مركز بحوث دار الحديث: 211
قطب راوندى، سعيد بن هبة اللّٰه، - 573 ق.
ضياء الشهاب / قطب الدين أبي الحسين سعيد بن هبة اللّٰه الراوندي؛ تحقيق: مهدى سليمانى آشتيانى. - قم: دار الحديث، 1431 ق = 1388 ش.
664 ص. - (مركز بحوث دار الحديث؛ 211).
8 - 498-493-964-978: ISBN
فهرست نويسى پيش از انتشار بر اساس اطلاعات فيپا.
كتاب نامه: ص 627-664؛ همچنين به صورت زير نويس.
1. قضاعى، محمّد بن سلامه، - 454 ق. - شهاب الأخبار - نقد و تفسير. 2. محمّد صلى الله عليه و آله، پيامبر اسلام، 53 قبل از هجرت - ق 11. - كلمات قصار. 3. احاديث اخلاقى. الف. عنوان. ب. شهاب الأخبار. شرح.
1389 902 ش 6 ق / 5/142 BP
فهرست نويسى پيش از انتشار، توسّط كتاب خانۀ تخصّصى حديث / قم.
ص: 1
بسم الله الرحمن الرحيم
ص: 2
ضِياءُ الشِّهاب
في شرح شِهاب الأخبار
لقطب الدين أبي الحسين سعيد بن هبة اللّٰه الراوندي
(م 573 ق)
تحقيق
مهدي سليماني الآشتياني
ص: 3
ضياء الشهاب في شرح شهاب الأخبار
قطب الدين أبي الحسين سعيد بن هبة اللّٰه الراوندي
تحقيق: مهدي سليماني الآشتياني
الفهارس الفنيّة: محمّد ضياء سلطانى
نضد الحروف: محمّد كطران كشمر (أبو نور)، حسين أفخميان
الإخراج الفني: مهدي خوش رفتار
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
الطبعة: الاُولىٰ ، 1431 ق / 1389 ش
المطبعة: دار الحديث
الكمية: 1000
الثمن: 8000 تومان
ايران: قم المقدسة، شارع معلّم، الرقم 125 هاتف: 7740545-77405230251
E-mail:hadith@hadith.net
Internet:http://www.hadith.net
ص: 4
تصدير... 7
مقدّمة التحقيق... 9
مؤلِّف الشِّهاب في سطورٍ... 11
أمّا مؤلّفاته فهي... 12
منزلة الشهاب عند الخاصّة... 13
مؤلّف الشرح... 16
منشؤه و مسكنه... 17
شيوخه... 18
تلامذته والراوون عنه... 22
مؤلّفاته... 24
شعره... 41
أعلام اُسرته... 43
أولاده الفضلاء الثلاثة... 43
1. عماد الدين عليّ ... 43
من أولاد عماد الدين علي... 44
2. نصير الدين الحسين... 44
3. ظهير الدين محمّد... 45
مولده... 47
وفاته... 47
مزاره... 47
نكات... 48
أ - أوّل من ألّف في آيات الأحكام... 48
ب - أوّل من ألّف منا في تهافت الفلاسفة... 48
ج - أوّل من كتب في الدراية... 49
ص: 5
د - أوّل من شرح نهج البلاغة... 50
الكتاب الذي بين يديك... 50
منهج العمل في الكتاب... 51
شكر و تقدير... 52
الباب الأوّل... 63
الباب الثاني... 221
الباب الثالث... 273
الباب الرابع... 297
الباب الخامس... 353
الباب السادس... 369
الباب السابع... 407
الباب الثامن... 449
الباب التاسع... 457
الباب العاشر... 475
الباب الحادي عشر... 481
الباب الثاني عشر... 485
الباب الثالث عشر... 491
الباب الرابع عشر... 497
الباب الخامس عشر... 503
الباب السادس عشر... 507
الباب السابع عشر... 511
الباب الثامن عشر... 517
الباب التاسع عشر... 523
الفهارس العامّة... 533
1. فهرس الآيات القرآنيّة... 535
2. فهرس أحاديث المتن... 549
3. فهرس أحاديث الشرح... 587
4. فهرس الأعلام... 607
5. فهرس الفرق والمذاهب والجماعات والقبائل... 615
6. فهرس الأماكن والبلدان... 618
7. فهرس الكتب الواردة في مقدمّة التحقيق... 621
8. فهرس الكتب الواردة في المتن... 625
9. فهرس الأشعار... 626
10. فهرس مصادر التحقيق... 627
ص: 6
إنّ القرآن العظيم هو المصدر الأوّل الأعظم للهداية والسعادة، والحديث الشريف هو المصدر الثانى والعدل الواضح له. ولا ريب أنّ علم الحديث من أهمّ العلوم الشرعية التي تبتنى عليها سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة.
ومن المعلوم أنّ أفضل الحديث حديث رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وخير الهدى هداه؛ فإنّه قال صلى الله عليه و آله «اُوتيت القرآن ومثله معه»، وحكم حديثه حكم القرآن من جهة المصدر؛ (وَ مٰا يَنْطِقُ عَنِ اَلْهَوىٰ * إِنْ هُوَ إِلاّٰ وَحْيٌ يُوحىٰ ) وهو بيان له.
فمن تأمّل حديثه وسيره وجوامع كلمه وأدعيته وبديهات خطبه ومخاطبته مع وفود العرب، لا يشكّ ولا يرتاب في أنّ فصاحة النبي لا تقابلها فصاحةٌ ، ولا يقارب اسلوبه في الحديث والبلاغة اُسلوبٌ إلّااُسلوب أئمّة الهدى؛ فإنّهم نور واحد وحديثهم حديث جدّهم صلوات اللّٰه عليهم أجمعين.
قد قيّضَ اللّٰه سبحانه اُمّة من أعلام الدين والعلماء الربّانيين وأئمّة الحديث لخدمة حديث رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، فحفظوا حديثه ودوّنوه وحرّروه وبيَّنوا صحيحه من سقيمه وأثبتوا كل حرفٍ صدرَ منه بإسناده.
ومن اُولئك الأفذاذ السيد الشريف الرضي؛ فإنّه قد جمع نماذج من بليغ كلامه صلى الله عليه و آله في المجازات النبوية، ومنهم أيضاً القاضي سلامة بن جعفر القضاعي الشافعي المتوفى سنه 454 ه، قد ألّف شهاب الاخبار في الحكم والأمثال، وجمع فيه جملة وافرةً من احاديثه صلى الله عليه و آله تزيد على ألف كلمة من الحكم في الوصايا والآداب والمواعظ والأمثال.
ص: 7
وقد ألّفَ كتابه هذا أوّلاً بالأسانيدِ منهُ إلى رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ونَوَّعَ فيها وتفنَّنَ وذكر الطرق المتنوعة لكلّ واحد من الأحاديث، لكن لمّا رأى أنّ ذلك يطول ويثقل على العموم قام بتجريده من الأسانيد وسرد أحاديثه.
قد حظي كتاب الشهاب بمكانة عالية لدى أهل العلم عامّة وأهل الحديث خاصّة فتصدّى لشرحه كثير من علماء العامّة والخاصّة منذ اشتهاره بين الناس.
ومن أبرز تلك الشروح «ضياء الشهاب» للشيخ الإمام العلّامة الفقيه المتقن، قطب الدين أبي الحسين سعيد بن هبة اللّٰه الراوندي المتوفى 573 ه.
كان رحمه الله من أصحابنا الإماميّة ومن أجلّة فقهاء الاُمّة وكان محدّثاً، مفسّراً، متكلّماً ومشاركاً في فنون اخرى من العلم، وهو عمد الى شرحه شرحاً متوسطاً يكفُّ عبارات الأحاديث النبوية الشريفة ومفرداته، فجاء كتابه هذا حافلاً بالدُرر ومشحوناً بالأخبار والأثر.
ونعرب في ختام المطاف عن جزيل الشكر والتقدير للمحقّق الفاضل مهدي سليماني الآشتياني لتصحيحه هذا الأثر القيّم، وكذا حجج الاسلام قاسم شير جعفري وعلي الحميداوي «الأنصاري» لمساهمتهم في التحقيق، ونسأل اللّٰه لهم مزيد التوفيق.
قسم إحياء التراث
مركز بحوث دارالحديث
محمد حسين الدرايتي
ص: 8
بسم اللّٰه الرحمن الرحيم
الحمدللّٰه الذي علا في توحّده، ودنا في تفرّده، وجلّ في سلطانه، وعظم في أركانه، وأحاط بكلّ شيءٍ علماً وهو في مكانه، وقهر جميع الخلق بقدرته وبرهانه، مجيداً لم يزل، ومحموداً لا يزال، وصلّى اللّٰه على الدليل إليه في الليل الأليل، والهادي إلى خير السبيل، وعلى آله الأولياء وأصحابه الأصفياء، عرفان الجميل، وتذكار الدليل.
كان رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يخاطب الناس على اختلاف شعوبهم وقبائلهم وتباين بطونهم وأفخاذهم وفصائلهم، يخاطب كلاًّ منهم بما يفهمون، وهو طبيب دوارٌ بطبّه، قد أحكم مَراهِمة وأحمىٰ مَواسِمَه، يَضَعُ ذلك حيث الحاجةُ إليه، من قلوبٍ عُمْيٍ ، وآذانٍ صُمٍّ ، وألسنةٍ بُكم، مُتَتَبِّعٌ بِدَوائِه مواضِعَ الغفلَةِ ومواطِنَ الحيرة، لم يستضيئوا بأضواء الحكمة، ولم يَقدَحوا بزنادِ العُلومِ الثَّاقِبَة، فَهُم في ذلك كالأنعام السَّائمةِ ، والصُّخور القاسية.(1)
وهو أفصح الناس لساناً، وأوجزهم كلاماً، و أجزلهم ألفاظاً، وفصاحته صلى الله عليه و آله لا تحتاج إلى بيان، وما نقل عنه من الخطب وجوامع الكلم لا يقدر على إتيان واحدة
ص: 9
منها إنس ولا جان، وهي فوق طاعة الإنسان ودون كلام الرحمن، وكان صلى الله عليه و آله أفصح العرب، وكان يقول: «وإنّ اللّٰه عزوجل أدّبني فأحسن أدبي، وأنا من قريش، ونشأت في بني سعد بن بكر».
وقال صلى الله عليه و آله «اُعطيتُ جوامع الكلم، واختُصر لي الحديث اختصاراً».
ولما كان كلام رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله مشتملاً على أنواع المعارف والعلوم، جامعاً من الأحكام ما دقّ منها وجلّ ، كان لأهل الحديث مشارب شتّى في مصنّفاتهم الحديثيّة؛ فمنهم من أفرد حديث رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله مقتصراً على الأحكام الفقهيّة، ومنهم من قصرها على سيرته، ومنهم من خصّ الرقائق والمواعظ بالتأليف والجمع، وغير ذلك.
فقد ألّف الناس من كلامه صلى الله عليه و آله الدواوين، وجمعت في ألفاظها ومعانيها الكتب، ومنها ما لا يوازي فصاحته ولا يباري بلاغته.
وكان من أبرز تلك الكتب التي عنيت عنايةً خاصةً بجمع جوامع الكلم من حديث رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله كتابُ الشهاب للحافظ أبي عبداللّٰه محمّد بن سلامة القضاعيّ ، فقد انتخب جملة وافرةً من أحاديثه صلى الله عليه و آله ذات الكلمات القليلة والمعاني الكثيرة، حتّى جاء كتاباً جامعاً لأصناف من العلوم والمعارف والآداب.
وهو كتاب لطيف، جامع لأحاديث قصيرة، حاوية لجوامع الكلم، وجرّد كتابه هذا من الأسانيد، فسرد أحاديثه، مُبوَّبةً على الأبواب، مرتّبةً على الكلمات، من غير تقييد بحرف؛ تسهيلاً لحفظها وتناولها.
فقد قام القضاعيُّ بإفراد حديثِ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله بالجمع، مقتصراً على الحكم والوصايا والآداب والمواعظ والأمثال، وذكر في مقدّمته كلمات يستظهر منها الغاية من تأليفه، فقد قال:
وقد جمعت في كتابي هذا ممّا سمعته من حديث رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ألف كلمةٍ من الحكمة في الوصايا والآداب والمواعظ والأمثال، قد سلمت من التكلّف مبانيها، وبَعُدَت عن التعسّف معانيها، وبانت بالتأييد عن فصاحة الفصحاء، وتميّزت بهدي النبوّة عن بلاغة البلغاء، وجعلتُها مسرودة يتلو بعضها بعضاً،
ص: 10
محذوفة الأسانيد، مبوّبة أبواباً علىٰ حسب تقارب الألفاظ ليقرب تناولها، ويسهل حفظها. ثمّ زدتُ مئتي كلمة فصارت ألف كلمةٍ ومئتي كلمة، وختمتُ بأدعية مرويّةٍ عنه عليه السلام، وأفردت الأسانيد جميعها كتاباً يرجع في معرفتها إليه، وأنا أسأل اللّٰه تعالى أن يجعل ما اعتمدته من ذلك خالصاً لوجهه ومقرِّباً من رحمته بحوله وقدرته.
ثمّ إن بعضهم لخّص الكتاب، كما وشرحه الكثيرون، وذيّل عليه آخرون، فقد استوفى ذلك صاحب كشف الظنون(1) و غيره،(2) و طبع كتاب الشهاب مرّات عديدة، بعضها لوحده، وبعضها مع شروحه.
أبو عبد اللّٰه محمّد بن سلامة بن جعفر بن عليّ بن حكمون بن إبراهيم بن محمّد بن مسلم القضاعي، عالم مصري، وفقيه شافعي، نشأ في بيئة علميّة، فأحبّ العلم وكلف به، فوالده سلامة بن جعفر كان عالماً مشغوفاً بالعلم، تتلمذ للمزني، وكان يحفظ ما يأخذ عنه، وكان مقرّباً إلى ابن طولون، ورحل إلى البلاد في طلب العلم، ووصل إلى الحجاز والشام والقسطنطينيّة، وسمع الحديث بمكّة، وتفنّن في علوم كثيرة.
قال التاج السبكي في الطبقات الكبرى:
محمّد بن سلامة بن جعفر بن عليّ القاضي، أبو عبداللّٰه القضاعي(3) الفقيه، قاضي مصر، مصنّف كتاب الشهاب، سمع أبا مسلم محمّد بن أحمد الكاتب، و أحمد بن بربال، وأبا الحسن بن جهضم، وأبا محمّد بن النحّاس، وآخرين.
روى عنه الحميديّ ، وأبو سعد عبد الجليل الساوي، ومحمّد بن محمّد بن بركات
ص: 11
السعيدي، وسهل بن بشر الأسفراييني، وأبو عبداللّٰه الرازي في مشيخته، والخطيب، وابن ماكولا، وآخرون.(1)
وقال الأمير ابن ماكولا: «كان متفنّناً في علوم، ولم أر في مصر من يجري مجراه».(2)
وآثاره العلميّة تشير إلى أنّه تضلّع في علوم التفسير والحديث والتاريخ، وقد رشّحه علمه لوظيفة القضاء، فولي قضاء مصر، ورشّحه أدبُه للكتابة، فكتب للوزير عليّ بن أحمد الجرجرائي، ورشّحته سياسته وكياسته لوظيفة السفارة، فسفر لمصر إلى الروم وأقام مدة بالقسطنطينيّة، ولم تشغله السّفارة بها عن العلم، فأخذ بها عن بعض علمائها، كما أخذ بعضهم عنه.
وكان الفاطميّون يعظّمونه؛ لعلمه ومواهبه، والظاهر أنّ زهده حمله على أن يولي الوعظ والإرشاد عنايته، فألّف في ذلك عدّة كتب كما يتبيّن من ثبت كتبه.
قال الحبال: «مات بمصر في ذي الحجّة سنة أربع وخمسين وأربعمائة».(3)
وفي وفيات الأعيان أنّه توفّي بمصر ليلة الخميس السادس عشر من ذي القعدة سنة أربع وخمسين وأربعمائة، وصلّي عليه يوم الجمعة بعد العصر في مصلّى النجار.(4)
4. أمالي في الحديث.(1)
5. تفسير القرآن في عشرين مجلداً.(2)
6. درّة الواعظين وذخر العابدين مجلد على عشرين مجلساً.(3)
7. دُستور معالم الحِكَم من كلام الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام.(4)
8. دقائق الأخبار وحدائق الاعتبار في الحكم.(5)
9. شهاب الأخبار الكتاب الذي يتناوله الشرح الذي بين يديك.
10. عيون المعارف وفنون الخلائف في التاريخ.(6)
11. مُسند الشِّهاب.(7)
12. مناقب الشافعي.(8)
13. نزهة الألباب في التاريخ.(9)
عني المحدّثون من الإماميّة بشهاب الأخبار عناية بليغة وخصّوه بالإجازة والنقل والشرح.
قال العلّامة في الإجازة الكبيرة لبني زهرة:
ومن ذلك [أي ممّا أجاز العلّامة روايته لبني زهرة] جميع كتاب الشهاب للقاضي أبي عبد اللّٰه محمّد بن سلامة القضاعي المغربي، وباقي مصنّفاته ورواياته عنّي،
ص: 13
عن والدي رحمه الله عن السيّد فخار بن معد الموسوي، عن القاضي ابن الميداني، عن القاسم بن الحسين، عن القاضي أبي عبداللّٰه المصنّف.(1)
قال الشيخ منتجب الدين:
السيّد فخر الدين شميلة بن محمّد بن هاشم الحسيني، عالم صالح، روى لنا كتاب الشهاب للقاضي أبي عبداللّٰه محمّد بن سلامة بن جعفر القضاعي عنه.(2)
و ذكره في البحار بقوله:
كتاب الشهاب و إن كان من مؤلّفات المخالفين، لكنّ أكثر فقراته مذكورة في الخطب والأخبار المرويّة من طرقنا، ولذا اعتمد عليه علمائنا وتصدّوا لشرحه.(3)
قال المحدّث النوري:
وربّما يستأنس لتشيّعه باُمور:
منها: توغّل الأصحاب على كتابه، والاعتناء به، والاعتماد عليه، وهذا غير معهود منهم بالنسبة إلى كتبهم الدينيّة، كما لا يخفى على المطّلع بسيرتهم.
ومنها: أنّه قال في خطبة الكتاب بعد ذكر النبيّ صلى الله عليه و آله:
أذهب اللّٰه عنهم الرجس، وطهّرهم تطهيراً، ولم يعطف عليهم الأزواج والصحابة، وهذا بعيد عن طريقة مؤلّفي العامّة غايته.
ومنها: أنّه ليس في تمام هذا الكتاب من الأخبار الموضوعة في مدح الخلفاء - سيّما الشيخين، والصحابة - خبر واحد مع كثرتها، وحرصهم في نشرها ودرجها في كتبهم بأدنى مناسبة، مع أنّه روى فيه قوله صلى الله عليه و آله: «مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا، ومن تخلّف عنها غرق».
ومنها: إنّ جلّ ما فيه من الأخبار موجود في اُصول الأصحاب ومجاميعهم، كما أشار إليه المجلسي أيضاً، وليس في باقيه ما ينكر ويستغرب، وما وجدنا في كتب العامّة له نظيراً ومشابهاً.
ص: 14
وبالجملة، فهذا الكتاب في نظري القاصر في غاية الاعتبار، وإن كان مؤلّفه في الظاهر - أو واقعاً - غير معدود من الأخيار.(1)
وقد ذكر القضاعي في مسند الشهاب 45 رواية عن طرق أهل البيت عليهم السلام عن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله.(2)
وأيضاً روى في الشهاب حديث رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله بقوله:
«مَنْ كذَّب بالشِّفاعة لَمْ يَنَلْها يومَ القيامة»، و روى عنه صلى الله عليه و آله: «إنَّ لكلِّ نبيٍّ دعوةً دعاها لاُمَّته، وإِنِّي اخْتبأتُ دعوتي شِفاعةً لاُمَّتي يَومَ القيامة» وهذان الحديثان يدلّان على الشِّفاعة.
وتصدّى لشرح الشهاب بعض المحدّثين الإماميّة، منهم:
السيّد ضياء الدين فضل اللّٰه بن عليّ بن عبيد اللّٰه الحسني الراوندي في شرحه المعروف ب: «ضوء الشهاب»(3)، و فضل الدين شيخ حسن بن عليّ بن أحمد المهابادي،(4) و برهان الدين أبو الحارث محمّد بن أبي الخير عليّ بن أبي سليمان ظفر الحمداني.(5)
و الشيخ أبو الفتوح الحسين بن عليّ بن محمّد الخزاعي الرازي في شرحه المعروف ب: «روح الأحباب و روح الألباب في شرح الشهاب»(6)، و أبو الحسن عليّ بن زيد البيهقي.(7)
ص: 15
و استخرج السيّد هاشم البحراني (1107 ه) الأخبار المرويّة في شأن أمير المؤمنين والأئمّة الطاهرين عليهم السلام من كتاب شهاب الأخبار، وهو مختصر مطبوع.(1)
وبالجملة، إنّ الكتاب مشهور ومعروف، مضافاً إلى كثرة الطرق إليه في الإجازات، ففي إجازة ابن الشهيد طرق متعدّدة.(2)
قطب الدين أبو الحسين(3) سعيد(4) بن عبد اللّٰه بن الحسين بن هبة اللّٰه بن الحسن بن عيسى الراوندي، المشتهر بالقطب الراوندي(5).(6)
كان العلّامة الراوندي عالماً، فقيهاً محدّثاً قد اشترك في جملة من العلوم، وتضلّع فيها، وتمكّن منها، كالتفسير والكلام والحديث والفقه والاُصول والأدب، له في كلّ منها عدّة مصنّفات رائعة وكتب ممتعة وآثار خالدة.
ذكره تلميذه رشيد الدين ابن شهرآشوب في معالم العلماء(7)، ومنتجب الدين في الفهرست قائلاً: «الشيخ الإمام قطب الدين... فقيه، صالح، ثقة، له تصانيف، منها...».(8)
ص: 16
وأطراه صاحب الوسائل بقوله: «فقيه ثقة عين صالح...»(1).
وأثنىٰ عليه صاحب رياض العلماء بقوله: «فاضل، عالم، متبحّر، فقيه، محدّث، متكلّم، بصير بالأخبار، شاعر...».
وأثنى عليه المحدّث النوري بقوله:
العالم المتبحّر، النّقاد، المفسّر، الفقيه، المحدّث، المحقّق، صاحب المؤلّفات الرائقة النافعة الشائعة... وبالجملة، ففضائل القطب ومناقبه وترويجه للمذهب بأنواع المؤلّفات المتعلّقة به أظهر وأشهر من أن يذكر....(2)
وترجم له ابن الفُوَطي في تلخيص مجمع الآداب وقال:
قطب الدين... فقيه الشيعة، كان من أفاضل علماء الشيعة يروي عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن المحسن الحلبي، عن أبي الفتح محمّد بن عليّ بن عثمان الكراجكي، عن أبي الحسن بن شاذان القمّي، عن محمّد بن أحمد بن عيسى، عن سعيد بن عبد اللّٰه القمّي، عن أيّوب بن نوح، قال: قال الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام: «اكتبوا الحديث واحتفظوا بالكتب، فستحتاجون إليها يوماً، وإذا كتبتم العلم فاكتبوه بأسانيده، واكتبوا معه الصلاة على محمّد وآل محمّد، فإن الملائكة يستغفرون لكم ما دام ذلك الكتاب».(3)
ابن بيوراسف الضحّاك.(1)
وقيل: إنّ أصل راوند: راهاوند، ومعناه: الخير المضاعف.(2)
والظاهر أنّ المترجم له من كاشان كما احتمله الشيخ بهاء الدين العاملي، ويمكن أن يكون من نيشابور كما احتمله الميرزا الأفندي.(3)
وهناك شواهد على أن القطب الراوندي كان يسكن الريّ ولذلك ترجم له تلميذه في الري، الشيخ منتجب الدين الرازي في تاريخ الري، ولكن هذا الكتاب مفقود، وهو من مصادر ابن حجر في لسان الميزان، وممّا اختزل منه موجز من ترجمة القطب الراوندي، فقال في ترجمة القطب:
ذكره ابن بابويه في تاريخ الري، وقال: كان فاضلاً في جميع العلوم، له مصنّفات كثيرة في كلّ نوع، وكان على مذهب الشيعة....(4)
وترجم ابن أبي طي الحلبي للخليل بن خمرتكين الحلبي وقال:
هو فقيه من فقهاء الإماميّة، وصل إلى خراسان ودخل إلى الري، وتفقّه وأجاد في علم الاُصول... ولقي القطب الراوندي وروى عنه جميع مؤلّفاته ورواياته....(5)
يروي عن جماعة من أصحاب الحديث بأصبهان، وجماعة منهم من همدان وخراسان(6)، سماعاً وإجازة، عن مشايخهم الثقات بأسانيد مختلفة، وهم كالتالي:
1. أبو البركات السيّد ناصح الدين محمّد بن إسماعيل بن الفضل الحسيني المشهدي
ص: 18
(457-541 ه).(1)
2. أبو الحارث المجتبى بن الداعي بن القاسم الحسني الرازي.(2)
3. أبو الحسن ركن الدين عليّ بن عليّ بن عبد الصمد بن محمّد التميمي النيسابوري السبزواري.(3)
4. أبو الحسين أحمد بن محمّد بن عليّ بن محمّد الرشكي.(4)
5. أبو السعادات ابن الشجري هبة اللّٰه بن عليّ بن محمّد بن عبد اللّٰه بن حمزة الحسني البغدادي (450-542 ه).(5)
6. أبو القاسم الحسن بن محمّد الحديقي.(6)
7. أبو المحاسن مسعود بن عليّ بن محمّد الصوابي البيهقي.(7)
ص: 19
8. أبو تراب السيّد صفي الدين مقدم السادة المرتضى بن الداعي بن القاسم الحسني الرازي، مؤلف تبصرة العوام وغيره.(1)
9. أبو جعفر قطب الدين محمّد بن عليّ بن الحسن المقرئ النيسابوري.(2)
10. أبو جعفر محمّد بن عليّ بن المحسن الحلبي.(3)
11. أبو سعد الحسن بن عليّ الأرابادي.(4)
12. أبو عبد اللّٰه الحسين المؤدّب القمّي الأديب.(5)
13. أبو عليّ الحدّاد، الحسن بن أحمد بن الحسن الأصفهاني (422-515 ه).(6)
14. أبو عليّ الفضل بن الحسن الطبرسي، المفسّر، المولود حدود سنة 480 ه، والمتوفّى سنة 548 ه، مؤلّف مجمع البيان.(7)
15. أبو محمّد شميلة بن محمّد بن أبي هاشم جعفر الحسني، أمير مكّة المعظّمة، الرحّال المعمّر، المولود سنة 436 ه، وكان حيّاً سنة 545 ه.(8)
16. أبو نصر الحسن بن محمّد بن إبراهيم بن أحمد بن عليّ اليونارتي الإصبهاني
ص: 20
(466-527 ه)، و (يونارت) قرية كانت على باب أصفهان.(1)
17. أبو نصر الغازي، أحمد بن عمر بن محمّد بن عبد اللّٰه الإصبهاني (448-532 ه)(2).
18. السيّد عليّ بن أبي طالب الحسني السيلقي.(3)
19. السيّد عماد الدين أبو الصمصام ذو الفقار بن محمّد بن معبد الحسني المروزي، المعمّر، نزيل بغداد (405-536 ه).(4)
20. أمين الدين مرزبان بن الحسين بن محمّد أبو القاسم بن كميح.(5)
21. أبو القاسم بن كميح(6).
22. أبو جعفر بن كميح.(7)
23. أبوجعفر محمّد بن المرزبان.(8)
24. جمال الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن أحمد بن محمّد، ابن الإخوة الشيباني
ص: 21
البغدادي، نزل أصفهان (483-548 ه).(1)
25. شهردار بن الحافظ شيروية بن شهردار الديلمي صاحب مسند الفردوس.(2)
26. عماد الدين الطبري محمّد بن أبي القاسم عليّ بن محمّد بن عليّ ، مؤلّف كتاب بشارة المصطفى لشيعة المرتضى.(3)
27. محمّد بن عليّ بن عبد الصمد التميمي النيسابوري.(4)
28. هبة اللّٰه بن دعويدار القمّي.(5)
1 و 2 و 3. أبناؤه الثلاثة: نصير الدين الحسين، وظهير الدين محمد، وعماد الدين عليّ .
4. الحافظ رشيد الدين أبو جعفر محمّد بن عليّ بن شهرآشوب المازندراني السروي (488-588 ه)، ترجم في كتابه معالم العلماء للقطب الراوندي، وقال:
شيخي أبو الحسين.(6)
5. الحاكم الإمام عليّ بن أحمد بن عليّ الزيادي.(7)
ص: 22
6. الخليل بن خمرتكين الحلبي، المتوفى بعد سنة 590 ه.(1)
7. الشريف عزّ الدين أبو الحارث محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسين العلوي الحسيني البغدادي.(2)
8. الشيخ زين الدين عليّ بن حسّان الرهمي (الرهيمي). له منه إجازة.(3)
9. الشيخ منتجب الدين بن بابويه عليّ بن عبيد اللّٰه الرازي، صاحب الفهرست، وكان حيّاً سنة 600 ه، روى عنه في الفهرست في ترجمة العماد الطبري.(4)
10. الشيخ نصير الدين أبو إبراهيم راشد بن إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن محمّد البحراني، المتوفّى سنة 605 ه.(5)
11. القاضي أحمد بن عليّ بن عبد الجبّار الطوسي.(6)
12. بابويه بن سعد بن محمّد بن الحسن بن الحسين بن بابويه القمّي.(7)
13. زين الدين أبو جعفر محمّد بن عبد الحميد بن محمّد، قرأ عليه كتاب نهج البلاغة فكتب له الإنهاء: قرأ عليّ كتاب نهج البلاغة من أوّله إلى آخره الشيخ الإمام العالم زين الدين أبو جعفر محمّد بن عبد الحميد...(8).
14. كمال الدين عليّ بن محمّد المدائني.(9)
ص: 23
15. وجدت أخيراً مخطوطة نفيسة ثمينة من الاستبصار شيخ الطائفة أبي جعفر محمّد بن حسن الطوسي، وهى من نسخ محمّد بن حسن بن محمّد بن عبّاس في سنة 569 ه، وهي مقرؤءة على قطب الدين الراوندي بقرينة خطّه حيث جاء فيها:
بلغت القراءة وللّٰه الحمد، ووقع الفراغ منه في الخامس... من ذي الحجّة سنة سبعين وخمس... قرأه على الإمام قطب الدين شيخ الإسلام أبوالحسين الراوندي دام على.(1)
ويحتمل قويّاً أن كاتبه ومقرئه من تلامذة الراوندي.
1. إحكام الأحكام.(2)
2. أسباب النزول:
ذكره في البحار في عداد مصادره.(3)
3. الإغراب في الإعراب.(4)
4. ألقاب الرسول وفاطمة والأئمة عليهم السلام:
ذكره صاحب رياض العلماء و قال: «كتاب لطيف، مفيد جدّاً مع صغر حجمه، وعندنا منه نسخة»(5).
توجد نسخة منه في المكتبة المرعشيّة، وطبعت على أساسها.(6)
ص: 24
5. اُمّ القرآن:
نسبه إليه صاحب الروضات وقال: «ويحتمل اتّحاده مع بعض ما سبق من كتب تفاسيره».(1)
6. البحر:
أوّل من ذكره الشيخ يحيى البحراني في تراجم مشايخ الشيعة في ترجمة القطب بقوله: وقيل وجد كتاب يسمّى: البحر، وهو ينسب إليه.(2)
وذكروه في أمل الآمل و رياض العلماء و الذريعة.(3)
7. بيان الانفرادات:(4)
يبدو أنّه كتاب فقهي في بيان ما انفردت به الإماميّة من المسائل الفقهيّة ككتاب الانتصار في انفرادات الإماميّة للشريف المرتضى.
8. تحفة العليل:
في الأدعية والآداب وأحاديث البلاء، وأوصاف جملة من المطعومات.(5)
منه مخطوطة ناقصة في مكتبة البرلمان الإيراني، كتبت سنة 732 ه.(6)
9. التغريب في التعريب.(7)
10. تفسير القرآن:
ذكره منتجب الدين وقال: «مجلّدان».(8)
ص: 25
11. تهافت الفلاسفة:
ذكره له تلميذه الشيخ منتجب الدين في الفهرست(1)، وذكره في الذريعة وقال: «يوجد في الخزانة الرضويّة كما في فهرسها».(2)
12. جنى الجنتين في ذكر ولد العسكريين عليهما السلام.(3)
13. جواهر الكلام في شرح مقدمة الكلام:
«مقدمة الكلام» للشيخ الطوسي، مطبوع، وشرحه الراوندي، ذكره منتجب الدين في الفهرست.(4)
14. حلّ المعقود من الجمل والعقود:
ذكره منتجب الدين في الفهرست، وفي بعض نسخة: حلّ العقود، وفي بعضها الآخر: في الجمل والعقود، وأكثر نسخة: حلّ المعقود من الجمل والعقود، ويبدو أنه شرح على الجمل والعقود للشيخ الطوسي.(5)
15. الخرائج والجرائح:
في معجزات النبيّ وأعلام نبوته صلى الله عليه و آله، ومعجزات الأئمة الاثني عشر من عترته الطاهرة، ودلائل إمامتهم عليهم السلام، رتّبه على عشرين باباً، في كلّ منها عدّة فصول.
قال المؤلّف في آخر الباب الخامس عشر من كتاب الخرائج والجرائح:
فصل، واعلم أنّ معجزاتهم - معجزات النبيّ والأوصياء من عترته صلى الله عليه و آله - أكثر من
ص: 26
أن تحصى... وقد كنت جمعت خمس مختصرات تتعلّق بهذا الفن من العلوم، فأضفتها إلى هذا الكتاب أيضاً بالخطبة التي في أوّل كلّ واحد منها، وهي: كتاب نوادر المعجزات....(1)
وسماها واحدة واحدة.
وقد أضافها إلى الخرائج وجعلها في خمسة أبواب، كلّ واحد منها في باب، من الباب السادس عشر إلى الباب العشرين، وهي:
نوادر المعجزات.
موازاة معجزات نبيّنا صلى الله عليه و آله وأوصيائه عليهم السلام معجزات الأنبياء المتقدّمين عليهم السلام.
اُمّ المعجزات (القرآن الكريم).
الفرق بين الحيل وبين المعجزات.(2)
العلامات والمراتب الخارقة للعادات لهم:
مخطوطاته كثيرة، أقدمها في مكتبة السيّد المرعشي، رقم 6512، كتبت سنة 895 ه.(3)
وترجمه محمّد شريف الخادم إلى اللغة الفارسيّة، ورتّبه على 14 باباً، وسمّاه:
كفاية المؤمنين في معجزات الأئمّة المعصومين عليهم السلام، وصدّره باسم السلطان إبراهيم قطب شاه، الذي ملك الهند من سنة 955-988 ه.(4) وتوجد نسخة منه في مكتبة سيّد أحمد الروضاتي في أصفهان.(5)
طبع سنة 1301 ه في بومبي طبعة حجريّة في 200 صفحة، وطبع سنة 1305
ص: 27
ه في طهران طبعة حجريّة مع كفاية الأثر و شرح الأربعين حديثاً للعلّامة المجلسي، وحقّقته مؤسّسة الإمام المهدي عليه السلام في قم، وطبعته سنة 1409 ه طبعة كاملة في ثلاثة أجزاء، وهي أحسن طبعاته. وطبعة مؤسّسة الأعلمي في بيروت سنة 1411 ه مصوّرة على طبعة مؤسّسة الإمام المهدي عليه السلام في قم.
16. خلاصة التفاسير:
ذكره منتجب الدين في الفهرست وقال: عشر مجلدات(1) و ذكره غيره أيضاً، ولكن في تأسيس الشيعة قال: «عشرين مجلّداً»، ولعلّه من غلط النسّاخ. وتوجد نسخة من مجلّده الثاني في مكتبة المرعشيّة، وعليها خطّ ميرحسينا القزويني.(2)
17. الخلاف بين الشيخ المفيد والشريف المرتضى:
قال السيّد ابن طاوس في كشف المحجة، في كلام له:
إنّني وجدت الشيخ العالم في علوم كثيرة قطب الدين الراوندي - واسمه سعيد بن هبة اللّٰه - قد صنّف كرّاساً - وهي عندي الآن - في الخلاف الذي تجدّد بين الشيخ المفيد والمرتضى رحمهما اللّٰه، وكانا من أعظم أهل زمانهما، وخاصّة شيخنا المفيد، فذكر في الكرّاس نحو خمس وتسعين مسألة قد وقع الاختلاف بينهما فيها من علم الاُصول...(3).
وذكره أيضاً في فرج المهموم، وذكره غيره في غيرها.(4)
18. الدلائل والفضائل:
ذكره في رياض العلماء(5) حاكياً عن كتاب دفع المناواة للسيّد حسين المجتهد
ص: 28
الكركي (1001 ه) وقال في ذخيرة الدارين فيما يتعلّق بمصائب سيّدنا الحسين عليه السلام:
انتساب كتاب الروضة في الفضائل إلى الراوندي، وهو قريب.(1)
19. الرائع في الشرائع:
ذكره منتخب الدين وقال: مجلدان. وفي بعض نسخ أمل الآمل: «الرائع في الشرايع المعجزات»، وفي هامش بعض النسخ اسمها «ثاقب المناقب».(2) ولكن نقل العلّامة في المختلف والشهيد في الذكرى وغيرهما الآراء والأقوال الفقهيّة من الرائع.(3)
20. رسالة في أحوال أحاديث أصحابنا:
عرفت هذه الرسالة بأسماء متعدّدة، وقد سمّاها جمع باسم «رسالة في بيان أحوال أحاديث أصحابنا»(4) وأضاف الاسترآبادي وصاحب الوسائل على ذلك: «...
وإثبات صحّتها»(5).
وقد يعبّر عنها ب «رسالة في صحّة أحاديث أصحابنا».(6) وتحوّر العنوان إلى «رسالة الفقهاء» عند العلّامة المجلسي.(7)
وذكرها صاحب الذريعة في مواضع شتّى ب «رسالة الفقهاء» و «كتاب الفقهاء» و «رجال الراوندي» و «رجال قطب الدين»(8). وكلّ هذه الأسماء هي لمسمّىً واحدٍ.
أصل الرسالة التي ألّفها القطب الراوندي مفقود، والموجود والمطبوع منها
ص: 29
المختصر الذي اختصره بعض العلماء.(1)
21. رسالة في الطب. نسبت إليه في فهرس مكتبة الملك بطهران في النسخة الموجودة بتاريخ 854 ه.(2)
22. زهر (زهرة) المباحثة وثمر (ثمرة) المناقشة:
ذكره الشيخ منتجب الدين في الفهرست(3).
23. سلوة الحزين:
وهو المشتهر ب «الدعوات» كما نقل المجلسي بهذا العنوان، وفيه دعوات موجزة شريفة، محذوفة، الإسناد.(4)
مخطوطة منه في مكتبة جامعة طهران، وأيضاً في مكتبة البرلمان الإيراني.(5)
طبع في قم سنة 1409 ه باسم دعوات الراوندي، بتحقيق مؤسّسة الإمام المهدي عليه السلام.
وأيضاً بتحقيق عبد الحليم عوض الحلّي، طبع مطبعة «دليل ما» في 2006 م.
24. شجار العصابة في غسل الجنابة:
ذكره هو في فقه القرآن عند قوله بوجوب غسل الجنابة رأساً، وقال:
فغسل الجنابة واجب على كلّ حال، وقد ذكرنا في كتاب الشجار في وجوب غسل الجنابة بيان ذلك على الاستقصاء.(6)
ص: 30
25. شرح الآيات المشكلة في التنزيه:
ذكره الشيخ منتجب الدين، وفي بعض النسخ (الأبيات) بدل (الآيات)... وفي بعضها (التربة) بدل (التنزيه).(1)
26. شرح الخطبة الاُولى من نهج البلاغة:
قال الراوندي في مقدّمة منهاج البراعة:
قد كنت قديماً شرحت الخطبة الاُولى من نهج البلاغة بالإطناب... وهو كلام - عند أهل الفطنة والنظر - دون كلام اللّٰه ورسوله، وفوق كلام البشر، واضحة مناره، مشرقة آثاره....(2)
27. شرح العوامل المائة:(3)
و العوامل المائة لعبد القاهر الجرجاني، المتوفّى سنة 471 ه، وعليه شروح كثيرة.
28. شرح الكلمات المائة:(4)
هي مائة كلمة من حكم أمير المؤمنين عليه السلام وقصار كلمه، من جمع الجاحظ، شرحها عدّة، وترجمها آخرون إلى شتّى اللغات، ونظمها مترجمة إلى الفارسيّة عدّة من الشعراء، كالرشيد الوطواط ومن بعده.
29. شرح ما يجوز وما لا يجوز (من النهاية):
ذكره منتجب الدين في الفهرست.(5)
ص: 31
30. ضياء الشهاب:
في شرح شهاب الأخبار للقاضي القضاعي، شرحه سنة 553 ه سيأتي ذكره.
31. غريب النهاية.(1)
32. فقه القرآن المنتزع من كلام الملك الديّان:
وهو في تفسير آيات الأحكام والاستدلال بها على المسائل الفقهيّة واستنباط الأحكام الشرعيّة، فرغ منه في محرّم سنة 562 ه، وهو من خيرة ما اُلّف في موضوعه، وهو من أقدم ما كتبه الأصحاب في هذا الباب بعد كتابي الكلبي ووالد الصاحب بن عبّاد، وهما مفقودان. رتّبه على أبواب الفقه من الطهارة والصلاة والصوم والزكاة إلى كتاب الديات، وأصبح هذا المنهج هو المتّبع عند الطائفة، فكلّ ما ألّفته في تفسير آيات الأحكام هو حسب الترتيب الفقهي، وما ألّفه غيرنا في هذا الباب كلّه على ترتيب الآيات والسور.
ويحتمل أن يكون هو غير شرح آيات الأحكام كما قال به في أمل الآمل(2)؛ ولكن صرّح صاحب الرياض بأن شرح آيات الاحكام له هو المعروف بفقه القرآن بعينه كما يظهر من الديباجة.(3)
وذكره المحدّث النوري فقال:
كتاب فقه القرآن، وهو بعينه كتاب آيات الأحكام له أيضاً، وهو من نفائس الكتب النافعة الجامعة الكاشفة عن جلالة قدر مؤلّفه وعلو مقامه في العلوم الدينيّة....
ثمّ ذكر أنّه ظفر بنسخة منه مكتوبة في كاشان على نسخة خطّ المؤلّف في سنة 740 ه.(4)
ص: 32
بعض مخطوطاته من القرن السابع أو الثامن الهجري موجودة في مكتبة جامعة طهران(1).
طبعه الشيخ جواد المحتصر في النجف الأشرف، و طبعته أيضاً مكتبة السيّد المرعشي في قم سنة 1397 ه، بتحقيق الاُستاذ السيّد أحمد الحسيني الإشكوري، في مجلّدين.
33. قصص الأنبياء:
رتّبه على عشرين باباً، في كلّ باب منها فصول، واعتمد فيه أحاديث أهل البيت عليهم السلام في ذلك، راوياً أكثرها - وربما كلّها - من طريق الشيخ الصدوق رحمه الله. قال المجلسي بعد الإذعان بأنّ قصص الأنبياء للقطب:
ولا يبعد أن يكون تأليف فضل اللّٰه بن عليّ بن عبيداللّٰه الحسني الراوندي كما يظهر من بعض أسانيد السيّد ابن طاووس وقد صرح بكونه منه في رسالة النجوم وكتاب فلاح السائل.(2)
ولكنّ فلاح السائل الموجود بأيدينا اليوم خال عن ذكر قصص الأنبياء ومؤلّفها، وقد صرّح ابن طاوس نفسه في سعد السعود و فرج المهموم ومهج الدعوات بأنّ قصص الأنبياء للقطب الراوندي، ويمكن أنّ في رسالة النجوم سهو وتصحيف.(3)
مخطوطاته كثيرة، نسخة منها في مكتبة مدرسة سبهسالار في طهران، كتبت سنة 1089 ه.(4)
طبعه مجمع البحوث الإسلاميّة في مشهد سنة 1409 ه، بتحقيق الشيخ غلام رضا عرفانيان الخراساني، وأيضاً طبع في بيروت مصوّراً على الطبعة السابقة.
34. كتاب الإنجاز في شرح الإيجاز في الفرائض للشيخ الطوسي.
ص: 33
مخطوطة منه ضمن مجموعة من القرن العاشر الهجري، في مكتبة أمير المؤمنين عليه السلام العامّة في النجف الأشرف.
35. كتاب المزار:
قال صاحب الروضات في ترجمة القطب الراوندي: «ثمّ إنّ له من المصنّفات - غير ما فصّلنا لك - كتاب (كذا) كبير في المزار على ما عزي إليه في المقابس...».
ومثله في أعيان الشيعة والذريعة(1).
ذكره المحقّق الطباطبائي رحمه الله واعتبره من الكتب المنحولة التي من خلط صاحب المقابس، أبا البركات المشهدي الذي يعدّ من مشايخ الراوندي، مع ابن المشهدي الذي يعدّ من طبقة تلامذته، وسهو صاحب الروضات في إرجاع ضمير في «وهو صاحب المزار الكبير» من كلام صاحب المقابس إلى القطب.(2)
36. كتاب النيّات في جميع العبادات:
قال في فقه القرآن في بحث نيّة الصوم: وقد ذكرنا ذلك مستوفى في كتاب النيّات في جميع العبادات.(3)
37. كتاب في إعجاز القرآن وتفسير سورة الكوثر:
قال في مقدمة كتابه اُمّ المعجزات في كلامه على إعجاز القرآن وسورة الكوثر:
وقد نبّهنا على ذلك في كتاب مفرد.(4)
38. لباب الأخبار:
قال في الرياض: «قد رأيته في استر آباد. وهو كتاب مختصر في الأخبار».(5)
ص: 34
وقال المحقّق الطباطبائي رأيت نسخة منه في النجف في مكتبة العلّامة الشيخ محمدرضا فرج اللّٰه.(1)
39. اللباب المستخرج من (في تلخيص) فصول عبد الوهّاب:
ذكره ميرزا عبد اللّٰه الأفندي في رياض العلماء وغيره في غيرها.(2)
وأما فصول عبد الوهّاب فهو لعبد الوهاب بن محمّد بن أيّوب أبي زرعة الأردبيلي الحنفي الصوفي، نزيل شيراز، المتوفّى بها 5 رجب سنة 415 ه، من أصحاب أبي عبد اللّٰه الخفيف الشيرازي.(3)
ويبدو أن كتابه الفصول هو مجموعة مجالسه التي كان يلقيها في جامع شيراز، يحتوي على 155 مجلساً، في كلّ منها سبعة فصول، يبدأ في كلّ مجلس بآية وتفسيرها، ثمّ الأخبار والحكايات، ثمّ الوجوه والنظائر، ثمّ النكت والإشارات، وهو التفسير الصوفي لتلك الآية.(4)
وعمد القطب الراوندي إلى هذا الكتاب وهذّبه ممّا كان فيه من تصوّف وأباطيل وأحاديث واهية، واستخلص منه اللباب من تفسير، وأدب، وفوائد، وحكم، وطعّمه بفوائد من حديث العترة الطاهرة وحكمهم وآدابهم عليهم السلام.(5)
وهذا الكتاب (اللباب) كان موجوداً إلى قبل مائة سنة، فقد عثر عليه المحدّث النوري ونقل عنه في كتابه دار السلام وعدّه من مصادر كتابه مستدرك الوسائل باسم:
ص: 35
اللبّ واللباب.(1) توجد نسخة منه في مكتبة آية اللّٰه البروجردي الخاصّة بقم.(2)
ويجوز أن يكون الراوندي لخّص اللباب وسمّاه لبّ اللباب أو اللبّ واللباب، وأنّ الذي حصل عليه المحدّث النوري إنّما كان هذا المختصر، وأمّا اللباب فهو ممّا فقد قديماً.(3)
ويجوز أن يكون اللباب في فضل آية الكرسي كتاباً آخر له، فقد عدّه البغدادي في هديّة العارفين من كتب الراوندي.(4)
40. المجالس في الحديث:
ذكره الذريعة وقال:
ينقل عنه في فضائل السادات الذي فرغ منه مؤلفه سنة 1103.(5)
41. مسألة أخرى في الخمس.(6)
42. المسألة (الرسالة) الكافية (الشافية) في الغسلة الثانية.(7)
ص: 36
43. مسألة في الخمس.(1)
44. مسألة في العقيقة.(2)
45. مسألة في صلاة الآيات.(3)
46. مسألة في فرض من حضر الأداء وعليه القضاء.(4)
47. المستقصى في شرح الذريعة:
ذكره منتجب الدين في الفهرست، وقال: (ثلاث مجلّدات).(5) و الذريعة في اُصول الفقه للشريف المرتضى. وقدترجم المستقى بعض العلماء.(6)
48. مشكل النهاية (مشكلات النهاية أو شرح مشكلات النهاية):
ذكره في رياض العلماء بصور ثلاثة، وينقل عنه العلّامة في المختلف(7) وابن فهد في المهذّب(8) وغيرهما في غيرهما.
49. المعارج في شرح نهج البلاغة:
ذكره المحقّق الطباطبائي رحمه الله ويرى أنّه من الكتب المنحولة، وقال: «فهمها صاحب الروضات من كلام قطب الدين الكيدري في الحدائق، وتسرّب هذا الوهم
ص: 37
من الروضات إلى الذريعة».(1)
50. معرفة مقاطع القرآن من مباديه:
توجد نسخة منه ضمن مجموعة كتبت في القرن العاشر، في مكتبة الوزيري العامّة في مدينة يزد.(2)
51. المغني في شرح النهاية:
ذكره منتجب الدين في الفهرست وقال: (عشر مجلدات)(3).
و النهاية في مجرّد الفقه والفتاوى للشيخ الطوسي، ويبدو أنّ المغني كان موجوداً إلى القرن الثامن حيث ينقل عنه الشهيد الأوّل في كتاب البيان في بحث السجود.(4)
52. مفتاح المتعبّد:
توجد في المكتبة المركزيّة بجامعة طهران مخطوطة صدرها هكذا:
مفتاح المتعبّد، عن الشيخ... قطب الدين(5)... أبي الحسن بن أبي الفضل الراوندي قدّس اللّٰه سره بسم اللّٰه... الحمد للّٰه الذي جعل الدعاء أفضل العبادة....(6)
53. مكارم أخلاق النبيّ والأئمّة عليهم السلام:
ذكره صاحب الرياض بقوله:
وله أيضاً كتاب مكارم الأخلاق، كذا نسبه إليه بعضهم، لكنّه عندي خطأ؛ إذ هو لولد الشيخ الطبرسي، واحتمال التعدّد بعيد، فلاحفظ.(7)
ص: 38
ومخطوطته في مكتبة البرلمان الإيراني، كُتبت سنة 985 ه، وكتب عليها أنّه تأليف قطب الدين أبي الحسين سعيد بن هبة اللّٰه الراوندي، بخط قديم، وعليها تملّك الشيخ لطف اللّٰه العاملي الميسي، وملّكه بعده ابنه الشيخ عبد العالي في سنة 1035 ه، وبعده في مجموعة كتاب الفرقة الناجية للشيخ إبراهيم القطيفي.
رتّبت هذه المخطوطة على عدّة أبواب: الأوّل في مكارم أخلاق الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله، والثاني في مكارم أخلاق فاطمة عليها السلام، والثالث في مكارم أخلاق أمير المؤمنين عليه السلام، وبقية الأبواب لسائر الأئمة الاثني عشر - صلوات اللّٰه عليهم -، لكلّ واحد منهم باب فيه فصول.
أوّله:
أما بعد حمداً للّٰه الذي جعل محمّداً وآله رحمة لجميع بريّته... فإنّي جمعت مختصراً في أخلاقهم الرضيّة وشيمهم المرضيّة....
و هذه المخطوطة غير كتاب مكارم الأخلاق للطبرسي، ولكنّ إثبات، أنّها للراوندي بعيد، بل يقطع بعدمه.
ولم نعثر في هذه المخطوطة على اسم كتاب معيّن ولا اسم شيخ من شيوخ القطب الراوندي ولا غيره، ولم يذكر فيه اسم المؤلّف وعليه فلا يمكن نسبتها إلى كاتب أو مؤلّف خاصّ . ولكن المحقّق الطباطبائي رحمه الله نسب هذه المخطوطة إلى القطب الراوندي من دون تردد ولا إشكال.(1)
54. منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة:
هو شرح علمي أدبي جيّد، ويعتبر من أقدم شروح نهج البلاغة، بل هو أقدمها عند بعضهم،(2) فرغ منه في أواخر شعبان سنة 556 ه.
ولم يرد اسم الكتاب فيه، ولكن ذكره تلميذ المؤلّف، وهو الشيخ منتجب الدين في الفهرست بهذا الاسم، فقال في ترجمة الراوندي عند عدّ مؤلّفاته: ومنهاج البراعة
ص: 39
في شرح نهج البلاغة، مجلّدان(1).
قد استفاد ابن أبي الحديد من منهاج البراعة في شرحه كثيراً، وتكلّف أن يوجّه إليه نقداً بحقّ أو بباطل!
مخطوطاته عزيزة الوجود، منها في مكتبة جستر بيتي، كتبت في سنة 603 ه، ومخطوطة في مكتبة البرلمان الإيراني، كتبت في 652 ه.(2)
طبعه الشيخ عزيز اللّٰه العطاردي في حيدر آباد بالهند سنة 1403 ه، في ثلاثة أجزاء.
وطَبَعَتْهُ مكتبة السيّد المرعشي في قم سنة 1406 ه، في ثلاثة أجزاء بتحقيق السيّد عبد اللطيف القرشي.
55. الناسخ والمنسوخ:
ذكره في الذريعة، وتوجد منه نسخة ضمن مجموعة كتبت سنة 1254 ه في مكتبة المسجد الأعظم في قم.(3)
ونسخة اُخرى في مكتبة مدرسة مروي في طهران، كتبت سنة 1290 ه.(4)
واحتمل السيّد الطباطبائي أنّه لابن المتوّج البحراني، ونسب في بعض مخطوطاته إلى القطب الراوندي، وكتاب ابن المتوّج هو الذي نشره السيّد محمّد المشكاة، من مطبوعات جامعة طهران، بشرح السيّد عبد الجليل.(5)
56. نفثة المصدور:
ذكره منتجب الدين و وصفه بقوله: «وهي منظومة»،(6) وهذا يفيد أنّ هذا الكتاب
ص: 40
منظومة. وقد يكون موضوعه فقهيّاً أو أدبيّاً ونحوهما. واستفادة المترجمين له من عبارة منتجب الدين من أنّ نفة المصدور اسم ديوان شعره أو منظومته لايخلو من إشكال.(1)
57. نهية النهاية.(2)
وكان رحمه الله شاعراً، ولكن لم يصلنا من شعره إلا عدّة مقطوعات أوردها المحدّث النوري في خاتمة المستدرك والعلّامة الأميني في الغدير والسيّد الأمين في أعيان الشيعة(3)، فمنها:
بنو الزهراء آباء اليتامى *** إذا ما خوطبوا قالوا: سلاما
هم حجج الإله على البرايا *** فمن ناواهم يلق الأثاما
يكون نهارهم أبدا صياما *** وليلهم كما تدري قياما
ألم يجعل رسول اللّٰه يوم *** الغدير عليا الأعلى إماما؟!
ألم يك حيدر قرماً(4) هماما *** ألم يك حيدر خيراً مقاما
بنوه العروة الوثقى تولّى *** عطاؤهم اليتامى والأيامى
وله في الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه السلام:
قسيم النار ذو خبر وخبر *** يخلّصني الغداة من السعير
فكان محمّد في الناس شمساً *** وحيدر كان كالبدر المنير
ص: 41
هما فرعان من عليا قريش *** مصاص الخلق بالنصّ الشهير
وقال له النبيّ لأنت منّي *** كهارون وأنت معي وزيري
ومن بعدي الخليفة في البرايا *** وفي دار السرور على سريري
وأنت غياثهم والغوث فيهم *** لدى الظلماء والصبح السفور
مصيري آل أحمد يوم حشر *** ويوم النصر قائمهم نصيري
وله فيه عليه السلام أيضاً:
إمامي عليّ كالهزبر لدى العشا *** وكالبدر وهّاجا إذا الليل أغطشا
إمامي عليّ خيرة اللّٰه لا الذي *** تخيّرتم واللّٰه يختار من يشا
أخو المصطفى زوج البتول هو الذي *** إلى كلّ حسن في البريّة قد عشا
بمولده البيت العتيق كما روى *** رواة وفي حجر النبوّة قد نشا
موالوه قوّامون بالقسط في الورى *** معادوه أكّالون للسحت والرشا
له أوصياء قائمون مقامه *** أرى حبّهم في حبّة القلب والحشا
هم حجج الرحمن عترة أحمد *** أئمّة حقّ لا كمن جار وارتشى
وله رحمه الله في المعصومين عليهم الصلاة والسلام:
محمّد وعليّ ثمّ فاطمة *** مع الشهيدين زين العابدين عليّ
والصادقان وقد سارت علومهما *** والكاظم الغيظ والراضي الرضاء عليّ
ثمّ التقيّ النقيّ الأصل طاهره *** محمّد ثمّ مولانا النقيّ عليّ
ثمّ الزكي ومن يرضى بنهضته *** أن يظهر العدل بين السهل والجبل
إنّي بحبّهم يا ربّ معتصم *** فاغفر بحرمتهم يوم القيامة لي
وأجلسني وكلّمني بلطف *** وأنطقني وأطلق لي لساني
تجلّى الربّ للجبل المعلّى *** فدك وقد أراني ما أراني
وذلك بعد ما قد قال موسى *** له: أرني، فنادى: لن تراني
وأحرق نوره ظلمات قلبي *** وأشرق منه عيني بالعيان
ص: 42
وواعدني الصديق جنان عدن *** فقلت: هواه لي أعلى الجنان
الراونديّون من العلماء كثيرون جدّاً وأكثرهم ينتسبون إلى عائتلين: إحداهما: علويّة النسب وجدّهم أبوالرضا فضل اللّٰه بن عليّ الراوندي الحسيني (571 ه)، والاُخرى: عائلة القطب الراوندي.
اُسرته أسرة علميّة أنجبت علماء أدباء محدّثين، عبر قرون أربعة، الرابع والخامس والسادس والسابع.
فجدّه الأعلى قطب الدين أبو الفضل هبة اللّٰه بن سعيد الراوندي كان من أعلام القرن الرابع، فقيهاً، متكلّماً، محدّثاً، من تلامذة ابن قولويه، المتوفّى سنة 368 ه.
ترجم له ابن الفوطي، فقال:
قطب الدين أبو الفضل هبة اللّٰه بن سعيد الراوندي، الفقيه المتكلّم، كان من العلماء الأفاضل، له تصانيف حسنة، روى عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه(1).
لا نعرف شيئاً كثيراً من تاريخ أسلاف القطب و صرّح الأفندي في الرياض مجملاً بأنَّ والده وجدّه كانا من العلماء.(2)
ترجم له منتجب الدين وقال:
«الشيخ الإمام عماد الدين أبو الفرج عليّ بن الشيخ الإمام قطب الدين أبي الحسين سعيد بن هبة اللّٰه الراوندي، فقيه، ثقة».(3)
ص: 43
هو يروي عن أبيه وعن السيّد فضل اللّٰه الراوندي وأبي الفتوح الخزاعي المفسّر وأبي عليّ الطبرسي صاحب مجمع البيان، وعن الشيخ المتكلّم سديد الدين محمود الحمصي الرازي، وعن الشيخ عبد الرحيم بن أحمد المعروف بإبن الأخوة البغدادي - نزيل أصفهان، المتوفّى سنة 548 ه - وعن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن المحسن الحلبي.
وفي أمل الآمل أنّه روى عن أبي عليّ الطوسي. ولكنّ الشيخ أبا عليّ بن الشيخ الطوسي كان حيّاً سنة 515 ه، ويستبعد إدراك عماد الدين له. ويمكن أنّ الطبرسي صُحّف إلى الطوسي.
ومن تلمذته علىٰ هؤلاء يبدو أنّ ولادته كانت في أوائل القرن السادس، وكان حيّاً سنة 600 ه.
روى عنه وقرأ عليه نصير الدين عبد اللّٰه بن حمزة الطوسي صاحب الوسيلة، والشيخ جعفر بن نما الحلّي والسيّد حيدر بن محمّد الحسيني صاحب غرر الدرر، وأسعد بن عبد القاهر الأصفهاني مؤلّف كتاب رشح الولاء.
كنّاه السيّد ابن طاوس في فتح الأبواب: «أبا الفرج» وروى عن محمّد بن نما، وأسعد بن عبد القاهر عنه.(1)
الشيخ برهان الدين أبو الفضائل محمد بن عماد الدين عليّ بن القطب الراوندي.
ترجم له الشيخ منتجب الدين ووصفه بالعلم والفضل.(2)
ترجم له منتجب الدين وقال:
الشيخ نصير الدين أبو عبد اللّٰه الحسين بن الشيخ الإمام قطب الدين أبي الحسين
ص: 44
الراوندي، عالم، صالح، شهيد(1).
قرأ على أبيه، وكتب له أبوه إجازة على كتاب الجواهر لابن البرّاج بقوله:
قرأه عليّ ولدي نصير الدين أبو عبد اللّٰه الحسين - أبقاه اللّٰه ومتّعني به - قراءة إتقان، وأجزت له أن يرويه عني عن الشيخ أبي جعفر محمّد بن عليّ بن المحسن الحلبي عن المصنّف(2).
قال منتجب الدين:
الشيخ الإمام ظهير الدين أبو الفضل محمّد بن الشيخ الإمام قطب الدين أبي الحسين سعيد بن هبة اللّٰه الراوندي، فقيه، ثقة، عدل، عين.(3)
يروي عن أبيه(4)، ويروي عنه ابنه محمّد وقطب الدين البيهقي الكيدري(5)، والسيّد أبو طالب بن الحسين الحسيني(6)، ووحيد الدين جمال الإسلام أبو القاسم عليّ بن محمّد بن عليّ الجاسبي الذي، قرأ عليه كتاب النهاية في الفقه للشيخ الطوسي، فكتب له عليه إجازة تاريخها سنة 580 ه(7)، ويروي عنه أيضا علاء الدين عليّ بن
ص: 45
يوسف بن الحسن، قرأ عليه كتاب نهج البلاغة(1).
وممّا ألّفه ظهير الدين هذا مختصر في علم الكلام سماه عُجالة المعرفة.(2)
وله كتاب الأربعون حديثا(3).(4)
من أولاده الأفاضل محمّد بن ظهير الدين محمّد بن القطب الراوندي، روى عن أبيه، وروى عنه أبو المؤيّد محمّد بن محمود بن محمّد الخوارزمي، قاضي خوارزم وخطيبها، المتوفّى سنة 655 ه، من مشايخ ابن العديم، روى عنه عن المترجم في كتابه بغية الطلب.(5)
و يحتمل أن يكون من أولاده رشيد الدين الحسين بن أبي الفضل بن محمّد الراوندي. ترجم له منتجب الدين في الفهرست وقال: «المقيم بقوهده رأس الوادي، من أعمال الري، صالح، مقرئ، معاصر».(6)
ويحتمل أن يكون من أحفاد هذه العائلة قطب الدين محمّد بن محمّد الراوندي الذي كتب نسخة من إحكام الأحكام في اُصول الأحكام للآمدي الشافعي في 704 ه.(7)
ص: 46
لم يحدّد مترجموه تاريخ ولادته، إلا أنّه حيث روى عن أبي عليّ الحدّاد الأصفهاني - المتوفّى سنة 515 ه - فنقدر ولادته قبل الخمسمائة ببضع سنين، فربما كان - عندما رحل إلى أصفهان وسمع منه - ابن عشرين سنة أو أكثر.
أمّا تاريخ وفاته فمضبوط محدّد في ضحوة يوم الأربعاء 14 شوّال سنة 573 ه، نقله الجبعي في مجموعته عن خطّ الشهيد الأوّل رحمه الله.(1)
وحكاه ابن حجر في لسان الميزان(2) عن تاريخ الريّ للشيخ منتجب الدين ابن بابويه أنّه توفّي في 13 شوّال، فيحمل على الخلاف في أوّل الشهر وباختلاف الأفق... ففي الشام كان عيد الفطر من تلك السنة يوم الخميس، وفي الري كان العيد يوم الجمعة، فيكون يوم الأربعاء عندهم 13 شوال.(3)
عاش سعيداً ومات سعيداً.
قبره رحمه الله مشهور يزار، يقع في الصحن الكبير من الروضة الفاطميّة عليها السلام في قم المقدّسة، وعليه صخرة كبيرة بعناية بعض أهل الخير المعروف ب: جواديان، ومنحوت عليها اسمه أسب الفقيد آية اللّٰه المرعشي النجفي، وأمّا القبر المنسوب إليه في خسرو شاه بنواحي تبريز فلعلّه قبر جدّه هبة اللّٰه الراوندي، أو أحد أولاده أو غيرهما كما احتمل ذلك صاحب رياض العلماء.(4)
ص: 47
الآيات القرآنيّة التي تقع ذريعة لاستنباط الأحكام الشرعيّة المتعلّقة بعمل المكلّف في حياته الفرديّة والاجتماعيّة هي الآيات المعروفة بآيات الأحكام، وهي على المشهور ثلاثمائة آية تقريباً، وقد أفردها لفيف من العلماء بالتأليف.
حكى المحدّث النوري عن صاحب الرياض قوله: أنّ القطب الراوندي أوّل من ألّف منّا في آيات الأحكام ووافقه أيضاً.(1)
ثمّ إنّ أبا نصر محمّد بن السائب الكلبي (م 146 ه) من أصحاب الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام له تفسير كبير معروف ب «أحكام القرآن» وهو أوّل، من دوّن فى آيات الأحكام كتاباً وكان قدوة لغيره في هذا الفن. وهو والد هشام الكلبي النسّابة الشهير وصاحب التفسير الكبير.
والظاهر أنّه أوّل من صنّف في هذا الفن كما يظهر من تاريخه، لا الإمام الشافعي محمّد بن إدريس (م 204 ه) كما زعم السيوطي.(2)
أمّا بعد عصر المتقدّمين والرواة فلا نعرف من المؤلّفين الإماميّة مقدّم على الراوندي قدس سره وبعده منهاج الهداية للشيخ جمال الدين أحمد بن عبداللّٰه بن محمّد بن المتوّج البحراني و النهاية للشيخ فخر الدين أحمد بن عبداللّٰه بن سعيد بن المتوّج البحراني، وكلاهما من تلامذة فخر المحقّقين (م 771 ه).(3)
تصدّى جماعة من أعلامنا للردّ على الفلسفة البشريّة سوى ما أدرجوه في كتبهم الكلاميّة، منهم هشام بن الحكم في الردّ على أرسطاطاليس كما ذكرها النجاشي
ص: 48
والشيخ(1) وفضل بن شاذان النيسابوري في كتاب الردّ على الفلاسفة كما نقله النجاشي أيضاً(2) وعليّ بن أحمد الكوفي في كتاب الردّ على أرسطاطاليس كما نقله النجاشي(3)وعليّ بن محمّد بن العبّاس في كتاب الردّ على الفلاسفة(4) والشيخ المفيد في كتاب جوابات الفيلسوف في الاتّحاد(5) وغيرهم من الكتب والمقالات.
ولكن بعنوان تهافت الفلاسفة، أوّل من ألّف في هذا المجال أبو حامد محمّد بن محمّد الغزالي الطوسي (م 505 ه) وردّ عليه محمّد بن أحمد بن رشد (م 595 ه) في «تهافت التهافت» وغيره في غيرها.
والظاهر أنّ اوّل من ألّف تهافت الفلاسفة من الإماميّة قطب الدين الراوندي رحمه الله، واللّٰه العالم.
هناك اختلاف في وجهات النظر حول أوّل من كتب في الدراية من الشيعة، فقد ذهب السيّد حسن الصدر إلىٰ أنّه هو الحاكم النيشابوري (405 ه)،(6) ولكن مسألة انتماء الحاكم إلىٰ المذهب الإمامي غير متّفق عليها.
واعتبر السيّد المحقّق الطباطبائي أنّ أوّلّ مؤلّف شيعي في الدراية هو القطب الراوندي (573 ه) بسبب تأليفه رسالة في صحّة أحاديث اصحابنا.(7)
وقد ذهب جماعة إلى أنّ أوّل مؤلّف شيعي في هذا العلم هو جمال الدين أحمد بن موسى بن طاوس الحلّي (673 ه) الذي ألّف في هذا المجال كتاب حلّ
ص: 49
الإشكال في معرفة الرجال.(1)
قال في الرياض: «ثمّ إنّ القطب الراوندي قدس سره أوّل من شرح نهج البلاغة».(2)
وللمحدّث النوري قول آخر، حيث قال:
وأمّا النهج فأوّل من شرحه أبوالحسن البيهقي، وهو حجّة الدين فريد خراسان، أبوالحسن بن أبي القاسم زيد - صاحب لباب الأخبار وحدائق الحدائق وغيرها - ابن محمّد بن عليّ البيهقي، من أولاد خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين.(3)
ويعتقد بعض بأنّ أوّل من شرح نهج البلاغة هو عليّ بن الناصر - المعاصر للسيّد الرضي - وهو من أخصر وأتقن الشروح سمّاه أعلام نهج البلاغة.(4)
وهناك آراء في أوّل مَن شرح نهج البلاغة وقال بعض بأنَّ أوّل من شرحه أحمد بن محمّد الوبري، وقال بعض بأنّه السيّد فضل اللّٰه الراوندي وغيرهما.(5)
لم يصرّح الراوندي رحمه الله باسم الكتاب ولكن ذكره منتجب الدين وابن شهر آشوب وغيرهما بعنوان «ضياء الشهاب في شرح الشهاب».(6)
ذكره في الرياض بقوله:
ص: 50
وله كتاب ضياء الشهاب في شرح كتاب الشهاب في وجيز الألفاظ النبويّة للقاضي القضاعي، وقد رأيته في طهران وتاريخ تأليفه سنة ثلاث وخمسين وخمسمائه. ويظهر من هذا الشرح ميله إلى التصوّف ونقل كلام الصوفيّة شاهداً، فلعلّه لغير القطب الراوندي، فلاحظ.(1)
إذا كانت النسخة التي رآها صاحب الرياض مقطوعة الأنساب يمكن استفادة تاريخ تأليف ضياء الشهاب من كلامه، وأمّا قوله في ميل الراوندي إلى التصوّف ونقل كلام الصوفيّة فيمكن أن يكون نظره إلى بعض كلماته، مثل: قوله: «قال بعض أهل الإشاره» أو «قال بعض أهل التأويل».
ونسخته منحصرة في ما استكتبها العلّامة محمّد بن محمّد محسن الفيض الكاشاني المدعوب «علم الهدى» (1115 ه) و عليها تملّكه وسجعه وتملك محمّد جعفر بن سلطان العلماء ومحمّد هادي الفيضي في 1183 ه.
كتبت هذه المخطوطة سنة (1096 ه) على نسخة مكتوبة سنه (682 ه) وهي محفوظة في مكتبة مجلس سنا على رقم 217 ذكرت في فهرسها وعنها مصوّرة في المكتبة المركزيّة لجامعة طهران، على رقم الفيلم 1985.(2)
ذكره في الذريعة وقال: «يوجد في فهرس كتب المولى علي الخياباني».(3)
اعتمدنا في تحقيق الكتاب على نسخة منحصرة موجودة في مكتبة البرلمان الإيراني، وفيها كثير من الألفاظ المطموسة، اعتمدنا تثبيت ما هو أصل له، وفي حالة عدم العثور على المصدر صحّحناه وأشرنا إلى ذلك، في الهامش.
كما وخرّجنا الأحاديث التي أوردها المصنّف قدس سره عن طريق الخاصّة والعامّة من
ص: 51
المصادر، وأرجعنا إليها، وقد بذلنا ما بوسعنا في تخريج الأقوال والآراء من مصادرها والإرجاع إليها، وفي مورد اليأس عن ألفاظ الروايات بعينها حاولنا جهد إمكاننا تثبيت الأحاديث الاُخرى الواردة بهذا المعنى؛ لكي يتعرّف القارئ الكريم على مضمون الرواية الواردة.
وأخيراً من اللازم أن اُقدّم شكري المتواصل إلى كلِّ من آزرني في إنتاج هذ العمل القليل وإخراج هذا السفر الجليل إلى عالم النور، لا سيما الأخ الفاضل الشيخ قاسم شير جعفري حيث قام بتقويم النصّ ، والشيخ على الحميداوي «الأنصاري» حيث تولّى مراجعة الكتاب النهائيّة، كما وأتوجّه ببالغ الامتنان للأخوة الأعزاء: الشيخ حميد الأحمدي الجلفايي والسيّد محمّد حسين الحكيم والشيخ محمّد حسين الدرايتي المشرف على قسم إحياء التراث في مؤسّسة دارالحديث، وأيضاً الأخوة محمّد كطران كشمر (أبو نور) وحسين أفخميان اللذين قامان بنضد الحروف.
وأرجو من اللّٰه سبحانه وتعالى لهم الصحّة، وأن يزيد في تأييدهم وتوفيقهم، ونسأله أن يتقبّل منّا ويغفر لنا ولوالدينا ولمن وجب حقّه علينا، إنّه بالإنعام والتفضّل حقيق.
مهدي سليماني الآشتياني
ص: 52
بسم اللّٰه الرحمن الرحيم
ربّ سهِّل ولا تعسِّر.
قال الشيخ الإمام قطب الدين كافي الإسلام جمال العلماء أبو الحسين سعيد بن هبةُ اللّٰه بن الحسن الراوندي (أدام اللّٰه ظلّه علىٰ كافّة المسلمين):
أمّا بعد: حمداً للّٰه الذي جعلَنا من أهل البَراعة، وخَصَّنا من عموم فضله بأنواع ثمرات البلاغة، حتّى تنشّبت فينا عروقها وأفناؤها(1)، وتهدّلت علينا أوراقها وأغصانها. والصلاة على نبيّه محمّدٍ قطب الشرع وعماد اليقين، وعلى آله كهوف العلم وأساس الدين.
فإنّي لمّا وجدت شروحاً كثيرة حرّرها العلماء لكتاب الشهاب، مشحونة بالفوائد والعوائد على السداد والصواب - ولم يمكني أن اُحصّلها في وسعي مهيَّأةً ، ولم اُطِق أن اُحيط بأقطار جميعها مهنّأةً - جمعتُ بعون اللّٰه زلالها وسَلِسَها بيد الاختيار جرياً لها، وشذّبتُ (2) الألفاظ وهذّبتُ المعاني في ذلك كما ترى، و أنّ كلّ الصيد - كما قيل - في جوف الغراء، ومِن اللّٰه العصمة والتوفيق.
وأقول بعد ذلك وهو التحقيق: حدّثنا السيّد الإمام أبو محمّد شميلةُ بن محمّد
ص: 53
أبي هاشم الحسيني، أمير مكّة(1)، قال: قال القاضي أبو عبد اللّٰه محمّد بن سلامة بن جعفر القضاعي الفقيه الشافعي المدقّق في عصره:
الحمد للّٰه القادر الفرد الحكيم، الفاطر الصمد الكريم، باعث نبيّه محمّد بجوامع الكلم وبدائع الحكم، وجاعله للناس بشيراً ونذيراً وداعياً إلى اللّٰه(2) بإذنه وسراجاً منيراً، صلّى اللّٰه عليه وعلى آله(3) الذين أذهب اللّٰه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً(4).
أمّا معناه: فأنّه جميع المحامد وكلّ ما هو من جنسها كائنٌ ثابت للّٰه الذي كان تحقّ له العبادة في الأزل، وهو تعالى الآن يستحقّها إلى ما لا يزال، قد صحّ منها كلّ فعلٍ لا يستحيل، هو المتوحّد بصفةٍ لا يشاركه فيها غيره، العالم بدقائق الاُمور، المُحكِم لأفعاله، الخالق المُهدي، فطر العدم فأخرج منه الموجودات، السيّد المحمود الذي يُقصد إليه بالحوائج، يكرم من عباده من يستحقّ الإكرام، الذي أرسل محمّداً رفيع منزلته، ومعه القرآن الذي يجمع جميع ما كان في الكتب المنزلة من الكلمات التي تمنع عن كثير من القبائح صاحبها، وجعله مبشّراً للمؤمنين بالثواب، ومعلّماً بالتخويف جميع الكافرين من العقاب، فاعلَ الدعوة إلى طاعة اللّٰه، سراجاً ذا نورٍ يهتدي الناس به في ظلمة الكفر، فأدام اللّٰه وصول الصلاة والرحمة إليه، وإلى أرفع أهله وأخصّ أهل بيته المعصومين، الذين باعدوا من أرجاس الذنوب بعصمة اللّٰه، وقربوا من طيّب الطاعات وطاهرها من الشوائب بتوفيق اللّٰه.
وأمّا مشكلاته: فالحمد: عامّ في الفضائل والفواضل، والشكر أخصّ منه؛ لأنّه الاعتراف بنعمة المنعم مع ضربٍ من التعظيم، والحمد: رضا فعل الفاعل، يُقال:
حمدته على شجاعته وسخاوته، ويستعمل في مواضع الشكر، فيُقال: حمدتُه على
ص: 54
نعمته، واللام في الحمد لاستغراق الجنس.
و «اللّٰه» أصله «إلٰه» مصدر بمعنى المفعول، كالكتاب والحساب بمعنى المكتوب والمحسوب، فحذف فاءُ الفعل واُدخل عليه لامُ التخصيص الَّتي يسمّى في غيره لام التعريف، والفرد والفريد والمنفرد والمتفرّد بالإلهيّة والقدم.
والحكيم: فعيل بمعنى مُفعِل.
وفاطر السماوات: الذي شقّها من العدم وأخرجها منه، وهذا مجاز حسنٌ .
والصمد: فعيل بمعنى مفعول، يقال: صمده، أي قصده، ويكون المصمَّد غير المجوَّف.
والكريم: فعيل بمعنى مفعَّل، وقيل: هو اسمٌ جامع لجميع الفضائل، ويكون الكريم فعيلاً بمعنى فاعل كالظريف والعظيم.
والبعث: الإرسال والإحياء والإيقاظ.
ومحمّد: اسم عَلم لرسول اللّٰه، ومعناه: البليغ في كونه محموداً.
والجوامع فواعل، والبدائع فعائل، واحدتها جامعة وبديعة، مثل: كافرة وكوافر، وفضيلة وفضائل.
والابتداع: الابتداء وهو من الأبدال.
والكلم: عند سيبويه اسم واحد وضع للجمع كالنَّفر والرهط، وعند الخليل جمع كلمةٍ (1).
والبشارة: كلّ خبر يظهر أثر مسرّته على بَشَرة الوجه(2)، والبَشيرُ: فعيل بمعنى مُفَعِّل، والنذير: فعيل بمعنى مُفعِل.
وإذهاب الرجس: عبارة عن ألطاف فَعلَها اللّٰه لهم، فامتنعوا عندها عن سائر المعاصي اختياراً لا إجباراً، وإنّما حظّ اللطف التقريب دون الإلجاء، لا أنّ هناك رجساً فأذهبه اللّٰه عنهم، وهذا كما يُقال: للقيامة معاد ومرجع.
ص: 55
وكذلك معنى التطهير.
والصلاة من اللّٰه بمعنى الرحمة، ومن الملائكة بمعنى الاستغفار، ومنّا بمعنى الدعاء(1).
وإذا قيل: «صلّى اللّٰه عليه» فالأولى أن يُقال: «وعلى آله»؛ لأنّ الضمير المجرور مع الجارّ بمنزلة شيء واحد، فلو لم يعد الجارّ لكان بمنزلة العطف على بعض الكلمة.
وإذا قيل: «صلّى اللّٰه على محمّدٍ» فالأولى أن يُقال: «وآل محمّد» ولا يعاد الجارّ؛ ليكون الكلام جملة واحدة. وإذا قلت: «صلّى اللّٰه على محمّد وعلى آل محمّد» صار الكلام جملتين وتقدّر محذوفاً، أي «وصلّى اللّٰه على آل محمّد»، وعند بعضهم هذا أبلغ في علم البيان.(2)
والآل أجلّ من الأهل في العرف، والهمزة بدل من الهاء؛ لكونهما من الحلق.
أمّا بعد، فإنّ في الألفاظ النبوية والآداب الشرعية جلاءً لقلوب العارفين، وشفاءً لأدواء الخائفين؛ لصدورها عن المؤيَّد بالعصمة، والمخصوص بالبيان والحكمة، الذي يدعو إلى الهدى، ويبصّر من العمى، ولا ينطق عن الهوى، صلّى اللّٰه عليه وعلى آله(3) أفضل ما صلّى على أحدٍ من عباده الذين اصطفى.
أمّا معناه: فإنّه ذكر تشبيباً(4) قبل شروعه في المقصود، وقال: اُخبر - بعد ما تقدّم من التسمية والتحميد والصلاة على محمّد وآله - أنّ في كلّ لفظة لفَظَها الذي [لفظها] من فمه ورماها من لسانه، وفي كلّ خَصلةٍ حَسَنَةٍ من الشرع دعا اللّٰه إليها تنقية
ص: 56
لصدئ الذنب والشكّ عن فؤاد كلِّ محصِّل معرفة اللّٰه ورسوله وحججه، وشفاءٌ لكلّ داءٍ يكون بالذين يخافون عقاب اللّٰه؛ لأنّ تلك اللفظة صدرت عن صدرِ موفَّقٍ مقوًّى بالعصمة قد خصّ بالفرق بين الحلال والحرام، فلا وجه لردّها، وكيف أنّها جاءت من جهة النبيّ الموصوف بهذه الصفات، وهي أنّه عليه السلام يدعو الناس إلى الإسلام، ويرشد عن الجهل والغفلة، ولا يجوز على من ائتمنه اللّٰه من وحيه - عليه أفضل صلاةٍ صُلّيت على أحد من الأنبياء -؟
وأمّا مشكلاته: فإنّ «أمّا» للتخيير كما أنّ «إمّا» للتخيير، و «أمّا» كلمة يُقال بعد تقدّم كلام وهو متضمّن معنى الشرط، ولذلك يجابُ بالفاء.
و «بعد» مبنيّ على الضمّ ، بني لما حُذِف منه المضاف إليه.
و «اللفظ»: الرمي إلّاأنّه اختصّ بالعرف بما يلفظ من الفم.
و «النبويّة»، منسوبة إلى النبيّ ، وأصله من النباوة، وهي الرفعة(1)، ولا يُهمز؛ لقوله عليه السلام: ولا تَنبِروا(2) باسمي(3) ليكون اسم مدح، ولا يكون من النبأ وهو الخبر.
و «الأدب»: ما يُدعا إليه، فعل بمعنى مفعول كالنفض والقبض، ومنه المأدبة، فالأدب كلّ خَصلةٍ من خِصال الخير جديرة بأن يدعا إليها.
والشرع: طريقة الإسلام، ومنه شريعة الماء: الطريق الذي يشرع إليه، فعيلة بمعنى مفعولةٍ ، يقال: شرعت في الأمر شرعاً، إذا خضت فيه(4).
والجلاء: مصدر جلوت السيف، إذا نقّيته من الصداء، وأصله الكشف والإظهار.
وقيل: ما سمّي القلب إلّامن تقلّبه(5).
والمراد بالعارف: هو المحصّل معرفة اللّٰه وجميع ما يجب عليه تحصيله من
ص: 57
المعارف، والمعرفة: علم يحصل بعد أن لم يكن؛ ولذلك يوصف القديم بأنّه عالم، ولا يُقال له «عارف»، فالمعرفة أخصّ من العلم، وهو ما اقتضى سكون النفس.
وشفاه اللّٰه من مرضه، أي خلّصه من جانبه، وشفاء البئر: حرفه(1).
والأدواء: جمع داء.
وروي: لصدرها، والصدور: الرجوع عن الماء، والورود ضدّه، والورود:
الدخول، والصدر: الخروج.
والبيان: مصدر «بان الشيء»، أي ظهر بمعنى التبيين، ويكون مصدر بان زيدٌ الشيءَ بمعنى التبيين، ويكون البيان التمييز والفرقان.
و «الهدى» هنا الدين، وقوله: «يبصّر من العَمى» استعارة عن الهداية بالتبصير عن الغفلة والجهل، و «أفضل»: أفعل للتفضيل، و «ما صلّى» ما: مصدرية، أي أفضل صلاةٍ على رسولٍ ، ولو أتى بالشرح لقال: لاصطفاهم، فحذف ضمير المفعول تفخيماً.
وقد جمعت في كتابي هذا ممّا سمعته من حديث رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ألف كلمةٍ من الحكمة في الوصايا والآداب والمواعظ والأمثال، قد سلمت من التكلف مبانيها، وبَعُدَت عن التعسّف معانيها، وبانت بالتأييد عن فصاحة الفصحاء، وتميّزت بهدى النبوّة عن بلاغة البلغاء، وجعلتُها مسرودة يتلو بعضها بعضاً، محذوفة الأسانيد، مبوّبة أبواباً علىٰ حسب تقارب الألفاظ؛ ليقرب تناولها، ويسهل حفظها.(2)
أمّا معناه: فواضح؛ لأنّه حكى أنّه جمع في هذا الكتاب من أخبار النبيّ عليه السلام ألفاً، منها: ما يوعظ به الإنسان، ومنها: ما يشبَّه به حال بحالٍ ؛ لرغبة أو رهبة، لا شدّة في معرفة لفظها، ولا مشقّة في الاطّلاع على معناها، ثمّ وصفها بالفصاحة؛ لأنّ منبعها من قليب(3) النبوّة، يعجز كلّ بليغ عن إيراد مثلها، ثمّ ذكر أنّه جعل نظمها متناً،
ص: 58
وضمّ كلّ كلمة إلى اُختها؛ إرادة التيسير والتسهيل على الناظر في ذلك.
وأمّا مشكلاته: فإنّ الحديث صار بالعرف مختصّاً بأحاديث النبيّ عليه السلام؛ ولذلك سمّي حملة الأخبار أصحاب الحديث، فالحديث بمنزلة اسم العلم لأخبار رسول اللّٰه.
وحدّ الكلمة: كلّ لفظةٍ دلّت على معنى بالوضع.
و «الوصايا»: جمع وصيّة كمنيّة ومنايا، والوصيّة: الأمر بما يعمل به الغير مقترناً بوعظٍ.
و «المواعظ»: جمع موعظة وهي مصدر، وإنّما جمع لاختلاف أنواعه.
وقيل: إنّما جعل(1) اسماً صريحاً ثمّ جمع؛ لأنّ المصادر لا يثنّى ولا تجمع.
والمَثَل والمِثل، كالشَّبَه والشِّبه لفظاً ومعنى: وهو كلّ ما يمثّل به الحال.
وقوله: «سلمت من التكلّف» كناية عن كونها مطبوعة لا كلفة له في بنائها.
والمباني: جمع مبناةٍ ومبنىً . والتعسّف: الأخذ على عسفٍ ، والعَسوف: الظلوم(2).
والمعنى: ما يقصد بالكلام. وبان: ظهر وبَعُدَ. والتأييد: تفعيل من الأيد وهو القوّة.
والفصاحة: الظهور والبيان. والبلاغة: إيصال المعنى إلى القلب في جنس صورة من اللفظ. والسرد: النظم، ومسرودة، أي منظومة مؤلّفة(3). ومحذوفة الأسانيد، أي متروكة.
والإسناد مصدرٌ جَعَلَه اسماً صريحاً ثمّ جَمَعَه، وأسناد الأخبار: طرقه التي توصِل الحديث إلى النبيّ عليه السلام من أسماء الرواة، وقال: إنّه فصّلها باباً باباً على مقتضى مقاربة الألفاظ كما تراه في الكتاب من باب الأمر والنهي، وباب رُبَّ ، وباب نِعمَ وبئس؛ ليسهل على من أراد حفظها ولا يختلط عليه. والتناول: الأخذ والإدراك.
ص: 59
ثمّ زدتُ مئتي كلمة فصارت(1) ألف كلمةٍ ومئتي كلمة، وختمتُ الكتاب بأدعية مرويّةٍ عنه عليه السلام، وأفردت الأسانيد جميعها كتاباً يرجع في معرفتها إليه، وأنا أسأل اللّٰه تعالى أن يجعل ما اعتمدته من ذلك خالصاً لوجهه ومقرِّباً من رحمته بحوله وقدرته(2).
كان أوّل مرّةٍ وضع الكتاب على ألف حديث، ثمّ ظهر له أخبار، و لاح له أحاديث تليق بكلّ باب، فزاد على الألف مئتي حديث فجعلها على هذا العدد، وختم الكتاب بالدعاء كما افتتح بالحمد والثناء، تبرُّكاً بذلك وتيمّناً.
ثمّ ذكر أنّه صنّف كتاباً آخر لأسانيد هذه الأخبار على ما سمعته من طرقه؛ فإنّ الإسناد حجّة على صحّة الأخبار، وعِلمُ الأخبار عِلم جليل، خاصّةً معرفة الرجال وطبقاتهم والعلم بجرحهم وتعديلهم؛ فإنّ الشريعة تُعرف بها بعد كتاب اللّٰه والإجماع؛ إذ لا طريق للعقل إلى معرفتها، وما جاء من ذلك في كتاب اللّٰه مجمل وبيانه يؤخذ من الأخبار، وخبر الواحد وإن لم يوجب العلم فهو موجب للعمل على الظنّ عند أكثر العلماء.
فصل
اعلم أنّ كلّ خبر وحديث كان له سبب خاصّ ، كما أنّ لكلّ آيةٍ من كتاب اللّٰه كان له سبب نزول مفردٍ، إلّاأنّ الرواة لم ينقلوا على الأكثر إلّاما لا يُعلم إلّابذكر سببه وإن كان وَرد كلّ خبر في أمرٍ خاصّ ، ولا يجب قصره عليه؛ لأنّ لكلِّ كلام حكم نفسه، فإذا اُطلق الكلام إطلاقاً فهو على العموم تناول كلّ ما يصحّ دخوله تحته، والأصل في الكلام الإطلاق، وإنّما يكون التقييد فرعاً، والتخصيص شرعاً يُعلم بقرينة ودلالة منفصلةٍ .
ص: 60
والمراد بقولنا: «سبب في الكلام»: الداعي إلى الخطاب به والباعث عليه، وليس المراد به الأسباب المولّدة للأفعال، وقد اتّفقنا على أنّ الحكيم لا يجوز أن يريد بخطابه إلّاما له داعٍ إليه، فلا بدّ من خطابه من أن يكون مقصوراً على أسبابه، غير أنّه لا يجيء منها أنّه إذا سأله عليه السلام سائل عن مسألة حادثة فأجابه بقولٍ عامٍّ أن(1)يقصُره على ذلك السؤال؛ لأنّه إذن عمّ بخطابه سؤال(2) السائل وغيره، فلم يضف إلى بيان ما يُسأل عنه بيان حكم غيره إلّالسبب آخر و داعٍ هو غير سؤال؛ لأنّه لو لم يكن كذلك لأجاب بما يكون وقفاً للسؤال من غير أن يكون فاضلاً عليه.
وكلامه عليه السلام ينقسم إلى مطابق السبب غير فاضلٍ عنه، وإلى ما يكون أعمّ منه، والأوّل لا خلاف فيه، والثاني على ضربين:
إمّا أن يكون أعمّ منه(3) في الحكم المسؤول، نحو قوله [صلّى اللّٰه عليه وآله] - وقد سُئل عمّن ابتاع عبداً واستغلّه، ثمّ وجد به عيباً -: الخراج بالضمان(4).
وإمّا أن يكون أعمّ منه في غير ذلك الحكم المسؤول، نحو قوله عليه السلام - وقد سئل عن الوضوء بماء البحر -: هو الطهور ماؤه، الحِلّ ميتته، فأجاب بما يقتضي شربه وإزالة النجاسة به وغير ذلك.
وأكثر أحاديثه عليه السلام متضمّنة للأوامر والنواهي، وإنّما لم يذكرها على لفظ: «افعل» و «لا تفعل» لفوائد جمّة؛ أ لا ترى أنّه عليه السلام لو قال: «الزموا جماعة الحقّ تُرحموا» بدل قوله: الجماعة رحمة(5)، لظنّ المخاطبون أنّهم مخصوصون بذلك ؟
ص: 61
على أنّ لفظ الإخبار أسهل على السامع، ويكون المخاطب به أقرب إلى تدبّره.
ثمّ تقليل الكلام من غير إخلال محمود وذلك للإيجاز الذي هو من أشرف مراتب البلاغة، وهو: إظهار المعنى الكثير باللفظ اليسير، وإذا أمكن المخاطب أن يستغني بالقليل كان الإطناب هذراً، وحسن البيان البلاغي أخفّ مؤونةً على القائل والسامع.
فهذا ديباجة الكتاب وعنوان اُنموذج الخطاب، ولا يوحشنّك إطناب الكلام هاهنا في صدر الكتاب؛ فأنا اُوجز شرح الأحاديث من بعد ذلك إن شاء اللّٰه، و [من] اللّٰه سبحانه أستمدّ المعونة فيما تحرّيتُ ، وأنتجزُ(1) التسديد والتثبيت على الطريقة التي فيها جريت، وهو حسبي ونعم الوكيل.
ص: 62
الباب الأوّل(1)
1. الأَعمْالُ بِالنِّيَّاتِ .(2)
معنى الخبر: أنّ الأعمال لا تُقبل إلّابالنيّة، فأخلِصوا الطاعات للّٰه، ولا تشوبوها بغرض غير القربة إليه تعالى؛ وسبب ذلك لأنّ الفعل يكون ذا وجوه يصحّ أن يوقع على كلّ وجهٍ من وجوهه، ولا يختصّ بالوجه المقصود إلّابقصد وإرادة، وهو اقتران النيّة به؛ أ لا ترى أنّ من أراد أن يؤدّي صلاةً لابدّ أن ينوي القربة والعبادة؛ ليتميّز من الرياء والعادة، وينوي الفرض ليتميّز به من النفل، وينوي الظهر ليتميّز من غيرها، وينوي الأداء ليتميّز بها من القضاء؟
ولهذا نقول: وقوع الفعل على وجه دون وجه يدلّ على كون فاعله مُريداً، والنيّة من باب الإرادة، فهي كلّ إرادة في القلب مفعولة به متعلّقة بفعل فاعلها، فكأنّه عليه السلام أراد أنّ الأحكام الشرعيّة إنّما تُثبت الأعمال بالنيّات، ونفيَ تلك الأحكام عمّا لم يصاحبه النيّة من الأعمال، فلا ثواب ولا عقاب على أفعال الساهي والنائم وإن كانت من قبيل الحَسَن والقبيح.
وظاهر الخبر يفيد أمرين: إمّا أنّ الأعمال تصير أعمالاً بالنيّة، وهذا لا يصحّ ؛ لأنّ النائم يقع منه أعمال ولا يكون له نيّة فيها، فلم يبقَ إلّاالوجه الآخر وهو أنّه عليه السلام
ص: 63
أخبر أنّ الأحكام تُثبت الأعمال في الشريعة بالنيّات.
وأمّا مشكلاته: فالعمل: كلّ فعل فيه بعض الأحكام، وتلحق فاعله المشقّة في فعله، ولا يجري على اللّٰه لهذا.
وللفعل أحوال يختلف عليه الأسماء لاختلافها، أعمّها «الفعل» وهو ما وجد بعد أن كان مقدوراً. ثمّ «الصُّنع» وهو الفعل المحكم، ويجري على اللّٰه كلاهما وعلينا.
ثمّ «الخلق» وهو إخراج المقدور من العدم إلى الوجود على ضربٍ من التقدير، ولا يطلق إلّاعلى اللّٰه؛ لمنع سمعي، ويستعمل فينا مقيّداً، يُقال: خلقتُ الأديم، أي قدّرته، وكذلك يسمّى الإرادة عزماً وتوطيناً للنفس إذا كانت متقدّمة على الفعل، ويسمّى قصداً وإيثاراً واختياراً إذا كانت مقارنةً للفعل بشرط أن يكون من فعل المريد.
فإنْ قيل: لِمَ لم يقل: الأفعال بالنيّات ؟
قلنا: الأعمال يختصّ بالمعالجات بالجوارح، والأفعال يُنسب إلى القلوب وإلى الجوارح وإلى اللّٰه تعالى، فلو كان الخبر على الصيغة التي سُئل عنها لكان فيه إثبات النيّة للّٰه، وهي مُستحيلة عليه تعالى في جميع أفعاله. ويلزم أنْ يكون لكلِّ فعلٍ من أفعال القلوب نيّة حتّى يجب لكلّ إرادة إرادةٌ ، فتؤدّي إلى ما لا نهاية.
على أنّ الحثّ منه عليه السلام لاُمّته على أن يكون أعمالهم الظاهرة التي يدخل فيها الرياء والسمعة خالصة للّٰه، طالبين بها رضاه ورحمته، ولا يكون كذلك إلّا من نيّة صحيحة.
و «الأعمال» رُفع بالابتداء، وخبره على التحقيق هو الذي تعلّق حرف الجرّ به، وتقديره: الأعمال واقعة أو صحيحة بالنيّات، والجارّ والمجرور في موضع الرفع؛ لوقوعه موقع خبر المبتدأ، ويجوز أن يكون التقدير: وقوع الأعمال موقع الصحّة والقبول بالنيّات، و: الأعمال واقعة موقع الصحّة بالنيّات.
وسبب الخبر: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله لمّا هاجر إلى المدينة، فهاجر بعضهم لرضا اللّٰه، وبعضهم لغرض دنيوي من تجارة ونكاح ومال، فأطلعه اللّٰه عليه، فقال: «الأعمال
ص: 64
بالنيّات، وإنّما كان لكلّ امرىٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى اللّٰه ورسوله فهجرته إلى اللّٰه ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يُصيبها، أو امرأةٍ يتزوّجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه» .
والأولى حمله على العموم. على أنّ العموم إذا خرج على سبب خاصٍّ لا يجب قصره عليه.
2. المَجَالِسُ بِالأَمَانَةِ .(1)
معنى الخبر: النهي عن النميمة، والأمر بأداء الأمانة في المجالِس بحفظ ما يُسمع فيها وصيانته عن الإذاعة والإفشاء؛ لأنّ من أفشى ونقل ما جرى هنالِك ربما أدّى إلى إهلاكه في الدنيا، وربما كان يجري في مجلسٍ أسرارٌ يجب حفظها، فإن اُفشيت أدّى إلى تلف أموال وهلاك نفوس.
وقيل: «حفظ السرّ من أعظم البرّ»، و «إفشاء السرّ من أقبح الشرّ»، و «صدور الأحرار قبور الأسرار»(2).
والمجلس: موضع الجلوس ويكون مصدراً، والأمان والأمانة: واحد، والأمانة يستعمل في الشيء المودع عند أمينٍ . والباء يتعلّق بمحذوفٍ ، يعني: قوام المجالس وصلاح المجالس يكون بالأمانة، ثمّ حذف المضاف واُقيم المضاف إليه مقامه، وهذا كثير حيث لا يلتبس المعنى.
وروي في الخبر زيادة، وهي: «المجالس بالأمانة إلّاثلاثة: مجلس سُفِكَ فيه دم حرام، أو استحلّ [فيه] فرج حرام، أو اقتُطع [فيه] مال [حرام](3)» .
ص: 65
وقال عليه السلام: «المجالسُ ثلاثة: غانمٌ ، وسالمٌ ، وشاجب»(1)، يعني أهل المجالس. والغانم:
الذاكر، والسالم: الساكت، والشاجبُ : المُفشي من الشجب وهو الهلاك(2).
3. المُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ .(3)
يعني: إذا طلبت المشورة من أحد ينبغي أن يؤتمن فيما يشير إليه، فاعتمد عليه ولا تُسئ ظنّك به.
وقيل: معناه لا تطلب المشورة ولا تستشر إلّامن كان أميناً عندك ويكون غالب ظنّك أنّه أمين، فإن ظننته خائناً فلا تستشرهُ .
ورُوي بعده: والمستشير مُعان(4).
والمعنى: أنّ الذي يطلب منك المشورة يجب عليك أن تعينه [با] لرأي والإشارة إلى الصواب.
وفي خبر آخر: المستشار بالخيار، إن شاء قال، فإن قال فلينصح .
وقد أمر اللّٰه نبيّه بالمشورة، فقال: (وَ شٰاوِرْهُمْ فِي اَلْأَمْرِ) (5)، فاستشار عليه السلام أصحابه في باب الاُسارى، فأشار أبو بكر بالاستبقاء، وعمر بالاستيصال، فصار عليه السلام إلى رأي أبي بكر بعد ما نزل عليه الوحي بالاستبقاء(6)، وإنّما فعل ذلك لإدخال السرور
ص: 66
عليهم، وليعلموا أنّهم في العداد، وإلّا فما حاجته إلى استشارة أحدٍ مع نزول الوحي عليه. ويقال: استشرتُ فلاناً وشاوَرتُه، فأشار عليّ بما كان عنده من الرأي.
وأصل الكلمة: الاستخراج لشيء حَسَنٍ ، من قولهم شُرتُ العَسَل، أي تناولتُه من موضعه. والسين في الاستشار للطلب. وائتمنته، أي وجدتُه أميناً واتّخذته أميناً.
4. العِدَةُ عَطِيَّةٌ .(1)
معنى الخبر: أنّ مَن وعد أحداً شيئاً أدخل عليه سروراً، فإذا كان في عزمه الوفاء استحقّ عليه الثواب والمدح، كما أنّه إذا أعطاه سرّ به واستحقّ الثواب عليه.
ويجوز أن يكون المعنى أنّ الوعد من الرجل الصادق اللهجة بمنزلة العطاء؛ من حيث إنّه عَلِمَ أنّ خُلف الوعد(2) يوجبُ على نفسه الوفاء به، فإذا وعده على هذا الوجه فكأنّما أعطاه؛ لأنّ العرب تسمّي الآخذ في الشيء والمبتدئ به فاعلاً لذلك الفعل، ومثله قوله تعالى: (إِنِّي أَرىٰ فِي اَلْمَنٰامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ) (3) أي أشتغل بذبحك، وآخذ في مقدّماته وإعداد أسبابه.
وقيل: إنّ الخبر ورد على سبب، وهو أنّ سائلاً سأل رسول اللّٰه شيئاً، فقال: ما عندنا شيء. قال: عِدني، فقال: إنّ العدة عطيّة.
ويُروى: «الوأي(4) مثل الدَّين أو هو أفضل»(5).
ص: 67
وقال عليه السلام: إذا وعد أخاه شيئاً فلم يفِ له به وفي نيّته الوفاء، فلا إثم عليه(1).
و «العِدة»: الوعد كالزِّنة والوزن، والصِّفة والوصف، وأصلها: وَعدة ووزنة ووصفة. و: «وعدت فلاناً» إذا كان هكذا مطلقاً كان الموعود به خيراً، وإذا كان مقيّداً فهو صالح للخير والشرّ، تقول: وعدتُه خيراً ووعدته شرّاً، فأمّا أوعد فهو من الوعيد، لا تستعمل إلّافي الشرّ. و «العطية»: اسم للإعطاء؛ لأنّ الفعل منه أعطى يُعطي.
فإن قيل: كيف يصحّ روايتكم: «الكريم إذا وعد وفى، وإذا أوعد عفا»(2)، فإذا كان اللّٰه لا يخلف الميعاد، فهل يجوز أن يخلف الإيعاد ليكون في غاية الكرم كما قلتم ؟
قلنا: لا يجوز ذلك؛ لأنّ الخلف كذب، سواء كان للميعاد أو للإيعاد، إلّاأنّا نقول: من عفا اللّٰه وغفر له فالوعيد لم يتناوله في سابق علم اللّٰه، ولم يدخل في عموم قوله: (وَ مَنْ يَعْصِ اَللّٰهَ ) (3). مسند الشهاب، ج 1، ص 40، ح 7؛ المعجم الأوسط، ج 4، ص 23؛ المعجم الصغير، ج 1، ص 150؛ المغني لابن قدامة، ج 12، ص 92. و لم نعثر عليه و ولا على مضمونه في مصادر الشيعة.(4).
5. العِدَةُ دَينٌ .(4)
معناه: إذا وعدت أخاك شيئاً فأوفِ له بذلك؛ فإنّ الوفاء بالوعد يجب كوجوب قضاء الدين في قضيّة العقل. والأظهر أنّ هذا الخبر حثّ لِلمواعِدِ على الإنجاز والوفاء فقط، والخبر الأوّل له معنيان كما ذكرنا:
أحدهما: الحثّ على الوفاء بالمواعيد، وأنّه يكره الخُلف فيها كما يكره الرجوع في العطاء.
والثاني: أنّه بشارةٌ للموعود إذا كان من كريم، وقد ذكرنا سببه المؤكِّد لهذا الوجه.
ص: 68
والصيغة التي ذكرها في الخبرين بمنزلة قولهم: «أبو يوسف أبو حنيفة» أي يتنزّل منزلته ويقوم مقامه، فالعدة كالدَّين لكانت دونهما بدرجات.
وقيل: ورد هذا الخبر في حقّ الواعد، والأوّل في حقّ الموعود فحسب.
6. الحَرْبُ خُدْعَةٌ .(1)
معناه: أنّ المماكرة في الحرب أبلغ وأنفع من المكابرة والإقدام عن غير علمٍ .
وقيل: معناه إذا خُدِع المقاتل مرّةً واحدة لم يكن لها إقالة. وفَتْحُ الخاء أفصح، وروي بضمّها، والمعنى: أنّ بعض الحرب حيلة ليس كلّها بالقوّة، أو أصل الحرب مكر، وبضمّ الخاء ونصب الدال بمعنى: أنّها تخدع الرجال وتمنّيهم، ثمّ لا تفي لهم، ونحو قوله عليه السلام: الحرب سِجالٌ (2)، مرّةً لنا ومرّةً علينا(3).
وفائدة الخبر: أنّ المحارب إذا خَدع من يحاربه مرّة وانخدع له ظفر به وهزمه، ومعناه على(4) الخدعة، أي يخدع فيها القِرن، والخدعة نعت الحرب أي إنّها تخدع الرجال.
وفيه دليل على جواز المماكرة في الحرب، وإنّما تؤنّث الحرب لأنّها اسم للمحاربة، وفي الأصل مصدر حَرَبَه، إذا سَلَبَه حرباً.
والخَدْعَةُ : المرّة من الخداع، والخُدعة: ما يُخدَع به الصبيُّ وغيره، كأنّها مخدوع
ص: 69
بها، والخُدَعَة الفاعل كالضُّحكة للذي يضحك من الناس.
وتحقيق الحديث: أنّ الحرب لا يكون بالشدّة والجلادة والقهر والشجاعة، وإنّما هو بالحزم والرأي والعلم.
وقيل: إنّه عليه السلام قاله في قتل عمرو بن عبد ود.
وروي أنّه قاله يوم الأحزاب لمّا بعث نعيم بن مسعود ليُخذّل بين قريش و غطفان و اليهود.
7. النَّدَمُ تَوْبَةُ .(1)
أي: معظم أركانها الندم، كما قال: الحجّ عرفة(2). واقتصر في التوبة على الندم دون العزم على أن لا يعود إلى مثل الذنب الذي فعله؛ لأنّه إذا كان مصرّاً غير مقلع فإنّه لا يكون نادماً على الحقيقة.
وقال أبو جعفر الطوسي: إذا تاب الرجل من بعض الكبائر مُصرّاً على بعضها يصحّ توبته(3).
والصحيح أنّها لا تصحّ . قال المرتضى: و حدّ التوبة أنّه ندمٌ على ما مضى وعزمٌ على أن لا يعود إلى مثله؛ لقبحه أو لوجه قبحه(4).
و «الندم» من باب الاعتقاد. وقيل: هو من باب العلم؛ لأنّه إذا فعل فعلاً ثمّ بدا له بعد ذلك أنّ له فيه ضرراً أو فوتَ منفعة ندم على ما فعله. وقيل: هو معنى برأسه، وقيل: هو التحسّر فقط.
ص: 70
وعن النبيّ عليه السلام: «مَن أخطأ خطيئة أو أذنب ذنباً ثمّ ندم، فهو كفّارة له»(1)، رواه ابن مسعود.
وقال له رجل: يا رسول اللّٰه، إنّي رجل مِقراف للذُّنوب، فقال: تُب إلى اللّٰه، فقال:
يا رسول اللّٰه، إنّي أتوب، ثمّ أعود؟! قال: كلّما أذنبت فتُب. قال: إذاً تكثر ذنوبي ؟ قال: عفو اللّٰه أكثر من ذنوبك. وقال: المؤمن واهٍ راقعٌ ، فالسعيد من هلك على رقعه(2).
و «التوبة»: الرجوع عن المعصية إلى الطاعة سرعاً.
8. الجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ وَالفُرْقَةُ عَذَابٌ .(3)
يعني: كونوا مع جماعة الحقّ تُرحموا، ولا تفارقوهم؛ فإنّ مفارقتهم عذاب.
وقيل: أراد بالجماعة اجتماع المسلمين على شيء، وبالفرقة اختلافهم فيه، و «الجماعة» بمعنى الاجتماع، و «الفرقة» بمعنى الافتراق.
والمعنى على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، يعني: الجماعة علامة الرحمة وسببها، والفرقة علامة العذاب أو سببه.
وقيل: المراد [أنّ ] اجتماع المسلمين على كلمة واحدة وعلى رأي واحد سبب الرحمة، وافتراقهم واختلاف كلمتهم سبب العذاب وعلامته؛ لأنّ ذلك إنّما يكون بتوفيق من اللّٰه ولطفه، وإذا تفرَّقتْ جماعتهم واختلفت كلمتهم وآراؤهم، تنازعوا وتخالفوا ولم يستقم لهم أمرٌ. وهذا إنّما يكون بمعنى اتّفاق الآراء في الحروب والخروج إلى العدوّ، فسبب الرحمة الموافقة والمطابقة، وسبب العذاب المفارقة.
ص: 71
9. الأَمَانَةُ غِنىً .(1)
معناه: كونوا أهل الأمانة لا الخيانة؛ فإنّ الأمانة ذريعة للغنى ومظنّة لكثرة البيع والشرى [و] لأنّ الأمانة بعينها غنىً .
وتحقيقها: «الأمانة سببُ الغنى» على حذف المضاف؛ فإنّ من عُرف بالأمانة يُرغب في معاملته، فقال: «الأمانة هي عين الغنى» على سبيل المبالغة.
10. الدِّينُ النَّصِيحَةُ .(2)
أي: انصحوا للخلق؛ فإنّ قوّة الدين نصيحتهم.
والأصل في «النصيحة» التلفيق بين الناس من النَّصح، وهو الخياطة.
وروي: لمّا قال عليه السلام: الدِّين النصيحة، قيل: لمن ؟ قال: للّٰه ولرسوله وللأئمّة وعامّة المسلمين(3).
فأمّا النصيحة للّٰه: فأداء طاعته واجتناب معاصيه وإخلاص العمل.
ونصيحة الرسول: الاقتداء بأفعاله وأقواله والاستنان بسننه؛ قال اللّٰه تعالى:
(وَ إِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) (4) .
وأمّا نصيحة الأئمّة: فهي أن تطيعوهم في كلّ طاعة وصلاح.
وأمّا نصيحة العامّة: فالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والشفقة عليهم، والدعاء لهم، وكفُّ الأذى، وأن تحبَّ لهم ما تحبُّ لنفسك.
ص: 72
وقال جرير بن عبد اللّٰه: بايعنا رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله على السمع والطاعة والنصيحة لكلّ مسلم.(1)
والمراد «بالدين» هنا ملّة الإسلام. و «النصيحة»: إخلاص القول والنيّة للخير، وهو الإصلاح أيضاً، ومنه الناصح للخياط.
11. الحَسَبُ المَالُ ، وَالكَرَمُ التَّقْوىٰ .(2)
تقول: لا تفاخروا بالمال والنسب الشريف؛ ف (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اَللّٰهِ أَتْقٰاكُمْ ) (3)، وإنّ الرجل إذا كان ذا مالٍ في الدنيا يضاف إليه الكِبْر والعظمة وإن لم يكن كبراً في نفسه وأصله، والكرم لا يحصل في المرء إلّاإذا كان حذِراً عن الشبهات مجانباً عن المحظورات.
و «الحسب»: ما يحسبه الرجل من مَفاخره، ويُستعمل في النسب لهذا المعنى.
ولمّا غزا عليه السلام بني هوازن، وغنم أموالهم وأولادهم ونساءهم، وفدوا عليه صلى الله عليه و آله، وكلّموا في السبي، فخيّرهم بين المال والسبي، فقالوا: «أمّا إذا خيّرتنا، فإنّا لا نختار على الحسب شيئاً»، فردّ عليهم النساء والصبيان، فكأنّهم قالوا: لا نؤثر المال عليهم، وإنّا لو اخترنا المال لبطل حسبنا.(4)
و «الكرم»: مجمع المفاخر. و «التقوى»: اتّقاء معاصي اللّٰه واتّقاء عقابه، والتاء فيه بدل من الواو.
ص: 73
وسُئل عليٌّ عليه السلام عن التقوى، فقال: «هو أن لو وضع عملك على طَبَقٍ ، ولم يُجعل عليه غطاء، وطيف به على أهل الدنيا، لما كان فيه شيء تُستحيي منه».(1)
وجَعلُ المبتدأ والخبر معرفتين في الخبرين فيه سرٌّ، وهو: أنّه يُستفاد من موضوع هذا النظم الإثبات والنفي، فكأنّه قصد إلى أن يجعل الدين النصيحة والحسب المال لا غير على طريق المبالغة، فكأن قد جعل الدين بأسره النصيحة، كما تقول: «زيد الرجل» يعني هو عين الرجل وكلّ الرجل حتّى كأنّه لا رجل غيره، وكذا الخبران، يعني: لا حسب إلّاالمال. ولو اُدخل «هو» الذي يسمّى الفصل لكان أوضح؛ تقول: زيد هو الرجل.
12. الخَيْرُ عَادَةٌ وَالشَّرُّ لَجَاجَةٌ .(2)
يريد: عَوِّدْ نفسك فعل الخير؛ فإنّ الإنسان إذا اعتاد فعل الخير وواظب عليه وفّقه اللّٰه وزاد في ألطافه حتّى استمرّ على الخير، فيصير عادةً له وسجيّةً ، وليس الشرّ كذلك؛ فإنّه إذا كان شريراً فذلك من سوء اختياره ولجاج طبعه وغرور الشيطان؛ فجعل الخير عادة لعود الناس إليه وحرصها عليه إذا أَلِفَته لطيب ثمره وحسن أثره، وجعل الشرّ لجاجةً لما فيه من الاعوجاج و لاحتواء العقل إيّاه.
واشتقاق العادة من العود، واللجاج من لجّة البحر؛ لأنّ من وقع فيه تَحيّر.
13. السَّمَاحُ رَبَاحٌ ، وَالعُسْرُ شُؤْمٌ .(3)
أي: سامِحوا وتَسَهَّلوا في كلّ أمرٍ تربحوا، ولا تُضيّقوا في حالٍ فهو شؤمٌ يرجع إلى صاحبه، والسماح: سهولة الخُلق.(4)
ص: 74
فمعناه: إذا كان الرجل سهل الجانب يسامحُ الناس ويقاربهم كثر معاملوه، فيكثر ربحه، وإذا كان عَسِر الخلق نفروا عنه.
ودخل أبو العيناء السوق فقال بعض أهلها: «تعالِ اُقارِبك» فقال: «إن لم تقاربني باعدتك». والرَّباح - بفتح الراء -: الرِّبح، وبكسرها: مصدر رابَحَ مرابحةً ورباحاً.(1)
14. الحَزْمُ سُوءُ الظَّنِّ .(2)
يقول: لا تثقوا بكلّ أحدٍ، واحتاطوا بالحذر من الناس؛ فإنّه أسلم لكم. وكذلك يجب على العاقل أن يسيء الظنّ بجميع أحوال نفسه، فإن عزم على ارتكاب فاحشةٍ وأحسنَ ظنّه بأنّ عمره طويلاً وهو يتوب بعد ذلك فليس هذا بحزمٍ وكياسة، وربما يخترم(3) دون ذلك، وإنّما الحزامة والاحتياط إساءة الظنون بعُمره، ويقول:
أموت فيما بين الأمر ولا أعيش إلى أن أتوب. والسارق لو أساء ظنّه لم يُقطع يمينه.
ولا شكّ أنّ الإنسان إذا كان سيّئ الظنّ يحتاط في الاُمور ولا يتّكل إلى أحدٍ لا يثق به، بل يستوثق ويعمل الاحتياط من الشدّ والإغلاق والختم والتيقّظ، وإذا كان حَسَن الظنّ يعتمد على كلّ أحد، فربّما يكون على خلافه، ومن اتّهم نفسه يتدبّر في الاُمور ويتأنّى.
وقيل: «علامات الحمق ثلاثة: سرعة الجواب، وكثرة الالتفات، والثقة بكلّ أحدٍ». وكان فيما مضى من الزمان حُسن الظنّ من حُسن العبادة، فأمّا في زماننا هذا فإنّ كلَّ مَن أحسن الظنّ بأبناء الزمان أوقع نفسه في التلف والخسران.
ص: 75
و «الحزم»: الاحتياط والحذر، أصله الجمع والشدّ، ومنه: الحُزْمَة من الحطب، وحِزام الدابّة، والحازم: الجامع للرأي السديد(1).
وروي: «الحزم سوء الظنّ بالناس»(2)، وحُسن الظنّ ورطة.
15. الوَلَدُ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ مَحْزَنَةٌ .(3)
يعني: احتط لنفسك واستيقظ إذا كان لك أولاد؛ فإنّهم يحملون الآباء على البخل بالمال، والفرار من القتال، والتأخُّر عن الحجِّ ، ويدعون إلى الحزن لفوح قلوبهم بجمع حطام الدُّنيا، فهم مواضع البخل والجُبن والحزن؛ فإنّ أبَ الأولاد يبخل فلا يعطي شيئاً من الزكاة؛ خوفاً عليهم من الفقر، ولا يرغب في الحجّ والجهاد؛ خوفاً من ضياعهم، ويحزن طول الأيّام إن جاعوا وإن عطشوا وإن عروا ومرضوا.
وروت خولة بنت حكيم: أنّ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله خرج، وهو محتضن حسناً وحسيناً، وهو يقول: «أنتم تجبّنون وتجهّلون وتبخّلون، وإنّكم لمن ريحان اللّٰه»(4)، يعني تدعون آباءكم على الجُبن والبُخل.
وقيل: المَفعَلَة: مدعاة إلى فعله، ويجوز أن يكون مصدراً - كالمَعْدَلَة - على تقدير حذف المضاف، أي هم سبب البخل والجبن، ويجوز أن يكون بمعنى الموضع، أي هم موضع البخل والجبن.
ص: 76
و «الولد»: لفظ يصلح للواحد والجمع والمذكّر والمؤنّث، وهو فعل بمعنى المفعول، ويجمع أيضاً أولاداً وولداناً.
16. البَذَاءُ مِنَ الجَفَاءِ .(1)
ينهى عن قول الفحش وأن يكون الإنسان شتّاماً لعّاناً؛ فإنّ تكلّم الفُحش في اللسان نوعٌ من الجفاء. و «الجفاء»: خلاف البرّ، وقبيح القول مع الناس يكون جفاءً وإن كان محسناً إليهم.
وقيل: معناه: لا تعمل سيّئاً ولا تتكلّم بقبيح؛ فإنّ ذلك من الجفاء الذي يُبعدُ العبد من اللّٰه تعالى، وتمام الخبر: «الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنّة؛ والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار» .
وقال عليه السلام: «إنّ اللّٰه يبغض الفاجر(2) البذيّ (3)؛ لو كان الفحش رجلاً لكان رجل سوء» .(4)
و «البذاء»: خبث اللسان، وفلان بذيُّ اللسان، إذا كان مؤذياً سبّاباً(5). و «الجفاء»:
النبو والارتفاع.
وقال النبيّ صلى الله عليه و آله لعليّ والحسن والحسين عليهم السلام: «كيف بكم إن كنتم صرعى وقبوركم
ص: 77
شتّى؟! ثمّ قال للناس: فإذا كان ذلك فلا تجفونا، فقد جُفينا أحياء، ولا تجفونا أمواتاً».(1)
17. القُرْآنُ هُوَ الدَّوَاءُ .(2)
يقول: إذا كنتم مذنبين أو جاهلين فارجعوا إلى علوم القرآن وأوامره وتدبّروها؛ فإنّه دواءُ أعظم الأدواء الذي هو الكفر وما دونه.
وقيل: معناه: إذا كان بأحدكم داء لا دواء [له] فعليكم بكتاب اللّٰه؛ فإنّه شفاء، قال اللّٰه تعالى: (وَ نُنَزِّلُ مِنَ اَلْقُرْآنِ مٰا هُوَ شِفٰاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) (3)، وقال: (يٰا أَيُّهَا اَلنّٰاسُ قَدْ جٰاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ شِفٰاءٌ لِمٰا فِي اَلصُّدُورِ) (4)، والقرآن دواء للعامّ شفاء للخاصّ . إشارة إلى العينين.
وقال صلى الله عليه و آله: «فاتحة الكتاب الشافية الكافية»(5)، «فاتحة الكتاب شفاء من كلّ سقم»(6)، «من لم يستشف بالقرآن فلا شفاهُ اللّٰه»(7)، «من لم يشفه الحمد فلا شفاه اللّٰه»(8).
وعن أبي سعيد الخدري: كنّا في رُفقة [فمررنا](9) بحيٍّ ، فقالوا لنا: إنّ فتىً منّا قد صُرع وجنّ ، فهل فيكم من دواء له ؟ قلنا: نعم، فأتيناه فإذا هو مصروع، فجعل أحدنا يقرأ عليه فاتحة الكتاب، فقام بإذن اللّٰه كما اُنشط من عقالٍ ، فأعطونا طعاماً،
ص: 78
فقلنا: لا نأكل طعاماً حتّى نسأل رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله هل يحلّ لنا؟ فسأله أحدنا، فقال:
«نعم، مَن أكل بُرقْيَة باطلٍ فقد أكلت برقية حقٍّ »(1).
وشكا رجل إلى الصادق عليه السلام الحُمّى، فقال: «اقرأ إذا أصبحت قبل أن تكلّم أحداً فاتحة الكتاب سبع مرّاتٍ ، فإن لم تشف فاجعلها سبعين مرّة، وأنا ضامن بالشفاء، إلّاأن يكون حمّى الموت».(2)
18. الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ .(3)
معناه: ادعوا اللّٰه في الشدَّة والرخاء واستغيثوا به، واستغيثوا بإظهار التذلّل له، فهو رأس العبودية، وقال تعالى: (اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (4).
ومورده مورد الخبر الذي قبله، كأنّه عليه السلام جعل الدعاء أصل العبادة، أو العبادة نفسها، قال اللّٰه تعالى: (فَادْعُوا اَللّٰهَ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ ) ،(5) أي «اعبدوا اللّٰه»، وما من عبادة بعد الفرائض وقراءة القرآن أفضل من الدعاء.
وروي: «أنّ الرجل إذا صلّى ركعتين ولم يسأل اللّٰه قال اللّٰه تعالى للملائكة: كأنّ عبدي استغنى عنّي!، وإذا دعا لنفسه خاصّة يقول اللّٰه: يا ملائكتي، يظنّ عبدي أنّه يسأل بخيلاً!، وإذا دعا لنفسه وللمؤمنين قالت الملائكة: بدأ اللّٰه بك، فمِن حقِّك إن تدع(6) للمؤمنين أ [ن] تدعو لك الملائكة؛ فإنّ دعاءهم أقرب إلى الإجابة من دعائك».(7)
ص: 79
و «الدعاء»: أصله النداء أو الصياح، يقال: دعوته ودعوت به، إذا ناديته وصِحْت به، ودعوت له بالخير وعليه بالشرّ(1)، و «العبادة» والتعبّد: التذلّل، من قولهم: طريقٌ معبَّدٌ: موطوءٌ بالأقدام(2). و «هو» هذه يسمّى فصلاً بين الصفة والخبر؛ فإنّك إذا سمعت من يقول: «زيدٌ المنطلق» تُجَوِّز أن يكون المنطلق صفة لزيدٍ، وينتظر الخبر، فإذا قال: «زيدٌ هو المنطلق» علمت أنّه خبر؛ لدخول الفاصلة.
19. الدَّيْنُ شَيْنُ الدِّينِ .(3)
ينهى عليه السلام عن أخذ الدَّين؛ فإنّه عيب الإسلام، وعيبه؛ لأنّ لصاحب الدين أن يَحبِسه ويمنعه من القيام بالخيرات، وربما يكذب خوفاً من الغريم، وفيه تحذير عن المظالم، وقال عليه السلام: «ما من خطيئة أعظم عند اللّٰه بعد الكبائر من أن يموت الرجل وعليه دين لا يوجد له قضاء» .(4)
ومات صحابي وعليه دين ثلاثة دراهم أو خمسة فلم يُصلّ عليه النبيّ صلى الله عليه و آله حتّى ضمن ذلك بعض الصحابة(5)، وقال: «الدَّين راية اللّٰه في الأرض، فإذا أراد أن يذلّ عبده ابتلاه بالدَّين [وجعله في عنقه](6)» ، و «الدين»: ما للرجل على غيره، و «الشَّين»: العار، واُنشد:
أكثر من الدرهم والعين *** كمّاً تعش حرّاً من الدَّين
فقوّة العين بإنسانها *** وقوّة الإنسان بالعين
ص: 80
20. التَّدْبِيرُ نِصْفُ العَيْشِ .(1)
يقول: أحسِن التدبير في عواقب الأمر، ولا تُسرِف النفقة، وراع القصد؛ فإنّ مَن دبّر فيما يكتسبه وينفقه، وجانَبَ الإسراف والتقصير، فهو يحتاج إلى نصف ما ينفق مَن لم يفعل ذلك، والإفراط والتفريط مذمومان في جميع الأشياء، وخير الاُمور أوساطها، وليس المراد بالنصف هاهنا التحديد والتقدير وإنّما معناه؛ فإنّ التدبير حظٌّ وافرٌ في معيشته، وأراد بالعيش: المعيشة.
21. التَّوَدُّدُ نِصْفُ العَقْلِ .(2)
يقول: تودّدوا وتحبّبوا إلى الناس، وتكلَّموا معهم بطلاقة الوجه؛ فإنّه علامةٌ لكمال العقل، ومَن تحبّب إلى الناس فيما يعاشرهم ويعامِلُهم بما يؤدّونه [خيراً وإحساناً] كان كمن استعمل أوفر علوم عقله، ومِن قضيّة العقل أن يكتسب المرء الأصدقاء والإخوان ما استطاع؛ ليكونوا عوناً على نوائب الدهر. و «التودّد»: تَفَعُّلٌ مِن الوُدّ، وفي هذا البناء نوعٌ من التكلّف كالتصنّع والتخلّق، وأدنى ما يورثه التودّد الثناء الحسن.
22. قِلَّةُ العِيَالِ أَحَدُ اليَسَارَيْنِ .(3)
هذا إشارة إلى قوله تعالى: (وَ لْيَسْتَعْفِفِ اَلَّذِينَ لاٰ يَجِدُونَ نِكٰاحاً حَتّٰى يُغْنِيَهُمُ اَللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ ) (4)، وذلك أنّ مَن قلّ عيالُه وأهلُه قلّ إنفاقه، فلا يحتاج إلى ما يحتاج إليه
ص: 81
مَن يكثر عياله في النفقة، فيبقى ذات يده في يده، وذلك أحد يساريه، وهما: كثرة المال، وقلّة الخرج لقلّة العيال.
بيانه: أنّ كثرة العيال أحدُ الفقرين، وفيه حثّ على العزلة والعزوبة في آخر الزمان، واليسار: اليُسر، وهو عبارة عن كثرة المال وحسن الحال.
23. الهَمُّ نِصْفُ الهَرَمِ .(1)
تقول: لا تهتمَّ في اُمور الدنيا؛ فإنّ مَن كثر غمّه يُسرع الشيب إليه قبل أن يشيب أقرانه بنصف تلك المدّة، ومنه قوله عليه السلام: «شيّبتني سورة هود وأخواتها!» قيل وما شيّبك منها؟ قال: قوله: (فَاسْتَقِمْ كَمٰا أُمِرْتَ ) (2)،(3) فإنّه كان يهتمّ هل تستقيم اُمّته كما اُمروا؟
وقيل: معناه: لا يغلبنّكم الهموم فتضعف علومكم وأبدانكم كضعفهما فيمن يصير هَرِماً، و «الهمّ » والغمّ واحد معنىً وبناء، وكانّ [الهاء] بدل من الغين؛ فإنّهما من الحلق كالمدح والمده.
24. حُسْنُ السُّؤَالِ نِصْفُ العِلْمِ .(4)
يريد: اُطلبوا الحقّ ، والتمسوا بيان الشرع، واسألوا عن الحلال والحرام؛ فإنّ إبانتها تتحصّل لكم من طريق السؤال، ومن يعرفه يصير عارفاً بجوابه، وذلك أنّ مَن
ص: 82
پأحسَنَ السؤالَ وأتقنه كان ذلك دليلاً على أنّه غير أجنبيّ من تلك المسألة، فإذا اُجيب عنها أسرع ذلك إلى فهمه، فكأنّه عَلِمَ نصف الجواب. وأراد بالسؤال: مسألة الرجل للاستفادة لا للتعنّت، وأراد بالعلم هنا: العلم بجواب السؤال.
وقال عليه السلام: «العلم مخزون، ومفتاحه السؤال، فاسألوا - رحمكم اللّٰه - فإنّه يؤجر فيه أربعة:
السائل والمسؤول والمتكلّم والمستمع».(1)
25. السَّلامُ قَبلَ الكلامِ .(2)
يقول إذا أردتم مكالمة إنسان، فسلّموا عليه أوَّلاً؛ فإنّ الكلام بعد التحيّة من آداب الشرع. ومَن فعل ذلك فإن كان له عند المخاطب حاجة، كان أقرب إلى إنجاحها؛ قال اللّٰه تعالى: (فَإِذٰا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلىٰ أَنْفُسِكُمْ ) (3)، وقال: (لاٰ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتّٰى تَسْتَأْنِسُوا وَ تُسَلِّمُوا عَلىٰ أَهْلِهٰا) (4).
وبيانه في الخبر الآخر،(5) قال عليه السلام: «من بدأ بالكلام قبل السلام(6) فلا تجيبوه»(7)، ومن حسن الأدب أنَّك إذا دخلت منزلاً وفيه جماعة فيهم عالم أن تعمَّهم بالسلام وتخصَّه بالتحيَّة.
ص: 83
26. الرَّضاعُ يُغَيِّرُ الطِّباعَ .(1)
وتأويله في الحديث الآخر وهو قوله عليه السلام: «لا تسترضعوا الحَمقاء ولا العَمشاء؛ فإنّ اللَّبن يُعدي»(2). وقيل: معناه: إذا كانت المرضعة تقرب من الفساد وتبعد من السداد فلا تتّخذوها ظِئراً لأولادكم؛ فإنّ رضاعها ولبنها يغيِّران أخلاقهم. والولد وإن كان أبواه على الاستقامة، فإن أرضعه مَن لها عادة قبيحة، يتخلَّق بأخلاقها دون خُلق الأبوين. هذا حكم الرضاع من جهة العرف، والطبع يكون كذلك على الأغلب، وله حكم آخر من الشرع وهو انتشار الحرمة بين الصبيِّ والرضيع وبين من يتقرَّب إليه من جهة النسب عندنا حتّى تصير المرضعة اُمّ الصبي الرضيع ويصير الفحل الذي هو صاحب اللَّبن أباه، وأقرباؤهما أقرباءه.
يدلّ عليه ما روي من أنّ عليّاً [عليه السلام] قال: «يا رسول اللّٰه، هل لك في ابنة عمّك حمزة؛ فإنّها أجمَلُ فتاةِ قريش ؟ فقال صلى الله عليه و آله: أما علمت أنّ حمزة أخي من الرضاعة، وأنّ اللّٰه حرّم من الرضاعة ما حرّم من النسب ؟»(3).
وصفة «الرضاع» المحرِّم خمسَ عشرةَ رضعةً متواليةً لا يُفصَل بينها برضاع امرأةٍ اُخرى، أو يكون بحدّ أنبت اللحم وسدّ العظم على الولاء أيضاً أو رضاع يوم [و] ليلة لا يتخلّلها رضاع امرأة اُخرى، فإذا ارتضع عشر رضعاتٍ يكره التناكح بينهما.
ص: 84
وحدّ الرضعة ما يُرويه دون المصّة؛ يدلّ عليه قوله عليه السلام: «الرضاع من المجاعة»(1) أي ما سدّ الجوع، والمعنى أنّ الرضاع إنّما يعتبر إذا لم يُشبِع الرضيع(2) إلّااللبن وذلك في الحولين، فأمّا رضاع مَن يشبعه الطعام فلا.
وقوله: «لا تحرِّم المصّة ولا المصّتان ولا الرضعة ولا الرضعتان».(3)
27. البَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُمْ .(4)
أي عظّموا أكابر السنّ من المؤمنين لا أكابر الحال؛ فإنّ مع مشايخهم النَّماء والزيادة في الخيرات، وبانقراضهم ذهاب البركة، وفي الحديث: «وقّروا شيوخكم؛ فإنّ البركة معهم».(5) و «البركة» الثبات والبقاء، واشتقاقها من بُروك البعير، و «الأكابر» جمع أكبر أفعل للتفضيل، ولو كان جمع كبير القدر كثير المال لكان «مع كبرائكم» أراد مع شيوخكم، والكاف خطاب للمؤمنين، وروى النصحي: أنّ المراد به: البركة مع علمائكم.
28. مِلَاكُ العَمَلِ خَوَاتِمُهُ .(6)
معناه: إذا ابتدأتَ بعملٍ صالح وفعل خير فاجتهد أن تتمّه؛ فلم أَرَ في عيوب الناس شيئاً كنقص القادرين على التمام، و «ملاك» الأمر قوامه، وما يتملّك به أي
ص: 85
يشتدّ، من «ملَّكت العجين» إذا شددته، و «الخواتم» جمع خاتم وهو ما يختم به الشيء، أراد عواقبه وأواخره؛ لأنّ الشيء إنّما يُختم في آخره عند الفراغ منه بتمامه، ومنه: الاُمور بخواتيمها.
29. كَرَمُ الكِتَابِ خَتْمُهُ .(1)
فشرِّفْ كتابك إليه بوضع الختم عليه؛ لئلّا يطَّلع فيه أحدٌ ولا يفسد الحال المودعة فيه، وإنّ الكتاب إذا خُتم دلّ على أنّ فيه شيئاً من المهمّاتِ العظام والاُمورِ الكبار، وإذا لم يُختم يُرى أنّه لا شيء فيه ممّا يُعتنى به، وإذا كان فيه سرٌّ فلا ينكتم عليه، [و] فسِّر قوله: (أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتٰابٌ كَرِيمٌ ) (2) أي مختوم. وكان فيما مضى يختم الكتاب بالطين أو يشدّ عليه سِحاء وهو خيط، ثم ترك ذلك إلى الإلصاق.
وقيل: معناه: إذا قرأت القرآن فإنّ إكرامه أن تَختمه وتقرأه إلى آخره، والعموم يتناولهما، وعلى هذا الوجه يجوز أن يكون المراد بالكتاب الجنس أعني كلّ كتاب علم.
30. مِلاكُ الدِّينِ الوَرَعُ .(3)
يقول: إذا كنت متديِّناً فزيِّنْ نفسك بالورع؛ فالإنسان إذا اتَّقى محارم الشرع والعقل وترْك الواجبات فقد أتى بكلِّ ما يجب عليه في الدين، والمرجع بهذه اللفظة
ص: 86
إلى الترك والتقى. على أنّ الترك - فعل الورع - الكفُّ عن المعاصي، و «الملاك» القوام [و] ما يستمسك به الشيء؛ لأنّ الملك في اللغة الشدّة.
31. خَشْيَةُ اللّٰهِ رَأْسُ كُلِّ حِكْمَةٍ .(1)
أي خَفْ عقاب اللّٰه بترك معاصيه؛ فإنّ الخوف من عقوبة اللّٰه أصل العلوم، والحكيم إذا رأى مضرّةً صغيرةً دَفعَها عن نفسه بمقتضى حكمته، و «الحكمة» مصدرُ حَكُمَ فهو حكيم، والحكيم: المُحكِم لأفعاله كالأليم بمعنى المؤلم.
وقيل: الحكيم: العالم بدقائق الاُمور، وأصله من حَكَمَةِ اللِّجام؛ لأنّ خوف عقابه تعالى يمنع من ارتكاب المعاصي وترك الواجبات. وقيل: المراد «بالخشية» هاهنا العلم بثواب اللّٰه وعقابه [المودّي] إلى كلّ علم. وقيل: العلم باللّٰه ابتداءُ كلِّ علم، فلو لم يوجب علينا علوماً شرعية لكان الواجب علينا أن نعرفه، والخشية بمعنى العلم معروفة؛ قال اللّٰه تعالى: (فَخَشِينٰا أَنْ يُرْهِقَهُمٰا طُغْيٰاناً وَ كُفْراً) (2) أي: علمنا أنّه يؤذيهما أذىً عظيماً؛ لطغيانه وكفره.
32. الوَرَعُ سَيِّدُ العَمَلِ .(3)
يقول: أمسكوا عن المحرّمات والمحظورات، وكُفُّوا عن الشبهات والشهوات؛ فإنّ الثواب على ترك المناهي أعظم من الثواب على الأوامر، فكان «الورع» الذي هو الكف عن السيئات سيدّ الأعمال، واللام في «العمل» تعريف الجنس، وإذا رَضِيَ السيّد فالرعيَّة تابعة له.
ص: 87
33. مَطَلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ (1)، وَمَسْأَلَةُ الغَنِيِّ نَارٌ.(2)
يعني: إذا كان لأحد عليكَ دينٌ حالٌّ أو مؤجَّل وقد حَضَرَ وقتُه وكنتَ قادراً على قضائه وهو يطالبك به، فإن دافعتَه من اليوم إلى غدٍ كنت ظالماً، وإذا كنت غنيّاً غير محتاج وتطلبُ من الناس شيئاً وتسألهم مالاً لِتكثر أموالك فكلّ ما تجتمع عندك بالسؤال فهو نار جهنّم، وذلك السؤال سبب النار.
وقيل: في الخبر دلالة [على] أنّ من ليس بواجدٍ(3) للوفاء بقضاء الدين لم يكن ظالماً وإن كان مَطَلُ الغنيِّ عدولاً عن الحقّ ، وأنّ المسألة وإن حرُمت من جانب الغنيِّ فغير حرام من جانب الفقير في أمرٍ لابدّ منه. و «المَطَل»: مدافعة الرجل غَريمَه من يوم إلى يوم ومن شهر إلى شهر.(4) و «الظلم» في اللغة: النقصان، من قوله: (آتَتْ أُكُلَهٰا وَ لَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً) (5) وقولهم: «الظلم(6) منع الشيء في غير موضعه» فهو استعارة، وفي اصطلاح المتكلِّمين هو «كلُّ ضرر يوصل إلى أحد عارٍ من كلّ منفعة أو دفع مضرّةٍ معلومةٍ أو مظنونةٍ عاجلٍ أو آجلٍ ، ولا يكون مستحقّاً، ولا على سبيل المدافعة، ولا يكون في الحكم كافَّة من فعل المضرور أو من جهة غير فاعل الضرر»، واحترز بكلِّ واحدٍ من هذه الشروط من نقضٍ على الحدّ، فقوله ظلم يطَّرد في الطرفين أعني طرفي الغريم وصاحب المال؛ لأنّ المماطل الغنيّ يظلم صاحب
ص: 88
المال بإصراره من احتباس حقّه، ويظلم نفسه من حيث إنّه ارتكب معصيةً بمدافعة الغريم مع تمكنّه من أداء حقّه فهو مستحقّ الذمّ والعقاب، والسؤال محرَّم إلّاعند الضرورة إليه، ومَن سأل مستغنياً(1) فهو مستحقّ للذمّ والعقاب، والسؤال والمسألة كلاهما مصدر سأل، ويُستعملان في الاستعطاء والاستعلام حقيقةً لا مجازاً.
34. التَّحَدُّثُ بِالنِّعَمِ شُكْرٌ.(2)
يقول: حدِّثْ بفضل اللّٰه عليك نفسَك، وأثن عليه، ولا تستر نعم اللّٰه عليك بالكفر والكفران عند أحدٍ، فإذا كنت ذاكراً لنعمائه على كلّ حالٍ فقد أدّيت شكرَه، وقال تعالى: (وَ أَمّٰا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) (3)، ولذلك إذا أنعَمَ عليك مخلوق فاقرأ الثناء عليه عند الناس؛ ليكون ذكر إحسانه أداءً لشكره. وسأل ابن الكوّاء عليّاً عليه السلام عن أصحاب رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، قال: عن أيّ الأصحاب تسألني ؟ قال: أخبرني عن عبد اللّٰه بن مسعود؟ قال: قرأ القرآن ثمّ وقف عنده، فقال: أخبرني عن أبي ذرٍّ؟
قال: عالمٌ شحيح على علمه، لا يعلِّمه إلّامَن كان أهله. ولو أراد أنّه كان بخيلاً بعلمه لكان ذمّاً فقال: أخبرني عن سلمان ؟ قال: «أدرك علم الأوّلين والآخرين، وهو بحرٌ لا يُنزَح، وهو منّا أهل البيت». فقال: أخبرني عن حذيفة بن اليمان ؟ قال: كان عرّافاً بالمنافقين، وسأل رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله عن المعضلات، وإن سألتموه وجدتموه بها خبيراً. فقال:
أخبرني عن عمّار بن ياسر؟ قال: خالط الإيمانُ لحمه ودمه، وهو محرَّم على النار، كيف ما زال زال الحقُّ معه. [قال:] أخبرني عن نفسك ؟ قال: قال اللّٰه تعالى: (فَلاٰ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ) (4)إلّا أنّه تعالى [قال](5):(أَمّٰا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) ، كنتُ أوّل داخلٍ وآخر خارج، وكنت إذا سألت اُعطيت، وإذا سكتُّ ابتديت، وبين جوانحي علم جمّ ، فقال: ما ترك فيك ؟
ص: 89
قال: ألم تقرأ في سورة هود: (أَ فَمَنْ كٰانَ عَلىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شٰاهِدٌ مِنْهُ ) ،(1)فرسول اللّٰه على بيّنةٍ من ربّه، وأنا أتلوه شاهداً له، وأنا منه.(2)
35. اِنتِظَارُ الفَرَجِ بِالصَّبْرِ عِبَادَةٌ .(3)
يقول: إذا كنتَ في مكروه فراقِبِ اللّٰه في كشفه؛ فإنَّ ترقُّب الانكشاف وحبس النفس على احتمال البلاء عبادة وانقياد وخضوع للّٰه، وإنّما الصبر(4) عبادة بكونك منتظراً له، والصبر بانتظار الفرج على مكاره التكليف نوع من العبادة، و «الفرج» ذهاب الغمّ ، و «الصبر» حبس النفس على ما تكره، و «العبادة» من العبوديّة.
36. الصَّوْمُ جُنَّةٌ .(5)
يقول: صُومُوا كثيراً؛ فإنّ الصوم وقاية من النار، يقول: «الصوم لي، وأنا أجزي به».(6)
ومن صام كثيراً حافظاً بشرائطه انكسرت شهواته، فكأنّه وقاية للصائم دون المعاصي؛ لأنّه كسر شهوته عنها، وقال عليه السلام: الصوم وِجاء(7)، أي خصاء(8)، والصَّوم
ص: 90
يَكسر الباه، والصوم: إمساك لغة، وهو في الشرع من الأسماء المخصوصة، و «الجُنَّة»: الواسع، وأصل الكلمة الستر، وإنّما شبّه الصوم بالجُنَّة لأنّه يَجنّ صاحبه من العقاب كما أنّها تقي من الطِّعان والضِّراب، وللصوم(1) مزيَّة على سائر العبادات؛ لأنّ أثره لا يظهر بقول ولا فعل، وإنّما هو نيّة في الجنان مع إمساك، فهو يقع بين الإنسان وبين اللّٰه خالصاً.
37. الزَّعِيمُ غارِمٌ .(2)
يقول: إنّ الضامن والضمين يَغرم إذا ضَمِنَ مِن غير إذن المضمون عنه، فأمّا إذا ضمن بأمره لا يغرم، وإن غرم يرجع عنه، و «الزعامة»: الكفالة، و «الغرم»: ما يلزم أداؤه. وقيل: معناه أنّ الإنسان إذا تكفَّل الدَّين عن المديون للدائن فلم يفِ المديون أو هرب أو مات كان غارماً لما صحّ له عليه وثبت، وهو غارمٌ لأنّ ذلك غرامة عليه، فكأنَّه نَهىٰ عن أن يَتَعرَّض أحد لكفالة غيره إلّامَن أيقن أنّه يغرم ذلك ويحتمل تلك المشقَّة عنه، فإن ضمن كذلك وهو يَرىٰ أنّ المديون لا يوقعه ورطته ثمّ يتوارى أو يهرب فيبتلي الضامن.
38. الرِّفْقُ رَأسُ الحِكْمَةِ .(3)
أي ارفَقوا في الاُمور كلّها، واتركوا العجلة؛ فإنّ من عاشر الناس بالأناة والسكون وعايشهم بخُلق حسن ورافقهم بتلَطُّفٍ (4) وسهولة جانب، كان عين
ص: 91
الحكيم، وفيه كلّ الحكمة. و «الرِّفق»: المداراة والملاينة وحسن المعاشرة مع الناس، يقال: رفق، فهو رفيق، أي لطيف، فعيل بمعنى فاعل، ورافقه مرافقة فهو رفيقه، فَعيل بمعنى مُفاعلٍ ، كالأكيل والجليس، والرِّفق أيضاً مصدر رَفَقَ ، وهو ضدّ العُنف.(1)
39. كَلِمَةُ الحِكمَةِ ضالَّةُ كُلِّ حَكِيمٍ .(2)
يقول: إذا سمعتَ بكلمة الحكمة من غير حكيم فلا تظنَّها من عنده، وإنّما كانت عند حكيم فضلَّت عنه فوجدها(3) الجاهل وأخذها كمن وجد ضالَّةً .
وقيل: إنّ معناه أنّ كلمة الحكمة إذا سمعها الحكيم تعلَّق بها وكتبها وحفظها واحتفظ بها [وكأنّها] كانت ضالّته؛ لأنّه كان طالباً له كطالب الضالَّة، يعني أنّ المؤمن يحرص على جمع الحِكَمِ مِن أين يجدها.
وقال سيبويه: الكَلِمُ اسمٌ صيغَ للجمع وليس بجمع الكلمة، وإنّما جمعُها الكلمات(4).
