اَلْفَاطِمِيَّاتُ
مَشَاعِرُ اَلْوَلاَءِ في قَصَائِدَ الزّهرَاءِ عليها السلام
اَلْخَطِيبُ اَلشَّيْخُ عَلِيٌ حَيْدَرُ اَلْمُوَيَّدُ
اَلْجُزْءُ اَلاَوَلُ
دارالعلوم للتحقيق و الطباعة و النشرو التوزيع
جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الأولي
1426 ه_ - 2005 م
ص: 1
اَلْفَاطِمِيَّاتُ
مَشَاعِرُ اَلْوَلاَءِ في قَصَائِدَ الزّهرَاءِ عليها السلام
اَلْخَطِيبُ اَلشَّيْخُ عَلِيٌ حَيْدَرُ اَلْمُوَيَّدُ
اَلْجُزْءُ اَلاَوَلُ
دارالعلوم للتحقيق و الطباعة و النشرو التوزيع
ص: 2
جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الأولي
1426 ه_ - 2005 م
دارالعلوم التحقيق والطباعة والنشر والتوزيع(1)
ص: 3
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَ بِّ الْعَالَمِينَ ﴿2﴾ الرَّ حْمَنِ الرَّ حِيمِ ﴿3﴾ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴿4﴾ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴿5﴾ اهْدِنَا الصِّرَ اطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿6﴾ صِرَ اطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴿7﴾
ص: 4
إِلَيْكَ... يَا فَلَذِهُ الْإِنْسَانُ الرَّسُولُ... الَّذِي اسْتَطَالَ رَاسَهُ نَحْوَ اَلسَّمَاءِ فَلاَمَسَهَا فَإِذَا كُلُّ أَبْوَابِ رحمتها وَ نِعْمَتِهَا وَ هُدَاهَا مَفْتُوحَةً إِلَيْكَ عَلَي الرَّحَابِ...
إِلَيْكَ... أَيُّهَا الْكَوْثَرُ عليها السلام الصَّيْبُ الَّذِي اهْتَزَّتْ لَهُ بَرَكاتُ الأَرْضِ خَيْراً وَصِدْقاً و براءةً... إِلَيْكَ... أَيَّتُهَا الْحَوْراءُ الإِنسِيَّةُ عليها السلام... يا نُورَ الوُجُودِ وَنَشيجَهُ الْحَزِينَ...
إلَيك... أَيَّتُهَا المَهضُومُهُ المَقْهُورُهُ... أَيَّتُها المَجهولُهُ قَدْراً و الْمَدْفُونُهُ سِرّاً...
إِيهٍ يَا بِنْتَ مُحَمَّدٍ... ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرَي وَ لا فُتُوناً يَتَرَدَّدُ ذلِكَ اَلْحَدِيثُ اَلَّذِي يَرْوِي بِهِ التَّأْرِيخُ أَنْبَاءُ مِسْمَارٍ وَ بَابٌ... و سَقَطَ جَنِينٌ... وَ حُمْرَةُ خَدٍ وَ عَينٍ... وَ قُرْطٌ مَنْثُورٌ... وَ نَفْئَةُ قَلْبٍ مصدوع مَوْجُوعٌ... ثُمَّ ذبولٌ... فغيَّاب فِي التُّراب...
إيهِ يا سَيِّدَتي... كانَ وَلا زالَ أَنينُكَ وَ حَنِينُكَ الهَادِفُ الشَّجِيُّ مِلءَ كُلِّ أُذُنٍ وَ قَلْبُ.
يَا فَاطِمُه... يَا مَنْ ذَكَرَكَ عِطْرَ اَلْحَيَاةِ... أَيَّتُهَا الْمَفْطُومُهُ بِالْجَلاَلِ وَ اَلْجَمَالِ... أَيَّتُهَا الحانيه الآسِيَةُ... هَا هِيَ أَخْزَّائُنَا وأَشْوَاقُنَا نَنْشُرُها دُموعاً مُقْفَّاةً... وَ نَنْظُمُهَا شُعُوراً وزَفَراتٍ نَرفَعُهَا لِرِحَابِ الْوَاسِعِ الْفَسِيحِ... و نَعْلَمُ أَنَّك أهْلٌ لِلقَبولِ وَ إن لَم نَكُن نَحنُ أهلاً لِلقَبولِ.
هَا هِيَ... يَا سَيِّدَتِي وَرِيقَاتُ ولائِي... جَمَعْتُهَا عَلَي ضَعَتِي وَ قِلَّةَ باعِي... أَضَعُها بَيْنَ يَدَيْكَ الْحانِيَةَ لِتَكُونَ شَفِيعِي عِنْدَكَ... وَ كُلِي أَمَلٌ وَ رَجَاءَ أَنْ تَقْبَلِيها مِنِّي بَعْدَ أَنْ تَقْبَلِينِي... فَهَا هِيَ بَيْنَ يَدَيْكِ سَيِّدَتِي... اقبَليها قَبْلَ أَن يَطْوِيَنِي المُؤتُ... وَيَطُوحَ بِها النِّسْيانُ...
المؤَلّف
ص: 5
ص: 6
(بحر السريع)
بِحُبِّ طه كُلِّ أَوْقَاتِيٍ *** أَدْرَأ ْأَفْوَاجُ اَلْمُلِمَّاتِ
لي خافَقٌ يُعلِنُ لِلمُرتَضي *** و البَضعَةُ اَلطُّهْرُ مُوَالاَتِي
وَ مَقُولٌ يُعْرَّبُ لِلْمُجْتَبَي*** عَنْ فَرْطُ حُبِّي لاَ مُحَابَاتِي
تَخَذْتَ مِنْ حُبِّ حُسَيْنٍ سُدِّي *** حِينَكَتْ بِهِ لَحْمُهُ رَايَاتِي
بِحُرْمَةِ اَلسَّجَّادِ ثُمَّ اِبْنُهُ *** اَلْبَاقِرُ أدْنُو بِمُنَاجَاتِي
بِجَعْفَرٍ ثُمَّ سَليلُ التَّقِيِّ *** الْكَاظِمِ تَقْضِئُ كُلُّ حَاجاتٍ
وَ بِالرِّضَا اَلْعَالِمِ كَهْفِ اَلْوَرَي *** اِدْفَعْ أَمْوَاجَ اَلْبَلِيَّاتِ
وَ لِلْجَوَادِ فِي اَلْحَشَا جَذْوُهُ *** تَرُوئُ بِأَشْجَانِي وَآهَاتِي
لِلْعَسْكَرِيَّيْنِ أَسَي قَدْ ثَوَي *** فِي اَلْقَلْبِ تَنْبِي عَنْهُ أَنَاتِي
وَ الْحُجَّةُ المُنْتَظَرُ الْمُرْتَجي *** لِلثَّأْرِ والنَّصِّ بِهِ آتٍ
بِشِرَاكٍ يَاشِيخَ عَلَيَّ لَنَا *** سَادَاتُ حَقٌ خَيْرُ ساداتٍ
وَ أَنْتَ يَا خَيْرَ نَصِيرٍ لَهُمْ *** خُذْهَا فَذِي مِنْهُمْ مُوَاسَاتِي
وَ إِنَّمَا سَفَرُكَ فِي مَا أَرَي *** يُسْفِرُ عَنْ أَجْمَلِ آيَاتٍ
بنشر صَوْتِ اَلْعَدْلِ يَا شيْخنَا *** يَأْمُرُنَا رَبُّ اَلسَّمَاوَاتِ
كَأَنَّ أَمْرَ اَلْوَحْيِ (تاريخه) *** (اكتُب كِتابَ الفاطميّات)
الأستاذ جابر الكاظمي
19/ شوال / 1418ه
ص: 7
هذا كتابٌ ماله مشبه *** من دهرنا الماضي ولا الآتي
جاء من الشعر بأعجوبة *** أو قل بآيات و آيات
ماجال فيه الطرَّف إلا كما *** جال من الحسن بجنات
من تابح الزهراء يهفوله *** في كل حرف بالمناجاة
و من قلاها لها هداهُ الهدي *** مَلَّ ووالي عابدي اللات
و مذ رايت الله قد خصّه *** بفيضه من السماوات
و أن أهل البيت سُرُّوا به *** لما به من المواساةِ
أرخت «قد سّرعلي حيدر *** أهل الكسا بالفاطميات»
الشيخ قيس العطار
1418 ه. ق
ص: 8
لكل حديث بداية ونهاية... إلّا الحديث عن فاطمة عليها السلام، و من يتصل بها بنبوة أو إمامة. فإن الكلام عنهم لا نهاية له. و كلما أمعن المتحدث أن يلمَّ بجوانب الكلام حتي يصل إلي خاتمة في المطاف لايصل يوما إلي ساحل... إذ كلما يتصوّر -المتحدِّث- عنهم أنه وصل إلي نهايته يجد أنه لا زال في البداية.
إن هذا الشيء عجيب... ربما لا تدركه عقولنا الناقصة و ربما لا تستوعب عمقه في يوم من الأيام ولكنها أيضاً لا تملك إلا أن تصدِّق بهذا عندما تسمع كلمات السماء تشير إلي بعض جوانب العظمة فيها «سلام الله عليها».
فمثلنا و نحن نتحدث عن فاطمة عليها السلام كمثل من وقف يتأمل في الفضاء الواسع الرحيب ليعرف جوهره أو ليكتشف ما به من أسرار وخفايا... فإنّه كلّما أمعن النظر وحدّق طويلاً و استنفد كل ما بعينه من قدرة علي الرؤية و الإبصار فإنه لا يصل إلي حدود أو سدود سوي تموّجات النور المتوهِّج في عيون الكواكب...
فهو يري النور فيحركه و ينبهر به و ربما يصفه أو ينسبه لمصدره و لكن دون أن يعرف جوهره المكنون وراء إشراقه...
و هكذا حينما نتحدث عن فاطمة الحوراء الإنسية عليها السلام... فكلَّما ندِّقق و نمعن النظر تأملاً وتفكيراً لا نتمكن أن نري حقيقةَ
ص: 9
أو جوهراً غير أنوار الزهراء عليها السلام الساطعة التي تحرّكنا و تشدّنا و تبهرنا ... و تمزّق ظلمات القلوب و الضمائر فينا، و عندها لا نملك إلاّ أن نؤمن بأن وراء هذا النور سراً خفياً وعالماً عميقاً أمامنا لانتمكن أن نعرفه ولكن نعرف صفته و مصدره ...
عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام:
لِمَ سُمِّيَتْ فَاطِمَةُ الزهراء عليها السلام زَهْرَاءَ ؟ فَقَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلٌ خَلَقَهَا مِن نُورِ عَظَمَتِهِ فَلَمَّا أَشْرَقَتْ أَضَاءَتِ السَّمَوَاتُ و الأَرضُ بِنُورِهَا وَغُشِيَتْ أَبْصَارَ الْمَلائِكَةِ و خَرَّتَ المَلائِكَةُ لِلَّهِ سَاجِدِينَ وَ قَالُوا:
إِلَهُنَا وَسِيدَنَا مَا هَذَا اَلنُّورُ ؟ فَأَوْحَي اللَّهُ إِلَيْهِمْ: هَذَا نُورٌ مِن نُورِي و أَسْكَنْتُهُ فِي سَمَائِي خَلَقْتُهُ مِن عَظَمَتِي أُخْرِجُهُ مِنْ صُلْبِ نَبِيٍ مِن أنبِيائِي أُفَضِّلُهُ عَلي جَميعِ الأَنْبِيَاءِ وأُخرِجُ مِن ذَلِكَ النُّورِ أئِمَّةً يَقُومُونَ بِأَمْري يَهدُونَ إلي حَقِّي وأَجْعَلُهُمْ خُلَفَائِي فِي أَرْضِي بَعْدَ انْقِضَاءِ وحْيِي.(1)
هذا نور الزهراء... نور فاطمة عليها السلام... و عظمته، فلا غرابة إذا اعترفنا بعجزنا عن إدراكه، ليس لنقص فيه بل لنقص فينا، و عجز في مداركنا و حواسنا عن الوصول إلي عالم المعني و إدراك الماورائيات...
و نبقي هكذا نولد علي حبها عليها السلام و نقتفي خطاها و نموت علي ذكرها دون أن نفهمها كما ينبغي أو نعرفها كما يحق...
فنحن و فاطمة عليها السلام... نحن و بحر عميق أو فضاء رحيب لا نملك إلاّ أن نذعن لهذا السر العجيب و نؤمن بمزاياه و خصوصياته التي تفوق مزايا البشر و إن لم نتوصل لم و لن نتوصل إليه يوماً.
و هذا ليس نسجاً من الخيال، و الكلام المجرد نعبّر به عن مشاعرنا تجاه السيدة الطاهرة - أم النبوة و الإمامة عليها السلام - أم أبيها عليها السلام؛ بل هو حقيقة كونية موجودة في هذا الكون الرحب يحس آثارها القريب و البعيد دون أن يتوصّل إلي كنهها وجوهرها .
و ذلك لأنها سلام الله عليها قطب من أقطاب دائرة الإمكان و لا
ص: 10
يمكن أن يستوعبها غير المعصوم عليهم السلام لأن الضيّق المحدود لا يمكن أن يحيط بالواسع كما قالوا في عجز مدارك الإنسان عن الوصول إلي حقيقة الخالق سبحانه لأن اللامتناهي الوجود يستحيل أن يحيط به المتناهي أو يدرك كنهه. (1)
بل هي أيضاً: أفضل من سائر الأنبياء عليهم السلام السابقين علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و درجتها المعنوية أسمي و أرفع كما دلّت علي ذلك الأدلة الخاصة.
و هي أيضاً أفضل من أولادها عليهم السلام كما قال مولانا الحسين عليه السلام: أُمِّي خَيْرٌ مِنِّي. (2)
بل هي حجة علي كل أولادها الطاهرين كما قال مولانا الإمام الحسن العسكري عليه السلام: وَ هِيَ حُجَّةٌ عَلَيْنَا. (3)
كما هي سيدتهم وقدوتهم عليهم السلام كما قال مولانا الحجة و صاحب الأمر عجل الله تعالي فرجه الشريف: وَفِي إِبْنَةُ رَسُولِ اَللَّهِ صلي الله عليه و آله و سلم لِي أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ .(4)
و من كان كذلك لا يتمكن الإنسان العادي المحدود أن يصل إلي معرفته كما ينبغي ...
قيل في الخصائص الفاطمية:
وَ لَعَمري فَحَسَرَ عَن إِدْراكِها كُلُّ إِنْسَانٍ عَارِفٍ و قَصَّرَ عَن وَصْفِهَا و إِحْصائِها لِسانَ كُلِّ مَحصٍ وَ وَاصِفٍ وَ الْكِلْ بِضُروبِ فَضائِلِها مُعْتَرِفونَ و علي بَابِ كَعْبَةَ فَوَاضِلُها مُعْتَكِفونَ وَ خَصَّها اللَّهُ مِن وَ صائِفِ فَضلِهِ وَ شَرائِفِ نَبْلِهِ بِأَكمَلِ ما أعَدَّهُ لِغَيرِها مِن ذَوي النُّفوسِ القُدسِيَّةِ وَ الأعراقِ الزَّكِيَّةِ وَ الأخلاقِ
ص: 11
الرَّضِيَّةُ و الحُكمُ الإلهِيَّةُ و سَطَعَ صُبْحُ النُّبُوَّةِ بِطَلْعَتِها اَلْحَمِيدَةِ وَ غَرَتْهَا اَلرَّشِيدَةُ فَلَهَا الكَمَالاتُ الإنْسانِيَّةُ ومَلِكَاتُ الْفَضَائِلِ النَّفسانِيَّةِ كَأنَّ طِينَتَهَا قَدْ عُجِنَتْ بِمَاءِ الْحَيَاةِ وَعَيْنُ الفَضلِ في حَظِيرَةِ الْقُدُسِ فَهِيَ نُورُ الْحَقِّ وحَقِيقَةُ الصِّدْقِ وَ آيَةُ الْعَدْلِ فَتَعالَي مَجْدُها وَ تَوَالي إِحْسانِها. (1)
و من هنا... فإنها عليها السلام تملك الولاية كالنبي صلي الله عليه و آله و سلم و الأئمة الطاهرين عليهم السلام بتفويض من الله سبحانه و منحه.
و هي أيضاً ... كسائر المعصومين عليهم السلام ... مجري الفيض الإلهي لهذا العالم.
كما إنّها العلة الغائية اولتي لها أو لمحبتها خلق الله سبحانه العالم...
و أيضاً هي...كسائرهم عليهم السلام... سبب دوام الفيض الإلهي علي الكون و علة استمراره بقاءً...
و غير ذلك من مقامات معنوية خاصة منحها الله سبحانه لها و لهم بما لم يمنحه لأي أحد سواهم عليهم السلام. و هذا من المعاني العميقة التي قامت عليها الأدلة العقلية و النقلية التي بحثها علماء الحكمة والكلام في كتبهم الخاصة...
ولكن... لتقريب بعض هذا المعني إلي الأذهان سأقوم بنقل بعض الأخبار الواردة عن المعصومين عليهم السلام -أمناء الله سبحانه علي سرِّه- و هي تتحدث عن فاطمة عليها السلام و مقاماتها الرفيعة كي نفهم بعض ذلك بقدرنا لا بقدرها...
ص: 12
طبعاً... لا أريد أن أتحدث عن الزهراء عليها السلام و ما حوته -الصديقة الكبري عليها السلام- من الكمالات الهائلة التي لم يكن بإمكان أحد منّا أن يستوعبها أو يدرك بعضها إلّا من خلال ما قاله عنها أهل البيت عليهم السلام... و لكن اقتباساً من بعض كلماتهم عليهم السلام سأحاول أن أشير إلي بعض ما ذكروه عن مقامها و عظمتها و كمالاتها حسب فهمنا القاصر...
ليست الزهراء «سلام الله عليها» بالمرأة العادية التي تعيش أيامها في المطبخ و أسواق الملابس و المحلي و غيرها من المواطن التي ألفتها المرأة العادية فألفت ثقافتها و عاشت بمستواها في الغالب.
بل كانت عليهم السلام فوق ذلك كله فهي إلي جانب إنسانيتها الرفيعة تحمل خصائص الملائكة و صفات الحور المترفعة عن الدنيا و شؤونها و اهتماماتها...
بل تفوق حتي الملائكة و الحور... ذلك لأن الملائكة و أخواتها ترفّعن عن الدنيا و لذائذها قهراً بمقتضي صنعها و جبلّتها الأولي التي لا تميل إلي الدنيا و رغائبها المادية...
بينما الزهراء «سلام الله عليها» و هي الإنسانة... تعيش كسائر الناس في الدنيا... بما فيها من لذائذ و مغريات... ولكنها تأبي إلاّ أن تتنزّه عن دناءة هذه الدنيا و تترفّع عن خسَّتها بالعلم و الإرادة و الاختيار...
فهي إنسانة جسداً و لكنها ملك و حوراء روح و نفساً و ضميراً...
ص: 13
فكانت بذلك إنسانة... وكانت حوراء فقال عنها أبوها صلي الله عليه و آله و سلم المتحدث بلسان الغيب: فَاطِمَةُ عليها السلام حَوْرَاءُ إِنْسِيَّةٌ. (1)
ومن هنا حملت «سلام الله عليها» صفات الحور العين و اتسمت بسماتها ... فكما أن الحور العين لاتطمث كانت هي أيضاً «سلام الله عليها» طاهرة من الطمث و قد وردت في مجاميعنا الروائية أخبار عديدة تدل علي ذلك:
ففي حديث روي عن رسول الله صلي الله عليه و آله عن مصادر العامة يقول صلي الله عليه و آله: إِبْنَتِي فَاطِمَةُ عليها السلام حَوْرَاءَ آدَمِيَّةٌ لَمْ تَحُضْ وَ لَمْ تَطْمَثْ.(2)
فكانت بذلك طاهرة مطهَّرة من كلِّ دنس مادي و معنوي و هذه ميزة فريدة امتازت بها مولاتنا عليها السلام علي بنات حوّاء.
و إظهاراً لهذا المقام الرفيع و المنزلة السامية التي امتازت بها علي سائر النساء و ردت الأخبار في تسميتها بالبتول... لتبتّلها عن الطمث كما روي القندوزي: وَ إنَّمَا سُمِّيَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام البَتُولُ لِأَنَّها تَبَتَّلَت مِنَ الحَيضِ وَالنِّفاسِ.(3)
و روي الكشفي الحنفي عن أم سلمة أنها سلام الله عليها: سُمِّيَتْ فاطِمَةُ عليها السلام بَتُولاً لِأنَّها تَبَتَّلَتْ و تَقَطعَتْ عَمَّا هُوَ مُعتاد الْعَوْرَاتِ في كُلِّ شَهْرٍ.(4)
و البتول كما في رواية الحاكم: الَّتي لَمْ تَرَ مَرَّةً قَطُّ أَيْ لَمْ تَحِضْ فَإِنَّ اَلْحَيْضَ مَكْرُوهٌ فِي بَنَاتِ اَلْأَنْبِيَاء.(5)
و لاغرابة في ذلك أبداً... إذ أن الله سبحانه جعل لمخلوقاته قوانين و سنناً هي عليهم السلام خاضعة لهذه القوانين لاتملك منها حيلة... و بهذه
ص: 14
القوانين والسنن ينتظم نظام الكون ويسري نحو هداه و كماله...
فمثلاً: النار قانونها الإحراق و هو سنَّة الله سبحانه في النار.
و سنَّة الله في النبات أنه يبذر في مكان و زمان وفق ظروف طبيعية خاصة ملائمة ، فينمو و يكبر حتي يثمر...
و سنَّة الله في الشمس أنها تطلع في كل صباح و تغيب في كل مساء التعطي الحرارة و النور و نحو ذلك...
و الإنسان أيضاً لم يخرج عن هذه السنن و القوانين الكونية فطبيعته الجسمية و حالاته النفسية و الروحية أيضاً خاضعة لقوانين و سنن لا تشطّ عنها... إلّا إذا أراد الله سبحانه أن تتخلّف بعض هذه القوانين لمصالح خاصة و هذا ما أراده الله سبحانه لأوليائه...
حيث عكس فيهم «القانون» فجعل القوانين و السنن الطبيعية هي الخاضعة لهم و المحكومة بإرادتهم بإذنه تبارك و تعالي و ليس العكس و ذلك لحكم و مصالح خاصة و هو الذي يسميه علماء الكلام -بالمعجزات و الكرامات- في خرق قوانين الطبيعة.
فالنار التي قانونها الإحراق جعلها الله سبحانه و تعالي برداً و سلاماً علي وليّه إبراهيم الخليل عليه السلام.
و شجرة اليقطين التي تحتاج إلي زمان و ظروف خاصة لكي تزرع ثم تنمو و تكبر حتي تصبح شجرة حسب قوانين النبات و سننها الكونية جعلها الله سبحانه تنبت و تورق و تنتشر أغصانها الوارفة لوليِّه يونس عليه السلام في فترة لاتعد بالحسبان.
و قانون النطفة وتحوّلها إلي جنين في رحم طواه الأم الذي يستغرق ستة أشهر أو تسعة أشهر ليكتمل في أطواره وأدواره جعله الله سبحانه المريم ابنة عمران عليه السلام بتسع ساعات أو ست ساعات فقط بلا مسّ بشر.(1)
ص: 15
و علي غرار هذا تصدر المعجزات في خرق قوانين الطبيعة عن أولياء الله سبحانه و بهذا ترتفع الغرابة عن إمكان نقاء الحوراء الإنسية عليها السلام من دم الحيض و النفاس...
فإنَّ الحيض الذي تراه المرأة عادة في كلّ شهر ما هو إلاّ دم فاسد تخزّن في جسم المرأة ليصبح فيما بعد غذاء للجنين في حالة الحمل، حتي إذا لم تنعقد نطفته نبذه الرحم إلي الخارج بواسطة الدورة الشهرية... لأنه إذا بقي في رحم المرأة يضرها و يسبب لها الأذي الروحي و البدني... كما بناكر ذلك الأطباء.
قال تعالي: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُل هُوَ اذي .(1)
ولكونه أذي... أسقط الله سبحانه عنها بعض التكاليف الشرعية و وضع لها بعض الأحكام الخاصة...
فالصلاة و الصيام ساقطة عنها أيام الدورة الشهرية مع ملاحظة أنَّ عليها قضاء الصيام فيما بعد و حرّم عليها اللبث في المساجد ودخول المسجد الحرام و النبوي و غير ذلك من الأحكام التي ذكرها الفقهاء في الكتب الفقهية.
ومن الواضح أن أحكام الحيض تجري علي النفاس أيضاً «للحكم والأسباب نفسها»...
فالنساء بشكل عام خاضعات لهذا القانون التكويني محكومات بسننه... ولكن لا غرابة إذا تخلَّف هذا القانون في فاطمة عليها السلام بعد أن كانت حوراءَ أنسية وسيدة نساء العالمين عليها السلام و قدوتهنّ في الدين والدنيا كما أكدّت ذلك الروايات... و جعلتها من خصائصها الخاصة عليها السلام.
عن الحافظ السيوطي : ومِنْ خَصَائِصِ فَاطِمَةَ عليها السلام أَنَّهَا كَانَتْ لا تَحِيضُ وَكَانَتْ إِذَا وَلَدَتْ طَهُرَتْ مِنْ نِفَاسِهَا بَعْدَ سَاعَةٍ حَتَّي لاَ تَفُوتَهَا صَلاَةٌ .(2)
ص: 16
عن أبي بصير عن مولانا الصادق عليه السلام قال: حَرَّمَ اَللَّهُ عَزَّ وَجِل علي عَلي اَلنِّسَاءِ مَا دَامَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام حَيَّةً -أَيْ عَلَي قِيدِ اَلْحَيَاةِ- قُلْتُ و َكَيْفَ ؟ قَالَ: لِأَنَّهَا طَاهِرَةٌ لاَ تَحِيض. (1)
ومن هنا ذكر علماء اللغة أيضاً في وجه تسميتها بالبتول وجهاً آخر مستفاداً مما ورد في بعض الروايات... فقالوا:
إِنَّهَا سُمِّيَتْ بُتُولاً لانقطاعها عَنْ نِسَاءِ زَمَانِهَا فَضْلاً وَ دِيناً .
قال ابن منظور في لسان العرب: البتلِ: اَلْقَطْعُ... و َسئْلُ أَحْمَدُ بْنُ يحْيي عَنْ فَاطِمَةَ رِضْوَانُ اَللَّهِ عَلَيْهَا بِنْتُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اَللَّهِ صلي الله عليه و آله و سلم: لِمَ قِيلَ لَهَا اَلْبَتُولُ؟ فَقَالَ: لاِنقِطَاعِهَا عَن نِساءِ أهْلِ زَمَانِهَا و نِساءِ الأُمَّةِ عِفافَةً وَ فَضلاً وَ ديناً وَحَسباً.(2) و مثل هذا قاله ابن الأثير في النهاية أيضاً.(3)
أقول: و من معاني البتول أيضاً: اَلاِنْقِطَاعُ عَنِ اَلدُّنْيَا إِلَي اَللَّهِ سبحانه و هذا المعني أيضاً جاء في بعض كتب اللغة و هو ما قيل عن فاطمة عليها السلام لانقطاعها عن الدنيا إلي الله عزّوجل.(4)
فإنّ التبتّل: الانقطاع عن الدنيا إلي الله تعالي و الإخلاص له سبحانه. فيقال للعابد «متبتّل» إذا ترك كلَّ شيء و أقبل علي العبادة لأنه قطع كل شيء إلا أمر الله و طاعته، قال تعالي: واذكُرِ اسمَ رَبِّكَ وَ تَبَتَّلْ إليهِ تَبْتِيلاَوُهُ.(5) أي أخلص له إخلاصاً.
و تعني الآية الشريفة: في ضمن ما تعنيه اذكر ربِّك بأسمائه «تعالي» التي إذا تعدت بالدعاء بها... تقطعك من كل ما سواه.
ص: 17
و في مفردات الراغب الأصفهاني: وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً أي انقطع في العبادة و إخلاص النية انقطاعاً يختص به.
و سميّت فاطمة الزهراء عليها السلام بالبتول لإنقطاعها إلي عبادة الله عزوجل فقد كان دأبها العبادة و الانقطاع إلي الله سبحانه.
روي عن مولانا جعفر بن محمد عليه السلام الي عن أبيه عن علي بن الحسين عليه السلام عن فاطمة الصغري عن الحسين بن علي عليه السلام عن أخيه الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: رَأَيْتُ أُمِّي فاطِمة عليها السلام قَامَتْ فِي مِحْرَابِهَا لَيْلَةَ اَلْجُمُعَةِ فَلَمْ تَزَلْ رَاكِعَةً و سَاجِدَةً حَتَّي انْفَجَرَ عَمُودُ الصُّبحِ و سَمِعَتُهَا تَدْعُو لِلمُؤمِنينَ و المُؤمِناتِ و تُسَمِّيهِمْ و تُكْثِرُ الدُّعاءَ لَهُمْ ولا تَدْعُو لِنَفسِها بِشَيءٍ... فَقُلْتُ لَهَا : يَا أُمَّاهْ لِمَ لاَ تَدْعِينَ لِنَفْسِكِ كَمَا تَدْعِينَ لِغَيْرِكِ؟ فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ اَلْجَارَ ثُمَّ الدَّار.(1)
و روي عن الحسن البصري: مَا كَانَ فِي هَذِهِ اَلْأُمَّةِ أَعْبَدُ مِنْ فَاطِمَةَ كَانَتْ تَقُومُ حَتَّي تَوْمَ قَدَمَاهَا.(2)
و في البحار عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: مَتَي قَامَتْ فِي مِحْرَابِهَا بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهَا جَلَّ جلاَلُهُ زهي نُورها لِمَلاَئِكَةِ اَلسَّمَاءِ كَمَا يَزْهُو نُورُ الْكَوَاكِبِ لِأَهْلِ الأَرْضِ و يَقولُ اللَّهُ عَزَّ وَجلٌ لِمَلاَئِكَتِهِ:
يَا مَلاَئِكَتِي اُنْظُرُوا إِلَي أَمَتِي؛ فَاطِمَةَ عليها السلام سَيِّدَةِ إِمَائِي قَائِمَةٌ بَيْنَ يَدَيَّ تَرْتَعِدُ فَرَائِصُهَا مِنْ خِيفَتِي و قَدْ أَقْبَلَ بِقَلْبِهَا علَي عِبَادَتِي؛ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَمِنْتُ شِيعَتَهَا مِنَ اَلنَّار. إلي آخر الحديث.(3)
و في كتاب «عدة الداعي» لصاحب الكرامات أحمد بن فهد الحلّي: وَكَانَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام اَلَّتِي تَنْهَجُ فِي اَلصَّلاَةِ مِنْ خِيفَةِ اَللَّهِ و النهج -بفتح النون و الهاء- تتابع النفس.(4)
ص: 18
و لهذه المزايا و الخصوصيات صارت «سلام الله عليها» محل العناية الإلهية...
فأحبها الله سبحانه... و أحبّها رسوله الكريم صلي الله عليه و آله و سلم... و لأنها كانت خالية من نواقص البشر و دناءاتهم فلا تحب إلاّ بميزان و لاتبغض إلاّ بميزان ، صارت معيار حبهما و بغضهما... فإذا أحبَّت شيئاً أحبه الله و رسوله صلي الله عليه و آله و سلم و إذا أبغضت شيئاً أبغضه الله و رسوله صلي الله عليه و آله و سلم. حتي قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لفاطمة عليها السلام:
إِنَّ اللَّهَ يَغضَبُ لِغَضَبٍك وَ يَرْضَي لِرِضاك .(1)
إنَّ اللَّهَ عَزَّوَجِل يَغضَبُ لِغَضَبِ فَاطِمَةَ و َيَرضي لِرِضَاها.(2)
و قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أَيضاً:
فَاطِمَةُ عليها السلام بَضْعَةٌ مِنِّي فَمَنْ أَغْضَبَهَا فَقَدْ أَغْضَبَنِي.(3)
و قال أَيضاً :
فاطِمَةُ عليها السلام بَضْعَةٌ مِنّي يُؤْذِينِي مَنْ آذَاهَا ويَسُرُّنِي مَا أسَرَّهَا.(4)
ومن الواضح أن حبّ الله سبحانه و حبّ رسوله صلي الله عليه و آله و سلم و ليس كحبّنا نحن -البشر- يتحرك للعاطفة و يتفاقم لفرطها فنرضي لرضا المحبوب و نغضب لغضبه بلا موازين... لأننا قد نحب و نبغض بلا معرفة أو وعي الجوهر المحبوب و حقيقته و ربما أحببنا ما لا يليق بالحب استسلاماً للعواطف... و ربما أبغضنا من هو جدير بالحب، استسلاماً للعواطف أيضاً.
ص: 19
أما حب الله «سبحانه» و حب الرسول صلي الله عليه و آله و سلم فهو يرجع إلي المعرفة بما للمحبوب من المواهب و الخصوصيات التي يستحق بها كل هذا الحب... و بغضهما أيضاً خاضع (للقانون نفسه).
ومن هنا أيضاً: صار حبها و بغضها عليها السلام ميزاناً للإيمان و الكفر... و معياراً لتمييز الحق من الباطل...
في بيت محمد صلي الله عليه و آله و سلم و علي سلام الله عليه... لا توجد امرأة أشرف و لاأعظم من فاطمة عليها السلام... بل علي وجه الأرض أبداً. بعد أن جعل الله سبحانه فاطمة عليها السلام أمّاً لأبيها و اختار لها علياً زوجاً و اختارها له زوجة...
قال مولانا الصادق عليه السلام: لَوْلاَ أَنَّ اَللَّهَ تَعَالي خَلَقَ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيّاً عليه السلام مَا كَانَ لَهَا كُفْوٌ عَلَي ظَهْرِ اَلْأَرْضِ مِنْ آدَمَ فَمَا دُونَهُ.(1)
و في خبر ابن مسعود عن النبي، قال: إِنَّ اللَّهَ تَبارَكَ وَتَعالي أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَ فَاطِمَةَ عليها السلام مِنْ عَلِيٍ عليه السلام.(2)
و لهذا كان بينهم مدرسة... في كل ما للحياة من معني و حاجة...
و هذا لا يجري في مقياس الجسد و مظاهره فقط و إن كانوا بمقاييسه أيضاً هم الأفضل و الأكمل إلاّ أن العناية الكبري منصرفة إلي الروح والمعني.
و لعّلك تجد إشارة أخري في كلمات رسول الله صلي الله عليه و آله تسوق أنظار المسلمين إلي هذا البيت الطاهر... تدعوهم إلي التزكية و التربية و التعلم... من أهل هذا البيت عليهم السلام.
و أيضاً... في حديث المباهلة -بقصّته المفصَّلة و دلالاته القوية المتينة -قد لا نجد تصويراً أكبر لسموّ فضلهم و رفيع مكانتهم و عظيم منزلتهم في هذا القول الشريف: لَو عَلِمَ اللَّهُ أنَّ في الأَرضِ أكرَمَ مِن عَلِيٍ و فَاطِمَةَ و الْحَسَنُ و الْحُسَيْنُ عليهم السلام لَأَمَرَنِي أَنْ أُبَاهِلَ بِهِم.(3)
ص: 20
و هذا التعبير بدلالاته القوية ينشيء في نفوسنا صوراً شتي للقيم و الفضائل تكشف عن مقاماتهم الرفيعة في العالم الروحاني... و هذا هو الشرف العظيم الذي تخشع له القلوب والضمائر .
و بهذا يتوصّل الإنسان مهما أوتي من فهم... أن عقله لا يتصوّر مثالية و لا عبقرية أرفع من مثاليتهم و عبقريتهم.
فهم الأكملون في مقاييس الفضل و السبق و معايير الشرف و الإيمان بل من أي النواحي أتيتهم تجدهم المُكَمَّلين المقرّبين...
ففي حياة علي عليه السلام و فاطمة عليها السلام و في حياة ولديهما عليهم السلام إلتقت و شائج الفضائل و المثل العليا مذ تفتّحت أكمام حياتهم و عرفوا هذا الوجود .
و إذا نظرنا إليهم من البداية إلي النهاية لرأيناهم يتقلَّبون بين أحضان الفضيلة و قد أسدلت عليهم بُردها تلفّهم من الفرع إلي القدم فلا يساويهم في سموّهم أحد و لا يدانيهم مخلوق.
و لا جرم إن كانوا كذلك وقد تربّوا في البيت الذي خرجت منه الدعوة إلي الإسلام و كفلهم صاحب الدعوة الإسلامية... ربيب الوحي ومختار الله وحبيبه صلي الله عليه و آله و سلم.
وليس عجباً بعد هذا إن كان في كل ناحية من نواحي حياتهم ملتقي للفضائل... فإن لهذه التربية أثراً فعّالاً في صبغهم بالصبغة المثالية و توجيههم إلي الفضيلة و الكمال.
حقاً... لقد كان كل واحد منهم بحكم التربية و بحكم الوراثة معجزة خالدة انفصلت من جسم رسول الله صلي الله عليه و اله وسلم لتكون معجزة في صميم الحياة.
و إن حياة كل واحد منهم تتصل بحياة رسول الله صلي الله عليه و اله وسلم و وجوده الكامل يتصل بوجوده صلي الله عليه و اله وسلم المثالي و فضائله تتصل بفضائله من الساعة الأولي التي انفصلوا فيها من وجود واستقروا في وجود آخر.
إن عرضاً موجزاً لحياتهم كفيلٌ بأن يرينا أنه بعد النبّوة لا نجد فواصل أخري بين كمال وجوده صلي الله عليه و اله وسلم و كمال وجودهم وأنَّ الله تعالي أعدَّهم للإنسانية في أعلي مثالية كما أعد رسول الله صلي الله عليه و اله وسلم من قبل.
ص: 21
والحق... أنهم المعجزة الخالدة التي كشف الزمن عنها فجاؤوا في وسط المعترك الهائج و ليسوا منه و جاؤوا بين طرفي الزمن و ليسوا من الزمن و إنما هم إشعاعة من نور الله سبحانه أفاضه علي هذا الوجود و علي هذه الإنسانية المعذَّبة يشقّ الطريق ليهديها في كل أجيالها إلي الخير و السعادة و إلي المثل العليا من الكمالات النفسية... و من هنا جعلهم قدوة لنا و للبشرية أجمع.(1)
و بهذا يتجلّي لنا الإنسان الذي يسمو في كفة الميزان في معادلات التقييم... فالراجح هو الذي تحفُّ بشخصه أعلي القيم و أقدسها و ذلك باكتساب أمثل الصفات و أزكاها و التي هي الأخري تجعله فريداً وحيداً في السمات و الخصوصيات و بالتالي ينال مقام القرب من الله سبحانه فتكون إنسانيته أكمل و منزلته أعلي و أرفع و بذا ينال درجات الولاية و يرقي عن مستوي السنن و القوانين الطبيعية للكون و الحياة. فيصبح حبّه حبّ الله سبحانه و بغضه بغض الله أيضاً... و هذا ما تجده... في بيت علي عليه السلام و فاطمة عليها السلام...
فعلي عليه السلام: في كل ناحية من نواحي الإنسانية ملتقي بسيرته.(2)
و قد ورث بحكم مولده و مرباه مناقب النبّوة و مواهب الرسالة و بلاغة الوحي و صراحة المؤمن.(3)
و قد تجمّعت فيه أخلاق محمد صلي الله عليه و اله وسلم و محمد صلي الله عليه و اله وسلم إنسان تجمعت في إنسانيته صفات روحية جعلته أفضل مخلوق و أشرف مخلوق و فوق كل مخلوق.(4)
فعلي عليه السلام تالي محمد صلي الله عليه و آله و سلم ... و فرعان لشجرة واحدة هذا للنبّوة و هذا للإمامة لم يعرف الإسلام قط أصدق إسلاماً ولا أشدّ إيماناً منه.
ص: 22
و لم يملأ الإيمان أعماق قلب مسلم قط كما ملأ قلبه عليه السلام فكان يؤثر الآخرة علي الأولي و يعمل لإرضاء ربه و إرضاء نبيّه و إرضاء شعبه ...
وصفه ضرار أمام معاوية -ألد أعدائه- فأجاد الوصف و أذعن معاوية إلي الحق الدامغ و قال:
كَانَ وَ اللَّهُ بَعِيدَ اَلْمَدْي شَدِيدَ اَلْقُوَي يَقُولُ فَصّلاً وَ يْحَكُمْ عدلاً يَتَفَجَّرُ العِلْمُ مِن جَوَانِبِهِ و تَنْطِقُ الحِكْمَةُ مِن لِسانِهِ يَسْتَوْحِشُ مِنَ الدُّنيا و زَهْرَتِهَا و يَأْنَسُ بِاللَّيْلِ و وَحْشَتِهِ وَ كانَ غَزِيرَ الدَّمعَةِ طَويلَ الفِكْرَةِ يُعْجِبُهُ مِنَ اللِّبَاسِ مَا خَشُنَ و مِنَ الطَّعَامِ ما جَشِبَ و َكَانَ فِينَا كَأَحَدِنَا يُجِيبُنَا إِنْ سَأَلْنَاهُ و يَأْتِينَا إِذَا دَعَوْنَاهُ و نَحْنُ و اللَّهِ مَعَ قُرْبِنَا مِنهُ و قُرْبِهِ مِنَّا لا نَكادُ نُكَلِّمُهُ هَيْبَةً لَهُ يُعَظِّمُ أَهْلَ الدِّينِ و يُحِبُّ الْمَسَاكِينَ لا يَطْمَعُ القَوِيُّ في باطِلِهِ وَ لا يَيْأَسُ الضَّعِيفُ مِن عَدْلِهِ وَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ يَا مُعَاوِيَةُ لَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ مَوَاقِفِهِ و قَدْ أَرْخَيَ اللَّيْلُ سُدُولَهُ و غَارَتْ نُجُومُهُ قَابِضَاً عَلَي لِحْيَتِهِ الشَّرِيفَةِ يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِيمِ وَ يَبكي بُكاءَ الْحَزِينِ وَ هُوَ يَقُولُ : إِلَيْكَ عَنّي يا دُنْيَا غُرِّي غَيْرِي أَلِيّ تَعَرَّضْتِ أم إِلَيَّ تَشَوَّقْتِ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ فَإِنِّي قَدْ طَلَّقْتُكِ ثَلاثَاً لا رَجْعَةَ لِي فِيكِ فَعُمُرُكِ قَصِيرٌ و خَطَرُكِ كَبِيرٌ وَ عَيْشُك حَقِيرٌ... ثُمَّ قالَ عليه السلام آوِ آه مِن قِلَّةِ الزَّادِ و بُعْدِ السَّفَرِ و وَحْشَةِ الطَّرِيقِ ثُمَّ بَكَي ضِرَارَ و بَكَي مُعَاوِيَةَ وَ قَالَ: رَحِمَ اَللَّه أَبَا اَلْحَسَنِ عليه السلام كَانَ وَ اللَّهِ كَذَلِكَ ثُمَّ قَالَ فَكَيْفَ حُزْنُكَ عَلَيْهِ يَا ضِرَارُ قَالَ حُزْنُ مَنْ ذُبِحَ وَلَدُهَا فِي حَجْرِهَا فَهِيَ لاَ تَرْقَي لَهَا دَمْعَةٌ وَلاَ تَسْكُنُ لَهَا زَفْرَة.(1)
هذا هو علي في كفّة الميزان... فهل يرجح عليه أحد أم هل يساويه أحد في صحبه أو صحب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ؟
و حسبه فضلاً... أن يكون مع القرآن و القرآن معه... و أن يكون مع الحق و الحق معه يدور معه كيفما دار هذا في الدنيا و في الآخرة فهو عنوان صحيفة المؤمن.(2)
كفؤ علي عليه السلام... ولولاها «سلام الله عليها»، لما كان كفؤٌ له «سلام الله
ص: 23
عليها» و لولاه عليه السلام لما كان كفؤ لها... و حسبنا دلالة علي سمو الشرف و عظم المنزلة أنها كفؤ علي عليه السلام...
قال الشاعر:
المصطفاه اصطفاه الله بارئها *** وما ارتضاه لغير المرتضي الارب
لو لم يكن لم يكن كفوا لها أحد *** و تلك كفوله في الفضل والحسب(1)
و حسبها أن تكون مختارة الله سبحانه ليباهل بها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم نصاري نجران... و من أجل هذا الاختيار نفهم التفضيل المطلق علي سائر النساء بدون مشاركة لأن العقل لا يفهم الاختيار مع التساوي في الفضيلة و المشاركة في الكمال و إلاّ لزم الترجيح بلا مرجّح و هو مستحيل علي الحكيم... فلا بدّ إذن من أفضلية و أكملية ليقع الاختيار صحيحاً طبق العقل.
و إذا كانت «سلام الله عليها» قد اختارها الله سبحانه مع من اختار فما ذلك إلاّ من سموّ القدس و غلبة الروحانية في الإنسانية الطاهرة المهذَّبة و إذا غلبت الروحانيّة فقد تكاملت المثل العليا في النسوية العالمية.
و علي قدر نشأة النواميس الروحيّة في النفس البشرية تسمو الإنسانية و ترتفع إلي منزلتها السامية التي أعدّت لها في المكان الأرفع.
و حيث تجمّعت القوي الروحيّة و النواميس القدسية في هذا الملاك النسوي الطاهر فقد تهيّأت النفس للمثل العليا و خرقت المألوف و المعتاد في اطّرادها البشري حتي تستحيل إلي معجزة في كمال الوجود و كمال الفضيلة.(2)
و لهذا كانت فاطمة سلام الله عليها... أم النبوة و الإمامة بعد أن تجمّعت في كيانها النسوي فضائل روحية و كمالات نفسية رفعتها في الإنسانية إلي أرقي الدرجات التي يمكن أن ترتفع إليها إمرأة... فكانت
ص: 24
صورة فريدة للكمال الإنساني في جانبه النسوي و مدرسة إنسانية كاملة تجمّعت في شخصها كل معاني العظمة و الفضيلة و الشرف و الكمال بل سمت في كل مجال...
فكانت خير بنت لأبيها...
و خير زوجة لزوجها...
و خير أم لبنيها...
و خير قدوة لأمثالها...
و من أجل ذلك كلّه... و أكثر... كانت جديرة بأن تمثّل القمة في مستوي الكمال البشري في بُعده النسوي... و من أجل ذلك أيضاً صارت سيّدة نساء العالمين كما وصفها المتحدث بلسان الغيب صلي الله عليه و آله و سلم.(1)
قالت عائشة و هي تزفّ فاطمة سلام الله عليها إلي علي عليه السلام مع سائر نساء النبي و نساء المهاجرين و الأنصار ليلة العرس:
يا نسوةُ استترنَ بالمعاجر *** و اذكرنَ ما يَحسُنُ في المَحاضرِ
و اذكرنَ ربَّ الناس إذ يخصُّنَا *** بدينه مع كلّ عبد شاكر
و الحمدلله علي أفضاله *** و الشكرُلله العزيز القادر
سرنَ بها و الله أعلي ذكرها *** و خصّها منه بطهرٍ طاهر
و أخذت حفصة تنشد في مدحها أيضاً في نفس الليلة و المناسبة :
فاطمة خيرُ نساءِ البشر *** و مَن لها وجهٌ كوَجهِ القمر
فضّلك اللهُ علي كلِّ الوري *** بفضلِ مَن خُصَّ باي الزُمر
زوجك الله فتّي فاضلاً *** أعني علياً خيرَ مَن في الحَضر
فَسرنَ جاراتي بها إنّها *** كريمةٌ بنتُ عظيم الخطر (2)
ص: 25
تمَّ الزواج المبارك بين أعظم غصنين لأعظم رسالة هبطت علي الأرض...
فماذا كان الصداق؟ هل الكثير من الأموال... و أنواع الملابس... و الأطعمة و الأشربة؟... كلاّ... و لا القصر العاجي و لا هذا و لا ذاك... أبداً... وحُقَّ له أن يكون هكذا... لأن الذي سمت فيه الروحانية... و تجلّي فيه القدس و الطهارة و عذوبة القيم... يأبي أن يعيش في حضيض المادة و دناءتها التي تخدع و لا تخصب، يأبي أن تصفّده الدنيا التي تغرّ و تضر و تمر بأصفادها فتحدّ من سموّه و رفعته... الذي سمي فيه المعني يأبي إلاّ أن يعيش المعني أيضاً و يتعامل مع الحياة هكذا أيضاً.
أعود وأسأل ماذا كان الصداق؟ كان الصداق درعاً حطمية... شاركت الإمام في جهاده في سبيل الله سبحانه وصدّت عنه سيوف الأعداء و رماحهم المغموسة بالكفر و النفاق و العداوة للدين... هذه الدرع التي حمت الإمام في أشد المواقف و أصعبها لتحفظه من المكاره و الآلام هي الأخري ... صارت مهراً لفاطمة عليها السلام.
هذه الدرع باعها علي عليه السلام بأربعمائة و ثمانين درهماً و أتي بالمبلغ و وضعه بين يدي النبي صلي الله عليه و آله... وزَّع النبي المال علي النحو التالي:
160 درهماً لشراء العطور و كلَّف بلالاً بشرائها.
160 درهماً لشراء الثياب.
66 درهماً لمتاع البيت.
96 درهماً دفعها إلي أمّ سلمة لتبقيه لديها.
و قد اختار هيئة من الصحابة لشراء الثياب و المتاع كان منهم أبوبكر و عمار بن ياسر فاشتروا جهاز العرس و هو كالتالي: (1)
1- قميص بسبعة دراهم !
ص: 26
2- خمار بأربعة دراهم!
3- قطيفة سوداء خيبرية!
4 - سرير ملفوف بشريط من الخوص!
5- فراشان من خيش مصر، حشو أحدهما ليف وحشو الآخر من صوف الغنم!
6- أربع مرافق (مُتكَات) من أدم الطائف حشوها «إذخر» و هو نبات طيِّب الرائحة.
7- ستر رقيق من الصوف!
8- حصير هجري!
9- رحي يد.
10 - مخضب من نحاس لغسل الثياب !
11 - قربة صغيرة !
12 ۔ قدح من خشب !
13- قرية صغيرة لتبريد الماء !
14- مطهرة «إناء مزفّت» !
15- جرَّة خضراء!
16- أكواز من خزف!
17- بساط من الجلد!
18- عباءة قطوانية!
هذا هو الجهاز... فحملته الهيئة إلي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و وضعته أمامه فجعل صلي الله عليه و آله و سلم يقلّبه بيده و يقول: (بَارَكَ اَللَّهُ لِأَهْلِ اَلْبَيْتِ؛(1) اَللَّهُمَّ بَارِكْ لِقَوْمٍ جُلُّ آنِيَتِهِمُ الخزف .(2)
ص: 27
أما الإمام عليه السلام فماذا كان إعداده لبيت الزوجية؟ كان كما يلي:
- فرش حجرة النوم بالرمل الناعم.
- نصبَ خشبة من حائط إلي حائط.
- إهاب كبش و مخدّة ليف وضعها علي الأرض.
- منشفة علّقها علي الحائط.
- وضع علي الأرض قربة ماء و منخلا لنخل الدقيق.(1)
هذا هو جهاز الزوجية لأطهر بيت عرفته الإنسانية علي طول التاريخ أنجب لها طاهراً بعد طاهر يربّون أجيالها علي القدس و الطهارة.
و هذه هي الصورة المثلي لواقعية الإسلام... و مناهجه السهلة السمحة في التعامل مع الحياة و التخفيف عن كاهل الأزواج بالنسبة للمهور و الإعداد لتكوين الأسرة السعيدة ... و هو الحل الحاسم لكثير من المشاكل الروحية و الجنسية التي يضج بها العالم المتمدّن اليوم.
فأين مجتمعنا الإسلامي اليوم من هذا؟
و بعد ذلك كلّه... فهي عليها السلام غير علي عظمتها و علّو منزلتها و سموّ درجتها عاشت في بيتها مع زوجها و أولادها كأيّ امرأة أخري... لتكون أسوة و قدوة لأجيال النساء... تعال لنسمع ما يقوله علي عليه السلام عنها و هو الأعرف بها في البيت...
قال علي عليه السلام لرجل من بني سعد: ألا أحدّثك عنّي و عن فاطمة عليها السلام؟
إنّها كانت عندي و كانت من أحبّ أهل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم...
- و إنّها استقت بالقِربة حتي أثَّر في صدرها.
- و طحنت بالرحي حتي مجلت -يداها ثخن جلدها-.
- و كسحت البيت حتي اغبرَّت ثيابها.
ص: 28
- و أوقدت النار تحت القِدر حتي دكنت -اغبرّت و اتّسخت- ثيابها.
فأصابها من ذلك ضرر شديد... فقلت لها:
لو أتيتِ أباك فسألتيه خادماً يكفيك حرَّ ما أنتِ فيه من هذا العمل،
فأتت النبي صلي الله عليه و آله و سلم فوجدت عنده حُداثاً -جماعة يتحدثون- فاستحت فانصرفت.
قال: فعلم النبي صلي الله عليه و آله و سلم أنّها جاءت لحاجة...
قال: فغدا علينا و نحن في لفاعنا -لحاف- فقال:
السلام عليكم، فسكتنا (1) و استحيينا لمكاننا، ثم قال: السلام عليكم فسكتنا. ثم قال: السلام عليكم... فخشينا إن لم نردّ عليه أن ينصرف و قد كان يفعل ذلك ثلاثاً فإن أذن له و إلا انصرف...
فقلت: و عليك السلام يا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ادخل .
فلم يعدُ أن جلس عند رؤوسنا فقال:
يا فاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمد صلي الله عليه و آله و سلم؟
قال: فخشيت إن لم تجبه أن يقوم... قال:
فأخرجت رأسي فقلت: أنا -و الله- أخبرك يا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم!
إنها استقت بالقربة حتي أثّر في صدرها وجرّت بالرحي حتي مجلت يداها و كسحت البيت حتي اغبرّت ثيابها و أوقدت النار تحت القِدر حتي دكنت ثيابها فقلت لها:
لو أتيتِ أباكِ فسألتيه خادماً يكفيك حرّ ما أنتِ فيه من العمل.
فقال صلي الله عليه و آله و سلم:
أفلا أعلّمكما ما هو خير لكما من الخادم؟
ص: 29
إذا أخذتما منامكما فسبّحا ثلاثاً وثلاثين... و احمداً ثلاثاً و ثلاثين... و كبّرا أربعاً و ثلاثين.
قال: فأخرجت عليها السلام رأسها فقالت:
رضيت عن الله و رسوله صلي الله عليه و آله و سلم... رضيت عن الله و رسوله صلي الله عليه و آله و سلم... رضيت عن الله و رسوله صلي الله عليه و آله و سلم.(1)
فلزمت «صلوات الله عليها» هذا التسبيح بعد كل صلاة و نسب إليها هذا التسبيح فيقال: تسبيح فاطمة عليها السلام.
و عن قرب الإسناد عن مولانا الصادق عليه السلام أنه قال:
يَا أَبَا هَارُونَ إِنَّا نَأْمُرُ صبيانَنا بِتَسْبِيحِ فَاطِمَةَ عَلَيها السلام كَما نَأمُرُهُم بِالصَّلاةِ فَالْزَمْهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ عَبْدٌ فَشَقِيَ . (2)
و في مجمع البيان عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال:
مَنْ سَبَّحَ تَسْبِيحَ فَاطِمَةَ عليها السلام لاَ فَقَدْ ذَكَرَ اَللَّهَ ذِكْراً كَثِيرَاً.(3)
و الروايات في فضل تسبيح فاطمة «سلام الله عليها» كثيرة و مختلفة في كيفيتها و في بعضها... التكبير ثم التحميد ثم التسبيح... و هو الأشهر و الأقوي عند فقهائنا الأعاظم.
و قد اتضح مما تقدم... أن مولاتنا الصديقة سلام الله عليها مع جلالة قدرها و عظم شأنها و شرف نسبها كانت تقوم بأعمال البيت و تدير أموره بنفسها و كان مولانا أمير المؤمنين عليه السلام و هو الصديق الأكبر سلام الله عليه يعينها علي ذلك أيضاً ففي جامع الأخبار عن علي عليه السلام قال:
دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّي اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ و سَلَّمَ وَ فَاطِمَةُ عليها السَّلاَم جَالِسَةٌ عِنْدَ اَلْقِدْرِ وَ أَنَا أُنَقِّي اَلْعَدَس
ص: 30
قَالَ: يَا أَبَا اَلْحَسَنِ عليه السلام قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسولَ اللَّهِ صلي الله عليه و آله. قَال: اِسْمَعْ مِنِّي و مَا أَقُولُ إِلاَّ مِن أَمْرِ رَبِّي مَا مِن رَجُلٍ يُعِينُ امْرَأَتَهُ فِي بَيْتِهَا إِلاَّ كَانَ لَهُ بِكُلِّ شَعرَةٍ عَلي بَدَنِهِ عِبادَةُ سَنَةٍ صِيامٍ نَهَارُها و قِيامٍ لَيْلُها... إلي آخر الحديث.(1)
وهكذا... نري في بيت فاطمة عليها السلام، أروع صور التعاون و المحبة و المواساة، و البساطة في العيش، كما نري البيت، المدرسة...
فمع أنها بنت النبي عليها السلام و وعاء رضا الله سبحانه و غضبه، فقد بدأت تمارس وظائف البيت من أول يوم حلت زوجة فيه و دأبت علي ذلك أياماً طوالاً حتي وهبها الله الحسن والحسين عليهم السلام.
لكن مسؤولية البيت و مسؤولية الزوج و مسؤولية الأولاد... و إضافة إلي مسؤولية المجتمع و نشر الأحكام و تعليم النساء الدين و الأخلاق... صباح مساء، كل ذلك جعلها ترجو رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في استئجار خادمة لها تعينها في بعض شؤون المنزل...
فأنفذ لها جارية للخدمة سماها «فضّة»... و لما حصلت علي خادمة لم تخلد إلي الراحة أبداً بل و زّعت الوظيفة و جعلت يوماً لها و يوماً لخادمتها في إدارة شؤون البيت. فيا لروعة الإسلام و عظمة الإنسانية فيه...
ابنة رسول الله عليها السلام... المرأة الأولي في الإسلام و الزوج القمة... تأبي أن تترك العمل إلي الخادمة... و تأبي أن تكون السيّدة التي لا تهمها شؤون الزوج و الأولاد... دون أن تسهر عليها... و تتفاني في سبيلها...
إنّها بذلك... جسَّدت أروع الصور للزوجة الحريصة... و الأم المسؤولة... و في الوقت نفسه المواسية لمن هو دونها في المقام و الشرف. و لهذا كانت أجواء البيت نقيّة هادئة تزيّنها العواطف و يحكمها الحب و التفاهم و يعيش في أكنافها الوئام ففي البحار عن المناقب قال علي عليه السلام:
فَوَاللَّهِ مَا أَغْضَبْتُهَا وَ لاَ أَكْرَهْتُهَا عَلَي أَمْرٍ حَتَّي قَبَضَهَا الله عزّوجل
ص: 31
ولا أَغْضَبْتَنِي ولا عَصَتْ لِي أَمراً لَقَد كُنتُ أَنظُرُ إلَيْهَا فَتَنْكَشِفُ عَنِّي الهُمُومُ وَالأَحْزانُ .(1)
وفي تفسير العياشي عن مولانا الباقر عليه السلام:
إِنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ ضَمِنَتْ لِعَلِيٍ عليهِ السَّلامُ عَمَلَ الْبَيْتِ و الْعَجِينَ وَ الْخُبْزَ و قُمَّ الْبَيْتَ و ضَمِنَ لَهَا عَلِيٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ما كانَ خَلفَ البابِ: ثِقَلُ الحَطَبِ و أن يَجيءَ بِالطَّعامِ.(2)
وفي هذه القصة التي رواها الأربلي في «كشف الغمة» من الدلالات ما يغنينا عن مزيد من البيان لأخلاق فاطمة عليها السلام و أسلوبها في التعامل داخل البيت... و من هذا نعرف مستوي السمو في المرأة و كيف تصبح المرأة مدرسة . قال : أصبح علي عليه السلام ذات يوم فقال:
يَا فَاطِمَةُ عليها السلام عِنْدَكِ شَيْءٌ تُغَذِّينِيهِ ؟
قَالَتْ لا وَالَّذي أكرَمَ أبِي بِالنُّبُوَّةِ و أكْرَمَك بِالوَصِيَّةِ ما أصبَحَ الْيَوْمَ عِنْدِي شَيْءٌ أُغَذِّيكَاهُ و مَا كَانَ عِنْدِي شَيْءٌ مُنْذُ يَوْمَيْنِ إِلآ شَيْءٍ كُنْتُ أُوثِرُكَ بِهِ عَلَي نَفْسِي و عَلَي ابْنَيَّ هَذَيْنِ حَسَنٍ وَحُسَينٍ عليهم السلام.
فَقَالَ عَلِيٌ عليه السلام: يَا فَاطِمَةُ عليها السلام أَلا كُنْتِ أعلمتني فَأَبْغِيكُمْ شَيْئاً ؟
فَقَالَتْ يَا أَبَا اَلْحَسَنِ عليه السلام إِنِّي لَأَسْتَحِي مِنْ إِلَهِي أَنْ تُكَلِّفَ نَفْسَكَ مَا لاَ تَقْدِرْ عَلَيْهِ.(3)
وفي هذا خير عبرة... و نموذج لنسائنا اليوم!!
هذا غيض من فيض من سيرة الصديقة الكبري عليها السلام... و تعاملها مع الحياة...
و أما عن علومها و بلاغتها و جهادها و صبرها... و سائر ما جمعه لنا التاريخ عنها من فضائل و خصوصيات فلا يسع لها هذا المجال... فراجع في ذلك كتب الروايات و التاريخ .
ص: 32
في حديث الكساء جعلها ربها «سبحانه وتعالي» محورا للمعصومين سلام الله عليهم تدور عليه أفلاك النبوة و الإمامة... و ذلك عندما قال الأمين جبرئيل: يا رب ومن تحت الكساء؟ فقال عزّوجل : هم أهل بيت النبّوة و موضع الرسالة... هم فاطمة و أبوها و بعلها و بنوها.
فقد جعلها «سبحانه» المحور في تعريفهم و الإشارة إليهم فهي مركزهم و قطب رحاهم أجمعين عليهم الصلاة و السلام.
ولعل السرّ في ذلك يكمن في وجوه منها:
أولا: إنَّ الملائكة كانوا قد عرفوا فاطمة حين كانوا في الظلمة ثم ببركة نور فاطمة رأوا النور.
و لعلّ في حديث جابر الذي نقله عن مولانا الصادق عليه السلام المتقدم إشارة إلي هذا المعني .
ثانياً: أو لعلّ السرّ هو نفس مفاد الحديث القدسي المتقدم:
لَوْلاَكَ لَمَا خَلَقْتُ الْأَفْلاكَ وَ لَولا فَاطِمَةُ عليها السلام لَمَّا خَلَقْتُكُمَا .(1)
بلحاظ أنَّها عليها السلام غاية الغايات كما تقدم.
ثالثاً: وربّما يكون السرّ ما ورد في الحديث الشريف عن مولانا الصادق عليه السلام: هِيَ الصِّدِّيقَةُ الكُبري عليها السلام وَعَلي مَعرِفَتِها دَارَتِ اَلْقُرُونُ اَلْأُولَي.(2)
ص: 33
و الصديق علي وزن فعّيل للمبالغة و هو المداوم علي التصديق بما يوجب الحق و في الخبر: فَاطِمَةُ عليها السلام صِدِّيقَةً و لَمْ يَكُنْ بَعْلُهَا إِلاَّ صِدِيقَةٌ وَ مَريَمَ عليها السلام كانَت صِدِّيقَةً فِي قَوْلِهِ تَعَالَي: «وَ أُمُّهُ صِدِيقَةٌ»(1) إِلاَّ أَنَّ فَاطِمَةَ عليها السلام هِيَ الصِّدِّيقَةُ الكبْري.(2)
و قد قرَّر الله سبحانه لنظام الكون محاور و أقطاباً و سيَّر المخلوقات بحركة دورانية حول القطب فكل مجموعة منها تدور حول قطبها و محورها بمعني أنَّها ترجع إلي حيث ابتدأت في مسيرها الأول...
و هذه الحركة لا تختص بأجزاء الكون الصغيرة دون الكبيرة و لا العكس... كلاَّ... فإنَّ نظام الكون و حركته ابتداءً من الذرّة إلي المجرّة كلها متشابهة المسير و الحركة متطابقة النظام مما يدلّل علي وحدة الخالق و حكمته...
فالذرّة نواتها قطب رحاها و تدور حول القطب الالكترونات التي تحمل الشحنات السالبة بأعدادها الخاصة و مداراتها الخاصة و بسرعة خاصة و نظام خاص أيضاً كما ثبت في علم الذرّة.
و كذلك نظام الأفلاك يجري علي القانون و النظام نفسه... فالشمس و القمر و الكواكب يدور كل واحد منها حركة دورية حول القطب...
و هكذا ماء البحار تبخّره الشمس نهاراً فيصعد إلي السماء ثم ينزل منها إلي البحار ثانية بشكل أمطار... و هكذا سائر المخلوقات من الأشجار و الحيوانات تبتديء من الأرض و تنتهي إلي الأرض بما فيها الإنسان أشرف مخلوقات الله سبحانه.
و قد أشار القرآن الحكيم إلي هذه الحقيقة في الخلق فقال: وَاللَّهِ أَنْبَتَكُمْ مِنَ اَلْأَرْضِ نَبَاتَاً.(3)
فالإنسان نبات ينبت في الأرض القريبة بلحاظ نطفة الأب التي تنشأ من الأرض و ثمارها.
ص: 34
أو الأرض الأبعد بلحاظ رحم الأم. لأن النطفة تنبت في رحم الأم و بمجاز الأوّل ترجع إلي الأرض لأن رحم الأم خلق هو الآخر من الأرض.
و علي أيِّ حال... ينبت الإنسان نباتاً في الأرض فإذا مات عاد ثانية إلي الأرض و مِنها خَلَقْناكُم و َفيها نُعِيدُكُم .(1)
و هكذا الأمر في المعنويات أيضاً. فعندما نقول إنهم عليهم السلام محور الكون بمعني أنهم سبب إضافته.
و لذلك صاروا قطب رحي الوجود و عليهم تدور القرون و فاطمة سلام الله عليها هي محور هذا القطب العظيم. وَ عَلَي مَعْرِفَتِها دارَتِ القُرونُ الأولَي.(2)
هذا بالنسبة للكون بشكل مطلق و أما بالنسبة للبسر بشكل خاص فإنهم ليسوا فقط محور خلقه و وجوده بل هم أيضاً محور هداه و كماله...
فكلّ مجالات البشر للوصول إلي الكمال، لتدور حول قطب كمالهم عليهم الصلاة و السلام و تقتبس منه ما تقدر.
و هذا ليس بالأمر المستحيل و ذلك لأن الله سبحانه جعل للماديات مخازن يستمد من خزينها الآخرون...
فالشمس مخزن النور و الحرارة و الدفء يستمد العالم منها هذه العناصر الأساسية للحياة.
و البحار مخازن المياه و الأرض مخزن التراب و الجبال مخازن المعادن و الفلزات و الأزهار مخازن العطور... و هكذا...
وَللَّهُ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالأرضِ.(3)
فكذلك جعل الله سبحانه المعنويات هكذا. فالأم مخزن العاطفة و الحب و الرحمة و الأب مخزن الشفقة و هكذا.
ص: 35
و لعلّه من هنا أيضاً صارت فاطمة الزهراء عليها السلام -أمّ أبيها- لأنه كان يلمس فيها الحنان و الدفء و العطوفة التي تحنو بها الأم علي ولدها.
فهي بضعة منه جسداً و فلذة منه تكويناً إلاّ أنه منها سكناً و عطفاً و حناناً و لهذا تواترت الأخبار بأنه كان إذا أراد السفر كان آخر عهده بفاطمة عليها السلام و إذا رجع كان أوّل عهده بها.
لأنّها «سلام الله عليها» خزانة العاطفة و الحب و الرحمة.
و أهل البيت عليهم الصلاة و السلام خزانة علم الله سبحانه و أخلاقه و آدابه... و كلّ البشرية تستمد منهم مختلف العلوم و المعارف و الكمالات الإنسانية.
إذ كلّ علم و معرفة يعود إليهم و كل كمال هم مصدره و منبعه كما في الروايات المتضافرة و لهذا صاروا قدوة للبشر. لأنهم قطب رحي الكمال المعنوي في الكون.
و بعد كلّ ما تقدم من مقامات لا يبقي مجال للاستغراب إذا قلنا بأننا لا ندرك من فاطمة «سلام الله عليها» سوي أنوارها القاهرة التي تخرق حجب النفس فتبهرنا كمالاتها السامية.
و عندها لا نملك إلاّ أن نؤمن بعظمتها دون أن نعرف سرَّها الغيبي المكنون حق المعرفة و هذا الأمر لا يختص بإنسان دون إنسان بل كل ما علي الأرض من البشر -سوي المعصومين عليهم السلام- لا يدركون سرَّ العظمة في فاطمة عليها السلام و لا بوسعهم استيعاب مضامينها الرفيعة كما ينبغي.
كيف؟ و قد سمّاها ربها فاطمة عليها السلام لما فطم الناس عن معرفتها.(1)
و في الآخرة تفطم شيعتها و محبيها من نار جهنم.(2)
و هي بين الدنيا و الآخرة منفطمة عن الطمث و الشر و كل منقصة بشرية...
ص: 36
بل و قد فطمها سبحانه بالعلم بالميثاق.(1)
و أيضاً شق الله سبحانه لها اسماً من أسمائه الحسني فهو الفاطر و هي الفاطمة عليها السلام.(2)
و بهذا كله و بغيره صارت سلام الله عليها قطب رحي الوجود الذي دارت عليه سنن التكوين... و عليها دارت القرون الأولي.
و من هنا... أصبحت سلام الله عليها وعاء مشيئة الله و رضاه و غضبه فيغضب الله لغضب فاطمة عليها السلام ويرضي لرضاها عليها السلام في الدنيا والآخرة.(3)
قال الشاعر:
مشكاةُ نوِر الله جَلَّ جلالُه *** لَمّا تنزّلت أكثرت كثراتُها
هي قطب دائرة الوجود و نقطة *** زيتونة عمَّ الوري بركاتُها
هي أحمدُ الثاني و أحمد عصرِها *** هي عنصر التوحيدِ في عرصاتِها(4)
ص: 37
رغم كل ما تقدم من معان و أسرار عن مقام الصديقة سلام الله عليها و عظمتها عند الله سبحانه و دورها الكبير في هذا الكون الرحيب فإن الأدباء عمومة والشعراء منهم علي الخصوص كانوا و ما زالوا يترنّمون باسم فاطمة عليها السلام مدحاً و رثاءَ.
إن الشعراء مهما أُوتوا من قدرة علي الخيال و الإبداع و الإلهام... و هم الذين صوّروا لنا الكثير و ربطوا بين حقائق الكون و نفذوا برؤيتهم الخارقة إلي بطون الأشياء و أضفوا عليها سحراً و إبداعاً من صنع خيالهم وعبّروا في كثير من الأحيان من المظاهر الخارجية إلي البطون و من المادة إلي المعني و استطاعوا أن يصوّروا لنا المعاني المجرّدة الغائبة عن الحس و يقرّبوها إلي الفهم و الإدراك...
و بكلمة:
إنَّ الشعراء الذين و ظّفوا الشعور لربط عناصر الكون و استخدموا الذوق لإكتشاف الحقائقِ و تصويرها... هم أيضاً فطموا عن معرفة فاطمة عليها السلام و عجزوا في الوصول يوماً إلي ساحل بحرها.
فهم مهما أوغلوا في التأمّل و سرحوا في الخيال وعمّقوا النظرة تبقي نظراتهم جوّالة في هذا العالم الغيبي العجيب، فلا يتمكنون أن يبصروا فيه ، سوي إشراقات روحية باهرة يخطف ضوؤُها الأبصار.
و عندها لا يملكون إلاّ أن يفجّروا مواهبهم الخلاّقة لتصوير هذا النور
ص: 38
الساطع و ذكر سماته و خصوصياته مدحاً و ثناءً و حباً و شوقاً دون أن يصلوا إلي جوهره المكنون.
و من هنا... فإن الشعراء عندما ينظمون الشعر في أهل البيت عليهم الصلاة و السلام لا يهدفون منه اكتشاف هذا السر الإلهي العظيم و قد اعترفوا بعجزهم عن ذلك.
ص: 39
و إنما ينظمون الشعر في أهل البيت عليهم الصلاة و السلام بدوافع عديدة سنذكر بعضها علي التوالي:
الأول: دافع العقيدة :
بمعني إبراز العقيدة و نشرها في مقابل العقائد الأخري.
و كان هذا الدافع الأكثر حظاً في العصور الأولي من الهجرة نظراً التموّج العقائد و رواجها الكثير في ذلك الوقت و الذي كانت من ورائه السياسة في أغلب الأحيان حتي انقسمت الأمة الإسلامية إلي مذاهب و مسالك عديدة و كل مذهب له أنصاره و مفكروه و مروّجوه.
و من الواضح... أنّه في ذلك الزمان كان الشعر و الشعراء يحتلان مكان الصدارة في المجتمع لأنّهما المرآة العاكسة للأوضاع و أفضل وسيلة إعلامية لترويج المباديء و الأفكار فما من حدث أو مبدأ أو دين إلاّ و استخدم الشعر سلاحاً و الشعراء أنصاراً له دعماً لنفسه و تشهيراً بأعدائه.
و لذلك كان الشعراء يمثّلون واجهة المذاهب و موجّهي المجتمع...
و قليلاً ما تجد للشعراء موقفاً بعيداً عن الأوضاع و الحياة الاجتماعية و السياسية التي يعايشونها...
فأكثر الأحداث كان للشعراء فيها موقف و فكرة... خاصة في ذلك الوقت. حيث مواسم إزدهار الشعر و شموخ حضارته و نبوغه.
ص: 40
شعراء العقيدة:
وقد برز في ذلك الزمان بالذات رجال من كبار شعراء العرب و الإسلام ، بلغوا قمة الأدب العربي بلاغةً و فصاصة، كالكميت بن زيد الأسدي و السيد الحميري و الفرزدق و العبدي و دعبل الخزاعي و أمثالهم من الرعيل الأول...
اعتنقوا التشيّع مذهباً و امتداداً لخط النبوّة و آمنوا بأهل البيت عليهم الصلاة و السلام إيماناً واضحاً وقوياً فوقفوا يبرّزون عقيدتهم و يظهرونها علي العقائد الأخري التي كان الحكّام يرّوجونها و يسخّرون من أجل نشرها الكثير الكثير من الشعراء و أهل الأدب ... و كان هدفهم في ذلك ترويج التشيّع و نشر مبادئه السامية بين الناس أو الذبّ و الدفاع عنه أمام شبهات المبطلين... و خاصة قضية الولاية و الإيمان بالأئمة عليهم السلام و قد ذكر العلامة الأميني في الغدير الكثير منهم و هنا نشير إلي بعضهم علي عجالة...
الكميت الأسدي:
أبو المستهل الكميت الأسدي المولود سنة (60 ه_) و المتوفي سنة (126 ه_) و يجد الباحث في خلال السيَر شواهد واضحة علي أن الرجل لم يتخَّذ شاعريته وما كان يتظاهر به من التهالك في ولاء أهل البيت عليهم السلام وسيلة لما تقتضيه النهمة و موجبات الشره من التلمّظ بما يستفيده من الصلات و الجوائز أو الحصول علي رتبة أو راتب و لو أراد لوصل بعد أن انهالت الدنيا و مغرياتها علي الأمويين و أخذوا يرتعون فيها ما يشاؤون... و لكنّه يلوي بوجهه عنهم إلي أناس مضطهدين مقهورين و يقاسي من جرّاء ذلك الخوف و الاختفاء تتقاذف به المفاوز و الحزون ليس من الممكن أن يكون ما يتحداه إلا خاصة فيمن يتولاهم و هذا هو شأن الكميت مع أئمة الدين عليهم السلام فقد كان يعتقد فيهم اعتقاد المؤمن الحق الذي يؤمن بأنهم وسائله إلي المولي سبحانه و واسطة نجاحه في عقباه و أن موّدتهم أجر الرسالة الكبري...
و من شعره الذي قاله شارحاً أوضاع زمانه و عقيدته بأهل البيت عليهم السلام قوله:
فقل لبني أميّةَ حيث حَلُّوا *** و إن خفتَ المهنَّدَ و القطيعا
ص: 41
ألا أفِّ لدهر كنت فيه *** هدانا طائعالكم مطيعا
أجاعَ الله من أشبعتموه *** و أشبعَ مَن بِجورِكم أُجيعا
ويلعَنُ فأمته جهاراً *** إذا ساسَ البريةَ و الخليعا
بمرضيّ السياسةِ هاشميِّ *** يكونُ حياً لأمّته ربيعا
و ليثاً في المشاهد غير نكسِ *** لتقويم البرية مستطيعا
يقيم أمورَها و يذبّ عنها *** و يتُرك جَّدبها أبداً مرِيعا
و لشدة ولاء الكميت لأهل البيت عليهم السلام و تمسّكه الصادق بمذهبهم كان يحظي بمكانة خاصة عندهم و كانوا يدعون له أيضاً.
روي الشيخ الأكبر الصفّار في «بصائر الدرجات» بإسناده عن جابر قال:
دخَلت عَلَي الْبَاقِرِ عَلَيه السلام فَدَخَلَ الْكُمَيْتُ. فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أَنْشُدُكَ؟ فَقَالَ: أنشد فَأَنْشَدَهُ قَصِيدَةً فَقَال: يَا غُلاَمُ؟ أَخْرِجْ مِنْ ذَلِكَ اَلْبَيْتِ بَدْرَةً فَادْفَعْهَا إِلَي اَلْكُمَيْتِ. فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاكَ أنشدُكَ أُخْرَي؟ فَأَنْشَدَهُ. فَقَالَ: يَا غُلاَمُ؟ أَخْرِجْ بَدْرَةً فَادْفَعْهَا إلَيْهِ. فَقَالَ: جُعِلْتُ فِدَاك و اللَّهِ مَا أُحِبُّكُم لِعَرَضِ الدُّنيَا وَ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إلاَّ صِلَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه و آله و سلم وَ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ اَلْحَقِّ فَدَعَا لَهُ البَاقِر عليه السلام.
و كان أهل البيت عليهم السلام لا يردّدون شعره و يكلّمونه في الرؤي الخاصة التي كان يراها هو أو أصحابه...
روي الكراجكي في كنز الفوائد صفحة 154 بإسناده عن هناد بن السري قال:
رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في المنام فقال لي: يا هناد، قلت: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: أنشدني قول الكميت:
ويوم الدوّح دوح غديرخمِّ *** أبان له الولاية لو أطيعا
قال : فأنشدته . فقال لي: خذ إليك يا هنّاد ؟ فقلت : هات يا سيدي ؟ فقال عليه السلام :
وَ لَم أرَ مثل ذاك اليوم يوماً *** و لم أرَ مثله حقاً أضيعا
و قال المرزباني في معجم الشعراء 348 : مذهب الكميت في التشيّع
ص: 42
و مدح أهل البيت عليهم السلام في أيام بني أمية مشهور.
و قال السندوي: كان الكميت من خيرة شعراء الدولة الأموية و كان عالماً بلغات العرب و أيامهم و من خير شعره و أفضله الهاشميات و هي القصائد التي ذكر فيها آل بيت الرسول سلام الله عليهم بالخير.
و روي أبو الفرج الأصفهاني في كتاب الأغاني ج15 صفحة124 بإسناده عن محمد بن علي النوفلي قال: سمعت أبي يقول: لمّا قال الكميت الشعر كان أوّل ما قال الهاشميات فسترها ثم أتي الفرزدق بن غالب فقال له : يا أبا فراس؟ إنّك شيخ مضر و شاعرها و أنا ابن أخيك الكميت قال له: صدقت أنت ابن أخي فما حاجتك؟
قال: نفث علي لساني فقلت شعراً فأحببت أن أعرضه عليك فإن كان حسناً أمرتني بإذاعته وإن كان قبيحاً أمرتني بستره و كنت أوّلي من ستره عليَّ .
فقال له الفرزدق: أمّا عقلك فحسن و إنّي لأرجو أن يكون شعرك علي قدر عقلك فأنشدني ما قلت فأنشده:
طربت و ما شوقاً إلي البيض أطربُ.
قال فقال لي: فيمَ تطرب يا بن أخي؟ فقال : و لا لعباً منّي و ذوالشيب يلعب؟!
فقال : بلي يا بن أخي؟ فالعب فإنّك في أوان اللعب فقال:
و لم يلهني دار و لا رسم منزل *** و لم يتطرَّبني بنان مخضَّب
فقال: ما يطربك يا بن أخي؟ فقال:
و لا السانحات البارحات عشيّة *** أمرَّ سليم القرن أم مرَّ أعضب
فقال: أجل لا تتطيَّر فقال:
ولكن إلي أهل الفضائل و التقي *** و خير بني حوّاء والخير يُطلبُ
فقال: و من هؤلاء ؟ و يحك... قال:
إلي النفر البيض الذين بحبِّهم *** إلي الله فيما نابني أتقرَّب
ص: 43
قال: أرحني و يحك مَن هؤلاء؟! قال:
بني هاشم رهط النبي فإنّني *** بهم و لهم أرضي مراراً و أغضب
خفضت لهم مني جناحي مودّة *** إلي كنف عطفاه أهل و مرحب
و كنت لهم من هؤلاء وهؤلا *** محباً علي أنّي أذمُّ و أغضب
و أرمي و أرمي بالعداوة أهلها *** و إني لأوذي فيهم و أؤنّب
فقال له الفرزدق: يا بن أخي ؟ أذع ثم أذع فأنت والله أشعر من مضي و أشعر من بقي.
و روي الكشّي في رجاله صفحة 136 بإسناده عن زرارة قال: دخل الكميت علي أبي جعفر عليه السلام و أنا عنده فأنشده:
من القلب متيَّم مستهام *** غير ماصبوةِ و لا أحلام؟
فلما فرغ منها قال للكميت: لا تزال مؤيّداً بروح القدس ما دمت تقول فينا.
و قال المسعودي في مروج الذهب ج2 صفحة 195: قدم الكميت المدينة فأتي أبا جعفر عليه السلام فأذن له ليلاً و أنشده فلما بلغ الميمية قوله:
و قتيل بالطفّ غودر منهم *** بين غوغاء أمَّة و طغام
بَكَي أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام ثُمَّ قالَ: يَا كُمَيْتُ لَوْ كَانَ عِنْدَنَا مَالٌ لَأَعْطَيْنَاكَ ولَكِنْ لَك مَا قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلي الله عليه و آله و سلم لِحَسَّان بْنِ ثَابِتٍ: لاَ زِلْتُ مُؤَيَّدَا بِرُوحِ اَلْقُدُسِ مَا ذَبَبْتَ عَنَّا أَهْلَ اَلْبَيْتِ عليهم السلام فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فَأُتِيَ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ اَلْحَسَنِ بن علي عليه السلام فأنشده فَقَالَ يَا أَبا اَلْمُسْتَهِلِّ إِنَّ لِي ضَيْعَةٍ أَعْطَيتَ فِيهَا أرْبَعَةَ آلافِ دِينَارٍ و هَذَا كِتَابُهَا و قَدْ أَشْهَدْتُ لَكَ بِذلِكَ شُهودٌ و نَاوَلَهُ إِيَّاهُ فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وأُمِّي إنِّي كُنْتُ أَقُولُ الشَّعْرَ فِي غَيْرِكُمْ أُرِيدُ بِذَلِكَ الدُّنْيَا و لا و اللَّهِ مَا قُلْتُ فِيكُمْ إِلاَّ لِلَّهِ و مَا كُنْتُ لأَخَذَ علَي شَيْءٍ جَعَلْتُهُ لِلَّهِ مالاً و لا ثَمَناً فَأَلَحَّ عَبْدُ اللَّهِ عَلَيهِ و أَبِي مِن إِعْفَائِهِ. فَأَخَذَ الْكُمَيْتُ الْكِتَابَ و مَضَي فَمَكَثَ أَيَّاماً ثُمَّ جَاءَ إِلَي عَبْدِ اَللَّهِ عليه السلام فَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ وأُمِّي يَابْنَ رَسُولَ اللَّهِ عليه السلام؟ إنَّ لِي حَاجَةً. قالَ: وَ ما هِيَ و َكُل حاجَةٍ لَكَ مَقْضِيَّةً قالَ: و كائِنَةُ مَا كانَتْ؟ قال: نِعَمْ.
قال: هذا الكتاب تقبله و ترتجع الضيعة و وضع الكتاب بين يديه
ص: 44
فقبله عبد الله و نهض عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فأخذ ثوباً جلداً فدفعه إلي أربعة من غلمانه ثم جعل يدخل دور بني هاشم و يقول:
يَا بَنِي هَاشِمٍ؟ هَذَا اَلْكُمَيْتُ قالَ فِيكُمُ الشِّعرُ حِينَ صَمَتَ النَّاسُ عَنْ فَضْلِكُمْ و عَرَضِ دَمِهِ لِبَني أُمَيَّةَ فَأَثِيبُوهُ بِمَا قَدَرتُم . فَيَطرَحُ اَلرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِن دَنانيرَ و دَرَاهِمَ... و أَعْلَمَ النِّسَاءَ بِذلِكَ فَكَانَتِ المَرْأَةُ تَبْعَثُ مَا أَمْكَنَهَا حَتَّي أَنَّهَا لتخلع الحَليَّ عن جَسَدِها فَاجْتَمَعَ مِنَ الدَّنَانِيرِ والدَّرَاهِمِ مَا قِيمَتُهُ مِائَةُ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَجَاءَ بِهَا إِلَي الْكُمَيْتِ فَقَالَ:
يَا أَبَا الْمُسْتَهِلِ أَتَيْنَاكَ بِجُهْدِ المُقلِ ونَحْنُ فِي دَوْلَةِ عَدُوِّنَا و قَدْ جَمَعَنَا هَذَا اَلْمَالَ و فيهِ حلِيَّ اَلنِّسَاءِ كَمَا ترَي فَاسْتَعِنْ بِهِ عَلَي دَهْرِكَ.
فَقالَ بِأَبي أَنْتَ وأُمِّي قَدْ أَكْثَرْتُمْ و َأَطْيَبْتُم وَ مَا أَرَدْتُ بِمَدْحِي إِيَّاكُمْ إِلاَّ اللَّهُ وَ رَسولُهُ و لَمْ أَكُ لآخُذَ لَكُمْ ثَمَناً مِنَ الدُّنيا فَاردُدْهُ إلي أَهْلِهِ .
فَجَهَدَ بِهِ عَبْدُ اَللَّهِ أَنْ يُقَبِّلْهُ بِكُلِّ حِيلَةٍ فَأَبَي.(1)
و أنت إذا تأملت في هذه الشواهد تجد المصداقية الكبيرة لما ذكرنا سابقاً.
السيد الحميري المتوفي سنة 173 ه_.
لقد فاق الكثير من الشعراء بالجد و الاجتهاد في الدعاية إلي مبدئه القويم و الإكثار في مدح العترة الطاهرة و ساد الشعراء ببذل النفس و النفيس في تقوية روح الإيمان في المجتمع و إحياء ميّت القلوب ببث فضائل آل الله و نشر مثالب مناوئيهم و مساويء أعدائهم قائلاً:
أيا رب إنِّي لم أرد بالذي به *** مدحتُ علياً غير وجهك فارحم
و قال كما قال أبو الفرج: لا يخلو شعره من مدح بني هاشم أو ذمِّ غيرهم ممن هو عنده ضدّ لهم.
ص: 45
و قال ابن المعتز في طبقاته -صفحة 7-: «كان السيد أحذق الناس بسوق الأحاديث و الأخبار و المناقب في الشعر لم يترك لعلي بن أبي طالب عليه السلام فضيلة معروفة إلاّ نقلها إلي الشعر و كان يملّه الحضور في محتشد لا يُذكر فيه آل محمد «صلوات الله عليهم» و لم يأنس بحفلة تخلو عن ذكرهم عليهم السلام».
روي أبو الفرج عن الحسن بن علي بن حرب بن أبي الأسود الدؤلي قال: «كنّا جلوسا عند أبي عمرو بن العلاء فتذاكرنا السيد فجاء فجلس و خضنا في ذكر الزرع و النخل ساعة فنهض فقلنا : يا أبا هاشم ممَّ القيام؟ فقال:
إنّي لأكره أن أطيل بمجلس *** لا ذكر فيه لفضل آل محمد
لا ذكر فيه لأحمد و وصيّه *** و بنيه ذلك مجلس نطف(1) ردي
إن الذي ينساهم في مجلس *** حتي يفارقه لغير مسدّد
وكان إذا استشهد شيئاً من شعره لم يبدأ بشيء إلاَّ بقوله:
أجد بآل فاطمة البكورُ *** فدمع العين منهمر غزير(2)
و من شعره في إظهار عقيدته و ولائه قوله:
إذا أنا لم أحفظ وصاة محمد *** و لا عهده يوم الغدير مؤكدا
فإنّي كمن يشري الضلالة بالهدي *** تنصّر من بعد الهدي أو تهودّا
و مالي و تيماً أوعديّاً و إنّما *** أولو نعمتي في الله من آل أحمدا
تتم صلاتي بالصلاة عليهم *** و ليست صلاتي بعد أن أتشهدا
بكاملة إن لم أصلّ عليهمُ *** و أدعولهم ربّاً كريماً ممجدا
بذلت لهم ودّي و نصحي و نصرتي *** مدي الدهر ما سمّيت يا صاح سيّدا
و إن أمرأ يُلحي علي صدق وُدّهم *** أحقُ و أولي فيهمُ أن يفنَّدا
فإن شئت فاختر عاجل الغم ضّلةَ *** و إلاّ فأمسك كي تصان و تحمدا
و في حديث موته له مكرمة خالدة تذكر مدي الدهر و تقرأ في صحيفة التاريخ مع الأبد و تكشف عن أنّ الذين يقفون إلي جانب الحق والإيمان ينالون حظوظهم الوفيرة في الدنيا و الآخرة قال بشير بن عمار:
ص: 46
حضرت وفاة السيد في الرميلة ببغداد فوجه رسولا إلي صف الجزّارين الكوفيين يعلمهم بحاله و وفاته فغلط الرسول فذهب إلي صف الممسوسين فشتموه و لعنوه فعلم أنه قد غلط فعاد إلي الكوفيين يعلمهم بحاله و وفاته فوافاه سبعون كنفاً قال: و حضرنا جميعاً و إنه ليتحسَّر تحسُّراً شديداً و إن وجهه لأسود كالقار و ما يتكلّم إلا أن أفاق إفاقة و فتح عينيه فنظر إلي ناحية القبلة جهة النجف الأشرف ثم قال:
يا أمير المؤمنين أتفعل هذا بوليّك؟ قالها ثلاث مرات مرة بعد أخري، فتجلّي و الله في جبينه عرق بياض فما زال يتسع و لبس وجهه حتي صار كله كالبدر و افترّ السيد ضاحكاً و أنشأ يقول:
كذب الزاعمون أنَّ علياً *** لن ينجّي محبّه من هنات
قد و ربّي دخلت جنة عدن *** و عفالي الإله عن سيئاتي
فابشروا اليوم أولياء عليِّ *** و تولّوا علياً حتي الممات
ثم من بعده تولّوا بنيه *** واحدة بعد واحد بالصفات
ثم أتبع قوله هذا: أشهد أن لا إله إلا الله حقاً حقاً و أشهد أن محمداً رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حقاً حقاً و أشهد أن علياً أميرالمؤمنين عليه السلام حقاً حقاً أشهد أن لا إله إلا الله ثم غمّض عينيه فكأنّما كانت روحه حصاة سقطت.(1)
و فيما تقدم من شواهد دليل يعضد ما تقدم ذكره.
العبدي الكوفي : و هو من شعراء أهل البيت الطاهر سلام الله عليهم المتزلفين إليهم بولائه المقبولين عندهم لصدق نيته و انقطاعه إليهم و هو من أكثر من مدحهم و تفجّع علي مصائبهم و لم نجد في غير آل الله له شعراً.(2)
استنشده الإمام الصادق عليه السلام من شعره كما في رواية الكليني في روضة الكافي بإسناده عن أبي داود المسترق عنه قال : دخلت علي أبي عبد الله عليه السلام فقال: قولوا لأمّ فروة : تجيء فتسمع ما صنع بجدّها. قال:
ص: 47
فجاءت فقعدت خلف الستر. ثم قال: فأنشدنا، قال: فقلت:
فروُجودي بدمعك المسكوب...
قال: فصاحت و صحّن النساء فقال أبوعبد الله عليه السلام: الباب. فاجتمع أهل المدينة علي الباب فبعث إليهم أبوعبد الله عليه السلام قال: صبياً لنا غشي عليه فصحنَ النساء.
و قد عدّه الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام و لم تك صحبته مجرد ألفة معه أو محض اختلاف إليه أو أن عصراً واحداً يجمعهما لكنه حظي بزلفة عنده منبعثة عن صميم الودّ و خالص الولاء و عن إيمان لا تشوبه أيةُ شائبة حتي أمر الإمام عليه السلام شيعته بتعليم شعره أولادهم و قال: إِنَّهُ عَلَي دِينِ اَللَّهِ.
روي الكشي في «رجاله» بإسناده عن سماعة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يَا مَعْشَرَ اَلشِّيعَةِ عَلِّمُوا أولادكم شِعْرَ اَلْعَبْدِيِّ فَإِنَّهُ عَلَي دِينِ الله.
و ينّم عن صدق مهجته و استقامة طريقته في شعره و سلامة معانيه عن أي مغمز أمر الإمام عليه السلام إيّاه بنظم ما تنوح به النساء في المأتم كما رواه الكشي.(1) و من شعره في إظهار عقيدته قوله:
بلّغ سلامي قبراً بالغريِّ حوي *** أو في البريّة من عجمٍ و من عرب
و اجعل شعارك الله الخشوعَ به *** وناد خير وصيّ صنوّ خير نبي
إسمع أبا حسن إن الألي عدلوا *** عن حكمك انقلبوا عن شرّ منقلب
إلي آخر أبياته...
دعبل الخزاعي الشهيد في سنة 246 ه.
كان شاعراً مفلقاً مخلصاً في ولاء أهل بيت عليهم السلام العصمة صلوات الله عليهم أجمعين أشهر من نار علي علم.
ص: 48
قال عنه العلامة الآميني: فما ظنّك برجل كان يُسمع منه و هو يقول: أنا أحمل خشبتي علي كتفي منذ خمسين سنة لست أجد أحداً يصلبني عليها.
و قيل للوزير محمد بن عبد الملك الزّيات: لِمَ لا تجيب دعبلاً عن قصيدته التي هجاك فيها؟ قال: إنّ دعبلاً جعل خشبته علي عنقه يدور بها يطلب من يصلبه بها منذ ثلاثين سنة و هو لا يبالي كل ذلك من جرّاء ما كان ينافح و يناضل في الذب عن البيت النبوّي الطاهر و التجاهر بموالاتهم و الوقيعة في مناوئيهم لا يقرُّ به قرار فلا يقلّه مأمن و لا يظله سقف منتجع.
ما زال مطارداً من خلفاء الوقت و أعداء العترة الطاهرة و مع ذلك كلّه فقصائده تلهج بها الركبان و تزدان بها الأندية و هي مسرّات للموالين و محفظات للأعداء و مثيرات للعهن و الضغائن حتي قتل علي ذلك شهيداً.(1)
و هذه ناحية واسعة النطاق تحمل في طياتها الشواهد الكثيرة و الأدلة القوية علي صدق إيمانه و قوة عقيدته و التهالك في سبيل نصرتها و الذب عنها...
عن يحيي بن أكثم قال: إنَّ المأمون أقدم دعبل رحمه الله و أمنّه علي نفسه فلمّا مثل بين يديه و كنت جالساً بين يدي المأمون فقال له: أنشدني قصيدتك الرائية فجحدها دعبل و أنكر معرفتها فقال له: لك الأمان عليها كما أمّنتك علي نفسك فأنشده جملة من الأبيات حتي قال:
كم من ذراعٍ لهم بالطف بائنةٍ *** و عارضٍ بصعيد التُربِ منعفرِ
أمسيِ الحسينُ و مسراهم لمقتلهِ *** و هم يقولون هذا سيّد البشر
يا أمة السوءِ ما جازيتِ أحمد في *** حُسن البلاءِ علي التنزيل و السور
خلّفتموه علي الأبناء حين مضي *** خلافة الذئب في إنفاذ ذي بقر
قال يحيي: و أنفذني المأمون في حاجة فقمت فعدت إليه و قد انتهي إلي قوله :
لم يبقَ حيِّ من الأحياءِ نَعلَمهُ *** من ذي يمانٍ و لا بكر و لا مُضَر
إلا وهم شركاءٌ في دمائهم *** كما تشارك أيسارٌ علي جزر
ص: 49
قتلاً وأسراً و تخويفاً و منهبةً *** فعل الغزاة بأرض الروم و الخزر
أري أميّة معذورينَ إن قَتلوا *** و لا أري لبني العبّاس من عُذرِ
حتي قال:
أربِع بطوسٍ علي قبرِ الزكيّ بها *** إن كنت تَربَعَ من دينٍ علي وَ طر
قبرانِ في طوسَ خير الناس كلِّهمُ *** و قبر شرّهم هذا من العِبَرِ
ما ينفع الرِّجس من قرب الزكي و لا *** علي الزكي بقربِ الرجسِ من ضررِ
هيهات كلُّ امرئٍ رهنٌ بما كسبت *** له يداه فخذ ما شئت أو فذرِ
قال: فضرب المأمون عمامته الأرض و قال: صدقت و الله يا دعبل.(1)
قال أبو الفرج في الأغاني: قصيدة دعبل:
مدارسُ آيات خلت من تلاوة *** و منزلُ وحي مقفر العرصات
من أحسن الشعر و فاخر المدائح المقولة في أهّل البيت عليهم السلام قصد بها علي بن موسي الرضا عليه السلام بخراسان قال : دخلت علي علي بن موسي الرضا عليه السلام فقال لي: أنشدني شيئاً مما أحدثت فأنشدته:
مدارس آيات خلت من تلاوة...
حتي انتهيت إلي قولي:
إذا وتروا مدّوا إلي واتريهم *** أكفّاً عن الأوتار منقبضات
قال: فبكي... و أومأ إلي الخادم كان علي رأسه: أن اسكت. فسكت فمكث ساعة ثم قال لي: أعد. فأعدت حتي انتهيت إلي هذا البيت أيضاً فأصابه مثل الذي أصابه في المرّة الأولي و أومأ الخادم إليَّ : أن اسكت و هكذا الأمر تكرر ثلاث مرات حتي انتهي إلي آخر القصيدة فقال لي: أحسنت ثلاث مرات.
ثم أمر لي بعشرة آلاف درهم مما ضرب باسمه و لم تكن دفعت إلي أحد بعد و أمر لي من في منزله بحلي كثير أخرجه إليَّ الخادم... إلي آخره.(2)
ص: 50
و قال ياقوت الحموي في معجم الأدباء: قصيدته التائية في أهل البيت عليهم السلام من أحسن الشعر و أسني المدائح قصد بها علي بن موسي الرضا عليه السلام بخراسان ( و ذكر حديث البردة التي خلعها عليه الإمام الرضا عليه السلام بعد إنشاد القصيدة) ثم قال: و يقال إنه كتب القصيدة في الثوب و أحرم فيه و أوصي بأن يكون في أكفانه.
و عن دعبل الخزاعي قال: أنشدت قصيدة لمولاي علي الرضا عليه السلام:
مدارس آيات خلت من تلاوة *** و منزل وحي مقفر العرصات
قال لي الرضا عليه السلام: أفلا ألحق البيتين بقصيدتك؟! قلت: بلي يا بن رسول الله عليه السلام، فقال:
و قبر بطوسٍ يا لها من مصيبة *** ألحّت علي الأحشاء بالزفرات
إلي الحشر حتي يبعث الله قائماً *** يفرّج عنا الهمَّ و الكربات
و قد ألحقهما الإمام عليه السلام بعد قول دعبل:
و قبر ببغداد لنفس زكية *** تضمّنها الرّحمن في الغرفات
قال دعبل : ثم قرأت باقي القصيدة فلما انتهيت إلي قولي :
خروج إمام لا محالة خارجٌ *** يقوم علي اسم الله و البركات
بكي الرضا عليه السلام بكاءً شديداً ثم قال: يا دعبل نطق روح القدس بلسانك أتعرف من هذا الإمام؟! قلت: لا، إلاّ أني سمعت خروج إمام منكم يملأ الأرض قسطاً و عدلاً...
فقال: إنَّ الإمام بعدي ابني محمد عليه السلام و بعد محمد ابنه علي عليه السلام و بعد علي ابنه الحسن عليه السلام و بعد الحسن ابنه الحجة القائم عجل الله فرجه الشريف و هو المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره... إلي آخر الحديث.(1)
و الحديث عن شعر العقيدة طويل و طويل لا مجال للتفصيل فيه هنا و ما ذكرناه كان من باب المثال.
و من كل ما تقدم من شواهد و دلالات تجد عمق الولاء و شدّة
ص: 51
الحماس من أجل المذهب و العقيدة و أن أهل البيت سلام الله عليهم شجّعوا هذا اللون من الشعر لنصرة مذهبهم و ترويج مبادئهم في قبال المباديء المنحرفة التي روّجها الحكّام للتغطية علي التشيّع و محاولة منهم الإطفاء نور أهل البيت عليهم السلام.
و لهذا كان ترويج العقيدة و إبرازها في النظم المقفّي من أكبر الدوافع عند الشعراء الكبار في القرن الأول و الثاني و الثالث الهجري دفاعاً عن المذهب و مناصرة لزعمائه من آل الرسول سلام الله عليهم أجمعين.
الثاني: دافع الولاء و المحبة:
و أيضاً... كان الشعراء ينظمون عنهم عليهم السلام از بدافع التعبير عن عواطفهم و مشاعرهم حباً و ولاءً و تأثراً بما اتسموا به عليهم السلام من مزايا و فضائل و خاصة تجاه سيدة النساء التي دارت عليها سنن التكوين و التشريع و براءة من أعدائها عليها الصلاة و السلام الذين اتسموا بكل خصال الشر و القبح الإنساني.
إن الشاعر الذي يتذوّق الجمال في الكون و يفتّش عن مظاهره و خفاياه ثم يهريق ما بمخزونه من طاقة في الفن و التصوير من أجل مغازلته و التغنّي به كيف لا يستقطبه كمال فاطمة المعنوي؟!
و كيف لا يتحرّك شعوره المرهف تجاه هذه العظمة و هذا و الجمال؟!
إنّ الشاعر الذي يستفز مشاعره بلبل غرّيد علي غصن شجرة أو وردة غانية علي فم الشلال فتفيض عليه صوراً ساحرة فاتنة كيف لا تفيض عليه آيات الجمال و الجلال في فاطمة سحراً و عذوبة؟!
إنّ الشاعر الذي يبهره ضوء القمر في الليل الداجن كيف لا تبهره أنوار أهل البيت عليم السلام الساطعة؟!
و كيف يطيق الوقوف صامتاً تجاه هذا الطهر و الكمال و لا يعلن عن انفعاله و حبه و عشقه؟!
و كيف تجفّ شاعريته عند مظاهر القدس و ألوان العظمة و آيات البهاء فلا يغازلها و يسكب عليها عواطفه و أحاسيسه؟!
ص: 52
من الواضح... أنّ الشاعر إذا كان شاعراً حقاً يسوقه الجمال و تأسره العاطفة لا يمكنه أن يَغضَّ نظره عن أسرار آل محمد سلام الله عليهم أجمعين . أو يتغافل عنها... و لا يمكنه أبداً -إذا كان شاعراً حقاً- أن يتعامي عن مظاهر الجمال و الكمال فيهم عليهم الصلاة و السلام.
و قد خلقهم الله أنواراً فجعلهم بعرشه محدقين وطهرّهم من كل منقصة و صاغ أرواحهم القدسية صياغة ربّانية فكانوا أنوار هدايته و محالّ عظمته و آيات جماله و مظاهر كماله.(1)
إنّ الشاعر الحق كالفراش العاشق دوّار عن جمال الحياة و سحر الطبيعة يهفو إليه في الحقول و المزارع... في نور الصباح... و في نسيم السحر... في خرير الماء... و حفيف الشجر... فكيف يتغاضي عن جمال الطبيعة الخلاّب؟!
إذن الشاعر... مهما أوتي من نبوغ و قدرة علي الوحي و الإلهام فإنه و إن فطم عن معرفتها عليهم السلام و لم يبلغ غورها... إلا أنه لا يمكنه أن يتجاهل أسرار العظمة فيها ولا بدَّ له أن يشيد بمظاهر جمالها و كمالها و هي آية جمال الله سبحانه و كماله إلاّ إذا أراد أن يلغي شاعرّيته أو يتسافل بشعوره!!
و من هنا كان الأدباء و الشعراء و ما زالوا -علي اختلاف مذاهبهم و عقائدهم ينظمون في الحب و الولاء و إبداء التعاطف رثاءً أو مدحاً و تمجيداً بها عليها الصلاة والسلام.
روي الأربلي في كشف الغمة: أنَّ بعض الوّعاظ ذكر فاطمة سلام الله عليها و ما وهبها الله من مزايا الجمال و الكمال و الفضائل العالية فاستخفّه الطرب فأنشد:
خجلاً من نور بهجتها *** تتواري الشمس بالشفق
و حياءً من شمائلها *** يتغطّي الغصن بالورق
ص: 53
قال: فشقَّ كثير من الناس ثيابهم و أوجب وصفها بكاءهم و انتحابهم تأثراً و شوقاً.(1)
و روي أنس بن مالك قال: سألت أمي عن صفة فاطمة عليها السلام فقالت: كانت كأنّها القمر ليلة البدر أو الشمس كفّرت غماماً أو خرجت من السحاب.(2)
قال المرحوم السيد كاظم القزويني قدس سره:
إنَّ عَظَمَةَ السَّيِّدَةِ فاطِمَةَ الزَّهْراءِ سلام الله عَلِيٍها و فَضَائِلِهَا وَ مَزَايَاهَا وَ مَصَائِبِهَا وَ ما رَأَت مِنَ الضَّغَطِ و الْكَبَتِ و الاِضْطِهَادِ كانَتْ كَافِيَةً لِتَهْيِيجِ العَوَاطِفِ اَلْجِيَاشَةِ تُجَاهَهَا فَلاَ عَجَبَ إِذَا طَفِقَ اَلشُّعَرَاءُ يَنْثُرُونَ مَدَائِحَهم لِلسَّيِّدَةِ فَاطِمَةَ سلام الله عليها بِمُخْتَلَفِ اللُّغاتِ وَ يُعَبِّرونَ عَن شُعورِهِم وَ حُبِّهِم وَ مَوَدَّتِهِم و ذَلِكَ حِينَمَا اهْتَزَّتْ ضَمَائِرُهُمْ فَتَفَتَّحَتْ قَرَائِحُهُمْ و فَاضَتْ أَحَاسِيسُهُمْ فَطَفِقُوا يُثْنُونَ عَلَي السَّيِّدَةِ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ سلام الله عَلَيها أحسَنَ الثَّناءِ وَ يَرِثونَها بِأوجَعِ الرّثاءِ .
و أيُّ شَاعِرٍ يُشْعِرُ بِآلامِ السَّيِّدَةِ فاطِمَةَ سلام الله عليها و لا يُهَيِّجُ شُعورَهُ ؟ وَ أيُّ إِنْسَانٍ يُدْرِكُ مَواهِبَ السَّيِّدَةِ الزَّهْراءِ سلام الله عليها وَ مَزاياها وَلا يُعَبِّرُ عَن مَشاعِرِهِ ؟ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ شُعُورُهُ مُتَحَجِّرَاً أو إِدْرَاكُهُ مُعْطٍلاً أَوْ أَحَاسِيسُهُ رَاكِدَةً جَامِدَةً .
إِنَّ جمالَ حَياةِ السَّيِّدَةِ الزَّهراءِ يَأخُذُ بِمَجامِعِ قَلبِ كُلِّ حَرٍ وَ كُلُّ قَلبٍ حَرٍ سَليمٍ .(3)
حقاً كان للشعراء المخلصين مواقف نبيلة تجاه مولاتنا فاطمة «سلام الله عليها» في هذا المجال و خاصة شعراء القرون الأخيرة حيث نظموا أروع مشاعر الحب و الولاء بأجمل تعبير و صبّوها في مصب الشعر مدحاً و رثاء.
أقول: و كشواهد عملية لما ذكرنا من تأثّر الشعراء علي اختلاف أذواقهم و مشاربهم بمزايا الزهراء سلام الله عليها و آيات الكمال و الجمال فيها و انشدادهم إليها حتي اعتصروا مهجهم و عواطفهم لمدحها و إظهارها أنقل لك بعض النماذج من شعراء عدة عاشوا في بلدان و عصور مختلفة.
ص: 54
قال السيد عبد اللطيف فضل الله:
هتفَ البيانُ بمولدِ الزهراءِ *** سرِّ الوجود و شمس كلِّ سماءِ
فرأي الجلالَ علي تواضع قدسه *** تنحطُّ عنه مدارِكُ العقلاء
شمخَ الأديمُ بفاطم و تطاولت *** غبراؤه فيها علي الخضراء
برأَ العوالمَ و اصطفاها ربُّها *** مما اصطفاه بها مع الأمناء
فتجسّمت في الأرضِ منه رحمةٌ *** و شفاعةٌ للناسِ يوم جزاء
حتي قال:
و الاكِ ربُّك إذ رضعَتِ ولاءِه *** وحباكِ منه ولايةَ الأشياء
جبلت بأسرارِ السما و تكوّنت *** مما يساق العرش في لَألاءِ
آلاوُها ملءُ الزمانِ و بيتُها *** في الكائناتِ أساسُ كلّ بناءِ
حوراءُ إذ رِفعَ الإلهُ لواءَها *** كرماً وضمَّ الخلقَ تحتَ لواء
و بري مناقبها و قال لعزّها *** كوني بلا عدَّ و لاإحصاء
قلنا لها سرِّ يُصانُ و جوهرٌ *** فوقَ الأنامِ وطينِهم و الماء
نشأَت بظلِّ اللهِ لم يَعلُق بها *** دنَسٌ و لا وقَعت علي الأخطاءِ
إلي آخر القصيدة (1) و سيأتيك بعض الشرح لهذه القصيدة في حرف الهمزة فانتظر.
و أنشد شيخ الفقهاء و الفلاسفة الشيخ محمد حسين الأصفهاني قائلاً:
ص: 55
جوهرةُ القدسِ من الكنز الخفي *** بدَت فأبدت عالياتِ الأحرف
و قد تجَلّي من سماءِ العظمَة *** في عالم السماءِ أسمي كلمة
بل هي أمُّ الكلماتِ المُحكَمة *** في غيب ذاتِها فكانت مُبهَمة
أمُّ أئمةِ العقولِ الغرِّ بلْ *** أمُّ أبيها و هو علّةُ العلل
تمثلتْ رقيقة الوجود *** لطيفةَ جُلَّتْ عن الشُهود
تَصوَّرتْ حقيقة الكمال *** بصورةِ بديعة الجَمال
فإنّها قطبُ رحي الوجودِ *** في قوْسَي النزولِ و الصعود
مصونةٌ عن كلّ رسمٍ وَسِمَه *** مرموزةٌ في الصحفِ المُكَرَّمة
إلي آخر القصيدة .(1)
و أنشد السيد محمد جواد فضل الله:
مجدكِ الشمسُ ينطفي إن تبدّتْ *** كلُّ نجمٍ من حولها ويبيدُ
النبوّاتُ دوحةٌ أنت منها *** ألَقٌ مشرق و نفحٌ ودوُد
كيف يَرقي لشأو عزك مجد *** وبكِ المجدُ تاجُه معقودُ
نفحةٌ من مجهرٍ صاغها اللهُ *** مثالاً للطُهرِ كيف يُريد
وحباهامنه الجلالُ إهاباً *** يتداني عن نَعمتِهِ التمجيدُ
رفع اللهُ شأنَها فتباهتْ *** باسمِها في الجنانِ حُورٌ و غِيْدُ
إلي آخر القصيدة.(2)
و أنشد المرجع الديني الكبير المرحوم السيد الميرزا مهدي الشيرازي (قدس سره الشريف):
درةٌ أشرقتْ بأبهي سَناها *** فتلألأ الوري فيا بشُراها
لمعٍ الكونُ من سنا نورٍ قدسٍ *** بسنا نوره أضاءَ طُواها
يا لها لمعةٌ أضاءتْ فأبدتْ *** لمعاتٍ أهدي الأنامَ هداها
إلي آخر القصيدة.(3)
ص: 56
و أنشد الخطيب اللامع الشيخ جعفر الهلالي:
أتي يؤمُ البتولةِ و هوعيدُ *** فطابَ بذكرِ مولِدها القصيدُ
بدتْ كالشمس تَغْمُر كل أفقٍ *** من الدنيا و قد سَعَدَ الوُجود
هي الزهراءُ فاقَتْ كلِّ أنثي *** لها فضلٌ فهل تُوفي الحدودُ ؟
أبوها سيِّد الكونين (طه) *** و (حيدُرة) لها بَعْلٌ مجيدُ
و شبلاها هما الحسنُ المصفّيِ *** و ذاك حسينُها السبطُ الشهيدُ
ولاها الدينُ و الإيمانُ حقاً *** و تلكَ هي السعادةُ و السعوُد
أبنتَ المصطفي وفاك شعري *** بمدحتهِ و إن غَضِبَ الحَسُود
شربتُ ولاكِ من لبنِ زكئِّ *** تُغَذَّيني به أمِّ وَلُود
و ذاك من الإله عظيمُ فضلٍ *** و من عندي له شكري يَزيدُ
فباسمِكِ قد أذعتْ بكلِّ نادِ *** تزاحَم عند ساحته الحُشودُ
سأبقي ماحييتُ ولي وصال *** بحبّك لا أزلُّ و لا أحيدُ
و قد حوي الديوان العديد من قصائد المدح الفريدة في نوعها كما سيمر عليك فانتظر.
ص: 57
و أما في الرثاء فقد تجاوز الشعر حدّ العدّ و الحصر كما ستري في الديوان و قد ضم حوالي (600) قصيدة جاء الكثير منها في الرثاء و هنا نذكر بعض النماذج...
أنشد الشيخ محسن أبوالحبّ الكبير الحائري مقارناً بين الزهراء البتول و مريم العذراء عليهم السلام الي قائلاً:
إن قيل حوّا قلتُ فاطمُ فخرُها *** إن قيلَ مريمُ قلتُ فاطمُ أفضلُ
أفهل لَحّوا والدٌ كمحمدٍ ؟ *** أم هلْ لمريمَ مثل فاطمَ أَشبُلُ
كلِّ لها حينَ الولادةِ حالةٌ *** منها عقولُ ذوي البصائرِ تَذْهَلُ
هذي لنخلتِها التجتْ فتساقطتْ *** رُطباً جَنياً فهي منه تأكُلُ
وضعتْ بعيسي و هي غيرُ مروعةٍ *** أنّي و حارسُها السريُّ الأبسلُ
و إلي الجدارِ و صفحةِ البابِ التجتْ *** بنتُ النبي فأسقطتْ ما تَحمِلُ
سقطتْ و أسقطتِ الجنينَ و حولَها *** من كلِّ ذي حسبٍ لئيمِ جَحْفلُ
هذا يُعَنّفها وذاك يدُعُّها *** ويَردُّها هذا و هذا يَرْكلُ
و أمامَها أسدُ الأسودِ يقوده *** بالحبلِ قنفذُ هل كهذا مُعضِلُ
و لسوف تأتي في القيامةِ فاطمٌ *** تشكو إلي ربّ السماءِ و تُعَوِلُ
و لَتَرفعنَّ جنينَها و حنينَها *** بشكايةٍ منها السما تَتزلزلُ
ربّاه ! ميراثي و بعلي حقَّه *** غَصبوا و أبنائي جميعاً قُتّلوا
ولدايْ ذا بالسمّ أمسي قلبُه *** قِطَعاً و هذا بالدماءِ مُغَسَّلُ (1)
ص: 58
و أنشد آخر فقال:
بأبي الّتي ماتتْ و ما *** ماتتْ مكارمُها السنيّة
بأبي التي دُفِنَتْ وعُفّي *** قبرُها السامي تَقِيَّة
و أنشد بعض أشراف مكة قصيدة جاء فيها :
وأَتتْ فاطمةٌ تطالب بالإرثِ *** من المصطفي فما وّرثاها
ليت شعري لِمْ خُولِفَتْ سننُ *** القرآنِ فِيها ؟ و اللُه قد أعلاها
نُسِخَتْ آيةُ المواريث منها *** أم هما بعدَ فرضِها بَدّلاها ؟
أم تري آية المودّة لم تأتِ *** بودّ الزهراءِ في قُرْباها
بنتُ من؟ أمُّ من؟ حليلةُ من؟ *** ويلٌ لِمَنْ سنَّ ظلمَها و آذاها(1)
و قال آخر:
فمضتْ و هي أعظم الناسِ وَجْداً *** في فمِ الدهر غصةٌ من جَواها
وثَوَتْ لا يَري النسا لها مثوّي *** إلي قَدس يضمُّه مَثْواها
و ستقرأ الكثير من ذلك فانتظر.
و كان الشعراء ينظمون بدافع النصرة لأهل البيت عليهم السلام و الندبة لهم أيضاً و ذلك لأنه بنصرتهم تتجسّد نصرة الدين و المبدأ الحق و بندبتهم يندبون حقوقهم الضائعة و دماءهم المهدورة بأيدي الظلم و الظالمين.
و من الواضح... أن كل صاحب ضمير و قلب صفيّ ينصر أهل الحق و يندب مأساتهم و إن لم يتمسك بهم كأئمة عليهم السلام و أولياء.
و في التاريخ الكثير الكثير من الشعراء و الأدباء الذين وقفوا يدافعون عن أهل البيت عليهم السلام و ينتصرون لظلاماتهم و يهاجمون أعداءهم الذين أعماهم الهوي و أغواهم الشيطان فصادروا حقوقهم و سحقوهم تحت سنابك الخيل أو خلف قضبان السجون!! كما ستري...
ص: 59
فشعراء الشيعة الذين يندبون أهل البيت عليهم السلام و ينظمون فيهم قصائد الشعر ليس لغرض أن يقال بأن أهل البيت عليهم السلام عندهم أولياء و أتباع يبكونهم و ينصرونهم... كلاّ... إنّ أهل البيت عليهم السلام صاروا لأصحاب الضمائر و ذوي المباديء الحرّة الشريفة و المواقف النبيلة رمزاً عميق الدلالة و المضمون لكّل معاني القيم الإنسانية و هذه الدرجات الرفيقة من السمو يعشقها حتي أعداؤهم و يشهدون لهم بذلك.
و لعل كتب التاريخ و الأدب مشحونة باعترافات الكثير من أعدائهم بفضلهم و مكانتهم السامية في القلوب و الضمائر .
و بعض مخالفيهم نظم فيهم شعراً رائعاً بما يدلّل علي مكانتهم السامية، و محبوبيتهم عند الجميع ، و لعلّ من أفضل الشواهد علي ذلك القصيدة الجلجلية التي نظمها عمرو بن العاص في مدح الإمام أمير المؤمنين عليه السلام و هو يخاطب صاحبه و رفيق دربه و شريكه في مخططاته، معاوية بن أبي سفيان.
يقول فيها:
معاويةٌ الحقَّ لاتَجهَل *** و عن سبيلِ الحقِّ لا تَعْدِل
إلي آخر الأبيات:
و قد نقلها العلامة الأميني في الغدير(1) و غيرها من القصائد المؤثرة التي لها وقع في النفوس .
كما نظم فيهم بعض زعماء المذاهب و أئمتها بما يعدّ من مفاخر الشعر الولائي كقصيدة ابن أبي الحديد المعتزلي العينية، و ما نظمه الشافعي في ذلك صار أشهر من نار علي منار.
قال النبهاني: روي السبكي في طبقاته بسنده المتصل إلي الربيع بن سليمان المرادي صاحب الإمام الشافعي قال: خرجنا مع الشافعي في مكة نريد مني فلم ينزل و ادياً و لم يصعد شعباً إلاّ و هو يقول:
ص: 60
يا راكباً عُجْ بالمحصَّبِ من مني *** و اهتفْ بساكنِ خيفها و الناهِضِ
سحراً إذا فاضَ الحجيجُ إلي مني *** فيضاً كملتطمِ الفراتِ الفائضِ
إن كانَ رفضاً حبُّ آل محمدٍ *** فليشهدِ الثقَلانِ أنّي رافضي
بل صرّح بشعره أنَّ محبة أهل البيت عليهم السلام من فرائض الدين فقال:
يا آلَ بيتِ رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حبُكُمُ *** فَرْضٌ من اللِه في القرآنِ أَنزلهُ
كفاكمُ من عظيمِ الشأنِ أنَّكم *** مَنْ لم يصلِّ عليكم لا صلاةَ له(1)
و جاء في الصواعق المحرقة لابن حجر صفحة 101 و للشيخ شمس الدين ابن العربي قوله:
رأيت ولائي آل طه عليهم السلام فريضةً *** علي رغمِ أهلِ البُعْدِ يُورِثُني القُرْبي
فما طلبَ المبعوثُ أجراً علي الهدي *** بتبليِغَه إلا المودَّةَ في القُرْبي
هذا الحب الذي هو شعبة من شعب الإسلام ظاهرة عواطف وأسي عميقة علي ما أصاب أهل البيت عليهم السلام من كوارث و ما تعرّضوا له من نكبات في مختلف الأوطان و العصور الإسلامية، ما جعل الحديث عنها شجي كل نفس ولوعة كل قلب.
إنَّ المبالغة في التنكيل بهم و الظلم و الحيف و الإعتداء الذي وقع عليهم جعل الحزن و الأسي عليهم أعم و التأثر لمصابهم أوجع هذه العواطف غير المشوبة و لا المصطنعة أضفت علي الشعر الشيعي و كل ما قيل في أهل البيت عليهم السلام لوناً حزيناً باكياً يمور بجيشان العواطف الصادقة الثائرة، ذلك لدمهم المطلول و هذا لحقهم الممطول و بين هذا و ذاك فخر يفرع في السماء بريق و مجد يطاول الأجيال.
يقول محمد بن هانيء الأندلسي في قصيدة له:
غَدوْا ناكِسي أبصارِهمْ عن خليفةٍ *** عليم بسرِّ اللهِ غير معلَّمِ
و روح هدي في جسم نورِ يَمُدُّهُ *** شعاعٌ من الأعلي الذي لم يُحْسَمِ
إمامُ هُديً ما التفَّ ثوب نبوّة *** علي ابنِ أبي منه باللِه أعلمِ
ص: 61
بكُمْ عزَّ ما بينَ البقيعِ و يثربٍ *** و نُسِّك ما بينَ الحطيمِ و زمزم
فلا بَرِحَتْ تَتْري عليكم من الوري *** صلاةُ مصلِّ أو سلامُ مسَلِّمِ(1)
هذا بالنسبة لأصحاب الأدب بشكل عام و أما أدباء الشيعة فقد صارت ظلامات أهل البيت عليهم السلام شغلهم الشاغل و استمّروا يندبونهم ليل نهار و يتوجّعون لما أصابهم علي أيدي الأعداء ليس فقط لنيل الثواب المؤكَّد في الآخرة... و ليس فقط لإبراز العقيدة و التولّي لهم و التبرّي من أعدائهم... بل لأنَّ المظلومية عند أهل البيت عليهم السلام سلاح عظيم رفعه الشيعة علي طول التاريخ للمطالبة بحقوق أئمتهم عليهم السلام المهضومة و التي هي الأخري تشكِّل حقوق الإنسانية جمعاء .
و الملاحظ... إن ما نظمه الشعراء الشيعة علي طول التاريخ و ما زالوا ، يدلّ بوضوح أنه يعكس الاستنكار الصارخ المقرون بالتوجّع و الندبة علي الظلم و الظالمين في كل زمان و مكان .
ص: 62
و قد صار أهل البيت «عليهم الصلاة و السلاَّم» و خاصة مولاتنا فاطمة «سلام الله عليها» و الحسين «عليه السلام» الرمز لهذه الظلامات و الشعار الذي تلخّصت فيه كل المطالب المشروعة لهم...
كما تحوّل من قابلهما -فاطمة و الحسين «عليهما السلام»- الرمزالأكبر للجور و العدوان و ستتضح لك أسباب ذلك .
إنَّ كلمتي الزهراء و الحسين عليهما السلام لم تبق عندنا فقط في الدائرة العلمية و المذهبية الخاصة و ما فيها من دلالات عميقة علي الولاية و الإمامة كما تقدم . بل أصبحت كلمة فاطمة عليها سلام لا تمثِّل رمز المظلومية و شعار الحزن و الندبة لحقوق مهضومة و كرامات مهدورة بأيدي لا تتورع عن التلبّس بالدين و التظاهر بمظاهره... كما أن فاطمة سلام الله عليها لا تتورع من أن تدّعي أنَّها خليفة رسول الله صلي الله عليه و آله وسلم في الأرض، و هكذا الحسين عليه السلام أيضاً صار كأمِّه سلام الله عليها رمز الحزن و البكاء و المصيبة التي يتوجع لأجلها كل قلب بالإضافة إلي كونه رمز الإباء و التضحية و الفداء قال الشاعر:
أَنْسَتُ رزّيتُكمْ رزايانا الّتي *** سَلفتْ و هوَّ نتِ الرزايا الآتيةْ
و فَجائعُ الأيامِ تبقي مدةً و تزولُ *** وَ هْيَ إلي القيامةِ باقيةْ
و هذه الحقيقة نحسّها من خلال أدب الشيعة و كلمات أدبائهم .
فلقد كان الأدب الحقيقي الصادق و ما زال الصورة الحية التي تجسد أصدق تجسيد عقلية الأمة و عقيدتها و عواطفها... و رؤيتها المستقبلية...
ص: 63
و قد مضي علي ظلامات أهل البيت عليهم السلام قرون مديدة و من ذلك اليوم و إلي اليوم تجد أجيال الشعراء . فضلاً عن العلماء و الخطباء و كل أهل الفضل -من قوميات شتي ينظمون الشعر في ندبهم و نصرتهم سواء بالفصحي أو العامية.
و رغم تطور الحياة و تبدل أحوالها و تغيير الكثير فيها فإنَّ نصرة أهل البيت عليهم السلام و الدفاع عنهم و التعاطف مع قضاياهم لا زالت باقية ينوح عليها، و يتأسي بها محبّوهم، و مناصروهم جيلاً بعد جيل...
بل إن العواطف الجيّاشة تجاه أهل البيت عليهم السلام و مظلوميتهم تنمو و تكبر و تشتد من عصر إلي عصر و من جيل إلي آخر رغم كلّ الحاقدين... و رغم كلِّ شيء.
و لا أظنّ أن البشرية جمعاء عرفت أناساً قيل فيهم من الشعر و الأدب نصرة و دفاعاً و تضامناً كما قيل في آل محمد «صلوت الله عليهم أجمعين»...
قال الشاعر:
وما فاتني نصرُ كمْ باللسان *** إذا فاتني نصرُكمْ باليدِ
و قال عبد الحسيب طه في «أدب الشيعة»:
و الواقع أن قتل الحسين عليه السلام علي هذه الصورة الغادرة -و الحسين عليه السلام غني عن التعريف ديناً و مكانة بين المسلمين- لا بد أن يلهب المشاعر و يرهف الأحاسيس و يطلق الألسن و يترك في النفس الإنسانية أثراً حزيناً دامياً و يجمع القلوب حول هذا البيت المنكوب.
و هال الناس هذا الحادث الجلل -حتي الأمويين أنفسهم- فأقضّ المضاجع و أذهل العقول و ارتسم في الأذهان و صار شغل الجماهير الشاغل، و حديث النوادي.
تجاوبتِ الدنيا عليك مآتماً *** نواعيك فيها للقيامة تهتفُ
فما تجد مسلماً إلّا و تجيش نفسه لذلك الدم المهدور وكأنّه هو الموتور!! أجل... فلا تختص بذلك فئة دون فئة و لا طائفة دون طائفة
ص: 64
وكأنَّ الشاعر الذي يقول:
حبُّ آل النبيِّ خالطَ قلبي *** كاختلاطِ الضيا بماءِ العُيونِ
إنما يترجم عن عاطفة كلّ مسلم و هل التشيّع إلا حب آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم و من هذا الذي لا يحب آل بيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرة؟ ملامكَ في آل النبيِّ فإنّهمْ *** أحِبايَ ما داموا و أهلُ تقاةِ(1)
و قال السيد جواد شبّر في أدب الطف:
ما عرف التاريخ من أوّل الناس حتي يومهم هذا أنَّ شخصاً قيل فيه من الشعر و النثر كما في الحسين بن علي عليه السلام فقد رثاه كل عصر و كل جيلِ بكل لسان في جميع الأزمان و وجد الشيعة مجالاً لبث أحزانهم و متنفّساً لآلامهم عن طريق رثاء الحسين عليه السلام سيّما و هذه الفرقة محارَبة من كل الحكومات و في جميع الأدوار.
و مما ساعد علي ذلك؛ أنَّ فاجعة الطف هي الفاجعة الوحيدة في التاريخ بمصائبها و فوادحها.(2)
و قال محسن علي المعلّم:
نجد الشعر الحسيني قد تجاوز الحدود و السدود و لم يعد وقفاً علي شيعته و أوليائه القائلين بإمامته بل شاركهم الشعور ذوو الأفكار الحرة المتنوّرة من المسلمين و المسيحيين و سواهم و بالفصيح من العربية و غيرها من اللغات و اللهجات الأخري و لم يقتصر فيض الشعر الزاخر علي جوانب الأسي و بواعث الحسرة و الشجن، و إنما شمل ملكات الإمام العظيمة و مكامن شخصيته و مواطن عظمته.(3)
أقول: شاركت الزهراء سلام الله عليها ولدها الحسين عليه السلام في كثرة الندب و الرثاء
ص: 65
كما قد لا توجد أبداً قضية كقضيتهما معاً عليهم السلام حَظَيِتْ بمثل هذا الاهتمام الكبير من قبل الشعراء و الأدباء أبداً.
و هذا الاهتمام لم ينشأ من مكانتهما فقط لأن كلَّ أئمة أهل البيت عليهم السلام يحظون بمكانتهم السامية عند الله «سبحانه» و عند الناس...
و ليس فقط لوجود حبّ الحسين و الزهراء عليهما السلام في قلوب أهل الحق.
كلاّ... فإنّ جميع أئمة أهل البيت عليهم السلام حبّهم فرض و موالاتهم دليل صفاء القلب و نزاهة الضمير و صدق الإيمان... بل لأنَّ ظلامة الزهراء و ظلامة الحسين «عليهما السلام» كمَّلت إحداهما الأخري و صارتا حلقة واحدة تضمّنت ظلامات الجميع... فظلامة الزهراء سلام الله عليها كانت فاتحة الظلامات علي آل الرسول عليهم السلام بمآسيها المفجعة...
و ظلامة الحسين عليه السلام كانت الأكثر وقعا في شدّتها و فظاعتها هذا أولاً.
و ثانياً... لأنّ ظلامة الزهراء سلام الله عليها تشكّل ظلامة النبوّة و أوّل خطوة خطاها القوم للابتعاد عن منهاج الإسلام و اغتصاب الخلافة الشرعية و الاعتداء علي بيت النبوّة بلا جهل و لا قصور بل إنَّ القوم هتكوا حرمتها و سحقوا حقوقها و قتلوها علماً و عمداً و عن سابق إصرار -و رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بعدُ لم يهجع في قبره- و لذا كانت أول خطوة في طريق الظلم و الجور في تاريخ المسلمين التي جرَّت الويلات تلو الويلات علي المسلمين حتي اليوم.
و أما ظلامة الحسين عليه السلام فقد شاركت الظلامة الأُولي -ظلامة فاطمة الزهراء سلام الله عليها- في القتل والتعدّي عن علم و عمد و سابق إصرار كما قالوا له:
«نقتلك و نعلم أنَّك ابنُ فاطمة سلام الله عليها... ابن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم »!!
ولكن زادت هذه علي الأولي بالدناءة و الخسَّة و الشمولية فتلخَّصت فيها كل ظلامات الأنبياء و الأئمة و الأولياء... لوجود الشبه الكبير بين واقعة الطف و وقائع أنبياء الله و أوليائه في الهتك و السحق...
و من هنا ربط الشعراء بين القضيتين معاً و اعتبروا الثانية امتداداً
ص: 66
للأولي فشدّدوا أكثر علي هاتين القضيتين... ليس لنكران ما دهي سائر الأئمة عليهم السلام من ظلم و جور إذ كلُّهم مظلوم مقهور...
ولكن لأنَّ هاتين الظلامتين تضمَّنتا ظلاماتهم و أكثر، كانوا عليهم السلام يركّزون علي هذا البعد و يربطون ما يجري عليهم بما جري علي الحسين عليه السلام و كانوا يقولون ( لاَ يَوْمَ كَيَوْمِكَ يَا أَبَاعبدالله).(1)
فالترابط وثيق جداً بين القضيتين ليس عند الشعراء فقط بل الأمر هكذا أيضاً في الآخرة كما سنري من خلال الشواهد.
ص: 67
سلَّط شعراء الشيعة و غيرهم أيضاً قديماً و حديثاً الأضواء علي الترابط الوثيق بين السقيفة و كربلاء و ساقوا ما جري علي الحسين عليه السلام في كربلاء مساق ما جري في المدينة بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم علي الزهراء البتول سلام الله عليها.
و اعتبروا الحادثين حادثاً واحداً في الأهداف و الدوافع -و هم علي حق في ذلك- إذ لا فاصلة بين الاعتداء علي الزهراء عليها السلام و غصب حقها سلام الله عليها و الاعتداء علي الحسين عليه السلام و لو كان القوم في الحادثة الأُولي هجموا علي الزهراء سلام الله عليها و أحرقوا دارها و أسقطوا جنينها ثم قتلوها بتلك الطريقة الشنيعة...
و بكلمة: لو كان أولئك الذين هجموا علي الزهراء عليها السلام حاضرين يوم الطف لقادوا بأنفسهم خيول بني أمية لسحق الحسين عليه السلام و أهل بيته و أضرموا في خيامهم النار.
و لو حضر أعداء الحسين عليه السلام و الأوائل يضربون الزهراء عليها السلام و يغصبون حقوقها لما قصّروا هم عن ذلك أبداً و هكذا.
لأنّ طبيعة العدوان واحدة و الذي لدية استعداد لسحق النبوّة و يسعي لإطفاء نورها مستعد أيضاً لسحق الإمامة و إطفاء نورها إذ لا فاصلة بين المقامين بل أحدهما امتداد للآخر، و مكملاً له...
و بين يديَّ الآن جملة وافرة من المنظومات الأدبية الرفيعة لشعراء عاشوا في قرون مختلفة و في بلدان مختلفة حكموا بتلك الصلة و هذا الامتداد لخط الظلم و العدوان.
ص: 68
سنقرأ الكثير منها في هذا الديوان وسنتعرف علي أذواق مختلفة لشعراء مختلفين إتفقوا جميعهم علي هذه النتيجة. سأنقل إليك بعض النماذج منها:
يقول الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في هذا الصدد نظماً:
تاللهِ ما كربلا لولا سقيفتُهم *** و مثلُ ذا الفرعِ ذاك الأصلُ يُنْتِجُه
و في الطفوفِ سقوطُ السبطِ منجدلاً *** من سقطِ محسن خلفَ البابِ منهجُه
و بالخيامِ ضرامُ النارِ من حطبِ *** ببابِ دارِ ابنةِ الهادي تَأَجُّجُه(1)
و يقول الحاج جواد بدقت الحائري :
عُقِدت بيثربَ بيعةٌ قضيت بها *** للشركِ منه بعد ذاكَ ديونُ
بُرِقيِّ منبرِه رُقِيْ في كربلا *** صدرٌ و ضُرِّجَ بالدماءِ جبينُ
لولا سقوطُ جنينِ فاطمةٍ سلام الله عليها لما *** أودي لها في كربلاءَ جنينُ
و بكسرِ ذاك الضلع رُضَّتْ أضلٌ *** في طيِّها سِرُّ الإلهِ مَصوُن
و كما لفاطمَ رنَّةٌ من خلفِهِ *** لبناتِها خلفَ العليلِ رنينُ
و بزجرِها بسياط قنفذَ و شَجتْ *** بالطفِّ من زجرٍ لهنَّ متُونُ
و بقطعهمْ تلكَ الأراكةَ دونها *** قُطِعَتْ يدٌ في كربلا و وتينُ(2)
و السيد محمد مهدي القزويني الحائري في قصيدته يقول :
تاللِه ما كربلا لولا سقيفتُهمْ *** فإنّها ارتضعتْ من ثديِها محضا
و حقّ فاطمةٍ من سقطِ محسِنها *** حسينها خَرَّ مطروحاً علي الرَمْضا
بيومِ رضّ ضُلوعٍ الطُهْرِ فاطمةٍ سلام الله عليها *** جسمُ الحسين علي بَوْغائِها رُضضا
و الشيخ محمد حسين الأصفهاني أنشد :
و ما رماه إذ رماه حرملةْ *** و إنَّما رماه مَنْ مَهَّد لَهْ
سهمٌ أتي من جانبِ السقيفةْ *** و قوسُه علي يَدِ الخليفةْ(3)
ص: 69
و قال الحاج هاشم الكعبي :
تاللهِ ما سيفُ شمرِ نالَ منك و لا *** يدا سنانٍ جلَّ الّذي ارتكبوا
لولا الألي أغضبوا ربَّ العُلا وأبوْا *** نصَّ الولاءِ و حقَّ المرتضي غَصبوا
أصابكَ النَفَرُ الماضي بما ابتدعوا *** و ما المسبِّبُ لو لم ينجحِ السببُ
ولا تزال خيولُ الحقدِ كامنةً *** حتي إذا أبصروها فرصَةً و ثَبوا
فأدركَ الكلُّ ما قد كانَ يطلبُه *** و القصدُ يُدْرِكُ لمّا يمكنُ الطَلبُ
كفِّ بها أمَّك الزهراءَ قد ضَربُوا *** هي الّتي أختَك الحورا بها سَلبُوا
و أنّ نارَ وغّي صاليت جمرتها *** كانتْ لها كفُّ ذاك البغيِ تَحتطِبُ
فليَبْكِ يومَك مَنْ يَبكْيه يومَ غَدَوْا *** بالصنوِ قوداً و لبنتَ المصطَفي ضَربوا
تاللهِ ما كربلا لولا السقيفةُ و الأ *** حياءُ تدري و لولا النارُ ما الحطبُ
و الخطيب السيد صالح الحلي يقول :
قَبساً به بابَ البتولةِ أجَّجوا *** منه بعرصةِ كربلا نيرانُ(1)
و للشيخ محمد خليفة أبيات يقول فيها :
إنّي أقولُ و لستُ أولَ قائلٍ *** قولاً ثوابتُ صدقِه لاتُنْكَرُ
تاللهِ ما قَتلَ الحسينَ سوي الأُلي *** قدماً علي الهادي عَحتوا و استكبروا
هُمْ أسّسوا فبنَتْ بنو حربٍ و قد *** هدَموا الرشادَ و للضلالةِ عَمّروا (2)
و للشيخ كاظم السبتي أبيات جاء فيها :
فإنَّ يداً مُدَّتْ إلي هتكِ زينبٍ *** يَدٌ هتَكتْ من قبلِ زينبَ أَمَّها
و كفّاً بها قادوا علياً لبيعةٍ *** ثقالُ الرواسي لا تقاومُ جُرْمَها
بها صارَ زين العابدينَ مقيَّداً *** يكا بُد ضِغنَ الشامتينَ و هَضْمَها
و له أيضاً :
فهتكُ بناتِ الوحي عن هتكِ فاطمٍ *** و طفلُ حسينِ كانَ فرعاً عن السقطِ
و إنَّ سياطاً ألبستْهُنَّ أسوِراً *** الموروثةٌ عن دملجِ الطُهْرِ و القرطِ(3)
ص: 70
والسيد مهدي ابن السيد داود الحلي يقول :
اليومَ من إسقاطِ فاطمَ محسناً *** سقطَ الحسينُ عن الجوادِ صريعا
اليومَ جرَّدت السقيفةُ سيفَها *** فغدا به رأسُ الحسين قطيعا(1)
أقول: و ليس الشعراء و حدهم و جدوا الترابط بين ظلم الزهراء و قتل الحسين «عليهما السلام» و ثيقاً لا ينفك بل حتي الولاة و أصحاب الحكم أنفسهم الذين مارسوا هذا الظلم...
روي البلاذري قال :
لما قتل الحسين عليه السلام كتب عبدالله بن عمر إلي يزيد بن معاوية :
أمَّا بَعدُ... فَقَد عَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ وَجِلَتِ المُصِيبَةُ وَحَدَثَ في الإِسلامِ وَحَدَثٌ عَظيمٌ وَلا يَومَ كَيَومِ الحُسَينِ عليه السَّلامُ.
فكتب إليه يزيد:
أمَّا بَعْدُ يَا أَحْمَق فَإِنَّنَا جِئْنَا إِلَي بُيُوتٍ مُنَجَّدَةٍ وَ فُرُشٍ مُمَهَّدَةٍ وَ وسائد منضدةٍ فَقَاتَلْنَا عَنْهَا فَإِنْ يَكُنِ اَلْحَقُّ لَنَا فَعن حقِّنا قاتَلْنَا...
و إِنْ كَانَ الْحَقُّ لِغَيْرِنَا فَأَبُوك أَوَّلُ مَن سينَ هذا و ابْتُزَّ وَ استَأْثَرَ بِالحَقِّ علي أهلِهِ.(2)
يقول التيجاني السماوي:
لو قدر لعلي عليه السلام أن يقود الأمة ثلاثين عاماً علي سيرة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم العّم الإسلام و لتغلغلت العقيدة في قلوب الناس أكثر و أعمق و لما كانت فتنة صغري و لا فتنة كبري... و لا كربلاء و لا عاشوراء... إلي آخر كلامه.(3)
ص: 71
ليس اتصال السقيفة بكربلاء جاء بذوق الشعراء و نتاج مشاعرهم الجيّاشة تجاه ظلامة فاطمة و الحسين عليهما السلام بلِ أخذ الشعراء هذا المعني في الروايات العديدة التي ربطت بين الحدثين معاً ليس في الدنيا فقط بل تجد الربط وثيقاً حتي يوم القيامة ...
اليوم الذي تري فيه الناس سكاري و ما هم بسكاري و لكنَّ عذاب الله شديد اليوم الذي تذهل فيه المرضعات عما أرضعن...
اليوم الذي يفرّ فيه المرء من أخيه و أمه و أبيه و صاحبته و بنيه... «لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ».(1)
في هذا اليوم الذي لا يفكر فيه الناس بسوي النجاة و الخلاص مما قدموا و أخّروا ... في هذا اليوم العصيب يظهر الترابط أكثر بين قضية فاطمة سلام الله عليها و قضية الحسين عليه السلام . فتحشر «سلام الله عليها» مطالبة بحق الحسين عليه السلام و دمه المهدور...
فلماذا فاطمة عليها السلام؟ و لماذا بدم الحسين عليه السلام ؟
لعل هذا من الأسرار التي ربما نتوصل إلي بعض تفسيرها و قد لا نصل أيضاً كما قدمنا...
إنّ الروايات التي جاءت متحدّثة عن هذا الموقف كثيرة ننقل منها رواتيين...
ص: 72
قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: (تُحْشَرُ ابْنَتي فَاطِمَةُ عليها السلام يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَعَها ثِيابٌ مَصْبُوغَةٌ بِالدِّمَاءِ تَتَعَلَّقُ بِقائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ فَتَقُولُ يا عَدْلُ يَا حَكِيمُ احْكُمْ بَيْني وَبَيْنَ قاتِلِ وَلَدِي...).
قال علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: (وَيْحَكُمُ اَللَّهُ لاِبْنَتِي وَ رَبِّ الكعبة).(1)
و في رواية أخري: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم : (يُمثَّلُ لِفاطِمَةَ عليها السلام رَأسُ الحُسَينِ عليه السلام مُتَشَحِّطَةً بِدَمِهِ فَتَصيحُ وَا وَلَداهْ وا ثَمَرَةَ فُؤَادَاهْ فَتَصْعَقُ المَلائِكَةُ لِصَيْحَةِ فَاطِمَةَ عليه السلام ويُنَادِي أهْلَ القِيَامَةِ قَتَلَ اللَّهُ قاتِلَ وَلَدِكِ يا فاطِمَةُ عليها السلام).
فيقول الله «عزّوجل» ذلك: (افعَل بِهِ وَبِشيعَتِهِ وَأحِبَّائِهِ وَأتباعِهِ) إلي آخر الرواية.(2)
قال الشاعر :
لا بدّ أن ترِدَ القيامةَ فاطمٌ *** و قميصُها بدمِ الحسينِ عليه السلام مُلَطّخُ
ويلٌ لمنْ شُفعاؤُه خُصَماؤُه *** والصُوْرُ في يومِ القيامةِ يُنْفَخُ
ص: 73
إنَّ أئمة الهدي أنفسهم «سلام الله عليهم أجمعين» و نظراً لظروف الإرهاب القاسية التي كانوا يعيشونها دائماً مع جبابرة الأمويين و العباسيين... و نظرا لسياسة العنف و القتل التي كانوا يمارسونها ضدهم و ضد أتباعهم حتي قضوا جميعاً قتلاً و تشريداً...
و جدوا أن من أفضل الطرق للدفاع عن الحق و نصرة مبادئه و الذب عن حياض الدين هو الشعر و منظومات الشعراء...
لأن الشاعر في ذلك الزمان كان يمثل أقوي وسيلة إعلام للتوعية و التثقيف و نشر الفكرة و نصرة الدين و بيان الحقوق المهدورة بأيدي الظالمين.
خاصة و أنَّ الحكّام أنفسهم وظَّفُوا الوسيلة نفسها -الشعر و الشعراء- الترويج مبادئهم الباطلة و تلميع وجوههم المظلمة بالمساويء و التزلّف إليهم مدحاً و تمجيداً طمعاً في المال أو الشهوة أو المناصب.
فشجع الأئمة عليهم السلام في الشعر و الشعراء و دفعوهم نحو الإكثار من النظم بهدف:
1- نشر الحق و نصرة مبادئه .
2- تخليص الشعراء من أيدي الظالمين ليستخدم الشعر في أهدافه الرفيعة في التعليم و التهذيب و خدمة الأغراض النزيهة.
3- فضح الظالمين و التحريض عليهم و لغيرها من الأسباب .
ص: 74
و قد عدّوا عليهم السلام الشعر الهادف المربّي و المعلّم الناصر للحق مقبولاً و من الطاعات التي ينال عليها صاحبها الأجر و الثواب في الآخرة...
قال الإمام الصادق عليه السلام : (مَنْ قَالَ فِينَا بَيْتاً مِنَ اَلشِّعْرِ بَنَي اَللَّهُ لَهُ بَيْتاً فِي اَلْجَنَّةِ) .(1)
و قال عليه السلام: (مَن قالَ في الحُسَينِ عليه السلام شَعرَةً فَبَكي وَ أبكي غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ووجَبَتْ لَهُ اَلْجَنَّةُ).(2)
كما أن ناصرهم و المتعاطف معهم عليهم السلام كان يحظي بدعائهم و عنايتهم فضلاً عن المكانة السامية التي يحتلها في نفوسهم.
كما جاء في دعائهم للكميت و دعبل و الحميري و أضرابهم في تلك العصور التي قلّ فيها الناصر و كمَّت أفواه الناس و غلَّت أيديهم عن نصرة التشيع و مذهب أهل البيت عليهم السلام.
و لم يعد يجسر أحد من الشعراء علي المجاهرة بحبه لهم و وقوفه إلي جانب قضاياهم لشدة الضغط إلآّ الشاذ الذي ينظم البيت و البيتين، اللذين تنطلق بهما شاعريته و تفيض بهما عاطفته سراً و في تقية شديدة.
و لم يكن الحال في الدور العباسي بأفضل من العصر الأموي في ذلك...
حتي أن الذكريات الحسينية و النوح علي مأساة كربلاء مرَّت بردح من الزمن و هي لا تقام إلاّ تحت الغطاء في زوايا البيوت مع غاية التحفظ و السرية...
قال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين:
(كَانَتِ الشُّعَرَاءُ لا تقْدِمُ عَلَي رِثَاءِ اَلْحُسَيْنِ عليه السلام مَخَافَةٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَ خَشْيَةً مِنْهُم) .(3)
و قال السيد المقرم في المقتل:
ص: 75
(بما أنَّ ذكري أهل البيت عليهم السلام قوام الدين و روح الإصلاح و بها تدرّس تعاليمهم و يقتفي أثرهم طفق الأئمة المعصومون عليهم السلام يحثّون مواليهم بنشر ما لهم من فضل كثير و ما جري عليهم من المصائب و لا قوة في سبيل إحياء الدين من كوارث ومحن لأنّ فيه حياة أمرهم و رحم الله من أحيا أمرهم و دعا إلي ذكرهم).
و قد تواتر الحثّ من الأئمة عليهم السلام علي نظم الشعر فيهم مدحاً و رثاء بحيث عدَّ من أفضل الطاعات و في ذلك قالوا عليهم السلام: من قال فينا بيتاً من الشعر بني الله تعالي له بيتاً في الجنة.
و في آخر: (حتي يؤيَّد بروح القدس . و في ثالث : بني الله له بيتاً في الجنة مدينة يزوره فيها كل ملك مقرَّب و نبي مرسل).(1)
استأذن الكميت علي الصادق عليه السلام في أيام التشريق ينشده قصيدته فكبر علي الإمام أن يتذاكروا الشعر في الأيام العظام «أيّام الحج» و لمّا قال له الكميت: إنها فيكم، أنس أبوعبد الله عليه السلام... حيث إنه من الذكر اللازم لأنه فيه إحياء أمرهم و هو إحياء للدين و نصرة لمبادئه... ثم دعا بعض أهله فقرب ثم أنشده الكميت فكثر البكاء و لما أتي علي قوله:
يُصِيبُ به الرامونَ عن قوسِ غيرِهمْ *** فيا آخراً أسْدي له الغيَّ أوَّلُ
رفع الصادق عليه السلام يديه و قال: «اللهم اغفر للكميت ما قدَّم و أخَّر و أسرّ و أعلن و أعطه حتي يرضي».(2)
و دخل جعفر بن عفان علي الصادق عليه السلام فقال له: (إنك تقول الشعر في الحسين عليه السلام و تجيده) قال: نعم. فاستنشده فلمّا قرأ عليه بكي حتي جرت دموعه علي خديه و لحيته و قال له: (لقد شهدت ملائكة الله المقرّبون قولك في الحسين عليه السلام و إنّهم بكوا كما بكينا . و لقد أوجب الله لك الجنة) ثم قال عليه السلام:
ص: 76
(من قال في الحسين شعراً فبكي و أبكي غفر الله له و وجبت له الجنة).(1)
و هكذا فقد صبغت مأساة الحسين عليه السلام و الزهراء عليها السلام و لا تزال تصبغ أدب الشيعة بالحزن العميق و التوجّع لما حلّ بالإسلام و المسلمين جرّاء ما دهاهما من مصائب و محن فرثوهم رثاءً مؤلماً موشّحاً بالدموع حتي غطي الكثير من أعمالهم الأدبية و محافلهم و أنديتهم... و الذي يحسّه المرء و هو يطالع ما كتب في هذا المجال اللوعة و المضاضة و التأسّف علي الأحداث يحسّ إلي جانبها أيضاً بالاستنهاض و الثورة لأنها صادرة عن نفوس شاعرة متوثّبة صارخة بوجه الظلم و الطغيان و الفساد و الاستبداد مندّدة بأولئك الظلمة الذين قادوا الناس إلي البؤس و الشقاء... و ستجد مثل هذا الكثير من خلال مطالعتك للديوان...
ص: 77
و أيضاً فإن الأئمة الطاهرين «عليهم الصلاة و السلام» أنشدوا الشعر بأنفسهم في سبيل التربية و التعليم و نصرة مبادئهم الحقة و دفاعا عن حقوقهم المهدورة وظلاماتهم. و فضحة لأعدائهم... أعداء الله.
و بعضه كان من إنشائهم غلق و بعضه كانوا ينشدونه عن غيرهم.
وقد مرّ العديد من الشواهد في نظم الشعر أو تطعيم قصائد الشعراء كما في قصيدة دعبل عندما قرأها علي الإمام الرضا عليه السلام و غيرها و قد جمع العلامة الأميني في الغدير الكثير من هذه الشواهد... كما جمع الشعر المنسوب إلي مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام في ديوان خاص اسمه «ديوان الإمام علي عليه السلام» و قد حوي العديد من الأبيات الشعرية الرفيعة في مختلف شؤون الإنسان و الحياة.
و أما ما ورد عن الصديقة الطاهرة «سلام الله عليها» من الشعر المنظوم في رثاء النبي الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم و إظهار الحب و الولاء له و شرح ما جري من الأحداث عليها بأيدي الصحابة...
أقول: ما ورد عنها «سلام الله عليها» إنشاداً أو إنشاءً و كله يكشف عن عمق المعني و شدّة العاطفة الجيّاشة فكثير أنقل إليك بعض عينّاته:
في رثاء النبي صلي الله عليه و آله و سلم و قالت:
إنَّ حزني عليكَ حزنٌ جديدُ *** و فؤادي و الله صَبّ عنيدُ
كلُّ يومٍ يزيدُ فيه شُجوني *** و اكتئابي عليكَ ليس يَبيدُ
جَلَّ خَطَّبي و بان عنّي عزائي *** فبُكائي كلَّ وقتٍ جديدُ
ص: 78
إنَّ قلباً عليك يألفُ صبراً *** أوعزاءً فإنّه لجلِيدَ(1)
و في رثائه أيضاً قالت :
قلَّ صبري و بانَ عنّي عَزائي *** بعدَ فَقدي لِخاتمِ الأنبياءِ
عينُ يا عينُ اسكبي الدمعَ سحَاً *** ويكِ لا تبخلي بفيضِ الدماءِ
يا رسولَ الإلهِ يا خيرةَ اللهِ *** و كهفَ الأيتام و الضعفاء
قد بكتكَ الجبالُ و الوحشُ جمعاً *** و الطيرُ و الأرضُ بعد بكي السماءِ
و بكاكَ الحجونُ و الركنُ *** و المشعرُ يا سيّدي مع البطحاءِ
و بكاكَ المحرابُ و الدرسُ *** للقرآن في الصبحِ معلناً و المساءِ
و بكاكَ الإسلامُ إذ صار في *** الناسِ غريباً في سائرِ الغُرَباء
لوتري المنبرَ الذي كنتَ تعلوه *** عَلاه الظلامُ بعدَ الضياءِ
يا إلهي عجل وفاتي سريعاً *** فلقد نغص الحياة يا مولائي(2)
و عندما دنت منها الوفاة و أخذت توصي وصاياها لمولانا أميرالمؤمنين عليه السلام قالت في ضمن ما قالت:
و ادفني في الليل إذا هدأت العيون و نامت الأبصار... أوصيك يا أبا الحسن عليه السلام بولدي الحسن و الحسين عليهما السلام و لا تصح في وجوههما فيصبحان يتيمين غريبين منكسرين بالأمس فقدا جدهما و اليوم يفقدان أمهما فالويل لمن يقتلهما ثم أنشأت تقول:
ابكِني إن بكيتَ يا خيرَهادِ *** واسبلِ الدمعَ فهو يومُ الفراقِ
يا قرينَ البتولِ أوصيكَ بالنسلِ *** فقد أصبحاحليفَ اشتياقِ
ابكِني و ابكِ لليتامي و لا *** تنسَ قتيلاً لعدي بطفِّ العراقِ
فارَقُوا أصبحوا يتامي حَياري *** أخلفوا اللهَ فهو يومُ الفراقِ
ثم دعت بأولادها فودعتهم جميعاً و تهيأت للقاء ربها إلي آخرالرواية .(3)
ص: 79
و بعد غصب الخلافة و فدك و وقوف الزهراء عليها السلام للذب عن القضيتين، خطبت عدّة خطب بليغة و فريدة، لم يشهد لها تاريخ الأدب نظيراً... كان منها الخطبة التي ألقتها العامّة الناس، حرّضتهم و شكتهم و بصّرتهم ببعض الخفايا التي تستَّر عليها القوم و في خاتمة الخطبة عطفت علي قبر النبي صلي الله عليه و آله و سلم و قالت:
قد كان بعدك أنباء وهنبثةُ(1) *** لو كنت شاهدها لم تكثر الخِطبُ
إنّا فقدناكِ فقد الأرض و ابلَها *** و اختلّ قومُكَ فاشهدهم فقد نكُبوا
أبدي رجالُ لنا نجوي صدوِرِهمْ *** لمّا مضيتَ و حالت دونك التُرَبُ
تجّهمتْنا رجالُ و استخفّ بنا *** لما فقدت و كلُّ الإرث مغتصب
وكنت بدراً و نوراً يستضاء به *** عليك تَنزلُ من ذي العزّةِ الكتُب
و كان جبريلُ بالآياتِ يُؤنِسُنا *** فقد فُقدتَ و كلِّ الخير محتجبُ
فليتَ قبلكَ كان الموت صادَفَنا *** لمّا مضيتُ و حالت دونك الكثبُ
إنا رُزتنا بما لم يرز ذو شجَّنِ *** من البريةِ لاعجم و لا عربُ
قال صاحبُ «بلاغات النساء»: فما رأينا يوماً كان أكثر باكياً و لا باكية، من ذلك اليوم.(2)
و في البحار نقلاً عن المناقب، قال : أنشدت الزهراء سلام الله عليها و بعد وفاة أبيها عليه السلام.
وقد رُزئنا به محضاً خليقتُه *** صافي الضرائبِ و الأعراقِ و النسب
و كنتَ بدراً و نوراً يُستضاء به *** عليك تنزلُ من ذي العزةِ الكتب
و كان جبريلُ روحُ القدسِ زائرنا *** فغابَ عنَّا وكلُّ الخيرِ محتجب
فليتَ قبلك كان الموتُ صادفَنا *** لما مضيتَ و حالتْ دونك الحجب
إنا رُزئنا بما لم يرز ذو شجن *** من البريةِ لا عجم و لا عرب
ضاقتْ عليَّ بلادٌ بعد ما رحُبَتْ *** وسِيمَ سبطاكَ خسفاً فيه لي نصَب
فأنت و اللهِ خيرُ الخلقِ كلِّهمُ *** و أصدقُ الناس حيث الصدقُ و الكذب
فسوفَ نبكيك ما عشنا و ما بقيت *** منّا العيونُ بتهمالٍ لها سكب
ص: 80
عن الباقر عليه السلام قال: ما رئيتُ فاطمة عليها السلام ضاحكة قط منذ قبض رسول الله صلي الله عليها حتي قبضت.(1)
و قالت عليه السلام أيضاً:
اغبرَّ آفاقُ السماءِ فكُوِّرَت *** شمسُ النهارِ و أَظلمَ العَصرانِ
و الأرضُ من بعدِ النبي كئيبةٌ *** أسفاً عليه كثيرةُ الأحزانِ
فليَبكِهِ شرقُ البلادِ و غربُها *** و ليَبكِه مُضَرٌ وكل يَمانِي
و ليبكِهِ الطَؤدُ الأشمُّ وجوده *** و البيتَ والأستارُ و الأركانِ
يا خاتمَ الرسلِ المبارك ضوؤُه *** صلي عليكَ منزّلُ القرآنِ(2)
و لها أيضاً حينما أخذت قبضة من تراب قبر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و شمتها قالت: قل للمغيَّب تحتَ أطباقِ الثري *** إن كنتَ تسمعُ صرختي و ندائيا
ماذا علي مَن شمَّ تربةَ أحمدٍ *** أن لا يشمَّ مدي الزماني غواليا
صُبَّت عليَّ مصائبٌ لو أنَّها *** صُبَّت علي الأيّامِ عدنَ لياليا
قد كنتُ ذات حمّي بظلّ محمدٍ *** لا أَختشي ضيماً و كان حِمَي ليا
فاليومَ أخشعُ للذليلِ و أتّقي *** ضَيمي و أدفعُ ظالمي بردائيا
فإذا بكت قُمرِيةٌ في لَيلِها *** شجناً علي غُصنِ بكيتُ صباحيا
فلأجعلنَّ الحزنَ بعدكَ مؤنسي *** و لأجعلنَّ الدمعَ فيك و شاحيا(3)
و لها أيضاً و قد لحقت مولانا أمير المؤمنين عليه السلام لتخلّصه من القوم فلم تتمكن فعدلت إلي قبر أبيها و أشارت إليه بنحيب و حرقة قلب قائلة:
نفسي علي زفراتِها محبوسةٌ *** يا ليتها خرجت مع الزفراتِ
لاخيرَ بعدَكَ في الحياةِ و إنّما *** أبكي مخافةَ أَن تَطُولَ حياتي(4)
و انعطفت بعد خطبتها علي قبر أبيها شاكية
ص: 81
قد كنت ذات حميةٍ ما عشتَ لي *** أعشي البراح وأنتَ كنتَ جناحي
فاليومَ أخضعُ للذليل و أتقي *** منه و أدفعُ ظالمي بالراح
و إذا بكت قُمرِيةٌ شَجناً لها *** ليلاً علي غُصنِ بكيتُ صباحي(1)
و لها أيضاً في أبيها صلي الله عليه و آله و سلم:
إذا ماتَ يوماً ميِّتٌ قلَّ ذكرُه *** و ذكرُ أبي مذ ماتَ و اللهِ أزيَدِ
تذكّرتُ لمّا فرّق اللهُ بيننا *** فعزّيتُ نفسي بالنبيِّ محمدٍ
فقلتُ لها إنّ المماتَ سبيلُنا *** و من لم يمت في يومِه ماتَ في غدٍ(2)
و أنشأت في الرثاء أيضاً قائلة :
إذا اشتَّد شوقي زرتُ قبرَك باكياً *** أنوح و أشكو لا أراكَ مجاوبي
فيا ساكنَ الغبراءِ عَلّمَتني البُكا *** وذكركَ أنساني جميعَ المصائب
فإن كنتَ عنّي في الترابِ مغيَّباً *** فما كنتَ عن قلبي الحزين بغائبِ(3)
و في كل ما تقدم من شعرها إنشاداً أو إنشاءً تحس الثورة و الصرخة العارمة انتصاراً للحق ...
كما تحس العاطفة الجيّاشة لما حلّ بالمسلمين و قبلهم الإسلام جرّاء تخلّف أصحاب أبيها عن بيعتهم و ارتدادهم عمّا أوصاهم به الرسول صلي الله عليه و آله و سلم...
ص: 82
إن كلمات المشاهير و العلماء الأعلام و المؤلفين في الصديقة سلام الله عليها قد ملأت الكتب، قد يتمكن المتتبع لها أن يجمع منها كتاباً مستقلاً نسجِّل منها:
1- قالت عائشة لمن سألها أيّ الناس أحبّ لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ؟
قلت: فاطمة عليها السلام.
قيل: من الرجال ؟
قالت: زوجها، إن كان ما علمت صوّاماً قواماً.(1)
و قالت: ما رأيت أحداً كان أشبه كلاماً و حديثاً برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من فاطمة عليها السلام و كانت إذا دخلت عليه قام إليها فقّبلها و رحّب بها و كذلك كانت هي تصنع به.(2)
و قالت أيضاً: ما رأيت قط أحداً أفضل من فاطمة «سلام الله عليها» غير أبيها .(3)
و قالت أيضاً: ما رأيت أحداً كان أصدق لهجة من فاطمة سلام الله عليها إلا أن يكون الذي ولدها.(4)
و عن جميع بن عمير قال: دخلت مع أمي علي عائشة فسمعتها من
ص: 83
وراء الحجاب و هي تسألها عن علي فقالت: تسألين عن رجل ما أعلم رجلاً أحبّ إلي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من علي و لا في الأرض امرأة كانت أحبّ إلي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم من امرأته.(1)
2- قال أبو نعيم الأصبهاني:
من ناسكات الأصفياء و صفيّات الأتقياء ، فاطمة رضي الله تعالي عنها، السيدة البتول، البضعة الشبيهة بالرسول صلي الله عليه و آله و سلم، ألوط أولاده بقلبه لصوقاً و أولهم بعد وفاته به لحوقاً. كانت عن الدنيا و متعتها عازفة و بغوامض عيوب الدنيا و آفاتها عارفة.(2)
3 - قال علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري -ابن الأثير:
كانت فاطمة «سلام الله عليها» تكنّي أم أبيها و كانت أحب الناس إلي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم -إلي أن قال- و انقطع نسل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم إلاّ منها.(3)
4 - قال زين العرب عن شرح المصابيح:
إنَّ فاطمة سميت بتولاً لإنقطاعها عن نساء الأمة فضلاً و ديناً و حسباً.(4)
5 - قال الهروي من الغريبين:
سميت مريم عليها السلام بتولاً لأنها بتلت عن الرجال و سمّيت فاطمة عليها السلام بتولاً لأنها بتلت عن النظر.(5)
6- قال عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد:
و أكرم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فاطمة عليها السلام إكرامة عظيمة، أكثر مما كان الناس يظنونه و أكثر من إكرام الرجال لبناتهم، حتي خرج بها عن حد حب الآباء للأولاد، فقال بمحضر الخاص و العام مراراً لا مرّة واحدة و في مقامات
ص: 84
مختلفة لا في مقام واحد: إنّها سيدة نساء العالمين و إنها عديلة مريم بنت عمران عليها السلام و إنّها إذا مرّت في الموقف نادي مناد من جهة العرش: يا أهل الموقف غضّوا أبصاركم لتعبر فاطمة بنت محمد عليها السلام و هذا من الأحاديث الصحيحة و ليس من الأخبار المستضعفة و إن إنكاحه علياً إيّاها ما كان إلاّ بعد أن أنكحه الله تعالي إيّاها في السماء، بشهادة الملائكة. و كم قال لا مرة: (يُؤْذِينِي ما يُؤْذِيهَا و يُغْضِبُنِي مَا يُغْضِبُهَا و إِنَّهَا بَضْعَةٌ مِنِّي يُرِيبُنِي مَا رَابَهَا).(1)
7- قال علي بن الصباغ المالكي:
هي فاطمة الزهراء سلام الله عليها، بنت من أنزل عليه («سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَي) ثالثة الشمس و القمر، بنت خير البشر، الطاهرة الميلاد، السيدة بإجماع أهل السداد.(2)
8- قال كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي :
إنَّها عليها السلام غير قد خصَّت بفضل سجايا منصوص عليها بانفرادها و فضّلت بخصائص مزايا صرح اللفظ النبوي بإيرادها و ميّزت بصفات شرف تتنافس الأنفس النفيسة في آحادها و ألبست شرف صفات غادرت ملابس الشرف دون أيرادها و بين أولادها دخلت في عداد من خصَّهم الله تعالي من القرآن الكريم بإنزال آيات يلزم فرض اعتقادها ... الخ.(3)
9- قال شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي:
سيدة نساء العالمين سلام الله عليها في زمانها، البضعة النبوية، و الجهة المصطفوية ، أم أبيها، بنت سيّدة الخلق رسول الله صلي الله عليها، أبي القاسم محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف صلي الله عليه و آله و سلم، القرشية الهاشمية، أم الحسنين. مولدها قبل المبعث بقليل... و قد كان النبي صلي الله عليه و آله و سلم يحبها و يكرمها و يسرّ إليها. و مناقبها غزيرة و كانت صابرة، دينة، خيّرة، قانعة، شاكرة لله.(4)
ص: 85
10 - قال أحمد الشرباصي:
فاطمة البتول الزهراء عليها السلام بنت رسول الله صلوات الله عليه وآله و أحب الناس إلي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أفضل نساء الدنيا و سيدة نساء الجنة في الآخرة.(1)
11 - قال الدكتور علي إبراهيم حسن :
و حياة فاطمة عليها السلام هي صفحة فذّة من صفحات التاريخ، نلمس فيها ألوان العظمة، فهي ليست كبلقيس، أو كيلو باطرة، استمدت كل منهما عظمتها من عرش كبير و ثروة طائلة و جمال نادر و هي ليست كعائشة نالت شهرتها لما اتصفت به من جرأة جعلتها تقود الجيوش و تتحدي الرجال و لكنّا أمام شخصية استطاعت أن تخرج إلي العالم و حولها هالة من الحكمة و الجلال، حكمة ليس مرجعها الكتب و الفلاسفة و العلماء و إنما تجارب الدهر المليء بالتقلبات و المفاجآت، و جلال ليس مستمداً من ملك أو ثراء و إنما من صميم النفس.
و لعل عظمة فاطمة عليها السلام هي التي جعلت عائشة تقول: لم أجد من هو أحسن من فاطمة عليها السلام إلا أباها صلي الله عليه و آله و سلم.
و قال: و كما كانت في حياتها عظيمة كانت في موتها عظيمة أيضاً، فهي أوّل عربية مسلمة جعل لها نعش صنعته لها أسماء بنت عميس و كانت قد رأت مثله في الحبشة.
و قال أيضاً: و تركت فاطمة «رضي الله عنها» أثر كبيراً في الإسلام و يكفي أنه سمّيت علي اسمها تلك الدولة الفاطمية ، كما أنّ الجامع الأزهر اشتق اسمه منها أيضاً.(2)
12 - قالت الدكتورة بنت الشاطيء :
أحب بنات الرسول إليه و أشبهه به في خلق و خُلقُ، آثرها الله بما لم يؤثر به شقيقاتها الثلاث (زينب و رقية و أم كلثوم) فكتب لها أن تكون
ص: 86
وحدها الوعاء الطاهر للسلالة الطاهرة و المنبت الطيّب الدوحة الأشراف من آل البيت عليهم السلام.(1)
13 - قال سليمان كتاني:
و فاطمة عليها السلام العفيفة كانت ابنة الصفة في النبي صلي الله عليه و آله و سلم -الصفة المخصبة بعبقرية الخلق و التوليد- لقد كان جسدها النحيل وعاء لروح شفّت حتي اندغمت بالمصدر الذي بزغ منه أبوها.(2)
ص: 87
هذه بعض النقاط البارزة التي كان ينبغي الإشارة إليها من قريب أو بعيد عن الزهراء سلام الله عليها و ما يرتبط بها من مقامات و شؤون في الحكمة و الأدب و الشعر ذكرناها كمدخل إلي الديوان الذي بين يديك -عزيزي القاريء- تحدثنا عنها تيمّناً و تبرّكاً بذكرها «سلام الله عليها» و إبرازاً لبعض الجوانب التي ربّما تكون قد خفيت علي البعض.
و قبل أن أتركك تعيش في رحاب الزهراء فاطمة سلام الله عليها و تتفاعل مع ما جادت به قرائح الشعراء عنها مدحاً و رثاءً أري من الضروري الإشارة إلي بعض الملاحظات باختصار سريع.
أولاً: ولدت فكرة تأليف هذا الكتاب علي أثر كلمة ألقاها سماحة آية الله العظمي السيد صادق الشيرازي «دامت بركاته» علي جمع من المؤمنين و أشار فيها إلي مظلومية السيدة الزهراء سلام الله عليها و كذلك قلة الكتب المؤلفة حول شخصيتها عليهم السلام... مقارنة بالكتب التي ألّفت حول آخرين لا يمثلون شيئاً يستحق الذكر في قبال عظمة الزهراء سلام الله عليها و علوّ مقامها و شموخ منزلتها فعقدت العزم علي إعداد هذا الكتاب كمساهمة متواضعة منّي في خدمة الزهراء سلام الله عليها و إحياءً لذكرها بين الناس.
ثانياً: كان في النية أن نجمع كل ما قيل عنها «سلام الله عليها» في الشعر مما توفر في المصادر ثم يبوّب الديوان بشكل موسوعة أدبية تضم ما قيل فيها من المدح و الرثاء معا ابتداء من القرن الأول الهجري و إلي يومنا هذا مع تفصيل تراجم الشعراء الذين نظموا فيها «سلام الله عليها» علي غرار كتاب - أدب الطفّ - للسيد جواد شبر...
ص: 88
و ما زال هذا العزم و التصميم يتحرك في النفس و يشكل دافعاً قوّياً نحو إنجازه إلاّ أن صعوبة العمل و ما يتطلبه من جهد كبير و وقت طويل ... مضافاً إلي القلق الذي يساورني مخافة أن يضيع ما جمعته من قصائد و أشعار كلاَّ أو بعضا و ما يمكن أن يسبّبه من خسارة معنوية للمكتبة الإسلامية عموماً و الأدب الشيعي علي الخصوص، دفعني إلي القيام بنشر القصائد المتوفرة عندنا أولاً بشكل ديوان خاص حتي إذا سنحت فرصة أكبر و فراغ أوسع أنجزت فكرتي الأولي و أعددت القصائد بشكل موسوعة أدبية كاملة عما جاء عنها «سلام الله عليها». فجاء هذا الكتاب و هو كما تراه بين يديك يضم حوالي (600) قصيدة لشعراء شتي عاشوا في عصور و أمصار مختلفة متباعدة أو متقاربة.
و هو... يمثل مسيرة طويلة و متكاملة في الشعر و الأدب مثَّل الآراء و المواقف علي مر العصور و الأدوار و واكب ما جري فيها من تغييرات و أطوار و عايش مختلف الظروف السياسية الحرجة و المنفتحة...
ابتداءً من الشعر العقيدي الذي غطّي علي الشعر في القرون الأولي كما ذكرنا فيما تقدم إلي الشعر الولائي إلي شعر النصرة الذي يعد اليوم أكثر أنواع الشعر رواجاً في الأندية و المحافل... نظراً لشدة الظلامات التي يتعرّض لها المجتمع البشري اليوم جرّاء السياسة الاستعمارية و الحكومات الديكتاتورية المتمكنة علي رقاب المسلمين و التي تسوقهم بالحديد و النار و تسومهم سوء العذاب و نظراً لحاجة المجتمع الجديد إلي مبادئهم عليهم السلام و تعطّشه لسيرتهم العادلة عليهم السلام التي أبعدتها السياسات عن الساحة عن علم و سابق تخطيط...
و علي أي حال... فقد جاءت بعض القصائد في الديوان في مدحها «سلام الله عليها» و بعضها جاء في رثائها... كما أنّ بعض القصائد جاءت خاصة بالزهراء سلام الله عليها و بعضها ألمحت إليها في بعض أبياتها...
و قد رتّبتها حسب حرف الرويّ و حركته متبعاً في هذا العمل سنن الذين صنّفوا في مثل هذا العمل و قواعد التحقيق و مناهجه، فابتدأت بقافية الألف ثم انتقلت إلي قافية الباء و هكذا.
و في كل قافية اتبعت الترتيب المعروف فبدأت بالهمزة الساكنة منتقلاً
ص: 89
إلي المفتوحة فالمضمومة، فالمكسورة. و لجأت في ترتيب كل قسم من هذه الأقسام علي الترتيب العروضيّ، ففي القافية الساكنة مثلاً رتبت القصائد: البحر الطويل، فالمديد، فالبسيط، فالوافر، فالكامل... و هكذا إلي آخر الأبحر، متبعاً في ذلك الطريقة العلمية المعروفة. فليس تقديم شاعر أو تأخير آخر في الديوان دليلاً علي قوة المقدَّم وضعف المؤخَّر...
كما لا يعني أهمية القصيدة السابقة علي الثانية اللاحقة... كلّا... و إنما ضرورة النظم و التبويب و تسلسل الحروف الهجائية الطبيعي هي التي أملت علينا هذا النوع من النظم و هذا اللون من التقديم و التأخير...
ثالثاً: تسهيلاً للقاريء و بياناً لبعض الحقائق حَشَّيت علي الأبيات التي تحتاج إلي بعض التوضيح سواء من الناحية الأدبية و اللغوية أو من الناحية التاريخية أو الروائية أو الاعتقادية أو غيرها... بعد شكل كلمات القصائد شكلاً كاملاً.
و أملي من سيدتي و مولاتي «سلام الله عليها» أن تقبل مني هذا العمل الضئيل و الجهد المتواضع... و تسدّده و تعفو عن زلّاته و عثراته...
كما آمل من أصحاب الفضل و الأدب أن يقوّموا ما فاتني في ذلك فإني أعترف سلفاً بأن هذه المحاولة لا تخلو من قصور...
و من الله أستمد العون و التوفيق.
و من سيدتي الصديقة الكبري سلام الله عليها أرجو العناية و الرضا... و السلام عليها و علي آبائها و أبنائها الطاهرين و رحمة الله و بركاته.
26 من ربيع الأول لعام 1416 ه
المؤلف
الشيخ علي حيدر المؤيد
ص: 90
ص: 91
ص: 92
(بحر الكامل)
الشيخ إبراهيم بري
نَشَأَت بِيَثرِبَ طفلةٌ زَهراء سلام الله عليها *** في وَجهِها، وَجهُ النَّبِيَّ تَراءَي(1)
نَشَأَت بِيَثرِبَ فَهيَ أَطهَرُ نَجمَةٍ *** تَهَبُ الشُّعَاعَ و تَمنَحُ الأَضواءَ
بِنتُ عَلَي صَدرِ النبيِّ تَرَعرَعَت *** و نَمَت كَزَنبَقَةِ الرُّبي فَيحاءَ
بِنْتِ اَلنَّبِيِّ وَ يَا لهَا مِنْ حُرَّةٍ *** تَلِدُ اَلْكُمَاةَ وَ تَنْجُبُ اَلشُّهَدَاءُ
الرَّافِعِين اِلي اَلنُّجُومُ لِواءَهُمْ *** اِكْرَمْ بِمَنْ رَفَعُوا اَلْخُلُودَ لِوَاء
بذلوا لِرَيِّ اَلظَّامِئِينَ كَوُؤْسِهِمْ *** وَ قَضَوْا عَلَيَّ شَفَةَ اَلْكُوؤُس ظِمَاءً
وَ سِوَاهُمْ حَسَبُ اَلرِّيَاءِ مُكَارِماً *** حَاشَا اَلْمَكَارِمِ أَنْ تَصِيرَ رِيَاءَ
قَوْمٍ لَهُمْ تَخِذُوا اَلشَّهَادَةَ رَأْسَهَا *** وَ تَسِيرُ تَحْتَ ظِلاَلِهِمْ خُيَلاءَ(2)
فَتَحُوا بِسَاحَاتِ اَلْجِهَادِ صُدُورَهُمْ *** حَتِّي تُلاَقِي اَلطَّعْنَةَ اَلنُّجَلاَءَ(3)
ص: 93
وَ جَراحِهِم كَم مِن شِفاهُ جِراحُهُم *** فَجُر أطِلَّ عَلَي الدُّنيِّ(1) وَ أضاءَ
وُ دَماؤُهُم ... إنِّي لَمَحْتُ دِمَاءَهُم *** تَجْرِي عَنِ اَلدِّينِ اَلْحَنِيفِ فِدَاءٌ
لَمْ يُنحَّنوا يُؤُمَّا لِصَوْلَةٍ ظالِمٍ *** كَلَّا وَ لاَلَبِسُوا الْهَوانَ رِداءً
وَ اِذَا اَلْمُرُوءَةَ فِي اَلنُّفُوسِ تَجَسَّدَتْ *** لَمْ تَلْقَ أَنْذَالاً وَ لاَ جَبْنَاءَ
نشات بيثرَتْ، فَهِيَ اطهر شَمْعَةٌ *** ذَابَتْ عَلَيَّ اَلدُّنْيَا شَذِي وَ سَنَاءٌ
وَ حياتهَا برِبِّي اَلنُّبُوَّةِ وَ رْدَةٌ *** بَيْضَاءَ حَيَّ اَلْوَرْدَةِ اَلْبَيْضَاءِ
حَي الامام الزَّوْجِ وَ الْبَطَلِ اَلَّذِي *** دَحَرَ الْمُلُوكَ وَ دَحْرَجَ اَلاِمْرَاةِ
وَ اَللَّهِ شَاءَ بَانَ تَمُوتُ حَزِينَةً *** وَ اَللَّهُ يَفْعَلُ مَا اِرَادَ وَ شَاءَ
أعرفتها سلام الله عليها؟ أَعْرَفْتُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صلي الله عليه و آله و سلم؟ *** فَاتلُ الصَّلاةَ وَ كَرِّمِ الزَّهْراء سلام الله عليها
ص: 94
(بحر الخفيف)
الشيخ إبراهيم النصيراوي
جدّد العهد يا نشيد الولاء *** هاتفاً بالوليدة الزهراءِ
هي نبع من المكارم يزهو *** خصُّ للأرض من عيون السماءِ
تتباهي بها السماوات فخراً *** و تغنّت بها ربي الغبراءِ
لاكيوم الزهراء يوم بهيّ *** دائم العطر من أريج الثناءِ
و الأهازيج باسمها تتعالي *** و هي فوق المديح و الإطراءِ
فكأنّي بكل قلب ينادي *** ولدت بنت سيد الأنبياءِ
***
جدّد العهد يا نشيد الولاء *** فهي حسبي و غايتي و رجائي
كل عرق جري بجسمي حيٌ *** حبُّها فيه لا مسيل الدماءِ
إنّ قلباً خلا من الحب يوماً *** ليس يُنمي لهذه الأحياءِ
كلما جلتُ خاطراً تهتُ فيها *** بسناهايغيب كل سناءِ
حشدت نفسها الملائك زحفاً *** خُلقت بيت بلهفة و انحناءِ
علّها أن تري سناء وجوه *** خُلقت قبل خلق هذا الفضاءِ
تتمنّي بأن تظلّ عكوفاً *** و لتحظي بحمل فضل الرداءِ
هكذا البضعة الزكية كانت *** منبت اليُمن منبت الآلاءِ
غطت الشمس شمسها فأنارت *** هذه الأرض من سني الزهراءِ
هي أنثي و خلفها ألف معني *** كل معني به مدي للخفاءِ
ص: 95
إنّها المرأة التي قيل فيها *** ما علي الأرض مثلها في النساءِ
هي سرٌ حسبها إنّ فيها *** نزل الوحي هاتفاً بالثناءِ
ليس يرقي لفضلها أي فضل *** من أبينا و أُمّنا حواءِ
ص: 96
(بحر الكامل)
الأستاذ أحمد فهمي محمد
لُذْ بِالبَتُولِ وَنادِ بِالزَّهراءِ *** وَ اضْرَعْ لِرَبِّكَ خيفةٌ بِدُعاءِ(1)
وَ ارْفَعْ لِفاطِمَةَ اللِّواءَ فَاِنَّها *** بِنْتُ الرَّسُولِ سَلِيلَةُ الحَنَفاءِ(2)
حُورِيَّةٌ انْسِيَّةٌ فَطَرْتَ عَلَيَّ *** خَلْقٌ سَمّاً فِي الذِّرْوَةِ اَلْعَلْيَاءِ
فَاقَتْ نِسَاءُ اَلْعَالَمِينَ وَ انَّها *** يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ تزْدَهي بِسَنَاءٍ
وَ اَللَّهُ يَغْصِبُ حِينَ تَغْصَبُ فَاطِمُ *** وَ اَللَّهُ يُرْضِي فِي مَقامِ رِضاءِ
شَهِدَ الْخَلَائِقُ اِنَّها لَكَرِيمَةٌ *** وَ هِيَ اَللِّيَادُ لَنَا مِنَ الاواءِ(3)
وَ هِيَ الْوَسِيلَةُ لِلنَّجاةِ وَ عِصْمَةٌ *** وَ ذَخِيرَهِ الْعَانِي مِنَ الضَّرَّاءِ(4)
وَ لَهَا الشَّفَاعَةُ فِي اَلْعُصَاةِ وَ جَنَّةٌ *** وَ لَنَا بِهَا الزلفي لِيَوْمِ لِقَاءٍ(5)
فَاللَّهُ يَنْفَعُنَا بِهَا وَ بِنَسْلِهَا *** حَتِّي نَصِيرُ بِهِمْ مَعَ اَلسُّعَدَاء
ص: 97
(1) كَيْفَ يَدُونُو الي حشاي اَلدَّاءِ *** وَ بِقَلْبِيَ اَلصِّدِّيقَةُ اَلزَّهْرَاءُ
مَنِ اِبُوهَا وَ بَعْلِهَا وَ بَنَوْهَا *** صَفْوَةَ مَا لِمِثْلِهِمْ قُرَنَاءُ
ص: 99
أُفُقٌ يَنْتَمِي إِلَي أُفُقِ اَللَّهِ *** و ناهِيكَ ذَلِكَ اَلْإِنْتِمَاءُ
وَ كِيَانٌ بَنَاهُ أَحْمَدُ خَلْقاً *** وَرعتهُ خَدِيجُةُ اَلْغَرَّاءُ
وَ عَلِيٌ ضَجِيعُهُ بِالرُّوحِ *** صَنَعْتَهُ وَ بَارَكَتْهُ السَّماءُ
اَيْ دَهْماءُ جَلَّلْتَ اُفْقَ الاِسْلامِ *** حَتّي تُنَكِّرِ الْخُلَصاءُ(1)
اَطْعَمُوكِ اَلْهَوَانَ مِنْ بَعْدِ عِزِّ *** وَ عَنِ الْحُبِّ نابَتِ البَغْضَاءُ
أَأْضِيعَتْ الاءُ احْمَدَ فِيهِمْ *** وَ ضُلاَّلٌ أَنْ تجْحَدَ الالاءُ(2)
اولم يَعْلَمُوا بَانَكَ حُبُّ الْمُصْطَفِي *** حِينَ تَحْفَظُ الاباء(3)
أُفَاجِرُ اَلرَّسُولَ هَذَا وَ هَذَا *** لِمَزِيدٍ مِنَ اَلعطاء اَلْجَزَاءَ؟
اَيُّهَا اَلْمُوسع اَلْبَتُولَةُ هَضْماً *** وَيْكَ مَا هَكَذَا يَكُونُ اَلْوَفَاءُ(4)
بِلُغَةٍ خَصَّهَا النَّبِيُّ لِذِي الْقُرْبِي *** كَمَا صَرَّحَتَ بِهِ الانْبَاءَ(5)
لَاتُسَاوِي جَزَاءً لِمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ *** اُعْطَتْهُ اُمَّكِ السُّمَحَاءُ(6)
ص: 100
ثُمَّ فِيهَا اَلْيَّ مَوَدَّةِ ذِي الْقُرِّبِي *** سَبِيلٌ يَمْشِي اَلاِتِّقِيَاءُ
لَوْ بِهَا اَكْرَمُوكِ سُرَّ رَسُولُ اَللَّهِ *** يَا وَيْحَ مِنِ اليهِ أساءُوا
أَيْذَادُ اَلسِّبْطَانِ عَنْ بُلْغَةِ الْعَيْشِ *** وَ يُعْطِي تُراثَهُ اَلْبُعَدَاءُ؟(1)
وَ تَبِيتُ الزَّهْرَاءُ غَرْثِي وَ يُغذُّني *** مِنْ جَنَاهَا مَرْوَانُ وَ اَلْبَغْضَاءُ؟(2)
أَتْرُوحُ اَلزَّهْرَاءَ تَطْلُبُ قُوتاً *** وَ اَلَّذِينَ اِسْتَرْفَدُوا بِهَا أَغْنِيَاءُ(3)
نُهَنِي يَا بِنَةَ اَلنَّبِيِّ عَنِ اَلْوَجْدِ *** فَلاَ بَرِحَتْ بِكِ اَلْبُرْحَاءُ(4)
وَ أرِيحِي عَيْناً وَ إِنْ أَذْبَلَتْهَا *** دَمْعَةٌ عِنْدَ جَفْنِهَا خَرْسَاءُ
وَ اِنْطَوِيَ فَوْقَ أضلعٍ كَسَرُوهَا *** فَهِيَ مِن بَعْدِ كَسْرِهِمْ أَنْضَاءُ(5)
ص: 101
وَ تُنَاسَيْ ذَاكَ اَلْجَنِينَ اَلْمَدمَّي *** وَ إِنِ اسْتَؤْحِشَتْ لَهُ الأَحشاءُ
وَجَبَينٌ مُحَمَّدٌ كَانَ يَرْتَاحُ *** إِلَيْهِ مُبَارَكٌ وَضَّاءٌ
لَطَمَتْهُ كُفٌّ عَنِ الْمَجْدِ و النَّخْوَةِ *** فِيهَا عَهِدْتُهَا شَلاءُ
وَ سَوارٌ عَلَيَّ ذِرَاعَيْك مِنْ سَوْطٍ *** تَمَطَّتْ بِضَرْبِهِ اللُّؤماءُ(1)
فِي حَشَايَا الظَّلَامِ فِي مَخْدَعِ اَلزَّهْرَاءِ *** آهِ وَ لَوْعَةٌ وَ بُكاءُ
وَ هِيَ فَوْقَ الْفِرَاشِ نِضْوٌ مِنَ اَلاِسْقَامِ *** كَالْغُصْنِ جَفَّ عَنْهُ اَلْمَاءُ
ألرَزَايَا اَلسَّوْدَاءَ لَمْ تَبْقَ مِنْهَا *** غَيْرَرُوحٌ أَلوي بِهَا اَلْإِعْيَاءُ(2)
وَ مُسْجِّي مِنْ جِسْمِهَا وَ سَمْتِهُ *** بِالنُّدُوبِ اَلسِّيَاطُ كَيْفَ تَشَاءُ(3)
وَ كَسِيْرٌ مِنَ اَلضُّلُوعِ تَحَامَّتْ *** أَنْ يَرَاهُ اِبْنُ عَمِّهَا فيُساءُ(4)
فَاسْتَجَارَتْ بِالْمَوْتِ وَ الْمَوْتُ لِلرُّوحِ *** الَّتي آدها الْعَذَابُ شِفَاءُ(5)
ص: 102
وَبِجَفْنِ الزَّهْرَاءِ طَيْفٌ تُبْدِي *** فِيهِ وَجْهَ اَلْحَبِيبِ وَ اَلسِّيمَاءُ(1)
وَ ذِرَاعاً خَدِيجَةَ وَ اِبْتِهَالُ اَلْأُمِّ *** تَشْتَاقُ فَرْخهَا وَ دُعَاءٍ(2)
فَتَمَشَّتْ بِجِسْمِهَا خَلَجَاتٌ *** وَ مَشَي فِي جُفُونِهَا إِغْمَاءُ(3)
وَ بَدَتْ فِي شِفَاهِهَا هَمْهَماتٌ *** لِعَلِيَّ فِي بَعْضِهَا إِيصَاءٌ(4)
بِيَتِيمَيْنِ وَ اِبْنَتَيْنِ وَ يَاللامُ *** نَبَضَ بِقَلْبِهَا الأبْنَاءَ
ووِصَايَا نِمَّتَ عَنِ الْهَضْمِ والْعَتْبِ *** رُوَتُهَا مِن بَعدِهَا أسْمَاءُ(5)
ثُمَّ مَاتَتْ وَ لَهَي فَمَا أَقْبَحَ اَلْخَضْرَاءَ *** مِمَّا جَنَوْهُ وَ الْغَبْراءُ(6)
سُجِّيتْ فِي فِرَاشِهَا وَ عَلِيِّ *** وَ بَنُوهُ عَلَي الْفِرَاشِ اِنْحِنَاءُ
وَ تَلاَقَتْ دُمُوعُهُمْ فُؤْقَ صَدْرٍ *** كَانَ لِلْمُصْطَفَي عَلَيْهِ ارتِماءٌ
وَ عَلَيَّ بِدَمْعٍ يَقْتَضِيهِ *** اَلْحُزْنُ سَكْباً وَ تَمْنَعُ اَلْكِبْرِيَاءَ
ص: 103
فَاحْتَوَيَ فَاطِمَاً إِلَيْهِ وَ نادي *** عزَّيا بَضْعَةَ اَلنَّبِيِّ اَلْعَزَاءَ(1)
وَ تَوَلِّي تَجْهِيزَهَا مِثْلَمَا أَوْ *** صُتَّهُ مِنْ حَيْنَ مُدَّتِ اَلظَّلْمَاءُ
وَ عَلَيَّ اَلْقَبْرُ ذابَ حُزْناً وَ نَدَّتْ *** دَمْعَةٌ مِنْ عُيُونِهِ وَ كِفَاءُ(2)
ثُمَّ نَادِي: وَدِيعَةٌ يَا رَسُولَ اَللَّهِ *** رُدَّتْ وَ عَيْنُهَا حَمْرَاءُ(3)
ص: 104
(بحر الوافر)
الأستاذ بشار كامل الزين
بدارِ الوحي ياخير النساء *** حظيت بكل آيات الثناءِ
تجمّعتِ الفضائلُ فيك حتي *** كسَتكِ بنفسها مثل الرداءِ
فإنّك بنتُ خير نساء أرض *** تولّت دينها قبل النساء
و من بيتِ النبوة بيتِ طه *** نشأت عي ابتهالات الدعاءِ
حباكِ الله نعمتَهُ و ساماً *** به قد صرت من أهل الكساءِ
فنلتِ الحبّ و التقديس منّا *** لأنّ الله خصّك بالنداءِ
و عطفُ أبيك ما جاراه عطفٌ *** عليك مع المحبة و الرجاءِ
أم أبيك من سمّاك هذا؟ *** سوي من كان يحنث في حراءِ
أطعتِ أبا و مبعوثاً رسولاً *** لينعم بالسعادة و الهناءِ
و ينشر دعوة الإسلام حتي *** تعمَّ العالمين علي السواءِ
و زوَّجَكَ النبي إلي علي *** ربيبِ المصطفي بطل الفداءِ
فكنت المرأةَ المُثلي لزوج *** كريمِ الخلقٍ مشهودِ الولاءِ
و كنت الأم للحسينِ أماً *** سقت أبناءها وَحْي السماءِ
و ربتهم علي نورٍ و تقوي *** و إيمانٍ و خلقٍ مستضاءِ
أبنت الأكرمين و أهل بيت *** لهم في الدهر مأثرة العطاءِ
ولادتُكِ الضياءُ أليس يعني *** ضياءً للأمومة و الوفاءِ
أبا الزهراء يا روحاً مفدّي *** بفاطمة هنيئاً للنساءِ
ص: 105
و ترفع زينب الحوراء صوتاً *** يهز قواعد البغي المرائي
***
و هاهي كل إمرأة تراها *** تساهم في الصمود و في البقاءِ
لتعطي من حضارتها مثالاً *** يقوم علي الطهارة و الصفاءِ
و ترجعُ صورة الإسلام عنها *** بصدقِ أمانة و عري انتماءِ
و تجعل يوم فاطمة مناراً *** لدنيا العالمين بلا ادعاء
وعذراً أهل بيت الحق عذراً *** إذا القلب اشتكي بعضَ العناءِ
و يا زهراءَ أمتناهنيئاً *** لمن أنجبتِ من أهل الفداءِ
لقد دار الزمان وعاد يحدو *** بثوراتِ النبوة و السماءِ
***
ص: 106
سَارَ خَلْفَ اَلنَّبِيِّ غَيْرَ حَفيِّ *** بِالرَّيَاحِينِ فِي أَكُفِّ اَلْإِمَاءِ(1)
قَادِمَاتٍ مِنْ يَثْرِبَ بِالْمَثَانِي *** بِالزَّغَارِيدِ طَلْقَةً بِالْغِنَاءِ(2)
نَاقِرَاتِ اَلدُّفُوفِ بِالرَّاحِ حُمْراً *** فَالْعَذْرَايُ فِي مَوْسِمِ الْحِنَّاءِ(3)
سارَ وَ اَلْوَجْهُ حَائِرٌ كِشَرِيدٍ *** ضَلَّ فِي اَللَّيْلِ مَوَاطِنَ الانواءِ(4)
عَابِساً تَارَةً وَ طوراً تَنَمُّ اَلْعَيْنُ *** عَنْ بَهْجَةٍ وَ طِيفِ هَنَاءِ
يَلْمِسُ اَلدِّرْعَ فَيْئَهُ وَ هِيَ كَنْزٌ *** لِفَقِيرٍ لَمْ يَلْتَفِتْ لِلثَّرَاءِ(5)
أَترَاهُ يَفِي بِمَهْرٍ عَرُوسٍ *** أَمْ تَرَاهُ يُردُّ رَدَّ جَفَاءِ؟
وَ اِبُوهَا لَوْ رَامَ عَدْلَ صَدَاقٍ *** مَالُ قَارُونَ ظَلَّ دُونَ اَلْوَفَاءِ
دُونَ ماتُسحِقُّ ايوانُ كسْرِي *** وَ اَلْآلِي وَ حُلِيُّةُ اَلزُّبَاءِ(6)
وَ لَوْ انَّ الدَّهْناءَ تِبْرٌ لَكانَتْ *** بَعضَ شَيْءٍ بِجَانِبِ اَلزَّهْرَاءِ(7)
بَضْعَةٌ مِنْ أَبٍ عَظِيمٍ يَرَاهَا *** نُورَ عَيْنَيْهِ مُشْرِقاً فِي رِدَاءٍ(8)
فَهِيَ أَحَلِي فِي جَفْنِهِ مِنْ لَذِيذِ الْحِلْمِ *** غِبَّ الْهُجُودِ وَ اَلْإِعْيَاءِ(9)
وَ هِيَ قُطْبُ اَلْحَنَّانِ فِي صَدْرِ طهَ *** وَ اِخْتِصَارُ اَلْبَنَاتِ وَ اَلْأَبْنَاءِ
غَيَّبَ اَلْمَوْتُ مِنْ خَدِيجِةَ وَجْهاً *** فَاِذا فَاطِمٌ مُعِينُ اَلْعَزَاءِ(10)
ص: 108
تُحْسَبُ اَلْكَوْنَ بِسَمِّهةً مِنْ أَبِيهَا *** فَهِيَ أَمْ تَذُوبُ فِي اَلْإِضَاءِ
هَا لَهَا مَايِنَالُهُ مِنْ عَذَابٍ *** وَ اِمْتِدَادِ اَلْكُفَّارِ فِي اَلْأَسْوَاءِ
وَ تراهُمُ يَرْمُونَهُ بِحِجَارٍ *** أو يَكَبُّونَهُ عَلَي اَلدَّقُعَاءِ(1)
فَجِرَاحٌ كَانَهُنَّ شِفَاءٌ *** شَاكِيَاتٌ لِلَّه فَرْط اَلْبَلاَءِ(2)
فَاطِمٌ تَمْسَحُ الْجِرَاحَ بِعَيْنٍ *** حِينَ تَنْهَلُّ اِخْتُهَا بِالْبُكَاءِ
جَاءَ بَيْتُ اَلنَّبِيِّ وَ اَلْقَلْبُ خَفَقٌ *** فَهُوَ فِي مِثْلِ رَجفةِ البُردَاءِ(3)
قَالَ: «اِنِّي ذَكَرْتُ فَاطِمَةٌ عليها السلام» وَ انْبَثَّ *** صَوْتٌ مُكَبَّلٌ بالحياءِ(4)
فَأَجَابَ اَلنَّبِيُّ: أَبْشر عَلِيّاً *** خَيْرُ صهْرٍ مَشْيُ عَلِيٍ الغبراء
بِيعَتُ اَلدِّرْعُ فِي اَلصَّدَاقِ و زُفَّت *** لِعَلِيّ سَلِيلَةُ اَلْأَنِيبَاءِ
هُوَ خَيْرُ اَلْأَزْوَاجِ عَفَّةَ ذَيْلٍ *** وَ هِيَ خَيْرُ اَلزَّوْجَاتِ مِنْ حَوَّاءِ(5)
ص: 109
فِي نِقَاءِ اَلسَّحَابِ خَلْقاً وَ طُهْراً *** فِي صَفَاءِ اَلزَّنَابِقِ الْعَذْرَاءِ(1)
و يَضُمُّ النَّبِيُّ تَحْتَ جَناحَيهِ *** المُدِيدَينِ مُنِيَّةَ الاخشاءِ
فَعَلَي وَ زَوْجُهُ مِنهُ بَعْضُ *** شَمْيَّةِ الْكُلِّ شِيمَةَ الأجْزاءِ
رَفْرَفَ اَلسَّعْدُ فَوقَ كوخٍ حَقِيرٍ *** لَمْ يُدَنَّسْ بِقَسْوَةِ اَلْأَغْنِيَاءِ
إِنْ تَكُنْ قِسْمَةُ الْغَنِيِّ مَتَاعاً *** فَالْإِلَهُ الرَّحْمَنُ لاأَتَّقِياءُ
ذَلِكَ الْبَيْتِ بَعْدَ (غَمْدَانَ) بَاقٍ *** ذِكْرُهُ يَمْلَأُ اَلزَّمَانَ اَلنَّائِيَ(2)
وَ يُحَوِّلُ الْقَصْرُ الْمُنِيفُ رَمَاداً *** فَيَذُوبُ اَلْهَبَاءُ إِثْرَ اَلْهَبَاءِ(3)
وَ يَصُونُ الْخُلُودُ دَارَ شَريفٍ *** زَيَّنْتُهَا بِسَاطَةِ اَلْفُقَرَاءِ
مرَّ عَامٌ فَاسْتَقْبَلَ اَلْكُوخُ طِفْلاً *** بَثَّ فِيهِ البهاءُ كُلَّ البهاءِ(4)
فَدُعَاءُ الأَبُ الغَضَنفَرُ (حَرْباً) *** يَحْسُبُ اَلْحَرْبَ أَنْبَلَ اَلْأَسْمَاءِ(5)
(حَسنٌ) قَالَ جِدَّهُ فَالْتِمَاعُ *** اَلْحُسَنِ فِيهِ تدفُّقُ اَلْأَلاَءِ
ص: 110
حال حؤلٌ فلاحَ فَجْرٌ جَدِيدٌ *** وَ صَبيِّ مغلَّبٌ بِالسَّنَاءِ(1)
وَ عَلِيٌّ يَكادُ يَدْعُوهُ (حَرْباً) أَلْفَ *** اَللَّيثُ لَذَّةَ اَلْهَيْجَاءِ
فَيُجِيبُ اَلنَّبِيَّ هَذَا حُسَيْنٌ *** هُوَ سِبْطَي وَ خَامِسٌ فِي اَلْكِسَاءِ(2)
وَ عَلَتْ جَبْهَةُ اَلنَّبِيِّ طُيُوفٌ *** كوشاحِ اَلْغَمَامَةِ اَلدَّكْنَاءِ(3)
لَمْحُ الْغَيْبِ يَا لُهَوْلَ اللَّيَالِي *** مُرْعِدَاتٍ بِالنَّكْبةِ اَلدَّهْيَاءِ(4)
وَ كَأَنَّ الْجُفُونَ تَنْطِقُ هَمْسَاً *** «يَا الهَ اَلسَّمَاءِ صُنْ أَبْنَائِي»
ص: 111
(بحر الكامل)
الأستاذ تسنيم مهدي (أبو زكي)
فِي اسْتَقَرَّ وَلاؤُكُمْ بِدِمَائِي *** يَا خَيْرَ مَنْ عَاشُوا عَلَيَّ اَلْغَبْرَاءِ(1)
يَا خَيْرَ مَنْ خَلَقَ الإِلَهُ بِأَرْضِهِ *** وَ تَظَلَّلُوا بِغَمامَةٍ وَ سَماءِ
مِنْ نُورٍ وَجْهٍ قَدِّسَتْ أَسْرَارُهُ *** أَرْوَاحَكُمْ صيغَتْ مِنْ آلالاَءِ
وَ تَغَلْغُلِ اَلْخُلْقُ اَلْعَظِيمُ بِنَهْجِكُمْ *** وَ إنسابَ كَالْأَنْوَارِ فِي اَلْأَرْجَاءِ
وَ أَصَابَنِي طَلِّ شَفِيفٌ سَاحِرٌ *** مِنْ فَيْضِهِ فَتَعَطَّرَتْ اِحْشَائِي(2)
فَغَدَا وَلاءُ الْمُصْطَفَي فِي مُهجَتي *** وَلآلِهِ الأطهارِ طُهْرُ وَلائِي
بِاللَّحْمِ بِالْعَظْمِ اَلدَّقِيقِ بِمُقْلَتِي *** بِوَجِيبِ قَلْبِي هَائِماً بِدُعَائِي(3)
وَ بِعُمْقِ ذَرَّاتِي بِرُوحِ مَشَاعِرِي *** بِجَمِيلِ إِحساسِي اَلشَّذَا وَ هَوَائِيَّ
وَ بِمِلْحِ زَادِي وَ اِزْدِحَامِ خَوَاطِرِيٍ *** وَ بَطِيفٌ احلامي اَلْحِسَّانِ وَ مائِي
بِشَهِيقِ أَنْفَاسِيٍ وَ رَجَعَ زَفِيرُهَا *** بِخُشُوعٍ رُوحِي فِي اَلدُّعَا وَ بُكَائِي
فِي أَنْتِي فِي اَللَّيْلِ، فِي غَسَقِ اَلدُّجِيِّ *** فِي هُدْآةِ الإِنْسانِ وَ الْإِشْيَاءُ(4)
فِي لَمْحَةِ اَلتَّفْكِيرِ تُعَبِّرُ خَاطِرِي *** فِي بُرْهَةِ اَلْإِحْسَاسِ وَ الْإِيحاءِ
فِي الطَّيْفِ فِي الْأَحْلامِ فِي كَبِدِ اَلْكَرِي *** فِي حَرْفَيِ اَلْمَنْطُوقِ فِي آرَائِي(5)
ص: 112
حَتِّي تَشْرَبَ خَافِقِي بِوَلاَئِكمْ *** وَ حَلَلْتُمُ في مُفرَداتِ بِنائي(1)
فَغَدَوْتُ مِنْ فَرْطِ الْمَوَدَّةِ هَائِماً(2) *** أَرْجُو الحاقَّ بِزُمْرَةِ اَلسُّعَداءِ
يَا أَحْمَدُ الْمُخْتَارُ جِئْتَ بِمَنْهَجٍ *** وَ بِشِرْعَةٍ مَحْمُودَةٍ سَمْحَاءَ
وَ بضيفمٍ كرّار سَاحَاتِ اَلْوَغْي *** وَ مُفُوَّةٍ ذِي لَهْجَةٍ عَصَمَاءِ(3)
آخِيْتُهُ فِي اَلدِّينِ وَ اَلدُّنْيَا وَ فِي *** حَمْلِ الرِّسَالَةِ وَ ارْتِفَاعِ لِوَاءِ(4)
أَبوانِ لِلنَّاسِ الْكِرَامُ وَ أَنْتُمَا *** لِلْمُؤْمِنِينَ لْأَكْرَمُ اَلشُّفَعَاءِ
وَ كَذا أُتِيتَ بِفَاطِمٍ وَ بِنُورِها *** وَ بِسِرِّهَا الْمَكْنُونِ وَ الْمِعْطاءِ
فَتَجاوَبَتْ كُلُّ السَّماواتِ العَليُّ *** بِالْحَمْدِ لِلرَّحمنِ ذِي النَّعْماءِ
هِيَ كوثرٌ أَعْطَاكَهُ مُتَكَرِّماً *** لِتَقَرَّ عَيْنُكَ يَا أَبَا اَلزَّهْرَاءِ(5)
وَ لَسَوْفَ تُرْضِي بِالعليِّ وَ فَاطِمٍ *** وَ بشُبَّرٍ وَ شَبِيرَ تَحْتَ الْكِساءِ(6)
وَ بِرُوحِهِ مُسْتَأْذِناً فِي جَمْعِكُمْ *** وَ بِآيَةِ التَّطْهِيرِ وَ الإسْراءِ
وَ بِهَلْ أُتِيَ حِينَ مِنَ اَلدَّهْرِ اَلَّذِي *** كُنْتُمْ بِهِ فِي الحَضْرَةِ اَلْعُلْيَاءِ
وَ بِعَمَّ كَانُوا يَسْأَلُونَ عَنِ اَلنَّبَا *** ذَاكَ الْعَظِيم اللَّيثِ فِي الْبَأْساءِ
وَ الدَّمْعَةِ الْحَرِيِّ الْمُرْوعَةِ اَلَّتِي *** مِنْ فَرَّطَ خَشْيَتِهَا تُذِيبُ اَلرَّائِيَ
وَ بانَّةِ اَلثَكْلِي يَكَادُ نَحِيبُهَا *** يَسْتَلُّ أَجْزَاءً مِنَ اَلْأَحْشَاءِ
هُوَ آيَةٌ مَجْهُولَةٌ فِي خَلْقِهِ *** هُوَ نُقْطَةُ مَعْلُومَةٌ فِي الْبَاءِ
يَا أَيُّهَا الْيَوْمُ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ *** كَالنُّورِ فَاطِمَةُ، كَبُحْرِ سَخَاءِ
جَاءَتْ كَمَا الْفَجْرُ اَلْبَهِيُّ كَمَا اَلسَّمَا *** كَالْعِطْرِ كَالْأَحْلاَمِ، كَالْأَضْوَاءِ
ص: 113
جَاءَتْ بِنُورِ اَللَّهِ يَمْشِي حَوْلَهَا *** فَتَصَوَّرَتْ كَالْبَدْرِ في الظَّلْماءِ
تَدْعُو اَلْخَلاَئِقَ لِلنَّجَاةِ بِهَدْيِ مَنْ *** بَعَثَ الإ لَهُ لِرَحْمَةٍ وَ هناءٍ
وَ تَرُدُّ كَيْدَ اَلشَّانِئِينَ لِنَحْرِهِمْ *** وَ لِمَنْ تَعوَّدَ دَيْدَنَ اَلْإِيذَاءِ(1)
وَ تَكُونُ أَمّاً لِنَبِيِّ تَصُونُهُ *** مِنْ كُلِّ هَمٍ نازِلٌ وَ بَلاءِ(2)
وَ تُذِيقُهُ العطفُ الْحَنَّانَ تَوَدُّداً *** لَوْ يَشْتَكي مِن وُطَاةِ الإعْياءِ
أَوْ مِنْ تَجَنِّي اَلنَّاسِ فِي أَحْجَارَهُمْ *** وَ مُقَالِلَهُمْ وَ تَكَالُبَ اَلاِعْدَاءِ
أَوْ مِنْ جُرُوحٍ قَدْ أَصَابَتْ جِسْمَهُ *** فَتَشَكَّلَتْ مِنْ زرقة وَ دِمَاءٍ
فَتَضَمَّدَ اَلْجُرْحُ اَلْكَرِيمَ بِرُوحِها *** وَ تَكَادُ تَفْدِي اَلْجُرْحَ بِالْأَبْنَاءِ
وَ تَنِثُّ مِنْ عَبَقِ اَلشُّعُورِ لآلِئاً *** وَ تَسِيلُ هُمَا مُوجَعاً بِرَجَاءِ
أَنْ يَسْتَجِيبَ اَللَّهُ فِي مَلَكُوتِهِ *** لِدُعَائِهَا فِي سَيِّدِ اَلْبَطْحَاءِ(3)
وَ تروح تَبْكِي فِي ظُلاَمَةٍ مُرْسَلٍ *** لَمْ يَلْقَ مِنْ قَوْمٍ سوي الضّرّاء
وَ تُهِيمُ شَوْقاً لِلْإِلَهِ تَعَبُّداً *** وَ تَذُوبُ شِعْراً فِي جَمِيلِ ثَنَاءِ(4)
فَتَخَالُهَا فِي اَلشَّوْقِ أملاكُ اَلسَّمَا *** فَاضَتْ لِبَارِئِها الي اَلْعَلْيَاءِ
يَا خَيْرَ إِمْرَأَةٍ عَلَي طُولِ المَدي *** مِنْ مَرْيَمَ اَلْعُذْرَا الي حَوَّاءِ
يَا بَضْعَةُ اَلْهَادِيَ وَ زَوْجِ الْمُرْتَضِي *** وَسَلِيلَةَ اَلْأَظْهَارِ وَ النُّجَبَاءِ
يا مِن أَقَرَّ اَلْقَوْمُ فَضْلَ مَقَامِهَا *** حَتِّي مِنَ الْكُفَّارِ وَ اَلْأَعْدَاءِ
يَا مَنْ يَقُومُ الرُّوحُ جِبْرِيلٌ عَلَيَّ *** تَأْمِينُ خِدْمَتِهَا بِلاَ إِبْطَاءِ
سَلْمَانَ خَادِمُهَا وَ مريم شَأْنُهَا *** فِي خِدْمَةِ الإِنْسِيَّة اَلْعَذْرَاءِ
وَ مَلاَئِكَ اَلرَّحْمَنِ جَمْعٌ طَائِعٌ *** وَ اَلْحُورُ طَوْعُ بَنَانِهَا كَإِمَاءِ
ص: 114
اَللَّهِ مَسْرُورٌ إِذَا مَا اِسْتَبْشَرْتْ *** وَ يُسْرُّ للحوريَّة اَلْحَوْرَاءِ
وَ إِذَا يُكدِّرُهاحقودٌ مُبْغِضٌ *** فَاللَّهُ يُبْغُضُ عُصْبَةَ اَلْعَنَاءِ
يَرْضَي وَ لِمَا تَرْضِي وَ يَغْضَبُ ساخِطاً *** لِوْ شابَها شَيْءٌ مِنَ الْبَلْواءِ
وَ تَنَزَّهْتْ عَن كُلِّ رِجسٍ مُضْمَرٍ *** أَوْ ظاهِرٍ، عَنْ مُجْمِلِ الْأَخْطَاءِ
إِنِّي اِسْتَجَرْتُ مِنَ الْجَحِيمِ وَ نَارُهَا *** مِنْ مَائِهَا اَلْمَغْلِيِّ فِي الْأَمْعَاءِ
وَ سَلاَسِلٍ سَبْعِينَ فِي عَرَصَاتِهَا *** وَ تَقْطُّعِ الأَوْصَالِ و الأجْزَاءِ
مِن كِيِّ وَجْهِي فِي أَوارِ لَهِيبِها *** وَمِنَ الْخُلُودِ بِقعْرِها وَ شَقَائِي
وَ تَباعَدٍ عَن رَحْمَةٍ مَن خالِقِي *** بِجِنانِهِ وتَصَرُّمٍ و تَنائي(1)
إنِّي أَعُوذُ مِنَ الشُّرُورِ تُخِيفُنِي *** وَ أَلُوذُ مِنْهَا فِي حِمي الزَهراءِ
يا مَنْ بَعَثْتَ إِلَي الوَرِيِّ بِمُحَمَّدٍ *** وَ بِآلِهِ الْأَطْهَارِ وَ اَلشُّرَفَاءِ
وَجَعَلْتَهُمْ أَقْطابَ نُورٍ سامِقٍ *** يُنْبُونَ خَلْقَكَ صادِقَ الْأَنْباءِ
يَهدُونَهُمْ لِلْمَكْرُمَاتِ وَ لِلْعُلاَ *** وَيُوَحِّدُونَ صُفُوفَهُمْ بِإِخَاءِ
وَ لِيُطْفِئُوا نَارَ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمْ *** فَيَضْرَعُ عِطْرُ اَلْؤَدِّ فِي اَلْأَحْيَاءِ
وَ تَرِدُّ شَارِدَةٌ إِلَي جَمْعٍ لَهَا *** وَيؤُوبُ لِلأهلِ اَلْأَ حُبَّةِ نَائِي
وَوَعَدْتَ مَنْ يَهْوَي اَلرَّسُولَ و آلَهُ *** بِجِنَانِ خُلْدٍ رَائِقٍ فَيْحَاءِ(2)
وَ جَعَلْتَ مَنْ وَالَي عَلِيّاً آمِناً *** وَ عَدَدْتَهُ مِنْ مَعْشَرِ الصُّلَحاءِ
حَرَّمْتَ نَارَكَ اَنْ تَمَسَّ مُوَادِداً *** لبتُولِ آلِ اَلْمُصْطَفَي اَلْغَيْدَاءِ(3)
فَأَنَا بِسُورِكَ أَحْتِمِي يَا سَيِّدِي *** خَالٍ مِنَ اَلْحَسَنَاتِ دُونَ مُرَاءِ
أَرْجُو اغْتِرَافاً مِنْ بِحَارِ نَعِيمِهَا *** وَ لَأَنْتَ تَعْرِفُنِي مِنَ الْفُقَرَاءِ
و قَرْنَتُ مَا أَرْجُو بِذِكْرِ حَدِيثِهَا *** كَيْ تَرْتَقِي نَحْوَ العُلا نَجْوائي
رَبَّاهُ إِنِّي مُذْنِبٌ، و مُقِصِّرٌ *** وَ خَفِيفُ وَزنٍ في دُنِيِّ العُلَماءِ
ص: 115
فَحَشَرْتُ نَفْسِي فِي رِكَابٍ أُحِبَّهٍ *** لِحَلِيلَةِ الْمَوالِي مَعَ الشُّعَراءِ
وَ نَظَمْتُ عَقْداً مِنْ نَفِيسٍ جَوَاهِرِي *** و َنَحْتُّهُ صِدْقاً بِدُونِ رِيَاءٍ
كَيْ يَكْتُبَ الْمَكَانِ عَنِّي أَنَّنَيَ *** قَدْ قُلْتُ شِعْراً فِي هَوِيِّ اَلزَّهْرَاءِ
يَا صَحْبُ لَوْ تَدْرُونَ أَيُّ ثَرَاءِ *** فِي نِعْمَةٍ تَعْدُو عَلَيَّ اَلْإِحْصَاءِ
فِي هَذِهِ اَلدُّنْيَا وَ فِي تِلْكَ اَلَّتِي *** تَاتِي قَرِيباً فِي ديارِ ثَواءِ(1)
لِلصَّادِقِينَ بِحُبِّهِمْ لِلْمُصْطَفِي *** ولآَلِهِ الأخْيَارِ وَ الْحُلَمَاءِ
فَتَمَسَّكُوا بِالْعِلْمِ وَ اَلْعَمَلِ الَّذِي *** يُرْضِي الْإِلَهَ مَوَدَّةِ الكُرَمَاءِ
لاَتَجْعَلُو مَعْنِي التَّشَيُّعَ خَالِياً *** مِنْ مَسْلَكٍ مُتَوَافِقِ الْإِيحَاءِ
فَلَنَحْنُ مَرْصُودُونَ فِي أَعْمَالِنَا *** وَ الْمَوْتُ يَأْتِي بَغْتَةً وَ فِجَائِي
لَاتَحْسَبُوا أَنَّ النَّعِيمَ بِدَائِمٍ *** فَلَرُبَّ بيتٍ غَصَّ بِالنُّدَمَاءِ
دَارَتْ دَوَائِرُ دَهْرِهِ فِي لَحْظَةٍ *** فَغَدَا خَرَاباً مُوحِشَ الْأَفْنَاءِ(2)
وَ اَلْمَالِ فِي اَلدُّنْيَا قَلِيلٌ، نَافِذٌ *** وَ كَذَا اَلْبَنُونَ وَ سَالِفُ الْآبَاءِ
وَ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحاتُ هِيَ اَلَّتِي *** تُبْقِي وَ لَيْسَ تَعَدُّدُ اَلْأَهْوَاءِ
فَتَنَافَسُوا فِي اَلْخَيْرِ يَصْفُو عَيْشُكُمْ *** حَتّي وَلَوْ أبْتُمْ اليَّ الصَّحْرَاءِ(3)
وَ تَعَاهَدُوا بِالْحَبِّ بَيْتَ اَلْمُصْطَفَيِّ *** وَ اِسْتَكْثِرُوا فِي ذَاكِ بِالْإِنْمَاءِ
وَ اَللَّهِ أَنَا رَاحِلُونَ لِحَتْفِنَا *** وَ سَنَرْتَدِي الْأَكْفَانَ فِي اَلْغَبْرَاءِ(4)
فَتَزَوَّدُوا بِمُحِبِّةٍ لِأُلِي النَّهْيِ *** اَلسَّادَةِ اَلْأَطْهَارِ وَ اَلرُّحَمَاءِ
يَا شَيَّعَهُ اَلْمُخْتَارُ قُولُوهَا مَعِي *** مَرْحِي بِيَوْمِ وِلاَدَةِ اَلزَّهْرَاءِ
ص: 116
بحرالكامل)
الشيخ جاسم الخاقاني
مَولايَ يا بنَ المُرتضي *** يَا سِبْطَ خَيْرِ الأنبيا
وَ ابنَ البتولَةِ فاطِم *** الزَّهْرَاء سيّدَةِ النّسا
وَ أخَا الزّكيِّ المُجتَبَي *** و أبَا الهُداةِ الأذِكِيا
يا من بتُربَةِ قَبْرِه *** يُشفي السَّقِيمُ مِنَ البَلا
وَ يُجابُ تَكْرِيماً لَدَيْهِ *** بِمَنْ تَوَسَّلَ بِالدُّعا
وَ اِفاكَ عَبْدُكَ جَاسِمٌ *** بِقَبَائِحٍ مِلْءَ الْفَضَا
مَنِعَتْ عَنِ النَّوْمِ اَلْجُفُونَ *** وَأَوْدَعْت جِسْمِي اَلْعَنَا
وَ اَلْعَبْدُ مُحْتَاجُ لفضْلِ *** الأكرمِينَ اَلْأَغْنِيَا
فَبِحَقِّ مَنْ ضَمَّ اَلْكِسَا *** وَ نَجْلِ مِنْ تَحْتِ اَلْكِسَا
كُنْ لِي كَفِيلاً فِي الْأُمُورِ *** وَ شَافِعاً يَوْمَ اَلْجَزَا
أَسْمَعْتَ مَا قَدْ جَاءَ فِي *** خَبَرِ اَلْكِسَا مِمَّنْ رَوِيَ
عَنْ جَابِرٍ وَ سِوَّاهُ مِنْ *** زُمَلاَئِهِ أَهْلُ التُّقي
عَن فَاطِم اَلزَّهْرَاءِ *** بِضعَةِ خَيْرِ مَنْ وَطِيءِ اَلثَّرِي
قَالَتْ أُتِيَ يَوْمٌ مِنَ اَلْأَيَّامِ *** بِالْفَضْلِ امْتَلَا
و إِذَا أَنَا بِأَبِي *** نَبِيٍ الْخَافِقَيْنِ الْمُصْطَفَي(1)
ص: 117
فِي بَيْتِ وَحْيِ اَللَّهِ فَاجانِي *** فَطَابَ لِي اَللِّقَا
وَ عَلَيَّ سَلَّمٌ ثُمَّ لِي *** فِي جِسْمِهِ ضَعْفاً شَكّاً
فَأَجَبْتُه يَا وَالِدِي *** بِاللَّهِ عُدْتَ مِنَ اَلضَّنَا(1)
فَدَعَا أَلاَ قُومِي فَغَطِّينِي *** بُنيَّةُ بِالْكَسَا
أَعْنِي الْيَمَانِيَّ اَلَّذِي *** نَسَجَتْهُ أَنْوَالُ الْهَدْيِ(2)
فَحَظِيَ اَلْكِسَاءُ وَ مَا اَلَّذِي *** أَدْرَاكَ مَا فيهِ حظي
غطَّي اَلنَّبِيَّ اَلْمُصْطَفِي *** عَظُمَ اَلمُغَطِّي وَ الغطا
فَنَظَرْتُ وَجْهَ أَبِي اَلْوَسِيمِ *** وَ قَدْ تَهَلَّلَ بِالضِّيا
كالبَدْرِ لاَ بَلْ وَجهُهُ *** مِن حُسْنِهِ خَجِلَت ذُكا(3)
وَ شَمِمْتُ رَائِحَةَ اَلنَّبِيِّ *** تَضوع مِسْكاً قَدْ ذَكَا
قَالَتْ سَلِيلَةُ أَحْمَدٍ *** فَأَتَانِي اَلْحَسَنُ اَلرِّضَا
وَ عَلِيَّ سَلم قَائِلاً *** يَا أُمِّ يَا سِتَّ اَلنَّسَا
إِنِّي أَشَمُّ لَدَيْكِ رَائِحَةً *** بِها عَبَقَ الفَضَا
كَأَرِيجِ جَدِّيَ اَلْمُصْطَفَي *** اَلْهَادِي خِتَامِ اَلْأَنْبِيَا
فَأَجَبْتُ هَذَا جَدُّكَ اَلْهَادِي *** اَلنَّبِيُّ اَلْمُجْتَبِي
تَحْتَ الكسَا فَأُتِيَ لَهُ *** وَ اَلْقَلْبُ يَهفُو لِلحْمي
وَ عَلَي اَلنَّبِيِّ اَلْمُصْطَفِي *** صَلَّي وَ صَلَّي لِلْعُلاَ
مُسْتَأْذِناً مِن جَدِّهِ *** رَبِّ الْمَفَاخِرِ وَ اَلنَّدِي
فِي أَنْ يَضُمَّ كِسَاءَهُ *** بَدْرَيْنِ في تَمِّ ثَنَا
فَدَعَا بِهِ يَا مَرْحَباً *** اَلْآنَ أَدْرَكَتُ اَلْمَنِي
قَالَتْ كَرِيمَةُ خَيْرُ مَنْ *** وَطَأَ اَلْجَنَادِلَ وَ اَلْحَصَي(4)
ص: 118
وإِذا أَنَا بِابْنِي الحُسَينِ *** أعز خَافٍ قَدْ مَشِي
قَدْ جَاءَ يَخْطِرُ مَاشِياً *** أَرَايَتُ عَسالَ اَلْقَنَا(1)
فَهُنَاكَ حَيَاني و كَانَ اَلرَّدُّ *** وِفِّقاً فِي الْجِزْيِ
فَانْصَاعَ يَسْأَلُنِي وَ قَدْ *** مَلَأَ اَلسُّرُورُ بِهِ اَلْحَشَا
أُمَّاهُ مَا لجوارِحِي *** تَحْوِي المَسرَّة وَ اَلْهَنَا
إِنِّي أَشَمُّ لَدَيْكَ رَائِحَةً تضُوعُ *** إلي السَّما(2)
فَأَشَرْتُ هَذَا اَلْمُصْطَفِي *** تَحْتَ اَلْكِسَاءِ مَعَ اَلرِّضَا
فَدَنَا لَهُ مُسْتَأْذِناً *** فَحَبَاهُ أَحْمَدُ مَا حبا(3)
أُتْرِي اَلنَّبِيَّ يَرِدُّهُ *** لاَ وَ اَلْمَعَالِيَ و الوَفَا
قَالَتْ حَبِيبُهُ خَيْرِ مَنْ *** لَبَّي و أَفْضَلُ مَنْ سَعِي
وَ إِذَا أَنَا بِأَبِي الْهُدَاةِ *** الْأُؤْصِياءُ الأَصْفيا
فِي الْبَيْتِ شَرَّفْنِي *** وَ أَهْدِي لِيْ التَّحِيَّةَ وَ الثَّنا
وَ عَلَيْكَ تَسْلِيمُ اَلْمُهَيْمِنِ *** لاَ اِنْقِطَاعَ وَ لاَ انْتِها
وَ دَعَا أَشُمُّ لَدَيْكِ *** رَائِحَةً تُعْطِّرُ لِلْفَضَا
مَا خِلْتُهَا إِلاَّ أرِيجَ *** أَخِي اَلنَّبِيِّ اَلْمُجْتَبِي
فَأَشَرْتُ لِلْهَادِي، إِذَا *** غُصِنَ عَلَيَّ اَلْغُصْنِ أنحني
حَيَاهُ لَكِنْ كُلُّ شَخْصٍ *** مِنْهُمَا نِعْمَ الفَتَي
مُسْتَأْذِناً مِنْ صِهْرِهِ *** بَلْ خَيْرِ أَصْهَارِ اَلْوَرِي
فِي أَنْ يَضُمَّهُمَا الكسَا *** فَهَمَّا بِفَضْلِمِهِمَا سَوا
فَأَجَابَ مُنْشَرَحَ اَلْفُؤَادِ *** قَرِيرَ عَيْنٍ باللِّقَا
قَالَتْ وَحِيدَةُ خَاتَمُ اَلرُّسُلِ *** اَلْكِرَامُ اَلْأَصْفِيَا
ص: 119
فَغَطْتُهُمْ وَ دَنَوْتُ مِنْهُمْ *** بِالتَّحِيَّةِ وَ الثَّنا
فَدَعَوْتُ شَرَّفَنِي بِإِذْنِكَ *** فِي قِرانِكَ يَا أَبَا
فانا أَعُدُّ الْبُعْدَ شِبْراً ***عَنْكَ مِنْ مُرِّ اَلْجَفَا
فَدَعَا بِنِيَّةُ فَاقْرَبِي *** مَرَحِي بِدَاعٍ قَدْ دَعَا
فَدَعَا الإ لهُ بِخَلْقِهِ *** وَ أَهابَ فِي كُلِّ الْوَري
فَوَ عِزَّتِي اَلْعَظمِيُّ وَ مَنْ *** فِي قَدْرِهَا غيْرِي دري
لَوْلاَ اَلْأُلِي تَحْتَ اَلْكَسَا *** وَ كَفَّي بِهِمْ فَخْراً كَفَي
لَمْ أَخْلُقِ اَلْقَمَرَ اَلْمُنِيرَ *** وَ لاَ اَلنُّجُومَ وَ لاَ ذُكّا
كَلاَّ وَ لَمْ أُدْحِ اَلْبَسِيطَ *** وَ لاَ نَهَارٌ قَدْ أَضَا(1)
كَلا وَ لَمْ أُخْرِجْ جَمِيعَ *** اَلْخَلْقِ مَنْ كَتَمَ اَلْفَنَا
فَدَعَاهُ جِبْرِيلُ اَلْأَمِينُ *** وَ ذَلَّ فِي ذَاكَ الحِمَي(2)
مَنْ هُم بِحَقِّكَ سَيِّدِي *** فَلَهُمْ أَرَي قَلْبِي صَغا
فَأَجَابَهُ الزَّهْرَاءُ وَالِدَّةُ *** اَلْكِرَامِ اَلْأَوْصِيَا
وَ اَلْمُرْتَضِي وَ ابناهُما *** وَ أَبُوجَمِيع اَلْأَزْكَيَا
فَهُنَالِكَ اِشْتَاقَ اَلْأَمِينُ *** لِقُرْبِهِمْ وَ دَعَا اَلْوَحْي(3)
يا سَاعَةً قَدْ تُوجَتْ *** بِالْبِشْرِ إِذْ هَبَطَ اَلنَّدَا
كُنْ سَادِساً لَهُمْ فَكَمْ *** عَبْدٍ لِمَوْلاَهُ دَنَا
يَا بِشْرَ جِبْرِيلَ اَلْأَمِينِ *** وَ مَا لَهُ الباري سَخَا
هَذَا اَلهُبُوطِ هُوَ الصُّعُود *** مِنَ السَّمَاءِ إِلَي الثَّري
فَهُنَاكَ قَالَ اَلْمُرْتَضِي *** لِأَخِي عُلاهُ الْمُصْطَفِي
قُلْ لِي فَدَتْكَ اَلنَّفْسُ مَا *** لِجُلُوسِنَا قَلَّ الْفِدَا
ص: 120
عِنْدَ الإلَهِ مِنَ الْكَرَامَةِ *** وَ الحَفاوَةِ وَ الْحِبا(1)
فَأَجَابَهُ ومَنِ اصْطَفانِي *** بِالرِّسَالَةِ وَاجْتَبِيْ
مَا دَارَ ذِكَرُ حَدِيثَنا *** فِي مَجْلِسٍ بَيْنَ الملاَ
إِلاَّ قَضَي حَاجَاتِهِمْ *** رَبِّ تَمْدَّحَ بِالندَا
إِنْ كَانَ فِيهِمْ مُشتَكٍ *** أُؤْمِبْتَلِي كُشِفَ اَلْبَلا
أَمَّا اَلْمَدِينُ فدينُهُ *** عَنْهُ يُحَطُّ وَ إِنْ عَلا
وَ أَعَادَ قَوْلَتَهُ اَلنَّبِيُّ *** وَ كَانَ أَصْدَقَ مَن رَوِيَ
مَا دَارَ ذَكَرُ حَدِيثَ مَجْلِسِنَا *** إِلَي يَوْمِ اَللِّقَا
إِلاَّ وَحْفَّ بِجَمْعِهِمْ *** شَوْقاً لهم جُندُ اَلسَّمَا
يَسْتَغْفِرُونَ لَهُمْ بِأَنْ *** يُمْحِيَ لَهُمْ كُلُّ الخَطَا
فَاللَّهُ أَكْرَمُ غَافِرٍ *** وَ اللَّهِ أَعْظَمُ مَنْ عَفَا
فَدَعَا اَلْوَصِيُّ إِذَنْ فَقَدْ *** فُزْنَا وَ فَازَ اَلْأَولِيَا
بِوَلاَئِنَا وَ هُمْ بِنَا *** سُعِدُوا إِلَيَّ يَوْمِ اَلْجَزَا
ص: 121
(بحر الكامل)
الأستاذ جعفر الجعفر
تاهَتْ بِبِنْتِ نَبِيِّها الخَضْراءُ *** وَ اسْتَبْشَرَتْ بِقُدُومِهَا الْغَبْرَاءُ
هَلَّتْ فَهَلَّكَ الْمَلَائِكُ كُلُّهُمْ *** وَ تَهَلَّلَ الإِصْبَاحُ وَ الإمْساءُ
وَ كَأَنَّمَا الْإِسْعَادُ يَوْم مَجِيئِهَا *** وَ لِذَا اَلْوُجُودَ تَرَنَّمٌ وَ ثَنَاءٌ
فَالْبَرْقُ أُؤْمَضُ لِلَولِيدَةِ نُورُهُ *** وَ تَقَهقَهَتْ بِرُعُودِهَا الأَنْواءُ
وَ تخضَّبتْ سُحُبُ الغَمَامِ بِعِطْرِهَا *** وَ تَمَخَّضتْ بِعَبِيرِهَا اَلْأَرْجَاءُ
و اسْتَمْطَرَتْ مَاءَ الْوُرُودِ سَمَاؤُنَا *** خَيْراً يُبَشِّرُ بالْأُلي(1) قَدْ جَاؤُوا
وَ كَأَنَّمَا اَلْأَفْلاَكُ بَعْضُ عَبِيدِهَا *** وَ كَأَنَّمَا هَذِي اَلنُّجُومُ إِمَاءُ
فَالرُّوحُ جِبْرِيلٌ بِمُقَدَّمِ رَكِبِهَا *** وَ عَلَيَّ الشّمالِ مَلائِكٌ نُجَبَاءُ
وَعَلَي الْيَمِينِ مُحَمَّدٌ جَذَلاً بِهَا *** يَغْشَاهُ مِنْ لألائِها لِأَلاَءُ(2)
وَ اَلْأَرْضُ قَدْثَقَلْتْ بِها وَ كَأَنَّمَا *** هَبَطَتْ عَلَيْهَا بِالْجَلالِ سَمَاءُ
وَتَسَاءَلَتْ مِن ذا الَّذِي سَفَرَ اَلدَّجِي*** بِقُدُومِهَا وَ اخْضَرَّتِ الغَبْرَاء
هَتَفَ الْبَشِيرُ مُبَارَكاً ومُهْنِّئاً *** وَلَدَتْ لِطه البَضعَةُ الزهراءُ
بَزَغَتْ كَعَيْنِ اَلشَّمْسِ عِنْدَ مَجِيئِهَا *** وَ اَلشَّمْسُ لَوْلاَ نُورُهَا ظَلْمَاءُ
زَهْرَاءُ يُعْمِي نُورُهَا حُسَّادَهَا *** وَ يُنِيرُ قَلْبَ مُحِبِّهَا وَ يُضاءُ
ص: 122
حُورِيَّةٌ قُدسِيَّةٌ صِدِّيقَةٌ *** حَارَتْ بِوَصْفِ جِلاَلِهَا اَلْفُصَحَاءُ(1)
فَكَأَنَّما قَدَّسُ اَلْإِلَهُ مُحَمَّدٌ *** وَ كَأَنَّمَا مِنْ قُدْسِهِ إِسْرَاءُ
وَ كَأَنَّمَا اَلْمِشْكَاةُ أَعْيَا(2)كُنْهُهَا *** عُشْرُ اَلْعُقُولِ وَ خَابَتِ اَلْحُكَمَاءُ(3)
بَاهِيَ بِهَا رِبِّي اَلْمَلاَءَكِ كُلَّهُمْ *** فَلِذَا اَلسُّجُودِ لِأَجْلِهَا إِطْرَاءُ
يَا أَنْتَ يا قُطْبُ لآِلِ مُحَمَّدٍ *** سِرُّ اَلسُّجُودُ لِأَجْلِهَا إِطْرَاءُ
يَا أَنْتَ يا قُطْبُ لآِلِ مُحَمَّدٍ *** سِرّ اَلْوُجُودِ وَ سِينُهُ وَ اَلرَّاءُ(4)
أَنْتَ اَلْبَتُولُ فَمَا لِمَرْيمَ وَالِدٌ ***كَمُحَمَّدٍ كَلاَّ وَ لا الْأَبْنَاءُ
وَ لَأَنْتَ أَمْ لِلنَّبِيِّ وَ آلِهِ *** وَ لَأَنْتَ لِلسِّرِّ الْمَصُونِ وِعاهُ
وَ لَأَنْتَ فِي يَوْمِ اَلْكِسَاءِ مَدَارُهُمْ *** وَ لَأَنْتَ نُورٌ للْكساءِ بَهَاءُ
وَ اَللَّهِ قَالَ وَ بَعْدَ ذِكْرِ مُحَمَّدٍ *** هُمْ فَاطِمُ وَ اَلْبَعْلُ وَ اَلْأَبْنَاءُ
هِيَ فَاطِمٌ مِنْ فاطر شَقَّ اسْمُهَا *** فَالْأَرْضُ قَدْ فَطِرَتْ بِها وَسماءُ(5)
ص: 123
لَوْ مَرَّ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ ظِلُّهَا *** غَضَّتْ لَهُ أَبْصَارَهَا الأرجَاءُ(1)
فَعَلي الْأَلِي مِنْ حُبِّهَا سَرَّاءُ *** وَ عَلَي العَدِيُّ مِن بُعْضِها ضَرَّاءُ
لَكَ فِي اَلْقُلُوبِ مِنَ الصَّمِيمِ تَحِيَّةٌ *** يَجْرِي بِهَا لَكَ فِي الدِّمَاءِ وَلَاءُ
لَوْلَاكَ مَا خُلَقَ الْوُجُودُ وَ لَابَري *** رَبِّي الأَنامَ وَ لاَبَدَّتْ أشْياءُ
لَوْلاكَ لاَجْتُثَّتْ شُجِيرَةُ أَحْمَدٍ *** وَ لَمَّا أُتِيَ مِنْ صُلْبِهِ اَلنُّجَبَاءُ
لَوْلاَكَ مَا كَانَ الْكِسَاءُ يَضُمُّهُمْ ***كَلاَّ وَ لاَ ضَمَّ اَلنَّبِيَّ كِسَاءُ(2)
طَهُرْتْ بِهَا و بآلها أُمَّ اَلْقُري *** وَ تَطَهَّرَتْ مِنْ مَكَّةَ اَلْبَطْحَاءُ(3)
لِمَ لاَ وَ هَذِي اَلشَّمْسُ مِنْ أَنْوَارِهَا *** وَ مِنَ الشُّمُوسِ أَرِي الْوُجُودَ يُضَاءُ
إِذ إِنَّهَا اَلمَرْأَةُ يَعْكسُ صَفْوُهَا *** نُورَ اَلْأَلَهِ فَتَنْجَلِي اَلظَّلْمَاءُ
إِذْ لَوْ تَجَلَّي بَعْضُ نُورِكَ فَاطِمٌ *** لَتَدْكْدَكَتْ فِي طُورِهَا سَيْنَاءُ
فَلَكَ اَلْفَخَّارُ فَأَنْتِ كَوْثَرُ أَحْمَدٍ *** نَسْلُ اَلْأَمِينِ وَ نَسْلُكِ اَلْأُمَنَاءُ(4)
فَتَفَاخَرَتْ بِكِ أُمُّ عيسي مَرْيَمٌ *** وَ تَفَاخَرَتْ بِكِ أُمُّنَا حَوَّاءُ
وَ لَقَدْ أَقُولُ لِمَنْ يَرُومُ مَدِيحَهَا *** أَوْ مَا قَصَرْتَ ورَدَّكَ اَلْأَعْيَاءُ
ص: 124
لا لاَتَقُلْ مَاتَصْنعُ الشُّعَرَاءُ *** لَا بَلْ فَقُلْ مَا تَصْنَعُ الْحُكَمَاءُ
حُبِّي لَكُمْ آلُ الرَّسُولِ ذَخِيرَتِي *** يُؤْمَا بِهِ لَاتَنْفَعُ الشُّفَعاءُ
وَ تَذَلُّلِي فِي حُبِّكُمْ هُوَ مَسْعَدِي *** هُوُمَنْجَدِيٌ يَا أَيُّهَا اَلسُّعَدَاءُ
صَادَ إِلَي رَشْفِ اَلْحَقِيقِةِ مِنْهُمْ *** إِذْ نَحْنُ حَؤُلُ حِيَاضِهِنَّ ظِماءُ
ظَماٌ لِمَن يَرْتَوِي مِن حُبِّهِمْ *** وَ هُمُ الْمَعِينُ و غَيْرُهُم أقْذَاءُ(1)
أخْلَصْتُ فِي حُبِّي لَهُمْ فَجَعَلْتُهُ *** وَ تَرأ لَكُم يَا أَيُّهَا اَلشُّفَعَاءُ
شَمِلَتْكُمْ يَؤُمُّ اَلْكِسَاءَ تَحِيَّةٌ *** لُؤْلاَكُمْ لِكِسَا اَلْؤُّجُودَ عَمَّاءُ
آتُونَ إِذْ لاَ شِيءَ قَبْلَ وُجُودِكُم *** بَاقونَ لَوْعُمَ الوُجُودَ فَنَاءُ
وبِإِسْمِكُمْ غُفِرَتْ لآِدَمَ زِلَّةٌ *** سَل آدَماً مِنْ غَيْرُهُم أسْمَاءُ(2)
مِعْراجُنا لِرِضا الإلهِ وَدادَهِم *** وَ تَقَرُّبي فِي حُبِّهِمْ إِسْرَاءُ
وهُمُّ الْمَشِيئِةُ و الفُيُوضُ فُيوضُهُمْ *** فَاللَّهُ قَدْ شَاءَ اَلَّذِي قَدْ شَاؤُوا
مِنْ جُودِكُمْ هَذَا اَلْوُجُودَ بِمَا حَوَي *** فؤُجودُهُ لِؤُجُودِكُمْ أُسْدَاءُ(3)
إِذْ كَانَ فِي عَدَمٍ قُبَيْلَ وُجُودِكُمْ *** يَطْوِيهِ قَبْلَ وُجُودِكُمْ إِخْفَاءُ(4)
ص: 125
جَاؤُوا بِصُورَتِنَا لَنَا لَكِنَّهُمْ *** أُسَمي فَمَا فَوْقَ السَّمَاءِ سَمَاءُ
جُعِلْتْ مِنَ اَلْمَاءِ اَلْحَيَاةُ لِخَلْقِنَا *** وَ هُمُ الحَياةُ لِخَلْقِنَا وَ الْمَاءُ
مِنْ عَاذِلِي فِي حُبِّهِمْ مِن لاَئِمِي؟ *** والنَّفْسُ فِي مَنْ قَدْ عَشِقْتُ فِدَاءُ
دَعْنِي إِذَا اِشْتَغَلَ اَلْفُؤَادُ بِذِكْرِهِمْ *** سُكْرِي بِهِمْ بَلْ حُبُّهُمْ صَهْبَاءُ(1)
إِنِّي اِتَّخَذْتُ سَبِيلَهُمْ لِي شِرْعَةً *** لاَ بِالْأَلِيِّ ظَلَمُوهُمْ وَ أَساؤُوا
أَعْنِي اِبْنَ آكِلَةِ الْكُبُودِ(2) وَ وَ زَغَةٌ(3) *** مِمَّنْ لَهُمْ فِي السَّاقِطَاتِ نَمَاءُ(4)
أَعْنِي الَّذِينَ تَأْبَوْا فِي غَدْرِهِمْ *** مَعَ مَا تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ أُمَنَاءُ
وَ وَعَوْهُ لَكِنْ عَيْنُهُمْ عَمْيَاء *** سَمِعُوهُ لَكِنْ أُذُنُهُمْ صَمَّاءُ
إِنَّ اَلْجَزَاءَ مَوَدَّةٌ فِي آلِهِ *** أَكَذا يُرَدُّ إِلَي اَلرَّسُولِ جَزَاءً(5)
ص: 126
وَكأنَّماكَسْرُ الضُّلوعِ تَقَرُّبُ *** وَكَأَنَّمَا قَتَلُ الحُسَينِ وَفاءُ
دَعْهُمْ يَخُوضُوا بِالضَّلاَلَةِ إِنَّهُمْ *** بِجَهَنَّمَ بَل هُمْ لَها حَصْبَاءُ(1)
هذا جَزَاؤُهُم ولكِنَّ اللِّظِي*** فِي أضْلُعِي وَلَظَي اَلْعُيُونِ بُكَاءُ
لاَ تَنْطَفِي اَلْحَسَرَاتُ مِنْهُ عَلَي اَلْمُدَي *** إِلاَّ بِثَارٍ طَالَ مِنْهُ ثَوَاءُ
عَجِّلْ إِمَامِي فَالْمَصَائِبُ أَزْمَنَتْ *** فِينَا وَ لَيْسَ لجرْحِهنَّ بِرَاءُ(2)
قُولِي لَهُ يَابنَتُ طه إِنَّنَا *** فِينَا لِأَجْلِكُمْ ضَنّي وَ شَقَاءُ
عُدْنَا كَمَا اَلْإِسْلاَمُ فِينَا لَمْ يَكُنْ *** ضَيْمٌ وَ لَهْوٌ مِحْنَةٌ وَ غَنَاءُ
ص: 127
وَاَلْمُسْلِمُونَ أرِي تَشَتَّتَ أَمْرُهُمْ *** فتفشت اَلْفَحْشَاءُ وَ اَلْبَأْسَاءُ
نَالَتْ مَعاوِلُهُم بَقَايَا دِينِنَا *** فَاسْفَعْ بَقِيَّةَ رَبِّنا مَنْ سَاؤُوا(1)
وَ اِدْرِكْ أَيَا أَمَلَ اَلشُّعُوبِ فَإِنَّنَا *** جَذَتْ أيادينا اليَد اَلْجَذَّاءُ(2)
مَلَّ اَلتَّصَبُّرِ أَضْلُعِي فَمَتِي نُرِي *** عِلْمَ اَلْهِدَايَةِ بِالْهُدَاةِ يُضَاءُ
ص: 128
(بحر الكامل)
الأستاذ حسن أحمد العامر(*)(1)
يَمَّمْتُ ذِكْرِي مَوْلِدِ الزَّهْرَاءِ *** فَطَفِقْتُ أنظمُ لِلْمَدِيحِ ثَنائِي(2)
وَ شَحَذْتُ فِكْرِي طَالِباً نَفْخَ اَلْهَدْيِ *** وَ مَزِيدِ أَلْطَافٍ لِسَبِّكَ وَلاَئِي
وَ وقفتُ فِي بَهْوِ اَلْبَتُولَةِ رَامِقاً *** فَرْعَ اَلنُّبُوَّةِ مَجْمَعَ الْآلاء
مُتسائِلاً فِي شَأْنِهَا كَمْ قِيلَ مِنْ *** شَعْرٍ وَ مِنْ نَثْرٍ وَ مِنْ إِطْرَاءِ
حُبّاً لَهَا وَ لَكُمْ أشادوا بِاسْمَعِهَا *** فِي صَدْرِ كُلِّ فَرِيضَةٍ وَ نِدَاءِ
قَالُوا اَلْكَثِيرُ وَ لَمْ يُؤَدُّوا حَقَّهَا *** وَ مَضَوْا لِيُبْقِيَ ذِكْرَهَا بِضِيَاءِ
ص: 129
يَبقَي لِيَبْقَيَ ذِكْرُ آلِ مُحَمَّدٍ *** نَبْعَ الْعَطَاءِ وَ قَائِماً بِبَقَاءِ
وَ مَسَائِلَ اَلتَّارِيخِ أَيْن نَظِيرُهَا *** حَتَّي يُقَاسَ بِأَنْمُلِ اَلزَّهْراءِ
أَزَكِيَّةِ اَلْحَسَبَيْنِ هَلْ لَكَ مَشَبَّةٌ *** فِي الْخافِقَيْنِ(1) بِأَرْضِهِ وَ سَمَاءِ
أَمْ أَنَّكَ النُّورُ الْفَرِيدُ وَ مَا لَهُ *** مِثْلٌ يُنَافِسُهُ بِلا اسْتِثْناءِ
رُكْنِ الْفَضِيلَةِ أَنْتِ يَا مَيْمُونَةُ *** وَ مآلُ كُلِّ سَجِيَّةٍ حَسناءِ
تُفَّاحَةُ الْفِرْدَوْسِ سرُّ مُحَمَّد *** ثَمَرُ اَلْجِنَانِ وَ نَسَمَةُ اَلْعَليَاءِ(2)
وَ رَبِيبَةِ اَلْوَحْيِ الْمُعلي ذِكْرُهُ *** وَ كَرِيمَةٌ سُلَّتْ مِنَ الْكُرَمَاءِ
وَ رُوحُ اَلنَّبِيِّ اَلْهَاشِمِيِّ وَ رُوحُهُ *** وَ نَصِيبُهُ الْبَاقِي مِنَ اَلْأَبْنَاءِ(3)
وَ عَلَيهِ صَلُّوا فَالصَّلاةُ تَحيَّة *** تُهْدِي لِحَضْرَةِ سَيِّدِ اَلْأُمَنَاءِ
هِيَ تَاجُ فَخْرٍ فَوْقَ رَأْسِ المُرتَضِي *** بَاقٍ عَلَيْهِ بِرِفْعَةٍ وَ بَهَاءِ
كَمْ زُيِّنَتْ فَوْقَ اَلْجَبِينِ بِضُؤْئِهَا *** هَامُ اَلْإِمَامَةِ بِالسَّنَا اَلْوَضَاءُ(4)
طَهُرَتْ مِنَ الإِشْكَالِ طُهْراً مُطْلَقاً *** مَعْصُومَةً خَلُصَتْ مِنَ اَلْأَسْوَاءِ
مَا مَسَّهَا الاّ الجَلالُ مُطَهَّراً *** فَهِيَ الجَلِيلَةُ زهْرَةُ الزَّهْرَاء
ص: 130
وَ ضَمِيمَةُ اَلْمَجْدِ اَلْمُقَدَّسِ وَ اَلَّتِي *** نَظَمَتْ عُقُودَ العِزِّ نَظْمَ إِبَاءِ
أُمِّ اَلنُّبُوَّةِ كَهْفَهَا وَ مَلاَذُهَا *** وَ مُقَامُ كُلِّ شَرِيعَةٍ بَيْضَاءِ
لَوْلاَهَا مَا كَانَ النَّبِيُّ الْمُصْطَفِي *** نَالَ الظُّهُورَ بِعَالِمِ الْأَسْمَاءِ(1)
وَ لَمَّا غَدَا اَلْمُخْتَارُ يُعْرَفُ قَدْرُهُ *** فِي غَابِرِ الأزمانِ بِالْعَيَاءِ
مِنْ حَيْثُ كَانَتْ نُورَ عالَمِها اَلَّذِي *** عُرِفَتْ بِهِ اَلْأَسْمَاءُ بِالْأَشْيَاءِ
مَعَنِي يُشفُّ مِنَ اَلْحَدِيثِ موضَّحاً *** شَأْنَ اَلَّتِي فاقَتْ علَي اَلْعَذْرَاءِ(2)
لَوْلاَ اَلرَّسُولُ مُحَمَّدٌ وَ وَصِيُّهُ *** مَا كَانَتِ الْأَفْلاكُ غَيْرَ هَبَاءٍ
وَ بِفَاطِمٍ كَانَ السَّنَاءُ عَلَيْهِمَا *** وَكَستهُمَا حُلَلاً مِنَ الأَضْوَاءِ(3)
وَ بِهَا تَكْأمُنُّ كُلُّ غَايَاتِ اَلْمُنِي *** لمّا بَراهَا بَارِيءُ اَلْأَحْيَاءِ(4)
فَخَرَتْ بِها الْجَوْزاءُ حِينَ تسنَّمَتْ *** هَامُ الْمَجْرَّةِ فَوْقَ كُلِّ سَماءِ(5)
وَ تَحَيَّرَتْ فِيهَا الْعُقُولُ وَ أَدْهَشْتْ *** لِفَضَائِلِ جُلَّتْ لَدَيِ الْفُضَلاَءِ
فَرِضَاهَا مِرْآةُ اَلرِّضَا وَ عَلاَمَةٌ *** لِرِضَا إِلَهِ الْكَوْنِ وَ اَلْأَنْحَاءِ
فَهِيَ الْوَدِيعَةُ وَ الْمُطِيعَةُ وَ الشَّفِيعَةِ *** وَ الرَّفِيعَةِ مُلْتَقَي الْأَسْمَاءِ(6)
وَ هِيَ النَّبِيلَةُ وَ اَلْجَلِيلَةِ مَحْتِداً *** وَ دَلِيلُ كُلِّ مَعَاشِرِ النُّبَلاءِ(7)
وَ هِيَ اَلْبَصِيرَةُ قَدْ أَحَاطَتْ عَيْنُهَا *** بِجَزِيءِ كُلِّ خَلِيَّةٍ بِخَفَاءِ
ص: 131
عِرْفَانُهَا قُطْبٌ يَدُورُ بأُفقِهِ *** حِقَبُ اَلدُّهُورِ بِرَهْبَةٍ وَ رَجاءِ(1)
وَ لِمَنْ حَظِيَ مِنْ حُبِّها بِشَعِيرَةٍ *** نَالَ اَلْمُنِي وَ كَرَامَةَ اَلْكُرَمَاءِ
وَ اَللَّهِ لَوْلاَ فَاطِمٌ وَ مُقَامُهَا *** لِمَ تَقْتُرُنْ حَاءٌ لَنَا بِالْيَاءِ(2) (3)
وَ لَما عَرَفْنَا دِينَ أَحْمَدَ وَ الْهُدَي *** و لَمَا سَلَكْنَا مَسْلَكَ الأُمَنَاءِ
وَ لَكَانَتِ اَلْأَحْكَامُ خَلْقاً كَالَّذِي *** يَتْلُوا اَلنِّسَاءُ بنيةَ الشُّعَرَاءِ
رَكَعْتْ أَسَاطِينَ الْعُلُومِ لِفَضْلِهَا *** وَ تَقَهّقَرْتْ بِمَخَافَةٍ وَ حَيَاءِ
أَنِّي وَ قَدْ عَجَزُوا بِزَعْمٍ نُفُوذِهِمْ *** عَنْ حِلِّ فَاءٍ بِاسْمِهَا وَ اَلطَّاءِ
فَتَعَالَيْ رَبِّ قَدْ حَبَاكَ مُعَاجِزاً *** عَرَجَتْ إلهيا أَنْفُسُ اَلْعُرَفَاءِ
هِيَ سِرٌ سِرِّ لَوْ يَفُوزُ بِبعضهِ *** عَقْلٌ لَطَارَ مُحَلَّقاً بِجَلاَءِ
وَ لَسارَ فَوْقَ الْمَاءِ مُمْتَثِلاً لَهُ *** أَجْزَاءُ كُلِّ حَبِيبَةٍ فِي الْمَاءِ
يَا صَفْحَةَ الْأُفُقِ الْمُضِيءِ تَلَأْلَأَتْ *** فِيهَا نُجُومُ مَكَارِمٍ بِصَفَاءِ
لِلنَّاظِرِينَ وَ لاَ مِسَاسَ تَهَابُهُ *** وَ اَلْأُفُقُ يَخْشِيُ مِسْاسَ لِرَّاءِ
ص: 132
شَمْسِ الْحَقِيقَةِ أَنْتِ يَا مَيْمُونَةً *** وَ سَنَاؤُكِ الْأَلْطافُ فِي الْأَحْياءِ
مِنْ وَجْهِكَ الْأَنْوارُ تُشْرِقُ كَيْفَ مَا *** تهوِينَ يَا رَمْزَ اَلْعَلِي كَذُكَاءِ
مَنْ أَبْيَض زَاهٍ وَ أَصْفَرَ فَاقِعٍ *** يَتْلُوهُ أَحْمَرُ إِذْ دَنَتْ لِمَسَاءِ
وَ تَلُوحُ فَوْقَ هَيَاكِلِ اَلتَّوْحِيدِ مِنْ *** إِشْرَاقِكَ اَلْأَنْوَارُ فِي الأرْجَاءِ
أزْجَاجَةَ الْمِصْبَاحِ فِي مَشْكَاتِهِ *** وَالْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ في الأجْواءِ(1)
لِلَّهِ أَنْتِ فَكَمْ حَوَيْتِ فَضَائِلاً *** أَرْخَي عَلَيْهَا اَلْغَيْرُ ثَوْبَ خَفَاءِ
وَ بِرْغْمِ هَذَا قَدْ بَدَا مَا قَدْ بَدَا *** أَثْرَي العقُول بِنفحِكِ اَلْمِعْطَاءِ
فَتَنَافَسَ الْعُلَمَاءُ فِي إِظْهَارِهَا *** وَ تَسَابَقَ الشُّعَرَاءُ فِي اَلْإِطْرَاءِ
وَ كَمْ تَشَرِّفَ فِي مَديحِكِ ناظِمٌ *** قَصْدَ الْمَنِي بِقَصِيدَةٍ غَرَّاءِ
وَ إِلَيْكَ قَدْ سَطَّرتُ رَمْزَ مَحَبَّتِي *** لِأَفُوزَ فِي يَومِ اللّقا بِجَزَاءِ
وَ لِأَجْلِ مُؤَلِّدِكِ الشَّرِيفِ تَنَزَّلتْ *** مِنْ عَالَمِ اَلْأَلْفَاظِ وَ اَلْأَسْمَاءِ
هَجَرِيَّةٌ طَابَتْ وَ طَابَ نَشِيدُهَا ***حَسَنِيَّةً مَا شَوَّهَتْ بَرِيَاءِ(2)
فَتَقبَليها تُخَفَةً مِنْ فَيْضِكُمْ *** تُهَنِّي اَلسُّرُورَ حُلَّةٍ حَسْنَاء(3)
وَ خِتَامُهَا صَلُّوا علَي خَيْرِ النِّسَّا *** وَ عَلَي اَلنَّبِيِّ وآله الأمناءِ
ص: 133
قُومِي اِلْبَسِي ثَوْبَ اَلْمُصِيبَةِ وَ اعولي *** حَزْناً فَدَهْرِكِ لَوْعَةٌ وَ بُكَاءٌ
نَصَبَتْ لَكَ الْأَعْداءُ حِقْداً كامناً *** اَللَّهُ مَانْصَبتْ لِكِ اَلْأَعْداءُ!
قَدْ أَسْقَطُوا مِنْكَ الْجَنِينَ وَهَشَّمُوا *** اَلْأَضْلاَعَ فِي عُرْضِ اَلْجِدَارِ وَ جَاؤُوا(1)
بِالنَّارِ لِلْبَابِ الشَّرِيفِ لِيُحْرِقُوا *** بَيْتاً بِهِ اَلْقُرْآنُ وَ اَلْأُمَنَاءُ
تَاللَّهِ لاَ أَنْساكِ حِينَ تَجْمَعتْ *** بِفِنَاءِ دَارِكِ خِفْنَةٌ لُؤْماءُ
وَ تَقَحَّمُوا فِي بَيْتِكِ اَلسَّامِي اَلَّذِي *** هُوَ دُونَهُ فِي قَدْرِهِ اَلْجَوْزَاءُ
لَطمُوكِ لَطْمَةً حَاقِدٍ مِنْ شَرِّهِمْ *** لِلَّهِ يَا لِكِ لطمةً شُنْعَاءُ (2)
اَللَّهِ يَا لَكَ لَطْمَةً بَكَتِ اَلسَّمَاءُ *** لَهَا دَماً وَ ارْتَجَّتِ الْأَرْجَاءُ
يَا وَخِزَةَ الْمِسْمَارِ صوبتِ العُلا *** فَأَصابَ قَلْبَ اَلدِّينِ مِنْكِ الدُّاءُ
صَوَّبْتَ فَاطِمَةَ اَلْبَتُولِ بِصَدْرِهَا *** مَا أَنْتَ الاّ طَعْنَةٌ نجلاءُ
وَقَعَتْ عَلَيَّ قَلْبِ اَلْهُدْي فَإِذَا اَلْهَدْيُ *** بَاكٍ وَ تِلْكَ دُمُوعُهُ حَمْراءُ
صَوَّبْتِ يَا بِنْتَ النَّبِيِّ بِضَرْبَةٍ *** فَالصَّدْرُ مِنْكِ تَسِيلُ مِنْهُ دِمَاءُ
وَ احْسَرْتَاه لِمَا أَصَبْتِ فَإِنَّهُ *** لَبِعِينٍ رَبِّ اَلْبَيْتِ يَا زَهْرَاءُ
حُتِّي مِنَ الدُّنْيَا خَرَجتِ كَثِيبَةً *** تَبْكِي عَلَيكِ الشِّرعةُ الْغَرَّاءُ
وَ تَتَّبِعُوا أَبْنَاكِ أَيْ تتَّبُعٍ *** فَإِذَا هُمْ حَرْبٌ لَهُمْ بَلاءُ
حَتي اذادُوهُم بِكُلِّ تَنُوفَةٍ *** تَنْتَابُهُم دُونَ اَلْمَلاَ لَأْوَاءُ (3)
مَا جُزْتُ أَرْضاً أَوْ نَزَلْتُ بِقِيعَةٍ *** إِلاَّ لمحنتِهِم بِهَا أَصْدَاءُ
فَبِأَرْضِ سامرا وَ بَغْدَادٍ وَ فِي *** طُوسَ لَهُمْ حَفَرٌ بِهَا أَشْلاَءُ(4)
ص: 135
وَ اعْطِفْ عَلَي وادِيَ الْغَرِيِّ فَاِنَّهُ *** فِيهِ الْوَصِيُّ الطّاهِرُ الْوَضَّاءُ(1)
وَ بِأَرْضِ طَيْبَةَ وَ اَلْبَقِيعِ تُرِي لَهُمْ *** حُفَراً يَهِيجُ لِشَجوهَا الإبْكَاءُ(2)
لِلَّهِ أَقْمَارُ السَّمَاءِ تَجَرَّعتْ *** سُمّاً فَهُمْ دُونَ اَلْمَلاَ غُرَبَاء
سَمّا تَذُوبُ لَهُ اَلصُّخُورُ وَ وَقْعَهُ *** نَارٌ لَهَا وَسَطَ اَلْقُلُوبِ ذَكَّاءُ(3)
و بِكَربِلاَ طُعْمَ اَلْأَسِنَّةِ وَ الْقَنَا *** أَمْسِي اَلْحُسَيْنُ وَ مَا لَهُ رُحَمَاءُ(4)
طُعْمَ اَلسُّيُوفِ وَ حَوْلَهُ أَصْحَابُهُ *** صَرْعِي وَ مَا لَهُمُ هُنَاكَ غِطَاءُ
جَرَعُوا اَلْحُتُوفَ عَلَي ظَمّا وَ بِجَنْبِهِمْ *** شَاطِي اَلْفُرَاتِ بِهِ يَلُوحُ الْماءُ(5)
يا آلَ أَحْمَدَ رُزُؤُكُمْ تَبْكِي لَهُ *** شُهُبُ السَّماءِ وَ تَنْحَبُ اَلْغَبْرَاءُ
ثُمَّ اَلصَّلاَةُ عَلَيْكُمْ مَا يَمَمتْ *** عِيسٌ وَ فِيهَا تَرْتَمِي اَلصَّحْرَاءُ(6)
ص: 136
(بحر الخفيف)
الشيخ حسن البحراني القيسي(*)(1)
كُلُّ فَرْدٍ مِنْهُمْ زَكِيٌ مُهَيْمِنْ *** وَ تَرَاهُ فِي اَلْعِلْمِ وَ الْحِلْمِ مُمْعَنْ
لَيْسَ فِيهِمْ الاّ الوليُّ المُؤمِنْ *** ثُمَّ سَلْنِي عَنْ أُمِّهِمْ و اسْتَمِعْ مِنيَ
وَصفاً مَا لَيْسَ فِيهِ خَفَاءُ
إنَّها بَضعَةُ النَّبِيِّ مُحَمَّدْ *** وَ هيَ بَحرُ العِلمِ الّذي مَا لَهُ حَدّ
وَ رِضَاهَا مِنْ رِضاها تَأكدْ *** هِيَ أَمْ نَظِيرُهَا لَيْسَ يُوجَدْ
إِنَّهَا الطُّهْرُ فاطِمُ الزَّهْراءُ(2)
ص: 137
لَوْ سَأَلْتَ اَلْقُرْآنَ سَطْراً فسطرا *** فَهُوَ فِي فَضْلِهَا يُشِيدُ وَ يُقِرَّا
وَ بِهِ قَدْ عَلْتَ مَقَاماً وَ قَدَرا *** وَ كَفَي بِالْقُرْآنِ مَدْحاً وَ فَخْرا
وَ لَنِعْمَ الْإِفْصَاحُ وَ اَلْإِطْرَاءُ(1)
دِرَّةُ اَلْمَجْدِ قدْرُهَا كانَ سَامِي *** هِيَ قُطْبُ اَلْعُلاَ وَ قُطْبُ النِّظَامِ
هِيَ ذَاتُ اَلْكَمَالِ وَ اَلْإِعظَامِ *** هِيَ أَمِ اَلْهُدَاةِ أَمِ اَلْمَيَامِين
وَ نِعْمَ اَلْأَمَاجِدُ اَلنُّجَبَاءُ(2)
هَذِهِ فاطمٌ حَبِيبَةُ طهَ *** إِنْ تَكُنْ قَدْ شَكَكْتَ فِي عُلْيَاهَا
ص: 138
فَانْظُرِ اَللَّهَ مَا اَلَّذِي أَعْطَاهَا *** ثُمَّ سَلْ هَلْ أَتِيَ وَ عَمَّا حَبَاهَا
رَبَّنَا وَ هُوَ قَادِرُ مَا يَشَاءُ
كَمْ حَفَاهَا بِمِدْحَةٍ وَ مَزَايَا *** وَ حَبَاهَا مِنْهُ بِحُسْنِ اَلسَّجَايَا
وَ بِهَاكُمْ أَبَانَ مِنْهُ وَصَايَا *** وَ هُوَ مُعْطِي اَلْأَرْزَاقِ مُنْشِي اَلْبَرَايَا
وَ لَدَيْهِ اَلْإِنْعَامُ وَ اَلنَّعْمَاءُ
ص: 139
(بحر الكامل)
الشيخ حسن البحراني القيسي (*)(1)
عُرِّجْ بِتُرْبَةِ فَاطِمِ اَلزَّهْرَاءِ *** وَ انْدُبْ وَ نَادِ بِخِرْقَةٍ و بكاءِ
وقُلِ: السَّلامُ عَلَيْكَ يا مَنْ أَصْبَحَتْ *** أَرْزاؤُها مِنْ أَعْظَمِ الْأَرْزَّاءِ
يَا مَنْ عَلَيْها الْحُزْنُ صَبَّ كَأَنَّهُ *** سُحُبُ اَلسَّمَاءِ وَ قَدْ هَمَّتْ بِالْماءِ
ما زُرْتُ قَبْرَكَ طالِباً لِمَثُوبَةٍ *** اِلاّ انْدَفَعْتُ بِحُرْقَتِي وَ بُكائِي
وَ تَفَجَّرَتْ عَيْنَايَ دَمْعاً هَامِياً ***كَالسَّيْلِ إِذْ يَجْرِي عَلَي اَلْبَطْحَاءِ(2)
وَ تَسَعَّرتْ نَارُ الجَوَي بِحُشَاشَتِي *** وَ أَنُوحُ كَالْقَمَرِيِّ وَ اَلْوَرْقَاءِ(3)
أَبْكِي عَلَيكَ كَثيبَةً مُستَوْحِشاً *** بَعدَ النَّبِيِّ عَلَيْكِ كُلُّ ثَواءِ(4)
وَ مِنَ الشِّجاءِ تُخاطِبِينَ دِيارَهُ *** وَ اَلْقَلْبُ مِنْكِ يَنُوءُ بِالْأَرِزَّاءِ(5)
تَدعِينَهَا يا دَارُ أَيْنَ مُحَمَّدٌ؟ *** فَمُحَمَّدٌ عَنِّي وَ عَنْكِ نَائِي
ص: 140
يَا دَارُ كُنْتِ مُضِيئَهةً بِضِيَائِهِ *** وَ اَلْيَوْمَ قَدْ غُشِيتِ بِالظَّلْمَاءِ
لاَ تَرْتَجِي يَا دَارُ عَوْدَةَ عَائِدٍ *** مِنْهُ وَ لاَ تَرْدِيدَ أَيَّ نِدَاءِ
مَاتَ اَلنَّبِيُّ فَأَعْوِلِي يَا دَارَنَا *** مَا فِيكِ الاّ وَحْشَةُ الاصداءِ
أَلْيَوْمَ ماتَ أَبِي وَ مَنْ عَمَّ الوَرِي *** بِالْفَضْلِ وَ اَلْإِحْسَانِ وَ اَلنَّعْمَاءِ
مَاتَ اَلَّذِي نُسْقِي اَلْغَمَامَ بِوَجْهِهِ *** وَ نُعَمُّ بِالْأَنْدَاءِ وَ اَلْأَنْوَاءِ(1)
تَاللَّهِ يَا أُمَّ اَلْحُسَيْنِ مُصابُكمْ *** رُزْءٌ يُقْصِّرُ جُمْلَةَ اَلْأَرِزَّاءِ
عَنْهُ، فَلَيسَ هُنَاكَ رِزْءٌ مِثْلُهُ *** أَبَداً لَدَي الأَرِزَّاءِ وَ اَللَّأْوَاءِ
أَبْكِيكِ مَغْشِيّاً عَلَيْكَ كَسِيرَةِ اَلضِّلْعَيْنِ *** مُلْقَاةً عَلَي الْغَبْراءِ
دَخَلُوا عَلَيْكَ اَلدَّارَ جَهْراً عُنْوَةً *** قَسْراً وَ أَنْتِ بِهَا بِغَيْرِ رِدَاءِ
أَبْكِيكِ وَالمِسمارُ أمسي نَافِذاً *** فِي الصَّدرِ وَ هُوَ مُضَرَّجٌ بِدِماءِ(2)
أَبْكِيكَ خَلفَ الْمُرْتَضِي تَدَعِينَهُمْ *** وَ اَلْقَلْبُ غَصَّ بلوعَةٍ وَ شُجَاءِ
ص: 141
ص: 142
خَلُّوا اِبْنَ عَمِّي مَا لَكُمْ يا عُصْبَةٌ *** رَوَّعْتُمْ بِفِعَالِكُمْ أَبْنَائِي(1)
رَجَعُوا إِلَيْكَ بِالسِّياطِ وَ آلَمُوا *** مِنْكَ الْمُتونَ بِقَسْوَةٍ وَ عَنَاءِ
لَطَمُوا عُيُونَكِ يَا لَهَا مِنْ لَطْمَةٍ *** قَدْ أَوْرَثَتْهَا حُمْرَةً بعماءِ
يَا بِنْتَ أَحْمَدَ مَا ذَكَرْتُ مُصَابَكُمْ *** الاّ غَصَصْتُ بلوعَةٍ وَ بُكَاءِ
صَلِّيَ عَلَيْكِ اَللَّهُ مَا قَمَرٌ بَدَا *** وَ بِنُورِهِ أجَلي دُجِّيُّ اَلظَّلْمَاءِ
ص: 143
(بحر الخفيف)
الشيخ حسن الصفار (*)(1)
رَوْعُةُ اَلْحَقِّ وَ اَلْعَفَافِ تَجَلَّتْ *** مَنْ مُحْيَا اَلصِّدِّيقَةِ اَلزَّهْرَاءِ
ص: 144
بُضْعِةُ اَلْمُصْطَفِي وَ زَوَّجُ عَلِيِّ *** وَ هِيَ أُمُّ اَلْأَئِمَّةِ اَلْأُمَنَاءِ
وَ عَلَي صَدْرِهَا وَ سَامَاتُ مَجْدٍ *** مِنْ أَبِيهَا لَكِنْ بِأَمْرِ اَلسَّمَاءِ
فَاطِمٌ بَضْعِتي وَ يَرْضَي لَهَا اَللَّهُ *** وَ يُرِدي مَنْ نَالَهَا بِأَذَاءِ(1)(2)
هِي سِتُّ اَلنِّسَاءِ فِي كُلِّ عَصْرٍ *** لاَ عَلَي مَرْيَمٍ وَ لاَ حَوَّاءِ(3)
لَيْسَ يَعْني بِذَا مجرَّدَ حُبِّ *** إِنَّمَا الحُبُّ سُلِّمُ الاِقْتِدَاءِ
نَبَتَتْ فِي رَبِّي الْكِفاحِ فَمَا مَرَّتْ *** عَلَيْهَا دَقِيقَةٌ بَرْخَاءِ
فَتَحَتْ عَيْنَهَا عَلَي مَشْهَدِ اَلْوَحْيِ *** كَذَا سَمِعُهَا بِنُطْقِ اَلسَّمَاءِ
وَ تَرَي اَلْوَالِدَ اَلْحَنُونَ يعانِي *** مَنْ أَذَي قُؤمِهِ أَشَدَّ اَلْعَنَاءِ
أَلَّفَتْ نَفْسُهَا الْجِهَادَ فَصَارَ *** اَلْحَقُّ مِنْهَا يَجْرِي بِمَجْرَي اَلدِّمَاءِ
وَ لِهَذَا قَامَتْ بِأَعْظَمِ دُورٍ *** تَنْشُرُ اَلْوَعْيَ فِي صُفُوفِ اَلنِّسَاءِ(4)
وَ اعْتَدَّتْ بَيْنَهُنَّ فِي أُحَدٍ تَبْكِي *** حَمْزَةُ اَلْخَيْرِ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ(5)
لَمْ تَزَلْ تَخدِمُ الشَّريعَةَ حَتّي *** خَطَفَ المَوتُ خاتَمَ الأنبياءِ
ص: 145
فاجؤُوهَا بِالإِنْقِلاَبِ وَ وَلَّوْا *** أَمْرَهُمْ غَيرَ سَيِّدِ الْأَوْصِيَاءِ
حُمِلَتْ رَايَةَ اَلْجِهَادِ إِلَي الْمَسْجِدِ *** تَدْعُو بِمَحْضَرِ (اَلْخُلَفَاءِ)(1)
أَنْذَرْتُهُمْ بِأَنَّهُمُ بَدَوؤا اَلسَّيْرَ *** بِعُنفٍ عَلِي طَرِيقِ الشَّقاءِ
يَا حَيَاةَ الزَّهْراءِ أَنْتِ كِتابٌ *** كُلُّ حَرْفٍ فِيهِ مَشَعُ ضِياءِ
كُلُّ سَطْرٍ مِنْهُ طَرِيقُ نَضَّالٍ *** لِلْمَعَالِي وَ مَنْبَعٌ لِلصَّفَاءِ
يَا بِنَةَ الْمُصْطَفِيَ اَلصِّرَاعُ طَوِيلٌ *** بَيْنَ خَطِّ اَلْهُدي وَ خَطِّ الْمِرَاءِ(2)
لَمْ نَزَلْ فِي سَعَادَةٍ وَ هناءٍ *** حَيْثُ إِنَّا مِنْ شِيعَةِ الزَّهْراءِ(3)
ص: 146
غَابَتْ فَغَابَ شُعَاعُهَا اَلْوِضَاءُ *** شَمْسٌ تَنَارُ بِضَوْئِهَا اَلْأَجْوَاءُ
وَ تَضاءُ آفاقُ اَلْعُقُولِ لِتَزْدَهِي(1) *** بِضِيَائِهَا اَلْأَفْكَارُ وَ اَلْآرَاءُ
بِنْتِ اَلنَّبِيِّ اَلْمُصْطَفِي زَوْجُ الْوَصِيِّ *** المرتضي وَ البَضعةُ اَلزَّهْرَاءُ
أُمِ اَلْهُدَاةِ اَلطَّاهِرِينَ وَ كُلُّهُمْ *** مِثْلٌ تُشَعُّ وَ رِفْعَةٌ وَ سَنَاءُ
هُمْ عِلَّةُ الْإِيجادِ لَوْلا نُورُهُمْ *** مَا كَانَ خَلَقٌ وَ اِسْتَقَامَ بِنَاءُ
مِنْ أَجْلِهِمْ سَجَدَتْ مَلاَئِكُةُ اَلسَّمَا *** لِأَبِيهِمُ وَ تَجَلَّتِ الاسماءُ
الْكَوْنُ جِسْمٌ جَامِدٌ وَ مُحَمَّدٌ *** وَ الْآلُ رُوحٌ طَاهِرٌ وَ نَمَاءُ
وَ هُم سفِين نَجَاةِ مَنْ لَزِمَ اَلْهُدْيَ *** نَهْجاً وَ وجَّهَ سَيرِهُ الْأُمَنَاءُ
وَ هُمْ كِتَابٌ نَاطِقٌ لَمْ يَتَضِحْ *** لَوْلاَهُ وَحَيٌ صَامِتٌ وَ نِدَاءُ
وَ يَنُوبُ عَنْهُمْ فِي زَمَانٍ غيابهمْ *** بِهَدْيِ اَلْأَنَامِ السَّادةُ الْعَمَاءُ
أَقْوَالَهُمْ قَوْلُ اَلْإِمَامِ وَ نَهْجُهُ *** وَ نَهْجُ اَلرَّسُولِ وَ مَا بِذَاكَ خَفَاءُ
ص: 148
وَ بسيرنا فِي نَهْجِهِمْ نُحْيِي لَهُمْ *** ذِكْرَاهُمُ وَ هِيَ السَّنَا الْوَضاءُ
هِيَ لَيْسَ تُحْيِي بِالْبُكاءِ وَ اِنَّما *** تُحْيِي سِناها عِفَّةٌ وَ حَيَاءُ
وَ تضامنٌ يَحْمِي اَلْهُدْيَ وَ تعاونٌ *** يَمْحُو الشَّقَا وَ مَوَدَّةٌ وَ إِخاءُ
مِن أَجْلِ ذَا قَتْلَ اَلْحُسَيْنُ وَ بَعْدَهُ *** أَبْنَاؤُهُ وَ اَلصَّفْوَةُ اَلصُّلَحَاءُ
فَاِذَا مَضَيْنَا فِي الطَّرِيقِ تَحَقَّقَتْ *** أَهْدَافُهُ وَ اِنْهَارَتِ الْأَعْدَاءُ
وَ إِذَا أُكْتَفِينَا بِالْمُظَاهِرِ دُونَ أَنْ *** نَجِّنِي مُرَاداً رَامَهُ الشُّهَدَاءُ(1)
لاَنَسْتَفِيدُ وَ لا نُحَقِّقُ مُقصَداً *** كَلاَّ وَ هَل يُحيِي الرَّمِيمَ بُكَاءُ؟(2)
فَلنَعتَصِمْ بِهَديِ السَّما وَلَنَتَحِدْ *** صَفاً يَهابُ صَمُودَه الْخُصَمَاءُ
لَنَحْرِّرِ الوطنَ اَلسَّلِيبَ بِوَحْدِةٍ *** نَجِّنِي بِها مَا نَبْتَغِي وَ نَشَاءُ
وَ إِذَا عرا وَطَنَّاً نُقْدِسُه ظَمّا *** تَرْوِيهِ مِنْ جِسْمِ اَلشَّهِيدِ دِمَاءُ
وَ إِذَا تَدَنسَ بِاحْتِلاَلٍ غَادِر *** تَجْلُوهُ مِنَّا ثَوْرَةٌ وَ فِدَاءُ(3)
ص: 149
(بحر الكامل)
السيد حسين الشامي(*)(1)
قَلْبِي يَذُوبُ عَلَيَّ اَلزَّهْرَاءِ *** وَ مَدَامِعِي تَجْرِي دَماً بسخاءِ
حُزْناً عَلَيَّ اَلطُّهْرِ اَلْبَتُولَةِ إِنَّها *** رَحَلَتْ بِقَلْبٍ غَصَّ بِالْبَلْوَاءِ
ص: 150
رَحَلْتْ بِحَسْرَتِهَا وَ ظَلَّ وَ رَاءَهَا *** سِرُّ الجَوي وَ اَلْجَمْرُ فِي الْأَحْشَاءِ(1)(2)
وَ مَضَتْ إِلَي اَلرَّحْمَنِ تَشْكُو أُمَّةً *** نَقَضَتْ عُهُودَ الشرعةِ اَلْغَرَّاءِ(3)
تَدْعُو أَبَاهَا وَ هِيَ تَعْلَمُ أَنَّهُ *** أَدْرَي بِمَا فَعَلَتْ يدُ الطُّلقاءِ(4)
أَبَتِي أَتُسَلَّبُ نِحْلَتِي(5) مِنِّي وَ فِي *** بَيِّتي تُشَبُّ مَوَاقِدُ اَلْبَغْضَاءِ؟!(6)
أبتِي أَلاَّ تَدْرِيَ بِمَا فَعَلَ اَلْعِدَي *** فِينَا وَ قَدْ جَارُوا عَلَي أَبْنَائِي؟!
مِنْ بَعْدِ أَنْ حَمَلُوا اَلْإِمَامَ مُبَايِعاً *** وَ هُوَ الْوَصِيُّ و أَوَّلُ الْخُلَفاءِ
و نَسُوا وَصَاياكَ الَّتِي وَصَّيْتَهُمْ *** فِيهَا بِخُمِّ فِي غَديْرِ اَلْمَاءِ(7)
أَوْ لَمْ تَقُلْ: هَذَا عَلَيٌ فِيكُمْ *** خَلْفِي وَ مَنْ عَادَاهُ مِنْ أَعْدَائِي
أبَتِي أَضَاعُوا اَلْعَهْدَ ثُمَّ تَكْشفَتْ *** أَحْقَادُهُمْ بِالشَّرِّ وَ الضَّرَّاءِ
صَعِدُوا عَلَي بَابِ اَلنَّبِيِّ كَأَنَّهُمْ *** يُحْيَوْنَ ثَارَاتٍ لَدَي اَلْآبَاءِ
قَدْ قِيلَ: فِيهِ فَاطِمُ! قَالوا و إنْ *** فَاليَوْمَ نُحَرِّقُهَا عَلَي الزَّهْرَاءِ(8)
ص: 151
أَبَتَاهْ غَاضِبَةً أَظَلُّ عَلَيْهِمُ *** وَيَظَلُّ حَتَّي اَلْحَشْرِ صَوْتُ بُكَائِي(1)
ص: 152
تُحْفَةُ اَللَّهِ أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اَللَّهِ *** فَهِيَ الإنسيةُ اَلْحَوْرَاءُ(1)
بَشَّرَ اَلْمُصْطَفَي خَدِيجَةَ لَمَّا *** بَشَّرَتْهُ المَلائِكُ الْأُمَنَاءُ(2)
أَنَّهَا اَلنَّسْلَةُ اَلَّتِي بَارَكَ اللهُ *** عليها فَنَسْلُهَا اَلْأَوْصِيَاءُ
أَنَّهَا الْبَضْعَةُ الْبَتُولُ وَ رَيْحَانَةُ *** قَلْبِي وَ فَاطِمُ اَلزَّهْرَاءُ
حَدَّثَتْ أُمَّهَا جَنِيناً فَأَلَّفَتْ *** أُمُّهَا فِي حَدِيثِهَا مَا تَشَاءُ(3)
وُجِدَتْ سَلوةً بِهَا عَنْ جَفَاءٍ *** سَمَنَهَا فِيهِ مِنْ قُرَيْشٍ نِسَاءُ(4)
ص: 154
وَ تَبَاهَتْ بِهَا خَدِيجَةُ إِذْ قَدْ *** وَلَدَتْ مِنْ تَغَارُ مِنْهَا ذَكَاءُ
وَلَدَتْ مَنْ بِهَا لِشِيعَتِهَا اَلْبُشَرِي *** لِيَوْمٍ تُرْجِي لَهُ الشُّفَعاءُ
وَ تُلْقِّي بِهَا اَلنَّبِيُّ عَطَاءً *** وَ تَوَالَتْ بِها لَهُ اَلْآلاَءُ
وَ فَهِيَ اَلْكَوْثَرُ اَلَّذِي قَالَ عَنْهُ اَللَّهُ *** فِيمَا أَتِيَ لَنَا، لاَ اَلْمَاءُ(1)
يَا لبُشْرِي الْكَمَالِ إِذْ لَقِيتهُ *** قَرَّ عَيْناً بِهَا وَطَّابَ اللِّقاءُ
إِذْ بِها تَمَّ أرْبَعاً عَدَدَ الْكَمْلِ *** مِنْ بَيْنِ مَنْ نَمَتْ حَوَّاءُ(2)
ص: 155
وَ تَبَاهِي بِهَا اَلْجِمَالُ بِقسمَيْةِ *** فَأَضْحِي لَهَا اَلسَّنِي وَ اَلسَّنَاءُ(1)
وَ تَبارَتْ غُرُّ اَلْخِصَالِ إِلَيْهَا *** فَاسْتَوَتْ عِنْدَهَا و جِلَّي اَلْحَيَاءُ(2)
حُشَدَتْ عِنْدَهَا و رَفَّ لَوْاهَا *** وَ بِكَفِّ اَلزَّهْرَاءِ ذَاكَ اَللِّوَاءُ(3)
وَ تَغَذَّتْ بِالْوَحْيِ يَأْتِي أَبَاهَا *** فَهِيَ لَوْلاَهُ وَ اَلنَّبِيُّ سَوَاءُ
وَ اِسْتَعَاضَتْ بِاللَّهِ عَمَّنْ سِوَاهُ *** إِذْ بِهِ -جَلَّ- عَنْ سِوَاهُ غَنَاءُ
وَ اِزْدَرَّتْ عَيْنُها الْحُطَامَ فَمَا *** فَازَتْ لَدَيْهَا بِنَظْرَةٍ أهواءُ(4)
أيْضيرُ اَلزَّهْرَاءَ أَنْ تَرْتَدِيَ *** اَلصُّوفَ وَ يُبْكِي سَلْمَانَ هَذَا اَلرِّدَاءُ
وَ هِيَ مِنْ أَسْبَقِ اَلْعِبَادِ إِلَي *** اَللَّهِ تَعَالَي، وَ مَنْ عَدَاهَا وَرَاءُ
وَ اُصْطُفِيَ اَللَّهُ للبتولِ عَلِيّاً *** وَ اِصْطَفَاهَا لَهُ فَتَمَّ اَلْعَلاَءُ
فَهِيَ لَوْلاَهُ لَمْ تَعُدْ ذَاتَ كُفْؤٍ *** حَيْثُ مَا فِي الْوَرِي لَهَا أَكْفَاءُ
زُوِّجَتْ فِي السَّماءِ وَ أُزْلِفَتِ اَلْجَنَّةُ *** فَالْحُورُ لِلْبَتُولِ إماءُ(5)
ثُمَّ زُفَّتْ إلَيَّ عَليِّ عَلِي اَلشَّهْبَاءِ *** تَمْشِي بِجَنْبِهَا أَسْمَاءُ(6)
وَ نِسَاءُ النَّبِيِّ يَهْزِجنَ بُشَراً *** و الْهُتَافَاتُ مَرْحَةٌ وَ ثَنَاءُ
أَدْخَلْتْ بَيْتَهَا وَ قَدْ كَلَّلتْهَا *** مِنْ أَبِيهَا يَدٌ لَهُ بَيْضَاءُ
مَدَّهَا بِالدُّعَاءِ لِلطُّهْرِ *** لِلصِّهْرِ ليُنمِي اَلْبَنِينَ هَذَا اَلبنَاءُ
فَاسْتَجَابَ اَللَّهُ اَلدُّعَاءَ فَأَنْمِي *** الحسنَينِ اَلسِّبْطَيْنِ ذَاكَ اَلدُّعَاءُ
فَبَطَّهُ وَ صِهْرِهِ وَ بِسِبْطَيْهِ *** وَ بِالطُّهْرِ تُكْشِفُ اَللَّأْوَاءُ
ص: 156
وَالزَّهْرُ غَنِي وَ الورودَ تَمَايَلَتْ *** فَرَحاً وَ سَادَ اَلْكَوْنَ حُسْنُ غِنَاءِ
وَ مَوَاكِبُ الأحلامِ شِبْهُ عَرائِسِ *** مَجْلُوَّةٍ تَسْعَي إِلَي النَّعْماءِ
وَ الْهَيْنَمات(1) عَلَي النَّسِيمِ تَمَاوَجَتْ *** بِالنُّورِ تَجلُو شِدَّةَ الظَّلْمَاءِ
وحَناً عَلَيْها البَدْرُ مِن عَلْيَائِهِ *** لَهفا عَلَي مَا جَدَّ مِنْ أَنْبَاءِ
مُتَسَائِلاً عَنْ فَرْحَةٍ أَنْوَارَهَا *** شَمِلَتْ بِطَاحَ اَلْأَرْضِ وَ اَلْعَلْيَاءِ
و إِذَا شِفَاهُ الْهَيْنَمَاتِ تُجِيبُهُ *** بِسِمَاتُهَا فِي رِقَّةٍ وَ صَفاءِ
اَلْيَوْمَ عُرْسُ اَلْكَوْنِ بَيْنَ رُبُوعِنَا *** فِينَا يُقَامُ بِمَوْلِدِ اَلزَّهْرَاءِ
هِيَ فَاطِمٌ صِغري بَنَاتِ مُحَمَّدٍ *** وَ قَرِينَةِ الكرارِ فِي الْهَيْجَاءِ
قَبْلَ النُّبُوَّةِ كَانَ مَوْلِدُهَا وَ قَدْ *** فَاقَتْ عَلَيَّ الأَشْباهِ وَ الْقَرْنَاءِ(2)
فَزَكَتْ عَلَي كُلِّ النِّساءِ طَهَارَةً *** وَ فَصَاحَةٌ وَ سَمَّتْ عَلِي اَلْعَذْرَاءِ
وَ عَلِي أمِّ مُوسي ثُمَّ بِنْتِ مُزَاحِمٍ *** وَ عَليَّ نِساءِ الكَونِ مِن حَوَّاءِ
وَعَلِي الصِّبَا ضَمَّ الرَّسولُ جُفُوفَهُ *** حِرْصاً عَلَيْهَا مِنْ يَدِ الْغُرَبَاءِ
وَ تَمَرَّغَ الْخِطَابُ فِي أَعْتَابِهِ *** و عَتِيقُ وَ الْخِطَابُ فِي الْخُطَبَاءِ(3)
ص: 158
لَكِنَّمَا قَدْ كَانَ رَدُّ مُحَمَّدٍ *** لَهُما بِكُلِّ مَهابَةٍ وَ بَهاءِ
إِنِّي لَمنْتَظِرٌ بِفَاطِمَةَ الْقَضَا *** و قَضَاءِ رَبِّ اَلْعَرْشِ خَيْرُ قَضاءِ
وَ إِذَا بِوَحْيِ اَللَّهِ جَاءَ وَ حُكْمُهُ *** فَصْلٌ لِيَخْمُدَ حُرَّةَ الْغَلَوَاءِ(1)
زَفَّ الكَرِيمَةَ لِلْكَرِيمِ لِأَنَّها *** سِتُّ النساءِ لِسَيِّدِ اَلْبُلَغَاءِ
وَ اَلْبَحْرُ أَولِي أنْ يَضُمَّ عِبَابَهُ *** لَمَعَانِ تِلْكَ اَلدِّرَّةِ اَلْغَرَّاءِ(2)
وَ جَهَازُهَا لِلْعُرْسِ كَانَ وِسَادَةً *** مَحْشُوَّةً بالليفَةِ الْبَيْضَاءِ(3)
وَ رَحْي لِأَجْلِ الطَّحْنِ يَأْكُلُ كَفَّهَا *** بِقَسَاوَةٍ تَبْدُو بِغَيْرِ حَيَاءِ
وَ اَلْقِرْبَةُ الحُبْلَي تُحُزُّ بِنَحْرِها *** وَ السَّيْرُ فَوْقَ حَرَارَةِ الرَّمْضَاءِ
عاشَتْ عَلَيَّ ضَنْكِ(4) الْحَياةِ بِزُهْدِهَا *** وَ الزُّهْدِ مَوْرُوثٌ عَنِ الْآبَاءِ
لَوْ شَاءَتِ اَلدُّنْيَا وَ طيب مناخِهَا *** لَأَتَتْ إِلَيْهَا دُونَ أَيِّ عَيَاءِ(5)
لَكِنَّهَا سَارَتْ عَلَي خَطَّ اَلَّذِي *** قَدْ طَلَّقَ اَلدُّنْيَا بِغَيْرِ عَنَاءِ
ص: 159
وَ مَضَتْ عَلَيَّ دَرْبُ الْحَياةِ تَشُقُّهُ *** شَقّاً وَ تَنْجِبُ خِيرَةَ الأَبْنَاءِ
وَ هُمُ الأئمةُ لِلْوَري مَفْرُوضَةٌ *** طَاعَاتُهُمْ بِمَحَبَّةٍ وَ وَلاَءِ
لَكِنَّ صَفْوَ حَيَاتِهَا لَمَا يَدُمْ *** وَ الصَّفْوُ يُعَقِّبُهُ كَثِيرُ شَقَاءِ
وَ إِذَا بِعَاصِفَةٍ تُهْزُّ كِيَّانَهَا *** وَ تُذِيبُ فِيهَا فِلْذَةَ الْأَحْشَاءِ
هِيَ فَقَدْ وَالَدَهَا اَلْكَرِيمِ وَ مَنْ بِهِ ***كَانَتْ تجابِهُ غَارَةَ اَلْأَعْدَاءِ
كَانَتْ قُبَيْلَ الإحتضارِ بِقُربِهِ *** تَبْكِي وَ تَنْدُبُ شِدَّةَ اَلْأَرِزَّاءِ
وَ إِذا بهَمْسَتِهِ تُدغدِغُ أُذُنَهَا *** فَتَبَسَّمَتْ فَرَحاً لِخيْر رَجَاءِ(1)
عَلِمْتْ يَقِيناً أَنَّها مِن بَعْدِهِ *** سَتَسِيرُ إِثْرُ اَلْكَوْكَبِ اَلْوَضَّاءِ
لِلَّهِ يَا ذَاكَ اَلْبَنَانَ وَ طَالَمَا *** مَسَحَ الأسي عَنْ رَاكِبِ اَلْقَصْوَاءِ(2)
حَرُمَتْ أَرَاضِيَهَا بِقَوْلِ رِوَايَةٍ *** فِيهَا تَفَرَّدَ واحِدُ الآراءِ
فَدَكٌ وَ لَمْ يَشْهِدْ عَلَي حِرْمانِها *** مِنْهَا وَ لَو إِثْنَانِ مِن شُهَداءِ(3)
وَ عِداكَ عَنْ سَلْبِ الوَصِيِّ حُقُوقَهُ *** وَ عَدَاوَةٍ بانَتْ بكلِّ جَلاءِ
كَم كافَحتْ مِن أَجْلِهِ وَ تَحَمَّلَتْ *** ظُلْمَ اَلسِّيَاسَةِ فِي عَظِيمِ بَلاءِ(4)
نَفَثَتْ صُدُورَ الظُّلَمِ كُلَّ سُمُومِها *** عَلْناً كَمَثَلِ الْحَيَّةِ الرَّقْطاءِ(5)
ص: 160
ضَرَبَتْ بِسَوْطِ اَلظُّلْمِ فَوْقَ بَنَانِهَا *** فَبَدَا بِهِ أَثَرٌ مِنَ اَلْإِيذَاءِ
هَذِي اَلْمَصَائِبُ لَوْ تَحَوَّلَ ثِقْلُهَا *** عَنَّا إِلَيَّ طَوْدٍ كَطودِ حراءِ(1)
حَتْماً لَكَانَ اَلطَّوْدُ دكَّ أَسَاسُهُ *** وَ تَهَدَّمَتْ أَرْكَانُ كُلِّ بناءِ
وَ اشْتَدَّتِ الْأَحْزَانُ بَيْنَ ضُلُوعِهَا *** إِذْ لَمْ تَجِدْ فِي اَلنَّاسِ أَيْ عَزاءِ
وَ إِذَا بِعِلَّتِهَا تَزِيدُ وَ دَمْعُهَا *** تُخْفِيهِ خَوْفَ شِماتِهِ اَلرُّقَبَاءِ
مُنِعَتْ مِن التَّصريحِ عَنْ أَحْزانِها *** بِالنَّوْحِ أَوْ بِالدمْعَةِ اَلْحَمْرَاءِ(2)
كانَتْ تُغَادِرُ بَيْتَهَا مَقْهُورَةً *** مَظْلُومَةً نَحْوَ البَقِيعِ النائي
وَ إِذَا استبدَّ بِهَا الأسَي خَرجَتْ إلي *** قَبْرٌ يُوَارِي سَيِّدَ الشُّهَدَاءِ
هُوَ حَمْزَةٌ عَمُّ اَلرَّسُولِ وَ إِبْنُ مَنْ *** يَسْقِي حَجِيجَ اَللَّهِ عَذْبَ اَلْمَاءِ
وَ لَبَيْتُ أحزان بَنَاهُ حَلِيلُهَا *** قَرُبْتْ وَ بَانَ اَلْأَمْرُ بَعْدَ خَفَاءِ
قَالَتْ: أَمِيرُالْمُوْمِنِينَ وَصِيَّتِي *** فَأَجَابَهَا وَ أَنَا اَلسَّمِيعُ اَلرَّائِي
قَالَتْ وَ حَقِّكَ مَا كَذَبْتُ عَلَيْكَ فِي *** شَيءٍ وَ لاَ أَدْنِي مِنَ اَلْأَشْيَاءِ
كلاَّ وَ لَا خَالَفْتُ مِنْكَ أَوَامِراً *** صَدَرَتْ وَ لاقابَلْتُهَا بِجَفَاءِ
أُوصِيكَ أَنْ لاَ يَشْهَدْنَّ جَنازَتي *** أَحَدٌ تَعَمَّدَ فِي اَلْوَرِيِّ إِيذائِي(3)
ص: 161
تَجَلْبَبِ(1) اللَّيلِ الْبَهِيمِ لِنَقْلِي *** وَ اُخْفِ اَلْجَنَازَةَ وَ اِسْتَجِبْ لِنِدَائِي
وَ بَكَتْ وَ أَبْكِي مُقلَتيهِ فِرَاقُهَا *** وَ تَعَانَقَا بالدمعَةِ اَلْخُرَاسَاءِ(2)
وَ كَأَنَّ دَمْعَتَهَا تَقُولُ لَهُ إِذَا *** مَا مُتُّ فَاذْكُرُونِي بِكُلِّ مَسَاءِ
وَ مَشَتْ بِرَكْبِ اَلْخَالِدِينَ تَسِعُّ فِي *** نُورِ اَلتُّقيِّ لِلْجَنَّةِ الْخَضْرَاءِ
زهْرَاءُ يَا أُمَّ اَلْحُسَيْنِ قَصِيدَتِي *** فِيكَ تُعْبِّرُ عَنْ عَظِيمِ وَلائِي
يَامِنٌ زَرَعَتِ اَلْوَعْيَ بَيْنَ محَاجِرِي *** فَأَزَاحَ عَنْهَا ظُلْمَةَ اَلْعَشْوَاءِ(3)
إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ قَصَائِدِي *** ذُخْرَ اَلْيومِ تَعَاسَتِي وَ شَقَائِي
ص: 162
(بحر الخفيف)
الشيخ سعيد الشيخ علي العوامي
عَمَّ فَيْضُ اَلْجَلاَلِ اَلرُّحَمَاءِ *** بِوِلاَدَةِ البتولةِ اَلزَّهْرَاءِ
حُسِرَ اَلنَّاظِرُونَ عَنْ دَرْكِ مَعَنَا *** هَا و هُمْ قَبْلُ سَادَةُ النُّظَرَاءِ
وَ لِسَانُ اَلْعِرْفَانِ عَنْ وَصْفِهَا رُدَّ *** كَلِيلاً وَ لَمْ يَكُنْ ذَاعِياءِ
فَتَرِي الْكُلَّ عَنْ ضُرُوبِ مَزَايَا *** هَا عَلِيُّ ظَهْرِ قَلْبِهِمْ فِي اسْتِوَاءِ
وَ عَلِيٌ بَابُ كَعْبَةِ اَلْفَضْلِ مِنْهَا *** عُكَّفاً مِنْ قُصَيِّهَا وَ اَلنَّائِي
خَصَّهَا اَللَّهُ مِنْ وَظَائِفِ علياهُ *** قُرباه أَشْرَفَ اَلْأَسْمَاءِ
أَيْنَ مَنْ قَدَّسَ الْمَلِيكُ لَهُ اَلنَّفْسُ *** أَلاَ فَهِيَ بَضْعَةُ الْأَوْلِيَاءِ
بَضْعَةٌ اَلْمُصْطَفَي اَلْعَرِيقَةُ فِي اَلْأَصْلِ *** وَ مَنْ قَدْ عَلَتْ عَلاً لِلسَّمَاءِ
وَ لَمَنْ حُكْمَهَا وَ أَحْكَامَهَا الْغُرَّ *** قَدِ اخْتَارَ جُمْلَةُ الحُكَمَاءِ
إِنَّ صُبْحَ الْإِرْسَالِ يَسْطَعُ نُوراً *** عَنْ عَلا طَلْعَةِ الهَدْيِ الغَرَّاءِ
طُرَّةُ الْإِصْطَفَا وَ مُخْتَارَةُ اَلرَّبِّ *** وَ مَعْنِي اَلسِّيمَاءِ فِي اَلْأَزْكِيَاءِ(1)
فَغَدَا هَدْيُهَا يَعُمُّ الْبَرَايَا *** وَ عَلاَ جُودُهَا عَلَيَّ اَلْجَوْزَاءِ
مَلِكَاتُ اَلنُّفُوسِ عَنْهَا تَبَدَتْ *** وَ كَمَالُ اَلْإِنْسَانِ فِي الْإِجْتِبَاءِ
عُجِنَتْ طَيِّبَةُ الْبَتُولِ بِمَاءِ اَلْقُدْسِ *** وَ اَلْعِلْمِ وَ اَلْهَدْيِ وَ اَلْحَيَاءِ
ص: 163
فَهِيَ نُورُ اَلْحَقِيقَةِ اَلَّتِي لَوْلاَ *** هَا لَمَا اَلْعَدْلُ كَانَ بالأولاءِ(1)
فَتَعَالَيْ لَهَا التَّمجُّدُ و الْفَضْلُ *** وَكفُّ الْحُسنَي وَ كُفُّ الْحِبَاءِ
فَاطِمٌ كُفْوُ خِيَرَةِ الخَلْقِ طُرّاً *** أُمُّ طه أُمُّ الكِتابِ اَلسَّمَائِي
طَهُرَتْ مِنْ دَنَائِسٍ وَ رِفَاثٍ *** فَزَكَتْ كَالْأُصُولِ فِي اَلْأَبْنَاءِ(2)
وَ كَفَاهَا اَلْجَلِيلُ يَغْضَبُ فِيهَا *** أَيْ وَ يُرْضِي لِمَنْ لَهَا فِي الرِّضَاءِ
فَهِيَ رَبِّ لِكُلِّ فَضْلٍ وَ نَعْتٍ *** وَ هِيَ جَفْرٌ لِكُلِّ رَمْزِ بَلاَءِ(3)
عَصَبَتْ رَأْسَهَا بِفَقْدِ رَسُولِ اَللَّهِ *** وَ اَلدَّهْر خَلَّفَهَا بالعَنَاءِ
فَلِكُلِّ اَلْمُوَحِّدِينَ جَمِيعاً *** أنعي فُقْدَانِ فَاطِمَ اَلزَّهْرَاءِ
إِنَّ نَفْساً تَعَلَّقَتْ بِوْلَاهَا *** قَدْ أُسِيلَتْ بِفَقْدِهَا فِي اَلْوَلاَءِ
أَسَفاً كَيْفَ ضَمَّهَا اَلتُّرْبُ لَيْلاً *** وَ هِيَ تَقْضِي أَسَي بِوَجْهِ اَلدَّنَاءِ(4)(5)
ص: 164
(بحر مشطور الخفيف)
الأستاذ سلمان الربيعي (أبوأمل)(*)(1)
مُولِدُ الزهْراءِ *** مَصْدَرُ لَالَاءِ
يَوْمَ بِنْتِ الْهادِي*** أَجْمَلُ اَلْأَعْيادِ
فَارْتَشِفْ يَا صَادِي *** جُرْعَةَ اَلصَّهْبَاءِ(2)(3)
شَعَّ فِي اَلْأَكُونِ *** كَوْكَبُ اَلْإِيمَانِ
مُنْقِذُ اَلْإِنْسَانِ *** مِنْ دُجْيِّ اَلظَّلْمَاءِ
ص: 165
زغْرَدَتْ أَشْعَارِي *** لاِبْنَةِ الْمُخْتَارِ
زَوْجَةِ اَلْكَرَارِ *** أَصْدَقَ الإِطْرَاءِ
إِنَّ مَنْ أَرْضَاهَا *** فَهُوَ أَرْضِي اَللَّهَ
جَاءَ ذَا عَنْ طه *** أَشْرَفَ اَلْآبَاءِ
حُبُّهَا فِي قَلْبِي *** حَيْثُ يَمْحُو ذَنْبِي
يَوْمَ أَلْقِيَ رَبِّي *** فُزْتُ بِالسَّراءِ
حُبُّهَا أَهْدَانِي *** أَجْمَلَ اَلْأَلْحَانِ
وَ هُوَ فِي وِجْدَانِي *** حَلَّ وَ اَلْأَعْضَاءِ
دَعْ كَلاَمَ اَلنَّاسِ *** شَابَ مِنِّي رَاسِي
قُمْ و قَدِّمْ كَاسِي *** مِنْ يَدٍ مِعْطَاءِ
لَاتَدَعْ خَفَاقِي *** فِي ضِرَامِ بَاقِ(1)
وَ اِسْقِنِي يَا سَاقِي *** مِنْ نَمِيرِ اَلْمَاءِ(2)
لِلْهَدْيِ أَعْلاَمُ *** زَانَهَا اَلْإِسْلاَمُ
كُلُّنَا خُدَّامُ *** نَحْنُ لِلزَّهْرَاءِ
ص: 166
(بحر الكامل)
السيد سلمان هادي آل طعمة (*)(1)
مَرْحِي بِإِشْرَاقِ اَلسَّنَا اَلْوَضَاءِ *** غَمَرَ الْحَيَاةَ بِرُونَقٍ وَ بَهَاءِ
وَ أَطَلَّ كَالْأَلَقِ مُرَتِّلاً *** آيَاتِهِ بِالْحَمْدِ وَ اَلنَّعْمَاءِ
ذِكْرِي تُطِلُّ عَزِيزَةً وَ كَأنَّهَا *** شَمْسُ اَلضُّحِي تَفْتَرُّ بِالْأَضْوَاءِ
ص: 167
في كُلِّ قلبٍ نَشوَةٌ وَ مَسَرَّةٌ *** وَ بِكُلِّ بَيْتٍ فَرَحَةٌ لِلِقاءِ
وَ اَلشَّوْقُ يُسْرِجُ كُلَّ قَلْبٍ هائِمِ *** نُوراً يَفيضُ بِعِزَّةٍ قُعَسَاءِ(1)
اَللَّيْلُ يُوغَرُ بِالمَسِيرِ كَأَنَّهُ *** شَلاّلُ ضَوْءٍ فَاضَ بِالإِرْوَاءِ
وَ تَأَلَّقَتْ آفَاقُ مَكَّةَ فجَاةً *** بِمَحَاسِنِ اَلْأَنْوَارِ وَ اَلْأَبْهَاءِ(2)
وَ اَلطَّيْرُ مِنْ شَوْقٍ يزغْردُ حَالَماً *** مِثْلَ اِنْهِمَارِ اَلدِّيمَةِ اَلْوَطْفَاءِ(3)
فَإِذَا الْقُلُوبُ الْواجِماتُ تَرَنَّحَتْ *** سُكْرَي بِطِيبِ الجنَّةِ الْفَيْحاءِ(4)
بُشْرَي بِفَاطِمَةٍ سَلِيلَةِ أَحْمَدٍ *** فَخْرِ النِّساءِ وَ تَحِيَّةِ اَلْعَلْيَاءِ
مَا أَوْرَعَ الذِّكري تَفِيضُ بَشَاشَةً *** وَ هَوّي يَفُوحُ كَنَسْمَةٍ عَذْرَاءِ
هَبَطَتْ عَلَيَّ اَلدُّنْيَا مكارمُ جَمَّةٌ *** بِالْفَضْلِ تَعْلُو هامَةَ اَلْجَوْزَاءِ
يَا بِنْتَ خَيْرِ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ مَوْئِلاً *** لِلْعِزِّ لِلتَّقَوي وَ نَبْعِ عَطاءِ
كَم مِن يَدٍ لَكِ بِالنَّدِيِّ مَشْهُودَةٍ *** تَجْتَاحُ كُلُّ جَرائِرِ اَلدُّخَلاَءِ؟
لَكَ مثْلَما لِمُحَمَّدٍ و َقَفاتُهُ *** تَهْدِي اَلْوَرِيَّ لِلشِّرْعةِ اَلسَّمْحَاءِ
سَلَبُوكِ إِرْثاً وَ هُوَ مَلِكُ مُحَمَّدٍ *** (فدكَ) غَداً نَهَباً إِلَيَّ اللَّوْمَاءِ(5)
وَ عَدَا عَلَيْكَ الْمُشْرِكُونَ وَ إِنَّهُمْ *** مَنْ ظَلَمَهُمْ جُبِلوُا عَلَيَّ الْأَوْرِزَاءِ
أَوْ لَمْ تَكُونِي قُدْوَةً لِنِسَائِنَا *** وَ مُلاَذكُلِّ اَلْإِنْسِ مِنْ حَوَّاءِ؟
ص: 168
يَا دَوْحَةَ الشَّرَفِ الْعَظِيمِ مُضِيئَةً *** وَ مَنَارَةً للهِمَّةِ الشِّماءِ
تَارِيخُكَ الوَضَّاءُ نُورٌ مُشْرِقٌ *** مَتَالِقٌ فِي اَللَّيْلَةِ اَلظَّلْمَاءِ
مَا زَالَ فِينَا سَاطِعاً مُتَوَهِّجاً *** يَجْلُو ظَلامَ دُجْنَةٍ سَوْدَاءِ(1)
ذِكْرَاكَ سَفْرٌ لِلْمَاثِرِ وَ اَلْإِبَا *** يَهْدِي اَلْوَرَي لِمَحَجَّةٍ بيْضاءِ
مِيلادُكَ اَلْمُعْطارُ مُصْدَرُ رَحْمَةٍ *** سَيَظَلُّ رَمْزَ مَوَدَّةٍ وَ إِخَاءِص: 169
(بحر الخفيف)
الشيخ صادق الشيخ جعفر الهلالي
طالَ شوقِي فصاغَهُ إنشائِي *** لحنَ حب بمولدِ الزهراءِ
خيرُ بشري لأحمدَ حين وافت *** و هي قدسٌ من لطفِ رب السماءِ
يوم أسرت خديجة الطهر فخراً *** فاطمياً بروضة الأنبياءِ
بضعةُ المصطفي و ليس سواها *** أوجبَ اللَّه وُدَّهُمْ بالولاءِ
و حباها الهادي الأمينُ و ساماً *** يوم سادتْ علي عموم النساءِ
قَصَّرَ الشعرُ كيف يرقي مقاماً *** شاءه الله رحمة الاقتداءِ
منحَ اللَّه من حباها فطاماَ *** فيه منجي من اللظي و البلاءِ
من يرومُ الولاء نصاً و روحاً *** و اقتداءً يجزي بخير جزاءِ
أيُّ بنتٍ تُدعي بأم أبيها *** و تراه قد خصها بحباءِ
فهي من خافقيه نبضٌ و شجنٌ *** و نسيجٌ من فيضه المعطاءِ
من سواها غيرُ البتولة تدعي *** فاطمُ بنت سيد الأنبياءِ
***
هلَّ الصبحُ في سمانا ابتهالاً *** شرفاً شادَ لحنَه إنشائي
و كسا الأرضَ بهجةً و رخاءً *** من جلالِ الوليدةِ الحوراءِ
فاضَ منها علي البرية نورٌ *** ملأَ الكونَ بالسَّنا الوضاءِ
من سيرقي سُموَّها و عُلاها *** و هي شمسٌ قد أزهرتْ بسناءِ
فيطيبُ القصيدُ فيها نَسيِماً *** أحمدياً بمُهْجتي و غنائي
ص: 170
حين راح الشعورُ يغمرُ حباً *** و ولاءً بفرحة الأصفياءِ
إن يوم الزهراء تسعدُ فيه *** أمة الحق و الهدي بحباءِ
و زهورُ الزهراءِ تورق نشوي *** زاهراتٍ بالروضة الغناءِ
تتناغي تألقاً و انسجاماً *** شدها الشوق في جميل اللقاءِ
و طيور البطحاء ترقص عشقاً *** في زغاريد لحنها الحسناءِ
فهو عيدٌ لفاطمَ تهدي *** صلواتٌ فاضت بكل عطاءِ
***
بنتُ طه قد نوَّرت في سمانا *** قبساتٌ من فيضها بجلاءِ
لاحُ منها فجرٌ تبسَّم فيه *** قمرٌ شعَّ في سما الظلماءِ
وببيتُ الإيمانِ نجمان منها *** قد أطلّا من نفحةِ الأوصياءِ
فرعُ ذاك الوصي سبطا نبيِّ *** جاءَ بالحقِ خاتم الأنبياءِ
و كذا زينبٌ عقيلةُ طهر *** كأبيها في قمةِ البُلغاءِ
و هي فيها من أُمِّها نبضاتٌ *** في جهادٍ و رفعةٍ و وفاءِ
في تُقاها كانتْ لأمٍ بتول *** و أبٍ كان سيد الأتقياءِ
أخذتها كرامة و اتصالاً *** باقتداء من آلها الأصفياءِ
باركُوا اليوم للبشيرِ سروراً *** حلِّ فيه بمولدِ الزهراءِ
ص: 171
(بحر الخفيف)
الأستاذ عباس مرتضي عيّاد العاملي(*)(1)
مُزْقِي صَمْتَ أَحْرُفِي وَ اَلسَّمَاءَ *** وَ اسْكُبِي اَلشَّعْرَ فِي دَمِي وَ اَلضِّيَاءَ
وَ انْثُرِي غَابَةَ اَلْجَرَّاحِ بِرُوحِي *** وَ أَحِيلِيهَا دوحةً خَضْرَاءَ
لَكَ حَرْفُ اَلْقَصِيدِ يَنْشُرُ فَرْعَيْهِ *** فَيَكْسِي نِصَارَةً وَ بَهَاءَ
يَتَغَاوَيُ عَلَيَّ صِفَافِ اَلْمَعَانِي *** وَ هِيَ نشوي، وَ يَغْمِزُ اَلْعَيَاءَ(2)
وَ يَشِفُّ الْحَرْفَ الْحَرُونَ لَعِيَّاك *** وِلَاءٌ يَسِيلُ فِيهِ صَفَاءَ(3)
فَيَرِقُّ اَلْإِلَهُ فِي جَامِ قَلْبِي *** لِأُغْنِّي الصدِّيقَةَ اَلزهْرَاءَ(4)
هَفهفِي يَا أَمِيرَةَ اَلْعِفَّةِ اَلسَّحَاءِ *** فِي مَرْتَعِ اَلْجَلاَلِ اِنْتِشَاءَ
ص: 172
مَا عَفَافُ اَلنِّسَاءِ؟ مَدْي لِلْعَفِّ *** يَكْسُو عُرْيَ اَلزَّمَانِ حَيَاءَ
يَتَمَادِي مَعَ اَلخُلُودِ رُؤُاهُ *** بِالنَّوَامِيسِ مُخْصَبَاً مِعْطَاءَ
الْقَداَسَاتُ أَنْتِ صُغْتِ هُدَاهَا *** فَهِيَ أِنْدِي ظِلاًّ وَ أَبْهِي سَنَاءَ
أَنْتِ فَيْضُ اَلْوُجُودِ يأتلِقُ اَللَّهُ *** بِبُرْدَيْكِ مُشرِقاً وَضَاءَ
أَنْتَ أَمُّ اَلْوَقَارِ بَلْ أَمُّ طه *** ذَابَ فِيهَا حُبّاً وَ ذَابَتْ وَفَاءَ(1)
ص: 173
هَامَ فِي وَحْشَةِ اَلْحَنَّانِ طَوِيلاً *** فَجَلَوْتِ الأُمُومةَ اَلشِّمَّاءَ(1)
وَ حَبَاهُ(2) اَلْإِلَهُ نُعَمِي اَلْبَنَوَّاتِ *** فَكُنْتِ الريحانةَ الْحَوْرَاءِ(3)
هَاكِ مِيلاَدَكَ اَلسَّنِيَّ فَيَا قَلْبُ *** دَعِ الشَّمْسَ تَحْجُبِ الْآلاءَ
إِنَّ قَلْبَ اَلرَّسُولِ يَبْتَسِمُ بهِ *** بَعْدُ هَلْ تَرِي ظَلماءَ
هاكِ مِيلادَكِ اَلنَّدِيَّ يَمُدُّ *** اَلطُّهْرُ ظِلاًّ بِرَبْعَةِ كَيْفَ شَاءَ
ص: 174
وَ رَبيعُ العَفافِ يُتَّلِعُ(1) جَيِّداً(2) *** وَ يَزِفُّ اَلْأَنْدَاءَ وَ اَلْأَشِدَّاءَ
هَاكِ مِيلاَدُكِ اَلزُّهْيَّ تُهادِي *** فِيهِ حَوَّاءُ مَريَمَ اَلْعَذْرَاءَ(3)
يَسْتَبِيحُ اَلْخَيَّالُ سِحْراً نَدِيّاً *** فَيُثِيرُ القَصائِدَ العَصْمَاءَ
إِيه أُمَّ الْحُسَيْنِ مَا فَتِيءَ اَلرَّفْضُ *** دَماً يَجْرِي فِي الْعُرُوقِ إِبَاءَ
وَ تَشَكِّي الْمَيْدَانُ مِنْ غُرْبَةِ اَلشَّوْطِ *** فَخُضْنَاهُ غَضْبَةً وَ اِنْتِخَاءَ
هَكَذَا دَأْبُنَا... نُنَاغِي دِمانَا *** وَ يُنَاغِي(4) عَدُوُّنَا اَلصَّهْبَاءَ(5)
أَسْكَرَتْهُمْ ثَمَالَةُ الصَّمْتِ ذُلاً *** فَجَلَوْنَا الْحُرِّيَّةَ الْحَمْرَاءَ
مَرْحَباً يَا أَسِي اَلْكَرَامَاتِ مَا انفَكَّ *** عُلانَا يُنَادِمُ اَلْأَرِزَّاءَ
نَحْنُ نَسْلُ الجِراحِ لَسْنَا نُبَالِي *** بِالَّذِي جِئْتَ لَوْعَةً وَ شَقَاءَ
قَدعَرَفْنَا عَلَي حَوَاشِيكَ لِلنَّصْرِ *** زَهَاءً وَ لِلْعِمْرَاكِ صَفَاءَ
إِنَّنَا فِي يَدَيْكَ نحْفِرُ شَمْسَ اَلْمَجْدِ *** حَفَراً وَ نَبْهَرُ اَلظَّلْمَاءَ
ثُمَّ مَا هُمَّ أَنْ تُنِيرَ دُرُوباً *** أَنْفُسٌ قَدْ هَوَتْ بِهَا شُهَدَاءَ
مِنْ دِمَاهُمْ لِلْخُلْدِ نُبْدِعُ فَجْراً *** كَانَ فِيهِ أُفُقُ اَلْفِدَاءِ مُضَاءَ
إِنَّنَا فِيهِمْ بَلَغْنَا مُنَانَا *** وَسَقَيْنَا سَمْعَ اَلْمَعَالِي صَدَاءَ(6)
كَذَبَ اَلْقَبْرُ لَيْسَ فِي اَلْقَبْرِ مَوْتٌ *** حُجُبُ اَلْغَيْمِ لاَ تُمِيتُ ذكاءَ(7)
زَرَعُوا فِي التُّرَابِ وَ التُّرَبُ خِصْبٌ *** وَحَصَدْنَا الكرامَةَ اَلشِّمَاءَ
تِلْكَ عَادَاتُنَا، فَإِمَّا حَيَاةٌ *** مُدَّ فِيهَا شُمُوخُنَا اَلْأَفْيَاءَ
ص: 175
تَتَفَانَيَ قُلُوبُنَا فِي هَوَاهَا *** أَوْ نَرَي اَلْمَوْتَ عَادَةً حَسْنَاءَ
يا ابْنَةَ الْمُصْطَفَي وَ عِنْدَكِ وَافَانِي*** فَأَشْرَفْتُ كَيْ أَزُفَّ الْوَلاءَ
أَتَحَدَّي بِهِ خُطُوبَ اللَّيَالِي *** وَ أُضِيءُ اَلْخَوَاطِرَ اَلسَّوْدَاءَ
وَ عَلَي مُقْلَتِيَّ عَربَدَ لَيْلٌ *** جَامِعُ اَلرُّعْبِ فَاسْكُبِي اَللَّأْلاَءَ
وَ مَرَايَا اَلْجَبِينِ تَعْكِسُ أَلْوَانَ *** انْزُوَائِي فَهَلْ كَشَفْتِ انزواءَ
أَرْهَفَتْنِي مَسَالِكُ الْعُمْرِ حَتِّي *** جِئْتُكِ الْيَوْمَ أَغْسِلُ الْإِعْياءَ(1)
ص: 176
ماذا أَقُولُ بمولدِ الزَّهراءِ *** فهيَ البتولُ ومنتهي العلياءِ
صاغَ الإلهُ من الجلال كيانها *** فَتَأَلَّقْتْ تسمُو علي الجوزاء
هيَ عفةً و نزاهةً و قداسةً *** تمشي علي أرضٍ من اللألاء
لولا عليُّ ينبرِي لزواجِها *** ما صادَفَتْ أحداً من الأكفاءِ
نوران قد قَرَنا فؤاداً بهجةً *** غَمَرا الوجودَ بمشرقِ الأضواءِ
والكُلُّ مفتقرٌ إلي نوريهما *** حتي الذي في الصخرةِ الصمَّاءِ
سرَّ تقاصَر عن بلوغِ قراره *** فكرٌ الحصيفِ و حكمةُ الحكماءِ
كلّا و لا أهلُ الكلامِ و من لَهُمْ *** وَلَعٌ بحبِّ تفلسفِ الآراءِ
قَدْ خاطبَ النعمانُ يوماً جعفراً *** و هوَ المعينُ لحكمةٍ وعطاءِ
ارجعْ لربِّك يا بن ثابتَ تائباً *** فالدينُ ليسَ بقولةِ العقلاءِ
لا وجهَ تذهبُ للقياسِ مقارناً *** إن القياسَ مقالةُ السفهاءِ
فهناكَ أسرارٌ لعمرِي جمة *** تبقي رهينةَ محبسٍ و غطاءِ
و عليُّ و الزهراءُ أعظمُ ملغزاً *** و عميقُ سرِّ موغلٍ بجفاءِ
فهما شعاعُ القدسِ من ملكُوِتها *** ليمدّ كُلَّ عوالِمِ الأحياءِ
دعْ عنكَ كلَّ تحذلقٍ و تمنطقٍ *** و اتركْ حديثَ مقالةِ العُلماءِ
أتراكَ تدركُ سرّهم و مقامهم؟ *** جنبْ قواكَ مغبة الإعياءِ
أتظنُ زهراءَ الأنامِ كغيرها *** ممن وُلِدْنَ لأُمِّنا حواءِ؟
ورددتْ قولي إنّها من آدمٍ *** و الأصلُ يُنْمي للثري و الماءِ
فأجبتهُ أو ما دريتَ بفاطمٍ *** أنسيةٌ من معدنِ الحوراءِ؟
هي شعلةُ النورِ المبينِ توهجاًّ *** لتزيحَ عنا حندسَ الظَلماءِ(1)
فبِها و شِبلَيْها اللذين تَوَقَّدا *** بدراً بليلِ غمائمِ الأهواءِ
ص: 178
للصح مَالَ زَكيُّهَا لِيَصُونَهَا *** مِمَّا أُتِيَ مِنْ زُمْرَةِ الطُلَقَاءِ
أَمَّا دِمَاءُ أَبِي عَلِيِّ إنهَا *** تَدْعُوا لِكُلِّ فَضْلِيَّةٍ و علاءِ
وَ بِبَعْلِهَا اَلزَّاكِي اَلرَّشِيدِ صِرَاطُنَا *** لِنَكُونَ مِنْ أَهْلِ الحِجا السعَدَاءِ
وَ بِأَحْمَدَ اَلْهَادِي اَلْأَمِينِ نَبِيِّنا *** أَزَكي الخَلِيفَةِ خَاتَمِ اَلْأُمَنَاءِ
لِتَتِمَّ فِي يَوْمِ اَلْحِسَابِ نَجَاتُنَا *** رَغْماً عَلَيَّ أَهْلِ اَلْعُمْيِ اَلْأَعْدَاءِ
ص: 179
يا زائراً أرضَ البقيعِ وصيَّةً *** عني تُقبِّلُ تربةَ الزهراءِ
فإذا تشابَهتِ القبورُ بعطرِها *** فَتَتَبَّع التعريفَ بالأرزاءِ
كلُّ الأئمةِ حولَها قد غُيِّبُوا *** بالسُّمِّ و هيَ بغُصَّةٍ و جَفاءِ
عَفِّر خُدودَكَ بِالتُّرَابِ فَرُبَّمَا *** أُفْضِي إِلَيْكَ بِفَادِحِ اَلْأَنْبَاءِ
قَبْرُ الْبَتُولَةِ لَوْ شَمِمْتَ تُرَابَهُ *** أَشْجَاكَ صَوْتٌ مُفعَمٌ ببكاءِ
أَبَتَاهُ قَوْمُكَ مَا وَفَوْا بِوَصِيَّةٍ *** أَبَتَاهُ بِعْدَاكَ أَيْتَمُّوا أَبْنَائِي(1)
قَادُوا اِبْنُ عَمِّي كَالْأَسِيرِ أَمَامَهُمْ *** وَ أَجَابُوا بِالشَّتْمِ الْفَظِيعِ نِدَائِي
خَلُّوا اِبْنَ عَمِّي أَوْ لَأَكْشِفَ لِلدُّعا *** رَأْسِي وَ أشكُو لِلْإِلَهِ بَلائِي(2)
كَسَرُوا ضُلُوعِي وَ الْجَنِينُ بِعَصْرَةٍ *** قَدْ أَسْقَطُوهُ وَ لَوَّعُوا أَحْشَائِي
رَكْلاً وَ ضَرْباً بِالسِّيَاطِ وَ أَحْرِقُوا *** دَارِي فَهَلْ أَوْصَيْتَ فِي إِيذَائِي؟
ص: 181
(بحر المتدارك)
الشيخ عبد الستار الكاظمي (*)(1)
فِي قَلْبِي حُبُّ اَلزَّهْرَاءِ *** يُنْجِينِي مِنْ كُلِّ بَلاَءِ
فِي رُوحِي كَنْزٌ لَوْلاَءٍ *** بَاقٍ فِي مُدِّ اَلْإِبْقَاءِ
أَسْمَاءُ اَلطُّهْرِ مَعَانِيهَا *** طَالَتْ عِرْفَانَ اَلْحُكَمَاءِ
هِيَ نُورٌ نُبُوِّيُّ صِيغَتْ *** فِي بَدْءِ زَمَانِ اَلْإِنْشَاءِ
ص: 182
فَالْإِنْسِيَّةُ فِي مَوْلِدِهَا *** حَوْرَاءُ جِنَانٍ خَضْرَاءِ(1)
أُمُّ أَبِيهَا شَمْسُ هُدَاهَا *** تُشْرِقُ مِن بُرْجِ الْعَلْيَاءِ
فِي مَكَّةَ مِن نُورٍ وُلِدتْ *** زَهْراءٌ أَيَّةُ زَهراءِ(2)
شَرَّفْتِ اَلدُّنْيَا فِي مَجْدٍ *** أُحْيِي دَائِرَةَ اَلْأَحْيَاءِ
أُولاَهَا ذُو اَلْعِزَّةِ قَدْراً *** يَتَسَامَي فِي طِيبِ نَقَاءِ(3)
بَقِيَتْ فِي مَعْنَاهَا فَرْداً *** قُرْآنِياً فِي اَلْآلاَءِ(4)
جَوْهَرَةُ الْأَسْمَاءِ الْحَسَنِي *** فِيها أَسْرارُ الْأَسْمَاءِ
وَ عَلَيْهَا يَا رَبِّ صَلِّ *** فِي كُلِّ صَبَاحٍ وَ مَسَاءِ
ص: 183
روي عبد الله بن الحسن بإسناده عن آبائه، أنه لما أجمع أبوبكر
ص: 184
علي منع فاطمة فدك و بلغها ذلك:
رُوِيتْ مَسْنُودَةً دُونَ خَطَاءِ *** عَنْ كَرِيمٍ مِنْ سَلِيلٍ الْكُرمَاءِ
هُوَ «عِبْداللَّهِ وَ اِبْنُ اَلْحَسَنِ» *** نَسَبٌ كَالشَّمْسِ مِن دُونِ خَفَاءِ
قَدْ رُوِيَ: مُسْتَنِداً عَنْ فِدَاكٍ *** قِصَّةَ اَلْغَدْرِ وَ آثَارَ اَلْجَفَاءِ
سَانِداً ذَاكَ اِلي آبَائِهِ *** وَ هُمْ فِي النَّقْلِ نِعَمَ الْأُمَنَاءِ
إِنَّهُ قَدْ أَجْمَعَ «الصَّديقُ» فِي *** أَمْرِهِ مَنْعُ اَلْبَتُولِ مِنْ حِبَاءِ
فَدَكِ أَرْضٌ حَبَاهَا سَيِّدٌ *** بِنْتِهِ اَلزَّهْرَاءَ مِنْ خَيْرِ اَلنِّسَاءِ
نَفْلَةٌ كَانَتْ لَهُ خَالِصَةً *** وَ هُوَ عِنْدَاللَّهِ خَيْرُ اَلْأَنْبِيَاءِ(1)
أَبْلِغُوا فَاطِمَةَ فِي مَنْعِهَا *** فَدَكاً مِنْ دُونِ حَقِّ أَوْ رِعَاءِ
لاثت خمارها علي رأسها و اشتملت بجلبابها و أقبلت في لمة من حفدتها و نساء قومها، تطأ ذيولها، ما تخترم مشيتها مشية رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. حتّي دخل علي أبي بكر و هو في حشد من المهاجرين و الأنصار و غيرهم.
عِنْدَهَا لاثَتْ خِمَاراً وَسَعَتْ *** فِي اشتمال زانَها ثَوْبُ النَّقاءِ
أَقْبَلَتْ فِي لُمَةٍ قَدْ ضَمَّهَا *** خَيْرُ أحفادٍ وَ مِن خَيْرِ النِّسَاءِ
سَتَرَتْ نَفْساً وَ أَبْدَتْ عِفَّةً *** تَطَأُ الْأَدْيَالُ صَوْتاً لِلْحَيَاءِ
لَايَجِدُهَا طَاعِنٌ فِي مَشْيَةٍ *** دُونَ أَنْ يَصْدِرَ عَهْداً بالبراءِ
مِشيَةٌ مَا تَخْتَرِمْ كَيْفِيَّةً *** عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ مِنْ دُونِ اِقْتِفَاءِ
دَخَلَتْ حتي تَدَانَتْ فَاطِمٌ *** مِنْ «أَبِي بَكْرٍ» بَعْزَّ وَ إِبَاءِ
وَ هُوَ قَدْ كَانَ بِحَشَدٍ هَاجَرُوا *** وَ بِهِمْ مَنْ نَاصِرُوا دِينِ اَلسَّمَاءِ
فنيطت دونها ملاءة، فجلست ثمَّ أنَّت أَنَّةً أجهش القوم بالبُكاء،
ص: 185
فارتجَّ المجلس، ثمَّ أمهلت هنيئة، حتي إذا سكن نشيج القوم و هدأت فورتهم. إفتتحت الكلام بحمد الله و الثّناء عليه،
فَأُنِيطَتْ دُونَ بِنْتِ اَلْمُصْطَفِي *** بِمُلاَءَاتٍ أحالَتْ عَنْ تَرَاءِ
جَلَسْتْ هَوْناً... وَ أَنَّتْ أَنَّةً *** أَجْهَشَ اَلْقَوْمُ جَمِيعاً بِالْبُكَاءِ
وَ لَهَا اِرْتَجَّتْ زاوياً مَجْلِس *** كَادَ مِنْهَا يَنْطوِي صَرْحُ اَلْبِنَاءِ
أَمْهَلَتْ أُمُّ أَبِيهَا لَحْظَةً *** لِتُقِرَّ اَلنَّاسَ فِي حِينِ اِسْتِوَاءِ
سَكَنَ اَلْقَوْمُ وَ مِنْ أنشجةٍ *** تَرَكَتْ فِي اَلْقَلْبِ آثَارَ اَلْعَياءِ
هَدَأَتْ فَوْرَتُهُمْ مِنْ مُعْضِلٍ *** وَ كَأَنَّ اَلنَّارَ رَشَّتْهَا بِمَاءِ
بَدَأَتْ فَاطِمَةُ فِي قَوْلِهَا *** تَحْمِدُالِلَّهَ وَ تُضْفِي بِالثَّنَاءِ
و الصلاة علي رسوله، فعاد القوم في بكائهم، فلمَّا أمسكوا عادت في كلامها، فقالت عليه السلام: الحمدلِلَّهِ علي ما أَنعم و له الشكر علي ما ألهَمَ و الثّناء بما قدَّم، من عموم نعمٍ ابتدأها و سبوغ آلآءٍ أسداها.
ثُمَّ صَلَّتْ بَعْدَهَا ذَاكِرَةً *** خَيْرَ مَبْعُوثٍ، رَسُولَ الْأُمَنَاءِ
فَإذَا اَلْقَوْمُ أَعَادُوا فِي اَلْبُكَا... *** بَعْدَ أن فَلَّ بِهِمْ عَزْمُ اَلرُّغَاءِ
أَمْسكُوا... عَادَتْ وَ فِي خُطْبَتِهَا *** هِيَ قَدْ قَالَتْ وَ هَمَّتْ فِي دهَاءِ
نِعَمٌ... أَحْمَدُ رَبِّي وَ لَهُ الشُّكرُ *** عَلَي الهامِهِ مِلْءَ الجَواءِ
و با قَدَّمَ رَبِّي أَسَدِهِ *** لِعُمُومِ نِعَمٍ حَمْدَ اَلرَّجَاءِ
نِعَمٌ رَبِّي ابْتَداهَا رَحْمَةً *** مِنْهُ لِي دائِمَةً مُنْذُ ابْتِدَاءِ
وَلَالَاءٍ أَتَتْ سَابِغَةٌ *** رَبِّي أَسْدَاهَا وَ مِنْ دُونِ خَفَاءِ
و تمام مننٍ والاها، جمَّ عن الإحصاء عددها و نأي عن الجزاء أمدها و تفاوتَ عن الإدراك أبدها و ندبهم لاستزادتها بالشكر لاتِّصالها،
مِنَنٌ تَتْري وَ رَبِّي رَبُّها *** هُوَ قَدْ تَمَّمَها لِي بِالْعَطاءِ
مِنَنٌ تَكْثُرُ فِي إِحْصَائِهَا *** عَدَدَ اَلْأَرْقَامِ مِنْ دُونِ اِحْتِوَاءِ
ص: 186
مِنَنٌ نَائِيةٌ حَتِّي غَدَتْ *** هِيَ فِي اَلْآمَادِ تَنْأَي عَنْ جَزَاءِ
مِنَنٌ مَاحِضَةٌ فِي غَوْرِهَا *** لَيْسَ تُدْرِكُهَا أَسَارِيرُ الذَّكَاءِ
مِنَنٌ بِالشُّكْرِ تَنْمُو سَعَةً *** وَ هِيَ تَزْدَادُ نَمَاءً فِي اَلْأَدَاءِ
نَدَبَ اَللَّهُ لَهَا مَنْ يَبْتَغِي *** وَ ارْفَ الْخَيْرِ وَ مِدْرارَ النَّماءِ
أَنْ يُؤَدِّيَ اَلشُّكْرَ إِذْ فِي شُكْرِهِ *** سَيَزِيدُ اَللَّهُ مِنْ النَّعماءِ
و اسْتحمد إلي الخلائق بإجزالها و ثني بالنّدب إلي أمْثالها و أشهد أنّ لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ وحده لا شريك له. كلمةٌ جعل الإخلاص تأويلها و ضمَّن القلوب موصولها. و أنار في التفكير معقولها الممتنع من الأبصار رؤيته،
وَ هُوَ اَللَّهُ الَّذِي أَسْتَحْمَدَهَا *** فِي ضَمِيرِ الْخَلْقِ مَؤْفُورَ الْإِتَاءِ
وَ ثَن بِالنَّدْبِ فِي أَمْثَالِهَا *** لِيَكُونَ اَلْخَيْرُ مِنْهُمْ فِي حِذَاءِ
ثُمَّ قَالَتْ فَاطِمٌ فِي قَوْلِهَا: *** «كَلِمَةُ التَّوْحيدِ» تَجْسِيدُ اَلرِّفَاءِ(1)
جَعَلَ اَلْإِخْلاَصَ فِي تَأْوِيلِهَا *** مَنْ لَهُ اَلْأَمْرُ و آثَارُ اَلْقَضَاءِ
ضَمَّنَ اَلْقَلْبَ وَ مِنْ مَوْصُولَهَا *** وَحَّدُوهُ وَ اسْتَلانُوا لِلرِّضَاءِ
وَ أَنَارَ اَلْفِكْرَ فِي مَعْقُولِها *** وَ لَهُ دَانَ جَمِيعُ الْعُقَلَاءِ
وَ هُوَ الْمُمْتَنِعُ عَنْ رَوِيَّةٍ *** تَعْجِزُ اَلْأَبْصَارُ إِدْرَاكَ اَلسَّنَاءِ
ومن الألسُنِ صفته و من الأوهام كيفيتّه، إبتدع الأشياء لا من شيءِ كان قبلها و أنشأها بلا احتذاء أمثلةٍ إمتثلها، كونها بقدرته و ذرأها بمشيَّتِهِ ، من غير حاجةٍ منه إلي تكوينها و لا فائدةٍ في تصويرها، وَ أَكَلَ اللَّهُ عَنْ أَوْصافِهِ *** أَلْسُنَ الْخُلُقِ وَ أَوْتارَ الْحَوَّاءِ
وَ مِنَ الْأَوْهَامِ عَنْ كَيْفِيَّةٍ *** قَدْ تَعَالَي... فَهُوَ فَرْدٌ فِي الْعَلاءِ
ص: 187
أَبْدَعَ اَلْأَشْيَاءَ مِنْ شَكْلَةٍ *** هِيَ كَانَتْ قَبْلَهَا مُنْذُ إبتداءِ
وَ بلاَ أَمْثِلَةٍ أَنْشَأَهَا *** جَلَّ أَنْ يَحْتَاجَهَا فِي الإحتذاءِ
كَوَّنَ الْأَشْياءَ فِي قُدْرَتِهِ *** ذَرَأَ الْأَشْيَاءَ مِنْ دُونِ اقْتِدَاءِ
خَلَقَ اَلْأَشْيَاءَ إِذْ شَاءَ فَلاَ *** حَاجَةٌ مِنْهُ إِلَيْهَا فِي اَلْبَدَاءِ
وَ بِلاَ فَائِدَةٍ صُوَّرَهَا *** فَهْيَ لاَ تُغْنِيهِ شَيْئاً فِي ثَرَاءِ
إلاَّ تثبيتاً لحكمته و تنبيهاً علي طاعته و إظهاراً لقدرته و تعبداً لبرّيته و إعزازاً لدعوته، ثمّ جعل الثّواب علي طاعته،
دُونَ أَنْ يُثْبِتَ فِي حِكْمَتِهِ *** سُنَنَ اَلْخَلْقِ لِفَهْمِ الْحُكَمَاءِ
وَ لِتَنْبِيهٍ عَلَيَّ طاعَتَهٍ *** أَلْهَمَ الأَحْياءَ مَيْسُوءرَ اَلرِّضَاءِ
وَ أَبَانَ وَ هُوَ فِي قُدْرَتِهِ *** لِذَوِي الْأَلْبابِ مَنْظُومَ الرَّقَاءِ
وَ الْبَرَايَا رَامَ أَنْ يَأْتِينَهُ *** عَابِدَاتٍ دُونَ شَكِّ أَوْ رِثَاءِ(1)
وَ لِإِعْزَازٍ لِمَا أَلْهَمَهُمْ *** لدعاويهِ هَداهُمْ فِي الدُّعاءِ
وَ أَعَزَّ اَلْخَلْقِ فِي دَعْوَتِهِ *** وَ بِهَا اَلْإِعْزَازُ رَاسٍ بِالْحَوَّاءِ
جَلَّ اَللَّهُ ثَوَابَ خَلْقِهِ *** إِنْ أَطَاعُوهُ عَلَيَّ قَدرَ الْوَلاءِ
و وضع العقاب علي معصيته، زيادة لعباده من نقمته و حياشةً لهم إلي جنَّتِهِ و أشهد أنَّ أبي (محمداً صلي الله عليه و آله و سلم) عبده و رسوله، إختاره وانْتجبه قبل أن إجتبله و اصْطفاهُ قبل أن ابْتعثه،
وَ لِمَنْ يَعْصِيهِ مِنْهُمْ نَارُهُ *** كعِقَاب مَوْضِعِ يَوْمِ اَلْجَزَاءِ
سَنَّهَا صَوْناً وَ ذُوداً لَهُمَا *** مِنْ نَقَّامٍ طَائِلاَتٍ لِلرِّعَاءِ(2)
وَ حِيَاشَاتٍ لَهُمْ فِي رَحْمَةٍ *** لِجنَانٍ وَاسِعَاتٍ فِي الرَّهاءِ
وَ أَنَا أَشْهَدُ مِنْ أَنَّ أَبِيْ *** أَحْمَدُ اَلنَّاسِ نَبِيُّ الصُّلَحَاءِ
هُوَ عَبْدٌ وَ رُسُولٌ لِلَّذِي *** خَلَقَ الْأَكْوَانَ مِنْ غَيْرِ عَنَاءِ
ص: 188
وَ هُوَ أَخْتَارَ أَبِي مِنْ قَبْلِ أَنْ *** فِي اَلْجَبَلاَّتِ يُوَازَي بِانْتِفَاءِ
وَ اِصْطَفَاهُ قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَهُ *** أَوْ يُسَاوِيهِ نَبِيٌ فِي اِصْطِفَاءِ
إذ الخلائق بالغيب مكنونة و بستر الأهاويل مصونة و بنهاية العدم مقرونة، علماً من الله تعالي بمآئل الأمور و إحاطة بحوادث الدهور و معرفة بمواقع المقدور،
وَ إِذَا اَلنَّاسُ وَ مَا خُلِقُوا *** بِالْمَغِيبَاتِ كُنُونٌ فِي الْخَوَاءِ
وَ بِسِتْرٍ مِنْ أَهَاوِيلِ الْقَنَا ***كَانَ فِيهِ الصَّوْنُ مِنْ حُكْمٍ الْفَنَاءِ
وَ هِيَ كَانَتْ لَمْ تَزَلْ مَقْرُونَةً *** بِنِهَايَاتِ عُدُومٍ فِي خَفَاءِ
وَ لَعِلْمِ اَللَّهِ فِي مَائِلٍ *** لِأُمُورِ اَلْخَلْقِ أُنْدِي فِي اَلرَّخَاءِ
وَ هُوَ الْقَائِمُ فِي إِحَاطَةٍ *** لَيْسَ أَحْدَاثٌ سَتَبْقِي فِي الْخَفاءِ
أَبَدَ اَلدَّهْرِ سِنّاً مَعْرِفَةٍ *** مِنْهُ يَحْوِي مَا بِلِيلٍ وَ ضِحَاءِ
أَوْ بِأَزْمَّانِ أُمُورٍ صَرْفَةٍ *** قَدْ قَضَاهَا قَبْلُ فِي مَحْضِ اَلْقَضَاءِ
ابتعثهُ الله إتماماً لأمره و عزيمةً علي إمضاء حكمه و إنفاذاً لمقادير حتمه، فرأي الأمم فِرقاً في أديانها،
بَعَثَ اَللَّهُ أَبِي فِي دَعْوَةٍ *** وَ بِهِ إِتْمَامُ أَمْرِ السُّفَرَاءِ
وَ أَتَتْ مِنْهُ بِهِ عَزِيمَةٌ *** لِقَضَاءٍ هُوَ إِمْضَاءُ اَلْمَضَاءِ
وَ بِهَا أَمْضِي مَبَانِي حُكْمِهِ *** وَ بَدَتْ شَاخِصَةً لِلْحُكَمَاءِ
وَ لِإِنْفَاذِ اَلْمَقَادِيرِ اَلَّتِي *** هُوَ قَدْ حَتَّمَهَا حَتْمَ الْفَنَاءِ
أَرْسَلَ اَللَّهُ أَبِي «مُحَمَّداً» *** وَ بِهِ ثَارَ عُقُولَ اَلْأَذْكِيَاءِ
حِينَ كَانَ اَلنَّاسُ فِي أَدْيَانِهِمْ *** فِرَقاً يَشْكُّونَ أَمْرَاضَ الْخَوَاءِ
قَدْ رَآهُمْ أُمَماً عَاكِفَةً *** سَبَرُوا فِي اَلغَيِّ أَقْصي اَلْهَدَوَاءِ
عكَّفاً علي نيرانها و عابدة لأوثانها، منكرة اللَّه مع عرفانها، فأنار اللَّهُ
ص: 189
بمحمَّدٍ صلي الله عليه و آله و سلم ظلمها و كشف عن القلوب بهمها و جلي عن الأبصار غممها،
حَيْثُ كَانُوا عُكَّفاً مِن جَهْلِهِمْ *** حَوْلَ أصْنامٍ ومِيقَادِ الصَّلاءِ(1)
أنْكَرُوا اللَّهَ عَلَي مَعْرِفَةٍ *** فَهُوَ فِي إِحجِيَةٍ بَرْقُ اَلْجَلاَءِ
قَدْ تَجَلَّي اَللَّهُ فِي إدراكهمْ *** إِنَّهُ اَلْوَاهِبُ أَنْفَاسَ اَلسَّدَاءِ
فَأَنَارَ اَللَّهُ فِيهِمْ «بِأَبِي» *** ظُلَمَ الشَّرْكِ ضُرَّ الْعَمْيَاءِ
كَشَفَ اَللَّهُ «بفَضْلٍ» بُهَمَاً *** عَنْ قُلُوبٍ مشْقلاتٍ بِالْبَلاَءِ
وَ جَلَي اَللَّهُ عَنِ اَلْأَبْصَارِ فِي *** أُمَم تَاهَتْ بِمَسْتُورِ الْعَيَاءِ
غُمْماً كَانَتْ بِهَا حَائِرَةً *** أُمَمٌ فِي ثِقلِ جَهْلٍ و ضَرَاءِ
و قام في النَّاس بالهداية و بصَّرهم من العماية و هداهم إلي الدَّين القويم و دعاهم إلي الصراط المستقيم، ثم قبضه الله إليه قبض رأفة،
و «أَبِي» قَامَ بِجِدِّ هَادِيَّاً *** يَرْشُدُ النَّاسَ لِأسْبَابِ اَلشِّفَاءِ
و لَقَدْ أَنْقَذَهُمْ مِن هُوَّةٍ *** لِلغَوَاياتِ بِها حَرَّ الطِّلاءِ
وَ بِنُورِ الِلِّهِ قَد بَصَّرَهُمْ *** مِن عَمَّيَّاتٍ... لمِشْكاةِ الضِّياءِ
و هَدَاهُمْ لِطَرِيقٍ وَاضِحٍ *** يَسْعَدُ النَّاسُ بِدِينٍ لِلسَّمَاءِ
وَ دَّعَاهُمْ لِسَبِيلٍ قَيِّمٍ *** لَيْسَ فيهِ ضَرَرٌ لِلعُقَفَاءِ(2)
ثُمَّ إنَّ اللَّهَ مِنْ رَأْفِتهِ *** وَ اخْتِيَارٍ مِنْهُ فَاضٍ بِالرِّباءِ(3)
قَبَضَ اَللَّهُ «أَبِي» فَاخْتَارَهُ *** رَأْفَةً فِيهِ إِلَي أَعْلَي اَلْعَلاَءِ
فمحمَّدٌ صلي الله عليه و آله و سلم من تعب هذه الدَّار في راحة، قد حفّ بالملائكة الأبرار و رضوان الرِّبِّ الغفّار و مجاورة الملكِ الجبِّار،
ص: 190
دُونَ سَخَطٍ مِنْهُ أَو عَنْ غَضَبٍ *** بَلْ بِإِيثَارٍ و شَوْقٍ لِلِقَاءِ
«فَأبِي» مِن تَعَبِ الدُّنْيَا سَلا *** فَهُوَ فِي رَاحَةِ صَفْوٍ و َهْنَاءِ
و هُوَ قَدْ حُفَّ بِأمْلَهِك السَّمَا *** و هُمُ الْأَبْرَارُ حَقّاً... فِي اَلْخَلاَءِ
قَدْ عَلاَ «اَلرُّوْحُ» بِرُوحٍ طَاهِرٍ *** حُفَّ بِالرِّضْوانِ مِن رَبِّ السَّمَاءِ
وَ هُوَ الغَفَّارُ وَ الجَبَّارُ لا *** مَلِكٌ إِلاَّهُ فِي حُكْمِ اَلسَّوَاءِ
«فَأبِي» فِي حِفْظٍ رَبِّ مَاجِدٍ *** فِي ثَوَابٍ رَاتعٍ بَيْنَ الْوِضَاءِ
صَلَّي اللَّهُ علي أبي، نَبِيّهِ وَ أَمينِهِ عَلَي الوَحيِ وَ صَفيِّهِ وَ خِيَرَتُهُ مِن الخَلقِ وَ رَضِيِّهُ و السَّلامُ عَلَيهِ و رَحمَةُ اللَّهِ و َبَرَكاتُهُ
ثُمَّ صَلَّتْ «فاطِمُ» قائِلَةً: *** صَلَوَاتُ الَّه حَاطَتْ بِالْهَوَاءِ
خَصَّهَا اَللَّهُ عَلَي رُوحِ أَبِي *** بَعْدَ أَنْ صَلَّي عَلَيْهِ فِي ثَنَاءِ
فَأَبِي كَانَ نَبْيّاً صَادِقَاً *** وَ أَمِينَ اللَّهِ فِي وَحْيِ اَلسَّمَاءِ
وَصَفِيَّ اللَّهِ فِي الْخَلْقِ و قَد *** خَصَّهُ خِيَرَتُهُ فِي الإرتْضَاءِ
و سَلامُ اللَّهِ يَبْقَي أَبَداً *** «لِأَبِي» فِي كُلِّ صُبْحٍ و مَساءٍ
وَ عَلَيْهِ رَحَمَاتُ اللَّهِ قَدْ *** نَزَلَتْ لَيْلاً و سَادَتْ لِلضَّحَاءِ
وَ حُوتُهُ بَرَكَاتُ اَللَّهِ فِي *** عَيْشِهِ وَ اَلمؤتَ تَتْرَي للْنَهَاءِ
ثمَّ التفتتْ إلي أهل المجلس و قالت: أنتم -عباد الله- نصب أمره و نهيه و حملة دينه و وحيِهِ،
ثُمَّ قَرَّتْ فَاطِمٌ و الْتَفَتَتْ *** ثُمَّ قَالَتْ لِجُمُوعِ الجُلَساءِ
أَنْتُمْ كُنْتُمْ «عِبَادَ اَللَّهِ» قَدْ *** خَصَّكُم لِلدِّينِ فِي حُكْمِ اَلْفَلاَءِ(1)
نَضَبُ أَمْرِ اللَّهُ مَنْصُوبُونَ فِي *** مِثْلِ هَذَا الْحَالِ رُوَّادَ الإِبَاءِ
و النَّوَاهِي مِنْهُ فِي أغْناقِكُم *** حَيثُ كَتَنُم في حُضُورٍ وَ ثَراءِ
ص: 191
أَنْتُمْ شَاهَدْتُّمُ أَحْكَامَكُم *** فِي نُزُولِ اَلْوَحْيِ مِنْ رَبِّ السَّماءِ
وَحَمَلْتُمْ حُكْمَ دِينِ اَللَّهِ فِي *** سُورِ اَلْقُرْآنِ مِنْ حِينِ اَلنِّدَاءِ
حِينَمَا «جِبْرِيلُ» قَدْ أوحي بِهَا *** «لِأَبِي» أَؤْرَدَكُمْ عَذْبَ اَلرَّوَاءِ
و أمناء الله علي أنفسكم و بلغاؤه إلي الأمم، زعيم حقّ له فيكم، و عهدٌ قدّمه إليكم و بقيّة استخلفها عليكم،
أُمَنَاءُ اَللَّهِ فِي أَحْكَامِه *** كَيْ تُؤَدُّوهَا لِأَيْدِي اَلْأُمَنَاءِ
بَلاَءُ اَلدِّينِ اَللَّنَاسِ بِمَا *** هَوَحَقِّ وَ ائْتِمانٌ لِلإِدَاءِ
أَنتُمْ عاصرْتُمْ اَلْهَادِي اَلَّذِي *** هُوَ قَدْ أَلْزَمُكُمْ عَهْدَ اَلْوَفَاءِ
تَارِكاً فِيكُمْ إِلَيْكُمْ خَلَفاً *** مِثلَمَاخَلَّفَ كُلُّ الأنْبِيَاءِ
و عَلِيِّ كانَ مَعهُوداً لَهُ *** فِيكُمْ إِمْرَةُحَقِّ اَلْأَوْصِيَاءِ
وَ هوعَهْدٌ كانَ قَدْ قَدَّمُه*** لَكُمْ مَنْ كَانَ مَعْهُودَ الْهَنَاءِ
و هَواستخْلَّفَ فِيكُم ثِقَلَهُ *** مَن بِهِم تُحْكُمُ آياتُ الوَلاءِ
كتاب الله الناطق و القرآن الصادق و النور الساطع و الضياءاللَّامع، بيَّنةٌ بصائرهُ، منكشفةٌ سرائره، متجلِّيةٌ ظاهره، مغتبطٌ به أشياعه.
«آلُ بَيْتِ اَلْمُصَطَّفي» مِنْ ثِقَلِهِ *** وَ «كتابِ اللَّهِ» مِن ثِقَلِ السَّمَاءِ
و هَوالنَاطِقُ و الصَّادِقُ لَمْ *** يُخَفَ نُؤْرٌ فيهِ أو نَفعُ الضِّواءِ
وَ هُوَ الضَوءُّ المُضِيءُكُلَّمَا *** ظُلَمْةٌ حَلَّتْ غَزَاهَا بِالضِّياءِ
فِيهِ لِلنَّاسِ بَدَتْ بَيْنَةٌ *** حُجَجُ اَللَّهِ بَصِيرَاتُ اَلْقَضَاءِ
وَ بِهِ اَلْأَسْرَارِمُهُمَا خَفِيتْ ***كَشْفَ اَلرَّبُّ بِهِ سِرَّ الخَفاءِ
وَ لِقَدْجَلَّي بِهِ ظَاهِرُهُ *** و بِه قَدْصِيبَ نَفَعٌ بِالْجَلاءِ
وَ بِه مُغتَبِطٌ أشياعُهُ *** وَبه نالُوا سَعَاداتِ الرِّضاءِ
قائدٌ إلي الرضوان اتّباعه، مؤدِّ إلي النجاة استماعه، به تنال حججُ
ص: 192
اللَّهِ المنوَّرة و عزائمه المفسَّرة و محارمه المحذَّرة و بيِّناته الجالية و فضائله المندوبة،
وَإِلَي «الرِّضْوَانِ» فِي اتِّبَاعِهِ *** قَائِدٌ أَتِبَاعَهِ نَحْوَ الْوِقَاءِ
ومُؤَدِّ لَنَجَاةٍ آكِدٍ*** مِن صَغّي لِلذَّكْرَ، فِي يَومِ الجَزاءِ
و تَنَالُ حُجَجُ اللَّهِ بِهِ *** و بِهَا الأَنْوَارُ شَئِعَتْ في ضَوَاءِ
وَ بِهِ مَا فَرَضَ اَللَّهُ بَدَا *** مِنْ فَرِيضَاتٍ بها عَزْمُ اَلسَّوَاءِ
وَ بِهِ مَاحَرَّمَ اَللَّهُ وَ قَدْ *** حَذَّرَ اَلنَّاسَ بِمَا بَعدَ الفَناءِ
بَيِّناتٌ قدْ بِدَتْ جَالِبَةً *** لِذَوِي الأَفْهَامِ مِن غَيْرِ كِفَاءِ
وَ فَضِيْلَتُ بِهِ مَندُوبَةٌ *** تاقَهَا مَن آثَرُوا دِينَ اَلسَّمَاءِ
و رُخصة الموهوبة و شرائعه المكْتوبة، فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشِّرك و الصّلاة تنزيهاً لكم من الكبر و الزكاة تزكية اللنَّفس و نماءً في الرزق و الصيام تثبيتاً للإخلاص،
رُخَصٌ فيهِ أَتتْ مَؤهُوبَةً **** مِن كَرِيمٍ داحِضٍ ثِقْلِ الْعَنَاءِ
وَ بِهِ ماشَرَّعَ الرَّبُّ زَهَا *** وَغَدَا مَكْتُوبِ حُكْمُ اَلرَّجَاءِ
جَعَلَ اَلْإِيمَانَ تَطْهِيرَاً لَكُمْ *** مِنْ و بَالِ اَلشِّرْكِ فِي هَذَا اَلْوَلاَءِ
وَ صَلاَةً جَعَلَ اَلتَّنْزِيهَ مَنْ ***كِبَرٍ فِيهَا أَمَاناً مِنْ بَلاَءِ
وَ زَكاةً هِي لِلنَّفْسِ غَدَتْ *** لَكُمْ مِنْ كِبَرٍ خَيْرَ اَلشِّفَاءِ
وَ صِيَاماً جَعَلَ اَللَّهُ بِهِ *** عَمَدَ اَلْإِخْلاَصِ رَاسٍ فِي اِسْتِوَاءِ
وَ حَجَّ تَشْيِيدَاً لِلدِّينِ تَنْسيقاً للَّقلوبِ وإِطَاعَتَنَا نِظَاماً للمِلَةِ وإِمامَتَنا أَمَاناً لِلْفُرْقَةِ واجْلِهَادِ عِزّاً لِلإِسْلامِ والصَّبْرَ مَعونَةً عَلَي اسْتِيجَابِ الأَجرِ
وأَدَاءَ الْحَجِّ تَشَيبُّداً بَدَا *** هو لِلذَّينِ بِه حِفْظُ اَلْإِخَاءِ
وَ لِتَنْسيقِ قُلُوبٍ فِضَّةٍ *** سُنَنُ الْعَدْلِ أَتَتْكُمْ لِلْإِدَاءِ
ص: 193
وَلْآلِ الْمُصْطَفَي الطَّاعَةُ قَدْ *** جُعِلَتْ مِنْهَا نِظَاماً لِلْوَلاَءِ
وَ أَمَاناً مِنْ تَنَامِيَّ فِرْقَةٍ *** إِصْطَفَي اَللَّهِ إِمَاماً لاِهْتِدَاءِ
فَلَهُمْ فِي النَّاسِ أَسْمِي طَاعَةٍ *** لِرَسُولٍ وَ إِمَامٍ فِي الْبَدَاءِ
وَ جِهَادُ الْكُفْرِ عِزّاً ظَاهِراً *** فِيهِ لِلْإِسْلامِ فِي نَهْجِ السَّماءِ
وَ لِمَن يُسَلِّمُ لِلَّهِ ومَنْ *** يَسْتَدِيمُ الصَّبْرَ فِي الْبَلاءِ
والأمر بالمعروف مصلحة للعامة و برّ الوالدين وقاية من السخط، وصلة الأرحام منماة للعدد و القصاص حقناً للدماء و الوفاء بالنّذر تعريضاً للمغفرة.
جَعَلَ اَللَّهُ لَهُ مَعُونَةً *** هِيَ بِالْأَجْرِ تَفِي عِنْدَ اَلْعَطَاءِ
وَ لَمْ يَأْمُرْ بِالْمعروفِ فِي *** كُلِّ حَالٍ شادَ صَرْحاً للبنَاءِ
حَيْثُ فِيهِ لِلْعُمُومِ سَعَةٌ *** وَ بِهِ ملصحَةٌ لِلسُّعَداءِ
وَ لِبِرِّ الْوالِدَيْنِ وَ مَنَعَةٌ *** و رِقَايَاتٌ مِنَ اَلسُّخطِ اَلْمُضَاءِ
وَ لِمنْماةِ عَشِيرٍ عَدَداً *** صِلَةُ اَلْأَرْحَامِ سُنَّتْ لِلنَّمَاءِ
وَ لِأَحْكَامِ قِصَاصٍ حِكْمَةٌ *** ي جَاءَتْ حَاقِنَاتٍ لِلدِّمَاءِ
وَ وَفاءَ النَّذْرِ تَغْرِيضاً لِمَنْ *** يَطْلُبُ اَلْغُفْرَانَ مِنْ رَبِّ اَلسَّمَاءِ
و توفية المكاييل والموازين تغييراً للبخس و النهي عن شرب الخمر تنزيهاً عن الرجس و اجتناب القذف حجاباً عن اللعنة و ترك السرقة إيجا باًل للعفة و حرَّم الشَّركَ إخلَاصاً له بِالرُّبوبية، فاتّقوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ و لاتَموتنَّ إلا وَ أنتم مسلِمون.
وَ وَفَاءَ اَلْكَيْلِ وَ اَلْمِيزَانِ قَدْ *** جَاءَ تَغْيِيراً لِبَخْسٍ وَ رِمَاءِ(1)
وَ لِتَنْزِيهِ عَيْنُ اَلرِّجْسِ نَهَي *** عَنْ شَرَابِ اَلْخَمْرِ دَفْعاً لِلْعَيَاءِ
وَ اجْتِنَابِ القذفِ سِتْراً صَائِناً *** عَنْ لِعَانٍ و هِيَ صَوْناً لِلنِّسَاءِ
ص: 194
وَ لِتَرْكِ اَلسَّرِقَةِ اِخْتَارَ لَهَا *** حِكْمَةَ اَلْإِيجَابِ فِي عَفِّ الروَاءِ
حَرِّمَ اَلشِّرْكَ لِإِخْلاَصٍ لَهُ *** بِالرُّبُوبِيَّةِ فِي آيِ اَلسَّمَاءِ
فَاتَّقُوا اَللَّهَ عِبَادَ اَللَّهِ فِي *** كُلِّ حَالٍ؛ حَقَّ تَقْوَي فِي الْخَلَاءِ
إِرْتَضَي الْإِسْلامِ دِيناً لَكُمْ *** لاَتَمُوتُنَّ عَلَي غَيْرِ اهْتِدَاءِ
وَ أطيعوا الله فيما أمركم به و نهاكم عنه، فإنه إنّما يخشي الله من عباده العلماء.
وَ أَطِيعُوا اَللَّهَ فِيمَا جَاءَكُمْ *** فِيهِ مِنْ أَمْرٍ ونَهْيٍ فِي ارْتِضَاءِ
إِنمَايَخْشَاهُ عَبْدٌعالِمٌ *** نَاسِكٌ فِي كُلِّ شَأْنٍ بِاتِّقَاءِ
ص: 195
ثم قالت: أيها الناس! إعلموا إنِّي فاطمة عليها السلام! و أبي محمد صلي الله عليه و آله و سلم، أقول عوداً و بدءاً و لا أقول ما أقول غلطاً و لا أفعل ما أفعل شططاً(1)، لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتم حريصٌ عليكم؛
ثُمَّ قَالَتْ أَيُّهَا اَلنَّاسُ اِعْلَمُوا *** إِنَّنِي فاطمةٌ قَوْلَ مَضَاءِ
وَ أَبِي الْهَادِي الْبَشِيرُ أحمَد *** أشْرَفُ الْخَلْقِ بِأَرْضٍ وَ فضَاءِ
وَ أَقُولُ فِيهِ عُوداً وَ إِذَا *** قُلْتُ كَانَ الْعُؤَدُ فِيهِ كَابْتِدَاءِ
لاَ أَقُولُ مَا أَقُولُ غَلَطاً *** أَوْ بِفِعْلٍ شَطِّ مِني فِي ازدِهَاء
فَلِقَدْ جَاءَ رَسْؤُلٌ لَكُمُ *** هُوَمِنْ أَنْفُسَكُمْ مُنْذُ اِبْتِدَاءِ
وَ عَلَيْهِ مَا غَنْتُّمْ عِزَّ فِي *** كُلِّ مَامِنِهُ أَتَاكُمْ مِنْ شَقَاءِ
حِرْصِهُ عَلَيكُم وَ لَكُم *** لِتَكُونُوا سادَةً في الإِرتِقَاءِ
بالمؤمنين رؤوف رحيم، فإن تعزوه(2) و تعرفوه تجدوه أبي دن نسائكم و أخا ابن عمَّي دون رجالكم و لنعم المَعزيُّ إليه صلي الله عليه و آله و سلم فبلَّغ بالرّسالة،
وَ رَؤُوفٌ وَ رَحِيمٌ كَانَ بِالا*** مُؤمِنينَ حاملاً وَحْيَ السَّمَاءِ
ص: 196
إِنْسبُوهُ تَعْرِفُوهُ عِلْماً *** هو في كُلِّ عُلْوِّ وَ مَضَاءِ
تَجِدُوهُ فِي اَلْمَسَانِيدِ أَبِي *** نَسَبٌ لِي هُوَمِنْ دُونَ النِّسَاءِ
و لِقَذْكَانَ اخَاهُ لِلْمُرْتَضَي *** و هُوَ مِن دُونِ الرِّجَالِ فِي إِزَاءِ
«يَوْمَ آخاهُ» وَ لَمْ يَصْلُحْ لَهُ ***كُفواً إلاَّهُ في يَوْمِ الإِخاءِ
و لنِعمَ العَبْدُ و الْمُغْرِيُّ لَهُ *** إِذْكَالشَّمْسِ نُورُ اَلْإِنْتِمَاءِ
فَرَسُولُ اَللَّهِ قَدْبَلَغَ مَا *** قُدْتَلَقَاهُ بِإِيحَاءِ اَلسَّمَاءِ
صادعاً بالنِّذارة(1)، مائلاً علي مَدرَجَة المشركين، ضارباً ثبجهم،(2) آخذاً بأكظامهم،(3) داعياً إلي سبيل ربّه بالحكمة و الموعظة الحسنة، يكسر الأصنام و ينكتُ الهامَ، حتي انْهزمَ الجمع،
أَظْهُرِ الإِنْذَارَ والتَّخْوِيفَ فِي ***كُلِّ حَالٍ صَادِعاً دُونَ اخْتِفَاءِ(4)
مَائِلاً كَانَ عَلَي مُدْرَجَةٍ *** شادَهَا الشِّركُ بِظُلْمٍ و عَنَاءِ
ضَارِباً لِلْمُشْرِكِينَ ثَبَجَهُمْ *** آخِذاً مِنْهُمْ بِأَكْضَامٍ بِذَاءِ
دَاعِياً كَانَ أَبِي فِي حِكْمَةٍ *** لِسَبِيلِ رَبِّهِ دَغْوَي اِهْتِدَاءِ
وَ دَعَاهُمْ هُو فِي مُؤْعِظَةٍ ***حُسْنُهَا شَادَبِهَا حَتَّي اَلسَّمَاءِ
يَكْسِرُ الاِصِنَامَ كَسَراً مَا حِقاً *** يَنْكُتُ اَلْهَامَ وَ يُلْقِيهِمْ بِدَاءِ
فِي سَبِيلِ اَللَّهِ حَتِّي جَمَعَهُمْ *** هُزِمُوا قَهْراً وَ فِرُّواً مِنْ رَجَاءِ
محضة(1) و نطق زعيم الدَّين و خرست شقاشق(2) شياطين، وطاح و شيظ(3) النفاق و انحلَّت عقد الكفر و الشقاق و فهتم بكلمة الإخلاص و نفر من البيض الخماص،(4)
وَ تَوَلَّوْا ثُمَّ وَلَّوْا دُبُرَهُمْ *** لَيْسَ تُؤْوِيهِمْ مَعَاقِيلُ اَلشَّقَاءِ
ذَاكَ حتي مُذْ تَفَرَّي اللَّيْلُ عَنْ *** صُبْحِهِ فَانْقَادَ كُرْهاً للضِّياءِ
أَسفَرَ الحَقُّ بِهِ عَنْ مَخْضِهِ *** وَ زَعِيمُ اَلدِّينِ يَنْطِقْ فِي سَوَاءِ
عِنْدَهَا قَدَ خْرَسَتْ شِقْشِقَةٌ *** وَ لَقَدْطَاحَ و شَيظٌ فِي عَنَاءِ
عَقْدَ الْكَفْرَبَهْ انْحَلَّتْ كَذَا *** مِنْ خِلافٍ و شِقَاقٍ وخَطَاءِ
و لَقَدَ فَهْتُمْ بِ- «لا» فِي أَلْسُنٍ *** كَلِمَةُ الإِخْلاَصِ فِيهَا كَالذَّكَاءِ
أَنْتُمْ كُنْتُمْ... وَ فِيكُمْ نَفِرٌ *** مِنْ خِمَاصِ النَّاسِ بِيضٌ مِن وَضَاء
و كنتم علي شفا حفرة من النَّار، مذقة(5) الشَّارب و نهزه(6) الطامع و قبسة(7) العجلان و مؤطيءُ الأقدام، تشربون الطّرق(8) و تقتاتون القِدَّ(9) و الورق، أذلة خاسئين، تخافون أن يتخطّفكم النّاس من حولكم،
ومِنَ النَّارِ لَقَدْ كُنْتُم عَلَي *** شُرُفاتٍ مِن شَفَاها في إزاءِ
مُذْقَةُ الشَّارِبِ كُنتُم وَ لِمن *** طامِعٌ فِيكُم نَهيزاتُ الرَّهاءِ(10)
ص: 198
فَبْسَةُ اَلْعَجْلاَنِ كُنْتُمْ وَ لِهمْ *** مُوْطِيءُ اَلْأَقْدَامِ أَصْبَحْتُمْ بِذَاءِ
تَشْرَبُونَ الطَّرْقَ تَفْتَاتُونَ مِنْ *** قَدْ حَيَوَانٍ وَ أوذاقِ إِتَاءِ(1)
قَدْ ذُلِلْتُمْ وَ خَسِئْتُمْ بَعْدَ مَا *** فِي رِيَاضِ الْعِزِّ كُنْتُمْ فِي انْتِشَاءِ
وَ تَخَافُونَ اِخْتِطَافَ النَّاسِ اَنْ *** يَخْطِفُوا مِنْكَمْ حُقُوقاً فِي دَهَاءِ
لَيْسَ مَنْ يُرْجِعُ مَا ضَاعَ لَكُمْ *** وَ هُمْ لاَ يَرْهَبُونَ مِنْ جَزَاءِ
فأنقذكم الله تعالي بمحمد صلي الله عليه و آله و سلم بعد اللّتيّا و الّتي،(2) بعد أن مُنِيَ بِبُهَم الرّجال، و ذؤبان العرب(3) و مردة أهل الكتاب، كلّما أو قدوا نَاراً للحرب أطفأها الله، أو نجم قرنُ الشّيطان،
بِأَبِي أَنْقُدَكُمْ رَبِّي وَ مِنْ *** بِهُدَاهُ اَلْخَلْقِ يَنْجُو بِاقْتِدَاءِ
ذَاكَ مِنْ بَعْدِ اللَّتَيَّا وَ اَلَّتِي *** بَعْدَ أَن كَانَ أَبِي فِي اَلْإِبْتِلاَءِ
قَدْ مُنِّي مِنْ بُهِم اَلنَّاسِ وَ مِنْ *** كُلِّ ذوبَانٍ قُرَيْشِ بِالْعَدَاءِ
وَ عُتَاةٍ مَرَّدٍ قَدْ أَجَّجُوا *** ضِدَّهُ اَلْحَرْبَ بِمَكْرٍ وَ جَفَاءِ
وَ هُمْ مِنْ أَهْلِ أَدْيَانٍ مَضَتْ *** مِنْ يَهُودٍ وَ نصارَي بُلْهَاءِ
كُلَّمَا قَدْ أَوْقَدُوا نَارَ اَلْوَغْي *** أَطْفَا اَللَّهُ لَهُمْ نَارَ اِهْتِدَاءِ
أَوْ إِذَا مَا نَجْمَ فِي أُفُقِكُمْ *** قَرْنُ شَيْطَانٍ بِأَرْضٍ وَ سَمَاءِ
مجتهداً في أمر الله، قريباً من رسول الله، سيداً في أولياء الله.
أَوْ إِذَا مَا فَغَرَتْ فَاغِرَةٌ *** لِقَوِيِّ اَلشِّرْكِ بِهَا مُكْمَنُ دَاءِ
قَذَفَ اَلْهَادِي أَخَاهُ حَاسِماً *** فِي لَهَاةِ اَلْحَرْبِ وَ اَلنَّارِ اَلصَّلاَءِ
أَبَداً لاَ يَنْكَفِيءُ حُتِّي يَطَأُ *** صَمْخَهَا بِالرَّجُلِ مِنْ دُونِ سَدَاءِ
وَ لَهِيبِ اَلْحَرْبِ قَدْ أَحْمَدَهَا *** هُوَ فِي سَيْفٍ بِهِ حُكْمُ اَلسَّوَاءِ
كَانَ مَكْدُوداً بِذَاتِ اَللَّهِ فِي *** أَمْرِهِ مُجْتَهِداً دُونَ ازدِهَاءِ
هُوَ بِالْقُرْبِ قَرِيبٌ إِنَّهُ *** مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فِي حُكْمِ اَلْإِخَاءِ
سَيِّداً كَانَ وَ فِي أَمْرِ اَلسَّمَا *** هُوَ عِنْدَ اَللَّهِ خَيْرُ اَلْأَوْلِيَاءِ
مشمراً ناصحاً، مجداً كادحاً و أنتم في رفاهية من العيش و ادعون فاكهون آمنون، تربصون بنا الدوائر و تتوكّفون الأخبر و تنكصون عند النَّزال و تفرَّون من القتال،
هُوَ قَدْ كَانَ مُجِدّاً كَادِحاً *** نَاصِحاً شِمَّرَ أَكَامَ اَلرِّدَاءِ
فِي رَفَاهِيَةِ عَيْشٍ أَنْتُمُ *** وَ ادِعُونَ فِي صَبَاحٍ وَ مَسَاءِ
فَاكِهُونَ آمِنُونَ كُنْتُمْ *** قَدْ تَرَبَّصْتُم بِنا عَقِبِي الضَّرَّاءِ
قَدْ تَوَكَّفْتُمْ عَلَيَّ اَلْأَخْبَار كَي *** لاَ يَفُوتَنَّكُمُ خُبَرُ اَلْفَنَاءِ
وَ نَكَصْتُمْ فِي النَّزالاتِ وَ كَمْ *** قَدْ فَرَرْتُمْ مِنْ قِتَالِ اَلْأَدْعِيَاءِ
فلمّا اختار الله لنبيه صلي الله عليه و آله و سلم: دار أنبيائه و مأوَي أصفيائه، ظهر فيكم حسكة النفاق، و سَمُلَ جلباب الدَّين و نطق كاظم الغاوين،
ذَاكَ لَمَّا أَخْتَارُ رَبِّي لِأَبِي*** جَنَّةَ اَلْخُلْدِ وَ دَارَ اَلْأَنْبِيَاءِ
ص: 200
جَنَّةُ الفِرْدَوسِ مَأْوَاهُ وَ قُدْ *** خَصَّهُ اَللَّهُ بِمَأْوي اَلْأَصْفِيَاءِ
وَ دَعَاهُ اَللَّهُ لِمَّا اِخْتَارَهُ *** لِلْكَرَامَاتِ أَجَابَ لِلدُّعَاءِ
عِنْدَهَا قُذْ ظَهَرَتْ فِيهِ عَلَي *** آلِهِ اَلْأَطْهَارِ آثَارُ الْجَفَاءِ
فِي عَدَاوَاتِ نِفَاقٍ ظَهَرَتْ *** بِحُسِيْكَاتِ نِفَاقٍ وَ بغاءِ
سَمُلَ اَلدِّينُ وَبَانَ ضَعْفُهُ *** مِن جَلاَبِيبِ اِنْدَارَسٍ وازْدَراءِ
كَاظِمُ الْغَاوِينَ فِيكُمْ قَدْ بَدَا *** نَاطِقاً مِنْ بَعْدِ خَوْفٍ وَ خَفَاءِ
وَ نبغ خامل اَلْأَقلِّين و هدر فنيق الْمبطلِينَ فَخَطَر فِي عرصَاتكُمْ وَ أَطْلع اَلشَّيْطان رأْسهُ من مغرزِه هاتفاً بكم فأَلْفاكم لدعوتهِ مستجيبينَ و للغِرَّة فيه ملاحظينَ ثُمَّ استنهضَكم فوجدَكم خفافَاً،
نَبَغَ خَامِلُ قُلِّ بَيْنَكُمْ *** هُوَ لَمْ يُعْرَفْ بِجَمْعِ اَلنَّبْهَاءِ
وَ فَنِيقُ الْكُفْرِ أَمْسِي هَادِراً *** يَمْلَأُ بِأَصْداءِ اَلْجَوَاءِ
خَطَرَ مِنْكُمْ وَ فِيمَا بَيْنَكُمْ *** بِعِرَاصٍ لَكُمْ بِالْكِبْرِيَاءِ
أَطْلَعَ اَلشَّيْطَانُ مِن معْرِزِهِ *** رَأْسِهُ يَهْتِفُ فِيكُمْ مِنْ إِزاءِ
هُوَ أَلْقاكُمْ لِدَعْواهُ الَّتِي *** قَدْ دَعَاكُمْ مُسْتَجِيبِينَ اَلدُّعَاءِ
وَ لِغَرَّاتٍ لَهُ أَغْرَاكُمْ *** فِيهِ لأحظتُم لَهُ حَسْنَ اَلرِّفَاءِ
ثُمَّ لمَّا للهَوي اِسْتَنْهَضَكُمْ *** وَجَدَ مِنْكُمْ خِفَافاً فِي اَلرَّجَاءِ
و أحمشكم فألفاكم غضاباً، فوسمتم غير أبلكم و أوردتم غير شربكم، هذا و العهد قريب و الكَلِمُ رحيب و الجرح لمّا يندمل و الرّسول لمّا يُقبر، ابتداراً زعمتم خوف الفتنة.
هُوَ قَدْ أَحْمَسَكُمْ فِي أَمْرِهِ *** ثُمَّ أَلْفَاكُمْ غُضَاباً فِي عَيَاءِ
فوسَمْتُم إِبِلاً لَيْسَتْ لَكُمْ *** وَ فَعَلْتُمْ مُنْكَراً فِي الْإِرْتِضَاءِ
ص: 201
وَ لَقَدْ أَوْرَدْتُمُوهَا فَلْتَةً *** غَيْرَ شِرْبٍ لَكُمْ دُونَ دُهَاءِ
ذَاكَ و الْعَهْدُ قَريبٌ وَ بِهِ *** كَلِّمُ الْفَوْتِ رَحِيبٌ فِي رِمَاءِ
وَ بِهِ اَلْجُرْحُ عَمِيقٌ نَازِفٌ *** وَ هُوَ لَمَّا يَنْدَمِلْ مُنْذُ اَلْفَنَاءِ
وَ رَسُولُ اَللَّهِ لَمْ يُقْبَرْ وَ قَدْ *** إنْقَلَبْتُمْ مِنْ وِدَادٍ لِلْجَفَاءِ
و بِداراً قَد زَعَمتُم أَنَّهُ ***كَانَ ما حَلَّ لِخَوْفٍ وَ بَلاَءِ
ألا: في الفتنة سقطوا و إن جهنّم محيطة بالكافرين، فهيهات منكم ! و كيف بكم؟ و أني تؤفكون(1) و كتاب الله بين أظهركم،
فِتْنَةٍ حَلَّتْ... أَلاَ فِي فِتْنَةٍ *** سَقَطُوا فِيهَا عَلَيَّ غَيْرَ اِهْتِدَاءِ
سَقَطُوا فِيهَا وَ إِنَّ اَلنَّارَ قَدْ *** وَرَدُوا فِيهَا إِلَي يَوْمِ الْجَزَاءِ
هِيَ حَاطَتْهُمْ بِضُرِّ دَائِمٍ *** وَ عَذَابٍ وَ ضَرَّاءٍ و شقاءِ
عَجَباً... هَيْهَاتَ مِنْكُمْ مَا جَرِيَ ***كَيْفَ أَقْدَمْتُمْ بِظُلْمٍ فِي عَيَاءِ؟
بِجِنَايَاتٍ أَتَتْنَا غِيلَةً *** كَيْفَ لاَقَتْ بِكُمْ مُنْذُ ابْتِداءِ؟!
كَيْفَ... أَنِّي تُؤْفَكُونَ عَنْ هَدًي *** لِضَلاَلٍ وَ ظَلاَمٍ وَ رِثَاءِ؟!
وَ كِتَابُ اَللَّهِ عزَّ شَأنُهُ *** بَيْنَ ظَهْرَانَيْكُمْ نُورٌ اِهْتِدَاءِ
أموره ظاهرة و أحكامه زاهرة و أعلامه باهرة، و زواجره(2) لايحة و أوامره واضحة و قد خلفتموه وراء ظهوركم،
وَ بِهِ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ظَاهِرٌ *** لاَ ارْتِيابَ فِيهِ أَوْ نَقَصَ الضِّيَاءِ
وَ بِهِ أَحْكَامُهُ زَاهِرَةٌ *** هِيَ كَالنُّورِ كآثَارِ الذَّكَاءِ
ص: 202
وَ بِهِ أَعْلامُهُ باهِرَةٌ *** تَخْطِفُ اَلْأَبْصَارَ أَمْوَاجُ اَلسَّنَاءِ
وَ نَوَاهِيهِ اَلَّتِي تَزْجُرُكُمْ *** عَنْ هَوًي لاَئِحَةٌ لِلْعُقَلاَءِ
وَ بِهِ طَاعَتُنَا ظَاهِرَةٌ *** أَوْضَحَ اَللَّهُ بِهَا أَمْرَ اَلْوَلاَءِ
وَ لَقَدْ خَلَّفْتُمُوهُ رَغْبَةً *** عَنْهُ خَلْفَ اَلظُّهْرِ فِي سِرِّ اَلْخَفاءِ
لَيْسَ مَنْ يَأْخُذُ مِنْهُ قَولهُ *** لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ فِيهِ لِلْجَزاءِ!!
أرغبة عنه تريدون؟ أم بغيره تحكمون؟ بئس للظَّالمين بدلاً و من يبتغي غير الإسلام ديناً، فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين، ثمّ لم تلبثوا إلاّ ريث أن تسكن نفرتها و يسلس قيادها،
أَتَرَيَّدُونَ بِهَذَا رَغْبَةً *** عَنْهُ كَالْكَافِرِ مِنْهُ فِي بِرَاءِ
أَمْ بِغَيْرِ الذِّكْرِ فِيكُمْ رَغْبَةٌ *** تَحْكُمُونَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ اهْتِدَاءِ
بِئْسَ لِلظَّالِمِ فِي ذَا بَدَلاً *** إِذْ أَخَذتُم مِنْهُ أحْكامَ السَّمَاءِ
ثُمَّ لَمَّا تَلْبَثُوا فِي فِتْنَةٍ *** هِيَ كَالنَّاقَةِ فَرَّت مِن رِشَاءِ
هِيَ لاتَنْسَاقُ إِلاَّ رَيْثَ أَنْ *** تَنْتَهِيَ نِفرتُها... بَعدَ اِهْتِدَاءِ
أَو تَسْكُنُ أو إِذَا يُسْلَسُ لَكُمْ *** بَعْدُ مِنْهَا قِيَادٌ فِي ارْتِضَاءِ
فِتْنَةٍ ثَارَ وَ شَاعَتْ بَيْنَكُمْ *** وَ تَمَادَيْتُمْ بَغْيِّ وَ جَفَاءِ
ثمّ أخذتم تورن و قدتها و تهيجون جمرتها و تستجيبون لهتاف الشيطان الغويّ و إطفاء أنوار الدّين الجليّ و إخماد سنن النّبيّ الصّفي،
هِيَ كَالْجَمْرَةِ كَانَتْ نَارُهَا *** تَخْتَفِي لَوْلاَكُمْ مَنْذُ اِبْتِدَاءِ
ثُمَّ أَنْتُمْ قَدْ آثَرْتُمْ نَارَهَا *** وَ أَخَذْتُمْ تَنْفُخُونَ فِي اَلصَّلاَءِ
جَمْعَكُمْ أُورِي بِهَذَا وَقَدْتَهَا *** وَ تُهَيِّجُونَ بِهَا دُونَ روَاءِ
هَتَفَ اَلشَّيْطَانُ فِيمَا بَيْنَكُمْ *** فَاسْتَجَبْتُمْ لِهُتَافٍ رَغْوَاءِ
ص: 203
وَسَعَيْتُمْ مُسْتَجِيبِينَ لَهُ *** دَعْوَةً مِنْهُ رَمَتْكُمْ بِالْبَلاءِ
وَ لِإِطْفَاءِ هَدْيِ الدِّينِ اَلْجَلِيْ *** كَانَ مَسْعَاكُمْ لَهُ مَحْضَ اِعْتِدَاءِ
وَ لِإِخْمَادِ هُدْي مَا جَاءَكُمْ *** مِنْ نَبِيِّ كانَ خَيْرَ الأَصْفِياءِ
تسرون حسواً في ارْتغاء و تمشون لأهله و وُلدِهِ في الخَمَرِ و الضَّرَّاء و نصبر منكم علي مثل حزَّ المُدَي،
أَنْتُمْ كُنْتُمْ تُسِرُّونَ بِهَا *** وَ حَسَوْكمْ حُسْوْكُمْ فِي إِرتِغَاءِ
قُلْتُمْ شَيْئاً وَ جَاءَ فِعْلُكُمْ *** بِخِلاَفِ اَلْقَوْلِ مِنْكُمْ بِادِّعَاءِ
فَأَقَمْتُمْ وَ تَدَّ اَلْبَاطِلِ فِي *** أُمَّةٍ رامَتْ قوانين اَلسَّمَاءِ
قَدْ حَكمتُمْ وَ اِدَّعَيْتُمْ فِتْنَةً *** وَ عَزَلْتُمْ مَنْ لَهُمْ فَصْلُ الْقَضَاءِ
آل بَيْتِ اَلْوَحْيِ تَمْشُونَ لَهُمْ *** وَ لأَهْلِيهِمْ بِضُرٍ و ضَرَّاءِ
وَ لِأَوْلادٍ لَهُ فِي خَمْرٍ *** قَدْ سَعَيْتُمْ لَهُمْ فِي اِعْتِدَاءِ
وَ صَبَرْنَا مِنْكُمْ مَا صَابَنَا *** مثل حَزِّ لِلْمُدْي صَبِرَ اِرْتِضَاءِ
و وخز السّنان في الحشي و أنتم - الآن - تزعمون أن لا إرث لنا، أفحكم الجاهليّة تبغون؟ و من أحسن من اللَّهِ حكماً لقوم يوقنون؟ أفلا تعلمون؟ بلي تجلّي لكم كالشّمس الضّاحية أنّي ابنته،
أَوْ كَمَثْلِ الْوَخْزِ مِنْ طَعْنِ الْعَدَي *** بِسِنَانٍ فِي اَلْحَشْي أَوْ بِالْحَشَاءِ
أَنْتُمُ اَلْآنَ زَعَمْتُمْ أَنْ لاَ *** إِرْثَ لِلْهَادِي لَنَا... مَحْضَ اِفْتِرَاءِ!
أَفْحِكُمُ الْجَاهِلِيِّينَ ارْتَضَوْا *** أَمْ هُمْ يَبْغُونَ حُكْمَ الْجَهْلاءِ؟!
وَ مِنَ اَلْأَحْسَنُ حُكْماً لِلْوَرَي *** مِن إِلَهِ اَلْخَلْقِ ربِّ الْحُكَمَاءِ
صَادِرٌ مِنْهُ لِقَوْمٍ أَيْقَنُوا *** وَ هُمْ مِنْهُ عَلِي خَيْرِ اهْتِداءِ
أَفَلاَ يَعْلَمُ كُلٌ مِنْكُمُ *** حَقَّنا فِي نَسَبٍ أَوْ فِي حِبَاءِ؟
ص: 204
قَدْ تَجْلِي لَكُمُ أَنِّي اِبْنَتُهْ *** وَ بَدَا ذَاكَ كشمْسٍ فِي ضُحَاءِ
أيُّها المسلمون! أأُغلب علي إرثيه؟
أَيُّهَا اَلْمُسْلِمُ مَنْ كَانَ هُنَا *** حَاضِراً قَوْلِيَ أَوْ يَأْتِيَ وَرَائِي!
كَيْفَ أُغْلِبْ فِي حُقُوقٍ هِيَ لِي *** نَصَّهَا اَللَّهُ عَلَيْنَا بِالسَّوَاءِ
هُنَّ آيَاتٌ أَتَتْ بَيِّنَةً *** فِي اَلْمَوَارِيثِ تُشِعٌ كَالسَّنَاءِ
لَكِنَّ اَلْأَعْدَاءُ بَزُّوا نِحْلَتِيْ *** فَغَدَتْ نَارَ سَعِيرٍ فِي اَلْمِعَاءِ
كَيْفَ أَبتَزُّ مَوَارِيثَ أَبِي *** بِحُضُورٍ مِنْكُمْ فِي ذَا الْبَلَاءِ؟
لَيْسَ فِيكُمْ مِنْ يَقِينِي كَيْدَهُمْ *** وَ يَفِي لِي فِي مَصَادِيقِ الْوَلَاءِ!
وَ أَنَا مَنْ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّنِي *** إِبْنَةُ اَلْمَأْمُونِ آيَاتُ اَلسَّمَاءِ
ص: 205
يا بن أبي قحافة!
أفي كتاب الله أن ترث أباك و لا أرث أبي؟!!
ثُمَّ كَنَّت(1) فَاطِمٌ فِي قَوْلِهَا *** لِأَبِي بَكْرٍ وَ أَخَفَتْ بِأَهْتِدَاءِ
إِسمَهُ أَوْ مَا يُكَنُّوهُ بِهِ *** وَ لَمَنْ يُنْسَبُ نَادَتْ في دَهَاءِ
حَيْثُ كَانَ اَلْبَعْضُ مِنْهُمْ عَالِماً *** أَنَّهُ كَانَ عَلِيٌ غَيْرِ سَوَاءِ
بِأَبِيهِ -أَيْ- أبي قُحَافَةٍ! *** خَاطَبَتْهُ بِخِطَابِ اَلْبُلَغَاءِ
أُتْرِي آيَةُ ذَكَرٍ أُنْزِلَتْ *** تَمْنَعُ اَلْإِرْثَ بِدَسْتُورِ اَلسَّمَاءِ؟!
تَمْنَعُ اَلْأَبْنَاءَ مَا قَدْ تَرَكَتْ *** لَهُمُ اَلْآبَاءُ شَيْئاً مِنْ حِبَاءِ
أيُ أَيِّ فِي كِتَابِ اَللَّهِ أَنْ *** تَرِثُ اَلْآبَاءَ دُونِي فِي خَفَاءِ
أفَعَلَي عمدٍ تركتم كتاب الله و نبذتموه وراء ظهوركم؟
إذ يقول: «وورث سليمان داوُد» و قال فيما اقتص من خبر زكريّا - إذا قال:
وَ لَقَدْ جِئْتَ فَرِياً حِينَمَا *** جِئْتَ شَيْئاً دُونَ تَشْرِيعِ السَّمَاءِ
وَ بِهِ كَذَّبْتَ قُرْآناً بِهِ *** فِي صَرِيحِ اَللَّفْظِ إِرْثُ اَلْأَنْبِيَاءِ
ص: 206
أفعَنْ عَمْدٍ تَرَكتُم خَلْفَكُمْ *** مَا بِهِ نُورُ اِهْتَدَاءٍ وَ شِفَاءِ
وَ نَبَذْتُمْ ذَلِكُمْ مِنْ دُونِ أَنْ *** -تَأْسَفُوا- قَوْلاً وَ فِعْلاً فِي وَرَاءِ
إِذْ يَقُولُ اَللَّهُ فِيهِ ذِكْراً *** وَ هُوَ اَلنُّورُ وَ مِنْ دُونِ اِنْطِفَاءِ
فِي سُلَيْمَانَ وَ فِي و رَيْثِهِ *** مِنْ أَبِيهِ إِرْثَ مالٍ وَ فَثَآءِ
وَ كَمَا اقْتَصَّ مِنَ اَلْأَخْبارِ عَنْ *** زَكَرِيَّا حِينَ ناجِي بِالدُّعَاءِ
«فَهَب لي من لدنك ولياً يرثني و يرث من آل يعقوب» و قال: «أُولُوا اَلْأَرْحَامِ بَعْضٌهمْ هُوَ أُولِي ببَعْض فِي كتاب الله» و قال: «يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ» و قال: «إنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَي الْمُتَّقِينَ» و زعمتم أن لا حظوة لي! و لا إرث من أبي! أفخصكم الله بآية أخرج أبي منها؟ أم تقولون: أن أهل ملَّتين لا يتوارثان؟
أَنْ فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ... وَارِثاً *** يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ثَرَائِي
أَوْ «أُولُوا اَلْأَرْحَامِ بَعْضٌ مِنْهُمْ *** هُوَ أُولِي...» فِي قَوَّانِينَ اَلسَّمَاءِ
أَوْ «يُوصِّيْكُمْ...» أَوْ «إِنْ تَرَكَ...» *** وهما نَصِّ بِإِرْثِ اَلْأَقْرِبَاءِ
وَ زَعَمْتُمْ أَنْ لاَ حُظْوَةَ لِي *** مِنْ أَبِي فِي اَلْإِرْثِ أَوْ سَهْمَ حِبَاءِ
أفخصصتُمْ بِشَرْعِ اَللَّهِ أَنْ *** خَصَّكُمْ دُونَ عَظِيمِ اَلْأَنْبِيَاءِ؟!
أَمْ قُولُونَ: بِأَنِّي وَ أَبِي *** مُلْتَانِ مَا لَهَا أَصْلُ اَلرِّفَاءِ؟!
أَوْلَسْتُ وَ أَبِي مِنْ مِلَّةٍ *** وَ كِلاَنَا دينُهُ دِينَ اهْتِداءِ؟!
أولست و أبي من أهل ملّة واحدة؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن و عمومه من أبي و ابن عمِّي؟ فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك،
مِلَّةً وَاحِدَةٌ أدْيانُنا *** وَ هِيَ الحقُّ ازْدَهَتْ لِلحُكمَاءِ
أَمْ عَلِمْتُمْ بِكِتَابِ اَللَّهِ مَا *** لَمْ يَصِلْ مِنْهُ لِخَيْرِ اَلْأَوْصِيَاءِ؟!
ص: 207
بِخُصُوصٍ مِنْهُ أو فِي عَمِّهِ *** مِن عَلِيِّ الْحَقِّ خَيْرُ الأَوْصِيَاءِ!
أَفَأَنْتُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِهِ *** مِنْ أَبِي أَمْ مِنْ عَلِيِّ الْأُمَنَاءِ؟!
و هُمَا لِمَ بِمَنْعَانِي فَدَكاً *** حَيْثُ لَامَانِعَ فِي حُكْمِ السَّمَاءِ
يَا أَبَا بَكْرٍ فَخُذْهَا غَاصِباً *** بِخِطَامٍ وَ زِمَامٍ وَ رِشَاءِ
هِيَ تَلْقَاكَ بِحَشْرٍ لَكَ فِي *** يَوْمِ حَقٍ عِنْدَ جَبَّارِ اَلسَّمَاءِ
فنعمَ الحكم الله و الزعيم محمّد صلي الله عليه و آله و سلم و الموعد القيامة و عند الساعة يخسر المبطلون و لاينفعكم إذ تندمون و لكلّ نبأٍ مستقر،
هُوَ نَعَمْ الْحَكَمُ المَرجُوُّ لِي *** بَعْدَمَا نَنْقَلُ عَنْ دَارِالْفَنَاءِ
وَ زَعِيمُ اَلْخَلْقِ فِيهَا أَحْمَدٌ *** وَ اَلْمُحَامِي عَنْ حُقُوقِ اَلضُّعَفَاءِ
وَ بِهَا مَوْعِدُنَا اَلْآتِيَ اَلَّذِي *** فِيهِ يُقْضِي فِي مَوازِينِ اَلْقَضَاءِ
يَخْسَرُ الْمُبْطِلُ فِيهِ مَا ادُّعِي *** يَوْمَ حَشْرِ اَلنَّاسِ مِنْ دُونِ وَقَاءِ
سَاعَةٌ يَخْسَرُ فِيهَا مُبْطِلٌ *** وَ بِهَا لاَ شَيْءَ يَلْغِي بِالْفِدَاءِ
حَيْثُ لاَ يَنْفَعُكُمْ فِيهَا إِذا *** مَا نَدِمْتُمْ، أَوْ دَعَوْتُمْ بِدُعاءِ
وَ لِكُلِّ مُسْتَقَرٌ وَ بِهِ ***كُلُّ ذِي اَلْأَنْبَاءِ مِنْ دُونِ خَفَاءِ
«فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه و يحلّ عليه عذاب مقيم».
ثمَّ رمت بطرفها نحو الأنصار فقالت:
يا معشر النَّقِيبَة،
سَوْفَ يَدْرِي فِيهِ كُلِّ مِنْكُمْ *** مِنْ سَيَأتِيهِ عَذَابٌ فِي اَلنَّهَاءِ
وَ لِمَنْ يُخْزِيهِ رَبِّي فِي غَدٍ *** وَ يَحِلُّ فِي عَذَابٍ لِلسَّمَاءِ
بِعَذَابٍ دَائِمٍ لاَ تَنْطَفِي *** نَارُهُ فِي الصُّبْحِ أَوْ عِنْدَ الْمَساءِ
هَدَّدْتُهُمْ فاطِمُ فِيما ادَّعَتْ *** بِعَذابٍ مُسْتَمِرٍ وَ ضَرَّاءِ
ص: 208
وَهِيَ دَعْوَي مَا بِهَا مِنْ كَذِبٍ *** أطلقتْهَا فاطمٌ خَيْرُ اَلنِّسَاءِ
ثُمَّ دَارَتْ طَرفَهَا فَاطِمَةُ *** نَحْوَ أَنْصَارٍ وَ قَالَتْ بِإِهْتِدَاءِ
أَنْتُمْ يَا مَعْشَرَ اَلْأَنْصَارِ مَنْ *** كُنْتُمْ لِلدِّينِ خَيْرِ اَلنُّجَبَاءِ
و أعضاد الملّة و حضنة الإسلام، ما هذه الغميزة في حقِّي؟ و السِّنَةٌ ظُلامِتِي؟ أما كان «رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم» أبي يقول:
وَ لَهُ أَعضَادُ عِزِّ شَامِخٍ *** كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ آفَاقَ اَلرَّجَاءِ
وَحَضِنْتُمْ و حَفِظْتُمْ شِرْعَةً *** هِيَ لِلإِسْلامِ رُوحٌ مِنْ نَهَاءِ
وَ غَمَزْتُمْ عَنْ حُقُوقِي فُجْأَةً *** مَا بِكُمْ فِي غَفْلَةٍ أَمْ فِي عَمَاءِ؟؟
وَ فَتَرْتُمْ عَنْ ظُلاَمَاتِيَ اَلَّتِي *** هِيَ لِلْأَعْيَانِ مِنْ غَيْرِ خَفَاءِ!
كَيْفَ كُنْتُمْ أَنْتُمْ فِي سُنَّةٍ *** وَ تَرَكْتُمْ نَجْدَتِي بَعْدَ اِهْتِدَاءِ؟!
أَوْ مَا كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ مَنْ *** قَدْ عَرَفْتُمْ نُطْقَهُ وَحْيُ السَّمَاءِ؟!
قَالَهَا: فِي جَمْعِكُمْ عَنْ حَقِّنَا... *** أَولِسْنَا نَحْنُ مِنْ ذِي الأَقْرِبَاءِ؟
«المرء يحفظ في ولده»؟ سرعان ما أحدثتم و عجلانَ ذا إهَالة و لكم طاقة بما أحاول و قوّة علي ما أطلب و أُزاول،
إِنَّمَا الْمَرْءُ يُكْرَّمْ حَيْثُمَا *** يُحْفَظُ الْبَاقُونَ مِنْهُ فِي وَلَاءِ
أَوْ مَا كَانَ مِنَ الْإِكْرَامِ أَنْ *** تَحْفَظُونِي بَعْدَ خَيْرِ اَلْأَنْبِيَاءِ
عَجَباً... سُرْعَانَ مَا أَحْدَثْتُمُ *** وَ تَعَدَّيْتُمْ بَهَتَكٍ وَ اِعْتِدَاءِ
وَ لَهَا عَجْلاَنَ ذَا إِهَالَةٍ *** قَدْ تآمرتُم عَلَيْنَا فِي اَلْخَفَاءِ
أَلْكُمْ طَاقَةُ إِسْعَا فِي بِمَا *** أَنَا قَدْ حَاوَلتُ رِدَّاً لِلْحِبَاءِ
أَلْكُمَ فِيما طَلَبْتُ قُوَّةً *** وَ لَمَّا زَاوَلْتُ عَزْمَ اَلْأَقْوِيَاءِ؟
أَمْ تَخَاذَلْتُمْ بِصَمْتٍ ضَعَةً *** وَ وَصَمْتُمْ عَارَهَا فِي اَلضُّعَفَاءِ
ص: 209
أتقولون: مات «محمّد صلي الله عليه و آله و سلم».
فخطب جليل، أستوسع وهنه و استنهر فتقه و انفتق رتقه و اظلمّتِ الأرض لغيبتهِ،
أَتَقُولُونَ لِمَنْ زَكَّاكُمْ... *** مَاتَ مَنْ كَانَ أَخْيَرَ الْأَنْبِيَاءِ
وَ اِسْتَبَحْتُمْ بَعْدَهُ فِي قَوْلِكُمْ: *** -مَاتَ- مَا سَاءَ لَكُمْ يَوْمَ اَلْجَزَاءِ
آه... فَالْخَطْبُ جَلِيلٌ وَقْعُهُ *** وَعَظِيمُ أَمْرِ مَوْتِ اَلْعُظَمَاءِ
وَ بِهِ اسْتَنْهَرَ جُرْحٌ فَتْقُهُ *** وَ عَدَا يَغْزُو عَلَيْنَا كُلُّ دَاءِ
وَ اِنْفِتَاقُ اَلْجُرْحِ أَوْدِي رَتَقَهُ *** أَنْ نُعانِيَ اَلدَّاءَ مِنْ دُونِ شِفَاءِ
وَ اِدْلَهِمَّ اَلْكَوْنُ وَ اَلْأَرْضُ بِهِ *** حِينَ غَابَ اَلنُّورُ عَنْ هَذَا اَلْفَضَاءِ
و كسفت النّجوم لمصيبته و أكدَتِ الآمال و خشعت الجبال و أضيع الحريم و أُزيلتِ الحرمة عند مماتهِ، فتلك -والله- النّازلة الكبري و المصيبة العظمي لا مثلها نازلة،
وَ نُجُومُ اَللَّيْلِ فِي قَلْبِ اَلسَّمَا *** كَسَفَتْ حُزْناً وَ أَمْسَتْ فِي عَزاءِ
لِمُصَابٍ زَلْزِلَ الْعَرْشُ بِهِ *** وَ بِهِ أَكَّدَتْ مَوَازِينُ اَلرَّجَاءِ
وَ بِهَذَا الخَطْبِ حُزْناً خَشَعَتْ *** رَاسِيَاتُ اَلْأَرْضِ مِنْ هَذَا اَلنَّعَاءِ(1)
وَ أُضيعَتْ حُرَمٌ مَنْ بَعْدِهِ *** وَ أُزِيلَتْ حُرْمَةٌ بَعْدَ اَلْفَنَاءِ
تِلْكَ -وَاَللَّهِ- أَتَتْ نَازِلَةٌ *** كَانَتْ الكبري عَلَي هَذَا اَلقِوَاءِ
وَ هِيَ الْفَاجِعَةُ اَلْعَظْمِي اَلَّتِي *** لَيْسَ يُثْنِيهَا سُرُورٌ فِي اِنْتِهَاءِ
لاَ... وَ لاَ حَلَّتْ بِنَا نَازِلَةٌ *** -مِثْلَهَا- أَبْقَتْ لَنَا ثِقْلَ اَلْغِنَاءِ
ولا بائقةٌ عاجلة، أعلن بها كتاب اللّه -جل ثناؤُه- في أفنيتكم، في ممساكم ومصْبحكم، هتافاً، و صراخاً و تلاوةً و ألحاناً و لقبله ما حلَّ
ص: 210
بأنبيائه و رسله، حكمٌ فصل و قضاءٌ حتمي،
لاَ... وَ لاَ بَائِقَةٌ عَاجِلَةٌ *** أَحْكَمَتْ فِيهَا أَسَاليبُ الدَّهاءِ
أَعْلَنَ اَللَّهُ بِهَاجِلَّ اِسْمُهُ *** بِكِتَابٍ مُنْزَلٍ مُنْذُ ابْتِدَاءِ
وَ تَلَوْتُمْ مِنْهُ فِي مُمْسَاكُمْ *** وَ بِصُبْحٍ مِنْهُ فِي كُلِّ فناءِ
فَهُوَ الْهاتِفُ وَ الصَّارِخُ فِي *** كُلِّ يَوْمٍ بَيْنَكُمْ بِالْعُقَلاءِ
وَ هُوَ اَلْمَقْرُوءُ فِي تِلاَوَةٍ *** وَ بألحانٍ بِهَا جَذَبُ اِهْتِدَاءِ
وَ لَقَدْ أَخْبَرَكُمْ مَنْ قَبْلِهِ *** مَا برُسلٍ حَلَّ أَوْ بِالْأَنْبِيَاءِ
حُكْمُ فَصْلٍ وَ قَضَاءٍ مُحْتَمٍ *** فِيهِ تَصْدِيقُ قَضَاءٍ بِقَضَاءِ
«وما محمّد صلي الله عليه و آله و سلم إلا رسول قد خلت من قبله الرّسل، أفإن مات أو قتل انقلبتم علي أعقابكم»،
سُنَّةُ الْمَوْتِ ارْتَضَاهَا رَبُّنَا *** لِجَمِيعِ اَلنَّاسِ حَتي اَلْأَنْبِيَاءِ
لَمْ يُنْجِّ اَللَّهُ مِنْهَا مُرْسَلاً *** وَ بِهَا يُقْهَرُ كَلاِّ بِالْفَنَاءِ
وَ أَتَتْنَا آيَةٌ بَيِّنَةٌ *** أحْكَمَتْ حُجيَّةً بِالْإِدْعَاءِ
حَيْثُ قَالَ اَللَّهُ فِي قُرْآنِهِ *** قَوْلَ صِدْقٍ حُكْمَ فَصْلٍ وَ سَنَاءِ
فِي «ومَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ...» وَ قَدْ *** كَانَ لِلْخَلْقِ رَسُولاً لِلسَّمَاءِ
«قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ...» اَلَّتِي *** قَدْ مَضَتْ لَيْسَ لَهَا حُكْمُ اَلْبَقَاءِ
«أَفَان مَّاتَ» بِحَتْفٍ «أَوْ قُتِل *** إِنْقَلَبْتُمْ» عَنْهُ فِي أَقْصَي اَلْوَرَاءِ
«ومن ينقلب علي عقبيه ، فلن يضرَّالله شيئاً و سيجزي اللَّه الشاكرين»
إِنْقَلَبْتُمْ وَ عَلَيَّ أَعْقَابِكُمْ *** قَدْ رَجَعْتُم بِشَنَارِ اَلْعُقَبَاءِ(1)
وَ مِنَ الْيَوْمِ عَلَي أَعقَابِهِ *** يَنْقَلِبْ عَنْهُ يُرِي سُوءَ الجَزاءِ
«لَنْ يَضُرَّ اَللَّهَ شَيْئاً» إِنَّمَا *** ضَرَرٌ الْخُلَفِ وَ بَالٌ فِي اَللِّقَاءِ
ص: 211
ما حَقُّ مَن يَكتُمُ الحَقَّ ومَنْ *** حَرَّفَ الدّينَ لِمَالٍ وُ ترَاءِ
«وَ سَيَجْزِيِ اَللَّهُ...» مَنْ كَانَ لِمَا *** نَالَهُ بِالشُّكْرِ خَيْراً بِالْجَزاءِ
وَ هلَ الشَّاكِرُ الاّ مَن بَقِي *** حافِظاً لِلْحَقِّ حَقّاً فِي الوَلاءِ؟
ناصِراً لِلدِّينِ وَالحَقِّ وَ مَنْ *** نَصَّ فيهِمْ ذَكَرُهُ بِالإقتِداءِ
إيْهاً... بني قِيْلة! أأهضم تراث أبي؟ و أنتم بمرأي و مسمع و منتدي و مجمع، تلبسكم الدّعوة، و تشملكم الخبرة و أنتم ذو العدد و العدَّة،
يَا بَنِي قَيْلَةَ إِيهاً مِنْكُمْ... *** قَدْ تَخَطِّي عَنْكُمْ عَقَدُ اَلرَّجَاءِ
أَأْنَا أَهْظَمُ فِي إِرْثِ أبِي *** فِي حُضُورٍ مِنْكُمْ لا فِي خَفَاءِ
و بِمَرْأَي مِنِّي أنْتُمْ كُنْتُمُ *** قُدْسْمِعْتُمْ وَ وَعَيْتُمْ لادِّعائِي
كُنْتُمُ فِي مَجْمَعٍ فِي مُنْتَدَي *** ضَمِنا، إِذْ فِيهِ أعْلَنْتُ نِدائِي
فِيهِ مَا تُلْبِسُكُمْ مِنْ حَقِّنَا *** دَعْوَةً تَشْمَلُكُمْ مِثْلُ الرِّدَاءِ
خِبْرَةٌ فِيهَا خُصَصْتُمُمْ وبِهَا *** شَمِلَتْكُم عِلْمُها شِبْهُ اَلرِّدَاءِ
وَ لَهَا أَنْتُمْ ذَووالْعْدَةِلا *** نَقْصَ فِي أَعْدَادِكُمْ أو فِي الرِّفاءِ
و الأداة و القوّة و عندكم السلاح و الجُنَّة، توافيكم الدّعوة فلاتجيبون!، و تأتيكم الصّرخة فلا تعينون!، و أنتم موصوفون بالكفاح، معروفون بالخير و الصّلاح و النّخبة الّتي انتخبت،
وَ ذَوُو اَلْقُوَّةِ أَنْتُمْ وَ لَكُمْ *** فِي مَرَامِيهَا أَدَاةٌ مِنْ ثَرَاءِ
وَ سِلاحٌ عِنْدَكُمْ مَا بَعْضُهُ *** جُنَّةٌ مِنَحُ كُلِّ كَرْبٍ وَ بَلاَءِ
إِنَّ تَوَافِيَكُمْ بِنَصْرِ دَعْوَتِي *** لاَ تُجِيبُونَ جَمِيعاً لِدُعَائِي!
لاَ تُعِينُونِي إِذَا مَا صَرْحَةٌ *** مِنِّي تَاتِيكُمْ بِظُلْمٍ وَ عَنَاءِ!
وَوَصَفْتُمْ أَنْتُمْ فِي خَوْضِهَا *** بِكِفَاحٍ وَ سَفَكْتُمْ لِلدِّمَاءِ
ص: 212
وَ عُرِفْتُمْ بِصَلَاحٍ وَارِفٍ *** و بِخَيْرٍ فِي مَلاءٍ وَ خَلاَءِ
وَ نُخْبَةٌ لِلْحَقِّ حِينَ انتُخِبَتْ ***كُنْتُمْ أَنْتُمْ لَهُ أُسَّ الرَّجَاءِ
و الخيرة الَّتِي اختيرت، قاتلتم العرب و تحمّلتهم الكدَّ و التّعب و ناطحتم الأُّمم و كافحتم البهم، لا نبرح أو تبرحون،
وَ لَهُ اخْتِيرَتْ بِحَقِّ خِيَرَةٌ *** مِنْكُمْ ذَوْداً و صَوْناً لِلْقَضَاءِ
وَ لَهُ قَاتَلْتُمُ اَلْعَرَبَ فَمَا *** ضَعُفَتْ فِيكُمْ مَقَادِيمُ اَلْفِتَاءِ
وَ تَحَمَّلْتُمْ لَهُ الْكَدَّ وَ فِي *** ذلِكم هدَّدَكُمْ سَيْلُ اَلْعَيَاءِ
وَ لَهُ نَاطِحتُمْ مِنْ فَوْرِكُمْ *** أُمَماً رَاقَتْ بِكُمْ ذُلَّ اَللِّفَاءِ(1)
وَ لَهُ كَافَحْتُمُ الشُّجْعَانَ مَنْ *** بم اَلْقَوْمٍ بِمِصْرٍ وَ قُوَاءِ
وَ لَهُ لاَ نَبْرَحُ اَلْهَادِينَ فِي *** سُنَنٍ لِلْخَيْرِ فِي حُكْمِ اَلسَّمَاءِ
وَ لَهُ نَامِرُكُمْ فِي طَاعَةٍ *** وَ لَنَا تَصْغُونَ دُوماً لِلنِّدَاءِ
نأمركم فتأتمرون، حتَّي دارت بنا رَحَي الإسلام و درَّ حُلبُ الأيَّام و خضعت ثغرة الشِّرك و سكنت فورة الإفكِ(2) و خُمدت نيران الكفر،
وَ تُطِيعُونَ وَ لاَ نَبْرَحُ أَوْ *** تَبْرَحُونَ طَائِعِينَ فِي وَلاَءِ
وَ اِسْتَمَرَّ الْأَمْرُ فِي خَيْرٍ فَمَا *** مَالَ مِنْهُ لِأَهَاوِيلَ اَلشَّقَاءِ
ذَاكَ حُتِّيَ اَلْأَمْرُ فِينَا وَ بِنَا *** سَادَ فِي نَظْمٍ وَ فِي سير اِهْتِدَاءِ
وَ رَحِيَ اَلْإِسْلاَمِ دارتْ وَ لَهُ *** حَلْبُ الْأَيَّامِ دَرَّتْ بِالْعَطاءِ
وَ ثَغْرَةُ الشِّرْكِ إِذا ما خَضَعَتْ *** وَ رِقابَ الْكُفْرِ ذَلَّتْ لِلسِّناءِ
ص: 213
وَ لَهُ قَد سَكَنَتْ مِنْ فَوْرِها *** فَوْرَةُ الإِفْكِ وَ قَرَّتْ كَالرُّخاءِ
خُمِدَتْ نِيْرَانُ كُفْرٍ بَعْدَما *** سَجِّرَتْ مِنْ فِيْحِ حِقْدٍ وَ عِدَاءِ
و هدأت دعوة الهرج و استوسق نِظام الدِّين، فَاَنَّي حِرتُم بعد البيان؟ و أسررتم بعد الإعلان؟ و نكصتم بعد الإقدام؟ و أشركتم بعد الإيمان؟
هَدَأَتْ دَعْوَةُ إفك بَاطِلٍ *** هَرَجُ الدَّعْوَةِ فِي أَيْدِي الْفَنَاءِ
وَ لَهُ اسْتَوْسِقَ أَمْرُ الدِّينِ فِي *** كُلِّ نَظْمٍ وَ اِجْتِمَاعٍ و اسْتِوَاءِ
بَعْدَمَا كَانَ شَتَاةً أَمْرُهُ *** وَ شُمُوسُ الْحَّقَّ كَانَتْ فِي اِنْطِفَاءِ
كَيْفَ وَ الْآنَ... وَ أَنِّي حِرْتُم *** عَنْ بيان بَعْدَهُ عَنْ ذَا السَّنَاءِ؟!
وَ بِهِ أَسْرَرْتُمُ اَلْحَقَّ وَ قَدْ *** بَانَ فِيهِ لَكُمْ نُورُ اهْتِدَاءِ؟!
وَ نَكَصْتُمْ بَعْدَ إِقْدَامٍ لَكُمْ *** كَانَ لِلْإِسْلَامِ ضَرْباً مِنْ وِقَاءِ
وَ لَقَدْ أَشْرَكْتُمْ مِنْ بَعْدَما *** ذَلَّلَ الْإِيمَانُ أَسْبَابَ الْإِخَاءِ
ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم و همّو بإخراج الرّسول و هم قد بدؤوكم أوّل مرَّةٍ، أفتخشونهم؟
و قَطَعْتُمْ لُحْمَةَ اَلْإِيمَانِ فِي *** نَصْرِ أَهْلِ اَلْفِسْقِ في هذا اَلْوَلاَءِ
وَ لَقَدْ خَالَفْتُمْ اَلْحَقَّ بِمَا *** قَدْ نَكَثْتُمْ فيهِ أَمْرَ الْأَنْبِياءِ
وَ بِهِ خالَفْتُمْ «الْهادِيَ» الَّذِي *** حَثَّكُمْ نَصْرُ أَصْحَابِ اَلْكِسَاءِ
هَؤُلاَءِ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ *** قَاتِلُوهُمْ وَانْصُرُونَا فِي وَلاَءِ
وَ هُمْ هَمُّوا بِإِخْرَاجٍ لَكُمْ *** وَ بإِخْرَاجِ رَسُولٍ لِلسَّمَاءِ
وَ هُمْ قَدْ بَدَؤُوكُمْ أَوَّلاً *** بِقِتَالٍ وَ أَصَرُّوا فِي جَفَاءِ
أَفْتَخِشُونَهُمْ فِي مَعْرِكٍ *** وَ تَفِرُّونَ جَمِيعاً لِلْوِرَاءِ؟
فالله أحقّ أن تخشوه إن كنتم مؤمنين. ألاّ: قد أري أن قد أخلدتّم
ص: 214
إلي الخفض(1) و أبعدتّم من هو أحقّ بالبسط و القبض و خلدتم إلي الدّعة و نجوتم من الضِّيق بالسعة، فمججتم(2) ما وعيتم و دسعتم(3) الّذي تسوَّغتم.
إِذْنِ: اَللَّهُ أَحَقُّ خَشْيَةً *** مِنْهُمْ ظاهرٍ أو فِي خَفَاءِ
وَ بِدِينِ اَللَّهِ وَ إِنْ كُنْتُمْ *** مُؤْمِنِينَ فَاسْتَجِيبُوا لِلنِّدَاءِ
قَدْ أَرِيَ قَدْ خَلَّدْتُمْ دَعَةً *** لرِياضِ الخَفْضِ فِي عَيْشِ الهَناءِ
وَ لِذَا أُبْعِدتُمْ مِن حَقُّهُ *** هُوَ فِي بسطٍ وَ قَبِضٍ فِي اَلْعَلاَءِ
وَ خُلِّدْتُمْ بَعدَهُ فِي دَعَةٍ *** وَ نَسِيتُمْ مَنْ لَهُ حَقُّ اَلْوَفَاءِ
وَ نَجَوْتُمْ مِنْ مَعَاشٍ ضِيقٍ *** لِمَعَاشٍ وارفٍ جَمِّ اَلرَّخَاءِ
فَمَجَجْتُمْ ما وَعَيْتُم أَمْرَهُ *** و دَسَعْتُمْ مَا تُسَوَّغْتُمْ لِدَاءِ
فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً، فإنّ الله لغني حميد ألآ: قد قلت ما قلت علي معرفةٍ منِّي بالخذلة الَّتي خامرتكم(4) و الغدرة الّتي استشعرتها قلوبكم.
فَإِنَّ اَلْيَوْمَ جَمِيعاً تَكْفُرُوا *** أَنْتُمُ أَوْ مَنْ بِأَرْضٍ وَ سَمَاءِ
فَهُوَ اَللَّهُ غَنِيِّ عَنْكُمُ وَ حَمِيدٌ فِي اِبْتِدَاءٍ وَ اِنْتِهَاءِ
وَ أَنَا قَدْ قُلْتُ مَا قُلْتَ عَلَي *** بَالَغِ اَلْعِرْفَانِ فِي هَذَا اَلْوَنَاءِ
وَ عَلَي عِلْمٍ وَ فِي مَعْرِفَةٍ *** مِنِّي بالخذلَةٍ فِي هذَا اَلْخَوَاءِ
خَذْلَةٌ قَدْ خَامَرَتْكُمْ وَ لَها *** قَدْ رَكَنْتُمْ وَ فَرَرْتُمْ فِي دَهَاءِ
وَ قُلُوبٍ عَمِيَتْ فَاسْتَشْعَرَتْ *** غِدْرَةً قَدْ لَبِسَتْهَا كَالرِّدَاء
ص: 215
وَ لِعرْفَانِي بِكُمْ لاَ أَرْتَجِي *** مِنْكُمْ نَصْراً وَ لاَ حَقَّ اَلْوَفَاءِ
و لكنّها فيضة النّفس و نفثة الغيظ و خور القنا و بثّة الصّدر و تقدمة الحجّة.
فَيْضَةٌ لَكِنَّهَا مَأْلُومَةٌ *** وَ بِهَا اَلنَّفْسُ أَفَاضَتْ فِي مِلاَءِ
نَفْثَةُ الْغَيْظِ وَ خَوْرٌ فِي اَلْقَنَا *** بِهِمَا ضَاقَتْ مَسَامَاتُ الجَوَاءِ
بَثَّةُ الصَّدْرِ وَ مِنْ كِتْمانِها *** ضَاقَتِ النَّفْسُ بِهِمْ وَقْوَاءِ
وَ لأَمْرِ الصَّدْرِ اَلدِّينُ قَولي حُجَّةٌ *** وَ بَيانِي مُلْزَمٌ يَوْمَ الْجَزاءِ
لَيْسَ يُرْضِي بَعْدَهُ مِنْ غَافِلٍ *** أَوْ جهولٍ رَبُّنَا عُذْرَ اَلْجَفَاءِ
لَيْسَ بَعْدَ الْيَوْمِ قَولٌ نافِعٌ *** لَيْسَ يُجْدِي بَعْدَهُ كُلُّ فِدَاءِ
حُجَّتِي قَائِمَةٌ فِي جَمْعِكُمْ *** أَنَّا قَدْ قَدِمْتُهَا لِلْعُقَلاَءِ
فدونكموها، فاحتقبوها دبرة الظّهر، نقبة الخُفِّ، باقية العار، موسومة بغضب اللّه و شنار الأبد، موصولة بنار اللّه الموقدة،
فَخُذُوا اَلْإِمْرَةَ مِنَّا عَنْوَةً *** وَ اِنْصُبُوا فِيهَا شُخُوصَ اَلْخُلَفَاءِ
إِمْرَةً دُونَكُمُوهَا... فَأذنوا *** بَعْدَ هَذَا اَلْيَوْمِ فَي حَرْبِ السَّمَاءِ
هيَ ذِي فَاحْتَقِبُوهَا نَاقَةً *** دِبِرَةَ الظَّهْرِ لِجُرْحٍ وَ دِمَاءِ
لَمْ تَلْ بَاقِيَةَ اَلْعَارِ فَلاَ *** خِزْيُهَا يَفْنِي بِدُنْيَاً وَ فَنَاءِ
عُلِمْتْ فِي غَضَبِ اَللَّهِ وَ قَدْ *** عُلِمَتْ مَوْسُومَةٌ بِاللَّعَنَاءِ
وَ شَنَارِ الْأَبَدِ الْآتِي غَداً *** لَمْ تَزَلْ مُوْصُولَةً دُونَ خَفَاءِ
وَ بِنَارِ اَللَّهِ مُسْتَوْقَدَةً *** هِيَ فِي عَارٍ وَ نَارٍ وَ صَلاَءِ
اَلَّتِي تَطْلَّعُ علي الأفئدة، فبعين اللّه ما تفعلون، «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ».
ص: 216
نَارُهَا مُوقَدَةٌ سَجَّرَهَا *** لِعَذَابِ اَلْخِزْيِ جَبَّارُ السَّمَاءِ
وَ عَلِيٌ اَلْأَفْئِدَةِ اَلنَّارُ الَّتي *** تَطْلِعْ غَيْضاً بِصُبْحٍ وَ مَسَاءِ
فَبِعَيْنِ اَللَّهِ مَا كَانَ وَ مَا *** تَفْعَلُونَ ظَاهِرٌ دُونَ خَفَاءِ
وَ اَلَّذِينَ ظَلَمُونَا حَقَّنَا *** سَوْفَ يَزْدَادُونَ عِلْماً فِي اَلْجَزَاءِ
أَيْ حَالٍ فِي غَدٍ مُنْقَلَبٌ *** هُمْ لَهُ يَنْقَلِبُونَ بِالْفَناءِ
فِي جُحْتُمَ و عَذَابٍ دَائِمٍ *** وَ سَعِيرٍ فِيهِ آثَارُ الْبَقَاءِ
سَتَصِيرُونَ إِلَيْهِ نَكْساً *** فِيهِ مِنْ خِزْيٍ و عَارٍ وَ عَنَاءِ
و أنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فاعملوا إنَّا عاملون و انتظروا إنَّا منتظرون.
وَ أَنَا بِنْتُ نَذِيرٍ لَكُمْ *** لِشَنَارٍ و عَذَابٍ وَ فَنَاءِ
فَاعْمَلُوا مَا شِئْتُمُ مِنْ ظُلْمِنَا *** لَيْسَ يَبْقِي الْحَقُّ دَوماً فِي خَفَاءِ
وَ لَهُ نَعْمَلُ إِنَّا وَ بِهِ *** وَجَبَ الصَّبْرُ عَلَيْنَا فِي الْبَلَاءِ
بَعْدَ ذَا فَانْتَظِرُوا وَ أَفْعَالَكُمْ ***كَيْفَ يَحُدُوها فَناءٌ مِنْ فَنَاءِ
وَ لِأَجْرِ الصَّبْرِ إِنَّا نَنْتَظِرْ *** وَ بِهِ فَوْزٌ وَ بُشَرِي فِي اَللِّقَاءِ
كُلُّنَا مُنْتَظِرُونَ فِي غَدٍ *** أَجْرَ أَعْمَالٍ لَنَا يَوْمَ الْجَزاءِ
أَيُّنَا يُخْزِي وَ يُنْجِي حِينَهُ *** وَ بِهِ يَحْكُمُ جَبَّارُ اَلسَّمَاءِ
ص: 217
فأجابها «أبوبكر» (محمد بن عثمان) و قال: يابنة رسول الله ! لقد كان أبوك بالمؤمنين عطوفاً كريماً، رؤوفاً رحيماً، علي الكافرين عذاب أليماً،
بَعْدَ ذَا قَالَ «أَبُوبِكْرٍ» لَهَا: *** مَادِحاً يُضفِّي عَلَيْهَا بِالثَّنَاءِ
وَ عَلِي خَيْرُ نَبِيِّ مُرْسَلٍ ***كَانَ وَصْفاً زَاهِراً مِثْلَ اَلسَّنَاءِ
وَ هُوَ اَلْخَصْمُ اَلْأَلَدُّ وَ لِذَا *** صَاغَ ذَا فِي ضَلِّ مَكْرٍ وَ دَهَاءِ
قَالَ: يَا بِنْتَ رَسُولِ اَللَّهِ قَدْ *** كَانَ بِالنَّاسِ أَبُوكِ كَالْفَضَاءِ!
هُوَ لِلْمُؤْمِنِ قَدْ كَانَ أَباً *** وَ بِهِ كَانَ عَطُوفاً كَالْهَوَاءِ
وَ بِهِ كَانَ كَرِيماً وَ بِهِ *** هُوَ قَدْ كَانَ رَوْؤُفاً فِي اَلْقَضَاءِ
وَ بِهِ كَانَ رَحِيماً وَ لِمَنْ *** آثَرَ الْكُفْرَ عَذَاباً كَالصَّلاَءِ
و عقاباً عظيماً، إن عزوناه وجدناه أباك دون النِّساءِ و أخا إلفكِ دون الأخِلَّاء، آثره علي كلّ حميم و ساعده علي كلّ أمر جسيم، لا يحبّكم إلَّا كلّ سعيد و لا يبغضكم إلا كلّ شقيَّ،
وَ عِقَاباً عَظُمَ الْخِزْيُ بِهِ *** وَ عَظِيماً فِي إِبْتِدَاءٍ وَ اِنْتِهَاءِ
أَنْ عَزَوْنَاهُ وَ جدْنَاهُ لَكَ *** هُوَ قَدْ كَانَ أَباً دُونَ اَلنِّسَاءِ
وَ أَخَا إِلْفِكِ قَدْ كَانَ لَهُ *** نَعَمٌ خَلِّ فِي خَلاءٍ وَ مَلاءِ
وَ عَلِيَّ كُلِّ حَمِيمٍ هُوَ قَدْ *** آثَرَ الخَلَّ «عَلِيّاً» فِي الإِخاءِ
ص: 218
هُوَ قَدْ سَاعَدَهُ فِي كُلَّمَا *** حَلَّ مِنْ أَمْرٍ جَسِيمٍ وَ بَلاَءِ
لَيْسَ إِلاَّ كُلِّ ذِي سَعْدٍ هوِي *** حُبَّكُمْ يَا آلَ خَيْرِ اَلْأَنْبِيَاءِ
وَ لَعَنَ أَبْغَضَكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَا *** لَيْسَ إِلاَّ كانَ أشقي اَلْأَشْقِيَاءِ
فأنتم عترة رسول الله الطّيّبون و الخيرة المنتجبون، علي الخير أدلَّتنا و إلي الجَنَّة مسالكنا و أنتِ يا خيرة النساء و ابنة خير الأنبياء، صادقة في قولك،
لِرَسُولِ اَللَّهِ أَنْتُمْ عِتْرَةٌ *** طَيِّبُونَ كَمَلٌ حَتَّي اَلنَّهَاءِ
خِيَرَةٌ مُنْتَجَبُونَ وَ لَنَا *** أَنْتُمْ فِي اَلْخَيرِخَيْرُ اَلنُّجَبَاءِ
أَنْتُمُ الهادُون لِلْخَيْرِ لَنَا *** و أَدِلاَّءِ بِعِلْمٍ و اهْتِداءِ
وَ إِلَيَّ الْجَنَّةِ أَنْتُمْ قادَةٌ *** وَ طَرِيقُ الْفَوْزِ حُبُّ الْأَصْفِيَاءِ
مسْلكُ الْجَنَّةِ وَ اَلْفَوْزِ وَ مَا *** عَدَّهُ اَللَّهُ بِكُمْ سَهْلُ اَللِّقَاءِ
أَنْتِ يَا فَاطِمُ مِنْ خَيْرِ النَّسَا *** وَ ابْنَةُ الْمَبْعُوثِ خَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ
أَنْتِ فِي قَوْلِكِ لِي صَادِقَةٌ *** لَيْسَ مِينٌ قَطُّ فِي ذَا اَلْإِدْعَاءِ(1)
سابقة في وفور عقلك، غير مردودة عن حقكِ و لامصدودة عن صدقك، و للِّه ما عدوت رأيَ رسولِ اللّه صلي الله عليه و آله و سلم !!! و لاَعملت إلاَّ بإذنه و إنَّ الرَّائِدَ لا يُكَذِّبُ أهله و إنِّي أُشهد الله و كفي به شهيداً،
أَنْتِ فِي وَفْرَةِ عِلمٍ وَحَجا *** فِيهِمَا سَابِقَةُ كُلِّ اَلنِّسَاءِ
غَيْرُ مَرْدُودَةِ حَقِّ عِنْدَنَا *** وَ لَكَ حَقِّ عَلَيْنَا بِالْوَفاءِ
وَ عَنِ الصِّدْقِ فَلا مصدودَة *** شَأنُكِ اَلصِّدْقُ بِجَمْعٍ وَ خَلاَءِ
أَنَا وَلَلُهُ -بِحُكْمٍ وَ قَضَا- *** مَاعَدَوتُ رَأْيَ خَيْرِ اَلْأَنْبِيَاءِ!!!
ص: 219
عَمَلِي هَذَا بِإِذْنٍ مِنْهُ لِي *** مَاعَمَلْتُ دُونَ إِذْنٍ وَ اِقْتِفَاءِ
أَبَداً لاَ يَكْذِبُ اَلرَّائِدُ إِنْ *** عُدَّ مِنْ أَهْلٍ لَهُ فِي الإنتماءِ
أُشْهِدُ اَللَّهَ بِأَمْرِي وَ كفِّي *** إِنَّهُ فِي اَلْأَمْرِ نِعْمَ اَلشُّهَدَاءِ
أنِّي سمعت رسول الله يقول: «نحن معاشر الأنبياء، لا نورّث ذهبا و لَا فضّة و لَا داراً و لا عقاراً؛ وإنَّما نورّث الكتاب و الحكمة و العلم و النبّوة و ما كان لنا من طعمة فلوالي الأمر بعدنا، أن يحكم فيه بحكمه».
إِنَّنِي فِي ذَا سَمِعْتُ قَوْلَةً *** لِرَسُولِ اَللَّهِ فِي هَذَا اَلْقَضَاءِ
إِذْ يَقُولُ: -وَ هُوَ الاصادِقُ فِي *** كُلِّ قَوْلٍ قالَهُ مُنْذُ ابْتِدَاءِ
لَانُوَرِّثْ ذَهَباً أَوْ فِضَّةً *** أو عَقَاراً... نَحْنُ جَمَعَ اَلْأَنْبِيَاءَ!
إنَّما نَحنُ نُوَرِّثْ بَعْدَنَا *** حِكْمَةً تَنْضَجُ فَهُمُ اَلْحُكَمَاءِ!
أَوْ كتاباً نَافِعاً فِي كُلَّمَا *** خُصَّ مِن عِلْمٍ وَ نُورٍ و شِفَاءِ!
أَوْ نُبُوءَاتٍ ومَاكَانَ لَنَا *** بَعْدَنَا مِن طُعْمَةٍ أَوْ مِنْ حِبَاءِ!
فَلِوَالِي الْأَمْرِ يَحْكُمُ فِيهِ مَا *** يَجِدُ الْحُكْمَ بِهِ كَالْأُمَرَاءِ!
و قد جعلنا ما حاولته في الكُراع و السّلاح، يقاتل بها المسلمون و يجاهدون الكفّار و يجالدون المردة الفجّار و ذلك بإجماع من المسلمين !! لم أنفرد به وحدي و لم أستبدّ بما كان الرأي فيه عندي و هذه حالي و مالي؛ هي لَكِ و بين يديكِ؛ لا تزوي عنكِ و لا تدَّخر دونكِ، أنتِ سيدة أمّة أبيكِ،
وَ جَعَلناما بِنَا حَاوَلْتِهِ *** فِي كُرَاعٍ وَ سِلاَحٍ وَ كِرَاءِ
وَ بَهَا قَدْ جَهَّزُوا مَنْ أَسْلَمُوا *** لِقِتَالٍ وَ جِهَادٍ... بِسَخَاءِ!
و لِكُفَّارٍ وَ فُجَّارٍ بِهَا ***جَالدوا مَنْ حَادَ عَنْ دِينِ اَلسَّمَاءِ
وَ بإجماع... وَ مَا ذَاكَ سِوَي *** رَأْيُ مَنْ أَسْلَمَ، فِي أَمْرِ اَلْحَبَاءِ!!
ص: 220
أنَا فِيهِ لَسْتُ وَحْيَ قَاطِعاً *** حُكْمَ فَرْدٍ مُسْتَبِدٍ بِالْقَضَاءِ
هَذِهِ حَالِي ومَالِي هِيَ ذِي *** عَنْكَ لاَ تُزْوِي بِعُسْرٍ وَ رَخَاءِ!(1)
دُونَكِ لاَ شَيءَ حَتماً يُدَّخَر *** أَنْتَ فِي الْأُمَّةِ مِنْ خَيْرِ اَلنِّسَاءِ
الشجرة الطيّبة لبنيكِ، لا يُدفع ما لَكِ من فضلك و لا يوضعُ في فرعك وأصلكِ، حكمك نافذ فيما ملكت يَدايَ، فهَل ترين أن أُخُالف في ذلكَ أبَاكِ صلي الله عليه و آله و سلم.
لِبَنِيكِ أَنْتِ كُنْتِ شَجَراً *** طابَ مِنْهَا أَصْلُهَا فِي الإِنْتِمَاءِ
فَلَكَ مَالَكَ مِنْ فَضْلٍ فَلَا *** يَدْفَعُ الْفَضْلُ... لَكِ حَتِّي النَّهَاءِ
لَا وَ لَايُوضَعُ فِي فَرْعٍ وَ لاَ *** لَكِ فِي أَصْلٍ نَقِيِّ كَالسَّنَاءِ
حُكْمُكِ فِيما مَلَكَتُ نَافِذٌ *** هُوَ قَطْعِيِّ كَحُكْمِ اَلْأُمَرَاءِ
أَفْهَلْ تَرْضَيْنَ فِي ذَاكَ لَنَا *** أَنْ نُخَالِفْ فِيهِ خَيْرَ الْأَنْبِيَاءِ
ص: 221
فقالت عليها السلام: سبحان اللّه... ما كان رسول اللّه صلي الله عليه و آله و سلم عن كتاب اللّه صادفاً(1) و لا لأحكامه مخالفاً، بل كان يتّبع أثره و يقفو سُوَرَهُ، أَفَتَجْمعون إلي الغدر؛ اعتلا لاً عليه بالزور.
فَأَجَابَتْ فَاطِمٌ مِنْ عَجَبٍ *** ثُمَّ قَالَتْ فِي هُدُوءٍ وَ اهْتِدَاءِ
-لِأَبِي بَكْرٍ- فَسُبْحَانَ الَّذِي *** مَرْجِعُ اَلْخَلْقِ إِلَيْهِ فِي اَلنَّهَاءِ
عَنْ كِتَابِ اَللَّهِ مَا كَانَ أَبِي *** صَادِفاً عَنْهُ بِلَيْلٍ وَ ضِحَاءِ
وَ لِأَحْكَامٍ أَتَتْهُ فِيهِ لاَ ***كَانَ يَوْماً فِي خِلاَفٍ وَ عَدَاءِ
بَلْ أَبِي كَانَ يُؤَدِّي مَا بِهِ *** وَ لَقَدْ كَانَ لَهُ فِي أَقْتِفَاءِ
وَ لآثَارٍ لَهُ أَوْ سُورٍ *** كَانَ يَقْفُو مَا بِهَا مِنْ أَهْتِدَاءِ
أفإجماعٌ إِلَي اَلْغَدْرِ لَكُمْ *** وَ عَلَيْهِ الزُّورُ زِدْتُمْ فِي اِفْتِرَاءِ؟!
و هذا بعد وفاته شبيهٌ بما بُغِي لهُ من العوائل في حياتهِ، هذا كتاب اللّه حكماً عدلاً و ناطقاً فصلاً يقول: «يرثُنِي و يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ»، «وَوَرَثَ سُلَيمَانُ دَاوُدَ»، فبَّين (عزّوجلّ) فيما وزَّع من الأقساط،
كُلُّ هَذَا بَعْدَما فَارَقَنَا *** فِيهِ بِالْمَوْتِ أَمِيرٌ اَلْأَنْبِيَاءِ
ص: 222
هُوَ ذَا بَغْيٌ لَكُمْ فِي مَوْتِهِ *** يَشْبِهُ اَلْبَغْيَ لَهُ مُنْذُ اِبْتِدَاءِ
فَرَسُولُ اَللَّهِ لاَقِي مِنْكُمُ *** مِنْ أَذِيَ فِي عُمُرِهِ، أَوْ مِنْ بَلاَءِ
وَ كِتَابُ اَللَّهِ هَذَا حُكْماً *** نَاطِقاً فَصْلاً وَ عَدْلاً فِي الْقَضَاءِ
وَ هُوَ الْقائِلُ فِي حُكْم لَهُ *** وَاضِحٍ فِي اَلْإِرْثِ إِرْث الْأَنْبِيَاءِ
فِي سُلَيْمَانَ وَ فِي تَوْرِيثِهِ *** مِنْ أَبِيهِ بَيْنٌ شِبْهُ اَلضِّيَاءِ
بَيَّنَ اَللَّهُ تَعَالَي شَأْنُهُ *** كُلَّ أَقْسَاطِ فُرُوضٍ وَ حِباءِ
و شرّع من الفرائض و الميراث؛ ما أزاح علّة المبطلين و أزال التظنِّي والشُّبهات في الغابرين كلَّا، بل سوَّلت لكم أنفسكم أمراً، فصبرٌ جميلٌ، و اللّه المستعان علي ما تصفون.
