صلوة التراویح بین السنة و البدعة

هوية الکتاب

صلوة التراويح بين السنّة و البدعة

تأليف: الشيخ نجم الدين الطبسی

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

المقدمة

اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ الصَّلاة وَ السَّلام عَلی خیر خلقه خَاتَمِ الانبیاء ابی القاسم محمّد بن عبدالله صَلَّي اللَّهُ عَلَیه و آلِه وَ عَلَي أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ.

و بعد، فنزولاً عند رغبة بعض السادة من أصحاب الفكر والقلم المهتمين بالبحث والتحقيق في المسائل الخلافية، أقدم هذه الدراسة المتواضعة الموجزة حول صلاة التراويح، حيث طلب منى أن أقدم بحثاً تحقيقياً حول مسألة من المسائل الفقهية المشتركة بين الشيعة والسنة.

و الحق إنه إقتراح جميل وابتكار جليل، فأهنئهم على هذه المبادرات المباركة.

و ليعلم أنه قل أن توجد مسألة فقهية عند الإمامية لم تطابق فتوي مذهب من مذاهب أهل السنة، إذن، نقاط الإشتراك و الإلتقاء في الفروع، والفقه - فضلاً عن أصول الدين - أكثر من نقاط الأختلاف و الافتراق.

فحبَّذاالنظر الى المسائل الإتفاقية - بعين الاعتبار و الأهمية، وحبّذا احتمال و تحمّل المسائل الخلافية - إذ إن هذا المقدار من الخلاف، بل أكثر من ذلك - مما لابد منه و هو موجود حتى بين أئمة المذاهب السنيّة في الاعتقادات و الفقه.

فالخير و الصلاح في رعاية سعة الصدر، والإنفتاح، و الابتعاد عن

ص: 5

العصبية فى المحاورات، والتأدب بالاداب الإسلامية، و التمسك بالقيم

ص: 6

الأخلاقية، و بالتالي للرأى الفقهى و أدلته، ثم قبوله أو رده او مناقشته، بعيداً عن التقوقع و الرفض المسبق.

و لقد اخترتُ من بين المواضيع المقترحة: موضوع صلاة التراويح و نوافل ليالى شهر رمضان المبارك، التى قد يُتصور لأول وهلة، أنها من مختصات أهل السنة، ولكن التتبع و التحقيق و مراجعة كلمات الفريقين و آرائهم، يكشف عن خطأ هذا التصور، و أن أصل المسألة وهو قيام شهر رمضان و نوافل لياليها والصلوات فيها، من الأمور و المسائل المشتركة بين الفريقين، بل الاشتراك في عددها أيضاً كاد أن يكون حاصلاً - في الجملة - و انما الخلاف هو في إقامة هذه النوافل جماعة أم فرادي؟!

إنَّ الإطلاع علي نصوص تصريحات علماء أهل السنة يكشف عن أن أهل السنّة يعترفون أيضاً بأنَّ هذه الصلوات المستحبة لم تؤدَّ جماعة علي عهد النبي الاكرم صلى الله عليه و آله، و على عهد الخليفة الأول أيضاً، و أنها من إبداعات الخليفة الثانى فى السنة الرابعة عشرة من الهجرة النبويّة، ولعلماء أهل السنة تبريرات لما أبدعه الخليفة الثاني، و سيوافيك...

و فى الختام نسألُ الله العلى القدير أن يهدينا جميعاً لما اختلف فيه من الحق بإذنه، و أن يوفقنا لما فيه الخير و الصلاح، إنه ولى التوفيق.

نجم الدين الطبسي

ص: 7

قم المقدسة - الحوزة العلمية

ص: 8

15 / (1)شوال / 1420

ص: 9


1- و قد أعدنا النظر في هذه الرسالة بتاریخ 10 / جمادي الاولى/1421.

ص: 10

معنى التراويح

اشارة

التراويح جمع ترويحة و هى فى الأصل للجلسة مطلقاً، ثم سُميت بها الجلسة التي بعد اربع ركعات فى ليالى شهر رمضان، لأستراحة الناس بها، ثم سُمّى كلّ أربع ركعات ترويحة، و هي أيضاً إسم لعشرين ركعة فى الليالى نفسها. (1)

و الترويحة: هي المرة الواحدة من الراحة كتسليمة من السلام.

قيل: سُميت الصلاة فى الجماعة فى ليالى رمضان التراويح، لأنهم اوّل ما اجتمعوا عليها، كانوا يستريحون بين كل تسليمتين. (2)

1- ابن اثیر

1- قال الجزري - ابن الأثير - «و منه حديث - صلاة التراويح - لأنهم كانوا يستريحون بين كل تسليمتين، و التراويح جمع ترويحة، و هى المرة الواحدة من الراحة، تفعيلة منها، مثل تسليمة من السلام». (3)

2- ابن منظور

2_ و قال ابن منظور: «التراويح جمع ترويحة، و هي المرة الواحدة من الراحة، تفعيلة منها، مثل تسليمة من السلام.

ص: 11


1- انظر بحار الانوار 10: 363
2- انظر: فتح الباري 4:294 - إرشاد الساري 4:654 - شرح الزرقانی 1:237
3- النهاية 1:274

و الترويحة في شهر رمضان، سُميت بذلك لأستراحة القوم بعد كلّ أربع ركعات، و في الحديث: صلاة التراويح، لأنهم كانوا يستريحون بين كل تسليمتين». (1)

3- الفیروز آبادی

3- و قال الفيروز آبادی: «ترويحة شهر رمضان، سُميت بها لأستراحة بعد كل أربع ركعات». (2)

4- الکحلانی

4- و قال الکحلانی: «و أما تسميتها بالتراويح، فكأن وجهه ما أخرجه البيهقى من حديث عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله علیه و آله يصلّى صلي عليه أربع ركعات فى الليل ثمّ يتروح، فأطال حتى رحمته، الحديث.. فإن ثبت فهو أصل في تروّح الإمام فى صلاة التراويح».(3)

أقول: و الإشكال فى الحديث هو ما أشار إليه البيهقى من أنه تفرد به المغيرة بن دياب و ليس بالقوى. (4)

5- الطریحی

5_ و قال الطریحی: التراوح: تفاعل من الراحة، لأن كلاً من المتراوحين يريح صاحبه، و صلاة التراويح المخترعة، من هذا الباب، لأن المصلّى يستريح بعد كل أربع». (5)

ص: 12


1- لسان العرب 2:462
2- القاموس 1:232 – انظر التوشیح 2:405.
3- سبل السلام 2:11.
4- السنن الكبري 2:700
5- مجمع البحرین 2:362.

ص: 13

قيام شهر رمضان في أحاديث الفريقين

اشارة

وردت في الصحاح و السنن و المسانيد و الجوامع الحديثية، أحاديث كثيرة عن النبي الكريم صلى الله عليه و آله و الأئمة الطاهرين عليهم السلام بصدد نوافل ليالى شهر رمضان، فى مشروعيتها و عددها و كيفيتها، بما يوحى الإتفاق و الإشتراك فى أصل المشروعيّة، و إنما الخلاف في إقامتها جماعة، أم فرادي؟ كما يأتى البحث عنه بالتفصيل في هذه الدراسة.

و نحن هنا مراعاة للإختصار نكتفى من كتب السنة - في المتن - بذكر ما أورده البخارى، و من كتب الإمامية بما أورده الشيخ الطوسي في التهذيب. و نشير في الحاشية إلى المصادر الأخري التي أوردت نفس الأحاديث المذكورة.

أ- أحاديث أهل السنّة

1- حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب، :قال أخبرني أبوسلمة، أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله يقول: لرمضان: «من قامه إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه». (1)

ص: 14


1- البخارى 1:343 - أنظر: مسلم 1:523 - الموطأ 1:113 - أبو داود 1:436 النسائي 3:202 - الترمذى 3:171 - ابن ماجه 1:42 - أحمد 2:281 - الدارمی 2:26 - السنن الكبري 2:492

2- حدثنا عبدالله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبدالرحمن، عن أبى هريرة أن رسول الله صلى اله عليه و آله قال: «من قام رمضان ايمانا و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه».

قال ابن شهاب: فتوفى رسول الله صلى الله عليه و آله و الأمر على ذلك، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة ابى بكر و صدراً من خلافة عمر رضی الله». (1)

قال الشوكاني: «عن النووى أنّ قيام رمضان يحصل بصلاة التراويح يعنى أنه يحصل بها المطلوب من القيام لا أن قيام رمضان لا يكون إلا بها.

و اغرب الكرماني، فقال: اتفقوا علي ان المراد بقيام رمضان صلاة التراويح». (2)

3- حدثنا، اسماعيل قال حدثني مالك عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير عن عائشة رضی الله زوجة النبي أنّ رسول الله صلي الله عليه و آله صلّي و ذلك في رمضان. (3)

4- حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب،

ص: 15


1- البخاری 1:343
2- نيل الأوطار 3:51
3- البخاری 1:343

اخبرنى عروة أن عائشة رضی الله أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه و آله خرج ليلة في جوف الليل فصلّي في المسجد و صلّي رجال بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع اكثر منهم، فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى اله عليه و آله فصلّي فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن اهله، حتی خرج لصلاة الصبح، فلما قضي الفجر أقبل علي الناس فتشهد ثم قال:

بعد فإنه لم يخف على مكانكم ولكنى خشيت ان تفترض عليكم فتعجزوا عنها، فتوفى رسول الله صلى الله عليه و آله و الأمر علي ذلك». (1)

قال الشوكاني: «قال النووي: فيه جواز النافلة جماعة، ولكن الاختيار فيها الانفراد إلا نوافل مخصوصة و هى العيد و الكسوف و الاستسقاء و كذا التراويح عند الجمهور». (2)

و فيها اولاً: لا دلالة فيها علي أن النافلة كانت تراويح - وفي شهر رمضان - لكى يستدل بها علي مشروعية التراويح.

ثانياً تأمل فقهاء السنّة فى الأخذ بمضمونها من الجماعة في النوافل بل اختاروا فيها الانفراد إلاّ في موارد مخصوصة كالعيد و الاستسقاء و.. كما يأتى كما يأتى عن الشوكاني.

ص: 16


1- البخاری 1:343
2- نيل الأوطار3:50

ثالثاً: التأمل فى السند فإن يحيى بن بكير - و هو يحيى بن عبدالله بن بكير - ضعفه البعض كالنسائي و ابى حاتم.

قال النسائي: ضعيف، و قال فى مورد آخر: ليس بثقة.

و قال ابو حاتم: يكتب حديثه ولا يُحتج به. (1)

5- حدثنا اسماعيل قال: حدثني مالك، عن سعيد المقبري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة رضی الله كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه و آله فى رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان و لا في غيرها علي إحدي عشرة ركعة يصلّى أربعاً فلا تسل عن حسنهن و طولهن، ثم يصلّى أربعاً فلا تسل عن حسنهن و طولهن، ثم يصلّى ثلاثاً، فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ قال: يا عائشة: إن عين تنامان و لاينام قلبی». (2)

تفسير قوله عليه السلام «خشية أن يفترض»

هل المواظبة علي الخير و الإجتماع علي الفعل المستحب يصير سبباً لأن يفترض عليهم و يوجبه و يوجبه الله عليهم؟

أليس تشريع الاحكام - وجوباً واستحبابا و... - تابعة للمصالح

ص: 17


1- تهذيب الكمال20:40 و 136-سیر اعلام النبلاء 10:612
2- البخاری: 1:343

و المفاسد ؟

فما دخل اجتماع الناس ومواظبتهم علي الفعل المستحب في ایجاب ذلك المستحب و تبدله الى الوجوب؟

ثم لو كانت المواظبة - علي الجماعة - فيها خوف الافتراض والايجاب عليهم، فلماذا لم ينههم عن أتيان النوافل اليومية و المواظبة عليها، خوفاً من تبدلها الى الايجاب؟!

ثم إن المواظبة علي الجماعة - حسب التعليل - فيه خوف ايجاب الجماعة، لا ايجاب النوافل في رمضان.

و عليه لعل المراد بقوله صلى الله عليه و آله خشية أن يفترض - علي فرض صدور الحديث - هو النهى عن التكلف فيما لم يرد فيه امر، والتحذير من ارتكاب البدعة في الدين.

ففى الحديث دلالة واضحة على قبح هذا الفعل منهم، وحينئذ: لا يجوز الجماعة بعد ارتفاع الوحي، بوفاة النبي صلى الله عليه و آله.

قال العلامة المجلسى قدس سره: «ان المواظبة علي الخير والاجتماع علي الفعل المندوب اليه لايصير سبباً لأن يفرض علي الناس، و ليس الربّ تعالى غافلاً عن وجوه المصالح حتى يتفطن بذلك الاجتماع - نعوذ بالله - و يظهر له الجهة المحسنة لايجاب الفعل...

و كيف أمرهم صلي الله عليه و آله مع ذلك الخوف بأن يصلوها في بيوتهم؟ و لِم لم

ص: 18

يأمرهم بترك الرواتب خشية الافتراض؟

ثم ان المناسب لهذا التعليل ان يقول: خشيت أن يفرض عليكم الجماعة فيها، لا أن يفرض عليكم صلاة الليل كما فى بعض رواياتهم.

و قد ذهبوا الى أن الجماعة مستحبّة فى بعض النوافل كصلاة العيد، و الكسوف، و الاستسقاء، و الجنازة و لم يصر الإجتماع فيها سبباً للإفتراض، و لم ينه عن الجماعة فيها لذلك.

فلو صحت الرواية لكانت محمولة على أنَّ المراد النهى عن تكلّف ما لم يأمر الله به، والتحذير من أن يوجب عليهم صلاة الليل لارتكاب البدعة فى الدين، ففيه دلالة واضحة علي قبح فعلهم و أنه مظنّة العقاب. و اذا كان كذلك، فلا يجوز ارتكابه بعد ارتفاع الوحى أيضاً» (1)

ب- أحاديث الإمامية

1- الطوسي بإسناده، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «مما كان رسول الله صلى الله عليه و آله يصنع فى شهر رمضان كان يتنفل في كل ليلة و يزيد على صلاته التى كان يصليها قبل ذلك منذ اوّل ليلة الى تمام عشرين ليلة فى كل ليلة عشرين ركعة، ثمانى ركعات منها بعد المغرب و اثنتى عشرة بعد العشاء الآخرة، و يصلّى في العشر الأواخر

ص: 19


1- انظر: بحارالانوار ج31، ص12.

فى كل ليلة ثلاثين ركعة إثنتى عشرة منها بعد المغرب و ثماني عشرة بعد العشاء الآخرة، و يدعو و يجتهد اجتهاداً شديداً. و كان يصلّى فى ليلة إحدي و عشرين مائة ركعة و يصلى فى ليلة ثلاث و عشرين مائة ركعة، و يجتهد فيهما». (1)

2- و عنه باسناده... عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: «يُصلّي فى شهر رمضان زيادة ألف ركعة.

قال: قلت: و من يقدر علي ذلك؟ قال: ليس حيث تذهب أليس تصلّى في شهر رمضان زيادة ألف ركعة فى تسع عشرة منه، في كل ليلة عشرين ركعة، و فى ليلة تسع عشرة مائة ركعة و فى ليلة احدي و عشرين مائة ركعة، و فى ليلة ثلاث و عشرين مائة ركعة.

و تصلى فى ثمان ليال منه فى العشر الأواخر ثلاثين ركعة، فهذه تسعماءة و عشرون ركعة.. الحديث...». (2)

3- و عنه بإسناده.. عن على بن ابى حمزة قال دخلنا على أبى عبدالله عليه السلام فقال له أبو بصير: ما تقول في الصلاة في رمضان؟ فقال له: «إنَّ لرمضان الحرمة و حقاً لا يشبهه شيء من الشهور،

ص: 20


1- التهذیب 3:62، ح 6-الاسبصار 1:462، ح1796- وسائل الشيعة - 8:29 ب 7 ح 2.
2- التهذیب 3:68 ح 21 وسائل الشيعة 8:29 ب 7 ح 1.

صل ما استطعت فى رمضان تطوعاً بالليل و النهار، وان استطعت في كل يوم و ليلة الف ركعة فصل، إن علياً عليه السلام كان في آخر عمره يصلّى في كل يوم و ليلة ألف. ركعة فصل يا أبا محمد زيادة في رمضان فقال: كم جعلت فداك ؟ فقال : فى عشرين ليلة تمضى في كل ليلة عشرين ركعة، ثمانى ركعات قبل العتمة، و اثنتى عشرة بعدها، سوي ما كنت تصلّى قبل ذلك، فإذا دخل العشر الأواخر فصل ثلاثين ركعة كل ليلة، ثمان قبل العتمة و إثنتين وعشرين بعد العتمة سوي ما كنت تفعل قبل ذلك». (1)

4- و عنه باسناده... عن ابى بصير: قال ابو عبدالله عليه السلام: «صل في العشرين من شهر رمضان ثمانياً بعد المغرب و اثنتى عشرة ركعة بعد العتمة، فاذا كانت الليلة التي يرجي فيها ما یرجى فصل مائة ركعة ...» (2)

5- و عنه... قال محمد بن سليمان: و سألت الرضا عليه السلام عن هذا الحديث فأخبرنى به.

و قال هؤلاء - عدة من أصحابنا - سألنا عن الصلاة في شهر

ص: 21


1- التهذیب 3:63 ح 18- الاستبصار 1:463 ح 1798- وسائل الشيعة 8:31 ب ح4
2- التهذیب 3:64 ح19 – وسائل الشيعة8:31 ب 7 ح 5.