ولو قلنا: إنّه من باب تَمرَة و تَمْر لم يبعد. و «الضالَّة» ما ضلَّ الناسُ ، والهاء للمبالغة، ويجوز أن يكون صفة موصوف مؤنَّث كالنفيسة. قال ابن دريد: «الحكمة كلمة وَعَظَتْك أو زجرتْك أو دَعَتك إلى مكرمة أو نَهَتْك عن قبيح».
ص: 92
وعن مكحول: سمع ابنُ جَريحٍ كلمةَ حكمةٍ ، فقال: «ضالّتي وربّ الكعبة»(1).
وفي رواية: «الحكمة ضالَّة المؤمن؛ حيث وجدها قيّدها،(2) ثمّ ابتغى(3) إليها ضالّة اُخرى» .
40. البِرُّ حُسْنُ الخُلقِ .(4)
يقول: إن شئت أن تكون بارّاً جامعاً للخير كلِّه فكن(5) حَسَن الخُلق؛ فإنّ البارَّ هو الذي حَسُن خلقه مع الخلق وسِرُّه مع الحقِّ . وقيل: معناه: إذا لم تصلْ يدُك إلى الإحسان والمبرَّة بالغير فخالِقْه بخُلق حسن، وإذا كانت شيمتك مع الناس حسنة فكأنَّما بررتَهم ووصلتهم. و «البِرّ» والمبرَّة: الصِّلة والإحسان، ورجلٌ بارٌّ وبَرٌّ بوالديه، إذا كان حَسَن الخدمة لهما، وحجّ مبرور، أي مقبول، وبَرَّ في يمينه صَدَقَ فيها ولم يحنث، والخُلق: الطبيعة.
41. الشَّبَابُ شُعْبَةٌ مِنَ الجُنُونِ .(6)
معناه: إذا كنت شابّاً فإيّاك أن تكون طليق العنان؛ فإنّ الشباب طائفة من الجنون، والمجنون ينبغي أن يكون مقيَّداً حتّى لا يعبث، وإنّما قال ذلك [ل] أنّ الأغلب في حال الشباب أنّه لا يركب أمراً يُستحسن في المقال والفعال، بل ينسب ذلك إلى الجنون والمُجُون.
وقيل: معناه: إذا كان لك ولد شابٌّ فاحفظه وكن قائداً بلجام القهر له إلى الطاعة،
ص: 93
ودافعاً إيَّاه بزمام التسخير عن المعصية؛ فإنّ الشابَّ الغِرَّ الذي لم يجرِّبِ الاُمور ولم يُحْنِكه التجارب يكون في الأغلب سادراً(1) في جماعة، متسكِّعاً في علوائه، لا يتّعظ بمواعظ العقل، ولا يتأدَّب بآداب الشرع طوعاً ورغبةً إلّامَن عَصَمَه اللّٰه، فهو كالمجنون وإن كان عاقلاً؛ إذ لا يَعمل عقله ولا يَعمل به فكأنَّه ليس له عقل. يقال:
شبَّ الصبيُّ شباباً، إذا ترعرع، فهو شابّ (2). و «الجنون» مصدر جُنَّ الرَّجل فهو مجنون، إذا كان مغلوباً على عقله. كأنّه قال: الشباب جزءٌ من الجنون وطرفٌ منه. و «مِن» للتبيين، و «الشعبة» غُصنٌ من أغصان الشجر ثم استُعمل في كلِّ جزء من غيرها.
42. النِّساءُ حَبائِلُ الشَّيطَانِ .(3)
يقول : إيَّاك والنساء الصالحات ،(4) وكن على حذر من الصالحات ؛ فإنّ الشيطان إذا أراد أن يَصيد رجلاً من الصلحاء جعل واحدةً منهنَّ شبكةً واُحبولةً فينصبها ويصطاده بها . وقال عليه السلام : «النساء شرٌّ كلّهنّ ، وشرُّ ما فيهنّ قلّة الاستغناء عنهنّ» (5) . وقال أمير المؤمنين : «لا تطيعوا النساء على حالٍ ، ولا تأمنوهنّ على مالٍ ، إن تُركن وما يردن أوردن المهالك ، و أذللن (6) الممالك ، لا دين لهنّ عند لذّتهنّ ، ولا وَرَعَ لهنّ عند شهوتهنّ ، يَنسين الخير ،
ص: 94
ويحفظن الشرّ، يتهافتن بالبهتان، ويتمادين للطغيان، ويتصدّين للشيطان».(1)
و «الحبائل»: جمع حبالة، وهي شبكة الظِّباء والنِّعاج عند العرب، يعني أنّهن آلة من آلات الشيطان وشبكة من شبكاته، وإنّما ذُكر بلفظ الحبائل إشارةً إلى أنّ الخبيثات من النساء يُشبّهن بالظباء.
قال أبو عبيد: جعل الحبالة [الّتي] تنصب للصيد مثلاً للنساء مع الشيطان، وأراد أنّه يَلعب بهنّ كيف يشاء ويجعلهنّ سبباً لكلّ فسادٍ، جَعَلهنّ من أقوى ما يصيد به الشيطان الرجال، فهنّ له كالحبائل المبثوثة، ولأنّهنّ مظانّ الشهوات.
43. الخَمْرُ جِماعُ الإِثْمِ وَاُمُّ الخَبائِثِ .(2)
يقول: لا تشربوا الخمر؛ فإنّها تستر العقل، و «جماع الإثم» حيث لا عقل يردع، وهي مرجع كلّ خصلةٍ قبيحة وخُطَّةٍ خبيثة واُمّها؛ لأنّها سبب لتوالد المعاصي وركوب الفواحش؛ [أ] لا ترى أنّ المرء إذا ارتكب معصيةً فربّما اقتصر عليها ولم يتجاوز إلى غيرها سوى شرب الخمر؛ فإنّه إذا شربها سكر وزال عقله، وارتكب كلّ عظيمة، وأتى بكلِّ كبيرة ولا يستحيي ؟!
وقال عليه السلام: «جُعل الشرُّ كلُّه في بيت، وجعل مفتاحه [شرب] الخمر»(3).
وسمِّي «الخمر» خمراً لمخامرتها العقول، أي مخالطتها وسترها عليها، والخُمار:
ما يأخذ الشارب من أذى الخمر من الصُّداع والدُّوار(4)، و «الجماع» هاهنا: الجمع، وفي غير هذا الموضع بمعنى المفاعلة. و «الاُمّ »: الوالدة؛ لأنّ مرجع الولد إليها
ص: 95
ومفزعه نحوها.
واُمّ القرى: مكّة؛ لأنّها أصل الأرض، وأصل الكلمة من الاُمّ وهو القصد، و «الخبائث» جمع خبيثة، وإنّما سمّاها اُمّ الخبائث استعارةً على تغليظ النَّهي عن شربها؛ فالاُمّ جامعة لأولادها. والفائدة في تقديمها على جميع المعاصي أنّ الأغلب في شربها أن يكون طريقاً إلى ارتكاب الكبائر، فالسُّكر يَحمل صاحبه على القذف والافتراء وإراقة الدماء واستحلال الأموال.
وروي أنّ ملكاً دعا زاهداً إلى وطئ امرأةٍ حسناء وغلام وقتل طفل، أو إلى شرب الخمر، وقال: إن لم تفعل واحداً قتلتك! فاستهان أمر الخمر، وقال: «أشرب الخمر» فسَقَوهُ ، فلمّا سكر قَتَلَ الصبيّ ، وأتى الغلام، ووقع عليها، فجَمَعَ بين الكبائر كلّها لفساد العقل، ولو اختار غير الخمر لما فعل إلّاواحدة.
و «الإثم»: الذنب العظيم، ويسمّى الخمر إثماً.
44. الغُلُولُ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ .(1)
يقول: لا تخونوا المسلمين في شيء من الأشياء؛ فإنّ من خان أحداً باقتطاع مالٍ له فكأنّما يجرّ [إلى] نفسه جمرة من جمرات نار اللّٰه، وقال: الخبر مخصوص بمن خان في الغنيمة وأخفاها ولا يرُدّها إلى القِسم، معناه: مَن خان في مال الغنيمة استحقَّ نار جهنّم، وإنّما سمّيت غلولاً لأنّ الأيدي مغلولة منها، أي ممنوعة، و «الغلول»: الخيانة، يقال: غلّ الرَّجل، إذا خان، ومنه قوله: (وَ مٰا كٰانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ ) (2) وقرئ يُغلّ ، أي يخان. و «الجمر»: القطعة من النار غير الملتهبة، و «جهنّم» اسم للنار عَلَمٌ أعني النار المعدّة للكفَّار، وقيل: هو اسم دركة من دركاته.
ص: 96
وروي: أنّ صحابيّاً(1) مات في غزوة خيبر فقال صلى الله عليه و آله: صلّوا على صاحبكم. فقال [رجلٌ ](2): يا رسول اللّٰه، لا تصلّي عليه ؟! قال: لا، لأنّه غلّ من الغنيمة، ففتشوا رحله فوجدوا فيه حرزاً ليهودي ما كان يساوي درهمين وأصاب سهمٌ رجلاً فمات، فقال رسول اللّٰه: هو في النار، فنظروا فإذا عليه كساء قد غَلَّه.(3) وقال صلى الله عليه و آله: «إيّاكم والغُلول، فإنّ الغُلول خِزيٌ على صاحبه [يوم القيامة]، فأدّوا الخيط والمخيط».(4)
45. النِّيَاحَةُ مِنْ عَمَلِ الجَاهِلِيَّةِ (5)
يقول: لا تَتركوا نساءكم يتناوحن عند وفاة أحدٍ ويرجِّعن الكلمات المنظومة تشبه الشعر؛ فإنّ ذلك من أعمال الجاهلية، وليس من سيرة المسلمين، وكان أهل زمان الجهل يَنوحون على موتاهم وقتلاهم لا يَرَون بعثاً ولا نشوراً، والمسلمون إذا كانوا آمنوا بالقيامة مِن حقّهم أن يصطبروا.
وقال عليه السلام: «يُحشر النوائح يوم القيامة يَنْبحن كما تنبح الكلاب،(6) وتَخرج النائحة من قبرها شَعثاء غبراء واضعةً يدها على رأسها تقول: واويلاه! وملكٌ يقول: آمين. ولعن رسول اللّٰه النائحة والمستمعة».(7) والفِعالة من أبنية الصِّناعة كالنِّساجة والخِياطة، والفَعالة - بالفتح - المصدر كالسَّماحة والظَّرافة، كأنّه قال: من يَصنع بهذه الصنعة التي هي النياحة لم يكن على سنّتي.
ص: 97
و «الجاهلية»: زمان الفترة قبل الإسلام، أي الأيَّام الجاهلية والسِّنون والأزمنة المنسوبة إلى الجهل، وهي في العرف عبارة عمّا كان قبل مبعث النبيّ صلى الله عليه و آله، و النَّوح:
اجتماع النساء [للحزن] وأصله من التقابل،(1) وإنّما حُرِّم ذلك لِما فيه من منع الصبر وعِظَم الإثم.
46. الحُمّىٰ رَائِدُ المَوْتِ .(2)
يقول: الحُمّىٰ مقدّمة الموت وطليعته - لشدّة أمرها - ورسوله الذي يَرتاد له، فإذا حُمَّ أحدُكم فليوصِّ ، فالحمّى رسول الموت، ونموذج من شدائده، وإنّها تُنذِر وتؤذِن بالموت، فمن أتته الحُمّى ينبغي أن يتوب وينظر في اُمور نفسه فيما بينه وبين اللّٰه وما بينه وبين الناس؛ فإنّه لا يأمن أن لا يُمهَل، فهو من باب الوعظ والوصيَّة بإعداد الأهِبَّة لسفر القيامة؛ فإنّ من مات فقد قامت قيامتُه. و «الرائد»:
مقدِّم القوم إلى الماء والكلاء، من: راد يرود، إذا جاء وذهب.
47. الحُمّىٰ مِنْ فَيحِ جَهَنَّمَ .(3)
يقول: الحمّى من روائح جهنّم، وله معنيان: أحدهما: الإخبار عن شدّة حرارتها وإنذارها صاحبها من حرارة جهنم، والثاني: مَن أخذته فكأنَّما أصابه بعض عذاب النار؛ فإنّ الحمّى نارٌ تجيء من القلب وتُحرق البدن، قال اللّٰه تعالى في صفة جهنّم:
(نٰارُ اَللّٰهِ اَلْمُوقَدَةُ * اَلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى اَلْأَفْئِدَةِ ) (4) .
و «الحُمّى»: فُعلى، مِن حُمَّ الشيءُ ، إذا قُدِّر، أو مِن حَمِيَ الشيء، إذا حَمِيَ
ص: 98
واحترق،(1) وفُعلىٰ تأنيث أفعل التفضيل كالأحسن والحُسنى والأعلى والعليا، وهو في العرف لما يَنتَاب من العلّة في كلّ يوم أو يومين.
و «الفَيح»: من قولهم: فاحت الرائحة تفوح، إذا علت وظهرت، خرج هذا الكلام مخرج التقريب، أي كأنّه نار جهنم في الحرّ، والفيح: انتشار الحَرِّ وسُطُوعه.(2)
48. الحُمّىٰ حَظُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مِنَ النَّارِ.(3)
يُشير بهذا إلى أنّ ألم الحمّى وشدائدها وحرارتها تصير كفّارةً لصاحبها المؤمن، فكأنّ اللّٰه يكفِّر بها من خطاياه، يعني أنّ المؤمن إذا حُمَّ وكان مستحقّاً للعقاب جَعَلَ اللّٰه ذلك نصيبه من النار.
وعن مجاهد في قوله: (وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلاّٰ وٰارِدُهٰا) (4) قال: «من حُمَّ من المسلمين فقد وردها، وهو حَظُّ المؤمن من النار»(5)، والحمّى في الدُّنيا هي الورود في الآخرة، وهذا محمول على تخفيف الشدَّة لصاحبها في المآب وزيادة الفضل عليه بسببها والثواب.
والخبر الأوَّل قريب من هذا في أحد المعنيين، ولما فُتح خيبر أقبل الناس على الفواكه فأخذهم الحمّى فشكوا ذلك إلى النبيِّ صلى الله عليه و آله فقال: «يا أيَّها الناس، إنّ الحمّى رائد الموت، وسِجن اللّٰه في أرضه، وقطعة من النار»(6).
ص: 99
ولمّا بُعث رسول اللّٰه قالوا لبعض المتطببّين: إنّ رجلاً في الحجاز يَدّعي النبوّة.
فقال: وهل يحفظون(1) شيئاً من كلامه ؟ قالوا: نعم، سمعناه يقول: «حُمّى ليلةٍ كفّارة سنة»(2). قال: أشهد أنّه نبيّ ؛ فإنّا نقرأ في كتبنا أنّ حمّى يومٍ تذهب بقوّة سنةٍ ، فليس هذا باتّفاق إنّما هو بوحي من اللّٰه. وصار هذا سبباً لإسلامه.
وشكا رجل إلى النبيِّ عليه السلام الحمّى فقال: «اغتسلْ ثلاثة أيّام قبل طلوع الشمس، وقل:
اذهبي يا اُمّ مِلدَم، فإن لم تذهب فاغتسل سبعاً».(3)
وقال عليه السلام: «من حُمَّ ثلاث ساعات فصبر فيها شاكراً للّٰه حامداً له، باهى اللّٰه به ملائكته، وقال: يا ملائكتي، اُنظروا إلى عبدي صبر على بلاي! اكتبوا له براءة من النار. وكتب(4) له:
بسم اللّٰه الرحمن الرحيم، هذا كتاب من اللّٰه العزيز الحكيم لفلان بن فلان، أدخلوه جَنَّةً عاليةً قُطوفها دانية(5)».
49. القَنَاعَةُ مَالٌ لَايَنْفَدُ.(6)
يقول: من أراد أن يعيش غنيّاً طول عمره، فليجعل القناعة في معيشة دَأبه وعلاته(7)؛ فإنّه إذا فعل ذلك لم يباشر الفقر والقلّة، و «القناعة»: الرّضا - ما تيسّر له - من الرزق والحظّ. وإنّما قيل: «هي مال لا ينفد» لأنّ مرجعها إلى النفي وهو ترك
ص: 100
الحرص والطَّلَب، وما يَرجع إلى النفي لا نهاية له، ومن استغنى باللّٰه لم يحتج إلى خلقه ويحتاج إليه الناس. وقيل: القناعة: المَعْرفة بالقسمة والرضا بها.
50. الأمَانَةُ تَجُرُّ الرِّزْقَ ، وَالخِيانَةُ تَجُرُّ الفَقْرَ.(1)
وقد ذكرنا بعد الخطبة أنّ هذه الكلمات النبوية أكثرها متضمّنة للأوامر والنواهي، يقول: لا تَخونوا المسلمين، واستعملوا الأمانة معهم؛ فإنّها أصل البركة، والبركة يستجلب الرزق، و [يدفع] شؤم الفقر في الدُّنيا والخزي في العقبى، والثبات على الأمانة يَفتح أبواب الرزق، وهذا أمرٌ من جهة الطبيعة والتجربة ظاهر؛ وهو أنّ الرجل إذا كان أميناً مأمون الجانب من الخيانة، ازدحم الناس عليه، وفشا ذكره بين الناس بالأمانة، وكثر معاملوه، فكان أمانته سبباً لرزقه؛ وإذا كان خائناً وعُرِف بالخيانة، نَفَرَ الناس عنه واجتنبوا(2) معاملته، [ف] كان ذلك سبباً لحرمانه وقَتْره، والمعنيان يحتملهما عموم اللفظ وظاهره.
51. الصُّبْحَةُ تَمْنَعُ الرِّزْقَ .(3)
يقول: لا تناموا بعد صلاة الصبح؛ فإنّ النوم في هذا الوقت يَمنع الرزق، ويوجب حرمان البركة فيه. وروي في الأخبار كراهة النوم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس(4)؛ فإنّه وقتُ قسمة الأرزاق، فمن كان مشتغلاً في ذلك الوقت بالصلاة وذكر اللّٰه وقراءة القرآن وَسَعَ اللّٰه عليه رزقه، ومن نام في ذلك الوقت فإنّما كان ذلك سبباً لحرمانه وكأنّه مانع للرزق.
وعن ابن عبّاس أنّه رأى بعضَ أولاده نائماً نَومة الغداة، فقال: «قم، لا أنام اللّٰه
ص: 101
عينك! أما علمت أنّ نوم النهار ثلاثة: خُلق وخُرق وحُمق ؟! فالخُلق: نوم الهاجِرة،(1)وهو نوم رسول اللّٰه، وهو عادته وخُلقه، والخُرق: نومة الضحى، والحمق: نومة العصر تورث الحبل(2)» و «الصّبحة» بالضم: الاسم وهو نوم الغداة، وبالفتح: الفعلة الواحدة، وقيل: نومة الغداة مَنخَرَة مَجفَرَة مَجعَرَة؛ يُنتن الفم، ويَقطع الباه، ويَكبِس الطبيعة.
وقيل: المراد بالصُّبحة النوم بعد ارتفاع النهار؛ لأنّه وقت المعاملة وطلب الرزق بالكسب، فمن نام بالضحى حُرم الرزق.
52. الزِّنَا يُورِثُ الفَقْرِ.(3)
يُحدّ عن هذا الفعل القبيح بعقوبة عاجلة في الدُّنيا، بَلْهَ (4) ما أوعد اللّٰه عليه من العقاب يقول: لا تزنوا تفتقروا. وقال النبيُّ صلى الله عليه و آله: «للزاني ستُّ خصالٍ ؛ ثلاث في الدُّنيا وثلاث في الآخرة؛ فأمّا الَّتي في الدُّنيا: فالفقر، وذهاب ماء الوجه في الناس، وقصر العمر؛ فأمّا الَّتي في الآخرة: فسخط الربِّ ، وسوء الحساب، والدخول في النار».(5)
و «الزنا» مقصوراً مصدر زني، وبالمدّ مصدر زاني. والزنا في اللغة الارتفاع، لأنّ الزاني يعلو من يفعل به.(6) وفي الشرع عبارة عن مواقعة الرجل مَن لا يحلّ [له] من النساء و «أورثه كذا» إذا خلَّفه ميراثاً له، ووَرِثَه إذا أخذ ميراثه، ثمّ يستعمل في كلّ
ص: 102
شيء يُعقِب شيئاً خيراً أو شرّاً. يقال: أورثه أكلُ الطين صفرة اللَّون، وأورثه صلاةُ الليل حُسن الوجه. و «الفقر»: الحاجة، وهو فَعل بمعنى مفعول كأنّه مكسور، فَقار الظَّهر، يقال: فَقَرَه، إذا ضرب فَقاره وأصابه.
53. زِنَا العُيونِ النَّظَرُ.(1)
معنى الخبر: الوعظ والتحذير عن النظر إلى ما ليس للإنسان النظر إليه من النساء يقول: لا تنظروا إلى المحرَّمات من النساء؛ فإنّ العيون إذا نظرت إليهنَّ يعاقِب صاحبها عقوبة الزُّناة، وصار ذلك النظر منزلة الزنا؛ لأنّه يكون في الأكثر سبب الزنا، وإذا عوقب كان استحقاقاً لا إيجاباً وحكماً، فزنا العين مَجاز في الكلام؛ لأنّه لفظ مستعمل في غير ما وضع له من لغة وعرف وشرع، إلّاأنّه عليه السلام جعلها زانيةً إلى ما لا يَحلُّ لها النظر إليه. وقال عليه السلام: «إيّاكم والنظرة؛ فإنّها تزرع في القلب الشهوة، وكفى بصاحبها فتنة(2)» .
54. العَمَائِمُ تِيجَانُ العَرَبِ .(3)
له معنيان:
أحدهما: أنّ العمائم تيجان مَن أسلم مِن العرب ومِن سائر الناس، ولم يُرد به العرب خاصَّة؛ لأنّ تيجان الملائكة هي العمائم، ومن عمّم في الدُّنيا من المسلمين فهو شبيه بالملائكة.
ويروى خبرٌ في سبب هذا الحديث، وأصله لا يحتاج إلى البيان والتأويل مع
ص: 103
ذلك وهو: «العمائم تيجان العرب، فإذا وضعوها وضع اللّٰه عزّهم»(1)، وقال صلى الله عليه و آله: «ما بيننا وبين المشركين العمائم على القَلانِس»(2).
وعن جابر أنّ النبيَّ صلى الله عليه و آله دخل مكّة يوم الفتح، وعليه عِمامة سوداء تسمّى السحاب، فأهداها عليّاً عليه السلام، فقال: الناس: «ما أحسن عليّاً في السحاب»! وعمّم عليّاً رسول اللّٰه بيده، وأرخى طرفيها من ورائه وخلفه، ثمّ قال له: «أدبرْ» ، فأدبر، ثمّ قال له: «أقبلْ » ، فأقبل، ثمّ قال: «هكذا يكون تيجان الملائكة»(3).
والمعنى الثاني أنّ النبيّ عليه السلام يأمرهم أن لا يغيِّروا زيَّهم وطريقتهم وأن يعمموا ولا يضعوا من استأهل الملِك من العرب التاج على رأسه كما يفعل العجم؛ فإنّ مَلِكهم كان إذا قعد(4) على السَّرير يَتَتَوَّج، والعمامة عند العرب بمنزلة التاج للملك، وإنّما دعاهم عليه السلام إلى ذلك لئلّا يَجمعوا إلى خُنْزُوانيّهم(5) خيلاء العجم أيضاً.
وقال الخليل بن أحمد: عُمِّمَ الرَّجُلُ إذا سُوِّد؛ لأنّ عِمامتهم التاج، والعِمامة سمّيت بها لأنّها تَعُمُّ جميع الناس، ويسمّى طويلة أيضاً.(6)
55. الحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ .(7)
أي تَحَلُّوا بهذه الخصلة الحميدة؛ فإنّها من علامة الخير وأماراته، وهي أشرف خلائق الإنسان؛ لأنّها سبب لامتناع صاحبه من كبير من المقبَّحات، و «الحياء»
ص: 104
أجلّ خصال الخير، وهو من الخصال العزيزة التي لا يَحصُل بالاكتساب، وضدّه الوقاحة. وهو في الأصل مصدر حَيِيَ يَحيٰى حياءً فهو حَيِيٌّ ، وحَيِيَ حَياةً فهو حيٌّ .
والخير والشرّ يُستعملان على معنيين:
أحدهما: إثبات النفع والضَرّ من غير زيادة ولا تفضيل لشيء على شيء، كقولك: «هذا خيرٌ مِن الخيرات» أي نفع من جملة المنافع.
والثاني: أن يجيء بمعنى التفضيل والزيادة تقول: «هذا خيرٌ من ذلك» أي أجود منه، و «زيدٌ خير من عمرٍو» أي أفضل منه. والخير في هذا الحديث بمعنى القِسم الأوّل أي: الحياءُ كلُّه خيرٌ ونفع.
56. المَسْجِدُ بَيْتُ كُلِّ تَقِيٍّ .(1)
يقول: إذا كنت تقيّاً فأكثِرِ الجلوس في المسجد؛ لأنّ بيت اللّٰه لا يصلح أن يكون مجلساً للماجِن(2)، ولا يجوز أن يَجري فيه اللغو والأباطيل، فالخبر تسليةٌ للمؤمن الذي لا بيت له، فهو يأوي إلى المساجد، أو كان له دارٌ فيكون حثّاً له على كثرة الاختلاف إليها والقعود فيها، وإمّا أن يكون إشارة إلى تعظيم المسجد؛ فإذا لم يكن المرء تقيّاً لا يمكَّن من جلوسه، فهو على الدَّوام وإن قعد فليكن على سيرة المتّقين، وقال النبيُّ صلى الله عليه و آله: «من خرج من بيته إلى المسجد كتب اللّٰه له بكلّ خطوة يَخطوها عشر حسنات، والقاعد في المسجد ينتظر الصلاة كالقانت، ويُكتب من المصلّين حتّى يرجع إلى بيته»(3).
والمَفعِل للموضع قياس مطّرد كالمجلس، واللام في «المسجد» لتعريف العهد الذي يقع عليه هذا الاسم عرفاً وشرعاً دون الوضع والاشتقاق الذي هو موضع السجود، فالمسجد من الأسماء العالية، و «البيت»: موضع البيات، والتّقيّ فعيل وهو
ص: 105
بناء مبالغةٍ في الفاعل، ولا يجوز أن يُتَّخذ مَبيتاً أو مَقيلاً، ولا بأس بالاستراحة فيه.
57. آفَةُ الحَدِيثِ الكَذِبُ ، وَآفَةُ العِلْمِ النِّسْيَانُ ، وَآفَةُ الحِلْمِ السَّفَهُ ، وَآفَةُ العِبادَةِ الفَتْرَةُ ، وَآفَةُ الشَّجَاعَةِ البَغْيُ ، وَآفَةُ السَّمَاحَةِ المَنُّ ، وآفَةُ الجَمَالِ الخُيَلَاءُ ، وَآفَةُ الحَسَبِ الفَخْرُ، وَآفَةُ الظَّرْفِ الصَّلَفُ (1)، وَآفَةُ الجُودِ السَّرْفُ ، وَآفَةُ الدِّينِ الهَوىٰ .(2)
يقول: نِعمَ الشيء الحديث الذي يُتحدّث به الناس؛ لأنّه فائدة مستطرَفة إلّاإذا دخل الكذبُ فيه، ولا يؤمَن أن يكون المخبَر بخلاف ما يذكره المخبِر فيذهبُ بهاؤه ورونقه، والسامع لا يطمئنُّ إليه ولا يسكن نفسه إلى قبوله، وهذا نهي عن الكذب؛ فإنّه آفة وفسادٌ في الحديث الذي هو زينة للقائل، وعيب في كلامه الذي يتميّز به من الحيوانات.
و «الآفة»: الفساد، من قولهم «فلانٌ مَؤُوفٌ » إذا كان فاسد الرأي والعقل.
و «الحديث» هنا فَعيل بمعنى المفعول، أي المحدَّث به، و «الكذب» خبر يكون مُخبَره بخلاف الخبر، وكذلك النسيان والسفه والهوى عُثورٌ(3) للعلم والحلم والدين وفسادٌ لها، وكذا كلُّ ما اتَّصل بأخواتها آفة تفسدها، وهذه أحد عشر حديثاً لعلّه قالها في مجلس واحدٍ.
ومعنى الخبر الثاني أنّه أراد: إذا علمتم مسائل شرعيّة في العبادات ونحوه فاعملوا عليها وداوموا على العمل بها والمواظبة على قراءتها وتدرُّسها؛ فإنَّ ترك الشيء منها والإعراض عن تحفُّظها عيب للعلم ومفسدة له، و «العلم»: ما اقتضى
ص: 106
سكون النفس وهو معنى، و «النسيان»: انتفاء العلم وليس بمعنى، ولو كان معنى لكان ضدّاً للعلم كالجهل وكذا السهو، ولا يجوز البقاء على العِلم، فما كان من فعلنا نفعله حالاً بعد حالٍ ، فإذا لم يُفعل كان نسياناً وسهواً، وما كان من فعل اللّٰه فينا فهو بفعله حالاً بعد حالٍ ، و «النسيان»: الترك أيضاً، وأمّا «الحلم» فهو وقار الرجل وهُداه وسكونه وكظمه الغيظ، وأمّا «السفه» فهو الخفّة وقلّة العقل؛ قال اللّٰه تعالى:
(وَ لاٰ تُؤْتُوا اَلسُّفَهٰاءَ أَمْوٰالَكُمُ ) (1). اُنظر: العين، ج 3، ص 155؛ لسان العرب، ج 2، ص 489 (سمح).(2) يعني النساء والصبيان، وإنّما جعل السَّفَه آفةً للحلم من حيث إنّه ضدّه؛ لأنّه لا يجتمع الخفَّة والوقار، وعيب الحلم السفه وهو عرفاً الجهل، والتكلُّم به ضعف الرأي.
وأمّا «العبادة» فهي التعبُّد، و «الفَترة»: الضَّعف، وربّما كان من التواني والتقصير، فإذا ضَعفُ المتعبِّد أو توانى وتكاسل في العبادة فهو كالآفة لها، والفِعالة من أبنية الصناعة كأنّه قال: «مَن جعلها عادةً له وكالصناعة التي تشتغل بها في أغلب الأحوال». و «الشَّجاعة» مصدر، و «البغي» في اللغة: الطلب، وصار بالعرف مخصوصاً بطلب ما ليس له أن يطلبه، والبغي في الشرع: هو الخروج على الإمام العادل؛ قال اللّٰه تعالى: (فَإِنْ بَغَتْ إِحْدٰاهُمٰا [عَلَى] اَلْأُخْرىٰ فَقٰاتِلُوا اَلَّتِي تَبْغِي) (3).
والمراد بالبغي في الخبر ما ذكرناه، ويدخل فيه طلب ما ليس له من قطع الطريق، والشجاع إذا تطاول من دونه تجبّراً واستكباراً قولاً وفعلاً ظاهراً وباطناً على مذهب الكبر دون التحدّث بالشكر فذلك العمل فيه آفة لشجاعته، وأمّا الخبر الآخر فمعناه: آفة الجود أن يجود الرجل بماله ثم يمنّ على الآخذ فيكون كما قال:
(لاٰ تُبْطِلُوا صَدَقٰاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ اَلْأَذىٰ ) .(4)
و «السَّماحة» في غير هذا الموضع: سهولة الجانب، والمراد بالسماحة هنا السخاوة والعطيّة،(4) يقول: إنّ من يمنّ بصنيعته على الغير ومعروفه ويخبر الناس عن
ص: 107
فعله طالباً للثناء فذلك عيبٌ وفساد لفعله.
وأمّا «الجمال» فحُسن الصورة واستواء الخلقة، و «الخُيَلاء»: الكِبْر، أي: إذا كان لك زينة وحُسْن هيئة باللباس فلا تفسدها بزهو وتكبّر، واختال أبو دجانة في الحرب وافتخر، فقاتل بين يدي رسول اللّٰه، فقال صلى الله عليه و آله: «إنّها الخصلة يُبغضهااللّٰه إلّافي هذا الموضع».(1)
وأمّا «الحسبُ » فهو الَّذي يَعدّه المرء من مفاخر آبائه ومآثر نفسه، وآفته أن يفتخر به، نهى أن يُفخَر بحسن الفعال المحمود من الخصال. و «الظرف» عند العرب:
الكياسة والعقل وفصاحة اللسان، و «الصَّلَف»: قلّة الخير، ومعنى الخبر أنّ العقل والحظّ لا يجتمعان، فالأكثر في أحوال المرء أن لا يجتمع له العلم والمال فإنّه الكمال. وقيل: معناه أنّه فصاحة اللسان أن [لا] يتكلّم بما لا خير فيه ولا فائدة في الدِّين والجود والسخاء. و «السَّرَف»: الإخطاء، قال: ما في عطائهم مَنّ ولا سَرَف أي إخطاء ووضعٌ في غير موضعه، وهذا دليل على أنّ السَّرَف ليس من الإسراف.
ومعنى الخبر أنّ آفة الجود أن يَضَعَ العطيّة في غير موضعها، ويصنعها مع غير أهلها. و «الدِّين»: الإسلام، أي: آفته اتّباع الهوى، على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، و «الهوى»: المراد به الشهوة، وهي من اُصول النعم فلا يكون آفة للدين، ولابدّ من تقدير الحذف؛ قال اللّٰه تعالى: (وَ نَهَى اَلنَّفْسَ عَنِ اَلْهَوىٰ ) (2).
58. السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ ، وَالشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ اُمِّه.(3)
يقول: اتّعظْ بغيرك ممّن كان قبلك أو معك؛ فإنّ السعيد مَن نظر إلى أحوال غيره واعتبر به؛ لأنّه إن اتّعظ بغيره انتفع باتّعاظه، ولا يمكنه أن يتّعظ بنفسه. مثاله: إذا رأيت إنساناً قتل نفساً ظلماً فاقتُصَّ منه وقُتل بالمقتول قِوَداً، صار ذلك لطفاً لك
ص: 108
تتَّعظ به وتزدجر عن مثل ذلك؛ لئلّا يُفعل بك ما فُعل به بعد القتل. والسعادة يستعمل عرفاً في الحظّ والبخت، يقال: سَعَد جِدّه.
وروي: «لسَّعيدُ مَن اتَّعظ بغيره»(1) أي من يعتبر بفعل الأغيار بما يجري عليهم من الحدود والأحكام عند اكتساب الآثام فيُمسك عن مثل ذلك سرّاً وعلانية فلا يوقع نفسه في الهوان فهو السعيد حقّاً.
والقرينة الاُخرى له معنيان: أحدهما أنّ الشقيَّ حقّ الشقيِّ مَن علم اللّٰه أنّه سيشقى بفعله من اختيار الكفر والمعصية وهو في بطن اُمّه، لا مَن يكون فقيراً مسكيناً يشقى لاحتياجه في الدنيا، والوجه الآخر أنّه عليه السلام أراد بالاُمّ جهنّم من قوله:
(فَأُمُّهُ هٰاوِيَةٌ ) (2) أي: الشقيُّ كلّ الشقيِّ مَن شقي في نار جهنّم، وهي شقاوة لا شقاوة مثلها، ومن كان في الدنيا في شدّة وشقاوة إنّما يكون ذلك سبب السعادة.
وقيل: المراد ببطن الاُمّ القبر الذي مرجعنا إليه، وتسميته «في بطن اُمّه شقياً» على الوجه الأوّل نوع من المبالغة، أي سيصير كذلك لا محالة كقولك: «إنّك ميّتٌ » أي ستموت. وإنّ اللّٰه تعالى إذا كان عبد في بطن اُمّه يَكتبُ على اللوح المحفوظ أنّه يصير شقيّاً؛ لاختياره الكفر لطفاً للملائكة.
59. كَفَّارَةُ الذَّنْبِ النَّدَامَةُ .(3)
يقول: إذا ذنبتَ ذنباً، ثمّ ندمت عليه وتُبت منه، وقبل اللّٰه توبتك، فإن كان فيه كفّارة ولا تقدر عليها لفقرٍ بك، فإنّ ندامتك كافية ومجزية عن الكفّارة ويقوم مقامها، وذلك فضل اللّٰه تعالى. و «الكفّارة»: ما يُستَر به الذَّنْب.
ص: 109
60. الجُمُعَةُ حَجُّ المَساكينِ .(1)
أراد به تطبيب(2) قلوب الفقراء وتسلّيهم. يقول: إن لم يمكنهم الحجّ ويريدون أن يكون لهم مثل ثواب الحجّ ، فعليهم أن يحضروا الجامع لأداء صلاة الجمعة مع الإمام، وهذا على حذف المضاف يعني: ثواب صلاة الجمعة للمساكين الذين لا استطاعة لهم بالحجّ كثواب الحجّ .
وقال عليه السلام: «من اغتسل يوم الجمعة، ولبس أطهر ثيابه، وتطيّب بطيب كان عنده، وحضر الجامع، واستمع إلى خطبة الإمام، وصلّى صلاة الجمعة، غَفَرَ اللّٰه له ما بين الجُمُعَتَين»(3).
وقال صلى الله عليه و آله: «هممتُ أن اُحرق على قوم منازلَهم؛ تركوا الجُمُعةَ بِغَيرِ عُذر».(4)
وسُمِّيَ هذا اليوم الجُمُعة لاجتماع الناس لصلاة الجماعة. وقيل: إنّ اللّٰه نسب الحجّ إلى الأغنياء في الأصل فيدخل فيه الفقير(5)، ونَسَبَ رسولُ اللّٰه صلى الله عليه و آله الجمعة إلى المساكين ليدخل الأغنياء فيها تبعاً.
61. الحَجُّ جِهادُ كُلِّ ضَعيفٍ ، وَجِهادُ المَرْأَةِ حُسْنُ التَّبَعُّلِ .(6)
أظهر عليه السلام هاهنا وفي الخبر الأوّل عذر من كان ضعيفاً عن بعض العبادة الشاقّة بما هو أسهل منها فقال أوّلاً: إنّ المسكين لما لم يمكنه الحجُّ فإذا تمنّى ثواب الحاجِّ جُعل له عبادة يقوم مقام الحجِّ في حصول الثواب لا في سقوطه عنه إذا
ص: 110
وجد الاستطاعة، وهو صلاة الجمعة مع الإمام العدل ومن يقوم مقامه في الجامع. وكذلك من كان عاجزاً عن الجهاد لضعفه وأراد أن يُدرك ثواب المجاهدين، فأمره بالحجّ ، وبيّن أنّ له في حجّه ثواب من جاهد في سبيل اللّٰه إذا كان معذوراً في قعوده عن الجهاد؛ وكذلك المرأة إذا سمعتْ ثواب المجاهدين فكأنّها تمنّت ذلك، فقيل لها: جِهادك حسن خدمتك لبعلك، وحُسن معاشرته، وترك الغيرة على ضرائرك(1).
وروي أنّ امرأة أتت النبيَّ صلى الله عليه و آله فقالت: أنت رسول اللّٰه إلى الرجال والنساء، كتب اللّٰه الجهاد على الرجال، فإن استُشهِدوا كانوا أحياء مرزوقين، ونحن نساء نقوم على المرضى ونُداوي الجَرحى، فما لنا من الآخرة ؟ فقال: «يا وافدة النساء، إنّ طاعة الزوج والاعتراف بحقّه يَعدل ذلك كلّه».(2)
وقال صلى الله عليه و آله: «المرأة إذا صلّت خمسها، وصامت شهرها، وأحصنت فرجها، وأطاعت بعلها، فلتَدخل من أيّ أبواب الجنّة شاءت»(3).
وعن الصادق عليه السلام: «الضعفاء شيعتنا، والحجّ جهادهم»(4). وهذا إشارة إلى أنّ الجهاد من شرطه حضور الإمام، فإذا لم يمكنهم مجاهدة العدوّ في حال الغيبة فالحجّ هو الجهاد. و «الحجّ »: القصد إلى بيت اللّٰه شرعاً، و «الجهاد»: قتال مَن يجب قتاله، وهما من الأسماء المخصوصة.
و «الضعيف» في اللغة: ضدّ القويّ ، ومرجعه إلى انتفاء القدر [ة] أو نقصانها، أي:
من لم يقو(5) على جهاد الكفّار مستطيعاً للحجّ فإنّه منه كالجهاد، وفسّر «التبعُّل»
ص: 111
القاضي بملاعبة(1) المرأة بعلها زوجها وحسن عشرتها معه، والمرأة إذا جاهدتْ نفسها في خدمة الزوج فهو الجهاد الأكبر.
62. طَلَبُ الحَلالِ جِهادٌ.(2)
يقول: اطلُبِ الحلال، وجاهد نفسك والشيطان في طلبه واجتنابِ الحرام؛ وإنّما قال ذلك لأنّ نفس بني آدم تميل إلى الحرام، فإذا خالفها لرضا اللّٰه يكون ذلك من أكبر الجهاد، ولذلك سمّاه رسول اللّٰه «الجهاد الأكبر» حين رجع عن بعض الغزوات فقال: «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر» ، قيل: وما الجهاد الأكبر؟ قال: «طلب الحلال»(3).
وروي: طلبُ كسبِ الحلال(4)، والكسب: «فعل يُجَرُّ به المنفعة».(5)
63. العِلْمُ لَايَحِلُّ مَنْعُهُ .(6)
معناه: إذا أتاك المتعلِّم - وأنت عالم - مقتبساً علم الدين مستفيداً فلا تبخل عليه؛ لأنّ من لم يُعلّمه فقد ارتكب محظوراً بمنعه العلم عن طالبه، إلّاإذا كان الطالب غير أهلٍ لذلك؛ وقد روي عن الصادق عليه السلام: «مَن منع العلمَ أهلهَ فقد ظلمه - يعني الطالب - ومن بذله لغير أهله فقد ظلمه، يعني العلم».(7)
ص: 112
64. مَوتُ الغَريبِ شَهٰادَةٌ .(1)
يقول: إذا فارق مؤمنُ بلده ومسقط رأسه في طاعةٍ أو مباحٍ أو ضرورة، ومات في غربته بعيداً عن الأموال والولد والأحبّاء والأقرباء، مشتاقاً إلى لقائهم(2) غير عالم بأحوالهم، يَحصل له من الغمّ والحسرة ما لا يعلم كنهه إلّااللّٰه، فهو مستحقٌّ من الأجر بالصبر على ذلك ومن الأعواض(3) ما يقابل أو يقارب أجر شهيد.
وقيل له معنى آخر وهو أنّه عليه السلام أراد: مَن مات في غربة الإسلام مات شهيداً، يعني: من مات في آخر الزمان مؤمناً - لأنّه أوان(4) غربة الإسلام - يحوز(5) ثواب شهادة القتيل في سبيل اللّٰه.
وقيل: المراد بالغربة التي في الخبر في زمان النبيِّ عليه السلام؛ لأنّ أكثرها في الهجرة والغزو ونحوهما، والعموم متناول جميع ذلك.
65. الشَّاهِدُ يَرىٰ مَا لَايَرَى الغائِبُ .(6)
معنى الخبر مثلٌ يُضرب في موضع يريد الرَّجل أن يَعمل على ظنّه فيقال: فَتِّشْ عن هذا الأمر وتبيَّنْ واشهده بنفسك أو برأيك؛ فإنّ الحاضر يرى ما لا يراه الغائب عنه؛ والسبب في ذلك ما روي: أنّ مارية القبطية كان لها ابن عمٍّ يُكثِر الدخول
ص: 113
عليها، فطَعَنَ بعض المنافقين في ذلك! فقال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله لعليّ عليه السلام: «اذهب، فإن وجدته عندها فاقتله». فقال عليٌّ : «يا رسول اللّٰه، أكون [في] أمرك كالسِّكَّة المُحْماة؛ أقتله أم الشاهد يرى ما لا يرى الغائب ؟» فقال: «لا، بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب» .
فخرج ودخل عليها، فوجد [ه] عندها، فاخترط السيف وقصده، فهرب الغلام ورَقى نخلةً كانت هناك، وألقى نفسه، وكشف عن عورته فإذا هو أمسحُ أجبّ ، فَرَجَعَ عليٌّ إلى رسول اللّٰه وأخبره بالحال، فقال: «الحمد للّٰه الذي يذبّ عنّا أهل البيت»(1).
وقيل: معناه: الشاهد في حضرة اللّٰه التي هي السماوات وما فوقها يرى من فرط لفظه(2) تعالى ما لا يرى الغائب عنها.
66. الدَّالُّ عَلَى الخَيْرِ كَفَاعِلِهِ .(3)
يقول: إن لم تقدر على فعل الإحسان إلى غيرك وهو محتاج، فدُلَّه على من يصطنع إليه معروفاً؛ فإنّ الدالَّ على الخير شريك له في الأجر وإن لم يكن له شريكاً في الفعل، وإنّ مَن دلّ إنساناً على خير فكأنّما فعل ذلك الخير بنفسه؛ لأنّه ربّما لم يوصَل إلى ذلك الخير إلّابدلالته، فكما أنّ فاعل الخير يَستحقَّ المدح والذمّ وكذلك الدالُّ عليه، فهذا حثٌّ لمن(4) يقدر إن يَدُلّ إنساناً إلى الخير على الدلالة، وحثّ للمدلول على شكر الدالِّ كما يشكر فاعل الخير.
وقيل: الخبر ورد على سبب، وهو أنّ رجلاً جاء إلى رسول اللّٰه فاستحمله، فقال له: «لا أجد ما أحملك عليه، ولكن ائت فلاناً فلعلّه يحملك»، فأتاه فحمله،
ص: 114
فقال صلى الله عليه و آله: «مَن دَلَّ على خيرٍ، فله مثل أجر فاعله»(1).
67. ساقِي القَوْمِ آخِرُهُم شُرْباً.(2)
هذا الخبر من باب الأدب؛ واللفظ خبر، ومعناه أمرٌ، يقول: إذا كان جماعة في سفر وقلّة ماء، وكان الماء في يدِ واحدٍ يَسقيهم جميعاً، فينبغي أن يكون شفقتُه عليهم كشفقته على نفسه، بل أعظم بأن يكون آخرهم شرباً؛ فلو لم يكن لأحدٍ منهم شُربٌ ونصيب، لكان ذلك الساقي.
وقيل: لأنّه إذا نَصَبَ نفْسَه للسَّقي كان كخادم القوم، فيجب أن يكون آخرهم شرباً. ثم إنّه إن سقاهُم من إناءٍ واحد ربما يَتغثّىٰ (3) طَبْعُ مَن يَسقيه بعد شربه.
وروي أنّه عليه السلام قاله لمّا نزل باُمّ مَعبَد(4) واستأذنها في حَلْب شاةٍ عَجفاء لها، فحلب لبناً كثيراً، وجعل يَسقيهم واحداً واحداً، فقيل: يا رسول اللّٰه، ألا تشربه ؟ فقال هذه الكلمة، وهي حثّ على حسن الآداب في المشرب كما في المطعم.(5)
68. كُلُّ مَعرُوفٍ صَدَقَةٌ .(6)
معناه: إنّ كلّ من أعطى إنساناً شيئاً وقصد به وجه اللّٰه فهو صدقة يؤجر عليها، وما أعطاه وأخرجه في معصيةٍ لا يَدخل في هذا الباب؛ لأنّه منكَر، والمنكَر ضدّ المعروف. بَيَّنَ بهذا الحديث أنّ المعروف ليس هو الإعطاء فحسب، وإنّما هو على
ص: 115
الأنواع، واللّٰه تعالى ليس بغافل عن صغيرة وكبيرة.
وتمام الخبر أن: «[و] من المعروف أن تلقى أخاك بوجهٍ طِلقٍ »(1). وقال عليه السلام: «وإنّ المعروف باب من أبواب الجنّة؛ فإنّه يَمنع من مصارع السُّوء»(2). و «المعروف»: كلُّ أمرٍ عُرِف في الشرع والعُرف جوازه أو وجوبه، ويُستعمل بمعنى العطيَّة، وكذلك العرف، و «الصدقة»: ما يُعطَى الفقير على وجه التطوُّع، والزكاة للواجب، ثم تتداخلان.
69. مُدَارَاةُ النَّاسِ صَدَقَةٌ .(3)
يقول: دارِ الناس و لاطِفْهم و لايِنْهم؛ فإنّ مَن يُدارِهم ويُساهلهم في معاملاتهم ومبايعتهم ومشاراتهم فهو كالمصَّدِّق، وثوابه ثواب المتصدِّقين.
و «المداراة»: المدافعة، من الدَّرء، وهو الدفع(4)، والمراد بها هاهنا الملاينة [من الدري]، وإذا سكت الإنسان عن طلب حقّه وسامح لسلامة دينه ودنياه فهو مداراة، يُكتب له بها ثواب الصدقة وأجرها.
70. الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ .(5)
يقول: أحسِنِ الكلامَ مع المؤمنين؛ فإنّه مِن أعظم الفضائل، وإنّه يقع موقع
ص: 116
الصدقة، ومعناه: أنّ من ليس له عنده شيء يُعطي الفقير، فينبغي أن يردّه ردّاً جميلاً، ويكلّمه بكلمةٍ يُطيب بها قلبه، مثل قوله: «وسّع اللّٰه عليك»، «وأعطاك اللّٰه»، و «أغناك عن مسألة الناس»؛ فإذا ردّه بمثل ذلك يُكتب له بكلِّ كلمة صدقة؛ قال تعالى: (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَ مَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهٰا أَذىً ) (1). الضحى (91):10.(2)، وقال: (وَ أَمَّا اَلسّٰائِلَ فَلاٰ تَنْهَرْ) (2).
71. مَا وَقىٰ بِهِ المَرْءُ عِرْضَهُ كُتِبَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ .(3)
يقول: إذا خِفتَ شَرَّ ظالمٍ وأذى حاسدٍ أو هجو شاعرٍ، فكلّ ما أعطيته على سبيل الرشوة يُكتب لك به صدقة. يريد: ما حَفِظَ المرءُ به نفسه من أصحاب السوء بإعطاء هبةٍ ، يكن بمنزلة الصدقة، وهذا على سبيل التسلية له؛ لئلّا يَظنّ أنّ ما أنفق من ماله في أمثال هذا ضائع، بل هو بمنزلة ما تَصَدَّقَ به. ووقاه اللّٰه الشرّ أي حفظه منه ودفعه عنه، و «العرض» هاهنا.(4)
72. الصَّدَقَةُ عَلَى القَرَابَةِ صَدَقَةٌ وَصِلَةُ .(5)
معناه: إذا كان لك فضلُ مالٍ تَهِبُه للمسلمين، فعليك أن تعطي قرابتك وتتصدّق به عليهم، فيُجمع له به أجران: حيازة فضيلة الصدقة، وحيازة فضيلة الصلة مع الرحِم،
ص: 117
وأراد بالقرابة ذا القرابة على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، أي:
الصدقة على من كان بينك وبينه قرابة النسب لها وجهان وثوابان؛ فإنّها صدقة وصِلة رحم. الصدقة على ذوي القربى على ضعف ما يكون على الأجانب؛ قال تعالى: (وَ آتَى اَلْمٰالَ عَلىٰ حُبِّهِ ذَوِي اَلْقُرْبىٰ ) (1). مسند الشهاب، ج 1، ص 91 و 92، ح 97 و ح 98؛ مسند أحمد، ج 3، ص 502؛ المصنّف، ج 11، ص 132، ح 20118؛ المعجم الكبير، ج 5، ص 17، ح 422؛ تاريخ مدينة دمشق، ج 18، ص 20. ثواب الأعمال، ص 140؛ النوادر للراوندي، ص 85؛ مكارم الأخلاق، ص 387.(2) فقدّمهم على من سواهم؛ للمعنى الذي أشار إليه عليه السلام.
73. الصَّدَقَةُ تَمْنَعُ مِيتَةَ السُّوءِ .(2)
يعني: تَصَدَّقْ في كلّ حالٍ بقليلٍ كان أو كثير؛ فإنّها تمنع موت الفجأة. سُمِّيَ «ميتة السوء» لأنّه أسوأ الموت من حيث إنّ صاحبه لا يصل إلى التوبة والوصية وإصلاح ما بينه وبين الناس. والفِعلة بالكسر الهيئة، وبالفتح المرّة الواحدة، و «السوء»: ضدّ الحَسَن، والإساءة: ضدّ الإحسان.
وروي أنّ : «عيسى عليه السلام كان جبرئيل عليه السلام عنده يوماً، فمرّ بهما رجل على ظهره حُزمَة(3)حَطَبٍ ، وبيده رغيف يأكله وهو يلعب ويضحك، فقال جبرئيل: عجباً لهذا الرجل يفعل وما بقي من عمره ساعة أو ساعتان! فلمّا كان في اليوم الآنف مَرَّ الرجُل وعلى عاتقه حبلٌ يخرجه(4)للاحتطاب، فسأل اللّٰهَ عيسى أن يبيّن تلك الحالة، فأتاه جبرئيل وقال: قل لهذا الرجل ليأتي بالحُزمة التي كانت معه أمس، فجاء بها، ففتحها عيسى، فإذا في وسطها أفعيٌّ ! فقال جبرئيل:
رأيتُ في اللَّوح أنّ هذا الرجل يقتله هذا الحيّة، ولكن سَله: هل فَعَلَ خيراً مذ فارقَنا؟ فسئل فقال: ما فعلتُ شيئاً، إلّاأنّي كنت آكُلُ رغيفاً وبقيتْ منه بقية، فسألني رجلٌ فأعطيته إيّاه، فقال
ص: 118
جبرئيل: إنّ اللّٰه قد دفع عنه ذلك البلاء بتلك الصدقة وزاد في عمره كذا سنة(1)، وذلك قوله:
(يَمْحُوا اَللّٰهُ مٰا يَشٰاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ اَلْكِتٰابِ ) »(2).
74. صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ .
يقول: إذا تصدّقتَ بشيء على الفقراء، فليكن ذلك سرّاً خالصاً لوجه اللّٰه؛ فإنّ الصدقة في السرّ يَدفع عنك عقاب اللّٰه الذي يَستحقُّه، و «الغضب» من اللّٰه: عذابه، وفي الواحد منا: تَغَيُّرٌ يَقتضي تعذيباً للغير(3)، كما أنّ الرحمة فينا رقَّةٌ في القلب يقتضي الإحسان إلى الغير، والرحمة من اللّٰه تعالى هو الإحسان.
وقيل: الغضب: إرادة الشرّ والمضرّة بالغير، وغضَب اللّٰه: إرادتُه العقاب لمستحقِّه.
وروي: «أنّه تعالى لمّا خلق الجبال قالت الملائكة: إلٰهنا، هل خلقتَ أشدّ من الحَجَر؟ قال:
نعم، الحديد؛ فإنّه يَغلب الحجر. فسألوه عمّا هو أشدّ من الحديد؟ فقال: النار. فسألوه عمّا هو أشدّ من النار؟ قال: الماء. فسألوه عن أشدّ من الماء؟ قال: التُّراب؛ فإنّه يغلب الماء. فسألوه عن أشدّ منه ؟ فقال: الريح. فسألوه عن أشدّ منها؟ قال: عبد يَتَصَدَّق بيمينه صدقةً لا تشعر بها شماله، هو أشدّ عندي من هذه الأشياء».(4)
75. صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ.(5)
يقول: إنَّ اللّٰه يَزيد في عمر مَن يصل رحمه. و «صلة الرحم»: أن يَفعل بأقربائه وذوي أرحامه بما يقدر عليه من البِرِّ والمعروف والزيادة والقيام بأودهم(6) وإعانتهم على حوادث الدهر بما يمكنه، حتّى لو لم يقدر على شيء من ذلك لتعهّدهم
ص: 119
بالسلام والإلمام.(1)
وعن عليّ عليه السلام: «وجدت في قائم سيف رسول اللّٰه رقعةً مكتوبٌ فيها: صِلْ مَن قطعك، وأحسِنْ إلى من أساء إليك، وقل الحقَّ وإن كان عليك».(2)
وقال النبيُّ صلى الله عليه و آله: «إنّ الرحم إذا قُطعتْ فوُصلتْ فقُطعتْ قطعها اللّٰه» .(3)
وقال: «مَن سَرَّه أن يَبسط اللّٰه في رزقه وينسأ في أثره - أي أجله - فلْيَصِلْ رَحِمَه».(4)
76. صَنَائِعُ المَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ .(5)
معناه: مَن اعتاد فعل الخير واصطناع المعروف لا يموت على حال سيّئةٍ ، و «الصنائع»: جمع صَنيعة - وهي النعمة المصنوعة المربوبة - فعيلة بمعنى مفعولةٍ ، والمراد «بالمعروف»: العطيَّة وما يُعرف في الشرع من الزكاة والصدقة، وإضافة الصنائع إلى المعروف كإضافة الحِندِس إلى الظُّلَم في قوله: «ولم اُقاسي الدُّجى في حِندس الظُّلَم»، وهما بمعنى، فأجازوا ذلك لاختلاف اللفظين، و «المَصرَع»:
موضع الصَّرْع.
يقول: إنّ اتخاذ المعروف صنعةً وبذلَ الأموال على مقتضى الشرع يحفظ صاحبها مِن أن يقع في مصرع. وروي: «اصطناع [المعروف] يقي...» و «فعل المعروف...» ، وكلاهما واحد؛ يقال: صَنَعَ معروفاً واصطنعه، والمعنى: إنّ فعل
ص: 120
المعروف في أهله يقي فاعله الوقوع في الأسواء.
وروي: «أنّ الصدقة الواحدة تدفع سبعين باباً من البلاء،(1) وأنّها تفكّ لحيي(2) الشيطان».(3)
77. الرَّجُلُ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتّىٰ يُقْضىٰ (4) بَيْنَ النَّاسِ .(5)
المعنى: إنّ المؤمن إذا كان مؤدّياً للزكاة متبرِّعاً بالصدقات، جعل اللّٰه له يوم القيامة بجزاء ذلك ما يقيه من المكاره [و] حرّ ذلك اليوم، وجعل نفس الصدقة ظلاًّ، والمراد جزاؤها على طريق المبالغة من حيث إنّه كان بسببها، ولا يمتنع أن يُقال: إنّ اللّٰه جعل ما تَصَدَّقَ به المؤمن جسماً كثيفاً ساتراً مظلاًّ على صاحبه كما جاء في نفسه (يَمْحَقُ اَللّٰهُ اَلرِّبٰا وَ يُرْبِي اَلصَّدَقٰاتِ ) (6)[يعني:] إنّ اللّٰه يُربي الصدقة حتّى يجعلها كأعظم جبل في الأرض، فهو هاهنا يجعل الشيء المتصدَّق به ظلّاً على صاحبه حتّى يحكم اللّٰه بين الناس، يعني طول يوم القيامة، فيكون هو في راحةٍ حيث كان غيره في حَرِّ يوم القيامة. يقول: إنّ اللّٰه يجعل ثواب صدقته وقايةً عن حَرِّ يوم القيامة، وإنّما قال: «حتّى يقضى بين الناس» لأنّ الخوف في القيامة أكثره قبل الحُكم، فأمّا بعده فقد تبيّن الرشدُ من الغيِّ .
ص: 121
78. الصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ.(1)
مفهومه: كما لا بقاء للنار مع الماء فكذلك لا بقاء للخطيئة مع بذل الصدقة للمؤمن، يعني: أنّ اللّٰه بفضله يتجاوز عنها عند بذله لها لبركتها وإطفاء الصدقة الخطيئة تشبيه لها بالماء والنار، وإنّما جُعل الخطيئة بمنزلة النار من حيث إنّها تؤدّي إلى النار.
ومثله قوله: (إِنَّ اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوٰالَ اَلْيَتٰامىٰ ظُلْماً إِنَّمٰا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نٰاراً) (2)فجعل ما يأكلونه ناراً من حيث يؤدّي إلى النار، وجعل الصدقة التي تدفع حرّها بمنزلة الماء المطفئ للنار، والمُطفئ في الحقيقة هو اللّٰه تعالى، ولكنّه لمّا كان بسببها أضاف الفعل إلى مسبِّبه، ثمّ شبَّه ذلك تشبيهاً حقيقياً كما يُطفئ الماء النار؛ ليتحقَّق ما ذكره من إطفاء الصدقة الخطيئة، والكاف للتشبيه، ومحلّه النصب؛ لكونه صفة لمصدر منصوب، والتقدير: إطفاء مثل إطفاء الماء النار.
79. المُعْتَدِي فِي الصَّدَقَةِ كَمَانِعِهَا.(3)
له ثلاثُ معانٍ :
أحدها: إنّ مَن أسرف في الصدقة حتّى جعل نفسه فقيراً وعيالَه محتاجاً فهو كمانع الصدقة، ووجه التشبيه أنّهما جميعاً - أعني الإسراف والتقصير - ممنوعان محرّمان عقلاً وشرعاً، والمحمود المرضيّ القصد الذي هو واسطة الاُمور.
والثاني: إنّ مَن تعدّى بهذه الصدقة إلى غير مستحقّها ووضَعَها في غير موضعها كالمانع.
ص: 122
والثالث: معناه: مَن تعدّى في أخذ الصدقة بأن يأخذ خيارها المنهيّ عن أخذها، فإذا فعل ذلك أدّى إلى أن يمنع صاحبُ المال الصدقة في العام القابل فهو كالمانع؛ من حيث إنّه سبب المنع، وفي هذا تعسُّف.
80. التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَاذَنْبَ لَهُ .(1)
يقول: من قام بشرائط التوبة على الحقيقة فاللّٰه تعالى يقبل توبته، ويطهّره من الذنوب، فيصير كمن لم يذنب قطّ. و «التوبة» هي الندم على ما مضى والعزم على أن لا يعود إلى مثله في المستقبل لقبحه، وهذا توبة أجمعت الاُمّة(2) على إسقاط العقاب عندها؛ فالمعتزلة تقول: «التوبة يسقطها» ونحن نقول: إنّ اللّٰه متفضِّل بإسقاط العقاب عند التوبة، ولا يجب عليه تعالى ذلك إلّامن حيث وعد لقبول التوبة به في قوله: (وَ هُوَ اَلَّذِي يَقْبَلُ اَلتَّوْبَةَ عَنْ عِبٰادِهِ ) (3)، وخُلف الوعد لا يجوز عليه تعالى.
81. الظُّلْمُ ظُلُماتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ .(4)
معناه: أنّ الظالم يكون يوم القيامة في ظلمة تحيُّره، كما يقال للمتحيّر(5): هو في ظلمة من أمره. وبالظُّلْمة يعاقَب الظَّلَمة يوم القيامة، وهو قوله: (اِرْجِعُوا وَرٰاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً) (6).
ص: 123
وتحقيقه: أنّ جزاء الظلم يكون ظلمات يوم القيامة، وإنّما جُمِع الظلمات لأنّ الظُّلمة يكون مشتملة عليه في الموقف وعلى الصراط [و] في دركات النار؛ فقد جاء في الأخبار: أنّ نار جهنّم أسود، وقد طابق في اللفظ بين الظلمة والظلم، وقيل:
أقلُّ الظُّلمة في اُمّة محمّد قول أحدُهْم الآخر: تَنَحَّ عن الطريق.
82. كَثْرَةُ الضِّحْكِ تُميتُ القَلْبَ .(1)
معناه: لا تفعلوا الأفعال المُضحكة، ولا تَضحكوا في غير اُعجوبة ساهين لاهين فتكونوا كأن لا قلوب لكم، ومن كان ضحكه كثيراً يغفل عن الحقّ ، وعلامة موت القلب غفلته، وعلامة حياته شهوده، و «الضحك»: تَفَتُّحٌ يظهر في الوجه لمَسَرَّةٍ في القلب ولحدوث عَجَبٍ ، وهو في الحقيقة لا يكون من فعلنا، وكذلك البكاء، وكذلك من فعل اللّٰه فينا على سبيل العادة عند أسباب يفعلها وأحوال منّا يقتضيها في أكثر الأحوال، وربما يحصلان من غير دواعينا. وموت القلب إنّه يَحصل غافلاً ساهياً عمّا يجب عليه التفكُّر فيه، فإذا صار القلب بحيث لا ينتفع به فهو كالميّت، ومثله قوله: (إِنَّكَ لاٰ تُسْمِعُ اَلْمَوْتىٰ ) (2).
83. فِي كُلِّ كَبِدٍ حَرَّىٰ أَجْرٌ.(3)
للخبر معنيان:
أحدهما: أنّ في كلّ قلب حزين بالمصيبة والمَساءة أجراً وعوضاً مستحَقّاً على الآلام التي أصابته والمصيبات، وسُمّي العوض أجراً علىٰ سبيل التوسّع.
ص: 124
والثاني: أنّه أراد: في إشباع كلِّ كبدٍ جائعة وإرواء كلّ كبدٍ عطشى أجرٌ علىٰ حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه.
والمراد بالأجر في هذا الوجه: الثواب، وهو حقيقة في الثواب، وإنّما قال حَرَّى على فَعلى التي هي للمؤنّث؛ لأنّ الكبد مؤنّث، يقال: رجل غرثان وعطشان، وامرأة غرثى وعطشى. والعرب تعبّر بالكبد عن القلب، ومفهوم الخبر: من أتى معروفاً مع كلّ مَن كان، ينال أجراً جزيلاً من اللّٰه.
وكان في بني إسرائيل رجلٌ عاصٍ ، فمرّ على بئر، وإذا كلبٌ قد لهث من العطش، فأخذ عمامته وشدّ على خفّه، وأسقى به الماء وأرواه، فأوحى اللّٰه إلى نبيّ ذلك الزمان: «إنّي شكرت سعي فلان؛ لشفقته على خلق من خلقي، فسمع الرجلُ ذلك وتاب من المعاصي، وصار ذلك سبباً لتوبته».(1) ومن أبين علامات الإيمان الشفقة على خلق اللّٰه.
84. العُلَمَاءُ اُمَنَاءُ اللّٰهِ عَلىٰ خَلْقِهِ .(2)
يقول: إنّ اللّٰه ائتمن العالمين على أمانته التي هي الحلال والحرام والفرائض والأحكام ليُفْتوا للخلق بالأمانة والحقِّ فيما بينهم وبين اللّٰه بما عَلِموه وتحقَّقوه بآيةٍ محكمة أو سنّةٍ مقطوع بها.
ومعنى الخبر في تمامه وهو «[العلماء اُمناء الرسل] ما لم يخالطوا السلطان»(3)،(4)يعني:
إذا خالطوا السلطان فقد خرجوا من الأمانة إلى الخيانة.
وقيل: هذه الأمانة عبارة عن الشرائع والأحكام دون المعقولات والعلوم العقلية.
ص: 125
وأمانة العالم في شيئين:
أحدهما: أن لا يُفتي بما لا يعلم.
والثاني: أن لا يكتم الحقَّ فيما يعلم، فإذا كان كذلك كان أميناً عند اللّٰه، وأعظم الخيانات الخيانة في الدِّين.
85. رَأْسُ الحِكْمَةِ مَخافَةُ اللّٰهِ .(1)
أي: أصل كلّ عِلم معرفة اللّٰه، والخشيةُ والحكمة نوعان من العلم، والظاهر في معناه أنّ الرجُل إنّما يكون حكيماً كلَّ الحكيم إذا خاف اللّٰه بأن لم يخف عقاب اللّٰه وتسمّى بالحكمة [وإلّا] كان ذلك الاسم زوراً عليه؛ فإنّ الحكيم من في فيه حَكَمَة كحَكَمَة اللجام تمنعه من المقبَّحات، ومثله: التقيُّ مُلْجَم(2) كالمُحْرِم في الحرم،(3) وقال تعالى: (إِنَّمٰا يَخْشَى اَللّٰهَ مِنْ عِبٰادِهِ اَلْعُلَمٰاءُ ) (4).
86. الجَنَّةُ دَارُ الأسخِيَاءِ .(5)
جَعَلَ الجَنَّة بأجمعها دارَ مَن يجود بماله ولا يبخل ما يجب عليه من الحقوق على سبيل المبالغة، وتمام الخبر: «فعلى هذا ينبغي للعبد أن لا يخلو عن السخاء في حالتي الشدّة والرَّخاء مع الأعداء وذوي الإخاء». و «السخيُّ »: الذي يَبذل ماله في الواجبات والمندوبات، والمدح يُستحقّ بفعلها، ونقيضه البخيل وحقيقته [من] يمنع الواجبات؛ لأنّ الذمَّ يُستحقُّ بتركها، وفي الشرع هو مَن يَمنع الزكاة.
ص: 126
87. الجَنَّةُ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ .(1)
هذا حثٌّ على الجهاد، فكأنَّه قال: جاهِدوا في سبيل اللّٰه؛ فمن طلب الجنّة فإنّها توجَد تحت ظلال السيوف. والمعنى: أنّ مَن صبر وثبت ولم يفرّ حيث تُعلى بالسيوف على رأسه وتظلّ على شخصه وتيقَّن بالقتل والشهادة، فهو ممّن ظفر بمطلوبه، وأدرك طلبته، وفاز بمراده.
وقال الصادق عليه السلام: «السيف مفتاح الجنّة والنار» .(2)ومفهوم الخبر أنّ الجنّة تُنال بالدِّين، ودرجات الجَنّة تدرك بالطاعات، ومِن أعظمها الجهاد؛ فإنّه يؤدّي إلى الدرجة العظيمة في الجنّة، فكأنّ الجَنَّة تحته وتحت آلائه التي منها السيوف. ومعنى «الظلال»: الدنوُّ من القرن حتّى يعلوه ظلّ سيفه لا يفرّ منه، وكلّ شيء دنا منك يقال: إنّه أظلّك.(3)
88. الجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الاُمَّهَاتِ .(4)
معناه: إنّ البِرَّ مع الاُمّهات ثوابه الجَنّة، فمَن اشتاق إلى الجَنّة وطلبها فإنّها توجد تحت أقدام الاُمّهات؛ وهذا عبارة عن التواضع والخشوع لهنّ ، والانقياد لأوامرهنّ على جميع الأحوال، وتقبيل أرجلهنّ . وروي أنّ النبيّ عليه السلام أتته خالة له من الرضاع، فبسط رداءه لها، وقال: «مرحباً باُمّي» .(5)
ص: 127
89. الدُّعَاءُ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإقَامَةِ لَايُرَدُّ.(1)
يعني: أنّ الدُّعاء في هذه الساعة يقرُن بالإجابة؛ فادعُوا فيها؛ فإنّها مظنّة لاستجابة الدعوات من المؤمنين لأنفسهم ولإخوانهم على مَن يظلمهم ويؤذيهم.
وشرف هذا الوقت لأنّه بين فصول من التكبيرات والتهليلات ونحوها.
و «الأذان»: التأذين بالصلاة مختصّ بها شرعاً، والإيذان: الإعلام بإيقاع في اُذن المخاطب، و «الإقامة»: نصبُ الشيء قائماً، ويكون بمعنى الإظهار، ومنه قوله:
«قامت الحرب على ساقٍ » و «يقوم القيامة» و «أقمت الحجّة»؛ فكأنّه إقامة المأمومين للصلاة؛ لأنّ عند قول الإمام «قد قامت الصلاة» يجب القيام للصلاة على المأمومين، وهو من باب «ليله قائم ونهاره صائم» على الإسناد المجازي، و «الردّ»:
ضدّ القبول، وهاهنا ضدّ الإجابة.
90. طَلَبُ الحَلاَلِ فَرِيضَةٌ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ .(2)
أي: اطلُبوا الرزق من الوجه المأذون في طلبه شرعاً فريضةً بعد فرائض اللّٰه تعالى أدّاها نحو الصلاة بالغداة والظهيرة؛ فإنّه يجب عليه طلب الرزق الحلال لقُوت نفسه ومصلحة العيال، وهذا أولى من أداء التطوّع؛ لأنّ العقل والشرع يوجبان عليه ذلك كأنّه يقول: «إذا فرغتَ من الصلاة المفروضة فليس شيء آكد عليك فرضاً ووجوباً من طلب الأرزاق لخاصّك ولعيالك»، وجَعَلَه في الخبر المتقدِّم بمنزلة الجهاد.
ص: 128
وسأل سَديرٌ الصَّيْرَفيُّ الصادق عليه السلام: ما حدّ طلب الرزق ؟
قال: «عليك أن تفتح باب حانوتك، وتفرش بساطك، وتجلس هناك، والباقي على اللّٰه» .(1)
وقال عليه السلام: «الرزق رزقان: طالب ومطلوب؛ فالذي يطلبك يصل إليك وإن لم تطلبه، والذي تطلبه ربما تصل إليه وربما لا تصل إليه بحسب المصلحة».(2)
يقول: طلب كسب الحلال فريضة بعد كلّ فريضة وبعد أدائها.
91. أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَقَلُّهُنَّ مَؤُونَةً .(3)
هذا أمرٌ للناس أن يَرضَوا من الأزواج باللّاتي(4) لا يطلبن المهور الغالية والنفقات الكثيرة الغالية، وليتزوّج كلّ مؤمن من امرأة خفيفة المهر والنفقة والكسوة؛ فإنّها هي المباركة الميمونة تُحسِن معاشرة زوجها في الشدَّة والرخاء، وإلّا فظاهر الخبر يعلم ضرورة؛ فإنّ المرأة إذا كانت قليلة المؤونة كانت عظيمة البركة، وكلّما كانت أقلَّ مؤونةً كانت أعظم بركةً . و «البركة»: ثبات الشيء، و «المؤونة»: ما يلزم الرجل من القيام بحمله.(5)
حَثَّ عليه السلام اُمَّته على طلب امرأةٍ قانعةٍ بما يكون لزوجها، غير متحكِّمة عليه بما يثقله.
وروي: «أعظم النساء بركةً أصبحهنّ وجهاً، وأقلّهنَّ مهراً».(6)
«تزوّجوا الزُّرْق؛ فإنّ في أعينهنّ يُمناً، ولا تزوّجوا عجوزاً ولا عاقراً؛ فإنّي مكاثر بكم حتّى
ص: 129
بالسقط».(1)
وقال: «إنّ مِن يُمن المرأة تبكيرها بالاُنثىٰ قَبل الذَّكَر؛(2) قال اللّٰه تعالى: (يَهَبُ لِمَنْ يَشٰاءُ إِنٰاثاً وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشٰاءُ اَلذُّكُورَ) »(3).
وقال: «التمسوا الرزق بالنكاح؛(4) قال تعالى: (إِنْ يَكُونُوا فُقَرٰاءَ يُغْنِهِمُ اَللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ ) »(5).
وجاءت امرأة إلى النبيِّ عليه السلام فشكت الإعسار، فقال لمن بحضرته: «تزوّج بهذه» .
فقال: يا رسول اللّٰه، ليس معي صداقها - وكان في يده خاتم من حديد - قال:
«فتزوّجْها على هذا الخاتم» ، فتزوَّجَها(6).
ودخلت امرأة اُخرى ليزوّجها، فقال لرجلٍ من أصحابه: «ألَكَ زوجة ؟» قال: لا، فقال: «تَزَوَّجْها» ، فقال: ليس معي صداقها. قال: «هل معك شيء من القرآن ؟» قال نعم.
قال: «زوّجتكها على ما معك من القرآن» ، فعلّمها فتزوّجها على ذلك.(7)
وهذا يدلّ على أنّ المهر ما تَراضى به الزوجان ممّا يحلّ في الشرع.
92. المُؤمِنُ مِرآةُ المُؤْمِنِ .(8)
له معنيان:
ص: 130
أحدهما: أنّه إذا نظر إلى أخيه المؤمن يرى منه نفسه؛ يفرح بفرحه، ويحزن بحزنه؛ كمن ينظر في المرآة يرى نفسه فيظنّ به من الخير ما يظنّ بنفسه، ويريد به الخير والنفع ما يريد بنفسه، ويكون مشفقاً عليه يكفُّه أن تقع في هلكةٍ ، وهذا معنىً لطيف.
والوجه الآخر: أنّ الرجُل إذا نظر إلى أخيه المؤمن فرأى عليه شيئاً يعاب به يُعْلِمه ذلك ليغيّره ويزيله - كما أنّه إذا رأى نقطةَ سوادٍ وتشويشَ عمامةٍ في المرآة أصلحه - ويعينه على ما فيه حظُّه من أمر آخرته ودنياه.
93. المُؤْمِنُ أَخُو المُؤْمِنِ .(1)
يريد: من حقّ المؤمن أن يرضى لأخيه المؤمن ما يرضى لنفسه، ويَكره [له ما يَكره] لنفسه، [و] يعينه على ما فيه حظُّ آخرته ودنياه.
وفي خبر آخر: «المؤمن أخ المؤمن من أبيه واُمّه، إن جاع أطعمه، وإن عرى كساه، وإن خاف آمنه، وإن مرض عاده، وإن مات شيّع جنازته، واُخوّته في الدِّين آكد من اُخوّة النسب».(2)
وكان عليّ عليه السلام يحبّ عقيلاً في حال صغره أشدَّ حبٍّ ، فلمّا عَرَضَ عليه الإسلام وأبى جَرَّدَ عليٌّ سيفه، فقال عقيل: إنّك لقاتلي ؟ قال: «نعم، إن(3) لم تؤمن» ، فأسلم عقيل وقال: تأمَّلت في جِدّك في قتلي لامتناعي من الإسلام مع فرط محبّتك لي، فعلمت أنّه لو لم يكن هذا الدِّين حقّاً لما قَتَلَ مثلُك أخاً مثلي. فصار هذا سبب إسلامي، فاعتنقه عليٌّ وقال: «أنت الآن أخي؛ لأنّ الاُخوّة اُخوّة الدِّين، لا اُخوّة النسب» .(4)
ص: 131
94. المُؤْمِنُ يَسِيرُ المَؤُونَةِ .(1)
هذا أمر بأنّ يُزجي كلُّ مؤمنٍ أيّامه بالقناعة؛ فإنّما يكفيه بُلغةٌ من العيش، وإنّ المؤمن الحقيقي إذا علم أنّ ما آتاه اللّٰه من الرزق هو أصلح له في الدِّين قنع بذلك ورضي به، ولا يتكلّف طلب ما يكون وبالاً عليه في الآخرة ومشقّة في الدُّنيا؛ ألا ترى إلى أمير المؤمنين عليه السلام يقول: «وإنّ إمامكم قد اكتفى من الدُّنيا بطِمرَيه، ومن طعمه بقُرصيه، ولو شئتُ للبستُ العبقريَّ من ديباجكم، ولأكلتُ لباب البُرِّ بصدور دجاجكم، وما لعليٍّ وللدنيا وقد سمع اللّٰه يقول: (تِلْكَ اَلدّٰارُ اَلْآخِرَةُ نَجْعَلُهٰا لِلَّذِينَ لاٰ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي اَلْأَرْضِ وَ لاٰ فَسٰاداً وَ اَلْعٰاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) (2)».(3)
وكان يصوم مُعظَمَ نهاره، ويُفطر على قدرٍ من سَويق ويقول: «حسبي من الطعام ما يقيم ظهري، ولا يمنعني من عبادة ربّي».(4)
95. المُؤْمِنُ كَيِّسٌ فَطِنٌ حَذِرٌ.(5)
يأمر بهذه الخصال الثلاث؛ فإنّ حِلية المؤمن أن يكون حاذقاً في اُمور الدُّنيا، عالماً بموجبات الفرائض، حذِراً عن آفات الدُّنيا والآخرة. و «الكياسة»: عِلمٌ مستخرج بالفكر، ويستعمل أيضاً في علومٍ يَخلقها اللّٰه عند الممارسة والمدارسة، كالعلم بالصنائع والحفظ. وأمّا «الفطنة»: فهي أيضاً علم واقع على وجه، يُقال:
ص: 132
«فطن لكذا» إذا أدركه وعلمه، فهما علمان مستطرفان، ولذلك لا تجريان على اللّٰه.
و «الحذِر»: من كان الحَذَر عادته وخُلقه، والحاذر: من أحدث حذراً(1) وإن لم يكن من أخلاقه، ومثله فاكِهٌ وفَكِهُ ، وجازعٌ وجزِعٌ ، وقانعٌ وقنِعٌ .
أي: المؤمن يتفكّر ويعلم ما يحتاج إليه في دينه ودنياه، ويَحذر ممّا يوبقه.
وسُئل عن معنى الكيِّس الفطن الحذر؟ يقال(2): مَن يَهدم دنياه فيبني بها آخرته، ولا يهدم آخرته فيبني بها دُنياه.
96. المُؤْمِنُ إِلْفٌ مَألُوفٌ .(3)
هذا حثٌّ على حُسن الخلق؛ فإنّ المؤمن يحبّ الناس في اللّٰه ويحبّونه، يعني: إنّ المؤمن مِن أخلاقه الكريمة أن يَألف كلَّ أحدٍ ويُستأنس به، ويؤلّف الناس ولا ينفّرهم بغلظة طبعه وفظاظة خُلقه كما كان عليه السلام، وهذه من نعم اللّٰه على عبد يكون بهذه الصفة، ومن كان كذلك كان محبوباً إلى الناس.
97. المُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ .(4)
يعني: إنّ المؤمن مؤتمَنٌ يأمنه الناس، [و هم] يعلمون أنّه لا يقصدهم بسوء ولا غائلة في أنفسهم، فلا يَستحلّ أموالهم ولا يأخذها إلّابحقّها، فهو مأمون الجانب.
ودعا عليٌّ عليه السلام غلامه فأبطأ عليه، فقام إليه وقال: «أما سمعت ندائي ؟!» قال: نعم إلّا أنِّي
ص: 133
أمِنتُك في الكِسالة عن إجابتك. فقال: «اعتقتُكَ شكراً للّٰه؛ لأمان عباده منّي(1)» ؛ وهذه الخصلة من كمال زينة الإيمان.
98. المُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ ، وَالفَاجِرُ خَبٌّ (2) لَئِيمٌ .(3)
هذا الخبر أمر بخصلتين ونهى عن خصلتين، أي: كن كريماً جامعاً لمحامد الأخلاق، قليل المعرفة بالشرّ، غافلاً عن الفَعال القبيح؛ فإنّ الكافر يكون عادته الوُغول في الشرّ والاحتيال.
بَيَّنَ عليه السلام أنّ المؤمن كما كان مخالفاً مضادّاً للكافر، فكذلك أخلاقُهما وصفاتهما متناقضة، و «الغِرّ» في اللُّغة: الذي لم يجرّب الاُمور. والمراد «بالفاجر»: الكافر؛ لوقوعه في مقابلة المؤمن، و «الخَبُّ »: الجُربُز المَكّار، وهو نقيض الغِرِّ، و «اللئيم»:
خلاف الكريم، و «اللُّؤم»: اسمٌ جامع لمساوئ الأخلاق.
99. المُؤْمِنونَ (4) كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً.(5)
ظاهر الخبر ومعناه الأمر، أي: ليكن المؤمنون كذلك. تشبيه(6) المؤمنين في
ص: 134
تناصرهم وتوازرهم بالبناء المبنيِّ بالجصّ والآجر والحجر في استحكام بعضه بالبعض والتأليف الذي فيه.
وقيل: معناه: ينبغي أن يَعتمد بعضُهم على بعض؛ فإنّ أحوال المؤمن لا ينتظم إلّا بعناية بعضهم لبعض ظاهراً أو باطناً، كما أنّ بالبُنيان لا يقوم بعضها إلّاببعض، و «البنيان»: البناء، و «الشدّ»: العقد والإحكام، وفي الخبر دلالة [على] أنّ مِن شِعار المؤمن: أن يسرّ أخاه، ويعينه على النوائب، ويَقضي حوائجه.
100. المُؤْمِنُ مِن أَهْلِ الإِيمانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الجَسَدِ.(1)
له ثلاثة معان:
أحدها: أنّ المؤمن الذي يُعلم كونه مؤمناً وهو المعصوم أهلُ الإيمان، هو لهم كالرأس للجسد، وله فضل عليهم، وتَدافُعهم به، وتَصالُحهم من جهته، واللام على هذا التعريف للعهد، وعلى الوجهين الآخرين للجنس كما في سائر هذه الأحاديث المتّصلة به.
والثاني: أنّ كلَّ مؤمن لا يكون غريباً ولا أجنبيّاً من مثله فهو من أهل ملَّته من المؤمنين بمنزلة الرأس من الجسد؛ فكما أنّ أحدهما لا يقوم إلّابالآخر، فكذلك المؤمنون لا يَستغني بعضهم عن بعض.
والثالث: أنّ كلّ مؤمن ينبغي أن لا يتكلَّم في أهل(2) الإيمان إلّابالخير، ولا ينظر إلى مصالحهم، ولا يسمع غيبتهم، ويجعل نفسه لهم زينةً في الأحوال، يتقدَّمهم في حوائجهم والدفع لهم.
ص: 135
101. المُؤْمِنَ يَومَ القِيامَةِ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ .(1)
أي: كونوا مشفقين بإعطاء الصدقة للفقراء والمساكين؛ لتكونوا(2) في ظلّها يوم القيامة؛ فإنّ الصدقة راحة لمن دفعها يوم القيامة يَستظلّ بها.
102. المُؤْمِنُ يَأكُلُ فِي مِعاءٍ واحد، وَالكَافِرُ [يَأكُلُ ] فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ .(3)
والمراد: أنّ المؤمن يقنع مِن مَطعمه بالبُلَعِ التي تُمسك الرمق، ويُقيم الأوَد، دون المأكل التي يقصدها وجه اللذَّة، فكأنّه يأكل في معاءٍ واحد. وأمّا الكافر فهو يَطلب عاجل الدُّنيا؛ عبدٌ فيها للذَّته، وكادح فيها لطاعة شهوته، فكأنّه يأكل في سبعة أمعاء.
ولهذا الخبر ثلاثة معان اُخر:
أحدها: أن يكون مخصوصاً بعمرو بن معديكرب؛ فإنّه كان أكولاً في حال كفره، يأكل حُواراً(4) مَشويّاً مع كثير وزقّ (5) من اللبن، فلمّا سرّه(6) عليّ عليه السلام وجاء به إلى رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله قَدَّم إليه قليلاً من الطعام، فلمّا أكل بعضه شبع، وصار [هذا] سبب
ص: 136
إسلامه، فكان بعد ذلك يَقلّ أكله.(1)
والثاني: أنّه حَثٌّ إلى قلّة الأكل؛ لأنّ الخبر واردٌ مورد الذمِّ لمُكثر الأكل؛ فإنّ كثرة الأكل تُولّد كثيراً من الأسقام والآلام؛ قال: (وَ كُلُوا وَ اِشْرَبُوا وَ لاٰ تُسْرِفُوا) (2). الفتح (48):29.(3).
والثالث: أن يكون حقيقةً ومجازاً معاً، والمعنى: أنّ المؤمن لا يتناول إلّادون سبعة لنفَسه، ويترك أكثر زاده لغيره إبقاءً عليه وشفقةً ، وأنّه يرضى من الدنيا بالقليل من اللباس والمعاش والطَّرح والفرش ألاّ يبالغ في زينة الدنيا كأنّه يأكل في معىً واحدٍ، وفي طعام المؤمن بركة، وفي الكافر على خلافه ولا يُشبعه إلّاالكثير؛ فإنّه يكون طويل(4) الأمل؛ لا يشبع من الدُّنيا، ولا يكفيه ما يسدّ به بطنه ويستر به عورته، ولا يتنزّه(5) عمّا ليس له، فهو أبداً في همّة الأكل واللّذة كالذي يأكل في سبعة أمعاء، والوجهان الأخيران على العموم.
103. المُؤمِنونَ هَيِّنُونَ لَيِّنُونَ .(6)
المعنى أنَّهم يكونون كذلك مع إخوانهم المؤمنين، فأمّا مع الكفّار فيكونون أشدّ من الحديد والحجر؛ قال تعالى: (أَذِلَّةٍ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى اَلْكٰافِرِينَ ) (7)(أَشِدّٰاءُ عَلَى اَلْكُفّٰارِ رُحَمٰاءُ بَيْنَهُمْ ) (7)، والتخفيف والتثقيل في الهيِّن والليِّن لغتان كالمَيْت والميّت. وقال ابن الأعرابي: «التخفيف في المدح، والتثقيل في الذمّ »،
ص: 137
يعني: إنّ المؤمن ليِّن المطلب غير شديد فيه، هيّن الأمر، لا يَستصعب بصفح عن الزَّلل، ويَقبل العذر، فقوله ليّن، وفِعله هيّنٌ والمحذوف من ياءي هيّن وليّن الاُولى، وقيل الثانية.
وتمام الخبر: «كالجَمَل الأَنفَ »(1) أي المذلول؛ إنّ قُيِّد انقاد وإن اُنيخ على صخرة استناخ.
والكاف محلّه رفع أو نصب؛ فالرفع على أنّه خبر ثالث، والمعنى: إنّ كلّ واحد منهم مثل الجمل. والنصب على أنّها صفة مصدرٍ محذوفٍ : «ليِّنون لِيناً مثلَ لِين الأنف».
104. الشِّتَاءُ رَبِيعُ المُؤْمِنِ .(2)
بيان الخبر في تمامه وهو: «طال ليله وقصر نهاره فصام» ، وإنّما خُصّ الربيع أحد الفصول عند العرب، والربيع وقت الخِصب والخير والسعة والدعة، وبخلافه الشتاء فهو وقت الجَدب والقَحط وقلَّة الخير خصوصاً للعرب في بواديهم.
وللخبر معنيان:
أحدهما: أنّ المؤمن يقوم بالليل ويصوم بالنهار، فإذا كان الشتاء طال الليل وقصر النهار فيَحصل مقصوده من الصيام والقيام على رفاهيّة؛ ينام بعض الليل ويقوم بعضه، فلا يشقُّ عليه لغلبة النوم. وكذلك يصوم في اليوم القصير، فيسهل عليه الصوم.
والمعنى الآخر: أنّ البرد مانع من القيام بالليل فيشقُّ على المصلّي مجانبة
ص: 138
الفراش والوضوء بالماء البارد، فيكون أعظم لثوابه وأكثر، كالربيع له؛ فإنّه أيّام الخِصب والسعة، وعلى هذا قوله: (إِنَّ نٰاشِئَةَ اَللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلاً) (1).
105. الدُّعَاءُ سِلَاحُ المُؤْمِنِ .(2)
يقول: إذا لم يمكنكم(3) مقاومة عدوٍّ فعليكم أن تَرموه في الليلة الظَّلماء بسهام الدعاء عن قول الإخلاص بلا رياء؛ فإنّ المؤمن إذا عجز من العدوّ دعا عليه وحاربه بالدعاء؛ فإنّه سلاحٌ عند الحوادث والنوازل وعلى الشيطان وجميع أهل العدوان. وكان الناس ليلة البدر قد ناموا كلّهم، ورسول اللّٰه قائم في أصل شجرة يصلّي ويدعو إلى الصباح، فأمدّه اللّٰه بخمسة آلاف من الملائكة مسوِّمين لمّا عيتِ (4)الصفوف. وكتب عليٌّ عليه السلام إلى معاوية:
«أتلعب بالدعاء وتَزدريه *** وما يدريك ما فعل الدعاء
سهام الليل لا تخطي ولكن *** لها أجلٌ والأجل القضاء»(5)
106. الصَّلَاةُ نُورُ المُؤْمِنِ .(6)
معناهُ : إنّ الصلاة تنوّر المؤمن ظاهره وباطنه [وَ] تنوّر قلبه، ويكون نوراً على جبينه يُعرف به، وكذا يكون نوراً له يوم القيامة، فهذا على العموم. وقيل: إنّ اللام
ص: 139
لتعريف العهد على ما روي أنّ المصلّي صلاة الليل يجيء يوم القيامة ونوره يمشي بين يديه مسيرة غَلوة؛ قال تعالى: (يَوْمَ تَرَى اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُؤْمِنٰاتِ يَسْعىٰ نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمٰانِهِمْ ) (1)، «ومَن سبّح تسبيح الزهراء عليها السلام وعدّها بأصابعه جاء يوم القيامة ويُضيء من كلّ إصبع [من] أصابعه نور مثل مشعلة» .(2)
107. الدُّنْيَا سِجْنُ المُؤمِنِ وَجَنَّةُ الكَافِرِ.(3)
معناه: إنّ المؤمن في الدنيا بمنزلة المَسجون في السجن، كلَّ ساعة يرجو وينتظر خلاصه منها وخروجه إلى رحمة اللّٰه، فهو مستعجل لفراق الدنيا. والكافر بالعكس من ذلك يثقل عليه ذكر الموت، فإذا دنا أجله كان كمن ينقل من بستانٍ إلى أوحش مكانٍ .
وقيل: معناه الأمر والنهي وإن كان بصورة الخبر؛ يعني: كونوا في الدنيا كالمسجونين في السجن المقيَّدين بقيد التكليف، ولا تكونوا كمن هو في الجنّة متنعّمين مرفّهين بَطِرين. ورأى يهوديٌّ الحسن بن عليّ عليهما السلام في أبهى زيّ فقال(4): أ ليس قال رسولكم: «الدنيا سجن المؤمن ؟!» فقال: «نعم» . قال: هذا حالي - وكان في أسوء حال - وهذا حالك!
فقال عليه السلام: «غلِطتَ يا أخا اليهود! لو رأيت ما وعدني اللّٰه من الثواب، وما وعدك من العقاب، لعلمت أنّك في الجنّة وأنّي في السجن» .(5)
ص: 140
108. الحِكْمَةُ ضَالَّةُ المُؤْمِنِ .(1)
وتمام الخبر بيانه وهو: «حيثُ وجدها قيّدها» ، أي كتبها؛ فالمؤمن يطلب الحكمة أبداً، فهو بمنزلة المضلّ ناقتَه يطلبها.
وفي رواية اُخرى: «الكلمة الحكمة ضالَّة الحكيم؛ حيثما وجدها فهو أحقّ بها»(2)، جعل الحكمة للحكيم بمنزلة الضالَّة التي ناشدها وساعٍ في طلبها، لأنّه أشبه بحكمته، فحيث سمعها من غير حكيم فهو أحقّ بالحيازة لها، ونحوه الخبر الآخر: «إنّ الكلمة الحكمة تكون في قلب المنافق، فلا تزال تنزع حتّى تلحق بصواحباتها في قلب المؤمن»(3).
109. نِيَّةُ المُؤْمِنِ أَبْلَغُ مِنْ عَمَلِهِ .(4)
معناه: نيَّة المؤمن منفردةً عن العمل خيرٌ له من عملٍ خالٍ عن النيّة.
بيَّنَ عليه السلام عظم شأن النيَّة وأنّها أبلغ من الأعمال؛ من حيث إنّ الأعمال لا تُقبل بدونها ولا تقع موقع القبول إلّابها، والنيّة عبادة مستقلّة بنفسها وإن لم تكن معها عمل، فالعمل يحتاج إلى النيّة، ولا يحتاج النيّة إلى العمل.
وروى النواس بن سمعان الكلابي: «نيّة المؤمن خير من عمله» ،(5)وقد فسّر الخير فعله(6) على أنّه ليس التفضيل، والمراد: نيّة المؤمن خير من خيرات عمله أي من
ص: 141
جملة عمله، و «من» للتبعيض، وإذا حُمل «خير» على التفضيل كان المعنى على ما ذكرناه في الرواية الاُخرىٰ ، ولا يلزم أن يكون نيّة الصلاة خيراً من الصلاة، ولا نيّة الحجّ خيراً من الحجّ ، وكذا في سائر العبادات؛ لأنّ نيّة الصلاة والحجِّ وكلّ عبادة إنّما تكون خيراً من عملها إذا كان العمل خالياً عن النيّة؛ لأنّ صورة الصلاة ونحوها لا يكون شيئاً بدون النيّة.(1)
وروي سبب في هذا الخبر؛ وهو أنّ النبيَّ عليه السلام مرّ بماء وعليه جسر قد خرِب، فقال: «من عمَره فله من الأجر كذا» ، فقال صحابيٌّ : أنا أعمُره. فتبادر إليه يهوديٌ فعمره، فقيل ذلك للنبيّ ، فقال: «نيّة المؤمن - أي هذا المؤمن - خيرٌ من عمل ذلك اليهودي» .(2)
110. هَدِيَّةُ اللّٰهِ إلَى المُؤْمِنِ السَّائِلُ عَلىٰ بَابِهِ .(3)
يقول: اغتنموا سائلاً يقوم على باب داركم؛ فإنّه هديَّة من اللّٰه، فاقبلوها ولا تردُّوها؛ فإنّ ردّ هدية الكرام لؤمٌ .
ورأى عليٌّ عليه السلام سائلاً يسأل، فقال لأصحابه: «هل تدرون ما يقول»؟ قالوا: لا، قال:
«يقول: هل من أحدٍ يحمّلني شيئاً أحمله إلى القيامة، وأردُّه إليه في موقف الحساب، وأكفيه مؤونة حمله ؟ وإنّ اللّٰه يقول: يا ابن آدم أنت عبدي، والمال مالي، وقد أعطيتك جملةً منه، فاشْرِ نفسك منّي ببعضها».(4)
وقال رجل للنبيّ صلى الله عليه و آله: ما لنا نكره الموت ؟!
قال له: «قَدِّمْ مالك؛ فإنّ قلب كلّ امرئ عند ماله» .(5)
ص: 142
و «الهديّة»: فعيلة بمعنى مفعولةٍ أي مُهداة، و «السائل» هنا: المستطعم، وإنّما كان السائل هديّة لأنّه إذا أخذ الصدقة يستحقُّ معطيها الثواب فكان هو سبباً لثوابه، فنعمت الهديّة(1) ما يجلب الثواب والأجر العظيم.
111. تُحْفَةُ المُؤْمِنِ المَوتُ .(2)
إنّما يكون الموت تحفةً للمؤمن لأنّه يصير كفّارة لذنوبه، وينجو من الشدائد والتكليفات ووساوس الشيطان وصحبة الأشرار والبليّات، ويصلُ إلى الرضوان والغفران؛ كما قال عليٌّ عليه السلام عند الوفاة: «فزتُ وربّ الكعبة» .(3)وكان يقول: «لا اُبالي أ وَقَعَ الموتُ عليّ ، أم وقعتُ على الموت» .(4)
وكيف لا يكون الموت تحفةً للمؤمن(5) وهو الذي يوصله إلى جوار اللّٰه ودار ثوابه ؟ والحكمةُ اقتضت أن يكون بين زمان التكليف وزمان الجزاء مدَّة متراخية؛ لئلاّ يؤدّي إلى الإلجاء؛ لأنّ النفع العظيم إذا كان مقارناً للفعل ألجأ الفاعل إلى ما اُمر به، وكذلك المضرّة العظيمة، والمكلّف يجب أن يكون مخيّراً متردّد الدواعي؛ ليفعل ما يفعله باختياره، فإخراج مَن في المشقّة إلى الراحة من أعظم التحف وأنفعها، وأصل التحف طُرَفُ الفواكه التي يتهاداها الناس بينهم، فجعل الموت الوارد على المؤمن كالتحفة المُهداة إليه؛ لأنّه يُسَرُّ بتعجيل مماته.
ص: 143
112. شَرَفُ المُؤمِنِ قِيامُهُ بِاللَّيلِ ، وَعِزُّهُ استِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ .(1)
يقول: إذا أردت أن تكون شريفاً عزيزاً فاستغن عن الناس وصلّ بالليل؛ فإنّ من اعتاد صلاة الليل يحبُّه اللّٰه ويشرِّفه على سائر خلقه الذين لا يقومون لصلاة الليل؛ فكأنَّه عليه السلام قال: ليس الشَّرَف ما تظنّونه من شرف الحسب وكرم النَّسَب وعزّ الجمال، بل شرف كلّ مؤمنٍ يقوم بالليل صلاةُ الليل.
وفي الخبر: «أنّ الرَّجل إذا قام لصلاة الليل باهى اللّٰه به ملائكته» .(2)
وقال الصادق عليه السلام: «من عمّر أوّل الليل خرّب آخره»(3)، يعني: مَن عمّره بالسَّهَر للسَّمَر خرَّب آخره بالنَّوم.
وأمّا عزّ [ه] ففي القناعة وأن يغني نفسه عن الناس ويتنزّه عن السؤال؛ فإنّه مذلّة.
وقال علي عليه السلام: «من استغنيت عنه فأنت شريكه، ومن طمعت فيه فأنت أسيره» .(4)
113. العِلْمُ خَلِيلُ المُؤْمِنُ ، والحِلْمُ وَزِيرُهُ ، وَالعَقْلُ دَلِيلُهُ ، وَالعَمَلُ قَائِدُهُ ، وَالرِّفْقُ وَالِدُهُ ، وَالبِرُّ أَخُوهُ ، وَالصَّبْرُ أَمِيرُ جُنُودِهِ .(5)
أي: إنّه يأنس بالعلم من الوحشة كالخليل بالخليل، ويقوى بالحلم على الاُمور، وبالعقل يهتدي في ظُلَم المشكلات فهو كالدَّليل، والعمل تقوّم زلله كالقائد والقيّم،
ص: 144
والرفق يُقْبل إليه بالقلوب فهو كالوالد الرؤوف، و «البرّ» سبب اجتلاب الإخوان إليه، وروي: «وَاللِّين أخوه» ، وإنّما جعله أخاه لأنّه يفيده مؤاخاة الأخوان. والصبر ملاك أمره، به يبلغ الآداب وهو متقدّم عليها.
فهذا الخبر حثّ على سبع خصال؛ وهو أن يتّخذ المؤمن العلم حبيباً وصاحباً فإنّه لا يخون بل يصون، والحلم وزيراً فإنّه نِعمَ المعاون والمؤازر، والعقل دليلاً فإنّه يدلّه على مَصالحه ومفاسده ومنافعه ومضارّه، والعملَ قائداً يقوده إلى الجنّة، والرفقَ والداً فإنّه يأمرك بصلاحِ دينك ودُنياك، والبرَّ - وهو الإحسان والمعروف - أخاً لأنّه كالأخ الشقيق والمحبّ الشفيق، يُزيّنه ويحبّبه(1) إلى العدوِّ والصديق، والصبرَ أميراً على الكلّ ، جعله أميراً على جنوده لأنّه بمنزلة الأمير على الجند؛ لصعوبته ومشقّته على الصابر، فإذا كان صابراً على الطاعة وعن المعصية كان صبره أميراً على أعضائه وجوارحه، تطيعه على مصالحه ولا تَعصيه في اجتناب مفاسده، فالمؤمن موفَّق بقوَّة الصبر، والبرُّ يعاونه؛ وكما أنّ الولد يعيش برفق والده، وأنّ (2) المؤمن يعيش برفق نفسه.
و «القائد»: الذي يهيئ اُمور الجيش، فعمل المؤمن يهيئ اُموره في القيامة، وإذا دلَّه العقل على أمر يأتي به ولا يستنكف عنه. والوقار والرزانة ملجأه الذي يعود إليه في اُموره، والوزير الذي يتحمّل إليه أثقال الملك؛ وما في الدنيا خصلة من خصال الخير توازي العلم، ففيه شرف الدنيا والآخرة، وبه الخلاص من النار والوصول إلى دار القرار، وهو عزيز الخُلَّة لا يخالُّ كلّ أحدٍ، بل يطلب قلباً تقيّاً وبدناً نقيّاً وصاحباً رضيّاً مرضيّاً.
وإنّما جعل الحلم وزيراً له لأنّه إذا كان حليماً لم يكن طائشاً طيّاراً، يتأمَّل في العواقب، ويرتدع عن كثير من المفاسد ممّا يوقعه في آفات الدنيا وعذاب الآخرة، و «الوزير» فعيل بمعنى مفاعل، و «العقل» عبارة عن مجموع علوم إذا اجتمعت
ص: 145
لإنسان كان عاقلاً مكلَّفاً، وسمّي به لأنّه يمنع صاحبه إذا استعمله عن كثير من المفاسد، كما أنّ العِقال يمنع الناقة عن السير، ويُعتقل به العلوم المكتسبة، والدليل ما يدلّك على مدلولٍ . وجعل العقل دليله لأنّه دالٌّ على ما يجب عليه وعلى صلاحه وفساده، والعمل عمل المؤمن ووقوعُه بقصده واختياره، وهو قائد؛ إن كان خيراً يقوده إلى الجنّة، وإن كان شرّاً يقوده إلى النار. و «الصبر»(1) هو حبس النفس على ما تكرهه.
114. الغِيرَةُ مِنَ الإِيمَانِ .(2)
115. البَذَاذَةُ مِنَ الإِيمَانِ .(3)
جعَلَ الغيرة وهي الحميّة من الإيمان إيذاناً بأنّ مَن لا غيرة له كان إيمانه ناقصاً؛ مبالغةً في وصف الغيرة بأنّها بعض الإيمان. وجَعَلَ الحياء أيضاً بعض الإيمان؛ لمناسبته له في أنّه يمنع مِن المعاصي كما يمنع منها الإيمان، ولأنّ حظّ الحياء من الإيمان حظّ جليل، ومنزلته منزلة جليلة؛ فإنّ المرء إذا كان حييّاً امتنع من المنكرات والفواحش حياءً من الناس إن لم يتركها خوفاً من اللّٰه، فهو معينٌ للمؤمن على إيمانه.
و «البذاذة» أيضاً بعض الإيمان، وهي رثاثة الحال، ورجلٌ بذّ الهيئة إذا كان خَلقَ الثيابِ ، وبَثَّه وبَذَّه إذا فرّقه، والبذاذة مصدر(4)، فالفقير متفرّق الأحوال غير ملتئم
ص: 146
الاُمور، والمراد: الترثّي بذلك الزيّ والتقنُّع به والتصبُّر عليه وأن لا يبالي باختلال حاله - استحقاراً للدنيا وإقبالاً على الآخرة - بعضُ الإيمان. و «مِن» في الأخبار الثلاثة للتبعيض، وقيل: «الغيرة»: أن لا يأتي المؤمن ما حرّم اللّٰه عليه.
و «الحياء»: غريزة وطبع، والمستحيي ينقطع عن المعاصي، وخَلقُ الثياب ملابس أهل الزهد فيها استكانة. وتمام الخبر: «والمِذاء من النفاق» ، و «المِذاء»: أن يجمع بين الرَّجُل والمرأة ليتماذى كلّ واحدٍ منهما، والمماذي: الذي يقود على أهله.(1)
116. الصَّبْرُ نِصْفُ الإِيمَانِ ، وَاليَقِينُ الإِيمانُ كُلُّهُ .(2)
كأنّه عليه السلام جعل الإيمان شُعَباً من الخصال الحميدة عقلاً وشرعاً كما قال: «إنّ الإسلام نيّف وسبعين شعبةً ؛ أعلاها شهادة أن لا إله إلّااللّٰه، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق»(3)، فجعل الصبر نصفه واليقين الإيمان كلّه؛ لأنّ اليقين علمٌ يحصل بعد الشكّ ، ولهذا لا يجري على اللّٰه تعالى، وهذا الحديث موافق للاُصول؛ لأنّ الإيمان هو المعارف والعلوم، ومرجعه إلى اعتقاداتٍ علمية، والرجُل إذا حصّل علوم الدين العقلية والشرعية فقد استكمل هو الإيمان، وإنّما تُسمّىٰ هذه العلوم يقيناً لأنّه علم يحصل بعد الشكّ ؛ لأنّ هذه العلوم لا تحصل إلّابالنظر، وحالة الناظر حالة الشاكّ المجوِّز المتردّد بين إثبات الشيء ونفيه؛ أ لا ترى أنّ الناظر في حدوث الأجسام يجوّز في حال النظر حدوثها وقدمها، فإذا نظر وعلم ما يؤدّي إليه قدمها من البطلان والإحالة علم أنّها محدَثة؛ لعدم الواسطة بين الحدوث والقدم. وأقلُّ اليقين إذا وصل إلى القلب ملأه نوراً، وينفي عنه كلّ ريبٍ ، ويمتلئ به شكراً ومن اللّٰه خوفاً.
ص: 147
و «اليقين» هو رفع الشكّ عن الخاطر، وما يزيل الشكَّ يكون كلّه إيماناً وتصديقاً.
وقيل: «الصبر» هو الثبات على الكتاب والسنّة، وهذا إشارة إلى العلوم الشرعية، وهي والعلوم العقلية توأمتان.
117. الإِيمَانُ نِصْفَانِ : نِصْفٌ شُكْرٌ، وَنِصْفٌ صَبْرٌ.(1)
أي خصال الإيمان شكرٌ أو صبرٌ، أو حلية الإيمان وزينته ولباسُه هذا. قَسَمَ عليه عليه السلام خصال الإيمان من وجهٍ آخر وما يكون الإنسان به مستكمل الإيمان فقال:
الإيمان نصفان وهما الشكر والصبر؛ لأنّ حال المكلَّف لا يخلو من أمرين: إمّا أن يكون في النعمة استعمل الشكر، وإمّا أن يكون في الشدّة استعمل الصبر، فإذا أخذ بطرفَي الخصلتين فقد استكمل الإيمان وخصاله الحميدة، وقد بيّنّا أنّ «الشكر» اعترافٌ بالنعم مع ضربٍ من التعظيم، و «الصبر»: حبس النفس [على] ما تكرهه.
118. الإِيمَانُ يَمانٍ ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ .(2)
يريد بذلك الثناء على أهل اليَمَن؛ لمبادرتهم إلى الدعوة عند أن وجدوا المعجز، وإسراعِهم إلى الإيمان عند التنبيه.
وقيل: في معنى الخبر وجوه:
أحدها: أنّ المراد بنسبة الإيمان والحكمة إلى اليَمَن مدحُ أهلها، والمعنى أنّ كلّ يمنيٍّ مؤمن حكيم على طريق المبالغة حتّى كأنّ الإيمان والحكمة خرجا من اليمن.
والثاني: أنَّه أراد باليمن الحجاز؛ لأنّ الحجاز من جملة اليمن، والمراد: الإيمان
ص: 148
حجازيٌّ ، والحكمة حجازية؛ لأنّ النبيَّ صلى الله عليه و آله ظهر بالحجاز، وأظهر الإسلام والحكمة بها، ونبّه الناس على الإيمان فيها أوّلاً.
وقيل: قال النبيُّ عليه السلام هذا الحديثَ وهو بتبوك - وهو بين مكّة والمدينة - فأشار إلى ناحية اليمن وهو يريد مكّة والمدينة.(1)
وقيل: لَمَّا كتب رسول اللّٰه إلى كسرى:
«من محمّد رسول اللّٰه إلى كسرى: أمّا بعد: فأسلِمْ تَسلم» ، مَزَّقَ كتاب رسول اللّٰه، وبعث مَن يستنهض محمّداً إليه، فإن لم يجئ يَخرج رسول كسرى إلى ملك غسّان في ناحية اليمن ليجيء بعسكره إلى المدينة ويُزعج(2) محمّداً، فلمّا دخل رسول كسرى على رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله قال عليه السلام: «قُتل كسرى البارحة؛ قتله ابنه، وكان من قصَّته كيت وكيت» ، فكتب رسوله ذلك، وخرج إلى ملك كسرى غسّان، وحكى عنده ما ذكره رسول اللّٰه من حال كسرى، فقال ملك غسّان: أصطبر مقدار ما يصل خبر كسرى إلينا، فإن لم يكن على ما قال محمّد بَعثتُ من يُزعجه، وإن كان على ما ذُكر فلا يكون إلّابوحي من اللّٰه، وليس بيننا وبين الحقّ خصومة؛ نؤمن به. فلمّا وصل الخبر بهلاك كسرى في الليلة التي قال رسول اللّٰه على الهيئة التي ذكرها، أسلم ملك غسّان ثمّ أهل اليمن كلّهم، فسمع بذلك رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، فقال: «الإيمان يمانٍ ، والحكمة يمانية» ،(3)ولا يُستبعد أن يكون هذا أصحّ .
وروي أنّه لمّا نزلت: (إِذٰا جٰاءَ نَصْرُ اَللّٰهِ ) (4) قال النبيُّ صلى الله عليه و آله: «اللّٰه أكبر! جاء نصر اللّٰه والفتح، وجاء أهل اليمن رقيقةً قلوبهم ليِّنةً طاعتهم؛ الإيمان يمان، والحكمة يمانيَّة»(5)،
ص: 149
وتغييرات النسب كثيرة؛ منها أن يقال: الحكمة يمانيَة - بتخفيف ياء النسب - ورجلٌ يمان، والجمع يمانون.
119. الإيمانُ قَيَّدَ الفَتْكَ .(1)
120. عَلَمُ الإيمانِ الصَّلَاةُ .(2)
كانوا في الجاهلية يَفتِك بعضهم ببعض، فلمّا جاء الإسلام حرّم اللّٰه الفتك، وأمر رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله أن يدعوا الكفار أوّلاً إلى الإسلام، فإذا لم يجيبوا بعد إقامة الحجة وإظهار المعجز جاهدهم. وقال عليه السلام: «لا فتك في الإسلام»(3). و «الفَتْك»: قتل الرجل غيره على غرّة وغفلةٍ منه، يقال: فَتَكَ به فتكاً، إذا قتله بغتةً .
وروي: «الإيمان قَيْد الفتك» ، وقيل: هو فجأةٌ قِبَل مَن له أمان، وقد حرّمه رسول اللّٰه على الحالات كلِّها. و «العَلَم»: العلامة؛ وذلك لأنّ الإيمان تصديق بالقلب، ولا يطّلع عليه أحدٌ إلّااللّٰه، فكلّ واحدٍ من المؤمنين يُعلمُ يقيناً أنّه مؤمنٌ ويُعلم أنّ من يَظهر على يده معجز من الأنبياء والأوصياء ومن يشير إلى كونه مؤمناً نبيّ أو وصيّ إنّه مؤمنٌ ، وكلُّ من سواهم فإنّما نحكم نحن بإيمانه إذا رأيناه يتعاطى معالم الإيمان من القيام بأداء الواجبات الشرعية من الصلاة والزكاة والصوم والحجّ ، ومِن أكبر علاماته وأظهرها الصلاة، فتستدلُّ بها على إيمان رجل حُكماً؛ فإنّا متعبِّدون بأن نحكم بإيمان كلّ من يُظهر التوحيد والعدل بحيث لا يَنقضهما جملةً ولا تفصيلاً، ولا
ص: 150
يُعلم ذلك منهم إلّاعلى الوجه الذي ذكرناه، وإنّما يغلب ذلك في ظنوننا.(1)
والخبر يدلّ على بطلان من يقول: الصلاة من جملة الإيمان وكذلك أعمال الجوارح؛ لأنّ علامة الشيء غير ذلك الشيء. وقال عليه السلام: «أفضلُ الفرائض الصلاة بعد المعرفة» .(2)
وروي: «عَلَمُ الإيمان الصلاة، فمن فرّغ لها قلبه وحاذ عليها(3) بحدودها فهو مؤمن».(4)
121. المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ .(5)
122. المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لَايَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ .(6)
أراد بالخبر الأوَّل أنّ المسلم الممدوح من كان ذلك صفته، وليس معناه أنّ من لم يسلم الناس من لسانه ويده ممّن قد دخل في عقد الإسلام فليس بمسلم، ولكنّ معناه أنّ أفضل المسلمين مَن جَمَعَ إلى الإيمان إقامةَ الفرائض، وجَمَعَ إلى ذلك الكفّ عن أعراض الناس؛ لا يغتابهم، ولا يشتمهم، ولا يضربهم، ولا يقتلهم؛ فكأنّه قال: مَن سَلِم المسلمون من لسانه ويده فهو المسلم حقّاً. أخرج من الإسلام من لا يكون مأمون اليد واللسان على سبيل المبالغة دون الحقيقة، ولام التعريف يدلّ على
ص: 151
هذا المعنى.
وقيل: معنى الخبر الثاني وإن كان خبراً الأمرُ - يعني يجب أن يكون كذلك - والنهيُ ، يعني لا يظلمْه ولا يُسلمْه. والأخ لا يظلم أخاه ولا يجيز ظلمه عقلاً وشرعاً وطبعاً، ولا يُسلمه ممّن يَظلمه، ولا يخلّي بينه وبين ظالمه، بل يَحميه ويَمنعه كما يَحمي ويمنع أخاه من النسب؛ يعني: لا يَسلمه إلى السلطان، ولا يَسعى بين الإخوان. والمسلم في اللغة: المستسلم المنقاد، وكذلك في الشرع، إلّاأنّه استسلام لاُمور شرعيّة، وهو من الأسماء المخصوصة؛ وذلك لأنّه يمنعه إسلامه من إيذاء المسلمين والسعيِ في إتلاف أنفسهم واستحلال أموالهم.
123. المُسْلِمُونَ يَدٌ وَاحِدَةٌ عَلىٰ مَنْ سِوَاهُمْ .(1)
124. المَوْتُ كَفَّارَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ .(2)
يريد أنّ المسلمين ينبغي أن يكونوا متعاونين متظاهرين على أعدائهم إذا استُنْفروا إلى مجاهدة العدوحِ وجب عليهم النفر جميعاً، وإذا استُنجدوا على دفع مضرَّتهم اتّحدوا كلُّهم ولم يتخاذلوا ولم يَخلب(3) أحدٌ منهم؛ لأنّ المسلمين في الملّة كالنفسْ الواحدة، والعقل يقتضي دفع المضرّة عن النفس، وأراد بقوله «يد واحدة» في التناصر والتعاون، فكون أيديهم وإن كانت كثيرة في الصورة تكون واحدةً في هذا المعنى، وأراد ب «من سواهم» من لم يكن على ملَّتهم وسائرَ أنواع الكفّار؛ لأنّ الكفر ملَّة واحدة كما أنّ الإسلام ملّة واحدة وإن اختلف المسلمون في الآراء
ص: 152
والديانات. واللفظ لفظ الخبر، ومعناه الأمر [أي]: ينبغي ويجب أن يكونوا كذلك.
ومعنى الخبر الثاني أنّ كلَّ ما يصيب المحتضر المسلم من الآلام والأسقام والتأسّف والحسرة يكون كفّارةً لذنوبه، وذلك من كرامة اللّٰه إيّاه، ولأنّ للموت شدائدَ وأهوالاً، والتقدير: الموتُ كفّارةٌ لذنوب كلّ مسلم، فحُذِفَ المضاف واُقيم المضاف إليه مقامه. و «الكفّارة» هي التكفير لمعاصي العباد والعفو عنهم بالرحمة والتفضيل. إلّاعلى طريقة الإحباط.
وسئل النبيُّ عليه السلام عن العبد إذا حصل في سكرة الموت تدور دمعه في عينه، أتلك الدَّمعة مِن فراق الدنيا أو من خوف الآخرة ؟
قال: «لا هذا ولا ذاك، وإنّما للحسرة والندامة؛ يَتحسَّرُ(1) على فوت عمره في غير طاعة اللّٰه، ويندم على تفريطٍ منه في طاعة اللّٰه» .(2)
125. طَلَبُ العِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلىٰ كُلِّ مُسْلِمٍ .(3)
126. كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وعِرْضُهُ وَمَالُهُ .(4)
معنى الخبرين: أنّ كلَّ عمل فُرِض عليك أداؤه تطلب علمه فرض عليك، فإن كان عملاً مندوباً فطلب علمه مندوب، وإن لم يكن مفروضاً ولا مندوباً فطلب علمه لا يكن مفروضاً ولا سنّةً ، كالعلم بالحِرَف. وإنّ حرمة الإسلام يقطع هتك هذه الأشياء الثلاثة إلّالأحد ثلاثة أشياء، وهي ما روي عنه عليه السلام: «كفر بعد إيمان، وزناً بعد
ص: 153
إحصان، وقتل [نفس] بغير حقٍّ »(1).
وإنّما كان طلب المعارف الواجبة مفروضاً لأنّ التكليف مشتمل على العلم والعمل، والعلم مقدَّم على العمل؛ لأنّ العمل يحتاج إلى العلم بكيفيّته وشرائطه وما لا يصحّ إلّابه وما يبطله؛ ليأتي المكلِّف به على ما اُمر به ويَعلم أنّه لا يعمله على خلاف المأمور به، والعلم المكتسب لا يوجد إلّابالطَّلب، فطلبُه المؤدِّي إليه فريضة. وقال عليه السلام : «اطلبوا العلم ولو بالصِّين» (2). وهذا على سبيل التقدير بأن لا يُستبعد الطريق البعيد إلى العلم ، ولو كان العلم لا يوجد إلّابالصين لوجب الخروج إليه في طلبه ، وإلّا ليس بالصين علم يجب أن يُطلب . وقال : «مَن اغبرَّتْ قدماه في طلب العلم وجبتْ له الجنّة» (3) . وقال : «مَن طلب العلم للّه عز و جل لم يُصِب منه باباً إلّا ازداد به في نفسه ذُلّاً ، وللناس تواضعاً ، وللّه خوفاً ، وفي الدين اجتهاداً ، فذلك الذي ينتفع بالعلم ، فليتعلّمه ؛ ومَن طلب العلم للدنيا والمنزلة عند الناس والحظوة عند السلطان لم يُصِبْ منه باباً إلّا ازداد في نفسه عظمةً ، وعلى الناس استطالةً ، وباللّه اغتراراً ، وفي الدِّين جفاءً ، فذلك الذي لا ينتفع بالعلم فليكفّ ، وليُمسك عن الحجّة على نفسه ، وله الندامة والخزي يوم القيامة» . (4) وقوله : «وكلّ المسلم» وإن كان اللفظ واحداً ، فالمراد به الجمع للام الجنس . بيّن عليه السلام [أنَّ] دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم تحرم على كلّ أحد من المسلمين والكفّار ، غير أنّه خَصّ المسلمين بالذكر لأنّ الكفّار لا يَعرفون الحلال والحرام والشرعيّات ولا يؤمنون به، فيستحلّون جهلاً جميع ذلك من المسلمين ، ولأنّ الخبر
ص: 154
وعظٌ للمسلمين؛ فإنّ الكفّار لا يتّعظون بوعظ النبيِّ عليه السلام. ومثل قوله تعالى في حقّ القرآن: (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ) (1). النازعات (79):45.(2)، والقرآن هدىً لهم ولغيرهم، [غير] أنّ الكفّار لمّا لم ينتفعوا به ما اعتدّ بهم وخصّ المتّقين؛ لأنّهم هم المنتفعون به. ومثله (إِنَّمٰا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشٰاهٰا) (2).
ومعنى الخبر: أنّ اللّٰه تعالى حَرَّم دم المسلم عن الإراقة، ومالَه عن النَّهْب والاستباحة، وعِرضَه عن الفِرية والاغتياب. ومعنى «التحريم» المنعُ ، يُقال: حرّمه عطاءه، والحرمان: المنع، وعرض الرَّجُل: نفسه وسَلَفه من آبائه واُمّهاته، فإذا قيل:
ذكر عرض فلانٍ ، أي ذكر ما يمدح به أو يذمّ .
127. حُرْمَةُ مَالِ المُسْلِمِ كَحُرْمَةِ دَمِهِ .(3)
يعني: إنّ مال المسلم في كونه حراماً يُنزّل منزلة دمه؛ فكما أنّ إراقة دمه حرامٌ ، كذلك أخذ ماله، حتّى مَن استحلّ مالَه كان كمن استحلّ دمه؛ لأنّ المال به قوام البدن من حيث يتغذّى ويمتنع به من الحرّ والبرد، فقد صار بمنزلة تخريب بنيته، والمستحلّ لهما ولأحدهما خارجٌ عن الملّة إلّابحقّ .
وقال عليه السلام: «اُمرت أن اُقاتل الناس حتّى يقولوا لا إلٰه إلّااللّٰه، فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلّابحقِّ ، وحسابهم على اللّٰه».(4) و «الحُرمة»: مصدر حَرَمَ الشيءَ فهو حرام.
ص: 155
128. المُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَاهُ اللّٰهُ عَنْهُ .(1)
129. المُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللّٰهِ .(2)
يقول بالخبر الأوّل: إنّ الهاجر الممدوح هو الّذي جمع إلى هجران وطنه هجر ما حرَّم اللّٰه عليه؛ لأنّه إذا لم يكن كذلك يكون مهاجراً بالاسم غير مهاجر بالإيقان.
و «المهاجر»: مفاعل من الهجرة، والفِعلة: الحالة كما قدَّمنا، فالهجرة هيئة وكيفية للمفارقة، وفي عرف الشرع: الخروج من مكّة إلى المدينة موافقة النبيِّ عليه السلام، ولهذا قال صلى الله عليه و آله: «لا هجرةَ بعد الفتح» .(3)وقوله في فقه صلاة الجمعة: «إذا حضر قوم من المسلمين، ودخل وقت الصلاة، فالأولى بالتقدُّم للإمامة أقرأ القوم، ثمّ أفقههم، ثمّ أقدمهم هجرة، ثمّ أسنّهم، ثمّ أصبحهم وجهاً»(4)، فالمراد بقدم الهجرة في عهد رسول اللّٰه: أسبق إليها والتقدّم فيها، وفي عهدنا: كثرة أجداده في الإسلام.
ومعنى الخبر أنّ المهاجر الحقيقي هو من ترك المنهيّات، ومن ترك المحارم الآن كمن هاجر بيته يومئذٍ، وثوابه ثواب المهاجرين. وإنّما داعي [الخبر الأوّل] المطابقة بين الهجرتين في اللفظ، وحثّ به على هجر مناهي اللّٰه، فكذلك الخبر الثاني ترغيب في مجاهدة النفس؛ يقول: المجاهد كلّ المجاهد من جاهَدَ نفْسَه ونازعها
ص: 156
في مخالفة الهوى مِن اتّباع أوامر اللّٰه واجتناب مناهيه؛ فإنّ النفس الأمَّارة بالسُّوء تأمره بما فيه من هلاك نفسه ودينه، فالمرء المسلم يجاهد نفسه ويدافعها حتّى يَسلم دينُه ونفسه.
وقيل: معناه: مَن امتنع مِن مواقعة المعاصي فهو بمنزلة مَن بإزائه عدوٌّ يقابله لما يُعاني من المشقَّة في مغالبة قلبه والتحفّظ من هوى نفسه. و «المجاهد»: مفاعل من الجَهد وهو المشقّة، أو من الجُهد وهو الطاقة، والمجاهدة والجِهاد مصدران لما كان بين اثنين في الأغلب كالمقاتلة والقتال، وفي عرف الشرع: مقاتلةُ مَن يجب قتاله من الكُفّار من أهل الحرب، ومخالفة النفس في شهواتها كما أمر اللّٰه، ومجاهدتها الجهاد الأكبر.
130. الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ ، وَالعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللّٰهِ .(1)
يقول: حاسِبوا أنفسكم في الدنيا، وأذِلّوا في طاعة اللّٰه؛ فإنّ الكيّس من حاسب نفسه اليوم قبل أن يحاسَب في الآخرة، وأذلَّها بترك عزّ الدُّنيا، وساسها، وعمل ما ينفعه بعد الموت، و «العاجز»: الذي لا يهتدي إلى مصالح نفسه، [و هو] من أطاعها في متابعة الهوى وهو يقول: «ليت اللّٰه غفر لي وأدخلني الجنّة» أو «لعلّ اللّٰه يغفر لي.
و «الكيّس»: الفطن(2)، و «الدِّين»: الحساب، ومعنى «دان نفسه» حاسبها، وقيل:
ص: 157
مَن ساسها، يقال: دان الملك الرعيَّة، إذا ساسهم.(1)
وقيل: معناه: مَن أذلّ نفسه في طاعة اللّٰه وأعطى نفسه ديناً. و «بعد» ظرف لمحذوف، أي: وعمل لما ينفعه بعد موته ويجازى يوم القيامة، و «الواو» للعطف، ويجوز أن يكون للحال. و «قد» مقدّرة، أي وقد عمل، و «العاجز»: ضدّ القادر حقيقةً ، إلّاأنّ العرب تستعمله في معنى فقد الهداية إلى طلب الرزق ومصالح النفس، ولذلك جعله عليه السلام في مقابلة الكياسة. وتبعتُ زيداً يتعدّى إلى مفعول، وأتبعتُ زيداً عمراً يتعدّى إلى مفعولين، وفي الخبر بهذا المعنى، أي:
جعل نفسه تابعة لهواها. و «التمنّي»: قول القائل لِما كان: ليته لم يكن! أو لِما لم يكن: ليته كان!
ومعنى الخبر: الكيِّسُ كلُّ الكيِّس من كان سائساً نفسه، حافظاً عن اتِّباع الهوى، عاملاً لمرجعه ومآبه؛ والعاجز كلُّ العاجز من مكّن نفسه اتِّباع الشهوات في غير رضا اللّٰه، وتمنّى على اللّٰه المغفرة والجنَّة. وأسيرُ الهوى أسير الهوان.
وقال عليّ عليه السلام: «لا تتّكل على المُنى؛ فإنّه بضائع النَّوْكى»(2).
ويجوز أن يكون ليت بمعنى لعلّ ، وقيل: التمنِّي معنى في القلب سوى الإرادة، وقيل: هو كلّ إرادة لم يوجد مرادها، والصحيح أنّ التمنّي من قبيل الكلام؛ يقال أقسام الكلام سبعة: الأمر والنهي والخبر والاستخبار والعرض والجحد والتمنّي.
ص: 158
131. المَرءُ كَثِيرٌ بِأَخِيهِ .(1)
132. المَرْءُ عَلىٰ دِينِ خَلِيلِهِ .(2)
133. المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ .(3)
134. كَرَمُ المَرْءِ دِينُهُ ، وَمُرُوَّتُهُ عَقْلُهُ ، وَحَسَبُهُ خُلْقُهُ .(4)
135. مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَايَعْنِيهِ .(5)
لفظ «المرء» في الأحاديث الخمسة وإن كان لفظةً واحدةً فالمراد به الجمع. إنّ هذا المعنى يُستفاد من لام الجنس يقول: إنّ كلّ امرئٍ يتكثّر بأخيه المؤمن ويتقوّى به ويكبر بمكانه. وروي «كثير» بالباء والثاء معاً.
ص: 159
والخبر حثٌّ على كثرة اتّخاذ(1) الإخوان في اللّٰه وإن كان المرء كيِّساً في شأنه، وكثرة الإخوان معونة على الزمان.
وقال صلى الله عليه و آله: «أكثِر من الإخوان؛ فإنّ ربّك حييٌّ كريم، يستحيي أن يعذّب عبده يوم القيامة بين إخوانه».(2)
والخبر الثاني حثّ على اختيار الخُلّان؛ فإنّ كلَّ رجل يجري على طريق خليله وعادته. وقيل: معناه: لا تخالّ إلّامن رضيت مذهبه وإن كنت على طريقةٍ حسنةٍ ، ولا تخاطر بنفسك؛ فإنّ خليلك يغرّك، ويغرُّك بطريقة السيِّئة ولا ينتفع بك.
وقال سفيان بن عيينة حين روى هذا الحديث: انظروا إلى فرعون معه هامان، انظروا إلى حجَّاج معه يزيد بن أبي مسلمة ينثر(3) منه، انظروا إلى سليمان بن عبد الملك صحبه رجاء بن حيوة فقوّمه وسدّده.
وقيل: إنّ الخُلّة مأخوذة من تَخَلَّلِ المودّةِ القلب ويمكنها أمنه، وهي أعلى دَرَج(4)الإخاء؛ فالناس في الأصل أجانب، فإذا تعارفوا وائتلفوا فهم أودّاء، فإذا تشاكلوا فهم أحبّاء، فإذا تأكَّدت المحبّة صارت خُلَّة.
وقوله: المرء مع من أحبّ ، [له] معنيان:
أحدهما: أنّ الرَّجل مصاحب مَن آخاه، لا يفارقه ما استطاع؛ لأنّ نفْسه لا تُساعده على مفارقته ومخالفته، [و تريد] مرافقته، ولو فارقه بشخصه لا يفارقه بقلبه.(5)
والمعنى الثاني: أنّه أراد أنّ كلَّ رجل يُحشر في الآخرة مع من يحبّه، ويُبعث في مصاحبة من شايعه في الدُّنيا؛ إن خيراً فخير، وإن شرّاً فشرّ، وهذا أولى؛ لما جاء في الخبر عن أنس: أنّ رجلاً أتى النبيَّ عليه السلام، فقال: يا رسول اللّٰه، متى الساعة ؟
ص: 160
فقال: «ما أعددتَ لها؟» قال: ما أعددت لها كثير صلاة وصوم، إلّاأنّي اُحبّ اللّٰه ورسوله.
فقال عليه السلام: «المرء مع مَن أحبّ ».(1)
وسئل صلى الله عليه و آله عن الرجل يحبّ قوماً هل يلحق بهم ؟ فقال: «المرء مع من أحبَّ ».(2)
وقال الحارث الهمداني لعليّ عليه السلام: إنّي اُحبّكم، وأخافُ وقت النزع وحالة الممرّ على الصراط.
فقال: «يا حار، لا تخف؛ ما من أحدٍ من أوليائي وأعدائي إلّاوهو يراني في هاتين الحالتين»، ثمّ أنشأ:
أقول للنار حين توقف للعَرض *** ذَريه لا تَقربي الرَّجُلا
ذَريه لا تقربيه إنّ له *** حبلاً بحبل الوصيِّ متّصلاً(3)
ومورد الخبر الرابع ومعناه مبالغةٌ في جعل تلك الأشياء الثلاثة التي فيه أعنان ما بعدها، كأنّه قال: لا كرم إلّاالدِّين، ولا مروءة إلّاالعقل، ولا حسب إلّاالخُلق، والمرء إنّما يكون كريماً(4) إذا كان ديِّناً؛ فإنّ أصل الكرم هو الدِّين القويم، ويكون عاقلاً قد استعمل عقله إذا كان ذو مروّة؛ فإنّ المروّة - وهي الرجولية - يدعوه إلى أداء حقّ اللّٰه ومواساة الناس؛ فيكتسب ثواب اللّٰه للآخرة، ومودّةَ الخلق ومحمدتهم للدنيا، قد حاز خير الدارين باستعماله العقل.
وأمّا حَسَبُه - وهو ما يُحسب ويعدّ من مفاخره أو معايبه - فهو على حسب خُلقه؛ فإن(5) كان حَسَنَ الخلق يُثنى عليه، وإن كان سيّئ الخلق يُعاب به عليه.
ومعنى الخبر الأخير: أنّ مِن أشرف خصال المرء المسلم وأجلّها وأحسنها: أن
ص: 161
يَترك ما لا يعنيه، ولا يتعرَّض لما لا تعلّق له به من خير وشرٍّ، وتشتغل به بنفسه لا يتفرّغ من نفسه إلى غيره؛ فالعاقل لو أغرق جميع عمره فيما يعنيه لم يتفرَّغ لما لا يعنيه. وسُئل لقمان: أيُّ عملك أوثق في نفسك ؟ فقال: ترك ما لا يعنيني(1).
136. النَّاسُ كَأَسْنَانِ المشْطِ.(2)
137. النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ .(3)
138. النَّاسُ كَإبِلٍ مَائَةٍ لَاتَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً وَاحِدَةَ .(4)
139. الغِنىٰ اليَأْسُ مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ .(5)
140. رَأْسُ العَقْلِ بَعْدَ الإِيمَانِ التَّوَدُّدُ إِلَى النَّاسِ .(6)
بيان الخبر الأوّل في تمامه وهو: «إنّما يتفاضلون بالعاقبة» ، أي: إنّهم متساوون في الأحكام لا يَفضل شريف على وضيع بالاُبوّة؛ كأسنان المشط لا فضل لسنٍّ منها
ص: 162
على اُخرى، [و] هذا من حيث الخلقة.
وتمام الخبر الثاني: «فخيارهم في الإسلام خيارهم في الجاهلية إذا فقهوا»(1)، ومعناه:
قيمة كلّ امرئٍ ما يُحسنه. ومن جعل أخلاقه حسنة؛ فمنها كمعدن الذهب عزيزاً، ومنها دون ذلك كمعدن الفضّة، وإن كان كلّها في الحُسن سواء.
وأمّا الخبر الثالث فهو خاصّ في الذين يغلب عليهم النقص سواسيةً كأسنان(2)الحمار، يريد أنّ أكثر الناس أهل نقص وجهل، فلا تؤاخ منهم إلّاأهل(3) الفضل، وعددهم قليل بمنزلة «الراحلة» في الإبل وهي البعير الذلول الذي يحمل ويُركب، فاعلة بمعنى المفعولة؛ من حيث إنّها مصدر كالعاقبة والعافية والحافية.
وروي: «تجدون الناس كالإبل المائة ليست فيها راحلة».(4) وهذا يدلُّ على أنّ قوله كإبل مائة على الصفة أحسن من الإضافة.
والمعنى: أنّ المرضيَّ المنتجب في عزّة وجوده كالنَّجيبة التي لا توجد في كثير من الإبل، والتقدير: الناس مثل إبل مائة غير موجودة فيها راحلة.
وعن الأزهري: «الراحلة: البعير الذي يَرتحله الرجل جَمَلاً كان أو ناقة».(5)
فإن قيل: هذه الأحاديث الثلاثة مختلفة تُوهِم التناقض؛ لأنّ تشبيه الناس بأسنان المشط يفيد التماثل ونفي التفاوت وأنّهم متساوون في النسب أي: كلّهم بنو آدم، وتشبيههم بمعادن الذهب والفضَّة يفيد وصفها(6) بالنفاسة مع اختلافٍ ظاهر وتفاوتٍ بيِّنٍ ، وتشبيههم بقطيع من الإبل لا يكون فيهم واحدة حميدة يفيد وصفهم بغاية الرداءة.
قلنا: الجمع بينها من جهة المعنى واختلاف الأحوال؛ وذلك أنّ تشبيههم بأسنان
ص: 163
المشط إنّما هو من جهة الخلقة وأنّهم كلّهم مخلوقون من أصلٍ واحدٍ وهو التراب، ومن أبٍ واحد واُمٍّ واحدة وهما: آدم وحوّا عليهما السلام، ولا فخر لأحدٍ منهم على الآخر من جهة النَّسَب كما لا تفاوت في أسنان المشط بعضهاعلى بعض.
وأمّا تشبيههم بمعادن الذهب والفضّة فهو من جهة خِصالهم الحميدة وأوصافهم الجميلة؛ فالناس يختلفون غاية الاختلاف، فلو جرَّبتهم لوجدت بينهم من التفاوت ما تجده بين الذهب والفضَّة.
وقال عليه السلام ذلك؛ «إذ الناس ناس والزمان زمان»(1) وأشار إلى أهل زماننا بتشبيههم جميعاً بقطيع إبلٍ عددها مائة، ومع ذلك لا يكون فيها واحدة تصلح للركوب والسفر، ومثله ما روي: الناس أمثال وشتّى في الشيم.(2)
ومعنى الخبر الرابع: أنّ الغِنى كلَّ الغنى لكلّ أحدٍ رفع الطمع عمّا في أيدي الخلق والقناعة بما عنده، والطمع فقر حاضر وذُلٌّ صاغر.
وفي الخبر الأخير إبانة المنزلة العظيمة للإيمان، وحثٌّ على التحبّب إلى الخلق؛ فبالإيمان الخلاص من العقاب والوصول إلى الثواب والنجاة من أكثر بلاء الدُّنيا والفوز بمنافعها العاجلة، وبالتودّد هذه نجاة من الحقد والحسد والبغضاء والظلم [و] غير ذلك، فيجب الإيمان باللّٰه تعالى طلباً لنجاة الدارين، ويُستحبّ التودّد إلى الناس ترفيهاً للقلب والعين، وهذا من كمال العقل واستعماله.
وقال عليه السلام: «لكلِّ شيء دِعامة، ودعامة المؤمن العقل»(3)، واللامات في «الناس» للجنس بعضها أعمّ من بعض.
ص: 164
141. كُلُّ امْرِئٍ حَسِيبُ نَفْسِهِ .(1)
142. كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ .(2)
143. كُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ .(3)
144. كُلُّ شَيْ ءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى العَجْزُ وَالكَيْس.(4)
145. كُلُّ صَاحِبِ عِلْمٍ غَرْثانٌ إِلىٰ عِلْمٍ آخَرَ.(5)
146. لِكُلِّ شَيْ ءٍ عِمَادٌ، وَعِمَادُ هٰذَا الدِّينِ الفِقْهُ .(6)
147. كُلُّ مُشْكِلٍ حَرَامٌ ، وَلَيْسَ فِي الدِّينِ إِشْكَالٌ .(7)
ص: 165
148. كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ .(1)
149. كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ .(2)
150. لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ بِقَدْرِ غَدْرَتِهِ .(3)
أمّا الخبر الأوّل فله ثلاثة معانٍ :
أحدها: أنّ اللّٰه بعدله جَعَل حساب كلّ مكلّفٍ إلى نفسه، فلا يكون له محاسب في حقّه غير نفسه؛ قال اللّٰه تعالى: (كَفىٰ بِنَفْسِكَ اَلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) (4).
والثاني: لفظةُ خبرٍ ومعناه أمر، وهو أنّه يجب على كلّ امرئٍ أن يحاسب نفسه؛ إن كانت أفعاله معصيةً تاب منها، وإن كانت طاعةً زادها وسأل اللّٰه التوفيق على ثباتها.
والثالث: أنّ معناه: لا يحاسَب معه حساب غيره، وإنّما يحاسب بما كسبت يداه؛ قال اللّٰه تعالى: (وَ لاٰ تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرىٰ ) (5)، و «الحسيب»: الذي يتولَّى
ص: 166
الحساب، فَعيل بمعنى مُفاعل، ويجوز أن يكون المراد: كلّ رجل حسيبُ ونسيب نفسه، ويكون بمنزلة قول عليٍّ عليه السلام: «النّاس أبناء ما يُحسنون».(1)
والخبر الثاني: بشارة للمؤمنين بقرب ثوابهم، وإنذارُ الكفّار بقرب عقابهم؛ وذلك لأنّ ما هو قوف(2) على الوعد أو على الوعيد من قبل اللّٰه فإتيانه قريب وإن استُبطئ؛ ألا ترى أنّ الساعة موعد ويَظنّ أكثر الناس أنّ إتيانها عن بُعد وقد قال تعالى: (وَ مٰا أَمْرُ اَلسّٰاعَةِ إِلاّٰ كَلَمْحِ اَلْبَصَرِ) (3) أراد بذلك علامة آخر الزمان.
والخبر الثالث: تحذير عن النظر إلى المحرَّمات وتغليظ في عقوبته، ولهذا أشبه بالزنا، يعني أنّها مقدَّمة للزنا؛ فإنّ البصر رائده، واللسان خاطب، والفرح مصدِّق للزنا ومحقّق له بالفعل، وإذا قال رجل لآخر: «زَنَتْ عينك» لا يكون قذفاً يوجب الحدّ، وإنّما فيه التعزير.
وللخبر الرابع معنيان:
أحدهما: أنّ لكلّ شيء مقدار يزيد وينقص حتّى يكون بعض الناس أعجز من بعض، وبعضهم أكيس من بعض، والرأي.(4)
قال أبو قاتلة(5) المروزي: العجز والكَيْس في الجماع المباح خاصَّة(6).
والقَدر فيه هو القضاء من اللّٰه بأنّ هذا الرجل يكون زوج تلك المرأة وإن لم يدبّرا
ص: 167
و لم يجهدا؛ فإنّ اللّٰه يُهيِّئ الأسباب في ذلك، وقد يجتهد الإنسان أن يتزوّج امرأة ولا يتيسّر له وإن بالغ. والأحسن أن يقول: لكلّ هاهنا علم في أفعال اللّٰه تعالى ولا يدخل أفعال العبد تحته؛ لأنّه تعالى لو أوجب على عباده فعل القبائح لما عاقبهم بفعل نفسه وبما هو على الإلجاء والإكراه فيهم من قبله.
وقال بعض العلماء: القَدَر هاهنا بمعنى الحدّ، أي لكلّ شيء حدّ لا يجوز مجاوزته وإن كان في العجز والكيس، يعني: لا يبالغ أحد في طلب الكسب ولا يجاوز الحدّ فيه ولا يتأخَّر عن طلبه بمرَّة، بل يُحسن الطلب؛ فإنّ كلاًّ(1) ميسَّرٌ لما خُلق له.(2) وقد قدّمنا أنّ العجز عند العرب فقد الهداية إلى طلب الرزق ويكون ضدّ القدرة. والكيس: علمٌ كسبي.
ومعنى الخبر الخامس: أنّ حرص العالم على العلم لا ينقطع؛ فإنّه لا يزال حيّاً يشتغل بتحصيله وجمعه، ويعلم ما لم يعلم، والعلوم لا نهاية لها وكلّها حسن، وكلُّ مَن علم حُسن شيء وأنّ فيه منفعة عاجلة وآجلة سارع إليه ويكون في حكم الملجأ عليه. و «الغرثان»: الجائع(3)، وهاهنا استعارة.
و «العمادُ»(4): الخشبُ الذي يقوم به البيوت والخِيَم؛ يقول: كما أنّ المساكن لا
ص: 168
تقوم ولا تستقيم إلّابالعماد(1)، كذلك أمرُ هذا الدِّين لا يستقيم إلّابالفقه، وهو معرفة الأحكام والفرق بين الحلال والحرام.
ومعنى الخبر السابع: أنّ الذي يحتاج المكلّفون إليه من أسباب التكليف كلّه سهل ميسَّر لهم، ليس فيه غموض يشكل عليهم معرفته أو يصعب عليهم فعله وإن كان فيه مشقّة.
قال ابن قتيبة: معناه أنّه إذا أشكل الحظر والإباحة فغلِّبوا الحظر عليها احتياطاً ولا إشكال؛ والحلال بيّن، والحرام بيّن، وبين ذلك اُمور مشتبهات، ومن رتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه، وليس في دين اللّٰه إشكال يشبِّه الحقَّ بالباطل والرشد بالغيِّ ، وإنَّ اللّٰه ما كلَّفهم المشكلات التي لا فائدة فيها؛ فإنّ طلب معرفتها حرام، نحو أن يشتغل أحدنا بأن يعلم كم مربَّع وكم مثلَّث ومخمّس وكم من مسبَّع ومسدَّس يجيء من مدوّر إلى مثل الهندسة ؟ وكم على دابةٍ شَعر؟ وكم بين السماء والأرض ؟
وقوله: «كلّ مسكر حرام» معناه: أنّ كلّ ما يُسكِر كثيره وقليله حرام يجب الحدّ على شاربه وإن لم يكن عين الخمر، ولا يجوز استعماله بالشرب ولا التداوي به ولا التصرّف فيه بالبيع والهبة، وينجس ما يحصل فيه المسكر، ويحرم جميع أجناس المسكرات مطبوخه ونيّه(2) على كلّ حال وإن اختلف عليه الأسماء؛ كالخمر لما يكون من العصير، والنبيذ من الزبيب، والنقيع من التمر، والبِتعْ من العسل، والمِزْر من الحنطة.
وعموم النصّ يتناول تحريم كلّها، وليس بعضها ملحقاً بالقياس بالخمر حكماً لما
ص: 169
كان في معناها هذا؛ كما أنّ اللّٰه جعل النبّاش في حكم السارق، والملوط في حكم الزاني، وإن كان كلّ واحدٍ منهما يختصّ في اللغة باسم غير الزنا وغير السرقة.
وقيل: إنّ الخمر اسمٌ لكلّ ما يوجد فيه السُّكر من الأشربة كلّها. ومَن ذهب إلى هذا قال: إنّ للشريعة أن يُحْدث الأسماء بعد أن لم يكن، كما أنّ لها أن تَصنع الأحكام بعد أن لم يكن، ووصف اللّٰه خمر الجنَّة بقوله: (لاٰ يُصَدَّعُونَ عَنْهٰا وَ لاٰ يُنْزِفُونَ ) (1) فهاتان الكلمتان قد جَمعتا جميع عيون خمر الدنيا.