وَ بِهِ قَدْ شَرَعَ اَلْمِيرَاثَ مِنْ *** فَرْضِ إِرثٍ لِذُكُورٍ و نِسَاءِ
مَا أَزاحَ عِلَّةَ المُبطِلِ في *** كُلِّ قَولٍ بَاطِلٍ أوْ إِفْتِرَاءِ
وَ أَزالَ الظَّنَّ وَ اَلشُّبْهَةَ فِي *** حِكْمِهِ فِي الْغَابِرِينَ لِلنَّهاءِ
لَيْسَ فِي اَلْأَمْرِ عَلَيْكُمْ لَبْسَةٌ *** بَلْ تَنَكَّرْتُم لِإِرْثِ اَلْأَنْبِيَاءِ(1)
سَوَّلَتْ أَنْفُسُكُمْ أمراً بِذا *** لَيْسَ غَيْرُ الْمَكْرِ فِيهِ وَ اَلدهَاءِ
لَيْسَ إِلاَّ اَلصَّبْرُ أَحَجِّي وَ عَلَي *** مِثْلِ هَذَا لَجَمِيلٌ لِي بَلاَئِي
وَ هُوَ اَللَّهُ قَدِيرٌ وَ بِهِ ***مُستَعانِي بِبَلاَءٍ وَ رَخَاءِ
وَ عَلَي مَا تَصِفُونَ اَلْيَوْمَ لاَ *** أَرْتَضِي إِلاَّهُ فِي هَذَا اَلْقَضَاءِ
ص: 223
فقال أبوبكرٍ: صدق الله و صدق رسوله صلي الله عليه و آله و سلم و صدقت ابْنتُهُ، أنتِ معدن الحكمة و موطن الهدي و الرحمة و ركن الدِّين و عين الحجّة، لا أُبعد صوابكِ و لاَ أُنكرُ خطابكِ، هؤُلَاء المسلمون بيني وبينك، قلَّدونِي ما تقلَّدتُ؛
وَ «أَبُوبَكْرٍ» لِذَا قَالَ لَهَا: *** صَدَقَ اللَّهُ وَخَيرُ الأنبِياءِ!!
و بَذا قَدْ صَدَقَتْ إبْنَتُهُ *** مَعْدِنُ الْحِكْمَةِ أَنتَ والذّكاءِ
مَوْطِنُ الرَّحِمِةِ أَنْتِ وَ اَلْهُدْي *** أَنْتَ رُكْنُ اَلدِّينِ فِي هَذَا اَلْبِنَاءِ
أَنْتِ لِلْحُجَّةِ عَيْنٌ أَنَا لاَ *** أُبْعِدُ مِنْكَ صَوَاباً فِي اَلْقَضَاءِ
لاَ وَ لاَ أَنْكِرُ مِنْكَ خُطْبَةً *** وَ خِطَاباً شَافِياً فِيهِ شِفَائِي
هَؤُلاَءِ وَ هُمْ مَنْ أَسْلَمُوا *** بَيْنَنَا نَحْنُ جَمِيعاً بِالْإِزَاءِ
وَ هُمْ قَدْ قَلَّدُونِي ما بِهِ *** قَدْ تَقَلَّدْتُ بِحُكْمِ الفُهَماءِ
و باتِّفاق منهم أخذت ما أخذت، غير مكابرٍ و لا مستبدٍ، لا مستأثرٍ و هُم بذَلِكَ شهودٌ.
إِنْفاقٌ مِنْهُمْ قَدْ قَادَنِي *** أَنْ أَخَذْتُ مَا أَخَذْتُ مِنْ حِبَاءِ
غَيْرَ مَا مُسْتَأْثِرٍ فِيهِ وَ لاَ *** مُسْتَبِدِّ فِيهِ فِي شرعِ اَلْقَضَاءِ
غَيْرَ مَفْتُونٍ وَ لَا مُكَابَرٍ *** فِيهِ فَاسْتَفْتَوْا جَمِيعَ الشُّهَدَاءِ
وَ هُمْ أَيْضاً شُهُودٌ وَ هُنَا *** حَضَرُوا جَهْراً وَ مِنْ دُونِ خَفَاءِ
ص: 224
بل رانَ(1) عَلي قلوبكم
فالتفتت فاطمة عليها السلام إلي النّاس و قالت: معاشر النَّاس المسرعة إلي قيل الباطل، المغضية علي الفعل القبيح الأسر، ««أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَي قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا؟» كلاَّ .. بل رانَ علي قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم،
وَ إِلَي الناسِ الحُضُورِ الْتَفَتتْ *** فَاطِمٌ فِي كُلِّ عِزٍ و إباءِ
ثُمَّ قَالَتْ: مَعْشَرَ اَلنَّاسِ اَلْأَلِي *** تَشْرَعُ اَلْيَوْمَ لَقِيلٍ وَ افْتِراءِ
هِيَ لِلْبَاطِلِ أَوْ أَقْوَالِهِ *** شَاأَنَهَا مُسْرِعَةٌ فِي ذَا اَلْعَيَاءِ
وَ عَلَيَّ فِعْلٍ قَبِيحٍ خَاسِرٍ *** هِيَ ذِي مُغْضِيَةٌ دُونَ حَيَاءِ
هَا هُوَ القُرْآنُ حَقٌ أَفَلا *** فيهِ يُدَبِّرُ عَقْلُ الْفُهَمَاءِ
أَمْ عَلَيْهِ وَ عَلَي أَحْمَازِهِمْ *** قَفِلَتْ أَقْفَالُهَا فِي ذَا اَلْجَفَاءِ
فِيهِ بَلْ رَانَ عَلَي قُلُوبُكُمْ *** مَا أَسَأْتُمْ فِي جَفَاءٍ وَ قَضَاءِ
فأخذ بسمعكم و أبصاركم و لبئس ما تأوَّلتم و ساء ما به أشرتم و شرّ ما به إعتضتم، لتجدُّنَّ -واللّه- محمله ثقيلاً و غيّه وبيلاً،(2) إذا كُشف لكم الغطاءُ؛ وبان ما ورائه الضرَّاء،
أَخَذ اللَّه لِهَذَا سَمْعَكُمْ *** وَ بِأَبْصَارِكُمْ فِي اَلإِنْتهَاءِ
ص: 225
بِئْسَ مَا أَحْدَثْتُمْ أَوْ مَا بِهِ *** قَدْ تَأَوَّلْتُمْ لِأَحْكَامِ السَّمَاءِ
وَ لَقَدْ سَاءَ بِحُكْمٍ مَا بِهِ *** قَدْ أَشَرْتُمْ دُونَ حَقِّ أَوْ رِعَاءِ
شَرِّ مَا مِنْهُ بِهِ إِعْتضْتُمُ *** وَ خَسِرْتُمْ فِيهِ أَسْبَابَ الْوَلاَءِ
تَجِدْنَّ فِي غَدٍ -واللَّهُ- ما *** يَثْقُلُ الْحَمْلُ بِهِ يَوْمَ الْجَزَاءِ
غَيُّهُ كَانَ وَبِيلاً عِنْدَمَا *** يَكْشِفُ الحَقُّ بِكَشفٍ للْغِطَاءِ
وَ يُبَينُ مَا بِهِ السِّتْرُ اخْتفي *** وَ هُوَ الضَّرَّاءُ مِنْكُمْ فِي الْوَرَاءِ
وبذا لكم من ربكم؛ ما لم تكونوا تحسبون و خسر هنالك المبطلون.
و بَدَا مِنْ رَبِّكُمْ فِيهِ لَكُمْ *** مَنْ بِهِ لَمْ يَكُ فِيهِ بِالْهَتَدَاءِ
لَمْ تَكُونُوا تَحْسَبُونَ غَيَّهُ *** هَا هِيَ اَلنَّارُ لِحَرْقٍ وَ صَلاَءِ
إِنَّمَا اَلْمُبْطِلُ فِيهِ خَاسِرٌ *** خَسِرَ اَلْمُبْطِلُ مِنْ بَعْدِ اِهْتِدَاءِ
ص: 226
ثُمَّ انكْفَاَتْ عليهم السلام و أمير المؤمنين عليه السلام يتوقَّع رجوعها إليه و يتطلّع طلوعها عليه، فلمّا استقرّت بها الدّار؛ قالت لِأمير المؤمنين عليه السلام: يابن أبِي طالب، اشتملت(1) شملة الجنين و قعدتَ حجرة الظّنيِن، نقضت قادمة الأجدل،(2)
رَجَعَتْ فَاطِمَةٌ و اِنْكَفَأَتْ *** بِعَدَمَا دَانَتْ جَمِيعَ الْخُلَفَاءِ
وَ عَلِيَّ كَانَ فِي الدَّارِ لَهَا *** يَتَطَلَّعْ لِرُجُوعٍ وَ انْكِفاءِ
وَ بِهَا الدَّارُ إِذَا مَا سرَّ مِنْ *** أَوْبَةٍ قَرَّتْ بِهَا وَسَطَ الْفِنَاءِ
حِينَهَا قَالَتْ لِمَا قَدْ نَالَهَا *** «لِأَمِيرِاَلْمُؤْمِنِينَ»، مِنْ بَلاَءِ
أَنْتَ يَا اِبْنَ أَبِي طَالِبٍ *** اِشْتَمَلَتْ كَجَنِينٍ في غِشاءِ
وَ قَعَدَتَّ حُجْرَةَ الْمَظْنُونِ مَنْ *** بِهِ التُّهَمَةُ حَلَّتْ فِي الْقَضَاءِ
وَ نَقَضْتَ مِنْ مَقَادِيمٍ بِهَا *** كُلُّ طَيْرٍ طَائِرٌ فِي ذَا الْفَضَاءِ
فخانك ريش الأعزل، هذا ابن أبي قحافة؛ يبتزّني نحلة أبي، و بلغة إبني، لقد أجهر في خصامي و ألفيته الألدَّ في كلامي،
وَ بِهَا الْأَجْدَلُ فِي تَحْلِيقِهِ *** يَخْرِقُ الْأَبْعادَ فِي جَوْفِ السَّماءِ
ص: 227
صِرْتَ أَلْآنَ لِأَمْرٍ أَغرَلاً *** مِن سِلاحٍ وَ كُرَاعٍ وَلِواءِ
هُوَ ذَا إبنُ أَبِي قُحَافَةٍ *** بَزَّنِي نِحلةَ خَيْرُ اَلْأَنْبِيَاءِ
هُوَ ذَا يَبْتَزُّنِي إِرْثَ أَبِي *** وَ لِإِبْنِيَّ مَعَاشاً فِي اِكْتِفَاءِ
وَ لَقَدْ أَجْهَرَ فِي خُصُومَتِي *** وَ خِصامِي دُونَ خَوْفٍ و خَفَاءِ
وَ لَقَدْ ألْفَيْتُهُ اللُّدَّ الَّذِي *** فِي كَلامِي كَانَ لِجَاً بِالْهَرَاءِ
وَ هُوَ الْحَاكِمُ وَ الشَّاهِدُ فِي *** كُلِّ دَعْوَي سَاقَهَا عِنْدَ اَلْقَضَاءِ
حتَّي حبستني قيلة نصرها و المهاجرة وصها و غضَّتِ الجماعة دوني طرفها، فلاَ دافع و لا مانع، خرجتُ كاظمة، وعدتُ راغمة،
حَبَسَتْنِي قَيلَةٌ عَنْ نَصْرِهَا *** وَ هِيَ الْيَوْمَ عَليَّ غيرِ اهتِداءِ
دِينُها دِينُ مُلُوكٍ إِنَّهَا *** عَدَلَتْ عَنَّا إِلَيَّ سُوءِ وَلاَءِ
وَ لَإِسْعا فِي وَ وَصْلِي اِمْتَنِعُوا *** مِنْ بِهِمْ هَاجَر خَيْرُ اَلْأَنْبِيَاءِ
دُونِيَ اَلطُّرْفُ غَدَتْ مَغْضُوضَةً *** مِنْ جَمَاعَاتٍ بِهِمْ كانَ رَجائِي
لَيْسَ لِي فِي الْأَمْرِ غَيْرِي دَافِعٌ *** لَيْسَ غَيْرِي مَانِعٌ لِلْإِعتداءِ
قَدْ خَرَجْتُ مِنْ هُنَا كَاظِمَةٌ *** كُلَّ آلاَمِي وَ حُزْنِي وَ بَلائِي
ثُمَّ عُدْتُ بَعْدَها رَاغِمَةً *** دُونَ حَقِّ وَ حُقُوقٍ وَ وَلاَءِ
أضرعت خدَّكَ، يوم أضعتَ حدَّكَ، إفترست الذئَاب و افتَرشتَ التراب، ما كففتَ قائِلاً؛ ولا أغنيتَ باطلاً و لا خيار لي، ليتني متُّ قبل هينتي، و دونَ ذِلَّتِي،
وَ لَقَدْ أَضْرَعْتَ أَنْتَ اَلْيَوْمَ في *** خَوضِها خَدَّكَ شِبْهَ اَلْجُلَسَاءِ!
وَ تَرَكْتَ حَدَّكَ اَلْقَاهِرَ فِي *** طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ جَاءَتْ بِالْبَلاَءِ!
إفتَرسْتَ لِذِئَابٍ قَبْلَ ذَا *** فِي حُرُوبِ اَلْأَمْسِ لَجَّتْ بِالدِّمَاءِ
ص: 228
وَ اِفْتَرَشَتَ اَلْأَرْضَ مِنْ بُؤْسٍ وَ مِنْ *** فَاقَةٍ شَبَهَ جُلُوسِ اَلْفُقَرَاءِ
ماكَفَفْتَ قَائِلاً عَنِّي وَ لاَ *** بَاطِلاً أَغْنَيْتَ عَنِّي فِي بَلاَئِي
لَيْسَ لِي فِي ذَا خِيَارٌ إِنَّنِي *** لَا اخْتِيَارَ لِي بِجَنْبِ اَلْأَقْوِيَاءِ
لَيْتَنِي قَدْ مِتُّ قَبْلَ هِينَتِي *** دُونَ ذُلِّي فِي اِفْتِرَاءٍ وَ عِدَاءِ
عذيري اللَّه منك عادِياً و منك حَامِياً، وَيلايَ في كلِّ شارق، مات العمد و وهنَ العضد؛ شكواي إلي أبي و عَدوايَ إلي ربِّي، اللَّهُمَّ أنتَ أَشدُّ قُوَّةً وَ حولاً،
فِنْتَةٌ فِيهَا عُذِيرِي اللَّهِ مِنْك *** عَادِياً فِيهَا ومِنْكَ فِي احْتِمَاءِ
شِدَّتِي... وَيْلاَيَ مِنْهَا كُلَّمَا *** شَرِقَتْ شَمْسٌ وَ غَابَتْ فِي مَسَاءِ
مَاتَ لِلدِّينِ لِشَأْنٍ عَمدٌ *** وَ هُنَّ العَضُدُ بِهِ يَوْمَ اللِّقَاءِ
عَمْدُ اَلدِّينِ أَبِي «مُحَمَّدٌ» *** وَ عَلِيٌّ عَضَدٌ صَعْبُ اَلْوَفَاءِ
لِأَبِي شَكْوَايَ عَدوايَ إِلَي *** رَبِّي لاَ أَعْدُوهُ فِي هَذَا اَلْقَضَاءِ
أَنْتَ اَللَّهُمَّ رَبِّي وَ لِذَا *** فِي أُمُورِي لَكَ أَصْبُو فِي دُعاءِ
أَنْتَ في هذا أَشَدُّ قُوَّةً *** أَنْتَ فِي حَوْلٍ مُبِيرٌ الأَشْقياءِ
وأحدُّ بأساً تنكيلاً، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: لاَويلَ عليكِ، الويل الشانئَكِ، نهنهِي(1) عن وجدّكِ يا بنَةَ الصَّفوَةِ و بقية النّبؤَّةِ، فما و نيتُ عن ديني و لا أخطَأتُ مقدوري، فإن كنتِ تريدينَ البلغة فرزقُكِ مضمون،
وأَحَدُّ مِنهُم بَأْساً وَ في *** قُوَّةِ اَلتَّنْكِيلِ غَيْثٌ مِنْ بَلاَءِ
وَ عَلِيُّ عِنْدَهَا قَالَ لَهَا: *** لاَ عَلَيْكِ اَلْوَيْلُ يَا خَيْرَ اَلنِّسَاءِ
هَا هُوَ اَلْوَيْلُ لِشَانِيكِ فَلاَ *** تَحْزَنِي يَا بِنْتَ خَيْرِ اَلْأَنْبِيَاءِ
ص: 229
نَهنِهِي عَنْ وَجْدِكِ اَلْآنَ فَلاَ *** تَأْسَفِي يَا أبنةَ نِعْمَ الْأَصْفِيَاءِ
أَنْتِ يا فاطِمُ مِنْ بَقِيَّةٍ *** لِلنَّبُوَّاتِ لَها كُلُّ الثَّناءِ
مَا وَنَيْتُ اليَومَ عَن دِينِي ولا *** إِنَّنِي أَخْطَأْتُ مَقدُوري بِداءِ
أَنْتِ إِنْ كُنْتِ تُرِيدِينَ بِهِ *** بُلْغَةً فَالرِّزْقُ مَضْمُونُ اَلْبَقَاءِ
وكيفلكِ مأمون و ما أُعِدَّ لَكِ خيرٌ ممَّا قُطِعَ عنكِ، فاحتسبي اللَّهَ.
أَوَ لَيْسَ اَللَّهُ فِي ذَا كَافِلاً *** رِزْقَ مَا فِي اَلْأَرْضِ أَوْ مَا فِي اَلسَّمَاءِ؟
وبِهِ اَللَّهُ تَعَالَي شَأْنُهُ *** هُوَ مَأْمُونٌ بِهِ مُنْذُ ابْتِداءِ
وَ لَكِ ما قَدْ أَعَدَّ عِنْدَهُ *** لَكِ فِيهِ الْأَجْرُ فِي يَوْمِ اَلْجَزَاءِ
عِزَّةٌ فَخْرٌ شُمُوخٌ نِعْمَةٌ *** وَ بِهِ خُلدُ بَقَاءٍ بِبَقَاءِ
كُلُّهُ أَفْضَلُ مِمَّا قَطَعُوا *** عَنْكِ مِنْ إِرْثٍ وَ حَقِّ وَ حِبَاءِ
وَ بِهِ فَاحتَسِبِي اللَّه اَلَّذِي *** لِرِضَاهُ اَلصَّبْرُ يَحْلُو فِي اَلْبَلاَءِ
هِيَ لِلَّهِ وَ لِلدِّينِ ارْتضتْ *** بَعْدَ ذَا وَ اِمْتَثَلْتْ أَمْرَ اَلسَّمَاءِ
فقالت: حسبيَ اللَّهُ.
وأمسكَتْ.
بامتثالٍ لِعَلِيِّ زَوْجَهَا *** ووَصيِّ هُوَ خَيْرُ الأوصياءِ
ثُمَّ قَالَتْ: حَسْبِيَ اَللَّهُ فَلَمْ *** يَسْتَمِعْ مِنْهَا كَلاَماً لِلنَّهاءِ
ص: 230
إِنَّ داراً حَدِيثُ الكِسَاءِ*** دَارُ مَجدٍ سَمَت عَلَي الجَوزاءِ(1)
ص: 232
ص: 233
ص: 234
مَا جَرَيَ بَعْدَ أَحْمَدٍ لِذَوِيهَا *** مِنْ جَلِيلِ اَلْمُصَابِ وَ الْأَرْزَّاءِ
كَبَسُوا بَابَهَا بِجَزَلٍ وَ نَارٍ *** وَ عَلَتْ ثَمَّ ضَجَّةُ اَلْغَوْغَاءِ(1)
أَيُّ ذَنْبٍ لِفَاطِمٍ يَوْمَ لاذَت *** خَلْفَ بَابٍ عَنْ عِفَّةٍ وَ حَيَاءِ
فَلِمَاذَا اتَّكِيَ عَلَي الْبَابِ عَمْداً *** عاصِراً جِسْمَهَا بِكُلِّ اِعْتِدَاءِ
كَسَرُوا ضِلْعَهَا، وَ قَدْ نَبَتَ *** الْمِسْمَارُ فِي اَلثَّدْيِ نَابِعاً بِالدِّمَاءِ
أَسْقَطَتْ مُحَسِّناً جَنِينَ حَشاهَا *** إِنَّ قَلْبَ اَلْإِنْسَانِ بِالْأَحْشَاءِ(2)
ثُمَّ قَادَرُوا بِالْحَبْلِ قَسْراً عَلِيّاً *** وَ هُوَ يَدْعُو بِسَيِّدِ اَلشُّهَدَاءِ(3)
ص: 235
يَا أَخِي جَعْفَرٌ وحَمَزَهُ عَمِّي *** أدرِكونِي يا سَادَةَ اَلْبَطْحَاءِ
ثَوْتِ اَلطُّهْرِ وَ هِيَ مُغْمي عَلَيْهَا *** بُزْهَةٍ لَمْ تُفِقْ مِنَ الإِغْمَاءِ(1)
أَخْرَجُوا بَعْلَهَا وَ حِينَ أَفَاقَتْ *** تَبِعَتُهُمْ بِصَرْخَةٍ وَ بُكَاءِ(2)
ثُمَّ حالَتْ بَيْنَ اَلْوَصِيِّ وَ قَوْمٍ *** أَخَذُوهُ بِقيدِ شِبْهِ اَلسَّبَاءِ(3)
كَيْفَ لاَ تَهْبِطُ اَلسَّمَاءُ لِأَرْضٍ *** أَيُّ عُذْرٍ تَرَاهُ لِلْخَضْرَاءِ
مُذْغَدَتْ تَلْتَوِي عَلَيَّ بُضْعُةِ الْهَادِي *** سِيَاطُ اَلذُّحُولِ وَ الْبَغْضاءِ(4)
وَ مَحَوْا عَيْنَها بِلَطْمِةِ كَفِّ *** جَلَّلَتْهَا بِحُلَّةٍ حَمْرَاءِ(5)
كُلُّ مَا كَانَ يَوْمَ ذَاكَ نَوَاةٌ *** لِمُصَابِ اَلْحُسَيْنِ فِي كربلاَءِ
فَبِضلْعِ اَلزَّهْرَاءِ كَمْ صَدْرِ قُدسٍ *** رَضَتِ اَلْخَيْلُ فِي ثَرْيِ اَلرَّمْضَاءِ
خَرَجَتْ فَاطِمٌ لِقَبْرِ أَبِيهَا *** تَشْتَكِي لاَ كزينب اَلْحَوْرَاءِ
ص: 236
هَذِهِ بَيْنَ لُمَّةٍ مَنْ نِسَاهَا *** تِلكَ مَا بَيْنَ جَحْفَلِ اَلْأَعْدَاءِ(1)
هَذِهِ أَجْهَشَ الوَرَي لِبُكاها *** تِلْكَ قاسَتْ شَمَاتَةَ الْخُصَمَاءِ(2)
إِنَّ رُزءَ الحُسَينِ رُزءٌ عَظيمٌ *** ما لَهُ مَشَبَّةٌ مِنَ الأرزاءِ
ص: 237
(بحر الخفيف)
الشيخ عبد العظيم الربيعي(*)(1)
قَدْ رَوِينَا عَنْ فَاطِمَ اَلزَّهْرَاءِ *** بَضْعَةِ المصطَفي حَدِيثَ اَلْكِسَاءِ
دَخَلَ الْبَيْتَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَيْهَا *** وشَكَا اَلضَّعْفَ سَيِّدُ اَلْأَنْبِيَاءِ
قُلْتُ: يَا وَالِدِي أُعِيذُكَ بِاللَّهِ *** مِنَ اَلضَّعْفِ وَ اَلضَّنِي وَ اَلْعَنَاءِ(2)
قَالَ: هَاتِي لِيَ الْكِسَاءَ اَلْيَمَانِيَّ *** وَ حَسْبِي بِأَنْ يَكُونَ عِطَائي
فامتَثَلْتُ الأَمْرَ الكَريمَ وَأَبْصَرْتُ *** مَحياهُ مُشرِقاً بِالْبَهاءِ(3)
ولِضِيقِ الخِنَاقِ فِي اَللَّفْظِ قَالَتْ: *** وَجْهُهُ اَلْبَدْرُ كَامِلاً فِي اَلضِّيَاءِ(4)
ثُمَّ لَمْ تَمْضِ سَاعَةً فَغَشَّانِي *** اَلْحَسَنُ اَلطُّهْرُ بِالسَّلامِ الفجائي
وَ عَلَيْكَ اَلسَّلاَمُ قُرَّةَ عَيْنِي *** وَسُويدا اَلْفُؤَادِ فِي الْأَحْشَاءِ(5)
وَ انْثَنِي سَائِلاً فَقَالَ: أَمْسِكٌ *** عِنْدَ أُمِّي يَضُوعُ فِي اَلْأَرْجَاءِ(6)
أَمْ تَرَانِي شَمِمْتُ رَائِحَةَ مَنْ *** نَفَخَ طَيبَ المحبُوِّ بِالإِصْطفاءِ(7)
ص: 238
قُلْتُ: هَذَا اَلنَّبِيُّ يَا مَنْ بِهِ قَدْ *** بَاهَلَ اَللَّهُ سَائِرَ اَلْأَبْنَاءِ
نَامَ تَحْتَ الكِسَا فَجَاءَ إِلَيْهِ *** مَعَ أَسْنِي تَحِيَّةٍ وَ ثَنَاءِ(1)
قائِلاً: يا حَبِيبَ قَلْبِي فَحَقِّقْ *** بِدُخُولِي مَعَ الْحَبِيبِ رَجَائِي
فَاسْتَجَابَ النَّبِيُّ بِالْإِذْنِ فَوراً *** إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُجِيبَ النِّدَاءِ
حَضْنَ اَللَّيْثُ شِبْلَهُ، قَالَتِ اَلطُّهْرُ: *** فَجَاءَ اَلْحُسَيْنُ فِي اَلْأَثْنَاءِ
قَائِلاً: يَا ابْنَةَ اَلْكِرَامِ سَلاَمٌ *** وَ صَلاةٌ عَلَيْكِ سِتَّ اَلنِّسَاءِ(2)
وَ عَلَيْكَ اَلسَّلاَمُ فِلَذَّةُ قَلْبِي *** بَلْ فُؤَادِي يَمْشِي عَلَيَّ اَلْغَبْرَاءِ
وَ أَعَادَ اَلسَّوَالَ: عِنْدَكَ طِيبٌ *** عَبِقَتْ فِيهِ سَائِرُ اَلْأَنْحَاءِ(3)
أَكْبَرُ اَلظَّنِّ أَنَّهُ طِيبُ جَدِّي *** مُصْطفَي الْفَضْلِ مِنْ بَنِي حَوَّاءِ
قُلتُ: ذَا جَدُّكَ اَلنَّبِيُّ قَرِيناً *** لِأَخِيكَ اَلزَّكِيِّ تَحْتَ اَلْكِسَاءِ
فَمَضَيَ نَحْوَ جَدِّهِ عَنْ غُرَامٍ *** ثُمَّ حَيَّاهُ سَيدالشُهَدَاءِ
قائِلاً: هَل يَجُودُ بِالْإِذْنِ جَدِّي *** فَهُوَ لِلجُودِ مَعْدِنٌ وَ اَلسَّخَاءِ
أَنْ يَكُونَ اَلْحُسَيْنُ تَلْوَ أَخِيهِ *** ثانِيَ اثنيْنِ، ثَالِثَ اَلْقَرْنَاءِ
أُتْرِي اَلْمُصْطَفِي يَرُدُّ حُسَيْناً *** لاَ وَ ذِي الْعَرْشِ صَاحِبِ اَلْكِبْرِيَاءِ
أَشْرَقَ اَلْفَرْقَدَانِ فِي ذِي اَلسَّمَاءِ *** وَ اِسْتَمَدَّا سِنَاهُمَا مِنْ ذَكَاءِ(4)
قَالَتِ اَلطُّهْرُ اَلْفَاطِمُ اَلزَّهْرَاءُ *** وَ كَفَانَا بِفَاطِمِ اَلزَّهْرَاءِ!
ثُمَّ جَاءَ اَلْوَصِيُّ خَيْرُ البرايَا *** ألف أهْلاً بِسَيِّدِ اَلْأَوْصِيَاءِ
ثُمَّ حَيَّاً بِكُلِّ وُدِّ وَ شَوْقٍ *** مَا أُحَيلَي تَحِيَّةَ اَلْأَكْفَاءِ
ص: 239
وَ هِيَ رُدَّتْ عَلَيْهِ رَدّاً جَمِيلاً *** وَ هُمَا؟ مَنْ هُمَا مِنَ اَلْبُلَغَاءِ
نَفَحَ اَلطِّيبُ فاستهَامَ ادكاراً *** لِشِذَاهُ مِنْ قِبَلِ عَهْدِ حِرَاءِ(1)
قَالَ: يافاطمٌ أَرَائِحَةٌ مِنْ *** طِيبِ خُلْقِ اَلنَّبِيِّ رَبِّ اَلْعَلاَءِ
قُلْتُ: هَذَا أَبِي وَ سِبْطَاهُ ضَاؤُوا *** تَحْتَ هَذَا اَلْكِسَاءِ أُفُقَ اَلسَّمَاءِ
هُوَ صِنْوُ اَلنَّبِيِّ لَمْ تَرَ صنواً ***كَانَ عَن صِنْوِهِ مِنَ البُعَداءِ(2)
فَأُتِيَ لِلنَّبِيِّ يَدْفَعُهُ اَلشَّوْقُ *** وَ حَيّاً بِدَافِعٍ مِنْ وَلاَءِ
قَائِلاً: يَا حَبِيبَ قَلْبِي سَمْعاً *** لِنِدائِي وَ لا تَرُدَّ دُعَائِي
عَجِّلِ الْإِذْنَ بِالدُّخُولِ عَلَيْكُمْ *** يا فَدَتَكُمْ نَفْسِي وَ قُلَّ فِدَائِي
أَخْرِجِ الْمُسْلِمِينَ إِلاَّ عَلِيّاً *** يَوْمَ سَدَّ اَلْأَبْوَابَ، دُونَ مِرَاءِ(3)
أتُرَاهُ يَرِدُّهُ اَلْيَوْمَ، كَلاَّ *** إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ مِنَ الْقُرْبَاءِ
خَفَراً فِي الكِسَاءِ وَافي، ولَكِن فَرَطاً *** كانَ لَيْلَةَ الإسراءِ(4)
ص: 240
غِبْطَتْهُم وَ حُقَّ لَو غَطَبَتْهُمْ *** فَاطِمُ اَلْفَضْلِ فَاطِمُ اَلْعَلْيَاءِ
فَأَتَتْ نَحْوَهُمْ وَ أَبْدَتْ سلاماً *** إِبْتِداءً، لَكِنْ لِغَيْرِ اِنْتِهَاءِ
طَلِبَتْ بالدُّخُولِ إِذْنَ أَبِيهَا *** سَيِّدِ اَلْمُرْسَلِينَ وَ اَلْأَنْبِيَاءِ
أَيَضِيقُ اَلْكِسَاءُ عَنْهَا، وَ كَمْ قَدْ *** وَسِعْتَهَا مِنْ آيَةٍ فِي اَلثَّنَاءِ
وَاتْلُ آيَ اَلتَّطْهِيرِ وَ آيَةَ الْقُرْبِي *** تر اَلْأَمْرَ وَاضِحاً لِلرَّائِي(1)
وَ لَكُمْ لِفَّهُمْ وَ نَوَّهَ فِيهِمْ *** أَحْمَدٌ فِي عَبَاءَةٍ أَوْ عَبَاءِ(2)
حَسَدَتْ ذَلِكَ اَلْكِسَاءَ سَمَاءٌ *** زُيِّنَتْ بِالْبُدُورِ وَ الْجَوْزَاءِ
كَيْفَ لاَ وَ هُوَ مِنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ *** كانَ عَرْشُ اَلْمَلِيكِ وَ اَلْوُزَرَاءِ(3)
صَفْوَةَ اَللَّهِ زُبدَةَ اَلْمَخْضِ لِمَّا *** خَلَقَ اَللَّهُ سَائِرَ اَلْأَشْيَاءِ(4)
وَ هُمُ الْمَجْدُ رَبُّهُ قَدْ بَنَاهُ *** لِبِنَةً فَوْقَ لَبِنَةٍ فِي الْبِنَاءِ
وَ هُمْ عِلَّةُ الْوُجُودِ وَ لَوْلاَ *** هُمْ الظَلَّ الْوُجُودُ رَهْنَ فَنَاءِ
وَ رَأَيْتَ النُّجُومَ فِي فَلَكٍ لَمْ *** تَسْرِ وَ الْفُلْكَ مَا جَرَتْ فِي اَلْمَاءِ(5)
يَوْمَ نَادِي اَلْإِلَهِ كُلَّ مَلاكٍ *** وَ بِسُكَّانِ أَرْضِهِ وَ السَّمَاءِ
فَوَمَجْدِي وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي *** وَ أَنَا الْعِزُّ وَ الْفَخَارُ رِدَائِي
ص: 241
ما خَلَقْتُ السَّماءَ وَ الْأَرْضَ إِلاَّ *** حُبَّ أَهْلِ الْكِسَاءِ مِنْ أُمَنَائِي
حُبُّ أهْلِ اَلْكِسَاءِ وَ اَلْعِلَلِ اَلْخَمْسِ *** وَ هَل تَعْلَمُونَ مَنْ هؤلاءِ؟
هَؤُلاَءِ اَلزَّهْرَاءُ ثُمَّ أَبُوهَا *** وَ عَلِيٌّ وَ اِبْنَاهُمُ أَصْفِيَائِي
فَدَعَاهُ اَلْأَمِينُ: رَبِّ فَعَجِّلْ *** لِي بِالْإِذْنِي يَا وَلِيَّ اَلْعَطَاءِ
فَكَفانِي فَخْراً بِأَنِّي فِيهِمْ *** سادِساً كُنْتُ سَاعَةَ اَلْإِحْصَاءِ
فَأَتَاهُ اَلْإِذْنُ الْكَرِيمُ و حَقّاً *** موسِمُ اَلْبِشْرِ سَاعَةٌ مِنْ لِقَاءِ
عَلِمَ اَلرُّوحُ أَنَّهُ بهبوطٍ *** لَهُمُ حَازَ غَايَةَ الإرتقاءِ(1)
فَانْتُهِيَ لِلَّذِي قَدِ اخْتَارَهُ مِنْ *** خَلْقِهِ ذُو النَّوَالِ والْآلاءِ(2)
وَ حَبَاهُ تَحِيَّةَ، مَنْ تَرَاهُ *** غَيْرَ هَذَا اَلرَّسُولِ أَهْلِ اَلْحِبَاءِ
وَ أَعَادَ اَلثَّنَا عَلَيْهِ مِنَ اَللَّهِ *** و كانَ الشَّكورَ لِلنَّعْمَاءِ
قَائِلاً: إِنَّ رَبَّكَ اَلْحَقَّ آلي *** بعُلاهُ وَ مَجْدِهِ اللاَّنهَائِي(3)
أَنَّهُ مَا بَرِيَ الخَليقَةُ إِلاَّ *** لَكُمُ وَحْدَكُمْ بِلا استِثناءِ(4)
وَ حَبَانِي بِإِذْنِهِ بِدُخُولِي *** مَعَكُمْ، فَأَحِبُنِي بِإِذْنِ ثَنَائِي
صَدْرَ اَلْإِذْنُ مِنْ نَبِيِّ عَظِيمٍ *** فَاكْتَسِيَ الرُّوحُ حُلَّةَ السَّرَّاءِ
و لَقَدْ عَادَ فَخْرُهُ وَاضِحاً فِي *** عَالَمِ اَلْأَمْرِ، كَامِلاً فِي الجَلاءِ
قَصَبَ اَلسَّبِقِ حَازَهَا فِي سباق اَلْفَخْرِ*** عِنْدَ الْأَمْلَاكِ وَ السُّفَرَاءِ
وَ تلا آيَةً مِنَ الْوَحْيِ فِيهِمْ *** طَهَّرْتْهُمْ جَهْراً مِنَ الْأَسْواءِ(5)
ص: 242
و لَقَدْ ثَابَرَ النَّبِيُّ عَلَيْهَا *** كُلَّ صُبحٍ مُكَرَّراً وَ مَساءِ(1)
وَإِذا بِالوَصِيِّ يَسأَلُ طهَ *** وَ هُوَ وَاللَّهِ سَيِّدُ الفُصَحاءِ
وَ لَكُم عَالِمٌ يُسائِلُ، حَتِّي *** يَنْجَلِي اَلْأَمْرُ خَالِصاً عَنْ خَفَاءِ
أَيُّ فَضْلٍ لنا بِمجلِسنَا هَذَا *** لَدَي اَلْحَقِّ قَاسِمِ اَلْأَنْصِبَاءِ
فَأَجَابَ اَلنَّبِيُّ هَذَا حَدِيثٌ *** إِنْ جَرِيَ فِي مَحَافِلِ اَلْأَحْيَاءِ
نَزَلَتْ طِيْلَةَ اِجْتِمَاعٍ عَلَيْهِمْ *** رَحِمَةُ اَللَّهُ أَرْحَمِ اَلرُّحَمَاءِ
وَ بِهِمْ أَحْدَقَتْ مَلائِكَةُ اللَّهِ *** وَ قَدْ أَسْعَفْتُهُمْ بِالدُّعَاءِ
و قَدِ اسْتَغْفَرُوا الإلهَ لَهُمْ إِذْ *** نَحْنُ كُنَّا لَهُمْ مِنَ اَلشُّفَعَاءِ
فَأَجَابَ اَلْكُرَّارُ فزنَا وَ فَازَتْ *** شِيعَةُ خَيرُ شِيعَةٍ سَعَدَاءِ
ثُمَّ قَالَ الْهَادِي: وَمَنْ قَدْ *** حَبَانِي بِاخْتِيَارِي لِوَحْيِهِ وَ اِجْتِبَائِي
إِنَّ ذكرِي حَدِيثِ مَجْلِسِنَا هَذَا *** دَوَاءٌ لِجُمْلَةِ اَلْأَدْوَاءِ
حَيْثُمَا يَجرِ فِي أُنَاسٍ و فِيهِمْ *** مُبْتَلٌي كَانَ دَافِعاً لِلْبَلاءِ
وإِذَا كانَ فِيهِمْ رَبُّ غَمِّ *** زَالَ مَا نَابَهُ مِنَ اَلْغَمَّاءِ
وَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ ذُو اِحْتِيَاجٍ *** قُضِيتُ حَاجُهُ بِخَيْرِ قَضَاءِ
عِنْدَهَا قَالَ حَيْدَرٌ: قَدْ سَعِدْنَا *** وَ إِلَهٌ لِلْكَعْبَةِ اَلْغَرَّاءِ
وَ كَذَا شِيعَةٌ لَنَا سَعِدُوا فِي *** هَذِهِ اَلدَّارِ ثُمَّ دَارِ اَلْجَزَاءِ
ص: 243
(بحر الخفيف)
الشيخ عبد الكريم آل زرع(*)(1)
لك يا بضعةَ النبيِّ الوفاءُ *** من محبِّ لا يعتريهِ جفاءُ
مُزِجتْ ذاتُهُ بحبِّكِ حتي *** كان منها كما يكونُ البِنَاءُ
فاستوي في جنانِهِ منهُ نهرٌ *** صُبَّ فيه من الجَلالِ بهاءُ
و جري فهو في الحنايا عروجُ *** السماءِ و ما عليها سماءُ
و هُوَ في كونهِ مدامةَ حسنٍ *** رَشَفَتْ من نميرِها الأعضاءُ
***
فإذا مقلةٌ تنمُّ عن الحُبِّ *** و قلبٌ يُسْتافٌ منهُ الصفاءُ(2)
و مُحيّاً يفيضُ منهُ جمالُ *** العشقِ عذباً مُسْتَعْذَباً و السناءُ
يا بنةَ المصطفي و حسبُكَ فخراً *** إنِكِ الطهرُ فاطمُ الزهراءُ
لكِ وجهٌ لو أبصرتْهُ ذكاءٌ *** أدركتْ ماهو الضياءُ ذكاءُ
حزتِ أسمي الصفاتِ يابنةَ طه *** بعضهُا بعدُ لم تحزْها النساءُ
***
ص: 244
كَلَّ في مدحِكِ اليراعُ و مَن *** رام مَحُالاً أودي بهِ الإعياءُ
و كليلُ الجناحِ يستصعبُ *** السَّفْحَ و تعلُوه قمةٌ شمّاءُ
ما عسي أن أقولَ فيمَن أبوُها *** خيرُ من شرُفَتْ بهِ العلياءُ
***
سيدُ الكونِ باسمهِ قد تباهَي *** الرّسُلُ و الأنبياءُ و الأولياءُ
ما عساني أقولُ في بعلك *** الطهرِّ علي و في يديهِ القضاءُ
هو للمصطفي وصيِّ و عنهُ *** صغَرَ الأوصياءُ و الأنبياءُ
هو قلبُ الوجودِ و هو إمامِي *** و أميري إن عدَّتِ الأُمراءُ
و بنوكِ الأُلي أضاؤوا زمَاناً *** أَلَيْلاً في ضميرِهِ إغفاءُ(1)
و أحالُوا جدبَ العواطفِ خصباً *** فانتشي العدلُ و استقامُ الإخاءُ
***
و من النبع يُستقي و من *** النور علي كلِّ ظُلمةٍ يستضاءُ
فهُمُ النورُ و الحياةُ و شيءٌ *** ليس يُدريِ لكنَّه معطاءُ
يابنةَ المصطفي ألفِنا الرزايا *** غيرَ أنا من حُبِّكُم سعداءُ
و صَبِرنا و كُلُّ صبرٍ جهادٌ *** و هَتَفْنا أَن مَنِكُمُ لابَراءُ
دونَهُ سادتي تُسالُ الدماءُ *** دونَه الروحُ إنَّ روحي فِداءُ
إنَّ هذا من الجِهادِ يسيرٌ *** زرعتْهُ في قلبِنا كَرْبَلاءُ
كيفَ أسْعي و لستُ أملكُ شِعري *** لوغشانِي مدَحٌ لَكُمْ و ثناءُ؟
و إذا الذكرُ خصَّكُم بمديحٍ *** ماعسي أن تُنَمْنِمَ الشُّعَراءُ
يا بنةَ المصطفي عليكِ سلامي *** ماتغنتْ بعشِّها و رقاءُ(2)
***
ص: 245
(بحر الكامل)
الشيخ عبد الكريم النايف(*)(1)
ذَابَتْ لِفَرَطِ صَبَابَتِي أَحْشَائِي *** فَلِذَالِكَ طَالَ تَلَهُّفِي وَ بُكَائِي(2)
وَ تَكَادُ بِالزَّفَرَاتِ تُخْرُجُ مُهْجَتِي *** مِمَّا بها بتنفُّس الصُّعداءِ(3)
يا عاذِلي كُفَّ اَلْمَلاَمَ وَ خَلِّنِي *** دَنِفاً أُكَابِدُ مِحْنَتِي وَ بَلاَئِي(4)
مَا هَاجَنِي ظَعْنٌ الأَحِبِّةِ مُذْ نَاي *** بُعْداً عَنِ اَلْأَوْطَانِ وَ الْأَحْيَاءِ(5)
لَكِنَّمَا وَجدِي لِبَضْعَةِ أَحْمَدٍ *** وَ لَمَّا جَنَتْ مِنْهَا يَدُ اللُّؤماءِ(6)
ص: 246
وَ هِيَ اَلَّتِي نَطَقَ اَلْكِتَابُ بِفَضْلِهَا *** فِي سُورَةِ اَلرَّحْمَنِ وَ اَلْإِسْرَاءِ(1)
مَا أَتْعَبَ اَلْمُخْتَارَ بَعْدَ وَفَاتِهِ *** غَيْرُ اَلْبَتُولَةِ فَاطِمَ اَلزَّهْرَاءِ
أَوصَي جَمِيعَ اَلْمُسْلِمِينَ بِحِفْظِهَا *** إذ إِنَّهَا الحَوْراءُ وَ خَيرُ نِساءِ
وَ تَبَدَّلَت تِلكَ الوَصِيَّةُ بَعدَهُ *** مُذْ عُوَّضَتْ بِالحِقدِ وَ البَغضاءِ
ص: 247
(بحر الكامل)
السيد عبد اللطيف فضل اللَّه
هَتفَ البَيانُ بِمَولِدِ الزَّهْراءِ *** سِرِّ الْوُجُودِ وَ شَمْسِ كُلِّ سَماءِ(1)
وَ مَضَي عَلي اَلْجَوْزَاءِ يَسْحَبُ ذَيْلَهُ *** مُتَرَنِّحاً مِنْ نَشْوَةِ الخُيَلاءِ(2)
وردَ اَلبِحَار اَلْهُوجَ يَسْبُرُ غَوْرَهَا *** وَ يَعِبُّ مِنْهَا قَطْرَةً مِنْ مَاءِ(3)
فَرَأْي اَلْجَلاَلَ عَلَيَّ تَواضُعِ قُدْسِهِ *** تَنْحَطُّ عَنْهُ مَدَارِكُ الْعُقَلاءِ
شَمْخَ الْأَدِيمُ بِفَاطِمٍ وَ تَطَاوَلَتْ *** غَبرَاؤُهُ فِيهَا عَلِي الخَضرَاءِ
بَرَأَ الْعَوَالِمَ وَ اصْطَفَاهَا رَبُّهَا *** مِمَّا اصْطَفَاهَ بِها مِنَ الأُمَناء
فَتَجَسَّمَتْ فِي الْأَرْضِ مِنْهُ رَحْمَةٌ *** وَ شَفَاعَةٌ لِلنَّاسِ يَوْمَ جَزَاءِ
صَدِيقَةٌ مَاكَانَ لَوْلاَ حَيْدَرٌ *** يُلْفِي لَهَا أَحَدٌ مِنَ اَلْأَكْفَاءِ(4)
ص: 248
عَبَرَتْ كَهَيْنَمَةِ اَلنَّسِيمِ وَ وَاجَهَتْ *** كَدَرَ اَلْحَيَاةِ وَ أَهْلَهَا بِصَفَاءِ(1)
لَمْ يَكْشِفِ النَّاسُ الْبَلاءَ وَ لاَ اِرْتَوَوْا *** إِلاَّ بِطَلْعَةِ وَجْهِهَا الوضَاءِ
يَا أُخْتَ نُسَّاكِ اَلْمَلاَئِكِ بِالْهُدْيِ *** وَ ذُبَالَةَ الْأَنْوَارِ مِنْ سَيْنَاءِ(2)
يَا لَمْحَةَ اَلْفِرْدَوْسِ حَطَّ بِطُهْرِها *** خُلدُ اَلْبَقَاءِ عَلَي صَعِيدِ فِنَاءِ
يَا صَفْحَةً بَيْضَاءَ مِنْ إِنْكَارِهَا *** آبَ اَلْوَرِيُّ بِصَحِيفَةٍ سَوْدَاءِ
يَا غَيْبَ سِرِّ لَوْ أَخَذْتُ بِبَعْضِهِ *** طَرَفاً مِنَ الإِعْجازِ وَ الْإِلْجَاءِ
لَمَشَيْتُ فِيهِ عَلَي اَلْهَوَاءِ إِذَا اُبْتُدِي *** عِيسي يَسِيرُ عَلِيٌ نَمِيرِ الْماءِ(3)
وَ اَلاَكَ رَبُّكِ إِذْ رَضَعْتِ وَلاءَهُ *** وَ حَبَاكِ مِنْهُ وَلَايَةَ الْأَشْيَاءِ(4)
فَإِذَا دَعَوْتَ فَأَنْتِ فِي سُلْطَانِهِ *** كَالرُّوحِ حِينَ تُهِيبُ بِالْأَعْضَاءِ(5)
إِنَّ الَّذِي مَسَخَ الْأَمانَةَ وَ انْطُلِي *** بِدِمَاءِ مِنْ ضَحَّي مِنَ اَلشُّهَدَاءِ
وَ طَوَيَ عَدَوَاةَ آلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ *** نَاراً ذَكَّتْ بِجَوَانِحِ اَلْبَعْضَاءِ(6)
فَأَحَالَهَا للَّهُ حَرْباً طَوَّحَتْ *** بِابْنِ اَلنَّبِيِّ مُوَزَعَ اَلْأَشْلاَءِ(7)
ص: 249
ثَقُلَتْ عَلَي اَلْأَكْوَانِ وَطَاةُ رِجْسِهِ *** فِيهَا فَدَارَتْ دَوْرَةَ اَلْإِعْيَاءِ
وَحَدَتْ بِهِ لِلْحَشْرِ لَعْنَةُ رَبِّهِ *** تَسرِي مَعَ اَلْإِصْبَاحِ وَ اَلْإِمْسَاءِ(1)
يَا يَوْمَ أَحْمَدَ هَلْ لِخَطْبِكَ إِذْ هَوَتْ *** فِيهِ اَلْأَنَامُ بِفِتْنَةٍ عَمْيَاءِ
قُلِبَ اَلْوُجُودُ وَ أَصْبَحَتْ أَبْنَاؤُهُ *** مَقْلُوبَةَ الْإِحْسَاسِ وَ اَلْآرَاءِ
فَاعْتَاضَ عَنْ فَوْقٍ رَوَاسِبَ تَحْتَهِ *** وَعَنِ اَلْأَمَامِ لِأَهْلِهِ بِوَرَاءِ
كَمْ فِي فُؤَادِكِ فَاطِمُ مِنْ غُصَّةٍ *** تُوهِي فُؤَادَ اَلصَّخْرَةِ اَلصَّمَّاءِ؟(2)
أَبْهَذِهِ الدُّنْيَا عَزَاءٌ قَائِمٌ *** وَ بِدَارِ رَبِّكِ فِي أَمْضِّ عَزَاءِ
اَلصَّبْرِ ضاقَ لِما صَبَرْتِ عَلَي الأَذي *** وَ سَخِّيْتِ لِلْأَعْداءِ أَيَّ سَخاءِ
قَدِمْتِ مِنْ حَسَنٍ ضَحِيَّةَ سُمِّهِم *** وَ مِنَ اَلْحُسَيْنِ السِّبطِ كَبشَ فِدَاءِ(3)
وَ مِنَ اَلْوَصِيِّ عَلِي اَلرِّسَالَةِ خَائِضاً *** مِنْ حَرْبِهِمْ قِدُماً بِبَحْرِ دِمَاءِ(4)
طَفَرُوا إِلَي المُلِكِ الْعَضُوضِ وَ غَلَّفُوا *** وَجْهَ اَلنَّهَارِ بِلَيْلَةٍ ظَلْمَاءِ(5)
وُلِدُوا مِنَ الدَّاءِ اَلْغُضَالِ فَلَمْ يَكُنْ *** إِلاَّ زَوَالُهُمْ شِفَاءَ الدَّاءِ
نَظَرُوا الْمَوَدَّةَ فِي الْكِتَابِ فَلَمْ يَرَوْا *** غَيْرَ السُّيُوفِ مَوَدَّةَ الْأَبْنَاءِ(6)
ص: 250
مِنْ صَفْوَةٍ طَافَ اَلْهُدَي بِفِنَائِهَا *** مُتَمَسِّكاً بِالكَعْبَةِ الغَرَّاءِ
جُبِلَتْ بِأَسْرَارِ السَّما وَ تَكَوَّنَتْ *** مِمَّا بِسَاقِ اَلْعَرْشِ مِنْ لألاءِ(1)
غَرَّاءُ مِنْ صُلْبِ اَلنُّبُوَّةِ وَ اَلْهُدْي *** طَلَعَتْ عَلَيَّ اَلدُّنْيَا طُلُوعَ ذُكاءِ
هِيَ صَوْتُ نَاقُوسِ اَلسَّمَاءِ وَ لاَ ترِي *** فِي الاَرْضِ غَيْرَ تَجَاوُبِ الأَصْدَاءِ
ص: 251
وَ فُيُوضُ أَلْطَافٍ سَحَابَةُ صَيْفِهَا *** وَطفَاءُ مُغْدِقَةٌ عَلَي اَلْأَحْيَاءِ(1)
وَ سَفِينَةُ الطُّوفَانِ لَيْسَ بِخَائِبٍ *** مَنْ بَاتَ مَشدُوداً لَهَا بِوَلاَءِ(2)
آلاؤُهَا مِلْءُ اَلزَّمَانِ وَ بَيْتُها *** فِي الكائِنَاتِ أَسَاسُ كُلِّ بِنَاءِ
وَ كَأنَّمَا كَانَتْ لِهَيْكَل كَوْنِهَا *** قَلْبُ الْحَنَّانِ بهِ وعَيْنَ رَجَاءِ
حَوْرَاءُ إِذْ رَفَعَ الإلهُ لِواءُها *** كرَماً وَ ضَمَّ اَلْخَلْقَ تَحْتَ لِوَاءِ(3)
وَ يُرِي مَنَاقِبَهَا وَ قَالَ لَعِزِّهَا *** كُونِي بِلاَ عَدِّ وَ لاَ إِحْصَاءِ
قُلْنَا لَهَا سِرٌّ يُصانُ وَ جَوْهَرٌ *** فَوْقَ الأَنامِ وَ طينِهِم وَ الْمَاءِ
وَ لَرُبَّمَا وُلِدَ التُّرابُ بِمَهْدِهِ *** مَنْ كَانَ فِي اَلْمَلَكُوتِ رَمْزَ علاءِ
وُلِدْتُ لِطُهْرِ مُحَمَّدٍ فَكَأَنَّمَا *** آيُ الْكِتَابِ بِمَهْبِطِ الْأَحْيَاءِ
وَ كَأَنَّ مَا فِيهَا حَقِيقَةُ ذَاتِهِ *** غَيْرَ اَلنُّبُوَّةِ أَفْرَغَتْ بوْعاءِ
فَإِذا الهُدَي مِنْ كُلِّ أُفُقٍ مُشْرِقٌ *** وَ الكَونُ أَضْوَاءٌ عَلَيَّ أَضْوَاءِ
شَرَّفَتْ فَحَكَّ اَلْعَرْشُ منْكِبُ عِزِّهَا ***كَرَماً وَداسَتْ مَنْكِبَ الجوزاءِ(4)
بابٌ بِلاَ نِدِّ تَرَاهُ وَ لَنْ يُرِيَ أَحَدٌ يُطَاوِلُهَا مِنَ اَلْأَبْنَاءِ
ص: 252
عُلوِيَّةُ اَلنَّفَحَاتِ مِنْ أَنْوَارِهَا *** بَيْتُ النُّبُوَّةِ مُشْرِقُ الْأَنْحَاءِ(1)
حَرَمٌ يَطُوفُ بِهِ و يَخْدِمُ أهْلَهُ *** الرُّوحُ الأَمينُ مُنَبِّيءُ الأَنْباءِ(2)
نَشأَتْ بِظِلِّ اَللَّهِ لَمْ يَعْلَقْ بِهَا *** دَنَسٌ وَ لاَ وَقَعَتْ عَلَي الأخطاءِ(3)
حَتي إِذَا طُمِسَ الْهُدَي وَ تَبَرَّمَتْ *** مِنْ حَماةٍ طُبِعَتْ عَلَي الْأَسْوَاءِ(4)
رَفَعَتْ إِلَيهِ دُعاءَهَا فَكَأَنَّمَا *** رَكِبَ الْبُراقَ بِلَيْلَةِ الإِسْراءِ(5)
ص: 253
(بحر الخفيف)
الشيخ عبد المجيد أبو المكارم(*)(1)
أَصْبَحَ اَلْكَوْنُ ضَاحِكاً بِالْهِنَاءِ *** مُستَنِيراً بِنُورِ سِتِّ النِّساءِ
زُهْرَةِ الكَوْنِ بِالقُداسَةِ جاءَتْ *** تَحْمِلُ النُّورَ مِن إلهِ السَّماءِ
ص: 254
هِيَ تُفَّاحَةٌ مِنَ اَلْخُلْدِ كَانَتْ *** بادِّخار إِلَي رَسُولِ اَلْوَلاَءِ(1)
قَبْلَ خَلقِ اَلْأَكُونِ أَوْجَدَهَا اَللَّهُ *** كَسَاهَا مِنْ نُورِهِ اَلْوَضَّاءِ(2)
إِنَّ ذَا جَبْرَئِيلُ قَدْ جَاءَ يُبْدِي *** مِنْ إِلَهِ اَلنَّعْمَاءِ وَ اَلْإِيحَاءِ
هِيَ تِلْكَ الْبَتولُ بَضْعَةُ طه *** وَ اِبْنَةُ اَلنُّورِ سَيِّدِ اَلْأَنْبِيَاءِ
هِيَ رُوحُ اَلْوِصَالِ بَيْنَ أَبِيهَا *** وكَذَا اَلْبَعْلِ سَيِّدِ الْأَوْصِيَاءِ
هِيَ أُمُّ اَلْهُدَاةِ فِي كُلِّ آنٍ *** رَبَّةُ اَلْخَدْرِ دُونَ كُلِّ مُرَاءِ
هي سِتُّ اَلنَّسَا بِأَصْرَحِ قَوْلٍ *** قَدْ أَتَانَا مِنْ أَفْصَحِ الْفُصَحَاءِ
إِذْ يَقُولُ المختارُ قَوْلاً صَرِيحاً *** وَ هوَ إِذْ ذَاكَ سَيِّدُ اَلْبَطْحَاءِ
إِنَّ أُمَّ اَلْمَسِيحِ سَيِّدَة الْبَعْضِ *** فَجَاءَتْ بِأَوْحَدِ الْحُكَمَاءِ
وَ اِبْنَتِي فَاطِمٌ لَسْتُّ لِكُلِّ *** مِنْ لَدُنْ آدَمٍ إِلَي الإنتهاءِ(3)
وَ كَذَا يَغْصِبُ اَلْإِلَهُ وَ يرْضي *** لِرِضَا بِنْتِ أَحْمَدَ الزهْراءِ(4)
ص: 255
وَلَدَتْهَا خَدِيجَةٌ وَ هِيَ طُهْرٌ *** أَبْعَدَتْ عَنْ قَذَارَةِ اَلْجَهْلاَءِ
لاَ وَ لاَ اَلْمُشْرِكَاتُ جِئْنَ إِلَيْهَا *** وَقْت وَضْعِ البَتولَةِ اَلْعَذْرَاءِ
أَقْبَلَتْ وَقْتَ وَضْعِهَا طَاهِرَاتٌ *** حِينَ جَاءَتْ وِلاَدَةُ اَلْحَوْرَاءِ
أَقْبَلَتْ مَرْيَمٌ و حَوّا وَ آسٍ *** وَكَذَا سَارَةُ عَلِي اِسْتِحْيَاءِ(1)
قَبِلُوا فَاطِماً وَلِيدَةَ طه *** فَانْبَرَتْ فَاطِمٌ مِنَ الْأَحْشَاءِ
لَمْ تَمُسهَا كَفٌّ مِنَ الشِّرْكِ كَلاَّ *** مُذْ أُحِيطَتْ بِعِصْمَةٍ وَ وِلاَءِ
حَيْثُ إِنَّ اَلرَّسُولَ كَانَ يُنَادِي *** بَضْعَتِي فَاطِمٌ حَبَاهَا حِبَائِي
وَ أَذَاهَا أَذِيَّتِي وَ هُوَ كُفْرٌ *** وَ نِفَاقٌ أُتِيَ مِنَ الْحَمْقاءِ
حَيْثُ يُؤْذِي الإِلَهَ رَبَّ الْبَرايا *** خالِقُ الخَلقِ مُسْدِلَ اَلنَّعْمَاءِ
فَهِيَ سِتٌّ لِكُلِّ أُنْثِي بِحَقِّ *** وَ مِنَ اَلرِّجْسِ طَهِّرَتْ بِاصطِفَاءِ(2)
ص: 256
فَبِهَا يُقْتَدِي دَوَاماً تَمَاماً *** لَمْ تَرُعْهَا نَوَائِبُ اَلْغَوْغَاءِ(1)
خَلَدَ اَللَّهُ ذِكْرَهَا بِاعْتِصامٍ *** طولِ أَيَّامِها لِيَوْمِ الْجَزاءِ
عُنْصُرٌ طابَ ذِكرُهُ كُلَّ حِينٍ *** شَرَفاً وَ ارتقَي عَلَيّ الْجَوْزَاءِ
يَا نِسَاءَ اَلدُّنَا تَعْلَمْنَّ مِنْهَا *** سِيرَةَ اَلْحَقِّ سِيرَةَ الْوَلِيَاءِ
أَيُّهَا اَلنِّسْوَةُ اَلْعَفِيفَاتُ قُرْباً *** وَالْتِصاقاً بِالْغَادَةِ وَ الحسناءِ
لاَ يَغُرَّنَّكُنَّ يَوْماً شَبَابٌ *** قَدْ تَصَدّي لَكِنَّ بِالْإِغْوَاءِ
جَعَلوُكنَّ فِي اَلزَّمَانِ دَوَاماً *** فِتْنَةَ الإنحطاطِ بِالْأَزْيَاءِ
سَلبُوكُنَّ لِلسُّتُورِ اِغْتِرَاراً *** فَغَدَوْتُنَّ رَغْبَةَ اَلْأَدْعِيَاءِ
قَدْ نَزَعتُنَّ لِلْحَيَاءِ ابْتِدَاراً *** رَغْبَةً فِي زَخَارِفِ اَلدَّهْيَاءِ(2)
فَنَزَلَتُنَّ مِنْ صِفَاتٍ عَوَالٍ *** لِهوانِ الْحَياةِ بِالْكِبْرِيَاءِ
وَ مَشِيْتُنَّ بِالتَّهَتُّكِ جَهْراً *** لِذِئَابِ الْفَسَادِ وَ الْبَأْسَاءِ
فَتَعَرَتْ بِنْتُ اَلْهَوَاءِ وَ أَضْحَتْ *** فِي حَضِيضٍ وَ أَعِينِ الإِزْدرَاءِ
صِرْن يَلْحَظْنَهَا بِطَرَفٍ عَنِيفٍ ***كلحاظِ اَلثَّعَالِبِ اَلْجَوْفَاءِ
أَيُّهَا النِّسْوَةُ اَلْكِرَامُ حِذَاراً *** لاَ تَكُونَنْ كَدِمْنَةٍ خَضْرَاءِ
فَاقْتَبَسْنَ مَكَارِماً وَ سَلاَماً *** وَ اِكْتَسَيْنَ مَلاَبِسَ اَلْعُقَلاَءِ
كَيْفَ لاَ تَلْبَسُ اَلنِّسَاءُ مِثَالاً *** عَابِقاً طُولَ وَقْتِهِ بِالْوَفَاءِ
أَعِنْ ذَاكَ اَلْمِثَالَ زَهْرَةَ قُدَّسٍ *** هِيَ بلقيسةُ اَلْهَدْيُ وَ اَلْوَلاَءِ
هِيَ بَدْرُ الْإِيمَانِ فِي كُلِّ وَقْتٍ *** هِيَ شَمْسٌ بَدَتْ عَلَيَّ الْبَيْدَاءِ(3)
ص: 257
نُورُهَا عَمَّ فِي اَلْبَرَايَا جَمِيعاً *** وَ قَدْ شَعَّ فِي دَجْيِّ اَلظَّلْمَاءِ
شَابَهْتُ فِي اَلنُّزُولِ سَبْعَ الْمَثَانِي *** فَوْقَ قَلْبِ المختارِ بِالْإِيحَاءِ
فَغَدَتْ بِنْتُ أَحْمَدٍ أُمْ طه *** هِيَ زَهْر اؤُنَا وَ خَيْرُ النِّسَاءِ
وَ غَدَا الْكَوْنُ كَاسِياً بِالْمَعَالِي *** مَرِحاً يَوْمَ مَوْلِدِ اَلزَّهْرَاءِ
فَهِيَ مِصْبَاحُ لُؤْلُو مُسْتَنِيرٍ *** وَ بَنُوهَا مَعَارِجُ الإِرْتِقَاءِ
سُمِّيَتْ فَاطِماً وَ قَدْ فُطِمَتْ مِنْ *** كُلِّ رَجْسٍ بِآيَةٍ نَورَاءِ
فَتُرِي آي إِنَّمَا إِذْ أَبَانَتْ *** مَايَرِيدَ اَلْإِلَهُ مِنْ نَعْمَاءِ
هُوَ اِذْهَابُ كُلِّ رِجْسٍ قَبِيحٍ *** عَنْ أُولِي اَلْبَيْتِ سَادَةِ اَلْأَصْفِيَاءِ
وَ لَهَا شِيعَةٌ أُقْلِيْتْ مِنَ النَّارِ *** وَلَّاهَا فِي الْحَشْرِ خَيرُ ولاءِ(1)
قُلْ لِمَنْ حَارَبَ اَلْبَتُولَ سَيَجْزِي *** بِجَحِيمٍ فِي اَلْحَشْرِ يَوْمَ اَلْعَطَاءِ
حِينَ تَاتِي اَلْبَتُولُ فِي يَوْمِ حَشْرٍ *** تَشْتَكِي عِنْدَ خَالِقِ اَلْأَشْيَاءِ
يَا إِلَهِي أَنْتَ اَلْمُحْكِمُ فِي مَنْ *** سَاءَنِي جَاحِداً لِكُلِّ وَلاَءِ
يَا إِلَهِي ظُلِمْتُ حِقْداً وَ عَدْوّاً *** مِنْ أُنَاسٍ تَجَمْهِرُوا فِي إِذَانِي
غَصَبُوا نِحْلَتِي وَ بَزّوا حُقُوقِي *** أَسْقَطُوا مُهْجَتِي مِئْنَ الْأَحْشاءِ(2)
أَشْعِلُوا نارَهُمْ عَلَيَّ بابِ دارِي *** أَحْرَقُونِي وَ لَمْ أَزَلْ فِي عَنَاءِ
آلَمَتْنِي سِياطُهُمْ فَوْقَ مَتْنِ *** كَلَّمُوهُ وَ لَمْ يُرَاعُوا حِبَائِي
هَجَمُوا مَنْزِلِي عَلَيَّ عِنَاداً *** عَصَرُونِي بِالْبَابِ دُونَ مِرَاءِ
كَسَرُوا أَضْلُعِي وَ قَادُوا لِبَعْلِي *** وَ بِصَدْرِي اَلْمِسْمَارُ أَجْرِي دِمَائِي(3)
ص: 258
لَمْ يُرَاعُوا وَصِيَّةَ اَلطُّهْرِ طه *** بَلْ تَعَدَّوْا لِطَوَرِهِمْ فِي جَفاءِ(1)
فَإِلَيْكَ الشَّكوِيُّ إِلَهُ الْبَرايا *** وَ بِكَ الْحَسَبُ يا مُجِيبَ الدُّعَاءِ(2)
فَهُنَاكَ اَلْإِلَهُ يَصْدِرُ حَكْماً *** بِانْتِقَامٍ لِكُلِّ فَرْدٍ مُرَاءِ
لَيْسَ إِلاَّ الْجَحِيمُ مَأْوِي عِدَاها *** بِخُلُودٍ لَهُمْ وَ طُولِ بَقَاءِ
فَخُذِي بَضْعَةَ الرَّسُولِ سَلاَماً ***مِنْ فَتّي مُبْتَغٍ لَكَ بِالْوَفاءِ
هُوَ عَبْدُ المَجِيدِ وَابنُ عَلِيِّ *** أَبْتَغِي نِعمَةً وَ خَيرَ جَزَاءِ
طَالِباً صِحَّةً بِطُولِ حَيَاتِي *** مُسْتَمِيتاً بِخِدْمَةِ اَلزَّهْرَاءِ
طَالِباً مُذَوِّداً سَلِيماً وَ قَلْباً *** مُسْتَنِيراً بِنُورِ ذِي النَّغْمَاءِ
و عَلَيْكِ أمَّ الْهُدَاةِ صَلاةٌ *** تَذكُّ نُوراً عَلَيَّ ضياءِ ذَكاءِ
وَ عَلِي الطُّهْرُ مِنْ بَنيكِ جَمِيعاً *** حُجَجُ الْكَوْنِ سَادَةِ الْأَوْلِيَاءِ
وَ عَلِي البَعلِ سَيِّدي وإمامي *** مَا غَدَا الكَوْنُ باسْماً بِالرِّضاءِ
وَ عَلِيٌ سَيِّدِ اَلْأَنَامِ جَمِيعاً *** مَا غَداً الدَّهْرُ ضَاحِكاً بَهِنَاءِ
هُوَ نُورُ اَلْأَكْوَانِ شَمْسُ البرايَا *** سَيِّدُ اَلرُّسْلِ خَاتَمُ اَلْأَنْبِيَاءِ(3)
ص: 259
(بحر الخفيف)
الشيخ عبد المجيد فرج الله(*)(1)
فِي المَدي... حَيثُ تُجثَمُ الظَّلماءُ *** والسُّباتُ العَميقُ دنياخَواهُ(2)
حِلْمٌ رَفَّ فِي اَلسَّمَاءِ رَبِيعاً *** أَحْمَدِيّاً... وَ شَمْسُهُ زَهْرَاءُ
رَاتِقٌ... فِي عُيُونِهِ هَمْسَةُ النُّورِ *** و فَيضٌ و رَحْمَةُ خَضْرَاءُ
فِي فِجَاجِ الصُّخُورِ يَرسُمُ دَرْباً *** لِلهُدي وهُوَ رَوْضَةٌ غَنَاءُ
يَاخُذُ الرُّوحَ فِي مَدَاهُ لتحيا *** فِي رُبُوعِ اَلاِلَهِ كَيْفَ يَشاءُ
أَيَ عُلاهَا الْعَظِيمُ، أَوْقِفْ سُرانا *** لَحظَةً كَيْ يُطِلَّ مِنْكَ سَنَاءُ
كُمْ مَشَيْنَا عَلَيَّ الْجراحِ وَ هَذِي اَلرُّوحُ *** غَضَبِي وَ لَمْ يُنْكِّسْ لِواءُ
وَ عَبرنَا التُّخُومَ... في كُلِّ جَذْرٍ *** رَفَّ مِنَّا حُبِّ وَرَقَّ حُدَاءُ(3)
وَ اتَّيْنَاكَ... لَمْ نَصِلْ... وَ جَوانا *** يَتَفَشَّي لَهيبُهُ وَ الرَّجَاءُ
فَلِمَاذَا؟ وَالأُمْنِيَّاتُ عَطَاشِي *** و النَّدَي يابِسٌ... وَ أنْتَ الماءُ
و اِذا طَيْفُكَ اَلرَّحِيمُ تناءَي *** ومشاويرُ خَطْوِنَا عَرْجَاءُ
خَلْفَ هَذَا اَلْجَحِيمٍ شَبَّتْ رُوَاهَا *** نَاعِمَاتٍ يُفِيضُ مِنْهَا النَّقَاءُ
ص: 260
هَا هُنَا تُخْنَقُ الرِّئَاتُ و تُمحَي *** من وَجِيبِ(1) الْقُلُوبِ تِلْكَ الدِّمَاءُ
وَلَدَيْهَا تحيَا ازاهيرُ نبِضٍ *** فَتَّقَتهَا مِنْ طُهْرِهَا أَندَاءُ
هَهْنَا حَسْرَةُ اَلزِّمَادِ تَلُوتْ *** في اِنْكِسَارَاتِهَا خُطّي عَمْيَاءُ
وَلَدِي قُدْسِهَا حَمَائِمُ نُورٍ *** تِهِبُ الدِّفءَإِذ يَطُولُ الشِّتاءُ
و النِّداءاتُ اقْبِلوا... إنَّ قَلْبِي *** حِينَ يَعْوِي الْهَجِيرُ ظِلٌ وَ ماءُ
اَنَا مِنْكُمْ... اِلَيْكُمْ... اَنْزِفُ الْجُرْحَ *** لِتَحْيَوا... ما مَسَّنِي اَعْياءُ
لَسْتُ اِرْضِي اِلاّ اَلْمَوَدَّةَ فِي اَللهِ *** شَرَاعَاً... حتِّي يَصِحَّ اَلْوَلاَءُ(2)
ص: 261
(بحر الخفيف)
السيد عبد المحسن فضل الله (*)(1)
أُغْمِضُ اَلطَّرْفَ فَالسِّنِينُ وَرَائِي *** تَرْوِي أَحْدَاثَهَا عَلَي اِسْتِحْيَاءِ
ص: 262
فَالقَلِيلُ اَلْقَلِيلُ مِنْهُ كَفِيلٌ *** أَنْ يُرِيَكَ الأُلِي بِكُلِّ جَلاَءِ
كَيْفَ قَامَتْ عَلَيَّ اَلضَّلاَلَةِ تَبنِي *** هَيكَلاً أُسُّه عَلَيَّ اَلْبَغْضَاءِ(1)
لِلْبَتُولِ اَلطَّهُورِ وَيْحَ أُنَاسٍ *** أَغْضِبُوا اَللَّهَ فِي أَذِيِّ اَلزَّهْرَاءِ(2)
وَ هِيَ مَعَنِي قَد عَبَّرَ اَللَّهُ عَنْهُ *** بِانبِثَاقِ اَلْهُدْيِ مِنَ اَلْأُمَنَاءِ
هِيَ مَعني مِن فَوْقِ مَا يُدْرِكُ الْفِكْرُ *** سُمُّواً وَ شَمْسُ كُلِّ سَمَاءِ
هِيَ تَسْبِيحَةٌ مِنَ اَللَّهِ فِي اَلْأَرْضِ *** أنارتْ حَنادِسَ اَلظَّلْمَاءِ
هي قُدْسُ النَّبِيِّ أُمُّ أَبِيهَا *** وَ مُضِةُ اَلنُّورِ بَيْنَ طِينٍ وَ مَاءِ(3)
ص: 263
هِيَ حُبُّ اَلنَّبِيِّ رَجَعَ صَدَاهُ *** فَاطِمُ بَضْعَتِي ولاها وَلاَئِي(1)
هِيَ مِنْ حَاطَتِ اَلنَّبِيِّ بِعَطْفِ *** فَاقَ عَطفَ الآبَاءِ لِلْأَبْنَاءِ
وَ هِيَ مَنْ خَصَّهَا ارْتِفاعاً عَنِ الْأَرْضِ *** بِرمْزِ الْأَمْلاكِ فِي اَلْغَبْرَاءِ
زَفَّهَا نَحْوَهُ بِمَوْكِبِ قُدسٍ *** بَزَّ شَأْواَ فَصَاحَةَ اَلْبُلَغَاءِ(2)
وَ هِيَ مَنْ أَنْزَلَ اَلْمُهَيْمِنُ فِيهَا *** آيَةَ اَلطُّهْرِ فِي ءَتَمِ أَدَاءِ
وَ هِيَ سَيْفُ اَلْإِلَهِ بِاهِلَ فِيهِ *** أَحْمَدُ اَلشِّرْكَ حَاسِراً فِي اَلْعَرَاءِ(3)
وَ هِيَ أُمُّ اَلْكِسَاءِ ضَمَّ سَنَاءُ *** خَيْرَ كُلِّ اَلْوَرِي بِلاَ اِسْتِثْنَاءِ
هَذِهِ فَاطِمُ وَ بَعْضُ عُلاَهَا *** فَاسْأَلُوهَا عَنْ فَاضِحِ اَلْأَنْبَاءِ
طَلَبَتْ إِرْثَهَا كَمَا أَمَرَ اَللَّهُ *** فَرُدَّتْ بِفِرْيَةِ اَلْأَدْعِيَاءِ(4)
ص: 264
أَتْرَاهَا وَ اَلطُّهْرُ كُلُّ معانيهَا *** اِفْتِرَاءً تَفُوَّهُ بِالْحَوْبَاءِ؟(1)
ألفُ حَاشَا أَنْ تَفْتَرِيَ اِبْنَةُ طه *** فَهِيَ أَدْرِي بِشِرْعَةِ اَلْأَنْبِيَاءِ
يَا بْنَ تَيْمٍ مَنْ أَنْتَ كَيْ تزدريها *** خَسِيءَ اَلْقَوْلُ أَنْ تَكُونَ نِدَائِي
خَسِئَتْ أُمَّةٌ تامَّرَ فِيها *** فِئَةٌ أُسَّسَتْ عَلَي الْبَغْضاءِ
يَا لِعَارِ اَلْأَحْدَاثِ صُغرِي مَرَامِيهَا *** اِنْتِقَاضُ اَلشَّرِيعَةِ السَّمْحَاءِ
قَسْماً بِالنَّبِيِّ لَوْلا اِخْتِشَائِي *** مِنْ ضِيَاعِ الحقيقةِ اَلْغَرَّاءِ
لَطَوَيْتُ اَلْحَدِيثَ عَنْ أَيِّ فِعْلٍ *** سَجَّلَتْهُ صَحَائِفُ اَلْأَعْدَاءِ(2)
ص: 265
مولد الزهراء عليها السلام
يَا أَخَا اَلْمُصْطَفِي أَرْفُّ وَلاَئِي *** لَكَ بُشْراً فِي مُوْلِدِ الزَّهْرَاءِ(1)
وُلَدَتْ وَ اَلْعَفَافُ يَنْضَحُ مِنْهَا *** مُسْتَفِيضاً عَلَي بَنِي حَوَّاءِ
وَكَسَاهَا مِنَ الْقَدَّاسَةِ بُرْداً *** أَيْنَ مِنْهُ قَدَّاسَةُ اَلْعَذْرَاءِ
هِيَ أُمُّ اَلسِّبْطَيْنِ بَضْعَةُ طهَ *** زَوْجَةُ اَلْمُرْتَضِي وَ خَيْرُ اَلنِّسَاءِ
هي تُفَّاحَةٌ حَبَاهَا لِطَّهِ *** مِنْ جِنَانِ اَلْخُلُودِ رَبِّ السَّمَاءِ
حَوِّلَتْ نُطْفَةٌ بِأَطْهَرِ صُلْبٍ *** هُوَ أَصْلٌ لِلصَّفْوَةِ اَلْأُمنَاءِ
هي صِدِّيقَةُ اَلنِّسَاءِ تَسَامَتْ *** بعُلاَهَا مِنْ نَسْلَةٍ حَوْرَاءِ
حَدَّثَتْ أُمَّهَا وَ كَانَتْ جَنِيناً *** فِي حشاهَا بِأَصْدَقِ اَلْأَنْبَاءِ(2)
وَ تَجَلَّت شَمْساً بِأُفُقِ هُدَاهَا *** يَتَوَارَي مِنْهَا حَبينُ ذُكَاءِ(3)
ص: 267
هِيَ رَيْحَانَةُ اَلرَّسُولِ وَ كَانَتْ *** مِنْهُ طِيباً تَفُوحُ بِالْأَشْذَاءِ(1)
هِيَ روحٌ مَا بَيْنَ جَنْبَيْهِ كَانَتْ *** تَرْتَدِي مِن حِنَانِهِ بِرِدَاءِ
فَطَمَ اَللَّهُ مِنْ لظَي اَلنَّارِ فِيهَا *** كُلُّ مُولًي لَهَا مِنَ اَلْأَوْلِيَاءِ(2)
قَالَ طه: دَخَلْتُ جَنَّةَ عَدْنٍ *** فِي عُرُوجِي بِلَيْلَةِ اَلْإِسْرَاءِ
فَتَنَاوَلْتُ رطْبَةً هِيَ كَانَتْ *** نُطْفَةً لِلزَّكِيَّةِ اَلْحَوْرَاءِ
وَ هِيَ كانَتْ تَدَّعِي اَلْبَتُولَ لِطُهْرٍ *** نَزَّهَتْ فِيهِ مِنْ جَمِيعِ اَلدِّمَاءِ(3)
ص: 268
وَ هِيَ فِي اَلْعَرْشِ قَبْلَ آدَمَ كَانَتْ *** قَبَساً زَاهِراً لِأَهْلِ اَلسَّمَاءِ(1)
وَ هِيَ كَانَتْ تَزْهُو سِنّاً لِعَلِيِّ *** وَازدِها كَالفَرقدِ اَلْوَضَّاءِ(2)
فَطَمْتَ مِنْ جَمِيعِ شَرِّ وَ طَمِثٍ *** يَعْتَرِيهَا وَ قُدِّسَتْ بِالثَّنَاءِ(3)
فَوَلاَّهَا بَرَاءَةٌ لِلْمَوَالِي *** مِنْ عَذَابِ الْجَحِيمِ يَوْمَ الْجَزَاءِ(4)
وَ تَلَقَّتْ حَوَادِثاً وَ عُلُوماً *** مِنْ حَدِيثِ الْمَلاَئِكِ الْأُمَنَاءِ
هَاكِ يَا بَضْعَةَ اَلرَّسُولِ نَشِيدِي *** مُسْتَفِيضاً مِنْ بِسَمَتِي وَ بُكائِي
أَنَا أَرْجُو مِنْكَ اَلشَّفَاعَةَ فِيهِ *** يَوْمَ بَعْثِي مَشْفُوعَةً بِالشِّفَاءِ
رَطْبَةً مِنْ سِدْرَةِ اَلنُّورِ
وَ اِبْنُ عَبَّاسٍ قَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ *** مُسْتَفِيضٍ عَنْ خَاتَمِ الْأَصْفِيَاءِ(5)
ص: 269
أنَّ طه قَدْ كَانَ يُكْثِرُ -حُبّاً *** مِنْهُ- تَقْبِيلَ بِنْتِهِ اَلزَّهْرَاءِ
سَأَلْتْ مِنْهُ عَائِشٌ: أَيُّ سِرِّ *** قَدْ دَعَاهُ لِفَرَطِ هَذَا اَلْوَلاَءِ؟
قَالَ: إِنِّي أَبْصَرْتُ سِدْرَةَ نُورٍ *** بِجِنانِ الْفِرْدَوْسِ فِي اَلْإِسْرَاءِ
وَ هِيَ مِمَّا قَدْ أَنْعَمَ اَللَّهُ فِيهِ *** بِجِنَانِ الخُلُودِ للأَتقياءِ
فَتَنَاوَلْتُ رُطَبَةً مِنْ جُنَاهَا *** قَدْ حَبَانِي فِيهَا بِأَسْنِي حِبَاءِ
وَ هِيَ كانَتْ أَرَقَّ لِيناً مِنَ اَلزُّبْدِ وَ أَحلِي *** مَن شَهِدَةٍ فِي الْغِذَاءِ(1)
كَوَّنَتْ نُطْفَةُ الزَّكِيَّةِ مِنْهَا *** فَهِيَ أَزَكِّي إِنسِيَّةٍ حَوْرَاءِ
أَنَا مِنْهَا أَشَمُّ رَائِحَةَ اَلْجَنَّةِ *** مَهْمَا قَبَّلْتُهَا فِي اللِّقَاءِ(2)
تُفَّاحَةً مِنْ شَجَرَةٍ طوبي
وَ أَتِيَ جَبْرَئِيلُ يَوْماً لطَّهَ *** فِي حَدِيث عَنْ صَادِقِ اَلْأُمَنَاءِ(3)
قَالَ: هَذي تُفَّاحَةٌ لَكَ تُهْدِي *** بَعْدَ أَسْنِي تَحِيَّةٍ وَ ثَنَاءِ
شَقَّها الْمُصْطَفي فَأَشْرَقَ نُورٌ *** وَ هِيَ فِي كَفِّهِ عَظِيمُ اَلضِّيَاءِ
قَالَ: مَاذَا؟ فَقَالَ: كُلْهَا فَهَذَا *** هُوَ نُورُ الزَّكِيَّةِ الزَّهْرَاءِ
قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاءِ وَ اَلْأَرْضِ قَدْ كَانَ *** و مِنْ قَبْلِ آدَمٍ فِي وِعَاءِ
وَ هِيَ تُسَمِّي فِي الْأَرْضِ فَاطِمَةً لُطْفاً *** وَ تُسَمِّي مَنْصُورَةٌ فِي اَلسَّمَاءِ
فَطَمَ اَللَّهُ بِالْمَحَبَّةِ مِنْهَا *** مِنْ لَظَي اَلنَّارِ سَائِرَ اَلْأَوْلِيَاءِ
ص: 270
مِثْلَ مَا عَنْ ولائِهَا بَعْدَ بُغْضٍ *** فَطَمَ اَللَّهُ سائِرَ اَلْأَعْدَاءِ
وَ بِهَا يُنْصَرُ اَلْمُحِبُّ فَيَحْظِي *** بِجِنَانِ الْخُلُودِ يَومَ الجزاءِ
يَفْرَحُ اَلْمُؤْمِنُونَ بِالنَّصْرِ مِنْهُ *** حِينَ تُمْسِي لَهُمْ مِنَ الشُّفَعاءِ(1)
ساعَةُ مَوْلِدِ الزَّهْراءِ
وَ تجلي عَنْ صَادِقِ اَلْقَوْلِ نُوراً *** خَيْرَ نَصِّ عَنْ خِيَرَةِ اَلْآباءِ(2)
حِينَمَا زُوَّجَتْ خَدِيجَةُ طه *** هِجْرَتَهَا مِنْهُمْ جَمِيعُ اَلنِّسَاءِ
وَرَاهَا يَوْماً تُحْدُثُ لِمَّا *** قَدْ أَتَاهَا فِي سَاعَةِ اَلْإِلْتِقَاءِ
قَالَ مِنْ ذا تُحدِّثِينَ؟ فَقَالَتْ: *** إِنَّ هَذَا اَلْجَنِينَ فِي أَحْشَائِي
لَمْ يَزَلْ مُؤْنِسِي بِخَيْرِ حَدِيثٍ *** قَالَ: بُشْراكِ في عَظِيمِ الهَنَاءِ
إِنَّها النَّسْلَةُ الزَّكِيَّةُ مِنِّي، *** كُلُّ نَسْلِي مِنْهَا بِحُكْمِ الْقَضَاءِ
وَ هِيَ أُمُّ الأئمةِ اَلْغُرِّ مَنْ هُمْ *** بَعْدَ وَحْيِي فِي أُمَّتِي خُلَفَائِي
وَ بِيَوْمِ اَلْمِيلاَدِ وَافَتْ إِلَيْهَا *** أَرْبَعٌ مِنْ نِسَاءِ دَارِالْبَقَاءِ
أُخْتِ موسي بِزَوْجِ فِرْعَوْنَ تُتَّلِي *** وَ بِزَوْجِ اَلْخَلِيلِ وَ اَلْعَذْرَاءِ
قُلْنَ: لَا تَحْزَنِي و قِرِّي فَإِنَّا *** لَكِ رُسُلٌ مِنْ صاحِبِ الكِبْرياءِ
نَتَوَلَّي مِنْكَ، الَّذِي تَتَوَلاَّهُ *** جَمِيعَ النِّساءِ، دُونَ عَنَاءِ
فَتُجْلِي نُورَ اَلنُّبُوَّةِ مِنْهَا *** عِنْدَ وَضْعِ الزهرا بِأَجَلِي بَهَاءِ
وَ أَتَتْهَا عَشْرٌ مِنَ اَلْحُورِ تَسْعِي *** بِأَبَارِيقَ مِنْ جِنَانِ اَلسَّمَاءِ
ص: 271
وَ بِمَاءٍ مِنْ كَوْثَرِ اَلْخُلْدِ زَاكٍ *** طَهُرَتْ فِيهِ وَ هُوَ أَطْهَرُ مَاءِ
وَ دَنَتْ إِحْدَاهُنَّ فاستنطقَتها *** فَأَجابَتْ بِلَهْجَةِ اَلْفُصَحَاءِ
حِينَ أَدَّتْ لَهُنَّ خَيْرُ سَلامٍ *** وَ أَبَانَتْ أَسْمَاءَ تِلْكَ النِّسَاءِ
وَ بِنَصِّ الشَّهَادَتَيْنِ أَقَرَّتْ *** لِأَبِيها الْهادي وَ رَبِّ الْعَطاءِ
وَ بِفَضْلِ الأَئِمَّةِ اَلْغُرِّ طُرّاً *** مِنْ بَيْنِهَا وَ سَيِّدِ اَلْأَوْصِيَاءِ
فَتَعَالَتْ وَ اَلْحُورُ فِي بُشريَّاتٍ *** بشريَّاتِ اَلملاَئِكِ اَلْأُمَنَاءِ
وَ رَأَوْا فِي اَلسَّمَاءِ مَا لَمْ يَرَوْهُ *** مِنْ سِنَا قَبْلَ مَوْلِدِ اَلزَّهْرَاءِ(1)
ص: 272
أسماؤها المباركة
إِنَّ أَسَمَاءَهَا اَلْكَرِيمَةَ مِنْهُ *** تِسْعَةٌ وَهِيَ أَكْرَمُ اَلْأَسْمَاءِ(1)
ص: 273
ص: 274
فَهِيَ «مَرْضِيَّةٌ» لِرَبِّ الْبَرايا *** رَضِيت مِنْهُ حَكِيمِ اَلْقَضَاءِ
وَ هِيَ «صِدِّيقَةٌ» بِمَا جَاءَ مِنْهُ *** عُصِمَتْ مِنْ مائِمِ الأَخْطاءِ
طَهُرَتْ مِنْ جَمِيعِ رِجْسٍ خَبِيثٍ *** وَ تَزَكَّت فِي جُمْلَةِ الأزكِياءِ(1)
ص: 275
وَ هِيَ قَدْ بُورِكَتْ بِمَا قَدْ حَبَاهَا *** رَبُّهَا مِنْ مَوَاهِبٍ وَ عَلَاءِ
وَ هِيَ قَدْ حَدِّثَتْ بِعِلْمِ غَزِيرٍ *** مِنْ حَدِيثِ المَلائِكِ الأَصفِياءِ
فُطِمَتْ بالعُلُومِ مِن كُلِّ شَرِّ *** وَ مِنَ الطَّمْثِ فِي جَمِيعِ الدِّمَاءِ
وَ هِيَ كَانَتْ تُشَعُّ أنوَرَ قُدُسٍ *** وَ جَلاَلٍ لِسَيِّدِ اَلْأَوْصِيَاءِ
وَ هِيَ عِنْدَ الصَّلاةِ يَزْهَرُ نُورٌ *** مُسْتَضِيءٌ مِنْهَا لِأَهْلِ السَّمَاءِ
مِثْلُ مَا لِلْأَنَامِ فِي اَلْأَرْضِ يَزْهُو *** خَيْرُ نَجْمٍ مِنَ اَلسَّمَا وَضَّاءِ
وَ جَمِيعُ الْمَلَائِكِ اَلْغُرِّ تُغْشِي *** مِنْهُ أَبْصَارُهُمْ بِأَسنَي بَهَاءِ
فَيَقُولُونَ: أَيُّ شَيْءٍ نَرَاهُ؟ *** فَيَقُولُ الْبَارِي لَهُمْ فِي النِّدَاءِ
هُوَ نُورٌ مِنْ نُورِ قُدْسِي وَ عِزِّي *** وَ سَناءٌ خَلَقْتُهُ مِنْ ضِيائِي
ثُمَّ أَوْدَعْتُهُ بِصُلْبِ نَبِيِّي *** أَحمَدٍ وَ هُوَ أَفْضَلُ الأَنْبِياءِ
ثُمَّ أَخرَجتُهُ وَ أَخْرَجَ مِنْهُ *** نُورَ أَزَكِّي أئمَّةٍ أُمَناءِ
خُلَفَائِي عَلَي اَلْخَلاَئِقِ طُرّاً *** بَعْدَ طه وَ خِيَرَةِ اَلْخُلَفَاءِ
تسميتها بفاطمة عليها السلام
فَطَمَ اَللَّهُ فَاطِماً مِنْ لَظَاهَا *** وَ بَنِيهَا سُلاَلَةَ اَلأزكِيَاءِ(1)
فَتَسَمَّت بِفَاطِمٍ وَ هُوَ حَقّاً *** لعَلاها مِنْ أَفْضَلِ اَلْأَسْمَاءِ
من أحبَّ أهل بيتي دخل الجنة
أَخَذَ المُصطفي اَلنَّبِيُّ بِكَفِّي *** حَسَنٍ وَ اَلْحُسَيْنِ أَخذَ اصْطِفَاءِ
قَالَ: هَذَانِ وَ اَلزَّكِيَّةُ مِنَّا *** وَ هِيَ بِنْتِي وَ سَيِّدُ الأَوْصِيَاءِ
مِنْ أَحَبَّ اَلْجَمِيعَ مِنْهُمْ وَ وَالِي *** كُلَّ فَرْدٍ مِنْهُمْ بِخَيْرِ وِلاءِ
نَالَ بَعْدَ الدُّخُولِ جَنَّة عدنٍ *** دَرَجاتٍ لِخَاتَمِ الأصفياءِ
ص: 276
شرف الزكية
قَالَ لِلْبَضْعَةِ اَلزَّكِيَّةِ طه: *** أَنْتَ فِي أُفُقِ رِفْعَةٍ وَ عَلاَءِ
وَلَدَاكِ سِبطَا هُدًي وَ عَلِيٌّ *** زَوْجُكِ اَلطُّهْرُ سَيِّدُ اَلْأَوْلِيَاءِ
عَمُّ طه أَبِيكِ حَمْزَةُ فِينَا *** أَسَدُ اَللَّهِ سَيِّدُ اَلشُّهَدَاءِ
وَ ابْنُ عَمِّي لَهُ جَنَاحَانِ يَجْرِي *** بِهِمَا بَيْنَ صَفْوَةِ اَلْأُمَنَاءِ
وَ أَبُوكَ الْمُخْتَارُ بَيْنَ اَلْبَرَايَا *** خَاتَمُ اَلرُّسُلِ أَفْضَلُ الأَنْبِيَاءِ
وَ الإِمامُ الْمَهْدِيِّ بِالْحَقِّ مِنَّا *** صَاحِبُ الْعَصْرِ آخِرُ الْأَزْكِيَاءِ
زواج الصدّيقة الزهراء عليها السلام
زُوِّجَتْ فِي اَلسَّمَاءِ طُهْراً وَ يُمْناً *** وَ عَلاءً بِسَيِّدِ اَلْأَوْصِيَاءِ(1)
ص: 277
كَانَ جِبْرِيلُ خَاطِباً لِعَلِيٍّ *** بَضْعَةَ الطُّهْرِ مِنْ كَرِيمِ اَلْعَطَاءِ
وَ جَمِيعُ الْمَلاَئِكِ الْغُرِّ كَانُوا *** فِي زِوَاجِ الزَّهرَا مِنَ اَلشُّهَدَاءِ
نَثَرَتْ فِي اَلزِّفَافِ لِلْحُورِ طُوبِي *** مَا عَلَيْهَا بِغِبْطَةٍ وَ هناءِ(1)
دِرَراً مِنْ كَرَامَةٍ وَ جَمَاناً *** تَتَهَادَي بِهِ لِيَوْمِ الْجَزاءِ(2)
وَ أَتَاهَا أَنِ احمِلي بِرِقَاقٍ *** خُطَّ فِيهَا بَرَاءَةُ الْأَوْلِيَاءِ(3)
ص: 278
كُلِّ رَقِّ قَدْ كَانَ بِاسْمِ مُحِبِّ *** بَعْدَ تَمْيِيزِ سَائِرِ اَلْأَسْمَاءِ
أَوْ كُلَّ اَللَّهُ حِينَ أَعْطَاهُ فِيهِ *** مَلكاً حَافِظاً لِيَوْمِ اَلْبَقَاءِ
فَهُوَ يُعْطِي عِتْقاً مِنَ اَلنَّارِ لُطْفاً *** وَ امْتِنَاناً مِنْهُ لِأَهْلِ الْوَلَاءِ
مَهْرُهَا اَلنِّيلُ وَ اَلْفُرَاتُ وَ جَيْحُونَ *** وَ بَاقي وَ اَلْأَنْهَارُ فِي اَلْحَصْبَاءِ(1)
مَهْرُهَا الْأَرْضُ لاَ يَحِلُّ اغْتِصَاباً *** كُلَّ شَيْءٍ بِها لِأَهْلِ الْعَداءِ
مَهْرُها الْأَكْبَرُ الشَّفاعَةُ يَوْمَ *** الْحَشْرِ مِنْها لِلشِّيعَةِ الأَزْكِياءِ(2)
ص: 279
ص: 280
قَالَ طه لِفَاطِمٍ وَ عَلِيِّ *** لَيْلَةَ اَلْعُرْسِ بَهْجَةً بِاللِّقَاءِ
أَلِفَ اَللَّهُ بالمحبَّةِ دُنْيَا *** بَيْنَ قلْبيكُما بِغَيْرِ جَفَاءِ
بَارَكَ اَللَّهُ بِالسَّلاَمَةِ يُمَنَّاً *** لَكُما فِي سَعَادَةٍ وَ هناءِ
رَبِّ طَهِّرْهُمَا مِنَ الرِّجْسِ طَيِّباً *** مِثْلَ تَطْهِيرِ خَاتَمِ اَلْأَنْبِيَاءِ
فَهُمَا فِي الْوَلَاءِ مِنِّي و إِنِّي *** مِنْهُمَا فِي مَوَدَّتِي و وَلَائِي(1)
ص: 281
تحفةٌ في زواج النُّورين
وَ اِبْنُ مَسْعُود فَي حَدِيثٍ شَرِيفٍ *** قَدْ رَوَاهُ خَاتَمِ اَلْأَنْبِيَاءِ(1)
قَالَ طه: قَدْ جَاءَنِي جَبْرَئِيلٌ *** فَحَبَانِي بُشَراً بِخَيْرِ حِبَاءِ
عِنْدَ تَزْوِيجِي الزَّكِيَّةَ بِنْتِي *** مِنْ عَلِيٍّ بِأَمْرِ رَبِّ اَلسَّمَاءِ
خَلَقَ اَللَّهِ جَنَّةً قَدْ بَرَاهَا *** وَ بَنَاهَا مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءِ
سَقْفُهَا مِنْ زَبَرْجَدٍ زينتهُ *** قَصَبَاتٌ تَزْهُو بِخَيْرٍ اِزْدِهَاءِ
بَيْنَ هَاتِي وَ تِلْكَ مِنْهَا بتِبْر(2) *** دِرَّةٍ شَذَّرَتْ بِأَبهِي صَفَاءِ
وَ تَسَامَتْ بِهَا بِأَتقَنِ صُنعٍ *** غُرَفٌ مُستَطَيلَةٌ فِي اَلْبِنَاءِ
أُنشِئَتْ مِنْ زُمُرُّدِ و جُمَانٍ *** وَ لُجَيْنٍ(3) وَ ذَهَبَةٍ حَمْرَاءِ
فَجَرَتْ تَحْتَهَا الْعُيُونُ وَ فَاضَتْ ***كُلُّ أَنْهَارِها بِأَعْذَبِ مَاءِ
وَ صُنُوفِ اَلْأَشْجَارِ صَفَّتْ وَ حَفَّتْ *** بَهْجَةً فِي ضِفَافِهَا اَلْخَضْرَاءِ
وَ بَنِيَ اَللَّهِ فِي اَلضِّفَافِ مِنَ اَلدُّرِّ *** قبَاباً مُوَاجَةً بِالضِّيَاءِ
فَرَشَتْ سُنْدُساً وَ فَتَقَ مِسْكٌ *** فِي ثَراها بِإِطِيبِ اَلْأَشْذاءِ
وَ أُعِدَّتْ أَرَائِكُ اَلدُّرِّ فِيهَا *** وَ أُقيمَتْ بِها حَسانُ الْأَمَاءِ
وَ ازْدَهَتْ كُلُّ قُبَّةٍ مَنْ عَلاَهَا *** حِينَ خَصَّتْ بِاللِّطْفِ حَورَاءِ
قُلْتُ: هَذَي النُّعمي لِمَنْ قَدْ بَرَاهَا *** وَ حَبَاهَا يَا خِيَرَةً اَلْأُمَنَاءِ؟
ص: 282
قَالَ هَاتِيكَ تُحْفَةٌ قَدْ حَبَاهَا *** لِعَلِيِّ وَ البَضْعَةِ الزَّهْرَاءِ
غَيْرُ مَا قَدْ أَعَدَّ رَبُّ الْعَطَايَا *** لَهُمَا مِنْ كَرَامَةٍ وَ عَطَاءِ
زفافُ الصدِّيقة عليها السلام
وَ اِبْنُ عَبَّاسٍ لَيْلَةَ اَلْعُرْسِ مِنْهَا *** قَالَ فِيمَا رَوَيَ لَنَا فِي هِنَاءِ(1)
كَانَ طه قُدَّامَهَا يَتَهَادَي *** بِمَحْيَا مُنَوَّرٍ بِالضِّيَاءِ
وَ بيُمنَي جِبْرِيلَ مَنهَا وَ يُسْرِي *** كَانَ مِيكَالُ خِيَرَةُ اَلْأُمَنَاءِ
وَ وَرَاءَ الْبَتُولِ سَبْعُونَ أَلْفاً *** مِنْ خِيارِ المَلائِكِ اَلْأَصْفِيَاءِ
يُنْشدون التَّسبيحَ وَ اَلْحَمْدَ حَتِّي *** مَطْلَعُ اَلْفَجْرِ مِنْ عَظِيمِ الثناءِ(2)
قَالَ لَوْلاَ عَلِيٌّ مَا كَانَ بَعْلٌ *** هُوَ كُفوٌ لِلْبَضْعَةِ اَلزَّهْراءِ(3)
ص: 283
شجرةُ طوبَي
قَالَ طه: قَدْ جَاءَنِي جَبْرَئِيلٌ *** فَرِحاً فِي سَنَابِلٍ خَضْرَاءِ(1)
وَ حَبَانِي قَرَنْفُلاً فَاحَ طَيباً *** عَابِقَ النَّشْرِ مِنْ جِنَانِ اَلْبَقَاءِ(2)
قَالَ هَذَا مِمَّا الْتَقَطْنَاهُ بُشْراً *** فِي زَوَاجِ الزَّكِيَّةِ اَلزَّهْرَاءِ
عِنْدَ تَزْوِيجِهَا مِنَ اَللَّهِ فَخْراً *** وَجَلاَلاً بِسيِّدِ اَلأَوصِيَاءِ
إِنَّ رَبِّي أوحِيَ لِرضْوانَ: زَخْرَفْ *** جَنَّةَ اَلْخُلْدِ زِينَةً فِي بَهَاءِ
وَ دَعَا اَلرِّيحَ أَنْ تَهُبَّ عَلَيْنَا *** فِي عَبِيرٍ مُعَطَّرٍ بَرَخَاءِ
وَ تَجَلَّتْ فِيهَا سَحَابَةُ نُورٍ *** أَمْطَرَتْ أَرْضَهَا بأسنَي حِبَاءِ
فَالْتَقَطْنَا مَا أَنْعَمَ اَللَّهُ فِيهِ *** نَحْنُ وَ اَلْحُورُ مِنْ نُثَارِ اَلْهَنَاءِ
وَ لطُوبِي نادِي: اِحْمِلِي بِرِقَاقٍ *** مُنْجِيَاتٍ لِلشِّيعَةِ الأزكِياءِ(3)
كُلُّ صَكِّ قَدْ خُطَّ بِاسْمٍ ولِيٍّ *** وَ مُحِبٍّ مِنْ سائِرِ اَلْأَوْلِيَاءِ
فِيهِ خَطَّتْ بَرَاءَةٌ مِن لِظَاهَا *** لِلْمُحِبِّينَ عِنْدَ يَوْمِ اَلْجَزَاءِ
أَوْدَعَ اَللَّهُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا *** بِيَدِي حَافِظٍ مِنَ الْأُمَناءِ
فَإِذَا قَامَتِ الْقِيَامَةُ نَادِي *** بِاسْمِهِ بَيْنَ سَائِرِ الْأَسْمَاءِ
فَهُوَ يُعْطي كِتابَهُ بِيَمِينٍ *** آمَنَ النَّفْسَ مِنْ عَظِيمِ اَلْبَلاَءِ
زواج علي عليه السلام و فاطمة عليها السلام في السماء
قَالَ طه وَ قَدْ أَتَاهُ عَلِيٌّ *** خَاطِباً لِلزَّكِيَّةِ اَلزَّهْرَاءِ:(4)
ص: 284
إِنَّ جِبْرِيلَ مِنْ إِلَهِ اَلْبَرَايَا *** جَاءَنِي فِي حريرةٍ بَيْضَاءِ
وَحبَانِي بُشَرِي مِنَ اَللَّهِ كَانَتْ *** خَيْرَ بَشْرِي مَزْفُوفَةٍ وَ حِبَاءِ
قَالَ: رَبِّي قَدْ زَوَّجَ اَلنُّورَ بِالنُّورِ *** عَلِيّاً مِنْ فَاطِمٍ فِي اَلسَّمَاءِ
حِينَ نَادِي رَاحِيلُ: زَوْجَهُ مِنْهَا *** بِحُضُورِ المَلاَئِكِ اَلْأَصْفِيَاءِ
سَوْفَ يُحْبِي أزكِّي إِمَامَيْنِ مِنْهَا *** مِنْ خِيارِ الأَئِمَّةِ الْأَزْكِياءِ
جَنَّةِ الْخُلْدِ زِينَةٌ تَتَحَلّي *** بِهِما مِنْ نَضَارَةٍ وَ ازْدهاءِ
فَرَقِيَ عِنْدَ بَيتِهِ الطَّاهِرِ الْمَعْمُورِ *** بِالنُّسُكِ مِنْبَراً مِنْ بَهَاءِ
وَ غَدَا خَاطِباً بِخَيْرِ خَطَّابٍ *** عَجَزَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ اَلْخُطَبَاءِ
قَالَ: فِيهِ زَوَّجتُ فاطم يُمْناً *** لِعَلِيٍّ بِأَمْرِ رَبِّ اَلْعَطَاءِ
وَ هُوَ فِي هَذِهِ الحريرةِ خطَّ *** اَلْعَقْدَ بُشْراً فِي مِزْبَرٍ مِنْ ضِيَاءِ(1)
بَعْدَ خَتْمٍ لَهُ بِخَاتَمِ مِسْكٍ *** عَاطِرٍ فِي سَعَادَةٍ وَ هَنَاءِ
وَ هُوَ أوحي؛ اِحْمِلِي لِسِدْرَةِ طُوبِي *** فِي زِوَاجِ اَلنُّورَيْنِ خَيْرَ نَمَاءِ
حُلَلاً مِنْ كَرَامَةٍ وَ حُلِيّاً *** وَ انثُريها نُعَمِي بِخَيْرِ فَنَاءِ
وَ لِحُورِ اَلْجِنَانِ أَوحِي: اَلْقَطِيهَا *** فَتَسَابَقْنَ فِي صَعِيدِ اَلْبَقَاءِ
لاِلْتِقَاطِ اَلنُّعَمِي و هُنَّ بِبَشَرٍ *** يَتَهادَيْنَهَا لِيَوْمِ الْجَزَاءِ
بَعْدَ تَزْيِينِ جَنَّةِ الْخُلْدِ فِيمَا *** قَدْحَبَاهَا مِنْ زِينَةٍ وَ اِزْدِهَاءِ
قُمَّ فَزَوَّج فِي اَلْأَرْضِ بَضعَةَ طه *** مِنْ عَلِيٍّ بِأَمْرِ رَبِّ اَلْقَضَاءِ
صَداقُ الزهراء عليها السلام
وَ صَداقُ الزهراءِ دِرعُ حَدِيدٍ *** وَ هُوَ مِهْرٌ مِنْ سَيِّدِ اَلْأَوْصِيَاءِ
وَ مِنَ اَللَّهِ مَهْرُهَا كُلُّ نَهَرٍ *** قَدْ جَرِيَ فَوْقَ تُرْبَةِ اَلْحَصْبَاءِ
ص: 285
وَ لَهَا الْأَرْضُ قَدْ مُشِيَ فِي حَرَامٍ *** فَوْقَهَا كُلُّ نَاصِبٍ بِالْعَدَاءِ
وَ هِيَ قَدْ أُمِرَتْ بِجَنَّةِ عَدْنٍ *** وَ لَظَي اَلنَّارِ مِنْ إِلَهِ السَّمَاءِ
تُدْخِلُ الْجَنَّةَ الْمُحِبَّ وَ تُلْقِي *** فِي لَظَي النَّارِ سَائِرَ اَلْأَعْدَاءِ
وَ بِدَارِ اَلْبَتُولِ سِدْرَةُ طُوبِي *** حَبْوَةً مِنْهُ عِنْدَ يَوْمِ الْجَزَاءِ(1)
وَ لَهَا أَفْضَلُ الشَّفَاعَةِ مِنْهُ *** وَ هِيَ فِي الْحَشْرِ خِيَرَةُ الشُّفَعَاءِ
ص: 286
خُلقوا من نورِ اللَّه
قَالَ إِنِّي وَ فَاطِمَا وَ عَلِيّاً *** مَعَ سِبْطَيَّ سَاعَةَ الإنشَاءِ(1)
قَدْ خُلِقْنَا مِن نُورِهِ ثُمَّ كَانَتْ *** عَصْرَةُ النُّورِ خِلقَةَ الْأَوْلِياءِ
فَتَوَالي التَّسْبِيحَ مِنَّا وَ مِنْهُمْ *** وَ تَعالَي التَّكبيرُ لِلأتقِياءِ
قَبْلَ خَلْقِ اَلسَّمَاءِ وَ اَلْأَرْضِ طُرَّا *** وَ جَمِيعِ المَلائِك الأزكياءِ
فَلَنَحْنُ الْمُوَحِّدُونَ خُضُوعاً *** قَبْلَ تَوْحِيدِ سائِرِ الأشْياءِ
قَدَّسَتْهُ الْمَلَائِكَ الْغُرُّ حَمْداً *** بَعْدَ تَقْدِيسِنَا لَهُ و الثناءِ
خدمة الملائكة لفاطمة عليها السلام
قَالَ سَلْمانُ: قَدْ أَتَيْتُ عَلِيّاً *** بَعْدَ أَمْرٍ مِن خاتَمِ الأنبياءِ(2)
ص: 287
فَسَمِعْتُ اَلزَّهْرَاءَ عِنْدَ اَلْمُصَلِّي *** تَذْكُرُ اَللَّهَ فِي جَمِيلِ اَلدُّعَاءِ
وَ رَأَيْتُ اَلرَّحِي تَدُورُ اِنْفِرَاداً *** دُونَ شَخْصٍ تَرَاهُ مُقْلَةُ رَائِي
فَسَأَلْتُ اَلنَّبِيَّ عَنْهَا فَأُوحِي: *** إِنَّ بِنْتِي مِنْ سَيِّدَاتِ اَلنِّسَاءِ
عَلِمَ اَللَّهُ ضعفَهَا فَحَبَاهَا *** خَدَماً مِنْ عِبَادِهِ الْأُمَنَاءِ
تَتَأَدي لَها الْمَعُونَةُ مِنْهُمْ *** حِينَ تَحْتَاجُهَا بِخَيْرِ أَدَاءِ
وَ هُمْ يَحْرُسُونَ مِنْ كُلِّ كَيدٍ *** بَضْعَةَ اَلْمُصْطَفِي وَ كُلِّ بَلاَءِ
يَغْضَبُ اَللَّهُ لِلْبَتُولِ وَ يَرْضي *** لِرِضَاهَا عَنْ خَاتَمِ اَلْأَصْفِيَاءِ
فَضْلِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ
قَالَ طه فِي فَضْلِهَا وَ عَلَاهَا *** مَا كَفَاهَا عَنْ مِدْحَةِ الشُّعَرَاءِ
سَيِّدَاتِ النِّسَاءِ فِي الْخَلْقِ طُرّاً *** أَرْبَعَ قُدسَتْ بِأَعْلِي اَلثَّنَاءِ
زَوْجِ فِرْعَوْنَ وَ اَلْبَتُولُ تَلِيهَا *** أُمُّهَا إِثْرَ مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ
وَ الْبَتُولِ الزَّهْرَاءِ أَفْضَلُ قَدْراً *** وَجَلاَلاً مِنْ سَيِّدَاتِ اَلنِّسَاءِ
يَغْضَبُ اَللَّهُ حِينَ تَغْضَبُ سَخَطاً *** وَرِضَاهَا رِضًا لِرَبِّ اَلسَّمَاءِ
ص: 288
وَكَفَاهَا فِي الْفَضْلِ مَا جَاءَ فِيهَا *** مِنْ صَرِيحِ الْقُرآنِ خَيْرَ اكْتِفَاءِ
فَهيَ مِمَّنْ قَدْ بَاهَلَ اللَّهُ فِيهِمْ *** وَ قَدَ نَجْرَانَ عِنْدَ وَقتِ الدُّعَاءِ
وَ بِآيِ الْقُرْبَي الْمَوَدَّةُ أَضْحَتْ *** وَ هُيَ فَرْضٌ لَهَا مَعَ الأَقْرِبَاءِ
و بآي الإطعَامِ نَجْمُ عُلاهَا *** قَدْتَجَلَّي نُوراً بِأفَقِ الْعَلاَءِ
وَ بَآيِ وَبِاي التَّطْهِيرِ مِنْ كُلِّ رِجْسٍ *** قَدْتَزَكَّتْ فِي جُمْلَةِ الأَزْكِيَاءِ
وَ أَحَادِيثُ فَضْلِهَا لَيْسَ تُحْصَي *** وَ كَفَاهَا مِنْهَا حَدِيثُ الْكِسَاءِ
عبادة الزهراء عليها السلام
و َهْيَ كَانَتْ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ نُسْكاً *** وَ صَلاةً فِي خَشْيَةٍ وَ بُكَاءِ(1)
ص: 289
وَ رِمَتْ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ جَهْداً *** قَدَمَاهَا مِنْهَا لِفَرْطِ العَنَاءِ
وَ هْيَ كَانَتْ تُعَانُ فِي جَبْرَئِيلٍ *** حِينَ تَأْتِي بِوِرْدِهَا فِي اخْتِشَاءِ
فَيَهُزُّ الْمَهْدَ الَّذِي كَانَ فِيهِ *** طِفْلُهَا رَاقِداً بِوَقْتِ الأَدَاءِ(1)
فاطمةُ عليها السلام بضعةٌ مِنِّي
قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ: فَاطِمُ مِنِّي *** بَضْعَةٌ مُعْلِناً بِغَيْرِ خَفَاءِ
مَنْ جَفَاهَا فَقَدْ جَفَانِي، فَوَيْلٌ *** لِشَقِيِّ أَسَاءَهَا بِالْجَفَاءِ
وَ رِضَاهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ رِضَائِي *** حَيْثُ أَضْحَي إِيذاؤُهَا إِيذَائِي
لَعَنَ اللَّهُ مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهَا *** فَجَفَتْهُ بِنْتُ الْهُدَي بِاسْتِيَاءِ
الزهراء عليها السلام بهجة قلبي
قَالَ: إِنَّ الزَّهْرَاءَ بَهْجَةٌ نَفْسِي *** وَ عَلِيّاً مِنْ نَاظِرَيَّ ضِيَائِي(2)
ص: 290
291
ثَمَرَاتُ الْفُؤادِ سِبْطَايَ حَقّاً *** حَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ مِنْ أَصْفِيَائِي
وَ جَمِيعُ الأَئِمَّةِ الْغُرُمِنْهَا *** هُمْ لِرَبِّ الْعُلَا مِنَ الأُمَنَاءِ
وَ هُمْ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْبَرَايَا *** مِنْ جَمِيعِ الْعِبَادِ حَبْلُ الرَّجَاءِ
قَدْ نَجَا مَنْ بِهِمْ تَمَسَّكَ حُبّاً *** وَ اعْتِصَامَاً مِنْكُمْ بِخَيْرِ وَلَاءِ
وَ تَرَدَّي مَنْ قَدْ تَخَلَّفَ عَنْهُ *** حَائِداً عَنْ مَنَاهِجِ الإِهْتِدَاءِ(1)
النبي صلي الله عليه و آله و سلم و أهل بيته عليهم السلام في جنّة الخلد
قَالَ إِنِّي وَ بَضْعَتِي وَ عَلَيّاً *** مَعَ سِبْطَيَّ صَفْوَةُ الأَزْكِيَاءِ(2)
نَسْكُنُ الْخُلْدَ فِي مَكَانٍ أَمِينٍ *** وَاحِدٍ كُلُّنَا بِيَوْمِ الْجَزَاءِ
حبّ النبيّ صلي الله عليه و آله و سلم للزهراء عليها السلام
سُئِلَتْ عَنْ أَحَبِّ شَخْصٍ إِلَيْهِ *** بَعْضُ أَزْوَاجِ سَيْدِ السُّفَرَاءِ(3)
ص: 291
فَأَجَابَتْ: مِنَ الرِّجَالِ عَلِيٌّ *** وَ هْيَ كَانَتْ لَهُ أَحَبَّ النِّسَاءِ(1)
مَا رَأَتْ مُقْلَتَايَ أَصْدَقَ مِنْهَا *** أَبَداً بَعْدَ خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ
كَانَ يُعْطِي مَكَانَهُ حِينَ تَأْتِي *** وَ هُوَ طَلْقٌ لَهَا بِكُلِّ احْتِفَاءِ
وَيَشُمُّ الزَّهْرَا وَ يَسْتَافُ مِنْهَا *** نَفَحَاتٍ مِنْ جَنَّةِ الأَنْقِيَاءِ(2)
تسبيحُ الزهراء عليها السلام
قَدْ حَبَاهَا التَّسْبِيحَ طَهَ بَدِيلاً *** وَ هُوَ يُنْمَي لِلْبَضْعَةِ الزَّهْرَاءِ(3)
حِينَ قَالَتْ مِنَ الْعَنَا لأَبيها: *** أبغني مِنْ حباكَ بَعْضَ الإِمَاءِ
إِنَّ كَفِّي مِنَ الرَّحَي عِنْدَ طَحْنِي *** مَجِلَتْ مِنْ مَشَقَّةٍ وَعَنَاءِ(4)
قَالَ فِي فَضْلِهِ وَ نَاهِيكَ فِيهِ *** عَقِبَ الْفَرْضِ صَادِقُ الأَزْكِيَاءِ:
إِنَّ تَسْبِيحَها أَحَبُّ لِنَفْسِي *** هُوَ مِنْ أَلْفِ رَكْعَةٍ فِي الأَدَاءِ(5)
ص: 292
ص: 293
علي عليه السلام أَعزُّ و فاطمة عليها السلام أحبُّ النبيِّ صلي الله عليه و آله و سلم
قال طه: أعَزُّ أَنْتَ لِنَفْسِي- *** لِعَلِيٍّ - مِنْ سَائِرِ الأَوْلِيَاءِ
وَ الْبَتُولُ الزَّهْرَا أَحَبُّ لِنَفْسِي، *** وَ هْيَ بِنْتِي، مِنْ سَائِرِ الأَقْرِبَاءِ(1)
جفنة من الجنّة
وَ أَتَانَا مِنَ النُّصُوصٍ حَدِيثٌ *** مُسْتَفِيضٌ عَنْ سَيْدِ الأَوْصِيَاءِ
قُلْتُ: لِلْبَضْعَةِ الزَّكِيَّةِ يَوْماً *** أَطْعِمِينا مِنْ رِزْقِ رَبِّ السَّمَاءِ
فَأَجَابَتْ: عَلَّ يَوْمَانِ قَدْ مَرًا *** بَعْدَ إِيثارِكُمْ بِغَيْرِ غِذَاءِ
فَحَبَانِي الإِلهُ دِينَارَتِبْرِ *** وَ هُوَ قَرْضٌ إِلَي زَمَانِ الرَّخاءِ
فَلَقِيتُ الْمِقْدَادَ في الدَّرْبِ يَصْلَي *** فِي لَظَي الْحَرِّ مِنْ لَهِيبِ ذُكَاءِ
قَال: إِنِّي خَلَّفْتُ فِي الْبَيْتِ أَهْلِي *** وَ هُمُ يَصْرُخُونَ جُوعاً وَرَائِي
فَحَبَاهُ الدِّينار لِلَّهِ زُلْفَي *** بَعْدَ حُزْنٍ لِحَالِهِ وَ بُكَاءِ
وَ أَتَي مَسْجِدَ النَّبِيِّ يُصَلِّي *** فَأَتَاهُ النَّبِيُّ بَعْدَ الأَدَاءِ
قَالَ: إِنِّي ضَيْفٌ عَلَيْكَ فَأَحْنَي *** رَأْسَهُ مُطرقاً لِفَرْطِ الْحَيَاءِ
فَرَأَي الْمُصْطَفَي بِبَيْتِ عَلِيِّ ***حِينَ وَافَي لِلْبَضْعَةِ الزَّهْرَاءِ
جَفْنَةً لِلطَّعَام مَلأَي لَدَيْهَا *** وَ هيَ تَذْكُو بِأَطْيَبِ الأَشْذَاءِ(2)
ص: 294
وَ الْبَتُولُ الزَّهْرَاءُ لِلَّهِ تَدْعُو *** عِنْدَ مِحْرَابِهَا بِأَزْكَي دُعَاءِ
قَالَ: هَذِي مِنْ جَنَّةِ الْخُلْدِ وَافَتْ *** لَكُمَا خَيْرُ تُحْفَةٍ وَ عَطَاءِ
وَ هُوَ أَجْرُ الدِّينارِ لِلَّهِ وَافَي *** لَكُمَا فَاهْنَآ بِحُسْنِ الْجَزَاءِ
وَ لَهُ الشُّكْرُ نِعْمَةً وَ امْتِنَاناً *** وَ هُوَ لُطْفاً أَهْلٌ لِكُلِّ ثَنَاءِ
قَدْ أَرَانِي فِي بَضْعَتِي مَا رَآهُ *** زَكَرِيَّا في مَرْيَمَ العَذْرَاءِ
الصِّدِّيقة عليها السلام ترتدي ثوبَ الكرامةِ
قَالَ طه: وَ يُحْشَرُونَ عُرَاةً *** عِنْدَ وَصْفِ الْمَعَادِ لِلْحَوْرَاءِ(1)
لَيْسَ يَرْنُو بَعْضٌ لِبَعْضٍ، فَقَالَتْ: *** واحَيَائِي مِنْ خَالِقِ وَ احِيَائِي(2)
فَأَتَاهُ قَدْ اسْتَحَي اللَّهُ مِنْهَا، *** حِينَ وَافَي إِلَيْهِ وَحْيُ السَّمَاءِ
فَهْيَ تُكْسَي يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِتْراً *** مِنْهُ ثَوْبَيْ كَرَامَةٍ وَحباءِ
كرامة الله لأهل بيت النبوة عليهم السلام
قال طه لِفَاطِمِ وَ عَلِيٍّ *** وَ هُوَ فِي الْبَابِ لَمْ يَجُزْ لِلْفَنَاءِ(3)
حِينَ وَافَي لِبَيْتِهِمْ وَ هُوَ يَتْلُو *** آيةَ الفَضْلِ مِنْ سِجِلِّ الْعَلَاءِ
ص: 295
قَدْ رَآنِي بَعْدَ اطلاعَةِ عِلْمٍ *** فَاصْطَفَانِي رَبِّي مِنَ الأَنْبِيَاءِ
وَ تَجَلَّي بِعِلْمِهِ لِعَلِيٍّ *** فَارْتَضَاهُ مِنْ سَائِرِ الأَوْصِيَاءِ
وَ هُوَ أَوْلَي خَدِيجَةً حِينَ أَوْلَي *** بنت طه سِيَادَةً فِي النِّسَاءِ
وَ اجْتَبي الْمُجْتَبَي بِجَنَّةِ عَدْنٍ *** سَيِّداً مِثلَ سَيِّدِ الشُّهَدَاءِ
وَ رَأَي الْعَرْشَ مُشْرِقَاً مِنْ مُحَيَّاً *** حَسَنٍ وَ الْحُسَيْنِ بِالإِزْدِهَاءِ
فَدَعَا اللَّهَ أَنْ يُزَيِّنَ حُسْناً *** بِهِمَا وَجْهَهُ بِخَيْرِ دُعَاءِ
فَاسْتَجَابَ الدُّعَاءَ مِنْهُ فَكَانَا *** حَوْلَ عَرْشِ الرَّحْمَنِ أَسْنَي ضِيَاءِ
نور عليٍّ عليه السلام و فاطمة عليها السلام
وَ تَجَلِّي عَنْ خَاتَمِ الرُّسلِ نَصٌّ *** مُسْتَنِيرٌ كَالفَرْقَد الْوَضَّاءِ
قَدْ رَوَاهُ الْمُخَالِفُونَ فَرَوَّي *** كُلَّ ظَامٍ مِنْ مَنْهَلِ الإرْتِوَاءِ
إنَّ أَهْلَ الْجِنَانِ يُشْرِقُ فِيهِمْ *** خَيْرُ نُورٍ يَزْهُو بِخَيْرِ سَنَاءِ
فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا، قُلْتُ صِدْقاً *** في صريحِ الْكِتَابِ دُونَ افْتِرَاءِ
لَيْسَ فِيهَا شَمْسٌ وَ لا زَمْهَرِيرٌ *** أَيِّ شَيْءٍ أَوْفَي بِهذا الْبَهَاءِ(1)
فَيَجِيءُ النَّدَاءُ لِلْخَلْقِ مِنْهُ: *** لَيْسَ هذا السَّنا بِنُورِ ذُكَاءِ
إِنَّ عَبْدَيِّ فَاطِماً وَ عَلِيّاً *** ضَحِكَا مِنْ تَعَجُبِ وَ هَنَاءِ
فَتَجَلِّي فِي جَنَّةِ الخُلْدِ نُوراً *** بَرْقُ تَغْرَيْهِمَا بِأَسْنَي ضِيَاءِ(2)
بشارةٌ للنبي صلي الله عليه و آله و سلم في فضل الزهراء عليها السلام
قَالَ: فِي بَضْعَتِي وَ سِبْطَيِّ وَافَي *** مَلَكٌ فِي بِشَارَةٍ وَحِبَاءِ(3)
ص: 296
أَنَّ سِبْطَيَّ سَيِّدَاكُلِّ نَشَءٍ *** وَ شَبَابِ فِي جَنَّةِ السُّعدَاءِ
وَ هُوَ أَعْطَي سِيَادَةً بِنْتَ طه؛ *** مَثْلَ سِبْطَيْ مُحَمَّدٍ في النِّسَاءِ
أحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَحُرِّمَتِ النَّارُ *** عَلَيْهَا كَمَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ
مِثْلَما حُرِّمَتْ عَلَي كُلِّ زَاكٍ *** مِنْ بَنِيهَا سُلالَةِ الأَزْكِيَاءِ
إن أُصِيبَتْ أُصِبْتُ فِيمَا دَهَاهَا *** إِنَّ إِيَذَاءَ بَضْعَتِي إيذائي
قَالَ طه: عِنْدَ الصِّرَاطِ يُنَادَي *** مِنْ ذُرَي عَرْشِهِ بِخَيْرِ نِدَاءِ
طَاطِئُوا مِنْكُمُ الرُّؤُوسَ وَ غُضُّوا *** كُلَّ أَبْصَارِكُمْ بِيَوْمِ الْجَزَاءِ(1)
لِتَجُوزَ الصَّرَاطَ بَضْعَةُ طه *** فِي عُبُورٍ لِجَنَّةِ الأَتقِياءِ
حِينَ تَأْتِي وَ الْحُورُ سَبْعُونَ أَلفاً *** مِنْ جَلالٍ تَحُفُّ بِالزَّهْرَاءِ
حبُّ فَاطِمَةَ عليها السلام ينفعُ في مواطنَ
إِنَّ حُبَّ الزَّهْرَاءِ يَنْفَعُ حَقاً *** أَهْلَهُ فِي مَوَاطِنِ لِلْبَلاءِ(2)
وَ أَقَلُّ الأَهْوَالِ مِنْهَا بَلاءً *** ساعَةُ الْمَوْتِ عِنْدَ وَقْتِ الْفَنَاءِ
وَ عَذَابُ الْقُبُورِ وَ الْحَشْرُ مِنْهَا *** وَ عُبُورُ الصَّرَاطِ يَوْمَ الْبَقَاءِ
ص: 297
وَ حِسَابُ الْعِبَادِ وَالْوَزْنُ عَدْلاً *** عِنْدَ وَضعَ الْمِيزَانِ يَوْمَ اللقاءِ
لَيْسَ يُنْجِي الْعِبَادَ بِالأَمْنِ مِنْهَا *** غَيْرُ حُبِّ الزَّكِيَّةِ الحَوْرَاءِ
بغْضَبُ اللَّهُ وَ الرَّسُولُ إِذا ما *** غَضِبَتْ عِنْدَ سَاعَةِ الإِيذَاءِ
وَ رِضَا اللَّهِ وَ الرَّسُولِ مَنُوطٌ *** بِرِضَاهَا عَنْ سَائِرِ الأَوْلِيَاءِ
قَالَ: وَيْلٌ حَقّاً لِمَنْ ظَلَمُوهَا *** وَ بَنِيهَا وَ سَيَّدَ الأَوْصِيَاءِ
مَنْ أَسَاؤوا بِالظُّلُمِ حِينَ أَسَاؤوا *** بَعْدَنَصْبِ لِلشَّيعَةِ الأَزْكِيَاءِ
صورةُ الزهراءِ عليها السلام في الجنَّةِ
قَال طه: لَمَّا تَبَخْتَرَ فِيهَا *** آدَمُ مِثلَ زَوْجِهِ حَوَاءِ(1)
حِينَ قَالاً: لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ خَلْقاً *** هُوَ أَزْكَي مِنّا بِوَقْتِ الْقَضَاءِ
وَ هُمَا فِي الْجِنَانِ كانا فَشَعَّتْ *** صُورَةٌ فِي شَمَائِلِ الزَّهْرَاءِ
لِفَتَاةٍ قِرْطَانِ فِي أُذُنَيْهَا *** تَحْتَ تَاجِ فِي رَأْسِهَا مِنْ بَهَاءِ
وَ أُجِيبا: هَاتِيكَ بَضْعَةُ طه، *** حِينَ قالا: مَنْ ذِي؟ لِرَبِّ السَّمَاءِ
وَلَدَاهَا الْقِرْطَانِ وَالتَّاجُ حَقًّاً *** بَعْلُها وَ هُوَ سَيِّدُ الأَنْقِيَاءِ
وَ هُمُ وُلدُكُمْ وَ كَانُوا بِأَلْفَيْ *** سَنَةٍ قَبْلَكُمْ سَناً مِنْ ضِيَائِي
قُبَّةٌ منَ الياقوت
وَ بِيَوْمِ الْمَعَادِ يُخْلَقُ مِنْ أَحْ *** جَارٍ أَصْفَي يَاقُوتَةٍ حَمْرَاء(2)
ص: 298
قُبَّةٌ ما لَهَا عِمَادٌ مُقِيمٌ *** فَهُيَ بَيْتٌ مُعَلَّقٌ فِي الْقَضَاءِ
لِلْبَتُولِ الزَّهْرَاءِ تَسْكُنُ فِيهَا *** وَ هْيَ تَزْهُو لِلْخَلْقِ يَوْمَ الْبَقَاءِ(1)
فَيَقُولون حِينَ تُشْرِقُ فِيهِمْ: *** إِنَّ هَذِي الأَنْوَارَ لِلزَّهْرَاءِ
فاطمة عليها السلام يوم الحشر
قَالَ طه: إِنِّي لأَوَّلُ شَخْصٍ *** عَنْهُ تَنْشَقُّ تُرْبَةُ الْغَبْرَاءِ(2)
وَ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ تَنْشَقُ بَعْدِي *** عَنْهُ يُتْلَي بِسَيْدِ الأَوْصِيَاءِ
وَ لِقَبْرِ الْبَتُولِ يَأْتِي فَيَبْنِي *** جَبْرَئِيلٌ بِهِ قِبَابَ عَلاءِ
وَ أَبُو الصُّورِ حَامِلٌ بِيَدَيْهِ *** حُلَلاً تَكْتَسِي بِهَا مِنْ بَهَاءِ
وَ يُنَادِي بِهَا: لِحَشْرِكِ قُومِي *** إِنَّ هذا ميعادُ يَوْم الْجَزَاءِ
فَتَقُومُ الزَّهْرَاءُ مِنْهُ بِأَمْنٍ *** وَ هْيَ مَسْتُورَةٌ بِأَضْفَي رِدَاءِ
ثُمَّ يُؤْتَي لَهَا بِخَيْرِ نَجِيبٍ *** يَتَغَشَّي مِنْ نُورِهِ بِغِشَاءِ
تَعْتَلِيهِ محفَّةٌ مِنْ نظارٍ *** هِيَ فَوْقَ النَّجِيبِ خَيْرُ وِطَاءِ
آخذاً بِالْخِطَامِ وَهُوَ جُمَانٌ *** مَلَكٌ مِنْ أَكَارِمِ الأَصْفِيَاءِ(3)
وَ عَلَي جَانِبَيْهِ سَبْعُونَ أَلفاً *** مِنْ خِيَارِ الْمَلائِكِ الأُمَنَاءِ
وَ تُوافِي خَدِيجَةٌ تَقْتَفِيها *** مَرْيَمُ إِثْرَ أُمِّهَا حَوَاءِ
بأُلُوفٍ مِنْ حُورِ جَنَّةِ عَدْنٍ *** تَتَهَادَي أَمَامَهَا كَالإِمَاءِ
بِيَدَيْهَا مَجَامِرُ التِّبْرِ تَذْكُو *** دُونَ نَارٍ بِالْعُودِ وَ الأَشْذَاءِ
وَ يُنَادَي بِمَحْشَرِ النَّاسِ: غُضُّوا، *** فَتُغَضُّ الأَبْصَارُ مِنْ كُلِّ رَائِي
لِتَجُوزَ الصِّرَاطَ بَضْعَةُ طَه *** وَ هْيَ تَسْرِي فِي حِشْمَةٍ و َاحْتِفَاءِ
لاَ يَرَاهَا سِوَي الْخَلِيلِ أَبِيهَا *** وَ عَلِيِّ وَ خَاتَمِ الأَنبيَاءِ
ص: 299
منبرٌ من نورِ للزهراءعليها السلام
وَ يُقِيمُ الرَّحْمنُ مِنْبَرَ نُورٍ *** تَرْتَقِيهِ فِي رِفْعَةٍ وَ عَلَاءِ(1)
وَ تَحُفُّ الْمَلائِكُ الْغُرُّ فِيهَا *** وَ تُنَادَي: اسْألِي، بِخَيْرِ نِدَاءِ
وَ قَمِيصَ الْحُسَيْنِ قَدْ نَشَرَتْهُ *** بِيَدَيْهَا مُضَرَّجاً بِالدِّمَاءِ
فَتُنَادِي: يَا رَبِّ فِي قَاتِلِيهِ *** أَنْتَ عَدْلٌ فَاحْكُمْ بِعَدْلِ الْقَضَاءِ
فَيُجَلِّي فِي الْحَشْرِ و النَّاسُ تَرْنُو*** عُنُقٌ مِنْ سَعِيرِ دارِ الْبَلاءِ
يَلْقُطُ الْقَاتِلِينَ مِنْهُ فَيُلْقِي *** فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ رَهْطَ الشَّقَاءِ
وَ يُنَادَي: اسْأَلِي، فَتَهْتِفُ: نَسلِي *** يَا إِلهِي وَ شِيعَتِي أَوْلِيَائِي
فَيَقُولُ الإلهُ: شُفْعَتِ فِيهِمْ *** إِنَّ وَعْدِي حَقٌّ بِغَيْرِ امْتِرَاءِ
فَخُذِيهِمْ لِجَنَّةِ الْخُلْدِ طُراً *** بَعْدَغُفْرَانِ سَائِرِ الأَخْطَاءِ
وَ تَجُوزُ الزَّهْر لجَنَّةِ رَضْوَي *** فِي بَنِيهَا وَ الشَّيعَةِ الأَنْقِيَاءِ
وَ تُهَيَّالَهُمْ مَوَائِدُ دُرِّ *** وجُمَانٍ مَصْفُوفَةٍ لِلْعَذَاءِ
فَهُمُ يَنْعَمُونَ فِيهَا بِأَمْنٍ *** وَ يُهَنَّوْنَ فِي عَظِيمِ الْهَنَاءِ
وَ جَمِيعُ الْعِبَادِ فِي الْحَشْرِ تَبْقَي *** دُونَهُمْ فِي حِسَابِ يَوْمِ الْبَقَاءِ
شفاعةُ فاطمة عليها السلام
هِيَ حَقٌّ لِلْمُصْطَفَي وَعَلِيَّ *** وَ بَنَيهِ وَ الْبَضْعَةِ الْحَوْرَاءِ(2)
وَ جَزَاءٌ لِمُؤْمِنٍ يَرْتَضِيهِ *** حِينَ يُمْسِي مِنْ صَفْوَةِ الأَوْلِيَاءِ
جَاءَ «مَنْ أَنْكَرَ الشَّفَاعَةَ مِنَا *** لَيْسَ مِنَّا» عَنْ خَاتَمِ الأُمَناءِ
ص: 300
وَ عَلِيُّ هُوَ الشَّفِيعُ الْمُرَجَي *** سَاعَةَ الْحَشْرِ عِنْدَ رَبِّ السَّمَاءِ
وَ تَرَي النَّاسَ كَالسُّكارَي وَ مَا هُمْ *** بِسُكَارَي لَكِنْ لِعُظمِ البَلاءِ
كُلُّ فَرْدٍ يَصِيحُ رَبِّيَ نَفْسِي *** غَيْر طه وَآلِهِ الشُّفَعَاءِ
وَ هْيَ مَهْرُ الزَّهْرَا مِنَ اللَّهِ حَقًّاً *** فِي زَوَاجِ الْوَصِيِّ بِالزَّهْرَاءِ
حِينَ تُعْطَي فِي حَشْرِهَا كُلَّ فَضْلٍ *** وُعِدَتْ فِيهِ مِنْ إِلَهِ الْعَطَاءِ
يَوْمَ تَأْتِي عَلَي نَجِيبٍ كَرِيمٍ *** تَتَهَادَي فِي مَوْكِبٍ مِنْ بَهَاءِ
تَقْتَفِيهَا سَبْعُونَ أَلْفاً مِنْ الْحُور *** حَوَالَيْ رِكَابِهَا كَالإِمَاءِ
وَ تُغَضُّ الأَبْصَارُ عَنْهَا احْتِشَاماً *** حِينَ تَجْتَازُ مِنْ بَنِي حَوَاءِ
وَ تُنَادِي «أُرِيدُ يُعْرَفُ قَدْرِي» *** حِينَ يَأْتِي لَها «اطْلُبِي» فِي النّداءِ
فَتُوَفَّي لَهَا الشَّفَاعَةُ فِيمَنْ *** تَبْتَغِيهِ مِنْ رَبِّهَا بِسَخَاءِ
تَلقُطُ الأَوْلِيَاءَ كَالطَّيْرِ لِلْحَبِّ *** انْتِفَاءً مِنْ زُمْرَةِ الأَشْقِيَاءِ
وَ يُنَادَي بِمَنْ تُشَفَّعُ فِيهِ *** مِنْ مُحِبٍّ وَ شِيعَةٍ أَصْفِيَاءِ
حِينَ يُلْقَي فِي روعِهِمْ أَنْ يَمِيلُوا *** بِالْتِفَاتٍ عَنْ جَنْبِهِمْ لِلْوَرَاءِ
«أُدْخُلُوا الْحَشْرَ لِلشَّفَاعَةِ حَتَّي *** يَعْرِفَ القَدْرَ مِنْكُمُ كُلُّ رَائِي
مَنْ كَساكُمْ لِحُبِّهَا فَخُذُوهُ *** أَوْسَقَاكُمْ لَهُ بِشَرْبَةِ مَاء»
قَالَ:«واللهِ -جَعْفَرٌ- لَيْسَ يَبْقَي *** فِيهِ إِلا مُشَكِّكٌ أَوْ مُرَائِي»
وقوفُها علي شفيرِ جهنَّم
وَ لَهَا وَقْفَةٌ عَلَي النَّارِ فِيهَا *** نَفَحَاتٌ لِلشِّيعَةِ الأَزْكِيَاء(1)
يَوْمَ يُؤْتَي بِمُؤْمِنٍ مُسْتَحِقٍّ *** لِعَذَابِ السَّعِيرِ يَوْمَ الْجَزَاءِ
خُطَّ فَوْقَ الْجَبِينِ مِنْهُ «مُحِبٌّ» *** وَ هْيَ كَانَتْ سِيمَاءَ أَهْلِ الْوِلَاءِ(2)
فَتُنَادِي: «يَا رَبِّ وَعْدُكَ حَقٌّ *** لَيْسَ فِيهِ خُلْفٌ بِوَقْتِ الْوَفَاءِ
ص: 301
أنتَ َأعْطَيْتَنَا الشَّفَاعَةً فَضْلاً *** وَ امْتِنَاناً فَجُدْ لَنَا بِالْعَطَاءِ»
فَيَجِيءُ النَّدَاءُ: «شُفُعَتِ فِيهِ *** فَخُذِيهِ لِجَنَّةِ السُّعَدَاءِ
إِنَّ وَعْدِي حَقٌّ وَ قَدْ كَانَ أَمْرِي *** فِيهِ لِلنَّارِ مِنْ حَكِيمِ الْقَضَاءِ
لَيْسَ إِلا لِتَشفَعِي فِيهِ عِنْدِي *** رِفْعَةً فِي كَرَامَةٍ و َاحْتِفَاءِ
فَيَرَي الْخَلْقُ وَ الْمَلائِكُ طُرّاً *** أَنْتِ عِنْدِي مِنْ أَكْرَمِ الشُّفَعَاءِ»
توسُّلُ إبليسَ بالنبيِّ صلي الله عليه و آله وآلِهِ الطاهرين عليهم السلام
قَالَ، وَ الصَّادِقُ الزَّكِيُّ أَمِينٌ *** فِي حَدِيثٍ عَنْ صَادِقِ الأُمَنَاءِ(1)
«قَدْ تَوَارَتْ بَعْدَ الظُّهُورِ لِطه *** ذَاتُ خِدْرِ مِنْ خَيْرَاتِ النِّسَاءِ
حِينَ غَابَتْ لأُخْتِهَا فِي ازْدِيار *** وَ هْيَ تُسْمَي مِنْ قَبْلُ فِي عَفْرَاءِ(2)
وَ هْيَ كَانَتْ لِلجِنِّ تَحْمِلُ عَنْهُ *** حُجَجاً مِنْ دَلائِلِ الإهْتِدَاءِ
قالَ عِنْدَ الإِيابِ مِنْهَا إِلَيْهِ: *** حَدِّثِينِي عَنْ أَعْجَبِ الأَشْيَاءِ
فَأَجَابَتْ: أَبْصَرْتُ شَيْئاً عَجِيباً *** فِي غِيَابِي يَا خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ
قَدْ رَأَيْتُ الشَّيْطَانَ فِي الْبَحْرِ يَدْعُو*** رَبَّهُ فَوْقَ صَخرَةٍ بَيْضَاءِ
سَائِلاً عَفْوَهُ بِحُرْمَةِ طه *** وَ عَلِيَّ وَ ابْتَيْهِ و َالزَّهْرَاءِ
فَسَأَلْتُ الشَّيْطَانَ وَ الْعُجْبُ بَادٍ: *** أَيُّ شَيْءٍ تَرْجُو بِهَذَا الدُّعَاءِ
قَالَ: أَبْصَرْتُ نُورَهُمْ قَبْلَ سَبْعٍ *** مِنْ أُلُوفِ السِّنِينَ عِنْدَ السَّمَاءِ
قَبْلَ إِيجَادِ آدم قَدْ تَحَلَّي *** عَرْشُ رَبِّي بِهَذِهِ الأَسْمَاءِ
فَهُمُ عِنْدَ رَبِّهِمْ حِينَ كَانُوا *** لِلْبَرَايَا مِنْ أَكْرَمِ الشَّفَعَاءِ
حُلَةٌ وحُليٌّ مِنَ الجِنَّةِ
و َرِجَالُ الْيَهُودِ جاؤوا لطه *** لِحُضُورِ الزَّهْرَا بِعُرْسِ هَنَاءِ(3)
ص: 302
وَ هُمُ يَقْصُدُونَ نَقْصَ عُلاها ***حِينَ تَأْتِي فِي بِزَّةِ الْفُقَرَاءِ
فَأَتَاهَا بِحُلَّةِ وَحُلِيِّ *** جَبْرَئِيلٌ مِنْ جَنَّةِ الأَنْقِيَاءِ
فَارْتَدَتْهَا وَ أَقْبَلَتْ تَتَهَادَي *** فِي جَلالٍ وَ رَوْعَةٍ و َبَهَاءِ
وَ نِسَاءُ الْيَهُودِ بَيْنَ يَدَيْهَا *** سِرْنَ عِنْد اسْتِقْبَالِهَا كَالإِمَاءِ
وَ هَوَيْنَ الجَمِيعُ حِينَ تَجَلَّتْ *** سُجَّداً لِلزَّكِيَّةِ الحَوْرَاءِ
وَ بِفَضْلِ الْبَتُولِ أَسْلَمْنَ طَراً *** مَعَ بُقْيَا رِجَالِ تِلْكَ النِّسَاءِ
شكوي الزهراء عليها السلام
قَالَ: تَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِنْتِي *** بِثِيَابِ مَصْبُوغَةٍ بِالدِّمَاءِ(1)
ص: 303
وَ بِإِحْدَي قَوَائِمِ الْعَرْشِ مِنْهَا *** تَعْلَقُ الْكَفُّ بَعْدَ طُولِ الْبُكَاءِ
وَ تُنَادِي: يَا عَدْلُ يَا رَبِّيَ احْكُمْ *** أَنْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَ أَهْلِ الْعَدَاءِ
وَ هُمُ قَاتِلُو الْحُسَيْنِ سَلِيلِي *** سِبْطِ طه وَ سَيّدِ الشُّهَدَاءِ
قَالَ: وَاللَّهِ يَحْكُمُ اللَّهُ حَقَّاً *** لابْنَتِي فِيهِمُ بِعَدْلِ الْقَضَاءِ
حُبُّهَا جَنَّةٌ وَ بُغْضها نارٌ
قَالَ: مَنْ أَبْغَضَ الزَّكِيَّةَ بِنْتِي *** دَخَلَ النَّارَ صُحْبَةَ الأَشْقِيَاءِ(1)
وَ مُحِبُّ الزَّهْرَاءِ يَدْخُلُ حَقًّا *** فِي جِنَانِ الْمَأْوَي مَعَ الصُّلَحَاءِ
رَحي فاطمة عليها السلام تُديرها الملائكةُ
أَرْسَلَ الْمُصْطَفَي أَبا ذَرَّيَوْماً *** لِعَلِيَّ يَدْعُوهُ خَيْرَ دُعَاءِ
فَأَتَي بَيْتَ فَاطِمِ وَ عَلِيٍّ *** عَظَمَ اللَّهُ قَدْرَهُ بِالْعَلَاءِ
وَإِذَا بِالرَّحَي بِغَيْرِ مُدِيرٍ *** تَتَوَالَي بِالطَّحْنِ وَسْطَ الفِنَاءِ
أَخْبَرَ الْمُصْطَفَي بِهَذَا فَأَوْحَي: *** إِنَّ لِلَّهِ خِيرَةَ الأُمَنَاءِ
أَصْفِيَاءٌ مِنَ الْمَلَائِكِ غُرٌّ *** وَ كُلُوا فِي مَعُونَةِ الأَصْفِيَاءِ
ص: 304
قولُه «تعالي»: «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19)» (الرحمن / 19)
قَدْ تَجَلَّتْ فِيهَا مِنَ الذِّكْرِ آيٌ *** فَأَبَانَتْ عَلْيَاءَهَا بِجَلاَءِ
جاءَ بَعْضٌ فِيهَا انْفِرَاداً وَ بَعْضٌ *** جَاءَ فِيهَا فِي جُمْلَةِ الأَوْلِيَاءِ
قَالَ: إِنَّ الْبَحْرَيْنِ فَاطِمُ فِيهَا *** قَدْ أَتَانَا وَ سَيْدُ الأَوْصِيَاءِ
بَحْرُ عِلْمٍ و َلِلنُّبُوَّةِ بَحْرٌ *** مَا يَزَالآنِ فِي أَتَمُ الْتِقَاءِ
بَيْنَ هذا وَ ذَاكَ مِنْ دُونِ بَغْيِ *** بَرْزَخٌ وَ هُوَ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ
مِنْهُمَا تُصْطَفي اللَّآلِي و َالْمَرْجَانُ *** عِنْدَ الخُرُوج خَيْرَ اصْطِفَاءِ
حَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ صَفْوَةُ طه *** وَ جَمِيعُ الأَئِمَّةِ الأَصْفِيَاءِ
فَبِأَيِّ الآلاءِ يَكْفُرُ فِيمَا *** قَدْ أَتَاهَا مُكَذِّبٌ بِافْتِرَاءِ
وَ هْيَ حَقّاً وِلايَةُ الْحَقِّ فِيهَا *** لِعَلِيَّ وَ الْحُبُّ لِلزَّهْرَاءِ
قولُه «تعالي»: «فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ» (آل عمران / (61)
وَ هْيَ تُعْنَي بِالنَّصِّ دُونَ سِوَاهَا ***حِينَمَا بَاهَلُوا بِلَفْظِ النِّسَاءِ(1)
وَ بِآيِ النَّظَهِيرِ بَانَ عُلاهَا *** وَ بِآي الإِطْعَامِ لِلْفُقَرَاءِ
ص: 305
قوله تعالي: «فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَي» (آل عمران/195)
قَالَ فِي الذِّكْرِ: لا يُضَيَّعُ عِنْدِي *** عَمَلُ الْعَامِلِينَ دُونَ جَزَاءِ
ذَكَراً كَانَ -وَ هُوَ يَعْنِي عَلِيّاً- *** أَمْ لأُنْثَي كَالْبَضْعَةِ الْحَوْرَاءِ(1)
حِينَ مِنْ مَكَةٍ لِيَشْرِبَ لَيْلاً *** هَاجَر نَحْوَ خَاتَمِ السُّفَرَاءِ
قوله «تعالي»: «وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ و َالْأُنْثَي إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّي» (الليل / 4)
وَ لَقَدْ خَصَّ فَاطِماً وَ عَلِيّاً *** بِهِمَا اللَّهُ مِنْ بَنِي حَواءِ
إِنَّمَا سَعْيُكُمْ جَمِيعاً لَشَتَّي *** عِنْدَ دَارِ الدُّنْيَا لِدَارِ الْبَقَاءِ
إِنَّ مَنْ أَحْسَنُوا لَهُمْ خَيْرُ حُسْنَي *** بَعْدَمَا آمَنُوا بِرَبِّ الْعَطَاءِ(2)
قولُه «تعالي»: «فَتَلَقَّي آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتِ» (البقرة / 37)
فَتَلَقَّي مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ *** زَاكِيَاتٍ تَقَدَّسَتْ بِالْعَلَاءِ(3)
ص: 306
وَ هْيَ بِنْتُ الْهَادِي وَ سِبْطَاهُ حَقًّاً *** وَ عَلِيٌّ وَخَاتَمُ الأَصْفِياءِ
قوله «تعالي»: «لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً» (النور / 63)
وَ لَقَدْ هَابَتِ الرَّسُولَ فَنَادَتْ: *** يَا رَسُولَ الإِلهِ وَقتَ النَّدَاءِ
حِينَ وَافَي: لا تَجْعَلُوا كَدُعَاءِ *** الْبَعْضِ مِنْكُمْ مُحَمَّداً فِي الدُّعَاءِ
لا تُنَادُوهُ يا مُحَمَّدُ جَهلاً *** بِاسْمِهِ مِثْلَ سَائِرِ الأَسْمَاءِ
قَالَ: قُولِي عِنْدَ النَّدا: أَبَتَاهُ *** فَهُوَ أَدْعَي ما بَيْنَنَا لِلْوَلاَءِ
فَهيَ مَا أُنْزِلَتْ بِعِشْرَةِ طه *** وَ ذَراريه خيرة النجباءِ
إِنَّمَا أُنْزِلَتْ بِقَوْمٍ جُفَاةٍ *** مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ غِلْظَةٍ وَجَفَاءِ(1)
قوله «تعالي»: «الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً و َقُعُوداً» (آل عمران/ 191)
يَذْكُرُونَ اللَّهَ الْعَظِيمَ قِيَاماً *** وَ قُعُوداً مِنْ خِيفَةٍ وَ رَجَاءِ(2)
ص: 307
هِيَ فِي هِجْرَةِ الزَّكِيَّةِ وَافَتْ *** حِينَ وَافَتْ لِطَيْبَةَ الْغَرَّاءِ
قولُه «تعالي»: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ» (آل عمران/ 43)
طَهَّر اللَّهُ مَرْيَماً وَ اصْطَفَاهَا *** وَ اجْتَبَاهَا فَضْلاً بِخَيْرِ اجْتِبَاءِ(1)
سَيْدَاتُ النِّسَاءِ أَرْبَعٌ فِيما *** قَدْ أَنَانًا عَنْ خَاتَمِ الأُمَنَاءِ
وَ البَتُولُ الزَّهْرَاءُ أَعْظَمُ فَضْلاً *** وَ جَلالاً مِنْ سَيِّدَاتِ النِّسَاءِ
قولُه «تعالي»: «لَئِنْ أشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ» (الزمر/65)
قَالَ طه فِي سَارِقٍ مُتَعَدٍّ *** قُطِعَتْ كَفُهُ بِعَدْلِ الْقَضَاءِ(2)
ص: 308
هُوَ لَوْ كَانَ فَاطِماً لَقَطَعْنَا *** يَدَهَا بَعْدَ سِرْقَةٍ وَاعْتِدَاءِ
وَ تَنَاهَي لَهَا الْحَدِيثُ فَأَشْجَي *** نَفْسَهَا قَوْلُ خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ
فأَتَاهُ: لَتَحْبَطَنَّ لَئِنْ أَشْرَكْتَ *** مِنْكَ الأَعْمَالُ فِي الإِبْتِدَاءِ
فَاغْتَدَي الْمُصْطَفَي حَزِيناً فَوَافَي *** جَبْرَئِيلٌ لَهُ بِوَحْيِ السَّمَاءِ
تَفْسُدُ الأَرْضُ وَالسَّمواتُ لَوْ كَانَ *** إِلَهُ ثَانٍ مِنَ الشُرَكَاء
قَالَ جِبْرِيلُ: إِنَّ رَبَّ الْبَرَايَا *** بِالْبَتُولِ الزَّهْرَا مِنَ الرُّحَمَاءِ
أنْزَلَ الآيَتَيْنِ فِيها لِتَرْضَي *** بَعْدَحُزْنٍ أَصَابَهَا وَ اسْتِيَاءِ
فَامْتَلَتْ نَفْسُ خَاتَمِ الرُّسُلِ عُجْباً *** لِمَقامِ الصِّدِّيقَةِ الزَّهْرَاءِ
قولُه «تعالي»: «رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إلا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً» (المزمل / 9)
إِنَّهُ اللَّهُ لا إِلَهَ سِوَاهُ *** قَدْ تَعَالَي عَنْ سَائِرِ النُّظَرَاءِ(1)
وَ هُوَ رَبِّ لِلْمَشْرِقَيْنِ عَظِيمٌ *** فَاتَّخِذْهُ مِنْ خِيرَةِ الْوُكَلاءِ
آيةٌ أُنْزِلَتْ لِبَضْعَةِ طه *** وَ عَلِيٌّ بِغَزْوَةٍ مُتَنائِي
فَتَمَنَّتْ لَهَا وَكِيلاً أَمِيناً ***حَافِظاً بَعْدَ سَيّدِ الأَوْصِيَاءِ
فَأُجِيبَتْ: لَكِ الإِلهُ وَكِيلٌ *** وَ كَفِيلٌ مِنْ أَحْسَنِ الْكُفَلاءِ
ص: 309
قولُه «تعالي»: «وَإذا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ» (التكوير/7)
وَ إِذَا مَا النُّفُوسُ مِنْ بَعْدِ حَشْرٍ *** زُوجَتْ فِي الْجِنَانِ يَوْمَ اللقَاءِ(1)
جَاءَ فِيهَا لِكُلِّ بَرِّ وَلِيٍّ *** أَرْبَعٌ مِنْ نِسَاءِ دُنْيَا الْفَنَاءِ
يَتَلَقَّي التَّزْوِيجَ فِيها امْتِنَاناً *** حِينَ يُحْبَي مِنْهُ بِخَيْرِ حِبَاءِ
غَيْرَ أَزْوَاجِهِ مِنَ الْحُورِمِمّا *** قَدْ أُعِدَّتْ لَهُ بِيَوْمِ الْجَزَاءِ
مَا عَدَا الْمُرْتَضَي الْوَصِيَّ عَلِيّاً *** رِفْعَةً لِلزَّكِيَّةِ الحَوْرَاءِ
مَا لَهُ غَيْرُ فَاطِمٍ أَيُّ زَوْجٍ *** مِنْ نِسَاءِ الدُّنْيَا بِيَوْمِ الْبَقَاءِ
وَ لَهُ مِنْ عَرَائِسِ الْحُورِ مَا لا *** قَطُّ يُحْصِيهِ غَيْرُ رَبِّ الْقَضَاءِ
ص: 310
قَدْ رَوَي جَابِرٌ حَدِيثاً شَرِيفاً *** عَنْ لِسَانِ الزَّكِيَّةِ الزَّهْرَاءِ
قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ بَضْعَةٌ طه *** لِي قَالَتْ يَوْماً بِكُلِّ جَلاَءِ
جَاءَنِي وَالِدِي فَسَلَّمَ، حُبّاً *** وَ اشْتِيَاقاً، عَلَيَّ عِنْدَ اللقَاءِ
قَالَ: إِنِّي أُحِسُّ ضَعْفاً بِجِسْمِي *** وَ نُحُولاً فِي سَائِرِ الأَعْضَاءِ
قُلْتُ: إِنِّي أُعِيذُ جِسْمَكَ مِمّا *** قَدْ عَرَاهُ بِاللَّهِ رَبِّ الْعَلَاءِ
قَالَ: جِيئِي بِذَا الْكِسَاءِ الْيَمَانِيِّ *** وَ غَطَّي جِسْمِي بِهَذَا الْكِسَاءِ
وَ لَقَدْ جِئْتُ بِالْكِسَاءِ الْيَمَانِيِّ *** وَ غَطَيْتُهُ بِخَيْرِ غِطَاءِ
وَ أَتَي بَعْدَ سَاعَةٍ نُورُ عَيْنِي *** حَسَنٌ وَ هُوَ سَيِّدُ الأَزْكِياءِ
قالَ: إِنِّي أَشَمُّ طيباً زَكِياً *** هُوَ مِنْ طِيبِ خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ
قُلْتُ: تَحْتَ الْكِسَاءِ جَدُّكَ طه *** فَأَتَاهُ مُسلّماً باحْتِفَاءِ
قَائِلاً: يا جَدَّاهُ هَلْ لِي إِذْنٌ *** فِي دُخُولِي بظلِّ هذَا الْغِشَاءِ
وَ عَلَيْكَ السَّلامُ صاحِبَ حَوْضِي *** قَالَ: فَادْخُلْ مَعِي بِدُونِ إِبَاءِ
وَ مَضَتْ سَاعَةٌ فَوافَي حُسَينٌ *** ثَمَرُ الْقَلبِ سَيْدُ الشُّهَدَاءِ
قَالَ: إِنِّي أَسْتَافُ أَطْيَبَ رِيحٍ *** هُوَ مِنْ طِيبِ خَاتَمِ السُّفَراءِ(1)
قُلْتُ: تَحْتَ الْكِسَاءِ جَدُّكَ هذا *** وَ أَخُوكَ الزَّاكِي بِخَيْرِ وِطَاءِ
قَالَ بَعْدَ السَّلام: يَا جَدُّ هَلْ لِي *** مِنْكَ إِذْنُ الدُّخُولِ بَعْدَ اصْطَفَاءِ
قَالَ: فَادْخُلْ يَا خَيْرَ سِبْطٍ شَفِيعٍ *** لِلْمُحِبِّينَ عِنْدَ يَوْمِ الْجَزَاءِ
ص: 311
وَ مَضَتْ سَاعَةٌ فَجَاءَ عَلِيٌّ *** سَيِّدُ الْمُؤْمِنِينَ و َالأَوْصِيَاءِ
قَالَ: يَا بِنْتَ خَاتَمِ الرُّسُلِ طه *** بَعْدَ أَزْكَي تَحِيَّةٍ وَ وِلاءِ
أَنَا أَسْتَافُ مِنْ أَخِي وَ ابْنِ عَمِّي *** سَيِّدِ الرُّسُلِ أَطْيَبَ الأَشْذَاءِ
قُلْتُ: تَحْتَ الْكِسَاءِ صِنَوكَ طه *** مَعَ شِبْلَيْكَ يَا أَبَا الأَنْقِيَاءِ
فَتَدَانَي مُسْتَأْذِناً نَحْوَ طه *** بَعْدَ تَسْلِيمِهِ بِخَيْرِ اعْتِنَاءِ
قَالَ: فَادْخُلْ خَلِيفَتِي وَ وَصِيِّي *** مَعَنَا يا أَخِي وَ رَبَّ لِوَانِي
وَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ أَطْلُبُ إذناً *** مَعَهُمْ فِي الدُّخُولِ فِي الانْتِهَاءِ
قَالَ: يا بَضْعَتِي وَ بِنْتِيَ كُونِي *** مَعَنَا يَا سَلِيلَةَ النُّقَبَاءِ
وَ اكْتَمَلْنَا تَحْتَ الْكِسَاءِ فَأَوْمَي *** آخِذا جَانِبَيْهِ نَحْوَ السَّماءِ(1)
قَائِلاً: هؤلاء -رَبِّي- جَمِيعاً *** أَهْلُ بَيْتِي وَ خِيرَةُ الأَصْفِيَاءِ
لَحْمُهُمْ -رَبِّيَ الْمُعَظَّمَ- لَحْمِي *** وَ كِرَامُ الدِّمَاءِ مِنْهُمْ دِمَائِي
أنَا سِلْمٌ لِمَنْ يُسَالِمُ حَقّاً *** أَهْلَ بَيْتِي حَرْبٌ لأَهْلِ الْعِدَاءِ
مُبْغِضٌ شَانِيءٌ لِمَنْ أَبْغَضُوهُمْ *** وَ مُحِبْ لِلشَّيعَةِ الأَوْلِيَاءِ
رَبِّ أَنْزِلْ عَلَيْهِمُ بَرَكَاتٍ *** مِنْكَ تُتْلَي بِرَحْمَةٍ وَ رَجَاءِ
رَبِّ طَهُرْهُمْ جَمِيعاً وَ أَذْهِبْ *** عَنْهُمُ الرِّجْسَ يَا إِلهَ الْعَطَاءِ
قَالَ: يَا سَاكِنَ السَّمَاواتِ طُرّاً ***(رَبُّنَا) لِلْمَلائِكِ الأُمَنَاءِ
يَا عِبَادِي وَ عِزَّتِي وَ جَلالِي *** وَ أَنَا اللَّهُ صَاحِبُ الْكِبْرِيَاءِ
مَا خَلَقْتُ الأَرْضَ الْوَسِيعَةَ *** دَحْواً مَا رَفَعْتُ السَّما بِخَيْرِ بِنَاءِ(2)
فَلَكٌ لَمْ يَكُنْ يَدُورُ وَ فُلْكٌ *** لَمْ يَكُنْ سَارِياً بِلُجَّةِ ماءِ(3)
دُونَ بَحْرٍ يَجْرِي وَ بَدْرٍ مُنِيرٍ *** وَ ذُكَاءٍ مُضِيئَةٍ بِضِيَاءِ
كُلُّ هَذا قَدْ كَانَ مِنِّي لِغُرِّ *** خَمْسَةٍ جُلَّلُوا بِهَذَا الْكِسَاءِ
ص: 312
قَالَ: «يَا رَبِّ مَنْ هُمْ؟» جَبْرَئِيلٌ *** طُلْتَ مَجْداً بِعِزَّةٍ وَ إِبَاءِ
قَالَ: هُمْ مَعْدِنُ النُّبُوَّةِ عِنْدِي *** فَاطِمُ بِنْتُ خَاتَمِ الشُّفَعَاءِ
وَ أَبُوهَا وَ بَعْلُهَا وَبَنُوها *** أَصْفِيَانِي وَ خِيرَةُ الْخُلَفَاءِ
قَالَ: هَلْ بِالنُّزُولِ لِي مِنْكَ إِذْنٌ *** لأَكُونَنَّ سَادِسَ الأَصْفِياءِ
قَالَ: إِنِّي لَقَدْ أَذِنْتُ، فَأَهْوَي *** جَبْرَئِيلَ لِتُرْبَةِ الْغَبْرَاءِ
وَ أَتَي الْمُصْطَفَي وَ قَصَّ عَلَيْهِ ***كُلَّ مَا قَالَهُ إِلَهُ الْعَطَاءِ
قَالَ: فَادْخُلْ، فَقَدْ أَذِنْتُ بِهَذَا، *** مَعَنا يا أَمِينَ وَحْيِ السَّمَاءِ
قالَ: إِنَّ الإِلهَ أَوْحَي إِلَيْكُمْ *** وَ حَبَاكُمْ مِنْ فَضْلِهِ بِحِبَاءِ
آيةٌ في التَّطهيرِ أَذْهَبَ فِيها ***كُلَّ رِجْسَ عَنْكُمْ وَ كُلَّ امْتِرَاءِ
فَرَنَا الْمُرْتَضَي وَ قَالَ لِطه: ***ما لِهَذَا جُلُوسنَا مِنْ عَلَاءِ
قَالَ طه: وَ حَقِّ رَبِّ الْبَرَايَا *** مَنْ حَبَانِي فَضْلاً بِهَذا الثَّنَاءِ
وَ اجْتَبَانِي مِنَ الْعِبَادِ نَبِيّاً *** وَ نَجِياً بِأَحْسَنِ الإِجْتِباءِ
مَا جَرَي ذِكْرُنَا بِهَذَا بِحَفْلٍ *** وَ اجْتِمَاعِ لِلشَّيعَةِ الصَّلَحَاءِ
قطُّ إلا وَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ *** رَحَمَاتٍ تَفِيضُ بِالنَّعْمَاءِ
وَ بِهِمْ حَفَّتِ الْمَلَائِكُ طُرّاً *** فِيهِ يَسْتَغْفِرُونَ دُونَ انْقِضَاءِ
لَهُمُ مُدَّةَ الْجُلُوسِ إِلَي أَنْ *** عَنْهُ يَنْفَضُّ سَائِرُ الْجُلَسَاءِ
قَالَ: فُزْنَا وَفَازَ كُلُّ مُحِبِّ *** وَ مُوَالٍ لَنَا مِنَ الأَوْلِيَاءِ
قال طه: عَوْداً عَلَي الْبَدْءِ مِنْهُ: *** وَ الَّذِي اختارنِي بِخَيْرِ انْتِقَاءِ
مَا أَتَي مِنْهُمُ بِمَجْمَع خَيْرٍ *** ذِكْرُ هذا الْحَدِيثِ طُولَ البَقَاءِ
كَانَ فِيهِ ذُو حَاجَةٍ أَو هُمُومِ *** أَوْغُمُومِ مَقْرُونَةٍ بِالْعَنَاءِ
قَطُّ إِلا وَ فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ *** وَ قَضَي حَاجَهُ بِخَيْرِ قَضَاءِ
قَالَ: فُزْنَا وَ اللَّهِ حُسْنَي وَ فَازُوا *** فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَ دَارِ اللِّقَاءِ
ص: 313
صحيفة فاطمة الزهراء عليها السلام
قَدْ تَجَلَّي عَنْ جَابِرٍ خَيْرُ نَصٍّ *** فِيهِ لِلظَّامِئِينَ خَيْرُ رُوَاءِ
قَالَ: أَبْصَرْتُ فِي يَدَيْ بِنْتِ طه *** حِينَ وَافَيْتُها بِوَقْتِ اللقَاءِ
خَيْرَ لَوْحٍ مِنَ الزُّمُرُّدِ زاهٍ *** أَخْضَرٍ مُشْرِقٍ بِأَسْنَي بَهَاءِ
قُلْتُ: يَا بَضْعَةَ النَّبِيِّ أَبِينِي *** أَيَّ شَيْءٍ هذا بِأَبْهَي جَلاءِ
فَأَجَابَتْ: لَوْحٌ أَتَي جَبْرَئِيلٌ *** لأبي فِيهِ مِنْ إِلَهِ الْعَطَاءِ
فَحَبَانِي بِهِ أَبِي حَيْثُ فِيهِ *** ذِكْرُ أَسْمَاءِ وُلْدِيَ الأُمَنَاءِ
لِيَعُمَّ السُّرُورُ وَ الْبِشْرُ نَفْسِي *** فَتَصَفَّحْتُهُ بِخَيْرِ اقْتِفَاءِ
وَكَتَبْتُ النَّصَّ الَّذِي خُطَّ فِيهِ *** بِيَدِي فِي صَحِيفَةٍ بَيْضَاءِ
وَ أَنَا أُشْهِدُ الإلة بِهذا *** صادِقاً بِالْمَقَالِ دُونَ افْتِرَاءِ
إنَّ هَذَا اللَّوْحَ الْكَرِيمَ كِتَابٌ *** مُنْزَلُ مِنْ جَلالِ رَبِّ السَّمَاءِ
لِسَفِيرِ الْبَارِي وَ خَيْرِ دَلِيلٍ *** وَ حِجَابٍ لَهُ وَ خَيْرِ ضِيَاءِ
يَا نَبِيِّ الْهُدَي مُحَمَّدُ عَظِّمْ *** بَعْدَ شُكْرِ لِنِعْمَتِي أَسْمَائِي
إِنَّنِي اللَّهُ لا إِلَهَ سِوَاهُ *** قَاصِمُ الْجَبَارِينَ مِنْ خُصَمَانِي
وَ مُذِلُّ لِلظَّالِمِينَ هَوَاناً *** بَعْدَ عِزِّ دَيانُ يَوْم الْجَزَاءِ
كُلُّ مَنْ خافَ غَيْرَ عَدْلِي وَ يَرْجُو *** غَيْرَ فَضْلِي عَذَّبْتُهُ بِبَلائِي
فَتَوَكَّلْ عَلَيَّ وَحْدِي وَ اعْبُدْنِي *** إِلهاً فَرْداً بِلا شُرَكَاء
و أَنَا مَا اسْتَكْمَلْتُ عَهْدَ نَبِيِّ *** عِنْدَ بَعْثَي لِسَائِرِ الأَنْبِيَاءِ
قَطُّ إلأ وَ قَدْ جَعَلْتُ وَصِيّاً *** خَلَفاً بَعْدَهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ
وَ أَنَا قَدْ جَعَلْتُ شَخْصَكَ مَنْاً *** أَفْضَلَ الأَنْبِيَاءِ وَ الأَصْفِيَاءِ
مِثْلَما قَدْ جَعَلْتُ خَيْرَ وَصِيٌّ *** لَكَ فِي الْخَلْقِ أَفْضَلَ الأَوْصِيَاءِ
وَ بِشِبْلَيْكَ بَعْدَهُ وَ بِسِبْطَيْكَ *** امْتِنَاناً أَكْرَمْتُهُ بِسَخَاءِ
حَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ خَيْرُ إِمَامَيْنِ *** هُمَا بَعْدَ سَيِّدِ الأَنْقِيَاءِ
وَ جَعَلَتُ الزَّكِي مَعْدِنَ عِلْمِي *** حَسَناً وَ هُوَ مُجْتَبَي الأَزْكِيَاءِ
ص: 314
وَ جَعَلْتُ الْحُسَيْنَ خَازِنَ عِلْمِي *** بَعْدَهُ وَ هُوَ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ
وَ بِأَسْمَي شَهَادَةٍ خُصَّ مِنِّي *** قُرِنَتْ فِي سَعَادَةٍ وَ عَلَاءِ
مَعَهُ الْكِلْمَةُ البَلِيغَةُ رُشْداً *** وَ لَهُ خَيْرُ حُجَّةٍ بَيْضَاءِ
لِلْبَرَايَا مُعَاقِبٌ وَ مُثِيبٌ *** مِنْهُ فِي خَيْرِ عِتْرَةٍ نُجَبَاءِ
سَيْدُ الْعَابِدِينَ أَوَّلُ نَدْبٍ *** مِنْهُمُ وَ هُوَ زِينَةُ الأَوْلِيَاءِ(1)
وَ ابْنُهُ بَاقِرُ الْعُلُومِ لِحُكْمِي *** مَعْدِنٌ شِبْهُ خَاتَمِ الأَصْفِيَاءِ
بَعْدَهُ جَعْفَرٌ سَيَهْلِكُ فِيهِ *** كُلُّ بَاغِ ذِي رِيبَةٍ وَ رِيَاءِ
حُقَّ قَوْلٌ مِنِّي لأُكْرِمَ مَثْوَي *** جَعْفَرٍ في كَرَامَةِ وَ اعْتِلاَءِ
كُلُّ شَخْصِ قَدْ رَدَّ -كُفْراً- عَلَيْهِ *** رَدَّ -كُفْراً- عَلَيَّ دُونَ اهْتِدَاءِ
الأسُرَّنَّ نَفْسَهُ مِنْ حُبُورٍ *** بِجَمِيعِ الأَشْيَاعِ وَ النُّصَرَاءِ(2)
بَعْدَهُ اخْتَرْتُ ِللإِمَامَةِ -مُوسَي *** وَ هُوَ فِي عَهْدِ فِتْنَةٍ عَمْيَاءِ
حَيْثُ فَيْضِي وَ حُجَّتِي لَنْ يَزُولا *** بِانْقِطَاعِ مِنَ الوَرَي وَ انْقِضَاءِ
لَيْسَ يَشْقَي الأَتبَاعُ مِنْهُ جَمِيعاً *** فَهُمُ فِي هُدَي بِدُونِ شَقَاءِ
كُلُّ فَرْدِ مِنَ الْبَرِيَّةِ غَيّاً *** لَهُمُ جَاحِدٌ مِنَ الْكِبْرِيَاءِ
بَعْدَ تَغْيِيرِ آيةٍ مِنْ كِتابِي *** فَهُوَ بَاغِ عَلَيَّ بِالإِفْتِرَاءِ
وَ عَليٌّ مِنْ بَعْدِهِ مَنْ عَلَيْهِ *** أَنَا أَلْقَيْتُ كُلفَةَ الأَنْبِيَاءِ(3)
وَ هْوَ عَبْدِي وَ نَاصِرِي وَ وَلِيِّي *** مَنْ لَهُ الإِضْطِلاعُ فِي أَعْبَائِي
كُلُّ فَرْدٍ مُكَذِّبٌ فِيهِ كُفْراً *** وَ هُوَ فِي الْعَدْ ثَامِنُ الشُّفَعَاءِ
فَهُوَ حَقاً مُكَذِّبٌ دُونَ رَيْبٍ *** لِجَمِيعِ الأَئِمَّةِ الصَّلَحَاءِ
وَ هُوَ يَجْنِي عَلَيْهِ عِفْرِيتُ طَاغٍ *** مُتَعَدِّ بِالْقَتْلِ شَرِّ اعْتِدَاءِ
ص: 315
دَفَنُهُ فِي مَدِينَةٍ قَدْبَنَاهَا *** جَنْبَ شَرِّ الطَّغَاةِ وَ الأَشْقِيَاءِ(1)
لأقرَّنَّ بَعْدَهُ الْعَيْنَ مِنْهُ *** بِابْنِهِ وَ هُوَ خِيرَةُ الْخُلَفَاءِ
مَوْضِعِ السِّرِّ مَعْدِنِ الْحُكْمِ مِنِّي *** وَارِثِ الْعِلْمِ وَ هُوَ خَيْرُ وِعَاءِ
حَجَّتِي فِي الْوَرَي مُحَمَّدُ حَقّاً *** وَ هُوَ عِنْدِي مِنْ صِفْوَةِ النُّجَبَاءِ
قَدْ جَعَلْتُ الْمَثْوَي الْمُبَارَكَ مِنْهُ *** فِي جِنَانِ الأَبْرَارِ وَ الأَتقِيَاءِ
بَعْدَ تَشْفِيعِهِ بِسَبْعِينَ شَخْصاً *** يَسْتَحِقُّونَ نَارَ يَوْمِ الْجَزَاءِ(2)
وَ أَنَا فِي سَعَادَةٍ أَرْتَضِيهَا *** سَوْفَ أَقْضِي فِي سَاعَةِ الإِنْتِهَاءِ
لابْنِهِ نَاصِرِي عَلِيٍّ وَلِيِّي *** وَ هُوَ لِلْوَحْي خِيرَةُ الأُمَنَاءِ
أُخْرِجُ الخَازِنَ الأَمِينَ لِعِلْمِي *** حَسَناً مِنْهُ خِيرَةُ الأَصْفِيَاءِ
وَ أَنَا بِابْنِهِ لَأَكمِلُ أَمْرِي *** رَحْمَةً لِلْعِبَادِ دُونَ انْقِضَاءِ
مَنْ تَجَلَّي كَمَالُ مُوسَي عَلَيْهِ *** وَ لِعِيسَي عَلَيْهِ خَيْرُ بَهَاءِ
وَ عَلَيْهِ وَ هُوَ الْمُغَيَّبُ يَبْدُو *** صَبْرُ أَيُّوبَ فِي أَتَمِّ جَلاءِ
وَ هُوَ فِي الْغَيْبَةِ الطَّوِيلَةِ مِنْهُ *** سَيُذَلُّ الأَبْرَارُ مِنْ أَوْلِيَائِي
وَ هُمُ يُقْتَلُونَ صَبْراً إِلَي أَنْ *** تُصْبَغَ الأَرْضُ مِنْهُمُ بِالدِّمَاءِ
وَيُهَادَوْنَ بِالرُّؤُّوس ضَلالاً *** مِنْهُمُ بَعْدَ سَاعَةِ الإِعْتِدَاءِ
وَ يَشِيعُ الْوَيلُ اكْتِثَاباً وَ يَعْلُو *** مِنْهُمُ بِالْبُكَارَنِينُ النِّسَاءِ
بَعْدَ خَوْفٍ مِنْهُمْ أُولَنكَ حَقّاً *** أَوْلِيَائِي وَ خِيرَةُ الصُّلَحَاءِ
(1) ما ورد هو أن الذي بناها العبدُ الصالح ذو القرنين. و أن الإمام الرضا عليه السسلام قد دفن إلي
جنب هارون العباسي، كما يقول دعبل الخزاعي :
قبران في طوس خير الناس كُلِّهمُ *** و قبرُ شرِّهمُ، هذا مِنَ العِبَر
ص: 316
أَكْشِفُ الإِصْرَ وَ الزَّلازِلَ فِيهِمْ *** رافعاً كُلَّ فِتْنَةٍ عَمْياءِ(1)
وَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ مِنِّي عَلَيْهِمْ *** صَلَواتُ فِي رَحْمَةٍ وَ رَجَاءِ(2)
ص: 317
ص: 318
ص: 319
بضعةُ المصطفي
بَضْعَةُ الْمُصْطَفَي وَ نَاهِيكَ فِيهَا *** مِنْ بَتُولٍ زَكِيَّةٍ زَهْرَاءِ(1)
ص: 320
ص: 321
ص: 322
ص: 323
ص: 324
ص: 325
ص: 326
كُلُّهُمْ قَدْ وَعَوْا مَقَالَةَ طه *** فِي عُلاهَا وَ مَا لَها مِنْ عَلاءِ
هذِهِ بَضْعَتِي رِضَايَ رِضَاها *** وَ اسْتِيَاءُ الزَّهْرَاءِ عَيْنُ اسْتِيَائِي(1)
عَجَباً فِي الْبَتُولِ كَيْفَ أَضَاعُوا *** ذِمَّةَ الْمُصْطَفَي بِغَيرِ وَفَاءِ
كَيْفَ شَحُّوا وَ أَحْمَدٌ قَدْ حَبَاهَا *** فَدَكا نِحْلَةً بِكُلِّ سَخَاءِ(2)
مَنَعُوهَا عَنْ إِرْثِهَا مِنْ أَبِيهَا *** دُونَ ما حُجَّةٍ وَ دُونَ اخْتِشَاءِ
غَصَبُوا حَقَّهاجِهاراً فَأَبْدَوْا *** كُلَّ ما أَضْمَرُوا لَهَا فِي الْخَفَاءِ
أَنْكَرُوا فَرْضَ إِرْثِهَا مِنْ أَبِيها *** وَ هْيَ كَانَتْ مِنْ أَقْرَبِ الأَقْرِبَاءِ
حِينَ صَدُّوا بِدْعَةٍ وَ نِفَاقٍ *** فَدَكاً عَنْ سَلِيلَةِ الأَنْبِيَاءِ
وَ هْيَ مِمَّا أَفَاءَهُ اللَّهُ لُطفاً *** لأَبِيهَا مُحَمَّدٍ مِنْ عَطَاءِ(3)
نَاشَدَتْهُمْ بِاللَّهِ عَهْداً فَعَهْداً *** أَنْ يُفِيقُوا مِنْ سَكْرَةِ الْجُهَلاَءِ
فَتَعَامَوْا عَنِ الْهِدَايَةِ جَهلاً *** حِينَ صَمُّوا عَنْ مَنْطِقِ الْعُقَلاءِ
بَعْدَ رَدُّ مِنْهُمْ بِمَا أَثبَتَتْهُ *** أَنَّهَا نِحْلَةٌ بِغَيْرِ ادْعَاءِ
وَ عَلِيٌّ وَ أُمُّ أَيْمَنَ لِلزَّهرَاءِ ***كَانَا مِنْ خِيرَةِ الشُّهَدَاءِ
وَ كَفَي حُجَّةً عَلَي عَهْدِ طه ***بِيَدَيْهَا كَانَتْ بِعَدْلِ الْقَضَاءِ
غَيْرَ أَنَّ النُّفُوسَ بَالْغَيِّ مَرْضَي *** مِنْ قَدِيمِ وَ مَا لَهَا مِنْ شِفَاءِ
فَأَتَتْهُمْ بِحُجَّةٍ قَدْ تَجَلَّتْ *** وَ هُيَ أَذْكَي تَوَقُداً مِنْ ذُكَاءِ
وَ اسْتَثَارَتْ نُفُوسَهُمْ فَرَأَتْهَا *** وَ هُيَ مَوْتَي فِي صُورَةِ الأَحْيَاءِ
ص: 327
حِينَ وَافَتْ وَ الْمُسْلِمُونَ حُضُورٌ *** تَتَهَادَي فِي لُمَّةٍ مِنْ نِسَاءِ
وَ أُنيطَتْ مُلاءَةٌ، ثُمَّ أَنَّتْ *** مِنْ أَذَاهَا فَأَجْهَشُوا لِلْبُكَاءِ(1)
فَاسْتَفَاضَتْ مِنْهَا بِمَسْجِدِ طه *** نَفَحَاتٌ مِنْ خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ
في بَليغٍ مِنَ الْخِطَابِ حَكِيمٍ *** قَصُرَتْ عَنْهُ أَلسُنُ الْبُلَغَاءِ
بَدأت بِالصَّنَاءِ لِلَّهِ فِيهِ *** لِسُبُوعَ أَسْدَي مِنَ الآلاءِ(2)
وَ أَقَرَّتْ بِمَا لَهُ مِنْ أَيَّادٍ *** بَعْدَ تَوْحِيدِها لِرَبِّ السَّمَاءِ
ثُمَّ صَلَّتْ عَلَي النَّبِيِّ أَبِيهَا *** خَاتَمِ الرُّسُلِ سَيِّدِ الأُمَنَاءِ
وَ أَفَاضَتْ بِالْقَوْلِ بَعْدَ نَشِيجِ *** مُتَعَالٍ وَ أَدْمُعِ خَرْسَاءِ(3)
فَلَهُ الْحَمْدُ مُنْعِماً بِالْعَطَايَا *** مُلهماً بِالصِّوَابِ وَ الاهْتِدَاءِ
مُسْتَفِيضاً بِكُلِّ مَا هُوَ أَسْدَي *** لِلْبَرَايَا مِنْ مِنَّةٍ وَ عَطاءِ
وَ حَبَاهُمْ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ عَمِيمٍ *** وَ نَوَالٍ فِي سَاعَةِ الإِبْتِدَاءِ(4)
جَمَّ مِنْ كَفْرَةِ الْمَوَاهِبِ مِنْهُ *** كُلُّ عَدٍّ لَهَا عَنِ الإِحْصَاءِ(5)
وَ تَنَاءَي عَن الْجَزَاءِ عُلاهَا *** أَمَداً لَمْ يُنَل بِأَيِّ جَزَاءِ(6)
قَطُّ لاَ تُدْرِكُ الْخَلَائِقُ مِنْهَا *** أَبَداً مِنْ تَفَاوُتٍ وَ تَنَائِي
نَدَب الخَلْقَ لاسْتِزَادَةِ هذا *** مِنْهُ بِالشُّكْرِ بُغْيَةَ الإِلْتِقَاءِ(7)
وَ اسْتَحَقَّ الثَّنَاءَ وَ الحَمْدَ مِنْهُمْ *** بَعْدَ إِجْزَالِهَا عَلَي الأَوْلِيَاءِ(8)
ص: 328
وَ هُوَ ثَنَّي لِنَدْبِهِمْ مِنْ سَخَاءٍ *** لِجَمِيعِ الأَمْثَالِ وَ النُّظَرَاءِ
كلمةُ التوحيد
وَ هُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ سِوَاهُ *** جَلَّ عِزّاً عَنْ سَائِرِ الشَّرَكَاءِ
كَلْمَةٌ بِالإِخْلَاصِ يَظْهَرُ مِنْهَا *** كُنْهُ تَأْوِيلِهَا بِدُونِ خَفَاءِ
وَ هُوَ قَدْ ضَمَّنَ الْقُلُوبَ يَقِيناً *** مِنْهُ مَوْصُولَهَا بِدُونِ امْتِرَاءِ
وَ أَنَارَ الْعُقُولَ بِالْفِكْرِمِنْهَا *** فَأَضَاءَتْ مَدَارِكُ الْعُقَلاءِ
لَيْسَ يَنْقَادُ وَصْفُهُ لِلِسانٍ *** لاتَرَاهُ بِالْعَيْنِ رُؤْيَةُ رَائِي
لَيْسَ تَدْرِي الأَوْهَامُ بَعْدَ قُصُورٍ ***كَيْفَ أَضْحَي مِنْ سَائِرِ الأَنْحَاءِ(1)
خلقُ الكائنات
أَبْدَعَ الكائِنَاتِ مِنْ دُونِ شَيْءٍ *** سَابِقِ قَبْلَهَا مِنَ الأَشْيَاءِ
وَ بَرَاهَا مِنْ دُونِ أَيِّ مِثالٍ *** قَدْ بَدَا فَاحْتَذَاهُ خَيْرَ احْتِدَاءِ(2)
كَوَّنَ الْكَائِنَاتِ حِينَ بَرَاهَا *** وَ هُوَ عَنْ خَلْقٍ مِثْلِهَا فِي غِنَاءِ
إِنَّمَا رَامَ أَنْ يُثَبِّتَ مِنْهُ *** حِكْمَةً تَسْتَبِينُ لِلْحُكَمَاءِ(3)
وَ لإِظْهَارِ قُدْرَةِ الصُّنْعَ مِنْهُ *** وَ لِتَنْبِيهِهِمْ عَلَي الاهْتِدَاءِ
كُلُّ هذا تَعَبداً لِلْبَرَايَا *** مَعَ إِعْزَازِهِ لأَهْدَي دُعَاءِ
جَاعِلاً لِلْمُطِيع مِنْهُمْ ثَوَاباً *** وَ عِقاباً لِمَنْ عَصَي فِي الْجَزَاءِ
لِيَذُودَ الْعِبَادَ عَنْ كُلِّ سُخْطٍ *** وَ يُحَاشُوا لِجَنَّةِ السُّعَدَاءِ(4)
ص: 329
الشهادةُ بالنبوة
و أَنَا لِلنَّبِيَّ أَشْهَدُ حَقًّا *** أَنَّهُ كَانَ خَاتَمَ الأَنْبِيَاءِ
قَبْلَ أَرْسَالِهِ اجْتَبَاهُ وَ سَمَّي *** إِسْمَهُ قَبْلَ سَاعَةِ الإِجْتِبَاءِ
وَ اصْطَفَاهُ الإِلهُ قَبْلَ ابْتِعَاثٍ *** لِلْبَرَايَا بِأَحْسَنِ الإِصْطِفَاءِ
حِينَمَا كَانَتِ الْخَلَائِقُ بِالْغَيْبِ *** احْتِجَاباً مَكْنُونَةٌ بِغِطَاءِ(1)
وَ بِسِتْرِ مِنَ الأَهَاوِيلِ صِينَتْ *** وَ تَغَشَّتْ مَقْرُونَةٌ بِالْفَنَاءِ(2)
بَعْدَ عِلْمٍ مِنْهُ بِما سَوْفَ يَأْتِي *** شَامِل من حوَادِثِ الآناءِ
عَارِفاً فِي مَوَاقِع تَتَجَلَّي *** لِجَمِيعِ الأُمُورِ فِي الإِنْتِهَاءِ
بَعَثَ الْمُصْطَفَي لِيُكْمِلَ فِيهِ *** كُلَّ أَمْرِ مِنْهُ وَكُلَّ مُشَاءِ
وَ لإِمْضَاءِ حُكْمِهِ فِي الْبَرَايا *** نافذاً في عَزِيمَةٍ وَ مَضاءِ
وَ لإِنْفَاذِ ما يُقَدَّرُ حَتْماً *** مِنْ إِشَاءَاتِهِ وَ كُلِّ قَضَاءِ
فَرَأَي هذِهِ الْخَلائِقَ طُرّاً *** فِرَقاً فِي الأَدْيَانِ دُونَ الْتِقَاءِ
يَعْبُدُونَ الأَوْثَانَ وَ النَّارَ كُفْراً *** بَعْدَ عِرْفَانِهِمْ لِرَبِّ السَّمَاءِ
فَأَنَارَ اللَّهُ اهْتِدَاءً وَ رُشْداً *** بِأبِي كُلَّ ظُلْمَةٍ عَمْيَاءِ
وَ مَحَا فِيهِ مِنْ قُلُوبِ البَرَايَا *** بُهَمَ الشِّرْكِ بَعْدَ كَشفِ الْغِطَاءِ(3)
ص: 330
وَ جَلاً عَنْ عُيُونِهِمْ حِينَ ضَلَّتْ *** عُمَماً لِلْعَمَي بِأبْهَي جَلاَءِ
وَ لَقَدْ قَامَ بِالْهِدَايَةِ فِيهِمْ *** لَهُمُ مُنْقِذاً مِنَ الإِغْوَاءِ
وَ حَبَاهُمْ بَصِيرَةٌ بَعْدَغَيٍّ *** وَ هَدَاهُمْ لِلدِّينِ خَيْرَ اهْتِدَاءِ
وَ دَعَاهُمْ لِمَنْهَجٍ مُسْتَقِيمٍ *** بَعْدَ زَيْعٍ عَنْ مَنْهَجِ الإِسْتِوَاءِ(1)
قبضُ رحمةٍ و اختيار
وَ تَوَفَّاهُ رَبُّهُ حِينَ أَدَّي *** مَا عَلَيْهِ لِلنَّاسِ خَيْرَ أَدَاءِ
قايضاً رُوحَهُ اختياراً لِطه *** مِنْهُ فِي قَبْضِ رَحْمَةٍ وَ ارْتِضَاءِ
فَهُوَ أَضْحَي فِي رَاحَةٍ وَ نَعِيمٍ *** مِنْ بَلاءِ الدُّنْيَا وَ كُلْ عَنَاءِ
حُفَّ مِنْ رَبِّهِ الْكَرِيم امتناناً *** بِالرِّضَا وَ الْمَلائِكِ الأُمَنَاءِ
وَ اسْتَفَاضَ اللُّظفُ الْعَمِيمُ عَلَيْهِ *** رَغَداً فِي جِوَارِ رَبِّ السَّمَاءِ
فَصَلاَةُ الْبَارِي عَلَي خَيْرِ هَادٍ *** وَ أَمِين لَهُ مِنَ الأَصْفِيَاءِ
وَ رَنَتْ نَحْوَهُمْ وَ قَالَتْ بِلُطْفٍ: *** يَا عِبَادَ الإِلهِ، لِلْجُلَسَاءِ
كتابُ اللَّهِ
أَنْتُمُ الْيَوْمَ نُصْبُ أَمْرٍ وَنَهْيٍ *** بِاليَمَارِ مِنْكُمْ لَهُ وَ انْتِهَاءِ(2)
حَامِلُو دِينِهِ وَ أَكْرَمِ وَحْيٍ *** لَكُمُ مُنَزَلٍ بِخَيْرِ ضِيَاءِ
أُمَناءٌ عَلَي الرِّسَالَةِ مِنْهُ *** لِلْبَرَايَا مِنْ خِيرَةِ الْبُلَغَاءِ
وَ زَعِيمٌ فِيكُمْ عَلَي الْحَقِّ مِنْهُ *** بَعْدَعَهْدٍ أَوْحَاهُ ربُّ الْقَضَاءِ
وَ بَقَايَا مِنَ الرَّشَادِ عَلَيْكُمْ *** خُلِّفَتْ وَ هْيَ أَكْرَمُ الْخُلَفَاءِ
وَ هْيَ ذِكْرُ اللَّهِ الْحَكِيمِ كِتَابٌ *** نَاطِقٌ صَادِقٌ بِدُونِ افْتِرَاءِ
وَ سَناً سَاطِعٌ وَ نُورٌ مُبِينٌ *** لَكُمُ لاَمِعُ بِخَيْرِ اهْتِدَاءِ(3)
ص: 331
قَدْ أُبينَتْ مِنْهُ الْبَصَائِرُ كِشْفاً *** وَ تَبَدَّتْ أَسْرَارَهُ بِجَلاء
وَ تَجَلَّتْ ظَوَاهِرُ الْحَقِّ صِدْقاً *** لَكُمُ مِنْهُ بَعْدَ كَشفِ الْغِطَاءِ
قَائِدٌ لِلرِّضْوَانِ مَنْ شَايَعُوهُ *** بِاتِّباع لِنَهْجِهِ وَ اقْتِدَاءِ
وَ مُؤَدٍّ إِلَي النَّجَاةِ اسْتِمَاعاً *** وَ انْقِيَاداً لَهُ بِدُونِ إِبَاءِ
حُجَجُ اللَّهِ فِيهِ تُدْرَكُ نَيْلاً *** بَعْدَ قَصْدٍ لِلْحُجَّةِ الْبَيْضَاءِ
وَ جَمِيعُ الْعَزَائِمِ الْغُرُ مِنَهُ *** بَعْدَ تَفْسِيرِهَا مِنَ الْعُلَمَاءِ
وَ صُنُوفُ الْمَحَارِمِ اللاءِ فِيهَا *** قَدْ تَجَلَّي التَّحْذِيرُ لِلأَوْلِيَاءِ
وَ بَرَاهِينُهُ الَّتِي قَدْ كَفَتْكُمْ *** مِنْهُ بِالْبَيِّنَاتِ خَيْرَ اكْتِفَاءِ
وَ عَظِيمٌ مِنَ الْفَضَائِلِ يَتْلُو *** رُخصاً أُعْطِيَتْ بِخَيْرِ عَطَاءِ
الشرائعُ المكتوبةُ
وَ حَكِيمٌ مِنَ الشَّرَائِعِ مِمَّا *** كُتِبَتْ فِيكُمُ بِأَمْرِ الْقَضَاءِ
فَهُوَ قَدْ طَهَّرَ الْعِبَادَ مِنَ الشَّرْكِ *** بِنُورِ الإِيمَانِ وَ الإهْتِدَاءِ
وَ بِفَرْضِ الصَّلاَةِ فِي الْخَلْقِ مِنْهُ *** أَبْعَدَ الْخَلْقَ عَنْ عَمَي الْكِبْرِيَاءِ
وَ هُوَ زَكَّاكُمُ بِخَيْرِ زَكَاةٍ *** وَ هْيَ مِنْكُمْ لِلرِّزْقِ خَيْرُ نَمَاءِ
وَ أَقَرَّ الإِخلَاصَ بِالصَّوْمِ فِيكُمْ *** بَعْدَتَثْبِيتِهِ بِغَيْرِ انْتِفَاءِ
و أَقَامَ الإِسْلاَمَ بِالْحَجِّ فِيكُمْ *** بَعْدَ تَشْبِيدِهِ بِخَيْرِ بِنَاءِ
وَ لَقَدْ نَشقَ الْقُلُوبَ بِعَدْلٍ *** شَامِلٍ فِيكُمُ بِدُونِ اعْتِدَاءِ
وَ مُوالاةُ آل طه نِظَامٌ *** مُسْتَقِيمَ لِمِلَّةِ الْحُنَفَاءِ
وَ أَمَانٌ إِمَامَةُ الْحَقِّ مِنَّا *** مِنْ جَمِيعِ التَّفْرِيقِ بَعْدَ الْتِقَاءِ
وَ كَرِيمُ الْجِهَادِ لِلدِّينِ عِزٌّ *** مِنْهُ وَ الصَّبْرُ مُوجِبْ لِلْجَزَاءِ
وَ عَلَيْكُمْ قَدْ أَوْجَبَ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ *** رَعْياً لِصَالِحِ الأَوْلِيَاءِ
وَ وِقاءٌ مِنْ سُخْطِ رَبِّ الْبَرَايَا *** كَانَ بِرُّ الْبَنِينَ لِلآبَاءِ
ص: 332
وَ صَلاتُ الأَرْحَامِ مَنْسَأَةُ العُمْرِ *** وَ مَنْمَاتُهُ بِأَزگي نَماءِ(1)
وَ الْقِصَاصُ الْمَفْرُوضُ خَيْرُ حَيَاةٍ *** وَ هُوَ حَقْنٌ مِنْهُ لِسَفْكِ الدِّمَاءِ(2)
وَ وَفَاءُ الْعِبَادِ بِالنَّذْرِ تَعْرِيضٌ *** لِغُفْرانِ سَائِرِ الأَخْطَاءِ
وَ اعْتِدَالُ الْمِيزَانِ فِي الْوَزْنِ تَغْيِيرٌ *** لِبَخْسِ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشّرَاءِ
وَ نَهَي عَنْ تَنَاوُلِ الْخَمْرِ تَنْزِيهاً *** عَنِ الرِّجْسِ سَاعَةَ الإِنْتِهَاءِ
وَ حِجَاباً لَهُمْ عَنِ اللَّعْنِ مِنْهُ *** كَانَ تَحْرِيمُهُ لِقَذْفِ النِّسَاءِ(3)
وَ اجْتِنَابُ الْعِبَادِ عَنْ سَرِقَاتٍ *** لِيُصَانُوا فِي عِفَّةٍ وَ حَيَاءِ
وَ وُجُوبُ الإِخْلاص لِلَّهِ تَبْعِيدٌ *** عَنِ الشِّرْكِ لِلْوَرَي وَ الرِّيَاءِ
فَاتَّقُوهُ وَ رَاقِبُوا اللَّهَ فِيمَا *** فَرَضَ اللَّهُ أَحْسَنَ الإِنّقَاءِ
لاَ تَمُوتُوا الأَ عَلَي دِينِ طه *** أنْتُمُ يا مَعَاشِرَ الْحُنَفَاءِ
وَ أَطِيعُوا فِي الأمْرِ وَالنَّهي طُرّاً *** خَالِقَ الْخَلْقِ فِي أَتَمِّ اخْتِشَاءِ
وَ هُوَ فِي ذِكْرِهِ الْمُبَارَكِ أَوْحَي *** لَيْسَ يَخْشَي البَارِي سِوَي الْعُلَمَاءِ
أنا فاطمةُ عليها السلام و أبي محمدٌ صلي الله عليه و آله و سلم
ثُمَّ قَالَتْ: أَعُوذُ بِالْقَوْلِ فِيكُمْ *** مِثْلَمَا قُلْتُ سَاعَةَ الإِبْتِدَاءِ
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّنِي بِنْتُ طه *** وَ أَبِي الظُّهْرُ خَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ
وَ أَنَا لا أَقُولُ مَا قُلْتُ فِيكُمْ *** غَلطاً مِنْ ضَلالةٍ وَ افْتِرَاءِ
وَ فِعَالِي وَ لاَ تَكُونُ فِعَالِي *** شَطَطاً عَنْ مَنَاهِجَ الإِسْتِوَاءِ(4)
قَدْ أَتَاكُمْ هَادٍ عَزِيزٌ عَلَيْهِ *** مَا عَنِتُّمْ فِيكُمْ مِن الرُّحَمَاءِ
ص: 333
هُوَ فِيكُمْ حَقّاً أَبِي حِينَ يُعْزَي *** دُونَ ما كَانَ عِنْدَكُمْ مِنْ نِسَاءِ(1)
وَ أَخٌ صَادِقُ الْوِلاء ابْنُ عَمِّي *** دُونَ بَاقِي رِجَالِكُمْ فِي الإِخَاءِ
قَدْ أتَي صَادِعاً نَذِيراً إِلَيْكُمْ *** بِالرِّسالاتِ مِنْ إِلَهِ السَّمَاءِ(2)
مَائِلاً عَنْ مَدَارِج الشِّرْكِ عَدْلاً *** مُسْتَقِيماً فِي مَسْلَكِ الإِهْتِدَاءِ
ضارباً بَعْدَ أَخْذِهِ الْكَظمَ مِنْهُمْ *** شَبَحَ الْمُشْرِكِينَ دُونَ انْثِنَاءِ(3)
داعِياً بالْهُدَي وَ بِالْوَعْظِ رُشْداً *** لإلهِ الْوَرَي بِخَيْرِ دُعَاءِ
وَ هُوَ مَا زَالَ ثَابِتَ الْعَزْمِ حَتَّي *** هُزِمِ الْجَمْعُ مُدْبِراً لِلْوَرَاءِ
وَ تَجَلَّي عَنْ صُبْحِهِ اللَّيْلُ وَ الْحَقُّ *** تَفَرَّي عَنْ مَحْضِهِ بِجَلاَءِ(4)
و غَدا الدِّينُ نَاطِقاً وَ اسْتَكَانَتْ ***وَ هْيَ خَرْسَي شَقَاشِقُ الْجُهَلاَءِ(5)
وَ تَرَدَّي وَ شِيظُ كُلِّ نِفَاقٍ *** وَ انبَرَتْ كُلُّ عُقْدَةٍ لِلرِّيَاءِ(6)
وَ نَطَقْتُمْ بِالْحَقِّ فِي خَيْرِبِيضٍ *** مِنْ خِمَاصِ الْبُطُونِ دُونَ امْتِلاءِ(7)
وَ قَدِيماً كُنْتُمْ عَلَي نَهْجِ هُلْكِ *** وَ شَفَا حُفْرَةٍ لِنَاءِ الشَّقَاءِ
مُذقَةَ الشَّارِبِينَ فِي كُلِّ شِرْبٍ *** نُهْزَةَ الطَّامِعِينَ عِنْدَ الرَّجَاءِ(8)
ص: 334
قُبْسَةٌ لِلعَجْلاَنِ مِنْ كُلِّ سَارٍ *** مَوْطِناً لِلأَقْدَام دُونَ وَقَاءِ(1)
طَرَقاً تَشْرَبُونَ وَالْقِدَّ فِيهِ *** أَنْتُمُ تَفْتَاتُونَ عِنْدَ الْغِذَاءِ(2)
لَيْسَ فِيكُمْ غَيْرُ الأَذِلَّةِ ذُلاً *** أَبَداً خَاسِئِينَ دُونَ إِبَاءِ
وَ تَخَافُونَ أَنْ تُنَالُوا اختطافاً *** وَ هَوَاناً مِنْ كُلِّ دانٍ وَ نَائِي
فانقذَكُمُ اللَّهُ بمحمد صلي الله عليه وآله و سلم
فَكَفَّاكُمْ مُحَمَّدٌ -حِينَ أَضْحَي *** لَكُمُ مُنْقِدَاً- عَظِيمَ الْبَلاءِ
بَعْدَ بَلْوَي مَرِيرَةٍ بِرِجَالٍ *** بُهم مِنْ عُتَاةِ رَهْطِ الشَّقَاءِ(3)
وَ ذِنَابِ الأَعْرَابِ بَعْدَ غُوَاةٍ *** مِنْ أَهَالِي الْكِتَابِ أَهْلِ الْعِدَاءِ
فَهَدَاكُمْ بَعْدَ الَّتِي وَ اللَّتَيَّا *** مِنْ عَمَاكُمْ إِلَي صِرَاطٍ سَوَاءِ
كُلَّما أَوْقَدُوا مِنْ الْحَرْب ناراً *** أُخمِدَتْ مِنْ هُدَاهُ بِالإنْطِفَاءِ
أَوْ بَدَا نَاجِماً مِنَ الشِّرْكَ قَرْنٌ *** لِلأَعَادِي فِيكُمْ عَظِيمُ الْعَنَاءِ(4)
قَذَفَ الْمُرْتَضَي أَخَاهُ بِأَحْمَي *** لَهَوَاتٍ مِنْ جَمْرَةِ الْهَيْجَاءِ
فَأَتَاهَا وَ لَيْسَ يَرْجِعُ إِلاَّ *** وَ هُيَ بَرْدٌ فِي سَاعَةِ الإِنْكِفاء(5)
وَ اطِئاً وَقَدَهَا بِأَخْمَصِ حَقٍّ *** حَامِلاً في الإلهِ كُلَّ بَلاءِ(6)
وَ مُجِدّاً فِي أَمْرِهِ غَيْرَ وَانٍ *** وَ قَرِيباً مِنْ خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ
كَادِحاً نَاصِحاً لِرَبِّ الْبَرَايَا *** سَيِّداً فِي عِصَابَةِ الأَوْلِيَاء
ص: 335
وَ هُوَ فِي اللَّهِ لَيْسَ تَأْخُذُ فِيهِ *** لَوْمَةُ اللائِمينَ طُولَ الْبَقَاءِ
حينَ أَنْتُمْ فِي رِغْدَةٍ وَ أَمَانٍ *** أَبَداً وَادِعُونَ بَعْدَ الهَنَاءِ
تَرْقُبُونَ الإيقاع وَ الْفَتْكَ فِينَا *** كُلَّ حِينِ غَدْراً بِدُونِ وَفَاءِ
أَبَداً تَنْكُصُونَ عِنْدَ نِزالٍ *** وَ تَفِرُّونَ عِنْدَ وَقْتِ اللقَاءِ
وَحينَ اختارَ اللَّهُ نبيَّه صلي الله عليه و آله و سلم
وَ مُمُذِ اخْتَارَ خَالِقُ الْخَلْقِ زُلْفَي *** خَيْرَ دَارٍ لِخَاتَمِ الأَصْفِيَاءِ
نَبْغَ الْخَامِلُ الغَوِيُّ نَشَاطاً *** وَ تَجَلَّتْ حَسِيكَةُ لِلرِّيَاءِ(1)
وَ اعْتَدَي بَالِياً وَ كَانَ قَشِيباً *** قَبْلَ هذا لِلدِّينِ خَيْرُ رِدَاءِ(2)
وَ اعْتَلَي هادِراً فَنِيقُ ضَلالٍ *** بَعْدَنُطقِ لِكَاظِمِ الأَشْقِيَاءِ(3)
وَ الْخَبِيثُ الشَّيْطَانُ أَطْلَعَ فِيكُمْ *** رَأْسَهُ هَاتِفاً بِشَرٌ نِدَاءِ
فَرَآكُمْ لِدَعْوَةِ الْكُفْرِمِنْهُ *** مُسْتَجِيبِينَ عِنْدَ وَقْتِ الدُّعَاءِ
وَ خِفافاً عِنْدَ النُّهُوضِ ضَلالاً *** وَ غِضَابَاً لَهُ بِدُونِ رِضَاءِ
فَنَهَضْتُمْ وَ الْكَلْمُ بَعْدُ رَحِيبٌ *** وَ كَفَرْتُمْ وَ الْعَهْدُ لَيْسَ بِنَائِي(4)
قَبْلَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّسُولَ وَ يُلْفَي *** جُرْحُنَا فِيهِ مَائِلاً لِلشَّفَاءِ
حَذَرَ الْفِتْنَةِ الَّتِي قَدْ زَعَمْتُمْ *** وَ لَعَمْرِي سَقَطْتُمُ فِي الْبَلاءِ
فَابْتِعاداً لَكُمْ وَ هَيْهَاتِ أَنَّي *** أَنْتُمُ تُؤفَكُونَ دُونَ ارْعِوَاءِ(5)
ص: 336
نَبَنتُم كتابَ اللَّهِ
وَ كِتَابُ الْبَارِي أَمَامَ الْمَاقِي *** وَ نَبَذْتُمْ أَحْكامَهُ لِلْوَرَاءِ(1)
وَاضِحَاتٌ مِنْهُ الأَوَامِرُ جَهْراً *** وَ النَّوَاهِي لَكُمْ بِدُونِ خَفَاءِ
باهِرَاتٌ أَعْلَامُهُ زَاهِرَاتٌ *** كُلُّ أَحْكَامِهِ إِلَي كُلِّ رَائِي
لاَئِحَاتٌ مِنْهُ الزَّوَاجِرُ رَدْعاً *** لَكُمُ دُونَ خِيفَةٍ وَ انْتِهَاءِ
قَدْ رَغِبْتُمْ عَنْهُ عَمِّي وَ حَكَمْتُمْ *** بِسِوَاهُ مِنْ شِدَّةِ الإفتراءِ
بئْسَ لِلظَّالِمِينَ مِنْكُمْ نَكَالاً *** بَعْدَ زَيْغٌ عَنْ مَنْهَجِ الإِسْتِوَاءِ
وَ الَّذِي يَبْتَغِي سِوَي الْحَقِّ دِيناً *** فَمِنَ الْخَاسِرِينَ يَوْمَ الْجَزَاءِ
ثُمَّ لَمْ تَلْبَثُوا قَلِيلاً إِلَي أَنْ *** سَلِسَتْ فِي الْقِيَادِ دُونِ إِبَاءِ(2)
فَأَخَذْتُمْ تُورُونَ جَمْرَةَ حِقْدٍ *** وَ تُهِيجُونَ كَامِنَ الْبَغْضَاءِ
تَسْتَجِيبُونَ رَغْبَةً وَ انْقِيَاداً *** لِهُتَافِ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّدَاءِ
وَ لإِطْفَاءِ نُورِ دِينٍ جَلِيٍّ *** وَ لاهُمَالِ سُنَّةِ الأَصْفِيَاءِ
تَشْرَبُونَ الشَّرَابَ حَسْواً فَحَسْواً *** حِينَمَا تَشْرَبُونَهُ فِي ارْتِغَاءِ(3)
وَ تَسِيرُونَ بِالْعَدَاءِ لأَهْلِ *** الْبَيْتِ فِي الْخَمْرِ ضِلَّةً وَ الضَّرَاءِ(4)
بَعْدَ صَبْرٍ مِنْهُ عَلَي مِثْلِ حَزّ السَّيْفِ *** مِنْكُمْ وَ الْوَخْزِ فِي الأَحْشَاءِ
وَ زَعَمْتُمْ بِأَنَّنَا لَمْ نُوَرَّثْ *** أَيَّ إِرْثٍ مِنْهُ وَ أَيَّ حِبَاءِ
أَفَحُكْماً لِلْجَاهِلِيَّةِ تَبْغُونَ *** وَ هَذَا عَهْدٌ عَنِ الدِّينِ نَائِي
ص: 337
أَتَرَي مَنْ يَكُونُ أَحْسَنَ حُكْماً *** وَ قَضَاءٌ مِنْ حُكْمِ رَبِّ الْقَضَاءِ
قَدْ تَجَلَّي بَلَي لَدَيْكُمْ بِأَنِّي *** بِنْتُ له كَطِلْعَةٍ مِنْ ذُكَاءِ
تقريعُ الأنصارِ
وَ رَمَتْ لِلأَنْصَارِ بِالطَّرْفِ مِنْهَا *** ثُمَّ قَالَتْ بِحَسْرَةٍ وَرِثَاءِ:
أَنْتُمُ مَعْشَرُ النَّقِيبَةِ وَ الْحَزْمِ *** وَ أَعْضَادُ مِلَّةِ الْحُنَفَاءِ(1)
وَ رُعَاةُ الإِسْلامِ بَعْدَ احْتِضَانٍ *** مِنْكُمُ لِلإِسْلامِ فِي الإِبْتِدَاءِ
أَفَلَسْتُمْ آوَيْتُمُ وَ نَصَرْتُمْ *** وَ بَنَيْتُم لِلدِّينِ خَيْرَ بِنَاءِ؟
كَيْفَ يَعْرُو هذا التَّعْافُل مِنْكُمْ *** وَ التَّغَاضِي مِنْ رَقْدَةٍ وَ انْطِوَاءِ؟(2)
أَيُّ شَيْءٍ هَذِي الْغَمِيزَةُ مِنْكُمْ *** عَنْ حُقُوقِي بِدُونِ أَيِّ ارْعِوَاءِ؟(3)
مَا لَكُمْ عَنْ إِغَاثَتِي أَيُّ عُذْرٍ *** بَعْدَتَقْصِيرِكُمْ بِوَقْتِ النّدَاءِ!
أَوَ مَا قَالَ: يُحْفَظُ الْمَرْءُ -طه- *** حِينَ يُرْعَي فِي وُلْدِهِ النُّجبَاءِ؟
بَيْدَ عَجْلانَ ذا إِهَالَةَ أَنْتُمْ *** قَدْ خَلَقْتُمْ إِفكاً بِدُونِ بِطَاءِ(4)
وَ لَكُمْ طَاقَةٌ عَلَي رَدْ حَقِّ *** وَ اقْتِدَارٌ لِنُصْرَةِ الأَزْكِيَاء
أَتَقُولُونَ: ماتَ محمدُ صلي الله عليه و آله و سلم؟!
أَتَقُولُونَ أَنْتُمُ: مات طه؟! *** وَ لَعَمْرِي خَطبٌ جَلِيلُ الْبَلاءِ
وَاسِعٌ وَهُنُهُ الْعَظِيمُ رَحِيبٌ *** دُونَ رَتْقٍ لِفَتْقِهِ الْمُتَرَائِي(5)
ص: 338
وَ لَهُ الأَرْضُ أَظْلَمَتْ بَعْدَ كَسْفٍ *** لِسَنَا بَدْرِهَا وَ نُورُ ذُكَاءِ
وَ عَرا فِي النُّجُومِ مِنْهُ انْتِثَارٌ *** حِينَ أَكْدَي عَلَيْهِ كُلُّ رَجَاءِ(1)
وَ بَدَا فِي الْجِبَالِ مِنْهُ خُشُوعٌ *** وَ أُضِيعَ الحَرِيمُ دُونَ وَقَاءِ
تِلْكَ وَ اللَّهِ كُرْبَةٌ لا تُضَاهَي *** وَ هُيَ أَدْهَي مُصِيبَةٍ عَشْواءِ(2)
أعْلَنَ الذِّكْرُ بِالتِّلاوَةِ فِيهَا *** هَاتِفاً فِيكُمُ بِكُلِّ فِنَاءِ
وَ هُوَ حُكْمٌ حَتْمٌ وَ فَصْلُ قَضَاءِ *** حَلَّ قِدْماً فِي سَائِرِ الأَنْبِيَاءِ:
أفَإِنْ مَاتَ أَوْ أُصِيبَ انْقَلَبْتُمْ *** بَعْدَ طه ضَلالَةً لِلْوَرَاءِ؟!(3)
بني قيلة
يَا بَنِي قَيْلَةٍ أَأَهْضَمُ إِرْثي *** مِنْ أَبِي جَهْرَةً بِشَرِّ اعْتِدَاءِ(4)
وَ بِمَرْأَي أَنْتُمْ وَ مَسْمَعَ مِنِّي *** فِي مَكَانٍ دَانٍ بِدُونِ تَنَائِي
وَ لَكُمْ عُدَّةٌ وَ خَيْرُ عَدِيدٍ *** وَ سِلاحٌ وَ سَطوَةُ الأَقوياءِ
لاتُغِيثُونَ صَرْخَةٌ مِنْ صَرِيخٍ *** لا تُجِيبُونَ عِنْدَ وَقْتِ الدُّعَاءِ
أَفَلَسْتُمْ وُصِفْتُمُ بِصَلاحٍ *** وَ عُرِفْتُمْ فِي نَجْدَةٍ وَ إِبَاءِ؟
خَيْرُ جُنْدِ وَ نُخْبَةٍ قَدْ حُبِيتُمْ *** لِبَنِي أَحْمَدٍ بِخَيْرِ اصْطِفَاءِ
أَوَلَسْتُمْ قَاتَلْتُمُ الْعُرْبَ كَدّاً *** وَ تَحَمَّلْتُمُ عَظِيمَ الْعَنَاءِ؟
وَ قَدِيماً كَافَحْتُمُ دُونَ وَهْنٍ *** أُمَّةً بَعْدَ أُمَّةٍ بِمَضَاءِ
حَيْثُ كُنّا وَ حَيْثُ كُنْتُمْ جَمِيعاً *** مَعَنَا فِي تَعَاوُنٍ وَ الْتِقَاءِ
قَطُّ لا تَبْرَحُونَ فِي كُلِّ حِينٍ *** بِالتِمَارٍ لأَمْرِنَا وَ انْتِهَاءِ
ص: 339
أَفَأَنْتُمْ جُبْناً تَفِرُّونَ عَنَّا *** بِفِرَاقٍ مِنْكُمْ بِدُونِ اتَّقَاءِ؟
حينَ دَارَتْ رَحَي الرَّشَادِ وَ دَرَّتْ *** حَلْبَةُ الدَّهْرِ فِي مَعِينِ الرَّوَاءِ
وَ اسْتَكَانَتْ لِلشِّرْكِ ثَغْرَةُ غَيِّ *** خَضَعَتْ ذِلَّةً بِدُونِ إِبَاءِ
وَ عَرَي فَوْرَةَ الضَّلالِ سُكُوتٌ *** وَ تَلاشَتْ نارُ الْعَمَي بِانْطِفَاءِ
وَ نِظَامُ الدِّينِ اسْتَتَمَّ كَمَالاً *** بَعْدَ فَوْضَي عَمَّتْ بِكُمْ وَ شَقَاءِ
كَيْفَ حُزْتُمْ بَعْدَ الْبَيَانِ وَ صِرْتُمْ *** بَعْدَ إِعْلَائِكُمْ بِهَذَا الْخَفَاءِ؟(1)
وَ نَكصْتُمْ بَعْدَ النُّهُوضِ نُكُولاً *** وَ رَجَعْتُمْ لِلشِّرْكِ بَعْدَ اهْتِدَاءِ؟
فَشَنَاراً لَكُمْ وَ بُؤْساً لِقَوْمٍ *** نَكثُوا عَهْدَهُمْ بِدُونِ وَفَاءِ(2)
أَفَتَخْشَوْنَهُمْ مِنْ الرُّعْبِ خَوْفاً *** وَ هُوَ أَوْلَي بِالْخَوْفِ وَ الإِخْتِشَاءِ؟!
فَاعْمَلُوا إِنَّكُمْ سَتُجْزَوْنَ عَدْلاً *** أَجْرَ أَعْمَالِكُمْ بِيَوْمِ اللقَاءِ
أَفَأَخْلَدْتُمُ إِلَي الْخَفْضِ لَهْواً *** بَعْدَ جِدِّ فِي دِينِكِمُ وَ عَنَاءِ؟(3)
وَ دَفَعْتُمْ عَنْهَا الَّذِي هُوَ أَحْرَي *** مِنْ سِواهُ فِي مَنْصِبِ الْخُلَفَاءِ
وَ هُوَ أَوْلَي بِالْبَسْطِ وَ الْقَبْضِ مِنْهُمْ *** بَعْدَفُقْدَانِ خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ
وَ نَجَوْتُمْ بِالضّيقِ مِنْ كُلِّ وُسْعٍ *** وَ خَلَوْتُمْ فِي رِغْدَةٍ وَ هَنَاءِ
مَا وَعَيْتُمْ مَجَجْتُمُ وَ دَسَعْتُمْ *** مَاتَسَوَّغْتُمُ مِنَ الإِرْتِوَاءِ(4)
إِنْ كَفَرْتُمْ وَ مَنْ عَلَي الأَرْضِ طُرّاً *** فَهُوَ عَنْ سَائِرِ الْوَرَي فِي غَنَاءِ
وَ أَنَا قُلْتُ كُلَّ ذَلِكَ رَدْعاً *** لَكُمْ عَنْ ضَلالَةِ الْكِبْرِيَاءِ
ص: 340
بَعْدَ عِلمٍ مِنِّي بِخِذْلَةِ كُفْرٍ *** خَامَرَتْكُمْ وَ رِغْدَةٍ وَ رِيَاءِ(1)
غَيْرَ أَنِّي مِنْ نَفْثَةِ الغَيْظِ أُدْلِي *** بِبَيَانِي وَ شِدَّةِ الْبُرَحَاءِ(2)
وَ لِحُزْنٍ مِنْ فَيْضَةِ النَّفْسِ يَطْغَي *** وَ لِتَقْدِيمِ حُجَّةِ بَيْضَاءِ
دُونَكُمْ بِالشَّنَارِ فَاحْتَقِبُوهَا *** نَقْبَةٌ دَبْرَةٌ بِدُونِ وِطَاءِ
وَ هْيَ مَوْسُومَةٌ مِنَ اللَّهِ بِالسُّخْطِ *** سَتَبْقَي عاراً بِدُونِ انْقِضَاءِ
وَ عَذَابُ الْجَحِيمِ أَسْوَأُ عُقْبَي *** وَ مَآلاً لَكُمْ بِيَوْمِ الْجَزَاءِ
سَيَرَي الظَّالِمُونَ أَيَّ الْقِلَابٍ *** لَهُمُ عِنْدَ سَاعَةِ الإِنْتِهَاءِ
وَ أَنَا لِلْبُغَاةِ بِنْتُ نَذِيرٍ *** مِنْ شَدِيدِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْبَقَاءِ
(1)
(2)
(3) احتقبوها: احتملوها علي ظهوركم و الدَّبَر -بالتحريك- في البعير: جراحة بظهره تحدث من الرحل. و النَّقَب (بالتحريك): رِقّة في خف البعير. قال عبد اللَّه بن كسيبة لعمر بن الخطاب و هو يرتجز، كما جاء في حاشية شرح ابن عقيل، برواية المرزباني:
أقسم بالله أبوحفصٍ عُمَرْ *** ما مسَّهامن نقب و لادَبَر
فاغفر له اللهم إن كان فَجَرْ
ص: 341
وَ تَنَاهَي بِهَا الْحَدِيثُ فَقَالَتْ *** وَ هْيَ تُدْلِي بِالْحُجَّةِ الْبَيْضَاءِ
لأَبِي بَكْرَ وَ هُوَ يُصْغِي إِلَيْهَا *** بَيْنَ حَشْدٍ مِنْ مَجْمَعِ الْجُلَسَاءِ:
أبِدِينِ اللَّهِ الَّذِي فِيهِ جَاءَتْ *** لِلْبَرَايَا شَرَائِعُ الأَصْفِيَاءِ
أَنْتَ تُعْطَي إِرْثاً وَ أُمْنَعُ إِرْثِي *** مِنْ أَبِي دُونَ سَائِرِ الأَبْنَاءِ؟
مَا لَكُمْ قَدْ تَرَكْتُمُ الذِّكْرَ عَمْداً *** وَ هُوَ يَبْدُو أَمَامَكُمْ مِنْ وَرَاءِ؟
أَخُصِصْتُمْ بِآيَةٍ أَخْرَجَتْنَا *** دُونَ بَاقِي الأَبْنَاءِ وَ الآبَاءِ؟
أَمْ بِحُكْمِ الْكِتَابِ أَعْلَمُ أَنْتُمْ *** مِنْ عَلِيِّ و أَحْمَدٍ فِي القَضَاءِ؟
أَتَقُولُونَ: أَهْلَ شَرْعَيْنِ كَانَا، *** أَفَلَسْنَا مِنْ مِلِّةِ الْحُنَفَاءِ؟
هَا هُوَ الذِّكْرُ شَاهِدٌ وَ لِسَانٌ *** نَاطِقٌ صَادِقٌ بِغَيْرِ افْتِرَاءِ
حِينَ أَضْحَي مِيراثُ دَاوُدَ فِيهِ *** لِسُلَيْمَانَ دُونَ أَيِّ خَفَاءِ
وَ لِيَحْيَي الْمِيَراتُ مِنْ زَكَرِيَّا *** وَ هُوَ أَمْسَي وَلِيَّهُ فِي الدُّعَاءِ
قَالَ: هَبْ لِي يَا رَبِّ مِنْكَ وَلِيّاً *** وَارِثاً لِي فَأَنْتَ رَبُّ الْعَطَاءِ
قَالَ فِيهِ يُوصِيكُمُ لِلبَرَايَا *** فِي اقْتِسَامِ المِيرَاثِ بَعْدَ الْفَنَاءِ
مِثْلَ حَظِّ لِلأُنْثَيَيْنِ يُكَافَي *** ذَكَرٌ مِنْ بَنِيكُمُ فِي الْعَطَاءِ
وَ الْوَصَايَا لِلْوَالِدَيْنِ بِخَيْرٍ *** حِينَ يَبْقَي خَيْرٌ وَ لِلأَقْرِبَاءِ
وَ جَمِيعُ الأَرْحَامِ أَوْلَي بِبَعْضٍ *** بَعْضُهُمْ فِي كِتَابِ رَبِّ الْقَضَاءِ
أَفَلا تَكْتَفُونَ فِيمَا أَتَاكُمْ *** مِنْهُ نَصّاً وَ فِيهِ خَيْرُ اكْتِفَاءِ
فَتَحَمَّلْ أَعْبَاءَها سَوْفَ تَأْسَي *** حِينَ مِنْهَا تَنُوهُ بِالأَعْبَاءِ(1)
ص: 342
يَوْمَ تَلْقَاكَ عِنْدَحَشْرِ وَ نَشْرٍ *** مُنْقَلاً بالأَوْزَارِ يَوْمَ اللقَاءِ
فَالزَّعِيمُ النَّبِيُّ وَ الْحَكَمُ اللَّهُ *** وَ نِعْمَ الْمِيعَادُ يَوْمُ الْجَزَاءِ
جوابُ أبي بكر
فَتَصَدَّي مِنْهُمْ أَبُوبَكْرَ رَدّاً *** لاحتجاج الزَّهْرَاءِ دُونَ ارْعِواءِ
قَالَ: يَا بِنْتَ أَحْمَدٍ كَانَ طه *** بِرِجَالِ الْهُدَي مِنَ الرُّحَمَاءِ
وَ عَلَي الْكَافِرِينَ كَانَ عِقاباً *** وَ عَذَاباً صَباً عَظِيمَ الْبَلاءِ
إِنْ عَزَوْنَاهُ فِي انْتِسَابِ وَجَدْنَاهُ *** أَبَاكِ مِنْ دُونِ بَاقِي النِّسَاءِ
وَ أَخَا إِلفِكِ الْحَمِيمٍ عَلِيَّ *** دُونَ بَاقِي الأَصْحَابِ وَ الرُّفَقَاءِ
آثَرَ الْمُرْتَضَي عَلَي كُلِّ خِلِّ *** وَ اغْتَدَي عَوْنَهُ عَلَي الْخُصَمَاءِ
لايُوَالِيكُمُ سِوَي السُّعَدَاءِ *** لَيْسَ يَقْلِيكُمُ سِوَي الأَشْقِيَاءِ(1)
أَنْتُمُ عِترَةُ النَّبِيِّ اجْتَباكُمْ *** رَبُّكُمْ لِلْوَرَي بِخَيْرِ اجْتِبَاءِ
وَ أَدِلاؤُنَا عَلَي الْخَيْرِ رُشْداً *** وَ طَرِيقٌ لِجَنَّةِ السُّعَدَاءِ
أَنْتِ يَا خِيرَةَ النِّسَاءِ مَقاماً *** وَ ابْنَةَ الْحَقِّ خِيرَةُ الأَصْفِيَاءِ
لاتَقُولِينَ غَيْرَ صِدْقٍ وَ حَقٍّ *** لَيْسَ فِيهِ مِنْ رِيبَةٍ وَ افْتِرَاءِ
غَيْرُ مَرْدُودَةٍ عَنِ الْحَقِّ ظُلْماً *** وَ اغْتِصَاباً مِنْ سَائِرِ الْحُنَفَاءِ
وَ أَنَا مَا عَدَوْتُ سُنَّةَ طه *** وَ تَحَدَّيْتُ رَأيَهُ بِالْقَضَاءِ
وَ أَنَا رَائِدٌ: أَيَكْذِبُ حَقاً *** رَائِدٌ أَهْلَهُ بِأَيِّ افْتِرَاءِ؟!
وَ أَنَا أُشْهِدُ الإِلهَ بِصِدْقٍ *** وَ هُوَ بِالْحَقِّ خِيرَةُ الشُّهَدَاءِ
إِنَّنِي قَدْ سَمِعْتُ مِنْ فَمِ طه *** قَالَ: إِنَّا مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ
كُلُّ فَرْدٍ يُوَرْتُ العِلْمَ مِنَّا *** لِبَنِيهِ وَ حِكْمَةَ الْحُكَمَاءِ
كُلَّ مِيراثِ فِضَّةٍ وَ نُضارٍ *** قَدْ تَرَكْنَا يَكُونُ لِلأَوْلِيَاءِ(2)
ص: 343
فَوَلِيُّ الأُمُورِيَحْكُمُ فِيهِ *** حِينَ يَقْضِي بِحُكْمِهِ فِي اسْتِوَاءِ
وَ رَأَيْنَا بِأَنْ يَكُونَ سِلاحاً *** وَ كُرَاعاً لأُمَّةِ الْحُنَفَاءِ(1)
فَوَضَعْنَاهُ فِيهِمَا كَسِوَاهُ *** لِجِهَادِ الْكُفَّارِ وَ الأَشْقِيَاءِ
وَ أَنَا مَا انْفَرَدْتُ فِيهِ بِرَأْيِي *** مُسْتَقِلاً عَنْ سَائِرِ الآرَاءِ
حَيْثُ قَامَ الإِجْمَاعُ مِنْهُمْ عَلَيْهِ *** بِاتِّفَاقِ مَا بَيْنَهُمْ وَ الْتِقَاءِ
وَ أَنَا فِي يَدَيْكِ حَالِي وَ مَالِي *** فَاحْكُمِي فِيهِمَا بِكُلِّ مُشَاءِ
لَيْسَ يُزْوَي عَلَيْكِ: مِنْيَ شَيْءٌ *** لِحِجَابٍ مُحَصِّنِ وَ وِقَاءِ(2)
وَ لأَنْتِ الأُمُّ الزَّكِيَّةُ طُهراً *** وَ سُمُواً لِوُلْدِكِ الأَزْكِيَاءِ
وَ لَكِ الْعِزُّ وَ السَّيَادَةُ فِينَا *** شَرَفاً بَعْدَ فَضْلِكِ الْمُتَرَائِي
دُونَ وَضْعِ لِلأَصْلِ وَ الْفَرْعِ طُرّاً *** مِنْكِ بَعْدَ الْعُلُوّ وَ الإِرْتِقَاءِ
كُلُّ حُكْمِ عَلَيَّ يَصْدُرُ مَاضٍ *** نَافِذٌ مِنْكِ سَاعَةَ الإِمْضَاءِ
أتُريدينَ أَنْ أُخَالِف طه *** بِالَّذِي تَطْلُبِينَ دُونَ اهْتِدَاءِ؟!
ردها عليها السلام علي أبي بكر
فَأجابَتْ: سُبْحانَ رَبِّ البَرايَا *** لَمْ يَكُنْ قَطُّ خاتَمُ الأَصْفِياءِ
صادِفاً عَنْ كِتَابِهِ مُسْتَحِلاً *** بَعْضَ أَحْكَامِهِ بِدُونِ اخْتِشَاءِ(3)
فَهُوَ طُولَ الحَيَاةِ مَا زَالَ يَقْفُو *** أَثَرَ الذِّكْرَ فِي أَنمُ اقْتِفَاءِ
أَمَعَ الْغَدْرِ تَجْمَعُونَ ضَلالاً *** قَوْلَةَ النُّورِ سَاعَةَ الإفتراءِ
مِثْلَمَاكِدْتُمُوهُ حَيَّاً فَهذا *** هُوَ كَيْدٌ لَهُ عَقِيبَ الْفَنَاءِ
فَكِتَابُ الإِلَهِ هَذا لَعَمْرِي *** حَكَمٌ عَادِلٌ بِفَضْلِ الْقَضَاءِ
كُلُّ نَصٌ مُخَالِفٌ لِكِتَابِ اللَّهِ *** مِنْكُمُ أَحَقُّ بِالإمْتِرَاءِ
وَ هُوَ أَوْحَي مِيرَاثَ دَاوُدَ حَقًّا *** لِسُلَيْمَانَ دُونَ أَي مِرَاء
ص: 344
قَالَ: هَبْ لِي مِنْ آلِ يَعْقُوبَ بَعْدِي *** يَرِثُ الفَضْلَ خِيرَةُ الأَوْلِيَاءِ
وَ أَبَانَ اللَّهُ الْفَرَائِضَ طُرّاً *** فِي الْمَوَارِيثِ دُونَ أَي خَفَاءِ
عِنْدَ تَوْزِيعِهِ السَّهَامَ بِعَدْلٍ *** لِذَوِيهَا بِدُونِ أَيِّ اعْتِدَاءِ
مَا أَزَاحَ الرَّحْمَنُ فِيهِ جَلِيّاً *** شُبُهَاتِ الْعَمَي بِدُونِ غِشاءِ
إِنَّما سَوَّلَتْ لَكَ النَّفْسُ أَمْراً *** فَاصْطِبَاراً عَلَي عَظِيمِ الْبَلَاءِ(1)
فَتَلاَ قَائِلاً أَبُوبَكْرَ جَهْراً *** قَوْلَها فِي صَرَاحَةٍ وَ جَلاءِ:
صَدَقَ اللَّهُ وَ الرَّسُولُ وَ حَقَّاً *** صَدَقَتْ بِنْتُ خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ
مَعْدِنُ الْحِكْمَةِ الْبَلِيغَةِ رُكْنُ *** الدِّين عَيْنُ الْمَحَجَّةِ الْبَيْضَاءِ
غَيْرُ مسْتَنْكَرٍ خِطَابُكِ فِينَا *** دُونَ قَوْلٍ مِنِّي صَوَابُكِ نَائِي(2)
هَا هُمُ الْمُسْلِمُونَ قَدْ قَلدُونِي *** فَتَقَلَّدْتُ مَنصِبَ الخُلَفَاءِ
و أخَذْتُ الَّذِي أَخَذْتُ بِشُورَي *** وَ اتَّفَاقٍ وَ هُمْ مِنَ الشُّهَدَاءِ
غَيْرَ مُسْتَأْثِرِ بِمَا كَانَ مِنِّي *** دُونَهُمْ فِي بِدَايَةٍ وَ انْتِهَاءِ
وَ هْيَ قَالَتْ لَهُمْ عَقِيبَ الْتِفَاتٍ: *** مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ وَ الْحُنَفَاءِ
كَيْفَ أَسْرَعْتُمُ عَقِيبَ التَّغَاضِي *** عَنْ قَبِيحِ الْفِعَالِ لِلإِفْتِرَاءِ؟!
أَفَلا تَقْرَأُونَ قُرْآنَ رَبِّي *** أَنْتُمُ فِي تَدَبَّرٍ وَ اهْتِدَاءِ؟!
أَمْ عَلَي تِلْكُمُ الْقُلُوبِ مِنَ الرِّيبَةِ *** أَقْفَالُ ضِلَّةٍ وَ امْتِرَاءِ؟!
بَلْ عَلَيْهَا قَدْ رَانَ مَا قَدْ أَسَأْتُمْ *** مِنْ قَبيح الأَفْعَالِ وَ الأخطاء(3)
أخِذاً عِنْدَ ذَاكَ بِالسَّمْعَ مِنْكُمْ *** وَ جَميع الأَبْصَارِ بَعْدَ غِطَاء
سَاءَ وَاللَّهِ مَا بِهِ قَدْ أَشَرْتُمْ *** وَ اغْتَصَبْتُمْ فِي سَاعَةِ الإِعْتِدَاءِ
عَنْ قَرِيبٍ يَكُونُ حِمْلاً عَلَيْكُمْ *** بَعْدَ غِبِّ مِنْ أَثْقَلِ الأَعْبَاءِ
عِنْدَ كَشفِ الْغِطَاءِ وَ السِّتْرِ عَنْكُمْ *** حِينَمَا تُصحِحُونَ دُونَ وقَاءِ
بئْسَ لِلظَّالِمِينَ فَالنَّارُ مَثْوًي *** وَ مَقَرِّ لَهُمْ بِيَوْمِ الْبَقَاءِ
ص: 345
لَمْ تَزَلْ تَقْرَعُ الْمَسَامِعَ مِنْهُمْ *** مُرْتَجَاتٍ بِالْيَأْسِ دُونَ رَجَاءِ
وَ تَهُزُّ الْمَشَاعِرَ الصُّمَّ لَكِنْ *** وَجَدَتْهَا كَالصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ(1)
ثُمَّ قَامَتْ عَنْهُمْ لِقَبْرِ أَبِيهَا *** تَشْتَكِي مَا أَصَابَهَا مِنْ بَلاءِ
وَ اسْتَكَانَتْ لِرَبِّهَا بِانْقِطَاعٍ *** وَ أَنَتْ بَيْتَهَا بِدُونِ غَنَاءِ(2)
ص: 346
عِتابُها لأميرالمؤمنين عليه السلام
وَ عَلِيٌّ تَطلُّعاً وَ انْتِظاراً *** لِرُجُوعِ الزَّهْرَا مِنَ الرُّقَبَاءِ
فَرَنَتْ نَحْوَهُ بِطَرْفٍ حَزِينٍ *** بَيْنَ شَكْوَي مَرِيرَةٍ وَ بُكَاءِ
وَ أُثِيرَتْ مِنْهَا الشُّجُونُ وَ قَالَتْ: *** عَتَباً يَا ابْنَ سَيِّدِ الْبَطَحَاءِ
قَدْ تَوَارَيْتَ فَاشْتَمَلْتَ احْتِجَاباً *** شَمْلَةً لِلْجَنِينَ خَلْفَ غِطَاءِ(1)
مِنْ تَوَانٍ قَعَدْتَ دُونَ نُهُوضٍ *** حُجْرَةٌ لِلظَّنِين دُونَ غَنَاءِ(2)
وَ لَقَدْ خَانَ فِيكَ مِنْ دُونِ رِيشٍ *** أَعْزَلٌ عَنْ مَنَالِ كُلِّ رَجَاءِ
بَعْدَمَا قَدْ نَقَضْتَ قَادِمَةَ الأَجْدَلِ *** مِنْ جَانِبَيْكَ دُونَ بِنَاءِ(3)
كَيْفَ تُغْضِي عَنِّي وَ هَذَا فُلانٌ *** بَزَّنِي نِحْلَتِي بِغَيْرِ اتِّقَاءِ؟(4)
أَنَا أَلْفَيْتُهُ الأَلَدَّ عِدَاءً *** فِي خِصَامِي مِنْ سَائِرِ الْخُصَمَاءِ(5)
ص: 347
هَذِهِ قَيْلَةٌ مِنَ الْغَدْرِ عَنِّي *** حَبَسَتْ نَصْرَهَا بِغَيْرِ وَفاءِ(1)
وَ قَلانِي الْمُهَاجِرُونَ جَمِيعاً *** بَعْدَ قَطع لِوَصْلِهِمْ بِجَفَاءِ(2)
وَ لَقَدْ غَضَّتِ الجَمَاعَةُ دُونِي *** طَرْفَهَا مِنْ غَضَاضَةٍ وَعِدَاءِ
أَنَا لا دافِعُ بَقِيتُ وَلأَمَانِعَ *** عَنِّي يَصُدُّ كُلَّ اعْتِدَاءِ
وَ أَنَا قَدْ خَرَجْتُ كَاظِمَة الْغَيْظ *** بِنَفْسِي مِنْ شِدَّةِ الإِسْتِيَاءِ
وَ لَقَدْ عُدْتُ مِنْهُ رَاغِمَةَ الأَنْفِ *** هَوَاناً مِنْ سَطوَةِ الْكِبْرِيَاءِ
حِينَمَا قَدْ أَضَعْتَ خَدَّكَ صَبْراً *** فَتَبَقَّيتَ دُونَ أي وقَاءِ
وَ افْتَرَشْتَ التُّرَابَ وَ افْتَرَسَتْ غَابَكَ *** هَذِي الذَّئَابُ دُونَ اتَّقَاءِ
قائِلاً: مَا كَفَفْتَ بَعْدَ تَغَاضِ *** طَائِلاً مَا أَغْنَيْتَ أَيَّ غَنَاءِ
ليْتَ أَنِّي قَدْمُتُّ مِنْ دُونِ ذُلِّي *** وَ اضْطِهَادِي مِنْ قَبْلِ يَوْمٍ فَنَائِي
وَ عَذِيرِي مِنْهُ إِلَهُ الْبَرَايَا *** عَادِياً بَعْدَ مِحْنَتِي وَ بَلَائِي(3)
وَ لِنَفْسِي مِنْهُ وَ أَنْتَ كَفِيلِي *** خَيْرَ حَامٍ فِي سَاعَةِ الإِحْتِمَاءِ
أَنَا وَيْلاَيَ عِنْدَ كُلِّ صَبَاحٍ *** أَنَا وَيُلايَ عِنْدَ كُلِّ مَسَاءِ
عَضُدِي قَدْ وَهَتْ وَ قدْ مَاتَ مِنِّي *** عَمَدِي فَاعْتَدَيْتُ دُونَ وَقَاءِ(4)
أنَا عَدْوَايَ لِلإِلَهِ وَ شَكُوايَ *** لِحُزْنِي بِخَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ(5)
أَنْتَ رَبِّي أَشَدُّ حَوْلاً وَ بَأْساً *** وَ نَكَالاً مِنْهُمْ بِيَوْمِ الْجَزَاءِ(6)
قَالَ وَ هُوَ الصَّبُورُ: لا وَيْلَ حَقَّاً *** لَكِ لَكِنْ وَيْلٌ لِأَهْلِ الْعِدَاءِ
نَهْنِهِي يا بنَةَ النُّبُوَّةِ عَنْ وَجْدِكِ *** صَبْراً فِي سَلْوَةٍ وَ عَزَاءِ(7)
ص: 348
أنَا وَ اللَّهِ مَا وَنَيْتُ عَنِ الدِّينِ *** بِيَوْم وَ لاَعَدَوْتُ قَضَائِي(1)
وَ إِذَا كُنْتِ تَبْتَغِينَ بِهَذَا *** بُلْغَةٌ مِنْ حُطَامِ دَارِ الْفَنَاءِ(2)
فَهُوَ لِلرِّزْقِ ضَامِنٌ وَ كَفِيلٌ *** لَكِ فِيهِ مِنْ خِيرَةِ الأُمَنَاءِ
وَ الَّذِي قَدْ أُعِدَّ خَيْرٌ وَ أَبْقَي *** لَكِ مِمّا زَوَوْا بِدارِ الْبَقَاءِ(3)
فَأَجَابَتْ وَ أَمْسَكَتْ: هُوَ حَسْبِي *** وَ كَفَي جَازِياً بِرَبِّ السَّمَاءِ
ص: 349
في نساء المهاجرينَ و الأَنصارِ(1)
قُلْنَ يَا بَضْعَةَ النَّبِيِّ الْمُزَكَّي: *** كَيْفَ أَصْبَحْتِ بَعْدَ هَذَا الْعَنَاءِ؟
ص: 350
ص: 351
فَأَجَابَتْ: أَصْبَحْتُ وَ اللَّهِ مِمّا *** قَدْ دَهَانِي قَدْ عِفْتُ دُنْيَا الْفَنَاءِ
وَ قَلَيْتُ الرِّجَالَ مِنْكُنَّ لَفْظاً *** بَعْدَعَجْمٍ لَهُمْ وَ حُسْنِ بَلاءِ(1)
فَشَناراً لِلَّعْبِ مِنْ بَعْدِ جِدٍّ *** وَ قُلُولٍ لِلْحَدِّ بَعْدَ الْمَضَاءِ(2)
وَ لِصَدْعِ الْقَنَاةِ دُونَ الْيَتَامٍ *** وَ لِقَرْعِ الصَّفَاةِ دُونَ ارْتِخَاءِ(3)
وَ لِزَيْعَ الأَهْوَاءِ دُونَ اعْتِدَالٍ *** وَ لِخَتْلِ الأَفْكَارِ وَ الآرَاءِ(4)
بِئْسَ ما قَدَّمُوا مِنَ الْخِزْيِ كُفْراً *** بَعْدَ سُخْطِ الْبَارِي لِيَوْمِ الْجَزَاءِ
وَ لعَمْرِي قَلدْتُهُمْ حِينَ مَالُوا *** عَنْ هُدَي الحَقِّ ربقة الأسراءِ
وَ بِنُصْحِي حَمَّلْتُهُمْ حِينَ صَمُّوا *** وَ عَمُوا عَنْهُ أَوْقَةَ الأَعْبَاءِ(5)
وَ شَنَنْتُ الْغَارَاتِ حَرْباً عَلَيْهِمْ *** غَارَةٌ بَعْدَ غَارَةٍ شَعْوَاءِ(6)
وَيْحَهُمْ عَنْ مَهَابِطِ الْوَحْيِ أَنَّي *** زَعْزَعُوهَا وَ مَعْدِنِ الأَنْبِيَاءِ(7)
وَ رَوَاسِي الإيمانِ وَ الْعَدْلِ مِنَّا *** وَ الطَّبِينُ الْخَبِيرُ فِي كُلِّ دَاءِ(8)
فِي جَمِيعِ الأُمُورِ دِيناً وَ دُنْيَا *** دُونَ جَهْلٍ فِيهَا وَ دُونَ اخْتِفَاءِ
إِنَّ هَذَا الْخِطْءَ الَّذِي ارْتَكَبُوهُ *** لَهُوَ شَرُّ الخُسْرَانِ دُونَ اخْتِشَاءِ
لَيْتَ شِعْرِي وَ مَا الَّذِي نَقِمُوهُ *** مِنْ عَلِيٌّ بَعْدَ الأَذَي وَ الْعَنَاءِ
نَقِمُوا مِنْ عَلِي بَأْساً شَدِيداً *** وَ جِهَاداً فِي اللَّهِ دُونَ رَخَاءِ
وَ نَكِيراً مِنْ سَيْفِهِ وَنَكَالاً *** صَارِماً فِي تَنَمُّر وَ إباءِ
ص: 352
قِلةُ الخَوْفِ وَ الْمُبَالَاةِ زُهْداً *** مِنْهُ فِي حَتْفِهِ بِيَوْمِ اللِّقَاءِ
وَيَمِيناً لَوْ أَنَّهُمْ بَعْدَكُفْرٍ *** وَ ضَلالٍ مَالُوا عَنِ الإِسْتِوَاءِ
لَهَدَاهُمْ إِلَي الْمَحَجَّةِ رُشْداً *** فَاسْتَقَامُوا بِالْحُجَّةِ الْبَيْضَاءِ
وَ لَسَارُوا وَ سَارَبِالْقَوْمِ سَيْراً *** سُجُحاً فِي مَنَاهِجِ الإِهْتِدَاءِ(1)
لايُصَابُ الْخِشَاسُ مِنْهُ بِكَلْم *** دُونَ عُنْفٍ مِنْهُ وَ دُونَ الْتِوَاءِ(2)
لاَيَمَلُ الْمَسِيرَ فِيهِ عَنَاءً *** أَوْ يَكِلُّ السّارِي بِهِ مِنْ عَيَاءِ(3)
وَ سَقَاهُمْ مِنْ مَنْهَلِ الْحَقِّ وِرْداً *** عَذباً سَائِغاً لِفَرْطِ الصَّفَاءِ
تَطْفَحُ الضِّفَّنَانِ مِنْهُ مَعِيناً *** خَالِصاً مِنْ تَرَنُّقِ الأَقْذَاءِ
وَ لَعَادُوا عِنْدَ الصُّدُورِ بطاناً *** بَعْدَ شَبْع القاوِي بِخَيْرِ امْتِلاءِ
مَعَ رُشْدِ لَهُمْ وَ نُصْحِ مُبِينٍ *** مِنْهُ يَبْدُو فِي الْجَهْرِ شِبْهَ الْخَفَاءِ
وَ هُوَ فِي الْعَيْشِ لَمْ يَكُنْ يَتَحَلَّي *** مِنْهُ فِي طَائِلِ بِطُولِ الْبَقَاءِ
لَيْسَ يَحْظَي بِنَائِلٍ قَطُّ مِنْهَا *** بَعْدَ زُهْدٍ عَنْ نَيْلِهِ وَ جَفَاءِ
غَيْرَ رَيِّ لِنَاهِلٍ حِينَ يَظْمَي *** مَعَ شَبْعٍ لِكَافِلٍ مِنْ غِذَاءِ(4)
وَ تَجَلَّي عَنِ الْمَطَامِعِ زُهْدٌ *** لَهُمُ صَادِقٌ بِغَيْرِ افْتِراءِ
قَالَ: لَوْ آمَنُوا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ *** بَرَكَاتٍ مِنَ الثَّرَي وَ السَّمَاءِ
غَيْرَ أَنَّ الْقُرَي بَغَتْ فَاسْتَحَقَّتْ *** بَعْدَجَحْدِ النَّعْمَاءِ سُوءَ الْجَزَاءِ
وَ بِحَقِّ لَوْ عِشْتَ أَبْصَرْتَ أَمْراً *** عَجَباً فِي الزَّمَانِ دُونَ انْقِضَاءِ
أيُّ عُذْرٍ لَهُمْ بِمَا اكْتَسَبُوهُ *** مِنْ عَظِيمِ الإِجْرَامِ وَ الأخْطَاءِ
أَفَلا يَعْلَمُونَ مَا اجْتَرَمُوهُ *** مِنْ حَرَامِ فِي عِشْرَةِ الأَزْكِيَاءِ؟
حِينَمَا اسْتَبْدَلُوا الْقَوَادِمَ مِنّا *** بِالدُّنَابَي مِنْهُمْ بِغَيْرِ ارْعِوَاءِ(5)
ص: 353
وَ اسْتَعَاضُوا عَنْ كَاهِلِ الدِّينِ كُفْراً *** وَ ضَلالاً بِالْعَجْزِ دُونِ اهْتِدَاءِ(1)
فَابْتِعاداً لِمَنْ أَسَاوُوا وَظَنُّوا *** أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ دُونَ انِّقاءِ
وَيْحَهُمْ لِلرَّشَادِ مَنْ كَانَ يَهْدِي؟ *** مَنْ سِوَاهُ أَحَقُّ بِالإِقْتِدَاءِ؟
مَا لَهُمْ يَحْكُمُونَ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ *** بَعْدَ جَهْلٍ مِنْهُمْ بِعَدْلِ الْقَضَاءِ!
فَانْتِظاراً فَسَوْفَ تُنْتِجُ مِمَّا *** لَقِحَتْ كُلَّ فِتْنَةٍ عَشْوَاءِ
وَ سَيُمْلَي مِنْهَا نَجِيعاً عَبِيطاً *** وَ ذُعافاً فِي الْحَلْبِ كُلُّ إِنَاءِ(2)
وَ يَرَي الآخَرُونَ مِمَّا بَنَاهُ *** لَهُمُ الأَوَّلُونَ غِبَّ الْبِنَاءِ(3)
وَ لْتَطِيبُوا عَن الْحَيَاةِ نُفُوساً *** وَ اسْتَعِدُّوا لِلْفِتْنَةِ الْعَمْيَاءِ
وَ ابْشِرُوا لِلدَّمَارِ فِيكُمْ بِسَيْفٍ *** صَارِمِ لاَ يُفَلُّ بَعْدَ الْمَضَاءِ
وَ بِحُكْمٍ لِغَاشِمٍ مُتَعَدٍّ *** مُسْتَبَدٍّ مِنْ سَطوَةِ الأُمَرَاءِ
يَقْتَفِيهِ مِمَّا تُثِيرُ الْبَلايَا *** هَرَجٌ شَامِلٌ بِشَرِّ اقْتِفَاءِ
يَدَعُ الفَيءَ وَ الْجُمُوعَ زَهِيداً *** وَ حَصِيداً مِنْكُمْ بِحَدٍّ الْفَنَاءِ
مَا لَكُمْ عُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ فَبُعْداً *** لَكُمُ مِنْ مَعَاشِرٍ جُهَلاءِ
كَيْفَ تُهْدَوْنَ لِلصَّوَابِ رَشَاداً *** بَعْدَ كُرْهِ مِنْكُمْ لِكُلِّ اهْتِدَاءِ
فَأَعَادَتْ تِلْكَ النِّسَاءُ عَلَيْهِمْ *** مَا وَعَتْهُ مِنْ خُطبَةِ الزَّهْرَاءِ
فَأَتَاهَا مِنْهُمْ رِجَالٌ وَ قَالُوا *** بَعْدَ عُذْرِ مِنْهُمْ بِغَيْرِ حَيَاءِ
لوْ عَلِمْنَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُبْرَمَ الْعَهْدُ *** بِهَذَا مِنْ سَيّدِ الأَوْصِيَاءِ
مَا عَدَلْنَا عَنْهُ، فَقَالَتْ: إِلَيْكُمْ *** بَعْدَ هَذَا عَنِّي لِفَرْطِ التَّنَائِي
أَيُّ عُذْرٍ لَكُمْ بِمَا كَانَ مِنْكُمْ *** بَعْدَتَعْذِيرِكُمْ بِغَيْرِ انْتِهَاءِ
وَ حُصُولِ التَّقْصيرِ حِينَ تَجَلَّي *** لَكُمُ الأَمْرُ فِي أَتَمُ جَلاءِ
ص: 354
وَ احْتِجَاجُ الزَّهْرَاءِ خَيْرُ احْتِجَاجٍ *** فِيهِ أَدْلَتْ بِالْحَقِّ خَيْرُ النِّسَاءِ
بِحَدِيثٍ مُسَلْسَلٍ قَدْ تَجَلَّي *** فِي حَدِيثِ الْغَدِيرِ أَبْهَي جَلَاءِ
حِينَ قَالَتْ نَقْضاً لِمَا أَبْرَمُوهُ *** دُونَ رُشْدٍ مِنْ بَيْعَةِ الْخُلَفَاءِ:
أَنَسِيتُمْ وَ الْعَهْدُ غَيْرُ بَعِيدٍ *** قَوْلَ طه فِي سَيِّدِ الأَوْصِيَاءِ
يَوْمَ خُمِّ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ حَقّاً *** فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ دُونَ افْتِرَاءِ
وَ مَقَالَ النَّبِيِّ وَ هُوَ صَرِيحٌ *** لِعَلِيِّ فِي إِمْرَةِ الْحُنَفَاءِ
أَنْتَ مِنِّي كَمَالِمُوسَي بِحَقِّ *** كَانَ هَارُونُ خِيرَةَ الْوُزَرَاءِ
عِنْدَ إِبْقَانِهِ بِغَزْوِ تَبُوكٍ *** خَلَفاً فِي الْمَدِينَةِ الْغَرّاءِ(1)
ص: 355
فَدَك
فَدَكٌ قَرْيَةٌ مِنَ النَّخْلِ كَانَتْ *** فِي مَكَانٍ عَنْ يَثْرِبٍ غَيْرِ نائي(1)
قَطُّ مَا أَوْجَفُوا عَلَيْهَا بِخَيْلٍ *** وَ رِكَابِ فِي البَدْهِ وَ الإِنْتِهَاءِ(2)
فَهْيَ مِنْ جُمْلَةِ الصَّفَايَا لِطه *** وَ الصَّفَايَا لِخَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ(3)
وَ هْيَ مِمَّا أَفَاءَ فِيهَا عَلَيْهِ *** رَبُّهُ مِنْ كَرَامَةٍ وَ عَطَاءِ
فَهْيَ مِلْكُ لِخَاتَمِ الرُّسُلِ مَحْضٌ *** خَالِصٌ دُونَ سَائِرِ الْحُنَفَاءِ
صَالَحَ الْمُصْطَفَي الْيَهُودَ عَلَيْهَا *** لِيَكُونُوا فِيهَا مِنَ الأُمَنَاءِ
فَاصْطَفَاهَا لِنَفْسِهِ وَ حَبَاهَا *** نِحْلَةً لِلزَّكِيَّةِ الزَّهْرَاءِ
حِينَما أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ: وَآتُوا *** حَقَّ أَدْنَي الأَرْحَامِ وَ الأَقْرِبَاءِ
فَدَعَاهَا وَ قَالَ: هَذا عَطَاءٌ *** لَكِ مِنِّي بِأَمْرِ رَبِّ السَّمَاءِ
وَ هْيَ كَانَتْ فِي عَهْدِهِ بِيَدَيْهَا *** خَيْرَ مِلْكٍ لَهَا وَ خَيْرَ حِباءِ
قَدْ أَقَامَتْ وَكِيلَهَا وَ هُوَ حَيٌّ *** وَ اسْتَقَلَّتْ تَصَرُّفاً فِي النَّمَاءِ
وَ أَبُوبَكْرِ حِينَ خُلْفَ فِيهِمْ *** بَعْدَفُقْدَانِ خَاتَمِ السُّفَرَاءِ
طَرَدَ الْعَامِلَ الْمُوَكَّلَ فِيهَا *** لابْنَةِ الْمُصْطَفَي بِأَقْسَي جَفَاءِ
وَ أَنَتْ عُنْوَةً لِمَسْجِدِ طه *** وَ هُيَ تَسْعَي فِي لُمَّةٍ مِنْ نِسَاءِ
وَ أَبَانَتْ مَا جَاءَ فِي الذِّكْرِ نَصَاً *** فِي الْمَوَارِيثِ مِنْ حَكِيمِ الْقَضَاءِ
وَ أَقَامَتْ مَا حَجَّهُ -فَأَتَاهَا- *** بَعْدَ دَحْضٍ بِالْحُجَّةِ الْبَيْضَاءِ
ص: 356
بِحَدِيثٍ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ *** آيَةٌ قَطُّ فِي كِتَابِ السَّمَاءِ
وَ سِوَاهُ لَمْ يَرْوِهِ فَهُوَمِمَّا *** خُصَّ فِيهِ مِنْ بِدْعَةٍ وَ افْتِرَاءِ(1)
وَ لَقَدْ خَاصَمَتْهُ أُخْرَي فَقَالَتْ: *** نِحْلَةٌ مِنْ أبِي بِأَقْوَي ادَّعَاءِ
وَ أَقَامَتْ شُهُودَهَا فَحَبَاهَا *** مِنْهُ صَكّاً بِهَا بِغَيْرِ وَفَاءِ
حِينَمَا فِي يَدَيْهِ بَعْدَ انْتِزَاعٍ *** عُمَرُ شَقَّهُ بِوَقْتِ اللِّقَاءِ(2)
وَ اسْتَمَرَّتْ فِي الْمَنْعِ حَتَّي تَوَلَّي *** عُمَرٌ بَعْدَهُ عَلَي الْحُنَفَاءِ
فَحَبَاهَا لِأَهْلِهَا دُونَ مَنْعٍ *** بَعْدَ دَفْعِ مِنْ أَوَّلِ الْخُلَفَاءِ(3)
تضاربُ الآراءِ مِنْ وُلاةِ الأمورِ في فَدَكَ
وَ عَجِيبٌ هَذَا التَّضَارُبُ فِيهَا *** مِنْ وُلاةِ الأُمُورِ في الآرَاءِ(4)
ص: 357
فَهيَ إِنْ كَانَ نِحْلَةً وَ نَصِيباً *** مِنْ فُرُوضِ الْمِيرَاثِ لِلأَوْلِيَاءِ
كَيْفَ صُدَّتْ عَنْ أَهْلِهَا وَ هْيَ حَقٌّ *** مِنْ أَبِي بَكْرِ سَاعَةَ الإِبْتِدَاءِ؟!
وَ هْيَ إِنْ كَانَ مِثْلَ مَا قَالَ فَيْئاً *** كَيْفَ تُعْطَي مِنْ آخَرِ بِسَخَاءِ؟!
وَ اصْطَفَاهَا عُثْمَانُ بَعْدَ انْتِزَاعٍ *** وَ حَبَاهَا مَرْوَانَ دُونَ اختِشَاءِ
حِينَ أَضْحَي مِنْ آلِ أَحْمَدَ أَوْلَي *** بِمَوَارِيثِ خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ
وَ طَرِيدُ النَّبِيِّ لاَ شَكٌّ أَوْلَي *** عِنْدَ عُثْمَانَ مِنْ بَنِي الأَزْكِيَاءِ
وَ هْيَ مِمّا تُنْعَي عَلَيْهِ وَ كَانَتْ *** عَامِلاً مِنْ عَوَامِلِ الإسْتِيَاءِ
وَ تَوَلَّي ابْنُ هِنْدَفِيمَنْ تَوَلَّي *** بَعْدَ هَذَا ظُلْماً مِنَ الأمَراءِ
فَحَبا ثُلثَهَا يَزِيداً وَ ثُلْثاً *** لابن عُثْمَانَ دُونَ أَي اتِّقَاءِ
ص: 358
وَ اجْتَبَاهَا مَرْوَانُ حِينَ تَوَلَّي *** مُسْتَقِلاً لَهُ بِشَرِّ اجْتِبَاءِ
وَ حَبَاهَا عَبْدَالْعَزِيزِ فَكَانَتْ *** بِيَدَيْهِ مِلْكاً لِيَوْمِ الْفَنَاءِ
وَ اصْطَفَاهَا مُسْتَخْلِصاً بِالْفِرادٍ *** عُمَرُ أَمْرُهَا بِخَيْرِ اصْطِفَاءِ
وَ حَبَاهَا فِي الْمُلْكِ حِينَ تَوَلَّي *** لَبَنِي فَاطِمٍ بِخَيْرِ حِبَاءِ
بَعْدَ رَفْعِ السِّبَابِ وَ الشَّتْم مِمَّنْ *** أَبْدَعُوهُ عَنْ سَيّدِ الأَوْصِيَاءِ
وَ إِلَيْهِ الرَّضِيُّ بِالشِّعْرِ أَوْحَي *** يَا ابْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ عِنْدَ الرِّثَاءِ(1)
وَ تَعَدَّي ابْنُ عَاتِكٍ بَعْدَ أَخَذٍ *** فَحَوَاهَا يَزِيدُ دُونَ إِبَاءِ
وَ اسْتَمَرَّتْ فِي آلِ مَرْوَانَ حَتَّي *** أَذْهَبَ اللَّهُ دَوْلَةَ الطَّلَقَاءِ
وَ أَعَادَ السَّفّاحُ مَا كَانَ مِنْهَا *** أَخَذُوهُ لِلْعِترَةِ النَّجَباءِ
وَ رُجُوعُ الْمَنْصُورِ فِيهَا رُجُوعٌ *** وَ نُكُوصٌ عَنْ مَسْلَكِ الإِسْتِوَاءِ
وَ عُدُولُ الْمَهْدِي عَنْهَا اعْتِدَالٌ *** وَ اسْتِوَاءٌ فِي مَنْهَج الإهْتِدَاءِ
وَ تَمَادَي مُوسَي وَ هَارُونُ فِيهَا *** وَ تَعَامَي الأَمِينُ بِالإقْتِدَاءِ
وَ تَهَادَي الْمَأْمُونُ حِينَ أُعِيدَتْ *** لِذَوِيهَا فِي عَهْدِهِ بِلِوَاءِ
وَ اصْطَفَاهَا لِنَفْسِهِ بَعْدَ أَخْذٍ *** جَعْفَرٌ مُعْلِنَاً بِنَصْبِ الْعِدَاءِ(2)
وَ حَبَا عَبْدُ اللَّهِ مَنْ قَدْنَمَاهُ *** عُمَرُ الْبَازِيَارُ شَرَّ انْتِمَاءِ
وَ تَعَدَّي ظُلْماً فَأَرْسَلَ شَخصاً *** صَرَمَ النَّخْلَ فِي يَدِ الإِعْتِدَاءِ
فَعَرَاهُ بَعْدَ الْجُذَاذِ انْتِقَاماً *** فَلَجٌ فَاتِكٌ بِأَعْظَمِ دَاءِ(3)
جَدَّ مِنْهَا مَا قَامَ مِنْ نَخَلاتٍ *** هِيَ مِنْ غَرْسِ خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ
كَانَ أَبْنَاءُ فَاطِمٍ وَ عَلِيٌّ *** تَجْتَنِي تَمْرَهَا لِأَهْلِ الْوِلَاءِ
ص: 359
فَإِذَا جَاءَ مَوْسمُ الْحَج جَاؤوا *** وَ أَفَاضُوا فِيهَا عَلَي الْحُنَفَاءِ
فَيَعِيشُونَ مِنْهُمُ بِالْهَدَايَا *** حِينَ تُهْدَي لَهُمْ بِكُلِّ سَخَاءِ
بابُ دارِ فاطمة عليها السلام
وَ أَتَوا باب دارِها دُونَ إِذْنٍ *** وَ عَلِيٌّ فيهَا رَهِينُ الفِناءِ
وَ بِأَيْدِيهِمُ مِنَ الْحِقْدِ يَذْكُو *** قَبَسٌ مُضْرَمٌ بِنَارِ الْعَدَاءِ(1)
قِيلَ: فِي الدَّارِ فَاطِمٌ بِنْتُ طه! *** قَالَ شَخْصٌ: «وَإِنْ» بِغَيْرِ اخْتِشَاءِ
أخرِقُوهُ وَ بِنتُ أَحْمَدَ حَسْرَي *** تَخْتَفِي خَلْفَهُ بِغَيْرِ رِدَاءِ
فَجَرَي ما جَرَي عَلَي بِنْتِ طه *** وَ هْيَ تَدْعُو وَرَاءَهُ بِبُكَاءِ
مِنْ حَدِيثِ الْمِسْمَارِ وَ الضّلْعِ مِنْهَا *** وَ سُقُوطِ الْجَنِينِ اثْرَ الدِّمَاءِ
وَ أَحَاطُوا بِالْمُرْتَضَي فَأَضَاعُوا *** ذِمَّةَ الْمُصْطَفَي بِغَيْرِ وَفَاءِ
حِينَ قَادُوهُ بِالْحَمَائِل ظُلْماً *** وَ ضَلالاً مِنْهُم بِغَيْر اهْتِدَاءِ
وَعَدَتْ خَلْفَهُ وَ عَادُوا فَبِئْساً *** لَهُمُ مِنْ ثَلاَثَةٍ أَشْقِيَاءِ
المُوهَا بِقَسْوَةٍ وَ جَفَاءٍ *** دُونَمَا رَحْمَةٍ وَ دُونَ وَلاَءِ
بَيْنَ وَكُزِ بِنَعْلِ سَيْفِ وَ لَظمٍ *** بَانَ فِي جَفْنِ عَيْنِهَا الْحَمْرَاءِ(2)
وَ سِيَاطٍ تُلْوَي عَلَي عَضُدَيْهَا *** مِنْ يَدَي قُنْفُذٍ بِأَقْسَي جَفَاءِ
وَ أَتَوْا بِالْوَصِيِّ مَسْجِدَطه *** وَ هْيَ بِالْبَابِ أَمْسَكَتْ لِلدُّعَاءِ
قِيلَ: بَايِعْ فَقَالَ: إِنْ لَمْ أُبَايِعْ؟ *** قِيلَ: تُجْزَي بِالْقَتْلِ شَرَّ جَزَاءِ!
قَالَ: هَلْ تَقْتُلُونَ لِلَّهِ عَبْداً *** وَ أَخَاً لِلرَّسُولِ مَحْضَ الإِخَاءِ؟
فَأَجَابُوهُ: أَنْتَ لِلَّهِ عَبْدٌ *** لا أَخٌ لِلرَّسُولِ، دُونَ حَيَاء،
فَأَرَادَتْ كَشْف الْقِنَاعِ فَهَبَّتْ *** شَرُّرِيحٍ عَلَيْهِمُ سَوْدَاءِ(3)
ص: 360
قَلَعَتْ مِنْ أَسَاسِ مَسْجِدِ طه *** كُلَّ حِيطَانِهِ وَ كُلَّ بِنَاءِ
فَاسْتَغَالُوا بِالْمُرْتَضَي فَأَغِيثُوا *** بَعْدَ يَأْسٍ مِنْهُمْ بِخَيْرٍ رَجَاءِ
فَأَتَاهَا سَلْمَانُ يَعْدُو وَ أَوْحَي *** بَعْدَ أَمر مِنْ سَيْدِ الأَوْصِيَاءِ:
بَعَثَ اللَّهُ رَحْمَةً وَ نَجَاةً *** لِلْبَرَايَا أَبَاكِ بَعْدَ الشَّقَاءِ
لاَتَكُونِي يَا بِنْتَ خَيْرِ الْبَرَايَا *** بَعْدَ فُقْدَانِ خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ
سَبَباً فِي هَلَاكِ أُمَّةِ طه *** وَ مَثاراً لِسُخْطِ رَبِّ السَّمَاءِ
فَأَجَابَتْ: لَنْ أَتْرُكَ الْبَابَ حَتَّي *** يَتْرُكُوا حَيْدَراً بِلا إِيذَاءِ
وَ إِذَا بِالصَّيَاحِ فِيهِمْ: دَعُوهُ *** وَ اتْرُكُوهُ لَهَا، مِنَ الحُنَفَاءِ
فَأَتَاهَا وَ قَالَ حِينَ رَآهَا: *** كَيْفَ أَصْبَحْتِ يَا ابْنَةَ الأَزْكِيَاءِ
فَأَجَابَتْ: إِنْ كُنْتَ كُنْتُ بِخَيْرٍ *** أَوْ بِشَرٍّ عَلَي صَعِيدٍ سَوَاءِ
وَ أَتَتْ بَيْتَهَاعَلِيلَةَ نَفْسٍ *** قَدْ أُصِيبَتْ مِنْهُمْ بِأَعْظَم دَاءِ
لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً ظَلَمَتْهَا *** وَ سَقَتْهَا صَبْراً كُؤُوسَ الْفَنَاءِ
الشيخان علي باب فاطمة
وَ أَتَاهَا الشَّيْخَانِ بَعْدَ هَنَاتٍ *** ظَلَمَاهَا فِيهَا بِغَيْرِ ارْعِوَاءِ
وَ هُمَا عَائِدَانِ وَ هْيَ بِحَالٍ *** لَيْسَ يُرْجَي لِسُقْمِهَا مِنْ شِفَاءِ
وَ أَرَادَا إِذْنَ الدُّخُولِ عَلَيْهَا *** فَأَبَتْ نَفْسُهَا أَشَدَّ الإِبَاءِ
ص: 361
فَتَعَصَّي عَلَيْهِمَا الأمْرُ حَلاً *** فَاضِلاً عَمِّي بِغَيْرِ اهْتِدَاءِ
فَاسْتَغَانَا بِغَوْثِ كُلِّ طَرِيدٍ *** وَ اسْتَجَارا بِسَيّدِ الأَوْصِيَاءِ
فَأَتَاهَا وَ قَالَ: إِنَّ فُلاناً *** وَ فُلاناً تَظَلَّلا بِرِدَائِي
يَطْلُبَانِ الدُّخُولَ مِنْكِ بِإِذْنِ *** جَعَلانِي فِيهِ مِنَ الشُّفَعَاءِ
فأَبَتْ أَنْ تَجُودَ فِيهِ فَأَوْحَي *** مِنْ حَنَانِ لَهَا بِلَحْنِ الوِلاءِ
إِنَّنِي قَدْ ضَمِنْتُ إِذْ كَلَّمَانِي *** لَهُمَا الإِذْنَ قَبْلَ ذَا مِنْ حَيَائِي
فَأَجَابَتْ: فَأَذَنْ لِمَنْ شِئْتَ وَامْنَعْ *** أَنْتَ مَنْ شِئتَ دُونَ أَي اتِّقَاءِ
إِنَّمَا الْحُرَّةُ الَّتِي تَصْطَفِيهَا *** لَكَ زَوْجُ وَ أَنْتَ رَبُّ الْفِنَاءِ
فَاسْتَطارا بُشْراً بِما أَدْرَكَاهُ *** بَعْدَ يَأْسٍ أَوْدَي بِكُلِّ رَجَاءِ
ثُمَّ قَالا: جِئنَاكِ يَا بِنْتَ طه *** نَطْلُبُ الْقُرْبَ مِنْكِ بَعْدَ الثَّنَائِي
وَ نَرُومُ الْغُفْرَانَ وَ الْعَفْوَ عَمّا *** قَدْ مَضَي آنفاً مِنَ الأَخْطَاءِ(1)
بَعْدَ تَقْصِيرِنا بِحَقِّكِ ظُلْماً *** وَ عِنَاداً فِي الْبَدْءِ وَ الإِنْتِهَاءِ
فَتَوَلَّتْ بِوَجْهِهَا وَ هْيَ غَضْبَي *** عَنْهُمَا نَحْوَ حَائِطٍ فِي الْبِنَاءِ
وَ أَجَابَتْ: إِنِّي لأَسْأَلُ حَقّاً *** فَأَجِيبًا صِدْقاً بِغَيْرِ افْتِرَاءِ
هَلْ سَمِعْتُمْ مَا قَالَ طه بِحَقِّي *** لَكُمَا مِثلَ سَائِرِ الْحُنَفَاءِ
فَاطِمٌ بَضْعَتِي وَ بهْجَةُ نَفْسِي *** وَ هْيَ مِنّي إيذاؤُها إيذائِي
يَغْضَبُ اللَّهُ حِينَ تَغْضَبُ سُخْطاً *** وَ رِضَاهَا رِضاً لِرَبِّ السَّمَاءِ
فَأَجَابًا: إِنَّا سَمِعْنَا مِرَاراً *** كُلَّ هَذَا مِنْ خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ
فَرَنَتْ لِلسَّمَاءِ شَكْوَي وَ قَالَتْ *** بَعْدَ نَشْرِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الدُّعَاءِ:
رَبِّيَ اشْهَدْ بِأَنَّ بَكْراً وَ عَمْراً *** آذَيانِي وَ أَجْهَدا فِي عِدَائِي
فَاذْهَبَا فِي كَرَاهَةٍ لَسْتُ أَرْضَي *** أَبَداً عَنْكُمَا لِيَوْمِ الْبَقاءِ
وَ سَأَشْكُو إِلَي أَبِي مَا دَهَانِي *** عُنْوَةٌ مِنْكُمَا بِوَقْتِ اللَّقَاءِ
ص: 362
فَاسْتَمَرَّتْ حَتَّي فَضَتْ بِنْتُ طه *** وَ هْيَ غَضْبَي عَلَيْهِمَا مِنْ جَفَاءِ(1)
حُرمةُ المظلومة عليها السلام
دَخَلُوا الْخِدْرَ وَ هْيَ حَسْرَي عَلَيْهَا *** فَاسْتَهَانُوا بِحُرْمَةِ الزَّهْرَاءِ(2)
عَصَرُوهَا فَأَسْقَطُوا خَيْرَ حَمْلٍ *** مِنْ حَشَاهَا بِقَسْوَةٍ وَ جَفَاءِ
كَسَرُوا ضِلْعَهَا بِعَصْرَةِ بَابٍ *** ضَرَّجَتْ صَدْرَهَا بِقَيْضِ الدِّمَاءِ
لَطَمُوا خَدَّهَا بِكَفْ عِنَادٍ *** نَشَرَتْ قُرْطَها عَلَي الحَصْبَاءِ(3)
سَوَّدُوا مَتْنَهَا ضَلالاً وَ كُفْراً *** بسِياطِ الشَّحْنَاءِ وَ الْبَغْضَاءِ(4)
أَخْرَجُوا بَعْلَها عَلِيّاً مِنَ الْبَيْتِ *** فَأَضْحَي يُقَادُ كَالأَسَرَاءِ
وَ هْيَ تَعْدُو وَرَاءَهُ وَ هْيَ تَدْعُو *** بِحَنِين وَ صَرْخَةٍ وَ بُكَاءِ
مَا رَعَوْهَا وَ هْيَ الْوَدِيعَةُ فِيهِمْ *** بَعْدَ طه مِنْ سَيّدِ الأُمَناءِ
مَا أَجَارُوا بِنْتَ الْهُدَي حِينَ جَارُوا *** فَأَضَاعُوا ذِمَامَ كُلِّ وَفَاءِ(5)
أَيُّ ذَنْبٍ جَنَتْهُ بَضْعَةٌ طه *** فَجَزَوْهَا ظُلْماً بِأَقْسَي الْجَزَاءِ
لَعَنَ اللَّهُ مَنْ أَبَاحَ حِماها *** مُسْتَطِيلاً بِالْجَوْرِ وَ الإِعْتِدَاءِ
وفاتها عليها السلام
لَمْ تَزَلْ بَعْدَهُ عَلِيلَةَ جِسْمٍ *** لِقَلِيلِ السَّلْوَي وَ طُولِ الْبَلاءِ
وَ هْيَ يُغْشَي مِنَ السَّقَامِ عَلَيْهَا *** كُلَّ حِينٍ مِنْ كَثْرَةِ الإِغْمَاءِ
ص: 363
لَمْ تُفَارِقْ فِرَاشَهَا مِنْ نُحُولٍ *** قَدْ بَرَاهَا ضَعْفاً وَ طُولِ عَنَاءِ
وَ هْيَ تَبْكِي ليلاً نهاراً أَبَاهَا *** بِدُمُوع الذِّكْرَي بِغَيْرِ انْتِهَاءِ
قَاتَلَ اللَّهُ قَوْمَ سُوءٍ بُغاةً *** مَنَعُوها عَنْ الأسَي و َ الْبُكَاءِ
أَخْرَجُوهَا مِنْ بَيْتِهَا حِينَ ضَجُّوا *** لِعَلِيٍّ مِنْ كَثْرَةِ الإِسْتِيَاءِ
فَاسْتَظَلَّتْ ظِلَّ الأَرَاكَةِ لَكِنْ *** قَطَعُوهَا بِقَسْوَةٍ وَعِدَاءِ
فَأَقَامَ الْوَصِيُّ بَيْتاً وَسَمَّاهُ *** بِبَيْتِ الأَحْزَانِ وَ الأَرْزَاءِ
فَهْيَ تَأْوِي إِلَيْهِ كُلَّ نَهَارٍ *** ثُمَّ تَأْتِي لِبَيْتِهَا فِي الْمَسَاءِ
لَمْ تَزَلْ دَأبَهَا النِّياحَةُ حَتَّي *** أَسْلَمَتْهَا إِلَي قِسِيِّ الْفَنَاءِ(1)
حِينَ أَوْصَتْ بِكُلِّ مَا طَلَبَتْهُ *** سَاعَةَ الْمَوْتِ سَيْدَ الأَوْصِيَاءِ(2)
ص: 364
وَ قَضَتْ نَحْبَها وَ فِي عَضُدَيْهَا *** أَثَرٌ مِنْ سِيَاطِهِمْ مُتَرَائِي
فَأَتَتْ رَبَّهَا بِضِلْعِ كَسِيرٍ *** مِنْ حَشَاهَا وَ مُقْلَةٍ حَمْرَاءِ
فَبَكَاهَا الْوَصِيُّ شَجُواً لأَمْرِ *** كَتَمَتْهُ عَنْهُ وَ عَنْ كُلِّ رَائِي
وَ أَتَي لِلْبقيع بِالنَّعْشِ لَيْلاً *** بِعِدَادٍ مِنْ صَحْبِهِ الأَتقِيَاءِ
وَ أَهَالَ الثَّرَي عَلَيْهَا وَ عَفَّي *** قَبْرَهَا فِي غَيَاهِبِ الظُّلْمَاءِ(1)
وُقوفُ أميرالمؤمنين عليه السلام علي قبرِ فاطمة عليها السلام
قَدْ بَكَاهَا حَتَّي تَفَجَّرَ وَجْداً *** وَ حَنِيناً عَلَي نَشِيجَ الْبُكَاءِ(2)
ص: 365
وَ رَثَاهَا بِالدَّمْعِ مِنْ مُقْلَتَيْهِ *** مُسْتَهِلاً وَ الدَّمْعُ خَيْرُ رِثَاءِ
حِينَ وَارَي فِي تُرْبَةِ الْأَرْضِ شَمْساً *** عَنْ عُلاَهَا تَنْحَطُّ شَمْسُ السَّمَاءِ
وَ هُوَ يَدْعُو وَ قَبْرُ أَحْمَدَ يَبْدُو*** نُصْبَ عَيْنَيْهِ عِنْدَ وَقْتِ الدُّعَاءِ
وَاضِعاً كَفَّهُ عَلَي الْقَلْبِ مِمَّا *** قَدْ عَرَاهُ مِنْ مِحْنَةٍ وَ ابْتِلاءِ
قَائِلاً لِلنَّبِيِّ بَعْدَ اكْتِئَابِ *** وَ خِطَابِ لَهُ بِأَشْجَي نِدَاءِ:
وَ عَلَيْكَ السَّلاَمُ عَنِّي وَ عَنْهَا *** يَا رَسُولَ الْهُدَي وَصِنْوَ الاخَاءِ
هذِهِ الْبَضْعَةُ الزَّكِيَّةُ بَاتَتْ *** مِنْكَ فِي خَيْرِ بُقْعَةٍ وَ فِنَاءِ
وَ لَهَا اخْتَارَ رَبُّهَا بِكَ قُرْباً *** سُرْعَةَ الإِلْتِحَاقِ بَعْدَ الثَّنَانِي
قَلَّ يَا سَيِّدَ النَّبِيِّينَ صَبْرِي *** حُزناً عَنْ سَلِيلَةِ الأَنْبِيَاءِ
وَ عَفَي عَنْ صَفِيَّةِ الْوَحْي بَعْدَ *** البُعْدِ مِنّي تَجَلدِي وَ عَزَائِي
وَ لَقَدْ رُدَّتِ الوَدِيعَةُ مِنِّي *** بِاخْتِلاسِ الصِّدِّيقَةِ الزَّهْرَاءِ(1)
ص: 366
مَا أَشَدَّ الْغَبْرَاءَ فِي الْقُبْح عِنْدِي *** بَعْدَهَا مَنْظَراً مَعَ الخَضْرَاءِ
وَ بِعَيْنِ الإلهِ يُعْصَبُ جَهْراً *** حَقَّهَا بَعْدَ دَفْنِهَا بِالْخَفَاءِ
أَحْفِهَا السُّؤْلَ وَ اخْتَبِرْهَا تباعاً *** عَنْ جَمِيعِ الأَحْوَالِ عِنْدَ اللِّقَاءِ
كُمْ غَلِيلٍ فِي صَدْرِهَا مُسْتَثِيرٍ *** لَمْ تُطِقُ بَئَّهُ لِعِظم البَلاءِ
وَ اخْتَبِرُهَا عَنْ غَصْبٍ حَقِّي وَ ظُلْمِي *** وَ انْتِهَاكِي مِنْ أُمَّةِ الْحُنَفَاءِ
هذِهِ النَّفْتَةُ الْحَزِينَةُ شَكْوَي *** لَكَ حَتَّي أَلْقَاكَ يَوْمَ الْبَقَاءِ
وَ تَنَاءَي بِالْجِسْمِ عَنْهَا وَ أَبْقَي *** قَلْبَهُ عِنْدَهَا أَسَي وَ هُوَ نَاءِ
فضلُ زيارتِها عليها السلام
قَدْ رَوَتْ بَضْعَةُ النَّبِيِّ حَدِيثاً *** مُسْتَنِيراً عَنْ خَاتَمِ الأَنْبِياءِ(1)
أَنَّ مَنْ زَارَهَا وَ زَارَ أَبَاهَا *** فِي حَيَاتَيْهِمَا وَ بَعْدَ الْفَنَاءِ
بَعْدَ تَسْلِيمِهِ عَلَيْهَا ثَلاثاً *** فَازَ أَجْراً بِجَنَّةِ الأَنْقِيَاءِ
وَ تَجَلَّي لَنَا حَدِيثٌ شَرِيفٌ: *** أَنَّ مَنْ زَارَهَا بِخَيْرِ دُعَاءِ(2)
غَفَرَ اللَّهُ كُلَّ ذَنْبٍ عَلَيْهِ *** وَ حَبَاهُ بِجَنَّةِ السُّعَدَاءِ
ص: 367
(بحر البسيط)
الشيخ عبد الواحد مظفر (*)(1)
مَاءُ الفراتِ صَداقٌ لِلْبَتُولَةِ قَدْ *** صَحَ الحَدِيثُ وَ جَاءَتْ فيه أَنْباءُ
ص: 368
وَ الأمْ عِنْدَ جَمِيع النَّاسِ إِنْ فُقِدَتْ *** تَحْوِي مَوارِينَها لا رَيْبَ أَبْناءُ(1)
فَلِلْحُسَيْنِ مِنَ الزَّهْرَاءِ فَاطِمَةٍ *** إِرْثٌ وَ يُحْرَمُ وَ هُوَ الوارِث الماءُ
يَمُوتُ ظَامِي الحَشا وَ الغَاصِبُونَ لَهُ *** مِنْهُ رواءٌ و تُرْوَي المَعْزُ وَ الشَّاءُ
هذا عَجِيبٌ و نُكْرٌ سَهَّلَتْهُ لهم *** سَقِيفَةُ الغَدْرِ حتي اسْتَفْحَلَ الدَّاءُ
عاشَتْ أمَيَّةُ و الإِجْرامُ سُنَّتُها *** وَ مُنْكَراتُ أفاعِيلٍ وَ أَسْواءُ
تَمْضِي العُصُورُ و في الأجيالِ قد نُشِرَتْ *** صَحِيفةٌ لأُمَيَّ السُّوءِ سَوْداءُ
تِلْكَ القُرَي وَ هْيَ أَنْفالٌ لِوالِدِهِ(2) *** نَصَّ الجليُّ وما في النَّصِّ إخْفاءُ
قَدِ احْتَوَتْ وَ هْيَ غَنَّاءٌ جُيُوشَكُمُ *** وَ تَحْتَوِي جَيْشَهُ بَيْدَاءُ جَرْداءُ(3)(4)
ص: 369
370
(بحر الكامل)
الشيخ عفيف النابلسي (*)(1)
زهراء يا بيت العُلي الوَضَّاءِ *** يَا نَجْمَةَ السَّارِي بكلِّ مساءِ
يا صَفْحَةَ المجدِ الأثيلِ و غرَّةَ الصبحِ *** المنير و نفحةَ الأشذاءِ
يا دَرَّةَ الشَّرق التي من نُورِها *** شمسُ الحَقيقَةِ تزدهي بضياءِ
من ذا يجولُ بسردِ قصتكِ التي *** تذرُ الخيالَ مهشَّمَ الأعضاءِ
***
و من المحدّثُ عن غرارِ مناقبٍ *** جلَّت عن التعدادِ و الإحصاءِ
أعفيفُ و هو طريدُ منبركِ الذي *** رسمته آياتُ الثنا بثناءِ
يوم الغديرِ و يومُ مولدِ أحمدٍ *** فخرِ البريةِ سيدِ الأمناءِ
ماذا أسمَّي إذ تُنكر شاعرٌ *** قد كَانَ معرفةً بحبلِ ولاءِ
عشتُ الهوي و الشعرَ في مدح الأُلي *** ملأوا الدُّني بالفضل و الإعطاءِ
ص: 370
ايذادُ من كانتْ لهُ في حُبِّكمْ *** نعْمُ الحياةِ بواحةِ غناءِ
فالصمتُ أجدرُ للمُذادِ عن الذي*** قد قِيلَ لولا هيبةُ الزهراءِ
ولدتْ ببيتِ الدِّين و الإيحاءِ *** و ترعرتْ في منبتِ العلياءِ
فتضوَّعَ الكونُ الفسيحُ النائِي *** و المجدُ مضمخ الأرجاءِ
و الزهرُ أمسي في غنَّي و ثراءِ *** من عطرِ تلكَ الطفلةِ الحوراءِ
يا بضعةَ الهادي النبيِّ محمدٍ *** يا خيرةَ النسوانِ من حواءِ
من ذا يضاهِيكِ و فيك هل أتي *** قرآنُ في آياتهِ البيضاءِ
جاهدتِ في الإسلام حقَّ جهادِهِ *** و رفعتِ أكبرَ رايةٍ ولواءِ
وعبدتِ ربكِ لا لخوفٍ من لظي *** كلّا و لاللجنة الخضراءِ
فلذا ارتقيتِ عندَربكِ منزلاً *** ماكان قبلُ لمريمَ العذراءِ
ولدتْ فعمتْ سائرَ الأرجاءِ *** لآلاءةٌ تطفوُ علي لآلاءِ
و انسابَ نورُ الطهرِ في البطحاءِ *** حتي تقشعَ حندسُ الظلماءِ
و غدتْ شباباً طيبَ الأنداءِ *** تزدانُ بالإصباحِ و الإمساءِ
و يلفُّها نورُ النبوةِ و الهُدي *** حتي ارتقتْ عن منكبِ الجوزاءِ
جاءَ الصحابةُ خاطبين لفاطم *** و المهرُ ما تبغي من الصفراءِ
زجرتْ غنيَّ المالِ لم تأبَهْ بهِ *** حتي تردَّي ناكصاً لوراءِ
و هناكَ قد شاعَ الحديثُ بيثربٍ *** عن فاطم عن ربةِ الخْيلاءِ
لم تعرفِ الخُيلاءَ بضعةُ أحمدٍ *** إلا بعزةِ دينِها المعطاءِ
لكنها تبغِي كفاءةَ من أتي *** ديناً و عِلماً واسعَ الأنحاءِ
حتي دَري ربُّ الفصاحِة حيدرٌ *** فأتي النبيَّ بلهجةِ استحياءِ
يبغي الزواج بفاطم خيرِ النسا *** شمسِ الهوي في الليلةِ الليلاءِ
دخلَ النبيُّ و عادَ مسروراً بما *** أوحتْ إليهِ سكتةُ البلغاءِ
الله أكبرُ يالفرحةِ أحمدٍ *** رضيتْ علياً سيدَ الأكفاءِ
ما المهرُ عندكَ يا عليُّ أجَابَهُ *** و رَعِي و سَيْفِي ناضِحي و سِقائي
ص: 371
و بدا النبيُّ مفصلاً حالاتِه *** السيفُ يفري مهجةُ الأعداءِ
و الناضحُ المقوامُ للإرواءِ *** و الورعُ يكفِي مهرَها لرضائِي
و إذا النساءُ تعيِّرُ الزهراءَ في *** زوجِ الفضيلةِ أفقرِ الفقراءِ
فيبتُّها الهادي النبيُّ محمدٌ *** سحرَ الكلامِ الغضِ في الإيماءِ
هذا عليُّ خيرُ من وطِيءَ الثري *** فضلاً و أفضَلُ من غدا بسماءِ
و تعودُ راضيةً بما قد قالَهُ *** فخرُ الأنام و سيدُ البطحاءِ
بعثَ النبيُّ جماعةُ ليجَّهزوا *** بيتَ التُّقي و يسارِعوا لأداءِ
حتي يزفَّ لصاحبِ العلياءِ *** طهراً بيوم سعادةِ و هناءِ
خطبَ النبيُّ بخطبةِ الزهراءِ *** أكرِمْ بخطبةِ أشرفِ الخطباءِ
نزلتْ ملائكةُ السما بهناءِ *** تمشي بموكبِ سيدِ الفصحاءِ
الله أكبرُ يا لهُ من موقفٍ *** جبريلُ قائدُ ناقةِ الزهراءِ
دخلتْ لبيتِ السيدِ المعطاءِ *** خيرُّ النسا في موكبِ الإسراءِ
فاهتزتِ الأرجاءُ في الأصداءِ *** من ذكرِ اسمِ اللَّهِ و الآلاءِ
يا يومَ يمُنِ المصطفي في غرسةٍ *** ملأتْ رياضَ الكونِ بالنَعماءِ
يكفيكِ يا زهراءُ أنكِ مصدرٌ *** للخيرِ و الإيثارِ و الأضواءِ
أوَ لَمْ تكونِي قدوةً لنساءِ *** أَوَلَستِ أمَّ السادةِ النُجباءِ
أَوَلَسْتِ أولَّ من أذيقَ مرارةَ *** الحرمانِ في أوضاعهِ السوداءِ
أَوَلَسْتِ أول من أهيضَ جناحُهُ *** بعدَ النبيِّ بذِلِةِ و شقاءِ
أَوَلَسْتِ من مُنِعَت بُكاها جهرَةَ *** حتي غصصتِ بدمعةِ و بكاءِ
أَوَلَسْتِ أول ثائرٍ في وجهِ من *** خنقَ العدالةَ خنقةً للشاءِ
لو كانَ يتركُها لعترةِ أحمدٍ *** العالِمِينَ بشرعةِ سمحاءِ
لازدانتِ الدنيا الفسيحةُ و ازدهتْ *** من نورِ تلك الشرعةِ الغراءِ
و لما رَأينا فاطماً قدأجهَضَتْ *** طفلاً لها من ضربةِ الأعداءِ
و لما رَأينا طُغمةَ تطفُو علي *** بيتِ النبيِّ بواسعِ الإثراءِ
ص: 372
إيهٍ بني الإسلامِ أيَّ أئمةٍ *** صارُوا لديكم أورعَ الخلفاءِ
المثبتِينَ إلي أميةَ شامَهَم *** و الطارِدين الصدقَ في الصحراءِ
و الغاصبِين محمداً في آلهِ ***و المرجعِين لحفنةِ الطُّلقاءِ
و الناكثينَ لبيعةٍ في عنقهم *** و القاسطينَ المارِقين لراءِ
ما نكبةُ الإسلامِ إلا حادثٌ *** جعلَ الإمامَ يغضُّ في الأقذاءِ
إني لأذكرُ كيفَ عادت فاطم *** نحوَ الإمام بلوعةٍ و عزاءِ
تستنهضُ الهممَ التي ما أبطأتْ *** عن نصرةِ الملهوفِ و الضعفاءِ
لكن لحفظِ الدين آسي ساكتاً *** كَئ لا يصابَ بفتنةٍ رعناءِ
و يذبَّ عنهُ ما استطاعَ بجهره *** من زَجِّ كذابٍ إلي غوغاءِ
من حسنِ رأيِ في ردودِ ملمةٍ *** من كشفِ لبسٍ في حدودِ قضاءِ
لكن فوا أسفاهُ ثمةَ بايعوا *** تحتَ السقيفةِ عن دهاً و ذكاءِ
كي لا يعيدُوا للإمام تراثَهُ *** بل بالغُوا في البعدِ و الإقصاءِ
من يومهِا أمسي يزيدٌ حاكماً *** خدنَ القرودِ و عاشقَ الصهباءِ
من يومهِا قتلَ الحسينَ وآله *** في كربلاءَ و جملةَ الشرفاءِ
و مضي التخلفُ و الأسي ينتابنا *** و رجعتُ أسألُ خاطري عن دائِي
ما بالُنا بالأمسِ آسادُ الحمي *** و اليومَ مثلُ النعجةِ الجرباءِ
أو لَمْ تكنْ روحُ الأخوةِ بيننا *** تسري برقتِها إلي الأحشاءِ
أو لَمْ يكُنْ إسلامُنا يدعُو إلي *** صدقِ و إخلاصٍ و صدقَ إباءِ
فأجابَ أنَ القومَ قد عمَدُوا *** إلي حبِّ الظهورِ و رفعةِ و رياءِ
أوَلا تري شعباً يجوعُ و عصبةَ *** تغدُو بأترفِ نعمةِ و ثراءِ
و بناؤهم أنَّ الحسابَ لغيرِهم *** و الربَّ غيرَ محاسبِ الزعماءِ
قومٌ نما الشيطانُ في أحضانِهم *** فاستوثقُوا الأعمالَ بالشَّحْنَاءِ
إن ما دعُوا من أجلِ شعبٍ أصبحُوا *** يتلونونَ تلونَ الحرباءِ
ما همَّهُم أمرُ الشعوبِ و إنما *** هم الأميرِ بغضةِ هيفاءِ
ص: 373
تركوا الألوفَ بلا مساكنَ شرداً *** و قضي بأنعمِ ليلةِ حمراءِ
إما بوكر دعارةٍ ملعونةٍ *** أو حانةٍ في شارعِ الحمراءِ
يتسابقونَ إلي الدعارِة حشداً *** كالبهمِ تهوي نحوَ منهلِ ماءِ
لبنانُ أيَّ حضارةٍ و بنوكَ قد *** عاثُوا و عاشُوا لذةً الفحشاءِ
إن المعاركَ لا تنالُ بشاطيءٍ *** أو زينةٍ من كاعبٍ حسناءِ
أمَّنْ ثغورك قبلَ شاطِئِكَ الذي *** جَمَّلَتْ ما جَمَّلَتْ من إنشاءِ
لو كانَ ثغرُك آمناً ما حمِّلت *** ميسٌ و حولا أفدحَ الأرزاءِ
يا عُربُ إن القدسَ تدعوكم إلي *** لم الصفوفِ و وحَدةِ و إخاءِ
ما بالُكُمْ روحُ الخلافِ تنوشُكُم *** من كلِ قاحلةٍ إلي غنّاءِ
ما بالُكُمْ صَرَعي حوانيتِ النوي *** فَمَتي نعين موعداً للقاءِ
أَوَ لَمْ تصغ أسماعكم أصواتَ من *** أمسُوا ظماءَ في هجيرِ عراءِ
لا تدَّعُوا أن الزعامةَ ضربت *** فالشعْبُ مسؤولٌ عن الزعماءِ
يا فتيةَ الإسلامِ إن حماكُم *** يدعوكُم للنهضةِ الشمّاءِ
لتشمِّروُا عن ساعدِ العزمِ الذي *** دكَ الحصونَ بهمةِ قعساءِ
إن الذينَ يثبَّطون عن الوغي *** عينُ الخيانةِ همسةُ الجبناءِ
إياكُم أن تسمعُوا لمقالِهم *** فيه سمومُ الحيةِ الرقطاءِ
ما ماتَ من لبّي النداءَ لواجبٍ *** ما عاشَ من أمسَي مع الإرشاءِ
ما حرَرَتْ أرضاً علي أبنائِها *** إلا دمِا الأحرارِ و الشهداءِ
ص: 374
شَعَّ نُورُ الْبَتُولِ سِتِّ النِّسَاءِ *** فَاغْتَدَي الكَوْنُ مُشْرِقاً بِالسَّنَاء(1)
شَعَّ نُورُ الزَّهْرَاءِ فَازْدَهَتِ الدُّنُيَا *** بِأَنْوَارِ غُرَّةِ الزَّهْرَاءِ
هِيَ شَمْسُ الْفَضْلِ الَّتِي كَانَ جِبْرِيلُ *** لَهَا خَادِماً بِغَيْرِ امْتِرَاءِ
هِيَ شَمْسٌ جَلَّتْ عَنِ الْمِثَلِ وَ النَّدِّ *** وَ قَدْ ضَمَّها شَرِيفُ الكِسَاءِ
أَيُّ شَمْسٍ تَأَلَّقَتْ فِي سَمَاءِ *** الْمَجْدِ فَانْجَابَ حِنْدِسُ الظُّلْماءِ(2)
زَهْرَةٌ قَدْ تَفَتَّحَتْ عَنْ كِمَامٍ *** طَابَ مِنْهَا الجَنَي لِطِيبِ النَّمَاءِ(3)
دَوْحَةٌ قَدْ تَرَسَخَتْ فِي صَمِيمِ *** الْمَجْدِ قَدْ حَلَّقَتْ عَلَي الْجَوْزَاءِ(4)
وَلَدَتْهَا خَدِيجَةُ الطُّهْر ذَاتُ *** الصَّوْنِ ذَاتُ العَفَافِ ذَاتُ الْحَياءِ
هِيَ بِنْتُ النَّبِيِّ أَكْرَمِ خَلْقِ اللَّهِ *** مِن آدم و مِنْ حوَّاء
هِيَ ذَاتُ الشَّأْنِ الْجَلِيلَةُ عِنْدَ *** اللَّه أُمُّ الأئِمَّةِ النُّجَباءِ
هِيَ مَنْ قَالَ سَيِّدُ الرُّسُلِ فِيهَا: *** فَاطِمٌ بَضْعَنِي رِضَاهَا رِضَائِي
ص: 376
سُمِّيَتْ فَاطِماً لِتَفْطِمَ فِي الْحَشْرِ *** مِنَ النَّارِ كُلَّ أَهْلِ الْوَلاءِ(1)
بَضْعَةُ الْمُصْطَفَي وَ مَنْ صُفْيَتْ مِنْ *** كُلِّ عَيْبٍ وَ قُرِّبَتْ بِاصْطِفَاءِ(2)
عُصِمَتْ طُهُرَتْ مِنَ الرِّجْسِ وَ الذَّنْبِ *** وَ آيُّ التَّطْهيرِ فِي الشُّهَدَاءِ(3)
نُورُها مِنْهُ تَسْتَمِدُّ ذُكَا وَ الْبَدْرُ *** بَلْ كُلُّ كَوْكَبٍ فِي السَّمَاءِ(4)
مَنْ تَوَالَي بِهَا سَيُحْبَي حِبَاهُ *** يَوْمَ حَشْرِ الوَرَي وَ أَيَّ حِبَاءِ(5)
ص: 377
أَشْبَهَتْ فِي الكَلَامِ مَنْطِقَ طَهَ *** وَ بِمَشْيِ تَحْكِيهِ فِي السِّيمَاءِ(1)
ص: 378
فَعَلَيْهَا مِنَ الإِلهِ صَلاةٌ *** وَ سَلامٌ فِي صُبْحِها وَ الْمَسَاءِ
ص: 379
(بحر الخفيف)
ملّا علي الرمضان الخطي
لَمْ يَكُنْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَحَدٌ أَعْظَمَ *** حُزْناً في عَالَم الأحياءِ
كَالْبَتُولِ الزَّهْرا عَلَي فَقْدِ ذَاكَ *** الْجَوْهَرِ الْفَرْدِ سَيِّدِ الأَنْبِياءِ
حَبَسَتْ نَفْسَها عَلَي النَّوْح لا تَفْتُرُ *** مِنْهُ فِي صُبْحِها وَالْمَساءِ
وَ هيَ كانَت فِي واسِع العُذْرِ لَوْ *** أَنَّهُمْ أَنْصَفُوا لَها فِي القَضَاءِ(1)
حَيْثُ إِنَّ الْفَقِيدَ كَانَ عَظِيماً ***كَيْفَ لا وَ هُوَ سَيِّدُ الْعُظَماء
لَمْ تَزَل هكذا إِلَي أَنْ تَأَذَّي*** مِنْ بُكاها كُلٌّ مِنَ الأَعْداءِ(2)
كَمْ عَلَي الْمُسْلِمِينَ أَوْصَي رَسُولُ اللَّهِ *** فِي أَهْل بَيْتِهِ الأُمَنَاءِ
وَ خُصُوصاً بها يُنادِي عَلَي أَنَّ *** أَذاها يَكُونُ فِيهِ أَذَائِي
وَ عَلَي أَنَّ فِي رِضاها رِضَا اللهِ *** إِلَهِي وَفي رِضاها رِضَائِي
أَتَرَي الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَعْدُ أَرْضَوْ*** هَا فَعَاشَتْ مَسْرُورَةّ بِا لرِّضاء
أمْ لَها أَسْخَطُوا وَقَدْ أَسْقَطُوا بَلْ *** مَنَعُوها مِنَ الْبُكا وَالنُّعَاءِ(3)
ص: 380
غَصَبُوا إِرْثَها وَ نِحْلَتَها وَ ارْتَكَبُوا *** ما يَجِلُّ مِن إيذاءِ
رَبَّعُوها وَ لَمْ يُرَاعُوا لِقُرْباهُ *** وَ لَمْ يَحْفَظُوهُ في الأَبْناءِ
كَمْ دَعَتْ بِالْوَصِيِّ وَ اسْتَصْرَخَتْ لَوْ *** مَا عَلَيْهِ مَنْ حِكْمَةِ الإِيصَاءِ
أَحْفَظَتْهُ فَجَرَّدَ السَّيْفَ فِعْلاً *** وَ ارْتَدَي أَصْفَرَ الْقبا لِلْفِناء(1)
وَ إِذا بالآذانِ: أَشْهَدُ طهَ *** هُوَحَقاً رَسُولُ رَبِّ السَّمَاءِ
فَدَعا: إِنْ لَمْ تَصْبِرِي أَضَع السَّيْفَ *** وَ لاتَسْمَعِي لهذا النِّداءِ
فَرَأَتْ سَيْفَهُ وَ تَحْتَ شَبَاهُ *** كُلُّ أَرْواحِ مَنْ عَلَي الْغَبْراءِ(2)
فَدَعَتْ يا بْنَ عَمِّ إِنِّي عَلَي مَا *** حَلَّ بِي قَدْ صَبَرْتُ يا مَوْلائِي
فَدَعاهايَا خَيْرَصَابِرَةٍ يَا *** صَفْوَةَ اللهِ مِنْ بَنِي حَوَّاءِ
إيهِ يا بَضْعَةَ الرَّسُولِ وَ أُمَّ *** السَّادَةِ الطَّاهِرِينَ وَ الأمَناءِ
ص: 381
كُلُّ جَارٍ عَلَيْكِ لا عَنْ هَوَانٍ *** أَنْتِ فِي الْحَشْرِ أَكْرَمُ الشُّفَعَاءِ(1)
لَسْتُ أَنْسَي وَقْتاً بِهِ رَجَعَتْ *** باكِيَةَ الْعَيْنِ عَنْ يَدٍ صَفْراءِ(2)
وَ فُؤادٍ قَدْ ذابَ دَمْعاً بِنارِ *** الْحُزنِ مِمَّا قاسَتْ مِنَ الأَرْزَاءِ
وَ بِقَبْرِ النَّبِيِّ مَرَّتْ وَشَمَّتْ *** لِشَراهُ وَ أَجْهَشَتْ بِالْبُكاءِ
وَ غَدَتْ وَ هيَ تُنْشِدُ الشَّعْرَ تَشْكُو *** لأَبيهَا مَا مَرَّ مِنْ بُرحاءِ(3)
ما عَلَي مَنْ غَدَا يَشَمُّ تُراباً *** مِنْ ضَرِيح لِخاتَمِ الأنبياءِ
أبَتَا قَدْ صُبَّتْ عَلَيَّ رَزَايَا *** لَوْ عَلَي الصُّبْحَ لَمْ يَكُنْ ذا ضِياءِ
قُلْ لِمَنْ غَيْبَ الثَّرَي شَخْصَهُ لَوْ *** تَسْمَعُ الْيَوْمَ صَرْخَتِي وَ نِدَائِي
ص: 382
جَبَلاً كُنْتَ لِي أَلُوذُ بِظِلِّ *** مِنْهُ وَ الْيَوْمَ صِرْتَ تَحْتَ الثَّراءِ(1)
أَنْتَ كَهْفِي وَ أَنْتَ فَخْرِي وَ عِزّي *** وَ جَمَالِي وَ أَنْتَ رُكْنُ بَقائِي
أَنْتَ رُوحُ الْحَياةِ تَسْرِي بِجِسْمِي *** أَنْتَ يا طَلْعَةَ الْبُدُورِ ضِيائِي
قَدْ فَقَدْناكَ فَقْدَ وابِلِها الأَرْضَ *** فَعادَتْ قَفْرًا مِنَ الإِنْداءِ(2)
أَبْرَزَتْ عُصْبَةٌ خَبايا صُدُورٍ *** طُوِيَتْ سابقاً عَلَي الشَّحْناءِ
وَ اسْتَخَفُّوا بِنا وَ قَدْ غَصَبُونَا *** إِرْثَنا وَ هُوَ نِحْلَةُ الأَنْبِياءِ(3)
ص: 383
وَ لَقَدْ أَنْشَدَتْ لِشِعْرِ مِنَ الْحُزْنِ *** وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الشُّعَراءِ
«بانَ صَبْرِي وَ بَانَ عَنِّي عَزائِي *** بَعْدَ فَقَدِي لِخَاتَمِ الأَنْبِياءِ
عَيْنُ يا عَيْنُ اسْكُبِي الدَّمْعَ حُزْناً *** وَيكِ لا تَبْخَلِي بِفَيْضِ الدِّمَاءِ»
إِفْخَرِي وَيْكِ تُرْبَةٌ حَلَّ فِيها *** صَفْوَةُ اللهِ مِنْ جَمِيعِ الْوَرَاءِ(1)
«يا رَسُولَ الإلهِ يا خِيرَةَ اللهِ *** وَ كَهْف الأيتامِ وَ الضُّعَفَاءِ
قَدْ بَكَتكَ الجِبالُ وَ الْوَحْشُ وَالطَّيْرُ *** جَمِيعاً وَ كُلُّ مَنْ فِي السَّماءِ
و بكاكَ الحَجُونُ وَ الرُّكْنُ وَ الْمَشْعَرُ *** يا سَيِّدِي مَعَ الْبَطْحاءِ
و بكاكَ الْمِحْرَابُ و الدرْسُ وَ الْقُرْآنُ *** فِي الصُّبْح مُعْلِناً وَ الْمَسَاءِ
لَوْ تَرَي الْمِنْبَرَ الَّذِي كُنْتَ تَعْلُوهُ *** عَلاهُ الظَّلامُ بَعْدَ الضّياءِ
يا إِلهِي عَجِّلْ إِلَيَّ وَفاتِي *** قَدْ بَغَضْتُ الْحَياةَ يا مَوْلائِي»(2)
ص: 384
ثُمَّ صَارَتْ ضَجِيعَةَ الأَلم الْقَاضِي *** عَلَي نَفْسِهَا بِوِرْدِ الْفَناءِ(1)
مكَنَتْ أَرْبَعِينَ يَوماً بِأَنَّاتِ *** أَسَاهَا وَ لَمْ تَزَلْ فِي الْبُكاءِ(2)
أَحْبَسَتْ نَفْسَها عَلَي الْحُزْنِ سَبْعاً *** ثُمَّ أَبْدَتْ في ثامِنٍ للنُّعاءِ(3)
ص: 385
أَبَتا مَنْ إِلَي المُصَلَّي وَ لِلقِبلَةِ *** مَنْ لِلْحَزِينَةِ الثَّكلاءِ
وَ ارَبِيعَا إِلَي الأَرَامِلٍ وَ الأَيْتامِ*** وَ الْبائِسِينَ وَ الضُّعَفَاءِ
ضَعُفَتْ قُوَّتِي وَ قَرَّبَ نَفْسِي *** لِلْمَنايا شَمَاتَةُ الأَعْدَاءِ
أبَتا لاأَنْساكَ ما غَرَّدَتْ قُمْرِيَّةٌ *** فَوْقَ دَوْحَةٍ خَضراءِ(1)
ثُمَّ لَمَّا رَأَتْ بِأنْ قَدْ دَنا ما *** كانَ يَجْرِي حَتْماً عَلَي الأَحْياءِ
أَوْصتِ الْمُرْتَضَي عَلَي أَنَّ دَفْنِي *** فِي ظَلامٍ كَيْ لا تَرَي أَعْدَائِي(2)
ثُمَّ نادَتْ أَسْماءَ: هاتِي حَنُوطِي *** لي سَرِيعاً أَلا اسْكُبِي لِلْماءِ
ناولِينِي ثِيابِي الْجُدُدَ البِيضَ *** فَقَدْ جاءَني نَذِيرُ القَضاءِ
ثُمَّ قالَتْ: تَعَاهَدِينِي فَإِنِّي *** سَأُناجِي بِخَلْوَةٍ مَوْلائِي
فَإِذا ساعَةٌ مَضَتْ لِي وَ لَمْ أَخْرُجُ *** ثَلاثاً فَأَعْلِنِي بِالنَّدَاءِ
فَإِذَا لَمْ أُجِبْ نِداكِ فَرُوحِي *** قَدْ تَوَلَّتْ فِي زُمْرَةِ السُّعَدَاءِ
صَنَعَتْ أَسْما الَّذِي أَمَرَتْها *** ثُمَّ نَادَتْ: يَا بِنْتَ خَيْرِ الْوَرَاءِ
لَمْ تُجِبْهَا فَأَقْبَلَتْ فَرَأَتْها *** مَيْتَةً ثُمَّ أَعْلَنَتْ بِالْبُكَاءِ
فَاطِمٌ أَبْلِغِي أَباكِ سَلامِي *** أَقْرِئِيهِ تَحِيَّتِي وَ ثَنَائِي
وَ إِذَا بِالسِّبطَيْنِ قَدْ أَقْبَلا *** أَسْمَاءُ مَا بَالُ أُمِّنا فِي كَرَاءِ(3)
فأَجَابَتْ: مَاتَتْ، فَمُذْ سَمِعاهَا *** أَعْلَنَا بِالْبُكا لِسِتِّ النِّساءِ
فَأَتَي الْمُرْتَضَي وَ جَهَّزَهَا بِاللَّيْلِ *** وَفُقَ الْوَصِيَّةِ الْغَرَّاءِ(4)
ص: 386
أَسَفاً لابْنَةِ الرَّسُولِ قضت *** بِالضَّغْطِ وَ الضَّرْبِ مِنْ يَدِ الأَعْدَاءِ(1)
وَ إِلَي اليَوْمِ لَمْ يَبِنْ قَبْرُهَا بَلْ *** ذلِكَ الْقَبْرُ راحَ رَهْنَ خَفَاءِ(2)
ص: 387
(بحر الكامل)
السيد علي الحكيم (*)(1)
شَمَخَتْ فَبانَ الطُّورُ مِنْ عَليائِهَا *** وَ زَهَتْ فَشَعَّ النورُ من سَنائِها
وَ بَدَتْ فَأشْرَقَتِ الحَيَاةُ لِوَجهِهَا *** فَشَذَا رُجُوعِ الكونِ من فَيْحَائِها
هِيَ آيةُ الفِردَوس بل من نُورِها *** الفِردَوسُ قَد خُلِقَتْ وَ لُطفِ سَنائِها
و تبَلَّجت بين الشُّموسِ سَوَاطِعَاً *** شَمسُ الهدايةِ مِنْ سَنَا أَسْمَائِها(2)
مِنْ نُورٍ عِصمَتِها الخِصَالُ تكاملَتْ *** فَمَنَازِلُ الرّضْوَانِ بَعْضُ بهائِها
هِيَ مَهبِطُ الآياتِ مَنْ مِنْ أجلِها *** الاياتُ قَد نَزَلَتْ وَ في أرجَائِها؟
هي منبتُ الأصلِ الكَرِيم وَ فَرعُهُ *** أُمُّ البشيرِ و بنتُهُ بِوَفَائِها
هي حكمةُ اللهِ التي قد أُودِعَتْ *** سِرَّ الوُجُودِ رِضَاؤُهُ برضائِها
وَ لِرايةِ الإسلام مَنهلُ عِصمةٍ *** بجلالها تُهدي الوري وَ وَلائِها
ص: 388
وَ كَواكِبُ الأفلاكِ لولا نُورُها *** الوَضَاءُ ما شَعَّتْ لنا بضيائِها
وُلِدَتْ بِبَطحاء الكرَامَةِ فَانْجلي *** حَمدُ المَلائِكِ مِنْ عَظِيمِ ثَنائِها
فأجَابَتْ الأَرضُ السَّماءَ فَخُورَةً *** إنَّ فاطِمُ الزهراءُ خَيرُ نِسَائِها
وَ الدَّوحَةُ العَلياءُ يَرمُقُها العُلا *** وَ الذِكرُ يَحكي عَن جَني خَضرائِها
و التينِ وَالزَّيْتُونِ وَ البَلَدِ الذي *** سَعدَت به الدُّنيا علي ظلمائِها
فكأنَّما دارُ البتُولِ وَ قَد بَدا *** نُورُ النُّبُوَّةِ مُشرقاً بفنائِها
فَالفَجرُ بَرقٌ مِن وميضٍ عُيُونها *** و الليلُ قَوْساً حَاجِبِ بِسَمَائِها(1)
فَاقْرَأْ كِتَابَ اللهِ وَاتْلُ آيَةً *** قَد خُصَّ أحمدُ في جَميع عَطَائِها
إِنَّا قَدْ أَعطَيْنَاكَ مِنّا كوثراً *** سَعُدَ الذي يُسقي بِبَارِدِ مَائِها
فَاقَتْ خِصَالَ المُكْرُمَات لأنَّها *** نُورُ الإِمَامَةِ شَعَّ من لَأَلائِها(2)
أضْحَتْ لآياتِ الهدَاية مُوئِلاً *** راياتُها عُقِدَت بركبِ لِوائِها
فإليكِ نلجاً بعدَ مَا بَلَغَ النَّوي *** مُهَجَ القُلُوبِ وَ أنتِ بَلسمُ دائِها
هي طلعةٌ تحكي السَّماءَ بِشَمْسِها *** لابلْ جِنانُ الخُلدِ من آلائِها(3)
يا دَوحَةَ الذاتِ المَهيِمنِ ظلّلي *** أُفُقُ الرّعيّة قد ذَوَتْ برعائِها(4)
و اشفي صُدورَ الوَجدِ من كُرُبَاتِها *** وَاروي ربوعاً بعدَ فَرطِ ظِمائِها(5)
صلِّي عَليَكِ اللَّه ما بَقيتْ سَمَاً *** أو سَبّحَ الأملاكُ في أرجَائِها
ص: 389
(بحر الخفيف)
الحاج علي حمدان الرياحي
أي يوم يَجِلُّ فِيهِ العزاءُ *** وَمُصابٍ يَطِيبُ فيهِ الْبُكاءُ
ِمثلُ يَوْمٍ مُرَزَّا مُسْتَحَمِّ *** أَغرَبَتْ في سَمائِهِ الزَّهْراءُ(1)
لا السَّماواتُ بَعْدَها مُشرِقاتٌ *** حِينَ تَخْبُو وَلا الضّياءُ الضّياءُ
يَشْحَدُ الْبَدْرَ مِنْ مَطالِعِها النُّورَ *** وَتَمْتَاحُ مِنْ سَناها ذكاءُ(2)
أَتُرَي شَفَّها بعَادُ أَبِيها *** فَاسْتَحَمَّ الجَوَي وَحَنَّ اللِّقاءُ(3)
بَضْعَةُ الْمُصْطَفَي وَأُمُّ أَبِيها *** وَشَذاهُ وَالنَّفْحُ وَاللأْلاءُ(4)
أَمُّ أَسْباطِهِ وَخَيْرِ الْبَرايا *** والثُّراثُ الأَجَلُّ والآلاءُ(5)
قَصَّرَ الخَافِقَانِ عَنْها عَطَاءً *** وَوَنَي عَنْ لَحاقَها الأَنْبِياءُ(6)
قَبَّلَ الْمُصْطَفَي يَدَيْها وَمَا كَانَ ***لِغَيْرِ الزَّهْراءِ هذا العَطَاءُ(7)
ص: 390
مَبْعَثُ النُّورِ و الأَئِمَّةِ مِنْها *** شُهُبٌ ما مَضَي الزَّمانُ -وضاءُ
يا ابْنَةَ المُصْطَفَي وَ خيْرِ البَرَايَا *** فَقْدُكِ الْفَقْدُ و المُصابُ العياءُ(1)
عَاجَلَتكِ الْمَنُونُ يَابْنَةَ طَة *** فِي ربيع الشَّبابِ وَ الْبَلْواءُ(2)
ص: 391
عَنْ أَحِبَّاءَ أَكْرَمِينَ صِغارٍ *** شَفَها الْفَقْدُ وِ اسْتَحَالَ الدَّواءُ
حَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ فِي حَوْمَةِ الْيُتْمِ *** وَ صَبْرٌ يَفُتُّ فِيهِ الْعَزَاءُ(1)
و بناتٌ مُدَلَّهاتٌ حَيارَي *** حَانِيَاتٌ لأُمِّهنَّ ظِماءُ(2)
هُنَّ يَنْدُيْنَ وَ السَّماواتُ تَبْكِي *** وَ بِطُوبَي تُرَدَّدُ الأَصْدَاءُ(3)
وَ الإِمَامُ الأجَلُّ يَرْزَحُ لِلْخَطبِ *** وَ يَجْتَرُّ مِنْ حَشَاهُ البَلاءُ(4)
يَنْدُبُ الدُّرَّةَ الْوَحِيدَةَ فِي الْكَوْنِ *** وَ فِي الْمَوْتِ لا يُفِيدُ المضاءُ
يَتَلَظَّي مَرَارَةٌ وَ اكْتِئاباً *** وَ يُنادِي وَ لايُفيدُ النّداءُ
أيْنَ مِنِّي رَيْحانَتِي وَ مَلاذِي *** وَ دَوَاءُ الْخُطُوبِ إِنْ حَلَّ دَاءُ؟
أيْنَ مِنّي أُمُّ الأَئِمَّةِ وَ الْبَضْعَةُ *** مِنْ خَيْرِ مُرْسَلٍ و السَّناءُ؟
أَيْنَ بِنْتُ النَّبِيِّ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ *** أَيْنَ التُّقَي و َأَيْنَ الْحَياءُ؟
أَيْنَ رَيْحَانَةُ السَّماواتِ وَالأَرْضِ *** وَ أَيْنَ النَّدَي وَ أَيْنَ السَّخاءُ؟
أَيْنَ مِنِّي زَيْنُ الْخَلائِقِ وَ الْحُسْنُ *** وَ أَيْنَ الحِجَي وَ أَيْنَ الْعَلاءُ؟
أيْنَ مِنّي طِيبُ الْحَيَاةِ وَ لُقْياها *** و أَيْنَ السُّرُورُ وَالنَّعْمَاءُ؟
أَيْنَ مَنْ تَزْهَرُ الشُّمُوسُ بَمرآها *** وَ تَمْتَاحُ خَطْوَها الُجَوْزَاءُ؟(5)
ص: 392
أَيْنَ سِرُّ الْجَمَالِ فِي عَالم التَّكْوِينِ *** أَبْنَ الإِعْجَازُ أَيْنَ الصَّفاءُ؟
أَيْنَ مِنِّي قَرِينَةٌ عَقِمَ الدَّهْرُ *** بِبَعْضِ مِنْ حُسْنِها وَ النِّساءُ؟
أَيْنَ مِنِّي جَلالُها وَ عُلاها *** أَيْنَ مِنِّي صَبَاحُها وَ الْمَسَاءُ؟
أَيْنَ -وَ الأَيْنُ مَا أرَدِّدُ- تَبْقَي *** وَ يَمُوتُ الْقُرْطَاسُ وَ الإِنْشَاءُ
دَوْحَةُ الْمُرْتَضَي وَ أُمُّ الْمَعَالِي *** وَ الضُّحَي وَ الْفَرِيدَةُ الْعَصْمَاءُ؟(1)
يَا لَذِكْرَي تَجِيشُ فِي عَالَمِ الْحِسِّ *** وَ نارٍ لَمْ يَقْتَرِ بْهَا انْطِفَاءُ!(2)
وَ الَّذِي نَالَ عَثُّهُ بِنْتَ طَة *** لَقِيَتْهُ الآباء و الأبناءُ(3)
يا ابْنَةَ المُصْطَفَي وَ لِلذِّكْرَياتِ *** الكُفْرِ لَفَحٌ يَعُسُّ فِيهِ اكْتِواءُ(4)
ما عَسَانِي مُحَدِّثاً وَ بِنَفْسِي *** غُصَّةٌ يَسْتَحِمُّ فِيها اجتِلاءُ(5)
لَمْ يُفِدْنا مِنَ التَّحَدُّثِ عَنْها *** مَا عَرَفْنَاهُ وَ الْغَباءُ الْغَبَاءُ
وَ الْمَصَابِيحُ فِي الدَّياجير تَبْدُو *** وَ الْمَنارَاتُ، وَ الْعَماءُ الْعماءُ(6)
شَغَلَتْنَا مَتَارِفُ الْبَذْحَ وَ الزَّهْوِ *** وَ الْوَتْ بِحِسْنا الأهواءُ(7)
ص: 393
وَغَدَوْنَا نُقِرُّ ما يَفْرِضُ الْعَيْشُ *** وَ نُصْغِي كَأَنَّنا البَّبّغاءُ(1)
إيهِ يا نَفْسُ وَ الْهَوَي أَزَلِيٌّ *** فِي فُؤادِي نَباتُهُ وَ النَّماءُ(2)
لَيْسَ مِنْ بَعْدِ أَحْمَدٍ وَ بَنِيهِ *** فَادِحٌ ما يَهُزُّ أَوْ دَهْياءُ(3)
فَبِقَلْبِي مِنْ كَرْبِهِمْ كُلُّ كَرْبٍ *** وَ مِنَ الْحُبِّ دَوْحَةٌ غَنَّاءُ(4)
وَ عَزائِي مِنْ كَرْبِهِمْ صِدْقُ عِلْمِي *** أَنَّهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمُ أَمَراءُ
غَيْرَ أَنَّ الْخُطُوبَ تُبْكِي وَ تُدْمِي *** وَ تَهُزُّ الْقُلُوبَ حَيْثُ تَراؤوا(5)
وَ هُمُ فَوْقَ ما يُصَوِّرُ ذِهُنٌ *** وَ يَخُطُ الكُتَابُ و الفُقَهاءُ
مَعْجِزاتٌ مِنَ الإِلهِ ضَواح *** وَ هُمُ مِنْ جَلالِهِ أَجزاءُ(6)
قَبْلَ بَدْءِ التَّكْوِينِ وَ الْكَوْنُ عُدْمٌ *** وَ لَهُمْ فَوْقَ عَرْشِهِ أَسْماءُ(7)
ص: 394
وَ بِهِمْ آدمٌ تَوَسَّلَ للهِ *** وَ نُوحٌ مِنْ بَعْدُ وَ الأَنْبِياءُ(1)
وَ نَجَتْ فِيهِمُ سَفِينَةُ نُوحٍ *** وَ بِأَسْمَائِهِمْ أُجِيبَ الدُّعاءُ(2)
ص: 395
و بِهِمْ أَنْقَذَ الإِلهُ ابْنَ مَتَّي *** وَ اسْتَجارَ الْخَلِيلُ وَ الْعَذْراءُ
أعْلَي هَؤُلاء نَبْكِي وَ نَبْكِي *** وَ بِأَسْمَائِهِمْ يُتاحُ الرَّجاءُ
يا ابْنَةَ المُصْطَفَي وَ لِلذِّكْرَياتِ *** الْغُرْ نَفحٌ يَطِيبُ فِيهِ الْغِناءُ
حَسْبِيَ الحُبُّ وَ الْهَوَي هَاشِمِيٌّ *** فِي مَالِي وَ أَنْتُمُ الشُّفَعاءُ
ص: 396
وَ شُهُودِي عَلَيَّ دِيوانُ شِعْرِي *** وَ سَيَزْدادُ ما اسْتَمَرَّ البقاءُ
هذِهِ بِنْتُكَ الْجَلِيلَةُ فِي الشَّامِ *** مَحَجٌ وَ رَوْضَةٌ فَيْحَاءُ(1)
بَيْتُها الْبَيْتُ وَ الْمَنارَاتُ فِيهِ *** وَ الضُّحَي وَ الْجَلالُ وَ الْكِبْرِياءُ
زَيْنَبٌ وَ الْجَلالُ وَ الأَلَقُ الضَّاحِي *** وَ لَأُلاءُ قُدْسِها وَ الْبَهاءُ(2)
يَتَهاوَي لِتُرْبِها شَامِخُ الأَنْفِ *** وَ تَحْنُو لِلَثْمِهِ الْخُيَلاءُ
دَائِبُ النَّفْحٍ بَيْنَ آتٍ وَ غادٍ *** وَ الْبَرايا عَبِيدُها وَ الإِماءُ(3)
مِنْ خُراسانَ مِنْ ذَرَي السِّنْدِ وَ الْهِنْدِ *** وَ أَقْصَي ما تَعْمُرُ الأَرْجاءُ(4)
فَإِلَيْهَا هُنا يُراحُ وَ يُغْدَي *** وَ لَها هُهُنا يُزَفُّ الْعَزاءُ(5)
ص: 397
(بحر الكامل)
الشيخ علي ابن الشيخ
محمد آل سيف الخطّي
أفبعدَ فاطمةَ البتول و دفنها *** بالليل عينٌ لا تجوُد بمائِها(1)
أم نفسُ من يهوي ولاها ترتِدي *** بِرِدَّي لها من بعدِ طول عنائِها
لابلْ جديرٌ بعدَ و شكِ عنائِها *** حزناً مذيبَ النفسِ عن أقصائِها
فلقد قضَتْ مكظومةً و تراثُها *** ترنُوه شزراً في يدي أعدائِها(2)
مضروبةً بالسوطِ حتّي إنها *** أبدت نحيباً من عظيمٍ أذائِها
مسقوطةً لجنينِها تُبدي أسَّي *** لأنينِها وجداً علي أبنائِها
فلتْبِكها عينُ المحبِ بمدمعٍ *** جارٍ كعين السُّحبِ في إجرائها
ص: 398
يا نَكْبةً عَمَّتْ علي كلِّ الوَري *** عَمَّتْ علي الآفاقِ و الأرجاءِ
وَ مُلِمَّةٌ ضاقَتْ لها سَعَةُ الفَضا *** شَطَّتْ شَوارِدُها علي الجوزاءِ
وَدُجُنَّةٌ سُدِلّ الظلام بها علي *** كلِّ الأنامِ وعمَّ بالظَّلْماءِ(1)
فَغَدالَهَا الإِسْلامُ ثاكِلَ غُرَّةٍ *** وَالمُسْلِمُونَ بَكَوْهُ أيَّ بُكاءِ
اليَوْمَ أَضْحَي الدَّينُ يَبْكِيهِ أَسًي *** وَبَكَتْ لَهْ أَمْلاكُ كُلِّ سَماءِ
اليَوْمَ أَوْحَشَ مِنْهُ والخُطَبُ الَّتِي *** كَبُرَتْ بَلاغَتُها عَلَي الخُطَباءِ
باللهِ رُزْءُ محمَّدٍ أوْهَي(2) القُوَي *** وَطَوَي الضُّلُوعَ وَمَسَّ في الأحْشاءِ
اليَوْمَ قَدْ ثَكِلَتْ أباها فَاطِمٌ *** نَكِلَتْ أباها أَرْأَفَ الآباءِ
مَنْ ذا يُعَزّي المرتَضي في المُصْطَفَي *** وَالأَنْبِيا في سَيَّدِ الأُمَناءِ
مَنْ ذا يُعَزّي المجتبي في جَدِّهِ *** الحسنَ الزَّكيَّ وسيِّدَ الشُّهَداءِ
وَمَهابِطَ الوَحْيِ الَّتِي قَدْ عُطِّلَتْ *** وَلِرُزْئِهِ عَمَّتْ حِمَي البَطْحاءِ
وَتَعِجُّ فَاطِمَةٌ بِقَلْبِ وَالِهٍ *** وَحَشاً مُسَجَّرَةٍ بِلا إِطفاءِ(3)
أَبَتَاهُ قد أَصْبَحْتُ نَهْبَ حَوادِثٍ *** هَتَكَتْ صُرُوفُ الدَّهْرِ سِرَّ غواءِ
دارَتْ عَلَيَّ النَّائِباتُ بأسْرِها *** لم يَبْقَ لي جَلَدٌ علي البَلْواءِ
قَدْ كُنْتَ مِصْباحَ الوَرَي لِرَعِيَّةٍ *** تَجْلُو الظَّلامَ بِطَلْعَةٍ غَرَّاءِ
من للأرامِلِ واليَتَامَي كَافِلاً *** إذْ كُنْتَ تَكْفُلُها عَنِ البَأْساءِ
من ذا يَفُلُّ عِثَارَ رَكْبٍ ذاهِلٍ *** فَيُقِيلُ عَثْرَتَهُ بِلا إغضاءِ(4)
ص: 400
( بحرالسريع)
الحاج علي الفراتي (*)(1)
أشرقتِ الدُّنيا معُ السماءِ *** بمولدِ الصدّيقةِ الزهراءِ
***
أشرقتِ الدُّنيا وسبعُ العُلي *** وغمُّ أهلِ الكونِ قد جَلا(2)
بمولدِ البضعةِ سرِّ الولا *** طابَ الهنا وعيشنا قدحَلا
وغنّتِ الطيورُ بالهناء *** بمولدِ الصدّيقةِ الزهراءِ
***
قد ولدتْ بضعةُ خير الوري *** ونورها عمَّ السما والثَرَّي
جلالُها في الكونِ لن يُخصرا *** و للإياء والعُلي مظَهْرا
قد زانَها الإلهُ بالكِساءِ *** بمولد الصدّيقةِ الزهراءِ
***
ص: 401
بُشراكِ يا دنيا ببنتِ الرسولْ *** فاطمةَ الزهراءِ أصلِ الأصولْ
و إنّها البتولُ نعمَ البتولْ *** بفضلها الظلامُ سيزولْ
عالِمةٌ و منَهَلُ الرَّجاءِ *** بمولدِ الصدّيقة الزهراءِ
***
رِاضِيةٌ رَضِيَّةٌ مرضيةْ *** رَقِيَّةٌ تَقيَّةٌ نَقيّةْ
أَصيلةٌ جليلةٌ أَبيَّةْ *** أمُّ أبيِها و هيَ الزَّكِيَّةْ
شَفِيعةٌ في عَرصةِ الجزاءِ *** بمولدِ الصدّيقةِ الزهراءِ(1)
***
بُشري نزفُّ لنبيِّ الأنامْ *** جاءت إلي الوجودِ شمسُ الوئامْ(2)
بنورهِا حقاً يزولُ الظلامْ *** وفضلها علي الوري مُستدامْ
ونورُها قدعمَّ في الأرجاءِ *** بمولدِ الصدّيقةِ الزهراءِ(3)
***
سَلْ هل أَتّي و سورةَ الكوثرِ *** ومجدَهَا في البرَّ والأبحُرِ
كريمةُ في السرِّ والظاهرِ *** وقطبُ هذا الألَقِ الباهرِ
ونورُها قد شعَّ في الفضاء ِ *** بمولدِ الصدّيقهِ الزهراءِ
***
ربّي بحقِ ثالثِ الأنوارِ *** سلميةِ أحمدِ المختارِ
و بعلِها حيدرِ الكرارِ *** نجِّي مُحِبِّيها من الأخطارِ
وَرُدَّنا لأرضِ كربلاءِ *** بمولِد الصدّيقةِ الزهراءِ
ص: 402
(بحر الكامل)
الشيخ علي منصور المرهون
حُقَّ البكاءُ لِفاطِمَ الزَّهْراءِ *** بِنْتِ النَّبيِّ كَرِيمةِ الآباءِ
بنتِ النبيِ حليلُها خيرُ الوري *** أبناؤُها هُمْ خِيْرَةُ الأَبناءِ
كلُّ النسا مِن دونِها فضلاً و لا *** مثلُ البتولةِ من بني حوّاءِ(1)
في آيةِ التطهيرِ فاقرأْ فَضْلَها *** تُعطيكَ درساً ظاهرَ الأَنْباءِ
في (قُل تَعَالَوا) فاقرأَنَّ مَنَاقِباً *** تُنْبِيكَ حَقاً عن عَظِيمِ وِلاءِ(2)
آيُ المودّةِ لاِيُشَكُّ بأَنَّها *** فَرَضَتْ مَحَبَّتَها بلا إخْفاءِ(3)
ص: 403
نُورُ النُّبُوَّةِ نُورُها مِنْهُ سَمَتْ *** أَنْوَارُ ساداتِ الوَرَي الأُمناءِ
هي بَضْعَةُ المُخْتَارِ يَرْضَي إِنْ رَضَتْ *** يَوْماً وَ يَسْخَطُ إِنْ دَعَتْ بِعَناءِ
أَجْرُ الرِّسالةِ في مَوَدَّةِ فاطمٍ *** وَ عَلِيِّ الكرارِ و الخُلفاءِ(1)
لكِنَّ أَصْحابَ النَّبِي لَمْ يَرْقُبُوا *** في آله إلاَّ فَأَيُّ ولاءِ(2)
عادَوْهُمُ آذَوْهُمُ حتي اغْتَدَتْ *** أَجْسادُهُمْ غَرَضاً لِكُلِّ بَلاءِ
هذِي البَتُولَةُ رُوِّعَتْ ما بَيْنَهُمْ *** مِنْ بَعْدِهِ مِنْ قَبلُ جَفَّ ثَرَاء(3)
ما انْصَفُوا أَعْداؤُها إِذْ أَوْدَعوا *** في قَلْبِها حُرَقاً مِنَ الأَرْزاءِ
قَدْ زَوِّرُوا في مَنْعِها ما أَحْدَثُوا *** بدعاً تَدُومُ عَلَي الوَرَي بِبَلاءِ(4)
سامُوا(5) ابْنَةَ المختارِ فيما بَيْنَهُمْ *** ذلاً، هواناً، مِحْنَةً بِجَفَاءِ
ص: 404
(بحر الخفيف)
الحاج علي يوسف المتروك (*)(1)
طَائِرُ الْبِشْرِ فِي رُبَي الْبَطْحَاءِ *** يَتَغَنَّي بِمَوْلِد الزَّهْرَاءِ(2)
وَ تَنَادَتْ جِبَالُ مَكَّةَ زَهْواً *** حِينَ هَلَّتْ بِنُورِهَا الْوَضَّاءِ(3)
هَلَّ بِالْيُمْنِ مُتْرَعاً بِالأَمَانِي *** وَ تَعَالَي النَّداء تِلْوَ النَّداءِ(4)
ص: 405
وَ الصَّبَاحُ الْجَمِيلُ أَوْرَقَ مِنْهُ *** كُلُّ أَزْهَارِ دَوْحِهِ الْمِعْطَاءِ
بَضْعَةُ الْمُصْطَفَي عَنِ الْوَصْفِ جَلَّتْ *** وَ سَمَتْ فَوْقَ هَامَةِ الْجَوْزَاءِ(1)
فِيكِ يَحْلُو النَّشِيدُ حُلْوَ الْمَعَانِي *** وَ يَعُمُ الضِّيَاءُ عالِي السَّناءِ(2)
وَ تُعِيدُ الأَيَّامُ أَصْدَاءَ وَحْي *** فِيهِ بِالْفَضَلِ خُصَّ أَهْلُ الْكِسَاءِ
سَيِّدُ الخَلْقِ وَ الْهُدَاةُ الْمَيَامِينُ *** مِنَ الغُرِّ آلِهِ النُّجَباءِ(3)
مَنْ تَخَلَّي عَنْهُمْ تَخَلَّي عَنِ اللَّهِ *** كَمَنْ باتَ هَائِماً بِالعَرَاءِ(4)
مَا تَلَوْنَا الكِتَابَ إِلاَّ وَ كَانَتْ *** فِيهِ للآلِ وَ مَضَةٌ لِلثَّنَاءِ(5)
تَتَجَلَّي الأَسْرَارُ فِي مَا رَوَيْتُمُ *** وَ سَلَكْتُمُ فِي الْبَدْءِ وَ الإِنْتِهَاءِ
نَحْنُ مِنْ طِينَةِ الْوِلَاءِ خُلِقْنَا *** وَ سَتُطْوَي أَعْمَارُنَا بِالوِلاءِ(6)
ص: 406
(بحر الكامل)
السيد غياث آل طعمة (*)(1)
قَدْ كانَ فِي أَرْضِ الحِجَازَ عَناءُ *** فَدَمٌ يُراقُ و تُستَباحُ نِساءُ
وَ النَّاسُ لا أَمْنٌ فَيَهْدَأَ بَالُهُمْ *** بَلْ قاتِلٌ وَ مُضَرَّجٌ وَ فِداءُ
إِذْ مَنَّ رَبُّ النَّاسِ بِالنُّورِ الَّذِي *** مِنْ بَعْضِهِ تَتَنَوَّرُ الأَرْجاءُ
بَعَثَ النَّبِيَّ بِشِرْعَةٍ بَنَّاءَةٍ *** قَدْ قال فِيها: إِنَّهَا سَمْحَاءُ
ص: 407
فَدَعَاهُمُ فَتَكَالَبُوا لِجَهَالَةٍ *** وَ النَّاسُ مَا جَهلُوا لَهُ أَعْدَاءُ(1)
فَإِذَا الأَمِينُ بِلا أَمانٍ يُرْتَجَي *** بَلْ قَسْوَةٌ حَفَّتْ بِهِ وَ جَفَاءُ(2)
لَكِنَّهُ يَأْوِي لِحِصْنِ خَدِيجَةٍ *** فَيَزُولُ عَنْهُ الهَمُّ وَ الإِعْياءُ
وَ تَشاطرا مُرَّ الحياةِ وَحُلْوَها *** مِنْهَا العَطا وَ مِنَ النَّبِيِّ ذَماءُ(3)
للهِ كَدُّهُمَا، وَ ما مِنَ غايةٍ *** الأهُ وَ العِشقُ العظيمُ عَطاءُ
فَحَباهُما الرَّحْمَنُ خَيْرَ هَدِيَّةٍ *** ثَمَرُ الجِنانِ بِناؤُها المِعْطاءُ
وَ غَدَتْ أنيسَةَ أُمّها في بَطْنِها *** تُجْلِي الهُمُوم فَيُسْتَطَابَ هَناءُ
حَتّي أَضَاءَ الكونُ بالقَبْسِ الذي *** سَرَّ النَّبِيَّ فَوَجْهُهُ وَضَّاءُ
وَ اليَومَ قَرَّتْ أَعْيُنٌ إِذْ أُخَبِرَتْ *** وُلِدَتْ لِتَنْثُرَ خَيْرَهَا الزَّهْراءُ
زَهْراءُ طَهَ، مَنْ تَدَبَّرَ أَمْرَها *** سَيَحارُ، فَهيَ عَلَي العُقُولِ عَماءُ
سِرِّ خَفِيُّ الكُنْهِ ما أدراكَ مَنْ *** بنتُ الرسول؟ وَ هَلْ كذاك نَماءُ؟
هِيَ مُلتقي الأنوارِ و السِّرُّ الَّذِي *** فُتِقَتْ بِهِ أَرْضٌ لَنا وَ سَماءُ
هيَ نَفْحُ قُدْس قد أُديِفَ بطيئَةٍ *** فَإذا بها إنْسِيَّةٌ حَوْراءُ(4)
هِيَ بَضْعَةُ المُخْتارِ و النُّورُ الَّذِي *** لَوْلا عَلِيٌّ ما لَهُ أَكْفاءُ
وَ هِيَ الَّتِي خَيْرُ الرِّجالِ بِبابِها *** خَدَمٌ وَ ساداتُ النِّساءِ إِماءُ(5)
إنْ تَرْضَ يَرْضَ اللَّهُ، أَوْ غَضِبَتْ عَلَي *** عَبدِ فَلَيْسَ سِوَي الهَلاكِ جَزَاءُ
أُمُّ الأَئِمَّةِ و المناقبُ جَمَّةٌ *** أَيُحِيطُ عَلْياءَ البَتُولِ ثَناءُ؟
لكِنَّنِي أَرْجُو النَّجاةَ بِذِكْرِها *** فَظِلالُها يَوْمَ الجَزاءِ وَقاءُ(6)
فَعَسَي تَمُنُّ بِنَظْرَةٍ فَوْزِي بِها *** حَتْمٌ، فَلَيْسَ بِغَيْرِ ذاكَ نَجاءُ
ص: 408
عزَّ مِنّي العَزَا وَ هَل بَعْدَ فَقْدِي *** سَيْدَ الرُّسُلِ سَلْوَةٌ وَ عَزاءُ(1)
يا فَقِيداً مِنْ بَعْدِهِ انقَطَعَ الوَحْيُ *** وَ عِلْمُ الغُيُوبِ وَ الأَنْباءُ
وَ اسْتَحالَتْ أَيَّامُنا البِيضُ سُوداً *** بَعدَما أَزْهَرَتْ بِهِ الظَّلْماءُ(2)
و انْتَنَتْ بَعْدَهُ العقولُ بِتَيْهاءِ *** ضلال تَصُدُّها الأَهواءُ(3)
ضَلَّ قَوْمٌ بالانْقِلابِ علي *** الأعْقابِ مِنْ بَعْدِهِ و لِلْجَهْلِ فاؤوا(4)
بعدما أَوْضَحَ الهُدَي وَ أَبانَ الحَقَّ *** فَالْحَقُّ ما عَلَيْهِ غِطَاءُ
لاتَسَلْ عَنْ تَفْصِيلِ ماكانَ فَالاً *** لسُنُ في شَرحِ حالِهِ خَرْساءُ
وَ ابْكِ شَجُواً لِفَقْدِهِ فَهُوَ رُزُءٌ *** صَغُرَتْ فِي قُبالَتِهِ الأَرْزاءُ(5)
ماتَ سِرُّ الوُجُودِ خَيْرُ البَرَايَا *** فَلْتَمُتُ بَعْدَ مَوْتِهِ الأَحْياءُ
إِنَّما قَرَّتِ السَّما بارتقا الرُّوحِ *** وَ قَرَّتْ بجسمِهِ الغَبْراءُ(6)
لستُ أنْسَي البتولَ إِذْ أَقْبَلَتْ *** لِلْقَبْرِ تَنْعَي وَ لَيْسَ يُجْدِي النُّعاءُ(7)
أخَذَتْ مِنْ صَعِيدِهِ وَ هُوَ مِسْكٌ *** عَطَّرَ الخافِقَيْنِ منهُ الذَّكاءُ(8)
ثُمَّ شَمَّتَهُ وَ هيَ تُنْشِدُ (ماذا) *** راقَ ذاكَ الإنشادُ و الإنشاءُ(9)
ص: 410
أَبَتا يا حِمّي بِهِ يَلْجَأُ اللأجِي *** وَ بَدْراً بِنُورِهِ يُسْتَضاءُ
غِبْتَ عَنَّا فَأَظْلَمَ الْعَصْرُ لَمّا *** غِبْتَ عَنّا وَ اغْبَرَّتِ الأَرْجاء
وَ عَلَيْنا صُبَّتُ خُطُوبٌ لو الشُّمُّ *** وَعَتْها عادَتْ وَهُنَّ هَباءُ(1)
لَستُ أَهْوَي إِلالِقاكَ سريعاً *** ليتَ شِعري متي يَكونُ اللَّقاءُ
لَسْتُ أسْلُوك أو تُرِيني المُحَيَّا *** كَيْفَ أَسْلُو وَ نَكْبَتِي فَقْماءُ(2)
ص: 411
ضَحِكَتْ بُرُوقُ الخِصْبِ بِالفيحاءِ *** فَهَمَتْ جُفُونُ غَمَامِها بِبُكاءِ(1)
وَ تَبَسَّمَتْ تِيكَ الرُّبُوعُ إِذِ اكْتَسَتْ *** مِنْهَا الرُّبي بِغَلائِلٍ خَضْراءِ(2)
رَقَصَتْ غُصُونُ الدَّوْحِ و التَّصْفِيقِ *** لِلأَوْراقِ إِذْ عَزَفَ النَّسِيمُ هَوائِي(3)
فشدا الهَزارُ و رَجَعَ القُمْرِيُّ *** بِالتَغْرِيدِ وَ التَّلْحِينِ لِلْوَرْقاءِ(4)
وَ خَمائِلُ الأَزْهَارِ طَرَّزَ وَشْيَها *** غَضُّ الأقاحِ بِصِبغةٍ حَمْراءِ(5)
وَ عَلَي مُنَضَّدَةِ الرَّياحِينِ اسْتَطالَ *** الْوَرْدُ فِي خَبَرٍ عَنِ الشُّعَرَاءِ(6)
ص: 413
إيه رُبُوعَ أَحِبَّتِي وَ رَبيعَها *** الزَّاهِي وَمُزْهِرَ أُفُقِها اللأُلاء
ياما أُحَيْلاها أُويْقاتاً مَضَتْ *** فَضَّيْتُها برياضِكِ الغَنَّاءِ(1)
حَيْثُ الْهَوَي طَلْقُ العِنانِ إِذِ الصَّبا *** غَضٌّ، وَ عَنِّي الدَّهْرُ ذُوإغضاءِ(2)
حَيْثُ الرَّبِيعُ وَ وَرْدُهُ قَدْ أَشْبَهَتْ *** خَدَّ الحَبِيبِ بِحُمْرَةِ اسْتِحْياءِ
ما بَيْنَ نَدْمانِي غَداةَ أَدارَها *** صِرْفاً وَ ما مُرْجَتْ بِغَيْرِ هَناءِ(3)
حَتَّي كَأَنَّا وَ الشَّهِيَّ حَدِيثُهُ *** فِي ذِكْرِ مَوْلِدِ فاطِمَ الزَّهراءِ
مَوْلاتِنا الطُّهرِ البَتُولِ وَ بَضْعَةِ *** الهادِي الرَّسُولِ سُلالَةِ الأُمَناءِ
سَكَنِ الإِمامِ عَليَّ الضَّرْغَامِ أُمَّ *** المُصْطَفَيْنَ السَّادَةِ الأُمَناءِ
عِقْدٌ بِهِ انْتَظَمَتْ فَرائِدُ جَوْهَرِ*** الفَرْدِ الْعَلِيِّ وَ فِيهِ عَقْدُ وَلاءِ(4)
مشكاةُ نُورٍ كُلُّ نُورٍ فَرْعُهُ *** فِيهِ جَلاءُ غَياهِبِ الظُّلْماءِ(5)
ص: 414
للهِ نُورٌ قَدْ تَجَلَّي قَدْسُهُ *** يُمْناً وَ فَضْلاً عَمَّ كُلَّ مَسَاءِ(1)
حَتَّي إِذا شاءَ الإِلهُ نُزُولَهُ *** مِنْ صُلْبِ مَنْ هُوَ عِلَّةُ الأَشْياءِ
أَحْشَاءَ سَيِّدَةِ النِّساءِ خَدِيجَةٍ *** شَرَفاً لَها اسْتَدْعَاهُ كُلُّ وِعاءِ
فَإذا بها أُنْثَي، وَ ما فِيمَا بَرَي *** إِلاّ الْبَطِينُ لَها مِنَ الأكْفاءِ
يَهْنِيكِ أُمَّ الْمُؤْمِنينَ وَلِيدَةٌ *** سُدْتِ النِّساءَ بِها بِلا استِثْناءِ(2)
جنتِ العِبادَ بِخَيْرِ شافِعَةٍ لَهُمْ *** فِيهَا افْخَرِي حَتَّي عَلَي الشُّفَعاءِ
يا بِنْتَ أَكْرَمِ مُرْسَلٍ مُزَّمِلٍ *** مُدَّثِّرٍ بِرِداءِ كُلِّ عَلاءِ(3)
أنا واثقٌ بِالفَوْزِ فِي حُبِّي لَكُمْ *** وَ الصَّفَحُ مِنْكُمْ قابلٌ دَعْوائِي
ص: 415
(بحر الوافر)
الشيخ كاظم السبتي (*)
خُذِي يَا عَيْنُ وَيحَكِ بِالبُكاءِ *** عَلي الزَّهْراءِ سَيِّدَةِ النِّساءِ
(*) هو الخطيب الشيخ كاظم ابن الشيخ حسن ابن الشيخ علي ابن الشيخ سبتي السهلاني الحميري، اشتهر بلقب (سبتي).
ولد في النجف الأشرف عام (1258 ه) من أبوين كريمين، توفي عنه والده و هو صغير، فنما و ترعرع في أحضان أمه فأحسنت تربيته و لما أحسّت منه الذكاء و الفطنة أودعته عند السيد حسن السلطاني الصائغ ليتعلم مهنة حرة تساعده علي الحياة، ولكنه رغب عن صياغة الذهب و الفضة إلي صياغة الكلام و مجوّد النظام و سرعان ما مالت به نفسه لطلب العلم فأخذ ينهل منه برغبة و شوق فدرس المقدمات و ساعدته لباقته و حسن نبراته علي تعاهد الخطابة و ارتقاء المنبر، ليصبح في المستقبل من أقطاب الخطابة الذين تدور عليهم رحي المنبر الحسيني الشريف.
فأرهف إحساسه و ألهب شعوره اليقظ و هو بعد لم يبرح مكتب أستاذه، و لما أن قوي طموحه و اشتد ولعه بفن الخطابة و النياحة علي سيد الشهداء عليه السلام إلتحق بأحد مشاهير الذاكرين و استمر مصاحباً له يتغذي بعلمه و يلتقط صوراً من فنه تساعده علي الوصول إلي هدفه السامي.
انكبّ شيخنا المترجم له علي الدروس العلمية و الأدبية و استقي علومه و معارفه من مشاهير علماء عصره، و قد أبدع في توظيف ما تعلمّه في خدمة المنبر الحسيني حتي عدّ «رحمه الله» المجدّد لفن الخطابة، إذ كان أصحاب المنبر ذلك اليوم يكتفون في خطاباتهم علي رواية المقتل و أحداثه يوم عاشوراء، و إذا بخطيبنا يروي خطب الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام عن ظهر الغيب فتعجَب الناس و اعتبروه فتحاً كبيراً في عالم الخطابة، ثم قام يروي السيرة النبوية و سيرة أهل البيت عليهم السلام كما يروي سيرة الأنبياء عليهم السلام و قصصهم في خطابات مركّزة وقوية، فتفوّق في هذا الأسلوب الجديد حتي أدي إلي اشتهاره في الأوساط العراقية و ربما تجاوز ذلك إلي البحرين و الكويت و إيران و سوريا.
فكان أول خطيب استطاع أن يتجوّل في المواضيع الأدبية و يحلّل أحداث التاريخ المغرض الذي كتبته أقلام السلاطين كما ينتزع من المباحث الدينية صوراً يستفيد منها المجتمع.
و من سماته في الخطابة استيلاؤه علي مشاعر السامع حتي يملكها و يوجّهها نحو الهدف الذي رسمه.
و يمكن الشيخ السبتي بقوة إلمامه و سحر بيانه أن يحظي بمكانة مرموقة لدي أعلام عصره مما حدا بهم أن يصرِّحوا في حقه بكلمات لم يصرّحوا بمثلها لأحد غيره مما يكشف عن قدرته العلمية و لياقته القدسية في هذا المجال.
فقد قال فيه الفقيه الأكبر الشيخ محمد طه نجف المتوفي عام (1323 ه) في الفاتحة التي أقامها العلامة المجاهد السيد علي الداماد، لبعض أعلام عصره: (ما قدّر الله قتل الحسين حتي سبق في علمه «عزّ وجل» أن يخلق الشيخ كاظم فيكون ذاكراً له و للشهداء معه ليؤسس عزّاً و عظمة للمنبر الحسيني، و إني لا أراه علي المنبر إلا ملكاً أنزله الله بصورة البشر).
و قال فيه أحد أساتذته الفقهاء و قيل انه المازندراني: (إن الله «تعالي» في خلقه لعناية إذ شوّق الشيخ كاظم بمهنة القراءة علي الحسين ليظهر بعض من جدّ في طلب العلم، و لولا ذلك لكان الشيخ أظهر أهل عصره من أقرانه من العلماء و أشهرهم اليوم). و ذكره صاحب الحصون فقال: (فاضل معاصر و أديب محاضر و شاعر ذاكر تزهو بوعظه المنابر).
و أوجز كلمة بليغة قالها فيه الخطيب الشهير السيد صالح الحلي (رحمة الله عليه) (الشيخ كاظم هو الرجل الوحيد الذي يقول و يفهم ما يقول).
أجاب مترجمنا داعي الحق يوم الخميس آخر ربيع الأول سنة (1342ه) و دفن في الصحن الحيدري قرب إيوان العلامة شيخ الشريعة.
ص: 416
صِلِي بِبُكاتِكِ الهادِي النَّبِيَّا *** وَ خَيْرَ الناس كلِّهِمُ عَلِيا
وَ وَاسِي بِدَمْعِكِ الحَسَنَ الزَّكِيَّا *** عليها و الشهيدَ بِكَرْبَلاءِ
***
لفادِحِ رُزيها بِالْقَلْبِ جُرْحُ *** دُمُوعُ العَيْنِ مِنْهُ دَماً تَسِحُّ(1)
وَ فِيهِ لِزَنْدِ ذاكَ الرُّزْءِ قَدْحُ *** فَيُذْكِي فِي الصَّباحِ وَ في المَساءِ(2)
***
أَلا شَلَّت يَدٌ مُدَّت إِلَيْها *** بِسَوطِ جَفاءٍ يُؤْلِمُ مَنْكِبَيْها
أَيَسْلُو القَلْبُ مَنْ أَبْكَي عَلَيها *** شرارُ الناس خيرَ الأنبياء
ص: 417
لَضَلَّ شِرارُ قَوْمٍ جَرَّعُوها *** كُؤُوسَ الحَتْفِ وَ الهادِي أَبُوها
سَلِيلَةُ أَحْمَدٍ لَوْ أَنْصَفُوها *** لَقامَ بنصرِها دانٍ ونائِي
***
يُؤَرِّتُها المُصابُ وَ هُمْ رُقُودُ *** وَ يَجْحَدُها اللَّيْيمُ وَ هُمْ شُهُودُ(1)
ص: 418
سَقِيمُ القَلْبِ أَضْنَتْهُ الحُقُودُ *** وَداءُ الحِقْدِ أَعْظَمُ كُلِّ داءِ(1)
***
أحِنُّ لَها وَلِي قَلْبٌ مَرُوعُ *** وطَرْفٌ تُسْتَهَلُ بِهِ الدُّمُوعُ
أفاطِمَةٌ تُرَضُّ لَها ضُلوعُ *** بِعَيْنِ اللّهِ جَبَّارِ السَّماءِ
***
تَحِنُّ لِما رَأَتْهُ مِنَ الصَّغَارِ *** فَما هَدَأَتْ بِلَيْلِ أَوْ نَهارِ(2)
ص: 419
فَيا عَجَبا وَ حُكْمُ اللهِ جارِ *** أَيَجْري هكذا صَرْفُ القَضاءِ
***
يُقادُ الضَّيْغَمُ الكَرَّارُ قَهْرا *** و تُهْضَمُ بَضْعَةُ المُختارِ جَهْرا(1)
وَ تُدْفَنُ في ظَلامِ اللَّيلِ سِرًا *** فَلا بَرِحَ الظلامُ بِلا ضِياءِ(2)
ص: 420
(بحر الكامل)
الشيخ كامل الدرمكي
خَلِّ الحَزِينَ بِهَمِّهِ وَ بَلائِهِ *** وَ بِوَجْدِهِ وَ حَنِينِهِ وَ بُكَائِهِ
لا تَعْذِلِ المحزون تَجرَحْ قَلْبَهُ *** فَالْبَيْنُ أَوْرَي النّارَ فِي أَحْشَائِهِ(1)
ص: 421
إِنَّ الشَّقَاءَ علي الحَزِينِ مُسَلَّطٌ *** لا يَسْتَطِيعُ الصَّبْرَ في إِخْفَائِهِ
يَكْفِيكَ عن عَذْلِ الْحَزِينِ سِقامُهُ *** قَدْ مَلَّتِ العُوَادُ مِنْ إِيْتَائِهِ(1)
و تَجَمَّعَتْ كُلُّ الأَطِبّا حَوْلَهُ *** وَ تَفَرَّقُوا لَمْ يَظْفَرُوا بِشِفَائِهِ
وَ تَعَاهَدُوا كُتُباً لَهُمْ مَخْرُونَةً *** عَجِزُوا وَ مَا قَدَرُوا علي اسْتِشْفَائِهِ
فَهْوَ المَحَنُ(2) لِما تَضَمَّنَ صَدْرُهُ *** يُخْفِي لَعَلَّ العَذْلَ في إِخْفَائِهِ
يُخْفِي مِنَ الأعْداءِ مَا فِي نَفْسِهِ *** وَ يُذِيعُهُ سِرًّا إلي أُمَنَائِهِ
ص: 422
فَاسْتَخْبَرُوهُ ذوو البصائرِ والتَّقَي *** عَمَّا يُجِنُّ لِيَعْلَمُوا بِأَذَائِهِ
قالوا له يا صاح باللَّهِ انْبِئْنْ *** وَ بِجُمْلَةِ النّعماءِ من آلائِهِ
ما ذا الّذي تَشْكُوهُ مِنْ أَلَمِ وَ مَا *** تُخْفِي لَعَلَّ البِرَّ في إِبْدَائِهِ
قَالَ: اسْمَعُوا: اللَّهُ أكرمُ عَادِلٍ *** لايُنْكَرُ المقدورُ من إمضائِهِ
لو نالَ رضْوَي بعضَ ما قَدْ نِلْتَهُ *** هَدَّ البلاءُ لصَخْرِهِ و صَفَائِهِ(1)
وَ اللَّهِ ما أَجْرَي الدِّمَا مِنْ مُقْلَتِي *** إِلاالحسينُ مُغَسَّلاً بِدِمَائِهِ
أبْكِي لَهُ أَمْ لِليَتَامَي حَوْلَهُ *** أَمْ لِلجَوَادِ أَنُوحُ أَمْ لِنِسَائِهِ
أَمْ أَسْكُبُ الدَّمْعَ الْمَصُونَ لِفِتْيَةٍ *** عَافُوا الحَيَاةَ وَ طِيبَها لِفِدَائِهِ
فَكَأَنَّهُ طَوْدٌ هَوَي وَ كَأَنَّهُمْ *** أَعْجَازُ نَخْلٍ جُثَّمٌ بِفِنَائِهِ(2)
يا عينُ سُحّي للغَرِيبِ و اسْكُبِي *** وَ تَعَوَّدِي سَهَرَ الدُّجَي لِنِعَائِهِ(3)
وَ ابْكِي لِزَيْنَبَ إِذْ رَأَتْهُ مُجَندَّلاً *** فَوْقَ الصَّعِيدِ مُعَفَّراً بِدِمَائِهِ
عُرْيَانَ مَبْتُولَ الجَبِينِ مُجَرَّحاً *** واحَسْرَتَاهُ لِقتلِهِ وَ عَرَائِهِ(4)
لَهُفِي لَهُ وَ الشَّمْرُ يَقْطَعُ رَأْسَهُ *** وَ خُيولُهُمْ تَجْرِي عَلي أَعْضَائِهِ
وَ المُهْرُ يَنْدُبُهُ وَ يَلْثِمُ نَحْرَهُ *** وَ يَقُولُ عَارِي السَّرْج في بَيْدَائِهِ
قُتِل الحسينُ وَ سُبْيَتْ نِسْوَاتُهُ *** وَ غَداً يُبَاحُ الْمُحْتَمِي بِحِمَائِهِ
فَلأَبْكِيَنَّكَ يَا بْنَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ *** حَتَّي يَذُوبَ القَلْبُ عن أَفضَائِهِ
وَيَزِيدُنِي حُزْناً وَ يُسْهِرُ مُقْلَتِي *** خَبَرٌ رَوَي الصُّدُّوقُ مِنْ رُوّائِهِ
إسْنَادُهُ عَنْ ابْنِ عباس التَّقي *** أكْرِمُ بهِ وَ بِزُهْدِهِ وَ تُقائِهِ
قَالَ: اجْتَمَعْنَا وَ النَّبِيُّ جَلِيسُنَا *** وَ شُعَاعُهُ يَعْلُو عَلَي جُلَسَائِهِ
قَدْ طُيِّبَتْ كُلُّ البِقَاعِ بِطِيبِهِ *** وَ تَلامَعَتْ حِيطَانُها بِضِيَائِهِ
في غِبْطَةٍ بِالقُرْبِ منهُ فَبَيْنَمَا *** بَعْضُ يُهَنِّيءُ بَعْضَنَا بِوِلائِهِ(5)
ص: 423
فَإذا بِسِبْطَيْهِ الكِرَامِ وَكَفَّ ذا *** في كَفَّ ذا يُسْرَاهُ في يُمْنَائِهِ
وَ هُما يَجُرّانِ الذُّيُولَ غَوَافِلاً *** كُلٌّ يَصُولُ بِجِدِّه وإبَائِهِ
فَرآهُمَا الهادي النَّبِيُّ بِنِعْمَةٍ *** فَتَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ مِنْ صُعَدَائِهِ(1)
فَتَظَاهَرَتْ زَفَراتُهُ وَ تَحَادَرَتْ *** عَبَرَاتُهُ سَحْاً لِعُظمِ بَلائِهِ(2)
حُزناً وَ قَالَ بحُرْقَةٍ وَ كَابَةٍ *** وَ دُمُوعُهُ كَالسَّيْل في إِجْرَائِهِ
يَعْرُزُ عَلَيَّ وَ مَنْ تَوَالي مِلَّتِي *** مِنْ كُلِّ بَرِّ ماحِضِ بِوِلاَئِهِ(3)
ما يَلْقِيَانِ مِنَ الإِهَانَةِ وَ الأَذَي *** بَعْدِي وَ قَلْبِي وَ الِهُ بِشَجَائِهِ
فَدَعَاهُمَا فَتَسَاقَطا في حِجْرِهِ *** فَرَحاً بِهِ وَ لَذادَةٌ بِلِقَائِهِ
فَتَرَشَّفَ الحَسَنَ الزكي وَ ضَمَّهُ *** مُتَرَشِّفَ الشَّفَتَيْنِ لَثْمَ لَمَائِهِ(4)
و أتي إلي نَحْرِ الحُسَيْنِ وَ شَمَّهُ *** وَ الدَّمْعُ يَسْقِيهِ بِسَاكِبٍ مَائِهِ
فَبَكَي الحسينُ وَسَرَّهَا فِي نَفْسِهِ *** وَ غَدا يُهَرُولُ مُسْرِعاً بِخُطَائِهِ
نَحْوَ الْبَتُولِ فَسَاءَها مَا سَاءَهُ *** فَاسْتَعْبَرَتْ وَ تَحَسَّرَتْ لِبُكَائِهِ
فَاتَتْ تُقَبِّلُهُ وَ تَمْسَحُ دَمْعَهُ *** وَ دُمُوعُهَا كَالغَيْثِ فِي إِهْمَائِهِ(5)
وَ تَقُولُ و العَبَرَاتُ تَسْبِقُ نُطقَهَا *** يَا مَنْ حَيَاتِي أُرْدِفَتْ بِبَقَانِهِ
ماذا الّذي يُبْكِيكَ يا مَنْ حُبُّهُ *** في القلبِ مُشْتَمِلٌ علي إِفْصَائِهِ؟(6)
قَالَ الحُسَيْنُ: كَأَنَّ جَدِّي مَلَّنِي *** ما كُنْتُ قبلُ مُعَوَّداً لِجَفَائِهِ
جِئْنَا أَنَا وَ أَخِي إِلَيْهِ نَزُورُهُ *** فَدَعَا الزَّكِيَّ وَ شَمَّهُ في فَائِهِ
وَ أَتَي إلي نَحْرِي وَ أَعْرَضَ عَنْ فَمِي *** إِعْرَاضَ مَنْ أَبْدَي عَظِيمَ جَفَائِهِ
ص: 424
وَ أَنَا أَظُنُّ بِأَنَّ ما فِيَّ لَمِنْ *** شَيْءٍ يَخَافُ الجَدُّ مِنْ لُقْيَانِهِ
فَتَخَمَّرَتْ سِتُ النِّسَاءِ وَ يَمَّمَتْ *** نَحْوَ النَّبِيِّ شَجِيَّةٌ لِشَجَائِهِ(1)
في الذِّيل عائِرَةً وَ مَعْهَا إِبْنُهَا *** فَرَآهُمَا المُخْتَارُ وَسُطَ خِبَائِهِ
يَبْكُونَ قَالَ لَهُمْ فَمَا هذَا البُكا *** يا صَفْوَةَ الرَّحْمَنِ مِنْ خُلَصَائِهِ
قَالَتْ حبيبي كيف تَكْسِرُ خَاطِرِي *** لِمَ لا تُقَبِّلُ شُبَّراً كأَخَالِهِ
قال النبيُّ لَها بِقَلْبِ مُوجَعِ *** سِرٍّ أَخافُ عَلَيْكِ مِنْ إِبْدَائِهِ
قَالتْ بِحَقِّكَ يا أَبَاهُ أَبِنْهُ لِي *** وَ بِحَقِّ مَنْ أُنْشِئْتُ في نَعْمَائِهِ
فَبَكَي وَ أَطْرَقَ سَاعَةٌ مُسْتَرْجِعاً *** وَ الدَّمْعُ يَسْقِيهِ بِسَاكِبِ مَائِهِ
فَتَعَاهَدَتْهُ فَقَالَ رَبِّي عَالِمٌ *** وَ الكُلُّ في تَدْبِيرِهِ وَ قَضَائِهِ
أَمَّا تَرَشْفُ شُبَّرِ في فيهِ قَدْ *** ظُلْماً يَذُوقُ السُّمَّ مِنْ أَعْدَائِهِ
وَ تَرَشُّفِي نَحْرَ الحسينِ فَإِنَّهُ *** بِالسيفِ يُنْحَرُ نَازِخاً بِظِمَائِهِ(2)
فَجَعَلْتُ أَلْئِمُ ذا بموضعِ سُمِّهِ *** وَ أَشمُّ ذَا فِي نَحْرِهِ لأَذَائِهِ(3)
فَتَحَسَّرَتْ سِتُّ النِسَاءِ بِحُرْقَةٍ *** أَسَفاً عَليهِ وَ لَوْعَةٌ لِعَزَائِهِ
فَأَتَتْ تُقَبلُهُ وَ تَلْثُّمُ نَحْرَهُ *** وَ الجَيْبُ قَدْ مَزَقَتْهُ عن أَقْصَائِهِ
يا قُرَّةَ العَيْنَيْنِ يا ثَمَرَةَ الحشا *** هَلْ في زَمَانِي أَمْ زَمَانِ آبَائِهِ
إِنْ كانَ في زَمَنِي أَقَمْتُ عَزَاءَهُ *** وَ صَبَعْتُ ثَوْبِي مِنْ نَجِيعِ دَمَائِهِ(4)
وَ نَشَرْتُ شَعْرِي فَوْقَ كِتْفِي شامِلاً *** وَ نَدَبْتُهُ يا أَبَ في يُتْمَائِهِ
قالَ النَّبِيُّ إِذَا مَضَيْنَا كُلُّنَا *** دار المنونِ عليهِ قُطبَ رَحَائِهِ
بئسَ الزمَانُ وَ مَنْ تَوَلَّي أَمْرَهُ *** فَالغَوْثُ كُلُّ الغَوْثِ مِنْ وِلائِهِ
ص: 425
قَالَتْ بِأَيِّ الْأَرْضِ يُقْطَعُ رَأْسُهُ *** وَ بِأَيِّ شَهْرٍ كَانَ كَوْنُ فَنَائِهِ
قَالَ النَّبِيُّ يَكُونُ ذَا بِمُحَرَّمٍ *** فِي يَوْمِ عَاشُورا شَنِيعُ نِعَائِهِ
وَ يَكُونُ مَصْرَعُهُ المَهُولُ بِكَرْبَلاً *** وَ مَصَارِعُ الأَنْصَارِ فِي صَحْرَائِهِ
قَالَتْ غَرِيباً؟ قَالَ أَعْظَمُ غُرْبَةً *** قَالَتْ وَحِيداً؟ قَالَ مِنْ نُصَرَائِهِ
فَبَكَتْ وَ قَالَتْ واشَمَاتَةَ حَاسِدِي *** واصَفْوَةَ الجَبَّارِ مِنْ خُلَصَائِهِ
مَنْ ذا يُغَسْلُهُ وَ يَحْمِلُ نَعْشَهُ *** مَنْ ذَا يُوَارِي جِسْمَهُ بِثَرَائِهِ
مَنْ يَكْفُلُ الأَيْتَامَ بَعْدَ وَفَاتِهِ *** مَنْ ذايُقِيمُ ماتماً لِعَزَائِهِ
فَبَكَي الحُسَيْنُ وَ قَالَ رُزْئِي فَادِحٌ *** فَتَصَارَخُوا أَهْلُ العَبا لِبُكَائِهِ
فَأَتَي الأَمِينُ إلي الأَمِينِ يَقُولُ قَدْ *** أَوْحَي إِلهُ العَرْشِ في أَنْحَائِهِ
أنْ قُلْ لِسَيّدِةِ النِّسَاءِ بِأَنَّنِي *** أُنْشِي كِرَاماً شيعةً لِعَزَائِهِ
النَّاهِضِينَ إلي منازلِ كَرْبَلا *** الخَائِضِينَ غُبَارَهَا لِهَوَائِهِ
السَّاكِبينَ دُمُوعَهُمْ لِمُصَابِهِ *** المُظْهِرِينَ الحُزنَ عَنْ أَقْصَائِهِ
يَتَوَالَدُونَ فَيَنْسِلُونَ أَطايباً *** حَتَّي يَصِيرَ الحقُّ في ولائِهِ
وَ يَقُومَ قَائِمُ آل بيت مُحَمَّدٍ *** وَ يَطِيرَ طيرُ النَّصْرِ فَوْقَ لِوَائِهِ
قَالَ الحُسَيْنُ فَمَا يَكُونُ جَزَاؤُهُمْ *** عِنْدَ الإِلَهِ غَدَاةَ يَوْمِ جَزَائِهِ؟
قَالَ النَّبِيُّ أَنَا أَكُونُ شَفِيعَهُمْ *** وَ أُجِيبُ كُلاً مِنْهُم بِنِدَائِهِ
قَالَ الوَصِيُّ أَنَا الَّذِي أَسْقِيهِمُ *** يَوْماً يَفِرُّ المَرْهُ مِنْ أَبْنَائِهِ
قَالَتْ حَبيبَةُ أَحْمَدٍ فَوَحَقِّ مَنْ *** رُبِّيتُ مُذْ أُنْشِئْتُ في نَعْمَائِهِ
فَلأَندِبَنَّ وَ شَعْرُ رَأْسِيَ نَاشِرٌ *** وَ الجَيْبُ مَمْزُوقٌ إِلي أَقْصَائِهِ
حَتَّي يُشَفْعَنِي إِلهِي فِيهِمُ *** وَ يَمُدَّ كلاً مِنْهُمُ بِرِضَائِهِ
قَالَ الحُسَيْنُ وَ حَقٌّ مَنْ خَلَقَ الوَرَي *** طَراً وَ سَقَّفَ أَرْضَهُ بِسَمَائِهِ
لاأَدْخُلُ الجَنّاتِ حَتَّي يَدْخُلُوا *** وَ اللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَا بِهدَائِهِ
يا أَيُّهَا الرُّوَّارُ مَشْهَدَ كَرْبَلا *** كُلُّ يُقَصِّرُ مِنْكُمُ لِخَطَائِهِ
فَلِكُلِّ عَبْدِ حَجَّةٌ مَبرورةٌ *** فِي كُلِّ مَا يَخْطُوهُ مِنْ مَسْعَائِهِ
ص: 426
وَ لَكُمْ بِمَا أَنْفَقْتُمُ مِنْ دِرْهَم *** في جُنَّةٍ حرصاً علي إيتائِهِ
في جَنَّةِ الفردوس ألفُ مدينةٍ *** في قصْرِهَا الإِعْلَائِهِ
وَ لِمَنْ بَكَاهُ تَفَجُعاً لِمُصَابِهِ *** وَ تَأَسْفاً بالحُزْنِ عَنْ أَقصائِهِ
في الحَشْرِ قَصْرٌ لا يُقَاسُ عُلُوُّهُ *** دُرِّ وَ مَرْجَانُ بِحُسْنِ جَزَائِهِ
وَ جَمِيعُ أَمْلاكِ السَّمَا يَسْتَغْفِرُوان *** لَكُمْ وَ مِنْ ظِلَّ لَكُمْ بِسَمَائِهِ
يَا رَبِّ مُدَّ الدرمكيَّ بِسُوْلِهِ *** عَجَلاً وَ بَلْعُهُ جميل رَجَائِهِ
صَلّي الإله علي النبيِّ مُحَمَّدٍ *** و علي الكِرامِ الغُرِّ من أَبْنَائِهِ
الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ مِنَ الخَنَاسُفُنِ *** النَّجَاةِ لِمَنْ حَظي بولائِهِ(1)
ص: 427
(بحر الكامل)
المهندسة كوثر شاهين
أَيْقِظَ أيقظ حُرُوفَ الشَّعْرِ ذاكَ وَلائِي *** لِلْمُصْطَفَي الهادِي غَدِي وَ رَجائِي
في مَوْلِدِ الزَّهْراءِ جِئْتُ مُصَلَّياً *** أَدْعُو بِحَرْفِ الخالِقِ المِعطاءِ
(إِنَّا) يَقُولُ اللهُ في تَنْزِيلِهِ *** بالحرف: (أعطيناك) من لألاءِ
نُوراً تَجِدْهُ بفاطم مُحَمَّدٌ *** (بالكوثر) الظُّهْرِ الهُدَي لِلرَّائِي(1)
سبطاكَ خَيْرُ الخَلْقِ بين مَلائِكَ *** في جَنَّةٍ مِنْ خِيرَةِ الأَبْناءِ
وَ أَبُوهُما نُورٌ لفاطِمَ مُذْحَبا *** في حِجْرِك المشفُوعِ بالأَعباءِ
نُورانِ في رَأْسٍ لآدمَ ثُمَّ في *** جَدٌ أرادَ النَّذْرَ بالإيفاءِ
نذراً كإسماعيل يَفْدِي قَلْبَهُ *** مِئةٌ تُنِيخُ بقاحِلِ الصَّحْراءِ(2)
و يَعُودُ عبد اللهِ يَحْمِلُ (نُورَهُ) *** وَ أَخُوهُ عَمُّكَ جاهزاً بِنِداءِ
وَ الكَعْبَةُ الزَّهْرَاءُ تَشْهَدُ مَوْلِداً *** لِلنُّورِ (صِنْؤُكَ) رائعاً بِعَلاءِ
سَمَاهُ رَبُّكَ بِالعَلي مُناجِياً *** وَ أَبا تُرابِ قُلْتَ بالإيلاءِ
فَهُوَ القَسِيمُ الحقِّ يَوْمَ المُلْتَقَي *** وَ هُوَ الوَصِيُّ العِلْمُ، بابُ وَلاءِ
ص: 428
زَوَّجْتَهُ الزَّهْراءَ تَحْنُو مِثْلَما *** أُمِّ رَؤُومٌ تَرْتَجِي بإباءِ(1)
وَ لِفَاطِمِ قُلْتَ: انْظُري خَيْرَ الأُلي *** مِنْ رَبِّ عَرْشِ ناظِرٍ بِسَماءِ
هذا أبوكِ اخْتارَهُ لِرِسالَةٍ *** وَ اخْتَارَ زَوْجَكِ حَامِيَ الفُقَراءِ(2)
وَ الدِّينِ و القُرآنِ والآي الذي *** قَدْ جاءَ جِبريلٌ بخير أداءِ
يا بَضْعَةَ المُختارِ يا أُمَّ الهُدَي *** يا أُمَّ زَيْنَبَ كَيْفَ لي وَ وَلائي؟(3)
لِلْعِترةِ الأَطْهارِ يَسْرِي في دَمِي *** أَخْنَط حَرْفاً و الدُّمُوعُ دِمائي
في (القف) في (أحْدٍ) و(مُؤْتَةً) أوبما *** لاقَيْتِهِ يَوْماً بظُلمِ بَلاءِ
ناديت يا أبتاهُ فَانْظُرْ نَحْوَنا *** وَ الأَرْضُ مادَتْ كُلُّها لِنِداءِ(4)
وَ المُحْسِنُ المَعْصَومُ مَنْ سَمَّاهُ في *** رَحِم حَبيبُ اللَّهِ في العَلْياءِ
أَجْهَضْتِ وَاوَيْلاهُ مِنْ ظُلْمٍ سَرَي *** وَ النَّارُ حَوْلَ الدَّارِ بالأَرْجاءِ(5)
فَبَكَتْ سَماءٌ وَ الشُّعَابُ وَ مَا بِها *** أَلَماً لِصَوْتِ نِدَائِكِ البَكَاءِ
كَالطَّيْرِ مَجْرُوحاً غَدَتْ زَهْراؤُنَا *** بِفَجِيعَتَين تلاقَتا وَعَناءِ
ص: 429
مَوْتِ النَّبِيِّ بِبَيْتِ أَحْزَانٍ غَدَتْ *** وَ فَجِيعَةِ الخِذْلانِ بَعْدَ وَلاءِ(1)
وَ الُوهُ قال محمدٌ لِمَنِ ابْتَغَي *** نُورَ الجِنانِ فَحُبُّهُ إحْيائِي
و المُبْغِضُونَ لَهُمْ جَهَنَّمُ مَوْئِلاً *** و اللَّهُ يُبْغِضُهُمْ بِكُلِّ قَضاءِ
وَ عْشَاءَ دَرْبٍ كَمْ خَطَوْتِ سَبِيلَها(2) *** وَ وَرِثْتِ نُورَ النُّور و الآباءِ
كي تُفْر عين الحَقَّ في السِّبْطَيْنِ في *** أُمِّ المَصائِبِ زَيْنَبٍ لَيْلاءِ
سَمَّاكِ سَيِّدةَ النِّساءِ طَهُورَةٌ *** زَهْراءُ أَنْتِ مَحَجَّتِي و رجائي(3) (4)
ص: 430
(بحر الخفيف)
الحاج محمد آل رمضان الأحسائي
صِلَةُ الأَرْضِ ضُوعِفَتْ بِالسَّماءِ*** أَمْ هِيَ الأَرْضُ مَصْدَرُالأَضْوَاءِ
أَمْ جِنَانُ الخُلُودِ أُزْلِفَتِ الْيَوْمَ *** بِزَهْو الأَضْوَاءِ وَ الأَشْداءِ(1)
أَمْ تَجَلَّي الإِلَهُ بِالرَّحْمَةِ الْكُبْرَي *** وَ هذَي مَبَاهِجُ الأَحْبَاءِ(2)
وَ إِذَا بِاسْمِهِ الرَّحِيمِ تَجَلَّي*** فَجَمَالُ الْخَصْرَا عَلَي الْغَبْرَاءِ
كُلُّ هَذَا بَدَا وَفِي مَهْبِطِ الْوَحي *** ابْتِهَاجُ بِمَوْلِدِ الزَّهْرَاءِ
دَوْحَةُ النُّورِ فِي مَخَاضٍ عَلَي الأَرْضِ*** بِأَرْضِ الوِلايَةِ العَصْمَاءِ
أَزِفَتْ ساعَةُ اللقاءِ وَقَرَّتْ ***عَيْنُ خَيْرِ الْوَرَي بِخَيْرِ النِّساءِ(3)
وَ عَلاَ البِشْرُ وَجْهَ خَيْرِ النَّبِيِّي *** بِمَرْأَي الْبَتُولَةِ الْعَذْرَاءِ
وَ إِذَا افْتَرَّ ثَغْرُطهَ سُرُوراً *** عَمَرَ الْبِشْرُ سَائِرَ الأَشْيَاءِ
أَذِنَ اللَّهُ بِاللَّقَاءِ وَجَاءَتْ ***صِلَةُ الأَوْصِيَاءِ بِالأَنْبِيَاءِ
وَ قَرِيباً يَبْدُو إِذَا مَرَجَ الْبَحْريْنِ *** لِلنَّاسِ لُؤلُؤُ الأَصْفِيَاءِ(4)
وَ بِسِبْطَيْ خَيْرِ النَّبِيِّينَ يَغْدُو*** خَمْسَةٌ فِي الْوُجُودِ أَهلَ الْكِسَاءِ
ص: 431
وَ يُضِيءُ الْوُجُودَ سِلْسِلَةُ النُّورِ *** وَ تَجْلُو غَيَاهِبُ الظَّلْمَاءِ(1)
إِنَّهُ الْبَيْتُ فِي تَكَامُلِ أَهْلِيهِ *** كَمَالُ الشَّرِيعَةِ السَّمْحَاءِ
وَ عَلَي الأَرْضِ لِلنُّبُوَّةِ دَوْرٌ *** سَتَلِيهِ وِلايَةُ الأَوْلِيَاءِ
غُرِسَ الدَّينُ بِالنَّبِيِّ عَلَي الأَرْضِ *** وَ يُرْعَي بِآلِهِ النُّقَبَاءِ(2)
بِعَلِيَّ وَ وُلدِهِ سِبْطَي الرحْمَةِ *** يُرْعَي وَ التَّسْعَةِ الْعُصَمَاءِ
وَ عَلَي النَّاسِ حُجَّةُ اللَّهِ تَمَّتْ *** بِقِيَامِ الْحُّفَّاظِ وَ الأُمَنَاءِ
كَمٌلَ الدَّينُ بِالْوَصِيَّةِ وَالنِّعْمَةُ *** تَمَّتْ بِسَيِّدِ الأَوْصِياءِ
وَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ قَدْ رَضِيَ *** الإِسْلَامَ عَيْناً بِالْبَيْعَةِ الْعَصْمَاءِ(3)
هِيَ للإِعْتِصَامِ بِاللَّهِ حَبْلٌ *** عِصْمَةًمِنْ عِبَادَةِ الأَهْوَاءِ
بَبْعَةُ الأَمْنِ وَ الأَمَانِ مِنَ الْفُرْقَةِ *** وَ الْخَيْرُ فِي اخْتِيَارِ السَّمَاءِ
فَهَنِيئاً لِلْمُؤْمِنِينَ جَمِيعاً *** بالرَّضا و الكَمَالِ وَ النَّعْمَاءِ
ص: 432
(بحر الخفيف)
الشيخ محمد جواد المطر (*)(1)
أسعِفيني بقيضكِ المعطّاءِ *** إِنَّهُ سُلَّمي إلي العليَاءِ
قَدرَسَا مركَبِي علي شَطّكِ إلّا *** مِنِ سَاقَتْهُ عَاصِفَاتُ وَلائِي
فَامنيحني إذْنَ اللجُوءِ وَجُودِي ***بِهِبَاتٍ قُدسيّةِ الأرجَاءِ
وَ هَبِيني عِنَايَةً يَرتَعُ الفِكرُ بِرو*** ضَاتِهَا شَذا الإريحاءِ
وَ اعصَميني مِنَ العِثَارِ(2) فَفيهِ *** عَثرَ الجَمُّ من مَطَا الشُّعَرَاءِ
عَلَّ دِفقَاً مِنَ الوَلالَكِ مِنّي*** يَتَجلّي بهِ علَيكِ ثَنَائي
لَكِ يمُنُّ عَمُّ البَسيطةَ بِالإشراقِ *** نُوراً مُذْ شَعَّ بِالبطحَاءِ
وَ سَرَتْ في جِبالها الشُّمِّ أنغَامُ *** نَشيدٍ بِشَيْقِ الأنبَاءِ
وَ تَعَالَتْ مِنَ الحطيمِ(3) هُتافَاتُ *** عِنَاقٍ لِلكَعبَةِ العَصمَاءِ
ص: 433
صَافَحَ الركنُ زَمزماً وَبَدا*** البِشْرُضَحُوكاً علي مُحيَّا الماءِ
حِينَمَا الرُّوحُ سَاقَهُ أمْرُبَارِيهِ*** لِيَحلو سرَّ ابْتهاجِ السَّماءِ
بِتَهَانٍ رَفَّتْ علي المصطفي*** المختَارِ يُمناً بالمولدِ اللأ لائي فاسْتَهلَّتْ أفراحُهُ نَاطِقَاتٍ*** وَطَوَتْ غيمَةً مِنَ الإعيَاءِ
وَاستَثارَتْ كَوامِنَ البَهجَةِ الكُبري*** فَلاحَتْ بالطَّلعَةِ الغَرَّاءِ
أبشِرِي يَا خَديجةَ الخَيرِ قَدجِئتِ*** بِها قُدوَةٌ لخيرِ النِّسَاءِ
فَهِيَ البضعَةُ البتُولُ وَمِنْها*** حَاملو مشعَلِ الهُدي الوَضَّاءِ
يا إبنة النُّورِ يَا سَليلَةَ إصلاح*** بِهِ تَمَّ منهَجُ الأنبِيَاءِ
لَكِ غَرسٌ مِنَ العَفَافِ عَبوقُ*** الزَّهرِ مِعطاءُ وَارفُ الأفيَاءِ
وَمَعينٌ مِنَ الكَرامَةِ وَالقُدسِ*** وَفَوقٌ بَالعزَّةِ القَعسَاءِ
وَبِنَاءٌ أساسُهُ الظُّهْرَ في الناس*** متينُ التَّصميمِ والإنشَاءِ
كُلّ مَا زانَ مِنْ أكاليل مجدٍ*** وَكَمَالٍ وَعَفَّةٍ وَنَقَاءِ
طعنتهُ حُرّيّةُ حَتَّي*** عَادمما بهِ نَزيفُ الدّمَاءِ
وإذا مَنْ كَسَيتها الظُّهرَ بِالأمسِ*** وَنزّهتِهَا عَنِ الارتمَاءِ
أرخَصَتْ تلكُمُ الكَرامَةَ بِالز يفِ*** وَأبَتْ مَخْمورةَ الآراءِ
جَرَّدتهَا كَفُّ التَبرُّجِ أغلَي*** زينَةٍ مُذْ سَمَتْ بِتَاج الحيَاءِ
حَسِبَتْ عَرضَها المفَاتِنَ لِلإغرا*** رُقيّاً إلي الذُّري الشَّقَاءِ
فَتَهَاوَتْ عَقيبَ عِزَّةِ دِينِ اللَّهِ*** وَالصَّونِ في حَضيضِ الشَّقَاء
هكذا قَد أُضيَ جُهدُكِ يَا مَهْرَاءُ*** إلاَّ لَدي فَتَاةِ الإِبَاءِ
لجأتْ تِلكَ للقضا فَحَماهَا *** و استظلّتْ بِالشرعَةِ السَّمحَاءِ
لم يُزعزع إيمانَهَا الصَّلدَ(1) *** أبواقُ نَعِيقٍ لِطُعَمَةٍ عَميَاءِ
لم يَرُقُها سَفَاسِفٌ(2) غَلَفُوهَا *** بِغِلافِ الحضارَةِ الشَّوهَاءِ
ص: 434
435
تَخذَتْ مطرَفَ الصَّلاح وِشَاحاً *** وَ تَردَّتْ مِنَ الهُدي برِدَاءِ
أَرْضَعَتْها الأمُّ الرؤوم ولاءّ *** و أبوها قد صَانَها بِوَلاءِ
غَذَّياها روحَ المكارم حتَّي *** تَوَّجَاهَا بِها جَلِيْلَ البَهَاءِ
رَسَّخا في فُؤَادِهَا الغَضُ دَرْساً *** خَالِداً مِنْ فَضَائِلٍ و عَلاءِ
علماهَا نَهْجَاً لفاطمة الطُّهْرِ *** و دَرْساً لزَيْنَب الحوراءِ
و صلاحُ الأبناءِ إنْ صَلُحَ الأصْلُ *** مِنَ الأمهاتِ و الآباءِ
ص: 435
اسفاً عَلَيْها قَدْ قَضَتْ أَيَّامَها *** بَعْدَ النَّبِيِّ بِغُصَّةٍ وَ شَجَاءِ
كَسَرُوا لَها ضِلْعاً بِهِ قَدْ كَسَّرُوا *** يَوْمَ الظُّفُوفِ أَضَالِعَ الأَبْناءِ(1)
فَبَنَتْ عَلَي مانَالَها بِأَنِينِها *** تُحْيِي اللَّيَالِ قَرِينَةَ الْوَرْقاءِ(2)
وَ لِقَبْرِ والدِها تَرُوحُ وَ تَشْتَكِي *** هَمَّ الْفُؤادِ وَ ما بِهِ مِنْ داءِ
وَ تَقُولُ: يا خَيْرَ الْعِبادِ سَجِيَّةً *** أَصْبَحْتُ لا أَقوَي عَلَي الأَرْزَاءِ
أبتاهُ مِيراثِي زَوَوْهُ وَ أَسْقَطُوا *** حَمْلِي وَ ها أَنَا قَدْ سَيْمْتُ بَقائِي(3)
إذ لا أَرَي أَجَلاً تَطُولُ سِنِينُهُ *** الأَكَسُمُ الْحَيَّةِ الرَّقْطاءِ
ص: 437
ما بَيْنَ قَوْمِ ما رَعَوْا مَنْ فِيهِمُ *** أَوْصَيْتَهُمْ يا أَشْرَفَ الآباءِ
هذَا ابْنُ عَمِّكَ وَ الْحَوادِثُ جَمَّةٌ *** أَمْسَتْ عَلَيْهِ وَكَانَ فِيهِ عَزائِي
إِنْ رَدَّهَا فِي صَبْرِهِ فَبِقَلْبِهِ ***مَا لَيْسَ يُطفَي حَرُّهُ بِالْماءِ
أبتاهُ لَوْ شاهَدْتَ ما عانَيْتُهُ *** مِمَّنْ عَدَوا وَ تَقَصَّدُوا إيذائي
لَبَكَتْ دماً عَيْناكَ لِي وَ تَتَابَعَتْ *** حَسَراتُ قَلْبِكَ مِنْ عَظِيمِ بَلائِي
جِسْمِي ذَوَي، رُكْنِي هَوَي، قَلْبِي حَوَي *** أَلَماً يُهَدِّدُنِي بِقُرْبِ فَنائِي(1)
لَمْ يَبْقَ مِنْ شَيْءٍ يُهَيِّجُ لَوْعَتِي *** إِلأَوَقَامَ بِفِعْلِهِ أَعْدَائِي
قَدْ حَاوَلُوا مَنْعِي البُكَاءَ بِزَعْمِهِمْ *** يُؤذِيهِمُ حَنِّي وَ شَجوُ نِدائي(2)
حَتَّي بُكايَ عَلَيْكَ رامُوا(3) قَطعَهُ *** مِنِّي وَ هذا أَبْسَط الأشياءِ
وَ لِبَيْتِ أَحْزَانِي الْبَعِيدِ تَوَجَّهُوا *** بِمَعاوِلٍ وَاسَتْهُ لِلْغَبراءِ(4)
وَ تَعَمَّدُوا قَطعَ الأَراكَةِ عُنْوَةٌ *** ظُلْماً وَ ذا أَمْرٌ يُثيرُ شَجائِي(5)
فَبَقِيتُ لابيتاً و لاظلاً وَ لا *** مِنْ طاقَةٍ عِنْدِي لِحَمل ردائِي
فَعَلَيْكَ أَلفُ تَحِيَّةٍ وَ تَحِيَّةٍ *** حَتَّي يَحِينَ إِلَي الْجَلِيلِ لِقائِي(6)
ص: 438
ص: 439
ص: 440
تَبْهَرُ الكَوْنَ من سَناكِ ذُكَاءُ*** وَلِعالي بِناكِ تَعْلُو السَّماءُ
فاطِمَ الظُّهْرِ يا سنايا ابنةَ المُخْتار*** مِنْ نُورِكِ اسْتَفادَ الضّياءُ
كَوْكَبَ الصُّبحِ قد أَلَقتِ بنِاءً*** لا يُجارِيكِ كَوْكَبٌ وَضَاءُ(1)
أَنْتِ بَحْرُ النَّدَي وَمَنْبَعُ فَضْلٍ*** مِنْ نَداهُ تُسْتَمْطَرُ الأَنْواءُ(2)
قالَ طَةَ بأنَّ فاطِمَ بَضْعُ*** مِن فُؤادِي، وإنها الزَّهْراءُ
وَرِضاها رِضَي الإِلَهِ تَعالي*** وَأَذاها لِرَبِّها إيذاءُ(3)
ص: 442
أنتِ بِنْتُ الرَّسُولِ زَوْجُ عَلِيَّ *** وَ بَنُوكِ الأَئِمَّةُ الأمَناءُ
قد أَبَانَ النَّبِيُّ فَضْلَكِ إِذْما *** خاطِباً، جاءَ نَحْوَهُ الكُبَراءُ
(هَل أَتَي) فيكُمُ أَتَتْ مِنْ إله العَرْشِ*** ما طأُطَأَتْ لَهُ العُظَمَاءُ
أَنْتِ قُطْبُ المُطَهَّرِينَ جَمِيعاً *** حِينَما لَفَّكُمْ فَخاراً،كساءُ(1)
وَدَعاكِ الرَّسُولُ حِينَ أَتاهُ *** مِنْ نَصَارَي، مُباهِلِينَ غُثَاءُ(2)
ص: 443
لَكِ في (إِنَّما) الطَّهارةُ لكِنْ *** لَهُما في (تظاهرا) إِزْراءُ(1)
صَلَوَاتُ البارِي عَلَيْكِ دواماً *** وَ سَلامٌ مِنْ عِندِهِ وَ ثَناءُ
ص: 444
لأَهْلِ الأَرْضِ فَاقَتْ وَ السَّماءِ*** فَخُصَّتْ بِاسْمِ سَيِّدَةِ النّساءِ
وَ أَيْدِي النُّسْكِ ثَوْبَ تُفَّي كَسَتْها *** فَعادَتْ وَ هُيَ خامِسَةُ الكِساءِ(1)
لَها أعلاقُ يُثني كُلَّ حينٍ*** فَما بِثَناكَ تَصْنَعُ أَوْ ثَنائِي(2)
بِخِدْمَتِها الْمَلائِكُ قَدْ تَبَاهَتْ *** فَخِدْ ماتُ الوَرَي تِلْوَ الهباءِ
وَمَنْ في الذِّكْرِ مِدْحَتُها اسْتَقَلَّتْ *** فَخَيْرُ المَدْحِ فِيها كالهَبَاءِ
لَها لَمْ تُدْرِكِ القُرَباءُ مَعْنًي *** فَأَنَّي عِلْمُهُ للأَقْصِياءِ(3)
ص: 446
فَسَلْ سَلْمَانَ عَنْها كَمْ رَأَي مِنْ *** مَنَاقِبُ لَهْيَ آيُّ الأَنْبِياءِ(1)
وَ عَنْها أُمَّ أَيْمَنَ سَلْ فَكَمْ قَدْ *** رَأَتْ مِنْ آيَةٍ وَ هُدَي سَناءِ(2)
فَمِنَ مَهْدٍ يَهُزُّ بِغَيْرِ كَفِّ *** وَ كَفِّ مُدَّ عَنْها بِالدُّعاءِ
وَ كَفِّ تَطْحَنُ البُرَّ اقتِداءً *** بِمَنْ هِيَ خَيْرُ أَهْل الإقْتِداءِ(3)
وَ سَلْ آيَ الكِتابِ فَكَمْ وَفتْها *** بِما هِيَ نَسْتَحِقُّ مِنَ الْوَفاءِ
وَ هَلْ خُصَّتْ بِشُكْرِ السَّعيِ إلاَّ *** صِيامُ ثَلاثَةٍ رُفِقَتْ بِماءِ
وَ هَلْ في (هَلْ أَتَي)الجَبَّارُ أَثْنَي *** لِغَيْرِ مَنِ احْتَوَوا جُمَلَ الثَّناءِ(4)
وَ هَلْ عَرَفتْ لِهذا الْفَضْلِ شَأْناً *** جُفاةٌ جَاهَرُوهُمْ بِالعِداءِ
لقَدْ أَدَّوا لأَحْمَدَ مَا اقْتَضاهُمْ *** عَلَي أَجْرِ الرِّسالَةِ مِنْ جَزاءِ
فَنَادَي: لاأُرِيدُ عَلَيْهِ أَجْراً *** سِوَي خَيْرٍ مَوَدَّةُ أَقْرِبائِي(5)
بِأَنْ لَمْ يَتْرُكوا لِذَوِيهِ حَقَّاً *** فَما اغتصبوه حَسْواً في ارْتِقاءِ(6)
فَمَنْ مِنْ بَعْدِهِ بِالْحُكْمِ أَوْصَي *** لَهُ وَ أقامَهُ عَلَمَ الوِلاءِ
ص: 447
نَفَوْهُ عَنْ ولايتِهِ و سامُوهُ *** أَنْ يَرْضَي بِحُكْمِ الإِعْتِداءِ(1)
وَ بَضْعَتُهُ الَّتِي مازالَ يُوصِي *** بِها بِالْحِفْظِ دونَ رَياءِ
سَقَوْها مِنْ كُؤُوسِ الظُّلْمِ ما *** لايَقُومُ بِحَمْلِهِ أَعْلَي حِراءِ(2)
فَحَتَّي إِرثَها مُنِعَتْ عِناداً *** وَ مِنْ نَدْبٍ عَلَيْهِ وَ مِنْ بُكاءِ
وَ كانَتْ لافْتِجاعٍ فِيهِ ثَكْلي*** فَعَزَّوْهَا بِهِ خَيْرَ الْعَزاءِ!
أحاطُوا بَيْتَها جزلاً وَ هَمُّوا *** بِنارِ الجَزْل حَرْقاً لِلْفِناءِ(3)
وَ لَمّا أَنْ أَتَتْ لِلْبابِ فَتْحاً *** لِتُبْصِرَ ما يُرِيدُ أُولُو الشَّقاءِ
إِذَا هُمْ يَهْجُمُونَ بِغَيْرِ إِذْنٍ *** عَلَيْها وَ هْيَ حَسْرَي عَنْ رِداءِ
فَرامَتْ عَنْهُمُ بِالبابِ سِتْراً *** فَنالُوها بِهِ شَرَّ البَلاءِ
بِضَغْطٍ نالَ مِنْهُ الصَّدْرُ رَضَاً *** وَ أُسْقِطَ حَمْلُها خَلْفَ البِناءِ(4)
ص: 448
وَ جُرَّ الْمُرْتَضَي بِالْحَبْلِ صَبْراً *** فَهَوَّنَ مَا احْتَسَتْهُ مِنَ البَلاءِ
وَ لَمْ تَسْطِعْ جُلُوساً دُونَ أَنْ قَدْ*** سَعَتْ فِي رَدُّهِ بَيْنَ النِّساءِ
تُنادِي القَوْمَ خَلُّوا الْمُرْتَضَي أَوْ *** رَفَعْتُ يَدِي عَلَيْكُمْ بِالدُّعَاءِ
فَماعَطَفُوا لَها إِلاّ بِسَوْطٍ *** تُقَنِّعُها بِهِ أَيْدِي الجَفاءِ
فَما وَهَنُوا بِهِ حَتَّي كَسَوْها *** كِسا سُقْم تَعاضَلَ عَنْ شِفاءِ(1)
وَمِنْهُ أُلْقِيَتْ فِي الفَرْشِ نِضْواً *** تُكابِدُ كُلَّ ذِي كَمَدٍ وَداءِ(2)
فَلا تَهْدا مِنَ الآلامِ سُقْماً *** وَ لا فَقْد أَقَلَّ مِنَ الْبُكاءِ(3)
يُقاسِي قَلْبُها سُمَّيْنِ: سُمّاً *** لِفَقْدِ أَبِ، وَسُمّاً مِنْ جَفاءِ
وَ يَصْلَي جِسْمُها ضَرْباً وَ ضَعْفاً *** وَ ضَغْطاً مُسْقِطاً حَمْلَ النَّماءِ
فَعاشَتْ وَ هْيَ ثَكْلَي فِي اهْتِضَامِ *** وَ ماتَتْ وَ هْيَ حَرَّي في اصْطِلاءِ(4)
قَضَتْ فِي النُّسِكِ طُولَ العُمْرِحَتَّي *** قَضَتْ بِسُجُودِها نَحْبَ البَقاءِ(5)
بِنَفْسِي مَنْ بِذِكْرِ اللَّهِ تَقْضِي *** جَمِيعَ حَياتِها الفَخْرَ النَّهائي
ص: 449
(بحر الكامل)
الحاج محمد علي الحاج حسين (*)(1)
هذه القصيدة في (رثاء الزهراء «سلام الله عليها»)بنت النبي المصطفي صلي الله عليه و آله و سلم تنبعث من قلب ذاب من غصص الرزايا التي جرت عليها. و هي البضعة الطاهرة عليها السلام. سيّدة نساء العالمين. فاطمة عليها السلام. أم أبيها:
غُصص المصائب ألهبت أحشائي *** فأشرتُ نحوكَ سيّد الشهداء
إن كنت أنت أبَا الرَّزايا كُلّها *** قتلاً و نهباً ثمّ سَبي نِساءِ
فالأمُّ في تلك الفواجِع فاطمٌ *** عانّت صنوف الظُّلم و الإيذَاءِ
إنّي جريحُ القَلب تنزفُ مُقلتي *** و أقولُ في ذكري البتولِ رثائي
أولم تكنِ بنتُ النبيِّ المُصطفي *** أُمّاً له في أصدقِ الأنباءِ؟
ص: 450
و خليلة الضرغامِ حيدرةَ الّذي *** أفني جُموعَ عساكرِ الأعداءِ
زهراءُ سيدةُ النساء رضيّة *** حوراءُ طاهرةُ من الأرداءِ(1)
و هي التقيّةُ و البتولُ زكيّةٌ *** صديقةُ مرضيّةُ الآراءِ
هي نورُه مَشكاةِ الهُدي و سراجُها *** هي مركزُ الإشعاعِ و الأضواءِ
من نورِها تبدُو البدوُر منيرةً *** منها الشَّمُوسُ تشعُّ في الأرجاءِ
فجلالُهَا و بهاؤُها و كمالُها *** عكستْ جلالَ اللَّهِ ذي الآلاءِ
إنّ السّخاوةَ قد غَدتْ بمذلّةٍ *** تحنُوأمامَ نوَالِها المِعطاءِ
***
في الذّكر آياتٌ تنصُّ بشأنها *** و بفضلِها بالمدح و الإطراءِ
عُنيتْ بآيةِ قل تعالَوْا نبتهلْ *** بنسائِنَا و بخيرةِ الأبناءِ
و بآية التطهير بان كمالُها *** ظَهُرتْ من الأرجاسِ و الأقذاءِ(2)
و بهل أتي نصٌّ جليٌّ واضحٌ *** حازتْ بكلِّ فضيلةٍ و ثناءِ
و بآي فلا لاأبتغِي لرسالتي *** شيئاً من الصَّفراءِ و البيضاءِ
إلَّا المودّة في ذوِي القُربي و هُم *** نسلُ الوصيِّ و عترةُ الزَّهراءِ
هي أصلُ أغصانٍ تُضيء فروُعها *** أنوارَ أعلامِ التّقي النّجباءِ
***
و صريحُ أقوال الرّسول تواترتْ *** (هي بضعتي إيذاؤها إيذائي)
قُمْ من ضريحِكَ يا أبي و انظرْ إلي *** السّبطين قد لاذا من الغَوغاءِ
وكأنّنا أُسراءُ ديلَمَ بينَهُم *** أبتاهُ فانظُرْ ما جنوهُ إزائي
عَمَدُوا بكسرِ الضلعِ بين جِدارِها *** و البابِ حتي رُوِّضتْ أعضائِي
أبتاهُ قد سقَطّ الجنينُ و لم أجدْ *** من يستجيبُ لنخوتِي و رجائِي
ص: 451
أبتاهُ أدركني بمقتلِ(مُحسنٍ) *** يا وَيْلَهَم قد قطعُوا أحشائِي
هذا ابنُ عمِّكَ كالأسيرِ موثَّقاً *** و الوغُد يدفعُه بَلا استحياءِ
أبتاهُ إني قد سئِمْتُ مَعِيشَةً *** بالذُّلِّ بينَ معاشرِ الخُبثَاءِ
أبتاهُ فاجلِبنِي لجنبكَ مسرِعاً *** إذ لا أُطيقُ شماتَةَ الأعداءِ
وإليكَ ربّي قد شكوتُ ظلامَتِي *** عجِّل وفاتِي يا مُجيبَ دعائِي
حتي استجابَ سميعُها فاستُشهِدَتْ *** مرضوضَةَ الجنبَاتِ لِلعلياءِ
رَحلَتْ و فيها لوعةٌ مكنونةٌ *** ليذوبَ من آهاتِهَا الصّمَّاءِ
في بيتِها هَبَطَ الأمينُ لينضوي *** تحتَ الكساءِ بمجمعِ العُظماءِ
هي كوثرٌ تهبُ الحياةَ ليرتوي *** مِنها الوُجودُ بسَلبيلِ المَاءِ
إن الحياةَ رهينةٌ بوجُوِدها *** أُمُّ الأئمةِ و هي خيرُ نساءِ
***
ما بالُ بنتِ المُصطفي تَبكي إذاً؟ *** في كُلِّ أضحيةٍ و كلّ عِشاءِ
جاءتْ إلي قبرِ الحبيب لتشتكِي *** ظلمَ الطغاةِ و قسوةَ الخُلفاءِ
أَبَتَاهُ من لي بعدَ شخصِكَ ملخاٌ *** أشكُو إليه مظالِمَ الأعداءِ؟
ما إن تقمَّصَك المنونُ فإنّهُم *** قد أظهَرُوا أحقادَهُم بِجفائِي
خانُوا الأَمَانَة و العهُودَ ليمنعُوا *** إرثي و كانَ سروُرهُم إيذائِي
أَبَتاهُ قد شَنُّوا عَلَيَّ هَجُومَهُم *** و بفعِلِهم قد أرْعَبُوا أبنَائي
وبنارِ حقدِهُمُ الدَّفين تعمّدُوا *** في حرقِ داري و استُبيحَ خِبائي
أَبَتاهُ هذي زينبٌ مرعوبةُ *** ذُهلِتْ لتلِكَ الهجمةِ النَّكراءِ
تشكُو إلي البارِيِ مظالمَ حبترٍ *** و خليلِهِ و الظُّغمةِ اللُّؤمَاءِ
و الصّبرُ أظهرَ عجزَهُ عن صبرِها *** صَبَرَتْ علي البأساءِ و الضّراءِ
***
يا عينُ ذوبي و انثُري لمُصيبةِ *** الزهراءِ فهي رزيَّتِي و رَثائي
ص: 452
يا للهوانِ علي الزّمانِ لعُصبةٍ *** غدَرَتْ بآلِ محمّدِ الأُمناءِ
ما ذنب أهل البيت عترةِ أحمدٍ *** سُحقاً لقومٍ مسَّهُم بِعداءِ
يا ربُّ فالعنْ غاصبيِهم حقَّهُم *** لعناً بكُلِّ صبيحةٍ و مَساءِ
و ابعَث إلي رُوحِ النَّبي وآله *** عنّي السلامَ فإنّهُم شُفعائِي
***
ص: 453
(بحر الكامل)
الأستاذ محمد علي الزهيري (*)(1)
(الصديقة الزهراء عليها السلام):
قد فجّرَ الشوقُ العظيمُ ولائِي *** متدفقاً كالنَّبْعِ من أعضائِي
و استلهمتْ نبضاتُ قلبي نغمةٌ *** فعزفتُها أنشودةً لنِدائي
طرِبَ الفؤادُ لها فهام بسحرِها *** فتحيَّرَ الإلهامُ في إيحائِي
و الروحُ ترقُصُ حولَ قلبي نشوةً *** و الفكر يرسُمُ و المِدادُ دمائِي
و العينُ قد سُحِرَتْ فلا بصرٌ بها *** و كأَنَّها في ليلةِ ظلماءِ
فإذا العيونُ تفتحتْ بخواطرِي *** و القلبُ أبصرَ من شغافِ صفائِي
فنظرتُ و الأشواقُ لما تنجلِي *** ما بين نشوةِ فرحتي و بكائِي
الكونُ يا للكونِ أشرقَ ساطعاً *** نوراً غدا كالدرةِ البيضاءِ
و خليقةُ الرحمن بين مهلِّلِ *** و مقدِّس و مسبِّحٍ بدعاءِ
فسألتُ قالوا قد أطلَّ علي الوري *** في الأرضِ نورُ البضعةِ الزهراءِ(2)
ص: 454
بُشراكَ يا خيرَ الأنامِ بمولد *** الإيمانِ و العرفانِ و العلياءِ
بشراكَ يا دوحَ الفضيلة كوثرٌ *** قد جاءَ فياضاً علي الأرجاءِ
فلتفرحِ الدنيا و ما حَمَلتْ وما *** في العالمينَ و بينَ كلِّ سماءِ
اللَّهُ ماذا أزهرَتْ بنوالها *** تزهُو به من عزةٍ قَعْساءِ
و يطوفُ جبرائيلُ حولَ فنائها *** فبخٍ لروحٍ حولَ أيَّ فناءِ(1)
و فيالقُ الأملاكِ تربضُ حولَهُ *** للَّه منْ شرفٍ ومن إعلاءِ
بابُ الإلهِ تقدّستْ بجدارِةِ *** و تشرّفتْ نُزُلاً بخيرِ نساء
لابنتَ عمرانٍ كفاطمَ رِفعةً *** لاسارةً لا مُرتقي حواءِ
سرُّ الإلهِ و أمرُهُ و نواله *** قد جاءَها من أشرف الآباءِ
و بها تقدَّس ذاكَ سرُّ وجودِها *** حملتْهُ في زهوِ إلي الأبناءِ
فغَدَوْا سراةً للهُدي من فاطِمٍ *** غذَتْهُمُ من نقطةِ للباءِ
***
للَّهِ من شرفٍ تقدَّس وصْفُهُ *** أدني سلالمُهُ علا الجوزاءِ(2)
قد أشرقَتْ نوراً بقدسِ صِفاتِها *** من قبلِ خلقِ اللَّهِ للأشياءِ
فرأَي عُلاها آدمٌ متحيِّراً *** لماتجلَّتْ عندَ كشفِ غطاءِ
تاجٌ عليها ذاكَ نور محمدٍ *** سرُّ الوجودِ و مصدُر الآلاءِ
و قلادةٌ يا للقلادةِ! نورُها *** المُرَتْضَي و الكفؤَ للأكفاءِ
و غدا لها قرطانِ شبلا قدُسِها *** حَسَنٌ وَ آخَرُ سيدُ الشهداءِ
سَجَدَتْ لهذا النورِ كلُّ ملائِك *** الرحمنِ و الأكوانِ بالإيماءِ
خلقتْ بألفي عامِ كل صحائفِ *** الألواحِ و الميزانِ و الإنشاءِ
قف: لا تسَلْ عنها خلاصةَ سرِّها *** جلبابُها للكونِ بُردُ ضياءِ
ص: 455
هيَ فوقَ عرشِ اللَّه يسطُعُ نورُها *** مذكانَ عرشُ اللَّهِ فوقَ الماءِ
***
جمعتْ لأضداد المكارمِ و النَّدي *** من عفّةٍ و صلابةٍ و نقاءِ
فيها النبوةُ و الإمامةُ أَشرقتْ *** ماذا تقولُ بلاغةُ البلغاءِ
لكنني أرنُو لكوثرِ فيضها ***كي أرتقي في مِدحتي و ثنائِي
مالي سوي أم الأئمةِ شافعٌ *** في يومِ حشري عدَّتي و رجائِي
و ببابِها قد جئتُ التمسُ الندي *** بابٍ عَقَدتُ لهُ رداءَ لوائِي
إن صابني دَهِري مسكتُ له عُري *** و إذا مرضْتُ ففيهِ كانَ شفائِي
قُولي أيا زهراءُ معني قد حوي *** خمساً من الأشباحِ تحتَ كساءِ
المُصطفي و المُرتضي و أبناهما *** و شفيعَتِي حرزي من الأعداءِ
ص: 456
و استحالَ العيدُ في أَعْماقِنا *** مَوْجَةً تَحْفُقُ للزَّهرا وَلاءَ
ها تَري القلبَ و قد رَفَّ لها *** و استثارَ الفكرَ نَظْماً و أداءَ
فَاهْزَج الذكري بأنغامِ الوَلا *** و أفِضْها في شَذا العِظَرِ هَناءَ
وَ اقْرَأ التاريخَ في واقِعِها *** آيةٌ تَبْعَثُ للقلبِ اهتداءَ
حيثُ تَزْكُو النفسُ في نَيِّرِها *** و بها تَجْلُو عن العينِ العَماءَ
فلقدْ أَعْقَبَها البُعْدُ عِشاءً *** فَاهْدِها من كوكبِ الزهرا جَلاءَ
ليلةَ العيدِ و يا فَخْرَ الدُّنا *** ساعةَ البِشْرِ ويا صُبْحاً أَضاءَ
صَوِّرِي الحفلَ أَعِيدِي مَجْدَهُ *** صَوِّرِي الإبْداعَ في حيثُ تَراءَي
صَوْرِي الزَّهراءَ بَدْراً قَدْ جَلا *** سُحُبَ الغيبِ و أَذْكاها ضياءَ(1)
صَوِّرِيها وَرْدَةٌ فاحَ بها *** عَبَقُ الطَّيبِ و قد عَمَّتْ شَذاءَ
فَتَهادَيْنَ(2) بها في شَغَفٍ *** سيداتُ الحَفْلِ يَنْشُدْنَ الشَّدَاءَ
صَوِّريها مُصْحَفاً يَلْتُمْنَهُ(3) *** في وَقارِ الحُبِّ إذ دارَ اعتناءَ
صَوِّرِي أُمَّ الهَنا في بَهْجَةٍ *** وَ هْيَ تَتْلُو الذكرَ اللهِ ثَناءَ
صَوِّرِي المختارَ إِذْ تَعْمُرُهُ *** فَرْحَةُ الحُبِّ فَيُولِيها احتِفاءَ
وَ يُحَلِّيها باسمِ فاطِمٍ *** شَقَّهُ اللهُ لها منه ابتداءَ
يابنة المختارِ مَجْداً وَعَلاءً *** يا بنةَ المختارِ طُهْراً و نَقَاءَ
يا بنةَ المختارِ فِكْراً ثاقباً *** يا بنةَ المختارِ هَدْياً و عَطاءَ
يا بنةَ المختارِ رُوحاً حُرَّةً *** يا بنةَ المختارِ عَزْماً وَ مَضاءَ
هكذا يَعرضكِ الواقِعُ لا *** يَبْتَغِي زُوراً و لايَبْغِي افْتِراءَ
هكذا الحالُ يقص العُلَماء *** و إلي الذَّرْوَةِ يُعْلِي الجُهَلاءَ
ص: 458
أمِنَ الإنصافِ تَقْضِينَ بها *** كَمَداً(1) في غَمْرَةِ الحُزْنِ انْطِواءَ(2)
و يعيشُ البِشرَ أقوامٌ لهم *** قَعَدَ الدهرُ فأَضفي وأفاءَ
و علي الحرمانِ تَطوِينَ و قد *** و سَّعوا كَفَّاً و عاشُوهُ ثَراءَ(3)
وَ زَكَي الأمنُ لهم حتّي غدا *** مُحْكَمُ الأمرِ لهم شاؤوا فَشاءَ
و أتاكِ الشرُّ للبيتِ و ما *** حَفِظَ البيتَ و لاأَضْفَي حِماءَ
حيثُ وَفَاكِ علي أرْجافِهِ(4) *** ويحَ ذاكَ البابِ ما صَدّ الأذاءَ
ثم لم يُرْضِهِ خِذْلانٌ و قدْ *** أَرْسَلَ المسمارَ للصدرِ اعتِداءَ(5)
ص: 459
(بحر الخفيف)
السيد محمد علي العلي(*)(1)
بارِكي حَفْلَنا هَبِيهِ ارْتِقاءَ *** إِنَّنامِنْكِ نَسْتَمِدُّ العَلاءَ
بارِكي حَوْزَةَ العُلُومِ بِجُهْدٍ *** فَهْيَ لَوْلاكِ لَمْ تَرِفَّ لواءَ
بارِكينا فَإِنَّنا لِمَعِينِ الفَضْلِ *** مِنْ كَفْكِ لَنَشْكُو الظَّمَاءَ
وَ هَبينا مِنْ كَفْكِ اللُّطْف في *** الدُّنْيَا و َيَوْمَ الحِسابِ مِنْهُ النَّجاءَ
ليْلَةُ العِيدِ حانَ وَقْتٌ لها *** الذِّكْرَي فَهَيّا لِرَبْعِها إسراءَ
جَدْدِي مَوْكِبَ الهَناءِ أَعِيدِي *** فَرْحَةَ البِشْرِ تَمْلأُ الأجواءَ
عَطِّري الحَفْلَ بِالمدِيِح لأهْلِ *** البَيْت لا الشِّعرَ نَعُمَةً و غِناءَ
هاكِ مِنّا القُلُوبَ أَجْنِحَةَ الطَّيْرِ *** إذا ما خَفَقْنَ فيكِ وَلاءَ
إيهِ يا ساعَةَ الكَرامَةِ عَوْداً *** لِمراسيمَ لا تَمَلُّ لِقاءَ
إيهِ يا سَاعَةَ الكَرامَةِ عَوْداً *** لِنُجُومٍ مَلأْنَ فيكِ السَّماءَ
إيهِ يا ساعَةَ الكَرامَةِ عَوْداً *** لِزَغارِيدَ تَبْعَثُ الأَضداءَ
لأُلِئِي يا أَشِعَّةَ النُّورِ حتّي *** يستحيلَ الرَّبْعُ الكَرِيمُ ضِياءَ
وَ أَزحْ يا ستارُ عَنْ ساحَةِ *** القُدْسِ فَقَدْ مَلَّتِ العيونُ المَلاءَ
أنْتَ يا طَوْقَها المُدِرَّ جَلالاً *** مِنْ نِساءٍ أَقَمْنَ فيك حماءَ
ص: 460
مِلْ فَدَتْكَ النُّفُوسُ عَنْ *** كَعْبَةِ المَجْدِ لِتُعْطِي عُيُونَنا اسْتِجْلاءَ
هذِه فاطِمٌ تَجَلَّتْ كَوَجْهِ *** الشَّمْسِ قَدْ عَادَ مُشْرِفاً وَضّاءَ
وَ هُيَ ذِي رَبَّةُ الكَمالِ أَراها *** بَسَطَتْ كَفَّها تُريدُ الثناءَ
بِمَقَالٍ مِنْها الشفاءُ تُعاطِيهِ *** مراراً فلا تَمَلُّ الدُّعاءَ
رَبِّ أَنْعَمْتَ مَنْ تُراها كَمِثْلِي *** سَعِدَتْ إذ وَهَبَتْنِي الزَّهْراءَ
لاوَحَقِّ السَّماءِ يا أُمُّ ما *** فُزْنَ نِسَاءٌ وَ إِنْ عَظُمْنَ حِباءَ(1)
مِثْلَما فُرْتِ غَيْرَ أُمِّ رَسُولِ اللهِ *** حازَتْهُ سَبْقَةً و ابتداءَ
أَنْجَبَتْ لِلرَّسُولِ وَ هُوَ أَبُوالطُّهْرِ *** لها الفَخْرُ مِنْ عُلاه انتماءَ
غَيْرَ أُمِّ الوصيِّ وَ هُوَ قَرِينٌ *** عَدِمَتْ غَيْرَ شَخْصِهِ الأَكْفَاءَ
قَدْ تَشاطَرْتُمُوهُ صَرْحَ *** الكَمالاتِ وَ مِنْكُنَّ قامَ فِيهِ بِناءَ
وَ أَتتْ فاطِمٌ لِتُكْمِلَ ذاكَ *** الصَّرْحَ في حَيْثُ أَنْجَبَتْ أبناءَ
أخْتُ يا مَبْعَثَ السَّعادَةِ إمّا *** رُمْتِهِ الدِّينَ مَنْهَجاً بَنَّاءَ
أُخْتُ يا مَنْبَعَ القَداسَةِ إِنْ *** أَحْسَنتِ في نَهْجِها البَتُولَ اقْتِداءَ
فَخْرَةَ الجيلٍ إِن سَعِدْتِ فَأَصْفَيْتِ *** عَلَي مَظْهَر السُّلُوكِ حَياءَ
وَ لكِ الفَخْرُ بالبَتُولِ فَقَدْ *** أَضْفَتْ علي المَجْدِ عِفَةً وَ إباءَ
فَلَكِ فيه حادثٌ لابْنِ مكتومَ *** اعتبارٌ يُسلِّطُ الأَضْواءَ
يَوْمَ جَاءَ النَّبِيُّ يَطرُقُ لِلْبابِ *** وَ لِلطُّهْرِ زَوْرَةً قَدْ شاءَ(2)
فأجابَتْ بالإِذْنِ منها وَلكِنْ *** عَلَمتْهُ مُصَاحِباً قَدْ جَاءَ
فأَرادَتْ لها الحِجابَ فَرَاحَتْ *** تعِطِهِ عن دُخولِهِ أرْجاءَ
ورآها في الدَّارِ حِين رآها *** وَ هُيَ وَسْطَ الحجابِ تَقْضِي انْطِواءَ
قالَ أَعْمَي هذا ابنُ مَكْتُومَ *** يابنتُ أجابَتْ فلم أكُنْ عَمْياءَ
ص: 461
هكَذا تَبْرُزُ الكَرامَةُ و *** العِفَّةُ شَأْنَ أُجِلُّهُ إِطراءَ(1)
وَ سُؤالُ الرَّسُولِ مَا الخَيرُ *** لِلْمَرْأَةِ في حِينِ سَاقَهُ إنشاءَ
فأَجابَتْ أَنْ لايَراها *** رَجُلٌ لا و لاتَراهُ ابتداءَ
وَ يَهُزُّت الرَّسُولَ بِالفَخْرِ هذا *** القولُ إذْ كَانَ حِكْمَةً نَجْلاءَ(2) (3)
ص: 462
(بحر الخفيف)
السيد محمد علي العلي(*)(1)
هَلَّلَتْ بِاسْمِ عِيدِكِ الأجواءُ *** يا سَماءً وَ أَيْنَ مِنْكِ السَّماءُ
أَيْنَ مِنْكِ السَّمَاءُ شَأناً و فَضْلاً *** وَ لأَنْتِ الفخارُ و العَليا
أَيْنَ مِنْكِ كَوَاكِبُ الأُفْقِ فِيها *** أَيْنَ مِنْكِ العَيُّوقُ و الجَوْزَاءُ
أَيْنَ مِنْكِ نُجومُها في ائْتِلاقٍ *** أَيْنَ مِنْكِ السِّماكُ(2) وَ الزَّهْراءُ
أين منكِ الشمسُ المنيرةُ في *** الضوءِ و أنتِ الإشراقُ و الأَضْواءُ
كَيْفَ يَدْنُو إِشْرَاقُها مِنْكِ في *** النُّورِ وَ أَنْتِ المُضِيئَةُ الزَّهْراءُ(3)
إِنَّ بَدْرَ السَّمَاءِ يَسْتَلْهِمُ النُّورَ*** مِنَ الشَّمْسِ إِذ به وضاءُ
وَضِياكِ يَمُدُّ في عالمِ القُدْسِ *** مِنَ المُصْطَفَي وَ فِيكِ الجَلاءُ
أُفُقُ الشَّمْسِ فِي السَّمَاءِ وَ أَنْتِ *** فَوْقَ أَرْضِ القُلُوبِ مِنْكِ اعْتِلاءُ
تُشْرِقُ الشَّمْسُ في السَّمَاءِ لِتُعْطِي *** الأَرْضَ نُوراً فَتُذْكِها الأَضْواءُ
وَ لأَنْتِ إِذا بَزَغْتِ فَمِنْكِ *** فَوْقَ أَرْضِ القُلُوبِ يَسْرِي اهتداءُ
مَبْعَثُ النُّورِ مِنْكِ فِيهِ حَيَاةُ *** النَّفْسِ إذ فِيهِ لِلْهُدَي إيواءُ
ص: 463
فَلَكُمْ دُونَكِ مِنَ البُعْدِ آفاقٌ *** تَعالَتْ أَنْ يَطْوِها الإسْراءُ
أيْنَ مِنْها إِدْراكُكِ في سباقٍ *** بَعُدَتْ دونَ سَبْقِها الأَجْواءُ
فَمِنَ المُصْطَفَي تَوَلُّدُكِ الميمونُ *** رُوحُ الجَلالِ وَ هُوَ البَداءُ
وَ عَلِيٍّ إذ كانَ بَعْلاً مقامٌ *** لم تُشارِكْ في شَأنَهُ العَذراءُ
وَ لَكِ في السُبْطَيْنِ آيَةٌ قُدْس *** ما احْتَوَي كُنةَ ذاتِها الإطراءُ(1)
عَقَدَ المَجْدُ فوقَ مَفْرِقِكِ الوَ *** ضَاء تاجاً يَضِيقُ عنه الثَّناءُ
أَنْتِ يا ساعَةَ الوُجُودِ الَّذِي *** جَلَّي فَضاءَتْ مِنْ نُورِهِ البَطْحاءُ
حَدِّثِينا حَدِيثَكِ فيه شوقٌ *** منْهُ تَحْلُو في ذِكْرِها الأَنْباءُ
عَطَّري الحَفْلَ في شَهِيَّ فُصولٍ *** منْهُ تَحْلو في ذِكْرِها الأَنْباءُ
حَدِّثِينا عَنِ الرَّسُولِ عَنِ البَسْمَةِ *** تَعْلُوهُ حِينَ جَلَّ الحباءُ
حَدِّثِينا عَنْ فاطِم حِينَ تَلْقاهُ *** وَ في كَفِّهِ لَها إيماءُ
وَ تَراها تَهْتَزُّ بِشْراً إلي *** لُقْياهُ إِذْ شاقَها لَهُ الإِيواءُ
وَ تَمُرُّ الشَّفاهُ تَلْتُمُ بالحبِّ *** جَبيناً يَشِعُّ فيهِ السَّناءُ(2)
و تري الإِصْبعَ الكَرِيمَ علي *** الثَّغْرِ وَ لِلنُّطْقِ مِنْ هُداهُ ابْتِداءُ
و تراها خدِيجَةٌ وَ هْيَ أُمِّ *** أَدْرَكَتْ حِلْمَها وَ حَقَّ الهَناءُ
يَرْقُصُ القَلْبُ بَهْجَةً وَ لَهذا *** في اخْتِلافِ الشَّفاهِ مِنْهَا ثَناءُ
تَحْمَدُ الله أن تُحَقِّقَ ما تَصْبُوهُ *** إِذْ جَلَّ بِالبَتُولِ العَطاءُ
يا بَتُولَ النساء يا مَنْ تَسامَتْ *** في كَمَالٍ فَجَلَّ ذاكَ العَلاءُ
وَقْفَةٌ في رحابِكِ الطاهِرِ *** الأَقْدَسِ إِذْ فيهِ تُدْرَكُ الآلاءُ
و ابتهالاً إِلَيْكِ مِنْ خَالِصِ *** القَلْبِ لأمرِ يَحِقُّ فيهِ الرَّجاءُ
ص: 464
أو إنّ الحَيَاةَ لَيْسَتْ ضَماناً *** فَبِنا كَمْ تُطوّحُ البَلْواءُ
وَ لإبْلِيسَ ألْفُ أَلْفِ يَمِينٍ *** لَوَّحَتْ وَ هُوَ شَأْنُهُ الإِغْوَاءُ
وَ خُبُوطٌ يَمُدُّها لاضطيادٍ *** كَثُرَتْ فَهيَ فِتْنَةٌ عَمْياءُ
وَ هَبي أَنَّنا نَجَوْنَا فَلَنْ نُخْدَعَ *** فِيما تُعِدُّهُ الأعْداءُ
و سَريْنا علي الطريقِ لِنَهْجِ *** الحقِّ نَقْفُوهُ لنْ يَكونَ شقاءُ
أَيْنَ يومُ الوَعِيدِ وَ المَوقِفُ *** المُخْرِجُ حين الحسابُ و البَأساءُ
أَيْنَ هَوْلٌ يشيبُ ناصِيةَ الطَّفْلِ *** و تُلْهِي المرضعةَ الضَّراءُ
وَ كِتابٌ لَمْ أَدْرِ ما فِيهِ يَحْوِي *** طالَعَتْنِي أوراقُهُ السَّوْداءُ
و به يَخْرَسُ اللسانُ وَ يُبدو *** مِنْ أَكُفَّ و أَرُجلٍ إدْلاءُ
كَيْفَ ِلي وَ النَّجاءُ إِنْ لم تَنَلْنِي *** بجليلٍ مِنْ لُطْفِها الشَّفَعاءُ
فَاحْسِبينا يا أُمُّ فيمَنْ تُنَجِّيهِ *** مِنَ الهَوْلِ لَقْطَةٌ غَرّاءُ
حِينَ يَمْتَدُّ كَفَّكِ و بِأَمْرِ *** اللهِ تَجْرِي من فيضهِ النَّعْمَاءُ
وَ هُوَ جارٍ لَكِ مِنَ اللهِ تكريماً *** و في شَأْنٍ فَضْلِكِ إِبْداءُ(1)
أنتِ يا أخْتُ و الزَّمانُ تَعالي *** في طِرازٍ فَكُلُّ يَوْمٍ قُباءُ
أفَتُغْرِيكِ حَياةُ خادعةٌ؟ *** عن حِمَي الصَّوْنِ دامَةٌ شَمْطاءُ(2)
وَ قَمِيصُ يَشفُ عن ناعِم *** الجِسمِ فيبدُو و كُلُّهُ إِغْراءُ
فِتْنَةٌ يَسْتَلْمِذُها الطَّائِشُ *** النَّزْقُ و لَم يُدْرِ في اللَّذِيِذِ الدّاءُ(3)
اتضيعُ الحياةُ ما بَيْنَ مكياجٍ *** وَ ثَوْبٍ تُعِدُّهُ الأزياءُ؟
أكَذا سُنَّةُ الحَياةِ فَيَلُهُو *** عاقِل تَسْتَخِفُهُ الأهواءُ؟
ص: 465
أفلا يَعْنيكِ العَفافُ أَلا *** يُدْنِيكِ في الطُّهْرِ لِلْبَتُولِ اقْتِداءُ
فَلَكِ مِنْ سُلوكِها الطَّيِّبِ *** المَأْخَذِ صَوْنٌ وَ عِفَّةٌ شَمَّاءُ
وَ حِجابٌ يَزِينُكِ في وَقارٍ *** وَ هُوَ الدَّرْعُ و الحِمَي و الوِقاءُ
عَنْ عُيُونٍ يَريقُها يَخْطَفُ *** المَجْدَ فَيَبْدُو مِنْ لَحْظِها إِزْرَاءُ
إيهِ يا حَوْزةَ العُلُومِ و حَسْبِي *** في بيانِي عَنْ نَعْتِكِ الإيماءُ
أَفَتَحْظَي بالمَكْرُمَاتِ و تُغطي *** المَجْدَ بِالعَدْلِ أُمَّةٌ خَرْساءُ
تَرَكَت وَاجِبَ البَيانِ لأمرٍ *** عِندَهُ لَيْسَ يُحْمَدُ الإغضاءُ
أَفَهَلْ تُدْرِكُ المَعالِي أَكُفٌّ *** عَنْ مَجارِي مَنالِها شَلاًءُ
فَحَذارِ مِنْ خُدْعَةِ النَّفْسِ أَنْ *** نَلْهُو فَيَنْهارَ مَقْصِدٌ بَنَّاءُ
وَ يَضيعَ الزَّمانُ في تافِهِ الفِعْلِ *** و تَحْكِيهِ صُورةٌ شَوْهاءُ
وَ يَعُودَ التَّحْصِيلُ لَقْلَقَةَ *** الألسُن قَوْلاً و كُلُّه أَخْطاءُ
فَلَدَيْنا مِنْ واجِبِ نُثْقِلُ *** الكاهِلَ منه في حَمْلِهِ الأَعْباءُ
فَهُنا الجهلُ أطبقَ الأُمَّةَ و قد *** طالَ في لَيْلِهِ بها الإِغْفاءُ
تَتَمَنَّي لَوْمَدَّها بارِقُ العِلم *** بِنُورِ يُجْلَي بِهِ الإعشاءُ
فَيَزُولُ السُّباتُ عَنْها وَ تَحْيَي *** بِنَشاطٍ من جِسْمِها الأَعْضاءُ
وَ هُنَاكُمْ تَجَمَّعَتْ و قَدِ اسْتَعْصَتْ *** عَنِ الحلِّ قضايا يُرْجَي لها الإنْهاءُ
فلهذا يَحْلُو النَّشاط و تُذْكِي *** جَمْرَةُ العَزمِ إِنْ دَهَي إعْياءُ
كُلُّ يَوْمٍ يَمُرُّ مِنْ زَهْرَةِ العُمْرِ *** فَناءٌ وَ عَزَّ مِنَّا الفَناءُ
دُونَ أَنْ تَنْقَضِيْ الحَياةُ بِشَيْءٍ *** حَقَّ مِنّا في مِثلِهِ الإفناءُ
عَزَّ أَنْ يُشْتَرَي بِبَخْسٍ *** وَ نُعْطِيهِ رَخِيصاً إِذْ حقُهُ الإِبقاءُ
ص: 466
(بحر الوافر)
الأستاذ محمد محمد الجنبيهي
لَعَجْزِي عَن مَدِيحِكُمُ الثَّناءُ *** وَ ما بِعَطائِكُمْ يُحْكَي العطاءُ
وَ مِنْكُمْ حَيَّرَ الأَلْبابَ وصفٌ *** وَ يُغْنِي عَن مَدِيحِكُمُ العَباءُ(1)
أَيا آلاً لِخَيْرِ الخَلْقِ َطراً *** أَهَلْ أَنتُمْ وَمَنْ عَظُمُوا سَواءُ؟!
و دونَ الدُّونِ أَعْظَمُ مَنْ رَأَيْنا *** وَ لَوْلا حُبُّهُ لَكُمُ يُسَاءُ
وَ أَصْلُ النّورِ فِيكم مِن رسولٍ *** لذلك يُبْهجُ الدُّنيا الضِّياءُ
وَ وَاسِطَةٌ لِفَخرِكُمُ «بتولٌ» *** و أنتمْ أَنْجُمٌ وَ هِيَ السَّماءُ(2)
و«فاطِمُ» ما رأَيْنا مِن مَثِيلٍ *** لَها مِنْ رَبَّةٍ جَلَّ الوِلاءُ
فكُلُّ الخَلْقِ بَعْدَكُمُ عَطَاءً *** لِرَأْسِ الخَلقِ عِنْدَكُمُ انْحِناءُ
وَ أَفكارُ البَرِيَّةِ فِيكِ حارَتْ *** وَ يُدْهِشُهُمْ إِذَا نَظَرُوا البهاءُ
ص: 467
وَما لِلنَّاسِ إِلا قَوْلُ حَقٍّ *** إِلهُ الخَلقِ يَخْلُقُ مَنْ يَشَاءُ
فأصلُكِ مِن جِنانِ الله خَلقاً(1) *** وَ أصْلُ الخلقِ هُم طينٌ وَماءُ(2)
و أقرَضْتِ الإلَهَ نَعِيمٌ عَيْشِ *** وَ كَمْ يَسْمُو بِسَيِّدَتي العَناءُ
يفَقرِكِ قد رضيتِ طويلَ عُمرٍ *** و عندَ اللَّهِ يَهنِيكِ العَناءُ
و لِلرَّحْمنِ أملاك تَصَدَّتْ *** لِرِزْقِكَ، مِنْهُمُ دارت رَحاءُ(3)
ص: 468
وَ سُخْطُكِ مُغْضِبٌ رَبَّ البَرايا *** بِعَطفِكِ في الوَرَي يحلو الرِّضاءُ(1)
و عند مُباهلاتٍ من رسولٍ *** يُحَصِّنُ فخَرَكُم منه الكِساءُ(2)
وَ يَمْنَعُ زَوْجَةً تَرْجُو دُخُولاً *** فكُلُّ النَّاسِ في فَضْلِ وَراءُ
و عنكُمْ (هَل أتي) للنَّاسِ تُنْبِي *** و هل يُخْفِي ضِياءَكُمُ الخِباءُ(3)
ص: 469
أرادَ الله تطهيراً لآلٍ *** فطابَ لِقَلْبِكُمْ منه الصَّفاءُ
فَلا حَيضٌ يُلَوْتُ مَن تعالَت *** يدومُ لِرَبِّها منها الدُّعاءُ
و مَا مَنَعَ النَّفاسُ لأيِّ طُهرٍ *** لِبَضْعَةِ مَن بِهِ عَمَّ السَّناءُ(1)
وَ عَنْهُ تَعَجباً قال المُفَدّي: *** أمِثلُ (بتولنا) فيكُم نساءُ
و(جَبْرائيلُ) يرجو كُلَّ قُرْبٍ *** لِسُدَّتِكُمْ فَيَهْنِيهِ ارتقاءُ(2)
و هذا فَخُرُكُمْ لا فَخْرُمُلْكٍ *** و إِنَّ المُلكَ في الدُّنيا شقاءُ
نَعَمْ أَنتُمْ مُلُوكٌ في نَعِيمٍ *** وَ يَنْعِمُكُمْ لِرَبِّكُمُ الولاءُ
و أَنْتُمْ سادةٌ لِلْخَلْقِ جَمعاً *** وَ لَيْسَ لِفَضْلِكُمْ فينا انتهاءُ
فسادةُ قَومِنا (حَسَنُ) (حُسَيْنٌ) *** وَ (فَاطِمُ) لَيْسَ يَعْلُوهَا عَلاءُ
ص: 470
و في عَرَصاتِ حَشْرٍ لِلْبَرَايَا *** بِغَضَّ الطَّرْفِ قَدْ جاءَ النِّداءُ(1)
فَبِنْتُ (محمَّد صلي الله عليه و آله و سلم) جاءَتْ صِراطاً *** وَ أَنْوَارُ الإِلهِ لَهَا الغِطَاءُ
بِها مِثْلي اسْتَعاذَ مِنَ الْخَطايا *** و مِن أفنائِها مُنِعَ الشَّقاءُ
ومأزومٌ بها يرجورخاءً *** وَ لِلْمَرْضَي لَقَدْ ضُمِنَ الشِّفاءُ(2)
فلا يَعْصي الزَّمَانَ لَها طَبِيبٌ *** و لا يُخْشَي بِحُبِّهِمُ البَلاءُ
فهم حِصْنٌ منيعٌ لِلبرايا *** و هُمْ فيهِمْ لِمِحْنَتِهِمْ وِقاءُ
و كلُّ الخيرِ يُسْبِغُهُ إِلهِي *** لِمَنْ يُدْنِيهِمُ مِنْهُمْ رَجَاءُ
هُمُ النَّهرُ الَّذي يَجْرِي دَوَاماً *** وَمِنْ عَذْبٍ لَهُ يُرْجَي ارْتِوَاءُ
وَيُحْشَرُ مَنْ أَحَبَّ كِرامَ قَوْمٍ *** بِدارٍ لَيْسَ يَدْنُوها العَناءُ
فَيَرْفُلُ في نَعِيمٍ مِنْ خُلُودٍ *** وَ ذَاكَ لِحُبِّ سَادَتِنا الجَزاءُ(3)
(عَلَيْهِم دائماً أبداً صَلاةٌ *** من الباري المُهَيْمِنِ وَالثَّناءُ)
ص: 471
سَاورتْني الهمُومُ و اللأواءُ *** وَ غَزَتْني الأسقَامُ وَ الأدواءُ(1)
فَلِمَنْ أشتَكي هُمومِي ومَمَّنْ *** أطلُبُ العَونَ حَيثُ ضَاقَ الفَضَاءُ
بِتُّ ليلي لا يَألفُ النَّومُ عَيني *** فلياليَّ كُلُّها سَوداءُ
ضَاقَ صَدري من قَسْوَةِ الهمّ حَتَّي *** كَادَ يَخبُو(2) مِنَ الشّفاءِ الرَّجَاءُ
لَمْ أَجِدْ بَلْسَماً يُخفّفُ عنّي *** لَوعَتي أو يكُونُ فيهِ الدَّوَاءُ
غَيرَ قُطب الوُجُودِ زِينَةِ عَرشِ اللَّهِ *** وَ المنتهي إليها الثنَاءُ
ص: 473
هِيَ سِرٌّ تحارُ فيها البرايَا *** هِيَ ضَوءٌ لاذتْ بهِ الأضواءُ
هِيَ فَخرٌ لِلكائِنَاتِ جميعاً *** هِيَ - يا صَاحِ - فَاطمُ الزهراءُ
***
فأبُوهَا سَمَتْ بِهِ الأنبيَاءُ *** وَ بَنُوهَا الأئمَّةُ الأصفيَاءُ
بعلُها فَاخَرتْ بهِ الأوصيَاءُ *** فَضلُها طأطأتْ لهُ العُظَمَاءُ
هِيَ بدرُ الدُّجَي وَ نفحَةُ قُدسٍ *** قد تجلّي في كُنهها الكبريَاءُ
هِيَ شمسُ الضُّحَي وَ لمحَةُ قبسٍ *** قَد تجلّي بِصدرِها اللألاءُ
خصّها اللَّهُ ربُّنا بِمزايا *** لم يَنَلْها الأبرَارُ وَالأوليَاءُ
وَ حبَاهَا بِالمجتَبي وَ حُسَينٍ *** حَيثُ لم يُحْبَ مِثلَها الأَنبِيَاءُ
أذهبَ الله ربُّنَا الرجسَ عَنْهُم *** أهلُ بَيتٍ قَدِ احتواها الكِسَاءُ
***
حرّ قلبي لها لما قَد أضَاعَ ال_ *** _قَومُ من حقّها وَ ما قَد أساؤوا
ليتَ شِعري نَسوا وَصَايَا أبِيها *** فَعصَوا أمرَهُ وَ قَلّ الوفَاءُ
مَنْعُوا أَرثَها الذي كَانَ مِن ربّها *** عَطاءاً وكَانَ مِنهُمْ جَفَاءُ
أغْضَبُوهَا وَ أغْضَبُوا الله فيها *** نَقَضُوا عَهْدَهُم وَ بِالظُّلمِ بَاؤوا
غَصَبُوا نِحلةً حَباهَا أبوهَا *** كذّبوا قولَها و بَالكذبِ جَاؤوا
ظلمُوا بَعلَها الوَصِيّ وَ قَادُو *** هُ بِتلبِيبِهِ وَحُمَّ البَلاءُ(1)
أحرَقُوا بابَها المعظَّمَ شَأناً *** بكَتِ الأرضُ عِنْدَهَا وَ السَّمَاءُ
أحرَقُوهُ وَ خَلفَهُ بِنتُ طه *** وَ هْيَ حَسْرَي وَ قَد عَلاهَا البُكَاءُ
كَسَرُوا ضِلْعَها بِعَصرِهُمُ البَا *** بَ فَنَادَتْ وَ لا يُجَابُ النّداءُ
أسقَطُوا مُحسِناً فَطَاحَتْ وَ صَاحَتْ *** وَ عَليها مِنْ ذِي الجَلالِ بَهاءُ
ص: 474
وَ إذا حَيدَرٌ يُلَبّي نِداهَا *** فأحَاطوا بهِ وَ هُمْ دُخَلاءُ
عَجَباً لِلذَّئَابِ تَقْتَادُ لَينَاً *** أفلَيْتٌ يقتَادُهُ الجبنَاءُ ؟!