رمضان كيف هي؟ و كيف فعل رسول الله صلى الله عليه و آله ؟ فقالوا جميعاً - الصادق و الكاظم و الرضا عليهم السلام - انه لما دخلت اول ليلة من شهر رمضان صلي رسول الله صلى الله صلی الله و عليه و آله المغرب ثم صلّي أربع ركعات التي كان يصليهن بعد المغرب فى كل ليلة، ثم صلّي ثمانى ركعات، فلما صلي العشاء الاخرة، و صلّى الركعتين اللتين كان يصليهما بعد العشاء الآخرة و هو جالس فى كل ليلة، قام فصلّي أثنتى عشرة ركعة ...». (1)

6- و عنه ايضاً كتب رجل الى ابى جعفر عليه السلام يسأله عن صلاة نوافل شهر رمضان وعن الزيادة فيها، فكتب عليه السلام اليه كتاباً قرأته بخطه: «صل فى اول شهر رمضان فى عشرين ليلة عشرين ركعة، صل منها ما بين المغرب و العتمة ثمانى ركعات و بعد العشاء اثنتي عشرة ركعة.

و فى العشر الأواخر ثمانى ركعات بين المغرب و العتمة واثنتين و عشرين ركعة إلا فى ليلة احدي و عشرين، فان المائة تجزيك ان شاء الله ...». (2)

7- و عنه.. عن أحمد بن مطهر قال: كتبت الى أبي محمد عده لا إن عليه السلام رجلاً روي عن آبائك عليهم السلام، أنَّ رسول الله صلى اله عليه و آله ما كان يزيد من الصلاة

ص: 22


1- التهذیب 3:64 ح 20 – الاستبصار 1:464 ح 1801 -وسائل الشيعة 8: 32 – 6.
2- التهذیب 3:67 ح 23 – الاستبصار 1:468 ح 1800 -وسائل الشيعة 8:33 باب 7، حدیث 7.

في شهر رمضان على ما كان يصليه في سائر الايام.

ص: 23

فوقع عليه السلام، كذب فض الله فاه، صل في كل ليلة من شهر رمضان عشرين ركعة الى عشرين من الشهر وصل ليله إحدي و عشرين، مائة ركعة وصل ليلة ثلاثة و عشرين، مائة ركعة.

وصل فى كل ليلة من العشر الاواخر ثلاثين ركعة. (1)

8_ و عنه ايضاً... عن سماعة بن مهران قال: سألته عن رمضان كم يُصلّي فيه؟ فقال: كما يُصلّي في غيره إلا أن لرمضان علي سائر الشهور من الفضل ما ينبغي للعبد ان يزيد فى تطوعه فإن احب وقوى علی ذلك أن يزيد في أوّل الشهر عشرين ليلة، كل ليلة عشرين ركعة سوي ما كان يصلى قبل ذلك.

من هذه العشرين اثنتى عشرة ركعة بين المغرب والعتمة، و ثمانى ركعات بعد العتمة، ثم يصلى صلاة الليل...». (2)

هذا بعض ما ورد عن اهل البيت عليهم السلام فى نوافل لیالی شهر رمضان و إنَّها عشرون ركعة الى عشرين ليلة و ثلاثون في العشر الاواخر على التفصيل الذى مر عليك في الروايات.

ص: 24


1- التهذیب 3: 68 ح 24 – وسائل الشیعه 8: 34 ح 8 ب 7 – الکافی - 4:155 ح 6.
2- التهذیب 3: 63 ح17 – الاستبصار 1: 462 ح 1797 – وسائل الشيعة 8: 30 باب 7، حدیث 3

رأي فقهائنا في مشروعية نافلة شهر رمضان

اشارة

إنَّ من أنعم النظر فى كُتبنا الفقهية، و تصفّح ابواب الصلوات المندوبة تراه يقف علي باب فيها بعنوان نافلة شهر رمضان والبحث عن اثبات مشروعيتها و عرض الأدلة عليها، مما يفهم منه أنه من الامور المسلّمة المفروغ عنها عند الامامية، وانه مما أجمعت الطائفة علي شرعيتها وجوازها. كما اجمعت السنة علي جوازها وشرعيتها، و من نسب الى الامامية غير هذا الامر، فهو قليل الباع و ضعيف الاطلاع (1) علي مبانى الامامية و آرائهم و كتبهم و استدلالاتهم و يكفينا في المقام شاهداً، كلام العلامة العاملي.

کلام السید جواد العاملی

قال السيد العاملي: «نافلة شهر رمضان: المشهور بين الاصحاب استحبابها كما فى المختلف و المقتصر وغاية المرام والروض ومجمع البرهان و الكفاية و المفاتيح و غيرها.

ص: 25


1- يقول السرخسى الامة أجمعت على شرعيتها - نوافل ،رمضان صلاة التراويح - و لم ينكرها أحد من أهل العلم إلاّ الروافض..» المبسوط 2:145. يقول المحقق النجفى: «نافلة شهر رمضان و الأشهر فى الفتاوي والروايات استحباب هذه النافلة، بل هو المشهور بين الأصحاب نقلاً و تحصيلاً شهرة كادت تكون إجماعاً و بالجملة لم نعثر علي خلاف في ذلك من عدا الصدوق، إذ اقتصار الإسكافي علي زيادة الأربع ليلاً و ترك التعرض من ابن ابيعقيل و على بن بابويه ليس خلافاً..». (جواهر الکلام 12:182). و يري الزحيلي انها سنة موكّدة و اول من سنّها رسول الله صلى الله عليه و آله (الفقه الاسلامی وادلته 2:1088).

بل كاد يكون اجماعاً كما في فوائد الشرايع و مجمع البرهان والرياض بل لا يكاد يوجد منكر، لأن الصدوق موافق على الجواز.

فكان اتفاقاً من الكل، كما فى مصابيح الظلام و هو خيرة الأكثر كما في المعتبر.

و هو الاشهر في الروايات كما فى الشرائع والنافع والذكري والروضة.

و فى المختلف: الروايات به متظاهرة.

و فى البيان: نافلة شهر رمضان مشروعة علي الأشهر و النافي لها معارض بروايات تكاد تتواتر و عمل الاصحاب.

و فى الذكرى: الفتاوى و الاخبار متظافرة بشرعيتها فلايضر معارضة النادر.

و فى المعتبر: عمل الناس فى الآفاق علي الاستحباب.

و فى المنتهي: اتفق اكثر اهل العلم علي استحباب زيادة نافلة شهر رمضان علي غيره من الشهور.

و قال ايضاً: الاجماع واقع إلا ممن شذ.

و فى السرائر: لاخلاف فى استحباب الألف إلا ممن عرف بإسمه و نسبه هو ابوجعفر محمد بن على بن بابويه، و خلافه لا يُعتد به، لأن الإجماع تقدمه و تأخر عنه». (1)

ص: 26


1- مفتاح الكرامة 3:255.

اقول: ان كلام الصدوق فى الفقيه لا يدل علي نفى مشروعية نافلة شهر رمضان بل الظاهر أنه إنما ينفى تأكد الإستحباب، لصراحته بأنه لا يرى بأساً بالعمل مما ورد فيها من الأخبار. (1).

أضف إلى كلامه فى الأمالى قال: «... فمن أحب أن يزيد فليصل كل ليلة عشرين ركعة ثمانى ركعات بين المغرب والعشاء و إثنتى عشرة ركعة بعد العشاء الآخرة الى أن تمضى عشرون ليلة من شهر رمضان، ثم يصلى كل ليلة ثلاثين ركعة... » (2)

عدد نوافل شهر رمضان

اشارة

اختلف أهل السنة فى عدد هذه النوافل اختلافاً شديداً (3) و ذلك لأجل عدم ورود نص صريح من النبي الكريم صلى الله عليه و آله يعين مقدارها.

ص: 27


1- انظر الحدائق الناضرة 10:509
2- أمالي الصدوق 747 المجلس الثالث و التسعون – عنه مفتاح الكرامة 3:255
3- یری بعض المعاصرين من أهل السنة أن الأقوال ترجع إلى ثلاثة ليس إلاّ: حيث قال: «و للعلماء في عدد التراويح ثلاثة اقوال: قول كثير من العلماء إنها عشرون و هو السنّة، لعمل المهاجرين و الأنصار، و قول أخرين: أنها ست و ثلاثون غير الشفع و الوتر و هو ما كان في زمن عمر بن عبدالعزيز و عمل أهل المدينة القديم، و قالت طائفة: قد ثبت في الصحيح عن عائشة: أنَّ النبي صلى الله عليه و آله لم يكن يزيد في رمضان و لاغيره على ثلاث عشرة ركعة ...» الفقه الاسلامى و أدلّته 2:1088. ولكن الأمر ليس كما قال.

فالمشهور عند الجمهور هو عشرون ركعة، و عن البعض ست و ثلاثون ركعة، و عن ثالث: ثلاث و عشرون ركعة، و عن رابع: ست عشرة ركعة، و عن خامس: ثلاث عشرة ركعة، و عن سادس: اربع و عشرون ركعة، و عن سابع: اربع و ثلاثون ركعة، و عن ثامن: إحدي و أربعون ركعة.

و أمّا عندنا: فالمشهور - برغم اختلاف الروايات - هو عشرون ركعة في كل ليلة إلى عشرين ليلة، ثم ثلاثون في كل من العشر الأواخر مع زيادة مائة ركعة في كل من ليالي القدر. ليلة التاسع عشر، و واحد و عشرين، و ثلاثة و عشرين فالمجموع ألف ركعة.

و فيما يلى كلمات الفقهاء من الفريقين لتحديد عدد النوافل:

أ- كلمات الفقهاء السنة:

1-ابن قدامة

قال: «و المختار عند أبي عبدالله - رحمة الله - فيها عشرون ركعة و بهذا قال الثورى و ابو حنيفة و الشافعي.

و قال مالك: ستة و ثلاثون، و زعم انه الأمر القديم. و تعلق بفعل أهل المدينة، فإن صالحاً مولى التوأمة قال: ادركت الناس يقومون بأحدي و اربعين ركعه يؤتون منها بخمس». (1)

أقول: و دليلهم علي العشرين: هو فعل أبي بن كعب الذي جمع

ص: 28


1- المغنی 2:167.

عمر الناس عليه، فإنّه كان يصلى بهم عشرين ركعة. مما يفهم منه عدم وجود نص من النبى صلى الله عليه و آله علي تعيين العدد.

بل الظاهر من بعض الأحاديث عدم زيادة نوافل رمضان علي غير رمضان، أى إحدى عشرة ركعة.

و قد استدلّوا أيضاً - على العدد - بما نسب إلى على عليه السلام أنه أمر رجلاً أن يصلّى بهم في رمضان عشرين ركعة. (1)

2-المروزی

2- محمد بن نصر المروزي: فإنه حقق ما يدعيه ابن قدامه و غيره من إجماع الصحابة علي عشرين، فقال:

«فإنه روى عنهم روايات كثيرة، و المتواتر عن رسول الله صلى الله عليه و آله إنه ما كان يزيد فى رمضان و غيره عن احدي عشرة ركعة، فكيف يجمع الصحابة علي خلاف فعل رسول الله صلى الله عليه و آله؟ و أولى ما يتبع لمن أراد أن يلتزم عدداً، فعل رسول الله صلى اله عليه و آله.

و من جعلها نافلة حسب نشاطه فإنه يصلّى مرة عشراً، و مرة عشرين، و مرّة ،ثلاثين و ستاً و ثلاثين و أربعين و أكثر من ذلك، و كلٌّ ورد عن السلف». (2)

ص: 29


1- انظر المغنى 2:167 – السنن الكبري 2:699 و قال: في هذا الإسناد ضعف. أقول: و ضعفه بأبى سعد: سعيد بن المرزبان، فإنه متكلم فيه.
2- المغنى لابن قدامه 2:167 الهامش.

3-القسطلاني

قال: «المعروف و هو الذي عليه الجمهور أنه عشرون ركعة بعشر تسليمات، و ذلك خمس ترويحات، كل ترويحة أربع ركعات بتسليمتين غير الوتر و هو ثلاث ركعات.

أما قول عائشة:... ما كان - أى النبي صلي الله عليه و آله - يزيد في رمضان و لا في غيره علي إحدي و عشرة ركعة، فحمله أصحابنا على الوتر.

قال الحليمي: والسرّ في كونها عشرين أن الرواتب في غير رمضان عشر ركعات، فضو عفت، لأنه وقت جد و تشمير.

... و عن داود بن قيس: أدركت الناس بالمدينة في زمن عمر، وأبان بن عثمان يصلّون ستاً و ثلاثين ركعة و يوترون بثلاث، و إنما فعل أهل المدينة هذا، لأنهم أرادوا مساواة أهل مكة فإنهم كانوا يطوفون سبعاً بين كل ترويحتين، فجعل أهل المدينة مكان كل سبع، اربع ركعات !!!

و قد حكي الولى ابن العراقى أن والده الحافظ لما ولى إقامة مسجد المدينة أحيا سنّتهم القديمة فى ذلك مع مراعاة ما عليه الأكثر، فكان يصلّى التراويح أوّل الليل بعشرين ركعة علي المعتاد، ثم يقوم آخر الليل في المسجد ست عشرة ركعة، فيختم في الجماعة في شهر رمضان ختمتين، و استمر على ذلك عمل أهل المدينة.

ص: 30

و قال الشافعى و الأصحاب: و لايجوز ذلك - أى صلاتها - ستاً و ثلاثين ركعة لغير أهل المدينة.

و قال الحنابلة: و التراويح عشرون، و لابأس بالزيادة نصاً، أى عن الإمام أحمد» (1).

4-السرخسى

«فإنها عشرون ركعة سوي الوتر عندنا، و قال مالك: السنّة فيها ستُ و ثلاثون، قيل من أراد أن يعمل بقول مالك و يسلك مسلكه، ينبغى أن يفعل كما قال أبو حنيفة يصلى عشرين ركعة، كما هو السنة و يصلّى الباقى فرادي كلّ تسليمتين أربع ركعات، و هذا مذهبنا». (2)

5-العينى

«و قد اختلف العلماء فى العدد المستحب في قيام رمضان علي أقوال كثيرة: فقيل إحدي وأربعون.. مع الوتر و هو قول أهل المدينة... و عن الأسود بن يزيد كان يصلّى أربعين ركعة و يوتر بسبع.. و قيل ثمان و ثلاثون ثم يوتر بهم بواحدة، رواه إبن نصر عن مالك... و المشهور عن مالك ست و ثلاثون و الوتر بثلاث.

و روي ابن وهب قال: سمعت عبدالله بن عمر يحدث عن نافع،

ص: 31


1- إرشاد الساری 4:657 - 659
2- المبسوط 2:145.

قال: لم أدرك الناس إلا و هم يصلون تسعاً و ثلاثين ركعة (1) و يوترون

ص: 32


1- قال مالك: بعث إلى الأمير و أراد أن ينقص من قيام رمضان الذي كان يقومه الناس بالمدينة، قال ابن القاسم و هو تسع و ثلاثون ركعة بالوتر.. قال مالك: فنهيته ان ينقص من ذلك شيئاً و قلت له: هذا ما ادركتُ الناس عليه و هذا الأمر القديم الذى لم تزل الناس عليه. المدونة الكبري 1:193

منها بثلاث.

و قيل أربع و ثلاثون.. حكى عن زرارة بن أوفى في العشر الاخير و قيل ثمان و عشرون و هو المروى عن ابن أوفى في العشرين الاولين من الشهر.

و قيل أربع و عشرون، و هو مروى عن سعيد بن جبير و قيل عشرون و حكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم، فإنه روى عن عمر و على عليه السلام و غيرهما من الصحابة و هو قول أصحابنا الحنفية.

أما أثر عمر فرواه مالك في الموطأ بإسناد منقطع.

فإن قلت: روي عبد الرزاق.. عن السائب بن يزيد أنَّ عمر بن الناس في رمضان علي أبي بن كعب و علي تميم الدّارى الخطاب جمع علي إحدي و عشرين ركعة يقومون بالمئين و ينصرفون فى بزوغ الفجر.

قلت: قال ابن عبدالبر هو محمول علي أن الواحدة للوتر... و عن السائب بن يزيد قال كان القيام على عهد عمر بثلاث و عشرين ركعة. قال ابن عبدالبر هذا محمول علي أن الثلاث للوتر.

ص: 33

و قال شيخنا و ما حمله عليه من الحديثين صحيح بدليل ما روي محمد بن نصر... عن السائب انهم كانوا يقومون في رمضان بعشرين ركعة في زمان عمر...

و أمّا أثر على رضى الله عنه فذكره وكيع عن حسن... عن علىّ رضی الله عنه أنه أمر رجلاً يصلى بهم رمضان عشرين ركعة.

و أمّا غيرهما من الصحابة فروى ذلك عن عبدالله بن مسعود... «كان عبدالله بن مسعود يصلّى لنا في شهر رمضان» فينصرف و عليه ليل.

قال الأعمش كان يصلّى عشرين ركعة و يوتر بثلاث.

و أمّا القائلون به من التابعين فتشتير بن شكل، و ابن أبي مليكة، و الحارث الهمداني، و عطاء بن أبي رباح، و أبوالبخترى، و سعيد بن بد بن أبى الحسن البصرى أخو الحسن، و عبد الرحمن بن أبي بكر، و عمران العبدى... و هو قول جمهور العلماء و به قال الكوفيون و الشافعي و كثر الفقهاء و هو الصحيح عن أبي بن كعب من غير خلاف من الصحابة... و قيل ست عشرة عن أبي مجلز.. و قيل ثلاث عشرة و اختاره إبن الحق.

و قيل إحدي عشرة ركعة و هو اختيار مالك لنفسه و ختاره أبو بكر العربي»(1).

