القيس و عاش طويلًا حتى مات نحو سنة 22 قبل الهجرة. ينسب إليه «ديوان» شعر أكثر ما فيه مصنوع، و له «المعلّقة» الشهيرة.
راجع: «الأعلام» ج 5ص 91 القائمة 3؛ «خزانة الأدب» ج 1 ص 62؛ «جمهرة أشعار العرب» ص 161؛ «معجم الشعراء» ج 4 ص 107 القائمة .2.
[176] سموت إليها... .
من قصيدةٍ طويلةٍ له في البحر الطويل، وعدد أبياتها 39، و هو البيت 21 منها. ورواية «الديوان»: «أراعي نجوم الليل وهي كأنها ..... و لم أعثر عليه.
و لابن المعتز في وصف الثريّا :
و قد لمعَت حتّى كأنّ بريقها *** قواريرُ فيها زئبقٌ يترجرج
ص: 254
[177] المعرّيّ.
هو أبو العلاء احمد بن عبد الله بن سلمان التنوخي المعرّي، شاعر كبير. ولد سنة 363 ه- ق. في معرّة نعمان، و مات بها سنة 449 ه- .ق. كان نحيف الجسم أصيب بالجدري صغيرًا فعمي في السنة الرابعة من عمره، و قال الشعر و هو ابن إحدى عشرة سنة. كان من أشهر شعراء عصره و من أشعرهم و لما مات وقف على قبره 84 شاعرًا يرثونه . كان يحرّم إيلام الحيوان و لم يأكل اللحم خمسا و أربعين سنةً، وكان يلبس خشن الثياب. له من الدواوين الشعريّة لزوم ما لا يلزم» و «سقط الزند»، و «ضوء السقط». و من آثاره: «الأيك و الغصون» في الأدب يربى على مأة جزء، و عبث الوليد» و غيرهما. و هو يُعدّ من المؤلّفين المكثرين المجيدين.
راجع «الأعلام » ج 1 ص 157 القائمة 1؛ «وفيات الأعيان» ج 1 ص 113 الرقم 47؛ «معجم الأدباء» - لياقوت - ج 3 ص 107 الرقم 28؛ «شذرات الذهب» ج 3 ص 455؛ «سير أعلام النبلاء» ج 18 ص 23؛ «تاریخ بغداد» ج 4 ص 240؛ «المنتظم» ج 16 ص 22؛ «معجم الشعراء» ج 1 ص 189 القائمة 1.
[178] و سهيلٌ كوجنة... .
من قصيدةٍ طويلةٍ له في البحر الخفيف، وعدد أبياتها 62 ، وهو البيت 12 منها. ولم أعثر على «دیوانه».
[179] أبي تمّام.
مضت الإشارة إلى ترجمته ← التعليقة 170.
[ 180] السيف أصدق... .
من قصيدةٍ طويلةٍ له في البحر البسيط و عدد أبياتها 71 ، و هو الأوّل منها. راجع: «ديوان» أبي تمّام ص 7.
و لابن أبي الخصال - المتوفّى سنة 540 - تخميس البيت و بعض أبياتٍ أخر من هذه
ص: 255
المنظومة اللطيفة.
[181] أحد تلامذته.
و هو البحتريّ. ومضت الإشارة إلى ترجمته ← التعليقة 27 .
[ 182] سلاسل الذهب.
مضت الإشارة إليه. ← التعليقة 28.
[183] خيالُ يعتريني... .
من قصيدة له في البحر الوافر، و عدد أبياتها 38، و هما البيتان 1، 2 منها. ورواية «الديوان»: «... شجن لنفسي». راجع: ديوان» البحتري ج 3 ص 1932
[184] مُنى النفس... .
من قصيدةٍ له في البحر الطويل، وعدد أبياتها 45، و هو الأوّل منها. راجع: «ديوان» البحتريّ ج 2 ص 1296.
[185] و عاذلٌ عذلته... .
من قصيدة شهيرة لأبي تمام في البحر الرجز، وعدد أبياتها ،18، و هو الأول منها وهي مع اشتهارها لم أعثر عليها في «ديوانه».
[186] رؤية.
هو أبو الجحّاف رؤبة بن عبدالله العجّاج التميميّ السعديّ، راجزٌ من الفصحاء المشهورين من مخضر مي الدولتين الأمويّة والعبّاسيّة. كان أكثر مقامه في البصرة. مات في البادية وقد أسنّ سنة 145 ه-.ق. ولم يعلم تأريخ ولادته. قال ابن خلّكان: «و لمّا مات قال :الخليل دفنّا الشعر و اللغة والفصاحة».
راجع «الأعلام» ج 3 ص 34 القائمة 2؛ «وفيات الأعيان» ج 2 ص 303 الرقم 238؛
ص: 256
«البداية والنهاية» ج 10 ص 96؛ «خزانة الأدب» ج 1 ص 43؛ «معجم الأدباء» - لياقوت - ج 11 ص 149؛ «معجم الشعراء» ج 2 ص 265 القائمة .1
[187] أبيه.
هو أبو الشعثاء العجّاج بن عبدالله بن رؤبة السعديّ التميميّ، راجزٌ مجيدٌ من الشعراء. ولد في الجاهليّة وقال الشعر فيها، ثمّ أسلم. و هو أوّل من رفع الرجز و شبّهه بالقصيد، و هو والد رؤبة الراجز المشهور. له «ديوان». مات نحو سنة 90 ه-ق. ولم يعلم تاريخ ولادته.
راجع: «الأعلام » ج 4 ص 86 القائمة 3؛ «الشعر و الشعراء» ص 230 «معجم الشعراء» ج 3 ص 250 القائمة 2.
[188] ابن الأعرابيّ.
هو أبو عبد الله محمّد بن زياد المعروف بابن الأعرابي. ولد سنة 150 ه- ق بكوفة وكان راويةً علامةً باللغة. وصفه ثعلب بأنه لم ير أحدٌ في علم الشعر أغزر منه و هو ربيب المفضّل محمد صاحب «المفضّليّات». مات بسامرّاء سنة 231 ه- .ق. له تصانيفٌ كثيرةٌ، منها
«تاريخ القبائل» و «تفسير الأمثال» و «النوادر».
راجع: «الأعلام» ج 6 ص 131 القائمة 2؛ «تاريخ بغداد» ج 5 ص 282؛ «الوافي بالوفيات» ج 3 ص 79؛ «معجم الأدباء» ج 18 ص 189 الرقم 51؛ «شذرات الذهب» ج 2 ص 183؛ «وفيات الأعيان» ج 4 ص 306.
[189] لأبي تمّام.
مضت الإشارة إلى ترجمته.← التعليقة 170 .
[ 190] و القصّة قد نقلها.
قال: «انّه أنشد يوماً أبياتاً من شعره و هو لا يعلم قائلها، فاستحسنها وأمر بكتبها. فلما عرف انّه قائلها قال: خرقوه، والأبيات من أرجوزته التي أولها:
و عادل عذلته في عذله *** فظَنَّ أَنِّي جاهل من جهله»
ص: 257
راجع: «الموازنة بين البحتريّ و أبي تمّام» ص 13.
[191] الأمديّ.
هو أبوالقاسم الحسن بن بشر بن يحيى الآمديّ، عالمُ بالأدب راويةٌ، له شعرٌ. قال السيوطىّ فى وصفه: «له شعر حسن و ضبط». أصله من آمد و مولده و وفاته بالبصرة. لم يعلم تاريخ ولادته و توفي سنة 370 ه- .ق. له «الموازنة بين البحتري و أبي تمام»، «المؤتلف والمختلف»، و «معاني شعر البحتري و غيرها. وقال ياقوت: «كان حسن الفهم جيّد الدراية و الرواية سريع الإدراك». راجع: «الأعلام» ج 2 ص 185 القائمة 2 ، «إنباه الرواة» ج 1 ص 285؛ «بغية الوعاة» ج 1 ص 500 الرقم 1036؛ «معجم الأدباء» ج 8 ص 75 الرقم 5.
[192] و غيره.
كابن سنان الخفاجي حيث قال: .... حتى رووا عن ابن الأعرابي أنّه أنشد أرجوزة أبي تمام التي أوّلها و عاذل .... على أنها لبعض العرب. فاستحسنها و أمر بعض أصحابه أن يكتبها له. فلما فعل قال: انها لأبي تمام، فقال: خرّق خرّق! فخرقها»؛ راجع: «سرّ الفصاحة» ص 472 .
[193] بطلميوس.
هو كلوديوس بطلميوس عالم فلك و رياضة و جغرافيا و فيزيقا، و مؤرّخ يوناني مصري، نشأ بالإسكندرية في الربع الثاني من القرن الثاني الميلادي و توفي بعد 161 م. له «كتاب المجسطي» يبحث في الفلك و الرياضة.
راجع: «الموسوعة العربيّة الميسّرة » ج 1 ص 1381 القائمة 1؛ «دانشنامه جهان اسلام» ج ص 496 القائمة 1.
[194] أبرخس.
فلكيُّ يونانيُّ اشتهر في القرن الثاني قبل الميلاد. ساعدت أرصاده بطلميوس على وضع
ص: 258
نظريّته عن الكون المحيط بالأرض، واكتشف تقهقر الاعتدالين و خروج الأرض عن مركز مسار الشمس و لم أعثر على تاريخ ميلاده و وفاته بالضبط. راجع: «الموسوعة العربيّة الميسرة» ج 1 ص 5 القائمة 1.
[195] اللَّامية الّتي علّقت.
اشارةُ إلى معلّقة امرىء القيس الشهيرة وعدد أبياتها 81. فانظر: «دیوانه» ص 29؛ «جمهرة أشعار العرب» ص 95.
[196] حبّ الفلفل.
إشارة إلى قوله:
ترى بعر الأرآم في عرصاتها *** و قيعانها كأنه حبُّ فلفل
و هو البيت 3 من معلّقته. راجع: «دیوان» امرىء القيس ص 30؛ «جمهرة أشعار العرب» ص 95 .
[197] بقافين .
أي: القلقل. و هو شجرٌ يشبه الرمان يحمل حبًّا أسود مستديرًا أملس في حجم الفُلفُل.
[19] تشبيهات ابن الرومي.
للتفصيل حول تشبيهات ابن الرومي و ما لابن المعتز من التشبيهات الفائقة على تشبیهاته راجع: «تاريخ الأدب العربي» - لشوقي ضيف - / العصر العباسي الثاني ص 322.
[199] ابن الرومي.
هو أبو الحسن علي بن العبّاس الرومي المشهور بابن الرومي، شاعر كبير من طبقة بشار و المتنبي. ولد سنة 221 ه-.ق. ببغداد و نشأ بها و مات فيها مسموما سنة 283 ه- ق . قال المرزباني: «لا أعلم أنّه مدح أحدًا من رئيس أو مرؤوس إلّا و عاد إليه فهجاه». له «ديوان» شعر كبير، و هو من خيار الدواوين الشعريّة. قال ابن خلكان في وصفه: «صاحب النظم
ص: 259
العجيب و التوليد الغريب».
راجع: «الأعلام» ج 4 ص 2976 القائمة 2؛ وفيات الأعيان» ج 3 ص 358 الرقم 463؛ «معاهد التنصيص» - الطبعة الجديدة - ج 1 ص 108؛ تاریخ بغداد ج 12 ص 23 .
[ 200] ابن المعتز.
هو أبو العبّاس عبدالله بن محمّد المعتزّ بالله، الشاعر المبدع. خليفة يوم و ليلة. ولد في بغداد سنة 247 ه- .ق. و أولع بالأدب، فكان يقصد فصحاء الأعراب ويأخذ عنهم. و وصفه ابن خلكان بقوله: «كان أديبًا بليغًا شاعرًا مطبوعًا مقتدرًا على الشعر قريب المأخذ سهل اللفظ جيّد القريحة حسن الإبداع للمعاني». وصنّف كتبًا منها «كتاب البديع»، و طبقات الشعراء». أقبل إليه بعض الناس فبايعوه بالخلافة و لقب بالمرتضي بالله، وقال ابن العماد: «لقبوه: الغالب بالله». فأقام يومًا وليلةً ثمّ قبض فخنق؛ وكان ذلك في سنة 296
ه- ق .
راجع: «الأعلام » ج 4 ص 118 القائمة 3؛ «معاهد التنصيص» - الطبعة الجديدة - ج 2 ص38؛؛ «تاریخ بغداد» ج 10 ص 95 ؛ «وفيات الأعيان» ج 3 ص 76 الرقم 341؛ «شذرات الذهب» ج 2 ص 398؛ و ما كتبنا عنه في تقدمتنا على «الراح القراح» ص34.
[201] مداهن من... .
لم أعثر على قائله.
و لابن وكيع التنيسي - المتوفى سنة 393 ه-.ق. - :
كانَّه مداهنُ من فضَّةٍ *** أوساطها بها من المسكِ أثر
و ليونس بن مسعود الرصافي:
و كأنَّ سوسنه مداهنُ فضَّةٍ *** تحوي خلوقا بالعبير مطيّبًا
[202] أَرْجَانِيّ .
هوأبوبكر ناصح الدين أحمد بن محمّد بن الحسين الأرجاني، الشاعر الكبير، و في شعره رقّةٌ و حكمةٌ. كان في صباه بالمدرسة النظامية بأصبهان، ثمّ ولّى القضاء بتستر و توفي فيه.
ص: 260
ولد سنة 460 ه-ق. بأرَّجان من قرى الأهواز و توفّي سنة 544 ه-ق. جمع إبنه بعض شعره في «ديوان». وقال ابن العماد في وصفه: حامل لواء الشعر بالمشرق. وحكى ابن خلكان عن الأصفهاني في الخريدة أنّه قال فيه: «لم يسمح بنظيره سالف الأعصار!».
راجع: «الأعلام» ج 1 ص 215 القائمة 2؛ «معاهد التنصيص» ج 3 ص 41؛ «المنتظم» ج 1 ص 139؛ معجم الشعراء» ج 1 ص 192 القائمة 2 «شذرات الذهب» ج 4 ص 303 ؛«وفيات الأعيان» ج 1 ص 151؛ «الوافي بالوفيات» ج 7 ص 373 .
[203] وصف فيها الشمعة.
إشارة إلى قصيدة له مطلعها:
و لقد أقول لشمعةٍ نُصبت لنا *** و ستور جنح الليل ذات جنوح
و هي في البحر الكامل، وعدد أبياتها .. و لم أعثر على «ديوانه». و له أيضاً في وصف الشمعة :
إني لأشكو خطوبًا لا أعيَّنُها *** ليبرأ الناسُ من لومِي و مِن عَذَلي
كالشَّمع يبكِي ولا يدرِي أ عَبرَته *** من صُحبَة النارِ أم من فرقةِ العَسلِ
قال العماد الأصفهانيّ في ترجمته من القسم الشاميّ من «خریدته»: «روی بعضهم: «من حرقة النار أو من فرقة العسل» محافظةً على التجنيس اللفظي، و أنا أرويه: «صحبة النار» للتطبيق المعنويّ».