ومعنى قوله: «كلّكم راعٍ » أنّ مَن لم يتعهّد رعيّته بواجبه فهو يوم القيامة مأخوذ بحقوقهم مسؤول عنها معاقب عنها، حتّى يقول اللّٰه بعيسى عليه السلام: (أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنّٰاسِ اِتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلٰهَيْنِ مِنْ دُونِ اَللّٰهِ ) (2) فيجب على كلّ من كان له أهل وعيال أن يبالغ في حفظ حقوقهم وأن يحسن تأديبهم، ويقرِّبهم من الطاعات، ويبعِّدهم من المعاصي؛ وكذلك المَلِك لا يظلم الرعيّة، ولا يتغافل عن إصلاح أحوالهم وتقويمهم؛ فالزوج راعٍ وهو مسؤول عن زوجته، وهي راعية على بيته فهي مسؤولة عن ذلك.
ومعنى الخبر الأخير: لا تَغدِروا ولا تخونوا في القليل ولا في الكثير، ولا بالقول ولا بالعمل؛ فالغادر مُفتضَح يوم القيامة على رؤوس الخلائق على حدّ ما ركب في الدُّنيا على مطيّة الغَدْر والخيانة.
و «اللواء» استعارة هاهنا، أراد به تفضيحه غداً عند الأنبياء والأئمَّة والصالحين في العرصات(3)، و «الغدر»: ترك الوفاء.
ص: 170
151. أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ الصَّلَاةُ .(1)
152. أَوَّلُ مَا يُقضىٰ بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ .(2)
153. أَوَّلُ مَا يُوضَعُ فِي المِيزَانِ الخُلُقُ الحَسَنُ .(3)
154. أَوَّلُ مَا يُرْفَعُ مِنْ هٰذِهِ الاُمَّةِ الحَيَاءُ وَالأَمَانَةُ .(4)
155. أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمْ الأَمَانَةُ ، وَآخِرُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ (5) الصَّلَاةُ .(6)
حَثّ على محافظة أمر الصلاة وما يتعلّق بها من أركانها وفرائضها؛ فإنّها عماد الدين، ولا يُسأل أحد في خاصّة نفسه إلّاعن الصلاة، فإن كانت تامّةً لم يُسأل عن غيرها، وإن كانت غير صحيحة يُعاقَب عليها وعلى غيرها إلّامن شاء اللّٰه. وقد
ص: 171
سمّاها الإيمان؛ لأنّها عَلَمُ الإيمان؛ لقوله [تعالى]: (وَ مٰا كٰانَ اَللّٰهُ لِيُضِيعَ إِيمٰانَكُمْ ) (1). صحيح إبن حبّان، ج 2، ص 230، ح 480؛ العلل للدارقطني، ج 6، ص 221؛ كنزالعمّال، ج 3، ص 9، ح 5175؛ كشف الخفاء، ج 2، ص 199، ح 100.(2) أي صلاتكم إلى بيت المَقْدِس. ولا تناقُض بينه وبين الخبر الثاني من أنّ أوّل حكومة وقضيّة بين الخلائق يوم القيامة تكون في القتل وإراقة الدماء؛ فإنّ هذا بين العبد وبين غيره، وما تقدّم من خاصّة نفسه، والقتل من الكبائر العظام، والخبر زجر عنه.
ويروى: «أثقل ما يوضع في الميزان الخُلق الحسن» .(2)
نبّه بهذا على أنّ كلّ مؤمن حَسَنُ الخلق؛ فأوّل ما ينفعه يوم القيامة من جملة طاعاته خُلقه الحسن، وذلك أفضل الطاعات.
وقال عليه السلام: «من سعادة ابن آدم حُسن الخلق».(3)
والسعادة من أسباب النجاح عاجلاً وآجلاً، والميزان ووضع الطاعة فيه مجاز واستعارة.
وقيل: الميزان حقّ ، ويوزن به أعمال العباد مكتوبة في صحائف.
ومعنى الخبر الرابع: أنّ أوّل [ما] يظهر في آخر الزمان ذهاب الحياء من الخلق ظاهراً وباطناً، وذهاب الأمانة من أهاليها سرّاً وعلانية، ديناً أو دنيا.
وقيل: الأظهر أنّه عليه السلام يومئ به إلى ما كان بعده من الوقاحة وترك أداء الأمانة إلى أهلها ممّا وصّى به يوم الغدير، ولا يناقضه الخبر الأخير من أنّ أوّل ما يذهب من دين الإسلام الأمانة وحدها؛ لأنّ الواو لا يوجب الترتيب، ولا يُستبعد أن يكون الأمانة تقدم الحياء، ومن الفتن التي تظهر في آخر الزمان ترك الصلاة.
وروي: أوّل ما يُرفع الأمانة، وواسطه الأرحام، وآخره الصلاة.(4)
ص: 172
156. الحُبُّ (1) يُتَوَارَثُ ، وَالبُغْضُ يُتَوَارَثُ .(2)
157. حُبُّكَ الشَّيْ ءَ يُعْمِي وَيُصِمُّ .(3)
158. الهَدِيَّةُ تَذْهَبُ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ.(4)
159. الخَيْرُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِي(5) الْخَيْلِ .(6)
160. يُمْنُ الخَيْلِ فِي شُقْرِهَا.(7)
161. السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ .(8)
ص: 173
162. البَلَاءُ مُوَكَّلٌ بِالْمَنْطِقِ .(1)
يقول: أحِبّوا مَن يكون محبَّتُه طاعةً ، ولا تُبغضوا مَن بُغضه معصية؛ فإنّ أولادكم يتَّبعونكم في ذلك على الأغلب؛ فإن كان حبُّكم وبغضكم للّٰه، تستحقّون(2) الثواب بما يرثه الأولاد منكم أيضاً.
وعن عليّ عليه السلام: «الصديق ثلاثة: صديقك، وصديق صديقك، وعدوُّ عدوّك».(3)
وقيل: صداقة الآباء قرابة الأبناء، ومن علامة الإخاء أن يكون لصديق أخيه صديقاً ولعدوّه عدوّاً. وقيل: معناه حثّ على محبّة أصدقاء الآباء وبغض أعدائهم على مقتضى الشرع.
وفيه تنبيه [على](4) أنّ الصداقة غير واجبة على أحدٍ، ولكنّ القيام بأداء حُرمتها واجبة.
ومعنى الخبر الثاني: نهيٌ عن حبّ الدنيا وجميع ما يُشتغل [به] عن الدين؛ فإنّ حُبّها يُعمي عن معايبها، ولا يبصر من ينظر إليها، ويصمّ عن مساويها التي يذكرها الصالحون، أي يخفى عليك مساويه ويُصمّك عن سماع العَذْل(5) فيه.
وقيل: يريد: لا يحبّ شيئاً من الأشياء حتّى يعلمه أنّه حقّ وحسنٌ لا ذمّ في حبّه؛ فإنّك إن سارعتَ إلى محبّة شيء من غير اختيار فإنّه يُعمي عن الرُّشد ويصمّ عن الموعظة حتّى يرى قبيح صديقه حُسَناً، واُنشِد: «حَسَنٌ في كلّ عينٍ مَن تَوَدّ».(6)
ص: 174
وقيل: حبُّك الدنيا يُعمي ويُصمّ عن الآخرة، وهذا مجاز، وكذا إذهاب الهديَّة السمع والبصر عن أخذها استعارة في الخبر بعده، ومعنى أنّ الهديَّة يَحمل صاحبها على أن لا ينظر إلى معايب المُهدي وعداوته ومعاملته القبيحة ولا يُسمعها حتّى لا يرى الحقَّ . وفي الحديث: إذا دخلَتِ الهديّةُ من الباب، خرجت الأمانة من الكُوَّة(1)، فكأنّ الهديَّة هاهنا بمعنى الرشوة.
وأمّا الخبر الرابع: ففيه ترغيب في اتّخاذ الخيل للغَزو عليها في سبيل اللّٰه ولغير ذلك من المنافع؛ فإنّ كلّ الخير فيها إلى يوم القيامة، أي أنّ الأجر والمغنم يكونان عليها وفيها، وأهلها معانون، والمنفق عليها كباسط يديه في الصدقة، فالخيرات معقودة بنواصيها، وهذا استعارة. وتمامه: «إلى يوم القيامة».
وقيل: المراد بالخير هاهنا كقوله تعالى: (وَ إِنَّهُ لِحُبِّ اَلْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) (2) و فِقه هذا الخبر ثلاثة أشياء: السَّهم للفرس يستحقُّه الفارس من أجله، وإعلام أنّ المال الذي يُكتسب بإيجاب الخيول من خير وجوه المال وأطيبها، وأنّ الجهاد إلى يوم القيامة لا ينقطع إذا حصلت شرائطه، وسمّيت الخيل خيلاً لاختيالها.
ثمّ قال: «بركة الفرس أن يكون أشقر» ، وكان عليه السلام يستحبّ الشُّقْر(3) من الدوابِّ .(4)
وقيل: إنّما فُضّل الأشقر لأنّ النبيَّ صلى الله عليه و آله بعث سريّةً في قتال، فكان أوّل من جاء بالفتح صاحب الأشقر [و] هو المُشرَب حُمرةً ، والفرق بينه وبين الكُمَيْتِ (5)
ص: 175
بالعُرف(1) والذَّنَب؛ إن كانا أحمرين فهو(2) أشقر، وإن كانا أسودين فهو كُمَيت.
ثم رغّب بقوله: «السفَر قطعة من العذاب» في الإقامة في الحضر وترك الإكثار من السفر؛ لئلّا يفوته ملازمة الجمعة والجماعات والحقوق الواجبة للأهل والقرابات.
وقال بعض العلماء: لو لم يقله رسول اللّٰه، لقلتُ : العذاب قطعة من السفر!
وتمام الخبر: «فإذا قضيتم حوائجكم فاسرعوا الرجوع» . ومعنى الخبر الأخير على الأغلب أي: لا تكثروا الكلام الذي لا فائدة فيه، وهو المنطق؛ فالبلاء مولَّد من المنطق، وعثراته أشدّ من عثرة القدم. ولهذا قال عليه السلام: «وهل يَكُبُّ الناسَ على مَناخرهم إلّا حصائد ألسنتهم ؟».(3)
وروي أنّ سبب الخبر أنّ رسول اللّٰه لمّا عَرض نفسَه على القبائل كان جماعة معه، فقال أبو بكر: ممّن القوم ؟
قالوا: من ربيعة.
قال: من هامَّتها أم من لَهازمها؟
قالوا: من هامَّتها العظمى.
قال: من أنتم ؟
قالوا: ذهل الأكبر.
قال: أ منكم عوف ؟
قالوا: لا.
قال: أ منكم بسطام ؟
ص: 176
قالوا: لا.
قال: أ فمنكم جسّاس ؟
قالوا: لا.
قال: أنتم ذهل الأصغر.
فقام(1) غلام وقال: ممّن الرجل ؟
فقال أبو بكر: من قريش.
قال: بَخ بَخ، أهل الشرف! فمِن أيِّهم(2) أنت ؟
قال: من تيم بن مرّة.
قال: أفكنت الرامي من الثَّغرة ؟ أفمنكم قصيٌّ؟
قال: لا.
أفمنكم هاشم ؟
قال: لا.
فقال: أمنكم شيبة الحمد؟
قال: لا.
قال: أفمنكم أهل الندوة والوفادة ؟
قال: لا.
قال: أ و أنتم من أهل السقاية والحجابة ؟
قال: لا.
قال: أنت من زَمَعات قريش!
فتبسّم رسول اللّٰه، فقال: «إنّ البلاء موكَّلٌ بالقول» .(3)
والزَّمْعَة: هَنَةٌ زائدة من وراء الظِّلف.
ص: 177
163. الصِّيَامُ نِصْفُ الصَّبْرِ(1).
164. عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ زَكَاةٌ ، وَزَكَاةُ الجَسَدِ الصِّيَامُ .(2)
165. الصَّائِمُ لَاتُرَدُّ دَعْوَتُهُ .(3)
166. الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ الغَنِيمَةُ البَارِدَةُ .(4)
167. السِّوَاكُ يَزِيدُ الرَّجُلَ فَصَاحَةً .(5)
168. وَ(6) جَمَالُ الرَّجُلِ فَصَاحَةُ لِسَانِهِ .(7)
169. طَاعَةُ النِّسَاءِ نَدَامَةٌ .(8)
ص: 178
يريد أنّ الصوم أمران: إمساكٌ مخصوص على وجوه، والتقرّبُ إلى اللّٰه بذلك، نصف الصبر الذي هو حبس النفس عن شهواتها، وكما أنّ الصبر في المصائب والمِحن وفي جميع بلاء اللّٰه عبادة(1) كذلك الصبر على الإمساك عن الطعام والشراب ونحوهما مع النيّة عبادة.
ويسمّى شهر رمضان شهر الصبر؛ لأنّ فيه يمسك عن تناول الأغذية وغيرها ما بين طرفي النهار. والصوم مخصوص نصفه لا يوجد في غيرها من العبادات، وهو أن يكون خالصاً للّٰه تعالى لا يطّلع عليه غيره وإن كانت كلّها تقرّباً إليه، فلهذا صار الصوم أنفس حظّاً من سائرها، ولذلك صار زكاة الجسد؛ لبعده عن الريا؛ يقول اللّٰه تعالى: «الصوم لي وأنا أجزي به».(2)
ثمّ حثّ على هذه الطاعة في الخبر الآخر بأن قال: «دعاء الصائم مستجاب» .(3)
وحاجة من عاش لا ينقضي، فإذا علم أنّ الصوم سبب إجابة الدعاء يكون صائماً أبداً، وروي أنّ «أرجى وقتِ الصائم لإجابة دعوته وقت افطاره».(4)
ثمّ قال: الصوم وقت الشتاء لا يكون إلّاغنيمة لا قتال فيها ولا حرارة على الكبد منها، شبّهه بالغنيمة السهلة لبرد الجوف وسكونه من العطش على صاحبه؛ لأنّ في الصَّيف تتوقّد الجوف من الجوع والعطش. وتقدير الخبر الآخر: «استعمال السواك يزيد الرجل بياناً في منطقه وكشفاً في كلامه»، فحذَفَ المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، وثوابه في أوقات مأثورة أعظم.
وقال عليه السلام: «السواك مطهرةٌ للفم ومرضاة للربّ » .(5)
ص: 179
وقال: «طهِّروا مجاري كلام اللّٰه بالسِّواك» .(1)
و «الفصاحة»: اقتضابُ (2) الكلام بأغرب اللفظ وأحسن المعنى وأوجز البيان، فينتظم في القليل علم الكثير ليسهل على السامع حفظه، كما ترى هذا الكلام القصير ذا المعنى الطويل، ولذلك حثّ عليه السلام على الفصاحة بأنّها جمالٌ للرجال.
و «الطاعة» معنى الإطاعة كالطاقة والإطاقة(3)، وقوله: «طاعة النساء» المصدر المضاف إلى المفعول، أي طاعتك النساء، والطاعة لا تكون نفس الندامة، ولكن تُثبتها كأنّه قال: طاعتك النساء مورثة للندامة، أي: لا تطعهنَّ .
170. الإِمَامُ ضَامِنٌ ، وَالمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ .(4)
171. المُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقاً يَوْمَ القِيَامَةِ .(5)
172. شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الكَبَائِرِ مِنْ اُمَّتِي.(6)
173. الأنْصَارُ كَرِشِي وَعَيْبَتِي.(7)
ص: 180
174. يَدُ اللّٰهِ عَلَى الجَمَاعَةِ .(1)
175. الصَّمْتُ حُكْمٌ ، وَقلِيلٌ فاعِلُهُ .(2)
معنى الخبر الأوّل أمرٌ وإن كان على لفظ الخبر؛ يقول: ينبغي ويجب أن يكون إمام الصلاة(3) أقرأ الجماعة؛ فإنّه يضمن عنهم قراءَتهم، وكذلك يجب أن يكون المؤذِّن مؤتمَناً أميناً في مواقيت الصلاة لا يؤذِّن قبل دخولها، والمؤذِّنون أرفع الناس درجةً وأعلاهم شأناً، يَستشرفون أعناقهم لثواب اللّٰه ويطلعونها، فطول العُنق استعارةٌ ومَجازٌ، ويجوز أن يكون حقيقةً ، وروي «إعناقاً» بكسر الهمزة، وهو سرعة السير؛ لأنّهم أسرع إلى الجنّة.
وتقدير الخبر الثالث: شفاعتي مخصوصة ومدّخرةٌ لأهل الكبائر، أي الذين ارتكبوا الذُّنوب الكبار من اُمّتي وهم المؤمنون الذين أقرّوا على الحقيقة بتوحيد اللّٰه وعدله وصحّة ما جاء به رسول اللّٰه؛ أي: إنّهم يخرجون من النار بشفاعتي لهم إلى اللّٰه في حقّهم بعد ما دخلوها وصاروا حُمَماً، وهذا أمانٌ لقطع رجاء المذنبين من أهل الإيمان.
ثمّ شرَّف الأنصار وهم أهل المدينة الذين آووا رسول اللّٰه ونصروه فقال: إنّهم بطانتي وخاصّتي وجماعتي وموضع أسراري. والكَرْش: الجماعة من الناس، وقد يكون عيال الرجل وأهله(4). و «العيبة»: التي يخزن المرء فيها حُرَّ متاعه ومصون
ص: 181
ثيابه(1)، فضَرَبَ بها المثل إعلاماً بأنّهم موضع أمانته التي يأتمنه على أمره.
ومعنى «يد اللّٰه على الجماعة» حثّ أن تكون مع أهل الحقّ وجماعة [المؤمنين]؛ فإنّ رحمة اللّٰه على الجماعة الذين هم أئمّة المؤمنين؛ فقُربُهم رحمة، وبُعدهم عقوبة. و «اليد»: النِّعمة والقوّة والتفضّل والرحمة.
ومعنى الخبر الأخير: أنّ استعمال الصمت من الحكمة، وقلّما يستعملونه، و «الحُكم»: الحِكمة؛ قال اللّٰه تعالىٰ : (وَ آتَيْنٰاهُ اَلْحُكْمَ صَبِيًّا) (2).
وروي أنّ لقمان الحكيم رأى داود النبيَّ عليه السلام يَسرِدُ حِلَقَ الدِّرع بعضها في بعضٍ بيده؛ فإنّه تعالى ألانَ له الحديد ولم يسأله: ما هذا؟ ولم يكن قبل ذلك درع، وإنّما يتّخذون في الحرب شبه تَنُّور من الحديد، فلمّا أتمَّ سردها تلبّس وقال: «نِعمَ اللباس ليوم النِّزال»(3)، فتكلّم لقمان بقريبٍ من هذا الحديث.
176. الرِّزْقُ أَشَدُّ طَلَباً لِلْعَبْدِ مِنْ أَجَلِهِ .(4)
177. الرِّفْقُ فِي المَعِيشَةِ خَيْرٌ مِنْ بَعْضِ التِّجَارَةِ .(5)
178. التَّاجِرُ الجَبَانُ مَحْرُومٌ ، وَالتَّاجِرُ الجَسُورُ مَرْزُوقٌ .(6)
179. حُسْنُ المَلَكَةِ نَمَاءٌ ، وَسُوءُ المَلَكَةِ شُؤْمٌ .(7)
ص: 182
180. فُضُوحُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ فُضُوحِ الآخِرَةِ .(1)
حثَّ عليه السلام بالخبر الأوّل على تجلية القلب من همّ الرزق؛ لئلّا يشتغل الخلق بالمقدور يقول: كلّ ما جعله اللّٰه رزقاً للعبد يصِلُ إليه قبل موتهِ ، ولا يأتيه أجله حتّى يأتيه جمع أرزاقه. ونَسَبُ الطلب إلى الرزق مجاز. ثمّ دعا إلى الاقتصاد والقناعة، يقول: الدوام على طريق الاقتصاد في المعيشة لا سرفاً ولا تقصيراً خيرٌ من بعض التصرّف في المال من بيع وشراء طلباً للربح.
وإنّما لم يقل: «خير من التجارة»؛ لما روي عنه عليه السلام: «أبوابُ الرزق عشرة:
تسعة منها في التجارة، وواحدٌ في سائر الحِرف».(2)
وفي هذا الحديث بيان أنّه عليه السلام كان أشفق على اُمّته من الوالد إلى الولد؛ لأنّ هذا تدبير الآباء للأبناء.
ومعنى الخبر الثالث على وجهين:
أحدهما: محمول على الآخرة إشارة إلى قوله تعالىٰ : (إِنَّ اَللّٰهَ اِشْتَرىٰ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوٰالَهُمْ ) (3)؛ أي التاجر الجسور يختار ثواب الآخرة وإن كان نسيئةً ، ويبذلُ نقد أمواله في سبيل اللّٰه، وكذلك نفسَه من قوله تعالى:
(اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوٰالَهُمْ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ ) (4) الآية.
والوجه الثاني: أنّ التاجر الجبان الذي يحتكر ويظنّ الفضل والربح في إمساكه فهو محرومٌ من سعة الرزق والبركة، والتاجر الجسور الذي يبيع ويشتري
ص: 183
ويرى الفضل من اللّٰه في ذلك يصيرٌ بذلك مرزوقاً، فالوجدان والحرمان كلاهما من اللّٰه.
والمراد بالخبر الرابع: أنّ مَن كان له عبيد وإماء وخدم وحشم فيحسن الصنيع والسيرة والسياسة إليهم موسِّعاً في طعامهم وشرابهم، وإن كان له دوابٌّ وأنعامٌ يكون محسناً في سقيها وعلفها، يكون ذلك في أبدانهم وأبدانها كالسَّقي للزرع، فيزداد جميع ذلك في ماله وحاله. وإذا كان سيّئ السيرة فيهم يؤثّر ذلك أيضاً في أنفسهم، وينقص من ماله، ويقبح هذا الفعل أيضاً صورته عند اللّٰه وعند الناس.
وإنّ رجلاً قال للنبيِّ عليه السلام: عبدي يسوء فكم أعفو عنه ؟ فقال: «تعفو عنه كلّ يومٍ سبعين مرّة».(1)
وكان عامّة وصيّته عليه السلام عند الموت: «الصلاة وما ملكت أيمانكم» .(2)وقال عليه السلام: «لا يدخل الجنّة سيّئ المَلَكة».(3)
وقال ابن الأعرابي: يُقال: «فلانٌ حسن الملكة» إذا(4) كان حسن الصنع إلى مماليكه، وسبب الخبر الأخير معروف وهو أنّه عليه السلام لمّا كان في المرض الذي توفّي فيه صعد المنبر وقال: «إن كان لأحدٍ قِبلي مظلمة فاطلبُوهُ منّي؛ فإنّ فضوح الدُّنيا أهون من فضوح الآخرة» ، فقام عُكَّاشَة بن مِحْصَنٍ فقال: يا رسول اللّٰه، ضربت بقَضيبك يوماً ما بين كَتِفَيَّ ، فكشف عليه السلام رداءه عن ذلك الموضع ليقتصّ عُكَّاشة، فانكبّ على خاتم النبوّة الذي كان بين كتفيه، وقبّله ومسح وجهه فيه، وقام آخر وقال: كذا وكذا يا رسول اللّٰه، وأراد أن يكون له أيضاً
ص: 184
مثل ذلك فقال عليه السلام: «سبقك بها عكَّاشة» .(1)
والمعنى: أنّ شدائدالدُّنيا أهون وأسهل من شدائدالآخرة؛ فإنّ هذه تَفنى وتلك تَبقى؛ وفضوح العاجلة مع الخَلق، وفضوح العاجلة مع الحقّ ، فشتّان بين الحالتين.
181. القَبْرُ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الآخِرَةِ .(2)
182. الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الاُولىٰ .(3)
183. دَفْنُ الْبَناتِ مِنَ المَكْرُمَاتِ .(4)
184. مُعْتَرَكُ المَنَايَا مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ .(5)
185. أَعْمَارُ اُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ .(6)
ص: 185
186. المَكْرُ وَالخَدِيعَةُ فِي النَّارِ.(1)
بيان الخبر الأوّل في تمامه وهو: «فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينجح منه فما بعده أشدّ منه» ، وفيه دليل على أنّ عذاب القبر حقّ .
وقال عليه السلام: «القبر روضة من رياض الجنّة أو حفرة من حُفر النار»(2)، فأهل القبور بعضهم في غبطةٍ وبعضهم في شدّة.
فقال أبو عبيد في معنى الخبر الثاني: إنّ كلّ ذي مَرْزِئَةٍ (3) ومصيبة فإنّ قصاراه وعاقبته الصبر، ولكنّه إنّما يحمده على أن يكون عند حدّة المصيبة وحرارتها.
بيّنَ عليه السلام أنّ الصبر المحمود المأجور عليه صاحبه هو ما كان عند(4) مفاجأة المصيبة وهي عند الصدمة الاُولى دون ما بعدها؛ فإنّه إذا طالت الأيّام عليها يقع السَّلْو ويصير الصبر حينئذٍ طبعاً، فلم يكن للآخرة موضع.
وقيل في سببه أنّه عليه السلام مرَّ بقبر تبكي عليه امرأة بكاءً شديداً، فعزّاها عليه السلام فلم تلتفت إليه، فقيل لها: أوَ تدرينَ مَنْ هذا؟ فقالت: لا. فقيل: هو رسول اللّٰه. فجاءت خلفه، فقالت: كيف يكون أجري، وكيف يكون حالي ؟ فقال عليه السلام: «الصبر عند الصدمة الاُولى».(5)
وقيل: معناه أمر بالصبر في أوّل حملة العدوّ في الحرب؛ فإنّه هو النافع.
ووصّى بعض ملوك العرب قومه في محاربة العجم فقال: «احتمِلوا رِشْقاً واحداً(6) وخالِطوهم بالسيف».
ص: 186
والعموم يتناول الوجهين، والصَّدْم: ضرب الشيء [الصُّلب] بمثله، و «الصَّدْمة»:
الحملة، وصَدَمَه صَدْماً: ضربه بجسده.
وأمّا قوله: «دفن البنات من المكرمات» ، فإنّما قاله كذلك لأنّ النساء عوراتٌ ، وأمرُ العورة أشدّ، وحالها أخوف وأهول من الذُّكور، فلذلك جعل دفنهنّ مَكرُمةً لهنّ ؛ لما فيه من الفراغ المتعلّق بهنّ .
وروي أنّه خرج هذا الكلام عنه عليه السلام في ابنته رقية، وقد كان كفي أمرها وسترها وترويحها.
وقريب منه قوله عليه السلام: «نِعمَ خَتَنُ الرجل القبر» . وفي رواية: «نِعمَ الخَتَن القبر» .(1)
وكان ابن عبّاس في سفر فنُعِيَتْ إليه بنتٌ فاستَرجع، ثمّ قال: «عورة سُترت، ومؤونة كُفيت، وأجرٌ سبق إلينا»، ثمّ نزل فصلّى ركعتين وقال: فَعَلْنا أمر اللّٰه في قوله: (وَ اِسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ اَلصَّلاٰةِ ) (2).(3)
وقال الحسن: «البنون نِعَم، والبنات حسنات، فالنِّعَم مسؤولٌ عنها، والحسنات مُثاب عليها»(4)؛ قال تعاليٰ : (اَلْمٰالُ وَ اَلْبَنُونَ زِينَةُ اَلْحَيٰاةِ اَلدُّنْيٰا وَ اَلْبٰاقِيٰاتُ اَلصّٰالِحٰاتُ ) (5)هنّ البنات»(6)، فعلى هذا معنى الخبر - أي دفن البنات زيادة في الحسنات والمكرمات - للمحتسبين بهنّ .
وقيل: أراد بذلك ما وعد اللّٰه أصحاب المصائب من الكرامة والرحمة.
والخبران بعده فإنّما ذكر فيهما مقدار الأعمار على الأغلب والعموم، وإلّا
ص: 187
فالإنسان يموت طفلاً صغيراً ويافعاً وكهلاً وشيخاً كبيراً، فأغلب حاله لا يجاوز هذه الغاية، ونبّه عليه السلام على ذلك لئلّا يَغفل المرء عن حاله إذا بلغ هذا القدر.
ومعنى الخبر الأخير أنّ المكّارَ الذي يحتال ليسلب من غيره المال والخُدَعَةَ الذي يَخْتُل الناس ويريد بهم المكروه من حيث لا يعلمون، كلاهما في النار؛ وإنّما قال إنّ عملهما في النار، تفخيماً لذلك.
وقيل: أراد بالمصدر من اسمي فاعليهما أو: ذو المكر وذو الخديعة في النار، فحُذف المضاف أي: مَن عَمِلَ مثل عملهما يستوجب دخولها إلّاأن يتوب.
و «المكر»: الاحتيال، و «الخديعة»: الخَتْل وإدخال المكروه على الغير.
وذكر عليه السلام هذه الكلمة تخويفاً وزجراً لمن فعل ذلك أن يتوب، ولمن همَّ به أن لا يشتغل بهذا الفعل السوء.
187. اليَمِينُ الفَاجِرَةُ تَدَعُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ .(1)
188. اليَمِينُ الكَاذِبَةُ مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مَمْحَقَةٌ لِلْكَسْبِ .(2)
189. اليَمِينُ عَلىٰ نِيَّةِ المُسْتَحْلِفِ .(3)
190. الحَلْفُ حِنْثٌ أوْ نَدَمٌ .(4)
ص: 188
يقول: لا تَلهَجوا(1) بالحلف باللّٰه تعالى كاذبين؛ فإنّها تُخرّب الدِّيار، و «اليمين الفاجرة» هي المائلة عن الحقّ ، الكاذبة. وفَجَرَ فجوراً أي فسق، وسمّت قريشٌ حرباً لهم في الأشهر الحرم «فِجاراً»؛ إيذاناً أنّهم فَسَقُوا بسببها، فكذا اليمين الغَمُوس يُفسق صاحبها، و «البَلْقَع»: الأرض القفر التي لا شيء بها، يُقال: «منزلٌ بَلَقْع ودار بلقع بغيرها» إذا كان نعتاً، فإذا كان اسماً قلتَ : انتهينا إلى بَلْقَعَة مَلْسَاء(2). يعني:
الحالف فُجوراً يَفتقر لا محالة ويذهب ما في بيته من المال.
وقيل: هو أن يفرّق(3) اللّٰه بسبب ذلك شَمْله، ويغيّر عليه ما أولاه من نعمة، و «البَلاقِع»: الخالية من كلّ شيء ومن كلِّ خيرٍ، وروي: «اليمين الغَموس تَدَعُ الدِّيار بَلاقِع»(4)، و «الغَمُوس»: يمين لا يُوصل بالاستثناء.
ونبّه عليه السلام بالخبر الآخر أنّ البائع إذا حلف كاذباً على قيمة متاعٍ أو على جُودَة سِلْعَةٍ (5) وكانت على خلاف ذلك، فإنّه وإن سُرَّ عاجلاً بسبب نفاق ماله وربحه في التجارة، فإنّه يندم على ذلك، وربّما يلحقُهُ الغُرم فيكون تمحيقاً للكسب. ووَصْفُ اليمين هنا بالكذب(6) وفي الخبر الأوّل بالفاجرة إعلامٌ بأنّ هذا دون ذاك، وإن كان بيمينه ظالماً لغيره يريد اقتطاع ماله أو منعه فاحتال عليه، وألغز(7) في يمينه، وحرّفها
ص: 189
عند نفسه، وتأوّل، فإنّ ذلك غير نافع له ولا مُخرج له من الحِنث، واليمين على نيّة المستحلِف، ولا ينفعه الكفّارة حتّى يتوب إلى اللّٰه من جُرأته وإقدامه على الحلف كاذباً، و الخروج إلى ذي الحقّ من حقّه.
فأمّا إذا كان مظلوماً أو قصد الحالف بيمينه حقناً لدم مسلم ويورّي فلا(1) بأس، ومعنى الخبر الأخير نهيٌ أن يجعل الإنسان عادته أن يحلف في كلّ صغيرٍ وكبيرٍ ولا يُبالي بكونه صادقاً أو كاذباً؛ فإنّ الحالف كذباً على الماضي يتأثّم ويتحرّج ويَذلّ في أعين الناس، وآخر هذا: الندمُ ، وإن حلف على المستقبل بأن يفعل طاعةً أو مباحاً ثمّ لا يفعله اختياراً فيحنث ويلزمه الكفّارة فضلاً عن إثمه، ومَن حلف صادقاً فهو معظِّم للّٰه ولا شيء عليه.
على أنّ الأولى أن لا يحلف الإنسان وإن كان صادقاً بين الناس، فربّما اتُّهمَ بكونه كاذباً.
يعني: إن كانت صادقةً ندم، وإن كانت كاذبةً حنث؛ فهي من الوجهين مكروهة.
191. السَّلَامُ تَحِيَّةٌ لِمِلَّتِنا، وَأَمَانٌ لِذِمَّتِنَا.(2)
192. عِلْمٌ لَايَنْفَعُ كَكَنْزٍ لَايُنْفَقُ مِنْهُ .(3)
193. الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الصَّائِمِ الصَّابِرِ.(4)
ص: 190
194. الصَّلَاةُ قُربَانُ كُلِّ تَقِيٍّ .(1)
195. بَيْنَ العَبْدِ وَبَيْنَ الكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ .(2)
196. مَوْضِعُ الصَّلَاةِ مِنَ الدِّينِ كَمَوْضِعِ الرَّأْسِ مِنَ الجَسَدِ.(3)
197. صَلَاةُ القَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ القَائِمِ .(4)
حثَّ أوّلاً بأن يُسلّم المؤمنون عند الملاقاة بعضهم على بعضٍ ؛ فإنّ السلام تحيّة الإسلام، وأمانٌ وعهدٌ لأهل الذِّمام. واسمُ «السلام» تحيّة، وهي كلمة مخصوصة يُحيّى بها، ومعنى «التحيّة»: البقاء والملك، والسلام: السلامة، و «الملّة»: أهل الدِّين، و «الأمان»: الأمانة من العذاب، و «الذمّة»: ما يُتذمّم به؛ أي لفظ «السلام عليكم» في هذه الاُمّة تحيّة لأهل شريعتنا وأمنٌ لمن كانت عليه حُرمة الإسلام.
ومعنى الخبر الثاني: أنّ العِلم الذي لا يُعمَل به ولا يُعلَّم الناس وبالٌ وحجّة على
ص: 191
عالِمه، كالكنز الذي لا يؤدّى زكاته؛ فإنّ ذلك وبالٌ علىٰ صاحبه. يريد: إذا علمتم فاعملوا وعلِّموا الناس. ثمّ سلّى من لا يتيسّر له الصوم ويريد أن يكون [له] ثواب ذلك، فليتقرّبوا إلى اللّٰه بكثرة الصلاة؛ فإنّهم ينالون بالخشوع والخضوع بين يدي اللّٰه في صلواتهم مثل ما ينال الأغنياء من الثواب بقرباتهم، والمتّقون يتقرّبون إلى اللّٰه بالصلاة. ثمّ نهى عن ترك الصلاة؛ فإنّها عَلَم للإيمان، وتركُها علامة للكفر، وكما لا بقاء للجسد دون الرأس فكذلك لا ثبات للِباس الدِّين دون الصلاة.
وجاء الخبر الأخير في نوافل الصلاة دون الفرض؛ لأنّ الفرض منها لا يجوز ولا يجزئ بالقعود مع القدرة على القيام، ولو صلّى صلاة فريضةٍ هكذا لم يَحُز ثواباً، فأمّا التطوّع منها فإنّ الإنسان إذا صلّى قاعداً مع الاختيار، فيكون ثواب كلّ ركعتين ركعةً واحدةً ؛ أي ثواب صلاة القاعد.
198. الزَّكَاةُ قَنْطَرَةُ الإِسْلَامِ .(1)
199. طِيبُ الرِّجَالِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ ، وَطِيبُ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ .(2)
200. التُّرَابُ رَبِيعُ الصِّبْيَانِ .(3)
ص: 192
201. الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ ؛ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ .(1)
202. الصِّدْقُ طُمَأْنِينَةٌ ، وَالْكَذِبُ رِيبَةٌ .(2)
إنّما جَعَلَ عليه السلام الزكاة قنطرة الإسلام لأمرين: أحدهما: أنّه أراد: كما لا يمكن عبور الأنهار إلّابالقنطرة، فكذلك لا يمكن العبد أن يجوز على الصراط إلّابأداء الزكاة إن كان واجباً عليه.
وقيل: إنّما سمّاها قنطرة لأنّه قال في حديثٍ آخر: «ضربَ اللّٰه مثلاً صراطاً مستقيماً، وعلى جنبتَي الصراط سورٌ فيه أبوابٌ مفتّحة، وعلى تلك الأبواب ستورٌ مرخاة، وعلى رأس الصراط داعٍ يقول: ادخلوا الصراط ولا تفرحوا»(3)؛ فالصراط الإسلام، والستور حدود اللّٰه، والأبواب المفتّحة محارم اللّٰه، [و] الداعي القرآن، فعلى هذا يكون الإسلام طريقاً، فيه ما يكون في سائر الطرق، فتكون الزكاة بعض أسباب الإسلام.
ثمّ ذكر بيان كيفيّة استعمال الطيب للرِّجال والنساء وإن كان الطيب مباحاً لجميعهم؛ لكنّ للرجال(4) ما ظهر ريحه كالمسك والغالية وماء الورد ونحوها، وللنساء ما بطن ريحه وظهر لونه كالحنّاء والخضاب؛ مخافَة الافتتان إذا خرجن، فأمّا إذا كنَّ داخلات في البيوت عند الأزواج فلا بأس لهنّ ؛ ظاهراً كان أو خفيّاً.
ص: 193
وأصل الخبر الثالث ما روي أنّ النبيّ عليه السلام مرَّ على جماعة من الصبيان يلعبون بالتراب فنهاهم واحدٌ من أصحابه، فقال عليه السلام: «أمسك؛ فإنّ التراب ربيع الصبيان» أي:
كما يفرح الرِّجال في الفصل الذي قد أدركت الثمار فيه وهو الربيع، و كذلك الصبيان إذا وجدوا التراب يفرحون للّعب(1) به.
فالربيع عند العرب اثنان: الأوّل: هو الفصل الذي يأتي فيه النور، والثاني: الذي تدرك فيه الثمرات. ولكليهما يُقال ربيع الأزمنة، والخبر إشارة إليه.
وقيل: شبّه التراب لهم بالربيع؛ لسلامتهم من الخطأ والعصيان.
وقد تُعُسِّف في تفسيره بأن قيل: هو إشارة إلى أنّ العاقل لا يغترّ بالدُّنيا ولا يفرح بالعقار، القصور والدِّيار؛ فإنّ الفرح بالتراب من شأن الصبيان.
وتقدير الخبرالرابع: «أصحاب الأرواح»، فحُذف المضاف، واُقيم المضاف إليه مقامه؛ وإنّما قلنا ذلك لأنّ التعارف والتناكر لا يصحّان على الأرواح؛ لأنّ الروح هو الريح.
وروي: «إنّ القلوب لأجناد مجنّدة»(2)، والعرب تُضيف الفعل إلى الجارحة فتقول:
قلبي يُحبّك، وعيني تُبصرك، ورجلي تمشي إليك، والمراد بجميع ذلك خلاف ظاهره؛ لأنّ المكلّف الفعّال هو هذه الجملة المشاهدة التي تتردّد في مجاريها الروح، وجَعَلَ أجزاءها الحياة في حكم الشيء الواحد. والمعنى أنّ الشكل الحقيقي طالب للاتّصال، فإذا وحَّده امتزج به كالمائين إذا اختلطا صارَ واحداً، والإنسان إذا عاين ما يشاكله اتّصل روحه بروحه، يتصادقان ويَسُرّ كلّ واحدٍ منهما بصاحبه، فيتّفقان على شهوة واحدة ومرادٍ واحد وحالٍ واحدة.
وقيل: هذا إشارة إلى معنى التشاكل في الخير والشرّ والصلاح والفساد؛ فإنّ الخيِّر من الناس يحنّ إلى شكله، والشرّير يميل إلى نظيره ومثله، فإذا تعارف الناس وكانت طباعهم متقاربة تألَّفوا، وإذا لم يتعارفوا أو تعارفوا واختلف أخلاقهم تنافروا وتناكروا، ولهذا صار الإنسان يُعرف بقرينه.
ص: 194
ومعنى الخبر الأخير: أنّ الصدق في الاُمور كلّها يورث الطمأنينة وهي سكون القلب وهدوء البدن، والكذب يُوقع في الريبة وهي التُّهمة؛ يعني: اصدقوا على كلّ حالٍ لتطمئنّ قلوبكم فلا تخافوا الفضيحة، ولا تكذبوا؛ فالكاذب يكون خائفاً من ظهور كذبه.
وقيل: معناه: أنّ القلب يطمئنّ بقول الصادق إذا عرف صدقه، ويرتابُ في الكاذب الذي عرف كذبه في عموم أحواله.
203. القُرْآنُ غِنىً لَافَقْرَ بَعْدَهُ ، وَلَا غِنىً دُونَهُ .(1)
204. الإيمَانُ بِالْقَدَرِ يُذْهِبُ الهَمَّ وَالحَزَنَ .(2)
205. والرَّغْبَةُ فِي الدُّنْيَا تُكْثِرُ الهَمَّ وَالحَزَنَ .(3)
206. البِطَالَةُ تُقْسِي القَلْبَ .(4)
207. العَالِمُ وَالمُتَعَلِّمُ شَرِيكَانِ فِي الْخَيْرِ.(5)
208. عَلَى اليَدِ مَا أَخَذَتْ حَتّىٰ تُؤَدِّيهِ .(6)
ص: 195
209. الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلعَاهِرِ الحَجَرُ.(1)
210. الضِّيَافَةُ عَلىٰ أَهْلِ الوَبَرِ، وَلَيْسَتْ عَلىٰ أَهْلِ الْمَدَرِ.(2)
يقول: اكتفوا بالقرآن واستغنوا به؛ فإنّ القرآن كفاية لا حاجة بعده، ولا غنى دون القرآن. وقيل: من رأى فقره وغناه بالقرآن، فقد علم يقيناً أن لا فقر دون جهله، ولا غنى دون علمه.
وقيل: إنّ مَن عَلِمَ القرآن وأحكامه فهو غنيٌّ في الدِّين والشريعة(3)، وهذا الغنيُّ لا يفتقر قطّ، ولا غنى بغير القرآن.
وذكر الغنى ونسبته إلى القرآن؛ لأنّ غنى الإنسان إنّما يكون بما يملكه من شيء شريف، ولا شيء أشرف مرتبة من القرآن، ولا غنيَّ أفضل قدراً من حامله. ورُوي:
«أهل القرآن أهل اللّٰه وخاصّته» .(4)
ومعنى الخبر الثاني: أنّ مَن يَعلم أنّ المرض والصحّة والغنى والفقر وسعة الرزق وضيقه كلّها بقضاءٍ من اللّٰه وقدرٍ؛ لمصلحة يراها للخلق، اطمأنّ قلبه، وسكنت نفسهُ إلى أحكام الحقّ ، ويرضى في حالتي الشدّة والرخاء، وإن سأل اللّٰه العافية؛ فإنّ عند الدعاء يتغيّر المصلحة، ولا يهتمّ من أيقن بأنّ مثل ذلك قضاء اللّٰه. و «الإيمان» هاهنا
ص: 196
بمعنى الإيقان، وإن حمل على التصديق الذي هو أصله فهو أحسن.
والمراد بالقَدر قدر اللّٰه وقضاؤه، وهذا لا يكون على العموم في أفعال العباد أيضاً؛ إذ لو كان الكفر والإيمان والطاعة والمعصية بقضاء اللّٰه لبطل الثواب والعقاب.
يعني: التصديق بأنّ الموت مقضيّ علينا من جهة اللّٰه يقلّل الغموم.
ومن لم يرغب في زينة الدُّنيا أراح قلبه وبدنه، فلا يُتعِب نفسَه بكثرة السعي ولا قلبه؛ فإنّ قلّة الرغبة في الدُّنيا تورث الراحة في القلب والبدن عاجلاً وآجلاً، والرغبة فيها تُكثر الهموم والأحزان، ومهمومه أي ثمرة الرغبة فيها كثرة احتمال الهمّ والحزن.
وأمّا قوله: «البطالة تُقسي القلب» ، فمعناه: لا تَسنُدوا إلى التعطّل من إصلاح اُمور الدُّنيا والآخرة؛ فإنّه يورث القسوة، وهي ذهاب اللِّين والشفقة والخضوع والخشوع، واللّٰه يبغض القلب القاسي الذي فيه الشدّة والغلظة.
وقال عليه السلام: «إنّ اللّٰه يبغض الصحيح الفارغ، لا في شغل الدُّنيا ولا في شغل الآخرة» .(1)
والخبر الرابع: حثٌّ على طلب العلم قبل قبض أهله، وإعلام أنّ الخير إنّما هو في تعلّم العلم وتعليمه، ولا مَنَّ لأحدهما على الآخر؛ فإنّهما شريكان في الخير.
ورُوي في الآخر: «فمَن لم يكن عالماً ولا متعلِّماً فلا خير فيه»(2)؛ أي يجب على العالم أن يُعلِّم؛ فإنّه يسعى لخيره واحده(3)، ويجب على الجهّال أن يطلبوا العلم حتّى ينفى جهلهم ويعبدوا اللّٰه به.
وروي: «على اليد مَا أخذتْ حتّىٰ تؤدّي»(4)؛ أي ثابت على كلّ يدٍ ما أخذته حتّى
ص: 197
تؤدّيه إلى ما يجب أداؤه إليه، فإن رجّع إنسان إليك شيئاً ليعطيه غيرك فما دام في يدك فهو عليك حتّى يوصله إليه، وإن استعرتَ شيئاً فعليك أن تردّه إلى المُعير، وهذا أعمّ من الرواية الاُخرى.
واستدلّ الشافعي وابن حنبل بهذا الخبر على أنّ العارية مضمونة على الإطلاق(1)، وعندنا كذلك على بعض الوجوه.
ومعنى قوله: «إنّ الولد للفراش» أنّ الولد لصاحب الفراش، وللزانية الرجم؛ وهذا إذا كان للرجُل زوجة يروح ويغدو إليها ويطؤها كلّ وقتٍ ، فوطأها غيره سفاحاً في خلال ذلك، فظاهر الشرع يأمر بأن يُنسب الولد إلى صاحب الفراش إلّاأن يكون هناك أمارة ظاهرة.
فأمّا من قال: «لو كان رجل بمصر وزوجته بالعراق منذ عشرين سنة، فإن زنى بها رجل وأتت بولدٍ فإنّ هذا الولد لصاحب الفراش» فلا يصحّ ؛ لأنّ الفراش هو العقد مع التمكّن من الوطئ ومع الوطئ، ولا يصحّ : يستحلّ كلّ زانٍ الرجم بلا خلاف، وإنّما ذلك حدّ المُحصن والمُحصنة إذا زنيا.
فالمراد بقوله: «وللعاهر الحجر» : المرأة المحصنة دون الرجل الذي زنا بها؛ لأنّه لايجوز أن يُقال: كان محصناً أو غير محصنٍ وقد أطلقه عليه السلام، فهي تستحقّ الرجم على ما هو ظاهر الخبر على الإطلاق؛ لأنّها بشرائط الإحصان فقد ثبت أنّ الفراش هو العقد مع التمكّن من الوطئ.
ومعنى أنّ لها الحجر: أن يُرجم بالحجارة، وهذا بلاغة يَعرفها الفصحاء، ولا يُطعَن على ذلك بأنّ لفظ العاهر للمذكّر؛ لأنّ الكناية عنها.
وقد تقدّم في الخبر بلفظ التذكير وهو الفراش، والازدواج في الكلام من أهمّ الاُمور، ومسألة اللِّعان تسجّل ما ذكرنا.
ص: 198
ويحثّ أصحابَ الأنعام على الضيافة، ويمهِّد العذر لصاحب الأرضين في الخبر الأخير، وأراد بالوبر بيوت العرب ومن يسكن البوادي؛ لأنّ الغالب أنّ بيوتهم من الصوف والشَّعر ونحوهما، وأراد بالمَدَر دُور العجم والحضريّين ومن يجانسهم؛ لأنّها من اللِّبِن والآجر والطين والحجر وغير ذلك. أي: الضيافة واجبة وثابتة على أهل الوبر؛ لأنّهم لا تخلو بيوتهم من لَبَن أو أَقِطٍ(1) أو سَمْن أو لحم، وأهل المدر وإن كانوا ذوي دارٍ وعقارٍ فربّما لا يحضرهم شيء يُطعم.
وقيل: معناه: أكثر الناس استبشاراً وأوفرهم اهتزازاً بوصول الأضياف ونزولهم والقيام بحقوقهم وحُرمتهم من سائر الناس: العرب. وقيل: السَّخاءُ في العرب.
211. لِلسَّائِلِ حَقٌّ وَإِنْ جَاءَ عَلىٰ فَرَسٍ .(2)
212. أيُّ دَاءٍ أَدْوىٰ مِنَ البُخْلِ .(3)
213. العَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ .(4)
214. النَّظَرُ فِي الخُضْرَةِ يَزِيدُ فِي الْبَصَرِ، وَالنَّظَرُ فِي المَرْأَةِ الحَسْنَاءِ يَزِيدُ
ص: 199
فِي الْبَصَرِ.(1)
215. اُمَّتي الغُرُّ المُحَجَّلُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ .(2)
216. التَّصْفِيقُ (3) لِلنِّسَاءِ ، وَالتَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ .(4)
يقول أوّلاً: لا تُخَيِّب السائل إذا سألك؛ فإنّ له حقّاً واجباً، ولا تردَّه وإنْ جاء راكباً على فرسٍ ؛ فربما يكون وراء ذلك عَيلةٌ ودَينٌ يجوز له معها أخذ الصدقة، ولا تبخل، ولا داء أوجع من أن يَبخَل الإنسان بما يجب عليه، والبُخل عادة يعوّدها الرجل نفسه فيصير طبعاً أو خُلقاً، قال تعالى: (وَ أُحْضِرَتِ اَلْأَنْفُسُ اَلشُّحَّ ) (5).
وقد سمّاه عليه السلام داءً لأنّ العرب تستعمل لفظ الداء في الآفات والعيوب ومساوئ الأخلاق؛ فإذا تَبايَعوا قالوا: «برئت من كلّ داء» يريدون العيب.
قال أبو عبيد: ضرب المثل بما سمّى البخل داءً لِما يلحق صاحبَه من العار والإثم وإن لم يكن داءً في البدن.
ومعنى الخبر الثالث النهي عن استرداد الهبة واسترجاعه، يقول: إذا وهبت إنساناً هبةً فليس لك أن تَرجع في هِبتك؛ فإنّ مَن يَرجع في هبته كلبٌ يأكل ما قاءه.
ص: 200
والرجوع في الهبة ربما يكون محظوراً وربما يكون مكروهاً، وتفصيل ذلك يطول.
وروي: «مثل العائد في هبته» .(1)
وأمّا الخبران في النظر؛ فمعنى أوّلهما: انظروا - إذا أردتم ازدياد قوّة بصركم وبصيرتكم - في الخضرة؛ فإنّ الخضرة تزيد في شعاع العين، ويقول الأطبّاء: مَرهم الأرمد بالنظر إلى الخضرة.
وقيل: أراد نظر الاعتبار في قدرة الملوِّن(2)، فإذا ما نظر العاقل في الملوّن يزيد ذلك في بصر الحقيقة وهو البصيرة، وإنّما خصّ الخضرة لأنّ الناس ينظرون إليها أكثر مِن النظر إلى غيرها من الألوان تفكّراً وتدبّراً وتنزّهاً وتعجّباً على حسب درجاتهم. وإذا نظر الرجل إلى زوجته الحسناء وجاريته الجميلة بشهوة أو غير شهوة أو لعبرة، فإنّ نظره يزيد في بصره وبصيرته، ويُقال: نظر إليه بالجارحة، ونظر فيه بالتفكّر؛ هذا هو الأصل، ثمّ يتداخلان.
وفائدة الخبر السادس تفضيلٌ لاُمّته على سائر الاُمم.
«الأغرّ» من الخيل: الأبيض موضع، و «المحجّل»: الأبيض هو موضع الخلخال، والغرّة والتحجيل كلاهما استعارة ومجازٌ في الخبر؛ أراد أنّ النور يُضيء من أعضاء(3) وضوئهم، فيخرجون من بين الظلمات بسببه.
وبيّنَ عليه السلام في الخبر الأخير حكم من يكونُ في الصلاة ودعاه غيره، فإذا أراد تنبيهه على أنّه مُصلٍّ وبينهما حجاب، فإن كانت امرأةً فلتضرب كفّها اليُمنى على ظهر كفّها اليُسرى، وإن كان رجلاً فليقل «سبحان اللّٰه» بأعلى صوته إذا كانت الصلاة ممّا يخافت فيها، وإن كانت ممّا يجهر فيها فليجعل صوته أرفع ليسمعه، وهذان الإعلامان لا يُفسدان الصلاة؛ لهذا النصّ ، والتصفيق على ما ذكر، وإذا سها غير الإمام فكذلك.
ورُوي: «التصفيح للنساء»(4)، [و] هو التصفيق من صفحتي اليدين يعني في الصلاة،
ص: 201
ومثله قوله عليه السلام: «إذا فات المصلّي في صلاته شيء فأراد تنبيهه مَن بحذائه، فيسبّح الرجل، وتصفِّق المرأة بيديها»(1).
217. النَّظَرُ(2) سَهْمٌ مَسْمُومٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ .(3)
218. الشُّؤْمُ فِي المَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالدَّارِ.(4)
219. نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ : الصِّحَّةُ وَالفَراغُ .(5)
220. وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ .(6)
221. الجُبنُ وَالْجُرْأَةُ غَرَائِزُ يَضَعُهُمَا اللّٰهُ حَيْثُ يَشَاءُ .(7)
ص: 202
أمر عليه السلام بالخبر الأوّل بغضّ البصر عن المحارم كلّها؛ يقول: لا تنظروا إلى امرأة يحرُمُ لكم النظر إليها؛ فإنّ نظركم(1) إلى وجهها وإلى محاسنها سهمٌ من جملة سهام إبليس اللَّعين، وقد جعله مسموماً يَقتل مَن يصيبه.
وبيان الخبر في تمامه وهو ما روى عليه السلام عن اللّٰه تعالى أنّه قال: «النظرة سهمٌ من سهام الشيطان، فمن تركها من مخافتي أثبتُّه بما يجد حلاوته في قلبه».(2)
وأمّا نظرة الفَجْأَة فغير مؤاخَذٍ بها ناظرها، وبالاُخرى مأخوذ.
وبيان الخبر الثاني فيما قال عليه السلام وهو: «إن كان في شيء - يعني الشؤم - ففي المرأة أن لا تلد، وشؤم الفرس أن لا يُحمل عليها في سبيل اللّٰه، وشؤم الدار سوء الجوار».
وروي أنّ أنساً روى هذا الحديث، فسمعتْ به عائشة وقالت: ليس الأمر علىٰ ما زعمت، وإنّما كان رسول اللّٰه يوماً يحدّث عن اعتقادات الجاهليّة، فدخلتُ في وسط الكلام، ولم تكن سمعت أوّله، فظننت أنّه يخبر به من قبل نفسه، وكنت أسمع جميع ذلك من وراء الحجاب.(3)
ثمّ حثَّ في الخبر الثالث مِن اغتنام الفرصة قبل مجيء فوتها، وبيّن عظم هاتين النِّعمتين وتغافل أكثر الناس عنهما وكُفرانهما وتضييعهما، فمِن حقّ الصحّة قبل السقم والفراغ قبل الشغل أن يُكثَر طاعة اللّٰه فيهما، فمن لم يغتنم الطاعة في تلك الحالة صار مغبوناً يوم القيامة. والصحّة والفراغ كلاهما مبتدأ، والخبر «نعمتان»، و «مغبون فيهما» صفة نعمتان، وارتفع «كثيرٌ» بمغبون، أي: سيُغبن فيهما كثير من الناس.
والخبر الرابع إلى ما كان بعد رسول اللّٰه من بلاء العرب خاصّةً والفتن الواقعة بينهم، نَعى نفسه إليهم، وبيّن كلمةُ «الويل» أنّ أكثرهم يُبتلى ببليّة ويُصاب بشرٍّ ومعصية بسبب ما تجني يداه، و «الويل»: شدّة عذابٍ يكون على سبيل الاستحقاق؛ قال تعالى: (فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمّٰا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَ وَيْلٌ لَهُمْ مِمّٰا يَكْسِبُونَ ) (4).
ص: 203
وقيل: إنّما ذَكَرَ العربَ لفرط حبّه لهم ولشدّة شفقته عليهم، والمراد: ويلٌ لجميع الناس من فتن آخر الزمان ممّن باكٍ يبكي لاحققه(1)، و «من شرٍّ قد اقترب» أي قرب الساعة.
ومعنى الخبر الأخير: لا تعيبوا أحداً بسبب جبن فيه، ولا تمدحوا آخر بجرأةٍ تكون فيه؛ فإنّهما غريزتان وخُلقان يخلقهما اللّٰه في مَنْ يشاء من عباده. و «الجُبن»:
خوف التقدّم على المحاربة، و «الجرأة»: قلّة المبالاة بها. إنّ الشهوة في التأخّر من المحاربة والنفرة في الإقدام إليها من قِبل اللّٰه، فينبغي أن لا يَتّبع الرَّجُل شهوته ويَكسِر شهوته، والعيب عليه، والذمّ بسبب فعله لا من جهة اللّٰه.
222. مِنْ كُنُوزِ(2) البِرِّ كِتْمَانُ المَصَائِبِ وَالأَمْرَاضِ وَالصَّدَقَةِ .(3)
223. مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ أَنْ يُشْبِهَ أَبَاهُ .(4)
224. مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ حُسْنُ الخُلُقِ .(5)
225. أَهْلُ المَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ المَعْرُوفِ فِي الآخِرَةِ .(6)
ص: 204
226. الخَازِنُ الأَمِينُ الَّذِي يُعْطِي مَا اُمِرَ بِهِ طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ أَحَدُ المُتَصَدِّقِينَ .(1)
يقول: لا تُظهروا الشكوى من بلاء اللّٰه؛ فإنّه مصلحة لكم، واكتموا ما تتصدّقون به؛ لئلّا يتأذّى به المُعطَى ولا يكون رياء؛ فإنّ كتمان هذه الاُمور من جملة الكنوز التي فيها البرّ والطاعة، والبرّ والمبرّة خلاف العقوق، و «هو يبرّ خالقه» أي يطيعه.
وقيل: من كنوز الجنّة: ترك إعلام الناس لمصائبه، والصبر عليها، وترك الشَّكِيَّة في أمراضه، وترك الجهر بالصدقة المتطوّع بها.
وللخبر الثاني معنييان:
أحدهما: أنّ الرجل إذا شبه أباه خلقاً وخُلقاً كان أحبّ إلى قلب أبيه، فيكون أشفق به، فيخصّه أبوه بكلّ خير في يده، وهذا من جملة سعادته.
والمعنى الآخر: أنّ السعادة في الإنسان علامتها أن يشبه أباه آدم عليه السلام ولا يتشبّه بالشيطان؛ يختارُ الطريقة المحمودة المرضيّة عقلاً وشرعاً، فاتّباع آثاره هذه حينئذٍ تعدّ من سعادة المرء وإقباله.
وقيل: هذا مخصوصٌ في رجلٍ كان أبوه على سيرة حَسَنة. ومن سعادة [المرء] حُسن خُلقه؛ لأنّه إذا كان حسن الخلق [الناس] إليه أميل في الصحبة والمحبّة والعشرة، ولا يكون ذلك في كثرة [ربطه معهم] قولاً وسعة إنفاقه عليهم.
أراد بالخبر الرابع الحثّ على الإحسان إلى الخَلق والإنعام عليهم قولاً وفعلاً؛ فإنّ الخير في الدُّنيا له في الآخرة أيضاً حسن الشفاعة في المذنبين وذوي الزلّات من المؤمنين؛ يقول: [مَن] يَشفع للناس في الدُّنيا شفّعه اللّٰه غداً أيضاً في حقّ المجرمين، فيكون وجيهاً عند اللّٰه يوم القيامة كما كان وجيهاً عند خلقه.
ص: 205
وقيل: معناه: مَن جعل نفسه من أهل الإحسان اليوم فاللّٰه يُحسن إليه غداً، ومعنى الخبر الأخير حثّ لوكيل الغير إذا اُمر بالخير أن يُسارع فيه طيّب النفس بذلك؛ ليكون له مثل ثواب الآمر، وهذا دليل على جواز التوكيل في إيتاء الزكوات والصدقات.
فنهى عليه السلام كلّ خادم إنسان وقهرمان يكون في يده حفظ الأموال والأطعمة وغيرها إذا أراد سيّده بإعطاء شيء فقيراً أن يباعد عنه وأن يدافعه من اليوم إلى الغد، وإذا أعطى أعطى شيئاً لا ينتفع به، بل يجب عليه [أن] يبالغ في المسارعة إلى جنازة، [و] الأجر والثواب لنفسه ولآمرهِ .
227. السُّلْطَانُ ظِلُّ اللّٰهِ فِي الأَرْضِ يَأْوِي إِلَيْهِ كُلُّ مَظْلُومٍ .(1)
228. كَلاَمُ ابْنِ آدَمَ كُلُّهُ عَلَيْهِ لَالَهُ إِلَّا أمْراً بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْياً عَنْ مُنْكَرٍ أَوْ ذِكْرَ اللّٰهِ تَعَالىٰ (2)
229. التَّؤُدَةُ [وَالتَّثَبُّتُ ] وَالاِقْتِصَادُ وَالصَّمْتُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّةِ .(3)
بيان الخبر الأوّل في تمامه وهو: «فإذا أحسن فله الأجر وعليكم الشكر، وإذا أساء فعليه الإصر وعليكم الصبر» ، والسلطان هو المتسلّط على الناس، وظلّ السلطان
ص: 206
سريع الزوال.
وقيل: معناه: أنّ الإمام العدل من قبل اللّٰه المنصوب بين الخلائق لمصالحهم هو سلطان اللّٰه وظلّه على الضعفاء؛ ينزلون بفنائه، ويَلتجئ إلى قوّته كلُّ مظلوم، فهو ينصره ولا يخذله، فعليكم أن تعينُوه وتوازِروه وتَفرحوا بمكانه ولا تحاسدُوه.
وأراد بالظلّ ما يستريح به التعِب. وقيل: «ظلّ اللّٰه» أي خاصّة اللّٰه، ومن يكون عدله مثل عدل اللّٰه، [و] كأنّ فعله حكاية عَن فعله تعالى، كظلّ كلّ شيء؛ فإنّه يطول بطوله ويقصر بقصره.
وأوى إليه يأوي أي يرجع، والإيواء ترجيع فيه فائدة.
ثمّ أمرَ بقلّة الكلام إلّابذكر اللّٰه ونحو ذلك، والمعنى: مَن جاوز كلامُه هذه الأشياء الثلاثة المذكورة، لابدّ أن يُكتب عليه وزره، وأكثرُ بلاء الإنسان من مقالهِ .
ويُروى مرفوعاً إلى رسول اللّٰه أنّ معناه في قوله تعالى: (لاٰ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوٰاهُمْ إِلاّٰ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاٰحٍ بَيْنَ اَلنّٰاسِ ) (1) الآية.
وقيل: يعني: إنّ كلام ابن آدم كلّه يعود عليه إثمه ولا يكون له به فائدة يُصيبها.
ثمّ استثنى فقال: «إلّا أمراً بمعروف» وهو ما يعرفه الناس في النفوس من محاسن الشيم ويستحسنه العقول من مكارم الأخلاق، أو نهياً عن منكرٍ وهو إذا حضره فعل منكر أو قول قبيح يتقدّم ليمتنع، فإذا لم يقدر إنكاره فليُظهِر عجزه ويكون كارهاً لذلك بالقلب؛ ليسقط عنه الحقّ الواجب. أو ذِكرَ اللّٰه تعالى؛ فإنّه دواءٌ ، وذكر الناس داء.(2)
وحثّ أخيراً على تلك الخصال المحمودة التي هي: الرفق في الاُمور كلّها، والدوام على أمرٍ لا يكون فيه تقصير ولا سرف، والسكوت عن المنهيّات، وترك العجلة. يقول: مَن اجتمعت فيه هذه الخِلال الرضيّة لَقِيَه الناس بالتعظيم، وألبسه اللّٰه لباس أنبيائه؛ فإنّ مجموع هذه الاُمور الحسنة جزءٌ من النبوّة.
ص: 207
فإن قيل: لِمَ أجزاء النبوّة ستّة وعشرين جزءاً؟ قلنا: روى ابن بابويه في كتاب النبوّة(1) أنّ محمّداً لمّا أتاه جبرئيل عليهما السلام وأمره أن يقول للناس أنّه رسول اللّٰه إليهم ويعلّمهم معالِم الدِّين، كان له أربعون سنة، فعاش بعد ذلك ثلاثة وعشرين سنة بمكّة والمدينة، وكان عليه السلام يوحي إليه في خاصّة نفسه قبل ذلك بثلاث سنين، ومن قبل هذا منذ حال تكليفه كان محدَّثاً بأحكام شرعيّة يحتاج إليها بنَكْتٍ في القلب ونَقْرٍ في السمع وإلهام، فيكون جملة مدّة نبوّته ستّاً وعشرين سنة، فأشار بهذا الحديث إلى عظم شأن هذه الخصال الثلاث التي فاتحتها التُّؤَدَة، وخاتمتها الصمت، وواسطتها الاقتصاد.
وقيل: إنّ مجموع هذه الثلاثة أو الأربعة التي رويناها أوّلاً جزءٌ من ستّة وعشرين جزءاً من النبوّة، فمراده - واللّٰه أعلم -: أنّ اللّٰه سبحانه علّمني هذه الثلاثة الخصال في سنة تامّة، ولم يُنزِل عليَّ ولم يوحِ إليَّ في تلك السنة إلّاالوصيّة بهذه الأشياء، فكأنّها جزءٌ من أجزاء نبوّتي.
و «التَّؤُدَةُ »: الرفق؛ يُقال: اتَّئِدْ يا فلان، أي ارفق، والمقتصد(2) في القرآن هو من كان بين السابق والظالم.
230. الأَنْبِيَاءُ قَادَةٌ ، وَالفُقَهَاءُ سَادَةٌ ، وَمُجَالَسَتَهُمْ زِيَادَةٌ .(3)
231. المُتَشَبِّعُ بِمَا لَايَمْلِكُ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ.(4)
ص: 208
232. الوُضُوءُ قَبْلَ الطَّعَامِ يَنْفِي الفَقْرَ، وَبَعْدَهُ يَنْفِي اللَّمَمَ وَيُصِحُّ الْبَصَرَ.(1)
ومعنى الخبر الأوّل أمرٌ، أي: اقتدوا بالنبيّين؛ فإنّ اللّٰه قد جعلهم قادةً للخلائق، واهتدوا بهُداهم، وتخلّقوا بأخلاقهم، وجالِسوا الفقهاء؛ فإنّهم سادة الخلق يجب تعظيمهم والانتهاء إلى أقوالهم، فعليكم بمجالستهم لكي تزيدوا في الشريعة والحقيقة والعلم في الحلال والحرام والفرائض والسنن والإخلاص الذي يُبصِرُ من العمى ويدعو إلى الرُّشد والهدى.
ومعنى الخبر الثاني: أنّ المتزيّن بأكثر ما عنده يتكثّر بذلك ويتزيّن بالباطل كلابس ثوبي زورٍ؛ فإنّه يلبس ثياب أهل الزُّهد في الدُّنيا، ويُرائي بذلك للناس، ويُظهر لهم من التمشّع(2) والتقشّف(3) أكثر ممّا في قلبه، فهذا إثبات الزور والرياء.
و «الشِّبَع»: نقيض الجوع، يُقال: شَبِعْتُ من خبزٍ ولحم، و «التشبّع»: إظهار ذلك مع إرادته وإن لم يكن هذا حقيقته في وضع اللغة. ومَن جَعلَ نفسه شَبعى من خبز غيره بأن يَعتمد على ذلك ولا يُحصّلهُ لديه، فهو كمن استعار الرداء والإزار من الغير، فإذا احتاج إلى الطعام لا يكون له، كالمستعير إذا ما استُردّت العارية منه يبقى عرياناً.
وأدّب عليه السلام بالخبر الأخير الأعراب الذين لم يكونوا يغسلون أيديهم بعد الفراغ من الطعام ويقولون: «فقره أشدّ علينا من ريحه!»، وأمرهم بغسل اليدين والفم من الأكل من كلّ ما مسّته النار وغيره ممّا له زُهومة(4) ورائحة كريهة يضرّه ويتأذّىٰ به جليسه. وهذا وإن كان خاصّاً في حقّ هؤلاء، فعموم لفظه يتناول جميع المكلّفين، وسمّى غسل اليد وضوءاً وهو النظافة في موضوع العربيّة.
ص: 209
وقال عليّ عليه السلام: «الأكل على الجنابة يُورثُ الفقر، ومواساة الأخ في اللّٰه تزيد في الرزق، والاستغفار يزيد في الرزق، وإجابة المؤذِّن يزيد في الرزق، وترك الكلام في الخلاء يزيد في الرزق»(1).
ومراده عليه السلام: غَسلُ اليدين قبل تناول الطعام تعظيماً له يزيل الفقر المعروف. وقيل:
هو عدم القناعة وقلّة الرِّضا به. وغسلهما بعد الفراغ منه يزيل اللَّمم وهو ما يُلِمُّ بالإنسان من الجنون وغيره، ويورث صحّة البصر.
وكان ضيفٌ عند الصادق عليه السلام فأمره قبل الطعام بغسل اليدين فأبى، فقال عليه السلام: «هذا الغسل لابدّ منه؛ فإنّه بركة لبيتنا، وإذا أكلت ولم ترد غسلهما بعد ذلك فهو إليك، إن شئت مصلحة نفسك فافعل، وإلّا فلا».(2)
233. القَاصُّ يَنْتَظِرُ المَقْتَ ، وَالمُسْتَمِعُ إِلَيْهِ يَنْتَظِرُ الرَّحْمَةَ ، وَالتَّاجِرُ يَنْتَظِرُ الرِّزْقَ ، وَالْمُحْتَكِرُ يَنْتَظِرُ اللَّعْنَةَ .(3)
234. السَّعَادَةُ كُلُّ السَّعَادَةِ طُولُ العُمُرِ فِي طَاعَةِ اللّٰهِ تَعَالىٰ .(4)
235. وَالشَّقِيُّ كُلُّ الشَّقِيِّ مَنْ أَدْرَكَتْهُ السَّاعَةُ حَيّاً لَمْ يَمُتْ .(5)
ص: 210
236. الوَيْلُ كُلُّ الوَيْلِ لِمَنْ تَرَكَ عِيَالَهُ بِخَيْرٍ، وَقَدِمَ عَلىٰ رَبِّهِ بِشَرٍّ.(1)
يقول: إنّ القاصَّ الذي يَقُصُّ أخبار الماضين، ويروي حكاياتهم، ويتّبع أبداً القصّ بغير علم وتحرّج، لا يأمن عليه الزيادة والنقصان وما لا أصل له، فإذا كان شاكّاً في ذلك وعلى وجلٍ من كلامه ومع ذلك فيحدّث به، فمِن شأنه انتظارُ «المقت»؛ وهو في اللغة أشدّ البغض، ويُحمل هنا على بغض اللّٰه.
وقيل: هو القاصّ الذي يقصُّ الناس على الطمع ينتظر المقت، وهو اليأس عن الذي طمع فيه، ويكون متردّداً بين أن يكون وبين أن لا يكون، والذي يستمع إلى كلامه يكون على رجاء من رحمة اللّٰه بإسماعه ذكر اللّٰه تعالى وحسن صنعه بخلقه من المؤمنين وشدّة عذابه واستيصاله للكافرين.
ثمّ قال: التاجر الذي يوجب في التجارة البيع والشرى لانتظار الرزق من سعة فضل اللّٰه إذا كانت التجارة خالية عن الشّبهة والتُّهمة التي تورثُ الفساد، وللذي(2)يقتضي - وهو المتمنّي غلاء السعر على اُمّة محمّد صلى الله عليه و آله - انتظار اللعنة بسوء نيّته وقبح معاملته مع المسلمين، و «اللعنة» هو الإبعاد، ولعنة اللّٰه على العبد إبعاده العبد من رحمته. يريد: التجارة سُنَّة، والاحتكار مكروه، وكلّ مَن تربّص الطعام لَعَنَه الخلق والخالِق(3) إذا لم يوجد إلّامن عنده.
ثمّ قال: إنّ السعيد مَن طال عمره، ولم يكن مشتغلاً إلّابطاعة اللّٰه.
وقيل: مفهوم هذا الخبر أنّ مِن أعظم الشقاء مَن كان طول عمره في معصية اللّٰه؛ لأنّ الموتى كلّهم في تمنّي إدراك ركعتين وحيازة أجر وعمل برّ، وليسوا بقادرين
ص: 211
عليها. وتحقيقه الحثّ على المواظبة على الطاعة طول العمر؛ فإنّه السعادة التي لا شقاء معها، والبشارة لمن هذه حاله.(1)
ومن علامات الشقاء إيثار الفناء على البقاء، وعلامة ذلك أن يبقى الإنسان فاجراً إلى وقتٍ لا تُقبَل التوبة فيه، ومن أدركه القيامة وهو حيٌّ أيضاً من الأشقياء؛ فإنّ ذلك أيضاً علامة الشقاء.
والمشاقاة في اللغة: المعاناة والمقاساة.
وأراد بالخبر الأخير أنّ شدّة العذاب لمن جمع مالاً من حِلٍّ وحرامٍ ولم ينتفع به لنفسه، [ف] يكون عليه خسرانه وأورثته رجحانه.(2)
و «الويل» في اللغة كلمة يَستعملها القائل(3) لكلّ واقع في هلكة، وقيل: الويل وادٍ في جهنّم(4).
237. دَعْوَةُ المَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ ، وَإنْ كَانَ فَاجِراً فَفُجُورُهُ عَلىٰ نَفْسِهِ .(5)
238. ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَاشَكَّ فِيهِنَّ : دَعْوَةُ المَظْلُومِ ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الوَالِدِ عَلىٰ وَلَدِهِ .(6)
ص: 212
239. القُضَاةُ ثَلَاثَةٌ : قَاضِيَانِ فِي النَّارِ وَقَاضٍ فِي الجَنَّةِ .(1)
روي أنّ دعاء صنفين من الناس مُستجابٌ لا محالة مؤمناً كان أو كافراً؛ دعاء المظلوم، ودعاء المضطرّ؛ لأنّ اللّٰه قال: (أَمَّنْ يُجِيبُ اَلْمُضْطَرَّ إِذٰا دَعٰاهُ ...) (2)، وقال النبيّ صلى الله عليه و آله: «دعوة المظلوم مستجابة» .
و «الفاجر» في الخبر هو الكافر؛ كقوله: (أُولٰئِكَ هُمُ اَلْكَفَرَةُ اَلْفَجَرَةُ ) (3).
فإن قيل: أليس يقول اللّٰه: (وَ مٰا دُعٰاءُ اَلْكٰافِرِينَ إِلاّٰ فِي ضَلاٰلٍ ) (4) فكيف يُقال دعاء المظلوم مستجاب وإن كان كافراً؟
قلنا: الآية التي تلوتنا هي دعاء الكفّار في نار جهنّم في دار الجزاء، وهناك لا تقبل التوبة، ولا تُرحم العبرة، ولا تُجاب الدعوة؛ والخبر الذي نتكلّم عليه في دار الدُّنيا.
ثمّ قال: إنّ اللّٰه يستجيب ثلاثةَ أدعيةٍ البتّة لا مجال للشكّ (5) فيها: أحدها دعاء مَنْ ظُلِمَ ولا ناصر له إلّااللّٰه فهو الذي يُخاف على ندائه ويُرجى استجابة دعائه، والثاني دعاء الغريب الذي سافر من وطنه في طاعةٍ أو مباحٍ يُقاسي الأهوال والأقطار، فدعاؤه أيضاً مُستجاب في خاصّ نفسه ولإخوانه المؤمنين؛ لأنّ اللّٰه بالمسافر رحيم. وأمّا الوالد فهو أحقّ بالحُرمة من الوالدة، ومن كانت حرمته عليك أعظم كان دعاؤه لك أرجى إجابة.
وبيان الخبر الأخير في تمامه وهو: «الذي في الجنّة؛ فرجل عرف الحقّ وقضى به، وأمّا
ص: 213
اللّذان في النار فرجلٌ عرف الحقّ فخان به في الحكم، ورجلٌ قضى للناس على جهلٍ ».
وقال العلماء: إنّ هذا الخبر يدلّ على أنّ كلّ مجتهدٍ ليس بمُصيب؛ إذ لو كان كلّ مجتهدٍ مصيباً لم يكن لهذا التفسير معنى.
وروي: «القضاة أربعة؛ ثلاثة في النار، وواحدٌ في الجنّة» .(1)
240. خَصْلَتَانِ لَاتَكُونَانِ فِي مُنَافِقٍ : حُسْنُ سَمْتٍ ، وَ فِقْهٌ فِي الدِّينِ .(2)
241. خَصْلَتَانِ لَاتَجْتَمِعَانِ فِي مُؤْمِنٍ : البُخْلُ وَسُوءُ الخُلُقِ .(3)
242. عَينَانِ لَاتَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ مِنْ خَشْيَةِ اللّٰهِ ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ .(4)
243. مَنْهُومَانِ لَايَشْبَعَانِ : طَالِبُ عِلْمٍ وَطَالِبُ دُنْيَا.(5)
ص: 214
يعني: إنّ هاتين الخصلتين لا تكاد توجدان في المنافق؛ إحداهما: حُسن السمت وهو الطريق المرضيّ والمذهب المحمود والحالة الحسنة المقبولة عند اللّٰه وعند الناس، والثانية: الفقه في الدِّين؛ وهو حُسْنُ الفِطنة في أحكام الشريعة.
ثمّ قال: المؤمن لا يكون بخيلاً سيّئ الخُلق. ربما يكون فيه إحدى هاتين الخصلتين، فأمّا البُخل وسوء الخُلق فلا يجتمعان فيه، وفي الأغلب لا يكون إحداهما في المؤمن أيضاً.
قال النبيّ عليه السلام: «إنّ الخُلق السيِّئ ليُفسد الإيمان كما يفسد الخَلُّ العسل».(1)
وتقدير الخبر الثالث: صاحب العينين لا يمسُّ بشرتهما النار(2) إذا صدرت منهما هاتان الخصلتان المذكورتان، فحذف المضافات ولم يُرد عليه السلام العين نفسها؛ لأنّ النار لا تُصيب وجه المؤمن على ما روي في الأخبار وإنْ دخل جهنّمَ بشؤم معصيته، والعينان لا محالة في الوجه. على أنّ العرب تقول رأته عيني وسمعتْه اُذني، والمراد به صاحب العين والاُذن.
والمراد بالبكاء في جوف الليل وتخصيصه بوسط الليل إشارة إلى التضرّع والخشوع في صلاة الليل حيث لا رياء ولا سمعة، وهو سُنّة الأنبياء والأولياء؛ وذلك لشرف صلاة الليل على نوافل النهار. وقيل: أراد به بكاء السرّ سواء كان في الليل أو في النهار.
و «المنهوم»: الحريص، والنهمة: شدّة الحرص؛(3) وإنّما لا يشبعان لأنّ ابن آدم لايشبع عمّا يستلذّه، ولا يزال طالب الدُّنيا حريصاً عليها؛ لاستلذاذه إيّاها وحلاوتها في عينه(4). وطالب العلم إنّما يصعب عليه ذلك أوّل مرّة، لكن آخره أحلى من العسل.
ص: 215
244. الشَّيْخُ شَابٌّ فِي حُبِّ اثْنَيْنِ (1): طُولِ الحَيَاةِ وَكَثْرَةِ المَالِ .(2)
245. أَرْبَعَةٌ يُبْغِضُهُمُ اللّٰهُ تَعَالىٰ : البَيَّاعُ الحَلَّافُ ، وَالفَقِيرُ المُخْتَالُ (3)، وَالشَّيْخُ الزَّانِي، وَالإِمَامُ الجَائِرُ.(4)
246. ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ ، وَثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ ؛ فَالثَّلَاثُ المُهْلِكَاتُ : شُحٌّ مُطَاعٌ ، وَهَوىً مُتَّبَعٌ ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ . وَالثَّلَاثُ المُنْجِيَاتُ : خَشْيَةُ اللّٰهِ فِي السِّرِّ وَالعَلَانِيَةِ ، وَالقَصْدُ فِي الفَقْرِ وَالغِنىٰ ، وَالْعَدْلُ فِي الغَضَبِ وَالرِّضَا.(5)
يقول: لا يشبع أحد من عيشه ولا من المال، فحبّهما للشيخ الكبير شابّ ، فالجديدان يُبليان كلّ شيء غيرهما، وهذا دليل على أنّ الشيخ والشابَّ متساويان في كراهة الموت وإرادة المال إلّامَنْ خصّه بفضله.
ثمّ قال: أربعة رجال وأربعة فِرَق يستوجبون الغَضَبَ من اللّٰه بسوء صنيعهم؛ منهم البيّاع الذي اعتاد الحلف عند بيعه وشرائه، والفقير المختال(6) الذي يعتاد التكبّر
ص: 216
إلّا إذا كان بتيه(1) الأغنياء، والمتكبِّر معاقَبٌ ، مُعاتَبٌ ، سواء كان فقيراً أو غنيّاً، والفقير [الذي] لا مال له ألوم.
والشيخ إنّما يستحقّ غضب اللّٰه لبُعده عن الشهوة، فالزاني على كلّ حال أيضاً شديد العقوبة، إلّاأنّ في الشيخ أشدّ.
و «الإمام الظالم الجائر»: الذي يميل عن طريق الحقّ ونهج الشرع ومأمور الحكم.
وروي: «ثلاثة يشنأهم اللّٰه: الفقير المحتال(2)، والبخيل المنّان، والبيِّع المحتال».(3)
ثمّ ذكر في الخبر الأخير سبب هلاك بني آدم وسبب نجاتهم فقال: ثلاثة هي أسباب الهلكة في القيامة؛ وهلاكها دخول النار ومقاساة العذاب، وثلاثة هي أسباب النجاة؛ وهي دخول الجنّة والفوز إلى رحمة اللّٰه.
أمّا الاُولى وإحداها «شحٌّ مُطاع» وهو البُخل الذي يطيعه صاحبه، وقد يكون البُخل مركوزاً في كلّ مكلّف؛ ولكنّ المؤمن يَعصي ما فيه من البُخل.
والثانية: «هوىً متَّبَعٌ » وهو إعطاء تمنّي النفس ومرادها، والهوى قد يكون لكلّ عاقلٍ ولكن المؤمن لا يتَّبعه.
والثالثة: «إعجاب المرء بنفسه» في أقواله وأفعاله الصادرة، ومن يندر(4) عظمة اللّٰه وعِظَمَ نعمائه استصغر نفسَه وشُكرَه وعبادته فلا يعجب بأحواله.
وأمّا الثلاثة الاُخرى فإحداها: خوف اللّٰه وخوف عقابه؛ لما يَرى من تعدّيه وتقصيره، ومَن سكنت خشية عقاب اللّٰه في قلبه فقد أحرقت موادّ(5) الشهوات والشُّبهات وطردت عنه الرغبات في الغائبات.
ص: 217
والثانية: لزوم الاقتصاد سواء كان غنيّاً أو فقيراً.
والثالثة: الثبات على أحكام الحقّ في طرفي رضاه وغضبه.
247. المُسْتَبّانِ مَا قَالَا فَهُوَ عَلَى البَادِىِ مَا لَمْ (1) يَعْتَدِ المَظْلُومُ .(2)
248. أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ .(3)
249. أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الجَنَّةِ - وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسطىٰ -.(4)
250. أَنَا النَّذِيرُ، وَالْمَوْتُ الْمُغِيرُ، وَالسَّاعَةُ المَوْعِدُ.(5)
وروي: «المُسْتَبّانِ ما قالا، فهو على البادئ حتّى يعتدي المظلوم»(6)؛ يعني: إثم السبِّ ولَومه على من ابتدأ به ما لم يجاوز المسبوب في جوابه عن حدّ الشرع وطريقته، فحينئذٍ دخل في درجة الظالمين، فمآل ذلك إذا قال رجلٌ لغيره: «يا كافر فيُجيبه ويقول: «أنت ذلك»، فالذمّ والتعزير هاهنا عن الأوّل، وإذا قال له: «يا زاني» فيُجيبه ويقول: «أنت الزاني» فكلاهما يُعزّر ويُؤدَّب ويُعاتَب ويُعاقَب. وفي هذا الخبر نهيٌ
ص: 218
عن شتم المسلم والوقوع في عِرضه حاضراً كان أو غائباً، حيّاً أو ميّتاً.
وروي: «البادي أظلم»(1).
و «الفَرَطُ والفارِط» هو الذي يسبق إلى الماء فيستقي لهم ويجمع في الحياض حتّى يردوا فيشربوا، وفَرَطَ يفرُط: تقدّم كأنّه قال: أنا أوّلكم قدوماً على الحوض.
و «الفَرْط» مصدر وصف للمبالغة كالعدل والعادِل، وهو الخبر بشارة منه عليه السلام لاُمّته، يقول: أنا تَقَدُّمكم إلى الحوض المسمّى الكوثر، واُهيّئ هناك الأسباب لأجلكم، يُقال: «فرطتَ القوم» إذا تَقَدَّمتَهم، و «الحوض» في اللغة: مجتمع الماء.
وفي هذا الخبر إثبات الحوض له عليه السلام في القيامة، وماؤه من الكوثر، والكوثر نهرٌ في الجنّة وهو للصائمين.
ثمّ حثَّ على تعهّد الأيتام وقال: مَنْ أصلح حال يتيم تقرّباً للّٰه فهو في الجنّة جاري، وداره متّصلة بداري.
يُريد: إنّ الذي يَكْفُل لتربية يتيم، وأحسَنَ مراعاته لأجل رضا اللّٰه وطلب رحمته، يكون غداً معي في الجنّة، ويكون قربه منّي بمنزلة قرب المسبِّحة من الوسطى.
وسمعت بعض المشيخة يقدح في لفظة «السبّابة» التي أوردها القُضاعي أو قَبْله أحدٌ من الرواة، وقال: إنّه غفل عن أنّ هذه اللفظة تُستعمل في موضع الذمّ ، فكأنّه من حقّه أن يُقال: «فأشار بالمسبّحة والوسطى»؛ لأنّه موضع المدح، وهذه كلمة المدح.
ومعنى الخبر الأخير تهديدٌ وزجرٌ وتخويف يريد: أنا المخوِّف كلَّ مكلّف يعصي اللّٰه بالخزي العظيم والعذاب الأليم، والموت يُغِير على الأحياء حتّى لا يبقى لا ذكراً ولا اُنثىٰ ولا صغيراً ولا كبيراً. وموضع وعدِ اللّٰه للمؤمنين بالثواب ووعيده للكفّار بالعقاب القيامة، و «النذير»: فعيل بمعنى مُفْعِل، و «الساعة» - معرفةً -: يوم القيامة، و «المَوعِد»: موضع التواعد.
ص: 219
ص: 220
الباب الثاني(1)
251. مَنْ صَمَتَ نَجَا.(2)
252. مَنْ تَوَاضَعَ للّٰهِِ رَفَعَهُ اللّٰهُ ، وَمَنْ تَكَبَّرَ وَضَعَهُ اللّٰهُ .(3)
253. مَنْ يَتَأَلَّ عَلَى اللّٰهِ يُكَذِّبُهُ ، مَنْ يَغْفِرْ يَغْفِرِ اللّٰهُ لَهُ ، وَمَنْ يَعْفُ يَعْفُ اللّٰهُ عَنْهُ ، مَنْ يَصْبِرْ عَلَى الرَّزِيَّةِ يُعَوِّضْهُ اللّٰهُ ، وَمَنْ يَكْظِمْ غَيْظَهُ يَأْجُرْهُ اللّٰهُ .(4)
254. مَن قَدَّرَ رَزَقَهُ اللّٰهُ ، وَمَنْ بَذَّرَ حَرَمَهُ اللّٰهُ .(5)
ص: 221
255. وَمَنْ نُوقِشَ فِي(1) الحِسَابِ عُذِّبَ .(2)
يقول: اسكتوا عمّا لا يَعنيكم، وداوموا على السكوت عمّا يعنيكم؛ فإنّ مَن واظب على الصَّمت عمّا يسخط اللّٰه وعمّا يغرس في القلوب شوك الإحن(3) نجا من الوقوع في الآفات والمحن، و «الصَّمتُ » فهو السكوت عن الحكومات وترك الاعتراض(4) عليها.
ثمّ قال: مَن تواضع واستسلم للحقّ ، وترك التكبّر على الخلق، رفع اللّٰه شأنه في الدارين، وعَظَّمَ ثوابه وخيره في المنزلتين. وقيل: يعني: مَن يزدد للّٰه عبادةً وتواضعاً ورهبةً وحسنةً يزد اللّٰه له درجةً يَسمو بها ويتقرّب من ربّه تعالى، ورهبةُ العبد وتواضعه على قدر علمه بعظمة اللّٰه وبقدر عمله الصالح، ورفعةُ اللّٰه لعبده بقدر جلاله وكبريائه حتّى يُبَلِّغه بمزيد كرمه إلى عليّين، ثمّ ذكر ما يوصل العبد إلى أسفل السافلين قرينة لذلك، فقال: ومن تكبّر وتعظّم على الخلائق وعلى خلقِهِ جعله اللّٰه وضيعاً ذليلاً عاجلاً وآجلاً؛ بما قال اللّٰه: (نَسُوا اَللّٰهَ فَنَسِيَهُمْ ) (5).
وقيل: من أحدث(6) معصيةً ولم يصبر منقاداً لأوامره بالقيام إلى الطاعات أحدث اللّٰه له وضعاً وبُعداً حتّى يوقعه في أسفل درك لظى، ويذيقه في الدنيا أنواعاً من العذاب الأدنى.
وسبب الخبر الثالث أنّ أبا جهل حلف وقال: «لأقتلنّ محمّداً صلى الله عليه و آله في بطحاء
ص: 222
مكّة»، فلمّا سَلّم قال: «من يتألّ على اللّٰه يكذّبه»(1)، والألية: اليمين، وتألّى باللّٰه:
أقسم به، وتألّى إليه: حكم عليه تعالى.
والخبر نهي وإن كان على لفظ الخبر، يقول: إذا رأيتَ من المؤمنين من يرتكب فاحشة فلا تحلِف بأنّه يكون في النار على الإطلاق، ولا يحكم على اللّٰه تعالى من غير بصيرةٍ ؛ فإنّ مَن كان كلامه: «فلان في الجنّة» و «فلان في النار» جعله اللّٰه من الكاذبين.
قال عليه السلام: «ويل للمتألّين من اُمّتي، وهم الذين يحلفون باللّٰه متحكّمين عليه، فيقولون: واللّٰهِ ، إن فلاناً في النار، واللّٰه، إنَّ فلاناً في الجنّة»(2).
وروي: «أنّ أبا جهل قال لي: واللّٰه، لأقتلنّك! فتمثّلتُ بقوله وقلت: من يتألّ على اللّٰه يكذِّبه»؛ أي من يُقسم به متحكّماً عليه لم يصدّقه اللّٰه فيما تحكّم به عليه، وخَيّبَ مأموله.(3)
ثمّ قال: من يغفر لمؤمن ويستر عليه عيوبه وذنوبه ستر اللّٰه عليه في الدنيا والآخرة. وأصل الغفر الستر، ومنه اشتقاق المغفرة(4). ومن يعفُ ويصفح عن مؤمن عفا اللّٰه عن سيّئاته ومحاها(5)، ومن يلازم الصَبر [و] يترك الشكوى في الرزيَّة والمصيبة يُعظّم اللّٰه عوضه عمّا فات، ويخلف له خيراً ممّن فات، ومن يكظم ويتجرّع غُصَص الغيظ وحرارته يثبه اللّٰه، والأجر: هو الثواب على العمل، وكَظَمَ فُلانٌ غيظه: اجترعه(6).
ص: 223
ومن قدّر رَزَقه اللّٰه؛ أي من لزم الاقتصاد في العسر واليسر فلا ينقطع عنه مادّة الرزق. ويقال: قَدَرت الشيء وقدّرته من التقدير، وفي الخبر بالتشديد أحسن؛ لمزاوجة قوله: ومن بذّر - من أنفق في غير رضا اللّٰه - يورثه ذلك الحِرمان في رزقه، وهو عدم البركة، يقال: «محروم» أي ممنوع، يقال: «ناقشه الحساب» إذا عاسَره فيه واستقصى فلم يترك قليلاً ولا كثيراً.
أو روت عائشة: «من نوقش الحساب فقد(1) هلك».(2) وأصل المناقشة من نقش الشركة وهو استخراجها كلّها(3). المناقشة: الاستقصاء في الحساب؛ أي: مَن استُقصي في حال الحساب معه يُعذَّب. وهذه المناقشة إنّما يكون في حقّ الكفّار إن شاء اللّٰه، وأمّا في حقّ المؤمنين فسوف يحاسَبُ كلّهم حساباً يسيراً.(4)
256. مَنْ بَدَا جَفٰا، مَنِ اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَلَ ، مَنِ اقْتَرَبَ مِنْ أَبْوَابِ السُّلْطَانِ افْتَتَنَ .(5)
257. مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ.(6)
258. وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ.(7)
ص: 224
259. وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ.(1)
260. مَنْ يُرِدِ اللّٰهُ بِهِ خَيْراً يُصِبْ مِنْهٌ .(2)
261. وَمَنْ يُرِدِ اللّٰهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ .(3)
يَعني: من نزل بالبادية بعد أن كان في الحضر صار فيه جفا الأعراب، والجفا:
خلاف البِرّ، وجفوت فلاناً أجفوه(4)، أي من أقام بالبادية جفا من صاحبه وإن كان قبل ذلك بارّاً به.
وقيل: من كان مقيماً بالبدو والأمكنة البعيدة مِن مجمع المسلمين ومجالس القرآن والذكر يورثه ذلك الجفاوة، وهي الغلظة في الخلق وسوء التقصير في الطاعة والعبادة. فعلى هٰذا «جفا» لازم، وعلى الأوّل متعدٍّ على ما قدّرناه. وجفا، أي صار فيه جفا الأعراب؛ لتوحُّشه من الناس وانفراده منهم.
ثمّ أمر بقطع العلاقة الّتي تمنع العبد من اللّٰه بقوله: «من اتَّبع الصَّيد غفل» ؛ معناه: مَن خرج للاصطياد شغل قلبه عن كلّ شيء بذٰلك، واستولى عليه هَمّ آخره، حتّى يصير فيه غفلة عمّا سواه، ولايرى وقت الصلاة، ولا يذكر شيئاً من العبادات الواجبة عليه، ونحوه المَثَل السائر: «أغفل من صائد».
والصيد ههنا بمعنى المصيد. وقيل: معناه: من اتّبع صيد الدنيا غفل عن صيد الآخرة، ومن أراد اتّباع وحش فلابدّ(5) له من الخروج من المنزل، فإذا خرج غفل
ص: 225
عن صلاة الجماعة. وفي هذا الحديث إشارة إلى أنّه لا ينال صفو الطاعة إلّابترك كثير من المباحات، ومَن تعرّض للصيد شغله(1) الصيد و لَدَّه(2) و ألهاه حتّىٰ صار فيه غفلة.
ثمّ نهى عن الدخول على السلطان الجور؛ بأن قال: من اقترب من أبواب السلطان تعلّق به فتن كثيرة، وامتحن بفتنة الدنيا والآخرة، فليجتنِبوا منهم. وافتتن الرَّجُل وفُتِن فهو مفتون، إذا أصابته فتنة فذهب ماله وعقله، والافتتنان يتعدَّى ولايتعدَّى؛ ولذٰلك رُوي افتَتَن بفتح التائين، وافتُتِن علىٰ ما لم يسمّ فاعله.
ثمّ بيّن أنّ مَن دافع العدوَّ دون دينه وأهله وماله وصار مقتولاً بسبب مدافعته عن أحدها، فهو شهيد. قال ابن الأنباري: سُمِّي الشهيد شهيداً لأنّ اللّٰه تعالى وملائكته شهود له بالجنّة(3). وقيل: يشهده ملائكة الرحمة، ويحضره بالمؤانسة، فصار مرزوقاً فرحاً.
بما آتاه اللّٰه من فضله. وفي الحديث بيان أنّ دفع الرَّجُل عن نفسه مباحٌ ، وأنّ القتل إذا أتى على نفس العادي عليه كان دمه هدراً إذا لم يكن له سبيل على الخلاص إلّابقتله.
وأمّا قوله: من يرد اللّٰه به خيراً يُصِبْ منه؛ يعني: مَن أراد اللّٰه أن يُعطيه خيراً عظيماً أو يَفعل به خيراتٍ كثيرةً ، يُرِدْ منه أن يفعل خيراً؛ أي يأمره بفعل خير وبرّ، فإذا فعل هو ما أراد اللّٰه منه استحقّ الثواب العظيم والخير الجزيل.
وقوله: يصب منه؛ أي: يُصِبِ اللّٰه منه، يعني: يرد اللّٰه منه؛ قال تعالى: (فَسَخَّرْنٰا لَهُ اَلرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخٰاءً حَيْثُ أَصٰابَ ) (4)؛ أي أراد، ومنه قولهم: «أصاب الصواب فأخطأ الجواب» أي أراد الصواب.
وقيل: معناه: من أراد اللّٰه به خيراً ابتلاه بالمصائب ليُثيبه(5) عليها، يُقال: أصاب
ص: 226
اللّٰه منه؛ أي أمرضه، وأصبتُ فلاناً؛ أي ابتليته. أي: إذا أراد اللّٰه بعبدٍ خيراً أمرضه اللّٰه وآذاه الناس؛ ليكثر أعواضه وخيره، وكذا المعنى إذا روي يصَب - بفتح الصاد -.
وقيل: يعني: مَن أراد اللّٰه به خيراً يُصب ذلك الخير من قِبَل اللّٰه تعالى من غير واسطةٍ من البشر ومن غير سؤالٍ منه إلى اللّٰه، أو يَصِل ذلك الخير إليه عفواً.
ثمّ قال: ومن يرد اللّٰه به خيراً يفقِّهه في دينه، ويفهّمه في أحكام الدِّين. وهذا يدلّ على أنّ [من] لم يتفقّه في الدِّين فلا خير فيه.
وفي بعض النسخ بعد هذا الخبر: «ومن يرد اللّٰه به خيراً يَجعل خُلقه حَسَناً»(1)، وفي هذا أمارة [على] أنّ من تراه ذا خُلقٍ حسنٍ وكلام طيّب مع الأجانب والأقارب فهو ممّن أراد اللّٰه به الخير، ويكون حصول تلك الإرادة قائدةً له [إلى] الجنّة، وبعكس ذلك إذا كان خُلقه سيّئاً.
262. مَنِ اشْتَاقَ إِلَى الجَنَّةِ سَارَعَ إِلَى الْخَيْراتِ ، وَمَنْ أَشْفَقَ مِنَ النّٰارِ لَهَا عَنِ الشَّهَوَاتِ ، وَمَنْ تَرَقَّبَ المَوْتَ لَهَا عَنِ اللَّذَّاتِ ، وَمَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا هَانَتْ عَلَيْهِ المَصَائِبُ .(2)
263. مَنْ مَاتَ غَرِيباً مَاتَ شَهِيداً.(3)
264. مَنِ اعْتَزَّ بِالعَبِيدِ أَذَلَّهُ اللّٰهُ .(4)
ص: 227
يقول: من كان مشتاقاً إلى الجنّة ينبغي أن يُسارع إلى عملِ أهل الجنّة وهو فعل جميع الخير، ومن خاف من عقوبة النار وألَمَها غفل من متابعة كلّ شهوة ورغب عنها، ومن كان في انتظار مجيء الموت في كلّ ساعةٍ كان لاهياً عن كلّ لذّةٍ ، ومَن قلّ رغبته في الدنيا يسهل عليه ما يناله من مصيباتها، وكلّ مؤمن كان موته في أرض الغربة فهو ممّن يحضره ملائكة الرحمة ويشهده، ومَن استَظهر بالمخلوقين لعزّة نفسه تَؤول عزّتها إلى المذلّة؛ لأنّ الاستعانة بهم يَبقى أثرها أيّاماً، فإذا انقضت مدّتها بقي بلا معين.
265. مَنْ لَمْ يَأْخُذْ شَارِبَهُ فَلَيْسَ مِنَّا.(1)
266. مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا.(2)
267. مَنْ رَمَانَا بِاللَّيْلِ فَلَيْسَ مِنَّا.(3)
268. مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هٰذَا مَا لَيْسَ فِيهِ (4) فَهُوَ رَدٌّ.(5)
ص: 228
269. مَنْ تَأنّىٰ أَصَابَ أَوْ كَادَ، وَمَنْ عَجَّلَ أَخْطَأَ أَوْ كَادَ.(1)
270. مَنْ يَزْرَعْ خَيْراً يَحْصُدْ رَغْبَةً ، وَمَنْ يَزْرَعْ شَرّاً يَحْصُدْ نَدَامَةً .(2)
معناه: من اعتقد أنّ أخذ الشارب ليس بسنّةٍ حسنةٍ فليس منّا، ومن لم يأخذه فليس يجري على سيرتنا وإن كان من جملة اُمّتنا، ومَن غشّ أخاه المؤمن فقد غشّنا، ومن ترك مناصحته للخَلق فليس على مذهبنا وطريقتنا؛ فإنّه قد ترك اتّباعي والتمسّك بديني؛ وسبب ذلك أنّه مرّ برجلٍ يبيع التمر وكان قد أظهر جيّده وستر رذله(3). و «الغِشّ » مأخوذ من الغَشَش وهو المَشرب الكَدِر. ومن يَرمِ في الليل بسهم في عسكر المسلمين تخويفاً لهم، واغتابهم وذَكَرَهم بالشتيمة نفاقاً وكفراً فليس له في ديننا نصيبٌ .
وروي أنّ المنافقين كانوا يَرمون ليلاً إذا كانوا بإزاء العدوّ بسهامٍ في وسط المسلمين؛ ليستشعروا خوفاً من الكفّار، وكانوا يَذكرون المسلمين إذا قعد بعضهم إلى بعضٍ ليلاً للسَّمَر(4).
وقيل: أراد كراهيّة اصطياد الطيور ورميها بالليل. وقال: أقرّوا الطيور على وُكُناتها(5).
ص: 229
ثمّ نهى عن قبول البدعة في الدِّين، ومَن أظهر في الشريعة أمراً مِن قِبل نفسه فرُدّوه؛ فكلّ ما ليس من الكتاب والسنّة فهو منقوص مردود يوجب ظاهرُه إفسادَه وإبطاله، ولا تَقبلوا إلّاما قام الدليل على أنّه من كلام اللّٰه ورسوله وأوامره ونواهيه.
ثمّ أمر بالتأنّي في الاُمور وترك العجلة فيها، يقول: مَن ثَبَتَ في جميع اُموره يُصِب المراد ويقرب عليه إصابته، ومن ركب الاُمور على عجلة ومِن غير بصيرة وثبتٍ يقع في الخطأ أو يقرب وقوعه في الخطأ.
ومفهومه: أنّ الغالب في حال المتأنّي إصابة المراد، والغالب أن يكون من المستعجل الخطأ والزلل.
ومَن يزرع فعل الخير يجد جزاء ذلك ما يرجوه ويهواه، ومَن يزرع فعل الشرّ يَرَ جزاء فعله ما يخافه ويخشاه.
ومثله قوله عليه السلام: «كما تَدين تُدان»(1)؛ أي: كما تَفعل تُجازى به.
271. مَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ جَادَ بِالعَطِيَّةِ .(2)
272. مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ أَكْرَمَ النَّاسِ فَلْيَتَّقِ اللّٰهَ [و] مَنْ أَحَبَّ أنْ يَكُونَ أَقْوَى النَّاسِ فَلْيَتَوَّكَّلْ عَلى(3) اللّٰهَ ، ومَنْ أحبَّ أَنْ يَكُونَ أَغْنَى النَّاسِ فَلْيَكُنْ بِمَا فِي يَدِ اللّٰهِ أَوْثَقَ مِنْهُ بِمَا فِي يَدِهِ .(4)
ص: 230
273. مَن آتَاهُ اللّٰهُ خَيْراً فَلْيُرَ عَلَيْهِ .(1)
274. مَنْ هَمَّ بِذَنْبٍ ثُمَّ تَرَكَهُ كَانَتْ لَهُ حَسَنَةً .(2)
يعني: من رجا ما بين يديه جاد بما في يده فكأنّ باذل العطاء هو الذي يعلم يقيناً أنّ للّٰه تعالى داراً للجزاء يعوّضه بخَلَف وبَدَل.
وقال بعضهم: تفسيره: إن كنتَ ترجو رحمةً من اللّٰه عند البلاء فلا تزهدنّ عند المعافاة في الأجر، ومَن أراد أن يبلغ درجة الكرامة عند اللّٰه فعليه أن يتّقي اللّٰه ويَصير متّقياً؛ لينال تلك الكرامة. و «التقوى»: اجتناب العصيان، وإدامة الإحسان، ومخالفة الشيطان، وحفظ اللِّسان، والعدلُ في الميزان، والصبر على الأحزان، والطاعة للرحمن.
ومَنْ أراد أن يكون أقوى الخَلق على أوامره ونواهيه ودفع الأعداء واللأواء، فليفوّض أمره إلى من لا يُرجى غيره، ولا يخاف سواه، وهو أقوى الأقوياء، وقوّة الخلائق منه. و «التوكّل»: فعل من الوكول وهو التفويض.
ومَن أراد أن يكون أكثر أموالاً مِن جميع الناس وأغناهم قلباً وحالاً فليكن بما عند اللّٰه وبما [في خزانته](3) أشدّ اعتماداً ووثيقةً بما عنده من المال؛ أي: كونوا بما وعد اللّٰه وقسمه لكم أوثق بما في أيديكم، ومَن أعطاه اللّٰه خيراً فليُظهر آثار ذلك الخير وتلك النِّعمة عليه لتُرى على نفسه وأهله، والقصد منه إظهار الشكر ظاهراً وباطناً على نعمة المُنعم.
ومَن عَزَمَ أن يكتسب ذنباً ثمّ خاف اللّٰه فَتَرَكَ ذلك الذنب كتب له حسنة؛ وذلك لأنّ الرجوع عن عزم فعل المعصية توبة، وعند التوبة يمحو اللّٰه الذنوب تفضّلاً، ويُثيبه على تلك التوبة؛ فإنّها حسنةٌ .
ص: 231
275. مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْلَمَ فَيَلْزَمِ الصَّمْتَ .(1)
276. مَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ سَقَطُهُ ، وَمَنْ كَثُرَ سَقَطُهُ كَثُرَتْ ذُنُوبُهُ ، وَمَنْ كَثُرَتْ ذُنُوبُهُ كَانَتِ النَّارُ أَوْلىٰ بِهِ .(2)
277. مَنْ رُزِقَ مِنْ شَيْ ءٍ فَلْيَلْزَمْهُ .(3)
278. مَن اُزِلَتْ إِلَيْهِ نِعْمَةٌ فَلْيَشْكُرْهَا.(4)
279. مَنْ لَمْ يَشْكُرِ الْقَلِيلَ لَمْ يَشْكُرِ الْكَثِيرَ.(5)
280. مَنْ عَزّىٰ مُصَاباً فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ .(6)
ص: 232
يُريد: مَنْ أحبَّ السلامة من الآفات والوقوع في البليّات فعليه لزوم الصمت على الخوض في الهذيانات وكثرة المقالات، ثمّ نهى عن إكثار الكلام تفصيلاً، كما قال جملةً في رواية اُخرى: «أنّ اللّٰه يبغض المتفيهقين»،(1) وهم الذين يكثرون الكلام، وبيّنَ هاهنا أنّ ثمرة سقط الكلام الذنوب، ولولا كثرة التكلّم لم يوجب سقط، وهو ما يجب أن يسقط.
ثمّ قال: إذا رزقك اللّٰه معيشةً فاحفظها ولا تضيّعها. وقيل: هو في حقّ من يَرجع عن درجة الزهد بعد أن رزق أمره أن يلزم الزهادة؛ لئلّا يقع له خللٌ في العبادة، والأولى أن يكون عامّاً في حقّ كلّ أحد ليراعي الناس حِرَفهم ومكاسبهم ويحفظوا أموالهم بالتجارة، والدليل نوع من انتقال الجسم عن مكانٍ إلى مكان، واستعير لانتقال النعمة من المُنعم إلى المنعم عليه فقيل: أزل فلان نعمةً إلى فلان، وأزللت إليه يد النعمة، فعليه أن يشكرها بالمقال إن لم يقدر أن يكافئها بالفِعال.
وقيل: شكر نعمة اللّٰه إسداؤها إلى(2) مستحقّيها، ومَن اعتاد ترك الشكر على القليل من النعمة يؤدّيه ذلك إلى تركه عند الكثير إذا أصابه. لا يشكر اللّٰه مَن لا يشكر الناس.
والتعزية في اللغة التقوية؛ يقول: مَن عزَّى الذي أصابته المصيبة على طريق السنّة يجد مِن الثواب مثل أجر المصاب الذي وعده اللّٰه على مصيبته إذا صبر عليها وتلقّاها بالرِّضا والقبول من اللّٰه؛ قال اللّٰه تعالى: (اَلَّذِينَ إِذٰا أَصٰابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قٰالُوا إِنّٰا لِلّٰهِ ...) (3) الآية، وقال عليه السلام: «مَن عزّى أخاه المؤمن بمصيبةٍ ؛ كساه اللّٰه حُلَل الكرامة يوم القيامة»(4).
281. مَنْ فَطَّرَ صَائِماً كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ .(5)
ص: 233
282. مَنْ رَفَقَ بِاُمَّتِي رَفَقَ اللّٰهُ بِهِ .(1)
283. مَنْ عَادَ مَرِيضاً لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الجَنَّةِ .(2)
284. مَنْ دَعَا عَلىٰ مَنْ ظَلَمَهُ فَقَدِ انْتَصَرَ.(3)
285. مَنْ مَشىٰ مَعَ ظَالِمٍ فَقَدْ أَجْرَمَ .(4)
286. مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ .(5)
287. مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ تَكَفَّلَ اللّٰهُ بِرِزْقِهِ .(6)
ص: 234
288. مَنْ لَمْ يَنْفَعْهُ عِلْمُهُ ضَرَّهُ جَهْلُهُ .(1)
بيان الخبر الأوّل تمامه وهو: «غير أنّه لا ينقص من أجر الصائم شيء، و يعتبر ذلك على حسب الإمكان دون التكليف بما لا يُطاق» . ويُقال: أفطر الصائم، وفطرته إذا [أعطاه فطوراً](2).
و «الرفق»: ضدّ العنف؛ ورفقتُ به وأرفقته: نفعته.
والمعنى: مَن تساهل مع اُمّتي في أفعالهم وأقوالهم وإن شقّ عليه ذلك، يجازه اللّٰه يوم القيامة بالمسامحة والمساهلة معه. ويجوز أن يُراد بذلك أنّه إذا كان متولّياً لاُمور المسلمين في الدِّين والدُّنيا، لا يُعامل الرعيّة بالغلظة والعنف والخشونة، بل يداريهم ويلاينهم قولاً وفعلاً، واللّٰه تعالى يجازيهم بمثل ذلك إذا كان غيره في شدّة المناقشة، وربّما يجازيه علاجاً(3) أيضاً بأسباب اُخر تؤول إلى نظام الدِّين وصلاح الدُّنيا.
و «الخرفة»: البُستان(4). حثَّ عليه السلام على عيادة المرضى والقيام بأدائها؛ يقول: الذي اعتاد عيادة المسلمين إذا مرضوا من غير تمييز بين الأصاغر والأكابر وذوي الأقدار والضعفاء، فما دام يسعى في العيادة ذاهباً وجائياً وقائماً وقاعداً فهو في رياض غرفة في الجنّة، يعني يُثيبهم اللّٰه لجميع ذلك.
وروي: عائد المريض على مخارف الجنّة حتّى يرجع(5)، والمَخْرَفَة: نخلات يخترفن أي يقتطعن، والمعنى يقطع ثمرها، والمَخْرَفَة أيضاً: الطريق الواضح.
وللخبر الرابع معنيان: أحدهما: أن يكون الخبر رخصةً في الدُّعاء على الظالم؛
ص: 235
فإنّه انتقام، والانتقام جائز في الشرع؛ قال اللّٰه تعالى: (لاٰ يُحِبُّ اَللّٰهُ اَلْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ اَلْقَوْلِ إِلاّٰ مَنْ ظُلِمَ ) (1).
والثاني: أنّه ورَدَ كلام بكراهة أن يدعو المظلوم على ظالمه؛ يقول: من دعا على الظالم بسوءٍ فقد أخذ حظّ نفسه من النصرة عليه؛ وذلك لأنّ دعاءه له بسوء مثل التشفّي ودرك الغيظ، وتلك اُمنيَّة النفس وهواها.
وروي: «أنّ الرجُل لَيُظْلَم بالمظلمة، فلا يزال يدعو على الظالم حتّى يستوفي حقّه، فيكون للظالم على المظلوم حقّ »(2). ثمّ استَعظم أمر الظالم فقال: المشي معه جرمٌ وإن كان قَدَماً. وقيل: المشي هاهنا حسنُ الاهتمام في اُمور الظالم أو الميل الصادق إلى هواه ورأيه على غير الحقّ وطريق السداد والصواب والآداب، فمَن فعل ذلك فقد دخل في الجرم وهو الإثم العظيم.
ثمّ نهى عنه بعبارة اُخرى عن مثل ذلك فكأنّه قال: لا تشبّهوا بالظَّلَمة والفَسَقة أن تتلبّسوا لباسهم؛ فإنّه يَحكم كلّ من لقيكم أنّكم منهم.
وللشَّبَه في الشرع حكم؛ ألا ترى أنّ عند الفقهاء فيمن شبّه ثيابه بثياب المجوس أن يُحكم بكفره ويُعامَل بمعاملتهم ؟ والأشبه أن يكون هذا أمراً للصالح أن يكون بزيّ الصالحين ويتزيّا بهيئتهم في اللِّباس والمعاش؛ لئلّا يتشوّش حاله على غيره.
وقوله: «مَن طلب العلم تكفّل اللّٰه برزقه» ؛ له معنيان:
أحدهما: أنّ طالب العلم يكون في الأحوال مكفيّ المؤونة، يأتيه ما يحتاج إليه من الرزق عفواً لأنّ اللّٰه قد ضمنه.
والوجه الثاني: ترغيب لطلّاب العلم بأنّ اللّٰه ضامنٌ مِن أن يرزقهم جميع ما يطلبون من العلم.
والحديث دالّ على حُسن مراعاة طلبه وما يجب على الطالب من الكدّ والجهد البليغ في الطلب، والمبالغة في حسن الأدب والحرمة حالة التعلّم؛ ليجتبي ثمرة
ص: 236
طلبه الموعودة في عاجله وآجله.
وروي: «من لم ينفعه فقهه، ضرّه جهله»(1)؛ ومعناه على العموم الذي قدّمناه: أنّ من لم يعمل بعلمه ولم يعلِّمه غيرَه، صار علمه نسياً منسيّاً، ويعود جاهلاً بعد كونه عالماً فيضرّه جهله، والجهل على الأحوال مضرّ.
وقيل: معناه: مَن لم يتعلّم العلم ليصل إليه خيره، أو يَعلم ولم ينتفع به. وهو إذا علم ولم يعمل به، يُصبه لا محالة ضرر الجهل وخذلانه وعدم الانتفاع به. وقيل: إنّ لكلّ إنسانٍ علماً وجهلاً، فإذا لم ينفعه ذلك يضرّه هذا.
289. مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ .(2)
290. مَنْ جُعِلَ قَاضِياً فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ .(3)
291. مَنْ حَمَلَ سَلْعَتَهُ فَقَدْ بَرِئَ مِنَ الكِبْرِ.(4)
292. مَنْ يُشَادَّ هٰذَا الدِّينِ يَغْلِبْهُ .(5)
ص: 237
293. مَنْ كَذَّبَ بِالشَّفَاعَةِ لَمْ يَنَلْهَا يَوْمَ القِيَامَةِ .(1)
294. مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ .(2)
295. مَنْ صَامَ الأَبَدَ فَلَا صَامَ .(3)
وفي الخبر الأوّل استعارة؛ والمراد أنّ من تأخّر بسوء عمله عن مواقف الفضل لم يتقدّم إليها بشرف نسبه(4)، فَجَعَلَ الإبطاء والإسراع مكان التأخّر والتقدّم؛ لأنّ المبطئ متأخّر والمُسرع متقدّم، وأضافهما إلى العمل والنسب، وهما في الحقيقة لصاحبهما لا لهما، ولكنّ العمل والنسب لمّا كانا سبب الإبطاء والإسراع حَسُنَ أن يضاف ذلك إليهما مجازاً، وهذا نهي عن المباهاة بالأنساب والاكتفاء بالأحساب والافتخار بالآباء على من دونهم في الدرجات الدُّنياويّة.
يقول: إنّ ذلك لا ينفع بالقيامة مع عدم العمل الصالح، والأحسن أن يكون معناه على العموم، ويجب [على] من كان له أبٌ فاضل أن يُحصِّل هو(5) أيضاً العلم لينفعه فضله وفضل أبيه في الدارين، فإن لم يكن لابن العالم علمٌ لا ينفعه(6) منزلة أبيه، فمن أبطأ عند المفاخرة به عملٌ جميل لم يُسرع بجاهه نسبٌ جليل.
ص: 238
إنّ السريّ هو السريّ بنفسه *** [و] ابن السريّ إذا سرى أسراهما
والخبر الثاني له معنيان:
أحدهما: أنّه التحذير مِن طلب القضاء، يقول: مَن تعرّض للقضاء وطلب فقد تصدّى الذبح، فمِن حقّه أن يَتوقّى ويتحذّر عن طلبه.
والثاني: أن يكون الخبر في حقّ من دعاه رسول اللّٰه إلى ذلك؛ فإنّه يجب عليه القيام به، وينبغي له أن يجاهِد نفسه أكثر المجاهدة التي كانت قبل ذلك، فكأنّ الذبح بغير سكّينٍ عبارة عن مجاهدة النفس بترك الهوى واحتمال أعباء القضاء، وليس ذلك بكَراهية القضاء على هذا الوجه.
وروي أنّه عليه السلام كان يحمل سلعته، فأَمَرَ اُمّته بذلك أيضاً؛ احترازاً من الكبر والنخوة(1)، وهذا حثّ على التواضع واستعماله سرّاً وجهراً، ودعا إلى انكسار النفس على الحقيقة والأخذ بآداب المشايخ.
ثمّ نهى عن تحريم المباحات مثل أكل اللحوم، والنوم على الوَثير(2) من الثياب، والتوضي بماء المسخّن في السبرات(3)، وأن لا تُقبَل رُخَصُ الشرع بأن يشدّد على نفسه ويكابدها فوق طاقتها؛ إذ لا يأمن أن يغلبه أداء المفروضات ولا يطيقها.
يقول: مَنْ يشدِّد على نفسه في هذا الدِّين يغلبه الدِّين على الكلّ .
وروي أيضاً عنه عليه السلام: «من لم يؤمن بشفاعتي، فلا أناله اللّٰه شفاعتي»(4)؛ يريد أنّ الكاذب بالشفاعة يدخل في إنكار المعجزة الدالّة على النبوّة، والمُنكِر لنبوّتي يُحرَم من شفاعتي يوم القيامة.
ص: 239
ثمّ قال: المؤمن إذا أحسن استبشر وإذا أساء حزن؛ لأنّ مَن اغتمّ قلبه بسيّئة اقترفها أو فَرِحَ بحسنة عَمِلَ بها؛ فإنّما يكون ذلك منه ليقين له بدار الجزاء وعلمه بصحّة الثواب والعقاب، وهذا لا يكون إلّاثمرة الإيمان.
ومعنى الخبر الأخير: أنّ من صام الدهر ولا يفطر العيدين أيضاً(1) لا يكون له ثواب على ما صام؛ لأنّه ما آمن بالحلال والحرام، ومن كان يؤمن ببعض ويكفر ببعض فهو كافر، والكافر لا يستحقّ الثواب.
وقيل: أراد: مَن عَوَّدَ نفسه صوم الدهر صار ذلك عادةً وإن كان عبادةً وزال عنه مشقّته، فلا يكون صومه كصوم من احتمل المشقّة فيه، فكأنّه يدعو إلى صوم الدهر ليسهل العبادة على البدن، وهذا كمن لم يذق الخمر قطُّ فهو أعظم ثواباً ممّن كان شرّيباً ثمّ تاب، وتركُه على هذا أشقّ .
296. مَنْ خَافَ أَدْلَجَ ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ .(2)
297. مَنْ يَشْتَهِ كَرَامَةَ الآخِرَةِ يَدَعْ زِينَةَ الدُّنْيَا.(3)
298. مَنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ.(4)
299. مَنْ أَحَبَّ دُنْيَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ ، وَمَنْ أَحَبَّ آخِرَتَهُ أَضَرَّ بِدُنْيَاهُ .(5)
ص: 240
300. مَنْ أَهَانَ سُلْطَانَ اللّٰهِ أَهَانَهُ اللّٰهُ ، وَمَنْ أَكْرَمَ سُلْطَانَ اللّٰهِ أَكْرَمَهُ اللّٰهُ .(1)
يقول: اجتهدْ في العبادات في حال الشباب ووقت سواد الرأس وقوّة البدن، ولا تؤخّرها إلى وقت المشيب؛ فلعلّك لا تبلغه، والاحتياط في كلّ أمرٍ الأخذ بالقول؛ ألا ترى أنّ من سار الليل كلّه فعند الصباح يُحمد سُراه ؟ و «أدلج»: سار الليل كلّه مخفّف، وإذا سار سحراً فهو مشدَّد، ويوضع هذا في أمر الدِّين والدُّنيا، وفي جميع الاُمور العظام نيل المعالي في غبّها(2)، وفيه أمرٌ بالمكايدة(3) لأجل ما ذكرناه.
وقيل: أراد به صلاةً بالمنزل منزلة الحسنى(4) في الجنّة، فعلى هذا الرواية، فالتشديد أحسن.
ثمّ حذّر عن طلب الدُّنيا وزينتها؛ لأنّه لا بقاء لها، ومن كان في سفرٍ فلا يبالي(5)بأحوال الطريق، وإنّما غرضُهُ الموضع الذي يقصده، فكذلك: من كان مريداً للكرامة في دار البقاء يترك زينة دار الفناء.
ومَنْ صلّى كثيراً في ظلم الليل كان وجهه منوّراً. وقيل: معناه حَسُنَ علمه بالنهار فيكون صلاة الليل لطفاً في طاعات النهار. وقيل: أراد بالنهار نهار القيامة على المعنى الأوّل.
ومفهوم الخبر الرابع أنّه لا يسَع حُبّان في قلب واحد: حبّ الدُّنيا وحبّ الآخرة، ولا ينتظم أمرهما.
و «سلطانُ اللّٰه» هو الذي يكون من قبل اللّٰه، و «إهانته»: ترك أمره في الطاعة، و «إكرامه»: المسارعة إلى أمره في طاعة اللّٰه.
ص: 241
وقيل: مَن نظر إليه بعين الإكرام والتعظيم فذلك علامة تعظيم اللّٰه، واللّٰه يكرمه في الدارين، وكذلك الكلام في الإهانة. وفيه دليل على أنّه لايجوز قتال سلطان اللّٰه والخروج عليه، فمن فعل ذلك كان من أهل البغي وخارجاً من دائرة الحقّ . وقيل:
أراد به القرآن الذي هو كتاب اللّٰه الجامع لأحكام الشرع والحجّة الباقية لنبوّة محمّد، والسلطان: أوضح الحجّة والبرهان.
301. مَنِ اسْتَعَاذَكُمْ بِاللّٰهِ فَأَعِيذُوهُ ، ومَنْ سَأَلَكُمْ بِاللّٰهِ فَأَعْطُوهُ ، وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ ، وَمَنْ أَتىٰ إِلَيْكُمْ مَعرُوفاً فَكَافِئوهُ ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَادْعُوا لَهُ حَتّىٰ تَعْلَمُوا أَنَّكُمْ قَدْ كَاَفأْتُمُوهُ .(1)
302. مَنْ مَشىٰ مِنْكُمْ إِلىٰ طَمَعٍ فَلْيَمْشِ رُوَيْداً.(2)
303. وَمَنْ أَحَبَّ عَمَلَ قَوْمٍ - خَيْراً كَانَ أَوْ شَرّاً - كَانَ كَمَنْ عَمِلَهُ .(3)
يقول: إنّ إعاذة المستعيذ وإعطاء السائل وإجابة الداعي من مواجب الكرم، فإذا كان هؤلاء الثلاثة يطلبون مراداتهم منكم بحقّ اللّٰه متسيّعين(4) إليكم باسم اللّٰه فيكون ذلك من واجبات الدِّين؛ أي: مَن سألكم الملجأ متوسّلاً باللّٰه فأنزلوه بملجئكم، ومن طلب العطاء منكم بوسيلة اللّٰه فلا تخيّبوه، ومَن دعاكم إلى معونةٍ لنفسه وإلى وليمةٍ أو إملاك أو ختان أو غير ذلك فأحسنوا إجابته، ومَنْ فعل معكم إحساناً يلزم
ص: 242
المكافأة عليكم بسببه، فقوموا بحقّ المكافأة وتمامه، فإن لم تجدوا فادعوا له حتّى تعلموا أنّكم قد كافأتموه، وهذه رخصة بجهد الدُّعاء على الشكر والثناء؛ لأنّه روي:
مَن كتم فقد كفر؛ يعني كَفَرَ تلك النِّعمة.
ثمّ حرّض على التؤُدَة والمَهْل في السعي إلى الاُمور الدُّنياوية، ومِن حقّ كلّ واحدٍ منكم - أيُّها المسلمون - إذا أراد أمراً منها أن يتفكّر أوّلاً: هل له الإقدام عليه أم لا؟ فإن كان ذلك مباحاً فلا يسعى إليه بطمع شديد؛ فإنّه سبب الذلّة والهوان، بل يمشي إليه رويداً على رفقٍ ؛ فلعلّ اللّٰه يفتح عليه باباً ويقيِّض له أسباباً إذا كان على هذه الهيئة المأمور بها.
ومعنى الخبر الأخير: أنّ كلّ مَن رضي أعمال قومه طاعةً كانت أو معصية، فاللّٰه يجازيه على حسب نيّاته، فلا يرضوا إلّاما رضيه اللّٰه؛ لأنّ من حضر معصيةً وكرهها فكأنّه غابَ عنها، ومن لم يحضر معصيةً فأحبّها فكأنّه حضرها.
304. مَنْ عَمَّرَهُ اللّٰهُ سِتِّينَ سَنَةً فَقَدْ أَعْذَرَ إِلَيْهِ فِي الْعُمُرِ.(1)
305. مَنْ أَصْبَحَ لَايَنْوِي ظُلْمَ أَحَدٍ غُفِرَ لَهُ مَا جَنىٰ .(2)
306. مَنْ أَلْقىٰ جِلْبَابَ الْحَيَاءِ فَلَا غِيبَةَ لَهُ .(3)
ص: 243
307. مَنْ سَاءتْهُ خَطِيئَتُهُ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْفِرْ.(1)
308. مَنْ خَافَ اللّٰهَ خَوَّفَ اللّٰهُ مِنْهُ كُلَّ شَيْ ءٍ ، وَمَنْ لَمْ يَخَفِ اللّٰهَ خَوَّفَهُ اللّٰهُ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ .(2)
309. مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللّٰهِ أَحَبَّ اللّٰهُ لِقَاءَهُ ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللّٰهِ كَرِهَ اللّٰهُ لِقَاءَهُ .(3)
أي: من عاش هذه المدّة فقد استوجب أن يعذر ويقضي ما عليه. وقيل: معناه:
أنّ اللّٰه أعذر إلى كلّ مَن كلّفه؛ فإنّه تعالى قد هيّأ له وأعطاه جميع ما احتاج إليه في أسباب تكليفه وإن عمّره مدّة قريبة. فأمّا مَن عمّره ستّين سنة فقد بلغ به أقصى العُذر.
وروي: «مَنْ بلغ ستّين سنة؛ فقد أشرف على الحصاد، وحيل بينه وبين المراد»(4).
وفي الخبر الثاني إخبار عن فضل اللّٰه وكرمه مع العبد في بيانه، يقول: إذا أمسكت عن الظلم فاللّٰه يغفر لك ما جنيت على نفسك من العصيان، و «الجلباب»:
كلّ ما يَستر الإنسان به نفسه.
والمعنى: مَنْ هتك ستر نفسه بارتكاب المعاصي ظاهراً فلا يَأثم مَن يغتاب وراءه؛ لاستخفافه أمر اللّٰه وحرمة الإسلام، ثمّ قوّى رجاء اُمّته بسعة فضل
ص: 244
اللّٰه ورحمته، فقال: المؤمن إذا ارتكب ذنباً ثمّ حزن، فاللّٰه الكريم يغفر له وإن لم يستغفر اللّٰه.
وقيل: معناه: أنّ الندم بالباطن على الخطيئة يسترها وإن لم يطلب الغفران منها صاحبها ظاهراً؛ لأنّ فعل القلب في مواضع أقوى من عمل البدن سيّما هاهنا.
ثمّ قال: من خاف اللّٰه واتّقى عقابه منه خاف منه كلّ شيء، ومَن لم يخف عقاب اللّٰه خاف من كلّ شيء، وخوف اللّٰه لا يشبه خوف المخلوقين؛ لأنّ من خاف اللّٰه هرب إليه، ومن خاف شيئاً غيره هرب منه.
ثمّ قال: مَنْ أحبَّ ثواب اللّٰه ورضاه، وآثر الآخرة على الدُّنيا، واختار ما عند اللّٰه، فاللّٰه أثابه مريداً لإثابته، ومن كره القدوم على اللّٰه والارتحال إلى دار الجزاء، وركن [إلى] الدُّنيا، وترك الاستعداد للموت، فاللّٰه يكره إثابته، و «اللقاء»: البعث والنشور، وليس الغرض بلقاء اللّٰه الموت؛ لأنّ كلّاً يكرهه حتّى الأنبياء، وتمام الخبر: «والموت دون لقاء اللّٰه»(1) يبيّن أنّ الموت غير اللقاء ومعناه، وهو معترض دون الغرض المطلوب، فيجب أن يصبر عليه حتّى يتخطّى إلى الفوز بالثواب.
310. مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ [يَعْلَمُهُ ] فَكَتَمَهُ اُلْجِمَ بِلِجَامٍ مِنَ النَّارِ.(2)
311. مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَبِيئَةٌ (3) مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ فَلْيَفْعَلْ .(4)
312. مَنْ فُتِحَ لَهُ بَابُ خيرٍ فَلْيَنْتَهِزْهُ ؛ فَإِنَّهُ لَايَدْرِي مَتىٰ يُغْلَقُ عَنْهُ .(5)
ص: 245
313. مَنْ كَظَمَ غَيْظاً وَهُوَ يَقْدِرُ عَلىٰ إِنْفَاذِهِ مَلَأَ اللّٰهُ قَلْبَهُ أَمْناً وَإِيمَاناً(1).(2)
314. مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَجِدَ طَعْمَ الإِيمَانِ فَلْيُحِبَّ الْمَرْءَ لَايُحِبّهُ إِلَّا للّٰهِِ .(3)
يقول: إنّ كلّ مَن سأله إنسان عن علم وهو عالم به فأمسك لسانه عن الإخبار به والإظهار له يُعاقَب في الآخرة بأن يُجعل في رأسه لجامٌ من النار، وهذا من العلم الذي يلزمه تعليمه إيّاه، ويتعيّن عليه فرضه؛ كمن رأى كافراً يريد الإسلام، ولا يحسن الصلاة وقد حضر وقتها يقول: «علِّموني كيف اُصلّي»، وكمن جاء مستفتياً في حلالٍ وحرامٍ يقول: «أفتوني وأرشدوني»، فإنّه يجب عليه أن لا يمنع الجواب، فإن مَنَعَ يُعاقَب بلجامٍ من النار.
ثمّ حثَّ على الطاعات سرّاً بحيث لا يطّلع عليه غير اللّٰه؛ ليكون أعظم ثواباً، و «الخبيئة»: طاعة مخبوءةٌ مستورةٌ عن أعين الناس. وقيل: يريد: عليك أن تجتهد في الطلب والقيام على موجبات الأمر؛ لكيلا يعود إليك سوء التقصير وندامة العاقبة.
ومعنى الخبر الثالث: أنّ مَن كان له مالٌ وقوّة يمكنه الإحسان إلى المسلمين والصيام والصلاة والحجّ فليغتنمه وليُعط المستحقّين، وليناهز الفرصة في إقامة الصلوات ومداومة الصيام ونحوها قبل أن لا يقدر على شيءٍ من ذلك.
ومفهوم الخبر أنّ مِن حقّ مَن فتح اللّٰه عليه أبواب الخيرات أن يَعرف قدر نعمة
ص: 246
المُنعِم، ويطالِع في أحوال من مضى من القرون ممّن حمدوا وشكروا وممّن جحدوا وكفروا، ويغتنم الحياة قبل الموت والقوّةَ قبل العجز، وبَذَلَ المال إذا كان متمكِّناً من قَبل أن لا يمكنه ولا يقدر عليه، ثمّ إنّه لا يَعلم متى يستوجب الحرمان. و «النهزة»:
الفرصة، وانتهز: اغتنم.(1)
وأمَرَ رابعاً بكظم الغيظ؛ يقول: من تأخّر عن إمضاء غيظه على طريق المجاهدة مع نفسه صابراً على ما ناله من المكروه والأذى، ولا يظهر المكافأة بالقول أو الفعل مع القُدرة على إمضاء غيظه، جزاه اللّٰه على حسن فعله هذا بأمان الدارين، ووفّقه للثبات على جميع شعب الإيمان.
ومعنى الخبر الأخير: أنّ مَنْ أحبَّ أن يصل إلى باطنه وصفاء سرّه حلاوة ما اعتقد من خلوص الإيمان باللّٰه، فعليه من حيث الواجب أن يوالي في اللّٰه ويُعادي في اللّٰه؛ فإنّه لا يجد ذلك من غيرها وإن كثرت صلاته وصيامه.
315. مَنْ أَصَابَ مَالاً مِنْ نَهَاوِشٍ أَذْهَبَهُ اللّٰهُ فِي نَهَابِرَ(2).(3)
316. مَنْ آثَرَ مَحَبَّةَ اللّٰهِ عَلىٰ مَحَبَّةِ النَّاسِ كَفَاهُ اللّٰهُ مَؤُونَةَ النَّاسِ .(4)
317. مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبْراً فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ .(5)
ص: 247
318. مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ وَاسْتَذَلَّ الإمَارَةَ لَقِيَ اللّٰهَ وَلَا وَجْهَ لَهُ عِنْدَهُ .(1)
319. مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةٍ .(2)
[و] مَنْ نَزَعَ يَدَهُ مِنَ الطَّاعَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ حُجَّةٌ .(3)
320. مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْكُنَ بُحْبُوحَةَ الجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الجَمَاعَةَ .(4)
يقول: مَن جمع مالاً كثيراً من الحرام عرّض اللّٰه جميعه للهلاك. «النهاوش»:
الحرام(5)، ورُوي بالميم وهو الاختلاط، ورَوى بالتاء «تهاوُش» وضمّ الواو ابنُ دريد، وذكر أنّه مصدر يُقال: «قومٌ متهاوشون» أي مختلطون؛ أي: يكسب من هاهنا وهاهنا ولا يُبالي من أين يأخذه، وأصله ما اُصيب من غير حلّه، و «النهابر»:
المهالك. وقيل: مَن أصاب أموالاً مختلطةً من الحلال والحرام - إمّا إرثاً وإمّا كسباً - خذله اللّٰه حتّى ينفقه في مذاهب سوء وعلى غير طريق الحقّ ، و «النهابر»: الحفائر(6).
وهذا إشارة إلى أنّه يُكرَه متابعةُ ومشاراة مَن أكثر ماله من التخاليط.
ثمّ قال: من اختار محبّة اللّٰه ورضاه على رضاء الخلق أذهب اللّٰه عن خاطره
ص: 248
تفكّر المُؤُن؛ لأنّ كافيها مع التفكّر وغيره هو اللّٰه تعالى و [هو] أرضى الخلق عنه، و «المحبّة»: ميلك إلى الشيء بكلّيّتك، و «ربقة الإسلام»: عقدة الإسلام، و «الرِّبْق»:
الخَيط الذي يُشدّ بها الدابّة، فإذا خُلعت لا يؤمن عليها الضياع.
وروي: «مَن فارق الجماعة قَيد شبر»(1)، و «القيد»: المقدار، والمعنى: من خرج من بين جماعة الحقّ وفارقهم في الأمر الذي أجمعوا عليه فقد هلَكَ وضلَّ ، وتمام الحديث: «إلّا أن يراجع» ، وهذا دليل على أنّ من رجع من حال البدعة.(2)
ثمّ قال: من فارق الجماعة، وطاعن في طاعة الإمام العادل، ونظر إليه وإلى إمارته التي هي من قبل اللّٰه بعين الحقارة، ولا يراها أمراً يوجب المتابعة أو مطابقاً للحقّ ، لقي اللّٰه يوم القيامة ولا قدر له ولا منزلة. ومعنى «لقي اللّٰه» أي عاين موضع حُكمه وعدله في عرصات الحشر.
وقيل في معنى «لا وجه له»: أي لا ثواب له ولا عذر له ولا مقدار.
وروي: ميتة الجاهليّة الضالّة عن الحقّ والصدق(3)، ويُقال: «جاهلية جهلاء» على المبالغة.
ثمّ قال: مَن جذَبَ يده من طاعة الإمام العادل بعد المبايعة له، وانتهى عن طاعته الواجبة، لا حجّة له يوم القيامة؛ فإنّه اختار فساده على صلاحه. ومَن فرح بسكون الجنّة، وأراد أن يسكنها، لزم جماعة الحقّ .
وبيانه في تمامه وهو: «فإنّ الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد» .
و «البحبوحة»: الوسط، وأراد بذلك تفضيل الموضع وشرفه على غيره من الأمكنة.
ص: 249
321. مَنْ أَقَالَ نادِماً بَيْعَتَهُ أَقَالَهُ اللّٰهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ القِيامَةِ .(1)
322. مَنْ كَفَّ لِسَانَهُ عَنْ أَعْرَاضِ النَّاسِ أَقالَهُ اللّٰهُ تعالى عَثْرَتَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ .(2)
323. مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللّٰهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ .(3)
[324. مَنْ شابَ شَيبَةً في الإسْلامِ ، كانَتْ لَهُ نُوراً يومَ الْقِيامَةِ ](4).
325. مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً أَوْ وَضَعَ لَهُ أَظَلَّهُ [اللّٰهُ ] تَحْتَ [ظِلِّ ] عَرْشِهِ يَوْمَ لَاظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ .(5)
326. مَنْ كَانَ ذَا لِسَانَيْنِ فِي الدُّنْيَا جُعِلَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ لِسَانَانِ مِنْ نَارٍ.(6)
ص: 250
يريد: مَن ردّ بيع نادمٍ أو بيعته بعد الصحّة والإبرام، تجاوز اللّٰه عن زلّته وسقطته، وهذا الثواب الموعود هاهنا لأجل كسر النفس وترك اُمنيتها والإمساك عن شهواتها.
و «الإقالة» للبيع هو فسخٌ له. ومن منعَ لسانه وكلامه عن اغتياب الناس والوقيعة في أعراضهم والتصرّف في اُمورهم بنوع لا يُجدي له خيراً ديناً ولا دنيا، جزاه اللّٰه بأن يبدِّل سيّئاته حسنات، ويقيل عثرته بمغفرة تكون ذريعةً إلى نجاته في القيامة.
ومعنى الخبر الثالث: مَن كان له جارية لها طفل يبيع أحدهما ويُمسك الآخر ويفرّق بين الولد ووالدته، عاقبه اللّٰه بما ذكر في هذا الحديث من الوعيد، والتفريق بين كلّ والدة وولدها مكروه، وأشدّه كراهةً في حال الصغر.
ولو قلنا: إنّ التفريق بين الوالد وولده والأخ والاُخت أيضاً مكروه لم يستبعد؛ لا لأجل حمل المسكوت على المنطوق، بل لإدخال الضرر والوحشة في الفرقة بين الناس.
ثمّ ذكر أنّ لشيبة المؤمن منزلة شريفة عند اللّٰه يقول: نور الإسلام ونور الشيب إذا اجتمعا في [المرء] يصيران يوم القيامة نوراً واحداً يضيء لصاحبه في ظلمة القيامة.
وقال تعالىٰ : «الشيب نوري، وأنا أستحيي أن اُحرِق نوري بناري» .(1)
ثمّ ذكر خبراً كأنّه تفسير قوله تعالى: (وَ إِنْ كٰانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلىٰ مَيْسَرَةٍ ) (2)، والمعنى: مَن أمهل فقيراً له عليه دَين إلى أن استغنى، أو حطّ له عن حقّه الواجب عليه، أنزله اللّٰه تحت ظلّ عرشه وتحت كنف رحمته. ومفهومه هذا إذا كان المديون معسراً، فإن كان موسراً يكون الفضيلة دونه.
ثمّ نهى عن النميمة، وذكر وعداً عليها، وقال: إنّ كلّ ذي كلامين بين الناس على وجه الفتنة والوحشة المؤذية يقول مع [هذا] بوجهٍ ومع ذلك بوجهٍ آخر من الكلام، جعل اللّٰه أيضاً عقوبته ومكافأته على سوء فعله بين الجانبين على حسب كلامه، وسلَّط(3) عليه لسانين من نارٍ، ولسانها لهبها، وقيل: المراد اللِّسان الذي هو
ص: 251
الجارحة.
327. مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ أَخِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ ، فَكَأَنَّمَا يَنْظُرُ فِي النَّارِ.(1)
328. مَنْ كَانَ آمِراً بِمَعْرُوفٍ فَلْيَكُنْ أَمْرُهُ ذٰلِكَ بِمَعْرُوفٍ .(2)
329. مَنْ أَخْلَصَ للّٰهِِ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً ظَهَرَتْ يَنَابِيعُ الْحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلىٰ لِسَانِهِ .(3)
330. مَنْ أَسْلَمَ عَلىٰ يَدَيْهِ رَجُلٌ وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ .(4)
في الخبر الأوّل نهي عن الاطّلاع في كتابٍ أو رقعةٍ فيه أمانة مودعة أو سرٌّ مكتوم، دون الكُتُب والدفاتر التي فيها عِلمٌ وبيان حلالٍ وحرامٍ ؛ فإنّه لا يجوز كتمانه ولا يحلّ منعه، والأولى أن يكون عامّاً في كلّ كتاب؛ لأنّ صاحب الشيء أولى بملكه من غيره.
ثمّ ذكر سيرة من يأمر بالمعروف؛ [أنّه] يجب عليه أن ينزّه نفسه عن جميع ما يَنهى عنه الناس، أو يأتي بالفعل الذي يأمرُ الناس به على وجهٍ حسن وعلى طريقة
ص: 252
لا منكر فيها؛ ليؤثّر أمره ونهيه في قلوب الناس، ولا يأخذه اللّٰه تعالى بالقول(1) كما يأخذ غيره بالفعل.
وتقدير الخبر الثالث: مَن أخلص أفعاله؛ لأنّ «أربعين صباحاً» ظرف؛ أي: مَن طَهَّر قلبه من الذنوب، وغسله غسلاً نظيفاً في الأسحار بماء العين، ويُخلِص التوبة فيما بينه وبين اللّٰه وفيما بينه وبين الناس، ويجعل سريرته وعلانيته واحدةً مستقيمةً ، ويحفظ لسانه من الغيبة والكفّ وقول الزور والباطل، ويعوّد لسانه كثرة ذكر اللّٰه والدُّعاء والاستغفار والشكر وتلاوة القرآن، فحينئذٍ أثبت اللّٰه الحكمة في قلبه، وأنطق بها لسانه. وعمل الأربعين من قول اللّٰه: (وَ وٰاعَدْنٰا مُوسىٰ ثَلاٰثِينَ لَيْلَةً وَ أَتْمَمْنٰاهٰا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقٰاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) (2).
ومعنى الخبر الأخير: أنّ مَن أسلم على يديه رجلٌ يستحقّ الدرجات في الجنّة ببركة إسلامه ولدلالته عليه [وجبت له الجنّة]؛ كما أنّ مَن أسلم استحقّ الجنّة بخروجه من الكفر إلى دين الإسلام، والدالُّ على الخير كفاعله.
وقيل: [معناه:] «مَن أسلم رجلٌ على يده لا يكون ولاؤه له»؛ لأنّ النبيّ وعد له الثواب العقباوي بذلك، والولاء لمن أعتق، وهذا ما أعتقه ولم يَجرِ رقّ عليه.
331. مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللّٰهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ .(3)
[و] مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللّٰهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ .(4)
ص: 253
[و] مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللّٰهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ .(1)
يقول: إنّ إكرام الضيف والجار والسكوت عن الباطل واللغو ثمرة الإيمان باللّٰه والتصديق بالبعث والنشور، وإكرام الضيف هو أن يُكرمه ويُتحفه ويخصّه ويحفظه يوماً وليلةً ويراعي أحواله، والضيافة ثلاثة أيّامٍ ، وما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه.
وقيل: معناه أنّه يتكلّف له إذا نزل الضيف عنده بما اتّسع له من برٍّ وألطاف، وفي اليومين الآخرين يقدِّم له ما حضر، فإذا مضى الثالث فقد مضى حقّه، فإن زادَ عليها استوجب أجر الصدقة. وأقصى الجوار أربعون داراً من كلّ جانب، وأدناه أربعون ذراعاً، ويستحقّ الجار منك البذل والشفقة والنصيحة والاهتمام والاُمور اللائقة.
وقيل: السكوت يكون عن الجواب، و «الصمت» ما يكون على الابتداء، وهو إذا أراد الخوض في باطلٍ يمسك عنه. وروي: «مَن صَمَتَ يَجتمع إليه لُبُّه» .(2)
332. مَنْ نَصَرَ أَخَاهُ بِظَهْرِ الْغَيْبِ نَصَرَهُ اللّٰهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ .(3)
333. مَنْ فَرَّجَ عَنْ أَخِيهِ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا فَرَّجَ اللّٰهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللّٰهُ فِي حَاجَتِهِ ، وَمَنْ سَتَرَ عَلىٰ أَخِيهِ سَتَرَهُ اللّٰهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَاللّٰهُ فِي عَونِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ .(4)
ص: 254
هٰذه خمس وصايا في حقّ الإخوان؛ أوّلاً: مَن أعان أخاه في حال غيبته عند الخصام عنه، أعانه اللّٰه في الدُّنيا والآخرة عند الشدائد، ولا يبتليه بشماتة أعدائه.