ص: 34


1- عمدة القاری 11:127، بتلخيص - انظر: المجموع 4:32 - بداية المجتهد 1:202 - نيل الأوطار 3:53

6-الموصلی الحنفى

«ينبغى أن يجتمع الناس في كل ليلة من شهر رمضان بعد العشاء فيصلى بهم إمامهم خمس ترويحات كل ترويحة أربع ركعات بتسليمتين يجلس بين كل ترويحتين مقدار ترويحة، و كذا بعد الخامسة، ثم يوتر بهم، هكذا صلّي أبى بالصحابة، (1) و هو عادة أهل الحرمين». (2)

7-البغوى

«و من السنن الرواتب صلاة التراويح في شهر رمضان عشرون ركعة بعشر تسليمات». (3)

8-الماوردي

«فالذى أختارُ عشرون ركعة خمس ترويحات كل ترويحة شفعين». (4)

9-الجزيرى

«و تبين أيضاً أن عددها ليس مقصوراً علي الثمان ركعات التى صلاها بهم، بدليل أنهم كانوا يكملونها في بيوتهم و قد بيّن فعل عمر أن عددها عشرون، حيث إنه جمع الناس أخيراً علي هذا العدد في المسجد.. و قد ثبت أن صلاة التراويح عشرون ركعة سوي الوتر.

ص: 35


1- الموطأ 1:115.
2- الاختيار 1:95.
3- التهذيب في فقه الشافعي 2:232
4- الحاوى الكبير: 2:368

أمّا المالكية: قالوا: عدد التراويح عشرون ركعة سوي الشفع و الوتر». (1)

أقول: يستفاد من هذه الكلمات أن الحاصل هو: أن القول بالعشرين هو المجمع عليه عند السنة كما ادعاه ابن قدامة و غيره، و هو رأى الجمهور كما ادعاه العسقلاني، و هو رأى أبي عبدالله، و الثورى و أبى حنيفة، و الشافعي. و رأى الحنابلة و حكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم و هو منقول عن على عليه السلام و عمر و سائر الصحابة و التابعين مثل الأعمش و ابن أبي مليكة و الحارث الهمداني... و الكوفيين.

و ستعرف أنه موافق لرأى المشهور عند الإمامية - فإنهم أيضاً يقولون بالعشرين - و لكن فى غير العشر الأواخر، إذ فيها بزيادة عشرة ركعات. و سيأتى عرض الأقوال.

ب- كلمات فقهاء الإمامية

اشارة

أمّا عند الإمامية، فالمشهور هو ألف ركعة، في كل ليلة عشرون ركعة الى عشرين ليلة، و ثلاثون في العشر الأواخر، مع تفاصيل أخري تعرف من خلال مراجعة الموسوعات الفقهية، و نكتفى في المقام بنقل كلام السيد المرتضي و الطوسى و الحلبي و الحلّى و لنراقي و العاملي

ص: 36


1- في خصوص العشرين جماعة، و يصلى الباقى فرادي - انظر: عمدة القارى 127:11 و بداية المجتهد 1:210 – شرح الزرقاني 1:239.

و الطباطبائی:

1-السيد المرتضي

«و مما انفردت به الأمامية ترتيب نوافل شهر رمضان علي أن يصلّى فى كل ليلة منه عشرين ركعة، منها ثمان بعد صلاة المغرب، و إثنتا عشرة ركعة بعد العشاء الآخرة، فإذا كان في ليلة تسع عشرة صلّي مائة ركعة، و يعود في ليلة العشرين إلى الترتيب الذي تقدم، و يصلّى في ليلة احدي و عشرين، مائة ركعة، و في ليلة اثنتين و عشرين، ثلاثين ركعة، منها ثمان بعد المغرب و الباقى بعد صلاة العشاء الآخرة...». (1)

2-الشيخ الطوسي

«يصلّى طول شهر رمضان ألف ركعة زائداً علي النوافل المرتبة في سائر الشهور، عشرين ليلة في كل ليلة عشرين ركعة، ثمان بين العشائين و اثنتا عشرة بعد العشاء الآخرة.

و فى العشر الأواخر كل ليلة ثلاثين ركعة، في ثلاث ليال و هى ليلة تسع عشرة و ليلة إحدي و عشرين، و ليلة ثلاث و عشرين، كل ليلة مائة ركعة». (2)

3-أبو الصلاح الحلبى

«و من السنّة أن يتطوع الصيام (3) في شهر

ص: 37


1- الإنتصار : 55 .
2- الخلاف 1:530، مسألة رقم 469 .
3- و فى المختلف 2:349، قال ابو الصلاح: من السنة ان يتطوع الصائم.

رمضان بألف ركعة، يصلّى من ذلك في العشرتين الأوليتين كل ليلة عشرين ركعة : ثمان ركعات بعد نوافل المغرب و اثنتى عشرة ركعة بعد عشاء الآخرة، و قبل الركعتين من جلوس، و يصلّى كل ليلة من العشر الأخيرة ثلاثين ركعة ...». (1)

4-أبو الحسن الحلبى

«و ما يستحب من الصلاة عند سبب نافلة شهر رمضان، يزاد فيه علي المرتب فى اليوم والليلة ألف ركعة، يبتدى بعشرين ركعة من أول ليلة منه، ثمانية بعد نافلة المغرب، و الباقي بعد العتمة قبل الوتيرة إلى ليلة النصف يزاد على العشرين...». (2)

5-العلامة الحلّى

«و هى ألف ركعة يصلّى كل ليلة عشرين ركعة، منها ثمان بعد المغرب و إثنتا عشرة بعد العشاء». (3)

6-الفاضل النراقى

«ألف ركعة نافلة شهر رمضان زيادة على النوافل المرتبة، فإنها مستحبة علي الأشهر رواية و فتوي، بل عليه الاجماع.

ثم في كيفية توزيع الألف علي الشهر صورتان بكل منهما طائفة:

إحداهما: أن يصلّى فى كلّ ليلة من الشهر عشرين ركعة، ثمان بعد

ص: 38


1- الكافي في الفقه: 159
2- اشارة السبق: 105.
3- قواعد الاحكام 1:40

المغرب و اثنتى عشرة بعد العشاء، أو بالعكس، و يزيد في العشر الاخر فى كل ليلة عشر ركعات بعد العشاء و فى الليالى الثلاثة القدرية مائة زائدة على وظيفتها.

ثانيتهما: ما ذكر، إلا انه يقتصر في الليالي الثلاثة على المائة». (1)

7-السید العاملی

7- قال السيد العاملي: «یصلّى كل ليلة عشرين إجماعاً كما في الإنتصار و الخلاف و كشف اللثام، و فى المنتهي لاخلاف فيه بين علمائنا القائلين بالوظيفة». (2)

8-السيد الطباطبائی

«و قد اختلفت الروايات في توظيفها و استحبابها إلا أنّ أشهر الروايات و أكثرها و أظهرها بين الأصحاب بحيث كاد أن يكون منهم إجماعاً كما يستفاد من جملة من العبارات، بل بإنعقاده صرّح الحلى و المرتضى و الفاضل فى المختلف حاكياً له عن الديلمي، و ربما احتمله عبارة الخلاف أيضاً.. يدلّ على استحباب ألف ركعة زيادة على النوافل المرتبة اليومية.

و قول الصدوق بأنه لا نافلة في شهر رمضان زيادة علي غيره (3)شاذ.

ص: 39


1- مستند الشيعة 6:379 - انظر: ذخيرة الصالحين للشيخ محمدرضا الطبسى 2:341.
2- مفتاح الكرامة 3:255
3- من لا يحضره الفقيه 2:139

و كيف كان فالمذهب ما عليه الأصحاب، و قد اختلفوا في كيفية توزیع الألف ركعة على الشهر، فالمشهور أنه يُصلّي في كل ليلة من العشرين الأولين، عشرون ركعة موزعة و هكذا...». (1)

أقول: يري بعض متأخرى المتأخرين أن كلام الصدوق في القضية لا يدل علي نفى المشروعية، بل الظاهر أنه إنما ينفى تأكد الإستحباب لصراحته بأنه لايري بأساً بالعمل بما ورد فيها من الأخبار. (2)

ج- موقف مغاير للجمهور

اشارة

هذا ولكن للكحلانى المعروف بالأمير مؤلّف سبل السلام رأى سلبي في خصوص العشرين و أنه لم يرد به حديث صحيح، بل الحديث الصحيح، ورد بخصوص إحدي عشرة ركعة، فيري ان التراويح على هذا الاسلوب الذي اتفق عليه الأكثر بدعة، فالمحافظة على هذه الكمية و الكيفية و تسميتها بأنها سنة ليس لها أساس صحيح، بل يراها من مصاديق البدعة و كذلك من الشوكاني في نيل الأوطار:

ص: 40


1- رياض المسائل 4:197 – انظر: جواهر الكلام 12:187
2- انظر الحدائق 1:509 – و قد حاول البعض حمل حديث نفى النوافل علي نفى كونها سنة موقوتة موظفة لا ينبغى تركها كالرواتب اليومية. انظر الحدائق :10:513 – الوافی 11:438

1- کلام الكحلانى

1_ کلام الحلانی: (1) «... ليس فى العشرين رواية مرفوعة، بل

ص: 41


1- السيد محمد بن اسماعيل بن صلاح الأمير الكحلانى ولد سنة 1059 ه بكحلان و هي من اشهر مخاليف اليمن، و فيه بينون و رعين و هما قصران عجيبان، و بين كحلان و ذمار ثمانية فراسخ، و بينه و بين صنعاء اربعة و عشرون فرسخاً. معجم البلدان 4:439. و انتقل الى صنعاء فأخذ من علمائها ثم رحل إلى مكة، و قرأ الحديث علي أكابر علمائها و علماء المدينة و برع فى العلوم المختلفة حتى بزّ أقرانه، و تفرد بالرئاسة العلمية في صنعاء، و أظهر الاجتهاد و الوقوف مع الادلة، و نفّر من التقليد، و زيّف ما لا دليل عليه من الآراء الفقهية... و لقد التف حوله كثيرون من الخاصة و العامة. و قرأوا عليه كتب الحديث و عملوا بأجتهاداته (سبل السلام 16، المقدمة)،... و قالوا فيه: محدث، فقيه ،أصولى، مجتهد متكلم، من أئمة اليمن (معجم المؤلفين 9:56)، و له نحو مائة مؤلف، و هو مجتهد من بيت الإمامة، أصيب بمحن كثيرة من الجهلاء و العوام الاعلام 6:263 و 10:190 – انظر: خلاصة الاثر فى اعيان القرن الحادى عشر للمحبى 3:396 – البدر الطالع 2:133 – ايضاح المكنون 1:51).

حديث عائشة المتفق عليه: أنه صلى الله عليه و آله ما كان يزيد في رمضان و لا غيره على إحدي عشرة ركعة.

فعرفت من هذا كلّه أنَّ صلاة التراويح علي هذا الأسلوب الذى اتفق عليه الأكثر بدعة. نعم قيام رمضان سنّة بلاخلاف، و الجماعة في نافلته لا تنكر ... لكن جعل هذه الكيفية و الكميّة سنّة، و المحافظة عليها هو الذى نقول إنه بدعة.

و هذا عمر، خرج أولاً والناس أوزاع متفرقون، منهم من يصلّى منفرداً، و منهم من يصلّى جماعة علي ما كانوا في عصره صلى الله عليه و آله و خير

ص: 42

الأمور ما كان علي عهده...

و أما حديث عليكم بسنتى و سنة الخلفاء الراشدين بعدى... و مثله حديث اقتدوا بالذين من بعدى، فانه ليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته صلى الله عليه و آله من جهاد الأعداء و تقوية شعائر الدين و نحوها. فإنَّ الحديث عام لكلّ خليفة راشد لا يخص الشيخين، و معلوم من قواعد الشريعة أن ليس لخليفة راشد أن يشرّع طريقة غير ما كان عليها النبي صلى الله عليه و آله.

ثم عمر نفسه الخليفة الراشد سمي ما رآه من تجميع صلاته ليالى رمضان بدعة. و لم يقل إنها سنة، فتأمل.

علي أن الصحابة - رضى الله عنهم - خالفوا الشيخين في مواضع و مسائل فدل أنهم لم يحملوا الحديث علي أن ما قالوه و فعلوه حجة.

و قد حقق البرماوى الكلام فى شرح ألفيته في أصول الفقه مع أنه قال: إنّما الحديث الأول يدل أنه إذا اتفق الخلفاء الاربعة علي قول كان حجة لا إذا انفرد واحد منهم، و التحقيق أن الإقتداء ليس هو التقليد، بل هو غيره كما حققناه في شرح نظم الكافل في بحث الإجماع». (1)

2- کلام الشوكاني

«إنّ الذى دلّت عليه أحاديث الباب و ما

ص: 43


1- سبل السلام 2:11.

يشابههما هو مشروعية القيام فى رمضان و الصلاة فيه جماعة و فرادى فقصر الصلاة المسمّاة بالتراويح علي عدد معين و تخصيصها بقراءة مخصوصة لم يرد به سنّة». (1)

كما أن البعض منا أيضاً لم يوافق علي هذا الأسلوب السائد بين أهل السنّة، و المحافظة عليه، و يري فيه قريباً من رأى الأمير الكحلاني: و اليك الرأى المغاير:

3- کلام العلامة المجلسي

«إنه يظهر من روايات أهل السنّة أن النبي صلى الله عليه و آله لم يصل عشرين ركعة تُسمي: التراويح، و إنما كان يصلى ثلاث عشر ركعة، و لم يدل شيء من رواياتهم التي ظفرنا بها علي استحباب هذا العدد المخصوص، فضلاً عن الجماعة فيها.

و الصلاة و ان كانت خيراً موضوعاً، يجوز قليلها و كثيرها، إلا أن القول باستحباب عددٍ مخصوص منها فى وقت مخصوص علي وجه الخصوص بدعة و ضلالة، و لاريب فى أن السنة يرونها سنة و كيدة، و يجعلونها من شعائر دينهم». (2)

صلاة التراويح جماعةً من بدع الخليفة عمر

اشارة

يظهر من بعض النصوص أن أوّل من سن الجماعة في نوافل

ص: 44


1- نیل الاوطار 3:53.
2- انظر: البحار ج 29، ص 15.

رمضان هو الخليفة عمر بن الخطاب. فلم يكن ذلك في زمن الرسول صلى الله عليه و آله ولا فى زمن الخليفة الاول، بل رأى استحسنه الخليفة الثاني، و حرّض الناس عليه، و قد اعترف هو بأن ذلك بدعة منه حيث قال: نعم البدعة! و ان لم يلتزم به هو بل كان يصلّى فرادي و في البيت لا في المسجد.

و قد صرح بذلك القسطلاني، و القلقشندى و ابن قدامة و العيني و غيرهم، و سيأتي كلماتهم.

أ- حديث البخاري

«عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير، عن عبدالرحمن بن عبدالقارى، أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلّى الرجل لنفسه، و يصلى الرجل فيصلى بصلاته الرهط، فقال عمر: إنى أري لو جمعت هؤلاء علي قارىء واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم علي أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخري و الناس يصلّون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعم البدعة هذه، و التى ينامون عنها أفضل من التى يقومون، يريد آخر الليل، و كان الناس يقومون أوله». (1)

ب- كلمات الاعلام

اشارة

ص: 45


1- البخاری 1:342 عبدالرزاق 4: 258، ح7723 .

1- القسطلاني

«سماها - أى عمر - بدعة لأنه صلى الله عليه و آله لم يبين لهم - الاجتماع لها و لا كانت فى زمن الصديق و لا أول الليل و لاكل ليلة و لا هذا العدد». (1)

2- ابن قدامة

«و نسبت التراويح الى عمر بن الخطاب لأنه الناس على أبي بن كعب، فكان يصليها بهم». (2)

3- العينى

«و إنما دعاها بدعة، لأن رسول الله صلى الله عليه و آله لم يسنّها لهم و لا كانت في زمن أبي بكر...

ثم البدعة علي نوعين: إن كانت مما يندرج تحت مستحسن في الشرع فهي بدعة حسنة، و ان كانت مما يندرج تحت مستقبح في الشرع فهي بدعة مستقبحة». (3)

أقول: سيأتى البحث في البدعة و أنها نوعاً واحداً و هى ضلال و محرم.

4- القلقشندى

«فى أوليات عمر: هو أول من سن قيام شهر رمضان و جمع الناس علي إمام واحد فى التراويح و ذلك في سنة أربع عشرة». (4)

ص: 46


1- إرشاد الساری 4:657.
2- المغنى 2:166.
3- عمدة القاری 11:126.
4- مآثر الأنافة في معالم الخلافة 2:337 – عالم الكتب، بيروت.

هذا و قد نص الباجي و السيوطى و السكتوارى و غيرهم أيضاً علي أن أول من سنّ التراويح هو عمر بن الخطاب.

و صرّحوا أيضاً بأن إقامة النوافل بالجماعات في شهر رمضان من محدثات عمر. (1)

و عن ابن سعد والطبرى و ابن الأثير: أن ذلك كان في شهر رمضان سنة أربع عشر، و جعل للناس بالمدينة قارئين، قارئاً يصلّى بالرجال، و قارئاً يصلّى بالنساء. (2)

5- الباجي وابن التين

5_ الباجي و ابن التين و...: «استنبط عمر ذلك من تقرير النبي صلي الله عليه و آله من صلّى معه فى تلك الليالى، و ان كان كره ذلك لهم، فإنما كرهه خشية أن يفرض عليهم، فلمّا مات أمن ذلك». (3)

أقول: تراهم لا يخفون الأمر، و ان ذلك كان من محدثات عمر بن الخطاب و استنباطاته. ولكنهم فى مقام التبرير لفعله، يدعون أن النبي صلى الله عليه و آله كان راضياً بهذه البدعة!!

6- ابن عبدالبر

قال «لم يسن عمر الا ما رضيه صلى الله عليه و آله و لم يمنعه من

ص: 47


1- محاضرات الاوائل: 149 ط عام 1311 – و ص 98 ط عام 1300 و شرح المواهب للزرقاني 7:149 – طرح التثريب 3:92 .
2- طبقات ابن سعد 3:281 – تاريخ الطبری 5:22 – الكامل لابن الاثیر 2:41 – تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزی 54
3- شرح الزرقاني 1:237 – مصنف عبدالرزاق 7:262، ح 7735

المواظبة عليه إلا خشية أن يفرض علي أمته.. فلما أمن ذلك عمر، أقامها و أحياها فى سنة أربع عشرة من الهجرة». (1)

7- الزرقاني

قال بعد قوله نعمت البدعة: و هذا تصريح منه بأنه أول من جمع الناس في قيام رمضان علي إمام واحد لأن البدعة ما ابتدأ بفعلها المبتدع و لم يتقدمه غيره، فابتدعه عمر و تابعه الصحابة و الناس الى هلم جراً، و هذا يبين صحة القول بالرأى و الاجتهاد.