فَدَعَتْهُمْ خَلّوا ابنَ عمّي وإلاّ *** نَالكُم مِنْ عَذابِ رَبّي بَلاءُ
هُم يَدُعُّونَهُ بِعُنْفٍ وَ تَحمِيهِ *** بِعطفٍ وَ الله منهُمْ بَرَاءُ(1)
لَوّعُوها بِالسَّوطِ ضَرباً فَمَاتَتْ *** وَعَلَي المتنِ بُقعَةٌ زَرقَاءُ
أبهذا أوصَي أبوهَا وَ هَذا *** لِلرَّسُولِ الأمينِ كَانَ جَزاءُ ؟!
أفَبِنْتَ النَّبِيّ تُظْلَمُ قَسراً ؟! *** تِلْكَ وَ اللَّهِ طِخْيَةٌ عَمْيَاءُ(2)
أفبِنْتَ النَّبِي تُدفَنُ سِرّاً ؟! *** تِلكَ وَ اللَّهِ محنَةٌ نَكْرَاءُ
هي أوصَتْ ألاّ يُصلُّوا علَيها *** لايُشيّعْ جُثْمانَها الأعداءُ
سَلْ إذا زُرتَ طيبَةً عَنْ ثَراهَا *** أينَ قَبرُ البتُولِ أينَ الثّواءُ ؟!
أينَ ضَاعَتْ وَ كَيفَ أوصَتْ بِأنْ لا *** يحضُرَ الظَّالمونَ وَ الغُربَاءُ ؟!
هِيَ كَانَتْ غَضْبي علي ظالميها *** وَ اسْتَمَرّتْ حَتي يَحينَ الجَزَاءُ
و إذا زُرتَ بَيتَها فَتَذكَّرْ : *** هَجَمةُ القَومِ هَجمَةٌ شَنْعَاءُ
ذاكَ بَيْتُ كَانَ الرَّسُولُ يُوافيهِ *** وَ فيهِ مَودّةٌ وَ صَفَاءُ
ذاكَ بَيتٌ لم يَأتِ جِبريلُ إلاّ *** بَانَ منْهُ مَحبَّةٌ وَ وَلاءُ
ذاكَ بَيتٌ قَد طَهّرَ الله مَنْ فيهِ *** هُمُ الأتقيَاءُ وَ الأصفِيَاءُ
فيهِ يَأوي محمَّدٌ وَ عَلِيٌّ *** وَلَدَاهُ وَ فَاطِمُ الزَّهرَاءُ
هَتكُوا قُدسَهُ وَ قَد بَانَ مِنْهُمْ *** لِذَوِيهِ ضَغينَةٌ وَعِداءُ(3)
بَذَرُوا بَذرَةَ الشَّقاقِ وَ سَنّوا *** سُنّةَ الظُّلمِ كَي يَسُودَ الشَّقَاءُ
دنّسُوا حُرمَةَ الخِلافَةِ حَتَّي *** نالَها الأدعِيَاءُ وَ الطُلَقَاءُ
سَلَبُوا الحقَّ مِنْ أولي الأمرِ غَصْبَاً *** لِيَسُودَ الدَّهِمَاءُ وَ الغَوغَاءُ(4)
ص: 475
كَمْ أُثيرتْ مِنْ أجلِ ذاكَ حُرُوبٌ *** طَاحِنَاتٌ وَ كَم أريقَتْ دِمَاءُ
سَارَ آبا ؤهُمْ علي مَنْهَجِ الظُّلْم *** وَ سَارَتْ مِنْ بَعدِهَا الأَبنَاءُ
بدّلُوا النُّورَ بِالظَّلامِ فَسَادَتْ *** ظُلمَةٌ وَ اكْفَهرّتِ الظَلمَاءُ(1)
وَفَشَا في الأنَامِ قَتلٌ وَ سَلَبٌ *** وَ اعتِقَالٌ و فِتنَةٌ و اعتِداءُ
كُلُّ هَاتيك في رِقَابِ أُناسٍ *** أسَّسُوا مَا عَلَيهِ قَامَ بِنَاءُ
فَابتِدَاءُ الطُّغيانِ قَد كَانَ مِنْهُمْ *** وَ إِلَيهِمْ يَعُودُ مِنْهُ انْتِهَاءُ
ص: 476
النُّورُ فاضَ بمكّةٍ فَأَضاءَها *** فَلْتَنْسُجِ البَطْحاءُ منهُ رِداءَها(1)
وَالكَعْبَةُ الغَرّاءُ يَغْسِلُ وَجْهَها *** بِالْعِطْرِ مَا سَاقَي الهَوي بَطْحاءَها
قَمَرُ السَّماءِ أَطَلَّ مِنْ عَلْيَائِهِ *** وَهَفا إِلَيْها لاثِماً عَلْياءَها(2)
وَ تَها تَفَتْ زُهْرُ النُّجومِ بِرَمْلِها *** شَوْقٌ يُهَدْهِدُ بالجَوي حَصْباءَها(3)
ص: 478
ما كَوّلَ إِلاْ وَ أَوْجَعَ قَلْبَهُ *** فَاخْتَارَ قَلْبُ محمدٍ زَهْراءَها(1)
يَا كَعْبَةَ اللَّهِ اهْتِفِي وَ تَعَطَّفِي *** حَتَّي يَزُورَ العِطْرُ فيكِ فِناءَها
وَ تَبَرَّجِي فَرَحاً بِزَهْرَةَ دَوْحَةٍ *** باهَتْ بها أَرْضُ الحجازِ سَماءَها
أَقْسَمْتُ لَوْ مُدَّتْ عليهِ غُصُونَها *** لَكَسَتْ بِوارِفِ ظِلّها صَحْراءَها(2)
وَ لَسالَ وادِيها يُرَوِّي عَذْبَهُ *** دُنْيا تُساقِي الظَّامئينَ رُواءَها
و اللَّيْلُ هَلْ يَدْرِي سَيَخْلَعُ لَوْنَهُ *** للنُّورِ لَوْلاقَي هناكَ ذُكاءَها
هذِي الحِجارةُ في شَوامِخِ مَكَةٍ *** خَشَعَتْ وَشَاطَرَتِ السَّما نَعْماءَها
وَ لَو أنَّها اسْطاعَتْ تَذُوبُ مَحبَّةً *** لَسَعَتْ يُغَيِّرُ شَوْقُها أَسْماءَها
نامَتْ قُرَيْشٌ عَنْ تَمَلْمُلِ لَيْلَةٍ *** نَصَّتْ عَلي الحَرَمِ المنبعِ خِباءَها(3)
وَ تغافَلَتْ مُضَرٌ عَنِ الأَفْقِ الَّذِي *** غَطَّي بِخُضْرَةِ مَوْجِهِ حَمْرَاءَها
لِتُزَفَّ قافِلَةٌ تَطَامَنَ(4) خَطْوُها *** فَسَرَتْ وَرَدَّدتِ الجبالُ حُدَاءَها
الأَعْيُنُ الحَيْرَي يُصارعُ بَأْسَها *** حُلُمٌ أَلَمَّ لِيَسْتَرِدَّ رَجاءَها
في واحَةٍ غَنَّاءَ تَمْنَحُ ظِلَّها *** لِلظَّامِئِينَ علي الطَّرِيقِ وماءَها
للهِ بَضْعَةُ أَحْمَدٍ مِنْ نُورِهِ *** لَمَعَتْ فَأَهْدَي أُفْقُهُ لأْلاءها(5)
وَافَتْكَ تَخْتَرِقُ القُرُونَ كَنَجْمَةٍ *** تَنْأَي فَتُهْدِي لِلْعُيُونِ ضِياءَها
مَهْمَا تَرامَي الأُفْقُ حَوْلَ وَ مِيضِها *** عَبَرَتْهُ تَطْرُدُ بِالسَّنا ظَلْماءَها(6)
مَرَّتْ بِطُوبَي فَاسْتَفَزَّ حَنِينَها *** ظِلٌّ يُرافِقُ في النَّعِيمِ بَهاءَها
وَتَوَسَّمَتْ في مَوْكِبٍ مَرَّتْ بِهِ *** كَفّاً لِطه زُهْدَها وَ عَطَاءَها
ص: 479
بِالأَمْسِ أَخْلَدَ رَكْبُهُ في ظِلِّها *** وَ مَضَي يَخُوضُ مِنَ الْجِنانِ فَضاءَها
نالَتْ ُيداهُ فَأَثْقَلَتْهُ ثِمارُها *** وَمَشَتْ خُطاهُ فَزَيَّنتْ خَضْراءَها
وَدَنَتْ خديجَةُ تَسْتَظِلُّ بِكَوْثَرٍ *** مِنْ رَحْمَةٍ تُزْجِي إِلَيْهِ صَفَاءَها(1)
في لَيْلَةٍ غَرّاءَ لَوْمَدَّتْ يداً *** نَحْوَ النُّجُومِ تَناوَلَتْ زَرْقاءَها
يَسْرِي ابنُ عبدِ اللهِ في مَلَكُوتِها *** فَتَري بِمَجْرَي رُوحِهِ إِسْراءَها
ما غابَ هَمْسُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَمْعِها *** تُصْغِي فَيَمْلأُ صَوْتُهُ إِصْغاءَها
وَ الصُّبْحُ يُشْرِق في جَبِينِ مُتَوَّجٍ *** بِالنُّورِ يَنْضَحُ بِالعَبِيرِ مَسَاءَها
أَدَرَتْ خَدِيجَةُ إِذْ تُوَدِّعُ لَيْلَةً *** وَ الوَجْدُ يَخْضِبُ بِالسَّنا أَحْناءَها(2)
أنَّ الجِنانَ قَدِ انْحَنَيْنَ كَرامَةً *** لِلسّرِّفاسْتَوْدَعْنَهُ أَحْشاءها
وَ بِأَنّ كَفَّ محمَّدٍ قَطَفَتْ لها *** في الخُلْدِ مِنْ زَهَراتِهِ عَذْراءَها
وَ بِأَنَّ ما ضَمَّتْ عليهِ ضُلُوعَها *** حوراءُ غادَرَتِ الجنانَ وراءَها
ما زاغَ طَرْفُ محمدٍ عن سِدْرَةٍ(3) *** في قابِ قَوْسَيْنِ استَشَفَّ سَناءَها
سِرُّ النُّبُوَّةِ فاضَ في أَغْصانِها *** عَبِقاً وَ خالَطَ نَشْرُهُ أَنداءَها(4)
وَ تَنَزَّلَتْ لِلأَرْضِ مِنْهُ كَتائِبٌ *** عَقَدَتْ ملائِكَةُ السَّمَاءِ لِواءَها
يا سِرَّ فاطِمَ ما مَرَرْتَ بِخاطِرٍ *** إلاّ و أهْدَتْهُ السَّماءُ حَباءَها
أَلْبَسْتَ شِيعَتَها رِداءَ كَرامَةٍ *** وَجَلَوْتَ سِفْرَ مَآثِرٍ أبناءَها
تلكَ الّتي أعْطَتْ فَنَطّرَتِ الثَّرَي وَسَمَتْ فجازَ سموُّها جَوْزَاءَها
للعلمِ ما عَقَدَتْ عليهِ ضُلوعَها *** والطُّهْرِ ما مَدَّتْ عليه كساءَها
ما موقفٌ وَقَفَتْهُ بعدَ محمد *** تُعْمِي بصائِبِ رأيِها خُصَماءَها(5)
ص: 480
إلا و كانَ الغُرُّ مِنْ أَبْنائِها *** وَ بَناتِها مِنْ بَعْدِها خُلَفَاءَها
يَحْيَا بِها مَيْتُ البِلادِ فَإِنْ طَغَي *** جَدْبٌ أَراقَتْ كَالرَّبِيعِ دِماءَها(1)
وَهَبَتْ لأُمَّتِها قِطافَ حَيَاتِها *** وَ مَضَتْ تُعانِقُ كَرْبَهَا وَ بَلاءَها
عُرْسُ الشَّهادَةِ ما تَحَفَّزَ ثَائِرٌ *** إلا أعادَ عَلَيْهِ عاشُوراءَها
فَإِذا تَعَشَرَ مَوْكِبٌ فِي زَحْفِهِ *** زَفَّتْ إلي سُوحِ الجهادِ فداءَها
مَرَّ الخلود بها فَقَارَبَ خَطْوَهُ *** وَ مَشَي إليها يَصْطَفي شُهَداءَها
يا صَفْوَةَ اللهِ الَّتي مُدَّتْ لها *** كَفُّ العِنايَةِ فَاصْطَفَتْ آبَاءَها
وَ الرُّوحُ في أُفُقِ السَّمَاءِ مُنَزِّلٌ *** يَرْوِي لِبَضْعَةِ أَحْمَدٍ أَنْباءَها
تَرْضَي فَيَرْضَي اللهُ في مَلَكُوتِهِ *** وَ يَسُوءُ قَلْبَ مُحَمَّدٍ ما ساءَها
وَ تَقُومُ ما قامَ النَّبِيُّ بِلَيْلِهِ *** يُخْفِي النَّشِيجُ(2) عَنِ الظَّلامِ نِدَاءَها
تَرْجُو وَ وَعْدُاللهِ يَمْلأُ قَلْبَها *** وَ يَهُدُّ خَوْفُ وَعِيدِهِ أَعْضَاءَها
ما أَوْمَأَتْ نَحْوَ السَّمَاءِ تَضرُّعاً *** إلا وَ سابَقَ دَمْعُها إيماءَها
فإذا تَجَلَّي للسَّمَاءِ جَبِينُها *** بَدْراً تَساقَطَتِ النُّجُومُ إزاءَها
و أضاءَ مِحْرابٌ تَكَنَّف(3) دكنَهُ *** لَيْلٌ أَحَبَّ الله فيهِ لِقاءَها(4)
يا قِصَّةٌ لِلْمَجْدِ رَدَّدَ بَعْدَها *** تاريخُ أُمَّةِ أَحْمَدٍ أَضداءَها
خَلَدَتْ عَلَي مَرّ العُصورِ فَمَا وَ هَي(5) *** صَرْحُ مِنَ التَّقْوَي أطالَ بقاءَها
كَفُّ لِأَحْمَدَ شَيَّدَتْ أَرْكَانَهُ *** فَرَعَتْ لها عَيْنُ الإله بناءَها
وَ شَرِيعَةٌ لِلْحُبِّ كَوْثَرُ نَبْعُها *** يَجْرِي فَيَمْنَعُ وِرْدَهُ غُرَباءَها
عَهْدٌ لفاطِمَ في ضمائِرِ عُصْبَةٍ *** نَسِيَتْ لَهُ عِنْدَ الوَفاءِ وَفاءَها
ص: 481
حَشَدَتْ علي باب الوَصِيِّ وَ عَبَّاتْ *** أَضْغَانَها(1) و استَنْفَرَتْ غَوْغَاءَها(2)
ما كانَ أَقْساها تُرَوْعُ بَضْعَةً *** من أحمدٍ فَرَض الإلهُ وَلاءَها
و لَقَدْ جَفَتْ حتي تَلَبّدَ أُفْقُها *** بِالظُّلمِ و اشْتَكَتِ البَتُولُ جَفاءَها
أَيكونُ حبُّ مُحَمَّدٍ في قَلْبِهِ *** مَنْ ماتَ حَيْراناً تكنُّ عِداءَها
غَضِبَتْ وَ كانَ اللَّهُ شَاهِدَ سِرِّها *** مُذْ أَعْلَنَتْ لِلْعَالَمِينَ عَناءَها(3)
وَدَعَتْ عليهِ بُعَيْدَ كُلِّ فريضةٍ *** و لقد أجابَ اللهُ فيهِ دُعاءَها؟
فَلَئِنْ بَكَي يَوْماً وَ طالَ شَفَاؤُهُ *** مِنْ هَجْرِها، فَلَقَدْ أطال بكاءَها
ص: 482
(بحر الخفيف)
السيد هاشم الهاشمي
رَحَلَتْ لِلإِلَهِ تَشْكُو أُناساً *** جرّعُوا الطُّهْرَ أَعظَم الأَرْزاءِ(1)
أَوَ لَمْ يَسْمَعُوا الرَّسُولَ وَ كَمْ قال *** بِأَنَّ الزَّهراءَ خَيْرُ النِّساءِ؟
إِنَّ مَنْ أَغْضَبَ البَتُولَ فَقَدْنَا *** صَبَ رَبِّ العِبادِ شَرَّ عِداءِ(2)
كم حديثٍ له عن الطُّهْرِ عَمَّا *** قَدْ حَباها الإلهُ خَيْرَ حباءِ
كم ثناءٍ لِلَّهِ فيها فما يُجْدِي *** ثَناءُ الأقلامِ و الشُّعراءِ(3)
كم لها مِنْ مَناقِبٍ قد تسامتْ *** بِعُلاها علي بني حوَاءِ
قَدْ رعاها النَّبِيُّ يُرْفِدُها عِلْماً *** وَ طُهْراً من مَنْهَلِ الإيحاءِ
وُلِدَتْ من سَنا السَّماءِ و عاشَتْ *** بِهُداها وَ زُوِّجَتْ في السَّماءِ
و تلاقي النُّورانِ في الخُلْدِ كي *** يَخْلُدَ نورُ الشَّرِيعَةِ السَّمْحاءِ
وَ تَلاقَي النُّورانِ فِي الخُلْدِ وَ امْتَدَّ *** لِبُقْيا الأَئِمَّةِ الأُمَناءِ
إِنَّهُمْ غايةُ الخَلِيقَةِ لَوْلاهُمْ *** لَدَبَّ الفَنَاءُ في الأَشياءِ(4)
وَ النَّبِيُّ العَظِيمُ أَنْقَذَ جِيلاً *** مِنْ دُجي الجاهليَّةِ الجَهْلاءِ(5)
ص: 483
حَلَّقُوْا بالهْدَي إلي ذِرْوَةِ المَجْدِ *** وَ كَانُوا فِي هُوَّةٍ عَمْياءِ
هَلْ جَزَاءُ الإِحْسانِ أنْ يَمْنَعُوا *** الزَّهراءَ عَنْ سَكْبٍ دَمْعِها وَ البُكاءِ؟
كَيْفَ لا تَذْرُفُ الدُّمُوعَ وَ قدْ غابَ *** أبوها وَ كَهفُها في البَلاءِ؟
كانَ نِعْمَ الملاذَ يَمْسَحُ عَنْها *** غُصَصَ الدَّهْرِ باليَدِ البَيْضاءِ(1)
كانَ ظِلاًّ تاوِي إليْهِ إذا *** اشْتَدَّتْ عليها لَوَاعِجُ الضَّرَّاءِ(2)
لَقِيَتْ بَعْدَهُ مَصائِبَ شَتَّي *** مِنْ قُلُوبِ مَلِيئةٍ بِالعِداءِ(3)
وَثَبَ القَوْمُ يَطْلُبُونَ أذي العترةِ *** ثَارَ الأَوْثَانِ وَ الآباءِ(4)
غَصَبُوا حَقَّها وَ حَقَّ عَلِيٍّ *** وَ تَناسَوا أمجادَ آلِ العَباءِ(5)
جَحَدُوا بَيْعَةَ الغَدِيرِ بِغَدْرٍ *** بَعْدَما قَدَّمُوا عُهُودَ الوَلاءِ(6)
أسفروا عَنْ تَامُر كَتَمُوهُ *** عَنْ نَبِيِّ الهُدَي بِوَجْهِ الرِّياءِ(7)
أَشْعَلُوا نارَهُمْ بِبابِ ابنةِ المُخْتارَ *** نارَ الأطماعِ و البَغْضاءِ
دَخَلُوا دَارَها فَلاذَتْ وَراءَ البابٍ *** سِتْراً من أَعْيُنِ الأَعداءِ
عَصَروها لِيَكْسِرّ البابُ صَدْراً *** قَدْ حَوَي سِرَّ خَاتَمِ الأَنْبِياءِ
أَسْقَطَتْ «مُحْسِناً» إلي الأَرْضِ مَيْتاً *** وَ تَرامَتْ خَضِيبةً بالدِّماءِ
عَجَباً كم أبادَ لِلْكُفْرِ جَمْعاً *** بحُسام يُرْدِي العِدا بِمَضاءِ(8)
قَيَّدَتْهُ وَصِيَّةٌ من رسولِ اللَّهِ *** حِفْظاً لِلشِرْعَةِ الغَرَّاءِ(9)
ص: 484
رَأتِ الطُّهرُ كيف فَرَّقَ ليلُ الجهلِ *** جيلاً عَنْ سَيْدِ الأَوْصِياءِ
نَهَضَتْ وَ الجِراحُ تَنْزِفُ منها *** وَ جَرَتْ خَلْفَهُمْ بِكُلِ عَناءِ
صَرَخَتْ فيهمُ دَعُوهُ و إلا *** سوف أَشْكُو إِلي الإلَهِ بَلائِي
فأتاها اللَّعِينُ بالسَّوْطِ ليُسكتَ *** مِنْها صَوْتاً شَجِيَّ النِّداءِ(1)
إِنَّ آلامَها ستَشْهِدُ يَوْمَ الحَشْرِ *** ماذا لاقَتْ في الخَفاءِ
سَوْفَ يَسْتَفْسِرُ الجَمِيعُ مَدَي الدَّهْرِ *** لماذا قَدْ ألْحِدتْ في الخَفاءِ
آه لَوْلا جُرْحُ البَتُولَةِ ما كانَتْ *** جِرَاحُ الحُسَيْنِ في كَرْبَلاءِ
ص: 485
(بحر الخفيف)
لأحد الشعراء
يا أخا المُصطفي أزفُّ وَلائي *** لك بشراً في مَولِدِ الزَّهراءِ
وُلِدَتْ و العفَافَ يَنضَحُ منْها *** مُستفيضاً علي بني حَواءِ
و كسَاهَا مِنَ القَداسَةِ بُرْداً *** أين مِنهُ قَداسةُ العَذراءِ
هي أُمّ السبطين بَضعَةُ طه *** زَوجَةُ المُرتَضَي وَ خَيرُ النّساءِ
هِيَ تُفَّاحَةٌ حَبَاهَا لِطه *** مِنْ جِنَانِ الخُلُودِ رَبُّ السّماءِ(1)
حُولَتْ نُطفَةٌ بِأطهَرِ صُلبٍ *** هُوَ أصلِّ لِلصَّفوَةِ الأمنَاءِ
هِيَ صِدِّيقَةُ النساءِ تَسَامَتْ *** بِعُلاهَا مِن نَسلَةٍ حَوراءِ
حَدَّثَتْ أَمَّها وَ كَانَتْ جَنيناً *** في حشَاهَا بِأصدَقِ الأنباءِ
هِيَ ريحانةُ الرَّسُولِ وَ كَانَتْ *** منهُ طيباً تَفُوحُ بالأشذاءِ
هِيَ رُوحٌ مَا بَينَ جَنبَيهِ كَانَتْ *** تَرتَدِي من حَنَانهِ بِرداءِ
فطَمَ اللَّهُ مِن لظي النَّارِ فيها *** كلُّ مولّي لهَا مِنَ الأوليَاءِ
قَالَ طه: دخلتُ جنّةَ عَدنٍ *** في عُروجي بِليلَةِ الإسرَاءِ
فَتنَاولتُ رطبةً هِيَ كَانَتْ *** نُطفَةً للزكيَّةِ الحَورَاءِ
وَ هيَ كَانَتْ تُدعي البتُولَ لِطُهرٍ *** نُزِّهَتْ فيه من جَميعِ الدِّمَاءِ
وَ هيَ في العَرشِ قَبلَ آدَمَ كَانَتْ *** قَبَسَاً زاهِراً لأهلِ السَّمَاءِ
ص: 486
وَ هْيَ كَانَتْ تَزهُو سَنَا لِعليّ *** و ازدهاراً كَالفَرقَدِ الوَضَاءِ(1)
قُطِمَتْ مِنْ جَميع شَرِّ و طَمثٍ *** يعتريها و قُدَّسَتْ بِالثَّنَاءِ
قولاها بَرَاءةٌ لِلمُوالِي *** مِن عَذاب الجحيم يومَ الجَزَاءِ
وَ تَلقَّتْ حَوادِثاً وَ عُلُومَاً *** مِن حديثِ المَلائِكِ الأمنَاءِ
هَاكِ يَا بضعَةِ الرَّسولِ نَشيدِي *** مُستفيضاً مِن بَسمَتِي وَ بُكَائِي
أنا أرجو منكِ الشَّفَاعَة فيهِ *** يَومَ بعثي مَشفُوعَةً بِالشّفاء
ص: 487
ص: 488
1- فهرس الشعراء
2- فهرس التراجم
3- فهرس القصائد و البحور
4- فهرس الموضوعات
ص: 489
ص: 490
الإسم ... المقطوعة
الشيخ إبراهيم بري ... (1)
الشيخ إبراهيم النصيراوي ... (2)
الأستاذ أحمد فهمي ... (3)
محمد الشيخ أحمد الوائلي ... (4)
الأستاذ بشار كامل الزين ... (5)
بولس سلامة ... (6)
الأستاذ تسنيم مهدي (أبوزكي) ... (7)
الشيخ جاسم الخاقاني ... (8)
الأستاذ جعفر الجعفر ... (9)
الأستاذ حسن أحمد العامر ... (10)
الشيخ حسن البحراني القيسي ... (11) (12) (13)
الشيخ حسن الصفار ... (14)
الشيخ حسن طراد العاملي ... (15)
السيد حسين الشامي ... (16)
الشيخ حسين الطرفي ... (17)
الأستاذ سعيد العسيلي العاملي ... (18)
الشيخ سعيد الشيخ علي العوامي ... (19)
الأستاذ سلمان الربيعي (أبو أمل) ... (20)
السيد سلمان هادي آل طعمة ... (21)
الشيخ صادق الشيخ جعفر الهلالي ... (22)
الأستاذ عباس مرتضي عيّاد العاملي ... (23)
الشيخ عبد الجبار الساعدي ... (24)
الشيخ عبد الحسين آل صادق العاملي ... (25)
ص: 491
الشيخ عبدالستار الكاظمي ... (26)
الأستاذ عبدالعباس الأسدي ... (27)
الشيخ عبدالعظيم الربيعي ... (28) (29)
الشيخ عبدالكريم آل زرع ... (30)
الشيخ عبدالكريم النايف ... (31)
السيد عبداللطيف فضل اللَّه ... (32)
الشيخ عبدالمجيد أبوالمكارم ... (33)
الشيخ عبدالمجيد فرج الله ... (34)
السيد عبدالمحسن فضل الله ... (35)
الشيخ عبد المنعم الفرطوسي ... (36)
الشيخ عبد الواحد مظفر ... (37)
الشيخ عفيف النابلسي ... (38)
الشيخ ملا علي آل رمضان ... (39)
ملاّ علي الرمضان الخطي ... (40)
السيد علي الحكيم ... (41)
الحاج علي حمدان الرياحي ... (42)
الشيخ علي ابن الشيخ محمد آل سيف الخطي ... (43)
الشيخ علي شرارة ... (44)
الحاج علي الفراتي ... (45)
الشيخ علي منصور المرهون ... (46)
الحاج علي يوسف المتروك ... (47)
السيد غياث آل طعمة ... (48)
الشيخ فرج العمران القطيفي ... (49)
الشيخ كاظم بن المطر الإحسائي ... (50)
الشيخ كاظم السبتي ... (51)
الشيخ كامل الدرمكي ... (52)
المهندسة كوثر شاهين ... (53)
لأحد الشعراء ... (68)
الحاج محمد آل رمضان الإحسائي ... (54)
الشيخ محمد جواد المطر ... (55)
فهرس الشعراء
ص: 492
الشيخ محمد سعيد المنصوري ... (56)
السيد محمد الشيرازي ... (57)
السيد محمد صالح البحراني ... (58)
الحاج محمد علي الحاج حسين ... (59)
الأستاذ محمد علي الزهيري ... (60)
السيد محمد علي العلي ... (61) (62) (63)
الأستاذ محمد محمد الجنبيهي ... (64)
السيد مرتضي القزويني ... (65)
السيد مسلم الجابري ... (66)
السيد هاشم الهاشمي ... (67)
ص: 493
الشيخ أحمد الوائلي ... 98
الأستاذ بولس سلامة ... 107
الأستاذ حسن أحمد العامر ... 129
الشيخ حسن البحراني القيسي ... 134
الشيخ حسن الصفار ... 144
الشيخ حسن طراد العاملي ... 147
السيد حسين الشامي ... 150
الشيخ حسين الطرفي ... 153
الأستاذ سعيد العسيلي العاملي ... 157
الأستاذ سلمان الربيعي (أبو أمل) ... 165
الأستاذ سلمان بن هادي آل طعمة ... 167
الأستاذ عباس مرتضي عياد العاملي ... 172
الشيخ عبدالجبار الساعدي ... 177
الشيخ عبدالحسين آل صادق العاملي ... 180
الشيخ عبدالستار الكاظمي ... 182
الأستاذ عبدالعباس الأسدي ... 184
الشيخ عبد العظيم الربيعي ... 231
الشيخ عبدالكريم آل زرع ... 244
الشيخ عبدالكريم النايف ... 246
الشيخ عبدالمجيد أبو المكارم ... 254
الشيخ عبدالمجيد فرج اللَّه ... 260
السيد عبدالمحسن فضل اللَّه ... 262
الشيخ عبد المنعم الفرطوسي ... 266
ص: 494
الشيخ عبدالواحد مظفر ... 368
الشيخ عفيف النابلسي ... 370
الشيخ ملا علي آل رمضان ... 375
السيد علي الحكيم ... 388
الشيخ علي شرارة ... 399
الحاج علي الفراتي ... 401
الأستاذ علي يوسف المتروك ... 405
السيد غياث آل طعمة ... 407
الشيخ فرج العمران القطيفي ... 409
الشيخ كاظم بن المطر الاحسائي ... 412
الشيخ كاظم السبتي ... 416
الشيخ محمد جواد المطر ... 433
الشيخ محمد سعيد المنصوري ... 436
السيد محمد الشيرازي ... 441
السيد محمد صالح البحراني ... 445
الحاج محمد علي الحاج حسين ... 450
الأستاذ محمد علي الزهيري ... 454
السيد محمد علي العلي ... 457
السيد مرتضي القزويني ... 472
السيد مسلم الجابري ... 477
ص: 495
-الألف-
نشأت بيثرب طفلة زهراء *** في وجهها وجه النبي تراءي 93
(المقطوعة 1/ بحر الكامل)
جدّد العهد يا نشيد الولاء *** هاتفاً بالوليدة الزهراء 95
(المقطوعة 2/ بحر الخفيف)
لذ بالبتول و ناد بالزهراء *** و اضرع لربك خيفة بدعاء 97
(المقطوعة 3/ بحر الكامل)
كيف يدنو إلي حشاي الداء *** و بقلبي الصديقة الزهراء 98
(المقطوعة 4 / بحر الخفيف)
بدار الوحي يا خير النساء *** حظيت بكل آيات الثناء 105
(المقطوعة 5/ بحر الوافر)
عاد إثر الوقيعة البكر ليث *** رمقته القلوب بالإيماء 107
(المقطوعة 6/ بحر الخفيف)
في استقر و لا ؤكم بدمائي *** يا خير من عاشوا علي الغبراء 112
(المقطوعة 7/ بحر الكامل)
مولاي يابن المرتضي *** يا سبط خير الأنبيا 117
(المقطوعة 8/ بحر الكامل)
تاهت ببنت نبيها الخضراء *** و استبشرت بقدومها الغبراء 122
(المقطوعة 9/ بحر الكامل)
يمّمت ذكري مولد الزهراء *** فطفقت أنظم للمديح ثنائي 129
(المقطوعة 10/ بحر الكامل)
عزّ العزاء عليك يا زهراء *** فلقد دهتك مصيبة شنعاء 134
(المقطوعة 11/ بحر الكامل)
ص: 496
كل فرد منهم زكي مهيمن *** و تراه في العلم و الحلم ممعن 137
(المقطوعة 12/ بحر الخفيف)
عرج بتربة فاطم الزهراء *** و اندب و ناد بحرقة و بكاء 140
(المقطوعة 13/ بحر الكامل)
روعة الحق و العفاف تجلّت *** من محيّا الصديقة الزهراء 144
(المقطوعة 14/ بحر الخفيف)
غابت فغاب شعاعها الوضّاء *** شمس تنار بضوئها الأجواء 147
(المقطوعة 15/ بحر الكامل)
قلبي يذوب أسّي علي الزهراء *** و مدامعي تجري دماً بسخاء 150
(المقطوعة 16/ بحر الكامل)
في إنسية نمتها السماء *** باركتها الخضراء و الغبراء 153
(المقطوعة17/ بحر الخفيف)
عرس النبوة شاع في البطحاء *** فحدت له الأملاك بالجوزاء 157
(المقطوعة 18/ بحر الكامل)
عم فيض الجلال بالرحماء *** بولادة البتولة الزهراء 163
(المقطوعة 19/ بحر الخفيف)
مولد الزهراء *** مصدر الآلاء 165
(المقطوعة 20/ بحر الخفيف)
مرحي بإشراق السنا الوضاء *** غمر الحياة برونق و بهاء 167
(المقطوعة 21/ بحر الكامل)
طال شوقي فصاغه إنشائي *** لحن حب بمولد الزهراء 170
(المقطوعة 22/ بحر الخفيف)
مزّقي صمت أخرفي و المساء *** و اسكبي الشعر في دمي و الضياء 172
(المقطوعة 23/ بحر الخفيف)
ماذا أقول بمولد الزهراء *** فهي البتول و منتهي العلياء 177
(المقطوعة 24/ بحر الكامل)
يا زائراً أرض البقيع وصية *** عني تقبل تربة الزهراء 180
(المقطوعة 25/ بحر الكامل)
في قلبي حب الزهراء ***ينجيني من كل بلاء 182
(المقطوعة 26/ بحر المتدارك)
ص: 497
رويت مسنودة دون خطاء *** عن كريم من سليل الكرماء 184
(المقطوعة 27/ بحر الرمل)
إن داراً بها حديث الكساء *** دار مجد سمت علي الجوزاء 231
(المقطوعة 28/ بحر الخفيف)
قد روينا عن فاطم الزهراء *** بضعة المصطفي حديث الكساء 238
(المقطوعة 29/ بحر الخفيف)
لك يا بضعة النبي الوفاء *** من محب لا يعتريه جفاء 244
(المقطوعة 30/ بحر الخفيف)
ذابت لفرط صبابتي أحشائي *** فلذاك طال تلهفي و بكائي 246
(المقطوعة 31/ بحر الكامل)
هتف البيان بمولد الزهراء *** سر الوجود و شمس كل سماء 248
(المقطوعة 32/ بحر الكامل)
أصبح الكون ضاحكاً بالهناء *** مستنيراً بنور ست النساء 254
(المقطوعة 33/ بحر الخفيف)
في المدي... حيث تجثم الظلماء *** و السّبات العميق دنيا خواء 260
(المقطوعة 34/بحر الخفيف)
أغمض الطرف فالسنين ورائي *** تروي أحداثها علي استحياء 262
(المقطوعة 35/ بحر الخفيف)
يا أخا المصطفي أزف ولائي *** لك بشراً في مولد الزهراء 266
(المقطوعة 36/ بحر الخفيف)
ماء الفرات صداق للبتولة قد *** صح الحديث و جاءت فيه أنباء 368
(المقطوعة 37/ بحر البسيط)
زهراء يا بيت العلي الوضّاء *** يا نجمة الساري بكل مساء 370
(المقطوعة 38/ بحر الكامل)
شع نور البتول ست النساء *** فاعتدي الكون مشرقاً بالسناء 375
(المقطوعة 39/ بحر الخفيف)
لم يكن بعد موته أحد أعظم *** حزناً في عالم الأحياء 380
(المقطوعة 40/ بحر الخفيف)
شمخت فبان الطّور من عليائها *** و زهت فشعّ النور من سنائها 388
(المقطوعة 41/ بحر الكامل)
ص: 498
أي يوم يجل فيه العزاء *** و مصاب يطيب فيه البكاء 390
(المقطوعة 42/ بحر الخفيف)
أفبعد فاطمة البتول و دفنها *** بالليل عين لا تجود بمائها 398
(المقطوعة 43/ بحر الكامل)
رزء أطلّ فجل في الأرزاء *** زفراتها هبت علي الغبراء 399
(المقطوعة 44/ بحر الكامل)
أشرقت الدنيا مع السماء *** بمولد الصديقة الزهراء 401
(المقطوعة 45/ بحر السريع)
حق البكاء لفاطم الزهراء *** بنت النبي كريمة الآباء 403
(المقطوعة 46/ بحر الكامل)
طائر البشر في ربي البطحاء *** يتغني بمولد الزهراء 405
(المقطوعة 47/ بحر الخفيف)
قد كان في أرض الحجاز عناء *** فدم يراق و تستباح نساء 407
(المقطوعة 48/ بحر الكامل)
كيف أسلو و نكبتي فقماء *** و بقلبي أحاطت الأرزاء 409
(المقطوعة 49/ بحر الخفيف)
ضحكت بروق الخصب بالفيحاء *** فهمت جفون غمامها ببكاء 412
(المقطوعة 50/ بحر الكامل)
خذي يا عين ويحك بالبكاء *** علي الزهراء سيدة النساء 416
(المقطوعة 51/ بحر الوافر)
خلّ الحزين بهمه و بلائه *** و بوجده و حنينه و بكائه 421
(المقطوعة 52/ بحر الكامل)
أيقظ حروف الشعر ذاك ولائي *** للمصطفي الهادي غدي و رجائي 428
(المقطوعة 53/ بحر الكامل)
صلة الأرض ضوعفت بالسماء *** أم هي الأرض مصدر الأضواء 431
(المقطوعة 54/ بحر الخفيف)
أسعفيني بفيضك المعطاء *** إنه سلّمي إلي العلياء 433
(المقطوعة 55/ بحر الخفيف)
ما انفك صوت تزفري و بكائي *** يعلو لجانب حسرتي و عنائي 436
(المقطوعة 56/ بحر الكامل)
ص: 499
تبهر الكون من سناك ذكاء *** و لعالي بناك تعلو السماء 441
(المقطوعة 57/ بحر الخفيف)
لأهل الأرض فاقت و السماء *** فخصت باسم سيدة النساء 445
(المقطوعة 58/ بحر الوافر)
غصص المصائب ألهبت أحشائي *** فأشرت نحوك سيد الشهداء 450
(المقطوعة 59/ بحر الكامل)
قد فجّر الشوق العظيم ولائي *** متدفقاً كالنبع من أعضائي 454
(المقطوعة 60/ بحر الكامل)
أترع الكأس مديحاً و ثناء *** و أدرها كي توفّينا الرواء 457
(المقطوعة 61/ بحر الرمل)
باركي حفلنا هبيه ارتقاء *** إننا منك نستمد العلاء 460
(المقطوعة 62/ بحر الخفيف)
هلّلت باسم عيدك الأجواء *** يا سماء و أين منك السماء 463
(المقطوعة 63/ بحر الخفيف)
لعجزي عن مديحكم و الثناء *** و ما بعطائكم يحكي العطاء 467
(المقطوعة 64/ بحر الوافر)
ساورتني الهموم و اللأواء *** و غزتني الأسقام و الأدواء 472
(المقطوعة 65/ بحر الخفيف)
النور فاض بمكّة فأضاءها *** فلتنسج البطحاء منه رداءها 477
(المقطوعة 66/ بحر الكامل)
رحلت للإله تشكو أناساً *** جرّعوا الطهر أعظم الأرزاء 483
(المقطوعة 67/ بحر الخفيف)
يا أخا المصطفي أزفّ ولائي *** لك بشراً في مولد الزهراء 486
(المقطوعة 68/ بحر الخفيف)
ص: 500
الإهداء ... 6
تقريظ ... 7
تأريخ التقريظ لكتاب الفاطميات ... 8
كلمة الديوان ... 9
أول الكلام ... 9
من خصائص فاطمة عليها السلام ... 13
الحوراء الإنسية عليها السلام ... 13
البتول عليها السلام ... 14
المنقطعة إلي ربّها ... 17
فاطمة عليها السلام قطب البيت ... 20
من سمات علي عليه السلام ... 22
وأما فاطمة عليها السلام ... 23
في مدرسة علي و فاطمة ... 26
فاطمة عليها السلام في بيتها ... 28
عطاء و إيثار ... 30
فاطمة عليها السلام محور الكمال ... 33
ماذا تعني فاطمة عليها السلام ... 36
فاطمة عليها السلام في الشعر و الأدب ... 38
دوافع الشعراء ... 40
الأول: دافع العقيدة ... 40
شعراء العقيدة ... 41
ص: 501
الكميت الأسدي ... 41
السيد الحميري ... 45
العبدي الكوفي ... 47
دعبل الخزاعي ... 48
الثاني: دافع الولاء و المحبة ... 2
(شعر الولاء) ... 55
(شعر الرثاء) ... 58
الثالث: دافع النصرة ... 59
فاطمة و الحسين عليهما السلام قضية واحدة ... 63
الشعراء بين فاطمة و الحسين عليهما السلام ... 68
فاطمة و الحسين عليهما السلام في المحشر... 72
أهل البيت عليه السلام والشعر ... 72
شواهد تاريخية ... 76
من شعر الزهراء عليها السلام ... 78
كلمات في عظمة فاطمة عليها السلام ... 83
ملاحظات أخيرة ... 88
قافيةٌ الألف
(1) بنت النبي ... 93
(2) نبع المكارم ... 95
(3) لُذ بالبتول ... 97
(4) الزهراء عليهماالسلام ... 98
(5) دار الوحي ... 105
(6) زواج علي عليهماالسلام ... 107
(7) حمي الزهراء عليهماالسلام ... 112
(8) سيدة النساء ... 117
(9) هتف البشيرُ ... 122
ص: 502
(10) روح النبي... 129
(11) بَيْتُكِ السَّامِي ... 34
(12) درةُ المجد ... 137
(13) أبكي عَلَيْكِ ... 140
(14) حياة الزهراء عليها السلام ... 144
(15) البضعة الزهراء عليها السلام ... 147
(16) ومَضَت إلي الرحمن ... 150
(17) الإنسية الحوراء ... 153
(18) عرس الزهراء عليهاالسلام ... 157
(19) مختارة الرب ... 163
(20) بنت الهادي ... 165
(21) فخر النساء ... 167
(22) باركوا اليوم للبشير ... 170
(23) فيض الوجود ... 172
(24) في رحاب الزهراء عليهاالسلام ... 177
(25) تربة الزهراء عليهاالسلام ... 180
(26) حب الزهراءعليهاالسلام ... 182
(27) القرار الظالم.. والدفاع البطولي الفذ ... 184
الرواية ... 184
الزهراء عليهاالسلام تخرج للدفاع عن حقها ... 185
دخولها علي عليه السلام أبي بكر... 185
الحمد والثناء ... 186
عرفانها ... 187
البعثة وأسبابها ... 189
حديثها عن النبي عليه السلام دعوته ووفاته ... 190
واختيار ورغبة وإيثار ... 190
ص: 503
خطابها بالحضور وإشعارهم بالمسؤولية ... 191
حديثها عن القرآن ... 192
ذكرها لعلل الإحكام و فلسفتها ... 193
تذكرتها وإنذارها لهم ... 195
خطبتها عليهاالسلام في المسجد ... 192
إنّي فاطمة عليها السلام و أبي محمّد صلي اللهِ والهِ وسلم ... 196
ذكرها لأوصافه وتبليغه لرسالته ...197
ذكرها لإنجازاته ...197
ذكرها لحالتهم قبل البعثة ... 198
ذكرها لمعاناته ... 199
ذكرها لمواقف عليّ عليه ُالسلام ... 199
تذكرهم بمواقفهم المتخاذلة ... 200
تخبرهم عن نفسياتهم و رجوعهم إلي الجاهلية ... 200
تحذّرهم من إطاعة الشيطان و سوء العواقب ... 201
دعوتهم للتفكّر بالقرآن و الرجوع إليه ... 202
تألّمها و توجّعها من مواقفهم ... 203
تحذّرهم من مغبة حكمهم بعدم وراثتها ... 204
توبّخهم علي سكوتهم ... 205
خطابها لأبي بكر في المسجد ... 206
أترث أباك و لا أرث أبي ... 206
لقد جئت شيئاً فرياً! ... 206
دلائلها في الإرث ... 207
أولست وأبي ... 207
تهديدها له بيوم الجزاء ... 208
كلامها مع الأنصار ... 208
ما هذه الغميزة في حقّي ... 209
ص: 504
سرعان ما أحدثتم، و عجلان ذا إهالة ... 209
وأُزيلت الحرمة عند مماته ... 210
الإنقلاب علي الأعقاب ... 211
أأهضم تراث أبي...؟ ... 212
توافيكم الدعوة فلا تجيبون! ... 212
و أنتم موصوفون بالكفاح ... 213
دارت بنا رحي الإسلام ... 213
فَأَنَّي حِرْتُم بعد البيان؟ ... 214
الخلود إلي الدنيا و إبعاد من هو أحقّ بالبسط و القبض ... 214
الخذلان و الغدر ... 215
حجّتها عليهم ... 216
نتائج الخذلان و الغدر ... 216
فاعملوا إِنَّا عاملون ... 217
جواب أبي بكر ... 218
ذكره لصفات أبيها ... 218
اعترافه بتَسَبها و زوجها و مكانتهم ... 218
اعترافه بصدق قولها ... 219
اعترافه بعقلها، و حقّها ... 219
الإدعاء الكاذب ... 220
صرف الأموال المغتصبة في الجهاد ... 220
محاولته لتطييب خاطرها ... 221
جواب فاطمة الزهراء عليها السلام لأبي بكر ... 222
ردّ الإدعاء بالبيان و البرهان و الحجة ... 222
هذا كتاب اللَّه حكماً عدلاً ... 222
بل سوّلت لكم أنفسكم أمراً ... 223
جواب أبي بكرٍ لها عليها السلام... 224
ص: 505
لا أُبعد صوابك ... 224
إلقاء اللوم علي المسلمين ... 224
فاطمة الزهراء عليها السلام توجّه الخطاب إلي الحاضرين ... 225
بَل رانَ عَلي قلوبكم ... 225
جزاء الأعمال السيئة و عواقبها ... 225
رجوعها إلي الدَّار و كلامها مع زوجها ... 227
ثُمَّ انْكَفَأَتْ عليه السلام ... 227
كلمة عتاب لها مع عليّ عليه السلام ... 227
تخبره بالموقف ... 228
ليتني متُ قبل هينتي ... 228
مات العمد، و وهنّ العضد ... 229
نهنهي عن وجدكِ ... 229
حسبي اللَّه ... 230
التسليم لأمر الإمام ... 230
(28) أي ذنب لفاطم عليها السلام ... 231
(29) حديث الكساء ... 238
(30) و حسبكِ فخراً ... 244
(31) نطق الكتاب بفضلها ... 246
(32) سرُّالوجود ... 248
(33) ابنة النور ... 254
(34) شمسُهُ الزهراء عليها السلام ... 260
(35) أم أبيها عليها السلام ... 262
(36) ملحمة أهل البيت العلم عليهم السلام ... 266
فضائل الصديقة فاطمة عليها السلام ... 287
ما ورد في القرآن في فضلهاعليها السلام ... 305
حَدِيثُ الكِسَاء ... 311
ص: 506
خطبة الزهراء عليها السلام في مسجد الرسول صلي الله عليه و آله و سلم ... 320
احتجاج الزهراء عليها السلام علي أبي بكر ... 342
عليٌّ و الزهراء عليهما السلام ... 347
خطبة الزهراء عليها السلام ... 350
احتجاج الصِّدِّيقةِ فاطمة عليها السلام بحديث الغديرِ ... 355
(37) صداق البتول ... 368
(38) قدوة النساء ... 370
(39) شع نور الزهراء عليها السلام ... 375
(40) الجوهر الفرد ... 380
(41) أشرقت الحياة ... 388
(42) بضعة المصطفي صلي الله عليه و آله و سلم ... 390
(43) قضت مكضومة ... 398
(44) تعج فاطمة عليها السلام ... 399
(45) بشراك يا دنيا عليها السلام ... 401
(46) في آية التطهير ... 403
(47) مولد الزهراء عليها السلام ... 405
(48) أم الأئمة ... 407
(49) سرّ الوجود ... 409
(50) الطهر البتول عليها السلام ... 412
(51) سيدة النساء عليها السلام ... 416
(52) حبيبة أحمد ... 421
(53) بضعة المختار ... 428
(54) دوحة النور ... 431
(55) خيرُ النساء ... 433
(56) بعد النبي صلي الله عليه و آله و سلم ... 436
(57) فاطم الطهر ... 441
ص: 507
(58) خامسة الكساء عليها السلام ... 445
(59) إيذاؤها إيذائي ...450
(60) نور البضعة الزهراء عليها السلام ... 454
(61) ابنة المختار ... 457
(62) كعبة المجد ... 460
(63) في رحاب الطهر ... 463
(64) ليس يعلوها عَلاءُ ... 467
(65) يا مولاتي يا فاطمة عليها السلام أغيثيني ... 472
(66) قطوف طوبي ... 477
(67) مصائب الزهراء عليها السلام ...483
(68) صدّيقة النساء ...486
الفهارس العامة ... 489
1- فهرس الشعراء ... 491
2- فهرس التراجم ... 494
3- فهرس القصائد و البحور ... 496
4- فهرس الموضوعات ... 501
ص: 508
اَلْفَاطِمِيَّاتُ
مَشَاعِرِ اَلْوَلاَءِ فِي قَصَائِدِ اَلزَّهْرَاءِ علیها السلام
اَلْفَاطِمِيَّاتُ
مَشَاعِرَ الوَلَاءِ في قَصَائِدِ الزَهَرَاءِ علیها السلام
اَلْخَطِيبِ اَلشَّيْخُ عَلِيٌ حَيْدَرُ اَلْمُوَيَّدَ
اَلجُزْءُ الثَّانِي
دارالعلوم لتحقيق و الطباعة و النشر و التوزيع
جميع الحقوق محفوظة الطبعة الأولى
1426 ه_ - 2005م
ص: 1
ص: 2
اَلْفَاطِمِيَّاتُ
مَشَاعِرَ الوَلَاءِ في قَصَائِدِ الزَهَرَاءِ علیها السلام
اَلْخَطِيبِ اَلشَّيْخُ عَلِيٌ حَيْدَرُ اَلْمُوَيَّدَ
اَلجُزْءُ الثَّانِي
دارالعلوم لتحقيق و الطباعة و النشر و التوزيع
ص: 3
جميع الحقوق محفوظة الطبعة الأولى
1426 ه_ - 2005م
دارالعلوم لتحقيق و الطباعة و النشر و التوزيع
المكتبة : حارة حريك - بئر العبد - شارع السيد عباس الموسوي - الهاتف: 01/545182 - 03/473919 - ص.ب : 13/6080
المستودع: حارة حريك - بئر العبد - مقابل البنك اللبناني الفرنسي - تلفاكس: 01/541650
www.daraloloum.com. Email: daraloloum@hotmail.com
ص: 4
بسمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ * ايَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ علَيْهِمْ وَلَا الضَّالِينَ
ص: 5
ص: 6
(بحر السريع)
حَيَّ أبا أحمد في حفظه *** تراث أمجاد و سادات
بالكلم الطيب أعماله *** يرفعها نحو السموات
و هو كميت العصر في جمعه *** أعاد مجد «الهاشميات»
ينصر آل المصطفى حافظاً *** تراثهم من شر آفات
مهاجرٌ فرّق أيّامه *** يجمع منها خير أشتات
مخدرات السرّ قداسكنت *** من رائع الشعر بأبيات
فيها من الروعة ما سحره *** ينسيك سحر الأصمعيات
أكرم به من سابق جائلٍ *** منن أدب الآل بساحات
يا ذاكر الزهراء سجّل له *** سبقاً على الحاضر و الآتي
أهلاً فارخ (و بعلي أتى *** يصحب ركب الفاطميات)
السيد مسلم الجابري
1418ه_
ص: 7
(بحر البسيط)
دوّنتَ ما قيل شعراً في مَعاليها *** و أين للشعرِ أن يَرقى مراقيها
أَنْعِمُ بها و هي الزهراءُ فاطمةٌ *** و مَن فضائلها قد عزَّ مُحصيها
قد صاغها اللهُ من مكنونِ حكمتهِ *** في عالَم الذرِّ نوراً جلَّ باريها
ما يَبْلغُ الشعرُ في الزهراءِ ممتدحاً *** و هل تُنالُ الثريّا في تساميها
قد فاز و اللهِ في الدارين مغتبطاً *** مَنْ أصبحَ اليومَ يُدعى منْ محبّيها
في كل قطرِ لأهلِ البيت مقبرةٌ *** حضيرة القدسِ ما كانتْ تُضاهيها
قد أصبحت كعبةً يهفو لها ولهاً *** من الخلائقِ قاصيها ودانيها
ألم تكنْ آيةُ التطهير قد نزلتْ؟ *** بحقهم إنْ تناسى اليومَ ناسيها
أينَ المودّةُ في القُربى و قد حُرِقَتْ *** دارٌ و فاطمةٌ بنتُ الهدى فيها
أين الوفاءُ و أينَ الدين من زُمَرٍ *** أضحتْ إلى اليومِ من أعدى أعاديها
ألم يقلْ بضعتي الزهراءُ يُؤلِمني *** ما كانَ يُؤلمها يوماً و يؤذيها
و هذه كتبُ التاريخِ مسندةٌ *** عن النبي لسانُ الحقِّ يَرْوِيها
فالجاهليةُ ما زالتْ تناصِبُها *** شرِّ العداءِ و نارُ الحَقْدِ تُذْكِيها
قَدَّمْ (أبا أحمدٍ) في خيرِ مُكتسبٍ *** تَرْجو به اللهَ تنويراً و تفقيها
فهذه خيرُ آياتٍ تُقدِّمُها *** من البيانِ إلى الزهراءِ تُهْدِيها
أحمد الشيخ محمد السماوي
ص: 8
ص: 9
ص: 10
(بحر البسيط)
الشيخ إبراهيم النصيراوي
أَكْبَرْتُ ذِكْراكِ لا يرقى لَهَا أدبي *** فَيْضٌ مِنَ الوَحْيِ أَمْ سِرٌّ مِنَ العَجَبِ
في كُلِّ عام لَهُ لَحْنٌ عَلَى وَتَرٍ *** يَرِثُ في مَسمَعِ الدُّنيا بلا نَصَبِ
أكْبَرْتُ فيكِ حياةً ما لها شَبَهٌ *** كَالأنبياءِ حَوَتْ مِنْ أفْضَلِ الرُّتَبِ
يا رَحْمَةً لِوُجُودِ الكَوْنِ أَجْمَعِهِ *** وما سِواكُمْ لِهَذا الفَيْضِ مِنْ سَبَبِ
يا أُمَّ جِيلٍ تَخَطّى كُلَّ داجِيَةٍ *** حَتّى تَفَرَّدَ مِشكاةً مِنَ الشُّهُبِ(1)
بِنْتُ النَّبِيِّ وَ حَسْبِي أَنها خُلِقَتْ *** وِتْراً(2) لِطه وَ لَمْ تُشْفَعْ لأي نَبِيِّ
أَكْبَرتُ ذكراكِ أَنّ الحَرْفَ يُعْجِزُهُ *** أَنْ يَسْتَطِيلَ لِأُفْقِ مُشْرِقٍ رَحِبِ
ماذا سَأَكْتُبُ وَ الآيات ظاهِرةُ *** وَ الحَقُ حَقٌّ وَإِنْ قَدْ دِيفَ(3) بالكَذِبِ؟
هل تُحْجَبُ الشَّمْسُ عَنْ أَنوَارٍ طَلْعَتِها *** كَلاً و أَنْوَارُها تَبْدُو مَعَ الحُجُبِ؟
***
يا لَيْلَةً بِجُمادَى كُنْتُ أَحْسَبُها *** كَلَيْلَةِ القَدرِ فِي فَيْضٍ وَ فِي أَرَبٍ(4)
ص: 11
عجِبْتُ كَيْفَ سُرُورُ الأَرْضِ إِذْ وَضَعَتْ *** خَدِيجَةٌ بِنْتَها فِي مَرْبَعٍ جَدِبِ(1)
تَرَفْعَتْ عَنْ نِساءِ الْأَرْضِ تَحْضُنُها *** فَخَصَّها بِنِسَاءٍ طِبْنَ في النَّسَبِ
هِيَ البَتُولَةُ صاغَ اللَّهُ نُطْفتَها *** وَ قَالَ: كُونِي فَكانَتْ خَيْرَ ذِي حَسَبِ(2)
أم الأئمةِ مَنْ يُحْصِي فَضائِلَها *** أَنَّى وَ قَدْ مُلِئَتْ في وَصْفِها كتُبي!
وَإِنَّ بَعْضَ مَعانِيها يُرى عَجَباً *** وَ بَعْضَ أوصافِها في غايَةِ العَجَبِ
تَجَرَّعَتْ من خُطوبِ الدَّهْرِ أفظَعَها *** كأنّها خُلِقَتْ لِلْوَجْدِ و النُّوَبِ(3) (4)
ص: 12
(بحر السريع)
الشيخ أحمد ابن الشيخ حسن الدمستاني
يَا نَاقِصَ العَقْلِ البَلِيدِ الغَبِي *** وذا الفؤَادِ الطائِشِ المَرْعَبِ(1)
حَامَ طُولُ النَّوْحِ وَ المَنْدَبِ *** لِدَارِسِ المُنْزِلِ و المَلْعَبِ
***
تَبْكِي أَنَاساً حَتْفُهُم غَالَهُمْ *** مُسْتَعْبِراً تَسألُ أَطلَالَهُمْ(2)
و فِتْيَةً قَطَّعَ أوْصَالَهُمْ *** صَرْفُ الرَّدَى بِالنّابِ و المِخْلَبِ
***
ما لكَ حَزناً لِلْبُكَا مُدْمِنُ *** عَلى طُلولٍ مَا بِهَا قَطِنُ
ما ذاك إلا سَفَهٌ بَيِّنُ *** لايَبْلغ المرءُ إلى مَطْلَبِ
***
كَمْ مِنْ جَهولٍ دمعُهُ قَدْ حَكَى *** لَواطِفَ المُزْنِ وَ وَجْداً شَكَى(3)
لايَحْسُنُ النَّوْحُ وَ طُولُ البُكَا *** الأعَلَى الأظهَارِ آلِ النَبي
***
هُمْ أَوْضَحُ الآي عَلَى صِدْقِهِ *** مُشَارِكُوهُ مُوضّحُو طُرْقِهِ
ص: 13
هُمْ حُجَجُ الله عَلَى خَلْقِهِ *** طُرّاً مِنَ الحُضَرُ و الغُيَّبِ
***
قَالَ رَسُولُ اللَّه في حَقِّهِمْ *** مُؤكَّدَاً يُوْصِي عَلَى بِرهِمْ
بُكاؤهُمْ وَ النَّوْحُ في رُزْنِهِمْ *** يُكفِّرُ الذُّنْبَ عَنِ المذْنِبِ
***
وَحَيْثُ كانُوا للبَلَا مَرْكَزَا *** كَانَ بُكَاهُمُ المَحِبَا مُنْجِزَا
وَ يَبْلُغُ المَرْءُ بِيَوْمِ الجَزَا *** إلى النَّعِيمِ الأدْوَمِ الأطيَبِ
***
هُمْ أَفْضَلُ الخَلْقِ وَ خَيرُ المَلَا *** الأَقْرَبُونَ الأنْجَبُونَ الأُلى
بلائهُمْ أعْظَمُ كلِّ البَلا *** لأنّهُ الأقْرَبُ للأقرَبِ
***
ما منهُمُ الأمُصَابٌ بِذِي *** كُفْرِشَديدٍ وَ لِسَانٍ بَذِي(1)
أما رَسُولَ اللَّهِ فَهُوَ الَّذِي *** حَوْصِرَ في الشَّعبِ بِلا مُوجِبِ
***
فَطَالَمَا جَارَ عَلَيْهِ العِدَا *** وَ عَرَّضُوهُ لِسِهَامِ الرّدَى
وَ أَوْعَدُوهُ القَتْلَ حَتَّى غَدَا *** مُسْتَتِراً في الغارِ بالعَنْكَبِ
***
كُمْ ذِي نِفَاقٍ حَسَداً عانَهُ *** تَشَرَّدَ الكفّارُ أَعوانهُ
وَكَسَرُوا في الحَرْبِ أسْنانَهُ *** وَ هَدَّمُوا مِنْ تَغْرِهِ الأَشْنَبِ
ص: 14
***
كَمْ نَقَضُوا أَمْراً لَهُ أَبْرَمَا *** وَ حَلَّلُوا شَيْئاً لَهُ حَرَّمَا
و اغْتَصَبُوا حَقَّ عَلَيَّ وَ مَا *** لَهُ مِنَ الإمْرِةِ و المُنْصِبِ(1)
***
تَعَاقَدُوا أَلا يُطِيعونَهُ *** وَ قَلّدُوا أَمْرَهُمُ دُونَهُ
و اسْتَضْعَفُوهُ إذْ يَقُودُونَهُ *** مُلَبَّباً يُعْزَلُ عَنْ مَنْصِبِ
***
قَدْ أَظْهَروا إسْلامَهُمْ حِيلَةً *** بالكفْرِ و الإِلحَادِ مَوْصُولَةً
ثمّ اسْتَباحُوادَمَهُ غِيلَةً *** بِسَيْفِ أَشْقَى كَافِرٍ مُذْنِبِ(2)
***
وَآثَرُوا الدُّنْيا و أخبَاثَها *** قَدْ آمَنُوا الأُخْرَى و أَحْدَاثَهَا
و اغْتَصَبُوا الزَّهْرَاءَ مِيراثها *** وَ خَالَفُوا مَا قَالَ فِيها النّبِي(3)
ص: 15
سُحْقاً لَهُمْ قَدْ أَثَرُوا مَا يَضُرْ *** حَتَّى أَضَلُّوا النَّاسَ عَبْدَاً وَ حُرْ
و الحَسَنُ الزاكي أذاقوْهُ مُرُ *** المَوْتِ إِذْ سَموهِ في المشْرَبِ
***
كمْ بَدْرُ تَمَّ في الوَرَى ازْهَرَا *** قَدْغَيّبوهُ في طِبَاقِ الثّرى
وَ أَعْظَمُ الأرزاءِ أَمْرٌ جَرَى *** في كَرْبَلا مِنْ فَادِحٍ أَعْصَبِ(1)
***
مَا بَعْدَهُ كانَ وَ لَاقَبْلَهُ *** خَطبٌ عَظِيمٌ فَادِحٌ مِثْلُهُ
مَا وَلَدَتْ أمُّ الرَزَايَا لَهُ *** مِنْ مُشْبِهِ في سَالِفِ الأعْقُبِ
***
كَمْ مِنْ كُبودٍ مِنْهُ قَدْ أَحْرِقَتْ *** وَ أَعْيُنِ في دَمْعِهَا أُغْرِقَتْ
غَدَاةَ سِبْطَ المُصْطَفَى أَحْدَقَتْ *** بِهِ جنودُ الكفْرِ في مَوْكِبِ
ص: 16
لَمْ يَبْصِرُوا نَهْجَ هَدَىً مِنْ عَمَى *** كَلَّا وَ لَاخَافُوا إِلَهَ السَّما
عِدْتُهُمْ سَبْعونَ أَلْفاً وَمَا *** لَهُمْ سِوَى الإِلْحَادِ مِنْ مَذْهَبِ
إلى أن يقول:
قَدْ ضَيْفُوا في الأسْرِ أَغْلَالَهَا *** وَ غَيّروا بالضَرْب أَحْوَالَها
وَ زَيْنَبٌ تَدْعُو لِمَانَالَهَا *** يَاغِيْرَةَ اللَّهِ لَنَا فَاغْضَبِي
***
يَا جدَّنَا فَقْدُ أَخِي مَضَنِي *** وَ ثِقْلُ ما بِي مِنْ أسَىً كظّني(1)
يَا أمَّنَا الزهراءَ إِنْ تَحْزَنِي *** لِفَقْدِ شَيْءٍ فَاحْزَنِي و انْدُبِي
***
يا أمّنَا قَدْ سَبّ عِرضي البَذِي *** و أسْهَر الأحزَانَ طَرْفي القَذِي
قَدْ وَقَعَ اليومَ عَلَيْنَا الَّذِي *** تَخْشَيْنَه مِنْ قَبْلِ أَنْ تَذْهَبِي
***
فَرخُكِ يَا زَهْراءُ و الملْتَجَى *** وَ كَنْزُنا الغَالي و كَهفُ الرَجَا
عَزيزُكِ المأمولُ و المرتَجَى *** و غَايَةُ البُغْيَةِ و المطْلَبِ(2)
***
يا أمّنا الزَهْرا عَلَيْهِ اعْتَدَى *** وَسُلِّطَ اليومَ عَلَيْهِ العِدَا
أَخِيْ حُسَيْنٌ وَ عَزِيزِي غَدَا *** يُذْبَحَ ذَبْحَ الشَاةِ في المقْصَبِ
***
يا أمْنَاهَا رَأْسُه في القَنَا *** يُسْرَى بِهِ جَهْراً وَ يُسْرَى بِنَا
و السيِّدُ السجَّادُ مَا بَيْنَنَا *** فِي الأَسْرِ فَوْقَ الأَعْجَفِ الأَجْرَبِ(3) ذ
ص: 17
(بحر الكامل)
الدكتور أسعد علي
المُقْتَدِي بِمُحَمَّدٍ مَس الأدَبْ *** وَ كِتابُهُ ما مَسَّه إلا النُّجُبْ(1)
لامَوْتَ لِلصَّافِي بِحُبِّ مُحَمَّدٍ *** وَ آلِهِ... فكُنِ الصَّفَاءَ جَرَى بِحُبْ
لتقيمَ حَوْلَ الشَّاطِنَينِ حَضارَةً *** فُرقانُ أَمرِكَ: بالتَّروِّي... وَ انتَخِبْ(2)
لَيْسَ التُّرابُ كَما يُظَنُّ قَضِيَّةً *** إنَّ القَضِيَّةَ أنْ تُرى بالحُبِّ أَبْ
وَ الشَّعْرُ يَنْبُعُ من صَداقَةِ صادِقٍ *** عَذْباً يُوثَّرُ بِالبَعِيدِ فَيَقْتَرِبْ
عَرَبيُّ مَعْنِّى يَسْتَقِيمُ وُجُودَنا *** فَتُفَتِّحُ الأقوام أعيُنَها لِرَبْ
أَتَظُنُّ يُبْصِرُ جَنَّتَيْكَ ذَوُو العَمَى *** لُغَةُ الأُسُودِ... بَغِيضُها: ذئبُ و دُبْ
عَمِيَتْ قُلُوبُ الواقِعِينَ بأَسْرِهِ *** إبْلِيسُ لَبَّسَ مَن تَرى كَأَبِي لَهَبْ
فَاصْعَدْ بِقَلْبِ حُروفنا... عَظُمَ الرَّجَا *** حَسَني إبداع البراعَةِ بالنَّسَبْ
بَيْتُ البَدِيعِ عَلى الذُّرى مُتَنَزِّهٌ *** بِعَبِيدِهِ مِثْلُ المُنى أدباً و طِبْ
في مُرتقى «إفِرِسْتَ» تُسْفِرُ مُقْلَةٌ *** فترى بها الإبداعَ يَفْتَرِشُ الدَّابْ(3)
و تَرَى تُغُورَ الشَّمْسِ تَنْفُخُ شُعْلَةً *** في الثَّلْجِ تَجْعَلُهُ نُهُوراً مِنْ ذَهَبْ(4)
وَ تَراكَ مُنْجَذباً إلى ذَوْبِ الكَرَى *** و يَذُوبُ عنكَ الجِسْمُ و الفِتَنُ الكُرَبْ(5)
ص: 18
و يَسِيلُ سَيْلٌ ياؤُه مَدْعُومَةٌ *** تَلِدُ السَّماواتِ السَّوافِرَ في السُّحُبْ
وَ تَعِيشُ عَيْنَ حياتِها في جَذْبَةٍ *** حَتَّى «بِبِرْمُودًا» يدومُ المُنجذبْ
وَ تَكونُ في صَيْرُورَةٍ تَرْوِي المَدَى *** بِحَنِينِ آدَمَ مُدَّ في الضّلْع الأقَبْ(1)
رَحْمَنُ آلاءٍ يُمَوْجُها الجَنَى *** في الشَّمْسِ و القَمَرِ الشُّعُوبُ لها رُتبْ
أسبوعُ تَوْحِيدٍ يُصَحِّحُ رُؤْيَةً *** زاغَتْ بها الأَبْصارُ عن نَجْمٍ ثَقَبْ
وَ لِصِحَّة الرُّؤْيا نُدَرِّبُ عالماً *** فإذا الربيعُ بِرُوح يُشْرِينَيْنِ شَبْ
وإذا الخَرِيفُ مَوَائِدٌ صَيْفِيَّةٌ *** و إِذا الشَّتاءُ شَرابُ جَنَّاتٍ سُكِبْ
بَيْنَ المَدِينَةِ وَ الشَّام لنا قِبَبْ *** لِلْحِجْرِ صالِحُها و ناقَتَهَ احتَلَبْ(2)
فَخُذوا الكؤوسَ وَ رنِّموا في مولدٍ *** قَدِمَ الحَبِيبُ وَ رَحْمَةُ الهادي الطَّرَبْ
يا مَنْ شَرِيعَتُهُ السَّعادةُ كُلُّها *** حَيَوانُ جنَّتِكَ الثَّرَيَّاتُ الهُدُبْ(3)
وَ جَمالِ عَيْنِكَ لا يُقالُ ضِياؤُه *** فَهُوَ الحَياةُ بِذاتِها قَلْبِي انْجَذَبْ(4)
وَ رَأَيْتُ متَّسَعِي بِتِسْع جِنانِها *** و رَقِيتُ سِتَّ جهاتِها فَوْقَ الطَّلَبْ
حَسَنٌ يُرَبِّي طِفْلَةً لِعَلِيِّها *** ليكون باقِرُها البقاءَ المُسْتَحَبْ
حَضَّتْ بَرَاعَتُكَ العُيونَ جَمِيعَها *** عَيْنُ الأُلوهةِ فِي العِبادِ هي النَّسَبْ(5)
شيراز أو يافا وَطَيْبَةُ أو مِنّى *** في اللَّيْلِ كالأَخَوَاتِ يَأْسُوها العَتَبْ(6)
جَدَّ المُجِدُّ بِحَزْمِهِ مِنْ مازحٍ *** وسَطا سَحابُ العاشِقِينَ من اللَّعِبْ(7)
سَيَموتُ كُلُّ العالمينَ و تَزْدَهِي *** رَوْضاتُ جَنَّاتٍ بِمَعَناكَ المُحِبْ
ص: 19
حَيَوِيَّةُ الإِكْسِيرِ تَجْرِي بِالوَرَى *** عَنْ جَعْفَرٍ في الكيمياء وَ قُلْ تَثِبْ(1)
قَامُوسُ فِقْهٍ بِالبَيانِ مُعَلِّمٌ *** بِحُرُوفِهِ الأرْقَامَ مِنْ كُلِّ سَبَبْ
حُرِّنَمابِیمارِهِ لِمُحَمَّدٍ *** شِرَعُ الفُصُولِ المُجْمِلاتُ لِمَنْ يُحِبْ
زَيْنُ العِبادَةِ وَ الصَّدِيقُ بِصِدْقِهِ *** فَرَدَا جَناحَيْكَ المَرَاقِي فاشرَيبْ
فَبِكُلِّ بُرْجٍ تَسْتَرِيح لِشَمْسِهِ *** ابْراجُ جِبْرِيلٍ وَ عِيسَى مُرْتَحَبْ
حُسْنُ القَرابَةِ أَنْ تَظَلَّ مُدانِياً *** وَ مُباعِداً مِثْلَ الشُروقِ وَ قَدْ غَرُبْ
جَرَّت قَرَابَتُهُ المَوَدَّةَ بَيْنَنا *** فَالغَيْبُ يُصْحَبُ وَ الشَّهَادَةُ تَغْتَرِبْ(2)
وَعْيُ السَّعادَةِ أَمْرُه... فإذا رَأى *** هِبَةَ المَشِيئَةِ قَالَ لِلْوَاعِي اكْتَسِبْ
أَرَأَيْتَ زَمْزَمَ ادْمُعاً مِنْ هاجرٍ *** أكَفاكَ إسْمَاعِيلُ وَالِدَهُ حَسَبْ(3)
ستَقُولُ افَيدَةُ الشُّهُورِ سِرارَها *** وَ أَراكَ مُبْتهجاً بِسابعِها رَجَبْ
بَقَراتُ يُوسُفَ وَ الكَواكِبُ لا تَهَبْ *** حُلُمٌ يُؤَوِّلُهُ الذَّكِيُّ المُنتَجَبْ
سَارِيكَ بالمِرْآةِ صُورَتَكَ الَّتِي *** يَصْبُو إِلَيْهَا بِالمَثانِي كُلُّ صَبْ(4)
وَ يَقُولُ «لَقَمَانُ» التَّخاطِرُبَيْنَنَا *** لُغَةُ الصُّقُور لِغَيْرِ ما جُرَذٍ وَ ضَبْ
وَ النَّرْجِسُ الأحْنَى يُضَوِّعُ سِرَّهُ *** لِحِسابِ وَارِثِهِ الوَفِيِّ وَ يَحْتَسِبْ
أيُّوبُ يَصْبِرُ وَ البشارَةُ بِشْرُهُ *** ذو الكِفْلِ لُغْزٌ لا يُحَلُّ بِلا طَلَبْ
وَ بِمَجْمَع البَحْرَيْنِ مَن أدُّوا الرُّؤى *** لِنَرَى... وَ ذُو القَرْنَيْنِ يَلتَمِس السَّبَبْ
حَلَّ السَّلامُ بِمُهْجَتِي مُسْتَوْطِناً *** فَرَضِيتُ لِلرَّوْضَاتِ مَنْزِلَها الأَحَبْ
سُفُنٌ تَطُوفُ على مُحِيطٍ مَهْدُهُ *** وسِعَ السَّماواتِ الزَّواهِرَ بِالشُّهُبْ
وَ رَأَيْتُ جِدَّةَ مَوْلِدَيْنِ «بِيُوسُف» *** وَ «الكَهْفِ» فَاسْتَوْلَى على «الجنَّ» العَجَبْ
ص: 20
وَ أَلِفْتُ نُوحاً وَ المَعارِج بالضُّحَى *** وَ سَرَى بنا قَلمُ الفُتُوحِ المُقْتَضَبْ(1)
تَتَمَوَّجُ الحُسْنَى عَن الأحَدِ الَّذِي *** صَمَدَتْ مَوَاهِبُهُ لِتَادِيَةِ الحِسَبْ
وَ يُزَوِّجُ الأَزْواج ذو زُهْدٍ بما *** فُتِنُوا... و ذاك لأنه الحُرُّ العَزَبْ
الأكْرَمُ الباقي يُعلَّمُ جودُهُ *** عَسَلَ البَيانِ ... وَ قُوتُهُ يُحْيِي العَصَبْ(2)
فإذا طهُرتَ مَسَسْتَهُ... تَقْوَى بِهِ *** وَ تَشِفُّ سُلْطاناً... وَ لَنْ يَصِلَ الجُنُبْ(3)
أيُرازُ بِالدُّرِّ الحَصَى في كُليَةٍ *** كُليّة الأمراض...؟ تعرف... لا تُجِبْ(4)
النَّحْلُ أضْوَانِي فَحُنَّ بِسَبْعَتِي *** وَدَعِ الرَّحِيمَ وَ رَهْطَهُ لا تَحْتَجِبْ(5)
وَ بِطُهْرِ بَكَّةَ أو بِطَيْبَةَ مَوْطِنٌ *** لِلشَّمْسِ أو مَشْفَى الطَّبِيبَةِ فَاسْتَطِبْ
إنَّا قَتَلْنَا القِرْدَ يُؤذِي كَعْبَةً *** بأظافِرِ السِّكِّينِ يَحْتَفِرُ المِكَبْ
وَ بَصُرْتُ بِالْوَعْيِ الحَبِيبَ مُحَمَّداً *** وَ النَّفْسُ مُلْهِمَةُ التَّفَوُّرِ وَ الحَبَبْ
ضَمَّ الكبيرُ صَغِيرَهُ فَتَقَارَبا *** وَ رَأَيْتُ فَوْقَ الطُّورِ لُقماناً يَثِبْ
تَمْضِي العُصُورُ عن التَّحَرُّرِ مَطَلَبْ *** وَ لَدُنْكَ بِالقُرْآنِ حُرِّزَ مَن صُلِبْ
عَذُبَ الحَبِيبُ عُذُوبَةٌ كَوْنِيَّةً *** وَ قَرَأْتُ مِنْ كُلِّ القُلُوبِ بهِ الكُتُبْ
وَ لِذاكَ وَحَّدْتُ المَشاغِلَ حِرْفَةً *** أجْلُو بها طِينَ البِلادِ المُلْتَزِبْ(6)
لِتَشفَّ عَنْ ماءِ الحَياةِ صُحُورُهُ *** وَ تُضِي أَعْمَاقُ التَّوَحُدِ بالشُّعَبْ(7)
قالوا... وَ قُلْنا... وَ النَّسِيمُ مُجَدَّدٌ *** لِلْمُقْتَدِي حُلَلَ الصَّفاءِ بِلا تَعَبْ
فَشَرابُهُ الصَّافِي مُقَطَّرَةُ القُوى *** و غِذَاؤُه النَّامِي عَلَى القُدُّوسِ لُبْ
ص: 21
وَ كَما تُفَكَّرُ تَسْتَحِيلُ... فَكُنْ شذّى *** وَ سَنِّى... و لاتَكُ غاسِقاً إِمَّا وَقَبْ
إنِّي اسْتَعَذْتُ بِذِي الجَلالِ لِذِي رِضّى *** فيما نَقُولُ... وَ مَنْ تَشَكَّكَ فيهِ: «تَبْ»...(1)
وَ النَّجْمُ... ما ثُقِبَ الدُّجَى الاَّ بِهِ *** لِيَكُونَ شَلّالُ المَنائِرِ مُنْسَكِبْ
وَ عُطارِدِي أَوْفَى الوفاء لِزُهْرَةٍ *** وَ كَما تَرَى فَابْنُ السَّماءِ كذا يُحَبْ(2)
لابَأْسَ... تَأْتَلِقُ الشُّموعُ بِمَوْلِدٍ *** وَ الشَّمْسُ حَاضِرَةٌ... و بالحُبِّ المَصَبْ
وَ يَقُولُ بي عَنْ قَائِلٍ مِنْ فَنَّهِ *** بِلُغَاتِ أَهْلِ الْأَرْضِ أَوْجَبَهَا المُحَبْ
القَلْبُ في كُلِّ الصُّدُورِ مُوَحّدٌ *** أهلَ القُلُوبِ وَ مَنْ يُكَابِرُ قَدْ كَذَبْ
سَاهَرْتُ رَعْدَكَ وَ البُرُوقَ وَمَا طَراً *** بَيْنَ الرَّبِيعَيْنِ الأذانُ دَعَا... وَ صَبْ
إنَّ الصَّحارِي في بديع قراءتي *** رِيٌّ صحا... فإذا الرِّمالُ غِنِّي خَصُبْ
مَوَّارَةٌ بِمُرُونَتِي إِبْدَاعُها *** قَلَبَ الثَّرى إرثاً لِذِي حَقِّ وَجَبْ(3)
بَدَوِیُّهُ بِدَوِّيهِ جذَبَ الهُدَى *** فَالخِصْبُ عَمَّ... فَلَا جَفَافَ وَ لَاسَغَبْ(4)
أَسْطُورَةُ الصَّحْرَاءِ وَ الصَّلَواتُ عَنْ *** نَبَأٍ تُحَدِّثُ بِالتُمُورِ وَ بالعِنَبْ
عَيْنَانِ طَابَقَتا برُؤيَتِنَا المَدَى *** وَ القَلْبُ آدَمُ وَ الفُتُوحَاتُ اقتَرِبْ
مُتَطَوّعٌ لِلْخَيْرِ «مِريخي» وَ فِي *** «زُحَلِي» ابْتَنَيْتُ «لِمُشْتريك» المُطَّلبْ
هَجَرُوا الكِتابَ مُحَمَّدٌ يَشْكُو العَرَبْ *** وَ بِيَاءِ «قومي» شافِعٌ... يا ربِّ: تُبْ
جَهِلوا القِرَاءَةَ مِن بِدايةِ أَمْرِهِمْ *** وَ لَذاكَ نُقْرِثُهُمْ عَلَى مَهَلٍ يَرُبّ(5)
تَعَبُ الرَّسولِ مُقَدَّسَ قُرْبانُهُ *** لِيُرِيحَ كَوْناً كَادَ يَأْكُلُهُ اللَّهَبْ
أمَراؤُهُ أَهْوَاؤُهُمْ أُمَرَاؤُهُمْ *** يا مَن يُريدُ القَمْحَ مِنْ ذَاكَ الحَطَبْ
ص: 22
مُتَحَوِّلُ بالصَّبْرِ عَاشِقُ أُمَّة *** شَرُفَتْ معانيها بِأَنْفُسِهِ العُرُبْ
مَنْ شاءَ يَتَّبِعُ النَّبِيَّ بِعِلْمِهِ *** عَنْ رَبِّهِ فَلِسانُهُ المُوحَى سَرَبْ
لَيْسَ العُرُوبَةُ أَنْ نُطَاوِلَ بالدُّمَى *** أَوْ بِالدِّمَاءِ فَفَوْقَ ذَلِكَ مُقْتَرَبْ
إنَّ التَّعارُفَ مَنْهَجٌ ذو نِعْمَةٍ *** جَنَّاتُهُ فَرَحُ الوُجُودِ المُرْتَقَبْ
رُتَبُ العُرُوبَةِ وَحْدَةٌ لُغَوِيَّةٌ *** فَاقْرَأْ بِرَبِّكَ أَحْرُفَ الأُمِّ الكُتُبْ
أَرَأَيْتَ مَعْنى العَيْنِ صافٍ وَحْيُهُ *** مُتَدَفَقٌ... يُغْنِي... يُوَحْد... يَنشعِبْ؟
مَن كانَ آدَمُ جَدَّه... أَوْ أُمُّهُ *** حَوَّاءَ... نال أُخوَّةً ما لم يُشَبْ
إِبْلِيسُ شَائِبَةُ التَّقارُبِ بَيْنَنَا *** يُغْرِي بِأَحْقادِ الفَواحِشِ وَ الغَضَبْ
فَتَذَكَّرِ الرَّحْمَنَ و الرَّحِمَ التي *** وَصَلَتْ بأم لاتَخونُ وَ لاتُسَبْ
سَأُشِيعُ في حِبْرِي اخْضِرَاراً أحمراً *** لِيَشِفَّ أَزْرَقُهُ بِأَصْفَرَ ذِي بَيَاضٍ مُنْتَقِبْ
حُجَجِي: المَشارِقُ وَ المَغَارِبُ كُلُّها *** وَ لِيُوسُفٍ سَعْيُ الحُسَيْنِ... وَ لَوْ بِجُبْ(1)
قالَ النَّبِيُّ بِمَنْ يَقُودُ عِيالَهُ *** وَ يَسُوقُ -نَفْعاً فِيهِمُ هَذَا الأَحَبْ
فَفَهِمْتُ في كُلِّ العُصُورِ رِسالَةً *** عُلْيا بِخاتِمِها تُؤَكِّدُ فَضْلَ رَبْ
وَ رَبِيتُ في تأديبِهِ بَيْنَ الْوَرَى *** عَرَبِيَّ جَناتٍ تُنَاغِمُنِي بِابْ
إنَّ القَضِيَّةَ فِي فِلِسْطِينَ: الهُدَى *** وَ عَجَمْتُ مُعْجَمَهُ فَقَدَّرَ ما وَهَبْ
أَرَأَيْتَ بَابَ الباءِ آبَ لِغَايَةٍ *** حَضَنَتْ سماواتِ الرضى... تلك العَربْ(2)
عَذَبَتْ بِإِسْرَافِيلَ مُوسيقى النَّسَبْ *** رَقَصَتْ بِنَفْحَتِهِ الأصولُ بِلا حُجُبْ
أنَا بِابْن خادمة أطوفُ بِزَمْزَمٍ *** أسقي الظِّماءَ... وَ ذاكَ يَحْمِلُ ما كَسَبْ
دانوبُ نَهْرِكَ بَعْضُ زَمْزَمَ طولُهُ *** وَ كَذاك إبراهيمُ نِعْمَ المُنتَسَبْ
رُوحي بروح أبي التُّرابِ كَواعِبٌ *** عُذرِيَّةُ القاماتِ يَخْدِمُها النَّصَبْ
ص: 23
حُورٌ بِرَاحَتِهِ الرِّياحُ يَمِينُها *** وَ يَسارُها فَهيَ الرَّحَى و الجِسْمُ حَبْ
قَمْحِيَّةٌ قُمْ حَيَّهِ... أَوْ حِنْطَةً *** حَنَّتْ سَنَابِلُها بطة المُنتَسِبْ
وَ تَكَادُ تُذهِلُني النَّسَائِمُ بُرْهَةً *** في بِرَّهِ فَأَرى الشَّرابَ مِنَ القَصَبْ
مِنْ أَيْنَ جاءَ بَنُو البلادِ... وَ مَنْ دعا *** بالنَّحْلِ ذا عَسَلٍ... وَ بِالبَقَرِ احتُلِبْ
فيّاضةٌ حلماتُ حُبِّكَ بالرُّؤى *** خِصْبُ الأمومَةِ كالغُيوبِ لها صَبَبْ(1)
عُدْنَا لِنَعْمَةِ آدمِ مَعَ زَوْجِهِ *** فِي جَنَّةٍ وَزَهَا التُّرابُ بِمَن خَطَبْ
اللَّهَ...! ما أسخَى الرَّحِيمَ... بِخُبْزِهِ *** عن فَتْحِ مائِدَةٍ لِوَزْنِكَ ألْفُ قِبْ(2)
ها الإضافةِ عَيْنُهُ فِي عَيْنِهِ *** وَ تَرَى بِوَاوِ العَظفِ كَوْثَرَهُ اللَّجِبْ(3)
سَيَقُولُ مَن يُتروا عَلى أَصْنامِهِمْ *** عَجَباً لِسَارٍ كَيْفَ يَخْتَرِقُ الحُجُبُ...؟
وَ نَقُولُ: يَنْتَصِرُ المُحَرِّرُ نَفْسَهُ *** وَ الحُرُّ لا يَخْتارُ إلا ما وُهِبْ
وَ الجَبْرُ بِالجَبَّارِ أعْظَمُ مُرْتَجَى *** وَ لِذا التَّجَدُّدُ لايَرَى ما اللَّهُ جَبْ
بِلْقیسُ تَدْنُو وَفْقَ نِيَّةِ آصَفٍ *** ليُرى سليمانُ الوَفَاءِ كَمَا يَجِبْ
وَ عَزِيزُ قَلْبِكَ في التَّرانيم السُّرى *** وَ حَكيمُ حُورك في الحِوارِ إذا قلب قُلِبْ
أَلَمُ المُصِرْ عَلَى المَوَدَّةِ مُرْتَقٍ *** بِمَصِيرِهِ مَلَا... وَ قُلْ أمل اللَّقَبْ
سوري سرار و ابتِدارُ مَعَارِجٍ *** وَ نَوادِرُ الصاحي... وَ هَلْ يَسْهُو الأربْ(4)
شُعَراءُ طَهَ وَ الطَّواسِينِ ابْتَنَوا *** قِصَصَ الحُروفِ المُعْجِزَاتِ فَقِفْ وَ لُبْ(5)
فِصْحُ المَسِيحَ بِمَوْلِدِ الهَادِي جَذَبْ *** صَوْتاً بِبَكَّةَ يُستديمُ هوى الحِقَبْ
أنَّاتُ باك بالطَّهارةِ تُجْتَلَى *** بِقِيامَةِ المَعْنَى الهَياكِلُ تَضْطَرِبْ
ص: 24
وَ تَرَى اللُّغَاتِ بِأَحْرُفٍ قُدْسِيَّة *** كَالغَيْم يَدْمَعُ بِاليَنابيع انْسَرَبْ
وَ أكادُ الْمَسُ مَنْ يُدَغْدِغُ مُزْنَةً *** لِتَبُوحَ بِالمَطَرِ الصَّدُوقِ وَ تَعْتَشِبْ
فَالمَرْجُ مُنْبَسِطُ الرّضى يَدُهُ الهُدَى *** وَ يَدَاهُ حاضِنَتانِ مَهْدُكَ ذو لَعِبْ
جَنَّاتُهُ تَدْنُو وَ لِلأَقْصَى قُرًى *** فَرَّتْ بِباقِرِكَ السَّبورِ المُشْرَئِبْ(1)
صُوَرُ البَرارَةِ إِلَّهُ عَنْ آلِهِ *** لِتَعِيش التُكَ الإِلهَ بِكُلِّ حُبْ(2)
وَ تَرَى التَّوَجُعَ وَ التَّلَنُّدَ وَحْدَةً *** فِي كُلِّ مَخْلُوقِ لِمَنْشَيْهِ أَرَبْ
توليبُ مُبْتَكِرِ زُنُوجَةَ لَوْنِهِ *** لِتَعِيش نُورَانِي تَرْجَمَةِ القُطبْ
وَ بِبُرْهَةٍ تَحْنُو الجنانُ وَ رَبُّها *** بِسَعادَةِ الإبداعِ تَعْمُرُ مَن رَهِب
ذوالكِفْل بِشرٌ لا يَزالُ كَعَهْدِهِ *** فَعَلامَ تَأْخُذُكَ المَخاوِفُ وَ الرِّيَبْ(3)
يَرْعَى الصَّداقة صادِقٌ مَعَ رَبِّهِ *** بِمَساطِرِ التَّصْحِيح أسْطُرُنا تُطَبْ(4)
فَاعِدْ بِأَعْيادِ المَساعِي هاجِراً *** وَ الصّخْرَ رَخْصاً باقتِداهَا يَنْقَلِبْ
فَتِّش عَلَى بَرَدَى وَسَائِلُ ثَغْرَهُ *** عَنْ رِيقِهِ بَعْدَ التَّعَوُّج بالمَصَبْ(5)
لُغَةُ اللُّغَاتِ هِيَ الصَّفَاءُ فَقَوْمَنْ *** بِفَمِ المَبادِي كَالمَنابِع مَن تُحِبْ
غَمَزَتْكَ ناضِجَةُ السَّفَرْجَلِ فَأَعْطِهَا *** طَرَفاً مِنَ الغَزَلِ البَرِيءِ المُسْتَطِبْ(6)
رَبِّ النُّبُوَّةَ في الضَّمائِرِ طِفْلَةً *** تَنْمُو كَمَا قَالَتْ رُقَيَّةُ وَ انْتَدِبْ
إنَّ المَطارَ فَسِيحَةٌ أقطارُهُ *** وَ الباسِلُونَ عَلَى الفَضاءِ لَهُمْ دُرَبْ
مَوْلايَ رِفقاً بِالرَّفِيقِ وَ داوِهِ *** صَبُورُ إبراهيمَ لا يَرْضَى الهَرَبُ
زَهْرَاءُ تَشْفَعُ لِلْفَقِيرِ وَ سَارَةٌ *** قَيُّومُ حَيْكَ يا حَكِيمُ المُجْتَذَبْ
ص: 25
أخَذَ الكُؤُوسَ مِنَ الفواطم مَن صَلُبْ *** بِالمُسْتَوَى القُدْسِيِّ لِلْعَذْراءِ أُبْ
أنا مِثْلَما تَهْوَى الصَّلاةَ صِلاتُنا *** في الجَنَّةِ العَذْراءِ مَن فِيهَا اغْتَرَبْ
رَوْضاتُ جَنَّاتِي عَلى مَدَّ الرُّؤى *** شَفَتاكَ مَقْرَبَةُ الصَّفاءِ بلا قِرَبْ
حُسْنٌ بِمُفْرَدِها البَشَائِرُ جُمْلَةٌ *** وَ يَكادُ يَطْفَحُ بِالمَعاجِزِ مَن شَرِبْ
اتَوَدُّ مَعْرِفَتي بذاتِكَ مُلْتَقَى *** سُبْحانَ رَبِّي بِالصَّمِيم لنا قِبَبْ
تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ الحِبالُ تَعَلَّقَتْ *** عُنقي... بِحَبْلِكَ قلتُ... فَانْفَتَلَتْ لِحُبْ
وَ الحَرْبُ دَارَتْ في مُسالَمَتِي رِضَى *** فَنُهّى بِزَيْنِ العابِدِينَ دعا... رَحُبْ
فَالْبَحْرُ طارَ إلى الفضاءِ وَأَمْطَرَتْ *** صَحْراءٌ مَدْيَنَ وَ ارْتَوَى الأرِبُ الوَصِب(1)
بَجَعُ البُحَيْرَةِ وَ الإِوَزُّ مَاذِنٌ *** رَفَعَتْ مَناقِيرَ الثَّناءِ لِمَنْ حَدَبْ
مَيْلُ الرِّمالِ لِمُزْنِ غَيْمِكَ مَوْكِبٌ *** قَدْ صارَ رِبَاً وَ اسْتَحالَ لِمَا وَكَبْ(2)
عادَتْ لِمَسْبحِها المَآذِنُ سُجَّداً *** جُمَعِي وَ أَسْبوعُ المَدَى الأَعْلَى سَحَبْ
فإذا حبالُ الخِصْبٍ وَاصِلَةُ النَّوَى *** فَكَأَنَّهَا عَمَدُ الغِنَى فِيمَن تَرِبْ
وَ كأَنَّ أَحْمَدَ ما يُقَالُ وَ يُنْتَوَى *** حَقٌّ بِمُطلَق ذاتِهِ العُليا انْتَصَبْ
أيَخِرُّ مُوسَى أَمْ يُصابِرُ خِضْرُهُ *** إِنِّي بآدَمَ قَدْ جَشَوْتُ عَلَى الرُّكَبْ
وَ بِكُلِّ حالٍ بانَ يَاسِينْ لَنا *** مِنْ فَوْقِ مُوسيقى على الطُّورِ الطَّرِبْ
وَ شَهِدْتُ بِلْقِيساً بِلَيْلَى قَلْبِها *** قَيْسٌ يُسَاقُ لِجِدّه بِيَدِ اللَّعِبْ
وَ مَسِيحُ عَذْرائِي بِبُولُسِهِ مَشَى *** لَمَّا انتقي في باب توما وانْقَلَبْ
أَيُقَالُ تَصْحِيحُ المَسارِليونُسٍ *** في نِينَوَى وَصَلَ الحَضَارَةَ بِالدَّابْ؟
لابَأْسَ مَن طَلَبُوا بِمَدْحِكَ بُرْدَةً *** بَلَغُوا بِكاظِمَة: الحَوائِجَ و اللَّقَبْ
وَعَدا نَشِيدِي مَنْ تأَمَّلَ ناقداً *** لِيَقِيسَ... أسْلُوبي البصائِرَ يَسْتَلِبْ
ص: 26
عَفْوَ البَدِيعِ لِمَنْ يَرَى الإبداع حُبْ *** وَ يَرَى شِفاء العالَمِينَ هُوَ الطَّلَبْ
المُبْحِرُونَ تَجَمَّعوا في بائنا *** و البَحْرُ أصْحَبُ ما يكونُ وَمَا نَضَبْ
وَ المُبْدِعونَ تَقَدَّمُوا في حائِهِ *** وَ تَصَيَّدوا الأصدافَ بالمَوْج الصَّخِبْ
وَ اللُّؤْلُؤُ المَحْمُولُ في أضدافِهِمْ *** لَمْ يَلمَحِ الفُقَراءُ مَخْبَأَهُ الخَرِبْ
فَالأَصْمَعِيُّ أصَمَّ أَعْمَى... و الرَّشِيدُ... *** و مَن رَأى لَعِبَ «الذُّبابِ» هو الأَدَبْ
وَ رَأى «الثآليل»... «البُصاق»: مُعَادِلاً *** لِمَذاقِهِ... أنَسُوا بِأَمَّتِنا الرُّطَبْ
مُتَحَوِّلٌ عَنْ ذَوْقِهِمْ في أَبْحُري *** هذا التَّمَوُّجُ فِي سَوَاكِنِه الخَبَبْ(1)
سَبَحَتْ على شُطَآنِها هِمَمُ الرُّؤى *** وَ المُطْلَقُ الصَّافِي على كَدِرٍ صَعُبْ
وَ هُوَ المُيَسَّرُ نِيَّةٌ لَكَ تُبْتَنَى *** فِي بُنْيَةٍ سَلِمَتْ مِنَ الكَلِمِ الكَذِبْ
مَلِكٌ تملك بالصَّداقةِ أَنْجُماً *** وَ هُوَ المُطَامِنُ كُوخَهُ بَيْنَ الخِرَبْ
طَهَّرْتُ نَفْسِي مِنْ ذُنوبِ تَعَلُّقِ *** بِالمُغْرِيَاتِ وَ طَوَّلُوا فِيهَا الذَّنَبْ
وَ قَدَرْتُ مُطلَقَ شَاعِرِينَ بِنَحْوَةٍ *** وَ أَصالة فاقَتْ عَلَى كُلِّ النَّسَبْ
وَ ذَبَحْتُ بِالحَرَمِ المُطَهَّرِ أَدْمُعِي *** وَ دِمَاءَ أَهْوَائِي ليَقْبَلَني النَّسَبْ
أُمِّي تَنامُ و تَسْتَفيقُ وَ وَجْهُها *** لِلْكَعْبَةِ العَذْراءِ لَمْ تُمْسَسْ بِسَبْ
أنا مِنْ أرومة مَنْ يَعُومُ على الشَّدَى *** لِيَبُثَّهُ لُطفَ الرِّياحِ إذا تَهبْ
وَ مِنَ الضّياءِ على العُيونِ أنا الرِّضَى *** يَرْنُو وَ يَسْخُو بِالرُّنُو مَتى وَجَبْ
وَعِيارُ شِعري بالكِتابِ وَ أُمِّهِ *** وَ صَفَاءُ رُوحِي نَفْخَةُ الباري وَهَبْ
خَشَعَتْ بِجَنَّتِنا السَّكِينَةُ رَحْمَةً *** وَ تَصابَحَ التُّعَساء في ذاتِ اللَّهَبُ
يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُون بِأنَّنِي *** أجْنِي السَّعادَةَ لِلأعاجم و العَرَبْ
يَتَحَدَّثُ القُدُّوسُ في أَحْيَائِها *** وَ يُرِيكَ آيَاتِ التَّجَدُّدِ يابنَ أَبْ...
ص: 27
لِشُعَيْبِ مَدْيَنَ ما يقالُ وَ يُكْتَتَب *** بَيْنَ الشُّعُوبِ إذا تَنَصَّتَ أو خطَبْ
أرَأَيْتَ أجْنِحَةَ الحَدِيدِ بَصِيرَةً *** مَأواك بِالدَّارِ السَّلامِ قُوَى الكُتُبْ
مِثْلَ التَّفَكُرِ تَسْتَحِيلُ حقايقاً *** هَلْ تَسْتَحِي مِنْ أكرم الكُرَماء؟ طِبْ
أحَدٌ وَ جَنّاتُ السَّلام وَنُزْهَةٌ *** أَبَدِيَّةٌ فيها الحَياةُ كَمَا تُحَبْ
لَوْ كُنْتَ شاعِرَ أُمَّةٍ كَانَتْ لَهَا *** أُمَمٌ مِنَ الإبداع وَاحِدَةُ المَهَبْ
لكِنَّ خِدْمَتَنا الشَّرِيعَةَ عَارِشُ *** كُرْسِيُّهُ الحُسْنَى اتساعٌ مُجْتَذَبْ
جَذَابَةٌ غَمَرَاتُ عَيْنِكَ جَنَّةٌ *** لَكِنْ بِرَوْضاتِ القُلُوبِ لنا أَحَبْ
أنْهَارُ جَنَّاتٍ تَسِيلُ وَ نِعْمَةٌ *** لَيْسَتْ كَكَأْسٍ تُسْتَقَى مِنْ كَفٌ رَبْ
وَ مُحَمَّدٌ أَنْهارُهُ مَعْلُومَةٌ *** لِمَنِ اسْتَقى مِنْ بالِ صالِحِهِ و عَبْ
وَ الأَنْبِيَاءُ جَمِيعُهُمْ قَدْ أَقْبَلُوا *** يَدُهُ... يَداهُ... وَ الحَنَانُ أَلَمْ تَذُبْ؟
ثَلْجُ الذُّرَى مَلِكاتُ حُسْنٍ ذُوِّبَتْ *** في شَمْسِه فَالخِصْبُ أَعْرَاسٌ وَ حُبْ
مَرْجُ السَّنابِل رَاقِصٌ بِمُحَمَّدٍ *** وَ عَلَى الدَّوالِي وَ النَّخِيل جَنِّى قَرُبْ
أهْلاً بِكُلِّ ثِمَارِهِ تَدْنو غِنّى *** بِالنذرِ... أوْ تَعْلُو على جِذْعِ الرُّطَبْ
يا مَنْ يُرِيدُ مِنَ الحَياةِ صَلاحَها *** هذي يَدُ الاكْسِيرِ شافِيَةً بِطُبْ
امْلأُ بِهِ فَمَكَ الشَّرِيفَ وَ مَضْمِضَنُ *** بِحُرُوفِهِ كُلَّ الثَّنايا وَ اسْتَطِبْ
وَ اللَّهِ -وَ القَسَمُ العَظِيمُ سَعَادَةٌ *** لَيْسَتْ لِتَأكِيد- هُنا عَجَبُ العَجَبْ
هِبَةُ الهباتِ: بِرَحْمَةٍ خُتِمَ الهُدَى *** فَتَوَحَّدَتْ بِمُحَمَّدٍ فِرَقُ الشُّعَبْ
فَتِّش أصابِعَ مَنْ تَخَتَمَ قُدْوَةً *** أَوْ مَن تَخَتَّم لِلزَّواج وَ مَنْ خَطَبْ
أَوَلَيْسَ «خاتَمُ» جَمْعِهِمْ امْنُولَةٌ *** لِوَحِيدِ لَفْظٍ لَفَّ مُطْلَقَةَ النِّسَبْ؟
وَطَنُ الخُلُودِ مَحَبَّةٌ لِبَدِيعِهِ *** وَ سُلُوكُ اخْلاقِ الحَبِيبِ هُوَ الأَدَبْ
ص: 28
(بحر الكامل)
الأستاذ جاسم محمد الصحيح (*)(1)
وهجُ القُباب أم المصيرُ المُتعبُ *** ذاك الذي لك شدَّني يا يثربُ
فأتيتُ أرفُلُ في الشقاءِ يزفُّني *** ما بينَ أشباحِ المتاهةِ موكبُ
تتسكعُ الآهات بين جوانحي *** و الأبجديةُ في دمائي تنحبُ
و أجنّةُ الأحلامِ حين تهزُّها *** نجواكِ يرعشُ روحُها المتكهربُ
أثرى النخيلُ اليثربيةُ لم تزلْ *** تلكَ التي تلدُ الشموخ و تُنجبُ
أم شكَّها سهمُ الزمان فأينعتْ *** جُرحاً بهِ المستضعفونَ تخضَّبوا
و أتَوْكِ من حيثُ الرجولة لم يزلْ *** تاريخُها بدمِ الكرامةِ يشخبُ(2)
يتلمسونَ ثمالةَ الأملِ الذي *** كانت على يده الجراحةُ تُخصبُ
يا طيبةَ النصر المنوَّرِ مالوى *** أبطالَهُ عبرَ المجاهلِ غيهبُ(3)
فإذا السماءُ تصبُّ في خلجاتِهم *** حُلم النبوة جامحاً يتلَهَّب
حتى إذا صقلُوا تُرابك و ازدهت *** ممّا تناثرَ من سناهُ الأحقُبُ
ص: 29
وقفُوا على حدِ الرماح منائراً *** تمتدّ في أُفقِ الحياةِ فيُعشبُ
يا طيبةَ النصرِ الذي في شوطِهِ *** أفنى فُتوتَهُ النضالُ الأشيبُ
و تنفستْ عبقَ الفتوحِ رسالةٌ *** فيها تصاهرتِ السماءُ و يعربُ
و افتكِ يرتجلُ الصلاُبة ساعدٌ *** منها و يبتكر العزيمةَ منكِبُ
و مذ اقتحمت بها الحياةَ على خطى *** طه يشدُّك للفلاحِ و يجذبُ
شحذَ الفداءُ يراعهُ بكِ و انبرى *** يسقيه من برِ الخلودِ و يكتبُ
حتى إذا يومُ الإخاءِ تفصَّمَتْ *** حلقاتُهُ وسطتْ عليهِ العقربُ
نسيتْ جوامحكِ العتاقُ نفيرَها ***و أنهارَ في دمكِ الصهيلُ الأشهبُ(1)
و بقيتِ للأجيالِ نبعَ صبابةٍ *** ماعاد كوثُرُه يفورُ و يغضبُ
و رنتْ تطالعُكِ الدهورُ فراعَها *** فتحٌ بماضيكِ المجيدِ مُعلَّبُ
هرَّيتهُ طيفاً بذاكرةِ المُنى *** يزهُو و هيهاتَ الفتوحُ تُهرَّب
نسلَ الغبارُ عليهِ ألف قبيلةٍ *** راحتْ تنازعُهُ البريقَ و تسلبُ
و يداكِ لا شمسٌ تغالبُ فيهما *** عصفَ الشتاءِ الجاهلي فتغلبُ
مديهما نحو الوراءِ و سلسلي *** يوم الأخاءِ و لملمي ما يسكبُ
و تحضني أرواحَنا بصفائِهِ *** يهتزّنبضُ حياتِنا المُتَخَشِّبُ
فسنصهرُ الأفق البعيدَ على لظى *** عزماتِنا حتى يذوبَ الكوكبُ
و سنكنسُ التاريخَ مما اسندت *** فيه الذئاب و ما رواه الثعلبُ
و نُقشّر الحقِّ المُغَلَّف بالدُّجى *** حتى يشع لُبابُه المُتَلَهِّبُ
و نعودُ نفترعُ النجومَ و حسبُنا *** فيما نؤملُ أن متنَكِ مركِبُ
ص: 30
(بحر الطويل)
الأستاذ جعفر الجعفر
أَتَسْأَلُنِي مَا نُورُ تِلْكَ الْكَواكِبِ *** هَلِ النُّورُ إِلاَّمِنْ نُجومٍ ثَواقِبِ؟
هَلِ النُّورُ إلا مِنْ سَمَاءِ مُحَمّدٍ *** تَجَلَّى بِالِ البَيْتِ آلِ الْمَناقِبِ
أَلَمْ تَرَ ميلادَ الْبَتُولِ بِمَكَّةٍ *** سعى نورُها في كلِّ بَيْتٍ وَ جانِبِ(1)
فَأَشْرَقَتِ الْأَنْوَارُ مِنْهَا عَلَى الدُّجى *** فَقَشَّعَ مِنْهَا النُّورُ أُفق الْغَيَاهِبِ
وَ أَشْرَقَ لِلْمَوْلُودِ وَجْهُ نَبينا *** فَأَشْرَقَ بِالْوَجْهَيْنِ وَجْهُ المَغَارِبِ
وَ أَيْنَعَتِ الْأَغْصانُ يَوْمَ مَجِيئِها *** كَمَا افْتَرَ لِلْمَوْلُودِ تَغْرُ السَّحَائِبِ
كَأَنِّي بِمَهْدِ لِلْبَتُولَةِ فَاطِمٍ *** تَطُوفُ بِهِ الْأَمْلاكُ فَوْقَ الْمَنَاكِبِ
وَراحَ لسانُ الدَّهْرِ يَنْطِقُ بِاسْمِها *** يَزُفُّ عَلَى الْأَرْجَاءِ بُشْرَى الْأَطايِبِ
وَ راحتْ لها الأفلاكُ تُسْدِي تَحِيَّةً *** يَرِنُّ صَداها في صَريرِ الْكَواكِبِ
أجَلْ إنَّها الزهراءُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ *** وَ تُحْفَتُهُ مِنْ خَيْرِ هَادٍ وَ وَاهِبِ(2)
أَجَلْ إِنَّهَا بِنْتُ النَّبِيِّ وَ أُمُّهُ *** وَ سَلْوَتُهُ عِنْدَ اشْتِدادِ النَّوائِبِ(3)
ص: 31
أَجَلْ يا رَسُولَ اللَّهِ خُذْهَا هَدِيَّةً *** مُطَهَّرَةً من كلِّ رِجْسٍ وَ شَائِبِ
فَلَيْسَ لَها في العالَمِینَ كَمِثْلِها *** وَ لَيْسَ كَنورِ الشَّمْسِ نُورُ الْغَيَاهِبِ(1)
سَلامٌ وَ حتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ نورُها *** سَلامٌ عَلَى مَنْ نُورُها غَيْرُ غائِبِ(2)
إِلَيْكِ تَحيَّاتِي أَصُوعُ حُروفها *** مِنَ الْقَلْبِ تُرجى مِثْلَ زَخِّ السَّحائِبِ
مُعَطَّرةُ مِنّي إِلَيْكِ تَحِيَّتِي *** بِها نَفحُ طِيبٍ طيِّبٌ مِنْ أَطايِبِ
فَلَوْ قِيلَ في حبي لها أنتَ هائمٌ *** إلامَ غَرامٌ لَسْتَ عَنْهُ بِتَائِبِ
لقُلْتُ اغْرُبُوا عنّي فإِنَّ ودَادَها *** مِنَ اللهِ فرضٌ ذاكَ أَوْجَبُ واجِبِ(3)
يَهُزُّ لِذِكْراها فُؤادِي وَ تَنْجَلِي *** هُمومٌ بِقَلْبِي جَعْجَعَتْ بِالنَّوائِبِ
تُغنّي و بالميلادِ حُبّي لِفاطِمٍ *** وَ عَجَّتْ بِي الْأَشْوَاقُ وَ الشَّوْقُ جاذِبي
إلى مَنْ بها نورُ الإلهِ وَ سِرهِ *** وَ آيَتُه الكُبرى برَغْمِ النَّواصِبِ(4)
وَ لاغَرْوَ فَالزَّهْرَاءُ عَيْنُ مُحَمَّدٍ *** مُرَكَّبَةٌ مَا بَيْنَ جَفْنٍ وَ حاجِبِ
كَأَنَّ حَشا الْمُخْتارِ فِي جَنْبِ فَاطِمٍ *** كَأَنَّ حَشَاهَا فِيهِ بَيْنَ الْجَوانِبِ(5)
ص: 32
كَفاهَا افْتِخاراً أَنَّ أَحْمَدَ َوالِدٌ *** كَفاهَا افْتِخاراً حَيْدَرٌ خَيْرُ صاحِبِ
كَفاها افْتِخاراً أَنْ تَكُونَ مَدارُهُمْ *** لِخَمْسَةِ أَصْحابِ الْكِسافِي الْمَراتِبِ(1)
كَفَاهَا افْتِخاراً أَنْ تُكَنِّي لِأَحْمَدٍ *** بِأُمِّ أبيها يا لَها مِنْ مَراتِبِ
كَفاهَا افْتِخاراً فَهِيَ كَوْثَرُ أَحْمدٍ *** وَ يُنْبُوعُ خَيْرِ مِنْهُ خَيْرُ الْمَشارِبِ(2)
كَفاهَا لها التَّسْبيحُ لَمْ يُحْصَ عَدُّهُ *** فما الجِنُّ تَحْصِيهِ و لاعَدُّ كاتِبِ
كَفانِيَ فَخْراً أنّني مِنْ عَبِيدِها *** كَفَانِيَ عِزّاً فَهْيَ أَقْصَى رَغائبي
صَلاةٌ عَلَيْها يَوْمَ أَشْرَقَ نورُها *** سَلَامٌ عَلَيْها وَاصِبٌ غَيْرُ نَاضِبِ(3)
هِيَ الْبَضْعَةُ الزَّهْرَاءُ بِضْعَةُ أَحْمَدٍ *** وَ فِلْذَةُ كَبِدٍ مِنْ جِنَاحٍ وَ جَائِبِ
سَفِينَتُها تُنْجِي الغريقَ مِنَ الرَّدى *** وَ تُبْحِرُ فيهِ عَنْ نُوبِ النَّوائِبِ
فَمَنْ مِثْلُها جَاءَتْ تُحَدِّثُ أُمَّهَا *** وَ تُؤْنِسُها بَيْنَ الْحَشا و الجَوانِبِ(4)
ص: 33
وَ مَنْ مِثْلُها مِنْ جَنَّةِ الْخُلدِ حُدِّرَتْ *** وَ مَنْ بَعْدَ طه حُدِّرتْ في التَّرائِبِ(1)
فَجَاءَتْ كَمَا قالَ الْإِلهُ بِوَصْفِها *** كَمِشْكَاةٍ نورٍ نورُها غَيْرُ ناضِبِ(2)
وَمَنْ مِثْلُها وَ اللَّهُ بارَكَ عُرْسَها *** وَ جِبْرِيلُ مِنْ طه لَهَا خَيْرُ خاطِبِ(3)
وَ مَنْ مِثْلُها فِي الْخُلْدِتَم زِواجُها *** بِنُورِ عَلِيَّ فَوْقَ سَبْع حَواجِبِ(4)
وَ مَنْ مِثْلُها دَوَّى رَنينُ خطابِها *** لِتُخْرِسَ فيهِ كُلَّ باغٍ وَ ناعِبِ(5)
هِيَ الْفَلَكُ الدَّوَّارُ وَ الْقُطْبُ حَيْدَرٌ *** لإحدى وَ عَشْرٍ ثَاقِبِ بَعْدَ ثَاقِبِ(6)
ص: 34
و إنَّ لها في الدَّهْرِ سورَةَ هَلْ أَتَى *** و مِنْ سُورةِ التَّطْهِيرِ نَفْيَ الشّوائِبِ(1)
وَ إنَّ لها جبريل قرَّبِوُدِّها *** فكانَتْ لَهُ القُرْبى بِحُبُّ الأَقاربِ(2)
وَ إنّ إلهي غَيْرُ راضِ لِسُخْطِها *** وَ إِنَّ إلهي لَوْ رَضَتْ غَيْرُ غاضِبِ(3)
مقامٌ لَها عِنْدَ الجَليلِ مُكَرَّمٌ *** تَصاغر عَنْهُ أُفْقُ أَسْمَى المَراتِبِ
فَصَلُّوا عَلَى الزَّهْراءِ يَوْمَ مَجِيئِها *** سَلامٌ عَلَيْها وَاصِلٌ غَيْرُ آیِبٍ
أتيتُ لكمْ وَ الذَّنْبُ أَثْقَلَ لُمْتِيْ *** وَ مِنّي أَرَى الْأَوْزَارَ هَدَّتْ مَناكِبي
إذا لَمْ تَكونوا سادَني عِنْدَ مَطْلَبِي *** هَوَيْتُ وَ لَمْ تَنْفَعْ سِواكُمْ مَطالِبِي
يَقِرُّ لَكُمْ قَلْبِي وَ سَمْعِي وَ ناظِرِي *** وَ عَقْلِي وَ جَفْنِي وَ الجَوى مِنْ جَوانِبِ
فَما لِي سِواكُمْ آلَ أَحْمَدَ رَغْبَةٌ *** و مالي سوى حُب لكمْ مِنْ مارِبِ
بِحُبِّ يقيني من لظى يَوْمٍ مَحْشَرِي *** وَ يَحْشُرُني في ظلِّ خَيْر الْحَبائِبِ(4)
فَزِدْ يا إلهي حُبَّهُمْ فَوْقَ رَغْبَتِي *** وَزِعُ يا إلهِي عَنْ عِداهُمْ رَغائِبِي
أولئكَ دِيني لَوْ سُئِلْتُ وَ مَذْهَبِي *** وَ (حِصني) بهم لا فِي أُلوفِ الْمَذاهِبِ(5)
ص: 35
تَقَرُّ عُيوني يَوْمَ لُقيا أحِبّتِي *** وَ يُثْلِجُ صَدْرِي مِنْ ضَيْىءٍ فيه لاهِبِ
وَ يَحْكِي كتابي يَوْمَ إذْ ذاكَ إِنَّنِي *** بِحُبِّ ولاتي ناجحٌ غير راسبِ
هنالِكَ نَلْقاهُمْ فَيَهْنَأُ بالُنا *** كفانا بِرُؤياهُمْ عَنِ الْخُلدِ راغِبِ
نُساقُ إِلَى الْمَوْلَى لِنُسْقَى بِشَرْبَةٍ *** بِكَأْسٍ دِهَاقٍ مِنْ لَذيذ المَشارِبِ
هَنِيئاً لِقَلْبِ قَدْ رَأى بَرْدَ حُبِّهِمْ *** فَحُبُّهِمُ كَالنُّورُ فِي الْقَلْبِ ذائِبِ
وَ إنْ مُتُّ في حُبِّ البَتُولِ وآلِها *** فَلا أَخْتَشِي في القَبْرِ سُوءَ الْعَواقِبِ(1)
سَلامٌ وَ حَتّى مَطلَعِ الفَجْرِ نورُها *** سَلامٌ مَنْ نورُها غَيْرُ غالِبِ
نَعَمْ هَكَذا الزهراء فيها عقيدتي *** فَلا تَعْجَبنْ مِمَّنْ أَتَوْا بِالعَجَائِبِ
نَعَمْ فَاعْجَبَنْ مِنْ حِلْمِ رَبِّي وَحُكْمِهِ *** أيضفَعُ ذاكَ النُّورَ أرْجَسُ ضاربِ(2)
وَ يَا عَجَباً مِنْ قائمٍ طالَ مُكْثُهُ *** أما حَثَّهُ ثَارٌ لام المصائبِ
أتَرْضى إمامِي شَوَّهُوا نَهْجَ أَحْمَدٍ *** بِما أَبْدَعَتْ في الدِّينِ أيدي النَّواصِبِ
بِعَيْنِكَ ذِي الأحداثِ تَنْفُثُ سُمَّها *** يَفُوقُ الأذَى مِنْهَا سُمُومَ العَقَارِبِ
كَأَنَّ لَهُمْ ثأراً غَداً يَستَفِرُّهُمْ *** كَثأرِ بَنِي مَرْوَانَ في آلِ طالِبِ
وَإِنَّكَ فينا حاضِرٌ غَيْرُ غَافِلٍ *** وَإِنَّكَ فينا شاهدٌ غَيْرُ غائبِ
مَتَى يَنْتَضِي السَّيْفُ الذي في يَمينِكُمْ *** فَتَكْشِفُ ضُرّاً بِالسُّيوفِ القَواضِبِ(3)
ص: 36
متى يَسْطَعُ الْحَقُّ الذي في جبينِكُمْ *** فَيَمحو دياجيراً لأثَم شاحِبِ(1)
رَجَوْتُكَ ربّي أَنْ تُفَرِّجَ كَرْبَنا *** بِتَعْجِيل أَمْرٍ فيه تَكْذِيبُ كاذِبِ
و اخْتِمُ قَوْلي بالصَّلاةِ عَلَيهِمُ *** وَ لاسيّما الزَّهْراءُ أمُّ النَّحائِبِ
ص: 37
(بحر الخفيف)
الشيخ حسن البحراني القيسي(*)(1)
أصْفِياءٌ مُقامُهُمْ لا يُضَاهَى *** قَدْ عَلَوْا فِي الأنام قَدْراً وَجَاها(2)
ما ترى في الوَرى لَهُمْ أشباها *** أُمُّهُمْ فاطمٌ حَبيبَةُ طه(3)
حُبُّها في غَدٍ يَقِيكَ العَذابا
قَدْ عَلَتْ رُتْبَةً و جَلَّتْ مَحَلا *** إصطفاها الْإِلهُ عَزَّ وَجَلاً(4)
ص: 38
في مقامِ مِثْلِ الثَّرَيَّا وَ أَعْلَى *** بَضْعَةُ المُصْطَفَى تَرَى الذِّكْرَ يُتلى(1)
مُعْرباً عَنْ مَقامها إعْرابا
إنَّها لَلزَّهراءُ أُمُّ الكِرَامِ *** بِنْتُ له شفيعُ يَوْمِ الزحامِ(2)
فَضْلُها في الأنامِ عالٍ وَ سامِي *** خَصَّها بِالتَّطْهِيرِ رَبُّ الأنامِ
قَدْ سَمَتْ رِفْعَةً وَ عَزَّتْ جَنابا(3)
ص: 39
(بحر البسيط)
الشيخ حسن البحراني القيسي (*)(1)
أبْكِي وَ دَمْعِي عَلَى الْخَدَّيْنِ مُنْسَكِبُ *** وَ القَلْبُ مِنِّي بِنَارِ الْوَجْدِ مُلْتَهِبُ
وَ في الحَشَاشَةِ نِيرانُ الْجَواءِ ذَكَتْ *** لَمْ يُطْفِها عارِضٌ يَهْمِي وَ يَنْسَكِبُ(2)
تَمُرُّ بَيْنَ طُلُوعِي وَ الزَّفيرُ لَها *** يَعْلُو فَأَنْفاسُ نَفْسِي كُلُّها لَهَبُ
فَلا أنا بِلَذِيدِ العَيْشِ في رَغَدٍ *** مِنَ الحَيَاةِ وَ يَوْمِي كُلُّه صَحَبُ
و الليلُ إِنْ جَنَّ اذْكَى الْمَواقِدَ ما *** بَيْنَ الْجَوانِح مِنِّي فَالْحَشَا يَجِبُ
كَأَنَّنِي الْوُرْقُ إما لاحَ جُنْحُ دُجَى *** بِعَيْنِهِ راحَ فَوْقَ الدَّوحِ يَنْتَدِبُ
قالَ الْعَواذِلُ لي لَمَّا رَأَوْا شَجَنِي *** ماذا الْجَوى أنتَ طولُ الدهرِ تَنْتَحِبُ؟
أتَشْتَكِي نِعْمَةٌ فَارَقْتَ لَذَّتَها *** أَمْ تَشْتَكِي بُعْدَ أَحبَابٍ قَدِ اغْتَرَبُوا؟
أَمْ تَشْتَكِي مَنْزِلاً بَعْدَ الأنيسِ خَلا *** فَزادَ وَجْدَكَ ذاكَ المَنْزِلُ الْخَرِبُ؟
فَقُلْتُ كَلاً فما هاجَ الوَسَاوِسَ لي *** ذكرُ النَّوى وَ أُنَاسٌ دُونَنَا رَغَبُوا
لَكِنَّما قَدْ شَجَانِي ذِكْرُ فَاطِمَةٍ *** سِنًّ النِّسا إِذْ عَلَيْها صُبَّتِ الْكُرَبُ(3)
ذَكَرْتُها وَ هْيَ تَبْكِي فَقْدَ وَالِدِها *** قَدْ غَيَّبَتْ دونَها أَنْوَارَهُ التُّرَبُ(4)
ص: 40
تَبْكِي لَهُ وَيَتَامَاهَا مُوَلُولَةً *** وَ كُلُّهُمُ بِفِرَاقِ الجَدِّ مُكْتَيْبُ
لَهْفِي لَها حِينَ وَافَتْ قَبْرَ وَالدِها *** تَبْكِي و أَدْمُعُها في الْخَدَّ تَنْسَكِبُ(1)
تَقُولُ: يَا وَالدي يا خَيْرَ مُعْتَمَدِي *** وَ يا مَلاذِي إذا ما نابَتِ النُّوبُ
(قَدْ كانَ بَعْدَكَ أَنْبَاءٌ وَ هَنْبَئَةٌ *** لَوْ كُنْتَ شاهِدَها لَمْ تَكْثُر الْخُطَبُ)
(إِنَّا فَقَدْناكَ فَقْدَ الأَرْضِ وَابِلَها *** وَ اخْتَل قَوْمُكَ فَاشْهَدْهُمْ فَقَدْ نَكَبُوا )(2)
(أبْدَى رِجالٌ لَنَا نَجْوَى صُدورِهِمُ *** لَمّا مَضَيْتَ وَ حالَتْ دُونَكَ التُّرَبُ)
(تَهَضَّمَتْنا رِجَالٌ وَاسْتُخِفَّ بنا *** لَمّا فُقِدْتَ، وَ كُلُّ الإِرْثِ مُعْتَصَبُ)
(وَ كُنْتَ بَدْراً وَنُوراً يُسْتَضاءُ بِهِ *** عَلَيْكَ تَنْزِلُ مِنْ ذِي العِزَّةِ الْكُتُبُ)
(وَ كانَ جِبْرَئِيلُ بِالْآياتِ يُؤْنِسُنا *** فَقَدْ فُقِدْتَ وَ كُلُّ الخيرِ مُحْتَجَبُ)
ص: 41
(فَلَيْتَ قَبْلَكَ كَانَ المَوْتُ صادَفَنا) *** (لَمّا مَضَيْتَ وَ حالَتْ دُونَكَ التُّرَبُ)
(إِنَّا رُزِئْنَا بِمَا لَمْ يُرْزَذُو شَجَنٍ) *** (مِنَ الْبَرِيَّةِ لا عُجْمٌ وَ لا عَرَبُ)(1)
ص: 42
سَرَتْ تَجُوبُ الفَيافي فيهِمُ النُّجُبُ *** وَلِي فُؤاد قَفا آثارِهِمْ يَجِبُ(1)
أَتْبَعْتُهُمْ ناظراً خَيْلُ الدُّموع بهِ *** تَسَابَقَتْ فَهْوَ دامِي الْغَرْبِ مُخْتَضَبُ(2)
أضْحَتْ مَنازِلُهُمْ لِلْوَحْشِ مُعْتَكَفاً *** فِيهِنَّ طَيْرُ الفَنا ينعى وَ يَنْتَحِبُ
لَمْ يَبْقَ منها سوى رَسْمِ وَ ذِي شَعَثٍ *** رَأْسٍ أَشَجِّ عَلَتْ مِن فَوْقِهِ الْكُثُبُ
وَ ذِي انْحِنَاءٍ كَجِسْم الصَّبُ تَحْسَبُهُ *** نُوناً بها عُجْمُ شِينِ الخَط قَدْ كَتَبُوا
أَوْهَتْ قَواعِدَها كَفَ الصَّنَا فَعَفتْ *** آثارُها وَ مَحَتْ سيماءَهُ النُّوبُ
وَقَفْتُ فيها وَ دَمْعُ العَيْنِ مُنْسَكِبٌ *** كَالْغَيْثِ وَ النَّارُ فِي الْأَحْشاءِ تَلْتَهِبُ
وَ بِي لَواعِجُ وَجْدِ لَوْ رَمَيْتُ بِها *** صَدْرَ الفَضا ضاقَ وَ هُوَ الواسِعُ الرَّحِبُ
حَيْرانُ أَقْبضُ في رَغْشِ الْبَنانِ حَشاً *** حَرّى أنا خَتْ بها الأَحْزَانُ و الكُرَبُ
و قائل ليَ رَفّه عَنْ حَشَاكَ وَلِي *** وَجدٌ إذا ما نَزا بِالقَلْبِ يَضْطَرِبُ
فَقُلْتُ لَمْ يَشْجَنِي نَأْيُ الْخَلِيطِ وَلا *** رَبْعٌ مَحَتْ رَسْمَهُ الأعْوَامُ و الحقُبُ
لكِنْ أذابَ فؤادي حادِثٌ جَلَلٌ *** تُنمى إِلَيْهِ الرَّزايا حِينَ تَنْتَسِبُ
يَوْمٌ قَضَى المُصْطَفَى في صُبْحِهِ وَ عَلَى *** الأَعْقَابِ مِنْ بَعْدِهِ أَصْحابُهُ انْقَلَبُوا(3)
قادُوا أخاهُ وَ رَضُوا ضِلْعَ بَضْعَتِهِ *** بِجَوْرِهِمْ وَ لَهَا الْبَغْضَاءَ قَدْ نَصَبُوا(4)
ص: 44
لَمْ انْسَهَا و هي تَنْعَاهُ وَ تَنْدبُهُ *** وَ قَلْبُها بِيَدِ الأَرْزَاءِ مُنْتَهَبُ
تَقُولُ يا والدي ضاقَ الْفَضاء بنا *** لَمّا مَضَيْتَ وَ حَالَتْ دُونَكَ التُّرَبُ
(قَدْ كانَ بَعْدَكَ أَنْبَاءٌ وَهَنْبئَةٌ *** لَوْ كُنْتَ شَاهِدَها لَمْ تَكْثُرِ الْخُطَبُ)(1)
(إِنَّا فقدناكَ فَقْدَ الْأَرْضِ وابِلَها *** وَ اخْتَلَّ قَوْمُكَ فَاشْهَدْهُمْ فَقَدْ نَكَبُوا)(2)
نَفَوْا أخاكَ عَلِيّاً عَنْ خِلافَتِهِ *** وَ شَيْخَ تَيْمٍ عِناداً مِنْهُمُ نَصَبُوا
كَقَومٍ مُوسى أطاعُوا الْعِجْلَ وَ اعْتَزَلُوا *** هارونَ وَ السَّامِرِيُّ الرِّجْسَ قَدْ صَحِبُوا
وَيْلٌ لَهُمْ نَبَدُّوا القُرْآنَ خَلْفَهُمُ *** وَ مَزَّقُوهُ عِناداً بِئْسَ ما ارْتَكَبُوا
مَا رَاقَبُوا غَضَبَ الجِبَارِ حِينَ إلَى *** الْمُخْتارِ أَحْمَدَ قَوْلَ (الْهَجْر) قَدْ نَسَبُوا(3)
ألْغَوْا وَصاياه في أهْلِيهِ وَ انتَهَبُوا *** مِيراثَهُ وَ إِلى حِرْمَانِهِمْ وَثَبُوا(4)
ص: 45
ص: 46
جارُوا عَلَى ابْنَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَغَدَتْ *** عَبْرَى النَّواظِرِ حُزْناً دَمْعُها سَرِبُ(1)
وَجَرَّعُوها خُطُوباً لَوْ وَقَعْنَ علَى *** صُمٌّ الجِبالِ لأَضْحَتْ وَ هُيَ نَضْطَرِبُ
أَبَضْعَةُ الظُّهْرِ طَهُ نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ *** بالبابِ يَعْصِرُهَا الطَّاغِي وَ مَا غَضِبُوا(2)
رَضُوا أَضَالِعَها أَجْرَوْا مَدامِعَها *** أَدْمَوْا نَواظِرَها مِيرَانَها غَصَبُوا(3)
ص: 47
لِبَيْتِها وَ هْيَ حَسْرى في مَعاصِمها *** عَدَوْا فَلاذَتْ وَرَاءَ البَابِ تَحْتَجِبُ
فَالَمُوْا عَضُدَيْها في سِياطِهِمُ *** وَ أَسْقَطُوا حَمْلَها وَ المُرْتَضَى سَحَبُوا(1)
قادُوهُ بِالحَبْلِ قَهْراً وَ هْيَ خَلْفَهُمُ *** تَدْعُو وَ أَدْمُعُها كَالغَيْثِ يَنْسَكِبُ
يا قَوْمِ خَلُوا ابْنَ عَمِّي قَبْلَ أَنْ تَقَعَ *** الْخَضْرَاءُ فَوْقَ الشَّرِى وَ الْكُونُ يَنْقَلِبُ(2)
ص: 48
فَقَنَّعُوها بِقَرْع الأَصْبَحِيَّةِ لا *** عَدَاهُمُ سَخَطُ الجِبارِ وَالْغَضَبُ
وَ وَشَّحُوا مَتْنَهَا بِالسَّوْطِ فَانْكَفَأَتْ *** لِدارِها وَ حَشاها مِلؤُهُ عَطَبُ
حَرَّى الفُؤَادِ يُرَوِّي الأرضَ مَدْمَعُها *** فَكُلَّما سالَ هذا ذاكَ يَلْتَهِبُ
قَدْ حارَبَ النَّوْمُ عَيْنَيْهَا وَ أَنْحَلَها *** فَرْطُ البُكَاءِ وَ أَضْنَى جِسْمَهَا التَّعَبُ
مَا بَارَحَتْ قَلْبَها الأَحْزَانُ ذاتُ حشاً *** حَرَّى إلى أنْ أُهِيلَتْ فَوْقَهَا التَّرَبُ
قَضَتْ وَ في جَنْبِها أَثَرَ السَّيَاطِ وَ في *** فُؤادِها لِلرَّزايا جَحْفَلٌ لَجِبُ(1)
ما شَيَّعُوا نَعْشَها السَّامي عُلا وَ لَقَدْ *** تَزاحَمَتْ خَلْفَها الأمْلاكُ تَنْتَحِبُ(2)
سَلُّوا ظُبَا الظُّلم مِنْ أَغْمَادِها فَغَدا *** في حَدِّهَا سِبْطُ طَهَ الظُّهْرِ يَعْتَصِبُ
ص: 49
ثاوِ بِحَرُ هَجِيرِ الشَّمْسِ مُنْجَدِلاً *** تَظِلُّهُ السَّمْرُ وَ الهِنْدِيَّةُ القُضُبُ(1)
جالَتْ عَلَيْهِ العَوادِي بَعْدَ ما نَهَبَتْ *** أَشلاءه البيضُ وَ الْعَسّالَةُ السُّلُبُ(2)
يا ثاوياً بِمَحانِي الطَّفِّ قَدْ سَلَبُوا *** ثِيَابَهُ وَ كَسَتْ جُثْمَانَهُ الكُثُبُ
(تاللَّهِ ما سَيْفُ شِمْر نال مِنْكَ وَ لا *** يَدا سِنانٍ وَ إِنْ جَلَّ الَّذِي ارْتَكَبُوا)
(لَوْلا الأُولى أَغْضَبُوا رَبَّ العُلى وَ أَبَوْا *** نَصَّ الوَلاءِ وَ حَقَّ المُرْتَضَى غَصَبُوا)
(كَفُّ بِهَا أُمَّكَ الزَّهْرَاءَ قَدْ ضَرَبُوا *** هِيَ الَّتِي أُخْتَكَ الْحَوْرًا بِها سَلَبُوا)(3)
فَدُونَكُمْ يَا بَنِي الزَّهْرَاءِ مَرْثِيَةً *** إِنْ تُتْلَ شَجْواً فَقَلْبُ الصَّخْرِ يَنْشَعِبُ
أَرْجُو خَلاصِي بِهَا فِي يَوْم لا سَبَبٌ *** يُغْنِي سِواكُمْ وَ لامال و لاحَسَبُ
عَلَيْكُمُ صَلَوَاتُ اللهِ مَا طَلَعَتْ *** فِي الأُفُقِ شَمْسُ وَ لاحَتْ أَنْجُمٌ شُهُبُ(4)
ص: 50
(بحر البسيط)
الشيخ حسن بن حمود الحلي (*)(1)
تخميس الشيخ جعفر الهلالي
و قد خمّس بعض أبيات القصيدة السابقة: الشيخ جعفر الهلالي
للَّهِ قَوْمٌ تَمادَوْا بَعْدَ مَا انْقَلَبُوا *** مُذْ فِي سَقِيقتهم لِلْغَدْر قَدْ نَصَبُوا
كأنَّ دُنْيا لَهُمْ مِنْ أَحْمَدٍ طَلَبُوا *** أَلْغَوْا وَصاياهُ فِي أَهْلِيهِ وَ انْتَهَبوا
ميراثَهُ وَ إلى حِرْمَانِهِمْ وَثَبُوا
قَدْ أَسْرَعَتْ تِلْكُمُ الأَصْحَابُ وَ اغْتَنَمَتْ *** مَوْتَ الرَّسُولِ وَ عَنْ حِقْدٍ لَهَا كَشَفَتْ
فَحُرْمَةُ الْآلِ فِيهِ قَطُّ مَا حَفِظَتْ *** جَارُوا عَلَى ابْنَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَغَدَتْ
عَبْرَى النَّواظِرٍ حُزناً دَمْعُها سَرِبُ
مِنْ بَعْدِهِ أَوْرَثُوهَا السُّقْمَ وَ الْعِلَلا *** فَكَابَدَتْ مِحَناً مِنْهَا الْفُؤادُ غَلا
قَدْ نَاصَبُوهَا العِدَا مُذْ شَخْصُهُ رَحَلا *** وَ جَرَّعُوها خُطوباً لَوْ وَقَعْنَ عَلَى
صُمّ الصُّخُورِ لَأَضْحَتْ وَ هُيَ تَضْطَرِبُ
شَأَتْ نِسَاءَ البَرايا في عَوالِمِها *** بِمَا تَضَافَرَ مِنْ دنيا مَكارِمِها
لَكِنّما الصَّحْبُ جَدُّوا في مَظَالِمِها *** لِبَيْتِها وَ هْيَ حَسْرى في مَعَاصِمِها
عَدَوْا فَلاذَتْ وَرَاءَ البابِ تَحْتَجِبُ
مِنَ الْفَضَائِلِ قَدْ حازَتْ جَوامِعَهَا *** وَ نُورُها لِلسَّمَا يُطْفِي لَوامِعَها
بِضَرْبِهَا الصَّحْبُ قَدْ نالَتْ مَطامِعَهَا *** رَضُوا أضالِعَها أَجْرَوْا مَدامِعَها
ص: 51
أَدْمَوْا نَواظِرَها مِيراثَهَا غَصَبُوا
تَنَكَّبُوا بَعْدَ طَهَ عَنْ صِراطِهِمُ *** وَ أَظْهَرُوا كُلَّ جَوْرٍ في نِشَاطِهِمُ
خانُوا بِبَضْعَته بَعْدَ اشْتِراطِهِمُ *** فَالَمُوا عَضُدَيْهَا فِي سِياطِهِمُ
وَ أَسْقَطُوا حَمْلَهَا وَ الْمُرْتَضَى سَحَبُوا
فَاطمٍ حِينَ أَبْدَى الْقَوْمُ خَلْفَهُمُ *** وَ حَكَمُوا في أبي السِّبْطَيْنِ جَلْفَهُمُ(1)
جَاؤُوا إلى الدَّارِ يَسْتَعْدُونَ حِلْفَهُمُ *** قادُوهُ بِالْحَبْلِ قَهْراً وَ هْيَ خَلْفَهُمُ
تَدْعُو وَ أَدْمُعُها كَالْغَيْثِ تَنْسَكِبُ
سَرَتْ وَراءَهُمْ سَعْياً بِغَيْرِ مَلَلْ *** مُذْ أَخْرَجُوهُ إِلَى الطَّاغِي بِدُونِ مَهَلْ
تَقُولُ وَ النَّارُ مِنْها فِي الفُؤادِ شُعَلْ *** يا قَوْمُ خَلُّوا ابنَ عَمِّي قَبْلَ أنْ تقَعَ
الخضراءُ فَوْقَ الثَّرى وَ الكَوْنُ يَنْقَلِبُ
ما راقبوا الله فيها لا وَلا الرُّسُلاً *** وَ لااسْتَجَابُوا لِصَوْتِ الحَقِّ حِينَ عَلا
رامُوا لِتَرْجِعَ لَكِنْ لَمْ يَرَوْا حِوَلا *** فَقَنَّعُوها بِضَرْبِ الأَصْبَحِيّةِ لا(2)
عَداهُمُ سَخَطُ الجَبَّارِ وَالْغَضَبُ
لَمَّا رَأَوْا أَنَّها بِالْقَرْع ما رَجَعَتْ *** وَ أَنْها خَلْفَهُمْ بِالْعَدْهِ ما فَتِئَتْ
عَادُوا لَهَا بِسِيَاطٍ مِنْهُمُ ارْتَفَعَتْ *** وَ وَشَحُوا مَتْنَها بِالسَّوْطِ فَانْكَفَاتْ
لِدارِها وَحَشاها مِلْؤُهُ عَطَبُ(3)
ص: 52
(بحر الطويل)
حسن بن علي بن جابر الهَبَل
أَيُغْنِيكَ دَمْعٌ أَنْتَ فِي الرَّبِعِ ساكِبُهُ *** وَ قَدْ رحَلَتْ غِزْلانُهُ و رَبارِبُهْ(1)
تُهَوِّنُ أَمْرَ الحُبِّ مُدَّعِيا لَهُ *** وَما الحُبُّ أهْلُ أنْ يُهوَّنَ جَانِبُهْ
لِكُلِّ مُحِبْ كَأْسُ هَجْرٍ وَ فُرْقَةٍ *** فَإِنْ تَصْدُقِ الدَّعْوَى فَإِنَّكَ شَارِبُهْ
عَجِبْتُ لِصَبٌ يَسْتَلِذُ مَعَاشَهُ *** وَ قَدْ ذَهَبَتْ أَحْبَابُهُ وَ حَبائِبُهْ
فَلا حُبَّ مَهُما لَمْ يَبِتْ وَ هُوَ فِي الْهَوى *** قَرِيحُ الْمَآقي(2) ذاهِلُ القَلْبِ ذاهِبُهْْ
«وَمُكْتَيْبٍ يَشْكُو الزَّمَانَ وَ قَدْ غَدَتْ *** مَشارِفُهُ مَسْلُوكةً وَ مَغَارِبُهْ»
وَ مُلْتَزِمُ الأَوْطَانِ يَشْكُو هُمُومَه *** وَ قَدْ ضَمِنَتْ تَفْرِيجَهُنَّ رَكائِبُهُ
فَشُقَّ أَدِيمَ الخَافِقَيْنِ(3) مُجَرِّداً *** مِنَ الْعَزْمِ سَيْفاً لَاتَكِلُّ مَضَارِبُهْ
وَ حَسْبُكَ أَدْراعٌ مِنَ الصَّبرِ إنّها *** لَتُحْمَدُ في جُلِّ الخُطُوبِ عَوَاقِبُهْ
فَأَيُّ لَئِيمٍ مَا الزَّمانُ مُسَالِمٌ *** لَهُ وَ كَريمِ مَا الزّمانُ مُحارِبُهْ(4)
فَلا كَانَ مِنْ دَهْرِ بِهِ قَدْ تَسوَّدتْ *** عَلَى الْأُسدِ في آجامِهِنَّ ثَعَالِبُهْ
كَفَى بِالنَّبِيِّ المُصْطَفَى وَ بِالهِ *** فَهَلْ بَعْدَهُمْ تَصْفُو لِحُرِّ مَشارِبُهْ
دَعاكُلُّ باغ في الْأَنامِ وَ مُعْتَدٍ *** إلى حَرْبِهِمْ وَ الدَّهرُ جَمْ عَجَائِبُهْ
ص: 53
فَكَمْ غَادِرٍ أَبْدَى السَّخائِمَ(1) وَ اغْتَدَتْ *** تَنُوشُهُمُ أَظْفَارُهُ وَ مَخالِبُهْ
سَيَلْقَوْنَ يَوْمَ الحَشْرِ غِبَّ فِعَالِهِمْ *** وَ كُلُّ امْرىءٍ يُجْزَى بما هُوَ كَاسِبُهْ(2)
أُهِينَ (أبوالسِّبْطَيْن) فِيهِمْ وَ (فاطمٌ) *** وَ أَهْمِلَ مِنْ حَقِّ القَرابَةِ وَاجِبُهْ(3)
تَجارَوْا عَلَى ظُلْم الوَصيَّ وَ رُبّما *** تَجارَى على الرَّحمن مَنْ لا يُراقِبُهْ
وَ لَمْ يُرْجِعُوا مِيراثَ بِنْتِ (مُحَمَّدٍ) *** وَ قَدْيُرجِعُ المَغْصُوبَ مَنْ هُو غَاضِبُةْ(4)
فَما كَانَ أَدْنَى ما أَذَوْها بِأَخْذِ مَا *** أَبوهالها دُونَ البَريَةِ وَاهِبةْ
ص: 54
أَقاموا (فُلاناً) إماماً وَزُحْزِحَتْ *** إِلَى النَّاسِ عَنْ آلِ النَّبِيِّ مَناصِبُةْ
أَمَا لَوْ دَرَى (يَوْمُ السَّقِيفَةِ) مَا جَنَى *** لَشَابَتْ مِنَ الأَمْرِ الفَظِيعَ ذَوائِبُهْ
أَغَيْرَ (عَلِيٍّ )كَانَ بَعْدَ (مُحَمَّدٍ) *** لَهُ كَاهِلُ المَجْدِ الأَثِيلِ وَ غَارِبُهْ؟
وَمَنْ بَعْدَ (طة) كانَ أَوْلى بِإِرْثهِ *** أَأَصْحَابُهُ؟ قُولوا لنا: أَمْ أَقَارِبُهْ؟
وَ شَتّانَ بَيْنَ البَيْعَتَيْنِ لِمُنْصِفٍ *** إذا أُعْطِيَ الإنصافَ مَنْ هُوَ طالِبُهْ
فَبَيْعَةُ هَذا أَحْكَمَ اللَّهُ عَقْدَهَا *** وَ بَيْعَةُ ذاكُمْ فَلْتَةٌ قالَ صاحِبُهْ(1)
فَلا تَدَّعُوا إِجْمَاعَ أُمَّةِ (أحْمَدٍ) *** فَأَكْثَرُ مِمَّنْ شَاهَدَ الأَمْرَ غَائِبُهْ
وَ كُلُّ مُصَابِ نَالَ آلَ مُحَمَّدٍ *** فَلَيْسَ سِوى يَومِ السَّقِيفَةِ جَالِبُهْ(2)
ص: 55
(بحر الطويل)
الشيخ حسن الدمستانى (*)(1)
أطَلْتُ وُقُوفِي فِي مِنَى فَالْمَحَصَّبِ *** لتذكار آثارِ النَّبِيِّ المُهَذَّبِ
ص: 56
فَازْعَجَنِي شَوْقٌ إِلَيْهِ مُبَرِّحٌ *** و أَظرَبَنِي حَتَّى يَكَادُ يَطِيرُ بِي(1)
فَطِرْتُ مَعَ البَازِي عَلَى كُوْرِ نَاقَةٍ *** تَطِيرُ بِخُفَيها الحَصَى خَلْفَ مَنْكَبِي(2)
فَأمْسَيْتُ فِي خُمُ هِلالَ مُحَرَّمِ *** فَبِتُّ بِمِيقاتَيْنِ مُشْجٍ و مُظرِبِ
مَكَانُ سُرورٍ فِي زَمَانِ كَابَةٍ *** وَ ذَلِكَ ممَّا لَيْسَ يَخْفى على الغَبِي
وَ لَوْ قُلْتُ كُلٌّ مِنْهُمَا بَاعِثُ الأَسَى *** لِكُلِّ وَلِيّ مخلِص لَمْ اكْذِبِ
وَ ذَاكَ بِأَنَّ النَصَّ لَمْ يَبْقَ مُبْرَماً *** كَمَا هُوَ بَلْ حَلّتْهُ أيْدِي التَّعَصُّبِ
وَ زُحْزِحَ رَبُّ الحقِّ عَنْ مُسْتَحَقِّهِ *** وَ قُرِّبَ مَنْ لَمْ يَكُنْ بالمقربِ
وَ ذَلِكَ أصْلُ الخُلفِ في الدِّينِ و العَمَى *** عَنِ الحَقِّ و الإرْجَافِ في كُلِّ مَذْهَبِ(3)
وَ حُسْبانُ ظَنِّ المُخْطِئِينَ إصَابَةً *** وَ ظَنُّ مُصِيبِ الحَقِّ غَيْرَ مُصَوَّبِ
فَمِنْ ذَاكَ أَنِّي ظَلْتُ أَطْلُبُ طَيْبَةً *** وَ لَمْ يَنْحَرِفْ عَنْ ذَلِكَ القَصْدِ مَطْلبي
فَزُرْتُ بعاشور النَّبِيَّ فَرَاعَنِي *** ظهورُ شِعارِ العِيدِ في حَضْرَةِ النَّبِي
فَقُلْتُ وَ لَم أمْلِكُ مِنَ الغَيْظِ مَنْطِقِي *** ثُبُوراً و تَثْرِيباً لَكُمْ أَهْلَ يَثْرِبٍ(4)
مَتَى صَارَ عَاشُورَاءُ عِيداً لمُسْلِمٍ *** وَ قَدْ غَيْبَ الإِسْلامُ في جُنْحِ غَيْهَبٍ؟(5)
ص: 57
وَ مَنْ يَجْعَلُ العَاشُورَ عِيداً عُقَيْبَ مَا *** جَرَى فِيهِ غَيْرُ النّاصِبِ المُتَعَصِّبِ؟
أَقَلْبُ رَسُولِ اللَّهِ ذُو فَرَحٍ بِمَا *** جَنَاءُ العِدَا أَمْ ذوأَسَى مُتَلَهِّبٍ؟
أَلا يَسْتَحِي مَنْ يَواسِيْهِ فِي الأَسَى *** عَلَى آلِهِ مَنْ ذِي عِيدٍ وَ مَلْعَبِ
لَقَدْ حَقَّ لِلْعِيدَيْنِ أَنْ يَتَحَوَلاَ *** إِلَى مَأْتَمَي حُزْنٍ وَ نَوْحٍ وَ مَنْدَبِ
أَمِنْ بَعْدِ ذَبْح السُبْطِ ظُلماً مِن القَفَا *** عَلَى ظَمَإِ يَلْتَذُّ مَوْلًى بِمَشْرَبٍ؟
وَ يَأْخُذُ حَظَاً مِنْ وِ سَادٍ وَ رَاسُهُ *** بِكَفِّ سِنَانٍ في سِنَانٍ مُكَعَبِ
وَ يَأْوِي إلى لِيْنِ الفِرَاشِ وَ جِسْمُهُ *** يُرَضُ بَرَكْضِ الخَيْلِ فِي بَطْنِ سَبْسَبِ
وَ أَخْفَيْتُ نَفْسِي دَاخِلاً في غِمَارِهِمْ *** وَ لَمْ آلُ جُهْداً في خَفَاءِ تَنَحُبِّي
وَ وَجْهُتُ وَجْهِي لِلنَّبِي مُعَزيّاً *** لَهُ بِابْنهِ الظَّامي الذُّبيحِ المُسَلَّبِ
وَ ظَلْتُ أَناجِيهِ خفياً وَ أَشْتَكِي *** مَلِيّاً و مدرار الدِّموعِ كصيِّبِ
لَكَ الأجْرُ يَا خَيْرَ الوَرَى بِابْتِكَ الَّذِي *** شُغِفْتَ بِهِ عَنْ كُلِّ مَالِكَ مُعْجِبِ(1)
إلى أن يقول:
وَ صِرْتُ إلى الزَّهْرَاءِ ابْكِي مُعزّيّاً *** لَهَا بِبَنِيها مُوْجِزَاً غَيْرَ مُطنِبِ(2)
لَكِ الأجْرُ يا بِنْتَ النّبي على الَّذِي *** رُزِيْتِ فَحَقُّ أنْ تَنوحِي وَ تَنْدُبِي
فَفَرْخُكِ يَا زَهْراءُ بالطف قَدْ قَضَى *** ذَبِيْحاً وَ لَمْ يَظْفَر بِمَاءٍ فَيَشْرَبِ(3)
وَ ظَلَّ اليَتَامَى تَسْتَعيتُ بِهِ فَلَمْ *** يُجِبُها فَظَلَّتْ تَسْتَغِيْتُ بِزَيْنَبِ
ص: 58
تُحاوِلُ خَوْف السبي و السلْبِ مُهْرَباً *** وَ قَدْ عَلِمَتْ أَنْ لَأتَ(1) سَاعَةً مَهْرَبِ(2)
فَسِيْقَتْ عَلَى عُجْفِ المَطَايَا حَواسِراً *** عَرَايا بِغَيْرِ الحُزْنِ لَمْ تَتَجَلْبَبِ(3)
وَ سِيقَ عَلِيُّ بْنُ الحُسينِ مُغَلغَلَاً *** عَلِيْلاً ذَلِيْلاً فَوْقَ أَعْجَفَ أجْربِ
فَيَا فَاطِمُ الزهراءُ حَقٌّ لَكِ البُكَا *** وَ حَبْسُ الرِّزَايَا فِي الفُؤَادِ المُرَعَبِ
و إِنْ تَتَسَلْيْ تَسْتَرِيْحِي فَإِنَّ مَنْ *** تَظَلُّ الرَزَايَا نُصْبَ عَيْنَيْهِ تَنْصِبِ
فَقَدْرُكِ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَتَوَجْعِي *** وَ أَنْ تَصْبري سام عَلَى كُلِّ مَنْصِبِ
وَ أَمَّا مَوالِيْكُم فَمَوْعِدُ صَبْرِهِمْ *** ظَهُورُ الإمام القائم المترقَّبِ
و إغْمَادُ سَيْفِ الحقِّ في خُصَمَائِهِ *** وَصَلبُ طَوَاغِيْتِ النِفَاقِ بِيَثْرِبِ
أرَى حَسَناً مَولاهُ أيَّامَ صَلْبِهِم *** فَفِيهِ شِفَاءٌ للفؤادِ المعذِّبِ
أيَا مَنْ بِهِمْ فَاض الوجودُ على الوَرَى *** مِنَ المُبْدِىءِ الفِيّاضِ مُنُّوا بِمَطْلَبِي(4)(5)
ص: 59
(بحر الكامل)
الأستاذ سعيد العسيلي العاملي (*)(1)
رُؤياً لَها حَنَّ الحُسَيْنُ وَ ذَابَا *** وَ الشَّوْقُ أَلْهَبَ قَلْبَهُ إلها با
يا لَيْتَها دامَتْ عَلَيْهِ لأَنَّها *** قَدْ أَلْبَسَتْهُ مِنَ الهَناءِ ثِيابا
حُلْمٌ لَهُ رَدَّ الطُّفولَةَ بَعْدَما *** مَرَّ الزَّمانُ وَ رَأْسُهُ قَدْ شابا
هِي ذِي مَطالِعُ نُورٍ وَجْهِ مُحَمَّدٍ *** قَدْ أَقْبَلَتْ وَ اللَّيْلُ مِنْها غابا
وَ حَنانَهُ بَيْنَ الجُفُونِ كَأَنَّهُ *** بَرْقٌ يَضُمُّ بِجانحَيْهِ سَحابا
وَ عُذُوبَةٌ بكَلامِهِ وَ كَأَنَّها *** نَغَمٌ حَلا للسَّامِعِينَ وَطابا
وَ لَقَدْ تَأكَّدَ مِنْهُ بَعْدَ حَدِيثِهِ *** أَنَّ الزَّمَانَ لَهُ أَعَدَّ صِعابا
مِنْها تَمِيدُ ذُرَى الجِبَالِ وَ تَنْحَنِي *** هَوْلاً وَ تَبْتَلِعُ السُّهولُ هِضابا
وَاللَّهُ شَاءَ بِأَنْ تَكُونَ شَهادَةً *** بِالقَتْلِ تُحْيِي سُنَةٌ وَ كِتابا
وَ يَكُونَ مَذْبُوحاً بساحَةِ كَرْبَلا *** وَ رِياحُها تُسْقِي عَلَيْهِ تُرابا
وَ الظُّلْمُ يَنْشُرُ ظِلَّهُ مِنْ فَوْقِهِ *** وَ الجَوْرُ يَذْبَحُ إِخْوَةً وَ صِحابا
وَ الظَّالِمُونَ كَأَنَّهُمْ مِنْ حَوْلِهِ *** قَدْ أَصْبَحُوا بَعْدَ الصَّلالِ ذِئابا
ما دامَ قَدْ حَكمَ القَضا بِمَصِيرِهِ *** سَيَكُونُ أَوَّلَ مَنْ إِلَيْهِ أَجابا(2)
ص: 60
مَرْحَى بِأمْرِ اللَّهِ وَ هُوَ مُقَدَّسٌ *** وَ عَلَيْهِ طاعَتُهُ وَ لَنْ يَرْتابا
وَ بَدَتْ عَلَى الثَّغْرِ الوَسِيم كابةٌ *** كَالغَيْمِ بَثَّ عَلَى التَّلالِ ضَبابا
هُوَ لا يَخافُ مِنَ المَنِيَّةِ بَعْدَما *** عَشِقَ الوَغَى و أَسِنَّةً وَ حِرابا
لكنَّ ما يَخْشَاهُ سَبْي حرائرٍ *** ما فَارَقَتْ طُول الحياة حِجابا
وَ غَدَتْ خواطِرُهُ تَهِيمُ مَعَ الأَسَى *** وَ الحُزْنُ فيه أَوْجَدَ الأَتُعابا(1)
وَ مَشَى لناحِيَةِ البَقيع يَقُودُهُ *** هَمُّ رآهُ مِنَ الزَّمانِ عُجابا(2)
وَ هُناكَ لِلزَّهْراءِ بَتْ هُمُومَهُ *** وَشَكَا مِنَ الألَمِ المَريرِ عَذابا
أمّاهُ جِئْتُ مُسَلْماً وَ مُوَدِّعاً *** قَبْلَ الرَّحِيلِ وَ لَنْ تَرَيْنَ إيابا(3)
أَمَاهُ مَنْ هَجَر الدِّيارَ فَإِنَّهُ *** لَيْسَ الغَريبُ وَ لَوْ رَأى أَغْرابا
إنّ الغريب مَنِ اسْتَكانَ لِذِلَّةٍ *** في قَوْمِهِ أَوْ فَارَقَ الأحْبابا(4)
ص: 61
(بحر الكامل)
الأستاذ سعيد العسيلي العاملي (*)(1)
جَلَّى غُبَارُ النَّقْعِ(2) شَرَّ هَزِيمَةٍ *** بِقُرَيْشَ فَارْتَدَّتْ عَلَى الأَعْقابِ
وَ عَلِيُّ عادَ مَعَ النَّبِيِّ لِيَثْرِبٍ *** لم يَخْشَ ضِغْنَ الكَافِرِ المُرْتَابِ
و لأنّ بَدْراً قَدْ أَفاءَتْ مَغْنماً *** لابَأْسَ إِذْ كَانَتْ بِخَيْرِ إيابِ
وَ هُوَ الذي لم يُبْقِ يَوْماً دِرْهَماً *** أو يَتَّخِذْ لِلْمَالِ أَي حِسابِ
وَ كأَنّها المِصْفاةُ كَانَتْ كَفُّهُ *** مَنْقُوبَةٌ لِلْمَالِ كَالمِيزابِ
قَدْ كانَ أَثْرَى ثَرْوَةٌ بِدَرَاهِم *** وَ تَعُدُّ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْحُسَابِ
فسَعَى لَها سِرّاً بِلَيْلٍ مُظْلِمٍ *** وَ نَهَارِهِ جَهْراً بِخَيْرِ عِقابِ
و عَلى ذَوِي الحاجاتِ أَنْفَقَها وَ قَد *** لاقَى مِنَ الإحسانِ خَيْرَ ثوابِ
إذْ أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ فِيهِ آيَةً *** قُدْسِيَّةٌ رُقِمَتْ بِخَيْر كِتابِ(3)
إنّ الّذينَ تَصَدَّقُوا في مالِهِمْ *** في لَيْلِهِمْ وَ نَهَارِهِمْ بِصَوابِ
سِرّاً عَلانِيَةً عَلى إِحْسانِهِمْ *** لَهُمُ الجِنانُ بِهَا وَ حُسْنُ مَآبِ
قَدْ كَانَ يَحْرِمُ نَفْسَهُ مِنْ كَسْبِهِ *** وَ الجُودُ مَوْرُوثٌ عَنِ الأَحْسَابِ
يَسْقِي الزَّرَاعَةَ لِلْيَهُودِ بِيَثْرِبٍ *** حَتَّى يُعانِي كَفَرَةَ الأَوْصَابِ(4)
ص: 62
لكِنْ إذا نَقَدُوهُ كامِلَ أَجْرِهِ *** أَعْطاهُ لِلْمَحْرُومِ أَوْ لِمُصابِ
وَ يَبِيتُ مَعْ فَرْضِ الصَّلاةِ عَلَى الطَّوَى *** ما عاش في يَوْمِ بِزَهْوِ شَبابِ
ما غَرَّهُ مالٌ ولا هَرَجُ الصَّبا *** لِلَّهِ عاشَ رَهِينَةَ المِحْرابِ
وَ القُوتُ خُبُرِّيابِسٌ وَغِطَاؤُهُ *** وَبَرٌ وَ ثَوْبٌ نَسْجُهُ بِإِهابِ(1)
لَكِنَّهُ كانَ الحَنِينُ يَقُودُهُ *** نَحْوَ الزَّوَاجِ وَ نَحْوَ ذاتِ نقابِ
منْ غَيْرُها وَ هِيَ الَّتِي فِي ذِهْنِهِ *** خَيْرُ النِّساءِ وَ كُلِّ ذاتِ حِجاب
وَ لَطالَما قَدْ كانَ يَحْمِلُها على *** كَتِفَيْهِ بَيْنَ البِشْرِ وَ التّرحَابِ
وَ أَحَبَّ والدها المُعَظَّمَ قَبْلَها *** وَ الحُبُّ مَوْرُوتٌ لَدَى الأَحْبابِ
هي فاطِمُ الزَّهْراءُ بِنْتُ المُصْطَفَى *** خَيْرُ الأنام و نِعْمَةُ الوَهّابِ
هذا أبُوبَكْرِ أَتَاهَا خاطباً *** فَأَبَى عَلَيْهِ الْمُصْطَفَى بِجَوَابِ(2)
وَ قَدْ أتَى عُمَرُ لِيَخْطِبَها فَلَمْ *** يُسْعَدْ وَ إِنْ أَمْسَى مِنَ الخُطابِ(3) (4)
ص: 63
كانَ الجَوابُ مِنَ الرَّسُولِ صَرَاحَةً *** لَهُمَا وَ إنْ كانا مِنَ الأَصْحاب
هِيَ بَضْعَةٌ مِنّي وَ أَنْتَظِرُ القَضا *** فيها بِوَحْي الخالق التَّوابِ
وَ عَلِيُّ يَخْشَى أَنْ يَعُودَ بِخَيْبَةٍ *** و يَرُدَّهُ الهَادِي عَلَى الأَعْقَابِ(1) (2)
ص: 64
فَوَلاهُمُ فَرْضٌ مِنَ الرَّحمنِ *** في القُرْآن واجِبْ(1)
ص: 66
ص: 67
ص: 68
وَهُمُ الصِّراطُ فَمُسْتَقِيمٌ *** فَوْقَهُ ناجٍ وَ ناکِبْ(1)
ص: 69
صِدِّيقةٌ خُلِقَتْ لِصديقٍ *** شریفٍ في المناسِبْ(1)
ص: 70
اخْتارَهُ و اخْتارها *** طُهُرَيْنِ مِنْ دَنَسِ المَعايِبْ(1)
ص: 71
إسْماهُما قُرِنا على سطرٍ *** يظل العَرْشِ راتبْ(1)
كان الإلهُ وَلِيَّها *** وَ أَمِينُه جِبْرِيلُ خاطبْ(2)
ص: 72
وَ المَهْرُ خُمْسُ الأرضِ مَوْهِبَةً *** تَعالَتْ في المَوَاهِبْ(1)
وَ تَهَابُها مِنْ حَمْلِ طُوبَى *** طُببَتْ تِلْكَ المَناهِبْ(2)
ص: 73
(بحر الطويل)
الشيخ سلمان البلادي البحراني
هُوَ الدَّهْرُ بِالْأَعْمَالِ تَسْرِي رَكائِبُهُ *** كما كانَ بِالرِّجالِ تَسْعَى نَوائِبُةْ
تولَّعَ بِالسّاداتِ في كُلِّ كُرْبَةٍ *** فَما سَيِّدٌ إِلا رَمَتْهُ صَوائِبُهْ(1)
فَيا لَكَ دَهْراً لا يُنيمُ وَ لَمْ يَنَمْ *** تَنِمُّ عَلى الأَعْمارِ دَاباً رقائِبُةْ(2)
فَلَمْ تَمْتَنِعْ مِنْهُ حُصُونُ مَنِيعَةٌ *** وَ لامَلِكٌ قَدْ حَصَّنَتْهُ مَقَانِبُهْ(3)
وَ حَسْبُكَ مَوْتُ المُصْطَفَى خَيْرِ سَيْدٍ *** وَ مَنْ عَمَّتِ الْأَكْوانَ طُرّاً مَواهِبُهْ
قضى فَقضى مِنْ بَعْدِهِ الحَقُّ وَ اخْتَفَتْ *** بِأَسْتَارِ لَيْلِ الجَوْرِ مِنْهُ كَواكِبُهْ(4)
ص: 74
وَ جَلَّلَ ثَوْبُ الدِّينِ ثَوْبَ كُسُوفِها *** كَما خَسِفَتْ بَدْرَ الْوُجودِ غَيَاهِبُهْ
وَ أَذْرَتْ عُيُونُ الكائناتِ دَمُوعَها *** كَما وَ كَفَتْ مِنْهُ عَلَيْها سَحَائِبُهْ(1)
لَقَدْ أَظْهَرَتْ فِيهِ السَّقِيفةُ مُضْمَراً *** لإطفاء نُورِ اللَّهِ كَانَتْ مَنَاصِبُهْ(2)
كَما أَضْمَرتُ نيرانها مُسْتَطِيرَةً *** فَذا حَرُّها لِلدِّينِ عَمَّتْ لَوَاهِبُهْ
يِها صَمَّمُوا أَنْ يُحْرِقُوا دار فاطِمٍ *** وَ مِنْ نُورِهِ قَدْ نَوَّرَ الكَوْنَ ثاقِبُهْ(3)
ص: 75
بهَا البِضْعَةُ الزَّهْرَاءُ أَلْقَتْ جَنِينَها *** بِضَغْطِ رَقَتْ أَوْجَ السَّمَاءِ نَوادِبُهْ(1)
فَيا لكِ ناراً طبق الكَونَ نَشْرُها *** فَدَبَّتْ عَلَى آلِ النَّبِيِّ عَقَارِبُهْ
ص: 76
بِهَا الحَيْدَرُ الكَرَّارُ قِيدَ مُلَبَّباً *** وَ شَنَّتْ عَلَيْهِ فِي الحَياةِ حَرائِبُهْ
وَ عَمَّمَ مِنْهُ الرَّأْسَ سَيْفُ ابنِ مُلْجَمٍ *** فَغُودِرَ في المِحْرابِ وَ الدَّمُ حَاضِبُةْ(1)
بِهَا الحَسَنُ الزّاكِي تَقَطَّعَ قَلْبُهُ *** بسم فَمِنْهُ الدِّينُ قُطِّعَ جانِبُةْ(2)
كَما جَدَّهُ المختارُ قَطعَ قَلْبُهُ *** بِسُمٌ فَمِنْهُ الدِّينُ هُدَّتْ شَناخِبُةْ
وَ مِنْهَا طَمَتْ في كَرْبَلا لُجَّةُ البَلا *** عَلَى فُلْكِ نُوحٍ وَ امْتَطَى الْكَرْبَ رَاكِبُهْ(3)
ص: 77
فَمِنْ صَعْدَةِ الباغِينَ مِنْبَرَ أَحْمَدٍ *** عَلى صَعْدَةٍ رَأْس ابْنِهِ الْبَغْيُ ناصِبُةْ
وَ أَصْعَدَ شِمْراً فَوْقَ صَدْرِ ابن أحمدٍ *** وَ يَا طالما صَدْرُ النَّبِيِّ يُلاعِبةْ(1)
وَ سَيْفٌ لَهُ تِلْكَ السَّقِيفَةُ جُرِّدَتْ *** لَقَدْ جَرَّدَتْ رَأسَ الحُسَيْنِ ضَرائِبُهْ(2)
وَ جَزل ادَارُوهُ عَلَى دَارِ حَيْدَرٍ *** بهِ أُخرقَتْ في كَرْبَلاءَ مُضَارِبُهْ(3)
وَقَوْدُ الوَصِيِّ المُرْتَضَى بِنِجادِهِ *** يُقادُ بِهِ سَجَّادُهُ وَ نَجَائِبُهْ(4)
وَ جَيْشٌ عَلَى الكَرَارِ حُمَّتْ سُيُولُهُ *** لِقَتْلِ ابْنِهِ فِي الطَّفِّ جُرَّتْ كَتائِبُهْ
ص: 78
و إسقاط بِنْتِ المُصْطَفَى الظَّهْرِ مُحْسِناً *** بِهِ لِحُسَيْنِ أَسْقَطَ الطِّفْلَ ناشِبُهْ(1)
وَخُطْبَتُها في مَجْلِسٍ عِنْدَ حَبْتَرٍ *** بِهِ زَيْنَبٌ لاقَتْ يَزِيدَ تُخاطِبُهْ(2)
وَ مِنْ مَشْبِها تَرْجُو لِتَخْلِيص حَيْدَرٍ *** مَشَتْ زَيْنَبٌ نَحْوَ العَلِيل نَجانِبهْ(3)
ص: 79
وَ لَمْ أنسَ مُهُمَا أَنْسَ فَاطِمَ إذْ دَعَتْ *** أَبَاهَا بِدَمْعِ أَفْرَحَ الطَّرْفَ ساكِبُهْ
لقَدْ كُنْتَ يا خَيْرَ الخلائقِ مَعْقِلاً *** تَحُلُّ عِقال النائباتِ جَوانِيةْ
بِنُورِكَ كَانَتْ تَسْتَضِيءُ أُولُو الحِجا *** فَبَعْدَكَ نُورُ الحَقِّ أَظْلَمَ لاحِبُهْ
وَ قَدْ أُثْكِلَتْ أُمُّ المَعَالِي وَ أَيَّمَتْ *** وَ خابَتْ بَنُو الآمال مما تُطالِبُةْ
تَهَضَّمَنَا القَوْمُ اللئَّامُ ببُغْضِهِمْ *** وَ أَدْرَكَ مِنا الوتْرَ مَنْ هُوَ طالِبُهْ
فَها نَحْنُ لَمَّا غِبْتَ عَنَا بِذِلَّةٍ *** يُجاذِبُنا صَرْفُ الْبَلا وَ نُجَاذِبُهْ
يَحِنُّ حَنِينَ الْهيمِ مَسْجِدُكَ الَّذِي *** بِنُورِ مُحَيَّاكَ اسْتَنَارَتْ مَحارِبُةْ
ص: 80
و مَخْطَبُكَ السّامِي أقامَ خُطُوبَهُ *** غَداةَ خَلا مِنْ أَوْجَ مَرْقَاهُ خَاطِبُهْ
وَ نادِيكَ مُذْ غَاضَ النَّدَى عَنْهُ صَوَّحَتْ *** رُباهُ كَأَنْ لَمْ يَغْنَ بِالأَمْسِ جَانِبُهْ
لَقَدْ تُرْبَتْ كَفُّ العَفَّاف وَ لَمْ تَنَلْ *** بِلالُ نَدى الاسراباً يُناوِبُهْ
أَتُحْيِي رُفاةٌ وَ الْحَيَاةُ تَفَشَّعَتْ *** بِعاصِفَةِ الْأَرْجَاءِ عَنْهُ سَحَائِبُهْ
فَوا ضَيْعَةَ الإسلام بَعْدَ كَفِيلِها *** وَ خَيْبَةَ مَنْ أَخْنَتْ عَلَيْهِ مَآرِبُهْ
وَ مِنْ أيْنَ تَعْلُو لِلْمَحامِدِ رايَةٌ *** وَ أَحَمَدُها في التُّرْبِ رُضَّتْ تَرائِبُهْ؟
وَ انّى بَنُو الحاجاتِ تَجْرِي سَفِينُها *** وَ زَاخِرُ مَجْراها بِفَقْدِكَ نَاضِبُهْ؟
أبِي فَتَحَتْ عَيْنُ الصَّلالِ لِظُلْمِنا *** بإغماض طَرْفٍ مِنْكَ فِينَا تُراقِبُهْ
فَذَا صِنْوُكَ الكَرَّارُ أَصْبَحَ صاغراً *** وَ نَازَعَهُ حَقَّ الخِلافَةِ غَاصِبُهْ
وَ سِبْطاكَ ما رَاعَوْا حُفُوقَكَ فِيهِما *** كَأَنَّكَ في أَجْرِ الْمَوَدَّةِ كاذِبهْ(1)
فَها مَدْمَعِي يَنْهَلُ كَالسُّحْبِ وابِلُه *** وَ عُمْرِيَ مِنْهُ زادُهُ وَ مَشارِبُهْ
وَ هَوَّنَ خَطبي أنَّ عُمْرِي مُنْقَضٍ *** وَ أَنَّ بُعَيْدَ الْمُلْتَقَى مُتَقارِبُهْ
وَ كَيْفَ بَقَاءُ الجِسْمِ مِنْ غَيْرِ رُوحِهِ *** وَ فِي القَلْبِ ما يُذْكِي لَظَى الْوَجْدِ لاهِبُهْ(2)
فَهذا هُوَ الرُّزْهُ العَظِيمُ الَّذِي بِهِ *** عَظِيمُ الْبَلَا يُنْسَى وَ تُسْلَى مَصَائِبُهْ
أيا سيِّد الرُّسُلِ الشَّفِيعَ لِمَنْ عَصَى *** أَغِثْ آبِقاً قَدْ أَوْبَقَتْهُ مَعَايِبُهْ
إذا خَفِّ مِيزاني بما كَسَبَتْ يَدِي *** فَتَقُلْهُ كَيْ لَا تَسْتَخِفَّ مَكاسِبُهْ
ص: 81
فَحُبُّكَ يا مَوْلايَ أَحْمَدُ صالحٌ *** سَما فَسَمَا فَلْتَعْلُ مِنْهُ مَراتِبُهْ
عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ السَّلامُ سَلامُهُ *** تَروُحُ وَ تَعْدُو كُلَّ آنٍ رَكاتِبُهْ(1)
ص: 82
(بحر البسيط)
الشيخ صادق جعفر الهلالي
حَيّ البَتُولَةَ وَ ابْلُغْ بالسَّنا رُتَبا *** شِعْراً تُطَرِّزُ في قِرْطاسِهِ العَجَبا
كالشمس أشْرَقَ مِنْ إشْعَاعِها أَلقاً *** عَمَّ الوُجُودَ أَضَاءَ العَالَمَ الرَّحِبَا
هِيَ ابْنَةُ المُصْطَفَى وَ البَعْلُ حَيْدَرَةٌ *** ذكراً بها مَوْلِدُ الزهراءِ قَدْ كُتِبا
تاهَ الفَرِيضُ بِمَعْناها وَ مَا بَرُدَتْ *** قَوافي الشعرِ تَسْمُو عِزّةً وإبَا
يا بَهْجَةَ القَلْبِ لِلْهَادِي البَشِيرِ وَمَا *** رَیْحانَةٌ بِشَذّاها لُطْفُهُ انْسَكبا(1)
ص: 83
أُمِّ تَوَرَّدَ منها بالهُدى حَسَنٌ *** وَذَا الحُسَيْنُ إباءً يَزْدَهِي رُتَبا(1)
أُمُّ الأئمّةِ زَهْراءٌ وَقَدْ عَظُمَتْ *** عِنْدَ الإلهِ عُلُوّاً زاحَمَ الشُّهُبا(2)
بُورِكَتِ زَيْنَبُ أمَّ أَنْتِ صُورَتُها *** صَبْراً يُفَجُرُ مِنْ بُرُكَانِهِ لَهَبا
قَوافِي الشَّعْرِ في ذِكْرَاكِ أَبْعَثُهَا *** نَهْجاً به أرتجي الإشفاع و الحَدَبا(3)
ذَابَ الفُؤَادُ وَلاءً في مَوَدَّتِكُمْ *** فَهْوَ الغِذاءُ لينجي كلَّ مكتَسِبا
فَأَنْتُمُ سُفَنُ البارِي وَ جَنَّتُهُ *** يحبِّكُمْ نَبْلُغُ الآمال و الإرَبا(4)
ص: 84
فَبِاسْمِكِ اليَوْمَ قَدْ غَنّى القصيدُ شَداً *** بِهِ تَزاحَمَتِ الأَفْكَارُ ما وَجَبَا
يا أَمْ زَيْنَبَ يا لُطفا بهِ احْتَفَلَتْ *** دُنْيا الوُجودِ وَ لاصادِقاً عَذِبا
تَعَطَّرَ القَلَمُ المُهْرَاقُ في شَعَفٍ *** يَشْدُو علاكِ بذاك المَنْهَلِ الخَصِبَا
فَأَنْتِ سَيِّدَةٌ في العالَمِينَ عَلَى *** كُلِّ النِّساءِ تَهَاوَتْ دُونَكِ الرُّتَبا(1)
حُيِّيتِ يَابْنَةَ خَيْرِ الخَلْقِ قاطِبَةً *** شَمْساً لِتَكْشِفَ عَنْ آفَاقِنا الحُجُبا
***
يَسْتَأْذِنُ الدار إجلالاً و تَعْظِمَةً *** في ظِلّهِ تَسْكُنُ الزهراء و النُّجُبا(2)
ص: 85
بها اسْتَضَاءَتْ رُبُوعُ الأَرْضِ وَانْتَشَرَتْ *** دنيا الوُجُودِ بِنُورِ المُصْطَفَى كُتُبا
يا بِنْتَ مُخْلِصَةِ الإِيمَانِ مَنْ بَدَلَتْ *** مِلْءَ اليَدَيْنِ لِنَصْرِ الحَقِّ ما وَجَبا
خَدِيجَةُ الظُّهْرُ زَوْجُ المُصْطَفَى حَفِلَتْ *** بالمَكْرُمَاتِ فَكَانَتْ مَوْقِفاً رَحِبا
بالمال واسَتْ وبالإيمانِ أوّلُ مَنْ *** قَدْبايَعَتْ لِرَسُولِ اللهِ ما طُلِبا
وَ بِالبَنِينَ زَهَتْ بِالطُّهْرِ فَاطِمَةٌ *** نُورٌ يَشِعُّ على الأقمارِ ما غَرُبا
مُبارَكٌ لِرَسُولِ اللَّهِ مَولِدُها *** لُطْفٌ يَعُمُّ شَدَاهُ العُجمَ و العَرَبا
يَرْضَى الإِلهُ بما تَرْضاهُ فَاطِمَةٌ *** وَ مَا لَهَا غَضِبَتْ فاللَّهُ قَدْ غَضِبا(1)
قد خَصَّها اللَّهُ في فَضْلٍ و فِي كَرَمٍ *** فَأَشْرَقَتْ لتُسامي بِالهُدَى نَسَبا
و بارِكِ اليَوْمَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ بها *** وَ انْشُرْ فَرِيضَكَ و ابْلُغْ مُنتَهَى الطَّربا
ص: 86
(بحر الوافر)
الأستاذ عباس مرتضى عياد العاملي (*)(1)
هَبِيني مُقْلَةً تَحْكِي السَّحابا *** لَعَلَّكِ تَغْسِلينَ بِها العِتابا
وَ صُوغِيني عَلى شَفَةِ اللَّيَالِي *** نَشِيداً لِلْأَسى يَشْكُو اغْتِرابا
وَ ضُمِّي جائِحَ الْأَمْلاكِ عَطْفاً *** فَها هَبَطَتْ تُشارِكُكَ الْمُصْابا
تَمُدِّينَ الضُّحى حِيناً بَهاءً *** وَ حِيناً مِنْ رَدّى مُدَّ اكْتِئابا
تَوَسَّدَتِ الدُّنا كَيْفَ الرَّزايا *** وَ ماجَتْ وَ هُيَ تَخْتَلِجُ اضْطِرابا(2)
تَهُزُّ إِليكِ عِطْفَ الشَّمْسِ خَجْلَى *** وَ يُوسِعُ دَمْعُها الجُلَّى انْسكابا
نَعَمْ... كرمى انكسَارِ الضّلْعِ تا هَتْ *** بِأُفْقِ الرُّوحِ تَسْتَهْوِي الغِيابا
وَ شَعَّتْ في ربيع الْخُلْدِ لمَّا *** رسولُ اللَّهِ اوْلاكِ اقْترابا
جَفانِي الْحَرْفُ يَا أُمَّ الْمَعاني *** و مَرأَى الضَّيْمِ يُضْنِينِي عَذَابا
وَ يُذْهِلُنِي زَئيرُ الصَّمْتِ حَتَّى *** تَمَلكَ خَافِقي بِالرُّعْبِ غابا
لِرُؤيا تَسْتَطِيلُ عَلى خَيالي *** فَتَفْجَعُنِي وَ تَسْلُبُني الصَّوابا
فَمَزَّقَتِ العُرُوقُ غَوى سُكُوتِي *** وَ صَاغَتْ لِي الْحُروفَ دماً مُذابا
و فَجرتِ القصِيدَ قصيدَ روحي *** تَمُدُّ النفسَ و الفكرَ انْجِذابا
أرى فَدَكاً من التنزيلِ يَشْكُو *** إلَى الرحمنِ جَذباً وَ اغْتِصابا
وَ تِلْكَ خِلافَةٌ أَمْسَتْ تُعَانِي *** تَكالُب عُصْبَةٍ ناباً فَنَابا
ص: 87
أرى ناراً تُشَب بِدارِ وَحْيٍ *** لَهَا التاريخُ شَأن الطفلٍ شابا(1)
أرى ألماً لَدَى مِسْمارِحِقْدٍ *** بِصَدْرِ المصطفى يُوهِي اللُّبابا(2)
فَنَفَّضْتُ الجفونَ لَعَلَّ حِلْماً *** بخاطِرَتِي تَلَهَّى أَوْ سَرابا
ذَوَى أَمَلَي... نَعَمْ ذِي بِنْتُ طه *** وَرَاءَ البابِ يَسْتُرُها حِجَابا(3)
فَأَبْصَرتُ الزَّمانَ يَكُونُ غَيّاً *** عَلَى عَقِبَيْهِ يَنْقَلِبُ انْقِلابا
وَ ضَمَّتْنِي الرِّسَالَةُ مُذْ رَأَتْنِي *** يَلُفُّ جَناحِيَ الشَّكُّ ارْتِيابا
قشمتُ -وَ قَدْ تَبرَّجَتِ الأماني- *** مَعَ المَهْدِيِّ ثَاراً مُسْتَطابا
أيا أُمَّ الحُسَيْنِ وَ رُبَّ جُرْحٍ *** تَضَوَّعَ في الدُّجى عِطْراً مُذابا(4)
تُدَغْدِغُ بينَ أَنْغَامِ السَّواقِي *** فَأَسْكَرَ لَحْنُهُ الشُّمَّ الْهِضابا
تَساءَلَ سِنْدِيانُ اللَّيْلِ عنه *** و زَيْتُونُ الضُّحى زَفَّ الْجَوابا
تطلَّعَتِ التِّلالُ إلى عُلاهُ *** فَأَقْطرها دُعاءُ مُستَجابا
و نادَتْهُ الرَّوابِي و هي ظَمْآى *** فَأتْرعَ تُرْبَهَا الزَّاكِي شَرابا
أجابَ غياثُ وقتٍ مُسْتَحِيلٍ *** وَ قَدْ مَلَّتْ عُروبَتُهُ الدِّئابا
أتاهُ مِنْ عَلِيَّ... مِنْ حُسَيْنٍ *** لِيَكْسُو جَبْهَةَ الْعَلْيا إهابا
يُعَامِلُ حَيْثُمَا نَسَجَتْ وِصالِي *** وَ حَيْثُ تَرَى رِجالاتٍ غِضابا
ص: 88
أيا بطل الجَنوبِ... أيا خُلودِي *** وَ يا قَمَرَ الْفِدى يَزْهُو مُهابا
عَلَى زَنْدَيْكَ مَلْحَمَةُ الْمَعَالِي *** فَضُمَّ الشَّمْسَ وَ اقْتَحَمِ الضَّبابا
وَ لُمَّ رُفاةَ يَعْرُبَ مِنْ خُنُوعٍ *** وَ أَمْطِرْ ساحَةَ الْمَجْدِ اَحْتِرابا(1)
فَطَوْعُ خُطاكَ تُزْرَعُ شاهِقَاتٌ *** وَ يُنْبِتُ دَرْبُكَ النَّصْرَ الغِلابا
أَمِيرَةَ عِفَّةِ الرَّحمنِ يا مَنْ *** بِبُرْدَيْهَا الْعَفَافُ زَهَا وَطَابا
و يا بِنْتَ السَّماءِ سَماءِطة *** أبِيدي في مَثُوبَتِكِ الْعِقابا
أنا مَنْ؟... مَنْ أنا؟ أنا تُرْبُ نَعْلٍ *** يُذَوِّبُ عندَ كَعْبَيْكِ الصَّعابا
(كَأَنَّ الْأُفُقَ في رأدِ الضُّحى كَمْ *** لَدَى نَعْلَيْكِ يَشْتَاقُ التُّرابا)
لتَوّاقٌ إلى تَعْفِيرِخَدٍّ *** فَآتِيني و إيّاهُ الطَّلابا
و في ذكراك أغْرِقْنِي دُموعاً *** لعلكِ تَغْسِلينَ بها العِتابا
ص: 89
(بحر الرمل)
الشيخ عبد العظيم الربيعي (*)(1)
أيُّ شَهْرٍ قَدْ أَظَلَّ المُسلِمينْ *** بالتّهَاني وَ بِمَرْفُورِ الثَّوابْ(2)
هُو شَهْرُ اللَّهِ رَبِّ العَالَمِينْ *** حَيِّ مَن يَعْرِفُ سِرَّ الانتِسابْ(3)
***
بَعْدَ بَدْرٍ لاحَ لِلعَيْنِ الهِلالْ *** وَ كِلا الأمْرَيْنِ في شَهْرِ الصِّيامْ
لاتَخَلَهُ جَاءَ نَقصاً عَنْ كَمالْ *** بَل هُما قَدْراً تَمامٌ في تمَام
قُمْ فَسَلْ مِنِّي مُجيباً للسُّؤال *** و إليهِ يَنتَهِي فَصْلُ الكَلامْ
يَوْمَ بَدرٍ كان نَصْر المُسلِمِينْ *** وَ لأعدائِهمُ ضَرْبُ الرِّقابْ
و بِتَالي العامِ جبريلُ الأمينُ *** بَشَّرَ المُختارَ فِي خَيْرِ شَبابْ
***
يَوْمَ بَدْرٍ كانَ لِلَّهِ الغَلَبْ *** بِعَليّ وَ بِأَجْنادِ السَّماءْ
وَ لَقَدْ كانَ لَهُ نِصْفُ السَّلَبْ *** غَيْرَ أنَّ النَّفْسَ عَنْهُ في غَنَاءْ(4)
وَ بِدِرْعٍ وَاحِدٍ عَنْهاانقَلَبْ *** وَ هُوَبِالأجْرِ حَفِيٌّ و الجَزاءْ
وسَلِ المُختارَ و الذِّكرَ المُبِينْ *** مَنْ دَعاه لاِتَّباعِ فَأجابْ
حَسْبُكَ اللَّهُ وَ فَخْرُ المُؤمِنينْ *** حَسِبَ المَجْدُ له ألْفَ حِسَابْ
***
ص: 90
حَيَّ يَا رَبِّ وَضاعِفَ شَرَفاً *** بِضْعَةَ المُختارِ ما نَجْمُ بَزَغْ(1)
بَلَغَتْ بنتُ النَّبيِّ المُصْطَفَى *** مَبْلَغاً، مَنْ مِثلُها مَجْداً بَلَغْ
وإذا الأصحابُ كُلِّ ارْهَفا *** غَرْبَ عَزمِ و بامر ما نَبَغْ
خَطَبُوا بِضْعَةَ خَيْرِ المُرْسَلِينْ *** و لَقد رَدَّهُمُ ذاكَ الجَنَابْ(2)
وَرَقي يُنذِرُ كُل الخاطِبِينْ *** صاحِبُ المَنْبَرِ فِي فَصْلِ الخِطابْ
***
إيهِ يا مَن وَحْدَهُ قَدْ وُلِدا *** وَسَطَ الكَعْبَةِ مِن دُونِ مِراءْ(3)
ص: 91
قُمْ وَ بادِرٌ خاطِباً مِن أحْمَدا *** فاطماً كُفْوَكَ مِنْ كُلِّ النِّساءْ
فَكَما كُنْتَ بِذَيْنِ المُفْرِدَا *** مُفْرَداً زُوِّجُتَ مِنها في السماءْ
وَ لَكَمْ خَصَّكَ رَبُّ العالَمِينْ *** بِمَزايا دُونَ أدناها الحِسابْ
ليْسَ للشَّمْسِ سوى البَدرِ قَرينْ *** قم إذنْ و اكشِفْ عن الحقِّ النِّقاب
***
طَرَقَ البابَ عَليُّ وَ إذا *** برَسُولِ اللَّهِ يَدْعُو زَوْجَهُ
إفتَحِي البابَ أخي حيدرُ ذا *** مَن رقى مِن كلِّ مَجدٍ أوْجَهُ(1)
هُوَ فِي عَيْنِ المُعادينَ قَذا *** وَ هوَ عِنْدَ اللَّهِ قَدْراً أَوْجَهُ(2)
مِنْ جَمِيعِ النّاسِ، وَ الحَبْلُ المَتِينُ *** ما أتى مُعْتَصِمٌ فيهِ فَخابْ
وَ هُوَ سِرُّ اللَّهِ خَيْرِ النّاصِرِين *** وَ هُوَ أَغْلَى النَّاسِ ذِكْراً في الكِتَابْ
***
دَخَلَ الهادي على خیرِ نذیرْ *** مُطْرِقاً بالرّاسِ منه خَجِلا
وَ لَقَدْ بَشَرَهُ خَيرُ بَشيرْ *** فأماطَ الهمَّ عنهْ وَجَلا(3)
جاءَ جبريلُ لهُ خَيرَ سَفيرْ *** عن إلهِ عَزَّ قدراً وَ عَلا
زوَّج النُّورَ منَ النُّورِ المبين *** فاطماً مِنْ حَيدرٍ عالي الجنابْ
فَلقَد زَوْجَه الرَّبُّ المُعين *** في السِّما مِن قَبْلِ أَرْضٍ و تُرابْ
***
وَ هُنا دارَ حِوارٌ في الكلامْ *** وَ كِلا الشَّخصين في القولِ أَجَادْ
قال ما تمْلكُ مِن هذا الحُطامْ *** قالَ صَمصاماً مُعَدّاً للجهادْ(4)
و بعيراً يستقي فيهِ الإمامْ *** ثُمَّ دِرْعاً حازَها بَعدَ الجِلاد
ص: 92
يَوم بَدَرٍ و هْو في النِّصفِ قَمين *** و هْو عَنها في غِنَّى يومَ الحرابْ(1)
إنَّه يبرزُ ليثاً مِن عَرِين *** و الحُسامُ العَصْب يُنضى عنِ قراب
***
عندَها ازيَّنتِ الحُورُ وَ قَدْ *** صَدَر الأمرُ مِن الرَّبِّ الجَليل
و على فاطمة الزهراعَقَدْ *** لِعليٍّ فَتَامَّل -جبرئيلْ
جَدَّ لِلفضْلِ وَ من جَدَّ وَجدْ *** و جَميلُ الفِعلِ عُقباه جميلْ
و إذا الأملاكُ كانوا الخاطِبين *** بوركِ العِرسُ بِلا أدنى ارتيابْ
وإذا باركَ خَيرُ المُرسَلين *** لِلعَروسين لَه الحَقُّ استجابْ
***
وَجَرى في العُرس ما لا يَخطُرُ *** أبداً في البالِ مِن فَضلِ الكريمْ
وَ نِتاج العرس منهُ أكبرُ *** و عظيمٌ مُنتجٌ كلَّ عظيمْ
حسنٌ مؤْلِدُه إذ يذكَرُ *** هامت العَليا وَ حَقِّ أنْ تَهيمْ
جاءَ عالي النَّفسِ وضَاحَ الجَبينْ *** يَنتَهي المَجدُ لَه من كلِّ بابْ
و لَقَدْ نالَ أميرُالمُؤمنينْ *** بإبنِهِ أقصى أمانيه العِذابْ
***
وَ لقَد بَشَّر فيهِ المُصطفى *** بِنْتَه الزَّهراءَ عن وَحيِ الإلهْ
و إذا من نُورِه اشتُقَّت ذُكا *** فَهَلِ الوَصْفُ مُحِيطٌ بِسناهْ
وَ لَقَدْ لُقب مِنْهُ بالرّضا *** وَ هُو بالسَّيِّد و السِّبطِ اجْتَباهْ
و هو الحُجَّةُ و البَرُّ الأمِين *** و من العليا له أعْلى نِصابْ
و هو من يُعجزُ وصفَ الواصفين *** غُرفةَ الكفّ من البحر العُبابْ(2)(3)
ص: 93
(بحر الكامل)
الشيخ عبد العظيم الربيعي(*)(1)
دَهْرٌ يَحارُ بِهِ ذَوُو الألبابِ *** لازالَ يأتينا بِكُلِّ عُجابِ
أَعْلَى رَواسِيهِ تَطُولُ وهادُهُ *** وَ عَلى الرُّؤْوسِ تَطاوُلُ الأَذْنَابِ(2)
أوَ مِثْلُ حَيْدَرَ، وَ هُوَ لَيْثٌ خادِرٌ *** يَلِجُ العَدُوُّ عَلَيْهِ وَسْطَ الغَابِ(3)
عَلِمُوا بِأَفْعَى بَأْسِهِ مَرْصُودَةً *** بِوَصِيَّةٍ نَفَذَتْ وَ سَبْقِ كتابِ(4)
فَتَواثَبُوا بَغْياً عَلَيْهِ وَ أَحْدَقُوا *** في دارِهِ بِالنّارِ وَ الأَخطابِ(5)
ص: 94
مَنْ ذَاكِرٌ بِنْتَ النَّبِيِّ ، وَ قَدْ رَاتْ ***حَرْقَ المَحَلِّ عَزِيمَةَ الأَصْحَابِ
لَمْ يَقْنَعُوا بِتَذَكَّرٍ، لَمْ يُقلِعُوا *** بِتَعَظُفِ، لَمْ يَرْجِعُوا بِعِتابِ
فَهُنالِكُمْ فَتَحَتْ لَهُمْ باباً لَهُ *** قَدْ كانَ جبريلٌ من الحُجَابِ
لَمْ يُمهِلُوها أَنْ تَلوُثَ خِمَارَها *** فَلِذالِكُمْ لاذَتْ وَرَاءَ البَابِ(1)
مَنْ عَاذِرِي مِنْ ذِكْرِ ما صَنَعُوا، وَ قَدْ *** هَاجَتْ هُناكَ ضَغَائِنُ الأحزابِ
اللَّهُ أكبرُ، مِثْلُ بَضْعَةِ أَحْمَدٍ *** تُسْقى كُؤُوسَ الذُّلّ وَ الأَوْصابِ
لَمْ أَنْسَها تَشْكُو إِلَيْهِ شُجُونَها *** وَ أَمَضٌ شَكْوَى المَرءِ لِلأحبابِ(2)
ص: 95
أبتاهُ إِنَّ الجاهِلَيَّة أَظْهَرَتْ *** ما أَضْمَرَتْ في سالِفِ الأَحْقابِ
أبتاهُ أَدْرِكْنَا، فَقَوْمُك كُلُّهم *** مِن بَعدِكَ انْقَلَبُوا عَلَى الأَعْقابِ(1)
غَصَبُوا تُراثِي، لَبَّبُوا بَعْلِي، هَوَى *** مِن عَصرِهِمْ حَمْلي عَلَى الأَعْتَابِ(2)
ص: 96
كِتْفَيَّ قَدْ ضَرَبُوهما، قُرْطَيَّ قَدْ *** نَشرُوهُمَا، هَتَكُوا عَلَيَّ حِجابِي
كَسَرُوا ضُلوعِي، أثْبَتُوا المِسْمارَ في *** صَدْرِي، وَ شَقُوا بَعْدَ ذاكَ كِتابِي
وَ كَذَلِكَ انْكَفاتُ لِمَسْجِدِ أَحْمَدٍ *** مُدْغَصَّ بالأنصارِ وَ الأصحابِ(1)
خَطبَتْ فَأَوْقَرَتِ المَسَامِعُ وَعْظَها *** بحَكِيمٍ أَسْلُوبِ وَ فَصْلِ خِطَابِ
بِالنُّطقِ تُفْرِغْ عَنْ لِسَانِ المُصْطَفَى *** وَ لَرُبَّ نُورٍ كان ذا القابِ
إني وَدِيعَةُ أَحْمَدِما بَيْنَكُمُ *** ياقومُ فَارْعَوْا جانبي و جنَابِي
ص: 97
الْمَرْءُ يُحفَظُ في بنيهِ و انْتُمُ *** ضَيَّعَتُمُ المُختارَ فِي الْأَعْقَابِ
أمِنَ المُرُوةِ أَنَّ إرثيَ مِنْ أَبِي *** يُزْوى وَ يُلغى كُلُّ ما أوصى بي؟(1)
أَيُرَدُّ نَصُّ الذُّكْرِ بِالمِيراثِ مِنْ *** جَاءِ كِذْبَةِ مُفْتَرٍ كَذَّابِ
أَرَضِيتمُ الدُّنيا عن الأخرى، وَ قَدْ *** غَرَّتْكُمُ بالمَنْظَر الخَلاّبِ
بأبي الّتي عاشَتْ قليلاً وَ هُيَ لَو *** لاَالْوَجْدُ قُلْتُ عَدِيمَةُ الأَتْرابِ(2)
من ذاكِرٌ أَهْلَ العَباءِ، وَ قَدْ قَضتْ *** خَطبٌ يَهُونُ لديهِ كلَّ مُصابِ؟
مَنْ مُسْعِفٌ بالنَّوْحِ قَلْبَ المُرْتَضَى *** مُذْجَرَّدَ الزَّهرا مِن الأَثْوَابِ؟
ماذا رأى في جَنْبِها فَنَحِيبُهُ *** بِتَتَابُعٍ وَ الدَّمعُ في تَسْكابِ؟
ألفى على المِصْباحِ بَعْضَ ضُلُوْعِها *** مَكسورةٌ مِن عَصْرِها بِالْبابِ
يا لَيْتَهُ ألفي حُسيناً عارياً *** رَضَتْ قَراهُ صَوافِنُ النِّصَّابِ(3)
وَ عَلَى القَنا يَتْلُو الكِتابَ كريمُهُ *** وَ يَصُونُ نِسوَتهُ عَلَى الأَقْتابِ(4)(5)
ص: 98
(مجزوء الرّمل)
الشيخ عبد الغني الخضري
أَيُّ خَطب باغَتَ الأُمّةَ شِيباً و شَبابا(1)
فَاضَ بِالأَرْزَاءِ حَتَّى طَبَّقَ الدُّنيا مُصَابا
شَمِلَ البَحْرَ فَعَادَ البَحْرُ مِلْحاً وَيَبَابا(2)
وَ لَوَى البَرَّ فَعَادَ البَرُّ بِالرُّزْءِ خَرابا
مَلَةَ الكَوْنَ مِنَ الفادِحِ خَوْفاً وَ ارْتِيابا
مَادَتِ الأَرْضُ وَ مَادَ الأُفْقُ فَانْهَدَّ انْقِلابا(3)
وَ سُوارُ اللّيل تنقضُ شِهَاباً فَشِهابا(4)
فَالَّذِي نَدَّ لَهُ قَلْبٌ دَماً فاضَ مُذابا
وَ الّذي ارْتَدَّ له طَرْفٌ هَمَى بَحْراً عُبابا(5)
***
ما الذي اهْتَزَّتْ له البِيدُ سُهولاً و هِضابا؟
ص: 99
وَ عَلَيْهِ دَوَّتِ الأقرانُ كَالأُسْدِ غِضابا
إِنَّهُ اليَوْمُ الَّذي وَسَّعَ لِلْأَحْزانِ بابا
جَدَّدَ الرُّزءَ الذي أعْقَبَ طه يَوْمَ غابا
وَ لَوَى حَيْدَرَ حَتَّى انْصَاعَ لِلرُّزءِ اضْطِرابا
غالَبَ الصَّبْرَ مِنَ السِّبْطَيْنِ فَاسْتَعْلَى غِلابا
وَبَكَتْ زَيْنَبُ حَتَّى اخْضَلَّتِ الأَرْضُ جَنَابا
إِنَّه اليَوْمُ الّذي أَضْفَى عَلَى الرُّشْدِ حِجابا
وَعَلَيْهِ عَنْ عُيُونِ الأهْلِ قَدْ لاتَ نِقابا(1)
إِنَّهُ اليَوْمُ الّذي ماتَتْ بِهِ الزَّهْرا اكتتابا
وَ عَلَيْها حَسْرَةٌ حَتَّى فُؤَادُ الصَّخرِ ذابا
***
ساءَ قَوْمٌ دُونَ ما تَبْغِيهِ قَدْ حَالُوا ذِئابا
فَصَبُوها إزْلَها المَفْرُوضَ نَصْاً و كِتابا(2)
ص: 100
هاجَمُوا الدَّارَ وَ فِيها أَلْهَبُوا النَّارَ الْتِهابا(1)
ص: 101
كُمْ رَأَتْ مِنهم هَوَاناً وَ كَم انتابَتْ عَذابا
عَجباً! إِنْ سُئِلوا ماذا يَرُدّونَ الجَوابا؟
وَ إِذَا ما حُوسِبوا يُلاقُونَ الحِسابا؟(1)
ص: 102
(بحر الكامل)
الشيخ عبد الكريم صادق (*)(1)
هي فاطمٌ كَمْ لِلْمَصائِبِ صابَها *** جَرَعَتْ وَ كَمْ قَدْ كَابَدَتْ أَوْصابَها
نَقَلَ الزَّمانُ لها كِنَانَةَ نَبْلِهِ *** وَ رَمَى وَ فِي كُلِّ السِّهامِ أَصَابَها
أحْنَى أَضالِعَها عَلَى جَمْرِ الغَضًا *** أَجْرَى مَدامِعَها أَمَرَّ شَرَابَها
ص: 103
أَعْدَى عَلَيْها مَنْ أراعَ جَنابَها *** وَ جَنَابُ خَيْرِ الرُّسُلِ كَانَ جَنابَها
هِيَ بِنْتُ أَحْمَدَ مَنْ حِماه حمى لها *** وَ هِيَ الَّتي مَنْ هَابَ أحْمَدَ هابَها
هِيَ بِضْعَةُ الهادي وَ مَنْ إغضابُهُ *** في النَّصَّ مِنْهُ مُلازِمٌ إغْضابَها(1)
هِيَ أَمْ أَشبالٍ وَ لَبْوَةُ ضَيْغَمٍ *** مَنْ جَاءَ مُجْتَرِنَا وَ هَاجَمَ عَابَها
مَنْ قَادَ عُنْفاً بَعْلَها وَ هُوَ الَّذي *** كَمْ قادَ مِنْ غُلْبِ الرِّجالِ صِعابَها؟
هِيَ حِكْمَةٌ لِلَّهِ أَدْهَشَ سِرُّها *** أهْلَ الْعُقولِ مُبليلاً الْبابَها
مَنْ حَوْلَ بَيْتِ الْقُدْسِ جَاءَ مُجَمْعاً *** خطباً لِيُحْرِقَ لِلزَّكِيَّةِ بابَها؟(2)
ص: 104
منْ عَنْوَةٌ وَلَجَ الْحِجَابَ على التي *** أَرْخَى عَلَيْهَا ذُو الجَلالِ حِجَابَها؟
مَنْ رَضَّها ضلعاً وَ أَوْسَعَ مَتْنَها *** ضَرْباً وَ سَوَّدَ بالسياط إهابها؟(1)
مَنْ صَدْرَها أَدْمَى و أَسْقَطَ حَمْلَها *** فَمَضَتْ تُقاسِي لِلْمَخَاضِ عَذَابَها؟(2)
مَنْ هَاجَ زَفْرَتَها وَ أَجْرَى دَمْعَها *** وَ ابْتَزَنِحْلَتَها وَ شَقَّ كِتابها؟(3)
ص: 105
مَنْ رَدَّ حُجَّتَها وَ أَبْطَلَ إِرْثَها *** عَمْداً و أَغْلَظَ في الجِدالِ خِطابَها؟(1)
تَسْتَنْجِدُ الأصْحابَ وَ هْيَ كَطَالِبٍ *** في الْأَرْضِ رِيَّ ظَماً فَأَمَّ سَرابَها
وَ بِغَيْظها انْكَفَأَتْ تُناقِلُها الْخُطَى *** نَحْوَ الْوَصِيِّ لَهُ تَبُثُ عِتابَها
أَعَلِيُّ مَا عَهْدِي بِآسادِ الشَّرى *** تَعْنُو وَ تَلْوِي لِلذَّتَابِ رِقَابَها؟(2)
وَ مَتى بُغاثُ الطَّيْرِ صادَ عُقابَها *** لَمْ يَخْشَ مِنْسَرَها و لامِخْلابَها؟(3)
أعَلِيُّ هَلاً غَضْبَةً مُضَرِيَّةً *** رُعْباً تَهُزُّ مِنَ الجِبَالِ هِضابَها
هِيَ نِحْلَتِي ابْتُزَّتْ وَ ارْثي طُعْمَةً *** أَمْسى وَ عَيْنُكَ أَغْمَضَتْ أَهْدَابَها
أأَضامُ وَ الضَّرْعامُ وَسُطَ عَرِينَتِي *** جَاتٍ قَدِ افْتَرَضَتْ يَداهُ تُرابها؟
ص: 106
وَ صَفِيحَةُ الْهِنْدِيٌّ رَهْنَ قِرابِها *** أَمْسَتْ وَ مَا أَلْفَتْ، عَهِدَتْ قِرابَها
أَفَهَلْ وَهَتْ تِلْكَ العَزِيمَةُ مِنْ يَدٍ ***كَمْ لِلْمَعاقِلِ طَوَّحَتْ أَبْوابَها؟
حتَّى إِذَا نَفَثَاتُهَا مِنْ صَدْرِها *** أَنْهَتْ لهَا أَنْهَى الحكيم جُوابَها
يا بِنْتَ صَفْوَةِ رَبِّهِ وَ سُلالَةَ الأبرارِ *** مِنْ عَمرو العُلَى وَ لُبابَها
ما إنْ وَ نَيْتُ وَ لاجَبُنْتُ وَ لَمْ أَكُنْ *** خَوَّافَ مَعْرَكَةٍ وَ لاهيابَهَا
أَأَجَرِّدُ الماضِي وَ فِي تَجْرِيدِهِ *** تَقْوِيضُ أَبْنِيَةٍ رَفَعْتُ قِبابَها
أَأَجَرِّدُ الماضي فَتَمْضِي الْقَهْقَرَى عُصَبٌ *** تُوَلِّي دِينَها أَعقابَها؟
وَ لَكُمْ هُنالِكَ مِنْ عَقَارِبِ فِتْنَةٍ *** شالَتْ، لِتَنْفُثَ سُمَّها، أَذْنابُها
إنْ تَأْبَ ِإلاّ جَحْدَحَقِّكَ أُمَّةٌ *** مَلَكَتْ فَإِنَّ إِلَى الْمَلِيكِ إيابَها
هِيَ بُلْغَةٌ مَضمونةٌ لَكَ عِنْدَ مَنْ *** لِلظَّالمينَ لَقَدْ أَعَدَّ حِسابَها
فَاسْتَرْجِعِي يا بِنْتَ أَكْرَم سَيْدٍ *** وَ خُذِي مِنَ الرَّبِّ الجَلِيلِ ثَوابَها
وَلَدَيْهِ فَاحْتَسِبي ظُلامَتَكِ الّتي *** كادَتْ تُزَلْزِلُ لِلسّما أَقْطَابَها
فَاسْتَرْجَعَتْ و مَضَتْ بِغَلَّةِ مُهْجَةٍ *** حَرَّانةٍ لَفْحُ الزَّفيرِ أذابَها
أولِبِنْتِ مُحَمَّدِ مانابَها *** و الحادِثَاتُ لَها أَحَدَّتْ نابَها
هِيَ كالصَّلالِ مِنَ الرِّمالِ تَدافَعَتْ *** وَ ثَابُها مُسْتَتْبِعٌ مُنْسابَها(1)
ذَلَّتْ عَزيزةُ احْمَدٍ مِنْ بَعْدِ أَنْ *** جَاءَتْهُ دَعْوَةُ رَبِّهِ فَأَجابَها
وَ خِيَامُ ذاكَ العِزَّ قَدْ عَصَفَتْ بها *** رِيحُ الْخُطُوبِ وَ زَعْزَعَتْ أَطْنَابَها
هِيَ لَيْلَها شَغَلَتْ بِطُولِ حَنِينِها *** وَ نَهارَها و مَجِينَها و ذَهَابَها
مَعْصُوبَةً رَأْساً رَهِينَةَ عِلَّةٍ *** وَ السُّقْمُ يَمْلأُ وَ الضَّنا جِلْبَابَها
تَحْتَ الْأَراكَةِ نَوْحُها نَوْحُ الَّتي *** فَوْقَ الْأَراكَةِ رَجَعَتْ تنحابَها
وَ البَيْتُ لِلْأَحْزانِ تَسْقِي تُرْبَه *** دَمْعاً حَكَى مِنْ دِيمَةٍ تشكابَها
ص: 107
حَتَّى مَضَتْ مُتَفقداً مِحْرابَها *** تِلْكَ الَّتِي كَمْ لازَمَتْ مِحْرابَها
وَ تَفَقَدتْ مِنْهَا الدُّجُنَّةُ غُرَةً *** كَانَتْ، إذا الشُّهْبُ انْطَمُسْنَ، شِهَابَها
هِيَ نَجْمَةٌ سَطَعَتْ قَصِيراً عُمْرُها *** فَحَكَتْ بِأَسْحَارِ الدُّجى أَترابَها
وَ حَبِيبَةٌ عَجِلَتْ لِوَصْلِ حَبِيبِها *** وَ النَّفْسُ تَطْلُبُ دَائِماً أَحْبَابَها
لاقَتْ رَسُولَ اللَّهِ فَاجْتَمَعَا عَلى *** نَجْوى تَفُتُّ مِنَ الصُّخورِ صِلابَها
أبتاهُ بَعْدَكَ هَلْ عَلِمْتَ بِمَا جَرى *** وَ الْبُومُ بَعْدَكَ أَكْثَرَتْ تَنْعَابَها؟
وَ الطَّائرُ المَيْمُونُ أَخْفَتَ صَوْتَهُ *** وَ مَضى يَؤُمُّ مِنَ الْفَلَاةِ شِعَابَها
و يِدَفنِهَا وَ النّاسُ هُجَعُ نُوَّمٌ *** فِي لَيْلَةٍ سَدَلَ الظَّلامُ نِقابَها(1)
أدَّى وَصِيَّتَها وَصِيُّ مُحَمَّدٍ *** وَ اللَّهُ يَعْلَمُ و الوَرَى أَسْبَابَها
وَ عَلى ثَرى قَبْرِ الزَّكِيَّةِ أَرْخَصَتْ *** عَيْنَاهُ دَمْعَهُما فَبَلَّ تُرابَها
هَاجَتْ بهِ الزَّفَراتُ حَرَّى لَوْبها *** خَضْراءُ تَلْفَحُ أَحْرَقَتْ أَعْشَابَها
ما رِيع مِنْ خَيْرِ الوَرَى بِغِيَابِهِ *** حَتَّى عَلَى عَجَلٍ أُنِيل غِيابَها
وَ بِهَا لَهُ كانَ العَراءُ لِنَفْسِهِ *** فَمَضَتْ وَ جَرْعُ الْحُزْنِ أَصْبَحَ دَابَها(2)
ص: 108
يا سَيِّد الكَوْنِ يا أَعْلَى الْوَرَى نَسبا *** يا خَيْرَ مُنْتَجَبِ مِنْ خِيرَةِ النُّجَبا
يا مَنْ سَمَا في سَمَا الْعَلْيَاءِ مُرْتَقِياً *** حَتَّى عَلا نورُهُ الأَنوارَ و الحُجُبا
و فاخَر الأنبياءَ المرسلينَ بِما *** قَدْ خُصَّ مِمّا لَهُ اللهُ الكَرِيمُ حَبا(1)
كَفاهُ فَخُراً بأَنْ كانَ النَّبِيُّ لَهُ *** جَدّاً وَ فاطِمُ أُمّاً وَ الوَصِيُّ أَبا(2)
فما ترى شرفاً في كُلِّ مُنْتَسِبٍ *** مِنْهُمْ إلى شَرَفِ إلا لَه نَسَبا
عَلَيْهِمُ فَرَضَ البارِي وِ لايَتَهُ *** فَمَنْ تَقَرَّبَ منهم بِالْوَلا قَرُبا
و قَدْ أبَى اللَّهُ أَنْ يَغْشَى بِرَحْمَتِهِ *** مَنْ كَانَ فِي الخَلْقِ طُرّاً لِلْوَلاءِ أَبَى(3)
ص: 110
فَما مِنَ الماءِ وَ الأَثْمَارِ مُرٌّ فَمِنْ *** بَعْضٍ وَ بِالْحُبِّ بَعْضُ طَابَ أَوْ عَذُبا(1)
وَ لَيْسَ يُوجَدُ مِنْ خَلْقٍ بِعَالَمِهِ *** إِلا وَ قَدْ كانَ في إيجادِهِ سَبَبا
فَمَنْ تَولاًهُ يَلْقَى خَيْرَ مُنْقَلَبٍ *** وَ مَنْ قَلاهُ(2) هَوَى في النَّارِ مُنْقَلِبا(3)
وَمَنْ أرادَ مُناجاةَ الْإِلَهِ وَ لَمْ *** يَمْدُدْ بِهِ سَبَباً لَمْ يَسْتَطِعْ طَلَبا
يا سَيِّداً كانَ في عَرْشِ الْجَلِيلِ لَهُ *** نُورٌ كَسا النَّيْرَيْنِ النُّورَ وَ الشُّهبا
يا آيَةَ الْحَقِّ حَقّاً يَا أَمانَتَهُ *** وَ البابُ وَ الوَجْهُ وَ السِّرُّ الَّذِي حُجِبا(4)
ص: 111
يا عُرْوَةَ اللَّهِ وَ الحَبْلَ المتينَ و مَنْ *** هُوَ الْكِتَابُ الذي في غَيْبِهِ كُتِبا(1)
وَ هُوَ الَّذِي نَزَلَ الْقُرآنُ فيهِ فَسَلْ *** حم يس عَمَّ المرسلاتِ سَبا
يَا خَاتَمَ الأوْصِياءِ الغُرِّيا خَلَفاً *** بهِ الخِلَافَةُ قامَتْ لا تَرَى عَقَبا
ص: 112
يَا ناصِرَ الدِّينِ يا غَوْثَ الصَّرِيخِ و يا *** مُجِيبَ دَعْوَةِ مَنْ ناداهُ مُنْتَدِبا(1)
أنْتَ الَّذِي وَعَدَ اللَّهُ العِبادَ بِهِ *** في آخِرِ الدَّهْرِ يَجْلُو عَنْهُمُ الكُرَبا(2)
وَ أَنْتَ مَنْ تَمْلأُ الدُّنْيا عَدالَتُهُ *** كَما مِنَ الْجَوْرِ قِدْماً نالَتِ النُّوَبا(3)
وَ لَيْسَ عِنْدِيَ شَكٍّ فِي حَياتِكَ بَلْ *** لَوْلا وُجُودُكَ فى ذا الكَوْنِ لأَنْقَلبا(4)
ص: 113
فَالغَوْتُ مِنْ عُصْبَةٍ ضَلَّتْ وَ قَدْ تَخِذَتْ *** مِنْ بَغْیِها وَ شَقاها دِينَكُمْ لَعِبا
وَ أَلْبَسَتْنَا بِمَا نَالَتْ وَ مَا ابْتَدَعَتْ *** ثَوْبَ الْأَسَى و عَلَيْنَا الدُّلَّ قَد ضُرِبا
وَ قَدْ أَبت أن ترى مِنْ نَسْلِكُمْ أَحَداً *** إلا أَنَالَتْهُ مِنْ طُغْيَانِهَا الْعَطَبَا(1)
وَ إِنْ نَسِيتُ فَلا أَنْسَى وَ حِلْمِكَ مَنْ *** بِكَفِّهِ أَمَّكَ الزَّهْراءَ قَدْ ضَرَبا(2)
وَ أَلْصَقَ الْبَابَ أخشاها وَ أَضْغَطها *** ظُلماً و أَسْقَطها يا عَظْمَ مَا ارْتَكَبا
وَ مَنْ عَلى ما حَباهَا اللَّهُ نازَعَها *** وَ إِرْثَهَا مِنْ أبيها المُصْطَفَى غَصَبا
وَرَدَّ شَاهِدَهَا الْعَدْلَ الَّذِي هُوَ فِي *** أُمِّ الْكِتَابِ عَلِيٌّ وَ افْتَرَى كَذِبا(3)
وَ مَنْ دَنا نَحْوَ بَيْتِ الْوَحْيِ مُجْتَرِنَا *** وَ قَدْ أَتَى بِجُمُوعِ جَمَّعَتْ حَطَبا
ص: 114
لِيَضْرِمَ النَّارُ فيهِ وَ هُوَ يَعْلَمُ مَنْ *** فِيهِ لِيَبْلُغَ مِنْ مَأْمُولِهِ أَرَبا(1)
يُرِيدُ إطفاء نور كانَ مُتَّقِداً *** و الله عمّا يُرِيدُ الظَّالِمُونُ أبَى(2)
وَلَيْتَهُمْ قَنِعُوا منها بِمَا ارْتَكَبُوا *** وَ إِنْ يَكُنْ جَلَّ في الإسلام مُرْتَكَبا
و لَمْ يَقُودُوا عَلِيّاً في حَمائِلِهِ *** فَوْدَ الأسير بِعَيْنِ اللَّهِ مُكْتَيْبا
مُلَبَّباً برداءِ الصَّبْرِ مُشْتَمِلاً *** مُسلّماً أَمْرَهُ لِلَّهِ مُحْتَسِباربما يشير الشاعر إلى إجبار علي علیه السلام على البيعة لأبي بكر و أخذه ملبباً و مقوداً بحبائل سيفه.
ففي كتاب سليم بن قيس ص37: «فانطلق قنفذ الملعون فاقتحم هو و أصحابه بغير إذن، و ثار علي علیه السلام إلى سيفه فسبقوه إليه، و كاثروه و هم كثيرون فتناول بعض سيوفهم فكاثُروه فألقوا في عنقه حبلاً و حالت بينه و بينهم فاطمة علیها السلام عند الباب فضربها قنفذ الملعون بالسوط... الخ.
و في ص208 من كتاب سليم بن قيس أيضاً: «فأخرج علي علیه السلام و اتبعه الناس و اتبعه سلمان و أبوذر و المقداد و عمار و بريدة و هم يقولون: ما أسرع ما خنتم رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و أخرجتم الضغائن التي في صدوركم؟ و قال بريدة بن الخصيب الأسلمي: يا عمر أتيت على علیه السلام أخي رسول الله و وصيه و على ابنته فتضربها و أنت الذي تعرفك قريش بما تعرفك به؟ فرفع خالد بن الوليد السيف ليضرب به بريدة و هو في عمده فتعلق به عمر و منعه من ذلك فانتهوا بعلي إلى أبي بكر ملبباً الخ.
يُدعى إلى بَيْعَةٍ كانَ الْأَحَقُّ بها *** مِنَ الأولى عَبدُوا الْأَوْثَانَ و الصُّلُبا(3)
ص: 115
و أُشْرِبُوا الْعِجْلَ حُبّاً في قُلُوبِهِمُ *** وَ قَلْبُهُ غَيْرَ حُبِّ اللَّهِ ما شَرِبا(1)
و خالَفُوا أحْمَدَ المُخْتارَ حَيْثُ نَهَى *** مِنَ التَّخَلُّفِ عَنْهُ أَيْنَمَا ذَهَبا(2) (3)
ص: 116
(بحر البسيط)
الشيخ ملا علي آل رمضان (*)(1)
مِنَ الضّلالِ عَلَيْنا النَّصْبُ قَدْ وَثَبا *** لَمَّا اسْتَطَالَ وَ عَنّا كُنْتَ مُحْتَجِبا
وَ كَانَ سَيْفُكَ مَعْمُوداً لَدَيْكَ وَ لَمْ *** يَبْرَحْ يَمُجُّ دِمَاءَ حَدُّهُ غَضَبا(2)
يُرِيدُ يَوْماً به تُشْفَى غَلائِلُهُ *** مِنَ الضّرابِ إذا مِنْ غَمْدِهِ جُذبا
فَالغَوْثَ الغَوْثَ قَدْ ضاقَ الخِناقُ بنا *** فَكُفَّ عنا دَوَاعِي النَّصْبِ و الكُرَبا(3)
فَطَهِّرِ الأَرْضَ مِنْ أدْناسِهِمْ بِدِما *** أَرْجاسِهِمْ حِينَ فِيهِمْ تُثْبِتُ العَطَبا(4)
فَلَيْسَ يَطْهرُ وَجْهُ الأرْضِ بَعْدَهُمُ *** إلا إذا فَوْقَها سَيْلُ الدِّمَا انْسَكَبا
فَإِنَّ حِلْمَكَ عَنْهُمْ زادَهُمْ حَنَقاً *** عَلَيْكُمُ و أَرانا الذُّلَّ وَ الرَّهَبا(5)
فلا تَدَعْ لَهُمُ عَيْناً و لاأثراً *** وَ اجْتَثَّ دينَهُمُ حَتَّى يَكُونَ هَبا
فَهْذِهِ يَا بْنَ طه أَوْلِياؤُكُمُ *** فِيكُمْ تُكابدُ مِنْ أَعْداكُمُ الكُرَبا
يَرَوْنَ دِينَكُمُ مُلقَّى وَ شَرْعَكُمُ *** مُمَزَّقاً كانَ و الإسلامُ قَدْ ذَهبا
وَ الجَوْرَ مُجْتَمِعاً وَ الظُّلْمَ مُتَّسِعاً *** وَ الكُفْرَ مُرْتَفِعاً وَ النَّصْبَ مُنْتَصِبا
لمَّا على منبر الهادِي النَّبِيِّ أخُو *** تَيْم رَقَى وَ اجْتِراءٌ فَوْقَهُ خَطَبا
مِنْبَرِ وَ أَخَّرَ المُرْتَضَى عَنْ حَقِّهِ وَ نَفَى *** عَنْهُ خِلافَتَهُ حتّى بها احْتَقَبا(6)
وَ فاطِمٌ مَنَعُوها إِرْتَها فَدَكاً *** و أَسْقَطُوها جَنِيناً كانَ مُنْتَجَبا
ص: 117
فَإِنَّ إسقاطها ذاكَ الجَنِينَ غَدا *** لقطع رأسِ حُسَيْنٍ بَعْدَها سَبَبا
فلَيْسَ أَرْدَى حُسَيْناً مَعْ بَنِيهِ سِوى *** مَنْ أُمَّكَ البِضْعَةَ الزَّهْرَاءَ قَدْ ضَرَبا
وَ أَوْقَدَ النَّارَ ظُلْماً مِن جَراءَتِهِ *** في بابِ مَنْزِلِ بَيْتِ الوَحْيِ فَالْتَهَبا
بَيْتٌ بِهِ تَهْبِطُ الأَملاكُ خاضِعَةٌ *** مِنَ السَّما فيه شَبَّ النارَ و الحَطَبا
وَ أَخْرَجَ المُرْتَضَى مِنْ دارِ فاطِمَةٍ *** مُلَبَّباً صابِراً للَّهِ مُحْتَسِبا
مِنْ خَلْفِهِ فَاطِمُ الزَّهْراءُ صارِخَةٌ *** وَ دَمْعُها فَوْقَ خَدَّيْها قَدِ انْسَكَبا
***
يابْنَ النَّبِيَّ زَعِيمِ الرُّسلِ مَنْ وَطِئَتْ *** فَوْقَ السَّما قَدَماهُ العَرْشَ وَ الحُجُبا
لَوْلا صَحِيفةُ أصْحابِ السَّقِيفةِ ما *** شِمْرٌ عَلى صَدْرِ سِبْطِ المُصْطَفَى رَكِبا
وَ لَا اسْتَباحَتْ بَنُو حَرْبٍ حَرَائِرَكُمْ *** وَ لا لَكُمْ نَهَبُوا يومَ الطُّفوفِ خِبا
وَ لا لَكُمْ ذَبَحُوا طِفْلاً به فَجَعُوا *** عَلَيْهِ أُمّا لَهُ في كَرْبَلا وَ أَبا
فَكُمْ لَكُمْ في مَحانِي الطَّلفِّ مِنْ قَمَرٍ *** تَنْجابُ عَنْهُ غَرَابیبُ الُّدجَى غربا(1)
وَ شَمْس خِدْرٍ تَمَنَّی البَدْرُ أَنَّ لَها *** يَكُونُ طُلنْبَ خِباً أَضْحَتْ بِغَیْر خِبا(2)
وَ أَنْجُمٍ مِنْ بَناتِ الرُّسُلِ قَدْ بَرَزَتْ *** مِنْ خِدْرِها إذْ غدا بِالنَّارِ مُلْتَهِبًا
قد أَلْبَسُوها من الأَقیَادِ أَسورَةٌ *** مِنْ بَعْدِما سَلَبُوها الدُّرَّ و الذَّهَبا
كُلُّ تُنادِي بِصَوْتٍ لَوْ تَوَجَّسَهُ *** طَوْدٌ تَزَعْزَعَ ذاكَ الطَّوْدُ وَانْقَلَبا:
يا راكباً فَوْقَ نِضْو في قَوائِمِهِ *** يَطْوِي أديمَ فَيا فِي البِيدِ و الهُضُبا
عُجْ بِالمَدِينَةِ وَ اصْرُخْ: يا بَنِي مُضَر *** فَفِی الطُّفُوفِ انْطَفا مِصْباحُكُمْ وَ خَبا
فَأَطْلِقُوا الخَيْلَ كالعِقْبانِ غَائِرةً *** وَ قَوِّمُوا فَوْقَها الخُرْصانَ و القُصُبا(3)
وَ اسْتَنْقِذُوا مِنْ يَدِ الأَعْدا حَرائِرَكُمْ *** فَقَدْ سَرَتْ وَ هْيَ أَسْرَى بَيْنَهُمْ غُرَبا
ص: 118
فَطَاطِئوا رؤوسَكُمُ حُزْناً فَإِنَّ عَلَى *** رَأْسِ القنا رَأْسُ سِبْطِ المُصْطَفَى نُصِبا
وَ لاتُوَارُوا لَكُمْ مَيْتاً بحُفْرَتِهِ *** فَجِسْمُهُ قَدْ غدا فَوْقَ الثَّرَى تَربا
و لاتَمُدُّوا عَلى أزواجِكُمْ كِلَلاً *** فَزَيْنَبٌ خِدْرُها في كَرْبَلا انْتُهِبا(1)
ص: 119
(بحر الوافر)
الشيخ ملا علي آل رمضان (*)(1)
عَجِيبُ الأَمْرِ مَنْ فَقَدَ الشَّبابا *** وَ مَفْرِقُ رَأْسِهِ الْمُسْودِّ شابا
وَ يَبْنِي الدُّورَ في الدُّنْيا وَ عَمّا *** قَلِيلِ يَسْكُنُ الْقَبْرَ الْخَرابا
وَ يَدَّرِعُ الْجَدِيدَ و عَنْ قَرِيبٍ *** مَعَ الديدانِ يَفْتَرِسُ التُّرَابا
و يَبْقَى رَهْنَ لَحْدِ لَوْ رآه *** بهِ أَبَواهُ مِنْ لُقياه هابا
وَ لَوْ ناداهُ ذُو رَحِمٍ قَرِيبٍ *** اليْهِ لَمْ يَرُدَّ لَهُ جَوابا
فَكَيْفَ يُجِيبُ و الدِّيدانُ تَرعى *** بِجِيفَتِهِ وَ لَوْ أَنْباهُ شابا
فَإِنَّ الْقَبْرَ يَدْعُو كُلَّ يَوْمٍ *** وَلكِنْ لاتَعُونُ لَهُ خِطابا
أنا بيتُ الَّذِي مَنْ حَلَّ فِيهِ *** تَناثَرَ لَحْمُ جُثَّتِهِ وذابا
أَنَا بَيْتُ بهِ الإِنْسانُ يَبْقَى *** وَ لَيْسَ يَرَى لَهُ عنِّي انْقِلابا
وَ يَنْظُرُ فيهِ ما كَسَبَتْ يَداهُ *** مِنَ الدُّنْيا نَعِيماً أَوْ عَذابا
و يَوْمَ الْبَعْثِ يُحْشَرُ فِي صَعِيدٍ *** يَخالُ تُرابه قِيراً مُذابا
تَقُومُ بهِ الْوَرَى وَ هُمُ سُكَارَى *** مِنَ الْأَجْدَاثِ تَضْطَرِبُ اضْطِرابا
وَ فِيهِ البِضْعَةُ الزَّهْراءُ تَأْتِي *** تُنادِي وَ هْيَ تَنْتَحِبُ انْتِحابا(2)
ص: 120
و تَصْرُخُ صَرْخَةً منها الرواسي *** تَكُونُ لِعُظمٍ صَرْخَتِها سَرابا(1)
إلهي أيْنَ مَنْ هَتَكُوا حِجابي *** وَ بَزُوا نِحْلَتي مِنّي المتصابا؟
وَ قادُوا المُرْتَضَى الْكَرَارَ لَمّا *** أَخُوهُ المصطفى المُخْتارُ غابا؟
و في المِحْرابِ أرْداهُ المُرَادِي *** بِسَيْفِ قَدْ سُقِي سُمّاً مُذابا؟
وَ أَسْقِي المُجْتَبى سُمّاً نَقِيعاً *** بِأخشاهُ قَدِ الْتَهَبَ الْتِهابا؟
ص: 121
وَ وَقْعَةُ كَرْبَلا أَدْهَى مُصاباً *** وَ أَعْظَمُ فَجْعَةً وَ أَمَرُّ صَابا؟
فإِنَّ أُميّةٌ أَرْوَتْ بها مِنْ *** دِمارَقَباتِ أَوْلادِي الْحِرابا(1)
فَقَدْ قَتَلُوا حُسَيْناً و اسْتَباحُوا *** نِساهُ و قَيَّدُوا مِنْها الرقابا
وَ شَبُّوا في مضاربها حَرِيقاً *** وَ لَمْ يُبقِ الْحَرِيقُ لها حِجابا
وَ ساقُوها عَلَى قَتَبِ الْمَطايا *** بها تَطْوِي المَفَاوِزَ و الشِّعابا
تُنادي: يا حَوادي، وَيْلَكُمْ قَدْ *** أَضرَّ بنا الْهَجِيرُ، وَ لَنْ تُجابا
سِوى بِلِسانِ كُلِّ سِنانِ رُمْحٍ *** مِنَ الأعْدا وَ هُمْ كانوا غِضابا
فَتَهْتِفُ: ياأَباحَسَن أَغِثنا *** فَإِنَّكَ غَوْثُ مَنْ أَضْحَى مُصابا
فَتِلْكَ بَناتُكَ الْخَفِراتُ أَسْرَى *** بِذُلُّ رُكْبَتْ نُوقاً صِعابا!
على الكيرانِ مِنْها بِالْأَيادي *** تُدافِعُ عَنْ مَناكِبها الضِّرابا(2)
قَدِ انْفَطَرَتْ ضَمَائِرُها وَ سالَتْ *** بِإهْراقِ الدُّمُوع دَماً مُذابا
بَني المختار ساداتِ الْبَرايا *** و مَنْ كانوا لِتَغْرِ الْفَيْضِ بابا
خُذُوا مِنْ قِنْكُمْ نَظماً مَلِيحاً *** بهِ يَرْجُو مِنَ الباري الثِّوابا(3)
وَ يَرْجُو الْفَوْزَ مِنكُمْ مَعْ بَنِيهِ *** وَ آبَاهُ إذا حَضَر الحِسابا
وَ مَنْ عَلِقَتْ بِحَبْلِكُمُ يَداهُ *** وَ فازَ بِنَيْلِ حُبِّكُمْ وَطابا
كذلك سالِمٌ كُونُوا لَهُ عَنْ *** لَظى سَفَرٍ مَعَ الآبا حِجابا
وَ تَغْشَاكُمْ صَلاةُ اللَّهِ مَا إِنْ *** بَدا بَدْرٌ بِجُنْحِ دُجَى وَغابا(4)
ص: 122
(بحر الطويل)
الشيخ ملا علي آل رمضان(1)(*)
عَلامَكَ عَنْ سَمْتِ الرِّضا مُتَنَكِّبُ*** وَنَفْسُكَ فيما يَعْطِبُ العَقْلَ تَرْغَبُ؟
أَنَظرُقُ طَرْقَ اللَّهوِ دَأْباً وَلَمْ يَكُنْ*** لها في مَساعِي مَنْهَجِ الرُّشْدِ مَطْلَبُ ؟
وَكُلُّ أَمْرِى ءٍ يُرْخِي الْعِنَانَ لِنَفْسِهِ*** بِهِ في مَيادِينِ الْمَهالِكِ تَذْهَبُ
فَإِنَّ جَمالَ المَرْءِ عَقْلٌ يَزِينُهُ*** وَتَقْوَى بها مِنْ رَبِّهِ يَتَقَرَّبُ
وَحِلْمٌ وعِلْمٌ مُسْتَقَرٌّ وَعِفَّةٌ*** وَكَثْرَةُ آدابٍ بِهَا يَتَأَدَّبُ
وَحُسْنُ اعْتِقاداتٍ بِآلِ مُحَمَّدٍ*** هُداةٌ بِهِمْ يَرْضَى الإلهُ وَيَغْضَبُ
خَزائِنُ أسْرارٍ وَأبْحُرُ أَنْعُمٍ*** تَفِيضُ نَدًى مِنْهُ الخَلائِقُ تَشْرَبُ
يَنابِيعُ جُودِ لِلْمُهَيْمِنِ لَمْ تَزَلْ*** طَوامٍ وَمِنْ حافاتِها الْخَلْقُ تَشْرَبُ(2)
وَهُمْ أَنْجُمٌ كانَتْ بِهَا الخَلْقُ تَهْتَدِي*** إِلَى الْحقِّ إِلا أَنَّها لَيْسَ تَغْرُبُ(3)
كَلامُهُمُ نُورٌ وَقَوْلُهُمُ هُدًى*** وَرَأْيُهُمُ رُشْدٌ وَعِلْمٌ وَمَذْهَبُ
فَمِنْهُمْ نَبیٌّ أَوْضَحَ الدينَ لِلْوَرَى*** وَكَانَ عَلَيْهِ مِنْ دُجَى الشِّرْكِ غَيْهَبُ(4)
رَسُولٌ رَقَى السَّبْعَ السَّمَواتِ وَانْحَنَتْ*** لَهُ وَهُوَ يَرْقاها النَّبِيٌّ الْمُهَذَّبُ
ص: 123
إِلى أَنْ دَنا من ذِي الْجَلالِ وَقَد بَدا *** إِلَيْهِ مِنَ السِّرِّ الخَفِيُّ المُحَجَّبُ(1)
وَأَوْدَعَهُ الرَّحْمَنُ أَسْرَارَ عِلْمِهِ*** وَأَعْطَاهُ مِنْهُ ما يُريدُ وَيَطْلُبُ
وَمِنْهُمْ إمامٌ وَحَّدَ اللَّهَ حَيْثُ لَمْ *** يَكُنْ آدَمٌ في الكَوْنِ وَهُوَ لَهُ أَبُ
فَتى لِلْهُدى بَحْرٌ وَلِلْفَيْضِ مَصْدَرٌ*** وَلِلْمُصْطَفى نَفْسٌ وَلِلدِّين مَذْهَبُ(2)
وَقَدْ كَانَ في الأكوانِ كَالْقُطْبِ في الرَّحَى*** تَدُورُ عَلَيْهِ الفُلْكُ وَهُوَ مَرْكَبُ
ص: 124
فَيا عَجَباً هذا يُقادُ مُلَبَّباً *** إلى مُسْتَقَرٌّ في الصَّلالِ وَ يُسْحَبُ(1)
وَ فَاطِمَةُ الزَّهْراءُ يَدْخُلُ بَيْتَها *** عَلَيْها بلا إذنِ وَبِالسَّوْطِ تُضْرَبُ(2)
وَ تُضْغَط ما بَيْنَ الجدارٍ وَ بابِها *** وَ تُسْقِط حَمْلاً مِنْ حَشَاهَا وَ تُرْعَبُ(3)
وَ مَنْزِلُها بِالنَّارِيُورَى وَ لَمْ يَزَلْ *** بِهِ الرُّوحُ يَأْتِي بِالعُلُومِ وَ يَذْهَبُ(4)
فَأَقْسَمَ بالرَّحْمَنِ لَوْلا وَصِيَّةٌ *** مِنَ المُصْطَفَى مَا قِيدَ وَ هُوَ مُلبَّبُ(5)(6)
ص: 125
ص: 126
(بحرالخفيف)
الشيخ علي بن حسن الجشي
غَيْرَةُ اللَّهِ كَيْفَ تَسْطِيعُ صَبراً *** وَ لِشَّمْسِ الإسلام حانَ غُروبُ
بدأ الدِّينُ في الأنام غَرِيباً *** وَ أَراهُ قَدْ عَادَ وَ هُوَ غَرِيبُ(1)
شَبَّ عُمْرُ الهُدى عَن الطَّوْقِ فيكُمْ *** وَ طَريقُ الهُدى بكُمْ مَلْحُوبُ(2)
ما... لاتمَّ بشرعَلَيْهَا *** وَ... فَلَا عَدَتْهَا الخُطُوبُ
حَاوَلَتْ مَحْوَ دَعْوَةِ الحقِّ حتى *** تُظهِرَ الشَّرْكَ وَ الضَّلال ضَرُوبُ
كَتَبَتْ صَلَّها القَدِيمَ وَ قَالَتْ *** هَجَرَ المُصْطَفَى وَ ذاكَ عَجِيبُ(3)
وَ ابْتَغَتْ فُرْصَةَ اخْتِلاسِ فَلَمَّا *** حانَ مِنْ سيّدِ الهُداةِ المَغِيبُ
نَشَرَتْ ما طَوَى النِّفاقَ قَدِيماً *** وَ هُوَ فِي سِتْرِ كَيْدِها مَحْجُوبُ
ص: 127
وَ ادَّعَتْ مَنْصِبَ الْخِلافَةِ بَغْياً *** حَذَراً أَنْ يَفُوتَهَا الْمَطْلُوبُ(1)
وَ أَتَتْ تَطْلُبُ الوَلا مِنْ عَلِيّ *** وَ هُمْ يَعْلَمُونَ لايَسْتَجِيبُ
وَ لَعَمْرِي ما بُغْيَةُ الْقَوْمِ إلا *** لايُرَى لِلإِسْلامِ ثَمَّ رَقِيبُ
فَأَتَوْا دَارَهُ بِجَيْشِ ضَلالٍ *** زَعَمُوا أَنه بِهِ مَغْلُوبُ
وَ عَلاهُ مَا القَوْمُ كَفُوا وَلَكِنْ *** ذاكَ فِي سَابِقِ القَضَا مَكْتُوبُ
وَ أَرَادُوا أَنْ يُحْرِقُوها فَصاحَتْ *** فاطمٌ إِنَّ أَمْرَكُمْ لَمُرِيبُ(2)
ص: 128
أَوَ أو هَلْ مَنْصِبُ الوَلا لابن... *** وَ عَلَيْهِ أَسَامَةٌ مَنْصُوبُ؟(1)
أَنَسِيتُمْ نَصْبَ النَّبِيِّ عَليّاً *** يَوْمَ خُمَّ إِذْ قامَ وَ هُوَ خَطِيبُ(2)
لِمَ أضَعْتُمْ وَصيَّةَ اللَّهِ فينا *** و نَكَفْتُمْ وَ الْعَهْدُ مِنْكُمْ قَرِيبُ؟(3)
أكَفَرْتُمْ بِاللَّهِ يا قَوْمُ أَمْ ما *** قَالَهُ المُصْطَفَى لَكُمْ مَكْذُوبُ؟
فَارْعَرُوا لارَعَيْتُمُ وَ دَعُونَا *** فَعَتَتْ لَمْ يُفِدْ بِهَا التَّأْنِيبُ(4)
لاتَسَلْنِي ما نَالَ فاطِمَ لمَّا *** دَخَلُوا الدَّارَ فَالْخُطُوبُ شَعُوبُ(5)
وَ اسْتَدارُوا حَوْلَ الوَصِي وَ لَوْلا *** حِلْمُهُ ما أَفادَهَا التَّأْلِيبُ
أتَرَى يَرْهَبُ الحِمامَ عَلِيٌّ *** بَلْ عَلِيٌّ في صَدْرِهِ مَرْهُوبُ
ص: 129
أَخْرَجُوهُ مُلَبَّباً لَيْتَ شِعْرِي ***كَيْفَ قِيدَ اللَّيْتُ الهُمامُ المَهِيبُ(1)
فَعَدَتْ خَلْفَهُ البَتُولَةُ تَدْعُو *** بِرَنِين لَهُ الصُّخُورُ تَذُوبُ(2)
اتُريدُونَ تَقْتُلُونَ عَلِيّاً *** لا وَ رَبِّي فَهُوَ السَّمِيعُ المُجِيبُ
فَدَعُوهُ أَوْ أَدْعُوَنَّ عَلَيْكُمْ *** ما ثَمُودُ أخرى بما قَدْ أُصِيبُوا
وَ زَوَوْا إِرثَها اعْتِداءَ فَجَاءَتْ *** وَ هْيَ عَبْرَى وَ دَمْعُهَا مَسْكُوبُ(3)(4)
ص: 130
أَيُّها النَّاسُ راقِبُوا اللَّهَ فينا *** وَ ارْقُبُوا فَالْإِلهُ فِيكُمْ رَقِيبُ
أتَقُولُونَ غَابَ أَحْمَدُ عَنَّا *** وَ جَفَانَا حَمِيمُنا و القَرِيبُ
وَ أَبانَتْ ضَلَالَةُ الْقَوْمِ لَكِنْ *** لَمْ يَكُنْ فِيهِمُ رَشِيدٌ مُنِيبُ
ثُمَّ آبَتْ كَما أَتَتْ وَ هِيَ صِفْرُ الكَفِّ *** وَ لَهَى وَ حَقُها مَغْصُوبُ(1)
فَانْتَنَتْ بِالأسَى لِما قَدْ عَراها *** في حَنِين كَما تَحِنُّ النِّيبُ(2)
منَعُوها مِنَ البُكاءِ لِتَقْضِي *** كَمَداً و الْفُؤادُ مِنْهَا يَذُوبُ(3)
قُلْ لِبَيْتِ الأحْزانِ ما زالَ حُزْنِي *** لا وَ لاعَيْشِي الهَنِيُّ يَطِيبُ(4)
ص: 131
قُلْ لِتلكَ الضُّلُوعِ بَعْدَكِ قَلْبِي *** مَالَهُ جَابِرٌ فَدَتْكِ الْقُلُوبُ(1)
لَسْتُ أنسى وُقوفَها وَ هْيَ تَشْكُو *** لأبيها وَ لاتَراهُ يُجِيبُ(2)
غَصَبُوا حَيْدَرَ الخِلافَة ظُلْماً *** وَ تُراثِي لَدَيْهِمُ مَغْصُوبُ(3)
وَ جَنِيني قَدْ أَسْقَطُوهُ وَ ضِلْعِي *** کَسَرُوهُ وَ قَدْ عَلانِي الشُّحُوبُ(4)
وَ زَوَوْا نِحْلَتي وَ رَدُّوا شُهُودِي *** وَ جَفَوْنِي فَما لِصَوْتِي مُجِيبُ(5)
ص: 132
منَعُونِي مِنَ البُكاءِ وَ قَالُوا *** لِيَ آذَيْتِنَا فَحَصْبِي الحَصِيبُ(1)
وَ رَمَوْنَا بِكُلِّ خَظبٍ عَظِيمٍ *** وَ أُمُورٍ مِنْهَا الْجَنِينُ يَشِيبُ
يَا لَهَا مِنْ مَصَائِبِ تتوالی *** وَ رَزَايا لِلْجَامِداتِ تُذِيبُ
وَ بِها أَصْبَحَتْ خَلِيفَةً سُقمٍ *** دَابُهَا الْبَتُ و الأسى و النَّحِيبُ
نَسِيَتْ نَفْسَها وَ ما هِيَ فيهِ *** مِنْ أَذَى القومِ إذْ أَتَتْها شَعُوبُ
وَ قَضَتْ تَندُبُ الحُسَيْنَ بِشَجوِ *** وَ لِأَرْزاهُ دَمْعُها مَسْكُوبُ
عَجَباً تُدْفَنُ البَتُولَةُ سِرّاً *** وَ جِهاراً تُراتُها مَغْصُوبُ(2)
ص: 133
(بحر الكامل)
السيد عيسى الكاظمي
خَطبٌ يُذِيبُ مِنَ الصُّخور صلابَها *** وَ يُزيلُ مِنْ ثُمَّ الجِبالِ هِضابَها
فَلو أن ما قاسَيْتُ مِنْهُ صادَقَتْ *** صُمُّ الصَّفا مِعْشَارَهُ لأَذابَها
خَطبٌ لَهُ أَمْسَيْتُ أَصْفِقُ راحَتِي *** وَ ذَوُو المعالي مِنْهُ تَقْرِعُ نابَهَا
أجداثَ تَيْم لاسَقَتْ لَكِ حُفْرَةٌ *** دِيمُ السَّحَابِ و َيَا عَدِمْتِ رَبابَها
كلاً وَ لاريحُ الصَّبا لَكِ رَوَّحَتْ *** أَرْضاً وَ لارَوى العَمَامُ تُرابَها
قَدْ ضَمَّ تُرْبُكِ مَنْ عَلى إشْراكِها *** يَوْمَ السَّقِيفَةِ نَكَصَتْ أَعْقَابَها(1)
ص: 134
اللَّهُ ممّا قَدْ جَنَتْ إِذْ قَدَّمَتْ *** مَنْ سادَ فِيهِ بَنُو الصَّلالِ قِبابها(1)
قَدْ أَخَرَتْ مَنْ كانَ غَامِضُ عِلْمِهِ *** لِمَدِينَةِ العِلْمِ الرَّفِيعَةِ بَابَها
فَأَتَتْهُمُ «الزهراءُ» تَطْلُبُ إِرْثَها *** وَ لَهُمْ أطالَتْ في الكلام خِطابَها(2)
فَغَدَتْ تُنَمِّقُ تَيْمُ مِنْ إِشراكِها *** أَخْبَارَ زُورٍ ما عَدَتْ كَذَّابَها
حَتَّى إذا لَمْ تَرْعَ ذِمَّةً أَحْمَدٍ *** فيها و لاراعَتْ لَها أَنْسَابَها
عَطَفَتْ عَلَى القَبْرِ الشَّرِيفِ بِرَنَّةٍ *** تَشْكُو إِلَيْهِ مِنَ اللَّئامِ مُصابَها
وَ اللَّهِ ما أَدْرِي لأيِّ مُصِيبَةٍ *** تَشْكُو فَقَدْ هَدَّ القِوَى ما نابَها
أَلِعَصْرِها بِالبَابِ حَتَّى أَسْقَطَتْ *** أَمْ حَرْقِهَا يا للْبَرِيَّةِ بابَها؟(3)
أمْ لَطْمِها حَتَّى تَناثَر قُرْطُها *** وَ بِهِ تَقَصَّدَ عَيْنَها فَأَصابَها(4)
أَمْ ضَرْبِها حَتَّى تَكَسَّر ضِلْعُها *** ضَرْباً يَرُومُ بِهِ الزَّنِيمُ إيابَها(5)
أَمْ غَصْبِهِمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ نِحْلَةً *** أَمْ أَنَّهُمْ خَرَقُوا لِذاكَ كِتابَها(6)
ص: 135
أمْ قَوْدِهِمْ لإمامِهِمْ بِنجادِهِ ***كَيْما يُبابِعَ جَهْرَةً أَذْنَابَها(1)
وَ الظُّهْرُ تَهْتِفُ خَلْفَهُمْ فى رَنَّةٍ *** مَلَأَتْ مِنَ البيدِ الْقِفَارِ رِحابَها
مَا عُذْرُهُمْ لِنَبِيِّهم فيها إذا *** ما قَدْ تَولّى فِي الْمَعَادِ حِسابها؟
يَوْمٌ بِهِ (الزَّهْرَاءُ) تَحْمِلُ (مُحْسِناً) *** سِقْطاً فَتَذْهَلُ لِلْوَرَى أَلْبابُها(2) (3)
ص: 136
(بحرالطويل)
الشيخ غلام حسين الغروي الأصبهاني
سَقَى اللَّهُ أَنْفَاسِي مِنَ السَّلْسَلِ العَذْبِ *** لِأَنْظُمَ أبْكاراً مِنَ اللُّؤْلُؤِ الرَّطْبِ
بِمِدْحَةِ بِنْتِ المُصْطَفَى يَنْجَلِي كَرْبِي *** وَ إِنَّ مَعَالِيها لَأَسْنَى مِنَ الشُّهْبِ
و في مَدْحِها القُرْآنُ بَلْ سَائِرُ الْكُتُبِ
فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْ ما أقُولُ وَ لاتَدْرِي *** فَسَلْ آيةَ (الوسطى) وَ سَلْ (لَيلَةَ الْقَدْرِ)
وَ سَلْ آيةَ (الْكُبْرى) وَ سَلْ سورةَ (الدَّهْرِ) *** وَ سَلْ آيَةَ (القُرْبَى) وَ سَلْ آيَةَ (الأَجْرِ)(1)
ص: 137
وَ كَانَتْ لِطة المُصْطَفَى الرُّوحَ بِالْجَنبِ(1)
حباها أبوها بِالْكَرامَةِ وَ الْبِشْرِ *** رَبِيبَةُ حِجْرِ الْوَحْيِ وَ النَّهْي وَ الْأَمْرِ
مُحَدَّثَةٌ كَانَتْ تُحَدَّثُ بِالسِّرِّ *** وَ تُخْبِرُها جَهْراً مَلائِكَةُ الْغُرِّ(2)
وَ مِنْ نُورِها ضَوء المَشَارِقِ وَ الْغَرْبِ
هِيَ الدُّرَّةُ البَيْضاءُ فِي صَدَفِ النُّهى *** هِيَ الغُرَّةُ النَّوْراءُ في ظُلَمِ الدُّجى
وَ مِشْكاةُ أَنْوَارِ الهِدَايَةِ لِلْوَرَى *** بِأَبنائها الغُرِّ الْكِرامِ أُولي الحِجى(3)
ص: 138
تَشَرَّفَتِ الآباء في سالِفِ الْحِقَب
هِيَ الزَّهْرَةُ الزَّهْرَا تَجَلَّتْ تَكَرُّمَا *** هِيَ اللَّمْعَةُ النَّوْرا فَعَزَّتْ وَ إنّما(1)
هِيَ الكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ في أُفُقِ السَّما *** تُضِيءُ لِسُكَانِ السَّمَاوَاتِ كُلَّما
تَقُومُ بِمِحْرَابِ تُناجِي إلَى الرَّبِّ(2)
هِيَ الآيةُ الكُبرى فَكَلَّتْ أُولي النُّهى *** عُقُولُهُمُ ما يَبْلُغونَ الْمُنْتَهى
مَكارِمُها العَلْياءُ أَنَّى لَهُمْ بِها *** وَكَيْوانُ عُلْياها لَأَعْلى مِنَ السُّهى(3)
فَفي فاطم حَارَتْ عُقُولُ ذَوِي اللُّبِّ
هِيَ الشَّمْسُ قَدْراً و الأَشِعَةُ ساتِرُ *** بِخِدْمَتِهَا حُورُ الْجِنانِ تُفاخِرُ
لها جارياتٌ مَرْيَمَ ثُمَّ هَاجَرٌ *** هِيَ الْقُطْبُ خِدْراً وَ النِّسَاءُ دَوائِرُ(4)
ص: 139
فَشَتَانَ ما بَيْنَ الدَّوائِرِ و القُطب
هِيَ بَضْعَةُ الهادي الرَّسُولِ المُمَجدِ *** وَ رَيْحَانَةُ المُخْتَارِ طَهُ مُحمَّدِ(1)
حَلِيلَةُ كَرَّارٍ حَبِيبَةُ أَحْمَدِ *** هِيَ الْعُرْوَةُ الوُثْقَى لِقَبْرِي وَ في غَدِ
شَفِيعَةُ مَنْ وَالى مِنَ الْعُجْمِ وَ الْعُرْبِ(2)
سفتباً لِمَنْ بِالدَّمْعِ أَسْجَمَ جَفْنَها *** وَ تَعْساً لِمَنْ بِالنَّارِ أَحْرَقَ وُكْنَها(3)
وَ سُحْقاً لِمَنْ بِالْعَصْرِ أَسْقَطَ ابْنَها *** وَ بُعْداً لِمَنْ بِالسَّوْطِ سَوَّدَ مَتْنَها
وَ في وَجْهِهَا الدَّمُ مِنَ اللَّطْم وَ الضَّرْبِ(4)
فَلَهْفِي عَلَيْها حِينَ أَبْدَتْ عَوِيلَها *** بِعَوْلَتِها تَنْسَى الْحَمامُ هَدِيلَها
ص: 140
وَ كادَتْ لأطوادِ الْفَلا أَنْ تُزيلها *** فَما حال مَنْ تَلْقَى مَقوداً كَفِيلَها
وَ يا عَجَباً مِنْ قَسْوَرٍ قِيدَ لِلْكَلْبِ(1)
فَأَوْقَفَتِ الأفلاكُ مِنْ فَرْطِ دَهْشَةٍ *** وَ أَذْهَلَتِ الْأَمْلَاكُ مِنْ طُولِ زَفْرَةِ
تُنادِيهِمُ خَلُوا ابْنَ عَمِّي وَ مُهْجَتِي *** وَ إِنْ لَمْ تُخَلُّوا عَنْهُ أَشْكُو بِعَوْلَتِي
إلَى اللَّهِ يا أَهْلَ الضَّلالةِ وَ الرَّيْبِ(2)
فَأَوْمَتْ إِلَى القَبْرِ الشَّرِيفِ وَ دَمْعُها *** يَسِيلُ سِجالاً(3) يَوْمَ قَدْ دِيسَ رَبْعُها
وَ نَادَتْ وَ نارُ الْغَيْظِ في القلبِ لَمْعُها *** أَتَدْرِي الرَّزايا قَدْ رَمانا فظيعُها
فَلِلَّهِ مِنْ رُزْءٍ عَظِيمٍ وَ مِنْ خَطبِ(4)
و أضاف الخطيب الشيخ جعفر الهلالي إلى الأبيات المتقدمة أصلاً و تخميساً:
أبِي لَمْ يُراعُوا بَعْدَ فَقَدِكَ عِمْرَةً *** وَ لَمْ يَحْفَظُوا لَمّا تَوارَيْتَ بَضْعَةً
كَأَنَّهُمُ لَمْ يَسْمَعُوا الأمر جَهْرَةً *** بِفَضلي، وَ قَدْ أَصْبَحْتُ فِيهِمْ أَسِيرةً
يَرُومونَ إذْلالي بما كَان مِنْ غَضَبِي
ص: 141
(بحر الطويل)
الشيخ محسن أبو الحب (الكبير)(*)(1)
مَتَى تُدْرِكُ النّارَ الَّذي أَنْتَ طَالِبُهْ*** مَتَى تَمْلِكُ الأَمْرَ الَّذِي أَنْتَ صَاحِبُهُ؟
لَقَدْ مَلأَ الدُّنْيا سَناكَ وَلَمْ يَلُج*** لِعَيْنِي يَوْماً مِنْ جَبِينِكَ ثاقبة
ص: 142
أَفِي كُلِّ يَوْمٍ فَاجِرٌ وَابْنُ فَاجِرٍ*** يُحَكَّمُ فينا بادِياتٍ معايِبُهْ
تَرُوحُ بِكَ الدُّنْيا وَتَغْدُو مُنِيرَةٌ*** وَيَمْلِكُها مَنْ لَيْسَ يَخْفَى مَثالِبهْ(1)
وَسَيْفُكَ مَسْئُونٌ وَجَأْشُكَ ثَابِتٌ*** وَسَيْبُكَ لا يَنْفَكُّ تَهْمِي سَحَائِبُة(2)
مَضَى وَمَضَى جِيلٌ وَجِيلٌ وَلَمْ يَقِرَّ*** بِرُؤيَاكَ يا مَنْ لا يَقُلُّ مَواهِبُهْ
إذا لاحَ صُبحِي رَوَّحَتْنا مَشَارِقُهُ *** وإِنْ جَنَّ لَيْلٌ أَطْرَبَتْنا مَغَارِبُهْ
نَعُدُّ اللَّيالي لَيْلَةً بَعْدَلَيْلَةٍ *** لَعَلَّ لها صُبْحاً تُنِيرُ غَياهِبُةْ(3)
وها أنا حَتَّى بَيَّضَ الشَّيْبُ عارِضي*** أطالبُ دَهْرِي فِيكَ ثُمَّ أُعاتبُهْ
رَجَوْنَاكَ أنْ تَسْتَأْصِلَ القَوْمَ قَبْلَ أَنْ*** يَعُوثَ بِكُمْ شَيْطانُ تَيْمٍ وَ صَاحِبُةْ(4)
وَحَاشَاكَ أنْ تَنْسَى بِأُمِّكَ مَا جَنَی*** زَنِيمُ عُدَيِّ يَوْمَ هَبَّتْ حَواصِبُةْ(5)
رَأَى فُرصَةً بَعْدَ النَّبِیِّ فَلَمْ يَزلْ*** يُراقِبُها مِنْ قَبْلِ ذا وَتُراقِبُهْ
فَجَاءَ وَلَمْ يَعْبَأُ بهاثمَ هكذا*** عَلَى إِثْرِهِ جَاءَتْ تَدُقُّ خَطَائِبهْ
فَأَحْرَقَ بَيْتاً كانَ جِبْرِيلُ حاجِباً*** لَهُ وَكَفَى جِبْرِيلُ أَنْ هُوَ حَاجِبُهْ(6)
وَهيَّجَ سِرْبَ الوَحْيِ مِن مُسْتَقَرُهِ*** فَعَاشَتْ بِهِ عُقْبانُهُ وَقَطَارِبُهْ(7)
ص: 143
وَ بَاتَ أمينُ اللَّهِ حَازِنُ وَحْيِهِ *** هُناكَ سليباً و ابنُ حَنْتُم سالِبُهْ
و أَصْبَحَ يَرْقَى مِنْبَرَ الوَحْي حاكماً *** عَلَى أَهْلِهِ بِالجَوْرِ ضَلَّتْ مَذاهِبهْ
خِلافَةُ يَوْمِ يَا لَقَوْمِي أَهْلَكَتْ *** مِنَ النَّاسِ جيلاً لَيْسَ يُحْصِيهِ حَاسِبُهْ
فَوَيْلُ أُمَّةٍ ماذا أعدَّ لِنَفْسِهِ *** إذا ما دعاه لِلْحِسابِ مُحاسبُهْ
أهذا رسولُ اللَّهِ أوصاهم به *** بأن لا ترى العَيْشَ القَرِيرَ أقارِبَهْ؟
أما بنْتُهُ تِلْكَ التي بات قَلْبُها *** يَشُبُّ إلى أعْلَى الكَواكِب لاهِبُهْ؟
أما ابْنُ أبيهِ ذاكَ وَ ابْنُ أُمِّه الَّذِي *** عَلَى حَقِّهِ أَمْسَى الزّنيمُ يُغَالِبُهْ؟
غَداةَ رآه مُفْرَداً وَ رَأَى لَهُ *** مِنَ الغَيِّ جَيْشاً لا تُحَدُّ كتائِبُهْ
وَ حارَبَهُ حَتَّى ذَوُوهُ وَ قَوْمُهُ *** وَ أَسْلَمَهُ حَتَّى أَخُوهُ وَ صاحِبُهْ
فَأَظهَر ما أَخْفَاهُ مِنْ حقِّهِ الَّذِي *** عَلَى مِثْلِهِ شَبَّتْ وَ شَابَتْ ذَوَائِبُهْ(1)
ألاَ عَقَمَتْ مِنْ قَبْلِ ذاكَ حُنَيْتِمٌ *** وَ جَفَّتْ عَلَى مَنْ أَرْضَعَتْهُ مَخالِبُهْ
أتَتْنَا بِما لَمْ تَأْتِ فيه بِغَيَّهِ *** طِلاع السَّما وَ الأَرْضِ لَستَ مَغَايِبُهْ
ألَمْ تَرَهُ كاللَّيْثِ أَصْحَر كاشِراً *** بِلَحْمِ رسولِ اللَّهِ تُدْمَى مَخالِبُهْ؟(2)
أَلا يَوْمَ بَدْرٍ كانَ مِنْهُ الَّذي بَدا *** وَأُحْدٍ إِذا شُدَّتْ عَلَيْهِ مَداهِبُهْ
مَتَى خافَتِ النّقعَ المُثَوَّرَ رَجُلُهُ *** مَتَى ثُلَّ فِي وَجْهِ الكَتِيبَةِ قاضِبُهْ(3)
لقَدْ كانَ حَرْباً لِلنَّبِيِّ وَ لَمْ يَزَلْ *** كَذلِكَ حتى اليَومَ جَدَّتْ رَواحِبُهْ
وَ قَدْ زَعَمُوا أَنَّ الفتُوحَ جَمِيعَها *** لَهُ وَ بِهِ الإسلامُ قَرَّتْ جَوانِبُهْ
نَعَمْ فَتَح الشَّرُّ الّذي كانَ قَبْلَ ذا *** تَقاصر کشری دُونَهُ وَ مَرازِبُهْ
أَلَمْ تَرَكَيْفَ اسْتَأَصَلَ مِثْلَ مَا اشْتَهى *** عَصَائِبَ وَحْيِ اللَّهِ بَغْياً عَصَائِبُهْ؟
أبا حَسَنٍ مَا كُنْتَ نُهْزَةَ آخِذٍ *** و لاأَنْتَ مِمَّنْ تُسْتَهانُ مَراتِبُهْ
ص: 144
كَأَنْ لَمْ تَكُنْ لِلْحَرْبِ أُمّاً وَ والِداً *** وَ لَمْ تَكُ يَوْماً فِيكَ تَزْهُو مَراكِبُهْ
فَمَا لَكَ وَ الزّهراءُ تُضْرَبُ ساكِتٌ *** و طِفْلُكَ مُلْقَى لا تُمَلُّ نَوَادِبُهْ؟
لَعَمْرِي رَأَيتُ الدِّينَ ضَاعَ وَ لَمْ يَفَعْ *** وَ أَنْتَ مُحَامِيهِ وَ أَنْتَ مُراقِبُهْ
فَكُنتَ مُحَامِيهِ أخيراً وَ أوْلاً *** نَعَمْ وَ إِلَيْكَ اليَوْمَ تُعْزَى مَناسِبُهْ
فَيَوْماً بِسَيْفٍ لاتَفِلُّ مَضَارِبُهْ *** وَ يَوْماً بِصَبْرِ لا تُذَمَّ عَواقِبُهْ
مَخَافَةَ أنْ يَعْدُوَ بِسُنَّةِ أَحْمَدٍ *** زَنِيمٌ بطُرْقِ الغَيّ طالَتْ مَلاعِبهْ
فَيَا أسَداً ما الأسْدُ الافرائِسٌ *** لَهُ افْتَرَسَتْهُ يا لَقَوْمي ثَعَالِبُهْ
كَأَنَّ صَفَايا المُلْكِ غَيْرُ مُبَاحَةٍ *** عَلَى غَيْرِ أَبْنَاءِ السَّفَاحِ أُطَالِبُهْ
نَعَمْ هَكذا مُذْ أَهبَطَ اللَّهُ آدَماً *** إلى أَنْ يَراهُ اللَّهُ قَدْ آبَ غائِبُهْ
وَ مَا هُوَ إلا أنتَ يا خَيْرَ مَنْ مَشَى *** وَ اكْرَمَ مَنْ فِيهِ تَخِبُّ رَكَائِبُهْ
أُعَزيكَ بالزَّهراءِ أُمِّكَ وَ ابنِها *** فَذا ابنُها سَارِقُ الوُجودِ وَشَارِبُهْ
وَجَدُّكَ مسحوباً بِمُجْمَلِ سَيْفِهِ *** كما سَحَبُ المَأْسور بالعُنْفِ ساحِبُهْ(1)
وَ دَاعيةً خَلّوا ابن عمّي وَ مَا لَهَا *** سِوَى اللَّهِ مَدْعُوٍّ هُناكَ تُخاطِبُهْ(2)
وَ وَاللَّهِ إنّ القَوْمَ ما كانَ هَمُّهُمْ *** سِوَى أَنَّ دِينَ اللَّهِ تُعْفَى مَراقِبُهْ
ص: 145
أصابوا عَلِياً يابن مُلجَم وَ ابنَهُ *** بِجَعْدَةَ والسُّم الذي هُوَ شَارِبُهْ
وَدَعْ عَنْكَ ما نال الحُسَيْنُ فإنّهُ *** أَجَلَّ وَ أَعْلَى أنْ تُعَدَّ مَصایِبُهْ
وَ مَاذا الذي أنْسَى وَ مَا أنا ذاكِرٌ *** وَ هَذا بأَعْلَى العَرْشِ يَزْعَقُ نادِبُهْ
و لاتَسْأَلَنْ مِنْ بَعْدِهِ كَيْفَ أَصْبَحَتْ *** حَلائِلُهُ بَيْنَ العِدى و نجائِبُهْ
ألا لاتَرى في كَرْبَلا غَيْرَ نَادِبٍ *** وَ آخَرَ مَحْلُولِ الوُطَاتِ تُجَاوِبُهْ(1)
وَ ذاتَ حِجَابٍ ما تَخالُ حِجَابَها *** عَلَيْهَا وَ لَمْ يَضْرِبْ لها السِّترَ ضَارِبُهْ
تَعُجُ وما يُجْدِي العَجِيجُ كأَنَّها *** زَماجِرُ رَعْدِ حَلَّلَتْهُ سَحائبُهْ(2)
ألَيْسَ عَلِيٌّ لِلنَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** أخَاً وَ ابنَ عَمَّ حِينَ يَعْزُوهُ ناسِبُهْ؟
و هذا كتابُ اللَّهِ أَفْصَحُ ناطِقٍ *** عجائِبُهُ في مَدْحِهِ وَ غَرائِبُهْ
أيَخْفَى على مَنْ راقَبَ اللَّهَ قَدْرُهُ *** و ما هُوَ إِلا كالنَّبِيِّ مَنَاقِبُهْ
ص: 146
(بحر البسيط)
ملا محسن بن سلمان البحراني
الدَّهرُ شَقَّ جُيُوبَ الْفَخْرِ و الْحُجُبا *** عَلَى مُصيبة أم السادةِ النُقَبا
وَ أَصْبحَ الدِّينُ باكي الْعَيْنِ في ثَكَلٍ *** و الرّوحُ صاحَ بِصَوْتِ النَّعْيِ مُنْتَدِبا(1)
منادياً بَيْنَ أمْلاكِ السَّمَاءِ يَقُلْ *** بِنْتُ النَّبِيِّ قَضَتْ مَلْآنَةً كُرَبا
قَدْ جُرِّعَتْ غُصَصاً لَوْ أَنّها وَقَعَتْ *** على جبالٍ بِرَضْوَى هَدَّها رَهَبا(2)
وَيْلٌ لِظَّالِمِها وَيْلٌ لِغاصِبِها *** وَ حَوْلَ حُجْرَتِها قَدْ جَمَّعَ الْحَطَبا(3)
ص: 147
وَأَسْقَطَ الْحَمْلَ منها حينَ أَضْغَطها *** أو وفي صَدْرِها الْمِسْمارُ قَدْ نَشِبا(1)
وَ غُودِرَ الضّلْعُ مَكْسوراً فيا حُرَقِي *** شُبِّي و يا قَلْبِي الْمَحْزُونَ زِدْ لَهَبا
بَيْنَ الجِدارِ وَ بَيْنَ البابِ قَدْ وُضِعَتْ *** فَأَيْنَ عَنْها عَلِيَّ أفْضَلُ الْقُرَبا(2)
سَيْف الإلهِ رَفيعُ الْجاءِ حَيْدَرَةٌ *** أَهْكَذَا حَلَّ بِالزَّهْرَا وَ مَا وَ ثَبا
بَلْ أَخْرَجُوهُ مُقاداً فِي حَمائِلِهِ *** عَجِبْتُ مِنْ أَسَدٍ مِنْ غَابِهِ سُحِبا
تَباً وَ تَعْساً لِمَنْ قَادُوا إمامَهُمُ *** وَ هُوَ الْإمام الذي للحُكُم قَد نُصِبا
أيْنَ النَّبِيُّ يَرَى الْكَرَارَ بَيْنَهُمُ *** مُلَئِباً وَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ قَدْ جَلَبا(3)
وَ دَوْحَةُ الْقُدْسِ خَلْفَ الْقَوْمِ تَعْثُرُ فِي *** ذَيْلِ الْحِصانِ و تُجْرِي الدَّمْعَ مُنْسَكِبا(4)
وَ الزَّجْرُ رَوَّعَها و اللَّطْمُ المَها *** ومَتْنُها بسياط منهُمُ ضُرِبا
أو فَاَهٍ لِذاتِ الْفَخْرِ فاطِمَةٍ *** قاسَتْ و كابَدَتِ الْأَهْوَالَ وَ التَّعَبا
حتى قَضَتْ نَحْبَها بِالْهَضْم وَ هْيَ تَرَى *** ميراثها مِنْ أبيها المصطفى غُصِبا
فَأَيُّ بِنتِ نَبِيَّ بَعْدَوالِدِها *** قَهْراً تُهانُ و منها حَقُّها نُهبا
كَالظُّهْرِ فاطمةَ الزهراءِ قَدْ فَظَمَ *** البارِيِ مِنَ النارِ مَن مِنْ حُبِّها شَرِبا(5)
ص: 148
وَ حَقٌّ مَنْ رَفَعَ السَّبْعَ الشَّدادَ فَلَوْ *** لاَالصَّبْرُ ما أَحَدٌ مِنْ دارِها قَرُبا
لكنّها صَبَرتْ للَّهِ وَ احْتَسَبَتْ *** لِنَيْلِ شِيعَتِها مِنْ رَبِّهَا الْأَرَبا
لاغَرْوَ أنْ صَنَعَتْ أهلُ الضّلالِ بها *** ما أَحْزَنَ الشَّمْسَ وَ الأفلاك و الشُّهُبا
فَلَوْ دَعَتْ وَقَعَتْ بالقومِ صاعِقَةٌ *** تُزَلْزِلُ الْأَرْضَ وَ الْأَجْبَالَ و الْهُضُبا(1)
و كيف لا وَ هْيَ بنتُ المصطفى وَ بِها *** رَبُّ الأنام يُزِيلُ الكَرْبَ وَ النُّوَبا
لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ نُورِ خالِقِها *** فَالْفَخْرُ مِنْهَا وَ مِنْهَا الْعِزَّ إِنْ طُلِبا(2)
خَفِّفَ وَ قَصْرُ ولا تَبْغِ مُحاوَلَةً *** فَكُلُّ عِزّ بِهَذَا الْعِزَّ قَدْ نُسِبا
فَبَعْلُهَا المُرْتَضَى وَ المُجْتَبَى حَسَنٌ *** شِبْلُ لَها وَ حُسَيْنُ سَيِّدُ الغُرَبا
يا رَبِّ فَاغْفِرْ لِرائيها وَ قائِلِها *** وَ لِلشَّابِ الَّذِي لِلنَّظم قَدْ كَتَبا(3)
ص: 149
(بحر البسيط)
الحاج محمد آل رمضان الأحسائي
ذكرى هِيَ النُّورُ لِلْأَخِيالِ وَ الْحِقَبِ *** وَ فَرْحَةُ الدَّهرِ لِلْإِسْلامِ وَ الْعَربِ
ذِكْرَى لِمَنْ يَتَأَسَى بِالرَّسُولِ غَدَتْ *** عيداً إقامَتُهُ مِنْ أَشْرَفِ الْقُرَبِ
عيداً أفاض على الأيامِ بَهْجَتَهُ *** فَالدَّهْرُ في فَرَح وَ الْكَوْنُ فِي طَرَبِ
وَ أَحْمَدُ خَيْرُ خَلْقِ اللَّهِ مُبْتَهِجٌ *** بِخَيْرِ مَوْلُودَةٍ جَاءَتْ لِخَيْرِ أَبِ
وَ مَهْبِطُ الْوَحْيِ فِي أَرْجَائِهِ بَزَغَتْ *** شَمْسُ إِلَى الْيَوْمِ لَمْ تَأْفُلْ وَ لَمْ تَغِبِ
شَمْسُ الفَضائِلِ مَنْ أُمُّ الأئمة في *** أُمّ القُرى وَ رِحابِ البَيْتِ ذِي الحُجُبِ
جَاءَتْ مَعَ المِلَّةِ الغَرّا عَلَى قَدَرٍ *** لأَنَّها بِالهُدَى مَوْصُولَةُ السَّبَبِ
تَبَاركَ اللهُ ماذا للْهُدَى جَمَعَتْ *** في النَّفْسِ في الرُّوح في الآباء في العَقَبِ
زَهْراءُ قيلَ لَها مِنْ أَنَّهَا ازْدَهَرَتْ *** بِهَا الْجِنَانُ وَ ما أَحْلاهُ مِنْ لَقَبِ(1)
ص: 150
وَ فَاطِمٌ إِذْ مُوالُوها بِها فُطِمُوا *** لُطفاً مِنَ النَّارِ ذَاتِ الْحَرِّ وَ اللَّهَبِ(1)
تُكْنَى بِامّ أبيها يا لَهُ لَقَبٌ *** ثالث بهِ مِنْ أبيها أَشْرَفَ الرُّتَبِ(2)
وَ الْفَرْعُ يَحْمِلُ سِرَّ الْأَصْلِ وَ ابْنَتُها *** قُدْسُميت وَ بِأَمْرِ اللَّهِ زَيْنَ أبِ
وَ الفَاطِمِيةُ نُورٌ في تَسُلُسُلِها *** وَ نائِجُ النُّورِ نُورٌ غَيْرُ مُنْقَلِبِ
يا مَنْ بها مَرَجَ البَحْرَيْنِ و امْتَزَجَ النورانِ *** حَتَّى أَتَتْ بالسَّادةِ النُّجُبِ(3)
وَ مَعْدِنُ الطِيبِ فِي الدُّنْيا وَ مَصْدَرُه *** وَ كُلُّ ذِي طِيبَةٍ لولاكِ لَمْ يَطِبِ
عَظِيمُ قَدْرِكِ يا زَهْراء أكَدَهُ *** بِالفعل خَيْرُ الوَرى وَ القَوْلِ فِي الْخُطبِ(4)
ص: 151
وَ بِالْحَفاوَةِ كَمْ قَدْ قَامَ مُبْتَدِراً *** مُرَحَباً بِكِ في عالٍ مِنَ الرُّتَبِ
وَمَنْ دَعاهُ أبا الزهراتُمَثْلُه *** يَمِيلُ حاشَاهُ مِنْ زَهْوِ وَ مِنْ طَرَبِ
وَ كَيْفَ لايَزْدَهِيهِ كَوْنُ فَاطِمَةٍ *** بنتاً لَهُ وَ هْيَ نَبْعُ الكَوْثَرِ الْعَذب(1)
مِنها نُجومُ الهُدى المهدي خاتمةُ *** وَ زَوْج خيرٍ وَصِيَّ بِنْتِ خَيْرِ نَبِي(2)
للَّهِ دَركِ يا زَهْرا من امرأةِ *** بِها تَباهَى رِجالُ الفَضْل و الحَسَب
لولا ذَوُوكِ بما أُوتِيتِ مِنْ شَرَفٍ *** فاز الإناتُ عَلَى الذُّكْرَانِ بِالْغَلَبِ
فَالْبَعْلُ وَ الأب و الأبناءُ فِيكِ غَدَوْا *** مِنْ شِدَّةِ الفَخْرِ بَيْنَ العُجبِ و العَجَبِ
ص: 152
(بحر المتقارب)
الشيخ مُلا محمد بن علي
آل نتيف (*)(1)
إذا لَذَّ لي مَظعَمٌ أوْ شَرابْ *** بِشَهْرِ رَبِيعَ فَشَيْءٌ عُجابْ
فَانّى يَزُورُ لِقَلبي السُّرورْ *** وَ نارٌ بِأحْشاي ذاتُ الْتِهابْ
مُصابٌ أصابَ صَمِيمَ الفُؤَادْ *** فَفِي الْقَلْبِ باقٍ لِيَوْمِ الْمَآبْ
أَيَفْرَحُ قَلْبِي وَ طَة الرسولْ *** شَفِيعُ العِبَادِ ثَوى فِي التُّرابْ
بَكَتْهُ السَّماءُ وَ سُكَانُها *** جميعاً و ناحَ عَلَيْهِ الْكِتَابْ(2)
ص: 154
وَهَبَّتْ عليهِ رِياحُ الْخُسوفْ *** وَ هَمَّ البسيط على الانقِلابْ
و باتَ الأنامُ بِلا والدٍ *** تُقاسِي الْمَصَائِبَ مِنْ كلِّ بابْ
و كيف أذُوقُ الْهَنَا وَ الْبَتُول *** لَها رَفْلَةٌ(1) في ثيابِ الْمُصَابْ
تَحِنُّ حَنِيناً يُزِيلُ الجِبَالُ *** وَ دَمْعُ الْعُيونِ كَصَوْبِ السَّحابْ(2)
أَلَيْسَ بذا الشهر قامَ العُداةُ *** بنقض العُهُودِ مِنَ الْمُسْتَطابْ(3)
وَ فِيهِ(4) أُدِيرَ علَى بَيْتِها *** بِجَزل(5) وَ عَنْها أَمِيطَ الْحِجَابْ
أما كَسَرُوا فيهِ أَضْلاعُها *** بِالْحَبْل قادوا الإمامَ المُهابْ(6)
لَها اللَّهُ إِذْ خَرَجَتْ خَلْفَهُ *** لِتَخْلِيصِهِ بِأَسَى وَ انْتِحَابْ
تُنادِي دَعُوا مَنْ أَشادَ الْهُدَى *** بِحَدّ حُسام أَذَلَّ الرِّقابْ
ص: 155
فَما رُعِيَتْ إِذْ دَعَتْ في العدى *** فَعادَتْ وَ مِنْ ضَرْبها المتنُ عابْ(1)
وَ قَدْ لُطِمَتْ لَعْمَةً لَمْ تَزلْ *** عَلَى الخَدّ مِنْهَا بِظَهْرِ النِّقابْ(2)
وَ باتَتْ تَيْنُّ بِفَرْشِ السّقامْ *** حَلِيفَةَ وَجْد إذِ البَدْرُ غابْ
لِفَقْدِ الرَّسُولِ وَ سِقْطِ الجَنِينْ *** وَ كَسْرِ الضُّلوع وَ مَزْقِ الكِتابْ(3)
فَما وَقَعَةُ الطَّفْ لَوْلاً الأولى *** أماطُوا عَن الطُّهرِ ذاكَ الحِجابْ(4)
بِصَعْدَةِ مِنْبَرِ طة الأمينْ *** بِصَدْرِ الحُسَيْنِ رَقَى ابْنُ الضّبابْ
وَ مِنْ رَضِّهِمْ ضِلْعَ بِنْتِ الْهُدى *** بهِ رُضِّ أَضْلاع شِيبٍ وَ شَابْ(5)
وَ مِنْ قَتْلِهِمْ مُحْسِناً بِالطّفُوفِ *** بها کَمْ رَضِيعٍ بِسَهُم مُصابْ
و نارٍ تُوجَجُ في بَيْتِها *** وَراهَا ابْنُ سَعْدِ بِتِلْكَ الْقَبَابْ(6)
ص: 156
وَ حَبْلِ بِهِ كُتِفَ المُرْتَضَى *** بهِ كَتَّفُوا زَيْنَبَاً وَ الرَّبابْ
وَ إِنْ خَرَجَتْ بَعْدَتَخْدِيرِها *** بِدَمْعِ سَفُوحٍ وَ قَلْبِ مُذابْ
أَلا بِابِيْ وَ رِثَتْ زَيْنَبٌ *** وَ زَادَتْ على أمِّها في المُصابْ
سَرَتْ في السِّبا ما لَها کافِلٌ *** بِحَالٍ فظيع يُزِيلُ الهِضَابْ
وَ مِنْ خَلْفِها آلها وَ العَلِيلُ *** لَهُنَّ صَجِيجٌ كَرَعْدِ السَّحَابْ
إذَا انْتَحَبَ الطِّفلُ مِنْ هَاشِمٍ *** يُقَنَّعُ بِالسَّوْطِ ذاك الشبابْ
فَما زَيْنَبُ الطّهْرُ أُمُّ الخُدورِ *** وَ قَطْعُ الفَیافِي وَ تِلْكَ الرّحابْ
تَرى رُوسَ إِخْوَتِها فِي الرِّماحْ *** قَدِاتَّخِذَتْ مِنْ دِمَاهَا الْخِضابْ
تُنادِيهِمُ إخْوَتِي هَلْ يَهُونُ *** عَلَيْكُمْ بِزَيْنَبَ ما قَدْ أصابْ
فَبالرغم مِنّي أرى رُوسَكُمْ *** وَ تَتْلُو الْكِتَابَ بِرُوسِ الحِرابْ
وَ حَقَّكُمُ لاعَرِفُتُ الهَنا *** وَ أَنْتُمْ بِعَيْنِي ذهاباً إيابْ
وَ عَيْنِيَ ما غُمِّضَتْ بَعْدَكُمْ *** وَ أَلْبَسُ حُزْنَا عَلَيْكُمْ ثِيَابْ
أيا إِخْوَتِي إِنَّ يَوْمَ الْفِراقِ *** أزالَ شُعوري و شَعْرِي أشابْ
أبَعْدَ الْأَحِبَّةِ عَيْش يَطِيبُ *** عَجِيبٌ لِمِثْلي إذا الْعَيْش طابْ
فَما عِشْتُ بَعْدَكُمُ فِي العَزاءْ *** إلى أنْ يُوسَّدَ خَدّي التُّرابْ
فَيا وَقْعَةً لا تَرى مِثْلَها *** مَتَى ذَكَرُوها فَكَفُّ الخِطَابْ
مِنَ المُصْطَفَى بَعْدَهُ آلُهُ *** لِقاؤُهُمُ بَدَدٌ في الشِّعابْ(1)
فَهاكُمْ مِنَ الْعَبْدِيا سادتي *** كَلاماً لَهُ أَدْمُعِي فِي انْصِبَابْ
مُحَمَّدُ يَرْجُوكُمُ في القيام *** خَدِينُ المَعَاصِي مِنْ كُلِّ بابْ(2)
أَلا أَنْتُمُ الْغَوْتُ سُفْنُ النَّجاةِ *** و لاكُمْ يُذِيبُ الذُّنوب الصِّعابْ
و لاسَهر اللَّيلَ مَنْ حادَ عَنْ *** ولاكُمْ فَفِي الحَشْرِ وَاللَّهِ خَابْ
سَلامٌ لَكُمْ دائماً ما أضاءُ *** بِأُفُقِ السَّمَاءِ هِلَالٌ وَ غَابْ(3)
ص: 157
أيُّ خَطبٍ يَبْكِي عَلَيْهِ خِطابي *** وَ مُصابٍ قَدْ شابَ شَهْدِي بِصَابِ(1)
أو يَوْمَ الزّهراء أيُّ فُؤادٍ *** عَلَوِيٌّ عَلَيْكَ غَيْرُ مُذَابِ(2)
: 159
لَكَ في الدَّهْرِ رَنّةٌ رَدَّدَتْها *** بِخُشُوعِ أَجْيالُهُ وَ اكْتِئَابِ
فَهيَ نَارٌ تُذْكِي القُرونَ وَ نورٌ *** رَف لألاؤُه عَلَى الأحْقابِ(1)
وَ هْيَ لَلْمَجْدُ فيهِ لِلسَّا *** لِكِ تَبْدُو الصِّعَابُ غَيْرَ صِعَابِ
غاب نورُ النَّبيِّ وَ انْقَطَعَ الْوَحْيُ *** وَ خارَتْ عَزائِمُ الآرابِ(2)
وَارْتَمى مَوْكِبُ الحَيَاةِ وَ جَاشَتْ *** نَزَعَاتُ النِّفاقِ في الأحْزَابِ(3)
ص: 160
فَانْطَوى النُّورُ في ظَلام كَثِيفٍ *** نَشَرَتْهُ جرائم الانقلابِ
وَ انْمحَى الحيُّ و الصَّراحَةُ لَمّا *** سادَ عَهْدُ الصَّلالِ و الارِتيابِ
مَوْقِفٌ أَرْبَكَ العُصورَ فَأَخْفَتْ *** رَأْيَها فِي الْقُلوبِ و الأَهْدَابِ
غَضْبَةُ الحقِّ ثَوْرَةٌ تَجْرِف الباطلَ *** في مَوْجٍ عَزمِها الوَثَابِ
عَجَبٌ أَمْرُها و أَعْجَبُ مِنْهُ *** أَنَّهَا تَنْتَمِي لِذاتِ نِقابِ
وَإِذَا اللَّبْوَةُ الجَرِيحَةُ ثارتْ *** لَهَثَ المَوْتُ بَيْنَ ظُفْرِ وَ نابِ
شَمَّرَتْ لِلْجِهَادِ سَيّدةُ الإسلامِ *** عَنْ ذَيْلِ عَزْمِها الصَّخَابِ
ص: 161
وَ أَنَتْ ساحَةَ الجِهَادِ بِإِيمَانٍ *** يَرُدُّ السُّيُوفَ وَ هيَ نَوابِ(1)
حاكَمَتْ عَهْدَها المُدْمِيَّ بِقَلْبٍ *** وَاغِرٍ مِنْ شُجونِها لَهَابِ(2)
لَمْ تَدْعُ لِلْمُهَاجِرينَ وَ لِلْأَنْصَارِ *** رَأْياً إلا الْمَحَى كَالضَّبابِ(3)
ص: 162
ص: 163
وَ اسْتَعانَتْ بِالحَقِّ وَ الحَقُّ دِرْعٌ *** مِنْ أمانٍ و صارمٌ مِنْ صَوابِ
رَجَمَتْهُمْ بِالمُخْزياتِ فَابُوْا *** وَ هُمْ يَحْمِلونَ سُوء المآبِ
حُجَجٌ كَالنُّجُومِ يَنْثُرُها الحَقُّ *** وَ يَرْمِي الشَّهابَ اثْرَ الشَّهابِ
فَهيَ إمّا عَقَلَ وَ إما حديثٌ *** جاءَ عَنْ نَصْ سُنَّةٍ أَوْ كِتَابِ
فتهاوَتْ أخلامُهُمْ كَصُروحٍ *** شادَها الوَهْمُ عالياً في السَّرابِ
أهٍ لَوْلا ضَعْفُ النُّفُوسِ لَمَا *** اسْتَرجَعَ رَكْبُ الهُدى عَلَى الأَعْقَابِ
وَ لَمَا عَادَتِ الْإِمارةُ لِلْقَوْمِ *** وَ حَازوا إمامةَ المِحْرابِ
وَ اسْتَفَرْتْ هَوْجُ الْعَواصِفِ لَمّا *** قابَلَتْها سِياسَةُ الْإِرْهابِ
لاخطابٌ مِنْ عَاذِل لا جَوابٌ *** عَنْ سُؤال لاهَجْمَةٌ مِنْ عِتابِ
وَ مُذِ انْهَارَتِ الرِّجالُ وَ عَادوا *** بِتُلول مِنْ خِزْيِهِمْ وَ رَوَابِي
وَ اخْتَفَى النَّصُّ بالوَلايةِ لَمّا *** أَظْهَرَ الكَيْدُ فِكْرَةَ الانتِخَابِ(1)
ص: 164
أَوْقَدَ الغَدْرُ في السَّقيفةِ ناراً *** عَلَقَتْ في مواكبِ الأَحْقَابِ
وَ تَلاشَى (الغَديرُ) إلا بقايا *** تَتَرامى بِها بُطونُ الشُّعَابِ(1)
ص: 165
وَ تَوالَتْ مَنَاظِرٌ مُؤلِماتٌ *** مَثَلَتْها عَدَاوَةُ الأَصْحَابِ
مِنْ هُجُومِ الأَرْجاسِ بِالنَّارِ كَيْ *** تُحْرِقَ بَيْتَ الأَكارِمِ الأَطيَابِ
وَ انْكِسَارُ الضّلْعِ المُقَدِّسِ بِالضَّغْطِ *** وَ سِقْطُ الجَنِينِ عِنْدَ البابِ(1)
ص: 166
وَ انْتِزَاعُ الوَصِي سَحْباً مِنَ الدَّارِ *** بِنَبَارِ ثَوْرَةِ الأعصابِ(1)
وَ اغْتِصَابُ الحَقِّ الصَّرِيح جهاراً *** بِاخْتِلافِ الأغذارِ لِلاغْتِصَابِ(2)(3)
ص: 167
مِنْ حادِثٍ فَضَ السُّلُوَّ كَابَةً(1) *** وَ أَلَجَّ بِالغِرْبانِ لِلتَنْعَابِ
قَدْ عَمَّني حُزْناً و أَبْكَى مُقْلَتِي *** وَ الوَجْدُ فيهِ قَدْ غَدا جِلْبابي
قُبِضَ النَّبيُّ فَعُودِرَتْ أَبْياتُه *** بِالجَزْلِ وَ النَّيرانِ وَ الأحْطابِ
عَصَرُوا البَتُولَةَ أَسْقَطُوها مُحْسِناً *** اللَّهُ ما اقترفتْ يدُ الأض الأصْحابِ(2)
هَجَمُوا وَ بَابُ البَيْتِ تَشْريفاً له *** قَدْ كانَ جبريلٌ مِنَ الحُجّابِ
هَتَكُوا حِماها وَ اسْتَباحُوا دارَها *** وَ تَجَرَّعَتْ غُصَصاً مِنَ الْأَوْصَابِ(3)
حتّى إذا ما المُطْمَئِنَةُ نَفْسُها *** قبضَتْ قَتِيلةً عُصْبَةِ الأَعْرَابِ
خَرَجَ الوَصِيُّ لِدَفْنِها لَيْلاً كَما *** أَوْصَتْ بِصُحْبَةِ نَيْفٍ أَنْجَابِ(4)
وَ عَلَى شَفِيرِ القَبْرِ صاحَ مُؤنُباً *** وَ دُموعُهُ تَحْكِي صَبيبَ رَبَابِ(5)
ما لي وَقَفْتُ عَلَى القُبورِ مُسَلْماً *** قَبْرَ الحَبيبِ فَلَمْ يَرُدَّ جوابي
أَحَبِيبُ ما لَكَ لا تَرُدُّ جَوابَنا *** أَنَسِيتَ بَعْدِي خِلْةَ الأَحْبَابِ
أحَبِيبُ عَهْداً فَالسُّلُوُّ مُحَرَّمٌ *** قَدْ هَدَّ أركاني مُصابُ البابِ
ص: 169
وَ أَداعِبُ الظَّبياتِ حتّى خِلتَني *** مِن فَرْطِ ما آتي به تَلْعَابَا(1)
يا ويحَ دَهْرِي راحَ يَشْرَعُ لِلأسى *** مِنْ بعد ما ذُقْتُ النَّعِيمَ شَرابا(2)
دَهُرٌ تعامى عن هداهُ كأَنَّه *** أصحابُ أَحْمَدَ أشركوا مُذْ غابا
نَكَصُوا على الأعقاب بعد مماتِهِ *** سَيَرَوْنَ في هذا النكوص عِقابا(3)
سل عنهمُ القُرآنَ يَشْهَدُ فيهِمُ *** إن كنتَ لَمْ تَفَقَهُ لِذاك خِطابا(4)
فكَأَنَّهُمْ لَمْ يَشْهَدوا خُمْاً وَ لا *** بَدْراً وَ لاأَحداً وَ لَا الأحزابا(5)
ص: 171
وَ بِخَيْرٍ مَنْ راحَ يَرْقُلُ باللَّوَى *** مَنْ قَدْ مَرْحَب مَنْ أَزَالَ البابا(1)
وَ مَنِ اشترى للَّهِ نَفْسَ مُحَمّدٍ *** في نَفْسِهِ لمَّا دُعِي فأجابا(2)
ص: 172
مَنْ في الصّلاةِ يَرى الصَّلاتِ فَرِيضةً *** مَن نال خَاتَمَهُ الثمينَ جَوابا(1)
مَنْ بابُ حِطَّةَ غَيْرُ حَيْدَرَةٍ وَ مَنْ *** لِمَدِينَةِ المختار كانَ البابا(2)
ص: 173
عَجَباً لِقَوْمٍ، أَخَروا مِقْدامَهُمْ *** بَعْدَ النبي و قدَّموا الأذنابا
قد أضمروها لِلْوَصيَّ ضَعَائِناً *** مُذْ دَخرَجُوها للنبيِّ دِبابا(1)
ليُنفّروا العَصْباءَ عَن درب الهُدى *** حَتَّى يَعُودَ الدِّينُ بَعْدُ يَبابا(2)
نَسَبُوا لَهُ هَجْراً لِخَوْفِ كِتابِهِ *** فَكَأَنَّهُم لايَسْمَعُونَ كِتابا(3)
ما كانَ يَنْطِقُ عَنْ هَواهُ وَ إِنَّما *** وَحْيٌ لَهُ يُحْيِي النَّبِيَّ خطابا(4)(5)
ص: 174
يا باب فاطِمَ لاطَرِقْتَ بِخِيفَةٍ *** وَ يَدُ الهُدَى سَدَلَتْ عَلَيْكَ حِجابا(1)
أَوَلَسْتَ أنتَ بكل آن مَهْبَط *** الأمْلاكِ فِيكَ تُقَبلُ الأعتابا(2)
أَوْهِ عَلَيْكَ فَمَا اسْتَطَعْتَ تَصُدُّهُم *** لما أتَوْكَ بَنُو الصَّلالِ غِضَابا(3)
نَفْسِي فِداكَ أَمَا عَلِمْتَ بِفَاطِمٍ *** وَقَفَتْ وَ رَاكَ تُوَبِّحُ الأَصْحَابَا(4)
أوَ ما رَفَقْتَ لِضِلْعِها لَمَّا انْحَنَى *** كَسْراً وَ عَنْهُ تَزْجُرُ الخِطَابا
أَوَ مَا دَرى المِسْمارُ حِينَ أَصابَها *** مِنْ قَبْلِهَا قَلْبَ النّبِيِّ أصابا
عتبى عَلَى الأغتاب أُسْقِطَ مُحْسِنٌ *** فيها وَ مَا انْهَالَتْ لِذاكَ تُرابا(5)
حتَّى تُوارِيهِ لِئَلَّا تَسْحَق الأَقْدَامُ *** مِنْهُ أضلُعاً وَ إهابا(6)
هُوَ أَوَّلُ الشُّهَدَاءِ بَعْدَ مُحَمّدٍ *** وَ يُرَى المُصَابَ عَلَى المُصَابِ صَوابا
ص: 175
ما اسْطَاعَ يَدْفَعُ عَنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ *** فَمَضى لِأَحْمَدَ يَشْتَكِي الأَصْحابا
لَمَّا عَدَوْا لَلْبَيْتِ عَدُوةَ آمنٍ *** مِن لَيْث غابٍ حين داسوا الغابا
لَوْ يَنْظُرُون ذُباب صارم حَيْدرٍ *** لَرَأَيْتَهُمْ يَتَطايَرونَ ذُبابا(1)
لَكِنَّهُمْ عَلِمُوا الوَصِيَّةَ أَنَّها *** صَارَتْ لِصَارِمِهِ الصَّقيلِ قِرابا(2)
ص: 176
فَهُنَاكَ قَدْ جَعَلُوا النَّجادَ بِعُنْقِ مَنْ *** مَدُّوالَهُ يَوْمَ (الغَدِير) رقابا(1)
سَحَبُوهُ وَ الزَّهْرَاهُ تَعْدُو خَلْفَهُ *** وَ الدَّمعُ أَجْرَتْهُ عَلَيْهِ سَحابا(2)
فَدَعَتْهُمُ خَلُوا ابنَ عَمِّي حَيْدَراً *** أوِ اكْشِفَن إلى الدعاء نِقابا
حارَبتُمُ الباري وَ آلَ نَبِيْهِ *** وَ عَصَيْتُمُ الأَعْوَادَ و المِحْرابا(3)
وَ نَكَنْتُمُ كَثَمُودَ، هَذا صَالِحٌ *** لِمَ تَسْحَبُونَ الصَّالِحَ الأَوَّابا(4)
ص: 177
رَجَعُوا إِلَيْهَا بالسياطِ لِيُخْمِدوا *** نُورَ النّبيِّ السَّاطِعَ الثّقابا(1)
فَتَهَا فَتُوا مِثْلَ الفِرَاشِ وَ نُورُهَا *** قَدْ صارَ دونَهُمُ لَهَا جِلبابا(2)
ص: 178
(بحر الكامل)
الشيخ محمد حسن سميسم (*)(1)
تخميس الشيخ قيس العطار
و قد خمّس القصيدة السابقة للشيخ سميسم الشيخ قيس العطار.
ذهب الشبابُ فما رأيتُ شبابا *** و بقيتُ أنظرُ شَيْبَتِي مرُتابا
و سألتُ نفسِي لم تردّ جوابا *** «مَنْ مُبْلِغْ عنّي الزمانَ عِتابا
و مقرّع مني له أبوابا»
أُفِّ لدهر كيف شاءَ تَقَلُّباً *** بالموجعات فلمْ يدَعْ لي مَهْرَبا
من مُرجعٌ لي من شَبابي الأطْيَبا *** و مذكَرُ ما راح من عهدِ الصِّبا
لو عادَ رائقُ صفوهِ أو آبا»
لجمعتُ من بيضِ الوجوهِ ملائكاً *** و لصُغتُ من صُفْرِ الرمالِ سبائكاً
و أعدتُ شيب الرأس أسودَ حالكاً *** أيام أفترشُ النعيمَ أرائكاً
و أعبُّ بالثغرِ الأنيقِ رِضابا»
***
ص: 179
يا ليتَهُ عادَ الشباب و ليتني *** يوماً أعودُ لبيتِ حلِمي أبتِني
أيامَ كنتُ ورودَ عشقٍ أَجْتَنِي *** «و أداعب الظبياتِ حتّى خلتنِي
من فرطِ ما آتي به تلعابا»
***
قضيتُ بين «العل» عمري أو «عسىَ» *** و تركتُ ما قد كانَ لهوي بالنسا
دهري عَلَيَّ بُعيدَ تحنانٍ قسا *** «یاویح دهري راح يَنزعُ للأسى
من بعدما ذقتُ النّعيمَ شرابا»
***
قلبي عليلٌ لايفارِقُ أَنَّهُ *** مما عليه الدهر ظُلماً سَنَّهُ
ماذا ترجَّي قَيْسُ ويحكَ إِنَّهُ *** «دهرٌ تعامى عن هداهُ كأنَّهُ
أصحابُ أحمدَ أشركُوا مذ غابا»
***
قدبيَّتُو اللغدرِ عندَ حياتِهِ *** و تنكروُا ظلماً لحقِّ ولاتِهِ
نعساً لهُم لمْ يوعظُوا بعظاتِهِ *** «نکَصُوا على الأعقابِ بعد مماتِه
سَيَرَون في هذا النكوص عقابا»
***
عن أن يَرَوا شمس الحقيقةِ أظلمُوا *** لم يعرفِ الإسلامَ قلبٌ منهُمُ
لا تسألنّي ويكَ عنهم من هُمُ *** «سل عنهُمُ القرآن يشهدُ فيهمُ
إن كنتَ لم تفقهْ لذاكَ خطابا»
***
صبَّ الإلهُ عليهمُ سوطَ البلا *** و أحلَّهُم درك الجحيمِ الأسَفْلا
ص: 180
جحدُوا وصيَّ محمّدٍ حقّ الولا *** «فكأنّهم لم يشهَدوا خُمَّا و لا
أحُداً و لابَدراً و لاالأخزابا»
***
سلهُمْ ببدرٍ من عليهم قد هَوى *** و بيومِ أُحدٍ مَن أكفَّهُمْ لَوّى
و سل ابنَ ودَّ من لمهجتِهِ احتوى *** «و بخيبرٍ من راحَ يرفلُ باللوا
من قدّ مرحبَ من أزالَ البابا»
***
سلهُم أَلَمْ يكُ في الحُروب بأوحَدِ *** و بذي الفَقار يصوُلُ صولةَ محردِ
من غيرُهُ بالبُردِ فدّى مرتدِ *** «و من اشترى اللَّه نفس محمّدِ
في نفسهِ لمّا دُعي فأجابا»
***
سَل من بها ذهبُوا هناكَ عريضةً *** و قلوبُهُم رجفتْ تطيرُ مريضةً
و سلِ الأُلى كنزُوا الكنوزَ ربيضةً *** «مَن في الصلاةِ يَرى الصِلاتِ فريضةً
من نال خاتمُهُ الشريفُ جوابا»
***
من غيرُ حيدرةِ الإمامِ المؤتمنْ *** كان المحطّمَ عندَ مكّة للوثنْ
من ألفُ بابٍ للمعارفِ قد ضمَن *** «من بابُ حطةَ غيرُ حيدرةٍ و مَنْ
لمدينةِ المختارِ كانَ البابا»
***
نصبُوا الوضيعَ ابن الوضيعِ أمامَهم *** و على الظهورِ تحمَّلوا آثامَهُم
بُعداً لقومٍ ضيَّعوا أحلامَهُم *** «أعجبت ممن أخَّروا مقدامَهُم
بعد النبيّ و قدَّموا الأذنابا»
***
ملأوا القلوبَ من الغديرِ دَفائناً *** و تواطؤوا في أن يولُّوا خائناً
ص: 181
كتبُوا صحيفتَهُم تضجُّ شوائناً *** «قد أضمرُوها للوصيّ ضغائناً
مذ دحرجوُها للنبيِّ دبابا»
***
قدبيَّتُوهاخطةً فيها الردَّى *** متلثمين و واطؤُوا كُلَّ العِدى
صعدُوا لهرشي و هي شاسعةُ المدى *** «لينفِّروا العضباءَ في قطبِ الهدى
حتَّى يعودَ الدينُ بعدُ يبابا»
***
وثبُوا بمكرِهِمُ على محرابِهِ *** و سقَوْهُ سُمّاً قاتلاً من صابهِ
قالوا: لَيَهْجُرُ، و النبيُّ لِمابِهِ *** «نسبُوا له هجراً لخوفِ کتابهِ
فكأنّهم لايسمعُون كتاباً»
***
تلك النفوسُ المظلماتُ لها العمى *** من كُلِّ وغدٍ كالظّلامِ تجهَّما
أو ما تلُوا فيه قُراناً محكما *** «ماكان ينطقُ عن هواه وإنّما
وحيٌ يحيى لهُ النبيّ خطابا»
***
لُعنتْ جماعتُهُم بشرِّ سقيفةٍ *** قتلُوا البتولةَ و هي جِدُّ أسيفةٍ
هجمُوا على بابٍ هناك منيفةٍ *** «يا بابَ فاطمَ لاطُرقتَ بخيفةٍ
ويدُّ الهدى سَدَلت عليكَ حجابا»
***
يا بيتَ حامي الجار حيدرةً البطلْ *** النّورُ نورُ اللهِ فوقكَ قد هَطَلْ
إبليسُ كيفَ عليكَ مجترئاً أطلْ *** «أَوَلستَ أنت بكل آنٍ مهبطَ
الأملاكِ فيكَ تقبِّلُ الأعتابا»
***
ص: 182
يا بابَ مالَكَ لم تكنْ لتردَّهُمْ *** عن آلِ أحمدَ حينَ غُيِّب جدُّهُمْ
هجمُوا جموعاً ليسَ يحصى عدّهم *** «أوهاً عليك فما استطعتُ تصدُّهُمْ
لمّا أتوكَ بنُو الضلالِ غضابا»
***
و لقد سألتُ سؤال شَخصٍ عالِمِ *** یا بابُ حسبُك من عظيم جرائمٍ
كيف اندفعتْ بكفّ رجسٍ ظالمٍ *** «نفسي فداك أما علمتَ بفاطمٍ
وقفتْ وراك توبّحُ الأصحابا»
***
أَوَمَا كفاك عتيق منهُم ما جنى *** و ابن الوليدِ و قنفذُ ابن الفرتني
أوما كفاكَ قتلتَ ويحكَ محسناً *** «أو ما رققتْ لضلعِها لمّا انحنى
كسراً و عنه تزجُرُ الخطّابا»
***
صاحتْ فما سمعَ الشقيُّ خطابَها *** و بضربةِ السوطِ اللعين أجابَها
هبْ سوطَهُم لم يدرِ كيفَ ألابها *** «أو ما درى المسمارُ حين أصابها
من قبلِها قلبُ النبيّ أصابا»
***
فلتبكِ للزهراءِ منّا أعينٌ *** فالرزءُ رزءٌ للخليقةِ مُحزنٌ
سقطَ الجنينُ و ليس ثمَّ مكفِّنٌ *** «عتبي على الأعتاب فيها محسنٌ
ملقّى و ما انهالتْ عليهِ تُرابا»
***
يا بابَ مالكَ قد قرحتَ لنا المُقَلْ *** حين ابنُ حنتمةٍ لمحسن قد قَتلْ
ص: 183
ملا استَحَلْتَ لهُ تراباً أو أقَلْ *** «حتى تواريه لئلّا تسحقُ
الأقدامُ منه أضلعاً و إهابا»
***
قد غيِّبُوا بالقتلِ عترةَ أحمدِ *** كم فرقدٌ منهم أُغيب و فرقدِ
لهفِي لسقطٍ سيّدٍ مستشهدِ *** «هو أوّلُ الشهداءِ بعدَ محمّدِ
و یرى المصابَ على الصواب صوابا»
***
لما رأى الثانِي و سافل جُرمهِ *** و عتيقاً الملعونَ قاءَ لسمِّهِ
رَفَضَ الحياةَ ملفّعاً من دمَّهِ *** «ما اسطاعَ يدفعُ عن أبيهِ و أمّهِ
فمضى لأحمدَ يشتكي الأصحابا»
***
جدّاهُ أشكُو من قديم ضغائنٍ *** بصدورهمْ كانتْ كسلِّ كامِنِ
رجعوُا على الأعقاب ردّةَ خائنٍ *** لمّاعَدَوا للبيت عدوة آمنٍ
من ليث غابٍ حين داسُوا الغابا»
***
خانُوا الوصيَّ بشرِّ غدرٍ مضمَرٍ *** يا قُبِّحوا تعساً لهم من معشرٍ
والله لو نظرُوا لليثٍ مصحِرِ *** «لوينظِرِونَ ذبابَ صارمِ حيدرٍ
لرأيتهُم یتطايرون ذبابا»
***
أعليٌّ الكرّارُ يسمعُ أَنَّها *** و يرى السياطَ السودَ تؤلمُ متَنْها
لولا الوصيةُ كانَ زَلْزَلَ ركنّها *** «لكنّهم علَمُوا الوصيّةَ أنّها
صارت لصارمِهِ الصقيلِ قِرابا»
***
و ثبُوا على هارونَ و هو الممتحنْ *** و أبوفصيل كانَ عجلُهُم الوثَنْ
ص: 184
علمِوُا الوصيةَ قُيّدت لأبي الحسن *** «فهناكَ قد جعلُوا النجادَ بعنقِ مَنْ
مدُّوا لهُ يومَ الغديِرِ رقابا»
***
علمُوا عليّاً لا يجرِّدُ سيفَهُ *** فطغى عتيقٌ ثمّ أرسل جِلفَهُ
آهٍ لرزءٍ لستُ أبلُغُ وصفَهُ *** «سحبُوهُ و الزهراءُ تعدُو خلفَهُ
و الدمعُ أجرتهُ عليهِ سحابا»
***
ركضتْ تَعَثَّرُ بالدِّيولِ تعثراً *** من مقلتَيْها الدمعُ يجري أبحراً
صاحتْ لتُسْمِعَ حين صمُّوا معشراً *** «فدعتهم خلُّوا ابن عمّي حيدراً
أو أكشِفَنَّ إلى الدعاءِ نقابا»
***
سرعانَ ما خنتُم أبي بوصيّه *** و ثكلتُمُ دينَ الهُدى بعليّهِ
ويلٌ لأوّلِكُمْ و ويلُ دعيِّهِ *** «حاربتُمُ الباري و آل نَبِيّه
و عصيتُمُ الأعوادَ و المحرابا»
***
جئتُم و وجهُكُم قبيحُ كالحٌ *** و الفعلُ منكُم شرُّ فِعْلِ طالِحٌ
فعلام حدتُّم و المعبد واضحٌ *** «و نكثتُمُ كثمودَ، هذا صالحٌ
لِمْ تسحبونَ الصالحَ الأوّابا»
***
صاحتْ أما فيكُمْ حَلِيمٌ برشدُ *** أو ليس منكُمْ للإلهِ مُوَحْدُ
أوليسَ يُرعَى في ذويهِ محمّدُ *** «رجِعُوا إليها بالسياطِ ليخمُدُوا
نورَ النبيِّ الساطعَ النّقَابا»
***
ص: 185
هي عينُ وادي القدسِ ثَمَّ و طُورُهُ *** و شعاعُ نورِ الله حانَ ظهوُرُه
راموا تُهنَّك للنبيِّ ستورُهُ *** «فتهافتُوا مثل الفراشِ و نورُهُ
قد صارَ دونَهُمُ لها جِلبابا»
***
ص: 186
(بحر البسيط)
الشيخ محمد حسن سميسم(*)(1)
يا خاطِبَ العِزّ و العَلْياءِ في الخُطُبِ *** لاتكْشِف الكَرْبَ حتى تمشِي في الكُرَبِ(2)
كَراكِبِ النَّخْلِ يَعْلُوهُ بِكُرْبَتِهِ *** فَالكَفُّ في رُطَبٍ وَ الرِّجْلُ فِي كَرَبِ
وَ امِشِ إِلى العِزِّ مَشْيَ الليثِ مُقْتَنِصاً *** لامِشْيَةَ الخَوْدِ فِي لَهْوِ وَ فِي لَعِبِ(3)
و كَشِّرِ النّابِ إِن تَغْضَبْ بِقارِعَةٍ *** فَاللَّيْثُ يَبْسِمُ مَهْما حَلَّ في الغَضَبِ(4)
و اضْرِبْ بِكَفِّكَ وَ أَعْدِلْ كُلَّ ذِي عِوَجٍ *** فَالضَّرْبُ لِلْمُجْتَنِي ضَرْبٌ من الضَّرَبِ(5)
واطلُبْ بِنَفْسِكَ أَمْراً دونَهُ قَصُرَتْ **** آمَالُ قومٍ جَرَتْ في حَلْبَةِ الطَّلَبِ
واخْلَعْ جَلابِيبَ ذُلِّ قَدْ رَفَلْتَ بها *** و إنْ تَكُنْ مِنْ دِمَقْسٍ أو من الزَّغَبِ(6)
وَالْبَسْ جَلابِيبَ نَفْع البِيدِ مُتْرَفَةً *** مَنْسُوجَةً بِيمينِ الجُرْدِ و النُّجُبِ(7)
ص: 187
و لاتَبِت لَيْلَةً غافٍ على فُرُشٍ *** ما أَهنأَ النَّوْمَ فَوْقَ السَّرْجِ و القَتَب(1)
وَ فَوْقَ رَأْسِكَ بَيْتُ النَّفْع مُرْتَفِعاً *** مُشَيَّداً بِنَواصِي العُمرِ الشُزُبِ(2)
بَيْتُ وَ لَامِثْلُهُ بَيْتٌ بِبَادِيَةٍ *** عَالِ بِلا عَمَدٍ سَامِ بِلا طُنُبِ(3)
رَأسٍ على كُرَةِ الأرباح لا بثرىً *** فلم تَجَدْ فِيهِ مِنْ ذُل و لانَصَبِ(4)
فَالأَرْضُ لاارْتَضِيها مَنْزِلاً و أبي *** فَلَمْ أجِدُ في ثَراهَا موضِعاً لأبي
أَمَا تَرى آل وحْيِ اللَّهِ مذ سُلِبَتْ *** أَزْواحُهم نَزَلُوا فَوْقَ القَنَا السَّلِبِ(5)
إلى أن يقول:
أيَقْتُلُونَ ابْنَ وحْيٍ بينَ عَبْشِهِمُ *** و لانَرَى أُمَوِياً ماتَ بَيْنَ نَبِي
وَلَيْتَ شِعْرِي بِمَنْ سَيْقَتَ نِسَاؤُكُمْ *** حَسْرَى على كلِّ مَهْزُولِ المَطِي نِقَبِ(6)
وَ زَيْنَبُ مُذ رَأَتْ أَشلاءَ أخْوَتِهَا *** مَا بَيْنَ دَامٍ وَ مَنْحورٍ و مُستَلَبِ
قَامَتْ تُخاطِبُهُمْ و العِيسُ(7) قد حُدِيَت(8) *** بِمَدْح آل أبي سفيان بِالغَلَبِ
ص: 188
يَا أُخْوَتِي هَلْ رَأَيْتُم قَبْلَ ذَا رَحَلَتْ *** أُخْتٌ و أخوتُها صَرْعَى على الكُثُبِ
فَلَيْتَهُمْ وَقَفُوا حَتَّى أُوَدُعَكُمْ *** حتى أُغَسَلَكُم فِي ادْمُعِي السُكُبِ
فَلَيْتَهُمْ وَقَفُوا حتّى أكَفِّنَكُمْ *** في الصَّبْرِ في جَلَدي في العينِ في الهُدُبِ
فَلَيتَهُمْ وَقَفُوا حَتَّى أُوَارِيَكُمْ *** بينَ التَرَائِبِ لافي التُرْبِ و الرَّحَبِ(1)
وَ لَيْتَ شِعْرِي بِمَنْ قَادُوا عَلَيْكُمُ *** مُقَيَّداً يَشْتَكِي من نَهسَةِ القَتَبِ(2)
وَ لَيْتَ شِعْرِي بِمَنْ أَضْحَى رَضِيْعُكُمُ *** بِسَهْمِهِ رَاضِعاً عن ثَدْي مُحْتَلَبِ
وَ لَيْتَ شِعْرِي بِمَنْ دَاسُوا جُسَومَكُمُ *** بِكُلِّ بِرْذونَةٍ مَعْدومَةٍ النَّسَبِ(3)
لكِنَّ ذَا الأمر من ماضٍ تأسُّسُهُ *** يومَ السقيفَةِ مَبْنِيٌّ على الخَشَبِ
و لم يَكُنْ من بني حَمالَةِ الحَطَبِ *** وَ إنّما أصْلُهُ من حامِلِ الحَطَبِ
مَنْ أَضْرَمَ النّارَ في بابِ الوصيِّ و لَا *** بابٌ سِوَاهُ أتى وحْيٌ به لِنَبِي
لِيَقْلِبَ النّاسَ طُرّاً عن هِدَايَتِهِمْ *** لِأَنَّهُ عَادَ مَقْلُوبَاً عَلَى العَقَبِ
ص: 189
من ثَدْي فاطمةَ المِسْمارَ أَرْضَعَهُ *** و أَسْقَطَ الحَمْلَ مِنْهَا غَيْرَ مُرتَقِبِ
وَقَادَ حَيْدَرَ قَوْداً في حَمَائِلِهِ *** للهُ مِنْ حِكَمِ للَّهِ مِنْ إِرَبِ(1)
لايُنْقِصُ اللّيْثَ وَطّأ الكَلْبِ غابَتَهُ *** مَنْ يَأْمَن البَطْشِ أبْدَى سَوْءَةَ الأَدَبِ
أَتَعْجَبُ الكُفْرُ أَضْحَى فاتِكاً بِهُدَىً *** فَلَمْ تَزَلْ تُحْدِثُ الأَيَّامُ مِنْ عَجَبِ
سمْعاً بَنِي حَيْدَرٍ مَنْظُومَةً بِكُمُ *** مِنْ ثَغْرِ مَنْ حارَبَ التَبْسِيمَ مُكْتَيْبِ
أعَدَّهَا سَبَباً لِلْعَفُو عِنْدَكُمُ *** وَ عَفْوُكُمْ عَنْ مُوَالِيْكُمْ بِلا سَبَبِ
هَذِي قَصِيدةُ عِنْ كانَ مَطلَعُهَا *** يَا خَاطِبَ العِزّ و العلياءِ في الخُطُبِ(2)
ص: 190
(بحر الطويل)
الشيخ محمد الخليلي
بُلوغُ الأماني في حِدادِ المَضَارِبِ *** وَ نَيْلُ المَعالِي فِي افْتِحَام المعَاطِبِ(1)
ومَا العِزُّ إلا أنْ تَرى المَوْتَ في الظُّبا *** مُنِّى وَ اكْتِسَابَ العِزْ أَسْنَى المَكَاسِبِ(2)
وَ كَيْفَ يَهابُ المَوْتَ مَنْ كانَ عالِماً *** بأنْ لَيْسَ مَنْجى مِنْهُ قَط لِهاربِ
وما المرءُ في الدُّنيا سوى ظِل شاخِصٍ *** تَفَيّا لَمْ تُبْصِرْ بِهِ غَيْرَ ذاهِبِ
كَفَى عِبَراً ماضي القرون أَهَلْ تَرى *** لِطالِبها الدُّنيا صَفَتْ في المَشارِبِ
فَأَيْنَ مُلوكُ الأَرْضِ كِسْرَى وَ قَيْصَرٌ *** وَ جُنْدٌ أَعَدُّوهُ لِرَدُ النَّوائِبِ
أصِخْ هَلْ تَعِي مِنْهُمْ إِذا ما دَعاهُمُ *** لِمُعْضِلَةٍ داعٍ لهمْ مِنْ مُجاوِبِ
وَ أَيْنَ مَبَانٍ شَيَّدُوها وَ أَوْصَدُوا *** جَوانِبَها عَنْ كلّ جاءٍ وَ ذَاهِبِ
تَطرَّقَها صَرْفُ البِلى فَأَبادَها *** فَلَسْتَ ترى مِنْ ذَاكَ غَيْرَ الخَرائِبِ
فَلَوْ كانَ لِلدُّنيا وَفَاءٌ لَما جَنَتْ *** عَلَى آلِ بيتِ الوَحْيٍ خَيْرِ الأطايبِ
رَمَتْ بَيْتَهُمُ بالمُرْجِفَاتِ وَ هَدِّمَتْ *** قواعِدَ ذاكَ البَيْتِ مِنْ كُلِّ جانِبِ(3)
فَلِلْمُصْطَفَى كَمْ جَرَّعَتْ غُصَصَ الْأَسَى *** وَ لِلْمُرْتَضَى كُمْ قَدْ دَهَتْ بالمَصائِبِ
تَرَى الدِّينَ مُنْهَدَّ البناء و طَالَما *** أشادَ مبانيهِ بِحَدِّ المَضارِبِ(4)
ص: 191
فَلِلَّهِ مِنْ يَوْمٍ دَهَى الدِّينَ وَ الهُدَى *** يُقَادُ بِهِ الكَرَارُ قَوْدَ الجَنَائِبِ(1) (2)
وَمِنْ خَلْفِهِ تَعْدُو سُلالَةُ أَحْمَدٍ *** تُدِيرُ بِطَرْفٍ جَاهِدِ الدَّمْعِ ناضِبِ(3)
تُنَادِي أباها صَحْبُكَ اليَوْمَ أَصْبَحَتْ *** تُطالِبُ أَوْتَارَ السِّنينَ الذَّواهِبِ
وَاَلَتْ بأن تَسْتَأصِلَ الدِّينَ ضَلَّة *** وَ أَهْلِيهِ مِنْ كَهْلٍ وَ شَيْخٍ وَ شائِبِ
وَ لَمْ يَبْقَ مِنْ حامٍ لِشِرْعَةِ أَحْمَدٍ *** وَ لالِحدُودٍ سَنَّهَا مِنْ مُراقِبِ
أَرَادَتْ كما كانَ الوَرى جَاهِلِيَّةً *** تُعِيدُهُمْ رَغماً على كُلِّ غَاضِبِ
وَلَكِنْ قَضَى الباري لِشِرْعَةِ أحمدٍ *** عُلُوّاً و إعزازاً و نَسْخَ المَذاهِب(4)
إلى آخر القصيدة و هي 33 بيتاً.
ص: 192
(بحر الوافر)
السيد محمد رضا القزويني(*)(1)
أفاطِمَةُ البَتُولُ وَ إِنَّ قَلْبِي *** تَمَيَّز بالهَوَى بَيْنَ القُلُوبِ
ص: 193
يُقارعُ في هَواكِ كُلَّ هَوْلٍ *** تَداوَلَهُ صِباهُ إلى المَشيبِ(1)
يُناجِيكِ إذا أضناه أمرٌ *** مُناجاةَ الحَبِيبِ مَعَ الحَبِيبِ(2)
وَ قَدْ عَوَّدْتِ إِيَّاهُ جَواباً *** أَيَجْدُرُ مَرَةٌ أَنْ لا تُجِیبيِ
أَيَقْنَطُ كَيْ يَسُرَّ عِداكِ يَوْماً *** فَإِنَّ جَفَاكِ بالأَمْرِ العَجِيبِ
فلا وَاللَّهِ لا يَنْتَابُ يَأْسٌ *** فؤاداً فيكِ يَنْبُضُ بالوَجيبِ(3)
تَعوَّدَ مِنْ عَطَائِكِ كُلَّ خَيْرٍ *** فَلَمْ يَعْبَأُ بِفَادِحَةِ الخُطوبِ
رَضِينَا أَنْ نُشَرَّدَ عَنْ ديارٍ *** فَوا أَسَفاً عَلَى الوَطنِ السَّليبِ
وَ أَنْ نَحيى بِذِكْركُمُ وَ نُحْيِي *** دياراً بالولاء بِكُلِّ طِيبِ
فَتَنْتَعِشُ الرُّبى وَ تَقولُ يَوْماً *** بأنَّ الفَضْلَ عادَ إلى الغَرِيبِ
ص: 194
(بحر الخفيف)
محمد سعيد الأمجد
أي شعرٍ سينفتُ الروح في الشلو، *** فيرمى عن متنهِ الاكتئابا
أي سحرٍ مخبأ في عيونٍ *** تتشظى لتوقدَ الأكوابا
هنا أنا مقفلُ الحرائق في الثلج *** و رؤياي تستحيلُ حِرابا!
لستُ أشكو لغيرِ مقلة ذا البحرِ، *** فتستنفرَ الدموعَ جوابا
و أعاصِي الأمواجَ، فالرملُ عرسٌ *** يهزمُ الليلَ وجهُهُ و الضبابا
أتخطَى حرائقَ الأمِس، خجلى *** أمنياتِي، و استميتُ اغترابا
مثلُ بحارٍ... استوتْ لحظاتي *** قدراً يمنح السفينَ عُبابا
أدلجتْ في معابِر النور روحي *** و تهاوتْ تقبِّل المحرابا
صحتُ و الشعر موسويٌ هواه *** طلقٌ عانق السماء انتسابا
أنا أشواق طائرٍ متعبٍ *** حطِّ على نخلةِ الرجاءِ و آبا
امنحيني -يا حانة الصبح- همساتِ *** حنينٍ، فقد سئمتُ الشرابا
وقفَ القلبُ حائر النبض يستجدي *** سميم الأنفاسِ و الأصيابا
قلق الخطوبين أروقةِ *** الحب.. يغنِّي ويلثمُ الأعتابا
عتَّقَ الشعر في التوجّع كأساً *** فاحتساهُ الضميرُ شهداً وصابا(1)
و أتى غايةَ المرايا خجولاً *** و احتضاراته تثمُّ الرِحابا
ص: 195
فاعتراهُ الذهول و القلقُ الأخضرُ *** و الغيبُ ممسكين سحابا
هكذا تنبتُ السمارُ دم الورد، *** فیزهو فوق النضار قبابا
فاغترابُ الآمالِ ظلِّ شفيفُ الروح *** يحكي اغترابَها و العذابا(1)
حينما أُسرجتْ لها الخيلُ تقفو *** رشحاتِ الضياء و الأحبابا
فيراعُ التأريخ يحدُو خطى *** الركبِ ويتلُو فمُ الخلودِ الكِتابا
و سكبتِ الروحّ الزكيَةَ في عرسِ *** حضورِ المدى إليكِ، فغابا!
هذه أنتِ يا مرايا النبوءاتِ، *** فرشّي بالاخضرارِ اليبابا
أنت (معصومةُ) الجَناح، و قلبُ *** الكون يهوي لخفقتيكِ اغترابا
ص: 196
ص: 198
تَرَكَ الصَّبا لَكَ وَ الصَّبَابَهْ *** صَبٌّ(1) كَفاهُ ما أَصَابَهْ
أنْسَتْهُ أيَّامُ الْمَشِيبِ *** هَوًى بهِ أَفْنَى شَبابَهْ
أَوَ بَعْدَ ما ذَهَبَ الشَّبابُ *** مُوَدِّعا يَرْجُو إيابهْ
وَ سَرى بهِ حادِي اللَّيالي *** لِلرَّدى يَحدُو رِكابَهْ
هَيْهاتَ دَأْبُكَ فِي الْهَوَى *** لَمْ يَحْكِ بَعْدَ اليَومِ دابهْ
لَيْسَ الْخَلِيُّ (2)كَمَنْ غَدًا *** رَهْنَ الْجَوى حِلْفَ الكآبهْ
ماشابَ لكِنَّ الحَوَادِثَ *** قَدْ رَمَتَهُ بِما أشابَهْ
(3)مِمَّا نابَهُ *** وَ الْوَجْدُ أَنْشَبَ فِيهِ نابَهْ
لَمْ يَدْعُهُ لِبَنِي الهُدى *** داعِي الأسَى إلا أَجَابَهْ
صَبَّ الإلهُ عَلَ لَى بَنِي *** صَخْرٍ وَ حِزْبِهِمُ عَذَابَهْ
لاجازَ بِالشَّامِ النَّسِيمُ *** وَ لاهَمَتْ فِيهِ سَحابَهْ
سَنُّوا بِها سَبَّ الْوَصِيِّ *** لَدَى الفَرائِضِ و الخطابَهْ
سَدُّوا عَلى الآلِ الْفَضَاءَ *** وَضَيَّقُوا فِيهِمْ رِحابَهْ
حَتّى قَضَوْا و الْمَاءُ حَوْلَهُمُ *** وَ مَا ذاقوا شرابَهْ
بِالطَّفِّ بَيْنَ مُصَفَّدٍ *** وَ مُجَرَّدِ سَلَبُوا ثِيَابَهْ
ضَرَبُوهُمُ بمُهَنَّدٍ *** شَحَدَّ الْأُولى لَهُمْ ذُبابَهْ(4)
وَ لَقَدْ يَعِزُّ عَلَى رَسُولِ *** اللَّهِ ما جَنَتِ الصَّحابَهْ
ص: 199
قَدْ مَاتَ فَانْقَلَبُوا عَلَى *** الْأَعْقَابِ لَمْ يَخْشَوْا عِقابَهْ
مَتَعُوا البَتُولَةَ أَنْ تَنُوحَ *** عَلَيْهِ أَوْ تَبْكِي مُصابَهْ(1)
نَعْشُ النَّبِيِّ أمامَهُمْ *** وَ وَرَاءَهُمْ نَبَذُوا كِتابَهْ
لَمْ يَحْفَظُوا لِلْمُرْتَضَى *** رَحِمَ النُّبُوَّةِ وَ الْقَرابَهْ
لَوْ لَمْ يَكُنْ خَيْرَ الْوَرى *** بَعْدَ النَّبِيِّ لَمَا اسْتَنابَهْ
قدْ أَطْفَأُ وا نُورَ الهُدى *** مُذ أضرَمُوا بالنَّارِ بابَهْ
أَسَدُ الإلهِ فَكَيْفَ قَدْ *** وَ لِجَتْ ذِتَابُ القَوْمِ غَابَهْ(2)
وَ عَدَوْا على بِنتِ الهُدَى *** ضَرْباً بِحَضْرَتِهِ الْمُهَابَهْ(3)
في أي حُكْمٍ قَدْ أباحُوا *** إرْثَ فاطِمَ وَ اغْتِصابَهْ
بَیْتُ النُّبوَّةِ بَیْتِها *** شادَتْ يَدُ الْبَارِي قِبابَهْ
أَذِنَ الْإِلهُ بِرَفْعِهِ *** وَ القَوْمُ قَدْ هَتَكُوا حِجَابَهْ
بِأَبِي أيي وَدِيعَةً أَحْمَدٍ *** جُرَعاً سَقاهَا الظُّلْمُ صابَهْ(4)
عَاشَتْ مُعَصَّبَةَ الْجَبِينِ *** تَئِنُّ مِنْ تِلْكَ الْعِصابَهْ
حَتَّى قَضَتْ وَ عُيُونُها *** عَبْرَى وَ مُهْجَتُها مُذابَهْ(5)
وَ أمَضُّ خَطبٍ في حَشا *** الإسلامِ قَدْ أَوْرَى الْتِهابَهْ
ص: 200
(مجزوء الكامل)
الأستاذ محمود البستاني
يا غَرْسَةَ الهادي، وَ يَغْسِلُ راحَتيَّ. هَدِيرُ خُطْبَهْ
تَنْسَلُّ مِنْ رَشَح العُصُورِ... و في دَمِي، مَطَرٌ، وَ تُرْبَهْ
غَمَّسْتُ فيها، ما تَتِيهُ بهِ، هِضابُ الرُّوحِ، خِصْبَهْ
وَلْهَى، تُحَدِّقُ في العُصُورِ، وَ تَسْتَشِتُ رُؤى الأحِبَّهْ
و تَلُمُّ مَجْدَ الخُطبَةِ المَلْأَى شَذَى قُدسٍ، وَ رَهْبَهْ
اللَّهُ في هَدَراتِها أَلْمَحْتُ، مَوْكِبَهُ، وَ دَرْبَهُ
وَ مُحَمَّدٌ يَهتزُّ، يَسْفَحُ في ضَمِيرِ القَوْمِ عَتْبَهْ
وَ الجُرْحُ لَمَّا يَنْدَمِلْ إنّي أكادُ، أُحِسُّ نَدْبَهْ
و هَدَرْتِ شَامِخَةَ البَلاغَةِ و الخَنَاجِرُ مُشْرَئِيَّهْ(1)
حَرْفُ يَسِيلُ، وَ أَلْفُ مَعْذِرَةٍ وَ أَقْوَى أَنْ أَصْبَهْ!
حَرْفُ البَلاغَةِ، مِنْ سَماءِ اللَّهِ، وَ اسْتَجمَعْتُ شُهْبَهْ
لِتُرَنْجِيهِ عَلَى سَماعِ القَوْمِ مَلْحَمَةً وَ خُطبهْ
***
قَسَماً وَ أَوْدِيَةُ الحَيَاةِ ملاعِبٌ سَمْحَاءُ، رَحْبَهْ
ص: 202
سَنَظَلُّ نَنْسُجُ مِنْ خُطى الزهراءِ أَلْفَ رُؤى محبَّهْ
بيضاءَ تَنْشُرُ جيلَ أُنثى يَحْضُنُ التاريخُ رَكْبَهْ
جِيلٌ يُمَوْسِقُ مِنْ هُدى الزَّهْراءِ مِشْعَلَهُ، وَ دَرْبَهْ
لاوَحْلَة الفَوْضَى، تُشِلُّ خُطى الحُقُوقِ المُسْتَتبّهْ
لِتُرَبِّه مَعْنَى يَغِيمُ صَدَاه في عَتَماتِ رَغْبَهْ
صُرِعَتْ بِأَبْوَابِ الشّراكِ وَ سَمَّرَتْها أَلْفُ عَتْبَهْ
البَهْرَجُ المَسْحُورُ طاووسٌ، يَجُرُّ ، يَجُرُّ ، ثَوْبَهْ(1)
وَهَجٌ عَلَى مُسْتَتَقَعٍ، وَ الأَعْيُنُ الحَوْلاءُ شُرْبَهْ
لا، لن نَعُلَّ بَهَارِجَ العُقْمِ البَلِيدِ، وَ لَنْ نُعَبَّهْ(2)
شَيْئاً إياحِيَّ الهَوى شَيْئاً إباحيَّ المَغَيَّهْ(3)
ص: 203
(بحر الوافر)
الأستاذ منذر الساعدي
ألا يا دهرُ يكفِي الاغترابُ *** و مهلاً ليسَ يرحَمُنا العذابُ
نهَلنا الصابَ من كأس الرزايا *** و إن الحُلو في المأساةِ صابُ
مآسٍ مُذ وُلِدنا داهمَتنا *** و بَعدَ القَهرِ يصطفُّ الغيابُ
فما إن طابَ جُرحٌ مُستجدُّ *** بنا فغداً سينکوهُ مَصابُ
فبعدَ محمدٍ نورِ البرايا *** دهانا الخَطبُ ثم الاحترابُ
وطالَ الظلمُ آلَ البيتٍ طرَّا *** و ما احتُرمَ الرسولُ و لاالكتَابُ
بأهواءِ المُلوكِ يُقادُ شَعبٌ *** و مِن وحي الخليفة يُسترابُ
و يُخنقُ صوتُ مظلومٍ توالى *** و صوتُ المُترفِ الباغي يُجابُ
و يُصبُ حقٌّ مَن هزَمَ الأعادي *** و لايخشى و يخشاهُ الضرابُ
و أما مَن تَوارى في فرارٍ *** يُبايع بعدما اكتمل النصابُ
و تأتى الحكمَ أزلامُ قُساةُ *** و يقطرُ سمُّها المنقوعُ نابُ
فويلهُمُ بفاطمةِ استهانُوا *** و للشيطان داعيةٍ أجابُوا
أتيتكَ بفاطمةَ أشكُو و دمعي *** غزيرٌ لايفارقُهُ انسكابُ
أتيتكَ ليسَ عندي غير شعرٍ *** فلو يرثيكِ يرفعُهْ انتسابُ
فلا أرجو به عِزاً وجاهاً *** و لادنياً تزينها الرِّغابُ
ص: 204
(بحر الكامل)
الأستاذ منذر الساعدي
دمع كغيثٍ هاطلٍ ينسابُ *** و تأثر و تحسّرٌ و عذابُ
تتوسدُ الأرواحُ صخرةَ همِّها *** و بنصلِ حزن لا يلينُ تصابُ
و الليلُ يبكي و النهارُ يجيبُهُ **** فهما بأحزانِ الجَوى الأصحابُ(1)
و أسودَّ وجهَ الأرضَ و اختلجَ الثَّرَى *** حقاً بكى بنت الكرام ترابُ
و صدى السماء تألُّم و توجعٌ *** فلذا التوجّع توجدُ الأسبابُ
اليومَ فاطمةٌ يعودُ مُصابُها *** فلكبر محنتِها يُعادُ مصابُ
فلكم تحيّرنا لَه إطلالة *** رغم التعدّي ما ارتداهُ حِجابُ
و لكم جَهَشنا بالبكاء لأجلِهِ *** و لأجلِ فاطمة القلوبُ تذابُ
فُجِعَ الرسول ببضعةٍ محبوبةٍ *** هي للفضائلِ و التُقى محرابُ
هي للنزاهة شعلةٌ وهّاجةٌ *** هي للطهارةِ و الجلالِ كتابُ
اليومَ يلعنُ من أساء لفاطمٍ *** فلقد أساءَتْ للبتولِ ذِئابُ
وغدٌ رجيمٌ غالها في ضِلعِها *** وجنى عليها ظالمٌ كذَّابُ
دُفِعَتْ بلاذنب و ان وقوعها *** هزَّ السماءَ لتحزنَ الأحبابُ
سيكون (للمسمار) ردّ في غد *** عمّاجَرى و به يحدّث بابُ
و ينال من آذى البتول قصاصه *** فعلى الأعادي لا يهونُ حسابُ
ص: 205
هجمُوا على الزهراءِ و هي ببيتها *** أفذا لما أوصى الرسول جَوابُ؟
أفذا جزاء للنبي وآلهِ *** في وجه بضعته تسلُّ حِرابُ؟
يا ويحَ من رضع الخساسةَ أولاً *** و على الدناءة شاب و هو شبابُ
الجرمُ و التقتيلُ من عاداتِهِ *** ودمُ الضحايا في يديه خِضابُ
لم ينتسبْ للحقِّ منذُ مجيئهِ *** و الدينُ في شرع الدنيء ثيابُ
حقاً لنذکرَها و نذکر فضلها *** أُمُّ الأئمةِ ذكرُها آدابُ
يا أيها اليومُ الذي نأسى به *** و لنابه للحزنِ يغرز نابُ
أرخى له الشعرُ الكئيبُ أعنّة *** و أتى إليه يجرُّه الإيجابُ
من لوعةِ الزهراءِ شِید بناؤه *** و بيانُه للوالهين خطابُ
إن رام شعري وصفَ بنتِ محمدٍ *** لابدّ أن يطفُو بهِ الإسهابُ
فيه أرومُ من البتولِ شفاعةً *** يومَ القيامة فالصديدُ شرابُ
أنا رازحٌ تحتَ الخطايا أرتجي *** غوثاً فهل ستغيثُنِي الأنسابُ؟
أم أن فاطمةَ ستسمعُ صرختي *** و نداءَ من أبدى الولاءَ يُجابُ
ص: 206
(بحر الخفيف)
السيد مهند جمال الدين(*)(1)
أنتَ في البحرِ و القوافِي تَغِيبُ *** وسلَا قلبَكَ الشعورُ المجيبُ
تَرتَجِي الشارداتِ و هي حيارى *** أقتيلٌ بكَ الحِجي أم سليبُ
***
هل جفَتْكَ الحروفُ أم هدّكَ *** السعيُ إليها أم قدْ بلاكَ المشيبُ
لاربيعٌ يدعُو إليكَ الأقاحي *** أوصفاءٌ ترعى دماهُ القلوبُ
و الشعاعُ الذي عقدتَ عليه *** كلَّ فجرٍ مکفّنٌ محجوبُ
و الرجاءُ الذي علاكَ فضاهَ *** قد تعامى و صبحُهُ منهوبُ
و الأمانيُّ كلُّها قد تبدّتْ *** في فؤادٍ توطّنتهُ الكروبُ
و المقاديرُ محنةٌ و شقاءٌ *** و الرزايا و دمعُها المسكوبُ
وحشةٌ مالها ختامٌ و عمرٌ *** يتلوّى على السرابِ كثيبُ
كيف تطوِي النوى و أنتَ شقيٌّ *** و عليكَ الزمانُ وقتٌ مريبُ
و صريحٌ تغافَلَ القبرُ عنهُ *** و غريبٌ يبكِي عليهِ غريبُ
ص: 207
كيفَ تسري فيكَ الليالي و جَفنٌ *** راحَ في هذه الدموعِ يذوبُ
***
كيفَ تجرِي الحياةُ في خافقٍ *** لمّا يزَلْ في دمائه يستريبُ
و عجيبٌ عدا الربيعُ يغذّي *** قاحلاً سوف تغتديه الطيوبُ
أسَنَاءٌ عليكَ قد راحَ يلقى *** أم تولّى هذي الجراحَ طبيبُ
***
أم سقاكَ الإلهُ فيضاً من *** الحبِّ و شهداً كأنّهُ شؤبوبُ
ما تُرى أن يكونَ سحراً تغالى *** أم هوًى ضجَّ بالدماءِ يجيبُ
و سرى فيكَ ضوؤه يتمطّى *** فكأنّ الذي وقاكَ حبيبُ
حبُّ آلِ الرسولِ فيك هيامٌ *** أبداً قد سماعليه نسيبُ
فزها في الغصون نوراً بهياً *** يتحاشي أن يحتويهِ مغيبُ
مرحباً بالهوى إذا اجتاح قَلباً *** حجرياً و جمرُهُ مشبوبُ
ليس يهوى من فيه صرحٌ عمیدٌ *** شادهَ الوجدُ و السنى و اللهيبُ
و مصيرُ الخلودِ أن يترقّى *** لِسنى فاطم و ما يستطيبُ
هذه زهرةٌ بها صدحَ الكونُ *** و أغفَتْ على شذاها طيوبُ
أشرقتْ فانتمى السناءُ إليها *** و تباهى و نبعُهُ الموهوبُ
فبدتْ غرّةُ الصباحِ بوهجٍ *** يالها من براعةِ ما تصيبُ
تَتَمَلّي بوجهِ أحمدَ لمّا *** بشَرَ الروحُ قلبَه و الرقيبُ
***
هَتفت هذه الملائك للفجرِ *** فقد حلَّها الضياءُ العجيبُ
كشفتْ نجمةٌ لأخرى سروراً *** فالدياجي من غيِّها ستثوبُ
و لقد عانقتْ سناها الصحارى *** فاهتدَى قلبُها و غنَّى الوجيبُ
ص: 208
و بدا نورها و نورُ أبيها *** كنهارٍ شموسُه لاتغيبُ
***
و بميلادِها سَمَتْ رايُة *** الدين و فرَّتْ من العقولِ العيوبُ
و تسامتْ أنشودةٌ تتغنّى *** في شفاهِ الوجودِ و هي لعوبُ
أنتِ ترنيمةُ الأناشيدِ تهفُو *** أنتِ روحُ الخلودِ أنتِ اللهيبُ
جُنّةٌ أنتِ للصلاحِ حماها *** ساعدٌ يزدهِي و صوتٌ مهيبُ
وفتّی صافحتَّ سناهُ الثريّا *** و القصيُّ البيعدُ منه قريبُ
يا بنةَ المرسلين إنّا سلَکَنا *** لاحباً صدرُهُ سخيُّ رحيبُ
و انتهجنا من حبّه ما هدانا *** و صراطاً عاشتْ عليه الدروبُ
فعلى عُتمةِ الطريق ضياءٌ *** و شذاً ناعمٌ و قلبٌ طروبُ
مذهبُ الحقِ منهلٌ قد سقانا *** فيضَ نورٍ و قلبُه ملهوبُ
ما يبالي فقد دهتْهُ الدواهي *** و الكرَى يستبيحُنا و اللغوبُ
و هو يرعى فينا جفوناً تعامتْ *** و دماءً قد هدَّها التخريبُ
أيّها العاشقُون إنّا لنَصحُو *** و الدُّجى في عيوننا و المغيبُ
قدركِبْنا الرياحَ لكنْ وَصَلْنا *** لمتيهِ يضحُّ فيهِ النعيبُ
نصطلي بالعذابِ و الدمعُ فينا *** يتناهى لكنّهُ مكذوبُ
و شعاراتُ حولَها نتباکی *** و رؤانا عن ذلِها لاتؤوبُ
فالنعيمُ الذي عبرنا إليهِ *** بالأماني مخادعٌ مقلوبُ
و الضَياعُ الذي وصلنا إليه *** بعدَ جهدٍ نعيشُه تعذيبُ
***
فامنحينايامَن لها قد شدا *** حرفي و غنّى الفؤادُ و هو قطوبُ
من رؤّى تزدهي عليكِ صلاحاً *** و سلاماً يشدُّنا و يطيبُ
ص: 209
و اخذلي الانكسارَ فينا و بثِّي *** في دمانافيومُنا سيثوبُ
و انطوِيا سياطُ مادام نبتي *** جذورهُ في الدِّما عصيٌّ غضوبُ
***
سوفَ نصحُو يوماً و أضغاثُنا *** تُدمى و ثأرُ العيونِ فيها رهيبُ
ص: 210
لَوْ كُنْتَ صادقَ دَعْوَى الحُب ما بَرِحَتْ *** بكَ المَطِيُّ وَ لازُمَّتْ بِكَ النُّجُبُ
أعرابُ بَادِيَةٍ تُبنى بُيُوتُهُمُ *** حَيْثُ العَوَامِلُ وَ الهِنْدِيَّةُ القُضُبُ(1)
لَمْ يَعْدُ مُلْكَهُمُ بَأْسٌ و لاكَرَمٌ *** وَ لاعَدُوٌّ لَهُمْ يَلْقى وَ لانَشَبُ(2)
تَجْرِي عَلَى العَكْسِ مِنْ قَوْلِي ظُعُونُهُمُ *** فَلَوْ سَرَتْ مُطْلَقاً ما فاتَنِي الأَرَبُ
فَكُلَّما قُلْتُ رِفْقاً بِالحَشَى عَنُفوا *** فَلَيْتَ لَوْ قُلْتُ بُعْداً بِالسُّرَى قَرُبوا
يَسْتَعْذِبُ القَلْبُ مِنْ تَعْذِيبِهِمْ أَبَداً *** كَأَنَّهُمْ كُلّما قَدْ عَذَّبوا عَذِّبُوا
يا مُنْزِلاً بِمَحَانِي الطَّلفِّ لابَرِحَتْ *** سَقَى الصَّحَائِبُ مِنْكَ البانَ وَ الكُتُبُ
كمْ قُلْتُ نَجْداً وَ مَا أعني سِواكَ بِهِ *** وَ عُرْبُ نَجْدٍ وَ مَنْ فِي ضِمنِكَ العَرَبُ
إنّي وَ إِنْ عِنْكَ عاقَتْني بَدا قَدْرِ *** بِبَيْنِ جِسْمي فَقَلْبِي مِنْكَ مُقْتَرِبُ
لاتَحْسَبَنْ كُلَّ دانٍ مِنْك ذا كَلَفٍ *** الدَّارُ بِالجَنْبِ لَكِنَّ الهَوى جُنُبُ(3)
أَقَائِلُ أَهْلَ وُدّي إِنَّهُمْ عَزَبُوا *** عَنْ خَاطري إِنَّهُمْ عَنْ نَاظِرِي غَرُبُوا؟(4)
لا وَ الهَوَى لَيْسَ بُعْدُ الدَّارِ يَشْغَلُنِي *** عَنْهُمْ وَ لامِحْنَةٌ كَلاً وَ لاوَصَبُ(5)
يا سائِقَ الحرّةِ الوَجْنَاءِ أَنْخَلَهَا *** طَيُّ السُّرى و طواها الأَيْنُ وَ النَّصَبُ(6)
وَجْناء مَا أَلِفَتْ يَوْماً مَبارِكَها *** و لاانْتَنَتْ عِنْدَ تَعْرِيسٍ لَهَا رُكَبُ(7)
عَلامَةٌ بِضُرُوبِ السَّيْرِ أَقْرَبُها *** مِنْهَا إلَى رَأْيها التَّقْريبُ و الخَبَبُ(8)
تَأْبَى جَوانِبُها تَأْتِي مَبَارِكَها *** حُبُّ السُّرَى فكأنَّ الرَّاحِةَ التَّعَبُ
عُج بي إذا جِئْتَ غَرْبِيَّ الحِمَى و بدتْ *** مِنْهُ لِمُقْلَتِكَ الأعْلامُ و القُبَبُ
ص: 212
وَحَيَّ عنّي الأُولى أقمارُهُمْ طَلَعَتْ *** مِنْ طَيْبَةٍ وَلدَى كَرْبِ البَلا غَرُبُوا(1)
فَاعْجَبْ لَهُمْ كَيْفَ حلوا كَرْبَلاءَ وَ كَمْ *** كَانَتْ بِهِمْ تُفْرَجُ الغَمَّاءُ وَ الكُرَبُ(2)
ص: 213
فَأَيْنَ تِلْكَ البُدُورُ النَّمَّ لاغَرُبُوا *** وَ أَيْنَ تِلْكَ البُحورُ الفُعْمُ لانَضِبُوا(1)
قَوْمُ لَهُمْ شَرَفُ العَلْيَاءِ مِنْ مُضَرٍ *** وَ الْمَرْءُ يُؤْخَذُ فِي تَحْدِيدِه النَّسَبُ(2)
قَوْمٌ كَأوّلِهِمْ فِي الفَضْلِ آخِرُهُمْ *** وَ الفَضْلُ أنْ يَتساوى البَدْءُ وَ الْعَقَبُ(3)
ص: 214
إلي أن یقول:
تَاللَّهِ ما سَيْفُ شِمْرِ نالَ مِنْكَ وَ *** لايَدا سِنانٍ وَ إِنْ جَلَّ الذي ارْتَكَبُوا
لولا الأولى أغْضَبُوا رَبَّ العُلا وَ أَبَوْا *** نَصَّ الوَلاء وَ لِحَقِّ المُرْتَضَى غَصَبُوا(1)
ص: 215
أأصابَكَ النَّفَرُ المَاضِي بِمَا ابْتَدَعُوا *** وَ مَا المُسَبِّبُ لَوْ لَمْ يَنْجَحِ السَّبَبُ(1)
ص: 216
و لا تَزالُ حُيُولُ الحِقْدِ كَامِنَةً *** حَتَّى إذا وَجَدُوها فُرصَةً وَ ثَبُوا(1)
فَأدْرَكَ الكُلُّ مَا قَدْ كانَ يَطْلُبُه *** وَ القَصْدُ يُدْرَكُ لما يُمكن الطَّلَبُ
كَفَّ بِها أُمَّكَ الزهراء قَدْ ضَرَبُوا *** هي التي أُخْتَكَ الحورا بِهَا سَلَبُوا(2)
وَ أَنْ نار وغى صالَيْتَ جَمْرَتَها *** أضْحَتْ لها كف ذاكَ البَغْيِ تَحْتَطِبُ
فَلْيَبْكِ يَوْمَكَ مَنْ يَبْكِيهِ يَوْمَ غَدَوْا *** بِالظُّهْرِ فَوْداً وَ بِنْتَ المُصْطَفَى ضَرَبوا
ص: 217
تَاللَّهِ ما كَرْبَلا لَوْلا السَّقِيفةُ وَ *** الأقوام تَعْلَمُ لَوْلا النَّارُ ما الحطب(1)(2)
ص: 218
(بحر الوافر)
الشيخ يحيى الراضي
تَوَفَّدَ حِينَ بَلَّلَهُ انْسِيابُ *** فُؤاد شَب و انْتَفَضَ الحُبابُ(1)
تُلامِسُ جُرْحَهُ المَشْبُوبَ نارٌ *** فَيَسْرِي مِنْ جَوانِحِهِ الْتِهابُ
وَ يَنْهَمِرُ اللَّهِيبُ عَلَى جَرِيحٍ *** مِنَ الآهات لوّعه انسکَابُ
يَراهُ الظامِئونَ زُلال ماءٍ *** فَتَسْقِيهم بهِ الكأس الرُّضَابُ(2)
أَلا يَا أَيُّها العَطشانُ صَبْراً *** أفي الأقداح عَذْبٌ يُسْتَطابُ
أُنادِي، أَكْسِرُ الأَقْدَاحَ، أَدْنُو *** فَلا سَمْعُ هُنَاكَ وَ لاجَوَابُ
كُؤوسُ الإِثْمِ تَعْتَنِقُ ابْتِهَاجاً *** فَيَنْهَلُ مِنْ عُقُولِهِمُ الشَّرابُ
وَ تَمْتَصُّ الثمالَةُ ماءَ وَجْهٍ *** تَرَقْرَقَ في مَلامِحِهِ السَّرابُ
وَ مَنْ رَشَفَ السَّرابَ كَمَنْ تَرَوَّى *** بِمَوْجِ البَحْرِ يُضْنِيهِ العُبَابُ
فَيَا شَعْبَ الهَجِيرِ سَقاكَ طَيْفٌ *** مِنَ الأوْهامِ يُمْطِرُهُ السَّحابُ
تَمَادَى في حديثٍ أريحِيِّ *** عن الأسلافِ مَنْ شَادُوا وَ غَابُوا
هُمُ فَتَحُوا القِلاعَ وَ شَيَّدُوها *** تُزَخْرِفُها الجَماجِمُ وَ الرِّقابُ
وَ هُمْ سَلَبُوا الجِياعَ فُتات عَيْشٍ *** مِنَ الأَوْحَالِ تَأباه الكِلابُ
غِنَاءُ البُحْتُرِي يُرِيكَ فِيهِمْ *** عَباقِرَةٌ وَ إِنْ عَبْنُوا وَ خَابُوا
وَ ظِلُّ اللَّهِ في الدُّنيا و مَنْ *** لايُوَالِيهِمْ يُظَلّلُهُ عَذَابُ
ص: 219
وَ إِنْ أَنْسَاكَ يا تاريخَ شَعْبٍ *** تَنَاسَاه الأباعِدُ و الصِّحابُ
فَلِلا مُجادٍ مِنْ صَمْتِي وَ بَوْحِي *** تَرانِيمٌ يُسَلْسِلُها انْتحِابُ
كأَنَّ الآة في نَوْح العَذارَى *** نَواعِيرٌ تَعِنُ فلا تُجَابُ
تَعَوَّدَتِ الفَضَاضَةَ مِنْ وُلُوعِ *** بِوَادِ الرُّوحِ يُسْلِيهِ اغْتِصَابُ(1)
فَرَاحَتْ وَ هُيَ غَاضِبَةٌ تَكُولٌ *** وَ فِي الأضلاع إغصارٌ يُهابُ
فَوَالَهُفِي عَلَى قَلْبِ جَرِيحٍ *** تَولّى نَهْشَهُ ظُفْرٌ وَ نَابُ
وَ يا لَهُفِي على ضِلْعِ تَوارى *** يُضَلِّلُ فَوْقَ مَصْرَعِهِ ارْتِيَابُ(2)
فَکَيْفَ يَتِمُّ جَبْرُ الكِسْرِ فينا *** وَ كَاسِرُهُ المُعَزّى وَ المُصابُ
وَ كَيْفَ يَجِفُّ نَزْفُ الجُرْحِ مِنَّا *** وَ لِلأضلاع اشْباهٌ تُصابُ
فَلَوْ كانَ العِداءُ كَمَا حَسِبْنا *** طَواهُ الأمْسُ ما طَاشَ الخِطابُ
وَ مَا غَنَّى عَلَى لَيْلَاهُ قَيْسٌ *** وَ لَمْ تَرْعَ ضَحاياها ذِئابُ
و ما دَقَّتْ طُبُول الأمْسِ تَدْعُو *** إلى تاراتِ أحْقاد تُجابُ
ولكِنَّ البداوةَ في بَنيِها *** كوشْمِ العارِ يَنْقُشُه احْترابُ(3)
فلا خَيْلٌ تَثُورُ و لاحَمامٌ *** يُرَفْرِفُ بِالسَّلام وَ لاغُرابُ
نَحُثُّ السَّيْرَ في خَطْرٍ مُدَمِّى *** إلى وَهْجِ الحَضارةِ لا نَهابُ
فأعْيانا اللُّهاثُ وَ مَا لَحِقْنا *** بِمَنْ بَلَغُوا أمانِيَهُمْ وَ طابُوا
وَ لَوْلا الشّامُ وَ اللَّيْثُ المُفَدَّى *** و أَشبالٌ يُؤَرِّفُها الطِّلابُ
لَما غَنَّيْتُ مَجْداً يَعْرُبيّاً *** لَهُ فِي كُلِّ خافِقَةٍ ضِرابُ
أنا ضَيْفٌ دِمَشْقِيٌّ تَغَنَّى *** بِحُبُّ الشَّامِ يَنْمِيهِ انْتِسَابُ
فَإِنْ تَقُلَتْ حُروفُ الشُّكْرِعَمًا *** بأعماقِي فَأَعْياها اضْطِرَابُ
ص: 220
لِسانِي ما تَعَوَّدَ مَدْحَ قَوْمٍ *** بِتَظريز الثناءِ وَ إِنْ أصابُوا
هَوَايَ النَّارُ تَكْوِي رُوحَ شَعْبٍ *** تُناغِيهِ الأَمَانِيُّ الكِذابُ
إذا ما لامسَ الوِجْدانَ عَتَبٌ *** فَإِنَّ الحُبُّ يَرْوِيهِ العِتابُ
وَيُورِقُ ما زَرَعْتَ رَدَاذُ دَمْعِ *** يُسَطِّرُ فَيْضَهُ الحُبُّ المُذَابُ
يُلَمْلِمُ ما تَناثَرَ مِنْ قُلُوبٍ *** مُعَلَّفَةٍ وَ آمَالٍ تُشَابُ
فيا شَعْبَ الوَلاءِ إِلَيْكَ نَجْوَى *** مِنَ الأعْماقِ يُبْدِيها انْجِذَابُ
هِيَ الأوْهامُ نَحْسَبُها يَقِيناً *** فَتَصْطَكُ النَّهَايَةُ وَ المَآبُ
يُسَفّهُ بَعْضُنَا بَعْضاً وَ يَهْذِي *** بما يُزْرِي شُيُوخَهُمُ الشَّبابُ
يَطُوفُ بنا الجَمَالُ فَنَزْدَرِيهِ *** وَ يُؤْنِسُنَا بِمَرآهُ اليَبَابُ(1)
وَ نَسْتَجْدِي الدُّمُوعَ عَلَى مُصابٍ *** مِنَ الماضِي ليُنْجِينَا ثَوَابُ
أَيَرْوِي الدَّمعُ آمال العطاشَی *** فَبِاللهِ مَبْكانا العُجاب؟
فإِنْ يَرْنُ الطَّرِيدُ إلى مَلاذٍ *** وَ ظِلُّ مُسْتَدِيم لا يُعَابُ
يَرى الزَّهْراءَ باسِطَةٌ يَدَيْها *** لِمَنْ َتاهُوا وَ مَنْ خَطِقُوا فَتَابوا(2)
بانداءٍ مُنَمْنَمَةٍ وَ عَطْفٍ *** وَ نُور لا يَضِلُّ بِهِ رِكابُ
أَلا قُومُوا إلى الزَّهْراءِ نَسْعَى *** إِلى أَحْضَانِ أشْواقِ تُجَابُ
إلى الأم الَّتِي تَرْعَى بَنِيها *** فَيَحْجُبَهُمْ عَنِ الأُمِّ اغْتِرَابُ
إلى ناعُورَةِ الزَّهْراءِ تَطْفُو *** على مَوْجَ القَصِيدِ فَيُسْتَطابُ
ص: 221
(بحر الرّمل)
الشيخ يعقوب ابن الحاج جعفر
أَيُّ رَأْسٍ بِالأسى لَمْ يَشبِ *** لابْنَةِ المُخْتَارِ نُورِ الْحُجُبِ
***
في الْبَرايَا مَنْ سِوى أُمِّ الْحُسَيْن *** لِلنَّبِيِّ المُصْطَفَى قُرَّةُ عَيْنِ
نُورُها قَدْ مَدَّ ضَوْءَ الْقَمَرَيْنُ *** وَ بِهِ أَزْهَرَ نُورُ الشُّهُبِ
***
مَنْ تَرى في الناس طُرّاً مِثْلَها *** أَوْجَبَ الله تعالى وَصْلها
وَبِنَصٌ مِنْهُ أَبْدَى فَضْلَها *** وَ هُيَ أُمُّ الأُمَاءِ النُّجُبِ
***
لَمْ تَزَلْ ذاتَ بُكاءٍ وَ حَنِينْ *** كلَّ صُبْحِ وَ مَسَاءٍ فِي رَبينْ(1)
يَصْدَعُ الصُّمَّ الصَّفَا مِنْهَا الأنينْ *** لِأَبِيهَا المصطفى خَيْر أَبِ
***
ص: 222
فَقْدُها قَدْ هَدَّ رُكْنَ المُرْتَضَى *** وَ جَمِيلُ الصَّبر مِنْهُ قُوّضا(1)
وَدَّ لمَّا أَنْ قَضَتْ وَجْداً قضى *** للذي حَلَّ بِهَا مِنْ نُوَبِ
***
أسْبَلَتْ دَمْعَ أمير المُؤْمِنِينُ *** وَ أَذابَتْ قَلْبَ خَيْر الْمُرسَلينْ
كَيْفَ لَا تَهْمِي(2) دُمُوعُ المُسْلِمِينْ *** بِمُذابٍ عَنْ حَشَى مُنْسَكِبِ
***
قَلَّ لَوْ أَنَا نُذِيبُ الْمُهَجا *** جَزَعاً فِيها وَ وَجْداً وَشَجا
دُفِنَتْ سِراً مُذِ اللَّيلُ دَجا *** وَ هْيَ غَضْبى غَيْرَةَ اللَّهِ اغْضَبِي(3)
***
فيكِ يا بَضْعَةَ خَيْرِ الْأَنْبِيَاءُ *** إِنَّني مِنْ عِلَلِي أَرْجُو الشّفاءْ(4)
وَ بِذِكْراكِ الدَّوا مِنْ كُلِّ داءْ *** وَ بِهِ الرَّاحَةُ عِنْدَ النَّصَبِ(5) (6)
ص: 223
(بحر البسيط)
لأحد الأدباء
بُشرى لنَا مَعْشَرَ الأحباب بالطربِ *** وَ استَبْشِرُوا بِزَوَالِ الغَم وَ الكُرَبِ
يا نَفْسُ طيبي فقَدْ طابَ الزَّمانُ لنا *** وَ لْنَشْرَبِ الرَّاحَ كَيْ نَرْتاحَ مِنْ تَعَبِ
بُشْراكِ يا نَفْسُ مِنْ عِيدٍ ظَفِرْتِ بِهِ *** وَ النَّفْسُ مَيَالَةٌ لِلهْوِ وَ اللَّعِبِ
وَ كَيْفَ تَخْشَى مِنَ العُقْبِى فَفَاطِمَةٌ *** جاءَتْ لنا بِبَراةِ الفُظمِ فانْتدِبِ
وَ بِاسْمِها فاطِرُ الأفلاكِ قد فَطَما *** مُحِبَّها مِنْ سَعِيرِ الحَشْرِ وَالعَطَبِ(1)
ص: 224
مِنْ صُبْحِ غُرَّتِها لَيْلُ النَّوى انْسَلَخَتْ *** بِهَا اهْتَدَيْنَا إِلى الأَنْوارِ وَ الشُّهُبِ(1)
في أرضِ مكةَ شَمْسُ المَجْدِ قَدْ بَزَغَتْ *** يَا شَمْسَ أُفْقِ السَّمَا مِنْ ضَوْئِها اكتَسِبِي(2)
ص: 225
فلا أقولُ لَها إنْ كُنْتِ آفلةً *** تُضِيءُ دَهْراً بِوَجْهِ عَنْكِ مُحْتَجِبِ
باهَتْ بهِ الأرْضُونَ السَّبْعُ وَافْتَخَرَتْ *** عَلَى السَّماواتِ يَوْمَ الوَفْدِ في التُّرَبِ
يا طالباً فَضْلَها أقصِرْ خُطَاكَ فَما *** تَنَالُ مِنْهُ فَسرُّ اللَّهِ في الحُجُبِ
لو سُوِّدَتْ صُحُفُ الأفلاكِ ما بَلَغَتْ *** مِعْشَارَ عُشْرِ مَعالِيها بِلا كَذِبِ(1)
لِمُصْطَفَاهُ اصْطَفاها اللَّهُ بارِئُها *** وَ مَا ارْتَضَاهَا لِغَيْرِ المُرْتَضَى الأَرَبِ(2)
ص: 226
لَوْ لَمْ يَكُنْ لَمْ يكنْ كُفُواً لَهَا أَحَدٌ *** وَ تِلْكَ كُفْ لَهُ في الفَضْلِ وَ الحَسَبِ(1)
لَوْانَّ الْمَجْدِ أُمّاً فهي بجدتها *** أوْ يَمَّمَ(2) الذّرْوَةَ العُليا مِنَ الحَسَبِ
ص: 227
فَالأَوْلِيَاءُ لَهَا كَالْجُنْدِ وَ الحَشَم *** و الأنبياءُ لها كَالْعَيْنِ وَ الهُدُبِ(1)
وَ لَوْ دَرَتْ بِنْتُ عِمْرانَ الَّتِي احْتَضَنَتْ *** عِيسى لَخَرَّت لها في سَجْدَةِ الأَدَبِ(2)(3)
ص: 228
ص: 229
ص: 230
أَتَتْنِي مِنَ الحِبِّ الخَدِينِ ألُوكَةٌ *** مُغَلغَلَةٌ في القَلبِ تُنْفِي وَ تُثبتُ(1)
تَقُولُ تَثبَتْ لَوْ أَرَدْتَ زِيارَتِي *** وَ ما عَهْدُنا بِالوالِهِينَ تَتَبَّتُوا
وَ قَالَتْ أَطِلْ غِب الزيارَةِ وَاكْتَتِمُ *** فَلَوْ ذاعَ هَذا تَسْتَتِبُ وَ تَثْبُتُ(2)
وَ لاتَأْتِنَا إلا بِلَيْلِ دُجُنَّةٍ *** وَ اجْعَلْ خُطاك الهُونَ و الجَرُّ مُكْمَتُ(3)
فَإِنْ عَلى أبوابنا وهي غابةٌ *** أسوداً هَمُوساتٍ فَتُصْغِي وَ تُنْصِتُ
قرَأْتُ وَصاياها وَهاجَ بِي الجوى *** فَقُمْتُ وَ قُلْتُ الوَصْل أو أنا مَيِّتُ
فَجَرَّدْتُ عَزْمِي وَ امْتَطَيْتُ عَزِيمَتِي *** وَ أَوْصَيْتُ أَهْلِي بِالدّعاءِ أَنِ اقْنُتُوا
وَ سِرْتُ عَلَى اسْمِ اللَّهِ أَشْتَدُّ تارَةٌ *** و أَرْجِعُ أُخْرَى اسْتَكِينُ وَ أُخْبِتُ
وَ نَكَّرْتُ هِنْدامِي و جِئْتُ مُبادِراً *** إلى بابها مُسْتَخْفِياً أَتَلَفْتُ
لَعلَّ الذي أَخْشاهُ عَاطَ بِرَقْبَةٍ *** وَ كَانَ عَشِيُّ السَّبْتِ يَنْسَى وَ يَسْبِتُ(4)
وَ أَخْرَسْتُ نَفْسِي لَوْ تَكُونُ طَلائِعٌ *** وَ يَسْتَخْبِرُونِي ما مُرادُكَ أَسْكُتُ
ص: 232
وَ شَدَّدْتُ عَزْمِي لَوْ يَكُونُ هُنالِكُمْ *** رَقِيبٌ يُفاجي غُرَةَ الأَمْرِ أُفْلِتُ
وَ أَحْكَمْتُ فَنَّ العَسَ حَتَّى كَأَنَّنِي *** لَمِنْ أَهْلِهِ أَوْ صَادَفُونِي لَا ثَبَتُوا(1)
فَلَمَّا رَأَتْنِي حِينَ ذاكَ تَبسَّمَتْ *** وَ قَالَتْ أَتَيْتَ الآنَ وَ السَّيْفُ مُصْلَتُ
فَقُلْتُ لَها اللَّه اللَّه فِي دَمِي *** وَ لايَسْمَعُ الوَاشُونَ هذا فَيَشْمَتُوا
وَ لَسْتُ بِمَكْبُوتٍ مِنَ السَّيْفِ مُصْلَناً *** وَلَكِنّني مِنْ مَنْعِكِ الْوَصْل أُكْبَتُ
وَ هَلْ أَنْتِ كَالدّنيا تَجَمَّعَ أَهْلُهَا *** إِلَيْها فَلَمّا أَيْأَسَتْهُمْ تَشَتَّتُوا
وَ لاؤُكِ يا دُنْيَا فَأَنْتِ دَنِيَّةٌ *** وَ كَمْ باطِلٍ يُطْرَى بِخَيْرٍ وَ يُنْعَتُ
عَرَفْتُكِ يا هَوْجَاءُ زَوْجَةَ أَحْمَقٍ *** وَ مَا غَرَّنِي مِنْكِ الزُّهَا وَ التَّزَمُتُ(2)
فَإِنْ كَانَ مَنْ غَرَّيْتِ بُلْها فإنَّني *** أذَمِّمُ مِنْكِ التُّرَّهاتِ وَ أَمْقُتُ
تَعَاظَمَ أهْلُ الغَيْ حَتَّى تَحَكَّمُوا *** بِالِ رَسُولِ اللهِ ظُلماً و عَنتُوا
أزالُوهُمُ عَنْ حَقِّهِمْ وَ تَواثَبُوا *** عَلَيْهِمْ وَ غَتُّوهُمْ حُقُوقاً و عَمَّتُوا(3)
وَ رَضُّوا مِنَ الزَّهْرَاءِ جَنْباً و أَسْقَطُوا *** جَنِيناً وَ حَطُّوا مِنْ عُلاهَا وَ بَكَّتُوا(4)
وَ صَبُّوا عَلَى المَثْنَيْنِ مِنها سِياطَهُمْ *** وَ خَانُوا عُهودَ اللَّهِ فِيها وَ خَوَّتُوا(5)
وَ كَانَتْ مِنَ الهادِي الْوَدِيعَةَ فِيهِمُ *** فِيا بِئْسَ ما خانُوهُ فيها وَبَيَّتُوا
زَوَوْا حَقَّها بِالْغَضب إرْناً وَ نِحْلَةً *** سَحِيناً أدالَ اللَّهُ مِنْهُمُ وَ اسْحَتُوا(6)
ص: 233
وَ قَادوا عَلِيّاً آخِذِينَ خِنَاقَهُ *** يَكَادُ بإصْغَاطِ التَّنَفسِ يُحْفَتُ
وَ لَمَّا أَهَاضَتْهُمْ بِدَفَع وَ ضَجَّةٍ *** أهاضَ بها سَوْطٌ يُضِجُّ وَ يُضمِتُ
إلى أَنْ قَضَتْ مَفْرُوحَةَ الْجَفْنِ وَ الْحَشا *** بِقَلْب يَصُلُّ الهَمُّ فِيهِ و يَنْكَتُ
وَ هُمُ قَتَلُوها لارعى اللَّهُ أمَّهُمْ *** وَ لاطابَ مِنْهُمْ في الوَشائجِ مُلْفِتُ(1)
وَ قَدْباتَ إبْناها بأَطْوَلِ لَيْلَةٍ *** يَبِيتُ بها مُضنَى الفُؤَادِ مُفَتَّتُ
و هَاجَ بِقَلْبِ المُرْتَضَى الحُزْنُ وَ الأسى *** كَأَنَّ حَشَاءُ بِالرَّزِيَّةِ تُسْلَتُ
أَفَاطِمُ لاأَنْسَاكِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ *** وَ هَلْ كَانَ مِثْلِي فِي فَقِيدَيْنِ يُقْلَتُ
فَما أَنَا إِلا كَالشَّكِينِ بِعُشْهِ *** وَ رَائِشُهُ الحانِي عَلَيْهِ مُكَفَّتُ(2)
أَأَنْسَاكِ لاأَنْسَاكِ وَ الحُزْنُ قاتِلي *** وَ يَوْمُكِ يَوْمٌ أكدَرُ الْوَجْهِ أمْقَتُ
إذا سَرَّ هذَا البَدْرُ أَظْلَمَ لَيْلُهُ *** و إنْ صَوَّحَ المَرْعَى مِنَ النَّاسِ أَسْنَتُوا(3)
فَما أَقْبَحَ الْخَضْرَاءَ إِنْ عَابَ بَدْرُها *** وَ ما أَكْدَرَ الْغَبْرَاءَ إِنْ جَفَّ مَنْبِتُ
فِداكِ الْوَرَى طُرّاً وَ قَلَّ لَكِ الْفِدَا *** وَ لكِنَّمَا الْآجال وَقْتٌ مُوَقَّتُ
أُصِيبَتْ بكِ الدنيا و أَظْلَمَ نُورُهَا *** وَ أَخْرَسَ منها ناطِقٌ أَوْ مُصَوّتُ
وَ عَجِّتْ عَلَيْكِ الكائناتُ بِنَوْحِها *** وَ تِلْكَ الجبالُ الشُّمُ تَدْرِي وَ تَنْحِتُ(4)
ص: 234
(بحر البسيط)
الأستاذ أبوذر الشويلي
للشمس نورٌ ولي في عشق مولاتي *** نورٌ يُنزّه عن شأنِ الكُسُوفاتِ
نورٌ سعى من سعى، يُطفي توهُّجَهُ *** بفيهِ مُذْ سنَّ حُكماً للظُلاماتِ
لكنْ أبى اللَّهُ إلا أن يتمَّ لهُ *** في قلبِ كلِّ محبٍ نورُ مشكاةِ
فاسكبْ معي صاحِبي إن كنتَ مدّخِراً *** دمعَ العيونِ و لاتبخلْ بدَمْعاتِ
إنَّ الجراحَ كثيراتُ و آلمُها *** جُرحٌ لقدّيسةِ الأوصافِ و الذاتِ
تُدعى بأمِّ أبيها عمرَ والدِها *** فلندْعُها بعدَه أُمَّ الجُراحاتِ
***
فطالما هاجَ بي شوقٌ فأنشُرُهُ *** شِعراً و يطويهِ بَضٌ من خيالاتي
ماذا ترَى أحرفٌ صفراء خاويةٌ *** في فِي(1) شويعر صيغت بعض أبياتٍ
تحكِي لنا قصةَ الزهراءِ و هي دمٌ *** ينزُّ من أضلعٍ بالبغي مُحناةِ
لكن سأشرعُ بالتحميدِ منتشياً *** فرشفةُ الحمد فاقت كلُّ كاساتِي
ثمَّ الصلاةِ على أُسِّ الجمالِ على *** عقل العقولِ و فيّاضِ الكمالاتِ
و صحَ صاحبُ هذا الدين ليسَ له *** رضِّى بغيرِ رضاها -في الصريحاتِ
كذاكَ يغضبُ إن زهراؤهُ غضبتْ *** فالمُصْطفى مصطفاها في المُلّماتِ
و قلبُهُ بهواها مولعٌ وَلهٌ *** يضمُّها تارةً ضمَّ الحماماتِ
ص: 235
كأنَّما هي بُقيا أمّهِ وصدى *** خديةٍ في رؤاها و المواساةِ
و قالَ مَنْ يؤذِها آذَى نبيَّكُمُ *** و ذاك مُؤذٍ لفطّارِ السماواتِ
لولا عليّ لظلّت دونما أحدٌ *** كفو، فسبحانَ من أجرى المشيئاتِ
***
و حينما أقَلَ النجمُ العظيمُ و قدْ *** أبقى لهم قَبَساً في المُدِلهمّاتِ
كلٌّ سعى بأكُفِّ الغدرِ يُطفِئُهُ *** فما رعَوْهُ و ضلّوا في المفازاتِ(1)
إذ قال خلفّتُ فيكم عترتي فيها *** و بالكتاب اهْتَدوا دون الضلالاتِ
لالنَ تضلُّوا إذا أمسكْتُمُ بهما *** لايُفرقان إلى يومِ المُلاقاتِ
قامَتْ على مسمعٍ الأقوام خاطبَةً *** لكنَّ آذانهُمْ آذانُ أمواتِ
ما كانَ ذاك لدُنيا تستلذُّ بِها *** حاشاكِ سيدتي كلّ الملذّاتِ
لكنّهُ غضبٌ لله طار بِهِ *** قلبُ المُوحْدِ فِي صَعْبِ الدياناتِ
و صوتُ حقٍ يُدوّي في العُلى أبداً *** ما أجبنَ الحقّ من دون الطِّلاباتِ
يظلُّ يتلو على الأجيال آيتَها *** (لاتركنوا)، لاولو رفضاً بأصواتِ
لكنّني يا بنةَ المُختار ذا خَجل *** يَحولُ بَحرُ الحيا دون السؤالاتِ
هل في صحيفتكِ الغرّا لنا وطنٌ *** نصبوا لهُ في غدٍ مُسْتَوسِقٍ آتي؟
ص: 236
(بحر السريع)
أم سلمة زوجة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم
التخميس لعبد الرسول الفراتي
يهن دلالاً يا صُحيباتي *** و انشدنَ في أحلى العِبارات
تموجُ شوقاً للسماواتِ *** (سرنَ بعونِ اللَّه جاراتي)
(و اشكرنَ في كلِّ حالاتِ)
و اهتُفنَ للهادي نشيدَ الوِلا *** و اذكرنَ طه المصطفى المرسلا
لولاهُ شرعُ اللَّه لن يمثلا *** (و اذكرنَ ما أنعَمَ ربِّ العُلى)
(من کشفِ مكروه وآفاتِ)
قد جاءنا بفضلِ فردٍ صَمَدْ *** و نصِّ قل هو الإلهُ أحَدْ
فلعنةُ اللَّه على من جَحَدْ *** (فقد هدانا بعدَ كفرٍ و قد)
(انعشنا ربُّ السماواتِ)
و انظرنَ هذا اليوم ما قد جرى *** فالكونُ يزهو بالهنا و الثَّرَى
ففاطمٌ قد زُوِّجت حيدرا *** (و سرنَ مَعْ خيرِ نساءِ الورى)
(تُفدى بعمَّات و خالاتِ)
يا دُرَّةٌ مذ ضوؤهُا قدجلا *** منها البدورُ حقَّ أن تَخجلا
في ذِروة المجد سَبَقْتِ الأُلى *** (يابنتَ من فَضَّلَهُ ذوالعُلي)
(بالوحي منهُ و الرسالاتِ)
ص: 237
إنْ تَنْأَ عَنْهُ فَمَا نَأَيْتَ تَباعُداً *** أوْ لَم تَبِنْ بَدْراً فَما ألخْفِیتنا
فَسَقَى تَراكَ الغَيْثُ ما بَقِيَتْ بِهِ *** لُمَعُ القُبُورِ بطيبةٍ وَ بَقِيتا
فَلَقَدْ بِرَيّاها ظَلَلْتَ مُطَيَّباً *** تَسْتَافُ مِسْكاً في الأُنُوفِ فَتِيتا(1)
وَ لَقَدْ تَأَمَّلْتُ القُبُورَ وَ أَهْلَها *** فَتَشَتَّتَتْ فِكَري بها تَشْتِيتا
کَم مُقْرَبٍ مُقْصَى وَ كَمْ مُتَبَاعِدٍ *** مُدنّي، فَسَاوَرَتِ الحَشَا عِفْريتا(2)
ص: 239
(مجزوء الكامل)
الأستاذ سالم محمد علي(*)(1)
أَلدَّمْعُ قَرَّحَ مُقْلَتِي *** وَ اللَّيْلُ أثْقَلَ وَحْشَتِي
أَوَاهُ لاعقدُ النُّجُومِ *** تُشِعُ تُظرِبُ عَتْمَتِي
لاشَيْءَ غَيْرُ الْبُومِ *** وَ الغِرْبَانِ تَأْكُلُ ضَحْكَتِيْ
لاشَيْءَ مَزَّقَنِي الْخَرِيفُ *** غَداةَ ماتَتْ وَرْدَتِي
لاشَيْءَ مَاتَ الْعُشْبُ *** ماتَ الْحَقَّلُ جَفَّتْ تُرْعَتِي(2)
لاشَيْءَ ماتَتْ نَغْمَةُ *** الْقِيثارِ ضَاعَتْ غَنْوَتِي
لاشَيْءَ غَيْرُ الدَّمْعِ *** غَيْرُ الرِّيحِ تُطْفِي شَمْعَتِي
لاوَرْدَ لاشَدْوَ الطُّیورِ *** فَمَنْ سَيُؤْنِسُ وَحْدَتِي
قَدْ تِهْتُ طَوَّقَنِي الظَّلامُ *** أَصِيحُ ماتَتْ صَيْحَتِي
وَ أَضَعْتُ قافِلَتي وَ دَرْبِي *** أَيْنَ مِنّي صُحْبَتِي
ص: 240
يا بِنْتَ خَيْرِ النَّاسِ یا *** نِبْراسَ دَرْبِ عَقِیدتِي
أنا مِنْ لُهَاثِ الْحُزْنِ مِنْ *** خُلْجَانِ أَدْمُع أُمَّتي
أنا مِنْ خُيوطِ اللَّيْلِ مِنْ *** قَلْبِي وَ حُرْقَةِ آهَتِي
لَمْلَمْتُ قَافِيَتِي الْحَزِينَة *** كَيْ أَصُوغَ قَصِيدَتِي
أَرْثِيكِ وَ الأَلَمُ الدَّفِينُ *** يَحُزُ بُرْعُمَ مُهْجَتِي
ذِكْرَاكِ واها كَمْ تُعَذِّبُنِي *** وَ تُوجِعُ حُرْقَتِي
أوَّاهُ تُؤْلِمُنِي تَهُدُّ *** القَلْبَ تُوحِشُ عَتْمَتِي
دُنْیا مِنَ الآلامِ *** ذِكْرَاكِ و تِلْكَ فَجِيعَتِي
يا وَقْفَةٌ لَكِ قَوَّضَتْ *** أرکانَ کُلّی الطُّغْمَةِ(1)
يا وَقْفَةٌ لَكِ تَصْرُخینَ *** بِهِمْ كَصَرْخَةِ لَبْوَةِ(2)
أنا بِنْتُ (أحْمَدَ) يا *** رَعاعُ وَ لاأَبِيعُ عَقِيدَتِي(3)
ص: 241
فالدِّينُ لاالدُّنْيَا طَرِيقُ *** النُّورِ تِلْكَ شَرِيعَتِي
قد تاءَ زَوْرَقُكُمْ *** غَرِقْتُمْ في بحارِ الظُّلْمَةِ
فغداً جُموع الكفرِ *** أحْمِلُ لِلْإِلَهِ فَجِيعَتِي(1)(2)
ص: 242
(بحر الخفيف)
سلمان هادي آل طعمة(*)(1)
أَيُّ ذِكْرَى تَمُوجُ بِالْحَسَراتِ *** زُخِرَتْ بِالأَنِينِ وَ الزَّفَراتِ
هِيَ ذِكْرَى حَوَتْ خِلالَ رَسُولِ اللَّهِ *** أَكْرِمْ بِهَا مِنَ الذِّكْرَياتِ
تَوَّجَتْها ذَوائِبُ المَجْدِ فَخْراً *** فَتَسامَتْ بِها عَلَى النَّرِّاتِ
فاطِمُ الطُّهْرُ زَوْجُ حَيْدَرَةَ الكَرَّارِ *** تِرْبُ العُلى، وَ سِرُّ الحَياةِ(2)
أَغْنَتِ البَائِسِينَ مِنْ كَرَمِ اللَّهِ *** وَ بَاتَتْ حَيْرَى بِدُونِ فُتاتِ(3)
كَيْفَ تُطْوَى مَكارِمٌ وَ مَزَايا *** هِيَ رَمْزٌ لِلْخَيْرِ وَ البَرَكَات
كَيْفَ تُحْصَى مَاثِرٌ جَلَّلَتْهَا *** عِصْمَةُ النَّفْسِ بالتُّقى و السِّماتِ
إنّها فاطِمُ البَتُولُ وَ بِنْتُ الخُلْدِ *** يا مَنْ حَوَتْ جَمِيلَ الصِّفاتِ(4)
***
ص: 243
أيُّ حُزْنٍ سادَ البِلادَ عَظِيم*** باتَ فَخْرَ الْقُرونِ والسَّنوات
وَمُصابٍ هَزَّ النُّفُوسَ وَأَوْدَى*** بِابْنَةِ الظُّهْرِ فِي أَعَزِّ حَياةِ
فَإِذَا الْخَطْبُ فَادِحٌ كادَ يَغْرِي*** سَهْمُهُ في القُلُوبِ كَالْجَمَراتِ(1)
وَاللّيالِي كَئِيبَةٌ تَنْدُبُ الطُّهْرَ*** بِعَيْنٍ غَزِيرَةِ الْعَبَراتِ
تِلكَ أُمُّ الْحُسَيْنِ حَيْثُ تَوارَتْ*** بَيْنَ أَجْدَاثِ نِسْوَةٍ طاهِراتِ
سَوْفَ تَبقى ذِكرَى البَتُولِ بِقَلْبِ المَجْدِ*** تَزْدانُ بِالهَوى وَالثَّبَاتِ(2)(3)
ص: 244
(بحر الطويل)
عبد الله بن عمار البرقي
إذا جَاءَ عَاشُورا تَضَاعَفُ حَسْرَتي *** لآلِ رَسُولِ اللَّهِ وَ انْهَلَّ عَبْرَتِي
هُوَ الْيَوْمُ فِيهِ اغْبَرَّتِ الأَرْضُ كُلُّها *** وُجُوماً عَلَيْهِمْ وَ السَّماءُ اقْشَعَرَّتِ
مَصائِبُ سَاءَتْ كُلَّ مَنْ كانَ مُسْلِماً *** وَلكِنْ عُيُونُ الْفَاجِرِينَ أَقَرَّتِ
إذا ذَكَرَتْ نَفْسِي مُصِيبَةً كَرْبَلا *** وَ أَشلاءَ ساداتٍ بِهَا قَدْ تَفَرَّتِ
أضاقَتْ فُؤَادِي و اسْتَباحَتْ تَجَلُّدِي*** وَ زَادَتْ عَلى كَرْبِي وَ عَيْشِي أَمَرَّتِ
أُرِيقَتْ دِماءُ الفاطِمِیِّينَ بِالْفَلا *** فَلَوْ عَقَلَتْ شَمْسُ النَّهَارِ لَخَرَّتِ
أَلا بِأَبي تِلْكَ الدِّماءُ الّتي جَرَتْ *** بِأَيْدِي كِلابِ في الجَحِيمِ اسْتَقَرَّتِ
تَوَابيتُ مِنْ نارٍ عَلَيْهِمْ قَد أُطْبِقَتْ *** لَهُمْ زَفْرَةٌ فِي جَوْفِها بَعْدَ زَفْرَةِ(1)
فَشَتَانَ مَنْ في النارِ فِي جَوْفِ طَابِقٍ*** وَ مَنْ هُوَ فِي الفِرْدَوْسِ فَوْقَ الْأَسِرِّةِ
بنَفْسِي خُدُودٌ في التّرابِ تَعَفَّرَتْ *** بِنَفْسِي جُسُومُ بِالعَرءِ تَعَرَّتِ
بِنَفْسِي رُؤُوسٌ مُشرِقاتٌ عَلَى الْقَنَا *** إلى الشام تُهْدَى بارِقاتِ الْأَسِرَةِ
ص: 245
بنَفْسي شِفاءٌ ذابلاتٌ مِنَ الظَّما *** وَ لَمْ تُرْوَ مِن ماءِ الفُراتِ بِقَطرَةِ
بِنَفْسِي عُيُونُ غائِراتٌ شَواخِصٌ *** إِلَى المَاءِ مِنْهَا نَظْرَةً بَعْدَ نَظْرَةِ
بِنَفْسِي مِنْ آلِ النَّبيِّ خَرائِدٌ *** حَواسِرُ لم يُرْأَفَ عَلَيْهَا بِسُتْرَةِ(1)
تَفِيضُ دُموعاً بِالدِّماءِ مَشُوبَةً *** كَقَطر الْغَوادِي مِنْ مَدامِعَ ثَرَّةِ(2)
عَلى خَيْرِ قَتْلَى مِنْ كُهولٍ و فِتْيَةٍ *** مَصالِيتَ أَنْجَادٍ إِذَا الْخَيْلُ كَرَّتِ(3)
رَبيعِ اليّتامى وَ الأراملٍ في الْمَلا *** دَوارِسَ لِلْقُرْآنِ في كُلِّ سَحْرَةِ
وَ أَعْلامِ دينِ المُصْطَفَى وَ وُلاتِهِ *** وَ أَصْحَابِ قُرْبانٍ وَ حَجٌ وَ عُمْرَةِ
يُنادِينَ يا جَدَاهُ أَيَّةُ مِحْنَةٍ *** تَراها عَلَيْنَا مِنْ أُمَيَّةَ مَرَّتِ
صغائِنُ بَدْرٍ بَعْدَ سِتّينَ أَظْهِرَتْ *** وَ كانَتْ أحنّتُ في الحَشَا وَ أُسِرَّتِ
شَهِدْتُ بأن لم تَرْضَ نَفْسٌ بِهذِهِ *** وَ فيها مِنَ الإسلام مِثْقَالُ ذَرَّةٍ
كَأَنِّي بِبِنْتِ المُصْطَفَى قَدْ تَعلَّقَتْ *** يَداها بِسَاقِ الْعَرْشِ وَ الدَّمعَ أَذْرَتِ(4)
و في حِجْرِهَا ثوبُ الحُسَيْنِ مُضَرَّجاً *** وَ عَنْها جَمِيعُ العَالَمِينَ بِحَسْرَةِ
تَقُولُ: أيا عَدْلُ اقْضِ بَيْنِي وَ بَيْنَ مَنْ *** تَعَدَّى عَلَى ابْنِي بَعْدَ قَهْرٍ وَ قَسْوَةِ(5)
أَجَالُوا عَلَيْهِ بِالصَّوارِمِ وَ الْقَنَا *** وَ كَمْ جال فيهِ مِنْ سِنانٍ وَ شَفْرَةِ
ص: 246
عَلى غَيْرِ جُرْم غَيْر إنكارِ بَيْعَةٍ *** لِمُنْسَلِحْ عَنْ دينِ أَحْمَدَ عُرَّةِ(1)
فَيُقْضَى عَلى قَوْمٍ عَلَيْهِ تَأَلَّبُوا *** بِسُوءٍ عَذَابِ النَّارِ مِنْ غَيْرِ فَتْرَةِ
وَ يُسْقَوْنَ مِنْ مَاءِ الصَّدِيدِ إِذا دَنا *** شَوَى الوَجْهَ وَ الأَمْعَاءُ مِنْهُ تَهرَّتِ(2)
مَودَّةُ ذِي الْقُرْبى رَعَوْهَا كَما تَری؟ *** وَ قَوْلُ رَسولِ اللَّهِ: «أُوصِي بِعِترتي»(3)
فكُمْ فَجْرَةٍ قَدْ أَتْبَعُوها بِفَجْرَةٍ *** وَ كَمْ غَدْرَةٍ قَدْ الْحَقُوها بِغَدْرَةِ
هُمُ أوّلُ العادِينَ ظُلْماً عَلَى الْوَرى *** وَ مَنْ سادَ فيهم بالأذَى وَ الْمَضَرَّةِ
مَضَوْا وَ انْقَضَتْ أَيَّامُهُمْ وَ عُهُودُهُمْ *** سِوى لَعْنَةٍ باؤُوا بِها مُسْتَمِرَّةِ(4)
ص: 247
(بحر الطويل)
الشيخ عبد الواحد مظفر (*)(1)
فَيَا بْنَ أَبي سُفْيَانَ كَمْ لَكَ غَدْرَةٍ *** تَناقَلها الأجيالُ في الحَفَلاتِ
وَ فَى لكَ سِبْطُ المُصْطَفَى بِعُهُودِهِ *** وَ خُنْتَ وَ لَمْ تَنْفَكَ ذا غَدَراتِ
أبُوكَ أَبُوسُفْيانَ أَفْجَرُ فاجرٍ *** وَ أنْتَ ابْنُهُ أُورِثْتَ شَرَّ صِفَاتِ
وَ إِنّ الزَّكِيَّ المُجْتَبَى شِبْهُ جَدِّهِ *** بأَخْلاقِهِ الحُسْنَى وَ خَيْرِ سِماتِ
نَفَى عَنْهُ شَيْنَ الرَّيْبِ سِبْطُ مُحَمَّدٍ *** وَ قِسْتَ وَ لَمْ تُقْلِعْ عَنِ الفَجَرَاتِ(2)
وَ تَخْدَعُ أَوْبَاشاً لَدَيْكَ تَجَمَّعَتْ *** مِن الطُّغْم بِالتَّعْلِيل في الشُّبُهَاتِ(3)
فَحَسْبُكَ أَنْ تُنْمَى لِهِنْدِ وَ إِنَّهَا *** لَآكِلَةُ الأَكْبادِ بالشَّهَواتِ
منَ النِّسْوَةِ اللاتي تُعَدُّ فَواجِراً *** مِنَ السُّكْرِ لاتَنْفَتُ في النَّشَواتِ
وَ حَسْبُ الزَّكِيّ المُجْتَبَى أَنَّهُ انْتَمَى *** لِفاطِمَةَ الزهراء بِنْتِ هُداةِ
لَها أُمَّهاتٌ طُهْرُها مُتَيَقَّنٌ *** مِنَ الزَّاكِياتِ النَّفْسِ وَ الخَفِراتِ(4)
ص: 248
أَلِفْنَ مَقاصِيرَ الحِجالِ صِيانةً *** وَ لَمْ يَخْرُجْنَ كَالنِّسوانِ مُبْتَذلاتِ(1)
وَ فاطِمَةُ الزَّهْراءُ سَيِّدةُ النّسا *** مَصُونَةُ وَحْيِ اللَّهِ في الحُجُراتِ(2)
وَ آبَاؤُهُ هَلْ تَلْقَى مِثْلَ مُحَمَّدٍ *** وَ مِثْلَ عَلِيٌّ حَائِضِ الغَمَراتِ
وَ عَمْرُو العُلى أَوْ الحَمْدِ لَمْ يَكُنْ *** كَصَخْرٍ وَ حَرْبٌ دَائِمُ الهَفَواتِ(3)
ص: 249
أَفِيءُ إلى النَّفْسِ الَّتي مَا اسْتَقَرَّتِ *** إِذَا احْتَدَمَتْ في خَمْرَةِ الْيَأْسِ آهَتِي
أُنَهْنِهُ مِنْ مَوْحِ الذُّنونِ وَ أَلْتَجِي *** إلى ساحِلٍ تَرْسُو بِهِ وَكْفُ عَبْرَتِي
فَيا لَكِ مِنْ بَلوى مُرَّ مَذاقها *** إذا ما لُباناتُ النُّفوسِ اسْتَفَزَّتِ(1)
وَ يَا لَكِ مِنْ ذِكْرَى تَحُطُّ بِكَلْكَلٍ *** عَلى جُرْحِ مَسْلُوبِ الْفُؤادِ مُشَبَّتِ(2)
فَتَحْتُ لَهَا كُلَّ الْكُوَى فَتَدَفَّقَتْ *** بِأَسْخَنَ مِنْ نارِ الْمُعاناة مُقْلَتِي
وَ رُحْتُ أرى الزهراء في عوالِمٍ *** مِنَ الرّوح تَسْتَغْشِي دِنَارَ رَزِيَّةِ
علَى المُجْتَبَى حَطَّتْ يَمِيناً وَ أَسْنَدَتْ *** حُسَيْناً إِلى سَمْتِ الشّمالِ وَلَزَّتِ(3)
خُطاوى رَسولِ اللَّهِ شَرْوَى الْخُطى بها *** وَ رَيَّا رَسُولِ اللَّهِ فِي كُلِّ نَفْثَةِ
مُحَرَّقَةُ الأَنْفاسِ وَ الِهَةُ الْخُطَى *** تَهَضَمَها رَيْبُ الزَّمانِ بِعَسْفَةِ
وَ جَشَّمَها مَوْتُ النَّبِيِّ فَوادِحاً *** مِنَ الْخَطْبِ سُدَّتْ دُونَها كُلُّ وِجْهَةِ
هِيَ الدُّرَّةُ الزَّهْراءُ كانَتْ وَ لَمْ تَزَلْ *** تَغَوَّلَهَا الغَوّاصُ فِي بَحْرِ ظُلْمَةِ(4)
وَطَيُّ غَيابَاتِ الصُّدورِ عَوالِمٌ *** مِنَ الدُّجْنِ تُخْفِي مِنْ شُمُوسِ الحَقِيقَةِ
وَ عِنْدَ مَجَسَاتِ اللَّهِي تَعْمُرُ النُّهى *** وَ تَهْوَى إلى الدُّنيا مَعاييرُ قِمَّةِ(5)
وَ إِنَّكَ إِلَّا تَرْتَفِعُ بِقَوادِمٍ *** مِنَ الْخُلْقِ لَمْ تَسْمُقُ إلى ظَهْرِ قُلَّةِ(6)
ص: 251
أَتُنْتَزَعُ الزَّهْراءُ مِنْ حُرِّ ارْثِها *** بِمَرْعُمَةٍ لِيثَتْ عَلَى كُلِّ ظَنَّةِ(1)
وَ كانَ سُلَيْمَانُ لِدَاوُدَ وارثاً *** كَما فَنَّدَتْ خَيْرُ النسا رَثَّ حُجَّةِ(2)
وَ يَا بْنَةَ خَيْرِ الْوارِثِينَ مُحَمَّدٍ *** نَبيَّ الهُدى وَرَتْتِ مِنْ فَيْءٍ جَنَّةِ
قصارٌ لَيالِيكِ التي كُنَّ بَعْدَهُ *** كَذاكَ قَصِيراتٌ لَيالِي الْأَهِلَّةِ
وَآيَاتُ طُهْرٍ فِيكِ بِالذِّكْرِ نُزِّلَتْ *** وَ آلُكِ نَشْوَى مِنْ عَبِيدِ الْفَضِيلَةِ(3)
ص: 252
هنيئاً لَكِ البَيْتُ الْمُوَظَدُ رُكْنُهُ *** نَماهُ رَسولُ اللَّهِ فِي كُلِّ لِبْنَةِ
سُرادِقُ مِنْ مَجْدٍ يَطَالُ عَمُودُهُ *** سَنا الْفَجْرِ إِنْ عمَّتْ دَيَاجٍ وَ جَنَّتِ
وَ بَحْرٌ مِنَ الإِيمَانِ طَامِ عُبابُهُ *** إذا نَضَبَتْ كُلُّ البُحُورِ وَ جفَّتِ(1)
ص: 253
(بحر الوافر)
الشيخ كاظم آل نوح
أبا الزهراءِ قَدْ عُقِدَتْ عَلَيْنَا *** لإخراج الوصيِّ مُؤَامراتُ
و أُخْرِجَ مُرْعَماً لعَمِيدِ تَيْمٍ *** أَتَرْضَى أَهْلُهُ وَهُمُ الأَبَا(1)؟
فَأَيْنَ مَضَوْا وَ قَدْ أَخَذُوا ابْنَ عَمِّي *** أَأَيْقَاظٌ هُمُ أَمْ هُمْ سُبَاتُ(2)؟
فَلَيْتَ أَبَا عِمَارَةَ(3)كَانَ حَيّاً *** وَ جَعْفَرَ أَيْنَ مَنْ قُتِلُوا وَ مَاتُوا؟
خرجتُ وَرَءَاهمْ ودُموعُ عَيْنِي *** تَهلُ كَمَا نَهِلُ الغَادِيَاتُ(4)
ص: 254
وَ صِحْتُ بِهِمْ أَلَا خَلُوا ابْنَ عَمِّي *** فَهَلْ لَكُمُ عَلَى زَوْجِي تِراتُ(1)
فَخَلّوا عَنْهُ ثُمَّ قَصَدْتُ دَارِي *** وَ وِلْدُكَ و البَنَاتُ مُروعَاتُ
وَ بَعْدَكَ قَدْ أَهانُونَا و إِنَّا *** بَقِيْنا لاتطيبُ لنَا الحَيَاةُ(2)
وَ حِيْنَ قَضَتْ وَ جَهَزَهَا عَلِيٌّ *** وَ عَفَى قَبْرَهَا وَ هُمُ سُبَاتُ(3)
وَ لَمَّا أَصْبَحُوا سَمِعُوا بِدَفْنِ *** البَتَولِ وَضَمّ هَيْكَلَها الرُّفَاتُ(4)
وَ مَا عَرَفُوا مكانَ القَبْرِ حَتَّى *** لِهَذَا اليَوْمِ و الخْتَلَفَ الرّواةُ(5)
ص: 255
فَهَلْ دُفِنَتْ بِحُجْرَتِها بِلَيْلٍ *** وَ هَلْ ضُمَّتُ بجُنّتِها الفَلاةُ(1)؟
وَ هَل دُفنَتْ بِقُربِ مِنْ أَبِيْها *** بِقَبْرِ وَ القُبُورُ مُجَدّداتُ(2)؟
و هَلْ ضَمِّ البَقِيعُ لَها وَ هَذا *** يُعَرِّفُنا بِمَا فَعَلَ الجُفَاةُ(3)؟
وَ هَذَا يُلْفِتُ الأَنْظَارَ فِيْمَا *** أَصَابَ مِنْ ابْنِةِ الهَادِي الْجُنَاةُ(4)
ص: 256
(بحر الكامل)
السيد محمد كاظم الكفائي
لاقَيْتُ مِنْ دَهْرِي وَ مِنْ صَدَمَاتِهِ *** حُزناً أَذابَ القَلْبَ فِي حَمَلاتِهِ
وَ رَجَعْتُ أَهْتِفُ لاأرى لِي مُصْغِياً *** يُطْفِي فُؤادِي مِنْ سَنَى لَهَبَاتِهِ
فَبَقِيتُ أَخْضَعُ لِلزَّمانِ وَ فِعْلِهِ *** أَبَدَ الزَّمانِ أُجُورُ مِنْ سَطَواتِهِ
لاتَهْدَأُ الأَرْواحُ مَهُما صَعَّدَتْ *** زَفَراتِها فَالقَلْبُ فِي زَفَراتِهِ
فَاخْضَعْ لِدَهْرِكَ في حَياتِكَ كُلِّها *** وَ احْذَرُ إِذَنْ يا صاحِ مِنْ وَ ثَبَاتِهِ
فالدَّهْرُ يَرْفَعُ لِلَّئِيمَ مَنازِلاً *** وَ تَرَى الْكَرِيمَ يَئِنُّ مِنْ نَكَباتِهِ
يا صاحِ قِف وَانْدُبْ بِصَوْتِكَ حَیْدَراً *** إِنْ كُنتَ مِمَّنْ يَنْتَمِي لِهواتِهِ
إن كُنتَ مِمَّنْ يَعْرِفُ النُّورَ الَّذِي *** يَرْنُو إليهِ القَلْبُ فِي ظُلُماتِه
إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ حَيْدَرَ أَفْضَلُ الباقِينَ *** فِي وَ ثَباتِهِ و ثباتِهِ(1)
فَانْظُرُ إلَى الدَّهْرِ المَشُومِ وَ حُكْمِهِ *** وَ انْظُرْ مَلِيكاً خاضعاً لِعُصاتِهِ
عشرين عاماً ثُمَّ خَمْساً بَعْدَها *** أَضحى يُلاقِي الحُزنَ في سَنَواتِهِ
قَدْ أَنْكَرُوا الحَقَّ الذِي أَمْسَى لَهُ *** وَ نَوَوْا عَلى إيذائِهِ بِحَياتِهِ
يَوْمُ بهِ انْقَلَب الأنامُ جَمِيعُهُمْ *** فِي نِيَّةِ وَ الْمَرْهُ فِي نِيَّاتِهِ
قَدْ أَظْهَرُوا ذاكَ الصَّلالَ وَ أَظْهَرُوا *** حِقْداً تَوارَى الْغَدْرُ في طَيّاتِهِ
وَ لَقَدْ بَدا ذاكَ النّفاقُ بِقَوْلِهِمْ *** هَجَرَ النَّبِيُّ اليَوْمَ في كَلِماتِهِ
ص: 257
وَيْلٌ لَهُمْ قَدْ خَالَفُوهُ وَإِنَّهُ *** حَيٌّ فَلاقَى الغَدْرَ فِي سَكَراتِهِ
وَيْلٌ لَهَا مِنْ أُمَّةٍ مَلْعُونَةٍ *** قَدْ أَجْمَعَتْ في الكُفْرِ قَبْلَ مَمَاتِهِ
هذا يَقُولُ قَضَى مُحَمَّدُ فَانْهَضُوا *** لِيُحَقِّقَ الإِنْسَانُ مِنْ رَغَباتِهِ
وَ لَقَدْ غَدَا الثَّانِي يُكَذِّبُ مَوْتَهُ *** وَ يَقُولُ لَمْ يَمُتِ النَّبِيُّ بِذَاتِهِ
وَ المُرْتَضَى جَاتٍ يُشاهِدُ أُمَةً *** ضَلَّتْ فَتَنْدَى الْأَرْضُ مِنْ عَبَراتِهِ
يَوْمٌ لَعَمْرُكَ ما رَأَيْنَا مِثْلَهُ *** طالَ الضَّلالُ بهِ بِشَرُ طُغَاتِهِ
يَوْمٌ لَعَمْرُكَ ما رَأَيْنَا مِثْلَهُ *** كُلِّ يَئِنُّ الْيَوْمَ مِنْ وَيُلاتِهِ
كُلُّ الذي لاقَتْهُ شِيعَةُ حَيْدَرٍ *** مِنْ يَوْمِهِمْ هَذا وَ مِنْ حَرَكاتِهِ
يَوْمُ السَّقيفَةِ يَوْمُ شَرِّ قَدْ بَدا *** فَوْقَ الْمَلأ، أَللَّهُ مِنْ ساعاتِهِ
يَوْمٌ بِهِ الدِّينُ القَويمُ تَضَعْضَعَتْ *** أَرْكَانُهُ وَ تَزَلْزَلَتْ بِعِدَاتِهِ
قَلَبُوا الحَقِيقَةً يَوْمَ مَوْتِ نَبِيِّهِمْ *** فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا آيَاتِهِ
ماذا أَقُولُ وَ فِي لِساني شَوْكَةٌ *** لايَسْتَطِيعُ النُّطْقَ فِي كَلِماتِهِ
ماذا أقولُ وَكُلُّ قَلْبِي حَسْرَةٌ *** تَنَقَطَعُ الأَحْشَاءُ مِنْ جَذَواتِهِ(1)
إنْ قُلْتُ إِنَّ الظُّهْرَبِنْتَ مُحَمَّدٍ *** ظُلِمَتْ بِهذَا اليَوْمِ فِي غَدَواتِهِ
وَ أَقُولُ إِنَّ الطُّهْرَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ *** أَمْسَتْ تَئِنُّ الْيَوْمَ مِنْ ضَرَباتِهِ
لَمّا أتاها السَّامِرِيُّ لِبَيْتِها *** وَ الْحَمْلُ أَسْقَطَهُ عَلَى عَتَباتِهِ(2)
وَعَدَوْا عَلَى الكَرَّارِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ *** قَيْدُ الْوَصِيَّةِ ناءَ مِنْ حَلَقاتِهِ
قادُوهُ قَهْراً وَ هُوَ سَيْدُ جَمْعِهِمْ *** وَ نَسُوا إمامَ الحَقِّ في سطواتِهِ
لَوْلَا الوَصِيَّةُ ما اسْتَطَاعَ بَغِيُّهُمْ *** يَدْنُو إِلَيْهِ يَقُودُه لِطُغَاتِهِ(3)
ص: 258
(بحر الكامل)
الأستاذ منذر الساعدي
مِنْ وحيِ يومِكِ انتقي كلماتِي *** يا فاطمُ الزهراءُ يا مولاتِي
هانت جرِاحي فيكِ حتى زغردَتْ *** و تفتّتتْ من صيحةٍ آهاتي
ضاءَ الوجودَ سراج مولدكِ الذي *** كالشمس عادَ يضُيءُ في الجنباتِ
و يضوّعُ الزهرَ النديِّ بمرجِهِ *** و الطيرُ يطلقُ أجملَ النَّبَراتِ
يا بضعةَ الهاديِ و سلوةَ روحِهِ *** فجرتُ شعري و انتضيتُ دواتي
في يومك المهيوبِ خُطَّت أسطرٌ *** في خافقِي فتدَّفقتْ نفحاتِي
أتلوكِ هذا الشعرَ فهو خلاصةٌ *** لمحبَّتي و هو الرحيقُ لذاتي
أنا في محبَّتِكِ ارتديتُ كرامةً *** و حسوتُ شهداً طيِّبَ الدفقاتِ
و نضوتُ صبركِ فهو أحسنُ مدرعٍ *** في لجةِ الأحداثِ و الأزماتِ
(يا خيرامِّ) للنبيِّ و قالها *** أُمي البتول بأحلَكِ الساعاتِ
قال الرسولُ بفاطمٍ هي بِضْعَتِي *** و سرورِّ قلبي و ابتهاجُ حياتي
يؤذي فؤادي من نَوَى إيذاءها *** فغداً سيُحرَمُ من شفيعٍ آتِ
و يسرِّني من ذالفاطمةٍ أتى *** يُبدي الولاءَ بأروعِ الوَقَفاتِ
هذي ولادتُكِ الجميلةُ أشرقتْ *** كالنورِ يمحُو دامسَ الظُّلُماتِ
هذي ولادتُكِ أسرَّتْ خاطراً *** أمسى حزيناً باهِتَ القَسَماتِ
لكنّما تبدو المصيبةُ كلُّها *** فيها و ننحى نحنُ للعَبَراتِ
نلهُو قليلاً و السرورُ يحيطُنا *** و إذا بنا فِي أتعسِ اللحَظاتِ
ص: 259
لما تذكَّرنَا الولادةَ بالضَّنى *** و الضلعُ يشكُو قسوةَ الضرباتِ
و البابُ و المسمارُ حين تحدّثا *** قد أجّجا الآلامَ كالحجراتِ
حتی نسينا أننا بولادةٍ *** علويةٍ شعَّت على الفَلَواتِ
لكنَّ آلامَ البتولِ عديدةٌ *** تطغى على الأفراحِ و البَسَماتِ
فتشفَّعِي لِمَنِ ارتجاكِ بهمَّه *** فذنوبُهُ عَطَتْ على الحَسَناتِ
أنتِ لنا يومَ الجزاءِ شفيعةٌ *** فلقَدْ بُلِينا اليومَ بالزلآتِ
ص: 260
(بحر المتقارب)
الأستاذ ناجي داود الحرز
ثمانٌ و عشرٌ من السنوات *** أضاءَتْ بعمرك عمر الحياةْ
أفاطمُ يا أُمَّ خيرالبنين *** و يا بنت خيرِ الذُّرى الشامخاتْ
من الخُلد موهبة للنبيِّ *** براكِ الإلهً العظيمْ الهباتْ
فلّما تفتحتِ كالزّهر في *** الرياضِ الإلهيةِ المشمساتْ
تلقّيتِ من نورِ طه أبيكِ *** الشّعاعَ الذي أخجلَ النيِّراتْ
فكنتِ المنارةَ للسالكين *** على منهج الحقِّ درب الحياةْ
و كنتِ الهداية للمهتدين *** و كنتِ الدليل لَركبِ الهداةْ
***
و أسقتكِ أمُّكِ بنتُ الحنيفِ *** لبانَ التعالِي عن المغرياتْ
و صاغتكِ للطهرِ رمزاً آغارَ *** قلوبَ الملائكِ في الصَّومعاتْ
فكنتِ يداً فصلت بالعفافِ *** و حاكت رداءَ التُّقى للبناتْ
و كنتِ الجمالَ و كنتِ الكمال *** و كنتِ السّعادةَ للمؤمناتْ
***
و لما تنزَّلَ أمرُ اصطفائِكِ *** زوجاً لخير فتيِّ فتاةْ
توسّطتِ بينَ عليّ و أحمدَ *** تستلهمينَ دروسَ الحياةْ
فنلتِ من الهَدِي مالم ينلَهُ *** و ما لم يصلهُ جميعُ الرواةْ
ص: 261
فكنتِ السحابَ الثقال الذي *** تفجَّرَ في لهواةِ الصداةْ
***
و في روحِ شبليكِ ذبتِ الفداء *** فشبّا كما تنهضُ العاصفاتْ
فكنتِ انتفاضَة جذرِ السلام *** الذي علَّم الأرض هزَّ الطغاةْ
و كنتِ المعينَ الذي أورقتْ *** على ضفتيهِ سيوفُ الأباةْ
***
حنانكِ خيرَ نسا العالمين *** من الأوليات إلى الأخرياتْ
فماذا عسى قائلٌ أن يقولَ *** و أنتِ تجاوزتِ كلُّ اللُّغاتْ
هو الصمتُ في حضرةِ الخالدين *** مجالٌ فقد ضاقت المفرداتْ
***
ص: 262
بَرْقٌ تَأَلَّقَ بالحِمَى لِحُماتِها *** أَمْ لامِعُ الأَنْوَارِ في وَجَناتِها
وَ عَبِيرُ نَدٌ عَطَّرَ الأکوانَ أَمْ *** ذا عَنْبَرٌ أَهْدَتْهُ مِنْ نَفَحاتِها(1)
أَكَرِيمَةَ الحَسَبَيْنِ هَلْ مِنْ زَوْرَةٍ *** تَشْفِي الْمُعَنَّى مِن عَنا حَسَراتِها(2)
شاب العِذارُ وَ لَمْ تَشُوبُوا هَجْرَكُمْ *** مِنْهَا بِشَيْءٍ لا وَ لابِعِداتِها(3)
جُودوا وَ لَوْ بالطَّيْفِ إِنَّ خيالَكُمْ *** يُطْفِي مِنَ الأحْشا لَظَى لَهَباتِها
قُمْ يَا خَلِيلُ فَخَلِّ عَنْ تِذْكَارِهِمْ *** وَ احْبِسْ سَخِينَ الدَّمعِ مِنْ عَبْراتِها
يا هَلْ رَأَيْتَ مُتَيَّماً تَمَّتْ له *** في هذِهِ الدُّنْيا سِوَى نَكَباتِها؟
وَ أَعِدْ عَلَيَّ حديثَ وَقْعَةِ نِينَوَى *** وَ لَواعِجَ الأَشْجَانِ فِي ساحاتِها
لِلَّهِ أَيَّةُ وَقْعَةٍ لِمُحَمَّدٍ *** في كَرْبَلا أَرْبَتْ عَلى وَقَعَاتِها
ضَرَبَتْ عِرانَ الذُّلِّ فِي أَنْفِ الْهُدَى *** فَغَدا يُقادُ به بَنُو قاداتِها(4)
للَّهِ مِنْ يَوْمِ بِهِ قَدْ نُكْسَتْ *** تِلْكَ الكُمَاةُ الصِّيدُ عَنْ صَهَواتِها
مَنْ مُخْبِرُ الزّهراءِ أَنَّ حُسَيْنَها *** طُعْمُ الرَّدى وَ العِزُّ مِنْ ساداتِها
أثَرَى دَرَتْ أَنْ الحُسَيْنَ عَلَى الثّرى *** بَيْنَ الْوَرى عَارٍ عَلى تَلَعَاتِها(5)
وَ رُؤُوسُ أَبْناها عَلى سُمْرِ الْقَنَا *** و بناتُها تُهدى إلى شاماتِها
يا فاطِمُ الزَّهْراءُ قُومِي وَ انْدُبِي *** أَسْراكِ في أشراكِ ذُلِّ عِداتِها
ص: 264
يا عَيْنُ جُودِي بِالبُكاءِ و ساعِدِي *** سِنَّ النِّساءِ عَلى مُصابٍ بَناتِها
نَفْسٌ تَذُوبُ وَ حَسْرَةٌ لاتَنْقَضِي *** وَجَوّى عَراها مُدَّ في سنواتِها
هذي المَصائِبُ لايُدَاوَى جُرْحُها *** إلا بِسَكْبِ الدَّمْعِ مِنْ عَبَراتِها
إنّي إذا هَلَّ المُحَرَّمُ هاجَ لي *** حُزْناً يُذِيقُ النَّفْسَ طَعْمَ مَماتِها
يا يَوْمَ عَاشُورَاءَ كَمْ لكَ لَوْعَةٌ *** تَتَفَقَّتُ الأكبادُ مِنْ صَدَماتِها(1)
ص: 265
ص: 266
ص: 267
ص: 268
وَ تَتَابَعَتْ بَعْدَ اغْتصاب حُقوقِهَا *** الأحداثُ فَهيَ صَريعَةُ الْأَحْداثِ(1)
هَاكَ النَّتِيجَةَ مِنْ مَقَالَةِ بَاحِثٍ *** وَدَع الشُّكُوكَ وَ كُلفَةَ الْأَبْحَاثِ
لِلطُّهْرِ ضِلْعٌ هَشَّمَتْها ضَعْطَةٌ *** بِالْبابِ إذْ لا مِنْ حِمَى وَ غِياثِ(2)
و به و بالمِسْمارِ وَ السِّقْطِ اعْتَقِدُ *** ابْعِدْ بِثَانِ قَدْ أَتى بِثَلاثِ(3)
وَ ابْكِ الْبَتُولَ وَ نُحْ عَلَيْها دائماً *** وَاحْثُ التُّرابَ عَلَى الدُّنا يا حاثِي
وَ اعْمُرُ مَدَى الْأَيَّامِ مَأْتَمَها وَصِحْ *** هَيا بِنا لِرِثائِها يا رائِي
ص: 270
(بحر الكامل)
الأستاذ علي محمد الحائري(*)(1)
نادَيْتُ بِاسْمِكَ في الخُطُوب غِيانا *** و الدَّهْرُ أَرْهَضَ مِنْ ذَمَايَ وَعاثا(2)
وَ لَأَنْتَ ذُخْرُ الْمُعْتَفِينَ إذا هُمُ *** حَدُّوا الْمَطِيَّ إِلَى الْمَنُونِ حَثاثا
خُدَعٌ هِيَ الدُّنْيا وَ مَنْ يُعْلِنُ بها *** ليثَتْ بَوائِقُها عَلَيْهِ لِياثا(3)
وَ تَوَهُّمْ هَذَا السَّرابُ فَمَنْ ثَنا *** شَكَمَ الرّغاب و جانَتِ الأرْفاثا(4)
و مَشَى الْهُوَيْنا و الطَّريقُ وَ عُورَةٌ *** وَ وَعى وشَطَّ عَنِ الذُّنُوبِ غِثاثا(5)
وَ امْتَارَ مِنْ طِيبِ الْجِنَانِ غِذاءَهُ *** و استافَ مِنْ نَفْحِ البَتولِ نِفاثا(6)(7)
ثَقُلَتْ بِمِيزان الحِجى حَسَناتُهُ *** وَ زَوَتْ لُبُوسَ الغَيِّ عَنْهُ رَثاثا(8)
ص: 271
يا بِنْتَ مَنْ نَهَجَ الطَّرِيقَ سَنِيَّةً *** وَ دَعا إلى غَرْسِ الْخَلاقِ حِراثا
مَا كَانَ حُبُّكِ غَيْرَ حَبْلِ عَقيدَةٍ *** شَدَّ القُلُوبَ وَ قَدْ لَغِبْنَ لِهاثا(1)
وَ لَقَدْ صَبَرْتِ عَلَى الْفَوادِح بَرَةً *** بِالعَهْدِ إِذْ وُرَّثْتِ منه وِراثا(2)
ما كانَ صَدْرُكِ أَنْ يَضِيقَ وَ قَدْ *** رَوَى الإيمانُ حَقْلَ يَقينكِ الميَّاثا(3)
دَوْحُ النُّبوَّةِ أنْتِ مِنْ أَعْيَاصِها *** فَإذا وَهَنْتِ فَمَا بَقِينَ لباثا(4)
و كذلكَ العَنْقَاهُ كُلُّ رُوَيْشَةٍ *** فُتِلَتْ بِهَا مَا إِنْ تُحَلَّ نِكاثا
هَذا الغِراسُ الفَذُّ و النَّبْتُ الذي *** ما إنْ يُصَوَّحُ في الزَّمانِ غِثاثا
وَ هُنَا عَلَى جَدَثِ الحُسَيْنِ شَهادَةً *** مِمَّا سَنَنْتِ شَاى بها الأجداثا
أيْنَ القُبورُ العَافِناتُ تُرابُها *** ذَرَّالْخَنا حباتِهنَّ وَلاثا(5)
ص: 272
ص: 274
لكَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِ بِأَيْدِي الحَوادِثِ *** لَعِبْنَ بِهِ الْأَشْجَانُ لُعْبَةَ عَابِثِ
تَمُرُّ بِهِ الأفراح مَرَّةَ مُسْرعٍ *** وَ تُوقِفُهُ الأتراحُ وقَفَةَ مَاكِثِ
تَذَكَرْتُ مِنْ أرْزاءِ آلِ مُحَمَّدٍ *** مَصائِبَ جَلَّتْ مِنْ قَدِيم وَ حادِثِ
عَشِيَّةَ خان المصطفى كُلُّ غادِرٍ *** وَ بَزَّ حُقُوقَ المُرْتَضى كُلِّ نَاكِثِ(1)
وَ هَاجَتْ عَلَى الزَّهْراءِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ *** دَفَائِنُ أَضْغَانٍ رَمَوْها بِنابِثِ
فَالَمَها في سَوْطِهِ كُلُّ ظَالِم *** وَ دَفَعَها عَنْ حَقِّهَا كُلُّ رافِثِ(2)
وَ رَدّوا الهُدَى و الدِّينَ في الأَرْضِ دَوْلةً *** تُداوَلُ فِيها بَيْنَهُمْ كَالْمَوارِثِ
فَأَدْلى إلى (الثاني) بِهَا شَرُّ (أَوَّلٍ) *** وَ دَسَّى بها الثَّانِي إِلَى شَرِّ (ثَالِثِ)(3)
وَ ما ذَاكَ إلا أنَّهُمْ مَا تَمَسَّكُوا *** مِنَ الدِّينِ حَتَّى بِالْحِبالِ الرَّثائِثِ
ص: 275
إلَى أنْ دَبَتْ تَسْرِي بِسُمٌ نِفاقِهِمْ *** إلى كَرْبَلا رَقْشُ الأفاعِي النَّوافِثِ
فَأَحْنَتْ عَلَى آلِ النَّبِيِّ بِوَقعَةٍ *** بها عاثَ فِي شَمْلِ الهُدَى كُلُّ عَائِثِ
غَداةَ اسْتَغاثَ الدِّينُ بِابْنِ نَبِيِّهِ *** فَهَبَّ له مِنْ نُصْرَةٍ خَيْرُ غَائِثِ
بِحِلمٍ إذَا اشْتَدَّ الْبَلاغَيْرَ طَائِشِ *** وَ عَزمِ إِذَا الدَّاعِي دَعَا غَيْرَ رايثِ
و نَجْدَةِ عَزْمٍ مِنْ (لَوِيِّ) وُجُوهِهِمْ *** تُعَدُّ لِكَشْفِ النَّائِباتِ الْكَوارِثِ
رمى لَهَواتِ الْخَطب فِيهِمْ فَجَرَّدُوا *** مِنَ الْعَزْمِ أَمْثالُ الرِّقاقِ الْفَوارِثِ(1)
و هاجُوا اشتياقاً لِلْهِياج كَأَنَّما *** لَهُمْ في الوَغَى خَوْرُ الظَّباءِ الرَّواعِثِ(2)
وَ أَطْرَبَهُمْ وَقُعُ الظُّبا فَكَأَنَّهُ *** رَنِينُ (الْمَثَانِي) عِنْدَهُمْ (و الْمَثَالِثِ)
لَقَدْ ثَبَتُوا في مَوْقِفٍ هانَ عِنْدَهُ *** زَوالُ الْجِبالِ الرّاسِياتِ المَواكِثِ
وَ لمَّا قَضَوْا مِنْ ذِمَّةِ الْمَجْدِ حَقَّهَا *** وَ صَانُوا حِمَى التَّوْحِيدِ مِنْ شَعْثِ شَاعِثِ
مَضَوْا تَأْرَجُ الْأَرْجَاءُ مِنْ طِيبِ ذِكْرِهِمْ *** وَ تُسْتَدْفَعُ اللَّدُّوا بِهِمْ في الهنابِثِ(3)
وَ ما رَحَلُوا إلا بكُلِّ كريمةٍ *** بها أَلْبَسُوا (حَرْباً) ثِيَابَ الْخَبَائِثِ
(أباحَسَنٍ) يَهْنِيكَ مَجْدٌ مُؤَثَّلٌ *** لِأَبْنَاكَ مَعْقُودُ القَدِيمِ بِحَادِثِ
لَقَدْ جَدَّدُوا ذِكْراً لِعُلياكَ ما عَفى *** وَغُرَّ مَساعِ مِنْكَ غَيْرَ رَثَّائِثِ
لأَوْرَثْتَهُمْ ذاكَ الْحِفاظ و ما بِهِمْ *** وَ عُلياهُمُ مِنْ حاجَةٍ لِلتَّوارُثِ
مَصاعِبُ تَأْبَى لَوْثَةَ الذُّلِّ مِنْهُمُ *** مَفارِقُ لَمْ تُعْصَبْ بِضَيْمِ لِلائِثِ
وما فُجِعَتْ أُمُّ الإباءِ بِمِثْلِهِمْ *** أَجَادِلُ أَضْحَتْ مَغْنَماً لِلْأَباغِثِ
وَ عَزَّ على الإسلامِ يَوْمُهُمُ الَّذِي *** أُحِيطُوا بِهِ بِالمَارِقِينَ النَّواكِثِ
وَما فَشِلُوا لَكِنْ جَرى نافِذُ الْقَضا *** بِأَنَّ بِهِمْ لِلدِّينِ لَمَّ الْمَشَاعِثِ
ص: 276
وَ ما بَرحُوا حتَّى تَفانَوْا عَلَى الْهُدَى *** وغاثَ بهم في سَيْلِهِ كُلُّ غَائِثِ
فَلَهْفِي لَهُمْ مِنْ كُلِّ لاهِبِ عَزْمَةٍ *** تَنَاهَشَ مِنْ أَشْلائِهِ كُلُّ لاهِثِ
وَ مِنْ غارِثٍ ظامِ وَ لَيْسَتْ ظَوامِياً *** صُدُورُ القَنا مِنْهُ وَلا بِغَوارِثِ(1)
وَ فِي الْأَسْرِ كَمْ مِنْ بِنْتِ وَحْيِ سَرَوْابِهَا *** إِلَى الشَّامِ فَوْقَ الْمُزْعِجاتِ الدَّلائِثِ(2)
وَ مُرْضِعَةٍ غَصَّتْ بِرُزْهِ رَضِيعِها *** فَحَنَّتْ حَنِينَ الهائِمَاتِ الرَّواغِثِ(3)
أبا حَسَنٍ ما كُنْتَ إِنْ صَارِخٌ دَعَا *** لِتَسْعَدَ بِالْوَانِي وَ لَاالمُتَماكِثِ
و تِلْكَ نِساكُمْ مُذْ أَحَاطَتْ بِهَا الْعِدَى *** دَعَتْ بِالْمُلاجِي مِنْكُمُ وَ المُغَاوِثِ(4)
فَما عَثَرَتْ بِالأَسْرِ مِنْكُمْ بِمُنْجِدٍ *** وَ لاظَفِرَتْ فِي السَّبْيِ مِنْكُمْ بِغَائِثِ
وَ ما هَاجَكُمْ مِنْ نَعْيِهَا نَوْحُ نائِحٍ *** وَ لَاهَزَّكُمْ مِنْ عَتْبِهَا بَعْثُ بَاعِثِ
وَ أَنْتُمْ مَساعِيرُ الهِياجِ مَواقِداً *** تُسَعِّرُ في أَسْيَافِكُمْ لالِحَارِثِ
رِزانُ الْحِجى لكِنْ تَطِيشُونَ في خُطا *** إلى دَعْوَةِ الْمُسْتَصْرِخِينَ حَثَائِثِ
فَلا صَبْرَ حتَّى تَرْجِعَ البيضُ مِنْهُمُ *** تَفِيضُ دَماً فَيْضَ الْجَوارِي الطَوامِثِ
وَ حَتّى تُثِيرَ الخيْلُ كُلَّ عَجَاجَةٍ *** يُرَى الْجَوُّ منها كَالْمَلَا الْمُتَواعِثِ(5)
وَ مُقْصِرَةٍ عُمْرَ العَدُوِّ إِذَا انْبَرَتْ *** عَلَى الضَّنْكِ مِنْكُمْ بِالطُّوالِ المَلاوِثِ(6)
وَ لاصَبْرَ حتَّى تَجْعَلُوا الصَّبْرَ مَشْرَباً *** لِقَوْمِ لَهُمْ لَذَّتْ طُعُومُ الحَبائِثِ
يميناً بني الهادِي بِفُرْقَانِ مَجْدِكُمْ *** وَ ما أَنَا بِالفُرْقَانِ يَوْماً بِحانِثِ
لَقَدْ غَرَسَتْ أَرْزَاؤُكُمْ فِي حَشَاشَتِي *** مِنَ الْوَجْدِ أَفْنَانَ الشُّجُونِ الْأَثَائِثِ
ص: 277
تَبْتَنِ عَلَى جَمْرٍ قَدِيمِ مِنَ الْجَوَى *** يَشُبُّ عَلى مَرِّ الليالي الحَوادِثِ
مَصائِبُ أَشْجَتْنِي وَ صَيَّرْنَ مقوّلِي *** يَنُوبُ لَكُمْ مِنْ كُلِّ رَقْشَاءَ نَافِثِ
نَوافِذُ في أَعْدائِكُمْ وَ لِنَوْحِكُمْ *** إِلَى الْبَعْثِ عادَتْ مِنْ أشدِّ الْبَواعِثِ
مراثي تُذِيبُ الصَّخْرَ إِنْ عِشْتُ نُحْتُكُمْ *** بِهِنَّ و إنْ أَهْلِك يَرْثِهِنَّ وارِثِي(1)
ص: 278
ص: 279
ص: 280
(بحر البسيط)
الشيخ عبد الستار الكاظمي(*)(1)
لا رُسلَنَّ بَرِيداً غَيْرَ مُنْعَرجٍ *** إلا إلَيْكِ بِلا أَمَتٍ وَلا عِوَجِ
وَ إِنْ يَكُنْ، فَلِأَنَّ الْقَلْبَ يَعْمُرُهُ *** فَيْضُ اعْتِقادٍ طَغَى مِنْ أَعْمَقِ اللُّجَجِ
وَ قَدْ رَأَيْتُكِ يا زَهْرَاءُ مُزْهِرَةً *** شَمْساً لِتَهْدِيَ مِنْ إِشْرَاقِهَا الْوَهَجِ
عَفْواً وَ هَلْ لِضياءِ الشَّمْسِ مِنْ أَثَرٍ *** وَسْطَ الْقُلُوبِ وَ أَنْتِ قُمْتِ فِي الْمُهَجِ
و هَلْ سِواكِ لَنا مِنْ حُجَّةٍ ظَهَرَتْ *** و ابْنُ الرِّضا قالَ أُمِّي حُجَّةُ الْحُجَحِ(2)
أَمِنْ بَراهِينَ حَتَّى يَنْتَهِي لَغَطٌ *** لِقَوْمِ سُوءٍ و جِلْفٍ(3) أَهْوَجٍ هَمَجِي
نَحْوَ الضَّلالَةِ بِاسْمِ الإِنْفَتاحِ أَتَى *** لِفَتْحِ بَابٍ عَلى أَهْوائِهِ رَتَجِ(4)
وَ مَنْ يُصَدِّقُ َذا الْغَواءَ أَنَّ لَهُ *** نُسْكاً يُمَرِّرُ في تَزْوِيقِهِ السَّمجِ(5)
وَ يَحْسَبُ الْحَقَّ غَوْغَانِيَةً طَفِقَتْ *** و لم يَقُمُ دُونَها فِي الْمَوْقِفِ الْحَرِج
يا خَط ماسُونَ دَعْ ما كُنْتَ تَطْرَحُهُ *** مِنَ الْفُضُولِ أَمامَ الْأَعْيُنِ الدُّعُج(6)
وَ اسْتَنْصِحِ الْعَدْلَ لَوْ أَنْصَفْتَ إِذْ صَرَخَتْ *** بِكَ الشَّرِيعةُ قَدْ أَفْرَيْتَ لِي وَدَجِي
ص: 281
حَقَّقَتَ أَحْلامَ وَقابِيَّةٍ نَصَبَتْ *** رُؤُوسَ غَيْ لِبَابِ الرّشدِ لَمْ تَلِج
دَع الْأَبَاطِيلَ وَ اهْدَأْ لاتَجُرُ عَنَتاً *** وَ صَوتُ طَيْشِكَ مَنْ يَسْمَعُهُ يَنْزَعِجِ
كُمْ كَانَ قَبْلَكَ لِلتَّجْدِيدِ دَعْوَتُهُ *** فَأَفْسَدَ الْأَمْرَ في التَّضْلِيلِ وَ الْمَرَجِ
وَإِنَّ إسْلامَنا مِنْ نُورِ فاطِمَةٌ *** أَضْحَى كَأَعْظم نَهْجِ لاحِبٍ بَهِجِ
هَلاً يَقولُ رَسُولُ اللَّهِ فَاطِمَةٌ *** حَوْراءُ إِنْسِيَّةُ التَّكوينِ و الْمَشَجِ(1)
زَهْرَاءُ مِنْ نُورِهَا الْجَنَّاتُ مُشْرِقَةٌ *** كَشَغْرِ وَجْهِ عَمُودِ الصُّبْحِ مُنْبَلِجِ(2)
تَبَسَّمَ الْحَقُّ وَ ازْدَانَتْ مَعَالِمُهُ *** في ظِلُّ أُمِّ الْهُداةِ الْأَنْجمِ السُّرُجِ
هِيَ الْمَوَدَّةُ وَ الْقُرْبَى وَآيَتُها *** تَسْتَلُّ أَلْوِيَةَ الْبُرْهانِ وَ الْحُجَجِ(3)
أوْكَلْتُ أَمْرِي عَلَيْها فَهْيَ مُعْتَمَدِي *** وَ ذِكْرُها أَبَداً فِي تَغْرِيَ اللَّهِجِ(4)
ص: 282
في حُبِّها عِشْتُ مَأْموناً وَلِي أَمَلٌ *** عَلَى شَفَاعَتِهَا فِي وَقْتِ مُندْرَجِي(1)
لِكُلِّ قَوْمِ تَقالِيدٌ وَ مَنْهَجَةٌ *** تَسِيرُ حُكْمَا بِمَفْهُومَيْهِمَا الثَّبَجِ(2)
وَ أَيُّ مِلَّة لَمْ تُحْيِي الطقوس بِها *** في ذِكْرِ رَمْزِ تَفَضل بَيْنَهُمْ وَلِجِ
في بَيْتِ لَحْمِ دَكَّةٌ نُصِبَتْ *** تَأْتِي الْيَهُودُ إِلَيْهَا نَحْوَ مُنْفَرَجِ
يُحْيُونَ ذِكرى أَصَالِيلَ وَ فِي سَفَهٍ *** يُؤَمِّلُونَ حِبَالَ النَّفْسِ بِاللُّجَجِ
وَ حَافِراً لِحِمَارِ لِلْمَسِيحِ لَهُ *** بَيْنَ الكَنائِسِ أَرْجَازٌ مِنَ الْهَزَجِ
و لِلْمَجُوسِ زَرادشتِ الَّذِي انْصَرَمَتْ *** عَلَيْهِ عِدَّةُ آلافٍ مِنَ الْحِجَجِ
لِلْآنَ تَنْظُرُه نِيراناً تُقَدِّسُها *** بِاسْمٍ الشَّيَاطِينِ يا لَلشِّدَّةِ انْفَرِجِي
وَ نَحْنُ قُرآنُنَا الْمَكْنُونُ يُنْبِتُنا *** في مُحْكَم الذِّكْرِ في تِبْيَانِهِ الْفَلَجِ(3)
أَلْوِتْرُ فَاطِمَةٌ طُهْرٌ مُطَهَّرَةٌ *** مِنْ أَهْلِ بَيتٍ سَمَا كَالرُّوحِ فِي الْمُهَجِ
بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَ الهادي يُبَشِّرُها *** في سُرْعَةِ الْأَجَلِ الْمَحْتُومِ حين هَجِي(4)
ص: 283
وَرَاحَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ فَاسْتَبَقَتْ *** تِلْكَ الصِّباعُ عَلَى الزَّهْراءِ في رَهَجِ(1)
إذْ رَوْعُوها وخَلْف البابِ باغَتَها *** ذاكَ الظُّلُومُ بِدَفْعِ حانِقٍ سَمِج(2)
أَنَّتْ وَ نَاحَتْ فَناحَ الْكَوْنَ مُكْتَئِباً *** وَ الشَّرْعُ ضَجَّ لَها فِي عَبْرَةٍ نَشَجِ(3)
لِكَسْرِ ضِلْعِكِ أَضْلاعُ الْهُدَى كُسِرَتْ *** وَ عُفِّرَ الْعَدْلُ في دَهْمَاءَ مُدَّلِجِ
وَاحَرَّ قلبي لِذاكَ السِّقْطِ إِذْ فَطَمَتْ *** يَدُ الْمَنُونِ بِرَأْياه لِمُنْدَرِجِ(4)
وَ الَهُفَتاهُ عَلَيْها بَعْدَمُحْسِنِها *** فَحَالُها ظَلَّ فِي طُولِ الزَّمَانِ شَجِي
يَا بْنَ البقولِ أَغِثنا فَالْبَلاءُ بِنَا *** سَاجِ مِنَ الظُّلْمِ كَاللَّيْلِ البَهِيمِ سَجِي
وَ ضاقَتِ الْأَرْضُ مِنْ جَوْرٍ كَما مُلِئَتْ *** مِنَ المَفَاسِدِ و الأيامِ في مَرَجِ
فَانْهَضْ بِطَلْعَتِكَ الغَرّاءِ مُنْتَفِضاً *** لِكَشْفِ هَمَّ بِصَدْرِ الطُّهْرِ مُعْتَلِجِ(5)
وَ قَبْرُ فَاطِمَةَ المَجْهُولُ تَعْلَمُهُ *** لِلنَّارِ يَحْتَسِبُ الأَحْزَانَ لِلْفَرَجِ(6)
ص: 284
(بحر الخفيف)
الأستاذ علي محمد الحائري(*)(1)
فَلْجِي بِالْهَوى قَوافِيَّ فَلْجا *** هُنَّ لوَلاكِ قَدْ تَوَلَّدْنَ خَدْجا(2)
مَرْكَبِي الشِّعْرُ يَمْتَطِي الْمَوْجَ رَهْواً *** بِشِراع من آل ياسينَ مُزْجى(3)
مِنْ هُمْ سِراجِي إذا تَعَسَّفَتِ الْأَحْلاكُ *** يُظفِين في الغِياباتِ سُرجا(4)
وَ هُمُ الحافِلُونَ ضَرْعِي مِنَ الدَّرِّ *** إذا بَكَأَ الرَّجَاءُ وَلَجَا(5)
وَ هُمُ المالثونَ هَذَا الْخَوَاءَ المُرَّ *** فِي غَرْسَتِي، و لاثَمَّ مَنْجى(6)
يا سُهاد الغريبِ عَلقَ بالنَّجم *** جُفُوناً وَحَطَّ بالظَّنِّ سَرْجا
و التِّباعُ الْمَهِيضِ حِيصَ مِنَ الرِّيشِ *** وَ شُجَّتْ بهِ الْأَصَالِعُ شَجَّا(7)
و غَرابيبُ من طُيُوفٍ تَلَقَّعْنَ *** مُسُوخاً وَحِمْنَ شَوْهاءَ سَمْجا(8)
ص: 285
و تُخُومُ المَجْهولِ وَسْطَ قَفْرِ اليأسِ *** تُمْلِي الْمَدَى غُباراً وَ رَهْجا(1)
فَهيَ لَوْلا الأسى بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ *** لَمْ آلُها سماحاً و فَرْجا
قُلْتُ لِلنَّفْسِ هَوْنِي ثُمَّ هِيدِي *** وَلِجِي الصَّبْرَ فِي المُلِمَاتِ وَلَجا(2)
إنَّ هذا الأتُونَ حَابَ أُواراً *** إنَّ هذا الرِّهانَ بِالْخَلْقِ يَفْجا(3)
فَخُذِي خِلَّةَ البَهالِيلِ خِيماً *** وَ اسْلُكِي مَنْهَجَ الْفَواطِمِ نَهْجا
إنَّ دَهْراً الوَى بِهِنَّ لِدَهْر *** شِيبَ وَرُدُ الأحرارِ فيه وَمَجا
وَ زَماناً سَاوى مَعَ الْقِمَمِ الْوَهْدَ *** زَماناً ما إن بهِ النُّصْفُ يُرجى(4)
و دُموعُ الزَّهراءِ في شِدَّةِ اللَّأْواءِ *** أشجى مِنْ دَمْعَتَيْكَ وَ أَشْجى(5)
(بنتُ مَنْ أُمُّ مَنْ حَلِيلَةُ مَنْ)؟ *** هَلْ مُدانٌ لَهُمْ عُلُوّاً وَ يُرْجا(6)
ص: 286
يا هَوانَ الّذي تَجاهَلَ مِنْها *** شَرَفاً باذخاً و حُسْناً وَ مَلْجا
هُمْ قِلاعُ الْإِيمَانِ و الدَّوْحَةُ الفَرْعاءُ *** مَدَّ الزَّمانِ تَأَرَجُ ارْجا
بهم باهَلَ الرَّسُولُ وَ عَنْهُمْ *** ذَهَبَ الرّجسُ طَاهِرِينَ وَهْجا
لِلبِلَى ثَوْرَى النُّفُوسِ مَالٌ *** فإذا مَا انْطَفَى اللَّظى رُحْنَ دَرْجا
وَ لَعُوبٌ طبع الليالي وَ وَهُمٌ *** إِنْ تَصادى وإنْ تَطَرَّيْنَ غَنْجا(1)
ص: 287
لنَكْثِ أُناسٍ لَمْ يُطِيعُوا نَبِيَّهِم *** وَشَطَ بِهِمْ دَرْبٌ من الغَدْرِ أَعْوَجُ
هُمُ اسْسُوا ظُلْمَ النَّبِي وَآلِهِ *** وسُنَّ بهم للظُّلمِ و الجُورِ مَنْهَجُ
أرادوا عَلِيّاً أنْ يُبابِعَ تَيْمَها *** و قادُوهُ قَسْراً بالجِبالِ وَ أَزْعَجُوا(1)
وَ قَدْ غَصَبُوا الزَّهْراءَ نِحْلةَ ربِّها *** وَ حُكْمَ في بَيْتِ النُّبُوَّةِ أَهْوَجُ(2)
و دَارُوا على آلِ الرِّسالةِ جَهْرَةً *** وَ صاحَ شَقِيُّ القَوْمِ لِلبَيْعَةِ اخْرُجُوا
و إلا حَرَقْتُ الدّارَ قالُوا: فَفَاطِمْ؟ *** فَقَالَ: و انْ كانَتْ فَإِنِّي مؤججُ(3)
أراعُوا كَيَوْمِ الشِّعب آلَ مُحَمَّدٍ *** وَ لِلْحَطَبِ الْجَزْلِ الْمُجَمَّع أَجَّجُوا(4)
بَلَى أَضْرَمُوا النيران في بَابِ فاطمٍ *** فَصَارَتْ عَلَيْها نارُهُمْ تتوَهَّجُ
و دَافَعَها الرِّجْسُ الشَّقِيُّ بِكَفِّهِ *** وَرامَ انْفِتَاحَ البابِ وَ البَابُ مُرْتَجُ
وَ مِن خَلقِهِ تَدْعُو البَتُولُ مُحَمَّداً *** وَ عَبْرَتُها بَيْنَ الجُفُونِ تَلَجْلَجُ
أبِي يا رَسُولَ اللَّهِ هذا عَتِيقُهُمْ *** وَذا ابنُ صُهاك للشَّرِيعَةِ انْهَجُوا
لَقَدْ ضَرَبُوا بالسَّوْطِ زِنْدِي كأَنَّما *** بِهِ مِنْ بَقايَا ضَرْبَةِ السَّوْطِ دُمْلُجُ(5)
وَ قَدْ كَسَروا ضِلْعِي وَ أَسْقَطَ عَصْرُهُمْ *** جَنِينِي وَ نَفْسِي بَيْنَ صَدْرِي تُحَشْرِجُ(6)
وَ قَدْ نَبَتَ المسمار في الصلع يا أبي *** فَهذي دمائِي و المَدَامِعُ تُمْزَجُ
وَ ما كَانَ يَوْمُ الطَّفْ إِلا بِمَا جَنَتْ *** سَقِيفَتُهُم إذ القَحَتْ رَبثَ تُنْتِجُ(7)
فَذَا كَسْرُ ضِلْعِي مِثْلُ رَضِّ ضُلُوعِهِ *** وَذا بَابُ دارِي كَالْخِيامِ تَأجَّجُ
وَ هَذا جَنِينِي مُسْقَطاً مِثْلُ طِفْلِهِ *** ذَبِيحاً لِشُرْبِ المَاءِ يَبكي وَ يَلْهَجُ
ص: 289
و هذي جُمُوعُ المُرْهِجِينَ بِيَثْرِب *** كَخَيْلِ بَنِي سُفْيانَ في الطَّلفٌ تُرْهِجُ(1)
فَلِلَّهِ رُزْهُ لَمْ تَرَ العَيْنُ مِثْلَهُ *** وَ مَا فَزِعَتْ أَوْسَ عَلَيْهِ وَ خَزْرَجُ
أَتُمْنَعُ بِنْتُ المُصْطَفَى النَّوْحَ عِنْدَهُ *** وَ تَبْكِي بِبَيْتِ الحُزْنِ سِرّاً وَ تَنْشُحُ؟
فَإِنْ ضَمَّها صُبْحٌ فَبِالْحُزْنِ مُظْلِمٌ *** وَ إِنْ جَنَّهَا لَيْل فَبالدَّمْعِ مُسْرَجُ(2)
وَ مِنْ عَجَبِ الأيّامِ وَالدَّهْرُ كُلُّهُ *** عَجَائِبُ في أحداثِهِ يَتَمَوَّجُ
بأنْ تَبِعُوا الحَمْراءَ لَمَّا أَتَتْهُمُ *** عَلَى جَمَلٍ بَيْنَ الرِّجالِ تَبَرَّجُ
وَ لَمْ يَتبعوا الزهراءَ لَمَّا أَتَتْهُمُ *** تُداعِي بِحَقِّ اللَّهِ وَ الحَقُّ أَبْلَجُ
فَلَوْ حَضَرُوا في كَرْبَلاءَ لأَلْجَمُوا *** خُبُول ضَلالٍ لِلْقِتالِ وَ أَسْرَجُوا
فيا قَائِماً بِالنَّارِ مِنْ آلِ أَحْمَدٍ *** مَتَى تَشْتَفِي مِنّا الصُّدورُ وَ تُخْلَجُ
يصَلبِكَ فَوْقَ الجِذْع جِبْتَ ضَلالَةٍ *** وَ طاغُوتَها؛ كُلِّ طَرِيَّا سَيُخْرَجُ(3)
لَيَخترقا فيما لُهُ أمس جَمَّعُوا *** وَ ذاكَ قِصاصُ الله أَعْلَى و أَفْلَجُ
عَلَيْكِ سَلامُ اللَّهِ سَيِّدَةَ النِّسا *** فَلِي بِكُمُ حَبْلٌ مِنَ الشَّعرِ أَوْشَجُ(4)
إذا احتاجَكُمْ عَبْدٌ لِدُنْيَاهُ طَالِبٌ *** فَإِنِّي إليْكُمْ فِي القِيامَةِ أَحْوَجُ
ص: 290
(بحر الكامل)
الشيخ محمد علي اليعقوبي (*)(1)
مالي ما لي سِوَى الهادي النَّبِيِّ وَآلِهِ *** حِصْنَ إِلَيْهِ لَدَى الشَّدائِدِ أَلْتَجِي
أَنا مُرْتَجِ لَهُمْ وَإِنْ نَزَلَ الرّجا *** بِسِواهُمُ يَنْزِلْ بِبابٍ مُرْتَ مُرْتَجِ
مَا بَيْنَ مَسْمُومٍ وَبَيْنَ مُشَرَّدٍ *** وَ مُجَدَّلٍ بِدَمِ الْوَرِيدِ مُضَرَّجِ
***
بَيْتُ بهِ الْأَمْلاكُ تَهْبِطُ خُشعاً *** وَ إلَى السَّمَا مِنْ غَيْرِهِ لم يَعْرُجِ
دَرَجَتْ لِهَتْكِ حِجابِهِ عُصُبُ الشَّقا *** وَ المُصْطَفى بِرِدائِهِ لَمْ يُدْرَجِ(2)
غَضِبَ النَّبِيُّ لِزَيْنَبٍ مُذْرَاعَها *** (هَبَارُ) حَتَّى أَسْقَطَتْ في الهَوْدَجِ(3)
ما كانَ يَصْنَعُ لَوْ يُشَاهِدُ فَاطِماً *** تَرْتاعُ مِنْ ضَرْبِ العُتُلُ الأهْوَجِ(4)
ص: 291
حتى قَضَتْ وَ مِنَ السَّيَاطِ بِجَنْبِها *** أَثَرُ وَفي أَعْضَادِها كالدُّمْلُجِ
أَبْكِي لِضَيْعَتِها وَضَيْعَةِ قَبْرِهَا *** أَمْ دَفْنِها في حالِكِ اللَّيْلِ الدَّجِي(1)
ص: 292
ص: 293
ص: 294
(بحر الخفيف)
الأستاذ جاسم محمد الصحيح (*)(1)
نورُ ذكراكِ فكَّ قيدَ الصَّباحِ *** فازدَهى الكونُ بالشُّموس الضَّواحِي
و استفاقت من الكَرَى مُقلةُ الآ *** مالِ ترنُو إلى الضُّحى اللَّماحِ
و أطَلَّ التحريرُ من كُوَّةِ النور*** يُنادي بصوتِهِ الصَّدَّاحِ
يا زمان الضلالِ شيِّع أمانيك *** فقد ثارَ ثائرُ الإصلاحِ
واضغ يا موكبَ الظّلام ألا لتسمعَ *** إيقاعَ موكبِ الإصباحِ
***
يابنةَ الطيبينَ ميلادُك السمحُ *** نشيدٌ على ثُغورِ الأفاحِ
يزرعُ الحُبَّ في رُبُوع المُحبِّينَ *** رياضاً مُخضرةً الأدواحِ
يالحُلمٍ تحضَّن الصَّخرَ شَوقاً *** فتشظَّى عن ألفِ آحٍ و آحِ
یا لإطلالةٍ تمايسَ فيها الأنسُ *** فاختالَ في جميلِ و شاحِ
شعَّ من وجهِ (أحمدَ) حينما التاحَ *** أساريرَ وَجهكِ الوضَّاحِ
و التقتهُ «خديجةٌ» في حُنُو *** مُشفقٍ فوقَ مهدِكِ النفّاحِ
فطوى الحزنُ بُرْدَهُ و أطلتْ *** تتهادى مواكبُ الأفراحِ
تستثيرُ البيانَ في نشوةِ الذِّکْرِ *** فهبَّتْ فوارسُ الإنصاحِ
ص: 295
وانْتدى السّامرونَ فاصطفَّت الأقداحُ *** ظمآى إلى السَّلافِ الصُّراحِ
فَفَضَضْنا الختامَ عن كُلِّ رُوحِ *** و سكبنا الأرواحَ في الأقداحِ
و انبرى الشعرُ يعزفُ النَّغمَ العذْب *** و يجلُو عرائسَ الأمْداحِ
فإذا الحفلُ مائسُ العطْفِ ما بينَ *** كؤوس النُّهى و شدو الفصَاحِ
ساعةً و انطوى النّديُّ و أغفى *** سامرُ الحيّ بعدَ طُولِ صُدّاحِ
فتساميتُ في سمائكِ إحساساً *** أُناجيك رافعاً ألواحِي
عيدُك السَّمْحُ روضةُ لاقتطافِ الأُنس *** منْها أم لاقتطاف الصَّلاحِ
أتَرَى استلهمَ المحبونَ ما أمْلَتْ *** عليهِم روائعُ المُدَّاحِ
حيثْ ذكراكِ موسمٌ يغدقُ *** الأثمارَ ريّاً من التُّقى و الفلاحِ
نجتَنِي من قطافِها عِبَراً *** غَرّاءَ تَفْتَنُّ بالهُدى و السَّماحِ
تُنبىءُ الصّامدين كيفَ قَهَرَتِ *** الريح والموْجَ في خضَمِّ الكفَّاحِ
تُنبىءُ الصّامدينَ كيفَ تهاوى *** دُونَ شُمَّ الذُّرى غرورُ النطاحِ
كيف خُضْتِ الجهادَ حافيةَ الأقدام *** هُزءاً بجَمْرهِ و اللفّاحِ
ألهبي في كياننا جذوة الوعي *** فقد آل وقدُها للبَرَاحِ
و اسكبِي في القلوب روح الشُّجاعاتِ *** فَقَد راعَها خيالُ السَّلاحِ
***
يا غرامَ القلوبِ ينسابُ فيهن *** برَوْحِ الصَّبابَةِ الفَوَّاِح
نحنُ آلُ الغَرَامِ شيعتُك الماضونَ *** في دَرْبِ هديكِ المِسماحِ
حارَبتْنا على هواك أولُوا الطُّغيان *** من كُلِّ مُجْرمٍ سَفّاحِ
و أدارتْ ما بينَنا أكوسَ التَّهْديدِ*** ملآى بالقتلِ و الإكتساحِ
فاشْرَابَّتُ أعناقُنا تَسبِقُ البرقَ *** لتقبيل شَفْرَة الذَّباحِ
ص: 296
أيُّ حُلْم يهفُو له الصَبُّ أسمَى *** من فداءِ الحبيبِ يومَ الكفاحِ
نحنُ آل الغرامِ... أحْكَمَ حَبْلَ *** الودِّ ما بيننا صليلُ الصفاحِ
كُلُّ حُبِّ يخبُو ضياهُ و يبقى *** حبُّنا الطَّلْقُ مُشرقَ الإصباحِ
عشقُنا ألهَمَ الفَراشَ معاني *** العشقِ حتَّى استهامَ بالمصباحِ
و التَّفاني في الحُبِّ نحنُ ابتدعناهُ *** كتاباً مُدَبَّجاً بالأضاحِي
بالقلوبِ الولهى تميسُ حواشيه *** و تزهو المتونُ بالأرواحِ
تتباهى الألواحُ بالأحرفِ الزُّهر *** تباهي الحروفِ بالألواحِ
نحنُ إِن خَيَّمَ الظَّلامُ بدنيا *** ناوضجَّتْ حياتُنا بالنُّواحِ
حسبُنا السّيرُ خلفَ إشعاعة *** الحقِّ تجلَّت بنهجكِ الوضَّاحِ
و تساءلتُ في غمارِ نجاوايَ *** لأطوي الغُموضَ بالإيضاحِ
ما النشيدُ الذي هَزَزْتِ به *** الدنيا فماسَتْ عن مزهر صدَّاح؟
الأنَّ النَّبيَّ والدُك الأسمي *** مَلَكتِ الخُلودَ في الأرواح؟
و تغنَّتْ بكِ الليالي أغاريدَ *** تَعَالَتْ رُغْمَ اشتدادِ الرِّياح
فَرَوَى ليَ التاريخُ في صَفَحات *** الخَيْرِ عن فيض جُودكِ المُسْمَاحِ
و تجلَّتْ لي «العقيلةُ» تُرسي *** منهجَ الطُّهْر للغوانِي الملاحِ
و «الزكيُّ» التفاتَةٌ تسكبُ الأفراحُ *** رياً في خافقِ الأتراحِ
و«الحسينُ» انتفاضةٌ تحمل التحريريرَ *** رَمْزاً على رؤوس الرِّماحِ
و المحبّونَ ثورةٌ شلَّت البَغْيَ *** وَ أَلْقَتْهُ في قيودِ الكُسَاحِ
ثورةٌ تعبُرُ المدى ضارعَ الخدِّ *** فَتَدْعُو أفراسَهُ للجمَاحِ
هكذا جُدْتِ للسَّماءِ فحيَّتُكِ *** بزهْرٍ من خُلدِها نَفَّاحِ
ص: 297
و تساءلت عن عزائكِ فيما *** سامَكِ الدَّهرُ من ضنّى وِ نيَاحِ
ما الأماني التي وَهَبتِ لها الأضلاعَ *** قُرْبى.. في منتهى الإرتياحِ
و تَحمَّلتِ في سبيلَ مَراميها *** صُنُوف الآلامِ و الأتراحِ...