و «النصر»: العون.
ثمّ قال: ومَن كشف الغموم عن قلب مؤمن كشف اللّٰه الهموم عن قلبه في الدارين. وهذا حثٌّ على مواساة الإخوان والثبات على طريقة حفاظ حقوق الحُرمة والإسلام. و «فَرَّجَ » أي وسّع، والفرجة: الوسعة.
ثمّ قال: ومن قام عازماً على قضاء حاجة أخيه المؤمن، قضى أو لم يقض، وكان فيها خالصاً للّٰه تعالى من غير رياء ولا سُمعة، قضى اللّٰه حاجته عاجلاً وآجلاً البتّة، وهذا ثمرة الاُخوّة في الدِّين، وإذا ارتكب مؤمن ذنباً في خببه(1) ساتراً ذلك على نفسه، فلا(2) يحلّ لمسلم أن يهتك ستره، فكلُّ مَن كتم ذنوب مؤمن وخطاياه - لئلّا تشيع الفاحشة في الّذين آمنوا - ستر اللّٰه عليه. هذا إذا كان فعله من غير رغبة ورهبة له ممّن قد ستر عليه، فحينئذٍ لا يقع أجره على اللّٰه؛ لبُعده عن الخلاص، واللّٰه يعين مَن أراد إعانة عبده المؤمن، سواء صدرت منه هذه العناية والمعونة بالقول أو الفعل على حسب طاقته وجهده، وهذا من فضل اللّٰه على العباد.
334. مَنْ بَنىٰ للّٰهِ مَسْجِداً وَلَوْ مِثْلَ مَفْحَصِ قَطَاةٍ بَنَى اللّٰهُ لَهُ بَيْتاً فِي الجَنَّةِ .(3)
335. مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ (4) فَأَدْرَكَهُ كُتِبَ لَهُ كِفْلَانِ مِنَ الأَجْرِ، وَمَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ (5) وَلَمْ
ص: 255
يُدْرِكْهُ كُتِبَ لَهُ كِفْلٌ مِنَ الأَجْرِ.(1)
336. مَنْ سَمَّعَ النَّاسَ بِعَمَلِهِ سَمَّعَ اللّٰهُ بِهِ سَامِعَ خَلْقِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَحَقَّرَهُ وَصَغَّرَهُ .(2)
337. مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الآخِرَةِ فَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ .(3)
قال بعض الأئمّة: ضَرَب النبيّ عليه السلام المثل في الشيء بما لا يكاد يصحّ الوجود؛ لأنّ قدْر مَفحص القطاة وهو مجثم الطائر لا يكون مسجداً لشخص آدمي.
ومثل هذا ما روي عنه عليه السلام: «لو سرقتْ فاطمةُ لقطعتُها»(4)، وهي عليها السلام كانت معصومة، وكقوله تعاليٰ : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ) (5)، وكيف يجوز الشرك من رسول اللّٰه ؟!
وهذا على سبيل المثل؛ يعني: مَن بنى مسجداً - وإن كان مقدار الموضع الذي تَفحُص فيه قطاةٌ أي تحثّ في الصغر والضيق - يكون ثوابه ما ذكر في الحديث من الوعد الجميل.
ويمكن أن يُقال تحقيق على بعض الوجوه، وهو أن يكون لإنسان أرض في
ص: 256
جنب مسجد فيوسّع المسجد بشيءٍ قليل من أرضه فيكون كالبناء له. لا يخلو الكلام من مجازٍ على وجهٍ .
ثمّ قال: مَن طلب أن يَعلم شيئاً واجتهد حتّى يدرك المعلوم على ما هو به، كُتب له من الثواب نصيبان: أحدهما فضل الطلب، والثاني فضل الإدراك وهو إحاطة العلم بمطلوبه، وإن لم يدرك يُكتب له ثواب الطلب، ففي كلتا الحالتين لا يخلو من الأجر والثواب.
و «الكفل» في اللغة: النصيب؛ قال اللّٰه تعالى: (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ ) (1)، وقال(2):
(يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهٰا) (3). اُنظر: لسان العرب، ج 11، ص 588 (كفل).(4) .(4)
وإذا قلت: أدركت العلم، كان أبلغ من أن تقول: علمت؛ يُقال: أدركتُ ببصري، أي رأيته، و «الإدراك»: اللُّحوق، ويُقال: إدراك العلم لا يكون إلّابالعمل به وبتعليمه، فمن ارتكب المعاصي مع العلم لا يَرى منفعته عاجلاً وآجِلاً. وروي:
سامِع خلقه - بالرفع والنصب - وأسامِع خلقه.
ووجه الرفع أن يكون صفة اللّٰه في قوله: سمّع اللّٰه به وسمّع به أي شهّره، والنصب في الروايتين لكونه مفعولاً، والتسمعة أن يسمّع المرءُ الناس عمله على سبيل الرِّياء، والتسميع أيضاً التشنيع، و «السامعة»: الاُذن؛ قال(5): كسامعَتَيْ شاةٍ بِحَوْمَل مفرد(6)، ويحذف منه الهاء، كالتمرة والتمر.
ص: 257
والمعنى من راءى بعمله وسمّع الناس بما يعمل في الخلوة ليكرّمونه ويعظّمونه، شَهَرهُ اللّٰه يوم القيامة وفضحه حتّى يراه الناس وسمعوا ما يحلّ به من الفضيحة؛ لما كان منه في الدُّنيا من حبّ الشهوة والسمعة، وما كان فعل ذلك إلّارياءً وسمعةً ؛ أي ليراه الناس ويسمعوهُ ، والأسامع جمع أسمُع وهي جمع سَمع؛ يعني: من نوّه بعمله رياءً وسمعةً ، نوّه اللّٰه بريائه وتسميعه، وقَرَعَ به أسماع خلقه، فتعارفوه واشتهروه بذلك فيفتضح، وإذ روى سامع بالنصب لكان المعنى: سمّع اللّٰه به كلّ من يكون له سمعٌ له من خلقه.
وقيل: أي يُظهِر اللّٰه للناس سريرته الخبيثة، ويملاُ أسماعهم في الدُّنيا، ويفضحه في الآخرة.
وأمّا الخبر الأخير، فمعناه: مَن عمل على غير إخلاص، وإنّما يُريد الدُّنيا والتعظيم عند الخلق، يجازيه اللّٰه على حسب نيّته في عمله؛ وهو يُبعده من خير الدُّنيا، ويؤيسه من خير الآخرة.
338. مَنْ اُولِيَ مَعرُوفاً فَلَمْ يَجِدْ جَزَاءً إِلَّا الثَّنَاءَ فَقَدْ شَكَرَهُ ، وَمَنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ .(1)
339. مَنْ اُولِيَ مَعْرُوفاً فَلْيُكَافِئْ بِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيَذْكُرْهُ ، فَإِنْ ذَكَرَهُ فَقَدْ شَكَرَهُ .(2)
ص: 258
340. مَنْ أَوْلىٰ رَجُلاً مِنْ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ مَعْرُوفاً فِي الدُّنْيَا، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُكَافِئَهُ كَافَأْتُهُ عَنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ .(1)
أَمَرَ عليه السلام أوّلاً اُمّته بالثناء على من أتى إليهم معروفاً عند تعذّر إمكان المكافأة بالفعل وغيره.
وروي عن النبيّ عليه السلام: «والثناء هو أن يقول: جزاك اللّٰه خيراً؛ فإذا فعل ذلك فقد أبلغ في الثناء»(2)، ومَن كتمه أي هذا الذي ذكرنا موقوعاً عن رسول اللّٰه فقد كفر، يعني ستر حقّه على نفسه من القيام على موجب المكافأة والهديَّة يقتضي الثواب.
ومَن اُولي أي اُعطي معروفاً أي هديّةً وهو اسم الإحسان فليكافئ به إن كان يَعلم غرض المُهدى إليه وحسب حالهِ ؛ لأنّ إهداء الهدية على منازل ومراتب، فإن لم يستطع أي لم يقدر على المكافأة فليذكره أي ليَدْعُ ربّه.
وقيل: إنّ تخيَّر عنده وعند غيره، فإنّ ذِكره عند الناس شكره؛ يعني: إنّ ذكر النعمة هو أداء لشكره، وأراد ببني عبد المطّلب كلّ من كان من نسل جدّه عبد المطّلب وإن نزلوا؛ يعني: مَن أحسن إلى قراباتي إحساناً ولم يكافئوه لعجزهم، فأنا المكافئ له.
وروى الشيخ أبو بكر محمّد بن موسى بن الفرج الدربندي في كتاب تحفة باب الأبواب وشرح الشهاب(3) هاهنا عن النبيّ عليه السلام أنّه قال: «نحن ولد عبد المطّلب سادة أهل
ص: 259
الجنّة: أنا وحمزة وجعفر وعليّ والحسن والحسين والمهدي».(1)
341. مَنْ رَأىٰ عَوْرَةً فَسَتَرَهَا، كَانَ كَمَنْ أَحْيَا مَوْؤُودَةً مِنْ قَبْرِهَا.(2)
342. مَنِ انْقَطَعَ إِلَى اللّٰهِ كَفَاهُ اللّٰهُ كُلَّ مَؤُونَةٍ ، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَايَحْتَسِبُ ، وَمَنِ انْقَطَعَ إِلَى الدُّنْيَا وَكَلَهُ اللّٰهُ إِلَيْهَا.(3)
343. مَنْ طَلَبَ مَحَامِدَ النَّاسِ بِمَعَاصِي اللّٰهِ عَادَ حَامِدُهُ مِنَ النَّاسِ ذامّاً.(4)
344. مَنِ الْتَمَسَ رِضَا اللّٰهِ بِسَخَطِ النَّاسِ ، رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ وَأَرْضىٰ عَنْهُ النّاسَ ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللّٰهِ سَخَطَ اللّٰهُ عَلَيْهِ وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ .(5)
ص: 260
ومعنى الخبر الأوّل: أنّ من رأى مضطرّاً فجبر عليه حالته(1) المختلّة بصُنع معروف أو دلالته عند الناس أو بتطبيب قلبه كان فعله الجميل عند اللّٰه بمنزلة مَن أحيى موؤدةً وهي البُنيّة التي كانت تُدفن في الجاهليّة - وهي حيّة - حتّى تموت داخل قبرها. يُقال من ذلك: وأدتُ الجارية وأداً، أي دفنتُها حيّةً .
ثمّ قال: مَن تبرّأ مِن حوله وقوّته إلى الرجوع إلى اللّٰه والانقطاع إليه من الخلق أيضاً، يجعل اللّٰه له ذلك مخرجاً من كلّ بلاءٍ ، ويرزقه من غير تقديرٍ وهِندازٍ(2)، ويكفيه المؤونات كلّها؛ ومَن يجعل نفسه عند الدُّنيا بحيث يكل جميعَ اُموره إليها، ويرى منافعه ومضارّهُ من إقبالها وإدبارها، فعند ذلك يهلك في وسطها هلاك مَن فاتته الدُّنيا ولم يُدرك خير الآخرة.
ومعنى الخبر الثالث: مَن اختار على الحقّ غيره، واعتمد عليه، وطلب الخير من جانبه، يفوته جميع مأموله، ويَقبح ذكره في الناس، ويذهب بهاؤه بين الخلق بسبب إعراضه عن الواجب والحقّ .
ثمّ قال: ومِن علامة السعادة التماس رضاء الحقّ على أيّ حالٍ كان، ومن علامات الشقاوة التماس رضاء المخلوقين على سخط اللّٰه، وهذا شرّ حال.
345. مَنْ مَاتَ عَلىٰ خَيْرِ عَمَلِهِ فَارْجُوا لَهُ خَيْراً، وَمَنْ مَاتَ عَلىٰ سَيِّئِ عَمَلِهِ فَخَافُوا عَلَيْهِ وَلَا تَيْأَسُوا.(3)
346. مَنْ أَذْنَبَ فِي الدُّنْيَا ذَنْباً فَعُوقِبَ ، فَاللّٰهُ أَعْدَلُ مِنْ أَنْ يُثَنِّيَ عَلىٰ عَبْدِهِ ؛ وَمَنْ أَذْنَبَ ذَنْباً فَسَتَرَهُ اللّٰهُ عَلَيْهِ وَعَفَا عَنْهُ فِي الدُّنْيَا فَاللّٰهُ أَعْدَلُ [أَكْرَمُ ] مِنْ أَنْ يَعُودَ
ص: 261
فِي شَيْ ءٍ قَدْ عَفَا عَنْهُ .(1)
نَبَّهَ أوّلاً على أنّ الوقوف على مقام الخوف والرجاء من أفضل العبوديّة؛ فإنّه لا يجوز لأحدٍ أن يَحلف لأحدٍ بالجنّة وإن مات على حَسَنةٍ ، ولا على أحدٍ من المؤمنين بالنار وإن مات على أسوء حالٍ ، بل يأخذ بما هو مذكورٌ في الحديث.
وفيه دليل على [أنّ ] المؤمن لا يَكفر بالذنب.
وبيان الخبر الأخير في قوله تعالى: (وَ مٰا أَصٰابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمٰا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) (2)، والكريم إذا عفا لا يعود.
وقال عليّ عليه السلام: «من عُفِي عنه في الدُّنيا عُفي عنه في الآخرة، ومَن عُوقب في الدُّنيا لم يثنّ عليه العقوبة في الآخرة»(3). وفي الخبر إشارة قويّة إلى سَعَةِ فضل اللّٰه تعالى.
347. مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَعٌ يَصُدُّهُ عَنْ مَعْصِيَةِ اللّٰهِ إِذَا خَلَا، لَمْ يَعْبَأِ اللّٰهُ بِشَيْ ءٍ مِنْ عَمَلِهِ .(4)
348. مَنْ أَحْسَنَ صَلَاتَهُ حِينَ يَرَاهُ النَّاسُ ، ثُمَّ أَسَاءَهَا حِينَ يَخْلُو، فَتِلْكَ اسْتِهَانَةٌ اسْتَهَانَ بِهَا(5) رَبَّهَ .(6)
ص: 262
349. مَنْ حَاوَلَ أَمْراً بِمَعْصِيَةِ اللّٰهِ كَانَ أَفْوَتَ لِمَا رَجَا وَأَقْرَبَ لِمَجِيء مَا اتَّقىٰ .(1)
350. مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاتُهُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ لَمْ تَزِدْهُ مِنَ اللّٰهِ إِلَّا بُعْداً.(2)
351. مَنْ كَانَتْ لَهُ سَرِيرَةٌ صَالِحَةٌ أَوْ سَيِّئَةٌ ، نَشَرَ اللّٰهُ عَلَيْهِ مِنْهَا رِدَاءً يُعْرَفُ بِهِ .(3)
بيان الخبر الأوّل فيما رُوي: ما عرف عبدٌ ربَّه إلّاإذا خلا لم يخل مقامه، ومعناه:
أنّ العمل لا يقع موقع القبول. ومقتضاه: إذا لم يقترنه الورع الصادق والخلوص للّٰه في الأصل قولاً وعملاً على حَسَب ما ارتضاه، واللّٰه لا يُبالي بعملِ من لا وَرَع له.
ثمّ قال: مَن أطال الصلاة عند الناس وخفّفها في الخلوة، فكان الخلق لديه أعظم من الخالق عليه، ومَن لم يراقب عظمة اللّٰه وجلاله فكأنّه استخفّ بشأنه واستهانه وهو يستحقّ المهانة والذلّ من اللّٰه؛ لأنّ وبال استهانته يرجع إليه، وفي الحقيقة إنّه استهان نفسه لا ربّه تعالى؛ فإنّه عزّ وجلّ لا يتضادّه شيء.
ص: 263
ومعنى الخبر الثالث: أنّ مَن طلبَ أمراً مثل أداء الحجّ بمال المسلمين الذي غصبه منهم يفوته المطلوب واُضيع عنه المرغوب، ويأتيه على عجلةٍ المنيّة، ولا يُساعده بسوء معصيته الاُمنية.
ثمّ قال: من لم تمنعه صلاته عن القبائح العقلية التي هي الفحشاء، ولا عن القبائح السمعية التي هي المنكرات، لم تزده صلاته من اللّٰه إلّابُعداً. ومفهومه: أنّ صلاته كَلا صلاةٍ ؛ لأنّ الغرض الصحيح أن تكون هي لطفاً، فإذا لم يكن للمكلّف فيه فائدة عاجلاً فلا(1) يكون له عائدة آجلاً.
وقيل: إنّ صلاته غير مقبولة لا يكون لها ثوابٌ وإن برئت ذمّته بها؛ لأنّ البُعد عن الحقّ ضدّ القبول. وقيل: يستحقّ الخذلان والحرمان. وقيل: «الفحشاء»: كلّ قبيح من قولٍ أو فعلٍ ، و «المنكر»: ما لا يعرف في الشرع من اُمور البدع. والرّداء في الخبر الأخير: العلامة، وأراد أنّ اللّٰه يجازي كلّ أحدٍ على حسب ما أضمر في قلبه من الطاعة والمعصية والاتّباع والابتداع، ويلقي في القلوب كون معتقده من الصلاح والفساد.
352. مَنْ حَلَفَ علىٰ يَمِينٍ ، فَرَأىٰ خَيْراً مِنْهَا، فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمينِهِ ، ثُمَّ لْيَفْعَلِ الَّذِي هُوَ
خَيْرٌ مِنْهُ .(2)
353. مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هٰذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْ ءٍ فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ ، كُنَّ لَهُ سِتْراً مِنَ النَّارِ.(3)
ص: 264
354. مَنْ قَتَلَ عُصْفُوراً عَبَثاً جَاءَ يَوْمَ القِيامَةِ وَلَهُ صُرَاخٌ عِنْدَ الْعَرْشِ يَقُولُ : رَبِّ
سَلْ هٰذَا، فِيمَ قَتَلَنِي فِي غَيْرِ مَنْفَعَةٍ .(1)
«اليمين» هو المقسَم(2)؛ تقديره: من حلف على ذي يمين، أي مَنْ حَلف على شيء، وقيل: محلُّ «على يمين» نصبٌ على الحال؛ أي مَن حَلَفَ ناوياً على يمين، أو حَلف متألّياً أن لا يفعل شيئاً، ثمّ رأى الأولى أن يفعله، فليكفّر ثمّ ليفعل ما هو أولى ديناً أو دنيا، وهذا التكفير على سبيل الندب وليس بواجبٍ ؛ لأنّ مَن حلَفَ أن لا يشتري لأهلهِ شيئاً أو لا يسكن داراً ولا يسافر، ثمّ كانت المصلحة في شرائه وهو محتاج إلى سكناها أو محتاج إلى السفر، فليفعل جميع ذلك ولا كفّارة عليه، فلمّا ورد الخبر على خلاف الأخبار الكثيرة المفصّلة المعمول عليها ومضمونها أن لا كفّارة عليه وجوباً حملنا(3) هذا الخبر على الاستحباب للجمع بينهما.
ثمّ ظاهر هذا الخبر أنّه يكفِّر ثمّ يفعل ما حلف أن لا يفعله، وإنّما تجب الكفّارة بعد الحنث، ولا يجوز ولا يجزي تقديمها على الحنث.
ثمّ قال: إنّ البنات أشدّ شأناً من البنين؛ لكثرة المؤونة عليهنّ وخوف العاقبة منهنّ ، سيّما عند كثرتهنّ ؛ فمن رزقه اللّٰه منهنّ فأحسن إليهنّ ، كُنّ للمحسِن سبب
ص: 265
سترٍ وحجاب من حرارة نار اللّٰه التي هي جهنّم.
وهذه استعارة، أي: ببركة هذه الطاعة التي هي الإحسان إليهنّ يخلّصه اللّٰه من عقوبة ذنوب كان اقترفها.
ثمّ بيّن أنّ اللّٰه أباح لنا ذبح كثير من الحيوانات والأكل والانتفاع بلحومها؛ فمن قتل شيئاً منها ولو عصفوراً من غير حاجةٍ إلى قتله ولا للانتفاع به، بل كان ذلك هزلاً ولعباً، استغاث إلى اللّٰه يوم القيامة مِن قاتله الذي قتله لا لغرضٍ حَسَنٍ أذِن اللّٰه لأجله في قتله.
و «العبث»: المزاح واللعب.
و «الصراخ»: صوت المستغيث، و فيه دليل على أنّ القصاص يجري في القيامة بين الوحوش والطيور والبهائم - كما يجري بين الآدميّين - المؤلِم ظلماً عوض ألمٍ فعله إلى المُؤلَمِ .
355. مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّراً فَإِنَّمَا هِيَ جَمْرٌ، فَلْيَسْتَقِلُّ مِنْهُ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ.(1)
356. مَنْ سَأَلَ عَنْ ظَهْرِ غِنىً ، فَصُدَاعٌ فِي الرَّأْسِ ، وَدَاءٌ فِي الْبَطْنِ .(2)
357. مَنْ مَشىٰ إِلىٰ طَعَامٍ لَمْ يُدْعَ إِلَيْهِ ، فَقَدْ دَخَلَ سَارِقاً وَخَرَجَ مُغِيراً.(3)
ص: 266
358. مَنْ كَانَ وُصْلَةً لِأخِيهِ الْمُسْلِمِ إِلىٰ ذِي سُلْطَانٍ فِي مَنْهَجِ بِرٍّ أَوْ تَيْسِيرِ عَسِيرٍ، أَعَانَهُ اللّٰهُ عَلىٰ إِجَازَةِ الصِّرَاطِ يَوْمَ تُدْحَضُ فِيهِ الأَقْدَامُ .(1)
359. مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِشِير، فَهُوَ كَمَنْ غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَدَمِهِ .(2)
الخبران الأوّل والثاني كلاهما وعيدٌ للأغنياء الذين يسألون، فقال أوّلاً: إنّ سؤال الغنيِّ يوجب له النار، ولا فرق بين القليل والكثير إذا كان غير مضطرٍّ إلى السؤال، والجمرة شعلة من النار. وكذلك إن سأل الغنيُّ فهو صداعٌ للسامعين والمسؤولين وداءٌ في بطن السائل إن لم يجيبُوه أو يكون كقوله: (إِنَّ اَلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوٰالَ اَلْيَتٰامىٰ ظُلْماً إِنَّمٰا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نٰاراً) ، فيكون ما أخذه الغنيُّ حراماً عليه وداءً في بطنه.
وقيل: يحتمل أن يكون الداء في بطن المسؤول إن لم يكن معه ما يُعطيه. وقيل:
كلاهما يرجعان إلى السائل، و(3) المعطي يكون على فضل العطية وشرف منزلتها، والنافذ(4) في الاُمور كلّها بصير جلّ جلاله.
وفي الخبر الثالث: نهي عن تذليل النفس لأجل لقمةٍ ؛ أي: لا يجوز للمؤمن الذي هو عند اللّٰه كريم أن يَخرج إلى طعام قومٍ لم يدعوهُ إليه، ويُعرّض نفسه العزيزة
ص: 267
للمهانة، ولا يكون عند اللّٰه دناءة الفعل محمودة، ولا يرضى له خساسة المعاملة ووضع المروّة أيضاً، فكلّ ما يتناول(1) من ذلك الطعام لا يكون له حلالاً من حيث الحقيقة والورع، ويأثم بذلك اثم(2) السارق والمُغير(3).
ومعنى الخبر الرابع: أنّ مَن كان وسيلةً لمسلمٍ عند صاحب أمرٍ، كان ذلك جوازاً على الصراط الذي هو جسرٌ على شفير جهنّم، والتقارب من السلطان إذا كان على الوجه المذكور هاهنا جائز، ويجد صاحبه من اللّٰه فضلاً كثيراً.
و «النرد» معروف، ويحرم اللعب به على كلّ حال، واللاعب به مستحلّاً مثل آكل الخنزير، فكما لا يحلّ الغمس في دم الخنزير ولحمه فكذلك لايجوز اللعب بالنرد.
وأمّا «النردشير» فهو منسوب إلى أردشير بن بابك ملك العجم الذي وُضِع النرد له، فكانوا يقولون نرد أردشير كما قالوا: شقائق النعمان(4)، ثمّ حذفوا بعض حروف الكلمتين المركّبتين.
والنسب موضع التغيير كما قالوا في النسب إلى عبد قيسٍ : عبقسيٌّ ، والشطرنج أيضاً حرامٌ ؛ لنصّ آخر أورده الأزهريّ في تهذيب اللغة وهو: «الشطرنج مَيْسَر العجم» ، وقد رواه عن عليّ عليه السلام.(5)
360. مَنْ نَزَلَ عَلىٰ قَوْمٍ فَلَا يَصُومَنَّ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِهِمْ .(6)
ص: 268
361. مَنِ انْتَهَرَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ مَلَأَ اللّٰهُ قَلْبَهُ أَمْناً وَإِيمَاناً.(1)
362. مَنْ أَهَانَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ آمَنَهُ اللّٰهُ يَوْمَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ.(2)
363. مَنْ أَصْبَحَ مُعَافاً فِي بَدَنِهِ ، آمِناً فِي سِرْبِهِ ، وَعِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا(3).(4)
364. مَنْ وُلِّيَ شَيْئاً مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ ، فَأَرَادَ اللّٰهُ بِهِ خَيْراً، جَعَلَ مَعَهُ وَزِيراً صَالِحاً، فَإِنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ ، وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ .(5)
والخبر الأوّل أدبٌ للضيف النازل عند إنسانٍ إذا أراد أن يصوم تطوّعاً، فعليه أن يستأذن مضيِّفه فربما يتعذّر عليه ذلك، وليس جزاء الإحسان الإساءة.
ثمّ قال: مَن زجَرَ مبدعاً في الشرع ما ليس فيه للّٰه تعالى [رخصة لا من حيث] الغضب من نفسه لأمرٍ كان بينهما ولخصومة دنياويّة، آمنه اللّٰه في الدارين، وزيّنه بشِعار الإيمان ودِثارِه، والمَلء استعارة هاهنا.
ص: 269
ثمّ قال خبراً آخر في معناه يعني: مَن أذلَّ المبدعين آمنهُ اللّٰه من أهوال يوم القيامة وشدائدها.
ومعنى الخبر الرابع: من أتى عليه الصباح وهو في عافيةٍ من المرض آمنٌ في نفسه عند الكفاية لقوت يومه، فكأنّما جمعت له الدُّنيا، وهو ملك في الحقيقة، و «السِّرب»: النفْس، و «بحذافيرها» أي بجملتها.
وبيان الخبر الأخير وتمامه: «وهو إذا أراد غير ذلك جعل له وزيراً سيّئاً؛ إن نسي لم يذكّره، وإن ذكر لم يُعنهُ » ؛ وتأويل ذلك اللطفُ وزيادة التوفيق مع أن يستحقّ أن يريد اللّٰه به خيراً، والخذلان لمن كان على خلاف ذلك.
365. مَنْ عَامَلَ النَّاسَ فَلَمْ يَظْلِمْهُمْ ، وَحَدَّثَهُمْ فَلَمْ يَكْذِبْهُمْ ، وَوَعَدَهُمْ فَلَمْ يُخْلِفْهُمْ ، فَهُوَ مِمَّنْ كَمُلَتْ مُرُوَّتُهُ ، وَظَهَرَتْ عَدَالَتُهُ ، وَوَجَبَتْ اُخُوَّتُهُ ، وَحَرُمَتْ غِيبَتُهُ .(1)
366. مَنْ حَفِظَ مَا بَيْنَ لِحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ .(2)
367. مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ.(3)
يقول أوّلاً: من عاشر الناس ويكون على هذه الخصال الثلاث فلا بُدَّ مِن أن يُعَدَّ
ص: 270
له هذه الأربعة؛ يعني: إذا لم يكن في معاملته ظلم، ولا في حديثه كذب، ولا في وعده خلفٌ ، فهو مؤمن ظاهر العدالة، كامل المروّة، ويستحبّ صداقته، ويحرم غيبته.
ومَن حفظ لسانه من الكذب وفَرْجَهُ من الحرام دخل دار السلام، فالمراد [من] «ما بين لحييه»: اللِّسان، و [من] «ما بين رجليه»: الفرج، يريد باللِّسان: الكَذِبُ على اللّٰه، وبالفرج: إيلاجه في موضع حرام.
وقوله: «فليتبوّأ»: أمر للغائب ظاهره، ومعناه خبر يريد عليه السلام: «مَن كذب عليَّ عمداً فاللّٰه تعالى يبوّئه مقعداً من النار عاجلاً»(1)، وفيه دليلٌ على أنّ الحديث لايجوز روايته عن رسول اللّٰه بالشكّ وعلى غالب الظنّ حتّى يعلم صحّته ويتيقّن سماعه.
وقيل في سبب ورود هذا الخبر: إنّ رجلاً سرق رداء النبيّ عليه السلام، وخرج إلى حيٍّ من أحياء العرب، وكان يحبّ امرأةً ذات زوج فيهم، وقال لهم: هذا رداء رسول اللّٰه بَعَثَ معي إليكم لتُمكّنوني من هذه المرأة أتمتّع بها، فاُقعد حتّى يرسل إليه من يأتينا ما صدوقة(2) الحال، فبعثوا رجلاً إليه عليه السلام، وقام الرجل الكاذب على(3) رسول اللّٰه ليشرب ماءً ، فدخل مشرعاً فلدغته هناك حيّة فمات، فلمّا سمع النبيّ عليه السلام الحال في ذلك قال لأمير المؤمنين عليه السلام: «قُم وخذ السيفَ واخرج إليه، فإن رأيته وقد كفّن(4) فأحرقه» ، فجاء وأمر بإحراقه(5). وهذا وإن ورد في هذا السبب المعيَّن، فعموم لفظه(6) يتناول كلّ من كذب عليه صلى الله عليه و آله متعمِّداً بأن يكون متبوّأهُ النار يوم القيامة.
ص: 271
ص: 272
الباب الثالث(1)
368. حُفَّتِ الجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ .(2)
369. وَجَبَتْ مَحَبَّةُ اللّٰهِ عَلىٰ مَنْ اُغْضِبَ فَحَلُمَ .(3)
370. بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ .(4)
371. نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَاُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ.(5)
ص: 273
372. يُعْجِبُ رَبُّكَ مِنَ الشَّابِّ لَيْسَتْ لَهُ صَبْوَةٌ .(1)
إنّما حَسُنَ أن يُقال: «إنّ الجنّة حفّت بالمكاره» على سعة الكلام، ولمّا كانت الأفعال المفضية إلى دخول النار في الأغلب كثيرة الملاذ حسن أن يُقال: إنّ النار حفّت بالشهوات.
والمراد أنّ جميع الأفعال الموصلة إلى الجنّة يتحتّم فعلها على الكره يقول اُطيف حول الجنّة [بكلّ ] مكروه واُطيف حول النار بكلّ شهوة؛ يعني: أنّ مقاساة المكاره واحتمال الشدائد والأوصاب(2) والمصائب عمل أهل الجنّة، و أحوالهم التي لا تنزع عنهم ليلاً ولا نهاراً، والإدلال بالشهوات وقضاء النَّهْمة(3) وبلوغ الوَطَر(4) على اُمنيَّة النفس عمل أهل النار وعليه أحوالهم.
وفي هذا المعنى يتأوّل قوله تعالى: (وَ عَسىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) (5)الآية، وروي في سببه: «أنّ اللّٰه تعالى لمّا خلق الجنّة قال لجبرئيل عليه السلام: اخرج وانظر إليها وفيها، فرجع وقال: يا ربّ لا يَسمع به خلقٌ إلّاويجتهد في دخولها، ولمّا خلق النار أمره أن يخرج ويراها، فانصرف وقال: يا ربّ ، لا يسمع بها أحدٌ إلّاويهرب منها» .(6)
ثمّ حفّت الجنّة بالمكاره والنار بالشهوات، ثمّ أمر جبرئيل أن يخرج ويتأمّل ما حولها فأحسّ جميع ذلك وقال: «يا ربّ ، إنّي أخافُ أن يدخل الخلائق النار كلّهم، ولا يدخل الجنّة أحدٌ» ! وهذا كلّه على سبيل المثل والمجاز. وحبّ اللّٰه للعباد أن يريد إثابتهم، كما أنّ الغضب منه تعالى إرادة الانتقام من العُصاة؛ يقول: استوجب هذه
ص: 274
المحبّة المذكورة كلُّ من قدر عند غضبه على العقوبة ويحلم، و «الحلم»: ترك الإعجال بالعقوبة وترك البطش.
ومعنى الخبر الثالث: أنّ اللّٰه بفضلهِ وكرمهِ خصّني بفصاحة وقوّاني ببيان يمكنني أن اُضمِّنَ معاني كثيرة في لفظ واحد؛ فإنْ نظر ناظر في كلمةٍ من كلماتي يحظّ بفوائد جمّة دينيّة ودنياويّة. فجوامع الكلم عبارة عن إيجاز الكلام في إشباع من المعنى، وفيه الحظّ لاُمّته على حسن التفهّم من كلامه عليه السلام، واستخراج المعاني منها، ونبش الدفائن المودعة.
وقيل: معناه: إنّ اللّٰه أيّدني بهذا القرآن وبجوامع كلمه؛ فإنّ فيه جميع ما كان في الكتب المتقدّمة، وإنّ كلّ آية منه إذا فكّرتَ فيها رأيت كلّ كلمةٍ منها قليلة الحروف ينتظم الكثير من المعاني، ويتضمّن أنواعاً من الأحكام.
ثمّ قال: إنّ اللّٰه نصرني بشيءٍ ما فَعَلَ بغيري وهو الرُّعب في قلوب أعدائي، روي: «أنّ اليهود الذين كانوا بفدك أحسّوا باستيلاء المسلمين على الكفّار، ورأوا نصرة اللّٰه لمحمّد عليه السلام، [ف] خافوا خوفاً عظيماً، فانجلوا من ديارهم وخلّوها، فأفاء اللّٰه فدكاً بأسرها على رسول اللّٰه، ووهبها عليه السلام لفاطمة»(1)، فقيل: إنّ هذا الخبر دليل على أنّ الفيء لرسول اللّٰه يضعه حيث يشاء؛ لأنّه وصل إليه بالنصرة التي اُوتيها من قبل الرُّعب في قلوبهم منه، والفيء كلّ ما لم يوجَف عليه بخيلٍ ولا ركاب.
وقال عليه السلام: «لا تسبّوا الرِّيح؛ فإنّها من نَفَس الرحمن»(2)؛ يعني من نصرته، والنَّفَسُ :
النصرة هنا؛ يُقال: نفّستُ كربته، إذا فرّجتَ عنه ونصرته.
ثمّ فصّل كلاماً في صفة الرِّيح بأنّها ربما تكون نعمةً وربما تكون نقمةً ؛ فإنّ اللّٰه قد نصرني بريح الصَّبا يوم بدر؛ والصبا ريح تقابل القبلة، وأهلك اللّٰه عاداً بالدُّبور وهي تهبّ من دُبر القبلة. وروي: «ريح الصبا بركة، وريح الجنوب زيادة، وريح الشمال رحمة، وريح الدبور عقوبة»(3)، ومفهومه: إذا هبّت الصبا فاسألوا اللّٰه الخير،
ص: 275
وإذا هبّت الدبور فاستعيذوا باللّٰه من شرّها.
وقيل: إنّه عليه السلام إنّما تكلّم يوم الأحزاب بقوله: «نُصرتُ بالصبا» ؛ لأنّ اللّٰه تعالى جعلها سبباً لنصرته على أعدائه بأن بَعَثَ تلك الريح حتّى قَوَّضت خيام المشركين، ونكست قدورهم على النار، واضطرب عساكر المشركين واليهود الذين تحزّبوا وانهزموا.(1)
ويُقال: إنّ «الصبا» ريحٌ تهبّ من مطلع الفجر، وهي ريحٌ طيّبة لها نسيمٌ تروّح عن المكروب وتكاد تَصِحُّ العليل. و «الدبور»: ريح تُقبِل من القبلة ذاهبة نحو المشرق، وهي العقيم التي ذكرها اللّٰه في كتابه.
وأمّا قوله: يعجب ربّك من الشابّ ، فالألف واللام للجنس، وفيه إبهام وشياع، والإبهام نوع من التنكير، ولذلك جُعِل الجملة التي هي «ليست [له] صبوة» صفة للشابّ ، والجملة نكرة. وإطلاق العجب لايجوز على اللّٰه، ولا يليق به تعالى، وإنّما معناه هنا الرضا والمحبّة، و «الصبوة» هاهنا: العشق والهوى؛ أي: يحبّ اللّٰه شابّاً لا يتّبع هوى نفسه، ويرضى عنه. وحقيقته أنّ ذلك الصنيع من عبدٍ شابّ حَلَّ من الرِّضا عند اللّٰه والقبول له ومضاعفة الثواب عليه محلّ العجب عندكم في الشيء [من] الطاقة إذا بلغ فوق قدره واُعطي الأضعاف من قيمته، وروي: «يعجب ربّكم» ؛ ويدلّ على صحّة ما ذكرنا قول النحويّين: عجبت حبّاً؛ أي: تعظم عند اللّٰه منزلة(2) شابٍّ تكون على سيرة المشايخ ولا يفعل أفعال الصبيان، ويَرضى ربّك منه أيّها المخاطبُ .
373. كَمَا تَكُونُونَ يُوَلّىٰ عَلَيْكُمْ .(3)
374. يُبْعَثُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلىٰ نِيَّاتِهِمْ .(4)
ص: 276
375. يُبْعَثُ شَاهِدُ الزُّورِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُولِغاً لِسَانَهُ فِي النَّارِ.(1)
376. رَحِمَ اللّٰهُ امْرَءاً أصْلَحَ مِنْ لِسَانِهِ .(2)
377. رَحِمَ اللّٰهُ عَبْداً قَالَ خَيْراً فَغَنِمَ أَوْ سَكَتَ فَسَلِمَ .(3)
378. رَحِمَ اللّٰهُ الْمُتَخَلِّلِينَ مِنْ اُمَّتِي فِي الوُضُوءِ وَالطَّعَامِ .(4)
يريد أنّ ولاتكم يكونون على حسب نيّاتكم ومبلغ طاعاتكم ومعاصيكم وشفقتكم على من دونكم، و «ما» في قوله «كما تكونون» مصدرية؛ أي مثل كونكم واليكم، وبيانه فيما رُوي عن اللّٰه تعالى أنّه يقول: «أنا الملك مالك الملوك، قلوب الملوك بيدي؛ فأيّما قوم سخطتُ عليهم جعلتُ عليهم نقمةً » .(5)
وقال عليه السلام: «أعمالكم عُمّالكم»(6)، وكلّ ذلك إشارة إلى اللطف الذي يكون من قِبل اللّٰه
ص: 277
للمتّقين، وإلى الخذلان الذي يكون من قبله للفُسّاق(1) والكافرين.
وبيان الخبر الثاني فيما روت اُمّ سلمة: أنّ النبيّ عليه السلام ذكر الجيش الذي يُخسف بهم، فقلت: لعلّ فيهم المكره ؟ فقال: «إنّهم يُبعثون على نيّاتهم»(2)؛ يعني: يُعامَلون معهم هناك على حسب ما أضمروا في نيّاتهم خيراً كان أو شرّاً، ولا يخفى على اللّٰه شيء من الضمائر والسرائر.
وشهادة الزُّور من الكبائر التي نهى اللّٰه عنها وحرّمها، والمعنى: أنّ من شهد بالزور والكذب، يدخل لسانه في النار بعد ما يعاقب على سوء فعله؛ وذلك لزيادة الألم والعذاب له.
وقوله: «مُولعاً لسانه» أي مُسقٍ ، وأصله الدخول، وروي «مولغاً لسانه»، و «ولغ لسانه» يتعدّى ولا يتعدّى؛ أي أخرجه وخرج.
قال ابن الأعرابي: «يُقال: أدلع لسانه؛ أي أخرجه».(3)
وللخبر الرابع معنيان:
أحدهما: أنّه عليه السلام أمر اُمّته أن يصلحوا شيئاً من لسانهم،(4) أي لا يتكلّموا بالفحشاء والمقبّحات، و «من» للتبعيض، وربّما أصلح المكلّف بعض لسانه وإن يكلّم بلغوٍ لا فائدة فيه ولا فاحشة، ونحوه قوله: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصٰارِهِمْ ) (5).
والثاني: أنّه خصّ على تعليم العربية وتقويم اللِّسان واشتقاق العلوم ومعرفة الإعراب؛ لئلّا يلحن الإنسان في كلامه لحناً يغيّر المعنى عن جهته، فربما يسمعُ سامِعٌ يذهب إليه ويحقّقه، وذلك يورث فساداً في الأحكام ووهناً في شريعة الإسلام، وقال عليّ عليه السلام: «تعلّموا النحو؛ فإنّ بني إسرائيل كفرت بحرفٍ واحدٍ كان مسطوراً
ص: 278
في الإنجيل: «أنا ولّدت عيسى» بالتشديد فخفّفوا فكفروا»(1)، والعموم يتناولهما.
وأمّا الخبر السادس فحثّ على قول الخير وحفظ اللِّسان عن الشرّ؛ ليعين ذلك صاحبه على سلامة دينه، يقول: إن عَلِمَ العبدُ أنّ ما يتكلّم به يعود إليه نفعه ممّا بينه وبين اللّٰه، وهو مباحٌ يتكلّم به إذا لم يكن مضرّة على غيره، فإذا كان هذا غير هذا أمسك؛ لأنّ ذلك إلى اكتساب الحسنات أقرب وعن السيّئات أبعدُ، والرحمة عن الآدميّين رقّةٌ وتعطّفٌ يقتضيان الإحسان إلى الغير(2)، ومن اللّٰه إنعام [و] إفضال.
ثمّ دعا لمن يتخلّل في وضوئه وبعد طعامه، والخبران المتقدّمان كلاهما أيضاً دعاء، وهذه سنّة مرضيّة محمودة عند جميع الناس؛ أمّا في الوضوء فإن كانت الأصابع منفرجة ويصل الماء إليها يستحبّ تخلّلها للاحتياط، وإن كانت ملتصقة أو لا يصل إليها الماء إلّابالتخليل فإنّه يجبُ ، وليس بمستحبّ في اللِّحية ولا بواجبٍ . وأمّا في الطعام فمندوب مستحبّ من كلّ شيء يطعم بخشبٍ أو عود، ولا يجوز بالقَصَب والقَتّ (3) والريحان والرمّان والطَّرفاء(4) والآس(5) والكُزْبَرَة(6) والمِكْنَسَة.(7)
ص: 279
379. أَبَى اللّٰهُ أَنْ يَرْزُقَ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ إِلَّا مِنْ حَيْثُ لَايَعْلَمُ .(1)
380. كَادَ الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْراً، وَكَادَ الْحَسَدُ أَنْ يَغْلِبَ الْقَدَرَ.(2)
381. خُصَّ الْبَلَاءُ بِمَنْ عَرَفَ النَّاسَ ، وَعَاشَ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ .(3)
382. يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلىٰ كُلِّ خُلُقٍ لَيْسَ الْخِيَانَةَ والكَذِبَ .(4)
قطع عليه السلام أوّلاً أنّ رزق كلّ عبدٍ لا يأتيه من حيث علمه، وإنّما يأتي من حيث لا يعلمه على الأغلب، و «أبى» أي مَنَعَ ، وقيل: الإباء في صفة اللّٰه ضدّ الرضاء، ومفهومه أنّه لا يجوز للمؤمن أن يتّكل على الخلق دون اللّٰه تعالىٰ .
وسُئل الصادق عليه السلام: لِمَ مَنَعَ اللّٰهُ أن يَرزق المؤمنين إلّامن حيث لا يحتسبون ؟ فيُقال: «ليَكثر دعاؤهم للرزق فيكثر ثوابهم» .(5)
و «كاد» في الخبرين بمعنى: قرب، وقيل: كادَهم ولم يفعل، و «كاد» يستعمل بغير «أن» في الأكثر كقوله: (كٰادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) ، (تَكٰادُ اَلسَّمٰاوٰاتُ يَتَفَطَّرْنَ ) (6)،
ص: 280
و «عسى» مع «أن» ثمّ يتداخلان.
وقال بعض أهل العلم: لولا حديثُ رسول اللّٰه لأسقطت «أن» هاهنا. والمعنى:
كاد وقرب الفقر لصاحبه الذي لا يرضى بحكم ربّه تعالى أن يكون كفراً؛ أي جحوداً عن معرفة عظمته ومواقع نعمه عليه. و «الكفر» أصله التغطية.
وقيل: أراد به فقر القلب وهو عدم القناعة. وقيل: أراد الفقر الذي لا صبر فيه.
وقيل: الفقر الذي لا يتلقّاهُ بالقبول، ولأبعده من اللّٰه نعمة عليه، وقرّب الحسد لصاحبه: أن يسخط قضاء ربّه وقدره بحسده على أخيه بفضل آلاء اللّٰه عليه، ويرى عافيته وسلامة بدنه، وجحد هذه النِّعمة واستصغرها، وهي أعظم من المال الذي عند الغير. وقيل: معناه: يَجحد الحاسِد قَدَر اللّٰه وحُكمه في محسوده.
ومعنى الخبر الثالث: أنّ مَن عرف الناس فهو مخصوص بالبلاء، ومن لم يعرفهم - أي لم يخالطهم - يعيش أنعم عيش، وحاله أسهل بين أحوالهم.
وفيه حثّ على الاعتزال عن الخلق والاشتغال بطاعة الحقّ ، و «البلاءُ » أصله الامتحان؛ واللّٰه يبلو عباده بالصنع الجميل ليمتحن شكرهم، وبالبلوى التي يكرهونها ليمتحن صبرهم، فقيل: للحسنى بلاء.
ومعنى الخبر الأخير: أنّ المؤمن يمكن أن يورد في كلّ أمرٍ مباح فيتخلّق بكلّ ما يُراد منه ويقترح عليه من المطعم والمشرب والرغبة والزهادة فيهما وغيرهما من الأخلاق إلّاالغدر والكذب؛ فإنّه لا يخون ولا يكذب وإن دُعي إلى ذلك.
وقيل: مفهومه: أنّ المؤمن يركب كلّ ذنبٍ وخطيئةٍ ويَخلط العمل الصالح بالسيّئ والطالح، إلّاالخيانة وهو نقض العهد، وإلّا الكذب وهو خلاف الصدق؛ فإنّه لايرتكبها عمداً، ولا يستمرّ بها قصداً.
وروي هذا على خبرين؛ أحدهما: «يطبع المؤمن على كلّ خُلقٍ » ، والثاني: «ليس الخيانة والكذب في الدِّين» .
والذي حَمَلَ الرُّواة على أنّهم جعلوا خبرين أنّهم لم يعرفوا أنّ «ليس» هاهنا للاستثناء بمعنى إلّا.
ص: 281
383. تَبْنُونَ مَا لَاتَسْكُنُونَ ، وَتَجْمَعُونَ مَا لَاتَأْكُلُونَ ، وَتَأْمَلُونَ مَا لَاتُدْرِكُونَ .(1).(2)
384. كَمْ مِنْ مُسْتَقْبِلٍ يَوْماً لَايَسْتَكْمِلُهُ ، وَمُنْتَظِرٌ غداً لَايَبْلُغُهُ .(3)
385. عَجِبْتُ لِغَافِلٍ وَلَا يُغْفَلُ عَنْهُ ، وَعَجِْبتُ لِمُؤَمِّلِ الدُّنْيَا(4) وَالْمَوْتُ يَطْلُبُهُ ، وَعَجِبْتُ لِضَاحِكٍ مِلْ ءَ فِيهِ وَلَا يَدْرِي أَ أَرْضَى اللّٰهَ أَمْ أَسْخَطَهُ؟!(5)
386. يَا عَجَباً كُلَّ الْعَجَبِ لِلْمُصَدِّقِ بِدَارِ الْخُلُودِ، وَهُوَ يَسْعىٰ لِدَارِ الْغُرُورِ!(6)
387. عَجَباً لِلْمُؤْمِنِ لَايَرْضىٰ بِقَضَاءِ اللّٰهِ (7)؛ فَوَاللّٰهِ لَايَقْضِي اللّٰهُ لِلْمُؤْمِنِ قَضَاءً إِلَّا كَانَ خَيْراً لَهُ .(8)
ص: 282
يعني: اترُكوا الأمل للدُّنيا والحرص فيها وعليها، فهذه الدُّور التي بنيتموها لا تسكنوها، وهذا المال الذي جمعتم لا تأكلونه، وما ترجونه لا تدركونه. كم رأيت ممّن دخل في يومٍ وما أتمّه، قد مات فيه! فكم رأيت ممّن رجا العُمر الطويل فما عاش إلى غدٍ!
ثمّ نهى عن مباشرة هذه الأفعال بأنّ نبّه(1) ما وراءها آفات شديدة؛ نحو من هو غافل ولا يُغفل عنه، ومَن يطلب وهو مطلوب الموت، ومَن يضحك ساهياً ولعلّ ضحكه سبب سخط اللّٰه. وهذه الاُمور الثلاثة بحيث يتعجّب منها، فإذا تفكّر فيها المرء حذر عن الوقوع فيها مدّة حياته، واشتغل بما يعنيه من الاُمور الواجبة عليه.
ثمّ قال: إنّي عجبت ممّن يؤمن بدار البقاء كيف يعمل لدار الفناء! وعجبت عجباً لأجل المؤمن كيف يحزن لقضاءٍ مُرٍّ يَقضي اللّٰه عليه من مصيبةٍ وبلاءٍ مصلحةً له في الدِّين!
ثمّ حَلَفَ أنّه تعالى لا يحكم لمؤمن بشيء إلّاكان ذلك خيراً له، والحزن لا يكون مع الرضا بالقضاء.
وقوله: «يا عجباً كلّ العجب» في إعرابه ثلاثة أوجهٍ ؛ إمّا أن يكون «يا عجباً» نُدبة و «كلّ العجب» بدله، وإمّا أن يكون أصله «يا عجباً» و «كلّ العجب» صفته، ولا يكون معرفة لفظ إبهامُه كقولك: رأيت رجلاً مثل زيدٍ، وإمّا أن يكون المعنى: يا عجبي، وهو لغة طيّ يقولون: هذه داراً وهذا غلاماً؛ أي داري وغلامي؛ أبدلوا الألف من الياء في ضمير المتكلّم، ووافقتهم العرب في نحو: يا حسرتا ويا لهفا، فمن ذهب إلى هذا مآلاً يصحّ (2) أن يُقال هو وَقَفَ على المنصوب المنوّن؛ لأنّه نكرة، والنكرة لا يوصف بالمعرفة، و «كلّ العجب» على هذا نُصِبَ على المصدر، و «عجباً» منادى في الأحوال. ويجوز أن يكون المنادى محذوفاً؛ أي: يا رجلُ عجباً.
وروي: «عجباً للمؤمن لا يرضى بقضاء اللّٰه! فواللّٰه لا يقضي اللّٰه للمؤمن من قضاء إلّاكان خيراً
ص: 283
له» .(1)وفيه إشارة إلى أنّ من لم يَرْضَ بقضاء اللّٰه فهو كمن أشرك باللّٰه وأنكر لربوبيّته.
388. اِقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ ؛ وَلَا يَزْدَادُ النَّاسُ عَلَى الدُّنْيَا إِلَّا حِرْصاً، وَلَا تَزْدَادُ مِنْهُمْ إِلَّا بُعْداً.(2)
389. يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ ، ويَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ : الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ ، وَالْحِرْصُ عَلَى العُمُرِ.(3)
390. جُبِلَتِ الْقُلُوبُ عَلىٰ حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهَا وَبُغْضِ مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهَا.(4)
يعني: قَربت القيامة وأشراطها وانقضاء الدُّنيا وزوالها، فما بال هذا الخلق في غفلة، ولا يزدادون إلّاحرصاً على جمعها ومحبّتها والميل إليها، ولا يعلمون أنّ مَنْ حَرَص عليها فوق الكفاية لا يزداد منها إلّابُعداً لا ينالها مَدَى العمر؟! و «الساعة»:
الوقت الحاضر، وسمّيت القيامة [الساعة] لأنّها تحضر بغتةً وتنتظر كلّ ساعة.
ثمّ حذّر عن الزجر(5) عن الحرص على جمع المال وطول العمر؛ فإنّهما لا يبليان مع بقاء الدهر في قلب ابن آدم، ولا يخلو عنهما ولا يرغب عنهما بمضيّ السنين والأعوام، إلّامَن عصمه اللّٰه ووفّقه للرشاد.
ص: 284
ثمّ حثَّ على الإحسان وزَجَرَ عن الإساءة فقال: إنّ أرباب هذه القلوب مجبولة مخلوقة على حبّ مَن يُحسِن إليهم وينفعهم، وعلى بغض من يؤذيهم، فلا(1) تسبُّوا إليهم [أحداً](2) [و] أحسِنوا. و «جُبلت» أي خُلِقت، وقيل: معناه: أنّ القلوب خُلِقت على حبّ المنافع بحيث لا تُميِّز بين الحقّ والباطل، فمن كان ضعيف النفس فهو يحبّ منافع الدُّنيا وزخرفها، وإن كان قويّاً في نفسه [و] قلبه أبداً مائل إلى منافع تَرجع إلى صلاح الآخرة، وقيل: القلوب جَوّالة.
391. جَفَّ الْقَلَمُ بِالشَّقِيِّ وَالسَّعِيدِ.(3)
392. وَفَرَغَ مِنْ أَرْبَعٍ : مِنَ الْخَلْقِ ، وَالْخُلُقِ ، وَالأجَلِ ، وَالرِّزْقِ .(4)
393. فَرَغَ اللّٰهُ إِلىٰ كُلِّ عَبْدٍ مِنْ خَمْسٍ : مِنْ عَمَلِهِ ، وَأجَلِهِ ، وَأَثَرِهِ ، وَمَضْجَعِهِ ، وَرِزْقِهِ ، لَايَتَعَدَّاهُنَّ عَبْدٌ.(5)
394. جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا أَنْتَ لَاقٍ .(6)
ص: 285
هذه الأخبار الأربعة اتّخذها الحشويّة مرقاة إلى عقيدتهم الخبيثة ومقالتهم الفاحشة؛ بأنّ اللّٰه تعالى حَكَمَ في الأزل أن يَخلق في أبي جهل وأبي لهب ونحوهما الكفر، وأن يَخلق الإيمان في محمّد، وأجرى القضاء والقدر بهذا وأمثاله، وجفَّ القلم في اللوح المحفوظ بأن جَعَلَ اللّٰه هذا سعيداً وذاك شقيّاً.
ودلائل العقل لا تُأوَّل ولا يَدخل فيها التأويل، والكلام يكون فيه المحكم والمتشابه كما يُتلى من القرآن، والكتاب والسنّة كلاهما دليل، ودليل العقل دليل، ولا يجوز أن يتنافيا؛ ولابدّ أن يُحمَل على دليل العقل كلُّ ما له ظاهر بخلافه على وجهٍ حسنٍ .
ونحن نعلم أنّ اللّٰه لا يُثيب ولا يُعاقب بفعله، وما خَلَقَ النار والجنّة عبثاً، وإنّما الكُفّار معاقَبون بسوء اختيارهم للكفر، وأنّ اللّٰه لم يَخلق الكفر فيهم، بل جعل مع أبي جهل من أسباب التكليف كلّ ما فعل بمحمّد؛ وثوابه على سبيل الاستحقاق بفعله لا بفعل اللّٰه فيه، ولا بعناية أزليّة كما يهدون.(1)
وإذا ثبت هذا فاعلم أنّ قضاء اللّٰه وقدره كليهما صحيح في أفعال اللّٰه نحوالآجال والأرزاق، ولا يجوز التكليف أن يلبّس على نفسه، ويجعل حكم فعله تعالى وحكم فعل نفسه واحداً، والسعيد قد يكون من له سعادة الآخرة ويكون مَن له كثير من عرض الدُّنيا وزخارفها، والشقيّ من يجد المشاقاة والمعاناة في الدُّنيا والآخرة، فلا يستبعد أن يكون المعنى: أنّ القلم قد جرى في اللوح المحفوظ بأنّ زيداً يكون في الدُّنيا غنيّاً سعيداً وأنّ عَمراً يكون فقيراً شقيّاً.
والفراغ في اللغة على ضربين؛ أحدهما: القصد للشيء، والآخر: الفراغ من الشغل. وهذا لا يجوز على اللّٰه، فاللّٰه لا يشغله(2) شأن عن شأن؛ فإنّ اللّٰه تعالى يقول:
(سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ اَلثَّقَلاٰنِ ) (3) ؛ أي: سنقصد لعقوبتكم، ونحكم بجزائكم.
والمعنى في الخبر: بلّغ اللّٰه هذه الأربعة إلى آخرها بحيث لا مردّ له من أحد، ولا
ص: 286
تغيير له من خلقه، ولا تبديل [له من] الأحكام المتعلِّقة به منهم على ما حكم به قهراً وإجباراً؛ إذ هو القهّار جلَّ جلاله، وهذه الأربعة من أفعال اللّٰه، وهو تعالى (يَمْحُوا اَللّٰهُ مٰا يَشٰاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ اَلْكِتٰابِ ) (1).
فإن قيل: أ ليس أحدنا(2) يقتل غيره، فإن لم يكن هذا من قضاء اللّٰه وقدره، لم(3)يمكنه قتله إلى الأجل الذي عيّنه له وكتبه ؟
قلنا: الذي يُقتل ظلماً فالصحيح أنّه لو لم يُقتل لجاز أن يبقى إلى وقتٍ آخر، ولجاز أن يقول: إنّه يموت في تلك الحالة.
وكلّ ما قضى اللّٰه به فلا مردّ له؛ يعني: لا يُعجِز اللّٰهَ أحدٌ من خلقه ولا يمكنه ردّه إذا أراد ذلك إجباراً.
فأمّا إذا أمكن اللّٰهُ عباده من قتل الغير ونهاهم عنه ليصحّ التكليف، فلا يدلّ على أنّهم ردّوا(4) قضاء اللّٰه.
فأمّا الخبر الذي أوّله: «فرغ اللّٰه إلى كلّ عبدٍ من عمله»، فلا(5) يخفى الفرق بين «فرغ منه» و «فرغ إليه» على كلّ من له ضرسٌ قاطع في العربية.
والمعنى: أنّ اللّٰه أنهى إلى كلّ عبدٍ ما يجب عليه من عمله في مدّة عمره إلى وقت موته وأجله وكلّ ما يبقى بعده من أثره، وهو يعلم جميع ذلك، ويعلم أين يكون قبره وكم يكون رزقه.
وبيان هذه الأخبار في حديثٍ رواه أبو هريرة: أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال: «سبق علم اللّٰه في خلقه فهُم صائرون إلى ما علم منهم»(6)، والعلم لا تأثير [له] في المعلوم، على معنى أنّ ذلك المعلوم لم يكن على ما هو عليه، ولأجل أنّ عالماً علمه كذلك، وإنّما يعلمه
ص: 287
العالم هكذا، إلّاأنّه على ما هو عليه لا إحاطة لأحدٍ من المخلوقين بكيفيّة وقوع هذه الأشياء الخمسة قبل حدوثها ولا نزولها ووقتها على ما بيّن اللّٰه تعالى في كتابه:
(إِنَّ اَللّٰهَ عِنْدَهُ عِلْمُ اَلسّٰاعَةِ ) (1) الآية، وهو تعالى يعلم تفاصيل كلّ شيء دون خلقه، سواء كان من أفعالهم أو من أفعاله تعالى.
وقوله: «جفَّ القلم بما أنت لاقٍ » خاصّ في أفعال اللّٰه إن اُريد به القضاء والحكم والتقدير، [و] إن اُريد به العلم يجوز أن يكون عامّاً في أفعاله تعالى وأفعال عباده، وإن كان اللفظ مشتركاً بين العموم والخصوص في وضع اللّغة ولا صيغة(2)للعموم، فكلّ ما لا يصحّ إجراؤه على العموم في قضايا العقول فليحمل على الخصوص؛ ليجتمع الدلائل العقليّة والسمعية.
395. تَجِدُونَ مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هٰؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهٰؤُلَاءِ بِوَجْهٍ .(3)
396. يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ أَسْلَافاً الْأَوَّلُ فَالْأوَّلُ ، حَتّىٰ لَايَبْقىٰ إِلَّا حُثَالَةً كَحُثَالَةِ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ، لَايُبَالِي اللّٰهُ بِهِمْ .(4)
397. يُبْصِرُ أَحَدُكُمُ الْقَذىٰ فِي عَيْنِ أَخِيهِ ، وَيَدَعُ الْجِذْعَ فِي عَيْنِهِ .(5)
ص: 288
398. كَبُرَتْ خِيَانَةً أَنْ تُحَدِّثَ أَخَاكَ حَدِيثاً هُوَ لَكَ بِهِ مُصَدِّقٌ ، وَأَنْتَ لَهُ كَاذِبٌ .(1)
اعلم أوّلاً أنّ كلّ من كان ذا الوجهين فهو شرّ خليقة على بسيط الأرض، وهو من يقول عند قوم كلاماً سوى الكلام الذي قال عند قومٍ آخرين على وجهٍ آخر، فيوقِع الفتنةَ والشرَّ والفساد بين القومين بذلك؛ فهو أعظم الناس خطيئةً عند اللّٰه، وأكبرهم مقتاً عند خلقه.
وقال عليه السلام: «أبغضكم إلى [اللّٰه] المَشّاؤون بالنميمة، المفرِّقون بين الإخوان، الملتمسون(2) لأهل البرّ العثرات».(3)
وللخبر الثاني معنيان:
أحدهما: أنّ كلّ قوم وكلّ قرن يموت صلحاؤهم قبل طلحائهم؛ يذهب أصلحهم ثمّ أصلحهم إلى أن لا يبقى إلّارذالتهم. ثمّ ضَرَبَ لهذا مثلاً محسوساً معلوماً في الشاهد؛ فإنّ من كان بين يديه طَبَق من التمر أو في بيته شيء من الشعير، يقدِّم الأجود فالأجود، ويَأخذ ما هو خيرٌ حتّى لايبقى إلّارذالتهما، ولهذا قيل:
الأخِير شرّ.
ومفهومه: إذا كان فيكم صُلحاء فأكرموهم؛ فإنّهم عن قريب يذهبون، وإذا كان بينكم والٍ جائر فلا(4) تمنّوا غيره مكانه؛ فإنّ من يأتي بعده يكون شرّاً من الأوّل، وهذا على الأغلب.
والحكمة فيه أنّ اللّٰه تعالى يُنجي من شدّة دار التكليف المؤمن سريعاً، ويمهل العُصاة لعلّهم يتوبون ويؤكّد الحجّة عليهم.
ص: 289
والمعنى الثاني: أنّه أظهر تقدمة السلف الصالح في الدِّين ومعرفة حقوقهم والدُّعاء لهم؛ فإنّ كلّ من كان أقدم زماناً كان خيراً ممّن كان بعده، إلى زماننا هذا الذي كان أكثر الناس فيهم كرذالة التمر والشعير؛ أي: عليكم بحفّاظهم؛ فإنّهم أسرع ذهاباً من أراذل الناس الذين لا يُجيبُ اللّٰه لهم دعاءً ولا يقبل لهم طاعةً .
و «الحُثالة»: الرذالة من كلّ شيء.(1)
وفي ضمن الحديث أنّه ينبغي أن يذهب الصالحون أوّلاً، ويبقى الطالحون لعلّهم يتوبون، وينجو من بلاء الدُّنيا الصالحون.
وقوله: «لا يُبالي اللّٰه بهم»؛ أي: لا يرفع لهم قدراً، ولا يقيم لهم وزناً، و «الأوّل فالأوّل» بالرفع بدل الصالحون، والنصب فيهما على أنّه بدل أسلافاً.
«أسلافاً» أي متقدّمين، الواحد سَلَفٌ ، والسلف جمع سالف كخادِم وخَدَم، والأسلاف جمع الجمع.
وقال عليه السلام: «لا تَقوم الساعة إلّاعلى حُثالةٍ من الناس(2)» وهي الرديء من كلّ شيء.
وقال: «كيف بكم وبزمان تُغَربَل الناس فيه وتَبقى حُثالة من الناس ؟»(3) أي تنتفي خيارهم، فيهلكون بالقتل السريع والموت الذريع(4) كما يغربل الحَبّ بالغربال؛ فيسقط صغاره، ويبقى خياره ويُؤخذ.
و «القَذى»: شيء يقع في العين وغيرِه، والجمع أقذاء.(5)
ص: 290
و «الجِذع»: الخشبة التي توضع على السطح كجذع النخلة.(1)
يريد بالخبر رجلاً يعيب الفسّاق وهو أخبث منهم قولاً وعملاً.
وقوله: «كبرت خيانة»، يجوز الرفع في الخيانة على الفاعلية، والنصب أقوى عربيةً وسماعاً، وفيه معنى التعجّب كأنّه قال: ما أكبرها خيانةً ، كقوله تعالى (كَبُرَتْ ) (2) خيانة، وإن تحدِّث في موضع الصفة للخيانة يفيد استعظاماً لاجترائهم على ذلك؛ أي: عظمت الخيانة خيانة أن يظنّ المسلمون بك خيراً وأنت شرّير، وما أكبرها من خيانة تحدّثك كاذباً لمؤمن بحديث يصدّقك فيه.
نبّه عليه السلام أن لا يَعتاد المسلم هذا الفعل المكروه. والخيانة تنقص وتدخل في القول كما يدخل في الفعل، وصاحبها مأخوذٌ بها.
وقيل: «أن تحدّث أخاك» مبتدأ وما قبله خبر، وقيل: بدل من الفاعل المضمر في كبرت.
399. كأنّ الحَقَّ فِيهَا عَلىٰ غَيْرِنَا وَجَبَ ، وَكَأَنَّ الْمَوْتَ فِيهَا عَلىٰ غَيْرِنَا كُتِبَ ، وَكَأَنَّ الَّذِينَ نُشَيِّعُ مِنَ الْأمْوَاتِ سَفْرٌ عَمَّا قَلِيلٍ إِلَيْنَا عَائِدُونَ ، نُبَوِّؤُهُمْ أَجْدَاثَهُمْ ، وَنَأْكُلُ تُرَاثَهُمْ ، كَأَنَّا مُخَلَّدُونَ بَعْدَهُمْ ، قَدْ نَسِينَا كُلَّ وَاعِظَةٍ ، وَأَمِنَّا كُلَّ جَائِحَةٍ .(3)
ص: 291
يريد إفراط التقصير في حقّ الحقّ ، ونبْذنا الوجوب من وراء الظهور، وحذّرنا من هذه الغفلة؛ أي: قد تركنا الحقّ حتّى كأنّه غير واجب، ونسينا الموت وأهواله وشدائده؛ فكأنّه على غيرنا مكتوب.
ومعنى «كُتِبَ » حُكِمَ وقُضي واُوجب؛ كما قال: (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلىٰ نَفْسِهِ اَلرَّحْمَةَ ) (1)؛ أي: أوجب. وكأنّ الموتى الذين سقناهم إلى قبورهم قوم مسافرون عن قليل يرجعون إلينا، لا نستشعر خوفاً لهم ولا لأنفسنا، ونطيّب قلوبنا بمفارقتهم كأنّا نطمع في رجوعهم. ومفهومه: ما هذه الرَّقْدَة التي لا ينتبهون عنها بنوع من الحوادث والنوائب ؟ فكأنّهم يتحقّقون أنّ هذا لم يكن، ولا يكون منزل موتانا قبورهم، ونأكل(2) بمِلْ ء الفم ميراثهم كأنّا مبقون بعد موتانا، و «المبوّأ»: المنزل الملزوم، و «الأجداث»: القبور، و «سَفْر»: جمع سافر، كصَحْب وصاحب.
لا نتذكّر كلمةً نتّعظ بها، ولا نخافُ آفةً سماويّة؛ فنحن ناسون لكلّ وعظٍ، وآمنون من كلّ بلاء. و «الواعظة»: الكلمة الزاجرة، و «الجائحة»: الآفة المهلكة، يُقال: جاحهم؛ أي: أصابهم المكاره والآفات. ويتّصل بهذا الحديث ما بعده إلى قوله: ولم يعدها إلى بدعة.
400. طُوبىٰ لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ ، وَأَنْفَقَ مِنْ مَالٍ اكْتَسَبَهُ مِنْ غَيْرِ مَعْصِيَةٍ ، وَخَالَطَ أَهْلَ الْفِقْهِ وَالْحِكْمَةِ ، وَجَانَبَ أَهْلَ الذُّلِّ وَالْمَعْصِيَةِ ، طُوبىٰ لِمَنْ ذَلَّ فِي نَفْسِهِ وَحَسُنَتْ خَلِيقَتُهُ ، وَأَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ ، وَأَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ قَوْلِهِ ، وَوَسِعَتْهُ السُّنَّةُ ، وَلَمْ يَعْدُهَا إِلىٰ بِدْعَةٍ .(3)
ص: 292
يقول: العيش الطيّب والحال المستطابة والخير والكرامة لمن كان ذا عيب واشتغل بإصلاح نفسه منه، وطهّرها(1) من ذلك العيب، وأعرض عن تفحّص عيوب الناس.
ومفهومه: أنّه ينبغي أن يُنصِف من نفسه، ويبغض نفسه على اليقين من عيبها وقبيح فعلها، ولا يبغض الناس على الظنّ والتُّهَمة. فإذا كان له مال، وكَسَبَه لأجل نفسه من وجه من وجوه الحلال أنفقه في طاعة اللّٰه وعلى نفسه وعياله، وجالس الفقهاء والحُكماء؛ ليزداد له علم وخشية وكلام حكمة يردّه عن الردى، وفارق الذين يَرضون لأنفسهم المعصية وهوان العصيان، وروي: «وجالس أهل الفقه والحكمة، وخالط أهل الذلّة والمسكنة».(2)
و «الذلّ »: ضدّ العزّ، والذلّة: ضدّ الصعوبة، وهي الانقياد والاستسلام؛ يريد مخالطة من كان ليّن الجانب سهل الانقياد، والمسكنة: فقر النفس وإن كان موسراً وهو الذي أسكنه الفقر، وقتل حركته، وأراد به هاهنا رجلاً مجيئاً(3) متواضعاً غير جبّار ولا متكبّر.
ثمّ قال: الفرح والغبطة وقرّة العين لمن كان ليّن الجانب ذليلاً عند نفسه وإن كان عزيزاً عند الناس، ذلولاً ليّناً غير فظّ ولا غليظ، حسن الخليقة والطبيعة من غير تكلّف وتخلّق، وطوبى لمن أنفق زيادة نفقة نفسه ونفقة من يعوله على المؤمنين، ولا يتكلّم بما لا يعنيه، ولم يتضيّق عليه فرضه ولا سنّته، بل وسعه ما أتى به محمّد عليه السلام من الشريعة، ولم يأت ببدعة في الشرع، بل أمسك زيادة ما يعنيه من
ص: 293
قوله وكلامه.
و «طوبى»: فُعلى من الطيب، وعدا فلان كذا، إلى كذا أي: جاوزه، ويقال: ما وسعني شيء، ويضيق عنك؛ أي: متى وسعني شيء وسعك، و «وسعته السنّة» أي كفته طريقة رسول اللّٰه، ولم يتجاوزها إلى إحداث بدعة.
وروي: «ولم يعدها» بكسر الدال وفتح العين مشدّدة؛(1) يعني: لم يصرفها إلى وضع قبيح في هذا الدِّين، و «السنّة»: الوضع الحسن. قال ابن حبيب: السنّة:
الوضع الحسن.
401. طُوبىٰ لِمَنْ طَابَ كَسْبُهُ ، وَصَلُحَتْ سَرِيرَتُهُ ، وَكَرُمَتْ عَلَانِيتُهُ ، وَعَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ ، طُوبىٰ لِمَنْ عَمِلَ بِعِلْمِهِ .(2)
402. اِبْنَ آدَمَ عِنْدَكَ [مَا] يَكْفِيكَ وَأَنْتَ تَطْلُبُ مَا يُطْغِيكَ . ابْنَ آدَمَ لَابِقَلِيلٍ تَقْنَعُ ، وَلَا مِنْ كَثِيرٍ تَشْبَعُ .(3)
403. طُوبىٰ لِمَنْ هُدِيَ إِلَى الْإسْلَامِ ، وَكَانَ عَيْشُهُ كَفَافاً وَقَنِعَ بِهِ .(4)
ص: 294
يقول: طوبى لمن طَهَر معاشُه عن المحارم، وصلح سريره مع اللّٰه ومع الخلق، وشرف ظاهر أمره وحاله بأن يكون بعيداً من الرياء والسمعة، و «عزل [عن الناس] شرّه» أي بعد مضرّته عن الناس، وأبعد جميع ما يتأذّى به الناس عنهم، و «عزل» يتعدّى ولا يتعدّى.
وفي تفسير «طوبى» أقوال ذكرنا أكثرها.
وقيل: طوبى اسم الجنّة بالهندية، فتكلّم بها العرب.
وقيل: طوبى شجرة تظلّل الجنان بها.
وكلّ الخير لمن يعمل بما يعلم؛ وذلك لأنّ العمل بلا علمٍ غير مقبولٍ عند اللّٰه، ومن علم شيئاً ولم يعمل به كان علمه حجّةً عليه. وكان على خاتم الحسين عليه السلام:
«علمت فاعمل» .(1)
وروي: «طوبى لمن عمله بقلبه»(2)؛ أي بإخلاص صافٍ ، والإخلاص: عمل القلب لا يطّلع عليه غير اللّٰه.
ثمّ نهى كلَّ واحدٍ من اُمّته عن مساوئ الأخلاق، فقال: يا ابن آدم، إذا كان أمرك وحالك على وفق الكفاية لا ترضى(3) بذلك، وأنت في طلب الطغيان وما يكون سبب التكبّر والعتوّ ومجاوزة الحدّ. أراد: لا تفعل هذا، ولا تتّخذه عادةً ؛ فإنّك إذا طغيت لا ينفعك مالكَ الذي اكتسبت فوق الكفاية. وروي: «ويطلب ما يطغيك» .
يا ابن آدم، لا ترضى بالقليل من الرزق، ولا تعتمد على ربّك فيما قضى، ولا تُمسك عن الطلب إذا بلغت الدرجة العظيمة في كثرة، وما بالُكَ لا تقنع بما قدّر لك ؟!
ثمّ قال: طوبى لعبدٍ عاقلٍ اختار هدى الإسلام لنفسه، ونَفَعَه اللطف الإلهي الذي
ص: 295
دعاه إلى الإسلام، ولم يكن رزقه كثيراً ولا قليلاً بل كان كفافاً، وليس مع الرضا به لباس القناعة.
وروي: «وقنع» أي رضي، و «قنع به» من القناعة، ومن كان كذلك يجد(1) مدّة حياته بذلك الراحة في القلب والبدن. و «كفاف» الشيء: ميله، و «الكفاف» أيضاً من الرزق: القوت، وهو ما كفّ عن الناس؛ أي أغنى.
وفي الحديث: «اللّهم اجعل رزق محمّد كفافاً».(2)
وروي: «هُدَى الإسلام»؛ يُقال: هديته لكذا وإلى كذا؛ كلاهما لغة.
ص: 296
408. زُرْغِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً.(1)
409. قَيِّدْهَا وَتَوَكَّلْ .(2)
410. ابْدَأ بِمَنْ تَعُولُ .(3)
411. اُخْبُرْ تَقْلِهِ ، [وَ] ثِقْ بِالنَّاسِ رُوَيْداً.(4)
هذا اللفظ الذي يؤمر به مشترك بين الإباحة والتهديد والأمر وغير ذلك، وبقرينةٍ يُعلم أنّه مختصّ بأحدها؛ ألا ترى إلى قوله: (فَإِذٰا قُضِيَتِ اَلصَّلاٰةُ فَانْتَشِرُوا) (5)أنّه إباحة ؟
وقوله: (اِعْمَلُوا مٰا شِئْتُمْ ) (6) تهديداً، و (أَقِيمُوا اَلصَّلاٰةَ ) * (7)أمرٌ. وما يكون أمراً فإن
ص: 298
كان في الشرعيّات فإنّه بظاهره يحمل على الوجوب ولا يحمل على الندب إلّا بقرينةٍ ، وإن كان أمراً في العقليّات فإنّه مشترك بين الإيجاب والاستحباب، ولا يُحمل على أحدهما إلّابدلالة اُخرى منفصلة، فإذا علمت ذلك فتدبّر هذه الأوامر.
كذلك حثَّ عليه السلام أوّلاً على إعانة المسلمين؛ معناه: اُنصروا أخاكم المسلم بالشفاعة والعون والتأييد في نوائبه وقضاء حوائجه؛ لتجدوا أجر ذلك وثوابه من اللّٰه في العاجل والآجل.
وروي: «سافروا وأنفقوا، وصوموا تصحّوا»(1)، والمعنى واضح؛ لأنّ في السفر في بسيط الأرض إصابة الغنيمة.
وقد يكون السفر مصحّة؛ لأنّ فيه اضطراباً وانتقالاً وتحرّكاً واحتمالَ مشقّات يطرد الداء من البدن، والصوم سبب الصحّة لأنّه أكبر الدواء الأزم.(2)
وقيل: السفر على قسمين: سفر بالبدن وهو الانتقال من بقعة إلى بقعة، وسفر بالقلب وهو الارتقاء من المعاصي إلى الطاعات ومن صفة النقص إلى صفة الكرامة.
وترى ألفاً يسافر بنفسه وقليل من يسافر بالقلب. معناه: سافروا بقلوبكم نحو طاعة اللّٰه تسلموا وتغنموا فوائدها.
وقال أبو بكر الشِّبلي(3): «سافروا إلى اللّٰه تجدوا ثوابه في أوّل قدم».(4)
ثمّ قال: عامِلوا أنفسكم باليُسر دون العُسر، وعاشروا الناس على ميسور دون المعسور. وفيه الأمر بالرفق مع كلّ أحدٍ سيّما إذا كان جاهلاً، والأمرُ بالمداراة مع النفس في حملها على الطاعات؛ فإنّ اللّٰه يُريد بكم اليُسر ولا يُريد بكم العسر.
ص: 299
ثمّ أمر بتسكين الخلائق على الأحوال دون تنفيرهم؛ أي سكِّنوا [الناس] في طريق الخوف والرجاء والوعد والوعيد ومعاملة الناس، ولا تقنطوا العباد من رحمة اللّٰه، ولا تنفّروهم من الرغبة إليه.(1)
وروي: «بشّروا» أي برحمة اللّٰه من كان تائباً من المعصية مقبلاً إلى الطاعة.(2)
وقوله: «قارِبوا وسدِّدوا» له معنيان:
أحدهما: قارِبوا الناس بأخلاقكم، ولا تباعدوهم في ظاهر الأمر وإن كانوا على طريقة غير مرضيّة، وسدّدوا اُموركم؛ فقاربوا أهلَ الزمان بأبدانكم، وزائلوهم بقلوبكم، واجعلوها على السداد.(3)
والثاني: أنّه يعني: عليكم بالمقاربة وهو الاقتصاد في العبادة وترك الثقل على النفس بما يؤودها ويثقلها، وعليكم بالسداد، ولا تكلّفوا أنفسكم ما لا تطيقونه؛ قال اللّٰه تعالى: (لاٰ يُكَلِّفُ اَللّٰهُ نَفْساً إِلاّٰ وُسْعَهٰا) (4).
ثمّ أمر بالاقتصاد حتّى في الزيارة؛ فإنّ الإغباب فيها من السنّة؛ يُقال: غَبَّ الرَّجُلُ ، إذا زار بعد أيّام، وإنّ الزائر على التواتر يُستثقل.
وفي قوله: «تَزدد حبّاً» - بفتح التاء - دلالة على أنّه خاف الملالة من أبي هريرة دون نفسه؛ فإنّه عليه السلام كان على خُلق عظيم(5) لا يملّ أحداً.
وقيل: لا خلاف أنّ أمره في الإغباب للتوقّي من السآمة والملالة.
وهذا الكلام منه عليه السلام مع أبي هريرة الذي قال له عمر بن الخطّاب: أما تسكت عن هذه الأكاذيب ؟!(6) إنّها لغلام الدوسي،(7) ولم يكن مع خيار الصحابة الذين
ص: 300
أمره اللّٰه أن يصبر معهم بقوله: (وَ اِصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ اَلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدٰاةِ وَ اَلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ ...) (1).
وروي أنّ أعرابيّاً دخل المسجد على رسول اللّٰه فسأله عن ناقته، فقال: خلّيتُها بباب المسجد، وتوكّلت على اللّٰه في حفظها. فقال عليه السلام: «قيّدها واعقلها ثمّ توكّل» .(2)
وقال أهل التأويل: المراد فيه طمأنينة النفس في الشدّة والرخاء والإلظاظ(3)بالدُّعاء لسوء القضاء، والحديث أساس التوكّل وعماده.
ثمّ أمر أن لا يضيّع الإنسان عياله؛ فقال: ابدأ - إذا أردت أن تحسن إلى الخلق - بالّذين تعولهم، فأنعم عليهم أوّلاً، وفضّلهم على غيرهم.
وروي: «ابدأ بنفسك ثمّ بعيالك»(4)؛ قال تعالى: (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ نٰاراً) (5)، وقال:
قلى يقلي [وقَلِيَ يقلى قِلىً وقَلَاءً ومقيلةً الرجُلَ ] ولا يقلى؛ أي أبغَضَ .
ومخرج(6) قوله: «اخبُر تقله» مخرج الأمر، ومعناه معنى الخبر؛ يريد أنّ أكثر الناس ظاهرهم بخلاف باطنهم؛ أي: إنّك إذا جرّبتهم وتعرّفت اُمورهم قليتهم وأبغضتهم؛ لما يظهر لك من مساويهم. ويُروى هذا عن عليّ أيضاً.
ويحكى أنّ المأمون قال: لولا أنّ أمير المؤمنين قال: «اخبُر تَقْلِه» ، لقلت:
اقْلِه تَخبُر.(7)
والهاء للاستراحة، وقيل: لضمير المفعول؛ أي: اخبُر من شئت تقله.
ثمّ أمر بالحزم وسوء الظنّ ، والمعنى: لا تثق بالناس إلّاقليلاً؛ يريد: عليك أن
ص: 301
تأخذ الأمر بقوائله واستقباله قبل أن يفوت.
و «رويداً» هاهنا صفة مقدّر محذوف؛ أي: وثوقاً رويداً، والكلام جملة.
وقيل: «رويداً» في موضع الأمر على بابه، ومعناه الرفق، فيكون الكلام جملتين، ورويداً تصغير وُرُوداً وإرواداً(1) على الترخيم.
412. قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ .(2)
413. أَقِلَّ مِنَ الدَّيْنِ تَعِشْ (3) حُرّاً، وَأَقِلَّ مِنَ الذُّنُوبِ يَهُنْ عَلَيْكَ الْمَوْتُ ، وَانْظُرْ فِي أَيِّ نِصَابٍ تَضَعُ وَلَدَكَ ؛ فَإِنَّ الْعِرْقَ دَسَّاسٌ .(4)
414. [كُنْ ] وَرِعاً تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ ، وَكُنْ قَنِعاً تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ ، وَأَحْبِبْ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُؤْمِناً، وَأَحْسِنْ مُجَاوَرَةَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِماً.(5)
415. أَبَاهِرٍّ أحْسِنْ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِماً، وَأَحْسِنْ مُصَاحَبَةَ مَنْ صَاحَبَكَ
ص: 302
تَكُنْ مُؤْمِناً.(1)
روي بالكناية والمعنى: إذا تعلّمتم شيئاً فاكتبوه؛ ما كُتب قرّ، وما حُفظ قرّ، فالكتاب قيد للعلم. وروي: «أقلِل» على فكّ الإدغام، وهي لغة الحجاز، وهذا أمرٌ بترك الاستدانة؛ فإنّ الدَّين رِقّ للحرّ، وأخذُ الدَّين مكروه على وجه ومحظور على وجه؛ فمَن أراد أن يعيش حُرّاً فلا يستدين.
وقيل: المراد بالقلّة هنا النفي؛ كقوله: (قَلِيلاً مٰا تَشْكُرُونَ ) (2)، ولبيت الحماسة: قليل غِرار النوم.(3)
وقيل: المعنى: إن اضطررتم إلى الدَّين فالقليل منه. فأمّا المراد بالخبر الآخر النفي لا غير؛ أي: لا تذنبوا؛ ليسهل عليكم شدائد الموت ومجيء الموت.
وفيه بيان أنّ الموت يصعُب على المذنبين، وغمراتُه وأهواله تزاد بكثرة الذنوب والمعاصي.
وروي: «فإنّ العِرق نزّاع»(4)؛ نهي هاهنا عن تزويج الفاجرة والبغي؛ فإنّه لا يؤمَن ذلك [من] الخبث في ولده، ويدبّ في عروقه، ويتخلّق الولد بأخلاقها؛ فتَحمِله على الشرّ، ويدعوه إلى الدَّناءة والخبث. و «النصاب»: الأصل، و «الدسَّاس»:
الدخّال، من دسّ يدسّ إذا دخل، ونَزَعَ فلان إلى أبيه بالشبه؛ أي: ذهب إليه.
ثمّ قال: كُن متحرّجاً(5) في أوامر اللّٰه ونواهيه تكن أطوع الناس لأمر اللّٰه وأخضعهم له، وكُن راضياً بما أصابك من الرزق؛ لتكون أظهر الناس لنعمة اللّٰه عليك
ص: 303
شاكراً، وهو الاعتراف بنعمة المُنعم.
ثمّ أمر أن يكون كلّ أحدٍ نفّاعاً بالناس كما يَكون لنفسه؛ ليكون من المؤمنين المخصوصين بمحاسن الأخلاق.
ثمّ أمر بالإحسان الذي هو سيرة المسلمين في حقّ الجار سرّاً وجهراً وليلاً ونهاراً، سواء كان جِوار السفر أو جوار الحضر، وكذا معنى الخبر الذي خاطب به أبا هريرة وأورد اسمه على المكبَّر(1)، كما تقول العرب على عكس ذلك أيضاً لمن يسمّي عمر يا عُمير.
ثمّ قال عليه السلام: إذا صاحبتَ أحداً تبرُّعاً فأحسن صحبته؛ ليحفظ هو أيضاً حقّك، فيحسن المصاحبة بينكما بسببك. ويتّصل بالخبر الأوّل إلى قوله: تكن زاهداً.
416. وَاعْمَلْ بِفَرَائِضِ اللّٰهِ تَكُنْ عَابِداً، وَارْضَ بِقَسْمِ اللّٰهِ تَكُنْ زَاهِداً.(2)
417. اِزْهَدْ في الدُّنْيَا يُحْبِبْكَ اللّٰهُ ، وَازْهَدْ بِمَا(3) فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحْبِبْكَ النَّاسُ .(4)
418. كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ ، أَوْ كَأَنَّكَ عَابِرُ سَبِيلٍ ، وَعُدَّ نَفْسَكَ فِي أَصْحَابِ الْقُبُورِ.(5)
ص: 304
419. دَعْ مَا يُرِيبُكَ إِلىٰ مَا لَايُرِيبُك.(1)
420. اُنْصَرْ أَخَاكَ ظَالِماً أَوْ مَظْلُوماً.(2)
يقول: لا عبادة كأداء الفرائض فعليك به، فمن استعمل النافلة وضيّع الفريضة فهو هالِكٌ ، ولا زهد كالرضا بالقضاء، فكُن راضياً بما قسم اللّٰه لك، حلواً كان أو مرّاً؛ لتعدّ من الزهّاد.
وسبب الخبر الآخر ما رواه إبراهيم بن أدهم بإسناده قال: جاء رجل إلى رسول اللّٰه فقال: دُلَّني على عملٍ يحبّني اللّٰه ويحبّني الناس عليه، فقال: «العمل الذي يحبّك اللّٰه عليه فالزهد في الدُّنيا، وأمّا العمل الذي يحبّك الناس عليه فانبذ إليهم ما في يدك من الحُطام» .(3)
وقال الخليل بن أحمد: «الزهادة: قلّة الرغبة في الدُّنيا وكثرة الرغبة في الدِّين».(4)
وروي: «من أصحاب القبور» يريد: كُن في الدُّنيا كالغريب الذي لا تَعَرَّج(5) إلّا على ما قلّ وكفى؛ فإنّك إذا فعلت ذلك كنت غريباً كعابر سبيل حتّى تَرِد الآخرة وأنت مخفّ من أثقال الدنيا ولا تغترّ بالدنيا ولا تعمّرها ولا تتّخذها منزلاً ثواً،
ص: 305
واجعل حساب نفسك مع الأموات، ثمّ ذكّر ما فيه رياضة النفوس، وإصلاح الأود(1)من الأخلاق، وكفّ النفس عن الشهوات، والإنقطاع من مساوئ العادات، فقال: إترك الريبة إذا اعترضتك، سواء كانت في اُمور الدّنيا وأسبابها وفي قواعد الشرع وأحواله، فهذا أمريدخلك في الشّبهات ويدخل عليك شكّاً وخوفاً، والنحى إلى ما لايوهمك بل يزيل عنك مادّة الشكّ بالكلّية، والرّيب أن يتوهمّ فيه أمراً فلا ينكشف عمّا يتوهّمه. ويقال: منه رابني يريبني، والإرابة: أن يتوهّم فيه أمراً فلا ينكشف عمّا يتوهّمه، والقول منه أراب يريب.(2)
وبيان الخبر الأخير في تمامه وهو: يا رسول اللّٰه، كيف ظالماً؟ فقال عليه السلام: «تدفعه عن الظلم» وإنّما ذكر الحديث على خلاف عادة العرب، فإنّهم كانوا ينصرون إخوتهم على الظّلم وغيره، فقطع صلى الله عليه و آله عنادهم وفسادهم وقوّر(3) ذيعهم(4) لما قالوا يا رسول اللّٰه، ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً؟ قال: «تمنعه من الظّلم، فذلك نصرك إيّاهُ » .
421. اِرحَم مَن في الأرضَ يَرحَمكَ مَن في السَّماءِ .(5)
422. اسمَح يُسمَح [لَكَ ].(6)
423. أسبِغِ الوُضوءَ يَزِد في عُمرِكَ ، وَسَلِّم عَلىٰ أهلِ بَيتِكَ يَكثُر خَيرُ بَيتِكَ .(7)
ص: 306
424. اِستَعفِفَ عَنِ السُّؤالِ مَا استَطَعتَ .(1)
425. قُلِ الحَقَّ وَإن كانَ مُرّاً.(2)
426. اِتَّقِ اللّٰهَ حَيثُ كُنتَ ، وَأتبعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمحُها، وَخالِقِ النّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ .(3)
للخبر الأوّل وجهان: أحدهما: أن يكون معناه ارحم من في الأرض من الخلائق على طريق الشفقة وبذل النصحية يرحمك من في السّماء ملكه العظيم، فإنّ الملائك مع عظم أشخاصهم (لاٰ يَعْصُونَ اَللّٰهَ مٰا أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ مٰا يُؤْمَرُونَ ) (4)، وأهل الأرض أكثرهم لا يفعلون ما يؤمرون ويعصون ما أمرهم، فكأنّه لا ملك له في الأرض، والملائكة لا يفعلون ذلك إجباراً بل إختياراً.
والوجه الثاني: يعني ارحم كلّ من في الأرض بالإحسان إليهم والأنعام عليهم وترك تعرّضهم بسوء مضرّة يرحمك ملائكة السَّماء بالدّعاء لك والاستغفار لك والشفاعة في حقّك، فيكون من في السّماء هم الملائكة. وإذا حمل من على اللّٰه في قوله (مَنْ فِي اَلسَّمٰاءِ ) * فلا بدّ من تقدير محذوف على ما ذكرناه؛ لئلّا يبطل دليل العقل، فإنّا نعلم بالأدلّة القاطعة إنّه تعالى ليس في السّماء ولا على العرش.
ومعنى (اَلرَّحْمٰنُ عَلَى اَلْعَرْشِ اِسْتَوىٰ ) (5) أي استولى عليه مع عظمته، فكيف على مادونه ؟! ثمّ أمر بترك التضييق والأخذ بالمسامحة فقال: سهّل يسهّل عليك.
ص: 307
وإسباغ الوضوء هو أن تغسل الوجه واليدين مرّة اُخرى بعدما غسلتها مرّة واحدة للفريضة، فالغسلة الثانية مستحبّة للوجه ولليمين واليسار، فإن لم تفعل واقتصرت على الفرض فلا لوم عليك إذا اعتقدت أنّ الثانية مندوب إليها(1) هذا سبب زيادة عمرك أيضاً، فلو كان الغسلة الثانية فريضة أو مكروهة أو محظورة لما جاز أن يكون جزاء الإسباغ زيادة العمر، ولا يجوز أن يكون المراد بالإسباغ في الوضوء المبالغة في إيصال الماء إلى الأعضاء التي هي محلّ الوضوء في الغسلة المفروضة؛ لأنّ الإسباغ على أمر به عليه السلام مستحبّ .
وفحوى الكلام وظاهره يدلّ على استحبابه، ولا خلاف أنّ من ترك شيئاً من أعضاء الطّهارة الّتي يجب غسلها ولو كان قليلاً لم يكن ذلك بوضوء ولا يصحّ به الصّلاة.(2)
وكذلك لا يجوز أن يكون المراد الإسراف في صبّ الماء؛ لأن المجاوزة عن حدّ الشرع في ذلك إمّا محظورةً أومكروهةً .
ومعنى الخبر الرّابع: إنّك إذا دخلت دارك فخصّ بالسلام عليهم وقت دخولك بكرةً وعشيّاً وغيرهما من سائر الأوقات، فإنّه يستحبّ تجديد السّلام؛ لأنّ هذه الكلمة تحيّة الإسلام(3)، يعدّ(4) ذكرها وقولها بركةً كثيرة وخيراً عظيماً ومحبّةً في القلوب، وَالسّلام من أسماء اللّٰه(5) ومع اسمه الخير الكثير سيّما إذا ذكره المسلم على مقتضى الشريعة.
ثمّ أمر بالإمساك عن السّؤال فقال: كفّ عن مسألة الخلق وامسك نفسك ولسانك عن التعرّض لذلّ السؤال ما تجد الاستطاعة وتقدر على نوع من الكفاية ومقدار من
ص: 308
البلغة، فإذا لم تجد ذلك ولم تقدر عليه وكنت مضطرّاً فالسّوال مباح على قدر وفق الكفاية دون طلب الزيادة والادّخار.
ثمّ حثّ على قول الحقّ وإن كان مرّاً على سامعه وذلك إذا لم يكن فيه فسادٌ ومضرّة نفسيّة أو ماليّة على القائل ولا على غيره، ولا يكون إرادة إلى الدّنيا أو إلى منازعة أحدٍ وخصومته أو رضاءً لإنسان، بل يكون ذلك خالصاً للّٰه ولا يخاف فيه لومة لائِمٍ ثمّ قال كُن متقيّاً في جميع الأحوال واتق عقابه تعالى حيثما يكون ليلاً ونهاراً في بلاء أو رخاءٍ في السفر والحضر في مقام الذلّ والعزّ فى حقّ الأجانب والأقارب في الكتمان والإعلان في الخوف والأمن، فهذا وصف ما ذكره اللّٰه في كتابه (اِتَّقُوا اَللّٰهَ حَقَّ تُقٰاتِهِ ) (1). العبارة كذا تُقرأ في المخطوطة.(2).
وقيل: هو أن يذكر اللّٰه فلٰا ينسى ويشكر فلا يكفر به.
ثمّ قال: إذا ارتكبت فاحشة أو فعلت معصيةً فاتبعها التوبة بشرائطها؛ لكي يمحوها اللّٰه بفضله، وهذا كقوله تعالىٰ .
(إِنَّ اَلْحَسَنٰاتِ يُذْهِبْنَ اَلسَّيِّئٰاتِ ) .(3) ونحن نعلم بالدليل القاطع بطلان الإحباط والتكفير بين الطاعة والمعصية وبين الثواب والعقاب؛ لفقد التنافي والتضادّ بينهما، فلا يكون إشارةً إلى ما ذكره المعتزلة من أنّ الحسنات إذا أرادت إجراؤها على إجراء(3) سيّئات صاحبها كفّرته، وإذا كان الأمر على عكس ذلك، فالسيّئات تحبط الحسنات. يعني: كفِّرْ سيّئاتك بإتيان التوبة التي هي الحسنة، و «تَمحُها» التاء يجوز أن يكون لتأنيث الحسنة مجازاً، ويجوز أن يكون للخطاب؛ أي: تمحها أنت بتوبتك التي أمرك اللّٰه بها، وفي الحقيقة الماحي هو اللّٰه تعالى؛ لأنّه وَعَدَ بذلك وهو لا يخلف الميعاد. ومثل هذه التاء توجد في القرآن كثيراً، منها: قوله: (خُذْ مِنْ أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِهٰا) (4)؛ أي: تطهّرهم أنت والصدقة.
ص: 309
ثمّ أمر بحسن معاشرة الناس فقال: خالطْهم بخُلقٍ واسع طيّب ووجهٍ طلقٍ وكلام حلوٍ وإفراط من الرِّفق والمداراة سيّما مع الجَهَلَة، وأنزِلْ كلَّ فريق منازلهم، وفارقْهم بأعمالهم إن كانوا عصاةً .
427. بُلُّوا أَرْحَامَكُمْ وَلَوْ بِالسَّلَامِ .(1)
428. تَهَادُوا تَزْدَادُوا حُبّاً، وَهَاجِرُوا تُورِثُوا أَبْنَاءَكُمْ مَجْداً، وَأَقِيلُوا الْكِرَامَ عَثَرَاتِهِمْ .(2)
429. تَهَادُوا؛ فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تَذْهَبُ وَحَرَ الصَّدْرِ.(3)
430. تَهَادُوا تَحَابُّوا.(4)
431. تَهَادُوا؛(5) فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تَذْهَبُ بِالسَّخِيمَةِ .(6)
ص: 310
432. تَهَادُوا؛ فَإِنَّهُ يُضَعِّفُ الْحُبَّ ، وَيَذْهَبُ بِغَوائِلِ الصَّدْرِ.(1)
433. تَهَادُوا؛ فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تَذْهَبُ بِالضَّغَائِنِ .(2)
434. اُطْلُبُوا الْخَيْرَ عِنْدَ حِسَانِ الْوُجُوهِ .(3)
435. بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً .(4)
يقول: صِلوا أرحامكم بالفعل الجميل والقول الجميل، فإن لم يمكنكم أن تساعدوا أقرباءكم بالأموال والإحسان إليهم فابدؤوهم(5) بتحيّةٍ وسلامٍ ولا تهاجروهم. واستعار البلَّ بمعنى الوصل، كما استعار اليُبس بمعنى القطيعة؛ لأنّ الأشياء يتّصل بالنداوة ويتفرّق باليُبس.
وقيل: إذا استيبس ما بينك وبين اللّٰه فابلله بالإحسان إلى عباده؛ أي: جدِّدوا المودّة بينكم وبين أقربائكم ولو بالتسليم عليهم. ومفهومه أنّه جعل السلام صلةً وإن لم يكن معهُ برٌّ غيره.
ص: 311
ثمّ حثَّ على الهديّة فيما بيننا؛ فإنّها تزيد المودّة، وإنّا نعلم أنّا نزداد حبّاً إلى حبٍّ متى تهادينا.
وللخبر الثالث معنيان:
أحدهما: أنّه قال: هاجروا من بيوتكم مع الرسول عليه السلام لتشرَّفوا(1) بذلك ولتكتسبوا مجداً وفخراً تورثونه أبناءكم، فيكون لأوليائكم شرف ومجد على أقرانهم في زمانهم خَلَفاً عن سَلَفٍ ، ويكون أولادكم كحكمكم [في](2) الهجرة.
والثاني: يعني: ابعدوا في النكاح وفي طلبه ممّن دونكم من القبائل؛ لتجتمع إليكم وإلى أولادكم إن(3) رزقتموهم أعوان عند اجتماع الوصلة من عشيرة إلى عشيرة، فإذا كنتم قد تزوّجتم من قبيلة غير قبيلتكم كثر عشيرتكم فكثر مجدكم بسبب ذلك، فإذا مِتّم أورثتم أولادكم ذلك المجد وكثرة العشيرة والأعوان.
ثمّ قال: وإن فعل كريم ما يجب بسببه تعزيره وتأديبه فأقيلوه عثرته.
وقيل: معناه: اعفوا عن الأسخياء وذوي الجود والكرم والمروّة والشرف زلّاتهم، ولا تخرقوا أستارَهم؛ فإنّهم يستأهلون العفو والتجاوز؛ لجميل عادتهم.
وروي: «ذوي الهيئات»(4) أي المروّات.
ثمّ أمر بالتهادي في خمسة أحاديث فقال في بعضها: استعملوا فيما بينكم التهادي؛ فإنّ بعث الهدية وإعطاءها يزيل غشّ الصَّدر والحقد، ويزيد المحبّة بينكم، ويُبقي صفاءها على حالةٍ واحدةٍ . والهديَّة تجعل المحبّة في القلب ضِعفَي ما كانت قبلها، وتزيل الخيانة من الصدر والغضب، وتصفّي القلب من المكاره والكَدر.
وذكر في بعضها أنّه يزيد الحبّ ، وفي بعضها أنّه يزيل الحقد، و «الوَحَرُ»: الحقد، و «السخيمة»: الموجدة(5) في النفس، و «الضغن»: الحقد أيضاً.
ص: 312
ثمّ قال: إذا كانت بكم حاجة وفقر، أو كانت لكم حاجة، فاطلبوا(1) عند الرجال الحسان الوجوه دون قباحها؛ فإنّ ذلك أقرب في النجاح.
وقيل: معناه: اطلبوا الحوائج عندالمجتهدين الذين يحسن وجوههم؛ لكثرة صلاتهم.
وقيل: أراد حسن الوجه والطريقة عند الناس، وقيل: أراد عند حِسان الأعمال، وليس المراد طلب حوائج منهم دون اقتداء المرء بفعلهم وخيراتهم وهداهم وزهدهم وإنصافهم وعبادتهم، فندب(2) طالب الخير أن يطلبه من معدنه، ومن استعان برأي أهل الخير ومشورتهم فقد طلب الخير من مظنّته.
ثمّ قال: بلِّغُوا عنّي إلى اُمّتي العاصين وإلى من لم يسمع كلامي الشرع الذي جئت به، فإن لم يفعلوا فبلِّغوا ولو آيةً من القرآن؛ أي: ليجتهد كلّ واحدٍ منكم أن يوصل من الأحكام الشرعيّة إلى من يليه ومَن بعده شيئاً، أو يعلّم غيره آيةً من كتاب اللّٰه وما بعده متّصل به.
436. وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَا حَرَجَ .(3)
437. اِتَّقُوا فَرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ ؛ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللّٰهِ تَعَالىٰ .(4)
438. اِتَّقُوا الْحَرَامَ فِي الْبُنْيَانِ ؛ فَإِنَّهُ أَسَاسُ الْخَرَابِ .(5)
ص: 313
439. أَكْرِمُوا أَوْلَادَكُمْ ، وَأَحْسِنُوا آدَابَهُمْ .(1)
440. قُولُوا خَيْراً تَغْنَمُوا، وَاسْكُتُوا عَنْ شَرٍّ تَسْلَمُوا.(2)
441. تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ .(3)
442. أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَادِمِ اللَّذَّاتِ .(4)
443. رَوِّحُوا الْقُلُوبَ سَاعَةً بِسَاعَةٍ .(5)
444. اِعْتَمُّوا تَزْدَادُوا حِلْماً.(6)
ص: 314
445. اِعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ .(1)
معنى الخبر الأوّل: أنّه عليه السلام رخّص لاُمّته أن يُنكِروا قصص بني إسرائيل ويحدّثوا بها؛ ليكون تذكيراً لهم وتذكيراً لمن بعدهم، وليتّعظ بأحوالهم كلّ من يسمعها.
وفائدة قوله: «ولا حرج» هي أنّهم إمّا أنكروا نبوّة أنبيائهم، أو ارتكبوا الكبائر وحرّفوا كتابهم وغيّروا شرائعهم، أو أسقطوا صفات محمّد عليه السلام وبدّلوها، أو أشركوا باللّٰه بادّعائهم النبوّة له جلّ جلاله. وكلّ هذه ممّا يحلّ التحدّث بها، وإنّما لايجوز الغيبة لمؤمن يقترف ذنباً ويستره على نفسه وينكره، فرَفَعَ الحرج وهو الضيق والإثم عمّن تحدّث عن بني إسرائيل للوعظ والزجر.
و «الفِراسة» بالكسر: الاسم من قولك: تفرّستُ فيه خيراً وهو يتفرّس؛ أي: تثبّت وتنظّر، تقول منه: رجلٌ فارِسُ النظر.(2)
وقيل: «الفراسة»: سواطِع أنوارٍ لمعت في القلوب فيُدرَك بها المعاني، وليس لأحدٍ أن يتفرّس في غيره، ولكنّه يتّقى من فراسته بالاجتناب عن القبائح؛ لأنّ النبيّ عليه السلام قال: «اتّقوا فراسة المؤمن» ؛ أي: لا تفعلوا الفواحش في خُفيةٍ ، واحذروا أن يتفرّس مؤمن منكم ويعلم كنه حالكم فيسقط حرمتكم عنده؛ فإنّه ينظر بنور اللّٰه تعالى، وظنُّ المؤمن كهانة. ولم يقل تفرّسوا، وكيف يصحّ دعوى الفراسة ممّن هو في محلّ اتّقاء الفراسة من غيره ؟!
وقيل: أراد بنور اللّٰه القرآن؛ لأنّ اللّٰه سمّى القرآن نوراً، فيَعرِض المؤمن فعلَ المنافق أو قوله ومذهبه على القرآن، فإذا رأى ذلك مخالفاً عَلِمَ أنّه ليس بمؤمن وإن
ص: 315
ادّعى الإسلام، وإذا رأى قول إنسان وفعل كليهما موافقاً للقرآن أنزله منزلته وحكم بإيمانه على ما هو مأمور به ومتعبّد، فحذّر عليه السلام المنافقين من المؤمنين وقد ضَمِن اللّٰه ذلك للمؤمنين فقال: (إِنْ تَتَّقُوا اَللّٰهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقٰاناً) (1)؛ أي ما يفرّقون به بين الحقّ والباطل.
وروي [أنّ ] أعرابياً جاء إلى رسول اللّٰه [صلى الله عليه و آله] فقال: «إنّ ناقتي هذه حاملةٌ منك يا أعرابيّ »، فقال عليه السلام: «احذروا فراسة المؤمن؛ فإنّه ينظر بنور اللّٰه».(2)
ويؤيّد هذا قوله عليه السلام: «المؤمنون شهداء اللّٰه في الأرض، فما رآه المؤمنون حسناً فهو عند اللّٰه حسن، وما رآه المؤمنون قبيحاً فهو قبيح، وما رأوه سيّئاً فهو سيّئ».(3)
ومعنى الخبر الثالث: تجنّبوا من إنفاق الحرام في رفع البُنيان؛ فإنّكم وضعتُم لَبِنَةً واحدةً منه في أساس قصرٍ؛ فإنّها تُخرِّبُ القصر، ويكون عاقبته راجعةً إلى الخراب، فكان ذلك الحرام الذي اُنفق في ذلك البناء أو تلك اللبنة التي وضعت في قاعدته أساسٌ للخراب، والاُسُّ والأساس أصل البناء، وجمعها آساس بالمدّ.(4)
ثمّ أمر كلَّ أحدٍ بإكرام أولاده وإحسان آدابهم، والإحسان في آدابهم أن يأمرهم بالخير وبطاعة اللّٰه.
وقيل: هي الطريقة التي يتحسّن في آداب الدِّين والدُّنيا، وهي على أنواعٍ شتّى، والأدب أصله الدُّعاء.
وقد ذكرنا بيان قوله: «قولوا خيراً تغنموا» ، ويزيده بياناً ما روي أنّه قيل لبعض العلماء: لِمَ لا تتكلّم ؟ قال: أسمعُ فأعلم، وأسكتُ فأسلَمُ .
ص: 316
ثمّ قال: تخيّروا عفيفةً طاهرة النفس لنطفكم التي يَخلق اللّٰه منها أولادكم؛ أي:
لا تضعوا ماءكم في أرحام الفواجر؛ فإنّ أولادكم منهنّ ، يتخلَّقون(1) بأخلاقهنّ ؛ أي:
تكلّفوا طلب ما هو خير المناكح وأزكاها وأبعدها من الخبث والفجور.
وبيان الخبر السابع في تمامه وهو: قالوا: يا رسول اللّٰه، وما هادم اللذَّات ؟ قال:
«الموت» ؛ وإنّما أمر بهذا الذِّكر ليكون المكلّف صاحياً(2) عن سكرة الغفلة ومتيقّظاً بسبب مراقبة الموت.
وللخبر الثامن معانٍ :
أحدها: أنّه قال: أعطوا النفس حقّها من لذّاتٍ مباحةٍ ، وإذا تَعِبَتْ من كثرة الصلاة والعبادة فأريحوها ساعةً ، ونفّسوا عنها خِناقها(3)؛ فإنّ النفس تقوى بالنوم [في] غير معصيةٍ لإحمام(4) القلوب من أعمال أهل الخير وفعل الصُّلحاء وعلامة المؤمنين.
والثاني: أنّ معناه: روّحوا القلوب من هموم الدُّنيا بادّكار الآخرة؛ فإنّ من كان فقيراً وهو مؤمنٌ فإذا تفكّر في نِعم اللّٰه المدّخرة له وثوابه يستريح قلبه.
والثالث : أنّه يعني : روِّحوا من ذكر الآخرة بذكر الآخرة ؛ لأنّ المؤمنين إذا داوموا على ذكر النار وشدائدها وأهوالها والعقوبات التي تكون لأهلها والصراط والحساب والقبر ملّتْ قلوبهم ، فعليهم أن يروّحوا بذكر درجات الجنّة وما أعدَّ اللّه فيها قلوبَهم ، فيكون [المعنى] : رَوِّحوا القلوب بالذِّكر ؛ لأنّ النبيّ عليه السلام لا يقول : اغفلوا عن ذكر اللّه ؛ وقد قال اللّه : « اذْكُرُواْ اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا »(5) .
ص: 317
ثمّ ندب إلى تعميم العِمامة؛ ليكون المرءُ آخذاً بالسنّة مخالفاً لمن كان على غير سيرة محمّدٍ؛ فإنّه عليه السلام كان يتعمّم، وكان اسم عِمامته السحابُ ؛ يعني: إنّ من اعتمّ ازداد له الحلم والوقار والسكينة، وذلك ببركة أخذه آداب رسول اللّٰه عليه السلام.
ومعنى الخبر الأخير: اعملوا الطاعات، واشتغلوا بالطاعات(1) ولا تظنّوا أنّها تصعب عليكم؛ فكلّ واحدٍ منكم قد يسّر اللّٰه له ما خُلق هو لأجله وذاك عبادة اللّٰه؛ قال تعالى: (وَ مٰا خَلَقْتُ اَلْجِنَّ وَ اَلْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ ) (2).
446. تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأنْبِيَاءَ .(3)
447. تَسَحَّرُوا؛ فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً .(4)
448. اِتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ .(5)
449. اِتَّقُوا الشُّحَّ ؛ فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ .(6)
ص: 318
450. اِسْتَغْنُوا عَنِ النَّاسِ وَلَوْ بِشَوْصِ السِّوَاكِ .(1)
451. أَعْرُوا النِّسَاءَ يَلْزَمْنَ الْحِجَالَ .(2)
452. اِسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً؛ فَإِنَّهُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ .(3)
سُلئتُ : هل يجوز أن يأمر رسول اللّٰه اُمّته بشيء لا طريق لهم [إليه]؟ فقلتُ : لا.
فقيل: أ و ليسَ أَمَرَ أن يتزوّج [الرجُل] المرأة الوادّة لزوجها جدّاً التي(4) تكثر الولادة ؟ ومَن الذي يمكنه أن يعلم ذلك ؟ فقلت: إنّه عنى بذلك الأبكار؛ لأنّ الأغلب فيهنّ مودّة أزواجهنّ ؛ لم يَعرفن غيرهم، فقلوبهنّ كلّها تميل إليهم، وفي الأغلب(5)هنّ أكثر ولادةً من الثيّبات، وقد قال عليه السلام: «عليكم بالأبكار؛ فإنّهنّ أطيب شيء أفواهاً، وأفتح شيء أرحاماً»(6).
وقال عليه السلام: «عليك بالبكر وإن بارت، والجادَّة وإن دارت، والمدينة وإن جارت»(7).
ص: 319
فندب رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله اُمّته إلى نكاح الأبكار استعارةً .
وتمام الخبر: «التي إذا آذت أو اُوذِيَت أتت زَوجها حتّى تضع يدها في كفّه وتقول: لا أذوق عَمْصاً(1) حتى ترضى» . ومنه دليل على استحباب النكاح لطلب الولد؛ لقوله: «فإنّي مكاثرٌ بكم الأنبياء» ؛ أي مفاخر بكثرتكم جميع النبيّين. وقد قال عليه السلام: «سوداء ولُود خيرٌ من حسناء عقيم»(2)، والودود: فَعول بمعنى المفاعلة، وكذلك الوَلود بناءً للمبالغة.
والوَدود مأخوذ من الودّ، وقيل: هو فعول بمعنى مفعوله.
ثمّ دعا إلى أكل السَّحور؛ فإنّه بركة رخصةٍ إذا(3) لم يكن قبله مباحاً.
وقال عليه السلام: «تسحّروا؛ ألا صلواتُ اللّٰه على المتسحّرين»(4)، أي: يرحمهم؛ لأنّ فيه مخالفة اليهود؛ فهم لا يتسحّرون، والسحور عونٌ على الصوم وعلى البكور.
ثمّ قال: اتّقوا واحذروا من ألم النار وعذابها، واجتنبوا من أهوالها بالصدقة ولو بنصف تمرة من المظالم عليكم؛ فإنّه مطالَب به يوم القيامة.
وقيل: أراد به ردّ السائل؛ أي: لا تردّوهم ولو بتُمَيرة أو بنصفها، وهذا صحيح؛ لأنّه عليه السلام قال في تمام الحديث: «فإن لم تجدوا [ف] بكلمةٍ طيّبة» ، وهي أن يقولوا: أعطاك اللّٰه، وروي: «اتّقوا النار ولو بشقّ تمرةٍ ؛ فإنّها تدفع ميتة السوء، وتقع من الجائع موقعها من الشبعان»(5).
وإنّما أنّث الضمائر لأنّ الشقّ مضاف إلى مؤنّث كسور المدينة؛ أي: أن نصف
ص: 320
التمرة يسدُّ رمق الجائع كما تورث الشبعان كظّة(1) على وتاحته(2)، فلا تستقلّوا من الصدقة شيئاً.
وروي: «اتّقوا النار ولو بشقّ تمرة» . ثمّ أعرض وأشاح، أي حذّر كأن(3) ينظر إلى النار حين ذكرها، فأعرض ذلك وحذّر.
وبيان الخبر الرابع في(4) تمامه وهو: «أَمَرَهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا» ؛ أي أمرهم بالشحّ بهذه الثلاثة، و «الشحّ »: البخل مع شدّة الحرص.
وقيل: هو أشدّ بخل؛ فالبخيل يبخل بما [في] يده، والشحيح يبخل بما في يد غيره، وقال تعالى: (وَ أُحْضِرَتِ اَلْأَنْفُسُ اَلشُّحَّ ) (5)، فعلى المكلّف أن يدفع شرّ الشحّ عن نفسه ولا يتابعه.(6)
ثمّ قال: استغنوا عن أموال الناس، ولا تسألوهم ولا تتعرّضوا لهم ولو بالتسوّك بمسواكهم، و «الشوص»: السواك؛ أي: لا تطلبوا من أحدٍ سواكاً تستاكون به.
وقيل: المراد: أقلل الرجاء إلى المخلوقين وإن كان في شيءٍ حقير، و سَلِ اللّٰه الصغير والكبير. و شوص السواك في اللغة: تحريكك إيّاه ونصبك بيدك.
وقيل: الشوص: الغسل والتنظيف؛ يُقال: هو يشوص فاه بالسواك. أي: استغنوا عنهم ولو بتطهير الفم.
ثمّ أمر في حقّ النساء بأمرين كأنّهما متنافيان؛ فإنّه قال أوّلاً: «أعروهنّ » ثمّ وصّى بهنّ خيراً ثانياً، والمعنى: أعروا النساء من الثياب الفاخرة، ولا تُفْرطوا لهنّ
ص: 321
في لباسهنّ ؛ ليلزمن داخل منزلهنّ ، ولا يبرزن للرجال؛ لئلّا يقعن في الفتنة، وقد أمرهنّ اللّٰه بأن يلزمن البيوت؛ فإنّهنّ مكائد الشهوات، وإن كان الكلام في الأوّل بقوله: «أعروا النساء» على الإطلاق؛ فإنّ قوله يلزمن الحجال ينبّه على أنّه يأمرهم [بأن] يكسوهنّ ما يحتجن إليه في المنزل والمَهْنَة(1) ممّا لابدّ لهنّ في الشتاء والصيف وفي كلّ وقت. و «الحِجلة»: خِدْر(2) العروس.
ثمّ قال ثانياً: ارفقوا بهنّ و لايِنُوهُنَّ وساهلوهنّ ، وكلّموهنّ بكلامٍ حسنٍ ، وعاشروهنّ بالمعروف، وأطعموهنّ ما يشتهين إليه إذا قدرتم عليه، ولا تُؤذوهنّ إلّا بما جوّزه الشرع من تأديبهنّ وهجرانهنّ عند النشوز وضَربهنّ ، وأحسنوا صحبتهنّ مع قلّة عقولِهنّ وإفراط جهلهنّ ؛ فإنّهنّ اُسراء في أيديكم. و «العاني»: الأسير، و «استوصى» وأوصى بمعنىً هاهنا، كقولك: استجاب وأجاب بمعنى، واستنبط الماء وأنبطه(3)، وأستهلكه وأهلكه. وقيل: السين للطلب.
ومعنى الاستيصاء فيه أنّه عليه السلام أمرنا أن نأمر غيرنا بأن يوصي بهنّ خيراً، كأنّه قال:
اطلبوا الوصيّة من غيركم بهنّ وفيهنّ من أولادكم إذا زوّجتموهم.
و «خيراً» صفة مصدر محذوف؛ أي: استوصوا استيصاء خيراً حسناً، كقوله تعالى: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْ ءٌ ) (4) كأنّه قال: عُفي عفوٌ. ويجوز أن يكون انتصاب «خيراً» على أنّه مفعول به؛ فإنّه يُقال: أوصيتُ إليه، كأنّه أوصوا ليراعوهنّ خيراً.
ص: 322
453. حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ ، وَدَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ ، وَأَعِدُّوا لِلْبَلَاءِ الدُّعَاءَ .(1)
454. اِغْتَنِمُوا الدُّعَاءَ عِنْدَ الرِّقَّةِ ؛ فَإِنَّها رَحْمَةُ .(2)
455. ألِظُّوا بِيَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإكْرَامِ .(3)
456. اِلْتَمِسُوا الرِّزْقَ فِي خَبَايَا الْأَرْضِ .(4)
457. تَفَرَّغُوا مِنْ هُمُومِ الدُّنْيَا مَا اسْتَطَعْتُمْ .(5)
458. كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ .(6)
ص: 323
459. اُطْلُبُوا الْفَضْلَ عِنْدَ الرُّحَمَاءِ مِنْ اُمَّتِي تَعِيشُوا فِي أَكْنَافِهِمْ .(1)
460. اُطْلُبُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللّٰهِ ؛ فَإِنَّ للّٰهِِ تَعَالىٰ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ .(2)
أي: اجعلوا الزكاة في منع الآفات والعاهات عن الأموال كالحِصن لها، والعرب تقول لكلّ ممنوع: مُحصَن، والحِصن يمنع المحذور، وكذلك الصدقات مانعة مال صاحبه من الخسران والنقصان، وأصل «الزكاة»: النماء والزيادة، و «الصدقة»: دواء المريض، فأشار أنّ الواجب من الزكاة تحفظ الأموال من التلف، والمستحبّ منها يكون شفاءً للمرضى، فحثّ على المفروض والمسنون.
ثمّ قال: وادّخروا تلاوة الدُّعاء في وقت الرَّخاء؛ حذراً من حلول البلاء.
وقال عليه السلام: «إنّ أعجز الناس من عجز عن الدُّعاء».(3)
ثمّ قال: إذا رأيتم(4) رقّةً في قلوبكم وليناً فأكثروا الدُّعاء في ذلك الوقت؛ فإنّ تلك الرقّة تكون سبب نزول رحمة اللّٰه.
ثمّ قال: وألظُّوا(5) على المسألة مِنَ اللّٰه بكلمة يا ذا الجلال والإكرام، و سَلُوا اللّٰه بها. يُقال: ألَظَّه؛ أي: لزمه وألحَّ عليه. وأمّا تفسير «الجلال»: العظمة، والإحسان
ص: 324
والإكرام والإنعام(1)؛ أي: يا من هو عظيم في ذاته مكرمٌ لأوليائه؛ فإنّ اللّٰه يُغنيكم بغلّات الأرض وثمراتها التي هي خباياها(2).
ويتأوّل على وجهين آخرين:
أحدهما: استخراج ما في المعادن من جواهر الأرض كالذهب والفضّة والنحاس ونحوها.
والثاني: أنّه إشارة إلى السفر؛ فإنّ المسافر يُرزق ببركة غربته أكثر، ثمّ إنّه يشتري كلّ شيء حيثما يكون أرخص ويبيع غالياً في بلدته.
ثمّ قال: فرِّغوا خواطركم وقلوبكم من احتمال الحزن بسبب ما يفوتكم من الدُّنيا ولطلب زينتها وغرورها على قدر الإمكان والجهد والاستطاعة.
ثمّ أمر بكيل الطعام ووزنه على كلّ حالٍ ؛ فإنّ ذلك بركةٌ .
روي أنّهم اشتكوا إليه صلى الله عليه و آله سرعة فناء الطعام من بيوتهم، فقال عليه السلام: «تَهيلون(3) أم تكيلون ؟» فقالوا: نهيل، فقال - صلوات اللّٰه عليه -: «كيلوا ولا تهيلوا»(4)؛ يعني لا تُرسلوه ولا تنفقوه جزافاً، وإنّما حافظوه وراعوه بالكيل والوزن على ما هو معتاد عندكم، وكلاهما عبارة عن معرفة مقداره.
وقيل: إنّما اُمرنا بالكيل خوفاً من الغشّ من البائع؛ لأنّه إذا اكتال قلّما يخفى على الناس، ويبعد عن الخيانة ويقرب من الأمانة، والبركة لا تدور إلّامع الأمانة.
ولم يأمر عليه السلام في ابتياع الطعام إلّابكيلٍ معلومٍ ، ولا يجوز الجزاف فيه طلباً للنماء والبركة.
وقيل: إذا اشتريتم طعاماً يقول البائع: قد كلتهُ ، وهو كذا؛ فكيلوا أنتم لتعلموا إن
ص: 325
كان فيه فضل وزيادة تردّوه، وإن كان فيه نقصان [تطلبوه](1).
وبيان الخبر الذي بعدها في تمامه وهو: «فإنّ فيهم رحمتي، ولا تطلبوا من القاسية قلوبهم؛ فإنّهم ينتظرون سخطي» . و «الرحيم» في صفة المخلوقين هو المشفق والشفيق، وفي الخبر تحذير عن صحبة اللِّئام والخوض في مخالطتهم وصداقتهم وتعليق الآمال في عطاياهم وصدقتهم، وتمام الحديث الأخير: «واسألوا اللّٰه أن يستر عوراتكم وأن يُؤمن روعاتكم» ؛ يعني: اطلبوا الخير من اللّٰه مدّة دهركم أي حياتكم، وتعرّضوا - أي استقبلوا - لنفحات رحمة اللّٰه؛ أي قوارب رحمته.
وقيل: هي الساعات التي يُجاب فيها الدُّعاء على ما جاء به الأثر.
وفيه إشارة إلى عباد اللّٰه بالرجاء لسعة رحمة اللّٰه وقطع الرجاء من غيره تعالى، و «النفحة»: طرف وقليل ونصبٌ من الرحمة والعذاب وبعض ما يستحقّه العباد، قال تعالى: (وَ لَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذٰابِ رَبِّكَ ) (2).
461. اِجْمَعُوا وَضُوءَ كُمْ جَمَعَ اللّٰهُ شَمْلَكُمْ .(3)
462. نَوِّرُوا الْفَجْرَ(4)؛ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأجْرِ.(5)
463. تَمَسَّحُوا بِالْأرْضِ فَإِنَّهَا بِكُمْ بَرَّةٌ .(6)
ص: 326
464. دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقِ اللّٰهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ .(1)
465. اِسْتَعِينُوا عَلىٰ اُمُورِكُمْ بِالْكِتْمَانِ لَهَا.(2)
466. اِسْتَعِينُوا عَلىٰ إِنْجٰاحِ الْحَوَائِجِ بِالْكِتْمَانِ لَهَا.(3)
467. اِلْتَمِسُوا الْجَارَ قَبْلَ شَرَاءِ الدَّارِ، وَالرَّفِيقَ قَبْلَ الطَّرِيقِ .(4)
468. تَدَاوُوا؛ فَإِنَّ الَّذِي أَنْزَلَ الدَّاءَ أَنْزَلَ الدَّوَاءَ .(5)
469. اُحْثُوا فِي وُجُوهِ الْمَدَّاحِينَ التُّرَابَ .(6)
ص: 327
470. أَحْسِنُوا إِذَا وُلِّيتُمْ ، وَاعْفُوا عَمَّا مَلَكْتُمْ .(1)
يقول: إذا غسلتم الأيدي بعد الطعام وغيره فاجْمَعوا ذلك الماء الذي استعملوه(2)في موضع واحد؛ فإنّ مَن جَمَعَ ماء وضوئه وطهوره في إناء خلافاً لسائر الملل جمع [اللّٰه] شمله، وهذا دعاء للتآلف والمؤانسة لفاعله.
وقال عليه السلام: «املؤوا(3) الطسوس، وخالفوا المجوس»(4)، وقيل: دليلٌ على أنّ الماء المستعمل غير نجس، و «الوُضوء» بضمّ الواو: التوضّؤ، و [الوَضوء] بفتح الواو: هو الماء الذي يُتوضّأ به، ويكون مخصوصاً في عرف الشرع بالماء الذي يُستعمل في وضوء، وفي موضع اللغة على العموم، والمراد بما في الخبر أصل الوضع(5) [وهو] مختصّ بما يغسل به اليد بعد الطعام.
ومعنى الخبر الثاني أي: صَلّوا صلاة الغداة وفريضتها عند تنوير الفجر وإسفاره وإضاءته، ولا تؤخّروها من أوّل الوقت؛ فإنّ ملائكة الليل وملائكة النهار يحضرونها فيكتبونها جميعاً فيكون أعظم للأجر؛ قال تعالى: (إِنَّ قُرْآنَ اَلْفَجْرِ كٰانَ مَشْهُوداً) (6)، وروي: «أسفروا» مكان «نوّروا»، وكلاهما في المعنى سواء وهو الضياء، والإسفار والتنوير أن تصلّي عند إضاءة الفجر، وليس أحدهما تأخير الصلاة الصلاة.
ص: 328
وقيل: نوّروا صحائفكم بالسحر والفجر الأوّل والفجر الثاني؛ فإنّه وقت الأوّابين.
وقيل: أدّوا صلاة الصبح بعد الفجر الثاني إذا أصبحتم بها وعرف بعضكم بعضاً؛ فإنّ ذلك أعظم لاُجوركم، وإلى هذا يذهب من يستحبّ الصلاة في آخر الوقت.
ولقوله: «تمسّحوا بالأرض» معانٍ :
أحدها: أنّ ذلك كناية واستعارة عن الصلاة على الأرض وعلى التراب، لا على حصير ولا ثوب ولا حائل بينكم وبين التراب؛ فإنّه أقرب إلى التواضع. وقيل: هذا أمرٌ بالسجود على الأرض في الصلاة وعلى التراب والحَجَر والمدر وعلى ما ينبت منها دون ما يؤكل ويُلبس على غالب العادة؛ لئلّا يشتغل القلب في حال الصلاة بحطام الدُّنيا، ومن خالف الوجه الأوّل لم يكن خارجاً عن السنّة، وأمّا الوجه الثاني فلا يجوز مخالفته اختياراً ويجزئ اضطراراً.
وقوله: «فإنّها بكم برّةٌ »؛ أي: الأرض بكم اُمٌّ بارّةٌ ؛ فإنّكم منها خُلِقتم، (مِنْهٰا خَلَقْنٰاكُمْ وَ فِيهٰا نُعِيدُكُمْ وَ مِنْهٰا نُخْرِجُكُمْ ) (1)، وعليها معاشكم؛ قال تعالى: (أَ لَمْ نَجْعَلِ اَلْأَرْضَ كِفٰاتاً) (2).
والوجه الثالث: أنّ «تمسّحوا» معناه تيمّموا بتراب الأرض عند عدم الماء ووجود شرائط التيمّم وذلك أنّ اسم المسح يقع عليه. وقيل: تمسّحوا بعد أداء الصلاة على موضع السجود مِن الأرض بأيديكم، وامسحوها على وجوهكم وعلى موضع الداء إن كان بكم علّة، وكلاهما وجهٌ حَسنٌ .
وقوله: «دعوا الناس يرزق اللّٰه بعضهم من بعض»، بيانه في أوّله وهو: «لا يبيع حاضر لباد»؛ يقول: إذا دخل عليكم من أهل البَدْو(3) من معه أمتعة وسِلَع ومنافع فإنّه يكره للحاضر أن يكون له سمساراً(4) ويبيع للبادي ويبالغ له في ذلك، ويستنفع
ص: 329
هو به خاصّة، فينبغي أن يُترك الناس في أحوالهم لينفع بعضهم بعضاً، فإذا طاف البدوي بمتاعه في البلد ويبيع هو بنفسه ينتفع بذلك عامّة أهل البلدة.
ثمّ قال: استعينوا على حفظ اُموركم الثابتة وأحوالكم المشقّة بكتمانه.
بيان الخبر في تمامه: «فإنّ كلّ ذي نعمةٍ محسود»، وفيه حثّ على الحزم والرأي الصائب وحفظ السّرّ، وروي: «أملك الناس لنفسه من كتم سرّه من صديقه» .(1)
والخبر الآخر في هذا المعنى فائدته لمن يطلب حاجةً أن يكتمها، فكتمان ذلك استعانة له على قضائها؛ أي: لا تظهروا(2) أنّكم في طلب أمرٍ وحاجةٍ من فلان؛ فإنّه يخاف عليها كيد حاسدٍ أو عدوٍّ إذا طلع ذلك فيدفع ويمنع فلا خير لكم في نشرها.
ثمّ قال: إن أردتم أن تشتروا داراً فاسألوا أوّلاً عن جارها قبل أن تُشترى، وإن أردتم سفراً فاسألوا عن الرفيق والصاحب الذي يصاحبوه ويرافقوه قبل الشخوص، والشراء يمدّ ويقصر، فالشرى مصدر شرى يشري، والشِّراء مصدر شاراه يشاريه، ومثاله الزناء.
ثمّ أباح التداوي في عوارض الأسقام.
واعلم أنّ اللّٰه خلق الأدوية شافيةً نافعةً بإذن اللّٰه فتَدَاووا(3)، واطلبوا الدواء إذا عرض داء، وفيه إثبات الطبّ .
ثمّ قال: إذا أتاكم المدّاحون الذين اتّخذوا مدح الناس عادةً وجعلوه بضاعةً
ص: 330
يستأكلون به الممدوح ويفتنونه فادفعوهم عن مدحِكم؛ لئلّا تفتنوا ولا تغالطوا في حقّ أنفسكم، وازجروهم واحثوا التراب في وجوههم إن أمكنكم، وهذا استعارة؛ أي: أهينوهم واهجروهم وانهوهم. وقيل: «التراب» هاهنا بمعنى الخيبة والحرمان.
فأمّا مَن مدح الإنسان على فعلٍ حسنٍ وأمرٍ ممدوح محمود يكون منه ترغيباً في أمثاله وتحريضاً للناس على الاقتداء به في أشباهه، فليس بمدّاح الذي يجب أن يحثى على وجهه وإن صار مادِحاً بما تكلّم به.
ثمّ أمر بالإحسان والعفو في حال القدرة. وبيان القرينة الاُولى فيما قالت عائشة يوم الجمل أمير المؤمنين: «ملكت فاسجح»(1) أي ظفرت فاحسن. وروي: «واعفوا عمّن ملكتم»(2)، والأوّل أعمّ كقوله: (مٰا طٰابَ لَكُمْ مِنَ اَلنِّسٰاءِ ) (3). مسند الشهاب، ج 1، ص 414، ح 713 و 714؛ مسند أحمد، ج 3، ص 55؛ الزهد لابن المبارك، ص 73؛ مسند أبي يعلى، ج 2، ص 357، ح 1106؛ و ص 493، ح 1332؛ صحيح إبن حبّان، ج 2، ص 381. عوالي اللئالي، ج 1، ص 112، ح 21؛ مستدرك الوسائل، ج 16، ص 253، ح 19775؛ جامع أحاديث الشيعة، ج 8، ص 505، ح 1532 (وفي الأخيرين عن عوالي اللئالي).(4).
471. أَطْعِمُوا طَعَامَكُمُ الأتْقِيَاءَ ، وَأَوِّلُوا مَعْرُوفَكُمُ الْمُؤْمِنِينَ .(4)
472. اِسْتَعِيذُوا بِاللّٰهِ مِنْ طَمَعٍ يَهْدِي إِلىٰ طَبْعٍ .(5)
473. أَجْمِلُوا فِي طَلَبِ الدُّنْيَا؛ فَإِنَّ كُلّاً مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ مِنْهَا.(6)
ص: 331
474. أَصْلِحُوا دُنْيَاكُمْ ، وَاعْمَلُوا لِآخِرَتِكُمْ .(1)
475. أفْشُوا السَّلَامَ تَسْلَمُوا.(2)
476. أفْشُوا السَّلَامَ وَأطْعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصِلُوا الْأرْحَامَ ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ .(3)
يقول: أطعموا كلّ تقيٍّ طعامكم؛ لتنجوا ببركةٍ في الدُّنيا من الآفات وفي الآخرة من العقوبات، وخُصّوا بإحسانكم المؤمنين من لين القول ومعاونتهم، واطلبوا الإعاذة من اللّٰه من طمعٍ يقع في النفس يدنِّس العِرض(4)، و «الطبعُ »: العيب وكلّ عملٍ يشينُ المرءَ ديناً أو دنيا، والغني من لم يكن للطمع أسيراً. وقوله: «يهدي إلى طبع» أي يؤدّي إلى شينٍ وعيب، وأصل الدنس الذي يَغشى السيف فيغطّي وجهه، من الطبع وهو الختم، ثمّ استعير للدنس في الأخلاق، والشين في الخِلال.
ثمّ أمر بالمجاملة في طلب الرزق والمكاسب والمعاش؛ فإنّ ما قدّره اللّٰه للمرء يصل إليه في يُسر، وقال عليّ عليه السلام: «الدُّنيا جيفة، فمَن أرادها وطلبها فليصبر على مخالطة الكلاب» .(5)
ص: 332
وبيان الخبر الرابع في دعائه: «اللُّهمَّ أصلح لي دنياي التي فيها معيشتي، وأصلح لي آخرتي التي إليها منقلبي» ؛(1)أي: لا تضيّعوا اُمور معاشكم في الدُّنيا بالتكاسل، ولا تعملوا للدُّنيا، واعملوا للآخرة التي لابدَّ لكم منها.
ثمّ قال: أكثروا من السلام على المسلمين ليلاً ونهاراً وعلى الأحوال كلّها، ولا تقطعوا هذه الكلمة؛ لتَسلموا ببركتها من الآفات؛ فإنّها تحيّةٌ وملّة محمّد عليه السلام، وتسلموا من شرور من سلّمتم عليه. وقيل: أفشوا فيما بين الناس أنّكم أهل السلامة بأن يكونوا كذلك؛ لأنّ مَن سالَمَ الناسَ سالموه.
وبيان الحديث الأخير وتمامه وطوله [فيما] رواه جابر، قال: خرج رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وقال: «[ألا] اُخبركم بغرف أهل الجنّة» إلى أن قال هذا الحديث. قلت: بأبي واُمّي يا رسول اللّٰه، ومن يطيق ذلك ؟ قال: «ساُخبركم عن ذلك: من لقي أخاه فسلّم عليه وردّ عليه فقد أفشى السلام، ومَن أطعم أهله وعياله من الطعام حتّى يشبعهم فقد أطعم الطعام، ومن صام رمضان ومن كلّ شهرٍ ثلاثة أيّام فقد أدام الصيام، ومَن صلّى العشاء الآخرة والغداة في جماعة فقد صلّى والناس نيام [من] اليهود والنصارى والمجوس».(2)
477. اِحْفَظُونِي فِي أَصْحَابِي؛ فَإِنَّهُمْ خِيَارُ اُمَّتِي.(3)
478. اِحْفَظُونِي فِي عِتْرَتِي؛ فَإِنَّهُمْ خِيَارُ أَصْحَابِي.(4)
479. اِسْتَشِيرُوا ذَوِي الْعُقُولَ تَرْشُدُوا، وَلَا تَعْصُوهُمْ فَتَنْدَمُوا.(5)
ص: 333
480. تُوبُوا إِلىٰ رَبِّكُمْ مِنْ (1) قَبْلِ أَنْ تَمُوتُوا، وَبَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ الزَّاكِيَةِ قَبْلَ أَنْ تُشْغَلُوا، وَصِلُوا الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ (2) بِكَثْرَةِ ذِكْرِكُمْ إِيَّاهُ .(3)
481. تَجَافُوا عَنْ عُقُوبَةِ ذَوِي الْمُرَوَّةِ مَا لَمْ تَكُنْ حَدّاً.(4)
482. تَجَافُوا عَنْ ذَنْبِ السَّخِيِّ ؛ فَإِنَّ اللّٰهَ آخِذٌ بِيَدِهِ كُلَّمَا عَثَرَ.(5)
يعني بالخبرين الأوّلين: احفظوا قلبي بحفاظ حُرمتي ومراعاتها حسب الواجب؛ أي: لا تضيّعوا حرمة أصحابي وحُرمة أهل بيتي؛ لأنّهم على الحقّ والصِّدق والاستحقاق للمحبّة والمشايعة ما داموا على السنّة والأثر.
وروى الخبر الثاني: «احفظوني في عترتي؛ فإنّهم خيار أصحابي» - وروي: - «خيار عشيرتي» .(6)
وقال عليّ عليه السلام: «يا عجباً أن تكون الإمامة بالصحابة، ولا تكون بالصحابة والقرابة» .(7)
ثمّ أمر بالمشورة في الحادثات وفي جميع الاُمور التي يحتاج في مثلها إلى الآراء؛ أي: شاوروا العقلاء يهدوكم إلى الرشاد، ويهديكم اللّٰه إلى رشدكم بما يجري
ص: 334
على ألسنتهم، وإذا أشاروا إلى شيء فخذوا به، فإن لم تفعلوا ذلك وفعلتم غيره تندموا حين لا ينفع الندامة.
ثمّ أمرَ بالتوبة والعمل الصالح فله(1) وكثرة ذكر اللّٰه؛ أي: توبوا قبل الموت وحضوره؛ فإنّ بعده لا تُقبل التوبة، وصالحوا(2) بالأعمال الصالحة قبل شغلكم الذي يكون كالمانع منها وذلك قبل الضعف وحلول الأجل، وصلوا ما بينكم وبين اللّٰه، وهو أن يكون النعمة من اللّٰه إليكم والشكر منكم له تعالى؛ أي: اعمُروا الطريق الذي يكون سبباً إلى عمارة الدِّين بذكر اللّٰه كثيراً وبالاستغفار.
ثمّ أمر في الخبرين الأخيرين بالعفو عمّن له مروّةٌ وسخاءُ مالٍ إذا استحقّ صاحب المروّة التعزير ولا يستوجب الحدّ فتجافى(3) عن عقوبته. و «المروّة»:
الرجولية وهي إصلاح الدِّين والمعيشة وصلة الرحم والبرّ بالمسلمين، وهذا دليل على أنّ للإمام الخيار في إقامة التعزير؛ إن شاء يُقيم، وإن شاء لم يُقِم ويَفعل ما هو الأصلح.
ثمّ قال: تباعدوا عن الحدّ والمكافأة على ذنب السخيّ وما يدرُّ منه من الجرائم؛ فإنّ اللّٰه يصفح بكرمه عن جرمه كلّما عثر، ويأخذ بيده ويعصمه من ركوب الزلّات ويوفّقه للتوبة. و «تجافوا» أي: تجنّبوا وتباعدوا عن إقامة عقوبتهما.
483. عُودُوا الْمَرِيضَ ، وَاتَّبِعُوا الْجَنَائِزَ(4) تُذَكِّرْكُمُ الْآخِرَةَ .(5)
484. لِيَكُنْ بَلَاغُ أَحَدِكُمْ مِنَ الدُّنْيَا زَادَ الرَّاكِبِ .(6)
ص: 335
485. اِغْتَنِمْ خَمْساً قَبْلَ خَمْسٍ ؛ شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سُقْمِكَ ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ ، وَفِرَاغَكَ قَبْلَ شُغُلِكَ ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ .(1)
486. لِيَأْخُذِ الْعَبْدُ مِنْ نَفْسِهِ [لِنَفْسِهِ ] وَمِنْ دُنْيَاهُ لِآخِرَتِهِ ، وَمِنَ الشَّبِيبَةِ قَبْلَ الْكِبَرِ، وَمِنَ الْحَيَاةِ قَبْلَ الْمَمَاتِ ، فَمَا بَعْدَ الدُّنْيَا مِنْ دَارٍ إِلَّا الْجَنَّةُ أَوِ النَّارُ.(2)
أي: الزَموا هذين الأمرين اللَّذَين هما من الحقوق اللازمة أمر الآخرة، فكلاهما آخر أمر الدُّنيا وأوّل أمر الآخرة.
ثمّ حثَّ على القناعة فقال: لا ينبغي أن يَطلب أحدكم من دُنياه أكثر من الكفاية؛ فإنّه على جَناح سفر القيامة، فلا يُثَقِّلْ ظَهرَه؛ فإنّ المسافر الدُّنياوي لا يطلب أكثر من زاد النفْس وعلف المركوب، فليكتف بمثل ذلك. و «البلاغ»: الكفاية.
قال الراجز: «تَزَجَّ مِن دنياكَ بالبلاغ»(3)
ثمّ قال: اغتنم خمسة أشياء؛ الشباب والصحّة والغِنى والفراغ والحياة، فاعمل فيها قبل مجيء الخمسة التي هي أضدادها، فلا تقدر على طاعةٍ في هذه الأحوال المنكَرة الصعبة.
ومعنى الخبر الأخير قريبٌ من هذا؛ أي: لِيأخذْ كلُّ عبدٍ لأجل راحة نفسه في الآخرة مِن جوارح نفسه باجتهادها في الدُّنيا، ومِن مال دنياه لكرامة آخرته، ومن
ص: 336
قوّة شبابه قبل مجيء ضعف الكبر، وليأخذ في حياته العاجلة حظّ الآجلة قبل حلول موانع الموت وعوائقه، فمَن علم أنّه ليس بعد الدُّنيا إلّاالثواب والعقاب فعليه بامتثال هذه الأشياء المذكورة هاهنا واستعمالها على الحقيقة إذا خاف اللّٰه ورجاه.
487. كُونُوا فِي الدُّنْيَا أَضْيَافاً، وَاتَّخِذُوا الْمَسَاجِدَ بُيُوتاً، وَعَوِّدُوا قُلُوبَكُمُ الرِّقَّةَ ، وَأَكْثِرُوا التَّفَكُّرَ وَالْبُكَاءَ ، [وَ] لَايَخْتَلِفَنَّ بِكُمُ الْأهْوَاءُ .(1)
488. أَكْرِمُوا الشُّهُودَ؛ فَإِنَّ اللّٰهَ يَسْتَخْرِجُ بِهِمُ الْحُقُوقَ ، ويَدْفَعُ بِهِمُ الظُّلْمَ .(2)
489. اِتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ ؛ فَإِنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ ؛ يَقُولُ اللّٰهُ تَعَالىٰ : وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ .(3)
أي: كونوا على اُهْبَة(4) الرحيل وعزم الخروج، وأقيموا في الدُّنيا مقام الضيف عندكم؛ فإنّه لا يتّخذ منزلكم دار ثَواء(5)، فكذلك أنتم لا تجعلوا الدُّنيا دار قرار، وأكثروا المقام في المساجد؛ ليزداد لكم الطاعات؛ فإنّ الجلوس فيها طاعةٌ من غير ذكر [و] صلاةٍ .
ص: 337
وقيل: أراد به قصر الأمل، وقيل: معناه على سبيل التقديم والتأخير الذي يكثر في كلام العرب؛ أي: اتّخذوا البيوت مساجد من كثرة الأذكار والصلاة فيها، وأكثروا ذكر ما يُرِقّ قلوبكم ويقرّبكم من الآخرة، وأكثروا التفكّر في صنع اللّٰه وفي ذنوبكم وجرمكم على اللّٰه، وأكثروا بكاءكم على ما سلَفَ من ذنوبكم، فالباكي خشيةَ العقاب تنزل الرحمة عليه؛ فإنّكم إذا فعلتم ذلك لا يغلبُ الهوى عليكم فتختلف بكم، ولا يظهر الخلاف فيكم لا في الاُصول ولا في الفروع.
وقيل: هذا كلامٌ مستأنف، وهو نهي على طريقة قولهم: لا أراك هاهنا؛ أي: لا تكن هاهنا فأراك. المعنى: لا تسلّطوا الهوى على أنفسكم فيختلف بكم في كلّ بلاءٍ وهلكة، ويصرفكم في العظائم.
وقوله: «أكرموا الشهود» له ثلاثة معان:
أحدها: أنّ هذا ليكون خطاباً للمدّعين بأمرهم ليراعوا الشهود الذين شهدوا لهم على خصمهم بالإكرام والإلطاف قبل إقامة الدعوى؛ لئلّا يمتنعوا(1) من أداء الشهادة وقت الحاجة.
وقيل: أراد به الإحكام يخاطبهم أن لا يَدَعوا المشهود عليه يخاصم الشهود ويقبِّح القول فيهم حين أداء الشهادة؛ لئلّا يفوت الحقّ بالمخاصمة، وإكرامهم صون أعراضهم بدفعه وزجره عن أبدانهم.