[204] شكسبيه .
هو ويليام شكسبير William Shakespeare أكبر شعراء الانكلترا ولد باستراتفورد سنة 1564م و توفّى بها سنة 1616م. لا توجد أخبار كثيرة من حياته كان أبوه من التجار وقد بالغ في تثقيفه و تثقيف أخويه تزوّج بامرأةٍ و كان ابن 19 سنة، ثمّ فارقها و هاجر إلى لندن و هناك صار في عداد الممثلين المشهورين و الكبار من الكتاب. له آثار منها «مكبث» Macbeth و «هملت» Hamlet و غيرهما. و من جملة أشعاره منظومة سماها ونوس و أدونيس Venus and Adonis و له مجموعة من الغزليات.
راجع: «فرهنگ معین» ج 5 ص 907. و ما بقي من أخباره يُذكر في كثيرٍ من المصادر، و
ص: 261
لا يهمّنا أكثر من هذا.
[205] أحبُّ أن.... .
لم أعثر عليه. و روى الجاحظ في فصل «شعر في الحبارى» عن أعرابيٍّ لم يسمّه:
أحبُّ أن أصطاد ضبًّا سحبلًا *** و خربًا يرعى ربيعًا أَرْملًا
راجع «کتاب الحيوان» ج 5 ص 311 .
[206] و انّي لأصطاد... .
لم أعثر عليه.
[207] فما العيش...
من قصيدة له في البحر الطويل، وعدد أبياتها 38 ، و هو البيت 22 منها. و لم أعثر على «دیوانه» و ← التعليقة الآتية.
[208] حمق شاعرٍ... .
المراد منه أبو المظفّر محمّد بن أبي العبّاس المعروف بالأبيورديّ. قال ابن خلّكان في وصفه: «الشاعر المشهور. كان من الأدباء المشاهير، راويةً نسّابةً شاعرًا ظريفا». راجع: «وفيات الأعيان» ج 2 ص 444.
[209] رياض الجنان أصبهان.
إشارةُ إلى ما حكى ابن خلّكان عن قول ابن مندة في «تاريخ الأصفهان» حول الرجل؛ راجع: «وفيات الأعيان» ج 4 ص 445.
[210] أبونواس.
مضت الإشارة إلى ترجمته. ← التعليقة 52
ص: 262
[211] بلادًا باعد... .
من قصيدة له في البحر الوافر، وعدد أبياتها 34، و هما البيتان 5، 6 منها. و رواية «الديوان»: «بأرض باعد...». راجع: «ديوان» أبي نواس ص 557.
[212] من دبِّ إلى شبِّ.
كذا في النسخة، و عليه جريت في ثبت معاني غرائب الألفاظ. أما العرب فتقول: «من شَكٍّ إِلى دَبِّ» أي: من الشباب إلى أن دبَّ على العصا؛ وتقول: «فعلت ذلك من شبّ إلى دب أي: من شبابي إلى أن دببت على العصا و نائب الفاعل فيهما ضمير المصدر. راجع: «المنجد» مادة شبّ ص 371 القائمة .1. و لم أعثر على المثلين في «مجمع الأمثال» و ما يشبهه.
[213] بحيث يلف... .
مضى آنفًا ما يتعلّق بهذا البيت. ← التعليق .192 و هذا البيت هو البيت 23 منها. و لم أعثر على «ديوانه».
[214] إذا ما تميمي...
من قصيدة له في البحر الطويل، وعدد أبياتها 27، و هو البيت 6 منها. ولم أعثر عليها في «ديوان» أبي نواس.
[215] تضحك منّي... .
لم أعثر على قائله و أورده البغداديّ في الشاهد السادس و الخمسين بعد التسعمائة، ثمّ قال: «على أنّ ناسا من تميم و من أسد يجعلون مكان الكاف المؤنّث شيئًا في الوقف كما في حرش، و أصله حرك»؛ راجع: «خزانة الأدب» - الطبعة المحققة - ج 4 ص 409. و أورده الجاحظ أيضاً، وروايته «تسخر مني...». راجع: «كتاب الحيوان» ج 6 ص 395.
[216] الغزِّيّ.
هناك أبو عبدالله شمس الدين محمّد بن عليّ بن محمّد الغزيّ، شاعرٌ رقيق الأسلوب
ص: 263
مصريّ الأصل والمولد. نشأ بغزّة و أقام بها مدّةً طويلةً فنسب إليها. له شعرٌ و نثرٌ ولد سنة 686 ه-ق. و توفي سنة 761 ه- .ق.
راجع: «الأعلام » ج 6 ص 285 القائمة 3؛ «الدرر الكامنة» ج 4 ص 70 الرقم 207.
و أبو اسحاق إبراهيم بن عثمان بن محمّد الكلبي الغزيّ، شاعر مجيد من أهل غزة بفلسطين. ولد بها و رحل رحلةً طويلةً إلى العراق و خراسان، و مدح آلبوية و غيرهم و توفّي بخراسان و دفن ببلخ قال ابن العماد: «شاعر العصر و حامل لواء القريض». ولد سنة 441 ه-ق. و توفى سنة 524 ه-ق.
راجع «الأعلام» ج 1 ص 50 القائمة 2؛ «شذرات الذهب» ج 4 ص 216؛ «المنتظم» ج 17 ص 257.
[217] الأرَّجانيّ.
مضت الإشارة إلى ترجمته. ← التعليقة 202
[218] اختاره.
راجع «وفيات الأعيان» ج 4 ص 447.
[219] ابن خلّكان.
هو أبو العباس أحمد بن محمد ابن خلكان البرمكي، المورّخ الحجة صاحب وفيات الأعيان و أنباء أبناء الزمان». ولد في إربل سنة 608 ه-.ق. وانتقل إلى مصر و تولّى نيابة قضائها. ثم سافر إلى دمشق و كان قاضيًا بها، ثم عزل عنه و ولى التدريس في كثير من مدارس دمشق و نقل ابن العماد الحنبلي عن الفزاري انّه قال في وصفه: «كان قد جمع حسن الصورة وفصاحة المنطق و غزارة الفضل». و توفّي في دمشق سنة 681 ه-.ق. ودفن في سفح قاسيون .
راجع: «الأعلام» ج 1 ص 220 القائمة 1؛ «فوات الوفيات» ج 1 ص 55؛ «النجوم الزاهرة» ج 7 ص 353؛ «شذرات الذهب» ج 6 ص 29؛ «الوافي بالوفيات» ج 7ص 308 .
ص: 264
[ 220] وقفنا بنعمان... .
التعليقة الآتية.
[221] و وقفت به ... .
هذا البيت و الّذي قبله هما من قصيدة له في البحر الطويل، وعدد أبياتها ه ، و هم الأوّل والأخير منها. و لم أعثر على «ديوانه» و انظر: «وفيات الأعيان» ج 4 ص 447.
[222] و ظباء من... .
التعليقة الآتية.
[223] و تعانقنا و... .
لما يتعلّق بهذا البيت و الّذي قبله ← التعليقة الآتية أيضاً.
[224] و دنا نحوي... .
من قصيدة له في البحر المديد، وعدد أبياتها 16، و هذا البيت و الّذي قبله هما البيت 1 منها. و رواية «الديوان» .... القلب مأهول»، و «فرأى شجوى أبوحنش». و لم أعثر عليه.
[225] الشريف الرضيّ.
هو مفخر الأعلام و إمام ذوي الأفهام أبو الحسن الرضيّ محمّد بن الحسين العلوي الموسوي، أشعر الطالبيين على كثرة المجيدين فيهم، بل قال الثعالبي: «و لوقلت انه أشعر قريش لم أبعد عن الصدق!». ولد سنة 359 ه-ق. في بغداد و مات به سنة 406 ه-ق. انتهت إليه نقابة الأشراف فى حياة والده، وكان هو و أخوه الشريف المرتضى من تلامذة الشيخ المفيد. له «ديوان» شعرٍ كبيرٍ يغلب على شعره الفخر و الحماسة في بهجة ناصعة. أخباره و فضائله كثيرةٌ جدًّا.
ص: 265
راجع «الأعلام» ج 1 ص 99 القائمة 1؛ «تاريخ بغداد» ج 2 ص 246؛ «المنتظم» ص279
ص 279؛ «يتيمة الدهر» ج 2 ص297؛ «معجم الشعراء» ص ج 4 ص 432 القائمة 2؛ «الدرجات الرفيعة» ص 466؛ «الوافي بالوفيات» ج 2 ص 374.
[226] أُحبّك ما أقام... .
من قصيدة له في البحر الوافر، وعدد أبياتها 12، و هو الأوّل منها. راجع: «ديوان» الشريف الرضي ج 2 ص 563. و في مبتدأ القصيدة: «قال - قدس الله تعالى روحه - يذكر أيامه بمنى، و هي من الحجازيات».
[227] هي الجرعاء صادية... .
من قصيدة له في البحر الوافر، و عدد أبياتها 23، و هو الأوّل منها. و لم أعثر علي «دیوانه».
[228] أظن الخمر... .
مضى ما يتعلّق بهذا البيت في التعليقة السالفة، و هذا هو البيت 16 منها.
[229] أمط عن الدرر... .
لم أعثر عليه لا في شعر الأبيوردي ولا في «ديوان» الغزّي. نعم! البيت ذكره الصفدي و نسبه إلى الغزّي راجع: «الوافي بالوفيات» ج 6 ص 52. و العماد الأصفهاني أيضاً ذكر البيت في ترجمته من القسم الشامي من كتابه؛ راجع: «خريدة القصر» ج 1 ص 4.
[ 230] الغزّيّ .
مضت الإشارة إلى ترجمته. ← التعليقة 216.
[231] إن لم أمت.... .
لم أعثر عليه، و لم يوجد في ما نقل العماد الأصفهاني من أشعاره في «خريدته» مع مبالغته
ص: 266
في هذا النقل.
[232] طبعٌ متعجرفٌ جافٌ... .
هذا الكلام غريبٌ من المصنّف، إذ حكى ابن خلّكان - وكتابه هو المصدر الوحيد الّذي أشار إليه المصنّف في ما يرجع إلى الرجل - انّ الأبيورديّ: «قسم ديوان شعره إلى أقسام، منها العراقيات و منها النجديّات، و منها الوجديّات وغير ذلك»؛ و هذا من عراقيّاته أو وجديّاته. و عليه فلايصح الحكم عليه بأنه من المتعجرفين الجافين، بل الصحيح انه من المتفننين البالغين إلى أعلى مراتب الأدب. قال ابن خلكان حاكيًا عن المقدسي: «و أليق ما وصف به بيت أبي العلاء المعرّيّ:
و إنِّي و إن كنتُ الأخير زمانه *** لآتٍ بما لم تستطعه الأوائل»
راجع: «وفيات الأعيان» ج 4 ص 445.
[233] تخيّرت من... .
من مقطوعةٍ أوّلها:
خليليِّ عوجا بارك الله فيكما *** و إن لم تكن هندٌ لأرضكما قصدا
راجع: «ديوان الحماسة» ص 257 القطعة 534، و أبوتمام لم يذكر قائلها. و هي في «الحماسة البصرية» ج 2 ص 184 منسوبة إلى ورد بن ورد الجعدي.
[234] أنت كالكلب... .
لم أعثر عليه، و لعلي بن الجهم - المتوفى سنة 249 ه-ق. - :
أنتَ كالكلب في حفاظك للوُ *** دِّ و كالتيس في قراع الخطوب
أنت كالدلو لا عدمناك دلوًا *** من كبارِ الدِلا كثير الذنوبِ
[235] الصفديّ.
هو صلاح الدين خليل بن إيبك بن عبد الله الصفدي، أديبٌ مورّخٌ كبيرٌ. ولد في صفد بفلسطين سنة 696 ه-.ق. و تعلّم في دمشق و ولع بالأدب و تراجم الأعيان. له زُهاء مئتي
ص: 267
مصنّف، منها «الوافي بالوفيات» وهو من خيار كتب التراجم و «نکت الهمیان»، و «جنان الجناس»، و «الغيث المسجّم في شرح لامية العجم». و له شعرُ فيه رقة وصنعةٌ مات سنة 764 ه- ق .
راجع «الأعلام» ج 2 ص 315 القائمة3 ؛ «الدرر الكامنة» ج 2 ص 87 الرقم 1654؛ «معجم الشعراء» ج 2 ص 198 القائمة1.
[236] نوعٌ يشقٌ... .
لم أعثر على قائلٍ معيّنٍ له و يمكن أن يكون من شعر الصفديّ نفسه.
[237] حيث أصاب.
هذه العبارة أوردها الصفدي في ديباجة كتابه المسمّى ب- «فص الختام عن التورية و الاستخدام، و لم أعثر عليه. و العبارة قد ذكرتها قبل ثلاث سنين في تعليقاتي على «الراح القراح» نقلا عن «خزانة الأدب» - لابن حجّة - ؛ فانظر: «الراح القراح» ص 135 الهامش
1 «خزانة الأدب» ص 239؛ «أنوار الربيع ج 5 ص 5.
[238] كم عنتريس... .
لم أعثر على قائلٍ معيّنٍ له، و الظاهر أنّه من نظم المصنّف ارتجالاً.
[239] نجد.
في بلاد العرب عدّة مواضع تسمّى بالنجد. قال ياقوت «منها نجد برق...، و نجد خال و نجد عُفر، و نجد كبكب و نجد مريع. وكلّ ما ارتفع عن تهامة فهو نجدٌ»؛ راجع: «معجم البلدان ج 5 ص 262 القائمة 1. و ← التلعيقة الآتية.
[ 240] العالية.
قال ياقوت «و العالية اسم لكلِّ ما كان من جهة نجدٍ من المدينة من قراها و عمايرها إلى تهامة فهي العالية و ما كان دون ذلك من جهة تهامة فهي السافلة»؛ راجع: «معجم
ص: 268
البلدان» ج 4 ص 71 القائمة 1.
فمراد المصنِّف - رحمه الله - من قوله: «بأعراب نجدٍ و العالية»: الأعراب الّذين يسكنون من المدينة إلى تهامة، و من تهامة إلى ما ارتفع عنه. و هذا كناية عن جميع العرب، إذ لا خصوصيّة لجمع منهم قد سكنوا هذه الناحية الخاصّة.
[241] يشاء من عباده.
تلميحٌ إلى كريمات 54 المائدة، 21، 29 الحديد، 4 الجمعة.