فَتَبيَّنْتُ أن غايتكِ الشَّمَّمَّاءَ *** دفعُ الفتاةِ نحو النَّجاحِ
***
آه يا بضعةَ الرَّسولِ فأحلامُكَ *** اَلَتْ جميعُها للبَرَاحِ
و الفتاةُ التي تجشَّمتِ من أجل *** هُداها الجراحَ إثر الجراحِ
عَدَلَتْ عن طريقكِ العَدْل وا *** خْتارتْ طريقاً يقودُها للطَّلاحِ
إنَّها الطَّعْنَةُ التي أَوْرَثَتْ قلبَك *** جُرْحاً يعصى على الجرَّاحِ
ها هي اليوم في المجامعِ كالرِّيشةِ *** تلهُو بها عَصُوفُ الرِّياحِ
تستطيبُ الحياةَ في زهوة الأيام *** للعيشِ حُرَّةٌ في سَرَاحِ
غَرَّها النَّاهبونَ باسمِ الحضاراتِ *** فسارَتْ وراءهُمْ في طمَاحِ
قَدْ أَجَادوا صُنْعَ النِّفَاقَ فقُلنا: *** رَحمَ اللَّهُ أدمُعَ التّمساحِ
أوقعُوها أسيرةً في حبالِ المدْحِ *** ... والمدحُ فتْنَةٌ للملاحِ
فَتَتَنَّتْ على الخداعِ و قد دارَبها *** العُجْبُ بين عُودٍ و رَاحِ
واستْبيحَتْ فَرَاقَها أن تعيشَ الذُّلَّ *** و العارَ في حَمّى مُستباحِ
***
يَا لَها من حَمَامةٍ شاقَها أفقٌ *** وحياةٌ من الخداعِ البَواحِ
حَلَّقَتْ في سماءِ دُنْياً من اللهْو *** و وَغابَتْ في نَشْوَةٍ و ارتياحِ
فادلهمَّ الفضاءُ عَنْ غيمة *** سَودَاءَ تسري بعاصفٍ لَفَّاحِ
ما استفاقَتْ إلا وقد سَلَبَتْها *** عاصفاتُ اللذَّات ريشَ الجناحِ
فَتَهاوَت على الثَّرى ترمقُ الأفقَ *** ... وعينُ الحنينِ نَهْبُ النِّياحِ
ص: 298
ما الَّذي ضَرَّها لو اخْتَارَت التَّحليق *** في ظلِّ أفْقكِ الفَيَّاحِ
حيثُ رَخْوُ النَّسيم يَسْري عليلاً *** أريحيَّ الشَّذا بكُلِّ النَّواحِي
يا بنةَ المصطفى فَمُدِّي أياديک *** ظلالاً على فَضَاها الضَّاحِي
أنقذيها على سفينتكِ النَّوراء *** من مَوْجٍ لَيْلِها الجَمَّاحِ
أنتِ أنتِ النجاةُ من لُجَّةِ التِّيه *** إذا اللجُّ تَاهَ بالملاَّحِ
ص: 299
دَمْعٌ يُبَدِّدُهُ مُقيمٌ نازحُ *** ودَمٌ يُبَدِّدُه مُقيم نازحُ
وَ العَيْنُ إِنْ أَمْسَتْ بِدَمْعِ فُجِّرَتْ *** فَجَرَتْ يَنابِيعُ هُناكَ مَوانِحُ
أَظْهَرْتُ مَكْنُونَ السُّجُونِ فَكُلَّما *** شَجَّ الأَمُونُ سجَا الحَرونَ الْجَامِحُ(1)
وَ عَلَيَّ قَدْ جُعِلَ الْأَسى تَجْدِيدُهُ *** وَقْفاً يُضافُ إِلَى الرَّحِيبِ الفاسِحُ
وَ شُهودُ ذُلِّي مَعْ غَرِيمِ صَبابَتي *** كَتَبُوا غَرامي و السقامُ الشّارِحُ
أوْهَى اصْطَبَارِي مُطلَقٌ وَ مُقَيَّدٌ *** غُرْبٌ وَ قَلْبٌ بالكآبةِ بائِحُ(2)
فَالْجَفْنُ مُنْسَجِمٌ غَرِيقٌ سائِحٌ *** وَ الْقَلْبُ مُضْطَرِمٌ حَرِيقٌ قادِحُ
وَ الْخَدُّ خَدَّدَهُ طَليقٌ فاتِرٌ *** وَ الْوَجْدُ جَدَّدَهُ مُجِدٌّ مازِحُ
أَصْبَحْتُ تَخْفِضُني الْهُمُومُ بِنَصْبِها *** وَ الجِسْمُ مُعْتَلٌ مِثالٌ لائِحُ(3)
حَلَّتْ لَهُ حُلَلُ النُّحولِ فَبُرْدُهُ *** بُرْدُ الذُّبُولِ تَحِلُ فيهِ صَفَائِحُ
وَ خَطيبُ وَجْدِي فَوْقَ مِنْبَرِ وَحْشَتِي *** لِفِراقِهِمْ لَهْوَ الْبَلِيعُ الفاصِحُ
وَ مُحَرِّمٌ حُزْنِي وَ شَوّالُ الْعَنا *** و العيدُ عِنْدِي لاعِجٌ وَ نَوائِحُ
وَ مَديدُ صَبْرِي في بَسِيط تَفَكَّرِي *** هَزَجٌ وَ دَمْعِي وَافِرٌ وَ مُسَارحُ(4)
سَارُوا فَمَعْناهُمْ وَ مَغْنَاهُمْ عَفا *** وَ اليَوْمَ فيهِ نَوائِحٌ وَ صَوائِحُ
دَرَسَ الجَديدَ جَديدُها فَتَنَكَّرَتْ *** وَرنا بها لِلْخَطب طَرْفٌ طامِحُ(5)
ص: 301
نَسَجَ البِلى مِنْهُ مُحَقِّقُ حُسْنِهِ *** فَفَنَاؤُه ماحِي الرُّسومِ الماسِحُ
فَطَفِقْتُ أَنْدِبُهُ رَهِينُ صَبَابَةٍ *** عَدَمَ الرَّفِيقِ وَ عابَ عَنْهُ النَّاصِحُ
وَ أَقُولُ وَ الزَّفَراتُ تُذْكِي جَذْوَةً *** بَيْنَ الضُّلوع لَهَا لَهِيبٌ لافِحُ
لاغَرْوَ إِنْ غَدَرَ الزَّمانُ بِأَهْلِهِ *** وَ جَفَا وَ حَانَ وَ خَان طَرْفٌ لامِحُ
فَلَقَدْ غَوى في ظُلْم آلِ محمّدٍ *** وَعَوى عَلَيْهِمْ مِنْهُ كَلْبٌ نابِحُ
وسطا على البازي غُرابٌ أَسْحَمٌ *** وَشَبا عَلَى الأشبالِ زِنْجٌ ضَابِحُ(1)
وَ تَطَاوَلَ الكَلْبُ الْعَقُورُ فَصاولَ *** اللَّيثَ الهَصُورَ وَ ذاك أمْرٌ فادِحُ(2)
وَ تَواثَبتْ عُرْجُ الصِّباعِ وَ رَوَّعَتْ *** وَ السِّيدُ أضحَى لِلْأُسُودُ يُكافِحُ(3)
آلُ النَّبِيِّ بَنو الوَصِيَّ وَ مَنْبَعُ *** الشَّرَفِ العَلِيِّ وَ لِلْعُلُومِ مَفاتِحُ
ما تَبْلُغَ الشُّعَراءُ مِنْهُمْ في الثَّنا *** وَاللَّهُ في السَّبْعِ المَثاني مادِحُ
نَسَبٌ كَمُنْبَلِجِ الصَّباحِ وَ مُنْتَمِّى *** زاكٍ له يَعْنُو السَّماكُ الرّامِحُ(4)
و يقول فيها:
الجَدُّ خَيْرُ المُرْسَلِينَ مُحَمَّدُ *** الهادِي الأمِينُ أخُو الخِتامِ الفاتِحُ
هُوَ خَاتِمٌ بَلْ فاتِحٌ بَلْ حاكِمٌ *** بَلْ شَاهِدٌ بَلْ شافِحٌ بَلْ صافِحُ
هُوَ أوَّلُ الأنوارِ بَلْ هُوَ صَفْوَةُ *** الجبّارِ و النَّشْرُ الأَرِيجُ الفائِحُ(5)
هُوَ سَيِّدُ الكَوْنَيْنِ بَلْ هُوَ *** أَشْرَفُ الثَّقَلَيْنِ حَقَّاً وَ النَّذِيرُ النَّاصِحُ
لَوْلاكَ ما خُلِقَ الزَّمانُ وَ لابَدَتْ *** لِلْعَالَمِينَ مَساجِدٌ وَ مَصابِحُ
ص: 302
و الأم فاطِمَةُ البَتُولُ وَ بَضْعَةُ الهادِي *** الرَّسُولِ لَها المُهَيْمِنُ مانِحُ(1)
حُورِيَّةٌ إنْسِيَّةٌ لِجَلالِها *** و جمالها الْوَحْيُ المُنَزَّلُ شارحُ(2)(3)
ص: 303
(بحر الرّمل)
الشيخ عبد الكريم الممتن(*)(1)
أيُّها الغافِلُ لايُلْتَ نَجاحا *** خَالِفِ النَّفْسَ وَدَع عَنْكَ المِلاحا
وَ أَفِقْ مِنْ سَكْرةِ الْعَيِّ و لا *** تَحْسَبَنَّ الْجِدَّ مِنْ قَوْلي مِزاحا
كَمْ تُمارِي فِي الْهَوى لا تَرْعَوِي *** وَ غُرابُ الْبَيْنِ يَدْعُوكَ الرَّواحا(2)
ص: 304
كَيْفَ لاتُفْلِعُ عَنْ مَعْصِيَةٍ *** وَ نَذِيرُ الشَّيْبِ فِي الْمَفْرِقِ لاحا
أذِنَتْ فِيكَ الليالي بِالْفَنا *** وَدَنَا المَوْتُ مَساءً أَوْ صَباحا
أَنْتَ مِنْ فَوْقِ مَعَى الأيام وَ الفَلَكُ *** الأَطْلَسُ يَحْدُوكَ لِحاحا
فَاتَّخِذْ زاداً مِنَ التَّقْوَى وَكُنْ *** خَافِضاً للَّهِ مِنْ ذُلِّ جَناحا
مُعْرِضاً عَنْ زَهْرَةِ الدُّنيا فَهَلْ *** لِفَتَى يَغْتَرُّ في الدُّنيا فَلاحا
إنّها دارُ غُرورِ طَبْعُها *** الغَدْرُ وَ الْمَكْرُ فَبُعْداً وَ انْتِزاحا
أَوَ لَمْ تَسْمَعْ بِما قَدْ صَنَعَتْ *** بِبَنِي أَحْمَدَ لَمْ تَخْشَ افتضاحا؟
شَئَتَتْهُمْ فِرَقاً وَ اجْتَرَحَتْ *** سَيِّنَاتٍ تَمْلَأُ الْقَلْبَ جراحا
صوَّبَتْ فيهم سهاماً لَمْ تُصِبْ *** غَيْرَ قَلْبٍ الدِّينِ و اسْتَلَّتْ صِفاحا(1)
أَظْهَرَتْ أَنْبَاؤُها ما أَضْمَرَتْ *** وَ اسْتَباحُوا كُلَّ ما لَيْسَ مُباحا
عَقَدُوا الشُّورى و خَلَّوابَيْعَةً *** أَنْكَحُوها حَبْتراً ساءَ نكاحا
وَيْلَهُمْ ما نَقِمُوا مِنْ حَيْدَرٍ *** زَوَّجُوها مِنْ أخِي تَيْمٍ سِفاحا
وَ اسْتَباحُوا إِرْثَ بِنْتِ المُصْطَفَى *** أَيُّ شَرْعِ لَهُمُ ذاك أباحا(2)
لَيْتَ ذَا أَغْنَاهُمُ عَنْ عَصْرِها *** عَصْرَةٌ مِنْهَا ابْنُها المُحْسِنُ طاحا(3)
ص: 305
ثُمَّ لَمْ يَقْتَنِعُوا بَلْ أَمَرُوا *** (قُنْفُذاً) بالسَّوْطِ يَكْسُوها وِشاحا(1)
لَيْتَ شِعْرِي أَيَّ ذَنْبٍ أَذْنَبَتْ *** فَاسْتَحَقَّتْ مِنْ (عَدِيٍّ) أَنْ تُجاحا
لَطَمَ الْوَجْهَ فَأَدْمَى عَيْنَها *** و انْثَنَى يَصْفِقُ كَفَّيْهِ ابْتِجاحا(2)
حَرَّ قَلْبِي لِطغاةٍ هَجَمُوا *** بَيْتَ قُدْسِ شَرَفاً فاق الضُّراحا
ثُمَّ قَادُوا أَسَدَ اللَّهِ فَيا *** أَعْيُنَ الْعَلْيَا اسْكُبِي الدَّمْعَ انْسِفاحا
أَشْخَصُوا فَوَّارةَ العِلْمِ عَلى *** حالَةٍ طَبَّقَتٍ الدُّنيا صِياحا
أَوْقَفُوهُ عِنْدَتَيْمٍ مَوْقِفاً *** ماجَ قَبْرُ المُصْطَفَى فِيهِ نِياحا
فَبِعَيْنِ اللَّهِ (تَيْمٌ) تَرَكُوا *** حَرَمَ اللَّهِ صَرِيعاً مُسْتَباحا
و بِرَغْم المَجْدِ أَنْ يَحْنَوشُوا *** طَوْدَ عِزِّ ما لَوى ذُلاَّ جَناحا
بِأَبِي فَرْداً عَلَيْهِ اعْصَوْصَبَتْ *** عُصَبٌ رَامَتْ لِيُمْنَاهُ افتِتاحا(3)
يَرْفَعُ الطَّرْفَ وَ يَشْكُو تارةً *** وَ بِأَخْرى يَلْمَحُ القَبْرَ ارْتِياحا
وَ هَلُمَّ الخَطْبَ في فَاطِمَةٍ *** مُذْعَدَتْ خَلْفَهُمُ تُبْدِي النِّياحا(4)
هِيَ تَدْعُو أيها الناسُ دَعُوا *** خَيْرَ كُلِّ الْخَلْقِ جُوداً وَ سَماحا
ص: 306
(بحر الرمل)
الشيخ عبد الكريم الممتن(*)(1)
و قد خمَس القصيدة السابقة
الشيخ قيس العطار(** )(2)
هذه الدنيا تناديكَ صراحا *** لرحيل عاجلٍ ليلاً صباحا
كفَّ من نفسكَ يا هذا جماحا *** «أيّها الغافل لانِلْتَ نجاحا
خالِفِ النفسَ ودع عنك الملاحا»
***
لاتغرَّنكَ بيضاءُ الطلى *** إنها واللَّهِ شرِّ و بلا
خالفِ النفسَ تنلْ أعلى العُلى *** «و أفِق من سكرةِ الغىّ و لا
تحسبنَ الجِدَّ من قولِي مزاحا»
***
لا يغرَّنك إبليسُ الغوِي *** إنّه يزوي عن الدربِ السوِي
كم عن اللَّهِ ضلالاً تنتوِي *** «كم تماري في الهوى لاترعوي
و غرابُ البين يدعوكَ الرَّواحا»
***
ص: 307
كم ليالٍ قد مضتْ مدبرةٍ *** و ليالٍ مثلها مقبلةٍ
شِبْتَ منها فهي أجلى عِضَةٍ *** «كيف لا تقلع عن معصيةٍ
و نذيرُ الشيبِ في المفرقِ لاحا»
***
لاتخَلْ أنّكَ باقٍ ههنا *** إنّما الدنيا خَدُوعٌ فرتَنى
أيّها الجاهلُ دعَ طولَ المنى *** «أذنتْ فيكَ الليالي بالفنا
ودنا الموتُ مساءً و صباحا»
***
هذه الدنا كما كانتْ دُولْ *** غدرتْ قبلكَ بالناس الأوَلْ
كل من فيها لها قسراً خَوّلْ *** «أنتَ من فوقِ مطى الأيّامِ
والفلكُ الأطلسُ يحدوكِ لحاحا»
***
سر على هدي خطى من لم يَخُنُ *** ولآلِ المصطفى ويحكَ صُنْ
إن منْ لم يتبَع الآل يَهُنْ *** «فاتخذْ زاداً من التقوى و كُنْ
خافضاًللّه من ذُلِّ جناحا»
***
فالعن الشيخين أتباعَ هُبَلْ *** والأُلى قد نكثُوا يومَ الجَمَلْ
وامشِ خلف المرتضى الليثِّ البطلْ *** «معرضاً عن زهرةِ الدنيا و هلْ
لفتَّى يغترُّ في الدنيا فلاحا»
***
ص: 308
و العنِ النغلَ ابنَ هندٍ ذا الذُّحَلْ *** ثم منْ تابع ذا الثديِّ الأَذَلْ
لا تَقُلْ يا صاحبي قولاً خَطَلْ: *** «إنّها دارُ غرورِ طبعُها
الغدرُ و المكرُ فبُعداً و انتزاحا»
***
فِتنٌ ملعونةٌ قد وقعتْ *** حيدراً عن حقّه قد دَفَعَتْ
عجباً أُذُنُكَ منها ما وعتْ *** «أوَ لم تسمعْ بما قد صنعتْ
ببني أحمدَ لم تخشَ افتضاحا»
***
لا تقلْ دنیاهُمُ ما نصحتْ *** بل هي الفلتةُ لما نبحَتْ
كُلَّ آل المصطفى قد ذبحتْ *** «شتّتتهم فِرقاً و اجترحتْ
سيئاتِ تملأُ القلبَ جراحا»
***
فالعن الطاغوت و الجبت تُصِبْ *** و إذا استشكلتَ في هذا تَخِبْ
كفهُم للآلِ راحتْ تستلبْ *** «صوّبتْ فيهم سهاماً لم تُصِبْ
غير قلبِ الدين و استلّتْ صفاحا»
***
لُعِنت بيعتهم هل قد دَرَتْ *** أنّها نافع سُمِّ قد مَرَتْ
بل لدفنِ المصطفى ما حضرتْ *** «أظهرت أبناؤُها ما أضمرتْ
و استباحت كلَّ ما ليسَ مباحا»
***
صيَّروا الإمرةَ فيهم سلعةً *** و أشاعُوا الغدرَ ساءت شرعةً
بعد أن مات عتيقُ ضعةً *** «عقدُوا الشورى و حلوا بيعةً
أنكحوها حبتراً ساءَ نكاحا»
ص: 309
أمروا كل وضيعِ مُفتر *** زفرٍ أو نعثلٍ أو حبترِ
خيَّب الله لهم من معشرِ *** «ويلهم ما نقموا من حیدرِ
زوجوها من أخي تیمٍ سفاحا»
***
حادث أنَّت له صُمُّ الصَّفا *** فعلى ما قد جنى القومُ العفا
أنكرُوا النحلةَ منها جنفا *** و استباحُوا إرثَ بنتِ المصطفى
أيّ شرعِ لهمُ الإرثَ أباحا»
***
أبرزُوا فاطمةً من خدِرها *** ثم رضّوا أضلعاً من صدرِها
بل أضاعْوا أثراً من قبرِها *** «اليتَ ذا أغناهُمُ عن عصرها بل
عصرةً منها ابنُها المحسنُ طاحا»
***
نفّذواماقدعليهِ ائتمروا *** يوم خُمِّ والذي قد دبَّروا
أحرقَ البابَ بنارٍ عُمَرُ *** «ثم لم يقتنعُوا بل أمَروا
قنفذاً بالسوطِ يكسوها وشاحا»
***
فعلامَ الدارُ ناراً أُلهبتْ *** و علامَ الطهرُ جهراً ضُربتْ
و لِمَ الأثدا دماءَ شَخبَتْ *** «ليت شعري أيُّ ذنبٍ أذنبتْ
فاستحقتْ من عديٍ من عدي أن تجاحا»
***
هجَمَ الثاني ينادي ايْنَها *** فعديِّ سوفَ تقضي دينَها
ص: 310
بقلوبٍ لم تفارِق رينَها *** «لطمَ الوجهَ فأدمى عينَها
و انثنى يصفقُ كفّيه ابتجاحا»
***
يالقومِ ليسَ فيهم مسلمُ *** لاهب النارَ عليها أضرموا
و هي إذ تدعو أباها تُلطَمُ *** «حرَّ قلبي لطغاةٍ هجمُوا
بيتَ قدسٍ شرفاً فاقَ الضراحا»
****
نزعوا عن كنههم ثوبَ الحيا *** وسعَوْا أن يخمدُوا منها الضِّيا
رمَّموا الكرارَ يدعُو شاكياً *** «ثمّ قادُوا أسدَالله فيا
أعينَ العليا اسكبِي الدمعَ انسفاحا»
***
سحبوهُ عنوةً بين الملا *** صبَّ ربّي فوقهمْ سوطَ البِّلا
و من الطغيان ضلّوا السُّبُلا *** «أشخصوا فوّارةَ العلمِ على
حالةٍ طبَّقتِ الدنيا صياحا»
***
لم يبايعْ قطُّ لكن جَنَفا *** قيل: بايِعْ أو ستلقى تَلَفا
جعلُوه للرزايا هدفا *** «أوقفوُه عند تیمٍ موقفا
ماجَ قبرُ المصطفى فيه نياحا»
***
قد بدا من ذي النفاق الحَسَكُ *** و بربِّ الكون طرّاً أشركُوا
ص: 311
أيّ دربِّ مظلمٍ قدسلكوا *** «فبعینِ اللَّه تیمٌ ترکُوا
حرمَ اللَّه صريعاً مستباحا»
***
من دمِ الآلِ ارتووا إذ عطشوا *** و للحم المصطفى قد نهشُوا
فبعينِ اللَّه ما قد بطشُوا *** و برغم المجدِ أن يحتوشُوا
طودَ عزّ مالوی ذلًّا جناحا»
***
زمرةُ الغدرِ كتاباً كتبتْ *** ثمّ بعدَ المصطفى قد وثبَتْ
لعليٍّ بحبالٍ سحبَتْ *** «بأبي فرداً عليه اعصوصبتْ
عُصَبٌ رامتْ ليمناهُ افتتاحا»
***
أسرعتْ زمرتُهُم منهارةْ *** صَرَخَتْ: بايَعَنَا، غدّارةْ
و عليُّ نفُسه محتارةْ *** «يرفعُ الطرفَ ويشكو تارةْ
وبأخرى يلمحُ القبر ارتياحا»
***
ما جرى من خطةٍ آئِمة *** و حقودٍ قلبُهُم لازمَة
كلَّ ذا دعْ عنك من لائمة *** «و هَلُمَّ الخطبَ في فاطمة
مذ دعت خلفَهُم تُبدِي النياحا»
***
صرختْ فيهم و لامَن يسمعُ *** بل بكفِّ الرجسِ راحت تُصفَعُ
تارةَ تمشي و طوراً تَقعُ *** «و هي تدعو أيّها الناسُ دعوا
خيرَ كل الخلقِ جوداً و سماحا»
***
ص: 312
(بحرالوافر)
الأستاذ علي محمد الحائري(*)(1)
أرى كَبِدِي تُمَزْقُهَا الْقُرُوحُ *** وَمِلْءُ دَمِي الْحَرَائِقُ وَ الجُروحُ
نَكَأْتُ شِغَافَها ضَرَماً وَ سُهْداً *** وَ عَيَّفْتُ الْمُنَى فَهَوى السَّنِيحُ(2)
شَرَائِدُ في مهبِّ الرِّيحِ طَيْرِي *** تُؤوِّبُها المَذائِبُ والسُّفُوحُ(3)
أرى ظِلَّ الْمَجَرَّةِ سَمْهَرِياً *** يُلاحِقُنِي وَ غِيلاناً تَلُوحُ(4)
حَائِبُ جَانَفَتْهَا الْمُزْنُ جُهْماً *** فَلاوَدْقٌ بِهِنَّ وَلا نُضُوحُ(5)
فَفِيمَ تَزُمُّ مَخْطِمِيَ اللَّيالِي *** وَ تُمْعِنُ في مَخارِقِيَ النَّصُوحُ(6)
وَ تُصْلِينِي الْهَواجِرُ في لَظاها *** وَ ظِلُّ اللَّهِ مُنْفَرِجٌ فَسِيحُ
أُدارِي نَفْقَةَ التِّنِّينِ وَهْناً *** فَما يَهْدا بهِ كِبراً فَحِيحُ(7)
وَ أَقْرِي الذَّئْبَ مِنْ رَهَبٍ طَعَامِي *** وَ فَوْقَ خِوانِيَ الْأَمَلُ الذَّبِيحُ(8)
ص: 313
وَ ما وَسَّعْتُ مِنْ خَطْوِي انْتِفَاجا *** وَ لاَبَاهَلْتُ إِذْ فَرَسِي جَمُوحُ(1)
وَ لَمْ آلُ الْمَكَارِمَ وَهْيَ حَبْلٌ *** إلى الجُلَّى وَ حَمْلٌ لا يَطِيحُ
بَنُو الدُّنْيَا مَحَضْتُهُمُ إخاءً *** وَ لاكَالْوُدُ فَوَازُ رَبِيحُ
أَرَى الإِنْسانَ مِنْ خَلَلِ التَّعَاضِي *** وَ خَيْرُ أَرُومَةٍ طَبْعٌ سَجِيعُ(2)
وَ بَرّأتُ العَقيدَةَ مِنْ جُمُودٍ *** بَطيء الْخَطَّ حَامِلُها طَلِيحُ
وَ إِنِّي إِذْ أَرَى الزَّهْراءَ نَهْجاً *** عَلى سُفُنٍ فَمَنْهَجِيَ الْوُضُوحُ(3)
فَما غَالَيْتُ في حُبِّي اعْتِسافاً *** وَ قَدْ يَغْلُو عَلى لَسَنٍ مَدِيحُ
وَما ما حَكَتُ حَقّاً مِنْ سِوَاهُ *** وَ عِنْدَ الْغُلبِ يُخْتارُ الْمُتِيحُ
وَ بِنْتُ المُصْطَفى أَزْكَى نِجَاراً *** وَ تُعْرَفُ مِنْ مَهاوِيهَا السُّطُوحُ
فَمَنْ أَسْنَى مَحاريباً وَ أَبْكَى *** تَهاجِيداً و أَدْمُعُها سُفُوحُ(4)
وَ مَنْ أكْوَى بِمَظْلَمَةٍ فُؤاداً *** وَ قَدْ عَزَّ الْمُناصِرُ وَ النَّصِيحُ
إِذا غَلَتِ النُّفوسُ فَلا خَساراً *** وما الدّنيا سِوى وَهْمٍ يَزِيحُ
ص: 314
(بحر الكامل)
السيد محمد صالح البحراني(*)(1)
سَلَبُوا حِجَاهُ فَما عَلَيْهِ جُناحُ *** لَوْجُنَّ إذْ مِنْهُ أُهِيضَ جَناحُ
هَيْهاتَ يَأْنَسُ بالسُّلُوِ وَ لَوْرَقى *** لِلْخُلْدِ لَمْ تَخْلُدْ بِهِ أَفْراحُ
فَالجُلْدُ في حَالِ الْجَفَا فَشَلُ وفي *** حالِ اللقا حَتَّى الجَحِيمِ نَجاحُ
مَنْ لي بِلَيْلِ كِدْتُ أَثْمَلُ بِالْهَنَا *** جُلِبَتْ عَلَيَّ بِوَصْلِهِ أَقداحُ
قَدْ كِدْتُ أنْ أصِلَ السَّمَاءَ مَسَرَّةً *** إِذْ ضَمَّنِي بالوَصْل مِنْهُ وِ شاحُ
لَيْلٌ لَمَسْتُ بِهِ نَعِيمَ الْخُلْدِ إِذْ *** فِيهِ بروحي قَدْ سَرتُ أَزْواحُ
لَوْ كُنْتُ فيهِ أَعَرْتُ قلبي سُؤلَهُ *** أُنساً لَشُقَّ بِهِ الضُّلُوعَ جَنَاحُ
لَكِنّني دَوْماً مِنَ الدُّنْيا عَلى *** حَذَرٍ فَفِيهَا الصَّفْوُ لَيْسَ يُبَاحُ
لَذَّاتُها أَشباحُ طَيْفٍ قَدْ سَرَى *** وَ هَلِ اللَّبِيبُ تَمُزُّهُ الْأَشْباحُ(2)
ما بتُّ لَيْلَ الْوَصْلِ الأخائِفاً *** أَنْ يَأْتِني بالصُّدودِ ضَيَاحُ(3)
وَ إذَا الْقَضَاءُ كَما ارْتَأَيْتُ فَلَمْ أَزِدْ *** عِلماً بِهِ إذْ نَابَتِ الأتْراحُ
يا نَفْسُ صَبْراً ما بِذِي الدُّنْيا هَوًى *** فَالْأَنْسُ غَسٍّ وَ الصَّلاحُ طَلاحُ(4)
كُمْ خَادَعَتْ قَوْماً بِسِلْمٍ ظَاهِرٍ *** فَأَبَادَهُمْ مِمَّا تُجِنَّ كِفَاحُ
ص: 315
أَغْرَتْهُمُ طَمَعاً كَمَا أَغْرَى الْعِدَى *** بِنْتَ النَّبِيِّ بما سَعَوْا وَ أَناحُوا
***
إِذْ كَانَ يَأْمُلُ كُلُّ فَرْدِ يَحْتَظِي *** وَصْلاً بِمَنْ هِيَ لِلْهُدَى مِصْبَاحُ
إذْ فَضْلُهَا عَمَّتْ بِهِ الْأَنْبا كَمَا *** فَاحَتْ بِنَشْرِ الْأَقْحُوانِ رِياحُ
وَ مِنَ النَّبِيِّ فَكَمْ بَدَتْ في فَضْلِها *** مِدَحٌ بِرُوضِ المَجْدِ لَهْيَ أقاحُ(1)
فأتى لِنَيْلِ الْوَصْلِ كُلِّ باذلاً *** ما قُدْرَتْ في وُسْعِهِ الأَكْدَاحُ
فَيُجِيبُهُمْ يا قَوْمُ أُغْلِقَ أَمْرُها *** بِيَدِ المَلِيكِ فَما لَهُ مِفْتَاحُ(2)
ص: 316
لِلْكُلِّ أَوْضَحَ أَنَّهُ في أَمْرِها *** يَرْجُو الخِطابَ فَلَمْ يُفِدْ إيضاحُ(1)
حَتَّى غَدا يَعِدُ الشَّكايةَ مَنْ أتى *** عَوْداً لها إذْ سَاءَهُ الْإِلْحَاحُ
وَبِذَاكَ أَغْرَوْا حَيْدِراً حَسَداً لَهُ *** كَيْمَا يَحِلَّ بِهِ الْبَلا الْمُجْتاحُ
فَأَتَوْهُ في حَرْثٍ لَهُ قَدْ أَضْمَرُوا *** غَيْرَ الَّذِي قَدْ أَظْهَرُوا وَ أَبَاحُوا
إنْ لَمْ يَشُحَّ بها النَّبِيُّ عَلَى الوَرى *** إلا إلَيْكَ فَمَا سِواكَ صَلاحُ
وَ مَضَى عَلى أَثَرِ الْمَشُورَةِ خاطباً *** وَ قَدِ اقْتَفَوْهُ كَمَنْ لَهُ نُصَاحُ
وَ عَلَى النَّبِيِّ الوَحْيُ قَبْلَ بِلُوغِهِمْ *** حَيَا بِمَا نَزَلُوا بِهِ وَ أَرَاحُوا
أنْ زَوّج النُّورَ العَلِيَّ بِنُورِكَ *** النَّبوِيِّ فَهْوَ لِضَوْنِهِ مِصْباحُ(2)
***
فَأَجَابَهُ إِذْ جَاءَ يُصْدِقُها لَهُ *** بِالدِّرْعِ وَ الْتَمَعَتْ بهِ الأَرْبَاحُ
وَ أتَى النَّبِيُّ بِهِمْ خَطِيباً إنّما *** فِيهِ فَتَمَّتْ في علي الفتاح
وَ هُنَاكَ عَمَّتْ أَوْجُهُ القَوْمِ الأُولى *** كادُوا لَهُ وَ إِذَا الفَسادُ صَلاحُ
كَادُوهُ حُسْراً فَاحْتظَى خَيْراً وَ كَمْ *** فَشَلُ امْرِى لِسَواهُ قَامَ نَجاحُ
فَتَمَيَّزُوا حَسَداً وَ جَدُوا جُهْدَهُمْ *** أَنْ لايَكُونَ لَهَا بِهِ أَجْنَاحُ
ص: 317
وَ غَدَتْ تَسُوقُ إلى البَتُولِ مِنَ النّسا *** مَنْ كادَ يَثْنِيهَا لَهُنَّ جِمَاحُ(1)
إذما وَعَتْ مِنْهُنَّ فِيهِ نَقائِصاً *** وَ مَساوِئاً طَفَحَتْ بِهَا الْأَتْرَاحُ
مُلِئَتْ جَوانِحُها سَامَةَ قُرْبِهِ *** فَغَدَتْ تَفِيضُ بِقَلْبِها الْأَرْزَاحُ(2)
حَتَّى إذا جَاءَ النَّبِيُّ وَ لَمْ يَزَلْ *** مِنْهُ عُدوّ نَحْوَها وَ رَواحُ(3)
أَفْشَتْ لَهُ هَجْوَ النِّسَاءِ بِحَيْدَرٍ *** فَغَدابِهِ عَنْهَا القِنَاعُ يُشاحُ
وَ إذَا الْمَثَالِبُ حُوِّلَتْ بِمَنَاقِبِ *** و الْمُدَّعَى غَسَقاً هُدًى وَ صَباحُ(4)
***
قَالَتْ إِذا كانَ الجَلِيلُ اخْتارَهُ *** فَالمَهْرُ لَيْسَ له بِوَزْنِ ساحُ(5)
إنِّي رَضِيتُ بهِ قَرِيناً لي و لا *** أرْضَى الصَّداقَ فَصِدْقُهُ مُنْزَاحُ
وَ إِذا أَمينُ الْوَحْيِ يَهْتِفُ قُلْ لها *** في المَهْرِ لَيْسَ عَلَيْكِ ثَمَّ مُشَاحُ
فَإِلَيْكِ رُبعَ الأَرْضِ مَهْراً مَنْ وَطى *** فيها وَ لاَيَهْواكِ لَيْسَ يُبَاحُ
قَالَتْ رَضِيتُ المُرْتَضَى بَعْلاً وَلَكِنَّ *** الصَّداق به تَشُلُ الرَّاحُ
فَأَتَى الأَمِينُ يَقُولُ أَصْدِقها بما *** مِنْهُ الظَّمَاءُ عَنِ العِبَادِ يُزاحُ
بِحَصَى الزَّبَرْجَدِ وَ العَقِيقِ وَ كُلّما *** سَاواهما فِيهِ الْغَدُ الوَضَاحُ
قَالَتْ رَضِيتُ المُرْتَضَى بَعْلاً وَ إِنْ *** كانَ الصَّداقْ بِهِ تَشُلُّ الرَّاحُ
فَأَتَى الأمينُ يَقُولُ أَصْدِقها *** باًنهارٍ ثَمَانِيَةٍ بِهنَّ تُمَاحُ
فَلَهَا الفُراتُ وَ نَهْرُ سَيْحُونٍ وَجَيْحُونٍ *** وَ نَهْرُ النَّيلِ حَيْثُ تُساحُ(6)
ص: 318
وَ الشَّهْدُ وَ التَّسْنِيمُ -ثَمَّ- وَ سَلْسَبيلٌ *** وَ الرَّحِيقُ لَدَى النَّعِيمِ تُباحُ(1)
قَالَتْ رَضِيتُ المُرْتَضَى بَعْلاً وَلَكِنَّ *** الصَّداق بِهِ تَشلُّ الرَّاحُ
لَمْ تُلْغْ ذَلِكَ ُكلَّهُ طَمعاً بِما *** هُوَمِنْهُ أَعْلَى بِالحَياةِ يُشَاحُ
لكِنَّ مَرْمَى كُلِّ عالٍ فِكْرُهُ *** نَحْوَ الرُّقِيِّ لما بهِ الْإِصْلاحُ
وَ لِذاكَ لَمْ تَرْضَ الصَّدَاقَ لَها سوى *** أنْ لاتَبُوءَ بِقَوْمِها الْأَرْزَاحُ
رَضِيَتْ لَها مَهْراً شَفَاعَتَها غَداً *** فِيمَنْ تُحِبُّ فَبَرَّهَا المَنَّاحُ
وَ بِقَدْرِ ما مُنِحَتْ فَأَدَّتْ شُكْرَهُ *** مُحِنَتْ فَضَاقَ لِصَبْرِهَا الْأَفْسَاحُ
***
فَلَقَدْ رَأَتْ مَعْ قصْرِ مُدَّتِها أَذًى *** وَ مَصائِباً عَنْهَا تَضِيقُ بِطَاحُ(2)
مِنْ عَصْرِهَا بِالْبَابِ إِذْ دَخَلُوا بِلا *** إِذْنِ عَلَيْها و القِناعُ يُشَاحُ(3)
فكَسَرْنَ أَضْلُعَها وَ أُسْقِطَ حَمْلُهَا *** وَ بِلَطْمِهَا فِي الْخَدِّ بانَ جِراحُ(4)
وَ كَمَنْعِها عَنْ إِرْثِها وَ بُكائِها *** وَ بِهِ غَدَتْ عَنْ بَيْتِها تَنْزَاحُ(5)
ص: 319
تَأْوِي لِظِلٍّ أَرَاكَةٍ فَأَبْوا لها *** الأتُجَزَّ فَجَزَّهَا السَّفَاحُ
وَ بِقَرْعِها بِسِياطِ قُنْفُذَ قَدْ بَدا *** لِلنَّاظِرِينَ عَلَى المُتُونِ وِشاح(1)
اللهُ كَمْ قَاسَتْ عَزيزَةُ أَحْمَدٍ *** مِنْ بَعْدِهِ حَيْثُ الحُطُوبُ رَداحُ(2)
نَتَلُوا لَهَا وَ لِبَعْلِها حَسَداً بِهِمْ *** أَنْ دُونَهُمْ مِنْهَا أَتاهُ نِكَاحُ
فَغَدوا لِكُلِّ مِنْهُما لَوْ أَمْكَنُوا *** جَزَرَتْهُما بِيضٌ لَهُمْ وَ رِماحُ
أَبِعَيْنِ أَهْلِ الدِّينِ بِنْتُ مُحَمَّدٍ *** تُرْزَى وَ تُمْنَعُ لا بُكاً وَ نِياحُ؟
وَ تَمُوتُ مِنْ قَرْع السياطِ وَ قَلْبُها *** قَدْ مَضَّهُ بِشَبا الخُطوبِ سِلاحُ(3)
فَاعْجَبْ لِقَلْبِ المُرْتَضَى فِي غُسْلِها *** كَيْفَ اسْتَطَاعَ فَمَا اعْتَراهُ جِماحُ
كَيْفَ استطاع يُتِمُّها غُسْلاً وَلا *** يَلْوِي بِهِ دونَ التّمامِ صِياحُ
كَيْفَ استطاعَ يُقِيمُ صَبراً دونَ أَنْ *** فِي نارِها مِنْهُ يَشِنُّ كِفَاحُ
وَاللَّهِ إِنْ تَكُ فاطِمٌ صَبَرَتْ عَلى *** مَضَضٍ تُذلُّ لَها قَنا وَ صِفاحُ
فَالمُرْتَضَى قاسَى بها أضعافَ ما *** قاسَتْهُ إِذْ عَصَفَتْ عَلَيْهِ رِياحُ
فَلِكُلِّ ضَيْمٍ نالَ فاطمةً شبا *** بِحَشَى الْوَصِيِّ لَهُ دَمٌ وَ جِرَاحُ(4)
ص: 320
(بحر الكامل)
منذر الساعدي
بمناسبة الذكرى الأليمة لشهادة بضعة الرسول صلي الله علیه و آله و سلم فاطمة الزهراء علیها السلام:
يُفشِي التألمَ هاطلٌ نضّاحُ *** و تبوحُ سرَّ العاشقين جراحُ
في قبضةٍ الهمّ القلوب أسيرةٌ *** فمتى سيُطلقُ للقلوبِ سَراحُ
اليومَ هاجَتْ للنفوس مكامنٌ *** للحزنِ يرفدُها شجِّى ونواحُ
و بكتْ ملائكةُ السماءِ بأسرِها *** في أدمعٍ كالغيثِ حينَ تُساحُ
هذا مصابٌ َجلَّ فی میعادِهِ *** ذكراهُ فينا غصةٌ و قراحُ
لمّا بهِ الزهراءُ عجّ أنينُها *** و بلا انقطاعٍ للوجودِ يُباحُ
تشكُو مصيبتَها و تشكوهمَّها *** يا ويحَهُ ماذا جنى السّفاحُ
بُعدَ النبي توشحتْ في غربةٍ *** لم تأتِها من بعده الأفراحُ
بُعداً لقومٍ لم يراعُوا حرمةً *** و لحرمةٍ الدين الحنيفِ أباحُوا
يبقى صدَى الضلعِ الكسيرِ مدوياً *** للآنَ تسمعُهُ رُبِّى و بطاحُ
و البابُ يُنطقهُ الزمانُ محدثاً *** عمّا جَريِ لتسجلَ الألواحُ
يا فاطمُ الزهراءُ جئتكُ منشداً *** شعري كأَني بلبلٌ صداحُ
يا فاطمُ الزهراءُ أبديتُ الجوى *** لايستكينُ بجانبيه جماحُ
هذا مصابٌ لاحَ في آلامهِ *** سيف لأفئدةِ الورى جرّاحُ
فخذي الولاءَ من القلوبِ جريحة *** إن الولاءَ إليكُمُ لنجاحُ
يا بضعةَ المختارِ جنتُ موالياً *** لينالَنِي فيما رجوتُ فلاحُ
ص: 321
يا فاطمُ الزهراءُ أدمى خافِقِي *** وقعُ المصاب فكيفَ لي أرتاحُ
هذا هوايَ بخافِقِي متجمعاً *** إن الخوافقَ للهوى أقداحُ
تطفُو على قلبي الذنوبُ عصيةً *** كالأرض تطفُو فوقَها الأملاحُ
هي حسرةُ هو جاءُ قضَّتْ مضجعي *** عن محتواها يعجزُ الإفصاحُ
في يومكِ الدامي بكتكِ قصائدي *** إنَّ القصيدةَ للولاء لقاحُ
سُدّتْ عليّ منافذٌ أحيا بها *** لكنَّ حُبَّكُمُ لَهُنَّ رِياحُ
و غدوتُ كالطيرِ الكسيرِ مهرولاً *** لايرتقي لو قُصَّ منه جَناحُ
فتشفّعي إني أسيرُ خطيئتِي *** يامَن لديك إلى الذنوب سماحُ
ستزالُ بين يَديكِ كلُّ خطيئةِ *** كاللَّيلِ حينَ يزيلُهُ الإصباحُ
ص: 322
ص: 323
ص: 324
(بحر الطويل)
الشيخ صالح الطرفي(*)(1)
جِبالُ هُمُومِي لاتَرِيمُ رَواسِخُ *** رَسَتْ وَ تَعالَتْ فِيَّ فَهْيَ شَوامِخُ(2)
وَ لايَسْتَطِيعُ القَلْبُ مِنْ تِلْكَ مَخْرَجاً *** فَشِبْرُ لِمَنْ يُمنى بِهِمْ فَراسِخُ
عَدِمْتُ التَّصابِي فِي حَياتِي كَأَنَّنِي *** لِفَرْطِ هُمُومِي مُنْذُ أُوجِدْتُ شائِخُ
حَرامٌ عَلَى عَيْنِي سُكُونٌ وَ هَجْعَةٌ *** وَ فِي الْأُذُنِ مِنْ أَنَّاتِ فاطِمَ صارخُ
أَلَمَّتْ بها بَعْدَ النَّبِيِّ نَوازِلٌ *** مَحَتْ آيَ صَبْرِي مِنْ أساها نَواسِخُ
وَ أَضْرَمَ جَمْرَ الْوَجْدِ في القَلْبِ حُزْنُها *** وَ في الجَمْرِ مِنْ تِلْكَ الدَّواعِج نَافِخُ(3)
لَها اللَّهُ إِذْ سِيمَتْ بِظُلْمٍ وَ صَادَرُوا *** نُحَيْلَتَها مِنْها وَسُلَّتْ رَضَائِخُ(4)
وَ رامُوا الرّضا مِنْها وَ هَيْهَاتَ مِنْهُمُ *** وَ أَنَّى لِدانِ نَيْلُ ما هُوَ باذِخُ(5)
ص: 325
(بحر الوافر)
الأستاذ علي محمد الحائري(*)(1)
يُونُبُنِي الزَّمانُ وَ لاأُصِيخُ *** وَ كُلُّ في الحَياةِ لَهُ رَضِيخُ(2)
ألا يا كاهلي أَثْقَلْتَ ذَنْباً *** وَ هَذِي تَوْبَةٌ فَمَتَى تُنِيخُ؟(3)
وَ تَرْهَدُنِي الْحَيَاةُ وَ طَيْبُها *** و إنّي في حَبائِلِها فَخِيخُ(4)
فَأُبْ يا قلبُ فَالْأَحْلامُ وَهُمٌ *** وَ يَا نَفْسُ اتْرُكِي أَرِباً يَبُوخُ(5)
شَرابُكِ مِنْ رِضَا الرَّحْمَنِ صَرْدٌ *** وَ وَجْهُكِ مِنْ بُلَهْنِيَةٍ لَطِيخُ(6)
وَ مَهُما لَذَّ كَأَسُكِ فَالْمَنَايَا *** رَواصِدُ رَكْبُها أَبَداً مُنِيخُ
وَ أُمِّي ساحَةَ الزَّهْرَاءِ تَكْفِي *** غَوائِلُ كُلِّ مَنْ فيها يَدُوخُ(7)
ص: 326
وَ لُزِّي تُرْبةَ الزَّهْراءِ خَدّاً *** بَغِضُ مِنْهُ التَّصَعُّرُ وَ الشَّموخُ(1)
وَجُودِي مِنْ قُلَيْبِ الْحُزْنِ دَمْعاً *** يُرَقْرِقُهُ اللَّهِيفُ بِهَا الصَّرِيخُ
وَ مِنْ شَرْخ تَصَدَّعَ في حَشاهَا *** بِكُلِّ حُشاشَةٍ مِنْهَا شُرُوخُ(2)
وَ منْ عِرْقٍ تَنَغّرَ مِنْ بَنِيها *** بِأَوْدَاجِ الْمُحِبِّ غَدَتْ شُدُوخُ(3)
أفاطِمُ إِنَّ هَذَا الْجُرْحَ دامٍ *** ألا شَلَّتْ يَدُ الْقَدَرِ الطَّخُوخُ(4)
وَأَجَّ أوارَ نارِ الثَّارِ حتّى *** تُسَكِّنَ لَوْعَةٌ وَتَدِي الْمَسوخُ(5)
يُلامُ الْجُرْحُ وَ الْأَوْتَارُ يَقْظَى *** و بُرْكَانُ الْمَواجِدِ لا يَبُوخُ
ص: 327
(3) وصايا أحمد صلي الله علیه و آله و سلم
(بحر الكامل)
السيد محمد رضا القزويني(*)(1)
خَرَجَتْ تَجُرُّ ذُيولها في مِحْنَةٍ *** يَوْماً لَهَا سَمْعُ الزَّمانِ يُصِيخُ(2)
خَطَبَتْ فَظَنَّ الناسُ أَنَّ مُحَمّداً *** قَدْ عادَ يَخْطُبُ وَ الجُمُوعُ رُضُوخُ(3)
وَ عَظَتْهُمُ بَعْدَ الثناءِ لِرَبِّها *** عِظَةً وَ فِيها عِزَّةٌ وَ شُمُوخُ
وَ تَنَهَّدَتْ فَبَكَى لَها مِنْ شَجْوِها *** رَغْمَ الْجَفاءِ شَبابُهُمْ وَ شُيُوخُ
رَدَّتْ عَلَى ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ عُذْرَهُ *** أَنَّ النُّبُوَّةَ إِرْثُها مَسْلُوخُ(4)
ص: 328
أوْ غَصْبَهُ فَدَكاً وَ حُكْمَ شَهادَةِ الكَرَّار *** فيها باطِلٌ مَفْسُوخُ
حَتَّى إِذَا أَدْلَتْ بِأَبْلَغِ حُجَّةٍ *** مِنْهَا لِآيَاتِ الْكِتَابِ رُسُوخُ
عَطَفَتْ عَلَى الْأَنْصَارِ تَرْجُو نُصْرَةً *** وَمُهَا جِرِينَ وَ لَيْسَ ثَمَّ صَرِيخُ
فَغَدَتْ تَنُوحُ عَلَى فِراقِ زَعِيمِها *** وَ القَوْمُ عِنْدَ النَّائِباتِ مُسُوخُ
و مَضَتْ تُذَكِّرُهُمْ وَصايا أَحْمَدٍ *** فَكَأَنَّ ما أَوْصَى بِهِ مَنْسُوخُ
فَعَجِبْتُ كَيْفَ الْأَرْضُ لَمْ تَخْسِفُ بِهِمْ *** كَيْفَ الجِبالُ رَسَتْ وَ لَيْسَ تَسِيخُ(1)
كَيْفَ الثُّريَا لَمْ تَثُرْ مِنْ غَضْبَةٍ *** وَ يَظَلُّ يَرْقُبُ فِي الفَضا المِرِّيخُ
كَيْفَ القُصُورُ تَضُمُّ آلَ أُمَيَّةٍ *** وَ يَضُمُّ آلَ اللَّهِ ذاكَ الكُوخُ
المالُ لِلْآلِ الكرام مُحَرَّمٌ *** وَ لآخَرِينَ مُحَلَّلٌ مَبْذُوخُ
فَقَضَتْ وَ فِي الأضلاعِ كَسْرٌ مِثْلُها *** بِقُلوبِ شِيعَتِها تَئِنُّ شُرُوخُ(2)
وَمَضَتْ إِلَى الرَّحْمَنِ تَشْكُو عُصْبَةً *** لَمْ يُجْدِهَا عِظَةٌ و لاتَوْبِيخُ
بَدَأُوكِ يَا بْنَةَ أَحْمَدٍ فِي ظُلْمِهِمْ *** آلَ الرَّسُولِ فَأُظْلِمَ التاريخُ
ص: 329
ص: 330
ص: 331
ص: 332
(مجزوء الكامل)
الشيخ إبراهيم آل مبارك البحراني(*)(1)
لا يَبْرَحُ الدَّهْرُ المُعَانِدُ *** وَ لَهُ بِإضراري مَقاصِدْ
يا دَهرُ لاحيّاكَ رَبُّكَ *** مِنْ عدوِّ أيِّ حاسِدْ
فَلَقَدْ جَنَيْتَ مِنَ الْمَصائِب *** شَرُّها لِلْحَشْرِ عَائِدْ
قَدْ زَعْزَعَت رُكْنَ الْهُدَى *** فَتَهَدَّمَتْ مِنْهُ القَواعِدْ
وَ بَكَتْ لَها عَيْنُ الهِدايَةِ *** وَ الْمَكارِمِ وَ المَحامِدْ
ماتَ النَّبِيُّ وَ مَوْتُهُ *** هَدَّ الأقارب و الأباعِدْ
للَّهِ يَوْمٌ لاتُقاسِ *** بِمِثْلِ مَوْرِدِه المَوارِدْ
لايومَ يَأْتِي مِثْلُهُ *** في خَيْر مَفقودٍ و فاقِدْ
أَوْ نَكْبَةٍ قَدْ أَسْمَعَتْنا *** قَيْدَ ناعِيَّةِ الفوائدْ
إِنْ تَبْكِ فاطِمَةُ البَتُولُ *** فَخَيْرُ مَوْلُودٍ وَ وَالِدْ
لَهْفِي لَها وَ دُموعُها *** كَالْجَمْرِ تَلْفِظُهُ الوَقائِدْ(2)
وَ فُؤادُها مُتَلَهِّبُ *** مِمّا تُؤَجِّجُهُ الْمَواجِدْ
نَدَبَتْ بِصَرْخَة والِهٍ *** فَتَحَرَّكَتْ تِلْكَ الرَّواكِدْ
وَ تَدَكْدَكَتْ شُمُّ الجِبَالِ *** وَ حُطَّ مِنْ أَوْجِ الفَراقِدْ(3)
ص: 333
نادَتْ فَأُسْقِطَتِ النُّجُومُ *** وَ خَرَّ سَجْراً كُلُّ صاعِدْ
مَنْ لِلصَّلاةِ وَ لِلدُّعا؟ *** مَن لِلنَّوادِي وَ المَساجِدْ؟
مَنْ لِلْأَرامل و المحَاوِیجِ *** العُفاةِ وَ كُلّ وافِدْ؟(1)
مَنْ لِلْعُرا مَنْ يَسْتَرِدُّ *** لِبايها النَعَمَ الشَّوارِدْ؟
شَهِدَتْ لِرُزْئِكَ كُلُّها *** وَ لِكُلِّ مُعْضِلَةٍ شَواهِدْ
قَدْ جَدَّ رُزُؤُكَ مِنْ قُوى *** أهْلِ المَكارِم كلّ ساعِدْ(2)
هَلْ لِلْفَضَائِلِ بَعْدَيَوْ *** مِكَ مِنْ مُعِينٍ أَوْ مُسَاعِدْ
تنْعَاكِ نَعْيَ النّاكِلاتِ *** وَ تَشْتَكِي وَ لَهَ الْفَواقِدْ
جَعَلَتْ مُصابَكَ وِرْدَها *** في كُلِّ صادِرَةٍ وَ وارِدْ
مُتَجَدِّداً ما عادَ إِسْمُكَ *** أَوْ تَجَدَّدَتِ الْعَوائِدْ
أنْتَ المُبلغ وَ المُصَابِرُ *** و المُرابِطُ وَ المُجَاهِدْ
أَنتَ المُؤَيَّد بالمَعاجِزِ *** وَ المُسَدَّدُ بِالْمَراشِدُ
أنْتَ المُنَوِّرُ لِلْبَصَائِرِ *** وَ الْمُصَحْحُ لِلْعَقائِدْ
أَنتَ الرَّجاءُ لِمَنْ تَوالى *** وَ المُبِيرُ لِكُلِّ جاحِدْ
أَنتَ الْوَحِيدُ بِقُدْسِ *** ذاتِكَ أَنْتَ فِي النَّاسُوتِ واحِدْ(3)
أنْتَ الحَمِيدُ عَلَى الغِيابِ *** وَ أَنْتَ أَحْمَدُ في المَشاهِدْ
أنْتَ المُهَيْمِنُ وَ المُسَيْطِرُ *** أَنْتَ فى المَشْهُودِ شاهدْ
أنتَ المُرادُ لِمَنْ يُريدُ الْخَيْرَ *** مِنْكَ و أَنْتَ رائِدْ
تَبْكِيكَ ولدانُ الْجِنَانِ *** وَ حُورُهَا الْعِينُ الْخَرائِدْ(4)
ص: 334
أترى بأنْ أنْسَى مُصابَكَ *** وَ هُوَ تَذْكُره الأماجِدْ؟
أنَّى وإنّي قَدْ رَجَوْتُكَ *** أَنْ تَكُونَ لِي المُعاضِدْ
ما كانَ يَوْمُكَ غَيْرَ أَنَّ *** الدَّهْرَ يُسْرعُ بِالمَفاسِدْ
فَلَئِنْ سَجَمْتُ مَدامِعِي *** وَ نَثَرْتُ مِنْ دُرَرِ الفَرائِدْ
فَلَقَدْ سَجَرْتُ لِمُهْجَتِي *** بِالْحُزْنِ مُؤصَدةَ المَواقِدْ
وَ اغْرَوْرَقَتْ بِالدَّمْعِ *** آماقِي فَأَغْرَقْتُ الْهَوَامِدْ(1)
آه مَنيَّةَ والِدِي *** سَدَّدْتِ صامیَةِ الْمَکَائِدْ(2)
فَأَصَبْتِ أَلْبابَ الكَمالِ *** وَكُلُّ مَجْدٍ فَهْوَ واجِدْ
مَا خِلتُ أَنَّ سِهامَ قَوْسِكِ *** تَسْتَكِرُّ عَلَى الدَّوابِدْ(3)
وَاللَّهِ تِلْكَ مُصِيبَةٌ *** قَدْ کَدَّرَتْ صَفْوَ المَوَارِدْ
كَلاً وَ لَيْسَ لَها نَفادٌ *** وَ كُلُّ شَىءٍ فَهْوَ نافِدْ
لَکِنَّ أَنجَعَ طاردٍ *** لِتَوارُدِ الْخَطبِ المُطارِدْ
الصَّبْرُ فَهُوَ مَصاعِدٌ تُؤْوِي *** إِلَى النِّعَمَ الْأَوابِدْ
للَّهِ أَشْكُرُ وَ هُوَ يَعْلَمُ *** ما ا أعانِي أَوْ أُكَابِدْ
وَ مَصائِبٌ تُوهِي قُوايَ *** وَ لَيْسَ لِي عَنْهُنّ ذائِدْ
غَدَرَ الزَّمانُ فَلَسْتُ *** أَعْرِفُ مَنْ أُوالي مَنْ أَحَايدْ
وَ بَقِيتُ بَعْدَ العِزَّ في *** ذُلُ الْمُعَادِي وَ الْمُعَانِدْ
ص: 335
(بحر الخفيف)
الأستاذ أحمد علي الناصر
في السَّماواتِ كُلُّ أُنْسٍ بادي *** وَ عَلَى الأرضِ مَوْكِبُ الأَعْيادِ
أيُّ ذِكْرَى في الكَوْنِ تَمْلَأُ قَلْبِي *** فَكَأَنَّ الذِكْرَى تُنيرُ فُؤادي
وُلِدَتْ فاطمٌ فَذَلِكَ قَلْبِي *** راقَ بَلْ رَقَّ فِيهِ صَوْتُ المُنادي
فَالتَّغَارِيدُ لِلْحَمائِم وِرْدٌ *** رَدَّدْتُها في غُصْنِها المَيّادِ(1)
جاءَ مِیلادُها وَلَكِنْ بِنُورٍ *** حَصَّنَتْهُ تِلْكَ القُلُوبُ الصَّوادِي
أَشْرَقَ الضَّوْءُ في سَماءٍ وَ أَرْضِ *** عِنْدَما أَعْلَن البَشِيرُ يُنادِي
أَزْهَرَ الكونُ وَ اسْتَتَمَّ كَمالاً *** مِنْ سَناءِ الزَّهْراءِ بِنْتِ الهادي(2)
مَوْكِبُ النُّورِ سائِرٌ كُلَّ يَوْمٍ *** مِثلَ ما سارَ مَوْكِبُ الرُّوَادِ
أيُّها الرَّاكِبُ المُغِدُّ رُوَيْداً *** وَ اسْتَمِعْ صاحِ ما يَقُولُ الشَّادِي(3)
أيُّها الشَّاعِرُ المُواطِنُ إِنِّي *** أَنْطِقُ الشَّعْرَ عَنْ ماسِي بِلادِي
هذِهِ تُرْبَتِي أَعِيشُ عَلَيْها *** وَ عَلَيْها يا صاحِ سَوْفَ أُنادي
أَنَا مِنْ مَطْلَعِ الَّذِينَ تَرَبَّوْا *** وَ اسْتَقاموا عَلى مُحِيط الجهادِ
أَنا جُزْءٌ مِنَ البِلادِ وَ إِنِّي *** أَتَمَشَى عَلَى طَريقِ الرَّشادِ
ص: 336
يا بِلادي رَسَمْتِ في الوَرْدِ قَلْبِي *** حَيْثُ إِنَّ القُلُوبَ دَرْبُ السَدادِ
بَسَماتِي وَ أُمْنِيَاتِي وَ أُنْسِي *** وَ وِدَادِي مِن غابِرِ الأجدادِ
وَ حَياتِي ذِكْرَى وَ أَشْرَفُ ذِكْرَى *** لِلشَّبابِ الطَّموح لِلأَوْلادِ
خَيْرُ ذِكْرى أَزُفُها مِنْ شُعُورِي *** عَنْ حَياتِي إلى شَبابٍ الوادي
كُلُّ جُرْحٍ فِي مَوْطِني هُوَ جُرْحِي *** وَ هَلِ الجُرْحُ فِي قُلوبِ الْأَعادِي؟
كُلُّ جُرْحٍ في الجِسْمِ دَاءٌ دَفِينٌ *** ضَمِّدُوا الجُرْحَ فَهْوَ في الازْدِيادِ
وَ اعْلَمُوا أنّنا إلى النَّشءِ ننشِي *** لِحَياةِ الأطْفالِ وَعْيَ الجِهادِ
يَتَمَشى رَغْمَ الجُرُوحٍ لِيَحْمِي *** كُلِّ مَجْدٍ حَتَّى بِوَقْتِ الرُّقادِ
أوَ ما راعَكَ الحَنِينُ بِشِعْرِي *** هَزَنِي وَ الرُّؤُوسُ فَوْقَ الوِسادِ؟
يَوْمَ مِیلادِ فَاطِمِ صارَعَتْنِي *** أُمْنِيَاتٌ غَزَتْ قُوَى الإِلْحَادِ(1)
قَدْ رَأَيْتُ التَّاريخَ في كُلِّ عَهْدٍ *** بِصِراعٍ وَ لِلْحَقائِقِ هادي
و رِجالُ التَّاريخِ كُلُّ أديبٍ *** مُرْسِلٌ سَهْمَهُ إلى الحُسَّادِ
قُمْ معي نُنْضِر الحقائِقَ شَوْقاً *** لِنَرَى كُل حرَّةٍ في البَوادي
وفتاةٌ قَديمَةُ العَهْدِ فينا *** فَضْلُها صانَنا وَ صانَ المَبادِي
فَاطِمٌ مَنْ كَفَاطِمٍ وَ أَبُوها *** أحْمَدُ وَ هُوَ سَيِّدُ الأَشيادِ؟
مَهْدُها خَفَّ حَوْلَهُ كُلُّ طُهْرٍ *** وَ عَفَافٍ وَ المَهْدُ مَهْدُالرَّشادِ
حَفَّهُ النُّورُ وَ انْجَلَى النُّورُ مِنْهُ *** لِحَياةِ القُرُونِ حَتَّى المَعَادِ
جَوْهَرُ الشَّيْء فَاطِمٌ وَ عَلِيٌّ *** قَبَسُ النُّورِ سَيِّدُ الأمْجادِ
لِلنِّساءِ الزَّهْرَاءُ زَهْرَةُ جِيلٍ *** زَهْرَةُ العِلْمِ وَ السَّنَا الوَقَّادِ
ص: 337
يا وَصِيَّ الرَّسُولِ يا بَيْتَ طه *** أنا في فَرْحَةِ الغَدِيرِ أُنادي
فَاطِمٌ مَنْ كَفَاطِم وَ عَلِيٌّ *** زَوْجُهَا وَ هُوَ قُدْوَةٌ لِلْعِبادِ
لَمْ يَكُنْ في الأنام كُفُواً إِلَيْها *** غَيْرَ خَيْرِ الأَنامِ بَعْدَ العِمَادِ(1)
الْتَقَى قَلْبُها بِقَلْبِ عَلِيٍّ *** و الْتَقَى المَدْحُ في فَمِ الإِنْشَادِ
الْتَقَى قلبُ فاطِمٍ بعليٍّ *** وَ اكْتَسَى الكونُ كُلِّ أُنَسٍ بادِي
وَ حَيَاةُ الزَّوْجَيْنِ خَيْرُ حَياةٍ *** وَ بِعِيدِ الغَدِيرِ خَيْرُ اعْتِقادِ
تَتَجَلَّى الأعْيادُ في كُلِّ عامٍ *** تَتَجلّى بِحُلَّةِ الْأَبْرادِ(2) (3)
تَتَجَلّى وَ فِي غديرِ عليٍّ *** تَتَهاوَى القُلوبُ قَبْلَ الأَيَادِي
حَيْدَرٌيازعيمَتا كُلُّ جِيلٍ *** لَكَ بَيْتُ الوَلا بِكُلِّ فُؤادِ
يا زعيمَ الأَنامِ هذا قَصِيدِي *** خَطَهُ القَلْبُ وَ انْتَمي في المِدادِ
لازعيمٌ سِواكَ نَبْغِي إِلَيْنا *** لا وَ لا قائِدٌ مِنَ الأوْغادِ
أنْتَ أنْتَ الّذي رَسَمْتَ المَعالي *** وَ شَرَعْتَ الجِهَادَ بَعْدَ الجِهادِ
أنتَ أنتَ الذي بِنُورِكَ تَمْشِي *** أُمَّةُ الحَقِّ في طرِيقِ الرَّشادِ
أنْتَ أنْتَ الذي بِعِلْمِكَ يَحْيَى *** كُلُّ شَيْءٍ نَشَا مِنَ الأفرادِ
ص: 338
(بحر الكامل)
أحمد محمد الأنصاري الشيرواني
قَلَمُ الولاءِ جَرى بنورِ سوادِي *** لذوي الفَخَارِ السادةِ الأَمجادِ
فبدتْ به کِلماتُ مقْوَلِ شاعرٍ *** يسمُو بها شعراءُ كلِّ بلادِ(1)
أهلَ الكسا مِنّوا عليَّ بنظرةٍ *** لأنالَ منها ما يسرُّ فؤادِي
أهلَ الكسا ما رُمتُ غير جنابِكُم *** و ودادكُم فأرعَوْا عظيمَ ودادي
أهلَ الكسا ما حِدْتُ عن منهاجِكم *** و بكمْ أنالُ الفوزَ يومَ معادِي
أهلَ الكسا إنّي أسيرُ هواكُمُ *** و به وجاهكُمُ حصولُ مرادِي
أهلَ الكسا أنا لا أميلُ وحقِّكم *** عنكُم بلومِ ذَوي قلاً و عَنادِ(2)
أهلَ الكسا إنّي ابتليتُ بعصبةٍ *** كرهتْ سماعَ حديثِكُم في نادِي
و إذا ذكرتُ مناقباً ظهرتْ لكُم *** في محفلِ أعزى إلى الإلحادِ
أهلَ الكسا جحدَ النواصبُ فضلَكُم *** و الفضلُ كالشمسِ المنيرةِ بادِي
أهلَ الكسا من لامني في حُبِّكُم *** يصلى غداً ناراً معَ ابن زيادِ
هو ذاك من آذى النبيَّ بسوءِ ما *** أبداه بغضاً في أبي السجَّادِ
و معَ الذين لَهُم فضائحُ جمّةٌ *** و قلوبُهُم مُلئت من الأحقادِ
والله لستُ براغبٍ عما به *** يرضى الإله و سيُد الأَمجادِ
ص: 339
يا بنت أحمد صلی الله علیه واله وسلم(*)(1)
(بحر الطويل)
الأستاذ أنور الجندي
أفاطمةُ الزهراء يا بنةَ أحمدِ*** و ياعَبَقَ الريحانِ في كلِ مَعبدِ
أما كنتِ أشواقاً، أما كنتِ جَنَّةٌ *** أما كنتِ عطراً في شفاءِ محمدِ؟
أما كنتِ نوراً في الزمان و روضةً *** يفيءُإليها كُلُّ عانٍ، و مجُهَدِ؟
و راعَكِ أن تُمسي لظلمٍ ضحيةً *** و راعَكِ أن يجتاحَ حقَّكِ مُعتَدِ
وما لِنْتِ خوفاً للجُناة، و رهبةً *** و كنتِ كحدّ السيفِ لم يتردَّدِ
و ليسَ عجيباً، أن يهابكِ ظالمٌ *** تقحَّم شرَّاً، ناسياً غضبةَ الغدِ
و لم يكُ يدري، أنه انصاع للهوى *** و لم يكُ يدري، أنه غير مُهتدِ
ويا بنة من هزّ الزّمانَ بلاغةً *** وحظم أصناماً، و أوفى بموعِدِ
تمرَّس بالصبر الجميل على الأذى *** و لم يك هيّاباً، و لاطائش اليدِ
و كم قبّل الزهراء في الليل باكياً *** فهل كان يخشى من لجاجة أَرْبَدِ؟
و كان يمنّيها بكل هناءةٍ *** وكان يمنّيها بكل مهنّدِ
و غابَ عن الدنيا، متشوُّقاً لخالق *** أحبَّ رسولَ و الحبُّ سرمَدي
وماتتْ، كما مات الربيع مُجرَّحاً *** و غابت غياب الناسكِ المتهجِّدِ
أتمنعُ عن إرث النبي محمدٍ *** فياويلَ من أفتى، و لم يتزوّدِ
ص: 340
يا بضعة المختار يا جنّة الهُدی *** و يا غُربة الدنيا، و يا حُلْمَ أصيدِ(1)
حنانيك، لاتبكي من الظلم حسرةً *** فدنياكِ أوهامٌ أبيحت لأعْبُدِ
و في جنّة الفردوس، عَدْل، و حاكمَّ *** و حاشاهُ أن يُعرى بدمعة معتدِ
سلاماً على الزهراء في كلّ ساعةٍ *** سلاماً على الدين الحنيف المخلّدِ
سلاماً على الليثِ المكفّن في الثری *** سلاماً على سيفٍ هنالك مُغْمدِ
تفانوا نضالاً في الحياة و حكمةً *** و هيهات أن تُمحی بهذر معربدٍ
عليكِ سلام الله، ما لاح كوكبٌ *** و ما غرّد الشحرور في ظلّ أملَدِ
و ما كنتِ إلاّ كالنجوم قداسةً *** و ماكنتِ إلاّ آهة المتعبّد
و أنت صلاةُ المؤمنين محبةً *** تنزَّهتِ عن سهم اللئيم المسددِ
لئن غال إرثَ الأنبياء صنيعةٌ *** لطاغٍ، فحقّ الله غير مُبدَّدِ
و أنتِ، وإن طالَ الزمانُ قصيدةٌ *** يُردّدها باكِ تغنّى بأحمدِ
ص: 341
(بحر الكامل)
الأستاذ جعفر الجعفر
أُبدي و باسم الله جئت أردد *** لا بالحسان الغيد رحت أُمهَدُ(1)
كلا و لاأُبدي التغزل إنني *** بحمى البتول و ذكرها أتهجّدُ
فلأجلها لم يأتنا في هل أتى *** ذكر لحور العين حيث تخلدُ
بل أتلو تسبيحاً لأجل مديحها *** في حبها يحلو المديحُ ويسعدُ
اللَّه أكبر قد بدأت بذكرِه *** فإلی رضاه بمدحهم أتقصدُ
اللَّه أكبر قد وقفتُ ببابها *** أرجو المديح وذي دموعي شهَّدُ
اللَّه أكبر كم يسائلني فمي *** مالي أراك بمدحها تتردّدُ
اللَّه أكبر قلت لا أقوى على *** مدح السماء فكيف من هي أبعدُ
اللَّه أكبر قد سعيت بنورِه*** فإذا كبوّت فبالبتوَل أسددُ(2)
اللَّه أكبر قد قصدت مديحَها *** فلها بها منها إليها المقصدُ
اللَّه اکبر في دمائي حبُّها *** حبِّ يجول وبالحشا يتوسّدُ
اللَّه اکبرهلّلوا لوليدةِ *** وُلِدَ الوجودُ لأجلها و محمدُ
اللَّه أكبرفالجنان تألّقت *** و الحور من عليائها تتحشّدُ
اللَّه أكبر يالها من روعةٍ *** فكأن نورُ الشمس منها عَسجدُ(3)
ص: 342
اللَّه أكبريالنفحِ قدومِها *** خَدُّالورود بذكرهای يتورّدُ
اللَّه أكبر هل بدت أنوارُها *** كلاً فبعض ضيائها يتوقّدُ
اللَّه أكبر طَلَّ فرعُ محمدٍ *** أكرِمْ بفرعٍ للأصولِ موطَّدُ
اللَّه أكبر قد حُبيتَ هديةً *** هي فاطم فانعم بها يا أحمدُ
اللَّه أكبريا ملائك ربّنا *** فقعواسجوداً للبتول ومجّدوا
اللَّه أكبر قد تطيّبَ حفلُنا*** طيباً أتى من حيث طاب المولدُ
اللَّه أكبر كبّر و الوليدة *** و دعُوا الصلاة بذكرها تتصعّد
اللَّه أكبر من يعددُ فضلّها *** تفنى الدهورُ و لاتزال تعدّدُ
اللَّه أكبر من يحدِّد نورَها *** کلا فأصلُ النور لايتحدّدُ
اللَّه أكبر من يقل لي كُنهَهَا *** ذا نورُ ربي في البتول مجسّدُ
اللَّه أكبر ماكفاطمُ كوثرُ *** درُّ الأئمة من سناه ينضّدُ
اللَّه أكبر ما حلاوةُ اسمِها *** كالشهد لا أحلى وقلبي يشهدُ
اللَّه أكبر يا جبالُ فأوّبي*** هذي الأمانة حملها كم يجهدُ
اللَّه أكبر قد تجلّی فَخُرُها*** حقاً بها إذما تفاخر أحمدُ
اللَّه أكبر من عتابك عاذلي*** زادَتْ ظهوراً ما لعينِك تجحدُ(1)
اللَّه أكبريالبِنْتِ محمدٍ *** يا أمّه بل نوره المتوقّدُ
اللَّه أكبر قد فَديت ترابها *** فمن البقيع شذا النبوّة يصعّدُ
اللَّه أكبر نورُ عين محمدٍ *** لولا عيونك كل عين ترمدُ
اللَّه أكبر يوم زفّت مثلما *** شمسُ الشموسِ إلي المجرةِ تعقدُ
اللَّه أكبر ليلةَ القدرِ التي*** لا ألفَ قدرٍ قدرُها بل أزيدُ
اللَّه أكبر ما أجلُّكِ فاطمُ *** حبُّ الإلهِ بحبِّها يتوكَّدُ
ص: 343
اللَّه أكبر من شروطِ شروطِها *** حبُّ البتول فكيف لا أتودّدُ
اللَّه أكبر زد إلهي حبَّها *** أنا إفنيت بحبهالمخلّدُ
اللَّه أكبر قَد تَنوَّر اسمُها *** زهِرُاء تزهِرُ للجنان وتسعدُ
صلّوا عليهم فالصلاة عليهم *** هي شاهد التسبيح هيا فاشهدوا
حمداً لرب قد تعاظم شأنُه *** حمداً يليق بذي الجلالِ ويسعَدُ
حمداً إلهي قد رحمت بأمةٍ *** لم لا و فيها قد تنزَّل أحمدُ
حمداً إلهي إننا من فرقة *** كتب النجاة لها فحيدر سيِّدُ
حمداً إلهي فالبتولُ منارُنَا *** أفهل نخافُ و نور فاطم يرشدُ
حمداً إلهي قد تزكّى أمرُنَا *** بالمجتبى الحسنِ الزكي يُسَدَّدُ
حمداً إلهي فالحسينُ شفيعنا *** فعلی دماه دموع عيني شُهَّدُ
حمداً إلهي قد دعوتُك مخلِصاً *** بدعاء زين العابدين أردَّدُ
حمداً إلهي قد هديت بباقرٍ *** بقرالعلوم بخيرِ وِردِ يورَدُ
حمداً إلهي قد تجمع أمرُنا *** فبصادقٍ شمل الجماعةِ يُحشدُ
حمداً إلهي أن رُشدِنا بكاظمٍ *** موسى الكليمُ برشدِه يترشَّدُ
حمداً إلهي من رضاك إلهَنا *** تكميل هديك بالرضا يتحدَّدُ
حمداً إلهي فالجوادُ بجوده *** أسدی لنانِعَماً بهِ تتجدَّدُ
حمداً لربٍ قد هُديتُ بهديهِ *** لامامِنا الهادي فكيف أُشرَّدُ
حمداً لربِ إن جعلت عقيدتي *** بالعسكري ونهجه تتقيِّدُ
حمداً لربٍ صادقٍ في وعدِهِ *** فالقائم المهدي نعم الموعدُ
حمداً إلهي سوف ينهض ثائراً *** وبروح قُدْسِك لانشك يؤيَّدُ
حمداً إلهي سوفَ يأتينا غداً *** إنا بانتظارِك سيّدي فمتى غَدُ
صلُّوا عليهم فالصلاةُ عليهم *** هي شاهد التسبيح هيّا فاشهدوا
الحمدُ لله الذي من فضله *** أنا مسلمُ لامشركٌ لاملحدُ
ص: 344
الحمدُ حمدُ الشاكرين لفضلِه *** فبمنَّه و بجودِه نسترفدُ
الحمدُ لله الذي عهدي به *** في الذَّر كان بحبهم معتقدُ
حمداً لربِّ قد سُقيت وِلاءَهم *** في حُضن أُمٍ بالولاية تَشهُدُ
حمداً لربّي قد حباني والداً *** لهجاً بحبِ المرتضى و مردّدُ
حمداً لربّي قد هديتُ سِراطهم *** فهم الصراط المستقيم لمن هدوا
حمداً لرب قد أراني فضلهم *** لم لا و قلبي فيهمُ يتنهّدُ
حمداً لربي إنني لولاهم *** لبصرتُ لكن جَفْنَ قلبي أرمدُ
حمداً لربي ما بقلبي غيرُهم *** فالقلبُ من أعدائِهم متجرِّدُ
حمداً إلهي قد سُعِدتُ بحبّهم *** دنياً و في يوم القيامة أسعدُ
الحمد لله الذي جعلَ الهدى *** بمحمدٍ و بآله يتأبَدُ
الحمد لله الذي كَشفَ الدُجى*** فبفاطمٍ كل الظلام مبدّدُ(1)
حمداً لمن جعل النجوم هدايةً *** و الكوكبُ الدريُّ فاطَمُ فرقدُ(2)
الحمد لله الذي هم بابُه *** لُذنا ببابِ من عُلاك مشيّدُ
الحمد لله الذي سعيي بهم *** أفهلْ تخيِّبُ من سعى يا أجودُ
حمداً إلهي فالحساب عليهم *** يومِ المعادِ لذا اطمئنوا واسعُدوا
صلّوا على نور النبي وآله *** فالحرز فيها من حسود يحسِدُ
سبحان ربّي أن تنجزَ وعدُه *** وعد الخلاص لما به يتوعَدُ
سبحان من سجدَ الأنامُ له وذا *** جسمي و قلبي و الجوارحُ تسجدُ
سبحانه من مالكٍ من حاكمِ *** من راحمٍ من عادلٍ متفرِّدُ
سبحانه هل من مجيرٍغيرُه ***کلاّ فذا الواحدُ المتفرّدُ
ص: 345
سبحان ربَّ لا نراه و إنّما *** الآثار دلت والقرائن تشهدُ(1)
سبحان ربَّ قد دنافي بعده *** لمن ارتجى و لمن عصى هو أبعدُ
سبحانه طرُب اللسان بمدحه *** أنا إن مدحت أرى لزاماً أحمدُ
سبحان من لي خيره متنزّلُّ *** ياحلمه و الذنب منّي يصعدُ
سبحانه فالكل جاء مسبّحاً *** و الرعدُ من تسبيحهِ يترعّدُ
سبحان ذي اللطف الخفي فنجِّني *** و الطف بعبد في هواك مسهدُ
سبحان ربّي كُنتَ كنزاً خافياً *** فخلقتَ نورَ محمدٍ لك يرشدُ
سبحان ربّ لايُكيَّف وصفُه *** فهم الصفات لربِنا و هم اليدُ
سبحان ربيّ ما لغيرك مقصدٌ *** أنا إن قصدت لهم فوجهك أقصدُ
سبحان ربي هم إليك توسّلي *** أفهل إلهي من جنابك أُطردُ؟
سبحان ربّي هم إليك طريقنا *** إن الطريق بهديهم لمعبُدُ
صلّوا على نورِ النبي وآله *** خِصّوا التي من بالجلالِ تمهدُ
سبحانه البحران حيث تلاقيا *** بحر البتول بحيدر يترفّدُ
سبحانه لايبغيان فبينهم *** ذا البرزخ المذكور و هو محمدُ
سبحانه من بينهم خرجت لنا *** مرجان خير و اللآلي زبرجدُ
سبحانه قل للمكذب فيهمُ *** فبأي آلاء لربك تجحدُ
سبحانه إن يجحدون فإنهم *** خشب كما قال الإله مسندُ
سبحان من ردَّ البغاة بكيدهم *** مكروا و مكرُ الله أدهى أنكدُ
سبحان ربّ لاانطفاء لنوره *** هذي المحافل يا عذولي تشهدُ
سبحان ربيّ لو شقيت لأجلها *** أُدمى ولكني بها أتضمّدُ
سبحانه لا شقاء بحبّها *** كيف الشقاء وحبُّ فاطمَ يسعُدُ
ص: 346
سبحانه من راحمٍ جعل الحمى *** من ناره بحمى البتول يقيّدُ
سبحانه سأل المودة فيهم *** و هي المودةُ كيف لاأتودّدُ
سبحانه فلذا ارتضى لرضائها *** و السخط حلّ لمن لها يتصدّدُ
سبحانه جعل الملائك طوعها *** سل جبرئيل لهز المهدكم يفدُ
سبحانه آياته نطقت بها *** فالدهر و التطهير فيها تنشدُ
سبحانه قد قال في قرآنه *** و تزوّدوا فلذا بهم أتزوّدُ
سبحان ربي أن جعلت ضياءهم *** نوراً لوجهي يوم يوم فيه تسوّدُ
سبحان ربّي أن جعلت ولاءَهم *** نوراً بقبري حيث فيه أوسّدُ
سبحان ربّي إن عاد حشري فيكم *** يا سادتي فالعودُ فيكم أحمدُ
صلّوا عليهم فالصلاة عليهم *** هي شاهد التسبيح هيا فاشهدوا
ص: 347
(بحر الطويل)
الأستاذ جعفر عباس الحائري (*)(1)
لَكَ الشُّكْرُ رَبِّي وَ الثَّنا وَ المَحامِدُ*** لَكَ الْحَمْدُ إِذْ تُبْدِي وَ حِينَ تُعاوِدُ
لَقَدْ كُنْتَ أَبْدَعْتَ الخليقةَ صُنْعَها *** وَ أَنْتَ عَلَى الْإِبْدَاعِ فَذْ وَ واحِدُ
وَمَا كُنْتَ تَنْسَى الْخَلْقَ حاشاك بُرْهَةٌ *** وَ أَنْتَ لَهُ رَاعٍ وَ طَرْفُكَ راصِدُ
ص: 348
عَلَيْنا نَدَى أَلْطَافِ جُودِكَ نَازِلٌ *** وَ سُوءُ فِعالِ الْخَلْقِ نَحْوَكَ صاعِدُ
جُحُودٌ وَ نُكْرانُ لِفَضْلِكَ واضِحٌ *** وَ لُطْفُكَ رَغْمَ النُّكْرِ فِي الْخَلْقِ سائِدُ
أَتَيْتَ بِسِلْمٍ لِلْعِراقَيْنِ شامِلٍ *** وَ أَنْتَ لِسَيْفِ الْحَرْبِ بِاللَّطْفِ غَامِدُ
فقَدْ مَزَّ قَتْنا الْحَرْبُ شَرِّ مُمَزِّقٍ *** وَ قَدْ لَعِبَتْ فينا الرِّقاقُ البَوارِدُ
وَ قَدْ أثْقَلَتْ مِنّا الهُمومُ كَواهِلاً *** وَ مِنّي عَلَى قَوْلِي دَلِيلٌ وَ شاهِدُ(1)
فَقَدْ كُنْتُ قَدْ أُبْعِدْتُ عَسْفاً بِلَيْلَةٍ *** مِنَ الوَطَنِ الغالِي وَ لا مَنْ يُعاضِدُ
وَ قَدْ مَسَّنِيْ ضُرِّ وَ حَوْلِيَ أُسْرَتِي *** وَ مَا لِي لِدَفْعٍ الصَّيْمِ عَنْهُنَّ ذائِدُ
خَرَجْنَا وَ سِرْنا فِي الْفَيافِي بِلَوْعَةٍ *** وَ كَادَتْ أسّى تَبْكِي عَلَيْنَا الْفَدافِدُ(2)
وَ عِشْتُ بعيداً عَنْ بِلادي وَ مَرْبَعِي *** وَ أهلي وَ أَصْحابي وَ طَالَ التَّباعُدُ
تَوَغَّلَ لي جَذْرٌ بِتُرْبَةِ كَرْبَلا *** و غَرْسِي نَما فيها وَ فِيها التَّوالُدُ
وَلِي عَبْرَ أَجْيالٍ بها مِنْ مَعالِمٍ *** وَلِي فِي ثَراها لِلْجُدُودِ مَراقِدُ
جِوارُ أبِي الأحرارِ عِشْتُ وَ جَنَّتِي *** هُناكَ جَرى مِنْ تَحْتِها لِي رافِدُ
مَرابِعُ أُنسِي في العِراقِ دَوارِسٌ *** وَ قَدْ لَعِبَتْ فيها الرِّياحُ الصِّوارِدُ(3)
فَهَلْ لِيَ أَنْ أَنْسَى لَيالِيَ شَقْوَتِيْ *** وَ قَدْ كُنْتُ فِي قَيْدِ الْهَوانِ أُكَابِدُ
وَ كَيْفَ وَ قَدْ صُبَّتْ عَلَيَّ مَصائِبٌ *** لِبُعْدِيَ مِنْها وَاحْتَوتْنِي الشَّدائِدُ
و لازِلْتُ مِنْ بُعْدِ الدِّيارِ بِمِحْنَةٍ *** وَلِي مَطعَمٌ مُرَّ وَ مَسْقايَ راكِدُ
وَمَا لِي سِوى التَّرْجِيعِ حَوْلٌ و قُوَّةٌ *** وَ مَا لِي سِوىَ الصَّبْرِ الجَمِيلِ مُسَانِدُ
***
ص: 349
تَناسَ هُمُومَ الْهَجْرِ وَ انْسَ مَصائِباً *** مِنَ الْهَجْرِ قَدْ صَبَّتْ عَلَيْكَ الرَّواعِدُ
دَعِ الْحُزْنَ فَالدُّنْيا بِبشْرٍ وَ بَهْجَةٍ *** وَ لِلْخَيْرِ تَرْسُو في رُبانا القَواعِدُ
فهَذِي تَبَاشِيرُ السَّلامِ بِأُفْقِنا *** تَجَلَّتْ وَ عَهْدُ الحَرْبِ لاشَكَّ بائِدُ
سَتَصْفُو سَمَاءٌ لِلْعِراقَيْنِ كُدِّرَتْ *** وَ يَجْمَعُ شَعْبَيْهِ الهُدى وَ التَّوادُدُ
وَ هَذِي ثُغُورُ الفَجْرِ تَبْدُو بِرَوْعَةٍ *** وَ عَنْ مَبْسمٍ تَفْتَرُّ وَ الكَوْنُ شَاهِدُ
فُيوضٌ مِنَ الرَّحمنِ تَجْرِي رَوافِداً *** لَنا مَنْهَلٌ مِنْ عَذْبِها وَ مَوارِدُ
وَ قَدْ صَدَحَ الطَّيْرُ الهَزارُ مَسَرَّةً *** وَ جاءَتْ بِأَنْبَاءِ السُّرورِ الهَداهِدُ
بأِنَّ رسولَ اللَّهِ طابَتْ حَياتُهُ *** بِفَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ وَ الْعَيْشُ راغِدُ
فيا نَفْسُ هَبِّي وَابْشِرِي وَ تَهَلَّلِي*** فَإِنَّ صَباحَ الخير بالسَّعْدِ عائِدُ
فَقَدْ وُلِدَتْ بنتٌ لِطَه أمامَها *** تَصاغَرَ أَفْذاذٌ رِجالٌ أَجَاوِدُ(1)
حَبا المُصْطَفى رَبُّ البَرِيَّةِ كَوْثَراً *** تَسِيلُ بِفَيْضِ الْخَيْرِ مِنْهَا الرَّوافِدُ(2)
وَ أَعْطاهُ إِكراماً عَظِيمَ عَطِيَّةٍ *** بِبِنْتٍ لَهُ مِنْهَا بَنُوهُ الْأَماجِدُ
فَمِنْ بِنْتِهِ الزَّهْرَاءِ نَسْلٌ مُطَهَّرٌ *** نُجومٌ وَ أَقْمارُ الهُدى وَ فَراقِدُ(3)
ص: 350
لَهُ الحَسنانِ ِالسَّيَّدانِ وَ مِنْهُما *** أَئِمَّةُ حَقٌّ تِسْعَةٌ وَ مَرَاشِدُ(1)
أَتَتْ هَلْ أَتَى في فَضْلِها وَ صِفاتِها *** و فيها صِفاتُ الخَيْرِ غُرِّ فَرائِدُ(2)
وَ فِي آيةِ التَّطْهِيرِ رِفْعَةُ شَأْنِها *** تَجَلَّتْ وَ فِي الْقُرْبَى لها الوُدُّ وارِدُ(3)
ص: 351
يُعَلَّمُها الرَّحْمَنُ وَ المُصْطَفَى لَهُ *** مَواقِفُ فِي تَعْظِيمِها وَ مَشاهِدُ(1)
وَ أَنَّ لها شأناً عَظِيماً وَ مَوْقِعاً *** لَدَى اللَّهِ لاتَدْرِي مَداهَا المَراصِدُ(2)
مَقامُ لَها فَوْقَ الثَّرَيَّا وَ مَنْزِلٌ *** رَفِيعٌ فَلا يَدْنُو إليهِ عُطارِدُ
فِداكِ أَبُوكِ قال طهَ لِبنْتِهِ *** وَ ما ناكِرُ لِلْقَوْلِ هذا وَ جاحِدُ(3)
يُسَرُّ إذا سُرَّتْ وَ يَغْتَمُّ قَلْبُهُ *** إذا ما أَتَتْها المُؤْلِماتُ النَّواكِدُ(4)
مَوَدَّتُها فَرْضٌ عَلى كُلِّ مسلم *** وَ مَنْ يُبْغِضِ الزَّهْراءَ في النّارِ خالِدُ(5)
***
ص: 352
فَيَا رَوْعَةَ الذَّكْرَى وَ بَهْجَةَ مَوْلِدٍ *** لِبِنت لها خَيْرُ البَرِيَّةِ والد
لها أَلْسُنُ الدُّنْيا ثَنَاءٌ وَ مِدْحَةٌ *** وَ فِيها حَلَتْ عَبْرَ الزَّمانِ الْقَصَائِدُ
ص: 353
أتَى يَوْمُ البَتُولَةِ وَ هْوَعِيدُ *** فَطَابَ بِذِكْرِ مَوْلِدِهَا الْقَصِيدُ
بَدَتْ كَالشَّمْسِ تَغمُرُأُفْقٍ *** مِنَ الدُّنيا وَ قَدْ سَعِدَ الْوُجُودُ(1)
هِيَ الزَّهْرَاءُ فَاقَتْ كُلِّ أُنْثَى*** لَها فَضْلٌ فَهَلٌ تُوفِي الْحُدُودُ(2)
أبوها سَيِّدُ الْكَوْنَيْنِ (طه) *** وَ (حَيْدَرَةٌ) لَهَا بَعْلٌ مَجِيدُ
وَ شِبْلاها هُما الحَسَنُ المُصَفّى*** وَ ذاكَ حُسَيْنُها السَّبْطُ الشَّهِيدُ
وِلاهَا الدَّيْنُوالْإِيمانُ حَقّاً *** وَ تِلکَ هِيَ السَّعادَةُ وَ السَّعُودُ
***
أبِنْتَ المُصْطَفَى وَ افَاكِ شِعْرِي *** بِمِدْحَتِهِ وَ إِنْ غَضِبَ الْحَسُودُ
ص: 355
شَرِبْتُ وِلاكِ مِنْ لَبَنٍ زَكِيِّ *** تُغَذِّينِي بِهِ أُمِّ وَلُودُ
وَ ذاكَ مِنَ الإلهِ عَظِيمُ فَضْلِ*** وَ مَنْ عِنْدَهُ شُكْرِي يَزِيدُ
فَبِاسْمِكِ قَدْ أَذَعْتُ بِكُلِّ نَادٍ *** تَزاحَمَ عِنْدَ سَاحَتِهِ الْحُشودُ
و كَمْ لي في عُلاكِ سَما قَصِيدٌ *** لَهُ انْحَطَّ الْفَرَزْدَقُ وَ الْوَلِيدُ
سَأَبْقَى ما حَيِيتُ وَلِي وِصالٌ *** بحُبكِ لاأَزِلُّ وَ لاأَحِيدُ
***
أَسيَّدَةَ النِّساءِ إِلَيْكِ قَصْدِي*** إِذا اخْتَلَفَتْ مِنَ النّاسِ الْقُصُودُ
فأَنْتِ الْبَضْعَةُ الكُبْرَى تَسامَتْ *** بِعَلْيَاها وَ مِنْلُكِ مَنْ يَسُودُ
حَباكِ اللَّهُ مِنْهُ بِكُلِّ فَضْلِ *** وَفَضْلُكِ كُلُّهُ كَرَمٌ وَجُودُ
بِفَضْلِكِ لاحَ في(مِصْرِ) كِيانٌ *** لَهُ حُكْمٌ وَ سُلطانٌ مَشِيدُ
بهِ لِلْفاطميين اعْتِزازٌ *** بِنِسْبَتِهِمْ إِلَيْكِ عَلا وُجُودُ
وَ ذَاكَ (الأَزْهَرُ) السَّامِي بِناءٌ *** عَلَى مَرَّ الزَّمانِ لَهُ صُعُودُ(1)
فكَمْ فِيهِ اسْتَفادَ النَّاسُ عِلْماً *** بِهِ دَفَّتْ عَلى الدُّنْيا بُنُودُ(2)
***
أَفاطِمَةُ البَتُولُ وَ مَا عَسَانِي*** أَقُولُ وَ مَجْدُكِ السَّامِي عَتيِدُ؟
رِضاكِ رِضا الإلهِ بِلاجِدالٍ *** وَ سَخُطُكِ سَخَطُهُ وَ هُوَ الشهيدُ
وَ مِنْ عَجَبٍ وَ أَنْتِ الظُّهْرُ ذاتاً *** تَنَزَّلَ فيكِ قرآن مَجِيدٌ(3)
ص: 356
يَرُومُ البَعْضُ فَضْلَ سِواكِ جَهْلاً *** بِمَضْحَكَةٍ على الرّاوي تَعُودُ
وَ لَمْ يَرَ مِنْ حَديثٍ يَصْطَفِيهِ *** فَكانَ لَهُ لدى الفضل (الثَّريدُ)(1)
أَتَجْحَدُ نُورَ قُرْصِ الشَّمْسِ عيَنٌ *** أَعْيُنُ هَذِهِ الدُّنيا شُهُودُ
فَأَيْنَ الحُكْمُ عِنْدَ العَقْلِ وَلَّى؟ *** أَحَقَّاً قَدْ عَرى العَقْلَ الجَمُودُ
سُمُواً يا بنةَ الهادِي سُمّواً *** لَهُ الأَملاكُ صَارِعَةٌ سُجُودُ؟
***
وَ عُذْراً يابْنَةَ المُخْتارِ عُذْراً *** إِذا لَمْ يُسْعِفِ القَوْلَ القَصِيدُ
أَبَعْدَ مَديحِ رَبِّ الكَوْنِ هَلْ لِي *** إلى عَلْياكِ يَأْخُذُ بِي صَعُودُ؟
لكِ القِدْحُ المُعَلَّى يَوْمَ حَشْرٍ*** وَ فِي الفِرْدَوْسِ طَابَ لَهُ الخُلُودُ
رَجَوْتُكِ مِنْ ذُنوبي و الخَطَايا *** إذا ما النَّارُ شَبَّ لَهَا وَقُودُ(2)
فَأَنْتِ لَكِ المَلاذ إذا تَرامَتْ *** هناك صَحائِفٌ لِي وَ هُيَ سُودُ(3)
فَمَا لي غَيْرُ جاهِكِ مِنْ مُغِيثٍ*** وَ مِثْلُكِ بِالشَّفاعَةِ مَنْ يَجُودُ
فما خابَ الَّذِي مَسَكَتْ يَدَاء*** بِحَبْلِ وِلاكِ إِنْ وَهَنَتْ زُنُودُ(4)
ص: 357
و عطفاً يَا بْنَةَ الهادي فَدَهْرِي *** يُؤَرِّقُنِي بِهِ هَمِّ شَدِيدُ
وَهَاكِ لَدَى الخِتامِ عَظِيمَ وُدٌ *** سَلاماً كُلَّ آوِنَةٍ يَزِيدُ(1)
ص: 358
(بحر المتدارك)
الشيخ جعفر الهلالي (*)(1)
وَ صَبَرْتَ عَلَى عِظَم البَلْوى *** وَ لِقَلبِكَ بانَ تَجَلُّدُهُ(2)
تَتَجَرَّعُها غُصَصاً غُصَصاً *** كاللَّيْلِ تَراكَمْ مُلْبِدُهُ(3)
ماذا سَأَعَدَّدُ مِنْ نَبَإٍ *** قَدْ كُنْتَ تَراه وَ تَشْهَدُهُ
(يَوْمُ)(المُخْتَارِ) وَ(حادِثُهُ) *** أمْ (حَقَّكَ) خَصْمُكَ يَجْحَدُهُ(4)
أَمْ (إرثُ) حَلِيلَتِكَ (الزَّهْراء) *** و ذا القُرْآنُ يُؤَكِّدُهُ
دَفَعَ الأقْوامُ بِهِ (نَصْاً) *** مُذْ أَضحَتْ عَنْهَا تُبْعِدُهُ(5)
ص: 359
أمْ (ردُّكَ) حِينَ شَهِدْتَ لَها*** بِحَدِيث النَّخْلَةِ ِتُوِردُهُ(1)
أَمْ تِلْكَ النَّارُ) وَقَدْ لَهِبَتْ *** بِالبَابِ لِبَيْتِكَ نَقْصِدُهُ(2)
أَمْ (كَسْرُ الضّلْعِ) لِفَاطِمَةٍ ***أَمْ ذاكَ (المُحْسِنُ) تَفْقِدُهُ(3)
لتُبايِعَ أوَّلَهُمْ فَأَبَيْتَ*** وحَقَّكَ رُحْتَ تُؤكدُهُ
ص: 360
وَ وَرَاءَكَ بِنْتُ نَبِيِّهم *** تعْدُو و الصَّوْتُ تُرَدِّدُهُ
وَتَصِيحُ الاخَلُوا الكَرًا *** رَوَذَاكَ الصَّوْتُ تُصَعِّدُهُ(1)
أوْ لافَسَادْعُو اللَّهَ عَلَى *** قَوْم تَعْصِيهِ وَ تَجْحَدُهُ
وَ أَتَتْ لِلْمَسْجِدِ مُعَولَةً *** وَ لِذَاكَ الجَمْعِ تُهَدِّدُهُ
فَهُنالِكَ كَفُّوا غَيَّهُمُ *** مُذلاحَ السُّخْطُ وَ مَوْعِدُهُ
وَ رَجَعْتَ وَ عَادَتْ مُنْقَلَةً *** وَالهَمُّ يَزِيدُ تَوَقُدُهُ
وَ غَدَتْ تَشْكُو المُخْتَارَ لِما *** قَدْ نالَتْهُ وَ تُعَدِّدُهُ
و بَكَتْ ألماً لِمُصِيبَتِهَا *** وَ الحُزْنُ تَفَجَّرَ مُكْمَدُهُ
لَيْلاً وَ نَهاراً مَا فَتِئَتْ *** بِبُكاها وَ هْيَ تُشَدِّدُهُ
فَأرادَ القَوْمُ لها مَنْعاً *** عَمَّا تَأْتِيهِ وَ تَقْصِدُهُ
ص: 361
قالُوا آذَتْنا فاطِمَةٌ *** بِبُكاءٍ مِنْها تُوجِدُهُ
فَلْتَبْكِ نَهاراً والدها *** أولافَبِلَيْلِ مَوْعِدُهُ
فَأَبَتْ وَغَدَتْ لِ_ (بَقيعِ الغَرْ *** قَدِ) ثَمَّ نَهَاراً تَشْهَدُهُ(1)
وَ هُناكَ بِظِلُّ (أرَاكَتِها) *** تَخِذَتْ مَأَوّى تَتَعَهَّدُهُ(2)
وَ تَعُودُ اللَّيْلَ تَؤُمُ الدّا *** رَلِذاكَ النَّدْبِ تُجَدِّدُهُ(3)
فَسَعَوْا في قطع أراكَتِها *** شُلَّتْ لِمُعادِيها يَدُهُ
فَبَنَى الكَرَارُ لَها (بَيْتاً) *** لِلْحُزْنِ أَقِيمَ مُشَيَّدُهُ
ص: 362
و كذاكَ تَواصَلَ مِنْهَا الحُزْنُ *** وَ زادَ القَلْبُ تَوَقُدُهُ(1)
وَ تَضَاعَفَ مِنْها السُّقْمُ وَ قَدْ *** أوْدَى بالجِسْمِ تَشَدُّدُهُ
فَقَضَتْ وَ القَلْبُ بِهِ شَجَنٌ *** تُبْدِيهِ وَ طَوْراً تَكْمِدُهُ(2)
وَ بِلَيْلِ قَدْ دُفِنَتْ سِرًّا *** وَ بِذَا لِلسُّخْطِ تُؤَكِّدُهُ(3)
ص: 363
محَنِّ ما غَيْرُكِ يَجْرَعُها *** في هذا العالم نَعْهَدُهُ(1)
ص: 364
(بحر الطويل)
الشيخ حبيب الهريبي(*)(1)
ولا يتُكُم فخرِي ومجدي و سُؤدَدِي *** وخدمتُكُم ذُخرِي وزادي في غدِي
سأرفعُكُم دوماً شعاراً ومبدءاً *** أردّدهُ في محشدٍ إثرَ محشدِ
سأدعُو إليكُم ما حييتُ و إنّما *** حياتِي أن أدعُو إلى آلِ أحمدِ
فما ضرّني من نالَ منّي بحقده *** لأنّي أستسقي هداكُم فأهتديِ
فقومٌ رمَوْني بالغُلو لأنّني*** أقدَّسكم في اللهِ قربى محمدِ
وكم تهمةِ قد لفَّقوها و فريةٌ *** أقاموُا لها الدنيا على سوءِ مقصدِ
فعنكُم أخذنا و الكتابُ قرينُكُم *** يؤيِّدكُم أعظِمْ به من مؤيّدِ(2)
فتوحيدُنا عنكُم و منكُم و هذه *** علومُكُمُ كانت لنا خيرَ موردِ
فلم نعتقدْ إلاّ بما صحَّ عنكُمُ*** فقولُكُمُ الحقُّ الذي فيه نهتدِي
ص: 365
أيا بضعةَ المختارِ عفواً إذا انبرى *** لمدحِكِ مثلِي في نشيدٍ مردِّدِ
فقدسُكِ أسمى من مديحِي و إنّما *** أتيتُكِ أستجدي نداك المحمدي
فأنتِ العطاءُ الجمُّ و الكوثَرُ الذي*** تحدَّر من ذي العرش في خيرِ مولدِ
فمثلُكِ أنثى لم ير الدهرُ في العلا *** تضاهِكِ يا أمُّ الفَخَارِ المُخَلَّدِ
أيا مولدَ الزهراء يا مشرِقَ الهدى *** و يا نبعَ التُّقى و نور الموحِّدِ
و يا مفخرَ الإسلامِ يا رمزَ عزّه *** و يا جوهرَ الحقَّ الصريحِ المجسَّدِ
فأنتِ لناهديُّ نجدِّد ذكره *** لنبقى به أحياءُ في اليومِ و الغدِ
ص: 366
(بحر البسيط)
الشيخ حسن البحراني القيسي(*)(1)
الخْضَرَّ وَجْهُ الرُّبَى وَاعْشَوْشَبَ الوادِي *** وَ الطَّيْرُ غَنَّى بِأَلْحانِ إنشادِ
وَ الكَوْنُ أبْلَجُ بالأنوارِ مُتَّقِداً *** يَزْهُوْ كما ازْدَانَ في أَنْوارِهِ النَّادِي(2)
نُورٌ وَ رَبِّكَ لاتَخْفَى مَظَاهِرُهُ *** نُورُ البَتُولَةِ بِنْتِ المُصْطَفى الْهَادِي
وَ ذِي مَلائِكَةُ الرَّحمَنِ مَا بَرِحَتْ *** تُسَبِّحُ اللَّهَ تَسْبِيحَاً بِتِرْدَادِ
وَ يَمَّمَتْ نَحْوطه المُصْطَفَى وَ هُما *** على أساريرِها تِبشارُها بادِ(3)
تَدْعُوه يا سَيِّداً قامَ الوُجُودُ بِهِ *** منّا عَلَيْكَ سلامٌ ما حَدَا الحادي
إلَيْكَ أَرْسَلَنَا الباري فَدُونَكَها *** مِنْهُ التَّحِيَّةَ وَ هُوَ الموجِدُ البادي
جِئْنَا نُهَنِّيكَ بِالزَّهْرًا فَإِنَّ لَهَا *** فَضْلاً وَ رَبِّكَ لا يُحْصَى بِتَعْدَادِ
أَحِبَّةَ المُرْتَضَى الهادي وَ شِيعَتَهُ *** وَ مَنْ لَكُمْ حُبُّهُ مِنْ خَيْرِ أَوْلَادِ
قُومُوا تُهَنِّي خَدِيجَ الخَيْرِ عَنْ فَرَحٍ*** بِتُحْفَةِ اللَّهَ وَ هُوَ الواهِبُ السادِي(4)
خَدِيجَةَ الخَيْرِ يا مَنْ رَاحَ سُؤدَدُهَا *** يَعْلُوْ سَوامِخَ أطام وَ أَطْوَادِ(5)
يا مَنْ حَبَاهَا بِخَيْرِ الخَلْقِ قاطبةً *** رَبُّ السَّمَا وَ كَسَاهَا أُسَّ إسْعادِ
ص: 367
بِالمُصْطَفَى خَصَّها هادِي الأنام إلى *** دَرْبِ الرَّشادِ فَأَضْحَى خَيْرَ رَشَادِ
قَادَ السَّفِينَ إلى شاطي الأمان ألا *** أكْرِمْ بِهِ رَائِداً بَلْ خَيْرَ رُوَّادِ
بنَتْ بِهِ وَ قُرَيْشٌ في عَدَاوَتِها *** لَهَا بِأَعْظَم نُقَادٍ وَ حُسَّادِ
فَالنّاسُ وَ المالُ لم يَبْغُوا بِهِ بَدَلاً *** إلا الَّذِي كَانَ فِيهِ خَيْرَ زُهَادِ
وَ أُمُّ فاطِمَةٍ في المالِ زاهِدَةٌ *** أكرِمْ بِأُمِّ بِهِ مِنْ خَيْرِ زُهَادِ
جادَتْ بِهِ لِرَسولِ اللَّهِ مِنْ كَرَمِ *** أَكْرِمْ بأُمِّ غَدَتْ مِنْ خَيْرِ أجوادِ
فَيا خَدِيجَةُ تِلْتِ الخَيْرَ اجْمَعَهُ *** بالمصْطَفَى خَيْرِ مِعْطاء و مُرْتَادِ(1)
أعطاكِ رَبُّكِ بِالمختارِ مَرْتَبَةً *** فَاقَتْ مَرَاتِبَ أَشْرافٍ وَ أَمْجَادِ
وَ خَصَّكِ مِنْهُ بالزّهراء فاطِمَةٍ *** كأَنَّها وَ الهُدَى جَاءَتْ بمِيعادِ(2)
أكْرِمْ بِفَاطِمَةَ الزهراء سيدةَ *** النِّسْوانِ مِنْ حاضِرِ في النَّاسِ أَوْبادي(3)
يا بِنْتَ أَشْرفِ خَلْقِ اللَّه قاطِبَةً *** إِنْ جِيءَ فِيهِمْ بأَوْلَادٍ وَ أَحْفَادِ
وَ يَا رَبِيبَة بَيْتِ المَجْدِ مِنْ مُضَرٍ *** وَ خَيْرِ هَاشِمٍ مِنْ آتِ وَ مِنْ غَادِ
وَ يَا رَضِيعَةَ ثَدْيِ الوَحْيِ يا أَمَلِي *** يَا مَنْ لَهَا كَلِمٌ مِنْ خَيْرِ إِرْشَادِ
لِلَّه ميلادُكِ المَيْمونُ إِنَّ بِهِ *** اهْتَزَّتْ رُبانا فَأَضْحَى بمِيلادِ
تَقَبَّلي وَ دَنَا في حَفْلِنَا فَبِهِ *** مِنْ خالص الوُدُ مِنَّا أيُّ إِنْشَادِ
حتَّى وَ إِنْ لَمْ تَكُنْ تَعْلُو بَلاغَتُهُ *** لَكِنْ بِكُمْ يَتَبَاهَى لَابِنُقَادِ
لأَنَّكُمْ أَنْتُمُ أَهْلُ القَبُولِ وَ أَصْحَابِ *** العَطَا لِرَفَّادِ وَ وَفَّادِ
يا رَبِّ بِالْآلِ بَلْغْنَا مَقاصِدَنَا *** فَأَنْتَ أكْرَمُ مَقْصُودٍ لِقَصَّادِ
وَ زِدْ لَنَا يا إلهي في مَحَبَّتِهِمْ *** فَإِنَّ حُبَّهُمُ مِنْ أَفْضَلِ الزَّادِ
ثُمَّ الصَّلاةُ عَلَى المُخْتَارِ سَيِّدِنَا *** وَ المُرْتَضَى عَلَيَّ مَا حَدَا الحَادِي
ص: 368
و فَاطِمِ وَ بِنِيها ما بَدَاقَمَرٌ *** أَوْلاحَ نَجْمٌ بِنورِ مِنْهُ وَقَادِ(1)
أعْنِي بِهِمْ آل طه المُصْطَفَى فَبِهِمُ *** تُنْفَى الكُرُوبُ بِدَهْرٍ جَائِرٍ(2) عادِ
ص: 369
(بحر الوافر)
الشيخ حسن البحراني القيسي (*)(1)
عَلَى الزَّهْراءِ حُزني في ازْدِيادِ *** وَ دَمْعِي فَوْقَ صَحْنِ الخَدّ بادِي
لِبَلْواها أَنُوحُ بلا انْقِطَاعٍ *** وَ أَنْدُبُ مِثْلَما قَدْ ناحَ شادِي(2)
أُمَنْلُها وَ قَدْ فَقَدَتْ أَباها *** إمامَ المُرْسَلِينَ وَ خَيْرَ هَادِي
وَ عجَّتْ بِالبُكاءِ تَنُوحُ شَجُواً *** لَهُ وَ تَعِجُ مِنْ أَقْصَى الفُؤادِ
وَ عَيْناها مِنَ الأحزانِ قَرْحَى *** تَصُبُّ لَهُ المَدامِعُ كالغَوادِي(3)
تُنادي وَ الدُّمُوعُ بها احْمِرارٌ *** وَ نَارُ الوَجْدِ تُضْرَمُ في الفؤادِ
ألا يا والدي قَدْ كُنْتَ ذُخْرِي *** فَوا ذُلّاهُ بَعْدَكَ يا عِمادي
ألا يا والدي قَدْ كُنْتَ حِصْناً *** أَلُوذُ بِهِ بِمُعْتَرَكِ الشّدادِ
ألا يا والدي كُنْتَ الْمُرَجّى *** إِلَيَّ وَ كُنْتَ يا أَبَتِي سِنادِي
فَها أنا بَعْدَ فَقْدِكَ يا مَلاذِي *** أَحِنُّ جَوّى لِعُظمٍ الاضِطهاد
وَ كُنْتَ حِمايَ مِنْ جَوْرِ اللَّيالي *** وَ كُنْتَ حِمَايَ مِنْ جَوْرِ الأَعادِي(4)
عَليَّ تَراكَمَتْ مُذْ غِبْتَ عَنِّي *** مَصائِبُ مِثلُ أَظوادٍ صِلادِ(5)
وَ نَوْحِي كَالحَمامَةٍ في بُكاها *** تَحِنُّ بلا انقطاع أَوْ نَفادِ
ص: 370
أو الهَيْمَانِ ضَيَّعَهُ أَلِيفٌ *** فَها هُوَ هائِمٌ في كُلِّ وادي(1)
فواحُزْنِي عَلَيْكَ أَبِي سَأَبْكِي *** عَلَيْكَ إلى مَمَاتِي وَ افْتِقادِي
وَ أَنْدُبُ لاأُفَتِّرُ مِنْ شُجُونِي *** وَ اتَّخِذُ البُكا شُرْبِي وَ زادي
بَنِي المُخْتَارِ ما أَدْهَى رَزَايَا *** دَهَتْكُمْ عُنْوَةٌ دُونَ العِبادِ
عَلَيْكُمْ لَمْ يَزَلْ يَنْهَلُ دَمْعِي *** مُذاباً كَالجُمَانِ و كَالغَوادِي(2)
صَلاةُ اللَّهِ وَ الأَمْلاكِ جَمْعاً *** عَلَيْكُمْ ما حَدا لِلرَّكْبِ حَادِي(3)
ص: 371
(بحر الكامل)
الشيخ حسن البحراني القيسي(*)(1)
حَسْبِي على ما حَلَّ بي إنشادي *** وَ تَلَبَّسِي بالنوح و التَّعْدادِ
حُزْنِي يَزِيدُ وَ حَسْرَتِي لاتَنْقَضِي *** وَ الوَجْدُ يُشْعِلُ بالصِّرامِ فُؤادي
لِي حَرْقَةٌ لاتَنْطَفِي طُولَ الْمَدَى *** وَ أَنُوحُ كالقُمْرِيّ في الأَعْوادِ(2)
يا صاح دَعْنِي فَالْوُلُوعُ أَمَضَّنِي *** وَدَع العِنابَ فَلَسْتَ مِنْ أَنْدَادِي(3)
دَعْنِي أَكَابِدُ مِحْنَتِي وَ صَبابَتِي *** فَلِمَا بُلِيتُ مُلازِمَ التّسْهادِ(4)
لَمْ أَبْكِ فَقَدَ أَحِبَّةٍ كَلا ولا *** رَسُمٌ عَفَاهُ تَرادف الآبادِ
کَلا و لاأبكِي حُطاماً زائِلاً *** عنِّي و لالطوارِفٍ وَ تِلادِ(5)
لكِنْ شَجانِي ما أُصِيبَ مُحَمَّدٌ *** في آلِهِ مِنْ مِحْنَةٍ وَ نِكادِ
وَ يَكَيْتُ لِلزَّهْرا وَ مَا بُلِيَتْ بِهِ *** فَتَجَلْبَبَتْ مِنْ حُزنِها بِسَوادِ
لَمْ أَنْسَهَا لَمَّا أَتَتْ مُلْتَاعَةً *** قَبْرَ النَّبِيِّ وَ دَمْعُها كَغَوادِي(6)
تَدْعُو: أَلا يا والِدِي يا مَنْ بِهِ *** رُكْنُ الشَّرِيعَةِ ثَابِتُ الأَوْتَادِ
ص: 372
أبْنَاهُ قُمْ و انْظُرْ لِحالِي كَيْ تَرى *** أَثَرَ التألمِ فَوْقَ وَجْهِيَ بادِي
ما شُمْتُ مِنْبَرَكَ العَظِيمَ وَ زُرْتُهُ *** الأَ بَكَيْتُ لِوَحْشَةِ الأَعْوادِ
يا وَحْشَةَ المِحْرابِ زادَتْنِي أَسَى *** وَ كَأَنَّهُ بِاكٍ عَلَيْكَ يُنادِي
أَوْحَشْتَنِيَ يَا خَيْرَ مَبْعُوثٍ وَ يَا *** خَيْرَ الأنام وَ قُدْوَةَ الأَمْجادِ
تَاللَّهِ يا أَبَتاهُ لَوْعايَنْتَنِي *** مَكْسُورَةَ الأضلاع بالأحقادِ(1)
صَدْرِي يَسِيلُ دَماً وَوَجْدِي ما *** لَهُ حَدَّ مَدَى الأَيام وَ الآبادِ
قَدْ وَ رَّمُوا مَثْنِي بِضَرْب سِياطِهِمْ *** وَ أَنا أَحِنُّ مِنَ الأسى و أُنادِي
مَلْطُومَةٌ عَيْنِي وَ بَعْلِي بَيْنَهُمْ *** أَضْحَى يُقادُ مُلَبَّباً بِنِجَادِ(2)
وَ أَشدُّ ما أَجْرَى دُموعِي وُكَفاً *** كالغَيْثِ مُنْهَمِراً بكا أولادي(3)
يا بِنْتَ طَهَ ما أَمَضَّ مُصابَكُمْ *** مُجْرِي الدُّمُوعَ وَ مُحْرِقُ الأَكْبَادِ
صَلَّى الإلهُ عَلَيْكُمْ ما زَمْجَرَتْ *** سُحْبُ السَّما بِالبَرْقِ وَ الإِزعادِ(4)(5)
ص: 373
(بحر الكامل)
الشيخ حسين الشبيب (*)(1)
يا خَيْرَ داعٍ لِلْإِلَهِ وَهادِي *** شَمِئَتْ بِمَوْتِكَ جُمْلَةُ الحُسَّادِ
وَلِفَقْدِكَ انْفَجَعَتْ مَلائِكَةُ السَّما *** وَلَهُ تَهَدَّمَ شامِخُ الأَطْوادِ(2)
وَعَلَيْكَ زُلْزِلَتِ السَّماءُ وَأَعْوَلَتْ*** زُمَرُ المَلائِكِ فَوْقَ سَبْعِ شِدادِ
وَبَكَتْ عَلَيْكَ الكائناتُ بِأَسْرِها *** وَخَبا ضِيَاءُ الكَوْكَبِ الوَقَّادِ(3)
ص: 374
اللَّهُ أَكْبَرُ إِنَّ يَوْمَكَ في الوَرَى *** قَدْ كانَ أَدْهَى مِن صَواعِقِ عادِ
أَشْجَى الخَلائِقَ وَ القُلُوبَ أذابها *** حُزْناً وَ أَصْبَحَ جِبْرَئِيلُ يُنادِي
اليَوْمَ ماتَ مُحَمَّدٌ وَ الأنْبِيا *** لَبِسَتْ لِفَجْعَتِهِ ثِيَابَ سَوادِ
اليَوْمَ رُكْنُ الدِّينِ زُلْزِلَ وَ الهُدَى*** اليَوْمَ قامَتْ دَوْلَةُ الأَوْغادِ
اليومَ أَصْبَحَتِ البَتُولُ يَتِيمَةً *** مِنْ بَعْدِ فُقدانِ النَّبِيِّ الهادِي
اليَوْمَ رُضَّتْ بالجِدارِ ضُلُوعُها *** اليَوْمَ قَدْ لَبِسَتْ لِبَاسَ حِدادِ(1)
اليَوْمَ أُسْقِطَ مُحْسِنٌ وَ بَنُو الشَّقا *** جَهْراً أَبانُوا مَكْمَنَ الأَحْقَادِ
اليَوْمَ بالنيِّرانِ أُحْرِقَ بابُها *** وَقَضَتْ حَلِيفَةً رَنِّةٍ وَ سُهادِ(2)
اليَوْمَ قَادُوا المُرْتَضَى بِنِجادِهِ *** قَسْراً وعانى ذِلَّةَ الأَصْفادِ
اليَوْمَ حَيْدَرَةٌ قَضَى فِي فَرْضِهِ *** في وَسْطِ مَسْجِدِهِ بِسَيْفِ مُرادِي
اليَوْمَ ماتَ المُرْتَضَى وَقَضَى ابْنُهُ *** الحَسَنُ الزَّكِيُّ وَجَفَّ زَرْعُ الوادِي
اليَوْمَ جُمِّعَتِ الجُمُوعُ بِكَرْبَلا *** مِنْ كُلِّ ناحِيَةٍ وَكُلِّ بِلادِ
اليَوْمَ قَدْ عَقَدَ ابْنُ هِنْدٍتاجَهُ *** وغَدَا الحُسَيْنُ فَرِيسَةَ ابْنِ زِيَادِ
اليَوْمَ خَرَّ عن الجوادِبِنَبْلَةٍ *** عَيْطَاءَ قَدْ شَقَّتْ لِكُلِّ فُؤادِ(3)
اليَوْمَ بات َعلى التُّرابِ مُعَفَّراً *** مُلفّى ثَلاثاً في رُبىً و وِهادِ(4)
اليَوْمَ خَيْلُ أُمَيَّةٍ قَدْ أَصْبَحَتْ *** تَحْمِي مَغارَتَها عَلَى الْأَجْسَادِ
اليَوْمَ رَأْسُ ابنِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** حَمَلُوهُ جَهْراً في القَنا المَيَّادِ
اليَوْمَ قَدْ حَرَقُوا الخِيامَ بِكَرْبَلا *** وَ بَدَتْ عَزيزاتُ الرَّسُولِ بَوَادِي(5)
ص: 375
(بحر الخفيف)
الشيخ حسين الشبيب (*)(1)
لِيَ عَيْنٌ دُموعُها كَالْغَوادِي*** وَمُصابٌ أَدامَ سُقمَ الْفُؤادِ(2)
بِتُّ والقَلْبُ مُبْتَلًى بِشُجونٍ*** وَ سَلَوْتُ الْكَرَى وَطِيبَ الرُّقادِ(3)
أَلْبسَتْنِي يَدُ الذُّنُوبِ لِباساً *** أَضْجَعَتْنِي مِنْ فَوْقِ شَوْكِ الْقَتادِ(4)
وَعَدَتْنِي بِحَسْرَةٍ أَتَرامَى *** جائِلُ الفِكْرِ في صَميمِ فُؤادِي(5)
أَطْلُبُ الرِّفْدَ والأَمانَ وَ مَا مِنْ*** مَلْجَأٍ غَيْرَ سيّدي وَ سِنادِي(6)
صاحِبُ الحَوْضِ وَاللِّوا سَيّدُ الكُلِّ*** مَلاذُ الوَرى بِيومِ المَعادِ
قَلَعَ البابَ مَنْ أَبادَ ابْنَ وُدٌ *** وَفَنى مَرْحَباً بِحَدِّالْحِدادِ
مَنْ بَنى الدِّينَ بالحُسَامِ وَأَرْوَى *** عَطَشَ الأرضِ مِنْ دِماء الأَعادي
مَنْ فَدَى المُصْطَفَى وَباتَ يَقِيهِ *** حِينَ قَلَّ الفِدا وَعَزَّ المُفادِي(7)
مَنْ بِهِ اللَّهُ في السماواتِ باهَى*** وَحَباهُ مِنْ مَنِّهِ بِأَيادِي(8)
أَمَرَ المُصْطَفَى وَنَادَاهُ بَلِّغْ *** مَنْ أَنا رَبُّهُمْ وَ مَنْ هُمْ عِبادِي؟
ص: 376
هُوَ مَوْلاهُمُ وَ أَنْتَ نَبِيٌّ *** حُكْمُكُمْ نافِةٌ لِيَوْمِ المَعادِ
فَأَقَامَ النَّبِيُّ في يَوْم خُمٍّ *** واضِعاً كَفَّهُ بکفِّ العِمادِ
قائلاً وَ العُيونُ تَرْنُوهُ شَزْراً *** وَ هُوَ فَوْقَ الأَعْوادِ جَهْراً يُنادِي(1)
داعِياً مَنْ أَنا لَهُ كُنْتُ مولّى *** فَعَلِيٌّ لَهُ إمامٌ وَ هادِي
و أتَى جِبْرَئيلُ يَتْلُو كَلاماً *** قالهُ اللهُ فوقَ سَبْعِ شِدادِ
أنَا أَكْمَلْتُ دينَكُمْ ثُمَّ أَتْمَمْتُ *** نِعْمَتِي وَ ارْتَضَيْتُكُمْ لِلرَّشادِ
يا ذَوِي العقل و البصائرِ سَمْعاً *** ثُمَّ طَوْعاً يا مَعْشَرَ الحُسّادِ
عقَدَ المُصْطَفَى لِحَيْدَرَ عَقْداً *** بِحُضُورٍ مِنْ كُلِّ حَضْرٍ وَ بادِي
بَيْعَةً في الرّقابِ طَوَّقَ عَقْداً *** لازمٌ ثابتٌ لِيَوْمِ المَعادِ
يا لَقَوْمِي كَيْفَ العِدَى أَنْكَرُوها *** وَ أَخَلُوا عَقِيدَةَ الإعتقادِ؟
هَلْ أَتَى بَعْدَها الإمامُ بِجُرْمٍ *** نَقَضُوا العَهْدَ نَقْضَةَ الإِرْتِدادِ؟
لا وَ حَقِّ الزَّهْراءِ و الطُّورِ و النَّجْمِ *** وَ رَبِّ العِبادِ غَوْثِ البِلادِ
ما لَهُ عَثْرَةٌ و لا ذَنْبَ إِلا *** فَضْلُهُ وَ الْعُلا وَ قَوْلُ السَّدادِ
فَلَقَدْ قابَلَتْهُ بِالْبُغْضِ حَتَّى *** أَظْهَرُوا فيهِ كامِنَ الأَحْقادِ
بايَعُوا حامِلَ القُ صُعِ أخاتَيْمٍ *** وَخانُوا أخا النَّبِيِّ الهادِي(2)
وَ أَتَوْهُ بِجَمْعِهِمْ وَ اسْتَدارُوا *** حَوْلَ أَعْتابِهِ كَطَيْرِ الجَرادِ
فَأَتَتْ فاطمٌ فَأَبْدَتْ عِتاباً *** بِأَنِينٍ وَ حَسْرَةٍ و اتِّقادِ
مُذْ أَحَسَّ ابنُ... بِنِداها *** کَسَر البابَ وَ البَتولُ تُنَادِي
وَ اسْتَدَارُوا عَلى حِمى بَيْضَةِ الدِّينِ *** وَ قَادُوهُ وَ هُوَ صَعْبُ القِيادِ
عَجَباً وَ الزَّمانُ يُبْدِي اعْتِجاباً *** كَيْفَ أَعْطَى القِيادَ بِالانقيادِ
ص: 377
وَ هُوَ غَوْتُ المَلْهُوفِ فِي كُلِّ كَرْبٍ *** وَ مَلاذُ الْمَخُوفِ في كُلِّ نادي(1)
وَ الّذي شَبَّ في القلوبِ ضِراماً *** وَ أَشابَ الطِّفْلَ الّذي في المِهادِ
ما جَناهُ ابْنُ مُلجَم في ذُرى العرشِ *** وَ مِنْهُ انْفَطَرْنَ سَبْعُ شِدَادِ
يا عُيون الإسلامِ هِلي دِمَاءً *** شَجَّ رَأْسَ الأميرِ سَيْفُ المُرادِي(2)
ص: 378
(بحر الخفيف)
الشيخ حسين النصراوي (*)(1)
يا لهذا الصباحِ كمْ من جمالٍ *** فيهِ كمْ من سماحةِ المعبودِ
فيهِ شدُو الطيورُ و الحقلُ يزهو *** و يحاكي النسيمُ عطرَ الورود
في ظلال الحقولِ أقحمتُ نفسي *** و تنسمتُ مسكَ يومٍ جديدِ
و توجّهتُ مفرداً لأقضّي *** بين تلكَ المروجِ روعةَ عيدي
خلتُ نفسي مسافراً في وجودٍ *** أخرويٍ في غيرِ هذا الوجودِ
فسألتُ الطيور عن فرحةِ الغابِ *** فغنّتْ و أبدعتْ بالنشيدِ
صاحِ ماذا تقولُ فاليومُ عيدٌ *** فترنّم بقولِ خيرِ القصيدِ
ص: 379
جاءتِ اليومَ درةٌ لرسولٍ *** فتغنّى الوجودٌ بالتغريدِ
وردةٌ ضوّعتْ فطابَ شذاها *** و تسامى و حازَ مجدَ الخلودِ
من رحابِ الجنانٍ جاءتْ لتسمو *** في ربيعِ الحقولِ فوقَ الورودِ
ما رآها الأنامُ بالحقِّ لكنْ *** كبّلوها ببغيهمْ بالقيودِ
هي في جوهرِ الحقيقةِ نورٌ *** جاءَ يسعى خلالَ أفقٍ بعيدِ
لينيرَ الوجودَ بالخيرِ و العدلِ *** و يدعو لخلقِ كونٍ سعيدِ
دوحةٌ مدّتِ الغصونَ لتعطي *** بُرعُم الخيرِ و الجمالِ الفريدِ
ص: 380
(بحر الطويل)
الحاج سعود الشملاوي(*)(1)
لِبِنْتِ النَّبِي الهَادِي الحَشَا تَتَوَقَّدُ *** فَمَا عُذْرُ دَمْعِ العَيْنِ أنْ لا يُبَدَّدُ
سَابْكِي لَهَا حَتَّى تَذُوبَ حُشَاشَتِي *** وَ جِسْمِي يَبْلَى وَ المَدامِعُ تَجْمُدُ
فَقَدْ كَابَدَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ مَصَائِباً *** إِذَا رُمْتَ إِحْصَاهَا تَعَيَّا التَّعَدُّدُ(2)
فَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلا فِراقُ مُحَمَّدٍ *** كَفَاهَا وَ هَلْ مِثْلُ المُفَضَّلِ يُوجَدُ؟!!
ص: 381
فَمِنْ أَجْلِهِ عَافَتْ كَرَاهَا وَ عَيْشَهَا *** فَمَا شُغْلُهَا إلا البُكَا يَتَرَدَّدُ
مُعَصْبَةٌ لِلرَّاسِ نَاحِلَةَ القُوَى *** وَ مُنْهَدَّةَ الأَرْكَانِ مِمَّا تُشَاهِدُ
تُشَاهِدُ أعَدَاهَا لَها نَصَبُوا العِدَا *** وَرَدُّوا وَصَايَا أَحْمَدٍ وَ تَمَرَّدُوا
فَمَهُمَا أرَادَتْ أنْ تَنُوحَ لِفَقْدِهِ *** تُمَانِعُهَا عَنْ نَوْحِهَا وَ تَوَعَّدُ
وَ قَالُوا إلى الكَرَّارِ فَاطِمُ تُؤذِنَا *** وَ حَتَّامَ هَذَا النَّوْحُ هَلاً يَنْفَدُ؟!(1)
فَإِمَّا تَنُوحُ اللَّيْلَ نَهْدَأْ نَهَارَنَا *** وَ إِمَّا نَهَاراً وَ الخَلائِقُ تَهْجُدُ
هُنَاكَ عَلِيٌّ فِي البقيع بَنَى لَهَا *** إلَى الحُزْنِ بَيْتاً فَهيَ فِيهِ تُرَدَّدُ
وَ قَدْ مَنَعُوهَا إرْتَها وَ تَحَالَفُوا *** عَلَى ظُلْمِها يَا وَيْلَهُمْ وَ تَعَاقَدُوا(2)
أَتَتْهُمْ تُنَادِيهِمْ إلى رَدْحَقِّهَا *** فَمَا سَمِعُوا بَلْ كَذَّبُوها وَ فَنَّدُوا(3)
وَ قَالُوا (شُهُوداً) يا بَتُولَةُ قَدِّمِي *** فَجَاءَتْ بِخَيْرِ النَّاسِ لِلَّهِ يَشْهَدُ(4)
عَليَّ وَ ابْنَيْها فَلَمْ يَقْبَلُوهُمُ *** لَحَى اللَّهُ قَوْماً فِي الضّلالِ تَرَدَّدُوا(5)
ص: 382
يُرَدُّ عَلِيٌّ مَعْ بَنِيهِ لِيَقْبَلُوا *** شَهَادَةَ عِلْجِ لاأُقِيمُوا وَ سُدْدُوا(1)
وَ مَا تَرَكُوهَا بَلْ أَتَوْهَا بِجَمْعِهِمْ *** إلى دَارِهَا وَ البَابَ بِالنَّارِ أَوْقَدُوا(2)
وَ قَدْ هَجَمَ الطَّاغِي -وَ لاإِذْنَ- دَارَهَا *** وَ آلمَهَا بِالسَّوْطِ وَغَدٌ وَ مَارِدُ
وَرَاحَ عَدُوُّ اللَّهِ يَلْطِمُ وَجْهَهَا *** وَ قَدْ قُبِضَتْ وَ اللَّظمُ فِي العَيْنِ يُوجَدُ
وَ الجَاهَا بَيْنَ الجِدَارِ و بَابِهَا *** وَ كَسَّرَ أَضْلاعَ البَتُولَةِ جَاحِدُ
وَ أسْقَطَهَا ذَاكَ الجَنِينَ بِعَصْرَةٍ *** فَخَرَّتْ تُنَادِي وَ الحَشَى تَتَوَجَّدُ
أَبِي كَسَرُوا ضِلْعِي وَ حَمْلِي أَسْقَطُوا *** وَ مِسْمَارُ بَابِي رَاحَ في الصَّدْرِ يَمْرُدُ
فَمَا بَرِحَتْ فَوْقَ الفِرَاشِ عَلِيلَةً *** تُكَابِدُ مِنْ آلامِهَا مَا تُكَابِدُ
إلى أنْ قَضَتْ مَغْصُوبَة يَا لِهَضْمِهَا *** و أَحْشَاؤُهَا مِمَّا بِهَا تَتَوَقَّدُ
فَقَامَ عَلِيٌّ لِلْبَتُولِ مُغَسْلاً *** فَمَرَّتْ عَلَى الأَضْلاعِ للمُرْتَضَى يَدُ
فَرَاحَ بِجَنْبِ الدَّارِ يَسْبُلُ دَمْعَهُ *** وَ نُورُ الضُّحَى مِمَّا اغْتَدَى فِيهِ أَسْوَدُ
فَنَادَتْه (أسْمَا) يا عَلِيُّ (تُعِزْنَا) *** وَ لَمَّا دَهَاك الخَطْبُ دُقَتْ سَواعِدُ
فَقَال ذَرِينِي إِنَّهَا لَوَدِيعَةٌ *** وَ عَادَتُها بِاليُمْنِ لِلأَهْلِ تُرْدَدُ
و هَذي بِهَذا الحَالِ كَيْفَ ارُدُّهَا *** وَ لاَعُذْرَ عِنْدِي لِلْمُؤمن يُوجَدُ
فَأَكْمَلَ بَعْدَ النَّوْح حَيْدَرُ غُسْلَهَا *** وَ شَيَّعَهَا بِاللَّيْل وَ النَّاسُ هُجَّدُ(3)
وَ اخْفَى عَلِيٌّ قَبْرَهَا حِينَ لُحْدَتْ *** وَ لَمْ يَدْرِجُلُّ النّاسِ عَنْه فَيَقْصُدُ
فَبَعْضُ رَآهَا فِي البَقِيع وَ بَعْضُهُمْ *** رَوَى قَبْرَها عِنْدَ النَّبِيِّ وَ أَوْجَدُوا
ص: 383
مَقَالَتَهُ ما بَيْن قَبْرِي وَ مِنْبَرِي *** لَرَوْضَتُها مِنْ رَوْضِ خُلْدِ تُشَاهَدُ
وَ رَبُّكَ أدْرَى بالصَّوابِ وَ عِنْدَه *** مَفَاتِيحُ كُلِّ الغَيْبِ وَ هُوَ المُسَدِّدُ(1)
ص: 384
(بحر الخفيف)
الأستاذ سعيد معتوق الشبيب (*)(1)
ياسماءُ افرحي و يا أرضُ جودي *** نجمُ سعد أنارَ كلَّ الوجود
كَتَبَ الفجُر في شفاهِ الليالي *** وُلدت فاطمُ ابنةُ المحمودِ
***
قد تباركتَ يا إلهُ فبارِكْ *** مولدَ الكوثَرِ البتولِ الولودِ
باركُوا للنبيِّ أفضلَ يومٍ *** و لزوج الرسُولِ تلكَ الودود
ثم للمرتضى الوصيٍّ عليٍّ *** بركات من ربَّنا المعبودِ
فاطمُ الأمّ تلك أُمّ أبيها *** بضعةُ منه أورثت كلِّ جودِ
لعلِيَّ رَبُّ العباداجتباها *** فحوتْ فخرَ كلِّ مجدٍ تليدِ
هي أُم لشبَّر و شَبيرٍ *** سادتْ الخلقَ في جنانِ الخلودِ
و لها زينبٌ أماً قد تجلّى *** دُرَّها الفذُّ في الفدا و الصمودِ
فاطمٌ أنتِ، مَن أنا أين شعري *** كيف يرقى لوصف سِرِّ الوجود؟
فاطمٌ أنتِ مَن أكون تراني *** كيف أصبحتِ في قوافي قصيدي؟
لستُ أدري و قد أحارُ جواباً *** غير أنّي عرفتُ سرّ وجودِي
قل لتاريخِنا الذي قد تساوى *** سيّدَ القوم رتبةً بالمسودِ
مَن تكونُ التي فداها أبُوها *** و هو طه رسولُ ربِّ حميدِ
ص: 385
مَن تكونُ التي رضاهُ رضاها *** و أذاها يؤذي الإله... أفيدِي
لي عتابٌ على الذين تناسَوْا *** فضلَها و العتابُ جدّ شديدُ
أين أقلامُكُم و أين القوافي *** ألف أهٍ أقولُها في نشيدِي
***
ص: 386
وَ تَصْبُو إلى تِذكارِ مَسْرَحِ لَذَّةٍ *** وَ مَلْعَبِ أَفْراحِ لِشَادٍ وَ أَغْيَدٍ(1)
لَكَ الوَيْلُ فَاعْزُبْ عَنْ ضَلالِكَ وَ اتَّخِذُ *** مِنَ الْوَجْدِ سِرْ بالاً لِحُزْنٍ مُجَدَّدِ
فَلَسْتَ تَرى واللَّهِ ما عِشْتَ فادِحاً *** بأفجَعَ مِنْ رُزءِ النَّبِيِّ مُحَمَّدِ
نَعَتْهُ إِلى عَلْيَاهُ عَلْيَاءُ نَفْسِهِ *** و عَزّى بهِ التَّوْحِيدُ كُلَّ مُوَحِدِ
وَ هَمَّ بِأَنْ يُوصِي بِثِقْلَيْهِ قَوْمَهُ *** وَ بِالعَكْسِ هُمْ فيما يُرِيدُ بِمَرْصَدِ
و قالَ أناسٌ ظَلَّ يَهْجُرُ أَحْمَدٌ *** وَ نَجْمٌ هَوى ما ضَلَّ بَلْ وَحْيُ مُرْشِدِ
وَ كَمْ غُصَصٍ قَدْ جَرَّعُوهُ أَقَلُّها *** لَيُشْعِل ناراً في حَشى كُلِّ جَلْمَدِ(2)
إلى أن قَضى فانْقَضَّتِ الشُّهْبُ للثَّرى *** لِتَشْيِيعهِ في بِنْتِ نَعْشٍ وَ فَرْقَدِ
وَ قامَ يُعَزِّيهِ إلى عالَمِ السَّما *** أخُو الوَحْيِ في نَوْحِ الحَمامِ المُغَرِّدِ
وَ مَزَّقَتِ الدُّنْيا عَلَيْهِ فُؤَادَها *** وَ شَقَّ عَلَيْهِ الدَّهْرُ جَيْبَ التَّجَلدِ(3)
وَ أَظْلَمَ وَجْهُ الكَوْنِ وَ الشَّمْسُ الْبِسَتْ *** بِشَوْبِ مِنَ الأحْزانِ بالكَسْفِ أَسْوَدِ
وَ عَيْنُ الهُدَى لَمْ تُرْق دَمْعَتَها أَسَى *** عَلَيْهِ وَ لازالتْ بِجَفْنٍ مُسَهَّدِ(4)
قضى نَحْبَهُ فَلْتَنْتَحِبْ لافتقادِهِ *** أرامِلُ كانَتْ مِنْهُ في خَيْرِ مَسْنَدِ
قَضَى فَقَضَتْ ما تَشْتَهِيهِ بِآلِهِ *** عَدَيٌّ وَ تَيْمٌ وَ هُوَ غَيْرُ مُلَحِّدِ
زَوَوْا صِنْوَهُ عَنْ حَقِّهِ و رَقَوْا عَلَى *** مَنابِرِهِ يَهْذُونَ هَذْيَ المُعَرْبِدِ(5)
خلا مِنْبَرٌ مِنْهُ بَناهُ بِصَيْفِهِ *** وَ لَمْ يَخْلُ مَتْنُ الطَّرْفِ مِنْهُ بِمَشْهَدِ
ص: 388
و حاطُوا بِنارِ الجَزْلِ لِلْوَحْيِ مَنْزِلاً *** وَ قادُوا عَلِيّاً في نجادِ المُهَنَّدِ(1)
وَ فاطِمَةٌ بِالبَابِ أُسْقِطَ حَمْلُها *** بِعَصْرِ شَدِيدٍ مُؤْلِمٍ عَنْ تَعَمُّدِ(2)
وَ كُسْرَ مِنْها أَضْلَعُ لَيْتَ أَضْلَعِي *** فَدَتْها و إنْ لم تَكْفِ بِالنَّفْسِ أَفْتَدِي
وَ لَفَّعَها ذاكَ الزَّنِيمُ بِلَطْمَةٍ *** عَلَى وَجْنَةِ الخَدِّ الأصِيلٍ المُوَرَّدِ(3)
وَ مِنْ حَقِّها ابْتَزُّوا تُراثاً وَ نِحْلَةً *** وَرَدُّوا شهوداً صَوْتُها صَوْتُ أَحْمَدِ(4)
وَ كَمْ سَيِّئاتٍ سَوَّدتْ أَوْجُها لَهُمْ *** جَنَوْها عَلَى أَهْلِ الكِساءِ المُمَجَّدِ(5)
ص: 389
فَناشِدْ بِهِمْ شُورَى السَّقِيفَةِ كَمْ بها *** بنَوْا مِنْ أساسِ بِالضَّلالِ مُشَيَّدِ(1)
فَهُمْ عَمَّمُوا بِالسَّيْفِ هامَةَ حَيْدَرٍ *** وَ هُمْ قَطْعُوا بِالصُمِّ كَبُدَ المُسَدَّدِ
وَ هُمْ حَشَدُوا تلكَ الجُنُودَ وَ حارَبُوا *** بها ذلِكَ المَمْنُوعَ عَنْ عَذْبِ مَوْرِدِ
وَ هُمْ كَسَّرُوا أَضْلاعَهُ لاأُمَيَّةٌ *** بِجُرْدِ عَلَيْهِ كَمْ تَرُوحُ وَ تَعْتَدِي(2)
وَ هُمْ أَحْرَقُوا تِلْكَ الخِيامَ بِنَارِهِمْ *** وَ هُمْ نَهَبُوا ما في الخِباءِ المُوَطَّدِ(3)
وَ هُمْ رَفَعُوا تِلْكَ الرُّؤوسَ كَأَنَّها *** مَصاحِفُ مِنْ فَوْقِ القَنَا المُتَقَصّدِ
وَ هُمْ قَيَّدُوا ذاكَ العَلِيلَ وَ هُمْ مَشَوْا *** بِزَيْنَبَ حَسْرَى تَسْتُرُ الوَجْهَ بِاليَدِ
وَ هُمْ قَنَّعُوها بِالسِّياطِ و في المَطا *** هُمُ رَكَّبُوها بَعْدَ خِدْرِ مُحَمَّدِ
وَ هُمْ أَدْخَلُوها في الشَّامِ وَ اشْمَتُوا *** يَزِيدَ بها بَلْ كُلَّ وَاشٍ وَ مُلْحِدِ
وَ هُمْ لابَنُوالعبّاس شادُوا بناءَهُمْ *** عَلَى جُئَّتٍ لِلْآلِ فِي كُلِّ مَعْهَدِ
وَ هُمْ شَرَّدُوهُمْ في البلادِ و أَسْهَرُوا *** عَلَيْهِمْ عُيُوناً بالبُكا غَيْرَ هُجَّدِ(4)
كمثلِ ابْنِ موسى قاسِمٌ ماتَ نازِحاً *** بِأَرْضِ بَكَتْ فِيهِ لِأَكرَمِ صُيَّدِ(5)
ص: 390
(بحر الكامل)
الشيخ سليمان الجابري
غَنَّتْ حَماماتٌ بِدارِ مُحَمَّدِ *** طَرَباً بِمَوْلِدِ بِنْتِ أَكْرَم سَيْدِ
وَ لَهُ انْتَشَى قَلْبُ النَّبِيِّ المُصْطَفَى *** بِسُرورِهِ طُوبَى لَهُ مِنْ مَوْلِدِ
وَ تَهادَتِ الْأَمْلاكُ في أُفُقِ السَّما *** باقاتِ أزْهارِ الهَنا بِتَوَدُّدِ(1)
و استأذنَتْ رَبَّ العُلَى بِنزُولِها *** لِلأَرْضِ تُبْدِي بِشْرَها لمُحَمَّدِ
أَحْلَى الأماني وَ الهَنا في فاطِمٍ *** إذْ قارَنتْ بِرُوغِها لِلْفَرْقَدِ(2)
وَ سَرَتْ عَلَى أَرْضِ البِطاحِ وَ مَكَةٍ *** نَسَماتُ قُدْسِ فَهْيَ كالقَطْرِ النَّدِي(3)
وَكَذاكَ حورُ العِينِ في غُرُفاتِها *** كَمْ أَرْسَلَتْ أَلْحَانَها بِتَزَغْرُدِ
***
ص: 391
أمَّ الحُسَيْنِ أفاطمٌ يا بَضْعَةً *** لِلظُّهْرِ طَهُ بَلْ شَبِيهَةً أَحْمَدِ(1)
هذِي الحُشودُ أَتَتْ و يَدْفَعُها الْوَلا *** لَكُمْ وَ حَقِّ الواحدِ المُتَفَرِّدِ
وَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ عَجِيئَةِ طيئَةٍ *** طَابَتْ بفاضلِ طِيبِ ذاكَ الْمَحْتِدِ(2)
هيّا اوْرِدي يا فاطِمٌ سِتُّ النِّسا *** بِرِحابنا أَنْعِمُ بهِ مِنْ مَوْرِدِ(3)
وَ تَفَقَّدينا شيعةً لكِ خُلَّصاً *** يا سَعْدَ مَنْ يَحْظَى بِكُمْ بِتَفَقُدِ(4)
ص: 392
هَذِي القُلُوبُ تَنَوَّرَتْ بِوَلائِكُمْ *** یا شاهِداً بالحَقِّ فينا فَاشْهَدِ(1)
***
أُمَّ الحُسَيْنِ وَ إِنَّنِي مُسْتَذْكِرٌ *** لِلظُّلْمِ وَ الجَوْرِ العَظِيمِ المُجْهِدِ
مِمّا أصابَكِ مِنْ شِرارِ عِصابَةٍ *** تَباً لهم عِنْدَ القِيامَةِ في غَدِ
ما عُذْرُها عِنْدَ النَّبِيِّ المُصْطَفَى *** عِنْدَ السُّؤال بِمَا جَنَتْ بِتَعَمُّدِ
عَنْ عَصْبِهِمْ عَنْ عَصْرِهِمْ عَنْ سِقْطِهِمْ *** لِجَنِينِكِ الزَّاكِي بِنَفْسِي أَفْتَدِي(2)
عَنْ ضَرْبِ قُنْفُدِّ يا لَهُ مِنْ ظَالِمٍ *** تَبَّتْ يدا ذاكَ الشَّقِيِّ الأَنْكَدِ
فَسَتِ القُلُوبُ وَ غَابَ عَنْهَا رُشْدُها *** فَغَداً هُنالِكَ أَحْمَدٌ في مَوْعِدِ
وَ تَيَقَّنِي يا بِنْتَ خَيْرِ الأَنْبِيا *** فَاللَّهُ لِلْمُتَجَبْرِينَ بِمَرْصَدِ
***
فتَقَبَّليها فاطِمٌ لَكِ تُحْفَةً *** هذا وَ غَيْرَ جَنابِكُمْ لَمْ أَقْصِد
الجابريُّ أَنا و أَنْتُمْ سادَتِي *** فِيكُمْ أنا في كلِّ شيءٍ مُقْتَدِ
ثُمَّ الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ *** ما شَعَّ نُورٌ مِنْ سَماءِ الْفَرْقَدِ
ص: 393
ص: 395
ص: 396
هَذِي المَنَازِلُ بِالغَمِيم فَنَادِها *** وَ اسْكُبْ سَخِيَّ العَيْنِ بَعْدَ جَمَادِها
إِنْ كانَ دَينٌ لِلْمَعَالِمَ فَاقْضِهِ *** أَوْ مُهْجَةٌ عِنْدَ الطُلولِ فَفَادها(1)
وَ لَقَدْ حَبَسْتُ عَلَى الدِّيارِ عِصابةً *** مَضْمُومَةَ الأيْدِي إلى أكْبادِها
حَسْرَى تَجَاوَبُ بِالبُكاءِ عُيُونُها *** وَ تَعُطُّ لِلزَّفَراتِ في أَبْرَادِها(2)
وَقَفُوا بِهَا حَتَّى كَانَ مَطِيَهُمْ *** كَانَتْ فَوَائِمُهُنَّ مِنْ أَوْتَادِها(3)
ثُمَّ انْثَنَتْ وَ الدَّمْعُ مَاءُ مَزادِهَا *** وَ لَواعِجُ الأَشْجَانِ مِنْ أَزْوَادِها
هَلْ تَطْلُبُونَ مِنَ النّواخِرِ بَعْدَكُمْ *** شَيْئاً سِوَى عَبَراتِها وَ سُهَادِهَا
لَمْ يَبْقَ ذُخْرِّ لِلْمَدَامِعِ عَنْكُمُ *** كَلاً وَ لَاعَيْنٌ جَرَى لِرُقادِهَا
شَغَلَ الدُّمُوعَ عَنِ الدِّيارِ بُكَاؤنا *** لِبُكَاء فاطِمَةٍ عَلَى أَوْلادِها
لَمْ يَخْلُفُوها في الشَّهِيدِ وَ قَدْ رَأَى *** دُفَعَ الفُراتِ تُذادُ عَنْ وُرّادِها(4)
أتُرى دَرَتْ أنَّ الحُسَيْنَ طَرِيدةٌ *** لِقَنَا بَنِي الطُرَدَاءِ عِنْدَ وِلَادِها(5)
كانَتْ مَآتِمُ بِالعِراقِ تَعُدُّها *** أَمَرِيّة بالشّامِ مِنْ أعْيادِها
ص: 397
(بحر البسيط)
الشيخ عبد الحسين شكر(*)(1)
حَتَّى مَ سَيِّدَنا تَبْقَى العِبادُ سُدَى *** فَصارِمُ الصّيدِ مِنْ فَرْطِ الصُّدُودِ صَدا؟(2)
قُمْ كَيْ تَرى عَرَصَاتِ الدِّينِ قَدْ طُمِسَتْ *** بِالجَوْرِ و الجِبْتُ و الطَّاغوتُ قَد عُبِدا
زَلْزِلْ بِعَزمِكَ أَرْجَاءَ البَسِيطِ أبِنْ *** عزماً إذا ما وَعَاهُ يَذْبُلُ سَجَدا(3)
ص: 398
ألَسْتَ مَنْ فيهِ أَبْدَى اللَّهُ قُدْرَتَهُ *** لِلْخَلْقِ وَ اخْتَارَهُ دُونَ الأنام يَدا؟
حاشاكَ حاشاكَ أنْ تُغْضِي وَ قَد تَرَكَتْ *** بِالطَّفُ أَرْجَاسُ حَرْبٍ شَمْلَكُمْ بَدَدا
يا غَيْرَةَ اللَّهِ حَتَّى مَ التَّجَرُّعُ مِنْ *** جُنْدِ الضَّلالِ الرَّدى فالصَّبْرُ قَدْ نَفِدا؟
إلى مَنِ المُشْتَكَى إِلَّا إِلَيْكَ فَقُمْ *** أَما تَرَى الظُّلْمَ أَوْ هَى بَعْدَكَ الْجَلَدا(1)
هَلْ مِنْ غِيَاثٍ لَنا إلا بكَفِّكَ أَمْ *** هَلْ غَيْرُ وَكْفِكَ لِلْعَافِينَ غَيْثُ نَدَى؟(2)
حَتَّى مَتَى الصَّبْرُ يابْنَ المُرْتَضَى وَ لَنا *** فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَ الْأَعْدَاءِ كَأْسُ رَدَى؟(3)
أَلَمْ يَكُنْ آن أنْ تُرْوَى صَوارِمُكُمْ *** مِمَّنْ عَلى أُمِّكَ الزَّهْرَاءِ مَدَّيَدا؟(4)
نَسيتَ حاشاكَ أَنْ تَنْسَى وَ قَدْ صَنَعُوا *** أَهْلُ (النفاق) ما لَمْ نَنْسَهُ أَبَدا(5)
أيُّ الرَّزايا لَها تَنْسَى وَ قَدْ تَرَكَتْ *** لَهِيبٌ نِيرانها في القَلْبِ مُتَّقِدَا؟
إسقاط مَوْءُودَةٍ عَنْ ذَنْبِها سُئِلَتْ *** أَمْ ضَرْبُ مَنْ أَحْرَقَتْ مِنْ أَحْمَدٍ كَبدا(6)
ص: 399
أَمْ كَسْرُهُمْ ضِلْعَها أَمْ جَمْعُهُمْ حَطَباً *** لِحَرْقِ دارِ إِمَامٍ قَوَّمَ الأَوَدا(1)(2)
أمْ يَوْمَ قَادُوا فَتًى أَلْقَى الوُجُودُ *** لَهُ مِنْهُ القِيادَ مُطِيعاً إِذْ بهِ وَجَدا(3)
وَهُوَ الَّذِي تَعْرِفُ الآسادُ سَطْوَتَهُ *** لَوْصاحَ بِالرَّعْدِ يَوْمَ الرَّوْعَ لَارْتَعَدا
لكِنَّهُ جَلَّ مَعْناهُ وَعَزَّ عُلاً *** أنْ لا يَفِي بِاصْطِبارٍ بَعْدَما وَعَدا(4)
وَإِثْرَهُمْ بَضْعَةُ المُخْتارِ نادِبَةً *** خَلُّوا ابْنَ عَمِّي فَما مِنْهُمْ أَجابَ نِدا
فَمَدَّتِ الطَّرْفَ نَحْوَ المُصْطَفَى وَدَعَتْ *** يا مَلْجَئِي إِذْ على ضَعْفِي الزَّمانُ عَدا
قُمْ كَي تَرَى كَيْفَ مالَ القَوْمُ عَنْ خَلَفٍ *** لَهُ الخِلافَةُ كَانَتْ بُرْدَةً وَرِدا
قَدِارْتَضَى القَوْمُ حَذْفَ الْمُرْتَضَى وَحَذَوْا *** حَذْوَ (قومٍ) غَداةَ العِجْلُ إِذْ عُبدا
فَلَيْتَ تَحْضُرُ يا غَوْثَ الوَرَى فِئَةً *** خانُوا العُهُودَ وَحَلُّوا بَعْدَكَ العُقَدا
ص: 400
تَأَلَّبُوا لاِغْتِصابِي نِحْلَتِي وَزَوَوْا *** إِرْثِي وسِبْطَاكَ لي وَ المُرْتَضَى شَهدا(1)
يا بَضْعَةَ المُصْطَفَى الهادِي النَّبِيِّ ومَنْ *** على البَرايا وَلاها اللهُ قَدْ عَقدا
أَلِيَّةً فِيكِ بَرَّتْ يا حَبِيبةَ مَنْ *** أَنْشاهُ رَبُّ البَرايَا لِلسَّما عَمَدا
سَوْطٌ بهِ هَتَكُوا العَلْيا بِهِ قَرَعُوا *** بِالشَّامِ ثَغْرَ حُسَيْنٍ سَيِّدِ الشُّهَدا(2)
وَكَأسُ حَتْفٍ أذاقُوهُ الجَنِينَ بهِ *** قَدْ جَرَّعُوا طِفْلَهُ فِي كَرْبَلاءَ رَدَى(3)
وَإِنَّ ناراً أدارُوها عَلَيْكِ ضُحًى *** لَها ابْنُ سَعْدٍ غَدَاةَ الطَّفِّ قَدْ وَقَدا(4)
ص: 401
تَاللَّهِ لَوْلاهُمُ ما غادَرُوهُ لَقًى *** بَنُو زِيادٍ ولا رَضُّوا لَهُ جَسَدا(1)
ولا انْثَنَى مُفْرَداً عَزَّ الفِداءُ له *** غَيْرُ الوُجُودِ تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ فِدا
وَلا أَقَامَ عَلَى الرَّمْضَاءِ مُنْفَرِداً *** (ما غَسَّلُوهُ ولا مَدُّوا عليهِ رِدا )
لكِنَّمَا السُّمْرُ وَارَتْهُ وَمِنْ دَمِهِ *** عَلَيْهِ قَدْ نَسَجَتْ بِيضُ الظُّبا بُرُدا
قُلْ لِلْأُلى قَدْ نَما غَرْسُ الضَّلالِ بِهِمْ *** وَ مُذْ تَوَلَّى يَزِيدٌ زَرْعُهُمْ حُصِدا
يا عُصْبَةَ الغَىِّ مَهْلاً خابَ سَعْيُكُمُ *** أَيْنَ المَفَرُّ إِذا بَدْرُ الرَّشادِ بَدا
أيْنَ المَفَرُّ وَ سَيْفُ اللَّهِ إثْرَكُمُ *** أَحاطَ عِلْماً وَأَحْصَى جَمْعَكُمْ عَدَدا
لَيْثٌ إِذا ما رَنَا شَزْراً بِلَحْظَتِهِ *** فَتَّ الجَلِيدَ وَ أَوْهَى رُعْبُهُ الْجَلَدا(2)
ذُوْ عَزْمَةٍ لو وَعاها الصَّلْدُ ذابَ لها *** وَالبَحْرُ لو شامَها مِنْ خِيفةٍ جَمُدا(3)
يَوْمٌ بهِ الرُّوحُ يَدْعُو قامَ قَائِمُنا *** يُخْفِي وَ يُبْدِي سَنَاهُ الغَيَّ وَ الرَّشَدا
يَا مَنْ حَبَاهُمْ إِلهُ العَرْشِ مَنْزِلَةً *** مُقَامُ قُدْسٍ وَ لَمْ يُشْرِكْ بِهِ أَحَدا
إلَيْكُمُ غادَةٌ عَذْراءُ تُرْقِلُ في *** ثَوْبِ مِنَ الشَّجوِ مَدَّتْ لِلسُّؤالِ يَدا(4)
ص: 402
ذَخِيرَتِي إِنَّنِي عَبْدُ الحُسَيْنِ كَفَتْ *** لِمَوْقِفٍ لَيْسَ يُغْنِي وَالِدٌ وَلَدا
عَلَيْكُمُ مِنْ صَلاةِ اللَّهِ أَشْرَفُها *** ما دُمْتُمُ لِلْوَرَى غَوْثاً وَ غَيْثَ نَدَى(1)
ص: 403
(بحر الرّمل)
الشيخ عبد الستار الكاظمي(*)(1)
مِنْ بني أحْمَدَعادٍ وَثَمُودُ *** رَوَّعا مِرْآةَ أنْوارِ الوُجُودْ
***
كَمْ دَعَا أَحْمَدُ في أُمَّتِهِ *** لِهُدى البارِي إِلى رَحْمَتِهِ
وَأَتمَّ الدِّينَ في نِعْمَتِهِ *** وَ مَضَى لِلْغَيْبِ نامُوسُ الشُّهودْ
***
حِينَ ماتَ ارْتَدَّ لِلْكُفْرِ السَّلَفْ *** وَ عَلى بَضْعَتهِ الأَمْرُ اخْتَلَفْ(2)
أَشْعَلُوا النِّيرانَ في بابِ الشَّرَفْ *** بابِ أهلِ البَيْتِ أَشْرارُ اليَهُودْ(3)
***
ص: 404
فَاطِمٌ جاءَتْ إِلَى بَابِ الهُدَى *** لِتَرى الْخَطْبَ المُثيرَ الْأَنْكَدا(1)
وإذا فِي الصَّدْرِ مِسْمارُ الرَّدَى *** صابَها فانْكَفَاتْ مِنْها تَجُودُ(2)
***
فَعَلَ الشَّيْخانِ ما قَدْ فَعَلا *** ضَجَّ مِن ظُلْمِهِما كُلُّ الفَلا
هَلْ جَنَتْ فاطِمَةٌ كَيْ يُنْزِلا *** حُكْمَ مُقْتَضٍّ عَلَيْهَا مِنْ حُدُودْ
***
رَوَّعَ الطُّهْرَ فُلانٌ و فُلانْ *** جَرَّعاها كَمَداً كَأسَ الْهَوانْ
وَعَلَيْها مُذْ بَكَتْ عَيْنُ الزَّمانْ *** حُفِرَتْ في وَجْهِها السّامِي خُدُودْ(3)
***
شاهَدَتْ فاطِمَةٌ قَوْماً جُفاةْ *** عَجَباً مِنْهُمْ أَذا قُوها الْمَماتْ
لَمْ يَكُونُوا قَبْلُ في الحَرْبِ كُماةْ *** فَلِماذا نَحْوَها صارُوا أُسُودْ(4)
ص: 405
عَجَباً وَاللَّهِ في الدُّنْيا الْعَجَبْ *** هَلْ لِبَيْتِ المُصْطَفَى الْحَرْقُ وَجَبْ
وَعَلَى بَضْعَتِهِ الدَّهْرُ كَتَبْ *** أُنْكِرَ اللَّيْثُ بِسُلطانِ القُرودْ
***
صَاحَ قَلْبُ العَدْلِ وَ القُرْآنُ أَنْ *** مُذْبَكَتْ في عَبْرَةٍ أُمُّ الْحَسَنْ
شاهَدتْ ما بَيْنَ عُبّادِ الْوَثَنْ *** قائِدَ الحَقِّ إِلَى الظُّلْمِ مَقُودْ(1)
***
رَأَتِ الأصْحابَ عادتْ كُفْرَها *** كَتَّفَتْ في الجَوْرِ قَسْراً فَخْرَها
كادَ أَنْ تَحْسَر مِنْها شَعْرَها *** فَنَهاها لِلْوَصايا والعُهُودْ
***
مَضَتِ الزَّهْراءُ في أدْهى بَلاءْ *** ضِلْعُها قَدْ كَسَّرَتْهُ الْأَدْعِياءُ
رَحَلَتْ وَ الأَرْضُ تَبْكِي وَ السَّماءْ *** وَ جَمِيعُ الحُورِ في دارِ الخُلُودْ
***
ص : 406
(بحر الكامل)
الشيخ عبد العظيم الربيعي(*)(1)
بُشْرَى عَلِيٍّ والنَّبِيِّ مُحَمَّدِ *** بِوِلادَةِ الزَّهْراءِ بِضْعَةِ أَحْمَدِ
نَظَمَ الوُجُودَ إلهُهُ مِنْ حِكْمَةٍ *** يَا حُسْنَ نَظْم جاءَ غَيْرَ مُعَقَّدِ
و أتتْ لَهُ بَيْتَ القَصِيدِ كَأَنَّهُ *** لِسِوَى بَدِيعِ بَيانِها لَمْ يَقْصُدِ
فَطَمَتْ مِنَ النّيرانِ فَاطِمَةُ الْعُلى *** أشياعَها بَلْ كُلِّ هَوْلٍ فِي غَدِ(2)
زَهَرَ الوُجُودُ بِهَا عَقِيبَ ظَلامِهِ *** وَالصُّبْحُ لِلَّيْلِ البَهِيمِ بِمَرْصَدِ(3)
يا فاطِمُ الزّهْرا هَلُمَّ بِوَمْضَةٍ *** عَلِّي إِلى سَبِيلَ مَدْحِكِ أهْتَدِي
طعِمَ النَّبِيُّ فَواكِةَ الفِرْدَوْسِ إِذْ *** عَرَجَ الإِلهُ بِهِ لِأَشْرَفِ مَصْعَدِ
إيهٍ خِتَامَ الأنْبِياءِ وَ فاتِحَ *** الإرْشادِ فِي الدُّنيا وَ أَعْظَمَ مُرْشِدِ
يَتَوقَّفُ الرُّوحُ الأمِينُ وَ سِرْتَ *** لا تُلْوِي عَلَى خَوْفٍ وَ لَمْ تَتَردَّدِ
هذا طَرِيقٌ عَبَّدَتْهُ إرَادَةٌ *** قُدْسِيَّةٌ لِسِواكَ غَيْرُ مَعَبَّدِ
أو بابُ وَصْلٍ مُوصَدٌ، لَكِنَّهُ *** فِي وَجْهِ أَصْدَقِ عاشِقٍ لَمْ يُوصَدِ
وَ رَجَعْتَ كالرُّوّادِ تَرْجِعُ لِلْحِمَى *** لِتَدُلَّ أَهْلِيهِ لأعْذَبِ مَوْرِدِ
وَغَشا خَدِيجَةَ فَاعْتَدتُ بَيْنَ النِّسا *** أَرَأَيْتَ فِي الظَّلْمَاءِ نُورَ الفَرْقَدِ(4)
ص: 407
بُشْراكِ أمَّ المُؤْمِنِينَ بِنِعْمَةٍ *** غَمَرَتْكِ فَاقْتَرِبي لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِي
هَجَرَتْ سَناكِ المُشْرِكاتُ وَ مَنْ تَرَى *** لِلشَّمْسِ يَنْظُرُها بِطَرْفٍ أَرْمَدِ
رمَقَتْ عُيُونُ الازدِراءِ خَدِيجَةً *** كَلاَّ فَقَدْ كانَتْ عُيُونَ الحُسَّدِ(1)
مَهْلاً خَدِيجَةُ لا تَلِي هَذِي النِّسا *** فِي الوَضْعِ مِنْكِ وَ لِلسَّما عَنْهَا ابْعِدي
المُشْرِكُونَ -كَما يَقُولُ كِتابُنا- *** نَجَسٌ وَ هَذَا الحَمْلُ أطْهَرُ مَسْجِدِ
أفَلَمْ تَكُونِي تَسْمَعِينَ حَدِيثَها؟ *** لا تَجْزَعِي يا أُمُّ بَلْ فَتَجَلَّدِي(2)
وَ يُبَشِّرُ المُخْتارُ عَنْ ربِّ السَّما *** أنَّ الجَنينَ مُبَارَكٌ في المَوْلِدِ
سَتَكُونُ أُنْثَى وَ هْيَ طُهْرٌ بَرَّةٌ *** تَلِدُ الأئِمَّةَ هَادِياً عَنْ مُهْتَدِي(3)
ص : 408
وَ إذا الأئِمَّةُ أَظْهَرُوا دِينَ الهُدَى *** فَلْتُدْعَ أمَّ أَبِي عُلاها الأمْجَدِ
لا تَبْقَ أمُّ المُؤمِنِينَ بِحَيْرَةٍ *** مِنْ أمْرِها فَاللَّهُ أعْظَمُ مُسْعِدِ
حوّاءُ تُزْجِي الفُضليَاتِ مِنَ النّسا *** بَلْ خَيْرَ مَنْ وُلِدَتْ وَ مَنْ لَمْ تُولَدِ(1)
أُمَّ المَسِيحِ وَ سارَةٌ ثمَّ الَّتِي *** كَفرَت إلهَةً زَوْجِها المُتَمَرِّدِ
كَانَتْ قَوابِلُها نَظائِرَ مَجْدِها *** وَيَدُ الفَتَى أقوى مُعِينٍ لِلْيَدِ(2)
وُلِدَتْ فَعَمَّ الكَوْنَ بَهْجَةُ فَرْحَةٍ *** وَجلالُ أُبَّهَةٍ وَ رَوْعَةُ مَشْهَدِ(3)
ص: 409
فَكَأَنَّ فاتِحَةَ الكِتابِ تَنَزَّلَتْ *** عَنْ عَرْشِ قُدْسٍ فَوْقَ قَلْبِ مُحَمَّدِ
وَ إذا الوُجُودُ وَ دُورُ مَكَّةَ كُلُّها *** نُورٌ يُسَبِّحُ لِلْقَدِيرِ الأَوْحَدِ(1)
وَمشَتْ على المَلَكوتِ أقْدَسُ سُبْحَةٍ *** مِنْ نُورِها كُلُّ الكَواكِب تَجْتَدِي
أوَ ما هي المِصباحُ تَكْذِبُ إِنْ تَقُلْ *** مِنْ دَوْحَةٍ زَيْتُونَةٍ لَمْ يُوقَدِ؟(2)
ص: 410
وَ نَمَتْ بَشائِرُ فِي السَّماواتِ العُلى *** كَالرِّيحِ نَمَّتْ عَنْ شَذَى الوَرْدِ النَّدي
وَهُنالِكُمْ هَبَطَتْ على ستِّ النِّسا *** عَشْرٌ مِنَ الحُورِ الحِسانِ الخُرَّدِ(1)
وَغسَلْنَ فاطِمَةَ النَّقِيَّةَ حِسْبَةً *** بِالكَوْثَرِ العَذْبِ الهَنِيءِ المَوْرِدِ
وَكَسوْنَها حُلَلَ الجِنانِ بِدايَةً *** وَ كَذا بِيَوْمِ الحَشْرِ فِيها تَرْتَدي
وَإذا تَضَوَّعَ في الوُجُودِ أريحُها *** فَعُرْفُ طِيبِ الخُلْدِ لم تَتَزيَّدِ(2)
واستُنطِقَتْ بِنْتُ النَّبِيِّ فَلَمْ تَكُنْ *** إلاّ بِتَوْحِيدِ المُهَيْمِنِ تَبْتَدِي
وَشَهِدْتُ أنَّ رَسُولَهُ الهادِي أبي ***وَخَطِيبَهُ بِالحَمدِ يَوْمَ المَوْعِدِ
وَشهِدْتُ أَنَّ وَصِيَّهُ بَعْلِي وَأَوْلادي *** عَلى رَغْمِ الحَسُّودِ المُلحِدِ
أنا أمُّ سِبْطَيْهِ وَكَوْثَرُ نَسْلِهِ *** مِنْ خَيْرِ نَاصِرِ دينِه وَمُؤَيَّدِ
فَتَضاحَكَتْ حُورُ الجِنانِ بِوَجْهِهَا *** عَنْ دُرِّ تَغْرٍ كالأقاحِ مُنَضَّدِ(3)
يا مَنْ يُجادِلُ أنَّ فاطِمَ قدْسَمَتْ *** قَدْراً عَلَى أُمَّ المَسيحِ السَّيِّدِ
عِمْرانُ بَضْعَتُهُ وَ إِنْ جَلَّتْ عُلاً *** أنّى تُساوِي بَضْعَةً مِنْ أَحْمَدِ؟
فَضَلَتْ نِسَاء العالَمِينَ جَمِيعَهُمْ *** فَضْلاً مِنَ الرَّحْمَن غَيْرَ مُحَدَّدِ
ص: 411
وَ لِمَرْيَمٍ فَضْلٌ عَلَى نِسْوَانِ عالَمِها **** وَحَسْبُكَ بِالحَدِيثِ المُسْنَدِ(1)
وَ لَقَدْ أتَتْ بِنْتُ الرَّسُولِ بِمَوْحَدٍ *** كُلٌ يُسامِي فَضْلَ عِيسى المُفْرَد
وَاللَّهُ يؤذِيه أذِيَّةُ فاطِمٍ *** هذا حَدِيثٌ نَصُّهُ لَمْ يُجْحَدِ(2)
و إذا مَلائِكَةُ السَّمابِهِما دَعَتْ *** فَالفَرْقُ بادٍ لِلْبَصِيرِ النَّيْقَدِ(3)
هاتِيكَ نادَوْها أَمَرْيَمُ فَارْكَعِي *** لِلَّهِ رَبِّكِ وَاقنُتي ثُمَّ اسْجُدِي
أمَّا البَتُولُ فنُودِيَتْ في مُصْحَفٍ *** لاشَيْءَ فيه حُكْمُهُ لَمْ يُوجَدِ
وَ أتَتْ إِلَيْها بالجِفانِ، دُخانُها *** يَعْلُو الثَّريدَ و مَسُّه لَمْ يَبْرُدِ(4)
ص: 412
هَزَّتْ لَها مَهْدَ الحُسَيْنِ وَ سَبَّحَتْ *** عَنْها بِكَفِّ مُسَبِّحٍ وَ مُمَجِّدِ(1)
وَتَلَقَّتِ الوَحْيَ المُبِينَ دُرُوسَهُ *** في خَيْرِ مَدْرسَةٍ وَ أَكْرَمِ مَعْهَدِ(2)
وَنَمَتْ كَما يَنْمُو بِشَهْرٍ غَيْرُها *** فِي جُمْعَةٍ ، وَخُذِ القِياسَ عَلَى الغَدِ(3)
ص: 413
فَتَناوَبَ الأصْحابُ خِطْبَتَها فَلَمْ *** يَكُ حَظُّهُمْ في نَيْلِها بِالمُسْعِدِ
غَضِبَ النَّبِيُّ فَقامَ فِيهِمْ مُنذِراً *** أعْظِمْ بِهِ مِنْ مُنذِرٍ وَ مُهَدِّدِ(1)
فَهُنَاكَ خَفُّوا لِلْوَصِيِّ وَ أَيْقَظُوا *** عَزْماً لَهُ فِي نَفْسِهِ لَمْ يَرْقُدِ
رامُوا بِهِ شَرَّاً وَ رامَ بِعَبْدِهِ *** خَيْراً إِلهٌ غَيْرُهُ لَمْ يُحْمَدِ
وَاللَّهُ لِلأسْبابِ خَيْرُ مُسَبِّبٍ *** وَاللَّهُ للأحْبابِ خَيْرُ مُسَدِّدِ
وَ إِذا المُهَيْمِنُ نَفْسُه قَدْ زَوَّجَ ال_ *** _زَّهْرا مِنَ الكَرّارِ خَيْرِ مُوَحِّدِ
النُّورُ زَوَّجَهُ الإِلهُ بِنُورِهِ *** وَ أضافَ مَحْضَ نُضارِه لِلْعَسْجَدِ(2)
ص: 414
أَمّا الصَداقُ فَإِنَّه الفَضْلُ الَّذي *** لايَنْتَهِي مِنْ واسِعٍ مُتَفَرِّدِ
مِنْ بَعْضِهِ نَهْرُ الفُراتِ، وَشِبْلُها *** يَقْضِي بِضِفَّتهِ عَلَى قَلْبٍ صَدِي(1)
أمّا النِّثارُ فَكانَ خَيْرَ هَدِيَّةٍ *** مِنْ ُكلِّ حَوْراءِ لِكُلِّ مُخَلَّدِ
دُرّاً وَلكِنْ عادَ يَكْسُوبَعْضَهُ *** ثَوْبَ العَقِيقِ دَمُ ابْنِها المُسْتَشْهَدِ
سَبْعُونَ أَلْفاً مِن مَلائِكَةِ السَّما *** لِزَفافِها بالرُّوح جاءَت تقتَدِي(2)
ص: 415
وَ يَقُودُ يَوْمَ الحَشْرِ ناقَتَها، وَ فِي *** يدِه الزِّمامُ مُرَصَّعاً بِزَبَرْجَدِ(1)
وَ هُناكَ تَشْفَعُ لِلْمُحِبِّ وَ تَنْتَقي *** كَالطَّيرِ يَلْتَقِطُ النَّقِيَّ مِنَ الرَّدي(2)
ص: 416
أتُريدُ أنْ تُحْصِي فَضَائِلَ فاطِمٍ *** نَفِدَ الحِسابُ وَ فَضْلُها لَمْ يَنْفَدِ
بَعُدَتْ عَنِ المُخْتارِ مُذْ زُفَّت على*** الكَرّارِ ، لكِنْ قَلْبُها لَمْ يَبْعُدِ
فَالشَّوقُ يَأْكُلُ قَلْبَ كُلِّ مِنْهُما *** ما شَوْقُ وِرْدِ العَذْبِ لِلظَّامِي الصَّدِي
وَ دَنَتْ لِوالِدِها وَ أَصْبَحَ بابُها *** مِنْ دُونِ صَحْبِ المُصْطَفَى لَمْ يُسْدَدِ(1)
يَرْنُو مُحَيَّاها فَيَذْهَبُ غَمُّهُ *** وَ لها بِنَفْسِ عُلاه دَوْماً يفْتَدِي(2)
وَ غدا يُقَبِّلُها وَيلْثِمُ صَدْرَها *** ما بَيْن ثَدْيَيْها بِكُلِّ تَوَدُّدِ(3)
وَهُناكَ يَذْكُرُ ضَرْبَةَ المِسْمارِ أَوْ *** أَثَرَ السِّبَاطِ بِكَتْفِها كَالمِعْضَدِ(4)
ص: 417
مِنْ ثَمَّ بَشَّرَها بِسُرْعَةِ مَوْتِهَا *** فَالفَرْعُ إِن يَفْقِدُ لأَصْلِ يُفْقَدِ(1)
عَاشَتْ خِلالَ الأرْبَعِينَ عَقِيبَهُ *** في حُزْنِ شَاكِلَةٍ وَقَلْبٍ مُكْمَدِ(2)
مَظْلُومَةً مَهْضُومَةً مَكْسُورَةً *** أضلاعُها وَدُمُوعُها لَمْ تَجْمُدِ(3)
تَدْعُو بِوَالِدِها الرَّؤوفِ بِزَفْرَةٍ *** مِنْ حَرِّها قد ذابَ قَلْبُ الجَلْمَدِ(4)
إنِّي وَدِيعَتُكَ الَّتي خَلَّفتَنِي *** في أمَّةٍ ما لي بها مِن مُنْجِدِ
ص: 418
كَمْ قَدْ خَطَبْتُهُمُ مُذَكِّرَةً لَهُمْ *** وَ وَعَظْتُهُمْ فِي مَحْشَدٍ عَنْ مَحْشَدِ
إنِّي أمانَةُ ربِّكُمْ ، لَكِنَّكُمْ *** خُنْتُمْ أمانَةَ ربِّكُمْ بِتَعَمُّدِ(1)
وَصَلاتُهُ الوُسْطَى عَلَيَّ فَحافِظوا *** يا...، غُضِّي مِنْ ضَلالِكِ يا...(2)
يا والِدِي ضاقَ الفَسِيحُ وَ عادَ فِي *** عَيْنِي نَهارِي جُنْحَ لَيْلٍ أَسْوَدِ
يا والِدِي قَدْ أحْرَقُوا داري، فَذِي *** فِي القَلْبِ جُذْوَةُ نارِهِمْ لَمْ تَخْمُدِ(3)
يا والِدِي هذا وَصِیُّكَ أَخْرَجُوا *** مُذلبّبُوهُ في نِجَادِ مُهَنَّدِ(4)
يا والِدِي هذا الحُسَيْنُ وَ صِنْوُهُ *** باتا بِلَيْلِ في الهُمُومِ مُسَهَّدِ(5)
وَقَضَتْ وَ لَمْ يَبْرَحْ مُصابُ المُصْطَفَى *** غَضّاً فَلَمْ يَبْرَحْ وَ لَمْ يَتَجَدَّدِ
لكِنْ تَأكَّدَ، فَالسَّلامُ عَلَيْهِمُ *** مَهْماتَاكَّدَ رُزْؤُهُمْ يَتأَكَّدِ(6)
ص: 419
باتَتْ عَلَى فَنَنِ الْأَراكِ تُغَرِّدُ *** بِفُنونِها وَبِيَ الْمُقِيمُ الْمُقْعِدُ(1)
وَرْقَاءُ عَنْ إسحاقَ أَخْذُ فُنونِها *** وَ غَرامُها يَنْمِيهِ فِيهَا مَعْبَدُ(2)
بانَتْ تُطارِحُنِي الغَرامَ وَ بِثُّ مِنْ *** شَغَفٍ أُطَارِحُها كِلانا يُنْشِدُ
لكِنّما ذاتُ الجَناحِ مَناحُها *** طَبْعٌ بِخِلَّةِ ذاتِها مُتَوَلِّدُ
لَوْ كانَ مِنْ حُزْنٍ لَمَا اتَّخَذَتْ لها *** طَوْقاً وَلا مِنْهَا قَدِ اخْتُضِبَتْ يدُ
بَلْ لَمْ تَبِتْ فَوْقَ الْغُصونِ قَرِيرَةً *** عَيْناً بِناعِمِهَا الْغَضِيضِ تُمَهِّدُ(3)
وَمَناحُها إمّا لِفَقْدِ هَدِيلِها *** أَوْ إِنّه إِلْفٌ لَدَيْها يَفْقِدُ
هذا وَ لمَّا تَجْرِ مِنْها دَمْعَةٌ *** وَ أَخُو الكآبةِ دَمْعُهُ لا يَجْمُدُ
وَ لَوَانَّها تَحْوِي يَسِيرَ كابتي *** ماشاقَها إلْفٌ وَ غُصْنٌ أَمْلَدُ(4)
أَيْنَ الْخَلِيُّ مِنَ الشَّجِيِّ وَ أيْنَ *** مُثْلُوجُ الْحَشى مِنْ ذِي جَوًى لا يَبْرُدُ
وَ شَجايَ لَيْسَ لِفَقْدِخِلٍّ قَدْ نَأَى *** عَنِّي وَ مَحْبُوبٍ حَواهُ مُلْحَدُ
لَكِنْ شَجانِي ذِكْرُ فَاطِمَةٍ وَ ما *** لاقَتْهُ مُذْ قُبِضَ النَّبِيُّ مُحَمَّدُ
ص: 421
صُبَّتْ عليها لِلزَّمانِ مَصائِبٌ *** عُظْمَى عَلى مرَّ الجديدِ تُجَدَّدُ
جَارتْ عَلَيْها عُصْبَةٌ وَاعْصَوْصَبُوا *** في ظُلْمِها دونَ الْوَرَى و تَقَصَّدوا(1)
لم يَرْقُبوا فيها النبيَّ وَحُرْمَةَ اللَّهِ *** الْعَلِيِّ و في الضَّلالِ تَرَدَّدُوا(2)
لِرِضَاهُمُ بِابْنِ الْأَجِيرِ وَ تَرْكِهِمْ *** في المرتضى ما قَدْ حَكاهُ أَحْمَدُ
إذْ قَدْ أَقامَ لَهُ بِخُمٍّ بَيْعَةً *** واللَّهُ والأَمْلاكُ فِيها تَشْهَدُ
وَلَوى عَلى أَعْنَاقِهِمْ لِلْمُرتَضَى *** منها عُقُوداً مِثْلُها لا يُعْقَدُ
وَمُذِ انْقَضَى مِنْ بينِ أَظْهُرِهِمْ له *** عَهْدٌ عَنَوْا فِي غَيِّهِمْ وَتَمَرَّدُوا
واسْتَبْدَلُوا بابنِ الْأَجِيرِ سَفَاهَةً *** عَنْ حَيْدَرٍ وَ هُوَ الوَليُّ المُرْشِدُ
وَأَبَوهُ وَ هُوَ أبِيُّهُمْ وَ إِمَامُهُمْ *** وَعِمَادُهُمْ وَ عَمِيدُهُمْ وَ السَّيِّدُ
وَلَوَوْا إلى التَّيْمِيِّ جِيدَ قَبُولِهِمْ *** حَسَداً لِحَيْدَرَةٍ وَ خَابَ الحُسَّدُ(3)
فَطَوَى لَهَا كَشْحاً عَلَى الكُفْرِ انْطَوى *** مِنْ فُرْصَةٍ دَأْباً لَهَا يَتَرَصَّدُ(4)
وأدالَ مالَ اللَّهِ في أعْدائِهِ *** دُوَلاً وآلُ اللَّهِ عَنْهُ تُطْرَدُ
مُتَصدِّراً في دَسْتِ أَحْمَدَ جُرْأَةً *** و وَصِيُّهُ عَنْهُ يُذادُ وَ يُبْعَدُ
وَأَدافَ لِلزَّهْراءِ كُلَّ مَضاضَةٍ *** بِأَقَلَّ أَيْسَرِها يَذُوبُ الْجَلْمَدُ(5)
ص: 422
وَابْتَرَّ مِنْهَا إرْنَها ظُلْماً وَمَا *** قَدْ كَانَ أَنْحَلَها أَبُوهَا الْأَمْجَدُ(1)
وَوَشَى بِهَا الْعَدَوِيُّ مِنْهُ عَداوَةً *** كَيْمَا يَكِيدُ بها الوَصِيَّ وَ يُضْهِدُ(2)
وأدارَ في فِئَةِ الضَّلالِ بِبابِها *** خطباً لِيُحْرِقَها بهِ إِذْ يُوقَدُ
دارٌ لِآلِ اللَّهِ مَهْبِطُ وَحْيِهِ *** بِالنَّارِ يُحْرِقُهَا الدَّعِيُّ المُلْحِدُ(3)
وَ لَطالَما جِبْرِيلُ وَالْأَمْلاكُ قَدْ *** طَلَبُوا بِهَا إِذْنَ الدُّخولِ وَعَوَّدُوا(4)
فَأَتَتْ لَهُ الزَّهْرا فَفَنَّعَ رَأْسَها *** بِالسَّوْطِ شَلَّتْ بِالعَذابِ لَهُ يَدُ(5)
وَ وَجا لِأَضْلُعِها وَأَسْقَطَ حَمْلَها *** مِنْهَا وَ لَيْسَ لَها بِذَلِكَ مُنْجِدُ(6)
وَ جَرى بِحَيْدَرَ ما جرى مِنْهُ و *** لاتَسْأَلُ وَ ناهِيكَ الفَظِيعُ الأَوْحَدُ
قَسَماً بهِ لَوْلا وَصِيَّةُ أَحْمَدٍ *** و قَدِيمُ عَهدِ لِلإِلَهِ مُؤَكِّدُ
ما حامَ نَغْلُ صُهَاكَ حَوْلَ حِمائِهِ *** وَ لَضاقَ مِنْهُ عَلَيْهِ فِيهِ الْمَوْرِدُ(7)
لكِنَّهُ أَغْضَى عَلى فَرْطِ القَذا *** جَفْناً لَهُ طَرْفُ الهدايَةِ أَرْمَدُ
وَيْلٌ لِأَذلَم أيُّ غاشِيَةٍ عَلَتْ *** بَيْتَ الرِّسالة مِنْهُ لَيْسَتْ تَنْفَدُ(8)
ص: 423
أوَ مِثلُ جَوْهَرَةِ الْعَفَافِ وَ دُرَةِ *** الْكَوْنَيْنِ يَجْلُوهَا الغَوِيُّ المُفْسِدُ
وَ يَسُومُ في سُوقِ البَلاءِ جَلالَها *** بِالْخَسْفِ وَ الْهَوْنِ الذَّرِيعِ وَ يَجْهَدُ
لادَرَّيا للنّاسِ دَرُّ عِصَابَةٍ *** قَدْ وازَرُوهُ بِمَا جَناهُ و أَسْعَدُوا
أتُهانُ بَيْنَهُمُ الْبَتُولُ وَ إِنَّهُمْ *** لِجَلالِها بالرغم مِنْهُمْ أَعْبُدُ؟
وَ يُقادُ مُقْتَادُ الْأُسُودِ لِعِلْجِهِمْ *** مِنْ بَيْنِهِمْ وَ هُوَ الإمامُ الْمُرْشِدُ
تَاللَّهِ لاأَنْسَى البَتُولَةَ إِذْ نَحَتْ *** ذاكَ الْغَوِي بِحَسْرَةِ تَتَوَقَدُ
وَ أَتَتْ لِمَسْجِدِ أَحْمَدٍ وَالرِّجْسُ في *** حَشْدِ لَهُ قَدْ غَصَّ مِنْهُ الْمَسْجِدُ
فَهُناكَ أَنَّتْ أَنَّةٌ مِنْ زَفْرَةٍ *** تَنْفَكُ فِي أَحْشَائِها تَتَصَعَدُ(1)
فَلَو إنَّهَا لَمْ تَحْتَسِبُها أَحْرَقَتْ *** في لابَتَيْها كُلَّ خَلْقٍ يُوجَدُ
إيه أخَا تَيْمٍ عَلامَ تَجِدُّ في *** ظُلْمِي وَ هَضْمِي فِي الْأَنامِ وَ تَجْهَدُ؟
وَ تَحُوزُ نِحْلَةً والِدِي وَ تُراثَهُ *** لي دونَ كلّ المُسْلِمِينَ وَ تُبْعِدُ
أَيَجُوزُ تَحْكُمُ بِي عَلى خُلْفِ الَّذي *** نَصُّ الكتابِ بهِ عَلَيْكَ يُؤَكِّدُ
أَوْ والِدِي أَوْصَاكَ تَحْكُمُ بِي عَلى *** خُلْفِ الكِتَابِ فَأَنْتَ مِنْهُ مُسَدَّدُ
أوْ كانَ ديني غير دين أبي فَلا *** ميراث لي دُونَ الأنام وَ أَبْعَدُ
أَیَحُوزُ كُلَّ مِنْ أَبِيهِ تُراثَهُ *** عَفُواً وَ عَنْ إِرْنِي أَذَادُ و أَظرَدُ؟(2)
ص: 424
أمَعاشِرَ الإِسْلامِ أَظْلَمُ بَيْنَكُمْ *** وَ الْكُلُّ مُطَّلِعُ بِذَلِكَ يَشْهَدُ؟
رُدُّوا عَلَيَّ ظَلامَتِي أَوْ فَارْدَعُوا *** عنّي ظَلُوماً في الغوى يَتَرَدَّدُ
فَتَقَاعَدُوا عَن نَصْرِها طَراً كَأَنَّ *** الطَيْرَ فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ وَ تَجَرَّدُوا
ثُمَّ انْتَنَتْ مِنْ بَيْنِهِمْ في حَسْرَةٍ *** حَرَّى لَواعِجُ حُزنِها لا تَخْمَدُ
يا دُرَّةَ الكَوْنَيْنِ أُقْسِمُ بِالَّذي *** تَحَوَّلْتِهِ وَ هُوَ العُلى وَ السُّؤْدَدُ
ما هانَ عِنْدَ اللَّهِ هَوْنُكِ لا و *** لاإِعْزازَ مَنْ لَكِ بِالأذى يَتَقَصَّدُ
وَ عَلَى النَّبِيِّ أبيكِ يَعْزُزُ لَوْ رأى *** ما قَدْ عَرَاكِ وَ إِنَّهُ لكِ مُکْمَدُ(1)
قَسَماً لَنَارٌ فَوْقَ بابِكِ أُوقِدَتْ *** في الطَّفُ أَضْحَتْ لِلْحُسَيْنِ تَوَقَّدُ(2)
وَيَدٌ عَلَتْكِ بِسَوْطِها قَدْ جَرَّدَتْ *** سَيْفاً بِنَحْرِ السِّبطِ أَضْحَى يُغْمَدُ(3)
وَ كَما لِمُحْسِنَ أسْقَطَتْ قَدْ غَادَرَتْ *** طِفْلَ الحُسَيْنِ بِسَهْمِهَا يُسْتَشْهَدُ(4)
وَ كَما وجعتِ بِضَرْبِهَا قَدْ أَوْجَعَتْ *** بالطَّفْ نِسْوَتَهُ الحَرائِر أَعْبُدُ(5)
ص: 425
تِلْكَ الرَّزِيَّةَ يَوْمَ رُزْئِكِ أُنْتِجَتْ *** وَ بِأَسِّها ذاكَ البِناءُ مُشَيَّدُ(1)(2)
ص: 426
(بحر الكامل)
الأستاذ علاء الدين البهادلي
بِنْتَ الهدَى وَ ساعَةِ الميعادِ *** وَ الصُّبْحُ يَرْقُبُ لَحْظَةَ المِيلادِ
أَطْفِي شُمُوعَكَ إِنْ كَوْكَبَ فَاطِمٍ *** شَعَّتْ بِنُورِ ساطِعٍ وَقَّادِ(1)
وُلِدَ الصَّباحُ عَلَى نَسِيمٍ عَبِيرِها *** يا فَرْحَةَ المِيلادِ فِي المِيلادِ
زَهْراءُ أنفاسُ الجِنَانِ بِشِعْرِها *** وَ عَبيرِهَا مِنْ غُصْنِها المَيَّادِ(2)
هَبَطَتْ مَلائِكَةُ السَّمَاءِ بِبَيْتِها *** تُلْقِي التَّحِيَّةَ لِلنَّبِيِّ الهَادِي
أبْشِرْ -حَبَاكَ اللَّهُ-كَوْثَرَ خَيْرِهِ *** انْحَرْ كَثِيرَ الضَّيْرِ وَ الأوْلادِ(3)
هَبَطَتْ بِمَكَّةَ وَرْدَةٌ لِمُحَمَّدٍ *** وَ مَضَتْ كَمَوْجِ النُّورِ في المِيعَادِ
تَخْبُو المَشَاعِرُ في الصُّدُورِ كأَنَّها *** رَيْعُ الشَّبابِ وَ خَطْوَةُ الأَمْجادِ(4)
مِنْ بَيْتِ فاطِمَ نُورُ كُلِّ هِدايَةٍ *** مِنْ دارِ «فاطِمَ» خِطَّةُ الإِرْشادِ
مِنْ حُزْنِ آلِ مُحَمَّدٍ حُزْنِي وَ فِي *** أَعْيادِ آلِ مُحَمَّدٍ أعيادي
كُمْ مِنْ شَقِيٌّ غاص في طُغْيانِهِ *** يَقْتات أوهاماً بلا أسنادِ(5)
ص: 427
وَ الحُزْنُ أمْسَى رَغْمَ كُلِّ مُشَكِّكٍ *** فِي كُلِّ قَلْبٍ مَوْطِنَ الآبادِ
وَ القَلْبُ مِنْ فَرْطِ الحَنِينِ تَنَاثَرَتْ *** أسلاؤُهُ تَسْعَى لِكُلِّ بِلادِ
فَعَلَيْكِ يا بنتَ الهُداةِ تَحِيَّةً *** ما غَرَّدَ العُصْفُورُ في مَيَّادِ
ص: 428
(بحر الخفيف)
الشيخ ملا علي آل رمضان (*)(1)
لِمَنِ النُّورُ قَدْ أَضَاءَ الوُجُودا *** وَ أرانا فَجْراً جَدِيداً سَعِيدا
أَيُّ نُورٍ بَدا مِنَ العَالَمِ القُدْسِيِّ *** وَ انْسابَ كَوْكَباً مَوْقُودا
شَعَ مِنْ مَكَةٍ بِكُلِّ ازْدِهارٍ *** يتحَدَّى تَهائِماً وَ نُجُودا(2)
في جُمادى الثَّانِي بِعِشْرِينَ مِنْهُ *** مِهْرَجَانُ البَتُولِ بُورِكَ عِيدا(3)
أَيُّ حَوْراءَ مَنْ لِمِيلادِها الحُورُ *** أَقامَتْ في الْخُلْدِ حَفْلاً مَجِيدا(4)
ص: 429
أَيُّ تُفَاحَةِ يُقَبْلُهَا الهادِي *** فَتَعْدُو نَداً يَضُوعُ وَ عُودا(1)
فَلِتَهُناخَديجَةٌ بِفَتاةٍ *** ضَمَّ أَبْرادُها عَفافاً وَجُودا
مَهْبِطُ الوَحْي بَيْتُها قَدْ شَأَتْ مَرْيَمَ *** شَأْنا كَرَامَةً وَ مَزيدا(2)
و شأنها البَتُولُ فَضْلاً وَ عِلْماً *** وَ كَمَالاً وَ مَحْيَداً و جُدودا(3)
ص: 430
و وقاراً وَ سُؤدَداً وَ نجاراً *** وَ فَخاراً وَ وَالِداً وَ وَلِيدا(1)
مَنْ أَبُوها شَمْسُ الرِّسالَةِ طَه؟ *** هَلْ لها مُشْبِهُ يَكُونُ نَدِيدا؟
أيْنَ عِمْرانُ مِنْ أبيها وَ لَوْلا *** أَحْمَد ما برا الإلهُ الوُجُودا؟
ما برا مَرْيَماً وَ عِيسَى وَ عِمْرانَ *** و لاسَيِّداً بَرَا وَ مَسُودا
دَأْبها في الدُّجَى تُطِيلُ إلى اللَّه *** رُكُوعاً بخَشْيَةٍ و سُجُودا(2)(3)
ص: 431
(بحر الوافر)
الشيخ ملا علي آل رمضان (*)(1)
طغَى بَحْرُ الضَّلالِ عَلَى العِبادِ *** وَ أَخْفَى طُرْقَ أَبْنِيَةِ الرَّشادِ
وَ أَحْمَدَ نَيْراتِ الدِّينِ لَمَّا *** تَلاطم و العِبادُ بِغَيْرِ هادي
وَ أَنْتَ تَرَى وَ تَسْمَعُ يَابْنَ طُهُ *** وَ تَعْلَمُ مَا اكْفَهَرَّ مِنَ الفَسادِ(2)
وَ حُكْمُكَ نافِةٌ وَ قَضاكَ ماضٍ *** وَ قَدْ كُنْتَ الرَّقِيبَ على العبادِ
وَها نَحْنُ نُنَاجِي في الدَّياجِي *** بكَ الرَّحْمَنَ، يا غَوْثَ المُنَادِي
نُرَجِّي في صَبِيحَةِ كلِّ يَوْمٍ *** طُلُوعَكَ وَ البَلايا في ازْدِيادِ
أمُهْرُكَ قَدْ ألَمْ بهِ عِثَارٌ *** وَ لَمْ يَجْرِ بِمَيدانِ الطْرادِ؟
وَ سَيْفُكَ هلْ تَعاوَرَهُ كَهَامٌ *** وَ لَمْ يَمْضِ بِهَامَاتِ الأعادي؟(3)
ألا عَجِّلْ وَقُمْ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ *** عَلَيْكَ أَبَاالفُتُوحِ بلاتَمادِي
لأَرْجَاسِ أَوائِلُهُمْ قَدِيماً *** سَقَتْ أباكَ أَوْصابَ النِّكادِ(4)
وَ أُمُّكَ وَ هْيَ مِنْ دُرّرِ الْمَعَالِي *** سُلالَةُ أحْمَدَ الهادي الجَوادِ(5)
ص: 432
عِناداً أَسْقَطُوامِنْها جَنِيناً *** بِضَرْبَةِ سَوْطِ ضِلِّيلِ مُعادِي(1)
فَخَرَّتْ وَ هيَ ماسِكَةً حَشاها *** عَلَى حَرِّ الظَّهيرةِ بِالْأَيادِي(2)
بلاجَلَدِ تُنادِي: يا عَلِيُّ *** جَنِينِي كَيْفَ يَسْقُطُ مِنْ فُؤادِي؟(3)
أَتَرْضَى يا أخا الهادي بِذُلّي *** وَ أَنْتَ عَلَيْكَ قَد جَلَّ اعْتِمَادِي(4)
فَأَضْحَتْ ذات أخزان إلى أن *** تُوفَّتْ وَ هْيَ في كُرَبِ شِدادِ(5)(6)
ص: 433
(بحر الكامل)
الشيخ علي بن حسن الجشي
لايُؤْمَنُ الدَّهْرُ الخَرُّونُ عَلى أَحَدْ *** وَ مَتَى أَسَرَّ أسا وَإِنْ وَهَبَ اسْتَرَدْ
فَالدَّهْرَ لاتَأْمَنْ إذا أَسْدَى يَداً *** فَلَرُبَّما أَسْدَى يداً و بِها حَسَدْ
وَ يُذِيقَهُ مَكْراً ضَرُوبَ حَلاوَةٍ *** مِنْ خَمْرِهِ الْمُلْهِي وَ قَدْ وَضَعَ الرَّصَدْ
حَتَّى إذا ثَمِلَ الفَتى وَ تَلاعَبَتْ *** بِالْعَقْلِ خَمْرَتُهُ رَماهِ بِمَا أعَدْ
ما راكِبُ الدُّنيا وَآمِنُ مَكْرِها *** إِلا كَأَمْنِ فَتًى عَلا ظَهْرَ الْأَسَدْ
لَيْتَ الزَّمَانَ لِمُجْتَنِي ثَمَرَاتِهِ *** أَرْدَى وَلكِنْ قَدْ رمَى مِنْ كَفَ يَدْ
فَهَلِ اجْتَنَتْ آلُ النَّبِي ثِمَارَهُ؟ *** بَلْ حَادَ عَنْ قَصْدِ الطَّرِيقِ وَ مَا اقْتَصَدْ(1)
أوَ ما أَباحَ حِمَى الْوَصِيِّ المُرْتَضَى *** إِذْ حَكُم الْعِجْلَ الْمُضِلَّ وَ عَنْهُ صَدْ؟
عَقْدَ الولا حَلُوا وَ بَغْياً أَجْمَعُوا *** أنْ يُظفِئُوا بالنَّارِ أَنْوارُ الرَّشَدْ
لَمْ أَنْسَ لَمّا أَوْقَدُوا ناراً عَلَى *** بَيْتِ الْهُدَى وَ ضَرامُها فيهِ اتَّقَدْ(2)
هَجَمُوا وَ بِالبابِ البَتُولُ قَدِ اخْتَفَتْ *** إِذْ لاقِنَاعَ فَرُضَ بِالبَابِ الْجَسَدْ(3)
ص: 434
وَ غَدَتْ بِطه تَسْتَغِيثُ وَ لَمْ تُغَثْ *** بِسِوَى السَّيَاطِ وَ مَنْ لَها بَعْدَ الْعَمَدْ(1)
عُصِرَتْ وَ أَسْقَطَتِ الجَنِينَ وَ أُلْمَتْ *** بِالسَّوْطِ بَلْ لُعِمَتْ عَلى عَيْنٍ وَ خَدْ(2)
وَ اقْتِيدَ مُقْتَادُ الْأُسُودِ مُلَبَّباً *** إذْ بِالوَصِيَّةِ صابراً قَدْ كَفَّ يَدْ
وا لَهْفَتاهُ عَلَى الْأَطايبِ ما رَعَوْا *** بَعْدَ النَّبِيِّ وَ رَاحَ شَمْلُهُمُ بَدَدْ(3)
أَيُقادُ حَيْدَرَةٌ وَ تُؤذى فاطمٌ *** وَ يُرَوَّعُ أَبْنَاهَا وَ عَنْ إِرْثٍ تُصَدْ
فهرَتْ ضَلالاً بَعْدَ طُولِ خِصامِها *** وَ عُلُوحُجَّتِهَا عَلَى الْخَصْمِ الْأَلدْ(4)
رُغِمَتْ فَعَادَتْ وَ هْيَ صِفْرُ الكَفِّ إذْ *** لامُنجِدٌ وَ بِهَا قَدِ اشْتَدَّ الكَمَدْ
وَ تَقَمَّصَتْ ثَوْبَ الهُموم وَ مَا اكْتَسَتْ *** إِلا بِبُشْرَى الموتِ أَثواباً جُدُدْ
وَ لَقَدْ قَضَتْ مَظْلُومَةٌ مَقْهُورَةً *** مَهْمُومَةً لَمْ يَرْعَ حُرْمَتَها أَحَدْ
لَمْ أَنْسَ إِذْ وَضَعَ الوَصِيُّ أَمامَهُ *** جَسَدَ الْبَتُولِ وَ مَدَّ للتَّغْسِيلِ يَدْ
كانَتْ تُكَتِّمُ ما عَراها رَحْمَةً *** بِالْمُرْتَضَى قَبْلَ الْمَمَاتِ وَ إِنْ ضَهَدْ(5)
ص: 435
فَرَأى بها ما هَدَّ رُكْنَ الصَّبْرِ مِنْ *** أَثَرِ السَّاطِ وَ كَسْرِ ضِلْع بِالْجَسَدْ(1)
فَهُنَاكَ حَنَّ شَجّى عَلى ما نابَها *** وَ بَكَى أَسى أسَفاً وَ قَدْ ضَعُفَ الْجَلَدْ(2)
وَ قَدِ انْحَنَتْ مِنْهُ الضُّلُوعُ وَ مِثْلُها *** فيهِ العَرَاءُ يَعُزُّ مِمَّنْ قَدْ فَقَدْ
وَ بِفَقَدِها فَقَدَ النَّبِيَّ فَإِنَّها *** تَحْكِيهِ فِي نُطْقٍ و في مَشْيِ وَ قَدْ(3)
وَ لَقَدْ شَجَانِي ضَمُّهَا السُبْطَيْنِ في *** وَقتِ الْوِداعِ وَ ما عَراها مِنْ كَمَدْ(4)
حَنَّتْ وَ أَنَّتْ من جَوّى بِأَبِي وَ قَدْ *** الْوَتْ عَلى كُلِّ مِنَ السَّبْطِينِ يَدْ
لَهْفِي لَها ما شُیِّعَتْ جَهْراً وَ قَدْ *** دُفِنَتْ وَ لَمْ يَعْلَمُ بِمَثواها أَحَدْ(5)
وَ لِدَفْنِها سِرّاً وَإِخْفَا قَبْرِها *** قَدْ أَوْرَثا أَشْيَاعَها كَمَدَ الْأَبَدْ
وَغَدا عزاءُ المُسْلِمِينَ لِحَيْدَرٍ *** بَغْياً بِأَنْ هَمُّوا بِإِخراج الْجَسَدْ
وَ لَكَمْ مُصابٍ قَدْ عَراهُ بِفَقْدِها *** مِمّابِها وَ مِنَ الأَعَادِي لاتُعَدْ
أَوَ لَمْ تَكُنْ فِي المُسْلِمِينَ وَدِيعَةً؟ *** كَيْفَ الوَدِيعَةُ غَيْرُ سالِمَةٍ تُرَدْ؟(6)
ص: 436
هَبْ أنَّها لَمْ تَشْكُهُمْ لِلْمُصْطَفَى *** كَيْلا يُساءَ بِهَا عَلَيْها قَدْ وَرَدْ
أتُرَاهُ حِينَ يَضُمُّهَا وَ يَشُمُها *** يَخْفَى عَلَيْهِ اللَّطْمُ مِنْ عَيْنٍ وَ خَدْ
ص: 437
(بحر الكامل)
الحاج علي حمدان الرياحي
ماذا أقُولُ بِعِيدِ بِنْتِ مُحَمَّدِ *** وَ بَالِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدِ
وَ لَهُمْ صَفاءُ مَوَدَّتِي وَ مَحَبَّتي *** و بِهِمْ لِرَبِّ العَالَمِينَ تَعَبُّدِي(1)
و بِهِمْ سَبَکْتُ حِسانَ كُلِّ قَصائِدي *** وَ بِمَدْحِهِمْ عَرَفَ الأنامُ تَوجُّدِي(2)
***
ماذا أقولُ بِفَاطِمٍ وَ جَلالِها *** وَ أَزِتْ مِنْ شِعْرِي لِأَشْرَفِ مَوْلِدِ(3)
ص: 438
ماذا أُقَدِّمُ لِلْبَشِيرِ هَدِيَّةً *** وَ يَدِي تَنُوءُ بما يُقَصَّرُ عَنْ يَدِي(1)
نَفْسِي الفِدَاءُ لِفاطِمٍ وَ لَأُمَّهَا *** وَ لِزَوْجِهَا وَإِلَى الْأَبِ البَرِّ النَّدِي
خَيْرُ الخَلائِقِ أَرْضِها وَ سَمَائِها *** وَ أَجَلُّ مَنْ وُجِدَتْ وَ مَنْ لَمْ يُوجَدِ
***
يا بِنْتَ أَشْرَفِ مُرْسَلِ بِرِسالَةٍ *** غَرّاءَ زاهِيَةٍ بِدِينٍ أَوْحَدِ(2)
صَدَعَ الجَبَابِرَة الطَّغَاةَ بِهَدْيِهِ *** رَغْمَ الكَفورِ بِهِ و رَغْمَ المُلْحِدِ
***
ماذا أُحَدِّثُ عَنْكِ وَ الذِّكْرَى شَذّى *** يُذْكِيهِ في النَّسَمَاتِ طِيبُ الْمَحْتِدِ(3)
ماذا أقولُ وَ قَدْ تَجِيشُ بِخاطِرِي *** كَلِماتُ أُمَّكِ لِلنَّبِيِّ مُحَمَّدِ(4)
واللَّهِ يا خَيْرَ البَرِيَّةِ عِنْدَما *** وُلِدَتْ عَجِبْتُ بِنُورِها المُتَوَقِّدِ(5)
فلَقَدْ رَأَيْتُ بهِ البَسِيطَةَ كُلَّها *** مِنْ مَغْرِبِ أَقْصَى وَ شَرْقٍ أَبْعَدِ(6)
وَ أَتاحَ َربُّكَ سَيِّدَاتِ جِنانِهِ *** عَوْناً إِلَيَّ وَ كُنَّ خَيْرَ الْعُودِ(7)
ص: 439
حَوَّاءُ وَ السَّمْحاءُ بِنْتُ مُزاحِمٍ *** وَ البَرَّةُ العَذْراءُ أُمُّ السَّيدِ
ها هُنَّ يا طه يَقُمْنَ بِخِدْمَتِي *** مُنْذُ المَخاضِ بِرَأْفَةٍ وَ تَوَدُّدِ
السَّيْداتُ مِنَ السَّمَاءِ أَتَيْنَني *** بِراً بِفَاطِمَةٍ وَ عَوْزَ تَوسُّدِي(1)
***
ماذا أُحدِّثُ عَنْكِ يا بُنَةَ أَحْمَدِ *** وَ مَثِيلُ فَضْلِكِ في الوَرَى لَمْ يُشْهَدِ؟
ما دُمْتِ سَيِّدةَ النِّساءِ وَ خَيْرَها *** و أَجَلَّ مَنْ وُلِدَتْ ومَنْ لَمْ تُولَدِ(2)
***
أُمُّ الأَئِمَّةِ وَ المَصابيح الَّتِي *** شَعَ الزَّمانُ بِنُورِها المُتَوَقِّدِ
ماذا أُحَدِّثُ عَنْ أَبِيكِ وَ قَدْ أَتى *** لَمّا وُلِدْتِ بِلَهْفَةِ المُتَوجد؟
وَحَبا لِوَجْهِكِ لائماً مُتَشوّقاً *** حُبًّا تَرَعْرَعَ مِنْ قديم سَرْمَدِي(3)
وَ تَماثَلَ النُّورانِ نُوراً واحداً *** مِنْ كَوْكَبِ مُتَفَرِّدِ مُتَجَرِّدِ(4)
ص: 440
فكأَنَّ صُورَةَ أَحْمَد في فاطِمٍ *** وَ كَأَنَّ صورَة فاطِمٍ في أَحْمَدِ
***
ماذا أُحَدِّثُ عَنْكِ بَعْدَ طُفولةٍ *** وَ ضِيَاءِ وَجْهٍ مَا تَلَالًا يَزْدَدِ؟
وَ تَطاوَلُ الأَعْنَاقُ لِابْنَةِ أَحْمَدٍ *** مِنْ كُلِّ ذي جاءٍ وَ كُلِّ مُسَوَّدِ(1)
فَيُشِيحُ خَيْرُ المُرْسَلِينَ بِوَجْهِهِ *** وَ يَخِيبُ مَنْ يَأْتِي إليهِ و يَغْتَدِي(2)
وَ ثَناكِ عَنْ كُلِّ الصَّحابةِ وَ الْوَرى *** وَ أَباكِ إِلا لِلْكَمِيّ الأَصْيَدِ(3)
القاصِمِ الهاماتِ قَصْمَةَ عادِلٍ *** بالقِسْطِ غَيْرَ مُقَلِّلٍ وَ مُزَيْدِ(4)
***
أَمْرٌ مِنَ المَلِكِ العَزِيزِ أَتَى بِهِ *** جِبْرِيلُ يَحْمِلُهُ لِأَعْظَمِ سَيِّدِ
أَنْ زَوِّحِ الْبَطَلَ الكَمِيَّ بِفَاطِمٍ *** وَ اقْرِنْ عَلَيْهِ دُونَ أَي تَردُّدِ
ص: 441
فَلَقَدْ عَقَدْتُ قِرانَها مِنْ حَيْدَرٍ *** في جَنَّتِي فَاهْنَأُ وَ فِي الأَرضِ اعْقَدِ(1)
وَ تَراقَصَتْ حُورُ المَلائِكِ في السَّما *** وَ الكُلُّ بَيْنَ مُصَفِّقٍ وَ مُغَرِّدِ(2)
عُرْسٌ وَ مَا الأَعْرَاسُ تُذْكَرُ عِنْدَهُ *** يَوْماً و لاعُرف المَشِيلُ بِأَبْجَدِ(3)
***
ماذا أُحَدِّثُ عَنْكِ وَ الذِّكْرَى شَجّى *** يُدْمِي الْحُلُوقَ لِمُسْهِبٍ وَ مُفَنِّدِ
ماذا أُحَدِّثُ وَالفَضَائِلُ جَمَّةٌ *** مَهُمَا كَلِفْتُ بِعَدهَا لَمْ تَنْفَدِ
***
يا بِنْتَ خَيْرِ المُرْسَلِينَ تَلَفتاً *** مَسْرَى أبيكِ يَعِيثُ فيهِ المُعْتَدِي(4)
وَ أَقَلُّ ما يُرْوَى بِحُبِّكِ مِنْ أبٍ *** أنْ كنتِ بالنَّفْسِ الكَرِيمَةِ تُفْتَدِي(5)
ص: 442
وَ عَلِيُّ لَمْ يَمْنَعْكِ يَوْماً مطلباً *** مهما فَلا ثَمَناً وَ مَهُمَا يُجْهِدِ
قولي لَهُ عادَتْ وَ قِيعَةُ خَيْبَرٍ *** وَغَدا لِمَرْحَبَ ألف ألفِ مُقلِّدِ(1)
قُولِي لَهُ احْزِمُ لِلُقْيَةِ مَرْحَبٍ *** وَ أَعِدْ لِضَرْبَتِكَ الزَّمَانَ وَجَوْدِ
وَ اقْصِمْ بِهَا هَامَ اليَهُودِ مُطَهَّراً *** أَقْصَى نَبِيِّكَ يا عليُّ وَ بَدِّدِ
قولي لَهُ احْزِمُ جَوادَكَ وَ انْبَرِ *** لِلسَّاح يا خَيْرَ الكُمَاةِ وَجَرِّدِ
لم يَنْتَنِ إِنْ شئتِ لا وَمُحَمَّدٍ *** وَ يُبِدْجُمُوعَهُمُ وَ لَمْ يَتَردَّدِ(2)
ص: 443
قُولِي بِأنَّ القُدْسَ دُنْسَ قَدْسُهُ *** وَ القَوْمُ بَيْنَ مُكَبَّلٍ وَ مُشَرَّدِ(1)
***
يا بِنْتَ مَنْ نَصَر الإلهُ بِهَدْيِهِ *** وَ بِنُورِهِ كُلُّ الأهِلَّةِ تَهْتَدِي
أوَ ما شَكَتْ أُمُّ المسيح تُراثَهَا *** لِمُحَمَّدٍ وَ لابنها البَرِّ النَدِي؟
عَبَثُوا بِهِ َو تَكَسَّرَتْ صُلْبانُهُ *** بِصَلِيبِ مَنْ حَمِلُوا شِعار المُفْتَدِي
لَوْلاَ الدُّعاةُ بِحُبِّهِ مَا كُسْرَتْ *** صُلْبانُ مَقْدِسِهِ وَ لَمْ تَتَهَوَّدِ
***
قُولِي لِعِيسَى خُذْ بِنَارِكَ مَرَّةً *** وَدَع السَّلام لِعاجِزٍ وَ تَمرَّدِ
وَإِذا خَشِيتَ مِنَ العَدوّ لِقَاءَهُ *** فاصْحَبْ عَلِيّاً مَرَّةً تَتَعَوَّدِ
عَجَبٌ قَبُولُكَ مِنْ عَدوّكَ ضَرْبَهُ *** وَإِذَا اسْتَزَادَكَ مِنْهُ قُلْتَ لَهُ زِدِ
خَلْ الخُنُوعَ فَلا يَلِيقُ بِسَيْدٍ *** مِثل المسيح و لايُلِيقُ بأَمْجَدِ(2)
لَنْ يُرْجِعَ الحَقَّ السَّلامُ بحالةٍ *** يَوْماً بِغَيْرِ مُسْمَهَرٍ وَ مُهَنَّدِ(3)
***
أَحْيَيْتَ مَيْتَهُمْ وَ زِنْتَ كَسِيحَهُمْ *** وَ شَفَيْتَ أَبْرَصَهُمْ وَ قُمْتَ بِمُقْعَدِ
وَ تَقاذَفُوكَ شَعَائِماً وَضعَائِناً *** مِنْ كُلِّ أَفَاكٍ وَ كُلِّ مُعرْيدِ
لاكانَ أَبْرَضُهُمْ لِيَنْعُمَ سالِماً *** أَوْ عَاشَ مَيْتُهُمْ لِيَفْسُدَ في غَدِ
ص: 444
أوَ بَعْدَ ذلكَ تَسْتَكِينُ مُباركاً *** لَعَناتِهِمْ وَ تَقُولُ يَا ثَأَرُ اقْعُدِ؟
يا بْنَ البَتُولِ وَ مَا أَتَيْتُ مُعَلِّماً *** وَإِذا اجْتَرَاتُ فَلَيْسَ بالمُتَعَمِّدِ
فاصْفَحْ وَ عامِلْنِي بِمَا عَامَلْتَهُ *** مِنْ كُلِّ مُجْتَرِىءٍ عَلَيْكَ وَ مُعْتَدِي
***
أُمُّ الأَئِمَّةِ خَيْرِ أَعْلامِ الوَرى *** عَفْواً إذا شَط اليَراعُ عَلَى يَدِي(1)
وَ لَقَدْ عَیِيتُ مِنَ اليَهُودِ وَضاقَ بي *** ذَرْعِي وَهانَ عَلَى السُّكُوتِ تَجَلُّدِي
فَتَقَبَّلي مِنِّي هَدِيَّةَ شاعرٍ *** لِمُحَمَّدٍ وَ لَآلِ بَيْتِ مُحَمَّدِ(2)
ص: 445
(بحر الطويل)
الشيخ علي منصور المرهون(1)
الشيخ فرج العمران القطيفي(*)(2)
أرى زَمَنِي أَخْنَى عَلَيَّ وَعانَدا *** (و لازَالَ في تَكْدِيرٍ عَيْشِي مُجَاهِدا)
أَتَاحَ خُطوباً لَسْتُ أَسْتَطِيعُ حَمْلَها *** (لها الشُّمُّ تَهْوِي لَوْ تَحَمَّلْنَ واحِدا)
فَما زِلْتُ وَ الأَشْجَانُ مِلْءُ حُشَاشَتِي *** (مُتَيَّمَ قَلْبِ مُدْنَفَ الجَسْمِ وَاجِدا)(3)
وَ مَنْ أَنا حَتَّى أَسْتَطِيعَ تَحَمُّلاً *** (خُطوباً مِنَ الْأَطْوادِ تُوهِي القَواعِدا)(4)
وَلكِنَّ خَطْبِي هَوَّنَتْهُ مُصِيبَةٌ *** (تَهُونُ لها الأرزا طريفاً و تالِدا)(5)
أَصَابَتْ فُؤادَ المُصْطَفَى الظُّهْرِ َفاطِماً *** (عَشِيّةَ جاءَ الجَوْرُ لِلدَّارِ قاصِدا)
إلى الدّارِ لَمّا جاءَها الرِّجْسُ حامِلاً *** (وقوداً و فيها المُرْتَضَى كانَ قاعِدا)
و نادَى أَلا اخْرُجْ بايِعَنَّ خَلِيفَةَ *** (النَّبِيِّ وَ مَنْ في الغارِ كَانَ المُعَاضِدا)
سأخرِقُ إنْ لَمْ تَخْرُجَنَّ لدارِكُمْ *** (وَ لَمْ أَرْعَ مَنْ فِيهَا وَليداً و والِدا)
ص: 446
فَنَادَتْهُ بِنْتُ المُصْطَفَى وَ دُموعُها *** (جَوَارٍ أَلا كُفُّوا فإنّي بِلا رِدا)
فما شَعَرَتْ إِلا وَ قَدْ هَجَمَ العِدى *** (عَلَيْها بلا إِذْنٍ وَ كَانُوا أَباعِدا)
فَلاذَتْ وَراءَ البابِ عَنْهُمْ تَسَتَرَتْ *** (فَرَضُوا لها ضلعاً و دَقُّوا لَها يدا)
بفِضَّةَ صَاحَتْ آه ِمِمّا أصابَها *** (لِتُسْعِفَها في وَضْعِها وَ تُساعِدا)
وَلَكِنَّها لَمْ تَأْتِ خَوْف عِداتها *** (الجُفَاةِ الَّتِي لَمْ تَرْعَ حَتَّى الْأَماجِدا)
وَ ناهِيكَ أَنَّ القَوْمَ قَدْ دَخَلُوا على *** (عَليَّ لِيَقْضُوا مِنْ عليٍّ مَقاصِداً)
وَ قادُوهُ قَوْداً كالأسيرِ مُلَبَباً *** (فَتَباً لِمَنْ لِلْمُرْتَضَى كانَ قائِدا)(1)
فَبايَعَ حَقْناً للدِّمَاءِ وَإِنَّهُ *** (لَهُ الحَقُّ عَنْهُ الحَقُّ مَا كَانَ حَائِدا)(2)
وَ أمّا البَتُولُ الطُّهْرُ جَاءَتْ وَ قَلْبُها *** (مَرُوعٌ لكي تَحْمِي الحَمِيَّ المُساعِدا)(3)
فَرَدَّ إِلَيْهَا الرِّجْسُ بِالسَّوْطِ ضارِباً *** (فَنَادَتْ وَ لَمْ تَسْمَعْ عِداها لها ندا)
تُنادِي ألا خَلُوا ابْنَ عَمِّي حَيْدراً *** (وَإِلا بِأَمْرِ اللَّهِ لَمْ أَبْنِ وَاحِدا)(4)
فَمَا رَجَعَتْ لِلدَّارِ إلا وَ بَعْلُها *** (تَخَلَّصَ مِنْ كَيْدِ الذي كان كائِدا)
وَ مَا بَرِحَتْ تَبْكِي أباها بِرَنَّةٍ *** (تُصَدِّعُ أصْداها الجِبالَ الجَلامِدا)(5)
إلَى أنْ َقضَتْ مَظْلُومَةً وَ تُراثُها *** (زُوِي وَلَهَا القُرْآنُ لازالَ شاهِدا)(6)(7)
ص: 447
(بحر الوافر)
الأستاذ علي نوح المهنا(*)(1)
أتُوقُ إِلَى لِقائِكَ يا جُمادَى *** إِذا ما عُدت هذا الشَّوْقُ عادا
أُسِيلُ لَكَ المَشاعِرَ فَيْضَ دَمِّ *** وَ أَنْحَرُ في مَحَبَّتِكَ الفُؤادا
و نارُ الحُبِّ أَشْعِلُها بصَدْرِي *** وَ أُذُرِي كُلَّ ماضِيهِ رَمادا
وَ أَطْوِي ثَوْبَ آلامِي وَ حُزْنِي *** وَ أَنْثُرُ رَوْضَ أَحْشائي وِدادا
فَلا سَكَنَتْ بِرُوحِي مِنْكَ إلاّ *** نَوازِعُ مِنْ هَوَى قَضَّ الرُّقادا(2)
ص: 448
لِذِكْرَى قَدْ حَمَلْتَ وَ أَيَّ ذِكْرَى *** بَلَغْتَ بِشأنها السَّبْعَ الشَّدادا(1)
فَلا يَوْمٌ كَيَوْمِكَ حِينَ أَضْحَتْ *** بهِ الأمْلاكُ تَحْتَضِنُ المهادا
أيا مَهْداً بِهِ الأسْرَارُ ضُمَّتْ *** حَمَلْتَ مَكارِماً جَمَعَتْ فُرادى
لِمَنْ جَلَّتْ فَكانَتْ حَيْثُ كَانَتْ *** أَرادَ لَها المُهَيْمِنُ ما أرادا
أرادَ لِيُذْهِبَ الْأَرْجَاسَ عنها *** وَ يُلبسها الظهارَةَ وَ الرَّشادا(2)
هي النُّورُ المُشِعُّ على البرايا *** فَإِن يَخْبُو بِطَلْعَتِها اسْتَزادا(3)
هِيَ الزَّهْراءُ رَبُّ الكَوْنِ أَضْفَى *** عَلَيْهَا مِنْ جَلالَتْهِ وَزادا(4)
أَبُوها سَيِّدُ الأكْوَانِ طه *** ذُرَى العَلْيَاءِ أَسْرَجَهُ جَوادا
وَ أَوْرَثَها الْمَناقِبَ وَ السَّجايا *** وَ أَكْرَمَها الفضائِلَ حيثُ جادا
وَ تَمَّ بها الكَمالُ بِكُلِّ فِعْلٍ *** وَيَمْلأُ قَوْلُها الدُّنْيا سَدادا
وَ أُمُّ الفَضْلِ رَبُّ الْعَرْشِ أَهْدَى *** لَها بِالخُلْدِ قَصْراً إذ أشادا(5)
ص: 449
و حيدرُ مُرْدِيُّ الأبطالِ بَعْلٌ *** فَتَى الإسْلامِ أَوَّلُهُمْ جِهادا
فَقُلْ مَنْ ذا يُجَارِيها انتساباً *** وَ قُلْ مَنْ ذا يُضاهيها اعْتِدادا
سَماءٌ لَيْسَ نَبْلُغُهَا اعْتِلاءً *** وَ قَدْرٌ لَيْسَ نُدْرِكُهُ اجتِهادا
***
و لازالتْ لِدِينِ اللَّهِ رُكناً *** كما كانَتْ لِأَسْقُفِهِ عِمادا
لَها القُرْآنُ يَشْهَدُ في مَقامٍ *** بِآيَاتٍ مُقَدَّسَةٍ أَشادا
و تُوفِي نَذْرَها لِلَّهِ صَوْماً *** وَ طَارِقُ بابِها يَلْقَى المُرادا
فَما مَنَعَتْ يَتِيماً أَوْ أَسِيراً *** وَ لَمْ تَحْجُبْ عَنِ المُسْكِينِ زادا(1)
ص: 450
و طَهَّرَها الإلهُ عَن الخَطايا *** وَ كُلِّ الرِّجْسَ عِصْمَتَها تَفادى(1)
مُجَلَّلَةٌ مُقَدَّسَةٌ مُقَرَّبَةٌ *** عَلَتْ في شَأْنِها الرُّتَب البعادا
مُعَلَّمةٌ مُحَدَّثَةٌ مُصَدَّقَةٌ *** وَ كَمْ بِمَقامِها جِبْرِيلُ نادى(2)
ص: 451
مُشَقَّعَةٌ وَ شافِعَةٌ وَ زاهِرَةٌ *** بِهَا الجَنَّاتُ قَدْ لَبِسَتْ قِلادا(1)
رضاها مِنْ رِضًا المَعْبُودِ أَضْحَى *** فَإِنْ سَخِطَتْ فَمَنْ يُنْجِي العبادا(2)
***
لنا في مَوْلِدِ الزَّهْراءِ عِيدٌ *** صَفا كالنُّورِ وَ انْتَزَعَ السَّوادا
وَ أَشْرَقَتِ السَّماءُ لها بُدُوراً *** وَ قَدْ سُدَّتْ مَغارِبُها انْسِدادا
وَ سَرَّتْ كُلُّ نَفْسٍ حَيْثُ طَابَتْ *** عَقائِدُها وَ ما زَلَتْ عِنادا
فآثارُ التَّقى وَ الزُّهْدِ رَسُمٌ *** بِسِيرَةِ مَجْدِها أَضْحَتْ عِدادا
تُحَبِّي رَوْعَةَ الإجلالِ مِنْها *** وَ نَفْحاً مِنْ مَرابِعِها تَهادَی(3)
وَ بَحْرٌ يَغْمُرُ الدُّنْيا فَخاراً *** وَ لِلْأَجيال قَدْ أَضحى مِدادا
تُشَدُّ لها الرّحالُ بِكُلِّ عَصْرٍ *** و تَقْصُدُها ذَهاباً وَ ارْتِيادا
ص: 452
أبِنْتَ المُصْطَفَى هذا وَلائِي *** أُوَفِّيهِ التزاماً و اعْتِقادا
وَ لا شَكٌّ يُساوِرُنِي وَ حَبْلِي *** بِعِشْرَةِ أَحْمَدٍ عُقِدَ العِقادا
وَمَنْ يَمْسَكْ بِحَبْلِ اللَّهِ يَحْظَى *** بِكُلِّ الأَجْرِ يَجْنِيهِ حَصادا
وَ حُسْنُ خِتامِها ذِكْرٌ لِطهُ *** بِحَفْلٍ ضَمَّ فَرْحَتَهُ جُمادَى
ص: 453
(بحر الكامل)
الشيخ قاسم محيي الدين
أَوْضِحُ بِنَهْجِ الرُّشْدِ لِلْمُسْتَرْشِدِ *** إذ لاسَبِيلَ إِلَى جُحُودِ الْمُلْحِدِ
ما عُذْرُ مَنْ جَحَدَ الهُدَى بِضَلالِهِ *** لَوْجَاءَ مَدْحُوضَ الدَّلالةِ في غَدِ(1)
حَضَرُوا بِمَشْهَدِ دَوْحِهِ وَ رَسُولُهُمْ *** يُنَبِّئُهُمْ عَنْ نَصَّ ذاكَ المَشْهَدِ
جَحَدُوا عليّاً حقَّهُ أَفَهَلْ لَهُمْ *** بَعْدَ الجُحُودِ تَمَسُّكٌ بِمُحَمَّدِ؟
جَحَدُوا الغَدِيرَ بغَدْرِهِمْ حَسَداً لِمَنْ *** مُلِئَتْ قَذاً مِنْهُ عُيونُ الحُسَّدِ
عَقَدُوا لَهُ الشُّورى وَ تِلْكَ سَقِيفَةٌ *** بِسِوَى الضّلالِ عَرِيشُها لَمْ يُعْقَدِ
عَجَباً لَهُمْ جَحَدُوا وَلاة إمامِهمْ *** وَ الشَّمْسُ مُشْرِقَةُ السَّنَا لَمْ تُجْحَدِ
جَحَدُوا النَّبِيَّ بِجَحْدِهِمْ لِوَصِيْهِ *** وَ أَبَوْا مُصافَحَة الهِدايَةِ باليَدِ
وَ تَأَلَّبُوا زُمَراً لِغَصْبِ وَلِيْهِمْ *** مِنْ غَائِرِ تَبِعَ الشَّقَاقَ وَ مُنْجِدِ(2)
وَ أَتَى اللَّعِينُ... مُهَدِّداً بَيْتَ الهُدَى *** إِذْ ضَلَّ عَنْ نَهْجِ الرَّشادِ وَ مَا هُدِي
وَعَتَى وَ مَا راعى وَدِيعَةَ أَحْمَدٍ *** مُذْ راعَها في حِقْدِهِ المُتوقِّدِ
وَ أَلَمَ في بَيْتِ الرِّسالَةِ مُوقِداً *** نيرانَ أَضْعَانٍ لَهُ لَمْ تَحْمُدِ
سَلَّ فاطِمَاً عَنْ نَكْثِ عَهْدِ مُحَمَّدٍ *** فِيها بِظُلْمِ مِثْلُه لَمْ يُعْهَدِ
سل فاطماً عَنْ دَمْعِها الْمُنْهَلِّ مَنْ *** أَجْراهُ مِنْ ذَوبِ الفُؤادِ المُکْمَدِ؟(3)
ص: 454
سل فاطماً عَنْ نَوْحِهَا وَ نَحِيبِها *** عَنْ حُزْنِها عَنْ سُقْمِها المُتَجَدِّدِ
سَلْ فاطِماً عَنْ ضِلْعِها مَنْ غَالَهُ *** كَسْراً بِرَد البابِ بَعْدَ تَهَدُّدِ؟(1)
سَلْها عَنِ المِسْمَارِ حَيْثُ أَمَضَّهَا *** وَ عَنِ الجَنِينِ وَ قُرْطها المُتَبَدِّدِ
سَلَّ فاطِماً عَنْ ضَرْبِها بِسِياطِهِمْ *** حَتَّى غَدتُ مِثْلَ الدَّمَالِجِ بِالْيَدِ(2)
سل فاطماً عَنْ قَبْرِها عن دَفْنِها *** سِرًّا بِظُلْمَةِ جُنْحِ لَيْلٍ أَرْبَدِ(3)
سَلْهَا عَن السَّوْطِ الَّذي قَدْ راعَها *** عَنْ غَضبها ميراثها مِنْ أَحْمَدِ
سَلْهَا عَنِ الهادي الوَصِيِّ مُلَبَّباً *** بِنِجادِهِ مُسْتَنْجِداً لَمْ يُنْجَدِ
حَيْثُ الشَّقِيُّ بِمَوْقِدٍ مِنْ ظُلْمِهِ *** قادَ الوَصِيَّ المُرْتَضَى لِلْمَسْجِدِ
وَ الطُّهْرُ تَدْعُو وَ هْيَ تَعْدُو خَلْفَهُ *** بَنداً يُذِيبُ حَشَى الصَّفا وَ الجَلْمَدِ(4)
خلُوا ابْنَ عَمِّي أَوْ عَلَيْكُمْ بِالدُّعا *** أعْدُو وَ أَبْسُطُ لِلْإِلَهِ بِهِ يَدِي
ص: 455
(بحر الكامل)
الشيخ كاظم آل نوح
يَوْمَ بِهِ بُعِثَ النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ *** يَوْمٌ يُؤرِّخُهُ الزّمانُ الأَبْعَدُ
يَوْمُ بِهِ ازْدَهَر الزمانُ بِيعْثَةٍ *** لِمُحَمّدٍ الرَاحُها تَتَجَدَّدُ
إلى أن يقول :
أَمُحَمّدٌ وَ لَأَنْتَ رَحْمَةُ رَبِّنَا *** وَ عَلَى عِبَادِهِ أنْتَ أنْتَ السَّيِّدُ
أحْيَيْتَ شَعْباً مَيْتاً وَ حَفِظْتَهُ *** دمماً بِسَيفِ الحقِّ وَ هُوَ مُجرَّدُ
وَ بِسَيْفِ عَزْمِ كانَ حَيدِرُ قاصِماً *** ظَهْرَ الصَّلالِ وَ سَيْفُهُ لايُعْمَدُ
خَلَّفْتَ حَيَدرَ وَ هُوَ يعْبُدُ رَبَّهُ *** في الليل يحيا ساهِرَاً لايَرْقُدُ(1)
مُتَهَجِّداً مُتوسّلاً في ربِّهِ *** مِنْ خَشْيَةٍ يَبْكِي يَقوْمُ وَ يَقْعُدُ
يَشْكُو لَهُ مِنْ بَعْدِ أَحْمَدَ مَا جَرَى *** مِنْ ظُلْمِهِم لِعَلِيّ وَ هُوَ مُنَكَّدُ(2)
ص: 456
يَشْكُو هُجَوْمَهُمُ عَلَى الدّارِ الَّتِي *** هِيَ لِلْنَبِيّ وَ لِلْمَلائِكِ مَقْصَدُ
يَشْكُو لهُ إذْ اخْرَجُوهُ مُرَغَماً *** مِنْ دَارِهِ وَ هُوَ المُصابُ المُجهَدُ
يَشْكُوْلهُ إذْ قَدْ فَزِعْنَ عِيَالُه *** مِنْ ضَرْب سَوْطِ لِلْمُتونِ تُسوِّدُ
يَشْكو لِكَسْرِ الضلع مِنْ رَیْحَانَةِ الهادِي *** وَ يَشْكُو نَارَ حِقْدٍ تُوقَدُ
يَشْكُو إِلَيْهِ غَاصِباً حقاً له *** وَ أَغارَ مِنْ حِقْدٍ عَليهِ الحُسَّدُ(1)
يشكُوْ لهُ مَنْ قَدْ دَعَوهُ لِبَيْعَةٍ *** وَ تَهدّدوهُ إِنْ أَبَى وَ تَوعّدوا
قَدْ أنْقذتْهُ فاطمٌ مِنْ مَازِقٍ *** فِيهِ أَحَاطَ و لانَصِيرٌ يُوجَدُ(2)
وَدَعَتْهُمُ خَلّوا ابْنَ عَمِّي إِنَّهُ *** أَوْلاكُمُ بِمَكَانِ أَحْمَدَ يَقْعُدُ(3)
قَدْ قَالَ بَعْضُهُمُ دَعُوهُ فَإِنَّهَا *** لَمْ تَرْجِعَنْ عَنْهُ وَ بَعْضُ تَردَّدوا
حَتَّى يُبايعَ أَوْ تُحَزُّ عَلاصِمٌ *** مِنْهُ وَ إِنَّ حُسَامَنَا لايُغْمَدُ(4)
صاحَ ابْنَ أُمّ أَلَمْ تُشَاهِدْ أَنَّهُمْ *** يَبْعَونَ قَتْلي وَ الحُسَامَ مُجَرِّدُ
وَ أَبِيَكَ لَوْ لَمْ تَأْتِ فَاطِمَةٌ لَمَا *** كَفُوا عَنِ الكرارِ وَ هُوَ مُؤكِّدُ
ص: 457
يَا لَيْتَ أَحْمَدَ قَدْ رآهم بَعْدَهُ *** في ذِلَّةٍ وَ العَيْشُ عَيْشٌ أَنْكَدُ
تركوهُمُ حَلْسَ البُيُوتِ بِقُوَّةٍ *** قَدْ سَاءَ عَيْشُهُمُ وَ سَاءَ المَوْرِدُ(1)
وَ البَضْعَةُ الزَّهْرَاءُ ماتَتْ بَعْدَهُ *** وَ لَهَا بِجُنْحِ اللَّيْلِ سِرّاً الحَدُوا
وَ بَكَى عَلِيٌّ بَعْدَها وَ الحُزْنُ قَدْ *** أَوْهاهُ طولَ اللَّيْلِ وَ هُوَ مُسَهَدُ
فَعَلَيْكَ يَا خِدْنَ النَّبِيِّ تَحِيَّةٌ *** مِنّي وَ نَارُ حَشَايَ دَوْماً تُوقَدُ(2)
ص: 458
(بحر الطويل)
لطف الله بن محمد البحراني
سِهَامُ المَنَايَا فِي البَرَايَا نَوَافِدُ *** وَ حَادِي المَنَايا مُسْتَضِيفٌ وَ وَافِدُ(1)
يَسُوقُ إِلَى وِرْدِ الْمَنُونِ ظَعَائِناً *** فَمَا صَادِرٌ إِلا وَ تِلْوُهُ وَارِدُ(2)
كَأَنَّا وَ صَرْفُ الدَّهْرِ خَيْلٌ مُرَاهِنٌ *** تَعُضُّ شَكيماً لِلسِّبَاقِ تُطَارِدُ(3)
فَمَا رَدَّهُ عَنَّا مُرَادٌ وَ نَالَهُ *** وَ لافَاتَهُ مِنَّا سَرِيٌّ وَ مَاجِدُ
وَلُوعٌ بِحِفْظِ الأَكْرَمِينَ كَأَنَّهُ *** خَصِيمٌ لِمَنْ نَالَ العُلاَ وَ مُعَانِدُ(4)
تَقَصَّدَنِي مِنْ بَيْنِهِمْ فَأَصَابَنِي *** بِمَا لَمْ تُطِقْهُ الشَّامِخَاتُ الجَلاَمِدُ(5)
صَبَرْتُ وَ فِي حَلْقِي شَجِيِّ وَ بِمُقْلَتِي *** قَذَى لَمْ تُزَحْزِحْهُ الرُّقَى وَ المَرَاوِدُ(6)
ص: 459
وَلِي رَائِدٌ شَخَصْتُهُ جَانِبَ الرَّجَا *** وَ لاَرَدَّ لِي مِنْ حَيْثُ رَوَّدْتُ رائِدُ
فَمِلْتُ إِلَى أَنْ أَقْمَعَ النَّفْسَ بِالْعَرَى *** وَ قَدْ نُغْصَتْ مِنْهُ لَدَيَّ المَزَاوِدُ(1)
فَلاَرَيْبَ أَعْطَيْتُ الزَّمَانَ مَقَادَتِي *** بِرَغْمِي وَ فِي الأَحْشَاءِ لِلْوَجْدِ وَاقِدُ(2)
عَلَى أَنَّنِي مَالِدتُّ يَوْماً لِحَادِثٍ *** بِمُسْتَصْرَحَ كَلاً وَ غَوْثٌ يُسَاعِدُ
وَ مَا بَرِحَ الدَّهْرُ الأَلَدُّ يَسُومُنِي *** بِخِطَّةِ خَسْفٍ ضُرِّهَا كَمْ أُكَابِدُ(3)
فَلاغَرْوَ قَدْ أُودَى بِآلِ مُحَمَّدٍ *** كَأَنَّ عَلَيْهِمْ لِلْبَلايَا مَرَاصِدُ
مَهَابِطُ وَحْيِ اللَّهِ خُزَّانُ عِلْمِهِ *** فَمَا مِنْهُمُ إِلا إِلَى اللَّهِ قَائِدُ
قُوَامٌ لِدِينِ اللَّهِ قَدْ حَفِظُوا الوَرَى *** بِحِلْم وَ عِلْم حَيْثُ تُثْنَى الوَسَائِدُ
خَلَتْ عَرَصَاتُ الدَّارِ مِنْهُمْ وَ أَقْفَرَتْ *** فَمَا تَمَّ إِلا غَيْبَةٌ وَ مَشَاهِدُ(4)
مَضَوا شُهَدا فِي اللَّهِ كُلٌّ وَ خَلَّفُوا *** مَمَادِحَ لَمْ تُبْلَى وَ تُتْلَى مَحَامِدُ(5)
فَبِالْمُصْطَفَى طَابَتْ مَرَابِعُ طَيِّبَةٍ *** تَسَامَتْ عَلاءَ لَنْ تَنَلُهُ الْفَرَاقِدُ(6)
ص: 460
وَ بِالْفَرْقَدِ السَّامِي الزَّكِي وَ حَبَّذَا *** مَقَامٌ لَهُ يَنْحَطُ قَدْراً عَطَارِدُ(1)
وَ سَاحَةُ قُدْسِ لِلْغَرِي مَحَلُّهَا *** إِمَامُ هُدًى تُلقَى إِلَيْهِ المَقَالِدُ(2)
وَ إِنَّ لَهُمْ فِي جَانِبِ الطَّفْ وَقْعَةً *** تَهُونُ لَدَيْهَا الحَادِثَاتُ الشَّدَائِدُ
إلى أن يقول :
أَفَاطِمٌ قُومِي مِنْ تَرَى الْقَبْرِ وَ انْظُرِي *** حَبِيبَكِ فِي أَحْشَائِهِ السَّهُمُ نَافِدُ(3)
لَهُ جَسَدٌ مُلْقَى عَلَى عِثير الثرى *** وَ رَأْسٌ عَلَى أَعْلا الأَسِنَّةِ صَاعِدُ(4)
أفَاطِمُ أَمَّا دُورنا فَبَلاقِعُ *** وَ لَمْ يَبْقَ مِمَّا تَعْهَدِينَ مَعَاهِدُ(5)
لِضَرْبٍ وَ ثَلْبِ وَ انْتِهَاكٍ وَ ذِلَّةٍ *** وَ نَهْبٍ وَ لَمْ يَبْقَ طَرِيفٌ وَ تَالِدُ(6)
أَفَاطِمُ قُومِي وَ انْظُرِينَا كَأَنَّنَا *** مِنَ الزَّنْج يَلْحَانَا إِلَى الشَّامِ قَائِدُ
لِدَارٍ يَزِيدٍ لا حِمَى اللَّهُ جَارُهُ *** وَ خَرَّعَلَيْهِ سَقْفُهُ وَ القَوَاعِدُ
وَ لاَحَادَهَا خَسْفٌ وَ نَسْفٌ قَوْمُهَا *** وَ لَاجَادَهَا غَيْثُ مِنَ المُزْنِ جَائِدُ(7)
وَ صَلَّى عَلَى آلِ النَّبِيِّ وَ عَمَّهُمْ *** سَلاَمٌ عَلَى مَرِّ الْجَدِيدَيْنِ خَالِدٌ(8)
ص: 461
(بحر الرَّمل)
السيد محمد جمال الهاشمي(*)(1)
مَوْلِدُ الزَّهْراءِ لِلْإِيمَانِ عِيدُ *** كُلُّ شِيعِيٍّ بِذِكْراهُ سَعِيدُ
ذِكْرَياتُ الْفَجْرِ في مُطلَعِهِ *** تَتَجَلَّى وَ لنَا فِيهِ عُهُودُ
يَوْمَ كانَ الدِّينُ في مِنْهَاجِهِ *** نَغْمَةٌ كُل معانيها جَدِيدُ
يَتَوَخَّى السَّيْرَ بالتاريخ في *** أَبْحُرٍ مَرْقَاهَا الْأَدْنَى بَعِيدُ
وَ الفَضا مُعْصَوْصِبٌ، و الْأَرْضُ قد *** زَلْزَلَتْها عاصِفاتٌ وَ رُعُودُ(2)
التَّقالِيدُ وَ ما أَفْتَكَها *** وَقَفَتْ مِنْ دُونِهِ فَهيَ سُدُودُ
وَ الْمَرامِي وَ هْيَ في أَطْمَاعِها *** كالْعَفَارِيتِ تَرامَتْ وَ هْيَ سُودُ
وَ رَسولُ اللَّهِ في دَعْوَتِهِ *** يُفْزِعُ الْأَحْلامَ و النّاسُ هُجُودُ
یَقْظَةُ الْفِطْرَةِ وَحْيٌ رائع *** صاغَهُ اللَّهُ لَنا فَهُوَ نَشِيدُ
***
مَوْلِدُ الزَّهْرَاءِ فِي مَوْكِبِهِ *** يَتَهادى، وَ بِهِ الْماضِي يَعُودُ(3)
يَهْزِمُ الْأَوْهَامَ فِي أَلْطَافِهِ *** فَالْفَيافِي مِنْ مَعَانِيهِ وُرُود(4)
ص: 462
و رمال البيدِ سالَتْ عَسْجَداً *** وَ الحَصى فيهِ لَآلِ و عُقُودُ(1)
وَ اسْتَطالَتْ قِمَمُ الْمَجْدِ بها *** فَهيَ في الشرقِ رَوابٍ وَ نُجُودُ(2)
وُلِدَ الْإِنْسَانُ فِي اكْنَافِها *** فَهيَ أُمَّ لِلْكَرامَاتِ وَلُودُ(3)
لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبْلِها فِي ظِلُّها *** لِلْهُدَى عَيْنٌ، وَ لِلْحَقِّ وُجُودُ
عجباً لِلصَّخْر كَيْفَ الْبَثَقَتْ *** جَانِبَاهُ، فَهُمَا فَضْلٌ وَجُودُ
قُدِّسَ الإسلامُ في دُسْتُورِهِ *** يُورِقُ الصَّخْرَ وَيَنْشَقُ الحَدِيدُ
***
مَوْلِدُ الزَّهْراءِ هذا فابْسَمِي *** أَيُّهَا الشَّيعَةُ، فَالْمَوْسِمُ عِيدُ
وَدَعِي عَنْكِ الأسى و احْتَفِلي *** فِيهِ، فَالْعِیدُ بِهِ الْحُزْنُ يَبِيدُ
وَ اتْرُكي الْأَمْرَ إلى رَبِّ السَّما *** فَهُوَ بِالْوَضْع خَبِيرٌ وَ شَهِيدُ
سَوْفَ يَنْجَابُ الدُّجى مُنْهَزِماً *** مِنْ سَنَا الفجرِ، فَلِلْفَجْرِ جُنُودُ
فَإِذا وَجَّهَهَا اللَّهُ إلى *** أُفُقِ بادَ بهِ اللَّيْلُ الْمُبِيدُ
***
يا حَكِيمَ(4) الدَّهْرِ يَا مَنْ بِاسْمِهِ *** تُصْقَلُ البِيضُ وَ تَهْتَزُ البُنُودُ(5)
قائِدُ الإيمانِ لِلنَّصْر على *** خُططٍ كانَ بِهَا النَّهْجُ الْحَمِيدُ
آيةُ اللَّهِ الَّتِي مِنْ بَأْسِها *** يَلْتَوِي الكُفْرُ وَ يَرتَدُّ الجُحُودُ
مرجِعُ الأُمَّةِ إِنْ جَارَ بها *** زَمَنُ باغ و تاريخٌ عَنِيدُ
ص: 463
وَ إمامٌ تَهْتَدِي الدُّنيا بهِ *** إِنْ نَبا وَضَعُ وَ إِنْ ضَاعَتْ حُدُودُ(1)
أمُّكَ الزّهراء هذا عِيدُها *** فيهِ يَلْتَةُ لِأَمْثَالِي الْقَصِيدُ
لكَ قَدَّمْتُ التَّهانِي مُخلِصاً *** بثنائي، فَهُوَ لِلرّوح يَعُودُ
وَ لْتَدُمْ لِلدِّينِ فَجْراً نُورُهُ *** خَالِدٌ فينا، وَ لِلْحَقِّ الخَلُودُ(2)
ص: 464
(بحر الخفيف)
السيد محمد جواد فضل الله(*)(1)
في الدُّرَى أَنْتِ إِذْ يَرِثُ العيدُ *** مَطلَعُ مُشْرِقٌ وَ لَحْنٌ فَرِيدُ
وَ مَعَانٍ مِنْ طُهْرِ ذاتِكِ يَسْتَلْهِمُ *** مِنْ وَجْهِهَا الجَمالَ الْقَصِيدُ
هِيَ دُنْيَاكِ مَشْرِقُ لِلقداساتِ *** ثلاشَتْ عَلى ذُراهُ الحُدُودُ
مَجْدُكِ الشَّمْسُ يَنْطَفِي إِنْ تَبَدَّتْ *** كُلُّ نَجْمِ مِنْ حَوْلِها وَ يَبِيدُ
ص: 465
النُّبوّاتُ دَوْحَةٌ أَنْتِ منها *** أَلَقٌ مُشْرِقٌ وَنَفْحٌ وَدُودُ
كَيْفَ يَرْقَى لِشَأْوِ عِزَّكِ مَجْدٌ *** وَبِكِ المَجْدُ تاجُهُ مَعْقُودُ(1)
نَفْحَةٌ مِنْ مَجْهَرِ صاغَها اللَّهُ *** مِثالاً لِلطُّهْرکَیْفَ یُریدُ(2)
وَحَباها مِنْهُ الجَلالَ إهاباً *** یَتَدانی عَنْ نَعْتِهِ التَمْجِیدُ(3)
یابنةَ الطُّهْرِ یاحِکایةَتارِیخٍ *** أفاضَتْ عَنْها الحدیثَ العُهودُ
وَتَلاحَی بِها الرُّواةُ فسارَ***بِهُدَی الحَقِّ شَوْطُهُ وَ حُقُودُ(4)
وَ مِنَ الزَّیْفِ أنْ یُحَرَّرَ تاریخٌ *** غریبٌ عَنِ الهُدی وَ صَدُودُ
کَیْفَ یَسْمُو إلی العَقِیدَةِ فِکْرٌ *** لَعِبَتْ فِیهِ في الصِّراعِ الحُقُودُ
یَتَمادَی فَیَمْسَحُ الحَقَّ بِالوَهْم*** ضَلالاً وَ الحَقُّ صَلْدٌ عَنِیدُ(5)
لَنْ یَضِیرَ الضُّحَی إذا نعَقَ الْإِ *** صْباحُ أَعْشَی إلی الدُّجی مَشْدُودُ(6)
یالِذُلِّ التّاریخِ أَنْ یَجْحَفَ الحقَّ *** ظَلُومٌ وَیَسْتَبِدَّ مُریدُ
حَسْبُ دُنْیا الزَّهْراء أَنَّ أَباها *** أحْمَدٌ وَ هْيَ سِرُّهُ المَحْمُودُ
حَسْبُها أَنْ تَکُونَ کُفْ ءَ عَلِیِّ *** وَ هْيَ لَولاهُ کُفؤها مَفقُودُ(7)
رَفَعَ اللَّهُ شأْنَهافَتَباهَتْ *** بِاسْمِهافي الجِنانِ حُورٌ وَ غِیدُ(8)
ص: 466
وَرِثَتْ طُهْرَ أَحْمَدٍ وَهُداهُ *** فَهْيَ مِنْ رُوحِهِ امْتدادٌ حَمِيدٌ(1)
فَلْذَةٌ مِنْهُ أَوْدَعَ اللَّهُ فيها *** كُلَّ ما فيهِ فَهيَ مِنْهُ وُجُودُ(2)
يا بْنَةَ الظُّهْرِ... يا جهاداً مَرِيراً *** خَذَلَتْهُ مَطامِعٌ وَ قُصُودُ(3)
إِنَّ حَقاً أُضِيعَ في غَمْرَةِ الفِتْنَةِ *** ما ضاعَ لَوْ رَعَتْهُ الشُّهُودُ
حَدَثٌ كان للسّياسةِ فِيهِ *** دَوْرُها لَوْ وَعى الأمينُ الرَّشيدُ
سَلْ بُطُونَ التّاريخِ عَنْ هَزَّة *** المأْساةِ يُنْبِيكَ حَقًّها المَنْشُودُ(4)
فَلَتاتٌ كانَتْ وَكَانَ حديث *** مُوجِعٌ يُلْهِبُ الأسى وَ يَزِيدُ(5)
أيُّ فَتْحٍ فَنِمْتُمُوهُ فَهَذِي فَدَكَ *** فَاهُنؤوا بها وَاسْتَزِيدُوا(6)
ص: 467
وَ اسْتَدارتْ أمُّ الحُسَيْنِ وَ قَدْ *** جَكَ وَ رَيْقٌ مِنْ حِلْمِها مَنْكُودُ(1)
يَتَلَظَّى صَفْحَةُ المُروءاتِ وَ امتَدَّ *** أَصِيل على المدى مَرْصُودُ
سُلِبَ اللَّيْتُ فَاسْتُبِيحَ عَرِينٌ *** وَ انْطَوَى مَرْتَعٌ لَهُ مَعْدُودُ
كَيْفَ تَلْقَى طَلِيعَةَ الفَتْح يا ذُلَّ *** البطولاتِ كَيْفَ تُمْحَى العُهودُ؟
يَأْنَفُ الصَّيْدُ مِنْ مَنَاهَةِ دَرْبٍ *** لِلسُّرَى فيه ضَيْعَةٌ وَ شُرودُ(2)
عَشَرَ الشَّوْطُ بالكَمِيّ فَلاَ الشَّوْطُ *** حَميدٌ و لاالسُّرى مَحْمُودُ
وَ تَلاقَتْ بالمُرْزِحاتِ صُرُوفٌ *** كَبُرَتْ عَتْمَةٌ بها و رُعُودُ(3)
يا بنةَ الطّهْرِ إنْ يَكُنْ وَهَجُ *** الْمَأُساةِ أعْياكِ وَ النَّصِيرُ قَصِيدُ(4)
وَ أَذابَ الشَّباب من عُودِكِ *** الغَضِّ صِراعٌ مُرٌّ وَ خَطبٌ شَدِيدُ
فَضَمِيرُ التّاريخِ حُرٌّ وإنْ لَوَّحَ *** بالرَّيْبِ شانِيءٌ و عَنُودُ(5)
باسْمِكِ الفَذْ يَهْيَفُ الحَقُّ في *** الأجيالِ وَ لْيَلْعَقِ التُّرابَ حَسُودُ
كَيْفَ يَخْفَى الضُّحى على قِمَمِ المَجْدِ *** فَلَنْ يُريكِ الرُّؤى ترديدُ
إن بيتاً حَواكِ عَرْشٌ مِنَ المجدِ *** رَفِيعٌ بِهِ الهُدى مَشْدُودُ
حَرَمٌ تَعلَّقُ المَلائِكُ... فيه *** فَنُزُولٌ في رَحْبِهِ وَ صُعُودُ(6)
ص: 468
(بحر الكامل)
الشيخ محمد حسن دكسن(*)(1)
عُجْ بِالنِّياقِ لِيَشْرِب يا حادِي *** نَبْكِ الْأُولى مِنْ أَهْلِ ذاكَ النَّادِي
حَتَّى إذا ما جِئْتَ غَرْبِيَّ الحِمَى *** أيخ النياق فَسَلْ أُهَيْلَ الوادي
ص: 469
وَ اذْرِ الدُّموعَ وَ خَلْنِي وَ لَواعِجِي *** وَ حُشاشتي وَ زَفِيرِها الوَقَادِ(1)
يا أَهْلَ هذا الحي أينَ تَرَحْلُوا *** أَهْلُوه عَنْهُ وَ كَعْبَةِ الوَفَادِ
ما لي أَرَى الدّارَ التي قَدْ أَشْرَقَتْ *** بِالْبِشر دَهْراً جُلْبِبَتْ بِسَوادِ
فَأَجَابَ بِالدَّمْع الْهَطُولِ لِحَادثٍ *** أهلُ الحِمى وَ بِنَفْنَةِ الْأَكْبَادِ
فإلَيْكَ عَنِّي لاتَسَلْ عَمَّا جَرَى *** فَالْأَمْرُ صَعْبُ وَ الخُطُوبُ عَوادِي(2)
وَ أَمَضُ ما لاقى الحِمَى يَوْمُ بهِ *** طَرَقَتْهُ طارقةُ النَّوى بِالهادِي
ما مَرَّ يَوْمٌ مِثْلُ يَوْمٍ مُحَمَّدٍ *** أَشْجَى الْأَنَامَ أَسَى إِلَى الْمِيعَادِ
يَوْمٌ بهِ جِبْرِيلُ أَعْلَنَ قَائِلاً *** اللَّه أكبرُ وَ الدُّموعُ بِوَادِي
وَيْحَ الزَّمانِ وَ يَا لَهُ مِنْ غَادِرٍ *** أَبْكَى الأَمِينَ وَفَتَّ بِالْأَعْضَادِ
(وَ أَمَضُّ شيءٍ فِي الْحَشَى صَدَعَ الْحَشَا *** صَوْتُ البَتُولَةِ مِنْ حَتَّى وَقَادِ)(3)
(أبْتَاهُ مَنْ لى بعدَ فَقَدِكَ سَلْوَةٌ *** فَلَأَبْكِيَنَّكَ يَقْظَتِي وَ رُقادِي)
(كَيْف اصْطِبَاري أَنْ أراكَ مُفارقي *** فَالعَيْنُ عَبْرَى وَ الأسَى بِفُؤَادِي)(4)
(لم أَدْرِ أَيُّ رَزِيَّةٍ أَبْكِي لها *** أَلِغَصْبٍ حَتَّى أَمْ لِفَقَدِ الهَادِي)(5)
(اللَّهُ أَكْبَرُ يا لَها مِنْ فَجْعَةٍ *** قامَتْ نَوَادِبُها بِسَبْعَ شِدادِ)(6)
ص: 470
(بحر الطويل)
الشيخ محمد حسن سميسم(*)(1)
بِفاطِمَ بِنْتِ المُصْطَفَى الظُّهْرِ أَحْمَدا *** أَرُدُّ الرَّدَى قَسْراً بِقَارِعَةِ الرَّدى(2)
بها مَوْثِقُ الأَقْدارِ قَدْ عَادَ مُطلَقاً *** وَ إنْ كانَ في قَيْدِ الْمَنايا مُقَيَّدا(3)
تُلَبِّي الصَّرِيخَ المُسْتَغِيثَ إذا دعا *** بِعِصْمَتِها مِنْ قَبْلِ أَنْ يَرْجِعَ الصَّدَى
بها و أبيها ضُرُّ أيُّوبَ قَدْ غَدا *** سُرُوراً وَ لَوْلاها لما انْفَكَ سَرْمَدا(4)
وَ فِيها خَلِيلُ اللَّهِ مِنْ نارِهِ نَجَا *** كَذاكَ ذَبِيحُ اللَّهِ مِنْ شَفْرَةِ الْمُدى(5)
وَ رَابِطَةٌ أُمّ الكَلِيم فُؤادَها *** إذا مَا ابْنُهَا خَافَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْعِدا(6)
وَ مُؤنِسَةٌ أُمّ النَّبِيحِ بِقَفْرِها *** وَ عَائِدَةٌ أُمّ المسيح مِنَ الرَّدَى(7)
وَ مُرْجِعَةٌ مُوسَى إِلَى ثَدْيِ أُمِّهِ *** وَ مُثْلِجَةٌ قَلْبَ الذَّبِيحِ مِنَ الصَّدَى(8)
ص: 471
وَ مُنْقِذَةٌ ذا النُّونِ بَعْدَ ابْتِلاعِهِ *** وَجَدَّكِ مِنْ ذَبْحِ التَّقَرُّبِ بِالغَدا(1)
فَلَيْسَ لنا إلآكِ يا بْنَةَ أحمدِ *** إذا صَوَّبَ المَقْدورُ فينا وَ صَعَّدا(2)
سُئِلْنا بِكِ القُرْبَى فَلَبَّتْ قُلو*** لِسائِلِها قَبْلَ اللّسانِ تَوَدُّدا(3)
وَ هَا أَنَا ذا أَرْجُو أباكِ مُحَمَّداً *** وَ مَا خَابَ مَنْ يَرْجُو أباكِ مُحَمَّدا
يُبَلِّغُكِ عني إذا ما سَأَلْتُكِ *** شِفَاءَ عَلِيلٍ باتَ يَشْكُو مُوَسَّدا
أَلَسْتِ الّتي أَنْجَيْتِ نُوحاً وَ فُلْكَه *** إذا البَحْرُ مِنْ تَنُّورِه فَارَ مُزبدا(4)
أَلَنْتِ لِدّاودَ الحَدِيدَ وَ شِبْلَهُ *** سُليمانَ سَخَّرْتِ لَه الرِّيحَ سَرْمَدا
وَ هَدَّ قِوَى بلقيس مِنْكِ فَأَسْلَمَتْ *** وَ لَمْ تَرَ مَكْتُوباً وَلَمْ تَرَ هُدْهُدا(5)
لذا كَشَفَتْ عَنْ ساقِها ما فاضَلَ الرِدًا *** غَداةَ رَأَتْ كَاللُّجْ صَرْحاً مُمَرَّدا(6)
وَ نَجَّيْتِ رُوحَ اللَّهِ مِنْ مَكْرِ مَعْشَرٍ *** عَلَيْهِ تَعادَوْا إِذْ أرادوا بِهِ الرَّدى(7)
وَ بِاسمِكِ أحيا الميّتِينَ وَ قَدْ شَفَى *** ذَوِي العَاهَةِ العُظْمَى وَ بِاسْمِكِ مَجّدا
ص: 472
وَ فِيكِ ارْتَقَى إِدرِيسُ أَرْفَعَ مَوْضِعٍ *** وَ لَوْلاكِ ما خَرَّ المَلائِكُ سُجَّدا
أزِينَةَ عَرْشِ اللَّهِ فِيكِ اهْتِداؤُنَا *** وَ لَوْلاكِ لَمْ تُهْدَ الأنامُ إِلَى الهُدَى
رَجَوْتُكِ لِلْجُلّى وَ كُلِّ مُلِمَّةٍ *** تَلُم بنا فِي الدَّهْرِ مِنْ مَعْشَرِ العِدا(1)
وَ سَمَاكِ في الذِّكْرِ المُهَيْمِنُ رِفْعَةً *** لِشَانِكِ بالوُسْطَى وَ بِالحِفْظِ أَكَّدا(2)
كَذَاكَ أَبُوكِ الظُّهْرُ مَا زَالَ مُوصِياً *** بِحِفْظِكِ يا رُوحَ النَّبِيِّ مُؤكِّدا
فَاسْمَعَ كُلَّ الخَلْقِ شَرْقاً و مَغْرباً *** نِداه و أَبْداء جِهاراً وَ أَشْهَدا(3)
ألا أيها النّاسُ اعْلَمُوا أَنَّ فاطِماً *** فُؤادِي فلاتَشْقَوْا بها، فَهِيَ الهُدَى
وَ رَیْحانَتِي مِنْ جَنَّةِ الْخُلْدِ لم أزلْ *** أشُمُّ بها رِيحَ الجِنانِ فَأَخْلُدا(4)
فَوَيْلٌ لِمَنْ قَدْ ساءَهَا بَعْدَ فَقْدِهِ *** و هَدَّ مِنَ الإسلام مَا قَدْ تَوطَّدا(5)(6)
ص: 473
هَلَّلَ السَّعْدُ بِيَوْمِ المَوْلِدِ *** فَاهْزجِي يا نَفْسُ بُشراً وَاسْعَدِي
وَ اخْطرِي زَهْواً لِأَعْرَاسِ الهَنا *** وَ ابْنِي فَوقَ الشَّمْسِ مَجْدَ المَحْتِدِ(1)
وَ تَعالَيْ نَعْزِفِ اللَّحْنَ عَلى *** مَوْلِدِ الظهْرِ وَ طُهْرِ المَوْلدِ
فاطِمُ أَشْرَقَتِ الدُّنيا بها *** فَسَناهَا قَبَسٌ مِنْ أَحْمَدِ
إنَّهُ يومٌ تَعالى صَرْحُهُ *** فَتَسامَى فَوْقَ هام الفَرْقَدِ
وَ ارْدَهَى الحَفْلُ بذكراها وَقَد *** عَمَنَا البشرُ بلُطفِ المَوْلِدِ
و تَحَشَتْ فيهِ أنفَاسُ الهُدَى *** تُنْعِسُ العُلَّةَ مِنْ ظام صَدِي(2)
مَوْلِدٌ َفاخَرَتِ الدُّنيا بهِ *** نُورُهُ مَزَّقَ عَيْنَ الْحُسَّدِ
هذه فاطِمَةٌ قَدْ وُلِدَتْ *** وَ بِهَا يَبْيَضَ وَجْهُ المُهْتَدِي
مَنْ أَبُوها؟ زرَعَ الأرضَ مُنِّى *** فَنَمتْ خَیْراً بِکَفِّ المُنْجِدِ
مَنْ أبوها؟ أَنْقَذَ النَّاسَ مِنَ *** الجَهْلِ وَ الظُّلْمِ وَسَوْطِ المُعْتَدِي
مَنْ أبوها؟ رَفَعَ الدُّنيا عُلاً *** وَ شُموخاً فَازْدَهَتْ في سُؤدَدِ
ص: 475
مَنْ أبوها؟ نَشَرَ العَدْلَ عَلى *** أُمَّةٍ مَاجَتْ بِظُلْمٍ مُجْهِدِ
مَنْ أبوها؟ وَحدَ النَّاسَ فلا *** فارق في أبيض أو أسْوَدِ
***
یابْنَةَ الظُّهْرِ وَ هُذي لَيْلَةٌ *** شُرِّفَتْ فِيكِ وَأَعْلَتْ مَقْصَدِيْ
وَإِذا طَرَّزَ شِعْرِي ذِكْرُكُمْ *** وَ سَمَتْ أبياتُهُ في مَوْرِدِ
حُبُّ آلِ البَيْتِ عُنْوانُ الهُدَى *** وَ لَقَدْ غُدِّيتُهُ مِن مَولِدِي
أيُّها اللائِمُ مَهْلاً أنا مِنْ *** شيعَةٍ حُبُّ الهُدى مُعْتَقَدِي
كَمْ نُوالي الطُّهْرَ عَن عاطِفَةٍ *** فَجَّرَتْ فِينَا وِلاءَ المُفْتَدِي(1)
فَلَقَد عَرَّفَها اللَّهُ لَنا *** في كتابٍ مُنْزَلٍ مُعْتَمَدِ
قُلْ لِمَنْ أَعْرَضَ عَن رَوْض الوِلا *** وَ أَدَارَ الْوَجْهَ شَطْرَ الفَرْقَدِ
وَ نَأَى عَنْ حُبِّ آلِ المُصْطَفَى *** خَصَّهُ اللَّهُ بِذِكْرِ مُفْرَدِ
لاتَخَلْ شِرْعَةً طه بِدْعَةً *** إِنّها مِن لُطفِ رَبِّ أَوْحَدِ
و رَسُولُ الله مِنْ أَنْوارِهِ *** وَ عَلِيّاً ذاكَ مَجْدُ المُهْتَدِي
وَ سَنا السَّبْطَيْنِ سِرٌّ رائِعٌ *** في ضَمِيرِ الكَوْنِ عِندَ المَوْعِدِ
رَفَعَ اللَّهُ لَهُمْ ذِكرى وَ قَد *** تَحْمُدُ الدُّنيا وَ لمَّا يَخُمُدِ
***
أيُّها الطُّهْرُ وَهذِي أُمَّتِي *** عَصَفَتْ فيها رِياحُ المُجْحِدِ
هذهِ صَهيُونُ رَاحَتْ تَبْتَنِي *** دَوْلَةَ البَغْيِ بِأَعْلَى مَشْهَدِ
ص: 476
وَ لَها في كُلِّ يَومِ غارَةٌ *** فَوْقَ (لُبْنانَ) وَ لَامِنْ مُنْجِدِ
أيْنَ سيناءُ وَجَوْلانُ وَ قَدْ *** رَاحَتِ الأحزانُ تَفْرِي كَبِدِي
أُمَّتي يا أُمَّةَ المَجْدِ انْهَضِي *** وَ اقْحَمِي لِلثّارِ جَمْرَ المَوْقِدِ
لاتَقُولِي مَلَكَ الأرْضَ العِدا *** إِنَّهَا مُلْكُ الجَسُورِ السَيِّدِ
وَ اصْنَعِي للنَّصْرِ أَعْراسَ الفِدا *** إنّ يَوْمَ الثَّأْرِ عِزُّ المَقْصَدِ(1)
ص: 477
(بحر الطويل)
السيد محمد الحسيني الشيرازي(*)(1)
ألا أَبْشِرُوا فَالْيَوْمُ أَزْهَرُ أَمْجَدُ *** بهِ الْعَيْشُ بِالْأَفْرَاح وَ اليُمْنِ أَرْغَدُ(2)
تَبَدّى جَلالُ اللَّهِ فِي الكَوْنِ عَمَّةً *** غَدا منهُ كُلُّ الكَوْنِ للَّهِ يَسْجُدُ
وَ عَمَّ الْوَرى بُشْرَى وَ لَفَّهُمُ السَّنا *** فَكُلُّ الْوَرى في أَفْضَلِ الحالِ يَسْعَدُ
لَقَدْ قَرُبَ الميلاد مِنْ بنتِ أَحْمدٍ *** فَبُورِكَ مِنْ يَوْمٍ و بُورِكَ مَوْلِدُ
وَ قَدْ جاءَتِ البُشْرَى بِأَنَّ البَتُولةَ *** الزَكِيَّةَ في خَيْرِ البِقاعِ سَتُولَدُ
وَ حينَ وَلادِ الْخَيْرِ أُنْزِلْنَ نِسْوَةٌ *** حَفَفْنَ بِأُمِّ الطُّهْرِ وَالكُل تُمْجِدُ(3)
فَفَاطِمَةُ الزَّهراءُ جَاءَتْ إِلَى الدُّنَا *** مُبَارَكَةً مَيْمُونَةٌ حَيْثُ تُوجَدُ(4)
***
ص: 478
خَديجَةُ أُمِّ لِلْبَئُولِ شَرِيفَةٌ *** وَ وَالِدُها خَيْرُ النَّبِيِّينَ أَحْمَدُ
عَلِيُّ لها زَوْجُ وَ أَعْظِمْ بِمِثْلِهِ *** فَتَى مِنْ إله الكائناتِ يُؤَيَّدُ
فَأَكْرِمْ بِها زَوْجاً لِأَفْضَلِ سَيْدٍ *** وَ أَبْناؤُها كُلُّ إِلَى الخَيْرِ مُرْشِدُ
أئِمَّةُ حَقٌّ أَوْصِياءُ مُحَمَّدٍ *** كَرِيمٌ لَهُمْ أصْلٌ وَ فَرْعٌ وَ مَحْتَدُ(1)
زَكِيٌّ شَهِيدٌ ثُمَّ سَجَادُ باقِرٌ *** وَ جَعْفَرُ مَنْ لِلْمَذْهَبِ الحَقِّ يُرْشِدُ
وَ كَاظِمُ موسى وَالرّضا الطُّهرُ وَ ابْنُهُ *** الجَوَادُ الذي لِلدِّينِ وَالخَيْرِ مَوْرِدُ
وَ عاشِرُهُمْ هادِي الأنام مِنَ الْعَمى *** وَ ثُمَّ الإمامُ العَسْكَرِيُّ المُسَدَّدُ
وَ آخِرُهُمْ مَنْ يَمْلَأُ الْأَرْضَ كُلَّهَا *** مِنَ الْعَدْلِ مَهْدِيُّ الأنام مُحَمَّدُ
فَلَوْلاهُمُ لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ خَلْقَهُ *** وَ لَمْ تَكُنِ الدّنيا وَ لَمْ يَكُ مَوْعِدُ
***
لها جُمِعَتْ كُلُّ الفِخارِ فَبَيْتُها *** مَشَعُ الهُدَى لِلْعِلْمِ وَ الْفَضْلِ مَعْهَدُ
وَ أَسْماؤُها صِدِّيقَةٌ وَبَتُولَةٌ *** و فاطمُ إِذْ باباً مِنَ النَّارِ تُوصِدُ(2)
ص: 479
وَ قَدْ طَهُرَتْ عَنْ كُلِّ رِجْسٍ وَمَأْثَمِ *** وَ فِي طُهْرِها رَبُّ السَّماواتِ يَشْهَدُ(1)
فَسَلْ آيَة التَّطْهِيرِ عَنْها وَ كَوْثراً *** و فيها ابْتِهالٌ لِلنَّصَارَى يُسَدِّدُ(2)
وَ فِي شَأْنها جِبْرِيلُ جَاءَ بِهَلْ أتى *** فَقَدْ أَطْعَمَتْ في اللهِ مَنْ جَاءَ يَنْجُدُ(3)
ص: 480
أَلا يا شَبابَ المُسْلِمِينَ تَيَقَّظُوا *** فَفِي الْأُفْقِ سُحْبِّ بِالْأَصَالِيلِ تُرْعِدُ
بِلادُكُمُ مَخْطُورَةٌ مُحْدِقٌ بِهَا *** الْبَلايا فَمُ الْأَقْوَامِ فاغِرُ(1) يُزبِدُ(2)
يَسِيلُ لُعابُ الكُفْرِ مِنْ أَجْلِ ثَرْوَةٍ *** حَبَاكُمْ بِهَا رَبِّ كَرِيمٌ مُمَجَّدُ
فَذَا الغَرْبُ لايَبْغِي سِوى سَلْبِ خَيْرِكُمْ *** وَ ذَا الشَّرْقُ فِي أَوْطَانِكُمْ لَيُعَرْبِدُ
فَذا مُلْحِدٌ يَدْعُو إلى شَرِّ مَبْدَا *** وَ ذَاكَ صَلِيبِيُّ يَعِيثُ وَيُفْسِدُ
وَ أَمْسِ قَدِ احْتُلَّتْ فِلِسْطِينُ عَنْوَةً *** وَ سِينَا وَ جَوْلانٌ وَ قُدْسٌ وَ مَسْجِدُ
وَ مِنْ بَعْدِ ذاكُمْ قِمَّةٌ بَيْنَ ذا وذا *** لإِذْلالِكُم فِي مَغْرِبِ الأَرْضِ تُعْقَدُ
فَلاَ لَكُمُ في الغرب أَيُّ صَداقَةٍ *** و لا لَكُمُ في مَشْرِقِ الأَرْضِ مُنْجِدُ
وَ لَيْسَ لَكُمْ مِنْ مَلْجَةٍ غَيْرَ دِينِكُمْ *** وَ يُنْقِدُكُمْ صَف قَويٌّ مُوَحَّدُ(3)
ص: 481
(بحر البسيط)
السيد محمد رضا القزويني(*)(1)
لما أحاطَتْ بِيَ الأهوال شاخِصَةً *** أَنْظارُها الشَّزْرُ نَحْوِي كُلَّ مِرْصَادِ(2)
وَ قَدْ بَقِيتُ وَحِيداً في مَراتِعِها *** مُشَرَّدَ الدّارِ عَنْ أهلِ وَ أَوْلادِ
وَ لَمْ أَجِدُ مِنْ حُطام الدَّهْرِ باقِيَةً *** أَسُدُّ دَيْنِي بِها فَكَاً لأصفادِي
نادَيْتُ ثُمَّ رَسُولَ اللَّهِ يَشْفَعُ لِي *** إِنَّ الشَّفاعَةَ قَدْ نِبطَتْ بِأَجدادي(3)
أولك آل رَسُولِ اللَّهِ يَتْبَعُهُمْ *** أئِمَّةُ الحَقِّ مِنْ ذُريَّةِ الهادي
هُوَ الحَبِيبُ فَلَوْ قَدْ شَاءَ يَشْفَعُ لِلدُّنْيا *** فَكَيْفَ لِأَبْنَاءِ وَ احْفادِ
وَكِدْتُ أجْارُ لَوْلا عِلَّةٌ حَبَسَتْ *** أَوْتَارَ صَوْتِيَ أَن تَرْقَى لِأَبْعَادِ
وَ قَدْ ذَكَرْتُ رَسُولَ اللهِ مُلْتَجِئاً *** يَوْماً لَدَى ابْنَتِهِ في جَمْع أَكْبَادِ
وَ عِنْدَها أَقْبَلَ السِّيْطانِ قَدْ سَبَقا *** أباهُما حَيْدَراً في غَيْرِ مِيعَادِ
فَضَمَّهُمْ بِكِساءٍ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ *** ما خَصَّهُ بِهِمُ المَوْلَى بِإِسنادِ
فَأُنْزِلَتْ آيَةُ التَّطْهِيرِ ساعَتَها *** فَرَاحَ يُعْلِنُها فِي جَمْع أَشْهَادِ
قَدْ أَذْهَبَ الرِّجْسَ عَنْكُمْ رَبُّكُمْ أَبَداً *** يا أهْلَ بَيْتِي فَأَنْتُمْ رَمُزُ إِسْعَادِي
فَاللَّهُ يَرْضَى بِما تَرْضَوْنَ في كَرَمٍ *** وَ السُّخط كانَ نَصِيبَ المُبْغِضِ العادي
ص: 482
فَحَنَّ قَلْبي إلى الزَّهْرَاءِ قَدْ جَمَعَتْ *** أباً وَبَعْلاً وَضَمَّتْ خَيْرَ أَوْلادِ
كَالشَّمْس حاطَتْ بها الأَقْمارُ زاهِيَةً *** لِتَبْعَثَ النُّورَ لِلدُّنْيا بإرصادِ(1)
وَ أيّ رَابِطَةٍ قُدْسِيَّةٍ حَفِظَتْ *** سِرَّ النُّبُوَّةِ في سَيْبٍ وَإِمْدادِ(2)
فَتَزْدَهِي مِنْهُ إشراقاً وَ تَعْكِسُهُ *** إلى الإمامَةِ في عَزْمِ وَ إيقادِ
لِيَحْفَظَ الكَوْنُ مِنْها أَي سَيِّدَةٍ *** وَ تَنْقَلُ العَهْدَ أسْياداً لِأَسْيادِ
ناجَيْتُها بِفُؤادٍ عَادَ مُنْكَسِراً *** مِنَ المَصائِبِ تَعْلُوهُ بِتَرْدادِ
أَمَاهُ قَلْبُكَ مَشْهُودٌ لِرِقَّتِهِ *** عَلَى مُوالِيكُمُ ما بالُ أَوْلادِ
فَخِلْتُ نَجْوايَ قَدْ لاحَتْ أَضالِعُها *** مَكْسُورَةٌ بَيْنَ مِسْمَارٍ وَأَعْوادِ(3)
لكِنَّها أَدْرَكَتْ قَلْباً تُدارُ بِهِ *** رَحَى الحَياةِ وَ سِرّاً خَلْفَ أبعاد
ص: 483
(بحر الطويل)
الشيخ محمد سعيد المنصوري(*)(1)
بكِ العَيْش يا دنيا مريرٌ مُنَكَّدُ *** عَلَى كُلِّ حُرِّ ما لَهُ فِيكِ مَقْصَدُ
عَفيفٍ نَقِيُّ لم يَمِلْ لِزخارفٍ *** إلى جَنْبِها سُودُ الرزايا تَرَصَّدُ
وَ ما مُؤمِنٌ يَريُغَرُّ بِعَاجِلٍ *** وَ غَايَتُهُ الحُسنى إذا ما أتى الْغَدُ
فَمَا أَنْتِ إلا الهَمُّ وَ الغَمُّ وَ الأَسى *** وَ ذا غائِبٌ يُرْجِي وَآخَرُ يُفْقَدُ
وَ مَا المَوْتُ إلا واعِظُ لِمَنِ اهْتَدَى *** وَ ذَلِكَ أَمْرٌ دونَ رَيْبٍ مُؤَكَّدُ
فَكَمْ ِفيهِ مِنْ أيَّامٍ كَرْبِ تَتابَعَتْ *** على النّاسِ لاتُحْصَى وَ لاتَتَعَدَّدُ
وَ كَمْ مَرَّ مِن يوم بهِ ماتَ سَیِّدٌ *** بَكَى أَهْلُهُ شَجُوا عَلَيْهِ وَعَدَّدُوا
وَلكِنْ فما يَوْمٌ أَتانا بِنَكْبَةٍ *** بِأَعْظَمَ مِنْ يَوْمِ بهِ ماتَ (أَحْمَدُ)
نَبِيُّ الهُدَى مَن زَلْزَلَ الكَوْنَ فَقْدُهُ *** وَ سَهَّدَ أَجْفاناً وَ أُوحِشَ مَسْجِدُ(2)
قَضَى فَيَكاهُ العِلْمُ وَالحِلْمُ والحِجَى *** وَ فارَقَ بَيْتَ المَجْدِ جُودٌ، وَسُؤدَدُ
وَ قامَ أمِيرُ المُؤمِنِينَ وَفاطِمٌ *** وَ أَبناؤُهُمْ في مَأتم يَتَجَدَّدُ(3)
حَنِيناً وَأَشجاناً وَحُزْناً وَلَوْعةً *** هُناكَ لِفَقْدِ المُصْطَفَى حِينَ يُعْقَدُ
ص: 484
وَ فاطِمَةٌ قَدْرادَهَا الْوَجْدَعُصْبَةٌ *** عَلَيْهَا بِظُلْمِ لايُطاقُ تَعَمَّدُوا
زَوَوْا إِرْثَها عَنْها ضَلالاً وَ أَسْقَطُوا *** جنيناً لها في غَيْهِمْ مُذْ تَلدَّدُوا(1)
وَ لَمْ أَنْسَ مِسْماراً أَضَرَّ بِصَدْرِها *** غَداةَ عَلَيْهَا مِنْهُمُ جَسُرَتْ يَدُ(2)
وَ قَدْ أُوجِعَتْ ضَرْباً شَدِيداً مُبَرْحاً *** لَهُ نَارُ وَجْد في القُلُوبِ تَوَقَّدُ(3)
عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُغْصَبُ الظُّهْرُ حَقَّهَا *** وَنَصُّ كتابِ اللهِ يُلْغَى وَ يُجْحَدُ(4)
وَ راحَتْ على آلامها تَمْلَأُ الفَضا *** لِوالِدِها بالنَّعْيِ حينَ تُردِّدُ
إلى أَنْ قَضَتْ قَرْحَى الفُؤادِ وَ ضِلْعُها *** كَسِيرٌ وَمِنْهَا المَثْنُ بِالضَّرْبِ أَسْوَدُ(5)
ص: 485
فَسَلْ ما جَنّى الأصْحابُ حَتَّى تَأَثَرَتْ *** فَأَوْصَتْ بأَنْ لايَحْضُرُوها وَ يَشْهَدُوا(1)
ذَوى جِسْمُها مِنْ ظُلْمِهِمْ وَيْلُ أُمِّهِمْ *** وَأَدَّى بها لِلْمَوْتِ ما تَتَكَبَّدُ(2)
أَبَضْعَةُ خَيْرِ الخَلْقِ تُلْطَمُ عَيْنُها *** وَ حامِي الحِمى بالصَّبْرِ عَنْهَا مُقَيَّدُ؟(3)
وَ تُدْفَنُ في جُنْحِ الظَّلامِ وَ لَمْ يَكُنْ *** هُناكَ لها قَبْريُزارُ وَيُقْصَدُ
فيا حَسْرَةً لاتَنْقَضِي لِمُصَابِها *** وَ يَا جَمْرَةً وَسْطَ الحَشَا لَيْسَ تَحْمُدُ
ص: 486
فَطُوبَى لها نَالَتْ مَقاماً وَ رِفْعَةً *** و ذكرى إلى يَوْمِ المعادِ تُخَلَّدُ(1)
فَإِنْ ضاعَ مَثواها فَقَبْرٌ مُعَظَّمٌ *** لها في قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ مُشَيَّدُ(2)(3)
ص: 487
(بحر الكامل)
السيد محمد صالح البحراني(*)(1)
أتَرُومُ في دار الصُّدودِ خُلُودا *** و تَسُومُ جَنَّاتِ الخُلُودِ صُدُودا(2)
أَتَعِزُّ داراً ما خُلِقْتَ لَها عَلَى *** دارِخُلِقْتَ لها وَ نِلْتَ وُجُودا
وَ تَشِيدُ بَيْتاً مِلْؤُهُ نَحْسُ الفَنَا *** و تَهِيرُ ما فيهِ البَقاءُ سُعُودا(3)
وَ لَأَنْتَ عَنْ بَيْتٍ تَعَمَّرَ زائِلٌ *** فَتُصِيبُ فيما قَدْ هَدَمْتَ نُكُودا
ماذا يَرُوقُكَ مِنْ غَرُورٍ مِلْؤُها *** فِتَنٌ تَسُلُّ عَلَى الأنام حُدُودا
أبِمَكْرِها بِمَنِ اطْمَأنُوا نَحْوَها *** فَتُعِيضَهُمْ بَعْدَ القُصور لُحُودا؟(4)
أمْ تَكْلِها الباقين فيما أَوْدَعَتْ *** بالأرْضِ مِنْهُم إِخْوَةٌ وَ جُدُودا
ما أَكْرَمَتْ مَنْ كانَ أَكْرَمَها *** و لاإن عاهَدتْ أَدَّتْ إِلَيْهِ عُهُودا
أتَرَى الوَرَى أذرى بها مِن ربِّها *** فَتَسُومُ ما بِالخَسْفِ سامَ صُعودا؟
وَلَدَيْهِ لَوْ سَاوَتْ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ *** لَمْ يُسْقَ ماءً مَنْ جَفاهُ جُحُودا
لَمْ تَرْعَ في أحَدٍ رَعاها ذِمَّةً *** يَرْجُو الصعودَ فَتَرْهَقَتْهُ صُعُودا
دارُ ابْتِلاءِ لَوْ رَعَتْ حقَّ امْرِىءٍ *** لَرَعَتْ لِماتِحِها الوُجُودَ صَعُودا
ص: 488
خَيْرُ الخَلائِقِ أَحْمَدُ المُخْتارُ مَنْ *** لولاه ما نالَ الوُجودُ وُجُودا
فَلَقَدْ أَتَتْ في آلِهِ مِنْ شَرِّها *** مالم يُبِحْهُمْ في الورودِ وُرُودا
هَذِي عَزيزَتُهُ البَتُولُ وَ مَنْ بِها *** أَوْصَى الأنامَ رِعايةً وَ نُهودا(1)
وَ البَضْعَةُ الزهراءُ مَنْ زَهَرَ اسْمُها *** فَحَبا العَوالِمَ نُورُها المَمْدُودًا(2)
وَ الحُرَّةُ العَذْرَاءُ وَ الإِنْسِيَّةُ الحَوْراءُ *** مَنْ فاقت أباً وَجُدُودا
أُمُّ الأَئِمَّةِ مَنْ أَتَتْ أَوْلادَها *** تَرِثُ الإمامَةَ سَيِّداً وَ مَسُودا
مَلَأَتْ جَوانِحَها مَحَبَّةُ رَبِّها *** فَأَبَتْ تَنالُ اللَّيْلَ منه هُجُودا
وَ تَمثَّلَتْ يَوْمَ الحِسابِ فَلَمْ تَزَلْ *** تَقْضِي رُكُوعاً عُمْرَها وَ سُجُودا
وَ تَشَوَّقَتْ عَيْشَ النَّعِيمِ فَزَيَّنَتْ *** بِالصَّوْمِ عَيْشَتَها طِلّى وَ زُنُودا
وَ اسْتَغْرَقَتْ في الحُب حَيْثُ تَوَرَّمَتْ *** أَقدامُها تَجِدُ القِيامَ قُعُودا
***
وَ تَمَحْضَتْ صَبْراً تَخالُ بِهِ الْأَسَى *** عَسَلاً و انواعَ البَلاءِ وُرُودا
لَمْ تَلْقَ بَعْدَ عِمَادِها عِزّاً ولا *** يَوْماً و لانالَتْ کَرًی وَ رُكُودا(3)
ما إِنْ قَضَى حَتَّى أُحِيطَ فِناؤُها *** ناراً تَسُومُ النُّورَ فِيهِ خُمُودا
وَلدَى الجِدارِ وَ بابِها عُصِرَتْ كَما *** بِالرَّضٌ صَدْراً أَسْقَطَتْ مَوْلُودا
و غَدَتْ على كَسْرِ الضُّلُوعِ تُعِيرُها *** ضَرْباً فَتَكْسُوها السياط بُرُودا
وَ بِكُلِّ ذلِكَ مَا اكْتَفَوْا عَنْ إِرْثْها *** غَصْباً نَفَوْا صَكّاً لَها وَ شُهُودا
وَ لِمَنْعِها عَنْ نَدْبِها خَيْرَ الوَرَى *** بَعَثُوا عَلى قَطْعِ الْأَرَاكِ حَسُودا(4)
ص: 489
قَعَدَتْ لِذلِكَ بالسّقامِ رَهِينَةً *** بالفَرْشِ تُوسِعُها الهُمُومُ وَقُودا
وَ قَدِ اجْتَمَعْنَ لَها نِسا الأَنْصَارِ فِي *** حَشْد يُكَلِّلُ بِالدُّمُوعِ خُدُودا
وَ تَقولُ يا عَيْنَ الجَمَالِ وَ شَمْسَهُ *** نُوراً وَ عَقْدَ فِخارِنا المَنْضُودا
مهلاً فَتَوْحُكِ قَدْ أَطارَ نُفوسَنا *** وَجْداً يُمَزِّقُنا حَشَى وَ كُبُودا
فِيهِ قَدْ أَصْبَحَتِ يا سِتَّ النِّسا *** فَلَعَلَّ حالك ما يَسُرُّ وَدُودا
قالَتْ لَقَدْ أَصْبَحْتُ قالِيَةٌ لِدُنْيا *** كُنَّ شانِئَةٌ لَكُنَّ وُرُودا(1)
فَرِجَا لُكُنَّ عَجَمْتُهُمْ فَلَفَظْتُهُمْ *** قَدْ أَظْهَرُوا ما أَضْمَرُوه حُقُودا
أَصْبَحْتُ بَعْدَ أبي لَدَيْهِمْ ضَيْعَةً *** لاوالداً أَدْعُو وَ لامَوْلُودا
أَوَلَيْسَ هذا المُرْتَضَى مَنْ خَصَّهُ *** في خُمِّ نَص مقامَهُ المَعْهُودا
ما بالُهُمْ خَذَلُوا لِمَنْ قَدْبايَعُوا *** وَ نَفَوْهُ عَنْ سُلْطانِهِ مَطْرُودا؟
أتَرَوْنَ مَنْ وَلَّوْهُ أَرْفَعُ حِكْمَةً *** مِنْهُ وَ عِلْماً أَمْ يُذَلُّ قُعودا؟
أَمْ لايَكُونُ اللَّهُ لمّا الختارَهُ *** بَعْدَ النَّبِيِّ خَلِيفَةً مَحْمُودا
و أنا الَّتِي وَصَّى بِي المُخْتارُ فِي *** حِفظ وحُبِّ لا يَحِلُّ عُقُودا
عَنْ مَنْزِلِي أُنْفَى لِنَدْبِ أبي أسِّى *** وَ أُصَدُّ عَنْ إِرْنِي يَداً و شُهُودا
وَ يُحاط للإحراق ناراً مَنْزِلِي *** وَ تَسُومُ هَتْكاً خِدْرِيَ الْمَوْصُودا
ص: 490
لم يَكْفِهِمْ رَضٌي وكَسْرُ أَضَالِعِي *** وَ سُقُوطُ حَمْلِي عافِراً مَمْرُودا(1)
حَتَّى أرادُوا بِابْنِ عَمّي القَتْلَ إِذْ *** أَخَذُوا الهُمامَ مُلَبَّباً مَصْفُودا(2)
وَ أَتَيْتُ ناصِرةً فَوُرّمَ كاهِلِي *** بِالسَّوطِ مِنْهُمْ أَذْرُعاً وَ زُنُودا
أَفَبَعْدَ ذاكَ تَريْنَنِي أَنْسَى الأذى *** أَمْ عِلَّتِي تُشْفَى لِذاكَ جُمُودا؟
هَيْهاتَ أَنْسَى بالرِّضا أَفْعَالَهُمْ *** حَتَّى أجاوِرَ عِزّيَ المَفْقُودا
فَأُرِيهِ ما قَدْ بَعْدَهُ فَعَل العِدَى *** في آلِهِ فَلَقَدْ وَفَوْهُ وُعُودا
و أَنا عَلَى وَشكِ اللحاق بهِ فَقَدْ *** تَركَ البَلا جِسْمي يَشفُّ جُلُودا(3)
ص: 491
(بحر الكامل)
السيد محمد علي العلي(*)(1)
باسم البَتُولِ وَبِاسمِ عِبدِ المَوْلِدِ *** حَرَّرْتُ في الذِّكْرَى بَدِيعَ فَصائِدِي
وَ نَظَمْتُ لُؤلؤها تَحِيَّةَ وَ الِهٍ *** تُهْدَى و أَرْفَعُها لِرُوحِ مُحَمَّدِ
وَ وَقَفْتُ أُنْشِدُها يَهُزُّ جَوائِحِي *** وَحْیُ الوَلاءِ وَ عَزَمَةُ المُتَوَدِّدِ
فَسَرَى بِرُوحِي لِلْخيالِ تَمَوُّجُ *** قَدْراحَ يَرْفَعُها لأَسْمَى سؤددِ
فَهُناكَ حَيْثُ مُحَمَّدٌ وَ مَقامُهُ *** وَ هُنا البَتُولُ بِنُورِها المُتَوَلِّد
وَ تَرَى خَدِيجَةً وَ هُيَ قَلب نابضٌ *** بِالحُبْ تَرْمُقُها بِطَرْفِ أَسْعَدِ
وَ تَكادُ تَلْتَهِمُ البَتُولَ تَشَرُّقاً *** لَوْلاَ الحَياءُ يَمُدُّها بِتَرَدُّدِ
فَهُناكَ شَخْصُ المُصْطَفَى فِي هَيْبَةٍ *** تَأْبَى عَلَيْها أَنْ تَجُورَ لِمَقْصَدِ
فَتَعُودُ وَ الِهةً تُسارِقُ طَرْفَهُ *** قَبْلَ الحَنانِ عَلَى الجَبِينِ الأَسْعَدِ
هذي هِيَ الذِّكْرَى وَ أَحْلامُ الهَنا *** نَغَمِّ يَرِنُّ بِلَحْنِ مَجْدِ خَالِدِ
***
زَهْراءُ شافِعَةُ الحِسابِ وَ رَحْمَةُ *** اللَّهِ العَظِيمَةُ عِنْدَ ضِيقِ المَوْرِدِ
أُمّاهُ يُسْعِدُنِي و فَخْرِي التي *** قَدْ قُلْتُها أُمَاهُ صَوْتَ مُرَدّدِ
أُمّاه في يَوْمِ المَعادِ إذا دَعا داعِي *** النُّشُورِ وَ قُمْتُ فِيهِ لِمَوْعِدِي(2)
ص: 492
أَمَّاهُ يُرْهِقُنا الحِسابُ بَلاؤُهُ *** وَ نَظَلُّ في تَوْبِ النَّدَامَةِ نَرْتَدِي
أمّاهُ تُنْشَرُ في الحِسابِ صحائِفي *** ياللشَّقاء و لِلْمَصِيرِ الأَسْوَدِ
واللَّهُ يُخْرِسُ في السُّؤالِ لِسانَنا *** يالِلفَضِيحَةِ أَنْ تُكَلِّمَهُ يَدِي
أَوَ هَلْ نَجُوزُ عَلَى الصِّراطِ بِخِفَّةٍ *** وَاللَّهُ لِلْعَاصِي هُناكَ بِمَرْصَدِ
أَمَّاهُ يُهْنِيكِ النَّعِيمُ وَإِنّنا *** لَنَظَلُّ في قَعْرِ الجَحِيمِ المُوقَدِ
هَيْهَاتَ حَدَّثنا الخبيرُ بِمَوْقِفٍ *** لَكِ في القِيَامَةِ مِثْلُهُ لَمْ يُشْهَدِ
في حِينِ يَأْتِيكِ النِّدَاءُ تَعَجَّلي *** نَحْوَ الجِنَانِ وَلِلْكَرَامَةِ فَاقْصَدِي
وَيِجيءُ النِّداءُ إلى الخَلائِقِ كلِّها *** غُضُّوا فَيَخْضَعُ طَرْفُ مَنْ فِي المَشْهَدِ(1)
فَيَسِيرُ مَوْكِبُكِ يَحُفٌ جَلالةً *** شَرَفٌ يَضِيقُ عَلَى العَدُوِّ الحَاسِدِ
لكِنَّكِ تَقِفِينَ بَعْدَ مَسِيرِكِ *** وَ الرَّكْبُ عَنْ عَرَصاتِها لَمْ يَبْعُدِ(2)
وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا وُقُوفُكِ عِندَها *** يَأْتِي النداء خُذِي مُحِبَّكِ بِاليَدِ
فَتُمَدُّ مِنْكِ الكَتُ تَلْفُظُ جَيِّداً *** فِيها تُمَيِّزُهُ عَنِ العافِي الرَّدِي
وَ يَسِيرُ رَكْبُكِ حافلاً بَيْنَ المَلا *** فَيَرَاهُ شانِتُك بطَرْفِ أَرْمَدِ(3)
هذا هُوَ الشَّرَفُ الأصِيلُ وَ كَيْفَ لا *** أَوَلَسْتِ أَفْضَلَها وَ بَضْعَةً أَحْمَدِ؟
يا شِيعَةَ الزَّهْراءِ لَيْسَ تَنالُنَا *** تِلْكَ الشَّفَاعَةُ بالرَّخيص الأَزْهَدِ
لا بُدّ مِنْ عَمَلٍ يَكُونُ مُقَرَّباً *** لِلَّهِ فِي جُهْدِ وَ حُسْنِ تَعَبُّدِ
لافَرْقَ بَيْنَ النّاس إلا بالتُّقَى *** فَهُوَ المُؤَمِّلُ لِلشَّفَاعَةِ في غَدِ
***
أخْتاه يا أُخْتَ العَقِيدَةِ و الوَلا *** عَنْ نَهْجِ شِرْعَةِ أَحْمَدٍ لَا تَبْعُدي
ص: 493
وَ إِلَيْكِ مِنْ هَذي البَتُولَةِ مَنْهَجاً *** فيهِ خُذي وَ بِنَيْرِ مِنْهُ اهْتَدِي
وَ لَكِ بِنَهْجِ سُلُوكِها مُتَطَلَّعاً *** نَحْوَ الكَمَالِ فَطَبقي وَ بِهَا اقْتَدِي
فُرِضَ الحِجابُ وَ كانَ أَعْظَمَ حِشْمَةٍ *** وَ حِمّى لَكِ عَنْ كُلِّ وَحْشٍ مُعْتَدِي
أضْفَى عَلَيْكِ مِنَ الجَلالَةِ هَيْبَةً *** تَحْمِيكِ مِنْ رَصْدِ العُيُونِ لِتَسْعَدي
أمِنَ التَّقَدُّم إِذْ خُدِعْتِ بِإِسْمِهِ *** أَنْ تَبْرُزِينَ كَسِلْعَةِ المُسْتَوْرِدِ
و يَطُوفُ فيك العابِثُونَ يَقُودُهُمْ *** نَزَقُ الشَّبابِ وَ بِطَيْشِهِ المُتَعَمدِ(1)
عُودِي إلى أمْنِ الشَّرِيعَةِ وَ اسْدُلِي *** حُجُبَ الجَلالِ وَ لِلْمَهابَةِ فَارْتَدِي
وَ دَعِي كَلامَ الطَّامِعِينَ وَ زِبْرِجاً *** خَدَعُوكِ فِيهِ مِنَ البَيانِ الفاسِدِ
ما ذاك إلا السُّمُّ إِذْ دافوهُ في *** عَسَل الوُعُودِ وَ كَانَ حَبْلَ الصَّائِدِ(2)(3)
ص: 494
(بحر الكامل)
السيد مصطفى
السيد محمد فضل الله
تَحْيا القُلوبُ بِذِكْرَ آلِ مُحَمَّدِ *** هُمْ نِعْمَةُ البَارِي وَ نُورُ الأَوْحَدِ
هُمْ جَنَّةُ الفِرْدَوْسِ طَابَ نَعِيمُها *** هُمْ في السَّمَاءِ وَ خَصْمُهُمْ فِي الأَوْهَدِ(1)
هُمْ في كِتابِ اللَّهِ أَشْرَفُ خَلْقِهِ *** هُمْ يَنْتَمُونَ إلى العُلَى وَ السُّؤْدَدِ
هُمْ أَظهَرُ الأَرْحَامِ قَبْلَ المَوْلِدِ *** وَ عَدُوُّهُمْ في الرِّجْسِ قَبْلَ المَوْلِدِ
***
تَحْيَا القُلُوبُ بِفاطِمِ خَيْرِ النِّسا *** أَكْرِمْ بِفاطِمَ كَوْثَراً مِنْ أَحْمَدِ
يا بِنْتَ خَيْرِ الخَلْقِ يا طُهُرَ الوَرَى *** يا جَنَّتِي يَا قِبْلَةَ المُتَعَبدِ
يا نَهْدَتِي لِلَّهِ أَعْظَم خالِقٍ *** خَلَقَ الوُجُودَ كَرَامَةٌ لِمُحَمَّدِ
أعْطِيتِ نوراً للهُدَى وَ مَنارَةً *** فيها نَلُوذُ وَ تَسْتَنِيرُ وَ نَهْتَدِي
أَنْتِ الرَّجاءُ وَ أَنْتِ عُنْوانُ التَّقى *** أَنْتِ الكَرامَةُ وَ الشَّفَاعَةُ فِي غَدِ
أنْتُمْ مَصابِيحُ الدُّجى طُولَ المدَى *** مِنْ حَيْدَرِ الكرارِ أَعْظَم سَيّدِ
زَهْرَاءُ إنّي في رِحابِكِ طائِرٌ *** فيها أرُوحُ وَ اسْتَرِيحُ وَ اغْتَدِي
زَهْرَاءُ لُفّي بِالحَنانِ وَ بَرِّدِي *** قَلْبِي فَإِنِّي مُوجَعٌ عانٍ صَدِي
مَنْ مِثْلُكُمْ يَا آلَ بَيْتِ المُصْطَفَى *** مِنْ رُكَّعِ، مِنْ خُشَعٍ، مِنْ سُجَّدِ
يا نَهْدَتِي لِلَّهِ أَعْظَم خالِقٍ *** خَلَقَ الوُجودَ كَرَامَةٌ لِمُحَمَّدِ
ص: 495
(بحر المتقارب)
الأستاذ مصطفى المهاجر
أَرِيجُ النُّبُوَّةِ فِيكِ ابْتَدا *** وَ فَيْضُ الهِدايَةِ مِنْكِ اهْتَدَى
وَ أنْغَامُ عِزّكِ في الخافِقَيْنِ *** لَها الدَّهْرُ مِنْ وَلَةٍ... أَنْشَدَ(1)
وَ نُورُكِ يا بَضْعَةَ المُصْطَفَى *** أضاءَ... أضاءَ فَغَطَّى المَدى(2)
***
حَنانَيْكِ... أُمَّ النَّبِيِّ الكَرِيم *** وَ أُمَّ الأَئِمَّةِ... نُورَ الهُدَى
شَرِبْنا وَلاءَكِ مُنْذُ الرَّضَاعَ *** فَأَوْرَقَ حُبّاً... غزِيرَ النَّدَى
وَ حَلَّقَ في حُزْنِكِ المُسْتَدِيم *** حَنِين بِأَشْواقِهِ... يُقْتَدَى
فَحُزْنُكِ يُسْكِنُ أَضلاعنا *** لَهيباً... تَوَقَّدَ لَنْ يَخْمِدًا
وَ صَوْتُكِ رَغْمَ رَنِينِ الأَسَى *** لَهُ في نفوس الهُداةِ... صَدَى
فَصَارَتْ شُعاعاً بما تَحْتَوِي *** قُلُوبٌ لدى وَجْدِها سُجَّدًا
***
وَ صارَتْ بِذِكْراكِ أَيَّامُنا *** مُعَطَّرَةٌ... عِزَّةٌ سُؤدَدا
ص: 496
وَ صارَتْ لَيالِي الأسى ثَرَةٌ *** بِذِكْراكِ نَيرة... فَرْقَدا(1)
وَ صِرنا إذا ضامناحاقِدٌ *** وَ طَوَّقَنا بالهُمُومِ... العِدَى
طَلَبْناكِ نَسْتَكْشِفُ العادِياتِ *** ذَكَرْناكِ نَسْتَنْجِحُ المَقْصَدًا
فَذابَتْ عَلَى عَتَباتِ الهَوَى *** مَغالِيقُ... أَحْكامُها كالرَّدَى(2)
وَ عَادَتْ لِأَنْفُسِنابَسْمَةٌ *** تَكادُ مِنَ الحُزْنِ... أنْ تُوأَدَا(3)
***
حَنانَيْكِ... سَيِّدَةَ العَالَمِينَ *** حَنانَيْكِ... يا نَسْمَةٌ تُفْتَدَى(4)
تَرِقُ الحَيَاةُ عَلَى شَاطِنَيْكِ *** وَ تَزْهَرُ أَفياؤها... بِالنَّدى
وَ تَشْمَخُ ذِكْراكِ نَحْوَ السَّماءِ *** تُعانِقُ في مَجْدِها... أَحْمَدا
وَ تَمْلَا دُنْيا الوفاءِ العَظِيمِ *** بِفَيْضٍ مِنَ الطُّهْرِ لَنْ يَنْفَدا
وَ تُوقدُ في الدّاجياتِ الشُّموسُ *** لِتَكْشِفَ مِنْ ظُلْمَةٍ مَا بَدا
فَتَرْدانُ بِالنُّورِ... أيامُنا *** و تَفْتَحُ دَرْباً لنا... مُوصَدا(5)
وَ تَشْعَلُ أَحْلامُنا بالرَّجاءِ *** لِنُوصِلَ بِالأَمْسِ زَهْواً... غدا
أَسَيِّدَةَ الحُزْنِ وَ الأُمْنِيَاتُ *** شُمُوعاً عَلَى الدَّرْبِ لَنْ تُوقَدا
بِغَيْرِ ابْتِهَالِكِ أَنَّ الطّريقَ *** إلَى اللَّهِ... مَفْروشَةٌ عَسْجدا(6)
وَ غَيْرِ نِدائِكِ أَن الحَياةَ *** بلا طاعَةِ اللَّهِ لَنْ تُحمَدا
ص: 497
و غير دعائِكِ أَبْنَاءَنَا *** لِحَمْلِ العَقِيدَةِ كَيْ تُرْشَدا
وَ غَيْرِ وُقُوفِكِ بَيْنَ الصُّفوفِ *** لِتَصْحِيحِ مَا اعْوَجَ أَوْ قُدِّدا(1)
***
حَنانَيْكِ... سَيِّدةَ العَالَمِينَ *** و عَفْوَكِ مِنْ بَضعَةٍ تُقْتَدى
شَرِبْنا وَلاءَكِ مُنْذُ الرَّضاعِ *** فَأَوْرَقَ حُبّاً غَزِيرَ النَّدى
وَ نَرْجُو الشَّفَاعَةَ فِي حُبِّكُمْ *** فَمِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ لَنْ نُطْردا
ص: 498
(بحر الكامل)
الشيخ مغامس بن داغر الحلي(*)(1)
حَيّا الإلهُ كَتِيبَةً مُرْتادُها *** يُطوى لَهُ سَهْلُ الفَلا وَوِهادُها(2)
قصدتْ أَمِيرَالمؤمِنِينَ بِقُبَّةٍ *** يبنى على هامِ السِّماكِ عِمادُها(3)
وَفَدَتْ على خَيْرِ الأنام بِحَضْرَةٍ *** عِندَ الإلهِ مُكَرَّمَ وُفَّادُها
فيها الفَتَى وَ ابْنُ الفَتَى وَ أَخُو الفَتَى *** أَهْلُ الفُتُوَّةِ رَبُّها مُقْتادُها
فَلَهُ الفَخارُ قَدِيمُهُ وَ حَدِيثُهُ *** وَ الفَاضِلاتُ طَرِيفُها وَ تِلادُها(4)
ص: 499
مَوْلَى البَرِيَّةِ بَعْدَ فَقْدِنَبِيِّها *** وَ إِمَامُها وَ هُمَامُها وَ جَوادُها
وَ إِذ القُرُومُ تَصادَمَتْ في مَعْرَكٍ *** وَ الخَيْلُ قَدْ نَسَجَ القَامَ طِرادُها(1)
وَ تَرَى القَبائِلَ عِنْدَ مُخْتَلِفِ القَنا *** مِنْهُ يُحَدِّرُ جَمْعَها آحادُها
وَ الشُّوسُ تَعْثَرُ في المَجالِ وَ تَحْتَهَا *** جُرْدٌ تَجِذُّ إِلَى القِتَالِ جِيادُها(2)
فَكَأَنَّ مُنْتَشِرَ الرِّعالِ لدَى الوغى *** زُجَلٌ تَنَشَّرَ في البلادِ جَرادُها(3)
وَ رِماحُهُمْ قَدْ شُظِّیَتْ عِيدانُها *** وَ سُيُوفُهُمْ قَدْ كُسِّرَتْ أَغْمَادُها(4)
وَ الشُّهْبُ تَعْمِدُ في الرُّؤوسِ نُصُولُها *** و السُّمْرُ تَصْعَدُ فِي النُّفُوسِ صِعَادُها
فَتَرَى هُناكَ أخَا النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** وَ عَلَيْهِ مِنْ جُهْدِ البَلاءِ جِلادُها(5)
مُتَرَدِّياً عِندَ اللّقا بِحُسامِهِ *** مُتَصَدِّياً لِکُماتِها يَصْطادُها
عَضَدَ النَّبِيَّ الهاشِمِيَّ بِسَيْفِهِ *** حَتَّى تَقَطَّعَ في الوغى أَعْضادُها
وَ أخَاهُ دُونَهُمُ وَ سَدَّ دُوَيْنَهُ *** أَبْوَابَهُمْ فَتَاحُها سَدَادُها(6)
وَ حَباهُ في (يَوْمِ الغَدِيرِ) وَلايَةً *** عامُ الوَداعِ و كُلُّهُمْ أَشْهادُها
فَغَدا بهِ (يَوْمَ الغدِيرِ) مُفَصَّلاً *** بَرَكاتِهِ ما تَنْتَهِي أَعْدادُها
قَبِلَتْ وَصِيَّةَ أحْمَدٍ وَ بِصَدْرِها *** تُخْفَى لآلِ مُحَمَّدٍ أَحقادُها
حتى إذا ماتَ النَّبِيُّ فَأَظْهَرَتْ *** أَضْغَانَها في ظُلْمِها أَجْنادُها
ص: 500
مَنَعُوا الخِلافَةَ رَبَّها ووَلِيَّها *** بِبَصائِرٍ عَمِيَتْ وَضَلَّ رَشادُها
وَاعْصَوْصَبُوا في مَنْعِ فاطِمَ حَقَّها *** فَقَضَتْ وَقَدْ شابَ الحَيَاةَ نَكَادُها(1)
وَ تُوُفِّيَتْ غُصَصاً وَ بَعْدَ وَفَاتِها *** قُتِلَ الحُسَيْنُ وَ ذُبِّحَتْ أَوْلادُها(2)
وغَدا يُسَبُّ عَلى المَنابرِ بَعْلُها *** في أُمَّةٍ ضَلَّتْ وَ طَالَ فَسادُها
وَ لَقَدْ َوقَفْتُ عَلى مَقالَةِ حاذِقٍ *** في السَّالِفِينَ فَرَاقَ لِي إِنْشادُها
(أَعَلَى المَنابِرِ تُعْلِنُونَ بِسَبِّهِ *** وَبِسَيْفِهِ نُصِبَتْ لَكُمْ أَعْوادُها )؟
يا آلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ يا سَادَةٌ *** سَادَ البَرِيَّةَ فَضْلُها وَ سَدادُها
أَنْتُمْ مَصابيحُ الظَّلامِ وَأَنْتُمُ *** خَيْرُالأنامِ وَأَنْتُمُ أَمْجَادُها
فُضَلاؤُها عُلَماؤُها حُلماؤُها *** حُكَماؤُها عُبَّادُها زُهَّادُها
أمَّا العِبادُ فَأَنْتُمُ سَادَاتُها *** أمّا الحُرُوبُ فَأَنْتُمُ آسادُها
تِلْكَ المَساعِي لِلْبَرِيَّةِ أَوْضَحَتْ *** نَهْجَ الْهُدَى وَمَشَتْ بِهِ عُبَادُها
ص: 501
و إلَيْكُمُ مِنْ شارِداتِ (مُعَامِسٍ) *** بِكْراً يُقِرُّ بِفَضْلِها حُسّادُها(1)
كَمُلَتْ بِوَزْنِ كَمالِكُمْ وَ تَزَيَّنَتْ *** بِمَحاسِنٍ مِنْ حُسْنِكُمْ تَزْدادُها
نادَيْتُها صَوْتاً فَمُذْ أَسْمَعْتُها *** لَبَّتْ و لَمْ يَصْدُرْ عليَّ زِنادُها
نَفَقَتْ لَدَيَّ لِأَنَّها في مَدْحِكُمْ *** فَلِذاكَ لا يُخْشَى عَلَيَّ كَسَادُها
رَحِمَ الإِلهُ مُمِدَّها أَقْلَامَهُ *** و رَجَاؤُهُ أنْ لايَخِيبَ مِدادُها
فَتَشَفَّعُوا لِكَبَائِرَ أَسْلَفْتُها *** قَلِقَتْ لَها نَفْسِي وَقَلَّ رُقادُها(2)
جُرْماً لَوَ أنَّ الرَّاسِياتِ حَمَلْنَهُ *** دُكَّتْ وَذابَ صُخُورُها وَ صِلادُها(3)
هَيْهَاتَ تُمْنَعُ عَنْ شَفَاعَةِ جَدَّکُمْ *** نَفْسٌ وَحُبُّ أبي تُرابٍ زادُها
صَلّى الإِله عَلَيْكُمُ ما أَرْعَدَتْ *** سُحُبٌ وَ أَسْبَلَ مُمْطِراً إزعادُها(4)
ص: 502
(بحر الوافر)
الأستاذ منذر الساعدي
كأنَّ ولادةَ الزهراءِ عيدُ *** لذا ينسابُ كالنهرِ القَصِيدُ
و تنهمرُ القوافي من عُلوٍ *** كشلالٍ له تشتاقُ بیدُ
وآمالٌ كثلجٍ فوقَ قَلبِي *** فقلبي النارُ في دمهِ تزيدُ
ستطفى ءُجمرة الأحزان فينا *** ولادتُها و للشكوى تبیدُ
ففاطمةٌ لها درجاتُ عِزِّ*** و منزلةٌ و تاريخٌ مجيدُ
ومن قد جهلَ الزهراء يوماً *** تحدَّثُهُ الدهورُ فيستعيدُ
سيخبرُه بما كانتْ تعاني*** وماكانتْ من البارِي تُريدُ
إلهي لا تُرِيني من تعدّى *** على حقَّي فأنّي لا أزيدُ
إلهي أشتكي ظلماً وجوراً *** و كيفّ أهانَتِي الزمنُ العنيدُ
يقابلُني بشتمٍ ثم ضربٍ*** و يدفعُنِي كما دُفعَ العبيدُ
و فوقَ الأرض يا مولاي أهوى*** فألقى الأرضَ كالصرِعَى تميدُ
و يسقطُ محسنٌ والآه تترى *** ألا ياقومُ قد حانَ الوعيدُ
أفاطمُ بضعةُ المختار تلقى*** و تنسوها ليبكيها الصعيدُ
ويُكسر ضلعُها من دون ذنبٍ *** و حيدرةُ يكبِّلهُ الحديدُ
أما تدرونَ من هي من أبوها؟ *** و هل يعلوكُمُ شيءٌ جديدُ؟
ولكنَّ الضمائر قد أُمِيتت *** و لم يَردَعكُمُ خَلقٌ حميدُ
و قد أغراكُمُ مالٌ و جاهٌ *** و دنيا لاتضرُ و لاتفيدُ
ص: 503
خُذُوها في جهنم مستقرِّ *** و مثلكمُ سيدخُلُها المزيدُ
***
ألا يا ساعةَ الميلادِ طوبى *** على شفةِ الزمانِ لك نشيدُ
و في مقل الكرامةِ أنتِ نورٌ*** وفكرٌ ملهمٌ حرَّ سديدُ
هي الزهراءُ صومعةُ المعالي *** بها الأحقابُ ما زالتْ تشيدُ
و ما زالتْ بها الأيامُ تشدو *** و يفخرُ في طهارتِها العديدُ
ولكنَّ المآسي داهمَتْها *** و ما قدمرَّها يومٌ سعيدُ
فمنذُ جريمةِ الأوغادِ دامت *** مصائِبُها و والدُها فقيدُ
و سامُوها العذابَ بلا ضمير*** و أربابُ الضلالِ لها تكيدُ
إلى أن فارقَتْها الروحُ يوماً *** و في أوصالِها همِّ مديدُ
سلاماً في ولادتِكِ سلاماً *** بعثناهُ و أَدْمُعُنا البريد
سلاماً يا بقيعُ بلا انقطاعٍ *** قريبٌ أنتَ ما أنت البعيدُ
ص: 504
ص: 505
ص: 506
(بحر المتقارب)
الأستاذ علي محمد الحائري(*)(1)
عَذِيرِي مِنْ غافِلِ مَا اسْتَعَاذَا *** مِنَ الْمُنْكَراتِ وَ بالله لاذا(2)
حَسْبُكَ مِنْ تَوْبَةِ نِیَّةٌ *** فَمَا الْوَدْقُ في الْبَدْءِ إِلاّ رَذَاذا(3)
و لاتَسْتَهِنْ بصِغارِ الذنوبِ *** فَمِنْهَا الكَبائِرُ تَأْتِي جُذاذا(4)
وَ لِلنَّفْسِ فِي لَهْوِهَا جَنَّةٌ *** تَرُود الرَّغابُ كثاراً لِذاذا(5)
مَنْ شَبَّ فِي نَزَعَاتِ الشَّبابِ *** شابَ عَلَيْها سِقاطاً حُذاذا(6)
وَمَنْ أَمَّ فى نَهْجِهِ فاطِماً *** و نافَحَ شَيْطَانَهُ وَاسْتَعاذَا
حَوَى قَصَبَ السَّبْقِ مِضمارُهُ *** وَبَدَّخُيُولَ المَعاصَي بَذاذا(7)
وَ قالَتْ لَهُ حَلَباتُ الفَضِيلَةِ *** مَنْ يَمْتَطِي المَجْدَ ظَهْراً كَهذا؟
ص: 507
(بحر الكامل)
السيد محمد رضا القزويني(*)(1)
حارَ الفُؤادُ إِذِ اعْتَرَتْهُ نَوائِبُ *** لِلدَّهْرِ يَسْأَلُ أَيْنَ أَيْنَ الْمَنْفَذُ
فَهَوَى عَلَى الْقُرْآنِ في صَفَحاتِهِ *** بَحْثاً وَ مِنْ آباتِهِ يَتَلَذَّذُ
وَ إِذا بِهِ في(هَلْ أتى) مُتَلَمِّساً *** دَرْباً يَلُوحُ بهِ الْبَشِيرُ المُنْقِذُ(2)
حَلَّتْ بهِ الزَّهراءُ نُوراً ساطِعاً *** لازالّ فِي قَلْبِ الْعَوالِمِ يَنْفُذُ(3)
وَ بِآيَةِ النَّظْهِيرِ خَصَّصَ بَيْتَها *** عَنْ كُلِّ شَانِئَةٍ بِهِ يَتَعَوَّذُ(4)
فَإِذا مَوَدَّتُها انْتَقَتْ مِنْ مُسْلِمٍ *** فإِلى جَهَنَّمَ وَالسّشعِيرِ سَيُنبَذُ(5)
ص: 508
حَكَمَ الْإلهُ بِحُبَّ بِنْتِ نَبِيِّهِ *** وَ بِحَقَّ أعْداءِ البَتُولِ يُنَفَّذُ(1)
أَفَيَدَّعِي الإِسْلامَ غاصِبُ حَقِّها؟ *** كَلاَّ فَذَلِكَ في الأنامِ مُشَعْوِذُ(2)
ص: 509
(بحر الكامل)
الدكتور السيد مسلم الجابري(*)(1)
يا دار فاطِمَ ما تَرَاءَى طَيْفُها *** إلا وَ أَصْبَحَ مِنْهُ فِي عَيْنِي قَذَى
حَتّامَ هذا القَلْبُ يَتْرَعُهُ الأسَى*** لَمْ يُلْفَ مِنْ شِرْكِ المَصائِبِ مُنْقَذا(2)
عَهْدٌ لِعِتْرَةِ أَحْمَدٍ فِي صَحْبِهِ *** غَضِّ يَفُوحُ بِهِ مِن الوَحْيِ الشَّذَى(3)
أمْسَى يُؤَكِّدُهُ الرَّسُولُ لِقَوْمِهِ *** فَكَأَنَّهُ أَوْحَى بِهِ أنْ يُنْبَذا
لاحَبَّذا الغَدْرُ الشَّنِيعُ وَ يَوْمُهُ *** مِنْ بَعْدِ مَوْتِ المُصْطَفَى لاحَبَّذا
يَوْمٌ أَنَاخَ بِهِ الظَّلامُ فَلَمْ يَجِدْ *** نُورُ الهِدايةِ في الضَّمائِرِ مَنْفَذا
لَهفي لِبنتِ مُحَمَّدٍ مِنْ بَعْدِهِ *** ذاقَتْ مِنَ الأصْحابَ ألوانَ الأذَى
خَرَجَتْ تَذُودُ النَّارَ عَنْ بابِ بِهِ *** يَقِفُ الأمينُ مُسَلِّماً وَمُعَوِّذا
وَ لَقَدْ أصابَ مِنَ الهِدايَةِ قَلْبَها *** ما أَلَمَ المِسْمَارُ مِنْهُ، و أَوْقَذَا
وَ السَّوْطُ يَلْعَنُ حامِلِيهِ بما جَنَى *** حِقْدٌ على الزَّهْراءِ حَرَّضَ قُنْفُذا
يا سَوْط قُنْفُذَ قَدْ شَهَرْتَ عَلَى الهُدَى *** سَيْفاً تَعَوَّدَ أَنْ يُسَلَّ و يُشْحَذا(4)
نُهِبَتْ به مُهَجٌ لِآلِ مُحَمَّد(صلي الله علیه و آله و سلم)*** رَاحَ العَدُوُّ بِسَفْكِها مُتَلَذَّذا
ص: 510
يَوْمَ اسْتَفاقَتُ في الصُّدورِ صَغَائِنٌ *** وَ غَدا الضَّلال على الهُدَى مُسْتَخوِذا(1)
كانَتْ بِهِ أبناء فاطِمَ بَعْدَها *** في كُلِّ نازلَةٍ مِثالاً يُحْتَذي(2)
ما هَمَّهُمْ خَصْمٌ تَنازَعَ حَقَّهُمْ *** كَلاً وَ لَمْ يُسْكِتْهُمُ هاذٍ هَذى
وَ لَئِنْ تَلَمَّظَ في زَكِيٌّ دِمَائِهِمْ *** خَصْمٌ غَدا في ظُلْمِهِمْ مُتنَفّذا
فاللَّهُ يَوْمَ الحَشْرِ يَأْخُذُ ثَارَهُمْ *** وَ الصُّورُ يَدْعُو ظَالِماً كَيْ يُؤْخَذا(3)
ص: 511
ص: 512
1- فهرس الشعراء
2- فهرس التراجم
3- فهرس القصائد والبحور
4- فهرس الموضوعات
ص: 513
ص: 514
الإسم*** المقطوعة
الشيخ إبراهيم آل مبارك البحراني *** ت(1)، د(1)
الشيخ إبراهيم النصيراوي *** ب(1)
الأستاذ أبوذر الشويلي *** ت(2)
الشيخ أحمد بن حسن الدمستاني *** ب(2)
الأستاذ أحمد علي الناصر *** د (2)
أحمد محمد الأنصاري الشيرواني *** د (3)
الدکتور أسعد علي *** ب (3)
السيدة أم سلمة زوجة رسول الله صلي الله علیه و آله و سلم *** ت (3)
الأستاذ أنور الجندي *** د (4)
جاسم محمد الصحيح *** ب (4)، ح (1)
الأستاذ جعفر الجعفر *** ب (5)، د (5)
الأستاذ جعفر عباس الحائري *** د (6)
الشيخ جعفر الهلالي *** د (7)، د (8)
الأستاذ الحافظ البرسي الحلي *** ح (2)
الشيخ حبيب الهريبي *** د (9)
الشيخ حسن البحراني القيسي *** ب(6)، ب (7)، د (10)، د (11)، د (12)
الشيخ حسن بن حمود الحلي *** ب (8)، ب (9)
الأستاذ حسن بن علي بن جابر الهبل *** ب (10)
الشيخ حسن الدمستاني *** ب (11)
الشيخ حسين الشبيب *** د (13)، د (14)
الشيخ حسين النصراوي *** د (15)
ص: 515
الأستاذ ديك الجن الحمصي *** ت (4)
الأستاذ سالم محمد علي *** ت (5)
الحاج سعود الشملاوي *** د (16)
الأستاذ سعيد العسيلي العاملي *** ب (12)، ب (13)
الأستاذ سعيد معتوق الشبيب *** د (17)
الأستاذ سفيان بن مصعب العبدي (أبومحمد) *** ب (14)
الشيخ سلمان البلادي البحراني *** ب (15)
الشيخ سلمان بن أحمد البحراني *** د (18)
الأستاذ سلمان هادي آل طعمة *** ت (6)
الشيخ سليمان الجابري *** د (19)
الشريف الرضي *** د (20)
الشيخ صادق جعفر الهلالي *** ب (16)
الشيخ صالح الطرفي *** ث (1)، خ (1)
الأستاذ عباس مرتضى عياد العاملي *** ب (17)
الشيخ عبدالحسين شكر *** د (21)
الشيخ عبد الستار الكاظمي *** ج (1)، د (22)
الشيخ عبد العظيم الربيعي*** ب (18)، ب (19)، د(23)
الشيخ عبد الغني الخضري *** ب (20)
الشيخ عبد الكريم صادق *** ب (21)
الشيخ عبد الكريم الممتن *** ح (3)، ح (4)
الأستاذ عبدالله بن عمار البرقي *** ت (7)
الشيخ عبد الله بن معتوق *** ب (22)
الشيخ عبد الله الوائل الإحسائي *** د (24)
الشيخ عبد الواحد مظفر *** ت (8)
الأستاذ علاء الدين البهادلي *** د (25)
الشيخ ملا علي آل رمضان *** ب (23)، ب (24)، ب (25)، د (26)، د (27)
الشيخ علي بن حسن الجشي *** ب (26)، د (28)
الحاج علي حمدان الرياحي *** د (29)
ص: 516
الأستاذ علي محمد الحائري *** ت (9)، ث (2)، ج (2)، ح (5)، خ (2)، ذ (1)
الشيخ علي منصور المرهون *** د (30)
الأستاذ علي نوح المهنا *** د (31)
السيد عيسى الكاظمي *** ب (27)
الشيخ غلام حسين الغروي الأصبهاني *** ب (28)
الشيخ فرج العمران القطيفي *** د (30)
الشيخ قاسم محيي الدین *** د (32)
الشيخ قيس العطار *** ج (3)
الشيخ كاظم آل نوح *** ت (10)، د (33)
لأحد الأدباء *** ب (49)
الأستاذ لطف الله بن محمد البحراني *** د (34)
الشيخ محسن أبوالحب الكبير *** ب (29)
ملامحسن بن سلمان البحراني *** ب (30)
الحاج محمد آل رمضان الإحسائي *** ب (31)
الشيخ محمد بن علي آل نتيف *** ب (32)
السيد محمد جمال الهاشمي *** ب (33)، د (35)
الأستاذ محمد جمعة الكويتي *** ب (34)
السيد محمد جواد فضل اللَّه *** د (36)
الشيخ محمد حسن دكسن *** د (37)
الشيخ محمد حسن سميسم *** ب (35)، ب (36)، ب (37)، د (38)
السيد محمد حسن الشخص *** د (39)
الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء *** ث (3)
السيد محمد الحسيني الشيرازي *** د (40)
الشيخ محمد الخليلي *** ب (38)
السيد محمدرضا القزويني *** ب (39)، خ (3)، د (41)، ذ (2)
محمد سعيد الأمجد *** ب (40)
الشيخ محمد سعيد المنصوري *** د (42)
ص: 517
الأستاذ محمد صالح البحراني *** ح (6)، د (43)
السيد محمد علي العلي *** د (44)
الشيخ محمد علي اليعقوبي *** ب (41)، ج (4)
السيد محمد كاظم الكفائي*** ت (11)
الأستاذ محمود البستاني *** ب (42)
السيد مسلم الجابري *** ذ (3)
السيد مصطفى محمد فضل اللَّه *** د (45)
الأستاذ مصطفى المهاجر *** د (46)
الشيخ مغامس بن داغر الحلي *** د (47)
الأستاذ منذر الساعدي *** ب (43)، ب (44)، ت (12)، ح (7)، د (48)
السيد مهند جمال الدين *** ب (45)
الأستاذ ناجي داود الحرز *** ت (13)
الحاج هاشم الكعبي *** ب (46)
الشيخ يحيى الراضي *** ب (47)
الشيخ يعقوب ابن الحاج جعفر *** ب (48)
الشيخ يوسف البحراني *** ت (14)
ص: 518
الإسم *** الصفحة
- الشيخ إبراهيم آل مبارك البحراني *** 231
الأستاذ جاسم محمد الصحيح *** 29
- الأستاذ جعفر عباس الحائري *** 348
- الشيخ جعفر الهلالي *** 354
- الحافظ البرسي الحلي *** 300
- الشيخ حبيب الهريبي *** 365
الشيخ حسن بن حمود الحلي *** 43
- الشيخ حسن الدمستاني *** 56
- الشيخ حسين الشبيب *** 374
الشيخ حسين النصراوي *** 379
- ديك الجن الحمصي *** 238
- الأستاذ سالم محمد علي *** 240
- الحاج سعود الشملاوي *** 381
الأستاذ سعيد معتوق الشبيب *** 385
- الشيخ سلمان بن أحمد البحراني *** 387
- الشريف الرضي *** 394
- الشيخ صالح الطرفي *** 269
- الشيخ عبد الحسين شكر *** 398
- الشيخ عبد الكريم صادق *** 103
- الشيخ عبد الكريم الممتن *** 304
- الشيخ عبد الله بن معتوق *** 109
- الشيخ عبد الله الوائل الاحسائي *** 420
ص: 519
- الأستاذ علي محمد الحائري *** 250
- الأستاذ علي نوح المهنا *** 448
- الشيخ قيس العطار *** 288
- الشيخ محسن أبوالحب (الكبير) *** 142
- الشيخ محمد بن علي آل نتيف *** 154
- السيد محمد جمال الهاشمي *** 158
- الأستاذ محمد جمعة الكويتي *** 168
- السيد محمد جواد فضل اللَّه *** 465
- الشيخ محمد حسن دكسن *** 169
- الشيخ محمد حسن سميسم *** 170
- السيد محمد حسن الشخص *** 174
- الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء *** 273
- السيد محمد رضا القزويني *** 193
- الشيخ محمد علي اليعقوبي *** 197
- الشيخ مغامس بن داغر الحلي *** 499
- السيد مهند جمال الدين *** 207
- الحاج هاشم الكعبي *** 211
- الشيخ يوسف البحراني *** 263
ص: 520
أكبرت ذكراك لايرقى لها أدبي *** فيض من الوحي أم سرَّ من العجب *** 11
(المقطوعة 1/ بحر البسيط)
يا ناقص العقل البليد الغبي *** وذا الفؤاد الطائش المرعب *** 13
(المقطوعة 2 / بحر السريع)
المقتدي بمحمد مس الأدب *** و كتابه ما مسه إلا النجب *** 18
(المقطوعة 3 / بحر الكامل)
و هج القباب أم المصير المتعب *** ذاك الذي لك شدني يا يثرب *** 29
(المقطوعة 4 / بحر الكامل)
أتسألني ما نور تلك الكواكب *** هل النور إلا من نجوم ثواقب *** 31
(المقطوعة 5 / بحر الطويل)
أصفياء مقامهم لايضاهي *** حبها في غد يقيك العذابا *** 38
(المقطوعة 6 / بحر الخفيف)
أبكي و دمعي على الخدين منسكب *** و القلب مني بنار الوجد ملتهب *** 40
(المقطوعة 7 / بحر البسيط)
سل أربعاً فطمت أكنافها السحب *** عن ساكنيها متى عن أُفقها غربوا *** 43
(المقطوعة 8/ بحر البسيط)
للَّه قوم تمادوا بعد ما انقلبوا *** مذ في سقيفتهم للغدر قدنصبوا *** 51
(المقطوعة 9 / بحر البسيط)
أيغنيك دمع أنت في الربع ساكبه *** و قد رحلت غزلانه و رباربه *** 53
(المقطوعة 10/ بحر الطويل)
أطلت وقوفي في منى فالمحصّب *** لتذكار آثار النبي المهذّب *** 56
(المقطوعة 111 /بحر الطويل)
ص: 521
رؤياً لها حن الحسين و ذابا *** و الشوق ألهب قلبه إلهابا *** 60
(المقطوعة 12 / بحر الكامل)
جلّى غبار النقع شر هزيمة *** بقريش فارتدت على الأعقاب *** 62
(المقطوعة 13 / بحر الكامل)
آل النبي محمد *** أهل الفضائل و المناقب *** 65
(المقطوعة 14 / مجزوء الكامل)
هو الدهر بالأعمال تسري ركائبه *** كما كان بالآجال تسعی نوائبه *** 74
(المقطوعة 15 / بحر الطويل)
حي البتولة و ابلغ بالسنا رتباً *** شعراً تطرز في قرطاسه العجبا *** 83
(المقطوعة 16 / بحر البسيط)
هبيني مقلة تحكي السحابا *** لعلك تغسلين بها العتابا *** 87
(المقطوعة 17 / بحر الوافر)
أي شهر قد أظل المسلمين *** بالتهاني و بموفور الثواب *** 90
(المقطوعة 18 / بحرالرمل)
دهر يحاربه ذوو الألباب *** لازال يأتينا بكل عجاب *** 94
(المقطوعة 19 / بحر الكامل)
أي خطب باغت الأمة شيباً و شبابا *** 99
المقطوعة 20 / مجزوء الرمل)
هي فاطم كم للمصائب صابها *** جرعت و کم قد كابدت أوصابها *** 103
(المقطوعة 21 / بحر الكامل)
يا سيد الكون يا أعلى الورى نسباً *** يا خير منتجب من خيرة النجبا *** 109
(المقطوعة 22 / بحر البسيط)
من الضلال علينا النصب قد وثبا *** لما استطال و عنا كنت محتجبا *** 117
(المقطوعة 23 / بحر البسيط)
عجيب الأمر من فقد الشبابا *** و مفرق رأسه المسود شابا *** 120
(المقطوعة 24 / بحر الوافر)
علامك عن سمت الرضا متنكب *** و نفسك فيما يعطب العقل ترغب *** 123
(المقطوعة 25 / بحر الطويل)
ص: 522
غيرة اللَّه كيف تسطيع صبراً *** ولشمس الإسلام حان غروب *** 127
(المقطوعة 26 / بحر الخفيف)
خطب يذيب من الصخور صلابها *** و يزيل من شم الجبال هضابها *** 134
(المقطوعة 27 / بحر الكامل)
سقى الله أنفاسي من السلسل العذب *** لأنظم أبكاراً من اللؤلؤ الرطب *** 137
(المقطوعة 28 / بحر الطويل)
متى تدرك الثأر الذي أنت طالبه *** متى تملك الأمر الذي أنت صاحبه *** 142
(المقطوعة 29 / بحر الطويل)
الدهر شق جيوب الفجر و الحجبا *** على مصيبة أم السادة النقبا *** 147
(المقطوعة 30 / بحر البسيط)
ذكرى هي النور للأجيال و الحقب *** و فرحة الدهر للإسلام و العرب *** 150
(المقطوعة 31 / بحر البسيط)
إذ لذّ لي مطعم أو شراب *** بشهر ربيع فشيء عجاب *** 154
(المقطوعة 32 / بحر المتقارب)
أي خطب يبكي عليه خطابي *** و مصاب قد شاب شهدي بصاب *** 158
(المقطوعة 33 / بحر الخفيف)
قلبي يقل أسّى طما أهدابي *** و يسيخ متني كارهاً أثوابي *** 168
(المقطوعة 34 / بحر الكامل)
من مبلغ عني الزمان عتابا *** و مقرع مني له أبوابا *** 170
(المقطوعة 35 / بحر الكامل)
ذهب الشباب فما رأيت شبابا *** و بقيت أنظر شيبتي مرتابا *** 179
(المقطوعة 36 / بحر الكامل)
يا خاطب العز و العلياء في الخطب *** لاتكشف الكرب حتى تمشي في الكرب *** 187
(المقطوعة 37 / بحر البسيط)
بلوغ الأماني في حداد المضارب *** و نيل المعالي في اقتحام المعاطب *** 191
(المقطوعة 38 / بحر الطويل)
أفاطمة البتول و إن قلبي *** تميز بالهوى بين القلوب *** 193
(المقطوعة 39 / بحر الوافر)
ص: 523
أي شعر سينفث الروح في الشلو *** فيرمي عن متنه الاكتئابا *** 195
(المقطوعة 40 / بحر الخفيف)
ترك الصَبا لك و الصبابه *** صبّ كفاه ما أصابه *** 197
(المقطوعة 41 / مجزوء الكامل)
يا غرسة الهادي، و يغسل راحتي هدير خطبه *** 202
(المقطوعة 42 / مجزوء الكامل)
ألا يا دهر يكفي الاغتراب *** و مهلاً ليس يرحمنا العذاب *** 204
(المقطوعة 43 / بحر الوافر)
دمع كغيث هاطل ينساب *** و تأثر و تحسّر و عذاب *** 205
(المقطوعة 44 / بحر الكامل)
أنت في البحر و القواقي تغيب *** وسلا قلبك الشعور المجيب *** 207
(المقطوعة 45 / بحر الخفيف)
عدتك نجد فماذا أنت مرتقب *** يدنو إليك الحمى أم تنقل الهضب *** 211
(المقطوعة 46 / بحر البسيط)
توقد حين بالله إنسياب *** فؤاد شب و انتفض الحباب *** 219
(المقطوعة 47 / بحر الوافر)
أي رأس بالأسى لم يشب *** لابنة المختار نور الحجب *** 222
(المقطوعة 48 / بحر الرمل)
بشرى لنا معشر الأحباب بالطرب *** و استبشروا بزوال الغم و الكرب *** 224
(المقطوعة 49 / بحر البسيط)
أتتني من الحب الخدين ألوكة *** مغلغلة في القلب تنفي و تثبت *** 231
(المقطوعة 1 / بحر الطويل)
للشمس نور ولي في عشق مولاتي *** نور ينزّه عن شأن الكسوفات *** 235
(المقطوعة 2 / بحر البسيط)
تهن دلالاً يا صحيباتي *** و انشدن في أحلى العبارات *** 237
(المقطوعة 3/ بحر السريع)
ص: 524
یا قبر فاطمة الذي ما مثله *** قبر بطيبة طاب فيها مبيتا *** 238
(المقطوعة 4 / بحر الكامل)
الدمع قرح مقلتي *** و الليل أثقل و حشتي *** 240
(المقطوعة 5 / مجزوء الكامل)
أي ذكرى تموج بالحسرات *** زخرت بالأنين و الزفرات *** 243
(المقطوعة 6 / بحر الخفيف)
إذا جاء عاشورا تضاعف حسرتي *** لآل رسول الله و انهل عبرتي *** 245
(المقطوعة 7 / بحر الطويل)
فيابن أبي سفيان كم لك غدرة *** تناقلها الأجيال في الحفلات *** 248
(المقطوعة 8 / بحر الطويل)
أفيء إلى النفس التي ما استقرت *** إذا احتدمت في خمرة اليأس آهتي *** 250
(المقطوعة 9 / بحر الطويل)
أبا الزهراء قد عقدت علينا *** لإخراج الوصي مؤامرات *** 254
(المقطوعة 10 / بحر الوافر)
لاقیت من دهري ومن صدماته *** حزناً أذاب القلب في حملاته *** 257
(المقطوعة 11 / بحر الكامل)
من وحي يومك انتقي كلماتي *** يا فاطم الزهراء مولاتي *** 259
(المقطوعة 12 / بحر الكامل)
ثمان و عشر من السنوات *** أضاءت بعمرك عمر الحياة *** 261
(المقطوعة 13 / بحر المتقارب)
برق تألق بالحمى لحماتها *** أم لامع الأنوار في و جناتها *** 263
(المقطوعة 14 / بحر الكامل)
إن كنت تطلب مأتماً و مرائي *** فابك البتول سليبة الميراث *** 269
(المقطوعة 1/ بحر الكامل)
ناديت باسمك في الخطوب غياثا *** و الدهر أرهص من ذماي و عاثا *** 271
(المقطوعة 2 / بحر الكامل)
لك الله من قلب بأيدي الحوادث *** لعبن به الأشجان لعبة عابث *** 273
(المقطوعة 3 / بحر الطويل)
ص: 525
لأرسلن بريداً غير منعرج *** إلا إليك بلا أمت و لاعوج *** 281
(المقطوعة 1/ بحر البسيط)
فلجي بالهوى قوافي فلجا *** هن لولاك قد تولدن خدجا *** 285
(المقطوعة 2 / بحر الخفيف)
هموم مدى الأيام لاتتفرج *** و حزن لآلام القلوب مهیّج *** 288
(المقطوعة 3 / بحر الطويل)
مالي سوى الهادي النبي و آله *** حصن إليه لدى الشدائد التجي *** 291
(المقطوعة 4 / بحر الكامل)
نور ذكراك فك قيد الصباح *** فازدهى الكون بالشموس الضواحي *** 295
(المقطوعة 1 / بحر الخفيف)
دمع يبدّده مقيم نازح *** ودم يبدده مقیم نازح *** 300
(المقطوعة 2 / بحر الكامل)
أيها الغافل لانلت نجاحا *** خالف النفس ودع عنك الملاحا *** 304
(المقطوعة 3 / بحر الرمل)
هذه الدنيا تناديك صراحا *** لرحيل عاجل ليلاً صباحاً *** 307
(المقطوعة 4 / بحر الرمل)
أرى كبدي تمزقها القروح *** وملء دمي الحرائق و الجروح *** 313
(المقطوعة 5 / بحر الوافر)
سلبوا حجاه فما عليه جناح *** لو جنّ إذ منه أُهيض جناح *** 315
(المقطوعة 6 / بحر الكامل)
يفشي التألم هاطل نضاح *** و تبوح سر العاشقين جراح *** 321
(المقطوعة 7 / بحر الكامل)
ص: 526
جبال همومي لاتريم رواسخ *** رست و تعالت فيّ فهي شوامخ *** 325
(المقطوعة 1/ بحر الطويل)
يؤنبني الزمان و لاأصيخ *** و كل في الحياة له رضيخ *** 326
(المقطوعة 2 / بحر الوافر)
خرجت تجرّ ذيولها في محنة *** يوماً لها سمع الزمان يصيخ *** 328
(المقطوعة 3/ بحر الكامل)
لا يبرح الدهر المعاند *** و له بإضراري مقاصد *** 333
(المقطوعة 1 / مجزوء الكامل)
في السماوات كل أنس بادي *** و على الأرض موكب الأعياد *** 336
(المقطوعة 2 / بحر الخفيف)
قلم الولاء جرى بنور سوادي *** لذوي الفخار السادة الأمجاد *** 339
(المقطوعة 3 / بحر الكامل)
أفاطمة الزهراء يابنة أحمد *** و يا عبق الريحان في كل معبد *** 340
(المقطوعة 4 / بحر الطويل)
أبدي و باسم الله جئت أردد *** لابالحسان الغيد رحت أُمهّد *** 342
(المقطوعة 5/ بحر الكامل)
لك الشكر ربي و الثنا و المحامد *** لك الحمد إذ تبدي و حين تعاود *** 348
(المقطوعة 6 / بحر الطويل)
أتى يوم البتولة و هو عيد *** فطاب بذکر مولدها القصيد *** 354
(المقطوعة 7 / بحر الوافر)
و صبرت على عظم البلوى *** و لقلبك بأن تجلده *** 359
(المقطوعة 8/ بحر المتدارك)
ولايتكم فخري و مجدي و سؤددي *** و خدمتكم ذخري و زادي في غدي *** 365
(المقطوعة 9/ بحر الطويل)
اخضرَ وجه الربى و اعشوشب الوادي *** و الطير غنى بألحان إنشاد *** 367
(المقطوعة 10 / بحر البسيط)
على الزهراء حزني في ازدياد *** و دمعي فوق صحن الخد بادي *** 370
(المقطوعة 11 / بحر الوافر)
ص: 527
حسبي على ما حل بي إنشادي *** و تلبسي بالنوح و التعداد *** 372
(المقطوعة 12 / بحر الكامل)
یا خیر داع للإله وهادي *** شمتت بموتك جملة الحساد *** 374
(المقطوعة 13 / بحر الكامل)
لي عين دموعها كالغوادي *** و مصاب أدام سقم الفؤاد *** 376
(المقطوعة 14 / بحر الخفيف)
يا لهذا الصباح كم من جمال *** فيه كم من سماحة المعبود *** 379
(المقطوعة 15 / بحر الخفيف)
لبنت النبي الهادي الحشا تتوقد *** فما عذر دمع العين أن لايبدد *** 381
(المقطوعة 16 / بحر الطويل)
یا سماء افرحي و يا أرض جودي *** نجم سعد أنار كل الوجود *** 385
(المقطوعة 17 / بحر الخفيف)
أتبكي على رسم بداره ثهمد *** عفته الليالي فهو كالوشم في اليد *** 387
(المقطوعة 18 / بحر الطويل)
غنّت حمامات بدار محمد *** طرباً بمولد بنت أكرم سيد *** 391
(المقطوعة 19 / بحر الكامل)
هذي المنازل بالغميم فنادها *** و اسكب سخي العين بعد جمادها *** 394
(المقطوعة 20 / بحر الكامل)
حتى م سيدنا تبقى العباد سدى *** فصارم الصيد من فرط الصدود صدا *** 398
(المقطوعة 21 / بحر البسيط)
من بني أحمد عاد و ثمود *** روعا مرآة أنوار الوجود *** 404
(المقطوعة 22 / بحر الرّمل)
بشرى عليّ و النبي محمّد *** بولادة الزهراء بضعة أحمد *** 407
(المقطوعة 23 / بحر الكامل)
باتت على فنن الأراك تغرد *** بفنونها و بي المقيم المقعد *** 420
(المقطوعة 24 / بحر الكامل)
بنت الهدى و ساعة الميعاد *** و الصبح يرقب لحظة الميلاد *** 427
(المقطوعة 25 / بحر الكامل)
ص: 528
لمن النور قد أضاء الوجودا *** و أرانا فجراً جديداً سعيدا *** 429
(المقطوعة 26/ بحر الخفيف)
طغى بحر الضلال على العباد *** و أخفى طرق أبنية الرشاد *** 432
(المقطوعة 27 / بحر الوافر)
لايؤمن الدهر الخؤون على أحد *** و متى أسرّ أسا و إن وهب استرد *** 434
(المقطوعة 28 / بحر الكامل)
ماذا أقول بعید بنت محمد *** و بآل بيت محمد و محمد *** 438
(المقطوعة 29 / بحر الكامل)
أرى زمني أخنى عليَ و عاندا *** و لازال في تكدير عيشي مجاهدا *** 446
(المقطوعة 30 / بحر الطويل)
أتوق إلى لقائك يا جمادی *** إذا ما عدت هذا الشوق عادا *** 448
(المقطوعة 31 / بحر الوافر)
أوضح بنهج الرشد للمسترشد *** إذ لا سبيل إلى جحود الملحد *** 454
(المقطوعة 32 / بحر الكامل)
یوم به بعث النبي محمد *** يوم يؤرخه الزمان الأبعد *** 456
(المقطوعة 33 / بحر الكامل)
سهام المنايا في البرايا نوافد *** و حادي المنايا مستضيف و وافد *** 459
(المقطوعة 34/ بحر الطويل)
مولد الزهراء للإيمان عيد *** کل شيعي بذكراه سعيد *** 462
(المقطوعة 35 / بحر الرمل)
في الذرى أنت إذ يرف العيد *** مطلع مشرق و لحن فريد *** 465
(المقطوعة 36 / بحر الخفيف)
عج بالنياق ليثرب يا حادي *** نبك الأولى من أهل ذاك النادي *** 469
(المقطوعة 37 / بحر الكامل)
بفاطم بنت المصطفى الطهر أحمدا *** أرد الردى قسراً بقارعة الردى *** 471
(المقطوعة 38 / بحر الطويل)
هلّل السعد بيوم المولد *** فاهزجي يا نفس بشراً و اسعدي *** 474
(المقطوعة 39 / بحر الرمل)
ألا أبشروا فاليوم أزهر أمجد *** به العيش بالأفراح و اليمن أرغد *** 478
(المقطوعة 40 / بحر الطويل)
ص: 529
لما أحاطت بي الأهوال شاخصة *** أنظارها الشزر نحوي كل مرصاد *** 482
(المقطوعة 41 / بحر البسيط)
بك العيش يا دنيا مرير منکَد *** على كل حرّ ما له فيك مقصد *** 484
(المقطوعة 42 / بحر الطويل)
أتروم في دار الصدود خلودا *** و تسوم جنات الخلود صدودا *** 488
(المقطوعة 43 / بحر الكامل)
باسم البتول و باسم عيد المولد *** حرّرت في الذكرى بديع قصائدي *** 492
(المقطوعة 44 / بحر الكامل)
تحيا القلوب بذكر آل محمد *** هم نعمة الباري و نور الأوحد *** 495
(المقطوعة 45 / بحر الكامل)
أريج النبوة فيك ابتدا *** و فيض الهداية منك اهتدى *** 496
(المقطوعة 46 / بحر المتقارب)
حيّا الإله كتيبة مرتادها *** يطوى له سهل الفلا و وهادها *** 499
(المقطوعة 47 / بحر الكامل)
كأن ولادة الزهراء عيد *** لذا ينساب كالنهر القصيد *** 503
(المقطوعة 48 / بحر الوافر)
عذيري من غافل ما استعاذا *** من المنكرات و باللّه لاذا *** 507
(المقطوعة 1/ بحر المتقارب)
حار الفؤاد إذ اعترته نوائب *** للدهر يسأل أين أين المنفذ *** 508
(المقطوعة 2 / بحر الكامل)
یا دار فاطم ما تراءى طيفها *** إلا وأصبح منه في عيني قذى *** 510
(المقطوعة 3 / بحر الكامل)
ص: 530
الفاتحة *** 5
تقریظ *** 7
تقريظ *** 8
قافیة الباء
(1) أكبرتُ ذكراكِ *** 11
(2) أمنا الزهراء علیها السلام *** 13
(3) زهراء علیها السلام تشفع *** 18
(4) وهج القباب *** 29
(5) ميلاد البتول علیها السلام *** 31
(6) حبیبةُ طه *** 38
(7) ذكرُ فاطمة علیها السلام *** 40
(8) ضاق الفضاء *** 43
(9) خلّوا ابن عمّي *** 51
(10) يوم السقيفة *** 53
(11) صرت إلى الزهراء علیها السلام *** 56
(12) مسلماً و مودعاً *** 60
(13) الزهراء علیها السلام بنت المصطفى صلي الله علیه و آله و سلم *** 62
(14) صديقة خُلقت *** 65
(15) دار فاطم علیها السلام *** 74
(16) ريحانة المصطفي صلي الله علیه و آله و سلم *** 83
(17) بنت السماء *** 87
ص: 531
(18) بورك العرسُ *** 90
(19) عاشت قليلاً *** 94
(20) المفروض نصاً *** 99
(21) بيت القدس *** 103
(22) أعلى الورى نسباً *** 109
(23) دار فاطمة علیها السلام *** 117
(24) سادات البرايا *** 120
(25) فاطمة الزهراء علیها السلام *** 123
(26) غيرة الله *** 127
(27) القبر الشريف *** 134
(28) الدرة البيضاء *** 137
(29) فرصةً بعد النبي صلي الله علیه و آله و سلم *** 142
(30) دوحة القدس *** 147
(31) فرحة الدهر *** 150
(32) ثياب المصاب *** 154
(33) يوم الزهراء علیها السلام *** 158
(34) قبض النبي صلي الله علیه و آله و سلم *** 168
(35) یا باب فاطم علیها السلام *** 170
(36) من قد مرحباً؟ *** 179
(37) باب الوصي *** 187
(38) تنادى أباها *** 191
(39) همسة إلى الزهراء علیها السلام *** 193
(40) مرايا النبوءات *** 195
(41) وديعة أحمد صلي الله علیه و آله و سلم *** 197
(42) خُطى الزهراء علیها السلام *** 202
(43) كأس الرزايا *** 204
(44) بنت الكرام *** 205
ص: 532
(45) سنا فاطم علیها السلام *** 207
(46) ما كربلا لولا السقيفة *** 211
(47) الزهراء علیها السلام باسطة يديها *** 219
(48) بضعة خير الأنبياء *** 222
(49) يا طالباً فضلها *** 224
قافیة التاء
(1) أفاطم علیها السلام لاأنساك *** 231
(2) قصة الزهراء علیها السلام *** 235
(3) ذروة المجد *** 237
(4) يا قبر فاطمة علیها السلام *** 238
(5) بنت خير الناس *** 240
(6) بنتُ الخلود *** 243
(7) بنت المصطفى صلي الله علیه و آله و سلم *** 245
(8) مصونة وحي اللَّه *** 248
(9) هي الدُّرةُ الزهراء علیها السلام *** 250
(10) اختلف الرواة *** 254
(11) ماذا أقول *** 257
(12) من وحي يومكِ *** 259
(13) یا بنت خير الذري *** 261
(14) من مخبر الزهراء علیها السلام *** 263
قافیة الثاء
(1) فابكِ البتول علیها السلام *** 269
(2) ناديتُ باسمك *** 271
(3) أرزاء آل محمد صلي الله علیه و آله و سلم *** 273
ص: 533
قافیة الجیم
(1) حُجَّة الحُجَج *** 281
(2) دموع الزهراء علیها السلام *** 285
(3) ظُلم النبي صلي الله علیه و آله و سلم *** 288
(4) الهادي النبي صلي الله علیه و آله و سلم *** 291
قافية الحاء
(1) يابنة الطيبين *** 295
(2) حورية إنسية *** 300
(3) فبعين الله *** 304
(4) إمش خلف المرتضى علیه السلام *** 307
(5) الزهراء علیها السلام نهج *** 313
(6) عزيزة أحمد صلي الله علیه و آله و سلم *** 315
(7) مكامن الحزن *** 321
قافية الخاء
(1) حرام على عيني *** 325
(2) تُربة الزهراء علیها السلام *** 326
(3) وصايا أحمد صلي الله علیه و آله و سلم *** 328
قافية الدال
(1) غَدَر الزمان *** 333
(2) فاطمٌ و عليّ علیهما السلام *** 336
(3) قلمُ الولاء *** 339
(4) يا بنت أحمد صلي الله علیه و آله و سلم *** 340
(5) تسبيحة الزهراء علیها السلام *** 342
(6) هل أتى في فضلها *** 348
(7) يوم البتول *** 354
ص: 534
(8) وأتت للمسجد *** 359
(9) من وحي الولاء *** 365
(10) نور البتول علیها السلام *** 367
(11) إمام المرسلين *** 370
(12) رُكْنُ الشَّريْعَة *** 372
(13) يا خير داع...! *** 374
(14) و حق الزهراء علیها السلام *** 376
(15) تشدو الطيور *** 379
(16) قبرها عند النبي صلي الله علیه و آله و سلم *** 381
(17) مولد الكوثر البتول علیها السلام *** 385
(18) صوت أحمد صلي الله علیه و آله و سلم *** 387
(19) أُمّ الحسين علیه السلام *** 391
(20) هذي المنازل *** 394
(21) حتى متى الصبر *** 398
(22) روّعوا الطهر *** 404
(23) فضائل فاطم علیها السلام *** 407
(24) دُرةُ الكونين *** 420
(25) من بيت فاطم علیها السلام *** 427
(26) مهرجان البتول علیها السلام *** 429
(27) ذاتُ أحزان *** 432
(28) الدهرُ الخؤون *** 434
(29) يا بنت أشرف مرسَلِ صلي الله علیه و آله و سلم *** 438
(30) فؤاد المصطفى صلي الله علیه و آله و سلم *** 446
(31) النور المشع *** 448
(32) بيت الهدى *** 454
(33) ريحانة الهادي *** 456
(34) أفاطم علیها السلام قومي *** 459
ص: 535
(35) الموسم عيد *** 462
(36) يابنة الطهر *** 465
(37) فقد الهادي *** 469
(38) زينة عرش اللَّه *** 471
(39) أشرقت الدنيا *** 474
(40) مباركة ميمونة *** 478
(41) آية التطهير *** 482
(42) بضعة خير الخلق *** 484
(43) أمُّ الأئمة علیها السلام *** 488
(44) من هدي البتول علیها السلام *** 492
(45) أشرف خلقة *** 495
(46) سيدة العالمين علیها السلام *** 496
(47) آل بيت محمد صلي الله علیه و آله و سلم *** 499
(48) ولادة الزهراء علیها السلام *** 503
قافية الذال
(1) قَصَب السبق *** 507
(2) حكم الإله *** 508
(3) يقف الأمين مسلماً *** 510
الفهارس العامة
1- فهرس الشعراء *** 515
2- فهرس التراجم *** 519
3- فهرس القصائد و البحور *** 521
4- فهرس الموضوعات *** 531
ص: 536
الفاطميات
مَشَاعِر الولاء في قَصَائِدِ الزهراء علیها السلام
الفاطميات
مَشَاعِرَ الوَلَاءِ في قَصَائِدِ الزَهَرَاءِ علیها السلام
اَلْخَطِيبُ اَلشَّيْخُ عَلِيٌ حَيْدَرُ اَلْمُوَيَّدُ
اَلْجُزْءُ اَلثَّالِثُ
دارالعلوم للتحقيق و الطباعة و النشر و التوزيع
جميع الحقوق محفوظة الطبعة الأولى 1426 ه_- 2005م
ص: 1
ص: 2
الفاطميات
مَشَاعِرَ الوَلَاءِ في قَصَائِدِ الزَهَرَاءِ علیها السلام
اَلْخَطِيبُ اَلشَّيْخُ عَلِيٌ حَيْدَرُ اَلْمُوَيَّدُ
اَلْجُزْءُ اَلثَّالِثُ
دارالعلوم للتحقيق و الطباعة و النشر و التوزيع
ص: 3
جميع الحقوق محفوظة الطبعة الأولى 1426 ه_- 2005م
دارالعلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع
المكتبة: حارة حريك.. بئر العبد - شارع السيد عباس الموسوي - الهاتف: 01/545182 - 03/473919 ص.ب: 13/6080 المستودع: حارة حريك - بئر العبد - مقابل البنك اللبناني الفرنسي - تلفاكس: 01/541650
www.daraloloum.com mail: daraloloum@hotmail.com
ص: 4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿1﴾
اَلْحَمْدُ لِلَّ_هِ رَ بِّ الْعَالَمِينَ ﴿٢﴾ الرَّ حْمَ_ٰنِ الرَّ حِيمِ ﴿٣﴾ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴿٤﴾ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴿٥﴾ اهْدِنَا الصِّرَ اطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿٦﴾ صِرَ اطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴿٧﴾
ص: 5
ص: 6
(بحر السريع)
حلِّقْ أبا أحمد بالذّاتِ *** وتِة على الغابر و الآتي
و اجمع لآل البيت أفضالهم *** ماطاب من نثرٍ و أبيات
و روِّ من عشاقهم غُلَّةً *** تداولوها بالوراثات
حرارة الإيمان من حُبِّهم *** للآلِ من رب السموات
فلیس تطفيها إذن أبحرٌ *** في الأرض أو مدرارُ مُزنات
إلا حديثٌ لاح في أسطرٍ *** خبَّأها الدهر بطيات
الأقصيدٌ صاغهُ شاعرٌ *** و خلَّدَ الشعر بآهات
و أنت إذ تجمعُ لثلاثها *** من قبل ألفٍ جمع أشتات
(ضاءت على الألفين أسرارها) *** عن سيِّدَيْ شباب جنّات
و تارةً بالشعر في فاطمٍ *** محققاً أجلى الروايات
فقلت من شوقي لتأليفكم *** مُقدِّراً تلك الكتابات
أرِّخ (عليٌ شكرتْ جُهدهُ *** الزهراء عند الفاطميات)
السيد محمد رضا القزويني
الكويت 1998/1/26 م
25 رمضان 1418ه_
ص: 7
ص: 8
ص: 9
ص: 10
(بحر البسيط)
الشيخ إبراهيم آل مبارك البحراني التوبلاني(*)(1)
إِذَا سَرَى البَرْقُ مِنْ نَجْدٍ بِتَذْكَارِ *** فَقَدْ تَذَكَّرْتُ مَا لِلدَّارِ مِنْ جَارِ
حَدِيثنا ذُو شُجُونٍ يَابْنَ جَارَتِنَا *** فَعُدْ عَلَيَّ بِإِيرَادٍ وَإِصْدَارِ
وَ اضْرِبْ لَنَا مَثلاً بِالمُصْطَفَى وَ عَلِي *** المُرْتَضَى فَرَبِيبُ الدَّارِ لِلدَّارِ
وَ انْسِبْ ذِراعاً بِمَا فِيهَا إِلَى عَضُدٍ *** وَ الصِّنْوَ لِلصِّنْوِ فِي طَبْعِ وَ آثَارِ(2)
زَكَّاهُ أَكْرَمَهُ رَبَّاهُ عَلَمَهُ *** مُغَيَّبَاتِ مَضَامِينٍ وَ أَقْدَارِ
وَ اخْتَارَهُ وَ عَلَى عِلْم تَخَيَّرَهُ *** رِدْءًا فَأَصْبَحَ مُختاراً لِمُخْتَارِ
وَ هَلْ تَشُذُّ عَنِ المُخْتَارِ لَحْمَتُهُ *** وَ قَدْ أُنِيطَتْ بِأَعْصَابٍ وَ أَوْتَارِ؟
أَمْ لِلْخَلِيطَيْنِ مِنْ ذَاتٍ إِذَا امْتَزَجَا *** تَزَيُّلٌ بَعْدَ تَكْرِيرِ بِتَكْرَارِ(3)
اللهُ أَعْلَمُ إِذْ سَوَّاهُمَا مَثَلاً *** بِلا مَشِيلٍ وَ لاَيَدْرِيهِمَا دَارِي
فَالمُصْطَفَى مُصْطَفَى مِمَّا بَرَى البَارِي *** وَ المُرْتَضَى مُرْتَضَى مِمَّا ذَرَى الذَّارِي(4)
أَمِيرُ سِلْمِ وَإِسْلَامِ مُسَلَّمَةٌ *** لَهُ وِلايَةُ أَبْرَارٍ وَ فُجَارِ
لاَيَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ عَبْدٍ عِبَادَتَهُ *** إِلا بِهِ وَ تَذَكَّرْ مِنْهُ يَا حَارِ
فَإِنَّ فِيهَا لَهُ شَأْنَا وَ مَنْزِلَةً *** وَ لَامَجَالَ لِتَشْكِيكٍ وَ إِنْكَارِ
ص: 11
زَوْجُ البَتُولِ أبوالسِّبْطَيْنِ فَارِسُ مَیْدَانِ *** الحُرُوبِ هِزَبْرٌ ضَيْغَمٌ ضَارِي(1)
إِذَا تَضَرَّمَتِ الهَيْجَاءُ فَهُوَ بِهَا *** خَدِينُ مُهْرٍ وَ خَطَارٍ وَ بَتَّارِ(2)
منْ يَقْتَدِحْ لِلْوَغَى نَاراً لِيُسْعِرَهَا *** عَلَى حِمَاهُ رَأَيْنَا قَدْحَهُ الوَارِي؟(3)
يُذْكِي لَظَاهَا وَ يُوقِيهَا وَ قَائِدُهَا *** بِشِلْوِ كُلِّ شَدِيدِ البَأْسِ فَغّارِ(4)
يَشُدُّ فِيهَا وَ يَطْوِيهَا وَ يَنْشُرُهَا *** فَتَسْتَدِيرُ عَلَى قُطْبٍ وَ مِحْوَارِ
يَأْتِي عَلَيْهَا مُغِيراً فِي جَوَانِيهَا *** فَرْداً فَتَحْسَبُهُ جَاءٍ بِجَرَّارِ(5)
وَ العَادِيَاتِ وَ فِيهِ أُنْزِلَتْ وَ بِهِ *** عُرِفْنَ ضَبْحاً وَ سَبْحاً فِي الدَّمِ الجَارِي
وَ سَيْفُهُ ذُو فِقَارِ فِي سَفَاسِفِهِ *** لَمْعُ المَنِيَّةِ خَطَافٌ لأَعْمَارِ
فَقِيلَ لاَسَيْفَ إِلا ذُوالفِقَارِ وَ لاَ *** فَتَى سِوَاهُ لِنَجْدَاتٍ وَ أَخْطَارِ
وَ لَيْسَ ضَرْبَتُهُ الوَطْفَا لِمِعْيَارِ *** وَ لَيْسَ طَعْنَتُهُ النَّجلاً لِمِسْبَارِ(6)
حَمَى عَرِينَ الهُدَى عَنْ كُلِّ عَادِيَةٍ *** وَرَدَّ عَادِيَةَ العُزَّى لأوْجَارِ(7)
وَ امْضَغَ العَابِدِينَ اللّاتَ دَاغِصَةً *** يَسْتَقْذِفُونَ شَطَايَاهَا بِتَعْصَارِ(8)
و مَا عَلَىٰ هُبَلٍ لَوْ أَنَّهُ انْهَبَلَتْ *** أَرْكَانُهُ وَ تَدَاعَتْ بَيْنَ أَمْدَارِ(9)
فَقَدْ رَمَاهُ أَبُو الجُلَّى بِزُلْخَةٍ *** تِسِنُّهُ وَ هُوَ مُنْسُوفٌ مَعَ الذاري(10)
وَهَبَّ عَابِدُهُ يَلْوِي إلى وزَرٍ *** يَنُوءُ عَاتِقُهُ ثِقْلاً بِأَوْزَارِ
ص: 12
فَحَصْحَصَ الدِّينُ وَ ارْتِيدَتْ مَرَاتِعُهُ *** وَ ظَلَّ مَقْصِدَ وُفَادٍ وَزُوّار(1)
وَرَاحَ يُوفِدُ فِي عَبْرِ الجَزِيرَةِ مِنْ *** مُبَشِّرِيهِ فَبَحَّارٍ وَ صَحَّارِ
كَالرِّيح أَوْ كَوَمِيضِ البَرْقِ سُرْعَتُهُ *** عَلَى لَطَافَةِ نَسْمَاتٍ بِأَسْحَارِ
حَتَّى تُخَلَّلَتِ الدُّنْيَا مَخَائِلُهُ *** وَ جَاسَ فِي كُلِّ إِقْلِيم وَ أَمْصَارِ
يُمَثِّلُ الدِّينَ وَ الدُّنْيَا بِدَعْوَتِهِ *** كَالشَّمْسِ فِي حُسْنِ تَبْيينِ وَإِظْهَارِ
فَتَدْخُلُ النَّاسُ أَفْوَاجاً حَظَائِرَهُ *** كَمَعْهَدِ بِفُنُونِ الخَيْرِ زَخَّارِ(2)
فَمِنْ مُرَبِّ لِجِيلِ النَّشَءِ تَرْبِيَةً *** تَسْمُو بِهِ لِكَرَامَاتٍ وَأَقْدَارِ
وَ مِنْ مُلَقِّنِ عِلْمٍ تَسْتَنِيرُ بِهِ *** عَيْنُ البَصِيرَةِ رَهَافٌ لأَفكارِ
وَ مِنْ طَبِيبِ لَهُ عِلْمٌ وَمَقْدِرَةٌ *** عَلَى العِلاجِ رَحِيبَ الصَّدْرِ دَوَارِ
وَ مِنْ إِخْوَةِ صِدْقٍ فِي ضَمَائِرِهِمْ *** تَبَادَلُوهَا عَلَى عُسْرٍ وَإِيسَارِ
تِلْكَ المَكَارِمُ لاَقِعْبَانَ مِنْ لَبَنٍ *** شِيبَا بِمَاءٍ وَ لَاتَخْوِيلُ دِينَارِ(3)
وَ لاَتَحَرُّرُ نَفْسٍ فِي تَهَوُّرِهَا *** عَلَى المُجُونِ وَ لاَطَبْلٍ وَمِزْمَارِ(4)
عَلَيْكَ نَفْسَكَ فَاعْمَلْ مَا يُخَلُصُهَا *** فَوْراً وَخَلِّ وَقُودَ النَّارِ لِلنَّارِ
أَنْسَى الزَّمَانَ وَ مَا جَاءَ الزَّمَانُ بِهِ *** لِحَادِثِ لَمْ يَزَلْ يَشْدُو بِتِذْكَارِي
مَاتَ الرَّسُولُ فَمَاتَتْ كُلُّ كَائِنَةٍ *** وَ كُدِّرَتْ صَفْوةُ الدُّنْيَا بِأَكْدَارِ
وَ أَصْبَحَتْ حَرَكَاتُ الكَوْنِ سَاكِنَةً *** وَ الأَرْضُ مُؤذِنَةً مِنْهُ بِتَسْيَارِ
وَ أَظْلَمَتْ صَفَحَاتُ الجَوِّ وَ انْطَبَقَتْ *** دَوَائِرُ الأُفُقِ وَ اصْطَكَّتُ بِإِعْصَارِ
وَ أَظْهَرَ النَّاسُ أَحْقَاداً مُؤَكَّدَةً *** ضَاقَتْ ضَمَائِرُهُمْ مِنْهَا بأَسرارِ
تَقَحَّمُوا مَنْزِلَ الزَّهْرَاءِ وَاجْتَرَمُوا *** وَ أَضْرَمُوا النَّارَ فِي بَابٍ وَأَسْتَارِ(5)
ص: 13
وَ أَخْرَجُوا حَيْدَرَ الكَرَّارَ وَ احْتَشَدُوا *** لِبُغْيَةِ المُلْكِ فِي شَيْءٍ مِنَ الثّارِ(1)
قَادُوهُ سَحْباً وَ تَجْرِيراً لِبَيْعَتِهِمْ *** بَاءَتْ مَرَابِحُهُمْ مِنْهَا بِإِخْسَارِ
أمَّا البَتُولُ فَرَضُوهَا بِحَائِطِهَا *** رَضَاً يُوَجُهُهُمْ لِلنَّارِ وَ العَارِ
وَ أَسْقَطُوهَا جَنِيناً بَعْدَمَا لَطَمُوهَا *** لَطْمَةً بَقِيَتْ مِنْهَا بِآثَارِ(2)
وَ السَّوْطُ أَلَمَ مَثْنَيْهَا عَلَى أَلَمٍ *** لأَقَتْهُ مِنْ رَضٌ أَضْلاعِ وَ أَفْقَارِ(3)
ص: 14
تَشْكُو إِلَى النَّاسِ لَمْ تُسْمَعْ شِكَايَتُهَا *** فَمِنْ مُهَاجِرَةٍ مِنْهُمْ وَأَنْصَارِ
وَأَتْبَعُوا فِعْلَهُمْ هَذَا بِغَضبِهِمُ *** المِيرَاثَ مِنْهَا بِمَوْضُوعَاتِ أَخْبَارِ(1)
حَتَّى قَضَتْ وَهْيَ حَرَّى القَلْبِ شَاكِيَةٌ *** مِنْ كُلِّ بَاغِ أَثِيمِ القَلْبِ خَتَارِ(2)
ص: 15
(بحر الوافر)
الشيخ أبو حازم الباوي
كتبتَ الشعرَ فالتمس الشعورا *** فبعضُ الشعرِ يختصرُ العصورا
كمثلِ الجمرِ تستعرُ القوافي *** بأضلاع غدَتْ تردُ البحورا
حليفَ الحرفِ يا وجداً تسامي *** إذا ما الفكرُ قد نبذَ الغُرُورا
نبيَّ الخيرِياخَلقاً و خُلقاً *** بما أضفى على الدُّنيا عبيرا
يَراعِي في مديحكَ راحَ يكبو *** إذا ما الشعرُ أزمعَ أن يمورا(1)
و طيب قد أتيت بكلِّ فجٍ *** و أذكيت المغاورَ و الثغورا
رأيتَ الناس تحسُوا بارتغاءٍ *** فتكرعُ بعد رغوتِها غديرا
فأوردتَ النفاقَ شفيرنارٍ *** و أفعمت الحياة هدَّى و نورا
حبوتَ الدين و الدنيا وليداً *** به زینتَ من ألقٍ دهورا
هي الزهراءُ تُزهرُ كلِّ دينٍ *** إذا ما الليلُ يفتقدُ البدورا
فقد عقمتْ بناتُ الدهرِ جمعاً *** يلدن الروضَ كي يهبَ الزهورا
حباكِ الله في الأكوان مجداً *** و باقي المجدِ يوشكُ أن يبورا
بتولٌ و التقى وجدٌ و شعرٌ *** و قد أعيا الفرزدقَ أو جريرا(2)
و بعلٌ أرهقَ الأوباشَ فتكاً *** بسيفٍ سلِّ كي يبري النحورا(3)
ص: 16
نبيلٌ في احتدامِ الحرب يعفو *** و يشملُ عفوهُ غرّاً غريرا
غداً يغذو اليتامى و هو طاوٍ *** و أشبعَ قرصُهُ سرّاً أسيرا(1)
لوجهِ الله يطعمُ كلِّ آتٍ *** فلايبغي الجزاءَ و لاالشكورا
سمتْ في الكون إيماناً و فخراً *** و عادت تملأُ الدنيا سرورا
فبالزهراء يبسمُ كلِّ باكٍ *** إذا ما القلبُ يفتقدُ الحبورا(2)
حنيني ما بقيتُ إليك يذكو *** كما في القلبِ يوشكُ أن يثورا
بلادي و الهوى شدٌ و جذبٌ *** و غيركِ قد غدتْ تحوي القشورا
إليك القلبُ يرحلُ كلِّ يومٍ *** و في ذكراك يوشكُ أن يطيرا
يمورُ الوجدُ دوماً في ضلوعي *** و يقدحُ في الحشا شوقاً سعيرا
بلادي جنةُ المأوى اخضراراً *** و أمصارُ الورى أضحتْ قبورا
أيا بنتَ الحسينِ فداكِ ناءٍ *** فأنتِ الذكرُ يحتضنُ الزبورا
جميعُ الخلق تطمعُ منك ودّاً *** و تطمعُ أن ترى فيكِ الأميرا
و أضحى ملجأَ للناس جمعاً *** فطبعُ الحرِّ يلتمسُ النصيرا
كشعبي مالقي شعبٌ عذاباً *** فما أبقتْ له الدنيا صدورا
فصدرُ تارةً يقضي ارتهاناً *** و صدر غالَهُ الأوغادُ طَوْرا
فقالوا: جبتمُ الأمصارَ جوعاً *** فلا براً ملكتم أو شعيرا
فقلنا:بل ركبنا كلِّ صعبٍ *** لدينِ للّه لانرجُو شكورا
تركنا في السوادِ كثير مالٍ *** و نملكُ في الورى خيراً و فيرا
سيبقى دأبنا للدين بذلاً *** و إن نلقى الدسائسَ و الشرورا
فما نرجُو ببذل النفس أجراً *** إذا ما الغيرُ يلتمسُ الأُجُورا
ص: 17
و صرنا أسوةٌ في الناسِ نسمو *** و يبقى الغيرُ يعجزُ أن يطيرا
ورثنا دمعةَ الزهراءِ حزناً *** فما نالتْ من الدنيا نقيرا(1)
فراحت تملأ الدنيا عطاءً *** و راحت تغرس الدنيا بذورا
هي النور المبلّجُ حين نصحو *** هي الأزهار تحتضن العطور(2)
هي الحزنُ المبيّتُ في فؤادٍ *** غدا في الله محتسباً صبورا
ص: 18
(بحر الطويل)
الأستاذ أحمد رشيد مندو(*)(1)
خَدِيجَةُ أُمَّ المُؤْمِنِينَ تَهَنَّتِي *** بِمَا نَلْتِ مِنْ فَضْلٍ بِدُنْيَاكِ وَ الْأُخْرَىٰ
سَبَقَتِ إِلَى الإسلام كُلَّ نِسَائِهِ *** وَ كُنْتِ بِهِ صِدِّيقَةَ المُصْطَفَى الكُبْرَى
عَلَيْكِ رَسُولُ اللهِ أَثْنَى فَلَمْ تُطِقْ *** ثَنَاءَ رَسُولِ اللهِ زَوْجَتُهُ الحَمْرَا(2)
فَقَالَتْ لَهُ كَانَتْ عَجُوزاً كَبِيرَةً *** وَمِنْهَا حَبَاكَ اللَّهُ مَا بَيْنَنَا خَيْرَا(3)
ص: 19
فَسَاءَ إِمَامَ المُرْسَلِينَ كَلَامُهَا *** وَ كَمْ هِيَ آذَتْهُ وَ أَفْشَتْ لَهُ سِرًا
وَ قَدْ كَانَ يُؤْذِي فَاطِماً هَجْوُ أُمِّهَا *** وَ لَمْ يُرْضِهِ الهَادِي مِنَ الزَّوْجَةِ الغَيْرَىٰ
فَقَامَ يُنَادِيهَا وَ يُعْلِنُ هَجْوَهَا *** وَ عُقْماً بِهَا مِنْ دُونِ شَكٍّ بِهِ تُزْرَى(1)
وَ قَالَ لَهَا بَلْ أَيْنَ مِثْلُ خَدِيجَةٍ *** وَ مَا شَهِدَتْ يَوْماً نَظيرَتَهَا الغَبْرَا
لَقَدْ صَدَّقَتْنِي حِينَ مَا كَانَ غَيْرُهَا *** يُكَذِّبُنِي وَاللهُ يُلْهِمُهَا الصَّبْرًا
وَ فِي المَالِ وَ اسَتْنِي فَأَنْفَقَتْ مَالَهَا *** وَ لَمْ أُبْقِ لاَ بَيْضَاءَ مِنْهُ وَ لاَصَفْرَا(2)
وَ أَعْقَمَكِ الرَّحْمَنُ دُونَ خَدِيجَةٍ *** وَ مِنْهَا حَبَانِي اللهُ ذُرِّيَّةً غَرّا
وَ إِنَّ إِلهَ العَرْشِ طَهَّرَ نَسْلَهَا *** وَ فِي جَنَّةِ الفِرْدَوْس شَادَ لَهَا قَصْرَا(3)
وَ قَدْ أَمَرَ البَارِي وَ أَبْشَرَهَا بِهِ *** وَ أَثْنَى عَلَيْهَا اللَّهُ فِي لَيْلَةِ الإِسْرَا
وَ مَا أَغْضَبَتْنِي لَحْظَةٌ فِي حَيَاتِهَا *** وَ لَمْ تَعْصِ يَوْماً يَا حُمَيْرَاءُ لِي أَمْرَا
وَ لَوْ بَقِيَتْ لِي مَا تَزَوَّجْتُ فَوْقَهَا *** وَ لاَثَيِّباً أَمْهَرْتُ كلاً وَ لاَبِكْرَا
وَ لَمْ تَلِدِ الأَيَّامُ فِي الكَوْنِ مِثْلَهَا *** وَ فِي عَقْلِهَا مَا شَاهَدَتْ مِثْلَهَا الخَضْرَا
وَ مَا ضَرَبَ الأَمْثَالَ فِي الذِّكْرِ رَبُّهَا *** بِزَوْجَةِ نُوحٍ ثُمَّ لُوطٍ لَهَا زَجْرَا
فَخَلّي لَهَا كُلَّ الفَضَائِلِ وَحْدَهَا *** وَ فِي غَيْرِ خَيْرِ لاتُثِيرِي لَهَا ذِكْرَا
وَ لاَتَحْسُدِيهَا يَا حُمَيْرًا *** فَتِهْلكِي وَ فِي هَجْوِهَا تُؤْذِينَ بَضْعَتِي الزَّهْرَا
وَ إِيَّاكِ دَوْماً عَنْ عَدَاوَةِ فَاطِمٍ *** وَ صِنْوِي عَلِيَّ مَنْ شَدَدْتُ بِهِ الْأَزْرَا(4)
ص: 20
وَ إِنْ لَمْ تَكُفّي عَنْ عَدَاوَةِ عِتْرَتِي *** فَفِيهَا تَنَالِينَ النَّدَامَةَ وَ الخُسْرَا
وَ لاَ بُدَّ مِنْ يَوْمٍ تَقُودِينَ عَسْكَراً *** عَلَى جَمَلٍ لَنْ تَرْهَبِي تَرْكَكِ الخِدْرَا
تُرِيقِينَ مِنْ بَعْدِي الدِّمَاءَ وَ أَنْتِ *** لَاتَخَافِينَ فِي إِهْرَاقِهَا العَارَ وَ الوِزْرَا
تَرُومِينَ قَتْلَ المُرْتَضَى خَيْرِ عِتْرَتِي *** وَ تَأْتِينَ فِي هَيْجَائِكِ المُنْكَرَ الإِمْرَا(1)
فَيَمْحَقُ جَيْشَ النَّاكِثِينَ بِسَيْفِهِ *** عَلِيٌّ وَ بَعْدَ الحَرْبِ تَغْدِينَ فِي الْأَسْرَى
يَرُدُّكِ لِلْبَيْتِ الَّذِي قَدْ تَرَكْتِهِ *** وَ كَانَ لَكِ الرَّحْمَنُ صَيَّرَهُ سِتْرَا
رَعَى اللَّهُ قَوْماً حَبَّدُوا بَعْدَ أَحْمَدٍ *** تَبَرُّجَهَا المُزْرِي وَ فِتْنَتَهَا النَّكْرَا
وَ لَمْ يَبْرَحُوا فِي حَرْبِهَا لإِمَامِهَا *** لَهَا عِنْدَهُمْ خَيْرُ المَكَانَةِ وَ الذِّكْرَى
يَقُولُونَ أُمُّ المُؤْمِنِينَ كَأَنَّهَا *** لَهَا الإِسْمُ هَذَا دُونَ ضَرَّاتِهَا طُرًا
عَفَا اللَّهُ عَمَّا كَانَ مِنْهَا وَ مَا جَرَى *** وَ ضَاعَفَ فِي يَوْمِ الجَزَاءِ لَهَا الأَجْرَا(2)
ص: 21
ص: 23
مَنْ كَانَ أَوَّلَ مَنْ تَصَدَّقَ رَاكِعاً *** يَوْماً بِخَاتَمِهِ وَ كَانَ مُشِيرًا؟
مِنْ ذَاكَ قَوْلُ اللَّهِ إِنَّ وَلِيَّكُمْ *** بَعْدَ الرَّسُولِ لِيُعْلِمَ الجُمْهُورا
وَلَدَى الصِّرَاطِ تَرَى عَلِيًّا وَاقِفَاً *** يَدْعُو إِلَيْهِ وَلِيَّهُ المَنْصُورا(1)
ص: 24
اللَّهُ أَعْطَى ذَا عَلِيًّا كُلَّهُ *** وَ عَطَاءُ رَبِّي لَمْ يَكُنْ مَحْظُورا(1)
وَ اللَّهُ زَوَّجَهُ الزَّكِيَّةَ فَاطِماً *** فِي ظِلِّ طُوبَى مَشْهَداً مَحْضُورا(2)
كَانَ المَلاَئِكُ ثُمَّ فِي عَدَدِ الحَصَى *** جِبْرِيلُ يَخْطُبُهُمْ بِهَا مَسْرُورا
يَدْعُو لَهُ وَ لَهَا وَكَانَ دُعَاؤُهُ *** لَهُمَا بِخَيْرٍ دَائِماً مَذْكُورا
حَتَّى إِذَا فَرِغَ الخَطِيبُ تَتَابَعَتْ *** طُوبَى تُسَاقِطٌ لُؤْلُوْا مَنْثُورا
وَ تَهِيلُ يَاقُوتاً عَلَيْهِمْ مَرَّةً *** وَ تَهِيلُ دُرّاً تَارَةً وَ شُذُورا(3)
فَتَرَى نِسَاءَ الحُورِ يَنْتَهِبُونَهُ *** حُوراً بذلِكَ يَحْتَذِينَ الحُورَا(4)
فَإِلَى القِيَامَةِ بَيْنَهُنَّ هَدِيَّةٌ *** ذَاكَ النَّارُ عَشِيَّةٌ وَ بُكُورا(5)
ص: 25
كُلُّ غَدْرٍ وَ قَوْلِ إِفْكِ وَ زُورِ *** هُوَ فَرْجٌ عَنْ جَحْدِ نَصَّ الغَدِيرِ(1)
فَتَبَصَّرْ تُبْصِرْ هُدَاكَ إِلَى الْحَقُ *** فَلَيْسَ الأَعْمَى بِهِ كَالبَصِيرِ
لَيْسَ تَعْمَى العُيُونُ لكِنَّمَا تَعْمَى *** القُلُوبُ الَّتِي انْطَوَتْ فِي الصُّدُورِ
يَوْمَ أَوْحَى الجَلِيلُ يَأْمُرُ طهَ *** وَ هُوَ سَارٍ أَنْ مُرْ بِتَرْكِ المَسِيرِ
حُطَ رَحْلَ السُّرَى عَلَى غَيْرِ مَاءٍ *** وَ كَلاً فِي الْفَلاَ وَ حَرِّ الهَجِير
ثمَّ بَلَّغْهُمُ وَ الأَ فَمَا بَلَّغْتَ *** وحياً عَنِ اللَّطِيفِ الخَبِيرِ
أَقِمِ الْمُرْتَضَى إِمَاماً عَلَى الخَلْقِ *** وَ نُوراً يَجْلُو دُجَى الدَّيْجُورِ
ص: 27
فَرَقی آخِذَاً بِكَفِّ عَلِيَّ *** مِنْبَراً كَانَ مِنْ حُدُوجٍ وَكُورِ(1)
وَ دعَا وَ المَلاَ حُضُورٌ جَمِيعاً *** غَيْبَ اللَّهُ رُشْدَهُمْ مِنْ حُضُورِ
إنَّ هذا أمِيرُكُمْ وَ وَلِيُّ الأَمُرِ *** بَعْدِي وَ وَارِثي و وزيري
هُوَ مَوْلًى لِكُلِّ مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ *** مِنَ اللَّهِ فِي جَمِيعِ الأُمُورِ
فَأَجَابُوا بِأَلْسُن تُظهِرُ الطَّاعَةَ *** وَ الغَدْرُ مُضْمَرٌ فِي الصُّدُورِ
بَايَعُوهُ وَ يَعْدَهَا طَلَبُوا البَيْعَةَ *** مِنْهُ لِلهِ رَيْبُ الدُّهُور
أَسْرَعُوا حِينَ غَابَ أَحْمَدُ لِلْغَدْرِ *** وَ خَافُوا عَوَاقِبَ التَّأْخِيرِ
نَبَدُوا العَهْدَ وَ الكِتَابَ وَمَا جَاءَ *** بِهِ وَ الوَصِيَّ خَلْفَ الظُّهُورِ
خَالَفُوا كُلَّ مَا بِهِ جَاءَ طَهَ *** وَ هُوَ إِذْ ذَاكَ لَيْسَ بِالمَقْبُورِ
عَدَلُوا عَنْ أَبِي الهُدَاةِ المَيَامِينَ *** إِلَى بَيْعَةِ الأَثِيمِ الكَفُورِ
قَدَّمُوا الرِّجْسَ بِالوِلايَةِ لِلأَمْرِ *** عَلَى أَهْلِ آيَةِ التَّطْهِيرِ
لَسْتَ تَدْرِي لِمْ أحْرَقُوا البَابَ بِالنَّارِ *** أَرَادُوا إطفاء ذاك النُّورِ؟(2)
لَسْتَ تَدْرِي مَا صَدْرُ فَاطِمٍ مَا المِسْمَارُ *** مَا حَالُ ضِلْعِهَا المَكْسُورِ؟(3)
ما سُقوط الجنين ما حُمْرَةُ الْعَیْنِ *** وَ مَا بَالُ قُرْطِهَا المَنْثُور؟(4)
ص: 28
دَخَلُوا الدَّارَ وَ هْيَ حَسْرَى بِمَرَأَى *** مِنْ عَلِيّ ذَاكَ الأَبِي الغَیُّورِ (1)
وَ اسْتَدَارُوا بَغْياً عَلَى أَسَدِاللَّهِ *** فَأَضْحَى يُقَادُ قَوْدَ الأسيرِ
وَ الْبَتُولُ الزَّهْرَاءُ فِي إِثْرِهِمْ تَعْثُرُ *** فِي ذَيْلِ بُرْدِهَا المَجْرُورِ
بأنِينٍ أوْرَى القُلُوبَ ضِرَاماً *** وَ حَنِين أَذَابَ صُمَّ الصُّخُورِ(2)
وَدَعَتْهُمْ خَلُوا ابْنَ عَمِّي عَلِيًّا *** أَوْ لأَشْكُو إِلَى السَّمِيعِ البَصِيرِ
مَا رَعَوْهَا بَلْ رَوَّعُوهَا وَ مَرُّوا *** بِعَلِيِّ ٍمُلَبَّباً كَالأَسِيرِ(3)
بَعْضُ هَذَا يُرِيكَ مِمَّنْ تَوَلَّى *** بَارِزَ الكُفْرِ لَيْسَ بِالمَسْتُورِ
كَيْفَ حَقٌّ البَتُولِ ضَاعَ عِنَاداً *** مِثْلَ مَا ضَاعَ قَبْرُهَا فِي القُبُورِ؟
قَابَلُوا حَقَّهَا المُبِينَ بِتَزْوِيرٍ *** وَ هَلْ عِنْدَهُمْ سِوَى التَّزْوِيرِ؟
وَ رَووْا عَنْ مُحَمَّدٍ خَبَراً لَمْ *** يَكُ فِيهِ مُحَمَّدٌ بِخَبِيرِ(4)
وَ عَلِيٌّ يَرَى وَ يَسْمَعُ وَ السَّيفُ *** رَهِيفٌ وَ البَاعُ غَيْرُ قَصِيرِ
قَيَّدَتْهُ وَصِيَّةٌ مِنْ أَخِيهِ *** حَمَلَتْهُ مَا لَيْسَ بِالمَقْدُورِ
أَفَصَبْراً يَا صَاحِبَ الأمْرِ وَ الْخَطْبُ *** جَلِيلٌ يُذِيبُ قَلْبَ الصَّبُورِ
ص: 29
كُمْ مُصابٍ يَطُولُ فِيهِ بَيَانِي؟ *** قَدْ عَرَى الطُّهْرَ فِي الزَّمَانِ القَصِير
كَيْفَ مِنْ بَعْدِ حُمْرَةِ العَيْنِ مِنْهَا *** يَا بْنَ طَهَ تَهْنَى بِطَرْفِ قَرِيرِ(1)
فَابْكِ وَ ازْفَرْ لَهَا فَإِنَّ عِدَاهَا *** مَنَعُوهَا مِنَ البُكَا وَ الزَّفِيرِ؟(2)
وَ كَأَنَّى بهِ يَقُولُ وَ يَبْكِي *** بِسِلُو نَزْرٍ وَ دَمْع غَزير
(لاَ تَرَانِي اتَّخَذْتُ لاَ وَعُلاهَا *** بَعْدَ بَيْتِ الأَحْزَانِ بَيْتَ السُّرُورِ)(3)
فَمَتَى يَا بْنَ فَاطِم تَنْشُرُ الطاغوتَ *** وَ الجِبْتَ قَبْلَ يَوْمِ النُّشُور
فَتُدَارَكَ مِنَّا بَقَايَا نُفُوسِ *** قَدْ أَذِيبَتْ بِنَارِ غَيْظ الصُّدُورِ(4)
ص: 30
(بحر الخفيف)
السيد باقر الهندي(*)(1)
تخميس الشيخ قيس العطار(**)(2)
أيُّها السائلي عن المقدور *** كيف أقصَوْا آل البشيرِ النذيرِ
هاكَ قولاً يجلُو عمى الديجورِ *** «كلُّ غدرٍ و قولٍ إفكٍ و زورِ
هو فرعٌ عن جحدِ نصِّ الغديرِ»
***
يومَ كانِ النبيُّ إذ ذاك أشفق *** من عتيقٍ و من أخي الجهلِ أزرق
فإذا شئت أن ترى الجهل يزهق *** «فتبصر تُبصْر هداك إلى الحق
فليسَ ليس الأعمی به کالبصیرِ»
***
كيف جرّوا الإمامَ قسراً يتمتعْ *** و إلى بيعةِ المنافق يدُفعْ
قلْ لمن راحَ في الضلالةِ يرتعْ *** «ليس تعمى العيونُ لكنّما تعمي
القلوبُ التي انطوتْ في الصدورِ»
***
ص: 31
هاكَ من حجةِ الوداع نباها *** عن بني المصطفى شفاهاً شفاها
حادثاتٍ حتى العدوّ رواها *** «يوم أوحى الجليلُ يأمرُ طه
و هو سارٍ أن مُرْ بتركِ المسیرِ»
***
لاتخف كُلّ مايلي من بلاءْ *** من بني الجهل إنّهم شرُّ داءْ
أيُّها المصطفى امتثل لنداءْ *** «حُطّ رحلَ السُّرى على غير ماءْ
و كلاً في الفلا و حرّ الهجیر»
***
نادِ فيهم فدينُهُم ليس يُقبلْ *** بسوى البدر حيدرٍ ليس يأفلْ
ليماز المطيعُ ممَّن تبلبلْ *** «ثمّ المبلغهُمُ و الأ فما بَلْلَغْتَ
وحياً عن عن اللطيفِ الخیبرِ»
***
راكعاً جادَ لم يكنْ قطُّ يبخلْ *** و هو في الدين و السياسة أوّلْ
فاجعل الأمرَ فيه والربطَ و الحلْ *** «أقم المرتضى إماماً على الخَلْقِ
و نوراً يجلُو دجي الدیجور»
***
نصّ فيهمْ له بنصِّ جليّ *** و أقمهْ للناس خيرَ وليِّ
نفّذِ الأمر دونَ عيّ وَلَيِّ *** «فرقي آخذاً بكفِّ عليٍّ
منبراً كان من حُدُوج وكُورِ»
***
نكثوا العهدَ بعدَ طه سريعاً *** لُعِنوا، بئسَ ما أَتَوْهُ صنيعا
ص: 32
فكأن لم يقُم ينادي مذيعا *** «و دعا و الملا حضورٌ جميعا
غيَّبَ اللَّه رشدهم من حُضُورِ»
***
رام أن يُنقَذوا من التَيه و الذُلْ *** لو أزاحوا عن صدر هم كامِنَ السَلْ
فرقى المصطفى و قد أَسمَعَ الكُلْ *** «إنّ هذا أميركم و وليُّ
الأمرِ بعدي و وراثي و وزیري»
***
يومَ قامَ النبيُّ غرَّاً و طَوْلا *** عن إلهِ السما يبلِّغ قولا
إنّ هذا بكم أحقّ و أَولى *** «هو مولّى لكلّ من كنت مولاهُ
من اللَّه في جمیعِ الأمورِ»
***
فإذا القوم كالأفاعي رُقْطا *** لم يُراعوا من الأمانةِ قِسطا
كتبوا بينهم كتاباً و شرطا *** «فأجابوا بألسن تظهر الطاعةَ
و الغدر مضمرٌ في الصدورِ»
***
بايعوه لمْ يُظهروا الغيّ و اللَّيْ *** كلّ هيِّ من الحثالات أو بَيْ
يالخطبِ الدهور ما أقبحَ الغِيْ *** «بايعوه و بعدها طلبوا البيعة
منهُ للَّه ريبُ الدهور»
***
أحكموا اليوم عهد غدرٍ إلى الغَدْ *** قبل أن يدفنَ النبيُّ و يُلحدْ
فرغانغلُ حنتمٍ ثم أزبدْ *** «أسرِعُوا حين غابَ أحمدُ للغدْرِ
ص: 33
و خافوا عواقبَ التأخر»
***
يا لشيخين في الضلالةِ ماجا *** و لقوم بإثمها تتناجي
تركُوا العذبَ و استطابوا الأجاجا *** «نبذوا العهدَ و الكتابَ و ما جاءَ
به و الوصيَّ خلفَ الظهورِ»
***
فأبى الله تيمُ أن تعطاها *** أو عدي بأن تدوسَ وِطاها
لُعِنت أمّةٌ أضاعتْ هداها *** «خالفُواكلّ ما بهِ جاءَ طه
و هو إذ ذاك ليسَ بالمقبور»
***
منعَ الطرفُ من لذيذِ المنامِ *** للذي حلَّ بالوصيِّ الإمامِ
آهِ من معشرٍ طغامٍ لئامِ *** «عدلُوا عن أبي الهداةِ الميامينِ
إلي بیعةِ الأثیمِ الکفورِ»
***
بايعُوا آثماً مع الشرك توأمْ *** لم تَرَ العينُ منه أزرى و الأَمْ
يا لجُرح على المدى ليسَ يُلْأَمْ *** «قدَّمُوا الرجس بالولايةِ للأمرِ
على أهلِ آيةِ التطهیرِ»
***
أوَ تَدْرِي بما لهُ الرجسُ سَنّا *** والّذي نالَهُ الملاعينُ مِنّا
أو تدري بِقلبِ فاطمَ أَنَّا *** «أو تدري لِمْ أحرقُوا البابَ بالنَّارِ
أرادوا إطفاء ذاک النورِ»
***
ص: 34
إذ أتى السامريُّ بالبابِ يردسْ *** و ابن قحفٍ من خلفِ ذاك يوسوسْ
أَوَ تَدْرِي بالليل حين يعسعسْ *** «أَوَتَدْرِي ما صدرُ فاطم ما المسمارُ
ما حال ضلعِها المکسورِ»
***
غصبُوا نحلةَ البتولِ من الفَيْ *** فتسنّى قتلُ ابن فاطم للريْ
أَوَ تَدْرِي بما جنى الحقدُ و الغَيْ *** «ما سقوطُ الجنينِ ما حمرةُ العين
وما بالُ قرطِها المنثورِ»
***
ملأ الكفرُ منهم القلبَ ملأَ *** و عن الله لم يزالوا بمنأى
هَدَمُوا الدين ثمَّ عوداً و بدءا *** «دخلوا الدار و هي حسرى بمرأى
من عليٍّ ذاک الأبي الغیور»
***
حَمَلُوا في القلوبِ حقداً و غِلاً *** و أرادُوا إطفاءَ نورٍ تجلّى
نفّذوا خطةَ الصحيفة كُلّا *** «و استدارُوا بغياً على أسدِ اللّهِ
فأضح يقادُ قودَ الأسيرِ»
***
سحبُوا الليثَ ويحهمُ من عرينٍ *** و استغلُّوا وصيةً للدِّينِ
سحبُوهُ بشرِ حالٍ و هُونِ *** «ينظرُ الناسَ ما بهم من مُعينٍ
و ینادي و ما لهُ من نصیرِ»
***
أسقطُوا محسناً قتيلاً مضاما *** حين رضُّوا بالبابِ منها العِظاما
ص: 35
فأشارت إذ لا تطيقُ كلاماً *** «بأنين أورى القلوبَ ضراما
و حنین أذابَ صُمَ الصخورِ»
***
و شكتْ حالها تنادي النبيّا *** يا رسول الإلهِ انظُر إليّا
ثم صاحتْ عسى يعافونَ غيا *** «و دعتهُم خلّوا ابن عمّي عليّا
أو لَأَشكو إلى السمیعِ البصیرِ»
***
ما أصاغُوا لها ففي الأذن و قرُ *** و تمادوا ببغيِّهم و استمرُّوا
ليس عجباً أن يبغض الطُّهرَ عهرُ *** «ما رعَوْها بل روَّعُوها و مَرُّوا
بعليّ ملبّباً كالأسیرِ»
***
قل لمن تاهَ في هواهم وضلّا *** لاهبَ النارِ سوفَ في الحشرِ تصلى
فإذا كنتَ مالكاًويك عقلا *** «بعضُ هذا يريك ممّن تولّى
بارزَ الكفر ليسَ بالمستورِ»
***
قل لمن شَاءَ أن يصحَّ اعتقادا *** خذْ من الآلِ للقيامةِ زادا
و سلٍ النفسَ إن أردتِ رشادا *** «كيف حق البتول ضاعَ عنادا
مثلما ضاعَ قبرُها في القبورِ»
***
وتبرأُ مِمَنْ يهرُّ و يعوِي *** و من الزمرةِ التي الحقَّ تزوي
ص: 36
حيث لمّا قد أفصحَ الحقُّ يروي *** «قابلُوا حقَّها المبينَ بتزويرٍ
و هل عندهُم سوی التزویرِ»
***
غيّروا باختلاقِهِم كُلَّ معلّمْ *** فأضاعوا الميراث و هو مُسَلَّمْ
و افترى شيخُهُم حديثاً مُنَمْنَمْ *** «و رووا عن محمّدِ خبراً لمْ
يكُ فیهِ محمّدٌ بخبیرِ»
***
بالَصَبْرٍ يحيُّر الميتَ و الحَيْ *** ماسمعنا بمثلِ ذلكَ من شَيْ
نَغْلُ تيمٍ يعثو كما شاء بالغيْ *** «و عليٌّ يرى و يسمعُ و السيفُ
رهيفٌ و الباعُ غيرُ قصيرِ»
***
آه لولا القضا و ما خطَّ فيهِ *** لقضى المرتضى على غاصبيهِ
غیر أن الإمامَ فيمايليهِ *** «قيّدتهُ وصيّةٌ من أخيهِ
حمّلَتهُ ماليس بالمقدورِ»
***
يا إمامَ الزمانِ قلبي قد انعطْ *** لأمور لها السماواتُ تنحطْ
جرّد السيف بي أعاديك و اسخطْ *** «أفصبراً يا صاحب الأمرِ و الخطْبُ
جليلٌ يذيبُ قلبَ الصبورِ»
***
فإلامَ البقاءُ في الكتمانِ *** و احتمالَ الأذى منَ العدوانِ
ص: 37
خذ بثاراتِها بأسرع آنِ *** «كم مصابٍ يطولُ فيه بياني
قد عرى الطهر في الزمانِ القصيرِ»
***
أزح الهمَّ يابن فاطمٍ عنها *** و على فادحِ الرزايا أعِنْها
هذه أُمُّك الوديعةُ صُنْها *** «كيف من بعد حمرةِ العينِ منها
یا بن طهَ تهني بطرفِ قریرِ»
***
لك ترنُو من فاطمٍ عيناها *** علّ يوماً تردُّ عنها أساها
فإذا لم تسرّها بشفاها(1) *** «فابكِ وازفر لها فإنَّ عِداها
منعُوها وهامن البكا و الزفيرِ»
***
طهَّر الأرض من نفاقٍ و شركِ *** و اصلبِ القوم حيثُ جاؤوا بإفكِ
فكأنّ الإمام حزنان يحكي *** «و كأنّي به يقولُ و يبكي
بسلوِّ نزر و دمعٍ غزیرِ»
***
لا و حقِّ النبيٍّ لاأنساها *** هي أُمّي التي أضيعَ ثراها
لاتراني و حقُّ جدّيَ طه *** «لاتراني اتّخذت لا و علاها
بعدَ بيتِ الأحزان بیتَ سرورِ»
***
عُطَّ أكبادَهِم فديتُك عَطّا *** إنّهم نثّروا من الأُذنِ قُرْطا
ص: 38
عجّل الثارَ لايكن منكَ شحطا *** «فمتى يابنَ فاطمَ تنشرُ الطاغوتَ
و الجبتَ قبلَ يوم النشورِ»
***
يا أنيسَ النفوسِ خير أنيسِ *** أينعتْ منهُمُ ثمارُ رؤوسِ
فاقتطفها بطالعٍ ذي نحوسِ *** «و تداركْ منّا بقايا نفوسِ
قد أُذيبتْ بنارِ غيظٍ الصدورِ»
***
ص: 39
(بحر الطويل)
الأستاذ بدر شبيب الشبيب
أيا سائلاً عنِّي إذا شئتَ أن تقرا *** فقلب كتابَ المجدِ لاتتركَنْ سَطْرا
ستعلمْ أني في عيونِ سطورِه *** أُزيّنها كحلاً و أمنحُها سِحرا
و أنّي الذي و الى النبيِّ وآله *** هم قُدوتي دنياهُمُ عدّتي أُخرى
رجالُهُمُ خيرُ الرجالِ مكانةً كفاني بهم *** عزاً کفاني به فخرا
و إن عدَّ غيرِي في المفاخر نسوة *** كفاني إذا ما قلتُ فاطمةَ الزهرا
لئن سادتْ العذراءُ نسوةً عصرها *** فقد سادتِ الزهراء في قدرِها العُصرا
تعجبتُ للتاريخِ يكتُمُ أمرَها *** فساءلتُهُ يوماً فأبدى لِيَ العُذرا
و أعرضَ عني قائلاً إن في فمي *** فقلتُ اقذف الماءَ الذي يورثُ القهرا
و حدّثْ عن الزهراءِ بضعةِ أحمدٍ *** و مَن كانت الآياتُ في حقِّها تترى
ألم تكُ أُمّاً للنبيِّ و كوثراً و كانَ *** رسولُ اللَّه يوصِي بها خَيْرا
فهل حفظُوا بعدَ النبيِّ مقامَها؟ *** فصانُوا لها ودّاً و كانت لهم ذكرى
فقال ليَ التاريخُ و الدمعُ هاطلٌ *** أحلتَ فؤادي منذ ساءلتني جمرا
لقد بدأتْ كلُّ الرزايا برزئها *** و من فدكٍ كانتْ رزيتُنا الكبرى
و كان الذي قد كانَ من أمرِ دارِها *** فظُنَّ به خيراً و لاتكشفنْ سِترا
فقلتُ إذا أحسنتُ ظناً بما جرى *** فما بالُ بنتِ المصطفى و وريتْ عُسرا
فقال كفى لاتستزد من عنائِها *** فقد زدتني همّاً و أرهقتَنِي عُسرا
و لاتطلبِ التفصيل عمّا جرى لها *** و رفقاً بحالِي إن لي كَبِداً حرى
تكلّفني الأيامُ ما لاأُطيقه *** أرى صفوة الأخيار مغبونة جهرا
ص: 40
(بحر البسيط)
الشيخ بهاء الدين العاملي (*)(1)
أهْوَى عَلِيّاً أَمِيرَالمُؤْمِنِينَ وَ *** لاَ أَرْضَى بِسَبُ أَبِي بَكْرٍ وَ لَاعُمَرَا
ص: 41
ص: 42
وَ لاأَقُولُ إِذَا لَمْ يُعْطِيَا فَدَكَاً *** بِنْتَ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ قَدْ كَفَرًا
اللهُ يَعْلَمُ مَاذَا يَأْتِيَانِ بِهِ *** يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عُذْرِ إِذَا اعْتَذَرَا(1)
و لبهاء الدين محمد العاملي في جوابه:
يَا أَيُّهَا المُدَّعِي حُبِّ الوَصِي وَ لَمْ *** يَسْمَحْ بِسَبْ أَبِي بَكْرٍ وَ لَاعُمَرَا
كَذَبْتَ وَ اللَّهِ فِي دَعْوَى مَحَبَّتِهِ *** تَبَّتْ يَدَاكَ سَتَصْلَى فِي غَدٍ سَقَرَا(2)
: 43
وَ كَيْفَ تَهْوَى أَمِيرَالمُؤْمِنِينَ وَ قَدْ *** أَصْبَحْتَ فِي سَبِّ مَنْ عَادَاهُ مُفْتَكِرًا
فَإِنْ تَكُنْ صَادِقاً فِيمَا نَطَقْتَ بِهِ *** فَابْرَأَ إِلَى اللَّهِ مِمَّنْ خَانَ أَوْ غَدَرَا
وَ أَنْكَرَ النَّصَّ فِي حُمِّ وَبَيْعَتَهُ *** وَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ هَجَرَا
أَتَيْتَ تَبْغِي قِيَامَ العُذْرِ فِي فَدَكٍ *** أَتَحْسَبُ الأَمْرَ بِالتَّمْوِيهِ مُسْتَتِرَا
إِنْ كَانَ فِي غَصْبٍ حَقِّ الظُّهْرِ فَاطِمَةٍ *** سَيُقْبَلُ العُذْرُ مِمَّنْ جَاءَ مُعْتَذِرَا(1)
فَكُلُّ ذَنْبٍ لَهُ عُذْرٌ غَدَاةَ غَدٍ *** وَ كُلُّ ظُلْمٍ يُرَى فِي الحَشْرِ مُغْتَفَرَا
فَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَيَّامُهُ صُرِفَتْ *** فِي سَبِّ شِيخَتِكُم قَدْ ضَلَّ أَوْ كَفَرَا
بَلْ سَامِحُوهُ وَ قُولُوا لاَ نُؤَاخِذُهُ *** عَسَى يَكُونُ لَهُ عُذْرٌ إِذَا اعْتَذَرَا
فَكَيْفَ وَ العُذْرُ مِثْلُ الشَّمْسِ مُتَّضِحٌ *** وَ الأَمْرُ مُنْكَشِفٌ كَالصُّبْحِ إِذْ ظَهَرَا؟
لكِنَّ إبْلِيسَ أَغْوَاكُمْ وَ صَيَّرَكُمْ *** عُمْياً وَ صُمّاً فَلاَسَمْعاً وَ لاَ بَصَرَا(2)
ص: 44
(بحر الكامل)
الأستاذة تغريد خطّاب
قُدْسِيَّةٌ ذِكْرَى النَّبِيِّ وَآلِهِ *** لأَلا عَابِقَةٌ بِسِرُ وَقَارِ
ذِكْرَى بِنَاءِ المَجْدِ فِي عَلْيَائِهِ *** ذِكْرَى خُلُودِ الحَقِّ وَ الآثَارِ
ذِكْرَىٰ قِيَادَةِ عَالَم بِتَمَامِهِ *** نَحْوَالكَمَالِ بِهِمَّةٍ وَ تَبَارِي
حَيْثُ النِّسَاءُ مَعَ الرِّجَالِ تَبَثَّلَتْ *** تَبْغِي رِضَا رَبِّ الوَرَى الغَفَّارِ(1)
حيْثُ النِّسَاءُ مَعَ الرِّجَالِ تَكَتَّلَتْ *** تَدْعُو إِلَى الإسلام ذي الأَنْوَارِ
مُتَسَرْ بِلاَتٌ سَاعِيَاتٌ لِلهُدَى *** مُتَفَقِّهَاتٌ عَابِدَاتُ البَارِي(2)
وَ أَمَامَهُنَّ إِمَامَةٌ لمَّاعَةٌ *** مِعْطَاءَةٌ جَادَتْ بِكُلِّ فَخارِ
مُزدَانَةٌ بِالنُّورِ ذَاتُ مَهَابَةٍ *** بِنْتُ الكِرَام سَلِيلَةُ الأَطْهَارِ
هِيَ أُمُّنَا هِيَ حُبُّنَا وَ مَلَاذُنَا *** فِي نُسْخَةِ الأَخْلاقِ وَ الإِكْبَارِ
هِيَ ابْنَةُ المُخْتَارِخَاتَمُ سَيْدٍ *** هِيَ فَاطِمُ الزَّهْرَاءُ وَ الأَزْهارِ
مِنّا السَّلامُ هَدِيَّةٌ أَلآقَةٌ *** يَا أُمُّ كَمْ لِلأُمِّ مِنْ أَسْرَارِ؟(3)
فَالأُمُ عَالَمُ عِزَّةٍ وَ سَعَادَةٍ *** وَ الأُمُّ حُب صَارِمُ الأَوْتَارِ
خَطَّتْ عَلَى التّارِيخِ صَفْحَةَ سُؤْدَدٍ *** فَلَهَا الخُلُودُ عَظِيمَةُ المِقْدَارِ
هِيَ عَالَمٌ بِكَمَالِهِ مُذْ أَرْشَدَتْ *** جِيلاً إِلَى الإِصْلاح و الإِبْصَارِ
***
ص: 45
أَرْجُوكِ فَاطِمُ سَامِحِينِي وَ اعْذُرِي *** رَخَمْتُ فَاطِمَ وَ الحَيَاءُ إِزَارِي
لكِنَّنِي أَبْغِي حِكَايَةَ قِصَّةٍ *** لِكَرِيمَةِ الأخْلاقِ خيرَ منارِ
ها ثَوْبُ عُرْسِكِ يَا فَتاةُ فَخَبِّنِي *** ثَوْبُ الزَّفَافِ هَدِيَّةُ المُخْتَارِ
مَنْ طَارِقٌ بَابَ الفَتَاةِ ظُهَيْرَة؟ *** هَلْ مِنْ لِبَاسِ أَوْ نُصَيْفِ إِزَارِ؟؟
حَمَلَتْ فَتَاةُ العُرْسِ ثَوْبَ زَفَافِهَا *** أَهْدَتْهُ رَاجِيّةً رِضَا الغَفَّارِ(1)
فَأَتَاهَا جِبْرِيلُ الأَمِينُ بِحُلَّةٍ *** مِنْ جَنَّةِ الفِرْدَوْسِ وَ الأَنْهَارِ
زُفَّتْ بِهَا بَراقَةً فِي حُسْنِهَا *** مَبْرُوكُ فَاطِمُ تُحْفَةُ الأَبْرَارِ
***
مَنْ يُؤذِهَا يُؤذِ النَّبِيَّ المُصْطَفَى *** بِنْتُ النَّبِيِّ نَقِيَّةُ الأَسْتارِ
بِنْتُ النُّبُوَّةِ قُدْوَةٌ فِي سَعْيِنَا *** بِنْتُ النَّبِيِّ مَنَارَةٌ لِلسَّارِي
بِنْتُ النَّبِيِّ مُدِيرَةٌ لِسُلُوكِنَا *** بِنْتُ النَّبِيِّ عَطِيَّةُ الجَبَّارِ
بِنْتُ النُّبُوَّةِ هُذْبَتْ فِي دَارِهِ *** أَكْرِمْ بِدَارِ نَبِيَّنَا مِنْ دَارِ
***
زَهْرَاءُ يَا بِنْتَ الرِّسَالَةِ هَلْ لَنَا *** تُحْيِي الأَصَالَةَ فِي بَليغ حِوَارِ
زَهْرَاءُ هَلْ مِنْ عَوْدَةٍ فِي سَاحِنَا *** تَدْعُو فَتَاةَ العَصْرِ فِي الأَسْحَارِ؟
ص: 46
زَهْرَاءُ هَلْ مِنْ نَظْرَةِ لِرُبُوعِنَا *** تَهْدِي الجَمِيعَ إِلَى خُطى الأَخْيَارِ؟
زَهْرَاءُ هَلْ مِنْ هَمْسَةٍ تَغْدُوبِهَا *** أَفْكَارُنَا فِي الحَقِّ تَاجَ فَخارِ؟
عُودِي إِلَيْنَا يَا مَلاكُ لِتُوقِظِي *** فَلَبِئْسَ نَوْمُ القَلْبِ وَ الأَفْكَارِ
هَا دَعْوَةُ الزَّهْرَاءِ جَادَتْ بِالنَّدَا *** مَدَّتْ يَداً فِي عَزمِهَا البتّارِ
نَادَتْ نِسَاءَ العَصْرِ فِي صَبْحَاتِهَا *** أَلَمْ يَمُوجٌ بِحَلْكَةِ الأخْطَارِ
***
هَبًا فَتاةَ الدِّينِ هُبِّي لِلْعُلاَ *** دُكِّي صُروحَ الجَهْلِ فِي الأَغْوَارِ(1)
تِيهِي عَلَى شَفَةِ الزَّمَانِ رِسَالَةً *** عُلْوِيَّةٌ تَبْنِي بِلا أَحْجَارِ
نَبَوِيَّةٌ تَبْنِي المَعَانِي فِي الحِجَا *** تُحْيِي النُّفُوسَ مَتِينَةَ الإِعْمَارِ(2)
فَعَقِيقَةٌ وَ نَقِيَّةٌ وَ فَقِيهَةً *** وَ أَصِيلَةٌ وَ عَمِيقَةُ الأَسْرَارِ
***
وَ لْيُزْهِرِ الكَوْنُ الرَّحِيبُ بِأُمَّةٍ *** فِيهَا النِّسَاءُ سَمَتْ بِلاَ إِدْبَارِ
وَ ليَعْدُ عَالَمُنَا نَشِيدَ سَعَادَةٍ *** يَشْدُو بِلاَ نَغَم وَ لاَأَوْتَارِ
وَ لْتَعْدُ أَمَّتُنَا الأَصِيلَةُ عَالَماً *** تَدْعُو إِلَى الإِحْسَانِ فِي الأَمْصَارِ
وَ لْتَعْدُ ذِكْرَى فَاطِمَ الزَّهْرَا عَلَى *** مَرِّ الزَّمَانِ سَخِيَّةَ الأَمْطَارِ
***
زَهْرَاءُ صَبْراً يَا حَبِيبَةُ كَفْكِفِي *** فَلَتُحْيِيَنَّ مَسِيرَةَ الأَبْرَارِ
وَ لَنَدْعُوَنَّ إِلَى الحَقِيقَةِ وَ الهُدَى *** مُتَسَلْحِينَ بِحِكْمَةِ الأَطْهَارِ
وَ لَنَلْفِيَنَّكِ كُلَّ عَامِ نَسْتَقِي *** مِنْ دَلْوِكِ المِعْطَاءِ لَيْلَ نَهَارِ
وَإِلَى اللِّقَاءِ بِهَمْسَةٍ شِعْرِيَّةٍ *** أَلشَّوْقُ فِيهَا لامِعُ الأَسْتَارِ
ص: 47
(بحر الكامل)
الشيخ جعفر العوامي (أبو المكارم)(*)(1)
إِنَّ البَتُولَة بَضْعَةُ المُخْتَارِ *** مُخْتَارَةٌ فِي عَالم الأَنْوَارِ
قَدْ طُهرَتْ مِنْ كُلِّ رِجْسٍ فَاغْتَدَتْ *** مَحْمُودَةَ الإِعْلَانِ وَ الإِسْرَارِ(2)
لوْلاً عَلِيٌّ لَمْ يَكُنْ كُفْوَ لَهَا *** فِيمَا بَرَى البَارِي مِنَ الأَبْرَارِ(3)
ص: 48
كَلأَ وَ لَوْلاها لما كُفُوا إِلَى *** خَيْرِ البَرِيَّةِ حَيْدَرَ الكَرَّارِ(1)
أَللَّهُ طَهَّرَهَا مِنَ الرِّجْسِ الَّذِي *** شِرْكَ الأَنَامِ وَ سَائِرُ الأَقْذَارِ
فَأَتَتْ عَلَى وَفُقِ الإِرَادَةِ جَوْهَراً *** مُتَألقاً بِالنُّورِ فِي الأَقْطَارِ
صَفّى لَهَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ فَاغْتَدَتْ *** تَعْلُو عَلَى العَالِينَ فِي المِقْدَارِ
قَدْ جَلَّ عُنْصُرُهَا عَنِ الأَعْرَاضِ أَوْ *** يَدْرِي حَقِيقَتَهَا سِوَى الجَبَّارِ
خُلِقَتْ مِنَ الأَنْوَارِ حِينَ تَكَوَّنَتْ *** وَ تَسَلْسَلَتْ فِي عَالَمِ الأَطْهَارِ
فَانْظُرْ بِعَيْنِ بَصِيرَةٍ فِي شَأْوِهَا *** فِي العَالَمِينَ وَ كُنْ عَلَى اسْتِبْصَارِ
مَا فَاطِمٌ الأَكَأَحْمَدَ فِي الوَرَى *** مَحْمُودَةُ الأَفْعَالِ وَ الآثَارِ(2)
ص: 49
هَجَرُوا وَ مَا مِنْ شَأْنِهِمْ أَنْ يَهْجُرُوا *** يَوْماً وَلَكِنَّ القَضَاءَ مُقَدَّرُ
سَارُوا عَلَىٰ عَجَلٍ وَ طَائِرُ مُهْجَتِي *** إِثْرَ الرَّكَائِبِ مُنْجِدٌ وَ مُغَوِّرُ(1)
لَوْ كُنْتَ شَاهِدَنَا صَبِيحَة فَارَقُوا *** لَرَأَيْتَ قَلْبَ الصَّحُرِ كَيْفَ يُفطَّرُ(2)
إنِّي لأخْفِي الوَجْدَ خَوْفَ عَوَا ذِلِي *** جَلَداً وَلكِنَّ المَدَامِعَ تَظْهَرُ
يَا سَاكِنِي الحَيِّ الَّذِي مِنْ دُونِهِ *** تُفْنَى المَوَاضِي وَ الرِّمَاحُ تُكَسَّرُ(3)
ص: 51
عَطفاً عَلَى قَلْبٍ غَدَا فِي حُبِّكُمْ *** رَهْناً وَ فِي نَارِ الأَسَى يَتَسَعَّرُ(1)
جُودُوا عَلَيَّ وَلَوْ بِطَيْفِ خَيَالِكُمْ *** فَعَسَى كَسِيرُ القَلْبِ يَوْماً يُجْبَرُ
أَمِنَ المُرُوءَةِ أَنْ أَمُوتَ بِلَوْعَتِي *** مَابَيْنَ أَظْهُرِكُمْ وَ أَنْتُمْ نُظَّرُوا؟
تَالِلَّهِ مَا الأَيَّامُ بَعْدَ فِرَاقِكُمْ *** بِيضٌ وَ لاَقَمَرُ اللَّيَالِي مُبْدِرُ
أَهْلَ الحِمَى مَنْ مُنْصِفِي عَنْ غَادَةٍ *** أَمْسَى بِعِزَّتِهَا حِمَاكُمْ يَزْهَرُ
خَوْدٌ مُهَفْهَفَةٌ كَأَنَّ قِوَامَهَا *** غُصْنٌ يُرَنِّحُهُ الهَوَى إِذْ تَخْطُرُ(2)
تَرْنُو بِأَكْحَل نَاظِرِ فَكَأَنَّهَا *** رِيمُ الفَلاَ لَكِنَّهَا لاَ تُذْعَرُ
يَا قَلْبُ دَعْ عَنْكَ المِلاَحَ وَعُجْ إِلَى *** مَدْحِ الوَصِيَّ فَذَا بِشَأْنِكَ أَجْدَرُ
أَلْمُظْهِرُ التَّوْحِيدَ مَنْ لَوْلاهُ مَا *** كَانَتْ مَحَارِيبٌ وَ لَمْ يَكُ مِنْبَرُ
وَ الكَاسِرُ الأَصْنَامَ مِنْ بَيْتٍ بِهِ *** كَانَتْ ولادَتُهُ وَ ثَمَّ المَفْخَرُ
وَ الضَّارِبُ الهَامَ الَّذِي شَهِدَتْ لَهُ *** بَدْرٌ وَ أَحْزَابٌ كَذلِكَ خَيْبَرُ
وَ حُنَيْنُ قَامَ إِلَى السَّمَاءِ حَنِينُهَا *** لَمَّا دَهَاهَا وَ السَّلاَسِلُ تُخْبِرُ
وَ الجِنُّ لِلدِّين الحنيف رِقَابُهَا *** دَانَتْ وَ كَانَتْ قَبْلَ ذلِكَ تَكْفُرُ
وَ النَّاكِئُونَ غَدَتْ بِحَدْسُيُوفِهِ *** وَ القَاسِطُونَ عَلَى الهِدَايَةِ تُجْبَرُ
وَ المَارِقُونَ غَدَتْ عَلَى هَامَاتِهِمْ *** سُحُبُ المَنِيَّةِ مِنْ ظُبَاهُ تُمْطِرُ(3)
أَفْدِي الَّذِي تَخْشَاهُ آسادُ الفَلا *** وَ تَقُومُ بِاسْمِ حُسَامِهِ إِذْ تَعْثُرُ
تَالِلَّهِ مَا الإِسْلاَمُ كَانَ مُسَلَّماً *** وَ الدِّينُ لَمْ يَكُ فِي البَرِيَّةِ يُذْكَرُ
لَوْلاً سَنَا فِرْضَابِهِ المَاضِي الشَّبَا *** يَجْلُو الدَّيَاجِيّ وَ السِّنَانُ الأَزْهَرُ(4)
نَبَاً عَظِيمٌ وَالعَظِيمُ مُعَظَّمٌ *** خَلَقٌ قَدِيمُ و القَدِيمُ مُصَوِّرُ
عَلَّامَ عِلْمٍ مَا عَدَا خَيْرَ الوَرَى *** كُلُّ الوَرَى عَنْ دَرْكِ ذلِكَ تَقْصُرُ
ص: 52
صُحُفُ الأَنَامِ قَدِ انْطَوَتْ أَخْبَارُهَا *** وَ لِذِكْرِهِ صُحُفُ الفَضَائِلِ تُنْشَرُ
سَل عَنْ عُلاهُ الذِّكْرَ فَهُوَ مُخَبِّرٌ *** عَنْهُ وَ هَلْ بَعْدَ الكِتَابِ مُخَبْرُ
وَ سَلِ الأَحَادِيثَ الَّتِي فِي فَضْلِهِ *** أَمْسَتْ لَهَا أَيْدِي العُدُولِ تُحَرِّرُ
عَجَبٌ لِقَوْمٍ أَخَرُوهُ أَمَا دَرَوْا *** مَنْ قَدَّمَ الرَّحْمَنُ لَيْسَ يُؤَخَّرُ
عَزَلُوهُ وَ هُوَ الرُّشْدُيَا تَعْساً لَهُمْ *** بَعْدَ النَّبِيِّ وَ لِلضَّلالَةِ أَمَّرُوا
أَفَهَلْ نَسُوا مَا أَحْمَد قَدْ قَالَهُ *** بِغَدِيرٍ حُمَّ أَمْ عَتَوْا وَ اسْتَكْبَرُوا
يَوْمٌ بِهِ جِبْرِيلُ جَاءَ مُخَبْراً *** عَنْ رَبِّهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ المُبْصِرُ
يَا أَيُّهَا المُخْتَارُ بَلِّغْ فِي الفَتَى *** الكَرارِ مَا قَدْ كُنتَ قَبْلاً تَسْتُرُ
وَ اللَّهُ يَدْفَعُ كُلَّ كَيْدٍ خِفْتَهُ *** مِنْ مَعْشَرٍ قَدْ خَالَفُوا وَ تَكَبَّرُوا؟
فَأَقَامَ فِي حَرِّ الظَّهِيرَةِ مَا لَهُ *** غَيْرُ الحَدَائِجِ مَا هُنَالِكَ مِنْبَرُ(1)
فرَقَى وَ كَفُّ المُرْتَضَى فِي كَفِّهِ *** وَ غَدَا يُنَادِي وَ البَرِيَّةُ حُضَّرُ
مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَهَذَا حَيْدَرٌ *** مَوْلاهُ وَاللَّهُ المُهَيْمِنُ يَأْمُرُ
فَهُوَ المُطَاعُ لَكُمْ وَ خَيْرُ رِجَالِكُمْ *** فَدَعَوْا جَمِيعاً بِالقَبُولِ وَ كَبَّرُوا
حَتَّى إِذَا غَابَ النَّبِيُّ تَوَثَّبُوا *** وَ لِدَفَع مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ تَشَمَّرُوا(2)
هَجَمُوا عَلَى سِرِّ الإلهِ وَ أَحْرَقُوا *** بَابَ الهُدَى وَ لِضِلْعِ فَاطِمَ كَسَّرُوا
وَ عَدَوْا عَلَى بِنتِ النَّبِيِّ وَ أَسْقَطُوا *** مِنْهَا الجَنِينَ وَصَفَوَهَا قَدْ كَدَّرُوا
قَادُوا عَلِيًّا فِي حَمَائِلِ سَيْفِهِ *** وَ مِنَ العَجَائِبِ أَنْ يُقَادَ غَضَنْفَرُ
يَا لَيْتَ شِعْرِي أَيْنَ عَنْهُ حَمْزَةٌ *** إِذْ يَسْتَغِيثُ وَ أَيْنَ عَنْهُ جَعْفَرُ؟
وَغَدَتْ تُنَادِي فَاطِمٌ مِنْ خَلْفِهِمْ *** بِحَشاً تَذُوبُ و مُقلَةٍ تَسْتَعبِرُ
تَمْشِي وَ قَدْ أَحْنَى المُصَابُ ضُلُوعَهَا *** وَ الرِّجْلُ فِي أَذْيَالِهَا تَتَعَثَّرُ
يَا مَعْشَراً ضَلَّتْ بِهِمْ أَهْوَاؤُهُمْ *** وَ عَمُوا فَمَنْهَجُ رُشْدِهِمْ لَمْ يُبْصِرُوا
خَلُوا ابْنَ عَمِّي أَوْ رَفَعْتُ إِلَى السَّمَا *** كَفِّيْ وَ أَدْعُو وَ الدُّعَاءُ مُؤَثّرُ
ص: 53
اللهُ أَكْبَرُ يَا صَحَابَةً أَحْمَدٍ *** مَا البُتْمُ يَحْمِلُهُ شَبِيرُ وَ شُبَّرُ
يَا أَيُّهَا المَحْجُوبُ عَنْ أَحْبَابِهِ *** حَتَّى مَ شَخْصُكَ فِي البَرِيَّةِ يَظْهَرُ؟
أَفْدِي شَبا أَسْيَافِكَ اللَّاتِي بِهَا *** تَشْفِي القُلُوبَ وَ كُلُّ كَسْرِ يُجْبَرُ(1)
ص: 54
(بحر الطويل)
الشيخ حبيب شعبان(*)(1)
هِيَ الْغِيدُ تَسْقِي مِنْ لَوَاحِظِهَا خَمْرًا *** لِذَلِكَ لاَتَنْفَكُ عُشاقهَا سَكْرَى(2)
صَعَائِفٌ لاَتَقْوَى قُلُوبُ ذَوِي النُّهَى *** عَلَى هَجْرِهَا حَتَّىٰ تَمُوتَ بِهِ صَبْرا
وَ مَا أَنَا مِمَّنْ يَسْتَلِينُ فُؤَادُهُ *** وَ يَنْفُتْنَ بالأَلْحَاظِ فِي عَقْلِهِ سِحْرَا(3)
وَلَا بِالَّذِي يُشْجِيهِ دَارِسُ مَرْبَعٍ *** فَيَسْقِيهِ مِنْ أَجْفَانِهِ أَدْمُعاً حَمْرًا
أَأَبْكِي لِرَسْمِ دَارِسٍ حَكَمَ الْبِلَى *** عَلَيْهِ وَ دَارٍ بَعْدَ سُكَانِهَا قَفْرًا؟
ص: 55
وَ أَصْفِي وِ دَادِي لِلدِّيَارِ وَ أَهْلِهَا *** فَيَسْلُو فُؤَادِي وُدُّ فَاطِمَةَ الزَّهْرَا
وَ قَدْ فَرَضَ الرَّحْمَنُ فِي الذِّكْرِ رُدَّهَا *** وَ لِلْمُصْطَفَى كَانَتْ مَوَدَّتُهَا أَجْرَا(1)
وَ زَوَّجَهَا فَوْقَ السَّمَا مِنْ أَمِينِهِ *** عَلِيٌّ فَزَادَتْ فَوْقَ مَفْخَرِهَا فَخْرا(2)
وَ كَانَ شُهُودُ الْعَقْدِ سُكَانَ عَرْشِهِ *** وَ كَانَتْ جِنَانُ الْخُلْدِ مِنْهُ لَهَا مَهْرَا
فَلَمْ تَرْضَ إِلا أَنْ يُشَفَعَهَا بِمَنْ *** تُحِبُّ فَأَعْطَاهَا الشَّفَاعَةَ فِي الأُخْرَى(3)
حَبِيبَةُ خَيْرِ الرُّسُلِ مَا بَيْنَ أَهْلِهِ *** يُقَبِّلُهَا شَوْقاً وَ يُوسِعُهَا بِشَرَا
وَ مَهْمَا لِرِيحِ الجَنَّةِ اشْتَاقَ شَمَّهَا *** فَيُنشَنَّ مِنْهَا ذلِكَ العِطْرَ وَ النَّشْرَا(4)
إِذَا هِيَ فِي الْمِحْرَابِ قَامَتْ فَنُورُهَا *** بِزَهْرَتِهِ يَحْكِي لأَهْلِ السَّمَا الزَّهْرَا
وَ إِنْسِيَّةُ حَوْرَاءُ فَالْحُورُ كُلُّهَا *** وَ صَائِفُهَا يَعْدُدْنَ خِدْمَتَهَا فَخْرَا(5)
وَ إِنَّ نِسَاءَ العَالَمِينَ إمَاؤُهَا *** بهَا شُرِّفَتْ مِنْهُنَّ مَنْ شُرِّفَتْ قَدْرَا(6)
ص: 56
فَلَمْ يَكُ لَوْلاَهَا نَصِيبٌ مِنَ الْعُلَى *** لِأُنْثَى وَ لَاكَانَتْ خَدِيجَةُ الْكُبْرَى
لَقَدْ خَصَّهَا البَارِي بِغُرِّ مَنَاقِبٍ *** تَجَلَّتْ وَ جَلَّتْ أَنْ نُطِيقَ لَهَا حَصْرَا
وَ كَيْفَ تُحِيطُ اللُّسْنُ وَصْفاً بِكُنْهِ مَنْ *** أَحَاطَتْ بِمَا يَأْتِي وَ مَا قَدْ مَضَى خُبْرَا؟(1)
وَ مَا خَفِيَتْ فَضْلاً عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ *** فَيَا لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ قَدْ خَفِيَتْ قَبْرَا؟(2)
وَ مَا شَيَّعَ الأَصْحَابُ سَامِيَ نَعْشِهَا *** وَ مَا ضَرَّهُمْ أَنْ يَعْتَمُوا الْفَضْلَ وَ الأَجْرَا؟(3)
بَلَى جَدَ القومُ النَّبِيَّ وَ أَضْمَرُوا *** لَهُ حِينَ يَقْضِي فِي بَقِيَّنِهِ المَكْرَا؟
لَقَدْ دَحْرَجُوا مُذْ كَانَ حَيَّا دِبَابَهُمْ *** وَ قَدْ نَسَبُوا عِنْدَ الوَفَاةِ لَهُ الهُجْرَا(4)
فَلَمَّا قَضَى ارْتَدُّوا وَ صَدُّوا عَنِ الهُدَى *** وَ هَدُّوا -عَلَى عِلْمٍ- شَرِيعَتِهِ الغَرّا
وَ حَادُوا عَنِ النَّهْجِ القَوِيمِ ضَلالَةٌ *** وَ قَادُوا عَلِيًّا فِي حَمَائِلِهِ قَهْرَا
وَحِيداً مِنَ الأَنْصَارِ لاَحَمْزَةٌ لَهُ *** وَ لاَجَعْفَرُ الطَّيَارُ فَادَّرع الصَّبْرَا(5)
وَطَأطأ لاَجُبْنَا وَ لَوْ شَاءَ لأَنْتَضَى *** الحُسَامَ الَّذِي مِنْ قَبْلُ فِيهِ مَحا الكُفْرَا(6)
ص: 57
وَلكِنَّ حِلْمَ اللَّهِ جَارٍ وَ إِنَّهُ *** لأَصْبَرُ مَنْ فِي اللهِ يَسْتَعْذِبُ الصَّبْرَا
فَكَابَدَ مَا لَوْ بِالجِبَالِ لَهَدَّهَا *** وَ شَاهَدَ بَيْنَ القَوْمِ فَاطِمَةً حَسْرَى(1)
ص: 58
(بحر الخفيف)
الملا حسن آل جامع
يَا مُصِراً عَلَى الذُّنُوبِ الكِبَارِ *** عَاصِياً أَمْرَ رَبِّهِ الجَبَّارِ
غَارِقَاً طول عُمْرِهِ فِي هَوَاهُ *** غَافِلاً عَنْ حَوَادِثِ الأَقْدَارِ
أفَهَلاً تَفِيقُ مِنْ سِنَةِ الجَهْلِ *** وَ تَحُشَى عَوَاقِبَ الإِصْرَارِ؟
مَا بَرَاكَ الإِلهُ لِلَّهْوِ وَ الخَوْضِ *** وَ حَمْلِ الذُّنُوبِ وَ الأَوْزَارِ(1)
فَأَطِعْهُ تَفُرْ بِجَنَّةِ عَدْنٍ *** وَ تَنَلْ فَضْلَهُ بِدَارِ القَرَارِ
وَ تَمَسَّكْ بِحَبْلٍ حَيْدَرَ تَسْلَمْ *** فِي غَدِ مِنْ لَهِيبِ حَرِّ النَّارِ
بَطَلٌ قَدْ فَدَى المُؤَيَّدَ بِالنَّفْسِ *** وَ وَاسَاءُ فِي الأُمُورِ الكِبَارِ(2)
ص: 59
وَ وَقَاهُ فِي يَوْمِ بَدْرٍ وَأُحدٍ *** حِينَ فَرَّتْ قَبَائِلُ الْأَنْصَارِ(1)
كمْ أَبَادَ الأبطال فِيهَا وَ قَاسَى *** غَمَرَاتِ الحُرُوبِ وَ الأَخْطَارِ(2)
بَطَلٌ جَدَّلَ ابْنَ وُدَّ وَ أَرْدَى *** مَرْحَباً بِالمُهَنَّدِ البَتّارِ(3)
صَاحِبُ المُعْجِزَاتِ قطب رَحَي *** الدِّينِ مُبِينُ العُلُومِ وَ الأَسْرَارِ
حَاكِمٌ عَادِلٌ حَكِيمٌ شُجَاعٌ *** مَاجِدٌ جَامِعٌ لِكُلِّ فَخَارِ
خَاشِع خاضِعُ إِمَامٌ هُمَامٌ *** عَابِدٌ طَائِعٌ لأَمْرِ البَارِي(4)
آيَةُ اللَّهِ حُجَّةُ اللَّهِ بَابُ اللَّهِ *** ذُو النُّسْكِ سَيِّدُ الأَبْرَارِ
بِوَلاهُ قَدْ أُكْمِلَ الدِّينُ بِخُمِّ *** وَ تَمَّتْ رِسَالَةُ المُخْتَارِ
بَايَعُوهُ يَوْمَ الغَدِيرِ وَ أَخْفُوا *** فِي الحَنَايَا مَا بَانَ مِنْ إِنْكَارِ
أَظْهَرُوا بَعْدَ أَحْمَدٍ كُلَّ حِفْدٍ *** أَضْمَرُوهُ لِلْمُرْتَضَى الكَرَّارِ
نَكَفُوا البَيْعَةَ الَّتِي هِيَ عَقدٌ *** فِي رِقَابِ الوَرَى لِيَوْمِ القَرَارِ(5)
ص: 60
خلَعُوهَا وَ خَالَفُوا قَوْلَ طَهَ *** يَوْمَ خُمُ في حَيْدَرِ المِغْوَارِ
وَ عَلَيْهِ تَقَحَمُوا الدَّارَ ظُلْماً *** وَ البَتُولُ الزَّهْرَا بِغَيْرِ خِمَارِ(1)
مُذْ رَأَتْهُمْ رَبِيبةُ الوَحْيِ لَاذَتْ *** عَنْهُمُ خِيفَةً بِبَابِ الدَّارِ
عَصَرُوهَا وَ أَسْقَطُوهَا وَ رَضُّوا *** ضِلْعَهَا بَيْنَ بَابِهَا وَ الجِدَارِ
وَ مِنَ العَصْرَةِ الَّتِي قَدْ عَرَتْهَا *** صَدْرُهَا قَدْ أُصِيبَ بِالمِسْمَارِ
لَطَمُوهَا وَ الَهُفَ نَفْسِي عَلَيْهَا *** لَطْمَةً أَثَرَتْ بِعَيْنِ الفَخَارِ
وَ بِحَبْلِ الحُسَامِ قَادَا عَلِيًّا *** يَابِنَفْسِي وَ هُوَ الهِزَبُرُ الضّارِي(2)
وَ أَتَتْ خَلْفَهُ البَتُولَةُ تَعْدُو *** وَ هُيَ تَدْعُو وَ قَلْبُهَا فِي انْكِسَارِ
عَجَباً بِالجِبَالِ قَادُوهُ قَسْراً *** وَ هُوَ حَبْلُ الإِلهِ حَامِي الذِّمَارِ
أَيُّهَا النّاكِثُونَ خَلُوا عَلِيًّا *** أَوْ لأَشْكُو لِلْوَاحِدِ القَهَّارِ
مُذْ رَآهَا اللَّعِينُ رُدَّ إِلَيْهَا *** عَابِساً مُغْضَباً كَلَيْثٍ ضَارِي
أَوْجَعَ البَضْعَةَ البَتُولَة ضَرْباً *** وَ هُيَ تَبْكِي بِدَمْعِهَا المِدْرَارِ
ثُمَّ جَاؤُوا بِهِ لِمَسْجِدِ طَهَ *** مَا لَهُ نَاصِرٌ مِنَ الأَنْصَارِ
وَ عَلَيْهِ سَلُوا السُّيُوفَ وَ قَالُوا *** قُمْ وَ بَايِعْ خَلِيفَةَ المُخْتَارِ
وَ إِلَى قَبْرِ أَحْمَدٍ دَارَ بِالطَّرْفِ *** يُنَادِي يَا صَفْوَةَ الجَبَّارِ
قَائِلاً: يَابْنَ أَمْ بِي غَدَرَ القَوْمُ *** وَ رَامُوا مَذَلَّتِي وَ احْتِقَارِي
وَ أَرَادُوا قَتْلِي عَلَى غَيْرِ جُرْمٍ *** كَأَنَّ مِنِّي عَلَى البَرِيَّةِ جَارِي
ثُمَّ مِنْ بَعْدِ مَا لَقِي مِنْ عِدَاهُ *** يَابِنَفْسِي غَدًا جَلِيسَ الدّارِ
مَا لَهُ نَاصِرٌ يَرَى الأَمْرَ قَدْ *** صَارَ بِأَيْدِي اللِّئَام و الأشرارِ
لَمْ يَزَلْ طُولَ عُمْرِهِ فِي عَنَاءٍ *** لَمْ يَجِدْ رَاحَةٌ أَبُو الأَطْهَارِ(3)
ص: 61
(بحر الكامل)
الأستاذ حسن أحمد العامر(*)(1)
رفقاً بنَفْسِكَ أَيُّهَا المَغْرُورُ *** لاَيَقْعُدَنَّ بِعَزْمِكَ المَقْدُورُ
لاَأَلْفَیَنَّكَ لاَهِياً بمَلَذَّةِ *** تَفْنَى وَ يَبْقَى جُرْمُكَ المَحْظُورُ
وَدَع المَلاهِي لِلْمُرِيدِ فَحَظُّهُ *** نَصَبٌ وَ هَمْ زَادُهُ تَكْرِيرُ
وَاجْهَدْ لِنَفْسِكَ بالتَّقَى مُتَزَوِّداً *** إِنَّ التَّقِيَّ مُؤَيَّدٌ مَنْصُورُ
لاتُنْسِيَنَّكَ لَذَّةٌ بِنَعِيمِهَا *** ذِكْرَ المَمَاتِ فَذِكْرُهُ مَشْكُورُ
لاتُفْتَنَنَّ بِكَثْرَةٍ فَلَعَلَّهَا *** جَوْفَاءُ لاَعُمْرُ وَ لاَتَعْمِيرُ
وَاقْنَع بِرِزْقٍ وَ اقْتَصِدْ بِمَعِيشَةٍ *** وَ انْفِقْ بِعَدْلٍ مَا بِهِ تَبْذِيرُ
كُنْ دَائِماً مُتَذَكَّراً لِمُصِيبَةٍ *** هِيَ فِي فُؤَادِكَ عُمْرُهَا مَسْجُورُ(2)
ذِكْرَى مُصِيبَةِ فَاطِمٍ قَدْ أَشْعَلَتْ *** قَلْبِي هُمُومَاً وَصْفُهَا مَعْسُورُ
لاأَتَّقِي ذِكْرَ المُصَابِ تَجَاهُلاً *** حَاشَا فَقَلْبِي ذَاكِرٌ مَعْمُورُ
لَكِنَّنِي لَاأَسْتَطِيعُ تَصَوُّراً *** كَيْفَ اجْتَمَعْنَ عَلَى البُزَاةِ طُيُورُ(3)
وَ لِحَرْقِ ذَاكَ البَيْتِ أَضْحَى أَمْرُهُم *** عَزْماً وَ أَحْمَدُ لَحْدُهُ مَنْشُورُ
أَوَمَا عَلِمْتَ بأَنَّ بَضْعَةَ أَحْمَدٍ *** طَوَتِ الحَيَاةَ وَ ضِلْعُهَا مَكْسُورُ؟
هَجَمُوا عَلَى تِلْكَ المَصُونَةِ بَيْتَهَا *** حَنَفَاً وَ بُغْضَاً قَادَهُمْ مَغْرُورُ
ص: 62
عَصَرُوا البَتُولَ فَهَشَّمُوا أَضْلَاعَهَا *** وَ إِذَا الجَنِينُ بِقُرْبِهَا مَعْفُورُ(1)
وَ تَنَابَحَتْ حَوْلَ الوَصِيَّ كِلابُهُمْ *** وَ ثَبُوا عَلَيْهِ وَ شَرُّهُمْ مَشْهُورُ
هَجَمُوا فَقَادُوا حَيْدَراً بِنِجَادِهِ *** وَإِذَا الأَمِيرُ بِأَمْرِهِمْ مَأْمُورُ
عَجَباً تُقَادُ وَ أَنْتَ صَقْرُ طُيُورِهَا *** أَتُرَى الصُّفُورُ يَقُودُهَا عُصْفُورُ؟
وَ الَهْفَتَاهُ لِفَاطِمِ مُذْ عَايَنَتْ *** كَبْشَ الكَتِيبَةِ يَنْحَنِي وَ يَسِيرُ(2)
عَجَباً لِصَبْرِكَ يَا عَلِيُّ فَإِنَّهُ *** هَزَّ الرَّوَاسِي فَهيَ مِنْهُ تَمُورُ(3)
قَسَماً بحِلْمِكَ سَيْدي وَ بِسِرِّهِ *** قَسَمٌ لَعَمْرُكَ لَوْ عَلِمْتَ كَبِيرُ
لَوْلاَ احْتِمَالُكَ لِلأَذَى مُتَجَلْدَاً *** مَا كَانَ ذِكْرٌ لِلإِلَهِ يَدُورُ
لَوْلاَ اصْطِبَارُكَ يَا عَلَيَّ لِمَا بَدَا *** شَرْعٌ لأَحْمَدَ قَائِمٌ مَشْهُورُ
أيْنَ الحِميّةُ وَ العِدَى هَجَمَتْ عَلَى *** أَرْضِ الوِلايَةِ ضَرْعُهَا مَبْتُورُ؟
فَعَلَى البَتُولَةِ يَا سَمَاءُ تَفَطَّرِي *** حُزْناً فَإِنَّ فُؤَادَهَا مَفْطُورُ
وَ تَجَلْبَبِي يَا أَرْضُ ثَوْبَ كابَةٍ *** وَ دَعِي السُّرُورَ فَإِنَّهُ مَحْظُورُ(4)
وَ ابْكِي وَ نُوحِي وَ اعْوِلي مِنْ أَجْلِهَا *** دَهْراً طَوِيلاً مَا بِهِ تَفْتِيرُ
وَ لَوْ أَنَّكِ فَارَقْتِ كُلَّ سَعَادَةٍ *** حُزْناً فَلاَسَرَفٌ وَ لاَتَبْذِيرُ
وَ مُرِي العُيُونَ بِصَبٌ حُمْرِ دُمُوعِهَا *** وَ ارْضِي الجُفُونَ فَدَمْعُهَا مَذْخُورُ
عَجَباً لِعَيْنِ كَيْفَ لاتَبْكِي وَ قَدْ *** بَكَتِ الجِنَانُ لأَجْلِهَا وَ الحُورُ؟
ص: 63
نَشْوَةُ العِيدِ مِنْ نَشِيدِ الهَزَارِ *** أَيْقَظَتْ فِي الرُّبَى شَذَا الأَزْهَارِ
وَ اسْتَفَاضَ الوُجُودُ بِشْراً بِذِكْرَى *** فَاطِمَ الطُّهْرِ بَضْعَةِ المُخْتَارِ
حَازَهَا تُحْفَةٌ مِنَ اللَّهِ فِي المِعْرَاجِ *** بَعْدَ الصَّيَامِ وَ الأَذْكَارِ(1)
فَاطِمَا لَفَّهَا القَدَاسَةُ لَفَّ *** الضَّوْءِ لِلشَّمْسِ وَ الشَّذَا لِلْبَهَارِ(2)
ص: 65
يَا لَهَا نَجْمَةً عَلَتْ فِي لِقَاهَا *** الشَّمُسَ مَتْنَ البُرَاقِ لا الأَمْهَارِ
بَزَغَتْ تَكْسِبُ الوُجُودَ جَمَالاً *** وَ خُلُوداً يَنمُّ عَنْ إِكْبَارِ
أَطْلَقَتْ طَائِرَ الصِّيَاءِ فَسَالَتْ *** فِي الفَيَافِي الرِّمَالُ بِالأَنْوَارِ(1)
وَبَكَى الفَجْرُ فِي الوُرُودِ دُمُوعاً *** شَكَرَتْهَا بِنَفْحِهَا المَوَارِ(2)
نَشَرَتْ فِي فَضا الخُلُودِ جَنَاحَاً *** لَيْسَ تَطْوِيهِ صَوْلَةُ الأَقْدَارِ
حَمَلَتْ صَيتَهَا الأَثِيرَ فَطَارَتْ *** فِي جُفُونِ الأَسْحَارِ فِي الأَقْطَارِ(3)
وَ مَشَتْ خَلْفَهَا الطَّبِيعَةُ قِنَاً *** أَرْهَفَتْ حِسَّهَا عَلَى الأَسْرَارِ
مَلَكَتْ فِي الخُلُودِ عَرْشاً تَخَالُ *** الدَّهرَ لَمْحاً مِنْ صَرْحِهَا النَّوارِ
يَا جَزَاءَ الصَّلاَةِ يَا كَوْثَرَ القُرْآنِ *** يَا مَنْ حَوَيْتِ كُلَّ فَخَارِ(4)
ص: 66
أَنْتِ رَمْزُ العُلَى فَدَتْكِ السَّجَايَا *** يَا ضَمِيرَ العُصُورِ فَخَرَ نِزَارِ
***
هِيَ رُوحُ الوُجُودِ وَ الجَوْهَرُ الفَرْ *** الَّذِي شَعَ فِي الخَيَالِ السَّارِي
جَلَّ عَقْلُ الفِعَالِ فِينَا مُطِلاً *** مِنْ خِلالِ الخَيَالِ فِي الأَفْكَارِ
رَفْرَقَتْ كَالمُنَى يُثِيرُ جَلالاً *** مِنْ جَبِينِ الشُّعَاع لا الأَوْكَارِ
طَبَّقَ الكَوْنَ فِي ثَوَانٍ بَهَاءً *** رَشَّ فِيهِ نَيَازِكَ الأَسْحَارِ
خَلَفَتْ رَوْعَةٌ تَهُزُ الرَّوَابِي *** بَيْنَ وَحْيِ الأَشْجَارِ وَ الأَطْيَارِ
وَ كَانَ الأَقَاحُ مَيَّاسَةَ الأَعْطَافِ *** تُصْغِي لِلْبُلْبُلِ الهَدَارِ
وَ كَانَ الصَّدَّاحُ جَاءَ بَشِيراً *** لِلسَّمَا لِلْهِضَابِ لِلْأَشْجَارِ
هَذِهِ فَاطِمٌ أَطَلَّتْ عَلَى الأَكْوَانِ *** تُزْرِي بِطَلْعِهِ الأَقْمَارُ(1)
هِيَ أَرْقَى مِنَ الطَّبِيعَةِ كَالأَرْوَاحِ *** مَا رَاقَهَا بَرِيقُ النُّضَّارِ(2)
لَمْ تُزَيِّنُ بِالعِقْدِ عِيداً وَ بِالخَاتَمِ *** كَفَاً وَ مِعْصَماً بِالسِّوَارِ(3)
ص: 67
تَنْقُرُ التّبْرَ فِي المَسَاكِينِ كَفٌّ *** خِلْتُهَا لاَتُطِيقُ قَبْضَ النُّضَار
هِيَ كَفٌّ لَمْ تُمْسِكِ التَّبْرَيَوْماً *** فَتَرَاهَا عَدُوَّةَ الدِّينَارٍ
أَغْنَتِ المُعْدَمِينَ بَسْطاً وَلكِنْ *** لَيْسَ فِي بَيْتِهَا مَتَاعُ الدَّارِ(1)
ص: 68
مَا لَهَا فِي مَبَاهِج الكَوْنِ مَيْلٌ *** وَ لَهَا المَكْرُمَاتُ خَيْرُ شِعَارِ
لاتَقِسُهَا بِرَبَّةِ الخَفْ يَكْفِيهَا *** هُنَافُ الكِتَابِ يَوْمَ الفَخَارِ(1)
***
رَبَّةُ الوَحْي زَوْجُ حَيْدَرَةَ *** الكَرَّارِ أُمُّ الأَئِمَّةِ الأَطْهَارِ(2)
ص: 69
فَاطِمُ الطُّهْرِ بَسْمَةُ الدَّهْرِ وَ هَجُ *** البَدْرٍ سِرُّ الكِتَابِ طِيبُ النَّجَارِ(1)
قَصُرَ العَقْلُ عَنْ عُلاهَا وَتَاهَ *** الفِكْرُ فِيهَا وَ عَادَ كَالمُخْتَارِ
فِي سُكُوتٍ يَفُوقُ جَهْرَ ابْنِ عِمْرَانٍ *** وَ صَبْراً أَعَزَّ مِنْ ذِي الفقار
أَحْدَقَتْهَا ذَوَائِبُ المَجْدِ *** كَالأَزْهَارِ مَهْمَا تُحَاطُ بِالأَنْوَارِ
إِنْ تَكُنْ حَفَّهَا بُدُور تَمَامِ *** هَالَةُ الشَّمْسِ مَوْكِبُ الأنوارِ
ص: 70
(بحر الكامل)
السيد حسين السيد حسن هاشم
زَهْرَاءُ يَا بِنْتَ النَّبِيِّ المُصْطَفَى *** يَا فَرْعَ دَوْحَةِ أَحْمَدَ المُخْتَارِ
يَا كَوْكَبَ الإِيمَانِ فِي أُفُقِ الهُدَى *** يَسْمُو عَلَى الأَيَّامِ بِالأَنْوَارِ(1)
يَا قِمَّةَ التَّقْوَى وَ مِصْبَاحَ الدُّجَى *** وَ مَنَارَةٌ لِلتَّائِهِ المُحْتَارِ
يَا بِنْتَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ خَدِيجَةٍ *** يَا قُدْوَةَ الأَخْيَارِ وَ الأَبْرَارِ
يَا مَنْ وَرِثْتِ العِلْمَ عَنْ أَهْلِ النُّهَى *** وَ الوَحْيُ مَدْرَسَةٌ بَنَاهَا البَارِي(2)
يَا مِنْحَةَ اللَّهِ الكَرِيمِ بِأَرْضِنَا *** طَهُرَتْ فَأَعْطَتْ عِتْرَةَ الأَطْهَارِ
خُلِقَتْ لِتُصْبِحَ مِنْ عَلِيَّ زَوْجَةً *** أَكْرِمْ بِزَوْجَةِ حَيْدَرَ الكَرَّارِ(3)
وَلَدَتْ لَنَا حَسَناً حَفِيدَ مُحَمَّدٍ *** وَ ابْنَ الوَصِيِّ القَائِدِ المِغْوَارِ(4)
ص: 71
حَامَى عَنِ الدِّينِ الحَنِيفِ بِحِلْمِهِ *** بِوَثِيقَةٍ أَمْضَى مِنَ البَتّارِ(1)
كَشَفَتْ نَوَايَا المَاكِرِينَ وَ بَيَّنَتْ *** لِلْمُسْلِمِينَ مَسَاوِيءَ المَكَارِ
وَ تَرَضَّعَ السِّبْطُ الشَّهِيدُ إبَاءَهُ *** مِنْهَا بِفَرْعِ لِلإِبا دَرّارِ
فَحَمَى الشَّرِيعَةَ بِالدِّمَاءِ مُجَاهِداً *** زُمَراً مِنَ التُّجَارِ وَ الفُجَّارِ
وَغَدَا عَلَى شَفَةِ الزَّمَانِ مَدَائِحاً *** صَفَعَتْ عُتُوَّ المُجْرِمِ الجَبَّارِ
نَفْسِي الفِداءُ لِمَنْ بِتَارِيخِ العُلَى *** أَمْسَى مَحَجَّةَ أَشْرَفِ الثُّوَّارِ
زَهْرَاءُ يَا رَمْزَ الصَّلَاح لَنَابِهَا *** مَثَلٌ تَسَامَى فَوْقَ كُلِّ مَنَارِ
فِي يَوْمِ مَوْلِدِهَا الكَرِيمِ تَضَافَرَتْ *** نِعَمُ الوَفَا وَ الحُبِّ وَ الإِيثَارِ(2)
وَ الحِلْم و التَّقْوَى وَ نِبْرَاس الهُدَى *** وَ قَلائِدِ التَّكْرِيم وَ الإِكْبارِ(3)
نَرْجُو شَفَاعَتَهَا غَداً يَوْمَ اللقَا *** عِنْدَ الكَرِيمِ المُنْعِمِ الغَفَّارِ
ص: 72
(بحر الطويل)
الشيخ حسين الشبيب(*)(1)
خَلِيلِيَ دَعْنِي لاَتَلُمْنِي فَقَدْ أَجْرَى *** عَظِيمُ الأسَى مِنْ مُقَلَتِي مُزْنَةٌ حَمْرَا(2)
وَ إِنَّ عَظِيمَ الْوَجْدِ بَيْنَ جَوَانِحِي *** أَثَارَ لَهِيباً شَبَّ فِي مُهْجَتِي جَمْرَا(3)
فَبِاللَّهِ كُفَّ اللُّومَ لاتُوْهِنِ الْحَشَا *** فَتَرْدَادُهُ صَعَبٌ عَلَى الكَبِدِ الحَرَّى
تُحَاوِلُ سَلْوَانِي وَ لاَتَسْتَطِيعُهُ *** لأَنَّ الَّذِي بِي لاتُحِيطُ بِهِ خُبْرَا
فَدَعْ عَنْكَ لَوْمِي لاُتُثِيرُ لَوَاعِجِي *** فَإِنِّي بِمَا قَدْ شَابَ نَاصِيَتِي أَدْرَى(4)
أَتَلْتَذُّ نَفْسِي أَمْ تَطِيبُ جَرَاحَتِي *** وَ قَلْبِيَ هَلْ تَرْجُو بِأَنْ يَسْتَطِعْ صَبْرًا؟
وَ قَدْ رُوِّعَتْ مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ وَ أُسْقِطَتْ *** وَ رُضَّتْ بِجَنْبِ الْبَابِ فَاطِمَةُ الزَّهْرَا
تَجَرَّى عَلَيْهَا الظَّالِمُونَ عَدَاوَةً *** وَ بُعْضاً لِطَهَ سَيّدِ الأَنْبِيَا طُرَا
أَدارُوهُ حَوْلَ البَابِ جَهْراً وَ أَشْعَلُوا *** بِهِ النَّارَ قَدْ جَاؤُوا بِهِ حَادِثاً نُكْرَا(5)
فَأَقْبَلَتِ الزَّهْرَا إِلَيْهِمْ وَ حَرَّجَتْ *** وَ ذَكَّرَتِ الأَعْدَا فَلَمْ تَنْفَعِ الذِّكْرَى
فَمَا رَاءَهُمْ إِلا الهُجُومُ بِجَمْعِهِمْ *** عَلَيْهَا جِهَاراً وَ هُيَ يَا لِلإِبَا حَسْرَى
ص: 73
مُرَوَّعَةً مَحْرُونَةً مُسْتَضَامَةً *** تَحِنُّ حَنِينَ النِّيبِ مُقْلَتُهَا عَبْرَى(1)
فَلَاذَتْ بِجَنْبِ البَابِ عَنْهُمْ لأَنَّهَا *** بِغَيْرِ قِنَاعٍ كَيْ يَكُونَ لَهَا سِتْرَا
فَعَاجَلَهَا الطَّاغِي وَ دَمْلَجَ زَنْدَهَا *** وَ وَرَّمَ مَتْنَيْهَا وَ أَضْغَطَهَا عَصْرَا(2)
وَ رَوَّعَهَا بِاللَّطْم فَوْقَ خُدُودِهَا *** فَخَرَّتْ وَ مِنْهَا الْعَيْنُ شَاحِبَةٌ حَمْرَا(3)
وَ صَاحَتْ بِصَوْتٍ زَلْزَلَ الْعَرْشِ وَ السَّمَا *** وَ عَطَّلَ أَفَلاكَ السَّمَاءِ عَنِ الْمَجْرَى
شَكَتْ أَعْوَلَتْ نَاحَتْ بَكَتْ وَ تَحَسَّرَتْ *** فَلَمْ تَرَ مَنْ يَرْعَى لِحُرْمَتِهَا قَدْرَا
أَنَا بِنْتُ مَوْلاكُمْ أَنَا بِنْتُ غَوْئِكُمُ *** أُنَادِي وَ مَنْ نَادَيْتُ أَبْدَانِيَ الْعُذْرَا
أَتُكْسَرُ أَضْلاعِي وَ يُحْرَقُ مَنْزِلِي *** وَ يُغْصَبُ فَيْئِي يَا لَهَا فَجْعَةً كُبْرَى(4)
وَ يُسْقَطُ حَمْلِي يَا لَهَا مِنْ مَصَائِبٍ *** عَلَى بُعْدِ طَهَ أَقْبَلَتْ تَتْرَى(5)
أَتَغْدُو يَدِي مِنْ كُلِّ إِرْثِي وَ نِحْلَتِي *** وَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ خَالِيَةً صِفْرَا
وَجُلُّكُمْ رَاضٍ وَ بَعْضُكُمُ بِمَا *** جَنَوْهُ غَداً مُغْضٍ فَبُوءُوا بِهَا خُسْرَا
لأمكُمُ الوَيْلاتُ غَادَرْتُمُ الهُدَى *** بِجُرْحِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ لَايَبْرَى
فَلَهْفِي لَهَا كَمْ قَابَلَتْ مِنْ مَصَائِبٍ *** عَجَزْنَا بِأَنْ لاَنَسْتَطِيعَ لَهَا حَصْرَا
أُريعَتْ أُضيمَتْ أُسْقِطَتْ قَتَلُوا ابْنَهَا *** زَوَوَاْ إِرْثَهَا وَ اسْتَغْصَبُوا فَيْتَهَا قَسْرَا(6)
ص: 74
أُهِينَتْ أُذِلَّتْ كُذِّبَتْ قِيدَ بَعْلُهَا *** أَسِيراً وَ قَدْ كَانَ الأَسودُ لَهُ أَسْرَى
وَ مَاتَتْ وَ زَنْدُ الْغَيْظِ وَارٍ بِقَلْبِهَا *** وَ يَكْفِيكَ حُزْناً أَنَّهَا دُفِنَتْ سِرَا
وَ أُخْفِيَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ قَبْرُهَا *** تُزَارُ وَ لَمْ يَعْرِفْ لَهَا أَحَدٌ قَبْرَا
وَلَكِنْ وَ إِنْ أُخْفِيَ فَقَدْ شَاعَ ذِكْرُهَا *** لَقَدْ عَمَّتِ الدُّنْيَا مَنَاقِبُهَا الغَرَا
رِضَاهَا رِضَى اللَّهِ الجَلِيلِ وَحُبُّهَا *** عَلَى كُلِّ مَنْ قَدْ نَالَهُ نِعْمَةُ كُبْرَى
تَمَسَّك بها تَلقَ المَسَرَّاتِ وَ اتَّخِذْ *** وَلاهَا إِذَا جَارَتْ يَدُ الإِبْتِلا فَخْرَا(1)
ص: 75
(بحر الخفيف)
الشيخ حسين الشبيب (*)(1)
أدْهَى مَا كَانَ مِنْ بَلايَا الدُّهُورٍ *** مَوْتُ َطهَ الهَادِي البَشِيرِ النَّذِيرِ
حَيْثُ لَمَّا قَضَى أَبَانَتْ عِدّاهُ *** مَا أَكَنُّوهُ وَ مَا انْطَوَى فِي الصُّدُورِ
مِنْ ضُعُونٍ قَدْ أَضْمَرُوهَا وَ حِقْدٍ *** شَبَّ فِي قَلْبِ كُلِّ عِلْجٍ كَفُورِ(2)
أَظْهَرُوا الحِقْدَ وَ الضَّغَائِنَ إِذْ *** لَمْ يَجِدُوا قُوَّةً لَهُمْ فِي الظُّهُورِ
إِنَّمَا القَوْمُ حَيْثُ لَمْ تَتَأَنَّى *** لَهُمْ إِمْرَةٌ بِسُوءِ النُّفُورِ
أَذْعَنُوا خِيفَةً وَ دَانُوا إِلَيْهِ *** ظَاهِراً وَ الأَحْقَادُ مِلْءُ الصُّدُورِ
مَعَ هَذَا وَ لَمْ يُطِيقُوا اصْطِبَاراً *** أَنْ يَكِيدُوهُ فِي العِشيَ وَ البُكُورِ
كَايَدُوا دَحْرَجُوا الدِّبَابَ وَ فَرُّوا *** يَوْمَ أَحْدٍ وَ زَايَلُوا فِي الأُمُورِ(3)
كَيْ يَنَالُوا أَمْراً لَهُمْ فَأَبَى اللَّهُ *** أَنْ يَنَالُوا إِطْفَاءَ ذَاكَ النُّورِ
سَجَّلُوا بَيْنَهُمْ صَحِيفَةَ شَرِّ *** مَلؤُوهَا بِكُلِّ إِفْكِ وَ زُورِ(4)
صَوَّرُوهَا إِفْكاً وَ رَدَاً عَلَى اللَّهِ *** وَ نَقْضاً لِمَا فِي كِتَابِهِ المَسْطُورِ
وَ ارْتِدَاداً عَنِ الهُدَى وَاقْتِدَاءً *** بِالَّذِينَ ارْتَدُّوا بِمَاضِي الدُّهُورِ
يَوْمَ حَادُوا عَنِ الكَلِيم وَ هَارُونٍ *** إِلَى عِجْلٍ سَامِرِيٌّ كَفُورِ
ص: 76
فَلَعَمْرِي قَدِ اقْتَدَى القَوْمُ بِالقَوْمِ *** وَ زَادُوا عَلَيْهِمُ فِي أُمُورِ
أَسْقَطُوا حَمْلَ فَاطِمٍ أَحْرَقُوا البَابَ *** فَسَلْهَا عَنْ ضِلْعِهَا المَكْسُورِ(1)
لَطَمُوا خَدَّهَا فَصَاحَتْ وَ أَنَّتْ *** يَوْمَ رِيعَتْ بِمَدْمَعٍ مَنْثُورِ(2)
رَوَّعُوهَا ضَرْباً عَلَى الرَّأْسِ وَ المَتْنِ *** بِلَا خَشْيَةٍ وَ لامَحْذُورِ
غَصَبُوا إِرْثَهَا فَيَالِتُرَاتٍ *** كَانَ مِنْ أَحْمَدٍ لَهَا مَأُثُورِ(3)
ص: 77
كُلُّ هَذَا جَرَى عَلَيْهَا بِمَرْأَى *** مِنْ عَلِيّ ذاك الأبِيِّ الغَيُّور
وَ اسْتَدَارُوا عَلَيْهِ جَهْراً وَ قَادُوهُ *** كَفَحْلٍ مُلبّبٍ مَأسُورِ(1)
أَخْرَجُوهُ سَحْباً وَ رَاحُوا يَجُرُّونَ *** بِنَفْسِي أَفْدِيهِ مِنْ مَجْرُورِ
وَ الَّذِي بايَعُوهُ فِي يَوْمِ خُمٍّ *** حَاصَرُوهُ تَباً لَهُمْ مِنْ حُضُورِ
إِنَّهَا النَّكْبَةُ الَّتِي لاسِوَاهَا *** يَا سَمَا يَا جِبَالُ يَا أَرْضُ مُورِي(2)
مَا سَمِعْنَا بِالضَّأْنِ تَفْتَرِسُ الذُّئْبَ *** وَ لَاالصَّقْر طُعْمَةَ العُصْفُورِ(3)
ص: 78
(بحر البسيط)
الشيخ حسين النصراوي
ذرفتُ دمعي و قلبي باتَ مُنكسرا *** و فَرحُ عينيَ جرحاً في الحشا حَفَرَا
ذكرتُ باباً حزيناً دمعُهُ هَطِلٌ *** يشكُو الأسى و مُصاباً فطَّرَ الحجَرا
يشكو مُصاباً مآقي العين تذرفُه *** و الروحُ تذكُرهُ إذْ للفُؤادِ فرى(1)
ينعى البتولَ التي منْ خلفهِ وقفتْ *** و دمعُها مُسبَلٌ لازالَ مُنهمِرا
لمْ أنسها مُذْ أوتْ للبابِ يستُرُها *** فَمُذْ رآها بدا و الحِقدُ قدْ ظَهَرا
عدا وراحَ يُجاري البابَ يدفعُهُ *** فأسقطَ النُّورَ مُذْ ضِلعاً لها كَسَرا
و القلبَ أوجعَهُ و الوجهَ ألَّمَهُ *** و صدرَ فاطِمَ بالمسمار قدْ حَفَرا
و قالَ للعبدِ إضربها فأوجَعها *** لطماً على الوجهِ حَتَّى قِرطَها نَثَرا
و أحرَق البابَ بالنارِ التي سطعتْ *** نُوراً لِفاطِمةٍ ناراً لِمَنْ غَدَرا
لهفي لها ظُلمِتْ و الحُزنُ حيِّرها *** تبكي لأحمدَ أمْ للسقطِ مُذْ عُصِرا
تبَّاً لِظالِمها بُعداً لِمُبْغِضِها *** كأنَّهُ صُمَّ عَنْ قولٍ لها اشتَهَرا(2)
اللَّهُ يرضى لزهراء و إن غضبتْ *** يغضبْ و هلْ أحدٌ قد أنكرَ الخَبَرا
ص: 79
إِشْرَاقَةٌ قَدْ بَدَتْ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ *** مَا مِثْلُهَا وَرَدَتْ فِي سَائِرِ الدُّورِ
عَلَتْ عَلَى الشَّمْسِ نُوراً فَاسْتَضَاءَ بِهِ *** كُلُّ الوَرَى لَمْ يَكُنْ عَنْهُمْ بِمَسْتُورِ
مَا الشَّمْسُ مَا الضَّوْءُ مَا الْأَنْوَارُ أَجْمَعُهَا *** يَكِلُّ عَنْ وَصْفِهَا بِالنُّورِ تَعْبِيرِي(1)
فَهْيَ الأَسَاسُ لِنُورِ الكَوْنِ قَاطِبَةً *** مَقولَةٌ فِي حَدِيثٍ غَيْرِ مَنْكُورِ(2)
ص: 81
هذَا الحَدِيث أَتَى صِدْقاً مَقُولَتُهُ *** عَنْ سَيِّدِ جَاءَنَا لا عَنْ أَسَاطِيرِ(1)
نُورٌ بَدَا فَانْجَلَى عَنْهُ الدُّجَى فَزَهَا *** فِي الخَافِقَيْنِ جَلِيّاً غَيْرَ مَغْمُورِ(2)
وَ أَصْبَحَ الكَوْنُ شَعَاً يَوْمَ مَوْلِدِهَا *** حَتَّى بَدَا كُل مَسْتُورٍ بِدَيْجُورِ(3)
فَالأَرْضُ تَزْهَرُ بِالأَنْوَارِ مُشْرِقَةً *** وَ الفُلْكُ مُزْدَانَةٌ فِي حُسْنِ تَحْبِیرِ(4)
حَكَتْ أَبَاهَا رَسُولَ اللَّهِ فِي خُلُقٍ *** فَشَابَهَتْهُ بِحَزْمٍ ثُمَّ تَدْبِیرِ(5)
صَلَّى عَلَيْهَا مَلِيكُ الخَلْقِ إِذْ بَرَزَتْ *** وَ خَصَّهَا إِذْ تَوَلاهَا بِتَطْهِيرِ(6)
قَدْ خَصَّهَا لِنِسَاءِ الخَلْقِ سَيِّدَةً *** عَلَتْ عَلَى الخَلْقِ فِي فَضْلٍ وَ تَوْقِيرِ(7)
ص: 82
لَوْلاَ التَّفَاوُتُ فِي تَقْوَى وَ مَعْرِفَةٍ *** مَا مَازَ فَرْدٌ عَلَى فَرْدٍ بِتَقْدِيِرِ(1)
إِنَّ التَّفَاوُتَ فَرْقٌ قَدْ نَمِيزُ بِهِ *** كُلَّ الوَرَى عِنْدَ تَقْدِيمٍ وَ تَأْخِيرِ(2)
فَاللَّهُ فَضَّلَهَا، بِالخُلْقِ جَلَّلَهَا *** مَا مِثْلُهَا خُلِقَتْ فِي سَائِرِ الحُورِ(3)
بِنْتُ النَّبِيِّ نَبِيَّ الخَلْقِ قَاطِبَةً *** مَنْ قَدْ أَتَانَا بِإِنْدَارٍ وَ تَبْشِيرٍ
عَزَّ الخَلائِقُ حَقًّا فِي مَوَدَّتِهَا *** وَ حُبُّهَا الأمْنُ يَوْمَ النَّفْخَ فِي الصُّورِ(4)
ص: 83
أصْفَاكِ رَبُّكِ إِذْ أَتَاكِ مَكْرُمَةً *** مِنَ المَزَايَا بِوَفْرٍ غَيْرِ مَنْزُورِ(1)
بَلَغَتِ بِاللَّهِ فَضْلاً لانَظِيرَ لَهُ *** مُسْتَحْكُمَ الأَصْلِ طَلْقاً غَيْرَ مَحْصُورِ(2)
أَعْطَاكِ رَبُّكِ عِزّاً لا يُشَابِهُهُ *** عِزُ الخَلائِقُ فِي نَبْتٍ وَ تَأْثِيرِ(3)
جُودِي عَلَيْنَا بِفَضْلٍ مِنْكِ نَرْقَبُهُ *** مِنَ السَّمَاءِ بِخَيْرٍ مِنْكِ مَوْفُورِ
بَرَاكِ رَبُّكِ قَبْلَ الخَلْقِ أَجْمَعِهِمْ *** إِذْ لاَسَمَاءَ وَ لاَ شَيْءٌ بِمَذْكُورِ(4)
يَا بَضْعَةَ القَمَرِ الزَّاكِي الَّتِي ظُلِمَتْ *** فِي حَقِّهَا هُضِمَتْ مِنْ غَيْر تَبْرِير(5)
بِالسَّوْطِ قَدْ ضُرِبَتْ، وَ البَابِ قَدْ عُصِرَتْ *** ثُمَّ انْثَنَتْ تَرَحاً فِي ضِلع مَكْسُورِ(6)
وَ مُحْسِناً أَسْقَطَتْ جَرَاءَ رَفْسَتِهِ *** فَيَالَهُ حَدَتْ مِنْ كَفْ مَغْرُورِ(7)
ص: 84
ص: 85
تَقَبَّلِي مِنْ صَمِيمِ القَلْبِ قَافِيَةً *** فِي الحُسْنِ زَاهِيَةً جَاءَتْ بِتَفْكِيرِي(1)
مَيْمُونَةٌ بِاسْمِكِ العَالِي قَدِ اتَّسَمَتْ *** مَعْلُومَةَ النَّهْجِ نَظْماً غَيْرَ مَنْثُورِ(2)
إِذَا تَلاَهَا امْرُؤٌ هَزَّتْ عَوَاطِفُهُ *** وَ أَرْدَفَتْ طَرَباً مِنْ حُسْنِ تَصْوِيرِ
نَظَمْتُهَا عَبْرَ تَفْكِيرِي بِلا مَلَلٍ *** غَدَتْ بِقُرْءٍ لَهَا بِالكَسْرِ مَجْرُورِ(3)
جَاءَتْ لِتُعْرِب عَنْ حُبِّي لَكُمْ أَبَداً *** وَ يُخْبِرَ النَّظْمُ عَمَّا كَنَّ تَامُورِي(4)
نَظَمْتُ لَفْظِي فَكَانَ النَّظْمُ دَاعِيَةً *** إِلَى نِظَامِ رَفِيعِ القَدْرِ مَنْظُورِ(5)
قَدْ أَرْسَلَتْ عَنْ هُدَى قَلْبِي مُعَلَّمَةً *** فِي حُبّكُمْ قَدْ أَتَتْ مِنْ دُونِ تَغْبِيرِ
ص: 86
كَالشَّمْسِ فِي حُسْنِهَا لِلنَّاسِ زَاهِرَةً *** أَوْ كَوْكَبِ ظَاهِرِ فِي صَوْتِهِ يُورِي(1)
فَالْفِكْرُ فِيهَا غَدَا لِلأَمْرِ مُمْتَيْلاً *** وَ الشَّعْرُ ما بَيْنَ مَسْطُورِ(2)
تَقَبَّلِيهَا فَإِنَّ الفِكْرَ ذُو فَرَطٍ *** قَدْ قَرَّ بِالعَجْزِ مِنْ جَرَّاءِ تَقْصِيريِ(3)
فَالْقَلْبُ فِي سَرَفٍ، وَ الْفِكْرُ فِي دَلَفٍ *** وَ القَصْدُ مَا بَيْنَ مَطوِيٌّ وَ مَنْشُورِ(4)
قَدْ كُنْتُ آمَلُ أنْ أَرْقَى بِرَائِعَةٍ *** لَكِنَّمَا قَدْ جَرَى نَظْمِي بِمَقْدُورِي(5)
صَلَّى إِلهُ الوَرَى أَلْفاً عَلَيْكِ أَتَى *** مُؤَسِّسُ الأَلْفِ َألفاً غَيْرَ مَجْذُورِ(6)
ص: 87
فَدَيْنَاكَ لِمَ أَغْضَيْتَ عَمَّا جَرَى عَلَى *** بَنِي المُصْطَفَى مِنْهَا وَ قَدْ صَدَّعَ الصَّخْرَا؟(1)
أَتُغْضِي وَ تَنْسَى أُمَّكَ الظُّهْرَ فَاطِماً *** غَدَاةَ عَلَيْهَا القَوْمُ قَدْ هَجَمُوا جَهْرَا؟(2)
أَتُغْضِي وَ شَبُوا النَّارَ فِي بَابٍ دَارِهَا *** وَ قَدْ أَوْسَعُوا فِي عَصْرِهِمْ ضِلْعَهَا كَسْرَا؟(3)
أَتُغْضِي وَمِنْهَا أَسْقَطُوا الطُّهْرَ مُحْسِناً *** وَ قَادُوا عَلِيَّ المُرْتَضَى بَعْلَهَا قَسْرَا؟
أَتُغْضِي و َسَوْطُ (العَبْدِ) وَ شَّحَ مَتْنَهَا *** وَ مِنْ لَطْمَةِ الطَّاغِي غَدَتْ عَيْنُهَا حَمْرَا؟(4)
أَتُغْضِي وَ قَدْ مَاتَتْ وَ مِلْءُ فُؤَادِهَا *** شَجِّى وَ عَلِيٌّ بَعْدُ شَيَّعَها سِرَّا؟(5)
أَتُغْضِي وَ قَدْ أَرْدَىٰ حُسَامُ (ابْنِ مُلْجَمٍ) *** «عَلِيًّا» وَ طَرْفُ الشِّرْكِ حِينَ قَضَى قَرّا؟
أَتُغْضِي وَ قَدْ أَلْوَىٰ (لَوِيَّا) مُصَابُهُ *** وَ غَادَرَ حَتَّى الحَشْرِ أَكْبَادَهَا حَرَّى؟
أَتُغْضِي وَ قَدْ دَسَّ السُّمَامَ أَخُو الشَّقَا *** إِلَى المُجْتَبَى كَيْمَا بِهِ يَفْجَعُ الزَّهْرَا؟
أَتُغْضِي وَ قَدْ أَوْدَىٰ بِهِ فَتَقَطَّعَتْ *** غَدَاةَ بِهِ أَوْدَىٰ قُلُوبُ الوَرَى طُرَّا؟(6)
أتُغْضِي وَيَوْمَ الطَّف (آلُ أُمَيّةٍ) *** بِقَتْلِ سَلِيل الطُّهْرِ أَدْرَكَتِ الوَتْرَا؟
ص: 89
أَتُغْضِي وَ فِيهِ مَثَّلَتْ بَعْدَ قَتْلِهِ *** وَ مِنْ دَمِهِ قَدْ رَوَّتِ البِيضَ وَ السُّمْرَا؟(1)
أَتُغْضِي وَ قَدْ طَافَتْ بِرَأْسِ فَخَارِهِ *** عَلَى ذَابِل أَمْسَى يُبَاهِي بِهِ البَدْرَا؟
أتُغْضِي وَ قَدْ سَارَتْ بِرَبَّاتِ خِدْرِهِ *** سَبَايَا وَ سَوْطُ الشِّمْر أَوْسَعَهَا زَجْرَا؟
أَتُغْضِي وَ قَدْ طَافَتْ بِهَا كُلَّ بَلْدَةٍ *** عَلَى هُزَّلٍ تَنْعَى وَ أَعْيُنُهَا عَبْرَى؟
(وَأَعْظَمُ مَا يُشْجِي الغَيُورَ دُخُولُهَا *** إِلَى مَجْلِسٍ مَا بَارَحَ اللَّهْوَ وَ الخَمْرَ)(2)
فَحَتَّى مَتَى تُعْضِي وَ لَمْ تُلْفَ ثَائِراً *** بِوَثْرِ بَنِي الهَادِي الَّذِيْنَ قَضَوْا صَبْرَا
فَهُبْ لَهَا وَاسْقِ حُسَامَكَ مِنْ دِمَا *** عِدَاكَ وَ غَادِرُ نَظمَ هَامَاتِهَا نَثْرَا(3)
ص: 90
أَرَى البَرَايَا تَسُحُّ الدَّمْعَ مِدْرَارَا *** وَ تَشْتَكِي الهَمَّ أَصَالاً وَ أَبْكَارَا(1)
كَأَنَّمَا شَبَّ فِي أَضْلاعِهَا شَرَرٌ *** مِنْ نَارٍ حُزْنٍ أَرَتْهَا ثُمَّ أَضْرَارَا(2)
فَبَانَ جَيْشُ الأَسَى فِي الكَوْنِ وَ انْصَدَعَتْ *** مِنْهُ الجِبالُ الرَّوَاسِي الشُّمُّ مُذْ صارا(3)
أَلا تَرَى الكَوْنَ دَاجِي اللَّونِ مُنْزَعِجاً *** لِفَقْدِ فَاطِمَ يُبْدِي الحُزْنَ تَكْرَارا؟
فَقْدُ البَتُولَةِ هَدَّ الدِّينَ صَارِخُهُ *** وَ زَلْزَلَ الْأَرْضَ لَمَّا شَاعَ تَذْكَارا
لِبَضْعَةِ المُصْطَفَى أَمْسَى الوَصِيُّ يَرَى *** إِزْهَاقَ نَفْسٍ فَأَجْرَى الدَّمْعَ أَنْهَارا
فَلاَ يُلاَمُ إِذَا مَا بَاتَ فِي جَزَعٍ *** لأَنَّ فِي عَيْنِهَا قَدْ شَامَ آثَارا(4)
وَ حُمْرَةُ العَيْنِ لِلزَّهْرَا لَهَا سَبَبٌ *** وَ تِلْكَ مِنْ لَطْمَةِ الجَانِي إِذْ جَارا(5)
وَ قَدْ رَأَى ضِلْعَهَا المَكْسُورَ حِينَئِذٍ *** أَرَادَ تَجْهِيزَهَا مُذْ رَامَ أَسْتَارا(6)
ص: 92
بِنْتُ الرَّسُولِ رَأَتْ مَا يَرَى أَحَدٌ *** كَمَا رَأَتْ مِنْ عَدُوٌّ كَانَ كَفَّارا
تَنَاهَبُوا فَيْثَهَا وَ الكُلُّ يَرْمُقُهَا *** وَ خَالَفُوا قَوْلَ طَهَ القَوْمُ إِجْهَارا(1)
مِنَ البُكَا مَنَعُوهَا بَعْدَ وَالِدِهَا *** وَ جَرَّعُوهَا كُؤُوسَ المُرٍّ أَطْوَارا(2)
كَانَتْ تَسِيرُ إِلَى ظِلٍّ الأَرَاكَةِ كَيْ *** تَقْضِي لَهَا فِي البُكَا وَ النَّوْحِ أَوْطَارا(3)
لَمْ يَكْفِهِمْ مَا جَنَوْا إِثْماً وَ قَدْ قَطَعُوا *** تِلْكَ الأَرَاكَةَ ظُلماً ثُمَّ إجْبَارا
بَنَى عَلِيٌّ لَهَا بَيْتاً تَنُوحُ بِهِ *** عَلَى فِرَاقِ أَبِيهَا بَعْدَ مَا سَارا
بَنَى لَهَا بَيْتَ أَحْزَانٍ لِتَسْكُنَهُ *** عِنْدَ البُكَاءِ فَتَذْرِي الدَّمْعَ مِدْرَارا
كَانَتْ تَرُوحُ مَعَ ابْنَيْهَا هُنَاكَ إِلَى *** البَيْتِ المُعَيَّنِ أصالاً وَ أَبْكَارا
وَ تَنْثُرُ الدَّمْعَ فِي حُزْنٍ وَ فِي حُرَقٍ *** يُذِيبُ صُمَّ الصَّفَا بِالنَّوْحِ إِذْ غَارَا(4)
ص: 93
تُخَاطِبُ الحَسَنَيْنِ الطُّهْرُ فَاطِمَةٌ *** تَقُولُ أَيْنَ مَضَى مَنْ عَنْكُمُ سَارا
فَأَيْنَ جَدُّكُمُ الهَادِي النَّبِيُّ أَلاَ *** قُولاَ فَفِي مُهْجَتِي قَدْ أَوْقَدُوا النَّارا؟(1)
أَذَابَ جِسْمِي فِي يَوْمِ الرَّحِيلِ وَ كَمْ *** لأَقَيْتُ مِنْ بَعْدِهِ ضَيْماً وَ أَكْدَارا
أَيَّ المَصَائِبِ أَنْسَى بَعْدَ جَدْكُمَا *** إِحْرَاقَ دَارِي أَمِ الظُّلْمَ الَّذِي صَارا؟(2)
ص: 94
أَمْ كَسْرَ ضِلْعِي وَ إِسْقَاطَ الجَنِينِ أوِ *** السَّوْطَ الَّذِي اسْوَدَّ كَتْفِي مِنْهُ إِجْهَارا(1)
أمْ مَنْعَهُمْ فِي تُرَاثِي بَعْدَ مَا عَلِمُوا *** أَنَّ النَّبِيَّ حَبانِي ذَاكَ إيثَارا(2)
أَمْ فَوْدَهُمْ لابْنِ عَمِّي يَوْمَ بَيْعَتِهِمْ *** إِلَى الخَلِيفَةِ مَنْ قَدْ بَاتَ مُخْتَارا
أمْ قَطعَهُمْ لأَرَاكٍ أَوْ لِمَنْعِهِمُ *** مِنِّي البُكَا لأَبي مَنْ قَدْ حَمَى الجَارا(3)
ص: 95
لِلَّهِ صَبْرُ أَبِي الحَمْلَاتِ حِينَ رَأَى *** تِلْكَ المُلِمّاتِ لكِنْ كَانَ صَبّارا
لَوْلاً وَصَايَا رَسُولِ اللَّهِ تَمْنَعُهُ *** لَمْ يُبْقِ مِنْهُمْ عَلَى الغَبْرَاءِ دَيّارا(1)
يَا بَضْعَةَ المُصْطَفَى أُمَّ الهُدَاةِ أَلاَ *** عَطفاً عَلَى مَنْ لَكُمْ قَدْ صَاغَ أَشْعَارا
فَرِقُّكُمْ عَابِدِينَ انْصَاعَ مُعْتَرِفاً *** بِأَنَّكُمْ أُمَنَاءُ اللَّهِ إِشْهَارا
يَرْجُو الشَّفَاعَةَ مِنْكُمْ يَوْمَ مَوْرِدِهِ *** غَداً فَقَدْ حَمَّلَتْهُ النَّفْسُ أَوْزَارا
عَلَيْكُمُ صَلَوَاتُ اللهِ مَا بَزَغَتْ *** شَمْسٌ وَ مَا قَمَرٌ قَدْ شَعَّ أَنْوَارا(2)
ص: 96
(بحر الطويل)
الحاج سعود الشملاوي(*)(1)
خَدِيجَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ سَمَتْ فَخْرا *** بِتَزْوِيجِهَا لِلْمُصْطَفَى مُنِحَتْ قَدْرا(2)
لَهُ اخْتَارَهَا رَبُّ السَّمَاءِ حَلِيلَةً *** فَفَضَّلَهَا دُنْيَا وَ شَرَّفَهَا أُخْرَى(3)
وَ قَدَّرَ نَسْلَ الْمُصْطَفَى مِنْ طَرِيقِهَا *** وَ صَيَّرَهَا أُمَّاً إلَى البِضْعَةِ الغَرَّا(4)
وَ مُذْ حَمَلَتْهَا زَالَ عَنْهَا هُمُومُهَا *** تُحَدِّثُهَا سِرًّا وَ تُورِثُهَا سَرَّا(5)(6)
وَذِي آيةٌ كُبْرَى لِفَاطِم مَا جَرَتْ *** قَدِيماً لأُنْثَى لا وَ لابَعْدَها تُجْرَى
رَآهَا الْهُدَى تُبْدِي كَلاماً وَ لَمْ يَرَ *** سِوَاهَا فَنَادَى وَ السُّرُورُ مَلاَ الصَّدْرَا(7)
تُنَاجِينَ مَنْ؟ قَالَتْ جَنِينِي يُجِيبُنِي *** فَرَاحَ نَبِيُّ اللَّهِ يُهْدِي لَهَا البُشْرَى
يَقُولُ لَهَا البُشْرَى بِبِنْتِ كَرِيمَةٍ *** بِهَا تَزْهَرُ الدُّنْيَا وَ تَزْدَهِرُ الأُخْرَى(8)
ص: 97
وَ نَسْلِيَ مِنْهَا يَا خَدِيجَةُ فَاعْلَمِي *** هُمُ حُجَجُ البَارِي وَآيَتَهُ الكُبْرَى
وَ هُمْ مَدَدٌ لِلدِّينِ مِنْ بَعْدِ غَيْبَتِي *** يُقِيمُونَ لِي شَرْعِي وَ يُبْقُونَ لِي الذِّكْرَى
فَمَا بَرِحَتْ مَسْرُورَةٌ تَحْمِلُ الهَنَا *** وَ تَرْقَبُ يَوْماً فِيهِ تَبْدُو لَهَا السَّرَّا(1)
وَ لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ إِخْرَاجَ قُدْسِهَا *** لِبَادِيَةِ الدُّنْيَا لِتَمْلَأَهَا خَيْرا
تَنَزَّلَ خَيْرَاتُ النِسَاءِ لأُمِّهَا *** لِيَقْبَلْنَها فِي وَضْعِهَا الدّرَّةَ النَّوْرَا(2)
لَهَا حَضَرَتْ عِنْدَ الْوِلَادَةِ سَارَةٌ *** وَاسِيَةٌ مَعْ كَلْثَمٍ مَعَهَا العَذْرَا
لِيُؤْنِسْنَهَا حَتَّى تَكُونَ بِقُرْبِهَا *** قَرِيرَةَ عَيْنٍ لاَتَرَى عِنْدَهَا عُسْرا
أَحَطَنَ بِهَا يُؤْنِسْنَهَا فَتَمَخَّضَتْ *** بِيُسْرٍ مِنَ الْبَارِي فَأَوْلَدَتِ الزَّهْرَا(3)
أَضَاءَتْ رِحَابَ الدَّارِ مِنْ نُورِ وَجْهِهَا *** كَمَا عَمَّ ذَاكَ النُّورُ دُنْيَا الْوَرَى طُرَّا(4)
فَصَلُّوا عَلَيْهَا وَ النَّبِيِّ وَ بَعْلِهَا *** وَ أَبْنَائِها مَنْ خَيْرُهُمْ أَبَداً يَتْرَى(5)
ص: 98
(بحر الكامل)
الأستاذ سعيد العسيلي العاملي(1)
بَحْرَانِ مَوْجُ تُقَاهُمَا زَخَّارُ *** وَ الْمَكْرُمَاتُ بِهَا الحَيَاةُ تُنَارُ(2)
سَطَعتُ بِآفَاقِ الحِجَازِ فَبَدَّدَتْ *** حَلَكَ الظَّلامِ وَ شَعَّتِ الأَقْمَارُ(3)
بَحْرَانِ لَمْ يَتَلاقَيَا إِلَّا عَلَى *** طُهْرٍ بِهِ تَتَفَاخَرُ الأَظهَارُ
مَا بَيْنَ طُهْرِهِمَا كَرَامَةُ خَالِقٍ *** فَتَبَارَكَ الإِيرَادُ وَ الإصْدَارُ
بِهِمَا مِنَ الرَّحْمَنِ نُورٌ بَاهِرٌ *** وَ مِنَ الرَّسُولِ مَهَابَةٌ وَ وَقَارُ
فَرَضَتْ لِقَاءَهُمَا إِرَادَةُ قَادِرٍ *** فَلَنِعْمَ مَا قَدْ شَاءَتِ الأَقْدَارُ
وَ أَقَامَ بَيْنَهُمَا بِطُهْرٍ بَرْزَخٌ *** لايَبْغِيَانِ لَوِ اسْتَبَدَّ الجَارُ(4)
ص: 99
فَلَنِعْمَ غَرْسٌ طَابَ بَيْنَ كِلَيْهِمَا *** أغْنَى الزَّمَانَ وَ طَابَتِ الأَثْمَارُ
أَعْطَتْهُ لِلدُّنْيَا طَهَارَةُ فَاطِمٍ *** نُوراً وَجَادَ بِهِ الفَتَى الكَرَّارُ
زَهْرَاءُ عَالِيَةُ الجَبِينِ شَرِيفَةً *** مَا شَابَهَا ذَنْبٌ وَ لاَأَوْزَارُ
مَعْصُومَةٌ كَالوَرْدِ فِي أَكْمَامِهِ *** وَ العِطْرُ مِنْهَا نَبْعُهُ فَوَّارُ(1)
ص: 100
وَ لَهَا مِنَ الهَادِي بَسَامَةُ تَغَرَهِ *** وَ بِوَجْهِهَا مِنْ وَجْهِهِ أَنْوَارُ(1)
قَبَس يَفِيضُ عَلَى الوَرَى مِنْ رُوحِهِ *** فِيهَا وَ دَفْقُ حَنِينِهِ مِدْرَارُ(2)
وَ أَشِعَةٌ مِنْ هَدْيِهِ وَ وَلاَؤُهَا *** فَرْضٌ وَ طَاعَتُهَا هُدًى وَ مَنَارُ
فُرِضَتْ بِأمْرِ اللَّهِ بَلغَ نَصَّهُ *** وَحْيٌ وَ مَا لِلْمُسْلِمِينَ خِيَارُ(3)
وَ لَهُ بِهَا صَفْوُ الحَدِيثِ كَوَاحَةٍ *** بِرِحَابِهَا تَتَفَتَّحُ الأَزْهَارُ(4)
ص: 101
و اللَّه يَغْضَبُ إِن بَدَتْ غَضْبَى وَإِنْ *** رَضِيَتْ سَيَرْضَى لِلرِّضَا الغَفَّارُ(1)
هِيَ بَضْعَةٌ مِنْهُ وَيُؤْذِيهِ إِذَا *** مَا أُوذِيَتْ وَ تُصِيبُهُ الأَكْدَارُ(2)
تَهْدِي مَنِ اتَّبَعَ الضَّلالَ إِلَى الهُدَى *** وَ بِهَا يَلُوذُ الخَائِفُ المُحْتَارُ
وَ قَدِ اسْتَشَفَّ المُصْطَفَى أَنَّ الَّتِي *** نَشَأَتْ وَ فِيهَا عِفَّةٌ وَ فَخَارُ
فِيهَا الأَمَانُ مِنَ الضَّلَالِ وَ نَسْلُهَا *** دُونَ الأنامِ أئِمَّةٌ أَبْرَارُ(3)
ص: 102
فَهُمُ الوِلاةُ هُمُ الأَسَاةُ هُمُ الشَّفَا *** لِلْكَوْنِ إِنْ نَزَلَتْ بِهِ الأَضْرَارُ
وَ هُمُ الحُمَاةُ هُمُ الغُيُوتُ مِنَ الظَّما *** لِلنَّاسِ إِنْ لَمْ تَنْزِلِ الأَمْطَارُ(1)
ص: 103
(بحر الطويل)
السيد شاكر المحنة
يُحلّقُ بي عزّاً و يملؤُني فَخْرا *** إذا ذُكِرَتْ في الناسِ فاطمةُ الزهرا
فؤادُ رسولِ اللَّه و البَضعةِ التي *** لها جَعَل الرحمنُ في ذِكْره ذِكْرا
هي الكوثرُ الصافي هي الطهرُ خالِصاً *** غدى حبُّها فَرضاً و طَاعَتُها أجْرا
و أكرمَها الباري فصارت شفيعةً *** لشيعتها و الناس منْ غيرِهم حَيْرى
بنفسي التي أعْطَتُ إلى اللَّهِ عمرَهَا *** فآونَةً نُسكاً و آونةً صبرا
و قد كابَدَتْ جمرَ الحياة رَضِيَّةً *** لئلا يَرَى في الحشرِ شيعتُها الجَّمْرا
فما شيّدت قصراً و لاكنزت تبراً *** و لم تَرَ للدُّنيا مَقاماً و لاقَدْرا
لذا ذَهَبَتْ كلُّ العروشِ مَضيعَةً *** فلا قيصرٌ في الناسِ ثمَّ و لاكِسرى
و ظلَّ لها عرشٌ لَهُ القلبُ موضعٌ *** و رؤضٌ على رغم التقادُم مُخضرَّا
يُجدِّدُ أحزاني و يُجري مُدامَعي *** إذا اشتقتُ يوماً أن أزور لها قَبرا
فَيَصْدِمُني قولٌ حقيقٌ مُؤَكَّدٌ *** لقد شيّعتْ ليلاً و قد أُلْحدَتْ سرّا
أرى الدَّمْعَ يُطغي كلَّ حُزنٍ وَإِنَّما *** بُكائي عَلى الزَّهْرا يُهيجُ بِيَ الذِّكرى
فأرنو إلى بنتِ النَّبيِّ و قد هوَتْ *** على قَبْرِ طه و هي تحتضِنُ القبرا
تقولُ أبي قد ضيَّعوني و هذِهِ *** فِعالُهم في مُهْجتي تَرَكَتْ سُعْرا
و عن جانبيها تَدْرِفُ الدَّمْعِ أَعيُنٌ *** يعزُّ على المختار رؤيتُها عَبْرى
فهذا حُسَينٌ سِبطُهُ و عزيزُهُ *** و ذا المجتبى يَبْكي وَ ذِي زَيْنَبُ الكبرى
وَ تَطلب منّي الصَّبْرَ مالصبرُ بعدهم *** جميل و قد ودَّعْتُ بعدَهُم الصَّبرا
و يا لائمي كُفَّ الملامَ فإنَّما *** مصيبةُ بنتِ المصطفى تقحِمُ الظَّهرا
ص: 104
وَ خُذني إلى الدّارِ الَّتي فُجِعَت بها *** و قُلْ لي أنَّى أسقطت محسناً قهرا
فأَسأَلُ باب الدار كيفَ احتراقُهَا *** و كيفَ غدا جِفنُ البتولةِ محمَّرا
و أيّ يدٍ شلّاء مدَّت لقدسِها *** فلم تُبقِ للإسلام شأناً و لاقدرا
و يا ضلعَها المكسور أبكيتَ شيعةً *** تَوَدُّ بِبَذلِ الروح لو تجبُرُ الكسرا
ص: 105
ص: 107
عَلَيْكَ صَلاَةُ اللَّهِ يَا خِيرَةَ الوَرَى *** طَرِيدُكَ لايَنْجُو طَعِينُكَ لايَبْرَى
عَلَيْكَ سَلامُ اللهِ يَا قَاسِماً لَظَى *** وَ يَا قَائِماً لَيْلاً وَ يَا صَائِماً دَهْرَا(1)
وَ مَنْ كَلَّمَ المَوْتَى وَ مَنْ أَوْضَحَ الهُدَى *** وَ مَنْ صَدَّقَ... وَ مَنْ سَلَّمَ النَّذْرَا؟
ص: 108
وَ زَوَّجَهُ الرَّحْمَنُ فَاطِمَةَ التَّقَى *** وَ عَلَّمَهُ الأَسْمَا وَ قَلَّدَهُ الأَمْرَا
وَ نَادَىٰ بِهِ يَوْمَ الغَدِيرِ مُبَلِّغاً *** عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ وَ الآيَةُ الكُبْرَى
وَ أَعْلَمُكُمْ عِلْماً وَ أَحْسَنُكُمْ تُقَى *** وَ أَظْهَرُكُمْ قَلْباً وَ أَشْهَرُكُمْ فَخْرَا
أَلاَ كُلٌّ مَنْ وَالَى عَلِيًّا فَقَدْنَجَا *** وَ خَابَ الَّذِي أَخْفَى لِحَيْدَرَةٍ غَدْرَا
رَقَا مَنْكِبَ الهَادِي إِلَى بَيْتِ رَبِّهِ *** وَ كَسَّر أَصْنَامَ الطَّغَاةِ عَلِي كَسْرَا
هُوَ النَّبَأُ الأَعْلَى هُوَ السُّمُ لِلْعِدَى *** هُوَ المَوْتُ يَوْمَ الرَّوْعِ وَ الأَسَدُ الأَجْرَا
فَكَمْ لِعَلِي المُرْتَضَى مِنْ مَنَاقِبٍ *** أَبَى اللَّهُ لَمْ تُحْصِ الرُّوَاةُ لَهَا عُشْرَا
كَأَحْدٍ وَ بَدْرٍ وَ النَّضِيرِ وَ خَيْبَرٍ *** وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَ اقْتِحَامَتِهِ بَدْرا
إلى أن يقول...