والثالث: أنّه أمَرَ كلَّ مكلّفٍ من القاضي والمقتضي أن يكرم المسلمين العدول الذين يستأهلون أن يكونوا شهوداً(2)؛ فإنّ اللّٰه يدفع ظلم هذا عن هذا بهم، ويستخرج حقوق المسلمين بمكانهم.
وللخبر الأخير وجهان:
أحدهما: أنّه زجرٌ للظَّلمة؛ فقد قطع على أنّ دعوة المظلوم مستجابة لا محالة؛ فإنّ اللّٰه لا يُهمِلُ الظالم مع أنّه يمهله. وحملُ الدُّعاء على الغمام استعارة عن قربه من
ص: 338
الإجابة قرب الغمام من السماء.
والثاني: أنّ مفهوم الخبر تسلية المظلوم ووعيدٌ للظالم؛ يقول: المظلوم موقوف على النصرة وإن عطّلت محنته، والظالم على مَدرجة العقوبة وإن تنفّست مدّته، والخطاب مع الدعوة في «لأنصُرنّك» أحسَنُ .
490. اِرْحَمُوا ثَلَاثَةً : غَنِيَّ قَوْمٍ افْتَقَرَ، وَعَزِيزَ قَوْمٍ ذَلَّ (1)، وَعَالِماً يَلْعَبُ بِهِ الحَمْقىٰ وَالْجُهَّالُ .(2)
491. تَعَشُّوا وَلَوْ بِكَفٍّ مِنْ حَشَفٍ ؛ فَإِنَّ تَرْكَ الْعَشَاءِ مَهْرَمَةٌ .(3)
492. اُنْظُرُوا إِلىٰ مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْكُمْ ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلىٰ مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ ؛ فَإِنَّهُ أَجْدَرُ ألَّا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللّٰهِ عَلَيْكُمْ .(4)
493. أمِطِ الْأذىٰ عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ تَكْثُرْ حَسَنَاتُكَ .(5)
494. أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْناً مَا عَسىٰ أَنْ يَكُونَ بَغيِضَكَ يَوْماً مَا، وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْناً
ص: 339
مَا عَسىٰ أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْماً مَا.(1)
495. اُوصِيكَ بِتَقْوَى اللّٰهِ ؛ فَإِنَّهُ رَأْسُ أَمْرِكَ .(2)
يقول: أبدلوا شفقتكم وعونكم على هؤلاء الثلاثة؛ لأنّهم جميعاً في هوانٍ ؛ لأنّ الفقر بعد الغنى يُعدُّ مِنَ المذلّة، وكذا العزل من العزّ، وكذلك العالم الذي يُستخفّ به، ولا يَستخفّ باُولي العلم إلّاأحمق أو جاهل، و «الأحمق» هو من يهدي ولا يدري أنّه يهدي.(3)
ثمّ قال: كلوا العشاء، ولا يُقتصر على الغداء فقط؛ لأنّ الأكلة الواحدة وهي التغدّي يضعّف الناس فيصير من يترك العشاء هَرِماً لا لكبر سنّه، فأَمَرَهم بتناول الطعام مرّتين؛ ليتقوّوا بذلك على العبادة وعلى قيام الليل. وقيل في تأويله: إنّ القوم يخفّفون من المطعم، والمتغدّي منهم الغداء لا يبلغ الشبع أيضاً، ومن كان غذاؤه هكذا احتاج إلى العشاء وأضرَّ به تركه وهرَّمه، فلذلك أمرهم بالتعشّي، و «الحشف»: رَديء من التمر، و «الغداء»: طعام الغداة. و «العَشاء»: طعام الليل، والعِشاء بكسر [العين] القرب من ابتداء وقت العصر إلى نصف الليل، ونحو ذلك قولهم: «ترك العَشاء يورث العَشى» ثمَّ كَنَوا(4) عن هذا فقالوا: ترك الممدود يورث المقصور.
ص: 340
ثمّ قال: انظروا في اُمور الدُّنيا؛ أي حال مَن هو دونكم وأقلّ مالاً منكم؛ لتستعظموا نعمة اللّٰه عليكم، فتكونوا(1) إلى شكره تعالى أقرب. ولا تنظروا إلى من له مال كثير أضعاف ما عندكم، فتحتقروا نِعم اللّٰه التي عندكم، فتقربوا(2) من الكفران.
تزدروا؛ أي: لا تستصغروا ولا تستحقروا.
والصحيح «أسفلَ » بالنصب صفة محذوف هو ظرفٌ كقوله: (وَ اَلرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ) (3) أي: الركب ثَبَتَ مكاناً أسفل منكم.
وقوله: «فإنّه» الهاء للأمر، «ألّا تزدروا» مبتدأ و «أجدر» خبره، ويجوز أن يكون الضمير للنظر الدالّ عليه «انظروا»، و «أجدر» خبر «إنّ » و «ألّا تزدروا» بدلاً من الضمير، ويجوز أن يكون «أن لا» بمعنى «لئلّا» كقوله تعالى: (عُتُلٍّ بَعْدَ ذٰلِكَ زَنِيمٍ * أَنْ كٰانَ ) (4) لأنْ كان. ثمّ قال: نحِّ ما يتأذّى به المسلمون من طريقهم؛ ليتضاعف لك الحسنات.
وقال عليه السلام: «إماطة الأذى عن الطريق صدقة».(5) و «أماط»: أي أبعد.
ثمّ أمر بالاعتدال في الحبّ والبغض، ونهى عن الإفراط في المعنيين؛ أي: أحبِبْه حبّاً هوناً أي سهلاً يسيراً. والمعنى: لا تُطلعه على جميع أسرارك؛ فلعلّه يتغيّر يوماً عن مودّتك، و «ما» تأكيد ويجوز أن يكون للإبهام؛ أي: حبّاً مبهماً لا يكثر ولا يظهر كما يقول أعطى شيئاً ما؛ أي شيئاً يقع عليه اسم العطاء وإن كان قليلاً، وكذا بغضه بغضاً ذا قصد وذا رفق وهون لا إفراط فيه ولا تفريط.
وروي هذا الحديث مرفوعاً، ويروى موقوفاً عن عليّ عليه السلام.
ص: 341
ثمّ قال: اُوصيك - أيّها المخاطب - بالتقوى؛ لأنّها تحجز صاحبها عن المعاصي، وأنّ تقوى اللّٰه رأس أمر الشريعة كلّ طاعةٍ وعبادةٍ للّٰه، فتقوى العبدِ منه تعالى رأسها، ولا يتمّ شيء ممّا يتقرّب به المرء إلى اللّٰه إلّابالتقوى.
والصحيح أنّ ما بعده متّصل به.
496. وَعَلَيْكَ بِالْجِهَادِ؛ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ اُمَّتِي، وَلْيَرُدَّكَ عَنِ النَّاسِ مَا تَعْرِفُ مِنْ نَفْسِكَ ، وَاخْزُنْ لِسَانَكَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ؛ فَإِنَّ (1) بِذٰلِكَ تَغْلِبُ الشَّيْطَانَ .(2)
497. اِقْرَأِ الْقُرْآنَ مَا نَهَاكَ ، فَإِذَا لَمْ يَنْهَكَ فَلَسْتَ تَقْرَأُهُ .(3)
498. أَدِّ الْأمَانَةَ إِلىٰ مَنِ ائْتَمَنَكَ ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ .(4)
499. أَعْطُوا الْأجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ .(5)
ص: 342
500. اِحْفَظِ اللّٰهِ يَحْفَظْكَ ، اِحْفَظِ اللّٰهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ ، تَعَرَّفْ إِلَى اللّٰهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ .(1)
يعني: إنّ اللّٰه وضع عن هذه الاُمّة الرهبانية، وهي الإصر الذي كان على مَن قبلنا؛ يريد فعل الترهّب ولزوم الصوامع والبِيَع، وأَمَرَ مكانها بالجهاد مع الكفّار وسمّاه سنام العمل.(2)
ثمّ قال: لا تقل في الناس سوءاً، ولا تعيّبوهم به، وأنت تعرف ذلك القبيح من نفسك باطناً.
لا تنهَ عن خُلق وتأتي مثله *** عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ (3)
ثمّ أمر بالسكوت إلّامن ذكر اللّٰه؛ فإنّ إبليس يُطرَد بالسكوت وبذكر اللّٰه، وذلك إشارة إلى مصدر «اخزن» أو إلى «ذكر اللّٰه» الذي تدلّ عليه «إلّا من خيرٍ»؛ لأنّ خير اللِّسان في ذكر اللّٰه، وهذا أولى من السكوت؛ فإنّ الشيطان يُغلَب بها.
وروي: «إذا ذَكَرَ اللّٰهَ العبدُ خنس عنه الشيطان»(4)؛ أي تأخّر.
ثمّ بيّن أنّ المقصود من تلاوة القرآن هو العمل بأحكامه، وأنّ الأهمّ تدبّره؛ يعني: من لم ينهه القرآن عن المحرّمات ولم تؤثّر قراءته في اجتنابه عنها، يكون كمن لم يقرأه أصلاً ونبذه وراء ظهره؛ لفقدان تأثيره.
ثمّ أمر بأداء الأمانة إلى أهلها وترك الخيانة فيها؛ يقول: لا تقابل أحداً من خيانته وغشّه معك، فإذا كان عليه أجر شيء فذهب به [و] وقع له عندك، فلك أن
ص: 343
تحبس بقدر حقّك من ماله، والأولى أن يأخذ شيئاً وإن كان ماله أمانة عندك، ولايجوز أخذه البتّة على حال.
ثمّ قال عليه السلام: إذا استأجرتم أجيراً واستعملتموه في أمرٍ، فإذا فرغ من عملهِ فأعطوه اُجرته على الفور والعجلة، و «جفاف العرق» كناية عنه. وهذا الحديث دليلٌ على جواز الإجارة، وهي مأخوذة من الأجر. وقال فيه أهل الإشارة: إنّ العبد أجير اللّٰه استأجره بفضلٍ ليُطيعه بأمره من وقت بلوغ خمس عشرة سنةٍ إلى موته. وقد قال اللّٰه تعالى: «إنّي أمرتُ رسولي محمّداً عليه السلام أن يقول لاُمّته: أن تُوَفّوا اُجور الاُجراء من قَبل أن يجفّ عرقهم، فأنا أولى أن اُوفّر على عبدي اُجرة عمله قبل أن يجفّ عرقه الذي كان على جبينه وقت الموت».(1)
ثمّ قال: احفظ أوامر اللّٰه ونواهيه تجد نصرة اللّٰه معك عند مقدم المكاره، واحفظ وصايا اللّٰه لنبيّك، وأطع اللّٰه واذكره كثيراً في الرخاء؛ ليجازيك على ذكرك له عند وقوعك في البلاء، والمعارف - كما قيل - ينتفع(2). وما بعده متّصلٌ بما قبله:
501. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ .(3) وَاعْلَمْ أَنَّ الْخَلَائِقَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلىٰ أَنْ يُعْطُوكَ شَيْئاً لَمْ يُرِدِ اللّٰهُ أَنْ يُعْطِيَكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ ، أَوْ يَصْرِفُوا عَنْكَ شَيْئاً أَرَادَ اللّٰهُ أَنْ يُصِيبَكَ بِهِ لَمْ يَقْدِرُوا عَلىٰ ذٰلِكَ ، فَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللّٰهَ ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللّٰهِ .(4) وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ
ص: 344
الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ ، وَأَنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً.(1) وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَلَمَ قَدْ جَرىٰ بِمَا هُوَ كَائِنٌ .(2)
حثّ على إثبات اليقين والرِّضا بالقضاء، وأنّ المقدور كائن لا محالة، ولا تخطئ إصابته على كلّ حالٍ ، أردتَه أم كرهته، وأراده الخلائق أم أبوه.
ثمّ بيّن أنّ العافية والبلاء من اللّٰه، لا مغيّر لحكمه ولا رادّ لقضائه.
ثمّ نبّه على أنّ مَن سأل اللّٰهَ حاجته يقضها اللّٰه، ومَن لم يسأله الحاجات ولم يستعِن بفضله عند الحادثات يستحقّ الحرمان والغضب؛ فقد روي عنه عليه السلام: «مَن لم يسأل اللّٰهَ يَغضبْ عليه» .(3)
ثمّ قال: تَيَقَّنْ - أيُّها المخاطب - أنّ نصرة اللّٰه تَنزل على العباد مع حبسهم النفوس على المكروه [و] ترك الشكوى، والانكشاف والفرج مع ما تحمل الغموم، ومع كلّ شدّةٍ راحة في الدُّنيا، والقلم قد جرى في لوح المحفوظ بكلّ ما أراد اللّٰه أن يكون من أفعاله لمصالح عباده.
502. عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ ، وَأحْبِبْ مَنْ أَحْبَبْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ .(4)
ص: 345
503. اِصْنَعِ الْمَعْرُوفَ إِلىٰ مَنْ هُوَ أَهْلُهُ وَإِلىٰ مَنْ لَيْسَ أَهْلَهُ ، فَإِنْ أَصَبْتَ أَهْلَهُ فَهُوَ أَهْلُهُ ، وَإِنْ لَمْ تُصِبْ أَهْلُهُ فَأَنْتَ مِنْ أَهْلِهِ .(1)
504. اِشْتَدِّي أَزْمَةُ تَنْفَرِجِي.(2)
505. أَنْفِقْ يَا بِلَالُ ، وَلَا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالاً.(3)
506. بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي ظُلَمِ اللَّيْلِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيامَةِ .(4)
الأوامرُ الثلاثةُ أوّلاً كلّها وعيدٌ وتهديدٌ وزجرٌ؛ يقول: إن عشتَ طويلاً فإنّك ستموت لا محالة، وإنّ كلّ من اتّخذته في الدُّنيا حبيباً من الآدميّين فإنّه يفارقك بالموت أو بغيره، وكلّ ما عملتَ من طاعةٍ ومعصيةٍ تُجزى عليه وبه فكن كما شئت.
ثمّ قال: افعل الخير إلى كلّ شكورٍ وكلّ كفورٍ؛ فإن أصبتَ الكرام كانوا له أهلاً، وإن أصبت اللئام كنتَ [أنت] أهلاً لما صنعتَ . وهذا في المندوبات؛ فإنّ الزكاة الواجبة لا يجوز وضعها إلّافي أهل الحقّ المستحقّين لها.
ص: 346
ثمّ خاطب عليه السلام السَّنَةَ المُجْدِبَة فقال: اُبلُغي في الشدّة والمشقّة الغاية تنكشفي.
وفيه تنبيه [على] أن لا بقاء للمحنة في دار الدُّنيا كما لا بقاء فيها للنعمة، و «الأزْمَةُ »: القحط والشدّة.
ثمّ أمر بلالاً وهو عبدٌ حبشيٌّ كان يؤذِّن - ولعلّه كان ممسكاً - فقال: أنفِقْ على نفسِك وعيالك وفي سبيل اللّٰه، ولا تقتر عليك وعليهم، ولا ينقطع مادّة الرزق عنكم، ولا تُسِئْ ظنَّك بفضل اللّٰه وكرمه؛ أي: أنفِقْ ولا تخفْ فقراً. وقيل شبه(1) ذلك أنّه عليه السلام دعا بلالاً ليأتيهم بطعام من بيت رسول اللّٰه [صلى الله عليه و آله]، فجعل يجيءُ قبضاً قبضاً قليلاً قليلاً، فقال عليه السلام: «أنفق يا بلال».(2)
ثمّ حثَّ على صلاة الليل فقال: خَبِّرْ - أيُّها المخاطَب - مَن يَعتاد هذا العمل بالبشارة وبالحال الحسنة، فمشيه في الظُّلمة إلى المسجد للصلاة سبب الفوز العظيم النافع في ظلمة القبر وفي ظلمات يوم القيامة.
507. عَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ .(3)
508. عَلَيْكُمْ مِنَ الْأعْمَالِ بِمَا تُطِيقُونَ ؛ فَإِنَّ اللّٰهَ لَايَمَلُّ حَتّىٰ تَمَلُّوا.(4)
509. إِذَا وَزَنْتُمْ فَأَرْجِحُوا.(5)
ص: 347
510. إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ .(1)
511. إِذَا جَاءَكُمُ الزَّائِرُ فَأَكْرِمُوهُ .(2)
512. إِذَا غَضِبْتَ فَاسْكُتْ .(3)
513. إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُعْلِمْهُ .(4)
514. إِذَا بُويِعَ لِلْخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الْأَخِيرَ مِنْهُمَا.(5)
515. إِذَا تَمَنَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَنْظُرْ مَا يَتَمَنَّى؛ فَإِنَّهُ لَايَدْرِي مَا كُتِبَ لَهُ مِنْ اُمْنِيَّتِهِ .(6)
وأوّل الخبر المتقدّم: «تنكح المرأة لِمِيسَمها(7) ولمالها وجمالها، فعليك بذات الدِّين تَرِبَت
ص: 348
يداك»، وفيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنّ المعنى أي: أفقرك اللّٰه إن لم تفعل ما أمرتك به من مراعاة الكُفْأَة في المناكحة؛ وهي اعتبار التديّن في المرأة.
والثاني: أنّه أراد أن يتزوّج المخاطبُ وكلُّ أحدٍ المرأةَ المتديّنة لا للمال ولا للجمال.
ثمّ قصد بقوله: «ترِبَت يداك» كلمة جارية على ألسنة العرب، يقولونها للخير ولا يريدون به وقوع ذٰلك الأمر؛ ألا تراهم يقولون: «لا أرض لك» و «لا اُمّ لك» ويعلمون أنّ له أرضاً واُمّاً(1)؟ وقال عليه السلام لخزيمة: «أنعِم صباحاً تربت يداك»(2)، وما ناقض بآخر كلامه أوّله، وعليك به؛ أي خذ به، والمراد ههنا: خذ بنكاح ذات الدين أصابت يداك كلّ خيرٍ.
ثمّ قال: خذوا بما تطيقونه(3) من الأعمال الحسنة، ولا تتكلّفوا ما لا تطيقونه من العمل؛ فإنّ ثواب اللّٰه لاينقطع عنكم حتّى ينقطع جهدكم في الطاعة.
وأوّل الخبر: «إنّ أحبّ الأعمال إلى اللّٰه أدومها وإن قلّ ، فعليكم من الأعمال بما تطيقون؛ فإنّ اللّٰه لا يملُّ حتّى تملُّوا» ؛ معناه: أنّ اللّٰه لا يقطع عنكم فضله وإحسانه، وأنّ أكثر ذٰلك إليكم حتّى تملّوا من السؤال والدُّعاء، ففعلهم ملل على الحقيقة، وسمّي فعله تعالى مللاً - وليس بملل - لمشاكلة اللفظ وازدواج الكلام، كقوله تعالى: (فَمَنِ اِعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ ) (4).
وروي: فإنّ اللّٰه لايمُلّ - بضمّ الميم - حتّى تملّوا؛ أي إنّ اللّٰه لا يعاقبكم بالملّة والنار حتّى تعرضوا(5) عن طاعته ملال عبادته.
ص: 349
ومعنى الخبر الثالث: حثّ على الكرم ومحاسن الأخلاق؛ فإنّ مَن باع شيئاً، فإذا وَزنَه للتسليم إلى المشتري وأرجح، فمقدار الرُّجحان هبة منه. وقال عليه السلام - وقد باع شيئاً من آخر -: «زن بأوزان وأرجح»(1). وفيه دليل على جواز هبة المشاع؛ لأنَّ مقدار الرجحان هبة غير متميّزة من جملة الثمن، وفيه دليل على جواز اُجرة القَسّام والوَزّان والكيّال.
ثمّ قال: إذا أتاكم سيّد قوم أو زائر فأكرموا كلّ واحدٍ منهما؛ فأكرموا السيّد أن تقوموا(2) بين يديه وأن تعظِّموه قولاً وفِعلاً، وإكرام الزائر بحسن البشر وطلاقة الوجه و الإلطاف وخدمته.
ثمّ قال: إذا غلب عليك سورة الغضب فلا تتكلّم(3)؛ فإنّ كلّ ما تقوله في تلك الحالة لا يكون صواباً، وإذا لزمت السكوت ذهب عندك عزّة النفس، وسلمت من شرّ غضبك، والغضب: تَغَيُّرٌ يلحق الإنسان عند ما يخالف في شيء بهواه، فيحمله الكبر عليه.
ثمّ حثّ على التآلُف والتودّد؛ لأنّك إذا أخبرت عن نفسك بمحبّة للغير فقد اشتملت قلبه بذٰلك، واجتلبت به ودّه؛ وإذا لم يعلم أنّك تحبّه فإن نصحتَه لم يؤمن أن يسيء ظنّه فلا يقبل قولك، فيجرّ عداوةً .
ثمّ قال: إذا كان بينكم - أيّها المسلمون - إمام قد بويع له وكان حقّاً وحيّاً فاقتلوا(4) الخارج عليه؛ وقد كان رسول اللّٰه أخذ البيعة لعليّ يوم الغدير، وبويع بعد عثمان أيضاً، فالمأخوذ له البيعة بعد ذٰلك كان للمسلمين وعلى المسلمين مقاتلته، كما فعلوه بصفّين وإن لم يتمّوا.
ثمّ نبَّه أخيراً على أنّ الجزاء يكون على التمنّي، وهو حديث النفس على بعض
ص: 350
الوجوه كما يكون على الأعمال، وقال: إذا تمنّيتم فتمنّوا الخير تثابوا لا الشرّ فتعاقبوا.
وروي «أنّ كلّ ذنب بين العبد والربّ لا يكتب عليه إثم ما يتمنّى، وما بين العبد والخلق يكتب»(1).
وقيل: المراد: لا يتمنّى الرَّجُل مال أخيه ولا امرأته ولا جاهه ولا دابّته ولا خادمه، فيكتب عليه وزر ذٰلك؛ بدليل قوله تعالى: (يٰا لَيْتَ لَنٰا مِثْلَ مٰا أُوتِيَ قٰارُونُ ) (2)إلى قوله (وَ أَصْبَحَ اَلَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكٰانَهُ بِالْأَمْسِ ) (3)، ولٰكن ليقل: «اللّهمّ ارزقني مثله»؛ وذلك قوله و (سْئَلُوا اَللّٰهَ مِنْ فَضْلِهِ ) (4).
ص: 351
ص: 352
الباب الخامس(1)
516. مَا عَالَ مَنِ اقْتَصَدَ.(2)
517. مَا أَعَزَّ اللّٰهُ بِجَهْلٍ قَطُّ، وَلَا أَذَلَّ اللّٰهُ بِحِلْمٍ قَطُّ.(3)
518. مَا نُزِعَتِ الرَّحْمَةُ إِلَّا مِنْ شَقِيٍّ .(4)
519. مَا شَقِيَ عَبْدٌ قَطُّ بِمَشْوَرَةٍ ، وَلَا سَعِدَ باستغنآءٍ بِرأيٍ .(5)
520. مَا خَابَ مَنِ اسْتَخَارَ، وَلَا نَدِمَ مَنِ اسْتَشَارَ.(6)
ص: 353
521. مَا آمَنَ بِالْقُرْآنِ مَنِ اسْتَحَلَّ مَحَارِمَهُ .(1)
522. مَا رُزِقَ الْعَبْدُ رِزْقاً أَوْسَعَ عَلَيْهِ مِنَ الصَّبْرِ.(2)
523. مَا خَالَطَتِ الصَّدَقَةُ مَالاً إِلَّا أَهْلَكَتْهُ .(3)
524. مَا نَقَصَ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ ، وَلَا عَفَا رَجُلٌ مِنْ مَظْلَمَةٍ ، إِلَّا زَادَهُ اللّٰهُ بِهَا عِزّاً.(4)
يقول: ما احتاج وما اقتصر مَن لزم الاقتصاد في معيشته، وسلَكَ مسلك الوسط في الاُمور كلّها، وذٰلك مالٌ لا يفنى وكنز لا ينفد، ولا يستحقُّ الإعزاز من اللّٰه من كان جاهلاً بمعرفته وبأوامره ونواهيه وبالآداب الشرعيّة، ولا يستحقُّ الذلّ منه تعالى من كان حليماً، والحلم ترك العقوبة مع القدرة.
ثمّ قال: ما خلّقت الشفقة عن قلب أحدٍ بالخذلانّ إلّاممّن كان شقيّاً. يريد: إذا طلبت من أحدٍ بذل الشفقة وحسن الاهتمام ولا يرحم، فاعلم أنّه شقيّ . ثمّ حثّ على الأخذ في الاُمور بالمشورة، ونهى عن الاستبداد برأي النفس.
وفي حديث آخر: «ما هلك رَجُلٌ عن مُشورة»(5)، وهي بضمّ السين البتّة. وقيل: من استبدّ برأيه ضلّ (6). ثمّ قال: لا يخيب(7) من فضل اللّٰه من واظب على طلب الخيرة منه
ص: 354
تعالى في الاُمور كلّها، ولا يندم من ابتذال اُموره بعد الاستشارة.
وقيل: أوّل الأمر الاستخارة ثمّ الاستشارة، وعلامة التصديق بالقرآن القيام بأحكامه من الأمر والنَّهي وغيرهما، فمن آمن ببعض وكفر ببعض لم يصحّ إتمامه.
واستحلال الحرام اعتقاداً كفرٌ، وإن كان تناوله دون الاعتقاد بتحليله فهو فسقٌ .
ثمّ دعا إلى الصبر في الأحوال فقال: الصبر أوسَعَ الأرزاقَ للعباد؛ لأنّه معوّلهم، وروي أنّ اللّٰه أوحى إلى بعض الأنبياء: «تخلَّقْ بأخلاقي، ومن أخلاقي أنّي أنا الصبور».(1) ثمّ حَضَّ على تعجيل الزكاة مِن قَبل أن تختلط بالمال فتَذهب بركته. وقيل: أراد تحذير العاملين عليها عن اختزان شيء منها لأنفسهم أو خلطها بأموالهم.
وللخبر الأخير معنيان:
أحدهما: أنّه إذا تصدّق فاللّٰه يخلف عليه ما هو خيرٌ عاجلاً وآجلاً أو في الحالتين، فكأنّ ماله ما نقص.
والثاني: إنّما لا ينقص ماله من الصدقة؛ لأنّ مَن له مئتا درهم كان ماله بعد الحَول مئة وخمسة وتسعين، وخمسة منها حقّ للمساكين، فاللّٰه أخرج ما لم يكن من ماله، فإخراجه إليهم لم يكن ناقصاً لمالهِ .
ثمَّ حثَّ على العفو عن المظالم لينال صاحبُه عزّ الدارين.
525. مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ .(2)
526. مَا أَصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ وَلَوْ عَادَ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً .(3)
ص: 355
527. مَا أَحْسَنَ عَبْدٌ الصَّدَقَةَ إِلَّا أَحْسَنَ اللّٰهُ الْخِلَافَةَ عَلىٰ تَرَكَتِهِ .(1)
528. مَا رَأَيْتُ مِثْلَ النَّارِ نَامَ هَارِبُهَا، وَلَا مِثْلَ الْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا.(2)
حثَّ على الاحتراز من شرار النساء، فقال موصياً لمن بعده: ليس فتنة أضرّ على دين الرجُل من مكر المرأة؛ قال [اللّٰه سبحانه]: (أَنَّمٰا أَمْوٰالُكُمْ وَ أَوْلاٰدُكُمْ فِتْنَةٌ ) (3)؛ أي: محنةٌ وابتلاءٌ وشدّةٌ للتكليف عليكم وشغل(4) عن أمر الآخرة؛ فإنّ الإنسان بسبب المال والولد يقع في الجرائم.
وعن ابن مسعود: «لا يقولنّ أحدكم: [اللّٰهم اعصمني] مِنَ الفتنةِ ؛ فإنّه ليس أحدٌ منكم يرجع إلى مالٍ وأهلٍ وولدٍ إلّاوهو مشتمل على فتنةٍ ، ولكن ليقل: أعوذُ باللّٰه من مضلّات الفتن».(5)
وقال تعالى: (يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوٰاجِكُمْ وَ أَوْلاٰدِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) (6) يعني: إنّ بعضهم بهذه الصفة، ولذلك أتى بلفظة «مِن» وهي للتبعيض.
ص: 356
وقال ابن المبارك: «ليس ما يذهبون إليه من فتنة الشهوة فقط، ولكنّه بما يدخل على الأزواج من القطيعات في القرابات، وما يُبتلى به الرجل من أجل النساء من الثياب الفاخرة وغيرها».(1)
ثمّ قال: ما كان مصرّاً على الذنب - أي مقيماً عليه - من اعتاد الاستغفار، وهو سؤال المغفرة من اللّٰه ولو تكرّر منه ذنبُه في يوم واحدٍ سبعين مرّةً ، وهذا أصلٌ قويٌّ في باب الرجاء.
ثمّ قال لطيب نفس الذي يؤدّي زكاة ماله ولا يخاف الفقر على أولاده من بعده:
إنّ العبد إذا تصدّق ما عليه فاللّٰه خليفته على عياله؛ وقد ضمن اللّٰه ذلك بقوله: (وَ مٰا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ) (2).
ومعنى الخبر الأخير أنّ مِن حقّ مَن يَهرب من النار ويَطلب الجنّة أن لا ينام، والواجب أن يُقال: «الهارب منها»، فحذف [مِن] كقوله: (وَ اِخْتٰارَ مُوسىٰ قَوْمَهُ ) (3). وله وجه آخر وهو أنّه جعل الهارب كاسم الرجل ثمّ أضافه إلى النار بأدنى ملابسة بينه وبين النار؛ من حيث إنّه يهربُ منها كما قالوا: كوكب الخرقا لما كانت تقوم عند طلوعه؛ فلم يراع الفعل وصلته، وجعله كاسم الشخص.
وأمّا الضمير في «هاربها» فلا يرجع إلى النار؛ لأنّه لا تعلّق ولا اتّصال بينه وبينها؛ لأنّه ليس بخبرٍ للمبتدأ ولا صفةٍ ولا حالٍ ؛ لأنّ النار معرفةٌ والجملة نكرة فلا يصحّ أن يكون صفة لها.
ولا يجوز أن يكون حالاً؛ لأنّ من حقّ العامل في الحال وذي الحال أن يكون واحداً؛ كقوله: زيدٌ راكباً.
والعامل في «النار» مثل الذي اُضيف إليه فانجرّ النار به، ولا يصحّ فيه أن يكون ناصباً؛ لأنّه ليس بفعل ولا مشتقّ من الفعل، فإذا بطلت هذه الوجوه وَجَبَ أن يقدَّر محذوف يكون موصوفاً لمثلٍ ؛ فإنّ مثلاً لا يكون إلّاصفةً ، وذلك كأنّه قال: ما رأيت
ص: 357
نقمةً مثل النار نام هاربها، ولا نعمةً مثل الجنّة نام طالبها؛ فالضمير راجع إلى النقمة والنعمة لا إلى النار والجنّة.
529. مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْ ءٍ قَطُّ إِلَّا زَانَهُ ، وَمَا كَانَ الْخُرْقُ فِي شَيْ ءٍ قَطُّ إِلَّا شَانَهُ .(1)
530. مَا اسْتَرْذَلَ اللّٰهُ عَبْداً إِلَّا حَظَرَ عَنْهُ الْعِلْمَ وَالْأدَبَ .(2)
531. مَا أَنْزَلَ اللّٰهُ مِنْ دَاءٍ إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً .(3)
532. مَا زَانَ اللّٰهُ عَبْداً بِزِينَةٍ أَفْضَلَ مِنْ عِفَافٍ فِي دِينِهِ وَفَرْجِهِ .(4)
533. مَا عَظُمَتْ نِعْمَةُ اللّٰهِ عَلىٰ عَبْدٍ إِلَّا عَظَمَتْ مَؤُونَةُ النَّاسِ عَلَيْهِ .(5)
534. مَا سَتَرَ اللّٰهُ عَلىٰ عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا ذَنْباً فَيُعَيِّرَهُ [بِهِ ] يَوْمَ الْقِيَامَةِ .(6)
ص: 358
يقول: لا يكون حُسنُ التأمّل والتفكّر في الاُمور وانقلابها ظهراً لبطن والسهولة فيها إلّايزداد زينةً لكلّ شيء، ولا يكون قلّة الرأي في الاُمور إلّايزداد شيناً وهو العيب.
وفي الحديث: «الرفق يُمنٌ ، والخرق شؤمٌ »،(1)[و] الدهش والتحيّر والجهل أيضاً.
ثمّ قال: علامة الرذالة والذلّ والهوان للعبد من اللّٰه حرمانه من فضيلة العلم الشرعي وأدب الدِّين والدُّنيا، و «ما استرذله» أي: ما حقّره؛ يقول لا يَخذل اللّٰه عبداً في اقتباسه علم الشريعة إلّالكونه رذلاً. والدواء والشفاء من اللّٰه، فاطلبوا شفاء دائكم منه تعالىٰ . ولم يزيّن عبداً أفضل من العفّة، فعفافه في الدِّين الأخذ بسنّة رسول اللّٰه والاجتناب عن البدعة، وعفاف الفرْج حفاظه عن الزنا، وذلك بتوفيق اللّٰه تعالى.
وإنّما عطف عفاف الفرج على عفاف الدِّين - وإن كان بعضه - تخصيصاً وتفخيماً لشأنه؛ كقوله: (وَ مَلاٰئِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ وَ جِبْرِيلَ وَ مِيكٰالَ ) (2)، فكأنّه جعل جبرئيل وميكائيل جنساً غير الملائكة؛ لفضلهما عليهم لما خصّهما بالذِّكر، وكقوله: (وَ إِذْ أَخَذْنٰا مِنَ اَلنَّبِيِّينَ مِيثٰاقَهُمْ وَ مِنْكَ وَ مِنْ نُوحٍ ) (3).
ثمّ حَثَّ مَن كثر ماله وعِلمه على احتمالات ومؤونات طالبيهما، فمن قام بالإفضال على الإخوان وتحمّل مراعاتهم رغبةً واجتهاداً دلَّ ذلك على تعظيم نِعَم اللّٰه بما أهّله له. ثمّ أكّد رجاء المذنب الذي ستر اللّٰه عليه دينه في الدُّنيا؛ فإنّه تعالى لا يهتك ستره في الآخرة ولا يعيبُه به ولا ينتصبُ فيعيّره(4)، والتقدير: «فهو يعيّره»؛ لأنّه ليس بجوابٍ وجزاءِ للنفي، بل هو عطفٌ على جُملةٍ متقدّمةٍ ، ويجوز أن ينتصب مشبّهاً بالجواب كقراءة من قرأ: (كُنْ فَيَكُونُ ) * (5)بالنصب.
ص: 359
535. مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخاً لِسِنِّهِ إِلَّا قَيَّضَ اللّٰهُ لَهُ عِنْدَ شَيْبِهِ مَنْ يُكْرِمُهُ .(1)
536. مَا امْتَلَأَتْ دَارٌ حَبْرَةً إِلَّا امْتَلَأَتْ عَبْرَةً ، وَمَا كَانَتْ فَرْحَةٌ إِلَّا تَبِعَتْهَا تَرْحَةٌ .(2)
537. مَا اسْتَرْعَى اللّٰهُ عَبْداً رَعِيَّةً فَلَمْ يَحُطْهَا بِنُصْحِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللّٰهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ .(3)
538. مَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمينَ أَعْظَمَ أَجْراً مِنْ وَزِيرٍ صَالِحٍ مَعَ إِمَامٍ عَادِلٍ يُطِيعُهُ وَيَأْمُرُهُ بِذَاتِ اللّٰهِ تَعَالىٰ .(4)
حثَّ عليه السلام على حفظ قلوب المشايخ وترك الخلاف عليهم، فقال: ما خدم شابٌّ قويٌّ شيخاً ضعيفاً لشيخوخيّته إلّاسبّب اللّٰه وسهَّل وعوّض عند كبر ذلك الشابّ وضعفه مَن يخدمه. وقيّض اللّٰه فلاناً لفلان؛ أي: جاءه به وأَتاحه له، ومنه، قوله:
(وَ قَيَّضْنٰا لَهُمْ (5) قُرَنٰاءَ ) (6) .
والخبر الثاني: بيان أنّ الدُّنيا غير باقية وأنّ أحوالها لا تبقى على وجهٍ ، والمعنى:
أنّ كثرة فرح الدُّنيا يكون بعدها كثرة حزنها، وقلّة الفرح فيها يتبعها أيضاً قلّة الحزن، فينبغي للعاقل أن لا يفرح بعزّها وملكها ومالها ونعيمها؛ فكلّها إلى نفادٍ وفناء.
و «الحَبْرة»: الفرحة، وضدّها «التَّرْحَة» وهي الحزن.(7) وروي: «و ما كانت فرحةٌ إلّا
ص: 360
تبعتها ترحةٌ »(1)؛ أي: ولا يؤكل الشهد إلّابسمٍّ .
والخبران بعده في الرعيَّة وراعيها لهما وجهان:
أحدهما: أن يكون الراعي كافراً، والمعنى: ما مكّن اللّٰه سيّد قومٍ لتسلّطه عليهم فلم ينصحهم - والدِّين النصيحة - إلّاعاقبه اللّٰه بحرمانه دخول الجنّة، وكذلك إن مات على غشٍّ وخيانةٍ معهم.
والوجه الثاني - على تسليم أن يكون هذا الراعي مؤمناً - فمعناه: لم يجعل اللّٰه عبداً راعياً لقوم فلم يحفظها بعدله إلّاحرّم اللّٰه عليه درجات الجنّة. ومن ولّاهُ رسول اللّٰه والإمام فهو ممّن استرعاهُ اللّٰه، و «الرعيّة»: هم الذين يحفظهم الراعي، وراعيتُ الأمر: نظرت فيه، وحاطه يحوطه؛ أي: رعاه وكلأه، والحِمار يَحوط عانته؛ أي يجمعها.(2)
وقال عليه السلام: «مَن وُلِّي من أمر المسلمين شيئاً فلم يعدل عليهم، فعليه بهلة اللّٰه»(3) أي لعنة اللّٰه، والراعي: الوالي، والرعيّة: العامّة، واسترعيته الشيء فرعاه.
روى الحسن أنّ عبيد اللّٰه بن زياد عاد معقل بن يسار في مرضه الذي توفّى فيه، فقال له معقل: إنّي محدّثك بحديث لو علمتُ أنّي حيّ ما حدّثتك؛ سمعت النبيّ عليه السلام يقول: «ما من عبد [استرعاه اللّٰه رعية فلم يحطها...]» إلى آخره.(4)
ثمّ حثَّ من يستوزر على الصلاح والإصلاح فقال: ليس رجلٌ مسلم يكون له مثل أجر وزير إمام يطيع الإمام إذا أمره الإمام بطاعته تعالى وإصلاح حال عباد اللّٰه؛ وإنّما يَعظم أجره لأنّه بين طاعتين لازمة ومتعدّية.
ص: 361
539. مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَلَهُ ذَنْبٌ يُصِيبُهُ الْفَيْنَةَ بَعْدَ الْفَيْنَةِ لَايُفَارِقُهُ حَتّىٰ يُفَارِقَ الدُّنْيَا.(1)
540. مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ قَطُّ إِلَّا وَبِجَنْبَتَيْهَا مَلَكَانِ يَقُولَانِ : اللّٰهُمَّ عَجِّلْ لِمُنْفِقٍ خَلَفاً وَ [عَجِّلْ ] لِمُمْسِكٍ تَلَفاً.(2)
541. مَا ذِئْبَانِ ضَارِيَانِ فِي زَرِيبَةِ غَنَمٍ بِأَسْرَعَ فِيهَا مِنْ حُبِّ الشَّرَفِ وَالْمَالِ فِي دِينِ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ .(3)
542. مَا عُبِدَ اللّٰهُ بِشَيْ ءٍ أَفْضَلَ مِنْ فِقْهٍ فِي دِينٍ .(4)
543. مَا مِنْ شَيْ ءٍ اُطِيعَ اللّٰهُ فِيهِ بِأَعْجَلَ ثَوَاباً مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ ، وَمَا مِنْ شَيْ ءٍ (5) يُعْصَى اللّٰهُ فِيهِ بِأَعْجَلَ عُقُوبَةً مِنْ بَغْيٍ .(6)
يقول: أكثر المؤمنين في الذنوب، فلا تعيبوهم إذا ارتكبوا جريمة؛ فإنّ كلّ واحدٍ من المؤمنين قد اعتاد ذنباً يعود إليه وقتاً بعد وقت إلى آخر عمره، ثمّ يتوب وأيّ
ص: 362
الرجل المهذّب. وفيه دليل على أنّ المؤمن لا يصير كافراً ولا يزول عنه اسم الإيمان بارتكابه الذنوب وإن كانت كبائر.
وتمام الخبر: «ما من مؤمن إلّاوله ذنب قد اعتاده الفَيْنة بعد الفينة، إنّ المؤمن مَن خُلق مفتَنّاً توّاباً ناسياً إذا ذُكِّر ذكر». و «الفينة بعد الفينة» أي الساعة بعد الساعة والحين بعد الحين، وهو أحد الأسماء التي يعتقب عليها التعريفان اللامي والعَلَمي.(1)
حكى أبو زيد(2): «لقيته فينةً والفينة»، ونظيرها: لقيته سَحَراً والسَّحَر(3)، وإلاهة وإلالاهة، وشعوب والشعوبُ . وقوله: «إلّا وله ذنب» صفة للمؤمن، والواو مؤكّدة، ومحلّ الصفة مرفوعٌ محمول على محلّ الجارّ والمجرور؛ لأنّك لا تقول: ما من أحدٍ في الدار إلّاكريمٌ ، ولكن ترفعه.
ثمَّ حثَّ على إنفاق المال في رضا اللّٰه وترك البخل؛ يقول: إنّ اللّٰه بحكمته أمر الملَكين الموكَّلين بالشمس أن يدعُوَا عند كلّ طلوع بهذا الدُّعاء وهو وقت الاستجابة، ويسألا اللّٰه أن يُخلِف ويعوّض المنفقين في سبيل اللّٰه وعلى أنفسهم وعلى أهاليهم، ويتلف ويعرّض للهلاك أموال البُخلاء.
وفيه تنبيه واضح على أنّه إذا اُنفق على وفق الشرع لا يفنى، بل يكون صاحبه على مراقب الخلف من فضل اللّٰه؛ وإذا اُمسك على طريق البخل لا يبقى، بل يكون على مراصد التلف والهلاك وفقدان الخَلَف. وفيه تحريض على الجود والسخاء وفعل الكرم، ونهي عن اللؤم والدناءة.
ثمّ حذّر عن أمرين مضرّين فقال: إيّاكم وحبّ الشرف وحبّ المال في الدُّنيا؛
ص: 363
فإنّهما أضرّ في دين المؤمن من ذئبين بين غنم بلا راعٍ ، وفيه نهي عن حبّ الرئاسة والوقوع في آفاتها من الأموال ونحوها؛ وهذا مقتبس من قوله تعالى: (تِلْكَ اَلدّٰارُ اَلْآخِرَةُ نَجْعَلُهٰا لِلَّذِينَ لاٰ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي اَلْأَرْضِ وَ لاٰ فَسٰاداً) (1).
وفي رواية اُخرى: «ما ذئبان جائعان اُرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه».(2) و «الضاري»: الجائع، والزريبة: مراح الغنم، وضرى الكلب بالصيد ضِراوةً ؛ أي تعوّد، وكلبٌ ضارٍ.(3)
وقوله: «بأسرع فيها من حبّ الشرف»؛ أي: بأسرع فيها فساداً من حبّ الشرف.
ثمّ قال: [ما من] عبادة أعظم ثواباً من الفقه؛ لأنّ العلم يكون علماً وعملاً.
ثمّ دعا إلى صلة الرحم، ونهى عن البغي أخيراً فقال: يُجازَى العبد على صلة الرحم في الدُّنيا على التعجيل بطول العمر وزيادة المال على ما في الأثر، ويُدَّخر ثواب ذلك له للآخرة، وكذلك الباغي يذوق العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر في الدُّنيا على بغيه، فالمراد بهذا التعجيل ما أشرنا إليه.
وقال بعض أهل العلم: إنّما قال النبيّ عليه السلام ذلك لأنّه قال: إنّ اللّٰه يقول في باب الرحم:
«مَن وصلني وصلته، ومن وصل اللّٰه لا يؤخّر ثوابه».(4) ووصول العبد إلى اللّٰه قُربُ رحمته منه.
والبغي في الأصل: الطلب، وقيل: هو في العرف أن يتطاول المرء على الناس بما خصّه اللّٰه وأولاه ولم يُعطِ أقرانه ذلك، ولا يجوز أن يَستعمل الإنسان هذا الفعل المكروه القبيح.
وقيل: البغي هو الظُّلم بعينه على من لا يجد ناصراً غير اللّٰه، فعقوبته معجّلة.
544. مَا فَتَحَ رَجُلٌ عَلىٰ نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللّٰهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ.(5)
ص: 364
545. مَا يَنْتَظِرُ أَحَدُكُمْ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا غِنىً مُطْغِياً أَوْ فَقْراً مُنْسِياً أَوْ مَرَضاً مُفْسِداً أَوْ هَرَماً مُفنِداً أَوْ مَوْتاً مُجْهِزاً.(1)
546. مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ وَصَبٌ (2) وَلَا سَقَمٌ وَلَا أَذىً وَلَا حَزَنٌ حَتَّى الْهَمِّ يَهُمُّهُ إِلَّا كَفَّرَ اللّٰهُ بِهِ مِنْ خَطَايَاهُ .(3)
547. مَا تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِالْعَبْدِ حَتَّىٰ يَلْقَى اللّٰهَ وَمَا فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ (4) لَحْمٍ .(5)
نهى أوّلاً عن السؤال؛ فإنّه يؤدّي إلى الفقر، فقال: إذا ابتدأ الإنسان بمسألة الناس أموالهم، فإذا أراد به الاستزادة والكثرة جازاه اللّٰه وكافاه على ذلك بأن يفقره، فأمّا إذا لم يرد ذلك ولم يسأل إلّاعن اضطرارٍ مسّته أو فاقةٍ أصابته فإنّ اللّٰه سيُجبِر كسره ويَسدّ فاقته.
ثمّ قال ثانياً: لا تتّكلوا على الدُّنيا وزخرفها وسرعة تقلّبها؛ فإنّها قطّ لا تخلو من هذه الآفات الخمسة التي أوّلها: بَطَرُ الغنى فإنّه يؤدّي إلى الطغيان والمجاوزة عن
ص: 365
حدّ الشرع، والثانية: آفة الفقر فإنّها تُنسي الأوامر اللازمة لشدّته، والثالثة: فساد المرض الذي يُقعِد المرءَ عن القيام بحقوق الواجبات، والرابعة: ضعف الهرم الذي يفنّد العقل أي يزيله بحيث يُخرِج صاحبه عن درجة التمييز، والخامسة: عجلة الموت الذي يجهز ويهيّئ للغمرات والشدائد. وتمام الحديث: «[أو الدجّال فشرّ غائبٍ ينتظر أو](1) الساعة موعدهم، والساعة أدهى وأمرّ».
و «الفَنَد» في الأصل: الكذب، ثمّ قالوا للشيخ إذا أنكر عقله من الهَرم: قد أفند؛ لأنّه يتكلّم بالمحرَّف من الكلام عن سنن الصحّة، فسنّه بالكاذب في تحريفه، و «الهَرَم المفند» من أخوات قولهم: نهاره صائم، جَعَلَ الفند إلى الهرم وهو للهرم، ويُقال أيضاً: أفنده الهرم. وفي كتاب العين: «شيخ مفنَّد» يعني منسوب إلى الفند.(2)
وأجهزتُ على الجريح؛ إذا أسرعتَ قتله. نبّه على [أنّ ] الإنسان إذا سلم من آفات الغنى والفقر والمرض والهرم، فلابدّ من أن يذوق الموت.
ثمّ سَلّى عليه السلام المُصاب والمُبتلى بأنّ اللّٰه يكفّر عن سيّئات من ابتلى بأحد هذه الأشياء، ويجعلها كفّارةً لذنوبه وخطاياه. والوَصَبُ : داءُ القلب، والنَّصَب: تعبُ البدن، والسقم: المرض، و «الأذى»: ما يضنى(3) به الإنسان من كلّ شيء، والحزن:
غمّ الظاهر والباطن، والهمّ : غمّ الباطن من غير أن يطّلع عليه أحدٌ، ويَهُمُّه يُذيبه(4)، ويُهِمُّه يَحزنه؛ يُقال: هَمُّك ما أهمّك.
ومفهوم الخبر الأخير نهي عن السؤال، ومعناه: أنّ مَن يسأل الناس أموالهم تكثّراً
ص: 366
لقي اللّٰه وإيّاه(1) يوم القيامة ووجهه لا لحم عليه؛ أي لا يبقى ماء وجهه.
وقيل: ذهاب اللحم من وجهه علامة وشعارٌ يُعرف به. وقيل: ووجهه كلّهُ عظيم عقوبة مسألته التي سخطها اللّٰه، والوجه أنّه استعارة على ما تقدّم.
ص: 367
ص: 368
الباب السادس(1)
548. لَايُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ .(2)
549. لَايَشْكُرُ اللّٰهَ مَنْ لَايَشْكُرُ النَّاسَ .(3)
550. لَايَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ ، وَ لَايَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ.(4)
551. لَاحَلِيمٌ إِلَّا ذُو عَثْرَةٍ ، وَلَا حَكِيمٌ إِلَّا ذُو تَجْرِبَةٍ .(5)
ص: 369
552. لَافَقْرَ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ ، وَلَا مَالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ ، وَلَا وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ ، وَلَا مُظَاهَرَةَ أَوْثَقُ مِنَ الْمُشَاوَرَةِ ، وَلَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ، وَلَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ ، وَلَا وَرَعَ كَالْكَفِّ عَنْ مَحَارِمِ اللّٰهِ ، وَلَا عِبادَةَ كَالتَّفَكُّرِ، وَلَا إِيمَانَ كَالْحَيَاءِ وَالصَّبْرِ.(1)
553. لَايُتْمَ بَعْدَ حُلُمٍ .(2)
يقول أوّلاً: لا ينبغي لأحدٍ إذ انكبَّ مِن وجهٍ أن يعود لمثله؛ أي: إنّه إذا أصابه ضرر أو مضرّة في أمرٍ من الاُمور في دينه أو دنياه لم يرجع إلى مثله، وروي: «لا يُلسَع».
وقيل: هذا كناية عمّا يؤثمه؛ يعني: إنّ الشرع يمنع المؤمن من الإصرار، فلا يأتي ما يستوجب به تضاعف العقوبة.
وسبب الخبر أنّ أبا غرّة الشاعر أسَرَه رسول اللّٰه يوم بدر، ثمّ منَّ عليه، وأتاه يوم اُحد فأسره، فقال عليّ عليه السلام هذا القول(3)؛ أي: لو كنتَ مؤمناً لم تُعاود لقتالنا. وقيل:
ليس لرجلٍ لُدغ من جُحرٍ مرّتين عذر.
ومعنى الخبر الثاني: أنّ اللّٰه أمر بشكر النعمة فقال: (اُشْكُرْ لِي وَ لِوٰالِدَيْكَ ) (4)، وشكر المُنعم من قضايا العقول، فمن لم يشكر الناس في نعمهم إليه فقد ترك أمر اللّٰه في القليل، فكيف في الكثير، ومَن ترك أمر اللّٰه فما شكره.
وقيل: من تناسى نعمة آدمي ولم يشكره عليها فلم يشكر اللّٰه؛ لأنّ الشكر وجب
ص: 370
عليه في تلك النعمة للّٰه تعالى وإن جرت(1) على يده.
وبيان الخبر الثالث في قولهم عليهم السلام: «إنّ الدُّعاء ينفع من القَدَر(2) ليَلقى البلاء، فيعتلجان إلى يوم القيامة»(3) أي يتصارعان، وقد بيّن ذلك قوله: (أَمَّنْ يُجِيبُ اَلْمُضْطَرَّ إِذٰا دَعٰاهُ ) (4).
وزيادة العمر يكون بسبب عمل البرّ والمبرّة، و «البرّ»: خلاف العقوق، ولا إنكار على ذلك؛ فإنّ اللّٰه يقول: (يَمْحُوا اَللّٰهُ مٰا يَشٰاءُ وَ يُثْبِتُ ) (5) والمحو والإثبات في نقصان العمر وزيادته بإجماع المفسّرين.
وقوله: لا حليم إلّاذو عثرة له معنيان:
أحدهما: أنّ الرجل وإن كان حليماً فربما يعثر ويَفعل فعل السفهاء.
والثاني: يعني أنّ المرء لا يصير حليماً حتّى يجرِّب الاُمور ويَعثر فيها ويتمارس الخير والشرّ، فحينئذٍ يوصف بالحلم والأناة.
ثمّ قال: لا يتأتّى الحكمة في رجلٍ إلّامن كثرة الاختبار منه، فإذا تدبَّرَ وتأمّل وجرّب صار حكيماً.
ثمّ نهى عن الاكتفاء بالجهل فقال: ليس الفقر هو قلّة المال وعدمه، بل أشدّ الفقر وأضرّه على صاحبه هو الجهل بالمعارف الواجبة عقلاً و شرعاً.
ثمّ قال: لا مال أنفع لصاحبه في الدُّنيا والآخرة من استعمال العقل في دار التكليف، ولا وحدة أشدُّ وحشةً ولا أصعب ممّا يكون مع العجب، وهو إدخال الكبر في النفس واحتقار الخلق، فإذا تكبّر الإنسان على المؤمنين شَرَهاً و نخوةً شَرَدوا وانفضّوا من حوله فبقي منفرداً في جانب، فاستوحش من تفرّده. ولا عون على انتظام الاُمور أشدّ وثوقاً وأشدّ رأياً من المشاورة مع ذي رأيٍ ودينٍ .
و «المظاهرة»: المعاونة، ولا استعمال عقل كالنظر في عواقب الاُمور، و «التدبير»:
ص: 371
التأمّل في كيفيّة إدبار الأحوال، وليس في المرء حسب - وهو ما بعد من المآثر - أكمل وأفضل من حُسن الخلق، ولا ورع كاملاً مثل الكفّ عن المحظورات.
وقيل: «الورع» هو الكفّ بعينه، و «الكفّ »: الإمساك والتقاعُس(1) عن الوقوع في الآثام، والمراد به الاجتناب عن الشبهات؛ لأنّ الكفّ عن المحظوارت هو الواجب على كلّ مكلّف، و معناه: لا ورع تامّاً كالكفّ عن الأمر الذي يُرى من وجهٍ محظوراً و مباحاً من وجه، ولا عبادة ولا طاعة على الكمال مثل التأمّل في صنع ذي الجلال؛ فقد مدح اللّٰه قوماً به فقال: (وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ ) (2). تفسير العيّاشي، ج 2، ص 208، ح 26. وعنه في بحارالأنوار، ج 68، ص 327، ح 22؛ ومستدرك الوسائل، ج 11، ص 183.(3).
وروي: «تفكّر ساعة خيرٌ من عبادة سنةٍ »(3)، ولا كمال للإيمان ولا نظام له إلّابالحياء الحقيقي من اللّٰه سرّاً وعلانيةً ، وبالصبر الصادق على أحكامه المنزَلة، حُلواً كان ما أمر به أو مُرّاً.
والحديث الآخر يوجب انقطاع أحكام اليُتم بالاحتلام وحدوث أحكام البالغين، فيكون للمحتلم أن يبيع ويشتري وأن يتصرّف في ماله ويعقد النكاح لنفسه، والمحتلم إذا لم يكن رشيداً لم يفكَّ عنه الحَجْرُ ولا يُعطى بعد الاحتلام من حقوق الأيتام شيئاً.
554. لَاعَقْدَ فِي الْإِسْلَامِ .(4)
555. وَلَا صَرُورَةَ فِي الْإسْلَامِ .(5)
ص: 372
556. وَلَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ .(1)
557. لَاإِيمَانَ لِمَنْ لَاأَمَانَةَ لَهُ ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَاعَهْدَ لَهُ .(2)
558. لَارُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ .(3)
559. لَاهِجْرَةَ فَوْقَ ثَلَاثٍ .(4)
560. لَاكَبِيرَةَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ، وَلَا صَغِيرَةَ مَعَ إِصْرَارٍ.(5)
561. لَاهَمَّ إِلَّا هَمُّ الدَّيْنِ ، وَلَا وَجَعَ إِلَّا وَجَعُ الْعَيْنِ .(6)
ص: 373
562. لَافَاقَةَ لِعَبْدٍ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ، وَلَا غِنىً لَهُ دُونَهُ (1).(2)
563. لَايَنْتَطِحُ فِيهَا عَنْزَانِ .(3)
564. لَايُغْنِي حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ.(4)
565. لَايَفْتِكُ مُؤْمِنٌ .(5)
566. لَايُفْلِحُ قَوْمٌ تَمْلِكُهُمْ امْرَأَةٌ .(6)
567. لَايَنْبَغِي لِمُؤْمِنٍ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهَ .(7)
ص: 374
قوله: «لا عقد» بالدال غير المعجمة، وروي بالراء أيضاً وهو صحيح مرويٌّ ، وبالدال هو الحلف الذي كان بين أهل الجاهلية، وذلك أنّ الرجل كان في الجاهلية يعاقِد الرجُلَ مع وجود أقربائهما فيقول: «دَمي دمك، وهدمي هدمك، وثأري ثأرك، وحربي حربك، وسِلمي سلمُك، وترثني وأرثك، وتطلب بي فأطلب بك، وتَعقل عنّي وأعقل عنك»، فأبطل اللّٰه ذلك ونَسَخَه بالفرائض والمواريث.
والصحيح أنّ الجاهلية كانوا يتوارثون بالحِلف والنصرة، وأقرّوا على ذلك في صدر الإسلام في قوله: (وَ اَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمٰانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ) (1). الأنفال (8):72.(2).
ثمّ نُسخ بسورة الأنفال بقوله: (وَ أُولُوا اَلْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اَللّٰهِ إِنَّ اَللّٰهَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ ) (3)، فكانوا يتوارثون بعد ذلك بالإسلام والهجرة. فروي أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله آخى بين المهاجرين والأنصار لمّا قَدِمَ المدينة، فكان يرث المهاجريُّ من الأنصاري والأنصاريُّ من المهاجري، ولا يرث وارثُه الذي كان له بمكّة وإن كان مسلماً(4)؛ لقوله تعالى: (إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ هٰاجَرُوا وَ جٰاهَدُوا بِأَمْوٰالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ وَ اَلَّذِينَ آوَوْا وَ نَصَرُوا أُولٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيٰاءُ بَعْضٍ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يُهٰاجِرُوا مٰا لَكُمْ مِنْ وَلاٰيَتِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ حَتّٰى يُهٰاجِرُوا) (4)، ثمّ نسخت هذه الآيات بالقرابة والرحم والنسب والأسباب بقوله: (وَ أُولُوا اَلْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اَللّٰهِ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ اَلْمُهٰاجِرِينَ ) (5) إلّاأن تكون وصيّة، وبقوله: (لِلرِّجٰالِ نَصِيبٌ مِمّٰا تَرَكَ اَلْوٰالِدٰانِ وَ اَلْأَقْرَبُونَ ) (6) الآية، ثمّ قدّر ذلك في سورة النساء.
ص: 375
فأمّا إذا لم يكن لرجلين قرابة وتضمن(1) هذا جريرة ذلك فإنّه يرثه ولا تضمن الجريرة.
وقوله: (وَ اَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمٰانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ) (2). مسند أحمد، ج 3، ص 154؛ سنن إبن ماجة، ج 2، ص 1298؛ المستدرك للحاكم، ج 1، ص 11.(3) على هذا الوجه غير منسوخ، و إنّما نُسِخَ على الوجه الذي قدّمناه.
و «الصَّرورة» هو الذي لم يحجّ ، وكذلك هو الذي لم يتزوّج [و] يرغب عن النكاح ويتبتَّل على مذهب الرهبانية من النصارى، ومعناه أنّ سنّة الدِّين أن لا يبقى أحد من الناس يستطيع الحجّ ولا يحجّ ، حتّى لا يكون صرورة في الإسلام.
و «الهجرة»: الخروج من المقام والمسكن والدار إلى رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله نحو المدينة.
وتمام الخبر: «ولكن جهاد، فإذا استُنْفِرتم فانفروا» ، والمعنى: لا هجرة واجبة بعد فتح مكّة. فأراد به الوجوب لا الفضيلة بالهجرة؛ وذلك لأنّ أهل المدينة كانوا في ضعف من القوّة، فكان الواجب على كلّ من أسلم من الأعراب وأهل القرى أن يهاجروا ويكونوا بحضرة رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله؛ ليكون إن حدث حادث وجرت أمر، استعان بهم في ذلك، [و] ليتفقّهوا في الدِّين فيرجعوا(4) إلى قومهم فيُعلّموهم أمر الدِّين وأحكامه. فلمّا فُتحت مكّة استغنوا عن ذلك؛ إذ كان معظم الخوف على المسلمين من أهل مكّة، فلمّا أسلموا أمر المسلمين أن يقرّوا في عقر دارهم، فقيل لهم: أقيموا في أوطانكم وقرّوا على نيّة الجهاد؛ فإنّ فرضه غير منقطع مدى الدهر عند شرائطه، وكونوا مستعدّين لتنفروا إذا استُنفرتم وتُجيبوا إذا دُعيتم.
ثمّ قال: لا إيمان كاملاً في انتظام لمن لا أمانة له في أسباب الديانة، ويجوز أن يكون عامّاً في الاُمور الدينية والدنياوية، فيكون نحو قوله: «المؤمن من أمنهُ الناس».(4)
ثمّ قال: ولا دين قويّاً لمن لا يثبت على عهده، والنفي هاهنا وفي أكثر الكلمات التي في هذا الباب نفي الفضيلة والكمال لا نفي الدِّين وقواعد الإيمان؛ كما قال عليه السلام:
ص: 376
«لا صلاة لجار المسجد إلّافي المسجد»(1)؛ أي لا صلاة فاضلة.
وقيل: «العهد» هو الحرمة والحفاظ على المودّة القديمة، والرقية جائزة إذا كان باسم اللّٰه وبآيات القرآن، ومعنى الخبر: لا رُقية أولى وأشفى من رقية العين.
وروي: «أنّ الإنسان إذا خاف عين عائن [و] تعوّذ بقوله تعالى : (وَ إِنْ يَكٰادُ اَلَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصٰارِهِمْ ) (2)إلى آخرها، آمنه اللّٰه وعافاه من ذلك».(3)
وحُمَة الفقر في الحيّة ونحوها سمّها، ولكلّ واحدٍ منها رُقية معروفة نافعة.
وقوله: «لا هجرة فوق ثلاث» أي: لا مهاجرة بين أخوين مُسلمين أكثر من ثلاثة أيّام، هذا قد جاء في هجران العَتَب والموجدة في اُمور دنياوية، فأمّا في خيانة الدِّين فقد جاءت الرخصة أكثر من ثلاث؛ فقد أمر رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله بهجران كعب بن مالك خمسين يوماً و آلى من نسائه شهراً وصعد مشربة له بهجرة الناس له.
ثمّ قال: لا بقاء للذنب الكبير من حيث يوجب العقوبة مع الاستغفار منه على الحقيقة، ولا يكون الزلّة صغيرةً بالمعنى وإن كانت قليلةً بالفعل أو يسيرةً بالقول إذا كان صاحبها موطِّناً للإقامة عليها. والإصرارُ على الذنوب سبب الهلاك.
وقيل: معناه: لا تُعدّ الكبيرة كبيرةً مع دوام الاستغفار عنها، ولا الصغيرة صغيرةً مع الإصرار عليها؛ أ لا ترى أنّ اللّٰه مَدَحَ أقواماً وقال: (وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلىٰ مٰا فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ ) (4).
ثمّ قال: ألّا همّ أبلغ في الشدّة من غمّ الدَّين؛ لأنّ سائر الغموم على المفقود والمعدوم، وهذا على المتعذّر الذي يجب تحصيله إن شاء أو أبى ليردّه إلى الغير، والمخصوص بهذا(5) الهمّ المذكور في الخبر الفقراء العاجزون عن قضاء الدَّين
ص: 377
القاصرون لرضاء(1) صاحبه، وكذلك لا وجع أشدّ أثراً وأعظم ضرراً في المرء وحالاته من وجع العين. و «الفاقةُ » هو الفقر المؤلم الذي يوقع صاحبه في الشدائد؛ يعني: إنّ قارئ كتاب اللّٰه يغنيه تعالى بفضله ويرزقه؛ أي: ليس وراءه غنىً .
روي عن أبي ذرّ أنّه قال: «عَلَّمْتُ ابنتي سورة الواقعة معاشها(2)، ولا أخاف عليها الفقر بعد ذلك».(3)
وقوله: «لايَنتطح فيها عَنْزَان» فيه ثلاثة أوجهٍ :
[الأوّل](4) أنّ معناه لم يتولّنا بعد اليوم معاند ولا ضدّ في مكّة يكون على الحسنة منهم ويحذر معذرتهم، وإنّما خصّ العنز بالذِّكر لأنّ نطاحها ليس كنطاح الكبش.
وقيل: إنّما ذكر لأنّ العرب تتشأّم به.
والثاني: أنّ الضمير في فيها لمكّة أيضاً، والمعنى: لا يجب أن ينتطح فيها عنزان لحرمتها، فيكون حثّاً على محافظة حُرمة مكّة.
والثالث: أن يكون فيها الضمير لامرأة كانت تهجو رسول اللّٰه وتغنّي بهجائه، فقتلها مُسلم، وكان خائفاً من مشركي مكّة أن يقتلوه، فطيّب عليه السلام قلبه من ذلك وآمنه، فكان كذلك؛ يعني: لا يكون لها ناصِرٌ ضعيف قطّ.
وروي: «لا ينتطح فيه عنزان» أن لا يكون له تغييرٌ ولا له نكير.
ثمّ قال: الحذر من الموت والمرض ونحوهما ممّا يكون من قضاء اللّٰه وقدره لا ينفع، وإنّما يكون للدُّعاء أثرٌ في ذلك.
ثمّ قال: ليس الفَتْك مِن عمل(5) من أهل الإيمان، لأنّ (6) من ناشره يخرج من الملّة
ص: 378
والإيمان. وفيه خُبْأَة(1) ولطيفة، وهو أنّ هذا نهيٌ جاء على لفظ النفي، فيحرم على كلّ مؤمن الفتك على المؤمنين(2)، وهو أن يقتلهم ويُغير عليهم، لا يجوز ذلك على حالٍ .
فأمّا في حال الكفّار فإن كان في حال الأمان فالفتك أيضاً حرام كما يكون مع المؤمن ومن لا يكون في أمان من الكفّار، فالواجب إذا جاهدهم المؤمنون أن يدعوهم إلى الإسلام، فإن أبوا حاربوهم، وإن كانوا قد بلغهم الدعوة وكانوا معاندين فلا(3) يبيَّتون أيضاً إلّابإذن الإمام.
و «الفتك» هو ظفر القوم صبحه(4) بالأعداء.
ثمّ قال: إنّ النساء لا تلين الإمارة والقضاء بين الناس؛ فإنّ قوماً تملكهم امرأة لا يُفلحون.
وجاء الحديث بسبب بنت كسرى وقصّتها(5)، وعموم ذلك أنّ الزوج لا(6) يجوز له أن يمكِّن زوجته حتّى تملكه وتملك بيته؛ إذ لا فلاح في هذا.(7)
وبيان الخبر الأخير في تمامه و هو أنّهم قالوا: يا رسول اللّٰه، فكيف يذلّ نفسه ؟ قال: «يتعرّض من البلاء ما لا يطيق»؛ يعني: إنّه يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر من لا يقبل قوله و لا يلتفت إليه، بل يكون على خطرٍ يصيبه؛ لقلّة مبالاته بأن يكون ملكاً جبّاراً أو نحو ذلك.
ص: 379
568. لَايَنْبَغِي لِلصِّدِّيقِ أَنْ يَكُونَ لَعَّاناً.(1)
569. لَايَنْبَغِي لِذِي الْوَجْهَيْنِ أَنْ يَكُونَ أَمِيناً عِنْدَ اللّٰهِ .(2)
570. لَايَصْلُحُ الْمَلَقُ إِلَّا لِلْوالِدَيْنِ وَ الْإمَامِ الْعَادِلِ .(3)
571. لَاتصْلُحُ الصَّنِيعَةُ إِلَّا عِنْدَ ذِي حَسَبٍ أَوْ دِينٍ ، كَمَا لَاتَصْلُحُ الرِّيَاضَةُ إِلَّا فِي النَّجِيبِ .(4)
572. لَاطَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ .(5)
573. [لَا يَدْخُلُ الجنَّةَ قَتَّاتٌ ].(6)
ص: 380
574. لَايَدْخَلُ الْجَنَّةَ عَبْدٌ لَايَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ .(1)
575. لَايَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِماً.(2)
576. لَايَحِلّ لِامْرِئٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ .(3)
577. لَاتَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَ لَالِذِي مُرَّةٍ قَوِيٍّ .(4)
يعني: لا ينبغي أن يكون شعار من يكون مبالغاً في الصدق أن يلعن الناس كثيراً ويتكلّم بهذا اللفظ ويُكثِر منه حتّى يصير عادةً له. وروي: لا ينبغي للصَّديق.
قال الزجّاج: «يُقال: انبغى لفلان أن يفعل كذا، وكأنّه طلب فعل هذا فانطلب؛ أي طاوعه، ولكنّه اجتزى بقولهم: انبغى، وقولهم: ينبغي لك أن تفعل كذا، فهو من
ص: 381
أفعال المطاوعة، يقول: بغيتهُ فانبغى»(1).
ثمّ قال: لا يكون ذو الوجهين - وهو صاحب الكلامين واللسانين مع الناس على وجه الخديعة والخيانة - أميناً عند اللّٰه وعند خلقه.
وقيل: لا ينبغي أن يظنّ باللّٰه أن يجعله أميناً مع سوء فعله ومعاملته.
و «الملَقُ »: اللطف الشديد؛ يعني: لا يجوز التصنّع والتكلّف وطلب استمالة القلب دون أن يكون بذلك مراداً وتوجَّهَ عليه وجوبٌ أو وَرَدَ به استحباب إلّاللإمام الحقّ والأبوين؛ فإنّ حقوقهم عظيمة.
ثمّ قال: لا يكون اصطناع الخير والمعروف صالحاً إلّابالحسيب والمتديِّن؛ فإنّ من لم يكن له أفعالٌ حميدة وصنائع جميلة يَضيع الإحسان إليه، بل يتولّد منه العداوة؛ لدناءته ولقلّة دينه. و «الصنيعة»: المعروف تصطنعه(2) إلى غيرك مع التحرّي(3)، و «الحَسب»: ما يدخل الحساب إذا عدّ المآثر، وشبّه ذلك بالرياضة التي تنفع بالبعير الذي له نجابة وتضرّ بما سواه.
وقيل: أصل عداوة اللئام تلقّيهم بالإكرام والإنعام.
ثمّ بيّن أنّ طاعة الخلق في المعروف لا في المنكر؛ وسببه أنّ أنصاريّاً بعثه النبيّ عليه السلام أميراً على سريّة، فوجد(4) عليهم يوماً فقال لهم: أ و ليس رسول اللّٰه [أمركم] أن تطيعوني ؟ قالوا: بلى. فقال: عزمتُ أن تدخلوا هذه النار التي أضرمتها! فقال شابٌّ منهم: حتّى يأتي رسول اللّٰه! فأتوه فذكروا له ذلك(5)، فقال لهم ذلك؛ أي: لا تسخطوا خالقكم في رضاء المخلوقين.
ص: 382
ثمّ قال: لا يدخل(1) الجنّة التي هي أشرف الجنان وأعلاها النمّام، يسمع حديث قوم فيجيء إلى آخرين وينقله إليهم ليقع بينهم شرّ، وإلّا فالنمّام إذا كان مؤمناً يدخل الجنّة بثواب إيمانه وإن لم يعف اللّٰه عنه وعاقبه [على](2) ذلك.
وقيل: يحمل معنى الحديث على تغليظ العقوبة لصاحبه بسوء فعله، وهو إن لم يعف اللّٰه عنه يستحقّ لِعظيم حرمة أن لا يدخل الجنّة.
وبيان الخبر الذي بعده في تمامه وهو أنّه قيل: يا رسول اللّٰه، وما بوائقه ؟ قال: «شرّه» .
و «البوائق»: جمع بائقة وهي الغائلة؛ أي: كلّ من لم يَأمن أحدٌ من جيرانه غوائلَه وشروره فليس هو بأهلٍ لدخول الجنّة.
ثمّ حثَّ على حفاظ قلب المؤمن ودفع الأذى عنه على حسب الإمكان، والعدول عن إيصال المشقّة بقلبه ونفسه؛ لمكان كرامته وقُرب منزلته من اللّٰه، وتمام الخبر: «فإنّ روعة المؤمن عند اللّٰه عظيم».(3)
ثمّ ذكر أنّ الهجران بين الأخوَين المسلمَين فوق ثلاثة أيّام لا يحلّ .
وقيل: «الهجر» بمعنى الترك، فتركُه هاهنا أن لا يحدَّث معه ولا يسلَّم عليه، [والترك] بهذا [المعنى] لا يجوز في حقوق الإسلام ولا في آداب نبيّنا عليه السلام.
وقال بعده: «السابق يسبق إلى الجنّة»؛ أي: السابق إلى الصلح بعد الانصرام.(4)
ثمّ قال أخيراً: إنّ الصدقة لا تحلّ لمن له غناء وغنىً ، ولمن يجد قوّةً يقدر بها على الكسب، و «المِرّة»: القوّة. ورجل سويّ الخلق؛ أي: مستوٍ لا آفة ولا عاهة به، بل هو صحيح الأعضاء.
ص: 383
578. لَايَهْلِكُ النَّاسُ حَتّىٰ يُعْذَرُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ .(1)
579. لَايَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتّىٰ يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ ، وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتّىٰ يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ .(2)
580. لَايُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتّىٰ يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيْرِ.(3)
581. لَايَبْلُغُ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ الْإيمَانِ حَتّىٰ يَعْلَمَ أَنَّ مٰا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ .(4)
582. لَايَسْتَكْمِلُ الْعَبْدُ الْإيمَانَ حَتّىٰ يَكُونَ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ : الْإنْفَاقُ مِنَ الْإقْتَارِ، وَالْإنْصَافُ مِنْ نَفْسِهِ ، وَبَذْلُ السَّلَامِ .(5)
ص: 384
583. وَلَا يَسْتَكْمِلُ أَحَدُكُمْ حَقِيقَةَ الْإيمَانِ حَتّىٰ يَخْزُنَ لِسَانَهُ .(1)
584. لَايَرْحَمُ اللّٰهُ مَنْ لَايَرْحَمُ النَّاسَ .(2)
أمّا قوله: «لا يهلك الناس حتّى يعذروا من أنفسهم»؛ فقد روي هكذا؛ أي تكثر ذنوبهم وعيوبهم، يُقال: «أعذر» أي كثرت عيوبه، وكذلك «عذر».
قال أبو عبيد(3): ولا أراه [إلّا] من العذر؛ أي: يستوجبون العقوبة، فيكون لمن يعذّبهم العُذر.(4)
وإذا روي بفتح الياء «يَعذروا» فالمعنى حتّى يفعلوا ما يتّجه لمحلّ العقوبة بهم العذر من قولهم: عذيري من فلان؛ أي هات من يعذرني منه في الإيقاع به إيذاناً؛ فإنّه أهلٌ ...(5) يوقع به وأنّه(6) على علم بحاله في الإساءة وإن يعذر الموقع به ولا يلومه.
وحقيقة «عذرت»: محوت الإساءة وطمستها. وفي معناه: عفوت، من عفا الدار.
ص: 385
ويجوز أن يكون معناه: لن يهلكوا حتّى يُعذروا أنفسهم بذنوبهم، و «مِن» للتبعيض؛ أي: يعذرون بعض جنايات أنفسهم، وإمّا زيادة، وما حسن أن يعذر المرء نفسه.
وروي بضمّ الياء وكسر الذال، و «أعذر»: اجتهد في العذر، وقرئ: (وَ جٰاءَ اَلْمُعَذِّرُونَ ) أي الذين يجتهدون في العذر ويبالغون به؛ أي: لا يهلكون حتى يعذروا من أنفسهم لاستيجابهم العقوبة، ونحو(1) قوله تعالى: (وَ مٰا كُنّٰا مُعَذِّبِينَ حَتّٰى نَبْعَثَ رَسُولاً) (2).
وجعل عليه السلام في الخبر الثاني شرائط استقامة أسباب وأحوال إيمان كلّ عبدٍ باستقامة قلبه وسكونه وطمأنينته بالرِّضا على ما يَجري عليه من الأحكام والقضايا، وجَعَلَ استقامة القلب باستقامة اللِّسان وقلّة خوضه فيما لا يعنيه، و «الاستقامة» درجة بها كمال الاُمور وتمامها، وبوجودها حصول الخيرات ونظامها، ومن لم يكن مستقيماً في سكون قلبه مع الإيمان لم يعدّ عمله عملاً يرجع إلى الاحماد(3) والرضا.
وبيان ذلك فيما قال عليه السلام في خبر آخر: «إذا أصبح ابن آدم أصبحَت الأعضاء كلّها تقول للِّسان: اتّق اللّٰه فينا؛ فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا».(4)
ثمّ قال: لا ينال عبدٌ الدرجة العظمى من درجات الإيمان حتّى أتى بهذه الخصلة الحميدة، وهي أن يحبّ لأخيه المؤمن ما يحبّ لنفسه من كلّ خيرٍ.
ثمّ قال: و لا يَصِلُ عبد حقيقة التصدّق(5) حتى يتحقّق أنّ ما أصابه من الصحّة والمرض والفقر والغنى والحياة والموت كلّه من اللّٰه لا يدافعه أحدٌ، لا أنّ الكافر لا يمكنه أن يؤمن ولا العاصي أن يطيع؛ فإنّه تعالى يقول: (وَ مٰا خَلَقْتُ اَلْجِنَّ وَ اَلْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ ) (6).
ص: 386
ثمّ جعل استكمال خصال كلّ عبدٍ في ثلاثة أشياء:
الأوّل: النفقة من «الإقتار»، وهو القلّة وضيق العيش؛ يعني: لا يَترك الواجب عليه من النفقة على المستحقّين مع سوء الحال.
والثاني: الإنصاف، وهو أن يُنصف قولاً وفعلاً؛ سواء كان له أو عليه.
والثالث: نشر السلام على من عرف وعلى من لم يعرف من المسلمين.
ويجوز أن يريد به كلمة «السلام عليكم» التي هي تحيّة الإسلام، ويجوز أن يعني به السلامة.
ثمّ جعل في خبر آخر حقيقة استكمال حقيقة الإيمان للعبد خَزْن اللِّسان وحفظه وإمساكه عمّا نُهي عنه واُوعد عليه وجعل الفمّ للِّسان خزانة؛ لأنّ اللّٰه خلقه وراء حجابين لحفظ(1) المرء جدّاً واجتهاداً إلّامن ذكر اللّٰه أو ممّا لابدّ له من قضاء الحوائج؛ وإنّما يَرحم اللّٰه الرحيم على عباده.
585. لَايَشْبَعُ الْمُؤْمِنُ دُونَ جَارِهِ .(2)
586. لَايَشْبَعُ عَالِمٌ مِنْ عِلْمٍ حَتّىٰ يَكُونَ مُنْتَهَاهُ الْجَنَّةَ .(3)
587. لَايَزْدَادُ الْأمْرُ إِلَّا شِدَّةً ، وَلَا الدُّنْيَا إِلَّا إِدْبَاراً، وَلَا النّاسُ إِلَّا شُحّاً، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلىٰ شِرارِ النَّاسِ ، وَلَا مَهْدِيٌّ إِلَّا عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ .(4)
588. لَايَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ إِلَّا وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ .(5)
ص: 387
589. لَاتَقُومُ السَّاعَةُ حَتّىٰ يَقِلَّ الرِّجَالُ وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ .(1)
حثَّ أوّلاً على مراعاة حال الجار والتفحّص عن باطن اُموره، ومعناه: لا يجوز أن يصير المؤمن شبعان ويكون جاره جائعاً، ومن كان مؤمناً لا يفعل هذا.
وإنّما لا يشبع العالم من علمٍ إلّاأن يموت؛ لأنّ العلم لا يكون إلّاحَسَناً، والمؤمن لا يخلو من فعل الحسن، والعلم من أحسن الحسن.
وروي مرفوعاً: «العالم لا يشبع من الأثر كالأرض من المطر، والاُنثى من الذكر، والعين من النظر».(2)
ثمّ ذكر أحوال آخر الزمان وظهور أشراطه؛ بأنّ الأمر في تلك الحالة يكون كلّ يومٍ أشدّ ممّا كان قبله، ولا يرجى الإقبال من الدُّنيا، ولا يزيد الدُّنيا إلّاإدباراً عن أهلها في ذلك الزمان، ولا يزيد الناس إلّابُخلاً بما في أيديهم وبما في أيدي الناس أيضاً. في ذلك الوقت هذه الثلاثة من أمارات آخر الزمان وأمارة قيام الساعة وهي القيامة: أن لا يكون الناس إلّاشراراً، والحال أن لا يكون بين الخلائق هادٍ ولا مهديٌّ إلّاعيسى بن مريم، وهذا تنبيه على ما هو مركوز في العقول ويقتضيه الأدلّة العقلية؛ وهو أنّه مهما كان التكليف للخلق والعصمة مرتفعة منهم يجب أن يكون لهم رئيس معصوم مهديّ لكونه لطفاً، فالخلق مع وجوده أقرب إلى الصلاح وأبعدُ من الفساد، ومع فقده الأمرُ بالضدّ، واللطف واجب في التكليف كالتمكين، واللّٰه لا يخلّ (3) بالواجب، فإذا لم يكن بين الخلائق معصوم في وقتٍ فذلك الوقت زوال
ص: 388
التكليف، وإذا زال في هذا الدار التكليف يكون بعدها دار الجزاء؛ يعني: تقوم القيامة إذا لم يبق في الناس حجّة للّٰه إلّاعيسى.
وقد أخبَرَنا رسول اللّٰه أنّ مهديَّ عترته يموت ويبقى عيسى بن مريم، والواو التي في قوله: «ولا مهديّ » واو الحال.
وقوله: «لا مهديٌّ » مبتدأ؛ أي: لا مهديٌّ حاصلاً حاضراً البتّة، ولا اثنان فصاعداً.(1)
وقوله: «إلّا عيسى بن مريم» حديث واحد، وإذا كان كذلك فلا(2) يمكن لأجل هذا أحداً أن يقول: لا يكون مهديٌّ في هذه الاُمّة غيره؛ لأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أخبر بنعت المهديّ الذي يخرج في آخر الزمان من عترته بنعته وصفته وخرجته في السير والصحاح.
وقد جمع الشيخ الحافظ أبو نعيم(3) أحمد بن عبد اللّٰه بن أحمد بن إسحاق الأصفهاني(4) صاحب كتاب حلية الأولياء، كتاباً في ذكر المهديِّ ونعوته وحقيقة مخرجه وثبوته المستفيض(5) من أخبار الرسول صلى الله عليه و آله وآثاره يوفي عددها على المئتين، ثمّ ذكر في آخره فصلاً في تأويل الحديث الذي تفرّد أبان بن صالح عن الحسن عن أنس أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال: «لا يزداد الأمر إلّاشدّةً ، ولا الدُّنيا إلّاشحّاً، ولا تقوم الساعة إلّاعلى شِرار الناس، ولا مهديّ إلّاعيسى بن مريم»(6)، قال: ومعناه: أن لا مهديٌّ مُرسَل نبيّ مهديّ إلّا عيسى، وأن لا مهديّ كعيسى؛ لأنّ عيسى من النبيّين، والمهديّ الذي هو من عترة النبيّ إمام عادل ليس بنبيّ مُوحىً إليه، والفرق بينهما أنّ عيسى هو المهديُّ المُرسل الموحى إليه، والمهديّ ليس بنبيّ موحى إليه. وقد أخبَرَنا عن ذلك أبو عليّ الحسن
ص: 389
بن أحمد بن الحسن الحدّاد بأصفهان.(1)
وقد ذكر الشيخ أبو بكر محمّد بن موسى الباب الأبوابي في شرح الشهاب(2) الذي ألّفه: أنّ هذا الحديث ليس بموضوع ولا مذكور على وجه النفي بأن لا يكون مهديّ [إلّا] عيسى عليه السلام في هذه الاُمّة؛ لأنّه عليه السلام أخبر بنعوت المهديّ الذي يخرج في آخر الزمان من عترته، وذكر صفته. وقال: معناه: أي لم يكن أحد صاحباً للمهديّ إلّا عيسى بن مريم؛ فإنّه يَنزل من السماء لنصرته وصحبته، أو أراد صلى الله عليه و آله به خصوصيةً وشرفاً لعيسى وكرامةً من اللّٰه، فأخبر عليه السلام أنّ المهديَّ وإن كان من عترتي من ولد فاطمة فإنّه لا يكون كعيسى.
وقيل: معناه: لا هدى إلّاهدى عيسى، فيكون تخصيصاً له كقوله: لا همَّ إلّاهمّ الدَّين، ونحن نعلم أنّ غيره هَمٌّ أيضاً فهو على التخصيص، وعلى ما نبّهنا عليه أوّلاً لا يحتاج إلى هذه التمحّلات.(3)
ثمّ ذكر أنّ الزمان كلّ يوم يكون شرّاً ممّا قبله. ثمّ قال: لا تقوم الساعة حتّى يقلّ الرجال وتكثر النساء، وهذا أيضاً من علامات قرب حضور القيامة.
وتمام الخبر: «حتّى يكون لخمسين امرأة قيّمٌ واحد».
590. لَايَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْداً فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ اللّٰهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .(4)
ص: 390
591. لَاخَيْرَ فِي صُحْبَةِ مَنْ لَايَرىٰ لَكَ مِنَ الْحَقِّ مِثْلَ الَّذِي تَرىٰ لَهُ .(1)
592. لَاتَذْهَبُ جَبِينَا عَبْدٍ فَيَصْبِرُ وَيَحْتَسِبُ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ .(2)
593. لَايَبْلُغُ الْعَبْدُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُتَّقِينَ حَتّىٰ يَدَعَ مَا لَابَأْسَ بِهِ حَذَراً لِمَا بِهِ الْبَأْسُ .(3)
594. لَاتَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ اُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ حَتّىٰ يَأْتِيَ أَمْرُ اللّٰهِ .(4)
595. لَاتَزَالُ نَفْسُ الرَّجُلِ مُعَلَّقَةً بِدَينِهِ حَتّىٰ يُقْضىٰ عَنْهُ .(5)
596. لَايَزَالُ الْعَبْدُ فِي الصَّلَاةِ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ .(6)
ص: 391
597. لَاتُظْهِرِ الشّمَاتَةَ لِأخِيكَ فَيُعَافِيَهُ اللّٰهُ وَيَبْتَلِيَكَ .(1)
حثَّ أوّلاً على الستر على مؤمنٍ يرتكب ذنباً في حقيقة فقال: إنّ اللّٰه يكافئه على جزاء فعله، ويستر عليه ذنوبه وعيوبه، ولا يفضحه على رؤوس الخلائق يوم القيامة.
وظاهره يدلّ على معنى آخر؛ أي: لا يكسو عبدٌ عبداً لباساً إلّاألبسه اللّٰه يوم القيامة لباس الكرامة.
ثمّ حذّر مِن صحبة من(2) يذهب بنفسه تيهاً وكبراً ولا يَرى لأحدٍ على نفسه حقّاً.
وقيل: يريد لا ترض بأن تكون(3) مغموراً ببرّ من تصحبه حتّى تُنيله من برّك ما تَنال من برّه، وقيل على عكسه أيضاً.
وأراد «بالجبينين» العينين الباصرتين، و «الاحتساب»: عدّ الأجر عند اللّٰه، والحسبة: الأجر.
ولا يجوز النصب في «فيصير» و «يحتسب»؛ لأنّه ليس بجواب النفي، بل هو عطف فعلٍ مثبت على منفيٍّ ؛ أي: لا تذهبُ عينا عبدٍ فهو يصبر - أي يحبس نفسه على ترك الشكوى وتتلقّى بطيبة النفس لما يرجُوهُ من الثواب والأجر - إلّاكافاه اللّٰه بدخول الجنّة.
ثمّ ذكر أنّ مَن اجتمع في ماله الحلال والحرام كمن يُعرف بالربا في تجارته، وكمَنْ صناعته محرّمة كاتّخاذ اللهو ونقش التماثيل المصوَّرة؛ فإنّ قضية الورع أن لا يعامَل هؤلاء ويتجنّب أكل أموالهم وإن كانت في ظاهرٍ الحلال والحكم محرّمة ما لم يتيقّن أنّ الذي يأخذه منها عن ثمن العين المحرّمة.
ثمّ قال: إنّ مِن جملة طوائف اُمّتي طائفة تكون متظاهرين على مراعاة الشرع
ص: 392
والعِلم حتّى يظهر اللّٰه تعالى حافظه الذي به قوامهم و(1) نظامُهم زماناً فزماناً.
وتمام الخبر: «أو يأتي بأمره».(2)
ثمّ نبّه على كراهة الدَّين بأنّ نفس الإنسان إذا كان عليه دَين لغيره فكلّها مشغولة به، ومَن مات وعليه دين فهو مأخوذٌ به إلى أن يؤدَّى عنه.
ثمّ قال: لا يزال المؤمن في ثواب الصلاة ما دام يكون في انتظارها ويحافظ عليها، لا أنّه في حكم المصلّين بحيث يحرم عليه الكلام.
ثمّ نهى عن إظهار الفرح ببليّة تنزل بأخٍ مؤمن؛ فقال: لا تفرح بوقوعه في البلاء؛ لأنّ ذلك إمّا مِن عند اللّٰه كعلّةٍ أو هلاك مال، أو من ظالمٍ بظلم يخصّه؛ فإنّك [إن] فرحتَ بذلك خلّصه اللّٰه وابتلاك، ولهذا قال عليه السلام: «من عيَّر أخاه بذنب لم يمُت حتّى يعمله».(3)
598. لَاتَسُبُّوا الدَّهْرَ؛ فَإِنَّ اللّٰهَ هُوَ الدَّهْرُ.(4)
599. لَاتَسُبُّوا السُّلْطَانَ ؛ فَإِنَّهُ فَيْ ءُ اللّٰهِ فِي أَرْضِهِ .(5)
600. لَاتَسُبُّوا الْأمْوَاتَ ؛ فَتُؤْذُوا بِهِ الْأحْيَاءَ .(6)
ص: 393
601. لَاتَسُبُّوا الْأمْوَاتَ ؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلىٰ مَا قَدَّمُوا.(1)
602. لَاتَمْسَحْ يَدَكَ بِثَوْبِ مَنْ لَاتَكْسُوهُ .(2)
603. لَايَرُدُّ الرَّجُلُ هَدِيَّةَ أَخِيهِ ، فَإِنْ وَجَدَ فَلْيُكَافِئْهُ .(3)
604. لَاتَرُدُّوا السَّائِلَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ .(4)
605. لَاتَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ .(5)
606. لَاتَخْرِقَنَّ عَلىٰ أَحَدٍ سِتْراً.(6)
ص: 394
607. وَ لَاتَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئاً.(1)
تأويل الخبر الأوّل: أنّ أهل الجاهلية كانوا ينسبون الحوادث والبلاء إلى الدهر، فيقول [أحدهم]: فعل الدهر كذا [و] شيّبني وأمرضني وأفقرني وأهلَكَ قومي! وكانوا يسبّون الدهر فيقولون: لحا(2) اللّٰه دهراً خيره قبل شرّه. فقال عليه السلام: إنّ فاعل هذه الاُمور هو اللّٰه فلا(3) تسبّوا فاعلها. قال تعالى حاكياً عنهم: (وَ قٰالُوا مٰا هِيَ إِلاّٰ حَيٰاتُنَا اَلدُّنْيٰا نَمُوتُ وَ نَحْيٰا وَ مٰا يُهْلِكُنٰا إِلاَّ اَلدَّهْرُ) (4)؛ أي: قال منكر البعث: ليس الحياة إلّاالتي نحن فيها في الدُّنيا، ولا بعثٌ ولا حسابٌ ، ولا يميتنا إلّاالأيّام والليالي - أي مرور الزمان وطول العمر - إنكاراً منهم للصانع، وما لهم بذلك من علمٍ ؛ أي: إنّما ينسبون ذلك إلى الدهر لجهلهم، ولو علموا أنّ الذي يميتهم هو اللّٰه - فإنّه قادر على إحيائهم - لما نسبوا الفعل إلى الدهر.
وقيل: الدهر الثاني في الخبر مصدر بمعنى الفاعل؛ أي: اللّٰه داهر الدهر. وقيل:
تقديره: فإنّ اللّٰه هو خالق الدهر، فلا(5) تسبّوه لعلّةٍ أصابتكم؛ فإنّكم إذا سببتم فاعل ذلك فهو اللّٰه.
ثمّ نهى عن مخالفة الإمام قولاً أيضاً؛ يعني: إن عَذَرَكم وأدبّكم وأقام عليكم حدّاً واستنهضكم إلى جهادٍ فلا(6) تظنّوا أنّ ذلك منه؛ فإنّه حجّة للّٰه في أرضه وظلّ وراحة
ص: 395
يستريح إليه المُتعب(1) ويلتجئ إليه المظلوم كمن كان في الشمس فرأى ظلّاً والتجأ إليه فاستراح.(2)
ثمّ نهى عن سبّ الموتى وإن كانوا ظَلَمةً ؛ فهم في موضع الترحُّم والشفقة والدُّعاء، فربّما يذوق بعضُهم العذاب الأليم، ولا ينفع في الذين سبّهم غير الأذى في قلوب السامعين. وقيل: إنّه ورد بسبب عكرمة بن أبي جهلٍ .
وقوله: «لا تمسح يدك بثوب من لا تكسوه» له معانٍ :
أحدها: أنّه أراد: لا تستخدم من لم تنعم عليه، ولا تبتذل ثوب من لم تكسُه بمسح اليد.
والثاني: لا تثق بمن لا تجرّبه.
والثالث: لا تجعل انبساطك عريضاً طويلاً مع من لم يَسبق منك إحسان إليه بنوع من الأنواع.
والرابع: حذّر به عن الطمع.
والخامس: لا تستبدل(3) أحداً من المؤمنين وإن كان فقيراً؛ فإنّ اللّٰه يطعمه ويكسوه ولستَ تكسوه.
ثمّ قال: إن علمت أنّ عرض من أهدى إليك شيئاً هو عمارة الاُخوّة في الدِّين والمودّة فالأولى قبولها، وإن كان رياءً وسمعةً فالأولى ردّه، إلّاأن يكون في الردّ اكتساب عداوة، وتحمُّلُ المنّة أولى من اكتساب الحقد.
ثمّ نهى عن ردّ السائل وحرمانه وإن كان بشيء تافه(4)؛ لأنّه ربما كان مضطرّاً إليه، فيعظم موقعهُ مع خفّة(5) مؤونته؛ وشِقُّ الشيء نصفه. وروي: «ولو
ص: 396
وبيان الخبر الذي في النهي عن الغيبة في تمامه وهو ما روي أنّه عليه السلام كان على المنبر، فنادى بأعلى صوته: «يا معشر مَن قد أسلم بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه! لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيّروهم ولا تتبّعوا عوراتهم؛ فإنّه مَن تتبّع عورة أخيه المسلم تتبّع اللّٰه عوراته، ومن يتّبع اللّٰه عورته يَفضَحه ولو في جوف رحله».(3)
ثمّ قال: لا تهتك على أحدٍ من المسلمين ستره الذي أخفاه عن الناس حذاراً من هتك سترك.
وروي أنّه عليه السلام ناجى اللّٰهَ به في شأن [رجلٍ يقال له] حرملة، وقال: «اللّهمَّ اجعل له لساناً ذاكراً وقلباً شاكراً، ولا تخرقنّ على أحد ستراً».(4)
وبيان الخبر الأخير في تمامه: «ولو بشسع النعل، ولو أن تعطي الحبل، ولو أن تؤنس الوحشان» ،(5)وهو أن تلقاه بما يؤنسه من القول الجميل، والباء متعلّقة بفعل يدلّ عليه المعروف؛ لأنّه في معنى الصدقة كأنّه قال: «ولو تصدّقت بشسعٍ »، فنهى عليه السلام عن استحقارك(6) المعروف معطياً ومُعطىً .
608. لَاتُوَاعِدْ أَخَاكَ مَوْعِداً فَتُخْلِفَهُ .(7)
609. لَايَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ .(8)
ص: 397
610. لَايَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ (1) إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللّٰهِ .(2)
611. لَاتَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللّٰهِ إِخْوَاناً.(3)
612. وَلَا تَكُونُوا عَيَّابِينَ وَلَا مَدَّاحِينَ وَلَا طَعَّانِينَ وَلَا مُتَمَاوِتِينَ .(4)
613. لَاتُعْجَبُوا بِعَمَلِ عَامِلٍ حَتّىٰ تَنْظُرُوا بِمَ يُخْتَمُ لَهُ .(5)
614. لَايُعْجِبَنَّكُمْ إِسْلَامُ رَجُلٍ حَتّىٰ تَعْلَمُوا كُنْهَ عَقْلِهِ .(6)
نهى أوّلاً عن خُلف الميعاد؛ فإنّه من عادات اللئام، والوفاء بذلك من شمائل الكرام. و «الموعد» بمنزلة الوعد؛ فإنّهما على الإطلاق للخير، فالخلف في الوعيد كرم، ومَن أخلف الوعد اكتسب عداوةً . وإنّما نهى عن تمنّي الموت لئلّا يَنزل؛ لأنّه إن كان على حالٍ حسنةٍ من طاعة اللّٰه فيزداد كلّ يومٍ ثوابُه، وإن كان مسيئاً فلعلّه يتوب.
ص: 398
وروي صحيحاً أن يقول صاحبه: «اللّهمَّ أحيني ما دامت الحياة خيراً لي، وتوفّني إذا كانت الوفاة خيراً لي».(1)
ثمّ أمر بحسن الظنّ باللّٰه حثّاً على أن يُحسِن العبدُ عمله، فكأنّه قال: أحسنوا أعمالكم بحسن ظنّكم باللّٰه. وقيل: حسن الظنّ باللّٰه من ناحية الرجاء وتأميل العفو، واللّٰه جوادٌ كريم.
ثمّ نهى عن الحسد كما قال اللّٰه تعالى: «فإنّ الحاسد عدوّ نعمتي، لا يرضى بقسمتي».(2)
و «النجش»: أصله مدح الشيء والمداح به؛ لا يمدح أحدكم صاحبه من غير استحقاق يستدعي منفعته، وهذا أشبه أن يكون مراده؛ لأنّ قوله: «ولا تدابروا» أشدّ مطابقةً له.
ومعنى «لا تدابروا» لا تهاجروا؛ فكأنّه قال: لا تتمادحوا بلا استحقاق ولا تتقاطعوا. وقيل: هو تنفير الناس عن الشيء إلى غيره، ومعناه: لا يَمدح أحدُكم السلعة أو يزيد في ثمنها وهو لا يريد شراءها؛ ليسمعه غيره فيزيد.
و «البغض»: خلاف الحبّ ، ونهى عنه لأنّ عاقبته ليست بمحمودة، وأيضاً بغض الإسلام في بغض المسلم. ومعنى «التدابر»: الخذلان وأن يولّي(3) الرجل صاحبه دبُرَه، و [قال:] كونوا عباد اللّٰه أصدقاء.
ثمّ قال: لا تكونوا معتادين لعيب الناس ولا لمدحهم حرفةً واكتساباً، ولا تطعنوا فيهم، ولا تَماوتوا تخشّعاً وتقشّفاً(4) مرائين الخلق، وقيل: «المتماوت»: الذي يجعل نفسه كالميّت تكسّلاً ولا يشتغل بالكسب.
ص: 399
ثمّ قال: لا تعجبوا لمن يَدخل في أمرٍ حَسَنٍ حتّى تعلموا هل يداوم عليه إلى بلوغ آخره، ولا تعجبوا بعمل عاملٍ حتّى تعلموا درجة استعماله العقل؛ فمن كان أعقل كان أداء صلاته أكمل.
615. لَاتَجْعَلُونِي كَقَدَحِ الرَّاكِبِ .(1)
616. لَايَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ مَهَابَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُومَ بِالْحَقِّ إِذَا عَلِمَهُ .(2)
617. لَايَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ ؛ فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ .(3)
618. لَاتُرْضِيَنَّ أَحَداً بِسَخَطِ اللّٰهِ ، وَلَا تَحْمَدَنَّ أَحَداً عَلىٰ فَضْلِ اللّٰهِ ، وَلَا تَذُمَّنَّ أَحَداً عَلىٰ مَا لَمْ يُؤْتِكَ اللّٰهُ ؛ فَإِنَّ رِزْقَ اللّٰهِ لَايَسُوقُهُ إِلَيْكَ (4) حِرْصُ حَرِيصٍ ، وَلَا يَرُدُّهُ عَنْكَ كَرَاهَةُ كَارِهٍ .(5)
619. لَاتَسْأَلِ الْإمَارَةَ ؛ فَإِنَّكَ إِنْ اُعْطِيتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ اُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِنْ اُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا.(6)
ص: 400
620. لَاتَقُومُ السَّاعَةُ حَتّىٰ يَكُونَ الْوَلَدُ غَيْظاً، وَالْمَطَرُ قَيْظاً، وَيَفِيضَ اللِّئَامُ فَيْضاً، وَيَغِيضَ الْكِرَامُ غَيْضاً، وَيَجْتَرِئَ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ، وَاللَّئِيمُ عَلَى الْكَرِيمِ .(1)
621. لَنْ يَهْلِكَ امْرُؤٌ بَعْدَ مَشْوَرَةٍ .(2)
622. لَنْ تَهْلِكَ الرَّعِيَّةُ وإِنْ كَانَتْ ظَالِمَةً مُسِيئَةً إِذَا كَانَتِ الْوُلَاةُ هَادِيَةً مَهْدِيَّةً .(3)
أشار أوّلاً بإكثار الصلاة عليه صلى الله عليه و آله فقال: لا تنسوني في حالَتَي الشدّة والرَّخاء، ولا تذكروني كصُنع الراكب مع قَدَحه المُعلَّق في مؤخّر رحله؛ إذا احتاج إليه للعطش استعمله، وإذا لم يحتج إليه تَرَكه خلفه مُعَلَّقاً.
ورُوي: قيل: يا رسول اللّٰه، وما قَدَح الراكب ؟ فقال: «إنّ الرجُل ليرفع متاعه على راحلته، فيبقى في قَدَحه ماء فيعيده في أدواته».(4) وقيل: حثّ بمداومة الصلاة عليه؛ ليقرب بها من النجاح في جميع الاُمور؛ أي: لا تجعلوني آخر الدُّعاء.
ثمّ حثَّ على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال: قل الحقّ ، ولا يدفعك عنه خوف الخلق.
وبيان الخبر الثالث في تمامه: فقال بعض أصحابه: وإن كانت امرأةً صالحةً؟ فقال: «نَعَم ولو كانت مريم ابنة عمران».(5) وفيه: يكره للمرأة السفر إلّامع ذي محرمٍ .
ثمّ بيّن أنّ رزق اللّٰه لا يأتي إلّامن اللّٰه، فلا تحمد(6) مخلوقاً على ما أعطاك اللّٰه،
ص: 401
ولا تذمّ مخلوقاً إذا لم يعطك اللّٰه شيئاً.
ثمّ بيّن أنّ خيار الناس يَكرهون الولاية وطلبها، وقال: إنْ طلبتَها واُعطيتَ لا تُعان عليها، وإن دعاك عليها السلطان يجب عليك قبولها وهو يعينك عليها.
ثمّ ذكر عليه السلام علاماتٍ لقيام الساعة، وهي أنّ معاشرة الأولاد مع الأبوين تكون كمعاشرة الأضداد، ويجيء المطر في حرّ الصيف حيث لا فائدة فيه بل يؤدّي إلى تعطيل المعاش، وتكبّر الدُّونُ من الناس، وتَنقص الكرام، ولا تَحترم الصغارُ الكبار.
ثمّ قال: لن يضلَّ في أمره أحد بعد أن يفتتحه بمشورةِ ذي دِينٍ ورأيٍ ، ثمّ دُلَّ على خير الدُّنيا والآخرة بالتزام الإمام المعصوم، فقال: إذا كنتم تأتمّون بهادٍ فإنّه يوصلكم إلى مقصد الرَّشاد والعامّة تنجو بالخاصّة؛ أي: اجتهدوا أن تحشروا مع المحسنين وإن كنتم مسيئين؛ فإنّ ذلك ينفع، ولا ضلال لأحدٍ يكون مع هادٍ مهديٍّ .
623. إِيَّاكَ وَمَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ .(1)
624. إِيَّاكُمْ وَالْمَدْحَ ؛ فَإِنَّهُ الذِّبْحُ .(2)
625. إِيَّاك وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ ؛ فَإِنَّ لَهَا مِنَ اللّٰهِ طَالِباً.(3)
626. إِيَّاكَ وَمُشَاوَرَةَ النِّسَاءِ ؛ فَإِنَّهَا تُظْهِرُ الْعُرَّةَ وَتَدْفِنُ الغُرَّةَ .(4)
ص: 402
627. إِيَّاكُمْ وَخَضْرَاءَ الدِّمَنِ .(1)
628. إِيَّاكُمْ وَالدَّيْنَ ؛ فَإِنَّهُ هَمٌّ بِاللَّيْلِ وَمَذَلَّةٌ بِالنَّهَارِ.(2)
629. إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ؛ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ .(3)
630. إِيَّاكُمْ وَدَعْوَةَ الْمَظْلُومِ وَإِنْ كَانَ كَافِراً.(4)
يقول: عليك أن لا تقصد(5) عملاً يؤدّيك إلى الاعتذار من اللّٰه أو من الخلق، ولا ترتكب أمراً يُحتاج فيه إلى العذر.
ومعنى «إيّاك» القصد، وإيّاك كلمة تخصيص، ومع الضمير كالشيء الواحد، وتقديره: إيّاك أخصّ بنُصحي واُحذّرك أن تفعل ما يُعتذر منه، و دخل «الواو» لتعطّف الفعل المقدّر على المقدَّر؛ أي: أخصّكم واُحذّركم. ثمّ قال: عليك أن لا تقصد(6) مدح الناس في وجوههم طمعاً ممّا في أيديهم؛ فإنّه ذبح لهم ولنفسك؛
ص: 403
إذ تقول فيهم ما ليس فيهم، وتتملّق وتهوّن نفسك. وقيل: معناه: إيّاكم أن تمدحون فتهلكوا.
وكذلك نهى عن ارتكاب صغائر الذُّنوب، ومعناه: عليكِ أن لا تقصدي إلى ذنب تستصغرينه؛ فإنّ اللّٰه يطالبكِ بها، ولا تنظري إلى صغرها وحقارتها، ولكن انظري إلى عظمة من تعصيه(1) بذلك. والحقير: الصغير، والمحقر: المستصغر، والخطاب مع روايتها.(2)
ثمّ نهى عن مخاصمة الناس؛ فإنّ الخصومة معهم تُظهر كلّ عورةٍ وتستر كُلّ فضيلة؛ أي: إنّ مشارَّة(3) الناس تُظهِر المعائب وتُخفي المناقب؛ لأنّ المخاصم يبالغ في بحث مثالب صاحبه، ولا يجد منقبةً إلّادفنها، فكأنّه يميت محاسنه ويُحيي مساويه.(4)
وقيل: المراد «بالغُرَّة» النفيسة من المال(5)، والمراد «بالعُرّة» البلاء والهلاك(6)، والأوّل أشبه. وقال الصادق عليه السلام: «إيّاكم والعَداوة؛ فإنّها تكشف العورة(7)، وتورِثُ المَعَرَّة(8)».(9)
ص: 404
وبيان الحديث الخامس في تمامه وهو: قيل: يا رسول اللّٰه، وما ذاك ؟ وفي رواية: وما خضراء(1) الدِّمن ؟ قال عليه السلام: «المرأة الحسناء في منبت السوء».
قال أبو عبيد: أراد فساد النسب(2)، وشبّهها بالنبات الناضر في دمنةٍ للبعر؛ يقول:
ولا تنكحوا هذه المرأة لجمالها، ومنبتُها وأصلها خبيث، كالدِّمْنَة وهي ما تَلَبَّد من الأبوال والأبعار؛ منظرها حسن أنيق مُعجِب للناس، وأصلها فاسد، وأعراق السوء فيها، انتزع أولادها إلى طبعها وعادتها.
فنهى عليه السلام عن نكاح المرأة عن ظاهر الحسن وهي في البيت السوء، أو كانت مطعونة في نفسها أو في نسبها. وقيل: إنّه نهى عن تقارض النفاق وتغاير الأخلاق، وأن يتلقّى الرجل أخاه بالظاهر الجميل وينطوي على الباطن الذميم، أو يخدعه بحلاوة اللِّسان ومِن خلفها مرارة الجنان.
ثمّ حذّر عن أخذ الدَّين؛ فإنّ المديون إذا عجز عن أدائه لا ينامُ الليلَ لكثرة التفكّر ويهتمّ ، وبالنهار يتوارى عن سوء الخفاء.
ثمّ نهى عن تحقيق كلّ ظنٍّ والحكم بكلّ (3) ما يقع في القلب منه، كما يقع بيقينيّ العلم في الاُمور المعلومة، والظنون أكثرها كذب.
وتمام الخبر: «ولا تجسّسوا ولا تحسّسوا» ، بالجيم تعرف الخبر بتلطّف، وبالحاء تطلب الشيء بحاسّةٍ . ثمّ قال: اجتنبوا واحذروا عن إجابة دعوة المظلوم عليكم وإن كان كافراً؛ لأنّ وبال كفره يعود عليه، وبال ظلمكم يعود إليكم، و «إيّا» اسم مبهم، ولا محلّ من الإعراب للضمائر بعده.
ص: 405
ص: 406
الباب السابع(1)
631. إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْراً، وَإِنَّ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكَماً(2)، وَإِنَّ مِنَ الْقَوْلِ عَيَالاً، وَإِنَّ مِن طَلَبِ الْعِلْمِ جَهْلاً.(3)
632. إِنَّ مِنْ اُمَّتِي اُمَّةً مَرْحُومَةً .(4)
633. إِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإيمَانِ .(5)
634. إِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ مِنْ حُسْنِ الْعِبَادَةِ .(6)
ص: 407
635. إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأنْبِيَاءِ .(1)
636. إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ.(2)
637. إِنَّ دِينَ اللّٰهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّهْلَةُ السَّمْحَةُ .(3)
638. إِنَّ أَعْجَلَ الطَّاعَةِ ثَوَاباً صِلَةُ الرَّحِمِ .(4)
639. إِنَّ الْحِكْمَةَ تَزِيدُ الشَّرِيفَ شَرَفاً.(5)
640. إِنَّ مُحَرِّمَ الْحَلَالِ كَمُحِلِّ الْحَرَامِ .(6)
641. إِنَّ أَحْسَابَ أَهْلِ الدُّنْيَا هٰذَا الْمَالُ .(7)
ص: 408
642. إِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً.(1)
سبب الحديث الأوّل هو أنّ وفد بني تميم دخلوا عليه صلى الله عليه و آله فسأل عمرو بن الأهتم عن قيس بن عاصِم، فقال: إنّه مانع لحُزُونة(2) مطاعٍ في عشيرته. فقال قيس: يا رسول اللّٰه، حسدني ولم يَقُل الحقّ ! فقال عمرو: «هو واللّٰه زمر المُروءة ضَيِّق العَطَن لئيم الخال»، فنظر عليه السلام في عينيه عمرو، فقال: يا رسول اللّٰه، رضيتُ فقلتُ أحسن ما علمتُ ، وغضبت فقلت أسوأ ما علمتُ ، وما كذبت في الاُولى ولقد صدقت في الاُخرى. فقال عليه السلام: «إنّ من البيان لسحراً»(3)؛ أي: يعمل عمل السحر. ومعنى السحر إظهار الباطِل في صورة الحقّ والبيان والفصاحة؛ أي: إنّ المبيّن بصور الحقّ في أحسن صورةٍ ، وإنّ بعض البيان يكون سحراً؛ يعني: أنّ مدّعي البيان يكون مبطلاً يُرائي الناس الحقّ في بيانه وفصاحته.
قال الشافعي: «البيان اسم جامع لمعانٍ متّفقة الاُصول متشعّبة الفصول»(4)؛ يريدُ أنّ اسم البيان يقع على الجنس، ويقع تحته أنواع مختلفة المراتب في الجلاء والخفاء.
وقيل: البيان اثنان؛ بيان يقع به الإبانة عن المراد بأيّ لغةٍ كان وأيّ لسانٍ أبان، ولم يرد بالسحر، هذا النوع منه، ومعنى الحديث: أنّ منه ما يصرف من قلوب السامعين إلى قبوله.(5)
ص: 409
وقيل: معناه: أنّ من البيان ما يُكسب به من الإثم ما يكتسب الساحر بسحره(1).
و «السِّحر» في اللغة: الصرف(2)، وقيل: الخداع. و «إنّ بعض الشعر حكمة» أراد به المواعظ والأمثال التي يتّعظ بها الناس.
وقيل: معناه: أنّ من الشعر كلاماً يمنع عن الجهل والسَّفَه وينهى عنهما، والحكم والحكمة ومعناها المنع.
ثمّ قال: إنّ بعض القول يكون عيالاً لقائله ووبالاً ويستضرّ به، ويعود إليه كلّ وقتٍ منه مؤونة وشدّة.
وقيل: إنّ بعض الكلام يُنسَب إليك كما ينسب العقال إلى الرِّجل.
ثمّ قال: وإنّ طلب بعض العلم يكون جهلاً. وقيل: معناه أن يكلِّف العالمُ إلى علمه ما لا يعلمه، فذلك جهلٌ منه؛ أي: مَن جعل معلومه ومظنونه سواء فذلك جهل.
وقيل: أراد به علم الأوّل درس(3) والفلسفة والأوائل والنجوم والغنا، و «من» في هذه الأربعة للتبعيض، وقيل: معناه: أنّ العالم ربما يحمله علمه على التكبّر والشروع فيما لا يعنيه، وتقديره: إنّ مِن طلب العلم طلب سبب جهل، فحذف المضاف. وقيل: إنّ للعلم طغياناً كطغيان المال.
ثمّ قال: إنّ اُمّتي اُمّةٌ مخصوصة بالرحمة، جعلهم اللّٰه مرحومين؛ لكرامتي عنده تعالى، وهو الأمان من الخسف والمسخ وتسويد الوجوه وسائر العذاب الذي كانت ألوانه على بني إسرائيل، فخفّف اللّٰه عن هذه الاُمّة ببركة محمّد صلى الله عليه و آله. و «الاُمّة»: أتباع الأنبياء، و «العهد» في الخبر هاهنا: الحفاظ والحُرمة؛ يقول: من كمال إيمان المرء حفاظ الحرمة القديمة وتعاهده لها.
وجاء هذا الحديث في شأن ماشطةِ خديجة لمّا دخلت على رسول اللّٰه، وجعل
ص: 410
يسائلها عن أولادها وأحوالها وأهاليها، حتّى سألها عن كلبها ملاق(1)، فقالت عائشة: ما هذا؟ فقال عليه السلام: «هذه امرأة كانت تأتينا زمان خديجة، وإنّ حسن العهد من الإيمان».(2)
ثمّ قال: مِن حسن عمل العبد في طاعة اللّٰه حسن ظنّه بفضل اللّٰه وكرمه.
وقيل: إنّ حسن ظنّ العبد بالناس من جملةِ حسن العبادة، وكلا المعنَيين حَسنٌ .
وتمام الخبر الأخير: «إنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً، ولكن ورَّثوا العلم؛ فمن أخذه فقد أخذ بحظٍّ وافر» ، وهو أنّ ميراثهم الأحكام الشرعيّة.
ثمّ حضّ (3) على الاقتصاد فقال: إنّ دين اللّٰه يُسر ولا غلوٌّ فيه ولا تقصير، قال لعثمان بن مظعون لمّا ترهّب: «يا عثمان، إنّ اللّٰه لم يبعثني بالرهبانيّة، وإنّ خير الدِّين الحنيفيّة».(4) وقيل: معناه أنّ شرع محمّد عليه السلام سهل.
وكذا معنى الخبر الأخير: أنّ ملّة رسول اللّٰه المستقيمة لا محالة السهلة جدّاً، وحقيقة «الحنيفيّة» في الإسلام: الميل إليه والإقامة على عقده، و «السمحة»: في غاية السهولة، وإنّما يكون التعجيل بثواب صلة الأرحام لأنّه يزيد في العمر، وقال تعالى في ذمّ قومٍ : (وَ تُقَطِّعُوا أَرْحٰامَكُمْ ) (5). و «الشريف» إذا كان له حكمة - وهي الفقه هاهنا - زاد شرفاً.
ثمّ قال: عقوبة محرِّم الحلال كعقوبة مُحِلّ الحرام.
ثمّ قال: فخر أهل الدُّنيا المال.
وقيل: إذا لم يجد الرجل مهر امرأة ونفقتها فالتكافؤ بينهما غير ثابت لهذا الخبر؛ إن خطبها ولم تُزوّج فلا حرج.(6)
ص: 411
وبيان الخبر الأخير في تمامه وهو: «لا يجوز العدل وكثرة اللائمة لمن أتى الحقّ أو قال حقّاً أو يثبت على حقّ وإن كان فيه نوعٌ من الخشونة والوحشة».(1)
وروى البخاري عن أبي هريرة أنّ رجلاً أتى النبيّ عليه السلام يتقاضاه وأغلظ له، فهمَّ أصحابه بضربه، فقال عليه السلام: «دَعوهُ ؛ فإنّ لصاحب الحقّ يداً ولساناً»(2)؛ أي: مَن له حقّ فله [أن](3) ينطقُ .
643. إِنَّ مَكَارِمَ الْأخْلَاقِ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ .(4)
644. إِنَّ أَحْسَنَ الْحَسَنِ الْخُلُقُ الْحَسَنُ .(5)
645. إِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ .(6)
646. إِنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُلْهُ .(7)
ص: 412
647. إِنَّ أَقَلَّ سَاكِنِي الْجَنَّةِ النِّسَاءُ .(1)
648. إِنَّ الْمَعُونَةَ تَأْتِي الْعَبْدَ مِنَ اللّٰهِ عَلىٰ قَدْرِ الْمَؤُونَةِ ، وَإِنَّ الصَّبْرَ يَأْتِي الْعَبْدَ عَلىٰ قَدْرِ الْمُصِيبَةِ .(2)
649. إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّي الْأبُ .(3)
650. إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ .(4)
651. إِنَّ أَشْكَرَ النَّاسِ للّٰهِِ أَشكَرُهُمْ لِلنَّاسِ .(5)
652. إِنَّ إِعْطَاءَ هٰذَا الْمَالِ فِتْنَةٌ ، وَإِمْسَاكَهُ فِتْنَةٌ .(6)
ص: 413
رَغَّبَ في الأخلاق الكريمة بأنّها توصل إلى الجنّة؛ فأوّلها الدِّين، ثمّ المروءة والفتوّة، وأحسنُ كلّ شيء خُلقٌ حَسن.
ثمّ حثَّ على الإحسان إلى المماليك وتقويتهم؛ يقول: مولى القوم معدود منهم، فينبغي أن يحترم كحرمتهم. وقيل: قاله لرافع مولاه(1) في نهي أخذ الصدقة، وإنّما مال على سبيل التشبيه في الاقتداء بسيرتهم في اجتناب مال الصدقة التي هي أوساخ الناس، ويشبه أن يكون [من عياله](2) عليه السلام فقد كان يكفيه المؤونة؛ إذ كان أبو رافع مولىً له يتصرّف له في الحاجة والخدمة، وهذا إضافة تشبيه وتقريب لا إضافة تحقيق، وأراد بأنّه منهم يعني في حكم الولاء دون حكم النسب.
و «البَلَه»: زوال العقل، فلو حُمل الخبر عليه فمعناه: أكثر أهل الجنّة المتّقون والمجانين، فالعقلاء أكثرهم يعملون أعمال أهل النار.
وقيل: البَلَه سلامة الصدر والغفلة عن السرّ، والخب والمكر، فأراد: أكثر مَن يدخل الجنّة مَن هو أبله في اُمور الدُّنيا. و «البُله» هم الذين خلوا عن الدهاء والنكر والخَبّ ، وغلبتْ عليهم سلامة الصدور وهم عقلاء.
وفي الحديث: «إنّ اللّٰه يُدخل الجنّة أقواماً بسلامة الصدور، وليس لهم كثير عملٍ »(3)، وأقلُّ مَن يسكن الجنّة النساء؛ لبُعدهنّ من العلم والطاعة، وقربِهنّ من الجهل والمعصية، وكفرانِهنّ إحسان بعولتهنّ .
وفي رواية أنّه عليه السلام قال للنساء: «إنّكنّ أكثر أهل النار؛ وذلك لأنّكنّ تُكثرن اللعن، وتكفّرن العشير»(4)؛ أي المعاشِر، والمراد به الزوج.
ثمّ قال: من كان عياله أكثر ومصيبته أعظم، فالرزق والصبر عليه أوسع.
ثمّ نبّه على أنّ حقّ الوالد مقدَّم على حقّ الوالدة.
وبيان الخبر ما روي: «صِل مَن كان يصل أباك؛ فإنّ صلة الميّت في قبره أن تَصل من
ص: 414
كان يُواصل».(1)
ثمّ أراد أن يُبيّن قرب إبليس من الآدمي وسواساً، فشبّه في القرب بالدم وجريانه.
وروي أنّه عليه السلام قال: «لا تدخلوا على المغيبات؛ فإنّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم»(2)؛ أي: إنّه لا يزايله، لا أنّه يَدخل عروقه.
وقيل: أراد به التسلّط والغلبة له على ابن آدم أحياناً كما يغلب الدم...(3) في بني آدم، واللّٰه يكره كفران النِّعم له ولخلقه. ومعنى الخبر الأخير: أنّ اللّٰه إذا أعطى عبداً مالاً وأمسكه منه فليس باستحقاقه، ولكنّه يمتحنه بكليهما.
653. إِنَّ عَذَابَ هٰذِهِ الاُمَّةِ جُعِلَ فِي دُنْيَاهَا.(4)
654. إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ .(5)
655. إِنَّ مِنْ عِبادِ اللّٰهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللّٰهِ لَأَبَرَّهُ .(6)
ص: 415
656. إِنَّ للّٰهِِ عِبَاداً يَعْرِفُونَ النَّاسَ بِالتَّوَسُّمِ .(1)
657. إِنَّ للّٰهِِ عِبَاداً خَلَقَهُمْ لِحَوَائِجِ النَّاسِ .(2)
658. إِنَّ حَقّاً عَلَى اللّٰهِ أَنْ لَايَرْفَعَ شَيْئاً مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا وَضَعَهُ .(3)
659. إِنَّ لِجَوَابِ الْكِتَابِ حَقّاً كَرَدِّ السَّلَامِ .(4)
660. إِنَّ فِي الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةً عَنِ الْكَذِبِ .(5)
661. إِنَّ أَطْيَبَ (6) مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ ، وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ .(7)
ص: 416
662. إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَاتَحِلُّ إِلَّا لِفَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ غُرْمٍ مُفْظِعٍ .(1)
663. إِنَّ قَلِيلَ الْعَمَلِ مَعَ الْعِلْمِ كَثِيرٌ، وَإِنَّ كَثِيرَ الْعَمَلِ مَعَ الْجَهْلِ قَلِيلٌ .(2)
نهى عليه السلام بالخبرين الأوّلين عن مباشرة الذنوب؛ فإنّ اللّٰه يُعجّل عذاب هذه الاُمّة في دار الدُّنيا بأن يضيِّق عليها الرزق، وفيه بيان أنّه إذا أطاع اللّٰهَ العبدُ يَستحقّ السعة، ولا يُصيبه مصائب عذابٍ في الدُّنيا.
وقيل: يريد بالأوّل تكفير الخطايا بالهموم.
وروي: «إنّ اللّٰه إذا أراد بعبدٍ خيراً عجّل له العقوبة في الدُّنيا»(3). ثمّ بيّن أنّ للّٰه عباداً أولياء يخصّهم بالكرامات.
روي: أنّ عمّة أنس كسرت سِنّ امرأة، فأمرها النبيّ بالقصاص، فقال أنس:
والذي بعثك لا تكسر سنّها فرضوا بالأرش، فقال... الحديث.(4)
وإنّ للّٰه عباداً هم خواصّه يعرفون الناس بنور الفراسة. و «التوسّم»: التدبّر في النظر والإمعان فيه. وإنّ للّٰه عباداً يحبّون مكارم الأخلاق ويحبّون أن يكونوا في قضاء حوائج الإخوان.
وتمام الخبر: «إنّ للّٰه عباداً خلقهم لقضاء حوائج الناس على أيديهم، ينزع(5) الناس إليهم في حوائجهم، اُولئك الآمنون من فزع يوم القيامة».
ثمّ حضَّ (6) على الزهادة في الدُّنيا والرِّضا بالكفاف فيها؛ بأنّ كلّ رفيع فيها
ص: 417
سيتّضع، وقوله «حقّاً» نكرةً ، وإنّما جاز أن جعل اسم «أنّ »؛ لأنّه يحدّد بقوله «على اللّٰه».
ثمّ ذكر أنّ مَن وصل إليه كتابٌ من أخٍ مؤمنٍ فإنّه يجب عليه أن يُجيبه، وأنّ في كنايات الكلام فُسحة عن الإتيان الكذب الذي يأثم به الإنسان والفرار من هذا إلى ذلك، فرخّص بما ظاهره غير باطنه في بعض المواضع. وللمفجع البصري كتابٌ في ذلك كقولهم: مالِ صدقة. ويكون «ما» للنفي، واللام لم أفعله، يعني: اللا هي.
و: واللّٰه ما رأيتُ زيداً؛ أي: ما أصبت ديته.
و «المندوحة»: السعة في الشيء، و «التعريض»: خلاف التصريح، ومعاريض الكلام: كناياته، وهو جمع معراض؛ يُقال: عرفت ذلك في معراض كلامه، وهو مفعال من التعريض، واشتقاقه من العرض وهو الجانب؛ كأنّ المعرِّض ذَكَرَ الغرض في عَرضٍ من كلامه.
ثمّ قال: اُحلَّ ما يأكل الرجل من كسب يده، وإنّ كسب ولده من يده، فحذف المضاف. وفيه دليل على أنّ نفقة الآباء لازمة على الأبناء إذا كانوا فقراء.
ثمّ نَهىٰ عن المسألة، وحَثَّ على الكسب فقال: لا تحلّ الصدقة مع القوّة على الكسب، وإنّما يجوز لفقرٍ شديدٍ يُلصِق صاحبَه في التراب، ولديونٍ قطيعةٍ في غير محرَّم يجوز السؤال لأدائها والإدقاع(1) مَثَلٌ لمجاوزة الحدّ في الفقر. وروي: «ولدم موجع»،(2) وهو أن يحمل حمّالة في حصّ الدماء، فيسعى إذا ما تحمّل دية يؤدّيها إلى أولياء المقتول، وإن لم يؤدّها قُتل المتحمّل عنه وهو أخوه أو حميمه فيوجعه قتله، فيفعل ذلك لإصلاح ذات البين، فتحلّ له المسألة فيها.
ثمّ بيّن شرف العلم ونقصان الجهل عند اللّٰه تعالى.
ص: 418
664. إِنَّ الْعَبْدَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ الْخُلُقِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ .(1)
665. إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقاً، وَخُلُقُ هٰذَا الدِّينِ الْحَيَاءُ .(2)
666. إِنَّ لِكُلِّ شَيْ ءٍ شَرَفاً، وإنَّ أَشْرَفَ الْمَجَالِسِ مَا اسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةَ .(3)
667. إِنَّ لِكُلِّ اُمَّةٍ فِتْنَةً ، وَإِنَّ فِتْنَةَ اُمَّتِي الْمَالُ .(4)
668. إِنَّ لِكُلِّ سَاعٍ غَايَةً ، وَغَايَةُ كُلِّ سَاعٍ الْمَوْتُ .(5)
669. إِنَّ لِكُلِّ عَابِدٍ(6) شِرَّةً ، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةً .(7)
ص: 419
670. إِنَّ لِكُلِّ قَوْلٍ مِصْدَاقاً، وَلِكُلِّ حَقٍّ حَقِيقَةً .(1)
671. إِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمىً ، وَإِنَّ حِمَى اللّٰهِ مَحَارِمُهُ .(2)
672. إِنَّ لِكُلِّ صَائِمٍ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً .(3)
673. إِنَّ لِكُلِّ شَيْ ءٍ بَاباً، وَإِنَّ بَابَ الْعِبَادَةِ الصِّيَامُ .(4)
674. إِنَّ لِكُلِّ شَيْ ءٍ مَعْدِناً، وَمَعْدِنُ التَّقْوىٰ قُلُوبُ الْعَارِفِينَ .(5)
675. إِنَّ لِكُلِّ شَيْ ءٍ قَلْباً، وَقَلْبُ الْقُرْآنِ يٰس.(6)
676. إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةً دَعَاهَا لِاُمَّتِهِ ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شِفَاعَةً لاُمَّتِي
ص: 420
يَوْمَ الْقِيَامَةِ .(1)
وبيان الخبر الأوّل فيما روي عنه عليه السلام: إنّ العبد ليُدرِك بحسن خلقه العظيم درجات الآخرة وشرف المنازل وإنّه لضعيف العبادة، وأنّه ليبلغ بسوء خُلقه أسفل دركٍ من جهنّم.(2)
ثمّ قال: إنّ لكلّ دين عادةً ، وعادة هذا الدِّين ترك ما نهى اللّٰه عنه، وإتيان ما أمر اللّٰه به، وهذا هو الحياء.
ثمّ بيّن أنّ أفضل المكان الذي يَختار المؤمن للجلوس فيه هو ما في مقابلة القبلة، سواء كان قريباً منها وبعيداً، وفيه دليل أنّ أعظم البقاع شرفاً هي الكعبة.
ثمّ حذّر عن أسباب الفتن، وحثَّ على الزهد في الدُّنيا، وبيّن أنّ غلوّ هذه الاُمّة في جمع المال مهلكةٌ كما كانت أنواع الفتن لسائر الاُمم(3) السالفة، و «الفتنة»(4):
البلاء والامتحان.
ثمّ قال: خواتيم الاُمور كلّها إلى الموت، فنبّه بذكره ليكون المرء على حذر من سعيه وعمله، وغاية الشيء منتهاه، و «شرّة» الشباب: نشاطهُ ؛ أي: لكلّ متعبّدٍ رغبةً ونشاطاً، ولكلّ نشاطٍ تهاوناً وكَسَلاً، والمعنى: مدح الاقتصاد في القراءة والعبادة، والأمرُ بالمواظبة عليها. وتمام الخبر: «فإنّ صاحبها سُدّد ووفّق فارجوه، وإن اُشير إليه بالأصابع فلا تعدوه».(5)
ص: 421
وروي أنّ «لكلّ عابد شَرَهاً، ولكلّ شره فترة».(1) و «الشره»: الحرص.
وروى ابن عبّاس أنّ مولاةً للنبيّ تصوم الدهر وتقوم الليل، فقال: «إنّ لكلّ عملٍ شرَّة، والشرَّة إلى فترة».(2)
وفي رواية اُخرى: «لهذا القرآن شرَّة، ثمّ إنّ للناس عنه فترة، فمن كانت فترته إلى القصد فنعم ما هو، ومَن كانت فترته إلى الإعراض فاُولئك بور»(3) أي هَلكى.
ثمّ بيَّن أنّ القول بمجرّده غير مقبول ولا مصدَّق إذا لم يقارنه ما يصدّقه من الشهود والدلائل. وأحقّ حقٍّ هو اللّٰه تعالى؛ لأنّه حقّ الحقائق، والحقيقة إذا صحّت أوصلت المتحقّقين إلى الحقّ ، وبالنظر في الصنع يوصل إلى الصانع.
ثمّ بيَّن وجوب الاجتناب عن محارم اللّٰه ولا يقرِّب منها، وما أحلَّ اللّٰه بيّن ممّا حرّم اللّٰه، فما يملكه الآدمي أو مباحٌ له فهو حلال، ومال غيره حرامٌ عليه إلّابشرط مِن ملك يمينٍ أو هبةٍ أو صدقةٍ أو نكاحٍ ونحو ذلك. جعل ما حظره اللّٰه على العباد من المحارم كالحمى الذي يجب عليهم أن لا يَطُوروا به، ومن خالف إليه منهم انتظر له النَّكال؛ فما حرّم(4) اللّٰه تعالى من الأشياء حمى لا يرعى، وما أحلّ منها مرعىً لا يُحمى، وما يفعل ذلك من العرب إلّاالأعزّ.(5)
وإنّما جعل الصيام باباً للعبادة التي هي سبب الوصول إلى اللّٰه؛ لأنّ به: انكسار الشهوة، ومخالفة النفس، وموافقة الفقراء والمساكين عند عدمهم الطعام والشراب.
ثمّ بيَّن وجوب توحيد اللّٰه؛ بأن جعل اللّٰه قلب العارف ظرفاً للتقوى، وتقوى اللّٰه تكون بعد معرفته تعالى.
ثمّ قال: أعظم الجوارح في البدن القلب، وكذلك سورة يٰس أعظم سورة في
ص: 422
الأجر والثواب من اللّٰه. وسمّاها قلباً؛ لأنّ القلب لبّ الشيء وخلاصته.
وبيان الخبر الأخير في تمامه: «إبراماً للمؤمنين المطيعين، لا ولكنّها للمتوانين الخاطئين المذنبين».(1) والحديث حجّة في الشفاعة وباب قويّ في الرجاء. و «اختبأت»:
ادّخرت، و «شفاعةً » مفعول له أو حال، التقدير: اختبأت دعوتي كانت شفاعة.
677. إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُؤْجَرُ فِي نَفَقَتِهِ كُلِّهَا إِلَّا شَيْئاً جَعَلَهُ فِي التُّرَابِ أَوِ البِنَاءِ .(2)
678. إِنَّ الْحَسَدَ لَيَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ .(3)
679. إِنَّ أَكْثَرَ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ الْأجْوَفَانِ الْفَمُ وَالْفَرْجُ ، وَإِنَّ أَكْثَرَ مَا يُدْخِلُ الْجَنَّةَ تَقْوَى اللّٰهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ .(4)
680. إِنَّ الدِّينَ بَدَأَ غَرِيباً، وَسَيَعُودُ غَرِيباً كَمَا بَدَأَ، فَطُوبىٰ لِلْغُرَبَاءِ .(5)
681. إِنَّ الْفِتْنَةَ تَجِيءُ فَتَنْسِفُ الْعِبَادَ نَسْفاً، فَيَنْجُو الْعَالِمُ مِنْهَا بِعِلْمِهِ .(6)
682. إِنَّ الْعَيْنَ لَتُدْخِلُ الرَّجُلَ الْقَبْرَ، وَتُدْخِلُ الْجَمَلَ الْقِدْرَ.(7)
ص: 423
حذّر أوّلاً عن الركون إلى الدُّنيا تنبيهاً، فكلّ ما يُنفقه المؤمن له فيه أجر، إلّاما يَبني به القصور ومواضع اللهو.
ثمّ خوّف اُمّته عن فعل الحسد وطاعته والأخذ بتسويله الباطل؛ لكي يردع المرء عن محائل الحسد، وإلّا فهو لا يفسد على نفسه ما اكتسب من الحسنات، وكلّ ذلك مجاز، كما أنّ الأكل منه مجازٌ، والحسد مأخوذ من قولهم حسد الأطوص(1)وجه الأرض إذا قَشَرَه، فكان الحاسد يَقشِر أو يشتري زوال ما عندك. وقوله:
«ليأكل» لِيُبْطِل.
ثمّ نهى عن الغيبة والنميمة والكذب وغير ذلك من أكل الحرام.
ونهى عن المباشرة بالفرج حراماً وسفاحاً، وبيّن أنّ هذين أعظم عقوبةً من الذنوب الاُخرى.(2)
ص: 424
يَمْشُونَ عَلَى اَلْأَرْضِ هَوْناً) (1) الآية، وخصوصيّة العالِم لأنّه يبصر فتنة الجهل وعليه(2)الضلالة ينجو منها لبصيرته، والجاهلُ يَخفى عليه ذلك فيهلك.
وقيل: إنّ الأموال والأولاد لَيستأصل أكثر العباد إلّامَن أيّده اللّٰه بالعلم، والمال والنعمة فتنة عظيمة، ولذلك تجنّب كثير من العلماء من أعمال الظَّلمة ولم يخلطوا منهم.
ثمّ دعا اُمّته إلى الاستعاذة من الإصابة بالعين؛ فإنّ تأثيرها في النفوس وإصابتها في الآدمي والحيوان هو أن يغيّر اللّٰه تعالى المستحسن من الأشياء عن حاله؛ اعتباراً للناظر، وإعلاماً أنّ نعيم الدُّنيا لا يدوم، وإلّا فالعين لا تفعل شيئاً بمن استعاذ باللّٰه، فلا يغيّر تعالى نعمته.
683. إِنَّ الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَايَنْظُرُ اللّٰهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .(3)
684. إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأمْرِ كُلِّهِ .(4)
685. إِنَّ اللّٰهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ .(5)
686. إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ .(6)
ص: 425
687. إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الْأبْرَارَ الْأخْفِيَاءَ الْأتْقِيَاءَ .(1)
688. إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الْمُؤْمِنَ الْمُحْتَرِفَ .(2)
689. إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ كُلَّ قَلْبٍ حَزِينٍ .(3)
690. إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ مَعَالِيَ الْاُمُورِ وَأَشْرافَهَا وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا.(4)
691. إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ أَنْ يُؤْتىٰ رُخْصَتُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ يُتْرَكَ مَعْصِيَتُهُ .(5)
692. إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الْبَصَرَ النَّافِذَ عِنْدَ مَجِيءِ الشَّهَوَاتِ وَالْعَقْلَ الْكَامِلَ عِنْدَ نُزُولِ الشُّبَهَاتِ ، وَيُحِبُّ السَّمَاحَةَ وَلَوْ عَلىٰ تَمَرَاتٍ ، وَيُحِبُّ الشَّجَاعَةَ وَلَوْ عَلىٰ قَتْلِ حَيَّاتٍ (6).(7)
ص: 426
بَيّن أوّلاً عن كراهية تطويل الثياب على مذهب الكبر والنخوة والتشبّه بعادات الجاهلية، ومَن فعل ذلك لا ينظر إليه ربّه؛ أي لا يرحمهُ ، ومنه قولهم: انظر إلى نظر اللّٰه إليك؛ أي: ارحمني يرحمك اللّٰه.
ثمّ حثَّ على المساهلة والإغماض على طريق العفو والتجاوز في الاُمور كلّها إذا لم يكن خارجاً عن حدّ الشرع.
ثمّ قال: إنّه تعالى محسن مجملٌ يحبّ كلّ شيء حَسَن، فأحسِنوا في الأقوال والأفعال واللِّباس في كلّ شيء.
ثمّ حثَّ على الدُّعاء والإلحاح في المسألة منه تعالى؛ فإنّه وسيلة الإجابة، و «ألحَّ في كذا»: بالغ فيه واستقصى، واللّٰه يحبّ إثابة كلّ متّقٍ برٍّ خفيّ لا يريد علوّاً في الأرض بطاعته(1)؛ لئلّا تقع في الرياء. واللّٰه يحبّ المُحترف من المؤمنين؛ لانقطاعه من طمع الخلق وانتظاره رزق اللّٰه.
ثمّ نهى عن النظر؛ فاللّٰه يحبّ القلب الذي فيه الحزن لأجل الدِّين، واللّٰه يحبّ الاُمور التي تُدني العبدَ منه تعالى وهي معاليها، ويكره الدُّون الذي يورث سخطه تعالى والقسوة والجفاف، وإذا رخّصَ اللّٰه في أمرٍ ولا يُشَدُّ على نفسك بتركه فلا(2)كراهة له تعالى في إتيانه، كما أنّه لا يريد أن يعصى في حالٍ إذا ما نهى عنه. وهذا إشارة إلى أنّ حلاله وحرامه لا يجوز تغييره.
ثمّ بيّن أنّه تعالى يحبّ أربعة أشياء؛ يريد أن ينفذ بصر المؤمن وبصيرته عند غلبة شهوة، ويستعمل عقله عند نزول شبهة، ويفعل السخاء والجود ولو على تمرة، وأن يكون شجاعاً وجريئاً ولو بقتل حيّةٍ . وقال عليه السلام: «من قتل حيّة، فكأنّما قتل كافراً».(3)
ص: 427
693. إِنَّ رَبَّكَ يُحِبُّ الْمَحَامِدَ.(1)
694. إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ السَّهْلَ الطَّلِقَ .(2)
695. إِنَّ اللّٰهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ عَبْدِهِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ.(3)
696. إِنَّ اللّٰهَ يُبْغِضُ الْعِفْرِيَةَ النِّفْرِيَةَ الَّذِي لَمْ يُرْزَأْ فِي جِسْمِهِ وَلَا فِي مَالِهِ وَلَا وَلَدِهِ .(4)
697. إِنَّ اللّٰهَ كَرِهَ لَكُمُ الْعَبَثَ فِي الصَّلَاةِ ، وَالرَّفْثَ فِي الصِّيَامِ ، وَالضِّحْكَ عِنْدَ الْمَقَابِرِ.(5)
698. إِنَّ اللّٰهَ يَنْهَاكُمْ عَنْ قِيلٍ وَقَالٍ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ .(6)
699. إِنَّ اللّٰهَ يَغَارُ لِلْمُسْلِمِ فَلْيَغَرِ.(7)
ص: 428
700. إِنَّ اللّٰهَ لَايَرْحَمُ مِنْ عِبَادِهِ إِلَّا الرُّحَمَاءَ .(1)
701. إِنَّ اللّٰهَ لَيَدْرَاُ بِالصَّدَقَةِ سَبْعِينَ مِيتَةً مِنَ السُّوءِ .(2)
702. إِنَّ اللّٰهَ يُؤَيِّدُ هٰذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ.(3)
يريد أنّه تعالى يريد أن يعملوا اُموراً يُحمدون على فعلها، وتورث الرِّضا عند اللّٰه. وهو تعالى يحبّ الرجل الذي لا يكون صعباً في خُلقه، بل يكون ضاحك الوجه مع المؤمنين.
ثمّ بيّن كرم اللّٰه؛ فإنّه قابل التوبة من عباده ما لم يبلغ الروحُ الحُلقوم، وهذا يدلّ على [أنّ ] مَن أسلم في هذه الحالة حُكم عليه بالإسلام.
ثمّ قال: إنّ رضا اللّٰه في مكروهات العبد في دار التكليف وآفاته التي يصيب تارةً في ماله وتارةً في بدنه؛ قال تعالى: (عَسىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) (4)؛ يعني:
أنّ اللّٰه يصيب العبد المؤمن في الدُّنيا الألم والبلاء والمصيبة، ولا تصيبه الكافر، و «لم يُرزأ» أي لم يَنقُص، وأصله من الرزئة و «العِفرية»: الموثَّق الخَلق المُصحَّح الجسم الشديد، و «النِّفرية»: من أتباعها. وقيل: هو من فسّره رسول اللّٰه، وهذا نوع من الفصاحة كقوله تعالى: (إِنَّ اَلْإِنْسٰانَ خُلِقَ هَلُوعاً) (5).
ثمّ فسّر الهلوع بقوله: (إِذٰا مَسَّهُ اَلشَّرُّ جَزُوعاً * وَ إِذٰا مَسَّهُ اَلْخَيْرُ مَنُوعاً) (6).
ص: 429
ثمّ إنّ اللّٰه يَكره اللَّعب في الصلاة نحو مسّ اليد باللِّحية والالتفات يميناً وشمالاً، ولهذا قال عليه السلام: «لو عَلم المُصلّي مَن يُناجي ما التفت».(1) ويكره إذا كنتم صائمين أن تتكلّموا بالرفَث وهو اللغو والباطِل والخَنا(2) والفحش، ويكره أن تستخفّوا بمواضع القبور محلّ العبرة، فلا يضحك أحد هناك إلّامن فرط الجهل.
ثمّ قال: إنّ اللّٰه ناهٍ لكم عن ثلاثة أشياء؛ عن حكاية أقاويل الناس فيقولوا: قال فلان كذا، وفعل كيت، وكان فيما مضى كذا وكذا، ما لا عظة فيه ولا فائدة، أو يقولوا: قيل كذا، ما لا يقين معه، وناهٍ عن الإسراف في النفقة ووضعِهِ في غير موضعِهِ ، وناهٍ عن سؤال الناس والاستكثار منه على سبيل الشره والجَشَع(3). وقيل:
هو سؤال الناس عن العلم تعنّتاً.
و «الغيرة»: الحميّة على الأهل والقرابات، يقول: إنّ اللّٰه يَكره أن يَنظر أحدٌ إلى زوجة آخر نظر ريبةٍ غيرةً وحميّةً ، فليَغَرْ أحدكم على شيء من ذلك، وليحفظ النساء، ولا يتركهنّ يخرجن.
وقيل: معناه: أنّ اللّٰه ينتقم [من] الظالم للمظلوم، فينبغي للعبد أن ينتقم من نفسه لنفسه؛ فإنّه تعالى يُمهِل ولا يُهمِل. وقيل: يعني: إنّ اللّٰه زَجَرَ العبد عن المعاصي، فينبغي للعبد أن ينزجر عن نواهيه.
ثمّ بيّن أنّ الرحمة في القلب دليل الرحمة من الربّ ، وقيل: رحمة العبد على نفسه بلزوم طاعة ربّه أولى من رحمته على غيره، ومَن رَحِمَ على نفسه رَحِمَ على غيره، ومن لا يكون كذلك لا يرحمُه اللّٰه، و «الرُّحماء»: الذين يبذلون النصيحة ويستعملون الشفقة.
ص: 430
ثمّ قال: إنّ اللّٰه ليدفع الحَرَق والغَرَق والهَدْم والوقوع في البئر وفي البلايا بإعطاء الصدقة وببركتها، وهذا حثّ على الإحسان.
ثمّ بيَّن أنّ دين اللّٰه مؤيَّد، وربما يكون سبب تأييده سعي الكافر كالمؤلّفة قلوبهم وغير ذلك، وفي سبب الحديث طول.