[242] و لمّا نأت... .
من قطعة ليحيى بن منصور الحنفي، أو لموسى بن جابر الحنفي في البحر الطويل. و عدد أبياتها ، و هما البيتان 2 ، 3 منها. راجع: «ديوان الحماسة ص 61 القطعة 109. و روايته: «فلمّا نأت ... فحالفنا... عند يوم كريهة». وانظر: «الأغاني» ج 11 ص 318.
[243] متكلّفة أهل البديع .
فانظر مثلاً: «أنوار الربيع» ج 5 ص 10 .
[244] أرثما طيقي.
الأرثماطيقي شعبةٌ من الرياضيّات، و هي مبحث معرفة العدد. قال في «رسائل إخوان الصفا»: «فالرياضيات أربعة أنواع أوّلها الأرثماطيقي و هو معرفة العدد و كمية أجناسه و خواصه و أنواعه و خواص تلك الأنواع» راجع: «رسائل إخوان الصفا» ج 1 ص 49.
[245] انّهم يحسنون صنعًا.
كريمة 104 الكهف.
[246] الشَّيخ.
هو شيخ المشايخ و رئيس الطائفة الحقّة أبو جعفر محمّد بن الحسن بن عليّ الطوسيّ -
ص: 269
عطّر الله مضجعه - ، الإمام العالم العلّامة. ولد سنة 385 ه- ق . بطوس و انتقل من خراسان إلى بغداد سنة 408 و أقام أربعين سنةً مستفيدا من الشَّيخ المفيد و علم الهدى السيد المرتضى، ثم رحل إلى النجف الأشرف فاستقر فيه إلى أن توفي. له «التبيان»، و «تهذيب الأحكام»، و «المبسوط»، و «فهرست كتب الشيعة» و غيرها من الآثار الكثيرة. توفي سنة 460 ه-.ق. بالنجف و قبره هناك مزار إلى الآن.
راجع «الأعلام» ج 6 ص 84 القائمة : «أعيان الشيعة» ج 9 ص 159؛ «روضات الجنّات» ج 6 ص 216؛ «ريحانة الأدب» ج 3 ص 325؛ «طبقات أعلام الشيعة» / النابس ص 161.
[247] الخلاف.
إشارةٌ إلى كتاب «مسائل الخلاف في الأحكام المشهور ب- «کتاب الخلاف» لشيخ الطائفة الحقة الشّيخ الطوسي - رضى الله عنه - . و هذا الكتاب ألفه بعد «التهذيبين» و ذكر فيه آراء الفقهاء المتقدّم و المتأخر إلى زمانه موردا أدلتهم و ما يبدو له حولها. و الكتاب حققه جمع من المحققين تحقيقا لائقًا أنيقا وطبع في مدينة القم في 6 مجلّدات.
[248] على نظم الشعر.
قال - رحمه الله - :«إنشاد الشعر مكروه... دليلنا إجماع الفرقة»؛ راجع: «كتاب الخلاف» ج 6 ص 308 المسألة .56 و انظر أيضاً: «النهاية» - له - ص 109، 149.
(249) الأصمعيّ.
هو أبوسعيد عبدالملك بن قريب بن عليّ الباهليّ الأصمعيّ، راوية العرب و أحد أئمّة العلم باللغة والشعر. مولده ووفاته بالبصرة في سنتي 122 ه-.ق. و 216 ه-.ق. أخباره كثيرةٌ جداً. و وصفه الأخفش بقوله: «ما رأينا أحدًا أعلم بالشعر من الأصمعي». و أقوال الأعلام في فضله و غزاره علمه كثيرة جدًّا. له «الأضداد»، و «خلق الإنسان»، و «المترادف» وغيرها.
راجع: «الأعلام» ج 4 ص 162 القائمة 1؛ «تاريخ بغداد» ج 10 ص 410؛ «شذرات
ص: 270
الذهب» ج 2 ص 129؛ «مراتب النحويين» ص 46؛ «سير أعلام النبلاء» ج 10 ص 175 .
[ 250] أبو عمرو بن العلاء.
مضت الإشارة إلى ترجمته. ← التعليقة 45
[251] الخواطىء سهمٌ مصيبٌ.
راجع: «مجمع الأمثال» ج 2 ص 280 القائمة 1 الرقم 3857؛ وفيه: «من الخواطىء سهمٌ صائبٌ».
[252] ما كتبه.
إشارةٌ إلى ما كتبه إليه والده حيث أرسل إليه قطعةً من أشعاره يفاخر فيها و يذكر فضله و تفوّقه في العلم؛ و هذا نص كتاب أبيه إليه - قدّس سرّهما - : «لإن أحسنت في شعرك لقد أسأت في حق نفسك. أما علمت أن الشعر صناعة من خلع العفّة و لبس الحرفة، و الشاعر ملعون و إن أصاب و منقوص و إن أتى بالشيء العجاب!. و كأني بك قد دهمك الشعر بفضيلته فجعلت تنفق منه ما تنفق بين جماعة لا يرون لك فضلًا غيره فسموك به، و لقد كان ذلك وصمةً عليك إلى آخر الدهر. أمّا تسمع :
و لستُ أرضى أن يقال شاعرُ *** تبًّا لها من عددِ الفضائلِ»
راجع: «رياض العلماء» ج 1 ص 104. و انظر أيضاً: «ريحانة الأدب» ج 5 ص 234.
[253] المحقق.
هو الشَّيخ الإمام العلّامة مفخر الأعلام نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى الهذلي الحلّي، مقدّم فقهاء الشيعة الإمامية - رضوان الله عليهم أجمعين - . له علم بالأدب و شعر جيّد. من تصانيفه شرائع الإسلام» و «المختصر النافع» و «المعتبر في شرح المختصر و غيرها. وكان العلّامة الحلي ابن أخته و من جملة تلاميذه. ولد سنة 602 ه- ق. بحلة و توفّي بها سنة 672 ه-ق.
راجع: «الأعلام» ج 2 ص 123 القائمة 2؛ «أعيان الشيعة» ج 4 ص 89؛ «أمل الآمل»
ص: 271
ج 2 ص 48؛ «روضات الجنّات» ج 2 ص 182؛ «ريحانة الأدب» ج 5 ص 231؛ «الكنى و الألقاب» ج 3 ص 154.
[254] والده السعيد.
هو الشيخ الحسن بن يحيى الأكبر بن الحسن والد المحقق الحلي. وكان في طبقة نجیب الدین محمّد و فخّار بن معد من مشايخ ولده المحقق و يروي عن والده يحيى الأكبر. و قال الشيخ الحرّ العاملي: «كان فاضلا عظيم الشأن». وقال النوري: «كان من أكابر المحققين في عصره». و لم أعثر على دقائق ترجمته.
راجع طبقات أعلام الشيعة / الأنوار الساطعة ص 45؛ «أمل الآمل» ج 2 ص الرقم 223؛ «مستدرك الوسائل» - الطبعة الحجرية - ج 3 ص 474؛ «أعيان الشيعة» ج ص 91.
[255] ابن المعتز.
سبقت الإشارة إلى ترجمته.← التعليقة 200 .
[256] صفي الدين الحليّ.
مضت الإشارة إلى ترجمته.← التعليقة 96 .
[257] غيرهما.
كابن جابر الأندلسيّ و عزالدين الموصليّ و ابن حجّة الحموي و جلال الدين السيوطيّ و السيّد صدر الدين المدنيّ. وهؤلاء الكبار لهم آثارٌ في علم البديع مع كونهم في عداد الشعراء، ولكلِّ منهم بديعيّةٌ لطيفة و لتفصيل ذلك راجع: تقديمنا على «الراح القراح» ص 53.
[258] الأرجانيّ
مضت الإشارة إلى ترجمته.← التعليقة 202 .
ص: 272
[259] المجزوة المخبونة الحذّاء.
لتوضيح هذه الاصطلاحات وكيفية تركيبها راجع «الموجز الكافي» ص 177. ولابن عبدربه الأندلسي منظومة تفيد في المقام؛ راجع: «العقد الفريد» ج 5 ص 281. و انظر أيضاً: «العروض العربي البسيط» ص 23.
[ 260] شواء ونشوة... .
البيت لسلمى بن ربيعة بن زبَّان راجع ديوان الحماسة ص 208 القطعة 412. وقال المرزوقي في شرح القطعة: «هذه المقطوعة خارجة عن البحور التي وضعها الخليل بن احمد، و أقرب ما يقال فيها أنّها تجيء على السادس من البسيط».
[261] القبض.
القبض هو حذف الحرف الخامس الساكن فيصير فعُولن ← فعولُ، و مفاعیلن ← مفاعلن راجع: «الموجز الكافي» ص 170.
[262] الكفّ.
الكفّ من الزحافات المفردة، و هو حذف السابع الساكن فيصير فاعلاتن فاعلات، و مفاعیلن ← مفاعیل، و مستفعلن ← مستفعل. و الثاني يجري في البحر الطويل فقط، أمّا الأول و الثالث فلا يجريان في هذا البحر. راجع: «الموجز الكافي» ص 170.
[263] قبض الجزء السباعي.
القبض مع العضب و العقل تعدّ من زحافات الحرف الخامس، و هو حذفه لوكان ساكنًا. و الظاهر انّ المصنّف أراد به هيهنا حذف الحرف السابع و هو المسمّى في اصطلاح العروضيّين بالكفّ. و انظر: «الموجز الكافي» ص 170.
[264] زهير.
ص: 273
مضت الإشارة إلى ترجمته ← التعليقة 55 .
[265] أتعذر سلمى.
لم أعثر عليه، و لم يوجد في «ديوان» زهير بن أبي سلمى. و البيت - ولاسيّما المصراع الثاني - مشوّش جدًّا، و لم أتمكّن من تصحيحه.
[266] إضمار الكامل.
الإضمار هو تسكين الحرف الثاني المتحرّك، فيصير مُتفاعلن ← مُتفاعلن. و هذا الزحاف من الزحافات المفردة، ولا يجري إلّا في البحر الكامل. راجع: «الموجز الكافي» ص 169 .
[ 267] قبض الطويل.
لتوضيح هذا الزحاف. ← التعليقة 261.
[268] أتطلب من... .
لم أعثر على قائله.
[ 269] خبن السباعي البسيط.
لتوضيح هذا الاصطلاح راجع: «الموجز الكافي» ص 169.
[270] أول المنسرح .
لتوضيح هذا البحر و عروضه و ضربيه راجع «الموجز الكافي» ص 239.
[271] المسمّى بأداء المفروض.
مضت الإشارة إلى هذا الكتاب في هذه التعليقات ← التعليقة 26 .
ص: 274
[ 272] زحاف المزدوج.
لتوضيح هذا الاصطلاح راجع: «الموجز الكافي» ص 181.
[273] الفائق.
إشارة إلى كتاب الفائق في غريب الحديث الجار الله الزمخشري. و لقد صادف هذا الاسم المسمّى، فهو خير ما يوجد في بابه بين مؤلّفات العامة، و هو من وثائق القرن السادس للهجرة. و له طبعةٌ هنديّةٌ، ثمّ قام الأستاذ على محمّد البجاوي و الأستاذ محمّد أبوالفضل إبراهيم بتحقيقه و تصحيحه و طبع في أربعة مجلدات بمصر، ثم أعاد طبعه بالأوفست بعض الدور في بيروت و غيرها مرّات عديدة.
[274] الأساس.
إشارة إلى كتاب «أساس البلاغة» لجار الله الزمخشري. و هذا الكتاب الذي يكون من وثائق القرن السادس يعدّ من خير الدواوين اللغويّة، إذ فصّل الزمخشري فيه بين المعاني الحقيقيّة و المعاني المجازيّة لكلّ مادّةٍ من المواد و له خصائص أخرى ذكره في تقدمته عليه. و أودع فيه كنزًا من أشعار العرب و الكتاب طبع ببيروت و لم يذكر فيه اسم محققه.
[275] المحيط.
إشارة إلى كتاب «المحيط» - ويقال: «المحيط في اللغة - للصاحب إسماعيل بن عبّاد. و هذا الكتاب الكبير من وثائق القرن الرابع للهجرة، و نهج فيه الصاحب منهج الخليل في «العين» و «الأزهريّ في «التهذيب» حيث اتبع الخليل في ترتيب الحروف بحسب المخارج و اتبع الأزهريّ في تقسيم الأبواب. و هذا الكتاب يخالف مصادر المتقدمين اللغوية في إغفال الشواهد و المراجع و اهمال ذكر أسماء من نقل عنهم الغريب والنوادر و الظاهر أنّه لم يطبع بتمامه بعد. و انظر: «مقدّمة الصحاح الأحمد عبدالغفور عطّار ص 87 .
[276] الغريب.
إشارةٌ إلى «كتاب الغريبين» لأبي عبيد الهرويّ المؤدّب. ذكر فيه ما يرجع إلى غريب
ص: 275
القرآن الكريم وغريب الحديث النبوي الشريف مع فوائد لغويّة أخرى. ويقال ان الكتاب اقتبسه من «تهذيب» الأزهري، لأنه قرأ «التهذيب» على مصنفه. و لم أعثر على المطبوع من الغريبين، و لاأدري هل هو مطبوع أم لا يزال مخطوطا؟. و منه نسخة قديمة في مكتبة جامعة طهران.
[277] أبي تمام.
مضت الإشارة إلى ترجمته ← التعليقة 170 .
[278] أهيس أليس.... .
من قصيدة له في البحر البسيط، وعدد أبياتها 26 ، و هو البيت 16 منها. راجع: «ديوان» أبي تمام ص 172.
[279] مسكين الدارمي.
هو ربيعة بن عامر بن أنيف بن شريح الدارمي التميمي، شاعر عراقي شجاع من أشراف تميم. قال ياقوت: «وكان مسكين شاعرًا مجيدًا سيّدًا شريفًا». لقب مسكينًا لأبيات له. له أخبار مع معاوية و بينه و بين الفرزدق مهاجاة. جمع ما وجد من شعره و طبع ببغداد. مات سنة 89 ه- ق . و لم يعلم تاريخ ولادته. و لم يذكره ابن خلكان و لا العماد الحنبليّ.
: «الأعلام» : 3ج ص 16 القائمة3 ؛ «خزانة الأدب» ج 1 ص 467: «معجم الأدباء» - لياقوت - ج 4 ص 204؛ «معجم الأدباء» - لياقوت - ج 11 ص 126 الرقم 32؛ «معجم الأدباء» - لكامل سلمان - ج 2 ص 239 القائمة1.
[ 280] عنتزة العبسيّ.
مضت الإشارة إلى ترجمته.← التعليقة 175 .
[281] الصحاح.