فَيَا قَائِساً بِالمُرْتَضَى الطُّهْرِ حَبْتَراً *** بِالذَّهَبِ العَالِي تَقِيسُ بِهِ الصُّفْرَا(1)
بَرِئْتُ إِلَى الرَّحْمَنِ مِمَّنْ لِفَاطِمٍ *** عَلَى فَدَكٍ بِالسَّوْطِ قَنَّعَهَا قَسْرَا(2)
فَمَاتَتْ وَآثَارُ السِّيَاطِ بَجَنْبِهَا *** وَ نَحْلَتُهَا غَصْباً وَ مُقْلَتُهَا عَبْرَى(3)
وَ غَسَّلَها الهَادِي الوَصِيُّ وَ ضَمَّهَا *** إِلَى قَبْرِهَا لَيْلاً وَ أَوْدَعَهَا سِرَا(4)
ص: 109
فَلَمَّا أَضَاءَ الصُّبْحُ جَاوُوا لِدَفْنِهَا *** فَمَا وَجَدُوا الزَّهْرَا وَ لَاعَرِفُوا القَبْرَا(1)
فَلَمَّا أَرَادُوا نَبْشَهَا ثَارَ مُغْضَباً *** وَ سَلَّ الحُسَامَ العَضْبَ وَ اعْتَقَلَ السُّمْرَا(2)
فَصَاحَ عَلَيْهِمْ مُغْضَباً يَا لَغَالِبٍ *** فَأَقْسَمَ بِالرَّحْمَنِ أَجْرُرُكُمْ جَزْرا(3)
فَمَا نَطَلِقُوا فِي نَبْشِهَا قَطُّ كِلْمَةً *** وَ لاشَهَرُوا سَيْفاً وَ لَابَرِحُوا شِبْرَا(4)
ص: 110
يَا مُدْرِكَ النّارِ البِدَارَ البِدَارُ *** شُنَّ عَلَى حَرْبِ عِدَاكَ المَغَارْ(1)
وَائْتِ بِهَا شَعْوَاءَ مَرْهُوبَةً *** تَعْقِدُ لَيْلاً فَوْقَهَا مِنْ غُبَارْ(2)
يَا قَمَرَ التَّمِّ أَمَا آنَ أَنْ *** تَبْدُو فَقَدْ طَالَ عَلَيْنَا السِّرَارْ
يَا غِيرَةَ اللَّهِ أَمَا أَنَ أَنْ *** تَغِيرَ عَلَى أَعْدَائِكَ فَالصَّبْرُ غَارْ
يَا صَاحِبَ العَصْرِ أَتَرْضَى رَحَى *** عُصَارَةِ الخَمْرِ عَلَيْنَا تُدَارْ؟
فَاشْحَذْ شَبَا عَضْبِكَ وَ اسْتَأْصِلِ *** الكُفْرَ بِهِ قَتْلاً صِغَاراً كِبَارْ(3)
عَجِّلْ فَدَتْكَ النَّفْسُ وَاشْفِ بِهِ *** مِنْ غَيْظِ أَعْدَاكَ قُلُوباً حِرَارْ
فَهَاكَ قَلِّبْهَا قُلُوبَ الوَرَى *** أَذَابَهَا الوَجْدُ مِنَ الانْتِظارْ
ص: 112
قَدْ ذَهَبَ العَدْلُ وَ رُكُنُ الهُدَى *** قَدْ هُدَّ وَ الجَوْرُ عَلَى الدِّينِ جَارْ
أغِثْ رَعَاكَ اللَّهُ مِنْ نَاصِرٍ *** رَعِيَّةً ضَاقَتْ عَلَيْهَا القِفَارْ
مَتَى تَسُلُّ البِيضَ مِنْ غِمْدِهَا *** وَ تَشْرَعُ السُّمْرَ وَ تَحْمِي الذِّمَارْ(1)
في فِتْيَةٍ لَهَا التُّقَى شِيمَةٌ *** وَ يَا لَثَارَاتِ الحُسَيْنِ الشَّعَارْ
كَأَنَّمَا المَوْتُ لَهَا (غَادَةٌ) *** وَ العُمْرُ (مَهْرٌ) وَ الرُّؤوسُ النَّثَارْ
مَا خِلْتُ قَبْلَ اليَوْمِ مِنْ هَاشِمٍ *** دِمَاؤُهَا تَذْهَبُ مِنْهَا جُبَارْ
تَنْسَى عَلَى الدَّارِ مُجُومَ العِدَى *** مُذْ أَضْرَمُوا البَابَ (بِجَزْلٍ وَ نَارْ)(2)
وَ رُضَّ مِنْ (فَاطِمَةٍ) ضِلْعُهَا *** وَ حَيْدَرٌيُقَادُ قَهْراً جِهَارْ(3)
كَيْفَ حُسّامُ اللَّهِ قَدْ فَلَّلَتْ *** مِنْهُ الأَعَادِي حَدَّ ذَاكَ الغِرَارْ
وَ الطُّهْرُ تَدْعُو خَلْفَ أَعْدَائِهَا *** يَا قَوْمُ خَلُّوا عَنْ عَلِيِّ الفِخَارْ(4)
قَدْ أَسْقَطُوا جَنِينَهَا وَ اعْتَرى *** مِنْ لَطْمَةِ الخدِّ العُيُونَ احْمِرَارْ
فَمَا سُقُوطُ الحَمْلِ مَا صَدْرُهَا *** مَالَطْمُهَا مَا عَصْرُهَا بِالجِدَارْ؟
مَا وَكُزُهَا بِالسَّيْفِ فِي ضِلْعِهَا *** وَ مَا انْتِثَارُ (قُرْطِهَا وَ السِّوَارْ)؟(5)
ص: 113
مَا ضَرْبُهَا بِالسَّوْطِ مَا مَنْعُهَا *** عَنِ البُكَا وَ مَا لَهَا مِنْ قَرَارْ؟(1)
ما الغَصْبُ (لِلعَقَارِ) مِنْهُمْ وَ قَدْ *** أَنْخَلَهَا رَبُّ الوَرَى (للعَقَارْ)؟(2)
مَا دَفْنُهَا بِاللَّيْلِ سِرّاً وَ مَا *** نَبْسُ الثَّرَى مِنْهُمْ عِناداً جِهَارْ(3)
تَعْساً لَهُمْ فِي ابْنَتِهِ مَا رَعَوْا *** نَبِيَّهُمْ وَ قَدْ رَعَاهُمُ مِرَارْ
قَدْ وَرِثَتْ مِنْ أُمِّهَا (زَيْنَبٌ) *** كُلَّ الَّذِي جَرَى عَلَيْهَا وَ صَارْ
وَزَادَتِ البِنْتُ عَلَى (أُمِّهَا) *** مِنْ دَارِهَا تُهْدَىٰ إِلَى شَرِّ دَارْ
تَسْتُرُ (بِاليُمْنَى) مُحَيَّاً فَإِنْ *** أَعْوَزَهَا السِّتْرُ تَمُدُّ (اليَسَارْ)(4)
لاَتَبْزُغِي يَا شَمْسُ كَيْ لاَتُرَىٰ *** (زَيْنَبُ) حَسْرَى مَا عَلَيْهَا خِمَارْ(5)
صَاحَتْ بِحَادِي العِيسِ دَعْنِي عَلَى *** جُسُومِهِمْ أُقِيمُ لَوْتَ الإِزارْ(6)
أَوْ خَلَّنِي عِنْدَ ابْنِ أُمِّي وَإِنْ *** تَأْكُلُ مِنْ لَحْمِي وُ حُوشُ القِفَارْ
(ضِدَّانِ) فِيهَا اجْتَمَعَاعَيْنُهَا *** وَ قَلْبُهَا تَجْمَعُ (مَاءً وَ نَارْ)
فِي زَفْرَةٍ تُحْرِقُ (وَجْهَ الثَّرَى) *** وَ دَمْعَةٍ تُخْجِلُ (صَوْبَ القِطَارْ)
وَ أَعْظَمُ الخَطْبِ تَرَى حُجَّةَ اللَّهِ *** مَضَى مَا بَيْنَهُمْ لايُجَارْ
يُقَادُ فِي جَامِعَةٍ جَهْرَةً *** بِالحَبْلِ مَوْتُوقاً يَمِيناً يَسَارْ
ص: 114
يَا أَيُّهَا الرَّاكِبُ (زَيَّافَةً) *** تَطْوِي الفَيَافِي وَ تَجُوبُ القِفَارْ
عَرِّجٌ عَلَى البَطْحَاءِ وَ انْدُبْ بَنِي *** عَمْرِ وَ العُلَى أَشْيَاخَ عُلْيَا نِزَارْ
إِنْ أَجْدَبَ العَامُ هُمُ السَّيْلُ وَ الأَسْدَافُ *** إِمَّا النَّقْعُ فِي الحَرْب ثَارْ(1)
لَوْ حَارَبُوا جُنْدَ الفَلاَ لأَغْتَدَى *** مُنْهَزِماً يَطْلُبُ مِنْهُمْ فِرَارْ
قُومِي فَشَمْسُ الدِّينِ قَدْ كُوِّرَتْ *** وَ جُذَّ عِرْنِينُ الهُدَى وَ الفَخَارْ(2)
وَ اجْلِي دُجَى النَّفْعِ بِبِيضِ الظُّبَا *** وَ سَوِّدِي بِالنَّقَعِ وَجْهَ النَّهَارْ
وَ قَوْمِي سُمْرَ القَنَا وَ امْتَطِي *** لِلْحَرْب يَا هَاشِمُ قِبَّ المِهَارْ(3)
قَدْ سَئّمَتْ مَرْبَطَهَا خَيْلُكُمْ *** وَ مَلتِ الأَجْفَانُ بِيضَ الشَّفَارْ(4)
ص: 115
(بحر الهَرْج)
السيد صالح الحلي(*)(1)
إِذَا جَفَّتْ دُمُوعُ العَيْنِ فَابْكِ أَدْمُعاً حُمْرَا *** وَ أَسْعِدْ حَيْدَرَ الكَرارَ بِالنَّوْحِ عَلَى (الزَّهْرَا)
***
فَمَا بَالُ الثَّرَى قَرَّتْ وَلِمْ لاَتَقِفُ الأَفْلَاكْ *** بِرُزْءٍ نَاحَتِ الإِنْسُ لَهُ وَالجِنُّ وَ الأَمْلاكْ
بِرُزْءٍ فِيهِ قَدْ قَرَّتْ عُيُونُ الكُفْرِ وَ الإِشْرَاكْ *** وَ ذَابَتْ مُهْجَةُ الدِّينِ وَ أَمْسَتْ عَيْنُهُ عَبْرَىٰ
***
بنَفْسِي بَضْعَةٌ أَوْصَى بِهَا أُمَّتَهُ أَحْمَدْ *** فَلَمَّا أَنْ قَضَى لَمْ يُمْهِلُوهَا رَيْثَمَا يُلْحَدْ(2)
وَ أَطْفَوْا فِي أَذَايَاهَا جَوّى فِي صَدْرِهِمْ مُكْمَدْ *** وَ أَشْفَوْا حِقْدَهُمْ مِنْهَا وَ بَزُوا إِرْثَهَا جَهْرَا(3)
***
فَلَا أَنْسَى ابْنَةَ المُخْتَارِ أُمَّ العِتْرَةِ الأَطْهَارْ *** تَرَى حَيْدَرَةَ الكَرَّارَ فَرْداً جَالِساً فِي الدَّارْ
وَ ذَاكَ الفَاجِرُ الحَمَّارُ يَرْقَى مِنْبَرَ المُخْتَارْ *** وَ قَدْ فَوَّضَتِ الأَنْصَارُ إِلَيْهِ (النَّهْيَ وَ الأَمْرَا)
***
فَكَمْ مَوْعِظَةٍ مِنْهَا بِذَاكَ اليَوْم لَمْ تَنْفَعْ *** وَ كَمْ مِنْهَا أَحَادِيث بِذَاكَ الجَمْع لَمْ تُسْمَعْ
فَلَمَّا يَئِسَتْ مِنْهُمْ وَ نِيرَانُ الحَشَى تَلْذَعْ *** وَ عَادَتْ لأَبِي السِّبْطَيْنَ تَشْكُو عِنْدَهُ الضُّرّا
***
ص: 116
فَجَاءَتْهُ وَ دَمْعُ العَيْنِ فِي وَجْنَتِهَا سَاكِبْ *** وَ نَادَتْهُ وَ جَمْرُ الوَجْدِ فِي أَحْشَائِهَا ثَاقِبْ
دَعَاهَا الخَطْبُ أَنْ قَالَتْ لَهُ (يَا بْنَ أَبِي طَالِبْ) *** وَ مَا زَالَتْ لَهُ تُبْدِي عِتَاباً يَصْدَعُ الصَّخْرَا
***
فَزَادَتْهُ بِشَكْوَاهَا عَلَى مِحْنَتِهِ مِحْنَهْ *** إِلَى أَنْ كَادَ أَنْ يُشْفَىٰ مِنْ أَعْدَائِهِ إِحْنَهْ(1)
وَلكِنْ صَدَّ حَامِي الدِّينِ عَنْهُمْ خَشْيَةَ الفِتْنَهْ *** وَ قَالَ احْتَسِبي اللَّه و لا... الصَّبْرَا
***
بِنَفْسِي مَنْ قَضَتْ غَضْبَى وَ لَمْ تُشْفَ لَهَا غُلَّهْ *** وَ مَا رَقَّ لَهَا القَوْمُ وَ لاَرَدُّوا لَهَا (النُّحْلَهْ)(2)
وَ لَمْ تَبْرَحْ عَلَى فَرْشٍ مِنَ الأَسْقَامِ وَ العِلَّهْ *** إِلَى أَنْ دُفِنَتْ سِرّاً وَ لَمْ نَعْلَمُ لَهَا قَبْرَا(3)
***
ص: 117
ص: 118
(بحر الكامل)
الشيخ صالح الفيلي(*)(1)
أَبْصِرْ أَخِي إِنَّ السَّمَاءَ تُنَوَّرُ *** وَ الأَرْضُ تَزْهُو بِالضِّيَاءِ وَ تَفْخَرُ
فَالشَّمْسُ مِنْ بَطْحَاءِ مَكَّةَ أَشْرَقَتْ *** وَ غَدَتْ إِلَى كُلِّ البِقَاعِ تُبَشِّرُ
وُلِدَتْ يَقُولُ بِالحِجَازِنَقِيَّةٌ *** حَوْرَاءُ رَمُزُ لِلطَّهَارَةِ مَصْدَرُ(2)
وَ تَبَلَّجَتْ أَفْنَانُ دَوْحَةٍ هَاشِمٍ *** نُوراً تَغَشَّاهُ النَّسِيمُ وَ عَنْبَرُ(3)
ص: 119
وَ ثِمَارُها قَدْ أَیْنَعَتْ وَ تَأَلَّقَتْ *** ثُمَّ البَرَتْ تَجْلُو الظَّلامَ وَ تُزَهِرُ(1)
وَ تَضَوَّعَ العُرْفُ الأَرِيجُ بِغُصْنِهَا *** وَ تَفَوَّحَ المِسْكُ الرَّحِيبُ الأَذْفَرُ(2)
صَلَّى الإِلهُ عَلَى الوَلِيدَةِ إِنَّهَا *** قُطْبُ الوِلايَةِ فَضْلُهَا لاَيُنْكَرُ
وُضِعَتْ فَسَبَّحَتِ الإِلهَ و قَدَّسَتْ *** وَ رَمَتْ بِطَرْفِ لِلسَّمَاءِ تُفَكِّرُ(3)
***
زَهْرَاءُ أَشْرَقَ لِلْمَلائِكِ نُورُهَا *** مِنْ قَبْلِ آدَمَ فِي السَّمَاءِ فَكَبَّرُوا(4)
وَ الرَّبُ أَوْدَعَ نُورَهَا فِي دَوْحَةٍ *** وَسُطَ الجِنانِ عَبِيرُهَا يَتَفَجَّرُ
حَتَّى إِذَا عَرَجَ النَّبِيُّ بِجِسْمِهِ *** وَاللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَ يَقْدِرُ
دَخَلَ الجِنَانَ فَهَللَتْ وَ تَبَسَّمَتْ *** فِيهَا أَزَاهِيرٌ وَ دَوْحٌ أَخْضَرُ
ص: 120
أَكَلَ المُعَطَّرَ مِنْ لَذِيذِ ثِمَارِهَا *** فَأَتَى خَدِيجَةَ نُورُهُ لاَ يُسْتَرُ
أَفْضَى إِلَيْهَا فَاسْتَقَرَّ بِبَطْنِهَا *** نُورٌ لِفَاطِمَةَ الزَّكِيَّةِ يَبْهَرُ(1)
***
بِأَبِي وَ أُمِّي أَيُّ حَمْلٍ حَمْلُهَا *** بِنْتُ الشَّفِيعِ وَ فَرْعُهُ وَ الكَوْثَرُ(2)
كَانَتْ تُحَادِثُ أُمَّهَا فَتَزِيدُهَا *** أَنساً بِمَا تَتَلُو فَلا تَتَضَجَّرُ
حَتَّى إِذَا دَنَتِ الوِلادَةُ وَجَهَتْ *** لِلَّهِ قَلْباً يَسْتَزيدُ وَ يَشْكُرُ
مَوْلُودَةٌ طَابَتْ وَ طيِّبَ أَصْلُهَا *** وَ فُروعُهَا خَيْرُ البَرِيَّةِ طَهَّرُوا
حَازَتْ عُلُومَ الأَنْبِيَاءِ وَ فَضْلَهُمْ *** هِيَ مَجْمَعٌ لِلْمَكْرُمَاتِ وَ مِحْوَرُ(3)
ص: 121
قَدْ زَانَهَا خُلْقٌ عَظِيمٌ رَائِعٌ *** تُغْضِي حَيَاءٌ فِي الحَيَاةِ وَ تَخْفَرُ(1)
وَرِثَتْ خِصَالَ المُصْطَفَى وَ سَخَاءَهُ *** فَغَدَتْ تُفَرِّقُ فَيْئَهَا لاَتَحْجُرُ(2)
ص: 122
وَاللَّهُ قَدَّرَ فِي السَّمَاءِ زَوَاجَهَا *** فَبَنَى بِهَا خَيْرُ البَرِيَّةِ حَيْدَرُ(1)
فَتزَيَّنَتْ حُورُ الجِنَانِ وَ عُطْرَتْ *** جَنَّاتُ عَدْنٍ وَ اللأَئِي تُنْثَرُ(2)
جِبْرِيلُ خَاطِبُهَا وَ إِنَّ صَدَاقَهَا *** نِصْفُ البَسِيطَةِ وَ البِحَارُ وَ أَنْهُرُ
يَا شِيعَةَ الزَّهْرَاءِ تُوْجَ مَهْرُهَا *** بِشَفَاعَةِ يَوْمَ الجَزَاءِ فَأَبْشِرُوا(3)
ص: 123
لاتَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةٍ وَ تَمَسَّكُوا *** بِوَلائِهَا وَ انْسُوا الخَطِيئَةَ وَ اهْجُرُوا
وَ تَزَوَّدُوا لِلْبَعْثِ مِنْ آدَابِهَا *** فِي الحِلْم وَ الأَخْلَاقِ لَا تَتأَخَّرُوا
وَ لْتَنتَهِجْ كُلُّ النِّسَاءِ سَبِيلَهَا *** فِي عِفَّةٍ تُحْيِي القُلُوبَ وَ تَعْمُرُ
***
وَتَيَقَّنُوا أَنّ النَّجَاةَ بِحُبِّهَا *** وَ لأَجْلِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ تُحْشَرُ
فَتَقُولُ هَذَا طَيِّبٌ مُتَمَنْعٌ *** بولايتي و فؤادُهُ مُتَعَطِّرُ
قُولُوا لَهُ إِنَّ الجِنَانَ جَزَاؤُهُ *** فِي رَوْضَةٍ يَلْقَى النَّعِيمَ وَ يُحْبَرُ(1)
وَ تَقُولُ هَذَا حَائِدٌ مُتَنَصْلٌ *** وَ إِمَامُهُ شَرُّ البَرِيَّةِ حَبْتَرُ(2)
فَلْيُصْلِ نَاراً أُوقِدَتْ لِإِمَامِهِ *** وَ لَهُ تُذِلُّ الظَّالِمِينَ وَ تَقْهَرُ
فَتَوَسَّلُوا بِمَقَامِهَا وَ بِالِهَا *** يَا إِخْوَتِي عِنْدَ النَّوَائِبِ وَ اصْبِرُوا
صَلُّوا عَلَى الهَادِي الأمين وَآلِهِ *** وَ عَلَى الشَّفيعة للعُصاةِ وَ كَبِّرُوا
ص: 124
يَا خَلِيلَيَّ احْبِسَا الجُرْدَ المِهَارا *** وَ ابْكِيَا دَاراً عَلَيْهَا الدَّهْرُ جَارَا(1)
وَ رُبُوعاً أَقْفَرَتْ مِنْ أَهْلِهَا *** وَغَدَتْ بَعْدَهُمُ قَفْراً بِرَارا(2)
حَكَمَ الدَّهْرُ عَلَى تِلْكَ الرُّبَى *** فَانْمَحَتْ وَ الدَّهْرُ لاَيَرْعَى ذِمَارا(3)
كَيْفَ يُرْجَى السَّلْمُ مِنْ دَهْرٍ عَلَى *** أَهْلِ بَيْتِ الوَحْيِ قَدْ شَنَّ المَغَارَا
لَمْ يُخَلَّف أَحْمَدُ إِلا ابْنَةً *** وَلَكُمْ أَوْصَى بِهَا القَوْمَ مِرَارا(4)
ص: 126
كَابَدَتْ بَعْدَ أَبِيهَا المُصْطَفَى *** غُصَصاً لَوْ مَسَّتِ الطَّوْدَ لَمَارَا(1)
هَلْ تَرَاهُمْ أَدْرَكُوا مِنْ أَحْمَدٍ *** بَعْدَهُ فِي آلِهِ الأَظهَارِ ثَارا؟
فَصَبُوها حَقَّهَا جَهْراً وَ مِنْ *** عَجَبٍ أَنْ تُغْصَبَ الزَّهْرَا جِهَارَا
مَنْ لَحَاهَا إِذْ بَكَتْ وَالِدَهَا *** قَائِلاً فَلْتَبْكِ لَيْلاً أَوْ نَهَارا؟(2)
وَيْلَهُمْ مَا ضَرَّهُمْ لَوْ بَكَتْ *** بِضْعَةُ الْمُخْتَارِ أَيَّاماً قِصَارا
مَنْ سَعَى فِي ظُلْمِهَا مَنْ رَاعَهَا *** مَنْ عَلَى فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ جَارا؟
مَنْ غَدَا ظُلْماً عَلَى الدَّارِ الَّتِي *** تَخِذَتْهَا الإِنْسُ وَ الْجِنُّ مَزَارا؟
طَالَمَا الأَمْلاكُ فِيهَا أَصْبَحَتْ *** تَلْثِمُ الأَعْتَابَ فِيهَا وَ الْجِدَارا
وَ مِنَ النَّارِ بِهَا يَنْجُو الوَرَى *** مَنْ عَلَى أَعْتَابِهَا أَضْرَمَ نَارا؟(3)
وَ النَّبِيُّ المُصْطَفَى كُمْ جَاءَهَا *** يَطْلُبُ الإِذْنَ مِنَ الزَّهْرَا مِرَارَا(4)
وَ عَلَيْهَا هَجَمَ القَوْمُ وَ لَمْ *** تَكُ لَاَنَثْ لاَوَعُلياهَا الْخِمَارَا(5)
لَسْتُ أَنْسَاهَا وَ يَا لَهُفِي لَهَا *** إِذْ وَرَاءَ الْبَابِ لاَذَتْ كَيْ تَوَارَى(6)
فَتَكَ الرِّجْسُ عَلَى البَابِ وَ لاَ *** تَسْأَلَنْ عَمَّا جَرَى ثمَّ وَصَارا
ص: 127
لا تَسَلْنِي كَيْفَ رَضُوا ضِلْعَهَا *** وَ اسْأَلَنَّ الْبَابَ عَنْهَا وَ الجِدَارا(1)
وَ اسْأَلَنْ أَعْتَابَهَا عَنْ مُحْسِنٍ *** كَيْفَ فِيهَا دَمُهُ رَاحَ جُبَارا
وَ اسْأَلَنْ لُؤلُؤ قُرْطَيْهَا لِمَ *** انْتَشَرَتْ وَ الْعَيْنَ لِمْ تَشْكُو احْمِرارا؟(2)
وَ هَلِ المِسْمَارُ مَوْتُورٌ لَهَا *** فَغَدا فِي صَدْرِهَا يُدْرِكُ تارا؟(3)
ص: 128
(بحر الرمل)
صدر الدين الصدر(*)(1)
تخميس الشيخ قيس العطار(**)(2)
قد ذكرتُ الدارَ و الدمعُ تجارى *** و أحبّاءٌ لنا شطُّوا مَزَارا
مذ مررنا صحتُ بالصحبِ جهارا *** «یا خليليَّ احبسا الجردَ المِهارا
وابكيا داراً علیها الدهرُ جارا»
***
فقفا نبكِ دماً من أجلِها *** و الذي قد فرَّقُوا من شملِها
قد تذكّرتُ ليالي وصلِها *** «و ربوعاً أقفرتْ من أهلِها
و غدتْ بعدهُمُ قفراً بَوارا»
***
قلتُ للأطلالِ أينَ النجبا *** أينَ عن ربعهُمُ طيبُ الصّبا
فأجابتنِي جواباً عجَبا *** «حكم الدهرُ على تلكَ الرُّبى
فانمحتْ و الدهرُ لايرعى ذِمارا»
***
أو لا تدرِي بما قدْ فعلا *** دهرُ سوءٍ عمرَه ما عَدَلا
ص: 129
أمَّرَ التالي و أقصى الأوّلا *** «كيف يُرجى السلمُ من دهرٍ على
أهل بیتٍ الوحي قد شنّ المَغارا»
***
حينما قد عقدُوها ضلّةً *** لبني تيم بن مرِّ فلتةً
فانتحى منتهكاً فاطمةً *** «لم يخلّف أحمدٌ إلاّ ابنةً
و لَكَمْ أوصى بها القومَ مرارا»
***
غيرَ أنّ القومَ سامُوها الجفا *** برزايا فطَّرت صُمَّ الصَّفا
آهِ للزهرا أُضِيعت أَسَفا *** «كابدتْ بعد أبيها المُصطفى
غُصَصاً لومسَّتِ الطودَ لَمَارا»
***
ما لقلبِ القومِ هل من جَلمدَ *** نحتُوه أم ظلامٍ سرمدِ
كيف لم يعرف لها من مَلحَدِ *** «هل تراهم أدركوا من أحمدِ
بعدُه في آلهِ الأطهارِ ثارا»
***
ليسَ في زمرتِهم من مؤمنْ *** لا و لاذي عفّةٍ مؤتَمنْ
كم أذاقُوا فاطماً من مِحَنِ *** «غصبُوها حقّها جهراً و مِنْ
عجبٍ أن تُغصب الزهرا جَهارا»
***
كذَّبَ ابن المعتِفي شاهِدها *** وغدا من حقِّها جاحدَها
أوَ لم تسمعْ بمن عانَدَها *** «من لحاها إذ بكت والدَها
قائلاً فلتبكِ ليلاً أو نهارا»
***
ص: 130
فلبيتِ الحزنِ تبكي أُقصيتْ *** و بإيذاءِ الورى قد رُميتْ
ليتَ منهم أعيناً قد عُميتْ *** «ويلهم ماضرَّهم لو بكيتْ
بضعةُ المختار أياماً قصارا»
***
زمرةٌ قد ركبت أطماعَها *** و من الزهرا حَنَتْ أضلاعَها
أو تدري بالذي قد لاعَها *** «من سعى في ظلمِها مَن راعَها
من علي فاطمةَ الزهراءِ جارا»
***
إنّه نغلُ بنِي تيمٍ العتي *** و ابنُ خطابٍ أتى بالزمرةِ
لعَنَ الباري خبيث المنبتِ ** «مَن عدا ظلما على الدارِ التي
تخذتها الإنسُ و الجنّ مزارا»
***
فلتةٌ من تيمِها قد نبحَثْ *** و لقلبِ المصطفى قد جَرَحَتْ
أحرقُوا داراً بنورٍ طفحتْ *** «طالما الأملاكُ فيها أصبحَتْ
تلثمُ الأعتابَ منها و الجدارا»
***
هي دارٌ قدْ تسامَتْ للذرى *** كعبةُ الوفّادِ من أُمَّ القُرى
سلْ بها إذ طاولَتْ غار حِرا *** «و من النارِ بها ينجُو الوَرَى
من علی أعتابِها أضرمَ نارا»
***
من بيوتٍ ربُّها قدشاءَها *** و بأملاكٍ حَمَى أرجاءَها
دون إذن دخلُوا أفناءَها *** «و النبيّ المصطفى كم جاءَها
ص: 131
یطلبُ الإذن ب الإذن من الزهرا مِرارا»
***
بالذي قُدّر قد جفَّ القَلَمْ *** أن تموتَ الطهرُ من فرطِ الألمْ
هتکُوا من دارِها كلَّ الحُرَمْ *** «و عليها هجمَ القومُ و لَمْ
نكُ لاثتْ لاو علیاها خمارا»
***
أسقطُوها خلف بابٍ حَمْلَها *** و بحبلِ الرجس جرّوا بعْلَها
ما رأت عيناي رزءاً مثلها *** «لستُ أنساها و يا لهفِي لها
إذ وراءَ البابِ لاذتْ تتواري»
***
حقدُهم في الصدر كالقدر غلى **** فأتى كلُّ نبوحٍ يُشتلى
عمرٌ، قنفذُ، كُلُّ السفلا *** «فتكَ الرجسُ على البابِ و لا
تسْأَلَنْ عمّا جرى ثمَّ و صارا»
***
منعُوا فاطمَ تذري دمعَها *** و بليل الحقد أطفَوْا شمعَها
فابكها ما شئتَ حزناً وَانْعَها *** «لاتسلنِي كيف رضّوا ضِلعها
واسْأَلَنَّ البابَ و الجِدارا»
***
فاسألِ الدار تُجبْ في حُزُنِ *** عن رزاياها بقلبٍ شَجِنِ
لاتسلني ما جرى من مِحَنِ *** «واسألَنْ أعتابهَا عن محسنِ
کیف فیها دَمُهُ راحَ جُبارا»
***
ص: 132
منعُوا أعينَها طيبَ الوسَنْ *** روّعُوها و حُسيناً وَ حَسَنْ
لاتسلْ عمّا أُذيقوا من مِحَنُ *** «واسألنْ لؤلؤ قرطيْها لِمَا أنْ
سرت و العينَ لَمْ تشكو احمرارا»
***
قد سألتُ البابَ تحكي عَلَّها *** لِمَ بالنارِ أراعَتْ أهلَها
لِمَ جرَّ الحبلُ ظُلماً بعلها *** «و هل المسمارُ موتورٌ لها
فغدا في صدرِها يدركَ ثارا»
***
ص: 133
وَ مَشَتْ وَ أَلْبَابُ النَّدَامَى إِثْرَهَا *** تَخْطُو وَ قَدْ شَخَصَتْ لَهَا الأَنْظارُ(1)
فَتَمَايَلَتْ لِلسَّامِرِينَ تَذَلُّلاً *** تَرْوِي الغَصينَ فَرَنَّتِ الأَوْتَارُ
حَسْنَاءُ نَاعِمَةُ العُيُونِ وَ وَجْهُهَا *** قَمَرٌ تَخِرُّ لِحُسْنِهِ الأَقْمَارُ
بَرَّاقَةُ السَّاقَيْنِ ذَاتُ مَحَاسِنٍ *** وَ بِخَدِّهَا مَاءُ الصَّبَا نَوّارُ
يَهْفُو لَهَا الصَّبُّ الكَثِيبُ تَشَرُّقاً *** وَ تَهَيُّماً حَيْثُ الهَوَى جَبَّارُ
يَا رَبَّةَ اللَّفْتَاتِ مَهْلاً قَدْ كَوَى *** جَنْبَيَّ هَذَا الدَّلُّ وَ التَّخْطَارُ
وَ مِنَ التَّضَامُنِ وَ اهْتِزَازِ قِوَامِكِ *** شَبَّتْ عَلَى قَلْبِي المُتَيَّمِ نَارُ
***
بُورِكتَ مِنْ لَيْلِ بِكَ الأَحْرَارُ *** قَدْرُجْبَتْ وَ طَغَى اسْتِبْشَارُ
هَذَا هُوَ الحَفْلُ المُهِيبُ كَأَنَّهُ *** فَلَك تَضِحُ حِیَالَهُ الأَنْوَارُ
وَقَفَتْ لَكَ الشُّعَرَاءُ إِكْرَاماً وَ قَدْ *** أَوْدَى بِهَا الإِجْلاَلُ وَ الإِكْبَارُ
ضَرَبَتْ عَلَى وَتَرِ القَرِيضِ أَكُفُّهَا *** بِحَفَاوَةٍ فَانْهَلَّتِ الأَشْعَارُ(2)
وَ مَضَتْ تَسِيلُ وَ فِي المَسَامِع شَدْوُهَا *** طَرَباً كَمَا تَتَرَنَّمُ الأَطْيَارُ
وَ الشَّعْرُ مِصْبَاحٌ يُطِلُّ بِحِنْدِسٍ *** وَ الشَّعْرُ فِيهِ رِفْعَةٌ وَ وَقَارُ(3)
وَ الشَّعْرُ خَيْرُ هَدِيَّةٍ قُدْسِيَّةٍ *** لِلطَّيِّبِينَ وَ لِلطَّغَاةِ دَمَارُ
وَ الشَّعْرُ مُوسِيقَى وَ جَرسٌ سَاحِرٌ *** إِنْ رَنَّ هَبَّتْ نَحْوَةُ الأَفْكَارُ
***
بُورِكتَ مِنْ لَيْل تَخِرُّ لِسَعْدِهِ *** شُكراً لَيَالِي الدَّهْرِ وَ الأَسْحَارُ
أَلْقَ الجَبِينُ وَ بِالسُّرُورِ مُتَوَّجاً *** حَتَّى كَأَنَّكَ بِالوُضُوحٍ نَهَارُ
تَجْرِي الرِّيَاحُ ظَلِيقَةً وَ رَخِيَّةً *** بِكَ لِلأَنَامِ وَ ذَيْلُهَا مِعْطَارُ
ص: 135
فِي مَوْلِدِ الزَّهْرَاءِ شَعَ مِنَ الهُدَى *** نُورٌ وَ لِلإِسْلامِ لاَحَ مَنَارُ
فَالكَوْنُ مُزْدَهِرُ الجَوَانِبِ ضَاحِکٌ *** وَ عَلَى الوَرَى عَبْقُ(1) الجِنَانِ نِثَارُ(2)
***
يَا صفْحَةٌ لَمَعَ القَرِيضُ فُويْقَهَا *** زِيدِي الْتِمَاعاً فَالسُّرُورُ مُثَارُ
وَ تَرَنَّحِي يَا عَاطِفَاتُ وَ سَارِعِي *** عَجَلاً كَمَا تَتَسَارَعُ الأَمْطَارُ
فَلَقَدْ طَرِبْتُ بِحَفْلِ ذِكْرَى مَوْلِدِ *** الزَّهْرَاءِ حَيْثُ نَمَتْ لَهَا الأَطْهَارُ
فَلِذَا وَقَفْتُ مُغَرِّداً بحفاوةٍ *** لِلسَّامِعِينَ كَمَا يَهُبُّ هَزَارُ(3)
حُيِّيْتِ مِنْ ذِكْرَى يُغَرِّدُ بِاسْمِهَا *** الدَّهْرُ وَ التَّارِيخُ وَ الأَسْفَارُ(4)
الْحَقُّ يَشْمُخُ عَالِياً فِي طَيِّهَا **** وَ الظُّلَمُ مِنْ لَمَعَانِهَا يَنْهَارُ
تَمْضِي الدُّهُورُ وَإِنَّهَا وَضَاءَةٌ *** مَهمَا بَدَتْ وَ تَغَيَّرَتْ أَطْوَارُ
***
أَمَّا حَيَاةُ الظَّالِمِينَ فَإِنَّهَا *** عَارٌ و خِزْيٌ فَاضِحٌ وَ بَوَارُ
و الحَاكِمِينَ بِغَيْرِ حَقٌّ شُهْرَةً *** وَ الصَّامِتِينَ كَأَنَّهُمْ أَحْجَارُ
هذَا العِرَاقُ وَ لاَيَزَالُ بِذِلَّةٍ *** كَيْفَ الخَلاَصُ وَفَوْقَهُ اسْتِعْمَارُ
هذَا يُطَبّلُ مِنْ هُنَا لِلُبَانَةٍ *** وَ هُنَاكَ آخَرُ عَازِفٌ زَمَّارُ
وَيْلٌ لِجَامِعَةٍ تُغَيِّرُ لَوْنَهَا *** وَ سِوَى التَّكذُّبِ مَا لَهَا أَخْبَارُ
قَدْ هَدْأَتْنَا بِالسَّلام وَ غَيْرِهِ *** أَيْنَ السَّلاَمُ وَ هَذِهِ الأَخْطَارُ؟
ص: 136
إِنَّ المَشَاكِلَ لَاتَحُلُّ بِأَرْؤُسٍ *** لَعِبَتْ بِهَا قَبْلَ الحُلُولِ عُقَارُ(1)
***
عَمّا قَرِيبٍ تُرْفَعُ الأَسْتَارُ *** طُرّاً فَتَبْدُو خَلْفَهَا الأَسْرَارُ
وَ تَلُوحُ لِلْقَوْمِ النِّيَامِ غَمَامَةٌ *** سَوْدَاءُ مِنْهَا تَرْجُفُ الأَقْطَارُ
دَمْعُ الشَّبَابِ يُرَاقُ فِي أَوْطَانِهِ *** ظُلماً لِيُکْمِلَ عَيْشُهُ الغَدَّارُ
وَ الشَّمْسُ تَفْزَعُ فِي المَسَاءِ لَمَّا يُرَى *** تَهْتَزُّ مِنْ ثِقْلِ الجُيُوشِ قِفَارُ
فَخُذُوا الحِيادَ لَكُمْ وَإِلا تَنْدَمُوا *** إِنْ طَارَ مِنْ حَرْبِ الطَّغَاةِ شَرَارُ
***
كَيْفَ السُّكُوتُ عَلَى الأَذَى وَإِلَى مَتَى *** نَحْنُ العَبيدُ وَ لِلْعَدُوِّ صِغَارُ؟
غَمَرُوكُمُ وَاللَّهِ ذُلاً قاتلاً *** أَفَأَنْتُمُ الأَحْرَارُ وَ الأَبْرَارُ؟
إِنَّ المَشَانِقَ لِلْكِرَام مَرَاقِصٌ *** وَ السِّجْنُ فِي حُبِّ البِلادِ فَخَارُ
يَا نَاهِبِي الخَيْرَاتِ مِنْ أَوْطَانِنَا *** بَلْ يَا عَبيداً رَبُّهَا الذُّولارُ
خَلُوا مَوَاطِنَنَا وَ لَاتَتَقَرَّبُوا *** مِنْهَا فَإِنَّ رِجَالَهَا ثُوّارُ
***
يَا بِنْتَ مَنْ وَاللَّهِ لَوْلاَ شَخْصُهُ *** لَمْ يَسْتَقِمَ دِينُ وَ لاأَمْصَارُ
بَلْ لَمْ تَدُرْ كُرَةُ الصَّعِيدِ وَ لَمْ يَكُنْ *** هَذَا الأَثِيرُ الدَّافِعُ السَّيَّارُ(2)
كُمْ مَوْقِف لَكِ فِي الدَّفَاعِ مُعَظَّمٍ *** مِنْ حَيْثُ غَضَّتْ نَحْوَكِ الْأَبْصَارُ؟
دَافَعْتِ عَنْ دِينِ الرَّسُولِ فَمَا اهْتَدَتْ *** بِدِفَاعِكِ الجُهَّالُ وَ الأَشْرَارُ(3)
ص: 137
فَإِلَيْكِ سَيِّدَتِي تَحِبَّةَ شَاعِرٍ *** كَمِدٍ وَ دُونَ وَلاكِ لايَخْتَارُ(1)
ص: 138
(بحر الكامل)
الشيخ عبدالأمير النصراوي(*)(1)
يَا مَنْ زَهَتْ مِنْ نُورِكِ الأَنْوَارُ *** وَ تَنَسَّمَتْ عِطْراً بِكِ الأَسْحَارُ
سِرُّ الحَيَاةِ عَلَى وُجُودِكِ قَائِمٌ *** فُلكٌ بِهِ هَذَا الوُجُودُ يُدَارُ
صَاغَ الإِلهُ لآلِئاً مِنْ لُطفِهِ *** وَ قَدِ اصْطَفَاكِ وَاحِدٌ قَهَارُ
فِي يَوْمِ مَوْلِدِكِ الحَيَاةُ تَعَطَّرَتْ *** وَ عَلَى أَرِيجِكِ تُنْثَرُ الأَزهَارُ(2)
عَمَّتْ لَكِ الأَفْرَاحُ فِي أَرْجَائِهَا *** وَ إِلَيْكِ حُبّاً تُنْشَدُ الأَشْعَارُ
زَهْرَاءُ يَزْهَرُ نُورُهَا نَحْوَ السَّمَا *** حَوْرَاءُ قَدْ حَارَتْ بِهَا الأَفْكَارُ(3)
ص: 139
فِي مُحْكَم التَّنْزِيلِ اِسْمُكِ كَوْثَرٌ *** مِنْ نَبْعِهِ قَدْ فَاضَتِ الأَنْهَارُ
فِي سُورَةِ الإِنْسَانِ أَعْلَنَ نَاطِقاً *** وَلَدَاكَ أَنْتِ وَ حَيْدَرٌ أَبْرَارُ
مَنْ يَشْرَبُونَ وَ قَدْ سَقَاهُمْ رَبُّهُمْ *** كَأْساً لَهُمْ كَافُورُهُ فَوَارُ(1)
يَا بَضْعَةَ الهَادِي وَ زَوْجَةَ حَيْدَرٍ *** أُمَّ الأَئْمَةِ مَنْ هُمُ أَطْهَارُ(2)
أَنْجَبْتِ يَا أُمَّ الحُسَيْن عَمَالِقاً *** قَدْ نَوَّرُوا الدُّنْيَا وَ هُمْ أَقَمَارُ
أَنْتِ التَّقَى أَنْتِ البَتُولُ وَ فَاطِمٌ *** فَعَلَى خُطَاكِ يَقْتَدِي الأَحْرَارُ(3)
مَنْ لِي سِوَاكِ شَفِيعَةٌ يَوْمَ الجَزَا *** إِذْ عَزَّتِ الأَحْبَابُ وَ الأَنْصَارُ؟(4)
ص: 140
(بحر الطويل)
الشيخ عبد الحسين آل صادق العاملي (*)(1)
أَنَائِحَةٌ مِثْلِي عَلَى العَرْصَةِ القَفْرَا *** تَعَالِي أَقَاسِمُكِ المَنَاحَةَ وَ الذِّكْرَى(2)
حَدِيثَ الجَوَى يَا وُرْقُ يَرْوِيهِ كُلْنَا *** عَن العَبْرَةِ الْوَطْفَاءِ وَ الْكَبِدِ الحَرَا(3)
كِلانَا كَثِيبٌ يُتبِعُ النَّوْحَ أَنَّةً *** إِذَا مَا وَعَاهَا الصَّحُرُ صَدَّعَتِ الصَّخْرَا(4)
خُذِي لَكِ شَطْراً مِنْ رَسِيسِ مُبَرِّحٍ *** وَلِي مِنْهُ يَا ذَاتَ الجَنَاحِ ذَرِي شَطرَا(5)
خَلا أَنَّهَا تَبْكِي وَ مَا فَاضَ دَمْعُهَا *** وَ أَجْرَيْتُهَا مِنْ مُقْلَتِي أَدْمُعاً حَمْرا
فَلاَجَمْرُ أَحْشَائِي يُخَفِّفُ عَبْرَتِي *** وَ لَاعَبْرَتِي فِي صَوْبِهَا تُخْمِدُ الجَمْرَا
وَ قَائِلَةٍ وَ هْيَ الْخَلِيَّةُ مِنْ جَوَّى *** مُعَرَّسُهُ أَضْحَى الْحَيَازِمَ وَ الصَّدْرَا(6)
رُوَيْدَكَ نَهْنِهْ مِنْ غَرَامِكَ وَ اتَّخِذْ *** شِعَارَيْكَ فِي الْخَطْبِ التَّجَلُّدَ وَ الصَّبْرَا(7)
فَقُلْتُ وَرَاكِ فَاتَّنِي الصَّبْرُ كُلُّهُ *** لِرُزْءٍ أُصِيبَتْ فِيهِ فَاطِمَةُ الزَّهْرَا
غَدَاةَ تَبَدَّتْ مُسْتَبَاحاً خِبَاؤُهَا *** وَ مَهْتُوكَةً حُجْبَ الخَفَارَةِ وَ السِّتْرَا(8)
ص: 141
عَلَى حِينٍ لاَعَيْنُ النَّبِيِّ أُمَامَهَا *** لِتُبْصِرَ مَا عَانَتْهُ بَضْعَتُهُ فَسْرَا
عَلَى حِينٍ لاَسَيْفُ الرَّسُولِ بِمُنْتَضَى *** الغَرَارِ وَ لَمْ تَنْظُرْ لِرَايَتِهِ نَشْرَا(1)
عَلَى حِينْ لاَمُسْتَأَصَلٌ مَنْ يَضِيمُهَا *** وَ لَاكَاشِفٌ عَنْهَا الْحَوَادِثَ وَ الضُّرَا(2)
(بِنِحْلَتِهَا) جَاءَتْ تُطَالِبُ مَعْشَراً *** بَدَا كُفْرُهُمْ مِنْ بَعْدِمَا أَضْمَرُوا الْكُفْرَا(3)
عَمُوا عَنْ هَوَاهَا ثُمَّ صَمُّوا كَثِيرُهُمْ *** كَأَنَّ بِسَمْعِ الْقَوْمِ مِنْ قَوْلِهَا وَ قْرَا
لَقَدْ أَرْعَشَتْ بِالوَعْظِ صِلَّ ضُغُونِهِمْ *** فَثَارُوا لَهَا وَ الصِّلُ إِنَّ يَرْتَعِشُ يَضْرَى(4)
فَلَوْ أَنَّهُمْ أَوْصَى النَّبِيُّ بِظُلْمِهِمْ *** لَهَا مَا اسْتَطَاعُوا غَيْرَ مَا ارْتَكَبُوا أَمْرَا
وَ أَنَّى وَ هُمْ طَوْراً عَلَيْهَا تُرَاثَهَا *** أَبَوْا وَ أَبَوْا مِنْهَا الْبُكَا تَارَةً أُخْرَى
وَ هُمْ وَ شَمُوهَا تَارَةً بِسِيَاطِهِمْ *** وَ آوِنَةٌ قَدْ أَوْسَعُوا ضِلْعَهَا كَسْرَا(5)
وَ خَلِّي حَدِيثَ (البَابِ) نَاحِيَةً فَمَا *** تَمَثَّلْتُهُ إِلا جَرَتْ مُقْلَتِي نَهْرَا(6)
بِنَفْسِي الَّتِي لَيْلاً تَوَارَثْ بِلَحْدِهَا *** وَ كَانَ بِعَيْنِ اللَّهِ أَنْ دُفِنَتْ سِرَا(7)
ص: 142
بِنَفْسِي الَّتِي أَوْصَتْ بِإِخْفَاءِ قَبْرِهَا *** وَ لَوْلاَ هُمُ كَانَتْ بِإِظْهَارِهِ أَحْرَى
بِنَفْسِي الَّتِي مَاتَتْ وَ مِلْءُ بُرُودِهَا *** مِنَ الْوَجْدِ مَا لَمْ تَحْوِهِ سَعَةُ الْغَبْرَا(1)
رَمَوْهَا بِسَهُم عَنْ قِسِيَّ حُقُودِهِمْ *** فَأَصْبَحَ فِيمَا بَيْنَهُمْ دَمُهَا هَدْرَا
عَلَيْهَا سَلامُ اللهِ و لازَالَ وَاصِلاً *** لَهَا فَصَلاةُ اللهِ مَا بَرِحَتْ تَتْرَى(2)
ص: 143
تُخَادِعُكَ الدُّنْيَا وَ تُبْدِي اغْتِرَارَهَا *** وَ نَفْسُكَ لَمْ تَأْخُذْ بِحَزْمٍ حِذَارَهَا
تُرَجي الأَمَانِي آمِناً مِنْ صُرُوفِهَا *** كَأَنَّكَ غِرِّ لَسْتَ تَدْرِي اعْتِبَارَهَا
تُسِيءُ إِذَا أَحْسَنْتَ صُنْعاً لَهَا فَلاَ *** تَكُنْ قَابِلا إِنْ أَسْمَعَتْكَ اعْتِدَارَهَا
سَفَتْكَ عِقاراً بالهَوَى وَ لَرُبَّمَا *** تَخَيَّلْتَ سُكْراً قَدْ مَلَكْتَ عِقَارَهَا(1)
عَمَدْتَ بَصِيرَ العَقْلِ يَحْسَبُ نُورَهَا *** ظِلالاً كَسَتْهُ الحَادِثَاتُ اعْتِكَارَهَا(2)
إِذَا عَظْمَتْ كُلُّ الوَرَى وَجْهَ نَعْتِهَا *** أَخُو الحَزْمِ أَبْدَى ذُلَّها وَ احْتِقَارَهَا
تَوَلَّتْ شِرَارَ النَّاسِ وُدَاً بِقُرْبِهَا *** وَ قَدْ أَبْعَدَتْ بِالبُغْضِ عَنْهَا خِیَارَهَا
تُصَغَّرُ قَدْرَ المَرْءِ إِنْ نَافَ عِزُّهَا *** وَ يَأْنَفٌ عِرنينُ الإِبَاءِ صِغَارَهَا(3)
جِنَايَتُها قَدْ مُثْلَتْ لَكَ جَنَّةٌ *** تُذِيقُكَ سُمّاً إِنْ جَنَيْتَ ثِمَارَهَا
ص: 145
بلُجَّتِهَا غُصْ فَالْتَقِط دُرَرَ الثَّنَا *** وَ لاتَخْتشِ أَهْوَالَهَا وَ غِمَارَهَا
ثَنَاءٌ جَمِيلٌ عِنْدَ تَرْدِيدِ ذِكْرِهِ *** يُطِيلُ لِسَاعَاتِ التَّلاقِي نِصَارَهَا
إِلَى البَضْعَةِ الزَّهْرَاءِ تُهْدَىٰ فَرَائِدٌ *** تَشَوَّقَتِ السَّبْعُ المَثَانِي ابْتِكَارَها
فَكَمْ رَوْضَةٍ فِي مَدْحِهَا تَنْشُقُ الهُدَى *** بِطِيبِ الغَوَالِي رَنْدَها وَ عَرارَها(1)
فَتِلْكَ لَعَمْرُ اللَّهِ شَمْسُ هِدَايَةٍ *** يُجَلِّي سَنَاها لِلدَّياجِي سِرَارَها(2)
عَلَى الطَّوْرِ كَانَتْ آيةُ النُّورِ مَوْهِناً *** فَانسَ مُوسَى نَارَهَا وَ مَنَارَهَا
تَدَلَّتْ عَلَى الإِحْسَانِ دِيمَةُ رَحْمَةٍ *** فَجَادَتْ بِنُورِ العَفْو تُزْجِي قِطَارَها(3)
لأَنْعُم بَارِي الخَلْقِ قَدْ كَانَ زَوْجُهَا *** قَدِيماً يَمِيناً وَ هْي كَانَتْ يَسَارَهَا
بِصِدِّيقَةٍ كُبْرَى تَلَقَّبَهَا العُلَى *** وَ أَبْنَاؤُهَا مَنْ ذَا يُطِيقُ صِغَارَها
جَمِيعُ نِسَاءِ العَالَمِينَ لِقَدْرِهَا *** يُصَغْرُ مِقْدَارُ القَضَاءِ كِبَارَهَا
رَبِيبَةُ حِجْرِ المُصْطَفَى عَزَّ شَأْنُهَا *** بِعِلْمٍ مَدَى العَشْرِ العُقُولِ غِمَارَها
أَقَرَّتْ مِنَ الإِيمَانِ عَيْناً بِشَخْصِهَا *** وَ قَدْ سَلَبَتْ أَيْدِي العِدَاةِ قَرَارَهَا
عَصَائِبُ فِي لَيْلِ الضَّلَالِ تَسَكَّعَتْ *** لإطفاء نُورِ اللَّهِ تُوقِدُ نَارَهَا
صَبِيحَةَ دَارَ القَوْمُ حَوْلَ رِوَاقِهَا *** وَ رَامَتْ بِنَارِ الحِقْدِ تُحْرِقُ دَارَهَا(4)
وَ قَدْ دَخَلَتْ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ خِبَاءَهَا *** وَ عَنْهَا أَمَاطَتْ حُجْبَهَا وَ سِتَارَهَا(5)
فَمَا أَمْهَلَ الأَقْوَامُ بِنتَ مُحَمَّدٍ *** تَلُوتُ عَلَيْهَا مِرْطَهَا وَ خِمَارَهَا(6)
إِذَا كُنْتَ لَمْ تَعْلَمْ عَلَى الظُّهْرِ مَا جَرَى *** بِدَارِ الحِمَى سَلْ بَابَها وَ جِدَارَهَا
ص: 146
لَقَدْ أَسْقَطَتْ مِنْهَا الجَنِينَ بِحَنَّةٍ *** مِنَ الهَمِّ تُشْجِي خُمْسَهَا وَ عِشَارَهَا
و ربعَتْ بِوَكْرِ القُدْسِ مِنْهَا فِرَاخُهَا *** وَ أَعْيُنُهَا رُعْبُ الوِجَالِ أَطارَها
فَمَا هَجَعَتْ عَيْنٌ لَهَا ذَاتُ عَبْرَةٍ *** أَطَالَتْ شَجَاهَا لَيْلَهَا وَ نَهَارَهَا
أَتَكْسِرُ كَفُ البَغْيِ أَضْلُعَ فَاطِمٍ *** وَ مَا أَصْلَحَ الإِسْلامُ مِنْهَا الْجِبَارَهَا
وَ فِي صَدْرِهَا المِسْمَارُ قَدْ ظَلَّ نَابِتاً *** وَ قَدْ لَقِيَتْ مِنْهَا الضُّلُوعُ انْكِسَارَهَا
وَ قَادَتْ عَلِيًّا بِالنَّجَادِ وَ بَأْسُهُ *** لِبِيضِ المَنَايَا السُّودِ سَنَّ شِفَارَهَا
فَلَوْ شَاءَ عَنَّى لِلْوُجُودِ رُسُومَهُ *** بِبَاعِ بِهِ الْأَقْدَارُ تَنْضِي اقْتِدَارَهَا(1)
وَلكِنْ مِنَ المُخْتَارِ رَاعَى وَصِيَّةِ *** فَلَازَمَ حِفْظاً عَهْدَهَا وَ ذِمَارَهَا(2)
بِرَغْمِ الهُدَى الكَرَّارُ أَضْحَتْ تَقُودُهُ *** أُنَاسٌ تَوَلَّتْ فِي الحُرُوبِ فِرَارَها
فَكَيْفَ بُغَاثُ الطَّيْرِ يَفْتِكُ سِرْبُهَا *** بِأَجْدَلَ مِنْهُ الطَّيْرُ تَلْقَى انذِعَارَهَا؟(3)
وَ كَيْفَ عَرِينُ اللَّيْثِ تَجْمَعُ حَوْلَهُ *** تَعَالِبُ مِنْهُ لَمْ تُفَارِقْ نِفَارَهَا؟
إِذَا ثَارَ يَوْمُ الرَّوْعِ أَيْقَظَ عَزْمَةً *** تَكَادُ مِنَ الجَوْزَاءِ تُدْرِكُ ثَارَهَا
وِلادَتُهُ فِي كَعْبَةِ البَيْتِ لَمْ يَنَلْ *** مَنَاطُ الثَّرَيَّا مَجْدَهَا وَ فِخَارَها
وَ تَزْوِيجُهُ فَوْقَ السَّمَاءِ مَحَلُّهُ *** بِسَيْدَة العليا تَوَلَّتْ نِثَارَهَا
فَكَمْ خَطَبَتْ بِنْتَ النَّبِيِّ صِحَابُهُ *** وَ قَدْ عَرَفَتْ إِجْلالَهَا وَ وَقَارَها
بَنِي قَيْلَةٍ قَوْدُ الرَّدَى مَنْ يَقُلُّهَا *** وَ حُمْرُ المَنَايَا مَنْ يُقِيلُ عِثَارَها
وَ شُهْبُ المَعَالِي مَنْ يُنيرُ شِهَابَهَا *** وَ قُضْبُ الدَّوَاهِي مَنْ يَغُلُّ عِرَارَهَا
وَ أَرْحِيَةُ الهَيْجَاءِ مَهُمَا تَسَعَرَتْ *** لَظَاهَا عَلَىٰ هَامَ العِدَىٰ مَنْ أَدَارَهَا؟(4)
أَغَيْرُ أَبِي السُبْطَيْنِ مَنْ بِحُسَامِهِ *** مَشَاعِرُ دِينِ اللَّهِ أَبْدَتْ شِعَارَها؟(5)
ص: 147
أَيُعْزَلُ هَارُونٌ وَمُوسَى أَقَامَهُ *** خَلِيفَةَ حَقٌّ وَ المَسَاعِي أَنَارَها؟
وَ يُتْبَعُ كَيْدُ السَّامِرِيِّ وَ عِجْلُهُ *** لَهُ فِتْنَةٌ فِي الغَيِّ أَبْدَتْ خُوَارَهَا(1)
وَ تُدْفَعُ بِنْتُ الوَحْي عَنْ إِرْثِهَا وَ لَمْ *** تَجِدْ أَحَداً مِنْ جَوْرٍ تَيْم أَجَارَها
مُطالِبَةً جَاءَتْ بِإرثٍ بِنَحْلَةٍ *** حَبَاهَا بِهَا المُخْتَارُ وَاللَّهُ خَارَها(2)
وَسَائِلَةٌ عَنْ حَقَّهَا رَدَّهَا الشَّفَا *** مُخَيَّبَةٌ لَمَّا أَبَاحَ انْتِهَارَها
فَهَلْ نَاشِدٌ عَنْ سَوْطِ قُنْفُدَ كَفَّهَا *** غَدَاةَ الْتَوَىٰ بِالضَّرْبِ صَاغَ سِوَارَها؟
أَفَاطِمَةٌ بِالسَّوْطِ يَسْوَدُّ مَتْنُهَا *** وَ أَعْيُنُهَا بِاللَّطْمِ تُبْدِي احْمِرَارَها؟
فَمَا بَرِحَتْ مَسْجُورَةَ القَلْبِ بِالحَشَى *** تُصَوِّبُ مِنْ حُمْرِ الدُّمُوع غِزَارَها(3)
أَقُولُ لِمَنْ هَزَّتُهُ فِي اللَّهِ غَيْرَةٌ *** عَلَى الدِّينِ مَنْ خَيْلُ الضَّلَالِ أَغَارَها
بَنِي الوَحْي فِيكُمْ قَدْ مَلأتُ صَحَائِفاً *** مِنَ المَدْح لايَطْوِي الزَّمَانُ انتِشَارَها
وَ خَيْلُ ثُنَائِي فِي مَضَامِيرٍ مَجْدِكُمْ *** إِلَى الغَايَةِ القُصْوَى خَلَعْتُ عِذَارَها
خَزَنْتُ كُنُوزاً مِنْ وَلَاكُمْ ثَمِينةً *** بِقَلْبِي وَإِنِّي قَدْ حَفِظْتُ ادْخَارَها(4)
ص: 148
(بحر الكامل)
الشيخ عبد الحسين شكر(*)(1)
مَا بَالُ أَجْفَانِي جَفَتْ سِنَةَ الكَرَى *** تَرْعَى الثَّرَيَّا بَعْدَ مَا رَوَتِ الثَّرَى
هَلْ شَفَّهَا فَتْكُ الرَّدَى بِأَحِبَّةٍ *** كَانُوا لِيَوْمٍ كَرِيهَةٍ أَسْدَ الشَّرَى؟(2)
كَلاً وَلكِنْ قَدْ أَذَالَ دُمُوعَهَا *** يَوْمَ البَتُولِ وَ مَا عَلَيْهَا قَدْ جَرَى
سَاؤُوا أَبَاهَا المُصْطَفَى لَوْ أَنَّهَا *** كَانَتْ لِقَيْصَرَ لَمْ يُسِيثُوا قَيْصَرَا
أَضْحَتْ لِظَّامِيَّةِ الرَّزَايَا مَوْرِداً *** دُونَ الأَنامِ وَ لِلْفَجَائِعِ مَصْدَرَا
أَيُّ الخُطُوبِ الفَادِحَاتِ أَعُدُّهَا؟ *** هَيْهَاتِ جَلَّتْ أَنْ تُعَدَّ وَ تُحْصَرا
إضْرَامُهُمْ نَاراً عَلَيْهَا لَمْ يَرَوْا *** إِحْرَاقَ بَيْتِ الوَحْيِ فِيهَا مُنْكَرا(3)
أَمْ رَضُهَا بِالبَابِ أَمْ إِسْقَاطُهَا *** أَمْ ضَرْبُهَا بِالسَّوْطِ حَتَّى أَثَّرا
تَالِلَّهِ لَوْ لَمْ يَعْلَمُوا بِوَصِيَّةِ *** الهَادِي لَمَا قَادَ ابْنُ (...) حَيْدَرَا
وَ تَقَاعَسُوا عَنْ نَصْرِ فَاطِمَ مُذْ أَتَتْ *** وَ عَنِ النَّبِيِّ لِسَانُهَا قَدْ عَبَّرا
أنَّتْ هُنَالِكَ أنَّةً أَبْكَتْ بِهَا *** الهَادِي وَ أَبْكَتْ قَبْرَهُ وَ المِنْبَرَا
وَ دَعَتْ فَلَوْ وَعَتِ الجِبَالُ دُعَاءَهَا *** كَادَتْ لِعُظْمِ الخَطْبِ أَنْ تَتَفَطَّرَا(4)
ص: 149
هَلْ أَهْلُ بَيْتٍ غَيْرُنَا قَدْ أَذْهَبَ *** الأَرْجَاسَ عَنْهُمْ رَبُّهُمْ أَوْ طَهَّرا(1)
إِنَّ النُّبُوَّةَ وَ الخِلافَةَ بُرْدَةٌ *** فِيهَا المُهَيْمِنُ خَصَّنَا دُونَ الوَرَى
كَذَّبْتُمُ البَارِي بِنَا وَ رَوَيْتُمُ *** فِي غَصْبٍ مِيرَاثِي حَدِيثاً مُفْتَرَى(2)
وَ كَذَاكَ كَذَّبْتُمْ شَهَادَة حَيْدَرٍ *** جَهْراً وَ كَذَّبْتُمْ شَبِيرَ وَ شُبَّرَا(3)
إِنْ تُنْصِفُوا فَائلُوا الكِتَابَ فَإِنَّكُمْ *** سَتَرَوْنَهُ عَنْ أَرْضِ يَحْيَى مُخْبِرَا(4)
ص: 150
هَذَا وَ إِنِّي لَمْ أَسَلُكُمْ حَاجَةً *** بَلْ كَيْ أَدُلَّ عَلَى الهُدَى المُتَبَصِّرَا
ثُمَّ انْثَنَتْ عَبْرَىٰ تَجُرُّ رِدَاءَهَا *** تَحْكِي بِمِشْيَتِهَا البَشِيرَ المُنْذِرَا(1)
مَا شَأْنُهَا غَيْرُ البُكَاءِ وَ مُذْ قَضَتْ *** شَقَّتْ عَلَيْهَا جَيْبَهَا أُمُّ القُرَى؟
فَمَنِ المُعَزِّي لِلرَّسُولِ بِبَضْعَةٍ *** أَوْصَى بِهَا وَ مَنِ المُعَزِّي حَيْدَرَا؟(2)
وَ المُقْرِحُ الأَجْفَانَ وَ المُدْمِي لَهَا *** وَ المُودِعُ الأَحْشَاءَ وَجْداً مُسْعَرا
يَوْمَ الوَدَاعِ وَضَمُّهَا أَبْنَاءَها *** يَا لَيْتَهَا عَلِمَتْ عَلَيْهِمْ مَا جَرَى
يَا لَيْتَهَا نَظَرَتْ حَرَائِرَهَا وَ قَدْ *** سِيقَتْ عَلَى عُجْفِ المَطَايَا حُسَّرا(3)
وَ رُؤُوسُ فِتْيَتِهَا بِأَطْرَافِ القَنَا *** كَالشُّهْبِ بَلْ كَانَتْ أَشَعَّ وَ أَنْوَرا
وَ إِمَامُهَا يَتْلُو الكِتَابَ أَمَامَهَا *** فَوْقَ السِّنَانِ مُهَلّلاً وَ مُكَبِّرا
صَبْراً بَنِي الهَادِي عَلَى مَا نَابَكُمْ *** مِنْ مُعْظَمِ الأَرْزَاءِ مِمّا قُدْرَا
فَلَسَوْفَ يَبْرُغُ مِنْ سَمَاءِ عُلَاكُمُ *** قَمَرٌ إِذَا دَجَتٍ الغَيَاهِبُ أَسْفَرَا(4)
وَ كَأَنَّ فِيهِ السَّابِحَاتِ لَدَى الدِّمَا *** سُفُنْ تَشُقُ مِنَ الزَّوَاخِرِ أَبْحُرا
فَمَتَى نَرَى جِبْرِيلَ فِي أُفْقِ السَّمَا *** بِطُلُوعِ مُبْدِي الحَقِّ بَاتَ مُبَشِّرا؟(5)
ص: 151
(بحر الكامل)
اأستاذ عبد الرحمن العلوي
زهراءُ يا ثغرَ الوجودِ و نغمة *** الآيِ الكريم و نفحةَ الأسحارِ
زهراءُ يا بنتَ الرسالة لم تزل *** نوراً يضيء مسالك الثوارِ
زهراءُ يا حُلُماً يدغدغ أفؤِداً *** تبغي الحياة بعزة و فخارِ(1)
زهراءُ يا رمزَ العفافِ و صفوة *** الطهرِ النصيعِ و كعبةَ الأبرارِ
يا لهجةَ الصدقِ التي دوّت *** و لا زالت تدوّي في الحِمى و الدارِ
يا عنفوانَ المكرَماتِ و ثورةً *** تأبى الخمود على مدى الأعصارِ
يا مصدَر الحبِّ الكبيرِ و منبعَ *** الفضلِ العميمِ و مخزنَ الأسرارِ
يا فرقَد المجدِ السنيِّ و كوكبَ *** الشرفِ الرفيع و روضةَ الزوّارِ(2)
يا دوحة الدينِ التي لم يُثنِها *** موجُ الخطوبِ و فورةُ الأعصارِ
***
زهراءُ يا بنتَ النبي و أُمَّه *** عنداشتدادِ الكَربِ و الأخطارِ
للَّه دَرُّك منِ مِلاكٍ لم يزَل *** يَطوي الزَمانَ مكللاً بالغارِ
يجتث أدغالَ الدروبِ و شوکَها *** و يقارعَ الأفكارَ بالأفكارِ
و يَهزّ للجور المُقيتِ صروحَه *** و يدكُ أسواراً من الأوزارِ
ص: 152
و يحطمُ الحقدَ الدفينَ بأنفُسٍ *** دُقّت بها الأحقادُ كالمسمارِ
يا فلذة الكبدِ الرحيم و عبقَة *** الخُلقِ العظيمِ و سلوةَ المختارِ
يا بضعةَ الرجلِ الذي شهدت له *** الأكوانٌ بالإخلاصِ و الإيثارِ
فانصاعَ للربّ العظيمِ ملبّياً *** و ممزّقاً للجهلِ كلّ إزارِ
و محطّماً زمرَ الضلال و غيَّها *** و مبشّر الدنيا بضوء نهارِ
يا زوجةَ الشهمِ الذي ما غيّرت *** منهُ الصعاب سياسة الإصرارِ
ذاك الذي عاشَ الحياةَ مكافحاً *** و مجاهداً لله دون شعارِ
قد أخلص القلبَ الكبيرَ لخالقِ *** لم يثنه وطرٌ من الأوطارِ
أُمّ الزكيِّ الناصِح العلم الذي *** للفضل كان كروضةٍ معطارِ
غالته أيدٍ حاقداتُ و ألسنٌ *** قد حاربتهُ بكاذب الأخبارِ
لكنه الجبل الأشمُّ لم تنلْ *** منه السهام و نشبة الأظفارِ
أُمَّ الحسين و مصنع السبطِ الذي *** رفضَ الحياةَ بذلةِ و شنارِ
فاستلَ سيفَ الانقضاض و قال لا *** للبغيِّ لا للضيم لا للعارِ
لولاكِ ما كان الحسينُ و ثورةٌ *** خَلُدت فصارت منهجَ الأحرارِ
يا أمَّ زينب إذ تحوَّل صوتُها *** يومَ الطفوفِ كصارم بتّارِ
بترت بهِ الجورَ الذي قَتلوا به *** سبطَ النبي و صفوةَ الأَنصارِ
کشفتْ قَناع الزيفِ و الكذبِ الذي *** خدعوا به الجُهَّالَ في الأمصارِ
قد أعلنتها ثورةً هدّارةً *** ضدَّ الطغاةِ و عسكرِ الفجّارِ
زهراءُ يا خيرَ النساء و خيرَ من *** يهدي النساءَ لعفَّةٍ و وقارِ
يا شمسَ دنيا الخيّراتِ و مطلعَ *** الفجرِ البهيّ و قدوةَ الأخيارِ
أنت البتولُ و واحةُ الطُهر التي *** تَروي الظِماء بفكرها المدرارِ
و تعمّقُ الورّعَ المليحَ بأنفسٍ *** سئمت حياةَ الرجس و الأقذارِ
و تعلَّم الأجيالُ إن نجاحَها *** في اقتحام الليلِ و الأسوارِ
و الانعتاقِ من الرُّكونِ لزمرةِ *** الشيطانِ و الطاغوتِ و الدينارِ
ص: 153
و الانتفاضِ على الفساد و واقعٍ *** مرّ سقيمٍ مضمحلٍ هاري(1)
و الانقضاضِ على الذِئاب و رمِيهاً *** في سلّة اللعنات و الأوضارِ
كي ينقضي عهدُ الظلام و تنطوي *** صفحاتُ ليلٍ دامس و إسارِ
***
يابنةَ القرآنِ هيا فابشِري *** بزَوالِ عهدٍ حالكٍ منهارِ
فالعهدُ عهدُ المسلمين، قد انتهى *** عهدُ الطغاةِ و لعبةَ الأدوارِ
العصرُ عصرُ الفارضين وجودَهم *** رغمَ الحرابٍ و شدّةِ التيارِ
اليومُ يومُ الواهبين صدورَهم *** و المشترين النصرَ بالأعمارِ
اليومُ يومُ الثائرين و إن غفَت *** بعضُ العيونِ على صدى الأوتارِ
الوقتُ وقتُ الباذلين دماءَهم *** من أجلِ نشرِ الخيرِ و الإعمارِ
فاليومَ دوّت في الوجودِ رسالةٌ *** ستظل رغمِ الحاقد المهذارِ(2)
ستعبّدُ الدربَ القويمَ لأمةٍ *** تأبى الرضوخ لحاكمَ دعارِ(3)
ص: 154
(بحر الطويل)
السيد عبد الرؤوف الأمين(*)(1)
أَظلَّتْ عَلَى الدُّنْيَا بِطَلْعَتِهَا الغَرا *** وَلِيدَةُ بَيْتِ الوَحْيِ فَاطِمَةُ الزَّهْرَا
كَإِطْلالَةِ الفَجْرِ المُدِلِّ بِنُورِهِ *** وَ كَمْ سَاهِرٍ فِي الحَيِّ يَرْتَقِبُ الفَجْرَا
وَ بَشَّرَ فِيهَا الوَحْيُ عِنْدَ نُزُولِهِ *** وَ بَاهَى بِهَا جِبْرِيلُ مُذْ جَاءَ بِالْبُشْرَى
ص: 155
فَأَشْرَقَ بِالنُّورَيْنِ بَيْتُ خَدِيجَةٍ *** فَنُورٌ مِنَ الكُبْرَى وَ نُورٌ مِنَ الصُّغْرَى
وَ قَدْ نَشَأَتْ بِنْتُ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** مُبَارَكَةً إِسْماً مُعَطَرَةً ذِكْرا
وَ مَنْ كَانَ يَدْعُوهَا البَتُولَ طَهَارَةً *** كَمَا دُعِيَتْ مِنْ قَبْلِهَا مَرْيَمُ العَذْرَا(1)
وَ زَوَّجَهَا مِنْ صِنْوِهِ وَ ابْنِ عَمْهِ *** فَأَعْظِمْ بِهَا زَوْجاً وَ أَعْظِمْ بِهِ صِهْرا!(2)
عَلِيٌّ أبوالسِّبْطَيْنِ أَفْصَحُ مَنْ رَقَا *** ذُرَى مِنْبَرٍ أَوْ خَطَ فِي صَفْحَةٍ سَطْرا
وَ أَمْضَى سَيُوفِ اللَّهِ فِي كُلِّ مَوْقِفٍ *** بِهِ الفَارِسُ المِغْوَارُ مِنْ هَلَع فَرَّا(3)
فَسَلْ عَنْهُ أَحْداً وَ النَّضِيرَ وَ خَيْبَراً *** وَ إِنْ شِئْتَ إِدْرَاكَ اليَقِينِ فَسَلْ بَدْرا
وَ سَلْ عَنْهُ عَمْراً وَ الوَلِيدَ وَ عُتْبَةً *** وَ مَنْ صُرِعُوا فِي سَيْفِهِ فَهُمُ أَدْرَى
وَ مَنْ حَضَنَ الإِسْلاَمَ بَعْدَنَبِيِّهِ *** كَمَا تَحْضُنُ الطَّيْرَ الَّتِي تَسْكُنُ الوَكْرَا
حَمَاهُ كَمَا تَحْمِي الأُسُودُ عَرِينَهَا *** مِنَ الكُفْرِ بَلْ قَدْ كَانَ مِنْ أَسَدٍ أَضْرَى
شَرَى فِي سَبِيلِ اللهِ نَفْساً أَبِيَّةً *** وَ عَاهَدَهَا أَنْ لَاتُبَاعَ وَ لَاتُشْرَى
فَيَا لِدَةَ الإِسْلامِ وَ البَضْعَةَ الَّتِي *** بِهَا أَوْدَعَ اللَّهُ القَدَاسَةَ وَ الطُّهْرَا
وَ أُمُّ الإِمَامَيْنِ الشَّهِيدَيْنِ مَنْ هُمَا *** أَجَلُّ وَ أَعْلَى النَّاسِ فِي نَسَبٍ قَدْرَا
«لَكِ اللَّهُ مِنْ مَفْجُوعَةٍ بِحَبِيبِهَا» *** تَشُمُّ تُرَابَ القَبْرِ مِنْ لَهْفَةٍ عِطْرَا
هَلُمَّ إِلَى التَّارِيخ نَسْبُرُ غَوْرَهُ *** وَ نُوْسِعُهُ بَحْثاً وَ نُعْلِنُهُ جَهْرا(4)
أمَا رُوِّعَتْ فِي بَيْتِهَا يَوْمَ حُزْنِهَا *** أَمَا حُرِمَتْ إِرْنَا أَمَا دُفِنَتْ سِرا؟(5)
ص: 156
وَ مَا وَرِثَتْهُ عَنْ أَبِيهَا وَ أُمِّهَا *** سَمَتْ وَ تَعَالَتْ فِيهِ عَنْ «فَدَكِ» قَدْرَا
«لِسِرِّ مِنَ الأَسْرَارِ لَاتَجْهَلُونَهُ» *** أُسِيءَ لَهَا لاَ بَلْ أُرِيدَ بِهَا شَرَّا
وَ قَدْ نَسَبُوا القُرْبَى إِلَى غَيْرِ أَهْلِهَا *** وَ مَنْ وَلَدَ «الزَّهْراء» لَمْ يَلِدِ «الحَمْرَا»
وَ مَنْ أَغْضَبَ الحَوْرَاء بِنْتَ نَبِيْهِ *** فَلَيْسَ بِمَعْدُورٍ وَ إِنْ حَاوَلَ العُذْرَا(1)
ص: 157
(بحر الطويل)
الشيخ عبد الستار الكاظمي (*)(1)
أَيُنْحِفُنِي ثَغْرُ انْتِظَارِكَ فِي البُشْرَى *** وَ قَدْ بَاعَدَ اللَّيْلُ الطَّوِيلُ لِي الفَجْرَا
وَ إِنِّي أَسِيرٌ وَ الهَوَى سَاقَ مَحْمَلِي *** إِلَى بَيْتِكَ السَّامِي القِبَابِ بِسَامُرَّا
فَوَاللَّهِ لاَ هَمَّ كَهَمِّكَ مُدْنِفِي *** فَأَرْبَكَ حَالِي بَعْدَ أَنْ أَذْهَلَ الفِكْرَا!
لَوَاعِجُ أَشْجَانِي اشْرَأَبَّ دَفِينُهَا *** فَأَكْتُمُهَا طَوْراً وَ أُظْهِرُهَا أُخْرَى(2)
يَقُولُونَ لِى صَبْراً فَقُلْتُ مَكَانَكُمْ *** وَ هَلْ تَرَكَتْ نَارُ التَّغَرُّبِ لِي صَبْرَا
فَلَيْلِي طَوِيلٌ وَ انْتِظَارُكَ قَاتِلِي *** وَ بَيْنَهُمَا لاَزِلْتُ أَحْتَمِلُ الجَمْرَا
أهِيمُ اشْتِيَاقاً عَلَّنِي أَبْلُغُ المُنَى *** إِلَى ذِي طُوَى لِلحِجْرِ للكَعْبَةِ الغَرَّا
أَفِي أَرْضِ رَضْوَىٰ أَمْ بِحَزْوَىٰ وَ سَهْلِهَا *** أَمِ الخَيْفِ خَافٍ رَهْنَ غَيْبَتِكَ الكُبْرَىٰ؟
بوَادِي قبا أَمْ بِالعَقِيقِ وَ طَيْبَةٍ *** تُرَى يَا لَعَمْرِي قَدْ تُرقُ لَنَا البُشْرَى؟
***
إلامَ رَهِينُ الصَّبْرِ يَا بْنَ مُحَمَّدٍ *** حَنَانَيْكَ يَا بْنَ الطُّهْرِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَا؟
أَمِط حُجُبَ الأَسْتَارٍ ثَوْرُ غُبَارَهَا *** وَ عَاجِلْهُمُ فِي الثَّارِ ذَكَرْهُمُ بَدْرا(3)
وَ خَاطِبْهمُ يَا فَخَرَ هَاشِمَ بِالقَنَا *** وَ رَوِّ بِهِمْ بِيضَ الصَّفَائِحِ وَ السُّمْرَا(4)
ص: 158
وَ ذَكَرْهُمُ بِالطُّهْرِ فَاطِمَةَ الَّتِي *** دَعَوْهَا مِنَ الأَشْجَانِ تَسْتَمْرِىءُ المُرَّا(1)
فَأَنْتَ وَلِيُّ الأَمْرِ تَعْلَمُ مَا جَرَى *** عَلِيمٌ خَبِيرٌ خَيْرُ مَنْ عَرَفَ الأَمْرَا
وَلكِنَّمَا لِلصَّبْرِ حَدٌ وَ إِنْ يَكُنْ *** بِصَدْرِكَ صَبْرٌ... مُسْتَمْكِناً وَكْرَا
فكَمْ كَانَ لِلَّهِ الدَّوَائِرُ وَ الرَّدَى *** عَلَى أُمَمٍ قَامَتْ تُحَارِبُهُ جَهْرَا(2)
فَهَلْ أَنَّهُمْ أَدْنَى مِنَ القَوْمِ بَعْدَ أَنْ *** أَذَاقُوا ابْنَةُ الهَادِي المَصَائِبَ وَ القَهْرَا
قَدِ اسْتَوْحَدُوهَا وَ الوَصِيُّ مُقَيَّدٌ *** وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُوصَى لَعَاجَلَهُمْ كَرَّا
وَ لَنْ يَجْرَعَ المَحْتُومُ كَأَسَاً مُصَبَّراً *** وَعَايشَ الأماً مُفَتْنَةً تَتْرَى(3)
جُفَاةٌ عَلَى قُطبِ الرَّحَى قَدْ تَأَلُّبُوا *** وَ كَانَ بِعَيْنِ اللَّهِ مَا جَرَعَ الصَّبْرَا
أَمَامَ عَلِيٍّ حَاصَرَ البَيْتَ جَمْعُهُمْ *** وَ قَدْ أَمَرَ الخَطَّابُ فِي النَّارِ أَنْ تُذْرَى
فَلاَذَتْ وَرَاءَ البَابِ ابْنَةُ أَحْمَدٍ *** فَشَدُّوا عَلَيْهَا بَعْدَ أنْ أرْعِبَتْ ذُعْرَا
فَمَا آنَ حَتَّى هَشَّمَ القَوْمُ ضِلْعَهَا *** وَ لَمَّا يُرَاعُوهَا وَ قَدْ رَوَّعُوا الطُّهْرَا
***
أَمَا آنَ أَنْ تَدْعُو لأمْكَ مُغْضَباً *** لِمَاذَا جَعَلْتُم فَاطِماً تَشْتَكِي الضُّرّا؟(4)
أَمَا آنَ أَنْ يَعْلُو لِوَاؤُكُمُ عَلَى *** رُبوع الدُّكَا بِالعَدْلِ مُؤتَلِقاً فَخَرَا؟
وَ تَدْعُو بِثَارَاتِ الظَّلِيمَةِ هَاتِفاً *** لِمَاذَا وَسِعْتُم ضِلْعَ فَاطِمَةٍ كَسْرَا؟
لِمَاذَا دَعَتْ خَلُوا ابْنَ عَمِّى وَ اتْرُكُوا *** عَلِيًّا وَإِلاَّ لِلدُّعَا أَكْشِفُ الشَّعْرَا؟(5)
لِمَاذَا أُهينَتْ بِالسِّبَاطِ وَ وَلْوَلَتْ *** وَ كَانَ لِضَرْبِ السَّوْطِ عَيْنٌ لَهَا حَمْرَا؟
وَ مِنْ بَعْدِ ذَاكَ الصَّبْرِ لَمْ يَتْرُكُوا لَهَا *** ضَرِيحاً وَ لَمْ يَسْتَهِدِ زَائِرُهَا قَبْرا
فَوَاللَّهِ يَا بْنَ الطَّاهِرِينَ وَيَا بْنَ مَنْ *** مَدَى الدَّهْرَ يَبْقَىٰ خَيْرَ دَاعِ إِلَى الْأُخْرَىٰ
ص: 159
مَصَائِبُكُمْ لَوْ فِي الْجِبَالِ لَدَكْدَكَتْ *** وَ أَعْظَمُهَا تَأْخِيرُ حَيْدَرَ مُضطرَّا(1)
وَ تَقْدِيمُ قَوْمِ لَمْ يُسَاوُوا لِقَنَّبَرٍ *** نِعَالاً بِهِ قَدْ كَانَ يَزْدَلِفُ الأَجْرَا
وَ تَرْكُهُمُ بَيْتَ النُّبُوَّةِ مُوصَداً *** وَ جَعْلُهُمُ سَاحَاتِ شَرْعِكُمُ قَفْرَى(2)
***
أَلاَ أَيُّهَا المَوْتُورُ ظُلْماً إِلَى مَتَى *** حُسَامُكَ لَمْ يُشْهَرْ أَمَا تُدْرِكُ الوَتْرَا؟(3)
أتَتْرُكُ مَا ذَاقَ الجَنِينُ وَ أُمُّهُ *** وَ مِنْ بَعْدُ هَذِي الْأَرْضُ قَدْ مُلِئَتْ جَوْرا
وَدَعْ عَنْكَ مَا ذَاقَ الحُسَيْنُ بِكَرْبَلاً *** وَ فِتْيَانُهُ فِي أَرْضِهَا جُزْرُوا جَزْرا(4)
ص: 160
(بحر الوافر)
الشيخ عبد الستار الكاظمي (*)(1)
سَأَدْعُو اللَّهَ لَوْ جِئتُ إِلَى الحَشْرِ *** وَ أَشْكُو لَوْعَةَ المِسْمَارِ فِي صَدْرِيْ
***
أَلاَ يَا رَبِّ احْكُمْ أَنْتَ يَا جَبَّارْ *** هُنَا فِي الحَشْرِ فِيمَنْ يَحْمِلُ الأَوْزَارْ
لِمَاذَا أَنْبَتُوا فِي صَدْرِيَ المِسْمَارْ *** لِتَغْسِيلِي دِمَائِي نَزْفُهَا يَجْرِي
***
دَعَاهُمْ وَالِدِي فِي مُحْكَمِ القُرآنْ *** وَ أَوْصَاهُمْ بِنَا بِالبِرِّ وَ الإِحْسَانْ
فَلَمَّا رَاحَ عَنَّا أَشْعَلُوا النِّيرَانْ *** وَ فِي ظُلْمِ وَ جَوْرٍ أَحْرَقُوا خِدْرِي
***
إِلَيْكَ المُشْتَكَى مِنْ عُصْبَةِ الجَهْلِ *** وَ حُزْنِي لَمْ يَزَلْ مِنْ ظُلْمِهِمْ يَغْلِي
فَفِي عَيْنِي أَمَامِي قَدَّمُوا بَعْلي *** وَ فِي الصَّبْرِ وَصَاهُ فِي الصَّبْرِ
***
وَرَاءَ المُرْتَضَى فِي وَضْعِيَ المُدْنَفْ *** مِنَ البَلْوَىٰ لِرَأْسِي كِدْتُ أَنْ أَكْشِفْ(2)
ص: 161
فَنَادَى حَيْدَرٌ لَوْ شِئْتُ أَنْ أُكْتَفْ *** أُجَرِّعُهُمْ كُؤُوسَ المَوْتِ فِي ذُعْرِ
***
أَبُوكِ جَاءَ لِلإِسْلامِ لِلرَّحْمَهْ *** أَلأَ يَا فَاطِمٌ مَا مَصْدَرُ العِصْمَهْ
فَلَا تُكْوَى وَ حَاشَاكَ مِنَ النِّقْمَهْ *** وَ إِنْ كَالُوا عَلَيْنَا الصَّبْرَ بِالغَدْرِ
***
صَبَرْنَا يَا إِلهِي فِي رَزَايانا *** وَ فِي عَيْنَيْكَ سَامَتْنَا رَعَايَانا
وَ ظُلْماً نَصَّبُوا لِلْحُكُم شيطانا *** يَسُوسُ النَّاسَ بَيْنَ الظُّلْم وَ الجَوْرِ(1)
***
مِنَ البَدْءِ لَقَدْ أَحْسَنْتَ بِي صُنْعَا *** وَ نُورٍ فِي جَبِينِ المُصْطَفَى يَسْعَى
فَيَا رَبِّي أَتَرْضَى أَسْكُبُ الدَّمْعَا *** وَ مِنْ حُزْنٍ لِحُزْنٍ طُلْتَ بِالعُمْرِ
***
بِمَا عَظَمْتَ شَأْنِي أَيُّهَا البَارِي *** وَ مَا بَوَّأْتَنِي فِي بَحْرِ أَسْرَارِي(2)
ألا إلَى مَنْ ضَامَنَا أَدْخِلْهُ فِي النَّارِ *** وَ لاَ تَرْحَمْهُ يَا جَبَّارُ مِنْ حَرِّ(3)
***
هُنَاكَ الطُّهْرُ عِنْدَ الحَشْرِ وَ المَفْزَعْ *** أَمَامَ الخَلْقِ فِي آيَاتِهَا تَطْلَعْ
صنيعَةُ رَبِّنَا فِي ظِلِّهِ تَشْفَعْ *** لأهْلِ الصَّبْرِ فِي أَمْنِ مِنَ الضُّرِّ
***
أَنَا الزَّهْرَاءُ فِي القُرآنِ وَ السُّنَّهْ *** أَنَا القُرْبَى وَ أَجْرُ الصَّبْرِ فِي المِحْنَهْ
بِنَا الفَوْزُ إِلَى الرِّضْوَانِ وَ الجَنَّهْ *** إِلَيْهَا تَدْخُلُ فِي رَفْرَفٍ خُضْرِ
ص: 162
(بحر الرّمل)
السيد عبد الصاحب الموسوي
يَا آيةَ الرَّحمنْ *** يَا مَرْكَزَ الإِيمَانْ
يَا بَضْعَةَ المُخْتَارْ *** يَا سَلْوَةَ الكَرَّارْ
***
أَنْتِ رَمْزُ لِلْمَعَالِي *** وَ المَعَالِي فِيكِ تَشْهَدْ
أَنْتِ نِبْرَاسٌ مُضِيءٌ *** فِي سَمَاءِ المَجْدِ فَرْقَدْ(1)
أَنْتِ عِلْمٌ أَنْتِ حِلْمٌ *** أَنْتِ فَخْرٌ لَيْسَ يَنْفَدْ(2)
أَنْتِ لِلْعَلْیَاءِ أُمٌّ *** أَنْتِ نُورٌ مِنْ مُحَمَّدْ(3)
ص: 163
يَا مُنتَدَى الإِحْسَانْ *** يَا زَهْرَةَ الأَكْوَانْ
يَا قُدْوَةَ الأَبْرَارْ *** يَا سَلْوَةَ الكَرَّارْ
***
كُنْتِ نُوراً مَعْ أَبِيكِ *** مُحْدِقاً بِالعَرْشِ مُشْرِقْ
ثُمَّ فِي قَوْسِ النُّزُولِ *** فِي جَبِينِ الدَّهْرِ يُبْرِقْ
كُلُّ مَا فِي الكَوْنِ أَضْحَى *** حَائِراً بِالرَّأْس مُطْرِقْ
أَنْتِ نُورُ اللَّهِ حَقاً *** بِالعُلَى وَ الفَضْلِ مُحْدِقْ(1)
يَا خِيرَةَ النُّسْوَانْ *** يَا مَظْهَرَ القُرْآنْ
يَا زُبْدَةَ الأَخْيَارْ *** يَا سَلْوَةَ الكَرَّارْ
***
أَنَتِ يَا أُمَّ أَبِيهَا *** صِرْتِ لِلأَجْيَالِ أُمّا(2)
فَسَقَيْتِ الكَوْنَ طُرّاً *** مِنْ مَعَانِي الفَضْلِ عِلْما
وَ نَشَرْتِ الخَيْرَ نَشْراً *** وَ رَسَمْتِ المَجْدَ رَسْمَا
وَ سَبَقَتِ النَّاسَ فَضْلاً *** ثُمَّ إِحْسَاناً وَ حِلما
ص: 164
يَا دُرَّةَ النيجَانْ *** يَا مَلْجَأَ الحَيْرَانْ
يَا بَلْسَمَ الأَفْكَارْ *** يَا سَلْوَةَ الكَرَّارْ
***
قَدْ عَبَدْتِ اللَّهَ سِرَّاً *** قَدْ عَبَدْتِ اللَّهَ جَهْرا(1)
قَدْ مَلَاتِ الكَوْنَ عِلماً *** ثُمَّ إِحْسَاناً وَ فَخْرَا
قَدْ أَنَرْتِ الدَّرْبَ حَقَّاً *** وَ دَحَرْتِ الظُّلْمَ دَحْرا(2)
قَدْ سَمَوْتِ المَجْدَ طُرَّاً *** وَ نَصَرْتِ الحَقَّ نَصْرَا
يَا مَصْدَرَ البُرْهَانْ *** يَامُنْتَهَى التَّبْيَانْ
يَاقُرَّةَ الأَبْصَارْ *** يَا سَلْوَةَ الكَرَّارْ
***
أَنْتِ سِرُّ اللَّهِ فِينَا *** أَنْتِ في الآفَاقِ شَمْسُ
أَنْتِ لِلأَنْوَارِ أَصْلٌ *** أَنْتِ لِلمُخْتَارِ نَفْسُ(3)
أَنْتِ لِلأَحْرَارِ نَهْجٌ *** لَكِ فَخْرٌ لاَ يُمَسُّ
أَنْتِ لِلْكَرَّارِ کُفْوٌ *** أَنْتِ لِلْكَرَارِ أُنْسُ(4)
ص: 165
يَا نُدْبَةَ اللَّهْفَانْ *** يَا قِمَّةَ العِرْفَانْ
يَا كَوْكَبَ الأَسْحَارْ *** يَا سَلْوَةَ الكَرَّارْ(1)
***
أَوَلَيْسَ اللَّهُ أَوْصَى *** فِيكِ وَ القُرْآنُ يَشْهَدْ؟
أَوْ وجَبَ الرَّحْمنُ وُدّاً *** لَكِ يَا عُنْوَانَ أَحْمَدْ
فَلِمَاذَا القَوْمُ هَاجُوا *** هَتَكُوا خِدْراً مُؤَيَّدْ
أَضْرَمُوا بِالبَابِ نَاراً *** أَحْرَقَتْ قَلْبَ مُحَمَّدْ
قَدْ أَسَّسُوا العُدْوَانْ *** مُذْ أَشْعَلُوا النِّيرَانْ
فِي بَاب تِلْكَ الدَّارْ *** يَا سَلْوَةَ الكرارْ
***
دَخَلُوا البَیْتَ عِنَاداً *** مَا رَعَوْا لِلْبَیْتِ قَدْرا
وَ هْوَ بَيْتُ اللَّهِ وَ الأَنْوَارِ *** دَوْماً مِنْهُ تَتْرَى(2)
كَسَرُوا ضِلْعاً عَظِيماً *** قَدْحَوَى لِلَّهِ سِرَّا
أَسْقَفُوا مِنْهَاجَنِيناً *** ثُمَّ قَادُوا المجدَ قَسْرا
يا قَالِعَ البِيبَانْ *** كَيْفَ اعْتَدَى الذُّؤْبَانْ(3)
بِالنَّارِ وَ المِسْمَارْ *** يَا سَلْوَةَ الكَرَّارْ
***
خَرَجَتْ خَلْفَ عَلِىِّ *** وَ هْيَ تُخْفِي مَا تُعَانِي
خَلُّوا عَمَّن كَانَ رَمْزاً *** لِلهُدَى فِي كُلِّ آنِ
خَلُّوا عَمَّنْ قَدْ هَدَاكُمْ *** فَهُوَ سِرٌّ لِلْمَثَانِي
ص: 166
يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْهَضْ *** كَيْ تَرَىٰ مَا قَدْ دَهَانِ دَهَانِي
يَا مُنْقِذَ الإِنْسَانْ *** قُمْ وَ انْظُرِ الطَّغْيَانْ
مَاذَا جَنَى الأَشْرَارْ *** يَا سَلْوَةَ الكَرَّارْ
***
ثُمَّ رَدَّتْ وَ هْيَ تَبْكِي *** بَعْدَ مَا قَلَّ النَّصِيرُ
قَدْ بَنَتْ لِلْحُزْنِ بَيْتاً *** سَمْكُهُ دَمعٌ غَزِیرُ
طَالَمَا كَانَتْ تُنَاجِي *** رَبَّهَا وَ هُوَ النَّصِیرُ
لَيْتَ هَذَا العُمْرُيَفْنَى *** لَيْتَهُ عُمْرٌ قَصِيرُ
يَا رَبِّ يَا ديَّانْ *** يَا مُنْزِلَ الفُرْقَانْ
أَلحِقْنِي بِالمُخْتَارْ *** يَا سَلْوَةَ الكَرَّارْ
***
لَهْفِي مَاتَتْ بِنْتُ طهَ *** وَ الأَسَى مِلْءُ الفُؤَادِ
جَهَّزَ الزَّهراءعَلِيٌّ *** وَ هُوَ بِالوَيْلِ یُنَادي
يَا رَسُولَ اللَّهِ سَلْهَا ** عَنْ نَايَاتِ الأعَادِي
رَوَّعُوهَا أَطْعَمُوهَا *** بِالأَذَى مُرَّ السُّهَادِ
بِالذُلِّ و الأَشْجَانْ *** وَ النَّوْحِ وَ الأَحْزَانْ
وَ الوَجْدِ وَ الأَكْدَارْ *** يَا سَلْوَةَ الكَرَّارْ(1)
ص: 167
(بحر الطويل)
الأستاذ عبد العزيز العندليب (*)(1)
عَلَيْكُمْ سَلامُ اللهِ فِي هَذِهِ الذِّكْرَى *** وَ رَحْمَتُهُ فِي مَولدِ الخَيْرِ وَ البُشْرَى
وَ يَا حَبَّذَا ذِكْرَى عَلَيْنَا عَزِيزَةٌ *** بِمَوْلِدِ بِنْتِ الوَحْيِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَا
وَ مَاذَا أَرَانِي قَائِلاً فِي كَرِيمَةٍ *** مَحَاسِنُهَا قَدْ فَاقَتِ الحَدَّ وَ الحَصْرَا
وَ مَنْ قَدْ حَبَاهَا اللَّهُ جَلَّ جَلالُهُ *** مَقَاماً مَنِيعاً حَيَّرَ الوَهُمَ وَ الفِكْرًا
وَ مَنْ يَسْخِط البَارِي لِمَا سَخِطَت لَهُ *** وَ يَرْضَى بِمَا تَرْضَى بِهِ وَ كَفَىٰ قَدْرا(2)
ص: 168
لَهَا مَكْرُمَاتٌ لَيْسَ يُمْكِنُ عَدُّهَا *** وَ غُرُّ مَعَانٍ تُعْجِرُ النَّظمَ وَ النَّثْرَا
وَ مَاذَا يَقُولُ المادِحُونُ بِشَأْنِهَا *** وَ فِي شَأْنِهَا الرَّحْمَنُ قَدْ أَنْزَلَ الذِّكْرَا
هِيَ الزَّهْرَةُ الزَّهْرَاءُ فَاطِمَةُ الَّتِي *** يُنيرُ سَنَا أَمْجَادِهَا الْأَنْجُمَ الزُّهْرَا(1)
كَمَا تَتَوَارَى الشَّمْسُ مِنْ نُورٍ وَجْهِهَا *** وَ تُخْجِلُ بَدْرَ التَّمِّ بالطَّلْعَة الغَرَّا
وَ بَضْعَةُ خَيْرِ المُرْسَلِينَ مُحَمَّدٍ صلي الله علیه و آله و سلم *** وَ مَنْ سُمِّيَتْ فِي الذِّكْرِ كَوْثَرَةُ الثَّرَّا(2)
غَدَاةَ انْبَرَى (العَاصُ بنُ وَائل) سَاخِراً *** مِنَ المُصْطَفَى الهَادِي وَ عَيَّرَهُ كُفْرَا(3)
فَبَشَرَهُ اللَّهُ الجَلِيلُ كَرَامَةً *** بِذُرِّيَّةٍ مِنْهَا وَ إِذْ ذَاكَ قَدْ سُرَّا(4)
وَ أَنْجَبَتِ الزَّهْرَاءُ لِلطُّهْرِ عِتْرَةً *** تَتِيهُ بِهِمْ دُنْيَا الوُجُودِ و لانُكْرَا(5)
هُمُ خَيْرُ خَلْقِ اللَّهِ مِنْ وُلْدِ آدَمٍ *** وَ أَرْفَعُهُمْ شَأناً وَ أَعْظَمُهُمْ أَمْرا
كِرَامٌ مَيَامِينْ هُدَاهُ أَئِمَّةً *** يَفِيضُ عَلَى كُلِّ الوَرَى فَيضُهُمْ غَمْرَا
***
تَجَلَّت فَجَلَّتْ فِي عُلى وَ مَحَامِدٍ *** أَجَلْ... إِنَّ لِلخَلاقِ فِي خَلْقِهَا سِرَّا
ص: 169
وَ قَدْ دُعِيَتْ فِي الابْتِهَالِ (نِسَاءَنَا) *** وَ لَاغَرْوَ إِذْ فَاقَتْ نِسَاءَ الوَرَى طُرَّا
وَ قِدْماً أَتَى فِي (هَلْ أَتَى) فِي مَدِيحِهَا *** بَيَانُ إِلهِيَّ بِإِيفَائِهَا النَّذْرا(1)
نَعَمْ... إِنَّهَا مَعْصُومَةٌ وَ زَكِيَّةٌ *** بَتُولٌ غَدَتْ مِنْ بَيْنِ أَتْرَابِهَا وِتْرَا(2)
كَمَا أَنَّهَا مَرْضِيَّةٌ وَ رَضِيَّةٌ *** وَ إِنْسِيَّةٌ حَوْرَاءُ صِدِّيقَةٌ كُبْرَى(3)
***
وَ مَا ابْنَةُ عِمْرَانٍ عَلَى رَغْمِ فَضْلِهَا *** بِبَالِغَةٍ مِنْ فَضْلِ فَاطِمَةٍ عُشْرَا(4)
وَ مَا أُمُّ إِسْمَاعِيلَ هَاجَرُ فِي العُلَى *** أَوِ المَجْدِ يَوْماً تُشْبِهُ البَضْعَةَ الطُّهْرَا
وَ لَوْلاً عَلِيٌّ لَمْ يَكُنْ كُفْزَهَا امْرُؤٌ *** إِذِ اخْتَارَ بَارِيهَا لَهَا المُرْتَضَى البَرَّا
فَلِلَّهِ بِنْتٌ قَدْ دَعَاهَا لِفَضْلِهَا *** أَبُوهَا لَهُ أَمْاً فَزَادَتْ بِهِ فَخُرا
قَدِ انْعَقَدَتْ فِي الأَصْلِ نُطْفَتُهَا بِمَا *** تَنَاوَلَهُ المُخْتَارُ فِي (لَيْلَةِ الإِسْرَا)
ص: 170
وَ مِنْ نُورِهَا فِي (طُورِ سَيناءَ) إِذْ غَدا *** رَأَى قَبْساً مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ إِذْ خَرَّا(1)
وَ لَوْ شَاءَ كُتابُ الوَرَى أَنْ يُسْجِّلُوا *** مَحَامِدَهَا يَوْماً وَ أَفْضَالَهَا الكُثْرَا
وَ كُلُّ بِحَارِ الأَرْضِ كَانَ مِدَادَهُمْ *** لَمَا كَتَبُوا مِنْ سِفْرٍ أَمْجَادِهَا سَطَرَا
***
فَيَا مَجْمَعَ البَحْرَيْنِ هَدْياً وَ رِفْعَةً *** وَ يَا لَيْلَةَ القَدْرِ التِي خَفِيتْ قَدْرَا
وَ يَا آيَةَ الفَجْرِ الَّذِي نَسَمَاتُهُ *** إِلَى أَبَدِ الآبادِ فَوَّاحَةٌ عِطَرَا
يجَاهِكِ نَدْعُو رَبَّنَا أَنْ يُنيلَنَا *** شَفَاعَتَكِ المُرْجَاةَ إِذْ نَردُ الحَشْرَا
بِمَوْلِدِكِ الزَّاكِي تُقِيمُ احْتِفَالَنَا *** وَ قَدْ زَادَتِ الذِّكْرَى لَنَا الأُنْسَ و البِشْرَا
عَلَيْكِ مَدَى الأَيَّامِ خَيْرُ تَحِيَّةٍ *** وَ أَزْكَى صَلاةِ اللَّهِ دَائِمَةً تَتْرَى(2)
ص: 171
(مجزوء الوافر)
الأستاذ عبد العزيز العندليب(*)(1)
نَعَمْ فَالْفَرْحَةُ الكُبْرَى *** بِذِكْرَى مَوْلِدِ الزَّهْرَا
***
أَعِدْ فِي هَذِهِ الذِّكْرَى *** حَدِيثَ الخَيْرِ وَ البُشْرَى
فَفِيهَا الفَرْحَةُ الكُبْرَى *** تَزيدُ الأنْسَ و البِشْرَا
***
أَعِدْ بِالبِشْرِ وَ السَّعْدِ *** حَدِيثَ الحُبِّ و الوُدِّ
فَفِيهِ عَابِقُ النَّدِّ *** يَفُوحُ أريجُهُ نَشْرَا(2)
***
وَ وَجْهُ الكَوْنِ مُزْدَانُ *** بِهِ رَوْحٌ وَ رَيْحَانُ
وَ أَنْعَامٌ وَ أَلْحَانُ *** تَخَالُ نَشِيدَهَا سِحْرا
***
وَ لِلأَطيَارِ تَغْرِيدُ *** بِهِ لِلَّهِ تَوْحِيدُ
وَ تَسْبِيحَ وَ تَمُجِیدُ *** لَهُ سُبحَانَهُ شُكْرَا
ص: 172
بِمِیلادِ ابْنَةِ الطُّهْرِ *** وَ زَوْجِ المُرْتَضَى البَرِّ
وَ أُمْ السَّادَةِ الغُرِّ *** وَ مَنْ فَاقُوا الوَرَى طُرَّا
***
تَسامَتْ فِي مَعَانِيهَا *** تَعَالَى اللَّهُ مُنْشِيها
بَرَاهَا مُودِعاً فِيهَا *** صِفَاتٍ تُعْجِزُ الفِكْرَا(1)
***
لَهَا كُلُّ الكَمَالَاتِ *** وَ مَجْمُوعُ المَقَامَاتِ
وَ فِي الأَوْصَافِ وَ الذَّاتِ *** تَرَاهَا الفَرْدَ وَ الوِتْرَا
***
عَلَتْ فَضْلاً سَمَتْ مَجْدَا *** فَفَاقَ جَلالُهَا الحَدَّا
فَسُبْحَانَ الَّذِي أَبْدَى(2) *** لَهُ فِي خَلْقِهَا سِرَّا
***
دَعَاهَا المُصْطَفَى طهَ *** لَهُ أُمّاً فَأَسْمَاهَا
وَ رَبُّ العَرْشِ أَوْلاَهَا *** حَبَاهَا الجَاءَ وَ القَدْرَا
***
فَمَا أَحْلَى مَزَايَاهَا *** وَ مَا أَسْمَى سَجَايَاها
ص: 173
يَفُوقُ اللَّفْظَ مَعْنَاهَا *** وَ يُعْيِي النَّظْمَ و النَثْرَا(1)
***
فَلاَ تُرْقَى مَرَاقِیهَا *** وَ لاَتُحْصَى مَعَالِيهَا
أَتّى فِي (هَلْ أَتَى) فِيهَا *** بَيَانُ الوَحْي لانُكْرا(2)
ص: 174
فَفَوْقَ الوَهُم وَ الفِكْرِ *** مَقَامُ البَضْعَةِ الطُّهْرِ
وَ مَا شَأْنِي وَ مَا قَدْرِي *** لأُوردَ مَدْحَهَا شِعْرا
***
لَهَا فِي الذِّكْرِ تِبْيَانُ *** وَ سِفْرِ المَجْدِ عُنْوَانُ
وَ مِنْهَا القَوْلُ يَزْدَانُ *** وَ حَسْبِي مَدْحُهَا فَخُرَا(1)
***
ص: 175
هي الصَّدِّيقَةُ الكُبْرَى *** هِيَ الإِنْسِيَّةُ الحَوْرَا(1)
هي المَرْضِيَّةُ الطُّهْرَا *** بَنُولَةُ فَاطِمُ الزَّهْرَا(2)
ص: 176
( )
عبد العزيز العندليب(*)(1)
في يومِ ميلادِ ابنة المصطفَى الأَطْهَرْ *** عَمَّ الوجودَ البِشرُ و الأُفُقُ قَد أَزْهَرْ
وازدانَ وجهُ الكون إذ أشرَقَت شمسٌ *** في بيتِ طَه دُونَهَا النَّيْرُ الأكبَرْ
ما الشمسُ إلاَّ لمعةٌ مِن مُحَيَّاها *** والفَجْرُ مِن لَأَلاَءِ أَنوارِهَا أَسْفَرْ
إنسيَّةٌ حَوراءُ قُدْسِيَّةُ المَعنى *** نَوْرَاءُ فِردَوسِيَّةُ الذَّاتِ وَ الجَوهَرْ
قد خَصَّ بإيهابِهَا المصطفى الهادي *** في نَسلِهِ رَغْماً عَنِ الشَّانِي الأَبْتَرْ
صِدِّيقةٌ معصومةٌ مَالَها كُفؤٌ *** في الخَلقِ لَو لَم يُخلِقَ المُرتَضَى حَيدَرْ
لا (بِنتُ عِمْرَانٍ) لَهَا في العُلَى صِنوٌ *** كلاَّ و لا في الفضلِ مِثلٌ لها (هَاجَرْ)
يا بِضعةَ الهادي و يا أُمَّ سِبْطَيْهِ *** و النِسعَةِ الأطهار، لِلَّهِ مِن مَعشَرْ
يا أُسْوَةَ النِسوانِ في الفضلِ و التقوى *** و العِلمِ و الإيمانِ و الخُلقِ و المَظْهَرْ
ذكراكِ ذِكِرى الخيرِ يزهو بِها حفلٌ *** مِن دُونِ رَيَّاهُ شَذا المِسكِ و العَنبَرْ
يا فاطمُ الزَّهرَاءُ يا مَن بها نرجو *** مرضَاةَ رَبِّ العَرشِ و الفَوزَ في المحشَرْ
إِنَّا توسَّلْنَا بِكُم يا بني طَه *** لِلقادرِ الباري و مِن حُبِّكُمْ نَفخَرْ
يا عِترةَ الهَادي عليكم بِلاحَدَّ *** أزكى السَّلاَمِ الدائمِ الأَطيبِ الأَعطَرْ
ص: 177
(بحر الخفيف)
الشيخ عبد المجيد أبو المكارم (*)(1)
أَنَا فِي بَهْجَةٍ وَ كُلِّ سُرُورِ *** مُذْ تَلاقَتْ شَمْسُ الضُّحَى بِالنُّورِ
أَيُّ وَقْتِ قُلْ لِي فَقِيلَ لِيَوْمٍ *** بِالتَّهَانِي أَتَى وَ كُلِّ الحُبُورِ
حِينَ جَاؤُوا مُحَمَّداً فِي خِطَابٍ *** نَحْو تِلْكَ العَذْرَاءِ بنتِ النَّذِيرِ
وَ رَسُولُ الهُدَى يُمِيطُ نِدَاهُمْ *** قَائِلاً لَيْسَ ذَاكَ مِنْ تَفْكِيرِي
رَاوَدُوهُ بِأَمْرِهَا بَعْدَحِينٍ *** لَمْ يُلَبَّ الرَّسُولُ قَوْلَ النَّظِيرِ
فَرَقَى أَحْمَدٌ خَطِيباً عَلَيْهِمْ *** عَازماً دَعْوَةَ الإِلَهِ المُجِيرِ
فَتَتَحَوْا وَ أَوْعَزُوا لِعَلِيَّ *** وَ هُوَ إِذْ ذَاكَ فِي أَمَانٍ قَرِيرِ
فَأَتَى المُصْطَفَى عَلَيْهِ حَيَاءٌ *** فَوْقَ وَجْهٍ لَهُ كَبَدْرٍ مُنِيرِ
جَلَسَ المُرتَضَى يُقَابِلُ طَهَ *** خَاطِباً رَبَّةَ الحِجَا وَ الخُدُورِ
مِنْهُمَا جَاءَ بَعْضُ قَوْلٍ ظَرِيفٍ *** إِذْهُمَا يَذْكُرَانِ أَمْرَ الطَّهُورِ
وَإِذَا جَبْرَئِيلُ يَأْمُرُ طَهَ *** مِنْ إِلهٍ أَحَاطَ كُلَّ الأُمُورِ(2)
ص: 178
زَوجِ النُّورَ فَاطِمَاً مِنْ عَلِيَّ *** بِرِضَاءٍ مِنَ الإِلَهِ البَصِيرِ(1)
فَاسْتَفَاضَ الوُجُودُ نُوراً جَلِياً *** وَ اسْتَنَارَتْ حَنَادِسُ الدَّيْجُورِ(2)
و أَثَارَ الإِلهُ كُلَّ وُجُودٍ *** بقِرانِ الزَّهْرا لِذَاكَ النُّورِ
حَيْدَرُ الطُّهْرُ بَدْرُ كُلِّ المَعَالِي *** كُفُوٌ تِلْكَ البَتُولِ بنتِ الشَّكُورِ(3)
فَهيَ نُورٌ تَلاَهُ نُورٌ عَمِيمٌ *** نُور ذَاكَ الوَصِيَّ الزَّكِيَّ المُنيرِ
كُلُّ فَرْدِ لِكُفْرِهِ صَارَ كُفُواً *** مِنْ عَظِيمِ وَ قَاهِرٍ وَ قَدِيرِ
ص: 179
أَمَرَ اللَّهُ خَادِماً فِي جِنَانٍ *** بِأُمُورٍ لَمْ تُحْصَ طُولَ العُصُورِ(1)
فَغَدَتْ حُورُهَا بِزِينَةِ قُدْسٍ *** بِازْدِهَارِ بِطَرْفِ عَيْنِ قَرِيرِ
وَ تَرَدَّتْ وِلْدَانُهَا بِحَرِيرٍ *** حِينَ مَاسَتْ للطُّهْرِ بِنْتُ البَشِيرِ(2)
وَ لِطُوبَى مَنَاقِبٌ أَظْهَرَتْهَا *** فَعَدَتْ تَنْفُرُ الصَّكَاكَ بِنُورِ
وَكَذَا دَرَّهَا عَلَى كُلِّ أَرْضٍ *** بِقِرانِ الوَصِي لِسِتِّ الحُورِ
نَتَرَتْ لِلصَّكَاكِ فِيهَا أَمَانٌ *** لِمُحِبِّيهِمَا عَنْ الزَّمْهَرِیرِ(3)
ص: 180
أَيُّ يَوْمٍ لِبَضْعَةِ الطُّهْرِ طهَ *** فِي قِرَانِ الوَصِيَّ بَحْرِ البُحُورِ
رَابِعُ العَشْرِ شَهْرُ حَجٌ كَرِيمٍ *** تَلْتَقِي الشَّمْسُ مِنْ عَظِيمِ البُدُورِ
زُوجَتْ فِي السَّمَاءِ مِنْ قَبْلِ مَاءٍ *** وَ تُرَابٍ بِأَمْرِ رَبِّ غَفُورِ
وَ اسْتَنَارَتْ مَلَائِكُ اللَّهِ حَقّاً *** بِروَاجِ العَذْرَاء تِلْكَ الوَقُورِ
أَقامَ الإِلهُ حَفْلَ زَوَاجٍ *** لِوَصِيِّ النَّبِيِّ بِخَيْرِ أُمُورِ
فِي سَمَاءٍ لَهُ وَ فِي كُلِّ أَرْضٍ *** مَعْ جِنَانٍ قَدْ زُيِّنَتْ بِالحُبُورِ(1)
وَ المَلاَكُ الأَعْلَوْنَ قَامُوا بِحَفْلٍ *** فِي تَسَابِيحِهِمْ وَ فِي التَّكْبِيرِ
زَيَّنَ اللَّهُ عَرْشَهُ بِجَلالٍ *** وَ نُجُومِ تُنِيرُ أَجْمَلَ نُورِ(2)
فَتَغَنَّتْ كُلُّ الدُّنَا وَ مَاسَتْ *** طَرَباً لِلْبَتُولِ أُمِّ الصَّبُورِ
أَزْهَرَتْ بِنْتُ أَحْمَدِ لِعَلِيَّ *** كُلَّ وَقْتِ مِنَ النَّهَارِ بِنُورِ
ص: 181
وَ هْيَ إِذْ ذَاكَ بِنْتُ تِسْعَ سِنِينِ *** لَمْ يَكُنْ مِثْلُ مَهْرِهَا فِي المُهورِ
بَعْضُهُ صَارَ مِنْ نِشَارِ لِطُوبَى *** حِين أَلْقَتْ لِدرْهَا المَنْثُورِ
وَ كَذَا أَلْقَتِ الصَّحَاكَ أَمَاناً *** مِنْ عَذَابٍ وَ حَرِّ نَارِ السَّعِيرِ(1)
وَغَدَا بَعْضُهُ كَنَهْرِ فُرَاتٍ *** وَ ابْنُهَا السِّبْطُ فِي ظَمَا مَحْضُورِ
قَدْ قَضَى طَامِئاً وَ رُوحِي فِدَاهُ *** عَاطِشاً صَارَ فَوْقَ حَرِّ الهَجِيرِ
فَبَكَتْهُ الأمْلاَكُ وَ ارْتَجَّتِ الأُفُقُ *** عَلَيْهِ وَ لَمْ يَكُنْ بِالكَثِيرِ
وَ بَكَتَهُ كُلُّ الخَلائِقِ طُرّاً *** مُذْ قَضَى بَيْنَ خَائِنٍ وَ كَفُورِ
وَ البَتُولُ الزَّهْرَاءُ تُبْدِي عَزَاهَا *** لِبَنِيهَا عَلَى تَمَادِي العُصُورِ
هَكَذَا مَهْرُ بَضْعَةِ الطُّهْرِ طَهَ *** مَالَهَا فِيهِ غَيْرُ حَرِّ الصُّدُورِ
كُلُّ هَذَا يُدْمِي لِقَلْبِي وَ يُجْرِي *** لِدُمُوعِي لِوَقْتِ يَوْمِ النُّشُورِ
غَيْرَ أَنَّ البَتُولَ عَلْيَاءُ قُدْسٍ *** شَأْنُهَا الصَّبْرُ فِي جَمِيعِ الأُمُورِ
صَبَرَتْ وَ اغْمُتَدَتْ بِنُورٍ كَرِيمٍ *** فَلِذَا عُرْضَتْ بِفَضْلِ كَبِيرِ
ومما جاء في القصيدة قوله:
وَ أُعِدَّتْ بِأَنَّهَا السِّتْ طُرّاً *** لِنِسَاءِ الدُّنَا لِيَوْمِ قَرِيرِ(2)
فَرِضا فاطِمٍ رِضَاءُ إِلَهِ *** وَ كَذَا خُلْفُهَا خِلافُ الْمُجِيرِ(3)
ص: 182
هكَذَا قَالَ سَيْدُ الخَلْقِ فِيهَا *** فِي حَدِيثٍ مِنْهُ بِقَوْلٍ مُنِيرِ
فِي أَذَاهَا إِيذَاءُ رَبِّ كَرِيمٍ *** وَ لِذَا جُنُبَتْ مِنَ التَّزْوِيرِ(1)
ص: 183
(بحر البسيط)
الأستاذ عبود أحمد النجفي
حَوْرَاءُ يَعْجَرُ عن أَوْصَافِها البَشَرُ *** عِطرُ الجِنانِ عَلَى الآفاقِ يَنْتَشِرُ(1)
نُورٌ مِنَ الله فَوْقَ الأَرضِ يَنْغَمِرُ *** شَعَتْ فلاالشَّمْسُ تَحْكِيها وَ لاالقَمَرُ
«زهراءُ» من نورها الأكوان تزدهرُ
إِنْسِيةٌ مثلُ ضَوءِ الشَّمْسِ سَاطِعَةٌ *** رَضِيعَةٌ من لبانِ الطُهْرِ رَاضِعَةُ(2)
أمُّ الحُسَينِ غداً في الحَشْرِ شَافِعَةٌ *** بِنْتُ الخُلُودِ بها الأجيالُ خَاشِعَةُ
أمُّ الزّمانِ إِليها تَنْتَمِي العُصُرُ
صِدِّيقةٌ قَلبٌ خَيْر الخَلْقِ تَمْتَلِكُ *** وَ بَضْعَةٌ في صِفاتِ الطُهْرِ تَشْتَرِكُ(3)
كَفِضَةٍ في ثَنَايا التبرِ تَنْسَبكُ *** سَمَت عن الأُفقِ لاروحٌ و لامَلَكُ
وَفَاقَتِ الأَرْضَ لاجنَّ و لابشرُ
رُوحُ الحَياةِ بَلِ الدُّنيا وَ زِينَتُها *** وَ مَشْرِقُ النُّورِ و الأضْوَاءُ طَلْعَتُها
و هَيكلُ القُدسِ و َالإِيمَانِ عِفَّتُها *** مَجْبُولةٌ مِنْ جَلالِ الله طِينَتُها
يرِفُّ لُطفاً عليها الصَّوْنُ و الخَفرُ
ص: 184
أُنشودةٌ الحَقِّ و التَّاريخِ يَكْتُبُها *** وَ دُرَّةٌ في إطارِ اللَّوْحِ رَكَّبَها
رَبُّ السَّمَاءِ لِجَنْبِ العَرْشِ قَرَّبها *** خِصَالُها الغُرُّ جَلَّتْ أَنَّ تَلوكَ بِها
منَا المَقَاوِلُ أَوْ تَدْنُو لَها الفِكَّرُ(1)
بتولةٌ عن صِفاتٍ الشَّينِ قَدْ عُزِلَتْ *** كَزَهْرَةِ الخُلدِ في الأغْصَانِ مَا ذَبَلتْ(2)
و آيةُ اللَّه مِنْ قُدراتِهِ احْتَزَلَتْ *** مَعْنَى النبوةِ سرُّ الوحيِ قَدْ نَزَلَتْ
في بَيْتِ عِصمَتِها الآياتُ و السُوَرُ
في عالم الذرِّ قَبْلَ الخلقِ أَبْدَعَها *** فِي صُلب آدَمَ عِنْدَ الخَلْقِ أَوْدَعَها
أُمُّ الأئمةِ باري الكَوْنِ يَرْفَعُها *** حَوَتْ خِلالَ رَسُولِ اللَّه أَجْمَعَها
لولا الرسالةِ سَاوَى أصْلُه الثَمَرُ
أُمّ النّبي وَ مَنْ كَانَتْ له سَنَداً *** وَ ذِكْرُها سَوْفَ يَبْقَى خَالِداً أَبَداً
ويلٌ لأعدائِها ممّا جَنَوهُ غدا *** قُل للذي رَاحَ يُحْفِي فَضْلَهَا حَسَدا
وَجْهُ الحَقِيقَةِ عَنَّا كَيْفَ يَسْتَتِرُ؟!
بُشرى السَّماءِ بها الأملاكُ نازِلةٌ *** وَ عَن لِسانِ إلَهِ الحَقِّ قَائِلةٌ
أُمّ الإمامينِ بِنْتُ المَجْدِ خَالِدةُ *** في عيد ميلادِها الأملاكُ حَافِلَةُ
و الحُورُ في الجَنَّةِ العُليا لَها السُّمَرُ(3)
ص: 185
(بحر الكامل)
الدكتور عصام عباس(*)(1)
مِنْ فقهِ فاطمةٍ قَطَفْتُ زُهُوراً *** أضفَتْ لِشِعري نفحةً و عطورا
فَهي الأطايبُ إن ذَكَرتُ صِفَاتِها *** وَ هِي التي قَد طُهُرَتْ تطهِيرا
وَ هِيَ المُحدثةُ العِليمةُ دائِماً *** ترِوي الحديثَ مُنَفَّحاً مَسطورا
و هي الثنيةُ و النقيُّ حَديثُها *** قُمْ وَارتوِ مِن کَأسِها كَافُورا
كأسٌ أُعِدَّتْ لِلبَرِيَّةٍ شُربُها *** هِيَ زَنجَبيلٌ قُدْرَتْ تَقدِيرا
بَل جَنةٌ قَدْخُلْدَتْ ولدانُها *** وُصِفوا بقولٍ لُؤلؤاً مَنْثُورا
هذا جزاءُ السائرينَ بِنهجِها *** سعياً وَ سَعِيٌ قَد غَدًا مَشْكُورا
بِرِضَائِها يَرضَى الإلهُ مَوَدَّةً *** وَ بِخَصمِها لاقى اللَّدودُ ثُبورا(2)
مَن يُعْضِبِ الزَّهراءَ يُعْضِبْ رَبَّهُ *** يَشقَى و يلقى في العذابِ سَعيرا
ص: 186
عُدْ للكساءِ مُدَقِّقَاً بِحَديثِهِ *** تَروي المساندُ نَصَّهُ المشهُورا
قولُ الإله بِها دَليلٌ واضِحٌ *** وصفَ الزَّكِيَّةَ قِمَّةً وَ ظَهُورا
فَلَما خَلَقْتُ سَمَاءَها أو أَرضَها *** لافُلكُها تَسري و جُبْنَ بُحورا(1)
إلا لِحُبِّ مُحَمَّدٍ وَ وَصِيَّهِ *** وَ الطُّهرِ وَ ابنَيها خَلَقْتُ دُهورا
سِرْ في مَحَبَّتِهِم فَذاكَ وِقَايَةٌ *** تلقى بذلكَ نَضرةً و سُرورا
إن المحبَّةَ ليسَ في أقوالنا *** بَل أن نسيرَ بنهجِهِم تَطويرا
وَ بِيَومِ مَولدِ زَهرة الطّيبِ الَّتي *** فَاحَتْ بِها الدُّنيا شَذى و عُطُورا
أحلَى التّهاني للعقيلةِ قَدَّمَتْ *** هَذِي الخلائِقُ وَردةٌ وَ زُهورا
فاتَتْ مُهَنَّقَةٌ بقيض شُعُورِها *** لكِ يا سُكينةُ بهجةً و حُبورا
في أرضِ دَاريَّا أضاءَتْ شُعلَةً *** قَبَساً منَ الآلِ الكِرامِ و نُورا(2)
لَكُمُ التَّهاني أهلَ داريَّا بِها *** وَجَدَتْ بِلادُكُمُ غِنّى وَ سُرورا
فهي ابنة الأطيابِ طه المصطفَى *** وَ عَلِيَّ مَن مَلأ الدِّيارَ عَبيرا
ص: 187
(بحر البسيط)
الشيخ ملا علي آل رمضان(*)(1)
دَاجِي الضَّلالِ سَجَى بِالجَوْرِ وَ اعْتَكَرًا *** وَ لِلْوَرَى أَصْبَحَتْ أَرْبَابُهُ أَمَرَا
وَ حَرَّفُوا سُنَنَ الإِسْلامِ وَ اجْتَهَدُوا *** أَنْ لاَيُبَقُوا لَهُ عَيْناً وَ لاَ أَثَرا
فَمَا بَقِي مِنْهُ عِنْدَ المُسْلِمِينَ سِوَى *** رَسْمِ بِأَسْفَارِهِمْ يَتْلُونَهُ خَبَرا
مُعَوِّلِينَ عَلَى تَأْسِيسِ مَنْ كَتَبُوا *** يَوْمَ السَّقِيفَةِ نَقضاً لِلْهُدَى سَفَرَا
مِنْ بَعْدِمَا نَقَضُوا عَهْدَ النَّبِيِّ وَ لَمْ *** يَرْضَوْا بِمَا نُصَّ فِي الهَادِي وَمَا ذُكِرا
إِذْ قَامَ يَصْدَعُ فِي خُمَّ وَ فِي يَدِهِ *** يَدُ الوَصِيِّ عَلِيٌّ يُسْمِعُ البَشَرَا:
هَذَا عَلِيٌّ لَكُمْ بَعْدِي إِمَامُ هُدًى *** مُهَيْمِنٌ وَ وَلِيٌّ كَانَ مُشْتَهِرَا
فَإِنَّهُ حُجَّةُ البَارِي العَلِيِّ عَلَى *** مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَ السَّبْعِ المِهَادِ ذَرَى(2)
مِنْ رُشْدِهِ اقْتَبِسُوا أَحْكَامَ دِينِكُمُ *** فَهُوَ الإِمَامُ الَّذِي فِيهِ الهُدَى انْحَصَرَا
مَنْ مِنْكُمُ حَادَ عَنْهُ بَعْدَ مُنْصَرَفِي *** مِنْ بَيْنِكُمْ؟ سَوْفَ يَصْلَى فِي غَدٍ سَقَرَا
عَلَيْكُمُ جَعَلَ البَارِي وِلايَتَهُ *** فَرْضاً، فَمَنْ لَمْ يُؤدِّ الفَرْضَ قَدْ كَفَرَا
***
فَحِينَ غَابَ النَّبِيُّ الهَاشِمِيُّ طَغَى *** بَحْرُ الضّلالِ عَلَى أَهْلِ العَبَا وَ جَرَى
وَ أَصْبَحَتْ بَعْدَمَا غَابَ الخِلافَةُ فِي *** أَيْدِي المُضِلَّينَ بَيْعاً عِنْدَهُمْ وَ شِرا
مِنْ مَعْشَرٍ نَقَضُوا الإِسْلامَ وَ ارْتَكَبُوا *** مِنْ ظُلم آلِ عَلِي مَرْكَباً وَعِرا
ص: 188
وَ أَحْرَقَ ابْنُ فُلاَنٍ بَابَ فَاطِمَةٍ *** وَ ظَهْرُهَا خَلْفَ ذَاكَ البَابِ قَدْ عُصِرَا(1)
وَ خَالِدٌ رَأْسُهَا بِالسَّوْطِ قَنَّعَهُ *** حَتَّى عَلَى الْأَرْضِ قُرْطَاهَا قَدِ انْتَثَرَا
وَ حَمْلُهَا حِينَ وَافَى السَّوْطُ أَضْلُعَهَا *** مِنْ بَطْنِهَا خَرَّ سِقْطاً وَ الوَصِيُّ يَرَى
وَ اسْتَخْرَجُوا المُرْتَضَى الكَرَّارَ مُصْطَبِراً *** عَلَى الهَوَانِ فَلَوْلاَ العَهْدُ مَا صَبَرَا
يُقَادُ مِنْ مَنْزِلِ الزَّهْرَا وَ كَانَ عَلَى *** اسْتِنْصَالِ أنْفُسِهِمْ بِاللهِ مُقْتَدِرَا
وَ بِالقَطِيع يَرَى الزَّهْرَا مُقَنَّعَةً *** وَ ضِلْعُهَا كَانَ بَعْدَ الضَّغْطِ مُنْكَسِرَا
بِاللَّهِ أُقْسِمُ لَوْلا الحِلْمُ كَفْكَفَهُ *** عَلَى الثَّرَى لَمْ يُغَادِرُ مِنْهُمُ أَثَرَا(2)
فَكَانَ مِنْ حِلْمِهِ عَنْهُمْ بِهِ طَمِعُوا *** فَاسْتَهْضَمُوهُ وَ قَاسَى مِنْهُمُ الضَّرَرَا
وَ جَرَّعُوا بَعْدَهُ أَبْنَاءَهُ غُصَصاً *** مِنَ المَنَايَا فَكَانُوا لِلْوَرَى عِبَرَا(3)(4)
ص: 189
(بحر الكامل)
الشيخ ملا علي آل رمضان(*)(1)
دُنْيَاكَ حَشْرُ مَزَادِهَا أَكْدَارُ *** وَ بِهَا كُرُّوسُ الحَادِثَاتِ تُدَارُ
كُلُّ امْرِىءٍ لا بُدَّ مَا بِزَمَانِهِ *** مِنْ شَرِّهَا يُحْشِي عَلَيْهِ شِرَارُ(2)
كمْ أُمَّةٍ فِيهَا فَنَتْ وَ دِيَارُهُمْ *** أَضْحَتْ رُسُومَاً لَيْسَ فِيهَا دَارُ؟
أيْنَ القُرُونُ المَاضِيَاتُ وَ مَنْ لَهُمْ *** قَدْ دَانَتِ الأَقْطَارُ وَ الأَمْصَارُ؟
أَيْنَ الفَسَاوِرَةُ المُلُوكُ فَهَلْ تَرَى *** بِدِيَارِهِمْ مِنْهُمْ بَقِي دَیَّارُ؟(3)
رَحَلُوا عَنِ الأَوْطَانِ وَ انْتَقَلُوا إِلَى *** حُفْرٍ عَلَيْهِمْ طُبقَتْ أَحْجَارُ
أَكَلَ التَّرَابُ لُحُومَهُمْ وَ تَقَطَّعَتْ *** وَ هُمُ رَمِيمٌ - مِنْهُمُ الأَخْبَارُ(4)
فَلَسَوْتَ نَلْقَى مَا رَأَوْهُ مِنَ الفَنَا *** مَهُمَا بِنَا قَدْ طَالَتِ الْأَعْمَارُ
وَ غَداً تَرَى كُلَّ امْرِىءٍ بِمِعَادِهِ *** مَأْوَاهُ إِمَّا جَنَّةٌ أَوْ نَارُ
يَوْماً بِهِ تُطْوَى السَّمَاءُ وَ تَنْمَحِي *** فِيهِ النُّجُومُ وَ تُطْمَسُ الأَقْمَارُ
وَ بِهِ تَقُومُ النَّاسُ مِنْ أَجْدَائِهَا *** وَ هُمُ عُرَاةٌ مَا لَهُمْ أَسْتَارُ
فَإِذَا جَهَنَّمُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُهَا *** قَامَ النَّبِيُّ المُصْطَفَى المُخْتَارُ
ص: 190
يَدْعُو وَ أَفْئِدَةُ العِبَادِ خَوَافِقٌ *** كُلُّ عَرَتْهُ ذِلَّةٌ وَ صِغَارُ
إلى أن قال:
وَ تَقُومُ فَاطِمَةٌ وَ تَصْرُخُ صَرْخَةً *** وَ دُمُوعُهَا فَوْقَ الخُدُودِ نِثَارُ
وَ تَقُولُ: يَا مُحْيِي النُّفُوسِ وَ مُحْصِيَ *** الأَنْفَاسِ أَنْتَ الخَالِقُ الجَبَّارُ(1)
فَأَنَا الَّتِي بِسِيَاطِهِمْ قَدْ قَنَّعُوا *** رَأْسِي وَ شُبَّتْ فَوْقَ بَابِيَ النّارُ(2)
وَ اسْتَخْرَجُوا الهَادِي الوَصِيَّ مُلَبَّباً *** فَلَحِقْتُهُمْ لَمَّا بِهِ قَدْ سَارُوا
ص: 191
أَدْعُوهُمُ وَ أَنَا أُكَفْكِفُ أَدْمُعِي *** بِيَدِي وَ لاَوَجْهِي عَلَيْهِ خِمَارُ(1)(2)
خَلُوا عَلِيَّ المُرْتَضَى الهَادِي فَذَا *** قُطْبٌ عَلَيْهِ رَحَى الوُجُودِ تُدَارُ(3)
فَرَجَعْتُ كَاظِمَةٌ وَ لَمْ يُصْغَ إِلَى *** قَوْلِي وَ عَنِّي صَدَّتِ الأَنْصَارُ
فَهُنَاكَ تُلْقَى فِي لَظِّى مَصْفُودَةٍ *** بِسَلاسِلِ أَعْدَاؤُهَا الفُجَارُ
وَ إِلَى الجِنَانِ تُزَفُّ شِيعَتُهَا وَ هُمْ *** بِيضُ الوُجُوهِ كَأَنَّهُمْ أَقْمَارُ
يَتَنَعَّمُونَ بِهَا عَلَى فُرُشِ الهَنَا *** بِاليُمْنِ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ
شَتّانَ مَنْ هُوَ فِي الجِنَانِ وَ مَمَنْ لَهُ *** يَوْمَ القِيَامَةِ فِي جَهَنَّمَ دَارُ
فَإِذَا اسْتَغَاثَ مِنَ العَذَابِ تَغَلَّظَتْ *** وَ تَسَعَّرَتْ غَیْظاً عَلَيْهِ النَّارُ
ثُمَّ الصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ *** مَا جَنَّ لَيْل وَ اسْتَنَارَ نَهَارُ(4)
ص: 192
(بحر البسيط)
الشيخ ملا علي آل رمضان (*)(1)
مِنْ مَعْدِنِ القُدْسِ قَدْ فَازَتْ بِتَطْهِيرِ *** نَوْرَاءُ يَجْلُو سَنَاهَا كُلَّ دَيْجُورٍ(2)
مِنْ ذُرْوَةِ المَجْدِ مِنْ عُلْيَا قُرَيْشٍ وَ مِنْ *** فِهْرٍ أُولي الشَّرَفِ السَّامِي الجَمَاهِيرِ
مِنْ هَاشِمِ الغُرْ فِي بَحْبُوحٍ بَجْدَتِهَا *** مِنْ غَالِبِ الغُلْبِ وَ الأسْدِ المَغَاوِير(3)
مِنْ بَيْتِ طَهَ رَسُولِ اللَّهِ أَشْرَفِ خَلْقِ *** اللَّهِ مِنْ كُلِّ مَوْجُودٍ وَ مَقْدُورِ
هذِي البَتُولُ ابْنَةُ الهَادِي الرَّسُولِ بَدَتْ *** حَوْرَاء إِنْسِيَّةً صِيغَتْ مِنَ النُّورِ(4)
لَهَا غَدَتْ جُمْلَةُ الأَمْلاكِ فِي المَلأِ *** الأَعْلَى تَضِجُّ بِتَهْلِيلٍ وَ تَكْبِيرِ
تَنَزَّلُوا مِنْ سَمَا الدُّنْيَا لأَحْمَدَ كَي *** يُهَنِّثُوهُ بِتَقْدِيرٍ وَ تَبْشِيرِ
بُشْرَاكَ أَحْمَدُ بِالزَّهْرَاءِ فَاطِمَةٍ *** أُمِّ المَيَامِينِ مَنْ فَازَتْ بِتَطْهِيرِ
شَفِيعَةُ المَحْشَرِ المَرْهُوبِ مَوْقِفُهُ *** مُطَاعَةٌ بَيْنَ مَنْهىٍّ وَ مَأْمُورِ(5)
ص: 193
مَعْصُومَةُ القَوْلِ لاَكِذْبٌ وَ لاَخَطَأُ *** قَوَّالَةُ الفَصْلِ مَا بَيْنَ الجَمَاهِيرِ
إِذَا حَكَتْ أَشْبَهَتْ طهَ بِمَقُولِهَا *** وَ فِي الخَلَائِقِ تَحْكِيهِ بِتَصْويرِ
فَاقَتْ عَلَى مَرْيَم فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ *** فِي الفَضْلِ فِي الزُّهْدِ فِي الإِيثَارِ فِي النُّورِ(1)
وَ فِي الطَّهَارَةِ وَ التَّقْدِيسِ عَالِمَةٌ *** بِكُلِّ أَمْرٍ جَرَى فِي اللَّوْحِ مَسْطُورِ
بِأَحْمَدَ سَيْدِ الكَوْنَيْنِ وَالِدِهَا *** قَدْ حَازَتِ الْفَحْرَ فِي كُلِّ الأَعَاصِيرِ(2)
ص: 194
(بحر الطويل)
الشيخ علي بن حسن الجشي
بِمَوْلِدِ بِنْتِ المُصْطَفَى لَكُمُ البُشْرَى *** فَذِي نِعَمُ البَارِي عَلَيْكُمْ بِهَا تَتْرَى(1)
فَحَقُّ لَكُمْ أَنْ تَعْقِدُوا نَادِيَ الهَنَا *** بِذِكْرِ أَيَّادِيهَا وَ أَوْصَافِهَا الغَرَّا
وَ لَنْ تَسْتَطِيعَ الخَلْقُ إِحْصَاءَ فَضْلِهَا *** كَمَا لَمْ يُحِيطُوا بِالَّذِي قَدْ حَوَتْ خُبْرَا(2)
وَ هَيْهَاتَ أَنْ يُحْصُوا أَبَادِي كَرِيمَةٍ *** لِخَلْقٍ جَمِيعِ الكَائِنَاتِ غَدْتَ سِرَا
فَمَا فِي نِسَاءِ العَالَمِينَ مُمَاثِلٌ *** إِلَيْهَا وَ لاَشَبَهُ وَ لامَرْيَمُ العَذْرَا
وَ هَلْ فِي نِسَاءِ العَالَمِينَ نَظِيرُهَا *** فَمَنْ ذَا تَرَى مِنْهُنَّ إِنْسِيَّةٌ حَوْرَا(3)
وَ خَيْرُ نِسَاءِ العَالَمِينَ تَنَزَّلَتْ *** إِلَى الْأَرْضِ فِي بِشْرِ لِكَيْ تُقْبِلَ الزَّهْرَا
وَ مَرْيَمُ عِيسَى أَعْقَبَتْ وَ هْيَ أَعْقَبَتْ *** هُدَاةٌ يَرَى عِيسَى اتِّبَاعَهُمُ فَخْرا
وَإِنْ تَكُ نَادَتْهَا المَلائِكُ بِاصْطِفَا *** إِلَيْهَا وَ تَطْهِيرٌ لَهَا أَوْجَبَ الفَخْرَا
فَفَاطِمُ نَادَتْهَا بِذَاكَ وَ أَيْنَ مَا *** بِهِ نُودِيَتْ مِمَّا بِهِ نُودِيَتْ قَدْرَا
فَسَلْ آيَةَ التّطْهِيرِ عَنْ فَضْلِ فَاطِمٍ *** فَقَدْ أُعْطِيَتْ مِنْ رَبِّهَا العِصْمَةَ الكُبْرَى(4)
ص: 195
هِيَ العِصْمَةُ الكُبْرَى الَّتِي اللَّهُ مَا حَبَا *** بِهَا غَيْرَ طَهَ وَ الوَصِيِّينَ وَ الزَّهْرَا
فَلَوْلاً عَلِيٌّ لَمْ يَكُنْ لِلْبَتُولِ مِنْ *** شَبِيهِ وَ كُفْو مِنْ بَنِي آدَم طُرَا(1)
فَكُلِّ بَرَاهُ اللَّهُ مِنْ نُورٍ أَحْمَدٍ *** فَكُلِّ بِكُلِّ حَيْثُ شَابَهَتْ أُحْرَى(2)
لَعَمْرُكَ مَا الدُّنْيَا سِوَى عُمْرِ سَاعَةٍ *** حَوَتْ مَكْرُمَاتٍ لاَتُحِيطُ بِهَا خُبْرَا
وَمَا هِيَ إِلا سَاعَةٌ شَمْلُ حَيْدَرٍ *** بِفَاطِمَ مَجْمُوعٌ فَقَدْ طَوَتِ الدَّهْرَا
هِيَ النُّورُ مِنْ نُورٍ وَ بِالنُّورِ زُوِّجَتْ *** تَبَارَكَ رَبِّ فِيهِمَا جَمَعَ الخَيْرَا
فَنُورُ عَلِيٌّ قَدْ غَشَىٰ نُورَ فَاطِمٍ *** فَأَوْلَدَهَا نَجْماً وَ أَعْقَبَهَا بَدْرا
أَضَاءَتْ بِهَا الأَكْوَانُ وَ الْأَرْضُ وَ السَّمَا *** قَدِيماً وَ فِي الدُّنْيَا وَ فِي النَّشْأَةِ الأُخْرَى
وَ مَا زَالَ فِي الأَدْوَارِ يُشْرِقُ نُورُهَا *** وَ مِنْ أَجْلِ ذَاكَ النُّورِ سُمِّيَتِ الزَّهْرَا(3)
كَمَا اللَّهُ سَماهَا بِفَاطِمَ إِذْ قَضَى *** بِفَظم مُحِبيها مِنَ النَّارِ فِي الأُخْرَى(4)
بِأَمْ أَبِيهَا كُنْيَتْ إِذْ بِفَاطِمٍ *** بَقِيَ ذِكْرُهَا فِي النَّاسِ وَ المَلةِ الغَرّا(5)
عَلَيْكُمْ صَلَاةُ اللَّهِ تَشْرَى مُسَلِّماً *** كَمَا لَمْ تَزَلْ فِي الخَلْقِ أَيْدِيَكُمُ تَتْرَى(6)
ص: 196
(بحر الخفيف)
الشيخ علي بن حسن الجشي
مَا لِقَلْبِي مِنْ بَعْدِ فَقَدِ النَّذِيرِ *** مِنْ سُلُوِّ عَلَى مُرُورِ الدُّهُورِ
هُوَ يَوْمٌ نَعَامَةُ العِزَّ شَالَتْ *** فِيهِ عَنْ آلِهِ حِمَى المُسْتَجِيرِ
نَبَذَ القَوْمُ نَصَّهُ وَ الوَصَايَا *** فِيهِمُ ضَلَّةً وَرَاء الظُّهُورِ
وَ تَنَاسَوْا وَصِيَّةَ اللَّهِ فِيهِمْ *** وَ وَصَايَا طهَ وَ يَوْمَ الغَدِير
فَارْتَقَوْا مُرْتَقَى عَظِيماً وَ هَمُّوا *** بِهُمُومٍ مَسْتُورَةٍ فِي الضَّمِيرِ
وَ لَعَمْرِي مَا أَسْلَمَ القَوْمُ رُشْداً *** أَوْ أَجَابُوا الهُدَى نِدَاءَ البَشِيرِ
بَلْ لِغَايَاتِهَا الَّتِي أَمَّلَتْهَا *** فَسَعَتْ سَعْيَهَا لِتِلْكَ الْأُمُورِ
سَلْ دِباباً قَدْ دَحْرَجُوهَا لِمَاذَا *** وَ لْتُسَلْ مِنْ صَحِيفَةِ التَّأْمِيرِ(1)
وَ لِمَاذَا عَادُوا عَنِ الجَيْشِ حَتَّى *** أَلْحَقُوا فِتْنَةٌ لِيَوْمِ النُّشُورِ
لَمْ يَقُولُوا: النَّبِيُّ يَهْجُرُ إِلاَّ *** خَوْف إِفْسَادِ كَيْدِهَا المَسْتُورِ
عَجَباً مِنْ عِصَابَةٍ رَكِبَتُ فِي *** نُصْرَةِ الدِّينِ كُلَّ أَمْرٍ خَطِيرِ
عَدَلُوا عَنْ مُحَمَّدٍ فَعَلِيٍّ *** نَفْسٍ طهَ وَ بَايَعُوا ابْنَ الأجِيرِ
بِأَبِي الصَّابِرُ المُلَبَّبُ لَمَّا *** أَخَذُوهُ مِنْ بَيْتِهِ كَالأَسِيرِ
جَرَّأَ القَوْمَ حِلْمُهُ وَ الوَصَايَا *** وَ ضَلاَلُ الوَرَى وَ غِلُّ الصُّدُورِ
لوْ بِهِمْ هَمَّ لَمْ يُفْدِهُمْ لَفِيفٌ *** وَ مَتَى اقْتَادَتِ القَطَا لِلصُّقُورِ
ص: 197
وَ ابْنَةُ المُصْطَفَى تُنَادِي بِقَلْبٍ *** خَافِقٍ مِنْ صَنِيعِهِمْ مَذْعُورِ(1)
أَأَمِنْتُمْ لَمَّا صَبَرْتُ وَ رُمْتُمُ *** ضَلَّةٌ تَقْتُلُونَ خَيْرَ أَمِيرِ؟
لَكُمُ الوَيْلُ كَيْفَ يُحْمَدُ صَبْرِي *** عَنْ عَلِيِّ نَفْسِ النَّبِيِّ البَشِيرِ
ضُبعَتْ بَعْدَهُ وَ دِيعَةُ طَهَ *** يَا بِنَفْسِي وَ لَمْ تَجِدْ مِنْ نَصِيرِ
فَقَدَتْ أحمداً وَ أَضْحَتْ تُقَاسِي *** مِحناً قَدْ أَذَيْنَ صُمَّ الصُّخُورِ(2)
أوذِيَتْ صُغِّرَتْ مَقَاماً أُريعَتْ *** ضُرِبَتْ جَهْرَةً وَ لاَ مِنْ مُجِيرِ(3)
لاَتَسَلْنِي عَنِ الجَنِينِ لِمَاذَا *** أَسْقَطَتْهُ أَوْ ضِلْعِهَا المَكْسُورِ(4)
قُلْ إِلَى الضّلْع بَعْدَ كَسْرِكَ قَلْبِي *** مَا لَهُ جَابِرٌ لِيَوْمِ النُّشُورِ
قَدْ جَفَوْهَا وَلَيْتَهُمْ تَرَكُوهَا *** فِي فَنَاهَا تَبْكِي لِفَقَدِ النَّذِيرِ
لَسْتُ أنْسَى أَرَاكَةٌ قَطْعُوهَا *** إِذْ تَفَيَّتْ بِهَا بِوَقْتِ الهَجِيرِ(5)
مُنِعَتْ نِحْلَةً وَ إِرْثاً بِقَوْلٍ *** زَوَّرُوهُ وَ رَمْيَهَا بِالزُّورِ(6)
ص: 198
كَيْفَ تَأْتِي كِذْباً وَ تَجْهَلُ حَقّاً *** وَ هْيَ مِنْ أَهْلِ آيَةِ التَّطْهِيرِ؟(1)
وَ لَمَا نَالَها مِنَ الذُّلُّ أَمْسَتْ *** تَتَمَنَّى حُلُولَهَا فِي القُبُورِ
رَبِّ نَشْكُو إِلَيْكَ فُقَدَانَ طَهَ *** وَ اخَتِفَاءَ المُغَيَّبِ المَسْتُور
يَا بْنَ شُمِّ الأُنُوفِ يَا مُدْرِكَ الثَّاْرِ *** وَ مُرْوِي الظُّبَا بِفَيْضِ النُّحُورِ
أَوَ تُغْضِي وَفَيْئُكُمْ عَادَ نَهْباً *** بَيْنَ رجسٍ وَ كُلِّ وَغْدٍ حَقِيرِ؟
أوَ تُغْضِي وَ فَاطِمْ قَدْعَرَاهَا *** مَا عَرَاهَا وَ أَنْتَ خَيْرُ نَصِيرِ؟
قَدْ دَهَاهَا مَا نَغَّصَ العَيْشَ حَتَّى *** لَمْ تَجِدْ بَهْجَةً وَ يَوْمَ سُرُورِ(2)
أَنْتَ أَدْرَى بِمَا دَهَاهَا وَلَكِنْ *** ضَاقَ صَدْرِي عَنْ كَتْمِهِ فِي الضَّمِيرِ
لَسْتُ أَدْرِي مَاذَا أَبْثُّكَ مِمَّا *** قَدْ عَرَاهَا مِنْ كُلِّ خَطْبٍ كَبِيرِ؟
غُصِبَتْ جَهْرَةٌ وَ أُخْفِيَ قَبْرٌ *** ضَمَّهَا خَوْفَ كُلِّ رِجْسِ كَفُورِ
ما اكْتَفَتْ بالأَذَى حَيَاةً فَهَمُّوا *** حِينَ مَاتَتْ بِنَبْشِهَا فِي القُبُورِ
أَمِنَ العَدْلِ أَنَّ بَضْعَةَ طَهَ *** قَبْرُهَا لَمْ تَجِدْ بِهِ مِنْ خَبِيرِ؟
لَيْسَ يَدْرِي بِقَبْرِهَا زَائِرُوهَا *** فَتَرَاهُمْ فِي حَسْرَةٍ وَ زَفِيرِ(3)
ص: 199
لاتَلُمْهَا فِي نَوْحِهَا إِنَّ أَشْجَى *** مَا عَلَى الزَّائِرِينَ فَقَدُ المَزُورِ
لَوْ تَرَاهُمْ عِنْدَ الإِيَابِ حَيَارَى *** دَابُهَا بَثُّ نَفْثَةِ المَصْدُورِ(1)
ص: 200
(بحر الخفيف)
الشيخ علي بن حسن الجشي
مَا لَنَا بَعْدَجَحْدِيَوْمِ الغَدِيرِ *** وَ اغْتِصَابِ الوَصِي يَوْمُ سُرُورِ
يَا لَهَا فِتْنَةً تَفَرَّعَ مِنْهَا *** كُلُّ شَرٍّ عَلَى مُرُورِ الدُّهُورِ
فِتْنَةً ضَلَّ فِي ظَلَاَمِ دُجَاهَا *** جُمْلَةُ الخَلْقِ غَيْرُ نَزْرٍ يَسِيرِ
كَفَرُوا بِالإلهِ أَمْ بَعُدَ العَهْدُ *** عَلَيْهِمْ أَمْ جَاءَ غَيْرُ نَذِيرِ
أَوْ هَلْ جَابِرٌ لِكَسْرِ الهُدَى أَمْ *** هَلْ مُغِيثٌ لَهُ وَ هَلْ مِنْ مُجِيرِ؟
رَبِّ قَرِّبْ وَقْتَ الظُّهُورِ فَقَدْ *** طَالَ عَلَيْنَا انْتِظَارُ وَقْتِ الظُّهُورِ
مَا ابْنُ تَيْمِ وَ مَا الخِلَافَةُ أَيْنَ *** اللَّيْلُ مِنْ نُورٍ فَجْرِهَا المُسْتَطِيرِ؟(1)
أَفَمَنْ كَانَ عَنْ برَاءَةِ مَعْزُو *** لابِأَمْرٍ مِنَ السَّمِيعِ البَصِيرِ
يَرْتَضِيهِ الإِ لهُ مِنْ بَعْدِطه *** خَلَفَاً عَنْهُ فِي جَمِيعٍ الأُمُورِ
مَا لِقَوْمٍ ضَلُّوا عَنِ الرُّشْدِ سَارُوا *** بَيْنَ صُبْحِ الرَّشَادِ وَ الدَّيْجُورِ(2)
بَلْ قَفَوْا إِثْرَ قَوْم مُوسَى فَتَاهُوا *** وَ الهُدَى لأَحَ فِي الضَّلالِ الكَبِيرِ
عَزَلُوا المُرْتَضَى وَ سَامُوهُ ضَيْماً *** إِذْ أَبَى إِمْرَةَ المُضِلَّ الكَفُورِ
لَيْسَ هَارُونُ كَالوَصِيِّ ابْتِلاءً *** بَعْدَ مُوسَى إِذْ لَمْ يَجِدْ مِنْ نَصِيرِ
إنْ يَكُونُوا قَدْ خَالَفُوهُ فَهَذَا *** قَدْ دَعَوْهُ لِبَيْعَةٍ وَ حُضُورِ
أَوْ يَهُمُّوا بِقَتْلِهِ فَعَلِيٌّ *** قَتَلَتْهُ فِي كَيْدِهَا المَسْتُورِ
ص: 201
مَا المُرَادِيُّ عِنْدَ ذِي الرُّشْدِ لَوْلاَ *** فِتْنَةُ القَوْمِ بَعْدَ فَقَدِ النَّذِير؟
أَسَّسُوا ظُلْمَهُ عِنَاداً وَ أَغْرَوْا *** لَهُمُ الوَيْلُ كُلَّ كَلْبٍ عَقُورِ(1)
بَلْ أَرَادُوا أَنْ يُحْرِقُوا البَيْتَ حَتَّى *** لاَيُرَى ذَاكِرٌ لِخَيْرِ بَشِيرِ(2)
فَأَبَى اللَّهُ ذَلِكُمْ حَيْثُ فِيهِ *** مَنْ هُمُ عِلةُ البَقَا وَ الصُّدُورِ
وَ هُوَ بَيتٌ عِندَ المُهَيْمِنِ ضَاهَى *** شَانُهُ شَانَ بَيْتِهِ المَعْمُورِ
لَمْ يَكُنْ جِبْرَئِيلُ يَدْخُلُ إِلاَّ *** بَعْدَ إِذْنِ مِنْ أَهْلِهِ فِي الحُضُورِ
يَا بْنَ عَمِّ النَّبِيِّ صَبْرُكَ أَنْسَى *** صَبْرَ أَيُّوبَ فِي قَدِيمِ الدُّهُورِ
ضَاقَ ذَرْعاً بأَمْرِ رَحْمَةٍ لَمَّا *** جَزَّتِ الشَّعْرَ شَاكِياً لَلخَبِيرِ
وَ أَرَاكَ اصْطَبَرْتَ وَ القَوْمُ آذَوْا *** فَاطِمَاً فِى عَشِيِّهَا وَ الْبُكُورِ
أَمِنَ الصَّبْرِ كَانَ قُلْبُكَ آت *** لاأَرى يَسْتَطِيعُ قَلْبُ صَبُورِ
دَخَلُوا دَارَهَا وَ لَيْسَ عَلَيْهَا *** مِنْ قِنَاعَ وَ الحِقْدُ مِلْءُ الصُّدُورِ(3)
وَ عَلَى مَتْنِهَا السِّيَاطُ تَلَوَّتْ *** حَيْثُ لاَدَافِعٌ وَ لا مِنْ مُجيرِ(4)
يَا لَهَا مِنْ عَدَاوَةٍ أَظْهَرُوهَا *** وَ هُيَ مِنْ قَبْلُ فِي سُوَيْدا الضَّمِيرِ(5)
دَعْ تَفَاصِيلَ مَا جَرَى فَبَيَانِي *** بَعْضُ مَا كَانَ نَفْثَةَ المَصْدُورِ
مَا سَمِعْنَا مِنْ قَبْلُ بِنْتَ نَبِيَّ *** أُوذِيَتْ كَالبَتُولِ بَعْدَ النَّذِيرِ
عُصِرَتْ أُسْقِطَتْ أُضِيعَتْ ذِماماً *** غُصِبَتْ كُذِّبَتْ بِإِفْكِ وَ زُورِ(6)
ص: 202
جَحَدُوا آيَةَ الطَّهَارَةِ فِيهَا *** بَعْدَ عِلْمٍ كَجَحْدِهِمْ لِلْغَدِيرِ(1)
دَخَلُوا الدَّارَ أَضْرَمُوا النَّارَ قَادُوا *** حَيْدراً بِالنَّجَادِ قَوْدَ الأسيرِ(2)
وَ أَرَادُوا قَتْلَ الوَصِيِّ فَأَضْحَى *** قَلْبُهَا مِثلَ طَائِرٍ مَذْعُورِ
وَ عَرَاهَا الذُّهُولُ عَمَّا عَرَاهَا *** مِنْ سُقُوطٍ وَ ضِلْعِهَا المَكْسُورِ
فَعَدَتْ خَلْفَهُ تَقُولُ دَعُوهُ *** وَ هْيَ تَكْلَى تَدْعُو بِدَمْعٍ غَزِيرِ
إنَّ قَلبي وَ إِن تَحَمَّلَ لَكِنْ *** لَيْسَ قَلْبِي عَنْ حَيْدَرٍ بِصَبُورِ
فَدَعُوهُ أَوْ أَنْشُرَ الشَّعْرَ أَدْعُو *** بَعْدَ كَشْفِ القِنَاعِ بِالتَّدْمِيرِ(3)
ثُمَّ أَمَّتْ قَبْرَ النَّبِيِّ لِتَشْكُو *** قَوْمَهُ يَا لِقَلْبِهَا المَفْطُورِ(4)
يَا حَبِيبَ الإِلَهِ قَوْمُكَ أَبْدَوْا *** مُذْ فَقَدْ نَاكَ مُضْمَرَاتٍ الصُّدُورِ
عَزَلُوا حَيْدَراً وَ قَادُوهُ قَسْراً *** لابْنِ تَيْمِ وَ لَمْ يَجِدْ مِنْ نَصِيرِ
غَصَبُوا نِحْلَتِي وَ رَدُّوا شُهُودِي *** مَنَعُونِي إرْنِي بِكِذْبٍ وَ زُورِ(5)
ص: 203
كَرِهُوا أَنْ أُقِيمَ فِيهِمْ فَقَالُوا *** لِي آذبُيْنَا بِطُولِ الزَّفِيرِ
مَنَعُونِي مِنَ البُكَاءِ لأَقْضِي *** بِالجَوَى إِنْ كَتَمْتُهُ فِي الضَّمِيرِ(1)
وَ كَسَاهَا المُصَابُ أَثْوَابَ حُزْنٍ *** مَا اكْتَسَتْ بَعْدَهَا ثِيَابَ سُرُورِ(2)
قُلْ لِبَيْتٍ الأَحْزَانِ بَعْدَكَ حُزْنِي *** مُسْتَمِرٌ عَلَى امْتِدَادِ الدُّهُورِ(3)
ص: 204
وَ أَنْتَ أَخٌ لِخَيْرِ الخَلْقِ طُرّاً *** وَ نَفْسٌ فِي مُبَاهَلَةِ البَشِيرِ(1)
وَ أَنْتَ الصَّنْوُ وَ الصِّهْرُ المُزَكَّى *** وَ وَالِدُ شُبَّرٍ وَ أَبُو شُبَّيرٍ(2)
وَ أَنْتَ المَرْءُ لَمْ تَحْفَلْ بِدُنْيَا *** وَ لَيْسَ لَهُ بِذلِكَ مِنْ نَظيرٍ
لَقَدْ نَبَعَتْ لَهُ عَيْنٌ فَظَلَّتْ *** تَفُورُ كَأَنَّهَا عُنُقُ البَعِيرِ
فَوَافَاهُ البَشِيرُ بِهَا مُغْذّاً *** فَقَالَ عَلِيُّ: أَبْشِرْيَا بَشِيرِي
لَقَدْ صَبَّرْتُهَا وَقْفاً مُبَاحاً *** لِوَجْهِ اللَّهِ ذِي العِزِّ القدِيرِ
وَ كَانَ يَقُولُ: يَا دُنْيَايَ غُرِّي *** سِوَايَ فَلَسْتُ مِنْ أَهْلِ الغُرُورِ
وَ صَابَرَ مَعْ حَلِيلَتِهِ الأَذَايَا *** فَنَالاَ خَيْرَ عَاقِبَةِ الصَّبورِ
ص: 206
وَ قَالَتْ أُمُّ أَيْمَنَ: جِلْتُ يَوْماً *** إِلَى الزَّهْرَاءِ فِي وَقْتِ الهَجِيرِ(1)
فَلَمَّا أَنْ دَنَوْتُ سَمِعْتُ صَوْتاً *** وَ طَعْناً فِي الرَّحَاءِ بِلاَ مُدِيرِ
فَجِئْتُ البَابَ أَقْرَعُهُ نُغُوراً *** فَمَا مِنْ سَامِع لي فِي نُغُوري(2)
فَجِئْتُ المُصْطَفَى وَ قَصَصْتُ شَأْنِي *** وَ مَا أَبْصَرْتُ مِنْ أَمْرٍ ذَعُورِ
فَقَالَ المُصْطَفَى: شُكْرَاً لِرَبِّ *** بِإِتْمَامِ الحَباءِ لَهَا جَدِيرِ
رَآهَا اللَّهُ مُنْعَبَةً فَأَلْقَى *** عَلَيْهَا النَّوْمَ ذُوالمَنِّ الكَثِيرِ
وَ وَكَّلَ بِالرَّحَى مَلِكَاً مُدِيراً *** فَعُدْتُ وَ قَدْ مُلِلتُ مِنَ السُّرُورِ(3)
ص: 207
تَزَوَّجَ فِي السَّمَاءِ بِأَمْرِ رَبِّي *** بِفَاطِمَةَ المُهَنَّبَةِ الطَّهُورِ(1)
وَ صَيَّرَ مَهْرَهَا خُمْسَ الأَرَاضِي *** بِمَا تَحْوِيهِ مِنْ كَرَمِ وَخَيرِ(2)
فَذَا خَيْرُ الرِّجَالِ وَ تِلْكَ خَيْرُ *** النُسَاءِ وَ مَهْرُهَا خَيْرُ المُهُورِ
وَ ابْنَاهَا الأُولَى فَضَلُوا البَرَايَا *** بِتَنْصِيصِ اللَّطِيفِ بِهَا الخَبِيرِ
وَ صَيَّرَ وُدَّهُمْ أَجْراً لِطهَ *** بِتَبْلِيعُ الرِّسَالَةِ فِي الأُجُورِ
ص: 208
(بحر الخفيف)
علي بن حماد العدوي العبدي(*)(1)
حَيْ قَبْراً بِكَرْبَلا مُسْتَنِيرا *** ضَمَّ كَنزَ التَّقَى وَ عِلْماً خَطِيرا(2)
وَ أَقِمْ مَأْتَمَ الشَّهِيدِ وَ أَذْرِفْ *** مِنْكَ دَمْعاً فِي الوَجْنَتَيْنِ غَزِيرا(3)
وَ الْتَثِمْ تُرْبَةَ الحُسَيْنِ بِشَجْوٍ *** وَ أَطِلْ بَعْدَ لَثْمِكَ التَّعْفِيرا(4)
ثُمَّ قُلْ: يَا ضَرِيحَ مَوْلاي سُقيتَ *** مِنَ الغَيْثِ هَامِياً نميرا(5)
تِهْ عَلَى سَائِرِ القُبُورِ فَقَدْ أَصْبَحْتَ *** بِالتّيهِ وَ الفَخَارِ جَدِيرا(6)
فِيكَ رَيْحَانَةُ النَّبِيِّ وَ مَنْ حَلَّ *** مِنَ المُصْطَفَى مَحَلاًّ أَثِيرا(7)
فِيكَ يَا قَبْرُ كُلُّ حِلْمٍ وَ عِلْمٍ *** وَ حَقِيقٌ بِأَنْ تَكُونَ فَخُورا
فِيكَ مَنْ هَد قَتْلُهُ عَمَدَ الدِّينُ *** وَ قَدْ كَانَ بِالهُدَى مَغْمُورا(8)
فِيكَ مَنْ كَانَ جِبْرَئِيلُ يُنَاغِيهِ *** وَ مِیکال بِالحَباءِ صَغِيرا(9)
فِيكَ مَنْ لاذَ فُطْرُسٌ فَتَرَقَّى *** بِجَنَاحَيْ رِضَى وَ كَانَ حَسِيرا
ص: 209
يَوْمَ سَارَتْ إِلَيْهِ جَيْشُ ابْنُ هِنْدٍ *** لِذُحُولٍ أَمْسَتْ تَحلُّ الصُّدُورا(1)
أو وَاحْسرَتِي لَهُ وَ هُوَ بِالسَّيْفِ *** نَحِيراً فَدَيْتُ ذَاكَ النَّحِيرا
آهِ إِذْ ظَلَّ طَرْفُهُ يَرْمُقُ الفُسْطَاطَ *** خَوْفاً عَلَى النِّسَاءِ غَيُورا(2)
آهِ إذ أَقْبَلَ الجَوَادُ عَلَى النِّسْوَانِ *** يَنْعَاهُ بِالصّهيلِ عَفِيرا(3)
فَتَبادَرْنَ بالعَوِيل هَتَكُنَ *** الأقْرَاطَ بارزاتِ الشُّعُورا
وَ تَبَادَرْنَ مُسْرِعَاتٍ مِنَ الخِدْرِ *** وَ مِنْ قَبْلُ مُسْبِلاَتِ السُّتُورَا(4)
وَ لَطمْنَ الخُدُودَ مِنْ أَلَمِ الثُّكْلِ *** وَ غَادَرْنَ بِالنِّيَاحِ الخُدُورا(5)
وَ بَدا صَوْتُهُنَّ بَيْنَ عِدَاهُنَّ *** وَ عِفْنَ الحِجَاب سفورا(6)
بَارِزَاتِ الوُجُوهِ مِنْ بَعْدِمَا غُودِرْنَ *** صُونَ الوُجُوهِ وَ التَّخْفِيرا(7)
ثُمَّ لَمّا رَأَيْنَ رَأسَ حُسَيْنِ *** فَوْقَ رُمْح حَكَى الهلال المُنيرا(8)
صِحْنَ بِالذُّلُّ أَيُّهَا النَّاسُ لِمَ نُسْبَى؟ *** وَ لَمْ نَأْتِ فِي الأَنَامِ نَكِيرا
مَا لَنَا لاَنَرَى لآلِ رَسُولِ اللَّهِ *** فِيكُمْ يَا هَؤُلاءِ نَصِيرا؟
فَعَلَى ظَالِمِيهِمْ سَخَطُ اللَّهِ *** وَ لَعْنٌ يَبْقَى وَبَفْنَى الدُّهُورا
قُلْ لِمَنْ لامَ فِي وِدَادِي بَنِي *** أَحْمَدٍ: لاَ زِلْتَ فِي لِظى مَدْحُورا(9)
أعلى حُبِّ مَعْشَرٍ أَنْتَ قَدْ كُنْتَ *** عَذُولاً وَ لاَ تَكُونُ عَذِيرا؟(10)
وَ أَبُوهُمُ أَقَامَهُ اللَّهُ فى (خُمِّ) *** إمَاماً وَ هَادِياً و أمِيرا
ص: 210
حِينَ قَدْ بَايَعُوهُ أَمْراً عَنِ *** اللَّهِ فَسَائِلٌ دَوْحَاتِهِ وَ الغَدِيرا(1)
وَ أَبُوهُمْ أَفْضَى النَّبِيُّ إِلَيْهِ *** عِلْمَ مَا كَانَ أَوْلاً وَ أَخِيرا(2)
وَ أَبُوهُمْ عَلاَ عَلَى العَرْشِ لَمَّا *** قَدْرَقَى كَاهِلَ النَّبِيِّ ظَهِيرا
وَ أَمَاطَ الأَصْنَامَ كُلا عَنِ الكَعْبَةِ *** لَمَّا هَوَى بِهَا تَكْسِيرا(3)
قَالَ: لَوْ شِئْتُ أَلْمِسُ النَّجْمَ بِالكَفِّ *** إِذَنْ كُنْتُ عِنْدَ ذَاكَ قَدِيرا
وَ أَبُوهُمْ رُدَّ [تِ لَهُ] الشَّمْسُ بَيْضَاءَ *** وَ هْيَ كَادَتْ لِوَقْتِهَا أَنْ تَغُورا(4)
وَ قَضَى فَرْضَهُ أَدَاءً وَ عَادَتْ *** لِغُرُوبِ وَ كُورَتْ تَكْوِيرا(5)
وَ أَبُوهُمُ يَرُوي عَلَى الحَوضِ من وا *** لاهُمُ وَ يَرُدُّ عَنْهُ الكُفُورا(6)
ص: 211
وَ أَبُوهُمْ يُقَاسِمُ النَّارَ وَ الجَنَّةَ *** فِي الحَشْرِ عَادِلاً لَنْ يَجُورا(1)
وَ رَوَى لِي عَبْدُ العَزِيزِ الجَلُودِي *** وَ لَقَدْ كَانَ صَادِقاً مَبْرُورا(2)
عَن ثِقَات الحَدِيثِ أَعْنِي العَلائِي *** هُوَ أَكْرِمْ بِذَا وَذَا مَذْكُورا
يَسْنَدُوهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسَ يَوْماً *** قَالَ: كُنّا عِنْدَ النَّبِيِّ حُضُورا
إذْ أَتَتْهُ البَتُولُ فَاطِمُ تَبْكِي *** وَ تَوَالَي شَهِيقها وَ الزَّفِيرا(3)
ص: 212
قَالَ: مَا لِي أَرَاكِ تَبْكِينَ يَا *** فَاطِمُ؟ قَالَتْ وَ أَخْفَتِ التَّعْبِيرا
اِجْتَمَعْنَ النِّسَاءُ نَحْوِي وَ أَقْبَلْنَ *** يَطُلْنَ التَّقْرِيعَ وَ التَّعْيِيرا(1)
قُلْنَ: إِنَّ النَّبِيَّ زَوَّجَكِ اليَوْمَ *** عَلِيًّا بَعْلاً عَدِيماً فَقِيرا
قَال: يَا فَاطِمُ اسْمَعِي وَاشْكُرِي اللَّهَ *** فَقَدْ نِلْتٍ مِنْهُ فَضْلاً كَبِيرا
لَمْ أُزَوِّجْكِ دُونَ إِذْنٍ مِنَ اللَّهِ *** وَ مَا زَالَ يُحْسِنُ التَّدْبِيرا(2)
أَمَرَ اللَّهُ جَبْرَئِيلَ فَنَادَى *** رَافِعاً فِي السَّمَاءِ صَوْتاً جَهِيرا(3)
وَ أَتَاهُ الأمْلاكَ حَتَّى إِذَا مَا *** وَرَدُوا بَيْتَ رَبِّنَا المَعْمُورا
قَامَ جِبْرِيلُ قَائِماً يُكْثِرُ التَّحْمِيدَ *** لِلَّهِ جَلَّ وَ التَّكْبِيرا
ثُمَّ نَادَى: زَوَّجْتُ فَاطِمَ يَا رَبِّ *** عَلِيَّ الطُّهْرَ الفَتَى المَذْكُورا
قَالَ رَبُّ العُلاَ: جَعَلْتُ لَهَا المَهْرَ *** لَهَا خَالِصاً يَفُوقُ المُهُورا(4)
خُمْسُ أَرْضِي لَهَا وَ نَهْرِي وَ أَوْ *** جَبْتُ عَلَى الخَلْقِ رُدَّهَا المَحْصُورا
ص: 213
فَأَنْتَرْتُ عِنْدَ ذلكَ طُوبَى *** عَلَى الحُورِ عَنْبَراً وَ عَبِيرا
وَ أَبُوهُمْ بَرَأَ الإلهُ لَهُ شِبْهاً *** لأَمْلاكِهِ سَمِيعاً بَصِيرا(1)(2)
فَإِذَا اشْتَاقَتِ المَلاكِ
وَ أَبُوهُمْ أَحْيَا لِمَيْت ب_
وَ أَبُوهُمْ قَالَ النَّ
أنْتَ خِدْنِي وَ صَاحِبِي
أَنْتَ مِنِّي كَمَثَلِ هَارُونَ هِ
وَ أَبُوهُمْ أَوْدَىٰ بِعَمْ_
وَ أَبُوهُمْ لِبَاب خَيْبَرَ
حَامِلُ الرَّايةِ الَّتِي رَدَّه_َ
خَصَّهُ ذُو العُلا بِفَاطِ
بِهِم تَابَ ذُو الجَلاَلِ
وَ بِهِمْ قَامَتِ السَّمَاءُ
و بِهِمْ بِأهْلِ النَّبِيِّ
فِيهِمُ أَنْزَلَ المُهَيْمِن قرأنأ *** عْظِيما و ذاك جما خَطیرا
فِي الطَّوَاسِينِ وَ الحَوَامِيمِ و *** الرَحْمنِ آياً مَا كَانَ فِي الذِّكْرِ زُوراً
وَ خَلَقْنَاهُ نُطْفَةً نَبْتَلِيهِ *** فَجَعَلْنَاهُ سَامِعاً وَ بَصِيرا
لبَيَانٌ إِذَا تَأَمَّلَهُ العَارِفُ *** يُبْدِي لَهُ المَقَامَ الكَبِيرا
ثُمَّ تَفْسِیرُ «هَلْ أَتَى» فِيهِ يَا صَاحِ *** قُلْ لَهُ إِنْ كُنْتَ تَفْهَمُ التّفْسِيرَا
إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ بِكَأْسٍ *** كَانَ عِنْدِي مِزَاجُهَا كَافُورا
ص: 214
فَلَهُمْ أَنْشَأ المُهَيْمِنُ عَيْناً *** فَجَّرُوها لَدَيْهِمُ تَفْجِيرا
وَ هَدَاهُمْ و قَالَ: «يُوفُونَ بِالنَّذْرِ» *** فَمَنْ مِثْلُهُمْ يُوفَّي النُّذُورا
وَ يَخَافُونَ بَعْدَ ذلِكَ يَوْماً *** شَرُّهُ كَانَ بِالوَرَى مُسْتَطِيرا
فَوَقَاهُمْ إِلهُهُمْ ذُلِكَ اليَوْمَ *** وَ يُلَقَّوْنَ نَضْرَةً وَ سُرُورا
وَ جَزَاهُمْ بِأَنَّهُمْ صَبَرُوا فِي السِّرِّ *** وَ الجَهْرِ جَنَّةً وَ حَرِيرا
فَاتَّكَوْا مِنْ عَلَى الْأَرَائِكِ *** لايُلْقَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَ لاَزَمْهَرِيرا(1)
وَ أَوَانٌ وَ قَدْ أُطِيفَتْ عَلَيْهِمُ *** سَلْسَبِيلٌ مُقَدَّرٌ تدبيرا(2)
وَ بِأَكْوَابٍ فِضَّةٍ وَ قَوَارِيرَ *** قَدَّرُوهَا عَلَيْهِمُ تَقْدِيرا
وَ بِكَأْسٍ قَدْ مَا زَجَتْ زَنْجَبِيلاً *** لَذَّةَ الشَّارِبِينَ تُشْفِي الصُّدُورا
وَإِذَا مَا رَأَيْتَ ثَمَّ نَعِيماً *** دَائِماً عِنْدَهُمْ وَ مُلْكاً كَبِيرا
وَ عَلَيْهِمْ فِيهَا ثِيابٌ مِنَ السُّنْدُسٍ *** خُضْرٌ فِي الحَشْرِ تَلْمَعُ نُورا
وَ يُحَلَّونَ بِالأَسَاوِرِ فِيهَا *** وَ سَقَاهُمْ رَبِّي شَرَاباً طَهُورا
وَ رَوْينَا عَنِ النَّبِيِّ حَدِيثاً *** فِي البَرَايَا مُصَصَّحاً مَأْثُورا
أَنَّهُ قَالَ: بَيْنَمَا النَّاسُ فِي الجَنَّةِ *** إِذْ عَايَنُوا ضِيَاءً وَ نُورا
كَادَ أَنْ يَخْطَفَ العُیُونَ فَنَادَوْا *** أَيَّ شَيْءٍ هَذَا وَ أَبْدَوْا نُكُورا
أَوَ لَيْسَ الإِلهُ قَال لَنا لاَ *** شَمْسَ فِيهَا تُرى وَ لاَزَمْهَرِيرا؟
وَإِذَا بِالنَّدَاءِ: يَا سَاكِنِي الجَنَّةَ *** مَهْلاً أَمِنْتُمُ التَّغْييرا
ذَا عَلِيُّ الوَليُّ قَدْ دَاعَبَ الزَّهُرَاءَ *** مَوْلاتَكُمْ فَأَبْدَتْ سُرُورا
فَبِذَا إِذْ تَبَسَّمَتْ ذَلِكَ النُّورَ *** فَزِيدَتْ كَرَامَةٌ وَ حُبُورا(3)
ص: 215
يَا بَنِي أَحْمَدٍ عَلَيْكُمْ عِمَادِي *** وَ اتَّكَالِي إِذَا أَرَدْتُ النُّشُورا
وَ بِكُمْ يَسْعَدُ المُوَالِي وَ يَشْقَى *** مَنْ يُعَادِيكُمُ وَ يَصْلَى سَعِيرا
أَنْتُمُ لِي غَداً وَ لِلشَّيعَةِ الأَبْرَارِ *** ذُخْرٌ أَكْرِمْ بِهِ مَذْخُورا
فَاسْتَمِعْهَا كَالدُّرِّ لَيْسَ تَرَى فِيهَا *** مَلاهِي كَلاَّ وَ لاتَغْييرا
صَاغَ أَبْيَانَهَا عَلِيُّ بْنُ حَمَّادٍ *** فَزَانَتْ وَ حُبِّرَتْ تَحْبِيرا(1)
ص: 216
(بحر الكامل)
السيد علي الترك(*)(1)
نَعْضاً فَقَدْ نَسِيَتْ لُؤَيُّ شِعَارَها *** فَأَزِلْ بِسَيْفِكَ عَنْ لُؤَيِّ عَارَها(2)
هَدِئَتْ على حَسَكِ الرُّوى مَوْتُورَةً *** فَانْهَضْ فَدَيْتُكَ طَالِباً أَوْتَارَها(3)
فَمَتى تَقَرُّ العَيْنَ طَلْعَتُكَ الَّتِي *** حَسَدَتْ مَصابِيحُ الدُّجى أَنْوَارَها
وَ مَتى تَشُنُّ عَلَى الأَعَادِي غَارَةً *** شَعْوَاءَ تَرْفَعُ لِلسَّمَاءِ غُبَارَها(4)
وَ مَتَى نَرَاكَ عَلَى الجَوَادِ مُشَمْراً *** تَحْتَ العَجَاجَةِ صَارِماً أَعْمَارَها(5)
ص: 217
وَ مَتَى تَصُولُ عَلَى الطَّغَاةِ مُطَهَّراً *** مِنْهَا البَسِيطَةُ مَاحِياً آثَارَها
تَفتَادُ مِنْ خَيْلِ السَّوَابِقِ ضُمَّراً *** وَ مِنَ الفَيَالِقِ قَائِداً جَرَّارَها(1)
بِمُسَرْبَلِينَ مِنَ الدُّرُوعِ سَوَابِغاً *** وَ مِنَ الصَّوَارِمِ وَ الرِّمَاحِ حِرَارَها(2)
وَ تُحِيلُ لَيْلَ النَّقْعِ بِالبِيض الظُّبَا *** صُبْحاً وَ لَيْلاً بِالقَتَامَ نَهَارَها(3)
وَ تُعِيدُ أَرْضَ الله قاعاً صَفْصَفاً *** حَتَّى تُطبِّقَ بالهُدَى أَقْطَارَها(4)
لاَصَبْرَ يَابْنَ العَسْكَرِي فَشِرْعَةُ *** الهَادِي النَّبِيِّ اسْتَنْصَرَتْ أَنْصَارَهَا
هُدِمَتْ قَوَاعِدُهَا وَ طَاحَ مَنَارُهَا *** فَأَقِمْ بِسَيْفِكَ ذِي الفِقَارِ مَنَارَها
حَتَّى مَ تَصْبِرُ وَ العَبيدُ طَغَتْ عَلَى *** السَّادَاتِ حَتَّى اسْتَعْبَدَتْ أَحْرَارَها ؟
وَ إِلَى مَ تُعْضِي وَالطَّغَاةُ تَحَكَّمَتْ *** فِي المُسْلِمِينَ فَحَكَمَتْ أَشْرَارَها؟(5)
وَ بَنَتْ عَلَى مَا أَسَّسَتْ آبَاؤُهَا *** مِنْ قَبْلُ حِينَ تَتَبَّعَتْ أَخْبَارَها
إِذْ قَدَّمَتْ رَأْسَ الفَسَادِ وَ أَخَرَتْ *** عَيْنَ السَّدَادِ وَ أَمَّرَتْ كُفَّارَها
رَأْسُ المَفَاسِدِ لَمْ يُهَيِّجُ فِتْنَةً *** إِلَّا وَ أَوْقَدَتِ السَّقِيفَةُ نَارَها
قَادَتْ عَلِيًّا بِالنَّجَادِ وَضَيَّعَتْ *** سُبُلَ الرَّشَادِ وَ خَالَفَتْ جَبَارَها(6)
جَارَتْ عَلَيْهِ بِبَغْيِهَا وَ لَطَالَمَا *** مِنْ جَوْرٍ جَائِرَةِ القَضَاءِ أَجَارَها
مَوْلاَيَ مَا سَنَّ الضَّلالَ سِوَى الأَلَى *** هَجَمُوا عَلَى القُهْرِ البَتُولَةِ دَارَهَا(7)
ص: 218
مَنَعُوا البَتُولَ عَنِ النّيَاحَةِ إِذْ غَدَتْ *** تَبْكِي أَبَاهَا لَيْلَهَا وَ نَهَارَها(1)
ص: 219
قَالُوا لَهَا قَرِّي فَقَدْ آذَيْتِنَا *** أَنَّى وَ قَدْ سَلَبَ المُصَابُ قَرَارَها
قَطَعُوا أَرَاكَتَهَا وَ مِنْ أَبْنَائِهَا *** فَطَعَتْ أُمَيٍّ يُمِينَهَا وَ يَسَارَهَا
جَمَعُوا عَلَى بَيْتِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** حَطَباً وَ أَوْقَدَتِ الصَّغَائِنُ نَارَهَا(1)
رَضُوا سَلِيلَةَ أَحْمَدٍ بِالبَابِ حَتَّى *** أَنْبَتُوا فِي صَدْرِهَا مِسْمَارَها
عَصَرُوا ابْنَةَ الهَادِي الأمينِ وَ أَسْقَطُوا *** مِنْهَا الجَنِينَ وَ أَخْرَجُوا كَرّارَها
قَادُوهُ وَ الزَّهْرَاهُ تَعْدُو خَلْفَهُمْ *** عَبْرَى فَلَيْنَكَ تَنْظُرُ اسْتِعْبَارَهَا
وَ العَبْدُ سَوَّدَ مَتْنَهَا فَاسْتَنْصَرَتْ *** أَسَفاً فَلَيْتَكَ تَسْمَعُ اسْتِنْصَارَهَا
عَاشَتْ سَلِيلَةُ أَحْمَدٍ مِنْ بَعْدِهِ *** عَبْرَىٰ تُكَابِدُ ذُلَّهَا وَ صِغَارَها(2)
وَقَضَتْ وَآثَارُ السَّيَاطِ بِجَنْبِها *** يَالَيْتَ عَيْنَكَ عَايَنَتْ آثَارَها
واهاً لِبنْتِ المُصْطَفَى لِمْ جُهْزَتْ *** لَيْلاً وَ لِمَ عَفَّ الوَصِيُّ مَزَارَها؟(3)
مَا شَيَّعُوا بِنْتَ الرَّسُولِ وَ أَسَّسُوا *** ظُلْمَ البَتُولِ وَ هَتَكُوا أَسْتَارَها(4)
ص: 220
(بحر الكامل)
السيد علي السيد راضي الحكيم
قُلِعَت أراكَةُ مَجدِكُم و ثمارُهُ *** غُر الملائِكِ في السما عُمّارُها
أنِّى وَ قد أرسى الإله أصولَها *** فَتَشَيَّدَت تَسْمُو وَ دامَ قَرارُها
بَيتُ النُّبوَةِ أصلُها وَ فُروعُها *** و الكونُ طراً و السَّما أقطارُها
حَلَبت رِضابَ المُزنِ حتّى أينَعَت *** مِنها القُطوفُ و ضُوعَت أزهارُها
زادَت بهاءَ الكَونِ منها بَهجَةً *** زانَت كواكِبَ كونِها أنوارُها
ما خَطبُ تلك اليانِعات تَبدَّدت *** وَ يَدُ النّوائِبِ جُرِّدَت أظفارُها
نَشَبَت بدانِيةِ القطوفِ و حولَها *** حُمُر العيونِ تَفَجَّرت أنهارُها
وَ رَمَت ليالي الغَدرِ سادلَ سترِها *** فَتَضَمَّخَت بِدَمِ الهُدى أستارُها
عَجَّت بآفاقِ الوُجودِ مَلائِك *** لِرَزْيَةٍ ركبُ الوُجودِ مَدارُها
فَكَأَنَّما رَحلُ الزَّمانِ مسافِرٌ *** عُقِدَت عَلى أكتافِه أخبارُها
فَسلِ الذي صَحِبَ الزَّمانُ بمقلةٍ ** عَبْرى وَ قَلبٍ غَالهُ استِعبارُها
ما خَطبُ فاطِمَ ما حديثَ شُجونِها؟ *** ما صدرُها ما البابُ ما مِسمارها؟
مَولاي ما حالُ الجَنينِ مُخَضَّبٌ *** ما النارُ ما الجدرانُ ما استيضارُها؟
ما خَطبُ حَيدر و الحبالُ تقودُه *** أفعاقِر الأحزابِ ذا كرّارُها؟
ما حالُ زَينَبَ و الحُسَينِ و صنوهِ *** ما حمر عينك سَيدي و نثارُها؟
أتضام زَجراً بِنتُ أحمَدَ وَ الّتي *** خَلَقَ الجِنانَ بنورِها جَبَّارُها؟
ص: 221
فانهضُ بفتية شيمةٍ ما أُعمِدَتُ *** إلا لصبرِكَ سيّدي أوتارُها
و اجعلْ بهيجاءِ الوغى بين الخنَا *** بيضاً تَرنُّ إذا سطى بتارُها
يا حامي القرآنِ واشفِ بصرخة *** علياء أفئدةَ توهَّج نارُها
واحمِ الذمار فَدتَكْ نفسِي يابن من *** من أجلِهِ الأفلاكُ شيِّد دارُها
ص: 222
(بحر الطويل)
الشيخ علي الشيخ منصور المرهون
(خَلِيْلِي مَا لِي وَ الزَّمَانَ كَأَنَّهُ *** يُطَالِبُنِي فِي كُلِّ آنٍ بِأَوْتَارِ)(1)
وَ لَيْسَ لَهُ عِنْدِي تُرَاثٌ يَرُومُهُ *** فَيَعْكِسُ أَمَالِي بِمَا فِيهِ إِخْطَارِي
رَجَوْتُ صَفَاءً مِنْ زَمَانِي سَاعَةً *** فَمَا رُمْتُهَا إِلا بِمَا فِيهِ أَكْدَارِي
فَقَالَ خَلِيلِي وَ الدُّمُوعُ غَزِيرَةٌ *** لَقَدْ قُلْتَ حَقاً كُلُّ هَذَا بِهِ جَارِي
تَأسُ بِخَيْرِ المُرْسَلِينَ مُحَمَّدٍ *** لَقَدْ كَانَ فِيهِ أَسْوَةٌ قَوْلُ جَبَّارِ
سَقَتْهُ العِدَى مُرَّ المُصَابِ وَ مَا اكْتَفَتْ *** إِلَى أَنْ سَقَتْهُ الحَتْفَ مِنْ سُمِّ أَشْرَارِ(2)
وَ رَاحَ ضَجِيعَ الفَرْشِ يَشْكُو أَوَامَهُ *** وَ يَنْظُرُ أَهْلِيهِ وَ مَدْمَعُهُ جَارِي(3)
وَ يَذْكُرُ مَا قَدْ كَانَ يَجْرِي عَلَيْهِمُ *** فَيُوصِي بِهِمْ خَيْراً فَكُلِّ بِهِمْ دَارِي
إِلَى أَنْ قَضَى رُوحُ الوُجُودِ فَأَعْوَلَتْ *** عَلَيْهِ المَلاً وَ الطَّيْرَ مِنْ فَوْقِ أَشْجَارِ
***
فَلَهْفِي لِبنْتِ المُصْطَفَى قَدْ أَصَابَهَا *** مِنَ القَوْم هَضْمٌ سَارَ كَالمَثَلِ السّارِي
غَدَتْ بَعْدَ فَقَدِ المُصْطَفَى فِي كَآبَةٍ *** تَنُوحُ عَلَيْهِ لاَ تَزَالُ بِمِدْرَارِ
تَنُوحُ عَلَيْهِ لاتَزَالُ بِرَنَّةٍ *** وَ قَدْ أَشْبَهَتْ فِي دَمْعِهَا غَيْثَهَا الجَارِي
ص: 223
فَقَالَ لَهَا الأَقْوَامُ كُلِّي عَنِ البُكَاءِ *** وَ عِنْدَ عَلِيٌّ قَدْ شَكَوْهَا بِإِنْكَارِ(1)
لَقَدْ ظَلَمُوا بِنْتَ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** بِمَا قَدْ أَتَوْهُ مِنْ عَظِيمٍ إِلَى الدَّارِ
فَأَوْجَرَهَا نَاراً وَ أَسْقَط مُحْسِناً *** وَ رَضٌ لَهَا ضِلْعاً وَ أدْمَى بِمِسْمَارِ(2)
"فَأَضْحَتْ تُعَانِي مِحْنَةً وَ أَذِيَّةً *** تَئْنُّ أَنِينَاً وَ الدُّمُوعُ كَأَنْهَارِ
إِلَى أَنْ قَضَتْ رُوحِي فِدَاهَا بِحَسْرَةٍ *** فَجَهَّزَهَا لَيْلاً عَلِيٌّ بِأَسْتَارِ(3)
***
وَ لَمْ أَنْسَ خَيْرَ الكُلِّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ *** عَلِيًّا أَبَا السِّبْطَيْنِ حَامَ إِلَى الجَارِ
بِهِ قَامَ دِينُ المُصْطَفَى وَ بِسَيْفِهِ *** وَ قَدْ كَانَ فِي أَفْعَالِهِ مَثَلاً سَارِي
فَحَقُّ عَلَيَّ وَاجِبٌ وَوَلاؤُهُ *** مِنَ اللَّهِ فَرْضٌ لازِمٌ كُنْ بِهِ دَارِي
فَلَمْ يَكُ أَهْلاً لِلْخِلافَةِ عِنْدَهُمْ *** وَ لَمْ يَكْفِهِمْ حَتَّى أَتَوْهُ إِلَى الدَّارِ
وَ قَادُوهُ جَهْراً فِي حَمَائِلِ سَيْفِهِ *** لِبَيْعَةِ ضِلِّيلِ يَعزُّ بِأَشْرَارِ
وَ لَمَّا اسْتَتَبَّ الأَمْرُ قَامَتْ بِوَجْهِهِ *** وَقَائِعُ يَعْلُو وَصْفُهَا كُلَّ مِقْدَارِ
فَفِي البَصْرَةِ الفَيْحَا وَ صِفِّينَ بَعْدَهَا *** خَوَارِجُ يَوْمَ النَّهْرَوَانِ بِذِي قَارِ
ص: 224
وَ مَا هَدَأَتْ حَتَّى أَتَاهُ ابنُ مُلْجَمٍ *** بِسَيْفَ شَحِيذِ الحَدِّ أَبْيَضَ بَتّارِ(1)
فَأَمْهَلَهُ حَتَّى هَوَى لِسُجُودِهِ *** فَعَمَّمَ رَأْسَ المُرْتَضَى خِيرَةِ البَارِي
فَأُظْلِمَتِ الأَكْوَانُ حُزْنَا لِفَقْدِهِ *** وَ نَاحَ لَهُ الدِّينُ الحَنيفُ بِأَكْدَارِ
***
فَوَاحَزَنَى لابْنِ النَّبِيِّ تَنُوبُهُ *** نَوَائِبُ أَرْجَاسِ عِدَاةٍ وَ فُجَّارِ
تَنَازَلَ حَقْناً لِلدِّمَاءِ فَلَمْ يَزَلْ *** يُقَاسِي أَذَاهُمْ فِي عِشَاء وَ إِبْكَارِ
إِلَى أَنْ سَقَوْهُ السُّمَّ مِنْ كَفْ جَعْدَةٍ *** فَقَطَّعَ أَحْشَاء لِخِيرَةِ أَخْيَارِ
فَلَهْفِي لَهُ أَضْحَى يَجُودُ بِنَفْسِهِ *** فَيَا لَكَ خَطْبٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ جَارِي(2)
فَمَاتَ شَهيداً بالسُّمُوم فَأَعْوَلَتْ *** عَلَيْهِ المَلَا حُزْناً وَ مَدْمَعُهَا جَارِي
يَمُوتُ إمَامُ الحَقِّ هَضْماً و آخراً *** يكُونُ مُعَفّى القَبْرِ مِنْ بَعْدِ آثَارِ
***
وَ لَمْ أَنْسٌ عُنْوَانَ الفَضِيلَةِ إِذْ أَتَى *** إِلَى كَرْبَلاً يَحْمِي حِمَى الدِّينِ وَ الجَارِ
أحَاطَتْ بِهِ أَبْنَاءُ حَرْبٍ عَدَاوَةٌ *** فَنَادَاهُمُ هَلْ مِنْكُمُ اليَوْمَ أَنْصَارِي؟
أَجَابُوهُ لَكِنْ بِالسُّيُوفِ وَ بِالقَنَا *** وَ رُمْحٌ أَصَابَتْ قَلْبَهُ وَ بِأَحْجَارِ
فَرَاحَ صَرِيعاً فِي الصَّعِيدِ مُجَدَّلاً *** تَدُوسُ عَلَيْهِ الخَيْلُ وَ الكَفَنُ الذَّارِي
وَ شِيلَ عَلَى رَأْسِ السِّنَانِ كَرِيمُهُ *** وَ ظَافُوا بِهِ فِي كُلِّ قُطْرٍ وَ أَمْصَارِ
وَ رَاحَتْ عَلَى النّيبِ الهِزَالِ نِسَاؤُهُ *** سَبَايَا إِلَى الشَّامَاتِ مَا بَيْنَ فُجَّارِ(3)
ص: 225
(بحر البسيط)
الأستاذ علي نوح المهنا (*)(1)
أَلشَّمْسُ وَ الكَوْكَبُ الوَضَّاحُ وَ القَمَرُ *** وَ الصُّبْحُ وَ الطَّلْعَةُ الغَرَّاءُ تَزْدَهِرُ
لأحَتْ وَ مِنْ أُفُقِ الأَنْوَارِ مَشْرِقُهَا *** نَحْوَ الطَّوَالِع لايَرْقَى لَهَا البَصَرُ
تَرْنُو إِلَى أَنْجُم الأَظهَارِ تَرْمُقُهَا *** حَجْلَى وَ مِنْ نُورِهَا الأفلاكُ تَنْبَهِر(2)
هَلْ فِي ذُرَى غُرَّةِ العَلْيَاءِ مِنْ شَرَفٍ *** إِلا وَأَضْحَى مِنَ الزَّهْرَاءِ يَنْحَدِرُ(3)(4)
***
ص: 226
قُدْسِيَّةٌ مِنْ جَلاَلِ المُلْكِ قَدْ بُرئَتْ *** وَاللَّهُ طَهَّرَهَا إِذْ أَنَّهَا الطُّهرُ(1)
حُورِيَّةٌ مِنْ جِنَانِ الخُلْدِ نَفْحَتُهَا *** وَرُدُ الرِّيَاضِ هِيَ الأَطْيَابُ وَ الزَّهْرُ
أُمُّ الهُدَى بَلْ وَ أُمُّ الفَضْلِ قَاطِبَةً *** تَسْمُو مَنَاقِبُهَا بِالرَّوْعِ تَنْتَشِرُ
نَسْلُ النُّبُوَّةِ يَحْلُو مِنْ مَنَابِعِهَا *** سَيْلُ الشَّرِيعَةِ وَ الأَحْكَامِ يَنْهَمِرُ(2)
نَهْرُ الوِلايَةِ قَدْ أَضْحَى لِغَارِفِهِ *** وِرْدُ الشَّفَاعَةِ لاَ يَنْتَابُهُ الكَدَرُ(3)
قُطْبُ الوُجُودِ وَإِنْ تَبْدُو لِنَاظِرِهَا *** سِرُّ بِمَا عَجَزَ الإِمْكَانَ يَسْتَتِرُ
المُصْطَفَى فَخْرُهَا وَ المُرْتَضَى بَعْلُهَا *** وَ الفَرْقَدَانِ بَنُوهَا بِالعُلاَ دُرَرُ(4)
***
مَنْ ذَا عَسَاهُ يَنَالُ الفَخْرَ فِي رُتَبٍ *** غَيْرُ البَتُولَةِ بالأَمْجَادِ تَفْتَخِرُ
مَا طَاوَلَتْهَا سُفُوحُ المَجْدِ فِي أُفُقٍ *** كَلاً وَ لاَ قَرُبَتْ مِنْ ظِلْهَا الغُرَرُ
مَا أَنْتِ إِلاَّ نَهَارُ الدِّينِ إِنْ غَرَبَتْ *** شَمْسُ الهِدَايَةِ أَوْ هَبَّتْ بِهِ الغِيرُ
يَا غَايَةٌ بَلَغَتْ أَسْمَى مَرَاتِبِهَا *** عِنْدَ الجَلِيلِ فَأَيْنَ الشَّمْسُ وَ القَمَرُ؟
أَنْتِ المَكَارِمُ إِنْ لاَحَتْ مَشَارِقُهَا *** أَنْتِ الهِدَايَةُ وَ الإِيمَانُ وَ السُّورُ
أَنْتِ السّتُورُ فَلاَ ظِلُّ يُجَاوِرُهَا *** قَدْ حُجَبَتْ بِجَلالِ اللَّهِ تَسْتَتِرُ
ص: 227
أَنْتِ السَّبِيلُ إِلَى مَرْضَاةِ خَالِقِنَا *** يَا بَضْعَةٌ فِي رِضَاهَا الحَقُّ يَبْتَدِرُ(1)
حِجْرُ الإِمَامَةِ قَدْ أَضْحَى بِهَا كَنَفَاً *** لِلْعِتْرَةِ الغُرِّ حِجْرٌ فِيهِ قَدْ طُهِرُوا
قَدْ أَذْهَبَ اللهُ عَنْهَا كُلَّ ذِي دَرَنٍ *** صَلَّتْ عَلَى نُورِهَا الأَمْلاكُ وَ البَشَرُ(2)
***
جَرَّدْتُ قَلْبِي مِنَ الْأَهْوَاءِ لَوْ جَنَحَتْ *** مِنْ جَانِبِ فِي عُبَابِ الغَيِّ يَنْغَمِرُ
وَ ارْتَدَّ طَرْفِي إِلَى العَلْيَاءِ يَبْلُغُهَا *** غَيْرُ النَّجَانِبِ وَ الأَطْيَابِ لايَذَرُ
رَوّيْتُ رُوحِي بِفَيْض مِنْ فَضَائِلِهَا *** وُدّاً وَ حُبّاً و إخلاَصاً لَهَا فُطِرُوا
وَ شَمَمْتُ هَدْيَكِ وَ الأَشْوَاقُ تَلْثِمُهُ *** طِيبُ الجَنَانِ شَذَاهُ العَابِقُ العَطِرُ (3)
غَيْثُ البَرَايَا مَلاَةُ الخَلْقِ إِنْ لَجَأُّوا *** مِنْكِ النَّجَاةُ وَ فِيكِ الذَّنْبُ يُغْتَفَرُ
بُعْداً لِغَيْرِ بَنِي الزَّهْرَاءِ يَنْفَعُنِي *** فِي مَحْشَرٍ زَاغَ مِنْ أَهْوَالِهِ البَصَرُ(4)
زَاغَتْ بِهِ أَعْيُناً لَيْسَتْ لِشِيعَتِهَا *** بَلْ لِلَّذِينَ لَآلِ اللَّهِ قَدْ نَكَرُوا
فَالْحَشْرُ يَوْمَئِذٍ يَزْهُو بِطَلْعَتِهَا *** نُوراً عَلَى ضِفَّةِ الفِرْدَوْسِ يَنْتَشِرُ
ص: 228
سَقْياً بِكَوْثَرِهَا يَوْمَ الحِسَابِ غَداً *** مَاءٌ زُلالاً عَلَى الظُّمْآنِ يَنْهَمرُ
مِسْكُ الخِتَامِ صَلَاةٌ فِي تَرَنُّمِهَا *** ذِكرُ النَّبِيِّ وَإنّي مِنْهُ أَعْتَذِرُ(1)
ص: 229
(بحر البسيط)
الشيخ فرج العمران القطيفي(*)(1)
مِنْ مَهْبَطِ الوَحْيِ أَوْ مِنْ مَطْلَعِ النُّورِ *** نُورٌ أَضَاءَ كَمِثْلِ النُّورِ فِي الطُّورِ
أضَاءَ مِنْ مَكَّةٍ ثُمَّ اسْتَطَارَ إِلَى *** الآفَاقِ فِي كُلِّ مَعْمُورٍ وَ مَغْمُورِ
نُورُ البَتُولُ ابْنَةِ المُخْتَارِ بُورِكَ مِنْ *** نُورٍ مُنِيرٍ بِسَاقِ العَرْشِ مَسْطُورِ(2)
مُكَوَّنٌ نُورُهَا مِنْ نُورِ وَالِدِهَا *** وَ لَيْسَ يُنْكَرُ كَوْنُ النُّورِ مِنْ نُورِ
وَ نُورُطة هُوَ النُّورُ الأَتمَّ فَمَا *** الأنْوَارُ فِي نُورِه إِلا كَدَيْجُورِ(3)
بَرَاهُ مَوْلاهُ بُرْهَاناً لِقُدْرَتِهِ *** وَ مَصْدَرُ الفَيْضِ فِي خَلْقٍ وَ تَقْدِيرِ
مِنْ فَيْضِ جَدْوَاهُ خَلْقُ الْكَائِنَاتِ كَمَا *** جَرَتْ بِيُمْنَاهُ أَقْلَامُ المَقَادِيرِ
تِلْكَ الْمُطَهَّرَةُ الصِّدِّيقَةُ ابْنَتُهُ *** النَّوْرَاءُ مَنْ خُلِقَتْ مِنْ سِنْخِهِ النُّورِي(4)
قَدْ صَاغَهَا مُبْدِعُ الأَشْيَاءِ جَوْهَرَةً *** قُدْسِيَّةً وَ كَسَاهَا حُلَّةَ النُّورِ
تقاحَةٌ مِنْ جِنانِ الخُلْدِ صَوَّرَهَا *** البَارِي كَمَا شَاءَ شَخصاً أَي تَصْوِيرِ
ص: 230
حَوْرَاءُ إِنْسِيَّةٌ سُبْحَانَ خَالِقِهَا *** سُبْحَانَ جَامِعِ نَوْعِ الإِنْسِ وَ الحُورِ(1)
زَهْرَاءُ شَعْشَعَتِ الأَكْوَانَ زَهْرَتُهَا *** وَ قَشَعَتْ مُكْفَهِرَّاتِ الدَّيَاجِيرِ(2)
قَدْ صُفْيَتْ كَأَبِيهَا أَيَّ تَصْفِيَةٍ *** وَ طُهَّرَتْ كَأَبِيهَا أَيَّ تَطْهِيرِ
بِفَضْلِهَا وَ مَعَالِيهَا وَ مَحْتِدِهَا *** نَاجَى المُهَيْمِنَ مُوسَى جَانِبَ الطُّورِ(3)
فِي يَوْم مَوْلِدِهَا الْمَيْمُونِ فِي البَلَدِ *** الأمين فِي دَارِ طة أفْضَلِ الدُّورِ
أَقَامَتِ الحُورُ حَفْلاً فِي مَقَاصِرِهَا *** مَا أَحْسَنَ الحَفْلَ فِي تِلْكَ المَقَاصِيرِ
وَ مُذْ أَتَى المَلأُ الأَعْلَى لِحَفْلِهِمُ *** تِلْكَ الْمَقَاصِبرَ غَصَّتْ بِالْجَمَاهِيرِ
كُلِّ يُقَدِّمُ مَا جَادَتْ فَرِيحَتُهُ *** مِنَ الثَّنَا بَيْنَ مَنْظُومٍ وَ مَنْثُورِ
يُثْنِي عَلَى البَضْعَةِ الزَّهْرَا يُمَجِّدُهَا *** يُهْدِي إِلَى الْمُصْطَفَى أَسْنَى التَّبَاشِيرِ(4)
وَ حِينَمَا أَكْمَلَ المُلْقُونَ مَدْحَهُمُ *** دَوَّى الهُتَافُ بِتَهْلِيلٍ وَ تَكْبِيرِ(5)
ص: 231
(بحر الطويل)
الشيخ كاظم بن المطر الأحسائي(*)(1)
عَذَلتَ وَ لَوْ أَنْصَفْتَ أَوْسَعْتَنِي عُذْرا *** وَ ذُو الوَجْدِ بِالآلام مِنْ غَيْرِهِ أَدْرَى(2)
أَحِبَّتُهُ عَنْهُ نَأَوْا بِبِعَادِهِمْ *** وَ كَيْفَ وَ فِي أَحْشَاهُ أَذْكَى الهَوَى جَمْرا؟(3)
فَهَا هُوَ مُضْنَى الجِسْمِ ذَاوٍ كَأَنَّهُ *** الخِلالُ فَمَا مِنْهُ سِوَى الْأَعْيُنِ الْعَبْرَىٰ
يَرَى الطَّلَلَ البَالِي فَيَحْسَبُ قَفْرَهُ *** رِياضاً وَ مَأْهُولَ المَنَازِلِ كَالقَفْرَا(4)
وَ يَسْتَنْشِقُ الأَرْوَاحَ بَعْدَ هُبُوبِهَا *** عَسَاهَا عَنِ الأَحْبَابِ قَدْ نَقَلَتْ خَبرَا
وَ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ اللَّقَا وَ هُوَ عَالِمٌ *** بِذَا لَكِنِ الآمَالُ تَسْتَغْرِقُ الفِكْرَا
وَ مِثْلُ نَوَاهُمْ كَانَ للصَّبْ مُقْنِطاً *** فَأَحْرَى لَهُ السُّلْوَانُ لَوْ مَيَّزَ الأَحْرَى(5)
نَعَمْ لااصْطِبَارَ لِلْفَتَى عِنْدَ فَقْدِهِ *** أَحِبَّتَهُ إِنَّ النَّوى يُعْدِمُ الصَّبْرَا
وَلكِنَّهُ يَسْتَصْغِرُ الوَجْدَ وَ الأَسَى *** إِذَا ذُكِرَتْ أَشْجَانُ فَاطِمَةَ الزَّهْرا
فَتِلْكَ الَّتِي كَأسَ الهَوَانِ تَجَرَّعَتْ *** وَ مَا انْفَكَ ذَاكَ الكَأْسُ حَتَّى قَضَتْ مُرَّا
ص: 232
وَ جَلَّلَهَا أَعْدَاؤُها حُلَلَ الأَذَى *** حَوَالِكَ ظُلم عِنْدَمَا فَقَدُوا البَدْرا(1)
وَ مَا تَرَكُوا إِذْ يَمْنَعُوهَا عَنِ البُكَا *** عَلَى مَيْتها عُذْراً وَ مَنْ يَقْبَلُ العُذْرَا(2)
وَ قَدْ قَطَعُوا تِلْكَ الأَرَاكَةَ إِذْ بَغَوْا *** عَلَيْهَا فَمَا أَعْدَى اللِّئَامَ وَ مَا أَجْرَى
وَ غَصْبُهُمُ المِيراثَ أَكْبَرُ شَاهِدٍ *** عَلَى كُفْرِ مَنْ قَدْ أَبْطَنُوا الشِّرْكَ وَ الكُفْرَا؟(3)
وَ عَنْ قَتْلِهِمْ بِالدِّينِ يَوْمَ هُجُومِهِمْ *** عَلَى دَارِهَا فَاسْأَلْ بِهَا النَّارَ مَنْ أَوْرَى(4)
بَلَى قَدْ بَغَى بِالقَوْم بَغْياً عَدِيُّهَا *** عَلَيْهَا وَ قَادُوا بَعْلَهَا حَيْدَراً قَسْرَا
وَ بِالبَابِ رَضُوا ضِلْعَهَا حِينَ أُسْقِطَ *** الجَنِينُ وَ بِالمِسْمَارِ قَدْ خَرَقُوا الصَّدْرَا(5)
وَ كَرُّوا عَلَيْهَا بِالسَّيَاطِ وَ أدلم *** بِلَطْمَتِهِ أَفْدِي الَّتِي لُطِمَتْ جَهْرا(6)
فَعَجَّتْ كَمَا عَجَّ الفَصِيلُ لِرَبِّهِ *** بِوَالِدِهَا وَ هُوَ المُحِيطُ بِهِمْ خُبْرا(7)
ألاَ يَا رَسُول اللَّهِ بِنْتُكَ أَصْبَحَتْ *** مِنَ الذُّل بَعْدَ العِزَّ فِي المِحْنَةِ الكُبْرَى
أبِي إِنَّ مَنْ فِي الدِّينِ قدماً وَ تَرْتَهُمْ *** بِبَضْعَتِكَ الزَّهْرَاءِ قَدْ أَدْرَكُوا الوِتْرَا
ص: 233
أَبِي إِنَّ مَتْنِي اسْوَدَّ مِنْ سَوْطِ عَبْدِهِمْ *** وَ هَذَا حِجَابِي مِنْهُ قَدْ هَتَكُوا السِّتْرَا(1)
بِنَفْسِي وَ أَهْلِي أَفْتَدِي مَنْ بِحُزْنِهَا *** قَضَتْ عُمْرَهَا وَ هْيَ الَّتِي لَمْ تُطِلْ عُمْرَا
إلَى أَنْ قَضَتْ مَكْسُورَةَ الضّلْع نَحْبَهَا *** وَ مَاتَتْ وَ إِنَّ العَيْنَ مِنْ لَطْمِهِمْ حَمْرا(2)
فَقَامَ عَلِيٌّ بِالظَّلام مُجهزاً *** لَهَا وَ عَلَيْهَا دَمْعُهُ مَازَجَ السِّدْرَا
وَ فِي اللَّيْلِ وَاراها وَ عَفَّى ضَرِيحَهَا *** كَمَا هِيَ أَوْصَتْهُ وَ هَاجَتْ بِهِ الذِّكْرَى(3)
ص: 234
(بحر البسيط)
السيد ماجد الجد حفصي البحراني
بَكَى وَ لَيْسَ عَلَى صَبْرِ بِمَعْذُورِ *** مَنْ قَدْ أَظلَّ عَلَيْهِ شَهْرُ عَاشُورِ
وَ إِنَّ يَوْماً رَسُولُ اللَّهِ سَاءَ بِهِ *** فَأَبْعَدَ اللَّهُ عَنْهُ قَلْبَ مَسْرُورِ
آلِيَّةٌ بِالهِجَانِ القَوْدِ حَامِلَةً *** نَعْشاً تَهَادَى عَلَى الأَقْتَابِ وَ الكُورِ(1)
إلى أن قال فيها:
بِنْتُ النَّبِيِّ أَلا قُومِي الغَدَاةَ إِلَى *** بَازِ تَنَشَب فِي مِخْلاَب عُصْفُورِ(2)
قُومِي إِلى الصَّقْرِ لَمْ يَظْفَرُ بِسَرْبٍ قَطَا *** بَلْ عُدْنَ مِنْ دَمِهِ حُمْرَ المَنَاقِيرِ
قُومِي إِلَى مَيِّتٍ مَا لُفَّ فِي كَفَنٍ *** يَوْماً وَ لاَنَالَ مِنْ سِدْرٍ وَ كَافُورِ
وَ جَثَّةٍ أَبْلَتِ الأَيَّامُ جِدِّتَهَا *** وَ غَيَّرَتْهَا اللَّيَالِي أَيَّ تَغْيِيرِ
تِلْكَ الدِّمَاءُ الزَّوَاكِي السَّائِلاتُ عَلَى *** السُّمْرِ اليَعَاسِيبِ وَ البيض المَبَاتِيرِ(3)
مَا عَسْعَسَ اللَّيْلُ حَتَّى بَاتَ سَائِلُهَا *** رَدْعاً يُضَمِّخُ جَيْبَ الحُرَّدِ الحُورِ(4)
ص: 235
إلى أن يقول:
يَا فَجْعَةً أَوْ سَعْتَ فِي قَلْبِ فَاطِمَةَ *** الزَّهَرَاءِ جُرْحَ مُصَابٍ غَيْرَ مَصْبُورِ(1)
وَ هَلْ دَرَتْ أَنَّ فَحْلاً مِنْ سُلالَتِهَا *** وَ هُوَ المُؤَمَرُ مُنْقَادٌ لِمَأْمُورِ؟
وَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَنَلْهُ السَّبْي تَأْسِرُهُ *** يَدَا طَلِيقٍ بِيَوْمِ الفَتح مَأْسُورِ
وَ أَنَّ ذَاتَ خِمَارٍ مِنْ عَقَائِلِهَا *** تُهْدَى إِلَى مُسْتَفَزِّ العَقْلِ مَخْمُورِ
وَ أَنَّ رَأْساً ثَوَى فِي حِجْرِهَا زَمَناً *** تَشْدُو القِيَانُ عَلَيْهِ فِي المَقَاصِيرِ(2)
يُؤْتَى بِهِ سَاطِعَاً فِي طَشْت مِنْ ذَهَبٍ *** وَ يُسْفَكُ الرَّاحُ بشراً فِي القَوَارِيرِ(3)
ص: 236
(بحر الطويل)
الأستاذ ماجد الصيمري
تناثرَ صمتُ الكون منبعثاً عِطراً *** عشيةَ بالزهرا امتلا قلبُه بُشرى
ورفَّ رفيفُ الورد عكٍّر صفوَهُ *** نسيمٌ رأى حُسناً فلمّا يُطِقْ صبرا
فلا هو عندَ اللّيلِ أرخى جفونَهُ *** و لا هو أرخاها و قد عانَقَ الفجرا(1)
و ليس عجيباً ما عرَاهُ و قد درى *** بأنَّ التي في المهدِ صدّيقةٌ كبرى
***
إلى مَن بحالي من جميع الورى أدرى *** و مَنْ لستُ أرجو غيرَهُ أحداً ذُخرا
ابثُّ شُجُوني و الشجونُ كوامنُ *** تَفَجَّرُ من حزنٍ و منْ فَرحٍ طَوْرا
و عذراً إذا ما خالَطَ الحزنُ فرحةً *** فقد ترقُصُ الأغصانُ من غيمةٍ عبرى
و عذراً كتمتُ الواضحاتِ فلم أبحْ *** بما قد تسالَمْنا على قولهِ جَهْرا
بأنَّ جنانَ الخُلدتُؤوي مُحبَّها *** و شانِئها لا شكَّ في سقرٍ قَرّا
نقيضانِ أعيانقضَهُم كل مبرمٍ *** على أنَّ للزهراء في أمرِهم سرَا
هي الخلدُ إلا أنّها بعضُ أهلهِ *** عجبتُ لجزءٍ قد شأى كُلَّه فخرا(2)
***
عليكِ سلامُ الله ما حطَّ راحلٌ *** ركائِبَهُ مستنزلاً بكُمُ القَطرا
ص: 237
سلامُ شجٍ أدمى جَنَاحَيْهِ دهرُهُ *** رهينُ أسي هدَّ الجوانِحَ و الصدرا
إذا ما غفا عنهُ الزمانُ هنيهةً *** تيقَّظ مذعوراً و أوسَعَهُ زَجْرا
و إن مدَّتِ الأيامُ كفّاً رحيمةً *** له أعقبَتْها بالمُدى تطعنُ الأُخرى
إلى أين نمضِي خبّري يَتُها الزهرا *** و مَن لضعون فارقتْ حيَّها قَسْرا؟
وعاثَ بها الدهرُ الخَؤونُ فلم تجدْ *** لعيشٍ كريمٍ غيرَ عزّتِها مَهْرا
و كم شاطىءٍ حلوِ الطُيوفِ تركته *** إلى شاطىءِ قد فارَقَ العُشب و الزّهرا
فها دي حسرى تصولُ بحبِّكم *** على حَدَثَانِ الدهر تنتظرُ النَّصرا
و قد طالما تَدرِي بأن مؤمِّلاً *** سماواتِكم يُحيى كواكِبَها الزُّهرا
***
فها
ترسّمتُ درباً من نثيثِ الندى أطرى *** لأُدرِك من آمالِ مُغتربٍ شَطْرا
و قلتُ و بعضُ القولِ هجرٌ و بعضُهُ *** قنوطُ و بعضٌ رايةٌ لم تزلْ حَمْرا(1)
ستُعشِبُ أيامٌ و ترسُو سفائِنٌ *** و تخمدُ آهاتٌ أضرَّ بها المَسْرى
و تطفُو على وجهِ الفراتين فرحةٌ *** بقهقهةِ السارين تختصِرُ العُمرا
و تغفُو لدى نخلِ العراقِ حمائمٌ *** بها قد نبا عشٌ ففارقتِ الوكرا
و تخضلٌ من دمعِ الحنينِ هضابُهُ *** إذا هي ممّا قد حباها الهوى خَضرا
و سرعان ما استيقظتُ و الحُلُمُ الذي *** رأيتُ سراباً و الرُّؤى حيَرة كبرى
أرى وطناً فذاً تعيثُ بساحِهِ *** كلابُ بني سفيان لاهثةً صفرا
تقطّر خير الرافدين لأهلِهِ *** توسِّدُهم خوفاً و تُطعِمهم قهرا
***
توهمتُ استقصيكَ مدحاً فهالَني *** قصيرٌ من الأعمارِ ممتنعٌ حصرا(2)
فيا عبقَ الفردوسِ ضمّخ نطفةً *** تميلُ له الأكوانُ لو أنّه مرّا
ص: 238
فإن قلتُ مشكاةً يقالُ زجاجةٌ *** و إن قلتُها قالُوا بدتْ كوكباً دُرّا
أتتك من الغيبِ القوابلُ تزدهي *** بأن إله الكونِ شرّفها قَدْرا
فيا بضعةَ المختار هذي يراعتِي *** بِكُمْ نطقتْ شِعراً و قد عُقمتْ دهرا(1)
و إنّي أنا الدّاري بأنَّ نهايتي *** تكونُ احتراقاً لو دنوتُ لكُم شِبرا
ص: 239
وَ لاَ تَسْأَمَا أَنْ تَبْكِيَا بِشَبَا الظُّبَا *** حَوَادِثَ قَدْ أَبْكَتْ دِمَا (أَحْمَدَ) الطُّهْرَا(1)
حَوَادِثَ أَبْكَتْ أَحْمَداً وَ وَصِيَّهُ *** وَ بَضْعَتَهُ وَ اسْتَأَصَلَتْ آلهُ الغُرّا
حَوَادِثَ مَا أَبْقَتْ لِدِينِ مُحَمَّدٍ *** عِمَاداً وَ لا أَلْوَتْ عَلَى الحُجَّةِ الكُبْرَى
حَوَادِثَ أَعْطَتْ آلَهُ السَّيْفَ بَعْدَهُ *** وَ لَمْ يَتَّخِذْ إِلا مَوَدَّتَهُمْ أَجْرَا
غَدَاةَ عَدَتْ بَغْياً عَلَى دِينِ أَحْمَدٍ *** عَدِيٍّ وَ تَيْمٌ وَادَّعَتْ بَعْدَهُ الأَمْرَا
أذلاً قُرَيْشٍ جَانِباً وَ أَقَلُّهَا *** قَبِيلاً وَ أَجْفَاهَا وَ أَلأمُهَا نَجْرَا(2)
وَ أَخْسَرُهَا فِي سَاحَةِ المَجْدِ صَفْقَةً *** وَ أَحْمَلُهَا فِي يَوْمٍ مَفْخَرَةٍ ذِكْرَا
فَسَلْ عَنْهُمَا أَحْداً وَ سَلْ يَوْمَ خَيْبَرٍ *** فَفِي ذَا غِنَى إِمَّا عَقَلْتَهُمَا خُبْرَا
وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ أَعْطَيَا سَيِّدَ الوَرَى *** عُهُودَهُمَا أَنْ لا يَفِرّا وَ قَدْ فَرّا
وَ سَلْ يَوْمَ بَدْرٍ وَ المَشاهِدَ كُلَّهَا *** فَمَا أَحْرَزا فِيهَا غَنَاءً وَ لَا نَصْرَا
وَ لاَ قَتَلَا فِيهَا قَتِيلاً وَ أَغْنَيَا *** بِيَوْمِ فَتِيلاً لاَ وَ لاَ طَلَبَا وِتْرَا(3)
وَ لَا جَارَيَا فِي حَوْمَةِ الحَرْبِ مُسْلِماً *** وَ لَا أَبْلَيَا فِي مُلْتَقَى جَيْشِهَا عُذْرا
وَ سَلْ عَنْهُمَا أَحْكَامَ دِينِ مُحَمَّدٍ *** فَقَدْ رَكِبًا فِي أَمْرِهَا مَرْكباً وَعْرَا(4)
وَ كَمْ قَضَيَا بِالجَوْرِ فِيهَا فَرَدَّهَا *** إِلَى عَدلِ (أَقْضَاهَا) و أَشْرَفِهَا قَدْرَا
وَ أَوَّلِهَا سِلْماً وَ أَرْسَخِهَا حِجّى *** وَ أَوْفَرِهَا عِلْماً وَ أَعْظَمِهَا صَبْرَا
فَيا ضَلَّةً مَاذَا جَنَّتْ بَعْدَ أَحْمَدٍ *** صَحَابَتُهُ مِنْ سُبَّةٍ شَانَتِ الدَّهْرَا(5)
وَ يَا ضَلَّةً مَاذَا جَنَتْ بِفَرِيَّةٍ *** إِلَى الحَشْرِ لاتَنْفَكُ مُعْقِبَةً شَرَا
عَدَتْ بَعْدَهُ جَهْراً عَلَى بَيْتِ حَيْدَرٍ *** وَ حَاكَتْ ثِيَابَ الذُّلّ لِلْبَضْعَةِ الزَّهْرَا
ص: 241
وَ لَمْ يَجْنِ ذَنْباً عِنْدَهُمْ غَيْرَ أَنَّهُ *** أَقَامَ عَمُودَ الدِّينِ وَ اسْتَأَصَلَ الكُفْرَا
فَخَلْ قُرَيْشاً وَ السَّفَاهَةَ جَائِباً *** فَقَدْ طَلَبَتْ عِندَ النَّبِيِّ لَهَا وِتْرَا
وَ عَرَّجْ عَلَى أَبْنَاءِ قَيْلَةَ فَالحَشَا *** لِرَدَّتِهَا بَعْدَ الهُدَى احْتَدَمَتْ جَمْرَا
وَ سَلْهَا عُهُودَ المُصْطَفَى إِنَّ نَكْثَهَا *** أَرَاقَ دَمَ الإِسْلَامِ مَا بَيْنَهَا جَهْرَا
أَلَمْ تُعْطِهِ العَهْدَ الوَثِيقَ بِأَنَّهُ *** إِذَا جَاءَهَا لَمْ يَشْكُ ضَيْماً وَ لاَ ضَرَا
وَ أَنَّ لَهُ مِنْهُمْ حِمّى دُونَ نَفْسِهِ *** وَ أَهْلِيهِ وَاللَّهُ الشَّهِيدُ بهَا أَدْرَى
فَلِمْ غَيْرَتْ وَ اسْتَبْدَلَتْ بَعْدَ عَهْدِهِ *** وَ أَغْضَتْ عَلَى ظُلم المُطَهَّرَةِ الزَّهْرَا
وَ عَنْ مَلأ مِنْهُمْ أَتَتْ بِنْتُ أَحْمَدٍ *** تُنَاشِدُ حَقّاً نَصَّهُ اللهُ فِي الذِّكْرَى(1)
وَ عَنْ مَلا رُدَّتْ إِلَى عُقْرِ بَيْتِهَا *** تَجُرُّثِيَابَ الذُّلِّ مَهْضُومَةً عَبْرَى
وَ يَوْمَ اقْتِحَامِ الدَّارِ يَوْمَ تَهَنَّكَتْ *** بِهِ حُرُمَاتُ اللَّهِ حَتَّى بَدَتْ حَسْرَى
فَعَنْ مَلأ مِنْهُمْ أَتَوْا بَيْتَ فَاطِمٍ *** مَقَرَّ الهُدَى وَ الدِّينِ وَ الحُجَّةِ الكُبْرَى
غَدَاةَ غَدَا رُكُنُ الضَّلَالَةِ حَامِلاً *** عَلَى ظَهْرِهِ أَضْعَافَ مَا فِي الحَشَا أَوْرَى(2)
يُحَاوِلُ حَرْقَ الدَّارِ وَ الدَّارُ تَلْتَقِي *** عَلَى صِبْيَةٍ لَمْ تَعْرِفِ الخَوْف وَ الذُّعْرَا(3)
يُنَادِي بِهِ: اخْرُجُ عَلِيُّ) وَإِنْ تَقُمْ *** فَلِلنَّارِ أَعْمَالٌ سَتُخْرِجُكُمْ قَسْرَا
فَكُمْ ريعَةِ (الكُبْرَى) بهَذَا وَ كُمْ شَكَتْ *** إِلَى جَدْهَا مَا نَالَهَا مِنْهُمُ (الصُّغُرَى)
ص: 242
وَ كَمْ هَتَفَتْ بِالمُسْلِمِينَ وَ كَمْ دَعَتْ *** بِيالِرَسُولِ اللَّهِ لاِبْنَتِكَ (الزَّهْرَا )
وَ لاَ قَائِلٌ مِنْهُمْ دَعُوهَا فَإِنَّهَا *** سَلِيلَةُ خَيْرِ الخَلْقِ وَ البَضْعَةُ (الحَوْرَا)
تُنَا شِدُهُمْ وَ المُسْلِمِينَ وَ لَوْ دَعَتْ *** بِحَقِّ رَسُولِ اللهِ صُلْدَ الصَّفَا خَرّا(1)
تَقُولُ لَهُمْ يَا قَوْمُ بَيْنِي وَ لَمْ يَكُنْ *** نَبِيُّ الهُدَى يَوْماً لِيَدْخُلَهُ قَهْرَا
فَمَا كَفَّ عَنْهَا الرِّجْسُ بَلْ حَرَّكَتْ لَهُ *** حَشَّى فِيهِ نَارُ الحِقْدِ كَامِنَةً دَهْرَا
وَ هَاجَمَ بَيْتَ الوَحْي وَ البَابَ دُونَهُ *** عَقِيلَةُ آلِ اللَّهِ مُسْيَدَةً صَدْرَا(2)
وَ لَمْ يَرْعَهَا بَلْ رَاعَهَا وَ تَزَاحَمُوا *** عَلَى البَابِ أَفْوَاجاً فَأَبْئِسْ بِهِمْ طُرّا
فَقُلْ لِلَّذِي رَامَ اعْتِدَاراً لِبَغْيِهِمْ *** عَلَى المُصْطَفَى قُبْحَتْ مِنْ طَالِبٍ عُذْرَا
زَعَمْتَ ابْنَةَ الهَادِي اطْمَأَنَّتْ وَ أَذْعَنَتْ *** لِمَا لَفَقُوا يَا بِئْسَ مَا احْتَقَبُوا وِزْرَا
فَمَا بَالُهَا غَضْبَى فَضَتْ بَعْدَ عُذْرِهِمْ *** وَ مَا بَالُهَا لَمَّا قَضَتْ دُفِنَتْ سِرّا
إِلَى كَمْ تَرَىٰ نَهْجَ الضَّلالَةِ لأَجِباً *** جَلِيًّا وَ مَلْحُوبَ الهُدَى مُظْلَماً وَ عْرَا
و فِيمَ تَعُدُّ الغَيَّ رُشْداً وَ لا تَرَى *** سَبِيلَ الهُدَى إِلا الخَتَلَقْتَ لَهُ سِتْرَا
وَ حَتّامَ لاتُصْغِي لِعَذْلٍ وَ لَاتَعِي *** مَقَالَةَ ذِي رُشْدٍ وَ لاَتَسْمَعُ الذِّكْرَا
رُويْداً فَلَيْسَ الدِّينُ بِالرَّأْي يُبْتَغَى *** وَ عَمَّا قَلِيل يَظمَئِنُ بِكَ المَسْرَى(3)
ص: 243
هِيَ ابْنَةُ طهَ المُصْطَفَى سَيِّدِ الوَرَى *** بِهِ لَيْلَةَ المِعْرَاجِ رَبُّ السَّمَا أَسْرَى
وَ حَيْدَرَةُ الكَرَّارُ ذُوالفَخْرِ بَعْلُهَا *** بِهِ شِرْعَةُ المُخْتَارِ قَدْ نَالَتِ الفَخْرَا
هي البَرَّةُ الطُّهْرُ البَتُولَةُ مَنْ لَهَا *** مَلائِكَةُ الرَّحْمَنِ قَدْ خَضَعَتْ طُرّا(1)
لَقَدْ فَرِحَتْ فِيهَا خَدِيجَةُ أُمُّهَا *** وَ قَدْ سَعِدَتْ فِي وَقْتِ مَوْلِدِهَا بُشْرَا
بِنُورِ مُحَيَّاهَا قَدِ انْقَشَعَ الدُّجَى *** وَ نُورُ سَنَاهَا يُخْجِلُ الشَّمْسَ وَ البَدْرَا(2)
عَلَى بَضْعَةِ المُخْتَارٍ خَيْرُ تَحِيَّةٍ *** لَهَا مِنْ إله العَرْشِ لابَرحَتْ تَثرَى(3)
وَ نَرْجُو بِهَا نَيْلَ الشَّفَاعَةِ فِي غَدٍ *** لِكَيْ بِوَلاهَا نُدْرِكَ الفَوْزَ وَالأَجْرَا
ص: 245
شَفِيعَتُنَا يَوْمَ القِيَامَةِ فَاطِمٌ *** وَ إِنَّ لَنَا فِي حُبِّهَا النَّعْمَةَ الكُبْرَى(1)
بِوَالِدَةِ السِّبْطَيْنِ سَيِّدَةِ النِّسَا *** تَمَسُّكُنَا لاَنَخْتَشِي البُؤْسَ وَ الضُّرّا(2)
وَ إِنَّ لَنَا فِيهَا الرَّجَاءَ وَ إِنَّنَا *** نُؤمِّلُ أَنْ نَحْظَى بِطَلْعَتِهَا الغَرّا
بِمَوْلِدِهَا قَدْ أَصْبَحَ الكَوْنُ مُشْرِفاً *** وَ قَدْ شَاهَدَتْ فِي الأُفْقِ أَنْجُمَهَا الزُّهْرَا
بِشَهْرٍ جُمَادَى فَاطِمُ الطُّهْرُ قَدْ أَتَتْ *** قَفِي كُلِّ عَامٍ فَلْتُجَدِّدْ لَهَا ذِكْرَا(3)
بِأَسْعَدِ يَوْم جَاءَ بِاليُمْنِ وَ الهَنَا *** وَ طَرْفُ النَّبِيِّ المُصْطَفَى فِيهِ قَدْ قَرّا
فَيَا أَيُّهَا السَّادَاتُ بُشْرَاكُمُ بِمَنْ *** لَهَا الصَّيْتُ طُولَ الدَّهْرِ إنْسِيَّةٌ حَوْرَا(4)
ص: 246
(بحر الخفيف)
الشيخ محسن أبو الحب (الكبير)(*)(1)
غَدَرَ القَوْمُ فِي الغَدِيرِ فَسَمَّوْهُ *** غَدِيراً لِغَدْرِهم بالأميرِ
بَعْدَمَا بَايَعُوا بِأَمْرِ مِنَ اللَّهِ *** وَ أَمْرِ مِنَ البَشِيرِ النَّذِيرِ
يَوْمَ قَامَ النَّبِيُّ يَدْعُوأَلاَ مَنْ *** كُنْتُ مَوْلى لَهُ فَهَذَا وَزِيري
فَأَجَابُوا وَ كُلُّهُمْ عَاقِصٌ قَرْنَيْهِ *** مَا بَيْنَ فَاجِرٍ وَ كَفُورِ(2)
ثُمَّ لَمَّا مَضَى الرَّسُولُ أَضَاعُوا *** عَهْدَهُ فهي ارْتِكَابِ أَمْرٍ خَطِيرِ
وَ عَلِيٌّ فِيهِمُ وَ فِيهِمُ كِتَابُ اللَّهِ *** يَتْلُونَهُ بِغَيْرِ شُعُورِ
وَ عَلِيٌّ فِيهِمُ وَ فِيهِمْ سِرَاجُ اللَّهِ *** فِي كُلِّ حَالِكٍ دَيْجُورِ
حَسَنُ الخَيْرُ وَ الحُسَيْنُ أَخُوهُ *** مَنْ هُمَا صَفْوَةُ الإِلهِ القَدِيرِ
صَيَّرُوهَا شَوْرَىٰ وَ مَا هِيَ إِلاَّ *** غَدْرَةٌ وَيْلُ أُمِّ ذَاكَ المُشِيرِ
أَعَمُوا عَنْ مَحَلهَا أَمْ تَعامَوْا *** أمْ أَصِيبُوا بِعَارِضِ العَنقَفِيرِ
أَيُّ يَوْمٍ فِيهِ ابْنُ آكِلَةِ الذُّبانِ *** يُدْعَى مُدَبِّراً لِلأُمورِ
أحْكَمُ اللَّهُ عَقْدَهَا لِعَلِي *** وَ ادْعَاهَا لَهُ ابْنُ أُمِّ الفُجُورِ
فيهِمُ مِنْ رِجَالِهِمْ كَعَلِيٍّ *** فِيهِمُ مَثَلُ شُبْرٍ وَ شَبِيرِ
فیهِمُ مِثْلُ فَاطِمٍ مِنْ نَسَاهُمْ *** رَفَعَ اللَّهُ قَدْرَهَا لِلأَشِیرِ
هُمْ شُمُوسُ الهُدَى وَلَكِنْ أَبَوَا أَنْ *** يُبْصِرُوهَا إِلا بِحُولٍ وَ عُورِ
ص: 247
مَا تُلاقِينَ أَيَّتُهَا الأُمَّةُ الشَّنْعَا *** مِمَّا جَنيتِ يَوْمَ النُّشُورِ؟(1)
مَا تُلاقِينَ وَ الخَصِيمُ عَلِيٌّ *** وَ بَنُوهُ وَاللَّهُ خَيْرُ ظُهُورِ؟
إِذْ يَقُومُونَ وَ الخَلائِقُ تَرْعَاهُمْ *** دَوَامِي الشَّوا دَوَامِي النُحُورِ
وَ هُمْ مَا بَيْنَ عَاطِشٍ وَ أَسِيرٍ *** وَ صَرِيعٍ كَابٍ وَ ثَاوٍ عَفِيرِ
بَيْنَهُمْ فَاطِمٌ تَصِيحُ إِلَى اللَّهِ *** صِيَاحَ الْمُوَلَّهِ المُسْتَجِيرِ
أَنْتَ يَا رَبُّ حَاكِمٌ وَ حَكِيمٌ *** فَاقْضِ بَيْنِي وَ بَيْنَ أَهْلِ الشُّرُورِ
جِئْتُ أَشْكُو إِلَيْكَ رَبِّي بِطَرْفٍ *** ذَائِبِ بِالبُكَا وَ قَلْبٍ كَسِيرِ(2)
شَاهِدِي أَنْتَ وَ الجَنِينُ و ضِلْعِي *** وَ قَطِيعٌ كَالدُّمْلُجِ المُسْتَدِيرِ(3)
وَ نِجَادُ السَّيْفِ الَّذِي سَحَبُوا فِيهِ *** عَلِيًّا مُلَبَّبَاً كَالأَسِیرِ
كُنتُ فِيهِمْ كَكَعْبَةِ البَيْتِ لكِنْ *** هَتَكُوا حُرْمَتِي وَ بَزُوا سُتُورِي(4)
ص: 248
وَ أَذَاقُوا الحَتُوفَ وُلْدِي إِلَى أَنْ *** تَابَعُوهُمْ صَغِيرَهُمْ بِالكَبِيرِ
وَ أَبَا حُوا خُمْسِي لِكُلِّ طَلِيقٍ *** وَ أَبَاحُوا إِرْنِي لِكُلِّ كَفُورِ(1)
هذِهِ كَرْبَلاً وَ تِلْكَ قُبُورُ *** القَوْمِ فِيهَا زَوَاهِراً كَالبُدُورِ
هذِهِ كَرْبَلاَ وَ تِلْكَ دِيَارُ *** الْقَوْمِ فِيهَا دَوَارِسُ كَالقُبُورِ
نَزَلُوهَا وَ قَلَّ مَانَزَلُوهَا *** سَاعَةً ثُمَّ إِنَّ نُوا بِالنَّفِيرِ
وَ أَقَامَتْ جُسُومُهُمْ تَتَوقَّى *** بِظِلالِ الرِّمَاحِ حَرَّ الهَجِيرِ
نَبَتَتْ فَوْقَهُمْ كَمَا يَنْبُتُ الظَّالُ *** عَلَى أَنَّ نَبْتَهَا فِي الصُّدُورِ
إِنَّ يَوْمَ النَّحْرِ الَّذِي قَدْ عَرِفْنَاهُ *** قَدِيماً مَا كَانَ فِي عَاشُورِ
ذَاكَ فِيهِ نَحْرَ الأَضَاحِي وَ هَذَا *** نَحَرُوا فِيهِ كُلَّ لَيْثٍ هَصُورِ(2)
لَمْ يُبَقُوا مِنْهُمْ لُحُوماً لَهَا فِي *** الوَحْشِ مِنْهَا عَاكِفَات الطُّيُورِ
وَ زَّعُوهَا مَا بَيْنَ بِيضِ وَ سُمْرٍ *** بَيْنَ تُرْبِ الفَلاَ وَ بَيْنَ الصُّخُورِ
سَيُجَازِي الإلهُ فِيهَا أُناساً *** هَلْ يُجَازِئَ بِالسُّوءِ غَيْرُ الكَفُورِ؟
وَيْلَهُمْ يَعْلَمُونَ أَيَّ أَبِيٍّ *** بَا مَا بَيْنَ جَمْعِهِمْ كَالأَسِيرِ
ص: 249
إِنَّ مَنْ قَدْ قَتَلْتُمُوهُ لَحَيٌّ *** سَوْفَ يَلْقَاكُمُ بِيَوْمِ عَسِيرِ
سَوْفَ يُدْعُو بِثارِهِ فَتُلَبِّيهَا *** السَّمَاءُ وَ الثَّرَى وَ أَهْلُ القُبُورِ
وَ سَيسْمُوا لَهَا ابْنُهُ وَ لَعَمْرِيْ *** لَهُوَ أَوْلَى بِحَمْلِ ذَاكَ الخَطِيرِ
وَ هُوَ أَوْلَى بِحِفْظِ مَا ضَيَّعُوهُ *** مِنْ كِتابِ المُهَيْمِنِ المَسْطُورِ
يَا عَزِيزَ العَزِيزِيَانُخْبَةَ *** الرَّحْمَنِ يَابْنَ المُؤَيَّدِ المَنْصُورِ
قُمْ لَهَا عَاجِلا فَمَا هِي إِلاَّ *** سَاعَةً أَوْ يُقَالُ جَزُّ جَزُورِ
لَيْتَنِي كُنْتُ شَاهِداً يَوْمَ يَدْعُو *** فِي عِرَاضِ الطَفُوفِ هَلْ مِنْ مُجِيرِ؟
لَسْتُ مِنْ هَاشِمِ إِذَا لَمْ أَذُقْهَا *** الْيَومَ كَأْسَ الرَّدَى بِغَيْرِ مُدِيرِ
لَسْتُ مِنْ هَاشِمُ إِذَا لَمْ أَدَعْهَا *** مِنْ دِمَاءِ الكُمَاةِ مِثْلَ البُحُورِ
قَتَلُوا أَهْلِي الكِرَامَ وَ أَعْفُوا *** عَنْهُمُ لاَ وَ مَنْ إِلَيْهِ مَصِيرِي
لَوْ مَلأُتُ السَّمَاءَ وَ الأَرْضَ قَتْلَى *** مِنْهُمُ مَا أَشْقَى بِذَاكَ ضَمِيرِي
نَهْنِهُوا عَنْ مُلَامِكُمْ إِنَّ ثَارِي *** فَوْقَ مَا قَدْ رَأَيْتُمُ مِنْ نَكِيرِ(1)
وَ تُعْلِنُونَ أَنَّكُمْ تُعْجِزُونَ اللَّهَ *** فِي الأَرْضِ أَوْ تَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرِ(2)
أَبِقَتْلِ الحُسَيْنِ نَفْخَرُ مِنْكُمْ *** فَاخِرٌ وَيْلَ أُمِّهِ مِنْ فَخُورِ؟
أيَزِيدُ فَوْقَ السَّرِيرِ وَ رَأْسُ *** السَّبْطِ سِبْطِ النَّبِيِّ تَحْتَ السَّرِيرِ؟
إنْ نَسِيتُمْ فَلَسْتُ أَنْسَى جُسُوماً *** فِي الرَّوَابِي كَاللؤلوءِ المَنُثُورِ
إِنْ نَسِيتُمْ فَلَسْتُ أَنْسَى حَرِيماً *** سُقْتُمُوهَا حَسْرَى بِغَيْرِ سُتُورِ
نَادِبَاتٍ وَ مَا لَهَامِنْ مُجِیبِ *** صَارِخَاتٍ وَ مَا لَهَا مِنْ مُجِيرِ
ص: 250
مَا إِنْ صَبَا قَلْبِي لِغَانِيَةٍ *** تَهْوَى البِعَادَ وَ تَأْلَفُ الهَجْرَا
لكِنَّنِي أَبْكِي مُصِيبَةٌ مَنْ *** بِمُصَابِهَا قَدْ أَفْنَتِ الصَّبْرَا
أَبْكِي لِمَنْ كَادَتْ مُصِيبَتُهَا *** تُوهِي الجِبَالَ وَ تَصْدَعُ الصَّخْرَا(1)
لِمُصَابِ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ نِسَاءِ *** العَالَمِينَ البَضْعَةِ الزَّهْرَا
بنتُ النَّبِي أَجَلْ وَبَضْعَتُهُ *** الفُضْلَى شَبيهَةً مَرْيَمَ العَذْرا
وَ الدُرَّةُ البَيْضَاءُ مِنْ صَدَفِ *** العَلْيَاءِ فَاقَتْ بِالسَّنَا البَدْرَا
أمْسَتْ بِمَاءِ الوَحْي طينَتُهَا *** مَعْجُونَةً وَ كَفَى بِهِ فَخْرَا
المُصْطَفَى جِبْرِيلُ أَطْعَمَهُ *** تُفَّاحَةً فِي لَيْلَةِ الإِسْرَا
فَتَكَوَّنَتْ مِنْهَا لِذَاكَ غَدَتْ *** بَيْنَ الوَرَى إِنْسِيَّةٌ حَوْرَا
قَدْ أَغْضَبَ المُخْتَارَ مُغْضِبُهَا *** وَ يَسُرُّ أَحْمَدَ مَنْ لَهَا سَرَا(2)
لَمْ يُرْعَ فِيهَا أَحْمَدٌ عَجَباً *** حَتَّى قَضَتْ مَكْرُوبَةً حَسْرَى(3)
وَلأَيِّ حَالٍ فِي الدُّجَى دُفِنَتْ *** وَلأَيِّ حَالٍ أُلْجِدَتْ سِرَّا؟(4)
دُفِنَتْ وَ لَمْ يَحْضُرْ جِنَازَتَهَا *** أَحَدٌ وَ لاَعَرَفُوا لَهَا قَبْرَا(5)
ص: 252
مَا كَانَ فِي تشييع فَاطِمَةٍ *** أَجْرٌ فَيَغْنَمَ مُسْلِمٌ أَجْرَا
أَفَهَلْ سِوَاهَا كَانَ بِنْتَ نَبِيٍّ *** فِي الوَرَى تَحْتَ السَّمَا الخَضْرَا؟
أمْ مِثْلُهَا بَيْنَ النَّسَا أَحَدٌ *** فِي كُلِّ مَنْ يَمْشِي عَلَى الغَبْرَا
لَمْ يَحْلُ مِنْ بَعْدِ النَّبِيِّ لَهَا *** عَيْسٌ وَ أَصْبَحَ عَيْشُهَا مُرّا
مَاتَتْ بِغُصَّتِهَا وَ مَا ضَحِكَتْ *** مِنْ بَعْدِهِ حَتَّى مَضَتْ عَبْرَى
مِنْ إِرْثِهَا مُنِعَتْ وَ مِنْ فَدَكٍ *** ظُلْماً فَيَا لِلْمِحْنَةِ الكُبْرَى(1)
وَ شَهَادَةُ الحَسَنَيْنِ إِذْ شَهِدَا *** وَ أَبِيهِمَا مَرْدُودَةٌ جَهْرَا
كَانُوا بِأَحْكَامِ النَّبِيِّ هُمُ *** مِنْ آلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ أَدْرَى
جَهِلَ الوَصِيُّ تَرَى بِمَا عَمِلُوا *** حَاشَا لَهُ بِالجَهْلِ هُمْ أَحْرَى
وَ المُصْطَفَى بِالعِلْمِ خَصَّصَهُ *** فِي النَّاسِ لاَزَيْداً وَ لاَعَمْرَا
وَ الذِّكْرُ بِالمِيرَاتِ جَاءَ وَ فِي *** تَفْصِيلِهِ آيَاتُهُ تَثرَى
فِي إِرْثِ يَحْيَىٰ مِنْ أَبِيهِ وَ فِي *** إِرْثِ ابْنِ دَاوُدَ لَنَا ذِكْرَى
خَبَرٌ بِهِ رَاوِيهِ مُنْفَرِدٌ *** تَرَكُوا بِهِ الآيَاتِ وَ الذِّكْرَا
حُكْمُ بِهَا قَدْ خَصَّ مُحْكَمَهُ *** فَبِعِلْمِهِ لِمْ لَمْ تُحِطْ خُبْرَا؟(2)
وَ لِغَيْرِهَا المُخْتَارُ أَفْهَمَهُ *** عَجَباً وَ أَسْدَلَ دُونَهَا سِتْرا
أمَرَ النَّبِيُّ بِذَاكَ بَضْعَتَهُ *** فَعَصَتْ لَهُ مَعَ عِلْمِهَا أَمْرَا
حاشا لِسَيدَةِ النِّسَاءِ وَ مَنْ *** مِنْ رَبِّهَا قَدْ نَالَتْ الطُّهْرَا؟(3)
يَا بِنْتَ مَنْ رَبُّ السَّمَا شَرفا *** لِلْمَسْجِدِ الأَقْصَى بِهِ أَسْرَى
وَ حَلِيلَةُ الكَرَّارِ مَنْ قَتَلَ *** الأَبْطَالَ فِي أُحُدٍ وَ مَا فَرّا؟
ص: 253
مَنْ تَرْهَبُ الأَرْضُونَ سَطوَتَهُ *** فَتَهُم بِالزِّلْزَالِ إِنْ كَرّا؟
مَنْ كَانَ فِي بَدْرٍ وَ فِي أُحَدٍ *** وَ سِوَاهُمَا بِفِعَالِهِ بَدْرَا؟
كُونِي الشَّفِيعَةَ لِلَّذِي عَظُمَتْ *** مِنْهُ الذُنُوبُ فَأَنْقَضَتْ طَهْرَا(1)
وَ لَطَالَمَا أَنْشَابِمَدْحِكُمْ *** مَدْحاً سَمَتْ وَ قَصَائِداً غَرّا
تَسْرِي مَسِيرَ الشَّمْسِ مَا تَرَكَتْ *** فِي سَيْرِهَا بَراً وَ لاَبَحْرَا
وَ رِثَاؤُهُ وَبُكَاؤُهُ لَكُمُ *** أَنْسَى خناسَ وَ نَدْبَهَا صَخْرَا
فِي ذِكْرِ مَدْحِكُمُ وَ فَضْلِكُمُ السامِي *** أَطَالَ النَّظْمَ و النَّثْرَا
يَا آلَ بَيْتِ مُحَمَّدِ بِكُمُ *** أَنْجُو غَداً فِي النَّشْأَةِ الأُخْرَى
إِنَّي اتَّخَذْتُ وَلاَكُمُ وَزَراً *** فِي مَحْشَرِي أَمْحُو بِهِ الوِزْرا
حَسْبِي بِكُمْ ذُخْراً إِذَا اتَّخَذَ *** الأَقْوَامُ غَيْرَكُمُ لَهُمْ ذُخْرَا
لَمْ يَسْأَلِ المُخْتَارُ أُمَّتَهُ *** إِلَّا مَوَدَّتَكُمْ لَهُ أَجْرَا(2)
ص: 254
(بحر الطويل)
الشيخ محسن الفاضلي(*)(1)
توسَّلتُ بالحوراءِ فاطمةَ الزَّهرا *** لتُلهِمَنِي حتى أقولَ بها شِعْرا
فجاءَ بحمدِ الله ما كنتُ أبتغي *** فأبديتُ للمعبودِ خالقِيَ الشُّكرا
أجلْ هي روحُ المصطفى كُفءُ حيدرٍ *** و أمُّ أبيها هل تَرَى مثله فخرا؟
أو المثلُ الأعلى بكلِّ خصالها *** جلالاً كمالاً عفّةً شرفاً قَدْرا
حوتَ مَكرُماتٍ قطُّ لم يحوِ غيرُها *** فمنْ بالثّنا منها ألا قُلْ لَنا أَحْرى
وسيلتُنا واللَّهِ خيرُ وسيلةٍ *** بحقِّ كما و هي الشفيعةُ في الأُخْرى
أيا قاتَلَ اللَّهُ الذي راعها وقد *** عليها قَسَى ظُلماً و روَّعها عصْرا
و سوَّدَ متنيها و أحرقَ بابَها *** و أسقَطَها ذاكَ الجنينَ على الغبرا
أيا مَن تُواليها أتنسى مُصابَها *** و تَسلُو وقد أمسَتْ و مقلتُها حمرا؟
ص: 255
من الضّربِ ضرِبِ الرّجس يومَ تمانَعَت *** بأن يذهَبُوا بالمُرتضى بَعلِها قَسْرا
و عادتْ تُعاني هظمَها ومصابَها *** بفقدِ أبيها و هي و الهفتا عَبْرى
إلى أن قُضَتْ رُوحي فداها و لاتَسل *** عن أحوالِها واللَّهُ من كلِّنا أدرى
ص: 256
(بحر المتقارب)
الحاج محمد آل رمضان الأحسائي
رَأَى الكَوْنَ بَيْنَ سُرُورِ البَشَرُ *** وَضَحْكِ الصِّيَا وَ ابْتِسَامِ الزَّهَرْ
وَ زَهْوِ الزَّمَانِ وَ أَطْرَابِهِ *** فَرَاحَ يُسَائِلُنَا مَا الخَبَرْ(1)
وَ مَاذَا السُّرُورُ الَّذِي عَمَّكُمْ؟ *** كَأَنَّ بِهِ كُلَّ وَجْهٍ قَمَرْ
أَزَقَّتْ إِلَى البَدْرِ شَمْسُ الضُّحَى *** فَكَانَ لَهَا فَرَحٌ فَاسْتَمَرْ
أم الكَوْنُ أَصْبَحَ كَوْناً بِلا *** فَسَادٍ وَ لَيْسَ مَعَ الخَيْرِ شَرْ
لَئِنْ كَانَ لِلْكَوْنِ عُرْسٌ فَذَا *** وَ إِلا فَأَفْرَاحُ عِيدٍ كَبَرْ
فَقُلْنَا لَهُ دَعْكَ مِنْ ذَا وَذَاكَ *** فَفِي الأَمْرِ أَكْثَرُ مِمَّا ذُكِرْ
وَمَا ذَاكَ إِلا ابْتِهَاجُ الوُجُودِ *** بِمَوْلُودِ بَضْعَةِ خَيْرِ البَشَرْ
وَ مَا ذَاكَ إِلا سُرُورُ البَشِيرِ *** سَرَى سِرُّهُ فِي الوَرَى وَ انْتَشَرْ
وَ بَيْتُ الرَّسُولِ بِزَهْرَائِهِ *** أُضِيئَتْ جَوَانِبُهُ وَ ازْدَهَرْ
وَ سُرَّ لأَجْلِ سُرُورِ الحَبِيبِ *** مَا ضَمَّهُ الكَوْنُ حَتَّى الحَجَرْ
فَشَارِكْ نَبِيَّكَ أَفْرَاحَهُ *** إِذَا كُنْتَ يَا صَاحَ مِمَّنْ شَكَرْ
فَلِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ أُسْوَةٌ *** كَمَا جَاءَ فِي مُحْكَمَاتِ السُّوَرْ
وَمَوْلِدُ فَاطِمَةٍ رَحْمَةٌ *** وَ لُطْفٌ أَطَلَّ وَ عِيدٌ أَغَرْ(2)
وَ فِي طَيْهِ لِلْبَشِيرِ النَّذِيرِ *** مَوَالِيدُ مِنْ آلِهِ تُنْتَظَرْ
ص: 257
أتَتْ صِلَةُ الوَصْلِ بَيْنَ الرَّسُولِ *** وَ أَبْنَائِهِ الأَوْصِيَاءِ الغُرَرْ
وَ مِنْ نَسْلِهَا زَائِدٌ بَعْلُهَا *** يَكُونُ الأَئِمَّةُ اثْنَيْ عَشَرْ
لَهَا فِي الوِلايَةِ دَوْرٌ إِذَا *** تَفَكَّرْتَ فِيهِ عَظِيمُ الأَثَرْ
وَ سِرُّ الإِمَامَةِ مِنْ أَحْمَدٍ *** إِلَيْهِمْ سَرَى وَ عَلَيْهَا عَبَرْ
سَمَاءٌ أُولئِكَ أَبْرَاجُهَا *** وَ أَرْضٌ هُمُ نَبْتُهَا وَ الثَّمَرْ
بِهِمْ وَ بِهَا وَ بِخَيْرِ الوَرَى *** قِيَامُ الهُدَى وَ نَجَاةُ البَشَرُ
وَ لَوْلاهُمُ مَا دَرَوْا مَا الهُدَى *** وَ لاَمَيَّزُوا بَيْنَ خَيْرٍ وَ شَرْ
هُمُ رَحْمَةُ اللَّهِ لِلْعَالَمِينَ *** وَ هُمْ فَيْضُ أَلْطَافِهِ المُنْهَمِرْ(1)
وَ هُمْ حُجَجُ اللَّهِ فِي كَوْنِهِ *** وَ هُمْ سِرُّ أَسْمَائِهِ المُسْتَتِرْ
وَ هُمْ جَمْعُ أَحْرُفِ تَوْحِيدِهِ *** بِهِمْ عَمَّ تَوْحِيدُهُ وَ انْتَشَرْ
هَنِيئاً لِمَنْ حُبُّهُمْ زَادُهُ *** أَطَاعَ المُهَيْمِنَ فِيمَا أَمَرْ
وَ تَعْساً لِمَنْ زَادُهُ بُعْضُهُمْ *** أَخو الشِّرْكِ بِاللَّهِ لاَيُغْتَفَرْ
فَبَارِكْ لَنَا اللَّهُ فِي حُبِّهِمْ *** أَجَلُّ وَ أَنْفَعُ مَا يُدَّخَرْ
وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ وَ بَارِكْ لِمَنْ *** أَشَادَ احْتِفَالاً لَهُمْ أَوْ حَضَرْ(2)
ص: 258
(بحر السريع)
الحاج محمد آل رمضان الأحسائي
الْكَوْنُ بَيْنَ البِشْرِ وَ البُشْرَى *** يَخْتَالُ فِي فَيْضٍ مِنَ السَّرَّا(1)
يَنْشُرُ أَعْلاَم تَبَاشِيرِهِ *** الأَنْوَارَ وَ الأَنْهَارُ وَ العِطْرَا(2)
مُبتهِجاً فِي عُرْسِ أَفْرَاحِهِ *** بِمَوْلِدِ الصَّدِّيقَةِ الكُبْرى
فَاشْرَبْ كَمَا تَهْوَى كُؤُوسَ الهَنَا *** فَقَدْ أَتَتْ مُتْرَعَةٌ تَتْرَى(3)
فَالْيَوْمَ قَرَّتْ عَيْنُ خَيْرِ الوَرَى *** وَ اكْتَحَلَتْ بِالطَّلْعَةِ الغَرّا
وَ الكَوْثَرُ المُعْطَى مَقَادِيمُهُ *** بَتُولَةَ الطَّاهِرَةُ العَذْرا(4)
لِذَاكَ أَفْرَاحُ نَبِي الهُدَى *** لاتَعْرِفُ العَدَّ وَ لاَالحَصْرا
وَ المُؤْمِنُ الحَقُّ لَهُ أُسْوَةٌ *** بِالطُّهْرِ فِي السَّرَّاءِ وَ الضَّرّا
فَشَارِكِ المُخْتَارَ أَفْرَاحَهُ *** وَ اسْعَدْ بِهَا وَاغْتَيم الأجْرا
وَحَيَّ ذِكْرَىٰ مِنْ مُوالاتِهَا *** وَسِيلَةُ الفَوْزِ لَنَا طُرَا
وَاسِطَةُ العِقْدِ لِأَهْلِ الكِسَا *** وَ دُرَّةُ التّاجِ لَهُمْ فَخْرا
ص: 259
مَنْ فَطَمَ اللَّهُ ذَوِي وُدِّها *** بلُطْفِهِ مِنْ نَارِهِ الحَرّا؟(1)
وَ ازْدَهَرِ الكَوْنُ بِميلادِهَا *** مِنْ أَجْلِ ذا قِيلَ لَهَا الزَّهْرَا(2)
أمُّ المَيَامِينِ الَّتِي فِي النَّسًا *** كَلَيْلَةِ القَدْرِ سَمَتْ قَدْرا
مَدَّ لَهَا اللَّهُ رِوَاقَ العُلَى *** مِنْ أَوَّلِ الدُّنْيَا إِلَى الأُخْرَى(3)
وَ لِلشَّفَاعَاتِ لَهَا وَقْفَةٌ *** مَذْخُورَةٌ تَنْتَظِرُ الحَشْرا(4)
يَوْمَ اسْألِي تُعْطَى وَ يَوْمَ *** أَسْفِعِى تُشَفَّعِي وَ الرَّحْمَةِ الكُبْرَى(5)
ص: 260
هي السَّمَا ذَاتُ البُرُوحِ الَّتِي *** كَمْ أَطلَعَتْ بَدْراً يَلِي بَدْرا
هِيَ بَضْعَةُ طة الطُّهرِ مِنْ رَبِّهِ *** بِهِ إِلَى حَضْرَتِهِ أَسْرَى(1)
وَ زَوْجُ مَنْ كَانَ لِخَيْرِ الوَرَى *** وَزِيرَهُ النَّاصِرَ وَ الصِّهْرا
بَحْرَانِ كَانَتْ لَهُمَا بَرْزَخاً *** أَخْرَجَتِ المَرْجَانَ وَ الدُّرَا(2)
هُمْ حُجَجُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ *** آتَاهُمُ الإمْرَةَ وَ الأمْرَا
ص: 261
لَمْ يَسْأَلِ الهَادِي لِتَبْلِيغِهِ *** مِنَّا سِوَى وُدْهِمُ أَجْرَا
وَ هُمْ إِلَيْنَا نَفْعُهُمُ عَائِدٌ *** يَحُطُّ عَنا الإِثْمَ وَ الوِزْرَا
نَالَتْ بِهِ الرُّشْدَ مَوَالِيدُنَا *** وَ حَازَتِ الطَّيبَةٌ و الطُّهْرَا(1)
ص: 262
(بحر الرّمل)
الحاج محمد آل رمضان الأحسائي
شَرَّفَ اللَّهُ جُمَادَى الآخِرَهْ *** فَغَدَتْ وَ هُيَ جُمادى الفاخِرَهْ
وَ تَبَاهتْ أَشْهُرُ الحَوْلِ بِهَا *** حَيْثُ جَاءَتْ بِالبَتُولِ الطَّاهِرَهْ(1)
فَاجْتَلُوا الأَنْوَارَ مِنْ أَيَّامِهَا *** فَمِنَ الزَّهْرَا عَلَيْهَا زَاهِرَهْ
وَ انْظُروا العِشْرِينَ مِنْهَا لِتَرَوْا *** فَرْحَةَ الهَادِي عَلَيْهَا طَاهِرَهْ
شَارِكُوا المَبْعُوثُ فِي أَفْرَاحِهِ *** فَرْحَةُ الهَادِي عَلَيْهَا ظَاهِرَهْ
وَ اجْعَلُوهُ بِالتَّأَسِّي عِيدَكُمْ *** فَهيَ لِلإِسْلامِ ذِكْرَى عَاطِرَهْ
وَ أَغْنِمُوا الأَجْرَ مِنَ البَارِي فَمَنْ *** طَلَبَ القُرْبَةَ مِنْهُ آجَرَهْ
وَ اشْكُرُوا اللَّهَ عَلَى آلائِهِ *** لِيَزِيدَ اللَّهُ خَيْراً شَاكِرَهْ
يَا لَهَا ذِكْرَى عَلَى دَرْبِ الهَوَى *** فَاطِمَ أُمُّ النُّجُومِ الزَّاهِرَهْ
دُرَّةُ التَّاحِ لأَصْحَابِ الكِسَا *** أَكْرَمَ اللَّهُ بِهَا مَنْ آثَرَهْ
حَمَلَتْ سِرَّ أَبِيهَا المُصْطَفَى *** وَ مِنَ الكَابِرِ جَاءَتْ كَابِرَهْ
وَ إِلَى أَسْبَاطِهِ مِنْهَا سَرَىٰ *** فَهْوَ المَرْكَزُ وَ هْيَ الدّائِرَهْ
فَلَكٌ دَارَ عَلَى قُطبِ الهُدَى *** وَ بَدَتْ فِيهِ البُروجُ العَامِرَهْ
بَضْعَةٌ مِنْهُ وَ لَاغَرْوَ إِذَا *** كَانَ جُزْءُ الشَّيْء يَحْكِيْ سَائِرَهْ(2)
ص: 263
حوتِ الحِكْمَةَ مِنْ خَيْرِ أَبٍ *** فَإِذَا قَالَتْ فَعَنْهُ صَادِرَهْ
وَ إِذَا شِئْتَ اسْتمِعْ خُطبَتَهَا *** فَهيَ آيَاتُ البَيانِ الباهِرَهْ(1)
وَ تَأَمَّلْ مُحْتَوَاهَا لِتَرَى *** عِلَلَ التّشْرِيع فِيهَا ظَاهِرَهْ
وَ تَرَى الحِكْمَةَ مِنْ شَرْع الهُدَى *** صُوراً تَهْدِي العُقُول الحَائِرَهْ
وَ تَرَى لِلْحَقِّ صَوْتاً هَادِراً *** يُنْشِدُ العَدْلَ وَ رُوحاً ثَائِرَهْ(2)
وَ تَرَى الحَقَّ الَّذِي احْتَجَّتْ بِهِ *** سَاطِعاً يَكْسِفُ شَمْسَ الهَاجِرَهْ(3)
وَهَبَ اللَّهُ بِهِ خَيْرَ الوَرى *** بَهْجَةَ الدُّنْيَا وَ نُورَ الآخِرَهْ
أَلَّفَ اللَّهُ بِهَا شَمْلَ الهُدَى *** وَ بِهَا قَوَّى وَ شَدَّ الآصِرَهْ(4)
وَغَدَا صِهْرُ النَّبِيِّ المُصْطَفَى *** حَيْدَرٌ خَيْر وزير آزرهْ
وَ حَوَى مِنْ نَسْلِهَا ذُرِّيَّةً *** كَبَتَ اللَّهُ بِهِمْ مَنْ كَاثَرَهْ
ص: 264
سُورَةُ الكَوْثَرِ هُمْ تَأْوِيلُهَا *** كَذَّبَتْ شَانِئَهُ إِذْ نَافَرَهْ(1)
وَجَدَ الإِسْلاَمُ مِنْهُمْ غَوْثَهُ *** فِي المُلِمَّاتِ وَ مِنْهُمْ نَاصِرَهْ(2)
بَلغَ الهَادِي عَنِ الحَقِّ وَ هُمْ *** بَلِّغُوا عَنْهُ فَكَانُوا حَاضِرَهْ
حَمَلُوا أَسْرَارَ مَا جَاءَ بِهِ *** وَ لَهُ كانُوا البِحَارَ الزَّاخِرَهْ(3)
وَ أَبَانُوا لِلْوَرَى مِنْهَاجَهُ *** وَ تَلَقَّى العِلْمَ مِنْهُمْ بَاقِرَهْ
وَ سَتَلْقَى بَعْدُ مِنْ مَهْدِيهِمْ *** عِزَّةَ الدُّنْيَا وَفَوْزَ الآخِرَهْ
عَجَّلَ اللَّهُ بِهِ نَيْلَ المُنَى *** وَ أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَيْ نَاظِرَهْ(4)
ص: 265
(بحر الطويل)
الشيخ محمد بن علي آل نتيف (*)(1)
أَمَا كُلُّ مَخْلُوقِ لَهُ رُسُلٌ تَتْرَىٰ *** تُنَادِيهِ يَا مَغْرُورُ حَيَّ عَلَى الْمَسْرَى
وَ كَمْ مِنْ جَلِيلٍ عَيْنُهُ شَاهَدَتْ لَهُ *** غَداً يَكْتَسِي ذُلاً وَ يُورِثُهُ كِبْرَا
فَيُعْرِضْ عَنْهُ صَاغِرَ الخَدَّ مُدْبِراً *** يَخْيْلُ مَا لأَقَاهُ فِي نَفْسِهِ سِحْرا
يُريدُ البَقَا فِي هَذِهِ وَ هُوَ رَاحِلٌ *** وَ إِنَّ الَّذِي فِيهَا جَمِيعُهُمُ أَسْرَى
لَعَمْرُكَ يَا مَنْ غَرَّهُ سُوءُ ظَنِّهِ *** إِذَا جِئْتَ يَوْمَ الحَشْرِ قُلْ هَلْ تَرَىٰ عُذْرَا؟
فَهَبْ لَمْ تَذُقْ فِيمَا مَضَى غُصَّةَ البَلاَ *** فَدَقْتُكَ مَنْ تَهْوَى هِي العِبْرَةُ الكُبْرَى
وَ كَمْ فِي اللَّيَالِي المَاضِيَاتِ لِمَنْ بِهَا *** جُرُوحٌ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ لاَتَبْرَا(2)
لعَمْرُكَ كَمْ هَللتَ خَلْفَ جَنَازَةٍ *** تَوَدُّ سُوَيْدَ القَلْبِ كَانَ لَهَا قَبْرَا
شَقَقْتَ عَلَيْهِ الجَيْبَ إِذْ شَقَّ فَقْدُهُ *** وَ مِنْكَ سَقَتْ وَجْهَ الثَّرَى أَعْيُنٌ عَبْرَى
فَهَلْ كُنْتَ مِمَّا ذَاقَهُ فِي سَلاَمَةٍ *** فَكَيْفَ وَ مِنْهُ مَا نَجَا مِنْ عُلاً قَدْرَا؟
أَمَا لَكَ فِي المَاضِينَ وَعْظٌ لِفَقْدِهِمْ *** فَفِي سُوَرِ القُرْآنِ كَمْ لَهُمُ ذِكْرَى
فَأَيْنَ ابْنُ عَادٍ صَاحِبُ الجَنَّةِ الَّتِي *** بَنَاهَا عُتُوًّا كُلُهَا لِبْنَةٌ حَمْرَا؟
وَ أَيْنَ ابْنُ كَنْعَانَ الَّذِي رَامَ أَنَّهُ *** يُقَاتِلُ لِلرَّحْمَنِ مُتَّخِذاً نَسْرا؟
عَلَى أَلْسُنِ البَاقِينَ عَادُوا حِكَايَةً *** وَ هَلْ يَرْتَدِي بِالفَخْرِ مَنْ يَحْمِلُ الغَدْرَا؟
فَلا بُدَّ بَعْدَ الاجْتِمَاعِ تَفَرُّقٌ *** وَ بَعْدَ اتِّصَالِ الوَصْلِ أَنْ يَلِدَ الهَجْرَا
ص: 266
كَأَنَّكَ وَ المَوْتُ الَّذِي عَنْهُ غَافِلٌ *** أَتَاكَ وَ مِنْكَ الرُّوحَ أَخْرَجَهَا قَهُرَا
بَكَيْتَ قَدِيماً إِذْ وُلِدْتَ بِهَذِهِ *** فَعِنْدَ خُرُوجِ الرُّوحِ كُنْ ضَاحِكاً بِشَرَا
وَ كُنْ زَاهِداً فِيمَا تَيَقَّنْتَ أَنَّهُ *** يَزُولُ وَذَا سَحِّ عَلَى النِّعَمِ الأُخْرَى
وَ كُنْ مَازِجاً لِلْعِلم بِالحِلْم وَاصِلاً *** لِمَا قُلْتَهُ فِعْلاً نَنَل يَا فَتَى أَجْرَا
فَلَاخَيْرَ فِيمَنْ غَاصَ فِي بَحْرِ عُمْرِهِ *** إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ دَهْرِهِ مُجْتَنِ دُرّا(1)
وَ أَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ بَعْدَ مَمَاتِهِ *** سِوَى عَمَلٍ يُنْجِيهِ مِنْ نَارِهِ الكُبْرَى
فَلَوْ جِئْتَ يَوْمَ الحَشْرِ فِي ذِي قَيْصَرٍ *** مِنَ الجُنْدِ أَوْ جَارَيْتَ فِي عَصْرِهِ كِسْرَى
لَمَا كَانَ يُنْجِي غَيْرُ حُبِّكَ مَعْشَراً *** بِهِمْ أَنْبِيَاءُ اللَّهِ قَدْ أُيَدُوا طُرّا
هُدَاةٌ أَبُوهُمْ خَاتَمُ الرُّسُلِ أَحْمَدٌ *** وَ مِشْكَاةُ نُورِ العِلْمِ أُمُّهُمُ الزَّهْرَا(2)
طَهُورٌ تَعَالَتْ عَنْ مَثِيلٍ فَمَا لَهَا *** عَلَى الْأَرْضِ مِنْ مِثْلِ عَلَتْ وَ سَمَتْ قَدْرَا(3)
ص: 267
فَمَا مَرْيَمٌ فِي الفَضْلِ وَ البَضْعَةُ الَّتِي *** يَقُومُ لَهَا خَيْرُ الوَرَىٰ وَ كَفَىٰ فَخْرَا(1)
وَ لاَامْتُحِنَتْ فِي دَهْرِهَا مَرْيَمُ كَمَا *** بِهِ امْتُحِنَتْ فِي دَهْرِهَا الدُرَّةُ الغَرّا
فَهَبْ مَرْيَمَ يَوْمَ المَخَاضِ تَقَطَّعَتْ *** حَشَاهَا وَوَدَّتْ أَنَّهَا فِي ثَرَى الغَبْرَا
غَدَاةَ أَتَاهَا سَائِقُ الطَّلْقِ فَالْتَجَتْ *** إِلَى جِذْعِ نَخْلٍ وَ هْيَ شَاكِلَةٌ عَبْرَىٰ
فَحَنَّتْ وَ قَالَتْ لَيْتَنِي مِن وَانْتَنَتْ *** تَهُزُّ لِجِذْعِ بَابِسِ وَ الحَشَا حَرَّى
فَأَسْقَطَ مِنْهَا مَا بِهِ سَدُّ فَاقَةٍ *** وَ رَوَى ظَمّاها الله إذ أَسْكَبَ النَّهْرَا
فَشَتّانَ مِمَّنْ جَاءَهَا الطلقُ وَ هْيَ لَمْ *** تَكُنْ بِشُهُورِ الطَّلْقِ بَلْ أَسْقَطَتْ عَصْرَا
وَ مِنْ عَصْرَةِ البَابِ الَّذِي اسْتَنَدَتْ بِهِ *** لَهَا ثَمَرٌ فِي الأَرْضِ قَدْ أُسْقِطَتْ قَسْرَا(2)
ص: 268
وَ كَمْ بَعْدَ إِسْقَاطِ الجَنِينِ رَزِيَّةٌ *** مِنَ الخِدْرٍ بَعْدَ الصَّوْنِ قَدْ بَرَزَتْ حَسْرَا
وَ أَنْسَتْ لِمَا حَلَّتْ بِهَا مِنْ مَصَائِبٍ *** مُصِيبَتُهَا بِالمُرْتَضى مُنْجِيَ العَذْرَا
رَأَتْ مَنْ يَقُودُ الأسْدَ فِي الحَرْبِ قَادَهُ *** عَصَایِبُ شِرْكِ فِي حَمَائِلِهِ قَسْرَا
فَخُذْ يَا أَمِيرَ النَّحْلِ مِنْ ثَاكِلٍ بِكُمْ *** هَدِيَّتَهُ الصُّغْرَى لِرَفْعَتِكَ الكُبْرَى(1)
مِن ابْنِ نَتِيفِ المُسَمَّى مُحَمّداً *** عَلَيْكُمْ مَدَى الأَيَّامِ يَهْدِي الثَّنَا شُكْرَا(2)
ص: 269
(بحر الطويل)
الشيخ محمد بن علي آل نتيف (*)(1)
سِهَامُ المَنَايَا لاَتَزَالُ بِنَا تَسْرِي *** وَ مَهُمَا مَضَى يَوْمٌ فَذَاكَ مِنَ العُمْرِ
فَتَبّا لِدُنْياً لايُعَافَى سَقِيمُهَا *** فَكَمْ قَدْ سُقي كَأْساً أَمرَّ مِنَ الصَّبْرِ(2)
فَلا تَغْتَرِرُ فِيهَا فَذُو الحَزْمِ لَمْ يَزَلْ *** يَخَافُ لِمَا يَرْجُو كَمَا رَاكِبُ البَحْرِ
وَ كَمْ مِنْ فَتّى أَمْسَى غَرِيقاً بِحُبِّهَا *** يَخَالُ القَضَا فِي طَوْعِهِ فَهْوَ فِي كِبْرِ
يُؤَمِّلُ آمَالاً يَرَاهَا قَرِيبَةً *** فَمِنْ يَوْمِهِ يَرْجُو إِلَى آخِرِ الحَشْرِ
يُقَدِّرُ جُرْماً مَا أَرَادَ وَ رُبَّمَا *** يَمُوتُ بِإِحْدَى لَيْلَتَيْهِ وَ لَمْ يَدْرِ
لِهَذَا تَرَانَا كَمْ شَبَابٍ نَوَدُّ أَنْ *** نَزِفَّ لَهُ لِلْعُرْسِ زُفَّ إِلَى القَبْرِ
فَدُنْيَاكَ هَذِي لِلْفَتَى أَيُّ عِبْرَةٍ *** بَدَا غَدْرُهَا جَهْراً فَمَا الغَدْرُ بِالسِّرَّ
كَفَانِي أَسِّى فِيمَا لَقِيتُ بِمَا جَرَى *** عَلَى مَعْشَرٍ لَوْلَاهُمُ الشَّمْسُ لَمْ تَجْرِ
أَنَاحَتْ لَهُمْ مِنْ غَدْرِهَا فَتَفَرَّقُوا *** غَرَائِبَ مِنْ مِصْرٍ بِذُلٍّ إلَى مِصْرِ
فَسَلْ مَكَّةَ عَنْ أَحْمَدٍ كَمْ لَقِي بِهَا *** بَلَاءً وَ كَمْ فِي طَيْبَةٍ نَالَ مِنْ قَسْرِ
أَقَامَ قَلِيلاً يَا لَهُ اللَّهُ لَمْ يَزَلْ *** لَهُ كَبِدٌ حَرّىٰ تَوَقَّدُ كَالجَمْرِ
فَمَا زَالَ مَكْرُوباً وَ مَاتَ بِكَرْبِهِ *** وَ أَسْرَىٰ بِهِ البَارِي عَلَى رَفْرَفٍ خُضْر(3)
قَضَى سَأماً مِنْهُمْ وَ حُقَّ لَهُ بِأَنْ *** يَمَلَّ حَيَاةً عَاشَ فِيهَا عَلَى مُرّ(4)
ص: 270
وَ دَارَتْ رَحَاهَا حَوْلَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ *** تُجَرِّعُهَا مَا لاَيَهُونُ إلَى الحَشر
مَصَائِبُ بِنْتِ المُصْطَفَى قَدْ تَجَرَّعَتْ *** فَرَاحَتْ عَلَيْهَا العَشْرُ تَلْطِمُ بالعَشْرِ(1)
فَأَمْسَتْ عَقِيبَ المُصْطَفَى فِي مَذَلَّةٍ *** تُنَادِيهِ يَا صَوْنِي وَ قَدْ ضُمَّ فِي القَبْرِ
أَيُهنِيكَ خُلدٌ وَ الخُطُوبُ تَفَاقَمَتْ *** فَبِتُ أَقَاسِيهَا فَضَاقَ بِهَا صَدْرِي؟
فَمَا كُنتُ أدْرِي أَيُّ خَطبٍ أَنُوحُهُ *** وَ حَقِّكَ إِنِّي قَدْ تَحَيَّرْتُ فِي أَمْرِي؟
أَكَسْرُ ضُلُوعِي بَيْنَ بَابِي وَ حَائِطِي *** مِنَ القَوْم أَمْ لَطْمِي عَلَى الخَدٍّ أَمْ عَصْرِي؟(2)
أَأَبْكِي بِلا إِذْنٍ عَلَيَّ دُخُولَهُمْ *** بِبَيْنِي وَ إِنِّي كُنْتُ حَاسِرَةَ السِّتْرِ؟
أَأَبْكِي لِبَيْتِي شَبَّ بِالنَّارِ جَهْرَةً *** أَأَبْكِي لأَيْتَامٍ مَدَامِعُهُمْ تَجْرِي؟(3)
ص: 271
أَأَبْكِي ابْنَ عَمِّي أَخْرَجُوهُ مُلَبَّباً *** أم السِّقْطَ أَمْ وَقْعَ السَّبَاطِ عَلَى ظَهْرِي؟(1)
أَمَا قُلْتَ فِي الإِنْسَانِ يُحْفَظُ وُلْدُهُ *** فَقَوْمُكَ ذَلُّونِي وَ مَا عَرَفُوا قَدْرِي(2)
وَ مَا بَرِحَتْ تَنْعَاهُ ثَكْلَىٰ فَصَمَّمُوا *** عَلَى مَنْعِهَا أَنْ لاتَنُوحَ عَلَى الطُّهْرِ
فَصَارَتْ إِذَا شَاءَتْ تَنُوحُ تَخَمَّرَتْ *** بِخَمْرِ مُصَابٍ وَ الدُّمُوعُ دَماً تَجْرِي
وَ تَأْتِي إِلَى القَبْرِ الشَّرِيفِ وَ تَنْثَنِي *** تَنُوحُ أَبَاهَا وَ هْيَ نَاشِرَةُ الشَّعْرِ
فتَقْضِي بُكَاهَا ثُمَّ تَأْتِي أَرَاكَةً *** تُظَلِّلُهَا كَيْمَا تَفِيقَ مِنَ الحَرِّ
فَمُذْ عَلِمُوا تَأْوِي لَهَا حَلَّ قَطْعُهَا *** فَأَمْسَتْ تَوَدُّ المَوْتَ قَبْلَ سَنَا الفَجْرِ
إِلَىٰ أَنْ قَضَتْ لَهْفِي لَهَا بِمُصابِهَا *** بِمَا بَيْنَ سَبْعِ أَوْ ثَمَانٍ عَلَى العُسْرِ
قَضَتْ عُمْرَهَا ثَكْلَى وَ عَادَ تُرَاثُهَا *** بِأَيْدِي أَعَادِيهَا وَ مَخْفِيَّةَ القَبْرِ(3)
ص: 272
عَزِيزٌ عَلَى الكَرَّارِ بِاللَّيْلِ دَفْنُهَا *** وَ أَدْنَى الوَرَى فِي القَدْرِ يُدْفَنُ فِي جَهْرِ(1)
ص: 273
(بحر البسيط)
السيد محمد جمال الهاشمي(*)(1)
شَعَتْ فَلاَ الشَّمْسُ تَحْكِيهَا وَ لَاالقَمَرُ *** (زَهْرَاءُ) مِنْ نُورِهَا الأَكْوَانُ تَزْدَهِرُ(2)
بنتُ الخُلُودِ بِهَا الأَجْبَالُ خَاشِعَةً *** أُمُّ الزَّمَانِ إِلَيْهَا تَنْتَمِي العُصْرُ
رُوحُ الحَيَاةِ فَلَوْلاً لُطْفُ عُنْصُرِهَا *** لَمْ تَأتَلِفْ بَيْنَنَا الأَرْوَاحُ وَ الصُّوَرُ
سَمَتْ عَنِ الأُفْقِ لارُوحٌ وَ لامَلَكٌ *** وَفَاقَتِ الأَرْضَ لاجِنَّ وَ لاَبَشَرُ
مَجْبُولَةٌ مِنْ جَلاَلِ اللَّهِ طِينَتُهَا *** يَرِفُّ لُطْفاً عَلَيْهَا الصَّوْنُ وَ الخَفَرُ(3)
مَا عَابَ مَفْخَرَهَا التَّأْنِيتُ أَنَّ بِهَا *** عَلَى الرِّجَالِ نِسَاءُ الأَرْضِ تَفْتَخِرُ
خِصَالُهَا الغُرُّ جَلَّتْ أَنْ تَلُوكَ بِهَا *** مِنّا المَقَاوِلُ أَوْ تَدْنُو لَهَا الفِكَرُ
مَعْنَى النُّبُوَّةِ سِرُّ الوَحْيِ قَدْ نَزَلَتْ *** فِي بَيْتِ عِصْمَيْهَا الآيَاتُ وَ السُّورُ
ص: 274
حَوَتْ خِلالَ رَسُولِ اللَّهِ أَجْمَعَهَا *** لَوْلاَ الرِّسَالَةُ سَاوَىٰ أَصْلَهُ الثَّمَرُ(1)
تَدَرَّجَتْ فِي مَرَاقِي الحَقِّ عَارِجَةً *** لِمَشْرِقِ النُّورِ حَيْثُ السِّرُّ مُسْتَتِرُ
ثُمَّ انْثَنَتْ تَمْلَأُ الدُّنْيا مَعَارِفُها *** تَطْوِي الفُرونَ عَيّاءً، و هي تَنتَشِرُ
قُلْ لِلَّذِي رَاحَ يُخْفِي فَضْلَهَا حَسَداً *** وَجْهُ الحَقِيقَةِ عَنّا كَيْفَ يَنْسَتِرُ
أَتَقْرِنُ النُّورَ بِالظَّلْمَاءِ مِنْ سَفَهٍ؟ *** مَا أَنْتَ فِي القَوْلِ إِلا كَاذِبٌ أَشِرُ(2)
بِنْتُ النَّبِيِّ الَّذِي لَوْلاَ هِدَايَتُهُ *** مَا كَانَ لِلْحَقِّ لَاعَيْنٌ وَ لاَ أَثَرُ
هِيَ الَّتِي وَرِثَتْ حَقاً مَفَاخِرَهُ *** وَ العِطْرُ فِيهِ الَّذِي فِي الوَرْدِ مُدْخَرُ
فِي عِيدِ مِيلادِهَا الأَمْلاَكُ حَافِلَةٌ *** وَ الحُورُ فِي الجَنَّةِ العُلْيَا لَهَا سَمَرُ(3)
تَزَوَّجَتْ فِي السَّما بِالمُرْتَضَى شَرَفاً *** وَ الشَّمْسُ يَقْرِنُهَا فِي الرُّتْبَةِ القَمَرُ(4)
عَلَى النُّبُوَّةِ أَضْفَتْ فِي مَرَاتِبِهَا *** فَضْلَ الوِلايَةِ لاتُبْقِي وَ لاتَذَرُ
أمُّ الأَئِمَّةِ مَنْ طَوْعاً لِرَغْبَتِهِمْ *** يَعْلُو القَضَاءُ بِنَا أَوْ يَنْزِلُ القَدَرُ
قِفْ يَا يَرَاعِيَ عَنْ مَدْحِ البَتُولِ فَفِي *** مَدِيحِهَا تَهْتِفُ الأَلْوَاحُ وَ الزُّبُرُ
وَ ارْجِعْ لِتَسْتَخْبِرَ التَّارِيخَ عَنْ نَبَأٍ *** قَدْ فَاجَأَتْنَا بِهِ الأَنْبَاءُ وَ السِّيَرُ
هَلْ أَسْقَطَ القَوْمُ ضَرْباً حَمْلَهَا فَهَوَتْ *** تَئِنُّ مِمَّا بِهَا وَ الضِّلْعُ مُنكَسِرُ؟
ص: 275
وَ هَلْ كَمَا قِيلَ قَادُوا بَعْلَهَا فَعَدَتْ *** وَرَاهُ نَادِبَةً وَ الدَّمْعُ مُنْهَمِرُ؟(1)
إِنْ كَانَ حَقَّاً فَإِنَّ القَوْمَ قَدْ مَرَقُوا *** عَنِ الهُدَى وَ بِدِينِ اللَّهِ قَدْ كَفَرُوا(2)
ص: 276
(بحر البسيط)
السيد محمد جمال الهاشمي(*)(1)
تخميس الشيخ قيس العطار(**)(2)
حوراءُ يعجزُ عن أوصافها البشرُ *** عطرُ الجنان على الآفاق ينتشرُ
نورٌ من الله فوق الأرض ينغمرُ *** شعّت فلاالشمسُ تحكيها و لاالقمرُ
زهراءُ من نورها الأكوان تزدهرُ
إنسية مثلُ ضوءِ الشمسِ ساطعةُ *** رضيعةٌ من لبان الطُّهر راضعةُ
أمُّ الحسين غداً في الحشر شافعةُ *** بنتُ الخلود بها الأجيالُ خاشعةُ
أمُّ الزمان إليها تنتمي العُصُرُ
صديقةٌ قلبَ خير الخلق تمتلِكُ *** و بَضْعَةٌ في صفات الطُّهر تَشْتَركُ
كفضّة في ثنايا التِّير تنسبكُ *** سَمَتْ عن الأفق لاروحٌ و لامَلَكُ
و فاقت الأرض لاجنِّ و لابشرُ
رُوحُ الحياة بل الدنيا و زينتُها *** و مشرقُ النُّور و الأضواء طلعتها
و هيكلُ القُدس و الإيمان عفّتها *** مجبولةٌ من جلال اللَّه طينتها
يرفُّ لطفاً عليها الصَّونُ و الخَفَرُ
أُنشودةُ الحقِّ و التّاريخ يكتُبُها *** و دُرّةً في إطار اللَّوح ركّبها
ص: 277
ربُّ السماء لجنب العرش قربّها *** خصالُها الغُرُّ جلَّت أن تلوك بها
منَا المقاول أو تدنو لها ال-فکَرُ
بتولةٌ عن صفات الشَّين قد عزلَتْ *** كزهرة الخُلْد في الأغصان ما ذَبَلَتْ
و آية اللَّه من قُدراته اختزلتْ *** معنى النبوّة سرَّ الوحي قد نزلتْ
في بیت عصمتها الآيات الآياتُ و السورُ
في عالم الذرِّ قبل الخلق أبدعها *** في صُلب آدم عند الخلق أودعها
أمُّ الأئمّة باري الكون يرفعها *** حَوت خلالَ رسول اللَّه أجمعها
لولا الرسالةُ ساوى أصله الثّمرُ
بُشرى السماء بها الأملاك نازلةُ *** و عن لسان إله الحقِّ قائلةُ
أمّ الإمامين بنت المجد خالدةُ *** في عيد ميلادها الأملاكِ حافلةُ
و الحُورُ في الجنّة العليا لها السّمر
ص: 278
(بحر المتدارك)
الشيخ محمد جواد الجنابي النجفي
أفَصِيحُ لِسَانِكَ مَا أَبْهَرْ؟ *** أَمْ نَشْرُ بَيَانِكَ مَا أَثْمَرْ(1)
سُبْحَانَ قَدِيرِ صَاغَكَ مِنْ *** أَصْفَى الأَلْوَانِ مِنَ الجَوْهَرْ
فَتَمَيَّزْ دَركَّ يَا زَاكٍ *** بِوُضُوحٍ مِنْ تَحْتِ المِجْهَرْ
إِنْ يَذْكُرْهُ رَاوِيُهْدِي *** لِحَوَاسِ النَّاسِ شَذَى العَنْبَرْ
أَوْ يَسْمَعُهُ وَاعِي قَلْبٍ *** فِیهِ اسْتَغْنَى وَ بِهِ اسْتَبْصَرْ
أَوْ يَقْرَأَهُ لاَهٍ عَنْهُ *** لِلرُّشْدِ تَرَاجَعَ وَ اسْتَغْفَرْ
أَوْ یَسْمَعُهُ طَرِبٌ غَنَّى *** أَوْيَسْمَعُهُ حَبْرٌ كَبَّرْ(2)
فَأَجَلُ الذِّكْرِ حُبِيتَ بِهِ *** وَ لِغَيْرِكَ مَا شَيْءٌ يُذْكَرْ
فَلِذَا وَزْنُكَ فَاقَ الدُّنْيَا *** عِلماً و تُقّى لاَ بَلْ أَكْثَرْ
يَا مَنْ بِمَحَبَّتِهِ أَرْجُو *** وَ شَفَاعَتِهِ ذَنْبِي يُغْفَرْ
فَسَيَرْبَحُ مَادِحُكُمْ حَتْماً *** بِالحَشْرِ وَ مُبْغِضُكُمْ يَحْسَرْ
يَا مَنْ فِي الْأَرْضِ لَهُ نُورٌ *** بَادٍ كَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرْ
وَ مَفَاخِرُكَ اللآتِي فَاقَتْ *** لِلْحَدِّ وَ كَادَتْ لَاتُحْصَرْ
تُحْيِي الأَمْوَاتَ بِإذن اللَّهِ *** وَ عِنْدَ المَوْتِ لَنَا تُحْضَرْ
وَ وَطَأتَ العَرْشَ بِأَقْدَامٍ *** هِيَ مِنْ مَاءِ الدُّنْيَا أَطْهَرْ
ص: 279
يَا مَنْ ذِكْرُكَ يَرْوِي قَلْبِي *** كَالمَاءِ البَارِدِ عِنْدَ الحَرْ
قَدْ قَالَ لِشَخْصِكَ بَارِئُهُ *** (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرْ)
قَابَلْتَ الشَّرُكَ بِزُمَّتِهِ *** فَغَلَبْتَ عَلَيْهِ وَ لَمْ تُقْهَرْ
يَا مَنْ فِيهِ زَهَتِ الدُّنْيَا *** وَ بِهِ الفِرْدَوْسُ غَدَا يَرْهَرْ
يَا أَمْلَحَ مِنْ يُوسُفَ خَلْقاً *** يَا مَنْ هُوَ مِنْ نُوحٍ أَكْبَرْ
قِنْدِيلاً كُنْتَ بِسَاقِ العَرْشِ *** يَشِعُ بِكَ النُّورُ الأَخْضَرْ
إِنْ تَبْصُقْ فِي بِثرِيَحْلُو *** أَوْ تَنْزِلَ فِي قَفْرٍ أَزْهَرْ(1)
قَدْ حَنَّ لَكَ الجِذْعُ البَالِي *** يَا مَنْ قَدْ لاذَ بِهِ حَيْدَرْ
قَدْ قَامَ وَصِيُّكَ بِالمَطْلُوبِ *** وَ أَدَّى عَنْكَ وَ مَا قَصَّرْ
وَ تَحَمَّلَ مَا نَالُوا مِنْهُ *** مُذْ أَجْرَى اللَّهُ لِمَا قَدَّرْ
مَا أَعْمَاهُمْ عَنْ مَوْلاهُمْ *** وَ حِمَاهُمْ وَ الثّقْلِ الأَكْبَرْ
مَنْ هَدَّ الشَّرْكَ لَدَى بَدْرٍ *** مَنْ أَرْدَى مَرْحَبَ فِي خَيْبَرْ؟(2)
غَيْرُ الكَرَّارِ أَبِي الأَطْهَارِ *** وَ حَامِي الدِّينِ بِيَوْمِ الكَرْ
أفَتُضْرَبُ فَاطِمَةٌ جَهْراً *** وَ لَهَا ضِلْعٌ ظُلْماً يُكَسَرْ(3)
ص: 280
فَدَاکٌ تُعْصَبُ مِنْهَا قَهْراً *** وَ بِلَيْلِ فَاطِمَةٌ تُقْبَرْ(1)
ص: 281
وَ يُقَاسُ عَلِيٌّ فِي عُمَرٍ *** وَ أَبُوحَنِيفَةَ فِي جَعْفَرْ
إِنْ صَحَّ فَلاَ خَيْرٌ يُرْجَى *** لِلنَّاسِ وَ لاكَسْرٌ يُجْبَرْ
وَ عَلَيْهِ فَلاَ دِينٌ يَبْقَى *** الأَرْضِ وَ لاَسَعْيُ يُشْكَرْ
أَيُحْكَمُ فِي دِينِ الهَادِي *** مَنْ لَمْ يَنْجَرَّ بِحَرْفِ الجَرْ
وَمُعَاوِيَةٌ يَحْدُو فِينَا *** وَ أَخُوهُ ابْنُ العَاصِي الأَبْتَرْ(1)
وَ أَمَامَ ظُعُونِهِمُ يَسْرِي *** وَ يَشُدُّ عَزَائِمُهُمْ حَبْتَرْ(2)
فَكَثِيرُ الذِّكْرِ لِهَادِينَا *** وَ عَلَى الأَرْضِ النَّسْلُ الأَكْثَرْ
فَمَتَى يَبْسُمُ ثَغْرُ الدُّنْيَا *** لِلنَّاسِ وَ قَائِمُهُمْ يَظْهَرْ
ص: 282
(بحر المتدارك)
الشيخ محمد حسين الأنصاري (*)(1)
يَا أَوَّلَ نُورٍ قَدْ صُوِّرْ *** وَ بِهِ كُلُّ نَبِيَّ بَشَرْ
إنّا أَعْطَيْنَاكَ «الزَّهْرَا» *** «إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرْ»(2)
أَبْنَاءُ الزَّهْرَا وَ الزَّهْرا *** وَ أَبُوهَا وَ المَوْلَى حَيْدَرْ
مَا يَبْدُو خَيْرٌ فِي الدُّنْيَا *** إِلأَ وَ هُمُ كَانُوا المَصْدَرْ
ص: 283
وَ مَكَارِمُهَا تَبْدُو عَرَضاً *** وَ هُمُ كَانُوا نِعْمَ الجَوْهَرْ
فَهُمُ أوّلُ مَنْ قَدْ صَلَّى *** أَوَّلُ مَنْ هَلَّلَ أَوْ كَبَّرْ
أَلجَنَّةُ أَكْبَرُ مِنْ وَصْفٍ *** وَ فَوَاكِهُهَا حُسْناً أَكْبَرْ
وَ الزَّهْرَا فَاكِهَةٌ مِنْهَا *** وَ لِذَا فِيهَا سِحْرٌ يُؤْثَرْ(1)
وَ الشُّعْرُ عَلاَ بِمَدَائِحِهَا *** لاَيُذْكَرُ شَيْءٌ إِنْ تُذْكَر
أَنْوَارُ مَدَائِحِهَا تَطغَى *** حَتَّى فِي الصُّبْحَ إِذَا أَسْفَرْ(2)
وَ عَبِيرُ مَدَائِحِهَا يَذْكُو *** حَتَّى فِي المِسْكِ أَوِ العَنْبَرْ(3)
وَ رَقِيقُ مَدَائِحِهَا حُرٌّ *** لِسِوَاهَا بِالمُلْكِ فَلَا قَرْ
وَ جَمَالُ مَدَائِحِهَا يَبْدُو *** كَجَمَالِ الرَّوْضِ إِذَا أَزْهَرْ
كَالوَرْدِ الأَحْمَرِ إِذْ يَبْدُو *** يَجْلِسُ فِي مِحْرَابِ أَخْضَرْ
وَ إِذَا مَا شِئْتَ لَهَا وَصْفاً *** فَالنُّورُ لَهَا أَقْرَبُ مَعْبَرْ
وَ لِذَا فِي المَحْشَرِ لاَتَبْدُو *** حَتَّى بِالغَضِّ لَنَا يُؤْمَرْ
فَسَنَا بَرْقِ «الزَّهْرَا» سِحْرٌ *** يَخْطَفُ أَلْبَابَ ذَوِي المَحْشَرْ(4)
وَ يَكَادُ سَنَا بَرْقِ «الزَّهْرَا» *** يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ إِذَا مَرْ(5)
وَ رَبِيعُ مَدَائِحِهَا فَيْضٌ *** مِنْ جَنَبَاتِ العَرْشِ تَحَدَّرْ
وَ بِهِ أَرْضُ الشَّعْرِ سَتَزْهُو *** وَ سَمَاوَاتُ الشِّعْرِ سَتَزهَرُ
وَ تَكَادُ سَمَاوَاتُ الشُّعَرَاءِ *** بِمَدْح «الزَّهْرَا» تَتَفَطَّرْ
«الزَّهْرَا» مِشْكَاةٌ فِيهَا *** مِصْبَاحٌ يَا حُسْنَ المَنْظَرْ
ص: 284
وَ المِصْبَاحُ إِذَا مَا يَبْدُو *** فِي نُورِ زُجَاجَتِهِ مُغْمَرْ
دُرِّيٌّ كَوْكَبُهَا يَعْلُو *** وَ بِهِ نُورُ اللَّهِ تَكَوَّرْ(1)
يُوقَدُ مِنْ زَيْتُونَةٍ خَيْرٍ *** وَ لَهُ اللَّهُ لِهَذَا اسْتَأْثَرْ
وَ يَكَادُ الزَّيْتُ يُضِيءُ وَ لَوْ *** لَمْ تَمْسَسْهُ النَّارُ فَيُؤْمَرْ
نُورٌ فِي نُورٍ مِنْ نُورٍ *** سُبْحَانَ اللَّهِ إِذَا صَوَّرْ(2)
قَدْ قَالَ لَهَا الهَادِي قَوْلاً *** حَسْبِي هُذَا وَ بِهِ أَفْخَرْ
البَارِي يَرْضَى لِرِضَاهَا *** وَ بِذَا حَتَّى الشَّانِيءُ قَدْ قَرْ(3)
وَ يُكَنِّيهَا «أُمُّ أَبِيهَا» *** وَ تُخَصُّ بِآيَاتٍ أَكْثَرْ(4)
ص: 285
وَ يُقَبلُ حُبّاً إِكْرَاماً *** يَدَهَا وَ الأمْرُ هُنَا أَبْهَرْ(1)
فَالهَادِي لاَيَنْطِقُ هُجْراً *** لايَفْعَلُ إِلأَ مَا يُؤْمَرْ
شِيعَتُهَا فَازُوا بِوَلاهَا *** قَدْ فُطِمُوا مِنْ نَارٍ تُسْعَرْ(2)
ص: 286
(بحر الرمل)
الشيخ محمد حسين الأنصاري(*)(1)
غَلَتِ السَّاعَاتُ وَ اشْتَدَّتْ أَوَارا *** بِالْقِلابِ جَعَلَ النَّاسَ سُكَارَى(2)
مُنْذُ جَاؤُوا يَحْمِلُونَ الكِبْرَ فَخْراً *** مِثلَ إِبْلِيسَ أَبَى إلا افْتِخَارا
وَ لَهُمْ أَوْجُهُ بُؤسٍ كَالِحٍ *** تَطْلُبُ الظُّلْمَةُ مِنْهَا أَنْ تُوَارَى(3)
وَ لَهُمْ أَزَّ كَأَنَّ المَاءَ يَغْلِي *** وَ فَحِيحُ الصِّلِّ لَوْ خَافَ الغِمَارا(4)
وَ لَهُمْ أَعْيُنُ شَيْطَانٍ بِهَا *** شَرُّهُ الأَعْمَى عَلَى الإِيمَانِ فَارَا
وَ قُلُوبٌ لَهُمُ فَارِغَةٌ *** لَمْ يَكُنْ فِيهَا سِوَى الحِقْدِ شِغَارا
وَ لَهُمْ أَيْدٍ بَدَتْ مِنْ عُسْرِهَا *** أَيْدِ ذُلِّ تَطْلُبُ العِزَّ اغْتِرَارَا
لاَيَرَوْنَ الشَّمْسَ إِلا ظُلْمَةً *** وَ يَرَوْنَ الفُتْمَ مِنْ قُتمٍ نَهَارَا
أَيُّ مَعْنًى لَهُمُ أَدْرَكْتَهُ *** سَوْفَ تَلْقَاهُ هَبَاءً أَوْ عُبَارا
وَ لَهُمْ رَأْسٌ، وَ لاَرَأْسَ لَهُمْ *** لَوْ رَأَيْتَ الجِنَّ شَيْطاناً مُثارا
عُمَرٌ يَقدمُهُمْ فِي فِتْنَةٍ *** عَمَّتِ المِيزَانَ بَخْساً وَ خَسَارَا
عُمَرٌ يَقْدِمُهُمْ هَذَا الَّذِي *** مِنْ عَجِيبِ الأَمْرِ رَبَّ النَّاسِ صَارَا
ص: 287
يَطْلُبُ الأَعْوَانَ حَتَّى إِذْ رَأَى *** يَوْمَهَا الأَعْوَانَ قَدْ هَبَّ وَ ثَارا
وَ بَنُو الأَنْصَارِ مِنْ خَوْفٍ بِهِمْ *** مِنْ قُرَيْشٍ ضَيَّعُوا الأَمْرَ ابْتِدَارَا(1)
فَخَلَتْ سَاحَتُهَا يَوْمَئِذٍ *** لِبَنِي الخَطَّابِ خَيْلاً وَ قَرَارَا
لَوْ رَأَيْتَ القَوْمَ فِي هَجْمَتِهِمْ *** وَ هُمُ أَمْسَوْا لإبْلِيسَ حِمَارَا
حَصَرُوا كُلَّ قَوَانِينِ السَّما *** بَيْنَ قَوْسَيْنِ وَ زَادُوهَا حِصَارَا
بِسِهَامِ فُوّقَتْ فِي فُرْصَةٍ *** لِشَيَاطِينَ وَ شُدْهِ مِنْ حَيَارَى(2)
وَ أَتَوْا يَسْعَوْنَ فِي ظُلْمَتِهِمْ *** نَحْوَ نُورِ اللَّهِ كَيْ يُطْفَى جَهَارا
وَ الْتَقَتْ نَارَانِ فِي بَابِ الهُدَى *** وَ إِذَا بِالْكُفْرِ يَزْدَادُ اقْتِدَارَا
قِيلَ فِيهَا «فَاطِمٌ» قَالَ «وَإِنْ» *** فَبِذَا إِمضَاؤُنَا كَانَ وَدَارَا(3)
وَ تَجَلَّى «المُصْطَفَى» مِنْ خَلْفِهَا *** لَهُمُ فِي البَضْعَةِ الزَّهْرَا اخْتِبَارَا
غَيْرَ أَنَّ القَوْمَ قَدْ سَارُوا مَعاً *** نَحْوَ تَصْمِيمٍ لَهُمْ يُشْجِي الغَيَارَى
مُذْ رَأَتْهُمْ حَمَلُوا مِنْ حِقْدِهِمْ *** خَلْفَ بَاب الْبَيْتِ أَمْسَتْ تَتَوَارَى
مُذْ رَأَوْهَا عَصَرُوهَا عَصْرَةً *** لَمْ تَزَلْ تُلْبِسُهُمْ لِلْحَشْرِ عَارَا
طَلَّقُوا الإِيمَانَ تَطْلِيقاً بِهِ *** دَخَلُوا إِذْ أَدْخَلُوا فِي الدَّارِ نَارا
أَسْقَطُوهَا،كَسَرُوا ضِلْعاً لَهَا *** أَخْرَجُوا «حَيْدَرَهَا» مِثْلَ الأَسَارَى(4)
بَيْنَ تَصْدِيقِ وَ تَكْذِيبِ لَهُمْ *** أَسَدٌ قَائِدُهُ قَدْ كَانَ فَارَا
هُهُنَا صَوْتٌ خُذُوهُ، وَ هُنَا *** فَلْيُبَايِعُ أَوْ يُحَزُّ الرّأْسُ ثَارَا(5)
وَ هُمُ مَا اجْتَرَزُوا إِلا وَ هُمْ *** -مِنْهُمَا- يَدْرُونَهُ مُوصَّى مِرَارَا(6)
«إِنْ تَتُوبَا» لَمْ تُفِدْ فِي هَدْيِهِمْ *** لَمْ يَزِدْهُمْ رَدْعُهَا إِلا خَسَارَا
ص: 288
(بحر الطويل)
السيد محمد صالح البحراني(*)(1)
أَجَلُّ الوَرَى شَأناً وَ أَعْلَى النِّسَا قَدْرا *** جُمَانَةُ بَيْتِ الوَحْي فَاطِمَةُ الزَّهْرَا
مَنِ اشْتُقَّ قَبْلَ الخَلْقِ بِالنُّورِ سِرُّها *** فَأَزْهَرَتِ الآفَاقُ وَ اعْتَبقَتْ زَهْرَا
فَزُيِّنَ مِنْهَا العَرْشُ خَامِسَ خَمْسَةٍ *** حَبَتْ فِي السَّمَاءِ وَ الأَرْضِ أَهْلِيهِمَا بِشَرَا
حَبَا اللَّهُ مِنْهَا الخَلْقَ خَلْقاً فَأُودِعَتْ *** بِآدَمَ أَسْلاَفٌ لَهُمْ قُدَّسَتْ سِرّا
تَوَسَّلَ مِنْهُمْ فَاحْتَظَىٰ عَفْوَ رَبِّهِ *** بِأَسْمَاءِ نُورٍ تُخْجِلُ الشَّمْسَ وَ البَدْرَا
وَ أَوْدَعَ مِنْهُمْ نُورَ سَيِّدَةِ النِّسَا *** لَدَى ثَمَرِ فِي الخُلْدِ طَابَتْ بِهِ نَشْرَا
فَطَابَ بِهَا أَصْلاً وَ طَابَتْ بِهِ شَذّى *** إِلَى أَنْ جَنَاهُ المُصْطَفَى لَيْلَةَ الإِسْرَا
***
فَبَاتَ بِهِ فِي خَيْرِ صُلْبٍ نَمَا الهُدَى *** وَ صَبَّحَهُ فِي خَيْرِ رَحْمٍ مُلِي طُهْرَا
فَهَلْ عَلِمَتْ لِمَا حَوَتْهُ خَدِيجَةٌ *** حَوَىٰ رَحْمُهَا نُورَ الهُدَى وَ النَّدَى طُرّا(2)
فَإِنْ عَايَنَتْ قَدْ مَزَّقَ اللَّيْلَ نُورُهَا *** فَلَيْلُ الوَرَى مِنْ نُورِهَا احْتَطَى الفَجْرَا
وَ إِنْ أَنَسَتْ مِنْهَا... حَدِيثاً بِبَطْنِهَا *** فَقَدْ عَمَّتِ الدُّنْيَا أَحَادِيتُهَا ذِكْرَا
وَ مَا تَمَّ مِنْهَا الحَمْلُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ *** لَدَى الرَّحْمٍ حَتَّى ثُمَّ جَوْهَرُهَا فَخْرَا
فَجَاءَتْ بِوَصْفِ الحُورِ فِي خَيْرِ صُورَةٍ *** مِنَ الإِنسِ قَامَتْ فِيهِ إنْسِيَّةٌ حَوْرَا
***
ص: 289
أَبَى اللَّه أَنْ تَحْظَى يَدُ الشِّرْكِ مَسَّهَا *** فَأَوْحَى لَهَا حُوراً يَلِينَ لَهَا أَمْرَا
فَجِئنَ لَهَا حُورُ الجِنَانِ يَلِينَهَا *** فَطَهَّرْنَهَا جِسْماً وَ جَسَّمْنَهَا طُهْرَا
بِمَاءٍ مِنَ الحَيَوَانِ فِي طَشْتِ فِضَّةٍ *** بِإِبْرِيقِ تِبْرٍ صِرْنَ يَسْبِكْنَهَا تِبْرَا(1)
وَ فِي بُرْدَتَيْ وَ شْي وَ إِسْتَبْرَقٍ غَدَتْ *** تُؤَخِّرُهَا رِفْقاً وَ تُرْفِقُهَا إِزْرَا(2)
وَ عَادَتْ تُحْيِي كُلِّ حَوْراءَ بِاسْمِهَا *** فَمَا أَخْبَرَتْ خَطْأً و لاأخَطَأَتْ خُبْرَا
فَمَا أَجَلَتِ الأَيَّامُ عَنْ بِنْتِ سَاعَةٍ *** أَنَتْ بِاسْم مَنْ يُقْبِلْنَ مِنْ أُمِّهَا أَدْرَى
وَ لاشَاهَدَتْ قَطُّ النِّسَا مَنْ تَكَلَّمَتْ *** لَدَى الوَضْعَ حَتَّى مَرْيماً وَ الَّتِي أَحْرَى
***
فَحُقٌّ لَدَى مِيلادِهَا لَوْ تَهَلَّلَتْ *** وُجُوهُ السَّمَا وَ الأَرْضِ بِالأُنْسِ وَ السَّرِّا
وَ حُقَّ لَدَى المِيلادِ أَنْ تَنْفُرَ السَّمَا *** عَنِ اللُّؤْلُو المَكْنُونِ أَنْجُمُهَا نَثْرَا
فَقَدْ نَثَرَتْ طُوبَى عَلَى الخُلْدِ حَلْيَهَا *** وَ قَلَّ لَهَا أنْ تَنْفُرَ الجَزْعَ وَ الدّرَا(3)
وَ رَجَتْ جِنَانُ الخُلْدِ بِالأُنْسِ رَجَةً *** فَعَادَ الهَنَا وَ البِشْرُ يَجْرِي بِهَا بَحْرَا
وَ أَلْبَسَتِ الدُّنْيَا مِنَ النُّورِ خَلْعَةً *** يَكَادُ السَّنَا مِنْهَا يَهِلُّ الهَنَا قَطْرَا
وَ إِنَّ هَنَاءٌ سَرَّ قَلْبَ مُحَمَّدٍ *** لَتَزْهُو بِهِ الخَضْرَا وَ تَحْيَى بِهِ الغَبْرَا
حَباهُ بِهَا الجَبَّارُ جَوْهَرَ عِصْمَةٍ *** فَجَاءَتْ بَئُولاً صَفْوَةً طَاهِراً عَذْرَا
***
غَدَتْ آيَةٌ فِي كُلِّ خُلْقٍ وَ خِلْقَةٍ *** فَجَاءَ بَنُوهَا آيَةً أَحَدَ عَشْرَا(4)
ص: 290
فَإِنْ كَانَ يَلْنَ السَّيِّدَاتُ عُلُومَهَا *** دُرُوساً بِكُلِّيَاتٍ اسْتَهْلَكَتْ عُمْرَا
فَإِنَّ بَتُولَ الفَضْلِ بِالمَهْدِ أَرْضَعَتْ *** مِنَ العِلْمِ مَا لَمْ تَحْرِهِ العُلَما سرَا
لَقَدْ رَضَعَتْ فِي مَهْدِهَا العِلْمَ وَ الهُدَى *** فَمَا اسْتَفْسَرَتْ مَعْنَى وَ لاَأُرْفِقَتْ سِفْرَا(1)
تُحَدِّتُهَا الأَمْلاَكُ عِلْماً وَ هَلْ تَرَى *** بِهِ كَانَتِ الأَمْلَاكُ مِنْ قَبْلِهَا أَدْرَىٰ
فَلَمْ تَكُ إِلا مِثْلَ مَنْ حَمَلَ النَّدَى *** إِلَى السُّحْبِ أَوْ أَهْدَى إِلَى هَجَرٍ تَمْرَا
وَ مَا الظَّنُّ فِيمَنْ مِنْ مَعَارِفهَا اسْتَقَتْ *** رِجَالُ الوَرَى مَاءً فَأَغْنَتْهُمُ تَبْرَا
فَمِنْهَا اقْتَنَى سَلْمَانُ عِلْماً وَ جَابِرٌ *** فَفَاضَتْ لأَهْلِ العِلْم رَشْحَتُهُ بَحْرَا
فَسَلْ عَنْ عُلُوم الكيميًا مَنْ أَتَى بِهَا *** سِوَى فِضَّةٍ أَم مَنْ أَحَاطَ بِهَا خُبْرَا؟
***
فَإِنْ كَانَ فِي عِيسَى لِلنَّصَارَى وَ أُمِّهِ *** تَرَى يَوْمَ مِيلادَيْهِمَا تَجِبُ الذِّكْرَى
فَقَدْ حَقَّ فِي مِيلادِ سَيْدَةِ النَّسَا *** تُسَرُّ بَنُو الدُّنْيَا وَ تَحْيِي بَنُو الأُخْرَى
فَمَا مَرْيَمٌ نَالَتْ كَفَاطِمَةٍ أَباً *** وَ لاَ ابْناً وَ لاَنُسْكاً وَ لاَاسْماً وَ لاَفَخْرَا
فَلَمْ يَكُ عِمْرَانٌ أباً كَمُحَمَّدٍ *** وَ لا الرُّوحُ مِنْ أَبْنَائِهَا بِالعُلَى أَحْرَى
فَإِنَّ أَجَلَّ الخَلْقِ أَكْبَرُهُمْ بَلاً *** وَ أَقْرَبُهُمْ لِلَّهِ أَعْظَمُهُمْ صَبْرَا
فَمَا نَالَ عِيسَى كَالْحُسَيْنِ رَزِيَّةً *** وَ لَامَرْيَمُ نَالَتْ كَفَاطِمَةٍ إِصْرَا
فَإِنْ تَكُنِ العَذْرَاءُ سَيْدَةَ النَّسَا *** فَسَيْدَةُ السَّادَاتِ فَاطِمَةُ الزَّهْرَا(2)
ص: 291
(بحر البسيط)
الأستاذ محمد علي العلي (*)(1)
إِنَّا عَلَى العَهْدِ لَمْ يَكُنْ لَنَا وَتَرُ *** وَإِنْ نَأَى العيدُ أَوْ شَطَتْ بنَا العُصْرُ(2)
عَوْداً عَلَى البَدْءِ مِمَّا كَانَ مِنْ هَزَجٍ *** مَع الخيَالِ تُعَاطِيهِ بِهِ فِكَرُ
وَ عَوْدَةٌ لِرِحَابِ المَجْدِ فِي شَرَفِ *** الذِّكْرَى وَ حَيْثُ أَرِيجُ العِظر مُنتَشِرُ
هُنَاكَ حَيْثُ تَرَاهَا وَ هُيَ مَائِلَةٌ *** خَدِيجَةً إِذْ دَعَاهَا لِلْعُلَا قَدَرُ
وَ حَوْلَهَا مِنْ نُجُومِ الخُلْدِ كَوْكَبَةٌ *** تَحُوطُهَا وَ هْيَ فِيمَا بَيْنَهَا قَمَرُ
وَ فَاطِمٌ قَدْ بَدَتْ تَدْنُو لِعَالَمِها *** فَنُورُهَا مِثْلُ ضَوْءِ الصُّبْحِ يَنْتَشِرُ(3)
وَ سَاعَةً إِذْ تَجَلَّتْ وَ هيَ طَالِعَةٌ *** فَعَطرَ البِشْرُ إِذْ جَلَّى بِهَا الخَبْرُ
وَ زَغْرَدَ الحَفْلُ فِي إِشْرَاقِهَا طَرَباً *** فَطَائِرُ السَّعْدِ غَنَّى صَوْتُهُ الهَدِرُ
وَهَا تَرَاهَا بَدَتْ بَيْنَ الأَكُفِّ لَهَا *** كَوَرْدَةٍ يَتَهَادَى رِيحُهَا العَطِرُ
فَتِلْكَ تَلكُمُ نَعْراً تِلْكَ تَحْضُنُهَا *** شَوْقاً وَ تِلْكَ بِلَفْ البُرْدِ تَفْتَخِرُ(4)
ص: 292
وَ أُمُّهَا وَ هيَ قَلْبٌ تَسْتَحِيلُ لَهَا *** مِنَ الحَنَانِ وَ قَدْ جَلَّى بِهَا الأَثَرُ
أكَانَ أَرْوَعَ مِنْ أَمْ تُطَالِعُهَا *** شَمْسُ الوُجُودِ وَلِيداً فِيهِ تَبْتَكِرُ(1)
وَ لِلرَّسُولِ مَقَامٌ لاَيُصَوِّرُهُ *** وَصْفُ الخَيَالِ وَ لاَتُجْلَى لَهُ الفِكْرُ
وَ كَيْفَ يُوصَفُ شَانٌ خُصَّ فِيهِ لَهُ *** مِنَ الجَلالَةِ مَا لَا تَحْوِهِ السُّطْرُ؟
فَصَفْحَةُ الغَيْبِ تَبْدُو وَ هْيَ مَائِلَةٌ *** أَمَامَ عَيْنَيْهِ تَحْكِي مَا بِهَا صُوَرُ
مَشَاهِدٌ تَتَجَلَّى لِلْبَتُولِ بِهَا *** تُرِيهِ مَا سَيُجَلِّي شَأْنَهُ القَدَرُ
فَتِلْكَ فَاطِمَةٌ بِنْتُ يُدَاعِبُهَا *** رَيْحَانَةٌ إِنْ عَرَا فِي نَفْسِهِ كَدَرُ
وَ فَاطِمٌ وَ هْيَ فِي دَوْرِ الشَّبَابِ بَدَتْ *** لَهَا بِهِ لأَمْرِ مِن ادْرَاكِهَا نَظَرُ
وَ فَاطِمٌ وَ هْيَ زَوْجٌ حَيْثُ يُسْعِدُهُ *** بَأَنْ لَهَا فِي شُؤُونِ البَيْتِ مُنْصَهَرُ
وَ فَاطِمٌ وَ هيَ أُمُّ إِذْ يُبَارِكُهَا *** وَلِيدُهَا حِينَمَا يُزْكِي لَهُ خَبَرُ
وَ إِنَّهَا فِيهِ أُمُّ لِلْهُدَاةِ كَمَا *** شَاءَ الإِلهُ فَمِنْهَا السّادَةُ الغُرَرُ
وَ ذَاكَ يَقْرَؤُهُ فِي نُورِ غُرَّتِهَا *** فَفِي الجَبِينِ سُطُورُ الغَيْبِ تَنْتَشِرُ(2)
ص: 293
(بحر المتقارب)
الشيخ محمد علي اليعقوبي(*)(1)
إلامَ لِوَاؤُكَ لاَ يُنْشَرُ *** وَ حَتَّى مَ سَيفُكَ لاَيُشْهَرُ؟
فَكَمْ أَكْبُدٍ لَكَ مِنْ شَوْقِهَا *** تَحِنُّ وَ كَمْ أَعْيُنٍ تَسْهَرُ؟
أتُغْضِي وَ أَسْيَافُ أَعْدَائِكُمْ *** إِلَى اليَوْمِ مِنْ دَمِكُمْ تَقْطُرُ؟(2)
أتَنْسَى القَتِيلَ بِمِحْرَابِهِ *** لَهُ الرُّوحُ يَبْكِي وَ يَسْتَعْبِرُ؟
وَ سِبْطَيْنِ بِالسُّمِّ هَذَا قَضَى *** وَ ذَاكَ عَلَى ظَما يُنْحَرُ
وَ أَكْبَرُ خَطبٍ دَهَاكُمْ لَدَيْهِ *** تَهُونُ الخُطُوبُ وَ تُسْتَصْغَرُ
مُصَابُ الرَّسُولِ وَ هَتْكُ البَتُولِ *** وَ مَا لَقِيَ المُرْتَضَى حَيْدَرُ(3)
يَعِزُّ عَلَى أَحْمَدٍ لَوْ دَرَىٰ *** لِمَنْ قَدَّمُوا وَ لِمَنْ أَخَّرُوا
و لا بِدْعَ أَنْ هَجُروا الإلهَ *** فَقَدْ زَعَمُوا أَنَّهُ (يَهْجُرُ)(4)
فَيَا فِئَةَ ضَاعَ مَعْرُوفُهَا *** وَ قَدْ ذَاعَ مَا بَيْنَهَا المُنْكَرُ
قَدِ اعْتَسَفَتْ فِي دِيَاجِي الضَّلاَلِ *** وَ مِنْ حَوْلِهَا القَمَرُ الأَزْهَرُ(5)
أَاللَّهُ مِنْ بَعْدِ يَوْمِ الغَدِيرِ *** حُقُوقُ أَبِي حَسَنٍ تَغْدِرُ؟
ص: 294
يَرَاهُمْ عَلَى مِنْبَرِ المُصْطَفَى *** وَ مَا قَامَ إِلاَّ بِهِ المِنْبَرُ
وَ تَعُدُو الخِلافَةُ بِالاجْتِمَاع *** وَ نَصُّ الإلهِ بِهَا يُنْكَرُ
وَ أَيُّ اجْتِمَاعِ لَهُمْ إِنْ تَكُنْ *** بِهِ عِتْرَةُ الوَحْيِ لَاتَحْضُرُ؟
وَ أَضْحَى الوَصِيُّ وَ نَفْسُ النَّبِيِّ *** بِهَا لَيْسَ يَنْهَى وَ لاَيَأْمُرُ
لَقَدْ أَضْمَرُوا غَدْرَهُمْ فِي الصُّدُورِ *** فَلَمَّا مَضَى المُصْطَفَى أَظْهَرُوا
فَيَا لَوْعَةً لَمْ تَزَلْ فِي القُلُوبِ *** إِلَى الحَشْر نِيرَانُهَا تُسْعَرُ
أَمَنْ رَفَعَ اللَّهُ شَأْنَا لَهَا *** مِنَ العَدْلِ أَضْلاعُهَا تُكْسَرُ؟
تخَانُ وَدِيعةُ طهَ الأمِينِ *** لَدَيْهِمْ وَ ذِمَّتُهُ تُحْفَرُ(1)
وَ يَمْنَعُهَا القَوْمُ حَتَّى البُكَاءَ *** عَلَيْهِ وَ عَنْ إِرْلِهِ تُنْهَرُ(2)
وَ يُبْتَزُّ فِي فَدَكٍ حَقُهَا *** بِمَا اخْتَلَفُوا وَ بِمَا زَوَّرُوا(3)
زَوَوْا إِرْثَهَا إِذْ رَوَوْا فَافْتَرَوْا *** حَدِيثاً عَنِ الظُّهْرِ لايُؤْثَرُ(4)
قَضَتْ وَ هْيَ غَضْبَى عَلَى المُسْلِمِينَ *** فَمَاذَا يُلاَقُونَ إِنْ يُحْشَرُوا؟
أَيَظْلِمُهَا مِنْهُمُ مَعْشَرٌ *** وَ يَقْعُدُ عَنْ نَصْرِهَا مَعْشَرُ؟
لَهَا فِي غَدٍ مَعَهُمْ مَوْقِفٌ *** بِهِ الخَصْمُ وَالِدُهَا الأَطْهَرُ(5)
ص: 295
أَحَامِي الحِمَى كَيْفَ ذَلَّ الحِمَى *** فَأَضْحَتْ بِهِ فَاطِمُ تُذْعَرُ؟
وَ يَا دَاحِيَ البَابِ هَلاً غَضِبْتَ *** لِبَابِ غَدَتْ خَلْفَهُ تُعْصَرُ
تُضَامُ ابْنَةُ المُصْطَفَى جَهْرَةً *** وَ سِرّاً بِجُنْحِ الدُّجَى تُقْبَرُ(1)
وَ أُقْسِمُ لَوْلاً وَصَايَا الرَّسُولِ *** لَضَاقَ بِهَا الوِرْدَ وَ المَصْدَرُ(2)
ص: 296
(بحر المتدارك)
الحاج محمد الكوفي القطيفي
زَمَنُ الإِقْبَالِ أَتَى يَفْرَى *** فِي نَيْلِ مُنَاكَ لَكَ البُشْرَى(1)
النَّحْسُ أَفَلْنَ كَوَاكِبُهُ *** وَ نُجُومُ السَّعْدِ بَدَتْ نُورا(2)
وَ لَيَالِي العُسْرِ مَضَتْ وَ أَتَتْ *** أَيَامُ اليُسْرِ بِنَا تَتْرَى
وَ الأَرْضُ المَيْتَةُ أَحْيَاهَا *** الخَلاَّقُ وَ مَاحِلُهَا اخْضَرّا(3)
أَجْرَى فِيهَا نَهْراً عَذْباً *** فَتَبَارَكَ مَنْ أَجْرَى النَّهْرَا
بِرَبِيعٍ الخَصْبِ قَدِ اخْضَرَّتْ *** أَرْضٌ كَانَتْ قِدْماً قَفْرَا(4)
عَذُبَتْ مَاءٌ كَثُرَتْ رَوْضاً *** حَسُنَتْ مَرأى نَفْحَتْ عِطْرا
وَ قَدِ ابْتَسَمَتْ زَهْراً لَمَّا *** بَرَزَتْ فِي حُلَّتِهَا الخَضْرَا
تَهْتَزُّ مَعَاطِفُهَا طَرَباً *** لِنَسِیمِ الرَّوْضِ إِذَا مَرَّا
وَ الطَّيْرُ تُغَرِّدُ بِالمَغْنَى *** مُتَقَنَتَةً طَوْراً طَوْرا
وَ تُرِدِّدُ أَلْحَاناً تَحْكِي *** نَغَمَاتِ العُودِ إِذَا جَرَا
فَتَمَايَلَتِ الأغْصَانُ لَهَا *** مُتَثَنْيَةً يُمْنَى يُسْرَى(5)
ص: 297
نُزَهٌ حَفَّتْ بِرَيَا حِينٍ *** مَعْلُولُ الجِسْمِ بِهَا يَبْرَي(1)
طَرِبَ القُمْرِي فَشَدا نَظماً *** وَ البُلْبُلُ يَشْرَحُهَا نَثْرا
وَفَتَاةُ الحَيِّ لِعَاشِقِهَا *** سَمَحَتْ بِالوَصْلِ لَهُ جَهْرا
فَاهَتَ بِالوُدِّ عَلانِيَةً *** لَمْ تَأْخُذْ مِنْ أَحَدٍ حِذْرا
زَفَّتْ عُرْساً كَيْ مَا تُرْضِي *** إِلْفاً يَشْكُو مِنْهَا الهَجْرا
فدَنَتْ مُتَذَللَةٌ شَعَفاً *** مُتَضَرْعَةٌ تُبْدِي العُذْرا
رَفعَتْ أَطْرَافَ نِقَابِ *** الحُسْنِ فَبَانَ مُحَيَّاها بَدْرا(2)
جَرَحَتْ أَحْشَائِي حِينَ رَنَتْ *** فَكَأَنَّ بِمُقْلَتِهَا سِحْرا
لَوْلاَ لِينُ الأَعْطَافِ وَ *** حُسْنُ الخُلْقِ وَإعْلانُ البُشْرَى
مَا كُنتُ لِهَيْبَتِهَا أَدْنُو *** لأُقَبْلَ وَ جْنَتَهَا الحَمْرا
فِي الخَدَّ الوَرْدُ و فِي فِيهَا *** شَهْدٌ يَرْوِي الكَبِدَ الحَرَّي(3)
فَشَمَمْتُ الوَرْدَ وَذُقْتُ الشَّهْدَ *** بِتَرْشِيفِي ذَاكَ الثَّغْرا(4)
فَمَحَتْ عَنِّي شَطْراً مِمّا *** أَلْقَاهُ وَ أَبْقَتْ لِي شَطْرا
قَدْ سُرَّ القَلْبُ بِجَمْعِ الشَّمْلِ *** وَ نِلْتُ بِنَيْلِيهاخُبْرا(5)
وَ أَزَالَ الهَمَّ فِرَاقُ العُسْرِ *** فَلَمْ يَخشَ البَدَنُ الضُّرْا
يَا مَنْ قَدْ أَكْثَرْتُمْ عَذْلي *** فِيهَا جِئْتُمْ شَيْئاً نُكْرا(6)
عَجَباً مِمَّنْ يَلْحُونِي عَلَى *** مَا لَيْسَ يُحِيطُ بِهِ خُبْرا(7)
ما كَانَ العِشْقُ لَهَا سَفَهاً *** لَكِنَّ بِعِشقَيْهَا سِرّا
ص: 298
نَالَتْ حُبِّي لَمّا كَانَتْ *** مِنْ شِيعَةِ فَاطِمَةَ الزَّهْرا
مَنْ قَدْ زَهَتِ الأَكْوَانُ بِنُورِ *** تَبَلُّج غُرَّتِهَا الغَرّا
حَدِّثْ يَا صَاحٍ بِمِدْحَتِهَا *** وَ أَعِدْ فَالَعَوْدُ بِهَا أَحْرَى
وَ اشْرَحْ بِتَذَكَّرِهَا صَدْرِي *** فَتَذَكُرُهَا يَشْرَحُ الصَّدْرَا
هِيَ بَضْعَةُ خَيْرِ الرُّسُلِ وَمَنْ *** عَظُمَتْ شَأْناً وَ سَمَتْ قَدْرا(1)
خُصَّتُ بِفَضَائِلَ قَدْ جَلَّتْ *** مِنْ أنْ تَسْتَطِيعَ لَهَا حَصْرا
مُدِحَتْ فِي الذِّكْرِ مِنَ البَارِي *** وَ الهَادِي إِذْ سَرَّتْ سِرّا
قَدْ أَتْحَفَهُ الجَبَّارُ بِهَا *** فَهِيَ الإِنْسِيَّةُ وَ الحَوْرا(2)
لَوْلاهَا مَا كَانَتْ حَوّاءُ *** وَ مَرْيَمُ مَا نَالَتْ فَخْرا
إنْ كَانَتْ مَرْيَمُ قَدْ سَادَتْ *** فِي عَالَمهَا وَ عَلَتْ قَدْرا
فَالطُّهْرُ سِيَادَتُهَا عَمَّتْ *** لِنِسَاءِ عَوَالِمِهَا طُرّا
يُرْضِي البَارِي مَايُرْضِيهَا *** يَاشِيعَتَهَا لَكُمُ البُشْرَى(3)
نِلْتُمْ أَمْناً بولايتِهَا *** فِي يَوْمِ النَّازِلَةِ الكُبْرَى
مَن والاها يَلْقَى خَيْراً *** مَنْ عَادَاهَا يَلْقَى شَرّا
عُقْبَى مَنْ وَالآهَا الحُسْنَى *** وَ لِعُقْبَى الغَيْرِ غَدَتْ خُسْرا(4)
ص: 299
وَإِذَا احْتَارَ المَوْلُودُ وَ مِنْ *** دَهَشٍ عَنْ وَالِدَةٍ فَرّا
وَ تَقَطَّعَتِ الأَسْبَابُ فَلاَ *** أَنْسَابَ هُنَاكَ وَ لاَنَصْرَا
أَنْتُمْ وَاللَّهِ المَنْصُورُونَ *** بِنُصْرَةِ فَاطِمَةَ الزَّهرْا
أَتَرُونَ النَّارَ تَمَسُّ غَداً *** جِسْمِي وَ أُذُوقُ لَهَا حَرّا؟
قَسَماً بِوِلايَتِهَا إِنِّي *** لَمْ أَخْشَ بِآخِرَتِي شَرّا
وَ لَئِنْ كَسَبَتْ نَفْسِي وِزْراً *** فَمَحَبَّتُهَا تَمْحُو الوِزْرا(1)
هِيَ شَافِعَةٌ لِمُحِبيها *** مُحِبٌ مُحِبيِّها طُرّا(2)
ص: 300
لكِنَّ لَهَا شَأْنَاً يُشْجِي *** وَ يُصَدْعُ فَحْوَاهُ الصَّخْرا(1)
إِذْ تُبْدِي الشَّكْوَى نَاشِرَةً *** لِلشَّعْرِ وَ مُقْلَتُهَا عَبْرَى(2)
ص: 301
(بحر البسيط)
السيد محيي الدين الغريفي(*)(1)
روتْ لنا الطُّهْرُ بنت المصطفى خبَرَا *** بنقلِ خَير ثقاتٍ كانَ مُعْتَبَرا
تلكَ البتولُ التي قدراً سَمَتْ وَ رَقَتْ *** عِزاً بخدمَتِها جبريلُ قد فَخَرا
قالتْ أتاني أبي يوماً و قالُ أيا *** بنتاهُ للضعفِ في جِسمي أرى أَثَرا
فقلتُ يا أبتي باللَّهِ عذتُكَ من *** ضعفٍ دهاكَ فمنهُ القولُ قد صَدَرا
غطّي بنيةُ جِسمي بالكساءِ و مذ *** غطّيتُهُ صرتُ منه أُكثِرِ النَظَرا
ص: 302
إذا مُحَيَّاه تحكي البدرَ طلعَتُه *** في ليلةٍ بتمامِ النورِ قد ظَهَرا
فما انقَضَتْ ساعةٌ حتى أتى حسنٌ *** و بالسلام ابتدائي مِنهُ مُبْتَشِرا
و مُذ رددتُ سلامي قلتُ يا ثمرَ *** الفوائدِ أهلاً و من لي أَصْبَحَ البَصَرا
فقالَ إني أشُمُّ اليومَ رائحةً *** كأنَّها ريحُ من أُسري به سَحَرا
فقلتُ جدُّكَ ذا تحتَ الكسا فأتى *** مسلماً واقفاً للإذن مُنْتَظِرا
فجاءَ إذنُ دخولٍ للزكيِّ من *** الجدِ النبيِّ و بالإكرامِ قد ظَفَرا
وما انقَضَتْ ساعةٌ حتى أتى وَلِدي *** السبطُ الشهيدُ و بالتسليمِ قد بَدَرا
و قال رائحةً في الدارِ طيبةً *** أشُمُّ تعطي لريحِ المصطفى صُوّرا
فقلتُ جدُّكَ ذا و المُجتَبى حَسَنٌ *** تحتَ الكِساءِ فراحَ السبطُ منحَدِرا
نحوَ الكساءِ و مُذ بالمصطفى بَصَرا *** أهداهُ منه سلاماً للهمومِ بری
و قال هل يأذنُ الجَدُ الرسولُ بأن *** مُضاجعاً لَهُما تحتَ الكِساء أرى
فجاءَهُ الأذنُ من خيرِ الورى و أَتَى *** من بعدِهِ من بهِ الإسلامُ قد نَصَرا
ذاك الوَصيُّ وحيَّانِي تحيَّتَهُ *** و قال ريحُ أخي في دارِنا أَنْتَشَرا
فقلتُ: مع ولديكَ المصطفى التحفا *** بِذا الكساءِ اليمانيِّ الذي ازْدَهَرا
فجاء حيدرةٌ يَهدِي السَّلامَ إلى *** أخيهِ ذي الآيةِ العُظمى الَّذِي كَبرا
مستأذناً منه في أن يدخلَنْ إلى الكساء *** الذي لَهُمُ قد كانَ مُدَّخرا
أجابَهُ أُدخل أخي قالتْ فجئتُ أنا *** من بعدِ ما دخلُوا و البيتُ قد زهرا
و قلت من بعدِ أن سلَّمْتُ: يا أبتي *** هل أدخلَنْ مَعَكُم تحت الكساءِ تَرى
و بعدَ أن دخَلَتْ و الخمسةُ أكتمَلُوا *** تحتَ الكسا و بهم ذاك الكِسا أبْتَشَرا
نادى الإلهُ بسكانِ السما و *** بالملائكِ سامعين الأَمْرَ إِن أَمَرَا
و عزّتي و جلالي ما خلقتُ سماً *** و لاثرى و لاشمساً و لاقَمَرا
و لاسرَى الفُلك في بحرٍ و لافَلكٍ *** في الجوِ دارَ و لابحرٍ ترونَ جَرَى
الاّ لحبِ کرامٍ خمسةِ اجتمعُوا *** تحتَ الكسا الكونُ فيهم قد غَدا نَضِرا
فقالَ جبريل: يا ربَّ العبادِ و مَنْ *** تحتَ الكساءِ فأصغى كلُّ من حَضَرا
ص: 303
فقال من بيتهم في النبوة من *** همُ للرسالةِ أَضَحَوا مَعدِناً ذخرا
هُم فاطمُ الطهر و أبناها و والدُها *** و بعلُها حيدرٌ من شَرَّفُوا مُضرا
فقالَ جبريلُ للبارِي أتأذنُ لي *** أن اهبِطَن لأغدُوا سادسَ الأُمرا
أجابُه أهبِطْ فجاءَ الروحُ ممتثلاً *** يَهدِي السلام إلى خيرِ الوَرى بَشَرا
و قال: يقرئُكَ اللَّهُ السلامَ و *** بالإكرامِ خصَّك يا من بلَّغَ النذرا
و بالجلالةِ الى ما خلقتُ سَماً *** أو بدرَ أو شمسَ بل ما قد دحوتُ ثَرى
و لاجرى البحرُ في الدنيا و سارَ بهِ *** فُلكُ و لافَلَكٌ في الخافقينِ سَرَى
إلا لأجلِكُمُ و الإذنُ منهُ بَدت *** لي بالدخولِ فهلْ لي ذاكَ أنتَ تَرَى
أجابَهُ أدخل مَعِي فيه و مذ دخلِ *** الكِسا الأمينُ و في قرباهُمُ افْتَخَرا
«أضحى يبلِّغ أنَّ اللَّهَ طَهَّرَكُم *** و أذهبَ الرِجس عنكُم من بَرى البشرا»
فقال حيدرُ: ما فضلُ الجلوسِ لنا *** تحتَ الكسا يا رسولَ اللَّه مُختبرا
أجابَهُ والذي بالحقِ أرسلني *** ثم اصطفانِي نجياً ما رَوَى الخَبَرا
بمحفلٍ الأرضِ جمعٌ فيه شِيعتُنَا *** و من لنا مخلصاً أضحَى و مِنْتَصِرا
إلا و أنزل رَبُّ الخلق رحمتَهُ *** عليهم فعليهم خيرهُ انْتَثَرا
و فيهمُ كرماً حفّت ملائكةٌ *** و استغفرت لهم فالذنبِّ قد غُفِرا
فقال حيدرةٌ فزنا و شيعتُنا *** و ربُّ ذا البيتِ من سبعِ السما فطرا
و أقسمَ المصطفى من بعدِ ذا علنا *** بأنَّ حديثَ الكسا في الأرضِ ما ذُكرا
في محفلٍ فيه أشياعٌ لنا و بهم *** مهمومُ ألا و عنهُ الهمُّ قد دثرا
أو كانَ مغمومُ أو داعٍ لحاجتهِ *** الا و فرّج عنهُ الغَمِّ و انْدَحَرا
فأقسَمَ المُرتضى فزنا و شيعتُنا *** كما سُعدنا و هم نالُوا بنا الظَفَرا
دنياً و يوم يقوم الناسُ أجمعُهم *** لربّهم كلّهُم قد أشخَصُوا البصَرَا
ص: 304
(بحر البسيط)
السيد مرتضى النجفي البهبهاني
بِنْتُ النَّبِيِّ تَعَالَى شَأْنُهَا وَ عَلَتْ *** فَضْلاً وَ قَدْراً عَنِ التَّوْصِيفِ وَ النَّظَرِ
جَلَّتْ جَلاَلاً وَ عَمَّتْ فِي مَكَارِمِهَا *** كَلَّ اللِّسَانُ بَيَاناً فَهْوَ ذُو حَصَرِ(1)
فَاقَتْ مَفَاخِرُهَا شَاعَتْ مَكَارِمُهَا *** غَابَتْ مَدَارِجُهَا عَنْ مُنْتَهَى الْفِكَرِ
وَ بَعْدَمَا ظَهَرَتْ لِلنَّاسِ زِينَتُهَا *** دُنيا تَسَامَتْ بِيَوْمِ الحَشْرِ فِي خَفَرِ(2)
تَعْرِيفُ قُبَّتِهَا تَوْصِيفُ نَاقَتِهَا *** حُلِّيُّهَا تَاجُهَا يَسْمُو عَلَى الدُّرَرِ
تُضِيءُ كَالشَّمْسِ لِلرَّائِينَ طَلْعَتُهَا *** فَيَبْهُرُ الخَلْقَ مِنْهَا رَائِعُ الصُّوَرِ(3)
يَقُودُ جِبْرِيلُ فِي يَوْمِ الْحِسَابِ غَداً *** إِمَامَ نَاقَتِهَا فِي رُوحِ مُفْتَخِرِ
يَصِيحُ فِي الخَلْقِ إِذْ مَرَّ مَوْكِبُهَا *** غُضُّوا لَهَا مِنْكُمُ الأَبْصَارَ فِي النَّظَرِ(4)
حَوَّاءُ مَرْيَمُ حَفُوهَا وَآسِيَةٌ *** وَ أُمُّهَا فِي ثِيَابِ العِزّ وَ الظَّفَرِ
كَذَاكَ سَبْعُونَ أَلْفاً مِنْ مَلَائِكَةِ *** الرَّحْمَنِ مِنْ خَلْفِهَا فِي مَوْكِبٍ عَطِرِ
حَتَّى إِذَا وَقَفَتْ فِي وَسُطِ مَحْشَرِهَا *** مَكْسُوَّةٌ مِنْ جَلالِ اللَّهِ فِي أُزر
هُنَاكَ يُنْصَبُ بَيْنَ الخَلْقِ مِنْبَرُهَا *** مِنْ نُورِ خَالِقِهَا فِي شَكْلِهِ النَّضِرِ
ص: 305
سَبْعُ مَرَاقِيهِ قَدْ حَفَّتْهُ كَوْكَبَةٌ *** مِنَ المَلائِكِ فِي تَسْبِيحَ مُؤْتَمَرِ
يَأْتِي يَصِيحُ لَهَا جِبْرِيلُ حِينَ بَدَتْ *** أَنِ اسْأَلِي حَاجَةً تُقْضَى بِلاَ عُسُرِ
فَتَبْدَأُ السؤل يَوْمَ الحَشْرِ عَنْ حَسَنٍ *** وَ عَنْ حُسَيْنِ قَطِيعِ الرَّأْسِ بِالبَتَرِ
وَ حِينَ تَنْظُرُ ذَاكَ السَّبْطَ جُنَّتهُ *** بِدُونِ رَأْسٍ خَضِيبَ الجِسْمِ وَ الشَّعَرِ
تَصِيحُ فِي شَهْقَةٍ مِنْ هَيْئَةٍ وُجِدَتْ *** فَيَشْهَقُ الخَلْقُ مِنْ مَلكٍ وَ مِنْ بَشَرِ
تَقُولُ رَبِّي انْتَقِمْ مِنْ قَاتِلِيهِ فَقَدْ *** حَقَّ الجَزَاءُ فَأَنْزِلْهُمْ إِلَى سَقَرِ
قَدْ سُمِّيَتْ، فَاطِماً فَظماً لِشِيعَتِهَا *** مِنْ حَرِّ نَارٍ بَعَيْدِ القَعْرِ مُسْتَعِرِ(1)
أَوْلاَدُهَا وَ مُحِبُّوهَا وَ شِيعَتُهَا *** وَ مَنْ أَحَبَّهُمُ النَّاجُونَ مِنْ خَطَرِ
أَسْمَاؤُهَا كَاشِفَاتٌ عَنْ مَنَاقِبِهَا *** وَ فِي كُنَاهَا يَمُوجُ الفَضْلُ كَالبَحَرِ
مَا كَانَ يَعْرِفُهَا إِلَّا الَّذِينَ هُمُ *** فِي القَدْرِ أَكْفَاؤُهَا مِنْ سَادَةِ غُرَرِ
كَمْ قَامَ أَحْمَدُ تَعْظِيماً لِمَقْدَمِهَا *** وَ كَمْ يُقَبِّلُ مِنْهَا الكَفَّ فِي وَطَرِ(2)
بِحُبِّ فَاطِمَةٍ كُلِّ يَفُوزُ غَداً *** بِجَنَّةٍ وَ هُوَ مَأْمُونٌ مِنَ الضَّرَرِ
وَ خَاسِرٌ يَتَمَنَّى قَائِلاً شَغَفَاً: *** يَا لَيْتَنِي فَاطِميٌّ مُدَّةَ العُمُرِ
كَانَ الإِلهُ يُبَاهِي فِي عِبَادَتِهَا *** إِذَا أَتَتْ بِصَلَاةِ الشَّفْعِ فِي السَّحَرِ
أَوْفَتْ مَعَ البَعْلِ وَالأَوْلادِ مُطْعِمَةً *** طَعَامَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَمْ تَحِرِ(3)
ص: 306
غَدَاةَ يَأْتِيهِمُ المِسْكِينُ يَتْبَعُهُ *** ثُمَّ اليَتِيمُ وَ مَنْ قَدْ كَانَ فِي الأَسَرِ
صَامُوا ثَلاثاً بِلا أَكْلِ سِوَى جُرَعِ *** مِنَ المِيَاءِ وَ مِلْحِ صَوْمَ مُصْطَبِرِ
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعْظِيماً لِفِعْلِهِمْ *** آيَاتِ قُرآنِهِ فِي وَاضِح السُّوَرِ
وَ حَيْثُ مِنْ شَرِّ يَوْمٍ كَانَ خَوْفُهُمُ *** وَقَاهُمُ اللَّهُ مَا يَخْشَوْنَ مِنْ ضَرَرِ
لَقَّاهُمُ اللَّهُ مِنْهُ نَضْرَةٌ لَهُمُ *** فِيهَا السُّرُورُ بِفَضْلٍ مِنْهُ مُنْغَمِر
وَ جَنَّةً وَ حَرِيراً حِينَمَا صَبَرُوا *** مُنَعَّمِينَ بِأَنْوَاعِ مِنَ الثَّمَرِ
يَا طالباً فَضْلَ بِنْتِ الوَحْيِ فَاطِمَةٍ *** كُمْ جَاءَ فِي فَضْلِهَا فِي الذِّكْرِ وَالخَبَرِ
لَوْ لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا الكَرَّارَ حَيْدَرَةً *** مَا كَانَ كُفْؤٌ لَهَا فِي الشَّأْنِ وَ القَدَرِ(1)
رَاحِيلُ خَاطِبُهَا وَاللَّهُ عَاقِدُهَا *** فَوْقَ السَّمَوَاتِ فِي زَاءٍ مِنَ الصُّوَرِ
هُنَاكَ طُوبَى لَهَا فِي عُرْسِهَا انْتَثَرَتْ *** مِنَ الزَّبَرْجَدِ وَ اليَاقُوتِ وَ الدُّرَر
فَكَانَتِ الحُورُ وَالأمْلكُ تَلْقِطْهَا *** هَدِيَّةً لِمُحِبيها مِنَ المَهرِ
وَ مِنْ فَضَائِلِهَا مَا جَاءَ مُشْتَهِرَاً *** عَنِ النَّبِيِّ بِلاَ رَدُّ وَ لاَنُكُرِ
رِضَاؤُهَا بِرِضَا الرَّحْمَنِ مُرْتَبِطُ *** وَ هَكَذَا سُخْطُهَا فِي النَّفْعِ وَ الضَّرِرِ(2)
ص: 307
هَذَا وَ لَمْ يَحْفَظ الأَقْوَامُ حُرْمَتَهَا *** مِنْ بَعْدِ وَالِدِهَا بَاتَتْ عَلَى خَطرِ
حَتَّى قَضَتْ وَ هْيَ غَضْبَى مِنْ مُوَاجِهِهَا *** عَلَى الأُولَى أَغْضَبُوهَا دُونَمَا عُذرِ
لِذَاكَ أَوْصَتْ عَلِيًّا حِينَ يَدْفُنُهَا *** بِاللَّيْلِ دُونَ حُضُورِ الغَاصِبِ الأَشِرِ(1)
وَ بَعْدَ أَنْ غَسَّلَ الكَرَّارُ فَاطِمَةً *** وَ تَمَّ تَجْهِيزُهَا فِي ظُلْمَةِ السَّحَرِ
دَعَا هُنَالِكَ لِلتَّوْدِيع صِبْيَتَهُ *** فَأَقْبَلُوا يَذْرِفُونَ الدَّمْعَ كَالمَطَرِ
فَصَارَ لِلحَسَنَيْنِ السَّيِّدَيْنِ شَجِّى *** مِنْ فَوْقِ صَدْرِ ابْنَةِ المُخْتَارِ فِي ذُهُرِ
قَالَ الإِمَامُ وَ قَدْ أَشْجَاهُ مَا فَعَلاَ *** بِخَافِقٍ مِنْ لَهِيبِ الحُزنِ مُسْتَعِرِ
أنَّتْ وَ حَنَّتْ و مَدَّتْ لِلْيَدَيْن مَعَاً *** شَوْقاً تَضُمُهُمَا كَالوَالِدِ الحَذِرِ
إِذَا بِصَوْتٍ مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَلاَ *** يَا حَيْدَرُ ارْفَعْهُمَا عَنْها بِلاَ كَدَرِ
قَدْ أَبْكَيَا المَلأَ الأَعْلَى غَدَاةَ لَقَى *** المَحْبُوبُ مَحْبُوبَهُ فِي شَوْقِ مُنْكَسِرِ
وَ بَعْدَ ذَا رَاحَ يُودِيهَا التُّرَابَ بِذَاكَ *** اللَّيْلِ فِي سَاعَةٍ مِنْ هَدْأَةِ البَشَرِ
صَلَّى عَلَيْهَا إِلهُ الخَلْقِ مَا سَجَعَتْ *** وُرُقُ الحَمَامِ عَلَى غُصْنٍ مِنَ الشَّجَرِ
ص: 308
(بحر الكامل)
الأستاذ مصطفى جواد (*)(1)
نُورٌ سَرَى فِي أَرْضِ مُكَّةَ زَائِرَا *** نِعْمَ المُضِيفُ وَ نِعْمَ نُوراً زَائِرَا
يَا طَيْفَهَا يَا نُورَ عَيْنِ المُصْطَفَى *** يَا نَفْحَةٌ حَمَلَتْ مُني وَ بَشَائِرَا(2)
أمُّ النَّبِيِّ وَ فِلْدَةً مِنْ كِبْدِهِ *** يَا رُوحَهُ ذَابَتْ وَ كُنْتِ مَنَائِرَا
كَمْ فَاضَ دَمْعُكِ فَوْقَ جُرْحِ نَبِيِّنَا *** آهاً حنوناً ثَائِراً أَوْ صَابِرَا
لَمْلَمْتِ عَنْ خَيْرِ البَرِيَّةِ مَايِلاً *** فِي مَنْ أَسَى أَضْنَى الفُؤَادَ القَادِرَا
وَ مَرَرْتِ فِي رِفْقٍ عَلَى أَوْجَاعِهِ *** فَكَسَوْتِهَا بَدَلَ القَتَادِ حَرَائِرَا(3)
ص: 309
زَهْرَاءُ يَا شَوْقَ النَّبِيِّ وَ عِطَرَهُ *** زَهْرَاءُ يَا ذَاكَ السَّنَاءَ البَاهِرَا
خُلُقُ النُّبُوَّةِ صَاغَهُ رَبُّ السَّمَا *** وَ حَبَاكِ مِنْهُ قَلائِداً وَ أَسَاوِرَا
أَهْلُ الكِسَاءِ الرِّجْسُ أُذْهِبَ عَنْهُمُ *** وَ فُؤَادُهُمْ أَضْحَى نَقِيّاً ظَاهِرَا
يَا خَيْرَ سَيْدَةٍ فَدَتْكِ نُفُوسُنَا *** يَا خَيْرَ قَلْبِ كَانَ دَوْماً عَامِرَا
يَا خَيْرَ مَنْ يَرْعَى الأُبُوَّةَ فِي أَبٍ *** كَانَ الرَّسُولَ وَ كُنْتِ رُوحاً سَاهِرا
يَا خَيْرَ مَنْ يَرْعَى الإِمَامَ المُرْتَضَى *** وَ قَدِ اصْطَفَاهُ اللَّهُ زَوْجاً آزِرَا
وَ إِذَا سَنَا الحَسَنَيْنِ أَشْرَقَ بَاسِماً *** أَلْفَى فُؤاداً بالأُمُومَةِ زَاخِرَا
إِنِّي فَدَيْتُكِ يَا ابْنَةَ الآلامِ *** صَابِرَةٌ فَقَدْ كَرِهَتْ قُرَيشٌ نَائِرَا
كَرِهَتْ نُبُوَّةَ أَحْمَدٍ وَ كِتَابَهُ *** كَرِهَتْ رَشَاداً لِلْعُرُوبَةِ غَامِرَا
كَرِهَتْ إِمَاماً لِلنَّبِيِّ مُنَاصِراً *** يَا لِلْغَرَابَةِ كَيْفَ تَكْرَهُ نَاصِرَا
سَدَرَتْ قُرَيْسٌ فِي غَيَابَةِ جَهْلِهَا *** وَ النُّورُ لَمْ يُوقِظُ ظَلُوماً سَادِرَا(1)
نَبَذَتْ إِمَاماً لِلْهِدَايَةِ وَ التَّقَى *** وَ تَقَبَّلَتْ عِلْجاً غَلِيظاً فَاجِرَا
يَا لِلْمَصَائِبِ وَ النَّوَائِب قَدْ طَغَتْ *** وَ تَفَجَّرَتْ مَوْجاً عَتِياً هَادِرَا(2)
لَبَّى النَّبِيُّ نِدَاءَ خَالِقِ كَوْنِهِ *** صَعَدَ الرَّسُولُ إِلَى الإِلهِ مُسَافِرَا
يَا قَلْبَ فَاطِمَ لايُطِيقُ فِرَاقَهُ *** يَا قَلْبَ فَاطِمَ قَدْ تَفَطَّرَ عَاثِرَا
ذَهَبَ الحَبِيبُ وَ صَارَ آلَ مُحَمَّدٍ *** هَدَفاً لِمَنْ حَمَلَ الوَلاَءَ تَظَاهرَا
يَا قَلْبَ فَاطِمَةٍ يَذُوبُ تَحَسُّرَاً *** مَا كَانَ قَلْبُكِ لِلْمَضَرَّةِ غَافِرَا
مَثْوَاكِ دَارٌ لِلنَّعِيمِ عَرِيضَةٌ *** وَ يَمُوتُ أَكْثَرُهُمْ شَقِيّاً خَاسِرَا
ص: 310
أَشْجَاكَ طَعْنُ العَامِرِيَّةِ إِذْ سَرَى *** فَجَرَى عَلَيْكَ مِنَ التَفَجُعِ مَا جَرَى
أَمْ هَلْ تَذَكَّرْتَ (العَقِيقَ) فَأَسْبَلَتْ *** عَيْنَاكَ أَدْمُعَها عَقِيقاً أَحْمَرَا؟
أمْ هَلْ أَرَقْتَ (الحَاجِرَ) وَ ظِبَاءَهُ *** فَطَفِقْتَ تُدْمِي بِالمَدَامِع مِحْجَرا؟
مَا بَالُ جَفْنِكَ لاَيَذُوقُ رُقَادَهُ *** طُولَ الدُّجَى هَلْ كَانَ قَدْ نَسِيَ الكَرَى؟(1)
حَتّامَ تَنْدُبُ رَسُمَ رَبْعِ دَارِسٍ *** وَ إِلَى مَتَى تَبْكِي فِنَاءٌ مُقْفِرَا؟(2)
هَلاً بَكَيْتَ عَلَى (البَتُولَةِ فَاطِمٍ) *** حُزْناً فَوَاسَيْتَ النَّبِيَّ وَ حَيْدَرَا؟
لَمْ أَنْسَهَا مِنْ بَعْدِ وَالِدِهَا وَ قَدْ *** جَرَّعْنَها الأَيَّامُ كَأْساً مُمْقَرَا
هَجَمُوا عَلَيْهَا وَ هيَ حَسْرَىٰ فَانْزَوَتْ *** عَنْهُمْ وَرَاءَ البَابِ كَيْ تَتَسَتّرا
وَ عَلَى الوَصِئ تَجَمَّعُوا حَشْداً إِلَى *** أَنْ أَخْرَجُوهُ وَ هُوَ يَنْدُبُ (جَعْفَرَا)
عُصِرَتْ بمَرْآهُ وَ لَوْلاً أَنَّهُ *** مُوصَى لَمَا كَانَتْ هُنَاكَ لِتُعْصَرَا(3)
فَعَدَتْ وَرَاءَهُمُ تُنَادِيهِمْ أَلاَ *** خَلُوهُ أَوْ أَشْكُو إِلَى رَبِّ الوَرَى(4)
رَجَعُوا إِلَيْهَا وَ هْيَ تَصْرَخُ بَيْنَهُمْ *** أَيْنَ النَّبِيُّ فَلَيْتَ عَيْنَيْهِ تَرَى
ص: 312
أبْنَاهُ عَزَّ عَلَيْكَ أَنْ تَرْنُو إِلَى *** ضِلْعِي بِعَصْرِهِمُ العَنِيفِ تَكَسَّرَا(1)
غَصَبُوا مَقَامَ أَخِيكَ حَيْدَرَ مِنْكَ *** وَ اسْتَبَاحُوا المُصَلَّى و المِنْبَرَا
يَا بِئْسَ مَا صَنَعُوا وَ قَدْ عَدَلُوا بِهِ *** مَنْ لَمْ يُسَاوِ شِسْعَ نَعْلَيْ (قَنْبَرَا)
قَادُوهُ وَ هُوَ مُلَبَّبٌ بِثِيَابِهِ *** فَسْراً بِأَمْوَاتِ البِلَى مُسْتَنْصِرَا
وَ الظُّهْرُ فَاطِمُ خَلْفَهُ وَ دُمُوعُهَا *** لِجَوَى المُصَابِ تَبَلُّ عَاطِشَةَ الثَّرَى
خَرَجَتْ وَرَاهُ كَمَا خَرَجْنَ بَنَاتُهَا *** خَلْفَ (العَلِيل) تَنُوحُ لكِنْ حُسَّرَا
تَرْنُو الخِيَامَ خَوَالِياً وَ بَنُو الخَنَا *** قَدْ أَضْرَمُوا فِيهَا الحَرِيقَ المُسْعَرا(2)
وَ تَرَى الحَمِيَّ مُجَدَّلاً فَوْقَ الثَّرَى *** ثَاوِ وَمِنْهُ (الشِّمْرُ) حَزَّ المَنْحَرَا(3)
ذَبَحُوهُ ظَام (وَ الفُرَاتُ) بِجَنْبِهِ *** وَ أَبُوهُ يَوْمَ الحَشْرِ يَسْقِي (الكَوْثَرَا)(4)
وَ سَرَوْا عَلَى سُمْرِ القَنَا بِكَرِیمِهِ *** كَالْبَدْرِ يَزْهَرُ فِي الدَّيَاجِي مُسْفِرَا(5)
ص: 313
ظَهَرَتْ زَهْرَةُ زَهْرَاءِ البَتُولْ *** فَاسْتَنَارَ الكَوْنُ مِنْ أَنْوَارِهَا
وُلِدَتْ فَاطِمَةٌ بِنْتُ النَّبِيِّ *** فَاسْقِنِي كَأسَ الهَنَا وَ الطَّرَبِ
وَ اتْرُكِ الزُّهْدَ وَ هَوْلَ اللَّهَبِ *** فَهِيَ الفَاطِمُ فِي اليَوْمِ المَهولْ
مُذْنِبِي شِيْعَتِهَا مِنْ نَارِهَا
ص: 315
وُلِدَتْ فَخْرُ العُلا بنتُ الجَلالْ *** وُلِدَتْ أُخْتُ النُّهَى أُمُّ الخِصالْ(1)
ظَهَرَتْ نُخْبَةُ أَوْصَافِ الكَمَالْ *** أَصْلُ كُلِّ الخَيْرِ بَلْ أُمُّ الأصولْ
وَ أصُولُ الدِّينِ مِنْ أَقْمَارِهَا
لَمْ تَكُنْ تُوْلَدُ مِنْ خَيْرِ الأَنَامْ *** هِيَ إِلا بَعْدَ جُهْدِ وَ صِيَامْ
بِفُطُورِ الخُلْدِ مِنْ خَيْرِ طَعَامْ *** جَلَتِ الزَّهْرَاءُ عَنْ هَذِي العُقُولْ
إِنْ تَرْعُهَا فِي عُلاً أَنْظَارِهَا
هِيَ بِنْتُ المُصْطَفَى خَيْرِ البَشَرْ *** هِيَ أُمُّ الأَوْصِيَا الظهرِ الغُرَرْ
زَوْجُهَا قَاسِمُ طُوبَى وَ سَقَرْ *** شَمْسُ غُرِّ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ أُفُولْ(2)
وَ سَمَا مَجْدٍ سَمَتْ آثَارُهَا
فَاسْقِنِي يَا صَاحِبِي كَأسَ المُنَى *** وَ أَدِرْ فِي جَمْعِنَا خَمْرَ الهَنَا
لاتَخَفْ ذَنْباً وَ تَخْشَى وَ هَنا *** بَشْرِ اليَوْمَ الأَمَانِي بِالحُصُولْ
فَالرَّجَا كُلُّ الرَّجَا فِي دَارِهَا
بزغَتْ شَمْسُ العُلاَ أُمُّ الهُدَاةُ *** بَلَغَتْ أعْلَى مَرَاقِي المُمْكِنَاتْ
شَرَّفَتْ آبَاءَهَا وَ الأُمَّهَاتْ *** وُلِدَتْ يَا لِلْهَنَا بِنْتُ الرَّسُولِ
بانَ سِرُّ اللَّهِ فِي إِظْهَارِهَا
هِي سِرُّ اللَّهِ مَا بَيْنَ الوَرَى *** سِرُّ غَيْب ذَاتُهَا كَيْفَ تُرَى
وَ لَهَا خَلْقُ الثَّرَيَّا وَ الثَّرَى *** لَيْسَ لِلْعَقْلِ بِمَعْنَاهَا وُصُولْ(3)
ص: 316
فَدَع الأوْهَامَ فِي أَظوَارِهَا
لايُدَانِي فَضلُهَا قَطُّ بَشَرْ *** لاَتَرِمُهَا إِنَّهَا إِحْدَى الكُبَرْ(1)
هِيَ لِلْمُخْتَارِ أَصْلٌ وَ ثَمَرْ *** أَيْنَ لَوْلاهَا الذَّرَارِي لِلرَّسُولْ
دَوْحَةُ نُورِكَ فِي أَنْمَارِهَا
هِيَ وِتْرٌ فِي نِسَاءِ العَالَمِينْ *** هِيَ شَفْعٌ بِأَمِيرِالمُؤْمِنِينْ(2)
هِيَ نُورُ اللَّهِ فِي الأُفقِ المُبِينْ *** حُبُّهَا دَارُ أَمَانٍ لا تَزُولْ
أهْلُهُ آمِنَةٌ فِي دَارِهَا
لاتُضَاهِي فَاطِمٌ فِي حَسَبِ *** كَرُمَتْ جَلَّتْ بِامِّ وَ أَبِ(3)
وَ بَنُوهَا فِي أَجَلِّ الرُّتَبِ *** كُلَّمَا فِي الخَلْقِ صَعْبٌ وَ سَهُولْ
فَلَهَا قَدْ أَذَعَنَتْ أَقْطَارُهَا
فَلَهَا مِنْ رَبِّهَا خَيْرُ الشُّؤُونِ *** وَ عَلَى عِرْفَانِهَا دَارَتْ قُرُونْ
وَ بِهَا تَفْخَرُ آبَا وَ بَنُونْ *** وَ هْيَ لَوْلا المُرْتَضَى خَيْرُ البُعُولْ(4)
لَمْ تَزَلْ مُفْرَدَةً فِي دَارِهَا
لَمْ يَكُنْ لَوْلاَهُ لِلطُّهْرِ قَرِينْ *** كَهِيَ كُفْوٌّ لأَمِيرِالمُؤْمِنِينْ
مِنْهُ جَاءَتْ بِالهُدَاةِ الأَنْجَبِينْ *** فَهيَ أُمُّ الأَوْصِيَا بِنْتُ الرَّسُولْ
وَ هيَ شَمْسُ الدَّهْرِ فِي أَسْتَارِهَا
أَيْنَ مِنْ أَدْنَى عُلاهَا مَرْيَمُ؟ *** أَيْنَ مِنْهَا سَارَةٌ أَوْ كَلْثُمُ؟(5)
أَيْنَ مِنْ مَخْدُومِهَا مَنْ تَخْدُمُ *** لاَ وَ رَبِّي مِثْلُ زَهْرَاءِ البَتُولْ
لَمْ تَرَ الدُّنْيَا عَلَى أَدْوَارِهَا
ص: 317
فَاطِمٌ سَادَتْ نِسَاءَ البَشَرِ *** بِمَزَايَا كَسَنَاءِ القَمَرِ(1)
وَغَدَتْ مَفْزَعَ يَوْمِ المَحْشَرِ *** لَيْسَ فِيمَا تَرْتَضِيهِ مِنْ نُكُولْ(2)
فَاسْأَلِ الأخبار فِي آثَارِهَا
فَهَنِيئاً لِمُحِبِّيهَا النَّجَاةْ *** مِنْ عَظِيمِ الوِزْرِ مِنْ بَعْدِ المَمَاتْ
كَيْفَ يَخْشَىٰ مِنْ عَظِيم السَّيِّئَاتْ *** مَنْ تَوَلَّى فَاطِماً أُمَّ الشَّبُولْ
لا وَ رَبَّي لَمْ يَذُقْ مِنْ نَارِهَا
لِعِدَاهَا الوَيْلُ إِذْ عَادُوا النَّبِيْ *** وَ غَدَوا مِنْ رَبِّهِمْ فِي غَضَبِ
عَمَّرُوا بَيْتَ لَهُمْ مِنْ لَهَب *** إِذْ بِنَارٍ أَحْرَقُوا بَابَ البَتُولْ
نَارُ حِقَد بَقيتُ الحظَارُهَا
لَمْ يَزَلْ يَغْلِي لَهِيبُ الكُفْرِ *** فِي قُلُوبِ طُبِعَتْ كَالْحَجَرِ
فَغَدا يُخرقُ بَاب الغررِ *** بَابَ فَوْزِ خَيْرَ بَابِ للسَّؤولْ
هُوَ بَابُ اللَّهِ فِي أَقْطَارِهَا
لَهْفَ نَفْسِي لِبَتُولٍ هُضِمَتْ *** ضُرِبَتْ طَوْراً وَ طَوْراً لُطمَتْ
وَ بِأَطْوَارِ الأَذَايَا ظُلِمَتْ *** لَهْفَ نَفْسِي لَكِ يَا بِنْتَ الرَّسُولْ
لَهْفَةٌ تَشْكُو الحَشَى مِنْ نَارِهَا
مَنَعُوا إِرْثَ أَبِيهَا عَلَناً *** وَ أَزَاحُوا الفَيْ عَنْهَا إِحْنَا(3)
أَسْقَطُوا مِنْهَا جَنِيناً مُحْسِناً *** كَسَرُوا أَضْلُعَهَا يَا للذُّحُول
هَجَمُوا بَغْياً عَلَيْهَا دَارَهَا
لَمْ تَزَلْ بَعْدَ أَبِيهَا فُتِنَتْ *** وَ بَكَتْ شَجُواً إِلَى أَنْ زَمِنَتْ
قُتِلَتْ جَهْراً وَ سِراً دُفِنَتْ *** فَبِعَيْنِ اللَّهِ غَارَتْ فِي الرَّسُولْ
ص: 318
بِنْتُ طهَ و عُفِي آثارُهَا
أَنْتِ يَا أُمَّ المَلَاذِ المُرْتَجَى *** أَنْتِ لِلأُمَّةِ كَهْفٌ وَ رَجَا
فَإِلَيْكِ العَيْنُ تَرْنُو بِالنَّجَا *** فِي صُرُوفِ الدَّهْرِ و الخَطْبِ المَهُولْ(1)
وَ لِعُقْبَى أَوْحَشَتْ أَخْبَارُهَا(2)
: 319
(بحر المتدارك)
السيد هاشم السيد حسين الموسوي
اللَّيْلُ بَدا صُبْحاً أَنْوَرْ *** و الصُّبْحُ حَوَى مَعْنِّى أَكْبَرْ
و الأفقُ على الدنْيا يَحْنو *** وَ بِبُرْدَيْهِ أَمَلٌ يزهرْ
و شُروقُ الشَّمْسِ على الدُّنْيا *** لِجَلالِ المَوْقِفِ قَدْ كَبَّرْ
و الصبْحُ بَدا أحْلَى حُسْناً *** مِنْ كُلِّ صَباحٍ قَدْ بَكَرْ
و شُعاعُ البَدْرِ على الصحراءِ امْتَدَّ جَمَالاً أَكْثَرْ
و نُجُومُ الليلِ رَنَتْ نَشْوَى *** في ليلةِ عرسٍ لَمْ تُؤْثَرْ(1)
و سُهولُ الأرضِ قَدِ ازْدانَتْ *** بِالسُّندُسِ في أَبْهَى مَنْظَرْ(2)
و بهاءُ الروضِ يُناجيها *** بالأخْضَرِ مِنْهُ و بالأحْمَرْ
و نَشيدُ الطَّيْر عَلى الأغصانِ يُهَنِّي العَالَمَ بالكَوْثَرْ
و روابي البِيدِ وَ قَدْ بَرَزَتْ *** بِجَمَالٍ أَسْحَرَ مِنْ عَبْقَرْ(3)
و مُرُوجُ السِّحْرِ بهانَعمَتْ *** عينٌ لايَخْدَعُها المَظْهَرْ
و نَسِيمُ الفَجْرِ على الكثبانِ يَمُرُّ بأَحْلامٍ أَسْحَرْ(4)
ص: 320
وعليلُ الْجَنَّةِ قَدْ وَافَى *** برَحيقِ المِسْكِ الْعَنْبَرْ(1)
وَ شَدَى الفُرْدَوْسِ يحي الكُلِّ بهذا اليومِ الأنوَرْ
و الدُّرُ على الدنيا يُنْثَرْ *** و غوالي الطيبَ بها تَنشرْ
و طلوعُ الفجرِ روى خبراً *** فإذا الدنيا طرباً تَفتَرْ
زَهْراءُ الدينِ لَقَدْ وُلِدَتْ *** ما أحلاهُ خبراً يُشْهَرْ
وُلِدَتْ نوراً وُلِدَتْ فَيْضاً *** يَنْسابُ على الدنيا كَوْثَرْ
و النورُ على الملأ الأعلى *** قَدْ شَعَّ بميلادٍ يُزْهرْ
و ملائكةُ الرَّحْمَنِ غَدَتْ *** في غَمْرَةِ أعيادٍ تَفْخَرْ(2)
و تَهانيها تَحْمِيدُ المَوْلَى *** كَدُويِّ النَّحْل غداً يُؤثَرْ
الكُلُّ بميلادِ الزهراءِ اليومَ تفاءلَ و اسْتَبْشَرْ
ما أَعْذَبَهَا ذِكْرَى تُذكَرْ *** ما أَطْيَبَهُ عِيداً يَظْهَرْ
زهراءُ الدِّين لنا نَبْعٌ *** ترٍّ لايَنْضَبُ بَلْ يَرْخَرْ
هو مَوْرِدُنا هو مَصْدَرُنا *** ما أقوى المَوْرِدَ و المَصْدرْ
هي فاطمةُ الزهراءِ إِلَيْها كلُّ الألبابِ غَدَتْ تَنْجَرْ(3)
هي سِرُّ الباري إِذْ يَخْفَى *** في هذا الكونِ فَلا يَظْهَرْ(4)
ص: 321
أمُّ الحَسَنَيْنِ هِيَ الكَوْثَرْ *** وَ لَها في الْحَشْرِ جَرى الكَوْثَرْ
قَدْ قال اللَّهُ لِمُرْسَلِهِ *** «إنا أعطيناك الكوثر»
هي في اللَّهِ إِرادَتُها *** وَ مَحَبَّتُها فيهِ أَشْهَرْ
و عِبادَتُها في الليلِ إِذا *** يَغْشى، تَغْشى الملأ الأطْهَرْ(1)
وَ بَلاغَتُها جَرْسٌ ربَّانيُّ الإبداعِ فَلا يُقْهَرْ
و الْجُودُ عَلَى يَدها نَهُرٌ *** يَجْرِي للقائع و المُعْتَرْ(2)
ومكارمُها و فضائِلُها *** نورُ القرآنِ بِهَا اسْتَأْثَرْ
آياتُ الذِّكرِ بِها حفلَتْ *** و«الدهرُ» كَفَتْنا و «الكَوْثَرُ»
بنْتُ لهادي ما أجْدَرُنا *** أن نحيي مَوْلِدَها الأَزْهَرْ
ذكرى الزهراء لنا مِشْعَلْ *** و لنا وحيٌ و لنا مِنْبَرْ
صوتٌ يَدعونا للإيمانِ الصادقِ و العَهْدِ الأَكْبَرْ
و يُنيرُ لنا الدَّرْبَ المُفضي *** للغايةِ إِن عَزَّ المَعْبَرْ
أَبْناءُ الزَّهراء لنا حِصنُ *** و لهُمْ في القلبِ هوىَ يَجْهَرْ
لا أَبْعَدَنِي المَوْلَى عَنْهُمْ *** وَ كَفَانِي بِوَلائِهِمُ المَحْشَرْ
مِيلادٌ الزهراءِ لَهُ طَعْمٌ *** أَحْلَى فِي النَّفْسِ مِنَ الكَوْثَرْ
فَلنُحْيِي الذِّكْرَى نُحْيِيها *** بخلوصِ الْقَلْبِ كما الجَوْهَرْ
و بِكُلِّ الْحُبُ و كُلِّ الوَرْدِ الأبيضِ والورْدِ الأحَمَرْ
يا فاطمةُ هذا حبّي *** وَ دَمِي في حِبْرِي قَدْ أَثَّرْ
ص: 322
(مجزوء الكامل)
الحاج هاشم الكعبي الحائري(*)(1)
یَا صَبُّ تَتَحَسَّرُ *** وَ لَكَمْ تَنُوحُ وَ تَزْفِرُ؟(2)
کَمْ یَنْظِمُ الآلام قَلْبُكَ *** وَ المَدَامِعُ تُنْثَرُ؟
کَمْ یَتْبَعُ الأظْعَانَ *** لَحْظاً جَفْنُکَ المُسْتَعْبِرُ(3)
کَمْ تَنْدُبُ الأَطْلاَلَ *** وَ هْيَ بِنَدْبِهَا لاَ تَشْعُرُ
کَمْ يَلْتَحِيكَ العَاذِلُونَ *** وَ كَمْ لَهُمْ تَتَعَذَّرُ؟(4)
كَمْ تَكْتُمَنَّ لَظَى الفُؤَادِ *** وَ مَاءُ دَمْعِكَ يَظْهَرُ؟
كَمْ لَوْنُكَ المُصْفَرُ يُفْصِحُ *** بِالغَرَامِ وَ يُخْبِرُ؟
كَمْ تَجْمِلُ الدَّعْوَى *** وَ مَا تُجْرِي الجُفُونُ يُفَسِّرُ؟
كَمْ ضَعْفُ صَبْرِكَ عَنْ *** أَحَادِيثِ الهَيَامِ يُعَبِّرُ؟(5)
كَمْ طَرْفُكَ المَطرُوفُ *** يَرْعَى النَّائِمِينَ وَ يَسْهَرُ؟
كَمْ لَيْلُ شَوْقِكَ صُبْحُهُ *** بِمَسَرَّةٍ لا يُسْفِرُ؟(6)
كَمِدَ الحَشَا تَقْضِي *** نَهَارَكَ وَ الدُّجَى تَتَزَفَّرُ
ص: 323
وَ يفِكْرِكَ السّارِي *** عَهِدْتَ عَوَارِفاً لاَ تُحْصَرُ
مَا بَالُ سَمْعِكَ لاَ يَعِي *** ضحاً وَ لاَيَتَدَبَّرُ؟
إِنْ كَانَ عَنْ كَلَفٍ فَهَا *** تِي هَفْوَةٌ لاتُجْبَرُ(1)
هَبْ كَانَ مُوجِبُهُ وَ *** لَكِنْ ثُمَّ خَطبٌ أَكْبَرُ
أَنَسِيتَ مَشْهُورَ الطُّفُوفِ *** وَ مَا هُنَالِكَ يُذْكَرُ؟
يَوْمٌ عَلَى الطَّرْفِ الأَغَرِّ *** عَلاَ أَغَرَّ مُشَهَّرُ(2)
حَامِي الحَقِيقَةَ مَعْلَمٌ *** طَلْقُ الذَّرَاعِ غَضَنْفَرُ
ذُوْ نَجْدَةٍ عَنْ رَأْيهَا *** تَرِدُ المَنُونُ وَ تَصْدُرُ
سُلْطَانُ عِزَّ قَادِرٌ *** أَنْ لا يُطِلُّ مُقَدَّرُ
أَلجَدُّ أَحْمَدُ حِينَ يُنْسَبُ *** وَ المُضَاهِي شُبَّرُ(3)
وَ الأُمُّ فَاطِمَةُ التَّقَى *** وَ الفَحْلُ فِيهِ حَیْدَرُ
وَمُضَمَّخٌ بِدَمِ الوَرِيدِ *** وَ بِالتُّرَابِ مُعَفَّرُ
الجَوّ مِنْ صَادِي دِمَاهُ *** مُمَسَّكُ وَ مُعَنْبَرُ(4)
وَ اللَّيْلُ مِنْ أَنْوَارِهِ *** ضَاحِي العَشِیَّةِ مُقْمِرُ
لَبِسَتْ أَشِعَتُهُ اللَّيَالِي *** فَهْيَ بِیْضٌ تُزْهِرُ
لِلَّهِ مَا مِنْهُ يَقِلُّ *** السَّمْهَريُّ الأَسْمَرُ(5)
عَجَباً لَهُ أَنَّي یُقِلُّ *** عَوَالِماً لاَ تُحْصَرُ؟
أَلمَجْدُ أَدْنَى مَا تَحَمَّلَ *** وَ الْجَلالُ الأَکْبَرُ
و المَكْرُمَاتُ الغُرُّ طُرّاً *** وَ النَّدِيُّ الأَزهَرُ
وَ مَآتِمٌ فِيهَا البَتُولَةُ *** وَ النَّبِيُّ الأَفَخَرُ
ص: 324
مِنْ أَجْلِهَا دَمْعُ الوُجُودِ *** عَلَى السَّوَالِفِ يَقْطُرُ(1)
وَ العَالَمُ العُلْوِيُّ مُفْتَقِدُ *** السُّرُورِ مُکَدَّرُ
وَ البَيْتُ بَاكٍ وَ المُقَامُ *** وَ زَمْزَمٌ وَ المَشْعَرُ
وَمِنّى وَ جَمْعٌ وَ المُعَرَّفُ *** بَاکِیاً وَ مُحَسَّرُ(2)
وَ الرُّسْلُ تَبْكِي وَ المَلاَئِكُ *** بِالعَزَاءِ تُبَکِّرُ
يَتَقَاسَمُونَ الشَّجْوَ غَادٍ *** بِالْعَزَا وَ مُهَجِّرُ(3)
أَهْدَى يَزِيدُ لَهَا مَلاَ *** بِسَ بِالدِّمَاءِ تَقَطَّرُ
وَ قَضَى لَهَا حُزْناً يَمُرُّ عَلَى *** الدُّهُورِ وَ یَعْبُرُ
أَبَداً لَهَا اللَّيْلُ الطَّوِيلُ *** فَلَيْلُهَا لاَيَفْجُرُ
وَ بَنَى عَلَى مَا أَسَّسَ *** المُتَقَدِّمُ المُتَأَخِّرُ
خَلَفٌ كَسَابِقِهِ أَعَقُّ *** عَلَى الإِلَهِ وَ أَكْفَرُ
لِلَّهِ أَيَّةٌ مِحْنَةٍ *** لَقِيَ النَّ بِيُّ الأَطْهَرُ
مِنْ أُمَّةٍ عَدَتِ الهُدَى *** فَطَرِيقُهَا مُتَحَيِّرُ
كَدَرَتْ عَلَيْهِ حَيَاتَهُ *** وَ الْعَيْشُ مِنْهُ مُكَدَّرُ
أَعْطَتْ يَداً لِلسَّيْفِ *** يَضْرِبُهَا عَلَيْهِ وَ يُجْبِرُ
عُنفاً أَمَالَ رِقَابَهَا *** إِذْ أَوْشَكَتْ تَتَکَثَّرُ
كَرِهُوا هِدَايَتَهُ وَقَا *** لُوهَا نَبِيُّ یَهجُرُ
تَرَكُوهُ مُلْقَى فِي *** الفِرَاش وَ أَسْرَعُوا فَتَأَمَّرُوا
وَ عَلَوْا بِحَيْثُ مَقَامُهُ *** يَبْكِي أَسِّى وَ المِنْبَرُ
وَ وَصِيُّهُ المُخْتَارُ فِيهِ *** تَجَنَّبُوهُ وَ أَخَرُوا
وَ تُرَاثُهُ نَهْبُ الأَ *** جَانِبِ يُسْتَبَاحُ وَ يُقْهَرُ
وَ كِتَابُهُ عَمَّا أَرَادَ *** مُحَرَّفٌ وَ مُغَيَّرُ
ص: 325
وَ بِسَوْطِ أَعْدَاهُ *** كَرِيمَتُهُ تُهَانُ وَ تُحْقَرُ
وَ جَنِینُهَا سِقَطٌ *** وَ أَضْلُعُهَا لَعَمْرِي تُكْسَرُ
وَوَصِيُّهُ قَوْدَ الأسير *** يُقَادُ وَ هُوَ مُزَمْجِرُ
وَ حَبُیبُهُ كَالشَّاةِ *** ظُلْماً بِالمُهَنَّدِ يُنْحَرُ(1)
وَ رِجَالُهُ مِثلُ الأَ *** ضَاحِي بِالسُّيُوفِ تُجَزَّرُ
وَ بَنَاتُهُ فَوْقَ الرَّكَائِبِ *** بَادِيَاتٌ حُسَّرُ
حَسْرَى تُلاحظها الا *** جَانِبُ لَمْ تَجِدْ مَا يَسْتُرُ
مِثْلُ السَّبَايَا يُسْتَبَاحُ *** إِزَارُهَا وَ المِعْجَرُ(2)
وَ مُتُونُهَا بِيَدِ السِّيَاطِ *** يُشَقُّ فِيهَا أَنْهُرُ
وَعَلِیلهُ سَاقَاهُ *** قيِّدا بِالدِّمَا تَتَفَجَّرُ
وَ يَتِيمُهَا بِالعُنْفِ يُقْهَرُ *** بِالسِّيَاقِ وَ يُزْجَرُ
وَ سُؤَالُ سَائِهاإِذَا *** سَأَلَ التَّرَفُقَ یُنهَرُ
وَ رُؤُوسُ سَادَتِهَا *** بِأَطرَافِ الرِّمَاحِ تُشَهَّرُ
وَ قُلُوبُهَا بِالشُّكْلِ تُشْعَلُ *** وَ المَدَامِعُ تُمْطَرُ
حَالٌ تَكَادُ لَهُ *** الشَّدَادُ بِسَبْعِهَا تَتَفَطَّرُ
وَ يَرُوحُ مِنْهَا البَدْرُ *** مُنْخَسِفَ السَّنَا لاَيَبْدُرُ
وَ اليَوْمُ مُفْتَقِدُ الضَّيَا *** وَ شَمْسُهُ تَتَكَوَّرُ
خَطْبٌ تَصَاغَرُ عِنْدَهُ *** كُلُّ الخُطُوبِ وَ يَكْبُرُ
لَوْ كَانَ أَحْمَدُ حَاضِراً *** لَشَجَاهُ ذَاكَ المَحْضَرُ(3)
يَا قَوْمَنَاخَلُوا التَّعَصُّبَ *** وَ انْظُروا وَ تَفَكَّرُوا(4)
ص: 326
(مجزوء الرمل)
الأستاذ هيثم مسعودي الكربلائي
أَيْنَ المُسْتَنْظِرُ لِلْوَعْدِ *** أَيْنَ الغَائِبُ أَيْنَ المَهْدِي؟
بِمُصِيبَةِ بِنْتِ المُخْتَارْ *** نَسْتَصْرِخُكَ الثارْ الثارْ
***
أَيُّها المَحْجُوبُ عَنّا خَلْفَ أَسْتَارِ الوُعُودِ
يا إِمَامِي حَلَّ رُزْءُ الظُّهْرِ فِينَا مِنْ جَدِيدِ
وَدَأَبْنَا أَنْ نُعَزِّيكَ أَيَا سِرَّ الوُجُودِ
بِقُلُوبٍ نَازِفَاتٍ دَمُعَهَا فَوْقَ الخُدُودِ
کُلُّ قلبٍ فَجِیعْ *** سَارَ نَحْوَ البَقِیعْ(1)
ص: 327
عَلَّهُ یَسْتَطِیعْ
أنْ يَكْشِفَ عَنْ قَبْرِ الزَّهْرَا *** وَ يُسَائِلَ لِمَ دُفِنَتْ سِرّا؟
لَيْلاَ عَنْ عَيْنِ الأَسْرَارْ *** نَسْتَصْرِخُكَ الثَّارْ الثّارْ
***
أَيُّ سِرِّيَا إِمَامِي أَيُّ مَكْرٍ وَ دَسِيسَهْ؟(1)
جعَلَتْ بِنْتَ مُحَمَّدْ بِفِنَا الحُزنِ حَبِيسهْ
أَوَ لَيْسَتْ بِنْتَ طهَ بَضْعَةُ الهَادِي النَّفِيسَهْ؟
مَا لَهَا تِلْكَ الأَعَادِي جَعَلَتْ مِنْهَا فَرِيسَهْ
کَهُجُومِ الذِّئَابْ *** عَصَرُوها بِبابْ
یَا لِعَظْمِ المٌصَابْ
حِينَ اسْتَسْقَطَ ذَاكَ الحَمْلُ *** ما هابوا الهادِي وَ مَا وَ جِلُوا(2)
ص: 328
شَعَلُوا النَّارَ بِبَابِ الدّارْ *** نَسْتَصْرِحُكَ الثّارْ الثَّارْ
لَيْسَ سِرّاً يا إِمَامِي تِلْكَ دَعْوَى مَنْطِقِيَّهْ
مَاتَتِ الزَّهْرَاءُ ظُلماً بِيَدِ الغَدْرِ الشَّقِيَّهْ
قُمْ إِلَى الثّارِ أَیَا مَن أنتَ لِلّهِ بَقِيَّهْ
قُمْ سَئِمْنَا العَيْشَ صَبْراً وَ انْتِظَاراً وَ تَقِيَّهْ
كُلُّ یومٍ یَفُوتْ *** فیهِ صَمْتاً نَموتْ
وَ بِهَذَا السُّکُوتْ
تَتَجَدَّدُ وَاقِعَةُ الطَّفِّ *** وَ الجُرْحُ يَعُودُ إلى النَّزْفِ
مِمَّا أَحْدَثَهُ المِسْمَارْ *** نَسْتَصْرِحُكَ الثّارْ الثَّارْ
***
فِعْلَةُ المِسْمَارِ فِينَا نَارُ حُزْنٍ تَتَجَدَّدْ
لاَنَغُضُّ الطَّرْفَ عَنْهَا أَيُّهَا المَوْعودُ فَاشْهَدْ
لاَ وَ لاَتَمْتَدُّ لِلرَّاضِينَ عَنْهَا شَلَّتِ اليَدْ
إِنَّ مَنْ يَرْضَى بِظُلْمٍ لَيْسَ مِنْ دِينِ مُحَمَّدْ
مَا يَزَالُ الجَنِینْ *** هَاتِفاً کُلَّ حِینْ
شِیعَتِي الطَّیِّبِینْ
في قَتْلِ بَتُولِكُمْ اِشْتَركا *** ضاربُ أُمِّي غَاصِبُ فَدَکا(1)
ص: 329
وَ الغَاصِبُ حَقَّ الكَرَارْ *** نَسْتَصْرِخُكَ الثّارْ الثَّارْ
دَفَنَ الزَّهْرا عَلِيٌّ وَ ارْتَمَى خَلْفَ الزَّمَانِ
مُسْتَعِيداً كَيْفَ كَانَتْ تَشْتَكِي مِمّا تُعَانِي
إِذْ تُنَادِي يَا عَلِيَّ إِنَّ قَوْمِي أَسْخَطَانِي(1)
يَا عَلِيُّ أُوصِي إِذْ مَا دَاعِي المَوْتِ دَعَانِي
ضُمَّنِي لِلتُرابْ *** دُونَ عِلْمِ الصِّحَابْ(2)
وَ بِیَوْمِ الحِسَابْ
أسْتَعْرِضُ لِلْخَالِقِ أَمْرِي *** أُخبِرُهُ عَنْ جُرْحِ الصَّدْرِ
وَ لَهُ الأَمْرُ بمَا يَخْتَارْ *** نَسْتَصْرخُكَ الثّارْ الثَّارْ
***
وَ سَيَأْتِي مَنْ يُنَادِي إِنَّ دَعْوَاكُمْ عَقِيمَهْ
إِنَّمَا الأَخْلاَقُ تَقْضِي نَبْذَ أَضْغَانٍ قَدِيمَهْ(3)
لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ نَنْسَى تِلكُمُ البَلوَى الأَلِيمهْ
ص: 330
وَ بِوَادِي الطَّفِّ جُرْمٌ حِيكَ مِنْ تِلْكَ الجَرِيمَهْ
في ثَرَى كَرْبَلاءْ *** کَمْ أُسِیلَتْ دِمَاءْ
إِنَّ ذاك البَلاءُ
مِنْ بَيْنِ العَصْرَةِ بِالبَابْ *** وَ يَدِ القَاتِلِ بِالمِحْرَابْ
نَرْفُ دِمَاءِ أبي الأَحْرَارْ *** نَسْتَصْرِخُكَ الثّارْ الثَّارْ
***
قُمْ لأَخْذِ الثّارِ عَجِّلْ قُمْ أَيَا حَامِي الشَّرِيعَهْ
زُمْرَةُ البَغْيِ اسْتَسَاغَتْ فِعْلَةَ البَابِ الشَّنِيعَهْ(1)
وَ اسْتَبَاحَتْ كُلَّ دَمٍ سَارَ فِي عِرْقٍ لِشِيعهْ
ص: 331
(بحر البسيط)
لأحد الشعراء
أجلْ و حقَّكِ ما قالوا و ما ذَكروا *** يبقى مدى الدهرِ يَحكي أنهم قَصَروا
أجلْ و حقَّكِ إن الأرضَ عاجزةٌ *** من أن تضمَّ حياةٌ كلَّها عِبَرُ
و كيفَ يبغي هوانُ الأرضِ من زحلٍ *** ما يبتغيهِ على أصقاعِها البَشَرُ؟
أو يمسكُ النورَ كفٌّ حيثُ يَخْبُرُه *** أو يبدي الفهمَ في عليائه القَمَرُ؟
إنا مُعاقُونَ يا زهراءُ يخذلنا *** ساقٌ و إن السرى صعبٌ و مُحْتَذَرُ
و السائرونَ على الأشواكِ ما وصلُوا *** ذابوا جراحاً و قد عادُوا وما ظَفَرُوا
لم يَبْلغوا مِن قِلاع النورِ ما قصَدوا *** فسرّحوا الخيلَ إذ لم يُغنهم سَفَرُ
و رَغْمَ كل الهوَى الغافي بأعينِهم *** لم يكشفِ السترَ عن أحداقِهم بَصَرُ
و لاشَربْنا كؤوساً من قصائِدِهم *** كأنَّما جفَّ فيها الكأسُ و الوَتَرُ
و ليلُ بغداد ما زالتْ ملفعةً *** نجومُهُ الزهرُ و الأضواءُ تنتحرُ
ما زالَ في القَلبِ جرحٌ لايفارقها *** كم قيّدوه ليذوي في الأسى الأَثَرُ
ما زالَ داعي الهُدى فرداً يُحيط بِهِ *** أشياعُ هارونَ و القرّاءُ ما شَعَروا
و الكأسُ ما أخبرتْ سراً لصاحِبِها *** إلا بِهمسٍ سَرَى مِن زيفِهِ الخَدَرُ
و لاأذاعَ الأسى في صوتِ جاريةٍ *** يا حاسيَ الراحِ قد يغري بك السَحَرُ
يا حاسيَ الراحِ إن الليلَ يُخبرنا *** أنا الغريبُ فلا تَلهُو و تستمرُ
فهشِّم الكأسَ و أبدلها بثانيةٍ *** يُضيء في راحِها الأحداقُ و الشَرَرُ
لكنّها خَبّأت في صوتِها غُصصاً *** لو كان يعْلمها السُمّارُ ما سكَرُوا
إن البلايا إذا أودتْ بمنْ قعسَوُا *** فقلْ سلاماً لمن أودى بِهم خَوَرُ
ص: 332
جادُوا على تربِها عُمراً و قد تعبُوا *** ثم استراحُوا و في أو حالِها قُبرُوا
لايدرأ الضيمَ إلا من أبى فمضى *** أو يأمنُ الغيل إلا النابهُ الحَذِر(1)
إنا شهدناكِ أُمّاً في ملامِحها *** أتعابُ ألفٍ من الأحزانِ تنصهِرُ
تأتين في اللّيلِ حيثُ القيدُ في صخبٍ *** يمتصُّ من ثائرٍ قد شدّه الكبرُ
تضمّدين جراحَ الخوفِ في زمن *** يلغّ في دمِهِ الذئبانُ و التَتَرُ(2)
***
لمن تغنّي و ارضُ الحي خاويةً *** منها الديارُ و لايبدُو لها خَبَرُ
أنا زعتكَ لها الأشواقُ فارتعشتْ *** أوتارُ محتضرٍ تصبُو فتنتهرُ؟
أم أوقَرَ الليلُ أشجاناً على شجنٍ *** فأنّ من ثقلِها شاكٍ و مؤتسِرُ
و لاحَ في نجمِهِ من ركب من ظعَنُوا *** برقٌ تجودُ به الأعلامُ و السُّمُرُ
كأنّه المجدُ قد حازت سوابقَهُ *** فأمّه النجمُ و الأفلاكُ تعتمرُ
و فارقَ الأرضَ يسمُو و هي طائعةٌ *** ألقى له القودَ في ميدانِها الفَخَرُ
يَطوي الزمانُ بنا أحوالنا و بها *** نطوي دروبَ العلا كنّا و نَخْتَصِرُ
وَ رُبَّ مستأنسٍ أيامُه ضحِكَتْ *** زهواً و قد خبّأ الأدهى له القدّرُ
ص: 333
ص: 334
ص: 335
ص: 336
(بحر الوافر)
الشيخ صالح الطرفي(*)(1)
بِحُبِّي لِلْبَتُولِ أَرَى اعْتِزَازِي *** وَ لِلْجَنَّاتِ يَوْمَ غَدٍ جَوَازي
وَ لِلزَّهْرَاءِ لَهْفِي إِذْ غَزَتْهَا *** نَوَائِبُهَا فَكَانَتْ شَرَّ غَازِي
بخَالِقِهَا احْتَمَتْ و بِهِ تَعَزَّتْ *** فَأَغْنَاهَا العَزَاءُ عَنِ التَّعَازِي
فَيَالِلَّهِ وَ الأَقْوامُ جَادُوا *** فَهُمْ عَنْ حَقٌّ فَاطِمَ فِي انْحِيَازِ
وَ مَا كَسَبُوا بِمَا صَنَعُوا فَتِيلاً *** بَلَىٰ كَنَرُوا بِهِ شَرَّ اكْتِنَازِ
فَلاَ هُمْ فِي اليَقِينِ ذَوُويَقِينِ *** وَ لَاهُمْ فِي الشُّكُوكِ ذَوُو احْتِرَازِ
وَ حَالُ المَرْءِ يُعْلَمُ فِي امْتِحَانٍ *** فَيَرْسُبُ أَوْ يَجُوزُ عَلَى امْتِيَازِ(2)
ص: 337
(بحر الوافر)
الأستاذ علي محمد الحائري (*)(1)
رُقَادِي بَعْدَ فَاطِمَةٍ عَزِيزُ *** وَ قَلْبِي مِنْ مَصَائِبِهَا حَزِيزُ(2)
وَ أَيَّامِي وَرِينَةٌ كُلِّ خَطْبٍ *** نِغَارُ حُرُومِهَا أَبَداً نَزِيرُ(3)
أَفَاطِمُ إِنَّ صَابَ الصَّبْرِ مُرٌّ *** وَ إِنَّ مُهَنَّدَ البَلْوَى جَرِيزُ(4)
فَلاَ رَقَأَتْ دُمُوعٌ فِي عُيُونٍ *** وَ لَابِوَجِيبِ أَفْئِدَةٍ هَزِيرُ(5)
وَ لاكَهَمَتْ سُيُوفُ الوِتْرِ حَتَّى *** تُزَاحَ مَوَاجِدٌ وَ يَدِي غَمِيزُ(6)
وَ عُودُ الجَوْرِ مُخْتَضِدٌ طَوِيٌّ *** وَ غُصْنُ الحَقِّ مُفْتَرعٌ دَرُوزُ(7)
وَ نَارُ الظَّالِمِينَ إِلَى رَمَادٍ *** وَ جَمْرُ الصَّابِرِينَ صَلٍ أزُوزُ(8)
وَ وَعْدُ اللَّهِ مُنْتَجَرٌ قَرِيبٌ *** وَ لاوَعْدٌ لأَناكِ نَجِيزُ(9)
ص: 338
وَمِثْلُكَ لا يُصَارُ إِلَى سُلُوِّ *** إِذَا مَا ضَنَّ بِالذِّكْرَى لَحِيزُ(1)
أَأُمَّ السُبْطِ وَ الحَسَنِ افْتِخَاراً *** بِذَيْنِ وَ لاكَكَنْزِهِمَا الكُنُوزُ
وَ زَيْنَبُ أُمُّ مُلْقُومٍ سَمَاءً *** عَفَافِ قُطْبُ أُفَقِهِمَا رَكِيزُ
نَوافِحُ مِنْ لَطِيم المِسْكِ ضَوْعاً *** شَوَافِعُ حِرْزُ جَنَّتِهَا حَرِيزُ(2)
إِذَا اسْتَاف المُحَوِّبُ مِنْ شَذَاهَا *** فَعَفْرُ اللَّهِ كِسْوَتُهُ اللَّزِيزُ(3)
فَهَلْ لَكَ أَنْ تَلُومَ عَلَى وَلائِي *** لَآلِ البَيْتِ وَ المَوْلَى عَزِيزُ
ص: 339
(بحر المجتثَ)
السيد محمد رضا القزويني(*)(1)
أَفَقْتُ مِنْ بَعْدِ نَوْمٍ *** قَدْ طَالَ عَهْداً وَ مَغْزَى
وَجَدْتُ فِي القَلْبِ وَجْداً *** بَيْنَ الضُّلُوع تَنَزَّى
أَضْنَانِيَ البَحْثُ سَيْراً *** فَمَا تَلَکّأْتُ قَفزا(2)
وَ رُحْتُ أَطْلُبُ أَمْراً *** يَلُوحُ فِي الأُفُقِ رَمْزا(3)
كَيْفَ النَّجَاةُ بِحَشْرٍ *** لِمَنْ تَمَادَى وَ أَخْزَى
وَ مَا توَرَّعَ ذَنْباً *** فِي النَّاسِ غَمْزاً وَ لَمْزَا(4)
حَتَّي وَجَدْتُ طَرِيقاً *** أَنْ كَيْفَ أَنْجُو وَ أُجْزَى
وَجَدْتُ أَقْوَال طهَ *** وَمَا إِلَى اللَّهِ يُعْزَى(5)
يُوصِي بِفَاطِمَ حُبّاً *** يَقُولُ حَسْبُكَ كَنْزَا
شَفِيعَةُ الحَشْرِ تَبْدُو *** إِنْ سَاقَنِي الذَّنْبُ وَخْزا(6)
ص: 340
وَ عِنْدَهَاسَأُنَادِي *** كَيْفَ المُحِبُّ سَيُجْزَى ندَهَا
هيْهَاتَ أَنْتِ وَلاَئِي *** أَفِي جَهَنَّمَ أُرْزا؟
إِنَّ الشَّيَاطِينَ رَاحَتْ *** تَؤُزُّ أَعدَاکِ أَزّا
إِلَى الجَحِيمِ وَ مِنْهُمْ *** فَلَسْتُ أَسْمَعُ رِكْزَا(1)
هَيْهَاتَ أُحْشَرُ فِيهِمْ *** وَإِنْ تَقَطَّعْتُ جَزّا
إِنَّ الجِنَانَ تُنَادِي *** يَكْفِي مُحِبَّكِ عِزَّا
ص: 341
ص: 342
ص: 343
ص: 344
(بحر الكامل)
الأستاذ إبراهيم محمد جواد (*)(1)
كُمْ ذَا أُريتُ بِعَثَمَةِ الأَغْلاسِ *** حُلْماً جميلاً هَزَّ لِي إِحْساسِي(2)
حَشْرٌ وَ نَشْرٌ وَ ازْدِحامٌ مُرْعِبٌ *** وَ تَرادُفُ الأَلْوانِ و الأَجْناسِ!