703. إِنَّ اللّٰهَ لَيَنْفَعُ الْعَبْدَ بِالذَّنْبِ يُذْنِبُهُ .(1)
704. إِنَّ اللّٰهَ لَيَرْضىٰ عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشّرْبَةَ فَيَشْكُرَهُ عَلَيْهَا.(2)
705. إِنَّ اللّٰهَ إِذَا أَنْعَمَ عَلىٰ عَبْدٍ نِعْمَةً أَحَبَّ أَنْ يُرىٰ عَلَيْهِ .(3)
706. إِنَّ اللّٰهَ لَايَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ ، وَلٰكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ .(4)
707. إِنَّ اللّٰهَ يُعْطِي الدُّنْيَا عَلىٰ نِيَّةِ الْآخِرَةِ ، وَأَبىٰ أَنْ يُعْطِي الْآخِرَةَ عَلىٰ نِيَّةِ الدُّنْيَا.(5)
708. إِنَّ اللّٰهَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْعَبْدِ أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهِ فَيَرُدَّهُمَا خَائِبَتَيْنِ .(6)
ص: 431
709. إِنَّ اللّٰهَ جَعَلَ لِيَ الْأرْضَ مَسْجِداً وَطَهُوراً.(1)
ذَكَرَ بعضَ ما يَفعل اللّٰه من الكرم بالعباد، وهو أن لا يأخذهم بعد ارتكابهم الذنوب والمعاصي ويمهلهم، ثمّ يدعوهم إلى التوبة بعد ذلك وبعد قبولها منهم وعفوهم عن معاصيهم، فإن تابوا فتوبتهم طاعة عظيمة يَستحقّون عليها ثواباً عظيماً ويَغفر لهم تفضّلاً، فلو أخذهم بعد الذنب لما كان لهم هذه المنفعة، فكأنّه تعالى نفعهم بسبب ذنبهم، وذلك مُجاز بما(2) ذكرناه، وذلك إذا تاب منه العبد خوفاً من عقابه ورجاءً لثوابه.
والخبر الثاني حثَّ على أدب الطعام والشراب، وهو أن يبدأ بهما وعليهما بالبسملة وتختم بالحمد له.
وعموم الخبر الثالث يدلّ على أشياء كثيرة؛ منها: أنّه أراد بإظهار النِّعمة أن يأكل ويلبس ويُطعِم أهلَهُ وكلَّ محتاج، لا يُظهِر اللبؤس والتبؤّس مع سعة نعمة اللّٰه عليه، وقيل: إذا شكرها ظاهراً وباطناً فقد أظهرها ورُئيتْ (3) عليه.
وقيل: أراد [إظهار] آثار نعمهِ في حالتي الغنى والفقر، وقيل: أراد به الإنفاق في سبيل اللّٰه من الصدقات وعمارة القناطير ونحوها.
وتمام الخبر الرابع: «حتّى إذا لم يبق عالم، اتّخذ الناسُ رؤساءَ جُهّالاً، فسُئلوا فأفتوا بغير علم، فضلّوا وأضلّوا». وفي ذلك حثّ على التزام العلماء قبل موتهم والأخذ منهم قبل أن يُطلَب العلم ولا يوجد. وروى: «بموت العلماء».
وفي خبر آخر: من أشراط(4) الساعة أن يُرفع العلم ونُظِرَ(5) الجهل.
ص: 432
ثمّ حثّ على العمل للآخرة؛ فإنّ اللّٰه يعطي ما يكفيهم في الدُّنيا تفضّلاً على سبيل التبع، ويأبى اللّٰه أن يعطي الآخرة طلّاب الدُّنيا.
ثمّ بيّن أنّ اللّٰه لا يخيّب عبداً دعاه ولا يردّه فيما رجاه إذا اعتقد أنّه لا يكشف السوء إلّاإيّاه.
ثمّ ذكر أنّ مِن سعة رحمة اللّٰه وفضله أنّه لم يضيّق في الشرعيّات عليَّ ولا على اُمّتي، وقد جعل تعالى برأفته جميع بسيط الأرض ممّا يصحّ الصلاة عليه، وإذا لم يوجد الماء للطهارة فقد جعل التراب قائماً مقام الماء، وهذا من فرط رحمة اللّٰه وكثرة كرامته.
710. إِنَّ اللّٰهَ زَوَى لِيَ الْأرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ مُلْكَ اُمَّتِي يَبْلُغُ مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا.(1)
711. إِنَّ اللّٰهَ تَجَاوَزَ لاُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسُهَا مَا لَمْ تَكَلَّمْ بِهِ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ .(2)
712. إِنَّ اللّٰهَ بِقِسْطِهِ وَعَدْلِهِ جَعَلَ الرَّوْحَ وَالْفَرَحَ (3) فِي الْيَقِينِ وَالرِّضَا، وَجَعَلَ الْهَمَّ وَالْحَزَنَ فِي الشَّكِّ وَالسَّخَطِ.(4)
713. إِنَّ اللّٰهَ كَتَبَ الْغَيرَةَ عَلَى النِّساءِ وَالْجِهَادَ(5) عَلَى الرِّجَالِ ، فَمَنْ صَبَرَ مِنْهُ (6)
ص: 433
احْتِسَاباً كَانَ لَهُ مِثْلَ أَجْرِ شَهِيدٍ.(1)
714. إِنَّ اللّٰهَ عِنْدَ لِسَانِ كُلِّ قَائِلٍ .(2)
715. إِنَّ اللّٰهَ لَايَقْبَلُ عَمَلَ عَبْدٍ حَتّىٰ يَرْضىٰ قَوْلَهُ .(3)
716. إِنَّ اللّٰهَ إِذَا أَرَادَ بِقَوْمٍ خَيْراً ابْتَلَاهُمْ .(4)
يقول أوّلاً: إنّ اللّٰه جمع وضمّ جميع هذه الأرض ليلة المعراج وفي غير ذلك الوقت، فاُريتُ جميع آفاق الدُّنيا من المشارق والمغارب.
ثمّ وعد اُمّته بأنّ اللّٰه يملأ الدُّنيا كلّها عدلاً وقسطاً كما مُلِئت قبل ذلك ظلماً وجوراً، ويملك المؤمنون جميع الأرض، وهذا لم يوجد بعدُ؛ فإنّ في كلّ عهدٍ من لدُن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله إلى زماننا هذا كانت الدُّنيا مُلكاً للكُفّار والفُجّار، وأكثرها في أيديهم، واُمّة محمّد هم الذين يتَّبعونه. فاُمم الأنبياء أتباعهم، وليست النصارى واليهود والمجوس والوثنيّة وأمثالهم من الكافرين الموجودين مذ عهد رسول اللّٰه إلى هذا الوقت من اُمّة محمّد، وهذا إشارة إلى وقت خروج المهديِّ من عترة محمّدٍ صلى الله عليه و آله.
وأهل العلم يخصّون الخبر الثاني بأشياء؛ فإنّ العبد إذا همَّ بذنبٍ فيما بينه وبين
ص: 434
اللّٰه فإنّه متجاوز عنه إلّاإذا فعل ذلك وقال؛ فأمّا إذا همَّ بجرمٍ بينه وبين الناس فإنّه مأخوذٌ به وإن لم يفعل ذلك بجوارحه، فإن قال ذلك وشتم مُسلماً أو ضربه يُعاقَب على فعل القلب وفعل الجوارح. والفقهاء يعملون بهذا الحديث إذا حدّث الرجل بطلاق امرأته لم يكن شيء حتّى يتكلّم به على الشرائط.
ثمّ قال: من علم أنّ الغنى والفقر ونحوهما مِن قِبل اللّٰه، كان في راحةٍ ، وإن وقع في بليّةٍ فرّجه اللّٰه، ومَن جهل ذلك كان حزيناً مهموماً ما عاش.
وروي: «فمن صَبَر منهنّ »(1)؛ يعني: أنّ النساء يقلّ صبرهنّ على ضَرَّة وزوجةٍ اُخرى يكون للزوج، كما يقلّ صبرُ الرِّجال على محاربة الكفّار.
ثمّ قال: إنّ مَن رضي من الرجال بفرض الجهاد، ومن طاب نفسها من النساء بوجود الضرّات، يجد كلّ واحدٍ منها أجر الشهادة.
ثمّ قال: إنّ اللّٰه لا يخفى عليه خافيةٌ ، يَعلم السرّ وأخفى؛ لأنّه تعالى قال: «أنا جليس مَن ذكرني».(2)
ثمّ حثَّ على إصلاح اللِّسان؛ فإنّ مَن صَلَح قوله صَلَحَ فعله، واللّٰه لا يقبل عمله حتّى يرضى قوله.
ثمّ سَلَّى المصابِين وقال: إنّ كلّ مبتلىً بمصيبةٍ ومحنة وفتنة مخصوص بخير؛ فإنّ اللّٰه إذا أراد خيراً وأجراً بقوم بعث إليهم ببلاء، فهو صفة أولياء اللّٰه؛ ليُبغضوا الدُّنيا، ولا يطمئنّوا إليها.
717. إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَاباً يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَالِمٌ لَمْ يَنْفَعْهُ اللّٰهُ بِعِلْمِهِ .(3)
718. إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللّٰهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ فَرَقَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ .(4)
ص: 435
719. إِنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللّٰهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَبْداً أَذْهَبَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ .(1)
720. إِنَّ أَشْقَى الْأشْقِيَاءِ مَنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَقْرُ الدُّنْيَا وَعَذَابُ الْآخِرَةِ .(2)
721. إِنِّي أَخَافُ عَلىٰ اُمَّتِي بَعْدِي أَعْمَالاً ثَلَاثَةً : زَلَّةُ عَالِمٍ ، وَحُكْمُ جَائِرٍ، وَهَوىً مُتَّبَعٌ .(3)
722. وَإِنِّي مُمْسِكٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ وَتتَقَاحَمُونَ (4) فِيهَا تَقَاحُمَ الْفَرَاشِ وَالْجَنَادِبِ .(5)
نبّه أوّلاً على أنّ العالِم بتحريم ما نهى اللّٰه عنه إذا ارتكب المناهي كان أشدّ عذاباً، ولهذا قال عليه السلام: «مَثَلُ الذي يعلِّم الناس الخير ولا يعمل به، مَثَل السِّراج يُضيء للناس ويُحرق نفسه».(6)
والخبر الثاني مشتمل على أمرين:
أحدهما: أنّه بمداراة مَن هذا سبيله ليَسلم المداري من شرّه وغائلته.
والثاني: أنّه يأمر أن لا يكون العبد على وجه يؤذي الناس؛ فإنّ مَن خافه الناس أن يشتمهم أو يضربهم فهو شرّ الخلائق.
ثمّ أوعد عمّال السلطان الجائر يُهلِكون دينهم لدنياه.
ثمّ ذكر حال فقراء الكفّار [الذين] يشتمل عليهم خسران الدارين.
ص: 436
ثمّ ذكر أنّ خوفه على الاُمّة بعد وفاته [من] ثلاثة أشياء: زلّة العالِم فإنّه فتنة العالَم يقتدون بزلّته، وقضاء ظالم مائلٍ عن الحقّ جائرٍ للخَلق، وأن يتابِع الناس هوى أنفسهم، ومَن اتّبع الهوى ففي النار هَوى. وروي «أنّه يذهب بجور واحد بركات سنين كبيرة»(1).(2)
ثمّ قال: إنّي معلّمكم الحلال والحرام، وأنتم تَخرجون إلى البدعة من سنّتي؛ تحرِّمون وتحلِّلون برأيكم.
وروي: «إنّي ممسك بحجزكم هلمّوا عن النار، وتغلبونني تقاحمون فيها تقاحم الفراش والجنادب، واُوشك أن اُرسل حجزكم».(3) وفيه اتّساع ومجازٌ؛ وذلك أنّ المراد به أنّه يبالغ في زجر اُمّته عن التقحّم والدخول في المعاصي بشَكائم(4) المنع، فشبّه ذلك بإمساك الرجل بحجزة صاحبه إذا كاد أن يسقط في مهواة فيتماسك وينجو. فلمّا شبّه إحدى الحالتين بالاُخرى، أجرى عليها الاسم مجازاً، وحَسُنَ أن يقول: إنّني آخذ بحُجَزكم عن النار، ومراده عن الأعمال المؤدّية إلى دخول النار؛ لأنّ سبب الشيء جارٍ مجرى الشيء.
وممّا تُبيّن أنّ المراد ذلك أنّهم لم يكونوا في حال سماعهم لهذا الخطاب متهافتين في النار، وإنّما كانوا في الأعمال التي يستحقّون بها عذاب النار، وحُجْزَة السراويل معروفة؛ أي: تمتنعون من أمري بترك المأمور، وتدخلون النار كدخول الفَراش(5)
ص: 437
فيها، و «الجَنادب»: صغار الجراد.
723. إِنَّا لَانَسْتَعْمِلُ عَلىٰ عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ .(1)
724. إنَّكَ لَاتَدَعُ شَيْئاً اتِّقِاءَ اللّٰهِ إِلَّا أَعْطَاكَ اللّٰهُ خَيْراً مِنْهُ .(2)
725. إِنَّ مِنْ مُوجِبَاتِ الْمَغْفِرَةِ إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلىٰ أَخِيكَ الْمُؤْمِنِ (3).(4)
726. إِنَّ مِنْ مُوجِبَاتِ الْمَغْفِرَةِ بَذْلُ السَّلَامِ وَحُسْنُ الْكَلَامِ .(5)
727. إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ، وَإِنَّ اللّٰهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَنَاظِرٌ كَيْفَ تَعْمَلُونَ .(6)
728. إِنَّ مِنْ قَلْبِ ابْنِ آدَمَ بِكُلِّ وَادٍ شُعْبَةً ، فَمَنِ اتَّبَعَ قَلْبُهُ الشُّعَبَ كُلَّهَا لَمْ يُبَالِ اللّٰهُ فِي [أَيِّ ] وَادٍ أَهْلَكَهُ .(7)
ص: 438
729. إِنَّ هٰذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ ، وَلَا تُبَغِّضْ إِلىٰ نَفْسِكَ عِبَادَةَ اللّٰهٍ ؛ فَإِنَّ الْمُنْبَتَّ لَاأَرْضاً قَطَعَ وَلَا ظَهْراً أَبْقىٰ .(1)
730. إِنَّ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَخْرُجَ الرَّجُلُ مَعَ ضَيْفِهِ إِلىٰ بَابِ الدَّارِ.(2)
731. إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رَوْعِي أَنَّ نَفْساً لَنْ تَمُوتَ حَتّىٰ تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا، فَاتَّقُوا اللّٰهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ .(3)
732. إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ [النَّاسُ ] مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الاُولىٰ : إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ .(4)
ذكر أوّلاً أنّ العلماء والاُمراء على العباد والبلاد لا يكونون من قِبلنا بموجب اختيار الخلق؛ فإنّا نستعمل مَن يَستأهل ذلك لا كلّ من أراده.
ثمّ قال: ومن أمكنه أن يأخذ مال مسلم أو زَنَى أو فِعلَ معصية، فترك ذلك إعراضاً عن متابعة الهوى واتّخاذاً بلباس التقوى، أعطاه اللّٰه خيراً من ذلك، فنال الدرجة الرفيعة والنعمة المطلوبة.
ص: 439
قال [ابو] قتادة وأبو الدهماء: أتينا رجلاً بدويّاً فقال: أخذ بيدي رسول اللّٰه فعلّمني ما علّمه اللّٰه، فكان ممّا حفظته منه: «إنّك لا تدع شيئاً اتّقاء اللّٰه ...» الخبر، وفائدته الأمر بالتقوى.
ثمّ ذكر في حديثين علامات المغفرة وأسبابها، وهي ثلاثة: إدخالُ السرور على قلوب المؤمنين، والسلام عليهم فإنّه تحيّة الإسلام وإظهارُ السلام من نفْسه للمسلمين، وحُسنُ القول ابتداءً وجواباً مع من يسمع المكروه والمحبوب، وأحسن الكلام ذكر اللّٰه.
وروي أنّه: «ليس ذنب بعد الشرك أشدّ عقوبةً من أذى المؤمن».(1)
ثمّ قال: إنّ صورة الدُّنيا ومتاعها حسنة المنظر مُؤنقة تُعجِب الناظر، فحذف المضاف.
ثمّ حَثَّ على الاقتصاد في جمع المال، ودَعا إلى الصدقة وترك الإمساك والادّخار؛ فإنّ اللّٰه يعوّضكم منها، فاعملوا ما هو خيرٌ لكم، وأنتم مخيّرون في عمل ما يريدون.
ثمّ بيّن أنّ تفرقة القلب آفةٌ عظيمة، وأنّ له إقبالاً وإدباراً، فحذّر هاهنا عن صرفه إلى شهواته، فمَن اتّبع كلّ ما يشتهيه لا يُبالي اللّٰه بهلاكه.
ثمّ وصف الدِّين بالمتانة وهو مَجاز، والمراد أنّه إنّما وصفه بذلك لرسوخ أصله؛ أي: إنّ الدِّين ليس بالشيء الذي يضمحلّ سريعاً، بل هو ثابت الأركان، والمعنى: لا ينبغي للإنسان أن يستفرغ جميع قوله في تعبّده دفعةً واحدةً حتّى يكون هذا الاستقصاء تقصيراً؛ فإنّه عسى من كثرة تعاطيه أن(2) يجد سآمةً فيطرحه جملةً .
وقيل: المراد أنّه صعب الظهر شديد الأسر مأخوذ من متن الإنسان، وهو ما اشتدّ من لحم منكبيه؛ وإنّما وصفه بذلك لمشقّة القيام بشرائطه، فأمر أن يَدخل الإنسان أبوابه مترفّقاً؛ ليستمرّ على تجشّم(3) مساعيه، وشبّه العابد الذي يَستنفد طاقته
ص: 440
بالمُنْبَتّ ، وهو الذي يعد(1) السير ويكدّ الظهر منقطعاً من رفقته ومنفرداً عن صحابته فيُحْسِر مطيَّته ولا يقطع شقّته. ويقوّيه قوله عليه السلام: «عليكم هدياً قاصداً؛ فإنّه من يشادّ(2) هذا الدِّين يغلبه».(3)
و «أوغل»: أدخل، و «المُنبتّ »: المُتعب مركوبه في السفر حتّى يهلك فيبقى منقطعاً، و «البتّ »: القطع، وروي: «فإنّ المنبتّ المعدّ» أي الذي يغدو(4) في سيره حتّى ينبتّ أخيراً، فسمّاه بما يؤول إليه عاقبته كقولك: إنّك ميّت. و «الظَّهر»: الدابّة، و «المنبتّ »: المنقطع عن أصحابه في السفر. وسبب الخبر أنّه عليه السلام رأى رجلاً اجتهد في العبادة حتى غارت عيناه، فقال له ذلك.
ثمّ حثَّ على استعمال الكرم مع الأضياف وحسن الأدب معهم.
ثمّ قال: إنّ جبرئيل أعلمني مِن حكم اللّٰه أنّه لا يزيد على المقسوم ولا ينقص على ما يريد الناس، ولا يموت أحدٌ حتّى يأخذ رزقه بالتمام.
ثمّ دعا على الطلب الجميل للأرزاق.
ثمّ ذكر أخيراً كلمةً جامعة لآداب [الدين] والدُّنيا؛ فإنّ للحياء أسباباً يتّصل بعضها بالدِّين، ومنها ما يعود إلى الأخلاق، وإنّما يُقدم(5) المرء على القبائح إذا غلبه الهوى والشهوة فيزول بذلك عنه الحياء. ومَن كان الغالب عليه الحياء كان رادعاً عمّا لا يستحسن قولاً وفعلاً.
ومعنى النبوّة الاُولى أنّ الحياء لم يزل ممدوحاً على ألسُن الأنبياء الأوّلين.
ص: 441
وفي الخبر إشعار بأنّ الذي يكفّ الإنسان ويردعه من مواقعة السوء هو الحياء، فإذا رفضه وخلَع ربقته فهو كالمأمور بارتكاب كلّ ضلالة وتعاطي كلّ سيّئة.
ومعناه: يجب عليك فيما تريد أن تقول أو تفعل(1) أن تنظر فيه، فإن كان ممّا يُستحيى(2) منه فلا تفعله، وإن لم تستحي منه فافعله. وقيل: إذا لم تُقدم(3) على ما يجب أن يستحيى منه فاصنع ما شئت.
وقيل: أراد به الوعيد. وقيل: لفظه أمرٌ، ومعناه الخبر.
733. إِنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغُلاً.(4)
734. إِنَّ الْمُصَلِّي لَيَقْرَعُ بَابَ الْمَلِكِ ، وإنّه مَنْ يُدِمْ قَرْعَ الْبَابِ يُوشِكُ أَنْ يُفْتَحَ لَهُ .(5)
735. إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ يَكُونَ نُطْقِي ذِكْراً، وَصَمْتِي فِكْراً، وَنَظَرِي عِبْرَةً .(6)
736. إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ .(7)
ص: 442
737. إِنَّمَا شِفَاءُ الْعَيِّ (1) السُّؤَالُ .(2)
738. إِنَّمَا يَعْرِفُ الْفَضْلَ لِأَهْلِ الْفَضْلِ ذَوُو الْفَضْلِ .(3)
739. إِنَّمَا بُعِثْتُ لاُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ .(4)
740. إِنَّمَا أَخَافُ عَلىٰ اُمَّتِي الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ .(5)
741. إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَبِخَوَاتِيمِهَا.(6)
742. [إِنَّمَا التَّصْفيحُ لِلنِّساءِ ].(7)
ص: 443
743. إِنَّمَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا بَلَاءٌ وَفِتْنَةٌ .(1)
744. إِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ .(2)
745. إِنَّ هٰذِهِ الْقُلُوبَ تَصْدَاُ كَمَا يَصْدَاُ الْحَدِيدُ. قِيلَ : فَمَا جَلَاؤُهَا؟ قَالَ : ذِكْرُ الْمَوْتِ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ (3).
746. أَلَا إنَّ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَزْنٌ بِرَبْوَةٍ ، أَلَا إِنَّ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ سَهْلٌ بِشَهْوَةٍ .(4)
يقول أوّلاً: ينبغي للمصلّي أن يشغله أداء صلاته عن سائر الأشغال، ولا يغفل عن الخضوع والخشوع منها؛ لأنّها مناجاة اللّٰه.
ثمّ بيّن أنّ الصلاة أفضل العبادات فرضُها ونفلُها، فالمصلّي على باب حضرة اللّٰه، ومن كان مقيماً على بابه لازماً لعتبته لا غرو أن يُفتح له يوماً ما، وأنّه مَن يُدمن [طرق الباب يوشك أن يفتح له. و](5) «الها» للأمر والشأن، و «مَن» شرطية، وفلان
ص: 444
يُدمن كذا أي يديمه، و «يوشِك» جواب الشرط، وهو مِن أوشك الرجل، أي أسرع السير، والعامّة بفتح الشين.
ثمّ ذكر بيان أخلاقه ومعاملاته مع الحقّ فقال: أغلب حالاتي في التكلّم هو ذكر اللّٰه، وكذلك أكثر سكوتي التفكّر في مخلوقاته ومصنوعاته، وأكثر تفكّري تدبّر(1) في شأنه مع خلقه وعبرة بمن كان قبلي.
بيَّن هاهنا أنّه لا يجري عليه حاله إلّاوهو في نوعٍ من الطاعة لديه تعالى، و [قال صلى الله عليه و آله:] أنا نبيّكم فكونوا كذلك.
ثمّ قال: أنا لست إلّارحمةً أهداها اللّٰه إلى العالمين، وقد وصفه اللّٰه بذلك فقال:
(وَ كٰانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) (2) . و «إنّ » يجيء في الكلام للتأكيد والتحقيق، و «إنّما» يجيء لتأكيد ما ذكر(3) ونفي ما لم يُذكر.
ثمّ قال: ليس شفاء الجهل إلّاالسؤال، فمن لم يَعرف شيئاً ينبغي أن يَسأل عنه، وهذا يكون في السمعيّات.
و «العيّ »: خلاف البيان، وفي [الصحاح للجوهري:] عيّ في منطقِه وعيي [أيضاً، فهو عييٌّ على فعيل...]، وعيّ بأمره [وعيي] إذا لم يهتد لوجهه.(4)
ثمّ حثَّ العلماء على مراعاة بعضهم بعضاً فقال: لا يَعرف فضلَ الفضلاء إلّاأهلُ الفضل. وروي هذا [الحديث] في شأن أمير المؤمنين لمّا أكرمه وأعظمه بعض الصحابة بين يدي النبيّ صلى الله عليه و آله.
ثمّ قال: لَما بعثت إلّالإتمام الأخلاق الكريمة، وقد كان قبلي أنبياء لهم(5) أخلاق حسنة وشمائل حميدة، وبخلقي يتمّ ذلك.
ص: 445
ثمّ حذّر عن المضلّين فقال: لا أخاف إلّاالأئمّة الذين يظلمون الناس ويبتدعون ولا يتّبعون، ضلّوا وأضلّوا. وقد ذكرنا أنّ «إنّما» كلمة مُرصَدة لإثبات الشيء ونفي ما عداه، فمعنى: «إنّما الأعمال بالنيّات» ؛ أي: ليست صحّة الأعمال إلّابالإخلاص للّٰه.
والصحيح أنّهما خبران: «إنّما الأعمال بالخواتيم» برواية سهل بن سعد الساعدي(1)، والأوّل [برواية] عمر.(2)
ومعنى قوله: «إنّما الأعمال بالخواتيم» ؛ أي: لَااستحقاق على الأعمال لثواب اللّٰه إلّا بإتمامها فإنّ مَن صلّى ركعةً أو صام نصف يومٍ فإنّه لا يستحقّ الثواب إلّابختم ذلك، فإن لم يتمّ فلا ثواب له.
وقوله: «إنّما التصفيح للنساء» ؛ يعني في الصلاة وهو التصفيق، يُقال «صفّح» إذا صفّق، ومنه المصافحة في السلام، وقد تقدّم بيان ذلك.
وقوله: «إنّما بقي من الدُّنيا بلاءٌ وفتنة» ، يجوز أن يكون «ما» كافّة؛ أي: لم يبق من هذه الدار إلّابلاءٌ .
ويجوز أن يكون «ما» موصولة؛ أي: إنّ الذي بقي من دنيانا هو البلاء؛ يعني: إنّ الأخير شرّ إلى أن تقوم الساعة.
وقوله: «إنّما الرَّضاعة من المَجاعة» ؛ معناه: إنّما يكون للرضاع حكم التحريم إذا كان في الحولين وكان قدر ما يرد به المجاعة، وهو ما قدّر الشرع لأقلّه خمس عشرة رضعةً على ما قدّمناه، وما كان دون ذلك لم يقع به التحريم.
ثمّ قال: إنّ هذه القلوب يغشى عليها صَدَأ الغفلة والسهو عن الطاعة كما يعلو الصدأ على الحديد، و «الجِلاء» بكسر الجيم: إزالتُها وتصفيتها عمّا كان عليها من القساوة والرين، ويكون ذلك بذكر الموت؛ لأنّه هادم اللذَّات، وبقراءة القرآن إذا كان عن تدبّر وتفكّر.
ص: 446
وأمّا الحديث الأخير فمعناه نحو: «حفّت الجنّة بالمكاره، وحفّت النار بالشهوات» ؛(1)يقول: إنّ أعمال أهل الجنّة كلّها صعبةٌ ، وعمل أهل النار سهلٌ لا مشقّة فيها، و «الحَزن» ما غلظ من الأرض، و «الرَّبوة»: المكان المرتفع و «السَّهوة»: الأرض الليّنة.
وروي: «بشهوة» بالشين المعجمة. جعل عمل أهل الجنّة كالحَزْن من الأرض؛ لأنّه يصعب تجشّمه، فكذلك عمل الجنّة يشقّ تكلّفه، وزاد الكلام إيضاحاً بقوله:
حزن بربوة، وهي الأَكَمَة(2)، وكذا لم يرض بأن جعل عمل النار سهلاً حتّى يكون بشهوة؛ ليكون أخفّ على عامله.
ص: 447
ص: 448
751. لَيْسَ بَعْدَ الْمَوْتِ مُسْتَعْتَبٌ .(1)
752. لَيْسَ مِنَّا مَنْ وَسَّعَ اللّٰهُ عَلَيْهَ ثُمَّ قَتَّرَ عَلىٰ عِيَالِهِ .(2)
753. لَيْسَ مِنَّا مَنْ يشبّه(3) بِغَيْرِنَا.(4)
754. لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ .(5)
755. لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرِ الْكَبِيرَ وَيَرْحَمِ الصَّغِيرَ، وَيَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ.(6)
756. لَيْسَ بِكَذَّابٍ مَنْ أَصْلَحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَقَالَ خَيْراً أَوْ نَمىٰ خَيْراً.(7)
757. [لَيْسَ الغِنى عن كثرةِ العَرَضِ ، إِنَّما الغِنى غِنَى النَّفسِ ].(8)
ص: 450
758. لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ ؛ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ .(1)
759. لَيْسَ شَيْ ءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللّٰهِ مِنَ الدُّعَاءِ .(2)
760. لَيْسَ شَيْ ءٌ أَسْرَعَ عُقُوبَةً مِنَ الْبَغْيِ .(3)
761. لَيْسَ شَيْ ءٌ خَيْراً مِنْ أَلْفِ مِثْلِهِ إِلَّا الْمُؤْمِنَ .(4)
762. لَيْسَ لَكَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ .(5)
في الخبر الأوّل بيان أنّ أعلى اليقين هو العلم الذي يحصل بالمشاهدة، والعلم
ص: 451
يحصل بالخبر المتواتر كالعلم بالبلدان؛ فإنّه دون العلم الذي يكون من طريق المشاهدة والرؤية، ولا يكون ذلك بمنزلة هذا؛ لأنّه يكون علم جملةٍ وهذا علم تفصيلٍ ، ولهذا قال تعالى حاكياً عن إبراهيم: (وَ لٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (1). تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة، ص 92؛ تاريخ بغداد، ج 3، ص 418؛ غريب الحديث، ج 1، ص 260.(2) أي بيقين الرؤية؛ على بعض التأويلات. على أنّ الخبر ممّا يحتمل الصدق والكذب، والمعاينة لا يدخلها الاحتمال؛ فهو قطعيٌّ ، والخبر تجويزي.
وفي رواية اُخرى: «ليس المخبّر كالمعاين؛ فإنّ موسى اُخبر أنّ قومه قد ضلّوا من بعده، فلم يُلْقِ الألواح؛ فلمّا رأى ما أحدثوا ألقى الألواح»(2)، و «الفاسق»: هو من يرتكب القبائح جهاراً نهاراً، ولا يُبالي بمن يراه سكران وزانياً وسارقاً وظالماً ونحو ذلك، فهذا الذي ألقى جلباب الحياء عن نفسه، وهتك ستره، ليس له غيبة، فإن كان مذنباً ويستر ذنبه فيحرم غيبته. و «الغيبة»: ذكر الغائب بما فيه من عيب من غير حاجة إلى ذكره، وإنّما جاءت الرخصة في غيبة مَن يشرب الخمر ظاهراً ومَن يَظلم الناس علانيةً ومثلهما؛ لأنّه ربما سمع لوم الخلق له وحدى(3) ذكره بالسوء فيما بين الناس يرتدع ويتقاصر عن سوء فعله.
ثمّ قال: «ليس لعِرق ظالم حقّ »؛ هو الرجل الذي يغرس في أرض غيره على سبيل الغصب، فذلك الشجر وإن طال وأثمر فقد يجوز أن يَقلعه صاحب الأرض ويرمي به. هذا إذا روي بالإضافة.
وروى: «لعرقٍ » بالتنوين على أن يكون «ظالم» صفة عرق؛ لأنّه نبتَ في غير موضعه، فعلى هذا جعل العرق ظالماً لما كان يحصل به الظلم، والمعنيّ به هو الذي يأخذ ما ليس له، والتقدير: ليس لذي عرق ظالم حقّ .
وبيانه في الحديث: أنّ رجلاً غرس في أرض رجلٍ من الأنصار نخلاً، فاختصما إلى رسول اللّٰه، فقضى للأنصاري بأرضه، وقضى على الآخر أن ينزع نخله. قال
ص: 452
الراوي: فلقد رأيتها تضرب في اُصولها بالفؤوس، وأنّها لنخل عَمٌّ ، أي تامّة طويلة.(1)
ثمّ قال: ليس التصنّع بما ليس في الضمير من خُلق المؤمنين، ورخصته في تمامه: «إلّا في طلب العلم» ؛ يجوز له أن يتكلّف للعالم الذي يرشده، وفي هذا الاستثناء إشارة إلى تعظيم العلماء.
و «المستعتب»: المسترضى، يُقال: استعتبته(2) واسترضيته؛ أي: طلبتُ رضاه؛ قال تعالى: (وَ إِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمٰا هُمْ مِنَ اَلْمُعْتَبِينَ ) (3) أي المرضيّين، يُقال: عتَبَ أي غضبَ ، وأعتبته أي أزلتُ غضبه؛ مثل: شكى وأشكيته.
وأصل الكلمة في الخبر من العُتبى وهو الرجوع، يُقال: أعتِب في أيّامك التي أنت فيها، وتُب إلى اللّٰه الآن وأنت حيّ ؛ فإنّه لا ينفع التوبة بعد الموت، ولا تقبل التوبة بعده.
وقوله: «ليس منّا من يُشبّه بغيرنا»، وتمامه: «كي لا تشبَّهوا باليهود والنصارى؛ فإنّ تسليم اليهود بالأصابع وتسليم النصارى الإشارة بالكفّ » ؛ أي: ليس من تزيّا بزيّ الكفّار في المطعم والمأكل والمشرب من جملتنا وممّن هو على سنّتنا وأدبنا. وقيل: هو نهي عن التسليم بالإشارة دون القول كاليهود والنصارى.
ثمّ قال: ليس على طريقتنا من وسَّع النعمةَ عليه ربُّه وكثَّر رزقه ثمّ ضيّق هو النفقة على من يعوله من الأهل والأولاد.
ومعنى الخبر الآخر؛ قيل: أراد من لم يُرجّع في القرآن صوته ولم يُحسِّنهُ فإنّه ليس منّا؛ أي: مَن لا يُحسن الصوت فيه بأن يقرأ حزيناً على وجهٍ يَعلم مَن سمعه أنّه يخشى اللّٰه. وقيل: المراد: ما لم يتلذّذ بالقرآن ولم يستعذب قراءته كاستحلاء أصحاب الطرب غناءً ، فإنّه ليس منّا.
ص: 453
والأحسن أن يكون معناه: من لم يقم على أوامر القرآن ونواهيه وأحكامه ولم يتّخذه منزل مقامٍ فليس منّا؛ أي ليس على ديننا، ويكون «يتغنّى» مِن غَنِيَ الرجل بالمكان إذا طال مقامه؛ قال تعالى: (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا) (1) أي لم يقيموا فيها.
ومن تعدّى القرآن إلى السنّة فما تجاوز القرآنَ إلى غيره؛ لأنّ القرآن دالٌّ على وجوب اتّباع السنّة؛ قال: (وَ مٰا آتٰاكُمُ اَلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مٰا نَهٰاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (2)، ويجوز أن يكون «يتغنّى» بمعنى يستغني؛ أي: مَن لم يستغن بالقرآن عن التوراة فليس منّا؛ فإنّهم كانوا يسألون اليهود، حتّى قال النبيّ عليه السلام: «أ متهوّكون أنتم ؟» قال: يا رسول اللّٰه، إنّا نسمع أحاديث من يهود، تعجبنا، أفترى أن يكتُبَ بعضها؟ فقال:
«أمتهوِّكون أنتم، كما تهوّكت اليهود والنصارى ؟! لقد جئتكم بها بيضاء نقيّة، ولو كان موسى حيّاً ما وسِعَه إلّااتّباعي».(3) والتهوّك: الاضطراب على غير استقامة، والضمير في «بها» للملّة الحنيفية.
وقوله: «ليس منّا من لم يُوقّر الكبير»، فمعناه: ليس على سنّتنا من ترك هذه الأشياء الأربعة مع القدرة عليها، وهو ترك مراعاة مَن هو أكبر منه بالوقار وترك عناية من هو أصغر منه بالرحمة والشفقة، والإعراض عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع التمكين.
ونَمَى الخبر: بلّغه ورفعه على وجه الإصلاح، وأنمى الخبر: رفعه وبلّغه على وجه الإفساد. والخبر رخصة بأنّ مَن يصلح بين رجلين مُسلمين يقول: إنّ فلاناً يستحيي منك ويعتذر، أو به يبلغ من هذا إلى هذا من غير إذن منهما قولاً حسناً تكلّماً به؛ لينسلّ من قلب(4) أخيه المسلم السخيمة فلا يكون نمّاماً ولا آثماً.
ص: 454
ثمّ قال: [ليست] كثرة المال بغنىً ، وإنّما الغنى هو القناعة وهي غنى النفس.
وروي أنّ رسول اللّٰه مرَّ بقومٍ يتصارعون، فقال: «ما هذا؟» فقال: يُعلَم أيّنا أقوى.
فقال عليه السلام: «ليس الشديد - أي القويّ - من يصرع الناس، إنّما القويّ من لا يغلبُه الغضب»(1)، و «الصُّرَعَة»: الذي يَصْرَعُ الناس كالضُّحَكة والهُمَزة، والهاء في الفُعَلة للمبالغة في الصفة.
ثمّ قال: لا شيء أفضل من الدُّعاء، وهو أفضل من السكوت، ولا شيء يكون عقوبته أسرع من بَغي، وهو الأخذ بالظلم من غير شفقةٍ ، وقيل: أن يتطاول بالظلم وقت الظَّفَر. و «البغي»: تجاوز الحدّ.
ثمّ قال: ليس فرسٌ خيراً من ألف فرسٍ ، ولا بعيرٌ خيراً من ألف بعيرٍ، ولا حيوانٌ [خيراً] من ألف حيوانٍ من جنسه إلّاالمؤمن؛ فإنّه يكون واحدٌ من المؤمنين خيراً من ألف مؤمنٍ ، وهذا التفاوت لا يكون في جنسٍ آخر ولا يحصل. و «شيء» نكرة(2)وإنّما جاز كونه اسم «ليس» في الأخبار الثلاثة لشياعه، وكلّ ما قدّرته فهو المراد.
وهذا آخر المواضع التي يقوم النكرة مقام المعرفة فيها.
ومعنى الخبر الأخير في تمامه: «وما بقي فهو مال الوارث» ؛ يعني: نصيبك من جملة مالك ما أكلتَ ولبستَ أو تصدّقتَ ، وما سوى ذلك فلوارثك.
ص: 455
ص: 456
767. خَيْرُ النِّكَاحِ أَيْسَرُهُ .(1)
768. خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنىً .(2)
769. خَيْرُ الْعَمَلِ مَا نَفَعَ (3)، وَخَيْرُ الْهُدىٰ مَا اتُّبِعَ . [وَ] خَيْرُ مَا اُلْقِيَ فِي الْقَلْبِ الْيَقِينُ .(4)
770. خَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ .(5)
771. خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللّٰهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحبِهِ .(6)
772. خَيْرُ الرُّفَقَاءِ أَرْبَعَةٌ ، وَخَيْرُ الطَّلَائِعِ أَرْبَعُمِئَةٍ ، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ .(7)
ص: 458
773. خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ .(1)
774. خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ .(2)
775. خَيْرُكُمْ مَنْ يُرْجىٰ خَيْرُهُ وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ .(3)
776. خَيْرُ بُيُوتِكُمْ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ مُكْرَمٌ .(4)
777. خَيْرُ الْمَالِ سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ وَفَرَسٌ مَأْمُورَةٌ .(5)
778. خَيْرُ مَسَاجِدِ النِّسَاءِ قَعْرُ بُيُوتِهِنَّ .(6)
ص: 459
حثَّ أوّلاً على أن يَدعو العبدُ ربّه ويَذكره سرّاً؛ فإنّه أبعد من الرياء والسمعة؛ قال تعالى في ذكر زكريّا: (إِذْ نٰادىٰ رَبَّهُ نِدٰاءً خَفِيًّا) (1)، و «الذِّكر» يكون نقيض النسيان، والذي في الحديث هو باللسان وهو الثناء على اللّٰه، لا الذي بالقلب فهو خافٍ لا يَعلمه غير اللّٰه.
وقال عليه السلام: «إنّ الذِّكر الذي لا يسمعه الحفَظَة يضاعَف على الذي تسمعه سبعين ضعفاً».(2)
والرزق إذا كان كثيراً أو قليلاً يطغى العبد أو يشقى، والكفاية نِعمَ الرزق.
وقيل: هو قوت يوم بيوم ولا تهتمّ لرزق غدٍ.
ثمّ دعا إلى الخفّة في أداء العبادة مع الكمال؛ فإنّها تورث النشاط، والعبادة مع النشاط أسرع إلى القبول.
ثمّ أمر باتّخاذ المجالس واسعة؛ لأنّها إذا كانت ضيّقةً يتبرّم الإنسان بمجلس العلم، و [مجلس] الدرس إذا كان ضيّقاً يمنع عن حسن التفهّم وتمكّن الاستماع، وإذا كان المجلس في المأدبة والمائدة فإنّه يقطع الناس عن لذّة الطعام ضيقه، فلهذا جعل خيرها في سعتها؛ لئلّا يكون الناس في مشقّةٍ .
وروي أنّ أبا سعيد الخدري دخل مجلس قومٍ ، فقام بعضهم ليجلس هو في مجلسه، فتنحّى وجلس في مكان واسعٍ ، وذكر الخبر.(3)
ثمّ قال: إنّ هذا الدِّين بأسره سهلٌ ليس فيه إصرٌ ولا ثقل كما كان على بني إسرائيل، وخير النكاح أخفّهُ مؤونةً ، وأقلّه صداقاً، وأحسنه معاشرة. وقيل: أيسر النكاح هو أن يسرع للخاطب الإجابة إذا خطب.
ثمّ قال: خيرُ صَدَقةٍ يتبرّع بها على غير عوض هو ما يكون عن كفاية عيلته، لم يرد به الغنى في العرف، ولا الغِنى الذي هو تلك النصاب، و «الظهر» قد يُراد في مثل هذا إشباعاً للكلام.
ص: 460
وللحديث سببٌ ذكره جابر، قال: كنّا عند رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، إذ جاءه رجلٌ ببيضةٍ من ذهب، فقال: أصبت هذا من معدن، فخذها؛ فهي صدقة، ولا أملك غيرها.
فأعرض النبيّ عنه وحذفه بها، وقال: «يأتي أحدكم بما يملك، فيقول هذه صدقة، ويبعد فيتكفّف(1) الناس».(2) وهذا لا يناقض قوله عليه السلام: «خير الصدقة جُهدٌ من مُقِلّ »(3)؛ لأنّ الجُهد هو الطاقة، فهو ينبئ أنّه يطيقه وإن جاهد نفسه بإخراجها، ونفع العلم به وتعليمه، وخيره ما يعود إلى عالِمهِ نفعهُ [و] فائدته عاجلاً وآجلاً، والعمل الخالص للّٰه هو الذي ينفع، ومن منافعه أن يكون حجّةً عند الخصام وعوناً عند الشدائد العظام.
وقوله: «خير الهدى ما اتُّبع»، أراد به الطريقة المحمودة في القول والفعل البعيدة عن الإنكار على ألسن الناس جميعاً، يتبع ويعوّل عليها.
ولا فعل من أفعال القلب مثل اليقين؛ لأنّ بحصوله يصير البلاء نعمةً والرَّخاء مصيبةً . ومَن طلب منافع الناس فهو خيرهم، والصاحبُ الخير من يحبّ خير الآخر.
وبيان الحديث فيما روي أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال: «ما اصطحب رجلان قطّ إلّاوإنّ اللّٰه سائل أحدهما عن صاحبه».(4)
وخير المرافقين أربعة؛ لأنّهم لو كانوا ثلاثة أمكن أن يجتمع اثنان على قتل الآخر، ولا يكاد يجتمع الثلاثة على إيذاء واحدٍ، وفيه نهيٌ عن التفرّد في السفر، وأكثر من الأربعة زحام وتواكل.(5) وإذا كان الطلائع وهي السرايا أربعمئة لا يتواكلون ولا يتخاذلون، وإذا جاوز ذلك أدّى إلى التنازع. وكذلك في الجيش إذا زادوا على المقدار الذي اختاره؛ فإنّه يُؤدّي إلى الشقاق وكثرة مؤونة، ويخرّب كلّ موضع
ص: 461
ينزلون، وتمام الحديث: «ولا يُغلب اثنا عشر ألفاً من قلّةٍ » ؛ يعني: إذا غُلبوا فلا يكون من قلّة العدد، وإنّما يكون من التخاذل والتواكل والتكاسل والفترة ونحو ذلك.
ثمّ قال: أكثركم خيراً لأهله الأدنَين خيركم، ومن يَعلم القرآن ثمّ علّمه فهو خيركم، وخير الناس المأمول(1) خيره المأمون شرّه. وقيل: هو الذي يُرجى خيره في العقبى وهي شفاعة في الإخوان، ويؤمن شرّه في الدُّنيا وهو وقيعة في أعراض المسلمين.
وبيان خبر اليتيم في تمامه وهو: «يحسن إليه، وشرّ بيتٍ بيتٌ فيه يتيم يُساء إليه» ، وفيه حثّ على الإحسان إلى اليتامى.
و «السكّة المأبورة» هي الطريقة المصطفَّة من النخل(2) التي اُلقحت، وروي:
«المهرة المأمورة» أي كثيرة النتاج، وروي: «مهرَةٌ مأمورة» أي جماعة مُهَرٍ(3)، وكان ينبغي أن يُقال مؤمَرَةٌ ، ولكن زاوَجَ بها المأبورة؛ كما قال: ارجعن مأزوراتٍ غير مأجوراتٍ .
وعن أبي عُبيدة: أمرتُه يعني آمرتُهُ أي كثّرته(4). وقيل: إنّها لكثرة نتاجها كأنّها مأمورة بذلك، وقيل: المراد سكّة الحراثة والمأبورة المصلحة.
ثمّ حثَّ على النساء على لزوم البيوت وترك البراز مخافة الافتتان.
779. إِنَّ خَيْرَ ثِيَابِكُمُ البَيَاضُ ، وَإِنَّ خَيْرَ أَكْحَالِكُمُ الْإِثْمِدُ.(5)
ص: 462
780. خَيْرُ شُبَّانِكُمْ (1) مَنْ تَشَبَّهَ بِكُهُولِكُمْ ، وَشَرُّ كُهُولِكُمْ مَنْ تَشَبَّهَ بِشُبَّانِكُمْ .(2)
781. خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُها، وَشَرُّهَا آخِرُهَا؛ وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهُا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا.(3)
782. اَلْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلىٰ .(4)
783. مَا قَلَّ وَكَفىٰ خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وأَلْهىٰ .(5)
784. الدُّنْيَا مَتَاعٌ ، وَخَيْرُ مَتَاعِهَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ .(6)
785. الوَحْدَةُ خَيْرٌ مِنَ الْجَلِيسِ السَّيِّئِ (7)، وَالْجَلِيسُ الصَّالِحُ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ ،
ص: 463
وَإِمْلَاءُ الْخَيْرِ خَيْرٌ مِنَ السُّكُوتِ ، وَالسُّكُوتُ خَيْرٌ مِنْ إِمْلَاءِ الشَّرِّ.(1)
أمّا قوله(2): «خير ثيابكم البياض»؛ فبيانه في تمامه: «فإنّها أطهر وأطيب، وكفّنوا فيها موتاكم» . وإنّما جعل «البياض» وهو حدث خبرَ المبتدأ الذي هو «خير ثيابكم» لأحد وجهين: إمّا أن يكون على حذف المضاف؛ أي: خير ألوان ثيابكم البياض، أو: خير ثيابكم ذات البياض؛ أي: لا يتكلّف فيها، بل يكتفى بما خلقها اللّٰه عليه، وقد يسمّى الكرباس البياض، كأنّه قال: خير ثيابكم الكرابيس؛ ليخرج من ذلك الدِّيباج والحرير والمذهَّب؛ أو وصفاً بالمصدر؛ فإنّ البياض كان في الأصل مصدراً.
ثمّ أمر بمراعاة العَين وإعطاء حقّها؛ فإنّ الأثمد يزيد نورها ويُحسّن ظاهرها.
ثمّ قال: خير الفتيان من كان على طريقة المشايخ، وشرّ الشيوخ من كان كالصبيان مُجوناً(3) وجُنوناً(4)، و «الشباب»: الحداثة، ويكون جمع شابّ أيضاً، ويكون وصفاً بالمصدر.
وقيل: معنى التشبّه هاهنا: امتثال طريقتهم الصالحة والأخذ بآدابهم الحسنة وأفعالهم المرضيّة.
وإنّما جعل خير صفوف الرجال أوّلها بحيازة الفضيلة لأنّه عليه السلام كان يستغفر للصفّ الأوّل ثلاثاً وللثاني مرّة، وجعل شرارها في آخرها لمخافة الافتتان به والبُعد عن استماع القرآن.
وروي أنّه قال هذا في المنافقين، وبهذا السبب نزول قوله: (وَ لَقَدْ عَلِمْنَا اَلْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَ لَقَدْ عَلِمْنَا اَلْمُسْتَأْخِرِينَ ) (5).
ص: 464
حكي عن ابن عبّاس أنّ امرأةً حسناءَ كانت تُصلّي خلف رسول اللّٰه، فتقدّم بعض الناس لئلّا يراها، واستأخر بعضهم لينظر إليها إذا ركع وسجد، فنزلت الآية.(1)
ثمّ أمر الرجال ليلزموا الصفّ الأوّل، وأمر النساء ليلزمن الصفَّ الأخير مع جماعة الرجال.
ثمّ حثَّ على الصدقة فقال: المُعطي خيرٌ درجةً وثواباً ومنزلةً في الدُّنيا والآخرة من الآخذ، ولا ترغبوا(2) في الدناءة، ولا ترضوا بها لأنفسكم، و «اليد العُليا» المُعطية، و «السفلى» الآخذة؛ لأنّ مَن أعطى دنا إلى الفقر، ومَن أخذ دنا من الغنى بقدر ما أخذ.
ثمّ قال: إذا وقعت الكفاية بالقليل فالكثير(3) يُلهي ويشغل عن أداء الواجبات، فذلك القليل خيرٌ من كثيره. وإنّما قال: «الدنيا متاع» ؛ لأنّ منفعتها لا تدوم، والمعنى:
ليس ما ينتفع الإنسان في الدُّنيا خيراً من امرأةٍ صالحةٍ ، وهي المطيعة لزوجها في ذات اللّٰه المعينة له ديناً ودنياً، والرواية الصحيحة: «الوحدة خيرٌ من جليس السوء».(4)
وفيه حثّ على مقارنة الصالح ومفارقة الطالح. و «إملاء الخير» قيل: معناه مِلأُ الفم منه، وقيل: هو الإملاءُ المستعمل في الكتب والرواية.
786. اِسْتِتْمَامُ الْمَعْرُوفِ خَيْرٌ مِنِ ابْتِدَائِهِ .(5)
787. عَمَلٌ قَلِيلٌ فِي سُنَّةٍ خَيْرٌ مِنْ عَمَلٍ كَثِيرٍ فِي بِدْعَةٍ .(6)
ص: 465
788. خِيَارُكُمْ كُلُّ مُفَتَّنٍ تَوَّابٍ .(1)
789. خِيَارُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً .(2)
790. خِيَارُ الْمُؤْمِنِينَ الْقَانِعُ ، وَشِرَارُهُمُ الطَّامِعُ .(3)
791. خِيَارُ اُمَّتِي عُلَمَاؤُهَا، وَخِيَارُ عُلَمَائِهَا حُلَمَاؤُهَا.(4)
792. خِيَارُ اُمَّتِي أَحِدَّاؤُهَا الَّذِينَ إِذَا غَضِبُوا رَجَعُوا.(5)
793. أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ .(6)
794. أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ كَفُّ اللِّسَانِ .(7)
ص: 466
795. أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ عَلىٰ ذِي الرَّحِمِ الكَاشِحِ .(1)
796. أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ انْتِظَارُ الْفَرَجِ .(2)
797. أَفْضَلُ عِبَادَةِ اُمَّتِي قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ .(3)
798. أَفْضَلُ الْحَسَنَاتِ تَكْرِمَةُ الْجُلَسَاءِ .(4)
799. أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ.(5)
800. أَفْضَلُ الْفَضَائِلِ أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ ، وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ ، وَتَصْفَحَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ .(6)
ص: 467
801. أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ الْفِقْهُ ، وَأَفْضَلُ الدِّينِ الْوَرَعُ .(1)
802. فَضْلُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنَ الْعِبَادَةِ .(2)
803. مَا مِنْ عَمَلٍ أَفْضَلَ مِنْ إِشْبَاعِ كَبِدٍ جَائِعٍ .(3)
وإنّما كان الإتمام أفضل من الابتداء بالمعروف لأنّه إذا لم يُبتدأ به لا ينتظره أحدٌ، فإذا ابتُدئ أو وُعد ينتظر إتمامه.
ثمّ دعا على(4) الاقتصار على سنّتهِ من غير إيراد بدعةٍ ؛ لأنّ العمل إذا صدر على ما أمرهُ اللّٰه به فقليله كثير، وإذا وقع من المبتدع كثير ممّا جمعه برأيه فذلك معصية وإن كان حلّيتها باسم الطاعة، ولا يدلّ قوله «خيرٌ من عملٍ كثير في بدعة» على أنّ في البدعة ثواباً وخيراً، وإنّما هو مثل قوله تعالى: (أَصْحٰابُ اَلْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلاً) (5)، وأصحاب النار لا خير في مقيلهم ومستقرّهم.
وقوله: «خياركم كلّ مفتَّن توّاب»؛ معناه: خياركم - أيّها المؤمنون - كلّ من فتّنه وامتحنه الشيطان والشهوات بالذنوب، ثمّ يتوب، ثمّ يعود في الأحايين ثمّ يتوب، وروي «مفتر» بالراء؛ يعني: يقع به الفترة بين الذنب بالرجوع والندامة. وروي «كلّ
ص: 468
مفينٍ » بالفاء من الفينة، وهي الساعة بعد الساعة.(1)
ومن كان عليه دينٌ فيُحسن قضاءه فهو خيركم.
وروي أنّ رجلاً أتى رسول اللّٰه يتقاضاه بعيراً له عليه، فقال عليه السلام: «أعطوهُ » ، ولم يكن عنده إلّاسنّ .(2)
أفضل خيار المؤمنين القانعون، وشرارهم الطامعون. و «الخيار» و «الشرار» كلاهما جمع، و «القانع» و «الطامع» يعني بهما الجنس، فلذلك صحّ ، وقال تعالى:
(مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سٰامِراً تَهْجُرُونَ ) (3) ، كقولك: جاء الحاجُّ ؛ يريد الحُجّاج.
ثمّ قال: اُمّتي خيار الناس، وخيار اُمّتي علماؤهم، وخيار علمائهم حُلماؤهم.
وقال عيسىٰ عليه السلام: «ما خلق اللّٰه أحسن من عليم حليم».(4)
و «أحدّاؤها» من الحدّة، وهي ما يعتري الإنسان من الخفّة والبرق، وإنّما كانوا خيار الاُمّة لأنّ سريع الغضب سريع الرضا.
وروي: «إذا غضبوا أسكنوا»، وسكونهم قبول العذر سواء اعتذروا أو لم يعتذروا. وروي مرفوعاً: «من لم يقبل عذر من رآه مصلّياً خلفه، فهو ملعون شرّ من إبليس وفرعون».(5)
وقوله: «أفضل الصدقة اللِّسان»،(6) تقديره أفضل الصدقات صدقة اللِّسان، وهي إغاثة المظلومين وإغاثة الملهوفين، أو تقديره: أفضل الصدقات صدق اللِّسان، وهو ذكر اللّٰه والثناء عليه، فحذف المضاف واُقيم المضاف إليه مقامه.
وقيل: المراد باللِّسان ذكر اللّٰه؛ لأنّه به، وهو أفضل الصدقات.
وروي: «أفضل الصدقة كفّ اللِّسان» ، وإنّما قال «أفضل الصدقة» ولم يجمعها لأنّ
ص: 469
المراد بها الجنس. قيل: يا رسول اللّٰه، وما صدقة اللِّسان ؟ قال: «الشفاعة».(1)
وقوله: «أفضل الصدقة إصلاح ذات البين»؛ أي: لا صدقة أفضل من أن يُصلَح الحال بين العشيرة، وذلك إذا كان بعضهم هاجر بعضاً فصالحتَ بينهم.
و «الكاشح»: الذي يضمر عداوته في كشْحه(2)؛ أي: لا صدقة أفضل من أن تعطي(3) ذا الرحم الذي يبغضك.
ولا صدقة أفضل من أن يتكلّم عند ملك ظالمٍ ، ومعناه: في تمامه: «يقتل عليها»؛ أي: وإن كان فيه هلاك نفسه. ولا تناقض هذا قوله تعالى: (وَ لاٰ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى اَلتَّهْلُكَةِ ) (4)؛ لأنّ من اُمر أن يتكلّم بكلمة الكفر على سبيل القهر في موضع خالٍ فإنّه يجوز أن يتكلّم به وقلبه مطمئنّ بالإيمان. وإن كان في بلدة حيث إن ذَكَرَ هو ذلك كان وهناً في الإسلام، وإن قتل هو كان شرّاً من(5) الإسلام، فعليه أن لايتكلّم بكلمة الكفر وإن قتل، وهذا هو الذي يشير إليه الخبر.
ثمّ قال: لا عبادة أفضل من أن ينتظر المُبتلى الفرج من عند اللّٰه بأن يكشف عنه بقدرته الكاملة، وقال: «لا عبادة أفضل من قراءة القرآن». قيل: المراد به في الصلاة، وقيل: على الإطلاق.
وقال عليه السلام: «قراءة الرجل في غير المصحف ألف درجة، وقراءته في المصحف يضاعف على ذلك ألفي درجة».(6)
ص: 470
ثمّ حثَّ على الخُلق الحسن وهو ثلاثة أشياء: صلة القاطع، وإعطاء الحارم، والصفح عن الظالم.
ثمّ قال: فضل العلم أفضل من العبادة، والمعني بالفضل هنا الثواب، فكأنّه قال:
ثواب العلم أكثر من ثواب العبادة، [و] قبوله أفضل وأزيد، ونحو قوله عليه السلام: «يعلم باباً من العلم - عمل به أو لم يعمل - كان أفضل من صلاة ألف ركعة، فإن عمل به أو علَّمه كان له ثوابه وثواب من يعمل به إلى يوم القيامة».(1)
واستدلّ الشافعي بهذا على أنّ طلب العلم أفضل من صلاة النافلة.
ثمّ قال: أفضل العبادة استعمال الفقه أو تعليمه، وأفضل أسباب الدِّين الورع، فحذف المضافان.
وبيان الخبر الأخير قوله عليه السلام: «مَن أشبع جائعاً فله الجنّة»(2).
804. مَا تَقَرَّبَ الْعَبْدَ إِلَى اللّٰهِ [بشَيْ ءٍ ] أَفْضَلَ مِنْ سُجُودٍ خَفِيٍّ .(3)
805. مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدَهُ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ .(4)
806. أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللّٰهِ الْأَتْقِيَاءُ الأَخْفِيَاءُ .(5)
ص: 471
807. أَحَبَّ اللّٰهُ عَبْداً سَمِحاً بَائِعاً وَمُشْتَرِياً وَقَاضِياً وَمُقْتَضِياً.(1)
808. أَحَبُّ الْبِقَاعِ إِلَى اللّٰهِ الْمَسَاجِدُ.(2)
809. أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللّٰهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ .(3)
810. أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللّٰهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَجْلِساً إِمَامٌ عَادِلٌ .(4)
811. اَلْخَلْقُ كُلُّهُمْ عِيَالُ اللّٰهِ ، فَأَحَبُّهُمْ إِلَيْهِ أَنْفَعُهُمْ لِعِيَالِهِ .(5)
812. مَا صَلَّتِ امْرَأَةٌ مِنْ صَلَاةٍ أَحَبَّ إِلَى اللّٰهِ مِنْ صَلَاتِهَا فِي أَشَدِّ بَيْتِهَا ظُلْمَةً .(6)
813. مَا مِنْ جُرْعَةٍ أَحَبُّ إِلَى اللّٰهِ مِنْ جُرْعَةِ غَيْظٍ كَظَمَهَا رَجُلٌ ، أَوْ جُرْعَةِ صَبْرٍ عَلىٰ مُصِيبَةٍ وَمَا مِنْ قَطْرَةٍ أَحَبُّ إِلَى اللّٰهِ مِنْ قَطْرَةِ دَمْعٍ مِنْ خَشْيَةِ اللّٰهِ ، أَوْ قَطْرَةِ دَمٍ
ص: 472
اُهْرِيقَتْ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ .(1)
كنّى بالسجود عن الصلاة يقول: لا طاعة أفضل من صلاة في خُفيةٍ ، وهذا تفضيل طاعة السرّ على العلانية؛ لبُعدها عن الرياء.
ثمّ حثَّ على تعليم الأولاد وتأديبهم فقال: ما أعطى والدٌ ولداً شيئاً أفضل من الحرفة التي فيها أشرف الدارَين، وهي العلم.
ثمّ قال: الذين يتّقون اللّٰه [و] يخفون طاعتهم يحبّهم اللّٰه.
ثمّ حثَّ على لين الجانب وكريم(2) الخُلق وحسن المعاشرة، وقال: إنّ اللّٰه يحبّ السَّهِل في البيع والشرى وفي قضاء دينه وفي اقتضائه، فقوله «بائعاً» حال من الضمير المستكنّ في سمحاً؛ أي: يحبّ اللّٰه العبد إذا كان سهل المعاملة في حال بيعه وشرائه، ويجوز أن يكون «أحبّ » دعاءً .
ثمّ ذكر أنّ المسجد أعلى المواضع؛ لأنّه مهيّأٌ لذكر اللّٰه.
ثمّ أمر بالاقتصاد ولزوم طريق الوسط في الطاعة؛ فإنّه أسرع إلى القبول والدوام وكرامة اللّٰه والقرب من رحمته للقائم بالحقّ الإمام العدل، لا دنوّ المسافة.
والخَلق كلّهم بمنزلة العيال للّٰه؛ لأنّه الضامن. وعيال اللّٰه مَجاز كأنّهم فقراء اللّٰه لما كان يرزقهم.
ثمّ حثّ النساء على التستّر(3)؛ لئلّا يقع البصر عليهنّ ، سيّما في وقت أداء صلواتهنّ ، فإذا صلّين في بيتٍ مُظلمٍ فيكنّ أصون وأقرب إلى اللّٰه.
وجرعة غيظ وجرعة صبر محبوبتان إلى اللّٰه؛ قال تعالى: (وَ اَلْكٰاظِمِينَ اَلْغَيْظَ) (4)
ص: 473
وقال: (وَ اَلصّٰابِرِينَ فِي اَلْبَأْسٰاءِ ) (1). البقرة (2):155.(2) وقال: (وَ بَشِّرِ اَلصّٰابِرِينَ ) (2).
والمراد بجرعة الغيظ: الصبر وترك اتّباع غيظه فيما يدعو إليه من تنفيس كربةٍ مراقبةً للّٰه، فشبّه تلك الحال بالجرعة؛ لأنّ الإنسان كأنّه بالكظم لها قد ذاق حرارةً .
وفي رواية اُخرى: «ما تجرّع عبدٌ جرعةً أحبَّ إلى اللّٰه من جرعة مصيبةٍ يردّها بحسن عزاء، أو جرعةِ غيظٍ يردّها بحلمٍ ».(3)
ثمّ حثّ ورغّب على البكاء وعلى الجهاد وقال: قطرتان محبوبتان إلى اللّٰه.
وعن أمير المؤمنين: «يا رسول اللّٰه، إذا كان أرض الجنّة وترابها وحيطانها من المسك والعنبر والكافور، فما طيبها؟ قال: طيب أهل الجنّة دم الغُزاة ودمع العُصاة».(4)
وروي: «اُريقت».
قال سيبويه: إنّهم زادوا بين الهمزة وفاء الفعل هاءً فقال(5): إهراق يهريق إهراقةً ، كما زادوا في استطاع بمعنى أطاع، ولم يوجد هذا الحكم إلّافي هذين الفعلين.
ص: 474
الباب العاشر(1)
814. نِعْمَ الشَّفِيعُ الْقُرْآنُ لِصَاحِبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .(2)
815. نِعْمَ الْهَدِيَّةُ الْكَلِمَةُ مِنْ كَلَامِ الْحِكْمَةِ .(3)
816. نِعْمَ الْمَالُ النَّخْلُ الرَّاسِخَاتُ فِي الْوَحْلِ (4) الْمُطْعَمَاتُ فِي الْمَحْلِ (5).(6)
817. نِعِمَّا الْمَالُ (7) الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ .(8)
ص: 475
818. نِعْمَ الْعَوْنُ عَلىٰ تَقْوَى اللّٰهِ الْمَالُ .(1)
819. نِعْمَ الشَّيْ ءُ الْفَأْلُ .(2)
820. نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ .(3)
821. نِعْمَ صَوْمَعَةُ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ بَيْتُهُ .(4)
822. أَصْدَقُ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللّٰهِ ، وَأَوْثَقُ الْعُرىٰ كَلِمَةُ التَّقْوىٰ ، وَأَحْسَنُ الْهُدىٰ هُدَى الْأَنْبِيَاءِ ، وَأَشْرَفُ الْمَوْتِ قَتْلُ الشُّهَدَاءِ .(5)
823. أَطْيَبُ الطِّيبِ الْمِسْكُ .(6)
ص: 476
824. سَيِّدُ إِدَامِكُمُ الْمِلْحُ .(1)
825. أَسْرَعُ الدُّعَاءِ إِجَابَةً دَعْوَةُ غَائِبٍ لِغَائِبٍ .(2)
826. لَقَلْبُ ابْنِ آدَمَ أَسْرَعُ تَقَلُّباً مِنَ الْقِدْرِ إِذَا اسْتَجْمَعَتْ غَلْياً.(3)
827. حَبَّذَا الْمُتَخَلِّلُونَ مِنْ اُمَّتِي.(4)
يقول أوّلاً: نِعْمَ المشفَّع كتابُ اللّٰه لقاريه، وهو فعيل بمعنى مفعَّل، وروى: أهل القرآن أهل اللّٰه وخاصّته.(5)
ثمّ قال: ليس هديّة كالعلم؛ فإنّ كلمةً منه أعظم قدراً من كلّ شيء، والمراد بالحكمة ههنا العلم، ويجوز أن يكون على ظاهرها.
ثمّ قال: نِعمَ المال النخيل التي رسخت عروقها تحت الثرى فوصلت إلى الماء ولا يحتاج إلى السقي وإن كان جدب وقلّة مطرٍ، فهي تُطعم وتثمر ولا يتغيّر حالها، كالإبل إذا لم يكن نبات وماء لا يكون لها لبنٌ .
وقال عليه السلام: «نعمت العمّة لكم النخلة»(6)؛ فكأنّها لانتفاعهم بها وتعويلهم على ثمرتها
ص: 477
قامت مقام ذات الرحِم.
وقيل: إنّما ذكر في الخبر الذي في الكتاب على عادة العرب؛ لأنّ أحبّ الطعام إليهم التمر.
وأمّا قوله: نعمّا بالمال الصالح، فالباء زائدة، فكأنّه قال: نِعمَ المال الحلال للرجل الذي يقوم فيه ما أمره اللّٰه؛ فإنّ المرء الصالح يُصلِح بأمواله أحوال نفسه وعياله والمؤمنين، و «ما» في «نعمّا» نكرة غير موصوفةٍ ولا موصولةٍ . والمعنى: نعم شيئاً.
وقيل: الباء في قوله «بالمال» يدلّ على أنّ المعنى: مرحباً بالمال، كأنّه قال:
نعمّا، فقيل: بِمَ تختصّ هذه الكلمة ؟ فقال: «بالمال الصالح»، كقولِهم مرحباً. ثمّ كأنّه قيل: بِمَ يختصّ؟ فقال: بك. و «العون» مصدر بمعنى الفاعل؛ أي: نعم المُعين على التقوى هذا المال؛ لأنّ المؤمن إذا كان له مالٌ يتخلّصُ من ذُلّ السؤال ومن الطلب والتكسّب، فيؤدّي الطاعات على فراغ(1) القلب، وينفق في سبيل اللّٰه.
وتمام الخبر الذي بعده: قيل: يا رسول اللّٰه، ما الفأل ؟ قال: «الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم» ، فكأنّ الرجل إذا سمع ذلك أتاه بشارة بنجاحه فيفرح.
ثمّ حثَّ على الاكتفاء بالبلغة(2) من العيش ولزوم الاقتصاد، و «الخَلّ » إدامٌ يكسر الشهوة وكثيراً من العلل.
وعن جابر قال: أخذ رسول اللّٰه عليه السلام بيدي وقال: «أ ما من غذاء؟» فأخرجت إليه فلقاً من خُبز، فقال: «هل من إدام ؟» فقلت: لا، إلّاشيء من خَلّ . فقال: «إنّ الخلّ نِعمَ الإدام».(3)
وفي الحديث: «ما أقفر قومٌ عندهم خلّ »(4)؛ أي: لا يعدمون الإدام، و «الإدام»: ما يؤدم به الطعام؛ أي يصلح، وهذا البناء يجيء لما يُفعل به كثيراً؛ نحو الركاب لما يركب به، والحزام لما يحزم به.
ص: 478
ثمّ رغّب في الاعتزال عن الخلق والاشتغال بطاعة اللّٰه في البيت، ولا حاجة للمسلمين إلى الصوامع. والقرآن أصدق كلّ كلامٍ ؛ لأنّه كلام اللّٰه الذي يخبر عن كلّ شيء كما هو؛ فإنّه العالِم بتفصيل الأشياء، وكلمة التقوى شهادة أن لا إلٰه إلّااللّٰه وأنّ محمّداً رسوله، وهذا حبلٌ وثيقٌ مَنْ تمسّك به نجا.
ثمّ قال: أحسن الطريقة طريقة الأنبياء؛ لأنّها محمودة تهتدي بها الخلائق، ولا موت كقتل الشهيد؛ لأنّ اللّٰه يُكرمه بالإحياء بعد ذلك قبل يوم القيامة، فالشهداء أحياء مرزوقون فرحون بما آتاهم اللّٰه.
وكان عليه السلام يستعمل الطيب حتّى قال: أطيبها المسك. ومعنى [أطيب] أنّه أزكى رائحةً . وقيل: معنى «أطيب» أظهر. ولا حلاوة للأغذية والأطعمة إلّابالملح، فكذلك جعله سيّدها وقال عليه السلام: «عليكم بالملح؛ فإنّه دواء من اثنين وسبعين داءً ».(1)
ثمّ رغّب في أدعية الغرباء النُزّاع من أوطانهم باستمالة قلوبهم، وقال عليه السلام: «اغتنموا دعاء الغريب؛ فإنّ للغريب عند اللّٰه حرمةً »(2)، وهو ترغيب للغريب أيضاً في الدعاء؛ فإنّ دعاءه أرجى للإجابة.
ثمّ نبّه على حال قلب ابن آدم؛ فإنّه أسرع نقله من حالٍ إلى حال من القِدر حال غليانها، وإنّ صلاح [البدن] في صلاحه وفساد البدن في فساده؛ فإنّه رئيس الكلّ ، فعليكم على تثبيته على الطاعات. و «استجمع» يكون لازماً كقولهم: سيل مستجمع؛ أي مجتمع، ويكون متعدّياً كما في الخبر. و «غلياً» تمييز يدلّ على المفعول، كأنّه قال: استجمعتْ جميع أنواع الغلي. يجوز أن يكون غلياً مصدراً في موضع الحال، أي غاليةً .
ثمّ استحمد الذين يستعملون الخلال بعد أكل الطعام؛ فإنّه سنّة، وقال عليه السلام: «من استعمل الخشبتين لا يحتاج إلى القلع»(3)، أراد الخلال والسواك.
ص: 479
ص: 480
الباب الحادي عشر(1)
828. بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا.(2)
829. شَرُّ الاُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَشَرُّ الْعَمىٰ عَمَى الْقَلْبِ ، وَشَرُّ الْمَعْذِرَةِ حِينَ يَحْضُرُ الْمَوْتُ ، وَشَرُّ النَّدَامَةِ نَدَامَةُ يَوْمِ الْقِيامَةِ ، وَشَرُّ الْمَآكِلِ مَالُ الْيَتِيمِ ، وَشَرُّ الْمَكَاسِبِ كَسْبُ الرِّبا.(3)
830. شَرُّ مَا فِي الرَّجُلِ شُحٌ هَالِعٌ أَوْ جُبْنٌ خَالِعٌ .(4)
831. أَعْمَى الْعَمَى الضَّلَالَةُ بَعْدَ الْهُدىٰ .(5) وَمِنْ أَعْظَمِ الْخَطَايَا اللِّسَانُ الْكَذُوبُ .(6)
ص: 481
832. مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرّاً مِنْ بَطْنٍ .(1)
يقول أوّلاً: بئس عادة الإنسان كلمة «زعموا»؛ يعني: لا تحدّثوا(2) بكلّ ما تسمعونه، و «زعموا» الكلام من غير تحقيق.
وقيل: إنّما يكون كلمة «زعموا» في حديث لا تثبّت فيه، وإنّما هو شيء يحكى عن الألسن على سبيل البلاغ، فذَمَّ النبيُّ صلى الله عليه و آله من الأحاديث ما كان هذا سبيله، وأمر بالتثبّت والتوثّق بما يحكيه، و لا يروي إلّاعن ثقة.
وقيل: الرواية أحد الكاذبين. وفي الخبر: من روى حديثاً وهو يرى [أنّه] كذب فهو أحد الكاذبين.(3)
ثمّ قال: السنّة كافية في الشرعيّات، لا يحتاج إلى البدع؛ فإنّ محدَثات الاُمور وما اُحدثَ بعد رسول اللّٰه فلا خير فيه، وهو مفسدة وشرّ فاطرحوه ولا تقبلوه.
ثمّ قال: ولا شرّ في عمى العين، [ولا] يُذمّ به الإنسان و [لا] يعاقب؛ لأنّه مِن فعل اللّٰه، وإنّما اللَّوم والعقوبة على عمى القلب الذي هو فعل العبد إذا لم يتفكّر ولم يتأمّل، فيحصلَ له المعارف والعلوم التي هي نورٌ وبصيرة.
ثمّ نبّه على أنّ المؤمن ينبغي أن يتوب قبل الموت؛ فإنّه لا يَفعل توبةً مَن حضره الموت. ولا تناقض بين الحديث وما تقدّم من أنّه تقبل التوبة قبل أن يُغرغر؛ لوجوه؛ أحدها: أنّه عليه السلام ما نفى قبول التوبة ههنا على كلّ حالٍ ، بل قال: شرّ المعاذير معذرة يكون عند حضور الموت، وربما تقبل التوبة ولكنّها لا تكون بمنزلة العذر الذي يكون في حالة الصحّة والشباب ويكون بعدها الطاعات الكثيرة، وقد يُقال:
ص: 482
«حَضَرَ فلاناً الموت» ولم يحضره بعدُ، وإنّما حضرته أمارته؛ قال تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ اَلْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً اَلْوَصِيَّةُ ) (1). في المخطوطة: «ولا»، والظاهر أنّه تصحيف.(2)، فعلى هذا يكون هذه الحالة قبل أن يغرغر، فتُقبل توبته وإن كانت شرّ معذرة، وإن حضر الموت فهو حال الغرغرة فلا(2) تُقبل توبة أحدٍ في هذه الحالة.
وقيل: إنّ هذا الحديث جاء في معذرة الكافِر دون المؤمن؛ لأنّ المؤمن تُقبل توبته قَبل أن يغرغر، والكافر لا تقبل توبته في هذه الحالة.
وروي: «شرّ الندامة [ندامة] يوم القيامة»(3)، ولا يتغيّر المعنى، وإنّما لا تنفع الندامة يوم القيامة لأنّ اللّٰه سمّاها [يوم] حسرة، والحسرة إنّما تكون على شيءٍ فائِتٍ لا يستطاع أن يدرك.
وروي أيضاً: «شرّ المآكل أكل مال اليتيم»(4)، والمعنيان(5) واحد، وقد أوعد اللّٰه عليه النار في كتابه وقال النبيّ عليه السلام: «آليتُ عند العرش ليلة اُسري بي أن لاأشفع لآكل مال اليتيم».(6)
ثمّ قال: أكلُ الربا من جملة الكبائر أيضاً؛ فإنّه شرّ مكسب. وأصل «الرِّبا»:
الزيادة، وفي الشرع يقع الرِّبا على أخذ زيادة شيء من غير وجه حلال.
ثمّ نهى عن متابعة البخل والجُبن؛ فإنّهما شرّ ما في الإنسان، سيّما إذا وصف البخيل بأفحش الجزع، ويكون الجَبان(7) خائفاً فؤاده من شدّته؛ أي: لا تُغلّبوهما على أنفسكم، ولا تسلّطوهما على أفئدتكم، فالبُخل يمنع صاحبه من إخراج الحقّ الواجب عليه، فإذا استخرج منه هلع وخرج وخاف، ومَن جُبن عن النهوض إلى الحجّ والغزو - وكانا واجبين عليه - فلا يجبر كسره.
و «الشحّ الهالعُ »: الذي يجزع فيه العبد، وإنّما قال: «هالِع» لازدواج «خالع»، وإلّا
ص: 483
فلا يُقال إلّاهَلَعَ فهو هَلِعٌ وهَلوع.
وقوله: «أعمى العمى الضلالة بعد الهُدى»؛ هذا في حقّ مَن وُلد على فطرة الإسلام، يكون أبواه مؤمنَين، فيولد في دلّة(1) الإسلام فيسمع ويرى، فإذا كان عند بلوغه اختار الكفر ولا ينظر في الدليل، فحكمه الارتداد الذي لا مستتاب منه، بل يُقتل عند إظهار الكفر، فقال: لا ضلالة أعمى من ضلالته.
ومن كان كافراً، ثمّ دخلَ في الإسلام تقليداً، ثمّ ارتدّ؛ فإنّه يُستتاب، فإن لم يرجع ضُربت عنقه. فحالهما الضلالة بعد الهدى على ظاهر الحال، ولم يكونا في الحقيقة قطُّ مؤمنين هاديين. فأمّا من كان على الهدى بالتحقيق فلا يضلّ أبداً ولا يكفر وإن قدر على ذلك، وقد يقع من المهتدي الذنوب.
قال الصادق عليه السلام: «المذنب مِن شيعتنا كالنائم على المحجّة إذا انتبه لزم الطريق».(2)
وقيل: الذين انصرفوا عن الطريق لا عن الرفيق لو فصلوا لانفصلوا(3)، ويجوز أن يكون المعنى الفسق بعد العفّة؛ لأنّ التهتّك من أعمال الضلالة، والتصوّن من أعمال الهدى.
ووَصفُ العَمىٰ بالأعمى مبالغة، كما يُقال: جُنَّ جنُونه، وإلّا فالجنون لا يجنّ .
ثمّ بيَّن أنّ من جملة أعظم كلّ خطيئة اللسان الذي يكثر الكذب، فحذف المضاف.
ثمّ رغّب في الصوم، ونهى عن كثرة الأكل فقال: لا يفعل ابن آدم مع نفسه فعلاً شرّاً عليه من أن يملأ بطنه. وروي: «البِطنة تُذهب الفِطنة»(4)؛ أي: لا تفعلوا ذلك؛ فمن مَلأ بطنه تثاقل عن الطاعات، فالأولى أن لا يزيدوا على إمساك الرمق. «يحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث طعام، وثلث شراب، وثلث لنفسه» .(5)
ص: 484
الباب الثاني عشر(1)
833. مَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي مَثَلُ سَفِينَةِ نُوحٍ مَنْ رَكِبَ فِيهَا نَجَا، وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ .(2)
834. مَثَلُ أَصْحَابِي مَثَلُ النُّجُومِ ؛ مَنِ اقْتَدىٰ بِشَيْ ءٍ مِنْهَا اهْتَدىٰ .(3)
835. مَثَلُ أَصْحَابِي فِي اُمَّتِي كَالْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ ؛ لَايَصْلُحُ الطَّعَامُ إِلَّا بِالْمِلْحِ .(4)
836. مَثَلُ اُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ لَايُدْرىٰ أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ .(5)
ص: 485
837. مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ النَّحْلَةِ ؛ لَاتَأْكُلُ إِلَّا طَيِّباً، وَلَا تَضَعُ إِلَّا طَيِّباً.(1)
838. مَثَلُ الْمُؤْمِنِ وَالإِيمَانِ كَمَثَلِ الْفَرَسِ يَجُولُ فِي آخِيَّتِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلىٰ آخِيَّتِهِ .(2)
839. مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الْقَوِيِّ مَثَلُ النَّخْلَةِ ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ كَخَامَةِ الزَّرْعِ .(3)
840. مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ السُّنْبُلَةِ ؛ تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ ، فَتَقُومُ مَرَّةً وَتَقَعُ اُخْرىٰ ، ومَثلُ الْكَافِرِ مَثْلُ الأَرْزَةِ لَاتَزَالُ قَائِمَةً حَتّىٰ تَنْقَعِرَ.(4)
والمَثَل قولٌ سائر يشبّه به حال الثاني بالأوّل، والأصل فيه التشبيه، فحقيقة المَثَل ما جعل كالعَلَم للتشبيه بحال الأوّل.
وقيل: هو لفظ يخالف لفظ المضروب له، ويوافق معناه معنى ذلك اللفظ؛ شبّهوه بالمثال يَعمل عليه غيره. وقيل: سمّيت أشياء يُعلم صدقُها أمثالاً لانتصاب صورها في العقول، مشتقّة من المُثول وهو الانتصاب.
ويَجمع المَثَل أربعة أشياء من البلاغة: إيجاز اللفظ، وإصابة المعنى، وحسن التشبيه، وجودة الكناية. وإذا جعل الكلام مثلاً كان أوضح وآنق وأوسع، والمثل ما يمثّل به الشيء؛ أي يشبَّه، فهو اسمٌ مصرِّحٌ لما يضرب، ثمّ يُردّ إلى أصله الذي كان
ص: 486
له من الصفة، فيُقال: مَثَلك كذا؛ أي صفتك، قال تعالى: (مَثَلُ اَلْجَنَّةِ اَلَّتِي وُعِدَ اَلْمُتَّقُونَ ) (1) أي صفتها.
قال أهل التفسير: أراد صلى الله عليه و آله بأهل البيت عليّاً وفاطمة وذرّيّتهما المعصومين عليهم السلام؛ مَن والاهم نجا، ومَن عاداهم هلك، ولا خلاف أنّ كلّ من تخلّف عن سفينة نوح هلكوا وإن أوى بعضهم إلى جبلٍ يعصمه من الماء، وكان ينظر إلى النجوم وما نفعه ذلك، فكذلك مَنْ تخلّف قرناً فقرناً عن واحدٍ منهم الذي كان في زمانه حجّةً على الخلق كان هالكاً وإن اقتدى بكلّ سلف مثل النجوم.
ثمّ نبّه عن درجة الصحابة، وأنّ كلّ مَن أخذ بسنّة رسول اللّٰه وشريعته وأحاديثه منهم واهتدى بها واقتدى بهم في سلوكهم الطريق المستقيم كان ناجياً، وكلّ من سافر نهاراً وله دليل خرّيت فأيُّ حاجة له إلى مراقبة النجوم، وإذا فعل كان أحسن وإن لم يفعل فلا لوم.
وكذلك شبّههم بالنجوم، ولا ينكر فضلهم ولا سابقتهم؛ فإنّ مَثَلهم بين اُمّة محمّد كما قال عليه السلام في الخبر الآخر: «كالملح في الطعام، يَصلح التابعون إذا كان واحد من الصحابة فيهم، كما لا يصلح الطعام إلّابأن يكون الملح فيه».(2)
وأشار بذلك أنّ الصلاح ثابت في الأرض بين هذه الاُمّة ما دام واحدٌ من أصحاب رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يكون فيهم، فإذا ماتوا وانقرضوا وطالت المدّة مذ عهده عليه السلام فسَدوا.
ثمّ ضرب مثل المؤمن بنحلة العسل التي أَكَلَها ووضعها أطيبُ الأطايب، كذلك المؤمن لا يكون طعامه إلّاحلالاً، وكلامه إلّاذكراً للّٰه وطاعةً ، ولا يكون عمله إلّا عبادةً ، وهو مع ذلك ضعيف يستضعفه غيره، كما أنّ النحل مستضعف عند كلّ طائر.
ثمّ ذكر فضيلة اُمّته فقال: مَثَلهم مَثَل المطر؛ كلّه نافع وكلّه خير، فكذلك اُمّته عليه السلام
ص: 487
كلّهم خيّرون؛ مَن رأوه، ومَن رأوا من رأوه، ومن سمعوا به، فلا يُعلم أنّهم خيرُ أحدِ المخلوقين، كما لا يعلم لأوّل المطر خير أم آخره ؟ واللّٰه عالم بذلك، فأحِبّوا كلّ مؤمنٍ تقدّم أو تأخّر.
وقال عليه السلام: «خيار اُمّتي أوّلها وآخرها، وبين ذلك ثَبَجٌ أعوج»(1) أي وسط ليس منك ولست منه(2)، وهذا نفي أن يكون الثَبَج من الجانبين.
ثمّ ذكر أنّ الإيمان إذا استقرّ في قلب الإنسان لا يزول أبداً وإن وقع صاحبه في المعاصي؛ فإنّ مثله كالفرس المشدود في آخيّة(3) لا يزول عن مكانه وإن جال جولها.
وتمام(4) الحديث: «والمؤمن يسهو ثمّ يرجع». وهذا دليل على أنّ المؤمن لا يَكفر بذنوبه وإن صار فاسقاً، وفيه دليل أيضاً أنّه تُقبل توبة كلّ من تاب من الكفر والبدعة.
ثمّ ضرب مثل المؤمن القويّ بالنخلة؛ لعموم بركتها وكرامتها ومنفعتها، ومِن إكرامها أن [لا] يَضيع منه شيء حتّى أوراقها ونواها وقليلها وكثيرها وظلّها، كذلك من كان قويّاً في دينه ونفسه وبدنه وماله من المؤمنين فلا يستولي عليه الشيطان، ويَنفع كلّ مَن مرّ به، وتكون منفعته للقريب والبعيد على كلّ حالٍ .
وشبّه المؤمن إذا كان ضعيفاً بخامة الزرع، وهي أوّل ما نبت من الزرع على ساقٍ ؛ فإنّه ينتفع به وإن كان قليلاً، ولا يستضِرّ به أحدٌ.
ثمّ شبّه المؤمن بالخامة، وهي السنبلة أو ذات السنبلة الّتي تُميلها كلّ ريح، سواء كان عاصفاً أو رُخاء؛ لأنّ المؤمن مُرزأُ مصاب في نفسه وأهله وولدِهِ ، ويؤذيه كلّ أحدٍ، ويُصاب كلّ وقت مصيبةٌ اُخرى، ومع ذلك يبقى، فإذا انقضى بلاؤه استقام أمره واستوى حاله.
ص: 488
وشبّه الكافر بالأرْزة(1)؛ لأنّها لا تميلها رياح كثيرة تهبّ عليها، فهي أبداً تكون قائمةً حتّى تأتيها ريح عاصف تستأصِلُها وتقلعها بمرّة من أصلها وقعرها، فكذلك الكافر لا يُرزأ شيئاً ولا يُصاب بمصيبةٍ حتّى يستأصل اللّٰه ساقته من حيث لا يحتسب قبل أن يلقى اللّٰه فيلقيه في نار جهنّم.
وبيان الخبر فيما روي: روى أبو هريرة، قال: قال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: «المؤمن كمثل الزرع لا تزال الرياح تفيّئه»(2) أي تُقلّبه من جانبٍ إلى جانب ولا يزال المؤمن يُصيبه بلاء، ومَثَل المنافق كمثل شجرة الأرزة لا تهتزّ حتّى يستحصد. و «الأرزة» بسكون الراء: شجرة الصنوبر، وبفتحها: شجرة الأرزن. وروي «الأرَزة»(3) وهي الثابتة في الأرض.
ص: 489
ص: 490
الباب الثالث عشر(1)
841. مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكىٰ بَعْضُهُ تَدَاعىٰ سَائِرُهُ بِالسَّهَرِ وَالْحُمّىٰ .(2)
842. مَثَلُ الْقَلْبِ مَثَلُ رِيشَةٍ بِأَرْضٍ تُقَلِّبُهَا الرِّيَاحُ .(3)
843. مَثَلُ الْقُرْآنِ مَثَلُ الْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ إِنْ عَقَلَهَا صَاحِبُهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ تَرَكَهَا ذَهَبَتْ .(4)
844. مَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ الشَّاةِ الْعَائِرَةِ بَيْنَ الْغَنَمَيْنِ .(5)
ص: 491
845. مَثَلُ الْمَرْأَةِ كَالضِّلْعِ إِنْ أَرَدْتَ [أَنْ ] تُقِيمَهُ كَسَرْتَهُ ، وَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَسْتَمْتِعَ بِهِ اسْتَمْتَعْتَ بِهِ وَفِيهِ أَوَدٌ.(1)
846. مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ مَثَلُ الدَّارِيِّ إِنْ لَمْ يُحْذِكَ مِنْ عَطْرِهِ عَلَّقَكَ مِنْ رِيحِهِ ، وَمَثَلُ الْجَلِيسِ السُّوءِ كَمَثَلِ الْقَيْنِ إِنْ لَمْ يُحْرِقْكَ بِشَرَرِهِ يُؤْذِكَ بِدُخَانِهِ .(2)
847. مَثَلُ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ كَالْمِيزَانِ مَنْ أَوْفَى اسْتُوفِيَ .(3)
848. مَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ قَالَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ فِي يَوْمٍ حَارٍّ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا.(4)
849. مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَثَلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ السَّبَّابَةَ فِي الْيَمِّ فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ .(5)
ص: 492
حثَّ أوّلاً على مرافقة الإخوان ومساعدتهم في السرّاء والضرّاء ولا سيّما مع الضعفاء والفقراء؛ فإنّ مَثَلهم كجَسدٍ واحدٍ، فإن أصابَ القدم وجعٌ لا تنام العين، وكذلك جوارحه جميعاً مضطربة، وقلّما ينام من به علّة، وربما يكون سهره لإزالة علّته، فإن لم يستطع أن يزيل مشقّته شاركها بالسَّهَر للمرافقة، فكذلك ينبغي أن يكونوا كذلك. ويُقال: تداعت الحيطان للخراب؛ أي: تهادمت. وبينهم أدعية يتداعون بها، ودَعَوتُه: صِحتُ به واستدعيتُه.
ثمّ قال: القلب يتقلّب من حالة إلى حالةٍ ، فتارةً يكون أميراً واُخرى أسيراً، مثل ريشةٍ تُقَلّبها الرِّياح في أرضٍ لا بناء بها.
ثمّ حثَّ على مواظبة قراءة القرآن وأنّه إذا لم يُقرأ يُنسى ويَذهب، كالإبل المشدودة بالعقال؛ فما دامت كذا تقيم على مكانها، وإذا نَشَطَ(1) عقالها ذهبت ضياعاً.
ثمّ ضرب المنافق بالشاة العائرة تخرج من بين قطعة غنم إلى اُخرى؛ ليضربَها الفحل تعير إلى هذه مرّةً وإلى هذه اُخرى لا تدري أيّهما تتبع، فكذلك المنافقون مذبذبين بين ذلك، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء. يُقال: عار الفرس؛ أي: انفلت وذهب هاهنا وهاهنا من موجه، ومنه العيّار وهو كثير التطواف. و «العائرة»: الناقة تخرج من الإبل إلى اُخرى ليضربها فحل. والحمل عابر(2) يترك الشوك إلى اُخرى.
ثمَّ حثَّ على المساهلة مع النساء وترك المحاجَّة معها في أحوالها؛ لئلّا يقع الخلل في العشرة والتقصير فيما يجب من الحقوق.
وروي أنّ إبراهيم شكا إلى ربّه سوء خلق سارة، فأوحى اللّٰه إليه: «إنّما هي ضلع فارفق بها؛ أما ترضى أن يكون نصيبك من المكروه».(3)
وقيل: المرأة حيّة تسعى ما دامت حيَّة تسعى، والمرأة إذا أحصنت فرجها فقد أحسنت فَارْجُها.
ص: 493
وقال عليه السلام: «النساء خلقن من ضعف، فاستروا عوراتهنّ بالبيوت، وداووا ضعفهنّ بالسكوت».(1)
وروي: «وإن استمتعت به استمتعت وفيه أَوَدٌ»(2)؛ أي عوجٌ .
والرواية الصحيحة: «مثل جليس الصالح مثل الداريّ ؛ إن لم يُحذك من عطره علَّقك من ريحه، ومثل الجليس السوء مثل الكِيران؛ إن لم يحرقك من شرار ناره علّقك من نتنه»(3)، «فالداريّ »: العطّار؛ نسب إلى دارين(4) بلدة يُنسب إليها العطر.
وقيل: هو فُرْضَة(5) بالبحرين، كان بها سوق يُحمل إليها المسك. و «الإحذاء»:
الإعطاء، و «كِير الحدّاد» هو المبنيّ من الطين، وقيل: «الكِير»: الزقّ ، و «السوء»:
الرداءة والفساد، فوصف به كما يوصف بالمصادر، يُقال: رجل سوء.
وقيل: على حذف المضاف؛ أي الجليس ذي السوء، وأكثرُ الاستعمال على الإضافة؛ يقول: رجلُ سوءٍ ، ومنه قوله: (ظَنَّ اَلسَّوْءِ ) (6). و «القَيْن»(7): الحدّاد، والحذيا:
العطية على البشارة، والصلاة المكتوبة: الفريضة؛ قال تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ اَلصِّيٰامُ ) (8). ومثلها كالميزان، من أعطى الزيادة [استوفى].(9)
وجاء في الحديث: «إنّ العبد إذا أقبل على صلاته أقبل اللّٰه عليه، وإذا التفت أعرض عنه»(10)؛ أي رَحْمَتُه.
ص: 494
و «قال» في الخبر الآخر: من القيلولة، ومفهوم الخبر: أنّ ما مضى من العمر لا يعود، وما يأتي لا يُعلم حاله، والساعة التي أنت فيها فهي عمرك فاغتنمها، وليس مَثَلها إلّاكمثل الراكب المستظلّ تحت الشجرة للقيلولة، فإذا دخل الرواح تركها أو إذا استراح ذهب.
ثمّ قال: لا يعتمد على الدُّنيا الفانية؛ فإنّها وإن كانت نعمة فهي بالإضافة إلى الآخرة كمن وضع إصبعه في البحر وأخذ، فكم يبقى عليه من الماء فهو بمنزلة الدُّنيا، والبحر بمنزلة الآخرة.
وقال عيسى عليه السلام: «من ذا الذي يبني على موج البحر داراً؟ تلكم الدُّنيا، فلا تتّخذوها قراراً».(1)
وتشبيه الآخرة بالبحر - وإن كانت باقية وهذا فانٍ - للتقريب ولكثرة مائه في أعين الناس، وهو كقوله: (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكٰاةٍ ) (2).
ص: 495
ص: 496
الباب الرابع عشر(1)
850. إِذَا أَرَادَ اللّٰهُ بِعَبْدٍ خَيْراً عَسَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ .(2)
851. وَإِذَا أَرَادَ اللّٰهُ قَبْضَ عَبْدٍ بِأَرْضٍ جَعَلَ لَهُ فِيهَا حَاجَةً .(3)
852. إِذَا أَحَبَّ اللّٰهُ عَبْداً حَمَاهُ الدُّنْيَا كَمَا يَظِلُّ أَحَدُكُمْ يَحْمِي سَقِيمَهُ الْمَاءَ .(4),(5)
853. إِذَا اسْتَشَاطَ السُّلْطَانُ تَسَلَّطَ الشَّيْطَانُ .(6)
ص: 497
854. إِذَا نَصَحَ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ كَانَ لَهُ الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ .(1)
855. إِذَا تَقَارَبَ الزَّمَانُ انْتَقَى الْمَوْتُ خِيَارَ اُمَّتِي كَمَا يَنْتَقِي أَحَدُكُمْ خِيَارَ الرُّطَبِ مِنَ الطَّبَقِ .(2)
856. إِذَا اشْتَكَى الْمُؤْمِنُ أَخْلَصَهُ ذٰلِكَ مِنَ الذُّنُوبِ كَمَا يُخْلِصُ الْكِيرَ الْخُبْثَ مِنَ الْحَدِيدِ.(3)
857. إِذَا أَرَادَ اللّٰهُ تَعَالىٰ إِنْفَاذَ قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ سَلَبَ ذَوِي الْعُقُولَ عُقُولَهُمْ حَتّىٰ يُنَفِّذَ فِيهِمْ قَضَاءَهُ وَقَدَرَهُ .(4)
وبيان الخبر الأوّل في تمامه: قيل: يا رسول اللّٰه، وما عَسلهُ؟ قال: «يفتح اللّٰه له عملاً صالحاً عند موته فيقبضه عليه».
وفي رواية: «بين يدي موته، حتّى يرضى عنه من حوله».(5)
وروي: «قبل موته»، فشبّه العمل الصالح الذي يفتح له ويوفّق بالعَسَل؛ أي:
يكون عمله الصالح الذي طاب به ذكره بين قومه كالعسل الذي يجعل في الطعام
ص: 498
فيحلو به ويطيب.
وقيل: جعل أخلاقه حلوةً كالعَسَل.
ويجوز أن يكون من العَسَلان وهو العَدْو.(1)
وروي «عَسّله» بالتخفيف والتشديد، ويُروى في رواية في تمامه: «يحبّبهُ إلى جيرانه»(2)، وقيل: طيّب ثناءه في أفواه الناس؛ قال: (وَ اِجْعَلْ لِي لِسٰانَ صِدْقٍ فِي اَلْآخِرِينَ ) (3).
ويُقال: عسَلتُ الطعام أعسِله؛ أي: عملتُه بالعَسل وزنجبيل مُعسَّل معمولٌ بالعَسل.
وقيل: وفّقه اللّٰه بعملٍ صالح يُتحَف به كما يتحف الرجل أخاه إذا أطعمه العسل.
ومن روى «غَسَله» بالغين المُعجمة(4) أراد: وفّقه اللّٰه لعملٍ يغسل به ما قبله وهو التوبة، وإلّا فلا إحباط بين الطاعة والمعصية.
والخبر الثاني سَبعةٌ (5) من قوله تعالى: (وَ مٰا تَدْرِي نَفْسٌ مٰا ذٰا تَكْسِبُ غَداً وَ مٰا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ) (6)، ولابدّ لكلّ نفسٍ أن يدفن حيث قدّر اللّٰه تُربته.
رُوي أنّ رجلاً كان قاعداً عند سليمان النبيّ عليه السلام يوماً، فدخل عليه عزرائيل ليسلّم عليه، فرأى ذلك فنظر في وجهه وانصرف، وقال الرجل: مَن هو يا رسول اللّٰه؛ فقد خفت منه عظيماً؟ فقال: هو ملك الموت. فقال: باللّٰه عليك تقدِّم إليَّ الريح لتحملني إلى أقصى الدُّنيا. فأمرها فحملته إلى آخِر الدُّنيا، فقبضه على الفور بذلك الموضع ملك الموت، وانصرف من ساعته، ودخل على سليمان، فقال له سليمان:
أين كنت ؟ فقال: أمرني اللّٰه بقبض روح ذلك الذي كان عندك في أرض كذا، فتعجّبتُ
ص: 499
لمّا رأيته عندك، فذهبت على ما أمرني اللّٰه، وإذا أنا بذلك الرجل في تلك الأرض فقبضته هناك.(1)
وعن أبي سعيد الخدري: مرّ النبيّ عليه السلام بجنازة وُضعت، فقال: «مَن هذا؟» قالوا:
فلان الحبشي. فقال: «لا إلٰه إلّااللّٰه، سبق من أرضه وسمائه إلى تربته التي خُلق منها!»(2).
وروي أنّه عليه السلام وقف على قبرٍ، فقال: «سُبحان اللّٰه، ولد هذا بأرض الحبشة ودُفن في تربته!».
ثمّ سلّى فقراء المؤمنين، فقال: «إنّ اللّٰه إذا أراد أن يثبت عبداً منَعَهُ حُطام الدُّنيا كما يمنع أحدكم أن يشرب مريضه الماء إذا أضرّه».(3)
و «حماه»: منَعَهُ ، و «استشاط»: احتدم وتلهّب وتحرّق غضباً وهو استفعال من شطوطة الزيت، وفيه تحذير على صحبة السُّلطان وحَثّ للسلطان على محافظة حال نفسه بأن لا يسخط على الرعيّة؛ فإنّه إن غضب على أحدٍ تسلّط عليه إبليس بالوسواس حتّى يوقعه في المآثم.
ثمّ طيّب قلوب المماليك؛ بأنّهم إذا أحسنوا عبادة اللّٰه ونصحوا لمواليهم كُتب لهم من الأجر ضِعف ما يكتب للأحرار(4)، ونبّه على أن لا يقال لصاحب العبد: ربّ ، وإنّما يقال: سيّد؛ لأنّ مرجع السيادة على من تحت يده.
ثمّ قال: إذا قرب قيام القيامة فمِن أشراطها انقراض الصُّلحاء وذهاب الأخيار، وفي ذهابهم الوَهن في الإسلام إلى أن يتناهى إلى وقت «لا يقوم الساعة إلّاعلى شرار الناس».(5)
ص: 500
ثمّ ذكر تسليةً للمرضى، فقال: إذا أصاب المؤمنَ حالةٌ يشكو منها سائر الخلق، يكون وَجَعَهُ كفّارةً لذنوبه، ويفارق عنه كما يفارق جيّد الحديد من رديئه في كير الحدّاد.
وليس لمن يقول: «إنّ أعمال العباد طاعاتها ومعاصيها كلّها بقضاء اللّٰه وقدره» أن يستدلّ بالخبر الأخير؛ لأنّه لا ينكر أن ليس للّٰه قضاء وقدر في الدُّنيا؛ فإنّ أفعاله تعالى كلّها بقضائه وقدره.
ومعنى الخبر: إذا أراد اللّٰه أن يُمرِض إنساناً أو يميته أو يهلك ماله، لا يمكنه دفع ذلك بوجه وسبب، فكأنّ ذلك العقل الذي كان يدفع عنه باستعمال جميع ما يكرهه من أحدٍ من المخلوقين سلبه اللّٰه منه، والمَجاز في الكلام - لئلّا يبطل دليل العقل - حَسنٌ . وهذا أحد القرائن التي توجب أن لا يحمل الكلام على ظاهره، بل يطابق دليل السمع على دليل العقل.
ص: 501
ص: 502
الباب الخامس عشر(1)
858. كَفىٰ بِالسَّلَامَةِ دَاءً .(2)
859. كَفىٰ بِالْمَوْتِ وَاعِظاً، وَكَفىٰ بِالْيَقِينِ غِنىً ، وَكَفىٰ بِالْعِبَادَةِ شُغُلاً.(3)
860. كَفىٰ بِالْمَرْءِ إِثْماً أَنْ يُضَّيِعَ مَنْ يَقُوتُهُ .(4)
861. كَفىٰ بِالْمَرْءِ إِثْماً أَنْ يُحَدِّثُ بِكُلِّ مَا سَمِعَ .(5)
ص: 503
862. كَفىٰ بِالْمَرْءِ سَعَادَةً أَنْ يُوَثَّقَ فِي أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ .(1)
وللخبر الأوّل معنيان:
أحدهما: أن يقول: كفى بالرجل داءً في حال سلامته وصحّته أن يكون متوقّعاً ومنتظراً بأن يفارق منه تلك السلامة ويذهب عنه تلك الصحّة، فجعل ذلك التوقّع همّاً وحزناً وداءً ، وعلى هذا أشدّ الغمّ عندي في سرورٍ تيقّن عنه صاحبه انتقالاً.
والمعنى(2) الثاني: اكتفِ أيُّها السالم الصحيح في يديك بهذه السلامة التي عندك داءً أن لا يُكتب لكَ أجرٌ وعوَض، وليس سلامتك التي لا تعبدُ اللّٰه فيها إلّاحجّةً عليك وداءً ومضرّةً . فمِن حقّك أن تُداوي داءك، وتشتغل بشفاء نفسك بالطاعات والعبادات؛ ليصير ما أنت فيه سلامة.
وقيل: معناه: كفاك داءً حيثُ يفارقك الصحّة والسلامة.
و «كفى» يتعدّى إلى مفعولين، والباء زائدة؛ أي كفى بالسلامة داءً ، فحذف الفاعل؛ لأنّ «كفى» يدلّ على الكافي.
ثمّ حثّ على ذكر الموت أبداً ونصبه بين العينين؛ ليردعك عن المعاصي، فالموت أبلغ واعظٍ.
ثمّ قال: من تيقّن أنّ الرزق من اللّٰه استغنى عن الخَلق، فيكون نفسه [في] غنىً لا فقر عنه.(3)
ثمّ حثَّ على العمل الصالح والاكتفاء بالعبادة عن تطلّب شغلٍ ؛ فإنّها نَفَعَ عمل يُحمد ويُثاب عليه.
ثمّ بيّن أنّه يكفي المرء من الإثم تضييعه مَن لا كادّ له سواه فيبقى ضائعاً، ولعلّ اللّٰه إنّما يوسّع عليه لعياله، والأشهر في «كفى» أن يليه الفاعل كما تقدّم من قوله
ص: 504
تعالى: (وَ كَفىٰ بِاللّٰهِ شَهِيداً) (1)، وقد يليه المفعول كما في هذا الخبر؛ لأنّ التقدير: كفى المرء إثماً تضييعه من يقوت، فإثماً تمييزٌ أو مفعول ثان؛ لأنّ كفى يتعدّى إلى مفعولين، و «الباء» أيضاً زائدة كما كانت لمّا دخلت في الفاعل.
ثمّ زجر أن يحدِّث الإنسان بكلّ شيء يسمعه حتّى يعلم ثمّ يحدِّث به إن كان فيه منفعةٌ أو دفع مضرّة.
وقال عليّ عليه السلام: «بين الحقّ والباطل أربعُ أصابع». فقيل: كيف ذلك ؟ فوضع أصابعه بين العين والاُذن، فقال: «الحقّ أن يقول رأيته، والباطل أن يقول سمعته».(2)
ثمّ رغّب في الأمانة وترك الخيانة ديناً ودنيا فقال: السعيد كلّ السعيد من كان ثقةً عند الناس في الاُمور الدينية والدُّنياوية، ولا يتّهمونه بشيءٍ ؛ لأمانته الراسخة.
والوجوه التي ذكرناها في «كفى» و «الباء» يجوز في جميعها.
وقوله: «أن يوثق به» يجوز أن يكون فاعل كفى، و «المرء إثماً» مفعولان.
ص: 505
ص: 506
الباب السادس عشر(1)
863. رُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعىٰ مِنْ سَامِعٍ .(2)
864. رُبّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلىٰ مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ .(3)
865. رُبَّ حَامِلِ حِكْمَةٍ إِلىٰ مَنْ هُوَ لَهَا أَوْعىٰ مِنْهُ .(4)
866. أَلَا رُبَّ نَفْسٍ طَاعِمَةٍ نَاعِمَةٍ فِي الدُّنْيَا، جَائِعَةٍ عَارِيَةٍ يَوْمِ الْقِيَامَةِ . أَلَا رُبَّ نَفْسٍ جَائِعَةٍ عَارِيَةٍ فِي الدُّنْيَا طَاعِمَةٍ نَاعِمَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . أَلَا رُبَّ مُكْرِمٍ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَهَا مُهِينٌ .(5)
ص: 507
867. أَلَا رُبَّ مُهِينٍ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَهَا مُكْرِمٌ . أَلَا رُبَّ شَهْوَةِ سَاعَةٍ أَوْرَثَتْ حُزْناً طَوِيلاً.(1)
868. رُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ.(2) رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ وَالْعَطَشُ .(3)
869. رُبَّ طَاعِمٍ شَاكِرٍ أَعْظَمُ أَجْراً مِنْ صَائِمٍ صَابِرٍ.(4)
«رُبَّ » للتقليل، وكم للتكثير. هذا هو الأصل، ثمّ يتداخلان، يقول أوّلاً: كم واعظٍ نفع لنفسه بما يقول من المستمعين، وأحفظ لوعظه من السامعين، فينتفع هو بذلك، ويصير حجّةً على من يسمع.
ومن روى «ربّ مبلَّغ» بفتح اللام فمعناه: ربّ تلميذ أحفظ من الاُستاذ وأسهل تخريجاً.
ص: 508
والرواية الاُولى أصحّ وربّ بأن يكون في بابه أحسن؛ أي: قلّما يكون مبلِّغ شيء من العلوم والحكم وغيرهما أحفظ من سامعٍ ؛ فإنّ كثيراً من الناس إذا سمعوا ذلك فيهم من يضبط ذلك ويعيه.(1)
ثمّ قال: ويقلّ أن يكون إنسان يحمل شيئاً من الشرعيّات إلى من هو أفقه، أو يحمل شيئاً من الحِكَم المستخرجة باستعمال العقل إلى من هو أحفظ لها منه. وهذا وإن [كان] أقلّ ، فقد يكون يُقال: وعيت العلم؛ أي حفظته، قال تعالى: (أُذُنٌ وٰاعِيَةٌ ) (2)، وأنفعه العلم السمعي، والحكمة من السمعيات والعقليات معاً.
ثمّ استفتح كلامه ب «ألا» تنبيهاً وللوعظ البليغ فقال: ألا قد يكون نفوس في الآخرة رهائن جوعٍ وعُرى، وقد كانت في دار الدُّنيا في نعمة و نعمة؛ لاختيارها الدُّنيا على الآخرة، وقد يكون على عكس ذلك؛ فإنّ المؤمن إذا كان جائعاً عارياً في دنياه وصبر على ذلك احتساباً، كان ذلك سبب أن يكون في الآخرة طاعماً ناعماً، وهذا ليس على العموم، بل هو على الخصوص؛ لأنّه قد يكون من المؤمنين يجمع خير الدُّنيا والآخرة.
ثمّ نبّه على أنّ مَن أكرم نفسه على مذهب النخوة والكبر واستخدام الناس عزّةً وقهراً، فذلك عند الحقيقة إهانة منه لنفسه، وعلى ضدّ ذلك مَن ذلّل نفسه في العبادة للّٰه، وتواضَعَ للمؤمنين(3) تعظيماً للّٰه، فهذا هو الإعزاز والإكرام منه لنفسه، فافعلوا هذا، واجتنبوا من ذلك؛ لتكرَموا في الدارين.
ثمّ حذّر مِن تتبّع الشهوات فقال: إذا دعاك الشهوة إلى شيء فانظر؛ فإن كان في مباح فاقتصد، وإن كان المشتهى محرّماً تَناولُه فإيّاك أن تقربه؛ فقد يكون شهوة ساعة تورث الإنسان حزناً يطول ثباته.
وقيل في سبب هذا الحديث: إنّه أصاب النبيَّ عليه السلام جوع، فوضع الحَجَر على بطنه، فقال: «ألا رُبَّ نفسٍ طاعمة...» إلى آخره.
ص: 509
وقال عليّ عليه السلام: «ربّ أكلةٍ منعتْ أكلات».(1)
وعن الحسن بن عليّ عليهما السلام: «إنّ اللّٰه قد ركّب في الملائكة دون شهوة البطن والفرج، وركّب في الحيوانات هذه الشهوة دون العقل، وركّبها في بني آدم، فمن تبع عقلَه وتَرَكَ شهوته فهو خيرٌ من الملائكة، ومَن ترك العقل وتبِعَ شهوته فهو شرٌّ من الحيوانات وأضلّ ».(2)
فمن ههنا مَن اتّبع العقل وترك هواهُ لا يندم على فعلٍ قطّ، وإذا أتى ما يأمره الهوى يندم على ذلك ويصيبهُ حزنٌ طويل.
ثمّ حثَّ على الطاعة بالإخلاص للّٰه بأن قال: قد يكون من يصلّي طولَ ليله ولا ثواب له، ويصوم كثيراً ولا جزاء له، وإنّما يكون نصيبه من ذلك سهر الليل والجوع والعطش بالنهار.
ثمّ قال: وقد يكون من المؤمنين من يَطعَم ويشكر اللّٰه على ذلك، وله ثوابٌ عظيم لا يكون لصائم لم يكن له إخلاصٌ .
ص: 510
الباب السابع عشر(1)
870. لَوْلَا أَنَّ السُّوَّالَ يَكْذِبُونَ مَا قُدِّسَ مَنْ رَدَّهُمْ .(2)
871. لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً.(3)
872. لَوْ تَعْلَمُ الْبَهَائِمُ مِنَ الْمَوْتِ مَا يَعْلَمُ ابْنُ آدَمَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْهَا سَمِيناً.(4)
873. وَلَوْ نَظَرْتُمْ إِلَى الْأَجَلِ وَمَسيرِهِ لَأَبْغَضْتُمُ الْأَمَلَ وَغُرُورَهُ .(5)
ص: 511
874. لَوْ كَانَ الْمُؤْمِنُ فِي جُحْرِ فَأْرَةٍ لَقَيَّضَ اللّٰهُ [لَهُ ] فِيهِ مَنْ يُؤْذِيهِ .(1)
875. لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَزِنُ عِنْدَ اللّٰهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقىٰ كَافِراً مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ .(2)
876. لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَيْنِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغىٰ إِلَيْهِمَا ثَالِثاً، وَلَا يَمْلَاُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ ، وَيَتُوبُ اللّٰهُ عَلىٰ مَنْ تَابَ .(3)
877. لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللّٰهِ حَقِّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ؛ تَغْدُو خِمَاصاً، وَتَرُوحُ بِطَاناً.(4)
878. لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَخَشِيتُ عَلَيْكُمْ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذٰلِكَ الْعُجْبُ الْعُجْبُ .(5)
879. لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَجَاءَ اللّٰهُ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ .(6)
ص: 512
الحديث الأوّل حثّ على إعطاء السائل ونهى عن ردّه، فقال: لولا أنّ هؤلاء الذين يسألون الناس يكونون كاذبين، وربما منع المسؤول بعضَهم ظنّاً منه أنّه يكذب فيما يُظهِر مِن الاحتياج والاجتناح(1)، ما طهر من الآثام من ردّهم ولا يعطيهم.
وروي: «ما أفلح من ردّهم»(2)؛ أي: ما ظفر بخيرٍ مَن دافعهم وخيّبهم، لو لم يكن الكذب فيهم.
ثمّ قال: لو نظرتم فيما(3) نظرت وتفكّرتم كثيراً لعلمتم ما أعلم، ولو تعلمون(4)بعضَ ما أعلمه من أحوالٍ وأهوالٍ لضحكتم ضحكاً قليلاً إلّاتبسّماً؛ لفرح ملاقاة المؤمنين أو لتعجّب، ولكان بكاؤكم كثيراً خوفاً من وعيد اللّٰه.
وقيل: ذَكَرَ قلّة الضحك، والمراد نفيه؛ كقوله: (قَلِيلاً مٰا تَذَكَّرُونَ ) (5)؛ أي لا يذكرون البتّة، و «ما» إذا كانت موصولةً فعمومها دون عموم «الذي»؛ لأنّه اُمّ الباب، سيّما إذا حذف العائد من الصلة إليه.
ثمّ قال: لو علمَت البهائم ما علمتم من الموت لم تسمن، فإذا لم تسمن ما أكلتم منها سَميناً.
ثمّ حذّر من الأمل الذي يَغُرُّ الإنسان، فقال: لو نظرتم إلى قرب وقت موتكم منكم لأبغضتم هذه الآمال الكاذبة وغرورها، فانظروا إلى مسير الأجل لتبغضوا غرور الأمل. و «الأجل» و «الأمل» المراد بهما العموم والجنس، و «المسير» مصدر السير، وأكثره يقع على ذهاب الليل، وههنا أراد به المجيء؛ لأنّ الأجل يجيء ولا يذهب.
ص: 513
وقيل: المراد به الذهاب؛ لأنّ الإنسان يسير إليه.
وبيان الخبر الخامس في تمامه: «ليكثر ثوابه»؛ أي: إنّ المؤمن لا يخلو من نَصَبٍ أو تَعَبٍ في الدُّنيا؛ لأنّها لا تخلو من الفتن والمحن.
ومعنى: «لقيّض اللّٰه له من يُؤذيه» على المَجاز؛ أي لسبّب اللّٰه له عدوّاً تناله مَضرّته ومشقّته.
وقال عليه السلام: «ما من مؤمن إلّاقيّض اللّٰه له جاراً يؤذيه، فإن صَبَر على أذاه آجره اللّٰه».(1)
وقوله: «ولو كانت الدُّنيا تَزِنُ عند اللّٰه جناح بعوضة»، معناه: ليست نِعَم الدُّنيا كلّها إلّاتفضّلاً من اللّٰه تعالى على عباده، فلو كانت على سبيل الاستحقاق وكان قيمتها مثل جناح بعوضة لما سقى اللّٰه مَن كفر به شربة ماءٍ منها.
وقيل: بيان الخبر في قوله تعالى: (وَ لَوْ لاٰ أَنْ يَكُونَ اَلنّٰاسُ أُمَّةً وٰاحِدَةً لَجَعَلْنٰا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمٰنِ ) إلى قوله: (لِلْمُتَّقِينَ ) (2).
ثمّ قال: إنّ أكثر بني آدم غلبَ عليهم الأطماع، بحيث لو كان له وادٍ مملوٍّ من ذهبٍ جيّدٍ لا غشّ [فيه] لطلب وادياً آخر مثل ذلك منضمّاً إلى الأوّل، وإذا كان الأمر على [هذا المنوال] فابن آدم إنّما ينقطع طمعه من حطام الدُّنيا إذا سُلِّم إلى التراب واللحد. ويَقبل اللّٰه توبة من رجع إليه وندم ممّا كان عليه.
و «تاب اللّٰه على العبد» له معنيان:
أحدهما؛ أي: قَبِلَ اللّٰه توبته.
والثاني؛ أي: ألقى اللّٰه التوبة عليه؛ يعني: وفّقه اللّٰه للتوبة.
و «يتوب اللّٰه على من تاب» يجوز أن يكون دعاء، ويجوز أن يكون خبراً يحثّ به على الزهد في(3) مال الدُّنيا، وليس الخبر على الشياع والعموم بحيث لا يكون
ص: 514
أحدٌ من بني آدم إلّاكذلك؛ ألا ترى أنّه قد كان للّٰه عباد خفروا(1)، ولو جعلت الجبال ذهباً لم يلتفتوا إليها.
ثمّ حثَّ على حسن التوكّل على اللّٰه وتفويض الأمر إليه والثقة بجميع صنعه وحسن تدبيره؛ فإنّ هذه الطيور لمّا كان اعتمادها على اللّٰه ولم يكن لها مالٌ ولا كسبٌ غدت جياعاً وراحت شباعاً. و «البِطان»: الممتلية من الأكل والشرب، و «الخِماص»: على ضدّ ذلك جمع خميصٍ وهو ضامر البطن من الجوع.
ثمّ نبّه على أنّ العُجب أعظم من ذنوب كثيرة، فلو لم يُذنِب ابنُ آدم وعجب من نفسه، ودَخل عليه عُجب بسبب صلاته وصومه وزكاته ونحو ذلك، لكان هذا أعظم عند اللّٰه من كثيرٍ من الذنوب.
ثمّ ذكر سعة رحمة اللّٰه وفضله فقال: لو لم تكونوا أيُّها الحاضرون مُذنبين، واستعفيتم(2) فرضاً وتقديراً، لكان في عباد اللّٰه من يرتكب الحرام ويقترمَنَّ (3) العظائم، ويغفر اللّٰه له ويعفو(4) عنه تفضّلاً وكرماً بعد أن كان مؤمناً، ويُدخله الجنّة بفضله.
ص: 515
ص: 516
الباب الثامن عشر(1)
يتضمّن كلمات رُويت عن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله عن اللّٰه تعالى
880. يَقُولُ اللّٰهُ عز و جل: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي [بِي]، وَأَنَا مَعَ عَبْدِي إِذَا ذَكَرَنِي.(2)
881. وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ ، وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ .(3)
882. لَاإِلٰهَ إِلَّا اللّٰهُ حِصْنِي، فَمَنْ دَخَلَهُ أَمِنَ مِنْ عَذَابِي.(4)
883. اِشْتَدَّ غَضَبِي عَلىٰ مَنْ ظَلَمَ مَنْ لَايَجِدُ نَاصِراً غَيْرِي.(5)
ص: 517
884. يَا دُنْيَا مُرِّي عَلىٰ أَوْلِيَائِي، وَلَا تَحْلَوْلِي لَهُمْ فَتَفْتَنِيهُمْ .(1)
885. يَا دُنْيَا اخْدِمِي مَنْ خَدَمَنِي، وَأَتْعِبِي مَنْ خَدَمَكِ .(2)
886. مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيّاً فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ ، وَمَا تَرَدَّدْتُ (3) فِي شَيْ ءٍ أَنَا فَاعِلُهُ مِثْلَ مَا تَرَدَّدْتُ فِي قَبْضِ نَفْسِ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ ، وَلَابُدَّ لَهُ مِنْهُ .(4)
وجه الحديث الأوّل هو: أنّ اللّٰه تعالى يقول: إنّ العبد إذا أذنب ثمّ تاب توبةً نصوحاً وظنّ أنّ اللّٰه يغفر له ما تقدّم من ذنبه كلّه، كان اللّٰه له عند ظنّه به، وكذلك إن لم يكن قد تاب وكان حسَن الظنّ بربّه يعفو عنه، ويجوز أن يكون الظنّ ههنا بمعنى العلم.
وقيل: معناه: أنا عند ظنّ عبدي بالفضل والعدل؛ فإن ظنَّ أنّه يعدل أو يفضل فإنّه تعالى به كما ظنّ ، وأنا كائنٌ مع عبدي بالعون والنصرة والحفظ والكِلاة والفضل والإحسان إذا ذكرني بالرأفة والرحمة. وتمامه: «وأنا معه إذا دعاني» ؛ أي: إنّي قريبٌ ، أسمع دعائي به، واُجيبه عليه.
ثمّ قال: إنّ اللّٰه تعالى يقول: أوجبتُ على نفسي أن اُثبّت(5) هؤلاء الأربعة،
ص: 518
وأشهدتُ ملائكتي على ذلك، ولا يجب شيءٌ على اللّٰه، وإنّما اللّٰه إذا وعد بشيء أن يفي به، فكأنّه واجب؛ لأنّه تعالى لا يخِلّ بذلك البتّة، ومحبّة اللّٰه للعبد إرادته أن يثيبه؛ يعني: الذين يتحابّون لوجه اللّٰه، ويتجالسون لخدمة اللّٰه، ويتعاطون لرضا اللّٰه، ويتزاور بعضهم بعضاً تقرّباً إلى اللّٰه، يُثيبهم اللّٰه البتّة ثواباً عظيماً، ورُويت على التثنية.(1)
ثمّ حكى عنه أنّه قال: من أتى بكلمة «لا إلٰه إلّااللّٰه» مخلصاً، وأقام على شرائطها متيقّناً، فهو في أماني وحِصني في الدارين، أكفيه وسواس الشيطان، وأعصمه من اقتراف الذُّنوب، واُوفّقه للقيام بالواجبات، فيأمن عقابي. و «الحصن» كناية عن الجوار.
ثمّ ذكر ما فيه تحذير عن الظُّلم، سيّما على الضَّعَفَة الذين لا يكون لهم عونٌ غير اللّٰه، (وَ اَللّٰهُ عَزِيزٌ ذُو اِنْتِقٰامٍ ) (2). كذا في المخطوطة، والأولى أن يكون «استعارة» لا «استَعَارَ».(3)؛ ينصر المظلوم، ويخذل الظالم.
وقوله: «مرّي على أوليائي» من مَرَّ الشيء يَمَرّ - بالفتح - مرارةً فهو مُرٌّ، وأَمَرَّ أي صار مُرّاً، ويقال أمرّه غيره أيضاً. خاطَبَ الدُّنيا وأمرَها بأن تكون مرّةً على أوليائه؛ لأنّها لو كانت حُلواً عليهم لأوقعتهم في الفتن، وهذا الخطاب والأمر من اللّٰه تعالى مَجاز واستعار(3)؛ لأنّ مخاطبة الجماد غير صحيحة على سبيل الحقيقة.
ومفهوم ذلك أنّ اللّٰه قد قدّر وقضى أنّ الدُّنيا تكون مُرّةً على عباده المخلصين؛ ولا تكون حلوةً لهم؛ لئلّا يفتتنوا.
وقيل: الخطاب مع الملائكة الموكَّلين بتدابير الأرض.
وقوله: «مَن أهانَ لي وليّاً فقد بارزني بالمحاربة» ؛ معناه: أنّ من عادى أوليائي وأهان بأمرهم ونهيهم ولا يُطيعهم فإنّه يعاديني ويحاربني، وهذا نهي عن الوقيعة في أولياء اللّٰه.
واعلم أنّ التردّد في صفات اللّٰه غير جائز، والبداء عليه غير سائغ، وتأويله على وجهين:
أحدهما: أنّ المرء قد يُشرِف في أيّام عمره على الهلاك مرّاتٍ من داءٍ يُصيبه وآفةٍ تنزل به، فيدعو اللّٰه فيَشفيه منها ويدفع مكروهها منه، فيكون ذلك مِن فعله
ص: 519
كتردّد من يريد أمراً ثمّ يبدو له فيتركه ويُعرض عنه، ولابدّ له من لقاء ربِّه، وهذا معنى ما روي: «إنّ الدُّعاء يردّ البلاء».(1)
والوجه الثاني: أن يكون معناه: ما ردّدت رُسلي في شيء أنا فاعله كترديدي(2)إيّاهم في قبض نفس عبدي المؤمن؛ كما روي أنّه بعث مَلك الموت إلى إبراهيم وإلى موسى وإلى محمّد - عليه وعليهما السلام - [وأمَره أن يقول لهم](3): إنّ اللّٰه يقول: إنّ اللّٰه [فوّض] قبض أرواحكم إليكم؛ إن شئتم قدّمتُ وأخّرتُ .(4) وليس في تقديم أجل العبد وتأخيره من قبل اللّٰه بمنكر؛ فإنّ اللّٰه تعالى يقول: (يَمْحُوا اَللّٰهُ مٰا يَشٰاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ اَلْكِتٰابِ ) (5).
فأمّا قوله: (إِذٰا جٰاءَ أَجَلُهُمْ فَلاٰ يَسْتَأْخِرُونَ سٰاعَةً وَ لاٰ يَسْتَقْدِمُونَ ) (6) فمعناه: إذا أراد اللّٰه قبض أرواحهم فلا يمكنهم تأخير ذلك قهراً، وإذا دعا اللّٰهَ العبدُ وكان قَبل ذلك مصلحته أن يعيش مثلاً ثلاث سنين، لا يستبعد أن يجعل اللّٰه ثلاثين سنة عمره.
وروي عن الصادق عليه السلام أنّه قال: «من دعا بعد كلّ مكتوبة: «اللّهمَّ إنّ الصادق [الأمين] عليه السلام قال: إنّك قلتَ : ما تردّدتُ في شيءٍ أنا فاعله كتردّدي في قبض روح عبدي المؤمن؛ يكرهُ الموتَ وأكرَهُ مَساءته، اللّهمَّ صلِّ على محمّدٍ وآل محمّد، وعجِّل لوليّك الفرج والعافية والنصر، ولا تسؤني في نفسي ولا في أحدٍ من أحبّتي(7)»، عاش حتّى ملَّ الحياة».(8)
ومِنَ الناس من يروي هذا الخبر على خبرين: أحدهما: «ما تردّدتُ في شيءٍ أنا فاعله...» ؛ أي: إنّي كلّما أخلق شيئاً وأصنعه وأفعله فإنّ داعي الحكمة يدعوني إلى
ص: 520
ذلك، فلا تردّد لي فيه كمن لا يعلم عواقب الاُمور.
والخبر الآخر: «ما تردّدت في قبض نفس عبدي...» إلى آخره، ويكون «ما» هذه أيضاً نافية، وجوابه محذوف. وعلى الوجه الأوّل الذي هو حديث واحد وهو الصحيح «ما» الثانية مصدريّة؛ أي: ما ردّدتُ في شيءٍ أنا فاعله تردّدي في قبض نفس عبدي، فكأنّ هذا المعنى التبس على من روى ذلك على خبرين.
887. وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِيَ [الْمُؤْمِنُ ] بِمِثْلِ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَلَا تَعَبَّدَ لِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ .
888. يَا مُوسىٰ [إِنَّهُ ] لَمْ يَتَصَنَّعِ الْمُتَصَنِّعُونَ بِمِثْلِ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَلَمْ يَتَقَرَّبْ إِلَيَّ الْمُتَقَرِّبُونَ بِمِثْلِ الْوَرَعِ عَمَّا حَرَّمْتُ عَلَيْهِمْ . وَلَمْ يَتَعَبَّدْ لِيَ الْمُتَعَبِّدوُنَ بِمِثْلِ الْبُكَاءِ مِنْ خِيفَتِي.(1)
889. هٰذَا دِينٌ ارْتَضَيْتُهُ لِنَفْسِي وَلَنْ يُصْلِحَهُ إِلَّا السَّخَاءُ وَحُسْنُ الْخُلُقِ فَأَكْرِمُوهُ بِهِمَا مَا صَحِبْتُمُوهُ .(2)
890. إِذَا وَجَّهْتُ إِلىٰ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِي مُصِيبَةً فِي مَالِهِ وَبَدَنِهِ أَوْ وَلَدِهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ ذٰلِكَ بِصَبْرٍ جَمِيلٍ اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ أَنْصِبَ لَهُ مِيزَاناً أَوْ أَنْشُرَ لَهُ دِيوَاناً.(3)
ص: 521
891. اَلْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِداً مِنْهُمَا أَلْقَيْتُهُ فِي النَّارِ.(1)
الصحيح أنّ هذا من تمام الخبر الأوّل؛ أي: مَن زَهد في الدُّنيا رغب في الآخرة؛ لأنّهما ضرّتان.
ثمّ ذكر تعظيم أمر الفرائض؛ فثوابها أجلّ . ومعنى الخبرين الآخرين أنّه: لم يأت أحدٌ بفعلٍ طلب رضائي خيرٍ من الزُّهد في الدُّنيا، وكذلك لم يتقرّب أحدٌ بعملٍ يرجو بذلك قربي وعفوي أفضل من الوَرع، وكذلك لم يأتِ أحدٌ بعبادتي(2) أفضل وأزكى من البكاء من خشيتي.
ومعنى الخبر [الثاني]: الزموا السخاء وحُسن الخلق تكرّماً للدِّين إذا أردتم صحبته والنجاة به عاجلاً وآجلاً، و «الصبر الجميل»: صبرٌ لا شكوى فيه، وهو حَبس النفس على الموعود بمجيئ المضمون.
وقوله: «استحييت» فالاستحياء في صفة اللّٰه تعالى هو الترك، و «الكبرياء» و «العظمة»: صفتان للّٰه اختصَّ بهما، ولا يَشركه فيهما أحدٌ، ولا ينبغي لمخلوقٍ أن يتعاطاهما؛ لأنّ صفة المخلوق التواضع والتذلّل. وضرب الرداء والإزار مثلاً في ذلك؛ لأنّهما في الشاهد يشتملان صاحبهما بحيث لا يَصِلان إلى غيره، فاستعير ههنا؛ لأنّه كما لا يشرك الإنسانَ في إزاره وردائه أحدٌ، فكذلك لا يشرك اللّٰهَ أحدٌ من المخلوقين في الكبرياء والعظمة.
ص: 522
في الدُّعاء الذي يختم به هذا الكتاب
892. اَللّٰهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَايَنْفَعُ ، وَقَلْبٍ لَايَخْشَعُ ، وَدُعَاءٍ لَايُسْمَعُ ، وَنَفْسٍ لَاتَشْبَعُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هٰؤُلاءِ الْأَرْبَعِ .(1)
893. اَللّٰهُمَّ إِنِّي [أَعُوذُ بِكَ أَنْ ] أَضِلَّ أَوْ اُضَلَّ أَوْ أَذِلَّ أَوْ اُذَلَّ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ اُظْلَمَ أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ .(2)
894. اَللّٰهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ تَعْجِيلَ عَافِيَتِكَ ، وَصَبْراً عَلىٰ بَلِيَّتِكَ ، وَخُرُوجاً مِنَ الدُّنْيَا إِلىٰ رَحْمَتِكَ .(3)
ص: 523
895. اَللّٰهُمَّ خِرْ لِيَ وَاخْتَرْ لِي.(1)
896. اَللّٰهُمَّ حَسَّنْتَ خَلْقِي، فَحَسِّنْ خُلُقِي.(2)
897. اَللّٰهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّي.(3)
898. اَللّٰهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَخْطَأْتُ ، وَمَا تَعَمَّدْتُ ، وَمَا أَسْرَرْتُ ، وَمَا أَعْلَنْتُ ، وَمَا جَهِلْتُ ، وَمَا عَلِمْتُ .(4)
يقول: يا ربّ أعوذ بك من علمٍ اُحصّله بجهدٍ ومشقّةٍ ونظرٍ وتفكّرٍ؛ ثمّ لا يعود إليَّ نفعه، ولا يكون سبباً لنجاتي في الآخرة؛ من حيث لا أعملُ به، ولا اُعلّمه غيري. وأعوذُ بك من قلبٍ لا يطمئنّ لأوامرك بخشوعٍ ، ولا لطاعتك بخضوعٍ ، ولا يهتدي إلى رضاك برجوعٍ . وأعوذُ بك من دعاءٍ لا يُجاب، ونداءٍ لا يُستجاب.
وأعوذُ بك من نفْسٍ لا تختصر على قلّة الأكل، ولا تشبع من الزيادة والفضل.
ص: 524
استعاذ عليه السلام باللّٰه من هذه الأشياء الأربعة المذكورة في الحديث؛ لأنّها آفات لتلك الطاعات: يا ربّ أعوذُ بكَ أن أكون ضالّاً أو مُضِلّاً؛ أي: بأن يَنصب لي أحد تزيينه، أو أكون سبباً لتزيين الضلالة، وأصير ذليلاً أو مُذِلّاً؛ بأن يكون إنسان سبباً لمذلّتي أو أكون سبباً لمذلّةِ أحدٍ، وأكون ظالماً على أحدٍ أو يَظلم أحدٌ عليّ ، أو أدعو إلى جهلٍ أو يَجهَل عليَّ أحدٌ أو يدعوني أحدٌ إلى الجهل والضلالة.
وكان عليّ عليه السلام مريضاً فدخل النبيّ صلى الله عليه و آله وأمره أن يدعو بهذا ويقول: «اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ تعجيل عافيتك» ، فكان أمير المؤمنين عليه السلام يُكرّره، فشفاه اللّٰه عاجلاً، فنبّه بهذا على أنّ العافية أحبُّ إليه من البلاء.(1)
والمعنى: أنّ في هذه العلّة لا أخلو من ثلاثة؛ إمّا أن تحييني وتريد أن يكون حالتي بمرادي أو بمرادك، وإمّا أن تميتني ومرادي تعجيل العافية. فإن أردت أن تميتني، فأخرجني إلى رحمتك.
ثمّ طلب الخيرة من اللّٰه؛ لأنّ العبد لا يعرف ما هو خيرٌ له، وذلك لا يخفى على اللّٰه. وطلب أن يختار تعالى لنفسه؛ وقال تعالى: (وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ مٰا يَشٰاءُ وَ يَخْتٰارُ مٰا كٰانَ لَهُمُ اَلْخِيَرَةُ ) (2).
ثمّ قال: يا ربّ ، إنّك(3) أسلمت خلقي من العاهات والآفات، بل حسّنته فجعلتني أصبحَ وجهاً وأملح نظراً من غيري، فكما أحسَنتَ في تحسين صورتي فكذلك تفضّل بتحسين خُلقي. ويُستحبّ قراءة هذا الدُّعاء إذا نظر الإنسان في المرآة، [ثمّ طلب الغفران] والعفو والإغماض عن الذنوب.
ثمّ قال: يا ربّ اغفر لي خطئي وعمدي وإسراري وإعلاني وجهلي وعلمي.
و «ما» يجوز أن يكون موصولة، ويجوز أن تكون مصدرية.
ص: 525
899. اَللّٰهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، وَأَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا.(1)
900. اَللّٰهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ ، وَأَدْرَأُ بِكَ فِي نُحُورِهِمْ .(2)
901. بِكَ اُحَاوِلُ ، وَبِكَ اُقَاتِلُ ، وَبِكَ أَصُولُ .(3)
902. اَللّٰهُمَّ وَاقِيَةً كَوَاقِيَةِ الْوَلِيدِ.(4)
903. اَللّٰهُمَّ أَذَقْتَ أَوَّلَ قُرَيْشٍ نَكَالاً فَأَذِقْ آخِرَهُمْ نَوَالاً.(5)
904. اَللّٰهُمَّ بَارِكْ لِاُمَّتِي فِي بُكُورِهٰا.(6)
905. إِلَيْكَ انْتَهَتِ الأَمَانِيُّ يَا صَاحِبَ الْعَافِيَةِ .(7)
ص: 526
906. رَبِّ ، تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حُوبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي.(1)
907. اللّٰهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِيشَةً سَوِيَّةً ، وَمِيتَةً نَقِيَّةً (2)، وَمَرَدّاً غَيْرَ مُخْزٍ وَلَا فَاضِحٍ .(3)
يقول: يا ربِّ ، أعطِ نفسي حظّاً من التقوى، لتَخلص بها عن الهوى؛ يعني: افعل بنفسي ألطافاً تقرّبني من التقوى.
وأضاف التقوى إلى النفس؛ إعلاماً أنّها فعلُها لا فعلُ اللّٰه فيها، وإن كانت بتوفيقٍ منه تعالى، فسأل اللّٰهَ أوّلاً التوفيق للتقوى، ثمّ العصمة من الهوى بقوله: «وزكّها في المستقبل».
ثمّ قال: ما فعل اللّٰه في الماضي معه بأن طهّر نفسه من الذنوب والمعاصي [كان بولاية اللّٰه].
ثمّ قال: يا ربّ ، أعوذُ بك من شرور الأعداء، وأستدفعُ بقوّتك شرّ الضغائن التي في نحورِهم.
و «الدَّرء»: الدفع، وإنّما استعاذ باللّٰه منهم لأنّهم لا يخافون اللّٰه، وأوحى اللّٰه إلى موسى عليه السلام: «يا موسى، حقٌّ أن يُخاف ممّن لا يخافني».(4) بكَ - يا ربّ - أحتال وأطلب.
يُقال ما للرجل حولٌ ولا محالة، ومنه قولنا: «لا حول ولا قوّة إلّاباللّٰه» ؛ أي: لا حيلة في دفع سوءٍ ولا قوّة درك خيرٍ إلّاباللّٰه.
ص: 527
وفيه وجهٌ آخر، وهو أن يكون معناه الدفع والمنع من قولك حال بين الشيئين، إذا منع أحدهما عن الآخر، فقوله: بكَ اُحاول؛ أي: لا أمنع ولا أدفع إلّابك. وقوله:
وبكَ أصول؛ أي بك أحمل على العدوّ.
وروي: «وبكَ اُصاول»(1)؛ أي اُواثب. وروي أنّه إذا لقي العدوّ كان يقول: «اللّهمَّ بكَ أحول، وبك أصول»(2)، وهو من حال يحول حيلةً ؛ بمعنى احتال، والمراد كيد العدوّ، وقيل: هو من حال بمعنى تحرّك، و «الواقيةُ » مصدر كالعافية والكاذبة.
وقيل: معناه: يا ربّ ، أسأل من فضلك أن تجعلني في واقيتك وحفظك كما جعلتَ الوليد في كلاءتك.
وقيل: هو أنّ موسى لمّا خرج أبوه من عنده وترك اُمّه وغنمه ووضعته اُمّه في مفازةٍ ، لا واقي لهم غير اللّٰه.
وقيل: أراد به حبس الولدان؛ أي: قني واقيةً مثل واقيتك للولدان؛ فإنّك تحفظ الصبيّ عن المهالك مع فرط غفلته، فكذلك قِني بفضلك عمّا اُحاذر وعمّا لا اُحاذر في الدُّنيا والآخرة.
ويروى: «كواقية موسى»، وذلك حين ألقته اُمّه في التابوت، وألقت التابوت في البحر، فردّه إليها سالماً من غير أن أصابه بلاءٌ ، فكذلك سلّمني من الآفات.
و «واقيةً » نُصِبَ على المصدر، ومحلّ الكاف نصب؛ لأنّه صفةٌ ؛ أي: قِني واقيةً مثل واقيتك الوليد. والمصدر الثاني مضاف إلى المفعول.
والصحيح أنّ المراد بالوليد موسى؛ لقوله تعالى: (أَ لَمْ نُرَبِّكَ فِينٰا وَلِيداً) (3)،
ص: 528
ولقوله: (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) (1).(2)
وفي المثل: «الواقية خيرٌ من الراقية»؛ أي: حفظُ اللّٰه خيرٌ من رقيتك.
و «النكال»: العبرة التي ينكل الرجل عندها؛ أي يجبن ويضعف، وأراد بنكال قريش ما جرى عليهم من القحط والجَدب والقتال.
وقيل: الرحال وما رماهم اللّٰه به من الأنكال والقيود والأغلال وشماتة الأعداء وهجران الأوطان. وإنّما دعا لهم لفرط محبّته وشفقته عليهم.
وقال عليه السلام: «بورك لاُمّتي في بكورها يوم سبتها وخميسها».(3)
وقال: «مَن بكّر يوم السبت في طلب حاجة، فأنا ضامن بنجاحها».(4)
وبيان قوله: «بارك لاُمّتي في بكورها» في تمامه، وهو قوله: «بكّروا تنجحوا، واصدقوا تفلحوا، واغزوا تصحّوا».(5)
وقيل: أراد هذه البركة في طلب العلم وطلب كسب الحلال.
وقوله: «إليك انتهت الأماني يا صاحب العافية» ، معناه: إليك بلغت الآمال والأماني يا من تملك دفع المضارّ والبلايا عن العباد ودفع العلل والأسقام عنهم ولا يقدر عليه غيرك. و «العافية»: دفاع اللّٰه عن العباد.
والصحيح أنّ هذه الكلمة ليست من جملة الدُّعاء . وغلط(6) القضاعي في إيرادها في هذا الباب ؛ لأنّه ظنّ أنّ معناها ما ذكرناه ، وتحقيق ذلك أنّه عليه السلام يُخاطب إنساناً يكون في العافية والسلامة ، ولا يكون عنده مالٌ ولا نعمة ، يطيِّب عليه السلام قلبه بذلك
ص: 529
ويقول: إلى حالتك انتهى أماني الخلق يا من هو في العافية، احمَد اللّٰه على العافية، وسَلْهُ تمام العافية؛ فإنّها أعظم النِّعم.
ثمّ قال: ياربّ ، اجعل توبتي في موضع القبول؛ ومعنى «توبتي» أي: رجوعي عن الذنوب والخطايا، «واغسل حوبتي» أي: أزل عنّي الدَّرَن من الآثام والعيوب كما يُزال وَسَخ الثوب بالماء. و «الحوبة»: الإثم.
وروي: «وارحم حوبتي»، وفسّرت بالحاجة والمسكنة؛ وإنّما سمّوا الحاجة حوبةً لكونها مذمومة غير مرضيّة، وكلّ ما لا يرتضونه(1) فهو عندهم خطيئة وسيّئة، وإذا ارتضوا شيئاً سمّوه خيراً ورشداً وصواباً. وإنّما أقام إماطة وزرها وإسقاط إثمها مقام غسل الأدران؛ لأنّ الإنسان بعدها يعود نقيّ الأثواب.
وهذا الدُّعاء منه عليه السلام على وجه التعبّد والخضوع، لا أنّ له حوبةً فيستحطّ وزرها ويستغسل دَرَنها، ويكون قوله ذلك على طريق التعليم لاُمّته؛ كيف يتوب العاصي، ويستأمن الخائف.
والسبب الذي لأجله قلنا إنّ الأنبياء لا يجوز أن يواقعوا المعاصي أنّ الحَكَم(2) إذا أرسل رسولاً جَنَّبه كلّ ما ينفِّر عنه، والمعاصي منفّرة في العادات، وليس ههنا موضع بيانه.
وعنه عليه السلام: «اللّهُمَّ إليك أرفع حوبتي».(3)
ثمّ سأل ربّه عيشاً سويّاً على السَّداد والرَّشاد بعيداً عن الزيغ والفساد، و «عيشةً سويّةً »؛ يعني ذات سواء، و «ميتةً نقيّةً (4)»؛ أي طاهرةً من الشُّبهات والشهوات والآفات والعاهات.
و «مردّاً» أي مرجعاً إليك، لا يُخزي صاحبه، و «الخزي»: الهوان والمذلّة.
ص: 530
«ولا فاضحٍ »؛ أي: مردّاً لا يفضحني على رؤوس الأشهاد.