إشارةٌ إلى كتاب «صحاح اللغة و تاج العربيّة». واختلف في ضبط «الصحاح» هل هو
ص: 276
بكسر الصاد أو بالفتح، وكلاهما صحيحان. و هو من خير ما ألف في اللغة العربية، ولم يعلم تاريخ تأليفه. نعم رأى ياقوت نسخةً منه بخط يد المؤلّف وكان تاريخ كتابتها سنة ست و تسعين و ثلاثمأة و منه نسخة كتبه ابن أبي البقاء، وهي إلى الآن باقية. و الكتاب صححه الأستاذ أحمد عبدالغفور عطّار تصحيحًا حسنًا لائقًا بالكتاب، وطبع في 6 مجلّدات. وأضف إلى حسن التصحيح حسن الطبع و التجليد و انظر: مقدّمة الصحاح» لأحمد عبدالغفور عطّار صص 111، 149.
[282] التهذيب.
إشارةٌ إلى كتاب «تهذيب اللغة» لأبي منصور محمّد بن أحمد الأزهري. و هذا الكتاب ألفه بعد بلوغه إلى السبعين من عمره و هو من وثائق القرن الرابع للهجرة، وتعد مقدّمته من أهمّ الوثائق في تاريخ التأليف اللغوي و تاريخ المدارس اللغوية الأولى. والكتاب حققه و قدّم له عبد السلام محمد هارون و راجعه محمّد علي النجار ؛ وطبع في 15 مجلّدات. و بما ان للكتاب منهج خاص لا يسهل معه العثور على المواد اللغويّة قام أخيرًا بعض المطابع اللبنانيّة بطبعه مرتبا ترتيبًا أبتثيًا فلله درّها وعليه أجرها.
[283] الشاه ناصرالدین.
هو ناصر الدين بن السلطان محمد القاجاري، رابع سلاطين القاجارية. ولد في سنة 1247 ه- ق . واستقر على عرش السلطنة سنة 1264 بعد أن مات أبوه واستدام السلطنة إلى ما يقرب من خمسين سنة حتى اقتاله أحد المعترضين في سنة 1313 ه-ق. وكان آنذاك ابن سيّ وستين سنة. له أخبار كثيرة مبثوثة في كثير من مصادر التاريخ والتراجم.
راجع «فرهنگ معين» ج 6 ص 2093 القائمة 2. ولا يهمّنا أكثر من ذلك.
[284] الشيخ السعديّ.
هو ملك الكلام و أفصح المتكلمين أبو محمّد مصلح الدين بن عبدالله الشيرازي المتخلّص بالسعدي، أكبر شعراء الفرس و لا أغالي لو قلت انه يعد من أفصح فصحاء العالم. ولد سنة 606 ه- .ق. بشيراز و توفّى بها سنة 690 ه-.ق. رحل إلى بغداد و إلى كثير من
ص: 277
بلدان المسلمين، ثمّ عاد إلى شيراز في سنة 655 ه-.ق. و تقرّب من الأتابك سعد بن أبي بكر بن سعد. كان يعظ الناس في رباط الشيخ الكبير أبي عبدالله الخفيف الشيرازي. له «گلستان» و لا يدانيه كتاب من نظائره في جزالة اللفظ و علوّ المعنى، و «بوستان»، و
«الطيبات»، و «الخواتيم» و غيرها. جمعت آثاره في «كلّيّاته» و طبع مرات كثيرة.
راجع: «تاریخ ادبیات ایران» - للدكتور صفا - ج 3 ص 584؛ «تاریخ نظم و نثر در ايران» ص 167؛ «ريحانة الأدب» ج 3 ص 33؛ «شدّ الإزار» ص 461؛ «منشأ الإنشاء» ص 134؛ «نزهة المجالس» ص 627 .
[285] ذلك العصر.
لم أعثر على مصدرٍ لهذه الواقعة. و الظاهر من قول المصنّف - رحمه الله - : «بلغنا» انّ الحكاية بلغت إليه مشافهةً لاقراءةً في المصادر .
[286] صاحب طبقات الأطباء.
هو موفّق الدين أبو العباس أحمد بن القاسم الخزرجي المعروف بابن أبي أصيبعة، الطبيب المورّخ، صاحب «عيون الأنباء في طبقات الأطباء». كان مقامه في دمشق و فيها صنّف كتابه هذا سنة 643 ه-.ق. وكان مولده بها سنة 596 ه- .ق. له «التجاريب و الفوائد، و معالم الأمم». و من الغريب ما وقع في تقدمة سميح عاطف الزين على الطبقات - ط دارالفكر سنة 1376 - من ان ابن أبي أصيبعة لم يضع كتابًا آخر غير هذا الكتاب!.
راجع: «الأعلام» ج 1 ص 197 القائمة ؛ «النجوم الزاهرة» ج 7 ص 229؛ «البداية و النهاية» ج 13 ص 257.
[287] طبقات الأطباء.
«عيون الأنباء في طبقات الأطبّاء» كتاب مبسوط في تاريخ الأطباء وما يرجع إليهم من النوادر والفرائد ألفه ابن أبي أصيبعة في القرن السادس للهجرة. ابتدء فيه بترجمة كبار الأطبّاء من أوّل ما عرف فنّ الطبّ من الإغريق و الرومان والهنود من أقدم الأزمنة، ثمّ تكلّم عن الأطباء من العرب والعجم و المغرب ومصر والشام، كل قطر على حدّه. و تزيد
ص: 278
التراجم على أربعمأة ترجمة. والكتاب قام بطبعه المستشرق الألماني مولر في عام 1884م. ثم قامت المطابع المصريّة في عام 1299 ه- ق . بطبعه من نفس الطبعة، ثم طبعته بالأوفست دار الفكر في بيروت سنة 1376 ه-.ق. و له غيرها من الطبعات. و انظر: «مقدمة» الشيخ سميح عاطف الزيّن على طبعة دار الفكر.
[ 288] حيص بيص.
هو سعد بن محمد بن سعد بن الصيفي التميمي، شاعر مشهور من أهل بغداد. كان يلقب بأبي الفوارس. كان يلبس زي أمراء البادية و يتقلد سيفًا، و لا ينطق بغير العربية الفصحى. توفّي ببغداد عن 82 عاما سنة 574 ه- ق . له «ديوان» شعر. قال ابن خلكان: «كان من أخبر الناس بأشعار العرب و اختلاف لغاتهم».
راجع: «الأعلام» ج 3 ص 87 القائمة ؛ «وفيات الأعيان» ج 2 ص 362 الرقم 258؛ «المنتظم»، ج 10 ص 288؛ «معجم الأدباء» ج 11 ص 199؛ «شذرات الذهب» ج 4 ص 430؛ «سير أعلام النبلاء» ج 21 ص 61 .
[ 289] أمين الدولة ابن التلميذ.
هو أبو الحسن هبة الله بن صاعد أمين الدولة موفّق الملك المعروف بابن التلميذ، حكيم عالم بالطب و الأدب. له شعر و ترسل جيد. مولده ببغداد سنة 465 ه-ق. و وفاته بها سنة 560 ه-.ق. عمّر طويلا و انتهت إليه رئاسة الأطباء في العراق. و كان عارفًا بالفارسية و اليونانية و السريانية. له «حاشية» على «القانون» لابن سينا، و «شرح مسائل حنين» و غيرهما.
راجع: «الأعلام» ج 8 ص 72 القائمة 2؛ «معجم الأدباء» - لياقوت - ج 7 ص 243؛ «وفيات الأعيان» ج 6 ص 69 الرقم 779؛ «طبقات الأطباء» ج 1 ص 259.
[290] أوّل ... شيار.
«يراد بها أيام الأسبوع. وقد جمعها الشاعر في قوله:
علمتُ بأن أموت و إنّ موتي ***بأوهد أو بأهون أو جبار
ص: 279
أو التالي ديار و إن يفتني *** فمؤنس أو عروبة أو شيار»
هذه التعليقة أخذناها من حواشي «معجم الأدباء»؛ راجع: «معجم الأدباء» - لياقوت - ج11 ص 204 الهامش 8 .
[291] الناقع لغلّتي.
راجع: «عيون الأنباء في طبقات الأطباء» ج 2 ص 304. و القطعة أوردها ياقوت أيضاً، فانظر: «معجم الأدباء» ج 11 ص 203 و ما في المخطوطة مشوّه جدا، فصححت المتن من على المصدرين. وفي هذه القطعة - لكثرة الأغلاط الواقعة في المخطوطة - أعرضت عن ذكر موارد الخلاف بين ما فيها وما فيهما.
[ 292] مستعمليه كبحتريّ.
لم أعثر على هذه اللفظة في «ديوان» البحتري. نعم استعمل لفظ «شزر» مرّتين و لا استكراه فيه؛ قال:
إذا انصرفَت يومًا بعِطفَيه لفّةٌ *** أو اعترضت من لحظه نظرةٌ شزَر
و قال:
يردُّ الشكوكَ المشكلاتِ إذا التوَت *** عليه إلى شزرٍ من الرأي مُحصَدِ
[293] البحتريّ.
مضت الإشارة إلى ترجمته.← التعليقة 27 .
[294] و غيره.
لم أعثر على هذه اللفظة في ديوان غير امرىء القيس. نعم! توجد لفظة شزر في أشعارهم، و قلنا في التعليقة 292 أن لا استكراه فيها. و من أمثلته قول ابن زيدون:
و أرغمَ في برّي أنوف عصابَةٍ *** لقاؤُهُم جهم و لحظُهم شزر
و قول المتنبيّ:
و الطعن شزر و الارض واجفةٌ *** كانّما في فؤادها وَهلُ
ص: 280
[295] امرىء القيس.
مضت الإشارة إلى ترجمته ← التعليقة 50 .
[296] غدائرها مستشزراتٌ... .
و هو البيت 36 من معلّقته. راجع: «دیوان» امریءالقیس ص 44؛ «جمهرة أشعار العرب» ص 99.
[ 297] التنافر في الكلمة.
فانظر مثلًا: «المطوّل» ص 140؛ «الموجز الكافي» ص 14. و هما يمثلان نموذجين من آثار المتقدمين و المعاصرين، وكم بينهما من الرسائل التي ذكر فيها هذا البيت كشاهد للتنافر في الكلمة.
[298] أنا انت الضاربي... .
قال البغدادي في الشاهد الثاني والثلاثون بعد الأربعمأة: «القاتلي أنت أنا. و هذا بعض بيتٍ وضعه بعض النحاة للتعليم - كما في «سفر السعادة» - ، و هو:
كيفَ يخفى عنك ما حلّ بنا *** أنا أنت القاتلي أنت أنا
و روي أيضاً:
أنا أنت الضاربي أنت أنا»
راجع «خزانة الأدب» - الطبعة القديمة - ج 3 ص 528.
[299] أبيات المعاياة.
و لعليّ بن حمزة الكسائي «كتاب أشعار المعاياة وطرائقها»؛ راجع: «معجم الأدباء» - لياقوت - ج 13 ص 203 و عقد النويري الباب الخامس من قسم الأدب من «نهايته» في الألغاز والأحاجي، وذكر في صدر الباب ان للغز أسماء منها المعاياة.
ص: 281
[300] رجلٌ بمكّة قتل... .
لم أعثر على قائله و المصراع الثاني مشوّش و وزنه غير مستقيم و لم أتمكّن من تصحيحه .
[301] مهامها و خروقًا... .
البيت لأسود بن يعفر النهشلي من قطعة له في البحر البسيط، وعدد أبياتها 11، و هو البيت الأخير منها. راجع: «ديوانه» ص 59. و المفضّل ذكر القطعة بتمامها في «مفضّليّاته»؛ راجع: «المفضّليّات» ج 2 ص 411 القطعة 125. و البغدادي ذكر البيت في الشاهد الحادي و الثلاثون بعد المأتين؛ راجع: «خزانة الأدب» - الطبعة المحققة - ج 3 ص 382.
[302] ابن مقبل.
هو أبو كعب تميم بن أبي بن مقبل، من بني العجلان. شاعر جاهلي أدرك الإسلام وأسلم، فعد من المخضرمين. وقال ابن سلّام الجمهي في وصفه: «شاعرٌ خِنذيدٌ مغلب عليه النجاشي و لم يكن إليه في الشعر، و قد قهره في الهجاء». عاش نيفا و مأة سنة ومات بعد سنة 37 ه- ق. إذ ورد في «ديوانه» ذكر وقعة صفّين الواقعة في هذه السنة. له «ديوان» مطبوع.
راجع: «الأعلام» ج 1 ص 87 القائمة 2؛ «خزانة الأدب» ج 1 ص 113؛ «طبقات الشعراء» - للجمهي - ص 34: «معجم الشعراء» ج 1 ص 371 القائمة 2.
[303] يا دار كبشة... .
من قطعةٍ له في البحر الكامل، وعدد أبياتها 19، و هو الأوّل منها. و لم أعثر على «ديوانه». وأورد الزمخشري البيت في توضيح لفظة «ذو خشب» من كتابه «الأمكنة و المياه و الجبال، و روايته «أديار كبشة...».
[304] عروة بن الورد.
هو عروة بن الورد بن زيد العبسي، من شعراء الجاهليّة و فرسانها و أجوادها. له «دیوان» شعرٍ شرحه ابن السكيت - رضي الله عنه وأرضاه - . مات نحو سنة 30 قبل
ص: 282
الهجرة ولم يعلم تاريخ ولادته.
راجع: «الأعلام» ج 4 ص 227 القائمة 1؛ «معجم الشعراء» ج 4 ص 380 القائمة 1؛ «رغبة الآمل من كتاب الكامل» ج 2 ص 104.
[305] عفّت بعدنا من... .
من قصيدة له في البحر الطويل، وعدد أبياتها 13 و هما الأوّلان منها. ورواية «الديوان»: «و في الرحل ... و لم أعثر عليه. وقال الزمخشري في توضيح لفظة غضور من کتابه الأمكنة والمياه و الجبال»: «غضوَرٌ: ماء لطيّء».
[306] أبو دهبل .
هو أبودهبل وهب بن زمعة بن أسد الجمحي. لم يعلم تاريخ ولادته. و هو أحد الشعراء العشاقين المعروفين قرشي من أهل مكة له أخبار كثيرة مع عاتكة بنت معاوية بن أبي سفيان و مدائح في أبيها. في شعره رقةٌ وجزالة. ولاه عبدالله به الزبير بعض أعمال اليمن، و توفّي بعلَيْب - و هو موضع بتهامة - سنة 63 ه- ق . له «ديوان» شعرٍ من رواية الزبير بن بکّار .
راجع: «الأعلام» ج 8 ص 125 القائمة 1؛ «الأمالي» - للشريف المرتضى - ج 1 ص79؛ «معجم الشعراء» ج 6 ص 114 القائمة 1.