وَ تَزاوُجٌ وَ تَمازُجٌ وَتَماوُجٌ *** وَ تَدافُعٌ كَتَدافُعٌ الأَفراسِ!
وَ مَعَ الخَلائِقِ قَدْ حُشِرْتُ كَمَا أَنَا *** دُونِي و خَلْفِي جَنَّةٌ وَ أَناسِي
ص: 345
قَدْ كَدَّنِي عَرَقٌ نَصَبَّبَ سَیْلُهُ *** وَ أَصابَنِي بِالهَمِّ و الإِبْلاَسِ(1)
جَسَدِي تَجَهَّمَ لِي وَ أَبْدَى نُفْرَةً *** مِنِّي وَ رُوحِي مِنْ جَفَاهُ تُقاسِي(2)
وَ النَّفْسُ قَدْ نَدِمَتْ عَلى مَا قَدَّمَتْ *** وَ تَقَدَّمت لِلرُّوحِ بِالإِيئاسِ
***
بَيْنا أَنَا مُتَجَهَّمٌ مُتَحَيِّرٌ *** فَلِقٌ وَ قَدْ كَتَمَ الأَسَى أَنْفاسِي
وَإِذَا بِحانِيَةٍ عَليَّ تَقُودُنِي *** بَيْنَ الوُرودِ وَ خُضْرَةِ المِيماسِ(3)
وَ تَقُولُ لِي اخْتَرْ لِنَفْسِكَ دَوْحَةً *** فِي رَوْضَةٍ مَؤفُورَةِ الإِيناسِ
هذِي جِنانُ الخُلْدِ فَادْخُلُ هانِئاً *** وَ لَكَ التَّنَقُّلُ دُونَما حُرّاسِ
وَ لَكَ القُصُورُ الْعَالِياتُ وَ غُرْفَةٌ *** وَ الحُورُ تَخْطُرُ بُكْرَةً وَ أماسِي
***
فَشَكَرْتُ، حَانِيةً عَليَّ لِفَضْلِها *** و عَجِبْتُ كَيْفَ شَرِبْتُ مِنْ ذِي الكاسِ
وَ سَأَلْتُ با بنت الكرام أفاطِمٌ *** قَالَتْ أَیَا لِفُؤادِكَ الحَسّاسِ
زَهْراءُ سَيِّدةُ النِّساءِ تَحِيَّةً *** مِنْ مُذْنِبٍ قَدْ غاصَ فِي الأَدْنَاسِ(4)
لايَكْتَفِي بِالذَّنْبِ يَفْعَلُ خِلْسَةً *** حَتَّى يُذِيعَ بِرَنَّةِ الأَجْراسِ
ص: 346
فيمَ الشَّفاعَةُ لي و إِنِّي غارِقٌ *** فِي الإِثْمِ مِنْ قَدَمي لِقِمَّةِ رَاسِي؟!
***
مالَتْ عَلَى الدَّاءِ الوَبِيلِ تَجُسُّهُ *** تَسْتَأْصِلُ الأَوْرَامَ مِثْلَ نِطَاسِي(1)
و تُهَدْهِدُ القَلب الحَزِينَ بِنَظرَةٍ *** نَبَويَّةٍ تَدْعُوهُ لِلإسْلاسِ(2)
قالَتْ ذُنُوبُكَ كُلُّها مَغْفُورَةٌ *** مُحِيَتْ بمَا قَدَّمْتَ من أغْراسِ(3)
لاتَعْجَبَنَّ إِذا أَتَتْكَ شَفاعَتِي *** فَلَكُمْ رَجَمْتَ وَ ساوِسَ الوَسْواسِ
وَ لَكُمْ هَتَفتَ بحبِّ آلِ مُحَمَّدٍ *** حَتَّى تَصَدَّعَ حَافِقُ الخَنَّاسِ
وَ بَلابِلُ الأَفْنانِ يَحْلُو شَدوُها *** فوقَ الغُصونِ وَ فَرْعِها المَياسِ(4)
فَبِكُلِّ قافِيةٍ زَهَتْ فَوْقَ الثَّرَى *** غَرْسٌ فَلاتَقْصُرْ عَنِ الأَعْراسِ
وَ بِكُلِّ أُغْنِيَةٍ شَدَتْ بَيْنَ الوَرى *** لَكِ مَنْزِلٌ يَعْلُو على الأَوْراسِ(5)
***
هِيَ ذِي المكارِمُ قَدْ عَلِمْتُ أُصُولَها *** أَلمُصْطَفَى أَرْكَانُها و مَراسِي
ص: 347
وَمِنَ النَّبِيِّ تَفَرَّعَتْ أَغْصَانُها *** و اخْضَوْضَرَتْ فِي الآلِ خَيْرِ النَّاسِ
زَهْراءُ قِمْتُها وَ تَاجُ كَمالِها *** وَ المُقْتَدَى للناسِ كالنِّبْراسِ
هِيَ لِلنَّبِيِّ الأُمُّ وَ البِنْتُ الَّتِي *** تَأْسُو الجِراحَ بِخِبْرَةٍ وَ مِراسِ(1)
كَمْ ذا تَشَوَّفتِ الرّجالَ لِمِعْصَمٍ *** يَرْجُونَ مِسْكَ طِباقِها و جِناسِ
رامُوا العُلُوَّ فمَا اسْتَطَاعُوا نَيْلَهُ *** وَ تَقاذَفَتْهُمْ خَيْبَةُ المُحْتاسِ(2)
لولا عَلِيٌّ لَمْ يَكُنْ كُفُواً لها *** أَحَدٌ يُوانِسُ دَرْبَها وَيُواسِي(3)
هِيَ لِلْوَصِيِّ الزَّوْجُ تَفْرِسُ دَرْبَهُ *** بِالرَّوْحِ وَ الرَّيْحانِ و الأَقْواسِ(4)
هِيَ لِلْعَطاءِ مَواقِفٌ مَشْهُودَةٌ *** وَ عَزائِمٌ مِثْلُ الجبالِ رَواسِي(5)
ص: 348
هِيَ للطَّهارَةِ أُسها وَ أَسَاسُها *** هِيَ لِلْفَضِيلَةِ عِصْمَةُ المِقْياسِ(1)
ص: 349
هِيَ لِلْعُلوّ شَعائِرٌ وَ مَناسِكٌ *** وَ مَعارِجُ عَزَّتْ على الإِرْكاسِ(1)
ص: 350
(بحر الكامل)
الشيخ جعفر العوامي(*)(1)
كَبُرَتْ عَوالِمُ جَوْهَرِ الْقُدْسِ *** و عَلَتْ مَعَالِمُها عَلَى الْكُرْسِي
مَلأَتْ مَصَائِبُها الْعَوالِمَ حَيْثُما *** وَقَعَتْ فَلاَ تُحْصَى عَلَى طِرْسِ(2)
أَعْنِي الْبَتُولَةَ فَاطِمَاً مَنْ قَدْ حَوَتْ *** نُوراً بِهِ تَعْلُو النُّجُومُ عَلَى الشَّمْسِ(3)
ص: 351
بنْتُ النَّبِيِّ رَسُولِ اللهِ أَحْمدَ مَنْ *** جَلَّتْ عَنِ الأهْوَاءِ وَ الحَدْسِ
عَظُمَتْ مَقَاماً أَنْ تُبَارَى فِي الوَرَى *** فَلِذَاكَ عَزَّتْ فِي الْعَلاءِ عَنِ اللَّمْسِ(1)
ص: 352
(بحر الطويل)
السيد صالح الحلي (*)(1)
خَلِيلَيَّ عُوجا بِي عَلَى الْحَيِّ وَاحْبِسا *** فَلُوْصَيْكُما فِي رَامَةٍ لا تُغَلِّسا(2)
أَقِيما عَلى وَادِيهِمُ عُمْرَ سَاعَةٍ *** فَقَلْبِي مَعَ الْحَيُّ الْمُعَرِّسِ عَرَّسا
أسائِلُ عَنْهُمْ كُلَّما مرَّرَاكِبٌ *** أُعَلِّلُ نَفْسِي فِي لَعَلَّ وَ فِي عَسَى
إِذا مَا سَرَوْا فَالنَّجْمُ يَسْتُرُ نُورَهُ *** وَ هُمْ أَنْجُمُ السَّارِي إِذا اللَّيلُ عَسْعَسا
لَقَدْ صِرْتُ سَلْسَ الإِنْقِيادِ لِعِيسِهِمْ *** وَلَكِنَّ عِيسَ الظَّعْنِ قَدْ صِرْنَ شُمَّسَا(3)
سَقَوْني كُؤُوسَ الْحَتْفِ حَتَّى تَساقَطَ *** الَّذِي قَدْ سَقَوْنِي مِنْ جُفونِيَ أَكْوسا
وَ قَاسَمَني الدَّهْرُ الجِوارَ فَجَارُهُمْ *** فُؤَادِي وَ جَارِي الدَّمْعِ بِالحُمْرَةِ اكْتَسَى
تَكادُ الثَّرى تَخْضَرُّ مِنْ صَبْ دَمْعِهِ *** وَ تُحْرَقُ مِنْ أَنْفَاسِهِ إِنْ تَنَفَّسا
فَلا دَمْعُهُ يُظفِي حَرارَةَ وَجُدِهِ *** وَ لاالوَجْدُ لِلدَّمْعِ المُرَفرَقِ أَيْبَسا
خَلِيليَّ مَا وَجْدِي لِفَقْدِ أَحِبَّتِي *** وَلَكِنَّمَا وَجْدِي (لِسَيدَةِ النِّسَا)
هِيَ البَضْعَةُ الزَّهْرَا سَلِيلَةُ أَحْمَدٍ *** وَ خامِسَةُ الأَشْبَاحِ صَاحِبَةُ (الْكِسَا)(4)
ص: 353
فَلَيْتَ رَسُولَ اللهِ يَنْظُرُ (صِهْرَهُ) *** عَلَى الرَّغْمِ مَرْؤُوساً (وَ تَيْماً) مُرَأْسَا
لَقَدْ كَانَ دَهْرِي قَبْلَ يَوْمِكَ بَاسِماً *** فَدَهْرِيَ مِنْ بَعْدِ افْتِقادِكَ عُبَّسَا(1)
لَقَدْ أَضْرَموا البَيْتَ الَّذِي فِيهِ لَمْ تَزلْ *** مَلائِكَةُ الرَّحْمَنِ تَرْعَاهُ حُرَّسَا(2)
قَدِ اسْوَدَّ مِنْهَا المَتْنُ وَ احْمَرَّ خَدُّها *** وَ أَسْعَدُ مَا لا قَتْهُ فِي النَّاسِ أَتْعَسَا(3)
ص: 354
عَجِبْتُ لِمَنْ لَمْ يَنْسَ صَوْلَةً حَيْدَرٍ *** فَكَيْفَ لَحَاهُ اللهُ مِنْ بَعْدُ قَدْ نَسَى(1)
وَصَالَ عَلَى ذَاكَ الْهِزَبْرِ وَقَادَهُ *** بِحَبْلِ بِرَغْمِ الدِّينِ يَنْقَادُ مُبْلَسا(2)
عَلَى مِنْبَرِ الْهَادِي عَلَا (ابْنُ فُلانَةٍ) *** وَ وَارِثُ عِلْمِ اللهِ فِي الدَّارِ أُجْلِسا
لقد أَسْسَ الظُّلْمَ (ابنُ تَيْمِ بْنِ مُرَّةٍ) *** وَ عَلَّى (ابْنُ هِنْدٍ) فَوْقَ مَا كَانَ أَسَّسا
دَعَا ابْنُ الدَّعِي الرِّجْسُ نَغْلَ أُمَيَّةٍ *** وَ قَدْ كَانَ أَدْعِى مِنْ يَزِيدٍ وَ أَنْحَسَا
فأَثْبَتَ رُكْنَ الشِّرْكِ بَعْدَ انْهِدَامِهِ *** وَ خَفَّ بِطَوْدِ الدِّينِ مِنْ بَعدِ مَا رَسا
أَتَتْ مِثْلَ مَجْرَى السَّيْلِ فَاسْوَدَّتِ الْفَضا *** فَلَمْ تَرَ فِي أَرْضِ مِنَ الْجُنْدِ مَجْلِسا
أبَى أَنْ يَحلَّ الضَّيْمُ سَاحَةَ رَبْعِهِ *** وَ نَزَّهَ مِنْ تَيْمِ الدَّنِيَّةِ مَعْطَسا
سَعى للرَّدى في فِتْيَةٍ تُرْهِبُ العِدَى *** وَ تُفْدِي لِحِفْظِ الدِّينِ فِي اللهِ أَنْفُسا(3)
سَطَوْا فَسَقَوْا أَعْدَاءَهُمْ جُرَعَ الرَّدَى *** مَضَوْا فَقَضَوْا حَقَّ الهُدَى حِينَ أَطْمِسا
إِذا نَظَرُوا لِلشُّوسِ شَزْراً تَقَطَّعَتْ *** عَلَى وَجَلٍ أَكْبَادُ مَنْ كَانَ أَشْوَسا(4)
كَأَنَّ السُّيوف المَشْرَفِيَّاتِ أَنْجُمٌ *** بِأَفْقِ غُبارٌ مِنْ رُكامٍ تَحَنْدَسا(5)
كأَنَّ القَنا الخَطيَّ أَغصانُ دَوْحَةٍ *** تُخالِفُ مِنْهَا شَمَالُ الرِّيحِ أَرْؤُسا
ص: 355
كَأَنَّ اعتناق السُّوسِ في حَومَةِ الوغى *** به نَيْلُ آمال لها الدَّهرُ حَبَّسا
كأَنَّ اصْطِلكاكَ البِيْضِ في البيضِ عِنْدَهُمْ *** تَرَنُّمُ شَادٍ في حُمَيَّا قَدِ احْتَسَى
رَمَتْ آلَ حَرْبٍ حَرْبَ آلِ مُحَمَّدٍ *** بِجَيْشِ لُهام في الصَّلالَةِ أُرْكِسا(1)
وَ بَاعَ (ابْنُ سَعْدٍ) دِينَهُ بِدَنِيَّةٍ *** فَأَصْبَحَ مِنْ دُنْيَاهُ وَ الدِّينِ مُفْلِسا(2)
ص: 356
(بحر البسيط)
الشيخ عبد الواحد مظفر(*)(1)
سَلامٌ عَلَى بَابِ الْحَوَائِجِ عَبَّاسِ *** شِبْلِ الْوَصِيِّ عَليٍّ فارِسِ النَّاسِ
إِنَّ حَامِي الْحِمَى الْحُسْنَى مَوَاهِبَهُ *** فِي الدِّينِ وَالْعِلْمِ وَ الْمَعْرُوفِ وَ البَاسِ
هُوَ المِجَنُّ لاِحْدَاثِ الزَّمَانِ لَنَا *** وَ الْعَوْنُ عِنْدَ لِقَاءِ الْفَادِحِ الْقَاسِي(2)
إنّ الحدِيثَ الَّذِي يَرْوِي كَرَامَتَهُ *** عِنْدِي صَحِيحٌ عَلَى الْعَيْنَيْنِ وَ الرَّاسِ
قَدْ ثَبَّتَ اللَّهُ فِيهِمْ رُكْنَ مِلَّتِهِ *** لاَيَثْبُتَنَّ الْبِنَا إِلاَّ بآساسِ
وَ إِنَّهُمْ عِندَنَا سُفْنُ النَّجاةِ لَنَا *** وَمَا عَلَيْنَا بِنَقْدِ الْخَصْمِ مِنْ بَاسِ
نَرْجُو الشَّفَاعَةَ مِنْهُمْ فِي المَعادِ لَنا *** لَسْنَا مِنَ الْفَوْزِ بِالْفَرْدَوْسِ فِي يَاسِ
وَإِنَّمَا رِيُّنا مِنْ حَوْضِ كَوْثَرِهِمْ *** كَاسٌ هَيِّنٌ رَوِيٌّ طَابَ مِنْ كَاسِ
سَيأمُرون غَداً فِينَا إلى غُرَفٍ *** مَحْفُوقَة بِرِياضِ الوَرْدِ وَ الآسِ(3)
فَالأمِنونَ مِنَ النِّيرانِ شِيعَتُهُمْ *** إِنْ أُوقِدَتْ بِالْحِجَارِ الصُّلْدِ وَ النَّاسِ(4)
وَإِنَّ شِيعَتَهُمْ فِي الحَشْرِ مَنْزِلِهُمْ *** بَيْنَ النَّبِيِّينَ مِثْلَ الْخِفْرِ وَ الْيَاسِ
رَوْحٌ و رَيْحانٌ فِيهَا وَ النَّعِيمُ بِها *** عَرْفٌ ذَكَا نَشْرُهُ مِن طِيبِ انْفَاسِ
ص: 357
وَ الجَاحِدُونَ لَهُمْ فِي قَعْرِ مَظْلَمَةٍ *** مَعَ الشَّيَاطِينَ في ذُلُّ وَ إِبْلاسِ(1)
يُكَبُّ ظَالِمُهُمْ وَ الْقَاتِلُونَ لَهُمْ *** عَلَى المَناخِرِ فِي النِّيرانِ و الرَّاسِ
إِنْ تشتكِي فَاطِمُ الزَّهراءُ مَا لَقِيَتْ *** أَبْنَاؤُهَا مِنْ صَنِيع الأُمَّةِ القَاسِي
تَجِيءُ تَحْمِلُ رَأْسَ السِّبْطِ مُهْجَتِها *** و طفْلَهُ وَ يَدَيْ ذِي الْفَضْلِ عَبَّاسِ
هُنَاكَ يَشْتَدُّ سُخط اللَّهِ إِذْ غَضِبَتْ *** بِنْتُ النَّبِيِّ عَلَى الجَانِي مِنَ النَّاسِ(2)
ص: 358
(بحر الوافر)
الأستاذ علي محمد الحائري(*)(1)
أعَلِّلُ فِي خُطُوبِ الدَّهْرِ نَفْسِي *** بِمَا قَدْ لأقَتِ الزَّهْرَاءُ أَمْسِ(2)
وَ مَنْ يَمْدُدْ لآلِ الْبَيْتِ حَبْلاً *** يَجِدثِقَلَ الخُطوب خَفِيفَ جَسِّ(3)
إذا ضَاقَتْ بِكَ الدُّنْيَا فَوَجُهُ *** سَفِينَ رَجاكَ نَحْوَ الصَّبْرِ وَارْسِ
تَأسَّ بِمَنْ تَحَيَّفَهُمْ زَمَانٌ *** أَبَى أَنْ لايُصاحِبَ غَيْرَ نِكْسِ(4)
عَلى قَدْرِ احْتِمَالِكَ فِي الرَّزَايَا *** تَجِيءُ خُطاكَ فِي دَرْبِ التَّأَسِّي
فَمَا الأمْرُ الَّذِي يُضْنِيكَ إِلاّ *** نَزائِرُ شِقْوَةٍ وَ خِفافُ مَيْسِ؟(5)
تَرُوحُ عَلَى التّاؤُه وَ التَّشَظْي *** وَ تَغْدُو حِلسَ أفَّ ثُمَّ تُمْسِي(6)
ص: 359
فَأَيْنَ حَلاوَةُ الإِيمَانِ إِلاّ *** تُحَصِّدُ مِنْ يَقِينِكَ كُلَّ مَرسِ؟(1)
وَ أَيْنَ تَقَحُّمُ الأَبْطالِ إِلاّ *** تَخُضْ دَأْمَاهَا بِوَتَابِ حُمْس؟(2)
عَلَى قَدَرٍ قُسُومُ النَّاسِ تَجْرِي *** سَواسِيَةٌ بِلاَتَبْعِيضِ جِنْسِ
وَ أَقْرَبُهُمْ إِلَى الرَّحْمنِ ناضٍ *** ثِيابَ السُّوءِ مِنْ دَرَنٍ مُخِسِّ(3)
أَلَمْ تَرَ لِلَّذِينَ مَضَوْا خِفافاً *** تَسامَوْا فِي الفَضِيلةِ دُونَ رِكْسِ؟(4)
عَلَى الشَّهَواتِ مَا سَجَرُوا أَتُونَا *** وَ فِي الشُّبُهَاتِ مَا انْتَقَبُوا بِلُبْسِ(5)
فَرائِصُهُمْ مِنَ المُثلَاتِ رَجْفَى *** بِيَوْمِ مِنْ عَذَابِ اللهِ نَحْسِ
وَ أَعْيُنُهُمْ مِنَ العَبَراتِ وَ كَفَى *** وَ أَنْفُسُهُمْ نَواشِجُ دونَ نَبْسِ(6)
أُولَئِكَ صَفْوَةٌ شَدُّوا رِحالاً *** إِلَى الأُخْرَى قُبَيْلَ نُزولِ رَمْسِ(7)
رَأَوْا مُتَعَ الحَياةِ إِلَى تَلاشٍ *** وَ أَعْراسَ الْخَطِيئَةِ شَرَّ عُرْسِ
تَقَفَّ خُطاهُمُ وَاجْنَحْ لِسِلْمٍ *** مَعَ الإِيمَانِ تُعْطِ قَرَارَ نَفْسِ
حذارَكَ إِنَّ تِنِّينَ الدَّنايا *** يَنْضِضُ يَدْرِيكَ لِكُلِّ فَرْسِ
وإِنَّ النَّفْسَ مَرْكَبُهَا جَمُوعٌ *** وَ إِنَّ حَلاوَةَ اللَّذَّاتِ تُنْسِي(8)
وَ إِنَّكَ إِنْ أَفَأْتَ إِلى رَشادٍ *** سَلِمْتَ عَلى المدى مِنْ كُلِّ دَهْسِ(9)
إلى جَدَدٍ بِهِ الزَّهْراءُ سارَتْ *** يُؤَطْرُهُ الخُلُودُ بِكُلِّ وَرْسِ(10)
تَضَرَّعَتِ النُّبوَّةُ في رِداها *** وَ عَمَّتْ هَضْبَتَيْ رَضْوَى و قُدْسِ
ص: 360
هِيَ الخِدْرُ المَصُونُ هِيَ التَّجَلِّي *** هِيَ السِّفْرُ المُنفَّدُ كُلَّ نَقْس(1)
هِيَ القَبَسُ الَّذِي ما غاضَ مِنْها *** سَليط في ليالٍ جِد دُمسِ(2)
هِيَ الدَّمْعُ السَّكُوبُ إِذَا اسْتَجاشَتْ *** مَواجِعُها وَ لَيْلُ الهَمْ يُؤْسِي(3)
تُطِيلُ سُجُودَها و تَرُودُ دُنْيا *** مِنَ الإِخْبَاتِ في سَبَحَاتِ حِسِّ(4)
ص: 361
و مَنْ شَقَّتْ لَدَيْهِ الرُّوحُ يَسْمَعُ *** مُناجاةَ السَّمَاءِ بِكُلِّ جَرْسِ(1)
ص: 362
(بحر المتقارب)
الشيخ محمد علي الأردوبادي(*)(1)
لِيُهنِي الهُدَى فَيْضُهُ الأَقْدَسُ *** غَداةَ زَهي الثِّقَلُ الأَنْفَسُ
ص: 363
شَأَتْ أَرْضُ مَكَّةَ فِيهِ السَّما *** فَذَلَّ لَها الْفَلَكُ الأَطْلَسُ(1)
وَ غَالَىٰ بِهَا الْقُدْسُ مِنْ فَاطِمٍ *** فَزَايَلَها الثَّمَنُ الأَوْكَسُ(2)
ص: 364
وَ غُصْنُ النُّبُوَّةِ أَعْيَاصُهُ *** بِرَوْضِ الْجِنانِ لَهَا مَغْرِسُ(1)
وَ نَسْجُ الخِلافَةِ أَبْرادُها *** فَمَا الْحُورُ جَلَّلَها السُّنْدُسُ!
مَشَتْ فِي الصَّعِيدِ وَ عَلْيَاؤُها *** لَها فَوْقَ مَامِ السَّما مَعْطِسُ
وَ عَنْ غَيرِ سُؤدَدِها المُسْتَفِيضِ *** غَدَتْ سُوَرُ الذَّكرِ لاتَنْبِسُ(2)
وَ قَدْ وَقَفَتْ فِيهِ فِي مُسْتَوّى *** بِوَصْم الرّجاسَةِ لايُدْنَسُ
فَعَنْ دَنَسِ الشّركِ مَفْطُومَةٌ *** وَ عَنْ كُلِّ شَانِئَةٍ تُحْرَسُ(3)
ص: 365
لَمِنْ تَسْعَ فِي نَيْلِهِ الْعَاثِرَاتُ *** يُؤَخِّرُها عِزُّها الأَقْعَسُ(1)
فَأَيْنَ مِنَ النُّورِ نُورِ الْهُدَى *** بِظَلْماءِ لَيلِ الْعَمَى حَنْدَسُ(2)
وَ فِي مُنْتَهى الْقَوْسِ عِنْدَ الصُّعُودِ *** لَيْسَ لِمَنْ يَبْتَغِي مَلْمَسُ
بإمكانها الأشرفُ الْمُسْتَنِيرُ *** نِبطَتْ بِآفَاقِهَا الأَنْفُسُ
وَ إِنَّ عَلَى وُدّها الأَنْبِيَاءَ *** عُلُوَّا بِنِيَّةِ مَا أَسْسُوا
وَ دَارَتْ عَلَيْهِ قُرُونٌ مَضَتْ *** تَقَفّى الْبَلِيعُ بِهِ المُبْلِسُ(3)
وَ فِي المَلَكُوتِ لَهَا مَوْقِفٌ *** وَ ذِكرُ إِلَى الْحَشرِ لايَدْرُسُ(4)
ص: 366
وَ لَمْ يُلْفَ كُفْوٌلَهَا فِي الْوُجُودِ *** لَوْلا ابْنُ فَاطِمَةَ الأَقْدَسُ
وَ ذُرِّيَّةٌ بَعْدَها قَدْ رَكَوْا *** فَمَنْ أَقْعَسٌ بَعْدَهُ أَشْوَسُ(1)
أَئِمَّةُ حَقٌّ هُمُ الْمُصْطَفَوْنَ *** لأمر الخِلافَةِ مَا اسْتَيْأَسُوا
وَ تَيْمُ ابْنُ مُرَّةَ أَعْلامُها *** وَ نَوْكَى عَدِيٍّ بِهَا نُكَّسُ
وَ مَا لابْنِ عَفَّانَ فِي مُنْتَدَيَ *** الْقَدَاسَةِ إِمَّا احْتَبى مَجْلِسُ
سوى آلِ فَاطِمَةَ الأَكْرَمِينَ *** يُطَأَطَأُ مِنَّا لَهَا الأَرْؤُسُ
أَقُولُ وَ أُنْسُ اللَّسَانِ الثَّناءُ *** وَ قَلْبِي بِذِكْرَاهُمُ يَأْنَسُ
ذَخَرْتُ لمثوى اللُّحودِ الوَلاءَ *** و يوم هُوَ المُفْلِقُ المُخْرِسُ
وَ نَشْوَةُ حُبِّي بَنِي فاطِمٍ *** تُدارُ لها بَيْنَنا الأَكْؤُسُ
و إنْ كانَ قَصْراً عليها الفخاً *** رُفَإنَّ عليها الثَّنا يُحْبَسُ(2)
ص: 367
ص: 368
ص: 369
ص: 370
(بحر البسيط)
الأستاذ حميد أحمد المسري(*)(1)
ميلادكِ النُّورُ فِي الآفاقِ يَفْتَرِشُ *** وَ فَضْلُكِ فِي صَدَى الأَزْمَانِ مُنْتَعِشُ(2)
وَ ذِكرُكِ عِنْدَ أَهْلِ الْفَضْلِ قَاطِبَةً *** لايَنْزَوِي وَ هُوَ فِي التَّارِيخِ مُنتقِشُ(3)
أَنْتِ الَّتِي كنتِ نُوراً شامخاً أَزَلاً *** عَبْرَ الدُّهُورِ بمرٌ لَيْسَ يَنْكَمِشُ(4)
ص: 371
أَعْطَاكِ رَبُّكِ شَأناً لَيْسَ يُدْرِكُهُ *** كلُّ البَرايَا لَهُ الأَلْبَابُ تَنْدَهِشُ(1)
حُزْتِ الْفَضَائِلَ وَ الْخَيْرَاتِ أَجْمَعَها *** إِذْ مِنْكُمُ الْخَيرُ وَ الإِحْسَانُ يُنْتَبَشُ(2)
ضَاءَت بطلعتِكِ الدُّنْيَا مُكَلَّلَةً *** مِنْ فَيْض جُودِكِ فَضْلاً لَيْسَ يَنْخَدِشُ
إنّ الألى لَمْ يُراعُوا حَقَّكِ حَسَداً *** لابدُّ أَعْيُتُهمْ فِي ضَوْتِهَا عَمَشُ
هُمْ رَوُّعوا بَضْعَةَ الْهَادِي بِبَغْيِهِمُ *** إِذْ إِنَّهُمْ سَفَهَاً بالجَزْلِ قَدْ حَفَشُوا
تَبَّا لَهُمْ لَمْ يُراعُوا حُرْمَةٌ أَبَداً *** بَلْ إِنَّهُمْ بِحِمَى الزَّهراءِ قَدْ بَطَشُوا
يَا بِنْتَ أَفْضَلِ مَنْ يَمْشِي عَلَى دَعَةٍ *** لَكِنْ لِهَيْبَتِهِ الأَوْصَالُ تَرْتَعِشُ
ولاؤُكِ الْحَقُّ إِنَّ الْحَقِّ مُرْتَهَنٌ *** مِنْ دُونِ وُدِّكِ لايُعطى و يُجْتَرَشُ(3)
ص: 372
شأناً سَمَوْتِ تَعالى أَنْ يُحاطَ بِهِ *** نَوْعٌ مِنَ الْفِكْرِ حَيْثُ الْفِكْرُ يَحْتَوِشُ(1)
تَقَبَّلِي لِي نِظاماً قَدْ حَوَى دُرَراً *** فِي الْقَلْبِ مَكْنُونُهُ فِي الطَّرْس يُنتَقَشُ(2)(3)
عَلَيْكِ صَلَّى إله الْخَلْقِ مَا طَلَعَتْ *** شَمْسُ بَدا صَوْؤُهَا فِي الْجَوْ مُفْتَرِشُ
ص: 373
(بحر الكامل)
الأستاذ سلمان هادي آل طعمة (*)(1)
أضحى فُؤادي عَنْ هَوَاهُ مُفتِّشا *** وَ أَقَضَّهُ شَوقٌ لِمُهْضَمَةِ الْحَشا(2)
للَّهِ فَجْرٌ كَادَ يَزْهُو بَهْجَةً *** يُحْكِي النَّسيمَ الْغَضَ وَ الْقَلبُ انْتَشَى(3)
فِي يَوْمٍ مَوْلِدِ فاطِمٍ قَدْ زَغْرَدَتْ *** كُلُّ الطُّیورِ مِنَ الصَّباحِ إِلى العِشا
أَوَلَيْسَ قَوْلُ اللهِ جَلَّ جَلالُه *** فِي (هَلْ أَتى) كِتْمَانَ أَمْرٍ قَدْ فَشَا؟(4)
الدَّهْرُ أَصْبَحَ جَنَّةً بطُلُوعِها *** وَغَدا المُحِبُّ لِوَرْدِها مُتَعَطِّشا
مَنْ مثْلُها في عِلْمِها وَ نَوالِها *** كَالنَّجم فِي أُفُقِ المَجَرَّةِ عَشَّشا(5)
بَدْرٌ يَقَرُّ الْعَيْنَ يَمْلأُ بِشْرُهُ *** دُهِشَ العَدوُّ بِهِ وَ طَاشَ فَأَجْهَشا(6)
يَا حَبَّذا يَومٌ لِدَوْحَةِ فَاطِمٍ *** أَبْشِرْ فَيَا لَكَ مَغْرِساً أَوْ مَعْرِشا
وَ مَكَانَةٌ فِي الدِّينِ تُبْهِرُ أَعْيُناً *** يَكْفِي مَحَاسِنُ فَضْلِهَا أَنْ تَبْطِشا(7)
يَا بِنْتَ مَنْ حَمَل الرِّسَالةَ لِلْوَرَى *** عَبْرَ المَدَى عَنْهَا عَشا مَنْ قَدْ عَشا
وَقَفَتْ قُلُوبُ الْقَوْمِ مِنْكِ تَجِلَّةً *** وَ بَقِيتُ لَاحَالِي وَ لَاقَدَمي مَشى(8)
ص: 374
(بحر الوافر)
الأستاذ علي محمد الحائري(*)(1)
سَقَيْتُ ثَراكِ أَدْمُعِيَ الْغَواشِي *** وَ فَصَّلْتُ الْجِدَادَ عَلى رِياشِي(2)
وَ كُنْتُ مَتَى اذكَرْتُكِ فِي مَرَاحِي *** نَأَى عنّي إِلَى كَمَدٍ بَشاشِي
أفاطِمُ إِنْ جَمْرَ الرُّزْءِ يَكْوِي *** صَلِيبَ النّقي مِنْ عَظْمِ المُشاشِ(3)
أَفَاطِمُ هَلْ جُبِلْتِ عَلَى رِهَانٍ *** مَعَ الآلامِ وَ النُّوبِ الْعَوَاشي؟(4)
ص: 375
أَمِثلُكِ بَضْعَةٌ تُجْفَى وَ لَمَّا *** يَجِبُّ الرَّوْضُ مِنْ بَلَلِ الرِّشَاشِ؟
أَمِثْلُكِ حُرَةٌ تُزْوَى وَ تُمْنَى *** رُبوعَ الوَحْيِ بِالرُّمَرِ الْغِشاشِ؟
وَ أَيْنَ وَصاةُ مَنْ أَرْباكِ ثِقْلاً *** وَ لَأثِقُلٌ يَؤُولُ إِلى تَلاشِ؟
وَ أَيْنَ خَصائِلُ الْحَسَنَيْنِ لَزّا *** جَدِيلَ أَبِيكِ مَرْدُوعَ الْحَوَاشِي؟(1)
يَشِيلُهُما عَلَى الْكَتِفَيْنِ حُبّاً *** وَ يَأْنَسُ مِنْهُمَا نَطُّ الفِراشِ
فَهلاً صِينَتِ الصُّوَرُ الْحَوَانِي *** وَهَلاً رُوعِيَتْ ذِكَرٌ نَوَاشِ؟(2)
وَ هَلْ زَجَرَتْ مَنايِحُهم أُموراً *** تُعَجِّلُهُمْ إِلَى قَرَفِ الهِراشِ؟(3)
عَلامَ وَ نَعْشُ هادِيهِمْ مُسَجّى *** وَ فِيمَ يُصارُ لِلَّدَدِ و النَّقَاشِ؟(4)
أَلَمْ يَئِلُوا الْغَدِيرَ غَدِيرَخُمْ *** وَ شَاعِرُهُمْ يُصَفِّقُ بِالهَشَاشِ؟(5)
لِحَيْدَرةَ انْتَخَتْ مِنْهُ القَوافِي *** مُدَبَّجَةٌ بِإِرْهاصِ الْحَشاشِ(6)
وَ أَيْنَ وَ أَيْنَ فاطِمٌ فَاسْتَعِيني *** بِصَبْرِكِ فَالدُّنى خَوَلُ الْمَعَاشِ(7)
وَلَوْ لاجَمْرَةُ الإيمانِ أَبْدَتْ *** نَواجِذها خَراطِيمُ الرُّقَاشِ
ص: 376
وَ لَوْ لا أَنَّ حَبْلَكِ ذَا مُمَدًّ *** إِلى القِيَمِ المُؤَصَّلةِ المَناشِي
لذَرَّ الرَّمْلُ فِي أَحْداقِ رَاءٍ *** وَ بَانَ الطَّبَعُ مِنْ خَلَلِ الرَّتاشِ
كِتَابُ اللهِ ثُمَّ هَواكِ دِرْءٌ *** لِمَنْ سَلَكَ الْمَحَجَّةَ وَ هُوَ خاشِ
ص: 377
(بحر الكامل)
الشيخ فاضل الصفار (*)(1)
الْقَلْبُ مَا ذَاقَ السُّرورَ و لاانتشئ *** وَ الْحُزنُ ظِلِّ فِي حَيَاتِي عَرَّشا
ص: 378
لِلْبَضْعَةِ الزَّهراءِ طَالَتْ حَسْرَتي *** لِجَنينِها و أنينِها سقمي فشا(1)
ص: 379
ص: 380
وَ الْعَينُ مِنْ بَدَل الدُّموعِ جَرَتْ دَماً *** وَ لِضلعِهَا المَكْسُورِ حُزنِي عَشْعَشَا(1)
ليْلِي طويلٌ بالتَّسهُّدِ يَنْقَضِي *** وَ نَهارِي لَوْعَاتٌ تَلحُّ عَلَى الحَشَا(2)
ص: 381
في كُلِّ آنٍ تَسْتَفِيقُ بِخَاطِري *** صُوَرُ الأسى ولأيّ سرٍّ قد نَشَا
بَابٌ و مِسْمَارٌ وَ صَدْرٌ طاهرٌ *** وَ أَنِينُ ثَكلى لَيْلَهَا قَدْ أَعْطَشا(1)
وَ ذُبُولُ جِسْمٍ بالسَّقامِ وَ قَدْ غَدَى *** لِسُقوط مُحْسِنِها نِجيلاً أُرْعِشا
وَ كُسُورُ أَضْلاعٍ وَ صَدْرِ نَازِفٍ *** وَ الْعَيْنُ وَ الْوَجْهُ الَّذِي قد خُمِّشا
في هَضْمِ حَقٌّ وَ استلابِ نَحِيلَةٍ *** وَ خَفَاءِ قَبْرٍ فِي التُرابِ تَشَوَّشا(2)
ص: 382
دَفَنُوا بِهِ نُورَ الإِلَهِ وَ سِرَّهُ *** فِي جَنْبِهِ الآهاتُ لَيْلاً أَوْحَشا
فَتَهيجُ بِي ذِكْرَى الْمُصَابِ كأَنَّها *** النِّيرانُ تَكْوِي فِي الْفُؤادِ كَمَا تَشَا
إن أبْكَ لَيْلاً أَسْتَفِقْ بصَباحِهِ *** و القلبُ جَمْرٌ لِلْبُكَاءِ تَعَطَّشَا
وَ إِذا كَظَمْتُ النَّوحَ صُبحاً خَانَنِي *** جَلَدِي فَعَدتُ أَنوحُ صُبحاً أغبشَا(1)
وَ يَعُودُ يَسْأَلُنِي الْفُؤَادُ بِحَرْقَةٍ *** وَ تُجِيبُهُ عَيْنَيْ بِدَمْعٍ قَدْ مَشَي
عَنْ حَالِ فَاطِمٍ حِينَ أَحْرِقُ دَارَهَا *** بِالنَّارِ جانٍ بِالْجِنَايَةِ قَدْ مَشى؟
وَلايَ ذَنْبٍ قَدْ أَتَتْهُ و علةٍ *** قَدْ غَصَّصُوهَا المَوْتَ مُراً أبطشا؟(2)
وَلأَيَّ ذَنْبٍ أُرْغِمَتْ مَهْضُومَةً *** وَ الْمَتْنُ مِنْ ضَرْبِ السِّياطِ تَنقَّشا(3)
ص: 383
وَلأَيِّ ذَنْبٍ بِالْجِدَارِ وَ بَابِهِ *** عُصِرَتْ وَ أَسْقَطَتِ الْجَنِينَ وَ قَدْ غَشَا؟
وَلأَيِّ سِر قُيْدَ الْمَظْلُومُ فِي *** قَيْدِ التَّصَبُّرِ وَ هُوَ ليتٌ يُختشى؟(1)
فأَجَابَهُ قَلْبِي المُقَطَرُ بِالدِّمَا *** إِذْ كَانَ فِي شَرح الْحَقِيقةِ مُدْهِشا
لاأَسْتَطِيعُ بَيَانَ خَطبٍ فاظعِ *** مَا إِنْ تَذَكَّرَهُ الْفُؤَادُ تنهَّشا
فَدَع الْجَوَابَ وَ سِرَّهُ بِتَصَبُّرٍ *** وَ أجِبْ هُتافَ الْخَطْبِ مِن جَمْرِ الحَشَا
مَا كَانَت الأَيَّامِ عَنْ ذَاكَ الأَسى *** تَغْفُو و سَمْعُ الدَّهرِ لم يكُ أطْرَشَا
إِذ كلُّ حقٌّ يَسْتَغِيثُ بأهلِهِ *** كَيْ يَظْلِبُوهُ بِصُبْحِ يَومٍ أَوْ عِشَا(2)
ص: 384
ص: 385
ص: 386
وَ امْتَدَّ فَضْلٌ مِنْ فَضَائِلِ أَحْمَدٍ *** يَزْهُو بِهِ النَّبَأُ الْعَظِيمُ وَ يَشْخَصُ
وَ الطَّيْرُ تَصْدَحُ فَوْقَ أَغْصَانِ التَّقَى *** بِاليُمْنِ وَ النُّعْمَى غَداً يَتَرَقَّصُ(1)
يَا أَيُّهَا النَّبْعُ المُضَمَّحُ بِالوَلا *** يَرْوِي الْعِطَاشَ وَ مَاؤُهُ لايَنْقُصُ(2)
أنا والِمٌ أَنَّى انْطَوَيْتُ عَلَى التُّقى *** أَسْعَى إِلَيْهِ وَ لِلْفَوَاطِم أُخْلِصُ(3)
وَ الْحُظَبَةُ الغَرَّاءُ ذَاتُ طَلاوَةٍ *** طَهُرَتْ وَ حَارَ بِوَصْفِها المُتَخَصِّصُ(4)
جَحَدُوا الهُدَى غَيْضاً عَلَى فَخْرِ النِّسا *** و احَيْرَتِي إِنْ جِئْتُ يَوْماً أَفْحَصُ
كَمْ ذَا تَحَمَّلَتِ الرَّزَايَا وَ الأَسَى *** وَغَدَا العَدُوُّ بِبَابِها يَتَرَبَّصُ(5)
ص: 388
هَيْهَاتَ أَنْ يَنْجُوعَدُوُّ جَائِرٌ *** فَالْحَقُّ يَعْلُو و الفَرِيسَةُ تُقْنَصُ(1)
ص: 389
(بحر الكامل)
الأستاذ علي محمد الحائري(*)(1)
دَامٍ وَ رِيشّكَ نَاصِلٌ و حَصِيصُ *** وَ جَناحُ حَظِّكَ فِي الحُظُوظ قَصِيصُ(2)
أَلأَنَّكَ الْعِرْقُ النَّبِيضُ عَلَى الشَّجَى *** لِلرّازِحِينَ ضَناً هَواكَ رَهِيصُ(3)
وَ لأَنَّ جُرْحَكَ لايُبَل نَغارُهُ *** إلا و جُرْحُ الآخَرِينَ قَلُوصُ(4)
يَهْتاجُكَ اللَّيْلُ الطَّوِيلُ وَ تَدَّرِي *** أَحْلامُكَ الأَشْباحَ وَ هْيَ شُخُوصُ
وَ يَفِيضُ وِرْدُكَ وَ الأجاجُ مَذاقُهُ *** وَ يَتِيهُ سِرْبُكَ وَ القِفَارُ لُصُوصُ(5)
لِمَنِ الجِفانُ المُفْهَقاتُ شِواؤُها *** بَشِمَتْ بِهَا الدُّنيا وَ أَنْتَ خَمِيصُ؟(6)
فَلأَسْبَغَنَّكِ يَا طَوِيَّاتِ المُنَى *** حَتَّى تَرِي مَوْتاً وَ لَيْسَ مَحِيصُ
ص: 390
الآنَ لَجَّ بِهَا العُرامُ وَ خُودِعَتْ *** مِنْكَ الظُّنونُ وَ نالٌ مِنْكَ وَ قِيصُ(1)
وَ انْثالَتِ الدُّنيا عَلَيْكَ زَواهِياً *** أظيافُها وَ رَنَتْ رُؤاها الخُوصُ(2)
لاَدَرَّ دَركَ إِذْ حِياضُكَ غُيَّضٌ *** وَ فُؤَادُ طَيْرِكَ بِالضُّلُوعِ قَرِيصُ(3)
و إذ الأكِنَّةُ مِنْ زَغَابِكَ فُجَّعٌ *** يَعْتَامُها الْعُقْبَانُ فَهيَ قَنِيصُ(4)
وَإِذِ الأَوَابِدُ رُعَّفٌ أَشْداقُها *** بِدَمِ وَ إِذْ رُمْحُ الزَّمانِ حَرِيصُ(5)
وَلَديَّ منْ عِبَرِ الزَّمَانِ شَواهِدٌ *** وَلَدَيَّ مِنْ سِفْرِ العَذابِ نُصُوصُ(6)
وَلَدَيَّ عِنْدَ الغَوْصِ فِي غَمَراتِها *** مِنْ الشَّبَاكِ مِنَ الشَّكاةِ فُصُوصُ
أغْضِي عَنِ المُختَارِ لاأَعْتامُهُ *** فَرْقاً فَطَرْفُ الشَّامِنِيْنَ بَصِيصُ(7)
أَشاطِرُ الزَّهراء في آلأمِها *** فَيَهُونُ عِنْدِي مُوزَمٌ وَ عَوِيصُ(8)
لَمَّا اخْتَزَلْتُ بِهَا الْمَسَارَ تَرَقْرَقَتْ *** فِي ادْمُعِ الذِّكْرى وسَحَّ نُكُوصُ(9)
هِيَ آمَةُ الشَّجَنِ الَّذِي لايَنْطَفِي *** مِنْهُ الأَوَارُ وَ جَمْرُهُ المَقْبُوصُ(10)
ص: 391
وَ هِيَ الذُّوابَةُ مِنْ أَراكَةِ هَاشمٍ *** فِي حَقِّها الْمَأْتُورُ وَ الْمَنْصُوصُ(1)
دَرَجَتْ عَلَى خَطْوِ الرَّسُولِ و لم تَحِدْ *** نَهْجاً وَ بُنْيَانُ الهُدى مَرْصُوصٌ(2)
و زَوَتْ عَنِ الدُّنيا وَ مَنْ يَكُ مِثْلَها *** مَا شَابَهُ التَّنْهِيرُ وَ التَّفْرِيصُ
إِن جُنَّ لَيْلٌ فَهيَ فِي مِحْرابها *** و كذَاكَ نَجْوى المُخْبِتِينَ قُلُوصُ(3)
ص: 392
حَتَّى إِذا غارَتْ لَوامِعُ نَجْمِهِ *** هَاجَتْ بها ذِكَرٌ قَبلَّ قَمِيصُ
لَيْلُ الأَحِبَّةِ لُسَّعٌ ساعاتُهَا *** وَ وِسادَ مَنْ ذاقَ الفِراقَ قَرُوصُ
ذِكْرَى أَبِيها الطّهْرِ فَوْقَ جُفُونِها *** خَضْلٌ و مِسْكُ لَطِيمِهِ مَبْصُوصُ(1)
بالأمْسِ كانَ على هَواجِرِ بَيْتِها *** دَوْحاً فَصَوَّحَ مِنْ ذُراها العِيصُ(2)
ما كانَ حُزْنُكِ يا بتولُ بِهَيْنٍ *** لَكِنَّما فَرَسُ المَنُونِ قَمِيصُ(3)
فَتَحَمَّلِي وِزْرَ الزَّمانِ وَ ذَنْبَهُ *** فَجِنانُ مِثْلِكِ في الخُطوبِ رَصِيصُ(4)
ص: 393
ص: 394
ص: 395
ص: 396
397
(بحر الطويل)
الشيخ إبراهيم آل مبارك
البحراني التوبلاني(*)(1)
إِذَا كَانَ مَدْحُ الْمُرْتَضَى لَكَ مُرْتَضَى *** فَقَدْ وافَقَتْ كُلُّ القُلُوبِ عَلَى الرِّضَى
وَ لاهَمَّ أَنْ يَسْتَكَّ سَمْعُ مُزَنَّمٍ *** مَتَى سَمِعَ القَوْلَ اسْتَشَاطَ وَ أَنْغَضا(2)
عَلِيُّ أَمِيرُالْمُؤْمِنينَ وَ مَنْ تَرَى *** سِواهُ لِمَدْحَ المَادِحِينَ المُعَرَّضا؟
يَهُشُ له قَلبي وَ شِعْرِي بِمِدْحَةٍ *** فَمَا رُمْتُ حِيناً أن أقول فَأَعْرَضا(3)
وَما لِي لاأَرْجُو بِمَدْحِيَ زُلْفَةً *** بَلى و أنا الآتِي لَها مُتَعَرِّضا(4)
سَأَغْدُو بِإِخْلاَصِي لَهُ مُتَفَوِّقاً *** وَ لابِدْعَ مني أَنْ أَطُولَ وَ أَعْرَضا
وَمَادِحُ غَيْرِ المُرْتَضَى مَا عَلِمْتُهُ *** يُحاوِلُ إِلا أَنْ يَقُولَ وَ يَنْقُضَا
وَ هَلْ كَانَ حَيَّ دُونَهُ غَيْرَ نَاقِضٍ *** تَساهَلَ فِي مَا كَانَ فِيهِ وَ أَغْمَضا
فَمَنْ مِثْلُهُ فِي الكَوْنِ حَتَّى كَأَنَّهُ *** هُوَ الكَوْنُ ممَّا كَوْنَ اللهُ أَوْ قَضى!؟
وَ عِلَّةُ هَذَا الْكَوْنِ إِنْ كانَ أَحْمَداً *** فَأَحْمَدُ هذا مُصْطَفَى وَ هُوَ مُرْتَضَى
وَإِنْ غَفَرَ اللهُ الذُّنوبَ بِأَحْمَدٍ *** فَذَاكَ بِهِ الغُفْرَانُ هَذَا بِهِ الرِّضَى
ص: 397
وَ أَحْمَدُ إِنْ أَنْضَى حُساماً مُجاهِداً *** فَهَذَا هُوَ السَّيْفُ الَّذي هُوَ يُنْتَضَى(1)
وَ أَحْمَدُ لَمْ يَعْمَدُ لِتَقْوِيضِ دَوْلَةٍ *** مِنَ الشِّرْكِ إلا كان هذا المقَوِّضا
وَ أَحْمَدُ إِنْ يَعْقِدْ لِواءً مُؤَمِّراً *** فَمَنْ غَيْرُه كَانَ الأَمِيرَ المُفَوَّضا!؟(2)
وَ أَحْمَدُ إِنْ ذَلَّتْ جَبَابِرَةُ الوَرَى *** له هُوَ ذا كانَ الْمَسِيسَ المُروّضا
وَ أَحْمَدُ إِن شَبَّ الغَضَاء فِي جَوانِحِ *** الغُواةِ فَهَذَا فِي الْوَغَى جَمْرَةُ الغَضَا(3)
وَ أَحْمَدُ إِنْ سَنَّ الشَّرِيعَةَ لِلْهُدَى *** أَلَيْسَ بِهَذا لِلشَّرِيعَةِ يُسْتَضا؟
وَ أَحْمَدُ إِنْ يُنْقِذْ مِنَ الشِّرْكِ مَنْ مَضَى *** فَهَذا هُوَ الهَادِي إلى نهجِ مَنْ مَضَى
وَ إِنْ هَجَّرَ الأَصْنامَ أَحْمَدُ ماقتاً *** فَمَنْ هَشَّمَ الأَصْنَامَ كَسْراً وَ رَضَّضا؟
وَ إِنْ أَصْبَحَ الدَّاعِي إِلَى اللهِ أحْمَداً *** فَهذا هو الغَادِي مُحِضًا مُحَرِّضا
مَتَى رَعَدَتْ مِنْ أَحْمَدٍ أَي مُزْنَةٍ *** وَ أَبْرَقَ فيها سَيْفُ هذا وَ أَوْمَضَا(4)
هَمى صَيِّبٌ فيهِ شِفاءٌ لِمُهْتَدٍ *** و كانَ على الغاوِينَ داءً مُمَرِّضا(5)
لَحى اللَّهُ قَوْماً أَبْغَضُوهُ فليسَ مَنْ *** لَهُ الحَقُّ فِي فَرْضِ الوَلاءِ لِيُبْغِضا
وَيَا قَوَّضَ البارِي بِناءَ مُزنَّمٍ *** تَعَرَّضَ فِي مَبْنَى الهُدَى لِيُقَوِّضا
تَوَجَّهَ الدُّنيا بكُلِّ جُهُودِهِ *** و صَدَّ عن الدين الحنيف و أَعْرَضا
و خادَعَ بالأَطماعِ مَنْ يَسْتَمِيلُهُمْ *** و أَسْلَفَ قَوْماً آخَرِينَ و أَقْرَضا
مَعاشِرُ سُوءٍ مَا يُنيبُ لِرَبِّهِ *** مُنافِقُهُمْ إِلَّا إِذا هُوَ أَعْرضا
أَطاعَ الهَوى في كُلِّ ما هُوَ عامِلٌ *** وَ أَخْلَصَ للشيطانِ حتّى تَمَحَّضا
فجاءَ لبيتِ الوَحْيِ فِي مَنْ أَطاعَهُ *** و حَفَزَهُمْ أَنْ يُحْرِقُوهُ و حَرَّضا
ص: 398
و أَغْرَاهُم -لاأَرْشَدَ اللهُ أَمْرَهُمْ- *** وَ هَدَّ قُواهُمْ أَجْمَعِينَ وَ هَيَّضا(1)
فَأَقْحَمَهُمْ مِنْ غير إذْنٍ قَدِ اقْتَضَى *** دُخولَهُمْ ما يَعْلَمُ اللهُ مَا اقْتَضَى(2)
وَ أَخْرَجَ لَيْثاً خادِراً مِنْ عَرِينِهِ *** يُقادُ بِمَا أَوْحَى لَهُ الصَّبْرَ للقَضا
و فاطِمةُ الزهراءُ يُضْرَبُ جَنْبُها *** و تُعْصَرُ ما بينَ الجِدارِ لِتَجْهَضا
و ما كانَ هَذا مانِعاً مِنْ خُروجِها *** لَها صَرْخَةٌ مِنْ خَلْفِهِ تَمْلأُ الفَضَا(3)
ص: 399
و ما لَقِيتْ منهُمْ حناناً و رَحْمَةً *** سِوى كَمَدٍ أَدْمَى الفُؤادَ و أَمْرَضا(1)
ص: 400
(بحر الخفيف)
الشيخ حسين الطرفي(*)(1)
إِنَّ مَنْ حُبُّها مِنَ اللهِ فَرْضُ *** لَيْسَ يَزْرِي بِهَا مِنَ الْقَوْمِ رَفْضُ(2)
بَضْعَهُ الْمُصْطَفى وَأُمُّ أَبِيهَا *** وَعَلى حُبِّها النَّبِيُّ يَحُضُّ(3)
حُبُّها حُبُّهُ وَنَاهِيكَ فِيمَنْ *** قَالَ عَنْها بِأَنَّها مِنْه بَعْضُ(4)
ص: 401
لايُساوَى بِها عُلاًمَنْ *** أَظَلَّتْهُ سَماءٌ وَمَنْ أَفَلَّتْهُ أَرْضُ(1)
ماعَدَا بَعْلَها فَذَلِكَ نَفْسُ *** المُصْطَفَى حَيْثُ إِنَّهُ مِنْهُ مَحْضُ
كَمْ أَراهُمْ مِنْ فَضْلِ فَاطِمَ مَا لَوْ *** أبْصَرُوا رُشْدَهُمْ لَمَا عَنْهُ غَضُّوا(2)
رَفَعَ اللهُ بَيْتَها فَتَحدَّى الرَّفْعَ *** مِنْهُمْ لِذلِكَ الْبَيْتِ خَفْضُ(3)
مانَای عَهْدُهُ وَلا الذِّكْرُ *** قَدْ اخْلَقَ مِنْهُ وَخَطْبُهُ بَعْدُ غَضُّ(4)
أَضْرَمُوا عِنْدَ بَابِهَا النَّارَتُذْكَى *** مِنْ لَظَى شَبَّها عِداءٌ وَ بُغْضُ(5)
منْ رِضَى اللهِ مِنْ رِضاها أَيَرْضَى *** عَنْ أُناسٍ ضُلُوعَ فَاطِمَ رَضُّوا؟
ص: 402
اغْضَبُوهُ إِذْ أَغْضَبُوهَا فَأَوْحَى *** اللَّهُ فِي الظّالمين (يَومَ بَعَضُّ)
وَتَمَادَوْا فِي غَيِّهمْ فَتَنادَوْا *** وَتَناجَوْا فَكَانَ لِلْبَحْثِ خَوْضُ
واسْتَراحُوا لجحْدِ فَاطِمَ حَقًّا *** كَانَ مِنْ رَبِّهَا لَها فَهُوَ فَرْضُ(1)
صَدَعَتْهُمْ بِحُجَّةٍ وَبَرَاهِينَ بِها *** لِلَّذِي بِهِ احْتُجَّ دَحْضُ(2)
ص: 403
بَصَّرتْهُمْ لَوْ أَبْصَرُوا النُّورَ لَكِنْ *** كَانَ فِيهِمْ عُمْيُ البَصائِر مُرْضُ
ثُمَّ جَاؤُوا يَستَعطِفُونَ فُؤاداً *** فِيهِ مِنْ نابِ ما تُقَاسِيهِ عَضُّ(1)
فَأَبَتْ ما أبي لَها اللهُ منْ أنْ *** يَجِدوا لِلرَّضا طَرِيقاً فَيُفْضُوا(2)
وَانْثَنُوا خَائِبِينَ لَمْ يَسْتَطِيعُوا *** غَسْلَ عارٍ لَمْ يُجْدِهِمْ فِيه رَحْضُ(3)
رَفَضَتْهُم فَانْهارَ مَا أَحْكَمُوهُ *** وَلِمَا أبْرَمُوهُ بِالرَّفْضِ نَقْضُ
وغدا قَلْبُها يُقاسِي شُجُوناً *** ضاقَ عَنْهَا لِلْكَوْنِ طُولٌ وَعَرْضُ(4)
يالَها اللَّهُ مِنْ نَوائِبَ باتَتْ *** وَبِهَا مَضْجَعُ البَتُولِ يُقَضُّ(5)
ص: 404
يالِقلْبِ تَحَكَّمَ الغَمُّ فِيهِ *** عَادَ مِنْهُ لِلْحُزْنِ بَسْطٌ وَ قَبْضُ
وَ لِصَدْرٍ قَدْ ضاقَ بالهمِّ ذَرْعاً *** وَ لِضِلْعٍ فيهِ جِراحٌ تُمِضُّ(1)
وَ لِجِسْمِ تَنَاهَبَتْهُ الرَّزايا *** حَيْثُ لَمْ يَبْقَ فِي الشَّرايينِ نَبْضُ
فَمَضَتْ بِنْتُ سَيِّدِ الرُّسْلِ غَضْبَى *** مِنْ أُناسٍ قَدْ أَغْضَبُوها لِيَرضُوا
وَ خَبَا نُورُها وَمِلْءُ حُشَاهَا *** لِلِقاءِ الرَّسُولِ شَوْقٌ وَ رَمْضُ(2)
ص: 405
وَخَلاَ بَيْتُها فَأظْلَمَ لَوْلا *** أنَّ مِنْ ذِكْرَياتِها فِيهِ وَمْضُ(1)
فَلَكَ اللهُ يا علِيُّ فَهذا *** ثانِيَ اثْنَيْنِ مَنْ خُطُوبٍ تَقُصُّ(2)
فَمُصابُ النَّبِيِّ أعْظَمُ خَطْبٍ *** وَمُصابُ الزَّهْراءِ مِنْهُ أمَضُّ
وَعَزاءٌ لإِبنيكَ مِنِّي -وَإن قلَّ *** عَزاءً -أنْ يَهْجُرَ العَيْنَ غَمْضُ(3)
ص: 406
(بحر الوافر)
الأستاذ علي محمد الحائري(*)(1)
أرَى بَعْضِي يَغارُكَ فيَّ بَعْضِي *** وصَحْوِي نَهْبَ أَضْناءٍ وعُمْضِ(2)
تُراوِدُنِي الْحَيَاةُ بِأَيِّ نُعْمَى *** لَئِنْ ساوَمْتُها بِجثًى مُمِضِّ
دَوَالٍ مِنْ رَغابٍ مُعْرِشاتٍ *** عَلَى سَمْتَيْنِ مِنْ طُولٍ و عَرْضِ(3)
ومُرْتَبَعٍ تَلَذُّ النَّفْسُ فِيه *** أطايبُ مَا يُصارُلَها بِحَضِّ
وَجَنَّاتٌ تَرُودُ الطَّيْرُ فِيهَا *** هَوادِل نَاغِماتٍ بِكُلِّ نَبْضِ
تَرى خَلَلَ الرَّوائِعِ مِنْ رُؤاها *** ظِلالَ الأَيْكِ تَرْفَعُ كُلَّ خَفْضِ(4)
عَلى أنِّي وَإِنْ خادَعْتُ نَفْسِي *** أَرانِي عَنْ عَمَى الشَّبعَاتِ أُغْضِي
أراني خَابِطاً عَشَواتِ وَهْمٍ *** تُزلِّقُ مِنْ خُطايَ بِكُلِّ دَحْضِ
تُسَاوِرُني المُنَى شَمْطاءَ شِيباً *** تَهَرَّأَ مِنْ شَواها كُلُّ نَحْضِ(5)
وَتَفْرُشُ لِي المَجَرَّةَ وَهْيَ أَنْأَى *** مِنَ العَبَّوقِ مِنْ سَكَنِي وَأَرْضِي
وَتَسْحَبُ مِنْ بِسَاطِي كُلَّ وَطْءٍ *** وَتَذْوِي مِنْ أَدِيمِي كُلَّ غَضِّ(6)
فَيَا نَفْسُ ائْلَفِي شَظَفَ التَّلَظَّي *** عَلَى الحِرْمَانِ وَارْتَكِني لِرَفْضِ
ص: 407
وَ يَا حُمَمَ الْهَوَاجِرِ جَرِّدِيني *** مِنَ الثَّوْبِ المُفَضَّضِ وَالمُقِضِّ
وَ يَا دُنيَا بَلَوْتُكِ لأضَمينٌ *** ذِمَامُكِ عِنْدَ مُحْتَكَمِ التَّقَضِّي
مَطَلْتِ فَلا نَجائِزَ مِنْ وُعودٍ *** وَرُضْتِ فَلا مَنادِحَ مِنْ مَرَضِّ
غَوالِي كِبْرِياءاتٍ أذالَتْ *** يَداكِ عَلَى مُداهَنَةِ التَّرَضِّي
و شمّاً مِنْ عَرانِينٍ تَخَطَّتْ *** بِكِ القِدْمانُ في دَهْياءَ تَنْضِي
وَ مُقْتَصدِيَّ لا أَرَباً أفادُوا *** وَلا هَضَمُوا الهَشِيمَ بِشُرْبِ حَمْضِ
تَأَنّوْا فِي الْمَسَافِ فَلا صوارٍ *** تَدُلُّهُمُ الطَّرِيقُ إِلَى مَفَضِّ(1)
أُولئِكُمُ الأَقَلُّونَ احْتِقَاباً *** مِنَ الثَّمراتِ مِنْ دَعَةٍ وَخَفْضِ
وَ يَا دُنْيَا جُبِلْتِ عَلَى هَوانٍ *** فَيا لَكِ مِنْ مَريرِ السُّوءِ جَرْضِ(2)
أعَنْتِ عَلى الفَواطِمِ زَعْنَفاتٍ *** إلى مُسْتَرْخَصِ الغاياتِ رُكْضِ(3)
وَما الدُّنْيا إِلى الأَطْماعِ غاياً *** وَمَا مَنْ لِيفَ مِنْ وَضَرٍ بِرَحْضِ
و ما الزَّهْراءُ إِلاَّ مِنْ أبِيهَا *** أَصالَةُ مَحْتِدِ ودَبِيبُ نَبْضِ(4)
ص: 408
هِيَ الطُّهْرُ البَتُولُ وَ مَنْ تَرَبَّتْ *** عَلى إيفاءِ نافِلَةٍ وَ فَرْضِ(1)
رَعَتْ بَيْتَ الرِّسالةِ وَ هْيَ رَضْعَى *** وَ لَمْ يَكُ وِرْدُ مُرْضِعِها بِبَرْضِ(2)
وَ حُقَّتْ بالمَلائِكِ تَصْطَفِيها *** تَنَزَّلُ مِنْ سَماواتٍ لأَرْضِ(3)
ص: 409
سَلاماً يَوْمَ مَوْلِدِها شِهاباً *** وَ حُزناً يَوْمَ مَا ارْتَحَلَتْ كَوَمْضِ
ص: 410
(بحر الخفيف)
السيد محمد رضا القزويني (*)(1)
أَيُّ قَلْبٍ مَا كَانَ يَحْمِلُ *** لِلزَّهرَاءِ حُبّاً فَذَاكَ قَلْبٌ مَرِيضُ(2)
إن يَكُنْ مُسْلِماً فَيعْلَمُ أَنَّ *** الْحُبَّ فِيها مُسَلَّمٌ مَفْرُوضُ(3)
أَوْ تَراهُ مُعانِداً فَلَدی إلا *** سلامِ وَ الْعَقْلِ دِينُهُ مَرْفُوضُ
حَفِظَتْ نَسْلَ أَحْمدٍ فِي بَنِيها *** فَنَمَا ذلِكَ الْكِيانُ العَرِيضُ(4)
أَيُّ نَهْرٍ مِنَ النُّبوّةِ يَنْسا *** بُ فُرُوعاً أئِمَّةً وَيَفِيضُ
سَادةً يَحْمِلُونَ مِشْعَلَ طه *** وَ عَلِيِّ ما عاقَهُمْ تَحْرِيضُ
وَ أَنارُوا الدُّنيا فَإِنْ قِيلَ أَهْلُ **** البَيْتِ قَالَتْ هذِي الأَيادِي البِيضُ
ص: 411
إنْ يَكُ الدِّينُ ظَلَّ لِلْيَوم حَيًّا *** فَبِهِمْ حَيْثُ شَأنُهمْ والنُّهوضُ
مِشْعَلٌ لِلأنامِ فِي كُلِّ عَصْرٍ *** شَعَّ فِيهَا مِنَ الْحُسَيْنِ وَمِيضُ(1)
وَ تَرَاهُمْ تَجرَّعُوا مِثْلَ سُمِّ الْ_ *** _حَسَنِ الْمُجْتَبَى لِتَحيا الفُروضُ
وَ تَوالَتْ مِنْ بَعْدِهِمْ تَضْحِیاتٌ *** كُلَّما الدِّينُ نالَهُ التَّعْرِيضُ
أينَ كانُوا مِنْ أمِّهِمْ يَوْمَ كَانَتْ *** خَلْفَ بَابٍ وَ ضِلْعُها مَرْضُوضُ؟(2)
لَمْ أَشأَ أَنْ أثِيرَ فِيهِمْ مُصاباً *** إِنَّما سَاقَنِي إِلَيْهِ الْقَرِيضُ(3)
ص: 412
هِيَ الصَّفا فَاسحُ فِيها الطُّولَ والعَرْضَا *** وأَدِّ واجِبها الْمَسْنُونَ وَالفَرْضا
وطُفْ بِها سَبْعَةً عَنْ قَلْبِ وَالهةٍ *** وأَحْذَرْ عَلَيْهِ وَأَلْزِمْهُ يَداً قَبْضا(1)
وَسَلْ دَوارِسَ أَطْلالٍ بَقِينَ بِهَا *** مَا بَالُها رَفَضَتْها أَهْلُها رَفْضا
وَمَا لَها قَدْ غَدَتْ قَفْراءَ مُوحِشةً *** مَأْوَى الْوُحوشِ وَقَدْ كَانَتْ بِهِمْ رَوْضا(2)
مَنْ مُبْلِغَنَّ سَلاماً مِنْ حَليفِ جَوَىً *** يُفْرِي حَشاهُ كماضِي الهِنْدِ أَوْ أَمْضَى(3)
إلى الأُلى أَثْبَتُوا لِي بَعْدَ رِحْلَتِهِمْ *** دَاءَ الضَّنَا وَنَفَوْا عَنْ جَفْنِيَ الغَمْضَا(4)
عِنْدِي مِنَ الْوَجْدِ مَا لَوْ قَسَّمُوهُ عَلَى *** شُمِّ الرَّواسِي لأفْنَى بَعْضُهَا بَعْضا(5)
وإِنَّ وَجْدِي عَلَى الزَّهراءِ أَسْقَمَني *** فَصِرْتُ مِنْ سَقَمِي لَمْ أَسْتَطِعْ نَهْضا
وَقَدْ أَذَابَ فُؤادِي رُزْهُ فَاطِمَةٍ *** حُزْناً ونَغَّصَ لي مِنْ عَيْشِيَ الخَفْضا
وَيلٌ لِقَوْمٍ جَزَوْاطه نَبِيَّهُمْ *** فِي آلِهِ عِوَضاً عَنْ حُبِّهِمْ بُغْضا
قَدْ أَوْجَبَ اللهُ فِي الْقُرآنِ وُدَّهُمُ *** عَلَى البَرِيَّةِ لاَ العُدْوَانَ وَالبُغْضَا(6)
ص: 414
فَأَضْمَرُوا لِلَّذي شَاءَ الإِلهُ لهُمْ *** نَقِيضَهُ وَلِعَهْدِ الْمُصْطَفَى نَقْضا
حَتَّى إِذَا الْمُصْطَفَى قَدْ غَابَ فَابْتَدَرُوا *** إِلَى الضُّغونِ وَعَهْدٌ بَيْنَهُمْ مُمْضَى
وَأَظْهَرُوا بَعْدَهُ أَحْقادَ قَلْبِهِم *** وَسارَعوا لِعُرَى إِسْلامِهِمْ قَرْضا
مَضَى وَخَلَّفَ فِيهمْ مِثْلَ فَاطِمَةِ الزَّ *** هْراءِ بِنْتاً فَهَضُّوا عَظْمَها هَضَّا(1)
و حَمَّلُوها رَزايا بَعْدَ وَالِدِها *** لَوْحَمَّلُوا جَبَلاً لاَنْدَكَّ وانْقَضّا
خَطْبٌ جَلِيلٌ وَمَا مِنْ حِيلَةٍ أبداً *** لِلْغَيْظِ إلاَّ عَلَى أَكْبَادِنَا العُضّا
أَوْ يَظْهَرُ الْمُرْتَجَيْ فِي كُلِّ نائِبَةٍ *** فَيَرْحَضُ الْغَيْظَ عَنْ صَدْرِ الهُدَى رَحْضَا(2)
يَا صَاحِبَ الأَمْرِ مَا للصَّبْرِ مُحْتَمِلٌ *** نَهْضاً فَدَتْكَ البَرايا مُسْرِعاً نَهْضا
غَضَضْتَ طَرْفَكَ يَابنَ الطَّاهِرِيْنَ فَقَدْ *** أَبَتْ رَزَايَاكُمُ الإِغْضاءَ وَالغَمْضا
مَولايَ عَجِّلْ فَمَا أَبْقى تَحَمُّلَنا *** إِلاّ تَلَهُّفُ أَكْبَادٍ لَنَا مَرْضى
تُغْضِي وَأُمُّكَ مَاتَتْ وَهْيَ وَاجِدَةٌ *** عَنْ مِثْلِ هذا وأَيْمُ اللهِ لايُغْضَى(3)
ص: 415
أمثلُ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ فَاطِمَةٍ *** مِنْ بَعْدِ وَالِدِها عَنْ شَأْنِها يُغْضَى؟
وَهْيَ الَّتي يَغْضَبُ البارِي إِذَا غَضِبَتْ *** عَلَى البَرايَا وَيَرْضَى اللهُ إِذْ تَرْضَى(1)
صَبُّوا عليها رَزاياً لا عِدادَ لها *** كَأَنَّهُمْ قَدْ رَأَوْا إيذاءَها فَرْضَا
مَصائِبٌ لَمْ أُطِقْ تِبْيَانَ عِدَّتِها *** كَلاّ وَلَمْ أَسْتَطِعْ تَفْصِيلَها بَعْضا
حَيْثُ النَّبِيُّ طَرِيحٌ في الفِراشِ وَقَدْ *** سَعَوْا لإطْفاءِ أَنْوارِ الهُدَى دَحْضا(2)
إلى السَّقِيفَةِ حَيْثُ القَوْمُ أَجْمَعُهُمْ تَراكَضُوا وَبَغَوْا فِي غَيِّهمْ رَكْضا
وأَشْرَعُوا لِلْعَمَى فِيها أَسِنَتَّهُمْ *** بِحَدِّها وَخَضُوا قَلْبَ الهُدَى وَخْضا(3)
رَدُّوا الوَصِيَّ الَّذِي كانَتْ ولايَتُهُ *** عَلَى النَّبِيِّينَ طُرًّا طاعَةً فَرْضا
فَهَلْ نَسُوا أَمْ تَناسَوْا يَوْمَ خُمِّهِمُ *** إِذْ أَعْلَنَ المُصْطَفَى بِالحَطِّ فِي الرَّمْضا
وَقالَ مَنْ كنتُ مَوْلاهُ فإِنَّ لَهُ ال_ *** _مَولَى عَلِيٌّ وَذا مِنْ رَبِّكُمُ مُمْضَى
أَغْضَوْا عَلَى المُرْتَضَى إِذْ أَخَّرْوه ولع_ *** نةُ الإلهِ عَلى مَنْ رَدَّ أَوْ أَغْضَى
ص: 416
ثُمَّ اعْتَدَوْا بعدَ ذا بَغْياً على ابْنَتِهِ الزَّ *** هْراء إِذْ غَصَبُوا مِيراثَها الفَرْضا(1)
لمْ يَحْفَظُوا حَقَّها بَلْ قَدْرَها حَفِظُوا *** وَلَمْ تَجِدْ أَحَداً يَحْنُو لَها خَفْضا(2)
إذْ راجَعَتْ مَعْشَرَ الأَنْصَارِ طالِبةً *** أَنْ يَنْهَضُوا لانْتِصارِ المُرْتَضَى نَهْضا
تَخَاذَلُوا وَتَمادَوْا فِي ضَلالِهِمُ *** بَغْياً وَزادَوا لآِلِ المُصْطَفَى بُغْضا
تَعلَّلُوا لِرضَى الشَّيْطَانِ وَيْلَهُمُ *** إِذْ كانَ قَدْ جَيَّش قِدْماً مِنْهُمُ النَّبْضا(3)
ص: 417
و إِنَّ أَعْظَمَ ما قَدْ جَلَّ فادِحُهُ *** في الدِّينِ خَطْبٌ بِهِ ظَهْرُ الهُدَى انتقضَا
اللهُ أَكْبَرُ مِنْ شَعْواءَ نائِرَةٍ *** أَذْكَتْ لَظاها الطَّباقَ السَّبْعَ وَ الأَرْضا(1)
لَمّا أَداروا على باب الهُدَى حَطَباً *** وَ قَدْ أَرادوا لأصحاب الكسا قَرْضا
فَجاءَتِ ابْنَةُ طه وَ هيَ تَزْعُمُ أَنْ *** تُرْعَى وَ لَمْ تُرْعَ فِيهِمْ حَقَّها الغَرْضا
فَأَضْرَمُوا النَّارَ في بابِ الهُدَى و بها *** شَفَوْا قُلُوبَهُمُ المَفْرُوحَةَ المَرْضَى(2)
فَلَمْ تَجِدْ غَيْرَ خَلْفِ البَابِ مُلْتَجَأَ *** بِنْتُ النَّبِيِّ فَرُضَّتْ خَلْفَهُ رَضَّا(3)
ص: 418
بَكَتْ وَ صاحَتْ وَ نَاحَتْ وَ هْيَ شَاكِيةٌ *** مِنَ الألى رَفَضُوا دِينَ الهُدَى رَفْضا
تَدْعُو أَباها رَسُولَ اللهِ صارِخَةً *** بِعَبْرَةٍ قَدْ حَكَتْ صَوْبَ الحَيا فَيْضا(1)
تَقُولُ: إِنَّ الألى كَانَتْ صُدورُهُمُ *** مَشْحُونَةً مِنْكَ بِالعُدْوَانِ وَ البُغْضا
دَعاهُمُ للْعَمَى داعِي الضَّلالِ و قَدْ *** مالُوا إلَيْه وَ مَلُّوا المِلَّةَ البْيَضَّا
بِعَيْنِي اسْوَدَّتِ الدُّنيا وَ زَهْرَتُها *** وَ احْمَرَّ دَمْعِي وَ فَوْدِي شابَ وَ ابْيَضَّا(2)
مَصَائِبٌ لَمْ أُطِقْ إحصاءَ عِدَّتِها *** كَلاً وَ لَمْ أَسْتَطِعْ تَفْصِيلَها بَعْضا
تَاللهِ مَا كَرْبَلاً لَوْلاً سَقِيفَتُهُمْ *** فَإِنَّهَا ارْتَضَعَتْ مِنْ ثَدْیِها مَحْضا
وَ حَقٌّ فَاطِمَةٍ مِنْ سِقْطِ مُحْسِنِها *** حُسَيْنُها خَرَّ مَطْرُوحاً عَلَى الرَّمْضا(3)
بِيَوْم رُضَّتْ ضُلُوعُ الطُّهْرِ فَاطِمَةٍ *** جِسْمُ الْحُسَيْنِ عَلَى بَوْغائِهَا رُضَّا
ص: 419
يَا بُقْعَةٌ ضُمِّنَتْ بِنْتَ النَّبِيِّ لَقَدْ *** شُرِّفْتِ فَوْقَ الطَّبَاقِ السَّبْعِ وَ الْأَرْضا(1)
مَا خَابَ مَنْ جاءَكُمْ فِي كُلِّ دَاعِيَةٍ *** لارَيْبَ أَنْ بِكُمُ حَاجَاتُهُ تُقْضَى
إِنِّي قَصَدْتُكِ مِنْ بُعْدِ عَلَى أَرَبٍ *** عَرَّضْتُها لِلَّذِي يُحْيِي الثَّرَى عَرْضا
ص: 420
ص: 421
ص: 422
(بحر الرمل)
الأستاذ حميد أحمد المسري(*)(1)
بِضْعَةُ الهَادِي إِلَيْكِ سَأَخُطْ *** مَا جَرى عَلَيْكِ مِنْ أَهْلِ الشَّطَطْ(2)
مِنْ حُدوثِ قَدْ تَعَالى أَمْرُهُ *** رَفَعَ المُحفوض وَ الْعَالِي الْتَمَطْ(3)
بِمُصابٍ زَلْزَلَ الْكَوْنَ شَجاً *** سَارَ فِي الدَّهْرِ زَمَاناً و مَعَطْ(4)
آه مِنْ قَوْمٍ تَولَّوْا فِعْلَهُ *** بَعدَ ما أَحْكَمَ بِالرَّأيِ الخُطَطْ
لَمْ يَكُنْ مَا قَدْ أَتَوْا مِنْ حَدَثٍ *** هَيْناً بَلْ كَانَ أمراً ذا سَخَطْ
ذَهَبُوا لكنّهمْ لَمْ يَعْلَمُوا *** مَايُلاقوا وَ إِلى اللهِ المَحَطْ
أَيْنَهُمْ قَدْ بَعُدُوا وَقتاً جَرى؟ *** فَهُمُ فِي شُعَبِ الماضِي نُقَطْ
نَقَضُوا عَهْداً لِطه المُصْطَفى *** وَ عَلَيْهِ ارْتَكَبُوا أَمْراً غَلَطْ
حَيْثُ جَاؤُوا وَ إِلَى الْبَيْتِ الَّذِي *** كَانَ طَه دائماً فِيهِ انْبَسَطْ
جَمَعُوا الجَزَلَ وَ فِي طَيَّاتِهِمْ *** حَسَدٌ لأمَسَ شراً فَاخْتَلَطْ(5)
ص: 423
وَرَأَى أَدْلِمُ وَقْتاً سَانِحاً *** لِلَّذي ما كَنَّ فِي القَلْبِ وَلَطْ(1)
أَمَرَ الثَّانِي بِأَنْ يُشْعَلَ فِي *** بَابِها النارُ وَ مِنْ ثَمَّ افْتَرَطْ(2)
قِيلَ فِي الدَّارِ هُنَا فَاطِمَةٌ *** وَ هُنَا جِبْرِيلُ بِالوَحْي هَبَطْ
قَالَ فِي عُنْفٍ تَغشّاه «و إِنْ *** كَان مَنْ كان» بِزَجْرٍ وَ سَخَطْ(3)
أَشْعِلُوا النَّارَ َو لاَ تُبْقوا بِهَا *** أَحَداً يَحْيا بِهَذِي الدَّارِ قطْ
إِنَّ هَذَا لَبَيَانٌ صَادِقٌ *** لَيْسَ فِيما قُلْتُ هَذا مِنْ شَطَطْ
وَ إِذَا شِئْتَ ثُبُوتَ الْقَوْلِ سَلْ *** شَاعِرَ النِّيلِ تَجِدْ مَا كَانَ خَطْ
وَ أَتَتْ فَاطمةٌ خَلْفَ الذَّرَا *** وَ لَها عَمْداً عَلَى الْبَابِ ضَغَطْ(4)
جَرَّ مِنْ إحدَاثِ هذا عَصْرَةً *** مُحْسِنٌ مِن إثرها مِنْها سقَطْ
أَنْبَتَ المُسْمَارَ فِي الصَّدْرِ و قَدْ *** جَارَ بِالفِعْلِ عَلَيْهَا وَ قَسَطْ(5)
كَسَرَ الضّلعَ و أدْمى صَدْرَها *** فَأَصَابَ الجِسمَ مِنْ ذَاكَ وَبَطْ(6)
خَرَمَ الأُذْنَ لَهَا مِنْ صَفْعَةٍ *** آلْمَتْها وَ ارْتَمى منها القُرُطْ
وَ أَحاطوا بِعَليَّ ذِي التُقى *** حَلقاتٍ وَ هُوُ فيهِمْ بِالوَسَطْ
أَخَذُوا الكَرَّارَ لِلْبَيْعَةِ فِي *** لُمَّةٍ بَعْدَ اضْطِهادٍ و فُرُطْ(7)
عَجَباً كَيْفَ عَلَيْهِ اجْتَرؤُوا *** وَ هُوَ فِي الهَيْجاءِ كِشَافُ الضّغطْ(8)
إِنَّهُ الفَذُّ الَّذِي مِنْ فِعْلِهِ *** تاهَ فِي أَوْصَافِهِ أَهْلُ النَّمطْ(9)
ص: 424
خَسِنُوا لَوْلاً مَقالٌ سَابِقٌ *** مِنْ قَمه الْمُخْتارِ بِالْقَولِ نَبَطْ(1)
لَمْ يَكُنْ مَا كَانَ هَذَا أبداً *** لا و لاما جرُؤَ الفظُّ الثَّبِطْ(2)
إنَّمَا اعْتَدَّ بِقَوْلِ المُصْطَفَى *** حَيْثُ حقاً بِوَصَايَاهُ ارْتَبَطْ(3)
أَخَذُوهُ صَابِراً محتسباً *** أَمْرُهُ للَّهِ مِنْ دُونِ قَنَطْ(4)
و مَشتُ مِنْ خَلْفِهِمْ بِنتُ الهُدى *** وَ هْيَ مِنْ ضَعْفٍ تَوَلاّها تَئِطْ(5)
و تُنَادِي القَوْمَ فِي شَجْو الا *** أتْرُكُوا مَن لَمْ يَزِلُ فِي اللَّهِ قَطْ(6)
وَ أَتى الرّجسُ إليها قُنْفُذٌ *** وَ على المَتْنِ بسوطٍ قَدْ خَبَطْ(7)
لعنةُ اللَّهِ عليهِ قَدْجَرَتْ *** و سَرَتْ للحشرِ مَدًّا تَمْتَغِطْ(8)
وَ مَضَتْ فِي دَائِهامَهُضُومَةً *** حَقَّهَا مِنْ بَعدِ هَذَا مُنْغَمِطْ(9)
وَ قَضى التقديرُ ما كانَ لها *** وَ جَرى ما صار في اللَّوح و خُطْ
فَعَلَيْها اللَّهُ صَلَّى دائماً *** ما رَقَى طَيْرٌ إِلَى الْجَوِّ وَ حَطْ(10)
ص: 425
(بحر الكامل)
الشيخ ملا علي آل رمضان(*)(1)
غَاضَ الوَفا و تَقَلَّصَتْ أَيْدِي العَطا *** وَ تَخَوَّفَتْ سِرْبُ البُزاةِ مِنَ القَطا(2)
وَ الشَّرْكُ سَلَّ حُسامَهُ وَ بِهِ عَلَى *** دِينِ النَّبِيِّ المُصْطَفَى الهَادِي سَطا
لَمّا عَلَى ينبوع أَسْرارِ القَضَا *** فِي كَرْبَلا بَحْرُ الضَّلالِ تَغَمَّطا(3)
وَاجْتَثَّ سَيْفُ الشِّرَكِ أَرْكَانَ الهُدى *** وَ عَلَيْهِ كَانَ دُجى غَيَاهِبِهِ غَطا(4)
وَ أَرَاكَ يَا بْنَ المُصْطَفى مُتحَجُباً *** وَ الدِّينُ بَيْنَ المارِقِينَ تَوَرّطا(5)
فَانْهَضْ وَ قُمْ عَجِلاً وَ خُذْ ثَارَاتِ مَنْ *** بِدِمَاءِ مِنْحَرِهِ الشَّرِيفِ تَشَحَّطا
حَتَّى أبنهُ الطِّفلُ الرَّضِيعُ قَدِ انْبرى *** سَهُم بِمِنْحَرِهِ وَ كَانَ مُقمَّطا
رَضَعَ المَنِيَّةَ مِنْ مَرَاشَةِ فَاجِرٍ *** وَ افَتْهُ عَمْداً لَيْسَ قَدْ كانَتْ خَطا(6)
فَأَتى بِهِ يَسْعَى إِلَى نَحْوِ الخِبَا *** فَاسْتَقْبَلَتْهُ نِسَاهُ وَ هُيَ بلا غطا
فَرَأَتْهُ مَقْطُوعَ الوَتِينِ فَمَزَّقَتْ *** أَزْيَاقَهَا وَ بَكتْ بُكاء مُفْرِطا(7)
فَدَعَا بِلامَةِ حَرْبِهِ وَ جَوادِهِ *** ابنُ المصطفى وَ عَلَى قِرَاهُ قَدِ امْتَطَى
ص: 426
فَسَطا بِجَيْشِ الْمُشْرِكِينَ كَأَنَّهُ *** فِي الكَرِّ والدُهُ الفَتى لَمَّا سَطا
تَلْقاهُ وَ هُوَ يَشُقُ أَجْنَادَ الوَغَى *** شَقًّا وَيَخْتَطِفُ الكَمِي الأَعْيَطا(1)
يَلْقى القنا طَلْقَ المُحيَّا مثلَما *** يَلْقى الوفُودَ مِنَ الوَرى يَوْمَ العَطا
حتَّى أَتَتْهُ نَبْلَةً فَهوى بها *** فَوْقَ الثّرى بدِمائِهِ مُتَشَحْطا
فَاسْوَدَّ وَجْهُ الأُفُقِ حُزْناً و السّما *** كادَتْ عَلى وَجْهِ الثَّرَى أَنْ تَهْبِطَا
لَمّا على صَدْرِ ابْنِ بنتِ المصطفى *** أَزْكَى الوَرى شِمْرٌ بِأَخْمَصِهِ وَطا
فَاحْتَزَّ رأسَ ابْنِ النَّبِيِّ فَلَيْتَهُ *** قَدْ حَزَّ رَأْسِي عَنْهُ عَمْداً أَو خَطَا
فَأَقامَ في وَادِي الظُّفُوفِ مُضَرَّجاً *** بِدَمَائِهِ تَرِبَ الجَبِينِ بِلا وِطا
وَ حَرائِرُ المُخْتَارِ عَنْهُ قُوِّضَتْ *** أَسْرى مُشَقَّقَةَ الجُيُوبِ عَلى المَطا
فِي البِيدِ يُبْدِيها النَّهارُ لِمَنْ يَرى *** وإِذا أَكْفَهرَّ الليلُ كانَ لها غِطا(2)
فَأَتَوا بها ليزيدَ في أَسْرِ العَنا *** فَازْدادَ طُغْياناً بِهِ قَدْ أَفَرَطا
تاللَّهِ ما قَتَلَ الحُسَيْنَ وَ رَهْطَهُ *** وَ عَلَيْهِمُ البَاغِي يَزِيدُ تَسَلُّطا
إلا الَّذِي بالسَّوْطِ قَنَّعَ فاطِمَ *** الزَّهرا البتولَ و حَمْلَها قَدْ أَسْقطا
وَ إليهِ قِيدَ المُرْتَضَى مِنْ دارِهِ *** قَهْراً و كانَ عن القتالِ مُثَبَّطا(3)
مِنْ خَلْفِهِ الزَّهرا تُنادِي وَ هْيَ في *** أَذيالها من شِدَّةِ البَرْحا تَطا
خَلُّوا ابنَ عَمِّى قَبْلَما أَدْعُو و فى *** كَبِدِي شَجِّى قَبْسَاتُهُ لَنْ تُضْبَطا
أَيُقادُ قُطب رحى الوُجودِ لِمُعْتَدٍ *** قَدْ خَالَفَ البَارِي العَلِيَّ وَ أَسْخَطا؟(4)
ص: 427
(بحر الخفيف)
السيد محمد رضا القزويني(*)(1)
لَيْسَ فِي قَوْلَتي يُظَنُ اعْتِبَاطُ *** لأ وَحَسْبُ الْمَذَاهِبِ الإفراطُ(2)
طَابَ لي أن أجُولَ فِي الْبَحْثِ كَيْما *** تَتَجَلَّى عَلَى الْحُرُوفِ النّقاطُ
فَغَداً مَوْقِفٌ مَعَ اللهِ صَعَبٌ *** وَ حِسَابٌ وَ جَنَّةٌ وَ صِرَاطُ
أَتَرانِي أَقولُ مَا قَالَ کَعْبٌ *** و أُخَلِّي مَا قَالَهُ الأَسْباطُ
وَ كِتَابُ اللهِ المَجِيدُ صَرِيحٌ *** لَيْسَ فِيهِ تَبَايُنٌ وَ شِطاطُ(3)
إِنَّ آلَ الرَّسُولِ عُرْوَتُنا الوثقى *** وَ فِيهِمُ قَدْ لاحَ ذَاكَ الرِّباطُ
أَمَرَ اللَّه بالمودَّةِ فِيهِمْ *** مَالَنا و الَّذينَ لَمْ يَحْتَاطُوا
أَسْأَلُ الْقَلْبَ كَيفَ تَهْوى عليَّا *** فَأَرى (نَشْوةً) تجِيبُ النِّياطُ(4)
إِنَّ فِي كُلِّ خَفْقَةٍ وَ وَجِيبٍ *** مِنْ هَواهُ مَسَرَّةٌ وَ اغْتِباطُ
وَبِحُبِّ البَتُولِ شُدَّتْ ضُلوعٌ *** كَيْ إِلَى اللهِ يَسْتَقِيمَ ارْتِبَاطُ
وَ حُوتْ جَنَبَتَايَ حُبًّا مِنَ السَّبْطَيْنِ *** فَارْتاحَنَا وَطَابَ اخْتِلاطُ
قَدْ تَعَذَّبْتُ حُبَّهِم كُلّ حُلْوٍ *** فَبِذَاكَ الْوِلاءُ مُدَّ السّماطُ(5)
فَلِساني بِحُبِّهِمْ وَ فُؤادِي *** مِنْ عُلاهُمْ لايَعْتَرِيهِ انْحِطاطُ
ص: 428
وَدَليلِي عَلَى وَلائِي أَنِّي *** بِصُنُوفِ الأهوالِ قَلْبِي مُحاطُ
أنا فِي الأَرْبَعِينَ قَدْشابَ رَأْسِي *** لَمْ يَدُمُ مِنْ سَوادِهِ قِيراطُ
كَيْفَ أَرْنُو إلى الحياةِ بِشَوْقٍ *** وَ هُيَ دَوْماً إِلَى اللِّثامِ تُناطُ
خَذَلَتْ سَيْدَ الوَصِيِّينَ (حقاً) *** شَهِدَتْهُ الْوَرى فَلُمَّ الْبِساطُ
بايَعُوه بالأمس فيهم أميراً *** بَدَّلَتْهُ (سقيفةٌ) و حِياطُ
وَ كَأنَّ الإِسْلامَ كَانَ لِثاماً *** وَ بِمَوْتِ الرَّسولِ عَنْهُ أَمَاطُوا(1)
أَحْرَقُوا بَيْتَ فاطِمٍ وَ هُيَ حُبْلَى *** شَهِدَ الجُرْمَ بَابُها وَ الْبِلاطُ
عَصَرُوها بِالْبَابِ عَمْداً وَ مِنْهُ *** كَانَ كَسْرُ الضُّلوعِ و الإسْقاطُ
أَلِبَيْتِ الزَّهراءِ تُنْقَلُ نَارٌ *** وَ عَلى ظَهْرِها تَلُوحُ السِّياطُ؟
أَمْ عَلى خَدِّها تَطاوَلَ كَفُّ *** فَاسْأَلُوها تُجِبْكُمُ الأَقْراطُ؟(2)
كَيْفَ بِاللَّهِ يَرْتَجُون أَبَاهَا *** وَ شَفَاعَاتُهُ إِلَيْهَا تُنَاطُ؟(3)
ص: 429
ص: 430
ص: 431
ص: 432
(بحر الكامل)
السيد محمد رضا القزويني(*)(1)
أَوْصىَ النَّبيُّ بِفَاطِم أَصْحَابَهُ *** إنْ كَانَ عَهْدٌ مِنْ مُحَمَّد يُحفَظُ
هَذِي بَقِيَّةُ مُهْجَتِي فِيكُمْ فَمَنْ *** يَتْلُو التِّلاوةَ في وَلاها يوعَظُ
إِيَّاكُمُ مِنْ ظُلْمِها بَعْدِي و لا *** حتَّىَ حديثُكُمُ إِلَيْهَا يَغْلُظُ
إِنّ الجِنانَ بِحُبِّها لَكُمُ وَإنْ *** غَضِبَتْ فَنيرانٌ لَهُنَّ تَغيُّظُ(2)
هِيَ بَضْعَتي فِيكُمْ وَ قَدْ أَيْقَظتُكُمْ*** إِنَّ اللَّبيبَ مِنَ النَّصِيحة يُوقَظ(3)
وَ تَحيَّرَالنَّاريخُ بَعْدَ وَفاتِهِ *** ما قَدْيَرىَ مِنْ ظُلْمِها أَوْ يَلْحَظُ
وَ بِمَا تُجابَهُ مِنْ وُلاةِ زَمانِها*** وَ بِمَا تَقُولُ لَهَا الطُّغَاةُ وَ تَلْفِظُ
فَالإِرْثُ مِنْهَا يُستَبَاحُ بِمَكرِهِمْ *** وَ كِتابُ ذَاكَ المُلْكِ رَاحَ يُفظّظ(4)
ص: 433
وَ النَّارُ تُضْرَمُ عِنْدَ مَدخلِ دَارِهَا ***وَ الضِّلْعُ يُكسَرُ و الجَنِينُ يُقَوَّظُ(1)
فَأَحَالَها التَّاريخُ يَسْأَلُ أُمَّةً *** أَيُّ الضمائِرِ هَهُنا يَسْتَيْقِظُ
فَإِذا الأَعادِي يُنْكِرُونَ مُصابَها *** وَ البَعْضُ مِنْ فَرْطِ العَمَى يَتَحَفَظُ
وَ تَظَلُّ قِصَةُ فَاطِم جَمراتُها *** بِقُلُوبِ شِيعَتِها جَوّى تتلظَّظُ
رَقَّتْ قُلوبٌ تَسْتَدِرُّ مَدَامِعاً *** وَ قُلوبُ قومٍ آخَرين تَغَلَّظُ
وَغَداً بِيَوْمِ الْحَشِرِ تَبْرُزُ فاطِمٌ *** بِجَلالِها بَيْنَ المَلائِكِ تُحْفَظُ
وَ هُناكَ تَلْتَقِطُ الَّذينَ تَودُّهُمْ *** و تُعات لِلنِّيرانِ مَنْ لايُوعَظُ(2)
ص: 434
ص: 435
ص: 436
(بحر الرّمل)
الشيخ أبو الفضل الطهراني(*)(1)
حُرَّةٌ سَادَتْ نِسَاءَ العالَمِينْ *** أُمُّهَا الغَرّاءُ أُمُّ المُؤْمِنِينَ
وَ أبُوها الطُّهْرُ خَيْرُ المُرْسَلِينُ *** فَهْيَ خَيْرُ النّاسِ أَمَّا وَ أَبا
شَرَفاً فَوْقَ الرَّقِيعِ الأرْفَعِ(2)
نَسَباً مِنْ نُورِهِ يَجْلُو الدُّجَى *** حَسَباً يُعْيِي الأقَبَّ الأعْوَجا(3)
كَرَماً مِن فَضْلِه نَيْلُ الرَّجا *** ضَرَبَت أطْنَابَه أَيْدِي الإبا
في ذُرَى المَجْدِ الأعَزِّ الأمْنَع
لَوْ سَرَى في تُرْبها غَادِي النَّسِيمْ *** فَضَحَ النَّدَّ بِمِسْكيِّ الشَّمِيمْ(4)
وَ أعادَ الرُّوحَ في العَظْمِ الرَّميمْ *** وَ اقْتَنى العُرْفَ الذَّكيَّ الطَّيِّبا(5)
ص: 437
مِنْهُ أورَادُ الرَّبيع المُرْبِعِ(1)
رُوحُهَا مِشْكاةُ مِصْبَاح الضيا *** قَلْبُها مِصْبَاحُ نُورِ الأوليا
بَضْعَةٌ مِنْ جِسْمِ خَيْرِ الأنبيا *** وَيْلُ مَنْ أَصْبَحَ مِنها مُغْضَبا
مِنْ قُحَيْفٍ أو عُبَيْدٍ الْكَعِ(2)
سَعْدُ أَنْصِفْني عَلى شَرْعِ الهُدَى *** وَ أَزحْ مِنْ صَيْقَلِ العَقْلِ الصَّدا(3)
ثُمَّ قُلْ مَا شِئْتَ وَأَحْكُمْ مَا بَدا *** أَيْنَ مِنها مَن تَمَطَّتْ أَذْنُبا
وبغَتْ حَرْبَ الوَصِيّ الأصْلَعِ؟
يَا لأُمٍّ أَهْلكَتْ أبْنَاءَها *** ضَيَّعَتْ مِن أحْمَدٍ عَلياءَها
تَبِعَتْ في غَيِّها آباءها *** بَلْ وَزَادَت حَيْثُ قادَت مِقْنَبا(4)
كصَفُورا إذْ غَزَتْ مَعْ يُوشَعِ(5)
نَبَذَتْ ما أَن لها قَدْ أُنْزِلا *** رَكِبَتْ مَشهُورةً بينَ المّلا(6)
بَغْلَةً يَوْماً وَ يَوْماً جَمَلا *** فَمَتَى تَابَتْ فَأَنْصِفْ وَأَعْجَبا
مِنْ مَساوِي فِعْلِها وَأَسْتَرْجِع
عَدِّ عن ذِكْرِ الدُّنابَى في القِمَمْ*** عُدْ إِلَى مَنْ قَصَّرتْ أيْدِي الهِمَمْ(7)
ص: 438
وَعَلَيْها في العُلاجَفَّ القَلَمْ *** قَلَمُ الصُّنْع قَدِيماً كَتَبا
إنّها كُفْءُ البَطِينِ الأَنزَعِ
دُرَّةٌ لِلذُّرِّكانتْ كالصَّدَفْ *** زادَها اللَّهُ اختِصاصاً بالشَّرَفْ
فَحَبَاها وُلْدَها نِعْمَ الخَلَفْ *** سادَةَ الأشباطِ خَيْرَ النُّقَبا
شُفَعاءَ الخَلْقِ يَوْمَ المَجْمَعِ
خِيرَةُ النّسوانِ مَولاةُ الرِّجالْ *** لَوْتَرَاها مَرْيَمٌ ذاتُ الجَلالْ
خَلَّتِ الصَّدْرَ و قامَتْ بالنّعالْ *** و اعتَلَتْ قَدْراً وَ زَادَتْ رُتَبا
وَ غَدَتْ فِي رَوْض عزّ المرتَعِ
شَمْسُ قُدْسِ لاَيُوارِيها الأُفُولْ *** عَمِيَت في كُنْهِها عَيْنُ العُقُولْ(1)
لَيْتَ شِعْري في ثَناها ما أَقُولْ *** وَيْحَ نَفْسِي ما أَعَزَّ المَطْلَبا
عَجَبٌ عِيُّ الفَصِيحِ المُصْقِعِ
ضَرَبتْ عِفَّتُها دونَ الخَیالْ *** کَلُّ سِتْرٍ دون أذْنَاهُ المحالْ
فَمَتى جِيدي إلى المَدْحِ اسْتَطالْ *** طَردَتْني عَنْهُ حُجّابُ الخِبا
وَ دَعَوْني: خَلِّ ما لَنْ تَسْطَعِ
فَتَرى الشَّمْسَ لِتأنِيثٍ بها *** أقْبَلَتْ تَخْتَالُ في أثوابِها
وسعَتْ جَهْراً إلى أبوابها *** و كذاك البَدْرُ عَنهاخُیِّبا
وَ اختَفى مِن لَيْلِه في يُرْقعِ
ظَهَر الرَّحْمَنُ فيها بالبُطون *** حَجَب الأفكارَعَنها كالعُيون
قَصَرت عن ذَيْلها أيْدِي الظُّنُّون *** ما أضَلَّ الوَهْمَ يَسْعَى طَلَبَا
فَهو مُسْتَنُّ الفَصِيلِ الأقْرَعِ(2)
ص: 439
(بحر الرمل)
السيد إسماعيل الحميري(*)(1)
إِنَّ جِبْرِيلَ أتى لَيْلاً إلى *** طاهِرِ منْ بعدِ ما كانَ هَجَعْ
بِحَنُوطِ طَيِّبِ مِنْ جَنَّةٍ *** في صِرارٍ حَلَّ منه فَسَطَعْ
فَدَعَا أَحْمَدُ مَنْ كانَ بهِ *** واثِقاً عندَ مَعَضّاتِ الجَزَعْ
أوْثَقُ الناسِ معاً في نفسِهِ *** عندَ مكروهٍ إذا الخطبُ وَقَعْ
قَسَمَ الصَّرَّةَ أَثْلاثاً فَلَمْ *** يَأْلُ عَنْ تَسْويَةِ القسْمِ الشَّرَعْ
قالَ جُزْءٌ لي وَجُزْءٌ لابْنَتِي وَلكَ الثَّالِثُ فَاقْبِضْها جُمَعْ(2)
فإِذا مِتُّ فَحنَّظْنِي بِها *** ثُمَّ حَنَّظْها بِهذا لاتَدَعْ
إِنَّها أَسْرَعُ أَهْلِي مِيتَةً *** وَ لِحاقاً بي فلا تُكْثِرْ جَزَعْ(3)
ص: 440
فَمَضَى وَ اتَّبَعَتْهُ و الِها *** بعدَ غَيْضٍ جُرْعَتْهُ و وَجَعْ(1)
ص: 441
(بحر البسيط)
الشيخ حسن البحراني القيسي(*)(1)
ما لي أَرَى حَسْرَتِيِ لا تَنْقَضِي جَزعا *** و مَدْمَعِي مِثْلُ غَيْثٍ جَاءَ مُنْهَمِعا(2)
وَ نارُ وَ جْدِي وَ أَحْزَانِي لها سُعُرٌ *** يكادُ يُحْرِقُ قَلْبِي كُلَّما انْدَفَعا
أحِنُّ مِنْ أَلَمٍ تُكْوَى بِه كَبِدِي *** و كنتُ مِنْ قَبْلِ ذا لا أَعْرِفُ الوَجَعا
أَهَلْ شَجانِي حُطامٌ كُنْتُ أَجْمَعُهُ *** وَكانَ يُفْرِحُني يَوْماً إِذا جَمعا
وَ قَدْ تَولَّی وَ عَنِّي فاتَ بارِقُهُ *** و أُفلِسَتْ منه كَفِّي ثُمَّ ما رَجَعا(3)
أَمْ هَلْ شَجبْتُ لِلذَّاتِ وَ قَدْ فُقِدَتْ*** مِنِّي فَأَصْبَحْتُ مِنْ تَذْكَارِها وَ لِعَا؟
أَمْ هَلْ شَجيتُ لأَحْبابٍ وَ قَدْ رَحَلُوا *** عنّي فَعُدْتُ حَزيناً أَصْحَبُ الجَزَعا؟
كلاّ وَحَقِّ الَّذي تَهْفُو القُلُوبُ له *** رَبِّ تَعَالَى عَنِ المَخْلُوقِ وارْتَفَعا
ما شَفَّني المالُ وَ الدُّنْيا و لَذَّتُها *** و لا أَحِبَّةُ قَلْبِ رَكْبُهُمْ طَلَعا(4)
فَفَارَقُونَي وَ قَدْ شَطَ البُعادُ بهمْ *** ظَعْنٌ لهمْ حُزّمَ البَيْداءِ قَدْ قَطَعا
لكنّما شَفَّني وَجدُ البَتُولَةِ مِنْ *** بَعْدِ الرَّسُولِ عَلَيْها الهَمُّ قَدْ وَقَعا
تَصِيحُ والهَمُّ أَشْجاها و أَرَقَّها *** البُكاءُ فَالنَّوْمُ من أَجْفانِها ارتدعا
فَجِسْمُها مِنْ لَهِيبِ الحُزْنِ مُشْتَعِلٌ*** وَقَلْبُها من تَصارِيفِ بِه انْصَدَعا
ص: 442
تَبْكِي و هَلْ مثلُها يَبْكِي الحَمامُ عَلَى *** غُصْنٍ من الدَّوْح طُولَ اللَّيْلِ ما هَجَعا
بِأَدْمُعِ حَكَت العِقْيانَ مُنْتَشِراً *** عَلَى الرُّبى و بِعَقَدِ الخَوْدِ قَدْ رُصِعا(1)
هذِي يَتامايَ لَوْ تَرْنُو لَهُمْ وَ عَلَى *** وُجُوهِهِمْ أَلَمُ البُرَحاءِ قَدْ سَفَعا(2)
لَرَقَّ قَلبُكَ ممّا نالَهُمْ وَ جَرَتْ *** مِنْكَ المَدامِعُ حُزناً كالعَقِيقِ معا
يا والِدِي شَفَّنِي مِنْكَ الفِراقُ لنا *** وَ انْهَدَّ رُكْنِي لَمَّا وَحْيُكَ انْقَطَعا
حتّى كأنَّي غَريبُ الحَيَّ ليسَ لَهُ *** سِلْوانُ قَلْبٍ و في أَحْزانِهِ ادَّرَعا
يا بِنْتَ خَيْرِ نَبِيِّ مالَهُ مَثَلٌ *** وَ فِي القِيامَةِ شَفَّاعٌ إذا شَفَعا
مُصابَكَ الصَّعْبُ أَبْكَى الأرضَ قاطِبَةً *** حُزناً و طَرْفُ السَّما مِنْ هَوْلِهِ دَمَعا
كَمَا وَ أَشْجى مُحِبِّيكَ فَأَوْرَثَهُمْ *** وَجدَ الحزينِ و منه النَّوْمُ قَدْ مُنِعا
مُسَهَّدٌ طُولَ لَيْلِ مَالَهُ جُفْنٌ *** غافٍ يَئِنُّ بأَفْعَى الهَمِّ قَدْ لُسِعا(3)
أَهُمْ لأَيِّ الرّزايا يَنْدُبُونَ و مِنْ *** أيِّ المَصائِبِ يَجْرِي دَمْعُهُمْ جَزَعا؟
أَلِلضُّلوع الَّتي كانَتْ مُكَسَّرَةً *** بين الجدارِ و منها المُرتَضَى افْتُجِعا؟
أَمْ لِلْجَنِينِ الَّذي قَدْ خَرَّ مُطَرَحاً *** عَلَى التُّرابِ وَ مِنْهُ النُّورُ قَدْ سَطعا؟(4)
أَمْ يَنْدُبُونَ لِعَيْنٍ مِنْكِ قَدْ لُطِمَتْ *** فَأَصْبَحَتْ وَ هْيَ حَمْرًا دَمْعُها قِطَعا؟
أمْ يَنْدُبونَ لِسَوْطِ الحِقْدِ وَ هُوَ عَلَى *** مَتْنَيَكِ يا بِنْتَ طه المُصْطَفَى وَقَعا؟(5)
فَيَا لَها من رزايا لَوْ دَرَىٰ جَبَلٌ *** بها لَهَدَّ ذُراهُ مَائِلاً فَزَعا
صَلَّى الإِلهُ عَلَيْكُمْ مَا هَمَتْ سُحُبِّ *** بِالغَيْثِ يَوْماً وَ ما بَدْرُ الدُّجَى طَلَعا(6)
ص: 443
يا مَنْ أَصَرَّ عَلَى القَطِيعَهْ *** مالِي لِوَصْلِكَ مِنْ ذَرِيعَهْ
لاتَهْجُرَنَّ ألِيفَكَ الدّانِي *** عَسَى تَهْوَى رُجُوعَهْ
وَ لَعَلَّهُ يَعْلُو عَلَيْكَ *** وَ أَنْتَ في الرُّتَبِ الوَضِيعَهْ
فَالهَجْرُ بَعْدَ الوَصْلِ *** لاعَنْ مُوجِبٍ حاذِرْ وُقُوعَهْ
فَاسْمَحْ لَهُ وَ أَطِلْ عَلَيْهِ *** بِطَلْعَةِ البَدْرِ البَدِيعَهْ
فَلَقَدْ أذابَ فُؤادَهُ *** فَرْطُ الأَسَى وَحَنَى صُلُوعَهْ
ما ذَنْبُ مَنْ بِشَبابِهِ *** ما حادَ عَنْ سُنَنِ الشَّرِيعَهْ؟(1)
یا راحِلاً بِحُشاشَتِی *** فَفِراقُها لَنْ أَسْتَطِيعَةْ
آثَرْتَ قَتْلِي عامداً *** وَأَبَيْتَ إلا بِالقَطِيعَةْ(2)
أُحْكُمْ عَليَّ بِما تَرى *** يامَنْ عَلَيَّ بأَنْ أطِيعَةْ
ما دُمْتَ في قَيْدِ الحَياةِ *** وَعُمْرُكَ اسْتَوْقَى رَبِيعَةْ
وَالعَقْلُ مِيزانُ الكَلامِ *** فَلا تَغُرَّنْكَ الخَدِيعَةْ
وَالعَيْنُ ناظورٌ بها الإنسانُ *** يَكْتَشِفُ الطَّبِيعَةْ
وَالنَّفْسُ تَطْمَعُ مَا هَوَتْ *** هَيْهاتَ أَمْرُكَ أَنْ تُطِيعَهْ
وَلَرُبَّما خَفَقَتْ *** بِصاحِبِها المفَوَّقِ كَيْ تَبيعَةْ
وَالمَرْءُ يُخْفِي أَمْرَهُ *** وَالدَّهْرُ لَمْ يَسْتُرْ صَنِيعَهْ
***
لا تَسْأَلَنَّ عَنِ الأُولى *** فَلَرُبَّما تَبْدُو الفَظِيعَةْ
ما بایَعَتْهُمْ أُمَّةُ الهادِي *** كَما قالُوا مُطِيعَةْ
يا قاتَلَ اللّهُ الَّتِی *** خَفَّتْ لِدَعْوَتِهِمْ سَرِيعَهْ
ص: 445
وَ تَنَاقَلَتْ عَمَّنْ لَهُ *** الأَمْرُ الَّذِي رَفَضَتْ رُجوعَهْ
يا أرْوَعاً يَوْمَ الوَغَى *** يُقْلُ الكَتائِبِ لَنْ يُرِيعَهْ(1)
لَوْلاً التَّقِيَّةُ مَذْهَبِي *** وَ الدِّينُ يَلْزَمُ أنْ أطِيعَهْ
وَ النَّفْسُ تَهْوَى هَجْرَهُمْ *** وَ العَقْلُ لايَهْوَى القَطيعهْ
لامِنْ جَلالَةِ قَدْرِهِمْ *** لَكِنْ لأَمْرٍ لَنْ أُذِيعَهْ؟
***
تَدْرِي أَذِيَّةَ فاطِمٍ *** مِنْ بَعْدِ والِدِها فَجِيعَهْ
أَلْغَوْا وَ صِيَّتَّهُ وَ ما *** قَدْ قالَهُ فِيها جَمِيعَهْ(2)
يا لَيْتَ َشاهِدَها وَ قَدْ *** ضاقَتْ بِعَيْنَيْها الوَسِيعهْ
و الغَيْثُ يَقْصُرُ عن بُلُوغَ *** دُمُوع عَيْنَيْها الهَمُوعَهْ(3)
مَهْما يَكُنْ مانَابَها *** قَدْ نابَهُ وَ حَنَى ضُلُوعَهْ
حتَى إذا ماتَتْ وَ ما *** ماتتْ مَكارِمُها الرفيعَهْ
فَلْيَنْدُبِ المَجدُ الأثِيلُ *** الطُّهْرَ فَاطِمَةَ الشَّفِيعَهْ(4)
وَ لْيَبْكِها وَجْهُ الصَّباحِ **** بأَدْمُعٍ تُخْفِي طُلْوعَهْ
وَ لتَبْكِها شَمْسُ النَّهارِ*** فَأُخْنُها غَابَتْ سَرِيعَهْ
ص: 446
وَ البَدْرُ في أُفُقِ السَّما *** لاتَقْبَلُ العَلْيا هُجُوعَهْ
آهٍ على بِنْتِ الهُدَى *** ماتتْ على أثَرِ الوَقِيعَهْ
لَمْ تَبْلُغِ العِشْرِينَ عاماً *** قَدْ قَضَتْ غَصْباً مَرُوعَهْ
لِمْ شُيِّعَتْ لَيْلاً وعُفِّيَ *** قَبْرُها وَ هِيَ الوَدِيعَهْ
***
يا رَبَّةَ الخِدْرِ الَّتِي *** هِي في الجَلالَةِ في الطَّلِيعَهْ(1)
سِيرِي عَلى نَهْجِ البَتُولِ *** الطُّهْرِ فاطِمَةَ الشَّفِيعَهْ
ما غَيَّرَتْ حُكْمَ الإلهِ *** وَ لَاعَدَتْ سُنَن الشَّرِيعَهْ
لَمْ يُهْمِلِ التَّارِيخُ مِنْ *** أيّامِها الغُرَّ التَّلِيعَهْ(2)
حَتَّي مِنَ الأَعمى و ذا *** جلبابها تَخْشَى وُقُوعَهْ
***
ليْسَ الحَضَارَةُ في الخِلاَعَةِ *** وَ التَّقالِيدِ الوَضِيعَهْ
ما في التَّبَرُّجِ فَاعْلَمِي *** إلا التَّوَحُشُ و الفَظِيعَهْ
ما بالُ بَعْضِ المُسْلِمِينَ *** نِساؤهُمْ فِيهِ وَلُوعَهْ(3)
***
ص: 447
بدمائي أبكيكِ لا يدُمُوعي *** وَ لَهِيبُ الأَحْزانِ بَيْنَ ضُلُوعي(1)
يا ربيعاً ذوى سريعاً وَ أَوْدى *** لَهْفَ نَفْسِي عَلَى ذُبولِ الرَّبيعِ(2)
كَيْفَ أَنْسى الزَّهراءَ مَهْضُومَةَ *** الْحَقِّ تُعانِي مَرارَةَ النَّضْیِیعِ
ص: 449
وَ عِجَافُ الأَحْداثِ تَخْطَفُ مِنْهَا *** كُلَّ كَنُرٍ وَ كُلُّ رُكن مَنيعِ(1)
لَيْتَ شِعْرِي وَ لِلْفُؤادِ وَ جِيبٌ *** أَيَكُونُ المَوْصُولُ كَالمَقْطُوعِ
***
لَسْتُ أَنْساكِ يَا مُصارَةَ هَدْي *** سَكَبَتْهُ يَدُ الرَّسُولِ الشَّفيعِ
فَرِضاكِ رِضاهُ مِنْ دُونِ شَكٍّ *** ذاكَ نَصَّ في مُحْكَمِ التَّشْرِيعِ(2)
أَنتِ شَمْسُ في أَفْقِهِ قَدْ تَجلَّتْ *** وَ تَسامَتْ بِنُورِها وَ الطُلُوعِ
أَنتِ بِنْتُ الرَّسولِ رَيْحَانَةُ الهَادِي **** وَ زَوْجُ الوَصِيّ أمُّ الفُروعِ(3)
وَ لَكِ المَجْدُ ساطعاً بِالمَعالِي *** وَ بسامِي الجِهادِ كُلَّ سُطُوعِ
***
رِيعَ قلبِي لِقاطِم تَتَلَظَّى *** بِجِراحٍ و باعْتِسافٍ فَظِيعِ(4)
فُجعت بالحَبِيبِ وَ الأَبِ وَ القَائِدِ *** وَ الْكَهْفِ وَ العِمَادِ الرَّفِيعِ
ثُمَّ راحَتْ تَسْتَقْبِلُ المِحْنَةَ الكُبْرَى *** بِقَلْبِ مُمَزَّقٍ مَفْجُوعِ
ص: 450
إنَّ ظُلْمَ الْوَصِيِّ أَجَّجَ ناراً *** في حنايا ذاكَ الفُؤادِ الوَجِيعِ(1)
وَ لَقَدْ صُبَّتِ الرزايا عَلَيْها *** وَ تَوالَتْ بِهَجْمَةٍ وَ وُقُوعِ(2)
ص: 451
أَسْقَطوها جَنِينَها المُحْسِنَ الزَّاكِي *** وَ آبوا لكِنْ بِجُرْم مَرُوعِ
كَيْفَ أَنْسَى الضّلْعَ الكَسِيرَ المُدَمَّى *** وَ سِهاماً مِنْ مُوجِع التَّقْرِيعِ؟
هَرَعُوا يَعْصِبُونَها فَدَكَاً ظُلْماً *** وَ لِلنَّارِ مُنْكِراتُ الهُرُوعِ(1)
سَمِعُوها تُدْلِي بِبُرهانِها القَاطِعِ فِيهِمْ *** وَ لَمْ يَكُنْ مِنْ سَمِیعِ(2)
(فَدَكٌ) لَم تَكُنْ لَدَيْها سِوَى رَمْزٍ *** لِحَقِّ عَنْ أَهْلِهِ مَمْنوعِ
وَ لَقَدْ نَاءَتِ البَتُولُ بإغصارٍ عَنِيفٍ *** أَطفَا جَمِيعَ الشُّمُ الشُّموعِ
لأتَسَلْنى عَنْ ساعةٍ وَ دَّعَتْ فِيها *** فَمُرُّ الآلام في التَّوْدِيعِ(3)
ص: 452
ص: 453
ها هنا صَرْخَةٌ (لِزَيْنَبَ) دَوَّتْ *** وَ هُنا زَفْرَةُ الوَصِيِّ الوَلُوعِ
و هُناكِ (الشَّيلانِ) أَصْنَاهُمَا الخَطْبُ *** فَأَنا كَأَنَّة المَلْ المَلْسُوعِ(1)
وَ لِسِرِّ أَخفى (عَلِيَّ) مَكَانَ القَبْرِ *** مِنْ بَعْدِ مُوحِش التَّشيِيعِ(2)
هِيَ أَوْصَتْهُ إذْ أَدانَتْ عِداها *** وَ هُيَ خَصْمَ لَهُمْ بِيَوْمِ الرُّجُوعِ
ص: 454
بِنَفْسِي التي لاهُمْ أَعزُّوا جوارَها *** وَ لاَ تَرَكُوها تَسْتَجِيرُ بِدَمْعِها
رَأَوْها تُقَضِّى لَيْلَها وَ نَهارَها *** بُكاءً عَلَى الهادِي فَجَدُّوا بِمَنْعِها
وَمُذْ أَلِفَتْ ظِلَّ (الأَراكَةِ) لَمْ تَكُنْ *** تَطِيبُ نُفوسُ القَوْمِ إِلا بِقَطْعِها(1)
إذا كانَ قَصْدُ القومِ بَيْعَةَ (بَعْلِها) *** فَمَا كَانَ يَحْدُوهُمْ عَلَى كَسْرِ ضِلْعِها(2)
ص: 456
(بحر الخفيف)
الشيخ سلمان البحراني(*)(1)
قِفْ عَلَى قَبْرِ فَاطِمَ بِالْبَقِيع*** بَعْدَ مَزْقِ الحَشَى وَسَكْبِ الدُّموعَ(2)
وَالْثُمِ التُّرْبَ مِنْ حَوالَيْهِ وَانْشُقْ*** مِنْ شَذاهُ نَسِيمَ زَهْرِ الرَّبيعِ
وَأَبْلَغَنْها السَّلامَ عَنِّي فَإِنِّي *** لَمَرُوعٌ فِيها بِخَطْبٍ مُرِيعِ
وَتَذَكِّرْ أَذِيَّةَ الْقَوْمِ فِيها *** وَابْكِ حُزْناً وَعُجْ بِقَبْرِ الشَّفِيعِ
قِفْ بِهِ مَوْقِفَ الْحَزِينِ وَلكِنْ *** لابِساً بُرْدَتَيْ تُقَّى وَخُشُوعِ
وَاشْكُ مانَالَ بِنْتَهُ مِنْ كُرُوبٍ*** مُفْجِعاتُ تَشِيبُ رَأْسَ الرَّضِيعِ
قُلْ لَهُ أَيُّها النَّبِيُّ شَكاةٌ *** لَكَ عِنْدِي مَشْفُوعَةٌ بِدُموعِي
فَأَعِرْنِي مِنْكَ المَسامِعَ فِيها*** فَصَداها يُصِمُّ أُذُنَ السَّمِيعِ(3)
إِنّ تلكَ الَّتِي عَلَى بابِها الاَمالكُ**** تُبْدِي الخُشوعَ بَعْدَ الخُضُوعِ
قَدْ أَحاطُوا بِالنَّارِ مَنْزِلَها السَّا *** مِي بِتَظهِيرهِ بِشَأْنٍ رَفِيعِ
أَسْقَطُوها بِالْبَابِ مُحْسِنَ عَصْراً *** بَعْدَ تَأْلِيمِها بِكَسْرِ الضَّلوعِ
دَخَلُوا بَيْتَها عَلَيْها وَقَادُوا *** بَعْلَها المُرْتَضَى بِحَالٍ فَظِيعِ
عَجَباً كيفَ في نِجادٍ له قِيدَ؟ *** وَقَدْ كانَ قائِداً لِلْجُمُوعِ(4)
ص: 457
فَعَدَتْ خَلْفَهُ تَجُرُّ مِنَ الصَّوْ*** نِ ذُيولاً جُيوبُها مِنْ دُمُوعِ(1)
وَ دَعَتْ فِيهِمُ أرْجِعُوا ابْنَ عَمِّي *** أو لأَشكُو إِلى المُجِيبِ السَّمِيعِ
فَتَلافَوْا مِنَ البَتُولَةِ مَالَوْ *** أَغْفَلُوهُ لَزُلْزِلُوا عَنْ سَرِيع
غَصَبُوها حُقوقَها مِنْكَ ظُلْماً *** وَبِعَيْنِ الإلهِ غَصْبُ الْجَمِيع(2)
ص: 458
طَلَعتْ تَصْحَبُ الشُّهودَ مِن الْبَيْتِ *** كَشَمْسِ النَّهارِ عِنْدَ الطُلوعِ
وَ بَدَتْ تُفرح البراهينَ مِنْ *** فيها بِأَسْمَاعِهِمْ بِأَيِّ سُطوعِ
فَأُجِيبَتْ لَكِنْ بِرَدُ شُهُودٍ *** بَعْدَ تَكْذِيبِ صَوْتِها المُسْمُوعِ
مَنَعُوها مِنَ البُكَاءِ عَلَى رُزْتِكَ *** يَا خَيْرَ فَاجِعٍ وَ مَفْجُوعِ
قَلْ لِدارِ الأَحْزانِ ما زِلْتِ لازالَتْ *** ضُلوعي تَحْوِي قبور البَقيعِ(1)
ص: 459
ما هُوَ السِّرُّ حِينَ تُدْفَنُ سِرًّا *** وَ جَهاراً أتَوْا إلى التَّشْيِيعِ؟(1)
يا لها مِنْ مَصائِبٍ قَدْ دَهَتْها *** رَمَتِ الثُّمَّ مِنْ شَجِّى بِصُدُوعِ(2)
وَ لَعَمْرِي لَحُزنُ زَيْنَبَ أَشْجَى *** عِنْدَ مَسْمُومِها و نَدْبِ الصَّرِيعِ؟(3)
ص: 460
(بحر الكامل)
الأستاذ سلمان الربيعي (أبو أمل)(*)(1)
إِنْ كُنْتُ في نَظْمِ القَصَائِدِ أُبْدِعُ *** فَلأَنَّ حُبَّكِ لِلْقَصَائدِ مَطْلَعُ
فَهُوَ الَّذِي زَادَ القَصَائِدَ رَوْنَقاً *** حتَّى غَدَتْ فِيها الفَصَاحَةُ تُجْمَعُ
فَمَتى عَصَانِي الشَّعْرُ حِينَ دَعَوْتُهُ *** وَ حُرُوفُ اِسْمِكِ قَافِياتٌ لُمَّعُ
وَ مَتَى وَجَدْتُ تَكَلَّفاً في نَظْمِهِ *** و يُحيط بي رَوْضُ القَريضِ المُمْرعُ(2)
وَ مَنى أَراني ظامِئاً و بِخافِقي *** مِنْ فَيْضِ حُبِّكِ مَا حَبِيتُ المَنْبَعُ(3)
(زَهْراءُ) حُبُّكِ نَعْمَةٌ أَهْفُو لها *** فَبِلَحْنِها و جَمالِها أَسْتَمْتعُ(4)
فَهْوَ الَّذي يُنْسِي الغَرِيبَ شُجُونَهُ *** إِنْ هَاجَهُ الوَجْدُ الدَّفِينُ المُوجِعُ
يَا هَمْزَةَ الوَصْلِ الَّتِي مِنْ شَأْنِها *** سِرَّ النُّبُوَّةِ بالإمامةِ تَجْمَعُ
يَا سُورَةَ الدَّهْرِ الَّتي آلاؤُها *** يَوْمَ القِيامَةِ لِلْبَرايَا تَشْفَعُ(5)
ص: 461
يا بَضْعَةَ المختارِيَا خَيْرَ النِّسا *** يَا مَن إليها في القِيامَةِ نَفْزَعُ
يَا مَنْ هِيَ الغَيْثُ الذي لم يَنْسَكِبْ *** إلا و يَخْضَرُ اليَبابُ البَلْقَعُ(1)
يا مَنْ هِيَ النُّورُ الَّذي مَحَقَ الدُّجَى *** فَسَناهُ في أفُقِ الجَزِيرَةِ يَسْطَعُ(2)
يَا رَحْمَةً يَهْفُو لَها كُلُّ أَمْرِىءٍ *** حَتَّى بها لِذَوِي الكَبائِرِ مَطْمَعُ(3)
ص: 462
يَا رُكُن بَيْتِ بالغٍ هامَ السُّهَى *** هُوَ لِلْهِدَايَةِ و الرِّسالَةِ مَوْضِعُ(1)
يَا بَضْعَةَ المختارِ حَسْبِي مَفْخَراً *** إِنْ قِيلَ: عَنِّي إِنَّهُ يَتَشَيَّعُ
وَ أَنَا المُقِرُّ بِأَنَّ ربي واحِدٌ *** و له جَمِيعُ الكائناتِ سَتَرْجِعُ
و رَسُولُه طة الأمينُ نَبيُّنا *** لأصولِ سُنَّتِهِ الشَّرِيفَةِ نَتْبَعُ
و إذا سُئِلتُ مَن الخَليفَةُ بَعْدَهُ؟ *** أَفْصَحْتُ أنْ ذاكَ البَطِينُ الأَنْزَعُ(2)
بَارَكْتُ مولِدَكِ الشَّريف و بانَ لي *** أَنّ الكَواكِبَ مِنْ سَناكِ تَشَعْشَعُ(3)
وَ طَفِقْتُ أُنْشِدُ ما تَجُودُ قَرِيحَتي *** شِعْراً كَطَيْرِ في الحَمائِل يَسْجَعُ(4)
أُمُّ الأئمة و الإمامَةُ رُتْبَةٌ *** بِكِسِرُّها دُونَ النّسا مُسْتَوْدَعُ(5)
مَا نَالَها إلا الأُلَى أَسْمَاؤُهُمْ *** في اللَّوْح مُذْ نَشْءِ الخَليقةِ تُطبَعُ
لو لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الشُّرُوطُ لَنالَها *** مَنْ كانَ رَدْحاً لِلْحِجَارَةِ يَرْكَعُ(6)
يَكْفِيكِ أنَّ أباكِ لولا دِينُهُ *** شَمْسُ الهداية لِلوَرَى لاتَطْلَعُ
ص: 463
يَكْفِيكِ بَعْلُكِ مَنْ بِغَيْرِ حُسامِهِ *** بَيْتُ الهدايةِ رُكْنُهُ مُتَضَعْضِعُ(1)
يَكْفِيكِ أَنَّ ابنَيْكِ إن قاما وإنْ *** قَعَدا الأمْرِهِما الخَلائِقُ تَخْضَعُ
قُلْ لِلَّذِي سَلَبَ البَتُولَ حُقُوقَها *** أَرْكانُ بيتِ الوَحْيِ لاتَتَصَدَّعُ(2)
لا تُطْفِي الأفْواهُ نُورَ مُحَمَّدٍ *** فَاحْسَأَ فَلَيْسَ الحالُ ما تَتَوقَّعُ(3)
الحَقُّ يَبْقى بالِغاً هامَ الذُّرَى *** وَ الظُّلْمُ فِي كَنَفِ المَهانَةِ يَقْبَعُ(4)
ص: 464
(بحر الوافر)
السيد صالح الحلي(*)(1)
يُحِنُّ لِمُقْلَتي تَهْمِي الدُّمُوعا *** عَلَى مَنْ رَضَضُوا مِنْهَا الضُّلوعا(2)
***
يَرُضُ ضُلُوعَ فَاطِمَةٍ جَهارا *** وَ يُدْخِلُ بَيْنَها خطباً و نَارا
عَجِبْتُ لِمَنْ إِذَا شَهِدَ المَغارا *** يَفِرُّ و يُحْرِقَ البَيْتَ الرَّفِيعا
***
هِيَ الزَّهْراءُ فاطِمَةُ البَتُولُ *** وَ مَنْ أَوْصَى بِنِحْلَتِها الرَّسُولُ
أيَغْصِبُها وَ لا أحدٌ يَقُولُ *** أسأْتَ ببضْعَةِ الهادِي الصَّنِيعا؟(3)
***
ص: 465
لَقَدْ حَكَمُوا بِلَيْلٍ أوْ نَهارٍ *** بُكاها لأ تَقِرُّ بِلا قرارِ
فَكَيْفَ قَرارُها وَ الحُكْمُ جَارِي *** عَلَيْها وَ هْيَ لَمْ تُطِقِ الهُجُوعا(1)
***
لَقَدْ هَجَمُوا عَلَيْها وَ هُيَ حَسْرَى *** وَ قادُوا (بَعْلَها) بِالحَبْلِ قَهْرا
و أَلْقَوْا (حَمْلَها) بُغضاً و كُفْرا *** فَضَتْ و فُؤادُها أَضْحَى مَرُوعا
***
فَمُذْ قادُوا (عَلِيًّا) بِالنَّجادِ *** عَدَتْ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ الحُزْنُ بَادِي
أَلا خَلُوا (ابْنَ عَمِّى) أَوْ أَنادِي *** وَ أَكْشِفُ لِلدُّعا رأساً وَجِيعا
***
دَعَتْ مَا َصالِحٌ وَ هُوَ الرَّسُولُ *** وَ نَاقَتُهُ أَجَلُّ و لاالفَصِيلُ
مِنَ الحَسنَيْنِ أَوْ مِنِّي فَقُولُوا *** إلى الأوْثَانِ قَدْ عُدْتُمْ رُجُوعا
***
فمالَتْ دُونَهُ فَعدا عليها *** بِضَرْبِ مِنْهُ سَوَّدَ مَنْكِبَيْها
وَ أَوْدَعَ حُمْرَةً في مُقلَتَيْها *** وَ قُرْطاها بِهِ انْتَثَرا جَميعا
***
ص: 466
فَأَخْرَجَها عَلِيٌّ (لِلْبَقِيع) *** بِأوراقِ (الأراكَةِ) وَ الفُروع
تُقِيمُ هُناكَ نَاثِرَةَ الدُّمُوعَ *** عَلَى منْ أوْرَثَ الدُّنْيا صُدُوعا(1)
***
أتى نَحْوَ (البقيع) بِها فَلَمّا *** رَأى قَطعَ (الأراكَةِ) كان ظُلْما
بنى بيتاً إلى (الأحزانِ) يُنْمَى *** لِتَبْكِي وَسْطَه الهادِي الشَّفيعا(2)
ص: 467
أَفَكانَ مِنْ حُكْمِ النَّبِيِّ وَ شَرْعِهِ *** أَنْ تُضْرَبَ الزَّهراءُ ضَرْباً مُوجِعا؟
أَوْصَى الإلَهُ بِوَصْلِ عِشْرَةِ أَحْمَدٍ *** فَكَأَنَّما أَوْصَى بها أَنْ تُقْطَعا
اللهُ مَا فَعَلُوا بِالِ نَبِيْهِمْ *** فِعْلاً لَهُ عَرْسُ الإِلَهِ تَضْعَضْعًا
قَادُوا عَلِيًّا بَعْدَهُ بِنجَادِهِ *** وَ مِنَ البَتُولِ الظهرِ رَضُوا الأَضْلُعا(1)
ص: 469
أَبْدَوْا عَداوَتَهُمْ لَها وَعَدَوْا عَلَى *** مِیرائِهَا فَابْتُزَّ مِنها أَجْمَعا(1)
وَ إِذا تَعَلَّقَتِ الإِشَاءَةُ لَمْ يَكُنْ *** عَجَباً إذا قَادَ الذَّئابُ(سَمَيْدَعا)
وَضَعَتْ وَراءَ البَابِ حَمْلاً لَمْ يَكُنْ *** قَدْ آنَ لَوْلاً عَصْرُها أَنْ يُوضعا
وَمَضَوْا لِكافِلِها يُهَرُولُ طَیِّعاً *** لَوْلا الوَصِيَّةُ لَمْ يُهَرُول طَیِّعا
خَرَجَتْ تَعَثَرُ خَلْفَهُمْ تَدْعُوهُمُ *** خَلُوا ابْنَ عَمِّى أَوْ لأَكْشِف لِلدُّعا
رجَعُوا إليها بالسياط فَسوَّدُوا *** بِالضَّرْبِ مِنْها مَتْنَها كَيْ تَرْجِعا
كَمْ أَضْمَرَتْ مِنْ عِلَّةٍ و تَجَرَّعَتْ *** يَا لَلْهُدَى مِنْ غُصَّةٍ لَنْ تُجْرَعا
خَطَبَتْ فَما اتَّعَظُوا بِخُطبَتِها وَلَوْ *** خَطبَتْ بِها صُمَّ الصُّخُورِ تَصَدَّعا(2)
عجباً لَهُمْ عَزَلُوا خَليفَةَ أَحْمَدٍ *** (وَضَئِيلُ تَيْمٍ) صارَ فِيهِمْ مَرْجِعا
حَكَمُوا عَلَيْهِ أنْ يُكَلِّمَها بأَنْ *** تَخْتارَ وَقْتاً لِلْبُكا أَوْ تَمْنَعا(3)
ص: 470
اللَّه أمّةً أَحْمَدٍ قَدْ ضَيَّعَتْ *** مَا خَلَّف الهادِي النَّبِيُّ وَ أَوْدَعا
قَالَ احْفَظُونِي فِي الكِتَابِ وَ عِتْرَتي *** فَهُما يَضِيعُ الحقُّ مَهْما ضُيِّعا
أمَّا الكِتَابُ فَمَزَّقَتْهُ (أُمَيَّةٌ) *** وَ الْعِتْرَةُ الهادُونَ أَضْحَوْا صُرَّعا
وَ عَدَوْا عَلى الكَرَّارِ في مِحْرابِهِ *** وَ عَلَى الزَّكِي سَقَوْهُ سُمَّا مُنْقَعا
و عَلى الحُسَيْنِ فَغَادَرُوهُ بِكَرْبَلا *** شِلْوا بِمُرْهَفَةِ السُّيوفِ مُقَطَّعا
لكِنَّما أَدْهَى مَصائِبٍ كَرْبَلا *** أَنْسَتْ مَصَائِبُها المَصَائِبَ أَجْمَعا
عَرِّجُ عَلَى البَطْحَاءِ وَانْدُبْ هاشِماً *** قُومُوا فَلِلْمَظْلُومِ كُنْتُمْ مَفْزَعا(1)
ص: 471
(بحر الوافر)
الأستاذ صلاح الدين صاوي(*)(1)
لَيَالٍ حَظهُنَّ عَلَى یَراعِي *** دُمُوعُ الْفِكْرِ في مِحْرابِ رَاعِ(2)
قَطِيعٌ لأهِتُ الأَنْفاسِ حَوْلي *** يُحَدِّقُ فِي النُّجُومِ بلاانْقِطَاعِ
أمَا شَمْسُ تُظهرُها قُلُوباً *** تُهَدِّدُها المَطامِعُ بالتّداعِي؟
أما مِنْ رَجْعَةٍ تَعْلُو فَتَعْلُو *** بها الأَنْوارُ بِالحَقِّ المُضَاع؟
فيا نُورَ الإمامَةِ مِنْ دِمائي *** لَكُمْ زيتٌ وَحُبُّكُمُ شُعاعي
***
وَ هَاتِيكَ اللَّيَالِي في خُطاها *** تُؤَذِّنُ بالزَّوالِ وَ بالضَّياعِ
فَأَيْنَ الشَّامِحُونَ عَلَى سَحَابٍ *** وَ أَيْنَ الآمِنُونَ إلى القلاعِ
وَ هَلْ في الأرْضِ غَيْرُ الآلِ نُورٌ؟ *** وَ عِنْدَ الله إخلاصُ اتْباعِ
غَرِيقٌ حَسْبُهُ مِنْ آلِ طه *** شَفَاعَتُهُمْ لِيَرْسُو بالسِّراعِ
فَيَا زَهْراءُ إِنْ لَمْ تُدْرِكِيهِ *** فَكُلُّ القَوْلِ مِنْ سَقْطِ المَتاعِ(3)
***
أتى التَّنزيلُ للتَّنزيل هاتِي *** لِقُرْآنِ الْبَتُولِ عَلَى السَّماعِ
نَبِيُّ اللهِ بِالْبَابِ الذَنِيهِ *** يُجَبِّرُ كَسْرَ ضِلْعِ وَ انْصِداعِ
ص: 472
أَتى الجَمَلُ الأمينُ لِرَاكِبِيهِ *** عَلى كَتِفَيْهِ فِي خُلْدِ الْمَتاعِ
سَلاماً إذ يُقَبْلُها شفاهاً *** و بَرْداً يا حُسَينُ عَلى الصِّراعِ
إِشاراتٌ و آياتٌ وَ حَقٍّ *** وَ هَلْ لِلْحَقِّ إلا كُلُّ واعِ؟
أَأَبْكِي؟ لَسْتُ أبْكِي غيرَ فَجْرٍ *** وَ مِصْباحُ اليَتِيمَةِ في اصْطِراعِ
أَنْعَى؟ لَسْتُ أنْعى غيرَ قَلْبِ *** عَلى أرْضِ الغَرِي بِغَيْرِ ناعِ
أإسلامٌ يُباعُ وَ لَيْسَ شارٍ *** فَكانَ دِمَاؤُكُمُ ثَمَنَ ارْتِجَاعِ
أبا الحَسَنَيْنِ غُفْراناً وَ عَفْواً *** إِذا خَرسَ اللِّسانُ عَنِ ابْتِداعَ
وَ طَوَّحتِ العَصا وَ الناي جَنْباً *** لِكَلْبِ نابِحٍ مِنْ غَيْرِ داعِ
كُؤوس تَسْتَبِدُّ بِنا وَلَكِنْ *** سَتَعْقبها الإفاقَةُ من صُداعِ
***
أفاطِمَةُ اطْمَئِنّي طابَ مَئواكِ *** أمْرُكِ في الوَصِيَّةِ بالمُطاعِ
فَدُونَكِ ذُوالفقارِ وَ قَدْ تَجَلَّى *** يُلَوِّحُ بِالمَنِيَّةِ لِلأفَاعِي
وَ قَد لَبِسَ الصَّفار لها شِعاراً *** فَبَعْثَرَها وتاهت في البِقاعِ(1)
ص: 473
لَئِنْ سَلَبُوكِ زائلةً فها هُمْ *** وراءَ القبر في فُلْكِ الضِّياعِ(1)
و مَنْ حُرمُوا من الجَنَّاتِ باباً *** تَلَقَّتْهُمْ جَهَنَّمُ باتِّساعِ
أدِرُ ذِكْرَى الأحِبَّةِ يا نَدِيمِي *** وَ ثَنِّ الكَأسَ للظَّمأى الجِياعِ
وَجَدِّدْ بَهْجَةَ الأَعْوامِ فِيهِمْ *** فَهُمْ نُورُ الزَّمانِ بِلا انْقِطَاعِ(2)
ص: 474
(بحر الرمل)
الأستاذ عادل الكاظمي(*)(1)
أيُّ قَلْبِ بَعْدَكُمْ لا يَجْزَعُ *** وَ لَكُمْ فِي كُلِّ أَرْضِ مَصْرَعُ(2)
***
نَبْتَدِي مِنْ يَوْم أَنْ غابَ الأمينْ *** تاركاً ثِقَلَيْهِ بَيْنَ المُسْلِمِينْ
أربعاً خامِسُها الذِّكْرُ المُبِينْ *** وَ بِها شَرْعُ الهُدَى يُسْتَجمَعُ
***
ص: 475
هُمْ دُعاةُ الحَقِّ مِنْ بَيْنِ العِبادْ *** وَهُداةٌ إِنْ دَجَى لَيْلُ الفَسادْ
و إذا ما طَبَّقَ الظُّلْمُ البِلادْ *** فِيهِمُ لابِسِواهُمْ يُدْفَعُ
***
إِنَّمَا المُخْتارُ قَدْ أَوْصَى بها *** قَوْمَهُ بَدْءاً وَعَوْداً وَ انْتِها
بِنُفُوسٍ أَذِنَ اللَّهُ لَها *** أَنْ يَكُونَ الحَقُّ فِيها تَصْنَعُ
***
مِنْهُمُ فاطِمةُ الظهرُ البَتُولْ *** طالَما أَوْصَى بها الهادِي الرَّسُولْ
فِعْلُها فِعْلي وَ قَوْلي ما تَقُولْ *** بَضْعَةٌ منِّي و سِرِّي المُودَعُ
***
لَسْتُ أنساها و قَدْ جاءَتْ إِلى *** مَعْشَر قَدْ قَطَّعُوا حَبْلَ الوِلا
تَبْتَغِي إرْثاً لها مِمَّنْ عَلا *** حاكماً و الجهلُ فِيهِ يَرْتَعُ(1)
***
طَلَبُوا منها عُدولاً يشهدون *** حَقَّها و الحقُ فيها أَوْكَدُ
سَلَبُوها فَدَكاً وَاجْتَهَدُوا *** مِنْ أذاها كلَّ فِعْلِ يُفْجَعُ(2)
***
ص: 476
رَجَعَتْ وَ الحُزْنُ ناراً تسعَرُ *** في الحَشَا وَ الجَفْنُ باكٍ أَحْمَرُ(1)
مَنْ لها في النَّاسِ لَوْلاً حَيْدَرٌ *** ناصِرٌ وَالظُّلْمُ داجِ أَسْقَعُ؟
***
ندبتْ تَبْكِي أباها بِانْكسارْ *** يا أبي بَعْدَكَ كاللَّيْلِ النَّهارْ
يا أَبي بَعْدَكَ ما صَانُوا الذُّمارْ *** وَ لَنَا الأَصْحَابُ عَهْداً مَا رَعُوا
***
ما رَعى الصَّحْبُ إليها حُرْمَةً *** حِينَما جاؤُوا لِيَبْغُوا بَيْعَةً
أحْرَقُوا الدَّارَ و ضَامُوا بَضْعَةً *** و لقلبِ المُصْطَفَى قَدْ رَوَّعُوا(2)
***
وَ هُيَ خَلْفَ البابِ مُدْجَاءَ اللَّعِينْ *** صَرَختْ تَدْعُو أميرَالمؤمنينْ
مانجا مِنْ ظُلْمِهِ حَتَّى الجَنِينْ *** مُنْغَدَتْ تُكْسَرُ مِنْها الأَضْلُعُ
***
لَيْتَ شِعري أيَّ ذَنْبِ قَدْ جَنَتْ *** دُونَ هذا الخَلْقِ سِرًّا دُفنتْ؟
أتُراها غُسْلَتْ أَوْ كُفْنَتْ *** أمْ تَوارَى أمْرُها وَ المَضْجَعُ؟
ص: 477
(بحر الهَرْج)
الشيخ عبدالستار الكاظمي(*)(1)
أَيا مَكُسُورة الضّلعِ *** سَيَبْقَى جاریاً دَمْعي
***
أَلأ يا أُمْيَ الزَّهْراءُ *** یَهْمِي طِيلَةَ العُمْرِ
أنا في حالِكَ أَدْرَىْ *** لأنَّي صاحِبُ الأَمْرِ(2)
يصَدْرِي أَحْمِلُ الصَّبْرا *** وَلكِنْ فَتَنِي صَبْرِي(3)
وَ عَيْنِي لم تَزَلْ عَبْرَىٰ *** لِذاكَ الضّلْعِ و الكَسْرِ
***
لِما لأقَيْتِ من صَدْعٍ *** سَيَبْقَى جارِياً دَمْعِي
***
مَعَ الأحْزانِ وَ الْهَمِّ *** سَكَنت دارَ أَحْزانِ
و مِنْ ضِلْعِكِ يا أُمّي *** وَ رِثْتُ نارَ أَشْجانِي
و مما ذُقْتِ مِنْ هَضْمٍ *** و جُرِّعْتِ مِنَ الثّاني
ص: 478
أثارَ الدَّهْرَ في الظُّلْمِ *** وَ أَبْدَى كُلَّ طُغْیانِ
***
فَمِنْ آلامِكِ طَبْعِي *** سَیَبْقی جاریاً دَمْعِي
***
أيا أُمّاهُ مَنْ يَقْوى *** و يَقْضِي طُولَ أَعْمارِ
و عَنْ فِكْرِي فَلا تُطْوَى *** وَ تُنْسی قِصَّةُ الدَّارِ
فَهُذِي مُهْجَتي تُكْوَى *** بِجَمْرِ البابِ وَ النَّارِ(1)
سَأَبْقى دُونَما سَلْوَى *** إلي ما قَدَّر البارِي
***
فَمِنْ أَغْطَانِكِ فَرْعِي *** سَيَبْقى جارياً دَمْعِي
***
أرى أحْبَابَنا تَنْعَى *** وَ تَدْعُو أيُّها المَهْدِي
أَتَنْسَى البابَ و الضِّلعا *** و تُجْرِي الدَّمْعَ في الخَدَّ؟
و لاستشهاضِهِمْ أَرْعَى *** قَضاءَ الواحِدِ الفَرْدِ
سانهَضُ أَسْحَقُ الجَمْعا *** إذا إذا ما حانَ لي وَعْدِي
***
لأخْذِ الثّأُرِ في الجَمْعِ *** سَیَبْقَى جارياً دَمْعِي
***
فَهَلْ للقلبِ أَنْ يَنْسَى *** نیناً طاحَ مَظْلُوما؟
لَهُ لمَ يَسْمَعُوا حِسًّا *** بَرِيئاً راحَ مَهْمُوما
ص: 479
لِقَلْبِ الرِّجْسِ ما أَقْسى *** وَ قَدْ أرْواهُ محتوما
تُلاقِي شِيعَتِي الشَّمْسا *** و يَبْدُو الأَمْرُ مَعْلُوما
***
مَعَ القرآنِ و الشَّرْعِ *** سَیَبْقي جاریاً دَمْعي
***
سَتَتَلُو آیةَ السَّیْفِ *** فُصُولُ الثّأُرِ في الصُّبْحِ
وَ لِلأَجدادِ وَ الَهْفِي *** وَ دَمْعِي جَدَّ في السَّحِّ(1)
عَلَى المَذْبُوحِ في الطَّفِّ *** سَتَعْلُو رَايَةُ الفَتْحِ
وَ فِي ثاراتِهِ أَشْفِي *** غَلِيلِي دُونَما صَفْحِ
***
و مِنْ أَحْزانِكُمْ وَضْعِي *** سَيَبْقى جارياً دَمْعِي
***
ص: 480
(بحر الوافر)
الشيخ عبد المنعم الفرطوسي(*)(1)
شُجُونٌ تَسْتَهِلُّ لَهَا الدُّمُوعُ *** وَ تُحْرَقُ مِنْ لَواعِجِها الضُّلُوعُ(2)
وَقَفْتُ عَلَى البَقِيعِ فَسَالَ طَرْفي *** وَ قَلبي فَالدُّمُوعُ هِيَ النَّجِيعُ(3)
كَأَنَّ مُصِيبةَ الزَّهْرَاءِ بَيْتٌ *** بِقَلْبي لِلأَسَى وَ هُوَ الْبَقيعُ
أَمِثْلُ البَضْعَةِ الزَّهْراءِ تُجْفَى *** يُعْفَى قَبْرُها وَ هُوَ الرَّفيعُ(4)
وَ يُعْصَبُ حَقُها جَهْراً و تُؤذى *** بِحَيْثُ وَصِيَّةُ الْهَادِي تَضِيعُ(5)
ص: 481
تُصَدُّ عَنِ البُكاءِ عَلَى أَبِيهَا *** فَتُحْبَسُ في محَاجِرِها الدُّموعُ(1)
وَ تَقْتَطِعُ الأَراكَةَ حِينَ تَأْوِي *** لِظِلٍّ غُصُونِها كَفَّ قَطِيعُ
وَ يُحْرَقُ بَيْتُها بِالنَّارِ بِالنَّارِحِقْداً *** وَ يُهْتَكُ سِتْرُها وَ هُوَ المَنيعُ
وَ يُكْسَرُ ضِلْعُها بِالْبَابِ عَصْراً *** فَيُسْقَط حَمْلُها وَ هُوَ الشَّفيعُ
وَ يُدْمِي صَدْرَها المِسْمارُ كَسْراً *** فَيَنْبُعُ بَيْنَ ثَدْيَيْها النَّجِيعُ
وَ يُنَتَرُ فَرْطُها لَطْماً و يُلْوَى *** عَلَيْها السَّوْط و السَّيفُ الصَّنيعُ(2)
ص: 482
وَ حُمْرةُ عَيْنِها لِلْحَشْرِ تَبْقى *** بِهَا مِن کَفِّ لاطِمِها تَشِيعُ
تَنُوحُ فَتُسْمَعُ الشَّكوى وَ تَدْعُو *** وَ مَا في المُسْلِمِينَ لَها سَمِيعُ(1)
ص: 483
مَصائِبُ بِالقطاعةِ قَدْ تَناهَتْ *** وَ كُلُّ مُصِيبةٍ خَطْبٌ فَظِيعُ
قَضَتْ أَلَماً مِنَ الزُّهْرَاءِ فِيها *** حُشاشَةُ قَلْبِها وَ هُوَ المَرُوعُ(1)
ص: 484
(بحر الوافر)
الأستاذ عبود أحمد النجفي(*)(1)
ألا يا قاصِدَ الزهراءِ شَوْقاً *** تُعطرُكَ المَدِينَةُ وَ البَقِيعُ
فَقَبَّلْ تُرْبَةَ الزَّهْراءِ وَابْكِ *** مآسِيَ قَدْ تَناسَتْها الجُمُوعُ
و قُلْ بِنْتَ النَّبِيِّ إِلَيْكِ نَشْكُو *** عَذاباً ما لَهُ يَوْماً نُزُوعُ
فأيامُ السَّقِيفةِ فِي انقادٍ *** وَ نارُ الدّارِ وَ الكَفَّ الشَّنِيعُ(2)
ص: 485
و رُزْهُ الطَّفِّ في التاريخ حَيٌّ *** وَ لَمْ يُدْفَنُ به الجَسَدُ الصَّرِيعُ
وَ قَدْ عادَتْ لنا كُل الرَّزايا *** وَعادَ الفِعْلُ أَقْبحَ وَ الصَّنِيعُ
و إِنْ رُدَّتْ سَبايا الشَّامِ يَوْماً *** سَبايانا تَمُوتُ و لارُجوعُ
***
سَلامٌ أَيُّها الطُّهْرُ المُفَدَّى *** سَلامُ أَيُّها المَجْدُ الرَّفِيعُ
تَوَدَّعَ فِيكِ سِرُّ اللهِ حَقًّا *** وَ فِى ميلادِكِ السِّرُّ الوَديعُ
فيا أُمَّ الحُسَيْن فَدَتْكِ دُنْيا *** وما ضَمَّتْ عَوالِمُنا الجَمِيعُ
أيا قُدْساً أفاضتْهُ سَماءٌ *** تُكَلِّلُهُ المَهابةُ و الخُشوعُ(1)
وَ يَا غُصْناً تَفَرَّعَ مِنْ سُمُوٍّ *** لِطِه أَثْمَرَتْ مِنْهُ الفُرُوعُ
ويا نَبْعاً مِنَ الإيمانِ مَحْضاً *** يُدَقِّقُ وَ اليَقِينُ لَه تَبُوعُ
و جَوْهرةً تَشِعُّ بها اللَّيالي *** وَ نُورُ اللَّهُ مُزْدَهِرٌ نُصُوعُ
تَجلَّتْ قُدْرَةُ الباري بخلق *** وَجَلَّ اللَّه بارِتُكِ البَديعُ
فيا حِضناً أحاطَ بنا أمَاناً *** إذا ما يُفْقَدُ الحِصْنُ المنيعُ
سأَسْأَلُكِ الشَّفاعَةَ رَغْمَ ذَنْبِي *** يُؤرقني بهِ الفَزَعُ المُرِيعُ
إذا ما ضَمَّني تُرْبٌ وَ قَبْرٌ *** وَ أَوْحَدَنِي به العَمَلُ المُضِيعُ
وأُغْلِقَ دُونَ أَحْبابِي رِتاجٌ *** وضاقَ بِقَبْرِيَ الكَوْنُ الوَسِيعُ(2)
وَ إِنّي إِذْ دَعَوْتُكِ يَوْمَ خَوْفِي *** فَأَنْتِ ليّ المُطَمْئِنُ وَ الشَّفِيعُ
فإن شُفْعتِ في عَبْدِ ذَلِيلٍ *** تَوَلأَنِي بِرَحْمَتِهِ السَّمِيعُ(3)
ص: 486
(بحر الطويل)
الأستاذ علي محمد الحائري(*)(1)
أَفَضَّكَ فِي لَيْلِ الضَّنَى حَرٌّ مَضْجَعِ *** وَ شَفَّكَ دَمْعٌ لَيْسَ يَرْقَى بِمَدْمَعِي(2)
وَ لَيْلٌ تَغَشَانِي كَانَ نُجُومَهُ *** شَدَدنَ حِبَالَ الرُّزْءِ قَيْداً بأضْلُعِي
طَوالَ لَيالِي الحُزْنِ مِنْ بَعْدِ فَاطِمِ *** وَ نَارٌ تَشَظَّى جَمْرُها مِنْ تَوَجُّعِ
فَيا قَلْبُ لا أَبْلَلْتَ مِنْ هَاجِسِ الأَسَى *** وَ بَا جَفْنُ لاأَطْبَقَتَ غِبَّ تَفَجُّعِ
وَ يَا طَارِقاتٌ مِنْ هُمومٍ تَأَوَّبَتْ *** وِسادِي وَ انْسَلَّتْ ثِقالاً لِمَخْدَعِي
نفاراً إلى الطَّرحِ الَّذِي لاأُسِيغُهُ *** خِفافاً إلى السَّيْفِ الَّذِي حَزَّ أَخْدُعي
وَ لَسْتُ أَرَى الدُّنْيا خِلالَ طَمَاعَةٍ *** ولكِنْ طماحُ النَّفْسِ دُونَ التَّطَلُّعِ
بَلَوْتُ بِها صَبْرَ الْحَلِيمِ فَأَحْجَمَتْ *** خُطَايَ عَلَى نَوارِها المُتَبَرِّعِ
وَ ذُقْتُ مَذاقَ المُرِّ مِنْ صَبَراتِها *** وَ عُلِّلْتُ مِنْ سُمِّ القُلَيْبِ المُنَقَّعِ(3)
فَلا أَنا مَوْكُولٌ إلى الغَيْرِ مِقْوَدِي *** و لا أنا مَنْ أَرْضى الخِطامَ بِمَجْدَعي(4)
وَ لَسْتُ أَبالي إنْ جَفَتْنِي قُلوقُها *** بُكَيئات من دُرِّ الرِّعَابِ المُشَعْشَعِ
ص: 487
فَلِي أُسْوَةٌ بالطَّيِّبِينَ تَقارَعُوا *** كُؤوسَ فُضَيْلاتٍ دِهَاقَ التَّضَوُّعِ
وَلي أَسْوَةٌ بالمُصْفِراتِ أَكُفُهُمْ *** مِنَ المَالِ حَسْرَى مِنْ حُطام التَّبَضُّعِ(1)
تَزُمُ بِأَكْمَامِ العَفافِ وَ تَدْرِي الخَصاصَةَ *** بالأخْلاقِ مِثْلِي و تَرْتَعِي
وَ تُعْطِي النَّدَى لأمِنْ خِلالِ تَفَضُّلِ *** وَ تَصْعِيرِ خَدِّ بالتَّكبُّرِ مُتْرَعِ(2)
وَلكنْ تَرى أَنَّ الزَّكَاةَ فَرِيضَةٌ *** وَ أَنَّ احْتِجامَ المَالِ أصْلُ التَّصَدُّعِ
وَ أَنَّ وَ شِيجَ الآدَمِيَّةِ جَمَّعَتْ *** بِأَعْياصِها جَذْرَ الإخاءِ المُقَطَّعِ(3)
وَ أَنّ بَني الدُّنيا سَواءٌ أَرُومُهُمْ *** وَ إِنْ ضَرَبُوا في كُلِّ عِرْقٍ مُوَزَّعِ(4)
أولئكَ آلُ المُصْطَفَى أَهْلُ بَيْتِهِ *** تَرَبَّوْا عَلى هذا الخَلاقِ المُرَفَعِ
وَ قَدْ آثَرُوا أَنْ لاتَبِيتَ عَلَى الطَّوَى *** حُشاشَةُ مَحْرُومِ وَ عَانٍ وَ مُوجَعِ
وَ أَعْطَوْا وَ إِنْ كَانَتْ لَهُمْ مِنْ خَصَاصَةٍ *** مَساغِبُ لَمْ تُرْفَعُ جَداهُمْ وَ تَمْنَعِ
و شارکَتِ الزَّهْراءُ آلامَ أُمَّةٍ *** أبُوها تَوَلاهَا عَلَى كُلِّ مَهْيَعِ(5)
فَلِمَ أَثَرُوا أَنْ يَحْجَبُوا حُرَّ إِرْثِها *** وَ أَنْ يُولِجُوا أبْناءَها كُلَّ بَلْقَعِ(6)
أتِلْكَ الَّتي أوْصى الرَّسُولُ بِثِقلها *** تُصارُ إلى هذا الصَّعِيدِ المُصَدَّعِ؟(7)
ص: 488
وَ تِلْكَ الَّتي لَنَّ الرَّسُولُ دِثارها *** تُراعُ فَلابُورِكَتْ أَيْدِي المُرَوّعِ(1)
و لاآبَ في عَيْنِ الدّنى وَ سَنِ الكَرَى *** وَ لالَزَّ في حَرِّ الصَّدَى بَرْدَ مَشْرَعِ
و لاباهَلَتْ عُلْيا قُرَيْشٍ خُصُومَها *** بأَنَّ لَها صَدْرَ النَّدِيِّ المُوَسَّعِ
وَ قَدْ شُجَّ من رَأْسِ البِناءِ عَمُودُهُ *** فَعِيبٌ وَ لَمْ يَنْهَضُ نَصُوحُ وَ يَهْرَعِ
ص: 489
(بحر الكامل)
السيد عمران المير
ذِكْرَاكِ يا بِنْتَ الرِّسالَةِ مَنْبَعُ *** مِنْ فَيْضِهِ وَعَطائِهِ نَسْتَمْتِعُ
ذكراكِ مِحْرَابُ البِناءِ لأُمَّةٍ *** بَنَتِ الصُّرُوحَ وَ لِلْعَدالَةِ تَرْفَعُ
ذِكْراكِ نُورٌ شَعَّ في أُفُقِ السَّما *إِذْ أَنْتِ شَمْسٌ لِلْحَقِيقَةِ تَسْطَعُ(1)
ذِكْراكِ أَضْحَتْ نَعْمَةٌ غَنَّى بها *** طهَ َالأمينُ وَ حَيْدَرٌ وَ التَّبَعُ
ذِكْرَاكِ يا زَوْجَ الوَصِي ِّالمُرْتَضَى*** رُوحٌ لِفِكْرٍ فِيهِ أَضْحَى يُبْدِعُ
ذِكْراكِ دَرْسٌ للأنامِ وَ عِبْرَةٌ *** لِلثّائراتِ وَ مَفْخَرٌ وَ تَطَلُّعُ
ذِكْراكِ تُحْيِي الفِكْرَ مِنْ عَثَراتِهِ *** لِيَعُودَ يَبْنِي أُمَّةً لاتَجْزَعُ
ذِكْراكِ يُنْبُوعُ الحياةِ وَ سِرُّها *** لِجلالِهِ أَضْحَتْ تَقُومُ وَ تَركَعُ
ذِكْراكِ أضْحَتْ في فَمِي تَغْرِيدَةً *** وَ بِها عَلَى وَتَرِ الوَلاءِ أُرَجِّعُ(2)
ذكراك عنوانُ العَطاءِ لأمَةٍ *** حَفلتْ به فَخُراً و ها هِيَ تَسْمَعُ
ذِكْرَاكِ خَطُّ لِلْكِفاحِ وَ صَفْعَةٌ *** لِلظَّالمينَ عُرُوشُهُمْ تَتَزَعْزَعُ
ص: 490
ذِكراكِ نَهْجٌ لِلْعَفَافِ وَ لِلتَّقى*** بِهِمَا غُيُومُ الإنحرافِ تَقَشَّعُ
يا بِنْتَ مَنْ قَدْ كانَ رَحْمَةً خالِقٍ*** لِلْعَالمينَ فبَاتَ فَضْلِكِ يَقْرَعُ
إِنَّا اجْتَمَعْنا كَيْ نُحْيِيَ مَوْقِفاً *** فِيهِ الشَّجاعةُ و المواقِفُ تُصْنَعُ
مَولاتِي يا بِنْتَ الرَّسُولِ مُحَمَّدٍ*** ماذا أَقُولُ وَ فِي الفُؤادِ تَوجُّعُ
ها نَحْنُ أَصْبَحْنا نُعاني فِكْرَةً *** هَدَّامَةً بِاسْمِ التَّطَوُّرِ تُطْبَعُ
شَلُّوا بِها دَوْرَالفَتاةِ وَ قَاوَمُوا *** نَهْجَ السَّماءِ وَ لِلْحَقِيقَةِ ضَيَّعُوا
أضْحَتْ ضَحِيَّتها الفَتاةُ فَأَصْبَحَتْ *** تُشرَى بِسُوقِ المُغْرِياتِ و تُخْدَعُ
دَفَعُوا بِها كَيْماتُنَمِّي ثَرْوَةَ *** وَفْقَ المقاييس الخَطِيرَةِ تَطْلَعُ
أَضْحَتْ َأسِيرَةَ نَظرَةٍ ماليَّةٍ *** وَ البَيْتُ مِنْها وَ الزّوايا بَلْقَعُ
وَالطَّفْلُ ضاعَ لأَنَّ أُمّاً ضَيَّعتُ *** حقًّا لَهُ إِنَّ الحُقوق تُضَيَّعُ
وَ تَعَرَّضَتْ أُسرّ لأعْنَفِ هزّةٍ *** عُظْمَى فَضَاق بِها الفَضاءُ الأَوْسَعُ
و البيتُ بلإهمالِ أَصْبَحَ جَوُّهُ *** جَوِّا مُخِيفاً نَجْمُهُ لاَيَلْمَعُ
بيتٌ بنى جيلاً لِحَمْلِ رسالةٍ *** بنّاءةٍ تَهْدِي الأنامَ و تَجْمَعُ
عَصَفَتْ به ريحٌ فأضْحَى مُهْمَلاً *** بالَلْخَسارةِ قَدْ عَراهُ تَصَدِّعُ
خَرَجَتْ بدونِ حَياً وَأَبْدَتْ وَجْهَهَا *** بَيْنَ الرِّجالِ و قَدْ أُزِيحَ المقنَعُ
نَسِيَتْ بأَنَّ اللهَ أَوْجَبَ سَتْرَها *** كَيْما تُصانُ فلا تُذَلُّ و تُلسَعُ
هذي المآسي أفرَزتها شَطْحَةٌ *** فكريَّةٌ زعرَعَتْ نَواها إِصْبَعُ
إيهاً فَتاةَ العَصْرِ لاتَتَأَثّري*** بالمُغْرِياتِ فَإنّهنَّ زَوابِعُ
لاتَسْمَعِي صَوْتَ الَّذينَ عَماهُمُ *** حُبُّ الخَطايا و الفَضِيلَةَ مَیَّعُوا
قُولي لَهُمْ إِنِّي انتميتُ لأمةٍ *** تأْبى الخُضوعَ و للعِدى لاَتَرْكَعُ
قُولي بأنّ الطُّهْرَ فاطِمَ قُدْوَتِي *** نحوَ البِنا لاللمَذلَّةِ أَخْضَعُ(1)
ص: 491
قُولي بأَنِي أَقتفِي خَطَّ الَّتي*** رَبَّتْ بَنيها وَ الطّفولَةَ تُرْضِعُ
و تَرسَّمي خَطَّ البَتُولَةِ فَاطِمٍ*** بِنْتِ النَّبِيَّ فإنّها لَكِ مَفْزَعُ(1)
وَ اقْفِي خُطاها إنّها بِنْتُ الهُدَى*** طه الأمِينِ وَ مَنْ إلَيْنا يَشْفَعُ(2)
ص: 492
(بحر الطويل)
الشيخ قيس العطار (*)(1)
مَصائِبُكُمْ شَتَّى وَ شَتَّى قُبُورُكُمْ *** وَرُزْؤُكُمُ مِنْهُ الفُؤادُ تَصَدَّعا(2)
و أَعْظَمُ رُزْءٍ حَلَّ بالظُّهْرِ فَاطِمٍ *** لَهُ الكَوْنُ مِنْ حَرِّ المُصابِ تَزَعْزَعا(3)
وَ أَعْظَمُ مِنْهُ رُزْهُ سِبْطِ مُحَمَّدٍ*** غَداةَ بِيَوْمِ الطَّفَّ نادَى فَأَسْمَعا
لَئِنْ هَشَّمُوا ضِلْعاً مِنَ الظُّهْرِ وَاحِداً *** فَهذا حُسَيْنٌ هَشَّمُوا مِنهُ أَضْلُعا(4)
و إِنْ أَثَّرَ المِسْمارُ في جَنْبِ جِسْمِها *** فَجِسْمُ حُسَيْنِ بِالسُّيُوفِ تَوَزَّعا
وإِنْ أَسْقَطُوا مِنْهَا الجَنِينَ بِعَصْرَةٍ *** فَقَطْعُ وَ رِيدِ الطِّفْلِ قَدْ كانَ أَفْظَعَا(5)
ص: 493
وإِنْ أَحْرَقُوا بَيْتَ البَتُولِ بِنارِهِمْ*** فَقَدْ أَحْرَقُوا أَبْيَاتَ زَيْنب أَجمعا(1)
وَ إِنْ لَمَ تَرَ الزّهراءُ مَصْرَعَ وُلْدِها *** فَقَدْ رَأَتِ الحوراءُ سَبْعِينَ مَصْرَعَا
وَ إِنْ مَنعُوها تَسْتَظِلُّ فَشِبْلُها *** تَجَرَّعَ مِنْ حَرِّ الظَّما ما تَجَرَّعا
وإِنْ ذَرَفَتْ دَمْعاً فَتِلْكَ بَناتُها *** خَلَطْنَ دَماً عِنْدَ البُكاءِ و أَدْمُعا
وَ إِنْ مَنَعُوها النَّوْحَ إِنَّ بَناتِهَا *** يُحِحْنَ فَمَا طِقْنَ النِّیاحَةَ و النَّعا
وَ إِنْ لَبِسَتْ لَمّا تَبَدَّتْ خِمَارَها *** فَما تَرَكُوا لِلْفاظِمِيَّاتِ بُرْقُعا(2)
وإِنْ صَارَ مِنْ ضَرْبِ السَّياطِ بِزِنْدِها *** كَمَا الدُّمْلَجِ المُسْوَدِّ أَدْمَى فَأَوْجَعا
فَإِنَّ سِياطَ الشَّمْرِ أَدْمَتْ جَوارِحاً *** مِنَ الضَّرَبِ حَتَّی لَمْ يُغَادِرُنَ مَوْضِعا
وَإِنْ كَفَلَ السِّبْطَيْنِ فِي اليُتْم حَيْدَرٌ*** فَهْذِي يَنامَى السَّبْطِ في البَرَّ ضُيَّعا
وَإِنْ سَحَبُوا الكرّارَ مِنْ بابِ دارِهِ*** فَقَدْ سَحَبوا السجّادَ للشَّامِ مُزْمَعَا
وإن قَيَّدُوا كَفَّيْ عليَّ بِحَبْلِهِمْ *** و قدْ كانَ لَيْثاً في الحُروبِ سَمَيْدَعا(3)
فكنّا أبي الفَضلِ العميدِ تَقَطَّعَتْ *** و زِنْداهُ والعينان أُطفِئَتا مَعا
وإِنْ شَيَّعُوا بِاللَّيْلِ جُثْمانَ فاطِمٍ *** فَقَدْ مَنَعُوا جُثْمانَهُ أَنْ يُشَيَّعا(4)
وإِنْ دُفِنَتْ سِرَّا فَإِنَّ حُسَيْنَها *** رَمَوْهُ ثَلاثاً فِي الفَلَاةِ مُضَيَّعا
وإنْ لَمْ يَكُونوا يَشْتِمُونَ أمامَها النَّبِيَّ *** فَقَدْ سَبُّوا الوصيیَّ لِتَسْمَّعا
وإن وَدَّعَتْ عندَ المَماتِ حَلِيْلَها *** فَقَدْ أَعْجَلُوا الحَوْراءَ عَنْ أَنْ تُوَدِّعا
ص: 494
أخاها حُسيناً يومَ راحَتْ تَشُمُّهُ *** وَ مَنْ حَوْلَهُ جيشُ الظَّلالِ تَجَمَّعا
تُقَبَّلُ منهُ النَّحْرَ طَوْراً و تارَةً *** على صَدْرِهِ تَدْري الدُّموعَ تَوَجُّعا
أخي هؤلاءَ القومُ يَبْغُونَ قَتْلَ مَنْ *** بِحِضْنِ النَّبيِّ المصطفى قَدْ تَرَعْرَعا
أخي يابْنَ أُمّي يا حسينُ لَقَدْ دَنَا *** فِراقُكَ عَنِّي، ما أَشَدَّ و أَفْجَعا
أراكَ وَحِيْداً قَدْ بَقَيْتَ فليتَني*** عُدِمْتُ حيَاتِي لأعَدِمتُكَ مَفْزَعا
لقدماتَ أصحابُ الكِساءِ جَمِيعَهُمْ *** بموتِكَ، و النَّاعِي نَعى الدينَ إِذْ نَعا
فقالَ: تَعَزّي يا أُخَيَّةُ و اصْبِرِي*** فَلَسْنَا لأَمْرِ اللَّهِ نَسْطِيعُ مَدْفَعا
أَلا كُلُّ مَنْ فوقَ البسيطةِ مَيِّتٌ *** و إِنَّ لَنا لِلَّهِ أَوْباً و مَرْجِعا
أفاطمةُ الزَّهْراءُ عُذْراً فإِنَّما *** أَبُثُ إليكُمْ زَفْرَةٌ و تَلَوُّعا
أَغَثتِ علياَّ حينَ لَمْ يَبْقَ ناصِرٌ *** فَمَنْ ذا أغاثَ السَّبْط في الطفَّ إِذْ دَعا؟
نَعَمْ جاءَته الحوراءُ لكنَّها رَأَتْ *** أَخاها على وَجْهِ الصعيدِ مُبَضَّعا(1)
فَلَوْ نَظَرَتْ عيناكِ زينبَ إِذْ هَوَتْ *** تَنُوحُ عليهِ حَسْرَةٌ وَ تَفَجُّعا
تُغَسْلُ نَحْرَ السِّبْطِ مِنْ فَيْضِ دَمْعِها *** وَ تَجْمَعُ جسماً بالسَّیوفِ مُقَطَّعا
تَقُولُ أَخِي لَوْ خَيَّرُونِي مَنْزِلاً *** حَفَرْتُ لموتي قُرْبَ قَبْرِكَ مَضْجَعا
لقدْ أُظْلِمَتْ من بَعْدِكَ الأَرْضُ و السّما *** فقدْ غَيَّبُوا من شمسِ وَجْهِكَ مَطْلَعا
و قَدْ رَفَعُوا الرأسَ الكريمَ على القَنا *** كأَنَّ عليهَا العَرْشَ أوكانَ أَرْفَعا
و أَمَّا الَّذي لم تَنْظُرِ العَيْنُ مِثْلَهُ *** مُصاباً أَذَلَّ الكائِناتِ و أَفْزَعا
غداةَ هَوى فوقَ الصعيدِ مُعَفَّراً *** و شِمْرٌ على الصَّدْرِ الشريفِ تَرَبَّعا
تُدافِعُهُ عن قَتْلِهِ بِنْتُ فاطِمٍ *** فَأَبعَدَها، و السیفُ بالنَّحْرِ أَوْلَعا
فللَّهِ رُزْءٌ ما رُزِئْنَا بمثلِهِ *** و لا مِثْلُهُ خَطْبٌ أَصَمَّ و أَسْمَعا
سلامٌ على الثَّاوِي لَدَى أَرْضِ كَرْبَلا *** وَ قَدْ صُرِعُوا حولَيهُ شَيباً و رُضَّعا(2)
ص: 495
سلامٌ عَلَى الخدِّ التريبِ بكربلا *** ككيوانَ يَهْوِي مُتْرباً و مُشَعْشِعا
سلامٌ على الشَّيْبِ الخضيبِ منَ الدِّما *** يَفُوحُ عبيرُ المِسْكِ منه تَضَوُّعًا
سلامٌ على الجِسْمِ السَّليبِ بلا رِدا *** كَسَتْهُ الدِماءُ الحُمْرُ ثَوْباً و مِلْفَعا(1)
سلامٌ على الرأسِ المُشَالِ على القَنَا *** بِآيَةٍ أَهْلِ الكَهْفِ يَتْلُو مُرَجِّعا
سلامٌ على الصَّدْرِ الرَّضِيضِ بِخَيْلِهِمْ *** و قَدْ كانَ للسِّرَّ الإِلهيَّ مَوْضِعا
سلامٌ على تلك العِيالِ و قد مَشى *** بها الشَّمْرُ للشَّامِ المَشَّومِ و جَعْجَعا
سلامٌ على مَن رَحْلُهُ صارَ عُرْضَةً *** و نَهْباً لأَبناءِ اَللَّثأْم مَطْمَعا
سلامٌ على المهديَّ من آلِ أَحْمَدٍ *** مَتى يَنْشُرُ الراياتِ لِلَثَّارِ مُسْرِعا
أَغِثْنا -رعاکَ اللَّهُ- مِنكَ بطلعةٍ *** فلولا انْتِظارُ الثَّأْرِ مُتْنا تَوَجُّعا
أَغِثنا فإِنَّ الحُزْنَ مَزَّقَ قَلْبَنَا *** ولم يُبْقِ في قوسِ التَصبُّر مَنْزَعا
فإِنَّ شِفانَا أَنْ نَراكَ مُقَطَّعاً *** من الجبتِ و الطاغوتِ كَفَّا و أَذْرُعا
و أنْ ليسَ تُبْقِي مِنْ أُمیَّةَ عَادِراً *** و أَنْ تَسْقِيَ الأَرْضَ الدماءَ لِتَشْبَعا
ص: 496
(بحر المتقارب)
الشيخ كاظم آل نوح
يَقِلُّ لِعَيْنِي تَذْرِي الدموعَا *** لِفَاجِعَةٍ وَ هْيَ تحني الضُّلوعَا(1)
لِفَاجِعَةٍ وَقَعَتْ في الطَّفُوفِ *** وَ عَمَتْ بِحُزْنٍ عَلَيْنا جَمِيعا
وَ أَذْرَتْ دُمُوعَ الهُدَى صَبِيبَاً *** وَ أَجْرَتْ لِعَه النَّبِيِّ الدُّمُوعا
وَ عمْروٌ وَ هاشِمُها قَدْ غَدَوْا *** بِذَا الخَطبِ وَ النَّاسُ كُلٌّ جَزُوعَا(2)
فَحادِثُ يَوْمِ الطَّفُوفِ اغْتَدَا *** لِقَتْلِ الصَّنادِيدِ خَطْبَاً مَرُوعَا(3)
قَضَوْا عَطَشًا بِالعَرَاكُلُّهُمْ *** وَ حَقَّهُمُ كَان قَسْراً أُضِيعًا
وَ مَا ضَاعَ حَقٌّ لآلِ الرَّسُولْ *** إلا لأمْرٍ دَهَاهُمْ فَظِيعَا
بِيَوْمِ بِهِ ماتَ طَة النَّبيَّ *** وَ انْقَلَبوابَعْدَ طَهَ سريعا
وَ فَاطِمَةٌ وَ هُيَ مَحْزُونَةٌ *** تَعَادَوْا عَلَى الدّارِ عَدْواً مُرِيعَا(4)
وَ جَاؤُوا بِحُزْمَتِهِمْ عَوْسَجاً *** عَلَى بَابِها كَانَ أَمْراً فَظِيعَا(5)
ص: 497
وَ صَاحَ اضْرِمُوا النَّارَ أَوْ يَخْرُجَنْ *** عَلِيٌّ وإلا أبِيدُوا جَمِيعا
قَالُوا لَهُ إِنَّمَا فَاطِمُ *** بِذِي الدَّارِ لِلْحُزْنِ تَدْرِيْ دُمُوعَا(1)
وَ صَاحَ الا اخْرُجْ إِلَى بَيْعَةٍ *** قَدْ بَايَعَ النَّاسُ كُل مُطِيعَا(2)
ص: 498
أبَى حَيْدَرٌ أنْ يُلبِّي النِّدَاءَ *** فَأُخْرِجَ قَهْراً خروجاً شَنِيعا(1)
و أدْخِلَ وَ النَّاسُ في مَسْجِدِ *** النَبِيَّ وَ كُل يُعاني الهُلُوعَا
وَ لَمْ يَرْضَ حَيْدَرٌ فِي بَيْعَةٍ *** وَ لَمْ يَخْضَعَنْ أَوْ يَكُونَ الضَّرُوعَا
وَ هُدِّدَ بِالقَتْل لكِنَّما *** أَتَتْ فَاطِمٌ عَنْهُ ذَادَتْ خُنُوعَا(2)
فَاطلَقَ مِنْ أَجْلِهَا حُرْمَةً *** لَهَا مَنْ لَهَا دَقَ قَسْراً ضُلُوعَا
وَ رَاحتْ لِقَبْر أَبِيْها تَصيحُ *** أَبَا أَبَتِ قَدْ أُهِنَّا جَمِيعا
لَقَدْ غَصَبُوا حَيْدَراً حَقَّهُ *** وَ حَقِّي الصَّرِيحُ جَهَارَاً أُضِيعَا(3)
ص: 499
أَيَا أَبَتِ انْقَلَبُوا بَعْدَ أَنْ *** أَرَادُوا إِلَى دِين بُسْرِ رُجُوعَا
وَلكِنَّهُمْ نَافَقُوا فَاغْتَدَوْا *** بِأَيْدِيهِمُ الحُكْمُ حُكْماً فَظِيعا
وَ قَدْ غَصَبُوا فَدَكاً عُنْوَةً *** وَ جَاءَ وَكيلٌ إِلَيْنَا ضَرُوَعا(1)
فَرُحْتُ أُطَالِبُ فِي نِحْلَتي *** فَلَمْ أَجِدَنْ لِي مِنْهُمْ سَمِيعَا(2)
وَ طَالَبَ مِنّي في أنْ أُقِيمَ *** شَهَادَةً حَقٌّ تَرُدُّ المَنُوعَا(3)
فَقَلْتُ عَلِيٌّ وَ سِبْطا النَّبِيِّ *** شُهُودٌ عَلَى الحَقِّ رُدُّوا جَمِيعًا
فَأَدْلَتْ لَهُ حُجَجَاً وَاضِحَاتٍ *** فَأَعْرَضَ عَنْها وَ عَادَتْ سَرِيعَا(4)
إِلَى بَيْتِها وَ هْيَ مَهْضُومَةٌ *** لِغَصْبٍ لَهَا وَ هْي تَذْرِي الدُّمُوعَا
وَ كَانَ انْتِظَارُ عَلِيٌّ لَهَا *** عَلَى فَلَقِ مِنْهُ يَطْوِي الضُّلُوعَا(5)
ص: 500
وَ قَدْ دَخَلَتْ وَ هْيَ في ثَوْبِهَا *** تَعَثَرُ وَ الدَّمْعُ يَجْرِي هَمَوعا
فَقَالَ لَهَا صِنْوُطَهَ اصْبِرِيْ *** فَحَقِّي وَ حَقُّكِ قَسْراً أُضِيعا(1)
لَقَدْ صَبَرَتْ وَ بَكَتْ حَسْرَةً *** وَ رَاحَتْ إِلَى اللَّهِ تَشْكُو الصَّنِيعَا(2)
صَنِيعَ الَّذِينَ عَلَى غَصْبِهَا *** قَدِاتَّفَقُوا غَصْبَ حَقًّي جَمِيعَا
وَ مَاتَتْ و إِنَّ عَلِيًّا رَأَى *** بِجَنْبِ لَهَا قَدْ كُسِرْنَ الضُّلُوعَا
وَ انْزَلَها قَبْرَهَا فِي الظّلاَمِ *** وَ عَادَ إِلَى البَيْتِ يَدْرِي الدُّمُوعَا(3)
لَكَ اللَّهُ حَيْدَرُ إِمَا صَبَرْتَ *** وَ لَمْ تَكُ مِنْ أَي خَطْبٍ جَزُوعَا(4)
ص: 501
(بحر الكامل)
الشيخ كاظم الهر(*)(1)
قَدْ بَاتَ مِنْ نَارِ الخُطُوبِ لَسِيعا *** لَمْ تَأْلَفِ العَيْنَانِ مِنْهُ هُجُوعا
ص: 502
و يَبيتُ فِي لَيْلِ السّلام مُسَهْداً *** أرقاً عَلَى شَوْكِ القَتادِ فَجِيعا(1)
مَا لِلَّيالي النَّادِرَاتِ شُغِفْنَ بِي *** حَتَّى شُجِيتُ بِغَدْرِها مَفْجُوعا
وَ رَمَيْتَنِي غَدْراً بِسَهُم جَفائِها *** فَأَصَبْنَ مِنْ قَلبي الفَرِيح صُدُوعا
لَمْ أَسْتَطِعْ صَبْراً عَلَى ما نابَني *** بل بِتُّ مِنْ نُوَبِ الزَّمانِ جَزُوعا(2)
ذَابَتْ بِطارِقَةِ الرَّزايا مُهْجَتِي *** فَأَسَلْتُها مِنْ مُقْلَتَيَّ دُمُوعا
وَ أَسِئْتَ أحْرارَ الأنام صُرُوفُها *** مَا سَاءَ ذَیَّاكَ الوُلُوعُ وَلُوعا
يَجْرِي عَلَى عَكْسِ القَضِيَّةِ حُكْمُها *** رَفْعاً وَ خَفْضاً دانِياً وَ رَفِيعا
فَخَفَضْنَ مِنْ خَيْرِ الكِرامِ رَفِيعا *** وَ رَفَعْنَ مِنْ شَرِّ اللِّئامِ وَضِيعا
وَ تَرى الخِلافَةَ أَصْبَحَتْ فِي أَكْوُعٍ *** وَ تَرى أَمِيرَالمُؤْمِنينَ خَلِيعا
يَا مَنْ بِذَاتِ فقارِهِ مَهمَا سَطاً *** فَرْداً أَبادَ مِنَ الحُماةِ جُمُوعا(3)
أَوَ ما عَلِمْتَ بِفَاطِمِ قَدْ رُوِّعَتْ *** فِي دَارِها وَلَكَمْ أَغَثْتَ مَرُوعا؟(4)
قَدْ كَسَّرَتْ منها العِداةُ ضُلوعا *** أَضْحى الكِتابُ بِكَسْرِها مَصْدُوعا(5)
ص: 503
وَ بِقَرْعِها بِسِياطِ قُنْفُذَلمْ أَجِدْ *** إلا فُؤادَكَ بِالسِّياطِ قَرِيعا
مَاذا يُرِيدُ القَوْمُ بِالْبَيْتِ الّذي *** زَكّى أصولاً قَدْ سَمَتْ وَ فُروعا
أُولَيسَ هَذا البَيْتُ بَيْتَ المُصْطَفَى *** أَلْمُرْتَجِي يَوْمَ الجَزَاءِ شَفِيعا
مَا ذَنْبُ أمّ النَّيْراتِ وَ مَنْ بِهِمْ *** قَدْشَعَّ ضَوْءُ النَّيْراتِ سُطُوعا
إِذْ أَسْقَطُوها مُحْسِناً فَتَساقَطَتْ *** دُرَرُ الدُّموعِ مِنَ الفَخارِ نَجِيعا
أَوَ لَيْسَ مُحْسِنُ دُرّةَ الشَّرَفِ الَّتي *** يَزْهُو بها جِيدُ الزَّمانِ نُصُوعا
يا بَضْعَةَ الهادِي الَّتي في فَخْرِها *** سَادَتْ نِساء العَالَمينَ جَمِيعا(1)
مَا بَالُ إِرْثِكِ مِنْ أَبِيكِ قَدْ غَدا *** دُونَ البَرِيَّةِ كُلّها مَمْنُوعا(2)
ماذا أَقولُ وَ فِي الفُؤادِ سَرائِرٌ *** مَا كُنْتُ في قَوْلي لَهُنَّ مُذيِعا
لِكِنْ أقُولُ إلى الصَّحابَةِ سائِلاً *** وَ أَوَدُّ لو أنَّي سَأَلْتُ سَمِيعا
هَلْ كَانَ فِي شَرْعِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** حُكْمُ التَّوارُثِ بِدْعَةً تَشْرِيعا؟(3)
ص: 504
بُشرى الصَّحَابةِ أَنَّهُمْ قَدْ شافَقُوا *** حُكْمَ الإلهِ وَ نَهْجَهُ المَشْروعا
قَدْ أَنْكَرُوا الوَحْيَ المُبِينَ مُصَدِّقاً *** دَعْوَى المُتولِ فَلَمْ يَكُنْ مَسْمُوعا
شَرَوُا الضَّلالَةَ بالهُدَى وَ لَطالما *** اتَّخَذُوا الهُدَى دِيناً لَهُمْ مَتْبُوعا
يُهنِي الخِلافَةَ أَنَّهَا في مَعْشَرٍ *** قَدْ غَادَرُوا أَنْفَ الهُدَى مَجْدُوعا
نَبَذُوا كِتابَ اللَّهِ خَلْفَ ظُهُورِهِمْ *** وَ اسْتَحْدَثُوا دِيناً هُناكَ بَدِيعا
قَدْ ضَيَّعُوا الثَّقَلَيْنِ قُرْآنَ الهُدَى *** ظُلْماً وَ بِنْتَ المُصْطَفَى تَضْييعا
مَا كانَ أَشْجاها وَ أَقْصَرَ عُمْرَها *** مُذْ جُرِّعَتْ كَأْسَ الأَسَى تَجْرِيعا؟(1)
نُزِعَتْ يَداً مِنْ إرْثِها وَ حُقُوقِها *** وَ تَلَفَّعَتْ ثَوْبَ الأَسَى تَلْفِيعا(2)
وَ لِبَيْتِ أَحْزانِ البَتُولِ قَدِ اكْتَسَى *** البَيْتُ الحَرامُ مِنَ الحِدادِ دُرُوعا(3)
ص: 505
مَهُما تَذَكَّرْتُ الأَراكَةَ نُحْتُ ما *** ناحَ الحَمامُ عَلَى الأَراكِ سُجُوعا
قَطَعُوا أَراكَتَها عِناداً لَيْتَما *** أَضْحَى وَ تِينُ قَطِيمها مَقْطُوعا(1)
وَ احَسْرَةَ الدِّينِ الحَنِيفِ لِنَكْبَةٍ *** قَدْ فَجَّرَتْ صَلْدَ الصَّفا يُنْبُوعا
أنطولُ بَلْواها وَ يَقْصُرُ عُمْرُها *** وَ تَرُوحُ في إثرِ النَّبِيِّ سَرِيعا(2)
يَا لَيْتَ شِعْرِي وَ الأَسَى مِلْءُ الحَشَا *** وَ لَقَدْ طَوَيْتُ عَلَى الشَّجُونِ ضُلُوعا
مَا بَالُ قَبْرِ الظُّهْرِ بِنْتِ المُصْطَفَى *** مَا بَيْنَ هاتِيكَ القُبُورِ أُضِيعا؟(3)
يا بنت خير المُرْسَلِينَ وَ مَنْ لَهُ *** شَادَ الإله سِماکَها المَرْفُوعا
صَلَّى عليكَ اللَّهُ ما هَبَّتْ صَبا *** أو سَجَعَتْ وُرْقُ الحِمَى تَسْجِيعا
ص: 506
(بحر البسيط)
الحاج محمد آل رمضان الأحسائي
رَأَى السَّنا وَ الهَنا في كَوْنِنَا اجْتَمَعَا *** فَقالَ بِاللهِ ماذا بينَكُمْ وَقَعا
قُلْنا وَ في كُلِّ غُصْنٍ طَائِرٌ سَجَعا *** لُطْفٌ أَطَلَّ وَ نورٌ لِلْهُدَى سَطَعا(1)
وَ رَحْمَةٌ خَلْقَهُ البارِي بها وَسِعا
تَبارَكَ اللهُ ما أَسْنى تَفَضَّلَهُ *** أَتَمَّ نِعْمَتَهُ وَ الدِّينَ أَکْمَلَهُ
فَقالَ أَوْضِح لنا ما الأمْرُ قُلْتُ لَهُ *** جاءَ النَّبِيُّ وَ جاءَتْ بِالوَصِي لَهُ
عِنايَةُ اللَّهِ تَأْكِيدٌ لِما شَرَعا
نُورانِ قَدْ كُوِّنا مِنْ نُورِ رَبِّهما *** وَ زَيَّنَ اللَّهُ أقطارَ السَّما بِهِما
حَتَّى تَجَلَّى عَلى الدُّنْيا بِهَدْيِهِما *** فَشَرَّف العالَمَ السُّفْلِيَّ إِذْ بِهما
سَما على العالَمِ العُلْوِيِّ وَ ارْتَفعا
وَ اهْتَزَّتِ الأَرْضُ بالأفْراحِ و ازْدَحَمَتْ *** بِمَوْلِدِ المُصْطَفَى المُخْتَارِ إِذْ رُحِمَتْ
وَ ازّيَّنَتْ مَكَةُ الإسلام وَ ابْتَسَمَتْ *** وَ هَذِهِ الكَعْبَةُ البَيْتُ الحَرامُ سَمَتْ
قَدْراً بِمَوْلِدِ مَنْ فِي جَوْفِها وُضِعا
حَلَّ بِمَكَّةَ مَوْلُوداً صَفا و وَفا *** غَيْئاً مَغِيثاً عَلَى أَكْنَافِها وَكَفا(2)
جاؤوا لِكُلِّ البَرايَا رَحْمَةً وَ شِفاتِيهِي *** على الكَوْنِ يا أُمَّ القُرَى شَرَفا(3)
ص: 507
مُحَمَّدٌ وَ عَلِيٌّ لِلْهُدَى طَلَعا
شَرِيعَةُ اللَّهِ أعْلى اللَّهُ هامَتَها *** لُطْفاً وَ أَكْرَمَ بالتأيِيِدِ قادَتَها
وَ بِالهُدَى رَفَعَ النُّورانِ رَايَتَهَا *** وَ مِنْهُما تَأخُذُ الدُّنْيا هِدايَتَها
إذا النَّبِيُّ بآياتِ الهُدَى صَدَعا
خَيْرُ النَّبِيِّينَ أَعْلَى اللَّهُ مَوْضِعَهُ *** وَ خَصَّهُ بِأَخٍ بَرٍّ وَ أَتْبَعَهُ
صِنْوانٍ في اللَّهِ حازا الخَيْرَ أَجْمَعَهُ *** هذا إلى اللَّهِ يَدْعُو وَ الهُدَى مَعَهُ
وذا يَحُوطُ و يَرْعى ما إليهِ دَعا
شَمسا هُدًى رَفَعَ الرَّحْمَنُ ذِكْرَهُما *** هَيْهاتَ يَعْرِفُ غَيْرُ اللهِ قَدْرَهُما
كانا و قَدْ أخْلَصا للَّهِ أَمْرَهُما *** رُكْنَيْنِ لِلدِّينِ شَدَّ اللَّهُ أَزْرَهُما
حتَّى اسْتَقامَ بناءُ الدِّينَ وَاتّسعا
لايَبْلُغُ الوَصْفُ ما نالَتْ خصالُهُما *** مِنَ الكَمالِ و لايَشَا حالَهُما
وَمَا الهُدَى في الوَرَى الأنوالُهما *** وَ سَوْفَ يَتْلُوهُما لِلْهَدْي آلُهُما
خَيْرُ البَرِيَّةِ مَتْبُوعاً وَ مُتَّبِعا
ألطافُ رَبِّكَ لا تَنْفَكُّ هابِطَةً *** عَلَى الوُجُودِ وَ لِلْخَيْرَاتِ باسِطَةً
لِذاكَ أَوْجَدَ لِلنُّورَيْنِ رَابِطَةً *** فَجاءَتِ البَضْعَةُ الزَّهْراءُ واسِطَةً
لِلعَقْدِ تَحْمِلُ نَسْلَ المُصْطَفَيْن مَعا
خَرَّتْ لِمَقْدَمِها الأَمْلاكُ ساجِدَةً *** للَّهِ شُكْراً وَ لِلأَلْطافِ حَامِدَةً
عَدِيمَةَ المِثْل في التَّكْوِينِ وَاحِدَةً *** صِدِّيقَةٌ بَيْنَ صِدِّيقين والدةً(1)
ص: 508
كَوُلْدِها مَا رَأى راءٍ و لاسَمِعا
أرْضُ الوِلايةِ كَانَتْ رَحْمَةٌ و نَمَا *** لِلْخَلْقِ مَا بَيْنَ أَرْضِ لِلْوَرى وَسَما
وَ نِعْمَةً لأبيها أَصْبَحَتْ نِعَما *** سِبْطَا نَبِيِّ الهُدَى مِنْهَا اللَّذَانِ هُما
شَنْفانِ للعَرْشِ زانا حَيْثُما وُضِعا(1)
أهْلُ الكِسا خَمْسَةٌ سُبْحَانَ جَامِعُهُمْ *** وَ النِّسْعةُ الغُرُ وَ المَهْدِي نَاسِعُهُمْ
ما فَوْقَهُمْ ثَمَّ إلا اللَّهُ صانِعُهُمْ *** حازَ التُّقى و الرِّضا و القُرْب تابِعُهُمْ
تَبارَكَ اللهُ ماذا بَيْتُها جَمَعا
كانَ الوَلِيَّانِ نُوراً واحِداً كَمُلا *** فَصارَ نُورَيْنِ إِذْ مِنْ شَيْبَة انْفَصَلا
وَ في البَتُولَةِ عادَ النُّورُ فَاتَّصَلا *** سِرُّ النُّبُوَّةِ مِنْ طَهَ أُضِيفَ إلى
سِرِّ الإمامةِ في أَبْنائِها سَطَعا
هُمْ لِلْبَصائِرِ نُورٌ يُسْتَضاءُ بِهِ *** وَ لِلْبَرِيَّةِ كَهْفٌ يُسْتَجارُ بِهِ
كَفُلْكِ نُوحٍ لِمَنْ رامَ النَّجاةَ بِهِ *** مجَمِّعاً رَحِمَ اللَّهُ العبادَ بِهِ
وَ لَمَّ لِلْخَلْقِ شَمْلَ الدِّينِ فَاجْتَمعا
أَصْفَاهُمُ اللهُ بِالتَّقْوَى وَ طَهَّرَهُمْ *** وَ خَصَّهُمْ مِنْهُ بالزُّلْفى وَ قَرَّبَهُمْ(2)
وَ بِالوِلايةِ أَعْلَاهُمْ وَ كَرَّمَهُم *** لِيُكْمِلَ الدِّينَ وَ النُّعمى تَتِمُّ بِهِمْ
ص: 509
وَ يَرْتَضِي بِهِمُ الدِّينَ الَّذي شَرَعا
كانتْ مَوَدَّتُهُمْ وَ طاعَتُهُمْ *** عَلَى الوَرى إِذْ رِضا الرَّحْمَنِ غَايتَهُمْ
وَ لِلهُدَى فُرِضَتْ فينا إمامَتُهُمْ *** لِكَيْ تَتِمُّ و تَسْتَعْلِي و لايَتَهُمْ
لِكَوْنِها غَايَةَ البارِي لِمَا صَنَعا
أَلحَمْدُللَّهِ أَعْلَتْنا إمامَتَهُمْ *** وَ قَرَّبَتْنَا مِنَ البارِي قِيادَتُهُمْ
وَ ما اهْتَدَى مُهْتَدٍ لَوْلا هِدايَتُهُمْ *** وَ الدِّينُ جِسْم لَهُ كانَتْ وِلايَتُهُم
رُوحاً لِذلِكَ لَوْلاهُمْ لَمَا نَفَعا
هُم هُمُ أولياءُ اللهِ حَسْبُهُمُ *** رِضْوانُ بارِئِهمْ عنهُمْ و قُرْبُهُمُ
فازُوا وَ فازَ مُحِبُوهُمْ وَ حِزْبُهُمُ *** وَسِيلَةُ الفَوْزِ في الدَّارَيْنِ حُبُّهُمُ
بِهِمْ ُنفُوسُ المَوالِي تَأْمَنُ الفَزَعا
طُوبَى لِمَنْ بِوَلاهُمْ كَفُهُ عَلِقَتْ *** وَ رَحْمَةُ اللَّهِ بِالحُسْنَى لَهُ سَبَقَتْ
وَ الفَوْزُ رايَتُهُ فَوْقَهَ خَفَقَتْ *** وَ جَنَّةُ الخُلْدِ مِنْ أَنْوَارِهِمْ خُلِقَتْ
فَلَيْسَ تُقْبَلُ إِلا مَنْ لَهُمْ تَبِعا
كانُوا كَأَوَّلِهِمْ في الفَضْلِ آخِرُهُمْ *** قَوْمٌ أَبَى اللَّهُ أَنْ تُحْصَى فَضائِلُهُمْ
أوْ تَنْتَهِي في مَوالِيهِمْ مَآثِرُهُمْ *** هُمُ الرِّضا تَرْتَضِي فِينَا شَفاعَتُهُمْ(1)
وما لأعدائِهِمْ يَوْمَ الجَزا شُفَعا
ألمادِحُ الرَّبُّ وَ القُرْآنُ مِدْحَتُهُمْ *** ما قَدْرُ مَدْحِي لَهُمْ لَوْلاً مَحَبَّتُهُمْ
يا مَنْ عَن الحقِّ أَعْمَتْهُ عَداوَتُهُمْ *** أَجْرُ الرِّسالَةِ مَسْرُولٌ مَوَدَّتُهُمْ
لا قَرَّبَ اللَّهُ عَبْداً أَجْرَها مَنَعا(2)
ص: 510
(بحر الخفيف)
السيد محمد صالح البحراني(*)(1)
كِدْتُ بالوَجْدِ أَنْ آذُوبَ الْتِبَاعًا*** ومِنَ الشَّوْقِ أَنْ أطِيرَ ارْتباعا(2)
حَسْرَةً للفراقِ قَلْبي منها *** مُترَعاً عادَ بالأَسى إِثْراعا
فإِلى كَمْ يا قلبُ بالوَجْدِ تَبْقَى *** ثَمِلاً لا تُطِيقُ منه انْتِزاعا؟
هَبْكَ قَدْ طُلْتَ مرَّةً في ضلالِ *** أَوَما آنَ للهُدَى أنْ تَداعي؟
أَوّتَرْجُو لومُتَّ بالهمَّ يَحْيى *** مَا مَضَى أو تصيب مِنْهُ ارتجاعا؟
فاتَ ما فاتَ لَنْ تَرى مِنْهُ عَوْداً *** عِشتَ صَبراً أَوْ مُتَّ فيه افتجاعا
باتَ دَهْراً لَدَيْكَ مُلْقّى ذَلِيلاً *** ثُمَّ لَمّا نَأَى نَدِمْتَ النْخِلاعا
فَاحْتَسِبُهُ لَوْ ظَلَّ عِنْدَكَ خُسْراً *** وَإِذا انْزاحَ يِلْتَ عنهُ التِفاعا
وَاعْتَبِرْ في عَزِيزَةٍ كانَ طه *** أوْدَعَ الخَلْقَ حِفْظَها إيداعا
***
نَبْعَةُ النُّورِ رَشْحَةُ القُدْسِ ذاتُ *** الفَضْلِ أُمُّ العُلَى الَّذِي لَنْ يُذاعا(3)
ص: 511
فَبِسِتْ النّساءِ فَاطِمَةَ الزَّهْرا *** ءِأُمِّ الهُداةِ تَحْظَى اقْتِناعا
فَلَقَدْ نايّها الزَّمانُ بِيَوْمٍ *** فَقَدَتْ كُلَّ مَا لَدَيْها انْتِزاعا
فَقَدَتْ سيِّد الأنامِ أَباهاً *** وَعُلاها وإِزثَها والقناعا
مَنَعُوها حَتَّى البُكَاءَ عَلَى مَنْ *** فَقْدُهُ قَطَّعَ القُلوبَ اقْتِطاعا(1)
فَغَدَتْ بالزَّفِيرِ تُحْرِقُ ما قَدْ *** أعْشَبَ الدَّمْعُ بِالبَقِيعِ البَقاعا
فَأَبْوا أَنْ تَرى مِنَ الشَّمْسِ ظِلاًّ *** فِيهِ فَاجْتَثُّوا الأَراكَ اقْتِلاعا (2)
أفَهذا أَجْرُ الرِّسَالَةِ مِنْهُمْ *** مَحَضُوهُ النَّبِيَّ أَمْراً مُطاعا؟
أَنْ يَسُوموا بَنِيهِ ذُلاًّ وهَضْماً *** ضِدَّ ما قَدْ أَوْصى بِهِمْ مَا اسْتَطَاعا(3)
لم يُقِرُّوا حتّى نَفَوا عن فِناهُمْ *** آلَهُ أَنْ تُصِيبَ مَعْهُ اجتماعا
فامْتَطَوْا بِالسُّرُورِ إِذْ أَنْزَلُوهُمْ *** ما بَنَتْهُ الأخزانُ داراً وقاعا
***
ص: 512
ثمّ يا لَيْتَهُمْ بِذَاكَ اكْتَفَوْا فِي *** ظُلْمِهِمْ كُلَّ مَا اجْتَطَوْهُ ابْتِلاعا
غَصَبُوهُمْ حتّى الخلافة ظُلْماً *** وَ رمَوْهُمْ عَنِ الدِّيارِ انْقِشاعا
بَلْ أَرادوا الوَصِيَّ يَمْنَحُ ما قَدْ *** أَجْمَعُوا فِيهِ بَيْعَةً و اتّباعا
إِذْ أَتَوْا حَيْثُ قَدْ نَفَوْهُمْ بِجَزْلٍ *** وَ عَلَيْهِمُ بالحَرْقِ هَمُوا اصْطِناعا
لَيْتَ عِلْمِي مَنْ ذا أرادُوا بِحَرْقٍ *** مِنْهُمْ أمْ مَنِ اسْتَحقَّ الدِّفاعا؟
ما اسْتَحَقَّتْ ِللحَرْقِ مَنْ بِحماها *** أحْمَدُ كَانَ قَدْ مَلاَ الأَسْماعا
أَمْ بَنُوها كَيْلاً عَلَى الْأَرْضِ تَبْقَى *** مِنْهُ نَسْلُ فِيهِمْ حِماهُ يُراعى
أم علِىٍّ أحقُّ حَرْقاً لِئَلاً *** الخَلْقُ فيهِ لِلرُّشْدِ تَلْقى اطِّلاعا
حِينَ نادَوْهُ يا عَلِيُّ انْتِ بايِعُ *** مَنْ تَرى عَنْهُ لَيْسَ تَقْوَى امْتِناعا
أو فَهْذِي اللَّظى بِبَيْتِكَ تُلْقَى *** فَانْبَرتْ زَوْجُهُ تَكُفَّ النّزاعا
فَتَحَتْ بابها لِتُبْصِرَماقَدْ *** فيه جاؤُوا ظَنَّتْ بِهِمْ أتْباعا
وَ هْيَ تَرْجُو اَنْ لايَهُمَّ امْرُؤٌ مِنْ *** غيرِ إِذْنِ في ذا المقامِ انْدِفاعا
***
وَ إِذا القَوْمُ ذاكَ يَسْبِقُ هذا *** هَجَموا بَيْتَها اقتحاماً سِراعا
با لِئامَ النُّفُوسِ هَلْ جازَ هذا *** الفِعْلُ تَلْقى بهِ الرَّعاعُ الرعاعا؟
كَيْفَ أجْرَيْتُموهُ في بَيْتِ طَهَ *** ألِذَا القَدْرِ قَدْرُهُ لايُراعى؟
أبهذا تُجزى الرِّسالَةُ أَجْراً *** أَنْ تُمِيطُوا عَن البَتُولِ القِناعا؟(1)
ولدَى البابِ و الجدارِ يُرَضُّ *** الصَّدْرُ منها و كُسِّرَتْ أَضْلاعا(2)
حيثُ تُلْقِي مِنْ بَطْنِها الحَمْلَ سِقْطاً *** حينَ لَزُّوا بِجَنْبِها المِصْراعا(3)
وَ أَناطُوا عَلَى رَحَى الحَرْبِ حَبْلاً *** أوْثَقوُه به يَداً و ذرِاعا
ص: 513
لَبَّبُوهُ يُقادُ صَبْراً وَ لَوْلاَ *** الصَّبْرُ نالُوا من بَأْسِهِ الزَّعْزاعا(1)
وَعَدَتْ خَلْفَهُ البَتُولُ تُنادِي *** إِذْ دَعَتْهُ فَلَمْ تَجِدْهُ تَدَاعَى
نَسِيَتْ كُلَّ ما به قَدْ أصِيبَتْ *** إِذْ مُصابُ الوَصِيَّ أدْهى افْتِجاعا
وَ دَعَتْهُمْ خَلُوا ابْنَ عَمّي و إلاّ *** سوفَ أَدْعُو الجليلَ عَزَّ ارْتِفاعا
خَرَجَتْ خَلْفَهُمْ و يُوشِكُ لولاها *** لوافي دَمُ الوَصِيِّ ضَياعا
لاتَسَلْنِي ماذا أجِيبَتْ به إذْ *** ما نَعَتْهُمْ فلم يُنيبُوا امْتِناعا
أوْجَعُوها بالسَّوْطِ ضَرْباً و هَوْناً *** حيثُ مِنْ ضَرْبِهِمْ قَضَتْ أَوْجاعا(2)
فَهيَ تَمْشِي طَوْراً و تُسْقِطَ وَهْناً *** فَلَها اللهُ كُرْبةٌ وَ ارْتِياعا
***
كُمْ عَلى الصَّبْرِ أَهْلُ بيتِ المَعالي *** حَمَلُوا مِنْ أذى الوَرى أَوْساعا؟
أترى المرتضى انْتفَى غِيرَة عَن *** زَوْجِهِ اَمْ عَنْ نَصْرِها شَلَّ باعا؟
أمْ تَرى الطُّهرَ ليسَ تَقْدِرُ فِيهِمْ *** أَنْ تَنالَ الَّذي تُريدُ اصْطِناعا؟
أَوَ لَمْ يُبْصِرُوا العذابَ تُدَلَّى *** حينَ هَمَّتْ تَدْعُو فَذَلُّوا ضِراعا؟
إِنَّما عامَلاَهُمْ بِالَّذي قَدْ *** عامَلَ المصطفى اللِّئامَ وراعى
فَلَكَمْ قابَلَ البَلايا بِصبرٍ *** فَحَذا حَذْوَهُ بَنُوهُ اتِّباعا
و علَى الغَيْظِ و القَذى قَدْ قَضى إِذْ *** بِنْتُهُ منهما قَضَتْ إِجماعا
أُلْقِيَتْ في الفِراش نَضْوَ سَقامٍ *** كُلُّ حِينٍ بالسُّقْمٍ تَصْلى النِّزاعا
أَوْدَعَتْها السَّقامُ بالبيتِ رَهْناً *** ثُمّ عنه للخُلدِ جَدَّتْ وِداعا
وغَدَتْ بعدَها المنازِلُ خِلُواً *** حينَ حَلَّتْ أعْلَى البقيعِ بِقاعا(3)
ص: 514
(بحر الطويل)
الشيخ محمد علي اليعقوبي(*)(1)
رَأَى بَرْقَ حَزْوى فَاسْتَهَلَّتْ دُمُوعُهُ *** وَ هاجَ بِمَنْ يَهواهُ فيها ولوعُهُ(2)
خَلِيلَيَّ ما لي كُلَّما صُنْتُ في الحَشا *** هَوايَ بَدا دَمْعُ الشَّؤُونِ يُذِيعُهُ(3)
أحِنُّ لِعَهْدٍ قَدْ خَلا بَعْدَما حَلا *** وَ هَيْهاتَ يُرْجَى عَوْدُهُ وَ رُجُوعُهُ
لِيَ اللَّه كَمْ نَهْنَهتُ قَلْبِيَ عَنْ هَوًى *** تَحَمَّلَ مِنْهُ فَوْقَ مَا يَسْتَطِيعُهُ(4)
وَ كَفْكَفْتُ مِنْ طَرْفِي الدُّمُوعَ فَلَمْ تَكُنْ *** لِغَيْرِ بَنِي الزَّهْراءِ تُهْمِي دُمُوعُهُ(5)
و خَطْبٌ جَرَى بِالطَّفِّ لم يُنْسَ وَقْعُهُ *** وَ لَمْ تَلْتَئِمْ طُولَ الزَّمانِ صُدُوعُهُ(6)
عَشِيَّةَ أَمْسَى مَنْزِلُ البَغْيِ آهلاً *** وَ مَنْزِلُ وَحْيِ اللهِ أَقْوَتْ رُبُوعُهُ(7)
لَقَدْ كانَ مِنْ يَوْمه السَّقِيفَةِ أَصْلُهُ *** وَ كُلُّ الرّزايا الحادِثاتِ فُروعُهُ
فما عُذْرُهُمْ عِندَ النَّبِيِّ وَ لَمْ يَزَلْ *** يَرَى كُلَّ آن مِنْهُمُ مَا يَرُوعُهُ؟
أفي غَصْبِهِمْ حَقَّ الوصي و ظُلْمِهِمْ *** لِبَضْعَتِهِ الزهراءِ يُجْزَىٰ صَنِيعُهُ؟
ص: 515
لَوَ أنَّ رَسُولَ اللهِ يَنْظُرُ فاطماً *** تَنُوحُ وَ لَمْ تَهْجَعُ لَعَزَّ هُجُوعُهُ(1)
فَلولا جَنِينٌ أَسْقَطُوهُ لَما هَوَى *** صَرِيعاً على صدرِ الحُسَيْنِ رَضِيعُهُ
و مِنْ رَبِّهِمْ ضِلَّعَ البَتُولةِ قَدْ غَدَتْ *** تُرَضُ بِجَرْيِ الصَّافِناتِ ضُلُوعُهُ(2)
ص: 516
(بحر الطويل)
الأستاذ مدين الموسوي
وَقَفْتُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ وَ أَعْيُنِي *** تَكَادُ بِأَنْ تَأْتِي عَلَيْهَا دُمُوعُهَا
وَ أَرْخَيْتُ أَجْفَانِي لِتَسْكُبَ عَبْرَةً *** تَفَجَّرَ مِنْ أَرْضِ العِراقِ نَقِيعُهَا(1)
بَكَيْتُ بِهَا حُزناً لآلِ مُحَمَّدٍ *** وَ قَدْ راعَنِي فِي كُلِّ أَرْضِ مَضِيعُهَا
لِمَاذَا عَفَتْ مِنْهُمْ قُبُورٌ وَ غَيْرُهُمْ *** تَلألأ نُوراً بِالنَّعِيمِ شُمُوعُهَا
لِمَاذَا خَبَتَ مِنْهُمْ شُمُوسٌ و غُيِّبَتْ *** بُدُورٌ مَعَ القُرآنِ كَانَ طُلُوعُهَا(2)
وَقَفْتُ وَ فِي حَلْقِي شَجَى يَسْتَفِزُّنِي *** وَ قَدْ هُدَّ مِنْ تِلْكَ العِمَادِ رَفِيعُهَا
أَسَائِلُهَا الزَّهْرَاءَ كَيْفَ تَهَشَّمَتْ *** عَشِيَّةَ خَلْفِ البَابِ عَمْداً ضُلُوعُها
أُسَائِلُ عَنْ نَارِ بِبَابِكَ لَمْ تَزَلْ *** تُحَرِّقُ أَكْباداً تَضَرَّى صَدِيعُهَا
أُسَائِلُ عَنْ أَرْضِ وَ قَدْ ضَمَّ تُرْبُها *** طَهَارَةَ أَجْدَاثِ عَبِيراً تَضُوعُها
فَمَا رَاعَنِي إِلا صَدِّى جَاوَبَ الصَّدَى *** وَ قَدْ صُمَّ مِنْ تِلْكَ القُلُوبِ سَمِيعُها
هِيَ الآنَ قاعاً صَفْصَفاً غَيرَ أَنَّها *** تُحَشِّدُ أمْلاكَ السَّمَاءِ رُبُوعُهَا(3)
***
سَلاماً أَبَا الزَّهْرَاءِ إِنَّ عِصَابَةً *** تَوَالَتْ عَلَى إيذاكَ سَاءَ صَنِيعُهَا
ص: 517
وَ إِنَّ يَداً أغفَتْ قُبُوراً بِطَيْبَةٍ *** وَ بِاسْمِكَ بَعْدَ اللَّهِ زَالَ خُنُوعُهَا(1)
لَها مِنْ أَكُفِّ سَالِفَاتٍ وَرَاثَةٌ *** غَداةَ أَحَاطَتْ بِالْحُسَينِ جُمُوعُها
وَ إِنَّ أَكُفَّا أَضْرَمَتْ بَابَ حَيْدَرٍ *** بِنَارٍ وَ لِلزَّهْرَاءِ رَاحَتْ تَرُوعُهَا
هِيَ الآنَ تَمْرِي الضَّرْعَ سُمَّا تَدُوفُهُ *** فَتَقْطِرُ مِنْ حِمَّدٍ عَلَيْنَا ضُرُوعُهَا
تُبَادِلُنَا كَأْساً بِكَأْسٍ نَقِيعَةٍ *** فَنُسْكرُها حُبًّا وَ يَطْغَىٰ نَقِيعُهَا
لَقَدْ رَوِيَتْ مِنَّا دِمَاءَ وَ لَمْ يَزَلْ *** يُطَارِدُ أَشلاء الملايين جُوعُهَا
وَ قَدْ قَطَعَتْ مِنَّا رُؤوساً كَرِيمَةً *** وَ قَدْ أَضْرَمَتْ نَاراً تَرَامَى وَسِيعُهَا
فَمِنَّا بِكُوفانٍ أبِيحَتْ حَرائِرٌ *** وَ بَغْدَادُ مَا زَالَتْ نَسِيلُ صُدُوعُهَا
وَ فِي كَرْبَلاً حَيْثُ الزَّمَانُ تَفَصَّمَتْ *** عُرَاهُ وَ قَدْ جَلَّى السَّمَاءَ صَدِيعُهَا(2)
وَ فِي أرْضِ فَخِّ لا تَزَالُ جَمَاجِمٌ *** مُعَلَّقَةٌ مَالَتْ عَلَيْهَا جُذُوعُهَا
وَ قَدْ حَسِبَتْ أَنَّا إِذَا السَّيْفُ حُكِّمَتْ *** قَوَاعِدُهُ فِينَا تَطُولُ قُطُوعُهَا
وَ قَدْ حَسِبَتْ أَنَّا إِذَا غَابَ بَعْضُنَا *** وَ أَخْلَىٰ لَهَا دَرْباً يَسُودُ جَمِيعُهَا
وَ مَا عَلِمَتْ أَنَّا بَقِيَّةُ صَرْخَةٍ *** تَرَدَّدَ فِي صُمِّ الزَّمانِ رَجِيعُهَا
وَ أَنَّا غِرَاسٌ ثَابِتَاتٌ بِأَصلِهَا *** وَ قَدْ نَاطَحَتْ هَامَ السَّمَاءِ فُرُوعُهَا
***
عَزَاءً أَبَا الزَّهْرَاءِ لَسْتُ مُعَزِّياً *** سِوَاكَ بِمَنْ يَوْمَ الحِسَابِ شَفِيعُهَا
بِأمَّةِ ظُلْمٍ أَجْمَعَتْ فِيكَ رَأْيَها *** وَ عَنْكَ تَخَلَّى جِلْفُهَا وَ قَطِيعُهَا
وَ طالَ بِوَجهِ اللهِ عَمْدَاً وُقُوفُهَا *** وَ فِي حَضْرَةِ الشَّيْطَانِ دَامَ رُكُوعُهَا
غَداةَ أَزَاحَتْ عَنْ عُلاهَا عَلِيَّهَا *** وَ رُفْعَ مِنْ جَهْلٍ عَلَيْهَا وَضِيعُهَا
وَ راحَتْ تُكَافِيكَ الصَّنِيعَ فَتَارَةً **** بِنَارٍ وَ أُخْرَىٰ سُمُهَا وَ نَقِيعُهَا
وَ فِي كَرْبَلا لَمْ تُبْقِ مِنْكَ بَقِيَّةً *** لِيَفْنَى عَلَيْهَا شَيْحُهَا وَ رَضِيعُهَا
ص: 518
وَ أُخْرَى وَ قَدْ لأحتْ لآيكَ قُبَّةٌ *** يُلامِسُ أَبْرَاجُ السَّمَاءِ سُطُوعُهَا
عَفَتْهَا لِتَعْفِي نُورَهَا وَ سُمُوَّهَا *** وَ قَدْ خَابَ، إِلا أَنْ تَطُولَ، صَنِيعُهَا
عَزَاءَ أبا الزَّهراءِ في كُلِّ بُقْعَةٍ *** تَسَاوَى عَلَيْهَا طَفُّهَا وَ بَقِيعُها(1)
ص: 519
(بحر الطويل)
الشيخ مفلح الصيمري(*)(1)
إلَى كَمْ مَصابِيحُ الدُّجى لَيْسَ تَطْلَعُ *** وَحَتَّامَ غَيْمُ الجَوْ لايَتَقَشَعُ؟
ص: 520
لَقَدْ طَبَّق الآفاق شَرْقاً و غَرْبَها *** فَلا يَنْجَلِي آناً وَلا يَتَقَطَعُ
و أَمْطَرَ فِي كُلِّ الْبِلادِ صَواعِقاً *** وَ هَبَّتْ لَهُ رِيحٌ مِنَ الشَّرِّ زَعْزَعُ(1)
فَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمُ غَيْرُ مَنْ بَاعَ دِينَهُ *** وَ قَالَ بِمَا يُرْضِي الضُّلُوعَ وَ يُقْنِعُ
وَ لا عَزَّ إِلا مَنْ أتى بِنَمِيمَةٍ *** وَ لاذُلَّ إِلا مُؤمنٌ مُتَوَرّعُ
مَنَازِلُ أَهْل الجَوْرِ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ *** عمّارٌ و أَهْلُ العَدْلِ في تِلْكَ بَلْقَعُ(2)
يَقُولونَ في أَرْضِ العِرَاقِ مُشَعْشِعٌ *** وَ هَلْ بُقْعَةٌ إلا و فيها مُشَعْشِعُ؟(3)
فَلا فَرْقَ إلا عَجْرُهُمْ وَ اقْتِدَارُهُ *** وَ ظُلْمُهُمُ فَمَا يُطِيقُونَ أَشْنَعُ
لَقَدْ ضَاقَتِ الآفاقُ وَ أُرْتِقَ الفَضا *** فَلَيْسَ لأهلِ الدِّينِ فِي الأَرضِ مَوْضِعُ
فَهَلْ عَامِرٌ فِي الْأَرْضِ بَلْ أَوْ مَفَازَةٌ *** وَ لَيْسَ لَها فِي الظُّلْمِ جَمْعٌ مُجَمَّعُ؟
وَ مَا سَنَّ فِيها الظُّلْمَ إِلا عِصابَةٌ *** تَقُولُ عَلى آلِ النَّبِيِّ تَجَمَّعُوا
فَلَمْ يَتْرُكُوا للدِّينِ أَصْلاً يُقِلُّهُ *** وَ لَمْ يَتْرُكُوا فَرْعاً لَهُ يَتَفَرَّعُ
وَ قَادُوا عَلِيًّا في حَمائِلِ سَيْفِهِ *** وَ كُسْرَ أَسْيافُ لِقَوْمٍ وَ أَضْلُعُ
كَسَيْفِ زُبَيْرِ ثُمَّ ضِلْعِ ابْنِ یاسِرٍ *** وَ ضِلْعِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَ الصُّحْفِ قَطَعُوا
إذا فَعَلُوا هذا بأصحابِ أَحْمَدٍ *** و قالُوا لنا إِنَّ الصَّحابَةَ أَجْمَعُوا
عَلَى حَبْتَرٍ ثُمَّ ارْتَضَوْهُ أَمِيرَهُمْ *** فَهَلْ عَاقِلٌ يَرْضَى بِهَذا وَ يَقْنَعُ؟
وَ فَاطِمَةُ الزَّهراءُ حَازُوا تُراثها *** عناداً فَجَاءَتْ حَبْتَراً تَتَشَّفَعُ(4)
ص: 521
فَقَال أَبوكِ الْمُصْطَفى قَالَ مُعْلِناً *** بأنَّ أولِي القُرْبَى مِنَ الإِرْثِ مُنْعُوا
فقالَتْ فَهاتُوا نِحْلَتِي وَ عَطيَّتي *** فَقالُوا لها هَلْ شَاهِدٌ لَكِ يُسْمَعُ؟
فَقَالَتْ شُهودِي أَذهَبَ الرِّجْسَ عَنْهُمُ *** لَهُمْ آيَةُ التَّطْهِيرِ مَا فِيهِ مَدْفَعُ
هُمُ حيدر و ابناهُ مَعْ أَمِّ أَيْمَنٍ *** فَهَلْ لَكَ فِي رَبِّ الشَّهادةِ مَطْمَعُ
فَقَالَ لَها ظُلماً وَ كُفْراً وَ قَسْوَةً *** فَلَسْنَا بِقَوْلِ البَعْلِ و الإِبْنِ نَقْنَعُ
فَلَمَّا رَأَتْ تَصْمِيمَهُ فِي ضَلالِهِ *** وَ لَيْسَ عَنِ العِصيانِ وَ الظُّلم يُقْلِعُ
فَقامَتْ وَ أَنَّتْ عِنْدَ ذلِكَ أَنَّةً *** يَكادُ لَها صُمُّ الصَّفا يتصدَّعُ
و تابَعَتِ الزَّفْراتِ وَ النَّوْحَ وَ البُكا *** إلى أَنْ قَضَتْ لم يَرْقَ لِلطُّهرِ مَدْمَعُ
فَيا عَجبا مِنْ رَدَّةٍ لِشُهُودِها *** وَ قَوْلِ أناسٍ لَيْس في الكُفْرِ تَطْمَعُ
أَلَمْ يَفْقَهُوا أقوالَهُ و فِعَالَهُ *** أَلَمْ يَنْظُروا يا وَيْلَهُمْ ثُمَّ يَسْمَعُوا؟
فَهَلْ ردَّ إِلا مَنْ نَفَى الرّجسَ عَنْهُمُ *** وَرَدَّ الَّذِي قَدْ جَاءَ بِالوَحْيِ يَصْدَعُ؟
يُزَكِّي إلَ العالَمِينَ وَ احْمَدٌ *** أناساً وَ يَأْتِي المُعانِدُ تَيْمٍ وَ يَمْنَعُ
فَتَبَّالَها مِنْ أُمَّةٍ ضَلَّ سَعْيُها *** تُوَالِي كَفُوراً بالإلهِ وَ تَتْبَعُ(1)
ص: 522
ص: 523
ص: 524
إذْ أَتتْ تَطْلُبُ إِرْثاً خَصَّها *** وَإِلَيْهَا الْحَقُّ جَذْلاناً صَغا(1)
أَفْرَغَتْ في قَوْلِها قُرْآنَها*** عَلَّها تَبْلُغُ فيهِ المُبْتَغَى(2)
حُجَّةً بالِغةً مُحكَمَةً *** فَصَّرَتْ عَنْ مِثْلِها أُمُّ اللُّغى
فَبَغى(تَيْمٌ) عَلَى (فَاطِمَةٍ) *** وَ عَلَى(الكرّارِ) مِنْ قَبْلُ بغى
فَأَتاها بِحَدِيثٍ مُفتَرّى *** وَ لَغا فِي الْقَوْلِ جَهْلاً وَرَعَى(3)
أَتُرى(أَحْمَدُ) (تيماً) خَصَّهُ *** بِحَدِيثٍ دُونَها إِذْ أَبْلَغا؟
خَسِئَتْ مِنْهُمْ حُلومٌ أَنْكَرَتْ *** آيَةَ التَّبْلِيغِ لَمَّا بَلَّغا
وَ أَتَوْا وِزْراً بِقَوْلٍ مُنْكَرٍ *** كَخِضَمِّ اليَمِّ بِالإفكِ طَغى(4)
حَرَموها (فدكاً) تِلْكَ الَّتي *** نَالَها (مَرْوانُ) مَا هذا البِغا؟
ص: 526
1 - فهرس الشعراء
2 - فهرس التراجم
3 - فهرس القصائد والبحور
4 - فهرس الموضوعات
ص: 527
ص: 528
الاسم *** المقطوعة
الشيخ إبراهيم آل مبارك البحراني التوبلاني *** ر(1)، ض (1).
الأستاذ إبراهيم محمد جواد *** س(1).
الشيخ أبو حازم الباوي *** ر(2).
الشيخ أبوالفضل الطهراني *** ع(1).
الأستاذ أحمد رشيد مندو *** ر(3).
السيد إسماعيل الحميري *** ر(4)، ع(2).
السيد باقر الهندي *** ر(5)، ر(6).
الأستاذ بدر شبيب الشبيب *** ر(7).
الشيخ بهاء الدين محمد العاملي *** ر(8).
الأستاذة تغريد خطاب *** ر(9).
الشيخ جعفر العوامي (أبو المكارم) *** ر(10)، س(2).
الشيخ جعفر النقدي *** ر(11).
الشيخ حبيب شعبان *** ر(12).
الملا حسن آل جامع *** ر(13).
الأستاذ حسن أحمد العامر *** ر(14).
الشيخ حسن البحراني القيسي *** ع(3).
السيد حسن الشيرازي *** ر(15).
الشيخ حسين البيضاني *** ع(4).
السيد حسین حسن هاشم *** ر(16).
الشيخ حسين الشبيب *** ر(17)، ر(18).
السيد حسين الصدر *** ع(5).
الشيخ حسين الطرفي *** ض(2).
ص: 529
الشيخ حسين النصراوي *** ر(19).
الأستاذ حميد أحمد المسري *** ر(20)، ش(1)، ط(1).
السيد خضر القزويني *** ر(21).
السيد رضا الهندي *** ع(6).
الحاج زين العابدين الكويتي *** ر(22).
الحاج سعود الشملاوي *** ر(23).
الأستاذ سعيد العسيلي العاملي *** ر(24).
الشيخ سلمان بن أحمد البحراني *** ع(7).
الأستاذ سلمان الربيعي (أبوأمل) *** ع(8).
الأستاذ سلمان هادي آل طعمة *** ش(2)، ص(1).
السيد شاكر المحنة *** ر(25).
الشريف المرتضى *** ر(26).
السيد صالح الحلي *** ر(27)، ر(28)، س(3)، ع(9)، ع(10).
الشيخ صالح الطرفي *** ز(1).
الشيخ صالح الفيلي *** ر(29).
السيد صدر الدين الصدر *** ر(30)، (31)
الأستاذ صلاح الدين صاوي *** ع(11).
الأستاذ عادل الكاظمي *** ع(12)، غ(1).
الأستاذ عباس أبوالطوس *** ر(32).
الشيخ عبد الأمير النصراوي *** ر(33).
الشيخ عبد الحسين آل صادق العاملي *** ر(34)
الشيخ عبد الحسين الحويزي *** ر(35).
الشيخ عبدالحسين شكر *** ر(36).
الأستاذ عبد الرحمن العلوي *** ر(37).
السيد عبد الرؤوف الأمين *** ر(38).
الشيخ عبد الستار الكاظمي *** ر(39)، ر(40)، ع(13).
السيد عبد الصاحب الموسوي *** ر(41).
الأستاذ عبد العزيز العندليب *** ر(42)، ر(43)، (44).
ص: 530
الشیخ عبدالمجید أبوالمکارم *** ر(45).
الشیخ عبدالمنعم الفرطوسي *** ع(14).
الشیخ عبدالواحد مظفر *** س(4).
الأستاذ عبود أحمد النجفی *** ر(46)، ع(15).
الدکتور عصام عباس *** ر(47).
الشیخ ملا علي آل رمضان *** ر(48)، ر(49)، ر(50)، ط(2).
الشيخ علي بن حسن الجشي *** ر(51) ، ر(52) ، ر(53).
الأستاذ علي بن حماد العدوي العبدي البصري *** ر(54 )، ر(55).
السيد علي الترك *** ر(56).
السيد علي راضي الحكيم *** ر(57).
الأستاذ علي محمد الحائري *** ز(2)، س(5)، ش(3)، ص(2)، ض(3)، ع(16).
الشيخ علي منصور المرهون *** ر(58).
الأستاذ علي نوح المهنا *** ر(59).
السيد عمران المير *** ع(17).
الشيخ فاضل الصفار *** ش(14).
الشيخ فرج العمران القطيفي *** ر(60).
الشيخ قيس العطار *** ع(18).
الشيخ كاظم آل نوح *** ع(19).
الشيخ كاظم بن المطر الأحسائي *** ر(61).
الشيخ كاظم الهر *** ع(20).
لأحد الشعراء *** ر(91).
السيد ماجد الجدحفصي البحراني *** ر(62).
الأستاذ ماجد الصيمري *** ر(63).
الشيخ محسن آل جواهري *** ر(64).
الشيخ محسن أبوالحب (الصغير) *** ر(65).
الشيخ محسن أبوالحب (الكبير) *** ر(66).
السيد محسن الأمين العاملي *** ر(67).
ص: 531
الشيخ محسن الفاضلي *** ر(68).
الحاج محمد آل رمضان الاحسائي *** ر(69)، ر(70)، ر(71)، ع(21).
الشيخ محمد بن علي آل نتيف *** ر(72)، ر(73).
السيد محمد جمال الهاشمي *** ر(74)، ر(75).
الشيخ محمد جواد الجنابي النجفي *** ر(76).
الشيخ محمد حسين الأنصاری *** ر(77)، ر(78).
السيد محمد رضا القزويني *** ز(3)، ض(4)، ط(3)، ظ(1).
السيد محمد صالح البحراني *** ر(79)، ع(22).
الشيخ محمد علي الأردوبادي *** س(6).
الأستاذ محمد علي العلي *** ر(80).
الشيخ محمد علي اليعقوبي *** ر(81)، ع(23).
الحاج محمد الكوفي القطيفي *** ر(82).
السيد محمد مهدي القزويني الحائري *** ض(5).
السيد محيي الدين الغريفي *** ر(83).
الأستاذ مدين الموسوي *** ع(24).
السيد مرتضى النجفي البهبهاني *** ر(84).
الأستاذ مصطفى جواد *** ر(85).
الشيخ مفلح الصيمري *** ع(25).
السيد مهدي الأعرجي *** ر(86).
السيد ميرزا مهدي الحسيني الشيرازي *** ر(87).
السيد هاشم حسين الموسوي *** ر(88).
الحاج هاشم الكعبي الحائري *** ر(89).
الأستاذ هيثم مسعود الكربلائي *** ر(90).
ص: 532
533
الاسم *** الصفحة
الأستاذ إبراهيم محمد جواد *** 345
الشيخ أبو الفضل الطهراني *** 437
الأستاذ أحمد رشيد مندو *** 19
السيد إسماعيل الحميري *** 22
السيد باقر الهندي *** 26
الشيخ بهاء الدين العاملي *** 41
الشيخ جعفر العوامي (أبو المكارم) *** 48
الشيخ جعفر النقدي *** 50
الشيخ حبيب شعبان *** 55
السيد حسن الشيرازي *** 64
الشيخ حسين البيضاني *** 444
السيد حسين الصدر *** 448
الأستاذ حميد أحمد المسري *** 80
السيد خضر القزويني *** 88
السيد رضا الهندي *** 455
الحاج زين العابدين الكويتي *** 91
الشريف المرتضى *** 106
السيد صالح الحلي *** 111
الشيخ صالح الفيلي *** 119
السيد صدر الدين الصدر *** 125
الأستاذ عادل الكاظمي *** 475
الأستاذ عباس أبوالطوس *** 134
ص: 533
الشيخ عبد الأمير النصراوي *** 139
الشيخ عبد الحسين الحويزي *** 144
السيد عبد الرؤوف الأمين *** 155
الأستاذ عبد العزيز العندليب *** 168
الأستاذ عبود أحمد النجفي *** 485
الدكتور عصام عباس *** 186
الأستاذ علي بن حماد العدوي العبدي *** 205
السيد علي الترك *** 217
الشيخ فاضل الصفار *** 378
الشيخ كاظم الهر *** 502
الشيخ محسن آل الجواهري *** 240
الشيخ محسن أبوالحب (الصغير) *** 244
السيد محسن الأمين العاملي *** 251
الشيخ محسن الفاضلي *** 255
الشيخ محمد حسین الأنصاري *** 283
الشيخ محمد علي الأردوبادي *** 363
السيد محمد مهدي القزويني الحائري *** 413
السيد محيي الدين الغريفي *** 302
الأستاذ مصطفى جواد *** 309
الشيخ مفلح الصيمري *** 520
السيد مهدي الأعرجي *** 311
السيد مهدي الشيرازي *** 314
ص: 534
- الراء -
إذا سرى البرق من نجد بتذكار *** فقد تذکرت ما للدار من جار *** 11
(المقطوعة 1/ بحر البسيط)
كتبت الشعر فالتمس الشعورا *** فبعض الشعر يختصر العصورا *** 16
(المقطوعة 2 /بحر الوافر)
خديجة أم المؤمنين تهنئي *** بما نلت من فضل بدنياك و الأخرى *** 19
(المقطوعة 3 /بحر الطويل)
من كان أول من تصدّق راكعاً *** يوماً بخاتمه و كان مشيرا *** 22
(المقطوعة 4/ بحر الكامل)
كل غدر و قول إفك و زور *** هو فرع عن جحد نص الغدير *** 27
(المقطوعة 5/ بحر الخفيف)
أيها السائلي عن المقدور *** كيف أقصوا آل البشير النذير *** 31
(المقطوعة 6/بحر الخفيف)
أيا سائلاً عني إذا شئت أن تقرا *** فقلب كتاب المجد لاتتركن سطرا *** 40
(المقطوعة 7 /بحر الطويل)
أهوى علياً أميرالمؤمنين و لا *** أرضى بسب أبي بكر و لاعمرا *** 41
(المقطوعة 8/ بحر البسيط)
قدسية ذكرى النبي و آله *** لألاء عابقة بسر وقار *** 45
(المقطوعة 9/بحر الكامل)
ص: 535
إن البتولة بضعة المختار *** مختارة في عالم الأنوار *** 48
(المقطوعة 10/بحر الكامل)
هجروا و ما من شأنهم أن يهجروا *** يوماً ولكن القضاء مقدر *** 51
(المقطوعة 11/ بحر الكامل)
هي الغيد تسقي من لواحظها خمرا *** لذلك لاتنفك عشاقها سکری *** 55
(المقطوعة 12/بحر الطويل)
يا مصراً على الذنوب الكبار *** عاصياً أمر ربه الجبار *** 59
(المقطوعة 13/ بحر الخفيف)
رفقا بنفسك أيها المغرور *** لایقعدون بعزمك المقدور *** 62
(المقطوعة 14 / بحر الكامل)
نشوة العيد من نشيد الهزار *** أيقظت في الربى شذا الأزهار *** 65
(المقطوعة 15/بحر الخفيف)
زهراء بنت النبي المصطفى *** یا فرع دوحة أحمد المختار *** 71
(المقطوعة 16/بحر الكامل)
خليلي دعني لا تلمني فقد أجرى *** عظيم الأسى من مقلتي مزنة حمرا *** 73
(المقطوعة 17/بحر الطويل)
أدهى ما كان من بلايا الدهور *** موت طه الهادي البشير النذير *** 76
(المقطوعة 18/ بحر الخفيف)
ذرفت دمعي و قلبي بات منكسراً *** و قرح عيني جرحاً في الحشا حفرا *** 79
(المقطوعة 19/ بحر البسيط)
لقد حظي الكون قدماً بالأسارير *** مذ قد بدت بضعة الهادي بتكبير *** 80
(المقطوعة 20/بحر البسيط)
إلام التواني صاحب الطلعة الغرا *** أما آن من أعداك أن تطلب الوترا *** 88
(المقطوعة 21/بحر الطويل)
ص: 536
أرى البرايا تسح الدمع مدرارا *** و تشتكي الهم أصالاً و أبكارا *** 91
(المقطوعة 22 / بحر البسيط)
خديجة أم المؤمنين سمت فخرا *** بتزويجها للمصطفى منحت قدرا *** 97
(المقطوعة 23/بحر الطويل)
بحران موج تقاهما زخار *** و المكرمات بها الحياة تنار *** 99
(المقطوعة 24/بحر الكامل)
يحلّق بي عزاً و يملؤني فخرا *** إذا ذكرت في الناس فاطمة الزهرا *** 104
(المقطوعة 25/بحر الطويل)
عليك صلاة الله يا خيرة الورى *** طريدك لاينجو طعينك لايبرى *** 108
(المقطوعة 26/بحر الطويل)
يا مدرك الثار البدار البدار *** شنّ على حرب عداك المغار *** 112
(المقطوعة 27/بحر السريع)
إذا جفت دموع العين فابك أدمعا حمرا *** و أسعد حيدر الكرار بالنوح على (الزهرا) *** 116
(المقطوعة 28/بحر الهزج)
أبصر أخي إن السماء تنور *** و الأرض تزهو بالضياء و تفخر *** 119
(المقطوعة 29/بحر الكامل)
يا خليلي احبسا الجرد المهارا *** و ابكيا داراً عليها الدهر جارا *** 126
(المقطوعة 30/بحر الرمل)
قد ذكرت الدار و الدمع تجارى *** و أحبّاء لنا شطوا مزارا *** 129
(المقطوعة 31/ بحر الرمل)
عنت و أقداح المدام تدار *** فترنحت لغنائها السمار *** 134
(المقطوعة 32/بحر الكامل)
یا من زهت من نورك الأنوار *** و تنسّمت عطراً بك الأسحار *** 139
(المقطوعة 33/ بحر الكامل)
ص: 537
أنائحة مثلي على العرصة القفرا *** تعالي أقاسمك المناحة و الذكرى *** 141
(المقطوعة 34/بحر الطويل)
تخادعك الدنيا و تبدي اغترارها *** و نفسك لم تأخذ بحزم حذارها *** 145
(المقطوعة 35/بحر الطويل)
ما بال أجفاني جفت سنة الكرى *** ترعى الثريا بعد ما روت الثرى *** 149
(المقطوعة 36/بحر الكامل)
زهراء يا ثغر الوجود و نغمة الآي *** الكريم و نفحة الأسحار *** 152
(المقطوعة 37/ بحر الكامل)
أطلّت على الدنيا بطلعتها الغرّا *** وليدة بيت الوحي فاطمة الزهرا *** 155
(المقطوعة 38/ بحر الطويل)
أيتحفني ثغر انتظارك في البشرى *** و قد باعد الليل الطويل لي الفجرا *** 158
(المقطوعة 39/ بحر الطويل)
سأدعو الله لو جئت إلى الحشر *** و أشكو لوعة المسمار في صدري *** 161
(المقطوعة 40/بحر الوافر)
یا آیة الرحمن *** یا سلوة الکرار *** 163
(المقطوعة 41/ بحر الرمل)
علیکم سلام الله في هذه الذكرى *** و رحمته في مولد الخير و البشرى *** 168
(المقطوعة 42/ بحر الطويل)
نعم فالفرحة الكبرى *** بذكرى مولد الزهرا *** 172
(المقطوعة 43/مجزوء الوافر)
في يوم ميلاد ابنه المصطفى الأظهر *** عم الوجود البشر و الأفق قد أزهر *** 177
(المقطوعة 44 / بحر...)
أنا في به-جة و كل سرور *** مذ تلاقت شمس الضحى بالنور *** 178
(المقطوعة 45/بحر الخفيف)
ص: 538
حوراء يعجز عن أوصافها البشر *** عطر الجنان على الآفاق ينتشر *** 184
(المقطوعة 46/ بحر البسيط)
من فقه فاطمة قطفت زهوراً *** أضفت لشعري نفحة و عطورا *** 186
(المقطوعة 47/ بحر الكامل)
داجي الضلال سجى بالجور و اعتكرا *** و للورى أصبحت أربابه أمرا *** 188
(المقطوعة 48/ بحر البسيط)
دنياك حشو مزادها أكدار *** و بها كؤوس الحادثات تدار *** 190
(المقطوعة 49/ بحر الكامل)
من معدن القدس قد فازت بتطهير *** نوراء يجلو سناها کل دیجور *** 193
(المقطوعة 50/ بحر البسيط)
بمولد بنت المصطفى لكم البشرى *** فذي نعم الباري عليكم بها تتری *** 195
(المقطوعة 51/ بحر الطويل)
ما لقلبي من بعد فقد النذير *** من سلو على مرور الدهور *** 197
(المقطوعة 52/بحر الخفيف)
ما لنا بعد جحد يوم الغدير *** و اغتصاب الوصي يوم سرور *** 201
(المقطوعة 53/ بحر الخفيف)
لعمرك يا فتی یوم «الغدیر» *** لأنت المرء أولى بالأمور *** 205
(المقطوعة 54/ بحر الوافر)
حيّ قبراً بكربلا مستنبرا *** ضم كنز التقى و علماً خطيرا *** 209
(المقطوعة 55/ بحر الخفيف)
نهضاً فقد نسيت لؤي شعارها *** فأزل بسيفك عن لؤي عارها *** 217
(المقطوعة 56/ بحر الكامل)
قلعت أراكة مجدكم و ثماره *** عز الملائك في السما عمارها *** 221
(المقطوعة 57/ بحر الكامل)
ص: 539
خليلي مالي و الزمان كأنه *** يطالبني في كل آن بأوتار *** 223
(المقطوعة 58/بحر الطويل)
الشمس و الكوكب الوضاح و القمر *** و الصبح و الطلعة الغراء تزدهر *** 226
(المقطوعة 59/ بحر البسيط)
من مهبط الوحي أو من مطلع النور *** نور أضاءكمثل النور في الطور *** 230
(المقطوعة 60/ بحر البسيط)
عذلت و لو أنصفت أوسعتني عذرا *** و ذو الوجد بالآلام من غيره أدرى *** 232
(المقطوعة 61/ بحر الطويل)
بكي و ليس على صبر بمعذور *** من قد أطلّ عليه شهر عاشور *** 235
(المقطوعة 62/ بحر البسيط)
تناثر صمت الكون منبعثاً عطراً *** عشية بالزهرا امتلا قلبه بشری *** 237
(المقطوعة 63/ بحر الطويل)
قفا روّحا بالبيض عن كبدي الحرّا *** و كنا بسمر الخط أدمعي الحمرا *** 240
(المقطوعة 64/ بحر الطويل)
لقد سطعت أنوار فاطمة الزهرا *** فأضحت بها الآفاق باسمه ثغرا *** 244
(المقطوعة 65/ بحر الطويل)
غدر القوم في الغدير فسموه *** غديراً لغدرهم بالأمير *** 247
(المقطوعة 66/ بحر الخفيف)
لي مقلة بدموعها عبرى *** وحشاشة من وجدهاحری *** 251
(المقطوعة 67/ بحر الكامل)
توسلت بالحوراء فاطمة الزهرا *** لتلهمني حتى أقول بها شعرا *** 255
(المقطوعة 68/ بحر الطويل)
رأى الكون بين سرور البشر *** وضحك الضيا و ابتسام الزهر *** 257
(المقطوعة 69/ بحر المتقارب)
ص: 540
الكون بين البشر و البشرى *** يختال في فيض من السرا *** 259
(المقطوعة 70/ بحر السريع)
شرف الله جمادى الآخرة *** فغدت و هي جمادى الفاخرة *** 263
(المقطوعة 71/ بحر الرمل)
أما كل مخلوق له رسل تتری *** تناديه يا مغرور حيّ على المسرى *** 266
(المقطوعة 72/ بحر الطويل)
سهام المنايا لاتزال بنا تسري *** و مهما مضى يوم فذاك من العمر *** 270
(المقطوعة 73/ بحر الطويل)
شعت فلا الشمس تحكيها و لاالقمر *** (زهراء) من نورها الأكوان تزدهر *** 274
(المقطوعة 74/ بحر البسيط)
حوراء يعجز عن أوصافها البشر *** عطر الجنان على الآفاق ينتشر *** 277
(المقطوعة 75/ بحر البسيط)
أفصيج لسانك ما أبهر *** أم نشر بيانك ما أثمر *** 279
(المقطوعة 76/ بحر المتدارك)
يا أول نور قد صوّر *** و به کل نبي بشر *** 283
(المقطوعة 77/بحر المتدارك)
غلت الساعات و اشتدت أوارا *** بانقلاب جعل الناس سكارى *** 287
(المقطوعة 78/ بحر الرمل)
أجل الورى شأناً و أعلى النسا قدرا *** جمانة بيت الوحي فاطمة الزهرا *** 289
(المقطوعة 79/ بحر الطويل)
أنا على العهد لم يكن لنا وتر *** و إن نأى العيد أو شطت بنا العصر *** 292
(المقطوعة 80/ بحر البسيط)
إلام لواؤک لا ینشر *** و حتى م سيفك لا يشهر *** 294
(المقطوعة 81/ بحر المتقارب)
ص: 541
زمن الإقبال أنى يقرى *** في نيل مناك لك البشرى *** 297
(المقطوعة 82/ بحر المتدارك9
روت لنا الطهر بنت المصطفى خبرا *** بنقل خير ثقات كان معتبرا *** 302
(المقطوعة 83/ بحر البسيط)
بنت النبي تعالى شأنها و علت *** فضلاً وقدراً عن التوصيف و النظر *** 305
(المقطوعة 84/بحر البسيط)
نور سرى في أرض مكة زائراً *** نعم المضيف و نعم نوراً زائراً *** 309
(المقطوعة 85/ بحر الكامل)
أشجاك طعن العامرية إذ سرى *** فجرى عليك من التفجع ما جرى *** 311
(المقطوعة 86/ بحر الكامل)
ظهرت زهرة زهراء البتول *** فاستنار الكون من أنوارها *** 314
(المقطوعة 87/ بحر الرمل)
الليل بدا صبحاً أنور *** و الصبح حوى معنّى أكبر *** 320
(المقطوعة 88/ بحر المتدارك)
یا صب کم تتحسر *** ولکم تنوح و تزفر *** 323
(المقطوعة 89/ مجزوء الكامل)
أين المستنظر للوعد *** أين الغائب أين المهدي *** 327
(المقطوعة 90/ مجزوء الرمل)
أجل وحقك ما قالوا و ما ذكروا *** يبقى مدى الدهر يحكي أنهم قصروا *** 332
(المقطوعة 91/ بحر البسيط)
-الزاي-
بحبي للبتول أرى اعتزازي *** و للجنات يوم غد جوازي *** 337
(المقطوعة 1/ بحر الوافر)
رقادي بعد فاطمة عزيز *** و قلبي من مصائبها حزيز *** 338
(المقطوعة 2/ بحر الوافر)
الجزء الثالث
ص: 542
أفقت من بعد نوم *** قد طال عهداً و مغزى *** 340
(المقطوعة 3/ بحر المجتث)
-السين-
كم ذا أريت بعتمة الأغلاس *** حلماً جميلاً هزلي إحساسي *** 345
(المقطوعة 1/ بحر الكامل)
كبرت عوالم جوهر القدس *** و علت معالمها على الكرسي *** 351
(المقطوعة 2/ بحر الكامل)
خليلي عوجا بي على الحي و احبسا *** فلوصيكما في رامة لاتغلسا *** 353
(المقطوعة 3/ بحر الطويل)
سلام على باب الحوائج عباس *** شبل الوصي علي فارس الناس *** 357
(المقطوعة 4/ بحر البسيط)
أعلل في خطوب الدهر نفسي *** بما قد لاقت الزهراء أمس *** 359
(المقطوعة 5/ بحر الوافر)
ليهني الهدى فيضه الأقدس *** غداة زهي الثقل الأنفس *** 363
(المقطوعة 6/ بحر المتقارب)
-الشين-
ميلادك النور في الآفاق يفترش *** و فضلك في صدى الأزمان منتعش *** 371
(المقطوعة 1/ بحر البسيط)
أضحى فؤادي عن هواه مفتشا *** و أفضه شوق لمهضمة الحشا *** 374
(المقطوعة 2/ بحر الكامل)
سيقت ثراك أدمعي الغواشي *** و فصلت الحداد على رياشي *** 375
(المقطوعة 3/ بحر الوافر)
القلب ما ذاق السرور و لاانتشى *** و الحزن ظلّ في حياتي عرشا *** 378
(المقطوعة 4/ بحر الكامل)
ص: 543
-الصاد-
أنا في هوى الزهراء دوماً أخلص *** و على مناقبها الكريمة أحرص *** 387
(المقطوعة 1/ بحر الكامل)
دام و ريشك ناصل و حصيص *** و جناح حظك في الحظوظ قصيص *** 390
(المقطوعة 2/ بحر الكامل)
-الضاد-
إذا كان مدح المرتضى لك مرتضى *** فقد وافقت كل القلوب على الرضى *** 397
(المقطوعة 1/ بحر الطويل)
إن من حبها من الله فرض *** ليس يزري بها من القوم رفض *** 401
(المقطوعة 2/ بحر الخفيف)
أرى بعضي يغارك في بعضي *** و صحوي نهب أضناء و غمض *** 407
(المقطوعة 3/ بحر الوافر)
أي قلب ما كان يحمل للزهراء *** حباً فذاك قلب مريض *** 411
(المقطوعة 4/ بحر الخفيف)
هي الصفا فاسح فيها الطول و العرضا *** و أدّ واجبها المسنون و الفرضا *** 413
(المقطوعة 5/ بحر البسيط)
-الطاء-
بضعة الهادي إليك سأخط *** ما جرى عليك من أهل الشطط *** 423
(المقطوعة 1/ بحر الرمل)
غاض الوفا و تقلّصت أيدي العطا *** و تخوّفت سرب البزاة من القطا *** 426
(المقطوعة 2/ بحر الكامل)
ليس في قولتي يظن اعتباط *** لاوحسب المذاهب الإفراط *** 428
(المقطوعة 3/ بحر الخفيف)
ص: 544
-الظاء-
أوصى النبي بفاطم أصحابه *** إن كان عهد من محمد يحفظ *** 433
(المقطوعة 1/ بحر الكامل)
-العين-
حرة سادت نساء العالمين *** أمها الغراء أم المؤمنين *** 437
(المقطوعة 1/ بحر الرمل)
إن جبريل أتى ليلاً إلى *** طاهر من بعد ما كان هجع *** 440
(المقطوعة 2/ بحر الرمل)
مالي أرى حسرتي لاتنقضي جزعا *** و مدمعي مثل غيث جاء منهمعا *** 442
(المقطوعة 3/ بحر البسيط)
يا من أصر على القطيعة *** مالي لوصلك من ذريعة *** 444
(المقطوعة 4/ مجزوء الكامل)
بدمائي أبكيك لابدموعي *** و لهيب الأحزان بين ضلوعي *** 448
(المقطوعة 5/ بحر الخفيف)
بنفسي التي لاهم أعزّوا جوارها *** و لاتركوها تستجير بدمعها *** 455
(المقطوعة 6/ بحر الطويل)
قف على قبر فاطم بالبقيع *** بعد مزق الحشى و سكب الدموع *** 457
(المقطوعة 7/ بحر الخفيف)
إن كنت في نظم القصائد أبدع *** فلأن حبّك للقصائد مطلع *** 461
(المقطوعة 8/ بحر الكامل)
يحق لمقلتي تهمي الدّموعا *** على من رضضوا منها الضلوعا *** 465
(المقطوعة 9/ بحر الوافر)
لمصائب الزهرا هجرت المضجعا *** و أذلت قلبي من جفوني أدمعا *** 468
(المقطوعة 10/ بحر الكامل)
ص: 545
ليال حظهن على يراعي *** دموع الفكر في محراب راع *** 472
(المقطوعة 11/ بحر الوافر)
أي قلب بعدكم لايجزع *** ولكم في كل أرض مصرع *** 475
(المقطوعة 12/ بحر الرمل)
أيا مكسورة الضلع *** سیبقی جارياً دمعي *** 478
(المقطوعة 13/ بحر الهزج)
شجون تستهل لها الدموع *** و تحرق من لواعجها الضلوع *** 481
(المقطوعة 14/ بحر الوافر)
ألا يا قاصد الزهراء شوقاً *** تعطرك المدينة و البقيع *** 485
(المقطوعة 15/ بحر الوافر)
أفضّك في ليل الضنى حر مضجع *** و شفك دمع ليس يرقى بمدمعي *** 487
(المقطوعة 16/ بحر الطويل)
ذكراك يا بنت الرسالة منبع *** من فيضه وعطائه نستمتع *** 490
(المقطوعة 17/ بحر الكامل)
مصائبكم شتّى و شتّى قبوركم *** ورزؤكم منه الفؤاد تصدعا *** 493
(المقطوعة 18/ بحر الطويل)
يقل لعيني تذري الدموعا *** لفاجعة و هي تحني الضلوعنا *** 497
(المقطوعة 19/ بحر المتقارب)
قد بات من نار الخطوب لسيعا *** لم تألف العينان منه هجوعا *** 502
(المقطوعة 20/ بحر الكامل)
رأى السنا و الهنا في كوننا اجتمعا *** فقال بالله ماذا بينكم وقعا *** 507
(المقطوعة 21/ بحر البسيط)
كدت بالوجد أن أذوب التياعا *** ومن الشوق أن أطير ارتياعا *** 511
(المقطوعة 22/ بحر الخفيف)
ص: 546
رأى برق حزوی فاستهلت دموعه *** وهاج بمن يهواه فيها ولوعه *** 515
(المقطوعة 23/بحر الطويل)
وقفت على قبر النبي و أعيني *** تكاد بأن تأتي عليها دموعها *** 517
(المقطوعة 24/بحر الطويل)
إلى كم مصابيح الدجى ليس تطلع *** و حتّام غيم الجوّ لايتقشع *** 520
(المقطوعة 25/بحر الطويل)
-الغين-
أودع (المختار) فيهم زهرة *** وصفها أعجز كل البلغا *** 525
(المقطوعة 1/بحر الرمل)
ص: 547
ص: 548
سورة الفاتحة *** 5
تقریظ *** 7
قافیة الراء
(1) منزل الزهراء علیها السلام *** 11
(2) هي الزهراء علیها السلام *** 16
(3) بضعتي الزهراء علیها السلام *** 19
(4) الزّكيَّة فاطمة علیها السلام *** 22
(5) بعد بيت الأحزان *** 26
(6) يا إمام الزمان عج الله تعالی فرجه الشریف *** 31
(7) هم قدوتي *** 40
(8) حق الطهر فاطمة علیها السلام *** 41
(9) زهراء علیها السلام يا بنت الرسالة صلي الله علیه و آله و سلم *** 45
(10) محمودة الأفعال *** 48
(11) تنادي فاطم علیها السلام *** 50
(12) حبيبة خير الرسل صلي الله علیه و آله و سلم *** 55
(13) ربيبة الوحي *** 59
(14) كيف لاتبكي *** 62
(15) أنتِ رَمْزُ العُلَى *** 64
ص: 549
(16) يا كوكب الإيمان *** 71
(17) فأقبلت الزهراء علیها السلام *** 73
(18) أحرقوا الباب؟ *** 76
(19) ذكرتُ باباً *** 79
(20) بضعة الهادي *** 80
(21) صاحب الطلعة الغرّا *** 88
(22) أُمُّ الهُدَاةِ *** 91
(23) البضعةِ الغرّا *** 97
(24) طهارة فاطم علیها السلام *** 99
(25 يا فاطمة الزهراء علیها السلام *** 104
(26) فاطمة علیها السلام التقي *** 106
(27) البدار البدار *** 111
(28) أُمُّ العترة الأطهار علیها السلام *** 116
(29) ورثت خصال المصطفي صلي الله علیه و آله و سلم *** 119
(30) أهل بيت الوحي *** 125
(31) قفا نبكِ دماً *** 129
(32) تمضي الدهور *** 134
(33) سر الحياة *** 139
(34) حديث الباب *** 141
(35) إلى البضعة الزهراء علیها السلام *** 144
(36) فَمَن المعزّي؟ *** 149
(37) واحة الطهر *** 152
(38) وليدةُ بيت الوحي *** 155
ص: 550
(39) تعلم ما جرى *** 158
(40) الزهراء علیها السلام في القرآن *** 161
(41) يا سلوة الكرار *** 163
(42) هي الزهرة الزهراء علیها السلام *** 168
(43) الفرحة الكبرى *** 172
(44) قدسيّة المعنى *** 177
(45) زوّجت في السماء *** 178
(46) روح الحياة *** 184
(47) فقه فاطمة علیها السلام *** 186
(48) غاب النبي الهاشمي *** 188
(49) يا مُحيي النفوس *** 190
(50) معدن القُدس *** 193
(51) العصمة الكبرى *** 195
(52) وديعة طه *** 197
(53) دع تفاصيل ما جرى *** 201
(54) أمُّ الفضائل علیها السلام *** 205
(55) يا فاطم علیها السلام اسمعي *** 209
(56) ابنة الهادي الأمين *** 217
(57) أراكة مجدكم *** 221
(58) فلهفي لبنت المصطفى صلي الله علیه و آله و سلم *** 223
(59) أمّ الفضل قاطبةً *** 226
(60) من مهبط الوحي *** 230
(61) أكبر شاهدٍ *** 232
ص: 551
(62) في قلب فاطمة علیها السلام *** 235
(63) عبق الفردوس *** 237
(64) مقرّ الهدى و الدين *** 240
(65) سطعت أنوار الزهراء علیها السلام *** 244
(66) حاكم و حكيم *** 247
(67) إنسية حورا علیها السلام *** 251
(68) حوت مكرمات *** 255
(69) سرور البشير *** 257
(70) الصديقة الكبرى علیها السلام *** 259
(71) يا لها ذكرى *** 263
(72) مشكاة نُور العلم *** 266
(73) مصائب بنت المصطفى صلي الله علیه و آله و سلم *** 270
(74) بنت الخلود *** 274
(75) مَشرق النور *** 277
(76) حامي الدين *** 279
(77) إنا أعطيناك الكوثر *** 283
(78) تجلى المصطفى صلي الله علیه و آله و سلم *** 287
(79) أعلى النسا قدراً *** 289
(80) فتلك فاطمة علیها السلام *** 292
(81) أحامي الحمى *** 294
(82) شيعة فاطمة الزهراء علیها السلام *** 297
(83) أهل الكساء *** 302
(84) فاقت مفاخِرُها *** 305
ص: 552
(85) يا قلب فاطم علیها السلام *** 309
(86) من بعد والدها علیها السلام *** 311
(87) أصل كل الخير *** 314
(88) زهراء الدين *** 320
(89) لله أية محنة *** 323
(90) الثار - الثار *** 327
(91) أمُّ الخُلود *** 332
قافية الزاي
(1) بحبّي للبتول *** 337
(2) فلا رقأت دموع *** 338
(3) شفیعة الحشر *** 340
قافية السين
(1) بنت الکرام *** 345
(2) عظمت مقاماً *** 351
(3) خامسة الأشباح *** 353
(4) تشتکي فاطم علیها السلام *** 357
(5) الخدر المصون *** 359
(6) آل فاطمة *** 363
قافية الشين
(1) ميلادك النور *** 371
(2) بنت الرسالة *** 374
ص: 553
(3) فاطمة علیها السلام تجفى *** 375
(4) حال فاطم علیها السلام *** 378
قافیة الصاد
(1) الخطبة الغرّاء *** 387
(2) و اشاطر الزهراء علیها السلام *** 390
قافية الضاد
(1) لها صرخة *** 397
(2) بنت سيد الرسل صلي الله علیه و آله و سلم *** 401
(3) بيت الرسالة *** 407
(4) خلف بابٍ *** 411
(5) خلف الباب *** 413
قافیة الطاء
(1) بنت الهدى *** 423
(2) الزهراء علیها السلام تُنادي *** 426
(3) بيت فاطم علیها السلام *** 428
قافية الظاء
(1) قصة فاطم علیها السلام *** 433
قافیة العین
(1) سادت نساء العالمين علیها السلام *** 437
(2) حنوط من الجنة *** 440
ص: 554
(3) وجد البتول علیها السلام *** 442
(4) فاطمة علیها السلام الشفيعة *** 444
(5) أنت بنت الرسول صلي الله علیه و آله و سلم *** 448
(6) ظل الأراكة *** 455
(7) على بابها الأملاك *** 457
(8) أم الأئمة و الإمامة علیها السلام *** 461
(9) هجموا عليها *** 465
(10) مصائب الزهراء علیها السلام *** 468
(11) قرآن البتول علیها السلام *** 472
(12) لست أنساها *** 475
(13) سيبقى جارياً *** 478
(14) للحشر تبقى *** 481
(15) قبل تربة الزهراء علیها السلام *** 485
(16) أوصى النبي صلي الله علیه و آله و سلم *** 487
(17) محراب البناء *** 490
(18) أعظم رُزْءٍ *** 493
(19) حججاً واضحات *** 497
(20) بنت خير المرسلين *** 502
(21) سرّ النبوّة صلي الله علیه و آله و سلم *** 507
(22) نبعة النور *** 511
(23) رسول الله صلي الله علیه و آله و سلم ينظر فاطماً علیها السلام *** 515
(24) سلاماً أبا الزهراء علیها السلام *** 517
(25) آية التطهير *** 520
ص: 555
قافیة الغین
(1) حُجةٌ بالغة *** 525
الفهارس العامة
1 - فهرس الشعراء *** 529
2 - فهرس التراجم *** 533
-3 - القصائد و البحور *** 535
4 - فهرس الموضوعات *** 548
ص: 556
الْفَاطِمِيَّاتُ
مَشَاعِر الولاء في قَصَائِدِ الزَهَرَاءِ علیها السلام
الْفَاطِمِيَّاتُ
مَشَاعِرَ الوَلَاءِ في قَصَائِدِ الزَهَرَاءِ علیها السلام
اَلخطَیب الشیخ علی حیدر المؤید
الجزء الرابع
دارالعلوم للتحقيق والطباعة والشر والتوزيع
جميع الحقوق محفوظة الطبعة الأولى 1426 ه_ - 2005م
ص: 1
ص: 2
الْفَاطِمِيَّاتُ
مَشَاعِرَ الوَلَاءِ في قَصَائِدِ الزَهَرَاءِ علیها السلام
اَلخطَیب الشیخ علی حیدر المؤید
الجزء الرابع
دارالعلوم للتحقيق والطباعة والشر والتوزيع
ص: 3
جميع الحقوق محفوظة الطبعة الأولى 1426 ه_ - 2005م
دارالعلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع
المكتبة : حارة حريك - بئر العبد - شارع السيد عباس الموسوي - الهاتف: 01/545182 - 03/473919 ص.ب: 13/6080 المستودع حارة حريك - بئر العبد - مقابل البنك اللبناني الفرنسي - تلفاكس: 01/541650
www.daraloloum.com .E-Mail:daraloloum@hotmail.com
ص: 4
بسمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اَهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الذينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيهمِ وَلَاالضَّالِينَ
ص: 5
ص: 6
مُصابُ ابنةِ الهادي النبيِّ مُحَمَّدِ *** بكته الورى حزناً بلوعةِ مُجهَدِ
هي البضعةُ الزهراء سيدةُ النِّسا *** تسامت بعلياها على كلِّ فرقدِ
فبورك مَحياها بِتَطهيرِ ذاتِها *** و بُورِك مسعاها بعزّ و سُؤددِ
قرینةُ کرّارٍ بیومِ جهادِها *** و بنتُ نبيَّ بالمقال المُسَدَّدِ
أبت أن ترى ذاكَ (الوصيَّ) مُبعَّداً *** عن الحقِّ و هو الحقُّ في كلِّ مَشْهَدِ
غداةَ أنت و الحادثات تحوطُها *** إلى مَسجدِ المختار لَمْ تَتَردَّدِ
تُخاطبُهم و هي العليمةُ أنَّهم *** بعصيانِهم ما مِنهم من مُؤَيّدِ
ولكنَّها قد ألزَمتهم بحُجَّةٍ *** تُوافيهُم في عرصةِ الحشرِ في غدِ
(وما برحت مظلومةً ذاتَ عِلَّةٍ) *** إلى أن قضت حُزناً بلوعةِ مُكمَدِ
و وافت لها الأشعار تبكى مُصابها *** لَدى كلِّ محزون الفؤادِ مُقدَّدِ
لدى أمَّةٍ من هؤلاء و هؤلا *** توافيكَ منها بالقريضِ المُقصَّدِ
و قد وُزّعت في كلِّ سِفرٍ يَضُمُّ مِن *** روائِعها بعضاً كَدُرٍّ مُبَدَّدِ
وجاء بهذا اليوم يَجمعُ شملَها *** غيورُ مُحِبُّ للبتولِ و أحمدِ
(عليٌّ) فأكرم بالجهود عَظيمَةً *** أتانا بها سِفراً بعزمِ مُسَدَّدِ
كتاب حوى ما أنشأته قرائحٌ *** من الشِّعر في الزهراءُ مِن جَهدِ مُفرَدِ
و قد جاء باسم (الفاطميات) يَزدهي *** مُؤَلَّفه في خيرِ فعلٍ وَ مَقصَدِ
(عليٌّ) و حسبُ المرء في يوم حَشرِه *** و في الذِّكرِ ما يبني له جَدَّ أسعدِ
و خُذ ما إليك اليومَ منّي عواطفاً *** تُقرِّض ما حبَّرته منك باليدِ
و سوفَ يُوفّي الله أجَركَ مُنعماً *** هنالك إذ تلقاه في خيرِ مَقعدِ
الخطيب الشيخ جعفر الهلالي
الكويت في /25 صفر لسنة 1420 ه_
ص: 7
ص: 8
ص: 9
ص: 10
(بحر الطويل)
الشيخ حبيب شعبان(*)(1)
سَقاكَ الحَيا الهطالُ يا مَعْهَدَ الإِلْفِ *** و يا جَنَّةَ الفِرْدَوْسِ دانِيَةَ القَطْفِ
فَكَمْ مَرَّ لِي عَيْشٌ حَلا فيكَ طَعْمُهُ *** ليالي أُصَفِّي الوُدَّ فيها لِمَنْ يُصْفِي
بَسَطنا أَحادِيثَ الهَوَى وَ انْطَوَتْ لَنا *** قُلُوبٌ على صافي المَوَدَّةِ والعَطْفِ
فَشَتَّتَنا صَرْفُ الزَّمَانِ وَ إِنَّهُ *** لَمُنْتَقِدٌ شَمْلَ الأَحِبَّةِ بِالصَّرْفِ
كَأَنْ لَمْ تَدُرْ مَا بَيْنَنا أَكؤُسُ الهَوَى *** وَ نَحْنُ نَشَاوِى لانَمَلُ مِنَ الرَّشْفِ(2)
وَ لَمْ نَقْضِ أَيَّامَ الصَّبا وَ بِها الصَّبا *** تَمُرُّ عَلَيْنا وَ هُيَ طَيِّبَةُ العَرْفِ
أيا مَنْزِلَ الأَحْبابِ ما لَكَ مُوحِشاً *** بِزَهْرَتِكَ الْأَرْياحُ أَوْدَتْ بما تُسْفِي(3)
تَعَقَّيْتَ يا رَبِّعَ الأَحِبَّةِ بَعْدَهُمْ *** فَذَكَرْتَنِي قَبْرَ البَتُولَةِ إِذْ عُفِّي
رَمَتْها سِهامُ الدَّهْرِ وَ هْيَ صَوائِبٌ *** بِشَجو إلى أَنْ جُرْعَتْ غُصَصَ الحَتْفِ
شَجاها فِراقُ المُصْطَفَى و احْتِفَارُها *** لدى كلِّ رِجْسٍ مِنْ صَحابته الجُلْفِ(4)
لقدْ بالغُوا فِي هَضْمِها وَ تَحَالَفُوا *** عَلَيْها وَ خانُوا الله في ذلِكَ الحِلْفِ
ص: 11
و ما وَرَّثُوها مِنْ أَبِيها و أَثْبَتُوا *** حَدِيثاً نَفاهُ اللَّه في مُحْكَمِ الصُّحْفِ(1)
و شَحَّتْ على النَّزْرِ القَلِيلِ نُفُوسُهُمْ *** فَما كانَ فِيهِمْ مِنْ كَرِيمٍ وَ لَاعَفِّ(2)
فَحُجَّتُهُمْ لَوْ أَنْصَفُوها وَ صَدُّهُمْ *** عَنِ الحَقِّ غِلٌّ فِي قُلوبِهِمُ الغُلْفِ
وَ قَدْ أَمْرَضَتْ كَفُّ الرَّزِيَّةِ جِسْمَها *** فَتَجْهَشُ شَجُواً بِالبُكاءِ و لايَشْفِي
فَابَتْ وَزنْدُ الغَيْظِ يَفْدَحُ في الحَشَا *** تَعَثَرُ بالأديال مُثْنِيَةَ العِطْفِ
وَجاءَتْ إِلى الكَرّارِ تَشكُو اهْتِضامَها *** ومَدَّتْ إليه الطَّرْفَ خاشِعَة الطَّرْفِ
أبا حَسَنٍ يا راسِخُ الحِلْمِ وَالحِجَا *** إِذا فَرَّتِ الأبْطالُ رُعْباً من الزَّحْفِ
و يا واحِداً أفْتَى الجمُوعَ وَ لَمْ يَزَلْ *** بِصَيْحَتِهِ فِي الرَّوْعِ يَأْتِي عَلى الأَلْفِ
أراكَ تَرانِي وَ ابْنُ تَيْمِ و صَحْبُهُ *** يَسُومُونَنِي ما لاأُطِيقُ مِنَ الخَسْفِ(3)
ويَلْطِمُ وَجْهِي نُصْبَ عَيْنَيْكَ نَاصِبُ *** العَداوَةِ لي بالضَّرْبِ مِنِّي يَسْتَشْفِي
فَتُغْضِي و لاتَنْضِي حُسامَكَ آخِذاً *** بِحَقِّي وَ مِنْهُ اليَوْمَ قَدْ صَفِرَتْ كَفِّي
لِمَنْ أَشْتَكِي إلا إليكَ وَمَنْ بِهِ *** أَلُوذُ وَ هَلْ لِي بَعْدَ بَيْتِكَ مِنْ كَهْفِ؟!
و قد أَضْرَمُوا النيران فيه وَ أسْقَطُوا *** جَنِينِي فَوَا وَيْلاهُ منهُمْ و يا لَهْفِي(4)
ص: 12
وَما بَرِحَتْ مَهْضُومَةً ذاتَ عِلَّةٍ *** تُؤَرِّقُها البَلْوَى وَ ظَالِمُها مُغْفِ
إلى أن قَضَتْ مَكْسُورَةَ الضِّلعِ مُسْقَطاً *** جَنينٌ لها بِالضَّرْبِ مُسْوَدَّةَ الكَتْفِ(1)
ص: 13
(بحر الطويل)
السيد حيدر الحلي
عَلَى كُلِّ وَادٍ دَمْعُ عَيْنَيْكَ يَنْطِفْ *** وَ مَا كُلُّ وَادٍ جُزْتَ فِيهِ المُعرَّفُ(1)
أَظُنُّكَ أنْكَرْتَ الدِّيَارَ فَمِلْ مَعِي *** لَعَلَّكَ دَارَ العَامِرِيَّةِ تَعْرِفُ
نَشَدْتُكَ هَلْ أَبْقَيْتَ للدَّمْعِ مَوْضِعاً *** مِنَ الْأَرْضِ تَهْمِي الغَيْثَ فِيهِ وَ تَنْطِفُ؟(2)
فَهَذَا وَ لَمْ تَذْرِفْ دُمُوعاً وَ إنّما *** دَمُ القَلْبِ مِنْ أَجْفانِ عَيْنيكَ يُدْرَفُ
فَلاَ تَكُ مِمَّنْ يَنْبِذُ الصَّبْرَ بِالْعَرَا *** إِذَا غَدَتِ الوَرْقاءُ في الأيْكِ تَهتِفُ؟(3)
فَمَا ذَاكَ مِنْ شَجْرٍ فَيُشْجِيكَ نَوحُها *** وَ هَلْ يَسْتَوِي يَوْماً صَحِيحٌ و مُدْنَفُ؟(4)
أَلَمْ تَرَها لَمْ تَذْرِ دَمْعَةَ ثَاكِلٍ *** وَ لم يَنْصِدِعْ شَمْلٌ لَهَا مُتألفُ
وَ قَدْ لَبِسَتْ في جيدِها طَوْقَ زينةٍ *** وَجِيدُكَ فِيهِ طَوْقُ حُزْنٍ مُعطَّفُ
إِذَا مَا شَدَتْ فَوْقَ الأَرَاكِ تَرنّما *** فَإِنَّكَ تَنْعَى وَ الجَوَانِحُ تَرْجُفُ
أُعِيدُك أنْ يَهْفُوبِحِلْمِكَ مَنْزِلٌ *** تَعَفَّى وَ فِيهِ للأَوَابِدِ مَأْلَفُ(5)
فَلاَ تَبْكِ في اطْلالِهِ بِتَلهفٍ *** فَلَيْسَ يَرُدُّ الذَّاهِبينَ التَّلهُّفُ
ص: 14
وَ لَوْ عَادَ يَوْماً بالتأسُّفِ ذَاهِبٌ *** عَذَرْتُكَ لَكِنْ لَيْسَ يُجدِي التَّاسُّفُ
و إِنَّ جَزوعاً شَأْنُه النَّوْحُ وَ البُكَا *** لِغَيْر بَني الزَّهْرا مُلامٌ مُعنّفُ(1)
بِنَفْسِي وَ آبَائِي نُفُوسَاً أَبِيَّةً *** يُجرِّعُها كَأْسَ المنيَّة مُتْرَفُ
إلى أن يقول :
فَلِلَّهِ مِنْ خَطْبٍ لَهُ كُلُّ مُهْجَةٍ *** يَحِقُ مِنَ الوَجْدِ الْمُبَرِّحِ تَتْلَفُ
وَ أُقْسِمُ مَا سَنَّ الضَّلال -سِوَى الأُلَى *** عَلَى أُمَّةِ المختارِ بَغْياً تَخلَّفُوا
فَيَوْمٌ غَدَوا بَغْياً عَلَى دَارٍ فَاطِمٍ *** أَتَتْ جُنْدُهم بالغَاضِرِيَّة تَرْحَفُ(2)
وَ قَتَلُ ابْنِهَا مِنْ يَوْم رُضُتْ ضُلُوعُها *** وَ مِنْ هَنْكِهَا هَتْكُ الفَواطِم يُعْرَفُ(3)
وَ مِنْ يَوْمٍ قادوا حَيْدَرَ الظُّهْرَ قَدْ غَدَوْا *** بِهِنَّ أَسَارَى شَأْنُهُنَّ التَّلهُّفُ(4)(5)
ص: 15
(بحر الرّمل)
الشيخ عبد الستار الكاظمي(*)(1)
آيَةُ الظُلمِ دَلِيلٌ وَ كَفى *** لَيْسَ مِنْ قَبْرٍ لِبِنْتِ الْمُصْطَفى
***
يَنْقُلُ الْقُرآنُ كَلاً لا وَزَرْ *** وَ مِنَ الآياتِ تَأتِيكَ الْعِبَرْ
كَيْفَ مِنْ فاطِمَةَ الضّلْعُ انْكَسَرُ؟ *** وَ بِهَا الإسلام نال الشَّرفا
***
إنْ يَكُ الأَصْحابُ حَقّاً آمَنُوا *** وَ لِحِفْظ الشَّرْعِ شُورَى عَيَّنُوا
فَلِماذا بَعْدَه أَعْلَنُوا *** حَرْب أَهْل الْبَيْتِ كُفْراً و جفا؟
***
لَسْتُ أَنْسى فَاطِماً فى المُعْتَرَكْ *** حَيْثُ فِرْعَوْنُ إلى الْحَقِّ انْتَهَكْ
وَ بِظُلْمٍ غَصَبُوا مِنْهَا فَدَكْ *** هكَذَا الخصْمَانِ مِنْهَا وَقفا
***
رَوَّعَاهَا مَنَعاها حَقَّها *** حَارَباها كَذَّباها صِدْقَها
وَ إِلَى الدَّارِ أَجازا حَرْقَها *** وَ إِلَى الآنَ لَظاها مَا انْطَفَى(2)
***
ص: 16
رَجَعَا لِلشِّركِ في حَرْبِ البَتُول *** أَغْضَباها عَنْهُمَا مَاذَا نَقُول؟
رَجَعَا لِلشِّركِ الضّلْع كَسْرٌ لِلرَّسُول *** هَكَذَا الْحَقُّ إِذَا مَا أُنْصِفا
***
فِي غِيابِ الْمُصْطَفَى قَدْ أَوْشَكا *** أَنْ يُعِيداً هُبَلاً لَوْ تُرِكا(1)
مَنَعاها منْ عَويلٍ وَبُكا *** هَكَذَا رَاحَتْ مَوَازِينُ الْوَفا(2)
***
عَجَباً مِنْ أُمَّةِ الهادِي تَرَى *** حُكْمَ اجْلافٍ بِلَيْلِ دُبُرا(3)
وَ لِماذا رَضِيَتْ فِيمَا جَرَى؟ *** وَإِلَى العُسْرِ مَضَتْ وَا أَسَفا
***
ما أَتَتْ قَصْداً لإحدى الْحُسْنَيَيْن *** حَيْثُ بَاءَتْ فَشَلاً في النَّشْأَتَيْن
كَيْفَ تَرْضَى أَنْ تَرى أُمَّ الحُسَيْن *** في حِياضٍ الْمَوْتِ تَقْضِيَ تَلَفا؟
***
ص: 17
مَاتَتِ الزَّهْراءُ غَضْبَى واحِدَهْ *** تَبَّتِ الأيْدِي الحَقُودَه الجَاحِدَهْ(1)
فَاطِمٌ تَأْتِي عَلَيْهِمْ شَاهِدَهْ *** لِيَرَى الأَصْحابُ ذاك المَوْقِفا
***
دُفِنَتْ وَ الضّلْعُ في الصَّدْرِ انْخَسَفَ *** قَبْرُها يَجْهَلُه ذاكَ السَّلَفْ(2)
وَ إِلى تَعْيِينِهِ الكُل المختلفْ *** عِندما الحقيتِ الحقُّ الحتَفَى
***
قَبْرُها في كُلِّ قَلْبِ طَاهِرٍ *** نُورُها في كُلِّ حَقٌّ ظَاهِر
لَعَنَ الله الزَّعِيمَ السَّامِرِي *** قَبْرُها مِنْ جَوْرِهِ لَنْ يُعْرَفا
***
قَبْرُها الْمَجْهُولُ رَمْزُ الْمُعْتَقدْ *** هي سِرُّ الْوَاحِدِ الفَرْد الصَّمَدْ
نُورُها في جَبْهَةِ الدَّهْرِ اتَّقَدْ *** وَ العُلا نَحْوَ هُداها ازْدَلَفَا(3)
ص: 18
(بحر المتقارب)
الاستاذ علي محمد الحائري الحائري(*)(1)
هُوَ الدَّهْرُ يُزْجِي المُنَى وَ الحُتُوفا *** تَناوَبُ يَومَيْهِ جَدْباً وَ رِيفا(2)
وَ لَيْسَ النُّهَى شَفَعاً لِلقُسُومِ *** وَلَكِنَّهُ الْحَظُّ يَجْرِي صُروفا
قُصَارَى الَّذِي أَنْتَ تَشْقَى بِهِ *** حَيَاةٌ سَتَرْحَلُ عَنْها كَسِيفا(3)
وَ مَا مَلَكَتْكَ زُروعُ اللُّهى *** تُنَازِعَكَ فِيهِ الْمَنايا قُطُوفا
وَ مَنْ يَغْتَرِرْ بِسَرابِ الْوُعودِ *** دَرَّ بَكِيناً وَ غاضَ خُلُوفا(4)
عجِيبٌ تَقلُّبُ هَذا المَدارِ *** إِذا أَنْتَ مَزَّقَتَ مِنْهُ السُّفوفا
يُصِيبُكَ مِنْ حَيْثُ لا يَدَّرِي *** وَ يَخْتِلُ إِذْ تَصْطَفِيهِ رَدِيفا
وَ يُغْشِيكَ في غَفَلاتِ الْكَرَى *** لِيَأْنَسَ مِنْكَ قَنِيصاً أَلُوفا(5)
مَتَى كانَتِ الأُمْنِياتُ الرِّطَابُ *** يُبَلِّلْنَ مِنْكَ فُؤاداً لَهُوفا
و في أيِّ مُنتجعٍ تَسْتَحِمُّ *** وَ حَشْوُ إهابك يَنْكي قُروفا(6)
لعاً في عِثارِ الرَّزايا *** خُطَايَ فَأَوْفَى مَسِيرَكَ كَانَ الوَجِيفا(7)
ص: 19
وَ رُجْعِى لِّطَيْفِكَ صُبْحُ الشَّبَابٍ *** فَأَفْواقُ وَ رْدِكَ تَزْهو صُنُوفا
تَفَيَّانَ في ظُلَلِ الأَكْرَمِينَ *** وَ أَسْبَلْنَ في كُلِّ رِجْسٍ سُجُوفا(1)
وَ وَثِقَنَ مِنْ حُبِّ آلِ الرَّسُولِ *** وِثَابَ خُطى مَا عَرَفْن الرَّسِيفا(2)
هُمُ انْتَزَعُوا الدُّجْنَ عَنْ نَاظِري *** وَ هُمْ رَفَعُوا صَرْحَ شِعْرِي مُنِيفا(3)
إِذا قُلْتُ قَافِيَةٌ فِي هَواهُمْ *** نَفَجْتُ اللَّطِيمَ بِهِ فَأُدِيفا(4)
رَعَيْتُ بِشَرْحِهِمُ ضامِنین *** مَرْعَّى خَضِيلاً وَ نَبْتاً لَفِيفا(5)
وَعَيَّفْتُ طَيْرِي بِعَنقائِهِمْ *** وَ طَيَّرْتُهُنَّ أُلوفاً أُلُوفا
وَ مَنْ جَعَلَ الشَّمْسَ مِشْكَاتَهُ *** تَأَوّبَ لَيْلاً وَ جَابَ تُنُوفا(6)
وَ مَنْ جَعَلَ النَّهْجَ نَهْجَا لَهُ *** تَبَوَّأَ في الضَّادِ ظِلاً وَرِيفا
إمامُ البَلاغَةِ زَوْجُ الْبَتُولِ *** أَبُوالحَسَنَيْنِ كَفَى أَنْ أُضِيفا
وَمَنْ كَفَكَفَ الدَّمْعَ عَنْ فَاطِمٍ *** وَ قَدْ سَيَّلَ الْخَطْبُ مِنْها صَلِيفا(7)
وَ كَانَتْ حُشاشَةَ قَلْبِ الرَّسُولِ *** يَرُوحُ بِها رَيْثَ يَغْدُو عَطُوفا
وَ كَانَتْ لَطِيمَةَ مِسْكِ الْعَفَافِ *** وَ قَدْ عَزَفَتْ عَنْ دُنَاهَا عُزُوفا(8)
كَفَى حَرَمُ الدِّينِ صَوْناً لها *** وَ حَلي الفضائِلِ فيها رَفيفا
وَ هَذَا الْبِنَاءُ الرَّفِيعُ الْعِمَادُ *** مناراً مَعَ الرُّوحِ يَبْقى حَلِيفا
تَلُوذُ الْمَجَرَّةُ في قُدْسِهِ *** وَ تَأْبَى الغَزالَةُ فِيها كُسُوفا
ص: 20
وَ لَيْسَ زَرِيّاً بِجُهْدِ البُنَاةِ *** إِذا ثَلَمَ الهادِمُون السُقُوفا(1)
ص: 21
(مجزوء الكامل)
الشيخ قاسم الملا الحلي(*)(1)
مَامُقْلَتِي هَتَنَتْ ذَروفَهُ *** فِي حُبِّ غَانِيَةٍ ظَرِيفَهْ(2)
هَيْفَاءُ مِنْ خَمْرِ اللَّمى *** ثَمِلَتْ مَعاطِفُها النَّزيفهْ(3)
کَلا وَ لافَتَكَتْ بِنَا *** أَسْيَافُ لَحْظَتِها الرَّهِيفَهْ(4)
كَلاً وَ لاَطيْرُ الفُؤادِ *** أَدامَ مِنْ شَعَف رَفِيفَهْ
لَكِنْ أَذابَ حُشاشَتِى *** رُزُهُ المُطَهَّرَةِ العَفِيفَهْ
بِنْتُ النَّبِيِّ مُحَمَّدِ الْمُخْتَارِ *** بِالرُّتَبِ الْمُنِيفَهْ(5)
الْغَوْا بِهَا نَصَّ الْكِتَابِ *** وَ مُزَقَتْ مِنْهَا الصَّحِيفَهْ
ص: 22
وَ بِنِحْلَةِ الهادي اسْتَبدُّوا *** إِذْ زَوَوْا إِرْتَ الشَّريِفَهْ(1)
عَجَباً لِمُنْتَصِرِ لَهُمْ *** وَ الغَيُّ لَمْ يَنْصُرْ خَلِيفَهْ
رَأْسُ الضَّلالَةِ شَيْخُ تَيْمٍ *** وَ الْأَلِيف حَكَى أَليفَهْ
أنْشَدْتُ قَوْلَةَ خَائِفٍ *** مِنْ دَهْرِه يَخْشَى صُروفَهْ
ابن قريعة:
يَا مَنْ يُسَائِلُ دَائِباً *** عَنْ كُلِّ مُعْضِلَةٍ سَخِيفَهْ
لاتَكْشِفَنَّ مُغَطَّئاً *** فَلَرُبَّما كَشَفْتَ جِيفَهْ
وَ لَرُبَّ مَسْتُورٍ بَدا *** كَالطَّبُل مِنْ تَحْتِ الْقَطِيفَهْ
إنّ الْجَوَابَ لَحاضِرٌ *** لكِنَّني أخفِيهِ خِيفَهْ
لوْلاَ اعْتِدَارُ رَعِيَّةٍ *** الغَى سِيَاسَتَهَا الْخَلِيفَهْ
وَ سُیُوفُ أَعْداءٍ بِهَا *** هَامَاتُنا أَبَداً نَقِيفَهْ(2)
ص: 23
لَكَشفتُ مِنْ أَسْرارِ آلِ *** مُحَمَّدٍ جُمَلاً ظَرِيفَهْ
يُغْنِيكُمُ عَمّا رَواهُ *** مالِكٌ وَ أَبُوحَنَيفَه
وَ نَشَرَتُ طَيَّ صَحِيفةٍ *** فيها أحاديثُ الصَّحيفَهْ
وَ أُرِيكُمُ أنّ الحُسَيْنَ أُصِيبَ *** في يَوْمِ السَّقِيفَهْ
وَلأيِّ حَالٍ لُحِّدَتْ *** في اللَّيْلِ فَاطِمَةُ الشَّرِيفَهْ
وَ لِمَا حَمَتْ شَيُخَيْكُمُ *** عَنْ وَطْيءِ حُجْرَتِها الْمُنيفَهْ(1)
آهِ لِبِنْتِ مُحَمَّدٍ *** ماتَتْ بِغُصَّيْها أَسِيفَهْ(2)
ص: 24
(بحر الكامل)
السيد محمد صالح البحراني(*)(1)
صَبٌ جَفَوْهُ وَ عَنْ كَراهُ تَجافى *** مَهْما سَقَى طَرْداً نَما إِلْحافا(2)
خَطَفَ الهَوى منه الفُوَّادَ فَلَمْ يَزَلْ *** حَتَّى القيامَةِ يَذْكُرُ الخَطَّافا
وَ لْهَانُ وافاهُ الحَبِيبُ بِوَصْلِهِ *** وَقتاً فَظَنَّ الخُلْدَ فِيهِ وافي(3)
ما لَذَّ طَعْمُ الوَصْلِ حَتَّى سامَهُ *** هَجْراً فَظَنَّ الوَصْلَ طَيْفاً طَافا
وَ لَمَوْتُهُ بِالحُبِّ أبْرَدُ للحشا *** مِنْ مَحْضِهِ بَعْدَ الوَفَاةِ خِلافا
فَالهَجْرُ بَعْدَ الوَصْلِ لامَوْتُ يَلي *** دَفْناً و لاسُقُمٌ فَمِنْهُ يُعافي
الرَّاحَ يَشْرَبُها فَيَحْسَبُها لَظِّى *** وَ يَخَالُ أصْناف الطَّعامِ ذُعافا(4)
یَمْشِي فَتَحْسَبُ أنَّه ثَمِلٌ وَ لَمْ *** يَشْرَبْ سِوَى خَمْرِ الفِراقِ سُلافا(5)
لاهَمَّ بعدَ الوَصْلِ أَكْبَرُ مِنْ جَفا *** إذْ لاحَياةَ بِهِ و لاإثلافا
لاعِيْشَةٌ تُشْفِي و لاسُقْماً و لا *** بِالمَوْتِ حَتَّى لَوْ يَمُوتُ يُشافى
وَ لَئِنْ يَكُنْ هَجْرٌ و بُعْدَ يُرْتَجِي *** وَ ضَلَّ وَ قُرْبٌ بَعْدَهُ إِسعافا
ص: 25
فَالْمَوْتُ مُفْتَرقُ و يُعدّ لالِقاً *** مِنْ بَعْدِهِ يُرجَى و لاإيلافا
فَمَن الذي في الموتِ يَعْدِلُ مَنْ بَكَى *** لِحَبِيبِهِ أَوْ عَدَّهُ إسْرافا
***
أَمْ هَلْ تَرى فِي مَنْعِهِمْ سِتّ النِّسا *** عَنِ نَدْبِها خَيْرَ الوَرَى إِنْصافا
أفَمِنْ بُكا المختارِ تَمْنَعُ عينَها *** وَيَجَدُّ عَنْهَا الظَّلَّ والأَرْيافا
و تُبِيحُ عائشةٌ قِتَالَ وَصِيِّهِ *** ظُلْماً وَ ما أَحَدٌ بِنُكْرٍ نافي
اللَّه ماذا كابَدَتْ سِتُ النِّسا *** بَعْدَ النَّبِيِّ مِنَ البَلا أَصْنافا
مِنْ بيتِها تُنْفى لِنَدْبِ كَفِيلِها *** وَ عَنِ البقيعِ تَسُومُها إِرْجافا(1)
أَسِفُوا لأَنْ تَحْظى بِظِلٍّ أَراكَةٍ *** فِيهِ فَوَلَّوْا قَطْعَها الأَجْلافا(2)
قَغَدَتْ عَزيزةُ أَحْمَد مَنْ لَمْ يَزَلْ *** يُوصِي بِها وَ بِنَسْلِها الأحْلافا
تُصْلى بِنارِ الضَّيْم و الإذْلاَلِ ما *** لِلسُّقْمِ أَلقى جِسْمَها أَهْدافا
فَقَدتْ بِفَقَدِ وَلِيّها كُلَّ الهَنا *** إِذْخَلْفَهُ دَرَّ البَلا أخلافا
مَنَعُوا الوَصِيَّ مَقامَهُ وَ مِنَ البُكَا *** مَنَعُوا البتول وَ ما اكْتَفَوْا أسْلافا
حتَّى انْتَهَوْا فِي مَنْعِها عَنْ إرْثِها *** فَدَكاً بما قَدْ زَوَّرُوهُ جُزافا(3)
ص: 26
فَأَتَتْهُمُ في لِمَّةٍ مِنْ نِسْوَةٍ *** و المَسْجِدُ امْتَلأَ الذَّرى أَشرافا
فأُنِيطَ دُونَهُمُ لَهُنَّ مَلاءَةٌ *** إِذْ عَنْ ضَلالَتِهِمْ رَفَعْنَ سِجافا(1)
أنَّتْ بِصَوْتٍ أَجْهَشَتْهُمْ بِالبُكا *** و بِنُطقِها حَكَتِ النَّبِيَ هُتافا(2)
وَ اسْتَرْسَلَتْ في خُطبةٍ أَهْدَتْ بها *** الفُصَحاءَ عِيّاً و الرِّياض جَفافا(3)
لَهُمُ مِنَ السِّحْرِ الحَلالِ و مَنْطِقٌ *** ذَلِقٌ يَفِيضُ بهِ البَيَانُ نِطاقا
مُعْنِّى يَدِقُ عَن النُّهى حُسْناً له *** لَفْظُ أَرَقُّ مِنَ النَّسِيمِ مَطافا
تَدْعُو و قَدْ عَلَتِ العيونَ غِشَاوَةٌ *** و الغيُّ ناطَ على القُلوبِ لحافا
أَنَيَذْتُمُ القُرْآنَ خَلفَ ظُهُورِكُمْ *** عَمْداً لدين الجاهلي زِحافا؟
أمِنَ السَّدادِ تُصِيبُ ارْثَ أبيكَ يا *** هذا وَ تَمْنَعُ ارْلِيَ اسْتِتكافا؟
فَاحْتارَ كَيْفَ يَسُدُّ عَشْرَتَهُ الّتي *** أبْدَتْ عَماهُ عَنِ السَّبِيلِ كَشافا
***
لَمْ يَلْف إلا أنْ يَقُومَ بِفِرْيَةٍ *** لِيَسُومَ ضَعْفاً ما رَبَى أضْعافا
إِنِّي سَمِعْتُ أباكِ قال الأَنْبِيا *** لَسْنا نُورّثُ بَعْدَنا أَخْلافا
ص: 27
قالَتْ مَعاذ الله لَيْسَ يَرَى أَبي *** قَوْلاً يَحِيدُ عَن الكتابِ خِلافا
هذا الكِتابُ يَقُولُ قَدْ وَرَّثَ ابْنَهُ *** دَاوُدُ منه كما لِيَحْيى انْصافا
وَ جَمِيعُ آياتِ الكِتابِ تَعُمُّهُمْ *** حُكْماً و ما أَحَدٌ خُصوصاً وافي
أَمْ خَصَّكُمْ دونَ النَّبيِّ بِآيَةٍ *** أَمْ انْتُمُ أَدْرى بها اسْتِكْشافا
أمْ لَمْ أَكُنْ مِنْ أُمَّةٍ أنا مَعْ أَبي *** لَوْ كانَ إِرْثاً لَمْ يَكُنْ إِتحافا(1)
***
إيهٍ بَني أَوْسٍ أَأَمْنَعُ بَيْنَكُمْ *** إِرْنِي وَ ما أَحَدٌ جميلاً كافّي؟
لَمْ تَسْمَعُوا ما قالَ فيِّ طه كَأَنَّكُمْ *** و لاكُنْتُمْ لَهُ أَعْرافا
هذا التُّراثُ بِمَسْمَعٍ و بِمَنْظَرٍ *** مِنْكُمْ زَوَى عَنْ أَهْلِهِ أَوْقافا
اللَّهُ ما فِيكُمْ فَتَى ذُو غَيْرَةٍ *** فَيُبِينُ إنصافاً لَنا إنْ صافَي
هَبْكُمْ نَبذْتُمْ دِينَ أحْمَدَ فَاحْفَظُوا *** حِلْفَ الفُضُولِ وَ رَاجِعُوا الإنْصافا
فَكانَّما بَكِمُوا وَ صَمُّوا إِذْ عَمُوا *** وَ عَلَى العَمَى عَنْهَا ثَنَوْا أَعْطافا
وَ بِراحَةٍ صَفْرا انْتَنَتْ عَنْهُمْ لَها *** عَيْنٌ تَفِيضُ بِدَمْعِها وَكَافا(2)
***
وَ مَضَتْ لِبَيْتِ كَفِيلها و قَدِ امتلا **** مِنها الفُؤادُ بِهَمِّهِ إرْجافا
فَاسْتَعبَرتْ حُزْناً وَ هاجَ بها الجَوَى *** لمّا رَأَتْهُ فَلَمْ تُطِقُ إسْدافا(3)
قالَتْ أَراك قد اشْتَمَلتَ الذُّل إذْ *** أَضْرَعْتَ خَدَّكَ في الجَفا إسْرافا
إِذْ أصْداكَ يَفْتَرِسُ الذَّتَابُ بِرَجْعِهِ *** وَ يَداكَ يُرثِقُها الذُّبابُ كِتافا
ص: 28
وَ تُمِيتُ نَظْرَتُكَ الأجادِلَ خِيفَةً *** وَيَبرُّ مِنْكَ الأَعْزَلُ الأسْيافا(1)
ألِكُلِّ هذا الحَدِّ تُصْبِحُ ضارعاً *** وحَشاكَ مِنْ قَلْبٍ يَخافُكَ خافا؟
هذا ابن تَيْمٍ عادَ يَغْصِبُ نِحْلَتِي *** مِنِّي وَ قدْ عَدَّ الصِّفاحَ صِحافا
فَأَمَضَّنِي فِيمَا افْتَراهُ وَ لَمْ يَدَعْ *** ظُلْماً وَ هَضْماً ما عَلَيه أنافا(2)
أَرْمي بطرفي لاأرَى لي ناصِراً *** في القَوْمِ إلا قاطِعاً أطْرافا
نادَيْتُ فِيهِمْ مَا اسْتَجَابَ لِيَ امرؤٌ *** وَ دَعَوْتُ فيهم لم أُصِبْ إسعافا
لامانعٌ ضيماً و لا لي دَافِعٌ *** شَرّاً و لامُهْدٍ لنا ألْطافا
فَخَرَجْتُ كاظِمَةً وَعُدْتُ رَغِيمَةً *** أَشْكُو لِرَبِّي الظُّلم و الإعْسافا(3)
وَيْلاهُ عَنِّي غابَ حامي حَوْزَتِي *** فَبقِيتُ أَخْتَلِبُ الأسَى أَخْلافا
***
فَرَثَى الوَصِيُّ لها بِلُطْفٍ قائِلاً *** وَيْلٌ لِمَنْ أَوْلاكِ مِنْهُ خِلافا
مَهْلاً كريمةَ أهل بَيْتٍ المُصْطَفَى *** فَلأَنْتِ أَكْرَمُ مِنْ سَما الأَشْرافا
ماذا التَّضَجُرُ وَ الأَسَى مِنْ فَائِتٍ *** لم يُغْنِ عَنْكَ وَ عَنْ بَنِيكِ كَفَافا
وَ الرِّزْقُ إِمّا شِئْتِ عندَ كَفِيلِهِ *** مَنْ لَمْ يَسُمُكِ بِوَعْدِهِ إِخلافا
وَ لَقَدْ حَمَلْتِ العُشْبَ لاعَجْزاً و لا *** خَوْفاً ولكنْ رَحْمَةً و عَفافا
وَ لِمَالِكِ الباري أَعَدَّ بِقُرْبِهِ *** مِنْ ذاكَ خَيْراً جَنَّةً أَلْفافا
وَ بِرَبِّكِ احْتَسِبي فَقالَتْ حَسْبِيَ *** اللَّهُ الخَبِيرُ و لَمْ تُطِلْ إلْحافا
***
حَتَّى بذاكَ الهَمِّ فاضَتْ نَفْسُها *** كَمَداً لَها يَصِفُ الرَّدَى أَوْصافا
ص: 29
وَغَدَتْ تُغَسْلُها الخُطُوبُ بأَدْمُعٍ *** ما زالَ مِنْهَا غَيْتُها وَكَافا
وَغَدَتْ تُكَفِّنُها السِّياطُ بِمَا اكْتَسَتْ *** مِنْ ضَرْبها ما مَضَها إرْهافا(1)
وَ عَلى سَرِيرِ الصَّبْرِ شَيْعَها الوَلاَ *** مِنْهُ لَمِضَجَعِها ارْتَقَتْ اکْشافا
وَ اسْتَوْظَنَتْ أرْضَ البقيع بِبُقْعَةٍ *** شَقَّتْ إِلى دُرَرِ الهُدَى أصْدافا(2)
ص: 30
يا بْنَةَ المُختارِقُومي *** وَ احْضُرِي أَرْضَ الظُّفُوفِ
فَابْنُكِ المَظْلُومُ أمَسْى *** اليَوْمَ طُعْماً لِلسُّيُوفِ
***
قُومِي يا زَهْراءُ قُومِيْ *** وَ انْدُبِي حُزْناً وَ نُوحِي
وَ انْثُرِي الدَّمْعَ وُرُوداً *** فَوْقَ أَشلاء الذَّبيحِ
والطُمِي الخَدَّ عَلَيْهِ *** وَ انْشُرِي الشَّعْرَ وَ صِیحِي
و اذبِیحا غادَرُوهُ *** وَسْطَ ساحاتِ الحتُوفِ(1)
***
أُنْدُبِي السِّبْطَ وَ نُوحِي *** للشَّهیدِ ابْنِ الشَّهِیدِ
وَ الْثُمي شَيْباً خَضِيباً *** زَانَهُ فَيْضُ الوَرِيدِ(2)
وَ امْسَحِي خَداً تَرِيباً *** مُشرِقاً فَوْقَ الصَّعِیدِ
فَهُوَ البَدْرُ الَّذِي لا *** تَدَاعَى لِلْخُسُوفِ
***
وَإِذَا مَرَّتْ يَداكِ *** فَوْقَ صَدْرٍ هَشَموهُ(3)
فَانْزَعِي السَّهم بِرِفْقٍ *** و العَنِي مَنْ قَدْ رَموْهُ
ص: 32
فَبِهذا السَّهُم قَلبُ *** السِّبْطِ ظُلْماً مَزَّقُوهُ
مَزِّقِي الأَحْشاءَ حُزْناً *** لذَوي القَلْبِ العَطُوفِ
***
وانْهَضِي يا بِنْتَ طه *** وَ ابْحَثِي بَیْنَ الرُّبُوعِ
خِنْصرُ السِّبطِ قَطِيعٌ *** ضَاعَ ما بَيْنَ الجُمُوعِ
و اطلُبِيْ بَيْنَ الضَّحَايَا *** جُنَّةَ الطَّفْلِ الرَّضِيعِ
وَ بِلُطْفٍ غَسْلِيها *** مِنْكِ بِالدَّمْعِ الذَّرُوفِ
***
كَانَ عَطَشاناً وَ لمّا *** رامَ ثَدْيَ المُرْضِعاتِ(1)
عِوَض الماءِ سَقَوْهُ *** بسِهامِ النّائباتِ
وَ عُيُونُ الطِّفْلِ كانَتْ *** شاخِصاتٍ للفُراتِ
فَخُذِیهِ وَدَعِیهِ *** عِندَ ذِي القَلْبِ الرَّؤُوفِ
***
وَ مَعَ القَتْلَى عَريسٌ *** لَم يَرَ عُرْساً هَنِيّا
بِدِماءٍ خَضَّبُوهُ *** وَ هُوَ ما زالَ فَتِیا
وَ شبَابٌ قَطَعُوهُ *** في الوَغَى يُدْعَى عَلِيا(2)
حَوْلَ مَنْ أَضحى رَهِينَ *** التربِ يا زَهراءُ طُوفي
ص: 33
وَ شُيُوخٌ و شبَابٌ *** ناصَرُوا سِبْط الرَّسُولِ
جُزِّروا جَزْرَ الأَضاحِي *** فَوْقَ هاتِيكَ الرُّمُولِ(1)
وَ نُجومُ العِزِّ تَأْبى *** كُلَّ آثارٍ الأُفُولِ
وَ شَحُوا طِرْسَ الخُلُودِ *** بِجَمِيلاتِ الْحُرُوفِ(2)
***
وَ بِجَنْبِ النَّهْرِ شِلْو *** لأَيي الفَضْلِ وُجُودُ
مَزَّقَ الغَدْرُ كُلاها *** حِينَ حاطَتْهُ الحُشُودُ
خَرَّ لِلأَرْضِ صَرِيعاً *** حِينَ أَرْداهُ العَمُودُ(3)
فاندُبِي رَأْسا هَشيماً *** وَ لِمَقطوعِ الكُفوفِ
***
قَطّعوا کَفَّيْهِ غَدْراً *** عِندما لِلْماءِ أَحْضَرْ
كَيْ بهِ يَرْوِي قُلُوباً *** مِنْ ظَماها تَتَفَطَّرْ
و اذْخَرِيها كَيْ تَحُجّي *** قاطِعِيها يَوْمَ تُحْشَرُ
فَإِلهُ الكَوْنِ عَدْلاً *** لِعُهودِ الصَّبْرِيُوفي
***
ثُمَّ عُودِي لِلْخِیامِ *** وَ انْظُرِيْ حالَ اليتَامَى
وَ امْسَحِي فَوْقَ الرُّؤوسِ *** وَ اسْمَعِي نَوْحَ الأَيامَى
أَحْرَقَ القومُ خِباها *** أَلْهَبُوا القَلْبَ ضَراما
وَ لکِ الأَجْرُ علی ما *** مَرَّ مِن جَوْرِ الصُّرُوفِ
ص: 34
ص: 35
ص: 36
(بحر البسيط)
الأستاذ إبراهيم محمد جواد (*)(1)
لَهُفِي لِفَاطِمَةٍ قَدْ عَضَّهَا الرَّهَقُ *** فَالْعَيْنُ بَاكِيةُ و القَلبُ مُحْتَرِقُ
هَذا أَبُوها مُسَجِّى تَحْتَهُ طَبَقُ *** وَ عَنْ قَرِيبٍ يُوارِي جِسْمَهُ طَبَقُ
كَمْ كانَ يَرْفَعُها قَدْراً وَ مَنْزِلَةً *** كَمْ كَانَ يَمْطِرُها مِنْ كَفْهِ الْغَدَقُ(2)
فَالْيَوْمَ إِذْ أَطْبَقَتْ عَيْنَيْهِ غَائِلَة *** قَدْ اطْبَقَ الْقَوْمُ أَنْ يَحْطَى بِهَا الْغَرَقُ
قَدْ أَقْبَلُوا يَسْرِقُونَ الْمَجْدِ مِنْ غَدِها *** وَ يَنْهَبُونَ وَ قَدْ أَوْدى بِهِمْ حَمَقُ
وَ يَرْشُقُونَ عَلَى أَبْوابِها حَطباً *** وَ يُضْرِمُونَ بِنَارِ الْحِقْدِ مَا رَشَقُوا
هَبْتُ إلى الْبَابِ تَرْمِي نَارَهُمْ بِنَدِّى *** قَدْراحَ يُطْفِتُها مِنْ سُحْبِها الْوَدَقُ(3)
ص: 37
فَانحازَ ذُو أَنَقٍ وَ انْحَازَ ذُو حَنَقٍ *** وَ عاجَلَ الْبابَ مِنْهُ العُنْفُ وَ النَّزَقُ(1)
فَدَقْ أَضْلُعَها بِالبَابِ يَعْصِرُها *** وَ رَاحَ يَرْكُلُها قَوْمٌ غَداةَ شَقُوا(2)
يَا لِلْبَتُولِ وَ قَدْ صَارَتْ لَهُمْ غَرَضاً *** وَ كُلَّهُمْ فِي وَهادِ الْحِقْدِ قَدْ غَرِقُوا(3)
لِلْأَرْضِ قَدْ سَقَطَتْ قَدْ أَسْقَطَتْ دُرَراً *** مِنْ مُقْلَتَيْها وَ مِنْ أَحْشائِها تَلِقُ
وَ غَادَرَتْ «مُحْسِناً» مِنْ غَدْرِهِمْ مِزْقاً *** يَا لِلبَتُولِ وَ قَلْبُ الظُّهْرِ يَحْتَرِقُ(4)
غَصْبُ الْخِلافَةِ قَدْ أَعْمَى بَصَائِرَهُمْ *** لَوْلا الخِلافَة ما ضَلَّتْ بِهِمْ طُرُقُ
حَيْثُ المَطامِعُ تَحْدُوهُمْ إِلَى فَدَكٍ *** لِيَغْصِبُوها وَ إِنْ أَمْرَ السَّما خَرَقُوا(5)
ص: 38
حَبْلُ المَودَّةِ لِلْقُرْبَى قَدِ انْعَقَدَتْ *** فَما رَعَوْها (وَفَاضَ) الْحَقْدُ وَ الْحَنَقُ(1)
وَ أَغْضَبُوها وَ بَاتُوا غِبَّ غَضْبَتِها *** فِي حَيْرَةِ عَضَّهُمْ مِنْ خَوْفِهِمْ أَرَقُ(2)
وَ كَمْ تَباكَوْا وَ أَبْدَوْا عِنْدَها فَرَقاً *** فَمَا اسْتَجَابَتْ وَ لَمْ يُجِدِهِمُ الفَرَقُ(3)
مَضَوْا حَيَارَى وَ قَدْ ضَلَّتْ طَرائِقُهُمْ *** وَزَادَهُمْ رَهَقاً أَنْ حَضَهُمْ وَهَقُ(4)
ص: 39
(بحر الوافر)
الاستاذ أحمد رشيد مندو(*)(1)
إِذَا أَهْلُ العُلاَ رَامُوا السباقا *** بَنِي الزَّهْراءِ لاتَخْشَوْا لِحاقا
فَمَنْ فِي الْكَوْنِ يَلْحَقُكُمْ بِفَضْلٍ *** وَجَدُّكُمُ الَّذي رَكِبَ البُراقا؟
وَ حَلَّقَ فَوْقَ مِريخ البَرايا *** وَشَقَّ الحُجْبَ وَ السَّبْعَ الطِّباقا
وَ وَالِدُكُم أَخُوه أبُوتُرابٍ *** عَلىٌّ خَيْرُ مَنْ رَكِبَ العِتاقا(2)
وَ أَشْجَعُ مَنْ أَثَارَ النَّقَعَ فِيها *** وَهَرُ السُّمْرَ و البِيضَ الرِّقاقا(3)
وَ أَعْظَمُ كُلِّ أَهْلِ الْأَرْضِ كَرّاً *** إِذا رَحْبُ الوَغَى بِالأُسْدِ ضَاقا
وَ أَمْكُمُ التي مِنْ نُورِ طه *** إلَهُ الْعَرْشِ شاءَ لَها انْبِثاقا
و كانتْ بَضْعَةً زَهْراءُ مِنْهُ *** وَ أَفْضَلَ كلِّ مَنْ ضَرَبَتْ نِطاقا(4)
ص: 40
وَ خَالِقُها غَدَاةَ عَلَى أَبِيكُمْ *** تَولَّى عَقْدَها وَ المَهْرَ ساقا(1)
أَصارَ بِيَوْمِها البَارِي تَعالى *** لها الجَنّاتِ في الدُّنيا صَداقا(2)
ص: 41
وَ يَوْمَ الحَشْرِ حَرَّمَها عَلَى مَنْ *** لَهَا نَصَبَ العَداوَةِ وَ الشّقاقا(1)
وَ لَمْ يَجْعَلْ إِلَهُكُمُ تَعالى *** لِمنْ آذاكُمُ فِيها خَلاقا(2)
وَ يَكْفِي أَنْتُمُ السَّاداتُ فيها *** عَلَى رَغم الألى اتَّبَعُوا النِّفاقا
وَ أَنْتُمْ عِتْرَةُ الْهَادِي وَ طه *** مَعَ القُرْآنِ خَلَّفَكُمْ رِفاقا
وَ خلَّفَهُ هُدًى مَعَكُمْ وَ عَنْكُمْ *** لِيَوْمِ الْحَشْرِ لايَرْضَى افْتِراقا
وَ فَضْلُكُمُ كَنُورِ الشَّمْسِ يَأْبَى *** يَرَى مِثلاً له وَ كَفَى فَواقا(3)
ص: 42
(بحر الخفيف)
الشيخ حسن الدمستاني(*)(1)
هَلْ لِلَمَذْعِ الْجَوَى المُبرِّحِ رَاقِي؟ *** إِنَّ قَلْبِي بِنَارِهِ في احْتِراقِ(2)
صَعْدَ الوَجْدُ مُهْجَتي فَاسْتَحالَتْ *** عَبَرَاتٍ تَفِيضُ مِنْ آمَاقي(3)
و أطارتْ رِيحُ الصَّبَابَةِ رُوحِي *** فَلَها الآنَ عُلقَةٌ بِالتّراقِي
حَقَّ واللَّه أنْ أموتَ غَراماً *** لِمُصَابِي بِصِفْوَةِ الخَلاقِ
عِتْرَةِ الْمُصْطَفَى شُمُوسِ الْهُدَى بَلْ *** أَوْلِياءُ الْوَرَى عَلَى الإطلاقِ
سُلِبُوا سُلْطانَهُمْ فَاسْتَكَانوا *** سُوقةٌ في إمارَةِ الْفُسّاقِ(4)
نَكَثُوا بَيْعَةَ الْغَدِيرِ وَ أَطواق *** مَواثِيقِها عَلَى الأَعْنَاقِ
غَصَبُوا مَنْصِبَ الخِلافَةِ قَهْراً *** وَ اسْتَطَالُوا في عِزَةٍ وَ شِقَاقِ(5)
ص: 43
زَوَّجُوهَا مِنْ غَيْرِ كَفْوِ وَ كَانَتْ *** تَحْتَ كُفْوِ مُهَذَّبِ الأَخْلاقِ
أَلَهُمْ فَسْخُ عَقْدِهَا حَيْثُ شَاؤوا؟ *** فَانْبَرتْ بائِنَا بِغَيْرِ طَلاقِ(1)
قَلدُوا أَمْرَهُمْ... وَ جَاؤوا *** تَحْتَ ظِلَّ الْمُجَرْداتِ الرِّقاقِ(2)
وَ ادْعَوْا بَعْدَهَا الوفاقَ وَ لاَرَيْب *** ظُبا الهِنْدِ جَالِبَاتُ الوِفاقِ(3)
لَسْتُ أَنْسَى إِذْ مَهْبِطُ الْوَحْيِ فِيهِمْ *** مُسْتَباحُ لِلهَتْكِ وَ الإحْراقِ(4)
بِأَبِي مَوثِق الأُسُودِ مُهَاناً *** مُسْتَضاماً مُلبَّباً في وِثَاقِ(5)
ص: 44
قَائِلاً مِثْلَ قَوْلِ هَارُونَ لَمّا *** خَالَفَ القَوْمُ قَوْلَهُ بِاتِّفاقِ
إِنَّ قَوْمِي اسْتَضْعَفُونِي وَ كَادُوا *** يَقْتُلُونِي فَاللَّه لِي خَيْرُ وَاقِ
بِأَبِي فاطِمُ الجَلِيلةُ قَدْراً *** في احْتِقَارٍ وَ قَلْبُهَا فِي احْتِراقِ(1)
نَطقَتْها صُمُ السَّبَاطِ نِطَاقاً *** مَا سَمِعْنَا بِمِثْلِهِ مِنْ نِطَاقِ(2)
وَ لَقَدْ أَسْقَطَتْ بِمِصْرَاعِ بَابٍ *** حَمْلَهَا فَهيَ للأذى في اخْتِنَاقِ(3)
ص: 45
(بحر الكامل)
الشيخ عبد الأمير النصراوي(*)(1)
يا سِرُّ قَدْ هَامَتْ بِكَ الْعُشَاقُ *** يَا مَنْ إِلى نَيْلِ الْعُلَى سَبَاقُ
أفْدِيكَ في رُوحِي وَ كُلِّ جَوارِحِي *** قَلبي إِلَيْكَ عَلَى المَدَى تَواقُ
أَنْتَ العُلَى وَ في عُلاكَ تَفاخُرٌ *** وَ إلى سَماكَ تَهزُّنِي الأَشْواقُ
أَنْتَ أَبْنُ مَكّةَ مَنْ وُلِدْتَ بِبَطْنِها *** وَ عَلَى تُرابِكَ يَنْحَنِي العِمْلاقُ
أَنْتَ الْكِتَابُ وَ سِرُّهُ وَ بَيانُهُ *** بَلْ أَنْتَ مُعْجِزَةٌ لَهُ مِصْداقُ(2)
فِيكَ الْعُقُولُ تَحَيَّرتْ وَ تَبَصَّرَتْ *** وَ إِلَى عُلاكَ تَطاوَلَتْ أَعْناقُ
عَادَتْ مُطَاطِنَةً إِلَيْكَ رُؤُوسَها *** تَهْوِي عَلَيْكَ تَواضُعاً تَنْساقُ
فِي كُلِّ مَعْرَكَةٍ تَخُوضُ غِمَارَها *** وَ أَمَامَ بَأْسِكَ جُنْدُها أَوْراقُ
وَ تُحَتُمُ المَوْتَ الزوامَ عَلَى الْعِدَى *** تَقْضِي بها حُكْماً وَ أَنْتَ بُراقُ(3)
في حُبِّكَ المَولودُ يُولَدُ طَيِّبا *** طابَتْ بِه الآباءُ و الأَعْراقُ
وَإِلى صَرِيحِكَ كَمْ أنَا مُتَلَهُفٌ *** وَ إِلى مَزارِكَ كَمْ أَنَا مُشتاقُ
لكنَّنِي زُرْتُ البَقِيعَ بِلَهْفَةٍ *** وَ بِحَسْرَةِ رُوحِي إِلَيْهِ تُساقُ
فَسَأَلْتُ عَنْ قَبْرِ الْبَتُولَةِ فَاطِمٍ *** أَمْشِي وَ كُلُّ عَواطِفِي أَشواقُ
ص: 46
قالُوا غَدًا ذاكَ الصَّرِيحُ مُغَيَّباً *** قَدْ غَيَّبَتْهُ غِوَايَةٌ وَ نِفَاقُ(1)
إِنَّ الألى غَصَبوا البَتُولَةَ حَقَّها *** مِنْ يَوْمِهِمْ بَدَتِ الدِّماءُ تُراقُ(2)
ص: 47
رُوحِي فِداها رُوِّعَتْ مِنْ ظُلْمِهِمْ *** وَ الظَّالِمُونَ لِرُشْدِهِمْ ما فاقُوا(1)
يَا سَيِّدِي قَسَماً عَلَيْكَ بِفَاطِمٍ *** أُمّ الأيمَةِ مَنْ لَهَا إِشْفَاقُ
يَا سَيِّدي كُنْ لي مُعِيناً في غَدٍ *** يَوْمَ الْمَمَاتِ إِذا يَحِينُ فِراقُ
ص: 48
(بحر الكامل)
الشيخ عبد الكريم صادق(*)(1)
كَمْ سارَ خَلْفُكَ يا عَلِيُّ الفَيْلَقُ *** وَ لِواءُ أَحْمَدَ فَوْقَ رَأْسِكَ يَحْفُقُ
وَ أَمَامَكَ الرُّعْبُ الَّذي كَمْ أُرْعِدَتْ *** مِنْهُ الفَرائِصُ وَ الصَّوارِمُ تَبْرقُ(2)
وَ غِرارُ سَيْفِكَ كَمْ غَدَتْ لِهَوِيِّهِ *** تَهْوي الرِّجالُ عَلَى الْوُجُوهِ وَ تُصْعَقُ
فتَطيرُ جُمْجُمَةٌ وَ يَنْدُرُ كَاهِلُ *** وَ سَواعِدٌ تَهْوِي وَ تَسْقُطُ أَسْوُقُ
وَ فُتوحُ أَحْمَد كُلُّها لَكَ تَنْتَمِي *** إِذ مِنْكَ فُضَّ رِتاجُها المُسْتَغْلِقُ
لَوْلاكَ مَا حَجَّ الحَجِيجُ مُلبياً *** وَ سَرَتْ بِهِمْ نَحوَ الْحُجُونِ الأَيْنُقُ
وَ عَلَا عَلَى الْبَيْتِ الْحَرامِ بِلالُهُمْ *** مِنْهُ الأذانُ بُيُوتَ مَكَّةَ يَخْرِقُ
وَ غَدا طَرِيدُ قُرَيْشٍ مالِكَ أَسْرِهِمْ *** وَ لِعَظفِهِ مَدُّوا الْعُيُونَ فَأَطْلَقُوا
وَ الشِّرْكَ أَنْتَ مَحقَّتَهُ وَ بكَ الهُدَى *** رَسَخَتْ قَواعِدُهُ التى لاتُمْحَقُ(3)
لَكَ هَذِهِ إِحْدَى مَنا قِبِكَ الّتي *** لَيْسَتْ تُعَدُّ و شَاوُها لايُلْحَقُ
كُمْ رَامَ قَوْمٌ دَرُكَ شَوْطِكَ في العُلى *** لكنَّهمْ طَلَبُوا المُحالَ فَأَخْفَقُوا
آخاكَ أَحْمَدُ يَوْمَ آحَى بَيْنَهُمْ *** وَ بِكُلِّ شَكْلٍ شَكْلُهُ هُوَ أَلْيَقُ
ص: 49
وَ حَبَاكَ بالزَّهْرَاءِ إِذْ خُطَابُها *** رُدُّوا وَ قَدْ نَكَسُوا الرُّؤْوسَ وَ أَطرَقُوا
إذْ كُنْتَ وَحْدَكَ كُفأها وَ بَنُو الْوَرَى *** طُرّاً لِشَأْوِ مَقامِها لَمْ يَرْتَقُوا
هِي تِلْكَ سَيْدَةُ النِّسَاءِ وَ فَضْلُها *** كَالشَّمْسِ وَضَاحُ المَباسِم مُشْرِقُ(1)
وَ هْيَ التي مِنْ كُلِّ رَجُسٍ طُهَرَتْ *** فَالرّجُسُ في أَذْيالها لا يَعْلَقُ(2)
هِيَ رَبَّةُ الشَّرَفِ الأَصِيلِ وَ مَنْ لَها *** شِيمُ بِعَرْفِ شَذا النُّبُوَّةِ تَعْبَقُ(3)
و الدُّرَّةُ العَصْماءُ في التَّاجِ الذي *** لِلْفَخْرِ مِنْهُ غَدا يَزانُ المَفْرِقُ
وَ هْيَ الّتي في الأرضِ عَقْدُ زَواجِها *** فَرْعُ لَعَقْدٍ فِي السَّمَا هُوَ أَسْبَقُ(4)
راحيلُ يَخْطِبُ وَ المَلائِكُ شُهَّدٌ *** واللَّهَ يَمْهَرُها الجِنانَ و يَصْدِقُ
وَ الحورُ تَنْثُرُ فَوْقَهَا طُوبَى الحُلَى *** فَمُقَرِّطُ منها بها و مُطَوَّقُ(5)
ص: 50
هِي تِلْكَ زَهْرَاءُ الْجَبِينِ فَنُورُها *** يُمْحَى بِهِ حَلَكُ الظَّلامِ المُطبِقُ(1)
كُمْ شَعَّ في مِحْرَابِها وَ اللَّيْلُ قَدْ *** أَرْخَى السُّدُولَ وَ دَمْعُها يَتَرقْرَقُ
هِيَ فيه راكِعةٌ و ساجدَةٌ *** وَ رَافِعةُ الدُّعاءِ لِرَبِّها تَتَحَرَّقُ
هِيَ مَنْ لَها مِنْهُ الشَّفَاعَةُ فِي غَدٍ *** فَتَفُكُ أَسْرَ الخاطِئِينَ و تُطْلِقُ(2)
وَإِلَى الْجِنانِ تُزَفُّ بِنْتُ محَمّدٍ *** زَفَّ الْعَرُوسِ وَ كُلُّ طَرْفٍ يَرْمُقُ
في هَوْدَجِ مِنْ جَوْهَرِ أَرْكَانُهُ *** وَ سِتارُهُ الدِّيباجُ و الإِسْتَبْرَقُ
وَ الحُورُ مِنْ طَرَبٍ تَميلُ و تَنْتَنِي *** رَقصاً وَ أَوْرَاقُ الجِنانِ تُصَفِّقُ(3)
ص: 51
(بحر الوافر)
الأستاذ علي محمد الحائري(*)(1)
عَلَى ذِمَم المُروءَةِ ما أُلاقي *** أُذَمُّ لَهَا وَ لاتَأْلُو رِهاقِي(2)
نَوَارٌ تَخْلِسُ الْحَسَنَاتِ مِنّي *** لِتُرْجِعَها إِلى بُغْضِ الشَّقاقِ(3)
وَ تُلْجِئُنِي الضَّرُورَةُ فِي كَثِيرٍ *** مِنَ الخَلَاتِ أَنْ أَنْسَى احْتِراقِي
وَ لَسْعُ الجَمْرِ يَنْخُرُ في أَتُونِي *** وَ نَارُ الْيَأْسِ تُصْلِي مِنْ حِداقي(4)
وَ لَيْسَتْ خُلَّتى فَرْكاً لِصَوْنِي *** وَ لاالتَّنْهِيزُ ضِئْراً مِنْ خَلاقِي(5)
أَرُومُ مِنْ مَناسبَ جاذَبَتْني *** إلى عُمقِ الْفَضِيلَةِ وَ اللّياقِ(6)
أَبَتْ دَهْياءَ كَاسِفَةً أَلَمَّتْ *** وَلَكِنْ فَاتَها شَمَاً خِناقي(7)
وَ لا أُدْلِي بِدَلْوِي في قَلِيبٍ *** تَأَسَّنَ مِنْ مُجاجَاتِ النِّفاق(8)
شَرِبْتُ دَمِي عَلَى ظَمأٍ حِذاراً *** مِنَ الْكَأْسِ المُرَنَّقِ في الدّهاقِ(9)
ص: 52
وَ أَسْبَلْتُ الْجُفُونَ وَ قَدْ تَلالَتْ *** قَنادِيل بأطياف رِقاقِ
يُواعِدْنَ الْمُذَذِبَ بِالأَمانِي *** وَ يُوعِدْنَ المُخاتِلَ بِالمِحَاقِ(1)
وَ يَنْثُرْنَ الحَدَائِقَ زَاهِياتٍ *** عَلَى مُقَلٍ مُلَبَّدَةٍ طِباقِ
فيا عَجبي لِشِدْقِ الذُّنْبِ يُخْفِي *** نَواجِدَهُ وَ يَركَنُ لِلْوِفاقِ(2)
وَ يَا أَسْفِي عَلَى الأحلام ألاّ *** أُعَيْف طَيْرَهُنَّ إِلَى المَراقِي
وَ يَا قَدَمَيَّ أنْ تَطَارِ مَالاً *** عَلَى الرَّمْضَاءِ دَامِيَةَ الْمُساقِ؟
لَشَلَّتْكِ الخُطُوبُ وَ لاأُبالي *** وَ لَوْ كُنَّ الأوابِدُ مِنْ رِفاقي
وَ خُضْتُ بِكِ الْمَنايا كَالِحاتٍ *** وَ لَوْ جُوبِهتُ مِنْ ضُنَنِ الإباقِ(3)
أُذِيقُكِ مِنْ وَجَا أَلَمِ التَخَطَّي *** عَلَى حَسَكِ التَّغَرُّبِ في الزَّقاقِ
وَ أَبْلُو مِنْكِ في الكَبَواتِ صَبْراً *** يُبَرِّحُ غِبَّ أَوْ شَابِ المَذاقِ(4)
أَلَسْتِ عَلَى المَحَجَّةِ مِنْ وَلاءٍ *** لآلِ الْبَيْتِ وَ القمَمِ السِّماقِ
فَكُونِي نِدَّ شَأْوِكِ فِي هَواهُمْ *** وَ لُزِّي خَيْرَ خَيْلِكِ لِلسِّباقِ
ويا لسِناً تَجَلْبَبَ مِنْ يَرَاعِ *** وَ وَرَّثَ مِنْ بَلاغاتٍ عِتاقِ(5)
هُنا في ساحَةِ الزَّهْرَاءِ يَحْلُو *** طِرادُكَ فَالْتَمِسُ جُنْحَ البُراقِ
و حُتَّ خيارَ شِعْرِكَ في هَواها *** بِمَضَمَارَيْنِ مُحْتَرِمٍ وَ بَاقي(6)
ص: 53
تَرَى الدُّنيا مُوَثَقَةً عُراها *** وَ آلُ الْبَيْتِ خَيْرُ عُرا وِثاقِ(1)
وَ مَنْ وَالَى البَتُولَ وَ لاذَمِنْها *** إِلى أُفُقِ الفَضِيلَةِ وَ الوفاقِ
يُثَابُ الجَنَّتَيْنِ عَلَى هَواها *** رِضَاءِ اللَّهَ وَ الذِّكْرِ البَواقِي
وَ يَا عَيْنُ امْنَجِي الزَّهراءَ دَمْعاً *** فَواتِقُهُ تَجِلُ عَنِ الرِّتاقِ
فَمَا أَشْنا الحِباسَكِ في الطَّوايا *** وَ مَا أخرَى انْهمَا لَكِ في المَاقِي
ص: 54
(7) يا رب جئتك أشتكي
(بحر الكامل)
الشيخ ملا علي آل رمضان(*)(1)
يَوْماً بِهِ تُطوى السَّما مِنْ بَعْدِ ما *** تُمْحَى ثَواقِبُها مِنَ الآفاقِ(2)
وَ الْخَلْقُ تُحْشَرُ في صعيدٍ واحدٍ *** يَغْلي و ليس لَهُمْ به مِنْ وَاقِي
وَ بِه إلى الْجَبَّارِ تَأْتِي فاطمٌ *** مِنْ حُزْنِها مَشْقُوقَةَ الأَزْيَاقِ(3)
تَدْعُو و أَدْمُعُها عَلَى وَ جَناتِها *** لِمُصابها تَجْرِي مِنَ الآماقِ(4)
يا رَبِّ جئْتُكَ أَشْتَكِي مَغْصُوبَةٌ *** مِنْ إِرْثِ طهَ َوالِدِي اسْتحقاقِي(5)
ص: 55
وَ بِمَنْزِلِي هَجَمُوا عَلَيَّ وَ أَخْرَجُوا *** مِنْهُ عَليّاً طيب الأَعْراقِ(1)
مِنْ دارِهِ ساقُوهُ وَ هُوَ مُلَبَّبٌ *** مُتَكَاثِرِينَ عَلَيْهِ، أَي مَساقِ
فَرَجَعْتُ كاظِمَةً وَ لَمْ يُصْغَ إلى *** قَوْلِي وَ فَاضَتْ بالدُّموع أماقِي
فَتَتبَّعوا بِالْقَتْلِ إبْنَاهُ وَ لَمْ *** تُبْقِ لَهُمْ عُصَبُ الضَّلالِ بَواقي
قَتَلُوا ابنهُ الحَسَنَ الزَّكيَّ الْمُجْتَبَى *** بالسُّمُ يَا رَبَّاهُ بَعْدَ فِراقي
وَ بِكَرْبَلا قَتَلُوا حُسَيْناً ظَامِناً *** و الما بِخُمْسِ الْأَرْضِ كَانَ صَداقي(2)
وَ مُخَدَّراتِي شَهْرُوها بَعْدَهُ *** مشقوقَةَ الأَزْياقِ في الأَسْواق
يَسْتَرْنَ بِالأَيْدِي الوُجوهَ لأَنَّها *** عَن أَعْيُنِ الأعْدا بِغَيْرِ رِواقِ(3)
ص: 56
زَفَرَاتُها المُتَرادِفاتُ طَعَامُها *** وَ شَرابُها مِنْ دَمْعِها المُهْراقِ
تُطوى بها بيدُ الشهولِ هَدِيَّةً *** لِيَزيدَ وَ هُيَ عَلَى ظُهُورِ نِياقِ
وَ كَريمُ كافِلِها يَلُوحُ أمامها *** يَحْكِي بُدورَ التِّمْ بالإشَراقِ
فَإِذَا رَأَتْهُ تَناثَرَتْ عَبَراتُها *** أَسَفاً عَلَيْهِ دَماً مِنَ الأَحْداقِ
و عَلَيلُهَا زَيْنُ العِبَادِ مُصَفَّداً *** مُصنِّى أسيراً في أشدّ وثَاقِ
يَدْعُو الحَوادِي وَيْلَ أَمْكُمُ ارْحَمُوا *** ذُلّي فَإِنَّ القَيْدَ جَرَّحَ سَاقِي
فَتُساقُ أَعْداها إلى أقْصى لَظَى *** مَغْلُولةَ الأَيْدِي إِلَى الأَعْنَاقِ(1)(2)
ص: 57
ص: 58
ص: 59
ص: 60
(بحر الطويل)
الأستاذ عبد العزيز العندليب(*)(1)
علَيْكِ سَلامُ الله في يَوْمِ ذِكْراكِ *** وَ رَحْمَتُهُ يا بَضْعَةَ المُصْطَفَى الزَّاكِي(2)
وَ يا (لَيْلَةَ القَدْرِ) التي دُونَ قَدْرِها *** وَ إدراك معنى كُنْهِ ما كُلُّ إِدراكِ(3)
وَ يا آيةَ (الفَجْرِ) الذي نَسَمَاتُهُ *** إلى أَبَدِ الآبادِ تُنْبِي بِرَيَّاكِ(4)
وَما قَدْرُ قَوْلي فِيكِ يا خيرةَ النِّسا *** وَ رَبُّكِ عَنْ مَدْحَ البَرِيَّةِ أَغْناكِ(5)
وَ ذُلِكَ إِذْ أَثنى عَلَيْكِ مُمَجْداً *** بِمُحْكَمِ آيَاتِ الكِتابِ فَأَعْلاكِ
ص: 61
فَفِي (آيَةِ القُرْبَى) بِفَرْضِ مَوَدَّةٍ *** و (هَلْ أَتى) بَعْضُ الذي هُوَ آتاكِ(1)
وَ أَذْهَبَ قِدْماً عَنْكِ كُلَّ دَنِيَّةٍ *** وَ صَفَاكِ عَمَّا عُدَّ رِجْساً و أَصْفاكِ(2)
وَ لَقَبَكِ المُخْتَارُ (سيدة النسا) *** وَ بِالعِزَّ وَ العَلْياءِ و المَجْدِ أَوْلاكِ(3)
فَنِلْتِ مِنَ الفَخْرِ التَّلِيدِ بِأَحْمَدٍ (صلي الله علیه و آله و سلم) *** وَ حُزْتِ مِنَ الفَضْل الطَّرِيفِ بِتَقْوَاكِ(4)
وَ لَمْ أَرَ في مَعْناكِ وَصْفاً وَ إِنَّما *** يَتِيهُ ذَوُو الْأَلْبَابِ فِي وَصْفِ مَعْناكِ
ص: 62
وَ ما اللَّيْلُ إلا مِنْ حَيائِكَ آيَةٌ *** وَ ما الصُّبْحُ إِلا لَمْعَةٌ مِنْ مُحيَّاكِ(1)
وَ أَنْتِ لِخَيْرِ الخَلْقِ فِي الحَقِّ كَوْثَرٌ *** بِرَغْم عَدُوٍّ شانِي جِدَّ أَفَاكِ(2)
فأَعْطَاهُ مِنْكِ الله نَسْلاً مباركاً *** وَ فِيكِ لَهُ النُّعْمى واللَّه نُعْماكِ
فيا مَطلَعَ الأَقْمارِ في أُفُقِ الهُدَى *** تَبَدَّدَ مِنْ أنْوَارِها كُلُّ إحْلاكِ(3)
وَ يا مَجْمَعَ البَحْرَيْنِ وَ الدُّرِّ فِيهِما *** وَ يا مَنْبِتَ الأَزْهَارِ مِنْ دُونِ أَشْواكِ
حَباكِ الَّذِي سَوَّاكِ ذاتاً كَريمةً *** فَسُبْحانَهُ مِنْ جَوْهَرِ القُدْس سَوَاكِ(4)
و خَصَّكِ منه بالمَكارِمِ كُلِّهَا *** وَ كُلُّ المَعالِي وَ المَحامِدِ أَعْطَاكِ(5)
ص: 63
يَتِيهُ ذَوُو الْأَلْبابِ في وَصْفِ مَعْناكِ *** وَ يَعْيا الوَرَى عَنْ ذِكْرِ بَعْضِ سَجاياكِ(1)
وَ حَسْبكِ أَنَّ الله يَسْخَطُ لِلَّذِي *** سَخَطَتِ وَ يَرْضَى بِالَّذِي كَانَ أَرْضاكِ(2)
و ما ابْنَةُ عِمْرَانٍ بِرَغْمِ جَلالِها *** لِتَرْقَى إِلَى أَدْنَى مَاتِبِ مَرْقاكِ(3)
و ما أُمَّ إِسْمَاعِيلَ (هاجَرُ) في العُلَى *** بِبالِغَةٍ مِعْشَارَ مِعْشَارِ عَلْيَاكِ(4)
وَ كَيْفَ وَ خَيْرُ المُرْسَلِينَ مُحَمَّدٌ (صلي الله علیه و آله و سلم) *** أَبُوكِ وَ سِبْطاهُ الإمامانِ إبْناكِ؟
و ما في النِّسا في العالَمِينَ بِأَسْرِها *** لِحَيْدَرَةِ كُفْو إلى الحَشْرِ لَوْلاكِ(5)
وَ أَنْتِ وِعاءُ لِلإِمَامَةِ فَالأُلى *** هُمُ صَفْوَةُ البارِي مِنَ الخَلْقِ أَبْناكِ(6)
ص: 64
وَ هُمْ حُحَجُ البارِي تَعَالى عَلَى الوَرَى *** فما كانَ أَسْمَاهُمْ بِحَقِّ وَ أَسْماكِ(1)
وَ لا عَجَباً أَنْ كانَ يَدْعُوكِ أَحْمَدٌ(صلي الله علیه و آله و سلم) *** بأمَّ أَبِيها فَهُوَ بِالصِّدْقِ سَمَاكِ(2)
فَعِتْرَةُ طَهَ نَفْسُهُ دُونَ رِيبَةٍ *** وَ لَيْسَ لَهُمْ أُمّ و لا رَيْبَ الآكِ(3)
فيا بَضْعَةَ الهادِي الأمينِ تَحِيَّةٌ *** مبارَكَةٌ في عِيدِ مَوْلِدِكِ الزَّاكي(4)
ص: 65
أَتَيْتِ فَعَمَّ الكَوْنَ نُورٌ وَذبَهْجَةٌ *** وَفاحَ عَلَى الدُّنْيا أَرِيجُ الهُدَى الذَّاكِي(1)
وَ قَدْ بَعَثَ الرَّحْمَنُ حُورَ جِنانِهِ *** وَ خَيْرَ نِساءِ الخُلْدِ كَيْ تَتَلَقَّاكِ
وَ قالَ لَهُنَّ اهْبِطَنَّ بالبِشْرِ وَ الهَنا *** إلى بَيْتِ طَهَ (صلي الله علیه و آله و سلم) وَ هْوَ مَهْبِطُ أَمْلاكِ
فَجِئْنَ وَبَلَّغْنَ السَّلامَ (خَدِيجَةٌ) *** وَ قُلْنَ لَها بُورِكْتِ فَالْخَيْرُ و افاكِ
فلا تَحْزَنِي وَ اسْتَبْشِرِي بِوَلِيدَةٍ *** مُبارَكَةٍ مَيْمُونَةٍ هِيَ زَهْراكِ
بِفاطِمَةٍ خَيْرِ النِّساءِ وَ إِنَّها *** هِيَ التَّحْفَةُ المُهْداةُ مِنْ عِندِ مَوْلاكِ
وَذِي أُمُّنا حَوْا، وَها أَنا مَرْيَمٌ *** وَ تلكَ صَفُوراءٌ وَ هاجَرُ أُخْتاكِ
أَتيْنا نَلِي عِنْدَ الوِلادَةِ مِنْكِ ما *** تَلِيهِ النّساءُ مِمَّنْ يَلِدْنَ فَبُشْراكِ
فَوَلَّدْنَها وَ الكَوْنُ يَعْمُرهُ السّنا *** وَقَرَّ رَسُولُ الله (صلي الله علیه و آله و سلم) عَيْناً بِلُقياكِ
فيا بنتَ خَيْرِ الخَلْقِ مِنْ وُلْدِ آدَمٍ *** عَلَيْكِ سلامُ الله في يَوْمِ ذِكْراكِ
ص: 66
و يا نَفَراً ما كانَ لَوْلاً وَجُودُهُمْ *** سَماء وَ لاالأَرْضُ وَ لادُورُ أَفْلاكِ(1)
غَدا حُبُّكُمْ مِنْ أَضْلَعِي مُتَمَكِّناً *** وَ سارَ بها كالكهرباء بِأَسْلاكِ
وَ حَسْبِيَ أَنِّي في الوَلاءِ مُوَحُدٌ *** لَكُمْ وَ أرى في الغَيْرِ مِدْحَاةَ إِشْرَاكِ
عليكُمُ سَلامُ الله ما ذَرَّ شارِقٌ *** وَ ما ناحَتِ القُمْرِي شَجُواً عَلَى الرّاكِ(2)
لَقَدْ فَازَ مَنْ والاكِ يا بَضْعَةَ الهُدَى *** وَ قَدْ خَابَ يَوْمَ الحَشْرِ مَنْ كانَ ناواكِ(3)
و تَعْساً لقوم ضَيْعُوا فِيكِ أَحْمَداً *** وَ ما قَالَهُ إِذْ كَدَّرُوا صَفْوَ دُنياكِ(4)
ص: 67
تَجرَّعَتِ أصناف الأذى مِنْ عِصابَةٍ *** أَرَتْكِ مِنَ الظَّيْمِ الكَثِير فَأَضْناكِ(1)
فَقَدْ حاوَلُوا أَنْ يَمْنَعُوكِ عَنِ البُكا *** عَلى المُصْطَفَى المختارِ إذْ طَالَ مَبْكاكِ(2)
كما منعوك الإِرْثَ في (فَدَكِ) و قَدْ *** أَتاهُمْ بِهِ الوَحْيُ المُؤَيِّدُ دَعْواكِ(3)
و كَمْ أَظْهَرُوا مِنْ خِشَةٍ وَدَناءَةٍ *** فما كانَ أَدْنَاهُمْ نُفوساً وَ أَعْلاكِ(4)
ص: 68
و ما كانَ أَقْسَى القَوْمِ حِينَ تَجَمَّعوا *** عَلَيْكِ وَ بِالنِّيرانِ أُخْرِقَ مَأْواكِ(1)
و إِذْ أَسْقَطُوا مِنْكِ الجَنِينَ وَ يا لَهُ *** مُصابٌ جَليلٌ قد دهاكِ فَأَوْهَاكِ(2)
إلى أَنْ قَضَيْتِ النَّحْبَ بِالحُزْنِ وَ الأَسَى *** وَ أَخْفى عَلِيٌّ خِيفَةَ القَوْمِ مَثْواكِ(3)
لَئِنْ يَكُ لايُدْرَى لِقَبْرِكِ مَوْضِعٌ *** فَقَبْرُكِ فِعْلاً في قُلُوبِ أَحِبَاكِ
ص: 69
قَدْ أَطالَ السُّهادَ طُولُ نَواكا *** فَمَتى تَسْعَدُ الوَرى بِلِقاكا؟
وَ أَسالَ القُلُوبَ منّا عُيوناً *** مُعْصراتٍ مِنَ العُيُونِ هَواكا؟(1)
يا إمامَ الهُدَى وَ خَيْرَ مَلِيكٍ *** جَعَلَ الله جُنْدَهُ الأَمْلاكا
غِبْتَ عَنْ أَنْفُسٍ قَضَتْ فيكَ صَبْراً *** وَ هُيَ مُشتاقة إلى مَرْآكا
إلى أن يقول :
فقضى المُصْطَفَى عَظِيمَ مُصابٍ *** جَلَّ خَطْبٌ دَهَى الهُدَى و دهاكا
أنَبِيُّ أُنِيبَ في فادحاتٍ *** ما أُنِيبَ النَّبِيُّ لا وعُلاكا
ما لَقِي المُرْسَلُونَ في الدَّهْرِ إِلَّا *** بَعْضَ بَلْوَى مُحَمَّدٍ وَ بَلاكا
بَثَّ فِي قَوْمِهِ الهُدَى فَعَدَوْهُ *** عَنْ فُسُوقٍ كَمَنْ ضَلالاً عِدَاكَا
أَوَ تَنْسَى ما أَحْدَثُوهُ قَدِيماً *** وَ حَدِيثاً مِن الشّقاقِ انْتِهاكا
أَوَ تَنْسَى حاشاك ما قَدْ جَنَى الجِبْتَانِ *** فِي غَصْبِ فاطم حاشاكا(2)
أَوَ تَنْسَى إِذْ لَبَّبُوا صِنْوَطه *** و أَباحا حِمَى الوَصِيِّ حِماكا(3)
أَوَ تَنْسَى إِذْ أَوْقَفاهُ مُقاداً *** مُوثَقاً في بُنُودِهِ إمْساكا
فَدَعَا بِالنَّبِي دَعْوَةً هارونَ *** لِموسَى إِذْ كَانَ هَذا كَذاكا
قَائِلاً: يَابْنَ أُمِّ وَ البَضْعَةُ الزَّهْراءُ *** تَقْفُو الوَصِيَّ عدواً أباكا(4)
ص: 71
هؤلاء المَلا قَدِ اسْتَضْعَفُونِي *** كَوَصِيِّ الكَلِيمِ عِندَ أُولاكا
ما دَرَوْا أَنَّكَ ابْنُ أُمِّي قُرْباً *** حَيْثُ أُدْعَى دونَ الأَنامِ أَخاكا
أَنْكَرُونِي مِنْ بَعْدِ أَنْ عَرَفُونِي *** آنفاً أَنَّني هُدًى مُرْتَضاكا
جَهِلُوا مِنكَ مَنْزِلِي بَعْدَعِلْمٍ *** مِنْهُمُ أنَّ لِي مُقامَ عُلاكا
وَدَروْا أَنَّنِي الأَمِيرُ عَلَيْهِمْ *** يَوْمَ حُمُ إِذْ بايَعُونِي هُناكَا
نَكَثُوا عَهْدَكَ الوَثِيقَ انْتِقاضاً *** وَ بِسُخْطِ الإِلهِ باؤُوا ائتِفاكا
غادَرُونِي غَدْراً حليف شُجُونٍ *** حَيْثُ قَدْ أَعْرَضَ الوَرَى عَنْ هُداكا
وَ أَرادُوا إطْفاءَ نُورِكَ بَغْياً *** و أبى رَبُّكَ انْطِفَاءَ سَناكا(1)
ما كَفَاهُمُ عَزْلي عَنِ الحَقِّ حَتَّى *** غَصَبُوا فاطِماً وَ أَعْفَوْا بِناكَا
مَزَّقُوا الصَّكَّ وَ اسْتَباحُوا حِمَى *** رِبِّكَ في هَضْمٍ فاطِمٍ و حِماكا(2)
وَ أَراعَ الجِبْتَانِ بِنتَكَ ظُلماً *** وَ يتَرْويعِها أَسَى رَوَّعاكا
أَوْجَعاها بِالسَّوْطِ قَرْعاً وَ ضَرْباً *** مُؤلِماً جِسْمَها كَما أَوْجَعاها(3)
جَرَّعاها كَأْساً أمر من الصّابِ *** مَذاقاً كَما الرَّدى جَرَّعاکا(4)
ص: 72
كَيْفَ يَابْنَ الوَصِيِّ لاتضْرِم النَّارَ *** على مَنْ لظى الأَسَى أَصْلَياكا(1)
أو تَنْسى إذ أَضْرَما النَّارَ بالبابِ *** وَ عَصْرَ البابِ الّذي أشْجاكا
کَسَرا ضِلْع فاطِمٍ أسْقَطاها *** مُحْيِناً هَیّجا أَساها هُناکا(2)
غادَراها عَلِيلَةَ الجِسْمِ غَدْراً *** مِنْ عَناها لا تَسْتَطيعُ حِراكا
فَقَضَتُ بالشُّجُونِ وَ الظُّلْمَ مِمَّنْ *** عَنْ مُوالِيكَ نَيْراً غَيْباكا
قَدْ قَضَتْ نَحْبَها نَحيباً مِنَ الجِبْتَيْنِ *** تَيْمِ الضَّلالِ وَ ابْنِ صَهاکا(3)(4)
ص: 73
(بحر الخفيف)
الأستاذ عبد القادر الجيلاني
لاَ وَربِّي، وَ حَقِّ طه أَبِيكِ *** لايَطِيبُ المَديحُ إلّا فيكِ
بَضْعَةُ المُصْطَفى وَ للجزءِ حُكْمُ الكُلِّ *** يُرْضِيهِ كُلُّ ما يُرْضِيكِ(1)
فَلْذَةٌ مِنْهُ فِي المَشاعِر و الإحساس *** يُؤذِيهِ كُلُّ ما يُؤذِيكِ(2)
إنْ بَدَتْ مَسْحَةٌ مِنَ الحُزنِ يَوْماً *** في مُحَياكِ شُوهِدَتْ في أَبِيكِ(3)
وَحدةُ الذَّاتِ لِمْ يَنلُها انْفِصامٌ *** وَ هُيَ سِرٌّ وَرَثْتِهِ لِبَنِيكِ
***
ص: 74
أنتِ شِبْهُ النَّبِيِّ في كُلِّ شَيْءٍ *** يَشْهَدُونَ النَّبِيَّ إِن شاهَدُوكِ(1)
أنتِ رَيْحَانَةُ النَّبِيِّ إذا ما *** شَمَّهَا سُر، كَيْفَ لا يُدْنِيكِ؟(2)
حينما تُقبِلينَ يَنْهَضُ مَسْرُو *** راٌ وَ مِنْ بَحْرِ عَظفِهِ يَرُويكِ
رُتْبةٌ دُونَها المَراتِبُ فِي القُرب *** وَ فَضْلٌ منَ الإِلهِ المَليكِ(3)
رُتْبةٌ الخرَجَتْ ضَعَائِنَ أَقْوامٍ *** فَبَثُوا الأَحقادَ بالتَّشكِيكِ(4)
***
ص: 75
فَسَّرُوا قَوْلَهُ «المودةَ في القُرْبى *** بِقُرْبَى الجَمِيعِ، لا بِذَوِيكِ
و أَحادِيثَ أَنْكَرُوها وَ أُخْرَىٰ *** ضَعَّفُوها لأَنَّها تَعْنِيكِ
حَسَداً مِنْهُمْ وَجَهْلاً فَلَوْلا *** جَهْلُهُمْ بِالمَقامِ ما حَسَدُوكِ
لَوْ أَحَبُّوا أَباكِ حَقّاً أَحَبُّو *** لكِ ويَقْلِيهِ كُلٌّ مَنْ يَقْلِيكِ(1)
فَهِمُوا مِنْ «لَوْ أَنَّ فاطمَ» فَهُماً *** وَ مِنْ جَهْلِهِمْ بِهِ انْتَقَصُوكِ
ضَرَبَ المُصْطَفَى بكِ المَثَلَ الأعْلَى *** و هذا التَّفْضِيلُ لَوْ أَنْصَفُوكِ
***
ثُمَّ قَالُوا أَزْواجُهُ «أَهْلُ بَيْتِ» *** قَدَّرُوهُنَّ بالَّذي قَدَّرُوكِ
وَ«حديثُ الكِساءِ» خَصَّصَ مَعْنى *** الآلِ فِي ابْنَيْكِ و الوَصِيِّ وَ فِيكِ(2)
وَ «حَدِيثُ الكساءِ» حِصْنٌ مَنيعٌ *** وَ هُوَ سُورٌ من كلِّ «رِجْسِ» یَقیِکِ
وَ «حَديثُ الكساءِ» تاجُ مِنَ المُختارِ *** يُزْرِي بتاج كُل المُلُوكِ
وَ دَلِيلُ التَّطْهِيرتاجٌ من اللَّهِ *** فَتِيهي بِفَضْلِ مَنْ تَوَجُوكِ(3)
هُمْ مِنَ «الرِّجْسِ» طَهَّروكِ فَطُهُرْتِ *** وَ هُمْ عَنْ جَهَنَّمَ فَطَمُوكِ(4)
***
ص: 76
قَدْ قَضَى اللهُ أَنْ يُتِمَّ بكمْ نُورَ *** هُداهُ بالرغم من شانِتيكِ(1)
أنتِ كالبَحْرِ في العَطاءِ و أَوْلادُكِ *** كالدُّرِّ مالِئاً شاطِيكِ
قدْ دَعا المُصْطَفَى بأنْ يُخْرِجَ اللَّهُ *** كَثِيراً من نَسْلِكِ المَبْرُوكِ(2)
فَكَأَنِّي بِهِ يُهَمْهِمُ يَدْعُو *** في لَيالِي الزَّفافِ إِذْ يَحْبُوكِ
بِدُعاءِ الأَبِ الشَّفِيقٍ ويُولِي *** زَوْجَكِ المُرْتَضَى بما يُولِيكِ
أنتِ آثَرْتِهِ بِخُبْزِ وَ قَدْجاعَ *** ثَلاثاً وَ لَيْسَ بالمَنْهُوكِ(3)
و بلا خادِم صَبَرْتِ على البيتِ *** و بالصَّبْرِ دائماً يُوصِيكِ(4)
وَ الرَّحَى أَثْرَتْ بِكَفَّيكِ لَوْ تَدْري *** الرَّحَى من تَمَسُّها تَقْدِيكِ
ص: 77
و أَسرَّ النَّبِيُّ في ساعَةِ الكَرْبِ *** فَأَبْكاك، ما الذي يُبْكِيكِ؟(1)
قدْ أَلِفَتِ الحَياةَ بالقُرْبِ مِنْهُ **** فَتَاثَرْتِ بالفِراقِ الوَشِيكِ
ثُمَّ أَدْناكِ ثانياً فتَبسَّمْتِ *** فَهذا أَبُوكِ يَسْتَرْضِيكِ
باللّحاقِ السَّرِيعِ بَعْدَ شُهورٍ *** كُلُّ شَيْءٍ يَهُونُ بعدَأَبِيكِ
***
تِلْكَ َو اللَّهِ رُتْبَةٌ وَ مَقامٌ *** لايُسامی، سُبْحانَهُ مُعْطِيكِ
فَهَنِيئاً أمَّ الحُسَيْنِ هَنيئاً *** و حَناناً أماهُ إِنَّا بَنُوكِ
أوَ تُنْسِيكِ جَنَّةُ الخُلْدِ أَوْلادَكِ؟ *** حاشا و إِنْ هُمُ قَدْ نَشُوكِ(2)
فَاسْأَلِي اللَّه أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنا *** بالرِّضَى فِي السُّكُونِ و التَّحْرِيكِ
و اذْكُرينا عِنْدَ النَّبِيِّ فَإِنَّا *** قَدْ بَعُدنا عن سَيْرِةِ و السُّلُوكِ
و اذْكُرِينا أمّاهُ في مَوْقِفِ الحَشْرِ *** و نادِي بَنِيكِ فَلْيَتْبَعُوكِ
أَنْقِذِينا مِنَ الزّحامِ و أَهْوال *** عِظامٍ فاللَّهُ لايُخْزِيكِ
ص: 78
غيرَ انّا نَخافُ قَوْلَة طه *** اعْمَلِي فاطِمٌ فلاأُغنيكِ
و لَنا في الإلهِ ظَنَّ جَمِيلٌ *** مِنْهُ وَعْدُ في «هَل أتى» يُنْبِيكِ
***
قَدْ وَقاكِ شُرُورَ يَوْمٍ عَبُوسٍ *** وَ شوراً و نَضْرَةٌ يَجْزِيكِ(1)
وَ لَكُمْ يُعْقَدُ اللِّواءُ وَ في ظِلِّ *** ظَلِيلِ الهُنا يُؤْوِيكِ
فإِذا رَفْرَفَ اللِّواءُ عَلَيْكُمْ *** فَاذْكُرِينا لَعلَّنا نَأْتِيكِ
وَ اذْكُرِينا إِذا وَرَدْتِ على الحَوْضِ *** لنُسْقى بكفِّ مَن يَسْقِيكِ
فعَسى الله أنْ يَمُنَّ بِرُؤياكِ *** و مِنا ما تَرْتَضِينَ يُرِيكِ
وَ سَلامٌ عَلَيْكِ في كُلِّ حِينٍ *** هُوَيَغْشاكِ مِنْ لَدُنْ بارِيكِ
ما هَمَى ما طِرٌ وما قالَ حادٍ *** لايَطيْبُ المَدِيحُ الا فِيكِ
ص: 79
(بحر الكامل)
الشيخ عبد الكريم صادق(*)(1)
أَيُّ النِّساءِ رقَتْ لأوج عُلاكِ *** يا بِنْتَ راقِي السَّبْعَةِ الأفلاكِ(2)
فَلأَنْتِ سَيّدة النِّساءِ وَ مَرْيَمٌ *** تَمَشي بِمِضْمارِ الفَخَارِ وَراكِ(3)
إِنْ أشرقَتْ هِيَ نَجْمَةٌ بسمائِها *** و لأنتِ يا زَهْرَاهُ شَمْسُ سَماكِ(4)
وَ لَئِنْ أَتَتْ هِي بِالمَسِيحَ فَإِنَّهُ *** سَيَؤُمُهُ المَهْدِيُّ مِنْ أَبْناكِ(5)
ص: 80
ولأنتِ خامِسَةُ الّذينَ تَجَمَّعُوا *** تحتَ الكِساءِ و كُلْهُمْ قُرْباكِ(1)
وَ هُمُ أَبُوكِ أَجلَّ ساداتِ الوَرَى *** قَدْراً وَ بَعْلُكِ ذُوالعُلى وَ ابْناكِ
و بآيةِ التَّطهير عَمَّكِ رَبِّهُمْ *** مَعَهُمْ وَإِذْ زَكَاهُمُ زَكَاكِ(2)
سَوَاكِ رَبُّكِ دُرّةً مَكْنُونةً *** وَ ضَاءَةٌ سُبْحانَ مَنْ سَوَاكِ(3)
ص: 81
ولأنتِ مَنْ أَوْلاكِ رَبُّكِ صُورَةً *** بَشَرِيَّةً لكِنْ بِرُوح مَلاكِ(1)
ولَكُمْ خُدمتِ مِنَ المَلائِكِ ذا يلي *** مهْدَ الصَّبي و ذا يُدِيرُ رَحاكِ(2)
و مُسَبِّحٌ ذا عَنْكِ رَبَّكِ إِنْ غَفَتْ *** عَيْنَاكِ وَ امْتَلَكَ اللّسانَ كَراكِ(3)
و لأَنْتِ إذ املكتِ كانَتْ في السما *** لَكِ عُقْدَةُ التَّزْوِيجِ و الإمْلاكِ(4)
ص: 82
و زفافُكِ المَيْمُونُ فيهِ تَباشَرَتْ *** حُورُ الجِنانِ و قُلْنَ يا بُشراكِ(1)
و كَفاكِ أَنَّكِ بنتُ أكْرَم مَنْ مَشَى *** مِنْ مُحْتَفٍ أو عاقِدٍ لشراكِ(2)
و كفاكِ أَنّكِ لَبْوَةُ الأَسَدِ الَّذِي *** قَهَرَ الأسودَ بكلِّ يومِ عِراكِ
و كفاكِ أنكِ أنتِ أُمُّ المُجْتَبَى *** حَسَنٍ و والدةُ الحُسَيْنِ الزاكي
السَّيْدَيْنِ لِكُلِّ شُبّانِ الوَرى *** وَ المُشْبِهَيْنِ أَبَاهُما و أباكِ
وَ كَفَاكِ أَنَّكِ بَرَّةٌ مَيمُونةٌ *** بِالقُدْسِ رَبُّكِ وَ الصَّلاحِ كَساكِ(3)
ص: 83
تغفين ليلَكِ بالتَّبَتُلِ و الدعا *** و نهارَهُ بِالصَّوْمِ و الإمْساكِ(1)
ص: 84
(بحر الكامل)
الأستاذ عبد النبي بَزِّي(*)(1)
فَاضَ القَريضُ هُدًى لدى ذِكْراكِ *** وَ تَضَوَّعَتْ أَلْحانُهُ بشَذاكِ(2)
وَسَما بأَجْنِحَةِ البَيانِ مردَدَّاً *** آياتِه بِمَسَامِعِ الأْفْلاكِ
فشَدَتْ وَردَّدتِ المَلائِكُ خُشْعاً *** زَهْراءُ سُبْحانَ الَّذي سَوَّاكِ(3)
يا نورَ أَحْمَدَ يا وفاءَ خَدِيجَةٍ *** مَهْدُ الرِّسالةِ و الهُدَى أَبَواكِ
ص: 85
أَشْرَقْتِ مِنْ بَيْتِ الطَّهارَةِ والهُدَى *** وَ الظُّهْرُ نَفْحُكِ وَ الهُدى رَیَّاكِ(1)
سَمَاكِ فاطِمَةً و طَهَّرَكِ الذي *** خَلَقَ الوَرى جَلَّ الَّذِي سَمَاكِ(2)
يا كَوْثَرَ الهادِي الحبيب ونُورَهُ *** قَرَّتْ نَواظِرُهُ لَدى مَرْآكِ(3)
بالحُبِّ وَ الخُلُقِ الكَرِيمِ و بالتُّقَى *** و رَحِيقِ وَحْى الله قَدْ غَذَّاكِ
و عَلى رِسالَتِهِ السَّنِّية و الهُدَى *** و عَلى عَظِيمِ صِفاتِهِ رَبَّاكِ
يا جَوْهَرَ الطُّهْرِ المُصَفَّى و التُّقَى *** اللَّهُ يَا بِنْتَ الهُدَى زَكَاكِ
وَ عَلَى نِساءِ العَالَمِينَ بِفَضْلِهِ *** شَرَفَ السيادَةِ و العُلا أَعطاكِ(4)
و اخْتارَ رَبُّ العَرْشِ جَلَّ جَلالُهُ *** لَكِ خَيْرَ كُفْءٍ فَاهْنَنِي بُشْراكِ(5)
هذا عليُّ أَخُو النَّبِيِّ و نَفْسُهُ *** وَفَتَى الحنيفةِ يا بَتُولُ فَتاكِ(6)
ص: 86
و المَهْرُ مِنْ عند الكَرِيم شَفاعَةٌ *** سُبْحانَهُ مِنْ فَضْلِهِ أَهْدَاكِ(1)
و اخْتارَ نَسْلَكِ كَوْثَراً مِنْ كَوْثَرٍ *** و سَنا الإمامَةِ ذُخْرُهُ حَسَنَاكِ(2)
و سَنَنْتِ نَهْجاً لِلأُمُومةِ خَالِداً *** عَبْرَ العُصور يَشِعُّ منه سَناكِ
يَكْفِيكِ مِنْ شَرَفِ الأُمُومِةِ أَنَّهُ *** يَدْعُوكِ أُمّاً ما أَبُوكِ دَعاكِ(3)
قَدْ عِشْتِ في قَلْبِ الرَّسُولِ وَ رُوحِهِ *** وَ سَمَوْتِ حَتَّى لا يُنالَ عُلاكِ
خُلُقُ الرَّسُولِ يَفُوحُ منكِ و نُورُهُ *** بادٍ عَلَيْكِ وَ مِنْ نُهَاه نُهَاكِ
و بِعَطفِهِ و حنانهِ وَ وَدَادِهِ *** وَ بِظِّلِّهِ السَّمْحَ الكَرِيم رَعَاكِ
حَتَّى دَعاهُ إِلَيْهِ جَلَّ جَلالُهُ *** عَزَّتْ مَشِينَتُهُ عن الإدراكِ
و قَضَى الرَّسُولُ إلى لِقاءِ حَبِيبِهِ *** وَ جَرى القَضاءُ و أَظْلَمَتْ دُنْياكِ(4)
ص: 87
زَهْراء كَيْفَ غَدَوْتِ يَوْمَ فِراقِهِ *** اللَّهُ أَكْبَرُ كَيْفَ كان أساكِ؟
لِلَّهِ أي مُصِيبَةٍ وَ فَجِيعَةٍ *** وَ جَلِيل خَطبٍ يا بَتُولُ دَهاكِ؟
الكونُ أظْلَمَ يا بَتُولُ لِمَوْتِهِ *** وَ الكائناتُ عَلَى أَبِيكِ بَواكِ
وَ عَلِيُّ مَفْجُوعُ الحُشَاشَةِ ثاكِلٌ *** باكٍ يُجَهَّزُّ لِلْوَداعِ أباكِ
وَ القَوْمُ تَحْتَ سَقِيفَةٍ مَشْؤُومَةٍ *** كانت بِدَايةَ فِتْنَةٍ وَ هَلاكِ
يَتَامَرُونَ عَلَى الوَصِيِّ المُرْتَضَى *** مَن دَكَّ صَرْحَ الكُفْرِ و الإشْراكِ
هَتَكُوا الخِلافَة و اسْتَباحُوا قُدْسَها *** حَتَّى غَدَتْ لِعِصابةٍ فَتَّاكِ
مُلْكاً تَوَارَثَهُ لِئَامُ أُمَيَّةٍ *** من مُجرمٍ طاغٍ إلى سَفّاكِ
ماتَ الّذِي ملأ الوُجُودَ ضِياؤُهُ *** عَظُمَ المصابُ وَزادَ في بَلْواكِ
قَوْمٌ على إرْثِ النَّبِيِّ تَجَرَّأَوا *** سَلَبُوهُ مِنْكِ و أَوْرَثُوهُ سِواكِ(1)
ص: 88
غَصَبُوا عَلِياً حَقَّهُ حَسَداً له *** و بَغَوْاعَلَيْكِ وَ أَسْرَفُوا بأذاكِ
سَلَبُوكِ إِرْتَك من أبيكِ وَ أَسْقَطُوا *** حَنَقاً جَنِينَكِ يا لَعُظم بَلاَكِ(1)
زَهراءُ لَوْ حَمَلَتْ مُصَابَكِ وَ الأسَى *** صُمَّ الصُّحُور تَصَدَّعَتْ بأَساكِ(2)
أمُّ الأئِمَّةِ يا بَقِيَّةَ أَحْمَدٍ *** رُوحِي وَ أَرْواحُ الأَنَامِ فِدَاكِ(3)
زَهْراءُ كُنْتِ أمانَةً في أُمَّةٍ *** غَدَرتُكِ حَانَتْ حَيْدَراً و أباكِ
يا صَرخَةَ الحَقِّ المقدَّس لم يَزَلْ *** يَدْوِي بأَسْماعِ الزَّمانِ صَدَاكِ(4)
يا شُعْلَةَ الحَقِّ المبارَكِ لم يَزلْ *** ألقاً يَشعُّ على الوُجودِ سَناكِ
يا ثَوْرَةٌ بَيْضاءَ جَلَّلَها الهُدَى *** الْحَقُّ يا بِنْتَ الهُدَى ناداكِ
و الحَقُّ نَهْجُكِ والإباء وما سَعَتْ *** الأَلِنَشْرِ فَضِيلَةٍ قَدَمَاكِ
فَقَصَدْتِ بَيْتَ اللهُ مَسْجِدَ أَحْمَدٍ *** وَ اللَّهُ بارَكَ شَاكِراً مَسْعاكِ(5)
ص: 89
و تَهلَّلَ البَيْتُ الكَرِيمُ وَ ما رَأَى *** مِحْرَابُهُ صِدِّيقَةً إلآكِ(1)
وَقَفَتْ يُجَلّلُها الكَمالُ خَطِيبَةً *** اللَّه یا زَهراءُ ما أَسْماكِ
خَشَعَتْ لِهَيْبَتِكِ القُلُوبُ وَ قَدْ بَدا *** نُورُ النُّبُوَّةِ مُشرِقاً بِضُحَاكِ
وَ جَرَى البَيانُ عَلَى لِسانِكِ سَلْسَلاً *** و الحَقُّ يَنْفَحُ بالبَلاغَةِ فَاكِ
ذكَرْتِ قَوْماً خاصَمُوكِ بِرَبِّهِمْ *** وَ الحِكْمَةُ الغَرَّاءُ فَيْضُ هُداكِ
بيَّنَتِ دِينَ مُحَمَّدٍ وَ فَضَحْتِ مَنْ *** لِهَوَاهُ عانَدَ رَبَّهُ وَ عَصاكِ
ذكَّرتِهِمْ بِمُحَمَّدٍ وَ وَصَيِّهِ *** وَ بَلِيعُ قَوْلِكَ مُتَرَعٌ بِشَجاكِ
هَفَتِ المَسامِعُ وَ المَدامِعُ رَقْرَقَتْ *** لأساكِ يا بنتَ الهُدَى وَعِداكِ(2)
يَتَمَلْمَلُونَ مَكانَهُمْ وَ كَأَنَّهُمْ *** جَلَسُوا بِرَغْمِهِمُ عَلَى الأَشْواكِ(3)
طالبتهم بالإرثِ إِرثِ مُحَمَّدٍ *** لِلْحَقِّ لَيْسَ لِمَطْمَعِ حاشاكِ(4)
فالزُّهْدُ عِنْدَكِ قِطْرَةٌ و سَجِيَّةٌ *** وَ البِرُّ و الإحسانُ بَغْضُ تُقَاكِ
ص: 90
ما كانَتِ الدُّنْيا مُناكِ و لم تَكُنْ *** فَدَكَ سِوَى سَهمٍ إلى مَرْماكِ
حاجَتِهِمْ فَحَجَجْتِهِمْ وَ تَسافَظَتْ *** لمَّا تَكَلَّمَ حُجَّةُ المُتباكِي
أَيُعَدُّ في شَرْع الحَنِيفَةِ مُؤْمِناً *** مَنْ عامداً مُتَعَمداً آذاكِ
وَاللَّهُ يَغْضَبُ إِنْ غَضِبْتِ وَإِنَّهُ *** يَرْضَى تَعالى ذِكْرُهُ لِرَضاكِ(1)
يا نُورَ مَجْدٍ مُشْرِقِ أركانُهُ *** الْمُصْطَفَى و المُرْتَضَى وَ ابْناكِ
يا كَعْبَةَ الطُّهْرِ المُصَفّى وَالتَّقَى *** فَوْقَ البَلاغةِ و البيانِ مَداكِ
وَالشَّعْرُ مَهُمَا غَذّ في طَيْرانِهِ *** صُعُداً يُقَصِّرُ عَنْ بلوغِ عُلاكِ(2)
مَعْناكِ سَيِّدَتي عَظِيمٌ لَيْسَ لِي *** بِالشَّعْرِ أنْ أُرقى إلى مَعْناكِ
لكِنَّها نَفَحَاتُ حُبِّ خَالِص *** مُتَخَشِّعاً قَلْبِي بِها ناجاكِ
أنا يَا بُنَةَ الهادِي الحَبِيبِ مُتَيَّمٌ *** بِهَوَى أَبِيكِ وَ حَيْدَرٍ و هَواكِ
وَ هَوَى الأَئِمَّةِ مِنْ بَنيكِ و حُبُّكُمْ *** ذُخْرِي و فَيْضُ نَداهُمُ ونَداكِ(3)
زادي إلى يوم الحِسابِ وعُدَّتِي *** مَنْ لِي سِواهُمُ شافِعٌ و سِواكِ
ص: 91
يا أُمَّةً نَقَضَتْ عُهُودَ نَبيِّها *** أَفَمَنْ إلى نَقْضِ العُهُودِ دَعَاكِ؟
وَصَّاكِ خَيْراً بالوَصِيِّ كَأَنَّما *** مُتَعمداً في بُغْضِهِ وَصَاكِ
أَوَلَمْ يَقُلْ فِيهِ النَّبِيُّ مُبلغاً *** هذا عَلِيٌّ في العُلا أَعْلاكِ؟
وَ أَمِينُ وَحْي اللَّه بَعْدِي وَ هُوَ فِي *** إدْراكِ كُلِّ قضيِّةِ أدراكِ
وَ المُؤثِرُ المُتَصدِّقُ الوَهَابُ إذْ *** أَلْهَاكِ في دُنْياكَ حُبُّ لُهاكِ(1)
إياكِ أنْ تَتَقَدَّمِيهِ فَإِنَّهُ *** فِي حُكْم كُلِّ قَضِيَّةٍ أَقْضَاكِ
فَأَطَعْتِ لَكِنْ بِاللَّسانِ مَخافَةً *** مِنْ بَأْسِهِ وَ الغَدْرُ حَشْوُ حَشاكِ
حَتَّى إِذا قُبِضَ النَّبِيُّ وَ لَمْ يَطُلْ *** يَوْماً مَداكِ لَهُ سَلَلْتِ مُداكِ
وَ عَدَلْتِ عَنْهُ إِلى سِواهُ ضَلالَةً *** وَ مَدَدْتِ جَهْلاً في خَطاكِ خُطاكِ
و زَوَيْتِ بَضْعَةَ أَحْمَدِ عن إرثها *** و لِبَعْلِها إِذْ ذاكَ طَالَ أذاكِ(2)
يا بَضْعَةَ الهادِي النَّبِيِّ وَ حقٌّ مَنْ *** أَسْماكِ حِينَ تَقَدَّسَتْ أَسْماكِ(3)
لاحادَ عَنْ نارِ الجحيم مُعانِدٌ *** عَنْ إِرْثِ والدِكِ النَّبِيِّ زَواكِ
أَتَرَاهُ يَغْفِرُ ذَنْبٌ مَنْ أَقْصَاكِ عَنْ *** فَدَكِ وأَسْخَطَ إِذْ أَباكِ أباكِ
کَلاً و لانالَ السَّعادةَ مَنْ غَوَى *** وَعَدَاكِ مُحْتَسِكاً بِحَبْلِ عِداكِ(4)
ص: 93
ياتَيْمُ لا تَمَّتْ عَلَيْكِ سَعادَةٌ *** لَكِنْ دعاك إلى الشقاء شَقاكِ
لَوْلاكِ ما ظَفِرَتْ عُلوج أُمَيَّةٍ *** يَوْماً بِعِتْرَةِ أَحْمَدٍ لولاكِ
تَاللَّه ما نِلْتِ السَّعادَة إِنَّما *** أهواك في نارِ الجَحِيمِ هَواكِ
إنِّي اسْتَقَلْتُ و قَدْ عَقَدْتِ لآخرِ *** حُكْماً فَكَيْفَ صَدَفْتِ فِي دَعْواكِ
وَ لأَنْتِ أَكْبَرُ يَا عَدِيُّ عَداوةً *** وَاللَّه ما عَضَدَ النِّفاقَ سِواكِ
لاكانَ يَوْمُ كُنْتِ فيهِ وَ سَاعَةٌ *** فَضَّ النَّفِيلُ بها خِتامَ صُهاكِ(1)
وَ عَلَيْكِ خِزْيٌ يا أُمَيَّةُ دائِماً *** يَبْقى كما في النَّارِ دارُ بَقاكِ
فَلَقَدْ جَمَعْتِ من الأثامِ جَهالَةً *** ما عَنْهُ ضَاقَ لِمَنْ وَعاكِ وِعاكِ
هَلاً صَفَحْتِ عَنِ الحُسَيْنِ وَ رَهْطِهِ *** صَفْحَ الوَصِيِّ أَبِيهِ عَنْ آباكِ
وَ عَفَفْتِ يَوْمَ الطَّفِّ عِفَّةَ جَدِّهِ *** المَبْعُوثِ يَوْمَ الفَتْحِ عَنْ طُلَقاكِ(2)
أَفَهَلْ يَدٌ سَلَبَتْ إِمَاءَكِ مِثْلَما *** سَلَبَتْ كَرِيمَاتِ الحُسَيْنِ يَداكِ؟
أمْ هَلْ بَرَزُنَ بفتحِ مكةَ حُسْراً *** كَنِسائِهِ يَوْمَ الطُّفُوفِ نِساكِ(3)
يا أُمَّةٌ باءَتْ بِقَتْلِ هُداتِها *** أَفَمَنْ إِلى قَتْلِ الهداة هَداكِ؟(4)
أمْ أَيُّ شَيْطانِ رماكِ بِغَيْهِ *** حتّى عَرَاكِ وَ حَلَّ عَقْدَ عُراكِ(5)
بئس الجزاء لأحْمَدٍ في آلِهِ *** وَ بَنِيهِ يَوْمَ الطَّفِّ كَانَ جَزاكِ
فَلَئِنْ سَرَرْتِ بِخِدعةٍ أَسْرَرْتِ في *** قَتْلِ الحُسَيْنِ فَقَدْ دَهَاكِ دهاكِ
ما كان في سَلْبِ ابن فاطِمَ مُلْكَهُ *** ما عَنْهُ يَوْماً لَوْ كَفَاكِ كَفَاكِ
لَهْفِي على الجَسَدِ المُعَرَّى بِالعَرا *** شِلواً تُقبله حدودُ ظُباكِ
ص: 94
لَهْفِي عَلَى الخَدِّ التَّرِيبِ تَخُدُّهُ *** سَفَهاً بأطرافِ القَنا سُفَهاكِ
لَهْفِي لآلِكَ يا رسولَ اللَّه في *** أيدي الطُغاة نوائحاً و بَواكي
ما بَيْنَ نادِبةٍ وَ بَيْنَ مَرُوعَةٍ *** فِي أسْرِ كُل مُعانِدِ أَفَاكِ
تَاللَّه لا أنساكِ زَيْنَبُ وَالعِدَى *** قَسْراً تُجاذِبُ عَنْكِ فَضْل رِداكِ
لم أَنْسَ لاواللَّه وَجْهَكِ إِذْ هَوَتْ *** بِالرُّدْنِ ساتِرَةٌ لَهُ يُمْناكِ
حَتَّى إذا هَمُوا بِسَلْبِكِ صِحْتِ باسْمِ *** أبيكِ وَ اسْتَصْرَخْتِ ثَمَّ أَخَاكِ
لَهْفِي لِنَدْبِكِ بِاسْمِ نَدْبِكِ وَ هُوَ مَجْرُوحُ *** الجَوارحِ بالسِّباءِ يَراكِ
تَسْتَصْرِخِيهِ أَسى وَ عَزَّ عَلَيْهِ أَنْ *** تَسْتَصْرِخِيهِ وَ لايُجِيبُ نِداكِ
وَاللَّه لَوْ أَنَّ النَّبِيَّ وَ صِنْوَهُ *** يَوْماً بِعَرْصَةِ كَرْبَلا شَهِدَاكِ
لم يُمْسِ مُنْهَتِكاً حِماكِ وَ لَمْ تُمِطْ *** يَوْماً أُمَيَّةُ عَنْكِ سِجْفَ خَباكِ(1)(2)
ص: 95
(بحر الخفيف)
الشيخ محسن أبوالحب (الكبير)(*)(1)
قَصَّرَ القومُ عن بُلوغِ مَداكا *** فلذا حاوَلُوا انْحطاط علاكا
مَا وَ رَبِّ السَّمَاءِ لَوْيَك فيما *** حاوَلُوه إلا ارتفاعُ ذُراكا
كان دينُ النبيِّ حقاً ولكنْ *** لم يكنْ واضح الهُدىَ لولاكا
لم تَزَلْ ناصِحاً له و أميناً *** و أخاً حيثُ دُونَهُمْ آخاكا
ثُمَّ لَمَّا مَضى أقامَكَ للنَّاس *** إماماً كيْ يَهْتَدُوا بِهُداكا
فأَبَوْا بعد ذاكَ إِلا عَمَّى *** قادَهُمْ فيه خابطين سواكا
ويْلَهُمْ ما عليهمُ لَوْ أجابوا *** يومَ حاوَلتَ نَصْرَهُمْ دَعواكا
داعياً واظلامتاه وَلِكنْ *** أجْمَعَ القومُ أنْ يَرُدُّوا دُعاكا
كانَ إنكارُهُمْ لبيعتِكَ الغرّاءِ *** خِطْئاً يُزَعُزِعُ الأَفْلاكا
انكَرُوها بغياً و قَدْ أَشْهَدَ اللَّهُ *** عليها جَمِيعَها الأَمْلاكا
قَسَماً بالَّذي أَقامَكَ دُونَ *** الْخَلْقِ طراً لِدِينِهِ سمّاكا
لو أَطاعوكَ لارْتَقَوْا كلَّ عالٍ *** لم تُؤَمِّلْ له السُّها إدراكا(2)
ولا صُدّرتُم بِطاناً كما تصْدِرُ *** مِنْ جاءَ وَارِداً جَدْواكا(3)
ص: 96
لو رَعوْا حَقَّك القديمَ عليهمْ *** سَجَدُوا خاضِعِينَ تَحتَ لواكا
لكن اسْتَشْعَروا النِّفاق و آلَوْا *** في مجاري النفاقِ إلا انْهِماكا
خَلق الله أحمداً فاضطفاهُ *** ثُمّ مِنْ بعدِ ما اصْطفاهُ ارُتضاکا
و على الأنبياءِ ولاهُ طُرّاً *** وَ عَلَى أوصيائِها و لاَكا
أمَر اللَّه أنْ تكفَّ فأحجَمْتَ امتثالاً *** و لأمرٍ من سواكا
كلّما أوْقَدُو الحربِكَ ناراً *** اطْفأ اللَّه حَرَّها بسناكا
أيَّ يومٍ أصبحتَ فيه فريداً *** ناصِباتٍ لكَ الرَّزايا شِباكا
يومَ أضْحى النبيُّ ميتاً و لَمْ تَسْطِعْ *** لمَا ذابَ من قواكَ حراكا
ليتَ شعري عن أيَّ خَطبٍ أعزّبک *** و أيْنَ العزاءُ؟ نَفْسي فِداكا
لَيْسَ عَمّنْ رُزِيتَ فيه عزاء *** أحْسَن اللَّه في العزاءِ عزاكا
كان ظلمُ البتولِ فاطِمَ كافٍ *** لك من كلِّ ما لَقَيْتَ هناكا
لا أقَرَّ الإلهُ أَعْين قومٍ *** أسْخَطُوا فاطِماً و أرْضَوْا صهاكا(1)
يومَ جارَ ابنها يَسُلُّ حُسامَ الغَيِّ *** كَيْ يُثكلَ السماءَ السِّماكا
ص: 97
ليتَ ما جاء لم يجيءْ من رزايا *** كان من ماءِ سَجُلها سُقياكا(1)
لستُ أنْساكما أسيرَيْ كُروبٍ *** لم تَرُوما مِنْ أسرِهِنَّ فكاكا
بِتَّ تَبْكِي بُكَاءَها و بعينِ اللَّهِ *** أمْسى بكاءَها و بُكاكا
رَوَعُوا فاطماً بضربٍ عنيفٍ *** شاهَدَتْ سُوءَ ما جرَى عيناكا
أسقَطُوهاجنينَها ثُمَّ رَضُّوا *** ضِلْعَها بئْسما جَزَوْا نُعماکا(2)
فعجيبٌ فيها اصْطباركَ و الصَّبرُ *** جميلٌ لو كانَ في غيرِ ذاكا(3)
ما لهارونَ لم يواسِكَ في الحُزْنِ *** و لو كانَ شاهِداً واساكا
و لكانَتْ شَكْواهُ من قومِ موسى *** دونَ شكواكَ لَوْ وعى شَكْواكا
يوم قال ابنَ أُمِّي اسْتَضْعَفوني *** مثلَ ما قلتَ يومَ تَدْعُو أخاكا
این هارونُ منك بل این موسى؟ *** إنما يقضيانِ إثْرَ ثَراكا
أنتَ أَعْلى قَدْراً و أعظَمُ صَبْراً *** و لذا جَلَّ في القُلوبِ بلاكا
ص: 98
بأَبي أنتم و أُمي كراماً *** لاأرى لي بغيرها اشتماكا
خَلِّصوني مما أَخافُ فإنّي *** عُدْتُ ضَعْفاً أغالِطُ المِواكا
و اجْعَلُونِي من همُكُمْ يومَ *** لايَرْجُو امرؤٌ من عَظيمِ هَمٍّ فكاكا
لم نَزَلْ نَسْتَقِي بجوارِ نِداكُمْ *** و كذاكَ الكِرامُ حَقاً کَذاکا
ص: 99
(بحر الكامل)
الحاج محمد آل رمضان الاحسائي
يا بَضْعَةَ المُخْتارِ طابَ ثَراكِ *** رُوحِي فِداكِ وَ ما أَقَلَّ فِداكِ(1)
ماذا عَسايَ أقُولُ في مَعْفاكِ *** أَوْلاكِ رَبُّكِ جَلَّ ما أَوْلاكِ(2)
مِنْ نِعْمَةٍ لا تُبْتَغَى لِسِواكِ
نِلْتِ المكانَةَ و المَحلَّ الأَقْدَسا *** وَ عُرِفْتِ عَنْ حَقٌّ بِسَيْدَةِ النِّسا(3)
ص: 100
ماذا يَقُولُ المادِحُونَ و ما عَسى *** وَاللَّهُ قالَ لِسائِلٍ مَنْ فِي الكِسا؟(1)
هُمْ فاطِمٌ و أبنانِ ثُمَّ عُلاکِ
آيَاتُ فَضْلِكِ في الوُجودِ جَلِيَّةٌ *** وَ شُهُودُ جُودِكِ في العَوالِم جَمَّةٌ
وَ الغَيْثُ مِنْ رَشَحاتِ فَيُضِكِ رَشْحَةٌ *** وَ الشَّمْسُ مِنْ فَيّاض نُورِكِ قَبْسَةٌ
وَ الرَّوْضُ يَعْبَقُ مِنْ أرِيجِ شِفاكِ
ذَهَبَتْ يَداكِ مِنَ الثَّنا بِأَجَلْهِ *** وَ مِنَ الكمالِ بِفَرْعِهِ و بِأَصْلِهِ
ص: 101
وَمِنَ التُّقَى ما لا وُجودَ لِمِثْلِهِ *** وَ كفَاكِ مِنْ نِعَمِ الإلهِ و فَضْلِهِ
أَنْ لاطريقَ إِلَيْهِ غَيْرَ وَلاكِ
رِيحُ السَّعادَةِ مِنْ عُلاكِ مَهَبُّها *** يا زَهْرَةً أَجْرُ الرِّسالَةِ حُبُّها(1)
ما زال يَعْبَقُ بالفخارِ مُحِبُّها *** غَشَاكِ رَبُّكِ بِالجَلالَةِ وَالبَها
وإلى حَظِيرَةِ قُدْسِهِ أَدْنَاكِ
أَصْبَحْتِ لِلْمُخْتارِ خَيْرَ حَبِيبَةٍ *** وَ لِمَهْبِطِ التَنْزِيلِ أَيَّ رَبيبَةٍ(2)
ص: 102
وَ لَئِنْ عُدِمْتِ النَّدَّ غير عَجِيبةٍ *** أَصْبَحْتِ مِنْ رَبِّ السَّمَا بِمَثُوبَةٍ
لَمْ تَمْتَلِكُها في النِّساءِ سِواكِ
وَ حَلَلْتِ مِنْ قَلْبِ الرَّسُولِ مَحَلَّةً *** مُلِئَتْ لَها كُتُبُ الحَدِيثِ أَدِلَّةً
وَ الله أَلْبَسَكِ الفَضائِلَ حُلَّةً *** وَ رَبيتِ في كَنَفِ النُّبُوَّةِ طِفْلَةً
وَ لبانُ حِكْمَةِ ذِي الجَلالِ غِذاكِ
ما زِلْتِ في كَنَفِ النَّبِيِّ الأَشْرَفِ *** يَحْنُو عَلَيْكِ بَرأُفَةٍ وَ تَعَطَّفِ
وَحَفَاوَةٍ مِنْ قُدْسِ أَكْرَمٍ مُحْتَفِي *** حَتَّى إذا حُزْتِ الكَمالَ غَدَوْتِ في(1)
كَنَفِ الإمامَةِ تَسْحَبِينَ رِداكِ
زُوِّجُتِ يا أهْدَى البَرِيَّةِ هاديا *** وَ بَلَغَتِ مِنْ أَوْج الرُّقيَّ تناهيا
وَ سَمَوْتِ حتّى ما تَرَكْتِ تَساميا *** الخلَصْتِ نَفْسَكِ للإله تفانيا
فَحَباكِ بُرْدَ بَهَائِهِ وَكَساكِ(2)
ص: 103
بُوِّثَتِ مِنْ عَرْشِ الجَلالِ جَلِيَّهُ *** وَ بَلَغَتِ شَأْواً من يَرُومُ رُقِيَّهُ
وَمَلَكتِ مُعْتَرَبَ العُلا وَ قِصِيَّهُ *** أَوَلَيْسَ زَوَّجَكِ المَلِيكُ وَلِيَّهُ(1)
فَوْقَ الضّراح بِمَشْهَدِ الأَمْلاكِ؟
أَشْبَهتِ وَالِدَكِ المُطَهَّرَ سِيرَةٌ *** وَ غَدَوْتِ في تاج الهداية دُرَّةً(2)
حَتَّى إذا للَّهِ طِبْتِ سَرِيرَةً *** آناكِ ما لَمْ يُؤْتَ غَيْرُكِ جَهْرَةً(3)
أَوْ لَيْسَ شَنْفا عَرْشِهِ وَلَدَاكِ؟(4)
سَمَّاكِ رَبُّكِ في الكتاب الكَوْثَرا *** وَ حَبابِكِ العِلْمَ الأَعَزَّ الأَطْهَرا(5)
أما والذي ذَرَأَ الوُجُودَ وَ قَدَّرا *** لَوْلا عَلَيٌّ لَمْ يَكُنْ لَكِ فِي الوَرَى
كُفُواً يُمائِلُ في عَلاءِ عُلاكِ(6)
ص: 104
آثَرْتِ بِالقُوتِ الفَقِيرَ تَعَبُّدا *** و طَرَدْتِ نَوْمَكِ بِالكِتابِ تَهَجُّدا
ما كانَ بَيْتُكِ قَطُّ إلا مَسْجِدا *** يا مَرْيَمَ الإسلامِ يا بَدْرَ الهُدَى
أنَّى لِمَرْيَمَ وَقُفَة بحذاكِ؟(1)
ص: 105
الْفَضْلُ رَفْرَفَ في يَدَيْكِ لِواؤُهُ *** وَ المَجْدُ أنْتِ جَلالُهُ وَ يَهاؤُهُ
وَ عَلَى جَبينِكِ تاجُهُ وَضِياؤُهُ *** أَثْنَى عَلَيْكِ اللَّهُ جَلَّ تَناؤُهُ
وَبِآيَةِ التَّطْهِيرِ قَدْ زَكَّاكِ(1)
ص: 106
(بحر الكامل)
الشيخ محمد بن حسين أبوخمسين
يا فَاطمٌ سُبْحَانَ مَنْ صَفَاك(1) *** يا زَهْرَةً في القُدْس ما أزهاكِ(2)
يا فاطِمُ الزَّهْرَا بِنُورِكِ أَزْهَرَتْ *** زُهْرُ النُّجُومِ وَ سْبعَةُ الأفلاكِ(3)
وَ العَرْسُ وَ الكُرْسِيُّ وَ الحُجِبُ الَّتي *** بِالنُّورِ تُشْرِقُ مِنْ مَنارِ سَناكِ(4)
وَ كَذَلِكَ الأكْوارُ و الأدوارُ بَلْ *** شَمْسُ النَّهارِ تُضِيءُ مِنْ أَضْوَاكِ
وَ عَجَائِبُ القُرآنِ وَ الفُرْقانِ وَ *** البُرهَانِ مِنْ وادِي طُوىَ سيناكِ
قَدْ شَقَّ خَالِقُكِ لَكِ اسماً كاسْمِهِ *** قَدْ حَارَ في مَعْنَاهُ ذِهْنُ كلُّ ذَاكِي(5)
ص: 107
أنتِ المَواقِعُ لِلنُّجُومُ ذَوِي النَّدَى *** آلى بِكِ الْجَبَّارُ مُذْ سَماكِ
وَ لأَنْت مِشكاةٌ لِنُورِ مُحَمَّدٍ *** فِيها مَصابِيحُ هُمُ ابْنَاكِ
وَ البارِىء المُنْشي أَفَاضَ إِلَيكِ عِلماً *** مِنْ عُلُومُ الغَيْبِ مُذ أنْشاكِ(1)
فَلِذاكَ عِلْمُ الغَيْب عَنْكِ فَلَمْ يَغِبْ *** وَ خَفِيُّ سِر السِّرٍّ لا يَخْفاكِ
قَدْ كانَ عِنْدَكِ عِلْمُ مَا قَدْ كانَ أَوْ *** سَيَكُونُ في الأولى وَ في أُخْراكِ
هذَا عَطَاءٌ مِنْ عَطاءِ اللَّه مِنْ *** مَخرُونِ عِلم مِنْهُ قَدْ أَعْطَاكِ
فَالوَا صِفُونَ لِوَصْفِكِ القُدْسِيِّ قَدْ *** حارُوا وَتَاهَ الكُلُّ في مَعنَاكِ
وَ لأَنْتِ صُنْعُ اللَّه جَلَّ جَلالُهُ *** وَ النَّاسُ بَعْدُ صَنائِعٌ لِعُلاكِ
قد كُنتِ كَنزاً مِنْ كُنوزِ العَرْشِ *** و الكُرْسِيّ يا سُبْحَانَ مَنْ أَبْداكِ(2)
ص: 108
كَتَبَ الإلهُ عَلَى سُرادِقٍ عَرْشِهِ *** اسْماً عَظِيماً وَ هُوَ مَنْ أَسْمَاكِ(1)
تَدْعُو بِهِ الأملاك في أفلاكِها *** و الأنبياءُ وَ كُلُّ مَنْ والاكِ(2)
وَ الأنبيا ما كُونُوا في عالمِ التَّكْوِيُنِ *** إِلا مِنْ شُعَاعِ ضِيَاكِ(3)
ص: 109
هذَا وَ فَضْلُكِ فاقَ فَضْلَ *** الأنْبِيا يَا بَضْعَةَ الهادِي لِنُورِ هَداكِ(1)
وَكذا الوُجُودُ فَإِنَّما إيجادُهُ *** مِنْ بَحْرِ جُودٍ مِنْ بُحُور نَدَاكِ(2)
وَ مَناقِبٌ لَكِ لَيْسَ بَحْصِي عَدَّها *** إلا الذي أنشا الوَرى وَ بَراكِ(3)
قَدْ كُنْتِ أُسْاً لِلنَّبِيَّ مُحَمَّدٍ *** وَ مُحَمَّدٌ في الأصْلِ كانَ أباكِ
لازِلْتِ قائِمَةً لِرَبِّكِ فِي الدُّعا *** وَ مِنَ القيام تَوَرَّمَتْ قَدماكِ(4)
قَدْ كانَ إسْرائيلُ عَنْكِ مُسَبْحاً *** بِالكَفْ مِنْ يُمنَاهُ عَنْ يُمْنَاكِ
وَ يُمِين ميكائيل تَطْحَنُ بِالرَّحَى *** حبّاً لِقُوتِكِ إذْ غَمَا جَفْنَاكِ
وَ الرُّوحُ مُذْ ناغی حُسَيناً هَزَّهُ *** بِالمَهْدِ لَمَّا أَنْ هَدَتْ عَينَاكِ(5)
ص: 110
كانَتْ لِخِدْمَتِكِ الملائِكُ في السَّما *** يَتَفاخَرُونَ وَ ذاكَ مِنْ عَلْيَاكِ
تَتَعفَّرُ الأمْلاكُ بِالجَبَهَاتِ فِي *** قُدْسِي تُرْبٍ من سنا رُحْماكِ
إنّ الإلهَ أحَبَّ مَنْ والاكِ مِنْ *** قَلْبِ وَ عَادَى الله مَنْ عَاداكِ(1)
بَلْ إنّهُ وَ الرُّسُلَ وَ الأملاك قَدْ *** لَعَنُوا دَوَاماً كُلَّ مَن آذاكِ
وَ لأَنْتِ في السَّبْعِ المَثانِي فاطِمٌ *** قَبِلَ الإلهُ صَلاةَ مَن والاكِ
وَ لَقَدْ أَتَى فِي هَلْ أَتَى سَامٍ سَما *** وَ عَلَاءُ مَدْحِ في عُلُوّ عُلاكِ(2)
ص: 111
وَلأَنْتِ بَضْعَةُ احْمَدٍ وَ حَبِيبةُ *** اللَّه العَلِي أَحَبَّ مَنْ يَرْعَاكِ(1)
قَدْ كُنْتِ مِنْ أَهْلِ الكِسا خَيْرَ النِّسا *** اللَّه طَهَّرَ بِالصَّفاءِ صَفاكِ(2)
لَوْلاكِ ما خُلِقَتْ سَماءٌ لا ولا *** أَرْضَ وَ لا بَحرٌ جَرَى لَوْلاكِ(3)
كَلاً وَ لاشَمْسٌ وَ لاقَمَرُ و *** لاكَوْنُ تُعايِنُ كَوْنَهُ عَيْنَاكِ
باهَى النَّبِيُّ بِكِ النَّصَارَى فَانْتَنَوْا *** مِنْ أنْ يُباهوهُ بِنُرْبِ حِذاكِ(4)
سَجَدَتْ لَك الأملاك طَوْعاً ما *** سِوَى إبْلِيسَ لَمْ يَسْجُدُ لِرَفَع سَمَاكِ
أذِنَ الإِلهُ بِرَفْعَ بَيْتِكِ وَ هُوَبَيْتُ *** الوَحْي عُدَّ لِمَهْبَطِ الأَمْلاكِ
أَيَجُوزُ عِنْدَ الله يا الله أمْ *** عِنْدَ النَّبِي أَبِيكِ أمْ أبْناكِ
ص: 112
يَأْتِي لِبَيْتِ الوَحْيِ يَحْرِقُ بابَهُ *** جِبْتُ خَبِيثُ الأَصْلِ ابنُ صَهَاكِ(1)
بِالبَابِ يَضْغُطُكِ اللَّعِينُ وَ يَكْسِرُ *** الأَضْلاعَ مِنْ جَنْبِيْكِ لايَخْشَاكِ(2)
فأتاكِ في حالِ المَخاضِ تَوجُعٌ *** وَ تَرَوعٌ و تَصَدُعٌّ أضْنَاكِ(3)
فَرَمَيْتِ مُحسِنَكِ الَّذي لَمْ يَكْتَمِلْ *** لِتَمامِ حَمْلٍ في قرارٍ حَشاكِ
وَ عَلَاكِ بالأسْواطِ فَوْقَ الرَّأْسِ *** بَلْ فَوْقَ اليَدَيْنِ وَ قَدْ أَسالَ دِماكِ
وَ عَلاكِ مِنْ فَوْقِ الجَبِينِ بِلَطْمَةٍ *** بِخَواتِمٍ فَتالَّمتْ عَیْناكِ
و تَنَاثرتْ مِنْ أُذُنِكِ الأقْراطُ بَلْ *** مال القِناعُ وَ مَالَ عَنْكِ رِداكِ(4)
ص: 113
أَزْرَيْقُ تَمْنَعُنِي تُراثي مِنْ أبي *** وَ تَحُوزُ إِرْثُكَ مِنْ أبٍ أَفَاكِ(1)
أمْ كَيْفَ تَغْصِبُني العَوالي مَعْ قُرَى *** فَدَكٍ و سُخْطُ مالِكَ الأمْلاكِ(2)
مِنْ بَعْدِ ما رُدَّتْ شُهودُكِ إِذْهُمُ *** شَهِدُوا بَحقِّ اللَّه في دَعْواكِ(3)
عَجَباً يُساقُ المُرْتَضَى حَامِي الحِمَى *** سَيْف الإلهِ مُدَمِّرُ الإشْراكِ(4)
ص: 114
لِيُبايِعَ الطَّاغُوتَ مُهلِكَ عُصْبَةِ *** الهلاكِ مَا أَشْفَاهُ في الهلاكِ
تَباً لِمَنْ قَدْ قَال لي يا فاطِمٌ *** لاتَبْكِ دأباً في البِلادِ أباكِ(1)
وإلى البقيع أرُوحُ أبْكِي وَالدِي *** حَتَّى أرُوحَ إلى ظِلالِ أَراكِ
كَيْ أَبْكِهِ عِنْدَ الأراكَةِ إِذْ مَعَ *** الأَمْلاكِ تَبْكِيهِ مَعَ الأفلاكِ
يا والِدي إنّ الأراكَةَ جَذْهَا *** كَفُّ ابْن سَلمى جَّذَّ و ابْنُ صَهاكِ(2)
وَرَزيَّةُ السُبْط الشهيدِ بَكَرْبَلا *** عَظُمَتْ رَزيَّتُهُ عَلَى أَرْزَاكِ
يا لَيْتَ يَا زَهْرا تَرَيْنَ بِكَرْبَلا *** شَخْصَ الحُسَيْنِ مُجَدَّلاً بإزَاكِ
شِلْواً ذَبِيِحاً فِي الطُّفُوفِ مُعَفَّراً *** ظام عَلى حَرِّ الصَّفا تِلْقاكِ
يَبْقَى ثَلاثاً لَمْ يَجِدْ مِنْ غَاسِلٍ *** كَلا و لامِنْ حُفْرَةٍ بفناكِ
وَ الخَيْلُ قَدْ رَضَّتْ قُوَى صَدْرٍ حَوَى *** عِلْمَ الغُيُوبِ غَوامِضَ الإدْراكِ
ص: 115
بالحَرِّ مسْلُوبَ العِمامَةِ و الرِّدى *** قُومِي إجعلي كفناً بِنَشرِ رِداكِ
لَنَشَرْتِ شَعْراً شابَ مِنْ حُزْنٍ لَهُ *** وَ شَقَقْتِ جَيْباً بَعْدَ شَقٌ حَشاكِ
وَ لَطمْتِ خَدَّكِ حَسرَةً وَ تَفَجَّعاً *** وَ بَكَيْتِهِ في رَمْ قُدْسِ ثَراكِ
وَ كَرِيمُهُ يَتْلو الكتابَ على القَنا *** كالبَدْرِ يُشْرِقُ في ظلمة الأحلاكِ(1)
وَ مُصَابُهُ أَبْكَى العِبَادَ جَمِيْعَهُمْ *** وَ هُمُ عَلَيْهِ في المعَادِ بَواكي
وَ حُمَاتُهُ صَرْعَى على عَفْرِ الثَّرَى *** كَكَواكِبٍ خَرَّتْ مِنَ الأفلاكِ
مِنْ بَعْدِ مَا بَذَّلُوا لِرُوحِ الكَوْنِ أرْ *** واحاً لَهُمْ طُوبَى لهمُ لِرِضاكِ
و مضَوْا إلى دَارِ النَّعِيمِ وَ شاهَدُوا *** الفَوْزُ العَظِيمَ لأَنَّهُمْ شُهَداكِ
و نساؤُه تلكَ الحرائرُ قَدْ غَدَتْ *** تُسْبَى كَسَبي الزُّنجِ و الأَتْراكِ
مِنْ تِلْكَ يُنْزَعُ قُرطُهَا مِنْ إذْنِها *** وَ الحِجْلُ مِنْ ذِي إِذْ سُبِي أَشْجاكِ(2)
وَ بَراقِعٌ و قَلائدٌ وَمَعاضِدٌ *** نُهِبَتْ جَهاراً وَ اسْتُبِيحَ خِباكِ(3)
وَ عَلائِمُ الأشواط في أجْسَادِها *** كَعَلائِم الأشواط في أعضَاكِ
أَسْرى حَواسِرُ لمْ تَجِدْ مِن حاجِبٍ *** الاحجاباً مِنْ حِجَابٍ بَهَاكِ
إِذْ هُنَّ بَينَ صَوائِحٍ وَنَوائِحِ يَندُ *** بْنَ غَوْثَ المُستَغِيثِ الشاكي
بِتَرَوْعِ وَ تَفَجُّعِ وَ بِلَوْعَةٍ *** تُلْقِي الجِبَالَ وَ أَعْمُدَ الأفلاكِ
بِأَبِي الحَرائِرُ كَيْفَ تُهْدَى كالإما *** فَوقَ الهزالِ لِكَافرٍ أفْاكِ
أللَّه أكْبَرُ يا وَدائِعَ أَحْمَدٍ *** مَاذَا عَراكِ منَ البَلا وَدَهَاكِ
لو تَنْظُريِ يا فَاطِمُ الزَّهْرا إلى *** السجادِ مأسُوراً لطَالَ نَعَاكِ
و عظَائِمُ الأرْزًا دَهَتْهُ وَ البَلا *** وَ مَصَارعُ الشُّهدا و سَبْيُ نِساكِ
ص: 116
حَتّى العِدًا سَاقَتْهُ بالضَّرَّا عَلَى *** عَجْفا تُقَلْقِلُهُ بكِلْ حَراكِ(1)
أبنِي أميّةَ كيف جُرْتِ لِعِتْرة *** الهَادِي؟ فَيَا اللَّه ما أجراكِ
فَغَداً تَذوُقِينَ العَذَابَ مُضاعَفا *** وَ النّارَ دَأْباً حَرُّها يَصْلاكِ
يا فَاطِمُ الزَّهْراءُ أَقْسِمُ بِالَّذِي *** رَفَعَ السَّماءَ وَ زَانَها بسَناكِ
فَغَداً لكِ الحكمُ الجَل فَإِنَّهُ *** حُكْمُ العَلِي عَلَيْه قد ولاكِ
فَلَتُدْخِلَنَّ إلى جِنانِ الخُلْدِ مَنْ *** وَالى وَلاكِ وَفي لَظىَ أعْداكِ(2)
وَإِلَيْكِ عَقْدُ نِظامٍ مَدْحٍ قَدْ صَفَا *** كَصَفَا الجَواهِرِ لِلنُّجُومِ يُحاكي
فَتَقَبَّلي مِنْ ذِي الوَلاء (مُحَمَّدٍ) *** ما قالَ مِنْ مَدْح بحُسْنِ جَزَاكِ
وَ تَشفَّعِي لي في ذُنُوبِ أثْقَلَتْ *** ظَهْرِي بِجُودٍ مِنْ نَدَى جَدْواكِ
وَلِوالديَّ كذلِكَ الأولادُ و *** الإِخْوانُ مَنْ عَلِقُوا بِحَبْلِ وَلاكِ
وَ سَلامُ رَبِّي عُدَّمافي عِلْمِهِ *** لازالَ دَأْباً مُشرِقاً يَغْشَاكِ
ص: 117
(بحر الخفيف)
السيد محمد الشيرازي(*)(1)
أيُّ قَدْرٍ لِقَوْلَتِي في رثاكِ *** أنتِ يا بَضْعَةَ النَّبِيِّ الزَّاكِي(2)
لَعَنَ اللَّهُ مَنْ جَفاكِ عِناداً *** وَ هُوَ يَدْرِي رِضَى الإلهِ رِضاكِ(3)
أَسْخَطَ البارِيءَ المُهَيْمِنَ حَقّاً *** وَ الرَّسُولَ المُخْتارَ إِذْ آذاكِ(4)
هَلْ لَهُمْ، قالَ أحْمَدُ، اقتلُوها؟ *** أولَمْ يَسْمَعُوا: أَبُوكِ فِداكِ؟(5)
ص: 118
كَسَرُوا الضّلْعَ مِنْكِ حِقْداً و كُفْراً *** وَ مِنَ الجَوْرِ أُدْمِعا جَفْنَاكِ
عَصَرُوكِ بالبابِ بالمُصابٍ *** سَقَط الطفلُ، فِيهِ، مِنْ أَحْشاكِ(1)
هَلْ رَسُولُ الإله قال اضْرِبُوها؟ *** عَذَبَ اللَّه ظالماً أَدْماكِ
مَعْضِداً وَرَّثُوكِ إِثْرَ سِياطٍ *** وَ مِنَ اللَّطْمِ قَدْ هَوَى قُرطاكِ(2)
قَتَلَتْكِ العِداجَفاءً وَ ظُلْماً *** قاتَلَ اللَّهُ كُلَّ مَنْ عاداكِ(3)
و تُوفِّيتِ بَعْدَ عُمْرٍ قَصِيرٍ *** وَ بِلَيْلِ أُنْزِلْتِ في مَشْواكِ(4)
ص: 119
أَنْظُري زَيْنَبَ اليَتِيمَةَ تبكي *** في الدَّيَاجي وَ حَوْلَهَا إيناكِ
أنْظُرِي المُرْتَضى يُغَسْلُ جِسْماً *** مِثْلَ بانٍ(1) ضَعْفاً، بغير حِراكِ(2)
أُنْظُرِي النَّعْشَ في انتظارِكِ يَرْنُو *** وَ انْظُرِي البَيْتَ فاقداً لِضِياكِ(3)
فَصَلاةٌ يَا بَضْعَةَ الطُّهْرِ تَتْرَى *** وَ سَلامٌ عَلَيْكِ مِمَّن بَراكِ(4)
ص: 120
(بحر الرّمل)
مهيار الديلمي
یا بْنَةَ القَوْمِ تُراكِ *** بالِغٌ قَتْلي رِضاكِ؟!