فسمّاها بدعة، لأنه صلى اله عليه و آله لم يسن الإجتماع لا و لا كانت في زمان الصديق.

و هو لغة ما أحدث علي غير مثال سبق، و تطلق شرعاً علي مقابل السُنّة، و هى مالم يكن فى عهده». (2)

8- الكحلانى

«ان عمر هو الذى جعلها جماعة علي مُعيَّن وسماها بدعة و أما قوله: نعم البدعة فليس في البدعة ما يمدح بل كل بدعة ضلالة». (3)

و هذه الكلمات كلها شواهد علي أن التراويح جماعة تكون بدعة مقابل السنّة النبوية، قد ابتدعها الخليفة الثاني.

ص: 48


1- شرح الزرقاني 1:237 – 238.
2- شرح الزرقانی 1:237
3- سبل السلام 2:10 – انظر: بداية المجتهد 1:210

و هذا هو الذي دعي الفقهاء - من الفريقين - للبحث في حكمها جماعة، و هل ان الجماعة فيها مشروعة أم لا، و سيأتى البحث عنها.

حكم الجماعة في نوافل شهر رمضان

اشارة

إن عدم تشريع النوافل الرمضانية جماعة علي عهد النبي صلى الله عليه و آله و ابتداع ذلك من قبل الخليفة الثانى، هو الذي صار منشأ للخلاف الفقهي العميق، و محطاً للنزاع و التضارب العلمي بين علماء الإسلام، فتري شريحة من المسلمين - و هم الإمامية - ناقشت أصل مشروعية الجماعة فيها، و نفت جوازها، مستندة إلى اثباتات و أدلة قوية، ولكن المؤسف أن البعض لم يتفهم موقف الإمامية و مبناهم، فزعم أنهم ينكرون أصل نوافل شهر رمضان مع أن الامر ليس كذلك. بل المردود و المنفى عندهم اقامة النوافل جماعة، و يرونه بدعة، كما صرح الخليفة الثاني نفسه بذلك أيضاً.

هذا و لبعض السنّة - أيضاً - رأى ليس ببعيد عن الموقف الإمامي.

فالشافعی کرهها جماعة، و بعضهم حببها فرادي و فى البيت.

فالمسألة غير متفق عليها تماماً حتى عند أهل السنة و إن كان رأى الكثير منهم اقامتها جماعة.

أ- رأي فقهاء السنّة

اشارة

ص: 49

1- عبدالرزاق

«عن ابن عمر أنه كان لا يقوم خلف الإمام في رمضان». (1)

و عنه أيضاً: «.. عن مجاهد، قال: جاء رجل إلى إبن عمر، قال: أصلى خلف الإمام فى رمضان؟ قال: أنقرأ القرآن؟ قال: نعم، قال: أفتنصت كأنك حمار، صل في بيتك». (2)

2- السرخسى

«قال الشافعى: لا بأس بأداء الكلّ جماعة كما قال مالك - رحمه الله -. بناء علي أن النوافل بجماعة مستحب عنده و هو مكروه عندنا.

قال السرخسى: و الشافعي - رحمه الله - قاس النفل بالفرض لأنه تبع له، فيجرى مجري الفرض فيعطي حكمه، و لنا أن الأصل في النوافل الإخفاء فيجب صيانتها عن الاشتهار ما أمكن، و فيما قاله الخصم إشهار، فلا يعمل به بخلاف الفرائض لأن مبناها علي الإعلان و الإشهار، و في الجماعة إشهار فكان أحق». (3)

و قال ايضاً: «الفصل الثاني، أنها تؤدّي بجماعة ام فرادي: ذكر الطحاوى فى اختلاف العلماء عن المعلّي و أبي يوسف رحمهما الله.

ص: 50


1- المصنف 5:264، ح7743 و 7742
2- المصنف 5:264، ح7743
3- المبسوط 2:144 – قال الشافعي: و أما قيام شهر رمضان، فصلاة المنفرد احب إلى منه»، الحاوى الكبير 2:368.

و ذكر أيضاً عن مالك - رحمه الله - أنهما قالا: إن أمكنه أداؤه في بيته صلّى كما يصلى فى المسجد من مراعاة سنة القراءة و أشباهه فيصلّى فى بيته.

و قال الشافعي - رحمه الله - في قوله القديم: أداء التروايح علي وجه الإنفراد، لما فيها من الإخفاء أفضل.

و قال عيسي بن أبان و بكار بن قتيبة و المزنى من اصحاب الشافعي و أحمد بن علوان رحمه الله: الجماعة أحب و أفضل، و هو المشهور عن عامة العلماء - رحمهم الله - و هو الأصح و الأوثق.

ثم قال - بعد استدلاله بحديث أبي ذر - و المبتدعة أنكروا أداءها بالجماعة في المسجد، فأداؤها بالجماعة جعل شعاراً للسنّة كأداء الفرائض بالجماعة شرع شعار الإسلام». (1)

تعليقة على كلام السرخسي

أقول: لا أدرى بمن يعرض - السرخسى - و من يذم! و من يقصد بالمبتدع مع أن الخليفة هو قال: نعم البدعة - نعمت البدعة.

و قد كره الشافعى إقامتها جماعة نظراً إلى أن الأصل في النوافل الإخفاء.

أم يعرّض بأمثال البغوى الذى نقل وجه أفضلية الإنفراد و استدل

ص: 51


1- المبسوط 2:145.

بفعل النبي صلى الله عليه و آله و قوله : صلوا في بيوتكم.

أم يعرّض بالإمامية الذين لايرون مشروعية الجماعة في النوافل إلا ما أخرجه الدليل. (1)

ثم كيف يكون اداؤها جماعة شعاراً للسنة، مع أن الخليفة الثاني أقر بأنها بدعة، و أنها مفضولة، و كان يصلّيها وحده، و قد تركت طيل عهد النبي صلى الله عليه و آله و ابى بكر و شطر من خلافة عمر، و كرهها جمع من أكابر السنة، مثل مالك و ابى يوسف و بعض الشافعية تبعاً للشافعى حيث أن الانفراد كان عنده أحب من الجماعة، فهولاء ليسوا من السنة - بزعم السرخسى - حيث انهم تركوا ما هو شعار السنة!!

فلو لم يجعلها النبي صلى الله عليه و آله شعاراً للإسلام و السنة، و لم يجعله الصحابة شعاراً للسنة، فكيف و بأى دليل، و من اين صار هذا شعاراً للسنة؟ يميّز به عن سائر المذاهب الإسلامية؟ أليس هذا من مصاديق البدعة و من ابرزها؟

ثم كيف تقاس هذه البدعة، بالجماعة في الفرائض؟ مع أن تشريع الجماعة فى الفرائض مما لاكلام فيه و اما تشريع الجماعة في التراويح، بالرأى و الاجتهاد و الاستحسان اذ قال الخليفة الثانى: إنى

ص: 52


1- قال العلامة الحلى: «و محل الجماعة الفرض دون النفل إلا في الاستسقاء و العيدين.. تذکرة الفقهاء 4:235

أري لو جمعتُ هؤلاء علي قاريءٍ واحدِ».

3- الموصلى

«و السنّة إقامتها بجماعة لكن على الكفاية فلو تركها أهل المسجد أساؤوا، و إن تخلّف عن الجماعة أفراد و صلّوا في منازلهم لم يكونوا مسيئين». (1)

4- البغوى

«و الأفضل أن يصلّيها جماعة أو منفرداً، نظر، إن كان الرجل لا يحسن القرآن، أو تختل الجماعة بتخلفه، أو يخاف النوم و الكسل ففعلها جماعة افضل.

و ان لم يكن شيء من ذلك ففيه و جهان:

أحدهما: الجماعة أفضل، لأن عمر بن الخطاب جمعهم علي أبي بن كعب.

و الثانى: منفرداً أفضل، لأن النبي صلى الله عليه و آله صلي ليالى في المسجد ثم لم يخرج باقى الشهر.

و قال: صلّوا في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلاّ المكتوبة. (2)

و الأوّل أصح، و إنما لم يخرج النبي صلى الله عليه و آله خشية أن تفرض عليهم». (3)

ص: 53


1- الاختيار 1:95.
2- البخاری 214: 2 – مسلم 1:539 – الترمذی 1:279
3- التهذيب في فقه الشافعي 2:233

5- المدونة الكبري

«سألت مالكاً عن قيام الرجل في رمضان أمع الناس أحب إليك أم في بيته؟ فقال: إن كان يقوي في بيته فهو أحبّ الى، و ليس كل الناس يقوي علي ذلك. و قد كان ابن هرمز ينصرف فيقوم بأهله، و كان ربيعة و عدد غير واحد من علمائهم ينصرف و لا يقوم مع الناس.

قال مالك: و أنا افعل مثل ذلك». (1)

6- القسطلاني

قال «ذهب آخرون إلى أن فعلها فرادي في البيت أفضل لكونه صلى الله عليه و آله و اظب علي ذلك، و توفى و الأمر علي ذلك، حتى مضي صدر من خلافة عمر، و قد اعترف عمر عمر، و قد اعترف عمر بأنها مفضولة، و بهذا قال مالك و أبويوسف و بعض الشافعية.

قال الزهرى: فتوفى رسول الله صلى الله عليه و آله و الأمر علي ذلك أن كل أحد يصلّى قيام رمضان في بيته منفرداً حتى جمع عمر الناس علي أبي بن كعب، فصلّي بهم جماعة و استمر العمل علي ذلك». (2)

7- الشوکانی

«قال مالک و ابویوسف و بعض الشافیة و غیرهم، الأفضل فرادی فی البیت لقوله صلی الله و علیه و آله: افضل الصلاة صلاة المرء فی بیته

ص: 54


1- المدونة الكبري 1:193
2- ارشاد الساری 4:659 – 661

إلا المکتوبة. متفق علیه. و قالت العترة: إنّ التجمع فیها بدعة». (1)

ب- رأى فقهاء الإمامية:

1- السيد المرتضي

قال «أما التراويح فلا شبهة أنها بدعة، و قد روى عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال: أيها الناس، إن الصلاة بالليل في شهر رمضان من النافلة جماعة بدعة..

و قد روى أنَّ عمر خرج في شهر رمضان ليلاً، فرأي المصابيح في المسجد، فقال: ما هذا؟ فقيل له: إن الناس قد اجتمعوا لصلاة التطوع.

فقال: بدعة، فنعمت البدعة!.

فاعترف، كما تري بأنها بدعة، و قد شهد الرسول صلى الله عليه و آله أن كل بدعة ضلالة.

و قد روى أن أمير المؤمنين عليه السلام لما اجتمعوا إليه بالكوفة فسألوه أن ينصب لهم إماماً يصلّى بهم نافلة شهر رمضان زجرهم و عرفهم أنَّ ذلك خلاف السنة ». (2)

و قال السيد المرتضي أيضاً: «فأما ادعاؤه - اى قاضي القضاة - أنَّ قيام شهر رمضان كان أيام الرسول صلى الله عليه و آله، ثم تركه فمغالطة منه، لأنا

ص: 55


1- نیل الاوطار 3:50 - انظر: مسند الامام زید الهامش:139.
2- تلخيص الشافى 1:193

لا ننكر قيام شهر رمضان بالنوافل على سبيل الإنفراد، و إنّما أنكرنا الاجتماع علي ذلك.

فإن ادعي أن الرسول صلى الله عليه و آله صلاها جماعة في أيامه فانها مكابرة ما أقدم عليها أحد، و لو كان كذلك ما قال عمر: إنها بدعة!

و إن أراد غير ذلك فهو مما لا ينفعه، لأن الذى أنكرناه غيره». (1)

و قال أيضاً: «ومما ظن انفراد الإمامية به المنع من الإجتماع في صلاة نوافل شهر رمضان و كراهية ذلك، و اكثر الفقهاء يوافقهم على ذلك. لأن المعلّي روي عن أبي يوسف أنه قال: من قدر علي أن يصلّى في بيته كما يصلّى مع الإمام في شهر رمضان فأحب إلى أن يصلى في بيته.

و كذلك قال مالك، قال: و كان ربيعة و غير واحد من علمائنا ينصرفون، و لا يقومون مع الناس، و قال مالك: أنا افعل ذلك. و ما قام النبي صلى الله عليه و آله إلا في بيته.

و قال الشافعي: صلاة المنفرد في قيام شهر رمضان أحبّ إلى و هذا كلّه حكاه الطحاوى فى كتاب الإختلاف.

فالموافق للإمامية فى هذه المسألة أكثر من المخالف.

و الحجّة لنا الاجماع المتقدم، و طريقة الإحتياط، فإن المصلّى

ص: 56


1- شرح ابن ابى الحديد 12:283 عن الشافى – تلخيص الشافی 4:52.

للنوافل في بيته غير مبدع و لا عاص بإجماع، و ليس كذلك إذا صلاها في جماعة.

و يمكن أن يعارضوا فى ذلك بما يروونه عن عمر بن الخطاب من قوله - و قد رأي اجتماع الناس في صلاة نوافل شهر رمضان - بدعة، و نعمت البدعة هي!

فاعترف بأنها بدعة و خلاف السنة و هم يروون عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال: كل بدعة ضلالة و كل ضلالة فى النار..». (1)

2- الشيخ الطوسى

«نوافل شهر رمضان تصلّي منفرداً، و الجماعة فيها بدعة، و قال الشافعي: صلاة المنفرد احب إلى منه... انظر: المجموع 4:5 و دليلنا إجماع الفرقة...». (2)

3- البحراني

«لا ريب أن الجماعة في هذه النافلة محرمة عند أصحابنا - رضوان الله عليهم - و قد تكاثرت به أخبارهم». (3)

موقف النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام من التراويح (جماعة)

1- رواية الكلينى

«على بن ابراهيم، عن محمد بن عيسي بن

ص: 57


1- الانتصار: 55
2- الخلاف 528 :1 الرقم 268
3- الحدائق الناضرة 10:521

عبيد، عن يونس، عن أبى العباس البقباق، و عبيد بن زرارة، عن أبى عبدالله علیه السلام قال: كان رسول الله رسول الله صلى الله عليه و آله يزيد في صلاته في شهر رمضان، إذا صلّي العتمة صلّي بعدها، فيقوم الناس خلفه فيدخل و يدعهم، ثم يخرج أيضاً فيجيئون و يقومون خلفه فيدعهم و يدخل مراراً.

قال: و قال لاتصل بعد العتمة فى غير شهر رمضان». (1)

قال المجلسي: «الحديث صحيح و يدل علي عدم جواز الجماعة في نافلة شهر رمضان و لا خلاف فيه بين أصحابنا، و قد اعترفت العامة بأنه من بدع عمر.

و أما قوله: لا تصل بعد العتمة، فلعله محمول علي غير النوافل المرتبة ». (2)

و في رواية اخري له ايضاً: « على بن ابراهيم عن أبيه، عن حماد إبن عيسي، عن إبراهيم بن عثمان، عن سليم بن قيس الهلالي قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام فحمد الله و أثنى عليه، ثمّ صلّي علي النبي صلى الله عليه و آله ثم قال: .. والله لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلا فى فريضة، و أعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة،

ص: 58


1- الکافی 4:154 ح 2 - التهذيب 3:61 - وسائل الشيعة 8:46 ب 10 ح 3 و 8:22 ح1.
2- مرآة العقول 16:378 – و قال في ملاذ الاخيار 5:15 «الحدیث صحیح».

فتنادي بعض أهل عسكرى، ممن يقاتل معى: يا أهل الاسلام غيّرت سنّة عمر، ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعاً، و لقد خفت ان يثوروا فى ناحية جانب عسكرى». (1)

قوله: يثوروا: أى يهيجوا (2)

2- رواية الصدوق

«محمد بن على بن الحسين بأسانيده، عن زرارة و محمد بن مسلم و الفضيل: أنهم سألوا أبا جعفر الباقر و أباعبدالله الصادق عليهما السلام عن الصلاة في شهر رمضان نافلة بالليل في جماعة؟ فقالا: إنَّ رسول الله صلى الله عليه و آله كان إذا صلّي العشاء الآخرة انصرف إلى منزله، ثم يخرج من آخر الليل إلى المسجد فيقوم فيصلّى، فاصطف الناسُ خلفه، فهرب منهم إلى بيته و تركهم، ففعلوا ذلك ثلاث ليال، فقام فى اليوم الثالث على منبره، فحمد الله و أثنى عليه ثم قال:

ص: 59


1- الكافى 8: 62 – عنه الشيعة 8:46 ب 10 ح 2 و مستدرك الوسائل 06:217 قال المجلسي: الخبر مختلف فيه بسليم، و علي هذه النسخة لعل فيه إرسالاً إذ لم يعهد برواية ابراهيم بن عثمان و هو أبوايوب الخزاز عن سليم. و قد مرَّ مثل هذا السند مراراً، عن ابراهيم بن عمر اليماني عن أبان بن أبي عياش عن سليم. و لعله سقط من النساخ، فالخبر ضعيف علي المشهور. لكن عندى معتبر لوجوه ذكرها محمد بن سليمان في كتاب منتخب البصائر و غيره». مرآة العقول 25:131 اقول: اضف الى وجود قرائن خارجية و مؤيدات من الروايات الموثقة و الصحيحة تؤيد مضمون هذا الخبر.
2- مجمع البحرين 2:337.