وأراد عليه السلام حسن العافية في الدُّنيا، وجميل الخاتمة في الآخرة، جعل اللّٰه عاقبتنا إلى كلِّ خيرٍ بحقّ محمّد وآله:.(1)
ص: 531
ص: 532
1. فهرس الآيات القرآنيّة... 535
2. فهرس أحاديث المتن... 549
3. فهرس أحاديث الشرح... 587
4. فهرس الأعلام... 607
5. فهرس الفرق والمذاهب والجماعات والقبائل... 615
6. فهرس الأماكن والبلدان... 618
7. فهرس الكتب الواردة في مقدمّة التحقيق... 621
8. فهرس الكتب الواردة في المتن... 625
9. فهرس الأشعار... 626
10. فهرس مصادر التحقيق... 627
ص: 533
ص: 534
متن الآية\رقم الآية \الصفحة
البقرة (2)
(هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ) 2\155
(أَقِيمُواْ الصَّلَوٰةَ ) 43\298
(وَ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَ الصَّلَوٰةِ ) 45\187
(فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَ وَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ ) 79\203
(أَقِيمُواْ الصَّلَوٰةَ ) 83\298
(وَ مَلاٰئِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ وَ جِبْرِيلَ وَمِيكٰالَ ) 98\359
(أَقِيمُواْ الصَّلَوٰةَ ) 110\298
(كُن فَيَكُونُ ) 117\359
(وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمْ ) 143\172
(وَبَشِّرِ الصَّٰبِرِينَ ) 155\474
(الَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ ...) 156\233
(وَ الصَّٰبِرِينَ فِى الْبَأْسَآءِ ) 176\474
(وَ ءَ اتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِى الْقُرْبَىٰ ) 177\118
ص: 535
(فَمَنْ عُفِىَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَىْ ءٌ ) 178\322
(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا...) 180\483
(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ) 183\494
(فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ ) 194\349
(وَلَا تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) 195\470
(وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيًْا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ) 216\274، 429
(وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِى) 260\452
(الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَ ٰلَهُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ ) 261\183
(قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذىً ) 263\117
(لَاتُبْطِلُواْ صَدَقَٰتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ ) 264\107
(يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَوٰاْ وَيُرْبِى الصَّدَقَٰتِ ) 276\121
(وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ) 280\251
(لَايُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) 286\300
آل عمران (3)
(وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ ) 4\519
(كُن فَيَكُونُ ) 47\359
(كُن فَيَكُونُ ) 59\359
(اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ) 102\309
(وَالْكَٰظِمِينَ الْغَيْظَ) 134\473
(وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) 135\377
(وَشَاوِرْهُمْ فِى الْأَمْرِ) 159\66
(وَمَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَغُلَّ ) 161\96
ص: 536
(وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ السَّمَٰوَ ٰتِ وَالْأَرْضِ ) 191\372
النساء (4)
(مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَآءِ ) 3\331
(وَلَا تُؤْتُواْ السُّفَهَآءَ أَمْوَ ٰلَكُمُ ) 5\107
(لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَ ٰلِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ ) 7\375
(إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتَٰمَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا...) 10\122، 267
(وَمَن يَعْصِ اللَّهَ ) 14\68
(سْألُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ) 32\351
(وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَٰنُكُمْ فََاتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ) 33\375، 376
(أَقِيمُواْ الصَّلَوٰةَ ) 77\298
(وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا) 79\505
(يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا) 85\257
(لَّاخَيْرَ فِى كَثِيرٍ مِّن نَّجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ ...) 114\207
(وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ) 128\200، 321
(لَّايُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ) 148\236
المائدة (5)
(أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَٰفِرِينَ ) 54\137
(ءَ أَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِى وَأُمِّىَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ ) 116\170
الأنعام (6)
(كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) 54\292
(كُن فَيَكُونُ ) 73\359
ص: 537
(وَوَ ٰ عَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَٰثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَٰهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ ...) 142\253
(وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ) 164\166
الأعراف (7)
(قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ) 3\513
(قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ ) 10\303
(وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلَا تُسْرِفُواْ) 31\137
(كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا) 92\454
(وَاخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ ) 155\357
الأنفال (8)
(أَنَّمَآ أَمْوَ ٰلُكُمْ وَأَوْلَٰدُكُمْ فِتْنَةٌ ) 28\356
(إِن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا) 29\316
(وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ ) 42\341
(إِنَّ الَّذِينَ ءَ امَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمْوَ ٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ...) 72\375
(وَأُوْلُواْ الأَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِى كِتَٰبِ ...) 75\375
التوبة (9)
(نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ) 67\222
(وَجَآءَ الْمُعَذِّرُونَ ) 89\386
(خُذْ مِنْ أَمْوَ لِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِم بِهَا) 103\309
(إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَ أَمْوَ ٰلَهُم) 111\183
يونس (10)
ص: 538
(إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَْخِرُونَ سَاعَةً وَ لَايَسْتَقْدِمُونَ ) 49\520
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ ...) 57\78
(أَقِيمُواْ الصَّلَوٰةَ ) 87\298
هود (11)
(أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ ) 17\90
(فَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ ) 112\82
(إِنَّ الْحَسَنَٰتِ يُذْهِبْنَ السَّيَِّاتِ ) 114\309
يوسف (12)
(أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا) 21\529
الرعد (13)
(وَ مَا دُعَآءُ الْكَٰفِرِينَ إِلَّا فِى ضَلَٰلٍ ) 14\213
(مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِى وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ) 35\487
(يَمْحُواْ اللَّهُ مَا يَشَآءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِندَهُ أُمُّ الْكِتَٰبِ ) 39\119، 287، 371،
520
الحجر (15)
(وَ لَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَ لَقَدْ عَلِمْنَا...) 24\464
النحل (16)
(كُن فَيَكُونُ ) 40\359
(وَ مَآ أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ) 77\167
ص: 539
الإسراء (17)
(كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) 14\166
(وَ مَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا) 15\386
(إِنَّ قُرْءَ انَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) 78\328
(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) 82\78
الكهف (18)
(وَ يُنذِرَ الَّذِينَ قَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا) 5\291
(مَّا لَهُم بِهِى مِنْ عِلْمٍ وَ لَالِأَبَآلِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ ...) 6\291
(وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَوٰةِ ...) 28\301
(ءَ اتَتْ أُكُلَهَا وَ لَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيًْا) 33\88
(الْمَالُ وَ الْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَوٰةِ الدُّنْيَا وَ الْبَٰقِيَٰتُ الصَّٰلِحَٰتُ ) 46\187
(فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَٰنًا وَ كُفْرًا) 80\87
مريم (19)
(إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَآءً خَفِيًّا) 3\460
(وَ ءَ اتَيْنَٰهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) 12\182
(كُن فَيَكُونُ ) 35\359
(وَ إِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا) 71\99
(تَكَادُ السَّمَٰوَ ٰتُ يَتَفَطَّرْنَ ) 89\280
طه (20)
ص: 540
(الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ) 5\307
(مِنْهَا خَلَقْنَٰكُمْ وَ فِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ ) 55\329
الأنبياء (21)
(وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ ) 46\326
المؤمنون (23)
(مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سٰامِرًا تَهْجُرُونَ ) 67\469
النور (24)
(لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا...) 27\83
(قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَٰرِهِمْ ) 30\278
(إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ) 32\130
(وَ لْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَايَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ ...) 33\81
(مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَوٰةٍ ) 35\495
(وَ إِن تُطِيعُوهُ تهْتَدُواْ) 54\72
(أَقِيمُواْ الصَّلَوٰةَ ) 56\298
(فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ ) 61\83
الفرقان (25)
(أَصْحَٰبُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلاً) 24\468
(وَ عِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا) 63\424
الشعراء (26)
ص: 541
(أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا) 18\528
(وَ اجْعَل لِّى لِسَانَ صِدْقٍ فِى الْأَخِرِينَ ) 84\499
النمل (27)
(أُلْقِىَ إِلَىَّ كِتَٰبٌ كَرِيمٌ ) 29\86
(أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ...) 62\213
(أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ) 62\371
(إِنَّكَ لَاتُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ ) 80\124
القصص (28)
(وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَ يَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ) 68\525
(يَٰالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِىَ قَٰارُونُ ) 79\351
(وَ أَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ ) 82\351
(تِلْكَ الدَّارُ الْأَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَايُرِيدُونَ عُلُوًّا...) 83\132، 364
الرّوم (30)
(أَقِيمُواْ الصَّلَوٰةَ ) 31\298
لقمان (31)
(اشْكُرْ لِى وَ لِوَ لِدَيْكَ ) 14\370
(إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ) 34\288
(وَ مَا تَدْرِى نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَ مَا تَدْرِى نَفْسُم بِأَىِّ ...) 34\499
الأحزاب (33)
ص: 542
(وَأُوْلُواْ الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِى كِتَٰبِ ...) 6\375
(وَ إِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَٰقَهُمْ وَ مِنكَ وَ مِن نُّوحٍ ) 7\359
(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ...) 33\54
(اذْكُرُواْ اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا) 41\317
(وَ كَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا) 43\445
سبأ (34)
(وَ مَآ أَنفَقْتُم مِّن شَىْ ءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ) 39\357
فاطر (35)
(إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَٰؤُاْ) 28\126
يس (36)
(كُن فَيَكُونُ ) 82\359
الصّافات (37)
(إِنِّى أَرَىٰ فِى الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ ) 102\67
ص (38)
(فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِى بِأَمْرِهِ رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ ) 36\226
الزمر (39)
(لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ) 65\256
غافر (40)
ص: 543
(فَادْعُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) 14\79
(ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) 60\79
(كُن فَيَكُونُ ) 68\359
فصّلت (41)
(وَ إِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ ) 24\453
(وَ قَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ ) 25\360
(اعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ ) 40\298
الشورىٰ (42)
(وَ هُوَ الَّذِى يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ) 25\123
(وَ مَآ أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُواْ...) 30\262
(يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَٰثًا وَ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ الذُّكُورَ) 49\130
الزخرف (43)
(وَ لَوْلَآ أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَ ٰحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن...) 33\514
الجاثية (45)
(وَ قَالُواْ مَا هِىَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَ نَحْيَا...) 24\395
محمّد (47)
(وَتُقَطِّعُواْ أَرْحَامَكُمْ ) 22\411
الفتح (48)
ص: 544
(ظَنَّ السَّوْءِ ) 6\494
(أَشِدَّآءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ ) 29\137
الحجرات (49)
(فَإِن بَغَتْ إِحْداهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقٰاتِلُواْ الَّتِى تَبْغِى) 9\107
(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقٰاكُمْ ) 13\73
الذاريات (51)
(وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) 56\318، 386
النجم (53)
(وَ مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ) 3 7
(إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْىٌ يُوحَىٰ ) 4 7
(فَلَا تُزَكُّواْ أَنفُسَكُمْ ) 32\89
الرحمن (55)
(سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ ) 31\286
الواقعة (56)
(لَّايُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ ) 19\170
الحديد (57)
(يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَٰتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَينَ ...) 12\140
(ارْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَالْتَمِسُواْ نُورًا) 13\123
ص: 545
(يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ ) 28\257
الحشر (59)
(وَ مَآ آتٰاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مَا نَهٰاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ) 7\454
الجمعة (62)
(فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَوٰةُ فَانتَشِرُواْ) 10\298
التغابن (64)
(يَٰأَيُّهَا الَّذِينَ ءَ امَنُواْ إِنَّ مِنْ أَزْوَ ٰجِكُمْ وَ أَوْلَٰدِكُمْ عَدُوًّا...) 14\356
التحريم (66)
(قُواْ أَنفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ نَارًا) 6\301
(لَّايَعْصُونَ اللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) 6\307
الملك (67)
(مَن فِى السَّمَآءِ ) 17\307
القلم (68)
(وَ إِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) 4\300
(عُتُلٍ بَعْدَ ذَ ٰلِكَ زَنِيمٍ ) 13\341
(وَ إِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَٰرِهِمْ ) 51\377
الحاقة (69)
ص: 546
(أُذُنٌ وَ ٰ عِيَةٌ ) 12\509
المعارج (70)
(إِنَّ الْإِنسَٰنَ خُلِقَ هَلُوعًا) 19\429
(إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا) 20\429
(وَ إِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا) 21\429
الجنّ (72)
(كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا) 19\280
المزمّل (73)
(إِنَّ نَاشِئَةَ الَّيْلِ هِىَ أَشَدُّ وَطًْا وَ أَقْوَمُ قِيلاً) 6\139
(أَقِيمُواْ الصَّلَوٰةَ ) 20\298
المرسلات (77)
(أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا) 25\329
النازعات (79)
(وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ ) 40\108
(إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشٰاهَا) 45\155
عبس (80)
(أُوْلٰئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ ) 42\213
الانشقاق (84)
ص: 547
(فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا) 8\224
الضحى (93)
(وَ أَمَّا السَّآئِلَ فَلَا تَنْهَرْ) 10\117
(وَ أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) 11\89
العاديات (100)
(وَ إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) 8\175
القارعة (101)
(فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ) 9\109
الهمزة (104)
(نَارُ اللّٰهِ الْمُوقَدَةُ ) 6\98
(الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ) 7\98
النّصر (110)
(إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ ) 1\149
ص: 548
57. آفَةُ الحَدِيثِ الكَذِبُ ، وَآفَةُ العِلْمِ النِّسْيَانُ ، وَآفَةُ الحِلْمِ السَّفَهُ ، وَآفَةُ ... 106
415. أَبَاهِرٍّ أحْسِنْ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِماً، وَأَحْسِنْ مُصَاحَبَةَ مَنْ ... 303
410. ابْدَأ بِمَنْ تَعُولُ . 298
402. اِبْنَ آدَمَ عِنْدَكَ مَا يَكْفِيكَ وَأَنْتَ تَطْلُبُ مَا يُطْغِيكَ . ابْنَ آدَمَ لَابِقَلِيلٍ تَقْنَعُ ،... 294
379. أَبَى اللّٰهُ أَنْ يَرْزُقَ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ إِلَّا مِنْ حَيْثُ لَايَعْلَمُ . 280
426. اتَّق اللّٰه حيثُ كنتَ ، وَاتبع السيّئة الحسنة تمُحها، وخالق الناس... 307
438. اِتَّقُوا الْحَرَامَ فِي الْبُنْيَانِ ؛ فَإِنَّهُ أَسَاسُ الْخَرَابِ . 313
489. اِتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ ؛ فَإِنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ ؛ يَقُولُ اللّٰهُ تَعَالىٰ : وَعِزَّتِي... 337
449. اِتَّقُوا الشُّحَّ ؛ فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ . 318
437. اِتَّقُوا فَرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ ؛ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللّٰهِ تَعَالىٰ . 313
448. اِتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ . 318
461. اِجْمَعُوا وَضُوءَ كُمْ جَمَعَ اللّٰهُ شَمْلَكُمْ . 326
473. أَجْمِلُوا فِي طَلَبِ الدُّنْيَا؛ فَإِنَّ كُلّاً مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ مِنْهَا. 331
809. أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللّٰهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ . 472
807. أَحَبَّ اللّٰهُ عَبْداً سَمِحاً بَائِعاً وَمُشْتَرِياً وَقَاضِياً وَمُقْتَضِياً. 472
494. أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْناً مَا عَسىٰ أَنْ يَكُونَ بَغيِضَكَ يَوْماً مَا، وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ ... 340
ص: 549
808. أَحَبُّ الْبِقَاعِ إِلَى اللّٰهِ الْمَسَاجِدُ. 472
806. أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللّٰهِ الْأَتْقِيَاءُ الأَخْفِيَاءُ . 471
810. أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللّٰهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَجْلِساً إِمَامٌ عَادِلٌ . 472
469. اُحْثُوا فِي وُجُوهِ الْمَدَّاحِينَ التُّرَابَ . 327
470. أَحْسِنُوا إِذَا وُلِّيتُمْ ، وَاعْفُوا عَمَّا مَلَكْتُمْ . 328
500. اِحْفَظِ اللّٰهِ يَحْفَظْكَ ، اِحْفَظِ اللّٰهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ ، تَعَرَّفْ إِلَى اللّٰهِ فِي الرَّخَاءِ ... 343
477. اِحْفَظُونِي فِي أَصْحَابِي؛ فَإِنَّهُمْ خِيَارُ اُمَّتِي. 333
478. اِحْفَظُونِي فِي عِتْرَتِي؛ فَإِنَّهُمْ خِيَارُ أَصْحَابِي. 333
411. اُخْبُرْ تَقْلِهِ ، وَ ثِقْ بِالنَّاسِ رُوَيْداً. 298
498. أَدِّ الْأمَانَةَ إِلىٰ مَنِ ائْتَمَنَكَ ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ . 342
510. إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ . 348
513. إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُعْلِمْهُ . 348
852. إِذَا أَحَبَّ اللّٰهُ عَبْداً حَمَاهُ الدُّنْيَا كَمَا يَظِلُّ أَحَدُكُمْ يَحْمِي سَقِيمَهُ الْمَاءَ . 497
850. إِذَا أَرَادَ اللّٰهُ بِعَبْدٍ خَيْراً عَسَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ . 497
857. إِذَا أَرَادَ اللّٰهُ تَعَالىٰ إِنْفَاذَ قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ سَلَبَ ذَوِي الْعُقُولَ عُقُولَهُمْ حَتّىٰ يُنَفِّذَ... 498
853. إِذَا اسْتَشَاطَ السُّلْطَانُ تَسَلَّطَ الشَّيْطَانُ . 497
856. إِذَا اشْتَكَى الْمُؤْمِنُ أَخْلَصَهُ ذٰلِكَ مِنَ الذُّنُوبِ كَمَا يُخْلِصُ الْكِيرَ الْخُبْثَ مِنَ الْحَدِيدِ. 498
514. إِذَا بُويِعَ لِلْخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الْأَخِيرَ مِنْهُمَا. 348
855. إِذَا تَقَارَبَ الزَّمَانُ انْتَقَى الْمَوْتُ خِيَارَ اُمَّتِي كَمَا يَنْتَقِي أَحَدُكُمْ خِيَارَ الرُّطَبِ ... 498
515. إِذَا تَمَنَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَنْظُرْ مَا يَتَمَنَّى؛ فَإِنَّهُ لَايَدْرِي مَا كُتِبَ لَهُ مِنْ اُمْنِيَّتِهِ . 348
511. إِذَا جَاءَكُمُ الزَّائِرُ فَأَكْرِمُوهُ . 348
512. إِذَا غَضِبْتَ فَاسْكُتْ . 348
854. إِذَا نَصَحَ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ كَانَ لَهُ الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ . 498
890. إِذَا وَجَّهْتُ إِلىٰ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِي مُصِيبَةً فِي مَالِهِ وَبَدَنِهِ أَوْ وَلَدِهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ ... 521
509. إِذَا وَزَنْتُمْ فَأَرْجِحُوا. 347
ص: 550
245. أَرْبَعَةٌ يُبْغِضُهُمُ اللّٰهُ تَعَالىٰ : البَيَّاعُ الحَلَّافُ ، وَالفَقِيرُ المُخْتَالُ ، وَالشَّيْخُ ... 216
421. اِرحم من في الأرض يرحمك من في السّماء. 306
490. اِرْحَمُوا ثَلَاثَةً : غَنِيَّ قَوْمٍ افْتَقَرَ، وَعَزِيزَ قَوْمٍ ذَلَّ ، وَعَالِماً يَلْعَبُ بِهِ الحَمْقىٰ وَالْجُهَّالُ . 339
201. الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ ؛ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ . 193
417. اِزْهَدْ في الدُّنْيَا يُحْبِبْكَ اللّٰهُ ، وَازْهَدْ بِمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحْبِبْكَ النَّاسُ . 304
423. أسبغ الوضوء يزد في عمرك وسلّم على أهل بيتك يكثر خير بيتك. 306
786. اِسْتِتْمَامُ الْمَعْرُوفِ خَيْرٌ مِنِ ابْتِدَائِهِ . 465
479. اِسْتَشِيرُوا ذَوِي الْعُقُولَ تَرْشُدُوا، وَلَا تَعْصُوهُمْ فَتَنْدَمُوا. 333
424. استعفف عن السّؤال ما استطعت. 307
472. اِسْتَعِيذُوا بِاللّٰهِ مِنْ طَمَعٍ يَهْدِي إِلىٰ طَبْعٍ . 331
465. اِسْتَعِينُوا عَلىٰ اُمُورِكُمْ بِالْكِتْمَانِ لَهَا. 327
466. اِسْتَعِينُوا عَلىٰ إِنْجٰاحِ الْحَوَائِجِ بِالْكِتْمَانِ لَهَا. 327
450. اِسْتَغْنُوا عَنِ النَّاسِ وَلَوْ بِشَوْصِ السِّوَاكِ . 319
452. اِسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً؛ فَإِنَّهُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ . 319
825. أَسْرَعُ الدُّعَاءِ إِجَابَةً دَعْوَةُ غَائِبٍ لِغَائِبٍ . 477
422. اسمَح يُسمح لك. 306
883. اِشْتَدَّ غَضَبِي عَلىٰ مَنْ ظَلَمَ مَنْ لَايَجِدُ نَاصِراً غَيْرِي. 517
504. اِشْتَدِّي أَزْمَةُ تَنْفَرِجِي. 346
404. اِشْفَعُوا تُؤْجَرُوا. 297
822. أَصْدَقُ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللّٰهِ ، وَأَوْثَقُ الْعُرىٰ كَلِمَةُ التَّقْوىٰ ، وَأَحْسَنُ الْهُدىٰ ... 476
474. أَصْلِحُوا دُنْيَاكُمْ ، وَاعْمَلُوا لِآخِرَتِكُمْ . 332
503. اِصْنَعِ الْمَعْرُوفَ إِلىٰ مَنْ هُوَ أَهْلُهُ وَإِلىٰ مَنْ لَيْسَ أَهْلَهُ ، فَإِنْ أَصَبْتَ أَهْلَهُ فَهُوَ... 346
471. أَطْعِمُوا طَعَامَكُمُ الأتْقِيَاءَ ، وَأَوِّلُوا مَعْرُوفَكُمُ الْمُؤْمِنِينَ . 331
460. اُطْلُبُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللّٰهِ ؛ فَإِنَّ للّٰهِِ تَعَالىٰ نَفَحَاتٍ ... 324
434. اُطْلُبُوا الْخَيْرَ عِنْدَ حِسَانِ الْوُجُوهِ . 311
ص: 551
459. اُطْلُبُوا الْفَضْلَ عِنْدَ الرُّحَمَاءِ مِنْ اُمَّتِي تَعِيشُوا فِي أَكْنَافِهِمْ . 324
823. أَطْيَبُ الطِّيبِ الْمِسْكُ . 476
444. اِعْتَمُّوا تَزْدَادُوا حِلْماً. 314
451. أَعْرُوا النِّسَاءَ يَلْزَمْنَ الْحِجَالَ . 319
499. أَعْطُوا الْأجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ . 342
91. أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَقَلُّهُنَّ مَؤُونَةً . 129
185. أَعْمَارُ اُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ . 185
1. الأَعمْالُ بِالنِّيَّاتِ . 63
445. اِعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ . 315
831. أَعْمَى الْعَمَى الضَّلَالَةُ بَعْدَ الْهُدىٰ . وَمِنْ أَعْظَمِ الْخَطَايَا اللِّسَانُ الْكَذُوبُ . 481
485. اِغْتَنِمْ خَمْساً قَبْلَ خَمْسٍ ؛ شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سُقْمِكَ ،... 336
454. اِغْتَنِمُوا الدُّعَاءَ عِنْدَ الرِّقَّةِ ؛ فَإِنَّها رَحْمَةُ . 323
475. أفْشُوا السَّلَامَ تَسْلَمُوا. 332
476. أفْشُوا السَّلَامَ وَأطْعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصِلُوا الْأرْحَامَ ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ ... 332
799. أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ. 467
798. أَفْضَلُ الْحَسَنَاتِ تَكْرِمَةُ الْجُلَسَاءِ . 467
793. أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ . 466
795. أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ عَلىٰ ذِي الرَّحِمِ الكَاشِحِ . 467
794. أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ كَفُّ اللِّسَانِ . 466
797. أَفْضَلُ عِبَادَةِ اُمَّتِي قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ . 467
796. أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ انْتِظَارُ الْفَرَجِ . 467
801. أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ الْفِقْهُ ، وَأَفْضَلُ الدِّينِ الْوَرَعُ . 468
800. أَفْضَلُ الْفَضَائِلِ أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ ، وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ ، وَتَصْفَحَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ . 467
388. اِقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ ؛ وَلَا يَزْدَادُ النَّاسُ عَلَى الدُّنْيَا إِلَّا حِرْصاً، وَلَا تَزْدَادُ مِنْهُمْ ... 284
497. اِقْرَأِ الْقُرْآنَ مَا نَهَاكَ ، فَإِذَا لَمْ يَنْهَكَ فَلَسْتَ تَقْرَأُهُ . 342
ص: 552
413. أَقِلَّ مِنَ الدَّيْنِ تَعِشْ حُرّاً، وَأَقِلَّ مِنَ الذُّنُوبِ يَهُنْ عَلَيْكَ الْمَوْتُ ، وَانْظُرْ فِي... 302
442. أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَادِمِ اللَّذَّاتِ . 314
439. أَكْرِمُوا أَوْلَادَكُمْ ، وَأَحْسِنُوا آدَابَهُمْ . 314
488. أَكْرِمُوا الشُّهُودَ؛ فَإِنَّ اللّٰهَ يَسْتَخْرِجُ بِهِمُ الْحُقُوقَ ، ويَدْفَعُ بِهِمُ الظُّلْمَ . 337
746. أَلَا إنَّ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَزْنٌ بِرَبْوَةٍ ، أَلَا إِنَّ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ سَهْلٌ بِشَهْوَةٍ . 444
867. أَلَا رُبَّ مُهِينٍ لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَهَا مُكْرِمٌ . أَلَا رُبَّ شَهْوَةِ سَاعَةٍ أَوْرَثَتْ حُزْناً طَوِيلاً. 508
866. أَلَا رُبَّ نَفْسٍ طَاعِمَةٍ نَاعِمَةٍ فِي الدُّنْيَا، جَائِعَةٍ عَارِيَةٍ يَوْمِ الْقِيَامَةِ . أَلَا رُبَّ ... 507
467. اِلْتَمِسُوا الْجَارَ قَبْلَ شَرَاءِ الدَّارِ، وَالرَّفِيقَ قَبْلَ الطَّرِيقِ . 327
456. اِلْتَمِسُوا الرِّزْقَ فِي خَبَايَا الْأَرْضِ . 323
811. اَلْخَلْقُ كُلُّهُمْ عِيَالُ اللّٰهِ ، فَأَحَبُّهُمْ إِلَيْهِ أَنْفَعُهُمْ لِعِيَالِهِ . 472
455. ألِظُّوا بِيَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإكْرَامِ . 323
891. اَلْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِداً مِنْهُمَا أَلْقَيْتُهُ ... 522
899. اَللّٰهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، وَأَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا. 526
903. اَللّٰهُمَّ أَذَقْتَ أَوَّلَ قُرَيْشٍ نَكَالاً فَأَذِقْ آخِرَهُمْ نَوَالاً. 526
898. اَللّٰهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَخْطَأْتُ ، وَمَا تَعَمَّدْتُ ، وَمَا أَسْرَرْتُ ، وَمَا أَعْلَنْتُ ، وَمَا... 524
897. اَللّٰهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّي. 524
894. اَللّٰهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ تَعْجِيلَ عَافِيَتِكَ ، وَصَبْراً عَلىٰ بَلِيَّتِكَ ، وَخُرُوجاً مِنَ الدُّنْيَا... 523
907. اللّٰهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِيشَةً سَوِيَّةً ، وَمِيتَةً نَقِيَّةً ، وَمَرَدّاً غَيْرَ مُخْزٍ وَلَا فَاضِحٍ . 527
893. اَللّٰهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ اُضَلَّ أَوْ أَذِلَّ أَوْ اُذَلَّ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ اُظْلَمَ أَوْ أَجْهَلَ ... 523
900. اَللّٰهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ ، وَأَدْرَأُ بِكَ فِي نُحُورِهِمْ . 526
892. اَللّٰهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَايَنْفَعُ ، وَقَلْبٍ لَايَخْشَعُ ، وَدُعَاءٍ لَايُسْمَعُ ،... 523
904. اَللّٰهُمَّ بَارِكْ لِاُمَّتِي فِي بُكُورِهٰا. 526
896. اَللّٰهُمَّ حَسَّنْتَ خَلْقِي، فَحَسِّنْ خُلُقِي. 524
895. اَللّٰهُمَّ خِرْ لِيَ وَاخْتَرْ لِي. 524
902. اَللّٰهُمَّ وَاقِيَةً كَوَاقِيَةِ الْوَلِيدِ. 526
ص: 553
782. اَلْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلىٰ . 463
905. إِلَيْكَ انْتَهَتِ الأَمَانِيُّ يَا صَاحِبَ الْعَافِيَةِ . 526
170. الإِمَامُ ضَامِنٌ ، وَالمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ . 180
50. الأمَانَةُ تَجُرُّ الرِّزْقَ ، وَالخِيانَةُ تَجُرُّ الفَقْرَ. 101
9. الأَمَانَةُ غِنىً . 72
215. اُمَّتي الغُرُّ المُحَجَّلُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ . 200
493. أمِطِ الْأذىٰ عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ تَكْثُرْ حَسَنَاتُكَ . 339
649. إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّي الْأبُ . 413
641. إِنَّ أَحْسَابَ أَهْلِ الدُّنْيَا هٰذَا الْمَالُ . 408
644. إِنَّ أَحْسَنَ الْحَسَنِ الْخُلُقُ الْحَسَنُ . 412
717. إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَاباً يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَالِمٌ لَمْ يَنْفَعْهُ اللّٰهُ بِعِلْمِهِ . 435
720. إِنَّ أَشْقَى الْأشْقِيَاءِ مَنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَقْرُ الدُّنْيَا وَعَذَابُ الْآخِرَةِ . 436
651. إِنَّ أَشْكَرَ النَّاسِ للّٰهِِ أَشكَرُهُمْ لِلنَّاسِ . 413
661. إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ ، وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ . 416
638. إِنَّ أَعْجَلَ الطَّاعَةِ ثَوَاباً صِلَةُ الرَّحِمِ . 408
652. إِنَّ إِعْطَاءَ هٰذَا الْمَالِ فِتْنَةٌ ، وَإِمْسَاكَهُ فِتْنَةٌ . 413
248. أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ . 218
647. إِنَّ أَقَلَّ سَاكِنِي الْجَنَّةِ النِّسَاءُ . 413
646. إِنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُلْهُ . 412
679. إِنَّ أَكْثَرَ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ الْأجْوَفَانِ الْفَمُ وَالْفَرْجُ ، وَإِنَّ أَكْثَرَ مَا يُدْخِلُ ... 423
723. إِنَّا لَانَسْتَعْمِلُ عَلىٰ عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ . 438
683. إِنَّ الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَايَنْظُرُ اللّٰهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . 425
716. إِنَّ اللّٰهَ إِذَا أَرَادَ بِقَوْمٍ خَيْراً ابْتَلَاهُمْ . 434
705. إِنَّ اللّٰهَ إِذَا أَنْعَمَ عَلىٰ عَبْدٍ نِعْمَةً أَحَبَّ أَنْ يُرىٰ عَلَيْهِ . 431
712. إِنَّ اللّٰهَ بِقِسْطِهِ وَعَدْلِهِ جَعَلَ الرَّوْحَ وَالْفَرَحَ فِي الْيَقِينِ وَالرِّضَا، وَجَعَلَ الْهَمَّ ... 433
ص: 554
711. إِنَّ اللّٰهَ تَجَاوَزَ لاُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسُهَا مَا لَمْ تَكَلَّمْ بِهِ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ . 433
709. إِنَّ اللّٰهَ جَعَلَ لِيَ الْأرْضَ مَسْجِداً وَطَهُوراً. 432
685. إِنَّ اللّٰهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ . 425
710. إِنَّ اللّٰهَ زَوَى لِيَ الْأرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ مُلْكَ اُمَّتِي يَبْلُغُ مَا... 433
714. إِنَّ اللّٰهَ عِنْدَ لِسَانِ كُلِّ قَائِلٍ . 434
713. إِنَّ اللّٰهَ كَتَبَ الْغَيرَةَ عَلَى النِّساءِ وَالْجِهَادَ عَلَى الرِّجَالِ ، فَمَنْ صَبَرَ مِنْهُ ... 434
697. إِنَّ اللّٰهَ كَرِهَ لَكُمُ الْعَبَثَ فِي الصَّلَاةِ ، وَالرَّفْثَ فِي الصِّيَامِ ، وَالضِّحْكَ عِنْدَ الْمَقَابِرِ. 428
700. إِنَّ اللّٰهَ لَايَرْحَمُ مِنْ عِبَادِهِ إِلَّا الرُّحَمَاءَ . 429
706. إِنَّ اللّٰهَ لَايَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ ، وَلٰكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ . 431
715. إِنَّ اللّٰهَ لَايَقْبَلُ عَمَلَ عَبْدٍ حَتّىٰ يَرْضىٰ قَوْلَهُ . 434
701. إِنَّ اللّٰهَ لَيَدْرَاُ بِالصَّدَقَةِ سَبْعِينَ مِيتَةً مِنَ السُّوءِ . 429
704. إِنَّ اللّٰهَ لَيَرْضىٰ عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشّرْبَةَ ... 431
703. إِنَّ اللّٰهَ لَيَنْفَعُ الْعَبْدَ بِالذَّنْبِ يُذْنِبُهُ . 431
696. إِنَّ اللّٰهَ يُبْغِضُ الْعِفْرِيَةَ النِّفْرِيَةَ الَّذِي لَمْ يُرْزَأْ فِي جِسْمِهِ وَلَا فِي مَالِهِ وَلَا وَلَدِهِ . 428
687. إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الْأبْرَارَ الْأخْفِيَاءَ الْأتْقِيَاءَ . 426
691. إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ أَنْ يُؤْتىٰ رُخْصَتُهُ كَمَا يُحِبُّ أَنْ يُتْرَكَ مَعْصِيَتُهُ . 426
692. إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الْبَصَرَ النَّافِذَ عِنْدَ مَجِيءِ الشَّهَوَاتِ وَالْعَقْلَ الْكَامِلَ عِنْدَ نُزُولِ ... 426
684. إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأمْرِ كُلِّهِ . 425
694. إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ السَّهْلَ الطَّلِقَ . 428
689. إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ كُلَّ قَلْبٍ حَزِينٍ . 426
690. إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ مَعَالِيَ الْاُمُورِ وَأَشْرافَهَا وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا. 426
686. إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ . 425
688. إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الْمُؤْمِنَ الْمُحْتَرِفَ . 426
708. إِنَّ اللّٰهَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْعَبْدِ أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهِ فَيَرُدَّهُمَا خَائِبَتَيْنِ . 431
707. إِنَّ اللّٰهَ يُعْطِي الدُّنْيَا عَلىٰ نِيَّةِ الْآخِرَةِ ، وَأَبىٰ أَنْ يُعْطِي الْآخِرَةَ عَلىٰ نِيَّةِ الدُّنْيَا. 431
ص: 555
699. إِنَّ اللّٰهَ يَغَارُ لِلْمُسْلِمِ فَلْيَغَرِ. 428
695. إِنَّ اللّٰهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ عَبْدِهِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ. 428
698. إِنَّ اللّٰهَ يَنْهَاكُمْ عَنْ قِيلٍ وَقَالٍ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ . 428
702. إِنَّ اللّٰهَ يُؤَيِّدُ هٰذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ. 429
250. أَنَا النَّذِيرُ، وَالْمَوْتُ الْمُغِيرُ، وَالسَّاعَةُ المَوْعِدُ. 218
249. أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الجَنَّةِ - وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسطىٰ -. 218
230. الأَنْبِيَاءُ قَادَةٌ ، وَالفُقَهَاءُ سَادَةٌ ، وَمُجَالَسَتَهُمْ زِيَادَةٌ . 208
35. اِنتِظَارُ الفَرَجِ بِالصَّبْرِ عِبَادَةٌ . 90
678. إِنَّ الْحَسَدَ لَيَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ . 423
634. إِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ مِنْ حُسْنِ الْعِبَادَةِ . 407
633. إِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإيمَانِ . 407
658. إِنَّ حَقّاً عَلَى اللّٰهِ أَنْ لَايَرْفَعَ شَيْئاً مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا وَضَعَهُ . 416
639. إِنَّ الْحِكْمَةَ تَزِيدُ الشَّرِيفَ شَرَفاً. 408
779. إِنَّ خَيْرَ ثِيَابِكُمُ البَيَاضُ ، وَإِنَّ خَيْرَ أَكْحَالِكُمُ الْإِثْمِدُ. 462
727. إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ، وَإِنَّ اللّٰهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَنَاظِرٌ كَيْفَ تَعْمَلُونَ . 438
637. إِنَّ دِينَ اللّٰهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّهْلَةُ السَّمْحَةُ . 408
680. إِنَّ الدِّينَ بَدَأَ غَرِيباً، وَسَيَعُودُ غَرِيباً كَمَا بَدَأَ، فَطُوبىٰ لِلْغُرَبَاءِ . 423
636. إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ. 408
693. إِنَّ رَبَّكَ يُحِبُّ الْمَحَامِدَ. 428
735. إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ يَكُونَ نُطْقِي ذِكْراً، وَصَمْتِي فِكْراً، وَنَظَرِي عِبْرَةً . 442
654. إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ . 415
731. إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رَوْعِي أَنَّ نَفْساً لَنْ تَمُوتَ حَتّىٰ تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا،... 439
718. إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللّٰهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ فَرَقَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ . 435
650. إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ . 413
173. الأنْصَارُ كَرِشِي وَعَيْبَتِي. 180
ص: 556
420. اُنْصَرْ أَخَاكَ ظَالِماً أَوْ مَظْلُوماً. 305
492. اُنْظُرُوا إِلىٰ مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْكُمْ ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلىٰ مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ ؛ فَإِنَّهُ أَجْدَرُ... 339
664. إِنَّ الْعَبْدَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ الْخُلُقِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ . 419
653. إِنَّ عَذَابَ هٰذِهِ الاُمَّةِ جُعِلَ فِي دُنْيَاهَا. 415
635. إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأنْبِيَاءِ . 408
682. إِنَّ الْعَيْنَ لَتُدْخِلُ الرَّجُلَ الْقَبْرَ، وَتُدْخِلُ الْجَمَلَ الْقِدْرَ. 423
681. إِنَّ الْفِتْنَةَ تَجِيءُ فَتَنْسِفُ الْعِبَادَ نَسْفاً، فَيَنْجُو الْعَالِمُ مِنْهَا بِعِلْمِهِ . 423
505. أَنْفِقْ يَا بِلَالُ ، وَلَا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالاً. 346
733. إِنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغُلاً. 442
660. إِنَّ فِي الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةً عَنِ الْكَذِبِ . 416
663. إِنَّ قَلِيلَ الْعَمَلِ مَعَ الْعِلْمِ كَثِيرٌ، وَإِنَّ كَثِيرَ الْعَمَلِ مَعَ الْجَهْلِ قَلِيلٌ . 417
724. إنَّكَ لَاتَدَعُ شَيْئاً اتِّقِاءَ اللّٰهِ إِلَّا أَعْطَاكَ اللّٰهُ خَيْراً مِنْهُ . 438
659. إِنَّ لِجَوَابِ الْكِتَابِ حَقّاً كَرَدِّ السَّلَامِ . 416
642. إِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً. 409
667. إِنَّ لِكُلِّ اُمَّةٍ فِتْنَةً ، وَإِنَّ فِتْنَةَ اُمَّتِي الْمَالُ . 419
665. إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقاً، وَخُلُقُ هٰذَا الدِّينِ الْحَيَاءُ . 419
668. إِنَّ لِكُلِّ سَاعٍ غَايَةً ، وَغَايَةُ كُلِّ سَاعٍ الْمَوْتُ . 419
673. إِنَّ لِكُلِّ شَيْ ءٍ بَاباً، وَإِنَّ بَابَ الْعِبَادَةِ الصِّيَامُ . 420
666. إِنَّ لِكُلِّ شَيْ ءٍ شَرَفاً، وإنَّ أَشْرَفَ الْمَجَالِسِ مَا اسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةَ . 419
675. إِنَّ لِكُلِّ شَيْ ءٍ قَلْباً، وَقَلْبُ الْقُرْآنِ يٰس. 420
674. إِنَّ لِكُلِّ شَيْ ءٍ مَعْدِناً، وَمَعْدِنُ التَّقْوىٰ قُلُوبُ الْعَارِفِينَ . 420
672. إِنَّ لِكُلِّ صَائِمٍ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً . 420
669. إِنَّ لِكُلِّ عَابِدٍ شِرَّةً ، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةً . 419
670. إِنَّ لِكُلِّ قَوْلٍ مِصْدَاقاً، وَلِكُلِّ حَقٍّ حَقِيقَةً . 420
671. إِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمىً ، وَإِنَّ حِمَى اللّٰهِ مَحَارِمُهُ . 420
ص: 557
676. إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةً دَعَاهَا لِاُمَّتِهِ ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شِفَاعَةً لاُمَّتِي... 421
657. إِنَّ للّٰهِِ عِبَاداً خَلَقَهُمْ لِحَوَائِجِ النَّاسِ . 416
656. إِنَّ للّٰهِِ عِبَاداً يَعْرِفُونَ النَّاسَ بِالتَّوَسُّمِ . 416
740. إِنَّمَا أَخَافُ عَلىٰ اُمَّتِي الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ . 443
741. إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَبِخَوَاتِيمِهَا. 443
736. إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ . 442
739. إِنَّمَا بُعِثْتُ لاُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ . 443
743. إِنَّمَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا بَلَاءٌ وَفِتْنَةٌ . 444
742. إِنَّمَا التَّصْفيحُ لِلنِّساءِ . 443
744. إِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ . 444
737. إِنَّمَا شِفَاءُ الْعَيِّ السُّؤَالُ . 443
738. إِنَّمَا يَعْرِفُ الْفَضْلَ لِأَهْلِ الْفَضْلِ ذَوُو الْفَضْلِ . 443
640. إِنَّ مُحَرِّمَ الْحَلَالِ كَمُحِلِّ الْحَرَامِ . 408
662. إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَاتَحِلُّ إِلَّا لِفَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ غُرْمٍ مُفْظِعٍ . 417
734. إِنَّ الْمُصَلِّي لَيَقْرَعُ بَابَ الْمَلِكِ ، وإنّه مَنْ يُدِمْ قَرْعَ الْبَابِ يُوشِكُ أَنْ يُفْتَحَ لَهُ . 442
648. إِنَّ الْمَعُونَةَ تَأْتِي الْعَبْدَ مِنَ اللّٰهِ عَلىٰ قَدْرِ الْمَؤُونَةِ ، وَإِنَّ الصَّبْرَ يَأْتِي الْعَبْدَ... 413
643. إِنَّ مَكَارِمَ الْأخْلَاقِ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ . 412
732. إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الاُولىٰ : إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ . 439
632. إِنَّ مِنْ اُمَّتِي اُمَّةً مَرْحُومَةً . 407
631. إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْراً، وَإِنَّ مِنَ الشِّعْرِ لَحِكَماً، وَإِنَّ مِنَ الْقَوْلِ عَيَالاً، وَإِنَّ مِن... 407
730. إِنَّ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَخْرُجَ الرَّجُلُ مَعَ ضَيْفِهِ إِلىٰ بَابِ الدَّارِ. 439
719. إِنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللّٰهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَبْداً أَذْهَبَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ . 436
655. إِنَّ مِنْ عِبادِ اللّٰهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللّٰهِ لَأَبَرَّهُ . 415
728. إِنَّ مِنْ قَلْبِ ابْنِ آدَمَ بِكُلِّ وَادٍ شُعْبَةً ، فَمَنِ اتَّبَعَ قَلْبُهُ الشُّعَبَ كُلَّهَا لَمْ يُبَالِ اللّٰهُ ... 438
725. إِنَّ مِنْ مُوجِبَاتِ الْمَغْفِرَةِ إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلىٰ أَخِيكَ الْمُؤْمِنِ . 438
ص: 558
726. إِنَّ مِنْ مُوجِبَاتِ الْمَغْفِرَةِ بَذْلُ السَّلَامِ وَحُسْنُ الْكَلَامِ . 438
645. إِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ . 412
677. إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُؤْجَرُ فِي نَفَقَتِهِ كُلِّهَا إِلَّا شَيْئاً جَعَلَهُ فِي التُّرَابِ أَوِ البِنَاءِ . 423
729. إِنَّ هٰذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ ، وَلَا تُبَغِّضْ إِلىٰ نَفْسِكَ عِبَادَةَ اللّٰهٍ ؛ فَإِنَّ ... 439
745. إِنَّ هٰذِهِ الْقُلُوبَ تَصْدَاُ كَمَا يَصْدَاُ الْحَدِيدُ. قِيلَ : فَمَا جَلَاؤُهَا؟ قَالَ : ذِكْرُ... 444
721. إِنِّي أَخَافُ عَلىٰ اُمَّتِي بَعْدِي أَعْمَالاً ثَلَاثَةً : زَلَّةُ عَالِمٍ ، وَحُكْمُ جَائِرٍ،... 436
495. اُوصِيكَ بِتَقْوَى اللّٰهِ ؛ فَإِنَّهُ رَأْسُ أَمْرِكَ . 340
155. أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمْ الأَمَانَةُ ، وَآخِرُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الصَّلَاةُ . 171
151. أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ الصَّلَاةُ . 171
154. أَوَّلُ مَا يُرْفَعُ مِنْ هٰذِهِ الاُمَّةِ الحَيَاءُ وَالأَمَانَةُ . 171
152. أَوَّلُ مَا يُقضىٰ بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ . 171
153. أَوَّلُ مَا يُوضَعُ فِي المِيزَانِ الخُلُقُ الحَسَنُ . 171
225. أَهْلُ المَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ المَعْرُوفِ فِي الآخِرَةِ . 204
627. إِيَّاكُمْ وَخَضْرَاءَ الدِّمَنِ . 403
630. إِيَّاكُمْ وَدَعْوَةَ الْمَظْلُومِ وَإِنْ كَانَ كَافِراً. 403
628. إِيَّاكُمْ وَالدَّيْنَ ؛ فَإِنَّهُ هَمٌّ بِاللَّيْلِ وَمَذَلَّةٌ بِالنَّهَارِ. 403
629. إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ؛ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ . 403
624. إِيَّاكُمْ وَالْمَدْحَ ؛ فَإِنَّهُ الذِّبْحُ . 402
623. إِيَّاكَ وَمَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ . 402
625. إِيَّاك وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ ؛ فَإِنَّ لَهَا مِنَ اللّٰهِ طَالِباً. 402
626. إِيَّاكَ وَمُشَاوَرَةَ النِّسَاءِ ؛ فَإِنَّهَا تُظْهِرُ الْعُرَّةَ وَتَدْفِنُ الغُرَّةَ . 402
212. أيُّ دَاءٍ أَدْوىٰ مِنَ البُخْلِ . 199
204. الإيمَانُ بِالْقَدَرِ يُذْهِبُ الهَمَّ وَالحَزَنَ . 195
119. الإيمانُ قَيَّدَ الفَتْكَ . 150
117. الإِيمَانُ نِصْفَانِ : نِصْفٌ شُكْرٌ، وَنِصْفٌ صَبْرٌ. 148
ص: 559
118. الإِيمَانُ يَمانٍ ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ . 148
828. بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا. 481
115. البَذَاذَةُ مِنَ الإِيمَانِ . 146
16. البَذَاءُ مِنَ الجَفَاءِ . 77
40. البِرُّ حُسْنُ الخُلقِ . 93
27. البَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُمْ . 85
506. بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي ظُلَمِ اللَّيْلِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيامَةِ . 346
206. البِطَالَةُ تُقْسِي القَلْبَ . 195
370. بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ . 273
901. بِكَ اُحَاوِلُ ، وَبِكَ اُقَاتِلُ ، وَبِكَ أَصُولُ . 526
162. البَلَاءُ مُوَكَّلٌ بِالْمَنْطِقِ . 174
435. بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً . 311
427. بُلُّوا أَرْحَامَكُمْ وَلَوْ بِالسَّلَامِ . 310
195. بَيْنَ العَبْدِ وَبَيْنَ الكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ . 191
80. التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَاذَنْبَ لَهُ . 123
178. التَّاجِرُ الجَبَانُ مَحْرُومٌ ، وَالتَّاجِرُ الجَسُورُ مَرْزُوقٌ . 182
383. تَبْنُونَ مَا لَاتَسْكُنُونَ ، وَتَجْمَعُونَ مَا لَاتَأْكُلُونَ ، وَتَأْمَلُونَ مَا لَاتُدْرِكُونَ . 282
482. تَجَافُوا عَنْ ذَنْبِ السَّخِيِّ ؛ فَإِنَّ اللّٰهَ آخِذٌ بِيَدِهِ كُلَّمَا عَثَرَ. 334
481. تَجَافُوا عَنْ عُقُوبَةِ ذَوِي الْمُرَوَّةِ مَا لَمْ تَكُنْ حَدّاً. 334
395. تَجِدُونَ مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هٰؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهٰؤُلَاءِ بِوَجْهٍ . 288
34. التَّحَدُّثُ بِالنِّعَمِ شُكْرٌ. 89
111. تُحْفَةُ المُؤْمِنِ المَوتُ . 143
441. تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ . 314
468. تَدَاوُوا؛ فَإِنَّ الَّذِي أَنْزَلَ الدَّاءَ أَنْزَلَ الدَّوَاءَ . 327
20. التَّدْبِيرُ نِصْفُ العَيْشِ . 81
ص: 560
200. التُّرَابُ رَبِيعُ الصِّبْيَانِ . 192
446. تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأنْبِيَاءَ . 318
447. تَسَحَّرُوا؛ فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً . 318
216. التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ ، وَالتَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ . 200
491. تَعَشُّوا وَلَوْ بِكَفٍّ مِنْ حَشَفٍ ؛ فَإِنَّ تَرْكَ الْعَشَاءِ مَهْرَمَةٌ . 339
457. تَفَرَّغُوا مِنْ هُمُومِ الدُّنْيَا مَا اسْتَطَعْتُمْ . 323
463. تَمَسَّحُوا بِالْأرْضِ فَإِنَّهَا بِكُمْ بَرَّةٌ . 326
480. تُوبُوا إِلىٰ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمُوتُوا، وَبَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ الزَّاكِيَةِ قَبْلَ أَنْ ... 334
21. التَّوَدُّدُ نِصْفُ العَقْلِ . 81
430. تَهَادُوا تَحَابُّوا. 310
428. تَهَادُوا تَزْدَادُوا حُبّاً، وَهَاجِرُوا تُورِثُوا أَبْنَاءَكُمْ مَجْداً، وَأَقِيلُوا الْكِرَامَ عَثَرَاتِهِمْ . 310
431. تَهَادُوا؛ فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تَذْهَبُ بِالسَّخِيمَةِ . 310
433. تَهَادُوا؛ فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تَذْهَبُ بِالضَّغَائِنِ . 311
429. تَهَادُوا؛ فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تَذْهَبُ وَحَرَ الصَّدْرِ. 310
432. تَهَادُوا؛ فَإِنَّهُ يُضَعِّفُ الْحُبَّ ، وَيَذْهَبُ بِغَوائِلِ الصَّدْرِ. 311
229. التَّؤُدَةُ وَالتَّثَبُّتُ وَالاِقْتِصَادُ وَالصَّمْتُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّةِ . 206
238. ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَاشَكَّ فِيهِنَّ : دَعْوَةُ المَظْلُومِ ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ،... 212
246. ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ ، وَثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ ؛ فَالثَّلَاثُ المُهْلِكَاتُ : شُحٌّ مُطَاعٌ ، وَهَوىً مُتَّبَعٌ ،... 216
390. جُبِلَتِ الْقُلُوبُ عَلىٰ حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهَا وَبُغْضِ مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهَا. 284
221. الجُبنُ وَالْجُرْأَةُ غَرَائِزُ يَضَعُهُمَا اللّٰهُ حَيْثُ يَشَاءُ . 202
391. جَفَّ الْقَلَمُ بِالشَّقِيِّ وَالسَّعِيدِ. 285
394. جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا أَنْتَ لَاقٍ . 285
8. الجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ وَالفُرْقَةُ عَذَابٌ . 71
60. الجُمُعَةُ حَجُّ المَساكينِ . 110
88. الجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الاُمَّهَاتِ . 127
ص: 561
87. الجَنَّةُ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ . 127
86. الجَنَّةُ دَارُ الأسخِيَاءِ . 126
827. حَبَّذَا الْمُتَخَلِّلُونَ مِنْ اُمَّتِي. 477
157. حُبُّكَ الشَّيْ ءَ يُعْمِي وَيُصِمُّ . 173
156. الحُبُّ يُتَوَارَثُ ، وَالبُغْضُ يُتَوَارَثُ . 173
61. الحَجُّ جِهادُ كُلِّ ضَعيفٍ ، وَجِهادُ المَرْأَةِ حُسْنُ التَّبَعُّلِ . 110
6. الحَرْبُ خُدْعَةٌ . 69
127. حُرْمَةُ مَالِ المُسْلِمِ كَحُرْمَةِ دَمِهِ . 155
14. الحَزْمُ سُوءُ الظَّنِّ . 75
11. الحَسَبُ المَالُ ، وَالكَرَمُ التَّقْوىٰ . 73
24. حُسْنُ السُّؤَالِ نِصْفُ العِلْمِ . 82
179. حُسْنُ المَلَكَةِ نَمَاءٌ ، وَسُوءُ المَلَكَةِ شُؤْمٌ . 182
453. حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ ، وَدَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ ، وَأَعِدُّوا لِلْبَلَاءِ الدُّعَاءَ . 323
368. حُفَّتِ الجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ . 273
108. الحِكْمَةُ ضَالَّةُ المُؤْمِنِ . 141
190. الحَلْفُ حِنْثٌ أوْ نَدَمٌ . 188
48. الحُمّىٰ حَظُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مِنَ النَّارِ. 99
46. الحُمّىٰ رَائِدُ المَوْتِ . 98
47. الحُمّىٰ مِنْ فَيحِ جَهَنَّمَ . 98
55. الحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ . 104
226. الخَازِنُ الأَمِينُ الَّذِي يُعْطِي مَا اُمِرَ بِهِ طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ أَحَدُ المُتَصَدِّقِينَ . 205
31. خَشْيَةُ اللّٰهِ رَأْسُ كُلِّ حِكْمَةٍ . 87
381. خُصَّ الْبَلَاءُ بِمَنْ عَرَفَ النَّاسَ ، وَعَاشَ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ . 280
241. خَصْلَتَانِ لَاتَجْتَمِعَانِ فِي مُؤْمِنٍ : البُخْلُ وَسُوءُ الخُلُقِ . 214
240. خَصْلَتَانِ لَاتَكُونَانِ فِي مُنَافِقٍ : حُسْنُ سَمْتٍ ، وَ فِقْهٌ فِي الدِّينِ . 214
ص: 562
43. الخَمْرُ جِماعُ الإِثْمِ وَاُمُّ الخَبائِثِ . 95
792. خِيَارُ اُمَّتِي أَحِدَّاؤُهَا الَّذِينَ إِذَا غَضِبُوا رَجَعُوا. 466
791. خِيَارُ اُمَّتِي عُلَمَاؤُهَا، وَخِيَارُ عُلَمَائِهَا حُلَمَاؤُهَا. 466
789. خِيَارُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً . 466
788. خِيَارُكُمْ كُلُّ مُفَتَّنٍ تَوَّابٍ . 466
790. خِيَارُ الْمُؤْمِنِينَ الْقَانِعُ ، وَشِرَارُهُمُ الطَّامِعُ . 466
771. خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللّٰهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحبِهِ . 458
776. خَيْرُ بُيُوتِكُمْ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ مُكْرَمٌ . 459
766. خَيْرُ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ . 457
763. خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ ، وَخَيْرُ الرِّزْقِ مَا يَكْفي. 457
772. خَيْرُ الرُّفَقَاءِ أَرْبَعَةٌ ، وَخَيْرُ الطَّلَائِعِ أَرْبَعُمِئَةٍ ، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ . 458
780. خَيْرُ شُبَّانِكُمْ مَنْ تَشَبَّهَ بِكُهُولِكُمْ ، وَشَرُّ كُهُولِكُمْ مَنْ تَشَبَّهَ بِشُبَّانِكُمْ . 463
768. خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنىً . 458
781. خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُها، وَشَرُّهَا آخِرُهَا؛ وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهُا،... 463
12. الخَيْرُ عَادَةٌ وَالشَّرُّ لَجَاجَةٌ . 74
764. خَيْرُ الْعِبَادَةِ أَخَفُّهَا. 457
769. خَيْرُ الْعَمَلِ مَا نَفَعَ ، وَخَيْرُ الْهُدىٰ مَا اتُّبِعَ . وَ خَيْرُ مَا اُلْقِيَ فِي الْقَلْبِ الْيَقِينُ . 458
773. خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ . 459
774. خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ . 459
775. خَيْرُكُمْ مَنْ يُرْجىٰ خَيْرُهُ وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ . 459
777. خَيْرُ الْمَالِ سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ وَفَرَسٌ مَأْمُورَةٌ . 459
765. خَيْرُ الْمَجَالِسِ أَوْسَعُهَا. 457
778. خَيْرُ مَسَاجِدِ النِّسَاءِ قَعْرُ بُيُوتِهِنَّ . 459
159. الخَيْرُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِي الْخَيْلِ . 173
770. خَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ . 458
ص: 563
767. خَيْرُ النِّكَاحِ أَيْسَرُهُ . 458
66. الدَّالُّ عَلَى الخَيْرِ كَفَاعِلِهِ . 114
89. الدُّعَاءُ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإقَامَةِ لَايُرَدُّ. 128
105. الدُّعَاءُ سِلَاحُ المُؤْمِنِ . 139
18. الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ . 79
419. دَعْ مَا يُرِيبُكَ إِلىٰ مَا لَايُرِيبُك. 305
464. دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقِ اللّٰهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ . 327
237. دَعْوَةُ المَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ ، وَإنْ كَانَ فَاجِراً فَفُجُورُهُ عَلىٰ نَفْسِهِ . 212
183. دَفْنُ الْبَناتِ مِنَ المَكْرُمَاتِ . 185
107. الدُّنْيَا سِجْنُ المُؤمِنِ وَجَنَّةُ الكَافِرِ. 140
784. الدُّنْيَا مَتَاعٌ ، وَخَيْرُ مَتَاعِهَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ . 463
19. الدَّيْنُ شَيْنُ الدِّينِ . 80
10. الدِّينُ النَّصِيحَةُ . 72
85. رَأْسُ الحِكْمَةِ مَخافَةُ اللّٰهِ . 126
140. رَأْسُ العَقْلِ بَعْدَ الإِيمَانِ التَّوَدُّدُ إِلَى النَّاسِ . 162
906. رَبِّ ، تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حُوبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي. 527
865. رُبَّ حَامِلِ حِكْمَةٍ إِلىٰ مَنْ هُوَ لَهَا أَوْعىٰ مِنْهُ . 507
864. رُبّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلىٰ مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ . 507
869. رُبَّ طَاعِمٍ شَاكِرٍ أَعْظَمُ أَجْراً مِنْ صَائِمٍ صَابِرٍ. 508
868. رُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ. رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا... 508
863. رُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعىٰ مِنْ سَامِعٍ . 507
77. الرَّجُلُ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتّىٰ يُقْضىٰ بَيْنَ النَّاسِ . 121
376. رَحِمَ اللّٰهُ امْرَءاً أصْلَحَ مِنْ لِسَانِهِ . 277
377. رَحِمَ اللّٰهُ عَبْداً قَالَ خَيْراً فَغَنِمَ أَوْ سَكَتَ فَسَلِمَ . 277
378. رَحِمَ اللّٰهُ الْمُتَخَلِّلِينَ مِنْ اُمَّتِي فِي الوُضُوءِ وَالطَّعَامِ . 277
ص: 564
176. الرِّزْقُ أَشَدُّ طَلَباً لِلْعَبْدِ مِنْ أَجَلِهِ . 182
26. الرَّضاعُ يُغَيِّرُ الطِّباعَ . 84
38. الرِّفْقُ رَأسُ الحِكْمَةِ . 91
177. الرِّفْقُ فِي المَعِيشَةِ خَيْرٌ مِنْ بَعْضِ التِّجَارَةِ . 182
443. رَوِّحُوا الْقُلُوبَ سَاعَةً بِسَاعَةٍ . 314
408. زُرْغِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً. 298
37. الزَّعِيمُ غارِمٌ . 91
198. الزَّكَاةُ قَنْطَرَةُ الإِسْلَامِ . 192
53. زِنَا العُيونِ النَّظَرُ. 103
52. الزِّنَا يُورِثُ الفَقْرِ. 102
405. سافِرُوا تَصِحُّوا وَتَغْنَمُوا. 297
67. ساقِي القَوْمِ آخِرُهُم شُرْباً. 115
234. السَّعَادَةُ كُلُّ السَّعَادَةِ طُولُ العُمُرِ فِي طَاعَةِ اللّٰهِ تَعَالىٰ . 210
58. السَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ ، وَالشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ اُمِّه. 108
161. السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ . 173
191. السَّلَامُ تَحِيَّةٌ لِمِلَّتِنا، وَأَمَانٌ لِذِمَّتِنَا. 190
25. السَّلامُ قَبلَ الكلامِ . 83
227. السُّلْطَانُ ظِلُّ اللّٰهِ فِي الأَرْضِ يَأْوِي إِلَيْهِ كُلُّ مَظْلُومٍ . 206
13. السَّمَاحُ رَبَاحٌ ، وَالعُسْرُ شُؤْمٌ . 74
167. السِّوَاكُ يَزِيدُ الرَّجُلَ فَصَاحَةً . 178
824. سَيِّدُ إِدَامِكُمُ الْمِلْحُ . 477
65. الشَّاهِدُ يَرىٰ مَا لَايَرَى الغائِبُ . 113
41. الشَّبَابُ شُعْبَةٌ مِنَ الجُنُونِ . 93
104. الشِّتَاءُ رَبِيعُ المُؤْمِنِ . 138
829. شَرُّ الاُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَشَرُّ الْعَمىٰ عَمَى الْقَلْبِ ، وَشَرُّ الْمَعْذِرَةِ حِينَ ... 481
ص: 565
112. شَرَفُ المُؤمِنِ قِيامُهُ بِاللَّيلِ ، وَعِزُّهُ استِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ . 144
830. شَرُّ مَا فِي الرَّجُلِ شُحٌ هَالِعٌ أَوْ جُبْنٌ خَالِعٌ . 481
172. شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الكَبَائِرِ مِنْ اُمَّتِي. 180
244. الشَّيْخُ شَابٌّ فِي حُبِّ اثْنَيْنِ : طُولِ الحَيَاةِ وَكَثْرَةِ المَالِ . 216
218. الشُّؤْمُ فِي المَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالدَّارِ. 202
165. الصَّائِمُ لَاتُرَدُّ دَعْوَتُهُ . 178
51. الصُّبْحَةُ تَمْنَعُ الرِّزْقَ . 101
182. الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الاُولىٰ . 185
116. الصَّبْرُ نِصْفُ الإِيمَانِ ، وَاليَقِينُ الإِيمانُ كُلُّهُ . 147
202. الصِّدْقُ طُمَأْنِينَةٌ ، وَالْكَذِبُ رِيبَةٌ . 193
78. الصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ. 122
73. الصَّدَقَةُ تَمْنَعُ مِيتَةَ السُّوءِ . 118
74. صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ . 119
72. الصَّدَقَةُ عَلَى القَرَابَةِ صَدَقَةٌ وَصِلَةُ . 117
197. صَلَاةُ القَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ القَائِمِ . 191
194. الصَّلَاةُ قُربَانُ كُلِّ تَقِيٍّ . 191
106. الصَّلَاةُ نُورُ المُؤْمِنِ . 139
75. صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ. 119
175. الصَّمْتُ حُكْمٌ ، وَقلِيلٌ فاعِلُهُ . 181
76. صَنَائِعُ المَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ . 120
36. الصَّوْمُ جُنَّةٌ . 90
166. الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ الغَنِيمَةُ البَارِدَةُ . 178
163. الصِّيَامُ نِصْفُ الصَّبْرِ. 178
210. الضِّيَافَةُ عَلىٰ أَهْلِ الوَبَرِ، وَلَيْسَتْ عَلىٰ أَهْلِ الْمَدَرِ. 196
193. الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الصَّائِمِ الصَّابِرِ. 190
ص: 566
169. طَاعَةُ النِّسَاءِ نَدَامَةٌ . 178
62. طَلَبُ الحَلالِ جِهادٌ. 112
90. طَلَبُ الحَلاَلِ فَرِيضَةٌ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ . 128
125. طَلَبُ العِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلىٰ كُلِّ مُسْلِمٍ . 153
400. طُوبىٰ لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ ، وَأَنْفَقَ مِنْ مَالٍ اكْتَسَبَهُ مِنْ غَيْرِ... 292
401. طُوبىٰ لِمَنْ طَابَ كَسْبُهُ ، وَصَلُحَتْ سَرِيرَتُهُ ، وَكَرُمَتْ عَلَانِيتُهُ ، وَعَزَلَ عَنِ ... 294
403. طُوبىٰ لِمَنْ هُدِيَ إِلَى الْإسْلَامِ ، وَكَانَ عَيْشُهُ كَفَافاً وَقَنِعَ بِهِ . 294
199. طِيبُ الرِّجَالِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ ، وَطِيبُ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ . 192
81. الظُّلْمُ ظُلُماتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ . 123
213. العَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ . 199
207. العَالِمُ وَالمُتَعَلِّمُ شَرِيكَانِ فِي الْخَيْرِ. 195
387. عَجَباً لِلْمُؤْمِنِ لَايَرْضىٰ بِقَضَاءِ اللّٰهِ ؛ فَوَاللّٰهِ لَايَقْضِي اللّٰهُ لِلْمُؤْمِنِ قَضَاءً إِلَّا كَانَ ... 282
385. عَجِبْتُ لِغَافِلٍ وَلَا يُغْفَلُ عَنْهُ ، وَعَجِْبتُ لِمُؤَمِّلِ الدُّنْيَا وَالْمَوْتُ يَطْلُبُهُ ،... 282
5. العِدَةُ دَينٌ . 68
4. العِدَةُ عَطِيَّةٌ . 67
502. عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ ، وَأحْبِبْ مَنْ أَحْبَبْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ ، وَاعْمَلْ مَا... 345
120. عَلَمُ الإيمانِ الصَّلَاةُ . 150
84. العُلَمَاءُ اُمَنَاءُ اللّٰهِ عَلىٰ خَلْقِهِ . 125
113. العِلْمُ خَلِيلُ المُؤْمِنُ ، والحِلْمُ وَزِيرُهُ ، وَالعَقْلُ دَلِيلُهُ ، وَالعَمَلُ قَائِدُهُ ،... 144
63. العِلْمُ لَايَحِلُّ مَنْعُهُ . 112
192. عِلْمٌ لَايَنْفَعُ كَكَنْزٍ لَايُنْفَقُ مِنْهُ . 190
507. عَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ . 347
164. عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ زَكَاةٌ ، وَزَكَاةُ الجَسَدِ الصِّيَامُ . 178
508. عَلَيْكُمْ مِنَ الْأعْمَالِ بِمَا تُطِيقُونَ ؛ فَإِنَّ اللّٰهَ لَايَمَلُّ حَتّىٰ تَمَلُّوا. 347
208. عَلَى اليَدِ مَا أَخَذَتْ حَتّىٰ تُؤَدِّيهِ . 195
ص: 567
54. العَمَائِمُ تِيجَانُ العَرَبِ . 103
787. عَمَلٌ قَلِيلٌ فِي سُنَّةٍ خَيْرٌ مِنْ عَمَلٍ كَثِيرٍ فِي بِدْعَةٍ . 465
483. عُودُوا الْمَرِيضَ ، وَاتَّبِعُوا الْجَنَائِزَ تُذَكِّرْكُمُ الْآخِرَةَ . 335
242. عَينَانِ لَاتَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ مِنْ خَشْيَةِ اللّٰهِ ، وَعَيْنٌ ... 214
44. الغُلُولُ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ . 96
139. الغِنىٰ اليَأْسُ مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ . 162
114. الغِيرَةُ مِنَ الإِيمَانِ . 146
393. فَرَغَ اللّٰهُ إِلىٰ كُلِّ عَبْدٍ مِنْ خَمْسٍ : مِنْ عَمَلِهِ ، وَأجَلِهِ ، وَأَثَرِهِ ، وَمَضْجَعِهِ ،... 285
802. فَضْلُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنَ الْعِبَادَةِ . 468
180. فُضُوحُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ فُضُوحِ الآخِرَةِ . 183
83. فِي كُلِّ كَبِدٍ حَرَّىٰ أَجْرٌ. 124
407. قَارِبُوا وَسَدِّدُوا. 297
233. القَاصُّ يَنْتَظِرُ المَقْتَ ، وَالمُسْتَمِعُ إِلَيْهِ يَنْتَظِرُ الرَّحْمَةَ ، وَالتَّاجِرُ يَنْتَظِرُ... 210
181. القَبْرُ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الآخِرَةِ . 185
203. القُرْآنُ غِنىً لَافَقْرَ بَعْدَهُ ، وَلَا غِنىً دُونَهُ . 195
17. القُرْآنُ هُوَ الدَّوَاءُ . 78
239. القُضَاةُ ثَلَاثَةٌ : قَاضِيَانِ فِي النَّارِ وَقَاضٍ فِي الجَنَّةِ . 213
425. قل الحقّ وإن كان مُرّاً. 307
22. قِلَّةُ العِيَالِ أَحَدُ اليَسَارَيْنِ . 81
49. القَنَاعَةُ مَالٌ لَايَنْفَدُ. 100
440. قُولُوا خَيْراً تَغْنَمُوا، وَاسْكُتُوا عَنْ شَرٍّ تَسْلَمُوا. 314
412. قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ . 302
409. قَيِّدْهَا وَتَوَكَّلْ . 298
380. كَادَ الْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْراً، وَكَادَ الْحَسَدُ أَنْ يَغْلِبَ الْقَدَرَ. 280
399. كأنّ الحَقَّ فِيهَا عَلىٰ غَيْرِنَا وَجَبَ ، وَكَأَنَّ الْمَوْتَ فِيهَا عَلىٰ غَيْرِنَا كُتِبَ ،... 291
ص: 568
398. كَبُرَتْ خِيَانَةً أَنْ تُحَدِّثَ أَخَاكَ حَدِيثاً هُوَ لَكَ بِهِ مُصَدِّقٌ ، وَأَنْتَ لَهُ كَاذِبٌ . 289
82. كَثْرَةُ الضِّحْكِ تُميتُ القَلْبَ . 124
29. كَرَمُ الكِتَابِ خَتْمُهُ . 86
134. كَرَمُ المَرْءِ دِينُهُ ، وَمُرُوَّتُهُ عَقْلُهُ ، وَحَسَبُهُ خُلْقُهُ . 159
59. كَفَّارَةُ الذَّنْبِ النَّدَامَةُ . 109
858. كَفىٰ بِالسَّلَامَةِ دَاءً . 503
861. كَفىٰ بِالْمَرْءِ إِثْماً أَنْ يُحَدِّثُ بِكُلِّ مَا سَمِعَ . 503
860. كَفىٰ بِالْمَرْءِ إِثْماً أَنْ يُضَّيِعَ مَنْ يَقُوتُهُ . 503
862. كَفىٰ بِالْمَرْءِ سَعَادَةً أَنْ يُوَثَّقَ فِي أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ . 504
859. كَفىٰ بِالْمَوْتِ وَاعِظاً، وَكَفىٰ بِالْيَقِينِ غِنىً ، وَكَفىٰ بِالْعِبَادَةِ شُغُلاً. 503
228. كَلاَمُ ابْنِ آدَمَ كُلُّهُ عَلَيْهِ لَالَهُ إِلَّا أمْراً بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْياً عَنْ مُنْكَرٍ أَوْ ذِكْرَ اللّٰهِ تَعَالىٰ 206
141. كُلُّ امْرِئٍ حَسِيبُ نَفْسِهِ . 165
144. كُلُّ شَيْ ءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى العَجْزُ وَالكَيْس. 165
145. كُلُّ صَاحِبِ عِلْمٍ غَرْثانٌ إِلىٰ عِلْمٍ آخَرَ. 165
143. كُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ . 165
149. كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ . 166
142. كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ . 165
148. كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ . 166
126. كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وعِرْضُهُ وَمَالُهُ . 153
147. كُلُّ مُشْكِلٍ حَرَامٌ ، وَلَيْسَ فِي الدِّينِ إِشْكَالٌ . 165
68. كُلُّ مَعرُوفٍ صَدَقَةٌ . 115
39. كَلِمَةُ الحِكمَةِ ضالَّةُ كُلِّ حَكِيمٍ . 92
70. الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ . 116
373. كَمَا تَكُونُونَ يُوَلّىٰ عَلَيْكُمْ . 276
384. كَمْ مِنْ مُسْتَقْبِلٍ يَوْماً لَايَسْتَكْمِلُهُ ، وَمُنْتَظِرٌ غداً لَايَبْلُغُهُ . 282
ص: 569
418. كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ ، أَوْ كَأَنَّكَ عَابِرُ سَبِيلٍ ، وَعُدَّ نَفْسَكَ فِي أَصْحَابِ الْقُبُورِ. 304
414. كُنْ وَرِعاً تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ ، وَكُنْ قَنِعاً تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ ، وَأَحْبِبْ لِلنَّاسِ ... 302
487. كُونُوا فِي الدُّنْيَا أَضْيَافاً، وَاتَّخِذُوا الْمَسَاجِدَ بُيُوتاً، وَعَوِّدُوا قُلُوبَكُمُ الرِّقَّةَ ،... 337
130. الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ ، وَالعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ ... 157
458. كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ . 323
882. لَاإِلٰهَ إِلَّا اللّٰهُ حِصْنِي، فَمَنْ دَخَلَهُ أَمِنَ مِنْ عَذَابِي. 517
557. لَاإِيمَانَ لِمَنْ لَاأَمَانَةَ لَهُ ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَاعَهْدَ لَهُ . 373
615. لَاتَجْعَلُونِي كَقَدَحِ الرَّاكِبِ . 400
611. لَاتَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللّٰهِ إِخْوَاناً. 398
577. لَاتَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَ لَالِذِي مُرَّةٍ قَوِيٍّ . 381
606. لَاتَخْرِقَنَّ عَلىٰ أَحَدٍ سِتْراً. 394
592. لَاتَذْهَبُ جَبِينَا عَبْدٍ فَيَصْبِرُ وَيَحْتَسِبُ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ . 391
604. لَاتَرُدُّوا السَّائِلَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ . 394
618. لَاتُرْضِيَنَّ أَحَداً بِسَخَطِ اللّٰهِ ، وَلَا تَحْمَدَنَّ أَحَداً عَلىٰ فَضْلِ اللّٰهِ ، وَلَا تَذُمَّنَّ ... 400
594. لَاتَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ اُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ حَتّىٰ يَأْتِيَ أَمْرُ اللّٰهِ . 391
595. لَاتَزَالُ نَفْسُ الرَّجُلِ مُعَلَّقَةً بِدَينِهِ حَتّىٰ يُقْضىٰ عَنْهُ . 391
619. لَاتَسْأَلِ الْإمَارَةَ ؛ فَإِنَّكَ إِنْ اُعْطِيتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ اُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِنْ اُعْطِيتَهَا... 400
601. لَاتَسُبُّوا الْأمْوَاتَ ؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلىٰ مَا قَدَّمُوا. 394
600. لَاتَسُبُّوا الْأمْوَاتَ ؛ فَتُؤْذُوا بِهِ الْأحْيَاءَ . 393
598. لَاتَسُبُّوا الدَّهْرَ؛ فَإِنَّ اللّٰهَ هُوَ الدَّهْرُ. 393
599. لَاتَسُبُّوا السُّلْطَانَ ؛ فَإِنَّهُ فَيْ ءُ اللّٰهِ فِي أَرْضِهِ . 393
571. لَاتصْلُحُ الصَّنِيعَةُ إِلَّا عِنْدَ ذِي حَسَبٍ أَوْ دِينٍ ، كَمَا لَاتَصْلُحُ الرِّيَاضَةُ إِلَّا فِي النَّجِيبِ . 380
597. لَاتُظْهِرِ الشّمَاتَةَ لِأخِيكَ فَيُعَافِيَهُ اللّٰهُ وَيَبْتَلِيَكَ . 392
613. لَاتُعْجَبُوا بِعَمَلِ عَامِلٍ حَتّىٰ تَنْظُرُوا بِمَ يُخْتَمُ لَهُ . 398
605. لَاتَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ . 394
ص: 570
589. لَاتَقُومُ السَّاعَةُ حَتّىٰ يَقِلَّ الرِّجَالُ وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ . 388
620. لَاتَقُومُ السَّاعَةُ حَتّىٰ يَكُونَ الْوَلَدُ غَيْظاً، وَالْمَطَرُ قَيْظاً، وَيَفِيضَ اللِّئَامُ ... 401
602. لَاتَمْسَحْ يَدَكَ بِثَوْبِ مَنْ لَاتَكْسُوهُ . 394
608. لَاتُوَاعِدْ أَخَاكَ مَوْعِداً فَتُخْلِفَهُ . 397
551. لَاحَلِيمٌ إِلَّا ذُو عَثْرَةٍ ، وَلَا حَكِيمٌ إِلَّا ذُو تَجْرِبَةٍ . 369
591. لَاخَيْرَ فِي صُحْبَةِ مَنْ لَايَرىٰ لَكَ مِنَ الْحَقِّ مِثْلَ الَّذِي تَرىٰ لَهُ . 391
558. لَارُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ . 373
572. لَاطَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ . 380
554. لَاعَقْدَ فِي الْإِسْلَامِ . 372
562. لَافَاقَةَ لِعَبْدٍ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ، وَلَا غِنىً لَهُ دُونَهُ . 374
552. لَافَقْرَ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ ، وَلَا مَالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ ، وَلَا وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ ... 370
560. لَاكَبِيرَةَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ، وَلَا صَغِيرَةَ مَعَ إِصْرَارٍ. 373
559. لَاهِجْرَةَ فَوْقَ ثَلَاثٍ . 373
561. لَاهَمَّ إِلَّا هَمُّ الدَّيْنِ ، وَلَا وَجَعَ إِلَّا وَجَعُ الْعَيْنِ . 373
588. لَايَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ إِلَّا وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ . 387
593. لَايَبْلُغُ الْعَبْدُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُتَّقِينَ حَتّىٰ يَدَعَ مَا لَابَأْسَ بِهِ حَذَراً لِمَا بِهِ الْبَأْسُ . 391
581. لَايَبْلُغُ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ الْإيمَانِ حَتّىٰ يَعْلَمَ أَنَّ مٰا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ وَمَا... 384
553. لَايُتْمَ بَعْدَ حُلُمٍ . 370
609. لَايَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ . 397
576. لَايَحِلّ لِامْرِئٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ . 381
575. لَايَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِماً. 381
617. لَايَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ ؛ فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ . 400
574. لَايَدْخَلُ الْجَنَّةَ عَبْدٌ لَايَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ . 381
573. لَايَدْخُلُ الجنَّةَ قَتَّاتٌ . 380
584. لَايَرْحَمُ اللّٰهُ مَنْ لَايَرْحَمُ النَّاسَ . 385
ص: 571
603. لَايَرُدُّ الرَّجُلُ هَدِيَّةَ أَخِيهِ ، فَإِنْ وَجَدَ فَلْيُكَافِئْهُ . 394
550. لَايَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ ، وَ لَايَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ. 369
596. لَايَزَالُ الْعَبْدُ فِي الصَّلَاةِ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ . 391
587. لَايَزْدَادُ الْأمْرُ إِلَّا شِدَّةً ، وَلَا الدُّنْيَا إِلَّا إِدْبَاراً، وَلَا النّاسُ إِلَّا شُحّاً، وَلَا تَقُومُ ... 387
590. لَايَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْداً فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ اللّٰهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . 390
579. لَايَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتّىٰ يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ ، وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتّىٰ ... 384
582. لَايَسْتَكْمِلُ الْعَبْدُ الْإيمَانَ حَتّىٰ يَكُونَ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ : الْإنْفَاقُ مِنَ ... 384
586. لَايَشْبَعُ عَالِمٌ مِنْ عِلْمٍ حَتّىٰ يَكُونَ مُنْتَهَاهُ الْجَنَّةَ . 387
585. لَايَشْبَعُ الْمُؤْمِنُ دُونَ جَارِهِ . 387
549. لَايَشْكُرُ اللّٰهَ مَنْ لَايَشْكُرُ النَّاسَ . 369
570. لَايَصْلُحُ الْمَلَقُ إِلَّا لِلْوالِدَيْنِ وَ الْإمَامِ الْعَادِلِ . 380
614. لَايُعْجِبَنَّكُمْ إِسْلَامُ رَجُلٍ حَتّىٰ تَعْلَمُوا كُنْهَ عَقْلِهِ . 398
564. لَايُغْنِي حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ. 374
565. لَايَفْتِكُ مُؤْمِنٌ . 374
566. لَايُفْلِحُ قَوْمٌ تَمْلِكُهُمْ امْرَأَةٌ . 374
548. لَايُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ . 369
616. لَايَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ مَهَابَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُومَ بِالْحَقِّ إِذَا عَلِمَهُ . 400
610. لَايَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللّٰهِ . 398
569. لَايَنْبَغِي لِذِي الْوَجْهَيْنِ أَنْ يَكُونَ أَمِيناً عِنْدَ اللّٰهِ . 380
568. لَايَنْبَغِي لِلصِّدِّيقِ أَنْ يَكُونَ لَعَّاناً. 380
567. لَايَنْبَغِي لِمُؤْمِنٍ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهَ . 374
563. لَايَنْتَطِحُ فِيهَا عَنْزَانِ . 374
578. لَايَهْلِكُ النَّاسُ حَتّىٰ يُعْذَرُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ . 384
580. لَايُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتّىٰ يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيْرِ. 384
826. لَقَلْبُ ابْنِ آدَمَ أَسْرَعُ تَقَلُّباً مِنَ الْقِدْرِ إِذَا اسْتَجْمَعَتْ غَلْياً. 477
ص: 572
146. لِكُلِّ شَيْ ءٍ عِمَادٌ، وَعِمَادُ هٰذَا الدِّينِ الفِقْهُ . 165
150. لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ بِقَدْرِ غَدْرَتِهِ . 166
211. لِلسَّائِلِ حَقٌّ وَإِنْ جَاءَ عَلىٰ فَرَسٍ . 199
622. لَنْ تَهْلِكَ الرَّعِيَّةُ وإِنْ كَانَتْ ظَالِمَةً مُسِيئَةً إِذَا كَانَتِ الْوُلَاةُ هَادِيَةً مَهْدِيَّةً . 401
621. لَنْ يَهْلِكَ امْرُؤٌ بَعْدَ مَشْوَرَةٍ . 401
877. لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللّٰهِ حَقِّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ؛ تَغْدُو... 512
876. لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَيْنِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغىٰ إِلَيْهِمَا ثَالِثاً، وَلَا يَمْلَاُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ ... 512
872. لَوْ تَعْلَمُ الْبَهَائِمُ مِنَ الْمَوْتِ مَا يَعْلَمُ ابْنُ آدَمَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْهَا سَمِيناً. 511
871. لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً. 511
875. لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَزِنُ عِنْدَ اللّٰهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقىٰ كَافِراً مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ . 512
874. لَوْ كَانَ الْمُؤْمِنُ فِي جُحْرِ فَأْرَةٍ لَقَيَّضَ اللّٰهُ لَهُ فِيهِ مَنْ يُؤْذِيهِ . 512
870. لَوْلَا أَنَّ السُّوَّالَ يَكْذِبُونَ مَا قُدِّسَ مَنْ رَدَّهُمْ . 511
879. لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَجَاءَ اللّٰهُ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ . 512
878. لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَخَشِيتُ عَلَيْكُمْ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذٰلِكَ الْعُجْبُ الْعُجْبُ . 512
486. لِيَأْخُذِ الْعَبْدُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَمِنْ دُنْيَاهُ لِآخِرَتِهِ ، وَمِنَ الشَّبِيبَةِ قَبْلَ الْكِبَرِ،... 336
751. لَيْسَ بَعْدَ الْمَوْتِ مُسْتَعْتَبٌ . 450
756. لَيْسَ بِكَذَّابٍ مَنْ أَصْلَحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَقَالَ خَيْراً أَوْ نَمىٰ خَيْراً. 450
747. لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ . 449
758. لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ ؛ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ . 451
760. لَيْسَ شَيْ ءٌ أَسْرَعَ عُقُوبَةً مِنَ الْبَغْيِ . 451
759. لَيْسَ شَيْ ءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللّٰهِ مِنَ الدُّعَاءِ . 451
761. لَيْسَ شَيْ ءٌ خَيْراً مِنْ أَلْفِ مِثْلِهِ إِلَّا الْمُؤْمِنَ . 451
757. لَيْسَ الغِنى عن كثرةِ العَرَضِ ، إِنَّما الغِنى غِنَى النَّفسِ . 450
749. لَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ حَقٌّ . 449
748. لَيْسَ لِفَاسِقٍ غِيبَةٌ . 449
ص: 573
762. لَيْسَ لَكَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ . 451
754. لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ . 450
755. لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرِ الْكَبِيرَ وَيَرْحَمِ الصَّغِيرَ، وَيَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ. 450
752. لَيْسَ مِنَّا مَنْ وَسَّعَ اللّٰهُ عَلَيْهَ ثُمَّ قَتَّرَ عَلىٰ عِيَالِهِ . 450
753. لَيْسَ مِنَّا مَنْ يشبّه بِغَيْرِنَا. 450
750. لَيْسَ مِنْ خُلُقِ الْمُؤْمِنِ الْمَلَقُ . 449
484. لِيَكُنْ بَلَاغُ أَحَدِكُمْ مِنَ الدُّنْيَا زَادَ الرَّاكِبِ . 335
521. مَا آمَنَ بِالْقُرْآنِ مَنِ اسْتَحَلَّ مَحَارِمَهُ . 354
527. مَا أَحْسَنَ عَبْدٌ الصَّدَقَةَ إِلَّا أَحْسَنَ اللّٰهُ الْخِلَافَةَ عَلىٰ تَرَكَتِهِ . 356
530. مَا اسْتَرْذَلَ اللّٰهُ عَبْداً إِلَّا حَظَرَ عَنْهُ الْعِلْمَ وَالْأدَبَ . 358
537. مَا اسْتَرْعَى اللّٰهُ عَبْداً رَعِيَّةً فَلَمْ يَحُطْهَا بِنُصْحِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللّٰهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ . 360
526. مَا أَصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ وَلَوْ عَادَ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً . 355
517. مَا أَعَزَّ اللّٰهُ بِجَهْلٍ قَطُّ، وَلَا أَذَلَّ اللّٰهُ بِحِلْمٍ قَطُّ. 353
535. مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخاً لِسِنِّهِ إِلَّا قَيَّضَ اللّٰهُ لَهُ عِنْدَ شَيْبِهِ مَنْ يُكْرِمُهُ . 360
536. مَا امْتَلَأَتْ دَارٌ حَبْرَةً إِلَّا امْتَلَأَتْ عَبْرَةً ، وَمَا كَانَتْ فَرْحَةٌ إِلَّا تَبِعَتْهَا تَرْحَةٌ . 360
531. مَا أَنْزَلَ اللّٰهُ مِنْ دَاءٍ إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً . 358
525. مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ . 355
547. مَا تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بِالْعَبْدِ حَتَّىٰ يَلْقَى اللّٰهَ وَمَا فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ . 365
804. مَا تَقَرَّبَ الْعَبْدَ إِلَى اللّٰهِ بشَيْ ءٍ أَفْضَلَ مِنْ سُجُودٍ خَفِيٍّ . 471
520. مَا خَابَ مَنِ اسْتَخَارَ، وَلَا نَدِمَ مَنِ اسْتَشَارَ. 353
523. مَا خَالَطَتِ الصَّدَقَةُ مَالاً إِلَّا أَهْلَكَتْهُ . 354
849. مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَثَلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ السَّبَّابَةَ فِي الْيَمِّ فَلْيَنْظُرْ... 492
541. مَا ذِئْبَانِ ضَارِيَانِ فِي زَرِيبَةِ غَنَمٍ بِأَسْرَعَ فِيهَا مِنْ حُبِّ الشَّرَفِ وَالْمَالِ فِي... 362
528. مَا رَأَيْتُ مِثْلَ النَّارِ نَامَ هَارِبُهَا، وَلَا مِثْلَ الْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا. 356
522. مَا رُزِقَ الْعَبْدُ رِزْقاً أَوْسَعَ عَلَيْهِ مِنَ الصَّبْرِ. 354
ص: 574
532. مَا زَانَ اللّٰهُ عَبْداً بِزِينَةٍ أَفْضَلَ مِنْ عِفَافٍ فِي دِينِهِ وَفَرْجِهِ . 358
534. مَا سَتَرَ اللّٰهُ عَلىٰ عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا ذَنْباً فَيُعَيِّرَهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . 358
519. مَا شَقِيَ عَبْدٌ قَطُّ بِمَشْوَرَةٍ ، وَلَا سَعِدَ باستغنآءٍ بِرأيٍ . 353
812. مَا صَلَّتِ امْرَأَةٌ مِنْ صَلَاةٍ أَحَبَّ إِلَى اللّٰهِ مِنْ صَلَاتِهَا فِي أَشَدِّ بَيْتِهَا ظُلْمَةً . 472
540. مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ قَطُّ إِلَّا وَبِجَنْبَتَيْهَا مَلَكَانِ يَقُولَانِ : اللّٰهُمَّ عَجِّلْ لِمُنْفِقٍ خَلَفاً... 362
516. مَا عَالَ مَنِ اقْتَصَدَ. 353
542. مَا عُبِدَ اللّٰهُ بِشَيْ ءٍ أَفْضَلَ مِنْ فِقْهٍ فِي دِينٍ . 362
533. مَا عَظُمَتْ نِعْمَةُ اللّٰهِ عَلىٰ عَبْدٍ إِلَّا عَظَمَتْ مَؤُونَةُ النَّاسِ عَلَيْهِ . 358
544. مَا فَتَحَ رَجُلٌ عَلىٰ نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللّٰهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ. 364
783. مَا قَلَّ وَكَفىٰ خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وأَلْهىٰ . 463
529. مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْ ءٍ قَطُّ إِلَّا زَانَهُ ، وَمَا كَانَ الْخُرْقُ فِي شَيْ ءٍ قَطُّ إِلَّا شَانَهُ . 358
848. مَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ قَالَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ فِي يَوْمٍ حَارٍّ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا. 492
832. مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرّاً مِنْ بَطْنٍ . 482
813. مَا مِنْ جُرْعَةٍ أَحَبُّ إِلَى اللّٰهِ مِنْ جُرْعَةِ غَيْظٍ كَظَمَهَا رَجُلٌ ، أَوْ جُرْعَةِ صَبْرٍ عَلىٰ ... 473
538. مَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمينَ أَعْظَمَ أَجْراً مِنْ وَزِيرٍ صَالِحٍ مَعَ إِمَامٍ عَادِلٍ يُطِيعُهُ ... 360
543. مَا مِنْ شَيْ ءٍ اُطِيعَ اللّٰهُ فِيهِ بِأَعْجَلَ ثَوَاباً مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ ، وَمَا مِنْ شَيْ ءٍ يُعْصَى... 362
803. مَا مِنْ عَمَلٍ أَفْضَلَ مِنْ إِشْبَاعِ كَبِدٍ جَائِعٍ . 468
539. مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَلَهُ ذَنْبٌ يُصِيبُهُ الْفَيْنَةَ بَعْدَ الْفَيْنَةِ لَايُفَارِقُهُ حَتّىٰ يُفَارِقَ الدُّنْيَا. 362
805. مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدَهُ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ . 471
518. مَا نُزِعَتِ الرَّحْمَةُ إِلَّا مِنْ شَقِيٍّ . 353
524. مَا نَقَصَ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ ، وَلَا عَفَا رَجُلٌ مِنْ مَظْلَمَةٍ ، إِلَّا زَادَهُ اللّٰهُ بِهَا عِزّاً. 354
71. مَا وَقىٰ بِهِ المَرْءُ عِرْضَهُ كُتِبَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ . 117
546. مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ وَصَبٌ وَلَا سَقَمٌ وَلَا أَذىً وَلَا حَزَنٌ حَتَّى الْهَمِّ يَهُمُّهُ إِلَّا... 365
545. مَا يَنْتَظِرُ أَحَدُكُمْ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا غِنىً مُطْغِياً أَوْ فَقْراً مُنْسِياً أَوْ مَرَضاً مُفْسِداً أَوْ... 365
231. المُتَشَبِّعُ بِمَا لَايَمْلِكُ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ. 208
ص: 575
835. مَثَلُ أَصْحَابِي فِي اُمَّتِي كَالْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ ؛ لَايَصْلُحُ الطَّعَامُ إِلَّا بِالْمِلْحِ . 485
834. مَثَلُ أَصْحَابِي مَثَلُ النُّجُومِ ؛ مَنِ اقْتَدىٰ بِشَيْ ءٍ مِنْهَا اهْتَدىٰ . 485
836. مَثَلُ اُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ لَايُدْرىٰ أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ . 485
833. مَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي مَثَلُ سَفِينَةِ نُوحٍ مَنْ رَكِبَ فِيهَا نَجَا، وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ . 485
846. مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ مَثَلُ الدَّارِيِّ إِنْ لَمْ يُحْذِكَ مِنْ عَطْرِهِ عَلَّقَكَ مِنْ رِيحِهِ ،... 492
847. مَثَلُ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ كَالْمِيزَانِ مَنْ أَوْفَى اسْتُوفِيَ . 492
843. مَثَلُ الْقُرْآنِ مَثَلُ الْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ إِنْ عَقَلَهَا صَاحِبُهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ تَرَكَهَا ذَهَبَتْ . 491
842. مَثَلُ الْقَلْبِ مَثَلُ رِيشَةٍ بِأَرْضٍ تُقَلِّبُهَا الرِّيَاحُ . 491
845. مَثَلُ الْمَرْأَةِ كَالضِّلْعِ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تُقِيمَهُ كَسَرْتَهُ ، وَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَسْتَمْتِعَ بِهِ ... 492
844. مَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ الشَّاةِ الْعَائِرَةِ بَيْنَ الْغَنَمَيْنِ . 491
839. مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الْقَوِيِّ مَثَلُ النَّخْلَةِ ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ كَخَامَةِ الزَّرْعِ . 486
840. مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ السُّنْبُلَةِ ؛ تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ ، فَتَقُومُ مَرَّةً وَتَقَعُ اُخْرىٰ ، ومَثلُ ... 486
837. مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ النَّحْلَةِ ؛ لَاتَأْكُلُ إِلَّا طَيِّباً، وَلَا تَضَعُ إِلَّا طَيِّباً. 486
838. مَثَلُ الْمُؤْمِنِ وَالإِيمَانِ كَمَثَلِ الْفَرَسِ يَجُولُ فِي آخِيَّتِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلىٰ آخِيَّتِهِ . 486
841. مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكىٰ بَعْضُهُ ... 491
2. المَجَالِسُ بِالأَمَانَةِ . 65
129. المُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللّٰهِ . 156
69. مُدَارَاةُ النَّاسِ صَدَقَةٌ . 116
132. المَرْءُ عَلىٰ دِينِ خَلِيلِهِ . 159
131. المَرءُ كَثِيرٌ بِأَخِيهِ . 159
133. المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ . 159
247. المُسْتَبّانِ مَا قَالَا فَهُوَ عَلَى البَادِىِ مَا لَمْ يَعْتَدِ المَظْلُومُ . 218
3. المُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ . 66
56. المَسْجِدُ بَيْتُ كُلِّ تَقِيٍّ . 105
122. المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لَايَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ . 151
ص: 576
121. المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ . 151
123. المُسْلِمُونَ يَدٌ وَاحِدَةٌ عَلىٰ مَنْ سِوَاهُمْ . 152
33. مَطَلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ ، وَمَسْأَلَةُ الغَنِيِّ نَارٌ. 88
79. المُعْتَدِي فِي الصَّدَقَةِ كَمَانِعِهَا. 122
184. مُعْتَرَكُ المَنَايَا مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ . 185
186. المَكْرُ وَالخَدِيعَةُ فِي النَّارِ. 186
30. مِلاكُ الدِّينِ الوَرَعُ . 86
28. مِلَاكُ العَمَلِ خَوَاتِمُهُ . 85
273. مَن آتَاهُ اللّٰهُ خَيْراً فَلْيُرَ عَلَيْهِ . 231
316. مَنْ آثَرَ مَحَبَّةَ اللّٰهِ عَلىٰ مَحَبَّةِ النَّاسِ كَفَاهُ اللّٰهُ مَؤُونَةَ النَّاسِ . 247
353. مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هٰذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْ ءٍ فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ ، كُنَّ لَهُ سِتْراً مِنَ النَّارِ. 264
289. مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ . 237
272. مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ أَكْرَمَ النَّاسِ فَلْيَتَّقِ اللّٰهَ و مَنْ أَحَبَّ أنْ يَكُونَ أَقْوَى... 230
299. مَنْ أَحَبَّ دُنْيَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ ، وَمَنْ أَحَبَّ آخِرَتَهُ أَضَرَّ بِدُنْيَاهُ . 240
309. مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللّٰهِ أَحَبَّ اللّٰهُ لِقَاءَهُ ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللّٰهِ كَرِهَ اللّٰهُ لِقَاءَهُ . 244
268. مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هٰذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ. 228
348. مَنْ أَحْسَنَ صَلَاتَهُ حِينَ يَرَاهُ النَّاسُ ، ثُمَّ أَسَاءَهَا حِينَ يَخْلُو، فَتِلْكَ اسْتِهَانَةٌ ... 262
329. مَنْ أَخْلَصَ للّٰهِِ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً ظَهَرَتْ يَنَابِيعُ الْحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلىٰ لِسَانِهِ . 252
346. مَنْ أَذْنَبَ فِي الدُّنْيَا ذَنْباً فَعُوقِبَ ، فَاللّٰهُ أَعْدَلُ مِنْ أَنْ يُثَنِّيَ عَلىٰ عَبْدِهِ ؛ وَمَنْ ... 262
278. مَن اُزِلَتْ إِلَيْهِ نِعْمَةٌ فَلْيَشْكُرْهَا. 232
311. مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَبِيئَةٌ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ فَلْيَفْعَلْ . 245
301. مَنِ اسْتَعَاذَكُمْ بِاللّٰهِ فَأَعِيذُوهُ ، ومَنْ سَأَلَكُمْ بِاللّٰهِ فَأَعْطُوهُ ، وَمَنْ دَعَاكُمْ ... 242
330. مَنْ أَسْلَمَ عَلىٰ يَدَيْهِ رَجُلٌ وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ . 252
262. مَنِ اشْتَاقَ إِلَى الجَنَّةِ سَارَعَ إِلَى الْخَيْراتِ ، وَمَنْ أَشْفَقَ مِنَ النّٰارِ لَهَا عَنِ ... 227
315. مَنْ أَصَابَ مَالاً مِنْ نَهَاوِشٍ أَذْهَبَهُ اللّٰهُ فِي نَهَابِرَ. 247
ص: 577
305. مَنْ أَصْبَحَ لَايَنْوِي ظُلْمَ أَحَدٍ غُفِرَ لَهُ مَا جَنىٰ . 243
363. مَنْ أَصْبَحَ مُعَافاً فِي بَدَنِهِ ، آمِناً فِي سِرْبِهِ ، وَعِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ ... 269
264. مَنِ اعْتَزَّ بِالعَبِيدِ أَذَلَّهُ اللّٰهُ . 227
321. مَنْ أَقَالَ نادِماً بَيْعَتَهُ أَقَالَهُ اللّٰهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ القِيامَةِ . 250
306. مَنْ أَلْقىٰ جِلْبَابَ الْحَيَاءِ فَلَا غِيبَةَ لَهُ . 243
361. مَنِ انْتَهَرَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ مَلَأَ اللّٰهُ قَلْبَهُ أَمْناً وَإِيمَاناً. 269
325. مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً أَوْ وَضَعَ لَهُ أَظَلَّهُ اللّٰهُ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لَاظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ . 250
342. مَنِ انْقَطَعَ إِلَى اللّٰهِ كَفَاهُ اللّٰهُ كُلَّ مَؤُونَةٍ ، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَايَحْتَسِبُ ، وَمَنِ ... 260
340. مَنْ أَوْلىٰ رَجُلاً مِنْ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ مَعْرُوفاً فِي الدُّنْيَا، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُكَافِئَهُ ... 259
338. مَنْ اُولِيَ مَعرُوفاً فَلَمْ يَجِدْ جَزَاءً إِلَّا الثَّنَاءَ فَقَدْ شَكَرَهُ ، وَمَنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ . 258
339. مَنْ اُولِيَ مَعْرُوفاً فَلْيُكَافِئْ بِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيَذْكُرْهُ ، فَإِنْ ذَكَرَهُ فَقَدْ شَكَرَهُ . 258
300. مَنْ أَهَانَ سُلْطَانَ اللّٰهِ أَهَانَهُ اللّٰهُ ، وَمَنْ أَكْرَمَ سُلْطَانَ اللّٰهِ أَكْرَمَهُ اللّٰهُ . 241
362. مَنْ أَهَانَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ آمَنَهُ اللّٰهُ يَوْمَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ. 269
886. مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيّاً فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ ، وَمَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيْ ءٍ أَنَا فَاعِلُهُ مِثْلَ ... 518
271. مَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ جَادَ بِالعَطِيَّةِ . 230
256. مَنْ بَدَا جَفٰا، مَنِ اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَلَ ، مَنِ اقْتَرَبَ مِنْ أَبْوَابِ السُّلْطَانِ افْتَتَنَ . 224
334. مَنْ بَنىٰ للّٰهِ مَسْجِداً وَلَوْ مِثْلَ مَفْحَصِ قَطَاةٍ بَنَى اللّٰهُ لَهُ بَيْتاً فِي الجَنَّةِ . 255
269. مَنْ تَأنّىٰ أَصَابَ أَوْ كَادَ، وَمَنْ عَجَّلَ أَخْطَأَ أَوْ كَادَ. 229
286. مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ . 234
344. مَنِ الْتَمَسَ رِضَا اللّٰهِ بِسَخَطِ النَّاسِ ، رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ وَأَرْضىٰ عَنْهُ النّاسَ ، وَمَنِ ... 260
252. مَنْ تَوَاضَعَ للّٰهِِ رَفَعَهُ اللّٰهُ ، وَمَنْ تَكَبَّرَ وَضَعَهُ اللّٰهُ . 221
290. مَنْ جُعِلَ قَاضِياً فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ . 237
349. مَنْ حَاوَلَ أَمْراً بِمَعْصِيَةِ اللّٰهِ كَانَ أَفْوَتَ لِمَا رَجَا وَأَقْرَبَ لِمَجِيء مَا اتَّقىٰ . 263
135. مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَايَعْنِيهِ . 159
366. مَنْ حَفِظَ مَا بَيْنَ لِحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ . 270
ص: 578
352. مَنْ حَلَفَ علىٰ يَمِينٍ ، فَرَأىٰ خَيْراً مِنْهَا، فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمينِهِ ، ثُمَّ لْيَفْعَلِ الَّذِي... 264
291. مَنْ حَمَلَ سَلْعَتَهُ فَقَدْ بَرِئَ مِنَ الكِبْرِ. 237
296. مَنْ خَافَ أَدْلَجَ ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ . 240
308. مَنْ خَافَ اللّٰهَ خَوَّفَ اللّٰهُ مِنْهُ كُلَّ شَيْ ءٍ ، وَمَنْ لَمْ يَخَفِ اللّٰهَ خَوَّفَهُ اللّٰهُ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ . 244
284. مَنْ دَعَا عَلىٰ مَنْ ظَلَمَهُ فَقَدِ انْتَصَرَ. 234
341. مَنْ رَأىٰ عَوْرَةً فَسَتَرَهَا، كَانَ كَمَنْ أَحْيَا مَوْؤُودَةً مِنْ قَبْرِهَا. 260
277. مَنْ رُزِقَ مِنْ شَيْ ءٍ فَلْيَلْزَمْهُ . 232
282. مَنْ رَفَقَ بِاُمَّتِي رَفَقَ اللّٰهُ بِهِ . 234
267. مَنْ رَمَانَا بِاللَّيْلِ فَلَيْسَ مِنَّا. 228
310. مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ يَعْلَمُهُ فَكَتَمَهُ اُلْجِمَ بِلِجَامٍ مِنَ النَّارِ. 245
307. مَنْ سَاءتْهُ خَطِيئَتُهُ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْفِرْ. 244
356. مَنْ سَأَلَ عَنْ ظَهْرِ غِنىً ، فَصُدَاعٌ فِي الرَّأْسِ ، وَدَاءٌ فِي الْبَطْنِ . 266
355. مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّراً فَإِنَّمَا هِيَ جَمْرٌ، فَلْيَسْتَقِلُّ مِنْهُ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ. 266
294. مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ . 238
314. مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَجِدَ طَعْمَ الإِيمَانِ فَلْيُحِبَّ الْمَرْءَ لَايُحِبّهُ إِلَّا للّٰهِِ . 246
320. مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْكُنَ بُحْبُوحَةَ الجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الجَمَاعَةَ . 248
275. مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْلَمَ فَيَلْزَمِ الصَّمْتَ . 232
223. مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ أَنْ يُشْبِهَ أَبَاهُ . 204
224. مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ حُسْنُ الخُلُقِ . 204
336. مَنْ سَمَّعَ النَّاسَ بِعَمَلِهِ سَمَّعَ اللّٰهُ بِهِ سَامِعَ خَلْقِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَحَقَّرَهُ وَصَغَّرَهُ . 256
324. مَنْ شابَ شَيبَةً في الإسْلامِ ، كانَتْ لَهُ نُوراً يومَ الْقِيامَةِ . 250
295. مَنْ صَامَ الأَبَدَ فَلَا صَامَ . 238
251. مَنْ صَمَتَ نَجَا. 221
337. مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الآخِرَةِ فَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ . 256
287. مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ تَكَفَّلَ اللّٰهُ بِرِزْقِهِ . 234
ص: 579
335. مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ فَأَدْرَكَهُ كُتِبَ لَهُ كِفْلَانِ مِنَ الأَجْرِ، وَمَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ وَلَمْ ... 256
343. مَنْ طَلَبَ مَحَامِدَ النَّاسِ بِمَعَاصِي اللّٰهِ عَادَ حَامِدُهُ مِنَ النَّاسِ ذامّاً. 260
283. مَنْ عَادَ مَرِيضاً لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الجَنَّةِ . 234
365. مَنْ عَامَلَ النَّاسَ فَلَمْ يَظْلِمْهُمْ ، وَحَدَّثَهُمْ فَلَمْ يَكْذِبْهُمْ ، وَوَعَدَهُمْ فَلَمْ ... 270
280. مَنْ عَزّىٰ مُصَاباً فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ . 232
304. مَنْ عَمَّرَهُ اللّٰهُ سِتِّينَ سَنَةً فَقَدْ أَعْذَرَ إِلَيْهِ فِي الْعُمُرِ. 243
266. مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا. 228
317. مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبْراً فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ . 247
319. مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةٍ . 248
318. مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ وَاسْتَذَلَّ الإمَارَةَ لَقِيَ اللّٰهَ وَلَا وَجْهَ لَهُ عِنْدَهُ . 248
312. مَنْ فُتِحَ لَهُ بَابُ خيرٍ فَلْيَنْتَهِزْهُ ؛ فَإِنَّهُ لَايَدْرِي مَتىٰ يُغْلَقُ عَنْهُ . 245
333. مَنْ فَرَّجَ عَنْ أَخِيهِ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا فَرَّجَ اللّٰهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ ... 254
323. مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللّٰهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ . 250
281. مَنْ فَطَّرَ صَائِماً كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ . 233
257. مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. 224
354. مَنْ قَتَلَ عُصْفُوراً عَبَثاً جَاءَ يَوْمَ القِيامَةِ وَلَهُ صُرَاخٌ عِنْدَ الْعَرْشِ يَقُولُ : رَبِّ ... 265
254. مَن قَدَّرَ رَزَقَهُ اللّٰهُ ، وَمَنْ بَذَّرَ حَرَمَهُ اللّٰهُ . 221
328. مَنْ كَانَ آمِراً بِمَعْرُوفٍ فَلْيَكُنْ أَمْرُهُ ذٰلِكَ بِمَعْرُوفٍ . 252
351. مَنْ كَانَتْ لَهُ سَرِيرَةٌ صَالِحَةٌ أَوْ سَيِّئَةٌ ، نَشَرَ اللّٰهُ عَلَيْهِ مِنْهَا رِدَاءً يُعْرَفُ بِهِ . 263
326. مَنْ كَانَ ذَا لِسَانَيْنِ فِي الدُّنْيَا جُعِلَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ لِسَانَانِ مِنْ نَارٍ. 250
358. مَنْ كَانَ وُصْلَةً لِأخِيهِ الْمُسْلِمِ إِلىٰ ذِي سُلْطَانٍ فِي مَنْهَجِ بِرٍّ أَوْ تَيْسِيرِ عَسِيرٍ،... 267
331. مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللّٰهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ . 253
298. مَنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ. 240
276. مَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ سَقَطُهُ ، وَمَنْ كَثُرَ سَقَطُهُ كَثُرَتْ ذُنُوبُهُ ، وَمَنْ كَثُرَتْ ذُنُوبُهُ ... 232
293. مَنْ كَذَّبَ بِالشَّفَاعَةِ لَمْ يَنَلْهَا يَوْمَ القِيَامَةِ . 238
ص: 580
367. مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ. 270
313. مَنْ كَظَمَ غَيْظاً وَهُوَ يَقْدِرُ عَلىٰ إِنْفَاذِهِ مَلَأَ اللّٰهُ قَلْبَهُ أَمْناً وَإِيمَاناً. 246
322. مَنْ كَفَّ لِسَانَهُ عَنْ أَعْرَاضِ النَّاسِ أَقالَهُ اللّٰهُ تعالى عَثْرَتَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ . 250
222. مِنْ كُنُوزِ البِرِّ كِتْمَانُ المَصَائِبِ وَالأَمْرَاضِ وَالصَّدَقَةِ . 204
359. مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِشِير، فَهُوَ كَمَنْ غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَدَمِهِ . 267
350. مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاتُهُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ لَمْ تَزِدْهُ مِنَ اللّٰهِ إِلَّا بُعْداً. 263
265. مَنْ لَمْ يَأْخُذْ شَارِبَهُ فَلَيْسَ مِنَّا. 228
279. مَنْ لَمْ يَشْكُرِ الْقَلِيلَ لَمْ يَشْكُرِ الْكَثِيرَ. 232
347. مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَعٌ يَصُدُّهُ عَنْ مَعْصِيَةِ اللّٰهِ إِذَا خَلَا، لَمْ يَعْبَأِ اللّٰهُ بِشَيْ ءٍ مِنْ عَمَلِهِ . 262
288. مَنْ لَمْ يَنْفَعْهُ عِلْمُهُ ضَرَّهُ جَهْلُهُ . 235
345. مَنْ مَاتَ عَلىٰ خَيْرِ عَمَلِهِ فَارْجُوا لَهُ خَيْراً، وَمَنْ مَاتَ عَلىٰ سَيِّئِ عَمَلِهِ ... 261
263. مَنْ مَاتَ غَرِيباً مَاتَ شَهِيداً. 227
357. مَنْ مَشىٰ إِلىٰ طَعَامٍ لَمْ يُدْعَ إِلَيْهِ ، فَقَدْ دَخَلَ سَارِقاً وَخَرَجَ مُغِيراً. 266
285. مَنْ مَشىٰ مَعَ ظَالِمٍ فَقَدْ أَجْرَمَ . 234
302. مَنْ مَشىٰ مِنْكُمْ إِلىٰ طَمَعٍ فَلْيَمْشِ رُوَيْداً. 242
360. مَنْ نَزَلَ عَلىٰ قَوْمٍ فَلَا يَصُومَنَّ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِهِمْ . 268
332. مَنْ نَصَرَ أَخَاهُ بِظَهْرِ الْغَيْبِ نَصَرَهُ اللّٰهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ . 254
327. مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ أَخِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ ، فَكَأَنَّمَا يَنْظُرُ فِي النَّارِ. 252
364. مَنْ وُلِّيَ شَيْئاً مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ ، فَأَرَادَ اللّٰهُ بِهِ خَيْراً، جَعَلَ مَعَهُ وَزِيراً... 269
274. مَنْ هَمَّ بِذَنْبٍ ثُمَّ تَرَكَهُ كَانَتْ لَهُ حَسَنَةً . 231
243. مَنْهُومَانِ لَايَشْبَعَانِ : طَالِبُ عِلْمٍ وَطَالِبُ دُنْيَا. 214
253. مَنْ يَتَأَلَّ عَلَى اللّٰهِ يُكَذِّبُهُ ، مَنْ يَغْفِرْ يَغْفِرِ اللّٰهُ لَهُ ، وَمَنْ يَعْفُ يَعْفُ اللّٰهُ عَنْهُ ، مَنْ ... 221
260. مَنْ يُرِدِ اللّٰهُ بِهِ خَيْراً يُصِبْ مِنْهٌ . 225
270. مَنْ يَزْرَعْ خَيْراً يَحْصُدْ رَغْبَةً ، وَمَنْ يَزْرَعْ شَرّاً يَحْصُدْ نَدَامَةً . 229
292. مَنْ يُشَادَّ هٰذَا الدِّينِ يَغْلِبْهُ . 237
ص: 581
297. مَنْ يَشْتَهِ كَرَامَةَ الآخِرَةِ يَدَعْ زِينَةَ الدُّنْيَا. 240
64. مَوتُ الغَريبِ شَهٰادَةٌ . 113
124. المَوْتُ كَفَّارَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ . 152
196. مَوْضِعُ الصَّلَاةِ مِنَ الدِّينِ كَمَوْضِعِ الرَّأْسِ مِنَ الجَسَدِ. 191
128. المُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَاهُ اللّٰهُ عَنْهُ . 156
171. المُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقاً يَوْمَ القِيَامَةِ . 180
93. المُؤْمِنُ أَخُو المُؤْمِنِ . 131
96. المُؤْمِنُ إِلْفٌ مَألُوفٌ . 133
98. المُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ ، وَالفَاجِرُ خَبٌّ لَئِيمٌ . 134
95. المُؤْمِنُ كَيِّسٌ فَطِنٌ حَذِرٌ. 132
92. المُؤمِنُ مِرآةُ المُؤْمِنِ . 130
97. المُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ . 133
100. المُؤْمِنُ مِن أَهْلِ الإِيمانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الجَسَدِ. 135
99. المُؤْمِنونَ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً. 134
103. المُؤمِنونَ هَيِّنُونَ لَيِّنُونَ . 137
102. المُؤْمِنُ يَأكُلُ فِي مِعاءٍ واحد، وَالكَافِرُ يَأكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ . 136
94. المُؤْمِنُ يَسِيرُ المَؤُونَةِ . 132
101. المُؤْمِنَ يَومَ القِيامَةِ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ . 136
138. النَّاسُ كَإبِلٍ مَائَةٍ لَاتَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً وَاحِدَةَ . 162
136. النَّاسُ كَأَسْنَانِ المشْطِ. 162
137. النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ . 162
7. النَّدَمُ تَوْبَةُ . 70
42. النِّساءُ حَبائِلُ الشَّيطَانِ . 94
371. نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَاُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ. 273
217. النَّظَرُ سَهْمٌ مَسْمُومٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ . 202
ص: 582
214. النَّظَرُ فِي الخُضْرَةِ يَزِيدُ فِي الْبَصَرِ، وَالنَّظَرُ فِي المَرْأَةِ الحَسْنَاءِ يَزِيدُ فِي الْبَصَرِ. 200
820. نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ . 476
817. نِعِمَّا الْمَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ . 475
219. نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ : الصِّحَّةُ وَالفَراغُ . 202
814. نِعْمَ الشَّفِيعُ الْقُرْآنُ لِصَاحِبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . 475
819. نِعْمَ الشَّيْ ءُ الْفَأْلُ . 476
821. نِعْمَ صَوْمَعَةُ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ بَيْتُهُ . 476
818. نِعْمَ الْعَوْنُ عَلىٰ تَقْوَى اللّٰهِ الْمَالُ . 476
816. نِعْمَ الْمَالُ النَّخْلُ الرَّاسِخَاتُ فِي الْوَحْلِ الْمُطْعَمَاتُ فِي الْمَحْلِ . 475
815. نِعْمَ الْهَدِيَّةُ الْكَلِمَةُ مِنْ كَلَامِ الْحِكْمَةِ . 475
462. نَوِّرُوا الْفَجْرَ؛ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأجْرِ. 326
45. النِّيَاحَةُ مِنْ عَمَلِ الجَاهِلِيَّةِ 97
109. نِيَّةُ المُؤْمِنِ أَبْلَغُ مِنْ عَمَلِهِ . 141
851. وَإِذَا أَرَادَ اللّٰهُ قَبْضَ عَبْدٍ بِأَرْضٍ جَعَلَ لَهُ فِيهَا حَاجَةً . 497
501. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ . وَاعْلَمْ ... 345
416. وَاعْمَلْ بِفَرَائِضِ اللّٰهِ تَكُنْ عَابِداً، وَارْضَ بِقَسْمِ اللّٰهِ تَكُنْ زَاهِداً. 304
722. وَإِنِّي مُمْسِكٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ وَتتَقَاحَمُونَ فِيهَا تَقَاحُمَ الْفَرَاشِ وَالْجَنَادِبِ . 436
881. وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ ،... 517
369. وَجَبَتْ مَحَبَّةُ اللّٰهِ عَلىٰ مَنْ اُغْضِبَ فَحَلُمَ . 273
168. وَ جَمَالُ الرَّجُلِ فَصَاحَةُ لِسَانِهِ . 178
436. وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَا حَرَجَ . 313
785. الوَحْدَةُ خَيْرٌ مِنَ الْجَلِيسِ السَّيِّئِ ، وَالْجَلِيسُ الصَّالِحُ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ ،... 464
32. الوَرَعُ سَيِّدُ العَمَلِ . 87
205. والرَّغْبَةُ فِي الدُّنْيَا تُكْثِرُ الهَمَّ وَالحَزَنَ . 195
235. وَالشَّقِيُّ كُلُّ الشَّقِيِّ مَنْ أَدْرَكَتْهُ السَّاعَةُ حَيّاً لَمْ يَمُتْ . 210
ص: 583
232. الوُضُوءُ قَبْلَ الطَّعَامِ يَنْفِي الفَقْرَ، وَبَعْدَهُ يَنْفِي اللَّمَمَ وَيُصِحُّ الْبَصَرَ. 209
496. وَعَلَيْكَ بِالْجِهَادِ؛ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ اُمَّتِي، وَلْيَرُدَّكَ عَنِ النَّاسِ مَا تَعْرِفُ مِنْ ... 342
392. وَفَرَغَ مِنْ أَرْبَعٍ : مِنَ الْخَلْقِ ، وَالْخُلُقِ ، وَالأجَلِ ، وَالرِّزْقِ . 285
607. وَ لَاتَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئاً. 395
612. وَلَا تَكُونُوا عَيَّابِينَ وَلَا مَدَّاحِينَ وَلَا طَعَّانِينَ وَلَا مُتَمَاوِتِينَ . 398
555. وَلَا صَرُورَةَ فِي الْإسْلَامِ . 372
556. وَلَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ . 373
583. وَلَا يَسْتَكْمِلُ أَحَدُكُمْ حَقِيقَةَ الْإيمَانِ حَتّىٰ يَخْزُنَ لِسَانَهُ . 385
209. الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلعَاهِرِ الحَجَرُ. 196
15. الوَلَدُ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ مَحْزَنَةٌ . 76
873. وَلَوْ نَظَرْتُمْ إِلَى الْأَجَلِ وَمَسيرِهِ لَأَبْغَضْتُمُ الْأَمَلَ وَغُرُورَهُ . 511
887. وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنُ بِمِثْلِ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَلَا تَعَبَّدَ لِي بِمِثْلِ ... 521
303. وَمَنْ أَحَبَّ عَمَلَ قَوْمٍ - خَيْراً كَانَ أَوْ شَرّاً - كَانَ كَمَنْ عَمِلَهُ . 242
259. وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. 225
258. وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. 224
255. وَمَنْ نُوقِشَ فِي الحِسَابِ عُذِّبَ . 222
261. وَمَنْ يُرِدِ اللّٰهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ . 225
236. الوَيْلُ كُلُّ الوَيْلِ لِمَنْ تَرَكَ عِيَالَهُ بِخَيْرٍ، وَقَدِمَ عَلىٰ رَبِّهِ بِشَرٍّ. 211
220. وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ . 202
110. هَدِيَّةُ اللّٰهِ إلَى المُؤْمِنِ السَّائِلُ عَلىٰ بَابِهِ . 142
158. الهَدِيَّةُ تَذْهَبُ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ. 173
889. هٰذَا دِينٌ ارْتَضَيْتُهُ لِنَفْسِي وَلَنْ يُصْلِحَهُ إِلَّا السَّخَاءُ وَحُسْنُ الْخُلُقِ فَأَكْرِمُوهُ ... 521
23. الهَمُّ نِصْفُ الهَرَمِ . 82
885. يَا دُنْيَا اخْدِمِي مَنْ خَدَمَنِي، وَأَتْعِبِي مَنْ خَدَمَكِ . 518
884. يَا دُنْيَا مُرِّي عَلىٰ أَوْلِيَائِي، وَلَا تَحْلَوْلِي لَهُمْ فَتَفْتَنِيهُمْ . 518
ص: 584
386. يَا عَجَباً كُلَّ الْعَجَبِ لِلْمُصَدِّقِ بِدَارِ الْخُلُودِ، وَهُوَ يَسْعىٰ لِدَارِ الْغُرُورِ! 282
888. يَا مُوسىٰ إِنَّهُ لَمْ يَتَصَنَّعِ الْمُتَصَنِّعُونَ بِمِثْلِ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَلَمْ يَتَقَرَّبْ إِلَيَّ ... 521
397. يُبْصِرُ أَحَدُكُمُ الْقَذىٰ فِي عَيْنِ أَخِيهِ ، وَيَدَعُ الْجِذْعَ فِي عَيْنِهِ . 288
375. يُبْعَثُ شَاهِدُ الزُّورِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُولِغاً لِسَانَهُ فِي النَّارِ. 277
374. يُبْعَثُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلىٰ نِيَّاتِهِمْ . 276
174. يَدُ اللّٰهِ عَلَى الجَمَاعَةِ . 181
396. يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ أَسْلَافاً الْأَوَّلُ فَالْأوَّلُ ، حَتّىٰ لَايَبْقىٰ إِلَّا حُثَالَةً كَحُثَالَةِ ... 288
406. يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا، وَسَكِّنُوا وَلَا تُنَفِّرُوا. 297
382. يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلىٰ كُلِّ خُلُقٍ لَيْسَ الْخِيَانَةَ والكَذِبَ . 280
372. يُعْجِبُ رَبُّكَ مِنَ الشَّابِّ لَيْسَتْ لَهُ صَبْوَةٌ . 274
880. يَقُولُ اللّٰهُ عز و جل: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَ عَبْدِي إِذَا ذَكَرَنِي. 517
160. يُمْنُ الخَيْلِ فِي شُقْرِهَا. 173
189. اليَمِينُ عَلىٰ نِيَّةِ المُسْتَحْلِفِ . 188
187. اليَمِينُ الفَاجِرَةُ تَدَعُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ . 188
188. اليَمِينُ الكَاذِبَةُ مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مَمْحَقَةٌ لِلْكَسْبِ . 188
389. يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ ، ويَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ : الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ ، وَالْحِرْصُ عَلَى العُمُرِ. 284
ص: 585
ص: 586
«آليتُ عند العرش ليلة اُسري بي أن لا أشفع لآكل مال اليتيم»... 483
«ابدأ بنفسك ثمّ بعيالك»... 301
«إبراماً للمؤمنين المطيعين، لا ولكنّها للمتوانين الخاطئين المذنبين»... 423
«أبغضكم إلى اللّٰه المَشّاؤون بالنميمة، المفرِّقون بين الإخوان، الملتمسون...»... 289
«أبوابُ الرزق عشرة: تسعة منها في التجارة، وواحدٌ في سائر الحِرف»... 183
«اتّقوا فراسة المؤمن»... 315
«اتّقوا النار ولو بشقّ تمرة»... 321
«اتّقوا النار ولو بشقّ تمرةٍ ؛ فإنّها تدفع ميتة السوء، وتقع من الجائع موقعها...»... 320
«أثقل ما يوضع في الميزان الخُلق الحسن»... 172
«احذروا فراسة المؤمن؛ فإنّه ينظر بنور اللّٰه»... 316
«احفظوني في عترتي؛ فإنّهم خيار أصحابي»... 334
«اخبُر تَقْلِه»... 301
«أدرك علم الأوّلين والآخرين، وهو بحرٌ لا يُنزَح، وهو منّا أهل البيت»... 89
«إذا أصبح ابن آدم أصبحَت الأعضاء كلّها تقول للِّسان: اتّق اللّٰه فينا؛ فإن...»... 386
«إذا حضر قوم من المسلمين، ودخل وقت الصلاة، فالأولى بالتقدُّم للإمامة...»... 156
«إذا ذَكَرَ اللّٰهَ العبدُ خنس عنه الشيطان»... 343
ص: 587
«إذا فات المصلّي في صلاته شيء فأراد تنبيهه مَن بحذائه، فيسبّح الرجل،...»... 202
«إذا وعد أخاه شيئاً فلم يفِ له به وفي نيّته الوفاء، فلا إثم عليه»... 68
«اذهب، فإن وجدته عندها فاقتله»... 114
«أرجى وقتِ الصائم لإجابة دعوته وقت افطاره»... 179
«اصطناع المعروف يقي...»... 120
«اطلبوا العلم ولو بالصِّين»... 154
«اعتقتُكَ شكراً للّٰه؛ لأمان عباده منّي»... 134
«اُعطيتُ جوامع الكلم، واختُصر لي الحديث اختصاراً»... 10
«أعظم النساء بركةً أصبحهنّ وجهاً، وأقلّهنَّ مهراً»... 129
«الأعمال بالنيّات، وإنّما كان لكلّ امرىٍ ما نوى، فمن كانت هجرته...»... 64
«أعمالكم عُمّالكم»... 277
«اغتسلْ ثلاثة أيّام قبل طلوع الشمس، وقل: اذهبي يا اُمّ مِلدَم، فإن لم تذهب فاغتسل سبعاً»... 100
«اغتنموا دعاء الغريب؛ فإنّ للغريب عند اللّٰه حرمةً »... 479
«أفضل الصدقة كفّ اللِّسان»... 469
«أفضلُ الفرائض الصلاة بعد المعرفة»... 151
«اقرأ إذا أصبحت قبل أن تكلّم أحداً فاتحة الكتاب سبع مرّاتٍ ، فإن...»... 79
«اكتبوا الحديث واحتفظوا بالكتب، فستحتاجون إليها يوماً، وإذا...»... 17
«أكثِر من الإخوان؛ فإنّ ربّك حييٌّ كريم، يستحيي أن يعذّب عبده يوم القيامة...»... 160
«الأكل على الجنابة يُورثُ الفقر، ومواساة الأخ في اللّٰه تزيد في الرزق،...»... 210
«ألا اُخبركم بغرف أهل الجنّة»... 333
«ألا رُبَّ نفسٍ طاعمة...»... 509
«إلّا أن يراجع»... 249
«إلّا في طلب العلم»... 453
«اللّٰه أكبر! جاء نصر اللّٰه والفتح، وجاء أهل اليمن رقيقةً قلوبهم ليِّنةً ...»... 149
«اللّهم اجعل رزق محمّد كفافاً»... 296
ص: 588
«اللّهمَّ اجعل له لساناً ذاكراً وقلباً شاكراً، ولا تخرقنّ على أحد ستراً»... 397
«اللّهمَّ أحيني ما دامت الحياة خيراً لي، وتوفّني إذا كانت الوفاة خيراً لي»... 399
«اللُّهمَّ أصلح لي دنياي التي فيها معيشتي، وأصلح لي آخرتي التي إليها منقلبي»... 333
«اللّهُمَّ إليك أرفع حوبتي»... 530
«اللّهُمَّ إنّي أسألُكَ تعجيل عافيتك»... 525
«اللّهمَّ بكَ أحول، وبك أصول»... 528
«ألم تقرأ في سورة هود: (أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِى وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ...)»... 90
«إليك انتهت الأماني يا صاحب العافية»... 529
«أما سمعت ندائي ؟!»... 133
«إماطة الأذى عن الطريق صدقة»... 341
«أما علمت أنّ حمزة أخي من الرضاعة، وأنّ اللّٰه حرّم من الرضاعة ما حرّم...»... 84
«أمتهوِّكون أنتم، كما تهوّكت اليهود والنصارى ؟! لقد جئتكم بها بيضاء نقيّة،...»... 454
«اُمرت أن اُقاتل الناس حتّى يقولوا لا إلٰه إلّااللّٰه، فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم...»... 155
«أمسك؛ فإنّ التراب ربيع الصبيان»... 194
«أملك الناس لنفسه من كتم سرّه من صديقه»... 330
«املؤوا الطسوس، وخالفوا المجوس»... 328
«أنا جليس مَن ذكرني»... 435
«إنّ أحبّ الأعمال إلى اللّٰه أدومها وإن قلّ ، فعليكم من الأعمال بما تطيقون؛...»... 349
«إنّ الإسلام نيّف وسبعين شعبةً ؛ أعلاها شهادة أن لا إله إلّااللّٰه، وأدناها إماطة...»... 147
«إنّ أعجز الناس من عجز عن الدُّعاء»... 324
«إنّ اللّٰه إذا أراد أن يثبت عبداً منَعَهُ حُطام الدُّنيا كما يمنع أحدكم أن يشرب...»... 500
«إنّ اللّٰه إذا أراد بعبدٍ خيراً عجّل له العقوبة في الدُّنيا»... 417
«أنّ اللّٰه تعالى لمّا خلق الجنّة قال لجبرئيل عليه السلام: اخرج وانظر إليها...... 274
«إنّ اللّٰه قد ركّب في الملائكة دون شهوة البطن والفرج، وركّب في...»... 510
«إنّ اللّٰه يبغض الصحيح الفارغ، لا في شغل الدُّنيا ولا في شغل الآخرة»... 197
ص: 589
«إنّ اللّٰه يبغض الفاجر البذيّ ؛ لو كان الفحش رجلاً لكان رجل سوء»... 77
«أنّ اللّٰه يبغض المتفيهقين»... 233
«إنّ اللّٰه يُدخل الجنّة أقواماً بسلامة الصدور، وليس لهم كثير عملٍ »... 414
«أنا الملك مالك الملوك، قلوب الملوك بيدي؛ فأيّما قوم سخطتُ عليهم...»... 277
«إنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً، ولكن ورَّثوا العلم؛ فمن أخذه فقد...»... 411
«أنّ الإنسان إذا خاف عين عائن و تعوّذ بقوله تعالى: (وَ إِن يَكَادُ الَّذِينَ ...»... 377
«إنّ البلاء موكَّلٌ بالقول»... 177
«أنت الآن أخي؛ لأنّ الاُخوّة اُخوّة الدِّين، لا اُخوّة النسب»... 131
«أنتم تجبّنون وتجهّلون وتبخّلون، وإنّكم لمن ريحان اللّٰه»... 76
«إنّ الخُلق السيِّئ ليُفسد الإيمان كما يفسد الخَلُّ العسل».... 215
«إنّ الخلّ نِعمَ الإدام»... 478
«إنّ الدُّعاء يردّ البلاء»... 520
«إنّ الدُّعاء ينفع من القَدَر ليَلقى البلاء، فيعتلجان إلى يوم القيامة»... 371
«إنّ الذِّكر الذي لا يسمعه الحفَظَة يضاعَف على الذي تسمعه سبعين ضعفاً»... 460
«أنّ الرجل إذا صلّى ركعتين ولم يسأل اللّٰه قال اللّٰه تعالى للملائكة: كأنّ ...»... 79
«أنّ الرَّجل إذا قام لصلاة الليل باهى اللّٰه به ملائكته»... 144
«إنّ الرجُل ليرفع متاعه على راحلته، فيبقى في قَدَحه ماء فيعيده في أدواته»... 401
«أنّ الرجُل لَيُظْلَم بالمظلمة، فلا يزال يدعو على الظالم حتّى يستوفي حقّه،...»... 236
«إنّ الرحم إذا قُطعتْ فوُصلتْ فقُطعتْ قطعها اللّٰه»... 120
«أنّ الصدقة الواحدة تدفع سبعين باباً من البلاء، وأنّها تفكّ لحيي الشيطان»... 121
«إنّ العبد إذا أقبل على صلاته أقبل اللّٰه عليه، وإذا التفت أعرض عنه»... 494
«إنّ العدة عطيّة»... 67
«أنعِم صباحاً تربت يداك»... 349
«أنفق يا بلال»... 347
«إنّ القلوب لأجناد مجنّدة»... 194
ص: 590
«إن كان لأحدٍ قِبلي مظلمة فاطلبُوهُ منّي؛ فإنّ فضوح الدُّنيا أهون من فضوح الآخرة»... 184
«إن كان في شيء - يعني الشؤم - ففي المرأة أن لا تلد، وشؤم الفرس أن لا...»... 203
«إنّك لا تدع شيئاً اتّقاء اللّٰه...»... 440
«أنّ كلّ ذنب بين العبد والربّ لا يكتب عليه إثم ما يتمنّى، وما بين العبد...»... 351
«إنّ الكلمة الحكمة تكون في قلب المنافق، فلا تزال تنزع حتّى تلحق...»... 141
«إنّكنّ أكثر أهل النار؛ وذلك لأنّكنّ تُكثرن اللعن، وتكفّرن العشير»... 414
«إنّ لكلّ عملٍ شرَّة، والشرَّة إلى فترة»... 422
«إنّ للّٰه عباداً خلقهم لقضاء حوائج الناس على أيديهم، ينزع الناس إليهم في...»... 417
«إنّما الأعمال بالخواتيم»... 446
«إنّما الأعمال بالنيّات»... 446
«إنّما بقي من الدُّنيا بلاءٌ وفتنة»... 446
«إنّما التصفيح للنساء»... 446
«إنّما الرَّضاعة من المَجاعة»... 446
«إنّما هي ضلع فارفق بها؛ أما ترضى أن يكون نصيبك من المكروه»... 493