أَمْ دَمي وَهْوَ عَزِیزٌ *** هَانَ في دِينِ هَواكِ؟
إنْ يَكُنْ طاحَ فما أوّلُ *** ما طَلَّتْ یَداکِ
حُبَّ يَومُ «السَّفْحِ» إلا *** أَنَّهُ يَومُ نَواکِ(1)
لَعِبَتْ ساعاتُهُ بِي *** ما كَفَاهَا وَكَفاكِ
كَمْ غَزال بالمُصَلَّي *** صامَ صَلَّى فَحَاكِ(2)
جارياً في حَلْبَةِ الحُسْنِ *** وَ لَمْ يَبْلُغْ مَداكِ
مَرَّ لا أَرْهَفَ عَيْنَیْکِ *** وَ لا أَرْشَفَ فاكِ(3)
غَيْرَ أَنَّى قُلْتُ: حَيْيتَ *** علي ما أنتَ حاکِي
وَ قَصِيراتِ الخُطَي غَيْرَكَ *** لَدْناتِ العِراكِ(4)
عادلاتٍ عِلَلَ الوَجدِ*** بلذّاتِ التَّشاكِي
رُعْنَ في «مكْةَ» نَوْمِي *** قَبْلَ تَعْرِيدِ المَكاكي(5)
ص: 121
كُلُّ عَطْرَى شَفَتاها *** عِترَةٌ فَوْقَ مُداكِ(1)
يَغْتَدِي مِسْواتُها *** رَيْحانةٌ غِبَّ السِّواکِ
فَرَأَتْ عَيْنِي وَلكِنْ *** ما رَأَي قَلْبِي سِواکِ
أَجْتَدِي النَّوْمَ وَ هَلْ فِي النَّوْمِ *** إلا أَنْ أراکِ؟(2)
ماعَلَی مَنْ حَظَرَ الرَّاحَ *** لَوِ اسْتَثْنَى لمَاكِ!(3)
كُنْتُ صَعباً لا أُلَوَّى *** بالخَشاشاتِ الرِّكاكِ(4)
فَمَضَى حُكْمُ اكْتِهالي *** تابِعاً حُكْمَ صِباكِ
يا سَمِيرِي لَيْلَةَ «السَّفْحِ» *** وَ قَدْ نادَوْا: بَراكِ(5)
وَ المَطايا تَخْلِطُ المَعْجَ *** کَلالاً بالسِّواکِ(6)
أتباکَیْتَ نِفاقاً *** «باللّوى» أم أن أنتَ باكي؟
أمْ أراکَ الشَّوْقُ أَشْباهَ *** «سُلَيْمَى» في الأراكِ؟
سَأَلَتْ بي أمُّ «سَلْمي» *** أيْنَ حَزْمي و احْتِناكي؟
وَرَأَتْ ضَعْضَعَةٌ بَيْنَ *** سُكُوني و حِراكِي(7)
طاوِياً كَشْحَ مَهِیضٍ *** ناشِراً أَنْفاسِ شاکي(8)
لاتَخَالِي خَوراً ذاكَ *** فإنِّي أنا ذاکِ(9)
ص: 122
بَلْ رُزَيْناتُ تَواصَينَ *** شَماتاً بانْتِهاكِي(1)
كلُّ يَوْمٍ حادِث ینکأُ *** قَرْفي بالحِكاكِ(2)
أَنتَحِي أَعْزَلَ فِیهِ *** وَ سِلاحُ الدَّهْرِ شاکي(3)
كَمْ عَرَكْتُ الصَّبْرَ حَتَّى *** جاءَ ما فَلَّ عِراكي
وَ تَسَتَّرْتُ وَرُزْءُ *** «الفاطِمِيّينَ» انْهتاکِي
خَمَدَ الجَمْرُ وَ وَجْدِي *** بِبَنِي «الزَّهْراءِ» ذاكي(4)
بأبي في قَبْضَةِ الفُجَّارِ *** مِنْهُمْ كلُّ زاكي
مُلْصَقٌ بِالأَرْضِ جِسْماً *** نَفسُهُ فَوْقَ السُّكاكِ(5)
مُفْرَدٌ تَرْمِيهِ كَفُ *** البَغْي عن قَوْسِ اشتراكِ
أَظْهَرتْ فِرقَةُ «بدرِ» *** فيه أضْغانَ النَّواكِي(6)
كلُّ ذاكِى الحِقْدِ أو يخضبُ *** أعرافَ المَذاكي(7)
و غَريبُ الدَّارِ يُلفَي *** مَوْطِنَ الطَّعْنِ الدِّراكِ(8)
طاهِرٌيخطَفُ بالأيْدِي *** الخَبِيثَاتِ السِّهاكِ(9)
يَخْرَسُ المَوْتُ إذا سمَّتْه *** أفواهُ البواکِي
يابْنَةَ الطَّاهِرِ كَمْ تَقشَرُ *** بالظُّلْمِ عَصاكِ
ص: 123
غَضِبَ اللَّهُ لِخَطْبٍ *** لَيْلَةَ «الطَّفٌ» عَراكِ(1)
وَ رَعَى النَّارَ غَداً جِسْمٌ *** رَعَي أمسِ حِسماکِ
شَرَعَ الغَدْرَ أَخُو غِلَّ *** عَنِ الإِرِثِ زَواکِ(2)
يا قُبُوراً بالغَرييْنِ *** إلى الطَّفْ سقاكِ(3)
كُلُّ مَحْلولٍ عُرى المرزِمَ *** مَحْلُوبِ السّماكِ(4)
حَامِلُ مِنْ صَلَواتِ *** اللَّهِ ما يُرْضِي ثَرَاكِ
وَ إِنِ اسْتَغْنَيْتِ عن وَ كُفِ *** حَياً غَيْرِ حَياكِ
إِنَّهُ لَوْ أَجْدَبَ البَحْرُ *** اجْتَدَى فَضْلَ نداكِ
أَوْ أَضَلَّ البَدْرُ في الأفْقِ *** سَناه لاهتَداكِ
يا هُداةَ اللَّه وَ النَّجوَةً *** في يَوْمِ الهَلاکِ
بكُمُ اسْتَدْلَلْتُ في حَيْرِةَ *** أمْرِي و ارَتِباکِي
أَظْلَمَ الشَّکُّ وَ کُنْتُمْ *** لي مَصابِيحَ المَشاكي(5)
وقد ذيّل عليها بعضُ الشّيعة و أتمَها، و الأبيات:
يا بْنَةَ الطَّاهِرِ كَمْ تُقْرَعُ *** بِالظُّلْم عَصاکِ
غَضِبَ اللَّهُ لِخَطبٍ *** لَيْلة الطَّفَ عَراكِ
ص: 124
و رَعَى النّارَ غَداً *** قطَّ رعَى أمسِ حماكِ
مَرّ لم يعطِفّه شَكْوَى *** و لا اسْتَحْيَا بُكاكِ(1)
وَ اقْتَدَى النّاسُ بِهِ بَعْدُ *** فأردَي وَلَدَاکِ
يا بْنَةَ الرّاقي إلى السِّدُرَةِ *** في لَوْحٍ السکاکِ
لَهْفَ نَفْسِي وَ عَلَى مِثْلِك *** فَلْتَبکِ البَواکِي(2)
كَيْفَ لم تُقْطَعْ يَدٌ مَدَّ *** إِلَيْكِ ابن صهاکِ
فَرَحُوا یَوْمَ أهانوکِ *** بما ساء أباکِ
وَ لَقَدْ أَخْبَرَهم أنّ *** رضاه في رِضاكِ(3)
دَفعا النَّصَّ على إرثِكِ *** لمَّا دَفَعاكِ(4)
ص: 125
وَ تَعَرَّضْتِ لِقَدْرٍ *** تافِهٍ و انتَهَذاکِ
وَ ادْعَيْتِ النَّحْلةَ المشهودَ *** فيها بالصِّكاكِ(1)
فاستشاطَا ثم ما إن *** كذبا إن كذباكِ(2)
ص: 126
فَزَوَى اللَّه عن الرَّحْمةِ *** زِنْدِیقاً زَواکِ(1)
وَ نَفَى عَنْ بابهِ الوا *** سِعٍ شَیْطاناً نَفاکِ(2)
ص: 127
(بحر الكامل)
الشيخ هادي البحراني
تَعْيَى القَرائحُ في مُقامِ عُلاكِ *** حَياكِ يا بنةَ أَحْمَدٍ حَيَّاكِ(1)
يا فاطِمٌ أنْتِ المَكارِمُ كُلُّها *** يا فاطِمٌ قَدْ طَابَ مَنْ والاكِ(2)
یا فاطِمٌ يا رَمْزَكُلِّ فَضِيلةٍ *** يا فاطِمٌ يا عِصْمَةَ النُّساكِ
يا فاطِمٌ يا لَيْلَةَ القَدْرِ انْجَلَتْ *** بكِ ظُلمةً مُذ لُحْتِ في أَضْواكِ(3)
ص: 128
يا فاطِمٌ يا كوثراً في الوحي يا *** مَنْ حارَتِ الألبابُ في مَعْناكِ(1)
یا فاطِمٌ يا بَضْعَةً لِمُحَمَّدٍ *** يا فاطمٌ و رضا الإلهِ رضاكِ(2)
يا فاطِمٌ يا زَوْجَةً لِوَصيِّهِ *** يا فاطِمٌ وَالْخَيْرُ مِنْ أَبْناكِ
يا فاطِمٌ ماذا أقولُ و أنتِ يا *** بنتَ الرَّسُولِ مَحَجَّةُ الأمْلاكِ
في يَوْمٍ مَوْلِدِكِ انْتَشَيْتُ وقَدْ غَدا *** شِعري يُعطرُهُ عَبِيرُ نَداكِ
أنا خادِمٌ لِبَنِيكِ دَوْماً مُولَعٌ *** بِكُمُ وإنَّي لا ئِذٌ بِحِماكِ
أرْجُو الشفاعة في النُّشور لِعَبْدِكُمْ *** (هادي) لِيُحْشَرَ مُنْعَماً بوَلاكِ(3)
إِنِّي بَرِيء مِنْ أُناسٍ ضَيَّعُوا *** حَقَّ الوَصِيَّ وَ كُلِّ مَنْ عاداكِ
بَدَنِي مَرِيضٌ وَ الشَّفاءُ لَدَيْكُمُ *** روحِي وَ جِسْمِي يا بَتُولُ فِداكِ(4)
ص: 129
بالعُروة الوثقى وَثِقْتُ وَإِنَّني *** أَهْوَى الّذِي في حُبِّهِ يَهواك
صَلَّى عَليكِ اللَّه جَلَّ جَلالُهُ *** يا بَضْعَةَ الهادِي النَّبِيِّ الزَّاكِي
ص: 130
(بحر البسيط)
السيد هاشم حسين الموسوي
أُمُّ الأَئِمَّةِ مَا أَنْدَى عَطَايَاكِ *** وَ مَا أَشَدَّ شَفَاءَ الدَّهْرِ لَوْلاكِ(1)
إنَّ العَطَاءَ الَّذِي مَا زَال كَوْثَرُهُ *** يُهْدِي الحَيَاةَ روَاءٌ فَيْضُ يُمْنَاكِ(2)
عِظَرُ النُّبُوَّةِ فِيهِ خَالِدٌ عَبِقٌ *** يَسْتَافُهُ كُلُّ مَنْ بِالحَقِّ وَالاكِ(3)
إِنَّ الإِمَامَةَ نَهْرٌ أَنْتِ مَنْبَعُهُ *** حَيَّاكِ مِنْ مَنبعِ لِلْفَضْلِ حَیَّاكِ
يَجْرِي الزَّمَانُ وَ يَعْلُو الحَقُّ فِي فَمِهِ *** أَنْشُودَةً لَحْنُهَا أَوْتَارُ عَلْيَاكِ
فَلا نُضُوبَ لِنَهْرٍ أَنْتِ مَنْبَعُهُ *** وَ لالِقِيثَارَةٍ تَشَدُو بِحُسْنَاكِ(4)
بنتَ النَّبِي وَ يَكْفِي الدَّهْرَ فَاطِمَةَ *** اسْمٌ يُذِيبُ القَذَى فِي دَرْبِهِ الزَّاكِي(5)
ص: 131
اِسْمٌ هُوَ البَلْسَمُ الشَّافِي وَ مَا شَقِيَتْ *** نَفْسٌ كَمَا أَمَرَ القُرْآنُ تَهْوَاكِ(1)
أمُّ الحُسَيْن وَ قَدْ جَلَّتْ فَضَائِلُهَا *** مِنْ أَنْ تُقَاسَ فَلَاحَدٌ لِمَرْقَاكِ(2)
فَأَنْتِ سَيِّدَةُ الدُّنْيَا وَ عَالَمِها *** مِنَ النِّسَاءِ بِلارَيْبٍ و أُخَرَاكِ(3)
وَ أَنْتِ عَالِمَةٌ قَدْ أَيْنَعَتْ وَ نَمَتْ *** فِي مَنْزِلِ الوَحْيِ حَيْثُ اللَّهُ يَرْعَاكِ
قَبَسْتِ مِنْ نُورِهِ مَا كَانَ مُمْتَنِعاً *** عَلَى الخَلَائِقِ مِنْ أَبْعَادِ مَعْنَاكِ(4)
وَفُقْتِ كُلَّ نِسَاءِ الأَرْضِ قَاطِبَةً *** مِنْ أَوَّلِ الدَّهْرِ حَتَّى يَوْمَ نَلْقَاكِ
فِقْها وَ تَقْوَى وَبِالإِسْلَام مَعْرِفَةً *** عَلَى الحَقِيقَةِ حَيْثُ الوَحْيُ رَبَّاكِ
وَ سُورَةُ الدَّهْرِ تَكْفِي المَرْءَ مَعْرِفَةً *** بِمَا حَبَاكِ بِهِ المَوْلَى وَ أَعْلاكِ(5)
ص: 132
وَ خُطْبَةٌ لَكِ فَجَّرْتِ العُلُومَ بِهَا *** حَتَّى غَدَا الخَصْمُ مَفْضُوحاً بِدَعْوَاكِ(1)
بلاغَةٌ يُدْهِشُ الأَلْبَابَ مَنْطِقُهَا *** كَأَنَّهَا الوَحْيُ فِي بُعْدِ وَإِدْرَاكِ
أَقَمْتِ حُجَّتَكِ الكُبْرَى وَ كُنْتِ بِهَا *** فِي مَوْقِفِ الحَقِّ نِعْمَ الصَّادِقُ الشَّاكِي
وَ أَنْتِ صِدِّيقَةٌ مَحْفُوفَةٌ أَبَداً(2) *** بِالطُّهْرِ، وَ الحَقُّ طَبْعُ مِنْ سَجَايَاكِ(3)
أيَطلُبُونَ شُهُوداً؟ لا أباً لَهُمْ *** وَ اللَّهُ فِي مُحْكَم التَّنْزِيلِ زَكَّاكِ
أَمَا وَعَوْا حَقَّكِ المَضْمُونَ إِذْ حَكَمُوا *** بَلَى وَ حَقِّ الذِي بِالحَقِّ سَوَّاكِ؟
سَيَعْرِفُونَ غَداً عُقْبَى زَوَابِعِهِمْ *** إِذْ تَعْرِضِينَ بِيَوْمِ الحَشْرِ شَكْوَاكِ
يَا بَضْعَةَ المُصْطَفَى يَا مَنْ مَآثِرُهَا *** بِلا عَدَادٍ وَ لاَيُرْقَى لِتَقْوَاكِ(4)
مَاذَا يَخُطُّ يَراعٌ فِيكِ يا أَلَقاً *** مِنَ السَّمَاءِ، وَ رَبُّ العَرْشِ أَدْنَاكِ(5)
وَ كَيْفَ يَبْلُغُ شِعْرٌ فِيكِ غَايَتُهُ *** وَ إِنْ تَفَنَّنَ فِي وَصْفِ وَ أَطْرَاكِ؟(6)
فَأَنْتِ فَوْقَ فُنُونِ الشَّعْرِ سَيِّدَتِي *** وَ الحَرْفُ لَايَهْتَدِي يَوْماً لِمَغْزَاكِ
رَبِيبَةُ الوَحْي هَذَا يَوْمُ مَوْلِدِهَا *** مَا كَانَ أَعْطَرَهُ مِنْ مَوْلِدٍ زَاكِي
ص: 133
مَا كَانَ أَعْظَمَهُ يَوْماً وَ أَزْهَرَهُ *** يُشَرِّفُ الخَلْقَ مِنْ إِنسِ وَ أَمْلاكِ
يَوْمٌ هُوَ الشَّمْسُ فِي الْآفَاقِ بَازِغَةٌ *** تُنَوِّرُ الكَوْنَ مِنْ جُرْم وَ أَفَلاَكِ(1)
وَ قُرَّةُ العَيْنِ لِلْمُخْتَارِ تَمْنَحُهُ *** عِطر الجِنَانِ بِلاَ هَم وَأَشْوَاكِ
فَازَتْ خَدِيجَةُ بِالإِيمَانِ سَابِقَةً *** وَ الْيَوْمَ فَاقَتْ عَلَى سَبْقٍ وَ إِدْرَاكِ
يَا أُمَّ فَاطِمَةٍ يَكْفِي العُلاَ شَرَفاً *** أَنْ يَسْتَقي الدَّهْرُ مِنْ أَنْهَارِ حُسْنَاكِ
فَتِلْكَ فَاطِمَةٌ تُغْنِي الحَيَاةَ هُدًى *** بِلا تَرَاجُع أَوْ عَجْزِ وَ إِمْسَاكِ(2)
دَرْبُ اشَّهَادَةِ مِنْ آثَارِهَا عَبِقٌ *** مِنْ كُلِّ مِغْوَارٍ حَقٌّ لِلْوَغَى شَاكٌ
مُنْذُ الحُسَيْنُ وَ فَيْضُ الدَّمُ مُلْتَهِبٌ *** عَلَى الطَّغَاةِ وَ حَتَّى صَدْرِنَا الزَّاكِي
أم المَيَامِينَ بِنْت الْوَحْيِ سَيِّدَتِي *** تِلْكَ الغُصُونُ نَمَتْ مِنْ نَفْحِ رِيَاكِ
كُلُّ الأَئْمَةِ مِنْ أَبْنَاءِ فَاطِمَةٍ *** كَانُوا كُهُوفَ الوَرَى مِنْ كُلِّ أَفَاكِ(3)
صَاغُوا الحَيَاةَ طَهُوراً مِثْلَمَا رَسَمَتْ *** مَشِيئَةُ اللَّهِ رَبِّ العَرْشِ مَوْلاَكِ
قَدْ أَزْهَرَتْ فِيهِمُ آثَارُ تَرْبِيَةٍ *** بِمِثْلِ مَا أَحْمَدُ المُخْتَارُ رَبَّاكِ
خَطُّ الرِّسَالَةِ صَانُوهُ وَ قَدْ حَمَلُوا *** كُلَّ الأَذَى فِيهِ مِنْ بَاغٍ وَ سَفَّاكِ(4)
زَهْرَاءُ يَا عَبْقَ التَّاريخِ مُنْتَشِراً *** مُني عَلَيْنَا بِعَطْفِ يَوْمٍ ذِكْرَاكِ
بِنْتَ الرِّسَالَةِ يَا زَهْرَاءُ يَا شَرَفاً *** بهِ يُطَوْقُ مَنْ فِي اللَّهِ وَالآكِ
تِلْكَ اللَّيَالِي لَقَدْ وَلَّتْ وَ مَا ظَفِرَتْ *** يَدُ المُسِيءٍ بِشَيْءٍ عَنْهُ أَقْصَاكِ(5)
فَأَنْتِ رَبَّهُ حَقٌّ رَغْمَ مَا افْتَعَلُوا *** مِنَ المَوَاقِفِ أَوْ شَكٍّ وَإِرْبَاكِ
وَ أَنْتِ فِي قِمَّةِ العَلْيَاءِ خَالِدَةٌ *** وَ سَوْفَ يَلْقَى الجَزَا مَنْ كَانَ عَادَاكِ
ص: 134
(بحر الكامل)
لأحد الشعراء
يا نُورَ بَيْتِ المُصْطَفَى بُشْراكِ *** لَوْلاكِ ما عَمَّ الهُدَى لَوْلاكِ
يا خَيْرَ فاطِمَةٍ وَ يا أُمَّ الهُدَى *** نُورَ الإمامة من صميم بَهاكِ(1)
لَوْلاكِ يا زَهْراءُ يا نُورَ الوَرَى *** ما هَلَّتِ الأَنْوارُ تَحْتَ سَماكِ(2)
أنتِ الهُدَى لِلْهائِمِينَ بِلا هُدًى *** يا كَعْبَةَ المُشتاقِ نَحْوَ حِماكِ(3)
صَلَّى عَلَيْكِ الله يا ذاتَ الهُدَى *** وَ عَلى أبِيكِ وَ عِتْرةٍ تَهْواكِ
***
قَسَماً بِرَبِّ العَرْشِ أَنْتِ هِدايةٌ *** لِلْقاصِدِينَ إلى العُلا بِهُداكِ
ص: 135
يَكْفِيكِ قَوْلُ المُصْطَفَى فِي مَوْقِفٍ *** مِنْ كُلِّ مَنْ عاداكِ أو حاباكِ(1)
يُؤْذِيهِ ما يُؤذِيكِ هذا قَوْلُهُ *** يُرْضِيهِ ما يُرْضِيكِ نِعْمَ رِضاكِ(2)
يَكْفِيكِ أَنَّ المُرْتَضَى عَلَمُ الهُدَى *** بابُ العُلوم وَلِيُّ مَنْ والاكِ
صَلَّى عَلَيْكِ اللَّهُ قَدْرَ كَمَالِهِ *** وَ عَلَيْكِ صَلَّى اللَّه قَدْرَ عُلاكِ
***
يا خَيْرَ مَنْ بَكَتِ الدُّمُوعَ غَزِيرَةٌ *** بَعْدَ الحَبِيبِ صَفِي مَنْ صافاكِ(3)
يا مَنْ بَكَى جِبْرِيلُ بعدَ بُكائِها *** وَ مَلائِكُ الرَّحْمَنِ حَوْلَ حِماكِ(4)
ص: 136
أنتِ المَنارُ هِدايَةٌ لِمَنِ اهْتَدَى *** وَ لِمَنْ يَلُوةُ اليَوْمَ تَحْتَ لِواكِ
هذا عطاؤكِ أنْتِ أَهْلُ عَطائِهِ *** جَلَّ العَطاء وَ جَلَّ مَنْ أَعْطَاكِ
صَلَّى عَلَيْكِ اللَّهُ قَدْرَ كَمَالِهِ *** وَ عَلَيْكِ صَلَّى اللَّهُ قَدْرَ عُلاكِ
***
سُبْحانَ رَبِّي لَوْنَظَرْنَا حَوْلَنا *** فإِذا الطَّوائِفُ كُلُّها تَهْواكِ
كُلُّ المَشارِبِ عِنْدَ بابِكِ تَلْتَقِي *** في بَحْرِ حُبِّ لَمْ يَكُنْ لِسِواكِ
وَاللَّهِ يا زَهْراءُ إِنَّكِ ثَوْرَةٌ *** وَ الْحَقُّ وَالميزانُ تَحْتَ لِواكِ
ذكراكِ تُلْهِمُ كُلَّ قَلْبِ ثائِرٍ *** هَذِي قُلُوبُ الثَّائِرِين تراكِ
باللَّهِ يا زَهْراءُ جُودِي نَفْحَةً *** فِيها الرّضا وَ النُّورُ مِنْ مَوْلاكِ(1)
صَلَّى عَلَيْكِ الله يا ذاتَ الهُدَى *** وَ عَلَى أَبِيكِ وَ عِشْرَةٍ تَرْضاكِ
ص: 137
ص: 138
ص: 139
ص: 140
(بحر الكامل)
الشيخ إبراهيم آل مبارك البحراني(*)(1)
بَيْنِي وَ بَيْنَ قَبِيلَتِي مَخْطُومَةٌ *** كَانَتْ قَضَيْتُها الخصام الأوَّلا(2)
ضَرَبُوا يَدِي فِيها وَساقُوها إلى *** أَزْوادِهِمْ حينَ اقْتَضَتْ أَنْ تَرْحَلا(3)
و أنا الذي أَخرَزُتُها و قَنَصْتُها *** مِنْ بَيْنِ بُرْتُن ضَيْغَمٍ أَوْ أَجْدَلا
فَخِطامُها قَتْلِي وَ مَبْرَكُ صَدْرِها *** رَحْلِي وَ لَوْلا عِزَّتِي لَنْ تُذْلَلا
رَبَّضْتُها وَ هِيَ العَسُوفُ شَمُوسَةً *** أَهْلَتُها وَ هِيَ الَّتي لَنْ تُؤْهَلا(4)
أَوَ لَسْتُ مَنْ هَدَمَ الصَّياصِي دَوْنَها *** أَوْجَبْ غارِبَ فَحْلِها فَتَجَنْدَلا؟(5)
مَنْ كانَ طَلاعاً على إصْطَبْلِها *** قَلَعَ الرِّتاج وَ كانَ حِضناً مُقْفَلا(6)
أَوَ لَسْتُ سائِقَها عَلَى عِلاتِها *** سِيّان مَنْ جَلى عليها أَوْ جَلا؟
أوَلَسْتُ سابِقَها المُجَلِّي يَوْمَ لا *** صَلَّى مِنَ السُّوس الخماص ولاتلا؟(7)
ص: 141
مَنْ ذا الّذي أَقْنَى قناها أو طلى *** بيضَ المُهَنَّدَةِ الظُّبا بِدَمِ الطِّلا؟(1)
مَنْ صَکَّ بُهْمَتَها وَ طَوَّقَ قَرْنَها *** مَلْمُومَةٌ تُغْنِيهِ عَنْ طَوْقِ الحُلا(2)
مَنْ لَفَّ راياتِ الكتائبِ ضارِباً *** أَلْباجَها فَتَطَأَطَأَتُ حَتَّى اعْتَلَى؟
مَنْ هَذَها مَنْ بَذْهَا مَنْ ساقَها *** أسْرَى لِتَفْدِيَ نَفْسَها أَوْ تَقْتُلا؟(3)
مَنْ غَائِصٌ لُجَجَ الجُرُوبِ وَ طالِعٌ *** منها الثّنايا و الدُّرَى وَ ابْنُ الجَلا؟
وإِذا الوَغَى حَمِيَتْ فَمَنْ غَيْرِي لها؟ *** أَلْقَى وَقائِدُها لها ومَنِ اصْطَلَى
وإِذا الخَطابَةُ أَقْحَمَتْ خُطَبَاءَها *** أَفْنا و لاسُحْبانَ وائِلَ مِقْوَلا؟
وإذا المَعاضِلُ أَعْجَزَتْ بِورودِها *** سَعْداً فَمَنْ غَيْرِي لِبُورِدَ مُعْضِلا؟
وَإِذا تَغَلْغَلَتِ الأمُور فَمَنْ لَها *** فَيَسِفٌ إِنْ سَفَّتْ و إِنْ يَتَغَلْغَلا(4)
وإذا الحُكُومَةُ بالقَضاءِ تَبَلْبَلَتْ *** فَمَنِ المُخَرِّزُ وَ المُطَبق مُفْضِلا
وإذا أتاهَتْ بِالعُقُولِ حَنادِسٌ *** فَغَوَتْ حَمَلْتُ إلى الهدايةِ مِشْعَلا(5)
وإِذا تَقَهْقَرَتِ الرِّجالُ وَ أَحْجَمَتْ *** كُنْتُ المُقَدَّمَ عِندَها و الأَمْثَلا
حتى إذا انْتَهَتِ الشَّدائدُ كُلُّها *** وَ تَقَطَّعَ اللَّيْلُ المُحندَسُ وَ انْجَلَى(6)
تَرَكَ القَطا فَغَفى و نامَ مُطَمْناً *** وَ صَفَالَهُ جَرُّ الصَّحاري وَ الفلا
فَتَحاشَدُوا وَ تَعاقَدُوا أَنْ يَرْكَبُوا *** مَخْطُومَتِي وَ يُمَلكُوها حَنْبَلا
مَنْ حَنْبَل ما كُنتُ أعْرِفُ حَنْبَلاً؟ *** مِنْ أَيْنَ جاءَكَ حَنْبَلٌ يا مُبْتَلَى؟
ما جاءَ يَوْمِ الخَيْسِ تَزارُ أَسْدُها *** لَكِنْ بِيَوْمِ الحَيْسِ جاءَ لِيَأْكُلا(7)
ص: 142
وَ قَبِيلَتِي أَخَذَتْ له في فلْتَةٍ *** لَمْ تَرْعَ حقاً أَوْ تُحَكِّمَ فَيْصَلا
فَلْيَأْخُذُوها ما حَلَتْ أوْساقُها *** إِلا لِتُطْعِمَهُمْ ذُعافاً حَنْظَلا
لَهْفِي لِبَابِ مَدِينَةِ العِلْمِ الَّذِي *** أَدَّى العُلوم لِذِي المَعارِفِ والملا
أَضْحَى يُقادُ مُلَبَّباً بِثِيَابِهِ *** قَوْدَ البَعِيرِ مَتَى يَخشَ تَسَهْلا(1)
مَنْ هؤُلاءِ وَ مالَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا *** ما لا يُباحُ لِمِثْلِهِمْ أنْ يَفْعَلا
فَمَتَى تَجَهَّمَتِ الظَّباءُ بِضَيْغَمٍ *** وَ نَفَتْ بِذاتِ الصَّيْدِ مِنْ قالي قلا
فَكَأَنَّ لَيْئاً نا وَأَتْهُ تَعَالِبٌ *** وَ كَأَنَّمَا الهَمَجُ اسْتَتَبَّتْ جُعَلا
وَالضَّيْمُ أضْرَعَ خَدَّهُ وَلَهُ العُلا *** أدْنَى مَراتِبِه السَّمواتُ العُلا(2)
وَ البَضْعَةُ الزَّهْراءُ تَعُولُ خَلْفَهُ *** وَ لَقَدْ يَعُزُّ عَلَى الحَيا أنْ تَعْوِلا(3)
وَ أَخافَها ذُلُّ التَّرَمُّلِ بَعْدَهُ *** وَ أَشَدُّ ما تَخْشَاهُ أَنْ تَتَرمَّلا
صاحَتْ فَحَرَّكَتِ السَّواكِنَ كُلَّها *** وَ تَزَلْزَلَتْ وَالحَقُّ أن تَتَزَلْزَلا(4)
خَلُّوا ابْنَ عَمِّي أَوْ لأَدْعُو دَعْوَةً *** فَيَحُطُ أعْلَى الكَوْنِ مِنْهَا أَسْفَلا
ص: 143
أوَلَيْسَ مِنْ رَبَطَ الوُجودَ وَجُودُهُ *** نَحْنُ و سبَّبَ كَوْنَهُ فَتَعَلَّلا
هَلْ كَانَ ناقَةُ صالِحٍ وَفَصِيلُها *** أولى بِسَمْعِ اللَّهِ أنْ يُتَقَبَّلا
أَوْ صَالِحٌ هَلْ كانَ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي *** فَيَكُوْنَ أَجْدَرَ بالإِجَابَةِ أَعْجَلا
أوَ لَسْتُ عِنْدَكُمُ البَقِيَّةَ مِنْ أَبِي *** وَ أَنا وَدِيعَتُهُ وَ أَسْلَمُ لِلْبَلا؟
قَدْ قال إِني بَضْعَةٌ مِنْهُ وَ إِنِّي *** فِي المَلا مِنْ سِتْ نِسْوانِ المَلا(1)
ما كانَ يَنْطِقُ عَنْ هَوَى وَاللَّهُ وفى *** القُرْآنِ قَدْ بَرَاهُ أَنْ يَتَقَوَّلا
فَبِأَيِّ وَجْهِ إِنْ تُلاقوا أحمداً *** يَرْضاهُ أَوْ عُذْرٍ يُقالُ فَيَقْبَلا؟
إحْسانُكُمْ أَخْذُ الحقوقِ و برُّكُمْ *** صَفْعُ الوُجُوهِ وَرُدُّكُمْ فينا قَلا(2)
ص: 144
لَمْ أَبْكِ رَبْعاً لِلأَحِبَّةِ قَدْخَلا *** وَ عَفَا وَ غَيَّرَهُ الجَدِيدُ وَ أَمْحَلا(1)
کَلاً وَ لاكَلَّفْتُ صَحْيِي وَقُفَةً *** في الدَّارِ إِنْ لَمْ أُشْفَ صَباً عُلَّلا(2)
وَمَطَارِحُ النَّادِي وَ غُزْلانُ النَّقا *** وَ الجَزْعُ لَمْ أَحْفل بها مُتَغَزلا(3)
وَ بَواكِرُ الأَضْعَانِ لَمْ أَسْكُبُ لَها *** دَمْعاً وَ لَاخِلْ نَأَى وَ تَرَحَّلا
لكِنْ بَكَيْتُ لِفاظِمِ وَ لِمَنْعِها *** (قَدْكاً) و قَدْ أَتَتِ الخَؤُونَ الأَوَّلا(4)
إِذْ طَالَبَتْهُ بِإِرْثْها فَرَوَى لها *** خَبَراً يُنا فِي المُحْكَمَ المُتَنَزِّلا
لَهُفِي لها و جُفُونُها قَرْحَى وَ قَدْ *** حَمَلَتْ من الأحزانِ عِبْئاً مُثْقَلا
وَ قَدْ اعْتَدَتْ مَنْفِيَّةً وَ حَمِيُّها *** مُتَطَيْراً بِبُكائِها مُتَثَقَلا
تُخْفِي تَفَجَّعَها وَ تَخْفِضُ صَوْتَها *** وَ تَظَلُّ نادِبَةً أَباها المُرْسَلا
تَبْكِي على تَكْدِيرِ دَهْرٍ ما صَفا *** مِنْ بَعْدِهِ وَ قرِيرِ عَيْش ما حَلا
لَمْ أَنْسَها إِذْ أَقْبَلَتْ في نِسْوَةٍ *** من قومِها تَرْوِي مَدامِعُها المَلا
وَ تَنَفَّسَتْ صُعَداً و نادَتَ أَيُّها *** الأنصاريا أَهْلَ الحِمايَةِ و الكَلا
أَخَذَ الإلهُ لَكَ العُهودَ عَلَى الوَرى *** فِي الذُّرْ لَمَا أنْ يرى و بِكَ ابْتَلَى
في يوم قالَ لَهُمْ: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ *** و علىُّ مَوْلاكُمْ؟ مَعاً قالوا: بَلى
ص: 146
قَسَماً بِوِرْدِي مِنْ حِياضِ مَعارِفي *** وَ بِشُرْبِيَ العَذْبَ الرَّحِيقَ السَّلْسَلا(1)
وَ مَن اسْتَجَارَكِ مِنْ نَبِيِّ مُرْسَلٍ *** وَ دَعَا بحقِّكِ ضَارِعاً مُتَوَسِّلا
لَوْ قُلْتُ إِنَّكِ رَبُّ كُلِّ فضيلةٍ *** ماكنتُ فيما قُلْتُهُ مُتَنَحِّلا(2)
أَوْ بُحْتُ بالخَطَرِ الذي أعْطَاكِ رَبُّ *** العَرْشِ كادُونِي و قَالُوا قَدْ غَلا(3)
فَإِلَيْكِ مِنْ تقْصِيرِ عَبْدِكِ عُذْرَهُ *** فَكَثِيرُ ما أَبْكِي أَراهُ مُقَلَّلا
بَلْ كَيْفَ يَبْلُغُ كُنْهَ وَصْفِكِ قائِلٌ *** وَ أَبُوكِ في عَلْياكِ أَبْلَعْ مَقْوَلا؟
وَ نَفَائسُ القُرْآنِ فِيكِ تَنَزَّلَتْ *** وَ بِكِ اغْتَدَى مُتَحلِّياً مُتَجَمِّلا
فَاسْتَجْلِها بكْراً فَأَنْتِ مَلِيْكَها *** و على سواكِ تَجلُّ مِنْ أَنْ تُجْتَلى
وَ لَمْنُ بَقِيتُ لأنْظَمَنَّ قَلائِداً *** يُنْسِي تَرَضُعُها النظام الأولا
شَهِدَ الإِلهُ بِأَنَّنِي مُتَبَرِّىءٌ *** مِنْ حَبْتَرٍ وَمِنَ الدِّلامِ وَ نَعْثَلا
وَ بَراءَةُ الخُلْعِيّ مِنْ عَصَبِ الخَنَا *** تُبْنَى عَلى أَنّ البَرا أَصْلُ الولا(4)
ص: 147
(بحر الخفيف)
الشيخ أبو الحسن الخليعي(*)(1)
لَسْتُ مِمَّنْ يَبْكِي رَسُولاً حَمُولا *** وَ دِياراً أَعْفَى البَلا وَ طُلُولا
لا وَ لَمْ تُلْهِني مَلاعِبُ أَتْرَابِي *** وَ لَمْ أَبْكِ مَرْبَعاً مَأهُولا
ما شَجاني النَّوى فَأَسْتَوْقِفَ الحادِي *** وَ لا أَحْبِسُ الرِّكابَ قَلِيلا(2)
بَلْ شَجَانِي ناعِي الحُسَيْنِ فَأَجْرَيْتُ *** دُموعاً لمّا شَجاني هَمُولا(3)
كَيْفَ لا أَنْدُبُ الغَرِيب الوَحِيدَ *** المستضَامَ المُشَرَّدَ المَقْتُولا(4)
كَيْفَ لا أَساعِدُ البَتُولَ عَلَى الحُزْنِ *** وَ قَدْباتَ قَلْبُها مَبْتُولا(5)
يَوْمَ ذاقَتْ مُرَّ المَذاقِ وَ كانَ *** السِّبطُ في حِجْرِهِ مَحْمُولا(6)
ص: 148
وَ النَّبِيُّ الهادِي بِهِ فَرحٌ يَحْنُو *** عَلَيْه و يُكْثِرُ التَّقْبِيلا
فَأَتاهُ الأمينُ جِبْرِيلُ يَنْعَاهُ *** به فَاغْتدَى يُطِيلُ العَوِيلا
فأَتَتْ فاطِم إلَيْهِ وَ قَالَتْ *** قَدْ تَبَيَّنَتُ مِنْكَ أَمْراً مَهولا(1)
سَيّدِي ما الّذِي دَهاكَ وَ لَمْ *** تُعْرِض ما دُمْتَ بي رَحِيماً وَ صُولا
قال إِنِّي أبى لِقليكَ أنْ يُصْبِحَ *** يوماً لِلنَّائِباتِ هَمُولا
إنّ هذا الحُسَيْنَ يُضْحِي بأَرضِ *** الطَّفْ مِنْ بَعْدِنَا طَرِيحاً قَتِيلا
بعد أنْ يَطلُبَ النَّصِيرَ *** فَلايَنظُرَ إلا مُحارِباً و خَذُولا
وَ العَزيزاتُ مِنْ بَناتِكَ يَشْهَرْنَ *** حُرُوناً بين الورى و سُهولا
فَدَعَتْ عند قولِهِ و اغَريباهُ *** و واعُظْمَ ذاك خَطباً جَلِيلا
مَنْ تَرَى يُلْحِدُ الغَريبَ و مَنْ ذا *** يَتَولَّى التَّكْفِينَ وَ التَّغْسِيلا؟
مَنْ تَرى يَعْمَلُ العَزاء و مَنْ يَبْكي *** عَلَيْهِ و مَنْ يُراعي الرَّسُولا؟
ص: 149
فبكى المصطفى فأوحى إليه اللَّهُ *** قُلْ للبتول قَوْلاً جَمِيلا
سوف أُنْشِي قَوْماً كِراماً يُقيمونَ *** عَزاء الحُسَيْنِ جِيلاً فَجِيلا(1)
و أُجازِيهُمُ على الوُدْ لِلْقُربى *** و أُعْطِيهُمُ العَطاء الجَزِيلا
فَتَوَلَّتْ تُثني عَلَى الشَّيعَةِ الغُرِّ *** وَ تَدْعُو دعاءَها المَقْبولا
فَإذا كانَ قَلْبُها من كلام قبلُ *** لاقَى أَسَى وَداءً دَخِيلا
كَيْفَ لَوْ أَبْصَرَتْهُ مُلْقَى عَلَى التُّرْبِ *** تُجِيلُ العِدَى عَلَيْهِ الخُيُولا
وَ السَّبايا مِنْ حَوْلِهِ يَتَصارَخْنَ *** وَ قَدْ نالَتِ الجُيوبُ الذُيُولا
وَ اليَتَامَى كُلّ تُخَفَى مِنَ الخَوْفِ *** وَ تُدْمِي باللَّطْمِ خَداً أَسِيلا
و بدورُ السَّمَاء صَرْعَى عَلَى الأَرْضِ *** تُلاقِي عِندَ التَّمامِ أُفْولا(2)
وَ قُدودُ الغُصُونِ منْ بَعْد ذاكَ *** اللِّينِ فوقَ الثَّرَى تُعانِي الذُّبُولا
و الإِمامُ السجّادُ في الأسْرِ موثوقاً *** بنفسي أفْدِي الأسيرَ العَليلا
إِذْ رَأتْ زينبٌ تُمرِّغُ خَدَّيْها *** عليه و تَسْتَغِيثُ الجَليلا(3)
و تُنادِي و افَجْعَتِي و اشَقائي *** يا لَها حَسْرة و حُزناً طَويلا
ص: 150
ليتَني كنتُ فِدْتُهُ لكِ من كَرْبِ *** المَنايا و كانَ ذاكَ قليلا
يا أخي ما تَرى سكينةَ خوف *** السبي تُؤمي إليك طَرْفاً كليلا
يا أخي هَلْ لفاطمٍ من كفيلٍ *** حيثُ قَدْ أَعْوَز الزمانُ الكفيلا
يا أخي ماترى عليّاً بِذُلٍّ *** و بِرُغْمٍ يُضْحِي العزيزُ ذليلا
لو رأَتْ صفوةُ النساءِ كريماتِ *** حسينٍ على المسيرِ عَجُولا
مُتْعَباتٍ يَعْثُرْنَ في بَهْرَجِ السيرِ *** و حادِي السّرى يَجدُّ الرَحيلا(1)
أَوْ رَأَتْ رَأْسَهُ على الرُّمْحِ مشهوراً *** إلى أَرْذَلِ الوَرى محمولا
لَرأَتْ ما يَسُوؤُها من جَوى الثكلِ *** و أَمْسى لها العَراءُ نزيلا
و رَوى الحِمْيَرِيُّ وَ هُوَ صَدوقٌ *** قال عايَنْتُ في المنَامِ البَتُولا
مَعْ لفيفٍ من الملائكةِ قَدْزارَتْ *** ضَريح الحسينِ عبَرْى ثُكُولا
ثمّ قالَتْ و وابِلُ الدَّمْعِ لا يُظفِي *** لَهيباً و لايَبُلُّ غَليلا
لَمْ تُقَلِّبُهُ يومَ أُرْدِيَ كَفُّ *** غيرَ كَفَّيْ نَجِيِّه جبريلا(2)
يا بني أحمدٍ ذكَرْتُمُ فروعاً *** عَطراتِ الحَنا و طبْتُمْ أُصولا
و شَرَعْتمْ محجَّةَ الرُّشْدِ للناس *** و لولاكُم تَضَلُّوا السَّبيلا
شَهِدَ اللَّهُ جاهِداً في يَميني *** و كَفَى اللَّهُ شاهِداً و وكيلا
ما أراقَتْ أَرْجاسُ حَرْبٍ دَمَ *** السبطِ و أَغْرَتْ به الطُّغاةُ النُّغولا(3)
وَ اسْتَطالُوا إلا بِمَنْ جَحَدَ النصَّ *** و في حُكْمه غدا مُسْتَقِيلا(4)
و بيومِ التّنادِ فَهُوَ المُنادي *** ليتَني لم أَتَّخِذْ فُلاناً خليلا
ص: 151
فإليكُمْ جَواهِرٌ من وَليِّ *** عارف يُشبِعُ المَقال الدليلا
لازمٌ ما أَمَرْتُموهُ من التقوى *** مقيمٌ على الوَلا لَنْ يَحُولا
تَعِسَ القائلونَ أنّ الخليعيَّ *** بَغى بالهُداةِ يَوْماً بَديلا
حاشَ للَّهِ ليسَ يَدَّعي لبيباً *** مَنْ يُساوي بالفاضِل المَفْضُولا(1)
: 152
(بحر الطويل)
الأستاذ أحمد رشيد مندو(*)(1)
أيا بيعةٌ قامتْ لإِحْراقِ مَنْزِلِ *** لِفَاطِمَ وَ السِّبْطَيْنِ وَ المُرْتَضَى عَلِي(2)
وَ قامَتْ عَلَى إِكْرَاءِ صِنْوِ مُحَمَّدٍ *** وَ تَهْدِيدِهِ إِنْ لَمْ يُبَايِعْكَ يُقْتَلِ
و نادَى أنا الأولى بميراثِ أَحْمَدٍ *** فَلا تَجْهَلِي حَقي و لاتَتَقَوَّلي
وَإِنِّي لأقضاكُمْ وَ أَعْلَمُ مِنكُمْ *** وَ أَقْواكُمُ عَزْماً بِسَيْفِي وَ مِقْوَلي
وَ كُنْتُ عَلَى حَقٌّ بما قَدْ أَتيتُهُ *** وَ الأعَنِ الحَقِّ الحَقِيقِ بِمَعْزِلِ
ص: 153
وَ كَيْفَ أَباكَ المُرْتَضَى وَ هُوَدائِماً *** معَ الحقِّ وَ الذِّكْرِ الحَكِيمِ المُنَزَّلِ؟
وَ أَسْبَقُ كُلِّ الخَلْقِ لِلْحَقِّ وَ الهُدَى *** وَ عَنْ حُبِّهِ لِلْحَقِّ لَمْ يَتَحوَّل
و كان أمِيرَالمُؤْمِنِينَ عَلَى الوَرَى *** بِنصُ مِنَ الرَّحْمَنِ و المصطفى جَلِي
وَ دَوْماً عَلَيْكُمْ في حَياةِ مُحَمَّدٍ *** عَلىٍّ أَمِيرُالمُؤمِنينَ هُوَ الوَلِي
و في كُلِّ زَحْفِ تَهْرُبُونَ وَ دائِماً *** به تُدْفَعُ الغَمّاءُ عَنْ خَيْرِ مُرْسَلِ(1)
وَ لَوْ كُنْتِ فِيها ذاتَ حَقٌّ لَما أَبَى *** عَلَيْكِ وَ لاأَبْدَى لِذاكَ التَّعَلُّلِ
وَ في مَنْعِكِ الزَّهْراء فاطِمَ إرْثَها *** رَمَيْتِ بَني الإسلام في كُلِّ مُشْكِلِ
وَ لَمْ تَقْبَلِي من آل طه شَهادَةٌ *** لَها وَ لَهُمْ في الدين أَعْظَمُ مَنْزِلِ
وَ لَمْ تَقْبَلِي فيها شَهَادَةً رَبِّها *** وَ والِدِها مِنْ كُلِّ نَصَّ مُجَلْجِلٍ(2)
وَ طَهَّرَها الباري مِنَ الرِّجْسِ كُلِّهِ *** وَ مِنْ غَيْرِ نُورِ المُصْطَفَى لَمْ تُفْصلِ
وَ جِبْرِيلُ نالَ الفَضْلَ تَحْتَ كِسائِها *** و حازَ على ذاكَ الفَخارِ المُبَجَّلِ(3)
ص: 154
و حاشا ابْنَةَ المختارِ تَطْلُبُ باطِلاً *** وَ لايَتَحدَّى حَقَّها غيرُ مُبْطِلِ(1)
وَ حَسْبُكَ بِاسْتِضْعافِ هَارُونَ أَحْمدٍ *** عَمِلْتِ على اسْتِعْبادِ كُلِّ مُفَضَّلِ
وَ صَيَّرْتِ دِينَ المُسْلِمِينَ مَذاهِباً *** وَ لَمْ تَبْرَحِي أَسْبابَ كُلِّ التَّبَلُّلِ(2)
وَ قُولي متى كانَ الوَصِيُّ وَ لَمْ يَكُنْ *** بِمَيْدَانِ نَيْل الفضل أوَّلَ أَوَّلِ
وَلكِنْ به خَلاقُهُ امْتَحَنَ الوَرَى *** فَفِيهِ ابْتَلاكِ اللَّهُ وَ هُوَ بِكِ ابْتُلِي
و ما قاسِمُ الجَنَّاتِ وَ النّارِ غَيْرُهُ *** يَقُولُ لِمَنْ والاهُ لِلْجَنَّةِ ادْخُلِي
وَ يَبْعَثُ مَنْ عاداه لِلنَّارِقائِلاً *** خُذِي لَكِ هذا وَ المُوالِي دَعِيهِ لي
و وَيْلٌ لِمَنْ يومَ القيامَةِ خَصْمُهُ *** عَلِيٌّ شَقِيقُ الهاشمي المُكَمَّلِ
إذا قامَ رِضْوانٌ هُناكَ وَ مَالِكٌ *** بِتَنْفِيذِ ما يَقْضِي بِدُون تَمَهُلِ(3)
ص: 155
(بحر الوافر)
الأستاذ بدر شبيب الشبيب(*)(1)
يُحورُ الشُّعر أَسْكَرَهَا الجمالُ *** فَرفُرَفَ في شواطئها الخَيَالُ
و ظنَّتْ حين لامَسَها شُعاعٌ *** بأنَّ الشَّمسَ جَوْهَرُهَا يُنَالُ
فشَمَّرت السَّواعدَ عن طماحٍ *** و أطْلَقَت العنان فلاعقالُ
وَ جَادت بالقصائد مترفاتٍ *** تحتُ بها النَّوارسُ و الدلالُ
وَ جاءت بالعُيون النُّجل منها *** لتبصرَ كُنْهُ ما صَاغَ الكمالُ
وَ لم تدرك بأنَّ السِّر أخفى *** و أن مرادها وهم وآلُ
محالٌ أن يُضيء الشَّعرُ شمساً *** أيُبدي الشَّمْسُ إن خفيت هلالُ
محالٌ أن يُحيط الشَّعرُ وصفاً *** بشمس لا يُمائِلُها مثالُ
محالٌ وصف فاطمة بلفظ *** محالٌ ما يُحاولُه مَحالُ
***
أيا بنتَ النَّبي و ذاكَ يكفي *** وَ يَا أمَّ النَّبِيِّ فَمَا يُقالُ
وَ يَا بَعْضَ النَّبيِّ بلا جدال *** وَيَا خَيْرَ النّساء و لاجدالُ
وَ يَا صوتَ النُّبُوَّة مُشرئباً *** يَهُزُّ ضمير من ماتوا و مالوا
وَ يَا نَبْعَ الإمامة مُستطاباً *** إليه إليه ينتسبُ الزُّلالُ
ص: 156
فَدَيْتُكَ منْهَجاً ثَراً قويماً *** تَرَعْرَع في صوامعه الجلالُ
لشعري حين يذكركم مقامٌ *** تَطُوفُ به الزَّنَابقُ و الطَّلالُ
يُنَافِعُ دُونَكُم لَمْ يستملهُ *** لغيركُم جلاوزةٌ و مالُ
ألفنَا الحُبَّ تنكيلاً وَ نَفْياً *** ألفْنَّا الحُبَّ تَضْحِيَة تُذالُ
ألفنا في هواكُنم كُلَّ مُر *** فَغيظَ القَهْرُ و ابتسمَ الرِّجالُ
بنا منْ بعض جُرحك ألف بَحر *** وَ قافية يضيقُ بها المقالُ
بنا من بعض جُرحك ألف جُرح *** يُعَمقُها التَّمَرُّق و الفصالُ
تُوحَدُنا الهمومُ و نحنُ شتَّى *** و تهتفُ ضدَّ وحدتنا الفعالُ
كأنَّ سيوفَنا عشَقَتْ دمانَا *** و بعضُ جُنُونا عشقاً نَخالُ
حبالُ الوصلِ يَخْنقُها التجَّافِي *** وَ حَوْلَ رقابنا التفَّتْ حبالُ
وَ نَحْوَ جُذُورنا امتدَّتْ أيادٍ *** وَ نَحْوَنحُورنا استبقتْ نبالُ
أبعَدْ خَرابها يصحُوضميرٌ *** وَ مَا بالبصرة استبقى الثّمالُ
نخيلات العراق تموتُ ظمأى *** وَ دجلةَ تستحمُّ به البغالُ
وآمالُ العراق بلا طعام *** تَعوذ من نحافتها الهزالُ
و أهوارُ العراق غَدَتْ يباباً *** و ليس لها بنهريها وصالُ
و أعراض العراق و ما يقال *** سُؤالٌ يَسْتَحي منه السُّؤالُ
و أشراف العراق بلا عراق *** و أخلافُ العراق به استَطالوا
***
تَحنَّنْ أيها الزمن الموشى *** بجمر الْقَهْر فَالْقَلْبُ اشتعالُ
يعيش الحر موطنه المنافي *** و في عينيه للوطن احتفالُ
تحنن أيها الزمن المحال *** تَحَنّنُ أيّها الوطن المحالُ
ص: 157
(بحر الكامل)
الأستاذ تسنيم مهدي (أبوزكي)
هُبّي نسيماً في الصَباحِ عَليلا *** فَوْقَ الجِراحِ وَ أَشْعِلي قَنْديلا
وَ تَجَوَّلي کَالطيبِ ضَمَّخَهُ السَّنا *** في الروحِ سالت في الولاء مسيلا(1)
و تَمَعَّني في النَّفْسِ لَمْ يَسْتَهْوِها *** غَيْرَ الرَدى في وِدِكمْ إكْليلا
رَغْمَ السِنينِ الماضِياتِ عَلى القَذى *** تبقى و ليس ترى لها تحويلا(2)
رَغْمَ الرِماحِ الْمُشْرَعَاتِ تَنالُنا *** وَ السَيْف فَوْقَ نُحورِنا مسْلولا
رَغْمَ العِداء بِنا لِبَعْضِ أحِبَّةٍ *** سَقَط التَشَيُّعُ إِثْرَهُ مَقْتولا
رَغْمَ الظَّلامَاتِ التي مِنْ هَوْلِها *** نَسِيَ الزَمَانُ تَتَارَهُ وَ مَغولا
رَغْمَ الدّعِي بِأَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ *** لَمْ يُنْجِبوا الْمَهْدِيَّ وَ الْمَأْمولا
رَغْمَ التَغَيُّر في العَقيدَةِ وَ الْهَوى *** رَغْمَ الحَدَاثَةِ قَدْ أَتَتْنا غولا
رَغْمَ الفَضاءِ، وَ قَدْ تَزاحَمَ جوُّه *** بِالْمُرْسِلاتِ الحامِلاتِ مَهولا
وَ بِرَغْمَ أَنَا لَمْ يَعُدْ أَظفالُنَا *** يَدْرُونَ عَنْ آلِ النبيٍّ فَتيلا
قَدْ أُفْسِدوا في ظِلّ مُتْرِقَةٍ أَتَت *** عَصَفَتْ بِروحِ ولائِكُمْ تَقْتِيلا
شَبّوا عَلى جَهْلٍ فَصارَ سَجِيَّةً *** أَنْ يحضنَ الجَيلُ الْجَديدُ جَهولا(3)
ص: 158
لكنّنا مازالَ فينا مَنْ بَقى *** حُبُّ الرَّسولِ وَآلِهِ مَوْصولا
في الروح و الأنفاس و القلب الذي *** نبضت دماه ولاءَه المصقولا
ما زال حياً فيه حب محمد *** عبقاً طرياً كالنسيم فيه مثيلا(1)
ما زال رغمَ الريح و الموج الذي *** جرف الجميع موالياً و نبيلا
ما زال رغمَ النارِ حياً، شامخاً *** بالحبِ، و الطهر النقيّ أصيلا
و لذا أيا أمَّ الأئمة فاشرقي *** نوراً على هذي النفوسِ جميلا
هبّي نسيماً في الصباح عليلاً *** فوق الجراح و أشعلي قنديلا
أفديكِ بالحُزنِ المُلَفِّعِ خافِقي *** و بِجِفْنِ روحي ذابَ فيكِ ذُبولا
أفديكِ بالخوفِ المُؤَجِّحِ أَضْلُعي *** أن أستريحَ إلى الحياةِ ذَليلا
أفديكِ بالنورِ المَليءِ بخاطِري *** من لايزال على الولا مجبولا
أفديكِ بالأهلِ الحنانِ و عطرِهمٍ *** أفديكِ بالألمِ المسافرِ طولا
أفديكِ يا أُمَّ الرسولِ و بضعَةً *** مِنْ روحِهِ، و لقد رَعَيْتِ رسولا
أفديكِ يا زوجَ الوصيّ وَ صِنْوَهُ *** يا خَيرَ امْرَأَةٍ سَمَوْتِ بتولا
أفديكِ يا أُمَّ المَصائَبِ و النُهى *** ما زالَ فَضلُكِ مُطْمَساً مَجْهُولا(2)
ما زالَ بيتُ الحُزنِ شاهدَ ماجرى *** و بقيعُ تُرْبِكِ نَحْوَنَا مَقْفولا
ما زالَ دَمْعُكِ في حَنايانا لَظَّى *** بُرْكانَ نورٍ لَمْ يَزَلْ مَشْعولا(3)
ما زالَ حَرْفُكِ يَسْتَفِزُ عُروقَنا *** وَ يُحيلُها غَضَباً بِنا وَصَليلا
ما زالَ كَفُّكِ وَ النَّبِيُّ يُذيقُهُ *** مِنْ فَرْطِ مَنْزِلَةٍ لَكِ تَقْبيلا
ما زالَ آخِرَ مَنْ يُوَدِّعُ بَيْتَكِ *** وَ تَفيضُ غُرَّتُهُ بِكِ تَهْليلا
وَ يَعودُ يَفْتَتِحُ اللّقاءَ بِعَتْبَةٍ *** قَدْ شَرَّفَتْ ذرّاتُها جِبْريلا
ص: 159
وَ الذِكرُ مِنْ كَلِم الإله يموجُ في *** أَجوائِهِ قَدْ رُتْلَتْ تَرْتيلا
وَ بِهِ الزبورُ تَلَتْهُ أَمْلاكُ السَّما *** وَ صَدَى الْمَسِيحَ يُرَتِّلُ الإنْجيلا
يا مَنْ إذا رَضِيَتْ يُسَرُّ الهُنا *** وَ تُضيءُ جَنَّاتُ النَعيمِ حُقولا
و إذا تَقولُ تسمَّرَتْ حُكَمَاؤُهُمْ *** لِسَماع أصْدَقِ لَهْجَةٍ تأْويلا
يامَنْ بِها سِرُّ عَظيمٌ، مُودَعٌ *** وَ الرّحْمَةُ الكُبرى تَضوعُ شُمولا(1)
وَ الكَوْثَرُ الْمِعْطاءُ مِنْ رَبِّ السَّما *** كانَ الإلهُ لِوارِديه کَفيِلا
هُبّي نَسيماً في الصَباحِ عَليلا *** فَوْقَ الجِراحِ وَ أَشْعِلي قِنْدِيلا
بُورِكتِ في يومٍ أَغَرَّ باسمٍ *** لمْ تَرتضِ الأملاكُ عنهُ بَديلا(2)
صَلّى الإلهُ عليكِ يا حوريةً *** عُجنَتْ بنورِ العرشِ وَ هْيَ الأُولى
صَلّى على الغضبِ الجَموحِ تُحيلُهُ *** خِطَبٌ تَناثَرَ حُزنَهَا إزميلا
في الناسِ يَنحتُ حُبَّ آلِ محمدٍ *** رغمَ الزمانِ إِذا يَمُرُّ عَليلا
صَلّى على الدَمعِ المُقَدَّسِ غامرٍ *** ينسابُ من تلك العيونِ طويلا
صَلّى على الأناتِ في بيتٍ سَمَتْ *** أحزانُ روحكِ ليلكاً، و نخيلا
في كلِّ رُكن فيهِ وَ اصْطَفَت بِهِ *** أَملاكُ رَبِّي تستفيضُ عَويلا
يا رحمةَ الرحمنِ زادي نافِذٌ *** و العمرُ حَثَّ إلى الفناءِ رَحيلا
خَفَّتْ مَوازيني فَعُذْتُ بحبّكُمْ *** وَ غدا المُقَصَّرُ في وَلاك ثقيلا
وَ تَجَسَّدَ الحُبُّ المُطَهَّرُ في دمي *** في الروح و الجسمِ الكليل جزيلا(3)
فأَحالني صَباً، سقيماً في الهوى *** صَرَعَتْهُ أَخلاقُ الكِرامِ قَتيلا
و بنارِ وجدي ذُبتُ و لهاناً بكم *** و قدالتَمَسْتُ إلى الإلهِ سبيلا
ص: 160
وَهَفا رمادي نَحوَ يومِكِ قاصداً *** أرنو من الأوزار فيه غَسيلا(1)
أَمَّلْتُ نفسي بالأمانِ يَلفُّني *** وَ هَرعْتُ نَحْوَكِ آملاً، وَ دَخيلا
و لقد عرفتُكِ باب رحمةِ خالقي *** ظِلاًّ سخياً و ارِفاً، و ظليلا
فَأَتيتُ و الأوزارُ تُثْقِلُ مِشْيَتي *** والياسُ أَخَّرَني وزادَ قَليلا
لكنّما بابُ النجاةِ تَفَتَّحتْ *** وَغدا الفؤادُ بحبّكُم مَغسولا
والحاقدُ المأفونُ إبليسٌ غَدا *** في عُرس يومِك صاغِراً مَغلولا(2)
فتعالي يا سرَّ الإلهِ بِخَلْقِهِ *** نَحْوَ النفوس التائقاتِ وصولا
هُبّي نَسيماً في الصباحِ عَليلا *** فوق الجراحِ و أشعِلي قنديلا
ص: 161
سائلاً بِالْمُصابْ *** مَنْ يَرُدُّ الجَوابْ؟
يابنَ عَمِّ الرَّسُولْ *** أيْن قَبْرُ البَتُولْ؟
***
ياعليّاً أَنْتَ رَمُزٌ *** وَ لَكَ التاريخُ يَشْهَدْ
يا أميراً يا مُجِيراً *** ياضَمِیراً لایُحَدَّدْ
أنتَ للأَيْتامِ کَهْفٌ *** أَنْتَ للمظلومِ مَقْصَدْ
كَيْفَ تَرْضَى بِمُصابٍ *** يَعْتَرِي بِنْتَ مُحَمَّدْ؟
أَرْضُنا وَالسَّماءْ *** حَلَّ فیها العَزاءُ
وَالمَعالِي تَقُولْ *** أَيْن قَبْرُ البَتُولُ؟
***
يا عَلِيّاً هُوَ خَطْبٌ *** جازَ آفاقَ الالخَیالِ
مِنْ مَلاعَيْن دِهاقاً *** شَرِبُوا كَأَسَ الضَّلاَلِ(1)
قتَلُوا الزَّهْراءَ حُزْناً *** دُونَ حَرْبٍ أَوْقِ اللَّيالِي
اللّیالِي حارَبَتْها *** حارَبَ اللَّه اللَّيالِي
وَ بِقَلْبِ حَزينْ *** نَسْأَلُ العَالَمِينْ
وَ نْرِيدُ الحُلُولْ *** أَيْنَ قَبْرُ البَتُول؟
***
قُتِلَتْ بِنْتُ مُحَمَّدْ *** إِنَّما حُزْناً و صَبْرا
فَمَنِ المَسْؤُولُ عَنْها *** ياعَلِيّاً أَنْتَ أَدْرى؟
قَوْمُ عادٍ وَ ثَمُودٍ قَدْ *** سَعَوْا في الأَرْضِ جَوْرا
ص: 163
وَ بِدَفْعِ البابِ عَمْداً *** سَحَقُوا لِلظُّهْرِ صَدْرا
بِفُؤادٍ جَرِیحْ *** ذاكَ صَوْتٌ يَصِيحْ
وَ بِدَمْعٍ هَطُولْ *** أينَ قَبْرُ البَتُولْ؟
***
أَوْصَت الزَّهْراءُ قالَتْ *** حِينَما تَدْفُنُ نَعْشِي
إِحْمِلِ النَّعْشَ مَساءً و *** ظَلامُ اللَّيْلِ يُغْشِي(1)
لا أُرِيدُ القَوْمَ تَأْتِي *** عندَ تَشْیِيِعِي وَ تَمْشِي
إِنَّهُمْ قَوْمٌ قُساةٌ *** نَهَشُونِي أَي نَهشِ(2)
إِنَّهُم مُجرمُون *** وَ إِذا یَسْأَلُونُ
حَذَراً لا تَقُولْ *** أَیْنَ قبرُ البَتُولْ
***
یا عَلِیّاً لکَ قَلْب *** ذابَ مِنْ هَوْلِ السِّنِینِ
وَ دَفَنْتَ الطُّهْرَ سِرّاً *** بِدُمُوعٍ و أَنِینِ
وَ عَلَى القَبْرِ تُنادِي *** خاطِبِينِي کَلِّمِینِي
أَلِكَسْرِ الضّلْعِ أَبْكِي *** أَمْ لإسقاطِ الجَنِينِ؟
وَ بِصَدْرٍ کَئِيبْ *** ضاقَ صَدْرٌ رَحِيبْ
وَ سُؤالٌ يَجُولْ *** أَيْنَ قَبْرُ البَتُولْ؟
***
دُفِنَتْ أُمُّ أَبیها *** بَیْنَ أَطْباقِ التُّرابِ
ص: 164
فَلْنُنادِيا مُحَمَّدْ *** بِدُمُوعِ الإکْتِئابِ
كُنْتَ تُوصِي القَوْمَ جَهْراً *** بِالبَنين وَ الكِتابِ
هَكَذَا حِفْظُ الوَصايا *** جاءَ مِنْ شَرِّ الصِّحابِ
خاتَمُ الأنبياءْ *** قَدْ َأتاك الجَزاءْ
مِنْ زَمانٍ جَهُولْ *** أينَ قَبْرُ البَتُولْ؟
***
أَيُّها الأَجْيالُ قُومُوا *** البَسوا ثَوْبَ العَزاءِ
وَ خُذُوا الثَّأَرَ جِهاراً *** مِنْ بُغاةٍ أَدْعِیاءِ
خَاطِبُوا البابَ وَ قُولُوا *** بِعَوِيلٍ وَ بُكاءِ
أَيُّ ضِلْعِ کَسَرُوهُ *** وَ جَرَتْ أَيُّ دِماءِ
فاضَ دَمْعُ الجفُونْ *** مِنْ بُحور العُيونْ
حُزننا لَنْ يَزُولُ *** أَينَ قَبْرُ البَتُولْ؟
ص: 165
(بحر الوافر)
الأستاذ جعفر عباس الحائري(*)(1)
تَجَلَّدْ إنْ عَدَتْ غِبَرُ اللَّيالِي *** عَلَيْكَ وَ كُنْ كَأَطْوادِ الجِبالِ(2)
وَ لاتَجْعَلْ قَناتَكَ ذاتَ لِينٍ *** وَ صَيِّرْها كَأَعْوادِ العَوالِي(3)
تَدَرَّعْ في التَّصْبُّرِ فَهُوَ دِرْعٌ *** تَقِي الصَبَّارَ مِنْ حَدِّ الصَّقالِ(4)
فَإِنَّ حَوادِثَ الأيام تَثرَى *** وَ في الأَغْلالِ نَرْسُفُ وَ الحِبال(5)
و بالإِجْبارِ قَدْ غادَرْتُ دارِي *** وَمِنْ بَعْدِ الوصالِ أتى انْفِصالِي
مِنَ الأَحْبابِ وَ الأصْحابِ طُرّاً *** وَ مِنْ أختي -أخي- أبناءِ خالي
رَأيْتُ معَالمِي تَنْهارُ عَسْفاً *** وَ تَشْتِيتاً لعائِلَتِي وَآلِي(6)
وَ جَنّاتي تُحالُ إلى بَوارٍ *** بَلاقِعَ لَيْسَ فِيها مِنْ ظِلالِ(7)
و يُقْلَعُ جَذْرُ أغْراسِي اقْتِلاعاً *** وَ بالإكراهِ قَدْ شُدَّتْ رِحالي
وَ غَادَرْتُ العِراقَ على اكْتِرابٍ *** وَ أحْزانٍ و في إقلالِ بالِي
ص: 166
وَ كانَ تَوغُّلي في الشَّيْبِ يَقْضِي *** عَلَى الأَمالِ في تَغْيِيرِ حالِي(1)
يؤوساً قانِطاً أُحْيِي ليالِ *** وَ أَشْهَدُ في مَواقِدِها اشْتِعالِي
عَواصِفْ صَیَّرَتْ دارِي طُلُولاً *** كَأني قد بَنَيْتُ عَلَى الرِّمالِ
وَمَا أَنَا بِالَّذِي قَدْنُؤْتُ ظَهْراً *** بأَحْمالٍ من الكُرَبِ الثِّقالِ(2)
وَحِيداً في تَحَمُّلِيَ الرَّزايا *** وَ ما أَفْرَرْتُ في هذا المَجال
فَمَنْ رُزِقَ الحَياةَ رَأى غراماً *** وَ عاشَ يَنُوءُ بالدّاءِ العُضالِ(3)
وَ قَدْ هَدَّتْ أضالِعَهُ سِهامٌ *** وَ صارَ فُؤادُهُ غَرَضَ النَّبالِ(4)
فهذي بنتُ أَحْمَدَ حَيْثُ كَانَتْ *** عَلَى قِمَمِ المَكارِمِ و الكَمالِ
تَرَبَّتْ في حُجُورٍ طَاهِراتٍ *** و أحضانِ الفَضِيلةِ و المَعالِي
حَباها المُصْطَفَى حُبّاً وَ أعْطَى *** دَلِيلاً في المَقالِ و في الفِعالِ(5)
يُوَدِّعُها لَدَى التَّرْحالِ وُدّاً *** وَ يَقْصُدُها لَدَى حَطِّ الرِّحالِ
يُقَبلُ كَنَّها عَجَباً أَبُوها *** رَسُولُ اللَّهِ يَا عِظَمَ الدَّلالِ(6)
ص: 167
وَ قال أحَبَّنِي مَنْ وَدَّ بِنْتِي *** وَ فِي إِغضابها إيَّايَ قالِي(1)
وإجلالاً لِفَاطِمَةٍ يَرَاها *** كأم في المَهَابةِ و الجلالِ
يُصَرِّحُ أَنَّها بِنْتِي وَ أُمِّي *** وَ مِني بَضْعَةٌ و بِها اكْتِمالي(2)
ص: 168
بِفَرْحَتِها سُرُورِي و ابْتِهاجِي *** و في إِيذاءِ فاطِمَةٍ أَذًى لِي
أعَزَّ اللَّهِ إِيَّاها وَ فِيها *** أَبانَ بَدِيعَ صَنْعَةِ ذِي الجَلالِ
مُطَهَّرَةٌ بَراهَا فَهيَ أَنْقَى *** مِنَ الأنْداءِ و الماء الزُّلالِ(1)
أَبُوها سَيْدُ الكَوْنَيْنِ أَثْنى *** عَلَيْهِ اللَّهُ في طِيبِ الخِصالِ
عَلِيٌّ بَعْلُها هَلْ مِنْ شَبِيهٍ *** لِصِنْوِ المُصْطَفَى أَوْ مِنْ مِثال؟
أما كانَتْ إلى الحَسَنَيْنِ أُمَّاً *** وَ لِلْمرْجانِ بَحْراً والَّلآلِي؟(2)
لَها أَصْلابُ أَفذاذٍ كِرامٍ *** شَوامخَ وَ هْيَ تَعْلُو كُلَّ عَالِي(3)
ص: 169
عَلَى عَدَدِ النُّجومِ لَها الدَّرَارِي *** وَ هُمْ عَمَدُ البِلادِ بِلا جِدالِ
و زِينَتُها و رَوعَتُها وَ فِيهِمْ *** جَمَالُ الأرْضِ أَعْظَمُ مِنْ جَمالِ
فَهَلْ لِلشَّانِئِينَ لَها وَجُودٌ *** لأَنْسالِ لَهُمْ بَيْنَ الرِّجالِ(1)
لَها في آيةِ النَّظَهِيرِ شَانٌ *** وَ فِي القُرْبَى لَها أَقْوَى اتِّصالِ(2)
بِطه فَهُوَ والِدُها فَأَكْرِمْ *** بِبِنْتِ أَحْرَزَتْ صِفَةَ الكَمالِ
و دُرَّتُهُ الثَّمِينَةُ حَيْثُ تَبْقَى *** مَدَى الأغصارِ أَغْلَى كُلِّ غالي
وَ كانَتْ في مُباهَلَةِ النَّصَارَى *** تَرى عَلَماً غَداةَ الابتهالِ(3)
ص: 170
وَآياتٌ مِنَ القُرْآنِ جاءَتْ *** يُشَمُّ بِذِكْرِها طيب الغَوالِي
أتى في «هَلْ أَتى» ذِكْرٌ جَمِيلٌ *** لَها فِي الرائعات من الخِلالِ(1)
لفاطِمَةَ المَكارِمُ سَجَّلَتْها *** يَدُ التاريخ في صِدْقِ المَقالِ
و أَعْطَى المُصْطَفَى الرَّحْمَنُ خَيْراً *** بِكَوْثَرِهِ فَأَعْظِمْ مِنْ نَوالِ(2)
هِيَ الزهراءُ تَزْهَرُ في سَناها *** وَ تَدْفَعُ بالظلام إلى الزَّوالِ(3)
هِيَ الصَّدِّيقَةُ الكُبْرَى تَجَلَّتْ *** صِفاتُ الخَيْرِ فيها و الجَمالِ(4)
ص: 171
هي الإِنْسِيَّةُ الحَوْراءُ تَسْمُو *** وَ تَرْقَى فَوْقَ هاماتِ القِلالِ(1)
هِيَ المَرْضِيَّة العَذراء طابَتْ *** بنَفْحَتِها الأواخِرُ والأوالي(2)
ص: 172
وَ سَيّدَةُ النِّساءِ وَ مَن سواها *** لَها شَرَفُ السِّيادَةِ و التَّعالي(1)
رضا الرَّحمن يَحْصُلُ في رضاها *** و دُونَ رِضائها طَلَبُ المحالِ(2)
و رَغْمَ جَلالِها وعظيم قَدْرٍ *** أُحِيطَتْ بالمَكارِهِ و الكَلالِ
رَأَتْ ظُلماً و هَضْماً و انْتِهاكاً *** لِحُرْمَةِ دارِها ذاتِ المَعالِي(3)
عَلِمْنا أَنّها عاشَتْ زَماناً *** قَصِيراً بَعْدَ طه في اعْتِلالِ
فما أَسْبابُ عِلَّتِها؟ لماذا *** تَعِيش على التَّضَجُرِ و المَلالِ؟(4)
غَدَتْ تَشْكُو لوالِدِها هُمُوماً *** و تَسْأَلُ هَلْ دَرَيْتَ بما جَرَى لِي؟
ص: 173
مَصائِبُ لَوْعلى الأيَّامِ صُبَّتْ *** احالَتْها إلى سُود الليالي
أَبِي مِنْ بَعدِ وَجْهِكَ ضِقْتُ ذَرْعاً *** و قَلْبِي بِالتَّصَبُرِ غَيْرُ سالِي
رفاقُكَ في جَفاءٍ عامَلُونِي *** بماما مرَّ في خَلَدِي وَ بَالِي(1)
قَضَتْ بِنْتُ النَّبِيِّ أسى و حُزْناً *** وَ أَحْزَنَتِ المُقالِي و المُوالِي(2)
و أَبْكَتْ أَعْيُنَ الدُّنْيا اكْتِراباً *** و ما انْفَكَّتْ بِحُزْنِ و انْذِهَالِ(3)
مِنَ المَأساةِ إِذْ فِيها عَلِيٌّ *** لَهُ قَلْبٌ بِنارِ الفَقْدِ صالي(4)
وَ لِلْحَسَنَيْن أَدْمُعُ جارياتٌ *** وَ أَنَاتٌ لِزَيْنَبُ و العِيالِ
وباتَتْ أُمَّةُ الإسلام تَبْكِي *** بِرغْمِ مُرورِ أَعْوامِ طِوالِ
كَبَدْرٍ قَدْ أَضاءَتْهُمْ وَ غابَتْ *** عَنِ الأَنْظارِ في عُمْرِ الهِلالِ
وَ في تَشْيِيعها نَفَرٌ قَلِيلُ *** أَعانُوا الفاقِدِينَ مِنَ الرِّجالِ
وَ قالُوا إِنَّها دُفِنَتْ بِلَيْلٍ *** لِماذا مَنْ يَرُدُّ على سُؤالي
ص: 174
وَ أَخْفَوْا قَبْرَها وَ أَسَى عَلَيْها *** أَبَلُوا القَبْرَ بالدَّمْعِ المُذالِ(1)
وَ لَسْتُ أمِيلُ في ذِكْرِ الرَّزايا *** و ما حَفِلت بها الحِجَجُ الخَوالي
مِنْ الأحْداثِ مِنْ تَفْرِيق شَمْلٍ *** وَ مِنْ فِتَنِ ومِن قِيل وَ قالِ
: 175
نَتِيجَةَ ظُلم فاطِمَةٍ أراها *** و مَا فِي قَوْلَتي هذي أُغالِي(1)
بأَجْفانِ مُقَرَّحَةٍ بَكَيْنا *** وَ صَفَّقْنا اليَمِينَ عَلَى الشِّمَالِ
فَمَا بَرأتْ جُرُوحُ القَلْبِ فِيها *** وَ لَيْسَ لها لنا أمَلُ إِنْدِمالِ
أسلمُ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ دَوْماً *** عَلَيْها بعدَ ذِكْرِي و ابْتِهالي
و أَرْجُو أَنْ يَكُونَ جَزاءُ وُدّي *** إلى أعْتابِ مَرْقاها مآلِي
ص: 176
هَجَرْتُ الغَواني و أَطْلالَها *** غَداةَ أَحالَ النَّوَى حالَها(1)
وَ لَمْ أَحْف عن حالِ سَلْمى السُّؤالْ *** وَ لَمْ أَسْأَلِ الأمْرَ سُؤَالَها(2)
وَ لَمْ أُتْبَع الحَيَّ طَرْفَ الشَّجي *** وَ قَدْ قَوَّضَ البَيْنُ أَحْمالَها(3)
لِرُزْءِ الَّذينَ بِهِمْ في الطّفُوفِ *** قَدْ بَلَغَتْ (حَرْبُ) آمالها
وَ أَمْسَتْ ديارُ الهُدَى بَعْدَها *** بِرَغْمِ الإمامةِ تَنْعَى لها
أَلا دَعْ قُرَيْاً وَ تَرْكاضَها *** بلَيْلِ الضَّلالِ وَ تَجْوالَها
وَدَعْ عنكَ ما فَعَلَ الأوَّلُونَ *** وإِن زَلْزَلَ الأَرْضُ زِلْزَالَها
ص: 178
هُم مَنعوا فاطماً إرْثَها *** وَ حازُوا عَنِ الفَرْضِ انْفالَها(1)
و هُمْ نَقضُوا عَهْدَ (يَوْمَ الغَدِيرُ) *** لِمَنْ في المواقِفِ أَوْفَى لَها
وَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ في حِفْظِهِ *** لِشِرْعَةِ أحمدَ إِكْمالَها
وَ هُمْ أَضْرَمُوا النّارَ في بيتِ مَنْ *** بِهِمْ يَقْبَلُ الله أَعْمالَها
و قَطْعُ الأَراكَةِ ظُلْماً أَبانَ *** مِنْ آلِ «قَيْلَةً» أَضْلالها
وَقَوْدُ «عَليَّ » بمَرْأى العُيُونِ *** أَعادَ مِنَ القَوْم أَذْحالَها
فما وَتْر «ضَبّةَ» في «هاشمٍ» *** لِتَطْلُبَ في كَرَّبَلا آلَها(2)
وَ ما ذَنْبُ «فاطِمَةٍ» عِنْدَهَا *** لِتَحْمِلَ في الأَسْرِ أطْفالَها
غَداةَ عَلَى حَرْبِ بَدْرِ الهُدَى *** غَدَتْ حَرْبُ تَجْمَعُ ضُلالَها(3)
ص: 179
(بحر الخفيف)
الشيخ جعفر الهلالي(*)(1)
أَوْرَثَ الخَطْبُ زَفْرةً و عَوِيلا *** يَوْمَ نالَتْ كَفُّ المَنُونِ الرَّسُولا
ذاكَ خَطبٌ دَهَى البَسِيطةَ بِالحُزْنِ *** وَغَطَى جِبَالَها وَ السُّهولا
وَ السَّماواتُ عَمَّها الحُزْنُ شَجُواً *** فَتَوارَتْ بها النُّجُومُ أُفُولا(2)
وَغَدَتْ هَذِهِ الشَّرِيعَةُ ثَكْلَى *** تَنْدُبُ اليَوْمَ قُطْبَها المَرْسُولا
وَ البَرايَا أَضْحَتْ تَنُوحُ اكتِئاباً *** لِمُصابٍ أَجْرَى الدُّموعَ سُيُولا
خاتَمُ الرُّسُلِ فَقْدُهُ قَدْ شَجانا *** فَأَطالَ المُصابُ مِنَّا العَويلا
و عَرَى الخَطْبُ لِلنّفوسِ فَأَضْحَتْ *** تَأْلَفُ الوَجْدَ بُكْرةً و أَصِيلا
طُوِيتْ صَفْحَةٌ مِنَ الخَيْرِ كَانَتْ *** لِلْمُنِيبِينَ هَادِياً وَ دليلا
و تَداعَتْ لِلانْقِلاب رِجالٌ *** حِينَ راحُوا يَسْتَجْمِعُونَ الذُّحُولا(3)
أَبْعَدُوا المُرْتَضَى الوَصِيَّ عَنِ الحُكْمِ *** عِناداً وَ أَوْسَعُوهُ نُكُولا(4)
تَرَكُوا الطُّهْرَ أَحْمَداً لَمْ يُوارُوهُ *** وَ هَبوا لايَهْتَدُونَ السَّبِيلا
ص: 180
وَ اسْتَضامُوا الزَّهْراءَ وَ هْيَ الَّتِي لَمْ *** يَتْرُكِ المُصْطَفَى سِواها سَلِيلا(1)
بَضْعَةٌ مِنْهُ ما رَعَوْهَا وَلكِنْ *** أَغْضَبُوها و حارَبُوا التَّنْزِيلا
جرَّعُوها مِنَ المصائب و الآلام *** أَنْواعَها فَأَبَتْ نُحُولا
فَغَدَتْ تَنْدُبُ النَّبِيَّ أَباها *** بِلِسانٍ يُبْدِي الشَّجا فُصُولا(2)
تارَةٌ عِنْدَ قَبْرِهِ تَنْثُرُ الدَّمْعَ *** غَزِيراً يَحْكِي السَّحابَ سُيولا(3)
وَ تَراها تَحْتَ الأَراكَةِ شَجُواً *** تارَةً في البَقيعِ تَبْكِي طَوِيلا
ص: 181
غَيْرَ أنَّ الأقوامَ قَدْ قَطَعُوها *** قَطَعَ اللَّه مِنْ عُرَاهُمُ أصُولا
فَبَنَى المُرْتَضَى هُنالِكَ بَيْتاً *** ذاكَ بَيْتُ الأَحْزَانِ شِيدَ مَقِيلا(1)
فِيهِ تَقْضِي نَهارَها بِبُكاءٍ *** وَ تُنادِي شَجُواً أباها الرَّسُولا
وَإِذا جَنَّها الظَّلامُ وَآبَتْ *** لِفِناها عادَ البُكاءُ خَلِيلا
و بُكاءُ الزَّهْراءِ كانَ نَذِيرَ السُّخطِ *** لِلْقَوْمِ مُذْ أَضاعُوا الدَّلِيلا
فَأَرَادُوا إِسْكاتَها مُذْ عَلَيْهِمْ *** كَانَ حَقّاً ذاكَ البُكاءُ ثَقِيلا
فَعَدَوْا نَحْوَ بَيْتِها بِهُجُومِ *** وَ هُوَ بَيْتُ لِلْوَحْي كانَ نَزِيلا(2)
أَضْرَمُوا فِيهِ نارَهُمْ بِعِنادٍ *** عادَ مِنْها بابُ الهدى مَشْعُولا(3)
وَ مُذِ البَضْعَةُ الزَّكِيَّةُ وافَتْ *** نَحْوَهُمْ كَيْ تَرُومَهُمْ تَحْوِيلا
عَصَرُوها فَأَسْقَطَتْ مُحْسِناً *** في البابِ مِنْ جَوْرِهِمْ هُناكَ قَتِيلا(4)
وَ هُوتْ عند ذاكَ تَصْرُخُ يا فِضَّةُ *** قُومِي وَ اسْنُدِينِي قَلِيلا(5)
ص: 182
واسْتَدارُوا بِالمُرْتَضَى الظهْرِ قَسْراً *** وَ أَحاطُوا بِهِ قَبِيلاً قَبِيلا(1)
و أَفاقَتْ بِنْتُ النَّبِيِّ فَلَمْ تَبْصِرُ *** حِماها وَ عِزَّها المَأْمُولا
فَعَدَتْ خَلْفَهُمْ تَقُومُ وَ تَهْوِي *** وَ هُيَ تُبْدِي نِداءَها وَ العَوِيلا(2)
أَيُّها القَوْمُ لاتَفُودُوا ابْنَ عَمِّي *** وَدَعُوهُ أَوْ لاسأشْكُو الجَليلا(3)
ما رَعَوْا شَخْصَها وَ عادُوا إِلَيْهَا *** بِسِياطِ قَدْ أَوْرَثَتْها نُحُولا
وَ أَصَرَّتْ حَتَّى أعَادَتْ عَلِيّاً *** وَ غَدَتْ بَعْدَ ذاكَ تَشْكُو الرَّسُولا
يا أَبي بَعْدَكَ الصَّحَابُ تَناسَوْا *** قَدْرَنا مُذْ تَبَدَّلُوا تَبْدِيلا
غَصَبُوا حَقَّنا وَداسُوا حِمانا *** فَكَأَنْ يَطْلُبُونَ مِنَّا ذُحُولا(4)
لَوْ رَأتْ عَيْنُكَ الكَرِيمَةُ ما أَلْقَى *** اهْتِضاماً إذَنْ رأيْتَ جَلِيلا
فَإِلَيْكَ الشَّكوى إلى يَوْمِ أَلْقاكَ *** فَقَدْرِي الْقَيْتُهُ مَجْهُولا
ص: 183
(بحر الطويل)
حسن بن علي بن جابر الهبل
مَلكْتُمُ فُؤاداً لَيْسَ يَدْخُلُهُ العَذْلُ *** فَذِكْرُ سِوَاكُمْ كُلَّمَا مَرَّ لَايَحْلُو(1)
يُؤَذِّبُنِي فِي حُبِّكُمْ كُلُّ فَارِغ *** وَلِي بِهَوَاكُمْ عَنْ مَلَامَتِهِمْ شُغْلُ
وَ مَاذَا عَسَى تُجْدِي المَلامَةُ في الهَوَى؟ *** لِمَنْ لا لَهُ فِي الحُبِّ لُبٍّ وَ لاَعَقْلُ
لَئِنْ فَرَضُوا مِنّي السُّلوَّ جَهَالَةٌ *** فَحُبُّكُمُ عِنْدِي هُوَ الفَرْضُ وَ النَّفْلُ
أَأَسْلُو وَ لاَصِبْعُ المَشِيبِ بِعَارِضِي *** يَلُوحُ وَ لاَصِبْعُ الشَّبِيبَةِ مُنْحَلُ؟
وَ لَوْ فِي سِوَاكُمُ (أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ) *** غَرَامِي لَكَانَ العَذْلُ عِنْدِي هُوَ العَدْلُ
حَمَلْتُ هَوَاكُمْ فِي زَمَانِ شَبِيبَتِي *** وَ قَدْ كُنْتُ طِفْلاً وَ الغَرَامُ بِكُمْ طِفْلُ
فَيَا عَاذِلِي فِي حُبِّ آلِ مُحَمَّدٍ *** رُوَيْدَكَ إِنِّي عَنْهُمُ قَطُّ لاأَسْلُو(2)
أَأَسْلُو هَوَى قَوْمٍ قَضَى بِاجْتِبَائِهِمْ *** وَ تَفْضِيلِهِمْ بَيْنَ الوَرَى العَقْلُ وَ النَّقْلُ(3)
ص: 184
أُولئِكَ أَبْنَاءُ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** فَقُلْ مَا تَشَا فِيهِمْ فَإِنَّكَ لاتَغْلُو(1)
فُروعُ تَسَامَتْ أَصْلُهَا سَيِّدُ الوَرَى *** وَ حَيْدَرَةٌ يَا حَبَّذَا الفَرْعُ وَ الأَصْلُ
تَفَانَوْا عَلَى إِظْهَارِ دِينِ أبِيهِمُ *** كِرَاماً وَ لاَجُبْنٌ لَدَيْهِمْ وَ لاَبُخْلُ
إلَى اللَّهِ أَشْكُو عُصْبَةٌ قَدْ تَحَامَلُوا *** عَلَيْهِمْ وَ دَانُوا بِالأَباطِيلِ وَ اعْتَلُوا
يَرُومُونَ إِطْفاءً لأَنْوَارِ فَضْلِهِمْ *** وَ مَا بَرِحَتْ أَنْوَارُ فَضْلِهِمُ تَعْلُو
هُمُ عَصَبُوا حَقَّ الوَصِي جَهَالَةً *** وَ مَا جَهِلُوا ما فِيهِ لكِنَّهُمْ ضَلُّوا
وَ هُمْ أَنْكَرُوا فِي شَأْنِهِ بَعْدَ أَحْمَدٍ *** مِنَ النَّصَّ أَمْراً لَيْسَ يُنْكِرُهُ العَقْلُ
وَ قَدْ نَوَّهَ (المُخْتَارُ) (طة) بِذِكْرِهِ *** وَ قَالَ لَهُمْ: هذا الخَلِيفَةُ وَ الأَهْلُ
وَ وَلاهُ فِي يَوْمِ الغَدِيرِ وِلايةً *** عَلَى الخَلْقِ طُرّاً مَا لَهُ أَبَداً عَزْلُ
وَ نَصَّ عَلَيْهِ بِالإِمَامَةِ دُونَهُمْ *** وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ نَصَّ لَقَدَّمَهُ الفَضْلُ
أَلَيْسَ أَخاهُ وَ المُوَاسِي بِنَفْسِهِ *** إِذَا مَا الْتَقَى يَوْمَ الوَغَى الخَيْلُ وَ الرَّجُلُ؟
أَمَا كَانَ أَدْنَاهُمْ إِلَيْهِ قَرَابَةً *** وَ أَعْظَمُهُمْ حِلْماً إِذَا زَلَّتِ النَّعْلُ؟
أَمَا كَانَ أَوْفَاهُمْ إِلَيْهِ قَرَابَةً *** وَ أَكْثَرُهُمْ عِلماً إِذا عَظُمَ الجَهْلُ؟
وَ أَفْصَحُهُمْ عِنْدَ التَّلاَحِي وَ خَيْرُهُمُ *** نَوالاً إِذَا مَا شِيمَ نَائِلُهُ الجَزْلُ(2)
يَحُجُّونَ أَنْصَارَ الإلهِ بِأَنَّنَا *** قَرَابَتُهُ مِنَا بِهِ اتَّصَلَ الحَبْلُ
وَ هَلْ كَانَتِ الأَصْحَابُ أَدْنَى قَرَابَةً *** وَ أَقْرَبَ رَحماً لَوْ عَقَلْتُمْ -أم الأَهْلُ؟
وَ هُمْ أَخَذُوا بَعْدَ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** مِن (ابنتِهِ) مَا كَانَ أَنْحَلَها قَبْلُ
ص: 185
تَمَالَوْا عَلَيْها غَاصِبينَ لِحَقِّها *** وَ قَالُوا: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ تُورَثَ الرُّسُلُ(1)
وَ حُكْمُهُمُ لاشَكَّ فِي ذَاكَ بَاطِلٌ *** وَ كَيْفَ يَصِحُ الفَرْعُ وَ الأَصْلُ مُخْتَلُّ؟
فَصَبْراً (بَنِي الْمُخْتَارِ) إِنَّ أَمَامَنا *** لَمَوْقِفَ عَدْلٍ عِنْدَهُ يَقَعُ الفَضْلُ
وَ عِنْدِي لِمَنْ عَادَاكُمُ نَصْلُ مِقْوَلٍ *** إِذَا مَا انْبَرَى يَوْماً يُحَاذِرُهُ النَّصْلُ
ص: 186
(بحر الطويل)
الملا حسن عبداللَّه آل جامع
أَعَيْنَي جُودا بِالدُّمُوع الهَوَاطِلِ *** لِفَقَدِ رَسُولِ اللَّهِ أَفْضَل راحِلِ(1)
نَبِيٌّ كَرِيمٌ شَرَّفَ اللَّهُ قَدْرَه *** وَ طَهَّرَهُ مِنْ كُلِّ رِجْسٍ وَ بَاطِلِ
نَبِيُّ أَتَى يَدْعُو إِلَى الرُّشْدِ وَ الهُدَى *** بِخُلْقٍ عَظِيمٍ مَا لَهُ مِنْ مُمَائِل
لَقَدْ كَذَّبَتْهُ عُصْبَةُ الكُفْرِ وَ ابْتَغَتْ *** لأَفْضَلِ خَلْقِ اللهِ شَتَّى الغَوَائِلِ(2)
فَقَدْ دَحْرَجُوا تِلْكَ الدِّبَابَ عداوة *** عَلَى خَيْرِ مَبْعُوثٍ حَوَى لِلْفَضَائِلِ
وَ ذَلكَ لَمّا عَادَ مِنْ أَرْضِ مَكَةٍ *** وَ بَيَّنَ في الإِسْلامِ كُلَّ المسَائلِ
وَ قَدْ عَقَدَ المختَارُ في خُمَّ بَيعَةً *** لِحَيْدَرَةَ الكَرَارِ مُرْدِي البَوَاسِلِ(3)
وَ قَالَ: أَلاَ هَذا وَصِيّي وَ نَاصِرِي *** بمَحْضَرِ حَشْدٍ مِنْ جَمِيعِ القَبَائِلِ
بعَقْدِ وِلاهُ اكْمَلَ اللَّهُ دِينَكُمْ *** فَكُونُوا لَهُ عَوْناً بِكُلِّ المَعاضلِ
فَقَالُوا: رَضِينا بِالَّذي قُلْتَ طَاعَةً *** لأَمْرِ إِمَامٍ طَيِّبِ الذِّكْرِ عَادِلِ
فَمَا زَالَ بالثّقْلينِ يُوصِي مُبَيِّناً *** لِكُلِّ بَنِي الإِسْلامِ عَالٍ وَ سَافِلِ(4)
ص: 187
أَلاَ فاحْفَظُوهُمْ لايَضِيعونَ بَيْنَكُمْ *** فَإِنْ ضُيعوا صِرْتم لأُدْنَى المَنازِلِ
فَلمّا قَضَى حَادُوا عَنِ الرُّشْدِ وَ الهُدَى *** وَ مَالُوا عَنِ الحَقِّ المُبِينِ لِبَاطِلِ(1)
قَضَى فَلَهُ الإِسْلامُ لازَالَ مُعْوِلاً *** يَنُوحُ كنَوْحِ الفَاقِدَاتِ الثَّوَاكِل(2)
وَ نَاحَ عَلَيْهِ المُرْتَضَى وَابْنَةُ الهُدَى *** و أولادها أهْلُ العُلا و الفَضَائِل
و أعْوَلَتِ الأَرْضُ البَسِيطَةُ إذْ قَضَى *** نَبِيُّ الهُدَى غَوْتُ الوَرَى و الأَرَامِلِ
وَ قَدْ بَكَتِ السَّبْعُ الطَّبَاقُ لَهُ دَماً *** وَ اثْكَلَ شَرْعَ اللَّهِ افَضَلُ رَاحِل
لَقَدْ فَقَدَ الإِسْلامُ أفْضَلَ مُرْسَلٍ *** و أَكْرَمَ مَبْعُوْثٍ أَتَى بالدّلائِلِ
قَضَى وَ عَلى الزهراءِ ظُلماً تَواثَبُوا *** وَ قَادُوا عَلِيَّ المُرْتَضَى بالحَمَائِل
لَقَدْ كَسَروا أَصْلاعَها خَلْفَ بَابِهَا *** وَ هُمْ أَسْقَطُوهَا حَمْلَها غَيْرَ كَامِلِ
وَ قَدْ عَصَبُوهَا إرْتَهَا فَانْتَنَتْ إِلَى *** عَلِيَّ تُنَادِي يَا مُبيدَ البَوَاسِل
أَبا حَسَنٍ تَرْضَى بَهَضْمِي وَ ذِلَّتِي *** وَ إِرْنِي مَغْصُوبٌ بِأَيْدِي الأَرَاذِلِ(3)(4)
ص: 188
(بحر الوافر)
حسين بن علي العُشاري(*)(1)
أبوحَسَنٍ له القِدْحُ المُعَلَّى *** وَ قَدْرٌ فَوْقَ اوجِ النَّجْمِ عَلَّى
كَرِيمُ الأصلِ مِنْ قَوْمٍ كِرامِ *** إمامٌ زادَهُ الرَّحْمَنُ فَضْلا
هُوَ البَحْرُ المُحِيطُ بِكُلِّ عِلمٍ *** فما أصْفى مَوارِدَهُ وَ أَحْلَى
(عَلِيٌ) نَعْتُهُ في الكُتب بادٍ *** تَقِيٌّ فَضْلُهُ في النَّاسِ يُتْلَى
ص: 189
أمِيرٌ للمؤمِنِينَ أبوتُرَابٍ *** وَ صَفْوَةُ هاشم فَرْعاً و أصْلا
(حَبيبُ المُصْطَفَى وَ قَدِ ارْتَضاهُ *** لفاطمةَ البَتُولِ الظهر بَعْلا)
(فكانَ المُرْتَضَى كُفُواً كَريماً *** وَ قَدْ كانَتْ لَهُ الزَّهْراءُ أَهْلا)(1)
أَميرُ النَّحْلِ يعسوبٌ غَضُوبٌ *** على الدينِ القويمِ لِمَنْ تَولّى(2)
فَسَلْ عَنْهُ القَنا و البِيْضَ أَما *** أبادَ الأَشقِيا طَعْناً و قَتْلا
وَ سَلَّ عن بابِ خَيْبَر إِذْ دَحاها *** وَ أَوْرَثَ أَهْلَها ضَعْفاً و ذُلاً
هُوَ البَطلُ الغَبُور إذا تَلاقَتْ *** جُمُوعُ الكُفْرِ وَ المِغْوارُ وَلّى(3)
فكَمْ بَطلٍ أبادَ و كُمْ شجاعٍ *** يُسقيهِ القَنا عَلاًّ و نَهْلا(4)
إذا ضَرَبَ الكرامَ بِكُلِّ سَهُمٍ *** فَإِنَّ لِمِثْلِهِ القِدَحَ المُعَلّى
بدا للأجلَح المفضال فضلٌ *** و قَدْرٌ فَوْقَ أَوْجِ النجمٍ عَلَى(5)
أَعِدْ لي ذِكْرَهُ في كُلِّ آنٍ *** فَيَا أَهْلاً بِذِكْراهُ وَسَهْلا
فَمَنْ لي أنْ أَشُمَّ ثَرَاهُ يَوْماً *** وَ اكْحَل نَاظِرِي وَ الطَّرْفُ يجلى
وَ مَنْ لي أن أرى قَبْراً مُنِيراً *** بِجانِبِهِ قَدِيمُ الوَحْي يُتْلى
وَمَنْ لي أن أقابِلَهُ بِذُلٍّ *** وَ مَدْمَعُ مُقْلَتي يَزْدادُ هَطْلا
دَخِيلٌ يا هُداةَ الخَلْقِ إِنِّي *** ذَلِيلاً جِئتُكُمْ وَ الذُّلُّ أولى
ص: 190
صلوني وَ اجْبُروا كَسْرِي وَ داوُوا *** جِراحَ القَلْبِ إِنَّ العُمْرَ وَلّى
بجاهِكُمُ رَفَعْتُ الوِزْرَ عَنّي *** فَلم أَسْطِعْ لذاكَ الوِزْرِ حَمْلا
فَكَيْفَ يُضامُ مادِحُكُمْ وَ أَنْتُمْ *** نَبِيَّكُمُ عَلَيْهِ اللَّهُ صَلَّى؟
بِجاءِ حُسَيْنِكُمْ داوُوا حُسَيْناً *** فَتًى أَضْحَى لَكُمْ عَبْداً وَ مَوْلَى(1)
ص: 191
(بحر المنسرح)
الشيخ حمزة البصير(*)(1)
لم يُشْجِني ذِكْرُ جِيرَةِ رَحَلُوا *** عَنِّي وما وَدَّعُوا مُذِ ارْتَحَلُوا
كَلاً و لاأَرْبُعٌ هُناكَ غَدَتْ *** مِنْ ساكنيها قَفْرى وَ لاطَلَلُ(2)
لكنْ شَجاني رُزُءُ البَتُولِ وَ ما *** جَنَتْ عليها الأَوْصابُ وَ العِلَلُ(3)
فيا لِخَطبٍ تَبْكِي السماءُ له *** دَماً وَ جُرْح هَيْهاتَ يَنْدَمِلُ(4)
ص: 192
كأنَّني مُذْ قَضَى النَّبِيُّ أَرَى *** عَلَى بَنِيهِ قَدْ ضَاقَتِ السُّبُلُ
تَظاهَرَتْ في حُقودِها نَفَرٌ *** وَ عَنْ وَصِيَّ الرَّسُولِ قَدْ عَدَلُوا
يَبْغُونَ هَدْمَ الذي بناه فلا *** بُلّتْ بِيَوْمِ الظَّمَا لَهُمْ غُلَلُ(1)
وَ سَوْت للَّهِ يَرْجِعُونَ غداً *** وَ اللَّهُ يَجْزِيهِمُ بما عَمِلُوا
و ختمها بقوله:
سيّدتي يا بُنَةَ النَّبِيِّ وَ مَنْ *** حُبَّكِ عِنْدَ الباري هُوَ العَملُ(2)
وَ إنّني (حمزةُ) المُسيءُ غداً *** أنتِ رَجائي و أنتِ لي أَمَلُ
فاستنْقِذْيني مِنَ الذُّنوبِ ففي *** حُبّكِ للمَرْءِ يُغْفَرُ الزَّلَلُ
صلّى عليكِ اللَّهُ المُهَيْمِنُ ما *** رَغَتْ بطلابِ نيلِكُمْ إِبِلُ(3)
ص: 193
(بحر الطويل)
الأستاذ زين العابدين الحكيم
(ألا أَيُّها المَوْتُ الذي لَيْسَ تارِكي *** أَرِحْني فَقَدْ أَفنَيْتَ كُلَّ خَلِيلِ)
(أراكَ خَبِيراً بالذينَ أُحِبُّهُمْ *** كَأَنَّكَ تَسْعَى نَحوَهُمْ بِدَلِيلِ)(1)
كَأَنَّكَ جَاتٍ فَوْقَ صَدْرِي مُوكَلٌ *** بِقَطْعِ فُرُوعِي وَ اجتِئاتِ أُصُولي(2)
تُراقِبُها حَتَّى إِذا ما تَكَوَّرَتْ *** كُرُومِي وَ احْمَرَّتْ عُذُوقُ نَخِيلِي(3)
وَ حتّى إذا ما أَنْضَجَتْها مَدامِعِي *** وَ حُرْقَةُ آهاتِي وَ لَذْعُ غَلِيلِي
هَوَيْتَ عَلَى قَلْبِي تُبَضْعُ حُبَّهُ *** بِسَيْفِ رَقِيقِ الشَّفْرَتَيْنِ صَقِيلِ(4)
أيا مَوْتُ ما أشجاك لاهِبُ أضْلَعِي *** وَ سُهْدِي وَ جارِي أَدْمُعِي و ذُهُولِي؟(5)
خَطَفْتَ حَبِيبِي أَحْمَداً ثُمَّ عُدْتَ لي *** لِنَخْتَلِسَ الزَّهْراءَ بَعْدَ قَلِيلِ(6)
ص: 194
وَ كُنْتُ إذا ما اشْتَقْتُ رُؤْيَةَ أَحْمَدٍ *** وَ تَاقَتْ إِلى وَصْلِ الحَبِيبِ طُلُولي(1)
أَرَتْنِيهِ في تَبْتِيلِها وَ خُشُوعِها *** وَ أَذْكَرَنِي تَرْتِيلُها بِخَلِيلِي
فَضُمَّ أَبا الزَّهراءِ زَهْرَتَكَ الَّتي *** غَرَسْتَ مَشوباً غُصْنُها بِذُبُولِ
وَسَلْهَا تُجِبْكَ «الآهُ» عَنْ كُلِّ صَرْخَةٍ *** بَأَحْشائِها مَخنُوقَةٍ وَ عَوِيل
وَ أَلحِفْ فَكَمْ مِن حُرْقَةٍ بِفُؤادِهَا *** مُخَبَّأَةٍ لم تُبْدِها وَ غَلِيلِ
وعُدَّ رَسُولَ اللَّهِ أَصْلاعَ صَدْرِهَا *** وَ أَرفِقْ فَمَكسُورٌ بِجَنْبِ عَلِيلِ
وَ أَمْرِرْ عَلَى الْمَثْنَيْنِ كَفَّيْكَ مَاسِحاً *** سَوَادَةَ حِقد فاحم وذُحُولِ(2)
وَأطْفِي بِطَرْفَيْها الجريحَيْنِ جَمْرَةً *** بِطِيبٍ مِنَ الشَّعَرِ الرَّحِيمِ جَمِيلِ
ص: 195
(بحر الرمل)
السید سعئ النجاوی
(ندبة للحجة في طلب ثأر الزهراء علیها السلام):
أيَّها المهديُّ مِنْ آلِ الرسولْ *** قُمْ ونادِ يالثارات البَتولْ
***
سيّدي قَد طالَ لَيل الانتظارْ *** فَمتى تُشرقُ شَمسُ الانتصارْ
نَحنُ ندعوكَ لِتطبيقِ الشعارْ *** هكذا الفتيَانُ تدعو و الكهول
قُمْ ونادِ يالثاراتِ البتولْ
***
مَنْ يُداعي بذِحول الأنبياءْ *** وَ بضلعِ الطُّهرِ منْ خيرِ النساءْ
لكَ نحرٌ نازفٌ في كربلاءْ *** ما عسانا أيُّها المهديْ نقولْ
قُمْ ونادِ يالثارات البتولْ
***
فاطمٌ تَدعوكَ في أشجى خِطابْ *** فمتى للثأرَ تَنسّلُ الحِرابْ
هل سَنبقى نحتسي كأسَ العَذَابْ *** لَيلُنا رُحماكَ قد أرخى السِدولْ
قُمْ ونادِ يالثاراتِ البتولْ
***
ص: 196
لَكَ ضِلع سيدي قَدْ كَسَروهْ *** لكَ صدرٌ بالخيول سَحقوهْ
لكَ طِفلٌ بنبالٍ فَطَموهْ *** لكَ بدرٌ غابَ في برجِ الأفولْ
قُمْ ونادِ يالثاراتِ البتولْ
***
أنَّ كَسرَ الضلعِ لا لَنْ ينجَبرْ *** بسوى سيفِ عزيزِ مُقتَدرْ
سيدي ندعوكَ هلاتنتصر *** مسّنا الضُّرُ تَعَشانا الذُّبُولْ
قُمْ ونادِ يالثاراتِ البتولْ
***
أنّ دعواها ستبقى قائمهْ *** و على الشيخينِ تَدعو ناقِمهْ
أيّ ضلع كسروا من فاطمه *** ذاك في الزندين جرح لن يزول
قُمْ ونادِ يالثاراتِ البتولْ
***
أينَ قَبرُ الطُهرِيا خَيرَخَلَفْ *** قَولُ إفكٍ فيهِ قالوا و سَخَفْ
دُلَنا عَنهُ يقولون انكشفْ *** هذه دعواهمُ ماذا تقولْ
قُمْ ونادِ يالثاراتِ البتولْ
***
بينَ شكٍ و ارتيابٍ وَ جَفا *** يَزعُمُونَ الودّ لكنْ جَحفا
بانفتاحٍ و حوارٍ کَشَفا *** ذلك الزيفَ الذي جَنَّ العُقولُ
قُمْ ونادِ يالثاراتِ البتولْ
***
فتنَةٌ فيها أُناسٌ فُتِنوا *** و بكسرِ الضلعِ لا لَنْ يوقنوا
ص: 197
كم بسقط المحسنِ قد داهنوا *** أفتِنا نحنُ اختلفنا في الأصولْ
قُمْ ونادِ يالثاراتِ البتولْ
***
لاتَلْمني بل اجرني وانتقمْ *** إنّ دين اللَّهِ فيكمْ يستَقمْ
قَبسٌ من نارِ وجدٍ تَضطرمْ *** لا و لَنْ يُطفتُها دمعٌ هطولْ
قُمْ ونادِ يالثاراتِ البتولْ
***
سيدي ما آنَ للقلبِ الجريحْ *** أنْ يرى خَلفَكَ يأتمُّ المَسيحْ
و تنادي يالثاراتِ الذبيحْ *** فمتى يومُ القصاصِ بالنُصولْ
قُمْ ونادِ يالثاراتِ البتولْ
***
ص: 198
(بحر الكامل)
الأستاذ سعيد العسيلي العاملي(*)(1)
وَ تَرَعْرَعَ الغُصْنُ الرَّطِيبُ بَدَوْحَةٍ *** نَبَوَّيَةٍ كانَتْ حُلاً وجَمالا
يَنْمُو وَ يَنْهَلُ مِنْ مَعِينٍ مُحَمَّدٍ *** ماءَ النُّبُوَّةِ صافياً سَلسالا
وَ يَعْبُّ من شَفَتَيْهِ عِلْماً خالصاً *** فِيهِ الحنانُ مِنَ البلاغَةِ سالا(2)
وَ يَضُمُّهُ تَحْتَ الكِساءِ كَأَنَّهُ *** أَسَدٌ يَضُمُّ بِعَطْفِهِ الأَشبالا
رَيْحَانَتاهُ وَ فاطِمٌ وَ المُرْتَضَى *** كانُوا لَهُ دونَ الأَنامِ عِيالا(3)
فِيهِمْ يُباهِلُ مَنْ يَجِيءُ مُباهِلاً *** وَ بِهِمْ يُجادِلُ مَنْ أرادَ جِدالا(4)
وَ يُحِبُّهمْ وَ يُحِبُّ مَنْ فِي حُبِّهِمْ *** زَرَعَ القُلوبَ وَ أَنْبَتَ الآمالا(5)
ص: 199
وَ يَقولُ إنّي تاركُ الثَّقَلَيْنِ مِنْ *** بَعْدِي وَ كَمْ أَوْصى بِذاكَ و قالا
هَذا كِتابُ اللَّهِ في آياتِهِ *** هَدْيٌ يُزِيلُ عَنِ القُلوبِ ضَلالا
وَ تَمَسَّكُوا في هَدِيهِ وكَمالهِ *** إِذْ باتَ للدِّينِ الحَنِيفِ كَمالا
وَ بِأَهْلِ بَيْتي عِشْرَتي وَ وَلاؤهُم ** عَنْكُمْ يَرُدُّ الكَيْدَ وَ الأهوالا
وَ تُوفّي الهادِي وَ راحَ لِرَبِّهِ *** وَ اخْتارَهُ سُبْحَانَهُ و تَعالى
وَ تَأَلَّم الحَسَنُ الزَّكِيُّ لِفَقْدِهِ *** وَ الحُزنُ مَدَّ عَلَى الجُنونِ ظِلالا
وَ رَأَى مَدامِعَ أُمِّهِ وَ بُكاءَها *** في مَشْهَدٍ قَدْ قَطَّعَ الأَوْصالا(1)
تَبْكِي عَلَى فَقَدِ النَّبِيِّ وَما رَأَتْ *** مِنْ بَعْدِهِ وَ الجَوْرُ صالَ وَجَالا(2)
وَ تَرُوحُ شاكِيَةَ الفُؤادِ لِقَبْرِهِ *** وَ الدَّمْعُ بَيْنَ جُفُونِها يَتلالا(3)
ص: 200
حَزِنَتْ عَلَيْهِ لَيْلَها وَ نَهارَها(1) *** حُزناً دعاها بالنُّحول خَيالا(2)
و رأَى تَجَرُّعَها مَرَارَةَ ظُلْمِ مَنْ *** أَمْسَى على جزمانها يَتوالي
وَ ذُوتُ مِنَ الأَحْزانِ زَهْرَةُ عُمْرِها *** وَ المَوْتُ أَوْدَعَ في التُّرَابِ هِلالا
وَبَكَى عَلَيْهَا المُجْتَبى وَدُموعُهُ *** سالَتْ وَ أَضْحَى جِفْنُهُ سَيَّالا
وَ رَأَى الصَّحابَةُ غير ما كانُوا لَهُ *** قَبْلاً وَ عَنْهُ غَيَّرُوا الأَحْوالا
وَ رَأَى وَصِيَّةَ جَدْهِ قَدْ أُهْمِلَتْ *** فِيهِ وَ عاينَ بَعْدَهُ الإهْمالا
وَ رأَى أباهُ في صراعٍ دائمٍ *** ما بَيْنَ مُجْتَمِع أَحَبَّ المالا
وَ الحَقُّ باتَ مُغيَّباً إذ لم يَجِدْ *** مِنْ حَوْلِهِ رَغْمَ الرِّجالِ رِجالا
هِذِي الحَوادِثُ مَرَّفِيها المُجْتَبى *** وَ بِنَفْسِهِ قَدْ أَحْدَثَتْ زِلْزالا
عادَتْ بِهِ الذِّكْرَى لِقَوْلِ المُصْطَفَى *** وَ حَنانِهِ إِذْ لَمْ يَجِدْ إِجْلالا
ص: 201
مَنْ ذا سِوَى الحَسَنَيْنِ أَعْطَى بَيْعَةً *** لِلْمُصْطَفَى وَلَهُ الهُدَى قَدْ مالا؟
رَغْمَ الطُّفُولَة مِنْهُما صَحَّتْ و مَا *** كانا بِعَيْنِ المُصْطَفَى أَطْفالا
وَ رآهما يَتَصرفانِ بِحِكْمَةٍ *** قَدْ ضَارَعَتْ حِكَمَ الرِّجالِ فِعالا(1)(2)
ص: 202
(مجزوء) الرّمل)
الأستاذ سلمان الربيعي(*)(1)
زَهْراءُ نُورُ عَیْنِي *** يا نُورَ كُلِّ عَيْنِ
بَضْعَةُ الهادِي البَتُولْ *** هکَذا قَالَ الرَّسُولْ
***
نَزَلَ الوَحْيُ بَشِيراً *** كَيْ يُهَنِّي اليَوْمَ طة
بالّتي نُورُ الثُرَيّا *** كانَ وَهْجاً مِن ضِياها(2)
مَوْلِدُ الزَّهْراءِ عِيدٌ *** لابْنَةٍ سَرَّتْ أباها
بُشراكَ يا مُوالي *** لابْنَةِ سَرَّتْ أَباها
حِينَ والَيْتَ البَتُولْ *** هكذا قالَ الرَّسُولْ
***
إِنَّ لِلزَّهْراءِ شَأناً *** و لَها القُرْآنُ يَشْهَدْ
فَهْيَ جُزْءٌ من أبيها *** وَ هْيَ أُمّ لمحمدْ
حُبُّها في الحَشرِ فَوْزٌ *** للّذي و الی وَ وَحَّدْ
و النارُ في المَعادِ *** تَشْتَدَّ للمُهادي
ص: 203
بئسَ مَنْ آذى البَتُولْ *** هكذا قالَ الرَّسُولْ
***
بَعْلُها خَيْرُ الرِّجالِ *** وَ هْيَ عُنْوانُ النّساءْ
حَسْبُها أنَّ أباها *** شافِعٌ يَوْمَ الجَزاءْ
حَسْبُها أَنَّ حُسَيْناً *** في الوَرى رَمْزَ الإباءْ
لولاهُ ما وَجَدْنا *** لِلعزَّ أيَّ مَعْنَي
هوذا نَجْلُ البَتُولْ *** هکذا قالَ الرَّسُولْ
***
إنّما الزّهراءُ وَصْلُ *** بَيْنَ طهَ و الإمامَهْ(1)
وَ هْيَ مَنْ في الكَوْنِ يُرْجَى *** عَظفُها يَوْمَ القِيامَهْ
إِنَّها لَولا بَنُوها *** لَيْس لِلْمَرْءِ كَرامَهْ
سُبْحانَ مَنْ بَراها *** مِنْ نُوْرٍ وَ اصْطَفاها
فَهْيَ مصْباحُ العُقُولْ *** هَكذا قال الرَّسُولْ
***
ص: 204
أَوْدَعَ الباري تعالى *** سِرَّ كُلِّ الخَلْقِ فِيها
غَيْرَ أنَّ القَوْمَ بُغْضاً *** خالفوا نَهجَ أييها
وَ بِيَوْمِ الطَّفْ حِقْداً *** جَزَّرُوا كُلَّ بَنِیها(1)
واللَّة بالمرصادِ *** لِلْقَوْمِ في المَعادِ
وَيْلُهُمْ سَوْفَ يَطولْ *** هكذا قال الرَّسُولْ
***
خَصّها البارِي تَعَالى *** بالكراماتِ الكَثِيرهْ
فَلِذا كانَتْ بِحَقِّ *** لِلنِّسا طُرّاً أمِيرهْ
کَمْ لها بالفضلِ تَحْكِي *** في كتابِ اللَّهِ سُورَهْ
قدْخابَ كُلُّ شانِي *** في السِّرِّ وَ الإِعْلانِ(2)
يَوْمَ مِيلادِ البَتُولْ *** هكذا قالَ الرَّسُولْ(3)
***
ص: 205
(بحر الخفيف)
الشيخ سلمان نوح(*)(1)
ذهَبَ الشَّيْبُ بِالشَّبابِ وَ وَلَّى *** وَ القُوَى قَدْ وَهَتْ بِضَعْفٍ أَطَلاَ(2)
فَأَفِقْ وَ اتَّخِذ لِيَوْمٍ مَعَادٍ *** حُبَّ آلِ النَّبِيَّ كَهفاً أَظلاً
سادَةٌ قادةٌ هُداةٌ حُماةٌ *** طَبَّقُوا الكائناتِ جُوداً و فَضْلاً
ص: 206
طَوْعُ أَيْدِيهِمُ القضَا لَيْتَ شِعْرِي *** كَيْفَ حَلَّ القَضا بِهِمْ وَ اسْتَقَلاً
كُلُّ مَنْ في الوُجُودِ دُونَ عُلاهُمْ *** فَهُمُ الطَّيِّبُونَ فَرْعاً وَ أَصْلا
عَجَباً لِلزَّمَانِ أَخْنَى عَلَيْهِمْ *** وَرَمَاهُمْ بِكُلِّ دَهْياءَ جُلّى(1)
فَقَضَى المُصْطَفَى وَ في القَلْب وَجْدٌ *** مِنْ عُتاةٍ قَدْ أَضْمَرُوا الغَدْرَ قَبْلا
فَعَدَوْا بَعْدَهُ على آلِهِ الغُرُ *** وَ سامُوهُمْ هَواناً و ذُلاً
إنْ تَكُنْ آمَنَتْ فَماذا عَلَيْها *** لَوْ رَعَتْ لِلنَّبِيِّ بَيْتاً وَ أَهْلا؟
أَحْرَقُوا بَيْتَهُ وَآذوا بَنِيهِ *** أَتُرَى الجَوْرَ كَانَ قِسْطاً وَ عَدْلا؟(2)
لَسْتُ أَنْسَى البَتُولَ تَطْلُبُ إِرْثاً *** وَ كِتابُ الرَّحْمَنِ يَنْطِقُ فَضْلا(3)
فانْثَنَتْ وَ الشَّجونُ مِلْءُ حَشاها *** وَ هُيَ تَدْعُو عَزَّ المَجِيرُ وَقَلاً
لَمْ تَزَلْ بَعْدَ ذاكَ حَتَّى حَباها *** رَبُّها المَنْزِلَ الرَّفِيعَ الأَجَلَا(4)
ص: 207
ص: 210
سَوْفَ تَأْتِي الزَّهْرَاءُ تَلْتَمِسُ الحُكْمَ *** إذا حانَ مَحْشَرُ التَّعْدِيلِ(1)
وَ أَبُوها و بَعْلُها و بَنُوها *** حَوْلَها و الخِصام غيرُ قَليلِ
وَ تُنادِي يا ربّ ذُبَحَ أَوْلا *** دِي لماذا وَأَنْتَ خَيْرُ مُدِيلِ؟
فَيُنادَى بِمالِك أَلْهِبِ النّارَ*** وَ أَجُجْ وَ خُذْ بِأهْل الغُلُولِ(2)
ص: 211
وَ يُجازَى كُلُّ بما كان منهُ *** مِنْ عِقابِ التَّخْلِيدِ وَ التَّنْكِيلِ(1)
يا بَنِي المُصْطَفَى بَكَيْتُ وَ أَبْكَيْتُ *** وَ نَفْسِي لَمْ تَأْتِ بَعْدُ بِسُولي(2)
لَيْتَ رُوحِي ذابَتْ دُموعاً فَأَبْكِي *** لِلَّذِي نالَكُمْ مِنَ التَّذْلِيلِ
فَوَلائي لَكُمْ عَتادِي و زادِي *** يَوْمَ أَلْقاكُمُ على سَلْسَبِيلِ
لِيَ فِيكُمْ مَدائِعٌ وَ مَراثٍ *** حُفِظَتْ حِفْظَ مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ
قَدْ كَفاني في الشَّرْقِ وَ الغُرْبِ فَخَراً *** أنْ يَقُولوا: مِنْ قِيل إسْمَاعِيلِ
وَ مَتى كادَنِي النَّواصِبُ فِيكُمْ *** حَسْبِيَ اللَّهُ وَ هُوَ خَيْرُ وَكِيلِ(3)
ص: 212
(بحر الرّمل)
السيد صالح الحلي(*)(1)
بأَبِي مَنْ أَصْبَحَتْ بَعْدَ الرَّسُولْ *** جِسْمُها زادَ سِقاماً وَنُحُولْ
***
آهِ وا وَيْلاهُ مِنْ أُمَّتِهِ *** قَبْلَ أَنْ يُدْفَنَ في حُفْرَتِهِ
تَرَكُوا الضَّيْغَمَ رَهْنَ بَيْتِهِ *** وَ سَرِيعا غَصَبُوا ارْتَ البَتُولْ
***
جَحَدُوا مَنْ كانَ فِيهِمْ مُحْسِنا *** عَصَرُوها أَسْقَطُوها (مُحْسِنا)(2)
أَلَّمُوها لَيْسَ فِيهِمْ مُحْسِنا *** تَرَكُوا أَجْفَانَها تَجْرِي هَمُولْ(3)
***
بِأَبِي ذاكَ الأبِي بَعْدَ النَّبِي *** عِوَضُ السَّيْفِ بِأمرٍ مُغصبٍ
أهِ مِنْ (تَيْمٍ) وَ آهِ مِنْ (عَدِي) *** لَيْتَ شِعْرِي فيهما ماذا أقولْ؟
ص: 213
جَرَّعاها غُصَصاً غصَّتْ لها *** لهواتُ الدَّهْرِ إذ لامِثْلَها
(فاطمٌ) قَدْ أَسْقَطُوها (حَمْلَها) *** يالَهُ رُزْهُ عَظِيمٌ وَ مَهولْ
***
هَجَمُوا لَما رَأَوْا مِنْ ضَعْفِهِ *** لَبيوه بِنِجادِ سَيْفِهِ(1)
قِيْدَ لِلْمَسْجِد رَغْمَ أَنْفِهِ *** وَ هُو ذا اللَّيثُ الهِزَبُرُ الصَّؤولْ(2)(3)
***
ص: 214
(بحر الرّمل)
السيد صالح الحلي(*)(1)
دَعْ تَفاصيلاً وَ سَلْنِي جُمَلا *** لَمْ تُطِقْ تَسْمَعُ مَا قَدْ فُصَّلا
قد بَنَتْ أساسَها القَوْمُ الأُلى *** وَ أَخِير القَوْمِ يقفو (الاوَّلا)
كَذَّبَ القَوْمُ (النَّبِيَّ ) المُرْسَلا *** يومَ (خُمِّ) وَ الكِتابَ المُنْزَلا
أغْضَبُوا مُذْ أَغْضَبُوا رَبَّ العُلَى *** صِنْوَطه وَ أبَوْا نَصْرَ الوَلا(2)
أَأمِيراً (شَيْخُ تَيْمٍ) جُعِلا *** وَمنِ اللَّهُ ارْتَضاهُ عُزِلا؟
(شيخُ تَيْمٍ) مِنْبَرَ الهادِي عَلا *** وَ (عَلِيّاً) اجْلَسُوه المَنْزِلا
قسماً لولا القضا لَنْ يَصِلا *** مِنْ عَلَيَّ الطُّهر ما قَدْ أمّلا
عَجَباً بِالحَبْلِ قادُوا البَطَلا *** مِثل ما قادَ الحُداةُ (الجَملا)
خَلْفَهُ فَاطِمَةُ تَدْعُو ألا *** فَاتْرُكُوهُ أوْ لأَدْعُو (الكافِلا)(3)
عَجَباً مِنْ حَبْلِهِ ما انْفَصَلا *** بِيَتامى كَرْبَلاءَ اتَّصلا
ص: 215
فَمَتَى (المَهْدِيُّ) يَشْفِي الغَلَلا؟ *** كَمْ نُقاسي مِنْ عِداها العِلَلا
امْتَطُوا الخَيْلَ بَنِي عَمْرو العُلَى *** وَ ابْعَثُوها شُرباً تطَّوي الفَلَا(1)
وَ اشْرَعُوا السُّمْرَ العوالي الذُّبَّلا *** وَ اجْعلوا الأغْمادَ لِلْبَيِضِ الطّلا(2)
وَ عَلَى الحَرْبِ ألا (حَيَّ هَلا) *** فَمَذاقُ المَوْتِ فِي الحَرْبِ حَلا
أيها المُدْلِجُ خُذْ مِنِّي إلى *** هاشِمِ شَكْوى تُزِيلُ الجَبَلا(3)
قِفْ عَلَى البَطْحا وَ قُلْ قُوموا فلا *** عُذر إلا أن تَقُومُوا عَجَلا
أَقُعوداً لَمْ تُثِيرُوا القَسْطلا *** وَ حُسَيْن عارياً في كَربلا؟(4)
يا حُماةَ المَجْدِ عُدْتُمْ ذُلُلا *** وَ غَدَوْتُمْ لِلْبَرايا مَثَلا
أَفَما هاجَكُمُ مانَزَلا *** مِنْ مُلِمٌ للرَّواسي زَلْزَلا؟
ضَرَبَتْ نِسْوةُ حَرْبِ كِلَلا *** في المَقاصِيرِ وَ سِتْراً مُسْدَلَا(5)
وَنِساكُمْ بالمَهاجِيرِ اصْطَلا *** وَجْهُها مُذْ سَلَبُوها الحُللا(6)
عَجَباً نِسْوَتُكُمْ تُسرى بلا *** كافِلٍ بارزةً بَيْنَ المَلا
وَ تَجُوبُ البِيدَ حَسْرَى وَ عَلى *** قُتَبِ النَّاقَةِ أَضْحَتْ مَثلا(7)
حُسْراً قَدْ ارْكَبُوها الهُزَّلا *** وَ بها جابُوا دَيَامِيمَ الفَلا(8)
وَ سَلِيبَاتٍ حُلِيّاً وَ حُلَى *** قَفَلَ الرَّكْبُ بها القُفَلا
وَ بِعَيْنِ اللَّهِ جَلَّ وَ عَلاَ *** حُجَّةُ اللَّهِ مُضاماً غَلَلا
ص: 216
أيزيد في حَرِيرِ قَدْ تَلا؟ *** (لَعِبَتْ هَاشِمُ بالمُلْكِ فَلا)
وَ حُسَيْنُ في حَرُورٍ جُدلا *** ظامِناً تُروى دماء الأسلا
يا قَتِيلاً فيه صَبْرِي قُتِلاَ *** وَ بِهِ نَوْمِي عادَى المُقَلا
كَيْفَ سُلْوانِي وَ هُلْ قَلْبِي سَلا *** عَنْ مُصابٍ زَعْزَعَ السَّبْعَ العُلا؟
إِنَّ صَبْرِي وَسُلُوِّي رَحَلا *** و شُجُونِي وَ شهادِي نَزَلا(1)
ص: 217
ما على الرَّكْب لَوْ أَقامَ قَليلاً *** فَشَفَى لَوْعَةً وَ أَطْفَيَ غَلِيلا
وَ سَقَى السَّفْحَ وَ العَقيق عقيقَ *** الدَّمْعِ سَفْحاً مَعالِماً و طُلولا
وَ رَعَى بالصَّفا زَماناً تَقَفَّى *** كَمْ سَقانا مِنْ صَفْوِهِ سَلْسَبيلا
طالَما لِلْهَوَى شَرِبْنا كُؤُوساً *** كانَ صِرْفاً مِزاجُها زَنْجَبِيلا
كَمْ لَبِسْنا بِهِ مَطارِف أُنَسٍ *** و سَحَبُنَا مِنَ النَّعيم ذُيولا(1)
كانَ وِرْدِي عُلاً و عَيْشي رَغِيداً *** و شَبابِي غَضَّاً و ظِلِّي ظَليلا(2)
جادَ كالعارِض الأَجَشِّ هَلُولاً *** مَرْبَعَ الذِّكْرِ بُكْرَةً وَ أَصِيلا(3)
وَ تَمْشي بِكَ الشَّمالُ بأنفاسِ *** الخُزُامى وَ هُناً يَضُوعُ بَليِلا(4)
كُلَّما هَبَّتِ السّمالُ انْتَشَيْنا *** فكأنَّ الشمال كانَتْ شَمُولا
ما لَهُ مُوحِش المعالِم قَفْراً *** بعدَما كانَ آئِساً مَأهُولا
كَمْ على سَفْحِهِ سَفَحْتُ عقيقاً *** مِنْ دَمِ القَلْبِ مَدْمَعاً مَطْلُولا
أَظْلَقُوا الدَّمْعَ وَ الحَشَا كَبَّلُوهُ *** ما عليهِمْ لَوْ أَظْلَقوا المَكْبُولا
ص: 219
ما لنا و الخُطُوبُ تَعْدُو علينا *** كُلّ يومٍ مُفَوّقاتٍ نُصُولا
فَكَأَنَا لِلنَّائِباتِ خُلِقْنا *** لانَرى للفرار عنها سَبِيلا
أنا جَلْدٌ على نُزولِ الرَّزايا *** و لَئْنُ هَدَّتِ الجبال نُزُولا
وإذا سامَنِي الزَّمانُ اختباراً *** بِرَزاياهُ قُلْتُ صَبراً جميلا
ما أَرى صَبْرِي الجَمِيلَ جَمِيلاً *** إِنْ تَذَكَرْتُ ما أصابَ البَتُولا
فَقَدَتْ أَحْمداً و ناحَتْ طويلا *** وَ بَكَتْ حَسْرَةً و أَبْدَتْ عَويلا
و أَقامَتْ عَبْراء لكلاء حتى *** لَحِقَتْ بِالنَّبِيِّ عَبْرَى ثَكُولا
طالَما المُصْطَفَى بِثِقَلَيْهِ أَوْصَى *** مُنْذِراً قَوْمَهُ قَبيلاً قَبيلا
أَشْهَدَ الله يومَ خُمِّ عَلَيْهِمْ *** وَ كَفَى شاهِداً بِهِ وَ وَكِيلا
فَضِّلُوا المرتضى فَقَدْ فَضَّلَ *** اللَّهُ عَلَيْكُمْ مَقامَهُ تَفْضِيلا
وَاحْفَظُوا الله في وَلاءِ ابْنِ عَمِّي *** إِنَّه كانَ عَهْدُهُ المَسؤولا
وَ احْفَظُونِي بَأَهْلِ بَيْتِي ولا *** تَبْغُوا نُكولاً عنهُمُ وَ لاتَحوِيلا
إِنَّ إن ربِّي قَدِ اصْطَفَانِي رَسُولاً *** وَ ارْتَضَى لي أخِي عَلِيّاً خَليلا
وَ هُوَ حَبْلُ اللَّهِ المَتِينُ فَطُوبى *** لامْرِى لَمْ يَزَلْ بِهِ مَوْصُولا
فاطِمُ بَضْعَتِي وَ مَنْ ساءَهَا مِنْكُمُ *** فَقَدْ ساءَني و ساءَ الجَليلا(1)
أنا مِنْ فاطِمٍ وَ فاطِمُ مِنِّي *** قالَها أَحْمَد لها تَبْجِيلا
ص: 220
ثُمَّ لَمَّا اسْتَقَلَّ هادي البَرايا *** سَبِّحُوا في الضَّلالِ سَبْحاً طَويلا
لَسْتُ انْسَى يَوْمَ السَّقِيفَةِ وَ *** القَوْمُ بها أَصْلُوا الشَّقا تَأْصِيلا
يومَ حادُوا عن مَنْهَج الرُّشْدِ غَيّاً *** وَ اقْتَفَوْا مَنْهَجَ القُرُونِ الأُولى(1)
إنْ يَكُونُوا لأَحْمَدٍ خُلَفَاءً *** فَلِماذا لَمْ يَحْضُرُوا التَّغْسيلا
أَشْغَلَتْهُمْ دَعْوى الخِلافَةِ عنه *** وَ بِهِ كَانَ حَيْدِرٌ مَشْغُولا
عَقَدُوا عُقْدَةَ الصَّلالِ وَحَلُّوا *** عُقْدَةً كَانَ حَلُها مُسْتَحِيلا
أَضْمَرُوا الكُفْرَ وَالهُدَى أَظْهَرُوهُ *** حِينَ شامُوا سيف الهُدَى مَسْلُولا(2)
رَكِبُوا مَنْهَجَ الضَّلالِ وَ حادُوا *** عَنْ طَرِيقِ الهُدَى فَضَلُّوا السَّبِيلا
عَجَباً كَيْفَ لاتَضِلُّ وَ قَدْ قَلَّدَتِ *** الأَمْرَ غاصِباً ضِلِّيلا
لَهْفَ نَفْسِي على ابْنَةِ المُصْطَفَى *** أَمْسَتْ تُقاسِي مِنَ الخُطوبِ الجَليلا
مَكَئَتْ بَعْدَهُ قَليلاً وقاسَتْ *** مِنْ عِداهُ شَجّى وَ حُزْناً طَوِيلا
لَمْ يُخَلّفْ خَيْرُ النَّبِيِّينَ فِيهِمْ *** غَيْرَ بِنْتِ فَجَرَّعُوعا وَبِيلا(3)
أَيُّ بِنْتِ لَهُ تُكابِدُ مِنْهُمْ *** مَضَضاً أَضْرَمَ الفُؤادَ غَليلا(4)
بَضْعَةُ المُصْطَفَى التي فَضَّل الرحمنُ *** فِي الذِّكْرِ مَدْحَها تَفْضِيلا(5)
مَنْ بها باهَلَ الرَّسُولُ وَ باهى *** وَ بِها لِلْهُدَى أَقَامَ دَلِيلا(6)
ص: 221
مَنْ لَدَيْها سِرُّ الهُدَى وَإِليها *** أَرْسَلَ اللَّهُ خادِماً جبريلا
نَهَرُوها وَ مَزَّقُوا صَکَّها وَ *** انْتَحَلُوها تُراثَها المَنْحُولا(1)
هَتَكُوا بِانْتِهاتِها حَرَمَ الدِّينِ *** وَ أَلْقَوا حِجَابَهُ المَسْدُولا
دَخَلُوا مَنْزِلَ البَتُولِ عَلَى اللَّهِ *** اجْتِراءً وَ أزْعَجُوها دُخُولا
أَضْرَمُوا بَيْتَها بنارٍ ودَقُوا *** ضِلْعَها يا لَهُ مُصاباً جَليلا(2)
أسْقَطُوها ضَرْباً وَ قادُوا عَلِيّاً **** مُسْتَضاماً فَأَدْرَكوا المَأْمُولا(3)
لَم تَزَلْ منهُمُ تُکابِدُ شَجُواً *** منهُ كادَتْ شُمُّ الرَّبى أنْ تَزُولا
كم دَعَتْهُمْ و اسْتَصْرَخَتْهُمْ وَلكِنْ *** لَمْ تُشاهِدْ إِلا نَكُولاً خَذُولا
كَذَّبُوا قَوْلَها عَلَى العِلْمِ مِنْهُمْ *** أَنَّهَا قَوْلَ باطِل لَنْ تَقُولا
وَ هْيَ بنتُ الأمين أم الميامِينِ *** فُرُوعاً زَكَتْ وَ طابَتْ أَصُولا
لَهْفَ نَفْسِي لَها تُشاهِدُ تَيْماً *** وَ الِياً وَابْنَ عَنْها مَعْزُولا
وَ تَرَى حَقَّها مِنَ الإِرْثِ مَمْنُوعَاً *** عَلَيْها وَ لِلْعِدى مَبْذُولا
ضَيَّعُوا حَقَّها عِناداً و حِقْداً *** رَوَّعُوها و لَمْ يُراعُوا الرَّسُولا
وَ لَها جُدْرُ بِثْرِبَ ارتَفَعَتْ لَمّا *** شَكَتْهُمْ وَ أَوْ شَكَتْ أَنْ تَزُولا
زَعَمُوا لَمْ تُورّثِ الرُّسُلُ إبْناها *** ضَلالاً وَ بَدَّلُوا تَبْدِيلا
أَنَسُوا آيةَ المواريث في التنزيلِ *** نَصّاً وَ حَرَّفُوا التَّنْزِيلا
ص: 222
ألَمْ يَكُنْ وارِثاً أَبَاهُ سُليمانُ *** فَلِمْ لَمْ تَرِتْ أباها الرَّسُولا؟
وَ ادَّعَتْ نِحْلَةً فما صَدَّقُوها *** وَ هْيَ أَزْكَى نَفْساً و أصْدَقُ قِيلا(1)
شَهِدَ المُرْتَضَى لها وَ الشَّهِيدَانِ *** فَلَمْ يَرْتَضُوا بهمْ تَضْليِلا
لم يَكُنْ حَيْدَرٌ وَ قَدْ شَهِدَ اللَّهُ *** بِتَقْواهُ شَاهِداً مَقْبُولا
جَهِلُوا فَضْلَهُ وَ فَضْلَ الزَّكِييْنِ *** وَ ما كانَ فَضْلُهُمْ مَجْهُولا
عَدَلُوها عَن الوَصِيَّ وَرَدُّوْا *** رِدَّةً منهُمُ الشُّهودَ العُدُولا(2)
و العُتُلانِ أقْبَلا يَسْتَقِيلانِ *** وَ عَمّا تَجَرَّمَا لَنْ يَحُولا(3)
سَأَلا إِذْنَ فاطم مِنْ عَليَّ *** بِدُخُول أكرم بِهِ مسؤُولا
وَ أَجَازَتْ لما أتاها عَلِيٌّ *** لَهُمَا سائلاً عَلَيْها الدُّخُولا
سَأَلا إِذْنَها دُخُولاً فَلِمَ لا *** سَأَلاَ الإذن في الهجوم البَتُولا؟
أَتَيَاها مُطَاطِئَيْن وَ كُلُّ *** مِنْهُما كَانَ مُبْطِلاً وَ مُحِيلا
يَسْتَقِيلانِها العِثارَ دَهاءً *** وَ هُما يَعْلَمانِ أنْ لاتُقِيلا(4)
لَم يَكُنْ عَنْ حَقِيقةٍ مِنْهُما لَكِنْ *** قُلُوبُ الأنام كَيْ يَسْتَمِيلا
أبْعَدَ اللَّهُ أُمَّةً يَتَولَّى *** ابْنُ تَيْم أُمُورُها مُسْتَطِيلا
ما لَهُمْ أَغْضَبُوا البَتُولَ وَ أَرْضَوْا *** ضِلَّةً منهُمُ الظُّلُومَ الجَهُولا
ص: 223
ما كَفَاهُمْ خِذْلانُهمْ فاطماً حَتَّى *** عَلى الطُّهْرِ وازرُوا المَخْذُولا(1)
وَ عَلَى المُرْتَضَى أَعانُوا الحُمَيْراً *** وَ عَلَى الرِّجْسَ لَمْ يُعِينوا البَتُولا
جَرَّعُوها كَأسَ الرَّدى فَقَضَتْ *** غَضْبَى إِلى اللَّهِ تَشْتَكِي المُسْتَقِيلا(2)
وَ كَما أَوْصَتْ لَهُ واراها عَلِيٌّ *** وَ اللَّيْلُ أَوْفَى السُّدُولا(3)
قائِلاً وَ الثَّرى أُهِيلَ عَلَيْها *** لَعَلَيْكِ النَّرى بِرَغْمِي أُهِيلا
كُنْتِ لِي لاتُفارِقِينَ بِحالٍ *** كَيْفَ أَزْمَعْتِ فُرْقَةً وَ رَحِيلا
فَهَبِينِي أَقَمْتُ بَعْدَكِ لَكِنْ *** كَيْفَ صَبْرِي عَلَيْكِ وَ الصَّبْرُ عِيلا
إِنَّ فَقْدِيَ البَتُولَ بَعْدَ أَبِيها *** دَلَّ أَنْ لايُبْقِي الزَّمانُ خَلِيلا
عَنْ أبِيها كانَتْ سُلُوِّي وَ إِنِّي *** لَمْ أَجِدْ بَعْدَهَا إِلَيْهِ سَبِيلاً
أَمَّلَ المانعون تَشْبِيعَها وَ القَوْمُ *** صُبْحاً فَأَخْطَأوا المأمُولا
حَظَّرَتْ أنْ يُصَلِّي الرِّجْسُ تَيْمٌ *** حَذَراً فِي الصَّلاةِ أنْ يَسْتَطيلا
فاتَهُمْ أَنْ يُشَبُعُوها وَ مَا نالُوا *** بِتَشييعها الثَّوابَ الجَزِيلا
وَ عَلَيْها لم يُحْضِرِ المُرْتَضَى إلأ *** وَلِيّاً عَنِ الوَلا لَنْ يَحُولا
حَمَلُوا نَعْشَها وَ وارَوْهُ لَيْلاً *** بِأَحبَّايَ نَعْلَها المَحْمُولا
زَوروا حَوْلَها قُبُوراً لِئَلاً *** تَتَحَرّى العِدى إليه سَبِيلاَ(4)
ص: 224
حاوَلُوا نَبْسَ قَبْرِها لِيُصَلُّوا *** وَ نَضَا الطُّهْرُ سَيْفَهُ المَصْقُولا(1)
فَانْثَنَوْا عَنْ مَرامِهِمْ حَذَراً مِنْ *** حَيْدَرٍ أَنْ يُنَكَّلُوا تَنْكِيلا(2)
قُمْ فَعَنِّي السَّبْعَ المثانِي وَ *** الذْكُرَ و عَزّ التَّكْبِيرَ وَ التَّهْلِيلا
وَ بِها عَنْ أَحْمداً و أُولي العَزمِ *** و عَزّ الأمِينَ جِبْرَائيلا
وَ بِها عَزَّ حَيْدَراً وَ الشَّهِيدَيْنِ *** بِكُلِّ غَدا بِها مَثْكُولا
ما انْقَضَى رُزْؤُهُمْ بِأَحمدَ حَتَّى *** فَقَدُوا وَالعُيونُ عَبْرَى البَتُولا
إِنَّ يَوْمَ البَتُولِ أَجْرى عُيُونَ *** الآلِ شَجُواً دَماً وَ دَمْعاً هَمُولا(3)
إِنَّ يوم البتول أَوْرَثَ قَلْبَ *** الدِّينِ وَ المُسْلِمِينَ دَاءً دَخِيلا
إِنَّ يَوْمَ البَتُولِ أبْكَى عَلِيّاً *** وَ بَنِيهِ وَ الرُّسُلَ وَ التَّنْزِيلا
طالَمَا في الظَّلامِ للَّهِ صَلَّتْ *** وَ إليهِ تَبَلَتْ تَبْتِيلا(4)
كَمْ لها في الزَّمانِ آياتُ فَضْلٍ *** ضاقَ مِنْها الزَّمانُ عَرْضاً و طُولا
كَمْ إِلَيْهَا الجَلِيلُ أَهْدَى لِباساً *** منهُ فَضْلاً مِنَ الجِنانِ جَليلا
وَ حَباها فَواكِها وَ طَعاماً *** طَيِّباً مُكَرِّماً لها وَ مُنِيلا(5)
وَ بِها مَرْيَمٌ دَعَتْهُ فَأَعْطاها *** نَوالاً مِنُه العَطاء الجَزيلا
وَ بِها أُمُّ أَيْمنِ سَأَلَتْهُ *** لِغَليل قبل مِنْها الغليلا
وَ إلَيْها أدْلى مِنَ الأفْقَ دَلُواً *** فَتَروت به زماناً طَوِيلا
وَ غَزا المُرْتَضَى العِدَى فَأَسرَّتْ *** لَيْتَهُ قَدْ أَقامَ عَنْهُ وَكِيلا
وَ بأسْرارِها المُهَيْمِنُ أَوْحَى *** تَخِذُونِي لَكُمْ وَكِيلاً كَفيلا(6)
ص: 225
وَ الرَّحَى قَدْ أَدارَها الرُّوحُ لَمّا *** رَقَدَتْ في الضُّحَى لها تَبْجِيلا
بِأَبِيها وَ بَعْلِها وَ بَنِيها *** وَ بِها اللَّهُ قَدْ هَدانا السَّبِيلا
وَ بها آمَّنَ اليَهودُ کَمافي *** مَرْيَمٍ آمَنَتْ قَبِيلاً قَبِيلا
وَ نِساهُمُ خَرَّتْ سُجُوداً وَ قَدْ *** قَبَّلَتِ الأرض عندَها تَقْبِيلا
مُذْ رَأَوْا مِنْ مَلاءَةِ الطُّهْرِ *** نُوراً كُلُّ طَرْفِ يَرُدُّ عنه کَلیلا
وَ حَباها بِعِتْرَةِ ما حَباها *** مَرْيَماً قَبْلَها و لاَراحيلا
عَلِمَ اللَّهُ ما سِواهُ کفیلٌ *** فارْتَضاهُ كُفُواً لَها وَ كَفيلا(1)
يا مُقِيمَ الأفلاكِ أنْتَ بِكَ *** الأمْلاكُ للَّه هَلَّلُوا تَهْلِيلا
حارَ فِيكَ العَقْلُ المُجرَّدُ حَتَّى *** لم يَكُنْ يَهْتَدِي إليك وُصُولا
لم يُوالي النَّبِيَّ مَنْ لايُوالِيكَ *** وَ لاكانَ سَعْيُهُ مَقْبُولا
يا دَلِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَ يَا مَنْ *** كُلُّ شَيْءٍ عَلَيْهِ كَانَ دَلِيلا
نَكَلّ المُسْلِمُونَ عَنْكَ فَكَانُوا *** بِالنبييَّنَ كافِرِينَ نُكُولا
قَدْ تَعَدَّوْا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّه *** بكمْ (جَهْرَةٌ) خانُوا الرَّسُولا
هَدَمُوا دِينَهُ وَ كان قويماً *** وَ أقامُوا الشَّقا وَ كانَ ضَئيلا
مَنْ سِواكُمْ لِلعِلْمِ كَانَ وَ لِلْحِلْمِ *** مَقِيلاً وَ لِلْعِثارِ مُقِيلا
عشتَ ما بَيْنَهُمْ تُقاسِي كُرُوباً *** لاتُقاسَى حَتَّى مَضَيْتَ قَتِيلا
وَ تَواصَوْا على الشَّهِيدَيْنِ و انثا *** لُوا رِكاباً عَلَيْهُمُ وَ خُيُولا(2)
أَدْرَكُوا بِالزَّكي ما أَمَّلُوهُ *** مِنْ مَرامِ وَ بِالشَّهِيدِ الذُّحُولا
ص: 226
جَلَبُوها عَلَيْهِ خَيْلاً وَ رَكْباً *** وَ شُيُوخاً تَأَلَّبُوا وَ كُهولا(1)
طاوَلُوهُ وَ هُمْ ثلاثُونَ الفاً *** فَتَجَلَّى عَلَيْهِمُ مُسْتَطيلا
كَمْ بجَيْشِ لِعَزْمِهِ أفْزَعَ الجَيْشَ *** يُرَى عِنْدَهُ الكَثِيرُ قَلِيلا
كُلَّما أَضْرَمَ العِدَى شُعَلَ الهَيْجا *** ءِأَظْفَى ضِرامَها المَشْعُولا
كُلّما جَلْجَلَتْ رَعِيلاً رَعِيلاً(2) *** دَقَ فَرْداً على الرَّحِيلِ الرَّعِيلا
كَرَّ فيهمْ فَرْداً فَأَرْوَى القَنا مِنْ *** دَمِهِمْ وَ المُهَنَّدَ المَصْقُولا
حَلَّقُوهُ عَنِ الشَّرائِع ظُلماً *** وَ سَقَوْهُ أَسِنَّةٌ وَ نُصُولا
وَ قَضى ظامِئاً وَ ما بُلَّ منه *** ظَمَأٌ في الحَشَى يَشِيبُ عليلا
ماضياً لَمْ يَزَلْ يَغُلُّ مَواضِي *** الشِّرْكِ حَتَّى اغْتَدَى بها مَفْلُولا
إِنَّ سَيْفاً بِهِ قُتِلْتَ لَعَمْرِي *** فيهِ أَضْحَى الدِّينُ الحَنِيفُ قَتِيلا
إنَّ سَهْماً أَصْمَى فُؤادَكَ أصْمَى *** حَيْدَراً بعدَ أحْمدٍ وَ البَتُولا
حَرَّمُوا أَنْ تَبُلَّ أَحْشاهُ حَتَّى *** كَانَ مِنْ نَحْرِهِ الثَّرى مَبْلُولا
كيفَ أَضْحَى مُجدِّلُ الشَّوَسِ بالسَّيْفِ *** مُلاقي الكماةِ مُلْقَى جَدِيلا(3)
نَهَبُوا ثِقَلَهُ وَ اوَرُوا خِباهُ *** وَ سَبَوْا آلَهُ وَ قادُوا العَليلا
وَ ثَوى بِالعَرَى ثلاثَ لَيالٍ *** بِدِماهُ مُزَمَلاً تَزْمِيلا(4)
قَتَلُوهُ وَ سَلَّبُوا الفاطميات *** وَ سارُوا بِنَجْلِهِ مَغْلُولا
بِأَبِي مُوثَقاً عَلِيلاً تَسنَّى *** نُقَّباً عارِيَ المَطَى مَهْزُولا
بأَبِي مَنْ نَساهُ فَوْقَ المطايا *** تَنَشَكَّي رَسِيمِها وَ الذَّمِيلا(5)
ص: 227
تَتَهاوى مِنَ العِجافِ إِذا ما *** تَتَرامَى بها حُزوناً سُهولاً(1)
وَ بنفسي سَبْعاً وَ عَشْراً من الآلِ *** شباباً قَضَوْا ظَماً وَ كُهُولا
كُلّما تَسْجَعُ الأسِنَّةُ في الهام *** تَشَنُّوا تَحْتَ الأسنة مِيْلا
بأبي فِتْيَةٌ تَسامَوْا وَ حازُوا *** شَرَفاً باذخاً وَ مَجْداً أثِيلا
وَ لَكُمْ جَدَّلُوا عَلَى التُّرْبِ مِنْهُمْ *** سَيْداً أَصْيَداً و قَرْماً نَبِيلا
أَيُّ دَمْعٍ للآلِ ظَلَّ لَدَيْهِمْ *** وَ دَمِ كانَ بَيْنَهُمْ مَطْلُولا؟
أَيُّ رَأْسٍ عَلَى القَنا رَفَعُوهُ *** أَيُّ جِسْمِ أَجْرَوْا عليهِ الخُيُولا؟
كَيْفَ يَقْوَىٰ رُمْحٌ عَلَى حَمْلٍ رَأْسٍ *** فَوْقَهُ العَرْسُ قَدْ غَدا مَحْمُولا؟
فَلَئِنْ أَدْرَكَتْ بِالِ عَلِيٌّ *** آلُ حَرْبِ يَوْمَ الظُّفُوفِ الذُّحُولا
وَ شَفَتْ مِنْهُمْ غَلِيلَ حقُودٍ *** فَسَيَشْفِي بها المُرَجَّى غَلِيلا
مَلِكٌ يَمْلِكُ الزَّمَانَ وَ يَنْقادُ *** إِلَيْهِ قَوْدَ الذُّلُولِ ذَلِيلا
وَ يَسُومُ العِدَى هَوَاناً وَ يَسْقِيهِمْ *** نَكالاً كَأسَ المَنايا وَبِيلا(2)
أسَدٌ مِنْ بَني الضَّراغِمَةِ الأُسْدِ *** تَرَاهُ بِبَأْسِهِ مُسْتَطِيلا
قائِداً لِلْوغَى أُسُودَ عَرِينٍ *** تَخَذَتْ في الوَغَى الأَسِنَّةَ غِيلا
كُلّما لاحَ لِلْجُموعِ تَوَلَّتْ *** فَرَقاً منهُ خِيفَةً أنْ يَصُولا
وَ تَرى الجَيْشَ كَالكَثِيبِ إِذا *** هَبَّ عليه أضْحى كَثيباً مَهِيلا(3)
كَمْ ذَرَتْهُمْ منهُ عَواصِفُ عَزْمٍ *** وَ كَذا العاصِفاتُ تَذْرُو الرُّمُولا
يا سَلِيلَ البَتُولِ تُغْضِي عَنِ السُّقُومِ *** جُفُوناً وَ قَدْ أَساؤُوا البَتُولا
قَتَلُوا وُلدَها الكِرامَ وَ أَجْرَوْا *** دَمَهُمْ كالدُّموعِ منها سُيولا
كَمْ أَذَلُّوا مِنْكُمْ عَزِيزاً كَرِيماً *** وَ أَعَرُّوا مِنْهُمْ لَئِيماً ذَلِيلا
ص: 228
فَأطلب الشارَ وَ انْعَش الطُّهْرَ فِيهِ *** وَ بَنيها المَسْمُومَ و المَقْتُولا
وَ أقِمْ عَرْشَ دِينِهِمْ بِالعَوالي *** ماتَرى عَرْشَ دِينِهِمْ مَشْلُولا
وَ تَعَطَّفْ عَلَى مَوالِيكَ وَ ارْحَمْ *** مَدْمَعاً منهمْ عَلَيْهِمْ هَمُولا
مَلَكُوا أَمْرَهُمْ بِسَيْفِكَ حَتَّى *** تَكْلُوهُمْ عَلَى الوَلا تَنكيلا
كانَ يَوْمٌ لَهُمْ كَفِيلٌ وَ إِنَّا *** لَمْ نَجِدْ سَيْدِي سِواكَ كَفِيلا
فَإلى مَ إِلَيْكَ أرْفَعُ يَا مَوْلايَ *** شَكْوَى مُقَصْراً وَ مُطِيلا؟
فَاقْبَليْ بِنْتَ أحْمَد من سَلِيلٍ *** مَدْحًا يرتجي منك القَبْولا
صاغَها من جَواهِرِ المَدْح فيكم *** وَ کَساها جُمانَهُ إكْليلا(1)
هَزَّها بالحِما هَواكُمْ فَوافَتْ *** طَرباً بِشرَةٌ تَجرُّ الذَّیولا
وَ اصَلَتْكُمْ مِنَ الجليلِ صَلاةً *** أَبَدَالدَّهْرِ بُكْرة وَ أصِيلا
ص: 229
قَدْ هَاجَنِي شَوقُ إِذْ بَانَ لي ظَلَلُ *** فَرُحْتُ أسألُهُ: قُلّي مَتَى رَحَلُوا؟(1)
وَ دَارَ في فِكْرِي مَا فَاتَ مِنْ عَهْدٍ *** أيَّامَ لانَدْري ما الحُزنُ ما الوَجَلُ؟(2)
هَلْ كانَ من ذَنْبٍ كنَّا فَعَلْنَاهُ *** حَتَّى تَفَرَّقْنَا كُلُّ لَهُ سُبُلُ؟(3)
أمْ هَكَذَا الدّنيا في أَصْلِ فِطْرَتِها *** في الشرِّ قد جُبلَتْ و النّاسُ قد جُبِلوا
ما لي أرى القَوْمَ تاهُوا وَ ما سَأَلُوا *** كيف السبيلُ إلى رضوانَ أَمْ جَهَلُوا؟
جبريلُ أنبأ أَنَّ اللَّه أنبأَهُ *** أَنْ بالولاية حبلُ الدِّين يتّصلُ(4)
تلكَ العلائِمُ وَ الآياتْ واضحةً *** أنْ المودَّةَ في الآلِ أما عَقَلُوا
هُمُ الأئمة إن قاموا وَ إن قَعَدُوا *** وَ رحمةُ اللَّه في البيتِ الّذي نَزَلُوا(5)
ص: 231
يومُ الغَدِيرِ وَ أخبارٌ تناقَلَها *** جَمْعُ الرُّواةِ بأنّ الدِّينَ يَکْتَمِلُ(1)
بعد الولايةِ للآلِ وَ طاعَتِهمْ *** يا لَلرجالِ لما قالوا وما نَقَلُوا
أمْاهُ يا زهراءُ قد هدّدني حَزَنُ *** من هَولِ ما اقْترفوا -غدراً- و ما فعلوا
نَسوا حَدِيثاً رسولُ اللهِ قائِلُهُ *** (يُرْضِينى إِنْ رَضِيتُ) وَ المبعَثُ الأَجَلُ
حتى النّصارى من في حقّها شَهِدُوا *** يَوْمَ المباهلةِ الغَرَاءِ مَا ابْتَهَلُوا(2)
ص: 232
فاخْتَرْتُ في عَقْلِ كَلَّتْ مَدَارِكُهُ *** كيف استَبَاحوا لذاك الخدْرِ وَ ابْتَذَلُوا؟(1)
سَيُحْشَرُ القومُ يَوْماً لبارِئِهمْ *** فما يكونُ جَوابُهُم إذا سُئِلوا؟
ص: 233
دَعْني قَبِيلُ اللَّهْوِ غَيْرُ قَبِيلِي(1) *** وَ سَبيلُ أَهْلِ اللَّوْمِ غيرُسَبيلي(2)
لم أَشْتَغِلْ عَنْ جَمْعِ أَشْتاتِ العُلا *** بمليح وَجْهِ أو بَكَأْسٍ شَمُولِ
لاتَعْذِلَنِيِّ إِنَّني لاأُقْتَفِي *** سُبُلَ الضَّلالِ لقولِ كُلِّ عَذُولِ(3)
قَوْلِي لِمَنْ قَدْ سامني الرُّجْعَى إلى *** ما لايَجُوزُ أَتَيْتَ غيرَ جَمِيلِ
إنّ الخَلِيلَ، إذا تَجَنَّبَ مَذْهَبِي *** قُلْتُ: ابْتَعِدُ ما أَنْتَ لي، بخليلِ
أَتَحَمَّلُ الأَثقال إلا أَنَّني *** لِمُبايِني في الدِّينِ غَيْرُ حَمُولِ
اليْتُ لاألقى عداةَ أَئِمَّنِي *** إِلابِعَضَبِ الشَّفْرَتَيْنِ صَقِيلِ(4)
وَ أَئِمَّتِي قَوْمٌ، إذا ظُلِمُوا فَهُمْ *** لايَظْلِمُون النّاسَ وَزْنَ فَتِيلِ(5)
كانَ الزَّمانُ لِحُسْنِهِ بِوُجُوهِهِمْ *** يَخْتالُ بالأوضاحِ و التَّحْجِيل(6)
وَ مُسَجِّلٌ لَهُمُ الفَخارَ عَلَى الَّذِي *** ناواهُمُ إِذْ صَحْ لي تَسْجِيلي(7)
وَ هُمُ الأئِمّةُ ماعَدِمْتُ فَضِيلَةً *** فِيهِمْ فما ميلي إلى المَفْضُولِ
فَأَنا إذا مَثَّلْتُ غَيْرَهُمُ بِهِمْ *** في فَضْلِهِمْ أَخْطَأْتُ في تَمْثِيِلِي
آلُ النَّبِيِّ بِهِمْ عَرَفْنا مُشكِلَ *** القُرْآنِ، وَ التَّوْرَاةِ، وَ الإِنْجِيلِ
هُمْ أَوْضَحُوا الآياتِ حتّى بَيَّنُوا *** الغاياتِ فِي التَّحْرِيمِ، وَ التَّحْلِيلِ
ص: 235
عِنْدَ التَّباهُلِ ما عَلِمْنا سادِساً *** تَحْتَ الكِسا مَعَهُمْ سِوَى جِبْرِيلِ
إِنَّ الكَثِيرَ مِنَ المدائح فِيهِمُ *** قُلْ، و مَدْحُ اللَّهِ غَيْرُ قَلِيلِ
قالَ النَّبِيُّ : صِلُوا بهمْ حَبْلِي فَلَمْ *** يَكُ مِنْهُمُ أحَدٌ لَهُمْ بِوَصُول
ماذا يَكُونُ جوابُ قَوْمٍ أَخْلَدُوا *** إِذْ ماتَ لِلتَّعْبِيرِ وَ التَّبْدِيل؟
إنْ قالَ: في الحَشْر ابنتي لِمْ فيكُمُ *** لَمْ تَخْلُ من حُزْنٍ، و طولٍ عَوِيلِ؟
هِيَ بَضْعَةٌ مِنّي، ففي إضْرارِها *** ضُرِّيْ كما تَبْجِيلُها تَبْجِيلِي(1)
يلْقَوْنَها بِتَبسُّمٍ في عِزَّكُمْ *** وَ تَروْنَها جاءَتْ بِدَمْعٍ ذَلِيلِ
كَذَّبْتمُوني إذْ لها كَذَبْتُمُ *** وَ عَدَلْتُمُ عَنْ مُحْكَم التَّنْزِيل
ما بالُكُمْ عَنْها تَغَاضَيْتُمْ و قَدْ *** نَطَقَ الكِتابُ لَها بِكُلِّ دَلِيلِ(2)
ما ذاك إلا أَنَّكُمْ أَمْسَكْتُمُ *** الدُّنْيا فَقَدْ حَصَلَتْ بِكَفِّ بَخِيلِ
في حقِّها أَنْتُمْ تَواكَلْتُمْ إلى *** أَنْ ضاعَ، وَ الرَّحْمَنُ خَيْرُ وَكِيلِ(3)
ص: 236
خالفتُمُ ايَ الكِتابِ كَأَنَّما *** خُلِقَتْ رُؤُوسُكُمُ بِغَيْرِ عُقُولِ
وَ اللَّهُ يَحْكُمُ لا مَرَدَّ لِحُكْمِهِ *** وَ مَقِيلُ أَهْلِ الظُّلْم شَرُّ مَقِيلِ(1)
اخْتَرْتُ لَوْ كنتُ الفِداءَ لِسادَتي *** في النائباتِ وَ أَسْرَتي وَ قَبِيلي
إنّى -ابْنُ رُزيك- الذي بوَلائِهِمْ *** اسْخَنْتُ عَيْنَ مُعانِدٍ وَ جَهُولِ(2)
إن طالَ وَجْدِي فِيهِمُ فَأَنَا الَّذِي *** نَوْمِي بطُول اللَّيلِ غَيْرُ طَويلِ
كَمْ مِنْ عَرُوسٍ في فَمِي أَبْرَزُتُها *** فِيهِمْ حَكَتْ غَيْداءَ ذاتَ حُجُولِ(3)
لمّا شَحَذْتُ لَهُمْ عِدَارَ تَفَكَّرِي *** ما كانَ فِيهِمْ خاطري بِكَلِيلِ(4)
أَقْسَمْتُ لَوْ أَنِّي وَقَفْتُ بِغَيْرِهِمْ *** لَحَكَيْتُ نادِبَ دارِساتِ طُلولِ
وَ على عليّ إنْ عَدَدْتُ فَضِيلَةً *** لِسِوَى النَّبِيِّ عُرّيتُ مِنْ مَحْصُولي
قَدْ ضَلَّ آلُ السّامِرِيِّ بعِجُلِهِمْ *** وَ أَرَى أناساً كُفْرُهُمْ بِفَصِيلِ
ما مَوْقِعُ الإجماع فيه وَ مَعْشَرٌ *** جُرُّوا لأخْذِ العَهْدِ بالتَّنْكِيلِ(5)
وَ الخَزْرَجِيُّ وَ غَيْرُهُ أَضْحَى لَهُ *** في القَيْدِ تَحْتَ الضَّرْبِ رَجْعَ الليلِ
أَيَصحُّ إجْماعٌ، وَ قَومٌ جُلُّهُمْ *** ما بَيْنَ مَسْحُوبٍ وَ بينَ قَتِيلِ؟
قَوْلاً إذا ما لم يَكُنْ مِنّي يدي *** بَلَغَتْ منايَ فقد شَفيتُ غَلِيلِي(6)
ص: 237
(بحر المنسرح)
الملك الصالح نصير الدين
طلائع بن رزُيك (*)(1)
با نَفْسُ كَمْ تَخْدَعِينَ بالأَمَلِ *** وَ كَمْ تُحَبينَ فُسْحَةَ الأَجَلِ
وَ كَمْ تَجدِّينَ في تَطَلُّبِكِ *** العِلْمَ و لاتَجْهَدِينَ بالعَملِ(2)
لو تَعْرِفُ الطيرُ، و البهائمُ أنَّ *** الموتَ يَفْنَى لها على عَجَلِ
و أَنَّها لاتَرُدُّه أبداً *** إذا أَتَى بالخِداعِ وَ العِللِ
لكانَ يُمْسِي لها بذاكَ عَنِ *** الأوْكارِ وَ الرَّعْي أَكْبَرَ الشُّغلِ
هذا وَ قد أُعْفِيَتْ من الحشرِ *** وَ النَّشْرِ وَ مَا فِيهِمَا مِنَ الوَجَلِ
وَ كانَ مَوْتُ النُّفُوسِ غايَتَها *** قَضَى بذاكَ الإلهُ في الأَزَلِ(3)
وَ قَدْ عَلِمْنا ما لَوْبِه عَمِلَتْ *** نُفوسُنا آمَنَتْ من الزَّلَلِ
وَ كانَ فيه نَجاةُ أنْفُسِنَا *** لَوْلا اعْتِباءُ الفُتُورِ وَ الكَسَلِ(4)
فَلَيْسَ في مِلةٍ من المِللِ *** ما صارَ في المُسْلِمِينَ مِنْ مَلَلِ
وَ لاجَرَى في شَرِيعَةٍ سَلَفَتْ *** عَلَى اختلافِ الأَدْيانِ وَ النِّحَلِ(5)
ص: 238
ما قَدْ جَرَى من فَعالِ أُمَّتِنا *** بِظُلْمِهِمْ آلَ خاتَمِ الرُّسُلِ
لما اسْتَبدُّوا عَنْهُمْ بِبُغْيَتِهِمْ *** وَ صاحِبُ الأمْرِ عَنْهُ في شُغْلِ
في البَيْتِ ما غاب عَنْ جهازِ رَسُولِ *** اللَّهِ في دَفْنِهِ و لاالغُسُل
وَ لا رَأى أَنْ يُسابق القَوْمَ في *** الأمْرِ إِذْ كانَ غَيْرَ مُحْتَفِلِ
بَلْ ظَنَّ أَنَّ الحَقَّ المُبِين سَيَأُتيهِ *** بما يَنْبَغِي عَلَى مَهَلِ
وَ ظَنَّ أنَّ الّذي تَفَرَّر في *** -الغدير- لَمْ يُنْتَقَض و لم يَحِلِ
ما ظَنَّ أنَّ العَهْدَ الوَثِيقَ مِنَ *** النَّبِيِّ وَ الأمْرَ غَيْرُ مُمْتَثَلِ
وَ مَنْصِبُ الوَحْيِ يَنْبَغِي بغيرِ أَنْ *** تَعْتَدِي دَوْلَةٌ من الدُّوَلِ
يَمْلِكُها ناقصاً شَرائِطها *** وَ أخْذهمْ دائماً عَنِ الأُوَلِ
حتى أتاهُ التَّكْبِيرُ مِنْ جَانِبِ *** المَسْجِدِ إِذْ أَجْمَعُوا عَلَى الرَّجُلِ
فقالَ: ما قالَهُ هناكَ أَبُوسُفيانَ *** حَتَّى رَشُوهُ بالجَمَلِ
فَباعَ أُخْراهُ بِالحَقِيرِ مِنَ المالِ *** وَ فِي الخُسْرِ قَطُّ لَمْ يَزلِ
ثُمَّ تَعَدَّوْا إلى اغتصابِهِمُ *** الزهراءَ ما نُفِلَتْ من النَّفَلِ(1)
وَ صَيَّرُوا إرْتَها لِوَالِدها *** مُقَسَّماً في الرُّعاعِ وَ السِّفَلِ(2)
نَعمْ وَ قالوا: عنه هنالِكَ ما لَمْ *** يُوصِ يَوْماً بِهِ وَ لَمْ يَقُلِ(3)
وَ القَصْدُ أنْ يَنْقلُوا الخِلافَةَ *** عَنْ بَنيهِ، وَ الحَقُّ غَيْرُ مُنْتَقِلِ
ما النُّورُ شَيْءٌ يَزُولَ يَوْماً عَنِ *** الشَّمْسِ إِلى أَنْ يَصِيرَ في زُحَلِ
ص: 239
وَ لاصعاب المُقلَّدِينَ أمُورُ *** النَّاسِ مِمّا يُصْطادُ بالحِيَلِ
هَيْهاتَ، هَيْهاتَ، ما لمنْ حَوَتِ *** الأَرْضُ بما قَدْ ذُكِرَتْ من قَبلِ
ذاكَ سِرُّ الإلهِ قَدَّرَهُ في *** خَلقِهِ لم يَدَعْ وَ لم يَزَلِ
بَيَّنَهُ لِلْعُقُولِ إِنْ نَظَرَتْ *** تَبارَكَ اللهُ مَوْضِعُ السُّبُلِ
يا عَجَباً لِلَّذِينَ ظَلَّ بِهِمْ فَرْطٌ *** عمّا لايَحِلُّ في المُقَلِ
كَيْفَ أَجازُوا قِياسَ قايسِهِمْ *** بَيْنَ عَتِيقٍ بِجَهْلِهِ وَ (عَلِي)؟
كَمْ بَيْنَ مَنْ فِي الصَّلاةِ مُعْتَكِفٌ *** وَ عاكِفٌ عُمْرَهُ على هُبَلِ(1)
وَ هازِمُ الجَيْشِ وَحْدَهُ أبداً *** وَ قاعِدٌ للضَّلال في الظُّلَلِ
وَ حامِلٌ رايَةَ النَّبِيِّ وَ مَنْ *** فَرَّبها في الجِبالِ كالوَعِلِ(2)
(بخيبَرٍ) وَ الخبيرُ يَعْرِفُ ما ذَكَرْتُ *** من ذاكَ غَيْرِ مُنْتَحِلِ
سَلُّوا الحَمَيْراءَ عنه فَقَدْ عَرَفت *** له مُصاعَ المُحْربِ البَطَلِ
إذ هُتِكَتْ في رِضا أقاربها *** عنها سُنُورُ النَّبِي َو الحِجَل
وَ أَقْبَلَتْ بِالعِراقِ تَقْصُدُهُ *** زَحْفاً إليه في مَوْكِبٍ زَجِلِ
هَلْ غادَرَ القَوْمُ حَوْلَ هَوْدَجِها *** تَسِيلُ أَرواحُهُمْ على الأسلِ؟(3)
فَلَيْسَ يَسْطِيعُ أَنْ يَقُولَ لنا *** (لاناقَتِي فيهِمْ و لاجَمَلِي)
وَحَرْبُ (صِفِّينَ) قَدْ أَعادَ بَنِي حَرْبٍ *** بِها مِثلَهُ من المثلِ
يَوْمَ اتَّقاهُ، عَمْرُو بِسَوْأَتِهِ *** وَ هَلْ تَبَدَّتْ إِلا مِنَ الوَهَلِ؟(4)
لَوْ لَمْ يُبادِرُ مثل الحِصانِ غَداً *** مُشَمْراً جُلَّهُ عَنِ الكَفَلِ
وَ تُرْسُهُ ظَاهِرُ لِوَقْع قنا *** لكِنَّها لَيْسَ بالقنا الذُّبُلِ
ص: 240
لَذاقَ ما ذاقَ يَوْمَ خَنْدَقِهِ *** (عمرُو بنُ وُدُ) عَلاً على نَهَلِ
يا أَيُّها النَّاسُ قَدْ نَصَحْتُ لكمْ *** فَأَنْصِفُوا وَ احكمُوا عليَّ ولِي
يا أَيُّها النَّاسُ هاتُوا لي بمثل بَني *** الزَّهْراءِ مِثْلي في العالَمينَ وَلِي
أنا -ابْنُ رُزَيْكٍ- لاأُقَصِّرُ في *** الجِلادِ عن دِينِهِمْ وَ لَمْ أَمِلِ
سَيْفَانِ عِنْدِي أَسْطُوا بِهذا *** عَلَى العَرْضِ وَ هذا يَسْطُو على القُلَلِ
أنْطقتني أنَّني بِفَهْمِي مَتَى *** شِئْتُ وَ عَزْمِي في الحالَتَيْنِ مُلِي(1)
***
ص: 241
(بحر الكامل)
الشيخ عبد الحسين آل صادق العاملي(*)(1)
خُذ في مَدِيحِكَ لِلبَتُولِ *** حَظَّينِ مِنْ طُولٍ وَ طُولِ
قُلْ لِلْقَرِيحَةِ فِي مُهَدَّبِ مِدْحَةٍ *** فِيضِي وَ سِيلِي
وَ لِفِيكَ قُلْ فُهُ في حَدِيَثِكَ *** غَيْرَ مَحْسُودٍ كَلِيلِ(2)
قُلْ لِلْبَتُولِ عَظِيمُ فَضْلٍ *** لَمْ يُدَنَّسُ بِالفُضولِ
هِيَ قَبْلَ كُلِّ مَكَوَّنٍ *** قِنْدِيلُ عَرْشِ لِلْجَلِيلِ(3)
هِيَ صَفْوَةٌ لِلْخَلْقِ سَيِّدَةٌ *** لِنِسْوَةِ كُلِّ جِيلِ(4)
هِيَ لِلنِّسَاءِ عَقِيلَةٌ *** وَ مَلِيكَةٌ هِيَ لِلْعُقُولِ
هِيَ لِلنَّبِيِّ وَ لِلْوَصِيِّ *** وَ لِلزَّكِي وَ لِلْقَتِيل
مَقْرُونَةٌ في عِصْمَةٍ *** عَنْ كُلِّ مَذْمُومٍ وَ بِيلِ(5)
ص: 242
هِيَ لَبْوَةٌ نَبَوِيَّةٌ *** مَحْجُوبةٌ في خَيْرِ غِيلِ(1)
سَكَنٌ لِحَيْدَرَةٍ وَ حَيْدَرَةٌ *** هِزَبْرٌ لِلرَّسُولِ(2)
مِنْ ذَيْنِ قَرَّتْ عَيْنُهُ *** في مُشْبِلَيْنِ وَ في شُبُولِ
كُفُوَيْنِ في نَسَبٍ قَصِیرٍ*** مُسْتَنِیرٍ مُسْتَطِيلِ
بَحْرَيْنِ مُلْتَقَيَيْنِ لَيْسَ *** لِكُلِّ بَحْرٍ مِنْ عَديلِ
كلِّ يَفِيضُ مَعِینُهُ *** بِعُذُوبَةٍ مِنْ سَلْسَبِيلِ
جَلَّتْ حَلِيلةُ حَيْدَرٍ *** لَوْ لَمْ يَكُنْهُ عَنْ حَليلِ
سَبَقَتْ بِحَلْبَةِ كُلِّ فَضْلٍ *** كُلَّ ذِي فَضْلٍ نَبِیلِ
صَعَدَتْ مُحَلَّقَةٌ فَصَوَّبَ *** كلُّ عَقْلٍ لِلنُّزُولِ
وَصَلَتْ لِحَدِّلم يَصِلْهُ *** كُلُّ ذي شَرَفٍ جَلِيلِ
هِيَ رَحْمَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ *** وَ نِعْمَةٌ لِلْمُسْتَنِیلِ(3)
ص: 243
وَ شفِيعَةٌ مَرضِيَّةٌ *** لِلَّهِ في يَوْم مَهُولِ(1)
شَخَصَتْ بِهِ مُقَلٌ وفَرَّبِهِ *** خَلِيلٌ عَنْ خَليلِ
هَلْ غَيْرُ بِنْتِ مُحَمَّدٍ *** لِلْخَلْقِ مِنْ ظِلِّ ظَلِيلِ؟(2)
ص: 244
(بحر الوافر)
السيد عبد الرزاق
الموسوي البهبهاني(*)(1)
يحِنُ القَلْبُ للخِلُ الوَصُولِ *** وَ يَنْعَاهُ مَدَى الزَّمَن الطَّويلِ
وَ يَشْتاقُ الغَوانِي كُلَّ يَوْمٍ *** لِذاكَ تَرَاهُ كَالغُصْنِ الذَّبُولِ
وَ يَنْظُرُ دارَ مَنْ يَهْوَى إليهِ *** فَيَهْمِي الدَّمْعَ كالغَيْثِ الهَطُولِ
يُنادِي كَمْ لَيالِي الوَصْلِ صارَتْ *** قِصاراً فِيكَ يا رَبعَ المَحِيلِ(2)
وَ كَمْ كانَتْ بِبابِكَ مِنْ رِجالٍ *** تُطالِبُ بِالنَّوالِ وَ مِنْ نِزيلِ؟
قصارَتْ لِلأوابد فِيكَ مَثْوّى *** دِيارُهُمُ غَدَتْ مِثْلَ الطُّلُولِ
أَلا يا دَهْرُ قَدْ أَدْمَيْتَ مِنّا *** جُفُوناً إذْ هَجَمْتَ عَلَى البَتُولِ
وَ حَرْقُكَ دارَها في نارِ جَزْلٍ *** وَ عَصْرُكَ فاطماً عند الدُّخولِ
ص: 245
لِذا قَدْ أسْقَطَتْ ما في حَشاها *** حَلِيلَةُ حَيْدَرٍ فَحْل الفُحُولِ(1)
وَ قَدْ قال النَّبِيُّ أَلا احْفَظُوها *** فَإِنِّي قَدْ دَنَا عَنْكُمْ رَحِيلِي(2)
فإنّ اللَّه يَرْضَى في رِضاها *** وَ يَغْضَبُ إِنْ شَكَتْ بِنْتُ الرَّسولِ(3)
وَ أَعْظَمُ حَادِثِ جَلَلٍ فَظِيعِ *** لَهُ تَهْوِي الجِبالُ عَلَى السُّهُول
وَ كَيْفَ يُقادُ مِثلُ (أبي تُرابِ) *** فَیالِلَّهِ مِنْ خَطبٍ مَهُولِ
ص: 246
(بحر البسيط)
الأستاذ عبد الرسول الفراتي(*)(1)
في مقلتيكِ عيونُ الفجرِ تكتحلُ *** و في معانيكِ يحلو المدحُ و الغزلُ
و الحظُّ وافى بهذا الكونِ بهجتَه *** في مولدٍ كُنههُ الإلهامُ و النُّبُلُ
وَ مولدٍ شعّت الآمالُ ساطعةً *** من وحيهِ ألَقٌ قرَّت به المُقَلُ
و مولدٍ قد سما عن كل مفردةٍ *** جاهاً و بالأماني يُضربُ المَثلُ
و مولدٍ بشرَّ المختارَ بارثُهُ *** فقام بين يديه و هو يبتهل
هذي الطبيعةُ سعدٌ من ولادتها *** فاقت ضحى الشمس لاكَيْوان لازُحل(2)
بنتُ النبي لها الأمجادُ راقصةٌ *** حتى الخمائلُ و الأزهارُ تحتفلُ
و ترتقي فوق هام المجدِ ألويةٌ *** غراءُ تخطفُها الأرواحُ و القبُلُ
شعَّت فلاهذهِ الأَزمانُ تحصرُها *** و للذُّرى من شذاها العطرُ ينتقلُ
يا فاطم الطهرُ يا روحاً مرفرفةً *** في عرش ربكِ لم يدنو لها الأجلُ
يا كبرياءَ الشذى و النفسِ يا ألقاً *** في الأفق بانَ فضاءَ الغَيُّ و الجهلُ
ص: 247
يا فاطمُ الطهرُ يا روحاً ملمّعةً *** تفيضُ بين حنايا قلبِها المُثلُ
أنتِ البتولُ و للمختارِ مهجتُهُ *** و بين جَنْبَيْهِ الشوق و الأملُ
و أنتِ جنةُ دنيانا إذا لعِبت *** بنا الليالي و أنت الجِدُّ وَ الجَبَلُ
حویتِ سرَّ رسولِ اللَّهِ فِي وَضحٍ *** و سايرتُكِ خِلالٌ منه تكتملُ
وجاء تَزويجُكِ للفذِّ حيدرةٍ *** من السماء كما قد شاءه الأزلُ
خفَّفت عنه رزاياه التي اشتدّت *** فكنتِ ما يتمنى الفارسُ البطلُ
أنجبتِ من ریِّكِ الفياضِ كم حَسنٍ *** ومن مَعِينهُمُ الأنسامُ تنتهلُ
يا ثورةً شمُخت بالنصرِ فاندحرت *** بوجهِها الزيفُ و الشحناءُ و الحِيَلُ(1)
يا ثورةً وهبت للدين مُنْيَتَهُ *** فأخرست کل باغٍ همُهُ الختلُ
يا صرخةً هدرت بالجدِّ و انتصرتِ *** و أرغمت كل أنفِّ لفّهُ الزَغَلُ
أنت على موعدٍ و المسلمون غدوا *** كالزرع تضرمُهُ نار فيَشتعلُ
أنت على موعدٍ و الشرعُ تحكمُه *** شراذَمٌ و عُتاةٌ قادهم هُبَلُ(2)
و جسدتْ من سنا القرآنِ رؤيتَها *** و استبسلتْ فيه لا وهيٌ و لا مَلَلُ
و كان منطلقُ الميدانِ حيدرةً *** يقودُها للفدى الأقدامُ لاالكسلُ
و أيقظت غفواتِ الناسِ صيحتُها *** لينفني تحتَ أقدامٍ لها الدجلُ
تصارعُ الشرَّ أياً كان مصدُرُه *** و تحرسُ الدين إن أزرى به الشلَلُ
قد مارسوا كل تنكيلٍ و غطرسةٍ *** و كلَ ما قد نووْا في زجرِها عمِلُوا
و ما رعْوا لأبيها الفذِّ حرمتَهَ *** و استأسَدُوا خوراً يا بئسَ ما فعلُوا(3)
حتى اعتلتْ و بحولِ اللَّهِ رايتُها *** فموضعُ الجرحِ بعد النزفِ يندملُ
و في هُداها ستصحُوا كل غافيةٍ *** ما دامَ حبلٌ لها باللَّهِ يتَّصلُ
و سوف يعلو بيومِ الحشر بيرقُها *** و خلفه موكبٌ قَدْ أُمَّهُ الرسلُ
ص: 248
(مجزوء الخفيف)
الشيخ عبد العظيم الربيعي(*)(1)
أسْفَرَتْ في جَمالِهَا *** وَ اخْتَفَتْ في جَلاَلِهَا(2)
وَ دَنَتْ، غَيْرَ أنَّها *** بَعُدَت في مَنَالِهَا
وَ تَثَنَّتْ كَأَنَّها *** غُصُنُ باخْتِيَالها
تَجْمَعُ الخَيْرَ كُلَّهُ *** سَاعةٌ مِنْ وِصَالها
رَبَّةَ الحُسْنِ فَارْحَمي *** مُغْرَماً فِيْكِ وَالِها(3)
آنسَ النَّارَ في مُحيَّاكِ *** عِنْدَ اشْتِعَالِها
وَ هْيَ عَيْنُ الحَيَاةِ، لَو *** يَرتَوِي مِنْ زُلالها(4)
فَهْيَ نَارُ الخَلِيلِ، يا *** لَيْتَنِي في خِلاَلِها
أشكُر اللَّه أنَّ ذِكْرِي *** أَتَي فيِ مَقَالِهَا
فَتبَیَّنتُ أنَّ لِي *** صُورَةً في خَيَالِها
فَسَلُوها وَ بالِغُوا *** رَغْبَةَ في سُؤَالِهَا
رَدّدي اسْمِي لِتُكْمِلي *** نِعْمَةٌ بِاتّصَالَهَا
نِعْمَةُ الحُبِّ لَمْ أَزَلْ *** حَذِراً مِنُ زَوَالهَا
ص: 249
250
كَمُلَتْ في وِلاَءِ مَن *** كانَ عَيْنَ كَمالهَا
حَيْدَرٍ خيرةِ الوَرَى *** فِيْ جَمِيعِ خِصَالها (1)
يَوْمَ قَامَ النَّبِيُّ فِي *** مِنْبَرٍ مِنْ رِحَالهَا
خَاطِباً أَيَّ باً أيَّ خُطبَةٍ *** مُبْدِعاً في ارْتِجالهَا
قائِلاً ذَاتُ حَیْدَرٍ *** قُدَّسَتْ عَنْ مِثَالهَا
لَیْسَ للَّه مُسْلِماً *** کُلُّ مَنْ لَمْ یُوالهَا
وَهْوَ مِيزانُ شِرْعَتِي *** وَهُوَ عَيْنُ اعْتِدَالهَا
زَيَّنَتْهُ بِهَدْيِها *** وَ هْوَ سِرُّ جَمالها
مُمْكِنٌ حَصْرُ فَضْلِه *** لِلْوَرَى مِنْ مُحالهَا
وَاجِبٌ عِنْدَ فِرقَةٍ *** أفْرَطَتْ في مَقَالهَا
ناصِرٌ رَایَةَ الهُدَی *** دُونَ کُلَّ رِجَالهَا
سائِل العُرْبَ مَنْ رَأَتْ *** مِنْهُ لَيْثَ نِزَالها (2)الخضارم: جمع خضرم و هو الكبير العظيم.(3)الضراغم: جمع ضرغام و هو الاسد.(4)
ص: 250
لَو رَمَتْهُ بكُلِّ ما *** أوتِيتَ مِن مِحَالهَا (1)
لم تَجِدْهُ مُوَلَّياً *** رَغْبةً عَن قِتَالَها
وَ اعْتَقِدْ في مدينةِ *** العِلمِ عِنْدَ سُؤَالهَا (2)
أيُّهُمْ كَانَ بابَها *** وَ هْوَ مُفْتِي حَلالِهَا (3)
ص: 251
لاتَلُمْنِي بمَقُتِ مَنْ *** كُنْتُ أدْرِي بِحَالِهَ (1)
کَيْفَ مَعَ فَرْطِ نُورِه *** خَبَطَتْ في ضَلالِها؟
نازَعَتُه خِلافَةً *** بَالَغَت في اخْتِزَالِهَا
عَجَباً قَادَتْ البطل *** حَيْدَراً في حِبَالِهَا
وَهْوَ لَو شاءَ دَكَّ في *** السَّهْلِ رَأْسِي جِبالِهَا (2)
أفَصَبْراً، وَ قَدْ بَدَتْ *** زَوْجُهُ مِنْ حِجَالِهَا
بَعْدَ ارْزاءٍ حُمِّلَت *** أغْرَبَتْ بِاحْتِمَالهَا
دَافَعَتْ عَنْ قِتَالِهِ *** فَانْتَهَوْا في قِتَالِهَا (3)
ص: 252
(بحر الطویل)
الإمام علي بن أبي طالب علیه السلام
أنشدها علیها السلام بعد وفاة فاطمة علیها السلام:
أَلاَ هَلْ إِلَى طُولِ الحَيَاةِ سَبِيلُ *** وَ أَنَّى وَ هَذَا المَوْتُ لَيْسَ يَحُولُ؟
وَ إِنِّي وَ إِنْ أَصْبَحْتُ بِالمَوْتِ مُوقِناً *** فَلِي أَمَلٌ مِنْ دُونِ ذَاكَ طَوِيلُ
وَ لِلدَّهْرِ أَلْوَانٌ تَرُوحُ وَ تَعْتَدِي *** وَ إِنَّ نُفُوساً بَيْنَهُنَّ تَسِيلُ (1)
وَ مَنْزِلُ حَقٍّ لاَمُعَرَّجَ دُونَهُ *** لِكُلِّ امْرِىءٍ مِنْهَا إِلَيْهِ سَبِيلُ (2)
قَطَعْتُ بِأيّامِ التَّعَرُّرِ ذِكْرَهُ *** وَ كُلُّ عَزِيزٍ مَا هُنَاكَ ذَلِيلُ
ذَكَرْتُ أَبَا وُدِّي فَيتُّ كَأَنَّنِي *** بِرَدِّ الهُمُومِ المَاضِيَاتِ وَكِيلُ
أرَى عِلَلَ الدُّنْيَا عَلَيَّ كَثِيرَةً *** وَ صَاحِبُها حَتَّى المَمَاتِ عَلِيلُ
وَإِنِّي لَمُشْتَاقٌ إِلَى مَنْ أُحِبُّهُ *** فَهَلْ لِي إِلَى مَنْ قَدْ هَوَيْتُ سَبِيلُ؟
وَإِنِّي وَإِنْ شَطَّتْ بِي الدَّارُ نَازِحاً *** وَقَدْ مَاتَ قَبْلِي بِالفِرَاقِ جَمِيلُ (3)
فَقَدْ قَالَ فِي الأَمْثَالِ فِي البَيْنِ قَائِلٌ *** أَضَرَّ بِهِ يَوْمِ الفِرَاقِ رَحِيلُ
لِكُلِّ اجْتِمَاعٍ مِنْ خَلِيلَيْنِ فُرْقَةٌ *** وَكُلُّ الَّذِي دُونَ الفِرَاقِ قَلِيلُ
وَإِنّ افْتِقَادِي فَاطِماً بَعْدَ أَحْمَدٍ *** دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لا يَدُومَ خَلِيلُ
ص: 253
وَ كَيْفَ هُنَاكَ العَيْشُ مِنْ بَعْدِ فَقْدِهِمْ *** لَعَمْرُكَ شَيْءٌ مَا إِلَيْهِ سَبِيلُ
سَيُعْرَضُ عَنْ ذِكْرِي وَتُنْسَى مَوَدَّتِي *** وَ يَظْهَرُ بَعْدِي لِلْخَلِيلِ عَدِيلُ
وَ لَيْسَ خَلِيلِي بالملُولِ وَ لاَالَّذِي *** إِذَا غِبْتُ يَرْضَاهُ سِوَايَ بَدِيلُ
وَلكِنْ خَلِيلِي مَنْ يَدُومُ وِصَالُهُ *** وَ يَحْفَظُ سِرِّي قَلْبُهُ وَدَخِيلُ
إِذَا انْقَطَعَتْ يَوْماً مِنَ العَيْشِ مُدَّتِي *** فَإِنَّ بُكَاءَ البَاكِيَاتِ قَلِيلُ
يُرِيدُ الفَتَى أَنْ لاَيَمُوتَ حَبِيبُهُ *** وَلَيْسَ إِلَى مَا يَبْتَغِيهِ سَبِيلُ
فَلا بُدَّ مِنْ مَوْتٍ وَ لابُدَّ مِنْ بُكاً *** وَ إِنَّ بَقَائِي بَعْدَكُمْ لَقَلِيلُ
وَ لَيْسَ جَلِيلاً رُزْهُ مَالٍ وَفَقْدُهُ *** وَلَكِنَّ رُزُءَ الأَكْرَمِينَ جَلِيلُ (1)
لِذَلِكَ جَنْبِي لاَيُؤَاتِيهِ مَضْجَعٌ *** وَ فِي القَلْبِ مِنْ حَرِّ الفِرَاقِ غَلِيلُ
ص: 254
(بحر الکامل)
الشيخ علي بن حسن الجشي
يَوْمُ البَتُولةِ فِي الوُجُودِ مُهُولُها *** وَ مُصِيبَةٌ أَشْجَى الرِّشادَ حُلُولُها
يَوْمٌ بِهِ أَبْنا الهُدَى قد أُيتِمَتْ *** فَكَأَنَّمَا قَدْ ماتَ فِيهِ رَسُولُها
لَوْلاَ تَحَمُّلُها المَشَقَّةَ وَالعَنا *** لِرَشادِها ضَلَّ السَّبِيلَ نَبِيلُها
بِأَبِي وَ بي الصِّدِّيقةُ الكُبْرَى الَّتِي *** بَرَكاتُها عَمَّتْ وَدامَ جَمِيلها
لم تَعْدُ عَنْ سِنْ الشَّبابِ وَلَمْ يَطُلْ *** مِنْ جَوْرِهِمْ بَيْنَ الأَنامِ حُلُولها (1)
لَمْ تُشْرِقِ الدُّنْيا بِنُورِ جَبِينِها *** الاّ تَعَجَّلَ بالحِمامِ أفُولُها (2)
ما طالَ فِي الدُّنْيا بَقَاهَا إِنَّما *** الخَيْرُ الَّذِي قَدْ أَعْقَبَتْهُ طَوِيلُها
فأَئِمّةُ الإسلامِ وَ الحُجَجُ الأُلَى *** لَهُمُ ارْتَضى بارِي الأَنامِ شُبُولها
وإِذِ الوَرَى انْقَلَبَتْ عَلَى أَعْقابِها *** بَعْدَ الرَّسُولِ وَسَادَها ضِلِّيلُها
قَضَتِ المَشِيئَةُ أَنْ يَكُفَّ المُرْتَضَى *** وَبِفاطِم يبْقَى الهُدَى وخَلِيلُها
فَتَحمَّلَتْ نُوباً لَوِ انْصبَّتْ على *** الأيّامِ كانتْ لِلَيالِ تُحِيلُها (3)
عادَتْ عَزِيزَةُ أحْمَدٍ وَ عَدُرُّها *** ما شَاءَ يَفْعَلُ وَ العَدُوُّ جَهُولُها
ص: 255
اللَّهُ كَيْفَ َتتَبَّعُوها بالأَذى *** حتّى بمَثْوَى كانَ فيهِ حُلولها؟
لَيْسَتْ كَفاطِمَةَ الرَّضِيَّةِ مَرْيَمٌ *** أَنَّى يُقاسُ بِعِلَّةٍ مَعْلُولُها
فَلَئِنْ تَكُنْ سادَتْ نِساءَ زمانِها *** فَبِسِرِّ فَاطِمَةٍ غَدا تَفْضِيلُها
أَوْ أَعْقَبَتْ عِيسَى المُبارَكَ فَهْوَ مِنْ *** أتباعِ مُحْيِي الحَقِّ وَهْوَ سَلِيلُها
أَوْ أَنّها ابْتُلِيَتْ بِبَعْضِ مَصَائِبٍ *** فَعَنِ القَضا المَحْتُومِ كانَ نُزُولُها
وَالطُّهْرُ ما ابتُلِيَتْ وَقَدْ عَظُمَ البَلا *** لَوْلا رِضاها بِالبَلا وَقَبولُها
وَلَئِنْ تَكُنْ وَضَعَتْ بِعِيسَى وَحْدَها *** في القَفْرِ لم تَرَ ما هناكَ يَهُولُها (1)
وَ الطُّهْرُ في بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَضْعُها *** وَ بها أَحَاطَ عَدوُّها وعَذُولها (2)
وَ وَلِيدُها فَرَّتْ به عَيْناً على *** رَغمِ العِداةِ وَ لَمْ يَخِبْ مَأْمُولُها
وَ جَنِينُ أخشا فاطِمٍ في قَتْلِهِ *** سُرِّ الأعادِي وَ البَتُولُ ثَكُولُها
وَ لَئِنْ تَكُنْ صِدِّيقةً و لِغُسْلِها *** وَلِيَ ابنُها إِذْ ليسَ ثَمَّ مَثيلُها
فالمُرْتَضَى قَدْ غَسَّلَ الزَّهْراءَ إِذْ *** هُوَ كُفْؤُها في عِصْمَةٍ وعَدِيلُها
لَكِنَّ رُوحَ اللَّهِ غَسَّلَها وَ ما *** أَشجاهُ إلاّ بُعْدُها وَ رَحِيلُها
وَ المُرْتَضَى أَلَمُ الفِراقِ هُناكَ قَدْ *** أَنْساهُ ما منه تَطِيشُ عُقُولُها (3)
أمُغَسِّلَ الزَّهْرَاءِ عَزَّ عَلَيْكَ ما *** قَدْ نالَها مَنْ ذا سِواكَ كَفِيلُها؟
أتُراكَ تَعْلَمُ ما بِجِشمٍ قُمْتَ فِي *** تَغْسِيلِهِ ممَّا جَنَى ضِلِّيلُها؟
إنْسِيَّةٌ حَوْراءُ حلَّ بجسمِها *** ما لَوْ يَحِلُّ عَلَى الجِبالِ يُهيلُها (4)
ص: 256
عُذْراً بإيصائي إلَيْكَ وَأنْتَ مِن *** كُلِّ الوَرَى أَوْلى وَأنْتَ حَلِيلُها
فَارْفُقْ لَدَى التَّغْسِيلِ بِالجَسَدِ الَّذِي *** لَوْلا مَسَتْهُ يَدٌ أَضَرَّ حُلُولُها
لَمْ يَبْقَ عُضْوٌ سالماً فتَمَسّه *** بَلْ كُلُّ عُضْوٍ عَادَ وَ هُوَ عَلِيلُها
والضِّلعُ مَكْسُورٌ وَجُرْحٌ مُؤلِم *** بِالثَّدْيِ وَالجِسْمُ اعْتَراهُ نُحُولُها
وَالَهْفَتا لِلْمُرْتَضَى لَمَّا عَلى *** قَبْرِ البَتُولَةِ قامَ وَ هْوَ ثَكُولُها
يَدْعُو بِخَيْرِ الرُّسْلِ إِذْ غَلَبَ الأسَى *** فِي زَفْرَةٍ وَالدَّمْعُ مِنْهُ هَمُولُها
قَلَّ اصْطِباري عَنْ صَفِيَّتِكَ الَّتِي *** ما في نِساءِ العالَمِينَ مَثِيلُها
وَ بِعَيْنِ رَبِّ العَرْشِ تُدْفَنُ فَاطِمٌ *** سِرّاً وَ يُجْهَلُ قَبْرُها وَ مَقِيلُها
ص: 257
فَلْتُحْفِ فاطِمَةَ السُّؤالَ فَحَقَّ أن *** تَسْتَخْبرَ الأحْوالَ ما تَفْصِيلُها
وبأيِّ شَيءٍ تُخْبِرُ الهادِي وما *** لاقَت مِنَ الأَغدا الجِبالَ تُزِيلُها؟
أَتَقُولُ: أَضْرِمَ بابُ دارِي جَهْرَةً *** إِذْ هُنْتُ عِنْدَهُمُ وَعَزَّ ذَليلُها ؟
أَتَقُولُ: داري حَيْثُ لا إذنٌ ولا *** لي من خِمارٍ قد أُبِيحَ دُخُولُها؟
أتقولُ: مِن حَنَقٍ جَنِينِي أَسْقَطُوا *** وَ عَداوَةٌ لَطَمَ الجَبِينَ جَهُولُها؟ (1)
مَوْلايَ عَزَّ عَلَيْكَ خَيْرُ وَدِيعَةٍ *** مِنْ أَحْمَدٍ ضاعَتْ وأنتَ كَفِيلُها
أَتُرَدُّ بَضْعَةُ أحْمَدٍ في حالةٍ *** مِنْهايُساءُ عَدوُّها و خَلِيلُها؟
وَ عِداكَ لَوْمٌ سَيِّدِي لَكِنَّه *** صَعْبٌ عَلَى النَّدْبِ الغَيُورِ ثَقِيلُها (2)
لَوْلاَ الوَصِيَّةُ ضاقَ من قَتْلى العِدَى *** مِنْ قَبْلِ ذاكَ حُزونُها وَ سُهولُها (3)
فَإِليكِ سَيِّدةَ النِّساءِ قَصِيدَةٌ *** هِيَ قَدْرُ جُهْدِي وَ الرَّجاءُ قَبولُها (4)
ص: 258
(بحر الرّمل)
السیدغیاث آل طعمة(*)(1)
هَلْ رَسُولٌ مُخبرٌ طه الرَّسُولْ *** ما رَأَتْ مِنْ بَعْدِهِ الظهرُ البتولْ
***
فَلَقَدْ أَمْسَتْ مِنَ المُسْتَضْعَفِينْ *** وَزَواها حَقَّها رِجْسٌ لَعِينْ
كذَّبَ الظُّهرَ وَذا الرُّوحُ الأَمِينْ *** أنْزَلَ التَّظْهِيرَ مِنْ رَبِّ جَلِيلْ
***
يا رَسُولَ اللَّهِ وَالدَّمْعُ هَتِنْ *** إِذْ نَوَى لِلدَّارِ حَرْقاً مَن أُبِنْ (2)
قِيلَ فِيها فاطِمٌ قالَ وإِنْ *** لَيْتَ شِعْرِي أَكَذا يُجْزَى الرَّسُولْ (3)؟
***
قال إبْتُونِي بأَغوادٍ وَ نارْ *** لا بَقِيتُ إِنْ بَقِي لِلآلِ دارْ
فَهُمُ قَدْ وَتَرُونا بِشِفارْ *** أطْلُبُ الآلَ بثَأُرٍ وَ ذُحُولْ (4)
ص: 259
دَخَلُوها وَهْيَ مِنْ غَيْرِ حِجابْ *** وَ لِحِفْظِ السِّتْرِ قَدْ لاذَتْ بِبَابِ
خالفوا في ذَلِكُمْ نَصَّ الكِتَابِ *** دُونَما استئذان ما صَحَّ الدُّخُولْ
***
مُذْ أَحَشُّوا عَصَرُوها فَثَبتْ *** في ضُلُوعِ الصَّدْرِ مِسْمارٌ نَبَتْ
صَرَخَتْ مِمَّا دَهاها وَ بَكَتْ *** أَبَتا أَصْبَحْتُ في عَيْشٍ ذَلِيلْ
***
أسْقَطَتْ بِنْتُ الهُدَى وَ احَزَنا *** مِن شَدِيدِ العَصْرِ ذاكَ المُحْسِنا
لَيْتَ شِعْرِي أَيَّ ذَنْبٍ قَدْ جَنَى *** لِيَذُوقَ المَوْتَ مِنْ غَدْرِ جَهُولْ
***
بَعْدَها اقْتادُوا عَلِيّاً ذا العُلَى *** بِحِبالِ البَغْيِ ظُلماً كُبِّلا
أعلِيّاً أسَرُوا يالَلْبَلا *** وَ هُوَ لَيْثُ الحَرْبِ فِي اليَوْمِ المَهُولْ؟
***
قَسَماً ما قَيِّدُوا ذاكَ الأبِیْ *** إنّما قَيَّدَهُ أمْرُ النَّبِيْ
فَهْوَ لايُؤْسَرُ بَلْ لَمْ يُقْربِ *** حِينَما في ساحَةِ الحَرْبِ يَصُولْ
***
نَسِيَتْ خَيْرُ النِّسا ما قَدْ جَرَى *** وَ سَعَتْ تَدْعُو أَعِيدُوا حَيْدَرا
أوْ لأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَمْحُو الوَرَى *** ضَاقَ صَدْرِي مِنْكُمُ أَهْلَ النُّكُولْ (1)
ص: 260
فاطِمٌ أمُّ الهُداةِ الأَطْيَبِينْ *** وَ بِها يُغْفَرُ ذَنْبُ المُؤْمِنِينْ
لرِضاها يَرْضَى رَبُّ العَالَمِينْ *** فَوَلاها عَنْ لَظَى سِتْرٌ يَحُولْ
***
فَلَها قَدْ خَلَقَ اللَّهُ الوُجُودْ *** وَ لَهَا الأَشْرافُ قِنّ وَعَبِيدْ
فَهْيَ في الحَشْرِ عَلَى الخَلْقِ تَسُودْ *** عِندَها يُعْرَفُ ما قَدْرُ البتولْ (1)
***
يومَ تَدْنُو مِنْ تَراقِيها النُّفُوسْ *** وَيُنادَى طَأُطِمُوا كُلَّ الرُّؤوسْ (2)
كَيْ تَمُرَّ فاطِمٌ شَمْسُ الشُّمُوسْ *** نَحْوَ عَدْنٍ وَنَعِيمٍ لايَزُولْ
***
ما يَقُولُ المَرْءُ فِيها ما يَقُولْ *** فَهْيَ سِرُّ عَجِزَتْ فيهِ العُقُولْ
عِصْمَةُ الخَلْقِ لَدَى الخَطْبِ المَهُولْ *** وَ لِمَنْ لاذَبها خَيْرُ كَفِيلْ
***
فاطِمٌ تُضْربُ مُوتُوا أسَفا *** إنْ يَكُنْ الاّهُ هَمُّ لَكَفى
ص: 261
قَدْ بَكَى مِمّا دَهاها المُصْطَفَى *** وَ لَها قَدْ غَضِبَ الرَّبُّ الجَلِيلْ
***
شِيعَةَ الزَّهْراءِ نُوحُوا وَ الْطِمُوا *** فَحَرامٌ بَعْدَها أَنْ تَبْسِمُوا
فَاذْكُروها وَ الْعَنُوا مَنْ ظَلَمُوا *** وَ انْدُبُوها الدَّهْرَ في دَمْعٍ هَطُولْ
***
يا بْنَةَ المُخْتارِهاكِ أدْمُعِي *** وَالرَّجا في الحَشْرِ لي أنْ تَشْفَعِي
فَمُصِيباتُكِ أَحْنَتْ أضْلُعِي *** ما لَها في صَفْحَةِ الدَّهْرِ مَثِيلْ
***
ص: 262
(بحرالكامل)
الشيخ محسن أبوالحب (الكبير)(*)(1))
يا صاحِ ما هذا الكتابُ المُنْزَلُ؟ *** يا صاح ما هذا النبيُّ المُرْسَلُ؟(2)
ما هَذِه الآياتُ تُتْلى بينَنا؟ *** فَمُفَصَّلٌ منها وَ مِنْها مُجْمَلُ
هَلْ غيرُ طه كانَ عنها مُخْبِراً *** أم غيرُ خالقنا لهنَّ مُنزِّلُ؟
أترى المَبلِّغَ كانَ فيها كاذِباً *** أمْ هذه الأَنباءُ منهُ تقوّل؟
يا صاحِ ما الإسلامُ ما الإيمانُ *** ما التوحيدُ ما العَدْلُ الّذي هُوَ أَعْدَلُ؟
أتراهُ لم يَتْرُكْ وصيّاً بعدَهُ *** في النّاس يَحْكُمُ بالكتابِ وَ يَفْصِلُ؟
أم قال مختارونَ أَنْتُمْ وانْصِبُوا *** مَنْ شِئْتُمُ بَعْدِي إماماً وَ اعْربوا
فَغَدوْا شُعُوباً بَعدَهُ وَ قبائلاً *** فمحرِّفٌ وَ مغيِّرٌ وَ مُبدِّلُ
كُلُّ يُحاوِلُ أن يكونَ خليفةً *** حتّى ابنُ آكلةِ الذُّبابِ الأرْذَلُ
فأصابَ منها ما أصابَ وَ بَعْدَه *** ذَهَبَتْ سفالاً يَدَّعيها الأَسْفَلُ
ماذا ترى في أُمَّةٍ لَعِبتْ بها *** تيمٌ وراحَتْ إثْر تيمٍ نَعْثَلُ؟(3)
وَ بها عليُّ وَهُوَ أَوْلَى مَنْ بها *** بالأَمْرِ لو أنّ المخاصِمَ يَعْدِلُ
أوَلم يكنْ يومُ الغديرِ ألَمْ يَكُنْ *** جبريلُ فيه بالزَّواجِرِ يَنْزِلُ؟
ص: 263
أوَلم يَقُلْ مَنْ كُنْتُ مولاه فذا *** مولاه بَعْدي وليّكمْ لاتَجْهَلُوا ؟
هذَا هُوَ البابُ الّذي مِنْ قبلِ ذا *** كُلِّفْتُمُ أنْ تَدْخُلُوهُ فَادخُلُوا
الأنبياءُ جَمِيعُهمْ قَبْلِي كذا *** فَعَلُوا فما لي بَعْدَهُمْ لاأَفْعَلُ
ولكلّ بيتٍ في الأنام دَعامةٌ *** وَ دعامة الإسلام هذا فَاعْقِلُوا
واللَّهِ ما أنا بالَّذي أمَّرتُهُ *** اللَّهُ أمَّرهُ عليكُمْ فَاقْبَلُوا
وأنا المدينةُ وابْنُ عَمِّي بابُها *** هَلْ مِن سِوَى البابِ المدينة تُدخَلُ؟
أنا من عليِّ وَهُوَ منّي مِثْلَما *** هارونَ من موسى فلا تَتَعلَّلوا
یا قوم إنَّ نُبُوَّتِي ما لم تَكُنْ *** فيها ولاية حَيْدرٍ لا تَكْمُلُ
إِن تُسْعِدُوه تُسْعَدُوا أَوْ *** تَنصرُوهُ تُنْصروا أو تُحْذِلُوه تُخْذَلُوا
وأقولُ هذا والقلوبُ كَأَنَّها *** تَغْلي عليَّ من الحرارةِ مرجلُ
إيَّاكُمُ أَن تَجْحَدُوا إِيَّاكُمُ *** أَن تُلْحِدوا إياكُمُ أنْ تَنْكَلُوا
هذا الكتابُ وعترتي فتمسَّكوا *** بِهما وإِنْ لم تَفْعَلُوا لَنْ تُقْبَلُوا
وَيْلٌ لمنْ ناواهما وقَلاهُما *** ويلٌ لِمَنْ هُوَ فيهما لا يَحْفلُ(1)
إنَّ الخلافَةَ لا تحلُّ لغيرهِ *** هذا أخي فيها المعُّم المخولُ
إنّ الخلافةَ لا تُلِيقُ لغيرِهِ *** من جبرة من أدْلَم من نعْثلُ
إنّ الخلافَةَ كالنبُوَّةِ رُتبةٌ *** تلكَ الأخيرةُ والنبوَّةُ أوّلُ
إِنَّ النبيَّ مُعَلَّمٌ من رَبَّهِ *** وَكَذَا خليفَتُهُ فلا تَتَبَدَّلُوا
ليسَ الخلافَةُ مَنْ يحيرُ وَيَجْهَلُ *** ليسَ الخليفةُ من يَشحُّ وَ يَبْخُلُ
ليسَ الخلافةُ مَنْ يَقولُ لدَى الوَغى *** حِيدِي حيادِ وقَلْبُهُ متزلزلُ
إنّ الخليفَة كائنٌ مثلي أنا *** مانابَ يوماً مُعْضِلُ أوْ مُشْكِلُ
ص: 264
فَكَأَنّني بكُمُ غداً تَأتُونَني *** وَ سيوفكُمْ تعِلّ منّي وَ تنهلُ
تَرِدُونَ حَوْضي وَ هو غير محللٍ *** لِمَن اعْتدى وَ دمي لديه مُحَلَّلُ
وَ مَضَى بإيرادِ الثناءِ مرسلاً *** نَفْسي فداؤُكَ أيّها المزّملُ(1)
فهنالِكُمْ عمَّا دعاهُمْ أدْبَرُوا *** وعلى عليِّ بالضغَائِنِ اقْبَلُوا(2)
فَعَلُوا وما أدراكَ ما فَعَلُوا أنا *** أخبرك عنه تسأل أوْ لاتسألُ
فكأَنَّهُمْ لم يَسْمَعُوا وَكَأَنَّهُمْ *** لم يُبْصِروا وَ كَأَنَّهُمْ لم يَعْقِلُوا
أتَراكَ تَذكُرُ ما أحلَّ بفاطم *** ممّايَخِرُّ له السِّماك الأعَزَلُ(3)
إِنْ قيلَ حَوّا قلتُ فاطِمُ فخرُها *** أو قيلَ مريمَ قلتُ فاطِمُ أفْضَلٌ(4)
أفَهَلْ لمريم والِدٌ كمحمّدٍ *** أَم هل لمريَم مثلُ فاطِمَ اشبُلُ؟
كلّ لها حين الولادةِ حالَةٌ *** منها عُقُولُ ذَوِي البَصائِر تَذْهَلُ
هذِي لنخلتِها التَجثْ فتساقَطَتْ *** رُطباً جنّياً وهيَ منها تأكُلُ
وضَعتْ بعيسى وهْيَ غير مَروعَةٍ *** أنّى وحارِسُها السَّريُّ الأَبْسلُ(5)
وإلى الجَدارِ وَ صَفْحةِ البابِ التَجثْ *** خيرُ النساءِ فَاسْقَطَتْ ما تَحْمِلُ(6)
ص: 265
سَقَطتْ وَ أسْقَطَتِ الجنينَ وَ حولَها *** من كلِّ ذي حَسبٍ لئيمٍ جَحْفَلُ(1)
هذا يُعنِّفُها وذاكَ يَدُعُّها *** ويَسُبُّها هذا وهذا يَرْكلُ(2)
وَ أمامَها أسدُ الأسود يَقُودُهُ *** بالحبلِ قنفُذُ هلْ كهذا مُعْضِلُ
وبعينِ رَبِّ العرشِ يَلْطمُ خَدَّها *** أشقى البريةِ ثمّ لايتوجَّلُ
لاتدّعي بعدُ الشّهامة هاشِمٌ *** ما للشّهامة عندَ هاشمَ منزلُ
نال ابْن حنتمَ ما يُؤمِّلُ منهمُ *** حسبُ ابنُ حنتمَ نَيْلُهُ ما يأمُلُ
أوَ يَهْجَعُونَ وطفلُ فاطِمَ مُسْقَطٌ *** أوْ يَصْبِرُونَ ودَمْعُ فاطِمَ مُرسَلُ؟
وَ تراهُمْ لا يَعْضَبونَ لمثلِها *** وَ هُمُ على غيرِ الإِبا لَمْ يُجْبَلُوا
لكنّما العبّاس لم يَعْبُسْ لها *** وَ عقيلُ أمسى في عقالٍ يُعْقَلُ
وَ اقولُ ماذا والسياطُ بمتنِها *** حتّى القيامةِ ما لَهُنَّ تَجوُّلُ
وَ لسوفَ تأتي في القيامة هكذا *** تشْكو إلى ربِّ السّماءِ وَ تُعَوِّلُ
وَ لَترْفَعَنَّ جنينَها وَ حَنيَّها *** بشكايةٍ منها السّماءُ تُزَلْزِلُ
رَبّاهُ ميراثي وَ بَعْلِي حَقه *** غَصبوا وابنائي جميعاً قُتِّلُوا(3)
فَرْخايَ ذا بالشُّمّ أمْسى قلبُهُ *** قِطَعاً وَ هذا بالدّماء مُزَّمَّلُ
لم يَبْقَ سيفٌ من سيوفِ أميةٍ *** الاّ وَ عاد بلحمِه يتأكَّلُ
لم يبقَ رمحٌ من رماحِ أميّة *** إلاّ وَ عادَ بصدرِه يَتَرَسَّلُ
لم يَبْقَ سَهُمٌ مِنْ سِهامِ أميّة *** إلا وَ صار لِقَلْبِهِ يتوصَّلُ
وَ تَقُومُ بعد صوارِخاً من حولها *** فتيانُها وَ الكلُّ منها ثُكّلٌ
ص: 266
فتقومُ ثمَّ قيامةٌ أخرى لها *** كلُّ الأنامَ عن القيامةِ تَشْغَلُ
ما عذر تَيْمٍ عندها وعدَيّها *** وَ عليهما تلكَ الجرائمُ تُحْمَلُ
فهناكَ يَعْلَمُ مِنْ على اثريهما *** أمْسى وَ اصْبَحَ في الضّلال يُهَرْوِلُ
إذ ليسَ تَنْفعُهُ شفاعةُ شافعٍ *** هيهاتَ ليسَ له هناكَ مُعوِّلُ
فَلْيَعْرِفِ الأشهادُ أنّ وَ لاهما *** اجن وبعضهما الرحيقُ السّلسلُ(1)
اسراجُ ليلِ الوحي شمسُ نهارِهِ *** يا كوكبَ السّعدِ الّذي لايأفلُ(2)
زَعَموا بأنّك رابعُ الخُلَفاءِ لا *** واللَّهِ انتَ اخيرُهُمْ وَ الأَوَّلُ
ما من سواكَ خليفةٌ هيهاتَ *** انتَ الخليفةُ الّذي لايُعْزَلُ
خُذْها أميرَالمؤمنين قصيدةً *** وَ افَتْكَ في حُلَلِ الصّبابةِ تَرْفُلُ
ان كنتَ تَقْبَلُها فعَبْدُكَ محسنٌ *** أولا فإِني ما تَدُوسُ الأَرْجُلُ
لكنما بكَ يَرْحَمُ اللَّهُ الورى *** وَ عليهمُ برَكاتُهُ تَتَنزَّلُ
انتُمْ الئمَّتُنَا ونحنُ عبيدكُم**** وَ عليكُمُ فيما يَنُوبُ نُعَوِّلُ
أنا لَمْ ازلْ بكَ سيّدي مستشفعاً *** عندَ الإِلهِ وَ لم ازَلْ اتوَسَّلُ
حتّى أراكَ مُخلِّصي من كلِّ ما *** أخشاه في الدّارَيْن يا متفضّلُ
لاسيّما العظمى الّتي تدْري بها *** فما به أغني يشيرُ وَ يَذْبُلُ
وَ عليكَ صلْى اللَّه ما لاحتْ ضحى *** شَمْسُ النهار وَ جاء ليلٌ أليَلُ
ص: 267
(بحر الخفيف)
السيد محمد رضا القزويني(*)(1)
قَسماً بِالمَعادِ وَ السَّلْسَبِيلِ *** وَ بِما جاءَ في الوَرَى مِنْ رَسُولِ(2)
وَ بِرَبِّي وَ عَدْلِهِ وَ هُداهُ *** وَ بِكُلِّ الفُرُوعِ تِلْوَ الأُصولِ
وَ بِكُلِّ الأدْيانِ أَقْسَمْتُ حَقاً *** إنّ دِينَ الإسْلامِ حُبُّ البَتُولِ(3)
مَثَلُ الظُّهْرِ وَالشَّهامَةِ وَالنُّبْل *** وما لَمْ يُصبهُ دَرْكُ العُقولِ
بنتُ طه وَزَوْجُ حَيْدَرَ وَالسِّبطانِ *** مِنْها وَزَيْنَبٌ كَالشُّبُولِ
جَمَعَتْها فَطَأُطَأَ الدَّهْرُ إجْلالاٍ *** لها خَدَّه فَهَلْ مِنْ مَثِيلِ؟ (4)
ص: 268
أَنْتِ يَا رَمْزَكُلِّ خَيْرٍ وَكُلُّ *** الخَيْرِ ذُرِيَّةٌ نَمَتْ لِلرَّسُولِ
أنْجَبَتْ لِلْوَرى ألمَّةَ طُهْرٍ *** فَتَسامَى بِهِمْ كِيَانُ الشُّمُولِ
كُلُّ فَرْدٍ مِنْهُمْ إلى العزِّ طَوْدٌ *** لَيْسَ يَحتاجُ قَصْدُهُ مِنْ دَلِيلِ
كُنْتِ إِذْ كُنتِ لِلْفَتاةِ مِثالاً *** لاِبْنةِ الخَيْرِ تَحْتَ ظِلِّ ظَلِيلِ
كُنْتِ بِنْتاًلَهُ وَأُمّاً حَنُوناً *** بَضْعَةٌ مِنْهُ لَمْ يَجِدْ مِنْ بَدِيلِ (1)
قَدْ تَعَاهَدْتِ منهُ قَلْباً وَ رُوحاً *** كَمْ هَوَى في يَدَيكِ بِالتَّقْبِيلِ
أَنْتِ يا زَهْرَةَ النُّبُوَّةِ وَ العِصْمَةِ *** دُنْيا مَلِيئةٌ بالفُصُولِ
أَيَّما جانِبٍ تَطَرَّقَ فِيكِ *** القَوْلُ فَالعَجْزُ ظَاهِرٌ في المَقُولِ؟
فَدَعِينِي أُدْلِي بِدَلْوِيَ فيهِ *** رُبَّ قَوْلٍ بهِ رِضاً للجليلِ
عُرْسُكَ الفَدُّ إِذْ يَزِفُّونَكِ *** لَيْلاً إلى عَلَيَّ أَصِیلِ
كيفَ باللَّهِ قَدْ تَصَدقْتِ بِثَوْبِ *** العُرْسِ الجَدِيدِ الطَّوِيلِ
أما وَ اللَّهِ قَدْ مَلَكْتِ عِلِيّاً *** بِصَنِيع للَّهِ فَذِّ جَمِيلِ
كيفَ بَيْتٌ حلَلْتِ سَيِّدَةٌ فِيهِ *** وَ كَيْفَ الحَياةُ عِنْدَ النَّبِيلِ؟
بَيْتُكِ الشَّامِخُ العَرِيقُ تَحَدَّى *** أَنْ يُرَى فِيهِ غَيْرُ كُوخٍ هَزِيلِ
ص: 269
الرَّحَى أَتْعَبَتْ يَدَيْكِ دَواراً *** وَ رَحَى الكَوْنِ في يَدَيْكِ فَدِيل
حدِّثينا عَنِ الصَّبايا عَنِ الأطفالِ *** عَنْ سَيِّدِي فَتى كُلِّ جِيلِ
أَيَّ رُوحٍ بَثَثْتِ فيهِمْ فَأَضْحَوْا *** سادَةَ الكَوْنِ عندَ كُلِّ قَبِيلِ؟
يَتَحَدَّوْنَ كُلَّ طَاغٍ فَيَهْوِي *** صاغراً دُونَهُمْ كَصَبِّ ذليلِ
ثُمَّ بَعْدَ النَّبِيِّ يَا لَهْفَ قَلْبِي *** كَيْفَ قَدْ خَلَّفُوكِ باللَّه قُولي؟
إنّما خُطْبَةٌ تَكَرَّمْتِ فِيها *** سَمِعُوها بَيْنَ البُكاءِ وَالعَوِيْل
الحبرْتنا بِأنّما صُدِّع الإسْلامُ *** مِنْ يَوْمِ كَسْرِ ضِلْعِ البَتُولِ(1)
ص: 270
(بحر البسیط)
الشيخ محمّد الساعدي
الكَوْنُ أَجْمَعُ بِالميلادِ يَحْتَفِلُ *** فَبِنْتُ طه بها الإسْلامُ يَکْتَمِلُ
نُورُ الهِدَايةِ شَعَّتْ في مَرابِعِنا *** فاسْتَبْشَرَ الوَحْيُ وَ الأملاكُ وَ الرُّسُلُ
طارَتْ قُلُوبُ المَلا في يَوْمِها فَرَحاً *** فَالكُلُّ مُبْتَهِجٌ وَ الكُلُّ مُبْتَهِلُ(1)
وَ باتَ قَلْبُ رَسُولِ اللَّه مُنْشَرِحاً *** فَفَاطِمُ الْخَيْرِ فِيها البِشْرُ وَ الأَمَلُ
ماذا أَقولُ عَنِ الزَّهْراءِ إِنَّ لها *** مِنَ المَكارِمِ ما ضاقَتْ بِها الجُمَلُ؟
بِنْتُ النُّبُوَّةِ غَذّاها بِحِكْمَتِهِ *** وَ زَوْجُ حَيْدرَ عِمْلاقُ الوَرى البطلُ
أُمُّ الأئمّةِ مَنْ شَوْقاً لِطَلْعَتِها *** مَلائِكُ العَرْشِ تَأْتِيها وَتَتَّصِلُ(2)
ص: 271
تَهْفُو لِطَلْعَتِها الغَرّاءِ باسِمةً *** وَتَسْتَزِيدُ سَنى مِنْ نُورِها المُقَلُ(1)
قد كانَ مَوْلِدُها لِلدِّينِ مَدْرَسَةً *** من وِرْدِها العَذْبِ كلُّ النّاسِ تَنْتَهِلُ(2)
ما كانَ فيها سِوَى المَعْرُوفِ تَنْشُدُه *** بِنْتُ الرِّسالَةِ مَضْرُوبٌ بِها المَثَلُ
تَضَوَّعُ مِسْكاً حَياةُ الطُّهْر فاطِمَةِ *** «والزَّنْبَقُ الوَرْدُ مِنْ أَرْدانِها شَمِلُ» (3)
قَدْ خَصَّها اللَّهُ فِي أَلْطَافِهِ فَغَدَتْ *** مِشْكاةَ عِلْمٍ بِنُورِ اللَّهِ تَشْتَعِلُ (4)
ص: 272
لَنْ يَبْلُغَ الشِّعْرُ أنْ يُحْصِي مَكارمَها *** فَدُونَ وَصْفِ عُلاها انْتابَني الخَجَلُ
فَهْيَ الشفيعةُ في يَوْمِ الحسابِ لنا *** وَهْيَ المَلاذُ لنا إن قَلِّتِ الحِيَلُ (1)
ص: 273
(بحر الكامل)
الشيخ محمد سعيد المنصوري(1)
مَنْ ذا الفَقِيدُ عَلا عَلَيْهِ عَوِيلُ *** فَعَرى جميعَ العالمينَ ذُهُولُ؟
وَ لِفَقْدِهِ جِبْريلُ نادَى في السَّما *** صَوْتاً وَجِبْرِيلٌ بِهِ مَثْكُولُ
يا خَاتَمَ الرُّسْلِ الكِرامِ ومَنْ إلى *** هَدْيِ الأَنامِ مِنَ الإلهِ رَسُولُ
إنَّ البَسِيطَةَ أَظْلَمَتْ أَرْجاؤُهَا *** مِنْ بَعْدِ شَخْصِكَ فَالخَطِيبُ مَحِيلُ(2)
قَدْ كُنْتَ يا خَيْرَ البَرِيَّةِ حَاجَتِي *** فيها فما لي مُذْ رَحَلْتَ نُزُولُ
بَيْنا أسائِلُ إِذْ سَمِعْتُ بِأنَّ ذا *** الهادِي وهذا نَعْشُهُ المَحْمُولُ
يا مَنْ تُسائِلُ أَيُّ خَطْبٍ قَدْ عَرَىٰ *** وَتَكادُ مِنْهُ الرّاسياتُ تَزُولُ؟(3)
أوَ ما تَرى الزَّهْراءَ تَنْدُبُ خَلْفَهُ *** وَ دُمُوعُها سَيْلَ الغَمامِ تَسِيلُ؟
وَ تَحِنُّ مِنْ قَلْبٍ مَلِيءٍ بالأَسَى *** طَوْراً وطَوْراً تَنْثَنِي فَتَقُولُ
حُزْنِي لِفَقْدِكَ سَرْمَدٌ لا تَنْقَضِي *** أَيّامُهُ حَتَّى يَحِينُ رَحِيلُ
ما كانَ فِي الحُسْبَانِ يَحْجُبُ بَيْنَنا *** رَيْبُ المَنُونِ بِسَهْمِهِ وَ يَحُولُ
ابَتاهُ بَعْدَكَ لا يَطِيبُ لِيَ الكَرَىٰ *** كَلاّ وَلا عَيْنِي إِلَيْهِ تَمِيلُ
وَ لَحِقْتُ مِنْ شَوْقِي بِرَكْبِكَ عاجِلاً *** لَوْ كَانَ ثَمَّةَ لِي يَصِحُّ سَبِيلُ
ص: 274
أَبْكِي وَما جَزَعاً بَكَيْتُ مِنَ القَضا *** لكِنَّما أَخْشَى الفِرَاقَ يَطولُ
أَبتاهُ تَنْعاكَ الصَّلاةُ وَفَرْضُها *** وَكَذلِكَ التَّكْبِيرُ وَالتَّهْلِيلُ
يَوْمٌ سَرَيْتَ بهِ عَنِ الدُّنْيا سَرَى *** عَنّابِهِ لِلتّائِهِينَ دَلِيلُ(1)
أبَتاهُ إنْ أوذِيتُ في دارِ الفَنا *** فَإِلَيْكَ فِي دارِ البَقاءِ مُقِيلُ(2)
ص: 275
(بحر الخفيف)
السيد محمد علي العلي(*)(1)
ها هُوَ العِيدُ قُمْ فَحَيَّ البَتُولا *** حَيِّ فَرْعَ الهُدَى الزَّكِيَّ الأصِيلا
حَيّ أُمَّ الحُسَيْنِ وَ ابنَةً طه *** ها هُوَ الحَفْلُ وَفِّها التَّبْجِيلا(2)
حَيِّ فيه خَدِيجَةَ النُّبْلُ أُمّاً *** صاغَ مِنْها الإيمانُ مَجْداً أثيلا(3)
ص: 276
حَيِّ فيه قَلْباً لَها طَهَّرَتْهُ *** بِمَعين الهُدَى فَعافَ الذُّحُولا(1)
قدر زَکا لاتَرَى بهِ غَيْرَحُبَّ *** الخَيْرِ طَبْعاً لايَرْتَضِي التَّبْدِيلا
حَيِّ فِيهِ جَفْناً لَها أَسْهَرَتْهُ *** فِي انْتِظارِ الفَجْرِ الجَدِيدِ وُصُولا
فَجْرُ يَوْم يُدْني لها ساعَةَ البُشْرِ *** وَتَلْقَى في سَعْدِهِ المَأمُولا
لم يَرُعْها اللَّيْلُ البَهِيمُ وَ إِنْ ضاقَ *** انْتِظاراً قَلْبٌ لها أَنْ يَطُولا
زَمَنُ البُعْدِ لِلَّذِي تَرْتَجِيهِ *** وَ تُعَدُّ الأَيَّامُ عِبْئاً ثقِيلاً
فَتراها بُطْأً يَسيرُ بها الخَطْوُ *** تَمَنَّتْ مِنْ ثِقْلِها أَنْ تَزُولا
وَ السَّمِيرُ الأَنيسُ كانَ لها الحَمْلُ *** وَ كانَ النَّجيُّ كانَ الخَلِيلا
ربِّ يَوْم جاءَ الرِّسُولُ وَ كانَ *** الصَّوْتُ يَبْدُو في أُذُنِهِ مَوْصُولا
مَنْ تُناجِينَ يا خَدِيجَةُ؟ يَبْدُو *** السّؤْلُ مِنْهُ وَ إِذْ تُجيبُ الرَّسُولا
يُنْبِها عَنْ بِشَارَةِ اللَّهِ فِيها *** فَهْيَ أُنْثى وَاختارَ مِنْها السَّلِيلا(2)
***
إِيْهِ يا رَبَّةَ الفَخارِ وَقَدْ أَسْهَرْتِ *** جَفْناً وقَدْ تَعِبْتِ طَويلا
ص: 277
وَ سُقِيتِ كَأْسَ المقاطَعةِ الكُبْرى *** وَ عما كانَ كَأسُها مَعْسُولا
عابكِ نِسْوَةٌ بِقَوْلٍ هُراءٍ *** قَدْ أرادوا بذكرِهِ التَّهْوِيلا
خَسِؤوا إِنّ ذاكَ قَوْلُ حَسُودٍ *** خَسِرَ الرِّبحَ مَنْ أَضاعَ السَّبِيلا
وَلَقَدْ فاتَهُ رَبِيعُ الأَماني *** وَسَيَلْقى فيما رَجاهُ المحُولا(1)
فَاهْنَئي هذِهِ التَّباشِيرُ *** احَالَتْ أرْضَ الرَّجاءِ جمِيلا(2)
بالأَماني الّتي تَحَقَّقَ وَعْدُ الحَقِّ *** فِيها بِالفَوْزِ هاكَ البتُولا
شَمْسُ مَجْدٍ لا يَنْطَفِي وَهَجُ *** النُّورِ وَ لاصُبْحُها يَعودُ أَصِيلا
أَبَداً شُعْلَةٌ تُضيءُ بِنُورِ *** الهَدْيِ دُنْيا الحَياةِ جِيلاً فَجِيلا
***
يا بْنَةَ المُصْطَفَى وَ قَدْ حارَ مِنِّي *** الفِكْرُ لا أَهْتَدي إلى المَدْحِ قِيلا
أنْتِ أَسْمَى مِنَ المَدِيحِ وَ أَسْمى *** أَنْ يَصُوغَ الیَراعُ مَدْحاً هَزِيلا(3)
أوْ يَلوكَ اللِّسانُ فِيكِ بياناً *** فَيَعُودُ البَيانُ فِيكِ عَلِيلا
حَسْبُنا أَنَّنا أَطَعْنا وَ أَنّا قَدْ *** حَفِظْنا بِالوُدِّ فِيكِ الرَّسُولا
وَ غَضِبْنا كما غَضِبْتِ وَ نَرْضَى *** في رضاك نُعْطِيهِ عَهْداً جَلِيلا(4)
قَدْ عَلِمْنا عَلَى اليَقِينِ بأَنَّ الحَقِّ *** رَهْنٌ في نَهْجِكُمْ لَنْ يَزُولا
وَعَلَيْهِ أَنْتُمْ تَسِيرونَ قُدْماً *** قَدْنَهَجْتُمْ فُرُوعَهُ والأُصُولا
ص: 278
هكذا دِينُنا عَلَيْهِ عَقَدْنا *** عَزَماتِ القلوبِ جِيلاً فَجِيلا
***
إخْوَةَ العِلْمِ لا أُرِيدُ مَدِيحاً *** لا وَ لاأَبْتَغِي البَيانَ الهَزيلا
فَلَنا بَيْنَ ذَيْنِ واقِعَنا الحُرُّ *** فَلا عُذْرَ إِنْ نَطَقْتُ فُضُولا
إِنَّنا عُصْبَةٌ إذا ما اتَّخَذْنَا *** الجَدَّنَهجاً وَالهَدْيَ فيه الدَّلِيلا
ومَزَجْنا الإخْلاصَ بالخُلُقِ السّا *** مِي طَبْعاً فكانَ نَهْجاً أَصِيلا
وَسَرَيْنا نَقْفُوخُطى السَّالِكِينَ *** الغُرِّ فيما هُمْ رَأَوْهُ السَّبِيلا
في هُدَى شَيْخِنا المُفِيد الأجَلَّ *** ومَعَ المُرْتَضَى نَسِيرُ قَبيلا
ورَسَمْنا الطّوسِيَّ في حَوْزَةِ العِلْمِ *** عَلَى نَهْجِهِ نعدّ الفُصولا
وَشفَعنا المَجْهُودَ في صالح المَرْ *** ضِيِّ منّا فكان فيه العَدِيلا
فَسَنَعْلُوا فِيما نَرُومُ المُرَيّا *** وَنُسامِي أَرْضَ السِّماكَيْنِ طُولا(1)
كلُّ أَمْرٍ ضَرَعْتَ فيهِ إلى اللَّهِ *** بخَيْرِ الأَعْمَالِ لَنْ يَسْتَحِيلا
هانَرى حَفْلَها البَتُولُ فَذا *** خَيْرُ سَبِيل ننالُ فيهِ الوُصُولا
شَرَّفَتْنا بهِ وَقَدْ اتْحَفَتْنا *** فِيه مِنْ كفِّها الوِسامَ الجَلِيلا(2)
وَاعْتِزازاً أقُولها إِنَّهُ الفَخْرُ *** إذا نالَ مِنْ عُلاها القَبُولا
وَلَنا بَعْدَهُ رَجاءٌ أكِيدُ *** أن يَعِيشَ الشّعُورُ فينا طَوِيلا
أبَداً لا يَحُدُّ منّا نَشاطٌ *** أبداً يَتْبَعُ القبيل القبيلا
في احْتِفاءِ الذِّكْرَى نُقيمُ لها *** الحفلَ رَتيباً وَقَدْ نَفَيْنا الخُمُولا
حَيْثُ تُنْمِي آثارُه الزاكياتُ *** البِيضُ فِينا عَقِيدَةً ومُيُولا
ص: 279
فَيُغذِّي جَوَانِحَ النَّفْسِ بِالإيمانِ *** حُرّاً ما شِيْبَ فِكْراً دَخِيلا
إنّنا في الحَياةِ أغْراضُ مَفتونٍ *** يَحُوکُ التَّشْكِيكَ والتَّضْلِيلا
وَيَصُوعُ الإلحادَ طَرْزَ ثَقافاتٍ *** يَراها الغَيُّ فِكْراً أَصِيلا
وَلَوْ أَنَّ الحَياةَ فِيما نَراها *** قَدْ بَدَتْ عَنْ مَسارِها تَحْوِيلا
إذْ بَدَا الخَيْرُ طارِفاً يَفْتَحُ *** الآمالَ أنّ الحياةَ تبْنِي بَدِيلا
عن حَيَاةِ الضَّياعِ فِيما نُقَضِّي *** مِنْ زمانٍ وَنَسْتَعيدُ السَّبِيلا
نَحْوَ دنيا الإيمانِ نَرْسُو عَلَيْها *** في ثَباتٍ لا نَرْتَضِي التَّبْدِيلا
حَيْثُ ينشي المَهْدِيُّ دَوْلَةَ حَقِّ *** قَدْ دَنَا عَهْدُهُ وَدَانَى وُصُولا(1)
ص: 280
(بحر الخفيف)
الشيخ محمد علي اليعقوبي(*)(1)
أمَلُ النّاسِ في البقَاءِ طَوِيلُ *** وَ هُوَ ظِلُّ عَمّا قَلِيلٍ يَزولُ
لاتَغُرَّنْكَ غُدْوَةٌ بِسُرُورٍ *** وَ انْتَظِرُ ما يَجِيءُ فيهِ الأَصيلُ(2)
وَ عَظَتنا الدُّنْيا وَكَمْ قَدْ أَرَتْنا *** عِبَراً لَوْ تَدَبَّرَتْها العُقُولُ
خُذْ مِنَ الزّادِ ما اسْتَطَعْتَ كَثِيراً *** لِغَدٍ فَالبَقاءُ فِيها قَلِيلُ
لَيْسَ فِيها وإنْ يَكُنْ جَلَّ وَقْعاً *** بَعْدَ يَوْمِ النَّبِيِّ خَطْبٌ جَلِيلُ
يَوْمَ فِيهِ قَدْ أَجْهَشَ المَلأُ الأَعْلَى *** وَصَكَّ الأَسْماعَ مِنْهُ العَوِيلُ(3)
أيُّ يَوْمٍ بهِ البَتُولَةُ ثَکْلَى *** وَ بِهِ شَخْصُ أَحْمَدٍ مَثْكُولُ
زَلْزَلَ الأَرْضَ مُذْ أَطَلَّ وَ كادَتْ *** راسِياتُ الجِبالِ مِنْهُ تَزولُ
غابَ نَجْمُ السّارِين إِنْ عَسْعَسَ *** اللَّيْلُ وَ ضَلَّ الهادِي وَ حارَ الدَّلِيلُ(4)
هَلْ مُقْيلٌ مِنْ عَثْرَةِ الدَّهْرِ أَمْ هَلْ *** بَعْدَظِلِّ الإلهِ فِيها مَقِيلُ؟
فَمَنِ الغَوْثُ وَ الزَّمانُ مَهُولٌ *** وَ مَنِ الغَيْثُ وَ السُّنُونُ مُحُولُ؟(5)
ص: 281
صَعَدَ الرُّوحُ منه في رُوحِ قُدْسٍ *** مالَهُ بَعْدَها بِوَحْيٍ تَزُولُ(1)
أَيّها المُدْلِجُ المُعِذُّ بِحَرْفٍ *** شَفَّها الوَحْدُ بالفَلا وَالذَّمِيلُ(2)
إِنْ تَجِيء طَيْبَةً فَقَبِّلْ ضَرِيحاً *** مِنْ شَذاهُ طابَتْ صَباً وقَبُولُ(3)
قُلْ لَهُ واسْکُبِ المَدامِعَ عَنْ ذِي *** مُهْجَةٍ مِلْؤها جَوًى وَغَلِيلُ
يا رَسُوَل اللَّهِ الأَمِينَ عَلَى *** الوَحْيِ لَقَدْ خانَكَ المَلا والقَبِيلُ
إِنَّ يَوْماً مَضَيْتَ فيه لَيَوْمٌ *** لَيْسَ يَسْلُوهُ لِلقِيامَةِ جِيلُ
غَيْرَ أَنَّ الأَعْداءَ بَعْدَكَ لَمّا *** غِبْتَ ها جَتْ أَحْقادُهُمْ والذُّحُولُ(4)
مالَ فيها نَحْوَ الضَّلالِ هَواها *** عَنْ سَنا الحَقِّ وَالهَوَى يَسْتَمِيلُ
نَقَضُوا عَهْدَ حَيْدَرٍ فَأَعادِيهِ *** كَثِيرٌ وَالنَّاصِرُونَ قَلِيلُ
جَحَدُوا نَصَّكَ الصَّرِيحَ عَلَيْهِ *** وَ بِإِجْماعِهِمْ أُقِيمَ الدَّلِيلُ
إِنَّ يَوْمَ الغَدِيرِ أَنْكَرَهُ القومُ *** وَغالَتْ خِلافَةَ الحَقِّ غُولُ(5)
إنَّ تِلْكَ الذِّئابَ بَعْدَكَ غالَتْ *** أَسَدَ اللَّهِ وَاسْتُبِيحَ الغِيلُ(6)
وَتَواصَوْا على اغْتِصابِ حُقُوقٍ *** قَدْ حَوتْها بالإرْثِ مِنْكَ البَتُولُ
ص: 282
جَرَّعُوهَا مِنْ بَعْدِ عَيْنَيْكَ غَيْظاً *** ما إِلى بَثِّهِ إِلَيْكَ سَبِيلُ
لَمْ يَصُونُوا رَيْحانَةً كُنْتَ تَجْنِیها *** وَ سُرْعانَ ما عَراها الذُّبُولُ
وَ سَقَوْا أَكْؤُسَ المَنيَّةِ سِبْطَبْكَ *** وَ لَمْ أَدْرٍ بَعْدُ ماذا أَقُولُ
أَدْرَكُوا وَ تْرَهُمْ فَذَلِكَ مَسْمُومٌ *** و هذا بِثَأْرِ بَدْرٍ قَتِيلُ
بِسَنا رَأْسِهِ تَنُوءُ العَوالي *** (وَعَلَى صَدْرِهِ تَجُولُ الخُيُولُ(1)
ص: 283
أَلا عَدِّ عَنْ ذِكْرى بُنَيْنَةَ أَوْ جملِ *** فَما ذِكْرُها عندي يُمِرُّ ولا يُحْلي
وَلاَ أَطْرَبَتْنِي البِيضُ غَيْرَ صَحائِفٍ *** مُحبَّرةٍ بالفَضْلِ ما بَرحَتْ شُغلي
وعُوجٍ يُقِيمُ الاعْوجاجَ انْسِلالَها *** إذا حانَ منها الحينُ حَنَّتْ إلى السَلِّ
وعُذْ للأُلى هُمْ أَصْلُ كُلِّ فَضِيلةٍ *** ويَمِّمْ منارَ الفَضْلِ من رَبْعِهِ الأصْلي(1)
ص: 285
وسَلِّمْ على خَيْرِ الأَنامِ مُحَمَّدٍ *** وَعِتْرَتِهِ الغُرِّ الكِرامِ أُولي الفَضْلِ
وَخُصَّ عَلِيّاً ذا المناقِبِ وَالعُلا *** وَصِيَّ النبيَّ المُرْتَضَى خِيرَة الأَهْلِ
إلى أن يقول :
وَزَوَّجَهُ المُخْتارُ بَضْعَتَهُ وما *** لَها غَيْرُهُ في النَّاسِ من كُفُؤٍ عَدْلٍ(1)
وَقال لَها زَوَّجْتُكِ اليَوْمَ سَیِّدا *** تَقيّاً نَقيّاً طاهِرَ الفَرْع والأَصلِ (2)
وَ أَنْتِ أَحَبُّ النّاسِ عِنْدِي وإِنّهُ *** أَعزُّ وأَوْلَى الكُلِّ بَعْدِيَ بالكُلِّ(3)
وإِنَّ إِله العَرْشِ رَبَّ العُلى قَضَى *** بِذا وَتَوَلَّى الأَمْرَ وَالعَقْدَ مِنْ قَبْلي
فَأَبدَتْ رِضاها وَاسْتَجابَتْ لِرَبِّها *** وَوالِدِها رَب المَكارِمِ والفَضْلِ(4)
ص: 286
وَ كَمْ خاطِبٍ قَدْ رُدَّ فيها ولَمْ يُجَبْ *** وَ كَمْ طالِبٍ صِهْراً وما كانَ بالأَهْلِ
وَ لَوْلا عَلِيٌ ما استُجِيبَ لِخاطِبٍ *** وَ لاكانَتِ الزَّهْرا تُزَفُّ إلى بَعْلِ
و أكْرِمْ بمَن يُعْلِي النَّبِيُّ بشَأْنِها *** وَأَسْمِعْ بما قَدْ قَالَ مِنْ قولِهِ الفَصْلِ!
ألا فاطِمٌ مِنّي وَمَنْ هِيَ بَضْعَةٌ *** وَمَنْ قَطْعُها قَطْعِي وَمَن وَصْلُها وَصْلي(1)
وَمَنْ لرِضاها اللَّهُ يَرْضَى وَسُخْطُها *** لَهُ سَخَطٌ أَعْظِمْ بذلكَ مِنْ فَضْلِ (2)
لذَا اختارَها المُخْتارُ لِلْمُرْتَضَى الّذي *** رِضاها رِضاهُ في العَزِيمةِ وَالفِعْلِ
وَمَن لا يَزالُ الحَقُّ مَعْهُ وَلَمْ يَزَلْ *** مَعَ الحَقِّ لا يَنْفَكُ كُلٌّ عن الكُلِّ
فأَعْظِمْ بزَوْجَيْنِ الإِلهُ ارْتَضاهُما *** جَلِيلَيْنِ جَلاً عَنْ شَبِيهٍ وَعَنْ مِثْلِ
فَكُلٌّ لِكُلِّ صالِحٌ غَيْرُ صَالِحٍ *** لَهُ غَيْرُهُ وَالشَّكْلُ يَأبَى سِوَى الشَّكْلِ
لِذلِكَ ما هَمَّ الوَصِيُّ بِخُطبةٍ *** حَيَاةَ البَتُولِ الطُّهْرِ فاقِدَةِ المِثْلِ(3)
بِذا خَبَّرَ المُختارُ وَ الصَّدْقُ قَوْلُهُ *** أَبا حَسَنٍ ذاكَ المُصَدِّقِ في النَّقلِ
فَأَضْحَى بَرِيئاً وَالرَّسُولُ مُبَرِّناً *** (وَقَدْ أَبْطَلا دَعْوَاكُما الرَّثَّةَ الحَبْلِ)(4)
ص: 287
بِذلِكَ فَاعْلَمْ جَهْلَ قَوْمٍ تَحَدَّثُوا *** (بِخُطْبَتِهِ بِنْتَ اللّعِينِ أَبي جَهْلِ)
نَعَمْ رَغِبَتْ مَخْزومُ فيه وَحاوَلَتْ *** بِذَلِكَ فَضْلاً لو أُجِيبَتْ إلى الفَضْلِ
فَلمّا أبى الطُّهْرُ الوَصِيُّ وَلَمْ يُجِبْ *** رَمَتْهُ بِما رَامَتْ ومالَتْ إلى العَذْلِ
فَبَرّأَهُ المُخْتارُ ممّا تَحَدَّثَتْ *** وَما أَظْهَرَ الرِّجْسانِ من كامِنِ الغِلِّ
وَقَدْ طُوِّقا إِذ ذاكَ مِنْهُ بِلَعْنَةٍ *** فَسامَتْهُما خَسْفاً وذُلا على ذُلِّ(1)
وقَدْ جاءَ تَحْرِيمُ النِّكَاحِ لِحَيْدَرٍ *** عَلى فاطِمٍ فِيما الرُّواةُ له تُمْلِي
فإنْ كانَ حَقّاً فَالوَصِيُّ أَحَقُّ مَن *** تَجَنَّبَ مَحْظُوراً مِنَ القَوْلِ وَالفِعلِ
وَكَيْفَ يُظَنُّ السُّوءُ بِالطُّهْرِ حَيْدرٍ *** وَرَبُّ العُلَى فِي ذِكْرِهِ فَضْلَه يُعْلِي؟
وَكَيْفَ يَحُومُ الوَهْمُ حَوْلَ مُطَهَّرٍ *** مِنَ الرِّجْسِ فِي فَصْلٍ من القَوْلِ لا هَزْلِ؟
ومِثْلُ عليَّ هَلْ يَرُومُ دَنِيَّةً *** كفَى حاجِزاً عن مِثْلِها حاجِزُ العَقلِ
وَلَيْسَ يَشاءُ المُسْتَحِيلُ الّذي شَأى *** جَمِيعُ الوَرَى في العَقْلِ وَالفَضْلِ وَالنُّبْلِ
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَقّاً وَكانَ مُحَلَّلاً *** له كُلُّ ما قَدْ حَلَّ من ذاكَ للكُلِّ
فما كانَتِ الزَّهْرا ليُسْخِطَها الَّذي *** به اللَّهُ راضِ حاكِمٌ فيه بالعَدْلِ
وَلَا كَانَ خَيْرُ الخَلْقِ مَنْ لا يَهيجُهُ *** سِوَى غَضَبٍ للَّهِ يَغْضَبُ مِنْ جَهْلِ
وَلَيْسَ عَلِيٌّ حاشَ للَّهِ بالَّذي *** يَسُوءُ أَخاهُ أو يُسِيءُ إلى الأَهلِ
وَهَلْ ساءَ نَفْساً نَفْسُها وسُرُورُها؟ *** إذا سَرَّها مُرُّ المَساءَةِ مِنْ مَحْلِ(2)
وما ساءَ خيرُ النّاس غيرَ شِرارِهِمْ *** كَعِجْلِ بني (شرِّ) وصاحِبِهِ الرَّذْلِ
بهم سيئَتِ الزّهرا وَأوذِيَ أَحْمَدٌ *** وصِنْوْ النَّبِيَّ المُصْطَفَى خَاتَمِ الرَّسْلِ
ص: 288
إنی أن یقول:
و لاسيئَتِ الزَّهْرا ولا ابتُزَّ حَقُّها *** و لاَدُفِنَتْ سِرّاً بمُحْلَوْلَكِ الطَّفل(1)
و لا عُمِّيَ القَبْرُ الشَّرِيفُ وقُرَّبَ *** البَعِيدُ إلى الهادي وَبُوعِدَ بالأهْلِ(2)(3)
ص: 289
(بحر الوافر)
السيد مرتضى السندي الحائري (*)(1)
سَحابُ الدَّمْعِ طابَ لَها الهُطُولُ *** وَ فِي الخَدَّيْنِ جَمَّلَها المَسِيلُ
وَقَدْ هَمَسَتْ بِصَوْتٍ فاطِمِيِّ *** بِأُذْن ما لَها أَبداً مَثِيلُ
أَمُحسِنُ يا بْنَ خَيْرِ النَّاسِ طُراً *** وَ يا فَرْعاً به تَزْهُو الأُصُول(2)
تَعَجَّلْتَ الشَّهادَةَ يا بْنَ طه *** وَتاجُ الفَوْزِ يَخْطَفُهُ العَجُولُ
وَلَمْ يُمْهِلُكَ مِسْمارُ الأَعادِي *** لِتُولَدَ في الدُّنا وبها تَجُولُ(3)
***
ورَغْمَ بَنِى ذَوِي الراياتِ دَوْماً *** دماؤُكَ يا بْنَ فاطِمَةٍ تَقُولُ
قَتَلْتُمْ يا شِرارَ الخَلْقِ قَهْراً *** حَبِيبَةَ أَحْمَدٍ وَهْيَ البَتُولُ(4)
كَسَرْتُمْ ضِلْعَها طَمَعاً بِدُنْيا *** سَجِيَّتُها الخِيانَةُ والحُؤولُ(5)
ص: 290
وَ أَسْقَطْتُمْ جَنِيناً مِنْ حَشاها *** وَدَمْعُ الحَقِّ رائِقُهُ هَمُولُ(1)
***
أَأَعْداءَ الحَقِيقَةِ ما عَسَى أَنْ *** تَقُولُوا يَوْمَ يَرْهَقُكُمْ ذُهُولُ؟
وَأَيُّ العُذْرِ يَنْفَعُ يَوْمَ حَشْرٍ *** وَمَنْ مِنْكُمْ سَيُهْنِيهِ المُثُولُ؟
هَتَكْتُمْ حُرْمَةَ الهادِي مُراراً *** وَما فاتَتْ دَناءَتَكُمْ ذُحُولُ
وَجَرَّأتُمْ بَنِي الدُّنْيا عَلَيْنا *** غَدَاةَ لِخَيْلِها قُرِعَتْ طُبُولُ
أَلا لُعِنَ الَّذِينَ بَغَوْا عَلَيْنَا *** وَفازَ المُؤمِنُ البَرُّ الوَصولُ
وَعاقِبَةُ الأمُورِ وَحَقِّ رَبِّي *** جِنانُ الخُلدِ يَسْكُنُها الأَصِيلُ
***
فيا بْنَ عَلِيَّ الكَرَّارِ، إِشْهَدْ *** عَلَى أَعْداءِ جَدِّكَ يا قَتِيلُ
فَقَدْ ظَهَرَتْ لأَعْداكُمْ حُماةٌ *** وَصارَ لِقاتِلِ الزَّهْرا قَبِيلُ
بِإسمِ الوَحْدَةِ الشَّوْها أشاعُوا *** البَلابِلَ إِذْ بَدا قالٌ وقِيلُ
وصارَ المؤمِنُ الباكِي عَلَيْكُمْ *** كَما وَصفَتْ عَمالَتُهُمْ عَمِيلُ(2)
أُحِلَّ حَرَامُ جَدِّكَ فِي *** فَتاوَى وحُرِّمَ ما بِهِ تَزْكُو العقُولُ
ص: 291
فَلا تَغْفِرْ لَهُمْ فِئَنٌ أَتَوْها *** وأَفكارٌ يَسُرُّ بها دَخيلُ
أعَانُوا ظالِماً مِنْ بعدِ دَهْرٍ*** بِلاسَنَدٍ وَخانَهُمُ الدِّلِيلُ
فيا عِزِّ الأُباةِ فَدَتْكَ نَفْسِي *** وَنَفْسُ الكَوْنِ دُونَكُمُ قَلِيلُ
فَدَيْتُكَ يا بْنَ حَيْدرَ مِنْ شَهِيدٍ *** وَمَظْلُومٍ لَهُ حُزْنِي يَطُولُ
فَمِنْ ظُلْمِ الأوائِلِ نِلْتَ قِسْطاً *** وَمِنْ ظُلْمِ الأَواخِرِ ما يَهُولُ
***
يَعِزُّ عَلَى المُوالي أَنْ يَراكُمْ *** وَقَدْ غاصَتْ بقلبِكُمُ النُّصُولُ(1)
وَلا عَجَباً إذا مالَ الأَعادِي *** عَلَيْكُمْ أَوْ عَلا لَهُمُ صَهِيلُ
وَلَكِنَّ العَجِيبَ غَدَاةَ أَضْحَى *** سَلِيلُكُمُ لِخصمِكُمُ يَمِيلُ
وَباباً عِنْدَ عَتْبَتِها أُرِيقَتْ *** دماءُ الطُّهْرِ يُنْكِرُها خَلِيلُ
وَجدَّدَ دَعْوةَ الإنْكارِ مَنْ لَمْ *** تُهَذِّبْهُ الفَقاهَةُ والأُصُولُ
***
إلى مَنْ نَشْتَكِي ظُلْمَ ابْنِ وُدِّ *** يَشُكُّ بمِا رَواهُ جَبْرَئيلُ
عَزيزٌ أَنْتَ يا نَبْعَ المَعالي *** فَكَيْفَ يَطالُ مَجدَكُمُ ذَلِيلُ؟
فلا واللَّهِ أُقسِمُ لَستُ أَرْضَى *** تُداسُ لَكُم بَنِي الزَّهْرا ذُيُولُ
أُجرِّدُ صارِمي وَالكُلُّ يَدْرِي *** بِأَنَّ حُسامَ ناصِرِكُم صَغِيلُ(2)
وَأَحْطِمُ كُلَّ طَاغُوتٍ وَجِبْتٍ *** وَفَي ساحاتِ نُصْرَتِكُمْ أَصُولُ
ص: 292
أَذُودُ عن الحَقِيقَةِ لا سِواها *** وَأَصْنَعُ في الهَوَى ما يَسْتَحِيلُ
وَأَبْذُلُ ما بِوُسْعِي في رِضاكُمْ *** رِضائِي حُبُّكُمْ والسَّلْسَبِيلُ
نَزَلْتُ بِحَیِّكُمْ يا آل طه *** أَما يَنْجُو بِحَيِّكُمُ النَّزِيْلُ؟
فيا سِبْطَ الرَّسُولِ وَحَسْبُ نَفْسِي *** مَوَدَّةً سادَتِي فَهْيَ السَّبيلُ
شَهِيدَ الحَقِّ فَاقْبَلْنِي نَصِيراً *** وَأُمْنِيَةُ النَّصِيرِ هِيَ القَبُولُ
ص: 293
شاءٌ مِنَ النّاس راتِعٌ هامِلْ *** يُعَلِّلُونَ النُّفُوسَ بِالباطِلْ(1)
تُقْتَلُ ذُرِّيَّةُ النَّبِيَّ وَيَرْ *** جُونَ جِنانَ الخُلودِ لِلْقاتِلْ
وَيْلَكَ يا قاتِلَ الحُسَيْنِ لَقَد *** بُؤْتَ بِحِمْلٍ يَنُوءُ بالحامِلْ
أَيِّ حِباءٍ حَبَوْتَ أحْمَدَ في *** حُفْرَتِهِ مِنْ حَرارةِ الثّاكِلْ(2)
بأَيِّ وَجْهٍ تَلْقَى النَّبِيَّ وَقَدْ *** دَخَلْتَ في قَتْلِهِ مَعَ الدّاخِلْ
هَلُمَّ فَاطْلُبْ غَداً شَفاعَتَهُ *** أَوْ لا فَرِدْ حَوْضَهُ مَعَ النَّاهِلْ
ما الشَّكُّ عِنْدِي في كُفْرِ قاتِلِهِ *** لكِنَّني قَدْ أَشُكُّ في الخاذِلْ
نَفْسي فداءُ الحسينِ حِينَ غدا *** إلى المنايا غُدوَّ الأقافِلْ(3)
ذلكَ يَوْمٌ أَنْحَى بِشَفْرَتِهِ *** على سَنامِ الإسْلامِ وَالكاهِلْ(4)
حَتّى مَتَى أَنْتِ تَعْجَلينَ؟ أَلا *** تَنْزلُ بِالقَوْمِ نِقْمَةُ العاجِلْ
لا يَعْجَلُ اللَّهُ إِنْ عَجِلتِ وَمَا *** رَبُّكِ عَمّا تَرَينَ بالغَافِلْ
أَعاذِلي إِنَّنِي أُحِبُّ بَنِي *** أَحْمَدَ فَالتُّرْبُ في فَمِ العاذِلْ
قَدْ دِنْتُ ما دِينُكُمْ عَلَيْهِ فما *** رَجَعْتُ مِنْ دِينِكمْ إلى طائِلْ
جَفَوْتُمُ عِتْرَةَ النَّبِيِّ وَما الجافي *** لآلِ النُّبِيِّ كالواصِلْ
مَظْلُومَةٌ وَالنَّبِيُّ وَالِدُها *** تُدِيرُ أَرْجاءَ مُقْلَةِ حافِلْ(5)
ص: 295
(بحر الطويل)
السيد مهدي الأعرجي
تَبلَّجَ وَجْهُ الأرضِ حَزْناً على سَهْلِ *** بِمِيلادِ بِنْتِ المُصْطَفَى خاتَمِ الرُّسْلِ(1)
وَأَشْرَقَتِ الآفاقُ طُرّاً بِنُورِها *** كإشراقِ أَزْهارِ الرُّبَى عَقِبَ المَحْلِ(2)
وَمُذْ شَكَتِ الأَمْلاكُ لِلَّهِ ظُلْمَةً *** عَلَيْهِمْ كَأَمْثَالِ السَّحائِبِ تَسْتَوْلي
بَدا خَلْقُها نُوراً فَزَیَّنَ عَرْشَهُ *** بِهِ مِثْلَ تَزْيِينِ الفَتاةِ مِنَ العُظلِ(3)
وَكانَتْ مِنَ الفِرْدَوْسِ نُطْفَةُ فی نسائِها *** (بتُفّاحةٍ) طابَتْ لأحْمَدَ في الأَكْلِ
فَإِنْ أُمُّ (عيسى) فُضِّلَتْ في نسائِها *** فَفاطِمَةٌ خُصَّتْ عَلَى الكُلِّ في الفَضْلِ(4)
وَ قَدْ خَصَّها رَبُّ السَّمَا بِأَئِمَّةٍ *** غَطارِفَةٍ صِيدٍ جَحاجِحَةٍ تُبْلِ(5)
ص: 297
وَ أَسْماؤُها مِنْها (الزَّكِيَّةُ) حَيْثُ قَدْ *** زَكَتْ وَحَباها اللَّهُ في أَطْيَبِ النَّسْلِ
وَ(مَرْضِيّةٌ) حَيْثُ ارْتَضاهَا لِحَيْدَرٍ *** وَ(رَاضِيَةٌ) قالَتْ رَضِيتُ بِهِ بَعْلِي(1)
وَ (فاطِمَةٌ) إِذْ فاطَمَ مَنْ أَحبَّها *** بها اللَّهُ مِنْ نارٍ غَدا حَرُّها يَصْلِي(2)
(مُحَدِّثَةٌ) كَانَتْ تُحَدِّثُ أُمَّها *** وَ تُؤْنِسُها عَنْ وَحْشَةٍ مُدَّةَ الحَمْلِ(3)
(مُحَدِّثَةٌ) إِذْ بعدَ وَالِدِها غَدَتْ *** مَلائِكَةُ اللَّهِ الحَدِيثَ لَها تُمْلى(4)
وَمِنْها (بَتُولٌ) إِنْ أَرَدْتَ بَيانَها *** فَدُونَكَ راجِعْ باحِثاً لَفْظَةَ البَتْلِ (5)
وَ(زَهراءُ) كانَتْ إِذْ تَقومُ لربّها *** تُضيءُ وَمِنْها النُّورُ لِلأُفْق يَسْتَعْلِي (6)
ص: 298
وَ فِي خَبَرٍ كانَتْ نِسا أهْلِ (يَثْرِبٍ) *** عَلى نورِها في اللّيْلِ تَشْرَعُ بالغَزْلِ
(شَفِيعَةُ) يَوْمِ الحَشْرِ أَرْجُو بِمَدْحِها *** غَداً مَحْوَما أَجْنِيهِ مِنْ سَیّيءِ الفِعْلِ (1)
وَ(حَانِيَةٌ) أَحْنَتْ على الطُّهْرِ بَعْلَها *** وَحامَتْهُ لمّا قادَهُ (القَوْمُ) بِالحَبْل
بِنَفْسِي وَأهْلِي أَفْتدِيها وَلَمْ أَكُنْ *** أغالي وَمَنْ نَفْسِي تَكُونُ ومَنْ أَهْلِي؟
فَوَاللَّهِ لا أَنْسَى (الصَّهاكِيَّ) إِذ أَتى *** إلى دارِها مَعْ كُلِّ جِلْفٍ لَهُ رَذْل(2)(3)
ص: 299
فَمِنْها تَكْتَسِي الأفْلاكُ نُوراً *** وَمِنْها يُشْرِقُ القَمَرُ الجَمِيلُ
إذا كانَ النَّبِيُ لنا وجوداً *** فقطبُ رحَى الوجود هي البتولُ
لَئِنْ رَضِيَتْ فَإنّ اللَّهَ يَرْضَى *** وَإِنْ غَضِبَتْ لها غَضِبَ الجَلِيلُ(1)
أبُوها مِحْوَرٌ لِلْكَوْنِ نُورٌ *** وَهَذِي بِنْتُه أُمِّ أُصُولُ
تُحاكِي إِنْ مَشَتْ طهَ أبَاها *** وَتَفْرِغُ عَنْ أَبِيها إِذْ تَقُولُ(2)
مَتَى نَظَرَ الوَصِيُّ لِوَجْنَتَيْها *** تَجَلَّى فِي مُحَيّاها الرَّسُولُ
يُخاطِبُهُ ألا يا خَيْرَ تالٍ *** إِلَيْكَ وَدِيعَنِي أَنْتَ الكَفِيلُ(3)
ص: 301
وَإنْ في قَلْبِهِ ازْدَحَمَتْ هُمُومٌ *** تأمَّل وَجْهَها فَغَدَتْ تَزُولُ
فَوَاعَجَبا لِقَوْمِ مُذأَتَوْها *** وَقَدْ قامَتْ بِهِم تِلْكَ الذُّحُول
وَنادَتْ فِيهمُ يَا قَوْمَ طةَ *** أهَذَا ما بِهِ أوْصى الجليل؟
أَلَسْتُ وَدِيعَةَ المُخْتارِ فِيكُمْ *** أهَذا ما بِهِ يُجْزَى الجَمِيلُ(1)؟
فَبَيْنَا كانَتِ الزَّهْرَاءُ حَيْرَى *** عَلَيْهَا عُنْوَةً هَجَمَ القَبِيلُ
وَخَلْفَ البابِ خَطْبٌ ما عَساني *** بِدَاهِيةٍ جَرَتْ مَاذَا أَقُولُ؟
عَلَيْها أَطْبَقُوا باباً وَمِنْها *** جَنيناً أَسْقَطُوا وَبَدا العَوِيلُ
فَنادَتْ يا رَسُولَ اللَّهِ تَرْضَى *** عَلى بَيْتِ الهُدَى هَجَمَ الرَّعِيلُ؟(2)
جَنِينِي أَسْقَطُوا صَدْرِي أَعَابُوا *** وَمَتْنِي سَوَّدُوا دَمْعِي هَطُولُ
وَلَوْلاَ ضِلْعُها ما كانَ صَدْرٌ *** بِوادِي الطَّفِّ رَضَّتْهُ الخُيُولُ
وَلَوْلا طِفْلُها ما كانَ طِفْلٌ *** بِيَوْمِ الطَّفِّ مَذْبُوحٌ قَتِيلُ
وَمُذْ قَادُوا عَلِيّاً في نِجادٍ *** سُبِينَ الطُّهرُ وَانْقَادَ العَلِيلُ
ص: 302
(بحر الوافر)
الشيخ نزار سنبل(*)(1)
قوافي الشعرِ تسبقني عُجالى *** وترقصُ في مخيّلتي دلالا
تطيرُ إلى معانقةِ المعاني *** فتبرزُ كالسراجِ إذا تلالا
و شلالُ الشُّعورِ إذا تهادى *** يضيءُ لفرحةِ الهادي احتفالا
فسوسنةُ الجنانِ تفوحُ عطراً *** و تنشرُ في الدُنا أرجا زَلالا
ترانيمُ الملائكِ وهي جذلى *** و تغريدُ الثغورِ إذا تعالى
تبثُ الوحيَّ في شفتَيَّ شعراً *** و ألحاناً تشفُ لها اختيالا
فما غنّت طيورُ الأيكِ إلاّ *** لتسكبَ من فضائِلِها الخصالا
وما عطرتْ زهورُ الروض حُسناً *** تعبَّقُ منه أخيلةٌ ثمالي
و ما بزغتْ خيوطُ الفجر إلاّ *** و نورُ الطهرِ يكسُوها الجمالا
أيا زهراءُ يا ألقَ المعاني *** و يا فجراً تبلّجَ واستطالا
ص: 303
ويا إشراقةَ التاريخ نالتْ *** بها الأيامُ أوسمةً تلالا
نشرتِ الهديَ في الآفاق نوراً *** تسلسلَ في الزمانِ رؤى جذالا
و يا نبعاً تحفُّ به ورودٌ *** و يملأُ كلَّ جادبةٍ ظلالا
و يا أُمّاً لوالدها المصفَّى *** و ذا سرّ عرفت به الجلالا
حملتِ العبءَ من صغرٍ وناغت *** على كفيك أنغام حُبالي
فتحتِ القلب إذ ضاقت رحابٌ *** فلا سهلاً يضمُ ولا جِبالا
فرشتِ الكون في عينيه زهرا *** وكنت الأُمّ تمنحهُ الدلالا
فلا عجبٌ إذا غنّت سماءٌ *** ترتِّلَ من مناقبها مقالا
فما خلقَ الإلهُ لها مثيلاً *** وماعرفَ الزمانُ لها مثالا
وكم أنثى تطوفُ إلى المعالي *** وتسبقُ في مساعيها الرِّجالا
يقولُ الناصبيُّ نطقتَ هجراً *** و ذاك الرافضي هذى وغالى
وجرّد من ضغائنهِ حُساما *** و سدّد حقدهُ الغاوي نبالا
تخبّطَ في الظلام عمًى وتيهاً *** وصالَ بفكرهِ الخاوي وَجالا
وزمجرَ والغُرورُ له سلاحٌ *** وما عرفَ القراعَ ولا النِّزالا
و ذنبي أنّني أهوى عليّاً *** وأني قد عشقتُ به الكمالا
وسيري في هدى القرآن ذنبٌ *** عظیمُ استحق به القتالا
أإيماني وتوحيدي وحبّي *** لآل البيتِ يجعلُكُم خَبالي؟!
أليسَ اللّه كلّلهُمْ بتاجٍ *** تقدّس في الورى وعلا وطالا؟
فذي (القربى) و ذي (الإنسان) تحكي *** و ذي (التطهيرُ) تتحفُهم نوالا
أحاديثُ الرسول غدت توالى *** و أقوالُ الصَّحابِ بدتْ سِجالا
أزيلُوا عن عيونِكُمُ غشاها *** فلا بدراً تَرَوْنَ ولا هلالا
سأبقى ما حييتُ على هداهم *** وأنعمُ في جحيمِ الحبّ بالا
فلي وعيٌ يساندهُ دلیلٌ *** فلا شكاً أقولُ ولا احتمالا
ص: 304
وإن سدَّت دروبٌ في وجوهٍ *** ولكنَّ الحياةَ لمن توالى
أيا تفاحةَ الفردوسِ مُدّي *** إلينا المجدَ نقتطفُ الكَمالا
فقدتهنا وأُفقُ البحرِ صفوٌ *** و لم يدَع الضبابُ لنا مجالا
فهبِّي من نسيمِ الخلد روحاً *** لتبعثَ مايعزُّ لنا منالا
ص: 305
(بحر الخفيف)
السيد هاشم حسين الموسوي
قَدْ وَفَدْتِ التَّارِيخَ فَهْوَ أَثِيلُ *** وَحَمَيْتِ الإِيْمَانَ فَهْوَ جَمِيلُ(1)
أَنْتِ مَنْ أَنْتِ؟ فَلْتَةُ دَهْرٍ *** مَالَهَا فِي العُصُورِ نَةٌّ مَثِيلُ
أَنْتِ مِنْ جَنَّةِ الخُلْدِ حَوْرَاءٌ *** عَلَى الْأَرْضِ عَاشَتْ فَمَارَعَاهَا الجَهُولُ(2)
أَنْتِ كُلُّ العَطَاءِ يَا بِنْتَ طَةَ *** أَنْتِ نُورُ الهُدَى وَ أَصْلٌ أَصِيلُ
فُقْتِ فِي الفَضْلِ كُلِّ ذَاتِ سِوَارٍ *** خَصَّكِ اللَّهُ دُونَهُمْ يَا بَتُولُ(3)
مِنْ أَبُوهُ مُحَمَّدٌ لَيْسَ تَرْقَى *** نحْوَهُ فِي الكَمَالِ يَوْماً أُصُولُ
اءَ جِبْرِيلُ كَيْ يَنَالَ مَقَاماً *** عِنْدَهُمْ فِي الكِسَاءِ وَهْوَ مَثِيلُ (4)
طَلَبَ الإِذْنَ بِالدُّخُولِ وَ هَذَا *** شَرَفٌ قَدْ سَمَا بِهِ جِبْرَئِيلُ
ص: 306
فَاطِمُ حَازَتِ المَفَاخِرَ طَرّاً *** وَهْوَ سَبْقٌ يُحِلُّهُ التَّنْزِيلُ(1)
فَهْيَ أُمُّ العَطَاءِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ *** وَهْيَ بِنْتُ القُرْآنِ أَمْرٌ جَلِيلُ
قَدْ تَرَبَّتْ بِحِجْر أَعْظَمِ مَوْلًى *** وَلَهَا مِنْهُ صَبْرُهُ المُسْتَطِيلُ
وَرِثَتْ مِنْهُ كُلَّ وَصْفٍ جَمِيلٍ *** إِنَّ كُلَّ الأَوْصَافِ مِنْهُ جَمِيلُ
وَلَقَدْ صَاغَهَا الجَلِيلُ كَمَالاً *** قُدْوَةً لِلْوَرَى وَعَزَّ الجَلِيلُ
زَوْجُهَا المُرْتَضَى عَلِيُّ المَعَالِي *** لَيْسَ تَرْقَى إِلَى سَمَاهُ الفَحُولُ
هُوَ نَفْسُ النَّبِيَّ فِي نَصِّ آي *** أَيْنَ مِنْهُ زَعَانِفٌ وَذُيُولُ
وَهْوَ عِدْلُ الكِتَابِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ *** فَمَتَى يَفْهَمُ الغَوِيُّ الجَهُولُ؟(2)
وَبَنُوهَا عَلَى العُصُورِ نُجُومٌ *** تَتَلألأ فَمَا هُنَاكَ أُفُولُ
كُلَّمَا أَظْهَرَ الزَّمَانُ نَجِيباً *** فَهُوَمِنْ فَاطِمِ المَعَالِي سَلِيلُ
عَرَفَ الدَّهْرُ مُعْجِزَاتِ اللَّيَالِي *** مِنْ بَنِيهَا تَحَارُ فِيهِ العُقولُ
فَهُمْ قَادَةُ الزَّمَانِ وَمِنْهُمُ *** شَعَّ فِي الأَرْضِ مَوْطِنٌ وَقَبِيلُ
وَهُمْ قَادَةُ الكِفَاحِ وَعَنْهُمْ *** شَقَّ دَرْبَ الجِهَادِ وَاعٍ نَبِيلُ
وَهُمْ مَعْدِنُ الكِتَابِ وَعَنْهُمْ *** يُؤْثَرُ النَّفْسِيرُ وَالتَّأْوِيلُ
وَهُمْ مَصْدَرُ العُلُومِ وَمِنْهُمْ *** أَنْهُرُ النُّورِ فِي البِلادِ تَسِيلُ
يَرْتَوِي العِلْمَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَهُمٍ *** مِنْ مَعِينٍ كَأَنَّهُ السَلْسَبِيلُ(3)
وَبِهِمْ يَبْلُغُ الشَّفَاءَ يَؤوسٌ *** وَبِهِمْ يَبْلُغُ العُلاَ بُهلُولُ(4)
وَ بِهِمْ تُرفَعُ الشَّدَائِدُ حَتْماً *** فَهُمْ عِصْمَةٌ وَظِلٌّ ظَلِيلٌ
وَ بِهِمْ يَهْتَدِي التُّقَاةُ لِمُنجًى *** يَوْمَ لايَنْفَعُ العُصَاةَ سَبِيلُ
ص: 307
وَ لَدَيْهِمْ لِكُلِّ سُؤَالٍ جَوَابٌ *** وَ عَلَيْهِ مِنَ الكِتَابِ الدَّلِيلُ
أفْحَمُوا كُلَّ مُلْحِدٍ وَعَنِيدٍ *** بِوَجِيزِ كَأَنَّهُ التَّفْصِيلُ
فَهُمْ سَادَةُ البَلاغَةِ عَنْهُمْ *** يُؤْثَرُ الحُسْنُ وَالبَيَانُ الجَمِيلُ
بِاقْتِضَابٍ مِنْ قَوْلِهِمْ يُعْرَفُ *** اللَّهُ وَالهُدَى وَالرَّسُولُ
وَقَفُوا يَدْرَؤُونَ كَيْدَ الأَعادِي *** بِقُلُوبٍ لاَ يَعْتَرِيهَا الذُّبُولُ
دَفَعُوا كُلَّ شُبْهَةٍ وَانْحِرَافٍ *** يَوْمَ عَادَى الإِسْلاَمَ فِكْرٌ عَلِيلٌ(1)
مَا تَوَانَوْا عَنْ مَوْقِفِ الحَقِّ يَوْماً *** وَهُمْ مِقْوَلٌ وَسَيْفٌ صَقِيلُ
كُلَّمَا لاَحَ فِي المَطَالِعِ نَجْمٌ *** قِيلَ هَذَا قَدْ أَنْجَبَتْهُ البَتُولُ(2)
غَمَرَ الأَرْضَ بِالمَكَارِمِ حَتَّى *** مَلأَ الحَافِقِيْنَ مِنْهُ القَلِيلُ
وَسَيَبْقَى أَبْنَاءُ فَاطِمٍ حُصْناً *** لَيْسَ يَقْوَىٰ عَلَيْهِ بَاغٍ ذَلِيلُ
لَهُمُ المَجْدُ والمَسِيرَةُ حَتَّى *** يَبْسُطَ العَدلَ غَائِبٌ مَأْمُولُ
ص: 308
ص: 309
ص: 310
(بحر الوافر)
الشيخ إبراهيم البلادي (*)(1)
بَدَأْتُ بِحَمْدِ مَنْ خَلَقَ الأَنَاما *** وَ أَشْكُرُهُ عَلَى النَّعْمَا دَوَاما
هُوَ المَوْجُودُ خَالِقُنَا وُجُوباً *** وَ لَمْ أُثْبِتْ لِمُوجِدِنَا انْعِداما
لَقَدْ خَلَقَ الوَرَى إِظْهَارَ كَنْزِ *** تَسَتَرَ فَاسْتَفَضَّ لَهُ الخِتَاما(2)
أصولٌ خَمْسَةٌ لِلدِّينِ مِنْهَا *** لَهُ العَدْلُ الَّذِي فِي الحُكْمِ دَامَا
ص: 311
وَ ثَانِي الخَمْسَةِ التَّوْحِيدُ فِيهِ *** وَ نَفْيْ شَريكهِ أَبَداً دَواما
وَ ثَالِتُهَا النُّبُوَّةُ وَ هْيَ لُطفٌ *** عَظِيمٌ دَائِم عَمَّ الأَناما
وَ رَابِعُها الإمامَهُ وَ هْيَ لُطفٌ *** مِنَ البَارِي بِهِ الدِّينُ اسْتَقَاما
وَ خَامِسُها المَعَادُ لِكُلِّ جِسْمٍ *** وَ رُوحِ وَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَامَا
وَ إِنَّ إِلْهَنا فِي الحُكْم عَدْلُ *** يُخَاصِمُ كُلَّ مَنْ ظَلَمَ الإماما
وَ إِنَّ النَّارَ وَ الجَنَّاتِ حَقٌّ *** عَلَى رَغْم الَّذِي جَحَدَ القِيَاما(1)
وَ إِنَّ المُؤْمِنِينَ لَهُمْ جِنَانٌ *** وَ نَارُ الكَافِرِينَ عَلَتْ ضِراما(2)
وَ إِنَّ الرُّسُلَ أَوَّلُهُمْ أَبُوهُمْ *** وَ ذَلِكَ آدم خصَّوا السَّلاما
وَ أَفْضَلُهُمْ أُولُوالعَزمِ الأَجِلاً *** وَ مَنْ عَرَفُوا لِرَبِّهِمُ المَقَاما
وَ هُمْ نُوحٌ وَ إِبْرَاهِيمُ مُوسَى *** وَ عِيسَى وَ الأَمِينُ أَتَى خِتَاما
مُحَمَّدُ هُمْ وَ أَحْمَدُ هُمْ تَعَالاً *** وَ أَعْلاهُمْ وَ قاراً وَ احْتِشاما(3)
فَأَشْهَدُ مُخْلِصاً أَنْ لاإلهَ *** سِوَى اللَّهِ الَّذِي خَلَقَ الأَنَاما
وَ أَنَّ مُحَمَّداً لِلنَّاسِ مِنْهُ *** نَبِيٌّ مُرْسَلٌ بِالأَمْرِ قَامَا
وَ أَشْهَدَ أَنَّهُ وَلَّى عَلِيًّا *** وَلِيَّ اللَّهِ لِلدِّين اهْتِمَاما(4)
ص: 312
وَ صَیّرَهُ الخَلِيفَةَ يَوْمَ «خُمُ» *** بِأَمْرِ اللَّهِ عَهْداً وَ الْتِزَاما
وَ نَصَّ عَلَى الأَئِمَّةِ مِنْ بَنِيهِ *** هُنَاكَ عَلَى المَنَابِرِ حِينَ قَاما
فَأَخَاهُ النَّبِيُّ وَ فِي البَرَايا *** بحُكْمِ اللَّهِ صَيَّرَهُ إِمَاما
وَ عَظَمَهُ وَ لَقَّبَهُ بِوَحْي *** أَمِيرَالمُؤْمِنِينَ فَلَنْ يَرَاما
وَ زَوَّجَهُ البَتُولَ لَهَا سَلاَمٌ *** مِنَ اللَّهِ الوُصُولَ وَ لَاانْصِراما
فَكَانَ لَهَا الفَتَى كُفُواً كَريماً *** فَأَوْلَدَهَا أَيْمَّتَنَا الكِرَاما(1)(2)
ص: 313
(بحر الرمل)
الأستاذ تسنيم مهدي (أبوزكي)
أَزْهَرَ الكَوْنُ بِنورِ الفاطِمَة *** وَ تَبَدَّتْ ظُلُماتٌ قاتِمَة(1)
وَ ثَوى الغُفْرانُ مِنْ رَبِّ السَّما *** في نُفوسِ الْخَلْقِ تِلْكَ الأَئِمَة
وَالتَهاني مِنْ سَماواتِ العُلى *** تَمْلأُ الآفاق شَوْقاً هائِمَة
وَ تَهادى مَوْكِبُ النورِ بها *** وَ تَوالَتْ قَبَات عارِمَة
تَطْرُدُ الشَيْطَانَ مِنْ أَرْوَاحٍ مَنْ *** حُبُّهُمْ فيها عدا الناسِ سِمَة
شايَعوها وَ أَباها مِثْلَما *** بَعْلَها وَ النَّسْلَ مِنْها الكاظِمَة
فَرِضاها مِنْ رِضا خالِقِنا *** وَ هَواها في النفوسِ الْحالِمَة
وَ لِمَنْ يُغْضِبُها مُحْضَرَةٌ *** نارُ جَبّارِ السَماءِ الْحَاطِمَة(2)
وَ هيَ أُمّ لأبيها فُدِيَتْ *** بِجَمِيعِ الْخَلْقِ طراً سالِمَة
وَ هيَ سِرُّ أَقْدَسٌ مُسْتَوْدَعُ *** روحُ رَبِّي لمداها عالِمَة
كَبَّرَ الأَمْلاكُ في العَرْشِ لَها *** حينَما هَلَّتْ عَلَيْهِمْ قائِمَة
أعْتَقَتْ في حُبِّها شيعَتَها *** وَ هَوَتْ في النار أُخْرَى ظالِمَة
نَحْنُ في يَوْمِكِ يا سَيِّدَتي *** وَ قُلوبُ الود فيكُمْ مُغْرَمَة
فَفُؤادُ الحُبُّ فينا مُمْتَلي *** بِالهَوى، وَ النَّفْسُ فينا مُفْعَمَة
ص: 314
وذا أنفاسُنا تَلْهَجُ في *** حُبِّكِ الطاهِرِ دَوْماً ساهِمَة(1)
نَحْنُ أَحْبابكِ يا سَيِّدَتي *** نَحْنُ أَنْباعُ البتول الغانِمَة
نَرْتَجِي رِضْوانَ رَبِّ غافِرٍ *** يَوْمَ تَلقى الخلُق طرّاً واجمة(2)
أَنَّكِ حِصْنُ حَصينٌ راسخً *** وَ طَريقٌ آمِنٌ يا عالِمَة
وَ رِضاكِ مِنْ رِضا اللَّهِ كَما *** سُخْطُكِ يُسْخِطُ يا غَانِمَة
وَ هَواكِ جُنَّةٌ مِنْ سَقَرٍ *** وَ مُوالاتُكِ مِنْهُ فَاطِمَة
ص: 315
(بحر البسيط)
السيد حميد الأعرجي(*)(1)
ماذا أقولُ و قلبي قال قبلَ فَمِي *** حبُّ البتول سرى في أعظُمي وَ دَمي
حبُّ لبنتِ رسول الله الهَمَهُ *** ربُّ البريةِ نفسي فانجلَتْ غممي
هى الشفيعةُ يوم الحشر تنقذُنا *** من حرِّ نار لظّى من كلِّ مضطرِم
بحبِّها يستحيلُ الياسُ مرحمةً *** لليائسين فيضحِي الكلُّ في نِعمِ
تعلمُوا الصبرَ منها فهي مدرسةً *** للصابرين بلا جُهدٍ وَ لاسأم
أُستاذُها خيرُ خلقِ اللَّه أجمَعِهِم *** هو النبيُّ أبو الزهراءِ ذو الشَّيَم
نصَّ الإلهُ على أخلاقِهِ و أتت *** آياتُهُ في مديحِ الخلقِ بالعظمِ
نورٌ براهُ إلهُ الكونِ من قدمٍ *** وَ قبلَ خلقِ صفيحِ اللوحِ و القلمِ
نشَعَّ نورُ نبيِّ اللَّه منطلقاً *** من عالم الذرِّ حتى زاحَ للعتمِ
ص: 316
و أشرقت أرضُ إبراهيم حيثُ بَدَتْ *** أنوارُ أحمد تجلو غيهب الظلمِ
فأسقطتْ كل زيفٍ كان متبعاً *** و أهلكت كل طاغوتٍ و منتقمٍ
و شاءَ ربُّك أن يهدي محمَّدَهُ *** هديةً من صنيعِ الله ذي الكرمِ
فأنعم اللَّه بالزهراءِ حيثُ غدَتْ *** ينبوع خيرٍ لكلِ الخلقِ و الأممِ
فاسترِّ قلبُ رسولِ اللَّه و ابْتَهَجَتْ *** بها خديجةُ ذاتُ المجدِ و الشممِ
حتى غدا بیتُ طه في ولادِتِها *** يزهُو بنوريهما كالبدرِ في الظُلمِ
واستبشرتْ كلُّ أملاكِ السما فرحاً *** أما الطيورُ فغنَّت أعذبَ النغمِ
وَ انسابَ صوتُ زلالِ الماء في طربٍ *** يشدو بأنغامهِ فِي أجملِ الكَلِمِ
أما النسائمُ هبتْ فاعتلتْ و رختْ *** تحِكي بفضلِ كريمٍ بارىء النَّسَمِ
و عبّرتْ بلسانِ الحالِ قائلةً *** يا أيها المصطفى المختارُ لاتنمِ
فاليومَ جاءَتْ إلى الدنيا مطهرةً *** ريحانةً قد هداها اللَّهُ فاستلمِ
واهنأ بها غرسةً ما مثلُها نبتتْ *** في الخلدِ من نبتةٍ كلا و لم تقمِ
ریحانةُ ابدعتها كفُّ صانعِها *** سبحانَهُ مبدعُ الدنيا من العدمِ
و أينعتْ نبتةُ الأيمانِ وازدهرتْ *** فأثمرتْ في ظلالِ الخيرِ و الكرمِ
ریحانتين هما سبطا هدًى و تقّى *** أبوهما حيدرُ الكرارُ ذو الشيمِ
أعني الزكيَّ إمام الحقِّ ذا حسناً *** و هو الذي قد سما في الخلقِ من قدمِ
أما حسينُ فيكفي الاسمُ عن بطلٍ *** فذٍ شجاعٍ تحدى الظلمَ خيرِ كمي
صوتٌ يدوّي على الأيام من زمنٍ *** عبر القرونِ يصيبُ الزيفَ في صممِ
و مشعلٍ قد أضاءَ اللَّهُ شعلتَهُ *** من نورهِ كي يضيء الدربَ بالقيمِ
أولاء من فاطمٍ من حيدرٍ ولدوا *** أكرم به في التُّقى و العلمِ من عَلَمِ
ص: 317
(بحر البسيط)
الحافظ البرسي الحلي(*)(1)
ما هاجَنِي ذِكْرُ ذَاتِ البَانِ وَ العَلَم *** وَ لَاالسَّلاَمُ عَلَى سَلْمَى بِذِي سَلَم(2)
وَ لاَصَبَوْتُ لِصَبِّ صَابَ مَدْمَعُهُ *** مِنَ الصَّبَابَةِ صَبَّ الوَابِلِ الرّزِمِ(3)
وَ لاعَلَى طَلَلٍ يَوْماً أَطَلْتُ بِهِ *** مُخاطباً لأهَيْلِ الحَيَّ وَ الخِيَمِ
وَ لاتَمَسَّكْتُ بِالحَادِي وَ قُلْتُ لَهُ: *** إِنْ جِئْتَ سَلْعاً فَسَلْ عَنْ جِيرَةِ العَلَمِ(4)
لكِنْ تَذَكَّرْتُ مَوْلاَيَ الحُسَيْنَ وَ قَدْ *** أَضْحَى بِكَرْبِ البَلا فِي كَرْبَلاءَ ظَمِي
فَقَاضَ صَبْرِى وَ فَاضَ الدَّمْعُ وَ ابْتَعَدَ *** الرُّقَادُ وَ اقْتَرَبَ السُّهَادُ بِالسَّقَم(5)
وَ هَامَ إِذْ هَمَّتِ العَبَرَاتُ مِنْ عَدَمِ *** قَلْبِي وَ لَمْ أَسْتَطِعْ مَعَ ذَاكَ مَنْعَ دَمِي
لَمْ أَنْسَهُ وَ جُيُوشُ الكُفْرِ جَائِشَةٌ *** وَ الجَيْشُ فِي أَمَل وَ الدِّينُ في ألم
تَطُوفُ بِالطَّفْ فُرْسَانُ الضَّلالِ بِهِ *** وَ الحَقُّ يُسْمَعُ وَ الأَسْمَاعُ فِي صَمَمِ
وَ لِلْمَنَایَا بِفُرْسَانِ المنى عَجَلٌ *** وَ المَوْتُ يَسْعَى عَلَى سَاقٍ بِلا قَدَمٍ
مُسَائِلاً وَ دُمُوعُ العَيْنِ سَائِلَةٌ *** وَ هُوَ العَلِيمُ بِعِلْمِ اللَّوْحِ وَ القَلَمِ
ص: 318
مَا اسْمُ هَذَا الثَّرَى يَا قَوْمُ فَابْتَدَرُوا *** بِقَوْلِهِمْ يُوصِلُونَ الكَلمَ بِالكَلِمِ
بِكَرْبَلا هُذِهِ تُدْعَى. فَقَال: أَجَلْ *** أَجَالُنَا بَيْنَ تِلْكَ الهُضْبِ وَ الأَكَمِ
حُطُّوا الرِّحَالَ فَحَالُ المَوْتِ حَلَّ *** بِنَادُونَ البَقَاءِ وَ غَيْرُ اللَّهِ لَمْ يَدمِ
يَا لِلرِّجَالِ لِخَطب حَلَّ مُخْتَرمَ *** الآجَالِ مُعْتَدِياً فِي الأَشْهُرِ الحُرُمِ
و يقول فيها:
أَيْنَ النَّبِيُّ وَ ثَغْرُ السِّبْطِ يَقْرَعُهُ *** يَزِيدُ بُغْضاً لِخَيْرِ الخَلْقِ كُلِهِمِ؟
أيَنْكُتُ الرِّجْسُ ثَغْراً كَانَ قَبْلَهُ *** مِنْ حُبِّهِ الظهرُ خَيْرُ العُرْبِ وَ العَجَمِ؟
وَ يَدَّعِي بَعْدَهَا الإِسْلامَ مِنْ سَفَةٍ *** وَ كَانَ أَكْفَرُ مِنْ عَادٍ وَ مِنْ إِرَمِ؟
يَا وَيْلَهُ حِينَ تَأْتِي الطُّهرُ فَاطِمَةٌ *** فِي الحَشْر صَارِخةً فِي مَوْقَفِ الأُمَمِ(1)أي أنهم يشفعون للإنسان لأنه اتسم بصفة المحبة لآل البيت.(2)الغدير، ج7، ص62.(3)
ص: 319
تَأْتِي فَيُطْرِقُ أَهْلُ الجَمْعِ أَجْمَعُهُمْ *** مِنْهَا حَيَاءٌ وَ وَجْهُ الأَرْضِ فِي قَتَمِ
وَ تَشْتَكِي عَنْ يَمِينِ العَرْشِ صَارِخَةً *** وَ تَسْتَغِيثُ إِلَى الجَبَّارِ ذِي النِّقَمِ
هُنَاكَ يَظْهَرُ حُكْمُ اللَّهِ فِي مَلاٍ *** عَضُوا وَ خَانُوا فَيَا سُحْقاً لِفِعْلِهم
وَ فِي يَدَيْهَا قَمِيصُ لِلْحُسَيْنِ غَدا *** مُضَمَّخاً بِدَمٍ قَرْنا إِلَى قَدَمِ(1)
ص: 320
(بحر الخفيف)
الشيخ حبيب آل إبراهيم العاملي
أَصْبَحَ الدَّهْرُ ضَاحِكَ الثَّغْرِ بَاسِمُ *** يَوْمَ مِيلادِ بِنْتِ أَحْمَدَ فَاطِمُ
مَلأ العَالَمِينَ نُورُسَنَاها *** أَي نُورٍ مَلاً سَنَاهُ العَوَالِمْ(1)
زَهْرَةٌ فَتَحَتْ بِرَوْضِ قُرَيْشٍ *** فِي عُلاَ الدَّوْحَةِ الشَّرِيفَةِ هَاشِمُ
بَسَقَتْ لِلسَّمَاءِ مَجْداً وَ عِزَّاً *** وَ عُلَى وَ هْيَ فِي كُمَامِ البَرَاعِمْ
إِن تَسَلْنِي أُنْبِتكَ عَنْهَا فَإِنِّي *** مَا أَنَا اليَوْمَ عَنْكَ ذلِكَ كَاتِمْ
هِيَ إِحْدَى الأَشْبَاحِ إِذْ قَدْ تَجَلَّتْ *** يَمْنَةَ العَرْشِ كَالنُّجُومِ لَآدَمُ(2)
ص: 321
حَدَرَتْ مِنْ سَمَا الوُجُودِ تَهَادَى *** مِنْ كَرِيمٍ لأُمَّهَاتِ كَرَائِمُ(1)
مِنْ أَبٍ سَابِقٍ وَ أُمْ أَصِيلٍ *** مِنْ لَدَى المُبْتَدَا لآخَرَ خَاتِمْ
ظهُرَتْ مَحْئِداً وَ نَفْساً وَ طَابَتْ *** وَ تَعَالَتْ مَنَاقِباً وَ مَكَارِمُ(2)
وهيَ لَوْلاً أَنَّ الوَصِيَّ عَلِيٌّا *** خِيرَةُ العُرْبِ كُلِّهَا وَ الأَعَاجِمُ
كُفُؤُهَا لَمْ يَكُنْ لِفَاطِمَ كُفْوٌ *** إِنَّ عَنْ كُفْرِهَا النِّسَاءَ عَقَائِمُ(3)
فَتَجَلَّى الوَحْيُ المُبِينُ فَوَفَّى *** مَادِحاً صَادِعاً يَشُقُ الصَّلادِمُ(4)
يُلْزِمُ المُسْلِمِينَ فَرْضُ وَلاهَا *** وَ جَدِيرٌ بِأنْ تُوَالِي الأعَاظِمُ
مُعْلِناً طُّهرَها وَ أَنَّى لِبنْتٍ *** المُصْطَفَى المُجْتَبى اقْتِرَافُ المَائِمُ؟
ص: 322
(بحر الوافر)
الشيخ حسن البحراني القيسي(*)(1)
فَبِالزَّهْرَا مُصِيبَتُنَا عَظِيمَهْ *** وَ أَدْمُعُنَا حَكَتْ سُحُباً سَجِيمَهْ(2)
نَحِنُّ لَهَا وَ حُقَّ لَنَا بُكَانَا *** إِذَا ذُكِرَتْ مَصَائِبُهَا الأَلِيمَهْ
أَلاَ يَا وَيْلَتَا رُوحِي فِدَاهَا *** وَ أَحْزَانِي عَلَيْهَا مُسْتَقِيمَهْ
إِذَا ذُكِرَتْ يَحِنُّ لَهَا فُؤَادِي *** وَ أَنْدُبُهَا كَمَا تَبْكِي السَّقِيمَهْ
إِذَا جَنَّ الدُّجَى حَنَّتْ وَ أَنَّتْ *** فَيَا حُزنَاً لَهَا وَ هِيَ الكَرِيمَهْ
تُنَادِي: يَا أَبِي وَحِمَايَ مَنْ لِي *** إِذَا أَبْدَى الظَّلامُ لَنَا نُجُومَهْ؟
أبِي خَلَّفْتَنِي يَا نُورَعَيْنِي*** كَنَوْحٍ حَمَامَةٍ أَبْكِي يَتِيمَهْ
وَ هذِيْ أَدْمُعِي تَجْرِي بِخَدي *** لِفَقْدِكَ مِثْلَ عَادِيَةٍ عَمِيمَهْ(3)
وَ ذِي عَيْنِي مِنَ التَّسْكَابِ حَمْرَا *** تَسِيلُ دَماً وَ تَهْمِلُ مُسْتَدِيمَهْ(4)
فَمِثْلُكَ يَا أَبِي مَنْ لِي رَحِيمٌ *** وَ مَنْ لِي مِثْلُ نَفْسِكَ مِنْ رَحِيمَهْ؟(5)
ص: 324
أُمَثْلُ حُزْنَهَا مُذْ فَارَقَتْهُ *** فَعَادَتْ بَعْدَ فُرْقَتِهِ سَقِيمَهْ
إذَا نَظَرَتْ إِلَى المِحْرَابِ نَادَتْ *** بِصَوْتٍ مِثْلَمَا نَاحَتْ سَلِيمهْ(1)
و أَدْمُعُهَا تَسِيلُ بِلَاانْقِطَاعٍ *** كما تجْرِي مِنَ الأنظار دِيمَهْ(2)
فَيَا سِنَّ النِّسَاءِ وَمَنْ أَبُوهَا *** أَيَادِيهِ عَلَى الدُّنْيَا عَمِيمَهْ
عَلَيْكِ صَلاةُ رَبِّي مَا تَرَامَتْ *** نُجُومُ الأُفُقِ رَامِيَةً رَجِيمَهْ(3)
ص: 325
(بحر البسيط)
الشيخ حسن البحراني القيسي(*)(1)
الدَّمْعُ مِنّي عَلَى الخَدَّيْنِ مُنْسَجِمُ *** وَ القَلْبُ مِنِّي بِنَارِ الحُزْنِ مُضْطَرِمُ(2)
أَبْكِي كَمَا نَاحَ تُمْرِيٌّ عَلَى شَجَرٍ *** يَحْدُو بِجُنْح دُجى تَنْتَابُهُ الظُّلَمُ(3)
يَبْكِي وَ يَنْدُبُ إِلفاً شَطَ مُبْتَعِداً *** عَنْهُ فَلَذَّ لَهُ التَّغْرِيدُ وَ النَّغَمُ
مَنْ لِي بِسَلْوَةِ قَلْبٍ فِيهِ قَدْ لَعِبَتْ؟ *** مِنَ الخُطُوبِ رَزَايَا كُلُّهَا أَلَمُ
وَ مُهْجَةٌ بِضِرَامٍ كُلُهَا سُعُرٌ *** كَأَنَّهَا بِلَهِيبِ الجَمْرِ تَحْتَدِمُ
بِاللَّهِ بِاللَّهِ يَا خِلِّي أَلَمْ تَرَنِي *** أَرْعَى النُّجُومَ وَ دَمْعُ العَيْنِ يَنْسَجِمُ؟
مَا مَرَّ جَفْنِي هُجُوع لا وَ لاَوَسَنٌ *** وَ لَمْ يَطِبْ لِي نَعِيمٌ لاوَ لانِعَمُ(4)
فَقَالَ مَا تَشْتَكِي بِاللَّهِ قُلْ فَأَرَى *** عَلامَةَ الوَجْدِ فِي خَدَّيْكَ تَرْتَسِمُ
أَهَلْ شَجَتْكَ لَيَالٍ قَدْ نَعِمْتَ بِهَا *** فَفَارَقَتْكَ فَدَمْعُ المُقْلَتَيْنِ دَمُ؟
أَم الأحَبَّةُ شَطُوا عَنْكَ وَ ارْتَحَلُوا *** فَسَارَ يَطْوِي فَيَا فِي البِيدِ رَكْبَهُمُ(5)
فَيَافِي فَقُلْتُ حَاشَا وَكَلا مَا شَجَيْتُ لِذَا *** وَ لاَ لِهَذَا وَ إِنْ قَدْ مَضٌ بُعْدُهُمُ
ص: 326
لكِنْ شَجَانِي مَا أَشْجَى البَتُولَةَ بِنْتَ *** المُصْطَفَى خَيْرَ مَنْ دَاسَتْ لَهُ قَدَمُ
أَرْضَ البَسِيطَةَ فَاهْتَزَّتْ جَوَانِبُهَا *** بِعَدْلِهِ وَانْجَلَتْ عَنْ وَجْهِهَا الغُمَمُ
أَبْكِي لَهَا وَ عَلَيْهَا كَيْفَ قَدْ جُمِعَتْ *** مَصَائِبٌ كَظَلامِ اللَّيْلِ تَزْدَحِمُ؟
تَبْكِي فَيُشْجِي بُكَاهَا القَلْبَ إِنْ نَحَبَتْ *** وَ الدَّمْعُ فِي صَحْنِ خَدَّيْهَا لَهُ كُلُمُ(1)
تَدْعُو:أَبِي يَا أَبِي ضَيَّعْتَنِي فَأَنَا *** مِنْ بَعْدِ فَقْدِكَ تَكْلَى شَفَّنِي السُّقُمُ(2)
يَا وَالِدِي تِلْكَ أَطْفَالِي فَلَيْتَ تَرَىٰ *** عَلَيْهِمُ كَيْفَ لاَحَ الضُّرُّ وَ اليُتُمُ
وَ تِلْكَ رَيْحَانَنَاكَ الطَّاهِرَانِ هُمَا *** يَسْتَصْرِخَانِ وَ فِي قَلْبَيْهِمَا ضُرَمُ
وَ يَنْدِبَانِ أَلاَ يَا جَدُّ لَيْسَ لَنَا *** مِنْ بَعْدِ فَقَدِكَ أَفرَاحٌ وَ مُبْتَسَمُ
يَا بِنْتَ خَيْرِ نَبِيَّ كُلُهُ كَرَمٌ *** وَ لِلْبَرِيَّةِ حَقاً فَضْلُهُ عَمَمُ
هَذِي رَزَايَاكِ أَبْكَتْنَا فَأَدْمُعُنَا *** لِرُزَيكُمْ وَ لِما قَدْ نَالَكُمْ دِيَمُ
أَبْكِيكِ مَكْسُورَةَ الطِّلْعَيْن بَاكِيَةً *** بَيْنَ الجِدَارٍ عَلَيْكِ القَوْمُ قَدْهَجَمُوا
أبْكِيكِ وَ الصَّدْرُ فِيهِ لَوْعَةٌ وَ شَجَا *** قَدْ سَالَ مِنْ وَ حْزَةِ المِسْمَارِ مِنْهُ دَمُ
قَدْ أَسْقَطُوكِ جَنِيناً كَانَ أَحْمَدُ قَدْ *** سَمَاهُ مُحْسِنَ لَمّا بَيْتَكِ اقْتَحَمُوا(3)
ثُمَّ انْتَنَوا لأمير المُؤْمِنِينَ وَقَدْ *** قَادُوهُ وَ هُوَ الإِمَامُ الطَّاهِرُ العَلَمُ
فَرُحْتِ خَلْفَهُمُ تَدْعِينَ نَادِبَةً: *** خَلُوا ابْنَ عَمِّي، وَمِنْكِ الدَّمْعُ مُنْسَجِمُ
خَلُوا عَلِيّاً وإلا قُمْتُ شَاكِيةً *** إِلَى الإِلهِ فَيُفْنِي اليَوْمَ جَمْعَكُمُ
رَوَّعْتُمُ صِبْيَتِي يَبْكُونَ وَ الِدَهُمْ *** لأَدْعُوَنَّ عَلَيْكُمْ لاأَبا لَكُم
رَدُّوا إِلَيْكِ وَرَاحَ السَّوْطُ مُلْتَوِياً *** عَلَيْكِ قَسْراً وَ مَا رَاعَاكِ جَمْعُهُمُ
ص: 327
يَا سَوْطَ قُنْفُذَ قَدْ أَلَمْتَ فَاطِمَةً *** عَادَتْ وَفِي مَتْنِهَا كَالدُّمْلُحِ الوَرَمُ(1)
ص: 328
يَا بِنْتَ أَحْمَدَ يَا مَنْ فَضْلُهَا أَبداً *** بَادٍ مَدَى الدَّهْرِ فِي أَنْوَارِهِ عَلَمُ
مَا مَرَّ رُزُوكِ يَا بِنْتَ النَّبِيِّ عَلَى *** قَلْبِي وَحَقِّكِ إِلا انْتَابَهُ الأَلَمُ
صَلَّى اللهُ عَلَيْكُمْ مَا بَدَا قَمَرٌ *** بِجُنْحِ لَيْلٍ وَ عَنْهُ انْجَابَتِ الظُّلَمُ(1)
ص: 329
(بحر الكامل)
الشيخ حسن البحراني القيسي(*)(1)
مَنْ ذَاكَ يَعْذِرُنِي مِنَ الأَيَّامِ؟ *** فِيهَا طَغَى وَجْدِي وَزَادَ سَقَامِي
أَنَا كُلَّمَا حَاوَلْتُ مِنْهَا مَهْرَباً *** جَارَتْ عَلَيَّ بِجَيْشِهَا المِقْدَامِ
وَ الدَّهْرُ يُسْعِفُهَا عَلَيَّ فَتَنْثَنِي *** تَعْدُو عَلَيَّ كَعَدْوَةِ الصِّرْ غَامِ(2)
مَا لِلزَّمَانِ بِجَوْرِهِ وَ عِنَادِهِ *** كَالذُّنْبِ إِذْ يَعْدُو عَلَى الأَغْنَامِ
يَقْسُو عَلَيَّ فَسَاوَةً فَتَخَالُهُ *** دَيْناً يُطَالِبُنِي مَدَى الأَعْوَام
الأَنْنِي أُرْخِي إِلَيْهِ جَوَانِبِي *** وَ أَلِينُ مِثلَ تَلايُنِ الآجَامِ؟
أمْ أَنَّ دَهْرِي تَابِعُ أَبْنَاءَهُ *** يُجْزُونَ بِالسُّوأى عَلَى الإِنْعَام؟
هَيْهَاتَ لاتَعْجَبْ لِدَهْرِكَ إِنْ قَسَا *** فَالدَّهْرُ شِيمَتُهُ طِبَاعُ لِئَامِ
فَالدَّهْرُ لاَتَأْمَنُهُ مِنْ خُدَع فَلا *** يَرْعَى إِلَيْكَ الدَّهْرُ أَيَّ ذِمَامِ(3)
أَوَمَا رَأَيْتَ فِعَالَهُ بِبَنِي الهُدَى *** آلِ النَّبِيِّ وَ صَفْوَةِ العُلامِ؟
وَ لَقَدْ رَمَى قَلْبَ البَنُولَةِ فَاطِمٍ *** بِمَصَالِبٍ وَ نَوَائِبٍ كَسِهَامِ
فَقَدَتْ أَبَاهَا وَ الشَّجَاءُ أَمَضَّهَا *** وَ الهَمُّ عَاجَلَ جِسْمَهَا بِسَقَامِ
ص: 330
فَإِذَا بِهَا مِمَّا عَرَاهَا مِنْ أَسَى *** وَ شَجِّى تَنُوحُ لَهُ كَنَوح حَمَامِ
فَتَرَى المَنَازِلَ وَحْشَةً مِنْ بَعْدِهِ *** وَ ضِيَاءَهُ مُسْتَبْدَلاً بِظَلامِ
لَمْ أَنْسَهَا إِذْ أَقْبَلَتْ لِضَرِيحِهِ *** وَ لِقَبْرِهِ ذَاكَ الضَّرِيحُ السّامِي
أخَذَتْ تُرَابَ القَبْرِ تَنْشُقُ عِطْرَهُ *** وَ الدَّمْعُ فِي الوَجَنَاتِ سَيْلٌ هَامِي
يَا وَالِدِي ضَيَّعْتَنِي أَوْ حَشْتَنِي *** اثْكَلْتَنِي يَا صَفْوَةَ العَلامِ
يَا وَالِدِي الْفُرْ إِلَيَّ حَزِينَةً *** أَضمَتْ فُؤَادِي لَوْعَةُ الآلامِ(1)
مَكْسُورَةَ الأَضْلاعِ جِسْمِي نَاحِلٌ *** وَ مَدَامِعِي حُمْرٌ تَسِيلُ دَوَامِ(2)
مَلْطُومَةً عَيْنِي أَحِنُّ تَألُّماً *** مَنَعَتْ شُجُونِي سَلْوَتِي وَ مَنامِي
يَا وَالِدِي امْنُنْ عَلَيَّ بِنَظْرَةٍ *** تَشْفِي بِهَا قَلْبِي مِنَ الأَسْقَامِ
يا وَالِدِي جُدْ بِالجَوَابِ عَلَى الَّتِي *** رَبَّيْتَهَا فِي العِز وَالإِكْرَامِ
يَا وَالِدِي يَا خَيْرَ ذُخْرِ كُنْتَ لِي *** يَا وَالِدِي انْظُرْ إِلَى أَيْتَامِي
أنْظُرُ لأطْفَالِي وَ قَدْ رَبَّيْنَهُمُ *** فِي حِجْرِكَ المَيْمُونِ بِالإنْعَامِ
ص: 331
عَادُوا يَتَامَى بَعْدَ فَقْدِكَ دَمْعُهُمْ *** يَجْرِي عَلَى الخَدَّيْنِ مِثْلَ غَمَامِ
اللَّهُ مَا أَدْهَى مُصَابَكَ فَاطِمٌ *** يَنْهَد مِنْهُ شِمَامُ كُلّ شِمَام
ثُمَّ الصَّلاةُ عَلَيْكِ مَا شَمْسُ الضُّحَى *** قَدْ بَدَّدَتْ بِالنُّورِ وَجْهَ ظَلامِ(1)
ص: 332
(بحر الخفيف)
الشيخ حسن الجامد(*)(1)
يَا إِمَاماً بِهِ الوُجُودُ اسْتَقَامًا *** قُمْ سَرِيعا وَ اسْتَنقِذ الإِسْلَامَا
كُلُّ عَامِ بَلْ كُلُّ يَوْمٍ جَدِيدٍ *** مِنْكَ نَرْجُو يَابْنَ النَّبِيِّ القِيَامَا
الوحى الْوَحَى يَا نَجْلَ طَهَ *** عَلَّنَا نَشْتَفِي وَ نَقْضِي المَرَامَا(2)
أفَتَنْسَى مَا قَدْ جَرَى بَعْدَ طَهَ *** مِنْ خُطُوبِ تُحَبرُ الأَحْلامَا؟
نَكَثَ القَوْمُ بَيْعَةَ المُرْتَضَى الهَادِي *** وَ لَمْ يَرْقُبُوا لِطه دِمَامَا(3)
ص: 333
عزلُوا حَيْدَراً وَ قَدْ أَخَرُوهُ *** عَنْ مُقَامِ فِيهِ الإِلهُ أَقاما
وَ أَتَوْا دَارَهُ وَ جَرُّوهُ حَتَّى *** أَخْرَجُوهُ مَلبَّباً مُسْتَضَاما(1)
وَ البَتُولُ العَذْرَاءُ بَضْعَةٌ طَهَ *** كَابَدَتْ مِنْهُمُ أُمُوراً عِظَاما
غَصَبُوا إِرْثَهَا عِنَاداً وَ ظُلْماً *** لَطَمُوا خَدَّهَا وَ رَضُوا العِظَاما
أَسْقَطُوهَا وَ قَنَّعُوا مَتْنَهَا السَّامِي *** وَ لَمْ يَجْعَلُوا لِطهَ احْتِراما
ثُمَّ عَاشَتْ بِالذُّلْ وَ الهَضْمِ حَتَّى *** لَحِقَّتْ بِالنَّبِيِّ تَشْكُو اهْتِضَاما(2)
ص: 334
ص: 335
(بحر الخفيف)
الشيخ الملا حسن عبد الله آل جامع
كَيْفَ يَهْتَىٰ جِسْمِي بِطِيبِ مَنَامِ *** وَ نَبِيُّ الهُدَى طَرِيحُ سَقَامِ؟(1)
فَلَقَدْ كَابَدَ الأذِيَّةَ وَ التَّكْذِيبَ *** فِي بَدهِ دَعْوَةِ الإسلام
مِنْ قُرَيْشٍ وَكُلِّ رِجْسٍ غَوِيٍّ *** قَابَلَ المُصْطَفَى بِأَقْسَى الكَلامِ(2)
كَمْ أَرَادُوا قَتْلَ النَّبِيِّ مِرَاراً *** وَ لَهُ اللَّهُ نَاصِرٌ وَ مُحَامِي
حَجَّ حِجَ الوَدَاعِ عَنْ أَمْرِ *** مَوْلاَهُ لِإِثْبَاتِ حُجَةٍ وَ مَقَامِ
فَقَضَى حِجَّهُ وَأَوْضَحَ لِلنَّاسِ *** جَمِيعَ الأُمُورِ فِي الأحْكَامِ
وَانْثَنَى رَاجِعاً وَقَدْ جَاءَ جِبْرَئِيلُ *** رَسُولاً مِنْ رَبِّهِ بِالسَّلاَمِ
قَائِلاً: أَيُّهَا الرَّسُولُ فَبَلِّغْ *** شِرْعَةَ اللَّهِ فِي عَلِيِّ الإِمَام(3)
وَ انْصِبِ المُرْتَضَى عَليًّا إِمَاماً *** ذَاكَ أَمْرُ المُهَيْمِنِ العَلامِ
وَ أَتَتْهُ عَلَى مَشَارِفِ خُمِّ *** عِصْمَةُ اللَّهِ مِنْ جَمِيعِ الأَنَامِ(4)
أمَرَ النَّاسَ بِالنُّزُولِ فَلَبَّوا *** طاعةٌ لِلنَّبِي نَسلِ الكِرام
نَصَبُوا مِنْبَرَ الحَدَائِج وَ الكُورِ *** لِخَيْرِ الوَرَى النَّبِيِّ التَّهَامِي(5)
ص: 336
فَرَقَى فَوْقَهُ النَّبِيُّ وَ أَرْقَى *** المُرْتَضَى الطُّهْرَ فَارِسَ الإِسْلامِ
وَ دَعَاهُمْ أَلا أَنْصِتُوا لِمَقَالِ *** أَنَا مُلْقِيهِ بَيْنَكُمْ فِي مُقَامِي
رَافِعَاً فِي الجُمُوعِ كَفَّ عَلِيَّ *** سَيِّدِ الأَوْصِيَاءِ بَدْرِ التَّمَامِ
إِنَّ هذا خَليفَتِي وَ وَصِيَّي *** وَ وَزِيرِي و ناصري في الزَّحامِ
إِنَّ هَذَا مَوْلاكُمُ وَ وَلِيُّ *** الأَمْرِ بَعْدِي وَ حُجَّةُ العَلامِ
فَأَجَابُوهُ: إِنَّنَا قَدْ سَمِعْنَا *** وَ أَطَعْنَاكَ فِي جَمِيعِ الكَلاَمِ
بَايَعُوا المُرْتَضَى وَ بِالحِقْدِ أَخْفُوا *** مَا أَكَنَّتْ صُدُورُهُمْ مِنْ مَرَامِ(1)
ثُمَّ لَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ المُفَدَّى *** سارَعُوا بِالأَذَى لِذَاكَ الإِمَامِ
قَبْلَ أَنْ يُودَعَ النَّبِيُّ بِقَبْرٍ *** نَكَثُوا بَيْعَةَ الإِمَامِ الهُمَامِ
ثُمَّ جَاءَتْ لِبَيْنِهِ وَ أَدَارَتْ *** خَطَبَ الجَزْلِ عُصْبَةُ الأَثَامِ(2)
فَانْثَنَتْ فَاطِمُ البَتُولُ وَ نَادَتْ *** مَا تُرِيدُونَ مِنْ عَلِيِّ المُقَامِ؟
ص: 337
فَدَعَا بَعْضُهُمْ عَلَيَّ بِنَارٍ *** أَوْعَلِيُّ يُقَادُ بِالإِرْغَامِ(1)
فَأَتَتْ فَاطِمُ البَتُولُ لِلبَابِ *** وَلاَذَتْ بِهِ عَنِ الأقوامِ
هَجَمَ القَوْمُ وَ البَتُولُ تَوَارَتْ *** وَ هْيَ مِصْدَاقُ عِفّةٍ وَ احْتِشامِ
عَصَرُوهَا وَ مُحْسِناً أَسْقَطُوهَا *** وَ عَلِيَّا قَادُو بِحَبْلِ الحُسَامِ(2)
كَسَرُوا ضِلْعَهَا فَيَا لَهْفَ نَفْسِي *** لِلَّذِي نَالَهَا مِنْ الآلامِ
رَوَّعُوهَا وَ عَيْنَهَا لَطَمُوهَا *** وَ دَعَوهَا رَهِينَةَ الأَسْقَامِ
فَقَضَتْ بِالأَسَى وَ بِالهَضْم حَتَّى *** لَحِقَتْ بِالنَّبِيِّ عِنْدَ السَّلامِ
وَ كَأَنِّي بِهَا اشْتَكَتْ مَا عَرَاهَا *** لأَبِيهَا مِنَ البُغَاةِ اللِّئَامِ(3)(4)
ص: 338
(بحر الطويل)
الشيخ حسن علي الخطي
وَ مَنْ يَنْظُرِ الدُّنْيَا بِعَيْنِ بَصِيرَةٍ *** يَجِدْهَا أَغَالِيطاً وَ أَضْغَاثَ حَالِمِ(1)
وَ يُوقِظُهُ نِسيانُ مَا قَبْلَ يَوْمِهِ *** إِلَى أَنَّهَا مَهمَا تَكُنْ طَيْف نَائِمِ
وَلكِنَّهَا سَحَّارةٌ تُظهِرُ الفَنَا *** بِصُورَةِ مَوْجُودٍ بِقَالَبٍ دَائِمِ
وَ لافَرْقَ فِي التَّحْقِيقِ بَيْنَ مَرِيرِها *** وَ مَا يُدْعَى حُلُوا سِوى وَ هُم وَاهِم
فَكَيْفَ بِنُعْمَاهَا يُغَرُ أَخُوحِجَى *** فَيَقْرَعُ إِنْ فَاتَتْ لَهَا سِنَّ نَادِمِ؟(2)
وَ هَلْ يَنبَغِي لِلْعَارِفِينَ نَدَامَةً *** عَلَى قَائِتٍ غَيْرَ اكْتِسَابِ المَكَارِمِ؟
وَ مَا هَذِهِ الدُّنْيَا بِدَارِ اسْتِرَاحَةٍ *** وَ تَحْصِيلِ لَذَّاتٍ لِغَيْرِ البَهَائِم
عَلَى قَدْرِ بُعْدِ المَرْءِ مِنْهَا ابْتِعَادُهُ *** عَنِ الرُّوحِ وَ اللَّذَاتِ ضَرْبَةُ لأَزِمِ
أَلَمْ تَرَ آلَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَاكَمَتْ *** عَلَيْهِمْ صُرُوفُ الدَّهْرِ أَي تَرَاكُمِ؟(3)
أَمَا شَرَقَتْ بِنْتُ النَّبِيِّ بَرِيقَهَا *** وَ جَرَّعَهَا الأَعْدَاءُ طَعْمَ العَاقِمِ؟(4)
ص: 339
أَمَا عُصِرَتْ بَيْنَ الجِدَارِ وَ بَابِهَا *** أَمَا نَبَتَ المِسْمَارُ فِي صدرِ فَاطِمِ؟(1)
أَمَا أَسْقَطُوهَا لاَرَعَى اللَّهُ قَوْمَهَا *** جَنِينَ حَشَاهَا مُحْسناً يَا لِهَاشِمِ؟(2)
ص: 340
أَمَا رُوِّعَتْ بِالسَّوْطِ قنع رَأْسِهَا *** وَ وَشَّحَ مَثْنَيْهَا بِهِ شَرُّ غَاشِمِ؟(1)
ص: 341
أَمَا نَابَتِ الكَرارَ مِنْهَا نَوَائِبُ *** نَوَائِبُ لكِنْ عَنْ سُمُوم الأَرَاقِمِ؟(1)
أَمَا قَيَّدُوهُ فِي حَمَائِلِ سَيْفِهِ *** لأَخْبَثِ ضِلَّيلِ وَ أَخْبَثِ ظَالِمِ؟
أَمَا أَوْقَفُوهُ لاَرَعَى اللَّهُ قَوْمَهُ *** عَلَى رَأْسِ عِجْلِ القَوْمِ وَقْفَةَ آثِمِ؟
أَلَمْ يَعِدِ الزَّاكِي ابْنَهُ وَ هُوَ مُلْجَأَ *** إِلَى سِلْم حَرْبٍ وَ هُوَ غَيْرُ مُسَالِمِ؟
أَمَا هَجَمُوا فُسْطَاطَهُ وَ تَنَاهَبُوا *** بِهِ رَحْلَهُ نَهْبَ الغُزَاةِ الغَنَائِمِ؟
أَمَا دَسَتِ الأعدا لَهُ السُّمَّ غِيلَةً *** فَأَلْقَى بِهِ فِي الطَّشْتِ قَلْبُ المَكَارِم؟
أَمَا رَشَفُوهُ النَّيْلَ وَ هُوَ جَنَازَةٌ *** عَلَى النَّعْش لابَلْ فَوْقَ هَام النَّعَائِمِ؟
وَ إِنْ أَنسَ لا أَنْسَى الحُسَيْنَ وَ قَدْ غَدَا *** عَلَى رَغْم أَنْفِ الدِّينِ نَهْبَ الصَّوَارِمِ
قَضَى بَعْدَ مَا ضَاقَتْ بِهِ سَعَةُ الفَضَا *** فَضَاقَ لَهُ شَجْراً فَضَاءُ العَوَالِمِ
قَضَى بَعْدَ مَا اسْوَدَّ النَّهَارُ بِوَجْهِهِ *** عَلَى خَيْرِ صَحْبٍ مِنْ ذُؤَابَةِ هَاشِمِ(2)
قَضَى وَ هُوَ حَرّانُ الفُؤَادِ مِنَ الظَّمَا *** عَلَى غُصَصٍ فِيهَا قَضَى كُلُّ هَاشِمِ
فَمَا لِنِزارٍ لاَتَقُومُ بِثَارِهَا *** فَتُرْضِعُ حَرْباً مِنْ ضُرُوعَ اللَّهَاذِمِ(3)
وَ تَمْلَؤُها خَيْلاً قَدْ تَسَابَقَ طَرْفُهَا *** عَلَى آلِ حَرْبٍ تَحْتَ أَسْدِ ضَرَاغِمِ
فَتُوطِئَ هَاتِيكَ السَّنَا بِكُ هَامَهُمْ *** كَمَا أَوْظَؤُوهَا صَدْرَ سَيْدِ هَاشِمِ(4)
هَل اسْتَبْدَلَتْ بِاللَّطْمِ فَوْقَ وُجُوهِهَا *** عَنِ الضَّرْبِ بِالأَسْيَافِ وَجْهَ الضَّيَاغِمِ؟
وَ هَلْ رَضِيتَ عَنْ سَفْكِ آلِ أُمَيَّةٍ *** دِمَاهَا بِإِجْرَاءِ الدُّمُوعِ السَّوَاجَمِ؟(5)
هُبُوا القَتْلَ فِيكُمْ سِيرَةٌ مُسْتَمِرَةً *** فَهَلْ عَرَفْتَ كَيْفَ السَّبْيَ ابنةُ فَاطِمِ؟
ص: 342
أَهَانَ عَلَيْكُمْ أَنَّهَا بَيْنَ شَامِتٍ *** يُرَوِّعُهَا شَانٍ وَآخَرُ لاَطِمِ
أَهَانَ عَلَيْكُمْ أَنَّهَا اخْتَلَفَتْ عَلَى *** مَقَانِعِهَا الأَيْدِي كَسَبْيِ الدَّيَالِم
أَهَانَ عَلَيْكُمْ هَجْمَةُ الخَيْلِ خِدْرَها *** كَأَنْ لَمْ يَكُنْ ذَاكَ الخِبَا خِدْرَ هَاشِمِ؟
لَهَا اللَّهُ مِنْ مَذْعُورَةٍ حِينَ أَضْرَمُوا *** عَلَيْهَا فَفَرَّتْ كَالحَمَامِ الحَوَائِمِ
لَهَا اللَّهُ حَسْرَى قَدْ تَقَطَّعَ قَلْبُهَا *** زَفِيراً إِلَى أنْ سَالَ عَتْباً عَلَى فَم
فَمَا بَالُ قَوْمِي لاعَدِمْتُ انْعِطَافَهُمْ *** وَ كَانُوا أُباةَ الضَّيْم مَاضِي العَزَائِمِ؟(1)
أَعَارُونِي الصَّمَا أَلَمْ يَسْمَعُوا النَّدا *** وَ فَرُّوا كَأَنْ لَمْ يَدْرُوا أَنِّي بِلاحَمي؟(2)
ص: 343
سَلِ الدَّارَ عَنْ أَرْبَابِهَا أَيْنَ يَمَّمُوا *** أَفَاجَأَهُمْ مِنْ حَادِثِ الدَّهْرِ صَيْلَمُ؟(1)
فَعَهْدِي بِهْذِي الدَّارِ تَزْهُو بِأَهْلِهَا *** وَهَا هِيَ تَحْكِي الوَيْلَ لَكِنَّهُ دَمُ
عَلَى جِيرَةِ حَازُوا الفَضَائِلَ وَ التَّقَى *** وَ لَوْلاهُمُ مَا كَانَ نُوحٌ وَآدَمُ(2)
ص: 345
وَ لَوْلاَهُمُ مَا كَانَ دَاوُودُ وَ ابْنُهُ *** وَ مَا كَانَ عِيسَى وَ البَتُولَةُ مَرْيَمُ
وَ لَوْلاَهُمُ مَا لابْنِ عِمْرَانَ نَاصِرٌ *** يُدَافِعُ فِرْعَوْناً وَ هَامَانَ مِنْهُمُ
وَ لَوْلاَهُمُ مَا لِلنَّبِيِّينَ أُسْوَةٌ *** وَلَكِنْ بِهِمْ قَدْ شُرِّفُوا حِينَ يَمَّمُوا
وَ لَوْلاهُمُ مَا كَانَ شَمْسُ مُضِينَةٌ *** وَ لَوْلاهُمُ مَا كَانَ بَدْرٌ وَ أَنْجُمُ
وَ لَوْلاَهُمُ مَا كَانَ إِنْسٌ وَ جِنَّةٌ *** وَ لَوْلاهُمُ مَا حَجَّ لِلَّهِ مُحْرِمُ
فَبُعْداً لِمَنْ عَادَاهُمْ يَوْمَ حَشرهِ *** وَ قُرْباً لِمَنْ قَدْ كَانَ يُعْزَى إِلَيْهِمُ(1)
وَ إِنْ أَنْسَ لاَأَنْسَى مُصِيبَةَ فَاطِمٍ *** هِيَ الطحيّةُ العَمْيَا بِهَا النَّاسُ قَدْ عَمُوا(2)
أَتُعْصَرُ مَا بَيْنَ الجِدَارِ وَ بَابِهَا؟ *** وَ ذَلِكَ أَمْرٌ فِي الوَصِيَّةِ مُحْكَمُ(3)
ص: 346
ص: 347
(بحر المتقارب)
الشيخ سلطان علي الصابر(*)(1)
سَلامٌ عَلَى الظُّهر بِنْتِ الْهُدَى *** سَلامٌ عَلى نورٍ أَهْلِ الْحَرَمِ
هَنِيئاً لَها مِنْ فِعَالٍ جَمِيلٍ *** نَوالِ غَزِيرٍ لَها فِي النِّعَمِ
فَخَيْرُ الْبَرايا أبوهَا الرَّسُولُ *** يَشُعُ كَبَدْرِ السَّمَا فِي الظُّلَمِ
سَلامٌ عَلى زَوْجِهَا الْمُرْتَضَى *** هِزَبْرِ النّزالِ وَ أَصْلِ الْكَرَمِ(2)
لَهَا وَلَدَانِ إماما هُدىً *** وَ لَيْثا عَرِينِ لَدَى الْمُزْدَحَمِ
وَإِنَّ الْإِبَاءَ هُما رَوَّجاه *** کَنارٍ تَراهُ بِأَعْلَى عَلَمِ
وَ ذُرِّيَّةٌ أصْلُهَا ثَابِتٌ *** وَ فَرْعٌ لَهَا فِي السَّمَاءِ أَشَمّ(3)
وَ ها لَيْلَةٌ جَمَعَتْ شَمْلَنا *** وَ نَجْمُ السُّعودِ بِها قَدْ نَجَمَ
ص: 348
فَغَرِّدْ أَيَا عَنْدَلِيبَ الْوِصالِ *** عَلَى الْأَيْكِ وَ الْبانِ ذا مُعْتَتَنم
بِميلادِها كُلُّ رَوْضِ بَهِيجٍ *** تَأَرَّجَ مِسْكاً لَها وَ ابْتَسَم
فَدارَ الرَّحِيقُ الْمُصَفَا الرَّقِيقُ *** عَلى نَشْوَةٍ ذُقْتُهُ بِالنَّغَمِ
وَ صَلَّى الْإِلَهُ عَلى أَحْمَدٍ *** إِذا مَا اسْتَوى نَظْمُ دُرٍ وَتَمِ
وَ سُلْطانُ عَبْدَ لدى بابِهِ *** عَلى تُرْبِهِ كَمْ بَكَى وَ الْتَثَمْ(1)
ص: 349
(بحر البسيط)
الأستاذ سلمان الربيعي(*)(1)
أَيُّ الفَضَائِل فِيها يَبْدَأُ الكَلِمُ *** وَ هَلْ يُوَفِّي إِذَا مَا دَوِّنَ القَلَمُ؟
و كَيْفَ يُوصَفُ يَوْمٌ شَعَّ مُؤْتَلِقاً *** بِهِ العَقِيدَةُ لِلإِسْلاَمِ تَبْتَسِمُ؟
حَيْثُ السُّرُورُ وَقَدْ لاَحَتْ بَوارِقُهُ *** عَلَى مُحَيّا رَسُولِ اللَّهِ تَرْتَسِمُ(2)
وَ مَكَّةُ مَا رَأَتْ فِي أُفُقِها أَبداً *** نُوراً كَنُورِ الَّتِي تُجلَى بِهِ الظُّلَمُ
نُورٌ تَلأَلأَ فِي أَرْوَاحِ مَنْ جَعَلُوا *** حُبَّ البَتُولِ نَجاةً مِنْ لَظَى لَهُمُ
فَلَيْسَ يَخْشَى امْرُؤٌ فِي الدَّهْرِ طارِقَةٌ *** مادامَ بِالمُصْطَفَى والآلِ يَعْتَصِمُ
***
یا ساقِیَيَّ اسْقِيانِي تَرُوِيا ظَمَئِي *** فَبَيْنَ جَنْبَیَّ نارُ الوَجْدِ تَضْطَرِمُ
فَما عَهِدْتُكُما أَنْ تُحْرِقا شَفَةً *** لَوْ لاَمَسَتْها شِفاهُ الكَأُسِ تَبْتَسِمُ
مِنْ حُبِّ فاطِمةٍ كَأْساً إِذَا ارْتُشِفَتْ *** تُجْلَىٰ هُمُومِي بِهَا تَالِلَّهِ وَالسَّقَمُ
لاَ تَسْقِيَانِي سِوَى ما يُذْهِبَنْ شَجَنِي *** فَأَطْيَبُ الكَأْسِ مَا يُنْسَى بِهِ الأَلَمُ
وَأَسْمِعَانِي مِنَ الصَّدّاحِ زَغْرَدَةً (3) *** فَلَيْسَ يَحْلُو لِقَاءٌ ما بِهِ نَغَمُ
إِنّي وَإِنْ كُنْتُ لِلأَحْزَانِ مُرْتَهَناً *** يَنْتَابُنِي الغَمُّ وَاللَّأَوَاءُ وَالسَّأَمُ(4)
ص: 350
فَكَلْكَلِي بَاتَ هذَا اليَوْمَ مُنْشَرِحاً *** حَيْثُ المَبَاهِجُ وَالآلآءُ وَالكَرَمُ(1)
يَوْمٌ بِهِ بَضْعَةُ المُخْتَارِ قَدْ وُلِدَتْ *** لِيُولَدَ الحَقُّ وَالإِيمَانُ وَالنَّعَمُ
مَا كَانَ أَعْظَمَهُ يَوْماً غَدَاةَ سَما *** لِلدِّينِ وَ المُصْطَفَى فِي مَكَّةٍ عَلَمُ !
فَالشَّانِئُونَ شَتَاتٌ بَعْدَ جَمْعِهِمُ *** وَظَهْرُ مَنْ شَانَأَ المُخْتَارَ مُنْقَصِمُ
ما ضَرَّ فاطِمَةً مِنْ كَوْنِهَا امْرَأَةً *** إِنْ صَرَّحَتْ بِاسْمِهَا الآيَاتُ وَالحِكَمُ؟(2)
ما ضَرَّها وَهْيَ لِلنِّسْوَانِ سَیِّدةٌ *** وَكُلُّ مَنْ فِي الوَرى طُرّاً لَهَا خَدَمُ؟(3)
تَبْقَى البَتُولُ وَيَبْقَى حُبُّها سَبَباً *** يَوْمَ الجَزَاءِ بِهِ تَسْتَشْفِعُ الأُمَمُ(4)
***
ما لِي إِذَا قُلْتُ قَوْلَ الحَقِّ عَنَّفَنِي *** بَعْضُ الأُنَاسِ وَمِنْ آرَائِي انْتَقَمُوا؟
أَلَمْ تَمُتْ خِيرةُ النِّسْوَانِ وَاحِدَةً *** عَلَى فُلاَنٍ وَمِنْ مِيراثِهَا اغْتَنَمُوا؟(5)
يَا صَاحِبِي رَايَةُ الإِسْلامِ مَا انْتَكَسَتْ *** لَوْ عَنْ أَبِيها وُلاةُ الأَمرِ ما انْفَصَمُوا (6)
ص: 351
وَاللَّهِ ما صُودِرَتْ مِنْ فاطِمٍ فَدَكٌ *** وَإِنَّما صُودِرَ الإِسْلامُ وَالقِيَمُ
وَاللَّهِ ما اقْتَحموا داراً لِفَاطِمةٍ *** وَإِنَّما بَيْتَ جِبْرِيلِ قَدِ اقْتَحَمُوا (1)
مَنْ آذَوُا المُصْطَفَى المُختارَ وَابْنَتَهُ *** وَمِنْ بَنِيها وَأَشْياعٍ لَهُمْ نَقَموا
وَصَادَرُوا حَقَّها في إِرثِ وَالدِها *** هُمْ أَرْذَلُ الناس بل شَرُّ الدواب هُمُ
يا لائِمي كَيْفَ لَمْ تَعْرفْ مَثَالِبَهُمْ *** وَالعُربُ تَعْرِفُها تَالِلَّهِ وَالعَجَمُ؟
قُلْ ما تَشَاءُ فَلاَ أَرْتَدُّ عَنْ كَلِمي *** هُمُ الرَّعادِيدُ فِي رَأْيِي وَإِنْ عَظُموا(2)
***
يَا بَضْعَةَ المُصْطَفَى يَا أُمَّ وَالِدِهَا *** إِنَّا بِمَا شَرَّعَ المُخْتَارُ نَلْتَزِمُ(3)
إِنْ فَرَّقَتْنا يَدُ الأَهْوَاءِ مِثْلَ سَبَأ *** فَلَنْ تَزِلَّ بِنَا عَنْ نَهْجِكُمْ قَدَمُ
إِنْ خَيَّرُونِي أَتَرْضَى حُبَّ فاطِمَةٍ *** أَمْ جَنَّةَ الخُلْدِ فِي حَشْرِي أَقُلْ لَهُمُ؟
حُبُّ البَتُولِ إِلَى الفِرْدَوْسِ يُرْشِدُنِي *** فَكَيْفَ يَرْضَى سِوَاهُ العَاقِلُ الفَهِمُ؟(4) (5)
ص: 352
(بحر الطويل)
السيد صالح الحلي(*)(1)
وَ لاَ بُدَّ مِنْ يَوْمِ بِهِ نَكْشِفُ الظُّلْمَا *** وَ نَمْلَؤُها (عَدْلاً) كَمَا مُلِئَتْ ظُلْما
وَنُورِدُهَا لِلْخَيْلِ شُقْراً عَلَى العِدَى *** وَلَكِنْ بِفَيْضِ النَّحْرِ نُصْدِرُهَا دُهْمَا(2)
وَنَأْتِي بِهَا شَعْوا تُثِيرُ مِنَ الثَّرَى *** سَمَاءً تَخَالُ البِيضَ فِي أُفْقِهِ(نَجْمَا)(3)
وَلاَ بُدَّ مِنْ يَوْمِ بِهِ نُرْكِزُ القَنَا *** بِصَدْرِ العِدَى وَالبِيضُ تُغْمِدُهَا الجِسْما
لَئِنْ تَدُرِ الأَيَّامُ نَسْتَوْفِ مَا مَضَى *** وَنَسْتَقْضِ مَنْ قَدْ خَصَّ مِنّا وَمَنْ عَمّا
وَنَمْلَأُ رَحْبَ الْأَرْضِ رُعْباً وَرَجْفَةً *** بِشُزَّبِ خَيْلٍ لَمْ تَزَلْ تَمْضَعُ اللُّجْما(4)
سَيَظْهَرُ (مَهْدِيُّ) الأَنَامِ وَ تَغْتَدِي *** لَنَا أَوْبَةٌ نُشْفِي القُلُوبَ بِهَا عَظْما
فَقُلْ لِبَنِي الوَرْهَاءِ أَيْنَ فِرَارُكُمْ؟ *** سَنَهْدِمُ مَا شَيِّدْتُمُوهُ لَكُمْ هَدْما(5)
أَلَمْ يَهْضِمُوا المَوْلَى الوَصِيَّ وَ يَنْقُضُوا *** شُرُوطَ الزَّكِيِّ السِّبْطِ حَتَّى قَضَى سُمَا؟
فَلَوْ أَنَّ (ثَهْلاَناً) وَرَضْوَىٰ وَ يَذْبُلاً *** حَمَلْنَ رَزَايَاهُمْ لَصَيَّرْنَهَا رَدْما(6)
فَنَحَّوْا (عَلِيًّا) وَهُوَ أَوْلاَهُمُ بِهِمْ *** وَلِلشِّرْعَةِ الغَرّا قَدِ انْتَخَبُوا (تَيْما)
بِأَقْرَبِهِمْ رُحْماً وَأَكْثَرِهِمْ عِلْماً *** وَأَقْدَمِهِمْ سِلْماً وَأَرْجَحِهِمْ حِلْما
ص: 353
بِلاَ وَازِرٍ يُمْسِي وَلاَ نَاصِرٍ لَهُ *** وَلاَ ثَائِرٍ مِنْ رحْمِهِ يَصِلُ الرَّحمَا
بِلاَ دَافِعٍ عَنْهُ وَلا جَازِعٍ لَهُ *** وَلاَ رَافِعٍ ذُلاًّ دَهَاهُ وَلاَ هَضْما
وَأَخْبَثُهُمْ أَمًّا وَأَكْثَرُهُمْ لُوْماً *** وَأَحْفَرُهمْ جِرْماً وَأَعْظَمُهُمْ(جُرْما)
يَصُولُ عَلَى مَنْ عَمَّرَ الدِّينَ سَيْفُهُ *** وَيَقْتَادُ مَوْلاَهُ (ابنُ حَنْتَمَةٍ) حَتْما
فَمَنْ يَكْشِفُ الضُّرَّ أَوْ مَنْ يُفَرِّجُ الهَمّا *** عَنِ البَضْعَةِ الزَّهْرَا إِذِ اشْتَكَتِ الضَّيما؟(1)
أَيُسْقِطُهَا حَمْلاً وَيُورِثُهَا ذُلاًّ *** وَفِيهَا أَتَتْ (قُلْ لاَ) أَمَا خَشِيَ الإِنْمَا
وَمُذْ صَدْرَهَا أَدْمَى شَكَتْ زَادَهَا لَطْماً *** وَ لِلْعَبْدِ قَدْ أَوْمَى أَلاَ رُدَّهَا رَغْما
أَبَعْصِرُهَا عَصْراً وَيُوسِعُهَا زَجْراً *** وَيَلْطُمُهَا جَهْراً عَلَى خَدِّهَا لَطْما؟(2)
ص: 354
زَوَوْا (فَدَكاً) عَنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّهِمْ *** وَصَارَتْ (لِتَيْمٍ وَابْنِ حَنْتَمَةٍ) طُعْما
أَتَتْ تَطْلُبُ الإِرْثَ وَتَنْدُبُ واغوثا *** بِدَمْعٍ حَكَى غَيْثاً وَقَلْبٍ وَهَى سُقْما(1)
وَ أَنْسَتْ رَزَايَا الطَّفِّ كُلَّ رَزِيَّةٍ *** أَتَتْ بَعْدَ يَوْمِ الطَّفِّ أَوْ سَلَفَتْ قِدْما
وَقَادَتْ إِلَى حَرْبِ الحُسَيْنِ جُيُوشَهَا *** (أُمَيَّةُ) حَتَّى خِلْتَ رَايَاتِهَا غَيْما
تَوَاصَتْ عَلَى قَتْلِ ابْنِ بِنْتِ نَبِيِّها *** لِتَكْسِبَ مِنْ آلِ الدَّعِيِّ بِهِ العُنْمَا
فَقَامَ عَدِيمُ النَّصْرِ يَشْحَذُ سَيْفَهُ *** بِأَجْسَامِهِمْ حَتَّى بَرَى اللَّحْمَ وَالعَضْمَا(2)
سَقَى الأَرْضَ مِنْ فَيْضِ الدِّمَاءِ بِسَيْفِهِ *** وَأَشْبَعَ وَحْشَ القَفْرِ وَالطَّيْرَ وَالرُّخْما(3)
كَرِيمٌ يُحَامِي عَنْ كَرَائِمَ أَحْمَدٍ *** وَيَكْشِفُ عَنْهُنَّ النَّوَائِبَ وَالغَمّا
وَلكِنْ أَرَادَ اللَّهُ سَبْيَ نِسَائِهِ *** إِلَى الشَّامِ حَسْرَى تَسْمَعُ السَّبَّ وَ الشَّتْما(4)
ص: 355
(بحر البسيط)
الأستاذ صالح علي الحداد
مِنْ أَيْنَ أَبْدَأُ يا شِعري وَيا قَلَمِي *** بِذِكْرِ بَضْعَةِ خَيْرِ الخَلْقِ وَالأُمَمِ؟(1)
عَنَيْتُ فَاطِمَةَ الزَّهْراءَ وَهْيَ عَلَى *** كُلِّ الأَنَامِ سَمَتْ وَالنَّاسُ فِي العَدَمِ
فَنُورُها قَبَسٌ مِنْ نُورِ وَالِدِها *** يَهْدِي إِلَى الحَقِّ فِي دُنْيَا مِنَ الظُّلَمِ(2)
فَإِنَّهَا بِنْتُ مَنْ؟ أَوْ قُلْ زَوْجَةُ مَنْ؟ *** مَنْ نَسْلُهَا إِنْ ذَكَرْتَ النَّسْلَ من شممِ؟
فَإِنَّ وَالِدَهَا خَيْرُ الأَنَامِ بِهِ *** خَتْمُ الرِّسَالاتِ فِي عُرْبٍ وَفِي عَجَمِ
وَزَوْجُها حَيْدَرُ الكَرَّارُ فِيهِ أَتَى *** فِي حَقِّهِ هَلْ أَتَى فِي مُحْكَمِ الكَلِمِ
وَسِبْطُها المُجْتَبَى أَعْنِي بِهِ حَسَناً *** كَرِيم أَهْلِ التُّقَى فِي الزُّهْدِ وَالحِلمِ
أمَّا الحُسَيْنُ فَحَدِّثُ دُونَمَا حَرَجٍ *** سَلِ البُطُولاَتِ فِي يَوْمِ الوَغَى تَنَمِ
فَإِنَّهَا مَرْكَزٌ لِلنُّورِ فَاطِمَةٌ *** وَذَا حَدِيثُ الكِسَا المَشْهُورُ كَالعَلَمِ
وَجِبْرَئِيلُ الَّذِي قَدْ جَاءَ يَطْلُبُ أَنْ *** يَكُونَ ضِمْنَهُمُ تَحْتَ الكِسَا الرَّخِمِ(3)
وَاللَّهُ أَقْسَمَ لَوْلاَهُمْ لَمَا خُلِقَتْ *** فِي الكَوْنِ أَرْضٌ وَلاَ إِنْسٌ مِنَ العَدَمِ
وَلاَ سَمَاءٌ وَلاَ طَيْرٌ وَلاَ شَجَرٌ *** وَلاَ بِحَارٌ وَلاَ جِنٌ وَذُو فَهمِ
ص: 356
جَارُوا عَلَيْهَا وَكُلُّ النَّاسِ تَعْرِفُهُمْ *** بِسَلْبِهِمْ فَدكاً عَمْداً بِلاَ ذمَمِ(1)
وَ ضِلْعَهَا كَسَرُوا وَالبَابَ قَدْ حَرَقُوا *** وَ طِفْلَهَا أَسْقَطُوا مِنْ شِدَّةِ الأَلَمِ(2)
وَ خَدَّهَا لَطَمُوا وَاللَّهِ قَدْ أَثِمُوا *** وَ حُمْرَةُ العَيْنِ مَا كَانَتْ مِنَ السُّقُمِ(3)
فَإِنَّهُمْ قَصَدُوا إِيذَاءَ وَالِدِهَا *** فَوَاضِحٌ أَمْرُهُمْ في فِعْلٍ مُنْتَقِمِ
وَعِنْدَنا البَضْعَةُ الزَّهْرَاءُ أَنَّ لَهَا *** مَكَانَةً فَوْقَ مَا نَكْتُبْهُ بِالقَلَمِ
نَرْجُو شَفَاعَتَهَا فِي الحَشْرِ حِينَ تَرَى *** يَوْمَ الحِسَابِ وَكُلُّ النَّاسِ فِي زَخَمِ(4)
فَهيَ الَّتِي جَاءَتِ الأَخْبَارُ وَاصِفَةً *** عِنْدَ المَوَازِينِ فَهْيَ الفَصْلُ إِنْ تَرُمِ(5)
وَشَبَّهُوا النَّاسَ مِثْلَ الحَبِّ تَلْقطهُمْ *** هَذَا إِلى جَنَّةِ الرِّضْوَانِ فِي نِعَمِ
أَمَّا الجَحُودُ الَّذِي عَادَى أَبَا حَسَنٍ *** مَصِيرُهُ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَهْوَ عَمِ
هذِي إِلَى النَّاسِ أَهْدِيهَا مُوضِّحَةً *** لِخَطِّ أَهْلِ الهُدَى وَالخَيْرِ وَالكَرَمِ
تَمَسَّكُوا بِوَلاَءِ الآلِ إِنَّ لَهُمْ *** وِلاَيَةَ الكَوْنِ فَاعْلَمْ ذَاكَ وَاسْتَقِمِ
مَنْ كَانَ نَاصِبَهُمْ أَوْ كَانَ مُبْغِضَهُمْ *** فَالدَّرْبُ نَحْوَهُمُ مَفْتُوحُ لِلنَّدَمِ
ص: 357
مَنْ جَاءَهُمْ تَائِباً لاَ شَكٍّ إِنَّهُمُ *** مَا رُدَّ طَالِبُهُمْ يَوْماً بِمَا يَرُمِ(1)
فَإِنَّهُمْ كَمْ عَفْوا يَوْماً وَكَمْ صَفَحُوا *** وَأَطْلَقُوا يَوْمَ فَتْحٍ جَانِبَ الحَرَمِ
هذِي سَجِيَّتُهُمْ فِي الفَضْلِ قَدْ عُرِفُوا *** لَمْ يَسْجُدوا أَبَداً يَوْماً إِلَى صَنَمِ
مَاذَا أُسَطِّرُ مِنْ شِعْرِي فَدُونَكُمُ *** (ثُمَّ اهْتَدَيْتُ) كَفَانِي القَوْلَ مِنْ كَلِمِ
ص: 358
(بحر الطويل)
أبو البحر صفوان بن
إدريس النجيبي المرسي
سَلاَمٌ كَأَزْهَارِ الرُّبَى يَتَنَسَّمُ *** عَلَى مَنْزِلِ مِنْهُ الهُدَى يُتَعَلَّمُ
عَلَى مَصْرَع لِلْفَاطِمِينَ غُيُبَتْ *** لأَوْجُهِهِمْ فِيهِ بُدُورٌ وَ أَنْجُمُ
عَلَى مَشْهَد لَوْ كُنتَ حَاضِرَ أَهْلِهِ *** لَعَايَنَتَ أَعْضَاءَ النَّبِيِّ تُقَسَّمُ
عَلَى كَرْبَلاً لاأَخْلَفَ الغَيْثُ كَرْبَلاً *** وَ إِلا فَإِنَّ الدَّمْعَ أَنْدَى وَ أَكْرَمُ
مَصَارِعُ ضَجَّتْ يَشْرِبْ لِمُصَابِهَا *** وَ نَاحَ عَلَيْهِنَّ الحَظِيمُ وَ زَمْزَمُ(1)
وَ مَكَةُ وَ الأَسْتَارُ وَ الرُّكْنُ وَ الصَّفَا *** وَ مَوْقِفُ جَمْع وَ المَقَامُ المُعَظمُ
وَ بِالحَجَرِ المَلْثُوم عُنْوَانُ حَسْرَةٍ *** أَلَسْتَ تَرَاهُ وَ هُوَ أَسْوَدُ أَسْحَمُ؟(2)
وَ رَوْضَةُ مَوْلانَا النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** تَبَدَّى عَلَيْهَا النُّكُلُ يَوْمَ تَخَرَّمُوا
وَ مِنْبَرُهُ العِلوِيُّ وَ الجِذْعُ أَعْوَلاً *** عَلَيْهِمْ عَوِيلاً بِالضَّمَائِرِ يُفْهَمُ
وَ لَوْ قَدَرَتْ تِلْكَ الجَمَادَاتُ قَدْرَهُمْ *** لَدُكَ حِرَاءٌ وَ اسْتُطِيرَ يَلَمْلَمُ
وَ مَا قَدْرُ مَا تَبْكِي البِلادُ وَ أَهْلُهَا *** لَآلِ رَسُولِ اللَّهِ وَ الرُّزْهُ أَعْظَمُ
ص: 359
لَوَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ يُحْيَى يُعَيْدَهُمْ *** رَأَى ابنُ زِيَادٍ أُمَّهُ كَيْفَ تُعْقَمُ
وَ أَقْبَلَتِ الزَّهْرَاءُ قُدِّسَ تُرْبُهَا(1) *** تُنَادِي أَبَاهَا وَ المَدَامِعُ منها دمُ
تَقُولُ أَبِي هُمْ غَادَرُوا ابْنَيَّ نُهْبَةً *** كَمَا صَاغَهُ قَيْسٌ وَ مَا مَجَّ أَرْقَمُ
سَقَوْا حَسَناً لِلسُّمِّ كَأْساً رَوِيَّةً *** وَ لَمْ يَقْرَعُوا سِنّاً وَ لَمْ يَتَنَدَّمُوا
وَ هُمْ قَطَعُوا رَأَسَ الحُسَيْنِ بِكَرْبَلا *** كَأَنَّهُمْ قَدْ أَحْسَنُوا حِينَ أَجْرَمُوا
فَخُذْ مِنْهُمُ ثَارِي وَ سَكُنْ جَوَانِحاً *** وَ أَجْفَانَ عَيْنِ تَسْتَطِيرُ وَ تَسْجُمُ(2)
أَبِي، وَ انْتَصِرْ لِلسِّبْطِ وَ اذْكُرْ مُصابَهُ *** وَ غُلَّتَهُ وَ النَّهرُ رَيَّانُ مُفْعَمُ(3)
وَ أَسْرَ بَنِيهِ بَعْدَهُ وَ احْتِمَالَهُمْ *** كَأَنَّهُمُ مِنْ نَسْلِ كِسْرَى تُغُنِّمُوا
وَ نَقْرَ يَزِيدٍ فِي الثنايا الَّتِي اغْتَدَتْ *** ثَناياكَ فِيها أَيُّهَا النُّورُ تَلْثُمُ(4)
لَجَبَّ لَهُمْ جِبريلُ أتْعسَ غَارِبٍ *** مِنَ الغَيِّ لايُعْلَى وَ لايُتَسَنَّمُ(5)
أَلاَ إِنَّهَا أَقْدَارُ رَبِّ بِهَا قَضَى *** فَلَايَتَخَطَّى النَّقْضُ مَا هُوَ يُبْرِمُ
قَضَى اللَّهُ أَنْ يَقْضِي عَلَيْهِم عَبِيدُهُمْ *** لِتَشْقَى بِهم تِلْكَ العَبِيدُ وَ تَنْقِمُ
هُمُ القَوْمُ أَمَا سَعْيُهُمْ فَمُخَيَّبٌ *** مُضاعُ وَ أَمَّا دَارُهُمْ فَجَهَنَّمُ
فَيا أَيُّها المَغْرُورُ وَاللَّهُ غَاضِبٌ *** لِبِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ أَيْنَ تَيَمَّمُ؟(6)
ص: 360
أَلاَ طَرَبٌ يُقْلِي أَلاَ حُزْنُ يَصْطَفِي *** أَلا أَدْمُعُ تَجْرِي أَلاَ قَلْبٌ يُضْرَمُ
قِفُوا سَاعِدُونَا بِالدُّمُوعِ فَإِنَّهَا *** لَتَصْغُرُ فِي حَقِّ الحُسَيْنِ وَ يَعْظُمُ
وَ مَهُمَا سَمِعْتُمْ فِي الحُسَيْنِ مَرَاثِباً *** تُعَبِّرُ عَنْ مَحْضِ الأَسَى وَ تُتَرْجِمُ
فَمُدُّوا أَكفَاً مُسْعِدِينَ بِدَعْوَةٍ *** وَ صَلُّوا عَلَى جَد الحُسَيْنِ وَ سَلِّمُوا(1)
ص: 361
(بحر المتقارب)
الشيخ عبد الحسين الحويزي(*)(1)
لِفَرْطِ الجَوَى مُهْجَتِي كَاتِمَهْ *** وَ عَيْنِي بَدَتْ بِالحَيَا سَاجِمَهْ
وَ لِلرَّكْبِ شَبَّتْ بِطَيِّ الضُّلُوعِ *** عَشِيَّةَ بَانُوا لَظَى حَاطِمَهْ(2)
وَ أَسْهَرْتُ عَيْنِي بِسِتْرِ الدُّجَى *** وَ عَيْنُ السَّمَا تَحْتَهُ نَائِمَهْ
وبِتُّ وَ فَرْعُ الدُّجَى نَاشِرٌ *** عَلَى عَاتِقِي لَمَّةٌ فَاحِمَهْ(3)
هَزَمْتُ الكَرَى عَنْ جُفُونٍ جَرَتْ *** كَتَائِبُ دَمْعِي بِهَا هَازِمَهْ
فَقَلْبِي وَ طَرْفِي مِنَ الوَجْدِ وَ *** المَدَامِعُ كُلٌّ غَدَا لاَئِمَهْ
وَ أَعْمُرُ لِلْعُمْرِ بَيْتَ السُّرُورَ *** وَ عِلْمِي بِرَيْبِ الفَنَا هَادِمَهْ
وَ يُهْمِلُنِي الجَهْرُ فِي غِبْطَةٍ *** مِنَ العَيْشِ أَظرَافُهَا نَاعِمَهْ
فَلاَ أُمْسِكُ النَّفْسَ عَنْ قَصْدِهَا *** وَ تُمْسِي وَ حَوْلَ الرَّدَى جَاثِمَهْ(4)
وَ لاَأَفْطِمُ العَيْنَ عَنْ دَرُهَا *** لِفَقْدِ ابْنَةِ المُصْطَفَى فَاطِمَة
رَبِيبَةُ حِجْرِ نَبِيِّ الهُدَى *** وَ صُحْبَتُهُ مَعَهَا دَائِمَهْ
وَ مِنْ قَلْبِهِ لَمْ تَزَلْ بَضْعَةً *** عَلاقَتُهَا بِالحَشَا لَأَزِمَهْ
غَذَاهَا النَّبِيُّ بِدُرُ العُلُومِ *** فَشَبَّتْ بِوَحْيِ السَّمَا عَالِمَهْ
ص: 362
فَأُمُّ الكَلِيمِ وَ أُمُّ المَسِيحِ *** عَلَى الطَّوْعِ كُلٌّ لَهَا خَادِمَهْ
مَلائِكَةُ اللَّهِ فِي عَرْشِهِ *** لِهَيْكَلِهَا زِينَةٌ رَاسِمَهْ
وَ فِي اللَّوْحِ غَامِضُ أَسْرَارِهَا *** مِنَ الغَيْبِ كَاتِبَةٌ رَاقِمَهْ
جَلالَةُ رَبِّ العُلَى فِي الوُجُودِ *** لِقُدْسِيِّ عِفَّتِهَا عَاصِمَهْ
تَلَتْ كُلَّ وَحْيٍ أَتَى لِلرَّسُولِ *** وَ بِالذِّكْرِ مُبْدِئَةٌ خَاتِمَهْ
وَ عِصْمَتُهَا جَوْهَر لِلْعُقُولِ *** مَدَى الدَّهْرِ عَنْ عَرَضٍ سالِمَهْ
وَ صِدِّيقةٌ هِيَ مَهْمَا ادَّعَتْ *** عَلَى الخَصْمِ فِي حَقِّهَا خَاصِمَهْ(1)
لَقَدْ جَحَدَ القَوْمُ مِنْهَا الحُقُوقَ *** وَ حُجَّتُهَا بِالهُدَى قَائِمَهْ
تُصَيِّرُ فِي نُطْقِهَا العَارِفِينَ *** بَهَائِمَ فِي رَعْيِهَا سَائِمَهْ
ص: 363
لَقَدْ ظُلِمَتْ بَعْدَ فَقَدِ النَّبِيِّ *** وَ أُمَّتُهُ أَصْبَحَتْ ظَالِمَهْ
فَلَوْ دَعَتِ اللَّهَ أَفْنَتْهُمُ *** وَلَكِنَّهَا عَنْهُمُ حَالِمهْ
أَفَاطِمُ يَسْقُطُ مِنْهَا الجَنِينُ *** وَ تُدْفَعُ عَنْ حَقِّهَا رَاغِمَهْ؟
وَ تحرِقُ بَابَ فِنَاهَا الطَّغَامُ *** وَ تَأْتِي عَلَى خِدْرِهَا هَاجِمَهْ(1)
فَتَبَّتْ يَدٌ كَسَرَتْ ضِلْعَهَا *** وَ مُدَّتْ إِلَى وَجْهِهَا لأَطِمهْ(2)(3)
ص: 364
(بحر البسيط)
الشيخ عبد الحسين الحويزي(*)(1)
أَهَلْ تَطِيبُ لِعَيْنِي نَضْرَةُ النَّعَمِ *** وَ جُرْحُ قَلْبِي رَغِيبٌ غَيْرُ مُلْتَتِم؟(2)
أبَيْتُ رَهْنَ صُرُوفِ النَّائِبَاتِ وَلِي *** طَرْفَ إِذَا نَامَ طَرْفُ النَّجم لَمْ يَنَمِ
وَ لَعْتُ بِالحُزْنِ حَتَّى صِرْتُ مُسْتَمِعاً *** أَغَانِيَ الحُزْنِ فِي الأَوْتَارِ وَ النَّعْمِ
الهَمُّ يَمْنَعُ سِلْوَانِي كَمَا مُنِعَتْ *** مَرَاضِعُ الدَّرِّ عَنْ أَشْدَاقِ مُنْفَطِمِ(3)
وَ الدَّهْرُ حِينَ نَضَا غَرِبِيَّ سَاعِدِهِ *** دَوّى بابن أَخُوالهِنْدِيَّةِ الخَذَمِ(4)
أبْلَى فِرنُدُ غِرَارِي بِالصَّدَى فَفَدا *** صِقَالُ رأْسِي بَيَاضُ الشَّيْبِ وَالهَرَم(5)
كُمْ فَوْقَتْ نَحْوِيَ الدُّنْيَا سِهَامَ رَدَىً *** تُصِيبُ بِالرَّمْيِ مِنْ بُعْدِ وَ مِنْ أُمَمِ(6)
وَ إِثْرَ كُلِّ طَرِيقٍ مِنْ حَوَادِثِها *** أَجْرَتْ رُبَى الرَّدَى خَيْلاً بِلاَلُجُمِ
مليْكُ فِي الدَّهْرِ مَنْ يَخْشَى العَوَاقِبَ كَيْ *** يَلْقَى الإلهَ بِثَغْرِ مِنْهُ مُبْتَسِمِ
وَ لتُعرَقَنَّ سَفِينُ الصَّبْرِ عَائِمَةٌ *** بِلُجَّ بَحْرٍ مِنَ الآمَاقِ مُلْتَطِم
إِنْ جَفْ نُؤْيُ الحَيَا عَيْنِي دَماً سَفَحَتْ *** غُرُوبُهَا بِمَحَانِي السَّفْحَ فِي أضَمِ
ليْتَ الحَيَا لاَسَقَى الأَنْهَارَ فِي زَمَنٍ *** صُرُوقُهُ غَشَتِ الزَّهْرَاءَ بِالظُّلْمِ
ص: 365
كَمْ بَعْدَ فَقْدِ أَبِيهَا كَابَدَتْ مِحَناً *** وُقُوعُهَا يَدَعُ الأطوادَ كَالرِّمَمِ(1)
وَ صَحْبُهُ عَصَبُوهَا بَعْدَهُ فَدَكاً *** وَ حَكَمُوا الشَّيْخَ تَيْمَ ضَلَّ مِنْ حَكَمِ
هُمْ أَسْقَمُوا جِسْمَهَا حَتَّى قَضَتْ كَمَداً *** وَ لَيْسَ فِيهَا لَعَمْرُ اللَّهِ مِنْ سَقَمِ
وَ هُمْ أَزَالُوا عَلِيًّا عَنْ مَرَاتِبِهِ *** وَ خَفَّضُوا مِنْ عُلاَهُ ذُرْوَتي عَلَمِ
عَدَتْ كِلابُ الأَعَادِي بَعْدَمَا هَجَمَتْ *** عَلَى شَرَى المُشيل الوَثَّابِ بِالهِمَمِ(2)
جَاءَتْ كَمِثْلِ أَضَامِيمِ القَطَا عُصْباً *** حَتَّى كَسَرْنَ جَنَاحَ الأَجْدَلِ الضَّحُمِ
وَ أَحْرَقُوا بَابَ بَيْتِ الظُّهْرِ فَاطِمَةٍ *** بِنَارِ حِقْدِ لَهُمْ مَشْبُوبَةِ الضَّرمِ(3)
للَّهِ بَيْتٌ سَمَتْ أَرْكَانُهُ شَرَفاً *** عَلَى قَوَاعِدِ بَيْتِ اللَّهِ وَ الحَرَمِ
تَرَى مَلائِكَةَ السَّبْعِ الشَّدَادِ بِهِ *** آلِهِ الغُرِّ کالغِلْمَانِ وَ الخَدَمِ
فَأَقْبَلَتْ بَضْعَةُ الهَادِي تُخَاطِبُهُمْ *** وَ القَوْمُ مَوْقُورَةُ الأَسْمَاعَ بِالصَّمَمِ
فَأَسْقَط الرِّجْسُ لَمَّا ظَلَّ يَعْصِرُهَا *** مِنْهَا جَنِيناً نَمَا فِي طَاهِرِ الرَّحِمِ(4)
ص: 366
بِصَدْرِهَا نَبَتَ المِسْمَارُ وَ انْكَسَرَتْ *** مِنْهَا الأَضَالِعُ وَ انْهَلَّتْ بِفَيْض دَمٍ(1)
وَ المُرْتَضَى بِنِجَادِ السَّيْفِ مُرْتَهِناً *** قَادُوهُ قَهْراً بَنُو عُبَادَةِ الصَّنمِ(2)
مِنْ بَيْتِهِ ابْنُ صهاكَ الرِّجْسُ أَخْرَجَهُ *** مَلَبَّباً بِرِدَاءِ الفَضْلِ وَ الكَرَمِ(3)
لكِنَّهُ رَامَ أَنْ تُرْخَى حَفِيظَتُهُ *** عَلَى وَصِيَّةِ طهَ سَيّدِ الأُمَمِ
وَ فَاطِمٌ خَلْفَهُ تَدْعُو وَ أَدْمُعُهَا *** تَصُوبُ مِنْ مَدْمَعِ كَالْغَيْثِ مُنْسَجِمِ(4)
وَ سَوْطُ قُنْفَذَ يُلْوَىٰ فَوْقَ عَاتِقِهَا *** ضَرْباً فَتَصْرُخُ وَ لْهَى مِنْهُ بِالأَلَمِ(5)
تَدْعُو بِطَرْفِ مِنَ الأَقْدَاءِ مُنْهَمِلٍ *** وَ حَرِّ قَلْبٍ مِنَ الأَمَاقِ مُلْتَطَمِ
دَعُوا إِمَامَ الهُدَى وَاصْغُوا لِمَنْطقِهِ *** فَإِنَّ فِيهِ تَفَاصِيلَ مِنَ الحِكَمَ
هذَا الَّذِي شَيَّدَ الإِسْلامَ صَارِمُهُ *** قِدْماً وَ لَوْلاهُ رُكْنُ الدِّينِ لَمْ يَقُمِ
خَلِيفَةُ اللَّهِ فِيهِ الرُّشْدُ مُتَّصِلٌ *** مِنَ الرَّسُولِ بِحَبْلٍ غَيْرِ مُنْصَرِمِ
بِنُورِهِ الشّرْعَةُ الغَرَّاءُ وَاضِحَةٌ *** لِلْخَلْقِ تَزْهَرُ فِي دَاجِ مِنَ البُهَمِ
لَمْ أَنْسَهَا يَوْمَ وَافَتْ قَبْرَ وَالِدِهَا *** خَيْرِ البَرِيَّةِ مِنْ عُرْبٍ وَ مِنْ عَجَمِ
وَ افَتْ وَ قَدْ غُصَّ بِالأَنْصَارِ مَسْجِدُهُ *** وَ البَغْيُ قَامَ بِجَمْعٍ فِيهِ مُزْدَحِمٍ
فَأَسْدَلُوا دُونَهَا الْأَسْتَارَ فَابْتَدَأَتْ *** لِلَّهِ تُبْدِي بِإِفْصَاحَ مِنَ الكَلِمِ
كَأَنَّمَا هِيَ فِي الآيَاتِ تُفْرِغْ عَنْ *** فَم النَّبِيِّ أَبِيهَا فِي بَيانِ فَم
جَحَدْتُمُ مَعْشَرَ الأَنْصَارِ فِي فَدَكِ *** حقاً لَنَا خَصَّهُ الرَّحْمَنُ مِنْ قِدَمِ(6)
ص: 367
كَأَنَّمَا العَهْدُ فِيكُمْ يَوْمَ فَارَقَنَا *** طَيْفُ الخَيَالِ سَرَى عَنْ عَيْنِ مُحْتَكِم
نَسِيتُمُ مِنْ وَصَايَا المُصْطَفَى لَكُمُ *** بِآلِهِ كُلَّمَا أَوْفَاهُ مِنْ ذِمَمِ
بنتُ النَّبِيِّ أُضِيعَتْ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ *** حُقُوقُهَا وَ حِمَاهَا غَيْرُ مُحْتَرِم
كَيْفَ ابْنُ عَمِّي عَلِيٌّ يُسْتَضَامُ بِكُمْ *** وَ هُوَ الأَبِيُّ لَدَيْنَا غَيْرُ مُهْتَضَمِ؟
سَهُمٌ يَدُ القَدَرِ الجَارِي تُسَدِّدُهُ *** يَوْمَ الهِيَاجِ بِهِ قَلْبُ الصَّلَالِ رُمِي
لَمْ تَلْقَ فِي القَوْمِ إِلا كَامِناً حَنَقَاً *** وَ الطَّرْفُ مِنْهُ عَنِ الحَقِّ المُبِينِ عَمِي(1)
لمْ يَهْضِمُوا فَاطِمَاً إلا وَ قَدْ عَلِمُوا *** بِأَنَّ حَيْدَرَ مِنْهُمْ غَيْرُ مُنْتَقِمِ
ثُمَّ انْثَنَتْ عَنْهُمُ فِي الخَطْوِعَاثِرَةً *** بِذَيْلِ بُرْدٍ يُوَارِي مَوْضِعَ القَدَمِ(2)
لَمَّا اسْتَقَرَّتْ بِهَا الدَّارُ اشْتَكَتْ غُصَصاً *** مِنْهُمْ لِخَيْرِ فَتّى حَامِ وَ مُعْتَصَمِ
قَالَتْ أَبَا حَسَنٍ مَاذَا القُعُودُ؟ فَقُمْ *** وَ حَكْمِ السَّيْفَ فِي الأَعْنَاقِ وَ القِمَمِ
نَقَضْتَ قَادِمَةَ البَازِيِّ مُكْتَمِناً *** مِنْ رَعْيِهِ مِنْ بُغَاثِ الطَّيْرِ وَالرَّخْمِ(3)
وَ قَدْ لَوَيْتَ الطُّلاَ بِالذُّلِّ مُفْتَرِشاً *** خَدَّيْكَ تُرْبَ الثَّرَى يَا ضَيْغَمَ الأَجَم(4)
تَرْضَى بِأَنَّ عُتَاةَ البَغْيِ تَهْضِمُنِي *** وَ أَنْتَ تَعْلَمُ لَيْسَ الهَضْمُ مِنْ شِيَمِي؟
تَبَزُّنِي نِحْلَتِي مِنِّي يَدُ ابْنِ أَبِي *** قُحَافَةٍ حَيْثُ لَمْ يَبْصُرْ لَدَيَّ حَمِي
فَقَالَ فَاطِمَ صَبْراً نَهْنِهِي شَجَناً *** وَاطوِي الجَوَانِحَ وَ لْتَهْجَعْ عَلَى الكَظَمِ(5)
إِنَّ الكَفِيلَ لَمَأْمُونٌ وَ حَقُّكِ فِي *** حُلْمِ الكِتَابِ جَلِيٌّ غَيْرُ مُنْكَتِمِ
ص: 368
وَ إِرْثُكِ إِنْ أَضَاعَتْهُ العِدَى حَنَقاً *** فَلَمْ يَضِعُ لَكِ أَجْراً بَارِىءُ النَّسَمِ
لاتَسْتَطِيعُ العِدَى تَحْوِيلَنَا أَبَداً *** مَنَاقِباً رُسِمَتْ فِي اللَّوْحِ وَ القَلَمِ(1)
ص: 369
(بحر الكامل)
الشيخ عبد الحسين الشكر
أنِخُ الطلاحَ ففي الطفوفُ مرامُها *** واعقِلُ فقد بانتْ لنا أعلامُها
أحِرمْ و طُفْ سبعاً فما في بكةٍ *** ما في الطفوفِ و إن ترفعَ هامُها(1)
واروِ بدمعكِ تربَها فكم ارتوی *** بدما نحوِر بني النبي رغامُها
شمختْ على السبعِ الشدادِ بأنجمٍ *** بزغتْ غداةَ ابن النبي إمامُها
حتى إذا الدنيا تنفسَ صبُحُها *** بالرشدِ عسعسَ بالضلالِ ظلامُها
طافتْ أميةُ بالطفوفِ يسوقُها *** لرحى المنيةِ حتفُها و حِمامُها
حسبتْ سفاهاً أن ستُصرَع هاشمٌ *** و يسود آسادُ العرينِ سوامُها
فتسنمتْ قبَّ البطونِ ضياغُمٌ *** لججَ الوغى غاباتْها و أجامُها
أسد كأن الهامَ عند هياجِها *** أقداحُ تبرٍ و الدماءُ مدامُها
و ترى اللهاذمَ تلتوي بأكفِهِم *** كأراقمٍ سدًّ الفضاءَ سمامُها
و البيضُ مهما أبرقتْ بسحائبٍ *** للنفعِ فوقَ البيضِ أمطرَ هامُها
حتى إذا شاءَ الإلهُ بأن يرَى *** شمسَ العالمِ نُكستْ أعلامُها
سالتْ على البيضِ الصِّفاح نِفوسُهُم *** و جرتْ بمحتومِ القضا أقلامُها
صُبغتْ بحمرِ الدم بيضُ وجوهِهِم *** فأسودَ من بيضِ الظُّبا أيامُها
ص: 370
فهناك جَرَّدَ شبلُ حيدر صارماً *** ذابتْ لومضِ فِرِنِده أجسامُها
فأصمَّ أسماعَ العراقِ برنةٍ *** كادتْ بأصداها تسيخُ شآمها
سئمَ الحياةَ غداةَ أبصر صحبَهُ *** حَلُّوا الثرى و عليه هانَ مَقامُها
فهنا لكَ الباري تجلّى في ذرى *** طَورِ الجلالةِ داعياً علامُها
فانهارَ قطبُ الكائناتِ مكلماً *** يحكي الكليمَ فنُكِسَت أعلامُها
فترى الملائكَ معولين لفقِدِه *** و الأنبياءَ له تطأطأ هامُها
و يحقُ للرسُلِ الكرامِ عويلُها *** من بعدهِ فاليوَم ماتَ إمامُها
اليومَ ماتَ المصطفى و وصيَّه *** اليومَ صغرَ للبتولِ مقامُها
اليوم بالنيران أُضرِمَ بابُها *** فذكت بقارعة الطفوفِ خيامُها
اليومَ أُسقِطَ محسنُ فلذا ترى *** أطفالَها جرعُ السهامِ فطامُها
اليومَ رُضّت بالجدار فهُشِّمت *** بالطفِ من مهج النبيِّ عظامُها
اليوم قادُوا المرتضى بنجادِه *** و استأمنتْ بطشَ الحليمِ لئامُها
ص: 371
(بحر السريع)
الشيخ عبد الستار الكاظمي(*)(1)
تَبْكِيكِ عَيْنِي عَبْرَةٌ سَاجِمَهْ *** يَا زَهْرَةَ الفِرْدَوْسِ يَا فَاطِمَهْ(2)
***
سُبْحَانَ مَنْ سَوَّاكِ بَدْراً تَمَامْ *** يَهْدِي بِكِ اللَّهُ جَمِيعَ الأَنَامْ
أَنْوَارُكِ تَجْلُو دَيَاجِي الظَّلامْ *** أَيَّتُهَا الصِّدِّيقَةُ العَالِمَهْ(3)
***
بَيتُكِ فِي ظِلُّ أَبِيكِ الرَّسُولْ *** مَهْبَطُ وَحْيِ اللَّهِ عِنْدَ النُّزُولْ
أَنِيسُكِ القُرآنُ نُورُ العُقُولْ *** وَ أَنْتِ فِي تَرْتِيلِهِ هَائِمَهْ
***
ص: 372
زَهْرَاءُ فِي صِفَاتِكِ الزَّاهِرَهْ *** مُحْكَمَةٌ آيَاتُكِ البَاهِرَهْ(1)في كنز الفوائد ج2 ص610 ح7.
في حديث طويل قال رسول الله صلي الله علیه و آله و سلم...: «و فتق نور الحسين علیه السلام و خلق منه اللوح والقلم)... إلى أن قال: «فعند ذلك أظلمت المشارق و المغارب فضجَّت الملائكة و نادت: يا إلهنا و سيدنا بحق الأشباح التي خلقتها إلا ما حُرّمت عنا هذه الظلمة... فعند ذلك تكلم الله بكلمة أخرى فخلق منها روحاً فاحتمل النور الروح فخلق منه الزهراء علیها السلام فاطمة فأقامها أمام العرش فأزهرت المشارق و المغارب فلأجل ذلك سميت الزهراء علیها السلام».(2)
فِيكِ مَعَانِي العِتْرَةِ الطَّاهِرَهْ *** ظَاهِرَةٌ نَاظِرَةٌ قَائِمَهْ
***
لَمَّا مَضَى وَالِدُكِ المُصْطَفَى *** نَادَيْتِ لِلدُّنْيَا عَلَيْكِ العَفَا
وَ الدَّهْرُ قَدْ جَارَ وَ مَا أَنْصَفَا *** مُذْغَصَبَتْكِ الرُّمْرَةُ الظَّالِمهْ
***
حِينَ اعْتَدَى عَلَيْكِ أَهْلُ العِنَادْ *** فِي ظُلْمِهِمْ لَمَا طَغَوْا فِي البِلادْ
إنْقَلَبُوا عَنْ شَرْع رَبِّ العِبَادْ *** مُذْ أَسْسُوهَا فِتْنَةٌ قَائِمَهْ
***
قَالَ احْرِقُوا دَارَ عَلِيٌّ وَ مَرٌ *** قَالُوا بِهَا الزَّهْرَاءُ مَهُ مَا الخَبَرْ؟(3)
قَالَ وَ إِنْ، فَأَحْرَقُوا فِي الأَثَرْ *** بَابَ الهُدَى وَالنِّعْمَةِ الدَّائِمَهْ
***
فِي هَمِّهَا كَالمُلْكِلِ الشَّاحِطِ *** جَاءَتْ وَبَيْنَ البَابِ وَ الحَائِط(4)
قَدْ عُصِرَتْ مِنْ ظَالِمٍ سَاخِطِ *** فِي دَفْعَةٍ حَاقِدَةٍ آثِمَهْ
ص: 373
قَدْ أَنْبَتُوا المِسْمَارَ فِي صَدْرِهَا *** وَ أَسْقَطُوا الْجَنِينَ فِي عَصْرِهَا(1)
فَضَجَّتِ الأَمْلَاكُ مِنْ صَبْرِهَا *** وَيْلٌ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ خَاصِمَهْ
***
مَصَائِبٌ صُبَّتْ بِتِلْكَ المِحَنُ *** بَعْدَ أَبِيهَا مِثْلَ صَبُ المُزن(2)
مَا ذَاقَتِ الرَّاحَةَ أُمُّ الحَسَنْ *** حَتَّى مَضَتْ عَلَيْهِمُ نَاقِمَهْ
***
مَظْلُومَةٌ قَدْ كَسَرُوا قَلْبَهَا *** مَهْمُومَةٌ لَمَّا دَعتْ رَبَّهَا
مَكْسُورَةَ الضّلْعِ قَضَتْ نَحْبَها *** مَحْرُومَةً حَزِينَةً وَاجِمَهْ(3)
ص: 374
(بحر الرمل)
الأستاذ عدنان عبد القادر أبوالمكارم
صَلَوَاتُ اللَّهِ تَغْشَى كُلَّ حِين *** أَحْمَدَ الهَادي مَعَ الآلِ الكِرَامِ
كَلِمَاتِ اللَّهِ مَأْوَى الخَائِفِينَ *** وَ صَرَاطِ اللَّهِ فِي يَوْمِ القِيَامِ
أَلِفٌ: أَقْبَلَ خَيْرُ الأَنْبِيَاء *** مَثْل بَدْرِ التَّمِّ في أُفُقِ السَّمَاءْ
قَائِلاً يَا زَوْجَ خَيْرِ الأَوْصِيَاء *** يَا وُجُودِي قد عَرى جِسْمِي العَنَاءْ(1)
هَاتِ يَا عِصْمَةَ كُلِّ الفُقَرَاءْ *** لِأَبِيْكِ الطُّهْرِ ذَيَّاكَ الكِسَاءْ
إِيْهِ يَا بَضْعَة خَيْرِ الْمُرْسَلِيْن *** وَ شَفيع النَّاسِ في يَوْمِ القِيامْ
عَجْلِي نَحْوِي فَقَدْ زَادَ الأَنِيْن *** وَ احْتَوَتْنِي كُلَّ أَنْوَاعِ السَّقَامْ(2)
بَاءُ: بِنْتُ الصَّالِحَاتِ الزَّاكِيَات *** فَاطِمُ أُمَّ أَبِيْهَا وَ الهُدَاةْ
أقْبَلَتْ نَحْوَ سِرَاجِ الظُّلُمَاتِ *** بِالكِسا وَ العَيْنُ تَهْمِي العَبَرَاتْ(3)
هَاكَ خُذْ يَابْنَ الضُّحَى وَ الذَّارِيَات *** يَا شَفِيْعَ النَّاسِ مِنْ بَعْدِ المَمَاتْ
أَخَذَ المُخْتَارَ وَضَاحُ الجَبِيْن *** بُرْدَةَ مِنِّي بِبْشِرِ وَ ابْتِسَامْ
خَلْتُهُ البَدْرَ بِلَيْلٍ مُسْتَكِين *** لا وَ أَيْنَ البَدْرُ مِنْ خَيْرِ الأنامْ
تَاءُ: تَغْرِيدُ طُیُورِ الطَّرَبِ *** وَ انْبِلَاجُ الصُّبْحِ بَعْدَ الكُرَبِ
ص: 375
وَ سُرُورُ الطُّفْلِ يَوْمَ السُّحُبِ *** بِنُزُولِ الغَيْثِ عِنْدَ اللَّعِبِ
وَ الْتِقَاءُ العَاشِقِ المُغْتَرِبِ *** بِفَتَاةِ الحُسْنِ بَعْدَ التَّعَبِ
لايُسَاوِي رُؤْيَةَ الهَادِي الأمين *** عَلَّةِ الإِيجَادِ وَ البَدْرِ التَّمَامْ(1)
عِصْمَةِ الخَائِفِ وَ المَوْلَى القمين *** بِثنَاءِ اللَّهِ وَ الرُّسلِ الكرَامْ(2)
ثَاءُ: ثَاوِ سَیِّدُ الْخَلْقِ وَ قَدْ *** فَرَحَ القَلْبُ وَ رَبِّي وَ اتَّثَدْ(3)
مُذْ تَقَضَّتْ سَاعَةٌ مِنْ ذَا الْأَمَدْ *** طَرَقَ البَابَ سُرُورِي وَ السَّنَدْ
نُسْخَةُ المُخْتَارِ خُلْقاً وَ جَسَدْ *** مَنْ لِدِينِ اللَّهِ قَدْ كَانَ عَمَدْ
حَسَنٌ زِيْنَةُ كُلِّ العَارِفِيْن *** خَيْرُ مَنْ لَبَّى وَ صَلَّى ثُمَّ صَامْ
دَخَلَ الدَّارَ بِبِشْرٍ وَ حَنِين *** قَائِلاً: أَمَّاهُ أَهْلاً وَ سَلَامْ
جيْمُ: جَالَ السِّبْطُ حَوْلِي ثُمَّ قَالْ *** وَيْكِ يَا أُمَّاهُ هَلْ لِيْ بِسُؤالْ
قُلْتُ سَلْ مَا تَشْتَهِيْ سَرَّ الجَمَالْ *** وَ لَكَ الحِكْمَةُ مِنْيْ فِي المَقَالْ
يَا سَخِيَّ النَّفْسِ يَا رَبَّ الكَمَال *** يَالِسَانَ اللَّهِ إِنْ حَلَّ الضَّلالْ
قَالَ يَا سِتَّ نِسَاءِ العَالَمِيْن *** أَيُّ شَخْصٍ حَلَّ فِي هَذَا المَقَامْ
رِيْحُهُ أَزْكَى مِنَ المِسْكِ الثَّمِين *** وَ بظَنِّي أَنَّهُ خَيْرُ الأنامْ
حَاءُ: حَقَّاً، قُلْتَ صِدْقاً، وَ أَبِيْ *** إِنَّه الهَادِي الرَّسُولُ العَرَبِيْ
فِتْنَةَ الدُّنْيَا سَنَاءُ الغَيْهَبِ *** مَنْ حَوَى فِي المَجْدِ أَعْلَى الرُّتَبِ(4)
تَحْتَ ذَيَّاكَ الكِسَاءِ الطَّيِّبِ *** نَحْوَهُ عَجِّلْ أَيَا ابْنَ النُّجُبِ
وَلَدِي عَجِّلْ إِلَيْهِ مُسْتَعِين *** بِالسَّمِيعِ الخَالِقِ البَرِّ السَّلَامْ
قُلْ لَهُ يَا جَدُّ يَابْنَ الأَكْرَمِين *** غَطَّنِي إِيَّاكَ وَ اقْرَأَهُ السَّلَامْ
ص: 376
خَاءُ: خَفَّ السِّبْطُ ذُو الوَجهِ الأَغَرُ *** نَحْوَطَه المُصْطَفَى خَيْرِ البَشَرْ
مثْلَ نجْمٍ قَدْ أَضَاثُمَّ اسْتَقَرْ *** يَسْتَمِدُّ النَّوْرَ مِنْ نُوْرِ القَمَرْ
جَدُّيَا مُخْتَارُ هَلْ مِنْ مُسْتَقَرْ *** كَيْ أَنَالَ الخَيْرَ جَدِّي وَ الظُّفَرْ
جَدُّيَا قِبْلَةَ كُلِّ العَاشِقِينْ *** وَ مَلَاذِي حِيْنَ يَهْوَانِي السّقَامْ
أَبْقِنِيْ إِيَّاكَ قَدْ زَادَ الحَنِينْ *** وَ دُمُوعِيْ مِنْ وُلُوعِيْ في انْسِجَامْ
دَالُ: دَعْنِيْ جَدُّ إِيَّاكَ أَصِيرْ *** قَالَ: أَهْلاً بِكَ يَا عَيْنَ البَصِيْر
أنْتَ لِلدِّين وَ لِلْعَدْلِ نَصِيْرْ *** وَ بِغُرْبِي يَا حَبِيْبِي لَجَدِيْر
لَكَ عِنْدَ المُحْسِنِ البَرِّ القَدِيرْ *** مَقْعَدُ الصِّدْقِ أيَا بَدْرِي المُنير
حَسَنُ أَنْتَ الهُدَى لِلْمُؤْمِنِينْ *** وَ مَنَارٌ وَ مَلَاذُ وَ إِمَامْ
بكَ يُمْسِي النَّاسُ طراً آمِنِينْ *** وَ يَعِيشُونَ بِحُبِّ وَ الْتِزَامْ(1)
ذَالُ: ذَا شَمْسُ الشَّمُوسِ السَّاطِعَةْ *** رَحْمَةُ اللَّهِ، الجليل الواسِعَةْ
فَلْذَتِي رُوْحِي وَ عَيْنِي الدَّامِعَةْ *** مَفْزَعُ الأُمَّةِ يَوْمَ الوَاقِعَةْ
حُجَّةُ اللَّهِ القَوِيِّ اللامِعَةْ *** الْحُسَيْنُ السَّبْطُ شَمْسِي الطالِعَةْ
طَرَقَ البَّابَ أَتَى نَحْوِي بِهونْ *** قَبَّلَ الكَفْ وَ نَادَانِي السَّلَامْ(2)
أُمُّ يَا كَوْثَرُ يَا صَادٌ وَ نُوْنْ *** رِيْحُ مَنْ فِي الدَّارِ تَشْفِي كَالرِّهَامْ(3)
رَاءُ: رَبُّ الحُسْنِ، طَه، المُصْطَفَى *** سَيِّدُ البَطْحَا، وَ مِصْبَاحُ الصَّفَا
حَلٌّ تَحْتَ البُرْدِ يَا رَمْزَ الوَفَا *** فَازْدَهَى المَنْزِلُ وَ الحُزْنُ انْتَفَى(4)
رُحْ لَهُ فَوْراً وَ حَاشَاكَ الجَفَا *** خَيْرَ مَنْ سَارَ بِنَعْلِ وَ احْتَفَى
رَاحَ عَيْنُ اللَّهِ يَمْشِي فِي سُكُونْ *** خُلْتُهُ قَلبي مَشَى فَوْقَ الرَّغَامْ(5)
ص: 377
بِإِزَاءِ البُرْدِ مَاذَا سَيَكُون *** وَ بِمَاذَا سَيُجَابُ ابْنُ الهُمَامْ
زَاءُ: زَيْنُ الأَوْلِيَا وَ الحُجَجِ *** مَنْ فَدَى دِينَ الهُدَى بِالمُهجِ
وَ حَمَاهُ مِنْ بُغَاةِ الهَرَجِ *** وَ سَمَا بَدْرَ الدُّجَى بِالوَهَجِ
هُوَ مِفْتَاحُ السَّمَا وَ الفَرَج *** مَا عَلَى عُشاقِهِ مِنْ حَرَجِ
خاطَبَ المُخْتَارَ يَابْنَ الطَّيِّبِينْ *** وَ لِمَنْ لِلْأَنْبِيَا كُنْتَ الخِتَامْ
هَلْ لِمَنْ يَهْوَاكَ أنْ يُمْسِي قَرِيْنْ *** بَعْدَ أَنْ طَافَ بِمَغْنَاكَ وَ حَامْ؟(1)
سيْنُ: سُمُّ نَاقِعٌ يُقْضِي عِدَاكْ *** صِرْ إِلَيْنَا تَرِبَتْ رُوحِي يَدَاكْ
أَنْتَ كَفُّ الجُودِ كَالبَحْرِ نَدَاكْ *** وَ جَمِيعُ الأَوْلِيَا تَحْتَ رِدَاكْ
مِنْ نِدَاءِ الذِّكْرِ قَدْ كَانَ نِدَاكْ *** وَ نِدَا مَنْ بَعْدُكُمْ رَجْعُ صَدَاكْ
فَازَ مَنْ وَالاكَ رَمْزَ الثَّائِرِينْ *** وَغَدَا لِلنَّاسِ نُوراً في الظَّلَامْ
كَنَجُوم الأفقُ تُفْنِيّها السِّنُونْ *** وَ ضِيَاهَا سَاطِعْ يَهْدِي الْأَنَامْ(2)
شِيْنُ: شَرْقِي هَاجَ مُذْجَا حَيْدَرُ *** ذَلِكَ اللَّيْتُ الهزبْرُ القَسْوَرُ(3)
حُجَّةُ اللَّهِ وَ بَدْرِي الأَنْوَرُ *** نَاصِرُ الرُّسُلِ الإِمَامُ الأَكْبَرُ
طَرَقَ البَابَ وَ عَيْنِي تَنْظُرُ *** ثُمَّ نَادَى فَاطِمٌ يَا كُوْثَرُ
هَلْ لَنَا أَنْ نَدْخُلَ الحِصْنَ الحَصِين؟ *** حِصْنَ بَدْرٍ لَيْسَ يُخْفِيهِ الغَمَامُ
قُلْتُ أَهْلاً بِكَ يَا لَيْتَ العَرِيْنِ *** وَ الَّذِي تَخْدِمُهُ الرُّسُلُ الكِرَامْ
صَادُ: صَاحَ المرتَضَى كَنْزُ الرَّشَادِ *** حُجَّةُ المَوْلَى عَلَى كُلِّ العِبَادْ
فَاطِمُ الزَّهْرَاءُ يَا نُورَ البلاد *** وَ عِمَادَ الأَرْضِ وَ السَّبْع الشدادْ
مُهْجَةَ المُخْتَارِ، نِبْرَاسَ السَّدَادِ *** مَنْ بِدَارِيْ رِيْحُهُ رِيْحُ الجِهَاد(4)
ص: 378
وَالَّذِي أَبْدَعَ صُنْعَ القَمَرَيْن *** وَ اصْطَفَانِي لَكِ يَا بِنْتَ العِظَامْ
إِنَّهَا رِبْحُ إمَامِ المُرْسَلِين *** وَ مَلَاذُ النَّاسِ في يَوْمِ القِيامْ
ضَادُ: ضَاقَ الكَوْنُ أَنْ يَسْتَوْعِبَا *** فِكْرِكَ السَّامِي فَهَيَّا لِلْعَبَا
حَيْثُ قَرَّ المُصْطَفَى سِرُّ الإِبَا *** وَ حُسَيْنُ وَ الزَّكِيُّ المُجْتَبى
رَاحَ دَاحِي البَابِ مُرْدِي مَرْحَبًا *** قَالَ يَا خَيْرَ الوَرَى أُمَّاً أَبَا(1)
إِنَّنِي أَوَّلُ كُلِّ العَابِدِينْ *** وَ الَّذِي إِيَّاكَ صَلَّى ثُمَّ قَامْ
بِحُسَامِي دَانَ جُلُّ الكَافِرِينْ *** وَالَّذِي يَكْرَهُنِي نَسلَّ حَرَامْ
طَاءُ: طَرْفُ العَيْنِ عَنْ رَبِّي الكَرِيمْ *** قُطْ مَا حَادَ إِلَى الرِّجْسِ الرَّحِيمْ(2)
جئتُ لِلدُّنْيَا مِنَ الشِّرْكِ سَلِيمْ *** وَ عَلَى الكُرْسِيِّ خَطَّ اسْمِي العَظِيمْ
فَأَنَا الْقُرْآنُ وَ الذِّكْرُ الحَكِيمْ *** وَ أَنَا القِسْطَاسُ -طه- المُسْتَقِيمْ(3)
كُنتُ مِنْ صُغْرِي لَكُمْ طَهَ قَرِينْ *** كُمْ كَشَفْتُ الْكُذْبَ عَنْكُمْ بِالحُسَامْ
جِئتَكَ الآن نجاةَ المُؤْمِنِينْ *** لِأَنَالَ القُرْبَ يَا رِيحَ البَشَامْ
ظَاءُ: ظَنُّ المُرْتَضَى فِيْنَا جَمِيلْ *** وَ هُوَ لِلْحَشْرِ لَنَا نِعْمَ الجَلِيلْ(4)
كُلُّ مَا قَالَ مِنَ النَّعْتِ قَلِيلْ *** لَايُوَفِّي نَعْتَهُ إِلا الجَلِيلْ
جِئْتَ تَسْتَأْذِنُ خُذْ مِنَّا القَبُول *** وَ لَنَا الفَخْرُ أَيَا زَوْجَ البَتُولْ
بِكَ عَزَّ اللَّهُ كُلَّ المُسْلِمِينْ *** وَ تآخَوا فِي وِ دَادٍ وَ وِئَامْ
حُزتَ كَأْسَ السَّبْقِ يا نِعْمَ الخَدِيْنِ *** يَا صِرَاطَ اللَّهِ يَا رَبَّ الكَلَامْ(5)
عَيْنُ: عَمَّ الخَيْرُ وَازْدَادَ السُّرُورْ *** وَ رَنَتْ فَاطِمَةٌ نَحْوَ الغَيُورْ
ص: 379
أَشْبَهَتْ فِي مَشْيِهَا طَهَ البَشِيرْ *** وَ بِنُطقِ حَيْدَرَ البَرَّ الأَمِيرْ
خَجَلَا مِنْ حُسْنِهَا تَخْفِي البُدُورْ *** وَ حَيَاءً تَنْحَنِي حَتَّى الزُّهُورْ
لَوْ رَأَتْهَا الشَّمْسُ أَحْنَتْ لِلْجَبِينْ *** وَ تَوَارَتْ بَيْنَ أَحْضَانِ الغمامْ(1)
إِذْ ضِيَاهَا مِنْ ضِيَا الزَّهْرَاءِ دَيْنِ *** وَ عَلَى المَدْيُونِ مِنْ خَوْفٍ لِئَامْ(2)
غَيْنُ: غَوْثِي وَ مَلَاذِي وَ السَّنَادْ *** يَا زَعِيْمَ المَجْدِ يَا عَالِي العِمَادْ(3)
يا رسولَ اللَّه يا خيرَ العِبَادْ *** يَا هُدَى الحَيْرَانِ في يَوْمِ التَّنَادْ
يَا سَيدَ اللَّهِ عَلَى كُلَّ البِلادْ *** جِئْتُ هَلْ تَقْبَلُنِي يَا خَيْرَ هَادْ
إِنَّني الزَّهْرَاءُ بِنْتُ الطَّيِّبِينْ *** مَنْ لَهَا عِنْدَكَ كُلَّ الإِحْتِرَامْ
أَتُرَى أَرجِعُ وَ القَلْبُ حَزِينْ *** أُرْسِلُ الدَّمْعَ وَ نَوْحِي كَالحَمامْ
فَاءُ: فَاضَتْ عَيْنُ خَيْرِ الأَنْبِيَاءْ *** وَ دَعَا أَهْلاً بِكِ تَحْتَ الكِسَاءْ
فُقَتِ ظهراً، شَرَفاً، كُلَّ النِّسَاءْ *** وَ تَغَنَّتْ بِاسْمِكِ رُسُلُ السَّمَاءْ
لَكِ أَشْيَاعٌ لَهُمْ مِنِّي الثَّنَاءْ *** وَ جِنَانُ الخُلدِ في يَوْمِ الجَزَاءْ
أَنْتِ رُوْحِي وَ فُؤَادِي وَ الوَتينْ *** وَ اسْمُكِ في العَرْشِ جَنْبَ اسْمِي اسْتَقَامْ(4)
أنا مِنْكِ أنتِ مِنّي كَلُجَيْنْ *** صِبْغَ فِي كَأْسٍ شَفِيفٍ بِنِظَامْ(5)
قَافُ: قَالَ الظطّهْرُ مَوْلَانَا الشَّفِيعْ *** إِيْهِ يَا مَنْ أَنْشَأَ الكَوْنَ البَدِيعْ
وَ دَحَا الأَرْضَ عَلَى مَاءٍ صَقِيعْ *** وَالسَّمَا كَوَّنَ وَ الأُفْقَ الرَّفِيعْ(6)
هَا هُمُ أَهْلِي بِجَنْبِي كَالشُّمُوعْ *** أَنَا مِنْهُمْ وَ هُمُ مِنِّي جَمِيعْ
يا إِلهِي يَا مُنَجِّي الصَّادِقِينْ *** أَذْهِبِ الرِّجْسَ عَنِ الآلِ الكِرامْ
ص: 380
ثُمَّ طَهَّرْهُمْ إِلهِي أَجْمَعِينْ *** وَقِنَا رَبَّاهُ مِنْ كُلِّ اجْتِرَامْ
كَافُ:كَمْ لِلْمُصْطَفَى زاكي الجُدُودْ *** مِنْ مَقَام عِنْدَ مَوْلَاهُ الوَدُودْ(1)
لَمْ يَنَلْهُ آدَمُ نُوْحٌ وَ هُودْ *** لَا وَمَنْ أَهْلَكَ عَادَاً وَ ثَمُودُ
مُذْ دَعَا دَعْوَتَه أَمَّ الوُجُودْ *** وَ جَمِيعُ الرُّسُلِ أَمَّتْ وَ الجُنُودْ
لَوْ تَرَى الأَمْلَاكَ صَفُوا خَاشِعِينْ *** فِي رُكُوعِ وَ سُجُودِ في غَرَامْ
مَنْظَرٌ يُلْهِمُ كُلَّ المُغْرَمِينْ *** بِفُنُونِ الرَّسْمِ في أَحْلَى انْسِجَامْ
لَامُ: لَاأَرْضُ عَلَى الْمَادُحِيَتْ *** وَ الرَّوَاسِي فَوْقَهَا قَدْ أُرْسِيَتْ
لأسَمَاءَ بُنِيَتْ أَوْزُيِّنَتْ *** بِنُجُومِ لَا وَ فُلْكَ أُسْرِيَتْ(2)
لابِحَارُ زَاخِرَاتٌ أُجْرِيَتْ *** لَانُفُوسٌ خُلِقَتْ أَوْ زُوجَتْ
كُلَّ مَا كَانَ وَ مَا سَوْفَ يَكُون *** لَمْ يَكُنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ خَيْرُ الأنامْ
مَنْ زَكَوا شِيْباً شَبَاباً وَ جَنِينْ *** وَ هُمُ الْخَمْسَةُ أَنْوَارُ الظَّلامْ
مِيْمُ: مُذْ قَالَ بِذَا اللهُ الْوَلِيْ *** جَاءَهُ جِبْرِيلُ ذُو الْوَجْهِ البَهِيْ
قَالَ مَنْ هُمْ سَمِّهِمْ يَا رَبُّ لِي *** قَالَ هُمْ فَاطِمُ وَ الهَادِي النَّبِيْ
وَ عَلِيُّ الطّهْرِ وَ السَّبْطُ الزَّكِي *** وَ حُسَيْنُ المَجْدِ ذُو النُّور السَّنِيْ
هَا هُمُ تَحْتَ الكِسا مُجْتَمِعِينْ *** فَازَ مَنْ حَلَّ بِمَعْنَاهُم وَ حَامْ(3)
قَالَ هَلْ أَنْزِلُ رَبِّي كَيْ يَكُونْ *** عَدَهُ الأشباح زَوْجاً وَ تَمامْ
نُونُ: نَالَ الخَيْرَ لَمَّا أَذِنَا *** رَبُّهُ فَاسْتَاقَ لِلْهَادِي المُنى
قَالَ يَا مَنْ قَابَ قَوْسَيْنِ دَنَا *** مِنْ إِلَه العَرْشِ جِبْرِيلُ أنا
جِئْتُ مَسْرُوراً لَكُمْ بَدْرَ الدُّنَا *** هَلْ تُرَى تَقبَلُني ضَيْفاً هُنا
قَالَ طه حُجَّةُ اللَّهِ المَتِيْن *** أَنْتَ مِنَّا لَكَ مِنَّا الاحْتِرَام
ص: 381
دَخَلَ الطَّيِّبُ دَارَ الطَّيِّبِينْ *** وَ جَرَى بَيْنَهُمُ أَحْلَى الكَلَامْ
هَاءُ: هَلْ لِلدَّهْرِ أُذُنٌ كَيْ تَعِي *** قَوْلَ جِبْرِيلِ لَطَة الأَلْمَعِي؟
قَالَ هَلْ أُذنُكَ يَا طَه مَعِي؟ *** قَالَ قُلْ جِبْرِيلُ شَنِّفْ مَسْمَعِي(1)
فَلَقَدْ نَادَتْكَ قَبْلِي أَدْمُعِي *** هَاتِ عَجِّلْ قَوْلَ رَبِّي المُبْدِع
قَالَ أَبْشِرْ يَا جَمَالَ العَارِفِينْ *** رَبُّكَ القَادِرُ يَحْبُوكَ السَّلَامْ
بَشِّرِ الآلَ الكِرَامَ الأَنْجَبِينْ *** بِذَهَابِ الرِّجْسَ عَنْهُمْ وَ الْعِظَامْ
وَاوُ: وَدَّ المُصْطَفَى شَوْقاً يَطِيرْ *** فَدَعَاهُ المُرْتَضَى وَ هُوَ الخَبِيرْ
مَا لِمَنْ يَقْرَأُ هَذَا مُسْتَجِيْر *** بَيْنَ أَشْيَاعِ لَنَا عِنْدَ القَدِيرْ
قَالَ يَنْسَى الحُزْنَ وَالهَمَّ الكَبِيرْ *** وَ يُلاقي السَّعْدَ وَ الخَيْرَ الكَثِيْر
تَنْزِلُ الأَمْلَاكُ لِلْحَفْل تَزينْ *** تَسْأَلُ اللهَ لَهُمْ حُسْنَ الخِتَامْ
وَ يَعُودُونَ بِخَيْرِ رَابِحِيْن *** بِقُلُوبِ مِلْؤُهَا نُوْرٌ وِئَامْ(2)
یَاءُ: يَا عِتْرَةَ خَيْرِ الأَنْبِيَاءِ *** لَكُمُ مِنَّا مَدَى العُمْرِ الوَلَاءْ
ضُعَفَاءٌ نَحْنُ، أَنْتُم كُرَمَاءْ *** وَ مَنَى رَدَّ الكِرَامُ الضُّعَفَاءْ
فِي هَوَاكُمْ كَمْ تَحَمَّلْنَا العَنَاءْ *** وَ جَرَتْ مِنَّا عَلَى الْأَرْض الدَّمَاءْ
شَتَمُونَا شَرَّدُوْنَا كَيْ نَلِينْ *** وَ نُحَيْلَ القَلبَ عَنْكُمْ لِلْئَام
فَصَمَدْنَا وَ ثَبَتْنَا مُوْقِنِيْن *** وَ شَربْنَا فِي الهَوَى كَأْسَ الحمَام(3)
ص: 382
(بحر الخفيف)
الشيخ عبد المجيد أبو المكارم(*)(1)
هَاجَ قَلْبِي بِلَوْعَةٍ وَ أَوامِ *** فَغَدا الجِسْمُ فِي أَسَى وَ ضِرَامِ(2)
حَيْثُ أَصْبَحْتُ لِلْبَلَايَا مَحَلاً *** مُذْ دَهَتْنِي كَوَارِثُ الأَيَّامِ
شَغَلَتْنِي مَصَائِبٌ وَ هُمُومٌ *** تَرَكَتْنِي بِفِعْلِها فِي كَلامِ
وَغَدَتْ شُعْلَةٌ بأَرْكَانِ قَلْبِي *** حِينَ أَوْرَتْ لِنَارِهَا فِي عِظَامِ
وَ أَهَاجَتْ لِنَارِهَا فِي فُؤَادِي *** فَانْبَرَى الجِسْمُ عَنْ لَذِيذ المَنَامَ
وَ لَقَدْ صَارَ كَرْبُهَا كُلَّ وَقْتٍ *** حُرْقَةٌ مُسْتَمِرَّةً بِاحْتِدَامِ(3)
حِينَمَا كُنْتُ إِثْرَ ذَاكَ حَزِيناً *** مُسْتَفزِّاً مِنْ لَوْعَةٍ وَ أُوَامِ
إِذْ أَتَانِي حَدِيثُ كُرْبَةِ طَهَ *** أَحْمَدَ المُصْطَفَى عَلِىَّ المَقَامِ
فَغَدَتْ سَلْوَتِي وَ هَلْ أَتَسَلَّى *** بِسِوَاهَا وَ مُهْجَتِي فِي اضْطِرَامِ؟
شمتُ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مُصاباً *** جَاءَ فِي الكَوْنِ مُبْدِيَاً لِلظَّلاَمِ
كَمُصَابِ الرَّسُولِ إِذْ عَمَّ كُلاً *** بِجَلابِيبِ ظُلمَةٍ و ازدحامِ
إِنَّهُ أَحْمَدٌ وَ خَيْرُ البَرَايَا *** سَيِّدُ الأَنْبِيَاءِ وَ سِرُّ الخِتَامِ
ص: 383
و منها:
فَاسْتَشَاطَ الظَّلامُ مِنْ بَعْدِ طَهَ *** حَالِكاً مِنْ بَوَادِرِ الآثَامِ(1)
وَ غَدَوا يَهْرَعُونَ نَحْوَعَلِيَّ *** مُنقِضِينَ لِعَهْدِهِ وَ الذِّمَامِ
وَ جَرَىٰ مَاجَرَىٰ عَلَىٰ بِنْتِ طَهِ *** لَبْوَةِ المُرْتَضَى وَ أُمِّ الكِرَامِ
أَحْرَقُوا بَابَهَا عَلَيْهَا بِجَزْلٍ *** غَصَبُوهَا في إريها بِاهْتِضَامِ(2)قال الفضل بن روزبهان، ص47 لو كان هذا أمراً واقعاً، أي إحراق عمر بيت فاطمة علیها السلام لكان أقبح وأشنع من قتل عثمان و قتل الحسين علیه السلام ولكن ينبغي أن يكون منقولاً في جميع الأخبار لتوفر الغرائم و الرغبات...(3)
ص: 384
مَنَعُوهَا مِنَ البُكَاءِ عِناداً *** نَهَبُوا حقها بِغَيْرِ انْتِظَامِ
فَقَسوْا عَيْنَهَا بِلَطْمَةِ كَفِّ *** وَ شَحُوا مَتْنَهَا ضُرُوبَ الكَلامَ
كَسَرُوا ضِلْعَهَا بِضَرْبٍ عَنِيفٍ *** أَسْقَطُوا حَمْلَهَا بِعَصْرِ اللَّئَامِ(1)
ثُمَّ قَادُو لِحَيْدَرٍ بِحِبَالٍ *** وَ هُوَ إِذْ ذَاكَ عُرْوَةُ الاعْتِصَامِ
أَوْقَفُوهُ وَ هَلْ كَمِثْلِ عَلِيٍّ *** تُوقَفُ الضَّأْنُ مِثْلَ أُسْدٍ هُيامِ؟(2)
خَرَجَتْ فَاطِمَ تُدَافِعُ عَنْهُ *** فَغَدَوْا فِي دِفَاعِهَا بِانْتِقَامِ
فَاتَّخِذْ سَيْدِي خَرِيدَةَ شِعْرٍ *** مِنْ فَقِير إِلَى إِلَهِ الآن الأَنَامِ
هُوَ عَبْدُالمَجِيدِ يَرْجُوكَ كَأْساً *** يَوْمَ يَأْتِي لِحَوْضِكُمْ فِي القِيَامِ
وَ عَلَيْكُمْ صَلَّى إِلهِي جَمِيعاً *** مَا غَدًا النُّورُ جَالِياً لِلظَّلامِ (3)
ص: 385
(بحر البسيط)
الشيخ ملا علي آل رمضان(*)(1)
أَتَرْغَبُونَ بِدَارٍ كُلُّهُا نِقَمُ *** وَ الأَمْرُ تَمْلِكُهُ مِنْ أَهْلِهَا الخَدَمُ؟
فَإِنَّ كُلَّ امْرِىءٍ فِيهَا عَلَى خَطَرٍ *** حَتَّى يُوَافِيهِ مِنْ آفَاتِهَا العَدَمُ
دَارٌ عَلَى حُجَجِ البَارِي قَدِ اشْتَمَلَتْ *** أَخْطَارُهَا وَعَلَيْهِمْ جَاشَتِ الغُمَمُ(2)
وَهُمْ بِهَا مَصْدَرٌ لِلْفَيْضِ مُتَّسِعٌ *** تَجْرِي عَلَى الخَلْقِ مِنْ يُنْبُوعِهِ النِّعَمُ
وَكَانَ سِرُّ فُؤَادِ الغَيْبِ عِنْدَهُمُ *** مُحَجَّباً وَإِلَيْهِمْ يَصْعَدُ الكَلِمُ
لأَنَّ مِنْ نَفَسِ الرَّحْمَنِ أَنْفُسُهُمْ *** مَخْلُوقَةٌ، وَجَرَتْ مِنْهُ بِهَا الحِكَمُ
أَنْوَارُ قُدْسٍ بِعَرْشِ اللَّهِ مُحْدَقَةٌ *** مِنْ قَبْلِ أَنْ تُخْلَقَ الدُّنْيَا وَلاَ الأُمَمُ
لَوْلاَهُمُ مَا بَدَتْ شَمْسٌ وَلاَ قَمَرٌ *** وَلاَ نَهَارٌ وَلاَ نُورٌ وَلا ظُلَمُ
مُطَهَّرُونَ هُدَاةٌ لاَ يَمَسُّهُمُ *** رِجْسٌ وَلاَ بِهِمُ رَيْنٌ وَلاَ لَمَمُ(3)
فَهُمْ بَنُو المُصْطَفَى الهَادِي الَّذِينَ بِهِمْ *** فِي اللَّوْحَ مِنْ حِكْمَةِ البَارِي جَرَى القَلَمُ
أَبُوهُمُ نُقْطَةُ الأَدْوَارِ حَيْدَرَةٌ *** وَأَحْمَدُ المُصْطَفَى المُخْتَارُ جَدُّهُمُ
وَدُرَّةُ الصَّدَفِ القُدْسِيَّ فَاطِمَةٌ *** مِشْكَاةُ مِصْبَاحِ نُورِ اللَّهِ أُمُّهُمُ(4)
ص: 386
حُورِيَّةٌ اسْمُهَا الزَّهْرَاءُ فَاطِمَةٌ *** مُحِبُّهَا عَنْ لَهِيبِ النَّارِ مُنْفَطِمُ(1)
هِيَ الَّتِي وَشَّحُوا بِالسَّوْطِ أَضْلُعَهَا *** لَمّا عَلَيْهَا الأُلَى فِي دَارِهَا هَجَمُوا(2)
وَأَزْعَجُوهَا بِبَيْتٍ مِنْ نَبَالَتِهِ *** لَهُ مَلَائِكَةُ السَّبْعِ العُلاَ خَدَمُ(3)
وَأحْرَقُوا مَنْزِلَ التَّنْزِيلِ مَنْزِلَهَا *** وَكَانَ فِيهِ الوَصِيُّ المُرْتَضَى العَلَمُ(4)
باللَّهِ أُقْسِمُ لَوْلاَ الحِلْمُ كَفْكَفَهُ *** لَمَّا عَلَى مَنْزِلِ الزَّهْرَا قَدِ اقْتَحَمُوا(5)
وَلاَ اسْتَطَاعَ يَرَى الزَّهْرَا مُقَنَّعةٌ *** بِسَوْطِ نَاكِثِ عَهْدٍ مَا لَهُ ذِمَمُ
فَإِنَّ ناراً وَرَتْ فِي بابِ فاطِمَةٍ *** فِي الطَّفِّ أَضْحَتْ بِرَحْلِ السِّبْطِ تَضْطَرِمُ
ص: 387
وَلَيْسَ قَادَ الفَتَى زَيْنُ العبادِ إِلَى *** حِمَى يَزِيدَ أَسِيراً وَهْوَ مُهْتَضَمُ
إلاَّ الَّذِي اسْتَخَرَجَ الهَادِي أَبا حَسَنٍ *** مُلَبّباً بِرِداهُ وَهْوَ مُسْتَلِمُ
مِنْ خَلْفِهِ فَاطِمٌ تَدْعُو وَمَدْمَعُها *** مِنَ الأَماقِي عَلَى الخَدَّيْنِ مُنْسَجِمُ(1)
خَلُّوا أَخا المُصْطَفَى الهادِي وناصِرَهُ *** لاَ تُخْرِجُوهُ مُهاناً، لا أَبا لَكُمُ!
مِنْ قَبْلِ أَكْشِفَ رَأْسِي بِالدُّعاءِ وَفِي *** قَلْبِي شَجاً وَفُؤَادِي كُلُّهُ أَلَمُ
إِنِّي ابْنَةُ المُصْطَفَى المُخْتَارِ فَاطِمَةٌ *** فَإِنْ دَعَوْتُ فَنَتْ مِنْ دَعْوَتِي الأُمَمُ !(2)
يا لِلرِّجالِ، أَمَا لِي مِنْكُمُ أَحَدٌ *** مِنَ الطُّغاةِ لِوَجْهِ اللَّهِ يَنْتَقِمُ؟
يا غِيرَةَ اللَّهِ هَلْ كَلَّتْ سَوَاعِدُكُمْ *** عَنْ نُصْرَتِي؟ وَيْلَكُمْ، أَمْ ماتَتِ الشِّيَمُ؟
فَكَيْفَ يُخْرَجُ بَعلِيِّ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ *** وَلاَ تُسَلُّ لَهُ الهِنْدِيَّةُ الخدمُ؟(3)
فَلَمْ تَجِدْ أَحَداً لَبَّيْ لِدَعْوَتِها *** كَأَنَّما كانَ فِي أَسْماعِهِمْ صَمَمُ(4)
ص: 388
(بحر البسيط)
الشيخ ملا علي آل رمضان(*)(1)
دَاجِي الضَّلالِ سَجَا وَاشْتَدَّتِ الظُّلَمُ *** عَلَى الوَرَى وَ بُحُورُ الجَوْرِ مُلْتَطِمُ(2)
وَرَايَةُ الدِّينِ لُفَّتْ بَعْدَمَا انْطَرَحَتْ *** فِي الْأَرْضِ وَ الجَوْرُ مَرْفُوعٌ لَهُ عَلَمُ
وَ أَنْتَ تَسْمَعُ يَابْنَ المُصْطَفَى وَ تَرَىٰ *** بِأَنَّ عَلَيْنَا ظَلاَمَ الظُّلْمِ مُلْتَحِمُ
وَ كَانَ بَيْنَ بَنِي حَرْبٍ وَ حِزْبِهِمُ *** لَكُمْ أُضِيعَ بِوَادِي كَرْبَلاءَ دَمُ
فَانْهَضٌ وخُذْ ثَارَ مَنْ فِي كَرْبَلاً اشْتَمَلَتْ *** عَلَيْهِمُ مِنْ مُلِمَّاتِ البَلَا غَمَمُ
أَمَاجِدٌ عَصَمَ الرَّحْمَنُ أَنْفُسَهُمْ *** أَنْ لايَلِمَّ بِهِمْ رَيْنٌ وَ لاَلَمَمُ(3)
لَمْ أَنْسَهُمْ وَ ظَلامُ النَّقْعِ مُنْسَدِلٌ *** عَلَيْهِمُ وَ ضِرَامُ الحَرْبِ يَضْطَرِمُ(4)
إلى أن قال:
إنّي لأقسِمُ بِالبَارِي الَّذِي أَبَداً *** مَا قَدْ وَطَا عَرْشَهُ مِنْ خَلْقِهِ قَدَمُ
مَا أَسَّسَ الظُّلْمَ وَاجْتَثَّ الرَّشَادَ سِوَى *** أَيْدِي الَّذِين بِدَارِ المُصْطَفَى هَجَمُوا
وَ اسْتَخْرَجُوا وَالِدَ السَّبْطَيْنِ مُحْتَسِباً *** مِنْ دَارِهِ مُسْتَضاماً وَ هُوَ مُسْتَلَمُ
يُقَادُ بَيْنَهُمُ قَهْراً وَ فَاطِمَةٌ *** تَدْعُو-وَمَدْمَعُهَا المَحرُونُ مُنْسَجِمُ-(5)
ص: 389
وَيْلٌ لأُمِّكُمُ خَلُوا أَبَا حَسَنٍ *** أَنْ لاتَحُلَّ سَرِيعاً فِيكُمُ النِّقَمُ
هذَا الَّذِي أَوْجَبَ البَارِي وِلايَتَهُ *** فَرْضاً عَلَيْكُمْ وَ مِنْهُ تُجْلَبُ النّعمُ
لَوْلاَ الوَصِيَّةُ وَ العَهْدُ القَدِيمُ لَمَا *** مَشَتْ إِلَيْهِ بِسُوءٍ مِنْكُمُ قَدَمُ
وَ لاَ إِلَى مَنْزِلِي بِالنَّارِ قَدْ زَحَفَتْ *** تُرِيدُ تُحْرِقُ دَارِي هَذِهِ الأُمَمُ(1)
كَفَرْتُمْ وَ رَكَسْتُمْ فِي العَنَا وَ أَنَا *** غَصَبْتُمُونِي تُرَائِي، لَاأَبَا لَكُم(2)
نَكَثْتُمُ العَهْدَ وَ المِيثَاقَ بَعْدَ أَبِي *** لَمَّا تَعَرَّتْ وَ زَالَتْ عَنْكُمُ الشَّيَمُ
صَلَّى عَلَيْهِ وَ أَبْنَاهُ المُهَيْمِنُ مَا *** أَضَاءَ نُورُ صَبَاحٍ وَ انْجَلَتْ ظُلَمُ(3)
ص: 390
(بحر الطويل)
الأستاذ علي الفرج
تلألأ كأسُ الحبّ فلندفنِ الهمّا *** فمن يشرب الحبَّ البتوليَّ لايظما
و من يغرسُ الآمال في دار أحمدٍ *** فيا ما أُحيلي ما سيجني و ما أنمى
و من يغزلُ الشعر الطريّ بفاطمٍ *** سيتلو به آيات (والفجر) أو (عم)
و من يتنغّم نبرةً فاطميّة *** مشى السحرُ في أعراقهِ يذرعُ الدَّمَّا
تنغّمتها حتى إذا عدتُ نغمة *** على قصبِ النشوى سعى الكونُ والتمّا
تنغّمتها دنياً من الشعر بعدها *** غفت كلماتي فوقَ دنيا من النُّعمى
غفت كلماتُ العاشقين و ما غفت *** الشعر إلاّ تسرقُ الحُلُمَ الأسمى
أيا مهدها و الوحيُ... كيف رأيتُما *** رسولَ السما يستقبل الوردَ و الحلما
و قد سَبحتْ عيناهُ خلفَ عيونها *** يرى الدمعةَ الحمراءَ و الحزنَ والسُّقما
أزهراءُ إذ كنتِ الوليدةَ إنني *** أرى كل مَن في الكون من نسوةٍ عُقما
حنانيكِ يا (ديوان) حبّ (قريضُهُ) *** سناً عبقريٌّ نوّر الأُفقَ الأعمى
و (أحرفُهُ) ساعاتُ عمرٍ تفتّحت *** فعمَّ السما و الأرضَ من ذاك ما عمّا
و(أوزانُهُ) طبعُ السماء لوارتدى *** بها الصخرُ ساوى طبعُهُ الشمسَ والنجما
و (عنوانُهُ) الزهراءُ يا اسماً كأنما *** يفيضُ حكاياتٍ لها تسجدُ الأسما
أزهراءُ يا بعضاً لأحمدَ ينتمي *** كما الوردةُ الزهرا إلى روضها تُنمى
صنعتِ له قلباً يلمُّ حنانه *** فكنتِ له بنتاً و كنتِ له أُمّاً
ص: 391
ومن وجهه الميمونِ صغتِ ابتسامة *** ومن وجهكِ البسّامِ صُغتِ له النّعمى
أزهراءُ يا إسعادَنا واشتعالَنا *** حملنا هواكِ الحيَّ في موتِنا غُنما
فرشناهُ جمراً في شرايين روحِنا *** و إنْ شهروا سيفاً و إن عرضُوا سهما
و أغلى من الدنيا الهوى و انتحاره *** و أرخص من ليلاي أن يسفكُوا الدَّما
ص: 392
(بحر المتقارب)
السيد غياث آل طعمة(*)(1)
رَنَوْتُ لأَيَّامِي النَّاعِمَهْ *** فَبِتُّ لِجَمْرِ الأَسَى هَائِمَهْ(2)
لَقَدْ كَثَرَ الدَّهْرُ أَنْيَابَهُ *** فَصُبَّتْ نَوَائِبُهُ القَاتِمَهْ(3)
وَ قَدْ كِدْتُ أنْسَى لِمَا قَدْ جَرَى *** بِأَنِّي ابْنَةُ المُصْطَفَى فَاطِمَهْ(4)
فَتَباً لِدُنْيا الأسَى وَ الظَّلامِ *** عَلَى كُلِّ ذِي عِزَّةٍ نَاقِمَهْ
يَعِيشُ بِهَا حُلْوَ أَيَّامِهَا *** وَ تَلْوِي بِغَدْرَتِهَا رَاجِمَهْ(5)
رَمَتْنِي بِمُرِّ الدَّوَاهِي العِظَامِ *** فَبِتُّ لِوَقْعَتِهَا جَاشِمَهْ(6)
وَ مَا مَرَّ بِالْبَالِ يَوْماً بِأَنْ *** تَدُورَ عَلَيَّ الرَّحَى قَاصِمَهْ
أَنَا ابْنَةُ سَيْدِ هذي الأنام *** وَ صَاحِبِ شِرْعَتِهَا السَّالِمَهْ
ثِمَارُ الجِنَانِ أَنَا مَبْدَئِي *** وَ خُلْدُ الجِنَانِ لِيَ الْخَاتِمَهْ
إِذَا مَا اشْتَهَى أَنْ يَثُمَّ الْجِنَانُ *** أَبِي شَمَّ رَائِحَتِي العَارِمَهْ(7)
ص: 393
أَنَا ابْنَةُ طَة وَ زَوْجِي عَلِيٌّ *** أَمِيرُ ذَوِي الأَنْفُسِ الْحَازِمَهْ
وَ أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَ المُصْطَفَى *** يَدَاهُ لأَصْنَامِهِمْ هَادِمَهْ
وَصِيُّ النَّبِيَّ وَلِيٌّ زَكِيٌّ *** شَقِيُّ العَوَاقِبِ مَنْ خَاصَمَهْ
وَ خَشْنُ اللُّباسِ شَدِيدُ المِرَاسِ *** تَعُجُ مَوَاقِفُهُ الحَاسِمَهْ(1)
وَ دُودٌ رَحِيمٌ كَرِيمٌ حَلِيمٌ *** غَلِيظٌ عَلَى الفِرْقَةِ الْغَاشِمَهْ(2)
أنيسُ الْقُلُوبِ مُزِيلُ الكُرُوبِ *** عَنِ المُصْطَفَى إِنْ حَوَى صَارِمَهْ(3)
بِأَمْرِ مِنَ اللَّهِ تَزْوِيجُنَا *** أُنُوفُ الرِّجالِ بِهِ رَاغِمَهْ
لَقَدْ زَيَّنَ اللهُ حُورَ الجِنَانِ *** وَ أَحْمَدَ نِيرَانَهُ اللاهِمَهْ(4)
نِشَارِي اللَّألي وَ غالِي الجُمَانِ *** بِهَا الحُورُ زِينَتَها نَاظِمَهْ(5)
وَقَادَ الزّمامَ أَبِي فِي الزَّفافِ *** وَ كُلُّ الوُجُوهِ بِهِ نَاعِمَهْ
وَ كُلُّ المَلاَئِكِ قَدْ رَفْرَفَتْ *** بِبَهْجَتِهَا لِلْوَرَى رَاحِمَهْ
وَ أُعْطِيتُ مَهْراً بِهِ لَمْ تَكُنْ *** بِمَرِّ الدُّهُورِ النّسا حَالِمهْ
فَقُلْتُ لأَرْجُو شَفَاعَتَنَا *** لأَهْلِ مَوَدَّتِنا عَاصِمَهْ
فَأُعْطِيتُ مِنْحَتَها مَنْ أَشَاءُ *** فَطُوبَى لِشيعَتِنا الْغَائِمَهْ
وَ أُمُّ الأَئِمَّةِ لَوْيَفْقَهُونَ *** لِمَنْهج نَيْلِ العُلَى رَاسِمهْ
كَوَاكِبُ هَدْي لِمَنْ يَهْتَدِي *** وَ لِلْمُعْتَدِي حِمَمٌ هَاشِمَهْ
وَ مِني سَيُولَدُ مَنْ بِاسْمِهِ *** سَتُصْبِحُ دَولَتُنَا حَاكِمهْ
لَنَا خَلَقَ اللَّهُ هَذِي الحَيَاةَ *** وَ فِينَا نِهَايَتُهُ العَادِمَهْ
ص: 394
ولاَيَتُنَا لِلَّذِي قَدْ أُقِرْ *** بِشِرْعَةِ أَحْمَدِنا لأزمهْ
حَيَاتِي بِحُبِّ الإِلَهِ انْقَضَتْ *** فَدَهْرِيَ قَائِمَةٌ صَائِمَهْ
إِذَا قُمْتُ لِلَّهِ جَوْفَ الظَّلامِ *** وَ جُلُّ عُيُونِ الوَرَى نَائِمَهْ(1)
فَلَسْتُ أَمَلُ لَذِيذ الصَّلاةِ *** وَ إِنْ أَصْبَحَتْ أَرْجُلِي وَارِمَهْ
بِقَلْبِي أَنْوَارُ رَبِّ السَّمَاءِ *** أَرَاهَا عَلَى بَيْتِنَا حَائْمَهْ
وَ بَيْتٌ لَنَا مِنْ أَعَالِي الْبُيُوتِ *** وَ فِيهِ مَلائِكَةٌ بَاسِمَهْ
وَ تَفْخَرُ فَخْر بُيُوتِ الحِجَازِ *** إِذَا مَا أَتَتْ دَارَنَا خَادِمَهْ
أَبِي كَانَ مُسْتَئْذِنَا بِالدُّخُولِ *** وَ حِلٌّ لَهُ دَارُنا القَائِمَهْ
فَكَيْفَ سَتَدْخُلُهُ فِرْقَةٌ *** بِدُونِ رِضَايَ لَهَا هَاجِمَهْ؟
عَلَيَّ أَتُحْرِقُهُ زُمْرَةٌ *** فَتَبَّتْ يَدُ الزُمْرَةِ الآئِمَهْ
وَ يَكْسِرُ ضِلْعِي لَئِيمُ الْخِصَالِ *** فَيَا وَيْلَ فِعْلَتِهِ الظَّالِمهْ
وَ تُسْقِطْ حَمْلِي أَيَادِي الطَّغَاةِ *** بِعَصْرَةِ بَابٍ وَلِي شَاتِمَهْ
أَتَمْنَعُنِي فَدَكِي عُصْبَةٌ؟ *** بِعِلْمٍ وَ دِينِ غَدَتْ زَاعِمَهْ(2)
خَرَجْتُ لِحَقِّي عَلَى رَدّهِ *** وَ إِنْ تَرَكُوا نُصْرَتِي عَازِمَهْ
أَقَمْتُ بِقُرْآنِنَا حُجَّةً *** لَئِنْ حَكَمُوها تَكُنْ حَاكِمهْ(3)
ص: 395
وَلكِنَّهُمْ رَكَنُوا لِلْحَيَاةِ *** فَزِينَتُهَا لِلْوَرَى خَاطِمَهْ(1)
وَ رَدُّوا عَلَيَّ بِأَوْهَى مَقالٍ *** بِمَا قُلْتُ ثُلتُهُمْ تَاهِمهْ
وَعُدْتُ أَلَمْلِمُ ذَيْلَ الجراحِ *** بِعَيْنِي السَّمَاء غَدَتْ قَاتِمَهْ
لَقَدْ خَسِرُونِي أَلَمْ يَعْلَمُوا *** بِحُبِّي سَيُنْجِي مِنَ الحَاطِمَهْ؟(2)
وَ يَرْضَى الإلهُ إِذا ما رَضَيْتُ *** وَ يَغْضَبُ إِنْ غَضِبَتْ فَاطِمَهْ(3)
دَعَوْتُ عَلَيْهِمْ فَلَنْ يُفْلِحُوا *** فَدُنْيَاهُمُ حَسْرَةٌ دَائِمَهْ
وَ أَخْرَاهُمُ ظُلْمَةٌ لَا تُطَاقُ *** فَبَيْسَتْ حَيَاتِهِمُ القَادِمَهْ
فَبِتُ نَزِيلَةَ قَبْرِ الحَبِيبِ *** وَ تُغْرِقُنِي أَدْمُعِي السَّاجِمَهْ(4)
وَ مَلُوا البُكَاءَ وَ قَدْ طَالَبُوا *** أَكُونُ لِكُلِّ البَلاَ كَاظِمَهْ
وَ يَسْتَعْتِبُونِي إِذَا مَا رَأَوْنِي *** أَتَيْتُ نَرَى المُصْطَفَى لائِمَهْ
فَظَلَّتْ هُمُومِي بِمَا قَدْ بَقِيتُ *** عَلَى الصَّدْرِ فِي ثُقْلِها جَاثِمَهْ
و بتُّ وَقَدْ أَرَّقَتْنِي الهُمُومُ *** وَ دُنْيَايَ مِمَّا جَرَى وَاجِمَهْ
وَ أَصْبَحْتُ لاَ أَسْتَلِذُّ الحَيَاةَ *** وَ صِرْتُ لأَيَّامِهَا رَاغِمَهْ
فَفِي النَّفْسِ شَبَّ لَهِيبُ الشُّجُونِ *** وَ فِي القَلْبِ كُلَّ الأَسَى كَاتِمَهْ
وَ قَبْرِي سَيُعفى فَتَبْقَى عَلَيَّ *** مَدَى الدَّهْرِ شيعَتُنا لاطِمَهْ
ص: 396
وَيُبْدِيهِ قَائِمُنَا لِلأَنَامِ *** وَ صُحْبَتُهُ الغُرَّةُ العَالِمهْ
فَتَنْعَمُ شِيعَتُنَا بِالسُّرُورِ *** وَ تَبْقَى لِيَوْمِ الجَزَا نَاعِمَهْ(1)
ص: 397
(بحر الكامل)
الشيخ فاضل الصفار(*)(1)
مَا لِلْجُنَاةِ لَبَيْت فَاطِمَ هَاجَمُوا *** وَ بِبَابِهَا نَارَ الصَّغَائِنِ أَضْرَمُوا؟(2)
أَوَمَا دَرَوْا فِي خِدْرِهَا سِرُّ الإ *** لهِ مُحَصَّناً وَ بِهِ المَلائِكُ نُوْمُ؟
يَا وَيْلَهُمْ كَيْفَ اسْتَبَاحُوا سِتْرَهَا *** وَ تَجَاوَزُوا أَوَلَيْسَ كَانُوا أَسْلَمُوا؟(3)
ص: 398
يَا وَيْلَهُم كَيْفَ اسْتَبَدُّوا بِالأُمُورِ *** وَ قَبْلَهَا عَهْدَ الوِلايَةِ أَبْرَمُوا؟
أَوَ لَمْ يُنَادُوا بِالغَدِيرِ وَخُمِّهِ *** (بَخٍ بَخٍ) لَكَ يَا عَلِيُّ وَ سَلَّموا؟(1)
مَاذَا جَرَى قَدْ أَنْكَرُوا وَ تَقَلَّبُوا *** بَعْدَ الهُدَى وَ إِلَى الضَّلَالِ تَحَرَّمُوا؟
أَوْ هَلْ تَبَدَّلَتِ الأُمُورُ تَقَهُقَرُوا *** لِلْجَاهِلِيَّةِ وَ الشَّقا يَحْدُوهُمُ؟
أَمْ بَيَّتُوا أَمْراً وَحَانَ أَوانُهُ *** فِي هَدَم بَيْتِ الدِّينِ حِقْداً مِنْهُم؟
أَمْ أَعْلَنُوا حَرْباً لآلِ اللَّهِ كَيْ *** يُطْفُوا ضِيَاءَ الحَقِّ يَا وَيْلاهُمُ
فَتَجَمَّعُوا طُرّاً عَلَى بَابِ الهُدَى *** وَ النَّارُ تُلْهَبُ فِي النُّفُوسِ تَقَدَّمُوا؟
لكِنَّهُمْ لايَفْقَهُونَ وَ قَبْلَ ذَا *** لَمْ يُؤْمِنُوا وَ عَنِ الحَقِيقَةِ قَدْ عَمُوا
وَ الطُّهرُ فَاطِمُ خَلْفَهُمْ بِتَجَلُّدٍ *** تَحْمِي الحِمَى وَ إِلَى الضَّمِيرِ دَعَتْهُمُ
فَتَطَاوَلُوا كَيْ يَهْتِكُوهُ وَ مَا رَعَوْا *** حَتَّى لِطهَ حُرْمَةً وَ تَفَحّمُوا
دَخَلُوا عَلَيْهَا دُونَ إِذْنٍ وَيْلَهُمْ *** ثُمَّ اسْتَبَاحُوا خَسْفَهَا وَ تَغَشَمُوا
أَسَفِي لِفَاطِمَ كَيْفَ دَاسُوا خِدْرَهَا *** وَ لِهَضْمِهَا أَهْلُ النِّفَاقِ تَقَسَّمُوا
وَعَدَا عَلَيْهَا الرِّجْسُ يَعْصِرُ صَدْرَهَا *** بِالبَابِ حِقْداً يَا لِقَوْمٍ أَجْرَمُوا!