أيها الناس إن الصلاة بالليل فى شهر رمضان من النافلة في جماعة بدعة. و صلاة الضحي بدعة، ألا فلا تجمعوا ليلاً في شهر رمضان الصلاة الليل، (1) و لا تصلوا صلاة الضحي فإن تلك معصية، ألا و إن كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة سبيلها إلى النار، ثم نزل و هو يقول: قليل في سنة خير من كثير فى بدعة ». (2)

قال الشيخ الطوسي معلقاً على الرواية: «ألا أنه تري عليه السلام لما أنكر الصلاة في شهر رمضان، أنكر الإجتماع فيها و لم ينكر نفس الصلاة، و لو كان نفس الصلاة منكراً مبتدعاً لأنكره كما انكر الاجتماع فيها. و يؤيد ذلك أيضاً ما رواه علي بن الحسن بن فضال..». (3)

3- رواية الطوسي

على بن الحسن بن فضال، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد المدايني عن مصدق بن صدقة، عن

ص: 60


1- أقول: يري المجلسى أنّ هذا الحديث مرتبط بصلاة الليل لانوافل رمضان حيث قال: «الحديث صحيح، و لا يخفي أن ظاهر هذا الخبر نافلة الليل لا صلاة ليالى شهر رمضان. قوله خير: كأنه علي سبيل المماشاة، أى لوكان فى البدعة خير فالإقتصار علي السنة خير منه، وفي القرآن مثله كثير. ملاذ الاخيار 5:29 ولكن هذا الاستظهار منه - رحمه الله بعيد و خلاف الظاهر. اذ لا خصوصية لنوافل الليل.
2- الفقيه 2:87 – وسائل الشيعة 8:45 – انظر : تهذيب الاحکام 3:69 ح 226 – والاستبصار 1:467
3- تهذيب الاحكام 3:70 – و حديث إبن فضال يأتي بعده.

عمار، عن أبي عبدالله علي السلام قال: سألته عن الصلاة من رمضان في المساجد؟

فقال: لما قدم أمير المؤمنين عليه السلام الكوفة أمر الحسن بن على عليه السلام أن ينادى فى الناس: لاصلوة فى شهر رمضان في المساجد جماعة، فنادي في الناس الحسن بن على عليه السلام بما أمره به أمير المؤمنين عليه السلام، فلمّا سمع الناس مقالة الحسن بن على عليه السلام صاحوا: وا عمراه، وا عمراه.

فلما رجع الحسن عليه السلام إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال له: ما هذا الصوت؟

قال يا أمير المومنين عليه السلام الناس يصيحون وا عمراه، وا عمراه.

فقال اميرالمؤمنين عليه السلام: قل لهم صلّوا». (1)

و الحديث و ثقه المجلسي. (2)

قال الطوسى: «فكأن أمير المؤمنين عليه السلام أيضاً لما أنكر، انكر الإجتماع و لم ينكر نفس الصلاة، فلما رأي أنّ الأمر يفسد عليه و يفتتن الناس أجاز أمرهم بالصلاة علي عادتهم، فكل هذا واضح بحمد الله». (3)

4- رواية العلامة الحلّى

«عن الصادق و الرضا عليهم السلام: لما دخل

ص: 61


1- تهذيب الاحكام 3:70 ح 227 – عنه وسائل الشيعة 8:46 ب 10 ح 2 – انظر: شرح نهج البلاغة 12: 282
2- ملاذ الاخيار 5:29
3- تهذيب الاحكام 3:70.

رمضان إصطف الناس خلف رسول الله صلى الله عليه و آله. فقال: أيها الناس هذه نافلة فليصل كل منكم وحده و ليعمل ما علمه الله فى كتابه. و اعلموا انه لا جماعة فى نافلة، فتفرق الناس». (1)

5- رواية إبن إدريس

روي إبن إدريس في آخر السرائر نقلاً من كتاب أبي القاسم جعفر بن قولويه، عن أبي جعفر و أبي عبدالله عليهما السلام: لما كان أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة أتاه الناس فقالوا له: إجعل لنا إماماً يؤمنا في رمضان، فقال لهم: لا، ونهاهم أن يجتمعوا فيه، فلمّا أمسوا جعلوا يقولون: إبكوا ،رمضان، و ارمضاناه. فأتي الحارث الأعور فى أناس، فقال: يا أمير المؤمنين، ضح الناس وكرهوا قولك.

قال: فقال عند ذلك: دعوهم و ما يريدون ليصل بهم من شاؤوا، ثم قال: «وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (2)». (3)

6- رواية القاضى نعمان

روي القاضي نعمان عن أبي عبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام انه قال: صوم شهر رمضان فريضة، و القيام في جماعة، فى ليله بدعة، و ما صلاها رسول الله صلى الله عليه و آله [في لياليه بجماعة

ص: 62


1- تذکرة الفقها 4:235- نقله المحقق الحلی فی المعتبر: 238.
2- سورة النساء: 115
3- السرائر / المستطرفات 3:639 – وسائل الشيعة 8:47 ب 10 ح 5؛ ورواه العياشي في تفسيره 1:275 عن حريز، عن بعض اصحابنا عن احدهما عليهما السلام.

التراويح]، و لو كان خيراً ما تركها، و قد صلّي في بعض ليالى شهر رمضان وحده صلى الله عليه و آله، فقام قوم خلفه فلما أحس بهم دخل بيته، ففعل ذلك ثلاث ليال. فلما أصبح بعد ثلاث ليال صعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، لا تُصَلّوا غير الفريضة ليلاً في شهر رمضان و لا فى غيره فى جماعة، إنَّ الذي صنعتم بدعة، و لا تُصلّوا ضحي، فان الصلوة ضُحي بدعة، و كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة سبيلها الى النار، ثم نزل و هو يقول: عمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة». (1)

قال: و قد روت العامة مثل هذا عن رسول الله صلى الله عليه و آله، و إن الصلوة نافلة فى جماعة فى ليل شهر رمضان لم تكن فى عهد رسول الله صلى الله عليه و آله، و لم تكن فى أيام أبى بكر و لا في صدر من أيام عمر، حتى أحدث ذلك عمر فاتبعوه عليه. و قد رووا نَهى رسول الله صلى الله عليه و آله، نعوذ بالله من البدعة فى دينه و ارتكاب نهى رسول الله صلي الله عليه و آله». (2)

قال النورى قال أبو القاسم الكوفى فى كتاب الإستغاثة: إن رسول الله صلى الله عليه و آله إستن علي المصلين النوافل في ليل رمضان فرادي،

ص: 63


1- دعائم الاسلام 1:213 – عنه بحار الانوار 97:381 ومستدرك الوسائل 6:217 ب 7 ح 2.
2- المصادر السابقة.

و هي التي تسمي التراويح، فاجتمعت الأمة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه و آله لم يرخص في صلاتها جماعة، فلما ولى عمر، أمرهم بصلاتها جماعة، فصلوا كذلك و جعلوها من السنن المؤكدة ثم والوا عليها و واظبوا و هم فى ذلك مُقرون بأنها بدعة ثم يزعمون أنها بدعة حسنة». (1)

7- رواية الحراني

عن الإمام الرضا عليه السلام: «و لا يجوز التراويح في جماعة ». (2)

قال الشيخ الطوسى: «فالوجه فى هذه الأخبار و ما جري مجراها أنه لم يكن رسول الله صلى الله عليه و آله يصلى صلاة النافلة في جماعة في شهر رمضان، و لو كان فيه خيراً لما تركه رسول الله صلى الله عليه و آله و لم يرد أنه لا يجوز أن يصلّي على الإنفراد». (3)

أدلّة القول بعدم جواز الجماعة في التراويح

أمّا دليل القول بعدم جواز الجماعة في التراويح فلعل الروايات السابقة التي ذكرناها فى موقف النبي صلى الله عليه و آله واهل بيته من التراويح بما فيها الصحيحة و الموثقة، و هى العمدة في المقام و بها الغنى و الكفاية

ص: 64


1- مستدرك الوسائل :6:218 عن الاستغاثة: 41
2- تحف العقول: 313 – بحار الانوار 10:363 – وسائل الشيعة 8:47.
3- تهذيب الاحکام 3:69 ذیل ح28

لنفى مشروعية الجماعة فى نوافل شهر رمضان. و إن كانت لهم أدلّة أخري منها:

أ- عمومات النهى عن الجماعة فى النافلة، إلا الاستسقاء و العيد و الاعادة:

1- عن جعفر بن محمد صلى الله عليه و آله... و لا يصلّى التطوع في جماعة، لأن ذلك بدعة، و كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة في النار».(1)

2- عن الامام الرضا عليه السلام في كتابه الى المأمون، قال: لايجوز أن يصلّي تطوع في جماعة، لأن ذلك بدعة، و كل بدعة ضلالة، و كلّ ضلالة في النار». (2)

و عن العلامة الحلى: «و لا تجوز (اى الجماعة) فى النوافل إلا الاستسقاء و العيدين المندوبين». (3)

و عن المحقق النجفى: «لاتجوز في شيء من النوافل على المشهور بين الأصحاب نقلاً و تحصيلاً، بل في الذكري نسبته الى ظاهر المتأخرين... و عن كنز العرفان: الاجماع عليه». (4)

ص: 65


1- وسائل الشيعة :8 334، باب 20 ح 6 و 5.
2- وسائل الشيعة 8:334، باب 20، ح6 و 5.
3- قواعد الاحکام 1:316.
4- جواهر الکلام 13:140.

ب_ الإجماع علي أن الجماعة فيها بدعة.

ص: 66

ج- رواية زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه و آله: «صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في المسجد إلا المكتوبة». (1)

د- تصريح الخليفة عمر بن الخطاب بأنها بدعة (2)وقد قال النبي صلي الله عليه و آله: «فان كل بدعة ضلالة». (3)

ه- ما روت عائشة: أنَّ النبي صلى الله عليه و آله صلّي في المسجد، فصلّي بصلاته ناس، ثم صلّي في القابلة، فكثر الناس، ثم اجتمعوا في الليلة الثالثة فلم يخرج اليهم رسول الله صلى الله عليه و آله فلما أصبح قال: رأيت الذى صنعتم فلم يمنعنى من الخروج اليكم إلا أنى خشيت أن يفرض عليكم. (4)».

اقول: و ان كان لنا نقاش فى بعض هذه الادلة خصوصاً حديث عائشة - و قد مر البحث عنه - ولكن المجموع من حيث المجموع، يوجب العلم بعدم مشروعية الجماعة فيها.

أدلّة القول بجواز الجماعة فيها

ص: 67


1- سنن أبى داود 2:69.
2- البخاری 1343.
3- سنن ابن ماجة 1:15 ح 42 – سنن ابی داود 4:200 – سنن الدارمي 1:44 والكافي 1:56 – وفيه: كل ضلالة في النار.
4- البخاری 1:343 – مسلم 1:524 ح 177

استدلوا للقول بجواز الجماعة فى نوافل شهر رمضان بما یلی:

1-إجماع الصحابة علي ذلك.

2- جمع النبي صلى الله عليه و آله أصحابه و أهله فصلّى بالناس جماعة كما في الحديث المنسوب إلى أبي ذر.

3- قوله صلى الله عليه و آله: «إنّ القوم اذا صلوا مع الامام حتى ينصرف كتب لهم قيام تلك الليلة»، و هذا خاص فى قيام رمضان فيقدم علي عموم ما احتجوا به.

4- قول النبي صلى الله عليه و آله فإنّه لم يخف على مكانكم ولكنى خشيت أن تفترض عليكم فتعجزوا عنها، و لهذا ترك النبي صلى الله عليه و آله القيام بهم معللاً

ص: 68

بذلك، أو خشية أن يتخذه الناس فرضاً.

5- جاء عن عمر أنه كان يصلّى فى جماعة.

6- إن فيها التشدّد في حفظ القرآن و المحافظة علي الصلاة.

7- ما قد روى عن أبي عبدالرحمن السلمى أن علياً على السلام قام بهم في رمضان.

8- و عن اسماعيل بن زياد قال: مرَّ أى على بن ابى طالب عليه السلام - على المساجد و فيها القناديل فى شهر رمضان. فقال: نور الله علی عمر قبره، كما نوّر علينا مساجدنا. (1)

مناقشة أدلة الجواز

أقول: أما الرواية الاخيرة فقد رويت مرسلة، لأن اسماعيل بن زياد، كان من معاصری ابن جریج و یروى عن التابعين او تابع التابعين، فكيف يمكنه الرواية عن على عليه السلام؟!

اضف الى ذلك، التأمل فى اسماعيل، فعن ابن عدى انه منكر الحديث فإن ما يرويه لا يتابعه احد عليه، اما إسناداً و إما متناً. وقال ابن حبان: شيخ دجال لا يحل ذكره في الكتب إلا علي سبيل القدح فيه». (2)

ص: 69


1- المغنی لابن قدامة 2:169
2- تهذيب الكمال 172: 2 - تهذيب التهذيب 1:262 - الكامل في الضعفاء1:315.

أمّا الرواية التي قبلها - رواية أبي عبد الرحمن السلمي - و روايات اخري بمفادها أنَّ علياً على السلام صلي بهم النوافل جماعة: أو أمر بذلك فكلّها مخدوشة سنداً و هي كما يلى:

1- أخبرنا أبوالحسين، ثنا موسى بن محمد بن علی بن عبدالله، ثنا أحمد بن عیسی بن ماهان الرازی ببغداد، ثنا هشام بن عمار، ثنا عيسي مروان بن معاوية، عن أبي عبدالله الثقفي، ثنا عرفجة الثقفى قال: كان على بن أبي طالب - رضى الله عنه - يأمر الناس بقيام شهر رمضان و يجعل للرجال إماماً و للنساء إماماً. قال عرفجة:

فكنت أنا إمام النساء».(1)

و فى السند كلام، فان مروان بن معاوية كثير النقل عن المجاهيل، (2)

2- أنبأ أبو عبدالله بن فنجويه الدينوري، ثنا أحمد بن محمد بن إسحاق بن عيسي السنّى، أنبأ أحمد بن عبدالله البزاز، عن سعدان بن يزيد، عن الحكم بن مروان السلمي، أنبأ الحسن بن صالح، عن أبي سعد البقال، عن أبي الحسن أنَّ على بن أبي طالب عليه السلام عليه السلام أمر رجلاً أن يصلّى بالناس خمس ترويحات عشرين ركعة.

ص: 70


1- السنن الكبري 2:695
2- سير أعلام النبلاء 9:53

و فيه ضعف و صرح به البيهقي، و لعلّ ضعفه من جهة أبى سعد، سعيد بن المرزبان البقال، فإنه متكلم فيه، كما قاله التركماني. (1)

3- أنبأ أبو عبدالله الحافظ، ثنا الحكم بن عبدالملك، عن قتادة عن الحسن، قال: أمنًا على بن أبى طالب عليه السلام في زمن عثمان بن عفان عشرين ليلة ثم احتبس، فقال بعضهم: قد تفرغ لنفسه، ثم أُمَّهُم أبو حليمة معاذ القارى فكان يقنت. (2)

و فيه الحكم بن عبدالملك، و هو ليس بثقة عند يحيى بن معين، و مضطرب الحديث عند أبي حاتم، و منكر الحديث عند أبي داود، و ضعيف الحديث عند يحیي. (3)

و أما رواية أبي عبدالرحمن السلمى عن على عليه السلام قال: دعا القُرآء في رمضان فأمر منهم رجلاً يصلّى بالناس عشرين ركعة، قال: و كان على رضوان الله عليه يؤثر بهم. (4) ففيه: عطاء و هو مختلط و سيء

ص: 71


1- السنن الكبري 2:699
2- السنن الكبري 2:702
3- تهذيب الكمال 5:93.
4- السنن الكبري 2:699.

الحفظ و ضعيف. (1) و فيه أيضاً: حماد بن شعيب، و ضعفه الازدى. (2)

فهذه الروايات التي مفادها أن علياً صلّي التراويح جماعة أو أمر

ص: 72


1- سیر اعلام النبلاء 6:112
2- تهذيب التهذيب 3:16.

بالجماعة فيها، كلها مورد للاشكال السندى، اضف الى ذلك ما مرّ من المعارض لها إن تم التعارض بما فيه صحيح السند منها الرواية برقم 3 و 4 و الرواية الثانية للكلينى فى ص 58 من هذا الكتاب ويؤيده:

ما روى عن ابن ابى الحديد أنَّ الإمام عليه السلام بعث الحسن عليه السلام ليفرقهم عن الجماعة في نافلة رمضان. ففى شرح النهج: «روى أن أمير المؤمنين عليه السلام لما اجتمعوا إليه بالكوفة فسألوه أن ينصب لهم إماماً يصلّى بهم نافلة شهر رمضان، زجرهم و عرفهم أنّ ذلك خلاف السنة، فتركوه و اجتمعوا لأنفسهم و قدموا بعضهم، فبعث إليهم إبنه الحسن عليه السلام، فدخل عليهم المسجد ومعه الدرّة، فلما رأوه تبادروا الأبواب، وصاحوا: وا عمراه». (1)

و أما حديث أبي ذرّ فضعيف: إذ فى السند مسلمة بن علقمة و هو المازني، أبو محمد البصرى، إمام مسجد داود بن أبى هند. كما يقال: في حفظه شيء، و قد سُئل أبو داود عنه؟ فقال: ترك عبدالرحمن حديثه، و قال النسائي: ليس بالقوى. (2)

و إليك نص الحديث:

«حدثنا محمد بن عبدالملك بن أبى الشوارب، ثنا مسلمة بن

ص: 73


1- شرح نهج البلاغة 12:283 – تلخیص الشافی 4:52
2- تهذيب الكمال 18:102

علقمة، عن داود بن أبى هند، عن الوليد بن عبدالرحمن الجرشي، عن صلي الله عليه و آله جبير بن نفير الحضرمي، عن أبي ذرّ قال: صُمنا مع رسول الله رمضان فلم يقم بنا شيئاً منه، حتى بقى سبع ليال، فقام بنا ليلة السابعة حتى مضي نحو من ثلثِ الليل، ثم كانت الليلة السادسة التي تليها، فلم يقمها، حتى كانت الخامسة التي تليها، ثم قام بنا حتى مضي نحو من شطر الليل، فقلت: يا رسول الله، لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه.