«إنّما يتفاضلون بالعاقبة»... 162
«إنّ من البيان لسحراً»... 409
«إنّ مِن يُمن المرأة تبكيرها بالاُنثىٰ قَبل الذَّكَر؛ قال اللّٰه تعالى: (يَهَبُ لِمَن...»... 130
«إنّ الولد للفراش»... 198
«إنّها الخصلة يُبغضها اللّٰه إلّافي هذا الموضع»... 108
«أنّه تعالى لمّا خلق الجبال قالت الملائكة: إلٰهنا، هل خلقتَ أشدّ من الحَجَر؟...»... 119
«إنّهم يُبعثون على نيّاتهم»... 278
«أنّه يذهب بجور واحد بركات سنين كبيرة»... 437
«إنّي شكرت سعي فلان؛ لشفقته على خلق من خلقي، فسمع الرجلُ ذلك وتاب...»... 125
«إنّي ممسك بحجزكم هلمّوا عن النار، وتغلبونني تقاحمون فيها تقاحم...»... 437
«أو الدجّال فشرّ غائبٍ ينتظر أو الساعة موعدهم، والساعة أدهى وأمرّ»... 366
ص: 591
«أو يأتي بأمره»... 393
«أهل القرآن أهل اللّٰه وخاصّته»... 196
«إيّاكم والعَداوة؛ فإنّها تكشف العورة، وتورِثُ المَعَرَّة»... 404
«إيّاكم والغُلول، فإنّ الغُلول خِزيٌ على صاحبه يوم القيامة، فأدّوا...»... 97
«إيّاكم والنظرة؛ فإنّها تزرع في القلب الشهوة، وكفى بصاحبها فتنة»... 103
«الإيمان قَيْد الفتك»... 150
«الإيمان يمانٍ ، والحكمة يمانية»... 149
«أَمَرَهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا»... 321
«البادي أظلم».... 219
«بارك لاُمّتي في بكورها»... 529
«بركة الفرس أن يكون أشقر»... 175
«البطالة تُقسي القلب»... 197
«البِطنة تُذهب الفِطنة»... 484
«بكّروا تنجحوا، واصدقوا تفلحوا، واغزوا تصحّوا»... 529
«البنون نِعَم، والبنات حسنات، فالنِّعَم مسؤولٌ عنها، والحسنات مُثاب عليها»... 187
«بورك لاُمّتي في بكورها يوم سبتها وخميسها»... 529
«بين الحقّ والباطل أربعُ أصابع»... 505
«بين يدي موته، حتّى يرضى عنه من حوله»... 498
«تجدون الناس كالإبل المائة ليست فيها راحلة»... 163
«تخلَّقْ بأخلاقي، ومن أخلاقي أنّي أنا الصبور»... 355
«تدفعه عن الظلم»... 306
«تزوّجوا الزُّرْق؛ فإنّ في أعينهنّ يُمناً، ولا تزوّجوا عجوزاً ولا عاقراً؛ فإنّي...»... 129
«تسحّروا؛ ألا صلواتُ اللّٰه على المتسحّرين»... 320
«التصفيح للنساء»... 201
«تعفو عنه كلّ يومٍ سبعين مرّة»... 184
ص: 592
«تعلّموا النحو؛ فإنّ بني إسرائيل كفرت بحرفٍ واحدٍ كان مسطوراً...... 278
«تفكّر ساعة خيرٌ من عبادة سنةٍ »... 372
«التمسوا الرزق بالنكاح؛ قال تعالى: (إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ ...»... 130
«تمنعه من الظّلم، فذلك نصرك إيّاهُ »... 306
«تنكح المرأة لِمِيسَمها ولمالها وجمالها، فعليك بذات الدِّين تَرِبَت يداك»... 348
«تَهيلون أم تكيلون ؟»... 325
«التي إذا آذت أو اُوذِيَت أتت زَوجها حتّى تضع يدها في كفّه وتقول: لا أذوق...»... 320
«ثلاثة يشنأهم اللّٰه: الفقير المحتال، والبخيل المنّان، والبيِّع المحتال».... 217
«جُعل الشرُّ كلُّه في بيت، وجعل مفتاحه شرب الخمر»... 95
«حتّى إذا لم يبق عالم، اتّخذ الناسُ رؤساءَ جُهّالاً، فسُئلوا فأفتوا بغير علم،...»... 432
«حتّى يكون لخمسين امرأة قيّمٌ واحد»... 390
«الحرب سِجالٌ ، مرّةً لنا ومرّةً علينا»... 69
«حسبي من الطعام ما يقيم ظهري، ولا يمنعني من عبادة ربّي»... 132
«حفّت الجنّة بالمكاره، وحفّت النار بالشهوات»... 447
«الحقّ أن يقول رأيته، والباطل أن يقول سمعته»... 505
«الحكمة ضالَّة المؤمن؛ حيث وجدها قيّدها، ثمّ ابتغى إليها ضالّة اُخرى»... 93
«الحمد للّٰه الذي يذبّ عنّا أهل البيت»... 114
«حُمّى ليلةٍ كفّارة سنة»... 100
«الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنّة؛ والبذاء من الجفاء، والجفاء...»... 77
«حيثُ وجدها قيّدها»... 141
«خالط الإيمانُ لحمه ودمه، وهو محرَّم على النار، كيف ما زال زال الحقُّ معه»... 89
«خيار اُمّتي أوّلها وآخرها، وبين ذلك ثَبَجٌ أعوج»... 488
«خيار عشيرتي»... 334
«خير ثيابكم البياض»... 464
«خير الصدقة جُهدٌ من مُقِلّ »... 461
ص: 593
«دعاء الصائم مستجاب»... 179
«دَعوهُ ؛ فإنّ لصاحب الحقّ يداً ولساناً»... 412
«دعوة المظلوم مستجابة»... 213
«دفن البنات من المكرمات»... 187
«الدُّنيا جيفة، فمَن أرادها وطلبها فليصبر على مخالطة الكلاب»... 332
«الدنيا سجن المؤمن ؟!»... 140
«الدنيا متاع»... 465
«الدَّين راية اللّٰه في الأرض، فإذا أراد أن يذلّ عبده ابتلاه بالدَّين وجعله...»... 80
«الدِّين النصيحة»... 72
«ربّ أكلةٍ منعتْ أكلات»... 510
«رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر»... 112
«الرزق رزقان: طالب ومطلوب؛ فالذي يطلبك يصل إليك وإن لم تطلبه، والذي...»... 129
«الرضاع من المجاعة»... 85
«الرفق يُمنٌ ، والخرق شؤمٌ »... 359
«زن بأوزان وأرجح»... 350
«زوّجتكها على ما معك من القرآن»... 130
«السابق يسبق إلى الجنّة»... 383
«ساُخبركم عن ذلك: من لقي أخاه فسلّم عليه وردّ عليه فقد أفشى السلام،...»... 333
«سافروا وأنفقوا، وصوموا تصحّوا»... 299
«سُبحان اللّٰه، ولد هذا بأرض الحبشة ودُفن في تربته!»... 500
«سبق علم اللّٰه في خلقه فهُم صائرون إلى ما علم منهم»... 287
«سبقك بها عكَّاشة»... 185
«السواك مطهرةٌ للفم ومرضاة للربّ »... 179
«سوداء ولُود خيرٌ من حسناء عقيم»... 320
«السيف مفتاح الجنّة والنار»... 127
ص: 594
«شرّ المآكل أكل مال اليتيم»... 483
«شرّ الندامة ندامة يوم القيامة»... 483
«الشطرنج مَيْسَر العجم»... 268
«شيّبتني سورة هود وأخواتها!»... 82
«الشيب نوري، وأنا أستحيي أن اُحرِق نوري بناري»... 251
«الصبر عند الصدمة الاُولى»... 186
«الصديق ثلاثة: صديقك، وصديق صديقك، وعدوُّ عدوّك»... 174
«الصلاة وما ملكت أيمانكم»... 184
«صِل مَن كان يصل أباك؛ فإنّ صلة الميّت في قبره أن تَصل من...»... 414
«الصوم لي، وأنا أجزي به»... 90، 179
«صُومُوا كثيراً؛ فإنّ الصوم وقاية من النار»... 90
«ضربَ اللّٰه مثلاً صراطاً مستقيماً، وعلى جنبتَي الصراط سورٌ فيه أبوابٌ ...»... 193
«الضعفاء شيعتنا، والحجّ جهادهم»... 111
«طال ليله وقصر نهاره فصام»... 138
«طوبى لمن عمله بقلبه»... 295
«طهِّروا مجاري كلام اللّٰه بالسِّواك»... 180
عائد المريض على مخارف الجنّة حتّى يرجع، والمَخْرَفَة: نخلات يخترفن...»... 235
«عالمٌ شحيح على علمه، لا يعلِّمه إلّامَن كان أهله. ولو أراد أنّه كان...»... 89
«العالم لا يشبع من الأثر كالأرض من المطر، والاُنثى من الذكر،...»... 388
«عجباً للمؤمن لا يرضى بقضاء اللّٰه! فواللّٰه لا يقضي اللّٰه للمؤمن من قضاء إلّا...»... 283
«عفو اللّٰه أكثر من ذنوبك»... 71
«عَلَمُ الإيمان الصلاة، فمن فرّغ لها قلبه وحاذ عليها بحدودها فهو مؤمن»... 151
«العلماء اُمناء الرسل ما لم يخالطوا السلطان»... 125
«عَلَّمْتُ ابنتي سورة الواقعة معاشها، ولا أخاف عليها الفقر بعد ذلك»... 378
«علمت فاعمل»... 295
ص: 595
«العلم مخزون، ومفتاحه السؤال، فاسألوا - رحمكم اللّٰه - فإنّه يؤجر فيه...»... 83
«عليك أن تفتح باب حانوتك، وتفرش بساطك، وتجلس هناك، والباقي على اللّٰه»... 129
«عليك بالبكر وإن بارت، والجادَّة وإن دارت، والمدينة وإن جارت»... 319
«عليكم بالأبكار؛ فإنّهنّ أطيب شيء أفواهاً، وأفتح شيء أرحاماً»... 319
«عليكم بالملح؛ فإنّه دواء من اثنين وسبعين داءً »... 479
«عليكم هدياً قاصداً؛ فإنّه من يشادّ هذا الدِّين يغلبه»... 441
«على اليد مَا أخذتْ حتّىٰ تؤدّي»... 197
«العمائم تيجان العرب، فإذا وضعوها وضع اللّٰه عزّهم»... 104
«العمل الذي يحبّك اللّٰه عليه فالزهد في الدُّنيا، وأمّا العمل الذي...»... 305
«عيسى عليه السلام كان جبرئيل عليه السلام عنده يوماً، فمرّ بهما رجل على ظهره حُزمَة حَطَبٍ ،...»... 118
«غلِطتَ يا أخا اليهود! لو رأيت ما وعدني اللّٰه من الثواب، وما وعدك من...»... 140
«غير أنّه لا ينقص من أجر الصائم شيء، و يعتبر ذلك على حسب الإمكان دون...»... 235
«فاتحة الكتاب الشافية الكافية»... 78
«فاتحة الكتاب شفاء من كلّ سقم»... 78
«فإذا أحسن فله الأجر وعليكم الشكر، وإذا أساء فعليه الإصر وعليكم الصبر»... 206
«فإذا قضيتم حوائجكم فاسرعوا الرجوع»... 176
«فإنّ الحاسد عدوّ نعمتي، لا يرضى بقسمتي»... 399
«فإنّ روعة المؤمن عند اللّٰه عظيم»... 383
«فإنّ الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد»... 249
«فإنّ صاحبها سُدّد ووفّق فارجوه، وإن اُشير إليه بالأصابع فلا تعدوه»... 421
«فإنّ العِرق نزّاع»... 303
«فإنّ فيهم رحمتي، ولا تطلبوا من القاسية قلوبهم؛ فإنّهم ينتظرون سخطي»... 326
«فإن لم تجدوا فبكلمةٍ طيّبة»... 320
«فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينجح منه فما بعده أشدّ منه»... 186
«فإنّها أطهر وأطيب، وكفّنوا فيها موتاكم»... 464
ص: 596
«فإنّي مكاثرٌ بكم الأنبياء»... 320
«فتزوّجْها على هذا الخاتم»... 130
«فخيارهم في الإسلام خيارهم في الجاهلية إذا فقهوا»... 163
«فزتُ وربّ الكعبة»... 143
«فعل يُجَرُّ به المنفعة»... 112
«فعلى هذا ينبغي للعبد أن لا يخلو عن السخاء في حالتي الشدّة والرَّخاء مع...»... 126
«فمن صَبَر منهنّ »... 435
«فمَن لم يكن عالماً ولا متعلِّماً فلا خير فيه»... 197
«الفينة بعد الفينة»... 363
«قال: للّٰه ولرسوله وللأئمّة وعامّة المسلمين»... 72
«القبر روضة من رياض الجنّة أو حفرة من حُفر النار»... 186
«قُتل كسرى البارحة؛ قتله ابنه، وكان من قصَّته كيت وكيت»... 149
«قَدِّمْ مالك؛ فإنّ قلب كلّ امرئ عند ماله»... 142
«قرأ القرآن ثمّ وقف عنده»... 89
«قراءة الرجل في غير المصحف ألف درجة، وقراءته في المصحف...»... 470
«القضاة أربعة؛ ثلاثة في النار، وواحدٌ في الجنّة»... 214
«قُم وخذ السيفَ واخرج إليه، فإن رأيته وقد كفّن فأحرقه»... 271
«قولوا خيراً تغنموا»... 316
«قيّدها واعقلها ثمّ توكّل»... 301
«كالجَمَل الأَنفَ »... 138
«كالملح في الطعام، يَصلح التابعون إذا كان واحد من الصحابة فيهم، كما لا...»... 487
«كان عرّافاً بالمنافقين، وسأل رسول اللّٰه 9 عن المعضلات، وإن سألتموه «وجدتموه بها خبيراً»... 89
«الكريم إذا وعد وفى، وإذا أوعد عفا»... 68
«كفر بعد إيمان، وزناً بعد إحصان، وقتل نفس بغير حقٍّ »... 153
«كلّما أذنبت فتُب»... 71
ص: 597
«كلّ مسكر حرام»... 169
«الكلمة الحكمة ضالَّة الحكيم؛ حيثما وجدها فهو أحقّ بها»... 141
«الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم»... 478
«كما تَدين تُدان»... 230
«كي لا تشبَّهوا باليهود والنصارى؛ فإنّتسليم اليهود بالأصابع وتسليم...»... 453
«كيف بكم إن كنتم صرعى وقبوركم شتّى ؟! ثمّ قال للناس: فإذا كان...»... 77
«كيف بكم وبزمان تُغَربَل الناس فيه وتَبقى حُثالة من الناس ؟»... 290
«كيلوا ولا تهيلوا»... 325
«لا اُبالي أوَقَعَ الموتُ عليّ ، أم وقعتُ على الموت»... 143
«لا إلٰه إلّااللّٰه، سبق من أرضه وسمائه إلى تربته التي خُلق منها!»... 500
«لا، بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب»... 114
«لا تتّكل على المُنى؛ فإنّه بضائع النَّوْكى»... 158
«لا تحرِّم المصّة ولا المصّتان ولا الرضعة ولا الرضعتان»... 85
«لا تدخلوا على المغيبات؛ فإنّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم»... 415
«لا تسبّوا الرِّيح؛ فإنّها من نَفَس الرحمن»... 275
«لا تسترضعوا الحَمقاء ولا العَمشاء؛ فإنّ اللَّبن يُعدي»... 84
«لا تطيعوا النساء على حالٍ ، ولا تأمنوهنّ على مالٍ ، إن تُركن وما يردن...»... 94
«لا تَقوم الساعة إلّاعلى حُثالةٍ من الناس»... 290
«لا حول ولا قوّة إلّاباللّٰه»... 527
«لا صلاة لجار المسجد إلّافي المسجد»... 377
«لا عبادة أفضل من قراءة القرآن»... 470
«لا فتك في الإسلام»... 150
«لا، لأنّه غلّ من الغنيمة، ففتشوا رحله»... 97
«لا هجرةَ بعد الفتح»... 156
«لا هذا ولا ذاك، وإنّما للحسرة والندامة؛ يَتحسَّرُ على فوت عمره في غير...»... 153
ص: 598
«لا يجوز العدل وكثرة اللائمة لمن أتى الحقّ أو قال حقّاً أو يثبت على حقّ ...»... 412
«لا يدخل الجنّة سيّئ المَلَكة»... 184
«لا يزداد الأمر إلّاشدّةً ، ولا الدُّنيا إلّاشحّاً، ولا تقوم الساعة إلّاعلى...»... 389
«لا يقوم الساعة إلّاعلى شرار الناس»... 500
«لسَّعيدُ مَن اتَّعظ بغيره»... 109
«لكلِّ شيء دِعامة، ودعامة المؤمن العقل»... 164
«لكلّ عابد شَرَهاً، ولكلّ شره فترة»... 422
«للزاني ستُّ خصالٍ ؛ ثلاث في الدُّنيا وثلاث في الآخرة؛ فأمّا الَّتي في الدُّنيا: فالفقر،...»... 102
«لو سرقتْ فاطمةُ لقطعتُها»... 256
«لو عَلم المُصلّي مَن يُناجي ما التفت»... 430
«لهذا القرآن شرَّة، ثمّ إنّ للناس عنه فترة، فمن كانت فترته إلى القصد فنعم ما...»... 422
«ليس الخيانة والكذب في الدِّين»... 281
«ليس ذنب بعد الشرك أشدّ عقوبةً من أذى المؤمن»... 440
«ليس الشديد - أي القويّ - من يصرع الناس، إنّما القويّ من لا يغلبُه الغضب»... 455
«ليس المخبّر كالمعاين؛ فإنّ موسى اُخبر أنّ قومه قد ضلّوا من بعده، فلم...»... 452
«ليس منّا من يُشبّه بغيرنا»... 453
«ليَكثر دعاؤهم للرزق فيكثر ثوابهم»... 280
«ما اصطحب رجلان قطّ إلّاوإنّ اللّٰه سائل أحدهما عن صاحبه»... 461
«ما أعددتَ لها؟»... 161
«ما أفلح من ردّهم»... 513
«ما أقفر قومٌ عندهم خلّ »... 478
«ما تجرّع عبدٌ جرعةً أحبَّ إلى اللّٰه من جرعة مصيبةٍ يردّها بحسن عزاء، أو...»... 474
«ما تردّدتُ في شيءٍ أنا فاعله...»... 520
«ما تردّدت في قبض نفس عبدي...»... 521
«ما خلق اللّٰه أحسن من عليم حليم»... 469
ص: 599
«ما ذئبان جائعان اُرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال...»... 364
«ما من خطيئة أعظم عند اللّٰه بعد الكبائر من أن يموت الرجل وعليه دين...»... 80
«ما من عبد استرعاه اللّٰه رعية فلم يحطها...»... 361
«ما من مؤمن إلّاقيّض اللّٰه له جاراً يؤذيه، فإن صَبَر على أذاه آجره اللّٰه»... 514
«ما من مؤمن إلّاوله ذنب قد اعتاده الفَيْنة بعد الفينة، إنّ المؤمن مَن...»... 363
«ما هلك رَجُلٌ عن مُشورة»... 354
«مثل جليس الصالح مثل الداريّ ؛ إن لم يُحذك من عطره علَّقك من ريحه،...»... 494
«مَثَلُ الذي يعلِّم الناس الخير ولا يعمل به، مَثَل السِّراج يُضيء للناس...»... 436
«مثل العائد في هبته»... 201
«المجالس بالأمانة إلّاثلاثة: مجلس سُفِكَ فيه دم حرام، أو استحلّ فيه...»... 65
«المجالسُ ثلاثة: غانمٌ ، وسالمٌ ، وشاجب»... 66
«المذنب مِن شيعتنا كالنائم على المحجّة إذا انتبه لزم الطريق»... 484
«المرأة إذا صلّت خمسها، وصامت شهرها، وأحصنت فرجها، وأطاعت بعلها،...»... 111
«المرأة الحسناء في منبت السوء»... 405
«مرحباً باُمّي»... 127
«المرء مع من أحبَّ »... 161
«المُسْتَبّانِ ما قالا، فهو على البادئ حتّى يعتدي المظلوم»... 218
«ملكت فاسجح»... 331
«من اتَّبع الصَّيد غفل»... 225
«مَن أخطأ خطيئة أو أذنب ذنباً ثمّ ندم، فهو كفّارة له»... 71
«من استعمل الخشبتين لا يحتاج إلى القلع»... 479
«من استغنيت عنه فأنت شريكه، ومن طمعت فيه فأنت أسيره»... 144
«مَن أشبع جائعاً فله الجنّة»... 471
«مَن اغبرَّتْ قدماه في طلب العلم وجبتْ له الجنّة»... 154
«من اغتسل يوم الجمعة، ولبس أطهر ثيابه، وتطيّب بطيب كان عنده، وحضر...»... 110
ص: 600
«مَن أهانَ لي وليّاً فقد بارزني بالمحاربة»... 519
«من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه»... 83
«مَن بكّر يوم السبت في طلب حاجة، فأنا ضامن بنجاحها»... 529
«مَنْ بلغ ستّين سنة؛ فقد أشرف على الحصاد، وحيل بينه وبين المراد»... 244
«من حُمَّ ثلاث ساعات فصبر فيها شاكراً للّٰه حامداً له، باهى اللّٰه به ملائكته،...»... 100
«من خرج من بيته إلى المسجد كتب اللّٰه له بكلّ خطوة يَخطوها عشر حسنات،...»... 105
«من دعا بعد كلّ مكتوبة: «اللّهمَّ إنّ الصادق الأمين عليه السلام قال: إنّك قلتَ : ما...»... 520
«مَن دَلَّ على خيرٍ، فله مثل أجر فاعله»... 115
«من ذا الذي يبني على موج البحر داراً؟ تلكم الدُّنيا، فلا تتّخذوها قراراً»... 495
«مَن سَرَّه أن يَبسط اللّٰه في رزقه وينسأ في أثره - أي أجله - فلْيَصِلْ رَحِمَه»... 120
«من سعادة ابن آدم حُسن الخلق»... 172
«مَن صَمَتَ يَجتمع إليه لُبُّه»... 254
«مَن طلب العلم تكفّل اللّٰه برزقه»... 236
«مَن طلب العلم للّٰه عز و جل لم يُصِب منه باباً إلّاازداد به في نفسه ذُلّاً، وللناس تواضعاً، وللّٰه...»... 154
«مَن عزّى أخاه المؤمن بمصيبةٍ ؛ كساه اللّٰه حُلَل الكرامة يوم القيامة»... 233
«من عُفِي عنه في الدُّنيا عُفي عنه في الآخرة، ومَن عُوقب في الدُّنيا...»... 262
«من عمّر أوّل الليل خرّب آخره»... 144
«من عمَره فله من الأجر كذا»... 142
«من عيَّر أخاه بذنب لم يمُت حتّى يعمله»... 393
«مَن فارق الجماعة قَيد شبر»... 249
«من قتل حيّة، فكأنّما قتل كافراً»... 427
«مَن كذب عليَّ عمداً فاللّٰه تعالى يبوّئه مقعداً من النار عاجلاً»... 271
«مَن لم يسأل اللّٰهَ يَغضبْ عليه»... 345
«من لم يستشف بالقرآن فلا شفاهُ اللّٰه»... 78
«من لم يشفه الحمد فلا شفاه اللّٰه»... 78
ص: 601
«من لم يقبل عذر من رآه مصلّياً خلفه، فهو ملعون شرّ من إبليس وفرعون»... 469
«من لم ينفعه فقهه، ضرّه جهله»... 237
«من لم يؤمن بشفاعتي، فلا أناله اللّٰه شفاعتي»... 239
«من محمّد رسول اللّٰه إلى كسرى: أمّا بعد: فأسلِمْ تَسلم»... 149
«مَن منع العلمَ أهلهَ فقد ظلمه - يعني الطالب - ومن بذله لغير أهله فقد ظلمه، يعني العلم»... 112
«مَن وصلني وصلته، ومن وصل اللّٰه لا يؤخّر ثوابه»... 364
«مَن وُلِّي من أمر المسلمين شيئاً فلم يعدل عليهم، فعليه بهلة اللّٰه»... 361
«المؤمن أخ المؤمن من أبيه واُمّه، إن جاع أطعمه، وإن عرى كساه،...»... 131
«المؤمن كمثل الزرع لا تزال الرياح تفيّئه»... 489
«المؤمن من أمنهُ الناس»... 376
«المؤمنون شهداء اللّٰه في الأرض، فما رآه المؤمنون حسناً فهو عند اللّٰه...»... 316
«النّاس أبناء ما يُحسنون»... 167
«نحن ولد عبد المطّلب سادة أهل الجنّة: أنا و حمزة وجعفر...... 259
«النساء خلقن من ضعف، فاستروا عوراتهنّ بالبيوت، وداووا...»... 494
«النساء شرٌّ كلّهنّ ، وشرُّ ما فيهنّ قلّة الاستغناء عنهنّ »... 94
«نُصرتُ بالصبا»... 276
«النظرة سهمٌ من سهام الشيطان، فمن تركها من مخافتي أثبتُّه بما يجد...»... 203
«نعم، إن لم تؤمن»... 131
«نعمت العمّة لكم النخلة»... 477
«نِعمَ خَتَنُ الرجل القبر»... 187
«نِعمَ الخَتَن القبر»... 187
«نِعمَ اللباس ليوم النِّزال»... 182
«نعم، مَن أكل بُرقْيَة باطلٍ فقد أكلت برقية حقٍّ »... 79
«نَعَم ولو كانت مريم ابنة عمران»... 401
«نيّة المؤمن - أي هذا المؤمن - خيرٌ من عمل ذلك اليهودي»... 142
ص: 602
«نيّة المؤمن خير من عمله»... 141
«واسألوا اللّٰه أن يستر عوراتكم وأن يُؤمن روعاتكم»... 326
«واعفوا عمّن ملكتم»... 331
«وإن استمتعت به استمتعت وفيه أَوَدٌ»... 494
«وإنّ إمامكم قد اكتفى من الدُّنيا بطِمرَيه، ومن طعمه بقُرصيه، ولو شئتُ ...»... 132
«وأنا معه إذا دعاني»... 518
«وإنّ المعروف باب من أبواب الجنّة؛ فإنّه يَمنع من مصارع السُّوء»... 116
«الوأي مثل الدَّين أو هو أفضل»... 67
«وبكَ اُصاول»... 528
«ولا تجسّسوا ولا تحسّسوا»... 405
«والثناء هو أن يقول: جزاك اللّٰه خيراً؛ فإذا فعل ذلك فقد أبلغ في الثناء»... 259
«وجالس أهل الفقه والحكمة، وخالط أهل الذلّة والمسكنة»... 293
«وجدت في قائم سيف رسول اللّٰه رقعةً مكتوبٌ فيها: صِلْ مَن قطعك،...»... 120
«الوحدة خيرٌ من جليس السوء»... 465
«وقّروا شيوخكم؛ فإنّ البركة معهم»... 85
«ولكن جهاد، فإذا استُنْفِرتم فانفروا»... 376
«وللعاهر الحجر»... 198
«ولو بشسع النعل، ولو أن تعطي الحبل، ولو أن تؤنس الوحشان»... 397
«وَاللِّين أخوه»... 145
«وما بقي فهو مال الوارث»... 455
«و ما كانت فرحةٌ إلّاتبعتها ترحةٌ »... 360
«والمِذاء من النفاق»... 147
«ومَن سبّح تسبيح الزهراء 3 وعدّها بأصابعه جاء يوم القيامة ويُضيء من كلّ ...»... 140
«و من المعروف أن تلقى أخاك بوجهٍ طِلقٍ »... 115
«ومن يرد اللّٰه به خيراً يَجعل خُلقه حَسَناً»... 227
ص: 603
«والموت دون لقاء اللّٰه»... 245
«والمؤمن يسهو ثمّ يرجع»... 488
«وهل يَكُبُّ الناسَ على مَناخرهم إلّاحصائد ألسنتهم ؟»... 176
«وهو إذا أراد غير ذلك جعل له وزيراً سيّئاً؛ إن نسي لم يذكّره،...... 270
«ويطلب ما يطغيك»... 295
«ولا يُغلب اثنا عشر ألفاً من قلّةٍ »... 462
«ويل للمتألّين من اُمّتي، وهم الذين يحلفون باللّٰه متحكّمين عليه...»... 223
«هذا الغسل لابدّ منه؛ فإنّه بركة لبيتنا، وإذا أكلت ولم ترد غسلهما بعد ذلك...»... 210
«هذه امرأة كانت تأتينا زمان خديجة، وإنّ حسن العهد من الإيمان»... 411
«هكذا يكون تيجان الملائكة»... 104
«هل تدرون ما يقول»... 142
«هل معك شيء من القرآن ؟»... 130
«هل من إدام ؟»... 478
«هممتُ أن اُحرق على قوم منازلَهم؛ تركوا الجُمُعةَ بِغَيرِ عُذر»... 110
«هو أن لو وضع عملك على طَبَقٍ ، ولم يُجعل عليه غطاء، وطيف به...»... 74
«هو في النار، فنظروا فإذا عليه كساء قد غَلَّه»... 97
«يا أيَّها الناس، إنّ الحمّى رائد الموت، وسِجن اللّٰه في أرضه، وقطعة...»... 99
«يأتي أحدكم بما يملك، فيقول هذه صدقة، ويبعد فيتكفّف الناس»... 461
«يا حار، لا تخف؛ ما من أحدٍ من أوليائي وأعدائي إلّاوهو يراني في هاتين الحالتين»... 161
«يا ربّ ، إنّي أخافُ أن يدخل الخلائق النار كلّهم، ولايدخل الجنّة أحدٌ»... 274
«يا رسول اللّٰه، إذا كان أرض الجنّة وترابها وحيطانها من المسك والعنبر...»... 474
«يا رسول اللّٰه، أكون في أمرك كالسِّكَّة المُحْماة؛ أقتله أم الشاهد يرى ما لا يرى الغائب ؟»... 114
«يا رسول اللّٰه، هل لك في ابنة عمّك حمزة؛ فإنّها أجمَلُ فتاةِ قريش ؟»... 84
«يا عثمان، إنّ اللّٰه لم يبعثني بالرهبانيّة، وإنّ خير الدِّين الحنيفيّة»... 411
«يا عجباً أن تكون الإمامة بالصحابة، ولا تكون بالصحابة والقرابة»... 334
ص: 604
«يا معشر مَن قد أسلم بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه! لا تؤذوا...»... 397
«يا موسى، حقٌّ أن يُخاف ممّن لا يخافني»... 527
«يا وافدة النساء، إنّ طاعة الزوج والاعتراف بحقّه يَعدل ذلك كلّه»... 111
«يتعرّض من البلاء ما لا يطيق»... 379
«يحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث طعام، وثلث...»... 484
«يحسن إليه، وشرّ بيتٍ بيتٌ فيه يتيم يُساء إليه»... 462
«يُحشر النوائح يوم القيامة يَنْبحن كما تنبح الكلاب، وتَخرج النائحة من...»... 97
«يد اللّٰه على الجماعة»... 182
«يطبع المؤمن على كلّ خُلقٍ »... 281
«يعجب ربّكم»... 276
«يعلم باباً من العلم - عمل به أو لم يعمل - كان أفضل من صلاة ألف ركعة،...»... 471
«يفتح اللّٰه له عملاً صالحاً عند موته فيقبضه عليه»... 498
«يقول: هل من أحدٍ يحمّلني شيئاً أحمله إلى القيامة، وأردُّه إليه في موقف...»... 142
«اليمين الغَموس تَدَعُ الدِّيار بَلاقِع»... 189
ص: 605
ص: 606
آدم عليه السلام، 164، 205
الشيخ إبراهيم القطيفي، 39
ابن أبي الحديد، 40
ابن أبي طي الحلبي، 18
ابن الأعرابي، 137، 184
ابن بابويه، 18، 208
ابن البرّاج، 45
ابن بيوراسف الضحّاك، 18
ابن حجر، 18
ابن حنبل، 198
ابن الشهيد، 16
السيّد ابن طاوس، 28، 33، 44
ابن عبّاس، 187، 465
ابن الفُوَطي، 17
ابن الكوّاء، 89
ابن ماكولا، 12
ابن المبارك، 357
ابن المتوّج البحراني، 40
ابن محمّد بن عليّ البيهقي، 50
ابن المشهدي، 34
أبو البركات السيّد ناصح الدين محمّد، 18
أبو البركات المشهدي، 34
أبو بكر، 66، 176
أبو بكر الشِّبلي، 299
الشيخ أبو بكر محمّد بن موسى الباب الأبوابي، 390
أبو تراب السيّد صفي الدين مقدم، 20
أبو جعفر بن كميح، 21
أبو جعفر قطب الدين محمّد بن عليّ ، 20
أبو جعفر محمّد بن حسن الطوسي، 24، 26،
ص: 607
33، 38، 44، 45، 70
أبو جعفر محمّد بن عليّ بن المحسن الحلبي، 17، 20، 44
أبو جعفر محمّد بن المرزبان، 21
أبو جهل، 222، 223
أبو الحارث المجتبى بن الداعي، 19
أبو حامد محمّد بن محمّد الغزالي، 49
أبوالحسن بن أبي القاسم زيد، 50
أبو الحسن بن جهضم، 11
أبو الحسن بن شاذان القمّي، 17
أبو الحسن ركن الدين عليّ بن عليّ ، 19
أبو الحسن عليّ بن زيد البيهقي، 15، 50
أبو الحسين أحمد بن محمّد، 19
أبو الحسين سعيد بن هبةُ اللّٰه بن الحسن الراوندي، 8، 16، 18، 22، 24، 28، 29، 31، 39، 48، 49، 51، 53
أبو دجانة، 108
أبو الدهماء، 440
أبو ذرّ، 89، 378
أبو السعادات ابن الشجري هبة اللّٰه بن عليّ ، 19
أبو سعد الحسن بن عليّ الأرابادي، 20
أبو سعد عبد الجليل الساوي، 11
أبو سعيد الخدري، 78، 500
السيّد أبو طالب بن الحسين الحسيني، 45
أبو عبد اللّٰه الحسين المؤدّب القمّي الأديب، 20
أبو عبد اللّٰه الرازي، 12
أبو عبد اللّٰه محمّد بن سلامة القضاعيّ ، 10، 11، 13
أبو عبيد، 186، 200، 385
أبو عُبيدة، 462
أبو عليّ الحدّاد الأصفهاني، 20، 47
أبو عليّ الحسن بن أحمد بن الحسن الحدّاد، 389
أبو عليّ الطوسي، 44
أبو عليّ الفضل بن الحسن الطبرسي، 20، 39، 44
أبو الفتح محمّد بن عليّ بن عثمان، 17
الشيخ أبو الفتوح الحسين بن عليّ ، 15
أبو الفتوح الخزاعي، 44
أبو الفضل هبة اللّٰه بن سعيد الراوندي، 43
أبو القاسم بن كميح، 21
أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، 43
أبو القاسم الحسن بن محمّد الحديقي، 19
أبو القاسم عليّ بن محمّد عليّ الجاسبي، 45
أبو قتادة، 440
أبو المحاسن مسعود بن عليّ بن محمّد، 19
ص: 608
أبو محمّد بن النحّاس، 11
أبو محمّد شميلة بن محمّد بن أبي هاشم، 20، 53
أبو مسلم محمّد بن أحمد الكاتب، 11
أبو المؤيّد محمّد بن محمود بن محمّد الخوارزمي، 46
أبو نصر الحسن بن محمّد بن إبراهيم، 20
أبو نصر الغازي، 21
أبو نصر محمّد بن السائب الكلبي، 48
أبو هريرة، 287، 304، 412، 489
أبى جرّد، 131
أحمد بن بربال، 11
أحمد بن عبد اللّٰه بن أحمد بن إسحاق الأصفهاني، 389
أحمد بن عمر بن محمّد بن عبد اللّٰه الإصبهاني، 21
أحمد بن محمّد الوبري، 50
السيّد أحمد الحسيني الإشكوري، 33
السيّد أحمد الروضاتي، 27
أردشير بن بابك، 268
الأزهريّ ، 268
أسعد بن عبد القاهر الأصفهاني، 44
الأفندي، 18، 43
الآمدي الشافعي، 46
اُمّ معبد، 115
اُمّ مِلدَم، 100
أمير المؤمنين عليه السلام، 16، 31، 39، 94، 132
السيّد الأمين، 41
أمين الدين مرزبان بن الحسين بن محمّد، 21
العلّامة الأميني، 41
أيّوب بن نوح، 17
بابويه بن سعد بن محمّد بن الحسن، 23
الباقر عليه السلام، 48
البخاري، 412
برهان الدين أبو الحارث محمّد، 15
الشيخ برهان الدين أبو الفضائل، 44
بسطام، 176
بلال، 346
التاج السبكي، 11
التقيّ عليه السلام، 42
جابر، 104
الجاحظ، 31
جبرئيل عليه السلام، 118، 119، 208، 274
جرير بن عبد اللّٰه، 73
جسّاس، 177
جعفر بن أبي طالب، 260
ص: 609
الشيخ جعفر بن نما الحلّي، 44
جمال الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن أحمد، 21
الشيخ جمال الدين أحمد بن عبد اللّٰه، 48
جمال الدين أحمد بن موسى بن طاوس الحلّي، 49
الشيخ جواد المحتصر، 33
الحارث الهمداني، 161
الحبال، 12
حجَّاج، 160
حجّة الدين فريد خراسان، 50
حذيفة بن اليمان، 89
الحسن بن أحمد بن الحسن الأصفهاني، 20
الحسن بن علي عليه السلام، 76، 77، 187، 260، 510
الحسين بن علي عليه السلام، 76، 77، 260
السيّد حسين المجتهد الكركي، 28
حمزة، 84، 260
الحميديّ ، 11
حوّا عليها السلام، 164
السيّد حيدر بن محمّد الحسيني، 44
خديجة عليها السلام، 410، 411
الخطيب، 12
الخليل بن أحمد، 104، 305
الخليل بن خمرتكين الحلبي، 18، 23
خولة بنت حكيم، 76
داود عليه السلام، 182
الدجّال، 366
رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، 7، 8، 9، 10، 15، 41، 57، 58، 59، 71، 73، 76، 78، 79، 84، 89، 90، 97، 100، 102، 104، 108، 110، 111، 112، 114، 115، 120، 130، 136، 139، 149، 150، 156، 160، 168، 176، 177، 181، 184، 186، 203، 207، 208، 239، 256، 259، 271، 275، 281، 294، 301، 305، 306، 316، 317، 318، 319، 320، 329، 333، 343، 347، 350، 359، 370، 376، 377، 378، 379، 382، 383، 389، 401، 405، 409، 410، 411، 429، 434، 440، 452، 454، 455، 461، 465، 469، 470، 474، 478، 482، 487، 489، 498، 499، 517
رشيد الدين أبو جعفر محمّد، 22
رشيد الدين الحسين بن أبي الفضل، 46
الرشيد الوطواط، 31
الرضا عليه السلام، 42
الزكي عليه السلام، 42
ص: 610
الزهراء عليها السلام، 140
زين الدين أبو جعفر محمّد، 23
الشيخ زين الدين عليّ بن حسّان الرهمي، 23
زين العابدين عليه السلام، 42
سديد الدين محمود الحمصي الرازي، 44
سدير الصيرفي، 129
سعيد بن عبد اللّٰه القمّي، 17
السلطان إبراهيم قطب شاه، 27
سلمان، 89
سليمان عليه السلام، 499
سليمان بن عبد الملك، 160
سهل بن بشر الأسفراييني، 12
سيبويه، 55، 92
السيوطي، 48
الشافعي، 48، 198، 409، 471
الشريف الرضي، 7
الشريف عزّ الدين أبو الحارث محمّد، 23
الشريف المرتضى، 25، 37، 70
شهردار بن الحافظ شيروية بن شهردار الديلمي، 22
الشهيد الأوّل، 29، 38، 47
شيبة الحمد، 177
الشيطان، 74، 94، 95، 112، 121، 139، 143، 203، 205، 231، 249، 342، 343، 400، 413، 415، 468، 488، 497، 519
الصاحب بن عبّاد، 32
الصادق عليه السلام، 48، 79، 111، 112، 127، 129، 144، 210، 520
الشيخ الصدوق، 33
السيّد ضياء الدين فضل اللّٰه بن عليّ ، 15
ظهير الدين محمد، 22، 45، 46
عائشة، 224، 411
عبد اللّٰه بن مسعود، 89
السيّد عبد الجليل، 40
عبد الحليم عوض الحلّي، 30
الشيخ عبد الرحيم بن أحمد المعروف بإبن الأخوة البغدادي، 44
عبد القاهر الجرجاني، 31
السيّد عبد اللطيف القرشي، 40
عبد المطّلب، 259
عبد الوهاب بن محمّد بن أيّوب، 35
عبيد اللّٰه بن زياد، 361
عثمان بن مظعون، 411
الشيخ عزيز اللّٰه العطاردي، 40
عقيل، 131
عليّ عليه السلام، 41، 42، 66، 74، 77، 81، 84، 89،
ص: 611
92، 94، 104، 114، 120، 130، 131، 133، 136، 139، 141، 142، 143، 144، 158، 161، 162، 167، 174، 186، 188، 189، 202، 210، 213، 234، 260، 262، 268، 278، 319، 326، 332، 334، 340، 370، 381، 384، 412، 425، 449، 458، 487، 505، 510، 525
السيّد عليّ بن أبي طالب الحسني السيلقي، 21
عليّ بن أحمد بن عليّ الزيادي، 22
عليّ بن أحمد الجرجرائي، 12
عليّ بن أحمد الكوفي، 49
عليّ بن محمّد بن العبّاس، 49
عليّ بن موسى الرضا عليه السلام، 17
عليّ الخياباني، 51
السيّد عماد الدين أبو الصمصام ذو الفقار، 21
عماد الدين الطبري محمّد بن أبي القاسم، 22، 23
عماد الدين عليّ ، 22، 43
العماد الطبري، 23
عمّار بن ياسر، 89
عمر، 66
عمرو بن الأهتم، 409
عمرو بن عبد ود، 70
عوف، 176
عيسى عليه السلام، 118، 170، 279، 388، 389، 495
غلام رضا عرفانيان الخراساني، 33
فاطمة 3، 39، 42، 256، 275، 390، 487
السيّد فخار بن معد الموسوي، 14
الشيخ فخر الدين أحمد بن عبد اللّٰه، 48
السيّد فخر الدين شميلة بن محمّد بن هاشم الحسيني، 14
فضل اللّٰه بن عليّ بن عبيداللّٰه الحسني الراوندي، 33، 44، 50
فضل بن شاذان النيسابوري، 49
فضل الدين شيخ حسن بن عليّ بن أحمد، 15
القاسم بن الحسين، 14
القاضي ابن الميداني، 14
القاضي أبي عبد اللّٰه محمّد بن سلامة بن جعفر القضاعي، 7، 11، 14، 15، 32، 51، 54
القاضي أحمد بن عليّ بن عبد الجبّار الطوسي، 23
قطب الدين البيهقي الكيدري، 45
قيس بن عاصِم، 409
الكاظم عليه السلام، 42
كسرى، 149
كعب بن مالك، 377
ص: 612
كمال الدين عليّ بن محمّد المدائني، 23
الشيخ لطف اللّٰه العاملي الميسي، 39
لقمان عليه السلام، 162، 182
مارية القبطية، 113
مأمون، 151
مجاهد، 99
العلّامة المجلسي، 28، 29، 30، 33
المحدّث النوري، 14، 17، 32، 41، 48، 50
المحقّق الطباطبائي، 34، 35، 37، 39، 49
محمّد صلى الله عليه و آله، 17، 39، 41، 42، 53، 56، 149، 208، 222، 275، 293، 296، 315، 344، 410، 411، 520، 531
محمّد بن أحمد بن عيسى، 17
محمّد بن إدريس، 48
محمّد بن حسن بن محمّد بن عبّاس، 24
محمّد بن ظهير الدين محمّد، 46
محمّد بن عليّ بن عبد الصمد التميمي النيسابوري، 22
محمّد بن محمّد بن بركات السعيدي، 11
العلّامة محمّد بن محمّد محسن الفيض الكاشاني، 51
محمّد جعفر بن سلطان، 51
محمّد شريف الخادم، 27
محمّد هادي الفيضي، 51
مريم عليها السلام، 401
معتصم، 42
معقل بن يسار، 361
الشيخ المفيد، 28، 49
ملك الموت، 499، 520
ملك الهند، 27
منتجب الدين بن بابويه الرّازي، 14، 16، 18، 23، 25، 26، 28، 29، 30، 31، 37، 38، 39، 43، 44، 45، 46، 47
موسى عليه السلام، 42، 520، 521، 527، 528
المهدي عليه السلام، 28، 260، 389
ميرحسينا القزويني، 28
النبيّ صلى الله عليه و آله، 14، 26، 42، 58، 59، 64، 71، 77، 80، 98، 99، 100، 102، 104، 105، 111، 113، 120، 127، 130، 142، 149، 153، 155، 156، 160، 164، 175، 182، 194، 197، 202، 206، 213، 215، 256، 259، 271، 277، 278، 287، 315، 317، 329، 361، 364، 375، 382، 389، 412، 445، 454، 461، 482، 499، 500، 509، 525
النجاشي، 48، 49
الشيخ نصير الدين أبو إبراهيم راشد، 23
ص: 613
نصير الدين أبو عبد اللّٰه الحسين، 22، 44، 45
النقيّ عليه السلام، 42
النواس بن سمعان الكلابي، 141
نوح عليه السلام، 14، 487
هاشم، 177
السيّد هاشم البحراني، 16
هبة اللّٰه بن دعويدار القمّي، 22
هشام بن الحكم، 48
هشام الكلبي، 48
الشيخ يحيى البحراني، 25
يزيد بن أبي مسلمة، 160
ص: 614
آل محمّد عليهم السلام، 17، 42، 56، 520
الأئمة الاثني عشر عليهم السلام، 16، 26، 39، 72
أئمّة المؤمنين عليهم السلام، 182
الإسلام، 8، 24، 35، 48، 49، 53، 57، 63، 72، 73، 80، 84، 88، 98، 108، 111، 113، 122، 131، 140، 146، 147، 149، 150، 151، 152، 153، 155، 156، 163، 165، 172، 191، 192، 193، 202، 204، 213، 214، 221، 228، 234، 244، 246، 247، 249، 250، 251، 253، 255، 264، 265، 277، 278، 294، 295، 296، 308، 314، 316، 318، 332، 335، 342، 361، 372، 375، 376، 377، 379، 380، 382، 383، 385، 387، 394، 399، 411، 424، 425، 431، 440، 461، 470، 484، 500، 511، 512، 513، 518
أصحاب أبي عبد اللّٰه الخفيف الشيرازي، 35
أصحاب الحديث، 18
الأعراب، 225، 376
الإماميّة، 8، 13، 25، 49
اُمّة محمّد صلى الله عليه و آله، 211
الأنبياء عليهم السلام، 410، 411، 434، 441، 476، 479، 530
الأنصار، 181
أولاد خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين، 50
أولاد عماد الدين علي، 44
أهل الإيمان، 181
أهل البيت عليهم السلام، 15، 33، 114، 487
أهل التأويل، 51، 301
أهل التفسير، 487
ص: 615
أهل الحقّ ، 182
أهل السقاية، 177
أهل الشرف، 177
أهل الفقه، 293
أهل القرى، 376
أهل المدينة، 181، 376
أهل مكّة، 376
أهل الندوة، 177
أهل اليمن، 149
بنو إسرائيل، 125، 278، 410
بنو تميم، 409
بنو زهرة، 13
بنو هوازن، 73
تلامذة الراوندي، 24
تيم بن مرّة، 177
الخاصّة، 13، 51
الخلفاء، 14
الراونديّون، 43
الشعراء، 31
الشيعة، 17، 18
عائلة القطب الراوندي، 43
العامّة، 51
عبد قيس، 268
عترة محمّد صلى الله عليه و آله، 434
العجم، 268
العرب، 7، 10، 41، 53، 55، 56، 57، 58، 59، 66، 67، 74، 75، 77، 78، 80، 88، 90، 92، 94، 95، 98، 99، 102، 103، 104، 106، 107، 108، 116، 119، 125، 127، 129، 133، 138، 146، 147، 149، 157، 158، 163، 168، 174، 175، 181، 182، 186، 189، 194، 199، 200، 203، 204، 209، 212، 215، 222، 224، 226، 229، 235، 239، 247، 248، 257، 268، 271، 274، 279، 283، 290، 291، 295، 303، 304، 306، 313، 315، 316، 317، 320، 322، 324، 325، 329، 332، 336، 337، 338، 343، 348، 349، 360، 361، 364، 366، 372، 378، 379، 382، 390، 395، 396، 397، 399، 404، 409، 410، 418، 422، 430، 432، 437، 440، 447، 461، 462، 469، 470، 478، 484، 488، 489، 493، 494، 499، 513، 515
العلماء، 7، 15، 16، 18، 19، 20، 21، 22، 23، 24، 25، 26، 27، 28، 30، 32، 33، 34، 35، 36، 37، 38، 40، 41، 43، 45، 46، 47، 48، 50، 51، 53، 60، 125، 142، 168، 176، 214، 316، 408، 425، 431، 432، 439،
ص: 616
445، 453
علماء الخاصّة، 8
علماء العامّة، 8
الفاطميّون، 12
الفصحاء، 10، 58، 198
فقهاء الاُمّة، 8
فقهاء الإماميّة، 18
الفلاسفة، 48
قريش، 42، 177
القضاة، 213
الكفّار، 109، 111، 137، 150، 152، 153، 154، 155، 157، 167، 190، 211، 213، 224، 229، 265، 275، 278، 286، 343، 379، 424، 435، 436، 453
المتّقون، 278
المجاهدون، 111
المحدّثون، 43
المحدّثين الإماميّة، 13، 15
المساكون، 110، 136، 355
المسلمون، 53، 71، 72، 96، 97، 99، 101، 103، 151، 152، 154، 156، 211، 225، 229، 235، 243، 246، 264، 269، 275، 291، 299، 304، 333، 338، 339، 241، 350، 360، 361، 376، 383، 387، 394، 397، 462
مشايخ ابن العديم، 46
مشايخ الراوندي، 34
المشركون، 104، 276
المعصومون، 42، 487
الملائكة، 17، 56، 79، 103، 104، 119، 139، 307، 359، 510، 519
المنافقون، 114، 229، 316، 464
المؤذّنون، 181
المؤلّفين الإماميّة، 48
المؤمنون، 20، 41، 69، 81، 82، 85، 94، 116، 128، 132، 134، 135، 137، 150، 167، 181، 182، 191، 205، 211، 213، 223، 224، 260، 262، 263، 271، 280، 291، 293، 301، 304، 316، 317، 331، 332، 356، 362، 371، 379، 390، 396، 427، 429، 434، 440، 445، 450، 453، 455، 466، 468، 469، 472، 474، 478، 488، 491، 500، 503، 508، 509، 510، 513، 531
اليهود، 275
ص: 617
استر آباد، 34
أصبهان، 18، 21، 22، 27، 44، 47، 390
بغداد، 21
بومبي، 27
بيت المَقْدِس، 172
بيروت، 28، 33
تبريز، 47
تبوك، 149
الحجاز، 11، 100، 148، 149
حيدر آباد بالهند، 40
خراسان، 18
دار السلام، 271
راونج، 17
راوند، 17، 18
الروضة الفاطميّة عليها السلام، 47
الروم، 12
الري، 18
الشام، 11
شيراز، 35
الصين، 154
القسطنطينيّة، 11، 12
قم، 28، 33، 36، 40، 47
كاشان، 17، 18، 32
الكعبة، 143
المدينة، 64، 149، 156، 208، 320
مصر، 12
مكتبة آية اللّٰه البروجردي، 36
مكتبة البرلمان الإيراني، 25، 30، 39، 40
ص: 618
مكتبة جامعة طهران، 33
مكتبة السيّد المرعشي، 24، 28، 33، 40
مكتبة مجلس سنا، 51
المكتبة المركزيّة لجامعة طهران، 51
مكّة، 11، 20، 54، 96، 104، 115، 149، 156، 208، 223، 376، 378
النجف الأشرف، 33، 34
نيشابور، 17، 18
همدان، 18
يزد، 38
اليمن، 148، 149
ص: 619
ص: 620
القرآن الكريم، 7، 13، 25، 27، 30، 32، 34
آيات الأحكام، 32
إحكام الأحكام في اُصول الأحكام، 24، 46
أحكام القرآن، 48
الأربعون حديثا، 46
أسباب النزول، 24
أعلام نهج البلاغة، 50
أعيان الشيعة، 41
الإغراب في الإعراب، 24
الاستبصار، 24
الانتصار، 25
ألقاب الرسول وفاطمة والأئمة عليهم السلام، 24
أمالي في الحديث، 13
اُمّ القرآن، 25
أمل الآمل، 25، 29، 32
اُمّ المعجزات، 34
الإنباء عن الأنبياء، 12
الإنباء في الحديث، 12
انفرادات الإماميّة، 25
الإيجاز في الفرائض، 33
البحار، 14، 24
البحر، 25
بشارة المصطفى لشيعة المرتضى، 22
بغية الطلب، 46
البيان، 38
بيان الانفرادات، 25
تاريخ الري، 18، 47
تأسيس الشيعة، 28
تبصرة العوام، 20
تحفة العليل، 25
تراجم مشايخ الشيعة، 25
التغريب في التعريب، 25
ص: 621
تفسير القرآن، 25
تلخيص مجمع الآداب، 17
تهافت التهافت، 49
تهافت الفلاسفة، 26، 49
تهذيب اللغة، 268
ثاقب المناقب، 29
الجمل والعقود، 26
جنى الجنتين في ذكر ولد العسكريين عليهما السلام، 26
الجواهر، 45
جواهر الكلام في شرح مقدمة الكلام، 26
الحدائق، 37
الحكم والأمثال، 7
حلّ الإشكال في معرفة الرجال، 49
حلّ المعقود من الجمل والعقود، 26
خاتمة المستدرك، 41
الخرائج والجرائح، 26
خلاصة التفاسير، 28
الخلاف بين الشيخ المفيد والشريف المرتضى، 28
درّة الواعظين وذخر العابدين، 13
دُستور معالم الحِكَم من كلام الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام، 13
الدعوات، 30
دعوات الراوندي، 30
دفع المناواة، 28
دقائق الأخبار وحدائق الاعتبار في الحكم، 13
الدلائل والفضائل، 28
ذخيرة الدارين فيما يتعلّق بمصائب سيّدنا الحسين عليه السلام، 29
الذريعة، 25، 26، 29، 36، 37، 38، 40، 51
الذكرى، 29
الرائع في الشرائع، 29
رجال الراوندي، 29
الردّ على أرسطاطاليس، 48
رسالة الفقهاء، 29
رسالة في أحوال أحاديث أصحابنا، 29
رسالة في بيان أحوال أحاديث أصحابنا، 29
رسالة في صحّة أحاديث اصحابنا، 49
رسالة في الطب، 30
رسالة النجوم، 33
رشح الولاء، 44
روح الأحباب و روح الألباب في شرح الشهاب، 15
الروضات، 25، 34، 37، 38
الروضة في الفضائل، 29
الرياض، 32، 34، 38، 43، 48، 50، 51
رياض العلماء، 17، 24، 25، 28، 35، 37، 47
سعد السعود، 33
سلوة الحزين، 30
الشجار في وجوب غسل الجنابة، 30
شرح آيات الاحكام، 32
شرح الأربعين حديثاً، 28
ص: 622
شرح الآيات المشكلة في التنزيه، 31
شرح الخطبة الاُولى من نهج البلاغة، 31
شرح الشهاب، 390
شرح شهاب الأخبار، 32، 390
شرح العوامل المائة، 31
شرح الكلمات المائة، 31
شرح ما يجوز وما لا يجوز (من النهاية)، 31
ص: 623
المجازات النبوية، 7
المجالس في الحديث، 36
مجمع البيان، 20، 44
المختار في ذكر الخِطط والآثار في مصر، 12
المختلف، 29، 37
مسألة أخرى في الخمس، 36
المسألة (الرسالة) الكافية (الشافية) في الغسلة الثانية، 36
مسألة في الخمس، 37
مسألة في صلاة الآيات، 37
مسألة في العقيقة، 37
مسألة في فرض من حضر الأداء وعليه القضاء، 37
مستدرك الوسائل، 35
المستقصى في شرح الذريعة، 37
المستقى، 37
مسند الشهاب، 13، 15
مسند الفردوس، 22
المعارج في شرح نهج البلاغة، 37
معالم العلماء، 16، 22
معرفة مقاطع القرآن من مباديه، 38
المغني، 38
المغني في شرح النهاية، 38
مفتاح المتعبّد، 38
المقابس، 34
مكارم أخلاق النبيّ والأئمّة عليهم السلام، 38، 39
مناقب الشافعي، 13
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، 31، 39، 40
منهاج الهداية، 48
مهج الدعوات، 33
المهذّب، 37
الناسخ والمنسوخ، 40
نزهة الألباب في التاريخ، 13
نفثة المصدور، 40، 41
النهاية، 48
النهاية في الفقه، 45
النهاية في مجرّد الفقه والفتاوى، 38
نهج البلاغة، 23، 46، 50
نهية النهاية، 41
الوسائل، 17، 29
الوسيلة، 44
وفيات الأعيان، 12
هديّة العارفين، 36
ص: 624
القرآن الكريم، 7، 13، 25، 27، 30، 32، 34، 54، 66، 78، 79، 86، 89، 101، 110، 122، 127، 128، 130، 154، 155، 193، 195، 196، 208، 225، 242، 253، 268، 275، 286، 309، 313، 315، 323، 325، 342، 343، 351، 355، 374، 377، 416، 420، 422، 444، 446، 453، 454، 459، 462، 464، 467، 470، 475، 477، 479، 491، 493
الإنجيل، 279
تحفة باب الأبواب وشرح الشهاب، 259
حلية الأولياء، 389
الصحاح للجوهري، 445
كتاب النبوّة، 208
ص: 625
إمامي عليّ كالهزبر لدى العشا *** وكالبدر وهّاجا إذا الليل أغطشا،
42
أقول للنار حين توقف للعَرض *** ذَريه لا تَقربي الرَّجُلا،
161
بنو الزهراء آباء اليتامى *** إذا ما خوطبوا قالوا: سلاما،
41
أتلعب بالدعاء وتَزدريه *** وما يدريك ما فعل الدعاء،
139
قسيم النار ذو خبر وخبر *** يخلّصني الغداة من السعير،
41
لا تنهَ عن خُلق وتأتي مثله *** عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ ،
343
أكثر من الدرهم والعين *** كمّاً تعش حرّاً من الدَّين،
80
محمّد وعليّ ثمّ فاطمة *** مع الشهيدين زين العابدين عليّ ،
42
ص: 626
1. الإتقان في علوم القرآن، لجلال الدين عبدالرحمن بن ابي بكر السيوطي (ت 911 ه)، بيروت:
المكتبة الثقافية، 1973 م.
2. الاثنا عشرية في المواعظ العددية، للسيد محمّد بن محمّد الشهير بابن قاسم الحسيني العاملي (القرن الثاني عشر)، قم: مكتبة المصطفوي، 1376 ه.
3. الآحاد و المثاني، لأبي بكر أحمد بن عمر بن أبي عاصم الشيباني (ت 287 ه)، تحقيق: باسم فيصل الجوابرة، دار الراية - الرياض، 1411 ه.
4. الأحاديث الطوال، لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (ت 360 ه)، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، بيروت: دار الكتب العلمية، 1412 ق.
5. الاحتجاج على أهل اللجاج، لأبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي (ت 620 ه) تحقيق: إبراهيم البهادري ومحمّد هادي به، طهران: دار الاُسوة، الطبعة الاُولى، 1413 ه.
6. إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل، للقاضي نور اللّٰه بن السيّد شريف الشوشتري (ت 1019 ه)، مع تعليقات السيّد شهاب الدين المرعشي، قم: مكتبة آية اللّٰه المرعشي، الطبعة الاُولى، 1411 ه.
7. الاحكام في اصول الاحكام، لأبي محمّد علي بن حزم الاندلسي (ت 456 ه)، تحقيق: احمد شاكر، قاهرة - مطبعة العاصمة، 1345 ق.
8. الأخبار الطوال، لأبي حنيفة أحمد بن داود الدينوري (ت 282 ه)، تحقيق: عبد المنعم عامر، منشورات الشريف الرضي - قم، الطبعة الاُولى، 1409 ه.
ص: 627
9. الاختصاص، المنسوب إلى أبي عبد اللّٰه محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي المعروف بالشيخ المفيد (ت 413 ه)، تحقيق: علي أكبر الغفّاري، قم: مؤسّسة النشر الإسلامي، الطبعة الرابعة، 1414 ه.
10. الاخوان، لأبي بكر عبد اللّٰه بن محمد بن أبي الدنيا (ت 281 ه)، تحقيق: محمد عبدالرحمن طوالبة، دار الاعتصام - قاهرة، 1366 ه.
11. أدب الإملاء والاستملاء، لأبي سعد عبد الكريم بن محمّد السمعاني (ت 562 ه)، بيروت: دار الكتب العلمية، الطبعة الاُولى، 1401 ه.
12. أدب المجالسة، لابن عبد البر (ت 463 ه)، تحقيق: سمير حلبي، طنطا: دار الصحابة للتراث، 1409 ق.
13. الأدب المفرد، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن إسماعيل البخاري (ت 256 ه)، تحقيق: محمّد بن عبدالقادر عطا، بيروت: دار الكتب العلميّة.
14. الأذكار النبويّة، لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي (ت 671 ه)، بيروت: دار الفكر، 1414 ه.
15. الأربعون حديثاً عن أربعين شيخاً من أربعين صحابيّاً، لمنتجب الدين الرازي (ت 585 ه)، تحقيق:
مدرسة الإمام المهدي (عج)، قم: مدرسة الإمام المهدي (عج)، الطبعة الاُولى، 1408 ه.
16. ارج نامه ايرج، محسن باقر زاده، طهران: انتشارات توس، 1377 ش.
17. الإرشاد في معرفة حجج اللّٰه على العباد، لأبي عبد اللّٰه محمّدبن محمّدبن النعمان العكبري البغدادي المعروف بالشيخ المفيد (ت 413 ه) تحقيق: مؤسّسة آل البيت (ع)، قم:
مؤسّسة آل البيت (ع)، الطبعة الاُولى، 1413 ه.
18. إرشاد القلوب، لأبي محمّد الحسن بن أبي الحسن الديلمي (ت 711 ه)، بيروت: مؤسّسة الأعلمي، الطبعة الرابعة، 1398 ه.
19. ارواء الغليل في تخريج الاحاديث منار السبيل، لمحمد ناصرالدين الالباني (1420 ه)، بيروت:
المكتب الاسلامى، 1405 ق.
20. أسامي الكتب الخطّية، لمولى علي الخياباني (ت 1326 ه) ضمن: نسخه پژوهى، ج 3، طهران:
مكتبة مجلس الشوراي الاسلامي، 1385 ش.
21. الإستبصار فيما إختلف من الأخبار، لأبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه)، تحقيق:
السيّد حسن الموسوي الخرسان، طهران: دار الكتب الإسلاميّة.
ص: 628
22. الاستذكار، لأبي عمر يوسف بن عبد اللّٰه بن عبد البر النمري (ت 463 ه)، تحقيق: عبد المعطي أمين قلعجي، دمشق: دار قتيبة، 1414 ق.
23. الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لأبي عمر يوسف بن عبد اللّٰه بن محمّد بن عبد البرّ القرطبي المالكي (ت 363 ه)، تحقيق: عليّ محمّد معوّض وعادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلميّة - بيروت، الطبعة الاُولى، 1415 ه.
24. اُسد الغابة في معرفة الصحابة، لأبي الحسن عزّالدين عليّ بن أبي الكرم محمّد بن محمّد بن عبدالكريم الشيباني المعروف بابن الأثير الجزري (ت 630 ه)، تحقيق: علي محمّد معوّض، وعادل أحمد، بيروت: دارالكتب العلمية، الطبعة الاُولى، 1415 ه.
25. الإصابة في تمييز الصحابة، لأبي الفضل أحمد بن عليّ بن الحجر العسقلاني (ت 852 ه)، تحقيق:
عادل أحمد عبد الموجود، وعليّ محمّد معوّض، بيروت: دار الكتب العلميّة، الطبعة الاُولى، 1415 ه.
26. أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، لمحمّد الأمين بن محمّد المختار الشنقيطي (ت 1393 ه)، مكّة: دار الفوائد، 1426 ه.
27. الإعتقادات وتصحيح الإعتقادات، لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (ت 381 ه) وأبي عبد اللّٰه محمّد بن محمّد العكبري البغدادي المعروف بالشيخ المفيد (ت 413 ه)، تحقيق: عاصم عبدالسيّد، قم: المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد، الطبعة الاُولى، 1413 ه.
28. الأعلام، لخير الدين الزركلي (ت 1966 م)، بيروت: دارالعلم للملايين، 1990 م.
29. أعلام الدين في صفات المؤمنين، لأبي محمّد الحسن بن أبي الحسن الديلمي (ت 711 ه)، تحقيق: مؤسّسة آل البيت (ع)، قم: مؤسسّة آل البيت (ع)، الطبعة الثانية، 1414 ه.
30. إعلام الورى بأعلام الهدى، لأبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548 ه)، تحقيق: علي أكبر الغفّاري، بيروت: دارالمعرفة، الطبعة الاُولى، 1399 ه.
31. أعيان الشيعة، محسن بن عبدالكريم الأمين الحسينيّ العامليّ الشقرائيّ (ت 1371 ه)، إعداد:
السيّد حسن الأمين، بيروت: دارالتعارف، الطبعة الخامسة، 1403 ه.
32. الإفصاح في إمامة أمير المؤمنين (ع)، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن محمّد بن النعمان المعروف بالشيخ المفيد (ت 413 ه)، قم: مؤسسة البعثة، الطبعة الاُولى، 1412 ه.
ص: 629
33. الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرّة في السنة، لأبي القاسم عليّ بن موسى الحلّي الحسني المعروف بابن طاووس (ت 664 ه)، تحقيق: جواد القيّومي، قم: مكتب الإعلام الإسلامي، الطبعة الاُولى، 1414 ه.
34. اقتضاء العلم العمل، لأحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت 463 ه)، تحقيق: محمّد ناصر الدين الألباني، بيروت: المكتب الاسلامي، 1984 م.
35. إكمال الكمال، لعليّ بن هبة اللّٰه بن ماكولا (ت 475 ه)، القاهرة: دار الكتاب الاسلامي.
36. الاُصول الستّة عشر، نخبة من الرواة، قم: دارالشبستري، الطبعة الثانية، 1405 ه.
37. الاُمّ ، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن إدريس الشافعي (ت 204 ه)، بيروت: دار المعرفة، 1393 ه، الطبعة الثانية.
38. أمالي الشجري، ليحيى بن الحسين الشجري (ت 499 ه)، بيروت: عالم الكتب، الطبعة الثالثة، 1403 ه.
39. أمالي الصدوق، لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (ت 381 ه)، بيروت: مؤسّسة الأعلمي، الطبعة الخامسة، 1400 ه.
40. أمالي المرتضى (غرر الفرائد و درر القلائد)، لأبي القاسم عليّ بن الحسين الموسوي المعروف بالسيّد المرتضى (ت 426 ه)، تحقيق: محمّد أبو الفضل إبراهيم، بيروت: دار إحياء الكتب العربيّة، 1425 ه.
41. الأمالي الطوسي، لأبي جعفر محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي (ت 460 ه)، تحقيق:
مؤسّسة البعثة، قم: دارالثقافة، الطبعة الاُولى، 1414 ه.
42. أمالي المفيد، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن النعمان العكبري البغدادي المعروف بالشيخ المفيد (ت 413 ه)، تحقيق: حسين اُستاد ولي وعليّ أكبر الغفّاري، قم: مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الثانية، 1404 ه.
43. الإمامة والتبصرة من الحيرة، لأبي الحسن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ (ت 329 ه)، تحقيق:
محمّد رضا الحسينيّ ، قم: مؤسسة آل البيت، الطبعة الاُولى، 1407 ه.
44. أمثال الحديث، لأبي الحسن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي (ت 360 ه)، تحقيق: أحمد عبد الفتاح تمام، بيروت: مؤسسة الكتب الثقافية، 1409 ق.
45. الأمثال في الحديث النبوي، لأبي الشيخ عبد اللّٰه بن محمّد الاصفهاني (ت 369 ه) بمبئي: الدار السلفية، 1402 ق.
ص: 630
46. أمل الآمل، لمحمّد بن الحسن الحرّ العاملي (ت 1104 ه)، تحقيق: السيّد أحمد الحسيني، بغداد: مكتبة الأندلس، 1385 ه.
47. الانتصار، لأبي القاسم علي بن الحسين، المعروف بالسيّد المرتضى علم الهدى (ت 436 ه. ه)، قم: مطبعة الشريف الرضي، 1391 ه.
48. الأنساب، لأبي سعد عبد الكريم بن محمّد السمعاني (ت 562 ه)، تحقيق: عبد اللّٰه عمر البارودي، بيروت: دار الجنان، 1408 ه.
49. الأنوار القدسية في بيان آداب العبودية (في هامش الطبقات الكبرى)، لأبي المواهب عبد الوهّاب بن أحمد الأنصاري (ت 973 ه)، بيروت: دار الفكر.
50. الإيضاح، لأبي محمّد فضل بن شاذان الأزديّ النيسابوريّ (ت 260 ه)، تحقيق: مير سيّد جلال الدين الحسينيّ الأرمويّ ، طهران: جامعة طهران، الطبعة الاُولى، 1351 ش.
51. أحكام القرآن، لأبي بكر أحمد بن علي الرازي «الجصاص» (ت 370 ق)، تحقيق: عبد السلام محمد علي شاهين، بيروت: دار الكتب العلمية، 1415 ق 0
52. أدب الإملاء والاستملاء، لأبي سعد عبد الكريم بن محمّد السمعاني (ت 562 ه)، بيروت:
دار الكتب العلمية، الطبعة الاُولى، 1401 ه.
53. أسماء المؤلفين و آثار المصنفين، لاسماعيل باشا البغدادي (ت 1920 م)، تصحيح: رفت بيلگه الكليسي وابن المعين محمود كمال اينال، طهران: اسلاميه، 1387 ه.
54. بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار (ع)، لمحمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي (ت 1110 ه)، تحقيق: دار إحياء التراث، بيروت: دار إحياء التراث، الطبعة الاُولى، 1412 ه.
55. البحر المحيط، لأبي حيّان محمّد بن يوسف الغرناطي (ت 745 ه)، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، بيروت: دار الكتب العلميّة، 1413 ه.
56. البداية والنهاية، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي (ت 774 ه)، تحقيق: علي شيري، بيروت: دار احياء التراث العرب، 1408 ه.
57. البرهان في تفسير القرآن، للسيّد هاشم بن سليمان البحراني (ت 1107 ه)، تحقيق ونشر: قم:
مؤسسة البعثة، الطبعة الاُولى، 1415 ه.
58. بصائر الدرجات، لأبي جعفر محمّد بن الحسن الصفّار القمّي المعروف بابن فروخ (ت 290 ه)، قم: مكتبة آية اللّٰه المرعشي، الطبعة الاُولى، 1404 ه.
ص: 631
59. بغية الوعاة في طبقات اللغويين و النحاة، لجلال الدين الحافظ عبد الرحمن السيوطي (ت 911 ه)، تحقيق: محمّد أبو الفضل إبراهيم، بيروت: دار الفكر، 1399 ه.
60. البيان والتبيين، لأبي عثمان عمرو بن بحر الكناني الليثي المعروف بالجاحظ (ت 255 ه)، تحقيق: عبد السلام محمّد هارون، القاهرة: مكتبة الخانجي، الطبعة الخامسة، 1405 ه.
61. تاج العروس من جواهر القاموس، لمحمّد بن محمّد مرتضى الحسيني الزبيدي (ت 1205 ه)، تحقيق: عليّ الشيري، بيروت: دار الفكر، 1414 ه.
تاريخ ابن معين = يحيى بن معين وكتابه التاريخ.
62. تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن أحمد الذهبي (ت 748 ه)، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، بيروت: دار الكتاب العربي، الطبعة الاُولى، 1409 ه.
63. تاريخ إصبهان، لأبي نعيم أحمد بن عبد اللّٰه الإصفهاني (ت 430 ه)، تحقيق سيّد كسروي حسن، بيروت: دار الكتب العلميّة، 1410 ه.
64. تاريخ بغداد أو مدينة السلام، لأبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت 463 ه)، بيروت:
دارالكتب العلمية، 1417 ه.
65. تاريخ البيهقي، لأبي الفضل محمّد بن الحسين البيهقي (ت 470 ه)، تحقيق: يحيى الخشاب، بيروت: دار النهضة العربية، 1982 م.
66. تاريخ التراث العربي، لفؤاد سزگين، نقله إلى العربية: محمود فهمي حجازي، تصحيح: عرفة مصطفى، قم: مكتبة آية اللّٰه المرعشي النجفي، 1412 ق.
67. تاريخ الطبريّ (تاريخ الاُمم والملوك)، لأبي جعفر محمّد بن جرير الطبريّ (ت 310 ه)، بيروت:
الأعلمي.
68. تاريخ قم، لحسن بن محمّد القمّي (القرن الرابع)، ترجمة: تاج الدين حسن بن علي القمّي، قم:
مكتبة آية اللّٰه المرعشي النجفي، 1385 ه.
69. التاريخ الكبير، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن إسماعيل البخاري (ت 256 ه)، بيروت: دار الفكر.
70. تاريخ مدينة دمشق، لعليّ بن الحسن ابن عساكر الدمشقي، تحقيق: عليّ شيري، بيروت: دار الفكر، 1415 ه.
71. تاريخ المدينة المنوّرة، لأبي زيد عمر بن شبّه النميري البصري (ت 262 ه)، تحقيق: فهيم محمّد شلتوت، بيروت: دار التراث، الطبعة الاُولى، 1410 ه.
ص: 632
72. تاريخ اليعقوبي، لأحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح المعروف باليعقوبي (ت 284 ه)، بيروت: دار صادر، 1405 ه.
73. تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام، للسيّد حسن الصدر (م 1354 ه)، طهران: الأعلمى، 1375 ش، الطبعة الثانية.
74. تأويل مختلف الحديث، لأبي محمد عبد اللّٰه بن مسلم بن قتيبه دينوري (ت 276 ه)، بيروت: دار الكتب العملية.
75. التبيان، لأبي جعفر محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي (ت 460 ه)، تحقيق: أحمد حبيب قصير العاملي، قم: مكتب الأعلام الاسلامي، 1409 ه.
76. التحصين في صفات العارفين من العزلة والخمول، لأبي العبّاس أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي الأسدي (ت 841 ه)، قم: مطبعة الجزايري، 1413 ه.
77. تحف العقول عن آل الرسول (ص)، لأبي محمّد الحسن بن عليّ الحراني المعروف بابن شعبة (ت 381 ه)، تحقيق: علي أكبر الغفّاري، قم: مؤسّسة النشر الإسلامي، الطبعة الثانية، 1404 ه.
78. تحفة الاحوذي بشرح جامع الترمذي، لأبي العلىٰ محمّد بن عبد الرحمان بن عبد الرحيم المباركفوري الهندي (ت 1353 ه)، بيروت: دار الكتب العلمية، 1410 ه.
79. التحفة السنيّة (شرح منظومة أبي داود الحائية)، لعبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر، كويت:
دار غراس، 1423 ق.
80. تذكرة الحفّاظ، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن أحمد الذهبي (ت 748 ه)، بيروت: دار إحياء التراث العربي.
81. تذكرة الفقهاء، لأبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهر، المعروف بالعلّامة الحلّي (ت 726 ه)، تحقيق: مؤسسة آل البيت، قم، مؤسسة آل البيت، 1420 ه.
82. تذكرة المجتهدين في تراجم مشايخ الشيعة (ضميمة شهاب الحكمة)، ليحيى بن حسين البحراني (القرن العاشر)، تحقيق: عبد اللّٰه روشن بين، طهران: برگ رضوان، 1384 ش.
83. تذكرة الموضوعات، لمحمّد طاهر بن علي الهندي الفتني (ت 986 ه).
84. التراث العربي في مكتبة المرعشي، للسيّد أحمد الحسيني الاشكوري، قم: مكتبة آية اللّٰه المرعشي النجفي، 1414 ق.
85. تراجم الرجال، للسيّد أحمد الحسيني الإشكوري، قم: دليل ما، 1423 ق.
ص: 633
86. ترك الإطناب في شرح الشهاب، لأبي الحسن علي بن أحمد المعروف بابن القضاعي (القرن الخامس)، تحقيق: محمّد الشيرواني، طهران: انتشارات دانشگاه طهران، 1343 ش.
87. التسهيل لعلوم التنزيل، لأبي القاسم محمّد بن أحمد المعروف بابن الجزي (ت 741 ه)، تصحيح:
محمّد سالم هاشم، بيروت: دار الكتب العلمية، 1415 ق.
88. تعليق التعليق (ضميمة آثار السنن)، لمحمّد بن علي النيموي (ت 1322 ه)، تحقيق: فيض أحمد، باكستان: مكتبة امدادية.
89. تعليقة أمل الآمل، لعبد اللّٰه بن عيسى بيگ الأفندي (ت 1130 ه)، تحقيق: السيّد أحمد الحسيني الاشكوري، قم: مكتبة آية اللّٰه المرعشي النجفي، 1410 ق.
90. تفسير ابن العربي = رحمة من الرحمن في تفسير و اشارات القرآن، لمحمّد بن علي بن العربي (ت 638 ه)، دمشق، 1410 ه.
91. تفسير ابن كثير (تفسير القرآن العظيم)، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير البصروي الدمشقي (ت 774 ه)، تحقيق: عبدالعظيم غيم، ومحمّد أحمد عاشور، ومحمّد إبراهيم البنّا، القاهرة:
دار الشعب.
92. تفسير أبي السعود، لأبي السعود محمّد بن محمد العمادي (ت 951 ه)، بيروت: داراحياء التراث العربي.
*. تفسير أبي الفتوح الرازي = روض الجنان وروح الجنان.
93. تفسير البغوي، لأبي محمّد الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي (ت 516 ه)، إعداد وتحقيق: خالد عبد الرحمان العك ومروان سوار، بيروت: دار المعرفة، 1407 ه.
94. تفسير البيضاوي، لأبي سعيد عبد اللّٰه بن عمر بن محمد البيضاوي (ت 685 ه)، بيروت: مؤسسة الأعلمي، 1410 ق.
95. تفسير الثعالبي، لعبد الرحمن بن محمد الثعالبي (ت 875 ه)، تحقيق: علي محمد معوض وعادل احمد عبد الموجود، بيروت: داراحياء التراث العربي، 1418 ق.
*. تفسير الثعلبي = الكشف والبيان.
*. تفسير جوامع الجامع = جوامع الجامع.
*. تفسير السمرقندي = تفسير العياشي.
*. تفسير الصافي = الصافي في تفسير القرآن.
ص: 634
96. تفسير الطبريّ (جامع البيان في تفسير القرآن)، لأبي جعفر محمّد بن جرير الطبريّ (310 ه)، بيروت: دار الفكر، 1415 ه.
97. تفسير العيّاشي، لأبي النضر محمّدبن مسعود السلمي السمرقندي المعروف بالعيّاشي (ت 320 ه)، تحقيق: السيّد هاشم الرسولي المحلّاتي، طهران: المكتبة العلميّة، الطبعة الاُولى، 1380 ه.
*. تفسير الفخر الرازي = التفسير الكبير ومفاتيح الغيب.
98. تفسير القرطبيّ (الجامع لأحكام القرآن)، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن أحمد الأنصاريّ القرطبيّ (ت 671 ه)، تحقيق: محمّد عبدالرحمٰن المرعشلي، بيروت: دار إحياءالتراث العربيّ ، الطبعة الثانية، 1405 ه.
99. تفسير القمّي، لعليّ بن إبراهيم القمي، تصحيح: السيّد طيّب الموسوي الجزائري، قم: دار الكتاب، 1404 ه.
100. التفسير الكبير ومفاتيح الغيب (تفسير الفخر الرازي)، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن عمر المعروف بالفخر الرازي (ت 604 ه)، بيروت: دار الفكر، الطبعة الاُولى، 1410 ه.
101. التفسير الكبير و مفاتيح الغيب (تفسير الفخر الرازي)، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن عمر المعروف بفخر الدين الرازي (ت 604 ه)، بيروت: دار الفكر، الطبعة الاُولى، 1410 ه.
*. تفسير الكشّاف = الكشّاف.
102. تفسير مجاهد، لأبي الحجاج مجاهد بن جبر المخزومي (ت 104 ه)، تحقيق: عبدالرحمن الطاهر بن محمّد السورتي، باكستان: مجمع البحوث الاسلامية.
103. تفسير النسفي، لعبد اللّٰه بن أحمد النسفي (ت 710 ه)، بيروت: دار الكتاب العربي، 1408 ق.
104. تفسير نور الثقلين، لعبد عليّ بن جمعة العروسيّ الحويزيّ (ت 1112 ه)، تحقيق: السيّد هاشم الرسوليّ المحلّاتيّ ، قم: مؤسّسة إسماعيليان، الطبعة الرابعة، 1412 ه.
*. التلخيص = شرج الجامع الصحيح
105. تلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب، لعبد الرزاق بن أحمد بن الفوطي (ت 732 ه)، دمشق:
وزارة الثقافة، 1965 م.
106. تلخيص المحصّل، لخواجة نصير الدين محمّد بن محمّد بن الحسن الطوسي، تحقيق: عبد اللّٰه النوراني، طهران: مركز مطالعات اسلامي دانشگاه مك گيل (فرع طهران)، 1359 ش.
ص: 635
107. التمحيص، لأبي عليّ محمّد بن همام الإسكافيّ المعروف بابن همام (ت 336 ه)، تحقيق:
مدرسة الإمام المهديّ (عج)، قم: مدرسة الإمام المهديّ عج، الطبعة الاُولى، 1404 ه.
108. تمهيد الأصول، لأبي جعفر محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي (ت 460 ه)، طهران:
مكتبة جامعة طهران، 1362 ش.
109. تنزيه الأنبياء، لأبي القاسم عليّ بن الحسين الموسوي المعروف بسيّد المرتضى (ت 436 ه)، بيروت: دار الاضواء، 1409 ه.
110. تنقيح المقال في علم الرجال، لعبد اللّٰه بن محمّد حسن المامقاني (ت 1351 ه)، نجف: مطبعة المرتضوية، 1349 ه.
111. تنوير الحوالك (شرح على الموطأ المالك)، لعبد الرحمان بن ابي بكر السيوطي (ت 911 ه)، بيروت: دار الكتب العلمية.
112. التواضع والخمول، لأبي بكر عبد اللّٰه بن محمّد بن أبي الدنيا القرشي (ت 281 ه)، تحقيق:
محمّد عبد القادر أحمد عطا، بيروت: دار الكتب العلمية، الطبعة الاُولى، 1409 ه.
113. التوحيد، لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (ت 381 ه)، تحقيق: هاشم الحسيني الطهراني، قم: مؤسّسة النشر الإسلامي، الطبعة الاُولى، 1398 ه.
114. التهذيب (تهذيب الأحكام في شرح المقنعة)، لأبي جعفر محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسيّ (ت 460 ه. ه)، بيروت: دارالتعارف، الطبعة الاُولى، 1401 ه.
115. تهذيب الكمال في أسماء الرجال، ليونس بن عبدالرحمٰن المزّيّ (ت 742 ه)، تحقيق: الدكتور بشّار عوّاد معروف، بيروت: مؤسّسة الرسالة، الطبعة الاُولى، 1409 ه.
116. تهذيب اللغة، لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت 370 ه)، تحقيق: عبدالسلام محمد هارون، بيروت: دارالصادق.
117. الثاقب في المناقب، لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن حمزة الطوسي (ت 560 ه)، تحقيق: رضا علوان، قم: مؤسسة أنصاريان، الطبعة الثانية، 1412 ه.
118. الثقات، لأبي حاتم محمّد بن حبّان البستي (ت 354 ه)، بيروت: مؤسسة الكتب الثقافية، الطبعة الاُولى، 1408 ه.
119. ثواب الأعمال و عقاب الأعمال، لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (ت 381 ه)، تحقيق: علي أكبر الغفّاري، طهران: مكتبة الصدوق.
ص: 636
120. جامع الأحاديث، لأبي محمّد جعفر بن أحمد بن عليّ القمّي (القرن الرابع)، تحقيق: السيّد محمّد الحسيني النيسابوري، مشهد: مؤسسة الطبع والنشر التابعة للحضرة الرضويّة المقدّسة، الطبعة الاُولى، 1413 ه.
121. جامع أحاديث الشيعة، للحسين الطباطبايي البروجردي (ت 1381 ه)، تصحيح: اسماعيل المعزي الملايرى، قم: اسماعيل المعزي الملايري، 1399-1415 ه.
122. جامع الأخبار أو معارج اليقين في اُصول الدين، لمحمّد بن محمّد الشعيري السبزواري (القرن السابع الهجري)، تحقيق ونشر: قم: مؤسسة آل البيت (ع)، الطبعة الاُولى، 1414 ه.
123. جامع بيان العلم وفضله، لأبي عمر يوسف بن عبد البرّ النمري القرطبي (ت 463 ه)، بيروت: دار الكتب العلمية.
124. جامع الخلاف والوفاق، لعليّ بن محمّد القمّي السبزواري (القرن السابع)، تحقيق: حسين الحسيني البيرجندي، قم: انتشارات مؤسسه زمينه سازان ظهور امام عصر (عج)، 1379 ش.
125. جامع الرواة، لمحمّد بن عليّ الغروي الأردبيلي (ت 1101 ه)، بيروت: دار الأضواء، 1403 ه.
126. جامع السعادات، لمحمّد مهدي بن أبي ذرّ النراقي (ت 1209 ه)، تصحيح: السيّد محمّد كلانتر، النجف: جامعة النجف الأشرف.
127. جامع الشروح والحواشي، لعبد اللّٰه محمّد الحبشي، أبو ظبي: المجمع الثقافي، 1423 ق.
128. الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير، لجلال الدين عبدالرحمٰن بن أبي بكر السيوطي (ت 911 ه)، بيروت: دارالفكر.
129. جامع العلوم والحكم، لأبي الفرج عبدالرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي (ت 795 ه)، تحقيق:
شعيب الارناؤوط وابراهيم باجس، بيروت: مؤسسة الرسالة، 1412 ق.
130. جامع المقاصد في شرح القواعد، للمحقّق الثاني علي بن الحسين بن عبد العالي الكركي العاملي (ت 940 ه. ه)، تحقيق و نشر مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث، 1408-1411 ه. ق.
131. جامع المقال فيما يتعلّق بأحوال الحديث والرجال، لفخرالدين الطريحي (ت 1087 ه)، تحقيق:
محمّد كاظم الطريحي، طهران: كتابفروشى بوذرجمهري، 1355 ش.
132. الجعفريّات = الأشعثيّات، لأبي الحسن محمّد بن محمّد بن الأشعث الكوفي (القرن الرابع)، طهران: مكتبة نينوى، طُبع في ضمن قرب الإسناد.
133. جغرافياي حافظ ابرو، لشهاب الدين عبد اللّٰه بن لطف اللّٰه خوافي معروف بحافظ ابرو (ت 843 ه)، تصحيح و تحقيق: صادق سجّادي وعلي آل داود، طهران: نشر ميراث مكتوب، 1375 ش.
ص: 637
134. جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على محمّد خير الأنام، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن أبي بكر بن قيم الجوزية (ت 751 ه)، تحقيق: شعيب الأرنووط و عبد القادر الأرنؤوط، كويت: دار العروبة، 1407 ق.
135. جمال الاُسبوع بكمال العمل المشروع، لأبي القاسم عليّ بن موسى الحلّي المعروف بابن طاووس (ت 664 ه)، تحقيق: جواد القيّومي، قم: مؤسسة الآفاق، 1371 ش.
136. الجمل والنصرة لسيّد العترة في حرب البصرة، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن النعمان العكبري البغدادي المعروف بالشيخ المفيد (ت 413 ه)، تحقيق: السيّد عليّ مير شريفي، قم: المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد، الطبعة الاُولى، 1413 ه.
137. جنگ مهدوي، تحقيق: مهدي قمّي نژاد، طهران: مركز نشر دانشگاهى، 1380.
138. جوامع الجامع، للفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548 ه)، طهران: مؤسسة الطبع والنشر التابعة لجامعة طهران، 1371 ش.
139. جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، لمحمّد حسن النجفي (ت 1266 ه)، بيروت: مؤسسة المرتضى العالميّة، 1412 ه.
140. الجوهر النقي في الرد على البيهقي، لعليّ بن عثمان ابن التركماني (ت 750 ه)، حيدر آباد دكن:
دائرة المعارف النظامية، 1316 ق.
141. الحبل المتين، لأبي الفضائل محمّد بن الحسين العاملي المعروف بالشيخ البهائي (ت 1030 ه)، قم: مكتبة بصيرتي.
142. حدائق الحقائق في شرح نهج البلاغة، لقطب الدين محمّد الكيدري (القرن السادس)، تحقيق:
عزيز اللّٰه العطاردي، طهران: مؤسسة نهج البلاغة، 1416 ق.
143. الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، للشيخ يوسف بن أحمد البحراني (ت 1186 ه)، ق:
مؤسسة النشر الاسلامي.
144. حسن الظن باللّٰه، لأبي بكر عبد اللّٰه بن محمّد بن أبي الدين (ت 281 ه)، تحقيق: مخلص محمّد، قاهرة: مكتبة القرآن، 1408 ه.
145. حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نُعيم أحمد بن عبد اللّٰه الأصبهاني (ت 430 ه)، بيروت:
دارالكتاب العربي، الطبعة الثانية، 1387 ه.
146. خاتمة المستدرك، لميرزا حسين بن الميرزا محمّد تقي بن علي النوري الطبرسي (م 1320 ه)، قم: مؤسسة آل البيت (ع)، 1415 ه.
ص: 638
147. الخرائج والجرائح، لأبي الحسين سعيد بن عبد اللّٰه الراوندي المعروف بقطب الدين الراوندي (ت 573 ه)، تحقيق: مؤسّسة الإمام المهدي (عج)، قم: مؤسّسة الإمام المهدي عج، الطبعة الاُولى، 1409 ه.
148. خصائص الأئمّة:، لأبي الحسن الشريف الرضي محمّد بن الحسين بن موسى الموسوي (ت 406 ه)، تحقيق: محمّد هادي الأميني، مشهد: الحضرة الرضوية المقدسة، 1406 ه.
149. الخصال، لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (ت 381 ه)، تحقيق: علي أكبر الغفّاري، بيروت: مؤسّسة الأعلمي، الطبعة الاُولى، 1410 ه.
150. الخلاف، لمحمّد بن الحسن الطوسي، المعروف بالشيخ الطائفة و الشيخ الطوسي (ت 460 ه.
ه)، تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1407-1417 ه. ق.
151. خلق أفعال العباد، لإمام محمّد بن اسماعيل البخاري (ت 256 ه)، بيروت: مؤسسة الرسالة، 1404 ق.
152. دلائل الإمامة، لأبي جعفر محمّد بن جرير الطبريّ الإمامي (ق 5 ه)، تحقيق: مؤسسة البعثة، قم:
مؤسّسة البعثة، 1413 ه.
153. دلائل النبوّة، للحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد اللّٰه بن أحمد الأصبهانيّ (ت 430 ه) تحقيق: محمّد روّاس قلعجي، وعبدالبرّ عبّاس، بيروت: دارالنفائس، الطبعة الثانية، 1406 ه.
154. دلائل النبوّة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة، لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (ت 458 ه)، تحقيق: عبد المعطي أمين قلعجي، بيروت: دار الكتب العلميّة، الطبعة الاُولى، 1405 ه.
155. الدراية في تخريج أحاديث الهداية، لأبي الفضل أحمد بن علي ّ بن حجر العسقلاني (ت 852 ه)، تصحيح: عبد اللّٰه هاشم اليماني المدني، بيروت: دار المعرفة، 1384 ق.
156. الدُرّ المنثور في التفسير المأثور، لجلال الدين عبدالرحمٰن بن أبي بكر السيوطي (ت 911 ه)، بيروت: دارالفكر، الطبعة الاُولى، 1414 ه.
157. الدرّ النظيم في مناقب الأئمّة اللهاميم، لجمال الدين يوسف بن حاتم الشامي (القرن السابع)، مؤسّسة النشر الاسلامي، 1420 ق.
158. الدروس الشرعيّة في فقه الإماميّة، لشمس الدين محمّد بن مكّي العاملي المعروف بالشهيد الأوّل (ت 786 ه)، تحقيق ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1412 ه.
ص: 639
159. الدرّة الباهرة من الأصداف الطاهرة، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن مكيّ العاملي الجزيني المعروف بالشهيد الأوّل (ت 786 ه)، تحقيق: داوود الصابري، مشهد: الحضرة الرضويّة المقدّسة، الطبعة الاُولى، 1365 ش.
160. دعائم الإسلام وذكر الحلال والحرام والقضايا والأحكام، لأبي حنيفة النعمان بن محمّد بن منصور بن أحمد بن حيّون التميمي المغربي (ت 363 ه)، تحقيق: آصف بن علي أصغر فيضي، مصر:
دارالمعارف، الطبعة الثالثة، 1389 ه.
161. الدعوات، لأبي الحسين سعيد بن عبد اللّٰه الراوندي المعروف بقطب الدين الراوندي (ت 573 ه)، تحقيق: مؤسّسة الإمام المهدي عج، قم: مؤسّسة الإمام المهدي عج، الطبعة الاُولى، 1407 ه.
162. ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، لأبي العبّاس أحمد بن عبد اللّٰه الطبريّ (ت 693 ه)، القاهرة: مكتبة القدسي، 1356 ه.
163. الذريعة إلى تصانيف الشيعة، لآقا بزرگ الطهراني (ت 1348 ه) بيروت: دار الأضواء، الطبعة الثالثة، 1403 ه.
164. ذكر أخبار أصبهان، لأبي نعيم أحمد بن عبد اللّٰه الأصبهاني (ت 430 ه)، لندن: مطبعة بريل، 1931 م.
165. ذكرى الشيعة، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن مكّي العاملي الجزّيني المعروف بالشهيد الأوّل (ت 786 ه)، قم: مؤسسة آل البيت (ع)، 1418 ه.
166. ذيل تاريخ بغداد، لمحمّد بن محمود البغدادي (ابن النجّار) (ت 643 ه)، بيروت: دار الكتاب العلمية، 1417 ه.
167. ذيل كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، لمصطفى بن عبد اللّٰه كاتب الچلبي (المعروف بحاجي خليفه) (م 1067 ه)، طهران: اوفست المكتبة الإسلامية، 1387 ق، سوم.
168. رجال النجاشيّ (فهرس أسماء مصنّفي الشيعة)، لأبي العبّاس أحمد بن عليّ النجاشيّ (ت 450 ه)، بيروت: دار الأضواء، الطبعة الاُولى، 1408 ه.
169. الرسائل السعدية، للعلامة جمال الدين حسن بن يوسف المطهر الحلي (ت 726 ه)، تحقيق: عبد الحسين محمّد علي البقال، قم: مكتبة المرعشية، 1410 ه.
170. رسائل الشريف المرتضى، لعلي بن الحسين الموسوي، المعروف بالشريف المرتضى (ت 436 ه)، تحقيق السيّد مهدي الرجائي، قم: دار القرآن الكريم، 1405 ه. ق.
ص: 640
171. رسائل الشهيد الثاني، لزين الدين بن أحمد العاملي الجبعي (ت 966 ه. ه)، مكتبة بصيرتي، قم.
و استفدنا من الطبعة المحقّقة أخيراً، نشر مركز الأبحاث و الدراسات الإسلامية، قم.
172. رسائل في دراية الحديث، لأبي الفضل حافظيان بابلي، قم: دار الحديث، 1382.
173. رسائل المحقّق الكركي، علي بن الحسين المحقّق الكركي (ت 940 ه)، تحقيق: محمّد الحسّون، قم: مكتبة آية اللّٰه المرعشي، 1409 ه.
174. الرواشح السماوية في شرح الأحاديث الإماميّة، لمير محمّد باقر الحسيني المرعشي الداماد (ت 1041 ه)، قم: مكتبة آية اللّٰه المرعشي، الطبعة الاُولى، 1405 ه.
175. روضات الجنّات في أحوال العلماء والسادات، للعلّامة محمّد باقر الخوانساري (ت 1313 ه)، تحقيق: أسد اللّٰه إسماعيليان، قم: مكتبة إسماعيليان، 1350 ش.
176. روض الجنان وروح الجنان (تفسير أبي الفتوح الرازي)، لأبي الفتوح حسين بن عليّ الرازي (القرن السادس الهجري)، تحقيق ونشر: الحضرة المقدّسة الرضويّة، مشهد، الطبعة الاُولى، 1371 ش.
177. الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية. للشهيد ثاني زين الدين بن أحمد بن محمّد عاملي جبعي (ت 966 ه)، تحقيق سيّد محمّد كلانتر، مطبعة جامعة النجف الدينية، 1398 ه. ق.
178. روضة العقلاء ونزهة الفضلاء، لأبي حاتم محمّد بن حيان البستي (ت 354 ه)، تحقيق: ابراهيم بن عبد اللّٰه الحازمى، رياض: دار الشريف، 1413 ق.
179. روضة الواعظين، لمحمّد بن الحسن بن عليّ الفتّال النيسابوري (ت 508 ه)، تحقيق: حسين الأعلمي، بيروت: مؤسّسة الأعلمي، الطبعة الاُولى، 1406 ه.
180. رياض السالكين في شرح صحيفة سيّد الساجدين، لعليّ خان الحسيني المدني الشيرازي، تصحيح: محسن الحسيني الأميني، قم: مؤسسة النشر الاسلامي، 1415 ه.
181. رياض العلماء وحياض الفضلاء، لعبد اللّٰه أفندي الإصبهاني (ق 12 ه)، تحقيق: السيّد أحمد الحسيني، قم: مكتبة آية اللّٰه المرعشي العامّة، الطبعة الاُولى، 1401 ه.
182. رياض المسائل في بيان الاحكام بالدلائل، لعليّ الطباطبائي (ت 1231 ه)، تحقيق و نشر:
مؤسسة آل البيت (ع)، 1412 ه.
183. الرياض النضرة في مناقب العشرة، لأبي العبّاس أحمد بن عبد اللّٰه الطبري (ت 694 ه)، بيروت:
دار الكتب العلمية، 1403 ه.
ص: 641
184. ريحانة الأدب، لمحمّد عليّ المدرّس (ت 1373 ه)، تهران: مكتبة الخيّام، 1369 ش.
185. زاد المسير في علم التفسير، لأبي الفرج عبد الرحمن بن عليّ بن الجوزي القرشي البغدادي (ت 597 ه)، تحقيق: محمّد عبد اللّٰه، دار الفكر، بيروت، الطبعة الاُولى، 1407 ه.
186. زبدة البيان في براهين أحكام القرآن، لأحمد بن محمّد المعروف بالمحقّق الأردبيلي (ت 933 ه)، تحقيق: رضا الاستادي و علي اكبر زمانى نژاد، قم: مؤمنين، 1421 ق.
187. الزهد، لأبي عبد اللّٰه أحمد بن محمّد بن حنبل الشيباني (ت 241 ه)، بيروت: دار الكتب العلمية.
188. الزهد، لأبي عبدالرحمٰن بن عبد اللّٰه بن المبارك الحنظلي المروزي (ت 181 ه)، تحقيق: حبيب الرحمٰن الأعظمي، بيروت: دار الكتب العلميّة، 1385.
189. الزهد (كتاب الزهد)، لأبي محمّد الحسين بن سعيد الكوفي الأهوازي (ت 250 ه)، تحقيق:
غلام رضا عرفانيان، قم: حسينيان، الطبعة الثانية، 1402 ه.
190. سبل الهدى والرشاد، لمحمّد بن يوسف الصالحي الشامي (ت 942 ه)، تحقيق: عادل احمد عبد الموجود، بيروت: دار الكتب العلمية، 1414 ق.
191. السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي، لأبي جعفر محمّد بن منصور بن أحمد بن إدريس الحلّي (ت 598 ه)، تحقيق ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي، قم، الطبعة الثانية، 1410 ه.
192. سعد السعود، لأبي القاسم عليّ بن موسى الحلّي المعروف بابن طاووس (ت 664 ه)، قم: مكتبة الرضي، الطبعة الاُولى، 1363 ش.
193. سلسلة الينابيع الفقهية، لعلي أصغر مرواريد، بيروت: مؤسسة فقه الشيعة.
194. سنن ابن ماجة، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن يزيد بن ماجة القزويني (ت 275 ه)، تحقيق: محمّد فؤاد عبدالباقي، بيروت: دارإحياء التراث، الطبعة الاُولى، 1395 ه.
195. سنن أبي داوود، لأبي داوود سليمان بن أشعث السجستاني الأزدي (ت 275 ه)، تحقيق: سيّد محمّد اللحام، بيروت: دار الفكر، 1410 ه.
196. سنن الترمذي (الجامع الصحيح)، لأبي عيسى محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت 279 ه)، تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف، بيروت: دار الفكر، 1403 ه، الطبعة الثانية.
197. سنن الدارقطني، لأبي الحسن عليّ بن عمر البغدادي المعروف بالدارقطني (ت 285 ه)، تحقيق:
لأبي الطيّب محمّد آبادي، بيروت: عالم الكتب، الطبعة الرابعة 1406 ه.
198. سنن الدارمي، لأبي محمّد عبد اللّٰه بن عبدالرحمٰن الدارمي (ت 255 ه)، تحقيق: مصطفى ديب البغا، بيروت: دار العلم.
ص: 642
199. السنن الكبرى، لأبي عبد الرحمٰن أحمد بن شعيب النسائي، تحقيق: عبد الغفّار سليمان البنداري، بيروت: دار الكتب العلمية، الطبعة الاُولى، 1411 ه.
200. السنن الكبرى، لأبي بكر أحمد بن الحسين بن عليّ البيهقي (ت 458 ه)، تحقيق: محمّد عبدالقادر عطا، بيروت: دارالكتب العلمية، الطبعة الاُولى، 1414 ه.
201. سنن النسائي (بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي وحاشية الإمام السندي)، لأبي بكر عبدالرحمٰن أحمد بن شعيب النسائي (ت 303 ه)، بيروت: دارالمعرفة، الطبعة الثالثة، 1414 ه.
202. السنّة، لأبي بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الشيباني (ت 278 ه)، بيروت: المكتب الإسلامي، الطبعة الثالثة، 1413 ه.
203. السنّة؛ لأبي عبد اللّٰه أحمد بن محمّد بن حنبل الشيباني (ت 241 ه)، تحقيق: محمّد السعيد بن بيسوني زغلول، بيروت: دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية، 1414 ه.
204. سير أعلام النبلاء، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن أحمد الذهبيّ (ت 748 ه)، تحقيق: شُعيب الأرنؤوط، بيروت: مؤسّسة الرسالة، الطبعة العاشرة، 1414 ه.
205. السيرة الحلبيّة، لعلي بن برهان الدين الحلبي الشافعي (القرن الحادي عشر الهجري)، بيروت:
إحياء التراث العربي.
*. السيرة النبويّة لابن سيّد الناس = عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير.
206. شجرة طوبى، لمحمّد مهدي الحائري المازندراني (ت 1344 ش)، كربلا: بقية العترة، 1427 ق.
207. شدّ الإزار في خط الاوزار عن زوّار المزار، لأبي القاسم جنيد بن محمود الشيرازي (القرن الثامن)، تصحيح: محمّد قزويني و عبّاس اقبال، طهران: نشر نويد، 1366.
208. شرح ابن ميثم على المائة كلمة، لكمال الدين ميثم بن عليّ البحراني المعروف بابن ميثم (ت 679 ه)، تحقيق: مير سيّد جلال الدين الحسيني الاُرموي، قم: جماعة المدرسين في الحوزة العلمية، الطبعة الاُولى، 1390 ه.
209. شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار، لأبي حنيفة القاضي النعمان بن محمّد المصريّ (ت 363 ه)، تحقيق: السيّد محمّد الحسيني الجلالي، قم: مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الاُولى، 1412 ه.
210. شرح اصول اعتقاد أهل السنّة والجماعة، لأبي القاسم هبة اللّٰه بن الحسن الطبري (ت 418 ه)، تحقيق: أحمد سعد حمدان، رياض: دار طيبة، 1411 ق.
ص: 643
211. شرح اُصول الكافي، لصدر الدين محمّد بن إبراهيم الشيرازي المعروف بملّا صدرا (ت 1050 ه)، تحقيق: محمّد خواجوي، طهران: مؤسسة مطالعات وتحقيقات فرهنگى، الطبعة الاُولى، 1366 ه. ش.
212. شرح الجامع الصحيح للبخاري، لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي (ت 672 ه)، تحقيق: نظر محمّد الفاريابي، رياض: دار طيبة، 1429 ق.
*. شرح الرضي على الكافية = شرح الكافية.
213. شرح صحيح مسلم للنووي، لأبي زكريّا يحيى بن شرف النووي (ت 676 ه)، بيروت: دار القلم الطبعة الاُولى، 1407 ه.
214. شرح الكافية، لرضي الدين محمّد بن الحسن الإسترابادي (ت 688 ه. ه)، تصحيح و تعليق يوسف حسن عمر، مؤسسة الصادق، طهران.
215. الشرح الكبير، لأبي البركات سيدي أحمد الدردير (ت 1201)، شرح: محمد عليش، بيروت: دار احياء الكتب العربية.
216. شرح كتاب السير الكبير، لمحمّد بن أحمد السرخسي (ت 483 ه)، تحقيق: صلاح الدين المنجد.
* شرح اللمعة الدمشقية = الروضة البهية
217. شرح معاني الآثار، لأحمد بن محمّد بن سلمة الأزدي (ت 321 ه)، تحقيق: محمّد زهري النجار، بيروت: دار الكتب العلميّة، 1416 ه - 1996 م.
218. شرح نهج البلاغة، لكمال الدين ميثم بن عليّ بن ميثم البحراني، تصحيح: عدة من الأفاضل، بيروت: دارالآثار للنشر ودارالعالم الاسلامي، 1402 ه.
219. شرح نهج البلاغة، لعزّ الدين عبدالحميد بن محمّد بن أبي الحديد المعتزلي المعروف بابن أبي الحديد (ت 656 ه)، تحقيق: محمّد أبوالفضل إبراهيم، بيروت: دار إحياء التراث، الطبعة الثانية، 1387 ه.
220. الشكر، لأبي بكر عبد اللّٰه بن محمّد بن أبي الدنيا القرشي (ت 281 ه)، تحقيق: ياسين محمّد السواس، بيروت: دار ابن كثير، 1407 ه.
221. شمس الأخبار من كلام النبي المختار (ص)، لعليّ بن حميد القرشي (ت 635 ه)، يمن: مكتبة اليمن الكبرى، 1404 ق.
ص: 644
222. شواهد التنزيل لقواعد التفضيل، لأبي القاسم عبيداللّٰه بن عبد اللّٰه النيسابوريّ المعروف بالحاكم الحسكانيّ (القرن الخامس)، تحقيق: محمّد باقر المحموديّ ، طهران: مؤسّسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلاميّ ، الطبعة الاُولى، 1411 ه.
223. شهاب الأخبار (المنتخب)، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن سلامة القضاعي (ت 454 ه)، قم: دار الحديث، 1382 ش.
224. شهاب الحكمة، لشرف الدين يحيى بن الحسين البحراني (القرن العاشر)، تحقيق: عبد اللّٰه روشن بين، طهران: انتشارات برگ رضوان، 1384 ش.
225. الشهاب في الحكم والآداب، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن سلامة القضاعي (ت 454 ه)، طهران: أحمد الشيرازي، 1323 ش.
226. شهداء الفضيلة، لعبد الحسين أحمد الأميني النجفي (ت 1349 ه)، قم: مكتبة الطباطبايي، 1393 ق.
227. الشيعة وفنون الإسلام، للسيّد حسن الصدر (ت 1935 م)، تقديم: سليمان دينا، صيدا: مطبعة العرفان، 1331 ق.
228. الصافي في تفسير القرآن (تفسير الصافي)، للمولى محسن الفيض الكاشاني (ت 1091 ه)، طهران: مكتبة الصدر، الطبعة الاُولى، 1415 ه.
229. الصحاح تاج اللغة وصحاح العربيّة، لأبي نصر إسماعيل بن حمّاد الجوهري (ت 398 ه)، تحقيق: أحمد بن عبد الغفور عطّار، بيروت: دار العلم للملايين، الطبعة الرابعة، 1410 ه.
230. صحيح ابن حبّان، لعليّ بن بلبان الفارسي المعروف بابن بلبان (ت 739 ه)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، بيروت: مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية، 1414 ه.
231. صحيح ابن خزيمة، لأبي بكر محمّد بن إسحاق السلمي النيسابوري المعروف بابن خزيمة (ت 311 ه)، تحقيق: محمّد مصطفى أعظمي، بيروت: المكتبة الإسلامية، الطبعة الثالثة، 1412 ه.
232. صحيح البخاري، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن إسماعيل البخاري (ت 256 ه)، تحقيق: مصطفى ديب البغا، بيروت: دار ابن كثير، الطبعة الرابعة، 1410 ه.
233. صحيح سنن ابن ماجة، لمحمّد ناصر الدين الألباني (ت 1420 ه)، رياض: مكتبة المعارف، 1417 ه.
ص: 645
234. صحيح مسلم، لأبي الحسين مسلم بن الحجّاج القشيري النيسابوري (ت 261 ه)، تحقيق:
محمّد فؤاد عبدالباقي، القاهرة: دارالحديث، الطبعة الاُولى، 1412 ه.
235. صحيفة الإمام الرضا (ع)، المنسوبة إلى الإمام الرضا (ع)، تحقيق: مؤسّسة الإمام المهدي عج، قم:
مؤسّسة الإمام المهدي عج، الطبعة الاُولى، 1408 ه.
236. الصراط المستقيم إلى مستحقّي التقديم، لزين الدين أبي محمّد عليّ بن يونس النباطيّ البياضيّ (ت 877 ه)، إعداد: محمّد باقر المحموديّ ، طهران: المكتبة المرتضويّة، الطبعة الاُولى، 1384 ه.
237. صفات الشيعة، لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (ت 381 ه)، تحقيق: مؤسّسة الإمام المهدي عج، قم: مؤسّسة الإمام المهدي عج، الطبعة الاُولى، 1310 ه.
238. الصمت وآداب اللسان، لأبي بكر عبد اللّٰه بن محمّد بن أبي الدنيا (ت 281 ه)، تحقيق: نجم عبد الرحمن خلف، بيروت: دار الغرب الاسلامي، 1406 ق.
239. الصمت وحفظ اللسان، لأبي بكر عبد اللّٰه بن محمّد بن أبي الدنيا (ت 281 ه)، تحقيق: محمّد أحمد عاشور، قاهرة: دار الاعتصام، 1408 ق.
240. الصواعق المحرقة في الردّ على أهل البدع والزندقة، أحمد بن حجر الهيثمي الكوفي (ت 974 ه)، إعداد: عبدالوهاب بن عبداللطيف، مصر: مكتبة القاهرة، الطبعة الثانية، 1385 ه.
241. الضعفاء الكبير، لمحمّد بن عمرو العُقيلي (ت 322 ه)، تحقيق: عبد المعطي امين قلعجى، بيروت: دار الكتب العلمية، 1418 ه.
242. الطبقات، لأبي عمرو خليفة بن خيّاط العصفري (ت 204 ه)، تحقيق: سهيل زكّار، بيروت:
دار الفكر، 1414 ه.
243. طبقات الصوفية، لأبي عبد الرحمن محمّد بن الحسن السلمي، تحقيق: نور الدين شريبان، قاهرة:
مكتبة الخانجي، 1389 ق.
244. الطبقات الكبرىٰ ، لمحمّد بن سعد كاتب الواقدي (ت 230 ه)، بيروت: دارصادر.
245. طبقات المحدّثين بأصبهان، لأبي الشيخ عبد اللّٰه بن محمّد الاصبهاني (ت 369 ه)، تحقيق: عبد الغفار سليمان البنداري، بيروت: دار الكتب العلمية، 1409 ق.
ص: 646
246. طبّ النبىّ (ص)، لأبي العبّاس جعفر المستغفري، بيروت: مؤسسة أهل البيت (ع).
247. الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف، لأبي القاسم رضي الدين عليّ بن موسى بن طاووس الحسني (ت 664 ه)، قم: مطبعة الخيام، الطبعة الاُولى، 1400 ه.
248. طرائف المقال في معرفة طبقات الرجال، لعلي أصغر بن شفيع الموسوي الجابلقي (ت 1313 ه)، تحقيق: السيّد مهدي الرجائي، قم: مكتبة آية اللّٰه المرعشي النجفي، 1410 ه.
249. عجالة المعرفة في اُصول الدين، لهبة اللّٰه بن الحسن الراوندي (القرن الخامس)، تحقيق: رضا الحسيني الجلالي، قم: مؤسسة آل البيت (ع).
250. العدد القويّة لدفع المخاوف اليوميّة، لجمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن عليّ المطهّر الحلّي المعروف بالعلّامة (ت 726 ه)، تحقيق: السيّد مهدي الرجائي، قم: مكتبة آية اللّٰه المرعشي، الطبعة الاُولى، 1408 ه.
251. عدّة الاُصول، لأبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي، تحقيق: محمّد مهدي نجف، الطبعة الاُولى، قم: مؤسّسة آل البيت (ع) لإحياء التراث.
252. عدّة الداعي و نجاة الساعي، لأبي العبّاس أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي الأسدي (ت 841 ه)، تحقيق: أحمد موحّدي، قم: مكتبة وجداني.
253. العقد الفريد، لأبي عمر أحمد بن محمّد بن ربّه الأندلسي (ت 328 ه)، تحقيق: أحمد الزين، وإبراهيم الأبياري، بيروت: دار الأندلس.
254. العقد النضيد والدرّ الفريد في فضائل أمير المؤمنين وأهل بيت النبي (ص)، لمحمّد بن الحسن القمّي، تحقيق: علي أوسط الناطقي، قم: دار الحديث، 1422 قم.
*. العلل لابن حنبل = العلل ومعرفة الرجال.
255. علل الحديث، لأبي محمّد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (ت 327 ه)، بيروت: دار المعرفة، 1405 ق.
256. علل الشرائع، لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ المعروف بالشيخ الصدوق (ت 381 ه)، بيروت: دار إحياء التراث، الطبعة الاُولى، 1408 ه.
257. العلل الواردة في الأحاديث النبوية، لأبي الحسن علي بن عمر الدار قطني (ت 385 ه)، تحقيق:
محفظ الرحمن السلفي، رياض: دار طيبة، 1405 ق.
258. العلل ومعرفة الرجال (العلل لابن حنبل)، لأبي عبد اللّٰه أحمد بن محمّد بن حنبل الشيباني (ت 241 ه)، تحقيق: وصي اللّٰه عبّاس، بيروت: المكتب الإسلامي، الطبعة الاُولى، 1408 ه.
ص: 647
*. العمدة = عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار.
259. عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار (العمدة)، ليحيى بن الحسن الأسدي الحلّي المعروف بابن البطريق (ت 600 ه)، قم: مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الاُولى، 1407 ه.
260. العمر والشيب، لأبي بكر عبد اللّٰه بن محمّد بن أبي الدنيا (ت 281 ه)، تحقيق: نجم عبد الرحمن خلف، رياض: مكتبة الرشد، 1412 ق.
261. عوالم العلوم، لعبداللّٰه بن نور اللّٰه البحرانيّ الإصفهانيّ (من أعلام ق 12 ه)، تحقيق: مؤسّسة الإمام المهديّ عج، قم: مؤسّسة الإمام المهديّ عج، الطبعة الاُولى، 1408 ه.
262. عون المعبود شرح سنن ابي داود. لأبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي (ت 1329 ه)، بيروت: دارالكتب العلمية، الطبعة الثانية، 1415 ق.
263. عوالي اللآلي العزيزيّة في الأحاديث الدينيّة، لمحمّد بن عليّ بن إبراهيم الأحسائي المعروف بابن أبي جمهور (ت 940 ه)، تحقيق: مجتبى العراقي، قم: مطبعة سيّد الشهداء (ع)، الطبعة الاُولى، 1403 ه.
264. العين، لأبي عبد الرحمٰن الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 175 ه)، تحقيق: مهدي المخزومى، قم: دار الهجرة، الطبعة الاُولى، 1409 ه.
265. عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير (السيرة النبويّة لابن سيّد الناس)، لمحمّد عبد اللّٰه بن يحيى بن سيّد الناس (ت 734 ه)، بيروت: مؤسسة عزّ الدين، 1406 ه.
266. عيون الأخبار، لأبي محمّد عبد اللّٰه بن مسلم بن قتيبة الدينوريّ (ت 276 ه)، القاهرة: دار الكتب المصريّة، سنة 1343 ه.
267. عيون أخبار الرضا (ع)، لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ المعروف بالشيخ الصدوق (ت 381 ه)، تحقيق: السيّد مهديّ الحسينيّ اللاجورديّ ، طهران: منشورات جهان.
268. عيون الأنباء في طبقات الأطبّاء، لأبي العبّاس أحمد بن القاسم السعدي الخزرجي (ت 668 ه)، تحقيق: نزار رضا، بيروت: دار المكتبة الحياة، 1965 م.
269. عيون الحكم والمواعظ، لأبي الحسن عليّ بن محمّد الليثي الواسطي (القرن السادس)، تحقيق:
حسين الحسني البيرجندي، قم: دار الحديث، الطبعة الاُولى، 1376 ش.
270. الغارات، لأبي إسحاق إبراهيم بن محمّد بن سعيد المعروف بابن هلال الثقفي (ت 283 ه)، تحقيق: السيّد جلال الدين المحدّث الأرموي، طهران: أنجمن آثار ملّي، الطبعة الاُولى، 1395 ه.
ص: 648
271. غاية المرام وحجّة الخصام في تعيين الإمام، لهاشم بن إسماعيل البحراني (ت 1107 ه)، تحقيق:
السيّد علي عاشور، بيروت: مؤسّسة التأريخ العربي، 1422 ه.
272. الغدير في الكتاب والسنّة والأدب، لعبد الحسين أحمد الأمينيّ (ت 1390 ه)، بيروت: دار الكتاب العربيّ ، الطبعة الثالثة، 1387 ه
273. غرر الحكم ودرر الكلم، لعبد الواحد الآمدي التميمي (ت 550 ه)، تحقيق: مير سيّد جلال الدين محدّث الأرموي، طهران: جامعة طهران، الطبعة الثالثة، 1360 ش.
274. غريب الحديث، لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي (ت 224 ه)، بيروت: دار الكتب العلمية، الطبعة الاُولى، 1406 ه.
275. غريب الحديث، لأبي محمّد عبد اللّٰه بن مسلم بن قتيبة الدينوري (ت 276 ه)، بيروت: دار الكتب العلمية، 1408 ه.
276. غنية النزوع، لحمزة بن عليّ ابن زهر العلوي (ت 585 ه)، تحقيق: ابراهيم البهادري، طهران:
مؤسسة الإمام الصادق (ع)، 1418 ق.
277. الغيبة، لأبي جعفر محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطوسي (ت 460 ه)، تحقيق: عباد اللّٰه الطهراني، وعلي أحمد ناصح، قم: مؤسّسة المعارف الإسلامية، الطبعة الاُولى، 1411 ه.
278. الغيبة، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن إبراهيم بن جعفر الكاتب النعماني (ت 350 ه)، تحقيق: علي أكبر الغفّاري، طهران: مكتبة الصدوق، 1355 ه.
279. الفائق في غريب الحديث، لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري (ت 583 ه)، تحقيق: عليّ محمّد البجاوي، بيروت: دار الفكر، 1414 ه.
280. الفائق في غريب الحديث، لمحمود بن عمر الزمخشري (م 583 ق)، تحقيق: علي محمّد البجاوي، بيروت: دار الفكر، 1414 ق.
281. فتح الأبواب، لأبي القاسم عليّ بن موسى بن طاووس الحسني الحلّي (ت 664 ه)، تحقيق:
حامد الخفّاف، قم: مؤسّسة آل البيت (ع)، الطبعة الاُولى، 1409 ه.
282. فتح الباري (شرح صحيح البخاري)، لأبي الفضل أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني (ت 852 ه)، تحقيق: عبد العزيز بن عبد اللّٰه بن باز، بيروت: دار الفكر، الطبعة الاُولى، 1379 ه.
283. الفتح السماوي بتخريج أحاديث تفسير القاضي البيضاوي، لمحمّد عبد الرؤوف بن تاج العارفين المناوي (ت 1031 ه)، تحقيق: أحمد مجتبى السلفي، رياض: دار العاصمة، 1409 ق.
ص: 649
284. فتح القدير الجامع بين فنّي الرواية والدراية من علم التفسير، لمحمّد بن عليّ الشوكاني (ت 1250)، بيروت: دار الفكر، 1401 ه.
285. فتح الوهّاب بتخريج أحاديث الشهاب، لأحمد بن محمّد صديق الغماري (ت 1380 ه)، تحقيق:
حمدي عبد المجيد السلفي، بيروت: عالم الكتب، 1408 ق.
286. الفتوحات المكيّة، لمحمّد بن عليّ بن العربي (ت 638 ه)، تصحيح: عثمان يحيى و إبراهيم مدكور، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتب، 1971 م.
287. الفرج بعد الشدّة، لأبي القاسم عليّ بن محمّد التنوخيّ (ت 384 ه)، بيروت: مؤسّسة النعمان، الطبعة الاُولى، 1410 ه.
288. فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم، لأبي القاسم عليّ بن موسى بن طاووس الحلّي (ت 664 ه) قم: منشورات الشريف الرضي، 1363 ش.
289. الفردوس بمأثور الخطاب، لأبي شجاع شيرويه بن شهردار الديلميّ الهمدانيّ (ت 509 ه)، تحقيق: السعيد بن بسيوني زغلول، بيروت: دارالكتب العلميّة، الطبعة الاُولى، 1406 ه.
290. الفصول المختارة من العيون والمحاسن، لأبي القاسم عليّ بن الحسين الموسوي المعروف بالشريف المرتضى وعلم الهدى (ت 436 ه)، قم: المؤتمر العالمي بمناسبة ذكرى ألفيّة الشيخ المفيد، الطبعة الاُولى، 1413 ه.
291. الفصول المهمّة في اُصول الأئمّة، للشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (ت 1104 ه)، تحقيق:
محمّد بن محمّد الحسين القائيني، قم: مؤسسة المعارف الإسلاميّة، 1418 ه.
292. الفضائل، لأبي الفضل سديد الدين شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل بن أبي طالب القمّيّ (ت 660 ه)، النجف الأشرف: المطبعة الحيدريّة، الطبعة الاُولى، 1338 ه.
293. فضائل الأشهر الثلاثة، لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (ت 381 ه)، تحقيق: غلام رضا عرفانيان، قم: مطبعة الآداب، الطبعة الاُولى، 1396 ه.
294. فضائل الصحابة، لأبي عبد اللّٰه أحمد بن محمّد بن حنبل (ت 241 ه)، تحقيق: وصي اللّٰه بن محمّد عبّاس، مكّة: جامعة اُمّ القرى، الطبعة الاُولى، 1403 ه.
295. فضيلة الشكر للّٰه، لمحمّد بن جعفر الخرائطي السامري (ت 327 ه)، تحقيق: محمّد مطيع الحافظ، دار الفكر - دمشق، الطبعة الاُولى، 1402 ه.
296. فقه الرضا (الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا (ع). تحقيق: مؤسّسة آل البيت (ع)، مشهد: المؤتمر العالمي للإمام الرضا (ع)، الطبعة الاُولى، 1406 ه.
ص: 650
297. فقه القرآن، لقطب الدين أبو الحسين سعيد بن هبة اللّٰه الراوندي (ت 573 ه)، تحقيق: أحمد الحسيني، قم: مكتبة آية اللّٰه المرعشي النجفي، الطبعة الاُولى، 1397 ه.
298. الفقيه = كتاب من لايحضره الفقيه، لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (ت 381 ه)، تحقيق: علي أكبر الغفّاري، قم: مؤسّسة النشر الإسلامي، 1363 ش.
299. فلاح السائل، لأبي القاسم عليّ بن موسى الحلّي المعروف بابن طاووس (ت 664 ه)، قم:
مكتب الإعلام الإسلامي.
300. الفهرست؛ لأبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460 ه)، تحقيق: جواد القيّومي، قم:
مؤسسة نشر الفقاهة، الطبعة الاُولى، 1417 ه.
301. الفهرست، محمّد بن إسحاق (ابن النديم) (م 380 ق)، ترجمه وتحقيق: محمّد رضا تجدد، طهران: اميركبير، 1366 ش.
302. فهرست نسخه هاى خطى كتابخانه عمومى حضرت آية اللّٰه العظمى بروجردي، لسيّد أحمد الحسيني الاشكوري، قم: مجمع الذخائر الاسلامي، 1384 ش.
303. فهرست الشيخ منتجب الدين، لعليّ بن عبيد اللّٰه بن الحسن (ت 585 ه)، تحقيق: السيّد جلال الدين المحدث الإرموي، مكتبة آية اللّٰه المرعشي، قم، 1366 ه.
304. فهرست كتاب خانۀ سپه سالار، لابن يوسف شيرازي، طهران: مطبعه مجلس، 1315 ش.
305. فهرست كتابخانۀ مركزي آستان قدس، لمجموعة من المؤلفين، صدر منه المجلدات مابين سنة 1305-1387 ش.
306. فهرست كتابهاى خطّى كتابخانۀ ملّى ملك، لمجموعة من المؤلفين، طهران، جامعة طهران، 1352 - 1372 ش، 10 مجلّدات.
307. فهرست مخوطات إصفهان، لسيّد محمّد عليّ الروضاتي، اصفهان: نشر نفائس المخطوطات اصبهان، 1337 ش.
308. فهرست نسخه هاى خطى دانشگاه طهران، لعليّ نقي منزوي و محمّد تقي دانش پژوه، طهران:
جامعة طهران، 1330-1364 ش، 18 مجلدات.
309. فهرست نسخه هاى خطى كتابخانه آية اللّٰه مرعشى نجفى، للسيّد أحمد الحسيني والسيّد محمود المرعشي، قم: منشورات مكتبة آية المرعشي، 36 مجلّدات.
ص: 651
310. فهرست نسخه هاى خطّى كتابخانه مجلس سنا، لمحمّد تقي دانش پژوه و بهاء الدين علمي انواري، تهران، 1341 ش.
311. فهرست نسخه هاي خطي كتابخانه مسجد أعظم قم، للرضا استادي، قم: مكتبة مسجد الاعظم، 1365 ش.
312. فهرست نسخه هاى خطّى كتابخانۀ مدرسۀ مروي طهران، للرضا استادي، طهران: مكتبة مدرسة مروي، 1371 ش.
313. فهرست نسخه هاى خطّى مجلس شوراى اسلامى، لعبد الحسين الحائريي و آخرين، صدر منه المجلدات 1-38 مابين سنة 1305-1381 ش، طهران وقم.
314. الفهرس الشامل للتراث العربي الاسلامي المخطوط، المجمع الملكي لبحوث الحاضرة الاسلامية، عمان: مؤسسة آل البيت (ع)، 1991 م.
315. فيض القدير، لزين الدين محمّد عبد الرؤوف المناوي (ت 1031 ه)، بيروت: دار الكتب، 1415 ه.
316. القائق في غريب الحديث، لمحمود بن عمر الزمخشري (ت 538 ه) بيروت: دار الكتب،:
1417 ه.
317. القاموس المحيط، لأبي طاهر مجدالدين محمّد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت 817 ه)، بيروت:
دارالفكر، الطبعة الاُولى، 1403 ه.
318. قبس الشهاب، لمحمّد بن سلامة القضاعي (ت 454 ه)، تحقيق: تميم بن هامون مردم بك، دمشق: دار طلاس، 1425 ق.
319. قرب الإسناد، لأبي العبّاس عبد اللّٰه بن جعفر الحميري القمّي (ت بعد 304 ه)، تحقيق: مؤسّسة آل البيت (ع)، قم: مؤسّسة آل البيت (ع)، الطبعة الاُولى، 1413 ه.
320. قصص الأنبياء، لأبي الحسين سعيد بن عبد اللّٰه الراوندي المعروف بقطب الدين الراوندي (ت 573 ه)، تحقيق: غلام رضا عرفانيان، مشهد: الحضرة الرضويّة المقدّسة، الطبعة الاُولى، 1409 ه.
321. قضاء الحوائج، لأبي بكر عبد اللّٰه بن محمّد بن أبي الدنيا (ت 281 ه)، تصحيح: محمّد عبد القادر أحمد عطا، بيروت: مؤسسة الكتب الثقافية.
322. الكافي، لأبي جعفر ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي (ت 329 ه)، تحقيق: علي أكبر الغفّاري، طهران: دارالكتب الإسلامية، الطبعة الثانية، 1389 ه.
ص: 652
323. كامل الزيارات، لأبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه (ت 367 ه)، تحقيق: عبدالحسين الأميني التبريزي، النجف الأشرف: المطبعة المرتضوية، الطبعة الاُولى، 1356 ه.
324. كتاب الأخلاق، للسيّد عبد اللّٰه شبّر (ت 1242 ه)، تحقيق: جواد شبّر، قم: مكتبة بصيرتي، 1395 ق.
325. كتاب سليم بن قيس، لسليم بن قيس الهلالي العامري (ت حوالي 90 ه)، تحقيق: محمّد باقر الأنصاري، قم: نشر الهادي، الطبعة الاُولى، 1415 ه.
*. كتاب من لا يحضره الفقيه = الفقيه.
326. الكشّاف، لأبي القاسم جار اللّٰه محمود بن عمر الزمخشري (ت 538 ه)، بيروت: دار المعرفة، 1385 ه.
327. كشّاف القناع عن متن الاقناع، لمنصور بن يونس البهوتي (ت 1051 ه)، تحقيق: هلال مصلحي ومصطفى هلال، رياض: مكتبة النصر الحديثة.
328. كشف الخفاء ومزيل الإلباس، لأبي الفداء إسماعيل بن محمّد العجلونيّ (ت 1162 ه)، بيروت:
دار الكتب العلمية، 1408 ه.
329. كشف الرموز في شرح المختصر النافع، لأبي علي الحسن بن أبي طالب المعروف بالفاضل الآبي (القرن السابع)، تحقيق: علي پناه الاشتهاردي وآغا حسين اليزدي، قم: مؤسسة النشر الاسلامي، 1368 ش.
330. كشف الريبة عن أحكام الغيبة، لزين الدين العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 965 ه)، طهران:
المكتبة المرتضويّة.
331. كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، لمصطفى بن عبد اللّٰه كاتب الچلبي (ت 1067 ه)، طهران: اوفست المكتبة الإسلامية، 1387 ه.
332. كشف الغمّة في معرفة الأئمّة، لعليّ بن عيسى الإربليّ (ت 687 ه)، تصحيح: السيّد هاشم الرسوليّ المحلّاتيّ ، بيروت: دارالكتاب الإسلاميّ ، الطبعة الاُولى، 1401 ه.
333. كشف اللثام، لبهاء الدين محمّد بن الحسن الإصفهاني الهندي (ت 1135 ه)، قم: مكتبة آية اللّٰه المرعشي النجفي، 1405 ه.
334. كشف المحجّة لثمرة المهجة، لأبي القاسم رضيّ الدين عليّ بن موسى بن طاووس الحسني (ت 664 ه)، تحقيق: محمّد الحسّون، قم: مكتب الإعلام الإسلامي، الطبعة الاُولى، 1412 ه.
ص: 653
335. الكشف والبيان (تفسير الثعلبى)، لأبي اسحاق أحمد بن محمّد المعروف بالثعلبي (ت 427 ه) تحقيق: أبي محمّد بن عاشور، بيروت: دار احياء الثراث العربي، 1422 ق.
336. كشكول البهائي، لمحمّد بن حسين بن عبد الصمد العاملي (ت 1031 ه)، الهيئة المتحدة (الكتبي)، قم، 1377 ه.
337. كمال الدين وتمام النعمة، لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (ت 381 ه)، تحقيق: علي أكبر الغفّاري، قم: مؤسّسة النشر الإسلامي، الطبعة الاُولى، 1405 ه.
338. كنزالعمّال في سنن الأقوال والأفعال، لعلاء الدين عليّ المتّقي بن حسام الدين الهندي (ت 975 ه)، تصحيح: صفوة السقا، بيروت: مكتبة التراث الإسلامي، الطبعة الاُولى، 1397 ه.
339. كنز الفوائد، لأبي الفتح الشيخ محمّد بن عليّ بن عثمان الكراجكي الطرابلسي (ت 449 ه)، إعداد: عبد اللّٰه نعمة، قم: دار الذخائر، الطبعة الاُولى، 1410 ه.
340. الكنى والألقاب، للشيخ عبّاس القمّي (ت 1359 ه)، طهران: مكتبة الصدر، الطبعة الرابعة، 1397 ه.
341. لسان العرب، لأبي الفضل جمال الدين محمّد بن مكرم بن منظور المصري (ت 711 ه)، بيروت: دار صادر، الطبعة الاُولى، 1410 ه.
342. لسان الميزان، لأبي الفضل أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني (ت 852 ه)، بيروت: مؤسسة الأعلمي، الطبعة الثالثة، 1406 ه.
343. لغت نامه، لعلي أكبر دهخدا (ت 1334 ش)، طهران: جامعة طهران، 1372 ش.
344. لؤلؤة البحرين في الإجازة لقرّتي العين. للشيخ يوسف بن أحمد البحراني (ت 1186 ه)، تحقيق:
السيّد محمّد صادق بحرالعلوم، نجف: مطبعة النعمان، 1390 ه.
345. المبسوط في فقه الإماميّة، لأبي جعفر محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسيّ (ت 460 ه)، تحقيق: محمّد علي الكشفيّ ، طهران: المكتبة المرتضويّة، الطبعة الثالثة، 1387 ه.
346. المجازات النبويّة، لأبي الحسن الشريف الرضي محمّد بن الحسين بن موسى الموسوي (ت 406 ه)، تحقيق: طه محمّد الزيني، قم: مكتبة بصيرتي.
347. المجتنى من الدعاء المجتبى، لأبي القاسم عليّ بن موسى بن طاووس الحلّي (ت 704 ه)، تحقيق: صفاء الدين البصري، مشهد: مجمع البحوث الإسلاميّة، 1413 ه.
ص: 654
348. المجروحين من المحدّثين والضعفاء والمتروكين، لمحمّد بن حبان البُستي (ت 354 ه)، تحقيق:
محمود ابراهيم زايد، بيروت: دار المعرفة، 1412 ه.
349. مجلّة تراثنا، نشرة فصلية تصدرها مؤسّسة آل البيت (ع) في قم المقدّسة.
350. مجمع الأمثال، لأبي الفضل أحمد بن محمّد الميداني (ت 518 ه)، تحقيق: محمّد محيي الدين عبد الحميد، مصر: مطبعة السعادة، الطبعة الثانية، 1379 ه.
351. مجمع البحرين، لفخر الدين الطريحيّ (ت 1085 ه)، تحقيق: السيّد أحمد الحسينيّ ، طهران:
مكتبة نشر الثقافة الإسلاميّة، الطبعة الثانية، 1408 ه.
352. مجمع البيان في تفسير القرآن، لأبي عليّ الفضل بن الحسن الطبرسيّ (ت 548 ه)، تحقيق: السيد هاشم الرسوليّ المحلّاتيّ والسيّد فضل اللّٰه اليزديّ الطباطبائيّ ، بيروت: دار المعرفة، الطبعة الثانية، 1408 ه.
353. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، لنور الدين عليّ بن أبي بكر الهيثمي (ت 807 ه)، تحقيق: عبد اللّٰه محمّد درويش، بيروت: دار الفكر، الطبعة الاُولى، 1412 ه.
354. المجموع في شرح المهذب، لأبي زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (ت 676 ه)، بيروت: دارالفكر.
355. مجموعة نفيسة، عدة من الفضلاء، قم: مكتبة بصيرتى، 1406 ق، الطبعة الاولى.
356. مجموعة ورّام = تنبيه الخواطر ونزهة النواظر.
357. المحاسن، لأبي جعفر أحمد بن محمّد بن خالد البرقي (ت 280 ه)، تحقيق: السيّد مهدي الرجائي، قم: المجمع العالمي لأهل البيت (ع)، الطبعة الاُولى، 1413 ه.
358. المحتضر، لأبي محمد الحسن بن سليمان بن محمد الحلّي (القرن الثامن)، تحقيق: سيد علي اشرف، نجف: المطبعة الحيدرية، 1424 ق.
359. مختصر بصائر الدرجات، حسن بن سليمان الحلّي (القرن التاسع)، بيروت: دار المفيد، 1423 ه.
360. مختصر رسالة في أحوال الأخبار، لسعيد بن هبة اللّٰه الراوندي (ت 573 ه)، ضمن ميراث حديث شيعة، ج 5، قم: مركز بحوث دار الحديث، 1379 ق.
361. مختصر المعاني، لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (ت 792 ه)، قم: دار الفكر، 1411 ق.
362. مختلف الشيعة، لأبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (ت 726 ه)، قم: مؤسّسة النشر الإسلامي، 1412 ه.
ص: 655
363. المدوّنة الكبرى، لمالك بن أنس (ت 179 ه)، رواية ابن سحنون، بيروت: داراحياء التراث العربي.
364. مدينة معاجز الأئمّة الاثني عشر ودلائل الحجج على البشر، لهاشم بن سليمان الحسينيّ البحرانيّ (ت 1107 ه)، تحقيق: لجنة التحقيق في مؤسّسة المعارف الإسلاميّة، قم: لجنة التحقيق في مؤسّسة المعارف الإسلاميّة، الطبعة الاُولى، 1413 ه.
365. مراصد الإطلاع عن أسماء الأمكنة و البقاع، لابن عبد الحق البغدادي صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق (ت 739 ه)، تحقيق محمّد علي البجاوي، دار احياء الكتب العربية، بيروت.
366. المسائل السرويّة (مصنّفات الشيخ المفيد)، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري المعروف بالشيخ المفيد (ت 413 ه)، تحقيق: صائب عبد الحميد، قم: المؤتمر العالمي لألفيّة الشيخ المفيد، 1413 ه.
367. مسائل عليّ بن جعفر ومستدركاتها، لأبي الحسن عليّ بن جعفر الحسيني العلوي الهاشمي العُريضي (ت 210 ه)، تحقيق: مؤسسة آل البيت (ع)، مشهد: المؤتمر العالمي للإمام الرضا (ع)، الطبعة الاُولى، 1409 ه.
368. مسائل الناصريات، للشريف المرتضى عليّ بن الحسين الموسوي (ت 436 ه)، قم: مجمع جهاني تقريب مذاهب اسلامي، 1417 ق.
369. المستخرج على المستدرك، لأبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين الحافظ العراقي (ت 806 ه)، تحقيق: محمّد عبد المنعم بن رشاد، قاهرة: مكتبة السنة، 1410 ق.
370. مستدرك سفينة البحار، للشيخ علي النمازي الشاهرودي (ت 1363 ه)، طهران: مؤسسة البعثة، 1409 ق.
371. المستدرك على الصحيحين، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن عبد اللّٰه الحاكم النيسابوري (ت 405 ه)، تحقيق: مصطفى عبدالقادر عطا، بيروت: دار الكتب العلميّة، الطبعة الاُولى، 1411 ه.
372. مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل، للميرزا حسين النوري (ت 1320 ه)، تحقيق: مؤسّسة آل البيت (ع) قم: مؤسّسة آل البيت (ع)، الطبعة الاُولى، 1408 ه.
373. مستطرفات السرائر = النوادر في مستطرفات السرائر.
374. مستند الشيعة في أحكام الشريعة، لأحمد بن محمّد مهدي بن أبي ذر النراقي (م 1245 ه. ه)، تحقيق و طبع، قم: مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث، 1419 ه.
ص: 656
375. مسكّن الفؤاد عند فقد الأحبّة والأولاد، لزين الدين بن عليّ بن أحمد الجبعي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 965 ه)، تحقيق: مؤسّسة آل البيت (ع)، قم: مؤسّسة آل البيت (ع)، الطبعة الاولى، 1417 ه.
376. المسند، لأحمد بن محمّد الشيباني (ابن حنبل) (م 241 ق)، تحقيق: عبد اللّٰه محمّد الدرويش، بيروت: دار الفكر، 1414 ه.
377. مسند إبراهيم بن أدهم، لمحمّد بن اسحاق بن منده (ت 395 ه)، تحقيق: مجدي فتحي السيّد، قاهرة: مكتبة القرآن.
378. مسند ابن جعد، لأبي الحسن عليّ بن الجعد بن عبيد الجوهري (ت 230 ه)، بيروت: مؤسسة ناور، 1410 ه.
379. مسند أبي حنيفة، لأبي نعيم أحمد بن عبد اللّٰه الأصبهاني (ت 430 ه)، تحقيق: نظر محمّد الفاريابي، رياض: مكتبة الكوثر، 1415 ق.
380. مسند أبي داوود الطيالسي، لسليمان بن داوود الجارود البصري المعروف بأبي داوود الطيالسي (ت 204 ه)، بيروت: دار المعرفة.
381. مسند أبي يعلى الموصلي، لأبي يعلى أحمد بن عليّ بن المثنّى التميمي الموصلي (ت 307 ه)، تحقيق: إرشاد الحقّ الأثري، جدّة: دار القبلة، الطبعة الاُولى، 1408 ه.
382. مسند أحمد، لأحمد بن محمّد بن حنبل الشيباني (ت 241 ه)، تحقيق: عبد اللّٰه محمّد الدرويش، بيروت: دار الفكر، الطبعة الثانية، 1414 ه.
383. مسند إسحاق بن راهويه، لأبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المروزي (ت 238 ه)، تحقيق: عبدالغفور عبدالحقّ حسين البلوشي، المدينة المنوّرة: مكتبة الإيمان، الطبعة الاُولى، 1412 ه.
384. مسند الإمام الرضا (ع)، للشيخ عزيز اللّٰه العطاردي (معاصر)، مشهد: المؤتمر العالمي للإمام الرضا (ع)، 1406 ق.
385. مسند الإمام زيد، المنسوب إلى زيد بن عليّ بن الحسين (ع) (122 ه)، بيروت: منشورات دار مكتبة الحياة، الطبعة الاُولى، 1966 م.
386. مسند الحميديّ ، لأبي بكر عبد اللّٰه بن الزبير الحميديّ (ت 219 ه)، تحقيق: حبيب الرحمٰن الأعظميّ ، المدينة المنوّرة: المكتبة السلفيّة، 1409 ه.
ص: 657
387. مسند سعد بن أبي وقّاص، لأبي عبد اللّٰه أحمد بن إبراهيم الدورقي (ت 246 ه)، تحقيق: عامر حسن صبري، بيروت: دار البشائر الاسلامية، 1407 ق.
388. مسند الشاميّين، لأبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيّوب اللخميّ الطبراني (ت 360 ه)، تحقيق:
حمدي عبدالمجيد السلفي، بيروت: مؤسّسة الرسالة، الطبعة الاُولىٰ 1409 ه.
389. مشرق الشمسين واكسير السعادتين، لأبي الفضائل بهاء الدين محمّد بن الحسين الحارثي العاملي المعروف بالشيخ البهائي (1031 ه)، تحقيق: السيّد مهدي الرجائي، مشهد: الحضرة الرضوية المقدّسة، 1414 ه.
390. مشكاة الأنوار في غرر الأخبار، لأبي الفضل عليّ الطبرسي (القرن السابع)، طهران: دارالكتب الإسلامية، الطبعة الاُولى، 1385 ه.
391. مصادقة الإخوان، لمحمّد بن علىّ بن الحسين بن بابويه القمّي (ت 381 ه)، تحقيق: مؤسّسة الامام المهدي (عج)، قم: مدرسة الامام المهدي (عج)، 1410 ق.
392. مصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة، المنسوب إلى الإمام الصادق (ع) (ت 148 ه)، الشارح: حسن المصطفوي، طهران: انتشارات قلم، الطبعة الاُولى، 1363 ش.
393. مصباح المتهجّد، لأبي جعفر محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطوسي (ت 460 ه)، تحقيق:
عليّ أصغر مرواريد، بيروت: مؤسسة فقه الشيعة، الطبعة الاُولى، 1411 ه.
394. المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، لأحمد بن محمّد المقري الفيّومي (ت 770 ه)، قم: دار الهجرة، الطبعة الثانية، 1414 ه.
395. المصنّف، لأبي بكر عبدالرزّاق بن همام الصنعاني (ت 211 ه)، تحقيق: حبيب الرحمٰن الأعظمي، بيروت: المجلس العلمي.
396. مطالب السؤول في مناقب آل الرسول، لكمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي (ت 654 ه)، تحقيق: ماجد العطية، بيروت: امّ القرى، 1420 ه.
397. معالم العلماء، لأبي جعفر محمّد بن علي السروي المازندراني المعروف بابن شهر آشوب (ت 588 ه)، النجف الأشرف: المطبعة الحيدرية، 1380 ه.
398. معاني الأخبار، لأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (ت 381 ه)، تحقيق: علي أكبر الغفّاري، قم: مؤسّسة النشر الإسلامي، الطبعة الاُولى، 1361 ش.
ص: 658
399. المعتبر في شرح المختصر، للمحقّق الحلّي نجم الدين جعفر بن حسن بن يحيى بن سعيد الهُذَلي (ت 676 ه)، تحقيق لجنة بإشراف الشيخ ناصر مكارم، قم: مؤسسة سيّد الشهداء، 1364 ه. ق.
400. المعتمد في اصول الفقه، لأبي الحسين محمّد بن علي البصري المعتزلي (ت 436 ه)، بيروت: دار الكتب العربية، 1403 ق.
401. المعجم الأوسط، لأبي القاسم سليمان بن أحمد اللخميّ الطبرانيّ (ت 360 ه)، تحقيق: طارق بن عوض اللّٰه، وعبدالحسن بن إبراهيم الحسينيّ ، القاهرة: دار الحرمين، الطبعة الاُولى، 1415 ه.
402. معجم البلدان، لأبي عبد اللّٰه شهاب الدين ياقوت بن عبد اللّٰه الحمويّ الروميّ (ت 626 ه)، بيروت: دار إحياء التراث العربيّ ، الطبعة الاُولى، 1399 ه.
403. معجم رجال الحديث، للإمام أبي القاسم بن عليّ أكبر الخوئي (ت 1413 ه)، قم: منشورات مدينة العلم، الطبعة الثالثة، 1403 ه.
404. المعجم الصغير، لأبي القاسم سليمان بن أحمد اللخمي الطبراني (ت 360 ه)، تحقيق: محمّد عثمان، بيروت: دار الفكر، الطبعة الثانية، 1401 ه.
405. المعجم الكبير، لأبي القاسم سليمان بن أحمد اللخمي الطبراني (ت 360 ه)، تحقيق: حمدي عبدالمجيد السلفي، بيروت: دار إحياء التراث العربي، الطبعة الثانية، 1404 ه.
406. معجم مقاييس اللغة، لأحمد بن فارس الرازي القزويني، قم: مكتبة الإعلام الإسلامي، 1404 ه.
407. المعجم الوسيط، جماعة من المؤلفين، القاهرة: المجمع العلمي العربي.
408. معدن الجواهر ورياضة الخواطر، لأبي الفتح محمّد بن عليّ الكراجكي (ت 449 ه)، تحقيق:
السيّد أحمد الحسيني، طهران: المكتبة المرتضوية، الطبعة الثانية، 1394 ه.
409. المعيار والموازنة في فضائل الإمام أمير المؤمنين (ع)، لأبي جعفر محمّد بن عبد اللّٰه الإسكافي (ت 240 ه)، تحقيق: محمّد باقر المحمودي، بيروت: مؤسّسة المحمودي، 1402 ه.
410. المغني والشرح الكبير. لأبي محمد عبد اللّٰه بن أحمد بن قدامة (ت 620 ه)، بيروت: دارالكتاب العربى، 1403 ق.
411. مفتاح الفلاح في عمل اليوم و الليلة، للشيخ بهاء الدين محمّد بن الحسين بن عبد الصمد الحارثي العاملي (ت 1031 ه)، تحقيق: السيّد مهدي الرجائي، قم: مؤسسة النشر الإسلامي.
412. مفردات ألفاظ القرآن، لأبي القاسم الحسين بن محمّد الراغب الإصفهاني (ت 502 ه)، تحقيق:
صفوان عدنان داوودي، دمشق: دار القلم، الطبعة الاُولى، 1412 ه.
ص: 659
413. مقابس الأنوار و نفائس الأسرار في أحكام النبيّ المختار و عترته الأطهار (ع)، للشيخ أسد اللّٰه بن إسماعيل الدزفولي التستري الكاظمي (ت 1237 ه)، قم: طبع بالأُوفست في مؤسسة آل البيت (ع).
414. مقاتل الطالبيّين، لأبي الفرج عليّ بن الحسين بن محمّد الإصبهاني (ت 356 ه)، تحقيق: السيّد أحمد صقر، قم: منشورات الشريف الرضي، الطبعة الاُولى، 1405 ه.
415. المقنع في الإمامة، لعبيداللّٰه بن عبد اللّٰه السدّ آبادي (القرن الخامس)، تحقيق: شاكر شبع، قم:
مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الاُولى، 1414 ه.
416. المقنعة، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي المعروف بالشيخ المفيد (ت 413 ه)، تحقيق: مؤسّسة النشر الإسلامي، قم: مؤسّسة النشر الإسلامي، الطبعة الثانية، 1410 ه.
417. مكارم الأخلاق، لأبي عليّ الفضل بن الحسن الطبرسي (ت 548 ه)، تحقيق: علاء آل جعفر، قم: مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الاُولى، 1414 ه.
418. مكارم الأخلاق، لعبد اللّٰه بن محمّد بن عبيد بن أبي الدنيا (ت 281 ه)، بيروت: دار الكتب العلمية، 1409 ه.
419. مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (عج)، لمحمّد تقي موسوي اصفهاني (ت 1308 ه)، تحقيق: السيّد علي عاشور، بيروت: مؤسسة الأعلمي، 1422 ق.
420. المناقب (المناقب للخوارزمي)، للحافظ الموفّق بن أحمد البكري المكّي الحنفي الخوارزمي (ت 568 ه)، تحقيق: مالك المحمودي، قم: مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الثانية، 1414 ه.
421. مناقب آل أبي طالب، للمشير الدين أبي عبد اللّٰه محمّد بن علي بن شهر آشوب المازندراني (ت 588 ه)، نجف: المكتبة الحيدرية، 1376 ق.
422. مناقب الإمام أمير المؤمنين (ع) (المناقب للكوفي)، لمحمّد بن سليمان الكوفي القاضي (ت 300 ه)، تحقيق: محمّد باقر المحمودي، قم: مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة، الطبعة الاُولى، 1412 ه.
423. مناقب أهل البيت (ع)، لمولى حيدر علي بن محمّد الشيرواني (القرن الثاني عشر)، تحقيق: محمّد الحسون، قم: مطبعة المنشورات الاسلامية، 1414 ق.
ص: 660
424. مناقب عليّ بن أبي طالب (ع) (المناقب لابن المغازلي)، لأبي الحسن علي بن محمّد بن محمّد الواسطي الشافعي المعروف بابن المغازلي (ت 483 ه)، إعداد: محمّد باقر البهبودي، طهران:
المكتبة الإسلاميّة، الطبعة الثانية، 1402 ه.
425. مناقب عليّ بن أبي طالب (ع)، لعبد الوهّاب بن الحسن الكلابي (ت 396 ه)، تحقيق: محمّد باقر البهبودي، طهران: المكتبة الإسلامية، 1402 ه.
426. منتهى الإرب في لغة العرب، لعبد الرحيم بن عبد الكريم صفي پور (ت قرن 13 ه)، طهران:
كتابفروشي اسلاميّة، 1296 ق.
427. منتهى المطلب في تحقيق المذهب، لأبي منصور الحسن بن يوسف الحلّي (ت 726 ه)، مشهد:
مجمع البحوث والدراسات الإسلامية التابع للحضرة الرضويّة المقدّسة، 1414 ه.
428. منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، لحبيب اللّٰه بن محمّد هاشم الخوئي (ت 1324 ش)، بيروت: مؤسسة الوفاء، 1403 ه.
429. منية المريد في آداب المفيد والمستفيد، لزين الدين بن عليّ الجبعي العاملي المعروف بالشهيد الثاني (ت 965 ه)، تحقيق: رضا المختاري، قم: مكتب الإعلام الإسلامي، الطبعة الاُولى، 1409 ه.
430. موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبّان، لنور الدين عليّ بن أبي بكر الهيثميّ (ت 807 ه)، تحقيق:
حسين سليم الداراني، بيروت: الثافة العربية، 1411 ه.
431. المواقف في علم الكلام، لعبد الرحمان بن أحمد الأيجي، بيروت: عالم الكتب، القاهرة: مكتبة المتنبي.
432. الموضوعات، لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي (ت 597 ه)، تحقيق: عبد الرحمن محمّد عثمان، بيروت: دار الفكر، 1403 ق.
433. الموطّأ، لأبي عبد اللّٰه مالك بن أنس الأصبحي (ت 179 ه)، تحقيق: محمّد فؤاد عبدالباقي، بيروت: دار احياء التراث العربي.
434. المهذّب، للقاضي عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي (ت 481 ه)، قم: مؤسسة النشر الإسلامي لجماعة المدرّسين، 1406 ه.
435. المهذب البارع في شرح المختصر النافع، لجمال الدين احمد بن محمد بن فهد الحلي (ت 841 ق)، تحقيق: مجتبى العراقي، قم: مؤسسة النشرالاسلامي، 1407 ه.
ص: 661
436. ميراث حديث شيعة، إشراف: مهدي المهريزي و عليّ صدرائي الخوئي، قم: دار الحديث.
437. ميزان الاعتدال في نقد الرجال، لأبي عبد اللّٰه محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 ه)، تحقيق: علي محمّد البجاوي، بيروت: دار المعرفة، 1382 ه.
438. الميزان في تفسير القرآن، لمحمّد حسين الطباطبائي (ت 1402 ه)، قم: إسماعيليان، الطبعة الثانية، 1393 ه.
439. المؤمن، للحسين بن سعيد الكوفي الاهوازي (القرن الثالث)، تحقيق ونشر، قم: مدرسة الامام المهدي (ع)، 1404 ق.
*. الناصريّات = مسائل الناصريات
440. نزهة الناظر وتنبيه الخواطر، لأبي عبد اللّٰه الحسين بن محمّد الحلواني (القرن الخامس)، تحقيق:
مؤسسة الإمام المهدي عج، قم: مؤسسة الإمام المهدي عج، الطبعة الاُولى، 1408 ه.
441. نسخه پژوهى، لأبي الفضل حافظيان بابلي، قم: مؤسسه اطلاع رساني مرجع، قم: خانه پژوهش، 1383.
442. نشر دانش، مجلة فصلية، مركز نشر دانشگاهى، نصر اللّٰه بورجواري.
443. النصائح الكافية لمن يتولّى معاوية، للسيّد محمّد بن عقيل (ت 1350 ه)، قم: دار الثقافة، الطبعة الاُولى، 1412 ه.
444. نصب الراية، لأبي محمّد عبد اللّٰه بن يوسف الحنفي الزيلعي (ت 762 ه)، القاهرة: دار الحديث 1415 ه.
445. النوادر (مستطرفات السرائر)، لمحمّد بن أحمد بن إدريس الحلّي (ت 598 ه)، تحقيق ونشر:
مؤسّسة الإمام المهدي (ع)، قم، الطبعة الاُولى، 1408 ه.
446. النوادر، لفضل اللّٰه بن علي الحسني الراوندي (م 571 ق)، تحقيق: سعيد رضا علي عسكري، قم: دار الحديث، 1377 ش.
447. النوادر، لأبي جعفر أحمد بن محمّد الأشعريّ القميّ (ت 280 ه)، تحقيق: مدرسة الإمام المهدي عج، قم: مدرسة الإمام المهدي عج، الطبعة الاُولى، 1408 ه.
448. نور البراهين، للسيّد نعمة اللّٰه الموسوي الجزائري (ت 1112 ه)، تحقيق: السيّد مهدي الرجائي، قم: مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الاُولى، 1417 ه.
449. نهاية الإحكام في معرفة الأحكام، لأبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الحلّي، المعروف بالعلّامة الحلّي (ت 726 ه)، قم: مؤسسة آل البيت (ع)، 1410 ه، الطبعة الثانية.
ص: 662
450. النهاية في غريب الحديث والأثر، لأبي السعادات مبارك بن مبارك الجزري المعروف بابن الأثير (ت 606 ه)، تحقيق: طاهر أحمد الزاوي، قم: مؤسسة إسماعيليان، الطبعة الرابعة، 1367 ش.
451. نهج البلاغة، ما اختاره أبو الحسن الشريف الرضي محمّد بن الحسين بن موسى الموسوي من كلام الإمام أميرالمؤمنين (ع) (ت 406 ه)، تحقيق: شيخ محمّد عبدة، بيروت: دار المعرفة، 1412 ه.
452. نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة، لمحمّد باقر المحمودي، بيروت: مؤسّسة الأعلمي.
453. نيل الاوطار من احاديث سيد الاخيار، لمحمّد بن علي بن محمد الشوكاني (ت 1255 ه)، بيروت:
دارالجيل، 1973 م.
454. الوافية في أُصول الفقه، للفاضل التوني (ت 1071 ه)، تحقيق: السيّد محمّد حسين الكشميري، مؤسسة اسماعيليان، تحقيق و نشر، قم: مؤسسة الفكر الإسلامي، 1411 ه.
455. الورع، لأبي بكر عبد اللّٰه بن محمّد بن أبي الدنيا القرشي (ت 282 ه)، تحقيق: مسعد عبد الحميد السعدي، القاهرة: مكتبة القرآن، 1384 ه.
456. وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، لمحمّد بن الحسن الحرّ العاملي (ت 1104 ه)، تحقيق: مؤسّسة آل البيت (ع)، قم، الطبعة الاُولى، 1409 ه.
457. الوسيلة، لأبي حفص عمر بن أحمد الإربلي الموصلي (ت 570 ه)، حيدر آباد دكن: مطبوعات دائرة المعارف العثمانية.
458. وفيات الأعيان، لشمس الدين أبي العبّاس أحمد بن محمّد البرمكي المعروف بابن خلّكان (ت 681 ه)، تحقيق: إحسان عبّاس، بيروت: دار الثقافة.
459. وقايع الأيام في أحوال شهر الصيام، لعلي الخياباني التبريزي (ت 1326 ه)، تبريز: قرمشي، 1385 ه.
460. هداية الأبرار إلى طريق الائمة الاطهار، للحسين بن شهاب الدين الكركي العاملي (ت 1076 ه)، بغداد: مكتبة الوطنية، الطبعة الاُولى، 1396 ق.
461. الهداية الكبرى، لأبي عبد اللّٰه حسين بن حمدان الحصيبي (ت 334 ه)، بيروت: موسّسة البلاغ، 1406 ه.
*. هديّة العارفين = أسماء المؤلفين و آثار المصنفين
ص: 663
462. يحيى بن معين وكتابه التاريخ (تاريخ يحيى بن معين)، لأبي زكريّا يحيى بن معين البغدادي (ت 233 ه)، تحقيق: أحمد محمّد نور سيف، مكّة: جامعة الملك عبد العزيز، الطبعة الاُولى، 1399 ه.
463. ينابيع المودّة لذوي القربىٰ ، لسليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي (ت 1294 ه)، تحقيق: علي جمال أشرف الحسيني، طهران: دارالاُسوة، الطبعة الاُولى، 1416 ه.
ص: 664