[307] حنّي فما عليك... .
لم أعثر عليها منسوبًا إلى أبي دهبل الجمحي، ولا إلى غيره أيضاً. و القطعة مشوّشة جدّاً، و لم أتمكّن من تصحيحها.
[308] أسمائها عذبةٌ مشهورةٌ.
كما حكى ياقوت عن حبابة جارية يزيد بن عبدالملك - وكانت من أحسن الناس وجها - أنّها غنّت:
لعمرك إنَّني لأحبُّ سَلْعا *** لرؤيته و من أكناف سَلْعِ
ص: 283
تقرُّ بقربه عيني و إنّي *** لأخشى أن يكون يريد فجعي
راجع «معجم البلدان» ج 3 ص 237 القائمة 1.
[309] حاجر.
راجع: «معجم البلدان» ج 2 ص 204 القائمة 1؛ «تاج العروس» ج 6 ص 246 القائمة 1؛ وليس فيها شيء يذكر. وكان زهير بن أبي سلمى صاحب المعلقة المشهورة يقيم في الحاجر.
[310] سَلْع.
قال ياقوت: «و سَلْع جبل بسوق المدينة، قال الأزهري: سلع موضع بقرب المدينة»؛ راجع «معجم البلدان» ج 3 ص 236 القائمة 2.
[311]كما في قول.
و له قطعةٌ فى هذا الباب صدرها :
يا منزلَ الحيّ بسقط اللوى ***لا دَلَّ من دلَّ عليكَ النوى
و هي الغاية في الباب. و هي في البحر السريع و عدد أبياتها 20. و لم أعثر على «دیوانه».
[312] ابن نباتة.
مضت الإشارة إلى ترجمته ← التعليقة 73 .
[313] بالغور.
المراد من الغور هنا: المنخفض من الأرض بقرينة قوله - رحمه الله - : «تارةً بالغور و ، تارةً في نجد». و هناك بلاد تسمّى بالغور، فانظر: معجم البلدان» ج 4 ص 216 القائمة 2؛ «تاج العروس» ج 7 ص 329 القائمة 1.
ص: 284
[314] نجد.
مضى بعض الكلام حول النجد. ← التعليقة 239 .
[315] يعيَّن المكان تارةً.
كقول الأخطل :
سَقَى لعلعَّا و القريتين فلم يكَد *** بأثقالِه عن لعلعٍ يتحمل
راجع: «تاج العروس» ج 11 ص 435 القائمة 1.
[316] لَعْلَع.
لعلع منزل بين البصرة و الكوفة، أو ماء في البادية، و حكى أبونصر أنه ورده. قال المسيّب بن عَلَس:
قطعوا المزاهر و استتبَّ بهم *** يومَ الرحيل للعلعٍ طُرُقُ
راجع: «معجم البلدان» ج 5 ص 18 القائمة 2.
[317] بين الشقيقة... .
من قصيدة للبحتريّ في البحر الكامل، وعدد أبياتها ،46، و هو الأوّل منها. وتمامه:
بين الشقيقة فاللوى فالأجرع *** دمَنُ حُبسنَ على الرياحِ الأَربع
راجع «ديوان» البحتريّ ج 2 ص 1286 .
[318] فإن عفا ذوحسًا.... .
إشارةٌ إلى قول النابغة الذبيانيّ:
عفا ذوحُسًا من فَرتَنا فالفوارعُ *** فجنبا أريك فالتلاع الدَّوافعُ
من قصيدة له في البحر الطويل، وعدد أبياتها 33، و هو الأوّل منها. و لم أعثر علي «دیوانه» و انظر: «الأغاني» ج 11 ص 43؛ «العمدة» ج 2 ص 858.
[319] نابغة بني ذبيان.
ص: 285
هو أبو أمامة زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطفاني المضري، المشهور بالنابغة الذبياني. شاعر جاهلي من الطبقة الأولى من أهل الحجاز كانت تضرب له قبةٌ من جلد أحمر بسوق عكاظ فتقصده الشعراء فتعرض عليه أشعارها. وكان الأعشى و حسّان و الخنساء ممن يعرض شعره عليه. وكان أبو عمرو بن العلاء يفضّله على سائر الشعراء. شعره كثير جُمع بعضه في «ديوان» صغير. وكان أحسن شعراء العرب ديباجةً لا تكلّف في شعره و لاحشو و عاش عمرًا طويلًا حتى مات نحو سنة 18 قبل الهجرة، ولم يعلم تاريخ ولادته و عقد أبوزيد القرشي فصلا ذكر فيه «خبر الذين قدموا النابغة الذبيانيّ».
راجع: «الأعلام» ج 3 ص 54 القائمة 3؛ «معاهد التنصيص» ج 1 ص 333؛ «نهاية الارب» ج 3 ص 59 ؛«خزانة الأدب» ج 1 ص 287؛ «جمهرة أشعار العرب» ص 59؛ «معجم الشعراء» ج 2 ص 286 القائمة1.
[ 320] نابغة بنى جعد.
هو أبوليلى قيس بن عبدالله الجعدي العامري. شاعرُ مفلٌق صحابيٌّ من المعمّرين. اشتهر في الجاهليّة و سمّي النابغة لأنه أقام ثلاثين سنة لا يقول الشعر، ثم نبغ فقاله. وكان ممن هجر الأوثان و نهى عن الخمر قبل ظهور الإسلام، ووفد على النبي - صلى الله عليه و آله و سلّم - فأسلم، وأدرك صفّين فشهدها مع علي - عليه السلام، فرضوان الله عليه - . مات في أصبهان نحو سنة 50 ه- ق . و قد كف بصره. و أخباره كثيرة له .«ديوانٌ».
راجع: «الأعلام» ج 5 ص 207 القائمة 2؛ «الأمالي» - للمرتضى - ج 1 ص 190؛ «طبقات فحول الشعراء» ص 103؛ «الإصابة» ج 3 ص 537؛ « معجم الشعراء» ج 4ص 207 القائمة 1.
[321] عفت بعده من... .
إشارة إلى قوله:
عفت بعدَنا من أمّ حسان غضورُ
و ← التعليقة 305
ص: 286
[ 322] عروة بن الورد.
مضت الإشارة إلى ترجمته. ← التعليقة 304.
[323] الحسن بن هاني.
مضت الإشارة إلى ترجمته. ← التلعيقة 52
[324] أبي الطيب.
مضت الإشارة إلى ترجمته. ← التعليقة 44
[325] بليت بلى...
من قصيدة له في البحر الطويل، وعدد أبياتها 42، و هو البيت 4 منها. راجع: «ديوان» المتنبيّ ص 256 . و في النسخة ... «الترب جاعة».
[326] و لمّا رأيت... .
لم أعثر عليه و للملك الأمجد - المتوفى سنة 628 ه-.ق. - :
وجِسمي و رسمُ الدارِ لمّا تشابَها *** عفاء سألتُ الرَّكبَ أَيَّهما جسم
و للمصنف :
و قالُوا الشَّيخُ جاء على حمارٍ *** و ملءُ ثيابه خزي و عارُ
و حينَ تشابها شكلًا و عقلاً *** سألتُ القومَ أيَّهما الحمارُ !
راجع: «ديوان» أبي المجد ص 84
[327] فمن واقف... .
البيت لأبي سعيد محمّد بن محمد بن الحسن الرستميّ، من قصيدة له في البحر الطويل. راجع: «يتيمة الدهر» ج 3 ص 307؛ و روايته: «و من سائل في خدّه الدمع...».
[328] ابن النبيه... .
ص: 287
هو أبو الحسن كمال الدين عليّ بن محمّد بن الحسن ابن النبيه، شاعر كبير و منشىء. من مصر، رحل إلى نصيبين فسكنها و توفّى بها. له ديوان شعر صغير انتقاه من مجموع شعره. قال ابن العماد: «له ديوان شعرٍ مشهور كلّه ملح». مات سنة 619 ه- .ق. و لم يعلم تاريخ ولادته.
راجع «الأعلام» ج 4 ص 331 القائمة 2؛ «فوات الوفيات» ج 3 ص 66؛ «شذرات الذهب» ج 5 ص 176؛ «سير أعلام النبلاء» ج 22 ص 178؛ «النجوم الزاهرة» ج 6 ص 243 .
[329] يا نار أشواقي... .
من قصيدة له في البحر السريع، وعدد أبياتها ،27، و هو الأوّل منها. و لم أعثر على «دیوانه».
و الجرمانوس فرحات - المتوفى سنة 1145 ه- ق . - :
لسانُها عن قلبها منشدٌ *** يا نارَ أشواقيَ لا تخمِدي
[330] السروجي.
الشيخ تقي الدين عبد الله بن علي بن منجد السّروجي، شاعرٌ فيه فضلٌ و أدبٌ. ولد في سروج سنة 627 ه-ق. و توفّى بالقاهرة سنة 693. و لم تبق أخبار كثيرة عنه.
راجع: «الأعلام» ج 4 ص 106 القائمة 1؛ «فوات الوفيات» ج 2 ص 196 الرقم 225؛ «معجم الشعراء» ج 3 ص 275 القائمة 2.
[ 331] يا حسن طيف... .
البيتان من قطعته الشهيرة التي قال في مطلعها:
أنعم بوصلك لي فهذا وقته *** يكفي من الهجران ما قد ذقتُه
أنفقتُ عمري في هواك و ليتني *** أعطى وصال بالَّذي أنفقتُه
راجع: «تزيين الأسواق ج 2 ص 153؛ و روايته «من فرحتي بلقاك ...». و انظر أيضاً: «ديوان الصبابة»، الباب العاشر في الاحتيال على طيف الخيال. «فوات الوفيات» ج
ص: 288
2 ص 197 .
و لعبد اللطيف الصيرفي - المتوفّى 1322 ه-.ق. - تخميس القطعة لطيفٌ جدًّا.
[332] البحتريّ.
مضت الإشارة إلى ترجمته.← التعليقة 27 .
[333] خيال يعتريني....
مضى بعض الكلام حول هذا البيت ← التعليقة 183 .
[334] ولا وصل إلّا...
من قصيدة له في البحر الطويل، وعدد أبياتها 47، و هو البيت 4 منها، ورواية «الديوان»: «فلاوصل إلا أن يُطيف خَيالُها». راجع: «ديوان» البحتري ج 2 ص 1237.
[335] إذا انتزعته...
من قصيدةٍ له في البحر الطويل، وعدد أبياتها 37، و هما البيتان 5، 6 منها، ورواية «الديوان»: «عددت حبيبًا». راجع: «دیوان» البحتري ج 2 ص 670.
[336] الراعيّ.
هو أبو جندل عبيد بن حصين بن معاوية النميري المشهور بالراعي. شاعر من فحول المحدثين. كان من جلّة قومه. قال ابن سلام: «كان من رجال العرب و وجوه قومه وكان مع ذلك بذيًّا هجاء لعشيرته». و لقب بالراعي لكثرة وصفه الإبل. عاصر جريرا و الفرزدق و كان يفضّل الفرزدق، فهجاه جرير هجاءا مرا. و ذكره القرشي في أصحاب الملحمات.
راجع: «الأعلام » ج 4 ص 188 القائمة3 ؛ «خزانة الأدب» - الطبعة المحققة -ج 1 ص 504 رغبة الآمل ج 1 ص 146؛ «طبقات الشعراء» - لابن سلّام الجمهي - ص 117؛ «معجم الشعراء» ج 3 ص 357 القائمة 2 «جمهرة أشعار العرب» ص 331.
ص: 289
[ 337] طاف الخيال... .
من قطعة له في البحر البسيط، وعدد أبياتها 12، و هو الأوّل منها. و ما أثبتناه في المتن هي رواية «الديوان»؛ و في النسخة بدل المصراع الثاني: «أ تلك ليلي أنت ليلا أم الغول»، و هو مشوّش جدا، و لم أعثر على «ديوانه».
[338] جرير.
هو أبوحزرة جرير بن عطية بن حذيفة اليربوعي التميمي، أشعر أهل عصره. وقال ابن خلكان: «كان من فحول شعراء الإسلام». ولد سنة 28 ه-ق. في اليمامة و مات بها سنة 110 ه-.ق. كان هجّاءًا مرا حتى لم يثبت أمامه غير الفرزدق والأخطل. له «ديوان».
راجع «الأعلام» ج 2 ص 119 القائمة 1؛ «خزانة الأدب» ج 1 ص 36؛ «وفيات الأعيان» ج 1 ص 321 الرقم 130؛ «معجم الشعراء» ج 1 ص 399 القائمة 1.
[339] في بيته المعروف.
إشارةٌ إلى قوله:
طرقتك صائدةُ القلوبِ وليس ذا *** وقتَ الزيارةِ فارجِعي بسلامِ
و لم أعثر على «دیوانه».
[ 340] ابن العفيف.
هو شمس الدين محمّد بن سلمان بن علي المعروف بالشاب الظريف، و يقال له: ابن العفيف. شاعرُ مترقق مقبول الشعر، و هو ابن عفيف الدين التلمساني العارف الكبير. ولد بالقاهرة سنة 661 ه-.ق. و توفّى بها سنة 688 ه-.ق. له «دیوان» شعر، و «مقامات العشّاق».
راجع «الأعلام» ج 4 ص 150 القائمة 1؛ «الوافي بالوفيات» ج 3 ص 129؛ «معجم الشعراء» ج 5 ص 42 القائمة 2 «النجوم الزاهرة» ج 7 ص 381.
و هناك عليّ بن محمّد بن العفيف الشاعر أيضاً، المتوفّى سنة 813 ه- ق . و لكن لفظة «ابن العفيف» باطلاقها تنصرف إلى الشابّ الظريف.
ص: 290
[341] يا حبذا طيفك... .
من قطعةٍ له في البحر السريع، وعدد أبياتها ،4، و هما الأوّلان منها ورواية «الديوان»: «طيفٌ تجلّى نوره.....». راجع: «دیوان» ابن العفيف الشاب الظريف ص 262.
[342] هما إبلان... .
من قطعة له في البحر الطويل، وعدد أبياتها 13، و هما الأولان منها. و له «ديوان» شعرٍ صغير كانت منه نسخة عند البغدادي صاحب «الخزانة». و لم أعثر عليه. و عند الزمخشري: «لنا إيلان...». انظر: «المفصل» ص 186.
343] لا تفسدوا بالكم... .
لم أعثر على قائله. وأورده البغدادي من دون اسناده إلى أحد. راجع: «خزانة الأدب» - الطبعة المحققة - ج 11 ص 86.
[344] يا ليت أني... .
لم أعثر على قائله.
[345] و يكاد يقرأ... .