فقال: إنّه من قام مع الإمام حتى ينصرف، فإنه يعدل قيام ليلة، ثم كانت الرابعة التي تليها فلم يقمها، حتى كانت الثالثة التي تليها.

قال: فجمع نساءه وأهله، واجتمع الناس، قال: فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قيل: و ما الفلاح؟ قال: السحور، قال ثم لم يقم بنا شيئاً من بقية الشهر». (1)

و أمّا الجواب عن الدليل السادس: فإنَّ هذا الكلام - و هو أنَّ فيه التشدد في حفظ القرآن و المحافظة علي الصلاة - ليس بشيء لأن الله تعالى و رسوله بذلك أعلم. و لو كان كما قالوه لكانا يسنان هذه الصلاة و يأمران بها، و ليس لنا أن نبدع فى الدين بما نظن أنَّ فيه مصلحة، لأنه لا خلاف في أن ذلك لا يحل و لا يسوغ». (2)

ص: 74


1- سنن ابن ماجة 1:420 ب173 ح 1326 – سنن ابی داود 2:50
2- انظر: تلخیص الشافی 4:52

و اما الجواب عن الباقي فيظهر بأدنى تأمل.

كلمات الاعلام في ترك النبي صلى الله عليم واله للتراويح

اشارة

مما يؤيد كون الجماعة فى نوافل شهر رمضان مرغوب عنها هو ترك النبي صلى الله عليه و آله لها وكذلك الخليفة أبى بكر طيلة خلافته، و الخليفة عمر صدراً من خلافته، و تصريحه بأنها بدعة. و لم تصل إلينا رواية صحيحة مفادها أن علياً عليه السلام صلّي النوافل جماعة.

هذا و قد صرّح أعلام السنّة كالعسقلاني، و العينى، و غيرهما أنَّ النبي صلى الله عليه و آله لم يُصَل جماعة و لا شجعهم عليها في رواية قوية.

و إليك كلماتهم:

1- رأى العسقلانى

قال: فتوفى رسول الله صلى الله عليه و آله والناس - و فى رواية: والأمر - علي ذلك: أى علي ترك الجماعة في التراويح، و لأحمد من رواية أبى ذئب، عن الزهرى في هذا الحديث «و لم يكن رسول الله صلى الله عليه و آله جمع الناس علي القيام.

و أما ما رواه ابن وهب، عن أبى هريرة: خرج رسول الله صلى اله عليه و آله و إذا الناس في رمضان يصلّون فى ناحية المسجد، فقال: ما هذا؟

فقيل ناس يصلى بهم أبى بن كعب، فقال: أصابوا و نعم ما صنعوا،

ص: 75

ذكره ابن عبدالبر، و فيه مسلم بن خالد و هو ضعيف، و المحفوظ أنَّ عمر هو الذى جمع الناس علي أبي بن كعب». (1)

2- رأى العينى

«قوله: و الأمر علي ذلك، ثم كان الأمر علي ذلك في خلافة أبي بكر و صدراً من خلافة عمر، يعنى على ترك الجماعة فى التراويح.

قوله: «إنى أري هذا»، من اجتهاد عمر واستنباطه من إقرار الشارع الناس يصلّون خلفه ليلتين، و قاس ذلك علي جمع الناس علي واحد في الفرض». (2)

أقول: و مقصوده: إن الخليفة عمر اجتهد و استنبط جواز الجماعة فى نوافل رمضان من اقرار - و رضاء - النبي صلى الله عليه و آله بصلاة الناس خلفه - فى الليلتين او الاربعة - كما في حديث عروة عن عائشة. (3)

اذ لم ينههم عن الاجتماع حينما رآهم اجتمعوا و صلوا خلفه - و هذا هو الدليل الاول لعمر.

ص: 76


1- فتح الباری 4:296؛ انظر: الوشيح 2:405 – قال الكشميهني: و الأمر على ذلك: اى ترك الجماعة في التروايح. و ما روى عن عائشة: «كان الناس يصلّون في المسجد أوزاعاً فأمرنى رسول الله صلى الله عليه و آله فضربت له حصيراً فصلّي فيه رسول الله صلى الله عليه و آله وصلّي بصلاته الناس. أبو داود 2:67 و فهى غريبة كما قاله بهاء الدین ابن شداد (انظر: دلائل الأحكام 1:435).
2- عمدة القاری 11:125
3- يراجع الحديث الرابع من الصفحة رقم 13 من هذا الكتاب.

و الدليل الثانى هو القياس، حيث انه قاس جواز الجماعة في نوافل رمضان، بجواز الجماعة فى الفرائض، فكما انه يشرع في الثاني، كذلك يشرع في الأول.

اذن: دليل الخليفة عمر علي جواز التراويح هو اقرار النبي صلى الله عليه و آله و القياس.

اما الاقرار فقد عرفت انه لم يقررهم علي ذلك بل نهاهم و اظهر الانزجار - كما في بعض الروايات علي انه لا دلالة فيه علي ان النافلة كانت في شهر رمضان. هذا اولاً. و ثانياً وجود التأمل، و النقاش في السند، و ثالثاً: تأمل فقهاء السنّة في الأخذ بمضمونها.

و اما دليل القياس: فهو مع الفارق، اذ كيف يقاس الفرض بالنفل على فرض تسلّم المبنى و قبول القياس.

3- رأى السرخسى

«يوضح ما قلنا أن الجماعة لو كانت مستحبة في حق النوافل لفعله المجتهدون القائمون بالليل لأن كل صلاة جوزت علي وجه الإنفراد و بالجماعة، كانت الجماعة فيها أفضل، و لم ينقل أداؤها بالجماعة في عصره صلي الله عليه و آله و لا في زمن الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - و لا فى زمن غيرهم من التابعين فالقول بها مخالف للأمة أجمع و هذا باطل». (1)

ص: 77


1- المبسوط 2:144 - اظنه عن الشافعى.

4- رأى محمد الذهني

و جاء في شرح حديث أبي هريرة:

«فتوفى رسول الله و الامر علي ذلك، أى علي الحال التي كان الناس عليها في زمنه صلى الله عليه و آله من إحيائهم ليالى رمضان بالتراويح منفردين في بيوتهم.

و بعضهم في المسجد إما لكونهم معتكفين، أو لأنهم من أهل الصفّة المفردين، أو لأن لهم فى البيت ما يشغلهم عن العبادة فيكونون في المسجد من المغتنمين فلا مخالفة لأمره - عليه الصلاة والسلام - إياهم بصلاة التراويح في بيوتهم.

قوله: ثم كان الامر على ذلك: أى علي وفق زمانه صلى الله عليه و آله في جميع خلافة الصديق. و قوله: صدراً من خلافة عمر: أى أول خلافته. قال النووى: ثم جمعهم عمر علي أبى بن كعب». (1)

هل صلّى عمر بن الخطاب جماعة؟

اشارة

و قد استدلّوا علي جواز التراويح جماعة بصلاة الخليفة عمر، ولكن لم يثبت ذلك. و فيما يلى بعض التصريحات من أهل السنة.

1- جواب أبيطاهر

قال: «إن الثابت فى رواية عبدالرحمن بن عبد القارى: أن الذى كان يصلّى بالناس، اُبىُّ، و أنّ عمر كان يصلّى في

ص: 78


1- مسلم الهامش 1:293 – الشيخ محمد ذهني.

بيته، و لو صلّي مع الجماعة لكان هو الإمام بلا شك.

و قد تقدّم تفضيل النبي صلى الله عليه و آله النفل فى البيت علي الصلاة في مسجده إلاّ أن يكون هناك فائدة لا يحصلها في بيته كسماع القرآن من مسجده الإمام الحافظ». (1)

2- جواب العيني

قال: في شرح قوله: ثم خرجت معه - أى مع عمر ليلة أخري - و فيه إشعار بأن عمر كان لا يواظب الصلاة معهم، و كأنه يري أن الصلاة في بيته أفضل، و لاسيما في آخر الليل.

و عن هذا قال الطحاوي: التراويح فى البيت أفضل». (2)

هل البدعة تنقسم الى اقسام؟

اشارة

بعد أن اتضح من خلال هذه الابحاث أن التراويح لم تكن علي عهد رسول الله صلى الله عليه و آله و لا عهد ابى بكر، بل هي من ابداعات الخليفة الثانى، كما صرح هو بذلك حيث قال: نعم البدعة.

يبقي سؤال يطرح نفسه و هو هل أن البدعة اقسام و أنها تنقسم الى الاحكام الخمسة كما عن القسطلاني و ابن عابدين، و ان البدعة علي نوعين حسنة ،و مستقبحة، كما عن العيني، تبريراً لموقف الخليفة

ص: 79


1- المغنی 2:168
2- عمدة القاری 11:126.

الثاني و قوله.

أم أن البدعة تساوى الضلالة و النار، كما ورد في الحديث الشريف و عليه الكثيرون، كالشاطبي و غيره.

أنصار الرأى الأول

1- القسطلاني

بعد قول عمر - نعم البدعة هذه: «و هى - أى البدعة - خمسة: واجبة و مندوبة و محرمة و كروهة و مباحة، وحديث «كل بدعة ضلالة» من العام المخصوص، و قد رغب فيها عمر بقوله: نعم البدعه، و هى كلمة تجمع المحاسن كلها، كما أن بئس تجمع المساوىء كلها، و قيام شهر رمضان ليس بدعة، لأنه صلى الله عليه و آله قال: اقتدوا (1)

ص: 80


1- لنا مناقشة فى هذا الحديث سنداً و متنا فنقول: أولاً : لم يخرجه البخارى و لا مسلم في صحيحيهما، و قد ذهب غير واحد من اعلام القوم إلى عدم قبول ما لم يخرجه الشيخان من المناقب. و كثيرون منهم الى عدم صحة ما اعرض عنه ارباب الصحاح. ثانياً: قد ورد هذا الحديث بطرق ستة، و العمدة فيه طريق حذيفة و ابن مسعود. و لنركز النقاش علي هذين الطريقين فنقول : اما طريق حذيفة: ففيه الضعاف و المجاهيل اذ فيه عبدالملك بن عمير و هو اولاً مدلس ضعيف جداً، كثير الغلط، مضطرب الحديث جداً تهذيب التهذيب :6:47 - میزان الاعتدال 2:660 - تقریب التهذيب 1:521. و هو الذي ذبح عبدالله بن يقطر، او قيس بن مسهر رسول الحسين عليه السلام الى اهل الكوفة. فانه لما رمى بأمر ابن زياد - من فوق القصر و بقى به رمق أتاه عبدالملك بن عمير، فذبحة فلما عيب ذلك عليه، قال: إنما اردت أن اريحه. تلخيص الشافى 3:35 - روضة الواعظين: 177 - مقتل الحسين: 185). ثانياً: لم يسمعه من ربعي بن خراش و لا سمعه ربعى من حذيفة. انظر فيض القدير 2:56 و فى السند: سالم بن العلاء المرادى و هو ايضاً ،ضعیف انظر: میزان الاعتدال 2:112 - الکاشف 1:344

(1)

ص: 81


1- - الضعفاء الكبير 3:70) و فى السند عمرو بن هرم و قد ضعفه القطان: انظر میزان الاعتدال 3291 و فى اكثر طرقه مولى ربعي و هو مجهول انظر الاحكام 2243 اما الطريق الثانى و هو طريق ابن مسعود ففيه يحيى بن سلمة بن كهيل و هو ضعيف انظر تهذيب الكمال 20:113 - الكاشف 3:251، تهذيب التهذيب 11:225 - ميزان الاعتدال 4:254 و فيه ايضاً: اسماعيل بن يحيى، و هو متروك، میزان الاعتدال 1:254. و لذا قد اعله كثير من اهل السنة و اليك بعضهم: 1- قال العقيلى: حديث منكر لا اصل له الضعفاء الكبير 495 2- و قال ابن حزم: حديث لا يصح اصول الاحکام 2:241 3- و قال ايضاً: و لو أننا نستجيز التدليس لاحتججنا بما روى اقتدوا باللذين من بعدى، ولكنه لم يصح ويُعيذنا الله من الاحتجاج بما لا يصح (الملل والنحل 4:88). 4- و قال البزار: لا يصح، فيض القدير 2:52. 5- و قال الترمزى: حديث غريب، ومسلمة يضعف في الحديث (الجامع الصحیح 5:630). 6- و قال الذهبي: سنده واه جداً، تلخیص المستدرك 3:75. 7- و قال ابن حجر: واه جداً. (لسان الميزان (1:188). 8- و قال الهروى: باطل. (الدر النضيد: 97). هذا اولاً و ثانياً: على فرض صحة الحديث، فهو صادر في واقعة خاصة: وذلك ان النبي صلى الله عليه و آله كان سالكاً بعض الطرق، و كان أبوبكر و عمر متأخرين عنه جائيين على عقبه، فقال النبي صلي الله عليه و آله لبعض من سأله عن الطريق الذى سلكه فى اتباعه و اللحوق به اقتدوا باللذين بعدى. ثالثاً: وقوع التحريف فيه: و ذلك لأن هذا الحديث روى بالنصب اى جاء بلفظ ابابكر و عمر». فهما مناديين مأمورين بالاقتداء (تلخيص الشافي 3:35). و معناه: ان النبي صلى الله عليه و آله أمر المسلمين عامة بقوله: اقتدوا مع تخصيص لابي بكر و عمر بن الخطاب

(1)

بالذين من بعدى أبي بكر و عمر» و اذا أجمع الصحابة مع عمر علی ذلك زال عنه اسم البدعة». (2)

جواب الكحلانى

و قد أجاب الكحلانى على الفقرة الأخيرة من كلام القسطلاني قائلاً: «و أما حديث عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين بعدى.. و مثله حديث اقتدوا باللذين من بعدى.. فانه ليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته صلى الله عليه و آله من جهاد الاعداء و تقوية شعائر الدين و نحوها، فإن الحديث عام لكل خليفة راشد لا يخص الشيخين، و معلوم من قواعد الشريعة أن ليس لخليفة راشد أن يشرع طريقة غير ما كان عليها النبي صلى الله عليه و آله ثم عمر نفسه الخليفة الراشد سمي ما رآه من تجميع صلاته ليالي رمضان بدعة، و لم يقل إنها سنّة، فتأمل». (3)

ص: 82


1- امرهم بالاقتداء باللذين من بعده و هما الكتاب و العترة. و هما ثقلاه اللذان طالما أمر صلى الله عليه و آله بالاقتداء و التمسك و الاعتصام بهما. (المختصر فى اخبار البشر 1:156). رابعاً: للحديث تكملة و هى و اهتدوا بهدي عمار و سيرته و هديه معروف: و هو الذي قال: يوم بويع عثمان: يا معشر قريش أما اذا صدقتم هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم هاهنا مرة و هاهنا مرة فما أنا بآمن من أن ينزعه الله، فيضعه فى غيركم كما نزعتموه من اهله و وضعتموه فى غير اهله. مروج الذهب 2:342. انظر: الغدير 5:552 – تراثنا العدد 52: ص 15.
2- ارشاد الساری 4:657
3- سبل السلام 2:11

و اما الجواب عن الفقرة الاولى من كلام القسطلاني حول تقسيم

ص: 83

البدعه، فسيجيء من خلال عرض كلام الشاطبي و الحافظ ابن رجب الحنبلي.

2- ابن عابدين

ذيل قوله: أن كل صاحب بدعة لا يكون كافراً، أن البدعة اقسام: «قوله صاحب بدعة اى محرمة، و إلا فقد تكون واجبة كنصب الأدلة للرد على أهل الفرق الضالة، و تعلّم النحو المفهم للكتاب و السنة.

و مندوبة: كأحداث نحو رباط ومدرسة، و كل إحسان لم يكن في الصدر الأول.

و مكروهة: كزخرفة المساجد.

و مباحة: كالتوسيع بلذيد المآكل و المشارب و الثياب». (1)

3- العينى

«ثم البدعة على نوعين: إن كانت مما يندرج تحت مستحسن في الشرع فهي بدعة حسنة، و إن كانت مما يندرج تحت مستقبح في الشرع فهي بدعة مستقبحة». (2)

أنصار الرأي الثاني

1- الكحلانى

قوله - اى قول عمر - نعم البدعة، فليس في البدعة ما يمدح بل كل بدعة ضلالة». (3)

ص: 84


1- رد المختار علي الدر المختار 1:560.
2- عمدة القارىء 11:126
3- سبل السلام 2:10

2- الشاطي

«أنها - أى نصوص كل بدعة ضلالة - جائت مطلقة عامة علي كثرتها لم يقع فيها إستثناء ألبتة، و لم يأتِ فيها ما تقتضى أنَّ منها ما هو هدي، و لاجاء فيها: كل بدعة ضلالة إلا كذا و كذا و لاشيء من هذه المعانى فلو كان هناك محدثة تقتضى النظر الشرعى فيها الاستحسان، أو أنها لاحقةً بالمشروعات لذكر في آية أو حديث لكنه لا يوجد...

علي أن متعقل البدعة يقتضى ذلك بنفسه، لأنه من باب مضادة الشارع و اطراح الشرع، و كل ما كان بهذه المثابة فمحال أن ينقسم إلى حسن، و قبح، و أن يكون منه ما يمدح و ما يذم». (1)

3- ابن رجب الحنبلي

فإنه يري أن قوله صلى الله عليه و آله كل بدعة ضلالة (2) يشمل جميع اقسام البدعة و لا يستثنى منه شيء.

قال: «فقوله كل بدعة ضلالة من جوامع الحكم. لا يخرج عنه شيء، و هو اصل عظيم من اصول الدين و هو تشبيه بقوله من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو ردّ، فكل من منه فهو ردّ، فكل من أحدث شيئاً و نسبه إلى الدين و لم يكن له من أصل الدين يرجع اليه فهو ضلالة، و الدين برىء

ص: 85


1- الاعتصام 1:141.
2- مسند احمد بن حنبل 3:310

منه، و سواء فى ذلك مسائل الاعتقادات او الأعمال او الأقوال الظاهرة، و الباطنة». (1)

4- الغامدي

قال فى مناقشة التحسين البدعى «و یراد به عند معتقديه و القائلین به: ان البدع الشرعية ليست مذمومة كلها، بل فيها ماهو حسن ممدوح مثاب عليه من الله، فيقسمون البدع إلى حسن وقبيح.

و هذا التقسيم إغتر به كثير من أهل الفضل و العلم و ضلَّ به كثير من المبتدعة، و لُبّسَ به على كثير من المقلدين و الجهلة، و العوام، فإذا سمع هؤلاء النهى عن بدعةٍ من البدع كانت الإجابة بأن هذه بدعة حسنة

و مناقشة هذا القول و بيان خطأه، و منافاته للصواب:

اوّلاً: القول بحسن بعض البدع مناقض للأدلة الشرعية الواردة في ذم عموم البدع، ذلك أن النصوص الذامة للبدعة و المحدرة منها جاءت مطلقة عامة، و علي كثرتها لم يرد فيها استثناء ألبته، و لم يأت فيها ما يقتضى أن منها ما هو حسن مقبول عند الله، و لاجاء فيها: كل بدعة ضلالة إلا كذا و كذا، و لا شيء من هذه المعاني، و لو كانت هنالك

ص: 86


1- البدعة مفهومها و حدودها 48 – انظر جامع العلوم و الحكم لابن رجب الحنبلي: ص 252 – دار المعرفة، بيروت.

محدثات يقتضى النظر الشرعى فيها أنها حسنة او مشروعة، لذكر ذلك في نصوص الكتاب او السنة، ولكنه لا يوجد مايدل علي ذلك بالمنطوق او المفهوم، فدل ذلك على أن ادلة الذم بأسرها متضافرة، علي أن القاعدة الكلية في ذم البدع لا يمكن أن يخرج عن مقتضاها فرد من الافراد... (1)

ثانياً: من الثابت فى الأصول العلمية أن كل قاعدة كلية او دليل شرعى كلى إذا تكررت في أوقات شتى و أحوال مختلفة، و لم يقترن بها تقييد و لا تخصيص فذلك دليل على بقائها على مقتضي لفظها العام المطلق. و أحاديث ذم البدع و التحذير منها من هذا القبيل، فقد كان النبي صلى الله عليه و آله يردد علي ملأ المسلمين في أوقات و أحوال كثيرة و متنوعة ان: «كل بدعة ضلالة».

و لم يرد في آية و لا حديث ما يقيّد او يخصص هذا اللفظ المطلق العام. بل و لم يأت ما يُفهم منه خلاف ظاهر هذه القاعدة الكلية، و هذا يدل دلالة واضحة علي أنَّ هذه القاعدة على عمومها واطلاقها.

ثالثاً: عند النظر في أقوال وأحوال السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن يليهم نجد أنهم مجتمعون علي ذم البدع وتقبيحها،

ص: 87


1- حقيقة البدعة و احكامها 138: 1 – انظر: الاعتصام 1:141 – اقتضاء الصراط المستقيم 2:588 .

و التنفيرعنها،و قطع ذرائعها الموصلة إليها، و ذم المتلبس بالبدعة، و المتسم بها، و التحذير من مجالسته و سماع أقواله، و لم يرد عنهم في ذلك توقف، و لا استثناء فهو بحسب الاستقراء اجماع ثابت يدل بجلاء علي أنه ليس في البدع ما هو حسن». (1)

رابعاً: من تأمّل البدع بعيداً عن هوي النفس و رغبتها يجد أنها مضادة للشرع مستدركة علي الشارع متهمة له بالتقصير، و كل ما كان بهذه المثابة فمحال أن ينقسم إلى حسن و قبيح، أو أن يكون منه ما يمدح و منه ما يُذم. (2)

خامساً: لو افترض أن فى النصوص او في أقوال السلف ما يقتضى حسن بعض البدع الشرعية، فإن ذلك لا يخرج النص العام الذام للبدعة عن عمومه، لأن ما وصف بالحسن إما أن يكون غير أصلاً فيحتاج إثبات حسنه الى دليل، فأما ما ثبت حسنه فليس حسن من البدع فيبقي عموم الذم للبدع محفوظاً لاخصوص فيه.

و إما أن يقال ما ثبت حُسنهُ فهو مخصوص من العموم.

و العام المخصوص دليل فيما عدا صورة التخصيص فمن اعتقد أن بعض البدع مخصوص من عموم الذم وجب عليه الإتيان بالدليل

ص: 88


1- انظر الاعتصام 1:142.
2- المصدر السابق.

الشرعى الصالح للتخصيص من الكتاب و السنة او الاجماع. (1)

سادساً: من ادعي حسن شيء من المحدثات لزمه اتهام الدين بالنقص و عدم الكمال. و اقتضاه ذلك مخالفة الخبر المنزل من عند عند الله: «اليوم أكملت لكم دينكم». (2)

سابعاً: القول بالبدعة الحسنة يُفسد الدين و يفتح المجال للمتلاعبين فيأتى كل من يريد بما يريد تحت ستار البدعة الحسنة و تتحكم حينئذ اهواء الناس و عقولهم و اذواقهم في شرع الله، و كفي بذلك إثما و ضلالاً مبيناً.

ثامناً: عند النظر في بعض المحدثات التي يسميها اصحابها بدعاً حسنة يجد أنها قد جلبت علي المسلمين المفاسد العظيمة و أوبقتهم في المهالك الجسيمة.. (ثم يأتى بامثلة بعضها من خلط المعنى اللغوى بالاصطلاحي).

ثم قال: و هذا المذكور هنا إنما هو لمجرد التمثيل علي أن البدع التي يطلق عليها أصحابها حسنه، هي عين القبح و الضلال و الفساد، و إلا فلو استعرضت سائر البدع العلمية و العملية لوجدتها من هذا

ص: 89


1- حقيقة البدعة واحكامها :2:140 – انظر اقتضاء الصراط المستقيم 2:584 – مجموع الفتاوي 10:371 .
2- المائدة: 3 .

القبيل...».

تاسعاً: يقال لمعتقد حسن بعض البدع، إذا جوّزت الزيادة في دين الله بإسم البدعة الحسنة، جاز أن يستحسن مستحسن حذف شيء من الدين بإسم البدعة الحسنة أيضاً ولا فرق بين البابين، لأن الابتداع يكون بالزيادة و النقصان، و الإستحسان الذى تراه يكون كذلك بالزيادة و النقصان و كفى بهذا قبحاً و ذماً و ضلالاً.

عاشراً: يقال لمحسنى البدع: أنتم تقولون بإنقسام البدع الى حسن و قبيح، فكيف نفصل بين البدعتين و بأى ميزان نفرق بين المحدثين إذا كان التشهى و الاستحسان هو الفاصل، و الذوق و الرأى هو المفرق.

الحادى عشر: قول النبي صلى الله عليه و آله: «كل بدعة ضلالة » قاعدة كلية عامة تستغرق جميع جزئيات و أفراد البدع و برهان ذلك ما يلى:

أولاً: لفظ «كل»من ألفاظ العموم، و قد جزم أهل اللغة بأن فائدة هذا اللفظ هو رفع احتمال التخصيص اذا جاء مضافاً الى نكره، او جاء للتأكيد.

ثانياً: من احكام لفظ «كل» عند أهل اللغة و الاصول، أن «كل» لا تدخل إلا علي ذى جزئيات و أجزاء، و مدلولها في الموضعين الاحاطة بكل فرد من الجزئيات او الأجزاء.

ثالثاً: و من أحكامها ايضاً عندهم أنها اذا أضيفت الى نكرة - «كُلُّ

ص: 90

امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ » (1) - فإنها تدل على العموم المستغرق لسائر الجزئيات، و تكون نصاً فى كل فرد دلت عليه تلك النكرة، مفرداً كان او تثنية او جمعاً، و يكون الاستغراق للجزئيات بمعنى أن الحكم ثابت لكل جزء من جزئيات النكرة، و قد يكون مع ذلك الحكم على المجموع لازماً له.

و عند تطبيق هذا الحكم اللغوى الأصولى علي الحديث النبوى: كل بدعة ضلالة، نجدأن «كل» أضيفت الى نكرة، و هو «بدعة» فيطبق عليها المعنى الذى ذكره اهل الاصول و أهل اللغة و عليه فلا يمكن أن تخرج أى بدعة عن وصف الضلال، و «كل» الواردة علي لفظ بدعة هي نفسها الواردة علي لفظ امرى فى الآية السابقة فهل يستطيع المحسن للبدع أن يزعم وجود فارق بين «كل» في قوله «كل بدعة ضلالة و لفظ «كل» في الآية السابقة...

و هل يستطيع أن يقول بخروج شيء من عموم قوله سبحانه «إن الله علي كل شيء قدير» كما يقول بخروج البدعه الحسنه.- علي حد زعمه - من عموم قوله صلى الله عليه و آله: «كل بدعة ضلالة». (2)

ص: 91


1- الطور: 21.
2- حقيقة البدعة و احكامها 2:140 - انظر: الابهاج في شرح المنهاج 2:94 - تحذير المسلمين: 76

الختام

و فى الختام نقول: هذا هو الجواب المقنع - رغم التأمل في بعض المناقشات - على امثال القسطلاني و ابن عابدين و غيرهما - في مقام تبرير قول الخليفة عمر بن الخطاب - «نعم البدعة» و دعواهم إن البدعة علي اقسام خمسة - و ان حديث كل بدعة ضلالة» من العام المخصوص.

فنقول لهم: إن القول بأن فى البدعة ماهو حسن، يناقض الادلة الشرعية الواردة في ذم عموم البدع. و لم يرد دليل يقيد الاطلاق، فمحال انقسامها الى حسن و قبيح. و دعوي حسن شيء من البدع معناه: اتهام النقص و عدم الكمال الى الدين، و فتح باب الزيادة و النقيصة فيه للمتلاعبين و عدم التمييز بين البدعة الحسنة من القبیحة.

إذن حديث «كل بدعة ضلالة » قاعدة كلية عامة تستغرق جميع افراد البدعة فلا يشذ منها شيء فما هو الحل حينئذ لما صرح به الخليفة في صلاة التراويح حيث انه قال: «نعم البدعة» بعد أن جمعهم علي قارى واحد.

و لم يرد ما يدل علي أن هذه كانت مشروعة و مأذون فيها شرعاً.

بل من المسلّم أنَّ أوّل من سنّها هو الخليفة الثاني.

ص: 92

هل فعل الخليفة و قوله حجة؟

يري البعض من اتباع مدرسة الخلفاء، أن قول الصحابي، أو مذهبه حجة، بعضهم خص الحجية بقول ابى بكر و عمر، ولكن الغزالى (1) فى المستصفي انكر هذا المبنى وعده من الأصول الموهومة، فقال:

«الأصل الثانى من الأصول الموهومة: قول الصحابي، و قد ذهب قوم الى أن مذهب الصحابي حجة مطلقاً، و قوم الى أنه الحجة إن خالف القياس، و قوم الى أنّ الحجّة فى قول أبي بكر و عمر خاصة لقوله صلى الله عليه و آله: «إقتدوا باللذين من بعدى» و قوم الى أن الحجة في قول الخلفاء الراشدين إذا اتفقوا.

و الكل باطل عندنا، فإن من يجوز عليه الغلط و السهو و لم تثبت عصمته (2) عنه، فلا حجة في قوله، فكيف يحتج بقولهم مع جواز (3)

ص: 93


1- قال الذهبي: «هو الامام البحر، حجة الاسلام، أعجوبة الزمان.. راجَعَ العلوم و خاض في الفنون الدقيقة و التقي بأربابها حتي تفتحت له أبوابها.. سیر اعلام النبلاء 19:343.
2- قال ابن ابى الحديد: «نص ابو محمد بن متويه في كتاب الكفاية، على أن علياً معصوم و ادلة النصوص قد دلّت علي علي عصمته و أن ذلك أمر اختص هو به دون غيره من الصحابة». شرح نهج البلاغة 6:376.
3- قال الفخر الرازى فى ادلة القول بالجهر بالسملة: «السابع: إن الدلائل العقلية موافقة لنا، و عمل على بن ابیطالب علیه السلام معنا و من إتخذ علياً إماماً لدينه، فقد استمسك بالعروة الوثقى في دينه و نفسه» التفسير الكبير 1:207

الخطا؟ (1)

هذا و الحمد الله اولاً و آخراً، انه ولى التوفيق و ولى النعم.

كتبه العبد الراجي ربه نجم الدين

إبن آية الله الفقيه الشيخ محمد رضا الطبسي قدس سره

15 / شوال / 1420

المستصفي 1:260.

الحمد الله

ص: 94


1- المستصفي 1:260

الفهارس الفنية

اشارة

1- فهرس الآيات القرآنية

2- فهرس الأحاديث

3- فهرس أسماء المعصومين عليهم السلام.

4- فهرس الأعلام

5- فهرس الأماكن والبلدان

6- فهرس الطوائف والمذاهب

7- فهرس المصادر

8- فهرس المواضيع

ص: 95

...

ص: 96

فهرس الآيات القرآنية

الآیة الرقم الصفحة

«سورة النساء»

وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ 115 - 63

«سورة المائدة»

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ 3 - 90

«سورة الطور»

كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ 21 - 92

ص: 97

فهرس الاحاديث

اول الحديث الصفحة

أفضل صلاة المرء في بيته «النبي صلي الله عليه و آله» / 53

إقتدوا باللذين من بعدى «النبي صلى الله عليه وآله» / 83، 82، 81، 41

أمنّا علىّ فى زمن عمر «الحسن البصرى» / 71

انّ أمير المؤمنين لما اجتمعوا اليه بالكوفة «مرسل» / 54

انّ رسول الله صلى الله علیه و آله صلّي و ذلك في رمضان «عائشة» / 13

انّ رسول الله صلى الله عليه و آله خرج ليلة في جوف الليل «عائشة» / 13

انّ القوم إذا صلّوا مع الإمام «النبي صلى الله عليه وآله» / 68

انّ عليّاً أمر رجلاً أن يصلى بالناس «ابوالحسن» / 71

انّ لرمضان الحرمة حقاً «الصادق عليه السلام» / 19

انّ النبي لم يكن يزيد في رمضان «عائشة» / 25، 28

انّه لما دخلت اوّل ليلة «الصادق الكاظم، الرضا عليهم السلام» / 20

انّ رسول الله صلى الله عليه و آله كان إذا صلّى «الصادق علیه السلام» 60

أنّه أَمَرَ رجلاً يصلّى بهم «الحسن البصرى» / 27

ص: 98

اول الحديث الصفحة

خرج رسول الله صلى الله عليه و آله و إذا الناس «ابو هريرة» / 75

خشية أن يتخذه الناس «النبي صلى الله عليه وآله» / 66

دعا القراء في رمضان «السلمی» / 72

رأيتُ الذي صنعتم «النبي صلى الله عليه وآله » / 67

روى أن امير المؤمنين لما اجتمعوا «ابن ابی الحدید» / 72

صلاة المرء في بيته أفضل «النبي صلى الله عليه وآله » / 67

صل فى اول شهر رمضان «ابو جعفر علي السلام» / 20

صل فى العشرين من شهر رمضان «الصادق عليه السلام» / 19

صُمنا مع رسول الله صلي الله عليه و آله رمضان «ابوذر» / 73

صوم شهر رمضان فريضة «الصادق عليه السلام» / 62

عليكم بسنتى و سنة الخلفاء «النبي صلي الله عليه و آله» / 40، 83

فإنّه لم يخف على مكانكم «النبي صلي الله عليه و آله » / 68

فقال لهم: لاونهاهم «الباقر و الصادق عليهما السلام» / 63

كان رسول الله صلي الله عليه و آله يزيد في صلاته «الصادق علیه السلام» / 57

كان رسول الله صلى الله عليه و آله يصلّى اربع «عائشة» / 10

ص: 99

اول الحديث الصفحة

كان على عليه السلام يأمر الناس بقيام «عرفجة» / 70

كذب فض الله فاه «ابو محمد عليه السلام» / 21

كل بدعة ضلالة «النبي صلى الله عليه و آله» / 55، 57، 67،88،91،93

كما يُصلّي في غيره إلا أن لرمضان «سماعة» / 21

لا يجوز التراويح «الرضا علیه السلام» / 65، 66

لا يجوز أن يصلّي تطوع «الرضا عليه السلام» / 66

لاتصل بعد العتمة «الصادق علیه السلام» / 58

لا يصلّي التطوّع فى جماعة «الصادق عليه السلام» / 66

لرمضان من قامه ايماناً و إحتساباً «النبي صلى الله علیه و آله » / 12

لمّا اجتمعوا إليه بالكوفة «علی علیه السلام» / 55

لمّا دخل رمضان اصطف «الصادق و الرضا عليهما السلام» / 62

لمّا قدم أمير المؤمنين عليه السلام الكوفة «الصادق عليه السلام» / 61

لمّا كان امير المؤمنين عليه السلام بالكوفة «الباقر و الصادق عليهما السلام» / 63

ما كان يزيد في رمضان و لا.. «عائشة» / 14

مما كان يصنع رسول الله في شهر رمضان «الصادق عليه السلام» / 17

ص: 100

اول الحديث الصفحة

من قام رمضان ايماناً و احتساباً «النبي صلي الله عليه و آله» / 12

نور الله علي عمر قبره «منسوب الى علیّ علیه السلام» / 69

و الله لقد أمرت الناس «علىّ عليه السلام» / 58

يصلّي في شهر رمضان زيادة الف «الصادق علیه السلام» / 18

ص: 101

فهرس اسماء المعصومين عليهم السلام

اسم المعصوم الصفحة

محمد بن عبدالله صلی الله علیه و آله 5، 6، 10، 11، 13، 15، 16، 20، 23، 25، 26، 27، 28، 47