البيت ذكره المحبّي في «خلاصة الأثر» في ترجمة عبدالباقي بن أحمد بن محمّد المعروف
بابن السمان الدمشقیّ، و نسبه إليه. و هو من أعلام القرن الثاني عشر. و روايته:
و تكاد تقرأ من صفاء خدوده *** ما مرَّ خلفَ الخَدِّ من أَلفاظهِ
و المراديّ أيضاً ذكر البيت في ترجمة ابن حمزة الحنفي ناسبًا إيّاه إلى ابن السمان الدمشقيّ.
[346] المخضرمين.
هذه اللفظة تطلق على كلّ من أدرك الجاهلية والإسلام، لأنّه أدرك الخضر متين، فاللفظة حدثت بعد الإسلام. و منهم حسّان بن ثابت و كعب بن زهير. وقد تطلق على من
ص: 291
عاش في آخر عهد بني أمية وصدر الدولة العبّاسيّة، مثل بشار بن برد.
راجع: «معجم مصطلحات النقد العربي القديم» ص 362 القائمة 2. و انظر أيضاً: «طبقات فحول الشعراء» ج 1 ص 24؛ « نهاية الارب» ج 3 ص 70؛ «صبح الأعشى» ج 1 ص 292.
[347] عن القرن الثالث.
و حدسه صائب، إذ ذكرنا في التعليقة 345 انّ قائل البيت من شعراء القرن الثاني عشر. و يلاحظ ان المصنّف قد راعى فى كلامه جانب الاحتياط، وإلا لكان من اللائق به أن يحكم بكون الشاعر متأخرًا عن القرن الثامن لشياع هذه التعبيرات اللطيفة في أشعار من عاش
في هذا القرن فما بعده.
[348] الشَّيخ.
سنذكر في التعليقة الآتية ان البيت لأبي محمد الخازن ، و ذكر المصنف إيَّاه بهذا العنوان الفخيم لا يخلو عن شيءٍ. و يمكن أن تكون اللفظة في نسخة المؤلّف: «الش» أي: الشاعر فصحفها الكاتب وكتب بدلها «الشَّيخ».
[349] انظر تجد...
البيت لأبي محمّدٍ الخازن. راجع: «معاهد التنصيص» - الطبعة القديمة - ص 620؛ « يتيمة الدهر» ج 3 ص 329 و روایتها: «صور الأشعار واحدة ...».
[ 350] أبا عمرو بن العلاء.
مضت الإشارة إلى ترجمته.← التعليقة 45 .
[351] إنّ خير الشعر.
لم أعثر على مصدرٍ لقوله هذا.
ص: 292
[352] جلالة قدره .
و للبحتريّ في هذا المقام :
علىَّ نَحتُ القوافي من معادِنها *** و ما علىَّ إذا لم تفهَمِ البقرُ!
راجع «دیوان» البحتري ج 2 ص 183.
[353] ابن ربيعة.
هو أبو الخطّاب عمر بن عبدالله بن أبي ربيعة المخزوميّ القرشيّ، أرق شعراء عصره. من طبقة جرير و الفرزدق. و لم يكن في قريش أشعر منه. ولد سنة 23 ه-ق. و توفّي سنة 93 ه- ق. له «دیوان» شعر، قال ابن خلكان: «لم يستقص أحدٌ في بابه أبلغ منه».
راجع «الأعلام» ج 5 ص 52 القائمة 1؛ «خزانة الأدب» ج 1 ص 240؛ «وفيات الأعيان» ج 3 ص 436 الرقم 490؛ «شذرات الذهب» ج 1 ص 188؛ «البداية و النهاية» ج 9 ص 29؛ «النجوم الزاهرة » ج 1 ص 247؛ «سير أعلام النبلاء» ج 4 ص 279 .
[354] من عاشق كلف... .
من قصيدة له في البحر الكامل، وعدد أبياتها 10، و هو الأوّل منها. راجع: «ديوان» عمر بن أبي ربيعة ص 206 القطعة 76.
[355] ابن هاني.
هو أبو القاسم محمّد بن هاني الأندلسي، أشعر المغاربة على الإطلاق، و هو عندهم كالمتنبي عند أهل المشرق. ولد باشبيلية سنة 326 ه-. ق. و رحل إلى إفريقية و الجزائر، ثمّ عاد إليها وكان يريد الذهاب إلى مصر ، فلم يوفّق و قتل سنة 362 ه-.ق.
راجع «الأعلام» ج 7 ص 130 القائمة 1؛ «النجوم الزاهرة» ج 4 ص 67؛ «شذرات الذهب» ج 3 ص 147؛ «سير أعلام النبلاء» ج 16 ص 131؛ وفيات الأعيان» ج ص 421.
[356] الأرَّجانيّ
ص: 293
مضت الإشارة إلى ترجمته.← التعليقة 202.
[357] المتنبيّ.
مضت الإشارة إلى ترجمته ← التعليقة 44.
[358] أزورهم و سواد...
من قصيدة له في البحر البسيط، وعدد أبياتها 46، و هو البيت 7 منها. راجع: «دیوان» المتنبيّ ص 448.
[359] المُخَلَّب الهلاليّ.
لم أعثر على ترجمة له فيما عندي من مصادر تراجم الأعلام، و لم أعثر عليه في «تاجالعروس»، و لا في «الأنساب» و ما يشبهها.
و بعد أن كتبت هذه التعليقة عثرت على عبارة لعبد القادر البغدادي - و هو خبير بهذا الشأن ، فانّه بعد أن نقل هذه القطعة المليحة عنه قال: و هذا الشاعر لم أقف على نسبه و لا على شيءٍ من أثره»؛ راجع: «خزانة الأدب» - الطبعة المحققة - ج 5 ص 262.
[ 360] و هو يحفظها.
قال البغدادي في شأن القصيدة : قال الأسود أبو محمّد الأعرابي (كذا!) في ضالة الأديب: قال أبوالندى: القصيدة للمخلب الهلالي، و ليس في الأرض بدوي إلا و هو يحفظها»؛ راجع: «خزانة الأدب» - الطبعة المحققة - ج 5 ص 260؛ - الطبعة القديمة - ج 2 ص 397. و نظيره في «فرحة الأديب» للأسود الغندجاني أيضاً.
[ 361] وجدت بها... .
راجع: «خزانة الأدب» - الطبعة المحقّقة - ج 5 ص 260؛ - الطبعة القديمة - ج 2 ص 397
ص: 294
[362] أبو محمّد الأعرابيّ.
مضت الإشارة إلى ترجمته.← التعليقة 188 .
[363] ضالّة الأديب.
لم أعثر على مصدرٍ لقوله هذا. نعم ذكر ابن الأعرابي هذه القصيدة في كتابه «ضالة الأديب». ← التعليقة 360.
[364] الأُرَّجانيّ.
مضت الإشارة إلى ترجمته.← التعليقة 202 .
365] جمال و لكن..... .
من قصيدة له في البحر الخفيف، و عدد أبياتها 75 . و هو كما في المتن - البيت الأوّل منها. و لم أعثر على «ديوانه».
[366] يبيت لها... .
مضى في التعليقة السالفة ما يتعلّق بهذا البيت، و هو البيت 5 من تلك القصيدة الرائعة.← التعليقة 365 .
[367] وليس برسم.... .
تلميح إلى قول امرىء القيس في معلقته الشهيرة:
و إنّ شفائي عبرة مهراقةٌ *** فهل عند رسم دارس من معوّل
و هو البيت 6 من منها. راجع: «دیوانه» ص 31؛ «جمهرة أشعار العرب» ص 96 .
[368] جرف هار.
تلميحٌ إلى كريمة 109 التوبة.
ص: 295
[369] ما لها من قرار.
تلميحٌ إلى كريمة 26 إبراهيم.
[370] و لمّا وردنا...
قال ابن أبي حجلة في ديوان الصبابة: «و قلت أنا من قصيدة حجازيّة:
يهددني بالهجر في كلّ ليلة *** أصدق فيها وصله و أكذِّبُ
و لما وردنا ماء مدين قال لى *** و حق شعيب أنتَ فى الحبّ أشعبُ»
راجع: «ديوان الصبابة» الباب الحادي والعشرون« في الوعد و الأماني و ما فيهما من راحة المعاني».
[371] و لم يُرَ قان... .
لم أعثر على قائله و لصلاح الدين الصفديّ:
و مرَّ على غيري سقامٌ وصحةٌ *** و لم يُرَ قانٌ مثل ذا يرقان
کذا روي البيت و كذا المصراع الثاني في النسخة، و هو مشوّش جدًّا.
[372] أفلاطن.
هو أفلاطون من أكابر فلاسفة يونان. ولد سنة 427 ق م. في آئگينا و توفي سنة 347 ق .م. كان من تلامذة سقراط، و له رسائل لعلّ من أهمها كتاب «الجمهورية».
راجع:« بزرگان فلسفه» ص 35 القائمة 2 ؛ «تاریخ فلسفه شرق و غرب» ج 2 ص 43؛ «فلاسفه بزرگ» ج 1 ص 103؛ «سیر حکمت در اروپا» ج 1 ص 24 .
[373] ملتقطاته.
إشارةٌ إلى ما بقي من آثار افلاطون الحكميّة، و هو يشتمل على 42 كتابا و 13 رسالةً منه إلى أصدقائه و أقربائه، و 3 قطعةً منظومةً. ولا يزال الباحثون يبحثون عن صحة انتساب هذه الرسائل و الكتب إليه، ولاشك في عدم صحة انتساب بعضها إليه كما لاشكّ في أنّ بعضًا منها - ك- «رسالة كريتون» و «رسالة الجمهورية»، و «رسالة فايدون» - من آثار
ص: 296
قلمه و جميعها ترجمت إلى الفارسيّة و طُبع.
[374] الشَّيخ.
هو الشيخ الرئيس شرف الملك أبو علي حسين بن عبدالله بن سينا، أكبر فلاسفة المسلمين و أطبّائهم على الإطلاق، بل من الشخصيات البارزة المعدودة التي لامثيل لها في بني نوعها. ولد بأفشنة سنة 370 ه-ق. و مات بهمدان سنة 428 ه-ق. له ما يربوا على 250 أثرًا بين موسوعةٍ كبيرةٍ كالشفاء - و رسالةٍ تبلغ قدر كرّاس. ولا ينقضي الأسف من ضياع كتابه «لسان العرب» الذي دوّنه في 10 مجلّدات. له أخبار كثيرة في كثير من المصادر.
راجعم: «الأعلام» ج 2 ص 241 القائمة3 : «أعيان الشيعة» ج 6 ص 69؛ «روضات الجنّات» ج 3 ص 170؛ «ريحانة الأدب» ج 7 ص 582؛ «النابس» ص 63؛ «وفيات الأعيان» ج 2 ص 157 الرقم 190.
[375] إشاراته.
إشارة إلى كتاب «الإشارات و التنبيهات» للشَّيخ الرئيس. و هو الأخير من تأليفه من خير ما ألف في الحكمة الإلهيّة. رتّب الشَّيخ القسم المنطق منه في عشر نهج، و القسم الطبيعي و الإلهي منه في عشر نمط ؛ وكلّ نهج و نمط ينقسم إلى فصول و إشارات و تنبيهات. و على الكتاب شروح و حواشي كثيرة، منها «شرح» المحقق الطوسي، و «شرح» الفخر الرازي. و الكتاب بمفرده أو مع شروحه و حواشيه طبع عدّة مرّات.
[376] في الكتاب.
إشارةٌ إلى الكتاب الذي كتبه إلى المصنّف وسيبدأ في شرحه في الصفحة التالية.
[377] الأرَّجانيّ.
مضت الإشارة إلى ترجمته التعليقة.← 202
[378] ابتغاء الفتنة.
ص: 297
تلميحٌ إلى كريمة 7 آل عمران.
[379] لولا الهادي.
إشارةٌ إلى اسم صاحب الرسالة ، و هو العلّامة الشَّيخ هادي بن عبّاس آل كاشف الغطاء. و ← التعليقة 20 .
[30] شيرين حظية أبرويز.
هو من عرائس الأبيات في أدب الفرس. و لقسط من شعرائهم منظومات فيها و في محبّيه کفرهاد و برويز. و بعضهم اتسع في الخيال فجعل برويز هذا الملك الساساني خسرو برويز. و لعلّ من خير هذه المنظومات منظومة «خسرو و «شيرين» لأبو محمّد إلياس بن يوسف بن زكي المطرزي المشهور بالنظامي الكنجوي.
[381] أحمد.
مضت الإشارة إلى ترجمته.← التعليقة 44.
[382] حبيب.
مضت الإشارة إلى ترجمته.← التعليقة 170.
[383] يمدون من... .
من قصيدة له في البحر الطويل، وعدد أبياتها 47، و هو البيت 25 منها. راجع: «ديوان» أبي تمام ص 42. و انظر أيضاً: «كتاب الصناعتين» ص 343.
[384] خشنتِ عليه... .
من قصيدة له في البحر الوافر، وعدد أبياتها 37، و هو الأوّل منها. راجع: «ديوان» أبي تمام ص 321 و قال أبو هلال بعد أن ذكر المصرع الأوّل: «و هذا في غاية الهجانة و الشناعة!»؛ راجع: «كتاب الصناعتين» ص 344.
ص: 298
[385] إنّ من عقَّ... .
من قصيدة له في البحر الخفيف، وعدد أبياتها 73 ، و هو البيت 4 منها. راجع: «ديوان» أبي تمام ص 215. و انظر: «کتاب الصناعتين» ص 344.
[386] فاسلم سلمت ... .
لم أعثر عليه في «ديوان» أبي تمّام و له:
سلم على الربع من سلمى بذي سلم *** عليه وسمٌ من الأيَّام و القدمِ
راجع: «ديوان» أبي تمام ص 267. و للعجاج في صدر رجز:
یا دار سلمى يا اسلَمي ثمَّ اسلَمي*** بسَمسَمِ أو عن يَمينِ سَمسم
راجع «ديوان العجاج ص 289 الرجز 24.
[387] أبو الطيب.
مضت الإشارة إلى ترجمته.← التعليقة 44 .
[388] بيت القلقلة.
إشارة إلى قوله:
فقَلقلتُ بالهم الذي قلقلَ الحشَا ***قلاقل عَيدٍ كلَّهنَّ قلاقل
راجع: «ديوان» المتنبي ص 34 و البيت من قطعة أنشدها في صباه.
[389] أبي تمّام.
مضت الإشارة إلى ترجمته.← التعليقة 170 .
[ 390] و تنظري خبب... .
من قصيدة له في البحر الكامل، وعدد أبياتها 13، و هو البيت 6 منها. راجع: «ديوان» أبي تمام ص 246.
ص: 299
[391] أزورهم و سواد... .
مضی ما يتعلّق بهذا البيت.← التعليقة 358 .
[392] بلا تعسّف.
هذا الكلام يشبه قول الحلّي حيث قال في توصيف بديعيّته الرائقة: «و ألزمتُ نفسي في نظمها عدم التكلّف وترك التعسّف و الجري على ما أخذت به نفسي من رقة اللفظ و سهولته وقوّة المعنى وصحته»؛ راجع: «شرح الكافية البديعيّة» ص 55.
[393] یا درّ ثغر... .
لم أعثر على قائله. و لكلِّ من المفتي فتح الله و أمين الجندي و بطرس كرامة تخميس القطعة، فهي إذن من المشهورات في الأفواه.
[394] و السكر في... .
البيت لابن مكنسة - المتوفّى 510 ه-.ق. - ، و هو الأخير من مقطوعةٍ له ذات بيتين في البحر الرجز وصدرها :
لم أرَ قبل شعرِه و وجهه ***ليلًا على ضوء الصباح عَسعَسا
[395] أبو تمّام.
مضت الإشارة إلى ترجمته.← التعليقة 170 .
[396] أبو الطيّب.
مضت الإشارة إلى ترجمته.← التعليقة 44.
[397] بيت البوقات و الطبول.
إشارةٌ إلى قوله:
ص: 300
إذا كانَ بعض الناس سيفا لدولة *** فني الناس بوقات لها و طبول
راجع: «ديوان» المتنبي ص 359.
[398] وكلّ شيء له... .
من قصيدة له في مدح أبي الحسن علي بن مرّة، وعدد أبياتها 35، و هو البيت 31 منها. راجع: «ديوان» أبي تمّام ص 335 .
[399] الوداعيّ.
مضت الإشارة إلى ترجمته. ← التعليقة 116.
[400] الصفيّ.
مضت الإشارة إلى ترجمته.← التعليقة 96 .
[401] و للناس فيما... .
قال أبو فراس:
و من مذهبي حبُّ الديار لأهلها *** و للنَّاسِ فيما يعشقون مذاهبُ
و لم أعثر عليه في «ديوانه».
[402] أنوار الربيع.
مضت الإشارة إلى بعض ما يتعلّق بهذا الكتاب.← التعليقة 89 .
[403] المقنّع الكنديّ.
هو محمّد بن عميرة بن أبي شمر الكندي. ولد بحضرموت في وادي دوعن، و لم يعلم تاريخ ولادته. اشتهر في العصر الأموي و اشتهر بالمقنّع لأنه كان مقنعا طول حياته، و القناع من سماة الروساء له أشعار. مات سنة 70 ه-.ق.
راجع: «الأعلام» ج 6 ص 319 القائمة 3؛ «الوافي بالوفيات» ج 3 ص 179؛ «معجم
ص: 301
الشعراء» ج 5 ص 191 القائمة 1. و لم يذكره ابن خلّكان و لا ابن العماد.
[404] و إنّ الّذي... .
من قصيدة له في البحر الطويل، وعدد أبياتها 22 ، و ما في المتن هو البيت 7، 9، 17 منها. ورواية «الديوان»: «فإن يأكلوا لحمي .... و إن يهدموا مجدي». و لم أعثر عليه. وانظر: «الأمالي» - لأبي علي القالي - ج 1 ص 280: «الوافي بالوفيات» ج 3 ص 179 .
[405] فإنّ عهدي به... .
البيت لعمر بن أبي ربيعة من قصيدة له في البحر البسيط ، و عدد أبياتها 28 ، و هو البيت 21 منها. ورواية «الديوان»: «الله يحفظه..... راجع: «دیوان» عمر بن أبي ربيعة ص 359.
[406] ان سائني منك... .
كذا في النسخة و لابن الدمينة :
لين ساءَني أن نلتني بمساءةٍ *** لقد سرَّني أَنِّي خطرت ببالكِ
من قصيدة له في البحر الطويل، وعدد أبياتها 20، و هو الأخير منها. و لم أعثر على «دیوانه» .
[407] يريد قتلي.
في النسخة :
بمقلتيه يريد قتلي ***يا ربِّ يسِّر ولا تعسّر
ثمّ كتب المصنّف بخطه على هامش النسخة من اليسار صورةً جديدةً للبيت، و هو ما جعلناه في المتن.
[408] و أجدر.
راجع: «ديوان» أبي المجد ص 76. و فيه بيت آخر في منتهى القصيدة؛ و هو:
فاسلم مدى الدهر فيه و آبقِ *** لصدرِ دَست و ظَهرِ مَنبر
ص: 302
ص: 303
ص: 304
الفهارس الفنّيّة
حسب ترتيبها في الكتاب الكريم
29
الآية ... السورة ورقمها ... الصفحة
5 - المائدة
30 ... 112
44 ... 115
11- هود
44 ... 112
12 - يوسف
29 ... 113
18 - الكهف
104 ... 140
22 - الحج
2 ... 114
39 - الزمر
9 ... 118
ص: 305
الآمدي ... 124
أبرخس ...126
أبرويز ... 172
إبن أبي أصيبعة ... 149
إبن الأعرابي ... 124،163
ابن خلکان ... 132
ابن الرومي ... 128
اين سينا ... 166
إبن العفيف ...158
ابن المعتز ... 128،144
این مقبل ... 153
إبن ميادة ... 94
إبن نباتة ... 98،101،154
ابن النبيه ... 157
ابين النقيب ... 106
إبن هاني ... 162
ابن الوردي ... 102
أبو الطيب← المتنبي
أبو تمام ...121،123،124،173،174،176،148
أبودهبل ... 153
أبو عمرو بن العلاء ... 94،143،144،160
أبونواس ... 95،113،131،132،156
أبي عبادة ← البحتري
أبي محمّد الخازن ... 160
أحد تلامذته ← البحتري
أحمد ← المتنبي
الأخ ← الهادي بن العبّاس
الأرجاني ... 129،132،145،162،164،166
الأصمعي ... 143،144
أفلاطن ... 166
امرؤ القيس ... 95،119،151
أمير المؤمنين - ع - ... 112
أمين الدولة ابن التلميذ ... 149
البحتري ... 90،92،114،115،123،151،157
بطلميوس ... 126
البهاء زهير ...114
جرير ... 158
جعفر الحلّى ... 113
حبيب ← أبو تمام
الحسن بن هاني ← أبونواس
الحطيئة ... 95
حيص بيص ... 149
ديك الجن ... 96
الراعي ... 158
رسول ربّ العالمين← محمد - ص-
الزمخشري ... 104
زهير بن أبي سلمى ... 95،146
ص: 306
السروجي ... 157
سعدي ... 148
السكاكي ... 111 ،112
الشاه ناصر الدين ... 148
الشريف الرضي ... 133
شکسبیه ... 130
الشيخ← أبو تمام
الشيخ ←الطوسي
الشيخ ← سعدي
الشيخ ← أبو محمد الخازن
الشيخ ←ابن سينا
الشيخ← محمد الرضا النجفي
شيرين ... 172
صاحب طبقات الأطباء← ابن أبی أصبیعه الصفدي... 136
صفي الدين الحلي ... 104،105
الضبي ... 121
الطوسي ... 142
عروة بن الورد ... 155،153
علي بن محمّدرضا (آل كاشف الغطاء) ... 80
علاء الدين ← الوداعي عمرو بن ربيعة ... 161
عنترة العبسي ... 122،148
الغزّي ... 132،134
کاظم (آل كاشف الغطاء) ... 79
كافور ... 115
كثير ... 97
المتنبي ... 94،95،115،121،156،162،173،174،176
المتوكّل ... 98
المحقق الحلّي ... 144
محمد المصطفى - ص- ... 104،138
محمدرضا الشبيبي ... 120
محمدرضا النجفي ... 167
المخلب الهلالي ... 162
مسكين الدارمي ... 148
المعرّي ... 122
المقنّع الكندي ... 179
(نابغة) بني الجعد ... 155
نابغة بني ذبيان ... 155
نبيه - محمد المصطفى - ص -والده السعيد ( والد المحقق الحلي) ... 144
الوداعي ... 107،108،176
الهادي بن العباس (آل كاشف الغطاء) ... 84،112،116،169
ص: 307
أمط ... مواقيتا 134
وإن ... كما هما 159
أحبّك ... أخشباها 133
هي الجرعاء ... تراها 133
أظنّ ... فاها 133
إذا ... لئامها 85
أتعذر ... لا ترومها 146
عصافير ... الذئاب 95
ماء ...الحب عنابًا 120
يعطيكها ... طرّفت عنابًا 120
من جعاد ... غضاب 114
سلطان ... بلا حاجب 106
فعارضني ... شارب 101
عن ... الشارب101
كلانا ...أجرب 97
إذا ما ... نضرب97
وددت ... نهرب 97
ألَا لیتنا... نعزب 97
يمدّون ... قواضب 174
نكون ... نطلب97
لمّا وردنا ... أشعب 165
السيف ... اللعب 123
لقد كنت ... مواهب 101
يا قومنا ... مشوية 95
مداهن ... غالية 129
قال ... مختالة 107
قُم ... الغزالة 107
إذا ما ... الواقعة 105
و أخشي ... الراكعة 105
مرّ ... مرّة 83
ربما ... شمالات 110
سموت ... يترجرج 122
كأنّ ... يراح 121
ولأركبنّ ... الملّاح 112
مثل ... جناح113
قطاةٌ ... الجناح121
و إن الّذي ... جدّاً179
فإن أكلوا ... مجداً179
و لم أر ... هجّداً158
و إن زجر وا ... سعدًا 180
أ تطلب ... أبو سعد 146
و حمدان ... راشد 121
ص: 308
إذا ... غدا158
فاتبعتها ... الحقد92
و لا أحمل ... الحقدا180
تخیّرت ... هندا 135
كالقسيّ ... الأوتار 91
و نكون ... أكبر 97
فما ... وتر 140
إذا ... الهجر 91
و هرٌّ ... حُجُر 120
حين ... حرٍّ105
إذا ... ساحر 81
فيا ليلتي ... سحر 114
و لم يجعل ... لاوحرا131
بحيث ... تنحر132
فليفعلوا ... بدر107
فما العيش ... أكدر 131
فوددت ... المحشر 97
بلادًا ... العشرا 131
و يقصّ ...مقصّر 106
یا دار ... عصنصر 153
وليس ... فتقطر 113
كتبت ... قری99
و منكر ... يشكر 106
و بالغرّ ... متدوّر 153
أنظر ... الصور 160
و لمّا ... الدهر
عفت ... لا تغيّر 153
والسكر ... نرجسًا 176
كأنّ ... بآبنوس 120
أهيس ... الليسا 148
تضحك ... حرش 132
رجلٌ ... أحوصا 152
رأى ... فقضی 112
فلا ترجوا... شراع 113
سفائن ... البقاع 113
کم ... الهعخعا 137
و إنّی ... المقصّعا 131
ولا وصل... أسفع 157
وقفنا ... المطارف 132
ليس ... تقصف 113
وقفت ... راعف 132
لا رجعت ...الخلائق 114
أيّ المكان ... المعشوقا 98
إِنَّ مَن عقّ ... بالعقيق 174
و مولع ... شباك 98
قالت ... كراك 99
إن ساءني ... بيالك 180
ويحك ... هلك 114
فمِن ... سائل 157
فمذ ... الغزال 107
نوعٌ ... مقفّلاً136
فلاتشلل ...الزلال 115
ص: 309
تنبّأ ... الضلال 107
و من ... الزلالا117
و تنظری ... المال 174
إن ... لا یقتل 134
و تعطو ... إسحل120
فانّ عهدي ... العذلا 180
طلّ ... ماطل114
أحبّ ... أرملاً131
و ظباء ... متبول133
فقال ... تدول163
وجدت ... نزول 162
ودنا ... طول 133
محلی ... فصول 163
فهلّل ... أفول 163
بغی ... جفول162
فقال ... تقول 163
طاف ... الغول 158
و تعانقنا ... مبلول 133
فبيناه ... الملاط ذلول 163
فلمّا طوى ............. هو ذلول 163
أتی ... سلول 163
فقالا ... ذمول163
فقاما ... قبیل163
فما تمّ ... دليل 163
بیبت ... علیل 164
شكا ... قلیل 163
فقال ... بالفلاة قليل 163
جمال .... الحسان قليل 164
بدر ... النائم 158
و لم یر ... شؤم 165
من عاشق ... كلثم 161
يا ليت ... أجمّ 159
خيال ... القوام 127، 124
لعلوة ... المستهام 124
وفتيّ ... هرماً98
عن ... عندم106
لا تفسدوا ... لکم 159
هما ... نسالما 159
يا حبّذا ... العلم 158
فاسلم ... السلم 174
مهامها ... البوما 152
أنت ... القروم 134
ولا تعضّ ... يتيمًا 175
یا در ... رحما 175
إذا ... بالشميم 79
الضاربين ... الأضغان 92
سهیل ... الخفقان 122
و قائل ... سنّ 108
فلست ... حسنًا 78 ...
ترکت ... زمنًا 78
و كلٌ ... السمن 176
جاعلة ...الأيمن 154
ص: 310
إنّ ... الأمون 146
و عرض ... البجون 153
خشنت ... العاذلين 174
حنّي ... الحزين 153
فمضى ... لحقته 157
یا حسن ... حققته 157
و يكاد ... ألفاظه 159
و عاذلٌ ... جهله 124
بلیت ... خاتمه 156
فقلت ... يرقص فيه 121
أزورهم ... يغري بي 175، 162
یا نار ... يهتدي 157
یا بدر ... التجري 107
و أقول ... منظري 97
صف ... جوري 102
قالت ... نفوري 102
يا نفس ... فارقى 114
وما بي ... بالعوالي 98
و لمّا ... جسمی 156
و رعن ... منّي 153
غدائرها مستشزرات إلى العلى ...151
أنا أنت الضاربي أنت أنا ... 152
و للناس فيما يعشقون مذاهب ... 176
لا في الرجال و لا النسوان معدود ... 115
بجنب آس العذار ... 106
خدّ زهي باحمرار ... 106
كالورد و الجلّنار ... 106
عفا ذوحسًا من فرتنى فالفوارع ... 155
بين الشقيقة فاللوى فالأجرع ... 155
ما لي أراك تحت رقّ ... 106
و ليس برسم دارس من معوّل ... 164
كتبت من غير قرطاس بلاقلم... 113
عامدة أرض بني أنفن ... 154
عرّي أفراس الصبا و رواحله ... 79
و أفديه بعيني و هو ساقي ... 105
ص: 311
ص: 312
ص: 313
فهرس
مصادر التحقيق و التعليق
[1] القرآن الكريم / كتابة عثمان طه / طبعة منظمة الإعلام الإسلامي / 1366 ه- ش / تهران / ایران .