على بن ابى طالب عليه السلام 19، 27، 30، 34، 55، 57، 58، 61، 62، 63، 69، 70، 71، 72، 75

الحسن بن على عليهما السلام 61، 71، 73

الحسين بن على عليهما السلام 81

محمد بن على الباقر - ابوجعفر عليه السلام - 20، 59، 62

جعفر الصادق عليه السلام 17، 18، 19، 20، 59، 61، 62، 63، 66

موسي بن جعفر الكاظم علیه السلام 20

على بن موسي الرضا عليه السلام 19، 20، 62، 65

ابو محمد الحسن العسكرى صلى الله عليه و آله 21

ص: 102

فهرس الأعلام

-أ-

أبان بن أبي عياش 59

إبراهيم بن عثمان 58، 59

ابراهيم بن عمر اليماني 59

أبي بن كعب 27، 31، 32، 33 ، 34، 42، 54، 75، 76، 77، 79

احمد 29، 75

احمد بن الحسن 61

احمد بن عبدالله البزار 71

احمد بن محمد بن اسحاق بن عيسي السنّى 71

احمد بن علوان 50

احمد بن عيسي بن ماهان الازدی 70

احمد بن مطهر 21

ابن ادریس 62

الازدی 72

الإسكا فى 23

إسماعيل 13، 14

إسماعيل بن زياد 69

اسماعيل بن يحيي 82

الاسود بن يزيد 30

الأعمش 32، 34

-ب-

الباجی 45، 46

البحراني 57

ابوالبختری 32

البرماوی 41

البزار 82

ابوبصیر 18، 19

البغوی 33، 51، 52

ص: 103

بكار بن قتيبة 50

ابوبكر 12، 44، 51، 64، 75، 78، 80

ابوبكر العربي 34

بهاء الدین ابن شداد 76

البيهقي 10، 71

-ت، ث -

التركماني 71

الترمذی 31 34، 82

تشتير بن شكل 32

تميم الدارى 31

ابن التين 46

الثوری 26، 34

-ج-

جبير بن نفير الحضرمي 73

ابن جریج 69

الجزری (ابن الاثير) 9، 45

الجزيرى 33

جعفر بن قولویه 62

ابوجعفر محمد بن علی بن بابویه 24

السيد جواد العاملی 35، 37

ابن الجوزی 45

-ح-

ابو حاتم 14، 71

الحارث الهمدانی 32، 34

ابن حیان 70

ابن حجر 82

ابن ابی الحدید 72

حذيفة 81

الحرانی 65

حریز 63

ابن حزم 82

الحسن 31، 71

ص: 104

الحسن بن صالح 71

ابو الحسن 71

ابو الحسن الحلبی 36

ابو الحسين 70

ابن الحق 32

الحكم بن عبدالملك 71

الحكم بن مروان السلمی 71

الحلبي 35

الحلى (المحقق) 62

الحلی (العلامة ) 35، 36، 38، 51، 62، 66

ابوحليمة معاذ القاری 71

الحليمي 28

حماد 72

حماد بن عيسي 58

حميد بن عبدالرحمن 12

ابوحنیفه 26، 29، 34

-د، ذ –

داود بن أبي هند 73

داود بن قیس 28

ابو داود 70 73

ابو ذئب 75

ابوذر ،50، 68، 73

الذهبي 82

-ر، ز -

ربيعة 56

ربعی بن خراش 81

ابن رجب الحنبلی 84، 86

زرارة بن أوفى 30

الزحيلي 23

الزرقانی 46

ابن زیاد 81

زید بن ثابت 67

الزهری 54، 75

ص: 105

-س -

السائب بن يزيد 31

سالم بن العلاء المرادى 81

السرخسی 22، 29، 49، 50، 51، 77

سعدان بن يزيد 71

ابن سعد 45

ابوسعد 27

ابوسعد البقال 71

سعيد بن ابي الحسن البصرى 32

سعيد بن جبير 31

سعيد بن المرزبان البقال 27، 71

سعيد المقبری 14

السكتواری 45

سلیم 59

سلیم بن قیس الهلالی 58

سلمة بن علقمة المازني 73

ابوسلمة 12

ابو سلمة بن عبدالرحمن 14

سماعة بن مهران 21

السیوطی 45

-ش -

الشاطبی 84، 85

الشافعی 26، 29، 32، 48، 49، 50، 51، 56، 57

ابن شهاب 12، 13، 43

الشوكاني 12، 14، 41، 54

-ص، ط-

صالح مولى التوأمة 26

الصدوق 23، 24، 25، 38، 59

ابوالصلاح الحلبی 36

ابوطاهر 79

الطباطبائی 35، 37

الطبری 45

ص: 106

الطبسي، آية الله الشيخ محمدرضا 37، 94

الطحاوی 49، 56، 79

الطريحي 11

الطوسی، شیخ الطائفة 11، 17، 35، 57، 61، 62، 65

-ع -

عائشة 10، 13، 14، 15، 25، 40، 67، 68، 74

ابن عابدین 80، 93

ابو العباس البقباق 57

عبدالله بن عمر 30، 48

عبدالله بن مسعود 32، 81، 82

عبدالله بن يقطر 81

عبدالله بن يوسف 12

ابوعبدالله 26، 34، 71

ابو عبدالله الثقفی 70

ابوعبدالله بن منجويه الدينوري 71

عبد الرحمن 73

عبدالرحمن بن ابى بكر 32

عبدالرحمن القاری 79

عبدالرحمن بن عبدالقاری 43

ابو عبد الرحمن السلمی 69، 70، 72

عبدالرزاق الصنعانی 42، 48

عبيد بن زرارة 57

ابن عبدالبر 31، 46، 75

عبدالملك بن عمير 81

عثمان بن عفان 71، 83

ابن عدی 69

عرفجة الثقفى 70

عروة بن الزبير 13، 43

العسقلانی 34، 75، 83، 84

عطاء 32، 72

ص: 107

عقیل 12، 13

العقيلي 82

ابن ابی عقیل 23

عمار 61

عمار بن ياسر 83

عمران العبدی 32

عمرو بن سعيد المداینی 61

عمرو بن هرم 81

على بن ابى حمزة 18

علی بن ابراهیم 57، 58

علی بن بابویه 23

على بن الحسن بن فضال 61

عمر بن الخطاب 27، 30، 31، 32، 34، 56، 64، 67، 69

عمر بن عبدالعزیز 25

عيسي بن أبان 50

العينى 30، 43، 44، 76، 79، 80، 85

الغامدی 86

-ف، ق –

الفیروز آبادی 10

ابو القاسم 64

ابو القاسم الكوفى 64

قاضی القضاة 55

القاضی نعمان 63

قتادة 71

ابن قدامة ،26 27، 34، 43، 44

القطان 81

القسطلانی 28 ،43، 44، 63، 80

القلقشندی 43

قيس بن مسهر 81

-ك، ل -

الكحلانی 10، 39، 42، 47، 83، 85

ص: 108

الكرماني 13

الكشميهني 76

الكليني (ثقة الاسلام) 57، 72

الليث 12، 13

-م-

المأمون 66

مالك بن أنس 12، 13، 14

الماوردى 33

مجاهد 48

ابو مجلز 32

المجلسى (العلامة)16، 42، 58

المحبّى 40

محمد الذهني 78

محمد بن سلیمان 19، 59

محمد بن عبدالملك بن ابى الشوارب 73

محمد بن على بن الحسين 59

محمد بن عيسي بن عبيد 57

محمد بن نصر 31

محمد بن نصر المروزی 27

ابو محمد 19

ابو محمد البصري 73

السيد المرتضي 35، 38، 45

مروان بن معاوية 70، 71

المزني 50

مسعدة بن صدقة 17

مسلم 81

مسلم بن خالد 75

مصدق بن صدقة 61

المعلّي 49، 56

المغيرة بن دياب 10

ص: 109

المفضل بن عمر 18

ابن ابي مليكة 32، 34

ابن منظور 10

موسي بن محمد بن على بن عبدالبر 70

الموصلی 32، 52

مولی ربعی 81

- ن -

نافع 30

النجفي (صاحب الجواهر) 23، 66

نجم الدين الطبسی 7، 94

النراقی 35، 37

النسائی 14، 72

ابن نصر 30

النوری 64

النووی 12، 14، 78

الهروی 82

هشام بن عمار 70

وكيع 31

الولى بن العراقي29

الوليد بن عبدالرحمن الجرشي 73

ابن وهب 30، 75

يحيى بن بكير (يحيى بن عبدالله بن بکیر) 12، 13، 14

يحيي بن سلمة بن كهيل 82

يحيى بن معين 71، 72

ابویوسف 49، 51، 54، 56

فهرس الأماكن والبلدان

بغداد 70

بینون 39

ذُمار 39

رعين 39

صنعاء 39

ص: 110

قم 7

كحلان 39

الكوفة 61، 63، 72، 81

المدينة 28، 29، 30

مسجد داود بن أبى هند73

مكة المكرمة 28، 39

اليمن 39، 40

فهرس الطوائف والمذاهب

الإماميه 48، 51، 55، 56

الانصار 25

اهل البيت 22

اهل الحرمين 33

اهل المدينة 25

التابعون 34

الجمهور 28

الحنابلة 29

ص: 111

الروافض 22

السلف 28

الصحابة 34

المهاجرون 25

فهرس المصادر

1- القرآن الكريم

2- الابهاج، شرح المنهاج، للشبكي.

3- الاختيار، للموصلي

4 الاستبصار، للطوسي

5- الاعتصام، للشاطبي.

6 الاعلام، للزركلي

7- الانتصار، للسيد المرتضي

8- ارشاد السارى، للقسطلاني

9- اشارة السبق، علاء الدين الحلبي

10- قتضاء الصراط المستقيم للحراني.

11- الامالى، للصدوق

12-ايضاح المكنون، للبابانى البغدادي

13- بحار الانوار، للمجلسى

14- بداية المجتهد، للقرطبي

15 البدر الطالع، للشوكاني

16- تاريخ الأمم و الملوك، للطبرى

ص: 112

17 تاریخ عمر، لابن الجوزى

18- تحف العقول، للحراني

19- تذكرة الفقهاء، للحلّى

20- تفسير العياشي

21- تلخيص الشافي، للطوسي

22- تهذيب الاخبار، للطوسي

23- التهذيب، للبغوى

24 تهذيب التهذيب، للعسقلاني

25- تهذيب الكمال، للمزى

26- التوشيح، للسيوطى.

27 - الجامع الصحيح، للترمذى.

28 جامع العلوم و الحكم، لابن رجب الحنبلي.

29- جواهر الفقه، لابن البراج الطرابلسي

30- جواهر الكلام للنجفي

31 الحاوى الكبير، للماوردى.

32- الحدائق الناضرة للبحراني.

33- حقيقة البدعة و أحكامها، للغامدي.

34- خلاصة الاثر في أعيان القرن الحادى عشر للحموي الدمشقى

35- الخلاف للطوسي

36- دعائم الاسلام، للقاضی نعمان المصرى

37- لائل الاحكام لابن شداد

38- ذخيرة الصالحين للطبسى

39- ردّ المختار على الدر المختار، لابن عابدين.

40- روضة المتقين، للمجلسي الاول

41- ریاض المسائل للطباطبائي

42۔ سبل السلام، للكحلانى

43- السرائر، لابن ادريس الحلى

44۔ السنن، للنسائی

45۔ السنن، للدارمى

46۔ السنن، لابن ماجة

ص: 113

47- السنن الكبري، للبيهقى

48- سیر اعلام النبلاء، للذهبي

49- شرح نهج البلاغة، لابن ابى الحديد

50- شرح الزرقاني

51- صحيح البخارى

52- صحیح مسلم

53- الضعفاء الكبير للعقيلي.

54- الطبقات الكبري، لابن سعد

55- طرح التثريب، للحافظ العراقي

56- عمدة القاري، للعيني

57- الغدير للعلامة الأمينى.

58- فتح الباري، للعسقلاني

59- الفقه الاسلامي و ادلته، و هبة الزحيلي

60- القاموس، للفيروز آبادی

61- قواعد الاحكام، للعلامة الحلّى

62- الكافي (الفروع)، للكليني

63 الكافى (الروضة)، للكلينى

64 الكافي في الفقه، لابى الصلاح

65 الکامل في التاريخ، لابن اثير

66- الکامل فی الضعفاء لابن عدى.

67- کشف الظنون، حاجي خليفة

68- لسان العرب، لابن منظور.

69- لسان الميزان للعسقلاني.

70- مآثر الانافة للقلقشندى.

71 - المبسوط للسرخسى.

72- مجلة تراثنا، مؤسسة آل البيت عليهم السلام

73- مجمع البحرين، للطريحي

74- المجموع، للنووى

75- مجموع الفتاوي، للحراني

76- محاضرات الأوائل، للشيخ على دده.

77 - المختلف، للعلامة الحلى

78- مروج الذهب للمسعودى.

ص: 114

79 - المدونة الكبرى، لمالك بن أنس الأصبحي.

80- مرآة العقول، للمجلسى.

81- مستدرك الوسائل، للنورى.

82- مستند الشيعة، للنراقي.

83- المسند، للامام زيد.

84- المسند، لأحمد بن حنبل.

85- المصنف لعبد الرزاق الصنعاني.

86- المعتبر، للمحقق الحلى

87- معجم المؤلفين، كحالة.

88- معجم البلدان، للحموى.

89- المعجم المفهرس لألفاظ بحار الانوار

90- لمعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوى، جمع من المستشرقين.

91 - المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبدالباقی.

92 - مفتاح كنوز السنة، فنسك.

93- مفتاح الكرامة، للسيد العاملي.

94- ملاذ الأخيار، للعلامة المجلسي.

95- الملل و النحل، لابن حزم.

96- من لا يحضره الفقيه، للصدوق.

97 - الموطأ، مالك بن أنس.

98 - النهاية في مجرد الفقه والفتوي، للشيخ الطوسي.

99 - النهاية في اللغة، لابن أثير.

100- نيل الأوطار، للشوكاني.

101 - الوافي، للكاشاني.

102- وسائل الشيعة، للحر العاملي.

فهرس مواضيع الكتاب

المقدمة... 5

معنى التراويح... 11

1- ابن الاثير... 11

2- ابن منظور... 11

ص: 115

3- الفيروز آبادي... 12

4- الكحلانی... 12

5- الطريحي...12

قيام شهر رمضان فى احاديث الفريقين... 14

اً- احاديث اهل السنة... 14

تفسير قوله علیه السلام «خشية أن يفترض»... 17

ب- احاديث الامامية... 19

رأى فقهائنا فى مشروعية نافلة شهر رمضان... 25

1- كلام السيد جواد العاملی... 25

كلام الصدوق... 26

كلام البحرانی... 26

عدد نوافل شهر رمضان... 27

أ- كلمات فقهاء السنّة... 28

1- ابن قدامة... 28

2- المروزی... 29

3- القسطلاني... 30

4۔ السرخسی... 31

5- العينى... 31

6- الموصلى... 35

ص: 116

7- البغوى... 35

8- الماوردى... 35

9- الجزيرى... 35

ب- كلمات فقهاء الامامية... 36

1- السيد المرتضي... 37

2 - الشيخ الطوسي... 37

3- ابوالصلاح الحلبی... 37

4- ابوالحسن الحلبي... 38

5- العلامة الحلى... 38

6- الفاضل النراقي... 38

7- السيد العاملي... 39

8- السيد الطباطبائی... 39

ج- موقف مغاير للجمهور... 40

1- كلام الكحلانى... 41

2- كلام الشوكاني... 43

3- كلام العلامة المجلسي... 44

صلاة التراويح من بدع الخليفة عمر... 44

أ- حديث البخاري... 45

ب- كلمات الاعلام... 45

ص: 117

1- القسطلانی... 46

2- ابن قدامة... 46

3۔ العینی... 46

4- القلقشندی... 46

5- الباجي وابن التين... 47

6- ابن عبدالبر... 47

7- الزرقانی... 48

8- الكحلانی... 48

حكم الجماعة فى نوافل شهر رمضان... 49

أ- رأى فقهاء السنّة... 49

1- عبدالرزاق... 50

2- السرخسي... 50

تعليقة علي كلام السرخسي... 51

3- الموصلی... 53

4- البغوی... 53

5- المدونة الكبري... 54

6- القسطلاني... 54

7- الشوکانی... 54

ب- رأي فقهاء الإمامية... 55

ص: 118

1- السيد المرتضي... 55

2- الشيخ الطوسي... 57

3-البحرانی... 57

موقف النبي صلى الله عليه و آله واهل البيت عليهم السلام من التراويح... 57

1- رواية الكليني... 57

2- رواية الصدوق... 59

3- رواية الطوسي... 60

4- رواية العلامة الحلى... 61

5- رواية ابن ادریس... 62

6- رواية القاضی نعمان... 62

7- رواية الحراني... 64

ادلة القول بعدم جواز الجماعة فی التراویح... 64

ادلة القول بجواز الجماعة فیها... 67

مناقشة ادلة الجواز... 69

كلمات الاعلام في ترك النبي للتراويح... 75

1- راي القسطلاني... 75

2- رأى العيني... 76

3- رأى السرخسى... 77

4- رأى محمد الذهني... 78

ص: 119

هل صلی عمر بن الخطاب جماعة؟... 78

1- جواب ابن طاهر... 78

2- جواب العيني... 79

هل البدعة تنقسم الى أقسام؟... 79

أنصار الرأى الأول... 80

1- القسطلاني... 80

مناقشة حديث اقتدوا باللذين... 81

جواب الكحلاني... 82

2- ابن عابدین... 84

3- العينى... 84

انصار الرأى الثانى... 84

1- الكحلاني... 84

2- الشاطبي... 85

3- ابن رجب الحنبلی... 85

4- الغامدی... 86

5- الختام... 92

الفهارس الفنية... 95

ص: 120

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.