[2] نهج البلاغة / علي بن أبي طالب - ع - / دار الكتاب اللباني / 1387ه-. ق. / بيروت / لبنان.
[3] أساس البلاغة / الزمخشري / دار صادر، دار بيروت / 1965 / بيروت / لبنان.
[4] الإصابة / العسقلاني / 4 ج / داراحياء التراث الاسلامي / 1328 ه- ق . / بيروت / لبنان.
[5] الأعلام / الزركلي / 8 ج / دار العلم للملائين / 1986 ه- ق. / بيروت / لبنان.
[6] أعلام الأدب / أدهم الجندي / دمشق / 1954م.
[7] أعيان الشيعة / الأمين / 11 ج / دارالتعارف للمطبوعات / 1403 ه-. ق. / بيروت / لبنان.
[8] الأغاني / الأصفهاني / 26 ج / دار الفكر 2 / 1407 ه-. ق. / بيروت / لبنان.
[9] الأمالي / المرتضى / 2 ج / دار إحياء الكتاب العربية / 1373 ه-. ق. / القاهرة مصر.
[10] الأمالي / القالي / 2 ج / دار الكتب المصرية / 1344 ه-ق. / القاهرة / مصر.
[11] الأمالي / الزجاجي / دار الجيل / 1407 ه-. ق. / بيروت / لبنان.
ص: 314
[12] أمل الآمل / العاملي / 2 ج / دار الكتاب الاسلامي / 1362 ه- ش / قم / ایران.
[13] إنباه الرواة / ابن القفطي / 3 ج / دار الكتب المصرية / 1369 ه-ق. / القاهرة / مصر.
[14] الأنساب / السمعاني / 4 ج / داراحياء التراث العربي / 1419 ه- ق. / بيروت / لبنان.
[15] أنوار الربيع / المدني / 7 ج / مطبعة النعمان / 1969 م / النجف / العراق .
[16] بحار الأنوار / المجلسي / 110 ج / دار الكتب الاسلامية / 1365 ه- ش . /
تهران / ایران .
[17] البداية والنهاية / ابن كثير / 14 ج / 1351 ه-. ق. / القاهرة / مصر.
[18] بزرگان فلسفه / توماس / كيهان / 1365 ه- ش . / تهران / ایران.
[19] بغية الوعاة / السيوطى / 2 ج / المكتبة العصرية / صيدا / لبنان.
[20] تاج العروس / الزبيدي / 20 ج / دار الفكر / 1421 ه-.ق. / بيروت / لبنان.
[21] تاريخ الأدب العربي / عمر فروخ / 3 ج / دارالعلم للملائين / 1969 م. / بيروت / لبنان.
[22] تاريخ الطبري / الطبري / 10 ج / دار المعارف / القاهرة / مصر.
[23] تاريخ بغداد / البغدادي / 14 ج / 1349 ه-.ق. / القاهرة / مصر.
[24] تاريخ علمي و اجتماعي اصفهان / مهدوى / 3 ج / نشر الهداية / 1367 ه- ش . / قم / ایران.
[25] تاریخ فلسفۀ شرق و غرب / سروپالی را داکریشنان / 2 ج / انقلاب اسلامی / 1367 ه- ش / تهران / ایران.
[26] تزيين الأسواق / الأنطاكي / 2 ج / عالم الكتب / 1413م. / بيروت / لبنان.
[27] تهذيب اللغة / الأزهري / 16 ج / دارالمصرية / القاهرة / مصر.
[28] جمهرة أشعار العرب / القرشي / داربيروت / 1984م. / بيروت / لبنان.
[29] الجواهر المضيئة / القرشي / 2 ج / 1332 ه- ش. / حیدرآباد / هند.
[30] حسن المحاضرة / السيوطي / 2 ج / 1299 ه- ق. / القاهرة / مصر.
ص: 315
[31] خريدة القصر / الأصفهاني / 3 ج / مرآة التراث / 1377 ه- ش. / تهران / ایران.
[32] خزانة الأدب / البغدادي / 12 ج / مكتبة الخانجي / 1406 ه- ق / القاهرة / مصر.
[33] خزانة الأدب / البغدادي / 4 ج / دار الطباعة المصرية / القاهرة / مصر.
[34] خزانة الأدب / الحموي / دار القاموس الحديث / القاهرة / مصر.
[35] الخلاف / الطوسي / 6ج / مؤسسة النشر الاسلامي / 1415 ه-. ق. / قم / ایران.
[36] الدرجات الرفيعة / المدني / مكتبة بصيرتي / 1397 ه-. ق. / قم / ايران.
[37] الدرر الكامنة / العسقلاني / 4 ج / دار الجيل / 1414 ه-.ق. / بيروت / لبنان.
[38] ديوان أبي المجد / مكتبة مسجد آية الله مجد العلماء / 1408ه-. ق. / اصفهان / ایران.
[39] ديوان أبي تمام / أبو تمام / طبعة محمّد جمال / القاهرة / مصر.
[40] ديوان أبي نواس / أبونواس / دار الكتاب العربي / 1404 ه- ق. / بيروت / لبنان.
[41] ديوان البحتري / 4 ج / دار المعارف بمصر / 1963م. / القاهرة / مصر.
[42] دیوان بهاء الدین زهير / بهاء الدين / ادارة الطباعة المنيريّة / القاهرة / مصر.
[43] ديوان الحماسة / أبي تمام / دار الكتب العلميّة / 1418 ه-.ق. / بيروت / لبنان.
[44] ديوان الشاب الظريف / ابن العفيف / مطبعة النجف / 1387 ه- ق . / النجف / العراق .
[45] ديوان الشريف الرضي / الرضي / 2 ج / وزارة الارشاد الاسلامي / 1406ه- ق. / تهران / ایران .
[46] ديوان العجاج / العجاج / مكتبة دار الشرق / 1971م. / بيروت / لبنان.
[47] ديوان عمر بن أبي ربيعة / عمر بن أبي ربيعة / دار الأندلس / 1409 م. / بيروت / لبنان.
[48] ديوان المتنبي / المتنبي / داربيروت / 1403 ه-.ق. / بيروت / لبنان.
ص: 316
[49] دیوان مجنون ليلى / مجنون ليلى / دار الكتاب العربي / 1415ه- ق. / بيروت / لبنان.
[50] الراح القراح / السبزواري / انجمن آثار و مفاخر فرهنگی / 1381ه- ش / تهران / ایران.
ربيع الأبرار / الزمخشري / ه ج / مؤسسة الأعلمي / 1412 ه-ق. / بيروت / لبنان.
رسائل إخوان الصفا / 4 ج / دار صادر / 2004 م. / بيروت / لبنان.
[51] رغبة الأمل من كتاب الكامل / المرصفي / 4 ج / أوفست مكتبة الأسدي / تهران / ایران .
[52] روضات الجنات / الخوانسارى / 8ج / اسماعيليان / 1391ه-. ق. / قم / ایران .
[53] رياض العلماء / الأصفهاني / 7ج / مطبعة الخيام / 1401 ه-. ق. / قم / ايران.
[54] ريحانة الأدب / تبريزي / 8 ج ، 4 مج / خيام / 1374 ه- ش . / تهران / ایران.
[55] شدّ الإزار / ابن جنيد / او فست اطلاعات / 1372 ه- ش / تهران / ایران.
[56] شذرات الذهب / ابن العماد / 9 ج / دار الكتب العلمية / 1419 ه-ق. / بيروت / لبنان.
[57] شرح الكافية البديعية / الحلّي / دار صادر / 1412ه-. ق. / بيروت / لبنان.
[5] شرح ديوان المتنبي / البرقوقي / 4 ج ، 2 مج / دار الكتاب العربي / بيروت / لبنان.
[59] صبح الاعشى / القلقشندي / 14 ج / 1331 ه-. ق. / القاهرة / مصر.
[60] صحاح اللغة / الجوهري / 7ج / دار الكتاب العربي / القاهرة / مصر. [61] الصناعتين / العسكري / عيسى البابي الحلبي / القاهرة / مصر.
[62] طبقات أعلام الشيعة / الطهراني / دانشگاه تهران / 1372 ه- ش / تهران / ایران.
[63] العروض العربي البسيط / یحیی معروف / دانشگاه رازی / 1378 ه- ش . / تهران / ایران .
[64] العقد الفريد / ابن عبد ربه / 9 ج / دار الكتب العلمية / 1407 ه-ق. / بيروت / ل
ص: 317
لبنان.
[65] العمدة / القيرواني / 2 ج / دار المعرفة / 1408 ه-.ق. / بيروت / لبنان.
[66] عيون الأنباء / ابن أبي أصيبعة / دار الفكر / 1376 ه-ق. / بيروت / لبنان.
[67] غاية النهاية في طبقات القرّاء / ابن الجزري / 2 ج / 1351 ه-. ق. / القاهرة / مصر.
[6] الغدير / الأميني / 11 ج / دار الكتب الاسلامية / 1366 ه- ش. / تهران / ایران.
[69] فرهنگ معين / محمد معين / 6ج / انتشارات امير كبير / 1364 ه- ش . / تهران / ایران .
[70] فلاسفه بزرگ / کرسون / 3 ج / انتشارات صفي عليشاه / 1363 ه- ش . / تهران / ایران .
[71] فوات الوفيات / ابن شاكر / 5 ج / دار صادر / 1974م. / بيروت / لبنان.
[72] القاموس المحيط / النيروز آبادي / داراحياء التراث العربي / 1422 ه- ق . / بيروت / لبنان.
[73] الكامل في التاريخ / ابن الاثير / 13 ج / دار صادر / بيروت / لبنان.
[74] كتاب البديع / ابن المعتز / او فست مكتبة المثنى / 1399 ه-. ق. / بغداد / العراق.
[75] كتاب الحيوان / الجاحظ / 7 ج ، 2 مج / دار و مكتبة الهلال / 1990م. / بيروت / لبنان.
[76] الكشكول / البهائي / 2 ج / انتشارات شركت طبع و نشر / قم / ایران. [77] كفاية الأصول / الخراساني / مؤسسة آل البيت / 1417 ه-.ق. / قم / ايران.
[78] كفاية الطالب / ابن الأثير / 1982م. / موصل / العراق.
[79] الكنى والألقاب / القمّى / 3 ج / مكتبة الصدر / تهران / ايران.
[80] اللؤلؤة الغرويّة / القائيني / 3 ج / 1422 ه-ق. / قم / ايران.
[81] مجمع الأمثال / الميداني / 2 ج ، 1مج / دار الفكر / 1393 ه-ق. / بيروت /لبنان.
[82] مراتب النحويين / اللغوي / 1375 ه- ق . / القاهرة / مصر.
ص: 318
[83] المطوّل / التفتازاني / دار الكتب العلمية / بيروت / لبنان.
[84] معاهد التنصيص - الطبعة القديمة - / العباسي / دارالطباعة المصرية / 1274 ه- ق / القاهرة / مصر.
[85] معاهد التنصيص - الطبعة الجديدة - / العباسي / 4 ج / 1367 ه- ق. / القاهرة / مصر.
[86] معجم الادباء / الحموي / 10 ج، 20 مج / داراحياء التراث العربي / بيروت / لبنان.
[87] معجم الأدباء / كامل سلمان الجبوري / 7ج / دار الكتب العلمية / 2003 م. / بيروت / لبنان.
[88] معجم البلدان / الحموي / 5 ج / دار بيروت / 1388 ه-ق. / بيروت / لبنان.
[89] معجم الشعراء / كامل سلمان الجبوري / 5 ج / دار الكتب العلمية / 2003م. / بيروت / لبنان.
[90] معجم مصطلحات النقد العربي القديم / احمد مطلوب / مكتبة لبنان ناشرون / 2001 م. / بيروت / لبنان.
[91] معجم مقائيس اللغة / ابن فارس / 5 ج / او فست مكتب الإعلام الاسلامي / 1404 ه-. ق. / تهران / ایران.
[92] مفتاح العلوم / السكاكي / دار الكتب العلمية / 1348 ه-ق. / بيروت / لبنان.
[93] المفصل / الزمخشري / دار الجيل / بيروت / لبنان.
[94] المفضّليات / الضبي / 2 ج / دار صادر / 1424 ه-ق. / بيروت / لبنان.
[95] مكارم الآثار / حبیب آبادی / كمال / 1377 ه-.ش. / اصفهان / ایران.
[96] المكاسب / الانصاري / دار الحكمة / قم / ايران.
[97] من روائع البديع / مأمون محمود / دار الفكر العربي / 1997 ه- ق. / دبي.
[98] المنتظم / ابن الجوزي / 1357 ه- ق . / حیدرآباد / هند.
[99] المنجد / لوئس معلوف / اسماعيليان / 1362 ه- ش . / تهران / ایران.
[100] منشأ الإنشاء / احمد خوافی / دانشگاه ملی ایران / تهران / ایران.
[101] الموازنة بين البحتري و أبي تمام / الآمدي / 1972 ه-. ق. / القاهرة / مصر.
ص: 319
[102] الموجز الكافي / نايف معروف / دارالنفائس 1997 م. / بيروت / لبنان.
[103] الموسوعة العربية الميسرة / 2 ج / لجنة من العلماء / 1407 ه-. ق. / دار نهضة لبنان / بيروت / لبنان.
[104] الموشّح في الأندلس / محمد مهدي البصير / دار الشؤون الثقافية / 1948 ه-ق. / بغداد / العراق.
[105] النجوم الزاهرة / ابن تغري بردي / دار الكتب المصرية / 1348 ه- ق . / القاهرة / مصر.
[106] نزهة الالباء / الانباري / 1294 ه- ق. / القاهرة / مصر.
[107] نزهة المجالس / جمال خليل شروانى / زوّار / 1366 ه- ش . / تهران / ایران.
[108] نقباء البشر / الطهراني / 12 ج / دارالمرتضى / 1404 ه-ق. / مشهد / ایران.
[109] نهاية الارب / النويري / مصوّرة عن طبعة دار الكتب / 1374 ه- ق. / القاهرة / مصر.
[110] الوافي بالوفيات / الصفدي / 25ج / او فست دار صادر / 1991م. / بيروت / لبنان .
[ 111] وفيات الأعيان / ابن خلكان / 6ج / دارصادر / بيروت / لبنان.
[112] وقاية الأذهان / الأصفهاني / مؤسسة آل البيت / 1413ه- ق / قم / ايران.
[113] يتيمة الدهر / الثعالبي / 4 ج 2 مج / مطبعة السعادة / 1375 ه-ق. / القاهرة / مصر.
ص: 320