وَ أَلَحَّ فِي عُدْوَانِهِ حَتَّىٰ هَوَتْ *** لِلْأَرْضِ تَصْرُخُ وَ الأَصَالِعَ هَشَّمُوا(2)
صَرَخَتْ وَ أَسْقَطَتِ الجَنِينَ مُقَفَّراً *** فَوْقَ التُّرَابِ تَئِنُّ مِنْ إِيذَاهِمُ
لَمْ يَشْتَفُوا فِيمَا جَنَوْهُ وَ إِنَّمَا *** لِكِيَّانِهَا المَنْحُولِ ضَرْباً حَطَّمُوا
ص: 399
فَتَلَوَّعَتْ بِالضَّرْبِ حَتَّى أُثْخِنَتْ *** وَ عَلى أَضَالِعِهَا بِسَوْطٍ وَ شَّموا
وَ الصَّدْرُ بِالمِسْمَارِ مِنْ عُدْوَانِهِمْ *** يَجْرِي دَماً وَ بَصِيحُ مِمَّا قَدَّمُوا
وَ غَدَتْ تَئِنُّ مِنَ المُصَابِ وَ تَشْتَكِي *** جَوْرَ الَّذِينَ عَلَى الجِنَايَةِ أَقْدَمُوا(1)
تَقْضِي اللَّيَالِي بِالدُّمُوعِ تَحَسُّراً *** وَ تَبثُّ فِي زَفَرَاتِهَا شَكْوَاهُمُ(2)
وَ أَمَضُّ مَا يُدْمِي القُلُوبَ تَحَرُّقاً *** فِي وَجْهِهَا كَفَّ المَظَالِم تَلْطِمُ(3)
فَقَضَتْ وَ فِي الجِسْم النَّحِيفِ عَلامَةٌ *** تَحْكِي الأَسَى وَ تَبُوحُ عَمَّا أَجْرَمُوا
أَسَفِي لَهَا سِنُّ الزُّهُورِ سِنِيُّهَا *** ذَبُلَتْ وَ وَالِدُها بِهَا أوْصَاهُمُ
أَسَفِي لَهَا عَاشَتْ بِلَوْعَتِهَا وَ قَدْ *** مَاتَتْ تَغُصُّ مَعَ الرَّدَى بِجَواهُمُ(4)
ص: 400
قَوْمٌ عَلَى الدِّينِ الحَنِيفِ تَمَرَّدُوا *** وَ الكُفْرُ وَالإِلْحَادُ قَدْ أَعْمَاهُمُ
قَدْ جَرَّعُوهَا المَوْتَ جَمْراً فِي الحَشَا *** قَبْلَ الرَّحِيلِ وَ بَعْدَهُ بِعِدَاهُمُ
فِي كَسْرِ أَضْلاعِ أَرَقُ مِنَ الضَّيَا *** وَ بِهَضم حَقٌّ سَلَّبُوهُ وَ أَرْغَمُوا(1)
وَ خَفَاءُ قَبْرٍ ضَيَّعُوهُ وَ قَبْلَهُ *** قَدْ ضَيَّعُوا أَسْرَارَهُ بَلْ هَدَّمُوا(2)
وَ بِعَيْنِهَا رَسَمُوا المَظَالِمَ حُمْرَةً *** وَ بِخَدِّهَا صُوَرُ المَآسِي تُرْسَمُ(3)
لازَالَ فِي سَمْعِ الزَّمَانِ رِوَايَةٌ *** وَ لِسَانُ صِدْقٍ بِالجَوَى يَتَكَلَّمُ
ص: 401
وَ اللَّهِ مَا عَرَفَ الزَّمَانُ كَمِثْلِهَا *** قِنْدِيلَ وَحْي خَسْفُوهُ وَ أَلَمُوا
تَرَكُوهُ يَأْكُلُهُ الأَسَى حَتَّى انْطَفَا *** فِي حَسْرَةٍ يَلْتَاعُ مِمَّا اسْتَأْثَمُوا(1)
سَتَظَلُّ فِي قَلْبِ الضَّمَائِرِ دَمْعَةً *** وَ بِيَوْمِ حَشْرٍ جَمْرَةٌ تَكْوِيهُمُ
ص: 402
(بحر البسيط)
الشيخ فرج العمران القطيفي(*)(1)
لاَ يُلْهِينَّكَ آرامٌ بِذِي سَلَمِ *** وَ لاتَعَشَّقْ مَنْ فِي البَانِ وَ العَلَمِ(2)
الشَّيْبُ لاَحَ كَمَا لاَحَ الهِلاَلُ وَ هَلْ *** مِنْ بَعْدِ شَيْبِكَ غَيْرُ الضَّعْفِ وَالهَرَمِ؟
فَسَلْ سَبِيلاً سَلِيماً مُوصِلاً لَكَ فِي *** الأُخْرَى إِلَى سَلْسَبِيلٍ بَارِدٍ شَبِمِ(3)
أَسْلُكْ سَبِيلَ بَنِي الهَادِي وَلُدْ بِحِمَى *** وَلائِهِمْ فَهُوَ حَقاً خَيْرُ مُعْتَصَمِ
ترِدْ غَداً حَوْضَهُمْ طُوبَى لِوَارِدِهِ *** وَ مَنْ يُذَدْ عَنْهُ فِي يَوْمِ المَعَادِ ظَمِي
وَ احْمُدْ إِلْهَكَ إِذْ أَنْشَأَكَ مِنْ عَدَمٍ *** فِي أُمَّةِ المُصْطَفَى المُخْتَارِ فِي القِدَمِ
فَإِنَّهَا الأُمَّةُ النَّوْرا الَّتِي كَرُمَتْ *** عَلَى العَظِيم فَنَالَتْ مُنْتَهَى العِظَمِ
وَ الذِّكْرُ أَعْلَنَ كُنْتُمْ أُمَّةً وَسَطاً *** وَ خَيْرَ مَا أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ مِنْ أُمَمِ
لِلَّهِ مِنْ أُمَّةٍ مَرْحُومَةٍ عَدَلَتْ *** فِي القَوْلِ وَ الفِعْلِ وَ الأَحْكَامِ وَ الحِكَمِ
يَا لَيْتَهَا بَعْدَ خَيْرِ الرُّسُلِ مَا انْقَلَبَتْ *** مِنْهَا أُنَاسٌ وَ لَمْ تَفْصِمْ عُرَى الذّمَمِ(4)
يَا لَيْتَهَا لَمْ تَحِدْ عَنْ قَوْلِ أَحْمَدَ وَ *** القُرْآنُ فِي الآلِ قُرْبَاهُ ذَوِي الرَّحِمِ
يَا لَيْتَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءَ مَا قُبِضَتْ *** غَضْبَى عَلَيْهِمْ وَمَا الجَارِي بِمُنْكَتِمِ(5)
ص: 403
يَا لَيْتَ فَاطِمَةٌ لَمْ تُؤْذَ بَيْنَهُمُ *** وَ لَمْ تُكَذِّبْ وَ لَمْ تُظْلَمْ وَ لَمْ تُضَمِ(1)
لَهَفِي لَهَا بَعْدَ فَقْدِ الطَّهْرِ مَا بَرِحَتْ *** مَفْرُوحَةَ القَلْبِ فِي وَجْدِ وَ فِي ضَرمِ
حَتَّى فَضَتْ وَ إِلَى دَارِ الخُلُودِ مَضَتْ *** تَشْكُو العِدَى لِشَدِيدِ البَطْشِ وَ النّقَمِ
ما حَالُ قَلْب أَبِيهَا حِينَ يَنْظُرُهَا *** وَ العَيْنُ فِي حُمْرَةِ وَ الجِسْمُ فِي وَرَمِ
إِنِّي أُعَزِّيَكَ فِي الزَّهْرَا أَبَا حَسَنٍ *** وَ إِنْ يُعَزِّيكَ قَبْلِي بَارِىءُ النَّسَمِ
صَبْراً عَلَى قَدَرِ البَارِي وَإِنْ عَظمَ *** الجَارِي فَأَنْتَ مِثَالُ الصَّبْرِ فِي الإِزمِ(2)
هَلْ بَعْدَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَا وَوَالِدِهَا *** أَبْقَى لَكَ الدَّهْرُ رُكْناً غَيْرَ مُنْهَدِم؟
لِلَّهِ قَلْبُكَ مَاذَا قَدْ تَحَمَّلَهُ *** بَعْدَ الهَوَانِ وَبَخْسُ الحَقِّ مِنْ غَمَمِ
لاغَرْوَ لَوْ ذَرَفَتْ عَيْنَاكَ مِنْ أَسَفٍ *** عَلَى البَتُولِ وَ مِنْكَ الطَّرْفُ لَمْ يَنَمِ
بَلْ لاأَرَى عَجَباً لَوْ مِنْ تَذَكَّرِهَا *** مَزَجْتَ دَمْعاً جَرَى مِنْ مُقْلَةٍ بِدَمِ(3)
ص: 404
(بحر الكامل)
لطف الله بن محمد البحراني
حتّى مَ تَسْأَلُ عَنْ هَوَاكَ الأَرْسُمَا *** غَيّاً وَ تَسْتَهْدِي الجَمَادَ الأَبْكَمَا؟
وَإلاَمَ تَسْأَلُ دِمْنَةً لَمْ تُلْفِ فِي *** أَرْجَائِهَا إِلا الأَثافِي جُثَّمَا؟(1)
خَلَتِ الدِّيَارُ مِنَ الأَنِيسِ فَمَا القَطينُ *** بِهَا القَطِينُ وَ لَاالحِمَى ذَاكَ الحِمَى
سَفَةٌ وُ قُوفُكَ بَيْنَ أَطْلَالٍ خَلَتْ *** وَ عَفَتْ وَ غَيَّرَهَا البَلاءُ وَ أَعْدَما(2)
ضَحِكَ المَشِيبُ بِعَارِضَيْكَ فَنُحْ أَسَى *** أَسفاً عَلَى عُمْرٍ مَضَى وَ تَصَرَّمَا
فَالعُمْرُ أَنْفَسُ فَائِتٍ فَتَلاَفَ مَا *** ضَيَّعْتَ مِنْهُ وَخُذْ لِنَفْسِكَ مَغْنَمَا
وَ إِذَا أَظلَّ عَلَيْكَ شَهْرُ مُحَرَّمٍ *** فَابْكِ القَتِيلَ بِكَرْبَلاءَ عَلَى ظَمَا
إلى أن يقول:
يَا رَاكِباً نَحْوَ المَدِينَةِ قِف بِهَا *** عِنْدَ الرَّسُولِ مُعَزّياً مُتَظَلِّما
وَ قُل السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَزْكَى الوَرَى *** نَسَباً وَ أَكْرَمَهُمْ وَأَشْرَفَ مُنْتَمَى
أَوْصَيْتَ بِالثَّقَلَيْنِ أُمَّنَكَ الَّتِي *** لَمْ تَأْلُهَا نُصْحاً لَهَا وَ تَكَرُّما(3)
ص: 405
هَا قَدْ أَضَاعَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا *** الثَّمَنَتْ بِذِمَّتِهَا وَ عَهْداً مُبْرَما
هذَا الحُسَيْنُ بِكَرْبَلاً عَهْدِي بِهِ *** شَفَتَاهُ نَاشِفَتَانِ مِنْ حَرِّ الظَّمَا
وَ تَرَكْتُ نِسْوَتَهُ الكَرَائِمَ حُسَّراً *** مِنْ حَوْلِهِ يَمْسَحْنَ مَنْحَرَهُ دَما(1)
وَ اقْصُرْ مِنَ الشَّكْوَى سَتَسْمَعُ أَنَّةً *** مِنْ قَبْرِهِ تَدَعُ الفُؤَادَ مُكَلَّما
وانحُ البَتُول و قُلْ أَيَا سِتَّ النِّسا *** أَعْلِمْتِ فاطِمَةَ الظهورِ بِنَا وَمَا؟
سِتَّ النِسَاءِ أَمَا عَلِمْتِ بِمَا جَرَى *** رُزْهُ أَرَاهُ مِنَ الرِّزَايَا أَعْظَمَا؟
سِتَّ النِّسَاءِ رَبِيبُ حِجْرِكِ فِي الثَّرَى *** عَارِي اللِّباسِ مُسَرْبَلاً حُللَ الدِّما
سِتَّ النِّسَاءِ حَبيبُ قَلْبِكِ قَدْ قَضَى *** ظَامِي الحَشَا وَ النَّهرُ فِي جَنْبَيْهِ مَا
سِتَّ النِّسَاءِ رَضِيعُ ثَدْيكِ رَضَّضَتْ *** خَيْلُ العِدَى أَضْلَاعَهُ وَ الأَعْظُمَا
ص: 406
يَعْرُزُ عَلَيَّ بِأنْ أَقُولَ مُعَزِّياً *** وَ أَفُوهَ عَمَّا فِي الشَّمْيِرِ مُتَرْجِمَا
الرَّأْسُ مِنْهُ عَلَى سِنَانٍ شَاهِقٍ *** وَ الجِسْمُ مِنْ وَقْعِ السُّيُوفِ مُهَشَّما
وَ بَنَاتُكِ الخَفِرَاتُ فِي أَيْدِي العِدَى *** خَلَّفْتُهِنَّ مُكَشَفَاتٍ كَالإِمَا
أَبْرَزْنَ مِنْ بَعْدِ الخُدُورِ حَوَاسِراً *** سَلَبَ العِدَى مِنْهَا الرِّدَا وَ المِعْصَما
أُخِذَتْ سباً حُرقَتْ خِباً شُتِمَتْ أَبا *** مَا كَانَ أَهْلاً أَنْ تُسَبِّ وَ تُشْتَمَا(1)
ص: 407
(بحر البسيط)
الشيخ محسن أبو الحب(الكبير)(*)(1)
مَا أَنْكَرَ القَوْمُ مِنْ يَوْمِ الغَدِيرِ وَمَا *** عَلَى نَبِيِّ الهُدَى مِنْ فِعْلِهِ نَقَمُوا
فِي يَوْمِ قَامَ يُنَادِيهِمْ وَمَا سَمِعُوا *** وَمَا بِآذَانِهِمْ مِنْ عَارِضِ صَمَمُ
يَا قَوْمِ هَذَا عَلِيٌّ فَاعْرِفُوهُ كَمَا *** عَرَفْتُمُونِي أَوْلَى مِنْكُمُ بِكُمُ
اللَّهُ أَكْرَمَكُمْ فِيمَا دَعَوْتُكُمُ *** إِلَيْهِ فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ وَ اغْتَنِمُوا
مَا نَالَ مِنْ قُرْبِهِ عِنْدِي لِلْحْمَتِهِ *** كَلاً وَلكِنْ لاَخَوَى دُونَهَا الرَّحِمُ(2)
قريَتُهُ وَيْلَكُمْ عَلَماً بِأَنَّ لَهُ *** عِلْماً تَعَلَّمَ مِنْهُ اللَّوْحُ وَ القَلمُ
فَقَدِّمُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ قَدَّمَهُ *** مَنْ لَمْ يُقَدِّمُهُ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ قَدَمُ
لَوْلاً عَلِيٌّ لَكُنْتُمْ فِي الوَرَى بُهْماً *** وَ هَلْ كَأَسْدِ الشَّرَى إِنْ عُدَّتِ البُهُم؟
إنْ كُنتُ مُنْهُما فِيهِ فَقَبْلَكُمُ *** مُوسَى بِهارُونَ قَبْلِي قَدْ اتْهَمُوا
قُومُوا بِطَاعَتِهِ وَ ارْضَوْا بِبَيْعَتِهِ *** فَإِنَّهُ العُرْوَةُ الوُثْقَى بها اعْتَصِمُوا
هَارُون كَانَ أَخَا مُوسَىٰ وَ كَانَ أَخِي *** فِيكُمْ عَلِيَّ فَلايَعْرُوكُمُ السَّامُ
مَنْ كَانَ أَفْصَحَ لِي مِنْهُ إِذَا اخْتَلَفَتْ *** عَلَيَّ أَيْدِي العِدَى وَ اشْتَدَّتِ الأَزْمُ
مَنْ رَدَّ عَنِّي عَادِي الشِّرْكِ حِينَ عَدَتْ *** عَلَيَّ أَجْنَادُهَا كَالسَّيْلِ نَزْدَحِمُ؟
ص: 408
مَنْ رَدَّ عَمْرُو بن وَدُ يَوْمَ صَاحَ بِكُمْ *** وَ كُلَّكُمْ مِنْهُ مُصْفَرٌ وَ مُنْكَتَم؟
لَوْلاهُ مَا أَصْبَحَتْ تَرْعَى سَوَارِحِكُمْ *** مَأْمُونَةً رَعْيُهَا الخذرافُ وَالعَنَمُ(1)
لَوْلاَهُ مَا ارْتَفَعَتْ يَوْماً بُيُوتُكُمُ *** مَسْمُوكَةً تَتَشَاغَى حَوْلَهَا النِّعَمُ(2)
لَوْلاهُ أَصْبَحَ دِينُ الشِّرْكِ مُرْتَفِعاً *** وَ عَادَ يُعْبَدُ جَهْراً فِيكُمُ الصَّنَمُ
هذَا أَخِي وَ ابْنُ أُمِّي لايُوَازِنُهُ *** فِي الفَضْلِ جُلُّ بَنِي الدُّنْيَا وَإِن زَعَمُوا
عَادَتْ كَعَادٍ بِمَا جَرَتْهُ جرهمها *** وَ غُودِرَتْ كَجَدِيس أُخْتِهَا طَسَمُ
وَ كَانَ مِنْ سَبَإِ مَا كَانَ فَانْطَمَسَتْ *** آثَارُهَا وَ مَحَاهَا سَيْلُها العَرمُ(3)
وَ سَوْفَ يُقْرِضُكُمْ مَا كَانَ أَقْرَضَهُمْ *** مِنَ العَذَابِ وَ أَنْتُمْ مِنْهُمُ وَ هُمُ
إِنِّي لأعْلَمُ إِنِّي لاأَزِيدُكُمُ *** هَدْياً بِنُصْحِي وَ كَمْ قِدْماً بَلَوْتُكُمُ
فَمَا وَجَدْتُ لَكُمْ فِي كُلِّ جَارِحَةٍ *** إِلأَعَقَابِيلَ دَاءٍ لَيْسَ تَنْحَسِمُ
لَمْ يَدْرٍ قَدْرَ عَلِيٌّ غَيْرُ خَالِقِهِ *** النَّاسُ إِلا عَلِيًّا كُلُّهُمْ عَدَمُ
مَنْ فَازَ بِالطَّائِرِ المَشْوِيِّ يَأْكُلُهُ *** مَعِي سِوَاهُ وَ هُذَا لَيْسَ يَنْكَتِمُ
لَوْ شَاهَدَ الأَنْبِيَاءُ الغُرُّ بَيْعَتَهُ *** لَمْ يَجْحَدُوا أَنَّهُمْ طُرّاً لَهُ خَدَمُ
عَلامَ لَمْ تَفْقَهُوا مَا قُلْتُهُ لَكُمُ *** وَ أَنْتُمُ رُجُمْ أَمْ أَنْتُمُ زُخْمُ(4)
خَلُّوا الخِلافَةً خَلُوهَا فَلَيْسَ لَهَا *** إِلا أَبُوحَسَنٍ مَنْ فِيهِ تَعْتَصِمُ
هَذَا أَبُوالنَّيْرَيْنِ البَاهِرَيْنِ وَذَا *** أَخُو النَّبِيِّ وَ مَنْ تَمَّتْ لَهُ النَّعَمُ
ص: 409
يَا قَوْمُ أَيُّ نَبِيَّ مَاتَ قَبْلُ وَ لَمْ *** يَتْرُكُ وَصِيَّا سَلُوا تُخبركُمُ الأُمَمُ؟
هَلْ فَاعِلٌ أَنَا إِلا مِثْلَ مَا فَعَلُوا؟ *** هَلْ عَازِمٌ أَنَا إِلا مِثْلَ مَا عَزَمُوا؟
وَ كُلَّهُمْ مَاتَ مَظْلُوماً وَمَا ظُلِمُوا *** كَمَا ظُلِمْتُ وَبِاللَّهِ صَبْرُهُمُ
هَلْ فِي بَنَاتِهِم بِنْتُ كَفَاطِمَةٍ؟ *** أَمْ فِي رِجَالِهِم كَالمُرْتَضَى عَلَمُ؟(1)
مَنْ مِنْهُمُ مِثْلُ مالي مالَهُ انْتَهَبُوا *** مَنْ مِنْهُمُ مِثْلُ مَالي مالَهُ اصْطَلَمُوا؟(2)
مَنْ مِنْهُمُ مِثْلُ رَحْلِي رَحْلَهُ اغْتَنَمُوا *** مَنْ مِنْهُمُ مِثْلُ مالي ماله اقْتَسَمُوا؟
مَنْ مِنْهُمُ مِثْلُ قَدْرِي قَدْرَهُ جَهِلُوا *** مَنْ مِنْهُمُ مِثْلُ صِهْرِي صِهْرَهُ شَتَموا
هَبْ أَنَّنِي لَمْ أَكُنْ مِنْكُمْ وَ كُنْتُ لَكُمْ *** جَاراً مَا حُرْمَةٌ لِلْجَارِ عِنْدَكُمُ
أَنَا الخَصِيمُ لَكُمْ فِي يَوم لاحَكَمْ *** إلا الإلهُ وَ نِعْمَ الحَاكِمُ الحَكَمُ
سَيُحْرَقُ الذكرُ مِنْ بَعْدِي لأَنَّ بِهِ *** مَدْحَ ابْنِ عَمِّي مَقْرُونٌ بِذَمِّكُمُ
سَتَغْدِرُونَ بِهِ بَعْدِي لأَنَّ بِهِ *** مِنْهُ إِذَا حَقَّ يَوْمُ الحَقِّ وَيْلَكُمُ
هذِي حَبِيبَتِي الزَّهْرَاءُ بَيْنَكُمُ *** وَ دِيعَتِي هَلْ لَهَا يَا قَوْمِ مَحْتَشِمُ؟(3)
أَنَّى وَ كَيْفَ وَ فِيكُمْ كُلُّ ذِي كَبِدٍ *** تَغْلِي عَلَيَّ حَقوداً وَ هُيَ تَضْطَرِمُ
كَأَنَّمَا كُنْتُ ثِقْلاً فِي كَوَاهِلِكُمْ *** فعتت فَأَجْنَحْتُمُ أَهْلِي و ودّهُمُ
يَا طَالَمًا رُمْتُمُ قَتْلِي بِكَيْدِكُمُ *** فَمَا اسْتَطَعْتُمْ وَرَدَّ اللهُ كَيْدَكُمُ
ص: 410
سَتَغْدِرُونَ بِينتِي مِثْلَ مَا غَدَرُوا *** بِبِنْتِ عِمْرَانَ قَبْلَ اليَوْمِ وَاتَّهمُوا
أَخِي يُقَادُ كَمَا قَوْدُ الخَبِيبِ وَ ذِي *** تُلْغَى وَصَايَاي فِيهَا ثُمَّ تُهْتَضَمُ(1)
النَّارُ فِي بَيْتِهَا تُضْرَى وَ جَانِبَهَا *** يُرَضُ وَ ابْن لَهَا بِالبَابِ مُضْطَرِمُ(2)
حَتَّى الجَنِينَ أَبَادَ اللَّهُ جَمْعَكُمُ *** نَسْتَأصِلُونَ فَمَا شَأْنِي وَ شَأْنُكُمُ
يَا خَيْرَ كُلِّ الوَرَى بَعْدَ النَّبِيِّ وَ مَنْ *** بِهِ الهُدَى قَائِمٌ وَ الدِّينُ مُنْتَظِمُ
مَنَاقِبٌ لَكَ مِلْء الأَرْضِ ضَائِقَةٌ *** بِهَا السَّمَاء وَ أَنْتَ المُفْرَدُ العَلَمُ
مَا أَنْصَفُوكَ وَ لَوْلا أَنْتَ مَا عُرِفُوا *** وَ لاَرَعُوكَ وَ لَوْلاً أَنْتَ مَا سَلِمُوا
حَلِمْتَ عَنْهُمْ وَ حِلْمُ اللَّهِ حِلْمُكَ يَا *** عَيْنَ الإِلهِ فهَل عَنْكُمُ حَلَمُوا
لكِنَّ صَفْحَكَ عَنْهُمْ صَفَحُ رَبِّكَ عَنْ *** فِرْعَونَ مِصْرَ وَ مَنْ كَانَتْ لَهُ إِرَمُ(3)
كَذَا أُمِرْتَ وَ كَانَ اللَّهُ حَسْبَكَ إِذْ *** أَبْصَرْتَ مَا كَانَ عَنْهُمْ خَافِياً وَعُموا
مَنْ هُمْ وَ مَنْ غَيْرُهُمْ لَوْ شِئْتَ قُلْتَ لَهُمْ *** مُوتُوا فَمَاتُوا وَ لَمْ تَشْهَدْ لَهُمْ رَمَمٌ
كَانَ اصْطِبَارُكَ بِالرَّحْمَن يَوْمَ تَرَى *** بِنْتَ النَّبِيِّ جَهَاراً خَدَّهَا لَطَمُوا(4)
ص: 411
تَشْكُو إِلَيْكَ وَ مَا أَنْسَى مَقَالَتَهَا *** هُنَاكَ هَائِفَةً وَ الدَّمْعُ يَنْسَجِمُ(1)
هَذَا ابْنُ آكِلَةِ الذُّبَانِ مُعْتَدِياً *** إرْنِي وَطِفْلِي بِمَرْأَى مِنْكَ يَحْتَرِمُ
هَذَا زَنِيمُ عدي نَالَهُ خَطَرٌ *** عَلَى بَيْنِي بِمَرْأَى مِنْكَ يَفْتَحِمُ
أَبْنَاءُ قِيلَةَ هَذَا كَانَ عَهْدُكُم *** إِلَى النَّبِيِّ وَذَا كَانَ وَعْدُكُمُ(2)
نَصَرْتُمُونَا وَ كُنْتُمْ قَبْلُ شِيعَتَنَا *** وَ اليَوْمَ صِرْتُمْ عَلَيْنَا مَا بَدَا لَكُم
مَنْ كَانَ حَرْبُكُمُ بِالأَمْسِ صَارَ لَكُمْ *** سِلْماً وَ مَنْ كَانَ سِلْماً صَارَ حَرْبَكُمُ
هذِي بَنَاتُكُمُ خَلْفَ السُّتُورِ وَ ذِي *** بِنْتُ النَّبِي عَلَيْهَا الرِّجَسُ يَحْتَكِمُ
يَسُومُهَا تَارَةً خَسَفاً وَ يَضْرِبُهَا *** أُخْرَى أَمَا فِيكُمُ لِلدِّينِ مُنْتَقِمُ(3)
لَوْ كَانَ حَمْزَةُ وَالطَيَّارُ حَاضِرَنَا *** مَا نَالَ مِنْ نحلتي ما نَالَ عجْلُكُمُ(4)
ص: 412
كَأَنَّما جِئْتُمُ تَبْغُونَ ثَارَكُمُ *** مِنّا قَدِيماً نَعَمْ وَالحِقْدُ حِقْدُكُمُ
يَا آلَ أَحْمَدَ يَا أَزْكَى الانَامِ خُذُوا *** غَرّاء مِنْ عَبْدِكُمْ زِينَتْ بِمَدْحِكُمُ
إِنْ تَقْبَلُوهَا فَمَا فَضْلُ كَفَضْلِكُمُ *** أَوْ تَرْفُضُوهَا فَمَا عَدْلٌ كَعَدْلِكُمُ
مَا إِنْ مَدَحْتُكُمُ رَفْعاً لِقَدْرِكُمُ *** لَكِنْ لِرَفْعَةِ قَدْرِي بِامْتِدَاحِكُمُ
وَ مَا أُريدُ بِهِ فَحُراً عَلَى أَحَدٍ *** لَكِنْ لِيُعْلَمَ أَنَّ العَبْدَ عَبْدُكُمُ
مَا لِي سِوَاكُمْ وَمَا لِي غَيْرُكُمْ أَبَداً *** إِنْ ضَاقَ بِي زَمَنُ أَوْ مَسَّنِي أَلَمُ
أَنْتُمْ أَعَزُّ وَ أَعَلَى أَنْ يَخِيبَ لَكُمْ *** عَبْدٌ وَ إِنْ قِيلَ هَذَا خَاطِىءٌ أثِمُ
ص: 413
(بحر الكامل)
الشيخ محسن أبو الحب(الكبير)(*)(1)
لو كُنت صَاحِبَ لَوْعَتِي وَ غرامِي *** لَعَلِمْتَ كَيْفَ بِذِكْرِهِنَّ هُيَامِي؟(2)
مَا مَرَّ ذِكْرُ زَمَانِهِنَّ بِصَارِحٍ *** إِلا أَبَحْتُ حَشَاي للأسقامِ
زَمَنٌ لَوْ أَنَّ الدَّهْرَ جَدَّدَهُ لَنَا *** صَحْتُ بِرَغْم عَوَاذِلِي أَحْلامِي(3)
وَ مُرَوَّعٌ بِاللَّوْمِ قَلْبِي لَوْ ذَوَى *** مَا بِي مِنَ الأَشْوَاقِ كَفُّ مُلامِي
مَا زَالَ يَلْقَانِي بِقُبْحِ كَلامِهِ *** زَجْراً وَ أَلْقَاهُ بِلِين كلامي
أَنَا كُنْتُ أَدْرِي مُذْ أَلِفْتُ هَوَاهُمُ *** أَنْ سَوْفَ يَكْفُرُ فِيهِمُ لُوَّامي
لَكِنَّنِي وَ أَبِيكَ لَسْتُ بِسَامِعِ *** طَاشَتْ إِذَا دُونَ المَرَامِ سِهَامِي(4)
بِاللَّهِ لَمْ أَرَ بَعْدَ يَوْمٍ فِرَاقِهِمْ *** يَوْماً لَهُ أَجْفُو لَذِيذَ مَنَامِي
إلا إِذَا ذُكِرَ المُحَرَّمُ قَالَ لِي *** قَلْبِي اتَّخِذْ لِلْحُزْنِ دَارَ مُقَامِ
حَقّاً عَلَى أَهْلِ الوَفَا أَنْ يَسْأَمُوا *** طِيبَ الكَرَى وَ لَذِيذَ كُلِّ طَعَامِ
حُزناً لِمَا نَالَ النَّبِيَّ مُحَمداً *** مِنْ مُفَرَدَاتِ مَصَائِبٍ وَ تُوامِ
أَمَّا عَزِيزَتُهُ البَتُولُ فَلَمْ نَزَلَ *** خَلْفَ الضَّنَا و فداحةَ الآلامِ(5)
ص: 414
قَاسَتْ مَصَائِبَ لَوْ تُقَاسِي بَعْضَهَا *** شُمُّ الجِبَالِ لِسحْنَ بَعْدَ قِوَامِ(1)
فِي كُلِّ يَوْمٍ تَسْتَجِد مَآتماً *** عَظمَتْ مَوَاقِعُهَا عَلَى الإِسْلَامِ
أسَفِي لِعِتْرَتِهَا الأَطَائِبِ أَصْبَحُوا *** نَهْباً لِكُلِّ مُثَقَّفٍ وَ حُسَامِ
مُتَبَاعِدُونَ عَنِ الدِّيَارِ كَأَنَّهُمْ *** سِرْبٌ يُوَكَّلُهُ الرَّدَى بِهيَامِ
مَا زَالَ سَيْفُ الشِّرْكِ يَعْبَثُ فِيهِمُ *** وَ يَبِيدُهُمْ مِنْ مَقْعَدٍ وَ مَقَامِ
حَتَّى قَضَتْ وَطَراً أُمَيَّةُ مِنْهُمُ *** وَ مَضَتْ فَقَامَ لَهَا بنُو الأَعْمَامِ
يَتَسَابَقُونَ عَلَى انْتِهَابِ تُرَائِهِمْ *** سَبْقَ الجِيَادِ الضمْرِ فِي الأَقْدَامِ
أَمَّا أُمَيَّةُ لَمْ تَهِجْ أَضْغَانَهَا *** إِلأَتُرَاتُ الشِّرْكِ وَ الأَصنام
فَعَلَامَ هَؤُلَاءِ هَاجَتْ لِلسَّمَا *** أَضْغَانُهُمْ وَ هُمُ ذُوُوُ الأَرْحَامِ
هذَا وَ مَا ارْتَكَبَتْ أُمَيَّةُ قَبْلَهُمْ *** مِعْشَارَ مَا ارْتَكَبُوا مِنَ الآثامِ
لَوْ كَانَ حَقاً قُرْبُهُمْ مِنْ هَاشِمٍ *** مَا ضَيَّعُوا لِبَنِيهِ عَهْدَ ذِمَامِ
لَمْ يَتْرُكُوا لِبَنِي النَّبِيِّ حَشَاشَةً *** إلا أَشَبُّوا بَرْدَهَا بِضَرَامِ
فِي كُلِّ سِجْنِ لِلنَّبِيِّ لديجر *** ثَاوِ وَ فِي قَفْراءَ آخَرُ دَامِ
وَ لَقَدْ عَجِبْتُ وَ كَيْفَ لَمْ أَعْجَبْ وَ قَدْ *** أَضْحَى الرَّشَادُ مُضَيِّعَ الأَحْكَامِ
ص: 415
وَ خِلافَةُ اللَّهِ الَّتِي لَمْ يَنْخَفِض *** لِسِوَى بَنِي الهَادِي ذُرَاهَا السامي
كَانَتْ أَعَزَّ مِنَ الثَّرَيَّا مَنْعَةً *** وَ اليَوْمَ صَارَتْ مَوْطِأَ الأقدامِ
يُدْعَى الرَّشِيدُ بِهَا إِمَاماً حُكْمُهُ *** مَاضٍ وَ خَيْرُ الخَلْقِ غَيْرُ إِمَامِ
مَنْ ناشِدٌ عَنِّي بَنِي العَباسِ *** لاجَفَّتْ بِرَقْم هِجَائِهِمْ أَقْلامِي؟
أَنَّى ادَّعَوْهَا مُلْكَهُمْ وَ أَرَاهُمُ *** لَمْ يَسْعَدُوا فِيهَا بِشَدٌ حِزَامِ؟
أيَّامَ بَاعُ الشُّرْكِ أَرْسَلَ كَفَّهُ *** وَ اقْتَادَ شَامِسَهَا بِغَيْرِ زِمَامِ(1)
أَسِوى عَلِيٌّ كَانَ يُوَضِحُ لِلوَرَى *** مَا كَانَ مِنْهَا طَامِسَ الأَعْلامِ؟
حَتَّى انْجَلَتْ كَالصُّبْحِ أَسْفَرَ بَعْدَمَا *** غَشَى الظَّلامَ سُفُورَهُ بِظَلاَمِ
مَنْ ذَا يُقَابِلُ ذَا بِمَنْ إِسْلَامُهُ *** مَا كَانَ لَوْلاَ خِيْفَةُ الصِّمْصَامِ؟
لاَتَفْرَحُوا يَا قَوْمِ إِنْ أَيَّامُكُمْ *** طَالَتْ بِطُولِ مَسَرَّةٍ وَ دَوَامِ
فَكَأَن قَدِ انْقَلَبَتْ بِكُمْ وَ كَأَنَّكُمْ *** لَمْ تَظْفَرُوا مِنْهَا بِنَيْلِ مَرَامِ
إِنَّ الَّذِينَ وَ لَعْتُمُ فِي ظُلْمِهِمْ *** لَهُمُ مَعَادِنُ كُلِّ فَضْلٍ نَامِ
وَ هُمُ الَّذِينَ بِوَصْفِ بَعْضٍ عُلَاهُمُ *** ظَلَّتْ تَحَارُ خَوَاطِرُ الأَيَّامِ
لو أَنَّهُمْ رَامُوا تَمَلُكَ جِيدِمَا *** رِمْتُمْ لَكَانَ لَهُمْ أذَلُّ مَرَام
لَكِنَّهُمْ نَظَرُوا عَلَيْهَا ذِلَّةَ *** الأَدْنَى فَعَافُوهَا اجْتِنَاب الذَّام
فَلِذَاكَ أَصْبَحَ عَادُهَا يُنْمَى لَكُمْ *** بَاقٍ مَدَى مِ وَ الأَعْوَامِ
قَدْ كَانَ فِي يَوْمِ الغَدِيرِ كِفَايَةً *** فِي هَوْلِهِمْ عَنْ سَائِرِ الأَيَّامِ
يَوْمٌ بِهِ الجَبَّارُ أَكْمَلَ دِينَهُ *** وَ أَتَمَّهُ فِي أَحْسَنِ الإِتْمَامِ
عَقَدَ النَّبِيُّ بِهِ وَلَاءَهُمْ عَلَى *** مَنْ كَانَ فِي الأَصْلابِ وَ الأرْحَامِ
فَتَعَاقَدُوا أَهْلُ الغَوَىٰ أَنْ يَنْكُثُوا *** مَا كَانَ أُبْرِمَ غَايَةَ الإِبْرَامِ
ص: 416
وَ عَدَوْا عَلَيْهِم يَخْضِمُونَ تُرَاثَهُمْ *** خَضْمَ السَّوَائِم نَبْتَةَ الرَّمْرَامِ(1)
إنّي لأقسِمُ بِالنَّبِيِّ وَآلِهِ *** قسماً عَلَى رَبِّ السَّمَا العَلام
أَنْ لايُغَيِّرني عَلَى مَا فِيَّ مِنْ *** حُبِّ النَّبِي وَآلِهِ العُلاَّمِ
يَا رَبِّ كُنْ أَنْتَ الشَّهِيدَ عَلَيَّ أنْي *** عَبْدُهُمْ وَ اسْمَعْ بِهَا أَقْسَامِي
ص: 417
(بحر الوافر)
الشيخ محمد بن عبد المطلب(*)(1)
أَبَا السِّبْطَيْنِ كَيْفَ تَفِي المَعَانِي *** نِشَارًا فِي مَدِيحِكَ أَوْ نِظَامَا؟(2)
مَقَامٌ دُونَهُ نُجُبُ القَوَافِي *** وَ إِنْ كَانَتْ مُسَوَّمَةً كِرَامَا(3)
فَحَسْبُكَ يَا أَخا الشُّعَرَاءِ عُذْرًا *** رَمَيْتَ بِهَا مَكَانًا لَنْ يُرَامَا
وَ مَا أَدْرَاكَ وَيْحَكَ مَاعَلِيٌّ *** فَتَكْشِفَ عَنْ مَنَاقِبِهِ اللَّئَامَا؟
وَ مَنْ هُوَ كُلَّمَا ذُكِرَت قُرَيْسٌ *** أَنَافَ عَلَى غَوَارِيهَا سَنَامَا؟(4)
تَبَصَّرْ هَلْ تَرَى إِلأَعَلِيّاً *** إِذَا ذُكِرَ الهُدَى ذَاكَ الغُلاَمَا؟
ص: 418
غُلامٌ يَبْتَغِي الإِسْلامَ دِينا *** وَ لَمَّا يَعْدُ أَنْ بَلَغَ الفِطَامَا(1)
إذِ الرُّوحُ الأمينُ بِقُمْ فَأَنْذِرْ *** أتَى طَعَ لِيُنْذِرَهُمْ فَقَامَا
وَ أُمَّتُهُمْ إِلَى الإِسْلَامِ أُمَّ *** غَدَتْ بِالسَّبْقِ أَوْفَرَهُمْ سِهَامَا
ص: 419
وَ صَلَّى حَيْدَرٌ فَشَأَى قُرَيْشاً *** إِلَى الحُسْنَى فَسَمَّوه الإمامَا
إلى أن يقول:
وَ مَا صِهْرُ النَّبِيِّ إِذَا تَنَادَوْا *** كَمَنْ يَدْعُو رَبِيعَةَ أَوْ هِشَامَا
وَ مَنْ غَدَتِ البَتُولُ إِلَيْهِ تُهْدَى *** بَنَى فِي النَّجْمِ بَيْتاً لايُسَامَى(1)
بأمر اللَّهِ قَدْ زُقَتُ إِلَيْهِ *** عَشِيَّةَ رَاحَ يَخْطِبُهَا وَ سَامَا
كَأَنِّي بِالمَلائِكِ إِذْ تَدَلَّتْ *** بِذَاكَ البَيْتِ تَزْدَحِمُ ازْدِحَامَا
فَلَوْ كَشَفَ الحِجَابَ رَأَيْتَ فِيهِ *** جُنُودَ اللَّهِ تَنْتَظِمُ انْتِظَامَا
أَطَافُوا بِالحَظِيرةِ فِي جَلالٍ *** صُفُوفاً حَوْلَ فَاطِمَةٍ قِيَامَا
تَفِيضُ عَلَى مِنَصَّتِهَا وَ قَاراً *** وَ تَكْسُو حُسْنَ طَلْعَتِهَا وِسَامَا
فَلا يُحْزِنُ خَدِيجَةَ إِنْ تَوَلَّتْ *** وَ لَمْ تَبْلُغَ بِجَلْوَتِهَا مَرَامَا
توَلأهَا الَّذِي وَلَّى أَبَاهَا *** رِسَالَتَهُ وَ زَوَّجَهَا الإِمَامَا
قِرَانٌ زَادَهُ الإِسْلاَمُ يُمْناً *** وَ شَمْلٌ زَادَهُ الحُبُّ التِئَامَا(2)
فَإِنْ تَكُ خَيْرَ مَنْ عَقَدَتْ إِزاراً *** وَ أَكْرَمُ كُلَّ مَنْ أَرْخَتْ لِثَامَا
فَمَا شَغَلَتْهُ عَنْ حَوْضِ المَنَايَا *** إِذَا الْتَظمَتْ زَوَاخِرُهَا الْتِطَامَا(3)
ص: 420
عَهْدُ وَصْل بِالرَّقْمَتَيْنِ قَدِيمُ *** سَلَفَتْ فِيهِ نَضْرَةٌ وَ نَعِيمُ(1)
قِفْ عَلَيْهِ مُسلّماً إِنَّ فَرْضاً *** فِي الدِّيَارِ الوُقُوفُ وَ التَّسْلِيمُ
يَا خَلِيلَيَّ وَ الخَلِيلُ المُوَاسِي *** خَيْرُ ذُخْرِ إِذَا أَطَلَّ عَظِيمُ
أَسْعِدَانِي بِوَقْفَةٍ فِي المَغَانِي *** رَيْنَمَا يَشْتَفِي الفُؤَادُ السَّلِيمُ(2)
ذَكَرَتْنِي مَنَازِلُ الوَحْي لَمَّا *** عَاثَ فِي أَهْلِهَا الزَّمَانُ الغَشُومُ(3)
صَدَّعَتْ شَمْلَهَا صُرُوفُ اللَّيَالِي *** فَهيَ قَفْرَى وَفَيْتُهَا مَقْسُومُ(4)
فَغَرِيبٌ مُشَرَّدٌ وَ قَتِيلٌ *** مُسْتَضَامٌ وَ صَابِرٌ مَسْمُومُ(5)
وَ اسْتَمَرَّتْ عَلَى الوَصِيِّ خُطُوبٌ *** وَ رَزَايَا يَطِيْشُ مِنْهَا الحَلِيمِ(6)
يَوْمَ جَاءَتْ إِلَى الفَعِيلَةِ تَشْتَدُّ *** رِجَالٌ كَانَتْ عَلَيْهَا تَحُومُ
نَقَضَتْ بَيْعةَ الهُدَى وَ اسْتَجَدَّتْ *** بَيْعَةً كُلُّهَا ضَلاَلٌ وَ شُومُ
وَ رَدُوا مَنْهَلَ الغِوَايَةِ طَرْقاً *** وَ غَدِيرُ الرَّشَادِ عَذْبٌ جَمُومُ
أَعْلَى... يَعْكِفُونَ وَ فِيهِمْ *** أَسَدُ اللَّهِ وَ العِمَادُ القَوِيمُ
عَمِيَتْ أَعْيُنُ تَسَاوَى لَدَيْهَا *** فَلَقُ الصُّبْحِ وَ الظَّلامُ البَهِيمُ
مَنْ سَمَا لِلْمَنُونِ فِي يَوْمَ بَدْرٍ *** يَوْمَ صَالَتْ أَبْطَالُهَا وَ القُرُومُ(7)
ص: 422
وَ بِأَحْدٍ مَنْ رَدَّ بَأْسَ عِدَاهَا *** ثَابِتَ الجَأْشِ مُقْدِماً لاَيَخِيمُ
وَ بِيَوْمِ الأَحْزَابِ إِذْ عَظُمَ الأَمْرُ *** وَ رَاعَ الإِسْلامَ خَطبٌ جَسِيمُ
وَسَطَا فَارِسُ الكَتِيبَةِ يَخْتالُ *** بِهِ مُشْرِفٌ أَقَبٌ عَظِيمُ(1)
مَنْ جَلاً كَرْبِها وَ جَلَّى دُجَاهَا *** وَ بِمَنْ قُل جَيْشُهَا المَهْزُومُ
غَيْر مَوْلاهُمُ وَ مَنْ بِعُلاَهُ *** صَدَعَ الذِّكْرُ وَ الكِتَابُ الحَكِيمُ
عَدَلُوا بِالدَّنِي فَرْعاً شَرِيفاً *** وَ شَجَتْ بِالنَّبِيِّ فِيهِ الأُرُومُ(2)
أَفَهَلْ يَسْتَوِي وَ هَيْهَاتَ غَاوِ *** وَ رَشِيدٌ وَ جَاهِلٌ وَ عَلِيمُ؟
لَمْ يُرَشْحُهُمُ لِعَلْيَاءَ فَضْلٌ *** فَيَسُودوا وَ لاَنْجَارَ صَمِيمُ
وَ أَتَتْهُمْ عَقِيلَةُ الوَحْيِ حَرَّى *** قَدْ بَرَتْهَا أَحْزَانُهَا وَ الهُمُومُ
أفَرَغَتْ عَنْ لِسَانِ أَحْمَدَ فِيهِمْ *** حُجَجاً كَانَ حَقَّهَا التّسْلِيمُ
فَرَمُوا حَقَّهَا الصَّرِيحَ بِإِفْكٍ *** زَخْرَفُوهُ وَ الإِفْكُ مَرْعَى وَخِيمُ(3)
لأعَدَّتْ حُظَةَ الهَوَانِ رِجَالٌ *** لَيْسَ فِي جَمْعِهَا الغَفِيرِ كَرِيمُ
غَصَبُوا إِرْثَهَا وَ عَدُّوهُ غُنْماً *** وَ هُوَ الغُرْمُ وَ الإِلهُ الغَرِيمُ(4)
بَيْتُ أَحْزَانِهَا مُشَيَّدٌ وَلكِنْ *** صَبْرُهَا وَاهِنُ القوَى مَهْدُومُ(5)
وَ قَسَتْ مِنْهُمُ القُلُوبُ عَلَيْهَا *** وَ أَبُوهَا البَرُّ الرَّؤُوفُ الرَّحِيمُ
جَاءَهُمْ مُعْدَمُو ثَرَاءٍ حَيارَى *** فَاهْتَدَى حَائِرٌ وَ أَثْرَى عَدِيمُ
ص: 423
قاض إحْسَانُهُمْ عَلَيْهِمْ سِجَالاً *** وَ سَقَتْهُمْ مِنْ رَاحَتَيْهِ الغُيُومُ
فَاضَ فَعَدَا عَيْشُهُمْ حَمِيداً وَلكِنْ *** عَهْدُهُمْ فِي بَنِي النَّبِي ذَمِيمُ
سَيَذُوقُونَ مَا جَنَوْهُ وَ شِيكاً *** يَوْمَ يَغُدُو الشَّفِيعُ وَ هُوَ خَصِيمُ(1)
ص: 424
(بحر الكامل)
السيد محمد رضا حيدر شرف
الدين العاملي
يا صاح لاعذل و لاإرغام *** رفقاً بنفسي فالملام حرامُ(1)
لاغرو خلي إن بكيت بعبرة *** حرى فقلبي ألهب و ضرامُ(2)
ما كنت أذرف للصبابة أدمعي *** سفهاً و لاأدمى الفؤاد غرامُ(3)
حفَّت بشخصي الحادثات ترومني *** فدفعت جيش الحزن و هو غرامُ(4)
ولكم جرعت من الحياة حميمها *** لم يُثنني منها أذى و سقامُ
صرعت فرسان الليالي و الإبا *** طبعي فأحنت هامها الأيامُ
ما هزَّني الخطب المروع بعظة *** حتى و لو هتنت عليَّ سهامُ
لكن يوم الدار خلف في الحشا *** ندباً فما بين الضلوع حطامُ(5)
يوم به أربد الفضاء و غاض *** نورالخافقين فحلَّها الإظلامُ
و تداعت الأفلاك في عليائها *** بالنوح و السبع الطباق جهامُ
و الشمس ژوارت في الحجاب ضياءها *** حزناً و صدع البدر لايلتامُ
ص: 425
إذ أوزفت بضغائن معهودة *** و الناس في مهد الخنوع نيامُ
زمر النفاق تروم أكرم منزل *** فيه البتولة و الفتى الضرغامُ
هجموا على دار الوصي و حرقوا *** بابا أعز حريمه العلامُ
و انهال صاحبهم يلوع فاطما *** بالسوط ضرباً رقَّ منه لئامُ
ثم انبری عصراً يهشم ضلعها *** فهوى الجنين و قد عراه حمامُ
سقطت مضرجة تجود بنفسها *** لم يرع فيها للنبي ذمامُ
فاهتز عرش اللَّه من أناتها *** و بكى دماً لمصابها الإسلامُ
ص: 426
(بحر الخفيف)
السيد محمد رضا القزويني(*)(1)
أَصْعَ يَا دَهْرُ وَ أَنْصِتِي يَا مَكَارِمْ *** وَ انْفُضِي يَا جِرَاحُ عَنْكِ المَرَاهِمْ
وَ اسْتَعِدْ يَا قَرِيضُ كُلّ القَوَافِي *** وَ اسْبُرِ اليَوْمَ غَوْرَ كُلِّ المَلاَحِمْ
إِنَّ هَذِي النُّفُوسَ ظَمْأَى لِنُورٍ *** طَالَمَا غَيَّبتْهُ عَنْهَا المَظَالِمْ
إِنَّ هَذِي الحُقُولَ لَمْ تَأْلَفِ الجَدْبَ *** وَ قَدْ أَوْشَكَتْ تَمُوتُ البَرَاعِمْ
فَامْلَئِي يَا سَمَاءُ قَلْبِيَ آمَالاً *** فَإِنِّي لَمَّا أَزَلْ بَعْدُ هائِمْ
أتَملَّى بَيْنَ السَّحَائِبِ غَيْثاً *** يَنْشُرُ البِشْرَ بَيْنَ هذي العَوَالِمْ
يُرْجِعُ الخِصْبَ فِي العُقُولِ فَتَسْمُو*** لِتَرى ذِلَّةَ الصُّقُورِ الحَمَائِمْ
لتَرَى البُرْعُمَ الصَّغِيرَ يَبُثُ الجَوَّ *** عِطْراً وَ إِنْ أُثِيرَتْ بَهَائِمْ
أنْ تَقُول الشعوبُ قَوْلَتَهَا الفَضلَ *** عَلَى رَغْم كُلِّ أَهْوَجَ حَاكِمْ(2)
أنْ يَعِيش الإنْسَانُ حُراً كَرِيماً *** لامَرُوعاً مِنَ السُّيوفِ الصَّوَارِمْ
فَلَقَدْ لاحَ فِي الحَوَالِكِ بَرْقُ *** يَصْدَعُ الخَوْفَ وَ اللَّيَالِي الدَّوَاهِمْ(3)
يَخْطَفُ الرُّعْبَ مِنْ قُلُوبِ الحَيَارَى *** وَ يَصُدُّ الثَّغْرَ المُعَطَّلَ باسِمْ
ذَاكَ وَهْجُ الزَّهْرَاءِ يُشْرِقُ فِينَا *** وَ حَدِيث عَنِ البَتُولَةِ فَاطِمْ
ص: 427
وُلِدَ الخَيْرُ إِذْ وُلِذتِ فَيَا فَرحة *** طه في بِنْتِ خَيْرِ الأَعَاظِمْ
قَدْ أُعِيدَتْ بهَا الكَرَامَةُ لِلأُنْثَى *** فَعَاشَتْ بَيْنَ الكرام الكرَائِمْ
وَ الْتَقَتْ فِي رِحَابِهَا جَنَبَاتٌ *** لَمْ تَكَدْ تَلْتَقِي الدُّهُورَ الصَّوَارِمْ(1)
فَإِذَا الخَشْمُ بِالنُّبُوَّةِ يُقْضِي *** عِنْدَهَا فِي إِمَامَةٍ وَ مَكَارِمْ
نَقَلَتْ مَنْهَلَ الرِّسَالَةِ عَذْباً *** رَائِقاً فِي صِفَاتِهِ لِلْعَوَالِمْ
فِي بَنِيهَا يَا عِزَّةُ لَمْ تُخَامِرْ *** عُظَمَاءَ التَّارِيخ مِنْ كُلِّ حَالِمْ
غَيْرُ بِنْتِ لِلْمُصْطَفَى كَانَ فِيهَا *** نَسْلُهُ وَ النُّهَى وَ كُلُّ المَرَاحِمْ
فَاسْتَطَالَتْ عَلَى العَوَالِم فَخْراً *** شَاهِدٌ فِيهِ كُلُّ بَرِّ وآثِمْ
وَ تَرَاهَا تَرَعْرَعَتْ فِي حُجُورٍ *** عَزَّ فِي الدَّهْرِ مِثْلُهَا فِي الأَكَارِمْ
وَلَدَتْهَا خَدِيجَةٌ وَ كَفَاهَا *** أَنْ تَرَى فِي وَلِيدَةِ الخَتْمِ خَاتِمْ
وَ بِهَا سَوْفَ يَنْتَشِي نَسْلُ طَهَ *** وَ يَزِينُ الدُّنْيَا وَ تَسْمُو المَعَالِمْ
وَ تَقُولُ الدُّنْيَا بِأَنَّ عَظِيماً *** قَطَعَتْهُ أَرْحَامُهُ كُلَّ رَاحِمْ
ص: 428
وَ نَبِيُّ الإِسْلاَم خَلَّفَ بِنْتاً *** لَمْ يُرَاعُوا بِها حُقُوقَ المَحَارِمْ(1)
قَدْ تَصَدَّتْ لِلظَّالِمِينَ بِيَومٍ *** عَزَّ فِيهِ النَّصِيرُ مِنْ كُلِّ جَاثِمْ(2)
خَطَبَتْ فِيهِمُ فَدَوَّى صَدَاهَا *** يَمْلَأُ الخَافِقَيْنِ رَغْمَ الكَوَاتِمْ(3)
أَفْرَغَتْ عَنْ فَم الرَّسُولِ بَيَاناً *** خَلَّدَتْهُ الدُّهُورُ طَيَّ المَلاحِمْ
أَفْصَحَتْ عَنْ حَقِيقَةِ الكَوْنِ فِيهِ *** وَ مَضَتْ وَ هْيَ سِرُّ كُلِّ العَوَالِمْ(4)
بَيْدَ أَنَّ الدُّنْيَا أَقَرَّتْ خُضُوعاً *** أَنَّ بِنْتَ النَّبِيِّ فَخْرُ الفَوَاطِمْ
أَنْجَبَتْ هَذِي المَلايينَ مِنَ السَّادَةِ *** رُغْمَ التَّقْتِيلِ مِنْ كُلِّ ظَالِمْ
فَاسْتَفَاقَ الزَّمَانُ أَيْنَ بَنُو حَرْبٍ *** وَ سُلْطَانُهُمْ وَ قَطْعُ الجَمَاجِمْ؟
أينَ أعْدَاؤُها فَقَدْ ذَهَب الكُلُّ *** وَ لَمْ يَبْقَ خَالِدٌ غَيْرُ فَاطِمْ؟
ص: 429
(بحر البسيط)
السيد محمد رضا القزويني(*)(1)
يَظَلُّ قَبْرُكِ مَجْهُولاً عَنِ الأُمَمِ *** وَ أَنْتِ مَفْخَرَةُ الدُّنْيَا بِكُلِّ فَمِ(2)
وَ يَحْسَبُ الدَّهْرُ أَنْ يُطَوّى بِحَادِثَةٍ *** وَ تِلْكَ أشْهَرُ مِنْ نَارٍ عَلَى عَلَمِ(3)
فَلَيْسَ تُطْوَى مِنَ الزَّهْرَاءِ صَفْحَتُهَا *** وَ فِي الحَيَاةِ بَقَايَا الخَيْرِ وَ الكَرَمِ
هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ أَنْ نَنْسَاكِ عَنْ سَفَةٍ *** إِذَا وَحَقِّكِ فَالدُّنْيَا إِلَى عَدَمِ
عِشْنَا القَضِيَّةَ إِنَّا نَنْتَمِي شَرَفاً *** إِلَى وَلاَئِكِ فِي الأَحْسَابِ وَ القِيَمِ
يَجْرِي بِحُبِّكِ أُمَّ الأَوْصِيَاءِ دَمٌ *** يَطْغَى فَيَرْفُضُ بَعْضَ الأُمَّهَاتِ دَمِي
حَبَاكِ رَبُّكِ بِالسِّبْطَيْنِ فَافْتَخِرِي *** أَباً وَ بَعْلاً وَ أَولاداً مِنَ القِمَمِ(4)
لَمْ تَجْتَمِعْ لابنةٍ فِي الدَّهْرِ مِنْ أَحَدٍ *** إِلا لِخَيْرِ عِبَادِ اللَّهِ كُلِّهِمِ
إِذَا تَكَلَّمْتِ قَالَ النَّاسُ فِي وَلَهٍ *** كَأَنَّ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ فِي الكَلِمِ(5)
ص: 430
أَلَسْتِ قَلْبَ حَبِيبِ اللَّهِ بِضْعَتَهُ *** وَكُنْتِ كُفْؤَ عَلِيَّ رُتْبَةِ الشِّيَمِ(1) ؟
وَبَعْدَهَا فَلْيَقُلْ مَنْ شَاءَ مِنْ حَسَدٍ *** لَسْتِ الوَرِيثَةَ فِي طهَ مِنَ الرَّحِمِ
وَلْيَغْصِبِ القَوْمُ مِنْ بَغْضَائِهِمْ فَدَكَاً *** فِدَاكِ كُلُّ الوَرَى فِي العُرْبِ وَالعَجَمِ(2)
وَلْيُشْعِلُوا النَّارَ خَلْفَ البَابِ مِنْ حَنَقٍ *** لآلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ وَالحَرَمِ(3)
ص: 431
طَابَتْ حَيَاتُهُمُ فِي ظُلْمِهَا عَجَباً *** لِلتَّابِعِينَ عَلَى أَشْلاَءِ مُقْتَسَمِ
أَنْتِ الشَّفِيعَةُ يَوْمَ الحَشْرِ سَیِّدَتِي *** فَأَيْنَ يَذْهَبُ أَعْدَاكِ مِنَ النِّقَمِ؟(1)
أَمَّا مُحِبُّوكِ فَالدُّنْيَا تُشَرِّدُهُمْ *** إِذْ لَيْسَ فِي قَلْبِهِمْ حُبٌّ إِلَى الصَّنَمِ
ص: 432
تَأْبَى ضُلُوعُكِ وَالمِسْمَارُ كَسَّرَها *** أَنْ لاَ تَضُمَّ فُؤَادَ المُخْلِصِ الأَلِمِ(1)
أَلاَ تُغِيثِي مُحِبّاً بَاتَ يَعْصِرُهُ *** دَهْرٌ وَسِجْنُ أَبٍ فِي عُمْرِهِ الهَرِمِ(2)
وَ أَنْتِ سَيِّدَةُ الدُّنْيَا وَآخِرَةٍ *** نَرْجُوكِ فِيهَا لِذَاكَ الهَوْلِ وَالظُّلْمِ
وَأَنْتِ عُرْوَتُنَا الوُثْقَى وَمَا وَعَدَ *** الكِتَابُ مُسْتَمْسِكِيهِ كُلَّ مُغْتَنَمِ(3)
وَقَالَ لِلأَنْبِيَاءِ الغُرِّ أَجْرُهُمُ *** عَليَّ (أَنْعِمْ) بِرَبِّ البَيْتِ وَالحَرَمِ
إِلاَّ لِخَاتَمِهِمْ لاَ أَجْرَيَقْبَلُهُ *** إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى مِنَ الرَّحِمِ(4)
مَا ذَنْبُ شِيعَتِهِمْ إِنْ كَانَ رَبُّهُمُ *** يُفْدِي الكِيَانَ لأَهْلِ البَيْتِ فِي كَرَمِ
ص: 433
(بحر الطويل)
الشيخ محمد سعيد المنصوري(*)(1)
(سَلِ الدَّارَ عَنْ أَرْبَابِهَا أَيْنَ يَمَّمُوا)؟ *** وَهَلْ أَنْجَدُوا أَمْ فِي الرَّكَائِبِ أَتْهَمُوا؟
وَمَا بَالُهَا مِنْ بَعْدِهِمْ كُلُّ مَا بِهَا *** أَسًى وَفِنَاهَا جَرُّهُ الْيَوْمَ مُظْلِمُ؟
فَعَهْدِي بِهَا مِنْ قَبْلُ تَزْهُو رُبُوعُهَا *** بِهِمْ وَرَبَاهَا بِالمَكَارِمِ مُفْعَمُ(2)
أَمَا لَهُمُ مِنْ أَوْبَةٍ لِدِيَارِهِمْ *** فَنَسْعَدُ فِي لُقْيَاهُمُ وَنُنَعَّمُ؟(3)
فَهَا أَنَا مِمَّنْ سَاقَهُ الوَجْدُ وَانْبَرى *** إِلَيْكِ بِمَا فِي قَلْبِهِ يَتَكَلَّمُ
وَلاَ عُجْبَ إِنْ سَالَ دَمْعُ مَحَاجِرِي *** فَإِنِّي وَرَبِّ الرَّاقِصَاتِ مُتَيَّمُ
فَحُزْنِي عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ وأَدْمُعِي *** مَدَى العُمْرِ مِنْ عَيْنِي تَفِيضُ وَتَسْجُمُ(4)
عَلَى جِيرَةٍ حَازُوا الفَضَائِلَ وَالتُّقَى *** وَهُمْ لِلنَّدَى بَحْرٌ وَلِلْجُودِ مَعْلَمُ
مَصَائِبُهُمْ أَبْكَتْ عُيُونَ أُولِي النُّهَى *** وَبَيْنَ الحَنَابًا جَمْرُهَا يَتَضَرَّمُ
وَأَفْدَحُهَا مَا قُوْبِلَتْ فِيهِ (فَاطِمٌ) *** مِنَ الظُّلْمِ مُذْ وَافَى إِلَيْهَا المُحَتَّمُ(5)
ص: 434
نَحَوْا دَارَهَا وَهْيَ المُعَظَّمُ شَأْنُهَا *** وَ فِي ذلِكُمْ كُلُّ الخَلاَئِقِ تَعْلَمُ(1)
وَقَدْ هَدَّدُوهَا حِينَ ذَاكَ وَقَلْبُهَا *** لِفَقَدِ أَبِيهَا وَالفُرَاقُ مُكَلَّمُ (2)
وَقَالُوا إِذَا لَمْ تَفْتَحِي البَابَ عَاجِلاً *** سَنُحْرِقُهُ فِي نَارِنَا ثُمَّ تَهْجُمُ
فَقَالَتْ إِلَى اللَّهِ الأُمُورُ جَمِيعُهَا *** وَمَنْ هُوَ أَوْلَى فِي العِبَادِ وَأَحْكَمُ
وَلاَذَتْ وَرَاءَ البَابِ مِنْ بَعْدِ فَتْحِهَا *** تَسَتَّرُفِيهَا عَنْهُمُ مُذْ تَقَحَّمُوا(3)
وَ لَمَّا أَحَسَّ ... أَسْنَدَ ظَهْرَهُ *** لِحَائِط ذاكَ البَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ(4)
بِمَا قَدْ جَرَى لَمَّا بِرِجْلَيْهِ رَدَّهَا *** عَلَيْهَا وَهَلْ فِي النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ أَظْلَمُ؟
أتُعْصَرُ مَا بَيْنَ الجِدَارِ وَبَابِهِ *** فَيُكْسَرُ مِنْهَا ضِلْعُهَا وَيُهَشَّمُ؟(5)
ص: 435
وَ تِلْكَ مِنَ المُخْتَارِ رُوحٌ وَ بَضْعَةٌ *** وَ أَقْوَالُهُ فِي فَضْلِهَا لَيْسَ تُكْتَمُ(1)
زَوَوْا إِرْثهَا عَنْهَا وَ مَاتَتْ كَثِيبَةً *** وَ كَافِلُهَا فِي الخَطب بِالصَّبْرِ مُلْزَمُ(2)
فَيًا وَيْلَ مَنْ أَدْمَى (الأَحْمَدَ) عَيْنَهُ *** بِعَيْنِ لَهَا فِي كَلِّهِ رَاحَ يَلْطِمُ
بِأَهْلِي وَبِي (أُمَّ الحُسَيْنِ) فَرُزْؤُها *** (يَشِيبُ لَهُ فَوْدُ الرَّضِيعِ فَيَهْرَمُ(3)
أَأَقْرَبُ مَنْ فِي الأَرْضِ مِنْ رُوح (أَحْمَدٍ) *** وَ أَرْفَعُ كُلِّ الخَلْقِ قَدْراً وَ أَكْرَمُ؟
تَمُوتُ وَ مِنْ آلاَمِهَا البَعْضُ لَوْ عَلَى *** يَلَمْلَمَ يَجْرِي سَاخَ مِنْهُ يُلَمْلَمُ
فَمِنْ وَجْدِهَا أَوْصَتْ عَلِيّاً بِدَفْنِهَا *** خَفَاءَ وَ هذَا لِلْمُوَالِينَ آلَمُ(4)
فَشَيَّعَها لَيْلاً وَ عَفّى ضَرِيحَهَا *** وَ مِنْ عَيْنِهِ قَدْ سَالَ عَنْ دَمْعِهِ دَمُ(5)(6)
ص: 436
(بحر البسيط)
الشيخ محمد سعيد المنصوري(*)(1)
تَاللَّهِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ مَا هَجَعَتْ *** لِفَاطِمَ لَيْلَةً عَيْنٌ وَ لَمْ تَنَمِ
تَبْكِي لِفَقْدِ أَبِيهَا حَيْثُ قَدْ غَرِقَتْ *** مُذْغَابَ عَنْهَا بِبَحْرِ الهَمِّ وَ الأَلَمِ
لَمْ يَرْعَ أَصْحَابُهُ حَقاً لَهَا أَبداً *** وَ قَدْ تَعَرَّوْا عَنِ الأَخْلاقِ وَ الشَّيَمِ
مَالُوا عَلَى إِرْثِهَا غَصْباً وَ قَدْ نَزَلَتْ *** بِهِ النُّصُوصُ مِنَ الرَّحْمَنِ ذِي النِّعَمِ(2)
وَ أَقْبَلُوا نَحْوَ بَيْتٍ فِي جَوَانِبِهِ *** تَبْكِي أَبَاهَا عَظِيمَ الشَّأْنِ ذَا الكَرَمِ
وَ جَمَّعُوا حَطَباً فِي بَابِهِ وَ عَلَتْ *** أَصْوَاتُهُمْ حَوْلَ بَيْتٍ جِدُّ مُحْتَرَمِ(3)
فَأَقْبَلَتْ بَضْعَةُ الهَادِي تُعَنْفُهُمْ *** وَ قَلْبُهَا كَانَ مِمَّا مَرَّ فِي ضَرَمِ
قَالَتْ بِصَوْتِ نِدَاهَا وَ هْيَ ثَاكِلَةٌ *** وَ الدَّمْعُ مِنْ عَيْنِهَا يَنْهَلُ كَالدِّيَمِ(4)
مَاذَا تُرِيدُونَ مِنّا نَحْنُ فِي شُغُلٍ *** بِحُزْنِنَا فِي مُصَابِ الوَالِدِ الشَّهِمِ؟
ص: 437
قَالُوا نُرِيدُ عَلِيًّا أَنْ يَمُدَّ يَداً *** بِبَيْعَةِ عُقِدَتْ فِي النَّاسِ لِلْهَرِمِ
قَالَت أُخرجُ أَنْ يَدْنُو لِمَنْزِلِنَا *** دَانٍ بِحُرْمَةِ طَة سَيّدِ الأُمَمِ
فَقَابَلَ الرَّجُلُ الزَّهْرَاءَ فِي كَلِمٍ *** قَاسٍ وَ جُرْأَةِ عِلْمٍ غَيْرِ مُحْتَشِمِ(1)
ساخرِقَنَّ عَلَيْكُمْ بَابَ بَيْتِکِمُ *** حَتَّى أُحِيلَكُمْ وَ البَيْتَ لِلعَدَمِ(2)
وَ لاَأُبقى بهِ طِفلاً وَ لاَرَجُلاً *** فَالحَرْقُ وَ القَتْلُ هَذَا اليَوْمَ مِنْ شِيَمِي
وَ حِينَمَا سَمِعَتْ تَهْدِيدَهُ ابْتَدَرَتْ *** لِفَتْحِ بَابِ الهُدَى لِلظَّالِمِ الغَشِمِ
وَ بَعْدُ لأَذَتْ بِهِ كَيْ لاَيَرَى أَحَدٌ *** خَيَالَهَا وَ هيَ أُمُّ الخِدْرِ مِنْ قِدَم
وَ مُذْ أَحَسَّ بِهَا الطَّاغِي تَعَمَّدَهَا *** بِعَصْرَةٍ صَدْرُهَا مِنْهَا هُنَاكَ دُمِي
وَ ضِلْعُهَا عَادَ مَكْسُوراً وَ مُحْسِنُهَا *** الحَمْلُ الشَّرِيفُ عَلَى وَجْهِ الصَّعِيدِ رُمِي(3)
ص: 438
وَ قَيَّدُوا فَارِسَ الهَيْجَاءِ إِذْ عَلِمُوا *** بِأَنَّهُ صَابِرٌ بِالسَّيْفِ لَمْ يَقُمِ
وَ خَلْفَهُ رَاحَتِ الزَّهْرَاءُ قَائِلةً *** إِنْ لَمْ تُخَلُوهُ أَدْعُو اللَّهَ بِالنَّقَمِ
ثُمَّ انْثَنَتْ لِضَرِيحِ المُصْطَفَى وَ غَدَتْ *** تَشْكُو لَهُ الجَوْرَ مِنْ جَانٍ وَ مُجْتَرِمِ(1)
يَا وَالِدِي هَتَفَتْ لَوْ كُنْتَ شَاهِدَنَا *** غَدَاةَ إِذْ هَجَمَ الأَعْدَاءُ لِلْحَرَمِ
لَسَاءَ حَالَكَ مَا قَدْ حَلَّ بِي وَ جَرَتْ *** عَيْنَاكَ مِمَّا عَرَانِي دَمْعُهَا بِدَمِ(2)
ص: 439
(بحر الخفيف)
الشيخ محمد سعيد المنصوري(*)(1)
لكِ ذكرى تمرُّ في كل عامٍ *** و عليها نمرُّ مرَّ الكرامِ
هي ذكرى لها نقيمُ احتفالاً *** بابتهاجٍ و فرحةٍ و ابتسامِ
هي ذكرى ولادةٍ سرَّ فيها *** سيد المرسلين خيرُ الأنامِ
بصبوحِ يشعُ في الكون شمساً *** لاكشمسِ الضحى و بدرِ التمامِ
شمسٌ و الشمسُ يا صاحِ فيها *** أن تُقمها فمالها من مقامِ
هي شمسُ الهدى و شمسُ المعالي *** و هي أحرى بالذكرِ و الاحترامِ
من سواها فخلّني و سروري *** لحظاتٍ بعد الدموعِ السجامِ
إنَّ قلبي من الهموم مليءٌ *** و مليءٌ من الخطوبِ الجسامِ
ثم أمسى خليَ بالٍ طروباً *** راقداً بينَ، نايهِ و المدامِ
إن ضربَ الأمثالِ في مثلِ هذا *** هو ضربٌ، و من فضولِ الكلامِ
فالتزامي بحب آلِ رسول اللَّه *** يُغني عن البيانِ التزامي
فمصابُ الزهراءِ روحي فداها *** هو في وسطِ قلبي المستظامِ
و الحسينُ الشهيدُ في الطفِ ليلاً *** يتراءى لمقلتِي في المنامِ
فكأن السيوفَ تنهلُ منه *** نصبَ عيني و الظالمونَ أمامي
هو مرمي فوقَ الصعيِدِ و مرمى *** بعد وخزِ الضبا لرشقِ السهامِ(2)
ص: 440
قسماحاً أم الحسينِ إذا ما *** شطَّ بي مزبرُ الشَّجا عن مرامِي(1)
وطأةُ الرزءِ أثقلتني فراحتْ *** دون قصدٍ تخطُّه أقلامِي
علَّمتْها أناملي أن تطيلَ *** القولَ في مدحكمُ و ذمِ اللئامِ
فعليكِ السلام منَّي يترى *** إن تفضلتِ في قبولِ سلامي
يا بنَة المصطفى و يا خير أمٍ *** لبني المرتضى الهداةِ الكرامِ
امنحينا بنظرةٍ منك فضلاً *** فسمانا ملبدٌ بالظلامِ
أنتِ بابُ النجاةِ من كل سوء *** فادفعي السوء عن رُبى الإسلامِ
ص: 441
(بحر الوافر)
السيد محمد صالح البحراني(*)(1)
يَتُولُ القُدْسِ مِرآةُ النّظامِ *** عَرُوسُ الحُورِ مِشْكَاةُ السَّلَامِ(2)
قَرِينَةُ عَاهِلِ العُلْيَا عَلِيٍّ *** عَزِيزَةُ أَحْمَدٍ خَيْرِ الأَنَامِ(3)
وَ أَعْلَى دَوْحَةٍ بَسَقَتْ فُرُوعاً *** وَ أَمَّ أَئِمَّةِ الدِّينِ العِظَامِ(4)
وَ مَنْ لَمْ تَنسَ ذِكْر اللَّهِ حِيناً *** و لاذاقَتْ بِهِ طَعْمَ المَنَامِ(5)(6)
ص: 442
وَ كَيْفَ تَلَذُ ّفِي لَيْلِ بِنَوْمِ *** وَ تَأْنَسُ فِي نَهَارٍ مِنْ طَعَامِ؟(1)
وَ ذَاكَ قَرِينُهَا مَنْ سَنَّ *** لِلأَنُبِيَاءِ وَ غَيْرِهِمْ سُنَنَ الكِرامِ
فَكَانَتْ خَلْفَهُ تَسْعَى فَمَهُمَا *** أَتَى أَمْراً أَتَتْهُ بِالتِزامِ
تُشَاطِرُهُ قِيَامَ اللَّيْلِ حَتَّى *** شَكَتْ أَقْدَامُهَا وَرَمَ القِيَامِ(2)
وَ تَبْكِي خَشْيَةَ الجَبَّارِ حَتَّى *** اخَتَشَتْ أَجْفَانُهَا عَمَشَ السّقَامِ(3)
وَ تَطْوِي دَهْرَهَا حَتَّى بَرَاهَا *** نُحُولُ الجِسْمِ مِنْ فَرْطِ الصِّيَامِ(4)
***
فَحُقَّ إِذَا المَلاَئِكُ خَاطَبَتْهَا *** كَمَرْيَمَ فِي اصْطِفَاءٍ بِاحْتِرَامِ(5)
فَلَمْ تَنَلِ اصْطِفَاءَ اللَّهِ إِلاَّ *** لَمَا مِنْهَا إِلَيْهِ مِنِ انْقِسّامِ
فَقَدْ وَقَفَتْ عَلَيْهِ حَيَاتَهَا فِي *** تَحَمَّلِ كُلِّ ضَيْمِ وَ اهْتِضَامِ(6)
ص: 443
عَلَى مَا فِيهِ كَانَتْ مِنْ حُقُوقٍ *** لِحَيْدَرَ قَدْ قَضَتْهَا بِالتَّمَامِ(1)
فَلَمْ تَشرُكَ عَلَيْهَا قَطُّ حَقاً *** لِرَبِّ العَرْشِ أَوْ رَبِّ الحُسَامِ
وَ طُولَ العُمْرِ مَا زَالَتْ تُؤدِّي *** حُقُوقَهُمَا وَذَا مِسك الخِتامِ
***
فَمَا عَمِلَتْ لِهَذِي الدَّارِ وَ هذا *** بها عَمَلَيْنِ فِي وَقْتِ بِعَامِ
فَمَا حَالُ الوَصِيَّ وَ قَدْ رآهَا *** بِطِينِ أوْ عَجِينِ فِي ازْدِحَامِ
فَتُخْبِرُهُ بِبَيْنِ حَانَ مِنْهَا *** يَبُوءُ الوَصْلُ مِنْهُ بِانْصِرَامِ(2)
وَ تَخْشَىٰ أَنْ يَكُونَ غَداً بِشُغْلٍ *** عَنِ الأَبْنَا لِنَكْبَاتِ الحِمَامِ(3)
فَتُصْبِحُ بَعْدَ أُمِّهِمُ يَتَامَى *** بِلا دَهْنِ الرُّؤُوسِ وَ لاَطَعَامِ
***
تَخَافُ عَلَىٰ بَنِيهَا مِنْ أَبِيهِم *** بِيَوْمِ وَاحِدٍ عَدَمَ اهْتِمَامِ
فَكَيْفَ وَ لَوْ رَأَتْهُمْ لَيْتَ ظَنِّي *** وَ قَدْ ضَاقَتْ بِهِمْ نُوَبُ الطَّغَامِ؟
فَهُذَا قَدْ فَرَاهُ السُّمُ قَلباً *** وَذَاكَ بِكَرْبَلاً غَرَضُ السِّهامِ
لَدَيْهِ مِنْ بَنِيهَا كُلُّ بَدْرٍ *** رَمَاهُ الحَتْفُ خَسْفاً بِالرّغَامِ
ص: 444
وَخَلْفَهُمُ كَرَائِمُهَا الَّتِي *** لَاتَزَالُ تَصُونُهَا عِصَمُ الخِيامِ
حَوَاسِرُ لَمْ تَجِدْ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ *** شَفِيقٍ بَيْنَ أَخْلَافِ لِئَامِ(1)
***
فَمَضَّ كَلَامُهَا بِحَشِا عَلِيٍّ *** فَكَانَ لَهُ بِهِ أَنْکَی کَلَامِ(2)
فَمَاذَا حَالُهُ فِي الغُسْلِ لَمَّا *** بَدا لأَذَى السِّيَاطِ المَتنَ دَامِي؟(3)
رَأَى بِالصَّدْرِ فِي الْأَضْلاعِ رَضَاً *** وَ فَوْقَ الخَدِّ لَظماً بِاحْتِذَامِ
فَلَمْ يَكُ غُسْلُهَا إِلا بِمَا قَدْ *** أَفَاضَ مِنَ الدُّمُوعِ لَهَا السِّجَامِ
وَ مَا أَكْفَانُهَا الأَ بِمَا قَدْ *** كَسَاهَا الدَّهْرُ مِنْ عِلَلٍ جِسَامِ
وَ لاعَجَبٌ لَهَا يَبْكِي وَلكِنْ *** عَجِيبٌ لَمْ يَمُتْ قَبْلَ السَّلاَمِ
ص: 445
وَ قَدْ نَادَى اليَتَامَى أَنْ هَلَمُّوا *** صِلُوا بِوَدَاعِها حَقَّ الذَّمَام(1)
فَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ حَنَّتْ وَ أَنَتْ *** وَ آوَتُهُمْ إِلَيْهَا بِانْضِمَامِ
فَإِنَّ الجِسْمَ عِنْدَ الوَصْلِ شَوْقاً *** لَيَشْعُرُ بِالأَحِبَّةِ فِي الحِمَامِ
فَلَيْسَ مِنَ البَتُولِ لِوُلْدِهَا *** ثَوْبَةٌ أَقْوَى لِلَيْلَى فِي الْتِزَامِ
وَ قَدْ رَدَّ السَّلامَ كَمَا ادَّعَاهُ *** عَلَيْهَا مَيْتاً بِشَبَا الغَرَامِ(2)
ص: 446
(بحر الطويل)
الشيخ محمد صالح المطر(*)(1)
طغى الوجدُ في جسمي ففاضَ على فمي *** شعوراً فكانَ الشعرُ ينضحُ من دمي
و ذابت أحاسيسي فكانت مدامعاً *** تصب بآماقيِ عصارة عندم(2)
و دقتُ نواقيسُ المصابِ فجاوبتْ *** صداها حنايا صدرِيَ المتحطمِ
و تعتصرُ الأحزانُ بركانَ مهجتي *** فتنثُ جمراً في مرارةِ علقمِ
و عنديَ طاقاتُ الحديدِ تصبّراً *** و لكنْ أذابَتْها مصيبةُ فاطمِ
فتلكَ التي ما بارحَ المجدُ بيتَها *** و في مدحِها الآياتُ مملوءةُ الفمِ(3)
أغارَ عليها حين غابَ عن الشرى *** حِماها العدى من كلِّ علجٍ مزنمِ
ص: 447
و قد هاجمتْ بعدَ النبيَّ عرينَها *** ثعالبُ أدغالِ النفاقِ المخضرمِ
و قد روَّعُوا فيها الوقارَ و مادعُوا *** جنيناً تداعى في نضارةِ بُرعمِ
أرادوا بكسرِ الضلعِ منها خنوعَها *** و إقعادَها عن حقِّها المتحتمِ
فنادتْ و حزنُ الدهر أصداءُ صوتِها *** أبي إنني أشكُو إليك تظلّمِي
وصاياكَ في القربى تغيَّر لونُها *** و بدلَ أحكامُ الكتابِ ابن حنتمِ
و من ترهبُ الآسادُ سطوةَ بأسه *** يقادُ أسيراً كالبعيرِ المزنَّمِ
ص: 448
(بحر المتقارب)
السيد محمد كاظم الكفائي
حَوَادِثُ بِنْتِ الهُدَى تُؤْلِمُ *** فَهَلْ يَسْتَطِيعُ البَيَانَ الفَمُ؟
فَهَلْ يَسْتَطِيعُ وَ فِيهِ الشَّجَا *** وَ كَيْفَ يُصَرِّحُ أَوْ يَكْتُمُ؟
فَإِنْ كَتَمَ الحَقِّ قَالُوا غَوَى *** وَرَاحَ عَنِ الحَقِّ يَسْتَفْهِمُ
وَ إِذْ قَالَ حَقّاً تَعِدُ الطُّغَاةُ *** انْتِقَاماً وَ لِلْحَقِّ لاَتَهْضُمُ
تَرُومُ لِتَكْتُمَ شَمْسَ الضُّحَى *** وَ هَيْهَاتَ شَمْسُ الضُّحَى تُكْتَمُ(1)
تَرُومُ لِتَكْتُمَ شَمْسَ الضُّحَى *** وَ لَمْ يُبْصِرُوهَا كَأَنْ قَدْ عَمُوا
ألَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ يَوْمَ السَّقِيفَةِ *** يَوْمٌ حَوَادِثُهُ تُؤْلِمُ؟
أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ بِنْتَ النَّبِيِّ *** تُصَانُ وَ مَنْ يَعْتَدِي مُجْرِمُ؟(2)
أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ بِنْتَ النَّبِيِّ *** وَدِيعَةُ طَهَ أَلَمْ يَعْلَمُوا؟
ص: 449
عَظِيمٌ فِرَاق نَبِيَّ الهُدَى *** وَ تَرْكُ وَصِيِّ الهُدَى أَعْظَمُ
حَوَادِثُ بِنْتِ الهُدَى أَصْبَحَتْ *** سُوَيْدَاءُ قَلْبِي بِهَا تُضْرَمُ(1)
تُسَائِلُ عَنْ حَادِثَاتِ الظُّرُوفِ *** وَ تَبْقَى عَنِ الحَقِّ تَسْتَفْهِمُ
أَيُخْفَى الرَّشَادُ وَ فِعْلُ الطُّغَاةِ *** وَ مَا عَبَرُوا عَنْهُ أَوْ تَرْجَمُوا؟
فَمَنْ ذَا الَّذِي غَصَبَ المُرْتَضَى *** وَ مَنْ ذَا عَلَى حَقِّهِ يُقْدِمُ؟
وَ هَلْ هُوَ أَرْجُوحَةٌ؟ قُلْ لَهُمْ *** إِذَا لَمْ يَعُوا الحَقَّ فَلْيَفْهَمُوا
فَإِنَّ الإِمَامَةَ نَصٍّ مُبينٌ *** مِنَ اللَّهِ هَلْ نَزَلَتْ فِيهِمُ؟
وَ هَلْ نَزَلَتْ آيَةٌ فِي الكِتَابِ *** كَمَا نَزَلَتْ (إِنَّمَا) عَنْهُمُ؟(2)
تَقَدَّمْ وَ سَلْهُمْ لِمَاذَا الوَصِيُّ *** تَأَخَّرَ عَنْهُمْ وَ هُمْ قُدِّمُوا
فَإِنْ كَانَ عِلْماً فَإِنَّ الإِمَامَ *** أَحَقُّ وَ مَنْ عِجْلِهِمْ أَعْلَمُ
وَ إِنْ كَانَ إِسْلَامُهُمْ نَافِعاً *** فَبَعْدَ الوَصِيّ هُمُ أَسْلَمُوا
فَدَعْ ذَا وَ ذاكَ وَ سَلْ مَا جَرَى *** عَلَى بَضْعَةِ المُصْطَفَى مِنْهُمُ؟(3)
كَأَنْ لَمْ يَقُلْ فَاطِمَ بَضْعَتِي *** وَ ذُو الشَّأْنِ فِي وُلْدِهِ يُكْرَمُ
ص: 450
فَمُذْ غَابَ عَنْهُمْ أَتَوْا بَيْنَهَا *** بِنَارِ لَظَى حَرْبَهُمْ أَضْرَمُوا(1)
وَ رَضُوا أَضَالِعَ بِنْتِ الهُدَى *** فَقُلْ أَيَّ ضِلْعِ هُمُ حَطَّمُوا؟(2)
فَخَرَّتْ عَلَى الْأَرْضِ مِمَّا بِهَا *** وَ سَالَ لِكَسْرِ الضُّلُوعِ الدَّمُ(3)
فَهَا هِيَ أَعْمَالُهُمْ مُنْكَرَاتٍ *** يَضُجُ بِهَا الشَّارِعُ الأَعْظَمُ
فَكَيْفَ بِهِمْ وَ ابْنَةُ المُصْطَفَى *** تُسَامُ بِظُلْمٍ وَ لَاتُرْحَمُ؟(4)
ص: 451
وَ قَادُوا الوَصِيَّ إِمَامَ الهُدَى *** وَ مِنْ خَلْفِهِ فَاطِمْ تَلْطِمُ(1)
وَ تَدْعُو بِصَوْتٍ دَعُوا المُرْتَضَى *** وَ الأسَأکْشِفَ أَوْ أُقْسِمُ(2)
وَ نَادَتْ أَبَاهَا وَ قَالَتْ فَقُمْ *** فَهَا هِيَ فَاطِمَةٌ تُظْلَمُ
فَإِنْ نَدَبَتْ وَالِداً أَقْبَلُوا *** بِضَرْب وَ إِنْ وَلْوَلَتْ تُلْطَمُ
وَ إِنْ تَنْسَ لاَتَنْسَ يَوْمَ الوَفَاةِ *** وَ كَيْف قَضَتْ نَحْبَهَا فِيهِمُ؟(3)
قَضَتْ وَ هْيَ غَاضِبَةٌ مِنْهُمُ *** أَتَعْرِفُ يَا صَاحِبِي مَنْ هُمُ؟
هُمُ أَضْرَمُوا النَّارَ فِي بَيْتِهَا *** عَدَاءً فَيَا وَيْحَ مَنْ أَضْرَمُوا
وَ جَاؤُوا إِلَيْهَا جَمِيعاً وَ قَدْ *** أَرَادُوا رِضَى فَاطِمٍ عَنْهُمُ(4)
ص: 452
وَ شَاؤُوا لِيَسْتَغْفِرُوا ذَنْبَهُمْ *** وَ كَيْفَ تَرَى يُقْبَلُ المُجْرِمُ؟
وَ قَالُوا أَيَا بِنْتَ خَيْرِ الوَرَى *** نَدِمْنَا وَ لَمْ يُجْدِهِمْ مَنْدَمُ
فَصَدَّتْ بِوَجْهِ وَ قَالَتْ كَفَى *** بِرَبِّي عَدْلاً بِمَا يَحْكُمُ
أتُظْلَمُ فَاطِمَةٌ بَيْنَهُمْ *** عَيَاناً وَ بِنْتُ الهُدَى تُهضَمُ؟
وَ يَرْجُونَ مِنْهَا رِضَاءٌ عَسَى *** تَحِنُّ عَلَيْهِمْ وَ هُمْ أَجْرَمُوا
لِمَاذَا تَوَارَتْ بِلَيْلٍ وَ *** لَايُشَاهَدُ تَشْيِيعها مِنْهُمُ؟
لِمَاذَا اخْتَفَتْ فِي ظَلام الدُّجَى *** كَمَا تَخْتَفِي مِثْلَهَا الأَنْجُمُ؟
وَ هَا هِيَ سَيْدَةٌ فِي المَلاَ *** وَ لَمْ تَكُ تَفْضُلُها مَرْيَمُ(1)
فَزَوْجُ الوَصِي وَ أُمُّ الحُسَيْنِ *** بِوَالِدِهَا الأَنْبِيَا تُخْتَمُ
لِمَاذَا تُهَانُ ابْنَةُ المُصْطَفَى *** وَ يَدْفِنُهَا لَيْلُهَا المُظْلِمُ؟
وَ تُدْفَنُ وَ الكَسْرُ فِي ضِلْعِهَا *** وَ يُعْفَى تَرَاهَا وَ لاَيُعْلَمُ(2)
ص: 453
لِمَاذَا تُشَاهِدُ مِنْ أُمَّةٍ *** أَذَايَا تَمُرَّ هِيَ العَلْقَمُ؟(1)
وَ يُغْصَبُ مِنْ حَقِّهَا إِرْثُهَا *** وَ مَا بَيْنَ أَعْدَائِهَا يُقْسَمُ(2)
حَوَادِثُهَا سَجَّلَتْهَا الدُّهُورُ *** وَ قَدْ عُرف الظَّالِمُ المُجْرِمُ(3)
ص: 454
(مجزوء الكامل)
الأستاذ محمود البستاني
دَمْعٌ أُذِيلَ !! فَيَا كَواكِبُ، سَامِرِيهِ، وَ يَا نُجُومْ...(1)
ذَرِيهِ فِي الأَبْعَادِ، عِبْرَ مَجَاهِلِ النَّجْوَى، يَحُومْ
ذَرِيهِ فِي هُدْبَيكِ... يَطْفِرُ مِنْ حَوَاشِيهِ الوُجُومْ(2)
أَوْ سَمِّريهِ عَلَى المَدَى فَطَرَاتِ... لألاء... عَظِيمْ
تَنْسَلُ، عَنْ قُدْسِيَّةٍ بَيْضَاءَ...، فِي اللَّيْلِ البهِيمْ
حَتَّى كَأَنَّ المَأْتَمَ العُلْوِيَّ، يَغْتَالُ النَّسِيمْ
فِيهَا وَ يَهْوِي كَالفَنَاءِ، عَلَى مُحَيَّاهَا الوَسِيمْ
لاهَمْسُ ضَوْءٍ... لاَشَدِّى يَهْفُو... وَ لاَشَجَرٌ بَهِيمْ
عَجَنَتْهُ مَأْسَاةُ الحَيَاةِ... وَ أَطْبَقَتْ فِيهَا الغُيُومْ
وَ النَّكْبَةُ السَّوْدَاءُ، تَذْرُوها بَقَايَا مِنْ هَشِيمْ(3)
***
يَا غَرْسَةَ الهَادِي، تَمُورُ، تَمُورُ، بِالعَبقِ الكَرِيمْ(4)
ص: 455
أَوَ لَسْتِ مِنْ عَبْقِ السَّمَاءِ، وَ مِنْ تَفَتَّحِهَا العَظِيمْ
حَسْبُ الرِّسالَةِ، أَنَّ طُهْرَكِ... بَعْضُ مَجْرَاهَا السَّلِيمْ؟(1)
ص: 456
وَ سَنَا الإِمَامَةِ مِنْ نِثَارِكِ يَسْتَطِيلُ وَ يَسْتَدِيمْ
لِيَظُلَّ... يَنْسِجُ فِي الحَيَاةِ... ضَفَائِرَ الدِّينِ القَوِيمْ
وَ يَظَلَّ يَرْفِدُ، وَاحَةَ الأَجْيَالِ،... بِالخَيْرِ العَمِيمْ
كَالنَّبْع... لَمْ يَسْكُتْ عَنِ الجَرَيَانِ، لِلرَّمْلِ العَقِيمْ
لِيمُدَّه... بالمُعْطَيَاتِ. وَ بِالخُصُوبَةِ. و النَّعِيمْ
كَالشَّمْسِ... لَمْ تَسْكُتُ، عَنْ المَدِّ الشُّعَاعِي الرَّحِيمْ
تَتَمَسَّحُ الدُّنْيَا... بِهَا، بِيداً. أَفَاوِيقاً. تُخُومْ(1)
قَسَماً... وَ دِينُ اللَّهِ، عِنْدَ المُعْطَيَاتِ... فَمٌ بَسِيمْ
نَسْتَلُّ مِنْهُ الضّحْكَةَ السَّمْحَاءَ... تَهزَأَ بِالهُمُومْ
سَنَظَلُّ نَفْتَحُ مِنْ مَسَاكِبِهِ،... حَيَاةً تَسْتَقِيمْ
وَ عَلَى دُرُوبِ هَدِيرِهَا العُلْوِيِّ... لألاَء عَظِيمْ(2)
***
ص: 457
(بحر الطويل)
الشيخ مغامس بن داغر الحلي(*)(1)
صَحِبْتُكِ لاأَنِّي بِوِدِّكِ مُغْرَمُ *** دَعِينِي فَغَيْرِي فِي هَوَاكِ مُتَيَّمُ(2)
أَرَى الرَّأْيَ يا دُنْيا مَيْلِي إِلَى الصَّبَا *** تَدُومُ عَلَى الدَّارِ الَّتِي سَوْفَ يُقْدِمُ
عَلِمْتُكِ عِلْماً مُسْتَفَاداً فَدَلَّنِي *** عَلَى بُؤْسِكِ الْعِلْمُ الَّذِي كُنْتُ أَعْلَمُ
خَشِيتُ دَوَاهِيكِ الَّتِي تَدْهَمُ الفَتَى *** فَقَدَّمْتُ حَزْماً وَ الْحَزَامَةُ أَسْلَمُ(3)
تَقَانَعْتُ بِالمَيْسُورٍ فِيكِ مَخَافَةً *** عَلَى عَرْض ذَنْبي وَ الْقَنَاعَةُ أَحْزَمُ
أنفتُ لِنَفْسِي وَ هيَ سُؤْلِي لأَنَّهَا *** تَزُولُ إِلَى سُخْطِ الإِلَهِ وَ تَأْثَمُ
تَعَاهَدْتُها بِالصَّبْرِ حَتَّى ارْتَضَتْ بِهِ *** وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ عِندِي مِنَ المَالِ دِرْهَمُ
وَ مَا كَالرِّضَا بِالزُّهْدِ لِلرُّوحِ رَاحَةٌ *** وَ لَاكَعَفَافِ لِلسَّلاَمَةِ أَسْلَمُ
وَ مَا كُلُّ ما فِي الأَرْضِ يَكْفِي لِطَالِبٍ *** وَ لَوْ خَوَّلَتْهُ الْمَالَ مِصْرٌ وَ دَيْلَمُ(4)
وَ يَكْفِيهِ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ إِذَا اغْتَدَى *** بِهِ قَائِعاً وَ الرِّزْقُ لِلْمَرْءِ يُقْسَمُ
ص: 458
وَ حَاجَةُ نَفْسِ المَرْءِ وَقْتٌ وَرَاءَهُ *** مَصَائِبُ دُنْياهُ وَ مَوْتُ مُحَتَّمُ
وَ هُنَّ المَنَايَا مَنْ أَصَبْنَ فَسَابِقٌ *** إِلَى المَوْتَ وَ النَّاجِي مِنَ الْمَوْتِ يَهْرَمُ(1)
وَ مَا عَرَفَ الأَيَّامَ إِلاعِصَابَةٌ *** إِلَى الْمَجْدِ يُنْمِيهَا النَّبِيُّ المُكَرَّمُ(2)
هُمُ طَلَّقُوهَا فَابْتُلُوا بِمَصَائِبٍ *** غَدًا الدِّينُ مِنْهَا خَاشِعَاً يَتَظَلَّمُ
وَ مَا أَسَّسَ العُدْوَانَ الأَمَعَاشِرٌ *** لِبَضْعَةِ خَيْرِ الْمُرْسَلِينَ تَهَضَّمُوا
غَداةَ أَنَتْ فِي عُصْبَةٍ مِنْ نِسَائِهَا *** تُخَاصِمُ و الأبغى عَنِ الْحَقِّ تَخْصِمُ(3)
لَهَا لَهْفِي مَظْلُومَةٌ أَمْ لِبَعْلِهَا *** وَ مَا دَفَنُوا الْهَادِي عَلَيْهِ تَقَدَّمُوا
ص: 459
(بحر الطويل)
الشيخ مفلح الصيمري(*)(1)
أَعَدْلُكَ يَا هُذَا الزَّمَانُ مُحَرَّمُ *** أَمِ الجَوْرُ مَفْرُوضٌ عَلَيْكَ مُحَتَّمُ؟
أَمْ أَنْتَ لَئِيمٌ وَ الجُدُودُ لَئِيمَةٌ *** فَلَمْ تَرْعَ إِلا لِلَّذِي هُوَ أَلاَمُ
فَشَأْنُكَ تَعْظِيمُ الأَرَاذِلِ دَائِماً *** وَ عِرْنِينَ أَرْبَابِ الفَصَاحَةِ تَرْغِمُ
إِذَا زَادَ فَضْلُ المَرْءِ زَادَ امْتِحَانُهُ *** وَ تَرْعَى لِمَنْ لاَفَضْلَ فِيهِ وَ تَرْحَمُ
إِذَا اجْتَمَعَ المَعْرُوفَ وَ الدِّينُ وَ التُّقَى *** لِشَخْصٍ رَمَاهُ الدَّهْرُ وَ هْوُ مُصَمِّمُ
وَ كَمْ جَامِعَ أَسْبَابَ كُلِّ رَذِيلَةٍ *** وَ لَيْسَ لِمَا قَدْ قَالَ أَوْ قِيلَ يَفْهَمُ
فَأَضْحَى وَ قَدْ أَلْقَى الزَّمَانُ جَرَاءَةً *** لَدَيْهِ فَيَقْضِي مَا يَشَاءُ وَ یَحْكُمُ
وَ ذَاكَ لأَنَّ الدِّينَ وَ العِلْمَ وَ النَّدَى *** لَهُ مَعْدِنٌ أَهْلُوهُ يُؤخَذُ عَنْهُمُ
فَمَعْدِنُهُ آلُ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** وَ خَيْرُهُمْ صِنْوَ النَّبِيِّ المُعَظَّمُ
فَأَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَيْهِ بِزِينَةٍ *** وَ أَلْقَتْ إِلَيْهِ نَفْسَهَا وَ هِيَ تَبْسِمُ
فَأَعْرَضَ عَنْهَا كَارِها لِنَعِيمِهَا *** وَ قَابَلَهَا مِنْهُ الطَّلاقُ المُحَرَّمُ
فَمَالَتْ إِلَى أَهْلِ الرَّذَائِلِ وَ الخَنَا *** وَ أَوْمَتْ إِلَيْهِمْ أَيُّهَا القَوْمُ أَقْدِمُوا(2)
فَجَاؤُوا إِلَيْهَا يَهْرَعُونَ فَأَقْبَلَتْ *** عَلَيْهِمْ وَ قَالَتْ فَاسْمَعُوا ثُمَّ افْهَمُوا
صِدَاقِي عَلَيْكُمْ ظُلْمُ آلِ مُحَمَّدٍ *** وَ شِيعَتِهِمْ أَهْل الفَضَائِلِ مِنْهُمُ
ص: 460
فَقَالُوا رَضِينَا بِالصَّدَاقِ وَ أَسْرَجُوا *** عَلَى حَرْبِهِمْ خَيْلَ الضَّلاَلِ وَ أَلْجَمُوا
وَ شَنُوا بِهَا الغَارَاتِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ *** وَ خَصُّوا بِهَا آلَ النَّبِيِّ وَ صَمَّمُوا
أزالُوهُمُ بِالقَهْرِ عَنْ إِرْثِ جَدِّهِمْ *** عِناداً وَ مَا شَاؤُوا أَحَلُّوا وَ حَرَّمُوا
وَ قَادُوا عَلِيّاً فِي حَمَائِلٍ سَيْفِهِ *** وَ عَمَّارَ دَقُوا ضِلْعَهُ وَ تَهَجَّمُوا
عَلَى بَيْتِ بِنْتِ المُصْطَفَى وَ إِمَامُهُمْ *** يُنَادِي أَلا فِي بَيْتِهَا النَّارَ أَضْرِمُوا(1)في مجمع الأمثال للنيسانوي، ج1 ص402.
يضرب في الحث على الطلب و المساواة في الملطوب.(2)
ص: 461
وَ تُعْصَبُ ميراثَ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** وَ تُوجَعُ ضَرْباً بِالسَّبَاطِ وَ تُلْطَمُ(1)(2)
ص: 462
قَدْ غَابَ مِمَّا حَلَّ بِي مِنّي الكَرَى *** شَهِدَتْ بِمَا قَدْ قُلْتُهُ شُهُبُ السَّمَا(1)
أَرَأَيْتَ يَألَفُ لِلْكَرَى مَنْ قَدْ غَدَا *** قَسَماً لِهَاتِيكَ الخُطُوبِ مُقَسَّما
قَدْ شَتَّتَ الدَّهْرُ المُبَدِّدُ شَمْلَنَا *** مِنْ بَعْدِ مَا كُنَّا جَمِيعاً فِي حِمَى
كَيْفَ الأَمَانُ مِنَ الزَّمَانِ وَ غَدْرُهُ *** بَادٍ لَدَى كُلِّ الوَرَى لَنْ يُكْتَما؟
مِنْ بَعْدِ مَا غَدَرَ الزَّمَان بِعِتْرَةِ *** المُخْتَارِ تَرْجُو فِي الدُّنَى أَنْ تَسْلَمَا
كُمْ جَرَّعُوا المُخْتَارَ مِنْ أَشْجَانِهِ *** عُصَصاً وَ هَيَّجَتِ البَتُولَةَ فَاطِما
كُمْ كَابَدَتْ بِنْتُ النَّبِيِّ مِنَ العِدَى *** مِحَناً وَ ذُلاً ثُمَّ ضَرْباً مُؤلِما(2)
وَ المُصْطَفَى مَا كَانَ يَدْخُلُ دَارَهَا *** مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَأْذِناً وَ مُسَلِّما(3)
هَجَمَ العَدُوُّ عَلَيْهِ يَطْلُبُ وِتْرَهُ *** وَ بِبَابِهِ نَارَ الصَّغَائِنِ أَضْرَما(4)
ص: 464
مِنْ حَرْقِهِمْ بَابَ النُّبُوَّةِ أَحْرَقُوا *** يَوْمَ الظُّفُوفِ مِنَ الحُسَيْنِ مُخَيَّما
لَوْ لَمْ يُرَضُ مِنَ البَتُولَةِ ضِلْعُهَا *** مَا رَضَّضُوا لِسَلِيلِ طَعَ أَعْظُمَا(1)
لَوْ لَمْ يُقَدْ عَلِيُّ الكَرَّارُ مَا *** زَيْنُ العِبَادِ مُكَبَّلاً قَدْ أَهْضِمَا(2)
مَهمَا رَأَتْ آلُ النَّبِيِّ بِكَرْبَلاَ *** مِنْ جَوْرِ أَعْدَاهَا وَ مِنْ حَرِّ الظَّما
مَا ذَاكَ إِلا سَالِفٌ مُتَقَدِّمٌ *** يَوْمَ السَّقِيفَةِ أَمْرُهُ قَدْ أَبْرِمَا
يَا بْنَ الغَطَارِفَةِ الأُلَى مِنْ هَاشِمٍ *** مَنْ فِي وُجُودِهِمُ انْجَلَى لَيْلُ العَمَى(3)
انْهَضْ لِثَارِكَ أَيُّهَا المُرَجَى لَهُ *** فَعِدَاكُمُ كَمْ مِنْكُمُ هَدَرَتْ دِما؟
تَرَكَتْ حُسَيْناً بِالظُّفُوفِ مُجَدَّلاً *** جُنْمَانُهُ بِشَبَا السُّيُوفِ مُخَلذَّمَا
ص: 465
(مجزوء الكامل)
الحاج هاشم الكعبي(*)(1)
لوَّامَةٌ حِلْفُ المَلاَمَهْ *** أَهْدَتْ إِلَى قَلْبِي سَقَامَهْ
لَوَّامَةٌ نَوَّامَةٌ *** أَيْنَ المَنَامُ مِنَ المَلاَمَهْ؟
خَلُّوا الحَشَاعَنْ طَارِقٍ *** لِلْجَفْنِ مَانِعُهُ مَنَامَهْ
مُتَمَدِّدُ اللَّيْلُ الطَّوِيل *** كَرَى وَ لَيْلِي لَنْ أَنَامَهْ
فَبَدا يَلُومُ وَ لَوْ دَرَى *** مَا فِي الحَشَا مَا كَانَ لَامَهْ
بِاللَّوْمِ رَامَ سُلُوَّ قَلْبٍ *** لاَتُسَلِّيهِ المُدَامَهْ(2)
وَ جُمُودَ جَفْنِ لَيْسَ تَرْقِي *** الغَانِيَاتُ لَهُ انْسِجَامَهْ
لارِيقُهَا المَعْسُولُ يَشْفِيهِ *** وَ لَا فَرْعُ البَشَامَهْ(3)
هَيْهَاتَ ذلِكَ ضَعْفُ رَأْي *** كَيْفَ صَفْوُ العَقْلِ رَامَهْ
سَامَ العَزَا صَبَّاً مُحَالٌ *** عِنْدَهُ مَا كَانَ سَامَهْ
لَمْ يَكْفِهِ الدَّمْعُ المُكَفِّكَفْ *** وَ الجَوَى المُبْدِي اضْطِرَامَهْ(4)
أَفَمَا بذَاكَ عَلامَةٌ *** لَوْ ذُوْ حِجَى يَرْعَى العَلامَهْ
خَلِّ الجَوَى لِمُتَيَّمٍ *** خَلَّى السُّرورَ لِمُسْتَدَامَهْ
ص: 466
لاَيَسْتَطِيعُ سِوَى الشَّجُونَ *** فَكَيْفَ وَ هْيَ غَدَتْ قِوَامَهْ
غَدَتِ الكَآبَةُ نَفْسَهُ *** حَتَّى أَقَامَتْهُ مَقَامَهْ
تُلْقِي مَدَامِعُهُ رَوَاهُ *** وَ حَرْمُ مُهْجَتِهِ طَعَامَهْ
أوَلَمْ يَرْعُكَ الأَكْرَمُونَ *** وَ مَا قَضَتْ لَهُمُ الكَرَامَةْ؟
وَقِيَامَةٌ بالطَّفِّ قَامَتْ *** دُونَ أَدْنَاهَا القِيَامَهْ
زِلْزَالَةٌ أَهْدَتْ قَوَارِعَهَا *** إِلَى الكَوْنِ اصْطِلاَمَهْ(1)
إلى أن يقول:
مِنْ مَعْشَرٍ ضَرَبَ الجَلاَل *** بِهِمْ عَلَى العَلْيَا خِيَامَةْ
أَدْنَى مَنَازِلَهَا السِّمَاك *** وَ مَنْ أَظَلَّتْهَا الغَمَامَهْ
وَمَوْطِى الأَقْدَامِ مِنْهَا *** النَّسْرُ كَاهِلَهُ وَهَامَهْ(2)
مِنْ أَحْمَدَ المُخْتَارِ مَنْصِبُهُ *** وَ حَيْدَرَةَ الشَّهَامَهْ(3)
بِجَبِينِهِ نُورُ النُّبُوَّةِ *** بَيْنَ عَيْنَيْهِ الإِمَامَهْ(4)
يَا لِلرِّجَالِ لِحَادِثَاتٍ *** قَدْ طَبَّقَ الدُّنْيَا رُكَامَهْ
أَرَأَيْتَ مَبْعُوثاً لِقَوْمٍ *** هَكَذَا جَعَلُوا خِتَامَهْ؟
قَطَعُوا عِنَاداً رَحْمَهُ *** الأَدْنَى وَ مَا خَافُوا أَثَامَهْ
أَهْلُ الشَّقَاءِ لَهُمْ مَقَامٌ *** مَالَنَا تِلْكَ المَقَامَهْ
سَادُوا لَنَا بِالسَّبْقِ وَالمَأْمُيومِ *** لاَ يَعْدُو إِمَامَةْ
ص: 467
أهْلُ العَدَالَةِ والوَثَاقَةِ *** وَالجَلاَلَةِ وَالسَّآمَهْ
مَا إِنْ عَلَيْهم لاَوَلَوْ *** كَفَرُوا بِخَالِقِهِمْ لَوَامَهْ
والصَّمْتُ عَنْ أَفْعَالِهِمْ *** حَتْمٌ قَضَى الدَّيْنُ الْتِزَامَهْ
سَبُّوا النَّبِي غَصَبُوا الوَصِي *** ضَرَبُوا البَتُولَ بِلاَ مَلاَمَهْ
حَرَقُوا المَصَاحِفَ غَيِّرُوا *** مِنْ بَيْتِ رَبِّهِمُ مَقَامَهْ
آوَوْا طَرِيدَ نَبِيِّهِمْ *** طَرَدُوا الَّذِي آوَى فَهَامَهْ(1)
حُرُمَاتِهِ هَتَكُوا أَحَلُّوا *** بِالخْتِيَارِهِمُ حَرَامَهْ
وَتَخَلَّفُوا عَمْداً مَعَ اللعنِ *** المُؤَكِّدِ عَنْ أُسَامَهْ(2)
و منها:
فَلَيَعْلَمَنَّ مَعَاشِرٌ *** أَنْ تَأْتِ فَاطِمَةُ القِيَامَهْ
وَلَيَنْدَمَنّ هُنَاكَ قَوْمٌ *** حَيْثُ لاَ تُغْنِي النِّدَامَهْ
ص: 468
وَ لْيُسْأَلُنَّ عَنِ الوَصِيِّ *** وَحِكْمَةٍ قَضَتِ اهْتِضَامَهْ(1)
وَلأَيِّ أَمْرٍ طِفْلُهَا *** فِي بَطْنِهَا رَضُّوْا عِظَامَهْ؟
وَ بِأَيِّ حَدِّ زَنْدُهَا *** بِالسَّوْطِ قَدْ جَعَلُوا وَ شَامَهْ؟
وَ لَهِيبُ بَيْتِ الوَحْيِ *** بِالنِّيرَانِ لِمْ وَ صَلُوا ضِرَامَهْ؟
وَيْل أُمِّ هَاشِمِ مَالِفَاطِمَ *** قَدْرُ سَعْدٍ وَ احْتِرَامَهْ
وَيْلٌ قَضَى أَبَدَ الزَّمَانِ *** عَلَى بَنِي الدُّنْيَا دَوَامَهْ
وَيْلُ قَرَعْتُ السِّنَّ مِنْهُ *** نَدَامَةً لاَبَلْ غَرَامَهْ
لَتَرى نُفَيْلَةُ بَلْ أُمَيَّةُ *** بَلْ سُمَيَّةُ بَلْ حَمَامَهْ
أَضْعَافَ مَا كَسَبَتْهُ *** سَاعَةَ يَجْمَعُ البَارِي أَنَامَهْ(2)
ص: 469
(بحر الكامل)
لأحد الشعراء
يَا بِنْتَ أَحْمَدَ أَنْعِمِي *** بِالعَطْفِ نَحْوَ المُنْتَمِي
يَا بِضْعَةَ المُخْتَارِ يَا *** زَهْرَا عَلَيَّ تَكَرَّمِي
يَا دَوْحَةً أَفْنَانُهَا *** طَالَتْ بِظِلِّ أَدْوَمِ(1)
یَا شَمْسَ فَضْلٍ نُورُهَا *** نُورُ النَّبِيَّ الهَاشِمِی
إِنَّ البُدُورَ النَيِّرا *** تِ إِلَى سَمَائِكِ تَنْتَمِی(2)
حَسَناً حُسَيْناً زَيْنَباً *** وَ بَنيهُمُ كَالأَنْجُمِ
جَاءَتْ بِوَاجِبِ حُبِّهِمْ *** آیُ الکِتَابِ المُحْکَمِ(3)
ص: 470
فَاسْلُكْ أُخَيَّ سَبِيلَهُمْ *** وَ اتْرُكْ مَلاَمَ اللُّوَمِ
هُمْ أَهْلُ بَيْتِ المُصْطَفَى *** فَادْخُلْ حِمَاهُمْ تَحْتَمِ(1)
وَ مَنْ يَعْتَصِمْ بِجَاهِهِمْ *** فَقَدِ اسْتَغَاثَ بِأَرْحَمِ
وَ هُمُ الغُيُوثُ لِمُجْدَبٍ *** تَهْمِي بِأَعْظَمِ مَغْنَمِ(2)
هُمْ خِصْبُ أَهْلِ الأَرْضِ هُمْ *** حِصْنُ الأَمَانِ لِمُحْتَمِ(3)
وَهُمُ البُدُورُ لِكُلِّ سَارٍ *** وَالهُدَى لِلْهُوَّمِ (4)
الدِّينُ وَالدُّنْيَا بِهِمْ *** هُمْ أَصْلُ كُلِّ الأَنْعُمِ
فَانْزِلْ بِسَاحَتِهِمْ وَلَذْ *** بِكِرَامِهِمْ وَكَرَائِمِ
وَادْعُ الإِلهَ بِمَاتَشَا *** تَنَلِ المُرَادَ وَتَنْعَمِ
ص: 471
فَبِنُورِهِمْ أَرْجُو الهِدا *** يَةَ لِلسَّبِیلِ الأَقْوَمِ
بِأَبِي الحُسَيْنِ وَأُمّهِ *** بِنْتِ النَّبِيِّ الأعْظَمِ
أَدْعُوكَ بِالحَسَنَيْنِ يَا *** رَبِّي فَجُدْ وَتَكَرَّمِ
وَ بِزَيْنَبٍ وَبِأُخْتِهَا *** بِنْتَیْ عَلِیَّ الضَّیْغَمِ(1)
وَ بِمُحْسِنٍ بَدْرِ الدُّجَى *** وَ بِكُلِّ بَدْرٍ فَاطِمِی(2)
وَ بِأَبْلَجٍ وَ بِأَنْوَرٍ *** أَنْعِمْ بِحُسْنِ خَوَاتِمِ(3)
وَ بِزَيْنِهِمْ وَبِزَیْدِهِ *** بَحْرِ النَّدَى الشَّهْمِ الكَمِي(4)
بِسُكَيْنَةٍ وَ بِفَاطِمٍ *** بِنْتَيْ حُسَیْنِ الأَكْرَمِ
وَ نَفِیسَةٍ وَ رُقَيَّةٍ *** جُدْلِي بِعَفْوِكَ وَ ارْحَمِ
وَ أَفِضْ عَلَيَّ بِحُبِّهِمْ *** وَ امْرُجْ بِحُبِّهِمُ دَمِی
فَهُمُ لِعَيْنِي نُورُه *** وَهُمُ لِجُرْحِي مَرْهَمِي
***
يَا حَادِيَ الرَّكْبِ اتَّجِهْ *** نَحْوَ الحَبِيبِ وَ يَمِّمِ(5)
وَ إِذَا وَصَلْتَ لِسَاحِهِ *** فَأَنِخْ هُنَاكَ وَ خَیِّمِ
أَدِّ التَّحِيَّةَ لِلنَّبِيِّ *** وَ عَلَيْهِ صَلِّ وَسَلِّمِ
وَ أَطِلْ هُنَاکَ إِقَامَةً *** فَرِحَابُ أَحْمَدَ مَغْنَمِی
ص: 472
وَ اشْرَحْ هَوَى صَبِّ وَقُلْ *** رُحْمَاكُمُ لِمُتَيَّمٍ(1)
لاَتُخْفِ مَا فَعَلَ الهَوَى *** وَ اشْكُ الجَوَى لاَتَكْتُمِ(2)
فَعَسَى أَفُوزُ بِنَظْرَةٍ *** تُحْيِي رَمِيمَ الأَعْظَمِ
وَ عَسَايَ أُمْنَحُ مِنْحَةً *** تَهَبِ اليَسَارَ لِمُعْدَمِ(3)
وَدَعِ الفُؤَادَ بِذِكْرِهِ *** يَشْدُو بِغَيْرِتَكَلُّمِ(4)
فَكَلاَمُ مَنْ عَرَفَ الهَوَى *** بِالقَلْبِ لاَبِمُتَرْجِمِ (5)
يَحْيَا المُحِبُّ بِحُبِّهِ *** مُتَرَنِّحاً بِتَرَنْمِ(6)
إِنَّ المُحِبَّ إِذَا سَمَا *** لَمْ تَلْقَهُ فِي النُّوَّمِ
یَا حُبُّ زِدْنِي لَوْعَةً *** وَ أَطِلْ جَوَاكَ وَأَضْرِمِ
إِنّ الغَرَامَ جَحِیمُهُ *** فِيه نَعِيمُ المُغْرَمِ
***
يَا رَبَّنَا أَنْتَ الرَّحِيمُ *** فَعِمَّنا بِتَرَحُّمِ
وَ اغْفِرْ لِقَارِي هَذِهِ *** وَ لِسَامِعٍ وَلِنَاظِمِ
لِعَظِیمِ ذَنْبِيَ يَا إِلْهی *** جُدْ بِعَفْوٍ أعْظَمِ
فَلأَنْتَ غَفَّارُ *** الذُّنُوبِ وَ رَاحِمُ المُسْتَرْحِمِ
تَعْفُو وَتَغْفِرُ مَا تَشَاءُ *** مِنَ الذُّنُوبِ لِمُسْلِمِ
لَكَ دُونَ غَيْرِكَ كُلُّ *** أَمْرٍ فِي جَمِيعِ العَالَمِ
ص: 473
وَ أَدِمْ صَلاتَكَ و السَّلاَمَ *** عَلَى النَّبِيِّ الهَاشِمِي(1)
ص: 474
(بحر البسيط)
لأحد الشعراء
لم أنسَها يومَ وافتْ قبرَ والدِها *** خيرِ البريةِ من عربٍ ومن عجمِ
وافتْ وقد غصَّ بالأنصارِ مسجدُهُ *** والبغيُ قامَ بجمعٍ فيه مزدحمِ
فأسدلُوا دونهَا الأستارَ فابتدأت *** للّه تهدى بإصفاحٍ من الكلمِ
كأنها هي بالآيات تفرغُ عن *** فمِ النبيِّ أبيها في بيانِ فمِ
لم يهضُموا فاطماً إلا وقد علِمُوا *** بأن حيدرَ منهُم غيرُ منتثمِ
ثم انثنتْ عن خطابِ القوم راجعةً *** لبيتها تطأُ الأذيالَ بالقدَمِ
قالت أبا حسن ماذا القعودُ فقُمْ *** وَ حكِّمْ السيفَ في الأعناقِ والقِمَمِ
ترضى بأنَّ طغاةَ البغيِ تهضمُني *** وَ أنتَ تعلمُ ليسَ الهضمُ من شيمي
تبزُّني نِحلَتِي مني بدينِ أبي قحا *** فةَ حيث لم يبصر لديَّ حَمِي
فقال فاطمُ صبراً نَهْنِهي شَجناً *** وَ أطوِ الجوانح أن تهجعْ على الكظمِ
إنَّ الكفيلَ لمأمونٌ ورزقُكِ في *** حكمِ الكتابِ جليٌ غيرُ منكتمِ
وَ إرثكِ إن أضاعتْهُ العداحَنَقاً *** فلم يُضِع لكِ أجراً بارئُ النَسَمِ
ص: 475
ص: 476
1- فهرس الشعراء
2- فهرس التراجم
3- فهرس القصائد و البحور
4- فهرس الموضوعات
ص: 477
ص: 478
الإسم *** المقطوعة
الشيخ إبراهيم البلادي *** م(1)
الشيخ إبراهيم آل مبارك البحراني *** ل(1)
الأستاذ إبراهيم محمد جواد *** ق(1)
الشيخ أبوالحسن الخليعي *** ل(2)، ل(3)
الأستاذ أحمد رشيد مندو *** ق(2)، ل(4)
الأستاذ بدر شبيب الشبيب *** ل(5)
الأستاذ تسنيم مهدي (أبو زكي) *** ل(6)، م(2)
الأستاذ جابر الكاظمي *** ل(7)
الأستاذ جعفر عباس الحائري *** ل(8)
السيد ميرزا جعفر القزويني *** ل(9)
الشيخ جعفر الهلالي *** ل(10)
الأستاذ الحافظ البرسي الحلي *** م(4)
الشيخ حبيب آل إبراهيم العاملي *** م(5)
الشيخ حبيب شعبان *** ف(1)
الشيخ حسن البحراني القيسي *** م(6)، م(7)، م(8)
الأستاذ حسن بن علي بن جابر الهبل *** ل(11)
الشيخ حسن الجامد *** م(9)
الشيخ حسن الدمستاني *** ق(3)
الشيخ الملاحسن عبدالله آل جامع *** ل(12)، م(10)
الشيخ حسن علي الخطي *** م(11)
الأستاذ حسين بن علي العشاري *** ل(13)
الشيخ حمزة البصير *** ل(14)
ص: 479
السید حمید الأعرجي *** م(3)
السيد حيدر الحلي *** ف(2)
الشيخ ملا داود الكعبي *** م(12)
الأستاذ زين العابدين الحكيم *** ل(15)
السيد سعد الذبحاوي *** ل(16)
الأستاذ سعيد العسيلي العاملي *** ل(17)
الشيخ سلطان علي الصابر *** م(13)
الأستاذ سلمان الربيعي *** ل(18)، م(14)
الشيخ سلمان نوح *** ل(19)
الأستاذ الصاحب بن عباد *** ل(20)
السيد صالح الحلي *** ل(21)، ل(22)، م(15)
الأستاذ صالح علي الحداد *** م(16)
السيد صالح القزويني البغدادي *** ل(23)
الأستاذ صفوان بن إدريس النجيبي المرسي *** م(17)
السيد ضياء الدين الحبش *** ل(24)
الملك الصالح طلائع بن رزيك *** ل(25)، ل(26)
الشيخ عبدالأمير النصراوي *** ق(4)
الشيخ عبدالحسين آل صادق العاملي *** ل(27)
الشيخ عبدالحسين الحويزي *** م(18)، م(19)
الشيخ عبدالحسين الشكر *** م(20)
السيد عبدالرزاق الموسوي البهبهاني *** ل(28)
الأستاذ عبدالرسول الفراتي *** ل(29)
الشيخ عبدالستار الكاظمي *** ف(3)، م(21)
الأستاذ عبدالعزيز العندليب *** ک(1)
الشيخ عبدالعظيم الربيعي *** ل(30)
الشيخ عبدالغني الحر العاملي *** ک(2)
الأستاذ عبدالقادر الجيلاني *** ک(3)
الشيخ عبدالكريم الصادق *** ق(5)، ک(4)
الشيخ عبدالمجيد أبوالمكارم *** م(23)
ص: 480
الأستاذ عبدالنبي بزي *** ک(5)
الأستاذ عدنان عبدالقادر أبوالمكارم *** م(22)
الأستاذ علاءالدين الشفهيني *** ک(6)
الشيخ ملاعلي آل رمضان *** ق(7)، م(24)، م(25)
الإمام علي بن أبي طالب علیه السلام *** ل(31)
الشيخ علي بن حسن الجشي *** ل(32)
الأستاذ علي الفرج *** م(26)
الأستاذ علي محمد الحائري *** ف(4)، ق(6)
السيد غياث آل طعمة *** ل(33)، م(27)
الشيخ فاضل الصفار *** م(28)
الشيخ فرج العمران القطيفي *** م(29)
الشيخ قاسم الملا الحلي *** ف(5)
الأستاذ لطف الله بن محمد البحراني *** م(30)
لأحد الشعراء *** ک(14)، م(49)، م(50)
الشيخ محسن أبوالحب الكبير *** ک(7)، ل(34)، م(31)، م(32)
الحاج محمد آل رمضان الاحسائي *** ک(8)
الشيخ محمد بن حسين أبوخمسين *** ک(9)
الشيخ محمد بن عبدالمطلب *** م(33)
الشيخ محمد حسن أبوالمحاسن *** م(34)
السيد محمدرضا حيدر شرف الدين العاملي *** م(35)
السيد محمدرضا القزويني *** ل(35)، م(36)، م(37)
الشيخ محمد الساعدي *** ل(36)
الشيخ محمد سعيد المنصوري *** ل(37)، م(38)، م(39)، م(40)
السيد محمد الشيرازي *** ک(10)
السيد محمد صالح البحراني *** ف(6)، م(41)
الشيخ محمد صالح المطر *** م(42)
السيد محمد علي العلي *** ل(38)
ص: 481
الشيخ محمد علي اليعقوبي *** ل(39)
السيد محمد كاظم الكفائي *** م(43)
السيد محمد مهدي بحر العلوم *** ل(40)
الأستاذ محمود البستاني *** م(44)
السيد مرتضى السندي الحائري *** ف(7)، ل(41)
الشيخ مغامس بن داغر *** م(45)
الشيخ مفلح الصيمري *** م(46)
الأستاذ منصور النمري *** ل(42)
السيد مهدي الأعرجي *** ل(43)
الأستاذ مهيار الديلمي *** ک(11)
الشيخ ناصر الحائري *** ل(44)
الشيخ نزار سنبل *** ل(45)
الشيخ هادي البحراني *** ک(12)
الشيخ هادي الخفاجي الكربلائي *** م(47)
السيد هاشم حسين الموسوي *** ک(13)، ل(46)
الشيخ هاشم الكعبي الحائري *** م(48)
ص: 482
الإسم *** الصفحة
الشیخ إبراهیم البلادي *** 311
الشیخ أبوالحسن الخلیعي *** 145
الأستاذ جابر الکاظمي *** 162
السید میرزاجعفر القزویني *** 177
الشیخ حسن الجامد *** 333
الأستاذ حسين بن علي العشاري *** 189
الشيخ حمزة البصير *** 192
السيد حميد الأعرجي *** 316
الشيخ ملاداود الكعبي *** 344
الشيخ سلطان علي الصابر *** 348
الشيخ سلمان نوح *** 206
الأستاذ الصاحب بن عباد *** 209
السيد صالح القزويني البغدادي *** 218
السيد ضياء الدين الحبش *** 230
الملك الصالح طلائع بن رزيك *** 234
السيد عبدالرزاق الموسوي البهبهاني *** 245
الأستاذ عبدالرسول الفراتي *** 247
الشيخ عبدالغني الحر العاملي *** 70
الأستاذ عبدالنبي بزي *** 85
الأستاذ علاء الدين الشفهيني *** 92
الشيخ محمدحسن أبوالمحاسن *** 421
الشيخ محمد صالح المطر *** 447
السيد محمد مهدي بحر العلوم *** 284
ص: 483
السيد مرتضى السندي الحائري ***31
الأستاذ منصور النمري *** 294
الشيخ ناصر الحائري *** 300
الشيخ نزار سنبل *** 303
الشيخ هادي الخفاجي الكربلائي *** 463
ص: 484
سقاك الحيا الهطال يا معهد الإلف *** و يا جنة الفردوس دانية القطف *** 11
(المقطوعة 1/بحر الطويل)
على كل واد دمع عينيك ينطف *** و ما كل واد جزت فيه المعرف *** 14
(المقطوعة 2/بحر الطويل)
آية الظلم دليل و كفى *** ليس من قبر لبنت المصطفى *** 16
(المقطوعة 3/ بحر الرمل)
هو الدهر يزجي المنى و الحتوفا *** تناوب یومیه جدباً و ريفا *** 19
( المقطوعة 4/ بحر المتقارب)
ما مقلتي هتنت ذروفه *** في حب غانیة ظریفه *** 22
(المقطوعة 5/ مجزوء الکامل)
صبّ جفوه و عن كراه تجافی *** مهما سقى طرداً نما إلحافا *** 25
(المقطوعة 6/ بحر الكامل)
يا بنة المختار قومي *** و احضري أرض الطفوف *** 31
(المقطوعة 7/ بحر الرمل)
-القاف-
لهفي لفاطمة قد عضّها الرهق *** فالعين باكية و القلب محترق *** 37
(المقطوعة 1/ بحر البسيط)
إذا أهل العلا راموا السباقا *** بني الزهراء لاتخشوا لحاقا *** 40
(المقطوعة 2/ بحر الوافر)
ص: 485
هل للذع الجوى المبرح راقي *** إن قلبي بناره في احتراق *** 43
(المقطوعة 3/ بحر الخفيف)
یاسر قد هامت بك العشاق *** يا من إلى نيل العلى سبّاق *** 46
(المقطوعة 4/ بحر الكامل)
كم سار خلفك يا علي الفيلق *** و لواء أحمد فوق رأسك يخفق *** 49
(المقطوعة 5/ بحر الكامل)
على ذمم المروءة ما ألاقي *** أذمّ لها و لاتألو رهاقي *** 52
(المقطوعة6/ بحر الوافر)
يوماً به تطوى السما من بعد ما *** تمحى ثواقبها من الآفاق *** 55
(المقطوعة 7/ بحر الكامل)
-الكاف-
عليك سلام اللَّه في يوم ذكراك *** و رحمته يا بضعة المصطفى الزاكي *** 61
(المقطوعة 1/ بحر الطويل)
قد أطال السهاد طول نواكا *** فمتى تسعد الورى بلقاكا *** 70
(المقطوعة 2/ بحر الخفيف)
لا و ربّي و حقّ طه أبيك *** لايطيب المديح إلا فيك *** 74
(المقطوعة 3/ بحر الخفيف)
أيّ النساء رقت لأوج علاك *** يا بنت راقي السبعة الأفلاك *** 80
(المقطوعة 4/ بحر الكامل)
فاض القريض هدًى لدى ذكراك *** و تضوعت ألحانه بشذاك *** 85
(المقطوعة 5/ بحر الكامل)
يا أمّة نقضت عهود نبیها *** أفمن إلى نقض العهود دعاك *** 92
(المقطوعة 6/ بحر الكامل)
قصّر القوم عن بلوغ مداكا *** فلذا حاولوا انحطاط علاكا *** 96
(المقطوعة 7/ بحر الخفيف)
يا بضعة المختار طاب ثراك *** روحي فداك و ما أقل فداك *** 100
(المقطوعة 8/ بحر الكامل)
ص: 486
یا فاطم سبحان من صفّاك *** يا زهرة في القدس ما أزهاك *** 107
(المقطوعة 9/ بحر الكامل)
أي قدر لقولتي في رثاك *** أنت يا بضعة النبي الزاكي *** 118
(المقطوعة 10/ بحر الخفيف)
يا بنة القوم تراك *** بالغ قتلي رضاك *** 121
(المقطوعة 11/ بحر الرمل)
تعيى القرائح في مقام علاك *** حيّاك يا بنة أحمد حيّاك *** 128
(المقطوعة 12/ بحر الكامل)
أم الأئمة ما أندى عطاياك *** و ما أشد شقاء الدهر لولاك *** 131
(المقطوعة 13/ بحر البسيط)
يا نور بيت المصطفى بشراك *** لولاك ما عم الهدى لولاك *** 135
(المقطوعة 14/ بحر الكامل)
-اللام-
بيني و بين قبيلتي مخطومة *** كانت قضيّتها الخصام الأولا *** 141
(المقطوعة 1/ بحر الكامل)
لم أبك ربعاً للأحبة قد خلا *** و عفا و غيّره الجديد و أمحلا *** 145
(المقطوعة 2/ بحر الكامل)
لست ممن يبكي رسولا حمولا *** و دياراً أعفى البلا و طلولا *** 148
(المقطوعة 3/ بحر الخفيف)
أيا بيعة قامت لإحراق منزل *** لفاطم و السبطين و المرتضى علي *** 153
(المقطوعة 4/ بحر الطويل)
بحور الشعر أسكرها الجمال *** فرفرف في شواطئها الخيال *** 156
(المقطوعة 5/ بحر الوافر)
هبّي نسيماً في الصباح عليلا *** فوق الجراح و أشعلي قنديلا *** 158
(المقطوعة 6/ بحر الكامل)
سائلاً بالمصاب *** من يرد الجواب *** 162
(المقطوعة 7/ بحر الرمل)
ص: 487
تجلّد إن عدت غير الليالي *** عليك و كن كأطواد الجبال *** 166
(المقطوعة 8/ بحر الوافر)
هجرت الغواني و أطلالها *** غداة أحال النوی حالها *** 177
(المقطوعة 9/ بحر المتقارب)
أورث الخطب زفرة و عويلا *** يوم نالت كف المنون الرسولا *** 180
(المقطوعة 10/ بحر الخفيف)
ملكتم فؤاداً ليس يدخله العذل *** فذكر سواكم كلما مر لايحلو *** 184
(المقطوعة 11/ بحر الطويل)
أعيني جودا بالدموع الهواطل *** لفقد رسول الله أفضل راحل *** 187
(المقطوعة 12/ بحر الطويل)
أبوحسن له القدح المعلّى *** و قدر فوق أوج النجم علّى *** 189
(المقطوعة 13/ بحر الوافر)
لم يشجني ذكر جيرة رحلوا *** عني و ما و دّعوا مذار تحلوا *** 192
(المقطوعة 14/ بحر المنسرح)
ألا أيها الموت الذي ليس تاركي *** أرحني فقد أفنيت كلُّ خليل *** 194
(المقطوعة 15/ بحر الطويل)
أيها المهدي من آل الرسول *** قم و ناديا لثارات البتول *** 196
(المقطوعة 16/ بحر الرمل)
و ترعرع الغصن الرطيب بدوحة *** نبوية كانت حلاً و جمالا *** 199
(المقطوعة 17/ بحر الكامل)
زهراء نور عیني *** یا نور کل عین *** 203
المقطوعة18/ مجزوء الرمل)
ذهب الشيب بالشباب و ولى *** و القوى قد وهت بضعف أطلاّ *** 206
(المقطوعة 19/ بحر الخفيف)
سوف تأتي الزهراء تلتمس الحكم *** إذا حان محشر التعديل *** 209
(المقطوعة 20/ بحر الخفيف)
بأبي من أصبحت بعد الرسول *** جسمها زاد سقاماً و نحول *** 213
(المقطوعة 21/ بحر الرمل)
ص: 488
دع تفاصيلاً و سلني جملا *** لم تطق تسمع ماقد فصلا *** 215
(المقطوعة 22/ بحر الرمل)
ما على الركب لو أقام قليلاً *** فشفى لوعة و أطفي غليلا *** 218
(المقطوعة 23/ بحر الخفيف)
قد هاجني شوق إذ بان لي طلل *** فرحت أسأله: قلّي متى رحلوا *** 230
(المقطوعة 24/ بحر البسيط)
دعني قبيل اللهو غير قبيلي *** و سبيل أهل اللوم غير سبيلي *** 234
(المقطوعة 25/ بحر الكامل)
یانفس کم تخدعين بالأمل *** و كم تحبين فسحة الأجل *** 238
(المقطوعة 26/ بحر المنسرح)
خذ في مديحك للبتول *** حظّين من طول و طول *** 242
(المقطوعة 27/ بحر الكامل)
يحن القلب للخل الوصول *** وينعاه مدى الزمن الطويل *** 245
(المقطوعة 28/ بحر الوافر)
في مقلتيك عيون الفجر تكتحل *** و في معانيك يحلو المدح و الغزل *** 247
(المقطوعة 29/ بحر البسيط)
أسفرت في جمالها *** و اختفت في جلالها *** 249
(المقطوعة 30/ مجزوء الخفيف)
ألاهل إلى طول الحياة سبيل *** و أنى و هذا الموت ليس يحول *** 253
(المقطوعة 31/ بحر الطويل)
يوم البتولة في الوجود مهولها *** و مصيبة أشجي الرشاد حلولها *** 255
(المقطوعة 32/ بحر الكامل)
هل رسول مخبر طه الرسول *** ما رأت من بعده الطهر البتول *** 259
(المقطوعة 33/ بحر الرمل)
يا صاح ما هذا الكتاب المنزل *** يا صاح ما هذا النبي المرسل *** 263
(المقطوعة 34/ بحر الكامل)
قسماً بالمعاد و السلسبيل *** و بما جاء في الورى من رسول *** 268
(المقطوعة 35/ بحر الخفيف)
ص: 489
الكون أجمع بالميلاد يحتفل *** فبنت طه بها الإسلام يكتمل *** 271
(المقطوعة 36/ بحر البسيط)
من ذا الفقيد علا عليه عویل *** فعرى جميع العالمين ذهول *** 274
(المقطوعة 37/ بحر الكامل)
ها هو العيد قم فحيّ البتولا *** حيّ فرع الهدى الزكي الأصيلا *** 276
(المقطوعة 38/ بحر الخفيف)
أمل الناس في البقاء طويل *** و هو ظل عما قليل يزول *** 281
(المقطوعة 39/ بحر الخفيف)
ألا عد عن ذكرى بثينة أو جمل *** فما ذكرها عندي يمر و لايحلي *** 284
(المقطوعة 40/ بحر الطويل)
سحاب الدمع طاب لها الهطول *** و في الخدين جمّلها المسيل *** 290
(المقطوعة 41/ بحر الوافر)
شاء من الناس رائع هامل *** يعللون النفوس بالباطل *** 294
(المقطوعة 42/ بحر المنسرح)
تبلّج وجه الأرض حزناً على سهل *** بميلاد بنت المصطفى خاتم الرسل *** 297
(المقطوعة 43/ بحر الطويل)
تميد الراسيات و قد تزول *** و للزهراء ذكر لايزول *** 300
(المقطوعة 44/ بحر الوافر)
قوافي الشعر تسبقني عجالی *** و ترقص في مخيلتي دلالا *** 303
(المقطوعة 45/ بحر الوافر)
قد وفدت التاريخ فهو أثيل *** و حميت الإيمان فهو جميل *** 306
(المقطوعة 46/ بحر الخفيف)
-الميم-
بدأت بحمد من خلق الأناما *** و أشكره على النعما دواما *** 311
(المقطوعة 1/ بحر الوافر)
أزهر الكون بنور فاطمة *** و تبدت ظلمات قاتمة *** 314
(المقطوعة 2/ بحر الرمل)
ص: 490
ماذا أقول و قلبي قال قبل فمي *** حبّ البتول سرى في أعظمي و دمي *** 316
(المقطوعة 3/ بحر البسيط)
ما هاجني ذكر ذات البان و العلم *** و لاالسلام على سلمى بذي سلم *** 318
(المقطوعة 4/ بحر البسيط)
أصبح الدهر ضاحك الثغر باسم *** يوم ميلاد بنت أحمد فاطم *** 321
(المقطوعة 5/ بحر الخفيف)
فبالزهرا مصيبتنا عظيمة *** و أدمعنا حكت سحباً سجيمه *** 324
(المقطوعة 6/ بحر الوافر)
الدمع مني على الخدين منسجم *** و القلب مني بنار الحزن مضطرم *** 326
(المقطوعة 7/ بحر البسيط)
من ذاك يعذرني من الأيام **** فيها طغى و جدي و زاد سقامي *** 330
(المقطوعة 8/ بحر الكامل)
يا إماماً به الوجود استقاما *** قم سريعاً و استنقذ الإسلاما *** 333
(المقطوعة 9/ بحر الخفيف)
کیف یهنی جسمي بطيب منام *** و نبي الهدى طريح سقام *** 336
(المقطوعة 10/ بحر الخفيف)
و من ينظر الدنيا بعين بصيرة *** يجدها أغاليطاً و أضغاث حالم *** 339
(المقطوعة 11/ بحر الطويل)
سل الدار عن أربابها أين يمموا *** أفاجأهم من حادث الدهر صيلم *** 344
(المقطوعة 12/ بحر الطويل)
سلام على الطهر بنت الهدى *** سلام على نور أهل الحرم *** 348
(المقطوعة 13/ بحر المتقارب)
أي الفضائل فيها يبدأ الكلم *** و هل يوفي إذا ما دوّن القلم *** 350
(المقطوعة 14/ بحر البسيط)
و لابد من يوم به نكشف الظلما *** و نملؤها (عدلاً) كما ملئت (ظلما) *** 353
(المقطوعة 15/ بحر الطويل)
من أين أبدأ يا شعري و يا قلمي *** بذكر بضعة خير الخلق و الأمم *** 356
(المقطوعة 16/ بحر البسيط)
ص: 491
سلام كأزهار الربي يتنسم *** على منزل منه الهدى يتعلم *** 359
(المقطوعة 17/ بحر الطويل)
لفرط الجوى مهجتي كاتمه *** و عيني بدت بالحيا ساجمه *** 362
(المقطوعة 18/ بحر المتقارب)
أهل تطيب لعيني نضرة النعم *** و جرح قلبي رغيب غير ملتئم *** 365
(المقطوعة 19/ بحر البسيط)
أنخ الطلاح ففي الطفوف مرامها *** و اعقل فقد بانت لنا أعلامها *** 370
(المقطوعة 20/ بحر الكامل)
تبكيك عيني عبرة ساجمه *** یا زهرة الفردوس یا فاطمه *** 372
(المقطوعة 21/ بحر السريع)
صلوات الله تغشي كل حين *** أحمد الهادي مع الآل الكريم *** 375
(المقطوعة 22/ بحر الرمل)
هاج قلبي بلوعة و أوام *** فغدا الجسم في أسًى و ضرام *** 383
(المقطوعة 23/ بحر الخفيف)
أترغبون بدار کلها نقم *** و الأمر تملكه من أهلها الخدم *** 386
(المقطوعة 24/ بحر البسيط)
داجي الضلال سجا و اشتدت الظلم *** على الورى و بحور الجور ملتطم *** 389
(المقطوعة 25/ بحر البسيط)
تلألأ كأس الحب فلندفن الهمّا *** فمن يشرب الحبّ البتولي لايظما *** 391
(المقطوعة 26/ بحر الطويل)
رنوت لأيامي الناعمه *** فبت لجمر الأسى هائمه *** 393
(المقطوعة 27/ بحر المتقارب)
ما للجناة لبيت فاطم هاجموا *** و ببابها نار الضغائن أضرموا *** 398
(المقطوعة 28/ بحر الكامل)
لایلهينك آرام بذي سلم *** و لاتعشق من في البان و العلم *** 403
(المقطوعة 29/ بحر البسيط)
حتى م تسأل عن هواك الأرسما *** غياً و تستهدي الجماد الأبكما *** 405
(المقطوعة 30/ بحر الكامل)
ص: 492
ما أنكر القوم من يوم الغدير و ما *** على نبي الهدى من فعله نقموا *** 408
(المقطوعة 31/ بحر البسيط)
لو كنت صاحب لوعتي و غرامي *** لعلمت كيف بذكرهن هيامي *** 414
(المقطوعة 32/ بحر الكامل)
أبا السبطين كيف تفي المعاني *** نثارا في مديحك أو نظاما *** 418
(المقطوعة 33/ بحر الوافر)
عهد وصل بالرّقمتين قديم *** سلفت فيه نضرة و نعيم *** 421
(المقطوعة 34/ بحر الخفيف)
يا صاح لاعذل و لاإرغام *** رفقاً بنفسي فالملام حرام *** 425
(المقطوعة 35/ بحر الكامل)
أصغ يا دهر وأنصتي يا مكارم *** و انفضي يا جراح عنك المراهم *** 427
(المقطوعة 36/ بحر الخفيف)
يظل قبرك مجهولاً عن الأمم *** و أنت مفخرة الدنيا بكل فم *** 430
(المقطوعة 37/ بحر البسيط)
سل الدار عن أربابها أين يمموا *** و هل أنجدوا أم في الركائب اتهموا *** 434
(المقطوعة 38/ بحر الطويل)
تاللَّه بعد رسول الله ما هجعت *** لفاطم ليلة عين و لم تنم *** 437
(المقطوعة 39/ بحر البسيط)
لك ذكرى تمر في كل عام *** و عليها نمرّ مرّ الكرام *** 440
(المقطوعة 40/ بحر الخفيف)
بتول القدس مرآة النظام *** عروس الحور مشكاة السلام *** 442
(المقطوعة 41/ بحر الطویل)
طغى الوجد في جسمي ففاض على فمي *** شعوراً فکان الشعر یتضح من دمي *** 447
(المقطوعة 41/ بحر الوافر)
حوادث بنت الهدى تؤلم *** فهل يستطيع البيان الفم *** 449
(المقطوعة 43/ بحر المتقارب)
ص: 493
دمع أذيل!! فيا كواكب، سامريه، و يا نجوم.. *** 455
(المقطوعة 44/ مجزوء الكامل)
صحبتك لا أني بودّك مغرم *** دعيني فغيري في هواك متيم *** 458
(المقطوعة 45/ بحر الطويل)
أعدلك يا هذا الزمان محرّم *** أم الجور مفروض عليك محتّم *** 460
(المقطوعة 46/ بحر الطويل)
كم بت في ذكر الحبيب متيّما *** و حشاي من شوق الوصال تضرّما *** 463
(المقطوعة 47/ بحر الكامل)
لوّامة حلف الملامه *** أهدت إلى قلبي سقامه *** 466
(المقطوعة 48/ مجزوء الكامل)
يابنت أحمد أنعمي *** بالعطف نحو المنتمي *** 470
(المقطوعة 49/ بحر الكامل)
لم أنسها يوم وافت قبر والدها *** خير البرية من عرب و من عجم *** 475
(المقطوعة 50/ بحر البسيط)
ص: 494
تفریظ *** 7
قافیة الفاء
(1) سهام الدهر *** 11
(2) ما سنّ الضلال *** 14
(3) حرب البتول علیها السلام *** 16
(4) حشاشة قلب الرسول صلي الله علیه و آله و سلم *** 19
(5) آه لبنت محمد صلي الله علیه و آله و سلم *** 22
(6) كابدت ست النسا *** 25
(7) يابنة المختار قومي *** 31
قافیة القاف
(1) يا للبتول *** 37
(2) من نور طه *** 40
(3) فاطم علیها السلام الجليلة *** 43
(4) روحي فداها *** 46
(5) الدرة العصماء *** 49
ص: 495
(6) في ساحة الزهراء علیها السلام *** 52
(7) يا رب جئتك أشتكي *** 55
قافیة الکاف
(1) عليك سلام اللَّه *** 61
(2) غصب فاظم *** 70
(3) لايطيب المديح إلا فيك *** 74
(4) بنت أكرم من مشى *** 80
(5) جوهر الطهر المصفى *** 85
(6) تا اللَّه لاأنساك *** 92
(7) روّعوا فاطماً علیها السلام *** 96
(8) آيات فضلك *** 100
(9) عجائب القرآن *** 107
(10) سلام عليك *** 118
(11) فلتبك البواكي *** 121
(12) رمز كل فضيلة *** 128
(13) عطر النبوة صلي الله علیه و آله و سلم *** 131
(14) صلى عليك اللَّه *** 135
قافیة اللام
(1) مدينة العلم *** 141
ص: 496
(2) بكيت لفاطم علیها السلام *** 145
(3) فأنت فاطم علیها السلام *** 148
(4) ابنة المختار *** 153
(5) يا خير النساء *** 156
(6) حب الرسول صلي الله علیه و آله و سلم *** 158
(7) أين قبر البتول علیها السلام *** 162
(8) الصديقة الكبرى علیها السلام *** 166
(9) وما ذنب فاطمة علیها السلام *** 177
(10) بكاء الزهراء علیها السلام *** 180
(11) صبراً بني المختار *** 184
(12) أبا حسن علیه السلام *** 187
(13) البتول الطهر علیها السلام *** 189
(14) رزء البتول علیها السلام *** 192
(15) أيا موت ما أشجاك *** 194
(16) يا لثارات البتول علیها السلام *** 196
(17) شاكية الفؤاد *** 199
(18) زهراء علیها السلام نور عيني *** 203
(19) لست أنسى البتول علیها السلام *** 206
(20) سوف تأتي الزهراء علیها السلام *** 209
ص: 497
(21) رزء عظيم *** 213
(22) فاطمة علیها السلام تدعو *** 215
(23) يوم البتول علیها السلام *** 218
(24) أماه يا زهراء علیها السلام *** 230
(25) لم تخل من حزن *** 234
(26) اغتصابهم حق الزهراء علیها السلام *** 238
(27) هي لبوة نبوية صلي الله علیه و آله و سلم *** 242
(28) حليلة حيدر علیه السلام *** 245
(29) فاقت ضحى الشمس *** 247
(30) أفصبراً *** 249
(31) علل الدنيا *** 253
(32) بفاطم علیها السلام يبقى الهدى *** 255
(33) أسقطت بنت الهدى *** 259
(34) فاطم علیها السلام أفضل *** 263
(35) زهرة علیها السلام النبوة صلي الله علیه و آله و سلم و العصمة *** 268
(36) أم الأئمة علیها السلام *** 271
(37) أو ما ترى الزهراء علیها السلام *** 274
(38) يا ربة الفخار *** 276
(39) البتولة علیها السلام ثكلى *** 281
ص: 498
(40) حياة البتول علیها السلام *** 284
(41) سحاب الدمع *** 290
(42) النبي صلي الله علیه و آله و سلم والدها *** 294
(43) شفيعة يوم الحشر *** 297
(44) وللزهراء علیها السلام ذكر لايزول *** 300
(45) زهراء علیها السلام يا ألق المعاني *** 303
(46) أم العطاء *** 306
قافیة المیم
(1) البتول علیها السلام لها سلام *** 311
(2) نور فاطمة علیها السلام *** 314
(3) حب البتول علیها السلام *** 316
(4) في الحشر فاطمة علیها السلام *** 321
(5) عصم الله فاطماً علیها السلام *** 321
(6) عليك صلاة ربي *** 324
(7) يا بنت خير نبي صلي الله علیه و آله و سلم *** 326
(8) قلب البتول علیها السلام *** 330
(9) البتول العذارء علیها السلام *** 333
(10) فأنت فاطم علیها السلام *** 336
(11) بنت النبي صلي الله علیه و آله و سلم *** 339
ص: 499
(12) مصيبة فاطم علیها السلام *** 344
(13) خير البرايا *** 348
(14) يا أم والدها علیها السلام *** 350
(15) البضعة الزهراء علیها السلام *** 353
(16) بضعة خير الخلق *** 356
(17) وأقبلت الزهراء علیها السلام *** 359
(18) جوهر العقول *** 362
(19) بيت الطهر فاطمة علیها السلام *** 365
(20) أنخ الطلاح *** 370
(21) زهرة الفردوس *** 372
(22) أقبل خير الأنبياء *** 375
(23) لبوة المرتضى علیه السلام و أم الكرام *** 383
(24) ابنة المختار *** 386
(25) فاطمة علیها السلام تدعو *** 389
(26) حب البتول علیها السلام *** 391
(27) نثار اللآلىء *** 393
(28) قنديل الوحي *** 398
(29) بعد فاطمة الزهراء علیها السلام *** 403
(30) ست النساء *** 405
ص: 500
(31) حبيبتي الزهراء علیها السلام *** 408
(32) عترتها الأطائب *** 414
(33) جنود اللّه *** 418
(34) عقيلة الوحي علیها السلام *** 421
(35) أكرم منزل *** 425
(36) ولد الخير علیها السلام *** 427
(37) سيدة الدنيا و الآخرة علیها السلام*** 430
(38) من المختار روح و بضعة *** 434
(39) أم الخدر *** 437
(40) مصاب فاطمة علیها السلام *** 440
(41) بتول القدس علیها السلام *** 442
(42) مأساة الزهراء علیها السلام *** 447
(43) حوادث بنت الهدى *** 449
(44) يا غرسة الهادي *** 455
(45) بضعة خير المرسلين *** 458
(46) ميراث النبي صلي الله علیه و آله و سلم *** 460
(47) باب النبوة صلي الله علیه و آله و سلم *** 463
(48) بيت الوحي *** 466
(49) يا بنت أحمد صلي الله علیه و آله و سلم أنعمي *** 470
ص: 501
(50) لم أنسها *** 475
الفهارس العامة
1- فهرس الشعراء *** 479
2- فهرس التراجم *** 483
3- فهرس القصائد و البحور *** 485
4- فهرس الموضوعات *** 495
ص: 502
اَلْفَاطِمِيَّاتِ
مَشَاعِرَ الوَلَاءِ في قَصَائِدِ الزَهَرَاءِ علیها السلام
اَلْفَاطِمِيَّاتِ
مَشَاعِرَ الوَلَاءِ في قَصَائِدِ الزَهَرَاءِ علیها السلام
اَلْخَطِيبُ اَلشَّيْخُ عَلِيٌ حَيْدَرُ اَلْمُوَيَّدُ
اَلْجُزْءُ اَلْخَامِسُ
دارالعلوم تحقیق و الطباعة و نشر و التوزیع
ص: 1
ص: 2
اَلْفَاطِمِيَّاتِ
مَشَاعِرَ الوَلَاءِ في قَصَائِدِ الزَهَرَاءِ علیها السلام
اَلْخَطِيبُ اَلشَّيْخُ عَلِيٌ حَيْدَرُ اَلْمُوَيَّدُ
اَلْجُزْءُ اَلْخَامِسُ
دارالعلوم تحقیق و الطباعة و نشر و التوزیع
ص: 3
جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الأولى
1426 ه- - 2005 م
دار العلوم التحقيق والطباعة والنشر والتوزيع
المكتبة: حارة حريك - بئر العبد - شارع السيد عباس الموسوي -الهاتف:01/545182 - 03/47919 - ص.ب:13/6080 المستودع: حارة حريك - بئر العبد - مقابل البنك اللبناني الفرنسي - تلفاكس: 01/541650
www.daraloloum.com E-Mail: daraloloum@hotmail.com
ص: 4
بسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ* الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اَهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَاالضَّالِّينَ*
ص: 5
ص: 6
[بحر الطويل]
لأنت علي من أناس أكارمه *** متى طلب الإيمان كانوا علائمه
فلم قوم أنجبوك فأنهم *** بحق لعمر اللَّه كانوا ضراغمه
فإن جاش خطب و أدلهم بهوله *** تراهم أناساً في الشر أيد حازمه
قد ادعو الإيمان و العلم و التقى *** و هل في التقى و العلم و الدين لأيمّه
لقد أشربوا حب النبي وآله *** وحب نبي المختار ما فيه ساقمه
و أنت لعمري شبلهم و حفيدهم *** ترى صحبة الإيمان خير منادمه
ترى العلم لاتبغي بديلاً به و لو *** تراءت لك الدنيا و هل هي دايمه
لذاك و ربي لاتزال مثابراً *** بحبك للطهر البتولة فاطمه
جمعت مراثيها بجدّ و مدحها *** و خدمتها و اللَّه أعظم غانمه
فكانت و ربي خير سفر جمعته *** وتاللَّه قد أوضحت منه معالمه
کتاب بروق العين إما نظرته *** تلألأ كعقل الخور افرح ناظمه
و سمّيته بالفاطميات يا له *** کتاب له كف المودّة راقمه
ترى فيه اخلاص المولاة ظاهراً *** كما فيه أنوار الولاية حاكمه
به أدب قد سال في حبّها كما *** تدافع ويل من غمائم ساجمه
کتاب يلوح النور بين سطوره *** كما لاح نور الشمس ما فيه كاتمه
فيالكِ أشعاراً حساناً جمعتها *** بحب البتول الطهر كالورد باسمه
لك الخلد فابشر يوم حشر بطيبها *** و البشر بحور في جنابك ناعمه
أقول و قولي قد أردّ ختامه *** علی حیدرٍ دامت يمينك سالمه
للشيخ حسن القيسي البحراني
ص: 7
ص: 8
ص: 9
ص: 10
(بحر البسيط)
ابن الحجاج البغدادي(*)(1)
أجاب بها على قصيدة ابن سكرة المتحامل بها على آل اللَّه و شاعرهم ابن الحجّاج المترجم، أخذناها من ديوانه المخطوط سنة (620 ه-) بقلم عمر بن إسماعيل بن أحمد الموصلي أوَّلها:
لاأكذبُ اللَّهَ إِنَّ الصَّدْقَ يُنْجِينِي *** يَدُ الأَمِيرِ بِحَمْدِ اللَّهِ تُحْيِينِي
إلى أن قال:
فَمَا وَجَدْتَ شفاءً تَسْتَفِيدُ بِهِ *** إِلا ابتغاءَكَ تَهْجُو آلَ يَاسِينِ(2)
كَافَاكَ رَبُّكَ إِذْ أَجْرَتْكَ قُدْرَتُهُ *** بِسَبِّ أَهْلِ العُلاَ الغُرِّ المَيَامِينِ
فَقَرٌ وَ كُفْرٌ هَمِيعٌ أَنْتَ بَيْنَهُما *** حَتَّى المَمَاتِ بلادُنْيَا وَ لادِين(3)
فَكَانَ قَوْلُكَ فِي الزَّهْرَاءِ فَاطِمَةٍ *** قَوْلَ امْرِىءٍ لَهِجِ بِالنُّصْبِ مَفْتُونِ
عَيَّرْتَها بِالرَّحَى وَ الزَّادِ تَطْحَنُهُ *** لاَزَالَ زَادُكَ حَبّاً غَيْرَ مَطْحُونِ(4)
ص: 11
وَ قُلْتَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ زَوْجَهَا *** مِسْكِينَةً بِنْتَ مِسْكِينٍ لِمِسْكِينِ(1)
كَذِبْتَ يَابْنَ الَّتِي بَابُ إِسْتِها سَلِسُ *** الأَغْلاقِ بِاللَّيْلِ مَفْكُوكُ الزَّرَافِينِ(2)
سِتُّ النِّساءِ غَداً فِى الحَشْرِ يَخْدِمُها *** أَهْلُ الجِنَانِ بِحُورِ الخُرَّدِ العِينِ(3)
ص: 12
فَقُلْتَ: إِنَّ أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ بَغَى *** عَلَى مُعَاوِيَةٍ فِي يَوْمِ صِفِّينِ
وَ إِنَّ قَتْلَ الحُسَيْنِ السِّبْطِ قَامَ بِهِ *** فِي اللَّهِ عَزْمُ إِمَامٍ غَيْرِ مَوْهُونِ
فَلَا ابْنُ مَرْجَانَةٍ فِيهِ بِمُحْتَقِبٍ *** إِثْمَ المُسِيءِ وَ لاَشِمْرٌ بِمَلْعُونِ(1)
وَ إِنَّ أَجْرَ ابْنِ سَعْدٍ فِي اسْتِبَاحَتِهِ *** آلَ النُّبُوَّةِ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونِ
هذَا وَعُدْتَ إِلَى عُثْمَانَ تَنْدِبُهُ *** بِكُلِّ شِعْرِ ضِعِيفِ اللَّفْظِ مَلْحُونِ(2)
فَصِرْتَ بالطَّعْنِ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ إِلَى *** مَا لَيْسَ يَخْفَى عَلَى الْبُلْهِ المَجَانِينِ
وَ قُلْتَ: أَفْضَلُ مِنْ يَوْمِ «الغَدِيرِ» إِذَا *** صَحَّتْ رِوَايَتُهُ يَوْمُ الشَّعَانِينِ(3)
وَ يَوْمُ عِيدِكَ عَاشُورا تَعُدُّ لَهُ *** مَا يَسْتَعِدُّ النَّصَارَى لِلْقَرَابِينِ
تَأْتِي بُيُوتَكُم فِيهِ العَجُوزُ وَ هَلْ *** ذِكْرُ العَجُوزِ سِوَى وَحْيِ الشَّيَاطِينِ؟!
عَانَدْتَ رَبَّكَ مُغْتَراً بِنَقْمَتِهِ *** وَ بَأْسُ رَبِّكَ بَأْسٌ غَيْرُ مَأْمُونِ
فَقَالَ: كُنْ أَنْتَ قِرْداً فِي أُسْتِهِ ذَنَبٌ *** وَ أَمْرُ رَبِّكَ بَيْنَ الكَافِ وَ النُّونِ
وَ قَالَ: كُنْ لِي فَتّى تَعْلُو مَرَاتِبُهُ *** عِنْدَ المُلُوكِ وَ فِي دُورِ السَّلاَطِينِ
وَ اللَّهُ قَدْ مَنَحَ الأَدْوَارَ قَبْلَكَ فِي *** زَمَانِ مُوسَى وَ فِي أَيَّامٍ هَارُونِ
بِدُونِ ذَنْبِكَ فَالحَقِّ عِنْدَهُمْ بِهِمُ *** وَدَعْ لِحَاقَكَ بِي إِنْ كُنْتَ تَنْوِينِي(4)
ص: 13
(بحر البسيط)
الشيخ أبو الحسن الخليعي(*)(1)
يا عَيْنُ لالِخُلُو الرَّبْعِ وَ الدِّمَنِ *** بَاكِي الرَّزَايَا سِوَى البَاكِي عَلَى السَّكَنِ(2)
وَاسِي بَنِي الهُدَى فِيمَا أُصِيبَتْ بِهِ *** وَ سَاعِدِي البَضْعَةَ الزَّهْرَا عَلَى الحُزْنِ
وَ قَابِلِيها بِأَرْض الطَّفْ صَارِخَةً *** عَلَى القَتِيلِ الغَرِيبِ النَّازِحِ الوَطَنِ
تَشْكُو إِلَى اللَّهِ وَ الأَمْلاَكُ مُحْدِقَةٌ *** بِالعِرْضِ تَسْتَصْرِخُ المَوْلَى أَبَاحَسَنِ
مِنْ حَوْلِهَا مَرْيَمُ العَذْرَا وَآسِيَةٌ *** تُكَرِّرُ النَّوْحَ بِالتَّذْكَارِ و الشجنِ
وَ النَّوْحُ مِنْ نَادِبَاتِ الجِنِّ مُرْتَفِعٌ *** وَ قَلْبُهَا مُوجَعُ بِالثُّكْلِ وَ المِحَنِ
لَهْفِي عَلَىٰ قَوْلِ مَوْلَاتِي وَ قَدْ نَظَرَتْ *** شِلْوَ الحُسَيْنِ بِلاَغُسْلِ وَ لَاكَفَنِ
مُلقَّى عَلَى الْأَرْضِ عَارِي الجِسْمِ مُنْعَفِرَ *** الخَدَّيْنِ مُخْتَضِبَ الأَوْدَاجِ وَ الذَّقْنِ(3)
لَهُفِي عَلَى زَيْنَبٍ حَرَّى مُجَرَّدَةً *** مَسْلُوبَةً تَسْتُرُ الأكتاف بالرُّدنِ(4)
تَقُولُ يَا وَاحِدي مَنْ لِي إِذَا نَزَلَتْ *** بِيَ الحَوَادِثُ يَحْمِينِي وَ يَكُننِي
لَهْفِي عَلَى فَاطِمِ الصُّغْرَى مُقَرَّحةً *** بِالدَّمْعِ أَجْفَاتُها مَسْلُوبَةَ الوَسَنِ(5)
تَدْعُو إِلَى زَيْنَبٍ يَا عَمَّا سَلَبَ العِلْجُ *** القِنَاعَ لِيَسْبِينِي وَ يَهْيَكُنِي
ص: 14
فَرُمْتُ أَسْتُرُ وَجْهِي عِنْدَ رُؤْيَتِهِ *** فَظَلَّ يَشْتَمُنِي عَمْداً وَ يَضْرِبُنِي
أَيْنَ الحُمَاةُ وَ أَيْنَ النَّاصِرُونَ لَنَا *** وَ اخَيْبَتِي جَارَ دَهْرِي وَ اعْتَدَى زَمَنِي
لَهْفِى عَلَى السَّيْدِ السَّجَادِ مُعْتَقَلاً *** فِي أَسْرِهِمْ مُسْتَذِلاً نَاحِلَ البَدَنِ
إِذَا شَكَا أَسْمَعُوهُ قُبْحَ شَتْمِهِمُ *** وَ إِنْ وَنَىٰ قَنَّعُوهُ فَاضِلَ الرَّسنِ(1)
وَاحَسْرَتَاهُ لِكَرِيمِ السِّبْطِ مُشْتَهِراً *** كَالبَدْرِ يُشْرِقُ فَوْقَ الدّلّ وَ اللَّدن(2)
فَيَا لَهَا مِحْنَةٌ عَمَّتْ مُصِيبَتُها *** وَ يا لَها حَسْرَةً فِي قَلْبِ ذِي شَجَنِ
يُهْنِي يَزِيدَ بِرَأْسٍ طَالَ مَا رَشَفَ *** المُخْتَارُ مِنْ ثَغْرِهِ تَقْبِيلَ مُفْتَتَنِ
وَ تُسْتَحَثُّ بَنَاتُ المُصْطَفَى ذُللاً *** عَلَى المَطَايَا إِلَى الأَطْرَافِ وَ المُدنِ
قَدْ قَابَلُونَا بَنُو حَرْبٍ بِمَا صَنعُوا *** وَ لَاشُفُوا غِلَلَ الأَحْقَادِ وَ الضِّغَنِ
بِفِعْلِهِمْ كَفَرُوا فِينا وَ اعْتَقَدُوا *** أَنْ لاجَزَاءَ عَلَى قُبْحٍ وَ لاًحَسَنِ
مَضَوْا عَلَى سُنَنِ المَاضِينَ وَ ارْتَكَبُوا *** نَهْجَ الضَّلالِ وَ مَالُوا عَنْ هُدَى السُّنَنِ
كَأَنَّنِي بِالبَتُولِ الظُّهْرِ وَاقِفَةً *** فِي الحَشْرِ تَشْكُو إِلَى الرَّحْمَنِ ذِي المِنَنِ
تَأْتِي وَ قَدْ ضَمَّخَتْ ثَوْبَ الحُسَيْنِ دَماً *** مِنْ نَحْرِهِ وَ هْيَ تُبْدِي الحُزنَ فِي حُزْنِ
تَدْعُو أَلاَ ابْنَ مَسْمُومِي وَ يَا أَسْفَي *** عَلَى قَتِيلِي وَ يا كَرْبِي وَ يَا حُزْنِي
يَا رَبِّ مَنْ نُوزعَتْ مِيراثَ وَالِدِها *** مِثْلِي وَ مَنْ طُولِبَتْ بالحِقْدِ و الإحَنِ؟(3)
وَ مَنْ تُرَىٰ جُرِّعَتْ فِي وُلْدِهَا غُصَصٌ *** كَمَا ابْنُ مِرْجَانَةَ المَلْعُونُ جَرَّعَنِي؟
وَ مَنْ تُرَى كُذِّبَتْ قَبْلِي وَ قَدْ عَلِمُوا *** أَنَّ الإِلهَ مِنَ الأَرْجَاسِ طَهَّرَنِي؟
وَ هَلْ لِبِنْتِ نَبِيَّ أُضْرِمَتْ شُعَلٌ *** كَمَا أُطِيفَ بِهِ بَيْتِي لِيَحْرِقَنِي(4)
ص: 15
خَرَجْتُ أَطْلُبُ لِلأَطفَالِ بُلْغَتَهُمْ *** دَفَعَنِي ظَالِمِي عَنْهَا وَ دَعَّنِي
رَبِّ انْتَصِفْ لِي مِمَّنْ خَانَ عَهْدَكَ *** فِي وُلْدِي وَ مِمَّنْ زَوَى إِرْنِي فَأَفْقَرَنِي(1)
وَ تَسْتَغِيثُ أَمَامَ العَرْشِ سَاجِدةً *** وَ المُصْطَفَى وَاقِفٌ وَ الدَّمْعُ كَالمُزْنِ(2)
فَیُبْرِزُ الأَمْرَ أَنِّي قَدْ سَمِعْتُ وَ قَدْ *** نَقَمْتُ مِمَّنْ عَصَى أَمْرِي وَ خَالَفَنِي
أَعْظِمْ بِها وَ مُنَادِي الحَشْرِ يَسْمَعُ بِالصَّوْتِ *** الرَّفِيعَ لَدَيْها كُلُّ ذِي أُذُنِ
غُضُّوا العُيُونَ فَخَاتُونُ القِيامَةِ قَدْ *** جَاءَتْ لِتَشْفَعَ فِيمَنْ بِالوَلَاءِ كُنِي
مِنْ كُلِّ مُحْتَرِقٍ مِنْ عَظْمِ فَجْعَتِها *** بَكَى وَ سَاعَدَها بِالمَدْمَعِ الهَتِن
يا سادَتِي الهادِي النَّبِيِّ وَ مَنْ *** أخْلَصْتُ وُدّي لَهُمْ فِي السِّرِّ وَ العَلَنِ
عَرفْتُكُمْ بِدَلِيلِ العَقْلِ وَ النَّظَرِ المَهْدِي *** فَلَمْ أَخْشَ كَيْدَ الجَاهِلِ اللَّكِنِ(3)
ظَفَرْتُ بِالكَنْزِ فِي عِلْم اليَقِينِ فَلَمْ *** أَخْشَ اعْتِرَاضاً لَدَى شَكٍّ يُنَازِعُنِي
فَلَسْتُ آسَى عَلَى مَنْ ظَلَّ يُبْعِدُنِي *** بِالقُرْبِ مِنْكُمْ وَ مَنْ بالَغَتْ تَرْحَمُنِي
وَ إِنَّنِي أَرْتَجِي أَن سَوْفَ يَلطف بِي *** رَبِّي فَيَصْفَحُ عَنْ جُرْمِي وَ يَرْحَمُنِي
وَ أَنْ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءَ تَشْفَعُ لِي *** وَ المُرْتَضَى لِجِنَانِ الخُلْدِ يُقْسِمُنِي(4)
فَازَ الخَلِيعِيُّ كُلَّ الفَوْزِ وَ اتَّضحتْ *** بِكُمْ لَهُ سُبُلُ الإِرْشَادِ وَ السُّنَنِ(5)
ص: 16
(بحر المنسرح)
الشيخ أبو الحسن الخليعي(*)(1)
لَمْ أَبْكِ مِنْ وَقْفَةٍ عَلَى الدِّمَنِ *** وَ لَا لِخِلٍّ نَأَى وَ لاَسَكَنِ
وَ لَمْ تَهِجْنِي الدِّيَارُ مُوحِشَةً *** وَ لاَشَجَتْنِي بَوَاكِرُ الظَّعَنِ
لكِنْ شَجَانِي بُكَاءُ فَاطِمَةٍ *** عَلَى أَبِيهَا بِمَدْمَعِ هَتِنِ(2)
وَ بَيْتُ أَحْزَانِهَا وَ وَحْدَتِهَا *** فِيهِ حَمَى مُقْلَتِي عَنِ الوَسَنِ(3)
وَ مَنْعُها مِنْ حُقُوقِهَا بِأَبَاطِيلِ *** أَحَادِيثِهِمْ يَرُوعُني
وَ قَوْلُهُمْ لَيْسَ لِلنَّبِيِّ مَوَارِيثٌ *** خِلافُ الفُرُوضِ وَ السُّنَنِ(4)
وَ مَشْیُها فِي مَلاَءَةٍ مِثْلُ مَشي *** المُصْطَفَى رَاعَنِي وَ أَرْقَنِي
مَعَ نِسْوَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ تَحْجِبُهَا *** وَ هْيَ تَشْكُو مِنْ لَوْعَةِ الحُزْنِ
وَاحَرَّ قَلْبِي لَهَا وَ أَنَّتها *** قَدْ أَجْهَشَتْهُمْ وَ الدَّمْعُ كَالمُزنِ(5)
ثُمَّ تُنَادِي الأَنْصَارَ يَا بَيْضَةَ الإِسْلامِ *** هَلْ مِنْ نَاصِرٍ فَيَنْصُرُنِي؟
ص: 17
أَنَا ابْنَةُ المُصْطَفَى النَّبِيِّ وَ مَنْ *** أَظْفَأَ نَارَ الضَّلاَلِ وَ الفِتَنِ
إِنْ لَمْ تَكُونُوا أَنْصَارَ آلِ رَسُولِ *** اللَّهِ فِيمَا يَنُوبُهُمْ فَمَنِ؟
خُذُوا بِحَقِّي مِنَ المُكَذِّبِ بِالدِّينِ *** فَقَدْ دَعَّنِي وَ دَافَعَني
بِأَيِّ شَرْع يُرْوَى تُرَاتُ أَبِي *** عَنِّي وَ يَجْتَاحُنِي وَ يَظْلُمُنِي؟
هَلْ دِنْتُ رَبِّي بِغَيْرِ مِلَّتِهِ *** أَوْ لَمْ أَطِعْهُ فَلا يُوَرْثُنِي؟
أَمْ خَصَّ هَذَا دُونِي وَ عَلَّمَهُ *** مَا لَمْ يَكُنْ وَالِدِي يُعَلِّمُنِي
حَتَّى احْتَوَىٰ نِحْلَتِي وَ بُلْغَةَ أَطْفَالِي *** عِناداً مِنْهُ وَ أَعْوَزَنِي
فَلْيَرْتَحِلْهَا مَخْطُومةٌ ذُللاً *** تَكُونُ فِي قَبْرِ مَعَ الكَفَنِ
وَ يَوْمَ حَشْرِ العِبَادِ أَلْقَاهُ وَ الحَاكِمُ *** رَبُّ الأنام ذُوالمِنَنِ
وَيْلاهُ مِنْ كُلِّ شَارِقِ بَهِجِ *** وَيْلَاهُ مِنْ كُلِّ غَارِبٍ وَجِنِ(1)
ماتَ اعْتِمَادِي وَفَتَّ فِي عَضُدِي *** وَ نِيْلَ مِنِّي وَ قَدْ وَ هَى رُكْنِي
وَ جَارَ فِي حُكْمِ ظَالِمِي سَفَها *** فَحَسْبِيَ اللَّهُ فَهُوَ يَنْصِفُنِي
وَ حَسْبُ خَصْمِي وَالِدِي وَ بِمَا *** أَوْدَعَنِي قَبْلَ أَنْ يُوَدِّعَنِي
يَا سَادَتِي يَا بَنِي النَّبِيِّ وَ مَنْ *** مَدِيحُهُمْ فِي المَعادِ يُنْقِذُنِي
حُبُّكُمْ فِي الوَرَى يُشَرِّفُنِي *** وَ بُغْضُ أَعْدَائِكُمْ يُخَلِّصُنِي
دِينِي هُوَ اللَّهُ وَ النَّبِيُّ وَ مَوْلاي *** إِمَامُ الهُدَى أَبُوحَسَنِ
عَرَفْتُهُمْ بِالدَّلِيلِ وَ النَّظَرِ المُبْصِرِ *** لاكَالمُقَلدِ اللَّكِنِ(2)-(3)
ص: 18
(بحر الرمل)
الأستاذ أبو زهراء الكوفي
قَدْ قَضَتْ بِاهْتِضَامُ *** بِنْتُ خَیرِ بِنْتُ خَير الأنامْ(1)
بالأسى و الأنِینْ *** فَلْنُعَزّ الأَمِينْ
***
يَا أَبِي بَعْدَكَ عِشْنا كَمْ مُصَابٍ وَ رَزِيَّهْ
فَالبَلاَيَا مِثْلَ قَطرٍ يَا أَبِي صُبَّتْ عَلَيَّهْ
مِنْ أُنَاس بِهَواها حَكَمَتْ كَالجَاهِلِيَّهْ
عُطِّلَ الشَّرْعُ وَ عادَتْ تحْكُمُ الرَّاعِي الرَّعِيَّهْ
حَصَلَ الإِرْتِدَادْ *** عَنْ طَريقِ السِّدادْ
وَ بِام الحُسَیْنْ *** فَلْنُعَزِّ الأمِینْ
***
يَا أَبِي لَيْتَكَ فِينا حَاضِراً كُنْتَ وَ تَشْهَدْ
وَ تَرَى الكَرَّارَ لِلْبَيْعَةِ قَدْ قِيدَ مُقَيَّدْ
ص: 19
وَ هُوَ مَنْ لَوْلاَهُ ظَلَّتْ هُبَل وَاللاتُ تُعْبَدْ
وَ هْوَ مَنْ نَصَّتْ عَلَيْهِ مُحْكَمَاتٌ لاَتُعَدَّدْ
وَ حَدِيثُ الغَدِيرْ *** شَاهِدٌ لِلأَمِیرْ(1)
خَیْبَرٌ وَ حُنَیْنْ *** فَلْمنُعَزِّ الأَمِینْ
***
أَبَتَاهُ لَمْ يُرَاعُوا تَوْصِيَاتٍ لَكَ فِيّا
فَوَراءَ البابِ لَمَّا لُذْتُ لاسِتَر عَلَيَّا
دَخَلُوا الدَّارَ وَ قَسْراً أَخَذُوا مِنِّي عَلِيَّا(2)
قُلْتُ إِنْ لَمْ تَتْرَكُوا لِي ابْنَ عَمِّي وَ الوَصِيَّا
أَلْتَجِیء بِالدُّعَاءْ *** نَحْوَ رَبِّ السَّمَاءْ
وَ بِدَمْعٍ سَحِیْنْ *** فَلنُعَزِّ الأمِینْ
***
بَضْعَةُ المُخْتَارِ وَ الهْفِي قَضَتْ بِالاهْتِضَام
بِجَنِينٍ أَسْقَطُوهُ عَصَرُوها بِانْتِقَامِ(3)
ص: 20
وَ يضِلْعِ ظَلَّ يُؤْذِيهَا إِلى وقتِ الحِمامِ(1)
وَ بِلَيْلٍ دَفَنُوها خِيفَةَ القَوْمِ اللِّئامِ(2)
وَ بِخَيْر النِّساءْ *** حَقِّ مِنَّا الَعَزاءْ
فَبِها كُلَّ حِينْ *** فَلنُعَزِّ الأمِینْ
***
وَ عَلَى الأَبْنَاءِ دَارَتْ بَعْدَها تِلْكَ الدَّوَائِرْ
بَعْدَما حَيْدَرُ أَضْحَى جُرْحُهُ في الدِّينِ ناغِرْ(3)
سَمُّوا السِّبْطَ وَ ثَنُّوا شَهَرُوا البِيضَ البَواتِرْ(4)
كَيْ يَنَالُوا بِحُسَيْنِ وِدَّ أَبْنَاءِ الكَوافِرْ
فی لَظی كَرْبَلاءْ *** ضَرّجُوا بِالدّماءْ
ثانِي الثَّقَلَیْنْ *** فَلْنُعَزِّ الأَمِينْ
***
ص: 21
ثُمَّ بِالحَوْرَاءِ سَارُوا وَ النِّسَاءِ الطَّاهِرَاتِ
حاسِرَاتٍ ظامِئاتٍ نادِباتٍ ثاكلاتِ
وَ سَبايا لِيزيدٍ قَدْ طَوَيْنَ الفَلَواتِ
لَهَفَ نَفْسِي حِينَمَا شاهَدْنَ نَسْلَ الفاجِراتِ
قد هَوَى بِانْتِقَامْ *** فَوْقَ رَأْسِ الإمامْ
يَضْرِبُ الشَّفَتَيْنِ *** فَلْنُعَزِّ الأَمِينْ
***
وَ كَمَا الزّهْرَاءُ كَانَتْ في الوَرَى أُمَّ أَبِيها
بَعْدَها الحَوْراءُ ثَارَتْ وَ اصَلَتْ نَهْجَ أَخِيهَا
بِسَجَايَا سَامِياتٍ فَلَكِ دَرْساً خُذِيها(1)
يَا بْنَةَ الإِسْلاَمِ قَالَتْ فَاطِمٌ هَيَّا اسْمَعِيها
لِلنَّسَاءِ الحِجَابْ *** زِينَةٌ لاَتُعَابْ
یُنجِی دُنْیا وَ دِينْ *** فَلْنُعَزِّ الأَمِينْ(2)
ص: 22
فَوْقَ الحَمُولَةِ لُؤْلُو مَكْنُونُ *** زَعَمَ العَوَاذِلُ أَنَّهُنَّ طُعُونْ
لِمْ لَقَّبُوها بالظُّعونِ وَ إِنَّها *** عُرَفُ الْجِنَانِ بِهِنَّ حُورٌ عِينُ؟
هَبْ زَعْمَهُمْ حقاً أَيَمْنَعُكَ الْهَوَى *** أَمْ لِلصَّبَابَةِ عَنْ هَوَاكَ تَبِينُ؟
إنّي بِمَنْ أَهْوَاهُ مَفْتُونٌ وَ ذَاكَ *** بِأَنْ يُؤنَّبَ بِالهَوَى مَفْتُونُ
كَلاً فَمَا شَأْنِي وَ شَأْنُ مُؤَنُبِي *** شَرعٌ سَوَاءٌ لِلرِّجَالِ شُؤُونُ
عُذْراً فَمَا لِلَّوْم تَهْجِينُ الْهَوَى *** إِنَّ المُلَامَ لِأَهْلِهِ تَهْجِينُ(1)
يَا أَيُّهَا الرَّشَأُ الَّذِي سَمَّيْتُهُ *** قَمَرَ السَّمَاءِ وَ إِنَّهُ لَقَمِينُ(2)
مَهُمَا نَظَرْت وَ أَنْتَ مِرْآةُ الهَوَى *** بِكَ بَانَ لِي مَا لاَيَكَادُ يَبِينُ
نَاظَرْتَ قَلْبِي رِقَةٌ فَمَلَكْتَهُ *** لكِنَّ مَا مَلَكَتْ يَدَاكَ ثَمِينُ
لَمْ تَجْرِ ذِكْرَىٰ نَيْرٍ وَ صِفَاتُهُ *** إِلا ذَكَرْتُكَ وَ الحَدِيثُ شُجُونُ
يَا قَلْبُ مَا هَذَا شِعَارُ مُتَيَّمٍ *** وَ لَعَلَّ حَالَ بِيَ الْغَرَامُ فُنُونُ(3)
ص: 24
خَفِّضْ فَخَطْبُكَ غَيْرُ طَارِقَةِ الهَوَى *** إِنَّ الهَوَى عَمّا لَقِيتَ يَهُونُ
مَا بَرَّحَتْ بِكَ غَيْرُ ذِكْرَىٰ كَرْبَلاً *** فَإِذَا قَضَيْتَ بِهَا فَذَاكَ يَقِينُ
وَرَدَ ابْنُ فَاطِمَةَ المَنونَ عَلَى ظَمَاً *** إِنْ كُنْتَ تَأْسَى فَلْتَرْدِكَ مُنُونُ(1)
وَدَع الحَنِينَ فَإِنَّهَا الْعُظْمَى فَلا *** تَأْتِي عَلَيْهَا حَسْرَةٌ وَ حَنِينُ
ظَهَرَتْ لَهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ آيةٌ *** كُبْرَىٰ فَكَادَ بِهَا الفَنَاءُ يَحِينُ
بَكَتِ السَّمَاءُ دَماً وَ لَمْ تَبْرُدْ بِهِ *** كَبِدٌ وَ لَوْ أَنَّ النُّجُومَ عُيُونُ
نَدَبَتْ لَهَا الرُّسُلُ الْكِرَامُ وَ نَدْبُهَا *** عَنْ ذِي الْمَعَارِجِ فِيهِمُ مَسْنُونُ
فَبِعَيْنِ (نُوحٍ) سَالَ مَا أَرْبَىٰ عَلَى *** مَا سَارَ فِيهِ فُلْكُهُ الْمَشْحُونُ
وَ بِقَلْبِ (إِبْرَاهِيمَ) مَا بَرَدَتْ لَهُ *** مَا سَخَّرَ (النَّمْرُودُ) وَ هُوَ كَمِينُ
وَ لَقَدْ هَوَى صَعِقاً لِذِكْرِ حَدِيثِهَا *** مُوسَى وَ هَوَّنَ مَا لَقِي (هَارُونُ)
وَ اخْتَارَ (يَحْيَى) أَنْ يُطَافَ بِرَأْسِهِ *** وَ لَهُ التَأسي بِالْحُسَيْن يَكُونُ
وَ أَشَدُّ مِمَّا نَابَ كُلُّ مُكَوَّنٍ *** مَنْ قَالَ قَلْبُ (مُحَمَّدٍ) مَحْزُونُ
فَحَرَاكَ تَيْمِ بِالضَّلالَةِ بَعْدَهُ *** لِلْحَشرِ لايَأْتِي عَلَيْهِ سُكُونُ
عُقِدَتْ بِيَثْرِبَ بَيْعَةٌ قُضِيَتْ بِهَا *** لِلشِّرْكِ مِنْهُ بَعْدَ ذَاكَ دُيُونُ
بِرُقِيِّ منبرِهِ رُقِي فِي كَرْبَلاً *** صَدْرٌ وَ ضُرَّجَ بِالدِّمَاءِ جَبِينُ(2)
وَ بِكَسْرِ ذَاكَ الضّلْعِ رُضَّتْ أَضْلُعُ *** فِي طَيِّهَا سِرُّ الإِلَهِ مَصُونُ
ص: 25
لَوْلاً سُقوط جنِين فَاطِمَةٍ لَما *** أَوْدَى لَها فِي كَرْبَلاءَ جَنِينُ(1)
وَ كَمَا (عَلِيٌّ) فَوْدُهُ بِنِجَادِهِ *** فَلَهُ (عَلِيَّ )بِالوَثَانِ قَرِينُ
وَ كَمَا (الفَاطِمَ) رَنَّةٌ مِنْ خَلْفِهِ *** لِبَنَاتِهَا خَلْفَ الْعَلِيل رَنِينُ(2)
وَ بِزَجْرِهَا بِسِياطِ قُنْفُذَ وُشِّحَتْ *** بالطَّفِّ فِي زَجْر لَهُنَّ مُتُونُ
وَ بِقَطْعِهِمْ تِلْكَ الأَرَاكَةِ دُونَها *** قُطِعَتْ يَد فِي كَرْبَلا وَ وَتِينُ
لكِنَّمَا حَمْلُ الرُّؤوس عَلَى الْقَنَا *** أَدْهَي وَ إِن سَبَقَتْ بِهِ صِفِّين
کُلٌّ كِتَابُ اللَّهِ لكِنْ صَامِتٌ *** هَذَا وَ هُذَا نَاطِقٌ وَ مُبِينُ
ص: 26
(بحر الكامل)
الشيخ جواد الحلي(*)(1)
مِنْ شَامِخَاتِ المَجْدِ دَکَّ رِعَانَهَا *** خَطبٌ أَطاشَ مِنَ الوَرَى أَذْهَانَها(2)
فِي يَوْمٍ قَدْ عُصِبَ الخِلَافَةَ مَنْ لَهُ *** أَلْقَتْ بِرَغْمِ الحَاسِدِينَ عِنَانَها(3)
عَجَباً لِفِهْرٍ كَيْفَ قَرَّ قَرَارُها *** أَمْ كَيْفَ تَكْحَلُ بِالْكَرَى أَجْفَانَهَا؟(4)
هذِي بَنُو تَيْمٍ بِفَقْدِ مُحَمَّدٍ *** سَلَبَتْ أَطَائِبَ آلِهِ سُلْطَانَهَا
ص: 27
وَ عَلَى الضَّلالِ تَزَاحَمَتْ مُذْ أَعْرَضَتْ *** عَمَّنْ يُتِمُّ وَلاؤُهُ إِيمَانَها
وَ لِنَقْضِ بَيْعَتِهِ وَ عَقْدِ لِوَائِهِ *** خَفَّتْ فَخَفَّفَ وِزْرُها مِيزَانَها
وَعَدَتْ عَدِيٌّ فِي الأَنَامِ فَأَبْرَزَتْ *** مِنْ لُؤْمِ عُنْصُرِهَا لَهُ أَضْغَانَهَا
تَرَكَتْ ذَوِي القُرْبَى تُكَابِدُ مِنْهُمُ *** مِنْ بَعْدِ فَرْضِ مَوَدَّةٍ شَنآنها(1)
غَصَبُوا البَنُولَ تُرَاثهَا مِنْ بَعْدِ مَا *** أَبْدَتْ لِتَقْطَعَ عُذْرَهُمْ بُرْهَانَها(2)
لقِيَتْ خُطوباً مِنْهُمُ لَوْبَعْضُهَا *** تَلْقَى الرَّوَاسِيَ لَمْ تُطِقْ لُقيانَها(3)
لَطْماً وَ إِسْقاطاً وَ ضَرْباً مُدْمِیاً *** كَسْرَ الضُّلُوع وَ هَضْمَها حِرْمَانَها(4)
وَ غَدَتْ تُشَكِّي الظُّلْمَ مِنْهُمْ بَضْعَةُ *** الهَادِي وَلكِنْ لَمْ تَجِدْ أَعْوَانَهَا
لابُلَّ فِي مَاءِ الحَيامِنْ قَيْنَةٍ *** قَبْرٌ فَمِنْهُمْ شَاهَدَتْ خِذْلآنَهَا(5)
بُعْداً لَهُمْ نَقضُوا الدِّمَامَ وَ ضَيَّعُوا *** عَهْدَ النَّبِيِّ وَ حَاوَلُوا هِجْرَانَهَا(6)
وَ تَحَكَمَتْ تِلْكَ الذُّبَابُ بِبَاسِلٍ *** فِي يَوْمِ مِنْهُ تَيَقَّنَتْ إِمْكَانَها(7)
ص: 28
(بحر البسيط)
الشيخ حسن البحراني القيسي(*)(1)
ما لِي وَ لِلْبَيْنِ أَشْجَانِي وَ الَمَنِي *** كَأَنَّهُ بِتِراتٍ كَانَ يَطْلُبُنِي(2)
أَشْكُو إِلَى اللَّهِ ما لأقَيْتُ مِنْ كَمَدٍ *** مِنْهُ وَ قَاسَيْتُ مِنْ هَمْ وَ مِنْ شَجَنِ
حَسْبِي مِنَ الدَّهْرِ أَحْبَابِي أَبَادَهُمْ *** وَ كَأْسَ فُرْقَتِهِمْ وَ الشَّجُو جَرَّعَنِي
عَدَا عَلَيَّ وَ مَا رَاعَى بِقَسْوَتِهِ *** وَ جْدِي وَ ضَعْفِي وَ مِنْ عَدْوَاهُ أَكْرَبَنِي
كَأَنَّ لِلْبَيْنِ دَيْناً فَهُوَ يَطْلِبُنِي *** بِهِ فَهَا هُوَ بِالأَرزَاءِ يَقْصُدُنِي
خَلِّ العِتَابَ عَنِ الدَّهْرِ الخَؤُونِ فَذِي *** طَبَاعُهُ مُزِجَتْ بِالوَيْلِ وَ المِحَنِ
كُمْ جَرَّعَ الوَيْلَ وَ البَلْوَى بَنِيهِ وَ كَمْ *** أَبَادَ مِنْ أُمَمٍ عَزَّتْ وَ مِنْ مُدنِ
فَأَنْتَ لاتَغْتَرِرْ بِالدَّهْرِ يَا أَمَلِي *** فَالدَّهْرُ مَا فِيهِ عَيْشٌ فَارِهٌ وَهَنِي(3)
وَ لَوْ رَعَى الدَّهْرُ مِنْ أَبْنَائِهِ أَحَداً *** رَاعَى بَنِي أَحْمَدَ المُخْتَارِ ذِي المِنَنِ
أَمَا تَرَاهُ عَلَيْهِمْ جَارَ مُعْتَدِياً *** بِكُلِّ كَرْبٍ وَ بِالآهاتِ وَ الشَّجَنِ؟
فَأَصْبَحُوا مَا لَهُمْ مِنْ عَيْشِهِمْ رَغَدٌ *** وَ مَا لَهُمْ مِنْ حِمَى فِيهِ وَ لاَوَطَنِ(4)
وَ إِنْ نَسِيتَ فَلا تَنْسَ الَّتِي شَهِدَتْ *** أَيُّ الكِتَابِ لَهَا فِي السِّرِّ وَ العَلَنِ(5)
ص: 29
بِنْتُ النَّبِيَّ رَسُولِ اللَّهِ أُمُّهُمُ *** خَيْرُ البَرِيَّةِ رَبِّ الفَرْضِ وَ السُّنَنِ
أَعْنِي البَتُولَةَ أَمَّ الأَنْقِيَاءِ وَ مَنْ *** تَتْلُو الكِتَابَ بِجُنْحِ الحَالِكِ الدَّجِنِ(1)
ص: 30
هِي التِي شَهِدَ البَارِي تَبَتْلَها *** تِلْكَ الَّتِي شَأْنُها عَنْ وَاصِفيهِ غَنِي(1)
فَيَا لَها الله كَمْ قَاسَتْ مَصَائِبٌ لا *** تُحْصَى وَ كَمْ مِنْ أَفَانِينِ مِنَ المِحَنِ(2)
لَهْفِي لِمَنْ قَدْ عَلَتْ قَدْراً وَ مَرْتَبَةٌ *** جَلَّتْ فَكَيْفَ رَماهَا الدَّهْرُ بِالوَهَنِ
رَأَتْ أَبَاها الَّذِي عَمَّتْ مَكَارِمُهُ *** كُلُّ الوَرَى وَ بِهِ الدِّينُ الحَنِيفُ بُنِي
مفارقاً مالَهُ مِنْ عَوْدَةٍ أَبَداً *** تَرْنُو إِلَيْهِ وَ دَمْعُ العَيْنِ كَالمُزنِ(3)
ص: 31
حَنَّتْ وَ أَنَّتْ وَ نَادَتْ وَ هْيَ صَارِخَةٌ *** لَمَّا رَأَتْهُ وَ صَاحَتْ آهِ وَ احْزَنِي
أَبْكِي عَلَيْكَ بُكَاءَ لَاانْقِضَاءَ لَهُ *** أَبْكِي الَّذِي غُصَصَ الآلامَ جَرَّعَنِي
أَبْكِي أَبِي خَيْرَ ذُخْرِ كُنْتُ أَعْرِفُهُ *** أَبْكِي الَّذِي بَيْنَ أَهْلِ الحَقْدِ ضَيَّعَنِي
يَا وَالِدِي تِلْكَ أَيْتَامِي تَنُوحُ عَلَى *** فِرَاقِكَ اليَوْمَ نَوْحَ الوَالِهِ الحَزِنِ(1)
***
یابِنْتَ خَيْرِ نَبِيِّ لِلأَنَامِ أَتَى *** نُوراً يُضِيءُ ظَلامَ الحَالِكِ الدَّجِنِ
مُصَابُكُمْ يَا بُنَةَ المُخْتَارِ حَنَّ لَهُ *** قَلْبِي وَ أَجْرَىٰ دُمُوعَ العَيْنِ مِنْ جَفْنِي
لَمْ أَنْسَها حِينَ وَاقَتْ قَبْرَ وَالِدِها *** بِمَدْمَعِ سالَ مِثْلَ العَارِضِ الهَتِنِ(2)
تَدْعُو: أيا وَالِدِي يَا خَيْرَ مُدَّخَرٍ *** بِهِ أَلُوذُ لَدَى الأَرْزَاءِ وَ المِحَنِ
أَيُّ المَصَائِبِ أَشْكُوهَا وَ أَذْكُرُها *** إِلَيْكَ يا سَنَدِي مِنْ وَطْأَةِ الزَّمَنِ
يا وَالِدِي مَنَعُونِي مِنْ بُكَايَ عَلَى *** افْتِقَادِكَ اليَوْمَ وَ التَّبْرِيحُ أَرْقَنِي(3)
يا وَالِدِي مَنَعُوا إِرْنِي بِفِعْلِهِمُ *** بِأَيِّ حَقٌّ تُراثِي مِنْهُ يَمْنعُنِي
وَ اسْتَأْصَلُوا دَوْحَةٌ لِي أَسْتَظِلُّ بِهَا *** وَ مِنْ لِظَى الحَرِّ قَدْ كَانَتْ تُظَلِّلُنِي(4)
يَا وَلِدِي ما رَعَوْا حَقًّي وَ لاعَرَفُوا *** قَدْرِي إِلَيْكَ وَ مَا قَدْ كُنْتَ تَمْنَحُنِى(5)
مِنَ المَوَدَّةِ وَ التَّنْجِيلِ بَيْنَهُمُ *** يَا وَالِدِي دَخَلُوا بَيْنِي بِلاإِذْنِي
ص: 32
وَ أَسْقَطُونِي جَنِينِي مِثْلَمَا كَسَرُوا *** ضِلْعِي لَدَى البَابِ وَ المِسْمَارُ المَنِي(1)
يَا وَالِدِي أَخْرَجُوا الكَرَّارَ حَيْدَرَةً *** مُلَبَّباً وَ هُوَ رَبُّ الفَضْلِ وَ المِنَن(2)
مِنْ بَيْتِهِ وَ هُوَ مَأْسُورٌ وَ مُضْطَهَدٌ *** وَ حَالُهُ قَدْ شَجَا قَلْبِي وَ صَدَّعَنِي
فَرَاحَ جَهْراً ملبباً بَيْنَ جَمْعِهِمْ *** يُقَادُ وَ هُوَ حَمِي الدِّينِ وَ الوَطَنِ
فَرُحْتُ خَلْفَهُم أَعْدُو أَخافُهُمُ *** أَنْ يَقْتَلُوهُ جِهاراً وَ هُوَ يَنْظُرُنِي(3)
وَ قَدْ ظَننتُ يُراعُونِي فَما عَرَفُوا *** قَدْرِي وَ لَمْ أرَ مِنْهُمْ مَنْ يُقَدِّرُني
إِذَا بِهِم رَجَعُوا لِي بالسياط فَلَوْ *** رَأَيْتَنِي كُنْتَ تَبْكِينِي وَ تَنْدبَنِي
يَا وَالِدِي لَطَمُوا عَيْنِي بِحِقْدِهِمُ *** وَ قُنْفُذُ بِسِياطِ الحِقْدِ قَرَّعَنِي(4)
يَا بَضْعَةَ الطُّهْرِ يَاسِتَّ النِّسَاءِ وَ يا *** أُمَّ الشَّهِيدِ بِأَرْضِ الكَرْبِ وَ المِحَنِ(5)
ص: 33
لِلَّهِ ذَاكَ مُصَابٌ قَدْ أُصِبْتِ بِهِ *** مَا مِثْلُهُ قَدْ جَرَى فِي سَالِفِ الزَّمَنِ
صَلَّى الإِلهُ عَلَيْكُمْ مَا بَدَا قَمَرٌ *** فِي جُنْح لَيْل وَ نَاحَ الوَرقُ فِي الغُصُنِ(1)-(2)
ص: 34
(8) أشجى البتولة
(بحر البسيط)
الشيخ حسن البحراني القيسي(*)(1)
لاَ يَنْقَضِي أَبَداً وَ جْدِي وَ أَحْزَانِي *** أَبْكِي وَ قَدْ سَالَ مِنْ عَيْنَيَّ عَيْنَانِ
وَ النَّفْسُ مِنِّي فِي وَجْدِ وَ فِي كَمَدٍ *** كَأَنْ لَيْسَ لَهَا فِي الوَجْدِ مِنْ ثَاني(2)
أَكَادُ مِنْ أَلَم تُكْوَى بِهِ كَبِدِي *** أَحِنُّ مِثْلَ حَنِينِ الوَالِهِ العَانِي
أَوْ كَالسَّفِينَةِ فِي لُجِّ البحارِ غَدَتْ *** تَجْرِي وَلكِنَّهَا مِنْ غَيْرِ رُبَّانِ
جرَّتْ بِهَا عَافِياتُ الرِّيحِ فَانْقَلَبَتْ *** تَسِيرُ هَائِمَةً مِنْ غَيْرِ سُكَانِ
أَوْ أَنَّهَا كَعِطَاشِ الهِيمِ قَاطِعَةً *** عَرْضَ السُّهُولِ لآكَامِ وَ رُدْيَانِ(3)
هذَاكَ دَأْبِي وَ ذَا حَالِي أُقَلَّب مِنْ *** وَجْدِ لِوجدٍ وَ أَحْزَانٍ لأَحْزَانِ
مَا شَفَّنِي لَذَّةُ الدُّنْيَا وَ زَينَتُها *** وَ كَيْفَ أَبْكِي نَعِيماً زَائِلاً فَانِي؟
كَلاً وَ لاَزِبْرِجاً فِيها وَ مُنْتَزَهاً *** فِيهِ تُسَرَّحُ لِلْمَهْمُوم أشجانِ
وَ لَامَبَّانٍ أَرَاهَا شَاهِفَاتٍ وَ قَدْ *** سَارَتْ عُلوّاً بِأَشْكَالِ وَ أَلْوَانِ
فَفَاتَنِي حُسْنُهَا الزَّاهِي وَ بَهْجَتُها *** فَصِرْتُ أَقْرَعُ سِنِّي مِثْلَ نَدْمَانِ
لكِنْ شَجَانِي مَا أَشْجَى البَتُولَةَ مِنْ *** جَوْرِ اللَّيَالِي فاضحَى دمعُها القَانِي(4)
ص: 35
تَبْكِي بِلَهْفَةِ قَلْبٍ شَقَّهُ أَلَمُ *** الفِراقِ وَ الوَجُدُ وَ التَّذْكَارُ حَرَّانِ
تَصِيحُ: يَا وَالِدِي يا مَنْ أَلُوذُ بِهِ *** فِي النَّائِبَاتِ إِذَا مَا الهَمُّ أَضْنَانِي(1)
يا وَالِدِي كُنتَ بَدْراً يُسْتَضَاءُ بِهِ *** فَغِبْتَ فَاسْتَوْحَشَتْ أَهْلِي وَ أَوْطَاني
وَ البَدْرُ إِنْ غَابَ عَمَّتْ وَ حْشَةٌ أبداً *** مِنَ الظَّلام وَ هَلْ لِلْبَدْرِ مِنْ ثاني؟
إنِّي تَمَنَّيْتُ أَنَّ المَوْتَ عَاجَلَنِي *** وَ أَنَّ يَوْمِي قَبْلَ اليَوْمِ وَافَانِي
يَا وَالِدِي ضَاقَتِ الدُّنْيا بِرَحْبَتِهَا *** عَلَيَّ حَتَّى فَقَدْتُ اليَوْمَ سَلْوَانِي
لَمَّا مَضَيْتَ فَصَبْرِي صَارَ مُنْعَدِماً *** وَ انْهَدَّتِ اليَوْمَ بِالأَرْزَاءِ أَرْكَانِي
فَلَوْ تَرَانِي بَيْنَ البَابِ صَارِخَةً *** وَ حَيْدَرٌ حَالُهُ وَ اللَّهُ أَبْكَانِي
أَبْكِي مُكَسَّرَةَ الأضلاع نَادِيَةً *** أَيْنَ الَّذِي فِي بُيُوتِ العِز رَبَّانِي
حَتَّى وَقَعْتُ بِحَرِّ الحُزْنِ بَاكِيَةً *** يُغْشَى عَلَيَّ بِأَعْتَابٍ وَ تِرْبَانِ
قَدْ خَرَّ مِنّي جَنِينِي مِنْ حَشَا كَبِدِي *** وَ العَصْرُ بِالبَابِ أَرْزَانِي وَ أَضْنَانِي(2)
وَ قَدْ مَضَوْا بِكَفِيلِي فِي حَمَائِلِهِ *** يُقَادُ لَيْسَ لَهُ حَامِ وَ لَاحَانِي(3)
فَقُمْتُ مُسْرِعَةً أَبْكِي مُوَلُولَةً *** مِنْ خَلْفِهِمْ قَدْ هَمَتْ بِالدَّمْعِ أَجْفَانِي
وَ صِحْتُ: خَلّوا ابْنَ عَمِّي لاأَبا لَكُمْ *** أَوْ لاسَأَشْكُو إِلَى الجَبَّارِ أَحْزَانِي(4)
رَدُّوا إِليَّ بِأَحْقادٍ تَسُوقُهُمُ *** وَ سَوْطُ قُنْفُذَ بِالمَثْنَيْنِ أَلْوَانِي
أَبَاهُ قَدْ لَطَمُوا عَيْنِي وَ مَا رَحِمُوا *** حَالِي وَ لاَحَالَ أَبْنَائِي وَ صِبْيَانِي
ص: 36
فَلَوْ تَرَانِي أَئِنُّ اليَوْمَ مِنْ أَسَفٍ *** عَلَيْكَ وَ العَيْنُ يَجْرِي دَمْعُهَا القَانِي
لَسَاءَكَ اليَوْمَ مَا لأَقَيْتُ مِنْ أَلَمٍ *** جَرى عَلَيَّ وَ صِرْتَ اليَوْمَ تَنْعَانِي
يَا فَاطِمُ الطُّهْرُ يَا مَنْ كَانَ وَالِدُها *** خَيْرَ البَرِيَّةِ مِنْ قَاصِ وَ مِنْ دَانِ(1)
جَلَّتْ رزاياكِ فَالْتَاعَتْ لَهَا كَبِدِي *** لِمَا عَرَاكِ وَ وَجْدِي اليَوْمَ أَضْنَانِي
فَسَوْفَ أَبْكِيكِ دَوْماً ما حَيَيْتُ عَلَى *** طُولِ المَدَى وَ تَسُحُّ الدَّمْعَ أَجْفَانِي
ثُمَّ الصَّلاةُ عَلَيْكُمْ دَائِماً أَبَداً *** مَا سَارَ يَطْوِي الفَلا سَارٍ بِرُكْبَانِ
ص: 37
(بحر الكامل)
الشيخ حسن البحراني القيسي(*)(1)
ما لِي أَرَى لَوَّامَتِي تَلْحُونِي *** وَ بِلَوْمِها وَ عِتابِها تُؤْذِينِي؟(2)
وَ تَقُولُ لِي: قُلْ لِي بِرَبِّكَ صادِقاً *** فَعَلامَ أَنْتَ مَدَى المَدَى بِأَنِينِ
أَفَهَلْ تَرَى أَجْرَى دُمُوعَكَ وَ كَفاً *** فَقْدُ الأنيس وَ وَحْشَةُ المَسْكُونِ؟(3)
إِنَّ المَنازِلَ إِنْ بَقَتْ مَهْجُورَةً *** أَشْجَتْ فُؤَادَ أَخِي الجَوَى المَفْتُونِ
فَمَنازِلُ الأَحْبَابِ إِمّا أُقْفَرتْ *** وَ رَأَيْتُها تُشْجِيكَ أَيَّ شُجونِ
فَاحْمِلْ وَ كُنْ فِى الدَّهْر صَبَاراً فَمَاذَا *** الدَّهْرُ يَوْماً إِنْ وَ فَى بأَمِيِن
فَالدَّهْرُ جَوْرٌ وَ الزَّمانُ عَدَاوَةٌ *** وَ اعْلَمْ فَلَيْسَ الدَّهْرُ بِالمَأْمُونِ
غَدْرٌ وَ ظُلْمٌ دَأَبُهُ وَ مَضَرَّةٌ *** أَوَ لَيْسَ ذَلِكَ طَبْعُ كُلِّ خَؤُونِ؟
فَعَلَيْكَ بِالصَّبْرِ الجَمِيلِ فَإِنَّهُ *** دِرْعٌ حَصِينٌ كانَ أَيُّ حَصِينِ
وَدَعِ الوثوق مِنَ الزَّمانِ فَإِنَّهُ *** يَعْدُو عَلَيْكَ بِحِقْدِهِ المَدْفُونِ
فَمَن الَّذِي أَمِنَ الزَّمَانَ وَ شَرَّهُ *** الأَوَعادَ بِصَفْقةِ المَغْبُون؟(4)
أَوَمَا تَراهُ كَيْفَ يَلْعَبُ قاسياً *** بالمُؤْمِنِينَ كَلُعْبَةِ المَجْنُونِ؟
كَفِعَالِهِ بِبَنِي النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** خَيْرِ الأَنَامِ وَ خِيرَةِ المَسْكُونِ
ص: 38
وَ فِعَالِهِ بِالطُّهْرِ سَيِّدَةِ النّسا *** أم الهُداةِ وَ بِنْتِ خَيْرِ أَمِينِ
أَخْنَى عَلَيْهَا بِالمَضَرَّةِ وَ الأَذَى *** حَتَّى قَضَتْ بِالوَيْلِ وَ التَّوْهِينِ
مَا افْتَرَّ مَبْسِمُها وَ لاَعَرَفَتْ لَهَا *** يَوْماً مِنَ الأفراحِ وَ التَّزييِن
حَتَّى قَضَتْ مَحْزُونَةٌ مَكْرُوبَةٌ ** مِثلَ الضّرام بِقَلبِها المَحْزُونِ
لَقِيَتْ أَباها وَ هْيَ غَضْبَى وَ الشَّجا *** فِي حَلْقِها حَتَّى قَضَتْ بِأَنِين(1)
وَدَعَتْهُ: لَمَّا غِبْتَ عَنِّي يا أَبِي *** هَاجَتْ عَلَيَّ بَلابِلِي وَ شُجُونِي
وَ عَلَيَّ جَارُوا يا أَبَاهُ بِحِقْدِهِمْ *** فَكَأَنَّهُمْ يَبْغُونَنِي بِدُیونِ
قَدْ أَسْقَطُوا مِنّي الجَنِينَ بِحِقْدِهِمْ *** جَهْراً وَ بَيْنَ البَابِ هُمْ عَصَرُونِي(2)
كَسَرُوا ضُلُوعِي يا أباهُ بِغَدْرِهِمْ *** لَعَمُوا وَ حَقِّكَ يَا أَبَاهُ عُيُونِي
أَبَتاهُ لَوْ عايَنْتَهُمْ لَرَأَيْتَهُمْ *** مَمْلُوءَةً أَحْشَاؤُهُمْ بِضُغُونِ(3)
أبتاهُ إِنِّي قَدْ سَئِمْتُ مَعِيشَتِي *** يَا لَيْتَ حَانَ اليَوْمَ مِنِّي حِينِي
فَعَلَيْكِ يا بِنْتَ النَّبِيِّ تَلَهُفِي *** وَ فِداكِ مني ما حَوَتْهُ يَمِينِي
وَ لَكِ الفِدا رُوحِي وَقَدْ عَزَّ الفِدا *** أَفْدِي الَّتِي راحَتْ فِدّى لِلدِّينِ
تَالِلَّهِ قالِلو يا آل النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** أَرْزَاؤُكُمْ جَلَّتْ عَنِ التَّبيِينِ
وَ لَقَدْ بَكَتْ لِمُصابِكُمْ أَهْلُ السَّما *** وَ كَذَاكَ سَاكِنُ أَرْضِنَا بِأَنِينِ(4)
ص: 39
(بحر الكامل)
الشيخ حسن البحراني القيسي(*)(1)
أَرْزَاءُ بِنْتِ مُحَمَّدٍ تُشْجِينِي *** وَ لِمَا عَرَاهَا تَسْتَهلُ جُفُونِي
يمَدامِع مِثْلِ الجُمَانِ نَوَازِلٍ *** تَجْرِي كَمَا قَدْ سَالَ مَاءُ عُيُونِي(2)
أبْكِي لَهَا حُزْناً وَ قَدْ لَعِبَ الأَسَى *** بِفُؤادِهَا فَتَجَلْبَبَتْ بِشُجُونِ
تَبْكِي وَ لَوْ وَعَتِ الحَمَامُ بُكَاءَها *** نَاحَتْ لَهَا وَ بَكَتْ لَهَا بِأَنِينِ
يَا قَلْبَ فَاطِمَ ما حَمَلْتَ مِنَ الأَسَى *** أَرْزَاءَ قَدْ عَزَّتْ عَنِ التَّبْيِينِ
أَرْزَاءَ حُزْنٍ لو وعاها يَذْبُلُ *** لَهَوَى لَهُنَّ وَ زَالَ بَعْدَ سُكُونِ
نَظرَتْ إِلَى بَابِ النُّبُوَّةِ مُغْلَقاً *** وَ عَلَيْهِ وَ حْشَةُ شَاكِلِ مَغْبُونِ
وَ الوَحْيُ مِنْ بَعْدِ النَّبِيِّ مُفارقٌ *** أَيْنَ النُّزُولُ بُعَيْد حامِي الدِّينِ
أَيْنَ النُّزُولُ يُعَيْدَ خَيْرِ الأَنْبِيا؟ *** أَوَلَيْسَ طهَ في الثَّرا بِدَفِين؟
فَاليَوْمَ لاَوَحْيَّ وَ لاَ مِنْ آيَةٍ *** عَزَّ المَنَالَ هُبُوطُ خَيْرِ أَمِينِ
فَلَكِ العَزَا يَا بِنْتَ أَحْمَدَ بِالَّذِي *** هُوَ كَهْفُكُمْ بَلْ كَانَ خَيْرَ مُعِينِ
لَكُمُ وَ مَأْوَى الضَّائِعَاتِ مِنَ الوَرَى *** مَأْوَى الصَّعِيفِ وَ مَلْجَأَ المِسْكِينِ
مَاتَ النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ فَتَصَبْرِي *** أَوَ لَيْسَ دَهْرُكِ فَاطِمٌ بِخَؤُونِ؟
فَلَقَدْ فُجِعْتِ بِهِ وَ قَدْ فُجِعَ الوَرَى *** حَقاً بِأَعْظَمِ رَاحِمَ وَ حَنُونِ
ص: 40
أَيَّامَ أُنْسِكِ يَا بَتُولُ قَدِ انْتَهَتْ *** فَاليَوْمُ يَوْمُ رَزِيَّةٌ وَ حَنِينِ
رَاحَ المُحَامِي وَ الكَفِيلُ أَلاَ اعْوِلِي *** وَ ابْكِي عَلَيْهِ بِدَمْعِكِ المَخْزُونِ
لَكُمُ العَزَايَا آلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ *** تَالِلَّهِ إِنَّ مُصَابَكُمْ يُبْكِينِي
أَبْكِيكُمُ بِمَدَامِع لاتَنْتَهِي *** وَ مَدَى المَدَى أَنَا مُعْلِنُ بِحَنِينِي
ما حَالُ أَحْمَدَ لَوْ رَاكِ حَزِينَةً؟ *** لَبَكَى وَ قَالَ بِلَوْعَةٍ وَ أَنِينِ
بِنْتَاهُ لاَتَبْكِي فَإِنَّكِ سَلْوَتِي *** وَ بُكَاكِ يَا سِتَ النِّسا يُؤْذِينِي
تَجْرِي دُمُوعِي إِنْ رَأَتْكِ حَزِينَةً *** وَ أَظُلُّ أَعْلِنُ لَوْعَتِي وَ شُجُونِي
فَلَقَدْ يَعِزُّ عَلَيْكَ خَيْرَ الأَنْبِيا *** وَجْدُ البَتُولِ بِقَلْبِها المَحْزُونِ(1)
ص: 41
(بحر الكامل)
الشيخ حسن البحراني القيسي(*)(1)
هَيْهَاتَ تَهْدَأُ زُفَرَتِي وَ حَنِينِي *** مِمَّا عَرَا وَ يَجِفُّ دَمْعُ عُيُونِي(2)
هَيْهَاتَ لِي فَالصَّبْرُ عَزَّ عَزَاوَهُ *** وَ مَسَرَّنِي قَدْ بُدِّلَتْ بِسُجُونِي
فَالطَّرْفُ مِنّي بَاكِياً يَجْرِي دَماً *** ما نَوْحُها الخَنْساءُ إِلا دُونِي؟(3)
مَا الوَرْقُ، مَا القُمْرِيُّ، مَا إِنْشَادُهُ *** فِي جَنبِ إِنْشَادِي وَ جَنْبِ حَنِينِي؟(4)
فَالجِسْمُ مِنِّي ناحِلٌ يَشْكُو الضَّنَى *** وَ مِنَ النُّحُول تَرَاهُ كَالْعُرْجُونِ؟(5)
تَالِلَّهِ لَوْ عَايَنْتَنِي مُتَمَلْمِلاً *** فَكَأَنَّنِي جُرِّعْتُ كأسَ مَنُونِي
لَرَقَقْتَ يا بنَ الأَكْرَمِينَ لِحَالَتِي *** وَ رَثَيْتَ لِي يا صاحِبِي تَبْكِينِي
فَبَكَى وَ أَنَّ وَ قَال: مَا هَذَا الَّذِي *** تَشْكُو لَحُزْنُكَ فَاقَ كُلَّ حَزِينِ!
أَفَهَلْ شَجَاكَ ظُعُونُ قَوْمٍ أُبْعِدُوا *** بِالسَّيْرِ مُذْ تَرَكُوا رُبَىٰ يَبْرِينِ؟(6)
أمْ هَلْ شَجَاكَ أَحِبَّةٌ فَارَقْتَهُمْ *** فَبَقَيْتَ كَالبُسْرَى بِغَيْرِ يَمِيْنِ؟
ص: 42
أَمْ لِلْمَشِيبِ عَدَا عَلَيْكَ فَصِرْتَ مِنْ *** ذِكْرِ الشَّبَابِ بِلَوْعَةٍ وَ حَنِينِ؟
فَأَجَبْتُهُ: كَلاً وَ سُورَةِ هَلْ أَتَى *** قَسَماً وَ حَقِّ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ(1)
مَا شَفَّنِي ذِكْرُ الشَّبابِ وَ رَوْقُهُ *** فِيهِ اللَّذَائِدُ نِعْمَةُ المَمْنُونِ(2)
كَلاً وَ لاً لأَحِبَّةٍ فَارَقْتُهُمْ *** سَارُوا وَ بَعْدَ فِرَاقِهِمْ تَرَكُونِي
لكِنْ شَجَانِي مَا دَهَى سِتَّ النِّسا *** مِنْ لَوْعَةٍ وَ كَابَةٍ وَ سُجُونِ
حُزْنِي لَهَا تَبْكِي شَجِّى وَ تَأَلُماً *** وَ دُمُوعُهَا كَالْوَابِلِ المَهْتُونِ(3)
تَدْعُو: أَلاَ يَا وَالِدِي ضَيَّعْتَنِي *** فَالْوَجْدُ بَعْدَكَ وَ الأَسَى يَحْدُونِي
دَأَبِي أَحِنُّ وَ مُهْجَتِي مَسْعُورَةٌ *** وَ تَصُبُّ دَمْعاً كَالجُمَانِ جُفُونِي(4)
سِبْططَاكَ يا أَبَتِي لِفَقْدِكَ أَصْبَحُوا *** يَبْكُونَ أَعْظَمَ رَاحِمٍ وَ حَنُونِ
يَا بَضْعَةَ الْهَادِي وَ حَقٌّ وَلَائِكُمْ *** أَرْزَاؤُكُمْ يا سادَتِي تُشْجِيْنِي
أَبْكِيكُمُ حُزْناً بِلَوْعَةِ ثَاكِلٍ *** لَعِبَ الجَوَى بِفُؤَادِهِ المَحْرُونِ
ثُمَّ الصَّلاَةُ عَلَيْكُمُ طُولَ المَدَى *** مِنْ خَالِقِ الأَكْوَانِ وَ التَّكْوِينِ(5)
ص: 43
(بحر الرمل)
الأستاذ حسن علي المرعي(*)(1)
من أنيسِ الحُورِ قدستُ اثنتينِ *** مريمَ العذرا، و أمَّ الحَسَنَيْنْ
عالَمٌ في أم عيسى طاهرٌ *** و على (الزهراء) طهرُ العَالَمَيْنْ
(فاطم) يا بنتَ من ضاءَتْ بهِ *** ظلمةُ الدنيا، فزانَ النشأتينْ
من ثمارِ الخُلدِ جاءتْ منحةً *** يومَ أسرى البدرُ بينَ الحَرَمَينْ
فمِن السدرةِ (طه) ضمَّها *** يومَ أضحى قابَ قوسين اللجينْ
جنةٌ في صلبِ طه أثمرتْ *** و إلى الكرارِ طرحُ الجنَّتَينْ
(فاطمُ الزهراءُ) يا أمُ الحسينِ *** ياعروسَ الحُور بين الرَوْضَتَينْ
يا بتولاً نُزَّهتْ عن ناقصٍ *** آخرَ الشهر... و عن ذينِ و ذينْ
أيُّها البكرُ حياةً كلَّها *** ما عجيبٌ... ليسَ بين الحُور بينْ
هبةْ المولى و ريحانُ النبيِّ *** أحلى عروسٍ لمصلّي القِبلَتَيْنْ
فإذا بالأرضِ يومٌ أزهرٌ *** و إذا بالنجمِ... عرسُ الأَزْهَرَينْ
و استحى التبرُ فلامهرِ به *** فحباها اللَّه ماءَ الرافِدَينْ
آهِ لو تدرينَ في شطَّ الفراتِ *** (فاطمَ الزهراءِ) ما حالُ الحُسينْ
إنهُ الدهرُ... و عاداتُ به *** في النعيمِ المحضِ. مشؤومُ اليدينْ
رحلتْ شمسُ النبيِّ المصطفى *** ليشعَّ الماسُ فيضاً مرّتينْ
ص: 44
فعويلٌ فاطميص يشربُ *** و دموعٌ إثرهُ في كل عينْ
و إذا الأعراب نارُ تصطلي *** و سياطُ الغدر تُدمي الساعدينْ
ضلعُها المكسورُ محنيًّ على *** (محسن) ما ذاقً عطفَ الأبوينْ
و علي الحرب صبرٌ كامل *** (أحمدُ) الموصي بأن الصبرَ زينْ
و قليلٌ ذاك في صبرِ الذي *** ضربةٌ منه تساويِ الثقلينْ
فبَنَتْ للحزنِ بيتاً (فاطم) *** قرشيُ اللبن... عد الحاكمينْ
و أتى وعدُ أبيها مسرعاً *** فإذا بالنورِ بينَ النيَرينْ
فاسألِ الأعرابَ عن رمثٍ لها *** و ماذا قبرُها لم ندرِ أينْ!؟
حدّثَ الرحمن وحياً مريماً *** و غريبٌ وحيُّ أم الطاهرينْ!!
قسماً... يبصرُ أملاكَ السما *** عابدٌ هاجر للَّه اثنتينْ
في صلاةِ حبلُها مستوثقٌ *** و منام صالح... بل رأي عينْ
و إذا طُهِّرَ قلبٌ خاشعٍ *** صار بيتُ اللَّه معصومَ البطينْ
فاسلكِ النجد الذي نقيتهُ *** ليس للنجدين دربُ بينَ بينْ
بعض حقٍ من فؤادٍ مؤمنٍ *** فعلينا لأبيِ الزهراءَ دَينْ
***
ص: 45
(بحر الوافر)
الشيخ الدرمكي
نُحُولُ جِسْمِي لايَنْفَكُ عَنِّي *** وَ قَدْ صَارَ البُكَا شُغْلِي وَفَنِّي(1)
وَ قَلْبِي فِيهِ نِيرانٌ وَ وَجْدٌ *** وَ هَمِّي صَارَ مَمْرُوجاً بِحُزْنِي
يَطِيبُ لِي البُكَا فِي كُلِّ وَقْتٍ *** وَ أُسْعِفُ فِي الرَّزايا مَنْ سَعَفْنِي(2)
كَفَانِيَ مَوْتُ خَيْرِ الخَلْقِ طُرّاً *** بِأَنَّ النَّفْسَ فِي السُّلْوَانِ أُشْنِي(3)
أَخَذْتُمْ نِحْلَنِي ظُلْماً وَ إِرْثِي *** وَ حُلْتُمْ دُونَ مَا رَبِّي رَزَقْنِي(4)
ص: 46
وَ سَبُّ البَضْعَةِ الزَّهْرَاءِ لما *** أنَتْ زَفْراً وَ قَالَتْ مَا نَصَفَنِي(1)
يَمَا فِي هَلْ أَتَى وَفَّيْتُ نَذْرِي *** فَيَا وَيْلٌ لِمَلْعُونِ غَصَبَنِي(2)
ص: 47
سَلُوا عَمَّ وَ طهَ إِنْ شَكَكْتُمْ *** سَلُوا يَاسِينَ ما رَبِّي رَزَقَنِي
فَقَالَ الرِّجْسَ ما تَرْضَى بِهذا *** و لاذا القَوْلُ فِي ذا اليَوْمِ يُغْنِي
فَمَاتَتْ وَ هُيَ فِي حَرْقٍ وَ كَرْبٍ *** تُواصِلُ حَرَّ زَفْرَتِهَا بِغَيْنِ(1)
ص: 48
(بحر الكامل)
الأستاذ سعيد العسيلي العاملي(*)(1)
بَحْرَانِ بالإيمانِ يَلْتَقِيانِ *** عَجَباً وَ هَلْ يَتَعَانَقُ البَحْرانِ؟
هِيَ تِلْكَ مُعْجِزَةُ السَّمَاءِ وَ حِكْمَةٌ *** فِيهَا بِأَمْرِ اللَّهِ يَلْتَقِيانِ
وَ هُناكَ بَيْنَهُما بِظُهْرِ بَرْزَخٌ *** لايَبْغِيَانِ وَ فِيهِ رِفْعَةُ شَانِ
وَ اللَّهُ أَخْرَجَ بِالطَّهَارَةِ مِنْهُمَا *** دُرَرَ الكَمَالِ وَ رَوْعَةَ المِرْجَانِ(2)
نَزَلَتْ بِذلِكَ آيَةٌ قَدْ سُمِّيَتْ *** عَلَوِيَّةٌ فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ(3)
فِيها رَسُولُ اللَّهِ قِمَّةُ فَضْلِها *** وَ عَلِيُّ وَ الزَّهْرَاءُ وَ الحَسَنَانِ(4)
صَدَفُ البِحَارِ وَ إِنْ غَزَا أَعْمَاقَها *** يَرْسُو بِلُجَّتِهَا عَلَى اطْمِثْنَانِ(5)
ص: 49
صَعْبُ المَنَالِ يَضُمُّ دُرّاً غَالِياً *** أَثْمَانُهُ تَغْلُو عَلَى الأَثْمَانِ
وَاصْطَفَّ حَوْلَ البَحْرِ أَمْلاَكُ السَّما *** وَبِكُلِّ نَاحِيَةٍ مَشَى صَفَّانِ
وَتَمَخَّضَ البَحْرُ المُحِيطُ وَأُخْرِجَتْ *** أصْدَافُهُ وَغَدَتْ عَلَى الشُّطآنِ
رَقَصَتْ عَلَى وَتَرِ الدَّلالِ بِفَرْحَةٍ *** وَكَأَنَّهَا النَّسَمَاتُ بِالأَغْصَانِ
وَبَدا سَنا القَمَرَيْنِ يُشْرِقُ باسِماً *** فَوْقَ الثّرى وَالعَالِمِ النُّورانِي(1)
وُلِدَ الزَّكِيُّ فَمَرْحَباً بِوِلادَةٍ *** فَرِحَتْ بِها الأَيَّامُ فِي رَمَضَانِ(2)
رَیْحانَةُ الأَمَلِ المُشِعِّ لأَحْمَدٍ *** سَمْحُ السَّجَايا عَاطِرُ الأَرْدَانِ(3)
وَمَنَارُ أَحْلاَمِ الزَّمانِ وَبَهْجَةٌ *** لِلْمُصْطَفَى وَهْوَ الإِمَامُ الثَّانِي
عَيْنٌ بِهَا نَظَرَ الزَّمانُ إِلَى المَدَى *** فَرَأَى مَدَارَ الكَوْنِ فِي نُقْصانِ
مِيزَانُ عَدْلٍ لا يَتِمُّ بِكَفَّةٍ *** بِالكَفَّتَيْنِ عَدَالَةُ المِيزَانِ
شَعَّتْ بِآفَاقِ البِطَاحِ(4) مَنَارَةٌ *** أَنْوَارُها سَطَعَتْ عَلَى الأَكْوانِ
وُلِدَ الحُسَيْنُ ويا لَها مِنْ بَهْجَةٍ *** ضَحِكَتْ لَها الآمالُ فِي شَعْبَانِ
وَكِلاَهُما هُوَنَفْحَةٌ مِنْ فَاطِمٍ *** بِنْتُ الرَّسُولِ وَأَفْضَلُ النِّسْوَانِ(5)
ص: 50
وَمِنَ الوَصِيَّ طَهَارَةٌ قُدْسِيَّةٌ *** وَإِلَى رَسُولِ اللَّهِ يَنْتَميَانِ
سِبْطا مُحَمَّدِ وَالحَنِينُ يَشُدُّهُ *** لَهُمَا اشْتِدَادُ العَيْنِ لِلأَجْفَانِ(1) (2)
ص: 51
(بحر الكامل)
الأستاذ سعيد العسيلي العاملي(*)(1)
هذا عَلِيٌّ فِي السِّقَايَةِ دَائِبٌ *** يَسْقِي النَّخِيلَ بِدَاخِلِ البُسْتَانِ
وإِذَا بِابْنِ مَعَاذَ يُقْبِلُ نَحْوَهُ *** مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ مِنَ الخِلاَّنِ(2)
قَالاً لَهُ إِنَّ الزَوَاجَ مُحَلَّلٌ *** وَالنَّصُّ بَتَّ عَلَيْهِ فِي القُرْآنِ
لِمَ لا تُخَاطِبُ ابْنَ عَمِّكَ فِي الَّتِي *** أَمْسَتْ بِعُمْرِ الوَرْدِ وَالرَّيْحَانِ
فَتَكُونُ بِنْتُ المُصْطَفَى لَكَ زَوْجَةً *** مَعَهَا تَعِيشُ بِرَاحَةٍ وَأَمَانِ(3)
فَأَجابَ هَلْ سَيُوافِقُ الهَادِي عَلى *** ما أَبْتَغِي وَأَنَا الفَقِيرُ العَانِي؟
قالا لَهُ أَنْتَ الرَّبِيبُ لأَحْمَدٍ *** وَحَبيبُهُ وَأَخُوهُ مُنْذُ زَمانِ
ص: 52
وَبَدَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ ذَاكَ قَنَاعَةٌ *** جَعَلَتْ خَفَاياهُ عَلَى اطْمِئْنَانِ
لِمَ لاَ يُجَرِّبُ حَظَّهُ فَلَعَلَّهُ *** يَحْظَى بِمَا قَدْ صُدَّ عَنْهُ اثْنانِ
وَمَضَى يَسِيرُ بِمِشْیِهِ مُتَقلِّعاً *** كَالسَّيْلِ مُنصّباً عَلَى الوِدْيانِ
مُتَشَبِّهاً فِي سَيْرِهِ بِنَبِیِّهِ *** مِنْ غَيْرِ تَقْلِيدٍ وَلاَ نِسْيانِ
إِذْ إِنَّ خَلْقَهُما بِنُورٍ وَاحِدٍ *** بِمَشِيئَةٍ كَانَتْ مِنَ الرَّحْمَنِ
وَهُنَاكَ قُرْبَ البابِ قادَتْهُ الخُطَى *** وَفُؤَادُهُ يَشْتَدُّ بِالخَفَقَانِ
وَبِطَرْقَةٍ فِيها النُّعُومَةُ وَالحَيا *** دَفَعاهُ نَحْوَ البَيْتِ بِاسْتِئْذانِ
وَبِدَاخِلِ البَيْتِ الكَرِيمِ تَقَابَلَتْ *** عَيْنَاهُ فِي مَرْأَى النَّبِي العَدْنَانِ
ماذا يُريدُ عَلِيُّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ *** فِي بَسْمَةٍ مَشْحُونَةٍ بِحَنَانِ؟
فَأَجابَهُ وَبِرُغْمِ اسْتِحْيَائِهِ *** إِنِّي ذَكَرْتُ لِفاطِمٍ بِجِنانِي
قَالَ النَّبِيُّ وَمَرحباً بِخُطُوبَةٍ *** كَانَتْ بِأَمْرِ الوَاحِدِ الدَّيَّانِ
اِذْهَبْ بِدِرْعِكَ ثُمَّ بِعْهَا وَأُتِنِي *** بِالمالِ مَهْراً دُونَ أَيِّ تَوَانِ(1)
ص: 53
فأَطاعَ ثُمَّ الدَّرْعَ راحَ فَباعَها *** فِي خَمْسِمَائِةِ دِرْهَم رَنَّانِ
وَأَتَى بِهَا عِنْدَ الرَّسُولِ فَصَبَّها *** فِي حِجْرِهِ مِنْ غَيْرِ ما نُقْصانِ
وَدَعا رَسُولُ اللَّهِ كَامِلَ صَحْبِهِ *** فَأَذاعَ خُطْبَةَ سَبِّدِ الشُّجْعَانِ
إِذْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ وَحْيَهُ *** بَحْرانِ بِالإِيمانِ يَلْتَقِيانِ(1)
وَ هُما خُطُوبَةُ حَيْدَرٍ مِنْ فَاطِمٍ *** وَزَواجُهُ مِنْها عَلَى الإِيْمانِ (2)
يَا رَبِّ بارِكْ فِيهِما وَعَلَيْهِما *** وَاجْعَلْهُما خَيْراً عَلَى الأَكْوَانِ(3)
ص: 54
(بحر الطويل)
الشيخ سلمان البلادي البحراني
إِلَى كَمْ وُلُوعُ القَلْبِ بِالغَادَةِ الحَسْنَا *** وَ ذِكْرَى لَيَالِي وَصْلِ بُتْنَةَ أَوْ لُبْنَى
تَهِيمُ بِتَيْهاءِ الضّلالِ كَأَنَّما *** أَمِنْتَ الفَنا لَوْ قَدْ ضَمِنْتَ البَقا ضِمْنا(1)
فَجَافِ جُنُوبَ الحَزْمِ عَنْ مَضْجَعِ الهَوَى *** وَ عَنْ حَقٌّ تَقْوَى اللَّهِ لاتُعمِض الجَفْنَا(2)
فَهَذَا بِلالُ الشَّيْبِ حَيْعَلَ بِالسُّرَى *** وَ صَرَّحَ مَا الدُّنْيا لِمُسْتَوْطِنٍ سُكْنَى(3)
كَفَاكَ مِنَ الدُّنْيَا الغَرُور غُرُورُها *** قُروناً أَبَادَتْهَا وَ لَمْ تَأْتَلِفْ قَرْنا
تُعَوِّضُهُمْ بَعْدَ القُصُورِ قُبورَهُمْ *** وَ بَعْدَ هَناهُمْ حَسْرَةً لَمْ تَكُنْ تَفْنَى
فَكَمْ عَانَقُوا بَعْدَ الغَوَانِي جَوَامِعاً *** وَ لَمْ تُوحِش الآباء بالخَلْسِ لِلأَبْنا(4)
وَ لَوْ أَنَّها سَاوَتْ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ *** لَمَا اتَّخَذَتْهَا الأَوْلِيَاءُ لَهُمْ سِجْنا
وَ فِي غَدْرِهَا بِالمُصْطَفَى وَ بِآلِهِ *** سَلاطينها بُرْهانُ مِقْدارِها الأَدْنَى
لَهُمْ سَدَّدَتْ مِنْ أَقْوُسِ البَغْيِ أَسْهُماً *** أَصَمَّتْ وَ أَصْمَتْ لِلْهُدَى القَلْبَ وَ الأُذنا
فَكَمْ كَابَدَ المُخْتَارُ مِنْ قَوْمِهِ أَذًى *** يَهِيجُ أَسَى يَسْتَغْرِقُ السَّهْلَ وَ الحَزْنا(5)
ص: 55
فضَى نَحْبَهُ بِالسُّمُ وَ هُوَ مُعَالِجُ *** عَلَى رَغم أَنْفِ الدِّينِ سُقْماً لَهُ أَضْنَى
وَ قَدْ قَلَبَتْ ظَهرَ المِجَنْ لِحَيْدَرٍ *** فَكَمْ زَفَرَةِ أَبْدَى وَ كَمْ غُصَّةٍ جَنَا
يُسَبُّ عَلَى الأَعْوَادِ وَ هْوَ عَمِيدُها *** وَ رَبُّ الوَرَى فَرْضَ الوَلاءَ لَهُ سَنَّا
كَسَاهُ نَسِيجَ الدَّم سَيْفُ ابْنِ مُلْجَمٍ *** وَ كَمْ أَلْبَسَ الأَبْطَالَ مِنْ دَمِهَا الأَقْنَى(1)
وَ مَحْدُومَةُ الأَمْلاكِ سَيِّدَةُ النِّسَا *** سَلِيلَةُ خَيْرِ الخَلْقِ وَ الدُّرَّةُ الحَسْنا
أَتَاحَتْ لَهَا كَهْفُ العِدَى غُصَصَ الرَّدَى *** وَ ذَاقَتْ لَهَا سُمّاً مِنَ الحِقْدِ وَ الشُّحْنَا(2)
بِضَرْبٍ وَ ضَغَطٍ وَ اغْتِصَابٍ وَ ذِلَّةٍ *** وَ كَانَ حِمَاهَا العِزَّ وَ الأمْنَ وَ الحِصْنَا
عَلَى دَارِها دَارُوا بِجَزْلٍ لِحَرْقِهَا *** وَ كَانَتْ بِهَا الأمْلاَكُ تَلْتَمِسُ الإذْنَا(3)
وَ مِنْ بَعْلِهَا الهَادِي اسْتَحَلُّوا مُحَرَّماً *** كَمَا حَرَمُوها نِحْلَةَ المُصْطَفَى ضِغْنا
تَعَاوَتْ لِشِبْلَيْها كِلاَبٌ تَهِرُّ فِي *** وِ جَارٍ لَهَا فَاسْتَشْعَر الهُونَ وَ الوَهْنا
وَ مَا بَرِحَتْ مِنْ بَعْدِ حَامِي ذِمَارِها *** مُعَصَّبَةً رَأْساً وَ مُنْهَدَّةً رُكنا
عَلِيلَةَ جِسْمِ لِلنُّحُولِ مُلازِمٌ *** لِفَرْطِ الضَّنَا حَتَّىٰ حَكَىٰ قَلْبُهَا الْمُضْنَىٰ
إِذَا ذُكِرَتْ حَالاًتُهَا فِي حَيَاتِهِ *** تُؤَجَّجُ نَارُ الفَقْدِ فِي قَلْبِهَا حُزْنا
فَتَبْكِيهِ و الحِيطَانُ تَبْكِي لِصَوْتِهَا *** فَمَا بُقْعَةٌ إِلَّا وَ عَبْرَتُها سَخْنا
إِلَى أَنْ أَرَادَتْ رُوحُها العَالَمَ الَّذِي *** بَدَتْ مِنْهُ وَ اشْتَاقَتْ لِمَوْرِدِها الأَسْنَى
فَفَارَقَتِ الدُّنْيَا كَرَاهَةً لَبْئِهَا *** وَ رَافَقَتِ الأُخْرَى وَ غَايَتُهَا الحُسْنَى
فَنَاحَ لَهَا المِحْرَابُ إِذْ غَابَ نُورُهُ *** بِفُقْدَانِهَا وَ اسْتَبْدَلَ الطَّحْيَةَ الدَّجْنَا(4)
وَ عَيْنُ اللَّيَالِي أَفْرَحَ الدَّمُ جَفْنَها *** عَلَى أَنَّهَا تُحْيِي بِأَذْكَارِهَا وَهُنا
وَ بِشْرُ النَّهَارِ انْهَارَ طَوْدُ ضِيَائِهِ *** وَ عَادَ سِراراً وَجْهُهُ النَّيِّرُ الأَسْمى
وَ زَهْرَةُ ذِي الدُّنْيا ذَوَى غُصْنُ دَوْحِهَا *** لِفُقْدَانِهَا المَاءَ الَّذِي يُزْهِرُ الغُصْنا
ص: 56
وَ شَمْسُ النَّهَارِ اسْوَدَّ بِالكَسْفِ وَجْهَهَا *** وَ جَلَّلَ بَدْرَ التّم خَسْفٌ بِهِ اكْتَنا(1)
فَيَا غَبْنَةَ الدُّنْيَا لِغَيْبَةِ فَاطِمٍ *** فَصَفْقَتُهَا مِنْ بَعْدِ صَفْقَتِهَا غَبْنَا
لِيَبْكِ عَلَيْهَا بِالعَفَافِ صَلاتُها *** وَ حُسْنُ صَلاةِ بِالظَّلامِ إِذا جَنَّا
لِتَبْكِ المَعَالِي الزُّهْرُ إِذْ غَابَ نُورُها *** بِغَيْبَةِ زَهْرِ الكَوْنِ عَنْ ذلِكَ المَعْنَى
وَ مَنْ ذَا يُعَزّي المُرْتَضَى بِقَرِينَةٍ *** لَقَدْ كَسَرَتْ مِنْ رَأْسِ شَوْكَتِهِ قَرْنَا؟
وَ مَنْ ذَا يُعَزَّي الأَحْسَنَيْنِ بِفَادِحٍ *** نَفَىٰ عَنْ حِسَانِ المَكْرُمَاتِ أَسَى حُسْنا؟
وَ مَنْ ذا يُعَزَّي رَبَّةَ الحُزْنِ زَيْنَبَاً *** فَمَا بَرِحَتْ مِنْ بَعْدِها ثَاكِلاً حَزْنا؟
فَيَا غِيرَةَ اللَّهِ اغْضَبِيْ مِنْ مُصِيبَةٍ *** أَصَابَتْ لِدَانِي قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى
بِبَضْعَتِهِ الزَّهْرَا الَّتِي لَمْ يَزَلْ بِهَا *** يَشِيدُ ثَنَاهُ طَبَقَ الإِنْسِ وَ الجِنَّا(2)
أَتَقْضِي بِرَغْمِ الدِّينِ مَظْلُومةً وَ لَمْ *** تَنَلْ فِي سِوَى اللَّيْلِ البَهِيمَ لَهُ دَفْنَا؟
وَ يُسْتَرُ مِنْ خَوْفِ العِدَى جَدَتْ لَهَا *** وَ قَبْرُ عِدَاهَا ظَاهِرٌ شَاهِرُ يُعْنَى(3)
فَأَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ يَنْظُرُ جِسْمَها *** كَسَا السَّوْطُ مِنْهَا الظَّهْرَ وَ البَطْنَ وَ المَتْنَا؟(4)
وَ أَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ يَنْظُرُ ضِلْعَها *** يُكَسْرُهُ بَاغِ قَدِ اسْتَوْجَبَ اللَّعْنا؟(5)
وَ أَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ يَنْظُرُ مُحْسِناً *** وَ قَدْ أَسْقَعُوهُ قَبْلَ أَنْ يُحْمِلَ السَّنَّا؟(6)
ص: 57
(بحر الخفيف)
الأستاذ شفيق العبادي
علّمينا فقد سئِمنا الهوانا *** كيف يرقى إلى علاكِ مَدانا؟
كيفَ نسمو إليكِ يحدو بنا الشوقُ، *** و يعلو ذرى النجومِ عُلانا ؟
كيفَ نحيا و فوقنا يهتفُ العزّ *** و تمشي نحو السماءِ خُطانا؟
و نواري بعزمنا وإبانا *** حاضراً عائرَ الخُطى خزيانا
عقمتُ فيهِ للفضيلةِ رحمٌ *** و انطوى أمسُهُ العزيزُ مُهانا
***
کیفَ شاختْ بنا الأماني و كانتْ *** صرخاتُ الأمجاد رجعَ صدانا ؟
كيفَ أودى بنا الشتاتُ وعدنا *** يعثر الدربُ و الطريقُ سرانا؟
كيف يدنو إلى رحابك فكرٌ *** شَلَّهُ الوهمُ فانطوى و استكانا؟
و يغنّي -كما أردت- يراعٌ *** نسلَ الخوفَ من لهاهُ اللِّسانا
علّمينا فقدْ تهاوى عُلانا *** و كبا المجدُ صادياً ظمآنا
يا بنةَ المصطفى و غرسَ المعالي *** و صدى الحقِّ في ضميرِ سمانا
***
و صدى الحقِّ لم يزل يملأُ *** الآفاق شدواً و يُرهف الآذانا
و نسيجُ العفافِ تغزل منهُ *** مريمُ الطهرُ للتُّقى أرادنا
لكِ في خاطرِ المحبين يوم *** ملكَ القلبَ منهُمُ و الجنانا
***
ص: 58
کم وقفنا علیه نستلهمُ الذكرى *** و نحيي شروقَهُ مِهرجانا
«و نساقيه من كؤوسِ القوافي» *** خمرةَ الحبِّ و الوفاءِ دِنانا
و نفدْيه بالنفوسِ إذا ما *** أمَلَ البغيُ أن يهيضَ ولانا
طالعتنِي ذكراهُ تفترش الأُفق *** على مفرقِ الروْى عنوانا
و مشتْ بي إلى الوراءِ عصوراً *** شمتُ فيها وجهَ النبي عِيانا
حيث أحنى عليكِ مذ لحتِ نوراً *** منه يضفي على المدى إيوانا
و رأى فيكِ للرسالةِ ينبوعاً *** سيُثرِي معينُه الأزمانا
و تباهي بكِ الوجودُ و لم لا *** حيثُ لولاكِ ما استقامَ وكانا
***
و تلقاكِ طرفهُ راعفَ الجفن *** و قد كان خاشعاً وسْنانا
فنثرتِ الرجاء في نفسهِ *** الحيرى و أثلجتِ قلبَهُ الحرّانا
و فرشتِ الغدَ المهوم في الأفق *** على ضفةِ الرؤى ريحانا
يا بنةَ المصطفى وحسبُ منانا *** أن يرى عندكِ الولاء مَكانا
أتملاَك همسةً من جنونِ *** العشق تحدُو بخافِقي ألحانا
أسرتِ باحة الفؤاد فأرخى ** في يديِها كما تحبّ العنانا
***
أرهقت كبرياؤها عنت الدهر *** و أوهى صمودُها الأزمانا
كلّما شفّها الغرامُ تغنّتْ *** فأهاجتْ بشدوِها الأكوانا
و إذا مسّها الشعورُ تراءتْ *** فكرةً تملأُ الوجودَ بيانا
أتعبتْ مبدعاً و أقصت يراعاً *** و أهاضتْ فكراً و شلتْ لِسانا
یا بنةَ المصطفى ستبقين درباً *** يهب السائرينَ فيه الأمانا
و ستبقى ذكراكِ في مسمعِ الدهر *** نشيداً حلوَ البيانِ مصانا
ص: 59
كلما راعها المخاضُ بصبحٍ *** رقص الدهرُ حولَهُ نشوانا
و إذا أبطأ الزمانُ أطلّت *** من كُوى الخلدِ تستحثّ الزمانا
و احتضانُ الرسالة البكرِ طفلاً *** ذبت فيها مودةً وحنانا
فزكتْ بذرةً و طابت جذوراً *** و اشرأبتْ عبرَ المدى أغصانا
***
و رمالُ البطحاءِ تحضنُ *** للتاريخ فصلاً مضمخاً أشجانا
کم شرِبنا به الضنى و حملنا *** غصصَ الدهرِ في الحشا بركانا
***
واحتملنابه الهجيرَ و أرضُ *** الحقدِ تغلي رمالُها نیرانا
و عبرنا بهِ الرياح فما هيض *** جناحُ و لاخَفَضْنا بنانا
و الهديرُ الذي ملأَ الأرض *** دوياً قد استحالَ دخانا
علّمينا فقد سئمنا الهوانا *** كيف يدنو إلى علاكِ مَدانا
***
ص: 60
(بحر البسيط)
السيد صالح الحلي (*)(1)
لَوْ أَنَّ دَمْعِي يُطْفِي نَارَ أَشْجَانِي *** أَذَلْتُ دَمْعِيَ مِنْ قَلْبِي بِأَجْفَانِي(2)
أَوْ أَنَّ صَبْرِيَ يُجْدِينِي لَعُذْتُ بِهِ *** لكِنَّما مَلَّنِي صَبْرِي وَ سِلْوانِي
وَ كَيْفَ أَلْقَى سروراً وَ البَتُولُ بَنَى *** لَهَا عَلِيٌّ جِهاراً (بَيْتَ أَحْزَانِ)؟(3)
مَاتَتْ وَ لَمْ يَشْهَدُوا لَيْلاً جِنَازَتَها *** سِوَى (عَلِيٌّ وَ عَمَّارٍ وَ سَلْمَانِ)(4)
وَ فِي (الصَّحِيح) رَوَوْا أَنَّ النَّبِيَّ بِهَا *** قَدْ قَالَ فَاطِمَةٌ رُوحِي وَ جُثْمَانِي(5)
ص: 61
وَ أَنَّهَا قَدْ قَضَتْ غَضْبَى عَلَى (نَفْرِ) *** فَقَوْلُهُمْ وَ شَنِيعُ الْفِعْلِ ضِدّانِ(1)
لَمْ نَدْرِ مَا السِّرُّ أَنْ تُبْتَزَ بَضْعَتُهُ *** جَهْراً وَ تُدْفَنَ فِي سِرِّ وَ كِتْمَانِ(2)
قَدْ أَسَّسَ الظُّلْمَ فِي الإِسْلَامِ (أَوَّلُهَا) *** وَ قَدْ أَزَادَ عَلَى مَا أَسَّسَ (الثَّانِي)
(وَثَالِثُ القَوْم) يَهْدِي مِثْلَ هَدْيهِمَا *** وَ عَنْهُ قَدْ أَخَذَتْ (أَبْنَاءُ سُفْيَانِ)
وَ بَدَّلَتْ سُنَنَ الإِسلام فِي بَدَعٍ *** وَ أَحْكَمَتْ مَا اشْتَهَتْهُ (آلَ مَرْوَانِ)(3)-(4)
ص: 62
(بحر الكامل)
الشيخ صالح الكواز
هَلْ بَعْدَ مَوْقِفِنا عَلَىٰ يَبْرِينِ *** أُحْيِي بِطَرْفِ بِالدُّمُوعِ ضَنِينِ؟(1)
وَادٍ إِذَا عَايَنْتُ بَيْنَ طُلُولِهِ *** أَجْرَيْتُ عَيْنِي لِلظَّباءِ الْعِينِ
لَمُ تَخْبٌ نارُ قَطِيئَةٍ حَتَّى ذَكَتْ *** نَارُ الْفِرَاقِ بِقَلْبِيَ المَحْزُونِ(2)
وَ ابْتَاعَ جِدَّتَهُ الزَّمَانُ بِمُخْلَقٍ *** وَ رَمَى حِمَاهُ بِصَفْقَةِ المَغْبُونِ(3)
قَالَ الحُداةُ وَ قَدْ حَبَسْتُ مَطِيَّهُمْ *** مِنْ بَعْدِ مَا أَظْلَقْتُ مَاءَ شُؤُونِي
مَاذَا وُقُوفُكَ فِي مَلاعِب خُرَّدٍ *** جَدَّ العَفاءُ بِرَبْعِها الْمَسْكُونِ(4)
وَقَفُوا مَعِي حَتَّى إِذَا مَا اسْتَيْأَسُوا *** خَلَصُوا نَجِياً بَعْدَمَا تَرَكُونِي
فَكَأَنَّ يُوسُفَ فِي الدِّيارِ مُحَكُمٌ *** وَ كَأَنَّنِي بِصُواعِهِ اتَّهَمُونِي
وَيْلاهُ مِنْ قَوْمٍ أَسَاؤُوا صُحْبَتِي *** مِنْ بَعْدِ إِحْسانِي لِكُلِّ قَرِينِ
قَدْ كِدْتُ لَوْلاَ الحِلْمُ مِنْ جَزَعِي لِمّا *** أَلْقَاهُ أَصْفِقُ بِالشِّمَالِ يَمِينِي
لكِنَّمَا وَ الدَّهْرُ يَعْلَمُ أَنَّنِي *** القَى حَوَادِثَهُ بِحُلْم رَزِينِ
قَلْبِي يَقِلُّ مِنَ الهُمُوم جِبَالَها *** وَ نَسِيخُ عَنْ حَمْلِ الرَّدِاءِ مُتُونِي
ص: 63
وَ أَنَا الَّذِي لاَأَجْزَعَنُ لِرَزِيَّةٍ *** لَوْلاً رَزَايَاكُمْ بَنِي يَاسِينِ
تِلْكَ الرَّزَايَا الْبَاعِثَاتُ لِمُهْجَتِي *** مَا لَيْسَ يَبْعَثُهُ لَظَى سِجِّينِ(1)
كَيْفَ الْعَزَاءُ لَهَا وَ كُلُّ عَشِيَّةٍ *** دَمُكُمْ بِحُمْرَتِهَا السَّمَاءُ تُرِينِي؟
وَ الْبَرْقُ يُذْكِرُنِي وَ مِيضَ صَوَارِمٍ *** أَرْدَتْكُمُ فِي كَفَّ كُلِّ لَعِينِ
وَ الرَّعْدُ يُعْرِبُ عَنْ حَنِينِ نِسَائِكُمْ *** فِي كُلِّ لَحْنٍ لِلشُّجُونِ مُبِينِ
يَنْدُبْنَ قَوْماً مَا هَتَفْنَ بِذِكْرِهِمْ *** إِلأَتَضَعْضَعَ كُلُّ لَيْثِ عَرِينِ
السَّالِبِينَ النَّفْسَ أَوّلَ ضَرْبَةٍ *** وَ الْمُلْبِسِينَ الْمَوْتَ كُلَّ طَعِينِ
لَوْ كُلُّ طَعْنَةِ فَارِسٍ بِأَكُفِّهِمْ *** لَمْ يَخْلُقِ المِسْبَارُ لِلْمَطْعُونِ(2)
لاعَيْبَ فِيهِمْ غَيْرُ قَبْضِهِمُ اللُّوا *** عِنْدَ اشْتِبَاكِ السُّمْرِ قَبْضَ ضَنينِ
سَلَكُوا يحاراً مِنْ دِمَاءِ أُمَيَّةٍ *** بِظُهُورِ خَيْلٍ لاَبُطُونِ سَفِينِ
مَا سَاهَمُوا الْمَوْتَ الزُوْامَ وَ لَااشْتَكُوْا *** نَصَباً بِيَوْمِ بِالرَّدَى مَقْرُون(3)
حَتَّى إِذَا الْتَقَمَتُهُمُ حُوتُ الْقَنا *** وَ هُيَ الأَمَانِي دُونَ خَيْرٍ أَمِينِ
نَبَذَتْهُمُ الهَيْجاءُ فَوْقَ تِلاَعِهَا *** كَالنُّونِ يَنْبُذُ بالعرا ذَاالنُّونِ(4)
فَتَحالُ كُلأ ثمَّ يُونُسُ فَوْقَهُ *** شَجَرُ الْقَنَا بَدلاً عَنِ الْيَقْطِينِ(5)
خُذْ فِي ثَنَائِهِمُ الْجَمِيلِ مُقَرِّضاً *** فَالْقَوْمُ قَدْ جَلُّوا عَنِ التَّأْبِينِ(6)
هُمْ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ وَ الْقَتْلَى الأَلَى *** مُدِحُوا بِوَحْيِ فِي الْكِتَابِ مُبِينِ
لَيْتَ المَوَاكِبَ وَ الْوَصِيُّ زَعِيمُهَا *** وَقَفُوا كَمَوْقِفِهِمْ عَلَى صِفِّينِ
ص: 64
بالطَّفْ كَيْ يَرَوُا الأَلَى فَوْقَ الْقَنا *** رُفِعَتْ مَصَاحِفَهَا اثْقاءَ مَنُونِ
جَعَلَتْ رُؤُوسَ بَنِي النَّبِيِّ مَكَانَها *** وَ شَفَتْ قَدِيمَ لَوَاعِجِ وَ ضَغونِ(1)
وَ تَتَبَّعَتْ أَشْقَى ثَمُودَ وَ تُبَّعَ *** وَ بَنَتْ عَلَى تَأْسِيسِ كُلِّ خَؤُّونِ
ألْوَاثِبِينَ لِظُلْم آلِ مُحَمَّدٍ *** وَ مُحَمَّدٌ مُلْقَى بِلاتَكْفِينِ
وَ الْقَائِلِينَ لِفَاطِم آذَيْتِنا *** فِي طُولِ نَوْحٍ دَائِمٍ وَ حَنِينِ(2)
وَ الْقَاطِعِينَ أَراكَةً كَيْلاً تَقِيلْ *** بِظِلِّ أَوْرَاقٍ لَهَا وَ غُصُونِ
وَ مُجَمْعِي حَطَبٍ عَلَى الْبَيْتِ الَّذِي *** لَمْ يَجْتَمِعْ لَوْلاهُ شَمْلُ الدِّينِ(3)
وَ الدَّاخِلِينَ عَلَى الْبَتُولَةِ بَيْتَها *** وَ المُسْقِطِينَ لَهَا أَعَزَّ جَنِينِ(4)
وَ الْقَائِدِينَ إِمَامَهُمْ بِنِجَادِهِ *** وَ الطَّهْرُ تَدْعُو خَلْفَهُمْ بِرَنِينِ(5)
خَلُّوا ابْنَ عَمِّى أَوْ لأَكْشِفَ فِي الدُّعا *** رَأْسِي وَ أَبْدِي لِلإلهِ شُجُونِي
مَا كَانَ نَاقَةُ صَالِحٍ وَ فَصِيلُها *** فِي الْفَضْلِ عِنْدَ اللَّهِ إِلا دُونِي
وَ رَنَتْ إِلَى الْقَبْرِ الشَّرِيفِ بِمُقْلَةٍ *** عَبْرَى وَ قَلْبِ مُکْمَدٍ مَحْزُونِ
قَالَتْ وَ أَظْفارُ الْمُصابِ بِقَلْبِهَا *** غَوْثاهُ قَلَّ عَلَى العُدَاةِ مُعِيني
أَبَتاهُ هُذَا السَّامِرِيُّ وَ عِجْلُهُ *** تُبِعَا وَ مَالَ النَّاسُ عَنْ هَارُونِ
أَيُّ الرَّزَايَا أَتَّقِي بِتَجَلُّدٍ *** هُوَ فِي النَّوَائِبِ مُذْ حَبِيتُ قَرِينِي؟(6)
ص: 65
فَقْدِي أَبِي أَمْ غَصْبٍ بَعْلِي حَقَّهُ *** أَمْ كَسْرِ ضِلْعِي أَمْ سُقُوطِ جَنِينِي(1)
أَمْ أَخْذِهِمْ إِرْثِي وَ فَاضِلِ نِحْلَتِي *** أَمْ جَهْلِهِمْ حَقِّي وَ قَدْ عَرَفُونِي(2)
فَهَرُوا يَتِيميكَ الْحُسَيْنَ وَ صِنْوَهُ *** وَ سَأَلْتُهُمْ حَقي وَ قَدْ نَهَرُونِي
بَاعُوا بَضَائِعَ مَكْرِهِمْ وَ بِزَعْمِهِمْ *** رَبِحُوا وَمَا بِالْقَوْمِ غَيْرُ غَبِينِ
وَإِذَا أَضَلَّ اللَّهُ قَوْماً أَبْصَرُوا *** طُرُقَ الْهِدَايَةِ ضَلَّة فِي الدِّينِ(3)
ص: 66
(بحر الكامل)
الملك الصالح نصير الدين
طلائع بن رزيك(*)(1)
لَوْلا قِوامُكَ يا قَضِيب البانِ *** لَمْ يَحْسُنِ القُضْبانُ فِي الكُثْبانِ(2)
وَ لَوْ أَنَّ رِيقَكَ لَمْ يَذُقْهُ ذَائِقٌ *** ما طابَ طَعْمُ المَاءِ لِلْعَطْشَانِ
فَانْهَ العَذُولَ عَنِ المَلَامِ وَ قُلْ لَهُ: *** إِنَّ المَلَامَ عَنِ السُّلُوِّ نَهَانِي
وَ الحُبُّ، لابِالرَّأْيِ يَنْجُوهارِبٌ *** مِنْهُ و لابِشَجَاعَةِ الشُّجْعَانِ
هُمَا بِخَصْرٍ كانَ لَوْلا لِيْنُهُ *** يَنْقَدُّ تَحْتَ مَعاقِدِ الهِمْيان(3)
وَ بِسِحْرِ أَجْفانِ سَرافِينا وَ لَمْ *** نَعْلَمْ كَسَرْيِ النَّوْمِ فِي الأَجْفانِ
إِنْ قال: قَدْ لأحَتْ عذاراهُ عَلَى *** وَ جَناتِهِ وَ هُمَا، لَنا غدرانِ
أَوْ كانَ يُوسُفَ أَوْلاً فِي عَصْرِهِ *** لا فِي مَلَاحَتِهِ فَهَذا الثَّانِي
أَوْ حَالَفَ الأَحْزَانَ يَعْقُوبُ بِهِ *** فَأنا الكَرِيمُ بِحَالِفِ الإِحْسَانِ
أَنْهَبْتُ مَنْ يَرْجُو نَدَى كَفِّي وَ مَا *** أَنْهَبْتُ خَيْلِي مِنْ ذَوِي التِّيجانِ
وَ جَعَلْتُ مُلْكِي دُونَ مُلْكِي جُنَّةً *** يَحْمِيهِ حَدُّ نَوَائِبِ الحَدَثَانِ(4)
ص: 67
وَ العِزُّ لَيْسَ يَحِلُّ فِي أَوْطَانِهِ *** حَتَّى يَحِلَّ المَالُ دَارَ هَوَانِ
عَمَّلْتُ خَيْلِي حِينَ رُضْتُ حِمامَها *** أَنْ تَهْتَدِي بِكَوَاكِبِ الخِرْصَانِ(1)
وَ سَلَكْتُ فِي حَرْبِي ثَلاثَةَ أَنْصُلٍ *** مِنْ عَزْمَتِي، وَ مُهَنَّدِي، وَ لِسانِي(2)
وَ تَحقَّقَ الأَعْداءُ إذْ وَاجَهتُهُمْ *** أَنْ لَيْسَ حِصْنِي غَيْرَ ظَهْرِ حِصانِي
لَوْ لَمْ يَكُنْ لِي مَفخراً أَسْمُو بِهِ *** الاَّ ولاِئي لِلنَّبِيِّ، كَفَّانِي
قالَ النَّبِيُّ : لَنَا الكِتَابُ وَ عِتْرَتِي *** مِنْ أَهْلِ بَيْتِي لَيْسَ يَفْتَرِقانِ(3)
أَبَداً كَأَنَّهُما إِلَى أَنْ يَأْتِيا *** حَوْضِي وَ ضَمَّ بَنَانَهُ هاتان
وَ بِحَسْبِ حُبِّهِمُ قَدِيماً أَنَّهُ *** عُرِفَ النّفاقُ بِهِ مِنَ الإيمانِ
وَإِذَا رَوَى قَوْمٌ فَضَائِلَ غَيْرِهِمْ *** رُويت فضائلهم من القرآنِ
جَهِلُوا فَظَنُّوا أَنَّهُمْ كَسِوَاهُمُ *** حَتَّى أَتَى الفُرْقَانُ بِالفُرْقَانِ
يَا أَيُّها الإِنْسَانُ إِنْ تَكُ جاهلاً *** فاسْأَلْ بِهِم هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ
ما يَسْتَوِي مَنْ يَعْبُدُ الأَوْثَانَ إِنْ *** أَنْصَفْتَهُمْ، وَ مُكَسِّرُ الأَوْثَانِ
كَلاً وَ لاَمَنْ لايُجِيبُ مُسائِلاً *** عن مُشْكلٍ وَ مُكَلِّمُ الثُّعْمَانِ
كَمْ بَيْنَ مُخْتَلِفَيْنِ فِي حَالَيْهِما *** فِي سَائِرِ الأَوْقاتِ وَ الأزمانِ
هذا يُعَاذُ بِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ إِذْ *** يَعْتاذُ ذا مَسٌ مِنَ الشَّيْطَانِ
وَ بِيَوْم (خَيْبَرَ) إِذْ تَقَهُقَرَ أَوَّلٌ عَنْ *** حَوْمَةِ المَوْتِ الرُّوَامِ وَ ثَانِي(4)
لَمْ يُخْفٌ فَضْلُ الأَرْمَدِ العَيْنَيْنِ فِي *** غَمَراتِهِ عَمَّن لَهُ عَيْنَانِ(5)
ص: 68
ما كانَ فِي أَقْرانِهِ مُنْذُ الصِّبا *** أَحَدٌ سِوَاهُ، مُبارِزُ الأَقْرَانِ
أيَّامَ عَمْرُو العامِرِيُّ مُجهزٌ *** فِي الصَّفْ يَقْدُمُ أَوَّلَ الفُرْسانِ
أَفَغَيْرُهُ مِنْهُمْ يَقُولُ كَقَوْلِهِ *** إِنْ كَانَ يَسْمَعُ مَنْ لَهُ أُذُنَانِ؟
أللَّهُ رَبِّي ما عَبَدْتُ سِواهُ *** فِي عَصْرِ الصَّبا، و (مُحَمَّدٌ) رَبَّانِي
تاللَّهِ ما أَصْهارُهُ وَ نِسَاؤُه *** يَوْمَ الفَخَارِ وَ أَهْلُهُ سِيَانِ
أَوْلاهُمُ بالمُصْطَفَى فِي النَّاسِ مَنْ *** هُوَ، دُونَهُمْ وَ المُصْطَفَى إِخْوانِ
ما باهَلَ المُخْتَارُ أَهْلَ خِلافِهِ *** فِي دِينِهِ، بِفُلانَةٍ وَ فُلانِ
کَلاً، و لاصَلَّى وَ تِلْكَ وَ غَيْرِها *** مَعَهُ بِجُنْحِ اللَّيْلِ فِي الأَرْدانِ(1)
ما كانَ إِلا المُرْتَضَى في المرطِ *** بالإجماع، وَ الزَّهْراءُ، و السِّبطانِ(2)
أَفَخَرْتُمُ (بالغارِ) لَمَّا حَلَّهُ، مَعَهُ *** امرؤٌ فِي صَفْهِ وَ أَمانِ
وَ نَسِيتُمُ مَنْ بَاتَ فَوْقَ فِرَاشِهِ *** مُتَعَرِّضاً لِشِفَارِ كُلِّ يَمَانِ(3)
ما كانَتِ (الشُّورى) الَّتِي قَدْ لُفَقَتْ *** أَخْبارُها بِالزَّوْرِ وَالبُهتان
إِلا كَيَوْمِ بِالسَّقِيفَةِ شُیَّدَتْ *** فِيهِ مَبانِي الظُّلْمِ وَ العُدْوانِ
يَتَمَسْكُونَ لَهُمْ بِبَيْعَةِ فَلْتَةٍ *** وَ بِهَا نَقَضْتُمُ بيعَةَ الرِّضْوانِ
وَ رَوَيْتُمُ أَنَّ الوَصِيَّ أَجَابَهُمْ *** كُرْهاً، وَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى العِصْيانِ
وَ الطُّهْرُ (فاطِمَةٌ) يُشَالُ لِبَيْتِها *** مِنْ أَجْلِهِ قَبَسٌ بِرَأْسِ سِنَانِ
أَفَمُنْقِذْ لَهُمُ مِنَ النِّيرَانِ مَنْ *** حَمَلُوا إِلَى ابْنَتِهِ لَظَى النِّيرانِ؟(4)
جَهَلُوا، وَ دِينُ الجَاهِلِيَّةِ فِيهِمُ *** باقٍ فَظَنُّوها مِنَ القُرْبانِ
ص: 69
وَ أَتَى ابْنُ هِنْدِ بَعْدَهُمْ فَأَثَارَ ما *** أَخْفَوْا مِنَ الأَحْقَادِ وَ الأَضْغَانِ(1)
وَغَدا يُنَازِعُهُمْ يَزِيدُ كَأَنَّما *** وَرِثَ الخِلافَةَ مِنْ أَبِي سُفْيَانِ
وَ اذْكُرْ ألالِ القَوْمِ إِذْ فَعَلُوا بِهِمْ *** أَضعاف ما فَعَلَتْ بَنُومَرْوَانِ
لاَحُرْمَةُ الإِيْمَانِ رَاعَوْهَا وَ لَمْ *** يُوفُوا بِمَا شَرَطُوا مِنَ الإِيمَانِ
وَ لَوَ أَنَّهُمْ كَانُوا نَصَارَىٰ عَظَّمُوا *** قَدْرَ الَّذِينَ لَقُوا مِنَ الرُّهْبَانِ
وَ بَنُو النَّبِيِّ المُصْطَفَى *** أَعْضاؤُه فِيكُمْ فَعُدُّوها مِنَ الصُّلْبانِ
أَوْ مِثْلَ حافِرِ غير عِيسَى إِنَّهُمْ *** جَعَلُوهُ قِبْلَتَهُمْ بِكُلِّ مَكانِ(2)-(3)
ص: 70
(بحر الرمل)
الشيخ عبد الستار الكاظمي(*)(1)
أحْرَقُوا الدَّارَ عَلَى فَاطِمَةٍ وَ الحَسَنَيْنْ
وَ رَسُولُ اللَّهِ أَوْصَاهُم بحِفظِ الثَّقَلَينْ(2)
***
بَعْدَ مَا أَوْصَى النَّبِيُّ المُصْطَفَى أُمَّتَهُ
بِوَصاياهُ التِي أَمْلَى بِهَا حِكْمَتَهُ
أَكَدَ الإِبْلاغَ فِي أَنْ يَحْفَظُوا عِتْرَتَهُ
وَإِذَا بِالقَوْمِ خَانُوا أَمْرَهُ عَيْناً بِعَيْنْ
***
حَارَبُوا حَيْدَرَ بَعْدَ المُصْطَفَى لَمّا مَضَى
كَانَ فِي تَكْلِيفِهِ مُوصَى لِمَحْتُومٍ القَضَا
ص: 71
فَرَأَوْهُ صَابِراً عَنْهُمْ عَلِيَّ المُرْتَضَى
فَعَتَوا مُذْ حَاصَرُوا بَيْتَ أميرالمُؤمِنِينْ(1)
***
حَاصَرُوا الدَّارَ لِثَارِ عَنْ ضَحَايَا مِنْ بَدِرْ
بَدَّلُوا الإِسْلامَ بِالكُفر لأمر قَدْ قُدِرْ
ضَرَبُوا الزَّهْرَاءَ بالسَّوْطِ فَهَلْ مِنْ مَدَّكِرْ
لِيَرَى الكُفْرَ تَجَلَّى فِي وُلاةِ المُسْلِمِينْ
***
رَوَّعُوا الزَّهْرَاءَ فِي الدَّارِ فَيَا لِلْعَجَبِ
أَوَ لَيْسَتْ فَاطِمٌ فِي دِينِهم بِنْتُ النَّبِي؟
فَلِمَاذَا أَمْرَمُوا النَّارَ بذَاكَ القَصَبِ؟
هَلْ رَسُولُ اللَّهِ أَوْصَاهُمْ بِحَرْقِ الطَّاهِرِينُ؟
***
رَوْعُوها يَوْمَ كَانَتْ لأَبِيهَا فِي عَزاءْ
أحرقوا الدَّارَ عَلَيْهَا وَ أَجَدُّوا فِي العِدَاءْ
فَعَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الجَزَاءْ
يَوْمَ يَأْتِي النَّاسُ فِي الحَشْر لِرَبِّ العَالَمِينْ
***
ثُمَّ لاذَتْ فَاطِم بِالبَابِ دَفْعاً لِلْخَطَرْ
فَعَلَيْهَا أَظبَقُوا البَابَ بِأَمْرِ مِنْ عُمَرْ
ص: 72
أَنَّتِ الزَّهْرَاءُ يَا فِضَّةُ ذا ضِلْعِی انْكَسَرُ
سَنِّدِيني سَنِّديني أَسْقَطُوا مِنِّي الجَنِينْ
***
بأَبِي مَكْسُورَةَ الضّلْع وَ فِي الصَّدْرِ انْحَنَى
بِأَبِي مِنْ عَصْرَةِ البَابِ فَأَلْقَتْ مُحْسِنا
سَقَطَتْ لَمّا أُذِيقَتْ مَا أُذِيقَتْ مِحَنا
وَ عَلَيْهَا ضَجَّتِ الأَمْلاَكُ فِي العَرْشِ المَكِينْ
***
قَضَتِ الزَّهْرَاءُ ظُلْماً ثُمَّ مَاتَتْ فِي الأَسَى
أَنَّتِ الدُّنْيَا وَ صَارَ الصُّبْحُ فِيها حِنْدِسَا(1)
وَ مُحَيَّا الدَّهْرِ مِنْ آلاَمِهَا قَدْ عَبسا
فَعَلى مَنْ ظَلَم العِتْرَةَ لَعْنُ اللاَّعِنينْ(2)
ص: 73
(بحر الرمل)
الشيخ عبد العظيم الربيعي(*)(1)
فَضْلُكَ السَّامِي عُلُوّاً يَا عَلِي *** لا يُدَانِيهِ مِنَ الخَلْقِ مُدَانْ(2)
***
أَنْتَ حَيَّرْتَ بِمَعْنَاكَ العُقُولْ *** أَ إِلَهٌ أَنْتَ أَمْ أَنْتَ رَسُولْ؟
لكِنِ الحَقُّ بِمَعْنَاكَ يَقُولْ *** أَنْتَ بَعْدَ اللَّهِ وَ الهَادِي وَلِي(3)
وَ قَسيمُ النَّارِ حَقاً و الجِنَانِّ(4)
ص: 74
فَاتَّخَذْنَا اللَّهَ رَبِّاً لاَ سِوَاهُ *** وَ نَبِيَّاً أَحْمَداً حَيْثُ اصْطَفَاه
وَ اتَّخَذْنَاكَ كَمَا قَالَ الإِلهْ *** وَ كَما قَدْ جَاءَ بِالنَّيِّ الجَلِي(1)-(2)
هَادِياً يَقْرِنُ رَكْباً بالأمانْ
***
لِعَلِي المُرْتَضَى رَبِّ العَلَاءْ *** كَانَ نَصُّ الحُب بَلْ فَرْضُ الولاء
في وضوحٍ غَايَةٌ بَلْ فِي جَلاءْ *** يَوْمَ حُمُ حَيْثُ خَيْرُ الرُّسُلِ(3)
جَعْجَعَ الوَحْيُ بِهِ فِی ذَا المَكَانْ
***
نَزَلَ الوَحْيُ عَنِ الرَّبِّ الكَبِيرْ *** لِلنَّبِيِّ المُصْطَفَى خَيْرِ نَذِيرٌ
يا سفيراً قَدْ أَتَى خَيْرَ سَفِيرْ *** حُلَّ أَجْيَادَ العُلَى عَنْ عَطَل(4)
بِعُقودِ الوَحْيِ تَزْهُو لا الجُمَانْ
***
يَا رَسُولَ اللهِ بَلْغ مَا أَتَى *** مِنْ الهِ الخَلْقِ فِي خَيْرِ فَتَى
ص: 75
وَ مَتَى خَالَفْتَ فِي أَمْرِ مَتَى *** لَمْ تُبلِّغ قَطُّ إذْ لَمْ تَفْعَلِ
وَ لَكَ العِصْمَةُ مِنَّا وَ الضَّمانْ
***
أَنْزَلَ الرَّكبَ عَلَى أَرْضِ تَفُورْ *** وَ ارْتَقَى مِنْبَرَ أَحْدَاجِ وَ كُورْ
أَيْنَ لاأَيْنَ مَزَامِيرُ الزَّبور *** مِنْ خِطَابِ المُصْطَفَى فِي المَحْفَلِ؟(1)
أخِذاً بِالسَّمْع مِنْهُم وَ الجَنانْ
***
بَيْنَمَا مِنْ جَرِّها تَغْلِي الرِّمَالْ *** وَ إِذَا الخُطْبَةُ مِنْ فَوْقِ الرِّحَال
أَرَأَيْتَ السَّيْلَ مِنْ رُوس الجِبَال *** وَلِذَا أَرْجُلُهَا لَمْ تَصْطَلِ(2)
أَمْ لَقَدْ أَسْكَرَهُمْ كَاسُ البَيَانْ
إِنَّ فِي الرَّوْعَةِ مِنْ خُطبَتِهِ *** إِنَّ فِي الصَّوْتِ وَ فِي صَيْحَتِهِ
كَأسَ لُطْف ظَلَّ فِي نَشْوَتِهِ *** كُلُّ ذِي لُبِّ مُضَاهِي الثَّمَلِ(3)
وَ عَلَى المُخْتَارِ مَعْقُودُ البَيَان
***
خاطباً فِي ذلِكَ الجَمُ الغَفِيرْ *** وَ لَقَدْ بَلَغَهُمْ وَحيَ القَدِيرْ
وَ هُوَ مَنْ أَسْمَعَهُمْ صَوْتَ النَّذِير *** مِثْلَ مُوسَى فِي الزَّمَانِ الأَوَّلِ(4)
وَ هُوَ خَیْرٌ مِنْهُ فِي كُلِّ زَمَانْ
***
ص: 76
أَيُّهَا النَّاسُ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونْ *** أَنَّنِي أَوْلَى بِكُمْ أَمْ تُنْكِرُونْ
مِلءَ أَسْمَاعِهِمُ مِلْءُ العُيُون *** أَحْمَد فِي صَوْتِهِ وَالهَيْكَلِ
مَا لَهُ قطُّ نَظِیرٌ أَوْ مُدَانْ
***
فَأَجَابُوهُ بَلَى ثُمَّ بَلَىٰ *** مَا تَشَا فِينَا فَقُلْ مُمْتَثَلا
وَإِذَا الشَّمْسُ تُنِيرُ ابْنَ جَلا *** رَافِعاً مِنْ ضِبْعِهِ الهَادِي عَلِي(1)
أَرَأَيْتَ البَنْدَ يَعْلُو بِالسِّنَانْ
***
مَنْ أَكُنْ مَوْلاَهُ هذَا المُرْتَضَى *** حَيْدَرٌ مَوْلاَهُ، وَاللَّهُ قَضَى
إِنَّهُ كَانَ مِنَ اللَّهِ الرِّضا *** إِنَّهِ كَانَ لَكُمْ نِعْمَ الوَلِي
نايباً بعدي عَلَى إنْسٍ وَ جَانْ
***
أَيُّهَا النَّاسُ هُوَ السِّرُّ العَظِيمْ *** وَ عَلَيْكُمْ بِالصِّرَاطِ المُسْتَقِيم
أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالعَلِيم *** كُلَّمَا جَاءَ بِوَحْي مُنْزَلِ
فِیهِ قَدْ جَاذَبَنِي فَضْلَ عِنَانْ(2)
***
إِنَّهُ الذِّكْرُ المُبينُ النَّاطِقُ *** إِنَّهُ البَرُّ الأمينُ الصَّادِقُ
إِنَّهُ الدُّرُ النَّمِينُ الرّائِقْ *** وَ هُوَ وَالقُرْآنُ فِيكُم ثَقَلِي
فَانْظُرُوا كَيْفَ يَكُونُ الثَّقَلاَنْ
***
ص: 77
فَالخَلفُونِي أُمَّتِي فِي الثَّقَلَيْن *** وَ أَرُونِي فِيهِمَا قُرَّةَ عَيْن
سَيَجُوزَانِ المَدَى مُقْتَرِنَيْن *** ثُمَّ عَنْ غَيْرِهِمَا لَمْ أَسْأَلِ(1)
يَوْمَ لِلَّهِ یَقُومُ الثَّقَلانْ
***
فَمِنَ الآنَ فَقُوموا بایِعُوهْ *** حَيْثُ لايُفْلِحُ الأَتَابِعُوهْ
وَ عَلَى الأَعْدَاءِ طَراً شَايِعُوه *** لاتَخُونُوا اللَّهَ في التَّسلِيِمٍ لِي
فسَيَشْقَى كُلُّ مَنْ لِلَّهِ خَانْ
***
فَأَجَابَ القَوْمُ مِنْ كُلِّ النَّوَاحْ *** قَدْ سَمِعْنَا الرُّشْدَ وَالحَقَّ الصَّراحْ
وَ عَلَيْهِ أَصْفَقُوا راحاً براحْ *** وَ غَلَتْ أَفْئِدَةٌ كَالمِرْجَلٍ(2)
وَ كَبَا بَیْهُما طرْفُ اللِّسَانْ
***
بَايَعُوهُ وَ عَلَيْهِ سَلَّمُوا *** وَ هُمُ مَا آمَنُوا بَلْ أَسْلَمُوا
بَعْدَ أَيَّامٍ عَلَيْهِ ازْدَحَمُوا *** وَ عَلَيْهِ كَبَسُوا فِي المَنْزِلِ
وَبِهِ فَاطِمَةٌ وَ الحَسَنَانْ
***
فَاطِمٌ لَمْ تُرْعَ لَكِنْ رُوِّعَتْ *** حَيْثُ فِي إِنْفَاذِهِ قَدْ طَلَعَتْ
إِنَّهَا بِالسَّوْطِ لَمّا فُنُعَتْ *** قُتِلَتْ وَ المُرْتَضَى لَمْ يُقْتَلِ
وَ فَدَتْهُ، يَا بِنَفْسِي الفادِيَان(3)
ص: 78
(بحر الرمل)
الشيخ عبد العظيم الربيعي(*)(1)
أَحْرُفُ الحُسْنِ بِخَطَّ حَسَنِ *** كُتِبَتْ فِي وَجْهِ مَنْ تَيَّمَنِي(2)
قُلْتُ لِلْعَاذِلِ فِي حُبِّي لَهُ *** هَاكَ فَاقْرَأَها وَ لاَتَفْتَينِ
وَإِذَا حَقَّقَتَ أَسْبَابَ الهَوَى *** لاَتُكَلِّفْنِي بِمَا لَمْ يُمْكِ يُمْكِنِ
هُوَ لِلْحُسْنِ، وَ لِلْحُبِّ أَنَا *** مَنْ تَرَاهُ عَافَ شَمَّ السَّوسَنِ(3)
كُلُّ شَيْءٍ جَاءَ مِنْ مَعْدَنِهِ *** يَجْلِبُ الفَخْرَ لِذَاكَ المَعْدِنِ
وَ إِذَا أَخْفَى مُحِب شَوْقَهُ *** فَأَنَا فِي حُبِّهِ ذُو عَلَن
كَيْفَ أَخْفِيهِ وَ إظْهَارِي لَهُ *** حِلْيَةُ الفَخْرِ لِجِيدِ الزَّمَنِ
كَيْفَ يَخْفَى، وَ شُهُودُ العَدْلِ قَدْ *** أَفْصَحَتْ عَنْ سِرِّهِ لَمْ تُلْحِنِ؟(4)
أَبْحُرُ الدَّمْعِ، وَ نِيرانُ الجَوَى، *** وَ سُهَادِي، وَ نُحُولُ البَدِنِ
غَيْرَ أَنِّي كُلَّمَا قَدَّمْتُ مِنْ *** شَاهِدِ فِي حُبِّهِ لَم يُوقِنِ
كَثْرَةُ الأَشْهَادِ لاتُغْنِي إِذَا *** نَظَرُ الفِكْرِ بِهَا لَمْ يُمْعَنِ
وَ انْظُرِ المَوْلَى عَلِيّاً، كَمْ لَهُ *** مِنْ شَهِيدٍ وَ دَلِيلِ بَيْنِ(5)
ص: 79
ص: 80
كَيْف قَدْ زُحْزِحَ بَعْدَ المُصْطَفَى *** عَنْ ذُرَى مَنْصِبِهِ العَالِي السَّنِي؟
إلى أن قال:
جُمِعَتْ فِيهِ مِنَ الأَصْدَادِ ما *** افْتَرَقَتْ لَكِنْ بِجَمْعِ حَسَنِ
أَزْهَدُ النَّاسِ وَ أَسْخَاهُمْ یَداً *** حَبْرُهُمْ أَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَنِ(1)
أطْعَنُ العَالَمِ بِالرُّمْحِ، سِوَى *** أَنَّهُ فِي دِينِهِ نِهِ لَمْ يُطْعَنِ
أَعْبَدُ العُبادِ أَتْقَاهُمْ سِوَى *** أَنَّهُ فِي دِينِهِ لَمْ يُدْهِنِ(2)
ص: 81
أحْلَمُ الأُمَّةِ، لَوْلاً حِلْمُهُ *** لَمْ يُلاَقُوهُ بِمَلْقَى خَشِنِ
قيْدَ فِي بَنْدِ حُسّام طَالَمَا *** نَحَر الأبطال نَحْرُ البُدُنِ(1)
فَتَأَمَّلْ صَاحٍ، هَذَا حَيْدَرٌ *** أَمْ تَرَى المَوْقِف قَدْ أَذْهَلَنِي
مَنْ تَرَاهُ اقْتَحَمَ الغَابَ وَ مَنْ *** قَادَ ضِرْغَامَ الشَّرَى بِالرَّسَنِ
خَلْفَهُ الزَّهْرَاءُ لَكِنْ جَفْنُهَا *** يُخْجِلُ الغَيْثَ بِدَمْعِ هَتِنِ
وَ هْيَ تَدْعُو القَوْمَ لاَ وَاللَّهِ لَنْ *** تُؤْتِمُوا اليَوْمَ شَقِيقَ الحَسَنِ
حَسْبُكُمْ كَسْرُ ضُلُوعِي، غَصْبُكُمْ *** نِحْلَتِي، إِسْقَاطُكُمْ لِلْمُحْسِنِ(2)
ص: 82
ص: 84
دَعْ عنكَ حَزْوَى وَ ذِكْرَى شِعْبِ سَعْدَانِ *** وَ اسْتَوْقِفِ العِيسَ فِي أَكْنَافِ كُوفانِ(1)
وَ أَنْتُمْ تَرَى بُقْعَةٍ أَرْسَتْ بِرِفْعَتِهَا *** دَعَائِمَ فَوْقَ عُيُوقٍ وَ كِيوانِ(2)
وَ اجْعَلْ شِعَارَكَ لِلَّهِ الْخُشُوعَ بِهَا *** وَ لُذيقَبْر إِمَامِ الإِنسِ وَ الْجَانِ
أَلْقَاهِرُ الْقَادِرُ الْفَرْدُ الْعَلِيُّ وَ مَنْ *** قَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرَ أَدْيَانِ
أَلأَوَّلُ الآخِرُ العَلامُ مَنْ نَطَقَتْ *** بِهِ الزَّبُورُ وَ تَوْرَاةُ ابْنِ عِمْرَانِ
أَلْبَاطِنُ الظَّاهِرُ الْحَبْرُ الَّذِي شَهِدَتْ *** بِمَا أَقُولُ بِهِ آيَاتٌ قُرآنِ
أَصْلُ الْوُجُودِ وَ عَيْنُ الْوَاحِدِ الأَحَدِ *** الرَّبِّ الوَدُودِ وَ مُرْدِي كُلِّ شَيْطَانِ(3)
مَنْ يُوشُعُ الطُّهْرُ مُوسَى عِنْدَ مَفْخَرِهِ *** مَنْ آصفُ المُلْكِ الْمَوْلَى سُلَيْمَانِ؟
أَخُو الرَّسُولِ أَبُوالسَّبْطَيْنِ حَيْدَرَةٌ *** زَوْجُ الْبَنُولِ وَ مُنْجِي المُذْنِبِ الجَانِي
أَوْلَئِكَ الغُرُّ أَصْحَابُ الْكِسَاءِ وَ مَنْ *** قَدْ بَاهَلَ اللهُ فِيهِمْ (أَهْلَ نَجْرَانِ)
يَا با طالباً (لِلْكِسا) شَرْحاً نُبَيِّنُهُ *** اسْمَعْ مَقَالِي وَ مَا أَرْوِي بِتِبْيَانِ
رَوَى النّقاتُ الْكِرَامُ الصَّادِقُونَ لَنَا *** رِوَايَةً وَرَدَتْ عَنْ خَيْر نِسْوَانِ
بِنْتِ الرَّسُولِ البَتُولِ الطُّهْرِ(فَاطِمَةً) *** ذَاتِ الْفَخَارِ وَ ذَاتِ الفَحْرِ وَ الشَّانِ(4)
إِنَّ النَّبِيَّ أَتَى يَوْماً لِمَنْزِلِهَا يَشْكُو *** لَهَا الضَّعْفَ شَكْوَى المُدْنَفِ الْعَانِي(5)
قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّى أَعِيدُكَ با *** للَّهِ الْمُهَيْمِن مِنْ ضَعْفٍ وَ أَهْوَانِ
فَقَالَ: قُومِي وَ غَطِّينِي بُنَيَّةُ بِا *** الْكِسَا الْيَمَانِيِّ إِنَّ الصَّعْفَ أَضْنَانِي(6)
ص: 85
قَالَتْ: فَغَطَيْتُهُ مُذْ قَالَ لِي وَإِذَا *** ذَاكَ المُحَيّا وَ نُورُ البَدْرِ سِيَّانِ
فَمَا مَضَتْ سَاعَةٌ إلاَّ وَ قَدْ قَدِمَ *** السُبْطُ الزَّكِي إِلَى دَارِي وَ حَيَّانِي
وَ قَال: إنّي أَشُمُ الْيَوْمَ رَائِحَةَ *** الْمُخْتَارٍ جَدِّي بِلاَ زُورٍ وَ بُهْتَانِ
فَقُلْتُ هَا هُوَ ذَا تَحْتَ الْكِسَاءِ أَيَا *** سُرُورَ قَلْبِي وَ يَا رُوحِي وَ رَيْحَانِي
فَجَاءَهُ ثُمَّ حَيَّاهُ وَ قَالَ: أَلاَ *** هَلْ يَأْذَنُ الجَدُّ أَنْ أَغْدُو لَهُ ثَانِي
فَقَالَ: ادْخُلْ وَ كُنْ تَحْتَ الكِسَاءِ مَعِي *** يَا نُورَ عَيْنِي وَ يَا نَفْسِي وَ جُثْمَانِي
فَمَا مَضَتْ سَاعَةٌ مِنْ بَعْدِ ذَا وَ إِذَا *** بِالسِّبْطَ نَجْلِي غَرِيبِ الطَّفٌ وَافَانِي
فَقَالَ لِي بَعْدَ أَنْ حَيا تَحِيَّتَهُ *** مُسْتَبْشِراً جَزِلاً قَوْلاً بِإِعْلَانِ(1)
يَا أُمُّ: إِنِّي أَشُمُّ الْيَوْمَ رَائِحَةً *** لَدَيْكِ طَيِّبَةً أَوْدَتْ بِأَشْجَانِي
كَأَنَّهَا يَا بُنَةَ المُخْتَارِ رَائِحَةُ *** الجَدِّ العَطُوفِ وَ نَسْلِ الطُّهْرِ عَدْنَانِ
فَقُلْتُ هَا هُوَ ذَا وَ الْمُجْتَبَى وَلَدِي *** أَخُوكَ تَحْتَ الْكِسا السَّامِي ضَجِيعَانِ
فَجَاءَهُ ثُمَّ حَيَّاهُ وَ قَالَ لَهُ: *** هَلْ يَدْخُلَ الْيَوْمَ أَيْضاً سِبْطُكَ الثَّانِي
فَقَالَ ادْخُلْ وَ كُنْ تَحْتَ الْكِسَاءِ مَعِي *** يَا سَلْوَةَ البَضْعَةِ الزَّهرا وَ سِلْوَانِي
قَالَتْ: وَ جَاءَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى *** بَيْتِي سَرِيعا وَ حَيَّانِي وَ نَادَانِي
يَا بِنْتَ أَكْرَم مَبْعُوثٍ لأُمَّتِهِ *** وَ أَشْرَفِ الخَلْقِ مِنْ إِنْسِ وَ مِنْ جَانِ
إِنِّي أَشُمُّ لَدَيْكِ الْيَوْمَ رَائِحَةً *** الْهَادِي أَبِيكِ ابْنِ عَمِّي خَيْرِ خِلَانِ
فَقُلْتُ: هَا هُوَ ذَا تَحْتَ الكِسَاءِ مَعَ *** السِّبْطَيْنِ ابْنَيْكَ يَا حِصْنِي وَ إِحْصَانِي
فَجَاءَ نَحْوَ الْكِسَاء مُسْتَبْشِراً جَذِلاً *** مُسَلِّماً غَيْرَ كَسْلاَنٍ وَ لاَ وَانِي(2)
وَ قَالَ هَلْ يَأْذَنُ الْهَادِي الأمينُ بأَنْ *** أَكُونَ تَحْتَ الْكِسَا إِنْ كَانَ يَهْوَانِي؟
فَقَالَ ادْخُلُ أَخِي فِيهِ وَ كُنْ مَعَنا *** يَا خَيْرَ هَادٍ وَ مِطْعَام وَ مِطْعَانِ(3)
وَ جِئْتُ إِذْ دَخَلُوا فِيهِ مُسَلَّمَةً *** عَلَى النَّبِيِّ بِإِرْفَاقِ وَ إحْسَانِ
ص: 86
وَ قُلتُ: هَلْ يَأْذَنُ البَرُّ العَطُوفُ أَبي *** بأن أكونَ مَعَ السَّبْطَيْنِ سِلْوَانِي
فَقَالَ لِي مُؤذناً تَمَّ السُّرُورَ بِكِ *** فِيهِ بما أَتَمَنَّى (اللَّهُ) أَعْطَانِي
قَالَتْ فَلَمَّا اجْتَمَعْنَا فِيهِ خَمْسَتُنَا *** نَادَى الإِلهُ بِإِظْهَارِ وَ إعْلَانِ
أيَا مَلاَئِكَتِي وَ السَّاكِنِينَ مِنَ *** الغُرِّ الْكِرَام سَمَاوَاتِي وَ أَكْوَانِي
و عِزَّتِي وَ جَلالِي مَا خَلَقْتُ سَمَا *** مَبْنِيَّةَ لاَ وَ لاَأَرْضاً بِسُكَانِ
إلاَّ لِحُبِّ الْكِرَام الخَمْسِ مَنْ جُمِعُوا *** تَحْتَ الْكِسَاءِ بِهَذَا الْوَقْتِ وَ الآنِ
فَقَالَ جِبْرِيلُ: مَنْ تَحْتَ الكِسَاءِ أَيَا *** رَبَّ الْعِبَادِ وَ مَوْلَى كُلِّ سُلْطَانِ
فَقَالَ: هُمْ أَهْلُ بَيْتٍ لِلنُّبُوَّةِ بَلْ *** هُمْ مَعْدِنٌ لِرِسالاتِي وَ خُزَانِي
هُمُ فَاطِمُ الزَّهرا وَ وَالِدُها *** وَ بَعْلُهَا وَ بَنُوها آل عَدْنَانِ
فَقَالَ: فَاهْبِطُ وَ بَلْعُ لِلنَّبِيِّ أخي *** القَدْرِ الْعَلِي تَحِيَّاتِي وَ رِضْوَانِي
قَالَتْ: فَجَاءَ وَحَيَّاهُ وَ قَالَ أَلاَ *** إِنَّ (الْعَلِيَّ ) الْجَلِيل الْقَدْرِ وَ الشَّانِ
يُقرِيكَ مِنْهُ تَحِيَّاتٍ مُعَظْمَةً *** مَشْفُوعَةً بِكَرَامَاتٍ وَ إِيمَانِ
وَ إِنَّهُ مَا دَحَا أَرْضاً وَ لاَخَلَقَ *** السَّبْعَ الطَّبَاقَ بِتَشبِيدٍ وَ بُنْيَانِ
وَ لاَجَرَى أَبَداً بَحْرٌ وَ سَارَ بهِ *** فُلكٌ وَ لاضَاءَ فِي الْآفَاقِ بَدْرَانِ(1)
كَلأَ وَ لاَدَارَ فِي السَّبْعِ العُلَى فَلَكٌ *** الأَّ لأَجْلِكُمُ مِنْ غَيْرِ بُهْتَانِ
وَ قَدْ رَضِي يَا أَخِي أَنِّي أَكُونَ لَكُمْ *** تَحْتَ الكِسَا سَادِسَاً هَلْ أَنْتَ تَرْضَانِي
فَقَالَ: ادْخُلْ فَإِنِّي قَدْ رَضِيتُ بِمَا *** يَرْضَى الإِلهُ بِهِ يَا خَيْرَ إِخْوَانِي
قَالَتْ: فَقَالَ (عَلِيٌّ) لِلنَّبِيِّ: أَلاَ *** يا أَشْرَفَ الخَلْقِ مِنْ إِنسِ وَ مِنْ جَانِ
مَا فِي الجُلُوسِ لَنَا تَحْتَ الكِسَاءِ مِنَ *** الْفَضْلِ المُعَدَّ لَدَى رَبِّي وَ رَحْمَانِي
فَقَالَ: َاعْلَمُ وَمَنْ بِالْحَقِّ أَرْسَلَنِي *** ثُمَّ اصْطَفَانِي وَ أَنْبانِي وَ نَاجَانِي
مَا مَحْفِلٌ جَمَعَ الأَشْيَاعَ وَ اذْكَرُوا *** هَذَا الْحَدِيثَ بِهِ يَا خَيْرَ إِنْسَانِ
ص: 87
إلا وَ قَدْ أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ رَحْمَتَهُ *** عَلَيْهِمُ وَ جَزَاهُمْ خَيْرَ إِحْسَانِ
وَحَفَّ فِيهم إِلَى حِينِ افْتِرَاقِهِمُ *** غُرُّ المَلائِكِ مِنْ قَاصِ وَ مِنْ دَانِ(1)
وَ اسْتُغْفَرَتْ لَهُمُ عَنْ كُلِّ مَا اكْتَسَبَتْ *** أَيْدِيهِمُ وَ انْثَنَوْا عَنْهُمْ بِغُفْرَانِ
فَقَالَ وَاللَّهِ قَدْ قُرْنا وَ فَازَ بِنَا *** أَشْيَاعُنَا وَ الْعِدَى بَاتَتْ بِخُسْرَانِ
وَ قَالَ مَا اجْتَمَعَت أَشْيَاعُنَا وَ تَلَتْ *** هَذَا الْحَدِيثَ بِتَصْدِيقِ وَ إيمانِ
وَ فِيهِمُ كَانَ مَهْمُومٌ لِنَائِبَةٍ *** أَوْ فِيهِمُ كَانَ مَغْمُومٌ بِأَحْزَانِ
إلاَّ وَ فُرِّجَ عَنْهُ الْهَمُ وَ انْكَشَفَتْ *** تِلْكَ الهُمُومُ و فازَ بأمنِ رحمن
فَقَالَ (حَيْدَرَةٌ): فُرْنا وَ خَالِقُنَا *** يَوْمَ الْقِيَام وَ فِي الدُّنْيَا بِرِضْوَانِ
وَ فَازَ شِيعَتُنَا طَراً وَ قَدْ سُعِدُوا *** كَمَا سُعِدْنَا بِحُورٍ ثُمَّ وِلْدَانِ
يَا مُنْكِراً فَضْلَ أَصْحَابِ الْكِسَا سَفَهاً *** وَ رَاغِباً عَنْهُمُ مِنْ غَيْرِ رُهْبَانِ
إِنَّا عَذَرْنَاكَ تَصْدِيقاً لِسَيّدِنا *** الْهَادِي النَّبِيِّ وَ قَدْ نَادَى بِإِعْلَانِ
وَ حُرْمَةِ الْبَيْتِ وَ الهَادِي وَ عِتْرَتِهِ *** وَ تِلْكَ غَايَاتُ أَقْسَامِي وَ أَيْمَانِي
لَوْ أَجْمَعَ النَّاسُ طُرّاً فِي مَحَبَّتِهِمْ *** لَمَا طَغَا أَحَدٌ أَوْ عَالَ سَهْمَانِ(2)
ص: 88
(بحر الوافر)
عصام عباس(*)(1)
إلى الزهراءِ قَد رُفِع البَيانُ *** فَكانَ الرَّدُّ أن کُفلَ الأمانُ
فَقُلْ ما شاءَتِ الأقدارُ طُرَّاً *** مِنَ الرَّحمنِ قَد وُهِبَ الحَنانُ
فَسَّیِّدَتي بِها تُجلّى هُمومٌ *** أبوها المصطفَى بدرٌ يَبانُ
و حيدرُ بَعلُها نُورٌ تَجَلَّى *** وَ نَجلاهُ حِمى الإسلام صَانُوا
و بِضْعَتُها العقيلةُ لي مَلاذٌ *** سَيُرقِىءُ جرحَنا هذا اللِّبانُ(2)
فَأَرفَعُ دَعوَتي للَّهِ فيهِم *** وَ مِن رَبِّ العُلى كُتِبَ الضمانُ
***
بِزينِ العابدينَ رَفعْتُ كَفِّي *** دُعَاء بِالغَفيلَةِ يُسْتَعانُ
بِصِدقِ الصَّادِقِينَ دَعَوتُ رَبِي *** وَ في بَابِ الحَوائِج يُستَبَانُ
وَ بِالسُّلطانِ أُرقِئَتِ الجِراحُ *** وَ يُشري بالجوادِ شَدَا اللسانُ
وَ بِالهَادِي أزيلَ الهَمُّ كُلاً *** كَذَا بِالعَسكَرِيِّ أتَى الأمَانُ
وَ خاتَم عِترةِ الأطهارِ جُوداً *** بِقائِمِ آلِهِمْ يَصحُو الزَّمَانُ
فَهُمْ نورُ الإلهِ عَلَى البَرايَا *** وَسِيلَةَ دَعوةِ المضْطَرْ كَانُوا
بِهِمْ ضَمن الإلهُ جَوابَ دَاعٍ *** بِصِدْقٍ عَقِيدَةٍ تُعطى الحِسَانُ
ص: 89
وَ كَم مَن رَاهَنُوا في غَيرِ هذا *** فَقَدْ خَسِرُوا وَ قَدْ خَابَ الرِّهَانُ
لِذا فَادعُوا الإلة بسرِّ طه *** وَ بِالآلِ الكِرامِ فَذا يُصَانُ
وَ أرفعُ سِرَّ نَجوانَا لِحَقِّ *** وَ مِنْ رَبِّ الورى مُنِعَ الضَّمَانُ
ص: 90
(مجزوء الكامل)
عصام عباس(*)(1)
إِلَيكِ يَا أمَّ الحسَنْ *** كَتبْتُ شَوقاً وَ شَجَنْ(2)
وَ في حَنايَا خَافِقي *** شَکواي مَنْ بِهِ امتحَن
هَمٌ أَذابَ أذابَ حُشَاشَتي *** قولي لِمَنْ أَشْكُوهُ مَنْ؟(3)
فَرفَعت کَفّي طَالِباً *** وَ القلبُ مِنْ بَلْواهُ أنْ
فَهيَ الدَّواءُ لِمِحنتي *** بنتُ النَّبِيّ المؤتمنْ
بَل زوجةْ الكَرَّارِ مَنْ *** لَمْ یسجدنَّ إلي وَثَنْ
هِیَ أُمُّ سِبْطَي أحمدٍ *** أُمُّ الحُسينِ كَمَا الحسنْ
بَل أُمُّ زینبَ مَرجِعِي *** سراً حِمايَ وَ في العَلَنْ
مَن حَطَّ رَحلي عِندَها *** وَغَدَتْ مَلاذِي وَ الوَطَنْ
يَا رَبِّ سَکِّن رَوعَتي *** وَ أَزِلْ شِرارَ القوم عَنْ
دَربي فَدَربي بالنبي *** سَرَى بِصبر وَ ائتَمَنْ
بالمصطفى و المرتَضَى *** وَ الطَّيبُ مِنْ أُمِّ الحسنْ
ص: 91
(بحر الوافر)
عصام عباس(*)(1)
مَسَكْتُ بِريشَتي وَ شَدا حَنِيني *** لبنتِ المصطفَى الهادي الأمينِ
وَ غَنَّتْ رِيشَتي وَ شَدَتْ بِحُبِّ *** وَ قُلتُ لَهَا عَنِ الظُّهرِ اسْأَلِيني
فَقَالَت كَيفَ أَسأَلُ يَا رَفِيقي؟ *** فَقُلتُ هِيَ العَقِيدَةُ بَلْ يَقِيني
هي الزَّهراءُ مَنْ فِي الدَّهرِ خُصَّتْ *** بِتَطهِيرٍ بقرآنٍ مُبِينِ
فَخَطَّتْ رِيشتي ذَهَباً مُنَقَّى *** بِنورِ مُحَمَّدٍ وَ بِنُورِ ديني
فقَالَتْ أملٍ يَا مَنْ في غَرَامٍ *** تُحدثني شُعورَكَ في حَنينِ
فَقُلتُ لها ضَمِيني فَرطُ حُبّي *** لآلِ مُحمدٍ في كُلِّ حِينِ
فَحُبُّهم يُعبِّى جَوفَ قَلبي *** وَ يَسري في دَمي وَ شُعَاع عيني
فَمهلاً يَا فُؤَادِي لا تُبَالِ *** بِهَمِّ أنتَ في حِصنٍ حَصينِ
بِيَومِ وِلادَةِ الزَّهراءِ تَحلو *** تَهاني المؤمنينَ إلى الأمِينِ
وَ نَحن بأربعَاء قَد جُمِعنَا *** بِدارِ خُصِّصَتْ لِعُلومِ دِيني
بِمَجْلِسنَا يَطِيبُ نَسيمُ طه *** وَ يحضُرُ قائمُ البيتِ المتِيِنِ(2)
وَ يُدرسُ في كِتابِ اللَّهِ عِلمٌ *** يُفَسَّر ضِمن تَفسير مُبينِ
ص: 92
بِتَنْزِيلِ وَ تَرتِيبِ مُنَقَّى *** مِنَ الآفاتِ مِن سُوءِ الظُّنونِ
وَ مِن حقدٍ تَرَبَّع في قُلُوبٍ *** عَمَاهَا البُعدُ عَن فهم اليقينِ
وَ مُرشِدُهُ يَذوبُ بِحُب طه *** وَ بالزهراءِ والدةِ الحسينِ(1)
يُتابِعُ سَيرَهُ بِخُطى عَليَّ *** وصيِّ المصطفَى الهادي الأمينِ
ص: 93
(بحر الكامل)
الشيخ ملا علي آل رمضان(*)(1)
أَتَفِرُّ بَعْدَ الطَّفْ مِنْكَ عُيُونُ *** وَ بِهَا ضِيَا فَجْرِ الهُدَى مَدْفُونُ؟
بَشَرٌ بِيُمْنَاهُ جَرَى قَلَمُ القَضَا *** بِجَمِيعِ مَا هُوَ كَائِنٌ وَ يَكُونُ
فَجَرَى عَلَيْهِ بِهِ القَضَا عَنْ حِكْمَةٍ *** لِلَّهِ غَامِضُ سِرِّهَا مَكْنُونُ
فَأُصِيبَ فِي الزَّمَنِ القَدِيمِ بِفَادِحِ *** جَلَلٍ لَهُ يَوْمَ الطُّفُوفِ قَرِينُ
إلى أن قال:
وَ ابْنُ النَّبِيِّ رِدَاهُ َقَسْطَالُ الوَغَى *** فِي الطَّفْ لَمَّا حُزَّ مِنْهُ وَتِينُ(2)
بِحُسَامٍ مَنْ قَطَعَتْ يَدَاهُ أَراكةً *** مِنْهَا تُظلُّ عَلَى البَتُولِ غُصُونُ
فَكَمَا بِضَرْبِ السَّوْطِ وَ شَحَ جَنْبَهَا *** بِالخَيْلِ رُضَّتْ لِلْحُسَيْنِ مُتونُ(3)
ص: 94
وَ بِلَصٌ بَاب حِينَ أَجْهَضَ حَمْلَهَا *** بِالسَّهُم أَرْدِي لِلْحُسَيْنِ جَنِينُ(1)
وَ بِقَطْعِهِمْ أَصْلَ الأَرَاكَةِ حَيْثُ لاَ *** ظِلاً عَلَى الزَّهْرَا البَتُولِ تَكُونُ
في كَرْبَلاءَ مِنَ الحُسَيْنِ جَراءةً *** قُطِعَتْ يَسَارٌ شُرفَتْ وَ يَمِينُ
وَ كَذَلِكَ السَّجَّادُ بَعْدَأَبِيهِ مَا *** بِالأسْرِ هَلْ يَدَيْهِ وَ هُوَ حَزِينُ
إِلَّا إلا الَّذِي قَادَ الوَصِيَّ مُلَبَّباً *** وَ لِفَاطِم الزَّهْرَا وَرَاهُ حَنينُ(2)
مَضْعُوظَةً بَيْنَ الجِدَارِ وَ بَابِها *** وَ مِنَ الشَّجُونِ فُؤَادُها مَشْحُونُ
تَدْعُوهُمُ: خَلُوا ابْنَ عَمِّي قَبْلَما *** أَدْعُو وَ طَرْفِي بِالدُّمُوعَ سَخِينُ
لَمْ يُشْفِكُمْ إِسْقَاط حَمْلِي مِنْ حَشَا *** كَبِدِي وَ فِيها حُرْقَةٌ وَ شُجُونُ(3)
عَنْ أَخْدِكُمْ بَعْلِي يُقَادُ مَلیباً *** مِنْ وَسْطِ دَارِي مَا لَدَيْهِ مُعينُ(4)
فَالْيَوْمَ مِنْ نَبْكِيهِ مِنْ أَهْلِ العَبا *** وَ لَهُ تَسِيلُ مِنَ العُيُونِ شُؤُونُ
ص: 95
لِسُلالَةِ المُخْتَارِ لَمَّا وُشْحَتْ *** بِالسَّوْطِ مِنْهَا أَضْلُعٌ وَ مُتونُ(1)
أَمْ لِلْوَصِيِّ وَ قَدْ قَضَى مِنْ ضَرْبَةٍ *** بِشَبَا حُسَامٍ حَدُّهُ مَسْنُونُ؟(2)
أَمْ لِلْحُسَيْنِ المُبْتَلَى بِفَوَادِحٍ *** عَنْهَا جَمِيعُ الحَادِنَاتِ تَهُونُ؟
فَإِذَا جَرَى مِعْشَارُ ذِكْرِ مُصَابِهِ *** مِنْهَا الجِبَالُ الرَّاسِخَاتُ تَلِينُ(3)
ص: 96
(بحر الكامل)
الشيخ ملا علي آل رمضان(*)(1)
أَرْضُ المَدِينَةِ أَظْلَمَتْ أَوْطَانُهَا *** وَ تَنَكَّرَتْ لَمَّا قَضَى سُلْطَانُهَا
وَ بَكَى عَلَيْهِ المُرْسَلُونَ وَ كَيْفَ *** لَايَبْكِي لِمَنْ مِنْ سِرِّهِ بُرْهَانُها؟
وَ الأَرْضُ قَدْ عَجَّتْ عَلَيْهِ عَجَّةً *** مِنْ رَجْفَةٍ بَلَغَ السَّمَاءَ دُخانُهَا(2)
وَ عَلَيْهِ فَاطِمَةُ البَتُولَهُ أَصْبَحَتْ *** مِنْ حُزْنِهَا مُنْهَدَّةً أَرْكَانُها
تَبْكِيهِ تَحْتَ أَراكَةٍ وَدُموعُهَا *** تَجْرِي عَلَى وَجْهِ الثَّرَى مَرْجَانُهَا(3)
فَاسْتَأَصَلُوا أَصْلَ الأَرَاكَةِ خِيفَةً *** أَنَّ البَتُولَ تُظِلُّهَا أَغْصَانُهَا
فَإِذَا سَجَا جُنْحُ الدُّجَى وَ تَذَكَّرَتْ *** فِيهِ تَهَجَّدَهُ يَذُوبُ جَنانُها(4)
فَتَنُوحُ نَوْحَ الوَرْقِ مِنْ قَلْبِ بِهِ *** قَبَساتُ وَجْدِ تَصْطَلِي نِيرانُها(5)
قَدْ أَرَّقَتْ أَهْلَ المَدِينَةِ وَ اشْتَكَتْ *** عِنْدَ الوَصِيِّ المُرْتَضَى أَعْيَانُهَا(6)
يَدْعُونَهُ: يَا مَنْ أَشَادَ حِمَى الهُدَى *** وَ المُشْرِكُونَ بِهِ فَنَتْ أَوْثَاتُهَا
هذِي ابْنَةُ المُخْتَارِ فَاطِمُ بَعْدَهُ *** مِثْلُ الحَمَامَةِ لَمْ تَنَمْ أَجْفَانُها
ص: 97
إِمَّا تَنُوحُ عَشِيَّةً أَوْ عُدْوَةً *** مَهمَا اكْفَهَرَّتْ فِي الحَشا نِيرانُها
فَدَعاهُمُ خَيْرُ الوَرَىٰ وَ دُمُوعُهُ *** تَجْرِي لِذِكْرَى أَحْمَدٍ هَتَانُها(1)
يا قَوْمِ هَلْ تَدْرُونَ فَاطِمَ مِنْ عُلاَ *** تُبْدِي الحَنِينَ إِذَا بَدَتْ أَحْزَانُها؟
تَبْكِي لِوَالِدِهَا حِذَاراً بعْدَهُ *** فِي هَذِهِ الدُّنْيا يَطولُ زَمَانُها
مَهْضُومَةٌ مَا بَيْنَ شَرِّ عِصَابَةٍ *** عَانَتْ بِرقَةِ جِلْدِها سِيِطانُها
وَ بِدَارِها قَدْ أَضْرَمُوا ناراً وَرَتْ *** فَكَأَنَّ فِي قَلْبِ النَّبِيِّ لِسانُها
نارٌ قد اشتعلتْ بِمَنْزِلِ فَاطِمٍ *** قَدْ شَبَّ فَسْطَاطَ ابْنِهَا لُهْبَانُها(2)
ص: 98
(بحر الكامل)
الشيخ ملا علي آل رمضان(*)(1)
یا حَیَّ دارٍ کَثِيرَةِ الأَحْزَانِ *** بِنْتَ النَّبِيِّ المُصْطَفَى العَدْنَانِ(2)
كَمْ عَبْرَةٍ يَا دَارُ فِيكِ تَحَدَّرَتْ *** مِنْ أَعْيُنِ الزَّهْراءِ كالمَرْجَانِ(3)
حَتَّى قَدِ انْتَحَلَتْ لِطُولِ مُصابِها *** مِنْ فَقْدِ وَالِدِها عَظِيم الشَّانِ(4)
وَ عَنْ الْتِهابِ الشَّمْسِ كانَتْ تَلْتَجِي *** بِأَرَاكَةٍ مُلْتَفَّةِ الأَغْصَانِ
حَتَّى هُنالِكَ مِنْ تَمَادِي غَيْهِمْ *** قَطَعَ الأَراكَةَ ذانِكَ الرَّجُلانِ!!
دارٌ بِهَا الزَّهْراءُ طالَ حَنِينُها *** مِمَّا بِأخشاها مِنَ الأَشْجانِ(5)
ص: 99
الجزء الخامس
أَرْوَوْا بِمَرْجانِ المَدامِعِ أَرْضَها *** فِي كُلِّ وَقتٍ مِنْكُمُ وَ زَمَانِ
مُسْتَشْعِرِيْنَ بِها انْتِحابَ البَضْعَةِ *** الزَّهْرا البَتُولِ وَ حَوْلَها الحَسَنانِ(1)
الْفَرْقَدُ الأَسْنَى الزَّكِيُّ المُجْتَبَى *** وَ شَقِيقُهُ السِّبْطُ الشَّهِيدُ الثَّانِي
المُبْتَلَى فِي كَرْبَلابِفَوادِحٍ *** فِي نَفْسِهِ وَ حُماتِهِ الأَقْرانِ
نَفَرٌ وَ قَوْهُ مِنَ الرَّدَى فَاسْتُشْهِدوا *** مِنْ حَوْلِهِ فَبَقِي بِلاأَعْوَانِ(2)
وَ لَطَالَما قَدْ ضَيَّقُوا الوِدْيانَ مِنْ *** جَيْشِ العِدَى بِالْهامِ وَ الأَبْدانِ
وَ قَدِ اسْتَدارَتْ حَوْلَهُ لِقِتَالِهِ *** مِنْ آلِ حَرْبٍ أَلْفُ أَلْفِ عِنانِ
إلى أن قال:
أمِنَ المُعَنِّي البَضْعَةَ الزَّهْرَا عَلَى *** قَتْلِ الشَّهِيدِ الفَرْقَدِ الهَمَدانِي
: 100
(بحر الكامل)
الشيخ ملا علي آل رمضان(*)(1)
مَنْ جَدَّ عِرْنِينَ الْهُدَى وَ الدِّينِ *** مِنْ آلِ طهَ عِلَّةِ التَّكوينِ؟(2)
وَاجْتَتَ يُمْنَى هَاشِمٍ وَ شِمَالِهَا *** وَ آدَىٰ مِنْهُمْ كُلَّ لَيْثِ عَرِينِ(3)
مَنْ حَلَّ عَقْدَ نِظَامِ بَيْعَةِ أَحْمَدٍ *** لِوَصِيْهِ الْكَرَّارِ خَيْرِ أَمِينِ
وَ أَشَادَ أَفْنِيَةَ الضَّلالِ سَفاهَةً *** وَ اسْتَأَصَلَتْ يَدُهُ أُصولَ الدِّينِ
وَ أَنَّى إِلَى الزَّهْرا وَاجْهَضَ حَمْلَها *** سِقْطاً بِمَنْزِلِها فَنَايَاسِينِ
قَدْ لَصَّها بِالْبَابِ فَانْتَدَبَتْ أَلاَ *** يَا فِضَّةٌ قُومِي إِلَيَّ خُذِينِي(4)
قَتَلُوا جَنِينِي فِي الحَشَا يَا وَيْلَهُمْ *** لَمَا بِعَرْضِ الْبَابِ قَدْ عَصَرُونِي
أَوَ لَيْسَ قَالَ مُحَمَّدُ الْمُخْتَارُ: مَنْ *** آذى البتول سُلالَتِي يُؤْذِينِي(5)
وَ الْيَوْمُ قَدْ هَجَمُوا عَلَيَّ وَ أَخْرَجُوا *** بَعْلِي عَلِيّاً بَعْدَ مَا ضَرَبُونِي
فَلأَشْكِيَنَّ إِلَى الْجَلِيلِ بَلِيَّتِي *** وَ أَبُثُ دَمْعاً مِنْ جُفُونِ عُيُونِي
مَا كَانَ نَاقَةُ صَالِحٍ مِثْلِي وَ لَا *** فِي الْفَضْلِ كَانَ فَصِيلُهَا كَجَنِينِي
ص: 102
وَ أَنا ابْنَةُ الْمُخْتَارِ فَاطِمُ دُرَّةٌ *** قُدْسِيَّةٌ مِنْ جَوْهَرِ مَكْنُونِ
فَقَضَتْ وَ آثارُ السَّيَاطِ بِظَهْرِهَا *** وَ بِجَنْبِها حُزْنِي لَهَا وَ حَنِينِي(1)
ص: 103
(32) غصب الزهراء علیها السلام
(بحر الخفيف)
علي بن علي بن نما الحلي(*)(1)
يا غَزالاً غَازَلْتُ فِيهِ غَرَامِي *** فَأَبَى أَنْ يَدِينَ لِي أَوْ يَلِينِي
لا وَمَا رَقَ مِنْ مُدَامَةِ خَدَّيكَ *** وَ ماءٍ أُرِيقُهُ مِنْ جُفُونِي
وَ عَذَابِ يَحْمِلْنَ ظُلْمَكَ حَمْلِي *** لِعَذَابِ ظُلماً بِهِ تَبْتَلِينِي
منها في مدح علي بن أبي طالب «رضي الله عنه»:
أصِفُ السَّيِّدَ الَّذِي يَعْجَزُ الوا *** صِفُ عَنْ عَدْ فَضْلِهِ فِي السِّنِينِ
خَاصِفَ النَّعْلِ خَائِضَ الحربِ فِي بَدْرٍ *** وَ أُحْدٍ وَ الفَتْحِ حَوْضَ السَّفِينِ(2)
ذا القَضَايَا الَّتِي بِهَا حَصَلَ التَّمْيِيزُ *** بَيْنَ المَفْرُوضِ وَ المَسْنُونِ
سَلْ بَراةً عَمّنْ تَوَلَّتْ وَ أَفكرْ *** إِنْ طَلَبْتَ النَّجَاةَ فِكْرَ ضَنِينِ
أيُوَلَّى على البَرِيَّةِ مَنْ ليسَ *** عَلَى حَمْلِ سُورَةٍ بِأَمِينِ؟
إِنَّ فِي مَرْحَبٍ وَ خَيْبَرَ وَ البابِ *** بلاغاً لِكُلِّ عَقْلٍ رَصِينِ
وَ رُجُوعُ التَّيْمِي أَخْيَبَ بِالرّايَةِ *** كَفَّاً مِنْ صَفْقَةِ المَغْبُونِ
ص: 104
أَلِشَكُ مِنْ شَوْكَةِ الحَرْبِ حَادُّوا *** يَوْمَ أُحُدٍ أَمْ خِيفَةً لِلْمَنُونِ؟!
وَ أَرَى الحَالَتَيْنِ تُوجِبُ للإبْطالِ *** إِبْطالِ ما ادَّعَى مِنْ فُتُونِ
وَ كَفَىٰ فَتْحُ مَكَةٍ لِمَنِ اسْتَيْقَظَ *** أَوْ نَالَ رُشْدَهُ بَعْدَ حِينِ حِينَ
حِینَ وَلَّى النَّبِيُّ رَايَتَهُ سَعْدَ *** المُفَدَّى مِنْ قَوْمِهِ بِالعُيُونِ
فَشَجَاهُ الأَعْسَى عَلَيْهِم وَ *** للأوسِيِّ شِعبٌ مِنْ قَلْبِهِ غَيْرُ دُونِ
فَرَأَى أَنَّ عَزلَهُ بِعَلِيَّ *** هُوَ أَحْمَىٰ لِمَجْدِهِ مِنْ أُفُونِ(1)
عَجَبُ البَيْتِ إِذْ رَقَتْ قَدَماهُ *** كَتِفاً جَلَّ عَنْ يَدَيْ جِبْرِينِ(2)
رُتْبَةٌ لَوْ سَما سِوَاهُ إِلَيْها *** قَابَلَتْهُ الأَصْنامُ مِنْ غَيْرِ هُونِ
ثُمَّ قَالَتْ: أَتَكْسِرُونِيَ يا قَوْمِ *** وَ بِالأَمْسِ كُنْتُمُ تَعْبُدُونِي؟
وَ إِذَا مَا عَدَدْتَ سَبْقَ ذَوِي الهجرَةِ *** يَوْماً هِجَانِهِمْ وَ الهَجِينِ(3)
شَرِكَتْ لَيْلَةُ الفِرَاشِ بِفَضْلِ *** الكُلِّ شَتَّ النَّوَى بِحَيِّ قَطِينِ
وَ اشْرَحُوا القَلْبَ فِي أَسَامَةَ إِذَ *** أَبْطَلَ تَسْرِيحَ جَيْشِهِ وَ سُمُونِي
حيْثُ لاَيُمْكِنُ الوُثُوبُ أخو العَذْلِ *** وَ لاَعَادِلٌ أخو التَّمْكِينِ
إنَّ غَضبَ الزَّهْراءِ إِرْثَ أَبِيهَا *** وَ اذْكَارُ ارْتِجَاعِها بَعْدَ حِينِ(4)
لفَظِيعٌ لَمْ يَحْفَقُوا فِيهِ إِلاَّ *** لِلنَّبِيِّ الهَادِي وَ لاَ إِلَّ دينِ
يا لَهَا مِنْ فَرِيسَةٍ أَنْقَذَتْها *** بَعْدَ بُطْءٍ فَرَاسَةُ المَيْمُونِ
ص: 105
منها:
سَيْفَ صِدْقٍ لَمْ يَأْلُ فِي اللَّهِ جَهْداً *** بِجِهَادٍ مَسْتَحْقَبِ لِلضُّعُونِ(1)
فَاقْتِضاهُ يَوْمِ السَّقِيفَةِ مَا اسْتَسْلَفَ *** فِي بَدْرٍ سَيفَهُ مِنْ دُيُونِ
إحَنٌ أعْجَزَتْهُمُ أَنْ يَلُوها *** وَ هْيَ مِنْ طَيْ كُفْرِهِمْ فِي كَمِينِ(2)
ص: 106
(بحر الكامل)
السيد عمران المير
ذِكْرَاكِ يا بنتَ الأمينِ *** تَحْيَا عَلَى مَرُ السِّنِينِ
ذِكْرَاكِ أضْحَتْ شُعْلَةً *** وَضَاءَةً فَوْقَ الجَبِینِ
يا بِنْتَ الرِّسَالَةِ *** أَصْبَحَتْ نَبْعَ المَعِينِ(1)
یابِنت طة أَحْمَدٍ *** وَ أُمَّ أَشْبال العَرينِ(2)
ها قَدْ أَيثُكِ لَوْعَةً *** مِنْ قَلْبِي الواهِي الحَزِينِ
مَاذَا أَقُولُ وَ هَلْ سَتُجْدِي *** قَوْلَتِي نَفْعاً لِحِينِ؟
خَدَعُوا فَتاةَ العَصْرِ فِي *** أَسْلُو بِهِمْ ذَاكَ المُهِینِ
لَعِبُوا عَلَى عَقْلِ الفَتَاةِ *** نَصَبُوا لَهَا شَرَّ الکَمِینِ
قَدْ تَاجَرُوا بِعَفَافِها *** وَ أَصْبَحَتْ صِفْرَ اليَدَيْنِ
قَالُوا لَهَا إِنَّ التَّحَرُّرَ *** مِنْ ياءٍ خَيْرُ دِينِ
قَالُوالَهَا طَرْحُ الحِجَابِ *** تَقَدُّمٌ فِي العَالَمِینِ
هيّا اطْرَحِيهِ فَإِنَّكِ *** فِيهِ السَّجِينَةُ فِي سَجِينِ
قَالُوا لَها نُورِي عَلَى *** زَوْجِ لَكِ شَرِّ القَرِينِ(3)
ص: 107
قَالُوا لَهَا ثُورِي عَلَيْهِ *** وَ حَطْمِي غُلَّ اليَ الَيَدْينِ(1)
قُولِي لَهُ أَنَا حُرَّةٌ *** إِنْ شِئْتَ أُخْرُجْ يا قَرِينِي
إِنْي أُرِيدُ حَيَاةَ بِنْتِ *** الغَرْبِ فِي كُلِّ الشُّؤُونِ
خَطُّ... البَتُولَةِ وَاضِحٌ *** لاَلِلْيَسَارِ وَ لاَاليَمِينِ(2)
لا..لاتَكُونِي سِلْعَةً *** تُشْرَى الأَصْحَابِ المُجُونِ(3)
کُونِي مُرَبِّيَةٌ لِجِيلٍ *** شَاءَ رَبِّي أَنْ تَکُونِي
قُولِي سَأَحْمِلُ مَبْدَئِي *** حَتَّى وَ لَوْ قَطَعُوا يَمِينِي
لا لَنْ أَكُونَ بضَاعَةً *** جُلِبَتْ لِهَزِّ لِلْمُتُونِ
إِنِّي سَأَسْلُكُ دَرْبَ بَضْعَةِ *** أَحْمَدَ الهَادِي الأَمِ الأمِينِ
فَهِيَ الشَّفِيعَةُ يَوْمَ لا *** نَفْعٌ لِمَالٍ أَوْ بَنِینِ(4)
شَهِدَ الإِلهُ بِطُهْرِها *** فِي مُحْكَم الآي المُبِينِ(5)
صَلَّي عَلَيْهَا اللَّهُ ما *** غَنَّتْ طيورٌ فِي غُصُونِ
ص: 108
(بحر الخفيف)
الأستاذ فرات الأسدي(*)(1)
قمرٌ يشعُّ بهاءً حزينُ *** ملأ الليلَ وجهه المفتونُ
و تدانی فشفَّه خجل الأرض، *** و قد نمَّ طرفُها المرهونُ
لیتَها بالهوى تبوحُ إليه *** فيُناجى طيفٌ و تُروى شجونُ
كم أسرَّت جوّى يُلحُّ عليها *** و أذاع الأسرار حبُّ مكينُ
***
ضمّنَتْه الشكاةُ للألق المخضلِّ *** فيه أديمُها، و السنينُ
و لقاء سمعت إليه و طافتْ *** كل شوط حتى أضاء اليقينُ
طورُها مهدُ فاطم أين منه *** في التجلّي حراءُ أو سينينُ!
***
يا بنةَ النور، و العوالم جاءت *** كيف شاءت: تكونُ أو لاتكونُ
***
ص: 109
و بأفلاكها مداراتُ هذا *** الكون صلّتْ، و سبّح التكوينُ
أُنظرينا فنحنُ رهطُ مواليك *** و ما ضيَّعَ اليسار يمينُ
لك ودٌ مخضوضر بدمانا *** أنت فيه، و التينُ و الزيتونُ
جذره القلبُ والحنايا غصونُ *** و له من تُراب خطوك طينُ
رفِّ لم يختلفْ لديه و تينُ *** أو أطاحت بنبضه سکَینُ
بل مضى، يمنحُ المفاداةَ عمراً *** علويّاً، شهيدهُ و السجينُ!
***
قمرٌ شاحبُ... و دربٌ حزينُ *** و المدى في حداده مركونُ
... المدى شائه المسافة يهوي *** دونه الليل و السُرى و العيونُ
عثر النجم فيه وارتدَّ ركبٌ *** أسلمته إلى خطاه الظنونُ
فإذا التيهُ رايةٌ و الخطايا *** جندها، و الحداةُ صوتٌ هجينُ
***
وإذا غايةُ المسيرة أن يشدَّ *** رهجُ، وأن تُساق مُتونُ!
***
لُعنَ الغدرُ أيُّ نصر ذليلٍ *** راح يجنيه حدُّهُ المسنونُ
أيُّ ذكرى منسيّة لبريق *** كان في الفتح يلتظي و يبينُ
حسبُه اليوم غمدُهُ و غبارٌ *** صدىءٌ باردٌ عليه يَرينُ!
***
خُيلاء السيوف تملأُ عطفَيه *** ادّعاءً... وَ يشمخ العرنينُ
ثمَّ لا شيءَ غير عزم دعيِ *** هو في زحمة العزائم دُونُ
إيه يا أُمّة السقيفة هلاً *** رفَّ جفنٌ... هلّا تندّى جبينُ
ص: 110
ما نفضت الأكفَّ من تربِ طه *** بعد حتى استفاق حقدٌ دفينُ
و صدورٌ موغرةً و غضونُ *** في وجوهِ يؤودهُنَّ مجونُ
ما توضّأنَ بالغدير ولكن *** غار تحت الجلود جدبٌ ضنينُ
هل تراها تطيقُ طهرَ عليّ *** و هو يشذى بمائه النسرينُ
***
أم تراها تجلُّ فاطمة *** الزهراء، و الحق حلفْها و الدينُ
و هُداها القرآن و الدمع إلفُ *** و صلاةٌ محزونةٌ... و حنينُ
***
و أطاحت بالأزهر الفاطميّ *** المجد، و انصاع تحتَها يستكينُ
وإلى الآن لم تزل ورؤاها *** ينسَلُ الوهمُ بينها و الهونُ!
و الغريُّ الذي بها راح يصلى *** و البقيعُ الذي بها مطعونُ
و غداً يثقلُ الحسابُ عليها *** كم يُؤدّى غرمٌ، و تُوفى ديونُ؟
فوراء الغيوبِ اللَّه أمرٌ *** و لخيل المهديّ شوطُ يحينُ!
ص: 111
(بحر الكامل)
الشيخ كاظم بن المطر الأحسائي(*)(1)
لَوْ كُنْتَ تَدْرِي مَاشُجُونِي *** مَا لُمْتَ ذَا الطَّرْفِ الهَتُونِ(2)
وَ لَمّا عَذَلْتَ أَخَا جَوّى *** مِثْلِي عَلَى فَرْطِ الأنِيْنِ(3)
دَعْ يا خَلِيَّ الْقَلْبِ ما *** فِي القَلْبِ مِنْ دَاءٍ دَفِينِ
دَعْ طَرَفي الْمَقْرُوحِ دَعْ *** جِسْمِي المُذَابَ مِنَ الحَنِينِ
وَ هْلاً مَعِي إِنْ كُنْتَ مِمَّنْ *** دِينُهُمْ هُمْ فِي الحُبِّ دِينِي
أَوْلا فَقُمْ لاراشِداً *** فَاللَّوْمُ إِغْرَاءُ الْحَزِينِ
لاتَحْسَبَني ها زِلاً *** کَلاَ فما هُوَ مِنْ شُؤُونِي
لاتَعْجَبَنَّ فَفَوْقَ وُ سْعِي *** ماعرانِي مِنْ شُجُونِي
فِي الْحُزْنِ ما أَنَا مَفْرَدٌ *** وَ لَكُمْ بِهِ لِي مِنْ قَرِينِ
كَمْ وَالهِ مِثْلِي مَضَى *** فيما يَمُرُّ مِنَ السِّنِينِ
مُتَسَرْ بِلا لِلْحَشْرِ مِنْ *** فَرْطِ الأَسَى سِرْبالَ جُونِ(4)
لمُصَابِ سَيِّدَةِ النِّسَاء *** وَ رَبَّةِ الخِدْرِ الْمَصُونِ
بَقِيَتْ وَ يَا لَهْفِي عَلَيْهَا *** بَعْدَ وَالِدِها الأَمِينِ
مَا بَيْنَ كُلِّ مُنَافِقِ *** أَوْظَالِمِ رِجْسٍ لَعِینِ
ص: 112
خَانُوا النَّبِيَّ بِهَا وَكَمْ *** أَوْصَى فَوَيْلٌ لِلْخَؤُونِ
وَ ضَئِيلُهُمْ أَرْقَوْهُ مِنْبَرَ *** أَحْمَد بَدَل البطینِ(1)
یَا وَيْلَهُمْ إِذْ يَعْدِلُونَ *** إِلَى الْغَبِيِّ عَنِ الطَّبِينِ(2)
وَ الحُرَّةُ الزَّهْرَاءُ بَضْعَتُهُ *** أَرَوْها كُلَّ هُونِ(3)
مَنَعُوا عَلَيْهِ بُكَاءَهَا *** وَ اسْتَأْصَلُوا ذَاتَ الْغُصُونِ(4)
وَ تُرَاثُها اغْتَصَبُوهُ حَتَّى *** أَصْبَحَتْ صِفْرَ الْيَمِينِ
وَ أَمَضُّ خَطْبٍ مُقرِحٍ *** لِلْقَلْبِ أَنْ ذَوِي الضُّغُونِ
هَجَمُوا عَلَى الدَّارِ الَّتِي *** هِيَ مَهْبِطُ الْوَحْيِ الأَمِينِ
وَ الحُرْمَةُ الكُبْرَى اسْتَباحُوها *** مِنَ الخِدْرِ المَصُونِ
وَ الطّهْرُ ظُلماً ضِلْعَها *** كَسَرُوا فَعَجَّتْ بِالرَّنِينِ(5)
ص: 113
وَ دَعَتْ بِفِضَّةِ عَجِّلِي *** قَدْ مَاتَ فِي بَطْنِي جَنِينِي(1)
وَ تَرَفَّقِي بِي وَيَكَ فَالْمِسْمارُ *** فِي الجنبِ الْيَمِينِ(2)
والْقَوْمُ مَا انْعَطَفُوا بَلَى *** عَطَفُوا عَلَى الْحِلْمِ الرَّزِينِ
وَ اسْتَخْرَجُوهُ مُلَبَّباً *** وَ هُوَ الهِزَبْرُ مِنَ الْعَرِينِ(3)
فَأَعْجَبْ لِحَبْلِ أَسْوَدٍ *** يَلْوِي عَلَى الْحَبْلِ المَتِينِ(4)
لانَاصِراً إِذْ يَسْتَغِيثُ *** وَ مَا هُنَالِكَ مِنْ مُعِينِ(5)
إِلاَّ الَّتِي خَرَجَتْ تُعَثُرُ *** بِالذُّبُولِ مِنَ الشُّجُونِ(6)
ص: 114
تَعْدُو وَ تَدْعُو خَلْفَهُمْ *** وَ نَصِيحُ بِالصَّوْتِ الْحَزِينِ(1)
خلّوا ابْنَ عَمِّي لا أُطِيقُ *** فِرَاقَهُ أَوْ تَقْتُلُونِي(2)
ص: 115
(بحر الكامل)
الشيخ كاظم بن المطر الأحسائي(*)(1)
بُعْداً لِقَوْمٍ بَعْدَ فَقَدِ المُرْشِدِ *** ضَلُّوا فَمَا فِيهِمْ تَرَى مِنْ مُرْشِدِ
تَرَكُوا الْوَصِيَّ وَ آزروا تَيْماً عَدِي *** أَلْوَائِبِينَ لِظلم آلِ مُحَمَّدِ(2)
وَ مُحَمَّدٌ مُلقى بِلاتَكْفِينِ
***
نَبَذُو الْكِتَابَ وَ مَا بِهِ قَدْبُيْنَا *** وَ وَصِيَّةٌ طَعَ بِهَا قَدْ أَعْلَنا
بَلْ فِي ذَوِي الْقُرْبى اقْتَدَوْا بِبَنِي الْخِنا *** وَ القَائِلِينَ لِفَاطِمِ آذَيْنِنا
فِي طُولِ نَوْحٍ دَائِمٍ وَ حَنِینِ
***
فَتَرَى تَقِيَّهُمُ وَ مَا فِيهِمْ تَقِي *** عَنْ ظُلم آلِ نَبِيِّهِ لايَتَّقِي
فَغَدا بِمَنْ هَضم الْبَتُولَ سَيَلْتَقِي *** وَ الْقَاطِعِينَ أَراكةً كي ما تقيلَ(3)
ص: 116
بِظِلِّ َأوْرَاقٍ لَهَا وَ غُصُونِ
فَكُرُ وَ جَانِبُ كُلَّ ذِي طَرْفِ قَذِي *** مَا فِي الأُلَى لِلْحَقِّ غَيْرِ المُنْبَذِ(1)
وَ أَعْجَبْ لَهُمْ وَ لِخَالِدٍ وَ لِقُنْفُذِ *** وَ مُجَمِّعي خطباً عَلَى الْبَيْتِ الَّذِي(2)
لَمْ يَجْتَمِعْ لَوْلاهُ شَمْلُ الدِّينِ
***
مَا كَانَ أَجْسَرَ أُمَّةً يَا لَيْتَها *** فَنِيَتْ وَ مَا سَبَقَ الْحَرُونُ كُمَيْتَها(3)
کَيْفَ اصْطَبَرْتَ عَلَيَّ يَوْمَ رَأَيْتَها *** وَ الدَّاخِلِينَ عَلَى الْبَتُولَةِ بَيْتَها
وَ المُسْقِطِينَ لَها أَعَزَّ جَنِينِ؟(4)
***
نَادَتْ أَذِكْرُ أَبِي عَلَى أَعْوَادِهِ *** يُتْلَى وَ يُكْسَرُ ضِلْعُ ذَاتِ وِدَادِهِ؟
لَيْتَ النَّبِيَّ يَرَى انْقِلَابَ بِلادِهِ *** وَ الْقَائِدِينَ إمَامَهُمْ بِنجَادِهِ
وَ الطُّهرُ تَدْعُو خَلْفَهُمْ بِرَنِينِ
***
ص: 117
لَهَفِي لِفَاطِمَ حِينَ قَادُوا الأَنْزَعا *** مِنْ خَلْفِهِمْ تَعْدُو وَ تُدْرِي الأَدْمُعا
وَ تَصِيحُ وَيْلَكُمُ وَ كُلُّهُمْ وَعَى *** خَلُوا ابْنَ عَمِّي أَوْ لأَكْشِفَ بِالدُّعا
رَأْسِي وَ أَشْكُو لِلإِلَهِ شُجُونِي
***
لاصَبْرَ لاِمْرَأَةِ يُقَادُ كَفِيلُها *** قَسْراً لِقَوْم مَا اسْتَبَانَ جَمِيلُها
نَادَتْ وَ أَعْيُنُها هُنَاكَ تُجِيلُها *** مَا كَانَ نَاقَةُ صَالِحِ وَ فَصِيلُها
بِالفَضْلٍ عَنْدَ اللَّهِ إِلا دُونِي
***
هَمَّتْ بِرَفع قناعِهَا وَ لِعِلَّةٍ *** رَحِمَتْ طَعَاماً ما ارْعَوْوا عَنْ ضِلَّةٍ(1)
ثُمَّ انْتَنَتْ عَنْهُمْ بِشَكْوى ذِلَّةٍ *** وَ رَنَتْ إِلَى القَبْرِ الشَّرِيفِ بِمُقلةٍ
عبْرَى وَ قَلب مُكْمَدٍ مَحْزُونِ
***
عَجَّتْ بِوَالِدِها لِشِدَّةِ كَرْبِها *** نَشَجَتْ فَأَشْجَتْ مَنْ غَدا فِي قُرْبِهَا(2)
نَدَبَتْ فَصَدَّعَتِ الْجِبَالَ بِنَدْبِهَا *** قَالَتْ وَ أَظْفَارُ المُصَابِ بِقَلْبِها
أبتاهُ قَلَّ عَلَى العُدَاةِ مُعِينِي
***
أَبَتاهُ شَخْصُك مُذْ تَغَيَّبَ ظِلُّهُ *** أَبَتَاهُ جَمْعِي قَدْ تَبَدَّدَ شَمْلُهُ
أَبَتَاهُ لِي نَيْمٌ تَظَاهَرَ غِلُّهُ *** أَبَتَاهُ هَذَا السَّامِرِيُّ وَ عِجْلُهُ
تبعاً وَ مَالَ النَّاسُ عَنْ هَارُونِ
***
ص: 118
خَلَّفْتَنِي مَا بَيْنَ أَظْهُرِ حُسَّدِي *** دَأْبِي الْبُكَاءُ فَعَبْرَتِي لَمْ تَنْفَدِ
وَ لِكَثرَةِ الأَرْزَاءِ لَمَّا أَهْتَدِي *** أَيُّ الرِّزايا أَتَقّى بتَجَلُّدِ؟
هُوَ بِالنَّوَائِبِ مُذْحَیِيتُ قَرِينِي
***
حُمَلْتُ هَمّاً لَوْ تَحَمَّلَ شِقَّهُ *** رَضْوَى لَذَابَ ضَنَى وَ أَعْجَزَ طَوْقَهُ(1)
كَمْ ذا أُعانِي مِنْ أَسى لاأَفْقَهُ *** فَقْدِي أَبِي أَمْ غَصْبُ بَعْلِي حَقَّهُ
أَمْ كَسْرُ ضِلْعِي أَمْ سُقُوطُ جَنِينِي
***
أَمْ رَوْعَتِي يَوْمَ الْهُجُومِ وَ ذِلَّتِي *** مَا بَيْنَهُمْ أَمْ قَوْدُ كَافِلِ عَيْلَتِي(2)
أمْ مَنْعُهُمْ نَوْحِي عَلَيْكَ وَ عَوْلَتِي *** أَمْ أَخْذُهُمْ أَرْضِي وَ فَاضِلُ نِحْلَتِي
أمْ جَهْلَهُمْ قَدْرِي وَ قَدْ عَرَفُونِي(3)
ص: 119
(بحر الرمل)
السيد محمد جواد فضل اللَّه(*)(1)
يا بْنَةَ الطُّهْرِ وَ مَا أَرْوَعَهَا *** ذِكَرُ مِنْكِ تَزينُ المِهْرَ جانا
أَنْتِ تَارِيخُ رِسَالَاتٍ بِهَا *** يُشْرِقُ الواقِعُ مَجْداً وَ كِيَانا
عِزَّةُ الإِيمانِ فِي دَعْوَتِهَا *** شِرْعَةٌ مِنْهَا هُدَى اللَّهِ اسْتَبانا
قَدْ حَمَلْناها وَ إِنْ أَزْرَىٰ بِنا *** شَانِيءٌ يَرْعَفُ حِقْداً وَ لَحانا(2)
فَهْيَ مِنّا رَعْشَةٌ فِي دَمِنا *** وَ هُيَ فِينَا خَفْقَةٌ تُحْيِي الجَنانا
دَوْحَةٌ مِنْ أَحْمَدٍ مَطلَعُها *** بَاسِقٌ أَعْظِمْ بِهِ مَجْداً مُصانا
حَسْبُها أَنَّ رِضاهُ مَدَدٌ *** مِنْ رِضاها... وَ رِضاها مُبْتَغانا
***
إِنَّهَا ذِكْرَى انْفِتَاحِ لِلسُّرَى *** وَ انْطِلَاقِ لِلذَّرَىٰ يُغْرِي سُرَانا
دَعْوَةُ الحَقِّ عَلَى صَفْحَتِهَا *** أَحْرُفٌ عُلْوِيَّةٌ خَطَّتْ عُلَانا
يُشْرِقُ الإِيمَانُ فِيها أَمَلاً *** بَاسِماً يَحْتَضِنُ الرُّوحَ احْتِضانا
فَتَعُودُ الأَنْفُسُ الحَيْرَىٰ بِهِ *** حَيَّةٌ تُورِقُ بِالنُّعَمَى حَنانا
وَ عَبِيرُ الخَيْرِ يُذْكِي حِسَّها *** بِعَطَايَاهُ فَتَحْوِيهِ افْتِتانا
لَوْ وَعيْنَا رَوحَهُ لانْصَهَرَتْ *** لِمُنَانَا هَذِهِ الأَرْضُ جِنانا
ص: 120
وَ لَكُنَّا غَيْرَ مَا نَحْنُ بِهِ *** قَلَقٌ يُلْهِبُ بالشَّكْوَى نِدَانا
وَ صُداعٌ مُثْقَلٌ يَحْفِرُهُ *** مَطْمَعٌ غِرٌّ كَمَا شَاءَ هَوَانا
وَ انْفِلاتٌ مِنْ مَقَابِيسَ صَفَتْ *** نُظماً تَزرَعُ فِي الدَّرْبِ هُدانا
وَ انْصِهَارٌ بِمُيُولٍ مَزَّقَتْ *** بِالأَباطِيلِ عَلَى الدَّرْبِ إِخانا
يَا لَذُلٍّ الفِكْرِ أَنْ تَسْحَقَهُ *** صَرْعَةُ التَّجْدِيدِ مِنْ وَحْيِ عِدانا
قَدْ حَمَلْنَا العِبْءَ مِنْ الاَمِهَا *** وَ مَشَيْنا يَلْحَسُ الشَّوْكُ خُطَانا
تُثْقِلُ المِحْنَةُ مِنّا مَطْمَحاً *** لِلسَّرَى أَغْنَى بِهِ المَجْدُ وَزَانا
قَدْ شَرِبْنَاها كُؤُوساً أُتْرِعَتْ *** عَلْقَماً وَ اللَّيْلُ غَافٍ فِي ذرانا(1)
وَ أَفَقْنَا وَ الشَّجا يَسْحَقُنَا *** نَرْقَبُ الأطْلَالَ ذُلاً وَ هَوانا
ها هُوَ المَجْدُ الَّذِي عِشْنَا لَهُ *** عَادَ شِلُوا فِي يَدِ الغَازِي مُهَانا(2)
***
يَا لِذُلِّ المَجْدِ أَنْ تَحْرُسَهُ *** أَعْیُنٌ تَعْشَىٰ إِذَا مَا الصُّبْحُ بانا(3)
يَظْمَأُ النُّورُ عَلَى أَحْدَاقِهَا *** وَ الضُّحَى يَخْطُرُ زَهُواً فِي سَمَانا(4)
تَحْسَبُ اللَّيْلَ صَبَاحاً مُشرِقاً *** وَ هيَ لاتَعْرِفُ لِلصُّبْحِ مَكَانا
وَ السَّرَابَ الجَدْبَ وِرْداً مَائِجاً *** كَذِبُ الأَحْلامِ فِيهِ يَتَدَانَی(5)
ص: 121
وَ المَدَى صَحْواً لِيحْلُو صَفْوُهَا *** وَ هُوَ بِالإِعْصَارِ يَرْبَدُ احْتِقانا(1)
سَوْفَ يَصْحُو المَجْدُ مِنْ غَفْوَتِهِ *** وَ يَعُودُ الفَتْحُ زَهْواً فِي حِمَانا
وَ يُصَادُ الذِّئبُ فِي مَكْمَنِهِ *** بَعْدَ أَنْ شَلَّ عَلَى الدَّرْبِ الأَمَانَا
لِيَعُودَ الصَّحْرُ ضَاحِ فِي المَدَى *** يَمْسَحُ الجُرحَ وَيُرْوَى مِنْ ظَمانا
***
لانَعِي إِلا الصَّدَى مِنْ أَمْسِنَا *** سَاخِراً يَخْنُقُ بِالجُلَّى صَدانا
عَيْبُنَا أَنَّا عَلَى الدَّرْبِ إِذَا *** غَرَّبَ الحادي فَغَربي هَوانا
وَ إِذَا شَرَّقَ فَالشَّرْقُ لَنَا *** مَطْلَعٌ يَعْمُرُ بِالنُّورِ رُبانا
عَاطِفِيُّونَ فَأَنَّى الْتَفَتَتْ *** وُجْهَةُ السَّادِرِ تُسْدِيهِ العِنَانا(2)
نَحْسَبُ الصَّرْخَةَ مِنْ أَشْدَاقِهِ *** مُنْقِذاً مِنْ سَرَفِ الجُلَّى أَتانا(3)
وَ یَرِفُّ الفَتحُ فِي أَجْفَانِنَا *** حُلُماً تَرْشِفُ نُعْمَاهُ دُنَانا
وَ ليَمُتُ أمْسِ وَ يَحْيَا لِغَدٍ *** مَطلَعٌ يُرْكِزُ فِي الشَّمْسِ لِوانا
سَوْفَ نَسْقِي الأَرْضَ مِنْ أَشْلَائِهِمْ *** سَوْفَ لَنْ يَحْتَضِنَ الفَتْحَ سِوَانا
وَ هُنَا تَنْفَجِرُ السَّاحُ بِنَا *** وَ إِذَا نَحْنُ كَمَا كُنَّا وَكَانَا
***
يا أُسَاةَ الجُرْحِ إِنَّا هُهُنا *** لَمْ يَزَلْ يَرْعُتُ بِالبَلْوَى حِمَانا
قَدْ طَوَيْناها سِنِيناً حُمِّلَتْ *** بِالمَآسِي وَالَّذِي كَانَ كَفَانا
فَلْيَكُنْ مَاضِي أَسانا عِبْرَةً *** تَبْلُغُ الغَايَةَ فِيهَا بِسرانا
خَرِّ ما قُلْنَا وَمَا قَالُوا فَقَدْ *** مَلّتِ الأَسْمَاءُ مِنَا الهَدْيَانا
ص: 122
وَ ارْمُقِ الوَاقِعَ يَا رَائِدَهُ *** كَيْفَ شَقَّتْ بِالصَّلاَلَاتِ عَصَانا؟
وَ عَرَى الأُمَّةَ مَنْ فَرَّقَها *** فَتَلاشَى عَزْمُهَا الصَّلْدُ وَهَانَا(1)
إِنَّها الرِّدَّةُ شَلَّتْ عَزْمَها *** وَ أَبَادَتْ بِالأَعَاصِيرِ قِوَانا
كُلُّ حِزْبٍ فِي المَدَى مَمْلَكَةٌ *** عِلْمُهَا أَنْ تَسْتَحِلَّ الصَّوْ لَجَانا(2)
هذِهِ الصَّرْعَةُ فِي وَاقِعِنا *** كُمْ شَكا الحُرُّ مَآسِيها وَ عَانَي
السُّجُونُ السُّودُ يَا لَوْعَتَها *** ظُلَم تَصْطَلُّ رُعْباً بِأسانا
***
وَإِذَا شِئنَاهُ نَصْراً شَافِياً *** مِنْ لِظَى الجُرْح وَإِنْ عَزَّ شِفانا
فَإِلَى الإِسْلاَم يَا قَادَتَنَا *** فَهْوَ لِلدَّاءِكَمَا كَانَ دَوَانا(3)
ص: 123
(بحر المتقارب)
الشيخ محمد حسن الجواهر(*)(1)
أبَا صَالِحٍ كَلَّتِ الأَلسُنُ *** وَ قَدْ شَخَصَتْ نَحْوَكَ الأَعْيُنُ
نَعُجُّ إِلَيْكَ وَ أَنْتَ العَلِيمُ *** فِيمَا نُسِرُّ وَ مَا نُعْلِنُ(2)
أَتُغْضِي وَ قَدْ عَزَّ أَنْفُ الضَّلاَلِ *** وَ أَنْفُ الرَّشَادِ لَهُ مُذْعِنُ(3)
وَ يَمْلِكُ أَمْرَ الهُدَى كَافِرٌ *** فَيَغْدُو وَ فِي حُكْمِهِ المُؤْمِنُ
وَ أَهْلُ التُّقَى لَمْ تَجِدْ مَأْمَناً *** وَ أَهْلُ الشَّقا ضَمَّها المَأْمَنُ
ص: 124
فَهَذِي الْبَقِيَّةُ مِنْ مَعْشَرٍ *** قَدِيماً لَكُمْ بَغْيَهُمْ أَكْمَنُوا
هُمُ القَوْمُ قَدْ عَصَبُوا فَيْئَكُمْ *** وَ غَيْرَكُمُ مِنْهُ قَدْ أَمْكَنُوا(1)
أَزَاحُوكُمُ عَنْ مَقَام بِهِ *** بِرَغْمِ الْهُدَى شَرَّهُمْ أَسْكَنُوا
أفِي اللَّهِ يَظْعَنْ عَنْهُ الْوَصِيُّ *** وَ شَرُّ دَعِي بِهِ يَقْطُنُ؟(2)
تَدَاعَوْا لِنَقْضِ عُهُودِ الأُلَى *** أَسَرُّوا النِّفَاقَ وَ لَمْ يُؤْمِنُوا
فَأَيْنَ إِلَى أَيْنَ نَصَّ الغَدِيرِ *** أَلمْ يُغْنِهِمْ ذلِكَ المَوْطِنُ؟
فَيَا بِئسَ مَا خَلَّفُوا أَحْمَداً *** بعِشرَتِهِ وَ هُوَ المُحْسِنُ
لَقَدْ كَتَمُوهُ شِقَاقَ النُّفُوسِ *** فَلَمَّا قَضَى نَحْبَهُ أَعْلَنُوا
كَأَنْ لَمْ يَكُونُوا أَجَابُوا دُعَاهُ *** وَ لَمْ يَرْعَوا الحَقَّ أَوْ يَذْعَنُوا
وَ أَعْظَمُ خَطْبٍ يُطِيشُ الحُلُومُ *** وَ كُلُّ شَجَى دُونَهُ هَيِّنُ(3)
وقُوفُ ابْنَةِ المُصْطَفَى بَيْنَهُمْ *** وَ فِي القَلْبِ نَارُ الأَسَى تَكْمُنُ(4)
وَ قَدْ أَنْكَرُوا مَا ادَّعَتْ غَاصِبِينَ *** وَ كُلُّ بِمَا تَدْعِي مُوقِنُ(5)
ص: 125
(بحر الخفيف)
السيد محمد رضا القزويني(*)(1)
إِصْغِ يَا دَهْرُ وَ أَنْصِنِي يَا سنينُ *** بُرْهَةً إِنَّمَا الحَدِيثُ شُجُونُ
وَ اهْدِنِي يَا نَوَازِعَ النَّفْسِ عَلِّي *** أَهْتَدِي مَا يُرِيدُ شَوْقٌ دَفِينُ
فَلَقَدْ جَارَ مِنْ ضَنَاهُ فُؤَادِي *** وَ لَقَدْ خَارَ مِنْ قِوَايَ الحَنِينُ(2)
يَتَلَظَّى إِنْ مَرَّ فِي ذِكْرَيَاتٍ *** يَتَمَلَّى أَطْرَافَهُ يَسْتَبينُ
هَلْ إِلَى نَفْحَةِ النُّبُوَّةِ تَدْرِي *** مِنْ سَبِيلٍ يَا أَيُّهَا اليَاسَمِينُ؟
هَلْ إِلَى مَرْبَضِ الإِمَامَةِ يَمْشِي *** مِنْ دَلِيلِ وَ هَلْ يُطَالُ العَرِينُ؟
فَامُلئِي يَا سَمَاءُ قَلْبِي ابْتِهَاجاً *** فَلَقَدْ صَدَّقَتْ لَدَيَّ الظُّنُونُ
وَ افْرُشِي الدَّرْبَ يَا مُرُوجُ إِلَيْهِمْ *** نَفَحَاتٍ وَ ظَلِّلِي يَا عُصُونُ
فَلَقَدْ طَالَ فِي التَّأَملِ صَبْرِي *** ثُمَّ أَدْرَكْتُ وَ اسْتَقَرَّ اليَقِينُ
نُقْطَةُ الوَصْلِ لِلنُّبُوَّةِ حِينَ *** انْشَنَّ مِنْها أَئِمَّةً وَ بَنُونُ
إِنَّها مِحْوَرُ الحَيَاةِ تَجَلَّى *** عِنْدَهَا الحُكْمُ وَ النَّهْي وَ الدِّينُ
وَ بِأَنَّ الزَّهْرَاءَ سِرِّ سَيَبْقى *** شَامِخاً وَ الخُلُودُ فِيهِ كَمِينُ(3)
ص: 127
أَظْهَرَتْ مِنْ تُرَائِهَا بَعْضَ بَعْضٍ *** فَإِذَا البَعْضُ فِي الوَرَى قَانُونُ
وَ إِلَى الكَوْنِ قَدَّمَتْ وَلَدَيْها *** حَسَنْ ذلِكُمْ وَ ذَاكَ حُسَيْنُ
***
إِيهِ يَا ذِكْرَيَاتُ مُرِّي تباعاً *** وَ اشْهَدِي أَنَّنا عَبِيدٌ وَ قَيْنُ
نَتَغَنَّى الأَمْجَادَ غَيْرَ أُباةٍ *** وَ بَقَايَا الدِّيَارِ لَسْنَا نَصُونُ
قَدْ شَهَرْنا السُّيُوفَ لا لِلأَعَادِي *** إِنَّما الفَرْدُ مِنْ أَخِيهِ طَعِينُ
مِنْ هُنَا أَوْ هُنَاكَ بَعْضُ صُرَاخٍ *** مِثْلَمَا يُظلِقُ الصُّرَاخَ سَجِينُ
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ بِالدِّينِ كُنْتُمْ *** يَوْمَ كَانَ المُلْكُ العَرِيضُ المَتِينُ
يَوْمَ كَانَ الشَّرْعُ المُقَدَّسُ ظِلاٌّ *** وَارِفاً مُشرِقاً لَدَيْهِ الجَبِينُ
أَيُّ نَقْصٍ بِهِ دَعَاكُمْ لِتَرْجُوا *** شِرْعَةَ الكُفْرِ سَنّها (لينينُ)(1)
أَوْ غُزَاةُ البِلاَدِ بِالمَالِ وَ العَهْرِ *** تَوَارَى مِنْ خَلْفِهِمْ صِهْيُونُ
وَ فِلَسْطِينُ... يَا لَمَهْزَلَةِ العَصْرِ *** دَعُوهَا فَلَيْتَكُمْ لَمْ تَكُونُوا
مِنْ دُعَاةٍ لِنَصْرِهَا فَتَرَاهُمْ *** أَخَذُوا الفِلْسَ وَ اسْتُبِيحَ الطِّينُ
وَ بِلُبْنَانَ ضَيَّعَ اللُّبَّ فِيهِ *** عُقَلاءٌ فَضَاعَ فِيهِ البَنُونُ(2)
وَ حُرُوبُ الصَّلِيبِ شُنَّتْ عَلَيْنَا *** أَيُّ غَدْرٍ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ الجَنِينُ
مَا عَهِدْنَا لِمِثْلِ لُبْنَانَ رَبْعاً *** يُورقُ الحِقْدُ فِيهِ وَ الزَّيْزَفُونُ(3)
إِنَّمَا الدَّهْرُ قَدْيُرِينا الأعا *** جِيبَ وَ يَجْلُو مِنْهُ الخَفَاءُ الدَّفِينُ
وَ اعْتِدَاراً أُمَّاهُ يَا فَاطِمُ *** فَالْيَوْمَ تَمُرُّ الذِّكْرَى وَ قَلْبِي حَزِينُ
ص: 128
(بحر البسيط)
السيد محمد رضا القزويني(*)(1)
ظمآنَ أَصْبُو إِلَى الذُّكْرَىٰ فَتَرْوِينِي *** وَ الْيَوْمَ أَسْقِي بِهَا مَنْ كَانَ يَسْقِينِي
أَصْبُو لِذِكْرَاكِ وَ الدُّنْيا تَناقَلُها *** بُشْرَى السَّعَادَةِ لِلدُّنْيَا وَ لِلدِّينِ(2)
فَمُذْ وُلِدْتِ وَ يَا مِنْ فَرْحَةٍ عَظُمَتْ *** قَدْشَعٌ وَجُهُ رَسُولِ اللَّهِ في الحِينِ
وَ صَاحَ مُسْتَبْشِراً وَ الفَخْرُ يَمْلَؤُهُ *** إِنْ يَقْطَعُوا رحمي فاللَّهُ يُعْطِيني
أَيْنَ التَّوَارِيخُ عَنْ أَقْوَالِ شَانِئْهِ *** وَ حِكْمَةُ اللَّهِ فِي نَسْلِ المَيَامِينِ(3)
أَبْنَاءُ حَرْبٍ عَلَى تَارِيخِهَا انْقَرَضَتْ *** لكن بَنُو فَاطِمِ عَدُّ المَلَابِينِ
لقَدْ أَطلَّتْ عَلَى الدُّنْيا فَكَانَ بِهَا *** حِفْظُ الكَرَامَةِ لِلأُنْثَى بِمَقْرُونِ
وَ بُدِّلَتْ شِرْعَةُ الغَابِ الَّتِي حَكَمَتْ *** دُنْيا الأَعَارِيبِ فِي شَكْلٍ وَ مَضْمُون
بَيْنا يُبَرِّرُ عِلْجٌ قبحَ فِعْلَتِهِ *** وَ أَدِ البَنَاتِ بِأَعْرَافِ وَ قَانُونِ(4)
يَصِيحُ أَحْمَدُ هُذِي بَضْعَتِي وَ لَهَا *** قَلْبِي فَمَنْ كَانَ يُؤْذِيهَا فَيُؤْذِينِي(5)
ص: 129
حُكْمٌ مِنَ اللَّهِ لاَمِنْ نَزْوَةٍ خَطَرَت *** لكِنَّهُ الوَحْيُ فِي قَوْلِ وَ تَعْيِينِ
فِدَاكِ قَال أَبُوكِ أنتِ سَيْدَةُ *** النساءِ ما كانَتِ الدُّنْيَا عَلَى دِينِ(1)
***
نَمَتْ وَ شَبَّتْ وَ كَانَ الطُّهْرُ شِيمَتُها *** أَنْقَى مِنَ الطَّهْرِ بَيْنَ الحُورِ وَ العِين(2)
هذَا عَلِيٌّ لَهَا كُفْرٌ فَزَوْجَها *** البارِي مِنَ العَرْشِ فِي لَوْحٍ وَ تَدْوِينِ(3)
وَ قَالَ مَهْرُكِ أَنْهارٌ فَأَصْدَقَها *** خُمْساً وَ مَا حُزنَ مِنْ مَاءٍ وَ مِنْ طِين
قَالَتْ وَ أَكْرِمْ بِهِ زَوْجاً وَلِي أَمَلٌ *** أَنَّ الشَّفَاعَةَ يَوْمَ الحَشْرِ تُرْضِينِي
فَقَالَ هُذَا لَهَا وَ ازْدَادَ أَنَّ رِضَى *** الرَّحْمَنِ أَضْحَى لِمَا تَرْضَى بِمَرْهُونِ
فَاسْتَبْشِرُوا أُمَّةَ الهَادِي بِفَاطِم فِي *** أَمْرِ الشَّفَاعَةِ بِالزَّهْرَاءِ مَضْمُونِ(4)
***
يَا أَسْرَةَ الخَيْرِ لِلدُّنْيَا بِمَا نَذَرَتْ *** وَ مَا وَقَتْ فِي ثَلاثِ بِاسْمِ سِبْطَيْنِ
وَ أَطْعَمَتْ زَادَها المِسْكِينَ وَ ابْتَدَرَتْ *** إِلَى اليَتِيمِ لِمَأْسُورٍ وَ مَسْجُونِ
فَأَنْزَلَتْ (هَلْ أَتَى) فِيهِمْ تُبَشِّرُهُمْ *** بِجَنَّةِ الخُلدِ بِالأَنْهَارِ وَ التِّينِ(5)
ص: 130
أَلاَ نَظَرْتُمْ لأَسْرَانَا وَ قَدْ حَجَبَتْ *** بِهِمْ عِجَافُ سِنِينِ مِثْلَ ذِي النُّونِ(1)
أَلاَ رَغِيفٌ تَبَقَى مِنْ مَوَائِدِكُمْ *** إِلَى الأَسَارَى وَأَفْوَاجِ المَسَاكِينِ
وَ شَيْبَةُ الخَيْرِ فِيمَ زَادَ غَيْبَتُهُ *** شَيْباً عَلَى الرَّأْسِ فِي شَكْلِ الثَّمَانِينِ
غَدَوْتُ يَعْقُوبَ فِي هَمِّي لِفُرْقَتِهِ *** وَ وَالِدِي يُوْسُفاً فِي سِجْنِ فِرْعَوْنِ
أأَنْقُدُ الأمَلَ المَعْقُودَ نَحْوَكُمُ *** و أَنْتُمُ لأَمَانِي كُلِّ مَحْزُونِ؟
لاكَيْفَ أَنْقُدُ آمالاً شَبَبْتُ بِهَا *** وَ لَيْسَ تَفْقِدُها (لَيْلَى بِمَجْنُونِ)؟
ص: 131
(مجزوء الكامل)
الشيخ محمد سعيد المنصوري(*)(1)
بِنْتُ النَّبِيِّ غَدَتْ حَزِينَهْ *** لِفِرَاقِ سُلْطَانِ المَدِينَهْ
وَ حَنِينُها لَمَّاعَلاَ *** كُلٌّ لَهَا أَبْدَى حَنِينَهْ
وَ بَكَتْ مَلاَئِكَةُ السَّمَا *** لَمَّا بَكَى حَامِي عَرِينَهْ
اللَّهُ أكبرُ أَحْمَدٌ َ*** قضَى بِمِحْنَتِهِ سِنِينَهْ
لَمْ يَعْرِفُوا قَدْراً لَهُ *** شَجُوا بِأَحْجَارٍ جَبِينَهْ
وَ الْيَوْمَ مَاتَ فَحَيْدَرٌ *** مِنْ حُرْقَةٍ يَبْكِي قَرِينَهْ
قَدْ كَان في نُوبِ الزَّمَانِ *** وَ مِحْنَةِ الدُّنْيَا خَدِينهْ(2)
وَ مُذِ انْتَهَتْ أَيَّامُهُ الغَرَّا *** وَ حَالَ المَوْتُ دُونَهْ
نَادَاهُ بَعْدَكَ أَظْلِمَتُ *** دُنْيا لَهَا قَدْ كُنْتَ زِينَهْ
يا خَاتَمَ الرُّسُلِ الكِرَام *** وَ مَنْ سَقَى الظَّامِي مَعِينَهْ
الكَوْنُ بَعْدَكَ مُوحِشٌ *** وَ بِمِثْلِكَ الدُّنْيَا ظَنِينَهْ(3)
فَارَقْتَنا مِنْ بَعْدِمَا *** أَحْكَمْتَ لِلإِسلام دِينَهْ
وَ تَرَكْتَنَا رَهْنَ الخُطُوبِ *** وَ بَيْنَ أَحْقَادٍ دَفِينَهْ
ص: 132
يا وَيْلَ مَنْ ظَلَمَ البَتُولَ *** وَ عِشْرَةَ الهَادِي الأمينهْ
مَنْ بِالفَضِيلَةِ وَ التُّقَى *** وَ المَجْدِ وَ العُليا قَمِينَهْ
أَفَهَلْ جَزَاءُ مُحَمَّدٍ *** مِنْ تِلْكُمُ الزُّمَر اللَّعِينَهْ
غَصْبُ الشَّفِيعَةِ حَقَّهَا *** مِنْهُ وَ نِحْلَتِهَا الثَّمِينَهْ
وَ لِبَيْتِهَا مُذْ أَقْبَلُوا *** وَ بِلاً وقارٍ أَوْ سَكِينَهْ
قَتَلُوا هُنَاكَ جَنِینَهَا *** وَ المَرْءُ لاَيَنْسَى جَنِينَهْ(1)-(2)
ص: 133
(بحر الوافر)
السيد محمد صالح البحراني(*)(1)
عُقُودُ السَّعْدِ قَدْ نَثَرَتْ جُمَانَا *** وَ أَرْضُ الكَوْنِ قَدْ زَهَرَتْ جِنَانا(2)
وَ هَزَّ الدَّهْرُ مِنْ طَرَبٍ وَ أُنْسٍ *** بِأَعْمَاقِ القُلُوبِ رَقَى مَكَانا
وَ كَادَ بِكُلِّ رَوْضِ كُلُّ طَيْرٍ *** يَكُونُ بِمَدْحَ فَاطِمَةٍ لِسَانا
غَدَاةَ أَتَى النَّبِيَّ بَلاغُ وَحْيٍ *** حَبَا النُّورَينِ فِي السَّعْدِ اقْتِرَانا
بأن زَوْجُ مِنَ الزَّهْر عَليّاً *** فَمَا كُفْوٌ لَهَا لَوْلاهُ كانا(3)(*) ورد في الروايات ان اسماء بنت عميس حضرت زفاف فاطمة علیها السلام و اسماء كانت مهاجرة بأرض الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب و لم تعد هي و لازوجها الاّ يوم فتح خيبر ولم تشهد الزفاف و التي شهدت الزفاف سلمى بنت عميس اختها هي زوجة حمزة بن عبد المطلب و لعل الأخبار عنها و كانت اسماء اشهر من اختها عند الرواة فرووا عنها أو سها را و واحد فتبعوه و لعل اسماء المقصودة هنا هي اسماء بنت يزيد بن سكن. «الهامش لنفس الكتاب المذكور».(4)
ص: 134
فَلاَ هِيَ مِنْ سِوَاهُ تَنَالُ كُفُواً *** وَ لَا هُوَ غَيْرَهَا يَهْوَى الحِسَانا
فَقَامَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ يُبْدِي *** لِمَا بِالوَحْيِ فَاضَ لَهُ بَيانا
***
إِلَيْكُمْ يَا رِجَالَ العَصْرِ عُذْراً *** بمَنْ قَدْ تَمَّ خُطْبَتُهَا عِنانا(1)
فإنّي لَمْ أَكُنْ لأَرُدَّ عَنْهَا *** فَتَى إلا لأمرٍ لايداني
فَكُنْتُ الوَحْيَ أَنْتَظِرن مِمَّنْ *** إِلَيْهِ أَمْرُها يَلْقَى زَمَانا
وَ قَبْلَ مَجِيءٍ حَيْدَرَةٍ أَتَانِي *** لِزَامٌ أَنْ أَفُودَ لَهُ العِنانا(2)
ص: 135
وَ قَدْ زَوَّجْتُهُ بِالدِّرْع إذْ لَمْ *** يَكُنُ مِمَّا سِوَاهُ يَرَى احْتِضانا
فَهَنُّوهُ بِمَا قَدْ خَصَّ إنْساً *** وَ لاتَرْمُوهُ بالحَسَدِ امْتِهانا(1)
فَإِنَّ اللَّهَ زَوَّجَهُ بِهَا فِي السّما *** قَبْلِي وَ قَلَّدَهُ ضَمَانا
وَ قَدْ أَوْحَىٰ إِلَى رِضْوَانَ فِيهِ *** ابْتِهَاجاً أَنْ يَزِينَ لَهُ الجِنَانا
فَزُيِّنَتِ الجِنَانُ وَ فِيهِ طُوبَى *** لَهُ اليَاقُوتُ تُنْثَرُ وَ الجُمانا
وَ فِي الأُخْرَىٰ لِشِيعَتِهِ رِقاعاً *** تَنَالُ مِنَ الجَحِيم بها أَمانا
وَ جِئْنَ الحُورُ يَلْتَقِطْنَ نِثاراً *** تَهَادَاهُ ابْتِهاجاً وَ افْتِتانا(2)
وَ رَدَّدْنَ الغِنَاءَ لَهُ بِيَاسِينَ *** وَ الرَّحْمنِ آياتٍ حِسانا
فَهَزَّتْ جَنَّةُ الفِرْدَوْس أُنساً *** كَأَنَّ بِهَا المَعَازِف و القِيَانا
فَمَهُمَا وَقَعَ الأَطْيَارُ لَحْناً *** لَهُ الأَشْجَارُ تَهْتَزُ افْتِنانا
بِهَا لِلْمَاءِ إِذْ يَجْرِي حَنِينٌ *** عَلَيْهِ الطَّلُّ وَ قَصا قد ابانا(3)
وَ أَوْحَى لِلمَلائِكِ حَيْثُ قَامُوا *** لَهُ فِي بَيْتِهِ المَعْمُورِ شَانا
وَ قَامَ عَلَيْهِمُ رَاحِيلُ يَلْقَى *** بِعَقْدِ وِصَالِ فَاطِمَةٍ بَيَانا
فَأَبْلَغَ فِي الخِطَابِ وَ لَيْسَ أَعْلَى *** بِهِمْ مِنْهُ وَ لاَأَحْلَى لِسَانا
وَ بَعْدَهُنَّ لَئِنْ يَنى علي *** بِهَا مَدَّتْ نسا الهادِي بَنانا(4)
فَجَاءَ المُصْطَفَى يُهْدِيهِ كَبْشاً *** نَمَى فِي الأَكْلِ أَكْباشاً سمانا
فَأَشْبَعَ كُلَّ مَنْ جَاؤُوا عَلَيْهَا *** وَ عَنْهَا مَنْ نَأَى أَهْدَى جِفَانا(5)
وَجِيءَ بِحُرَّةٍ وَجَنَا عَلَيْهَا *** تُزَتُ لِزَوْجِهَا الزَّهْرا افْتِرَانا
فَقَائِدُها النَّبِيُّ وَ خَلْفُها الرُّوحُ *** وَ الأمْلاكُ تُمْطِرُها الجُمانا
وَ إِسْرَافِيلُ بِاليُمْنَى وَ مِيكالُ *** بِاليُسْرَى لِخِدْمَتِهَا تَدَانَى
ص: 136
وَ خَلْفَهُمُ نِسَاءُ الوَحْيِ تَسْعَى *** بِأَلْحَان تهزُّ بهِ الزَّمَانا
يُجِدْنَ بِمَدْحِهَا نَغَمَاً رَخاماً *** تَرَى شَبَحَ الهُمُوم بِهَا تَفَانَى(1)
تَوَدُّ لَهَا النُّجُومُ هَوَتْ نِثاراً *** وَ سَيَّارَاتُهَا أَلْقَتْ جِرانا(2)
بِهَا الأَمْلاَكُ تَحْتَفِلُ ابْتِهاجاً *** لِتَشْرَكَ فِي الهَنَا إِنْساً وَجَانا
***
وَ فِي يَدِ حَيْدَرٍ يَدُهَا رَمَى إِذْ *** جَلَى مِنْهَا لَهُ وَجْهاً مُصانا
وَ بَاركَ إِذْ دَعَا لَهُما بِخَيْرٍ *** وَ ثُمَّ سَقَاهُمَا مِنْهُ لِبَانا
وَ أَوْصَى بِنتَهُ بِالزَّوْجِ حُسْناً *** وَ أَوْصَاهُ بِهَا حُسْناً ضَمَانا
***
فَهَلْ يَلْقَى كَهَذَا الفَضْل فَضْلٌ *** وَ هَلْ أَحَدٌ حَوَى مِنْ ذَاكَ شَانا؟
أَلَيْسَ لِذَاتِ ذِي العَلْيا عجِيباً *** تُقَاسِي بَعْدَ وَالِدِها هَوانا؟
فَمَا يَوْمٌ تَحِتُ بِها زَفافاً *** مَلاَئِكَةُ السَّما عَجَباً أَرانا
وَلكِنَّ العُجَابَ نَهارَ جَاءَتْ *** لِمَنْزِلِهَا اللَّئَامُ وَ مَنْ أعانا
فَأَسْقِطَ حَمْلُها عَصْراً وَ رَضُّوا *** وَرَاءَ البَابِ أَضْلُعَها اضْطِغانا(3)
وَ مِنْ ضَرْبِ السَّيَاطِ تَمُوتُ نَهْكاً *** بَرَى جِسْماً و أَوْهَنَها جِنانا(4)
وَ كَمْ عَانَتْ خُطُوباً قَبْلَهَا لَمْ *** يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الأَحْيَاءِ عَانَي
***
أَتَقْضِي بَضْعَةُ المُخْتَارِ ضَرْباً *** وَ نَهْكاً وَ امْتِهاناً وَ امْتِحَانا؟
وَ تَقْضِي وُلْدُها بِالظُّلْمِ هَذَا *** سُقِيَ سُمّاً وَذَا قَتْلاً مُهانا
ص: 137
فَبَيْنَ فَتَّى يُقَاسِي السُّمَّ حَتَّى *** يَمُوتَ وَ بَيْنَ مَنْ يَلْقَى السِّنانا(1)
ص: 138
(بحر الرَّمل)
السيد محمد علي العلي(*)(1)
فَجْرِي الفِكْرَ وَ غَذّي بَيانا *** وَ أَحِيلِي العِيدَ فِينَا مِهْرَجانا
فَجْرِي الفِكْر فَرِيض يَجْتَلِي *** هِمَماً خَانَ بِهَا العَزْمُ زَمَانَا
فَهْي لَوْلاكِ سَتَعْفُوحِقَباً *** وَ سَيَخْبُو وَقْدُها أَوْ يَتَفَانَي(2)
عَادَتِ الذِّكْرَى فَمَا أَرْوَعَهُ *** بُلبُلُ الحَفْلِ إِذا غَنَّى لِسانا
عَادَتِ الذِّكْرَى وَ قَدْ عَوَّدَنا *** شَرَفَ الخِدْمَةِ وَ فَّيْنَا رَجَانا
وَ أَفِيضِي قَبْسَةَ النُّورِ عَلَى *** ظُلْمَةِ القَلْبِ لِيَنْجَابَ عَمَانا
وَ افْتَحِي آمَالَنَا فِي مدحٍ *** هِيَ سِرُّ الفَوْزِ فِي نُجحِ مُنانا
وَ هْيَ عُنْوَانٌ يُجَلِّي حُبَّنا *** وَ هُيَ تَعْبِيرٌ لِمَكْنُونِ وَلاَنا
***
مِهْرَجَانُ العِيدِ هَذَا مَوْعِدٌ *** قَدْ قَطَعْنَاهُ مَعَ الذِّكْرَى أَتانا
فَأَدِرْ كَاسَ حُمَيَّاكَ عَلَى *** مَحْفِل العِيدِ لِتُسْقِينَا رِوانا
فَلَنَا فِي كُلِّ عَامِ وَقْفَةٌ *** تَشْحَذُ الفِكْرَ وَ تُذْكِينا بَيَانا(3)
في جَلِيلِ الذَّكَرِ إِذْ يُتْلَى بِهِ *** مِنْ حَيَاةِ الطُّهْرِ قُرآنُ هَدَانا
ص: 139
فَنَرَاهَا وَ هْيَ فِي مَوْلِدِها *** وَ صِبَاهَا وَ بِهِ نَبْنِي صِبَانا
وَ هيَ فِي دَوْرِ شَبَابِ اذْ تَرَى *** حِكْمَةَ القَوْلِ وَ فِكْراً لايُدَانَى
وَ لَنَا التَّهْذِيبُ مِنْ مَنْطِقِهَا *** فَبِهِ نَنْعَمُ هَدْياً وَ اتَّزَانا
وَ نَرَاهَا وَ هُيَ أُمْ نَهَجَتْ *** لِبَنِيهَا أَعْظَمَ الأَخْلاقِ شَانا
وَ هُيَ دَرْسُ تَهْتَدِي أَبْنَاؤُنَا *** فِي عُلاهُ وَ بِهَا تَبْنِي الكيانا
وَ لَنَا مِنْ رِفْعَةِ الصَّوْنِ بِهَا *** مَنْهَجٌ تَأْخُذُهُ مِنْهَا نِسانا
وَ بِهِ تَرْكُولَهَا عِفَتُها *** وَ تَرَى الحِلْمَةَ عِزَّاً وَ أَمَانا
***
بَضْعَةَ المُخْتَارِ لأَزَالَ لَكِ *** مَوْقِفُ العِزَّةِ مَجْداً لَنْ يُدَانَى(1)
بضعَةَ المُخْتَارِ وَ الحَالُ وَ إِنْ *** مَرَّ بالجزأَةِ مَا أَوْهَى جِنَانا(2)
وَ أَبَادٍ لَعِبَتْ دَوْراً لَهَا *** وَ هُنَتْ شأناً وَ لَمْ تَنْقُصْكِ شَانا
مَا هُوَ الإِرْتُ وَ مَا السَّهْمُ وَ مَا *** فَدَكٌ عِنْدَكِ مَا كَانَ ضَمانا؟
ص: 140
مَا الَّذِي أَنْعَبَكِ مِنْ شَأْنِهَا *** غَيْرُ أَنْ تُنْفَقَ فِي اللَّهِ امْتِنَانَا؟
وَ لَئْنُ أَوْقَفَكِ الحَالُ بِهَا *** مُؤقِفَ الشَّاكِي مِنَ القَوْمِ هَوَاناً
موْقِفَ المُحْتَجٌ يُدْلِي حُجَجاً *** تَدْحَضُ البَاطِلَ رُوحاً وَكِيانا
لَمْ يَكُنْ ذَاكَ سِوَى أَنْ تَكْشِفِي *** وَاقِعَ الحَالِ بِهَا كَيْ يُسْتَبانا
وَ يَرَى التَّارِيخُ مَا أَغْفَلَهُ *** مِنْ صَرِيح الحَقِّ أَوْ عَنْهُ تَوَانَى(1)
إذْ يَرَى الحَقُّ بِهِ وَهُجَ الضُّحَى *** يَخْطَفُ الْأَبْصَارَ فِيهَا لمعانا
قَدْ عَرفْنَا الحَالَ إِذ أَلْزَمَهُمْ *** مَنْطِقَ الغَايَةِ أَخْذاً وَامْتِهَانا
وَ عَرِفْنَا مَنطِقَ الغَايَةِ لاَ *** يَعْرِفُ الإِنْصَافَ أَوْ يَرْضَى اتِّزَانا
غَيْرَ أَنَّا لانَرَى مَعْنَى بِهَا *** أَنْ نَرَى بِالبَابِ لِلْجَزَلِ مَكَانا
وَ نَرَى النَّارَ عَلَى شِدَّتِها *** حَيْثُ عَادَ البَيْتُ نَاراً وَ دُخانا
وَ هُجُوماً ضُيْعَ العَدْلُ بِهِ *** فِي حِماً قَدْ كَانَ أَحْرَى أنْ يُصَانَا
أيُّ مَعْنَى لِهُجُومٍ شُنَّ قَدْ *** عَادَ مِنْهُ الضّلْعُ فِي الصَّدْرِ مُبَاناً؟(2)
وَ عِمَادٌ لُبِّبَ الحَبْلُ لَهُ *** دُونَ أَن يُشْهرَ سَيْفاً أَوْ سِنانا
أَمِنُوا سَطوَتَهُ فَاسْتَأَسَدُوا *** مَنْ رَأَى الأمن مِنَ المَكْرِ اسْتِهَانا
وَ لَقَدْ كَانُوا عَلَىٰ عِلْمٍ بِهِ *** فَلَقَدْ كَانُوا وَ مَا كَانَ جَبَانا
قَدْ أَطَاعَ المُصْطَفَى فِي أَمْرِهِمْ *** حَيْثُ لَوْلاهُ لَهَابُوهُ طِعَانا
أكَذَا البَيْعَةُ لاَيُقْضَى لَهَا *** دُونَ أَن يُسْتَوْادَ العَدْلُ عَيَانا(3)
دُونَ أَنْ يَفْرِشَ فِي الدَّرْبِ لَهَا *** مِنْ ضَحايا الجَوْرِ أَكْباداً سِخَانا
وَيْحَ دُنْيَا الجَهْلِ مَا أَجْرَأَها *** أَنْ يَعِيش النَّاسُ مِنْهَا العُنْفُوانا
***
ص: 141
إِيهِ يَا أُخْتُ أَلَوْلاً كَمْ سَعِدَتْ *** أُمَّةٌ أَوْسَعَتِ العِرْضَ صِيانا
لَمْ تَكُنْ تَرْضَى بِأَنْ تَبْدُولَهَا *** كَاعِبٌ تَخْطَفُها الأَبْصَارُ آنا
وَ لَنَا نَحْنُ بِهِ الدِّينُ غِنّى *** حَيْثُ نَسْتَجْلِي مِنَ النَّهْجِ هُدَانا
فَلَكِ الزَّهْرَاءُ فِي حِشْمَتِها *** قُدْوَةٌ إِنْ رُمْتِهِ مَجْداً مُصَانا
وَ حَيَاةُ الجيل لأتُلزمنا *** أبَداً يَا أُخْتُ تَقْلِيدَ سِوَانا
فَحَيَاةُ الجِيل لأتُلْزِمُنا *** زَحْرَفَاتِ الفَنْ صِبْغاً وَ دِهانا(1)
ص: 142
(بحر الكامل)
الأستاذ محمود سبتي
كَمْ فِي سُوَيْدا قَلْبِهَا مِنْ غُلَّةٍ *** وَ بِجِسْمِهَا نَشَبَتْ مَخَالِبُ عِلَّةٍ؟(1)
لَمْ أَنْسَ إِذْ بَكَتِ النَّبِيَّ بِعَوْلَةٍ *** وَ رَنَتْ إِلَى القَبْرِ الشَّرِيفِ بِمُقْلَةٍ(2)
عَبْرَى وَ قَلْبٍ مُکْمَدٍ مَحْزُونِ
***
وَ سِيَاطُ قُنْفُذَ أَثَرَتْ فِي جَنْبِها *** وَ سَمَاءُ مُقْلَتِهَا تَدِرُّ بِسُحْبِها
حَتَّى إِذَا احْتَنَكَ الْجَوَى فِي لُبَّها *** قَالَتْ وَ أَظْفَارُ المُصَابِ بِقَلْبِهَا(3)
غَوْثَاهُ قَلَّ عَلَى العُدَاةِ مُعِ العُدَاةِ مُعِینِي
***
وَ بِقَلْبِها وَجْدٌ ثَوَىٰ فَأَقَلُّهُ *** ثُمَّ الرَّوَاسِي لاتُطِيقُ تقلّه(4)
فَدَعَتْ وَ مَدْمَعُهَا تَدَفَّقَ سَيْلُهُ *** أَبَتَاهُ هَذَا السّامِرِيُّ وَ عِجْلُه
تُبِعَا وَ مَالَ النَّاسُ عَنْ هَارُونِ
***
ص: 143
وَيْلٌ لِقَوْمٍ حَارَبُوا ابْنَةَ أَحْمَدِ *** هَتَكُوا حِمَاهَا قَبْلَ دَفْنِ مُحَمّدِ
فَغَدَتْ تُنَادِيهِ بِقَلْبِ مُكْمَدِ *** أَيُّ الرَّزَايَا أَتَّقِي بِتَجَلْدِ؟(1)
هُوَ فِي النَّوَائِبِ مُذْ حَیِيْتُ قَرِينِي
وَجْدِي تَنَاهَىٰ لَيْسَ وَجْدٌ فَوْقَهُ *** وَ شَجَايَ أَبْعَدَ عَنْ لِسَانِي نُطْقَهُ
أَيُّ الخُطُوبِ أَقلَّهُ إِنْ أَلقَهُ *** فَقْدِي أَبِي أَمْ غَصْبُ بَعْلِي حَقَّهُ
أَمْ كَسْرُ ضِلَعِي أَمْ سُقُوطُ جَنِينِ؟(2)
يَا لَيْتَنِي قَدْمُتُ قَبْلَ مَنِيَّتِي *** أَوْ أَنَّنِي أُلْحِدْتُ قَبْلَ مَذَلَّتِي
أَيُّ الخُطُوبِ لَهُ أَنُوحُ أَذِلَّتِي *** أَمْ أَخُذُهُمْ إِرْضِي وَ فَاضِلُ نِحْلَتِي
أمْ جَهْلُهُمْ حَقي وَ قَدْ عَرَفُونِي(3)
ص: 144
(بحر البسيط)
الأستاذ محمود مهدي
عَلَى البَقِيع ظِلالٌ مِنْ مَآسِينا *** تَبْكِي الطُّلُولُ لِشَجْوَاها وَ تُبْكِينا(1)
هُنَاكَ حَيْثُ تَقِرُّ الطُّهْرُ فَاطِمَةٌ *** بنتُ النَّبيِّ مفدانا وَ هادِينا
يَا بِنْتَ خَيْرِ الوَرَى يَا زَوْجَ حَيْدَرَةٍ *** يَا أَمَّ شِبْلَيْهِ يَا أَغْلَى أَمَانِينَا
مَا القَوْلُ مُجْدٍ بِمَا نَلْقَاهُ مِنْ عَنَتٍ *** مِمَّا أَصَابَكِ مِنْ بَغْيِ المُضِلِّينا
أَقْصَاكِ عَنْ إِرْثِكِ المَشْرُوعٍ لُؤْمُهُمُ *** وَ اسْتَحْدَمُوا بَعْدَ مَوْتِ المُصْطَفَى دِينا(2)
أَمْلَتْهُ أَهْوَاؤُهُمْ كُرْهاً وَ مَحْسَدةً *** حَتَّى غَدا الدِّينُ بِالأَهْوَاءِ مَرْهُونا
لازَالَ لِلْيَوْمِ مِنْ أَحْقَادِهِمْ نَبْذٌ *** فِيهَا رِيَاحُ عَوَادِيهِمْ تُفادِينا(3)
لَمْ يَكْفِ لَمَّا نَحَّوْا أَبا حَسَنِ *** عَنِ الخِلافَةِ وَ ابْتَزُوا لَهَا حِينا(4)
لَمْ يَكْفِ أَنَّهُمُ عَلَى الجَنِينِ قَضَوْا *** وَ حَطَّمُوا الضّلْعَ وَ اسْتَنُّوا الشَّجَا فِينا(5)
حَتَّى اسْتَبَاحُوا دِمَا السُبْطَيْن و أَسَفِي *** وَ أَحْرَقُوا كَيْدَ طَة وَ المُوَالِينا
***
يَا بَضْعَةَ المُصْطَفَى الهَادِي وَ حَقَّكُمُ *** إِنَّا عَلَى العَهْدِ لَازِلْنَا مُقِيمينا(6)
ص: 145
يَا بَضْعَةَ المُصْطَفَى الهَادِي مُصِيبَتِكُمْ *** لاشَيْءَ عَنْهَا بِذِي الدُّنْيَا يُعَزِّينا
كَيْف التَّجَلُدُ وَالآلامُ عَارِمَةٌ *** تَعُومُ فَوْقَ سُولٍ مِنْ مَآقِينا(1)
تَجْرِي الهُمُومُ وَ نَجْرِي فِي رَكَائِبِهَا *** مَعَ الزَّمَانِ وَ جَمْرُ الحُزْنِ يَكوِينا
يَا بَضْعَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ طَاهِرَةً *** وَ دُرَّةً بُلُورَتْ فَضْلاً وَ تَكوينا
فِي عَالَم النُّورِ خَطَّ اللَّهُ صُورَتَهَا *** وَ زَادَ فِي حُسْنِهَا الأَفْلاكَ تَزْيِينا(2)
بِالمَجْدِ جَلَّلَها، بِالفَخْرِ كَلَّلها *** بِالذِّكْرِ حَلَّلَها آياً وَ تَبْيِينا
بِاللُّطْفِ كَمَّلَها بِالعَطْفِ جَمَّلَها *** لِلْأَرْضِ أَنْزَلَهَا ذُخْراً لِتُنْجِينا(3)
نَجِيبَةُ المُصْطَفَى الدَّاعِي وَ فَلْذَتُهُ *** لِذِكْرِكِ اليَوْمَ شَامَ الحُزْنُ نَادِينا
ص: 146
إِنَّا نَقُولُ وَ صِدْقُ الفِعْلِ شَاهِدُنا *** مَا كَانَ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ يُؤْذِينا
حَيْثُ الوَلاَ لَكُمْ بِالشَّرْع مُفْتَرَضٌ *** كَسُورَةِ الحَمْدِ فِي شَأْنِ المُصَلِّينا
لَنْ يُقْبَلَ الفَرْضُ إِلا فِي تِلَاوَتِهَا *** إِذْ كَانَ فِيهَا قَبُولُ الفَرْضِ مَرْهُونا
لِذَا رَضِعْنَا مَعَ الأَلْبَانِ حُبَّكُمُ *** مُنْذُ الوِلادَةِ وَ اسْتَرْعَى حَوَانِينا
يَسْرِي مَسَارَ الدِّمَا فِي كُلِّ جَارِحَةٍ *** فِينا، فَيُنْعِشَ أَحْشَانا وَ يُحْيِينا
إِنْ لَمْ تُشَرَّفْ بِمَرْآكُمْ نَوَاظِرُنَا *** فَحَسْبُنَا أَنَّ ذِكْرَاكُمْ تُنَاجِينا
سَنُصْبرُ الأَنْفُسَ الحَرَّى عَلَى مَضَضٍ *** حَتَّى أَبُوالقَاسِمِ المَهْدِي يُوَافِينا(1)-(2)
ص: 147
(بحر الكامل)
السيد مرتضى النجفي البهبهاني
أَصْحَابُ أَضْغَانٍ وَ حِقْدِ أَسْوَدِ *** نَكَنُوا الْعُهُودَ كَأَنَّها لَمْ تُعْقَدِ
تَعْساً لَهُمْ مِنْ عُصْبَةٍ لَمْ تَرْشِدِ *** الْوَائِبِينَ لِظلم آلِ مُحَمَّدٍ
وَ مُحَمَّدٌ مُلقى بِلاتَكْفِينِ
***
يا عُصْبَةٌ كَمْ فِي الْهُدَى عَادَيْتِنا *** وَ لأَجْلِهِ بِعِداكِ قَدْ ناصَبْيِنا
وَ بِكُلِّ مُعْضَلَةٍ لَقَدْ آتَيْتنا *** وَ الْقَائِلِينَ لِفَاطِمٍ آذيْتِنا
في طُولِ نوْحٍ دَائِمٍ وَ حَنِینِ
***
مَتَعُوا سَلِيلَةَ أَحْمَدٍ أَنْ تَسْتَظِلْ *** ظِلَّ الأَرَاكَةِ فِي دُمُوعَ تَسْتَهِلْ
تَعْساً لأَفْئِدَةِ بِغِلُ تَسْتَعِلْ *** وَ الْقَاطِعِينَ أَرَاكَةً كَيْ مَا تَقِلْ(1)
بِظِلِّ أَوْرَاقٍ لَهَا وَ هُمْ وَ غُصُونِ
***
مِنْ كُلِّ مَنْ هُوَ فِي مَقَالَتِهِ بِذِي *** وَ مُنَافِي فِي قَعْرِ نارٍ مُنْبَذِ
المُجْلَبِينَ عَلَى الْهُدَى بِتَلَذّذِ *** وَ مُجَمْعِي حَطَبٍ عَلَى البَيْتِ الَّذِي
لَمْ يَجْتَمِعْ لَوْلاهُ شَمْلُ الدِّينِ
***
ص: 148
إنَّ البَتُولَةَ مَنْ يُلازِمُ سَمْتَها *** يَلْقَ السَّعَادَةَ فِي الْقِيَامَةِ وَقُنَها(1)
عجباً لِقَوْمٍ لَمْ يُرَاعُو صَوْتَها *** أَلدَّاخِلِينَ عَلَى الْبَتُولَةِ بَيْتها
وَ الْمُسْقِطِينَ لَهَا أَعَزَّ جَنِينِ
***
لَوْلا كِتَابُ اللهِ بَيْنَ عِبَادِهِ *** مَانَالَ قَط مُوَحَدٌ لِمُرَادِهِ
وَيْلٌ لِكُلِّ مُجَاهِرٍ بِعِنادِهِ *** وَ الْقَائِدِينَ إمَامَهُمْ بِنجَادِهِ(2)
وَ الطُّهْرُ تَدْعُو خَلفَهُمْ بِرْنِينِ
***
عَصَرُوا الزَّكِيَّةَ ثَمَّ عَصْراً مُوجِعا *** وَ هُناكَ أَلْقَتْ خَيْرَ حَمْلٍ أَبْدِعا
قَامَتْ وَرَاءَهُم تُنَادِي الأَجْمُعا *** خَلُوا ابْنَ عَمِّي أو لأكشف بِالدُّعا
أَوْ رَأْسِي وَ أَشْكُو للإلهِ شُجُونِي
***
في الذِّكْرِ نَاقَةُ صَالِحٍ تَفْصِيلُها *** نَبْلُ لَهَا وَ لِقَوْمِهِ تَنْوِيلُها
وَ مُذِ اعْتَدُوا عَقَرُوا فَهُدَّ مَقيلُها *** ما كانَ نَاقَةُ صَالِحٍ وَ فَصِيلُها
بِالفضْلِ عِنْدَ اللَّهِ إِلا دُونِي
لَمّا رَأَتْهُمْ مَا انْثَنَوْا عَنْ فِعْلَةٍ *** وَ لِشَخْصِها لَمْ يَحْفَظُوا مِنْ حُرْمَةٍ
ضَجَّتْ وَ مِنْهَا عَيْنُها فِي عَبْرَةٍ *** وَ رَنَتْ إِلَى الْقَبْرِ الشَّرِيفِ بِمُقْلَةٍ
عبْرَى وَ قَلبٍ مُکْمَدٍ مَحْزُونِ
ص: 149
ص: 150
ص: 151
ص: 152
(بحر المتدارك)
الأستاذ أبو زهراء الكوفي
فاطمٌ قد قَضتْ بِنْتُ طه *** فالعَزالِعَلِيٍّ ورَاها(1)
***
ذَهَبَتْ تَشْتَكِي لأَبِيها *** أُمَّةً قَدْ أضاعَتْ هُداها
نَسِيَتْ بيّناتِ المثَانِي *** وكذا سُنّةَ الهادِي طه
عَطَّلَتْ ما حَواهُ الكِتابُ *** وعَلى الآلِ دارَتْ رَحاها
وَالنَّبِيُّ مُسَجًّى أَثاروا *** فِتْنَةً فَاسْتَحَقُّوا لَظاها(2)
***
كَسَرُوا ضِلْعَها وَالجَنِينُ *** أَسْقَطُوهُ فنادَتْ أَباها(3)
قُمْ فشاهِدْ عليّاً وَحِيداً *** بَيْنَ مَنْ حَكَمَتْ بِهَواها
ويْلَهُمْ قيَّدُوهُ بِحَبْلٍ *** كَيْ يُبايِعَهُمْ مُرْتضاها
وَهْوَ مَن فَوْقَ كَتْفِ النَّبیِّ *** هُبَلٌ بالفِقارِ اعْتَلاها
ص: 153
قالَ بَايَعْتُكُمْ لا لِضَعْفٍ *** إنّما حاقِناً لِدِماها
قد عَلِمْتُمْ محلّي فَإِنِّي *** قُطْبُها لَوْ رَفَعْتُ لِواها
غَيْرَ أَنّي تَنَازَلْتُ عَنْهَا *** حامِياً للأُصولِ حِماها
فأَجابُوا عليّاً بغَدْرٍ *** قالَ فُزْتُ وَرَبِّ عُلاها
***
بَعْدَهُ المُجْتَبَى ماتَ سَمّاً *** وَحُسَيْنٌ قضَى بظُباها(1)
وَالرّزايا عَلَيْناتوالَتْ *** في العِراقِ يُدَوِّي صَداها
قُبَّةُ السِّبطِ قَدْ هَدَمُوها *** وَالضَّحايا أُلوفٌ فِداها
أَيُّها المَهْديُّ اظْهَرْفَهَا قَدْ *** بَلَغَ السَّيْلُ حَقَّ زُباها(2)
وَاستَقِمْ يا مُوالِي بِدَرْبٍ *** خَطَّهُ لكَ آلُ عباها(3)
ص: 154
(بحر البسيط)
الأستاذ أحمد بن الحاج رشيد منط
يا بَضْعَةً مِنْ زَعِيمِ الرُّسْلِ حَيّاها *** رَبُّ السَّمَاءِ وَحَيَّى الغُرَّ أَبْناها(1)
ما كانَ أَطْيَبها مِنْ زَهْرَةٍ نَبَتَتْ *** فَوْقَ الأَدِيمِ وَزَكَّى اللَّهُ مَنْشاها(2)
مِنْ مَعْشَرٍ وُدُّهُمْ فَرْضٌ وَرَبُّهُمْ *** لَمْ يَخْلُقِ الكَوْنَ لَوْلاهمْ وَلَوْلاها
فَاللَّهُ لمَّا بَرَى خَلْقاً وَكَوَّنَهُ *** مِن نُورِ أَحْمَدَ خَيْرِ الرُّسْلِ صَفّاها
وَمِن أَجَلِّ نِساءِ الخَلْقِ أَطْلَعَها *** كالشَّمْسِ تُشْرِقُ في الأَكْوانِ أَضْواها
وَرَبُّها مِنْ جَمِيعِ الرِّجْسِ طَهَّرَها *** وَفي دَررِ جَمِيعِ الفَضْلِ حَلاّها
ما بَيْنَ جِبْرِيلَ وَالمُخْتارِ والِدِها *** وَبَيْنَ صدِّيقَةِ المُخْتارِ مَرْباها
آباؤُها حُجَجُ البارِي وَصَفْوَتُهُ *** وَسَادَةُ الخَلْقِ فِي الدَّارَيْنِ أَبْناها
وَهْيَ الَّتِي بَضْعَةٌ مِنْ نُورِ وَالِدِها *** وَكانَ سِيما رَسُولِ اللَّهِ سيماها
وَكانَ جِبْرِيلُ بالآياتِ يُؤنِسُها *** وَمِنْ مَعارفِهِ المُخْتَارُ غَذّاها
يَقُولُ مَنْ أَغْضَبَ الزَّهْراءَ أَغْضَبَنِي *** وَاللَّهُ يَرْضَى عَلَى مَنْ كانَ أَرْضاها(3)
وَلَمْ يَكُنْ لنِسَاءِ الخَلْقِ سَيِّدَةٌ *** في النَّشْأَتَيْنِ عَلَى الإِطْلاقِ إِلاّها
ص: 155
مِنْ نورِها تَزْهَرُ السَّبْعُ الطِّباقُ إذا *** أُمُّ الحُسَيْنِ تَجَلَّتْ في مُصَلاّها
لأجْلِ ذا سُمِّيَتْ زَهْراءَ فاطِمَةً *** وَرَبُّها مَنْ بِهذا الاسْمِ سَمّاها
وَحَسْبُها سَيِّدُ الأَمْلاكِ جَلَّلَهُ *** كِساؤَها حينَ غَطّاهُ وغَطَّاهَا
وَهْيَ الّتي بَيْنَ أَهْلِيها قَدِ انْتُدِبَتْ *** حَتَّى تُباهِلَ أَهْلَ الكُفْرِ أَعْداها(1)
وهَلْ أَتى؟ هَلْ أَتى إلاّ بِمِدْحَتِها *** لَمّا وَفَتْ نَذْرَها وَاللَّهُ آتاها(2)
مُلْكاً كَبِيراً بهِ الرَّحْمنُ بَشَّرَها *** وَكَانَتِ الآيَةَ الغَرّا بِتَقْواها
وَكانَ يُجْلِسُها المُخْتارُ مَوْضِعَهُ *** إذا أتَتْهُ وَبِالتَّعْظِيمِ يَلْقاها
وَمِنْ جَمِيعِ فُنُونِ العِلْمِ عَلَّمها *** وَرَبُّها منْ جَمِيعِ الفَضْلِ أَعْطاها
وَعَقْدُها قَدْ تَولاّهُ الإلهُ عَلَى *** خَيْرِ البَرِيَّةِ إِيماناً وَأَقْضاها
وَلَمْ يَكُنْ مِنْ سِواها مَنْ بِمَقْدَمِهِ *** يُطَهِّرُ الأرْضَ مِنْ رِجْسٍ تَغَشّاها
تُنَكِّسُ النّاسُ يَوْمَ الحَشْرِ أَعْيُنَها *** حَتَّى تَمُرَّ وَنُورُ اللَّهِ يَغْشاها(3)
وَلَيْسَ يَعْرِفُ ما حازَتْهُ مِنْ شَرَفٍ *** إلاّ الذي صاغَها نُوراً وأَنْشاها
فَاقْصُرْ أُحَيْمِدُ عَنْ إِطْرَاءِ فَاطِمَةٍ *** مَهْما أَرَدْتَ بِقَرْضِ الشِّعْرِ إطْراها(4)
واللَّهِ واللَّهِ لا تُحْصِي فَضَائِلَها *** وَلَوْحُبِيتَ عَدِيدَ النَّجْمِ أَفْواها
فَهْيَ الّتِي عَنْ مَدِيحِ الخَلْقِ رُتْبتُها *** جَلَّتْ وَخالِقُها الرَّحْمنُ أَعْلاها
لَوْ كلُّ ماءِ بِحَارِ الأَرْضِ مِحْبَرةٌ *** وَأَصْبَحَتْ وَرَقاً عَلْياءُ دُنْياها
ص: 156
وَ كُلُّ عُودٍ على وَجْهِ الثَّرَى قَلَمٌ *** وَ كُلُّ نَفْسٍ إِلهُ العَرْشِ سَوّاها
كانُوا عَلَى الأرض كُتاباً وَكُلُّهُمُ *** رامُوا بأنْ يَنْعَتُوا ما الله أَوْلاها
لَمْ يَبْلُغُوا ذَرَّةٌ ممّا به مُنحَتْ *** مِنَ الفَضائل مِنْ ذِي العَرْشِ جِلّاها(1)
و هُيَ الّتي خُلِقَتْ من نُورِ بارئها *** فَأَيْنَ لِلْخَلْقِ الْمَامٌ بِمَعْنَاهَا(2)
لَكِنْ رَأَيْتُ عَلَى قَدْرِي مَدائِحَها *** فَرِيضةٌ وَ إِلهُ العَرْشِ زَكّاها
طُوبَى لِمَنْ صَيَّرَ الإِسْلامَ قائِدَهُ *** وَوَدَّ ابْناءَ ها طراً وَ والاها
وَ لَمْ أكُنْ أحْسِبُ الأَيَّامَ تَضْرِبُها *** وَ الدَّهْرَ يَجْهَلُ بَيْنَ النَّاسِ فَحْواها
وَ تُضْرَمُ النَّارُ في بَيْتٍ لَهَا سَكَنٌ *** فَرَّتْ به وَ هُوَ طُولُ العُمْرِ مَأواها(3)
وَ ذَلِكَ البَيْتُ أصْحابُ الكِساءِ به *** عَلِيُّ المُرْتَضَى الزَّاكِي وَ نَجْلاها
وَ تُمْنَعُ الإِرْثَ مِنْ طه وَ نِحْلَتَها *** مِنْهُ بأقوالِهِ القُرْآنُ يَأباها(4)
وَ فِي الدُّجى خُفْيَةً تُلْقَى بِحُفْرَتِها *** حَبِيبَةُ المُصْطَفَى خَيْرِ الوَرَى طه
وَ مَنْعُها صَيَّرَ الإسلام مُغْتَرباً *** وَ لَمْ يَزل لمقام الحَشْرِ يَنْعاها
وَ زَوْجُها المُرْتَضَى رُدَّتْ شَهادَتُهُ *** لها وَ كُذِّبَتِ الزَّهْرا وَ ابْناها
وَ إِنَّهُمْ كَالَّتِي قال الإلهُ بِهَا *** بِسْم المُهَيْمِن مُجْراها وَ مُرْساها
وَ كُلُّهُمْ شَهِدَ البارِي بِصِدْقِهِمُ *** وَإِنَّ مَنْ كَذَّبُوهُمْ كَذَّبوا اللَّه
وَ إِنَّ تَكْذِيبَها مِنْ بَعْدِ وَالِدِها *** أماتَها بَعْدَهُ غَضْبَىٰ وَ أَشْجَاها
وَ اللَّهُ يَخْزي الألى مِنْ بَعْدِ ما سَعِدُوا *** ما صَدَّقُوا بَضْعَةَ الهادِي بِدَعْواها
في يَوْمِ تَأْتِي إِلى الرَّحْمَنِ شاكيةً *** وَ العَرْسُ يَهْتَزُّ إِذعاناً لِشَكواها
ص: 157
وَ النَّارُ تَسْحَبُ كُلَّ الظَّالِمِينَ لَهَا *** وَ كُلَّ مَنْ في بنيها الغُر آذاها
وَ إِنْ أَشْقَى الوَرَى عِنْدَ الإِلَهِ غَداً *** مَنْ خَصْمُهُ عِنْدَهُ أَعْلَى الوَرَىٰ جاها
وَ حَسْبُها يَغْضَبُ البارِي إِذا غَضِبَتْ *** وَ عِنْدَهُ شَرُّ أَهْلِ النّارِ أَعْداها
صَلَّى الإِلهُ عَلَيْهَا كُلَّما طَلَعَتْ *** شَمْسُ النَّهارِ وَجَنَّ اللَّيْلُ عُقْباها(1)
ص: 158
(بحر الكامل)
الشيخ أحمد حسن الدجيلي(*)(1)
أَلشَّمْسُ ما سَطَعَتْ وَضَاءَ سَنَاها *** إلاّ و أَنْتِ مَدَارُها و رَحَاها(2)
وَالمَجدُ مِنْ آبَائِكِ الغُرُ الأُلَى *** إِرْثٌ بِهِ شَمَعَ الفَخَارُ وتَاها(3)
مِنْ عَهْدِ (إسماعِيلَ) جَدِّكِ مَنْ بَنَى *** فِي أَرْضِ مَكَّةَ كَعْبَةً وَ رَسَاها
ص: 159
وَ أَتى بِ- (زَمْزَمَ) وَ هْيَ آيَتُهُ الَّتي *** سَكَنَتْ لِهَاجَرَ نَفْسُها بِفِناها
حَتّى سَقَى بَطْحَاءَ مَكَّةَ وَارْتَقَتْ *** مِنْ أَصْغَرَيْهِ بَرَاعِمٌ رَبَّاها
أنْتِ المَنَارُ لَهُ وَ أَيُّ كَرَامَةٍ *** لَمْ تَبْلُغِي مِنْهَا أَعَزَّ عُلاها
وَ أَبوكِ (هَاشِمُ) مَنْ يُدَانِي فَضْلَهُ *** وَ هُوَ الرَّبِيعُ المُمْحِلاتِ رُبَاها(1)
قَدْ كَانَ صَيِّبُ كَفِّهِ لِقَبِیلِهِ *** كَالغَيْثِ إِذْ يَنْهَلُ فَوْقَ ثَرَاهَا(2)
إنَّ البُطولَةَ عِزَّةٌ وَ سَمَاحَةٌ *** وَ رَجاحَةٌ في العَقلِ لاتَتَناهى
أُولاءِ آباءٌ وَ تِلْكَ مَفَاخِرٌ *** كَبُرَتْ وَ نَاحَ عَلَى الأَنَامِ شَذاها
نُورُ النُّبُوَّةِ قَدْ مَشَى في صُلْبِهِمْ *** وَ أَظَلَّ في الدُّنْيا فَزَالَ عَمَاها
نُورٌ تَبلَّج في جَبِينِ مُحَمَّدٍ *** تَاهَتْ بهِ الدُّنيا وَ عَمَّ ضِيَاها(3)
لاغَرْوَ فَاللَّهُ اصْطَفَاهُ إِلَى الهُدَى *** يَحْمِي شَرِيعَةَ جَدْهِ فَحَماها
وَ اخْتَارَهُ مِرآة حَقٌّ مارَنَتْ *** عَيْن لَهُ إِلا أَزَالَ قَذَاها
وَإذا سُطورُ الغَيِّ بَانَ ضَلَالُها *** أَجْرى عَلَيْها رَوحَهُ فَمَحاها
***
مِنْ فَرْعِهِ الزَّاكِي البَتُولَةُ فَاطِمٌ *** لِلَّهِ مَنْشَؤُها وَ طِيبُ صِباها(4)
رَضَعَتْ نَدِيَ المَكْرُمَاتِ فَأُتْرِعَتْ *** كَاسَاتُها مِنْها فَكُنَّ حُلاها(5)
هِيَ بَضْعَةُ الهَادِي وَ زَوْجَةُ حَيْدَرٍ *** وَ السَّيْدَانِ الزَّاكِيَانِ ابْنَاها(6)
ص: 160
وَ هُمَا الإِمَامَانِ اللَّدَانِ تَبَوَّءَ *** اهَامَ السُّهَى وَ تَفَيَّئا بِذُراها
لَهُمَا مِنَ الآيَاتِ ما عَظُمابهِ *** فَلِذَا بِهِمْ أَثْنَى النَّبِيُّ وَ بَاهَى
كُلُ بأَحْكامِ الشَّرِيعَةِ عَالِمٌ *** فَكَأَنَّهُ عِنْدَ الفِطَامِ وَعَاها
مَشَيَا عَلَى مِنهاجها وَ صِراطِها *** وَ تَرَسَّمَا يَوْمَ الجِهَادِ خُطاها
وَ هُمَا قَدِ اتَّخَذَا النِّضَالَ سَفِينةُ *** الدِّينُ مَرْفَأَها وَ يُرْجُ سَماها
وَ شِراعُها الإيمانُ إِنْ عَصَفَتْ بها *** هُوجُ الرِّياحِ أَمَالَها فَثَناها(1)
لَكِنَّما الحَسَنُ الزَّكِيُّ بِثَاقِبٍ *** مِنْ فِكْرَةِ الإصلاحِ كَانَ يَراها
فَغَدا إمامَ المُصْلِحينَ وَ قَدْوَةً *** لِلمُتَّقِينَ وَ حُجَةً لِهُدَاها
***
وَ السِّبْطُ (عِنْوَانُ الإِباءِ) بِوَقْفَةٍ *** رَامُوا مَذَلَّتَهُ بِها فَأَبَاها(2)
للَّهِ مَوْقِفُهُ الكَرِيمُ بِسَاعَةٍ *** صُحُفَ الضَّلاَلِ بِكَرْبَلاءَ طَوَاها
قد لَقَّنَّ الأَحْرارَ دَرْساً لَمْ يَزَلْ *** ذِكْرَىٰ يَقُومُ عَلَى الرَّشادِ بِناها
إِنَّ العَقِيدَةَ في رَوَاقِ بِنائِهِ *** لِلْحَشْرِ مُرْتَفِعاً يَظَلُّ لِوَاها
غَذَّتْهُ فَاطِمَةُ البَتُولُ بِدَرِّها *** وَ حَبَتْهُ مِنْ الطافِها وَ مُنَاها
وَ حَبَاهُ وَالِدُهُ الوَصِيُّ بُطُولَةً *** ثَمَرَاتُهُ يَوْمَ الطُّفوفِ جَنَّاها(3)
هَذَانِ فَرْعَاهَا فَأَيَّةُ حُرَّةٍ *** مِثْلَ البَتُولِ سَمَا وَ عَزَّ حِمَاها؟
ما مَرْيَمُ العَذْرَاء أَعْلَى رُتْبَةً *** مِنْها ولا حوّاهُ أَعْظَمُ جَاهَا(4)
ص: 161
حَازَتْ مِنَ الشَّرَفِ الرَّفِيعَ مَكَانَةً *** في شَأْنِها قَالَ النَّبِيُّ وَفَاهَا
هِيَ (بَضْعَةٌ مِنِّي) فَمَنْ وَالَى الهُدَى *** وَ أَطَاعَ أَمْرَ نَبِيْهِ وَالآها
هذِي هِيَ الزَّهْرَاءُ نَسْلُ مُحَمَّدٍ *** جَمَعَتْ خِصَالاً لا يُرَامُ مَدَاها(1)
إِنَّ الدَّرَارِي في مَقَرْ سَمَائِها *** هَيْهَاتَ تَبْلُغُ شَأْوَها وَ سَمَاهَا(2)
ما في النِّسَاءِ لَوِ اخْتَبَرْتَ نَظيرُها *** كَلاّ... و لاغَيْرُ البَتُولِ سِواها
ص: 162
(بحر الخفيف)
الأستاذ أنور فرج اللَّه
قَدْ أَطَلَّتْ عَلى الدُّنَى بِسَناها *** وَجْهُها الصُّبْحُ وَ الضّياءُ رِداها
وَ اسْتَفاقَتْ مَعَ الرِّسالةِ طَلاًّ *** يَغْسِلُ الوَرْدُ قَلْبَه بِنَداها
وَ أريجُ المِيلادِ يَعْبَقُ في الدُّنيا *** عبيراً يَفُوحُ مِنْ بَيْتِ طه(1)
وَ الكمالُ انْحَنَى يُصلِّي إِلَيْهَا *** بِخُشُوع مُسْتَلْهِمَاً مِنْ هُداها
وَ الرّسولُ العَظِيمُ يَأْوِي إِلَيْهَا *** أَصْبَحَتْ أُمُّهُ وَ كانَ أَباها
تَهَبُ الحُبَّ لِلْجَدِيبِ فَيُضْحِي *** أَحْضَرَ الرَّوْحِ مُورِقاً مِنْ شَذاها(2)
فَهيَ فَوْقَ الخلودِ فَوْقَ قَوافِي *** الشَّعْرِ تَسْمُو على الرُّؤى بِعُلاها
أَلْهَمَ اللَّهُ حُبَّها كُلَّ طُهْرٍ *** وَ اصْطَفاها وَ كَوْثَراً سَمّاها
***
وَ أَتَيْناها نَحْمِلُ النَّبْضَ فَجْراً *** دَمَوِيّاً مُمَزَّقاً يَتَباهي(3)
وَ بهِ وَجْهُ صَدْرِنا وَ بِهِ لَوْنُ *** عُيُون تَوَرَّمَتْ بِقَذاها
رَسَمَ اللَّيْلُ في مَحاجِرِها الرُّعْبَ *** وَ أَلْقَى أَدْرانَهُ بِنقاها(4)
سَلَبَتْ قَلْبَنا نَزيفُ رُواهُ *** ضَيَّعَثنا تَشَتُّتاً في مَداها
ص: 163
وَ مَشَيْنا فما تَوانَتْ رِكَابٌ *** عَنْ مَنالِ المُنى وَ عَنْ مُبْتَغاها
***
أنْتِ يا فاطِمُ البتول حُداءٌ *** لِقَوَافِي السُّرَى وَ رَجع صَداها
تُلْهِمِينَ الرُّكْبانَ فَوْرَةَ عِشْقٍ *** لِقُلُوبِ مِنْ كَرْبَلا مُبْتَداها
شاطِىءَ الدِّفْءِ ضَيَّعَتْنا بِحارٌ *** يتنَاءى مع المَدى مِيناها(1)
شاطِيءُ الدَّفْءِ قَدْ أَتَيْنَا وَفِينا *** يَلْهَبُ الشَّوْقُ في العيونِ بُكاها
أَوْقِدِي لِلْعُيُونِ مِنْكِ ابْتِساماً *** كَفْكِفِي دَمْعَها وَ شُدّي خُطاها(2)
فَسَتَبْقَى القُلوبُ تَهْتَزُّ وَجْداً *** لِمَعِينٍ عَذبِ يُظفِي لَظاها
وَ سَتَبْقَى الزَّهراءُ قَبْضَ عَطاءٍ *** لِلْبَرايَا وَ نَرْتَجِي قُرْباها(3)-(4)
ص: 164
ص: 165
أشْقِياءُ وَ الإِبْنُ مِثْلُ أَبِيهِ *** نَقَضُوا عَهْدَ أَحْمَدٍ في أخِيهِ
وَ أذاقوا البتول ما أَشْجاها
مِنْهُمُ أَغْضَبَ البَتُولَةَ عِلْجُ *** إِذْ أَتَتْهُ تُراثَها مِنْهُ تَرْجُو
فَأَبَى الرّجُسُ إِذْ رآها تَعِجُّ *** وَ هِيَ العُروَةُ التي لَيْسَ يَنْجُو
غَيْرُ مُسْتَعْصِمٍ بِحَبْلٍ وَلاها
أَرْسَلَ اللَّهُ سَيْدَ الرُّسل طُرًّا *** بِالهُدَى وَ الشَّيْطَانُ يُعبَدُ جَهْرًا
وَمُذِ الحقُّ شَقَّ لِلْبَعْثِ فَجْرَا *** لَمْ يَرَ اللَّهُ لِلرِّسالةِ أَجْرَا
غَيْرَ حِفْظِ الوِدادِ في قُرباها
لَمْ تَزَلْ بَعْدَ أحْمَدَ الطُّهْرِ عَبْرَى *** بِغُمُومٍ مِنْ ذلِكَ الرِّجْسَ تَتْرَى(1)
وَيْلُ عِلْجٍ بها اسْتَخَفَّ وَ أَدْرَى*** لَسْتُ أُدْرِي إِدْ رُوِّعَتْ وَ هْيَ حَسْرَىٰ
عانَد القَوْمُ بَعْلها وَ أَباها
مُذ أضِيمَتْ مِنْ بَعْدِهِ أَيَّ ضَيْمِ *** لَمْ يَزَلْ حُزنُهُ لَدَيْها كَغَيْمِ(2)
جُرِّعَتْ مِنْ سِمامِ سامٍ وَ أَيْمِ *** يَوْمَ جَاءَتْ إلى عَدِيٍّ وَ تَيْمِ
وَ مِنَ الرّجدِ مَا أَطالَ بُكاها
قَدْ أَغاظُوا سَيْدَ الرُّسُلِ صِنْوَا *** حِينَ رَضُوا مِنْ فَاطِمَ الطُّهْرِ عُضْوا
وَ لَكَمْ بَشَّتِ المُهَيْمِنَ شَكْوَى *** فَدَعَتْ وَاشْتَكَتْ إلى اللَّهِ شَجْوَا
وَالرَّواسِيَ تَهْتَزُّ مِنْ شَكواها(3)
ص: 167
ثُمَّ عادَتْ بخُطبَةٍ وَ أَعادَتْ *** كَلِمَاتٍ لها الرَّواسِحُ مادَتْ(1)
وَ بَكَتْ وَاشْتَكَتْ بحزنٍ وَنَادَتْ *** فاطْمأَنَّت لها القُلُوبُ وَ كادَتْ
أَنْ تَزُولَ الأحْقادُ مِمَّنْ حَواها
حاجَجتْهُمْ بسُنَّةٍ وَ كِتَابِ *** أَفَلَجَتْهُمْ بِحِكْمَةٍ وَ صَوابِ(2)
حِينَ جاءَتْ وَ قَلْبُها بِالْتِهابِ *** تَعِظُ القَوْمَ في أتَمِّ خِطابِ
حَكَتِ المُصْطَفَى بهِ وحَكاها
وَ لِخَطب الخِطابِ أبْدَتْ حَنِيناً *** مَلاً الدهرُ رَنَّةً وَ أَنِينا
وَ أَسَى أَيْقَظَ النَّبِيَّ الأمينا *** أيُّها القَوْمُ راقبوا اللَّهَ فينا
نَحْنُ مِنْ رَوْضَةِ الجَلِيلِ جَناها
حُبُّنا دِينُ الحَقِّ وَ البُغْضُ كُفْرُ *** وَ وِلأنا يَوْمَ القِيامَةِ ذُخْرُ
وبهِ في الجِنانِ كَمْ شِیدَ قَصْرُ *** نَحْنُ مِنْ بارِي السَّماواتِ سِرُّ(3)
لَوْ كَرِهْنا وُجودَها ما بَراها
ص: 168
وَينا اللَّهُ أَكْمَلَ الإِيمانا *** وَ لَنا زيَّنَ الإِلهُ الجِنانا
ولأَعْدائِنا بَرَى النِّيرانا *** بَلْ بآثارِنا وَ لُطفِ رِضانا
سَطَحَ الأَرْضَ وَ السَّماءَ بَناها(1)
مَنْ تَنَحَّى عنّا فَلِلْغَيْ يَصْبو *** وَ الَّذِي عَنْ طَريقِنا حادَ يَكْبُو(2)
فَبِنا يَرْضَى اللهُ وَ الخَيْرُ يَرْبُو *** وَ بِأَضوانِنَا الَّتي لَيْسَ تَخْبُو(3)
حَوَتِ الشُّهْبُ ما حَوَتْ مِنْ سَناها(4)
ص: 169
فَحِمانَا لِلْوَحْيِ أَكْرَمُ مَنْزِلِ *** وَعُلانَا لِلدِّينِ أَعْظَمُ مَوْئِلِ
وَ هُدانا لِلْمُهْتَدِي خَيْرُ مَعْقِل *** وَ اعْلَموا أَنَّنا مَشاعِرُ دين اللَّهِ
فِيكُمْ فَأَكْرِمُوا مَثْواها
فَإِلَى فَضْلِنا لَدَى الحَشْرِ أَيْضٌ *** وَ لَدينا في جَنَّةِ الخُلْدِ حَوْضٌ(1)
وَ لنا في النَّعِيمِ أَزْهَرُ رَوْضٌ *** وَ لَنا مِنْ خَزائِنِ الغَيْبِ فَيْضٌ
تَرِدُ المُهْتَدُونَ مِنْهُ هُداها
إنّ رَبَّ السَّمَاءِ إِلَيْنَا تَجلَّى *** وَحَبانا أَمْرَ الجِنانِ وَ وَلَّى
وَبِها خَصَّ مَنْ بِنا قَدْ تَوَلَّى *** إِنْ تَرُومُوا الجنان فَهْيَ من اللَّه
إِلَيْنا هَديَّةٌ أَهْداها
بَلْ وِلانا الجِنانُ لاتَدَعُوها *** وَ الرّضا أُمُّ رَوْضِها وَ أَبُوها
فَاصْحَبُوا حُبَّنا وَ مِنَا خُذُوها *** هِيَ دارٌ لَنا وَ نَحْنُ ذَوُوها(2)
لايُرى غَيْرُ حِزْبِنا مَرْآها
خُلِقَتْ لِلَّذِي إِلَى الحَقِّ دانا *** لالِمَنْ خَانَ عَهْدَنَا وَجَفانا
فَجِنانُ النَّعِيمِ مَهْرُ وِلانا *** وَ كذاكَ الجَحِيمُ سِجْنُ عِدانا
حَسْبُهُم يَوْمَ حَشْرِهِم سُكْناها
لَيْتَ شِعْري وَ في الحَشَا أَيُّ كَيِّ *** لايُداوَى وَ أَيُّ داءٍ دَوِيٍّ(3)
ص: 170
وَ أَسَى قَدْ طَوَى الأَسَى أَي طَيِّ *** أيُّها النَّاسُ أَي بِنْتِ نَبِيِّ
عَنْ مَواريثِها أَبُوها زواها؟(1)
أَفهَلْ مِنْكُمْ بِحَقِّ حَقِيقُ *** وَ بِنَصْرِي مِنْكُمْ يَقُومٍ وَ ثِيقُ؟
فَبَراني وَ الدَّمْعُ مِني عقيقُ *** كَيْفَ يَرْوِي عَنِّي تُراثي عَتِيقُ
بِأَحَادِيثَ مِنْ لَدُنْهُ افْتَراها؟
أَنْكَرُوا النَّصَّ في أُمورٍ أَتَوْها *** وَ وَصايا الإلهِ فينا أَبَوْها(2)
فَالأحاديثُ إِنْ عَلَيْنَا افْتَرَوْها *** هذه الكُتْبُ فَاسْأَلُوها تَرَوْها(3)
بِالمَوَارِيثِ ناطقاً فَحْواها
لَيْسَ يُجْدِيكُمْ مِنَ الذِّكْرِ ذِكْرُ *** إِذْبكُمْ قَدْ أَحاطَ غَيٌّ وَ كُفْرُ
فَبِمَعْنَى مِنْ آلِ يَعْقُوبَ سِرُّ *** وَ بِمَعْنَى يُوصِيكُمُ اللَّهُ أمرُ
شامِلٌ لِلْعِبادِ في قُرْباها
كُلُّ فَضْلِ لنا المُهيمنُ أَوْلى *** إِذْرآنا بذاكَ أَحْرَى وَ أَوْلَى(4)
وَإلينا أَهْدَى الوَصِيَّةَ طَوْلاً *** كَيْفَ لَمْ يُوصِنَا بِذلِكَ مَوْلانا
و تَيْماً مِنْ دُونِنا أَوْصاها؟
يا لَخَطْبِ أعْيا الورى إِعياءَ *** ولِداءٍ أعْيا الطَّبيِبَ دَواءَ(5)
إنْ ربَّا بِنَا بَرَى أنبياءَ *** هَلْ رآنا لانَسْتَحِقُّ اهْتداءَ؟
وَ اسْتَحَقَّتْ تَيْمُ الهُدَى فَهَداها
وَ هْيَ كَمْ أَحْدَثَتْ حُدُوثَ الرَّزايا *** وَ تَخَطَّتْ إلى أَشدَّ الخَطايا
ص: 171
أتُراهُ لم يَرْعَ رُشْدَ الرَّعايا *** أمْ تُراهُ أَضلَّنا في البَرايا
بَعْدَ عِلْمٍ لِكَيْ نُصِيبَ خَطاها؟
أيُّها القَوْمُ هَلْ ذِمَامٌ يُراعى *** لِنَبِيَّ وَ فِي الدِّمَامِ وَ راعَى؟(1)
عادَ حَقّي في ظالِمِينَ مُضاعا *** أَنْصِفُوني مِنْ جَائِرَيْنِ أضاعا
ذمَّةَ المُصْطَفَى و ما رَعَياها
فَانظُروا مَنْ بِنا بِبَغْيِ تَحَكُمْ؟ *** وَ دَهانا بالجَوْرِ أَي مُذَمَّمْ؟
فَغَدَوْنَا مِنْ ظُلمَةٍ نَتَظَلَّمْ *** وَ انْظُرُوا في عواقبِ الدَّهْرِ كَمْ أَمْسَتْ
عُتاةُ الرّجالِ مِنْ صَرْعاها
قَدْ سَلَكْتُمْ مِنَ الصَّلالِ طُرُوقا *** وَ حَفِظْتُم مِنَ النّفاقِ شُقُوقا
و رأيتُم لِلغَيِّ وَ البَغْي سُوقا *** ما لَكُمْ قَدْ مَنعتُمونا حُقُوقا؟
أَوْجَبَ اللَّهُ في الكتابِ أَداها
وَ عَلَيْنَا عُتاتُكُمْ كَمْ تَعاتَتْ *** وَ عَلَى الحِقْدِ وَ الحَزَازَةِ باتَتْ(2)
وَ عَلَيْهِ عاشَتْ قُواكُمْ وَ مَاتَتْ *** وَ حَذَوْتُمْ حَذْوَ اليَهُودِ غداةَ
أَتخَذوا العِجْلَ بَعْدَ مُوسَى إِلَها
أَعلِمتُمْ إِذْ غَيَّكُمْ هَدَّ طَوْدا *** لِلْهُدَى كَمْ أَشَابَ لِلدِّينِ فَوْدا؟(3)
وَ لَكُمْ حِينَ ذُدْتُمُ الحَقَّ ذَوْدا *** قَدْ سَلَبْتُمْ مِنَ الخِلافةِ خَوْدا(4)
كانَ منّا قِناعُها وَرِداها
وَ رَمَيْتُمْ آلَ النَّبِيِّ بِغَدْرِ *** وَ قَعَدْتُمْ فِي الدِّينِ عَنْ كُلِّ نَصْرِ
ص: 172
وَ أَغَرْتُمْ عَلَى الرّشادِ بِكُفْرِ *** وَ سَبَيْتُمْ مِنَ الهُدَى ذاتَ خِدْرِ
عَزَّ يَوْماً عَلَى النَّبِيِّ سِباها
يا طُغامَ الأَنامِ زِدْتُمْ فُجُورا *** وَ أَبَيْتُم في الدِّينِ إلا كُفُورا(1)
لَكُمُ الوَيْلُ كَمْ أَتيتُمْ أُمُورا *** تَدعونَ الإِسلامَ إفكاً و زُورا
كذَبَتْ أُمَّهَاتُكُمْ بادِّعاها
لَسْتُ أَدْرِي إِذْ عَنْ رشادِ صَدَدْتُمْ *** وَ لأَزْرِ الضَّلالِ بَغْياً شَدَدْتُمْ
ألِبَعْل سَجَدْتُمْ إِذْ سَجَدْتُمْ؟ *** أَيُّ شَيْءٍ عَدْتُمْ إِذ عَبَدْتُمْ؟
أَنْ يُولَّى تَيْمٌ عَلَى آلِ طَه
قَدْ جَعَلْتُمْ عَلَيْكُمُ أُمراءَ *** أَشْقِياءَ خانوا الهُدَى أَدْعياءَ
وَ التَمَنْتُمْ فَخُمْتُمُ أُمَناءَ *** إِذْ رَضِيتُمْ مِنْ دُونِنَا خُلفاءَ
لاَشْتَفَتْ مِنْ قُلُوبِكُمْ مَرْضاها
أَوْ أَعَنْتُمْ عَلَى الصَّلالِ مُعِينا *** لأُسْقِيتُمْ صَوْبَ الغَمام مَعِينا(2)
أو نَكَلْتُمْ عَنّا شَلِلْتُمْ يَمِينَا *** أَوْ أَبَيْتُمْ عُهُودَ أحْمَدَ فِينا
لا وُقِيتُمْ مِنَ الرَّزايا سُطاها(3)
إنَّمَا البُرْدَةُ التي قَدْ تَحلَّى *** بِحُلاها مَنْ عَنْ وِلأنا تَخلَّى
وَ تَولّى بَغْياً وَ عَنَا تَوَلَّى *** هَذِهِ البُرْدَةُ التي غَضِبَ اللَّهُ
عَلَى كُلِّ مَنْ سِوانا ارْتَداها
قدْ تَلَقَّعْتُمُ بِأَثوابِ نارِ *** وَ حُبِيتُمْ مِنْهَا بأَيِّ اسْتعارِ(4)
وَ اشْتَمَلْتُمْ مِنْها بِبُرْدَةِ عارِ *** فَخُذُوها مَقَرُونَةٌ بشَنارِ
ص: 173
غَيْرَ مَحْمُودَةٍ لَكُمْ عُقْبَاهَا
سَلَبَتْكُمْ أَثوابَ كُلِّ فَخارِ *** وَ كَساكُم بها العُرَى كُلَّ عارِ
فَارْتَدُوها قَدْ طُرّزَتْ بشِرارِ *** وَ الْبَسُوْها لِباسَ عارٍ وَ نارِ
قَدْ حَشَوْتُمْ بالمُخْزِيَاتِ وِعاها
إِنْ نَسَلُكُمْ أَداءَ حَقٌّ جِوارِ *** أَوْ نَسَلْكُمْ وَفاءَ أَيِّ ذِمارِ(1)
أوْ نَسَلُكُمْ عَنْ نِحلَةٍ وَ عُقارِ *** لَمْ نَسَلُكُمْ لِحَاجَةٍ وَ اضْطِرارِ
بَلْ نَدلُّ الوَرَى عَلَى تَقْواها
إنْ بِغَدْرٍ سُدْتُمْ وَحَلٌ عُقُودِ *** وَ اتَّبَاعَ الهَوَى وَ نَقْضِ عُهُودِ
وَ بِبُخل وَ شِحْةٍ وَ جُمُودِ *** كُم لنا في الوُجُودِ رَشْحَةُ جُودِ
يُعْجِزُ السَّبْعَةَ البِحارَ غِناها
وَ لَنا حِكْمَةٌ ذَكَتْ لابزيتِ *** وَ سِباقٌ قَدْ فَاتَ كُلَّ كُمَيْتِ(2)
وَ عُلاً سادَ كُلَّ حَيَّ وَمَيْتِ *** عَلِمَ اللَّهُ أَنَّنا أَهْلُ بَيْتِ
ليس تأوي دَنِيَّةٌ مَأواها
فَوِلانا لِلنّاس أَعْظَمُ حِصْنٍ *** وَ مِنَ الهَوْلِ في غَدٍ أَيُّ أَمْنِ
كَمْ عَلَيْنا مَنَّ الإِلهُ بِمَنْ *** لَوْسَأَلْنَا الجَلِيل القاءَ عَدْنِ
أَوْ مَقَاليدَ عَرْشِهِ أَلقَاها
أيْنَ مِنْ شَأْوِ مَجْدِهِمْ كُلُّ شَانِ؟ *** قاصِرٌ عَنْ هِجَاهُ كُلُّ بَيانِ
إِنْ به فاءَ طُولُ دَهْرِي لِساني *** سَعْدُ دَعْنِي وَ هَجْوَ سُود المعاني
أَكْبَرُ الحَمْدِ في معاني هِجاها
قُلْ لِقَوْمِ سَعَتْ بِجُهْدِ فَسَادا *** وَ نَفتْ حَقَّقَ آل طة ارْتدادا
ص: 174
يا طَغاماً ضاهَتْ ثموداً وَ عَادا *** كيفَ تُنْفَى ابْنَةُ النَّبِيِّ عناداَ(1)
لانَفَى اللَّهُ مِنْ لَظَّيّ مَنْ نفاها
الأيِّ الأُمُورِ تُجْهَلُ قَدْراَ *** بنتُ خَيْرِ الوَرَى فَتُجْهَلُ قَبْراً؟
أم لأيِّ الأُمُورِ تُظْلَمُ جَهْراَ *** وَلأَيِّ الأُمُورِ تُدْفَنُ سرّاَ؟
بَضْعَةُ المُصْطَفَى وَ يُعْفَى ثَراها
نَغَّصُوا عَيْشَها وَ قَدْ كانَ رَغْداً *** وَ فُؤادُ الهُدَى لَها ذابَ وَقْداَ(2)
إذْ قَضَتْ وَهيَ أَوْفَرُ الخَلْقِ جُهْداً *** فمَضَتْ وَ هيَ أَعْظَمُ النَّاسِ وَجداً
في فَمِ الدَّهْرِ غُصَّةٌ مِنْ جَواها
فَاغْتَدَى قَلبُها عَلَى الصَّيْمِ يُطْوَى *** وَ اغْتَدَى دَمْعُها بِهِ الأَرْضُ تُرْوَى
تَخِذَتْ لِلأحزانِ كالقَبْرِ مَأْوَىٰ *** وَ ثَوَتْ لايُرى لها النَّاسِخُ مَثْوَى
أي قُدْسٍ يَضُمُّهُ مَثواها؟
قَدْ رَمَتْها يَدُ الحَقُودِ بِصَرْفِ *** لِلرَّزايا ذاقَتْ به أَي حَتْفِ
فَقَضَتْ وَ الزَّمانُ عَنْهَا بِخُلْفِ *** ثُمَّ هُمَّتْ بِبَعْلِهَا كُلُّ كَفِّ
وَاسْتَمدَّتْ لَهُ رِقاقَ مُداها
أُمَةٌ ضَلَّ إِذْ غَوَتْ مَسْعاها *** أُمَّةٌ خابَ حِينَ ضَلَّتْ رَجاها
أُمَّةً في الأنامِ ما أَشقاها *** أُمَّةٌ قاتَلَتْ إمامَ هُداها
يا تُرى أَيْنَ زالَ عَنْها حَياها
أَدْعِيَاءٌ قَدِ انْتَمَتْ لِطَغامِ *** لاتُبالِي في البَغْيِ مِنْ آثامِ
وَ ازَرَتْها في الغَيِّ أَيُّ سَوامِ *** كَمْ أرادَتْ إظفاءَ نارِ حُسامِ(3)
ص: 175
صاغَهُ اللّهُ تَمْرَةً لِحَشاها
حِلْفُ کَفِّ بها لَهُمْ أَيُّ كَفِّ؟ *** وَ نَكَالٌ لَهُمْ وَ ارْغامُ أَنْفِ
وَ لِطَّغْيانِهِم بها أَيُّ حَنْفِ؟ *** بأَبي مَنْ لَهُ مَطاعِنُ كَفِّ
لايُداوَى مِنَ الرَّدَى كَلْماها
كَمْ بِها لِلرَّشادِ أَسْدَى صَنِيعا *** وَ بَنَى للإِسْلامِ حِصْناً رفيعا
إِذْ غَدا لِلْعُلُومِ كَهْفاً مَنِيعا *** إنَّ ذاتَ العُلُومِ تُنمى جَمِيعا
لِعَليَّ وَ كانَ رُوحَ نَمَاها
مُذيَدُ الصُّنْعِ لِلْهُدَى كَوَّنْتُهُ *** وَ بِحَلْيِ مِنْ فَضْلِها زَيَّنَتُهُ
كُلُّ أُكْرُومَةٍ بِمَجْدٍ عَنَتْهُ *** وَ كَذَا كُلُّ حِكْمَةٍ مَكَّنَتَهُ
مِنْ أَعالي سَنامِها فَامْتَطاها
فَمَعَالِيهِ لِلْفَضائِلِ الْفُ *** وَ أَيادِيهِ لِلْفَواضِلِ حِلْفُ
فَمَتَى يَلْتَجِي العُلَى فَهُوَ كَهْفُ *** وَ مَتى يُذْكَرِ النَّدَى فَهُوَ لُطْفُ؟
إنَّ مُحْيِي المَوَتى بِهِ أَحْياها
فيهِ لِلْغَي ساخَ كُلُّ أَساسِ *** وَ رَسا لِلْهُدَى بِهِ كُلُّ راسِ(1)
فَلِصَمُصابِهِ القَضاءُ مُواسِ *** وَ لأَقْدامِهِ تَزُولُ الرواسِي(2)
وَ المقاديرُ تَقْشَعِرُّ حَشاها
كَمْ مَعَالٍ مِنْهُ لَدَيها التَطَوُّلُ *** وَ عُلُومِ لَهُ عَلَيْهَا التَفَضَّلْ
فلَهُ انْقَادَ صَعْبُها بِتَذَلُّلْ *** وَ مَرامِي الأشرارِ سَدَّدَ سهم
اللّهِ مِنْهُ لَها فما أَخْطاها
بَحْرُ فَيْضٍ أَغْنَى افْتِقَارَ عُفاةِ *** لِلْوُجوداتِ مِنْهُ في رَشَفاتِ
ص: 176
وَ هُوَ إنْ بِالنَّوالِ مُحيي رُفَاتِ *** كَمْ لَهُ مِنْ مَواهِبٍ مُرْدَفَاتِ(1)
هي كالشَّمْسِ لايَحُولُ ضِياها
ص: 177
(بحر الخفيف)
الحاج جواد بدقت الحائري(*)(1)
أهِيَ الشَّمْسُ في سَماءِ عُلاها *** أَخَذتْ كُلَّ وُجْهَةٍ بِسَناها؟
أمْ تَجلَّتْ بوَجْهَةٍ دونَ أُخرى ***و لِمَا أَنْتَ بالغي في هَوَاها
أَيْنَما تَنْبَرِي بِطَرْفَيْنِ في فَجٍّ *** مِنَ الدَّهْرِ لَم تَجِدْ إِلاّها
لاتَخَلْ حُبَّها مُصَاحِبَ نَفْسي *** أَخَرَتْهُ وَصْلاً بهِ عَنْ سِوَاها
كُلُّ قَلْبٍ يَضُمُّهُ صَدْرُ شرِّ *** وَجَهَتْهُ يَدُ الهَوَى تلَقَّاها
غَيْرَ أنّ الشُّؤونَ شَتَّى فَكُلٌّ *** بِسَبِيلِ بَدَتْ لَهُ وَ اهْتواها
وَ هُيامِي بها فَلَيْتَ مُحَلّيها *** بإِنشَاءِ مُهْجَتي جَلاَها(2)
هَيَ سِرُّ الهَوى فإِنْ تَلْقَ نفساً *** لِسِواها يَشُفُّها باحْتِواها
بَلَغَ الشَّوْقُ بِي إِلَيْهَا مُقاماً *** لَوْ تَرى النَّفْسُ تَرْكَهُ أعياها
كُلّ آنٍ قَلْبٌ يُمَزِّقُهُ البَيْنُ *** وَ عَيْنْ يَبينُ عَنْها کَراها
وَ رُبوعٌ تُرْوى بِقَبْضِ دُموعٍ *** كانَ مِنْ مَاءٍ مُهْجَتي مَجْراها
إِنما جَنَّةُ الفؤادِ تباهَتْ *** وَ وُجُوهُ الإشراق لاتَتَناها
و منها:
أَيُّهَا النَّاسُ عِشْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي *** لَنْ تَضِلُّوا إِنْدِنْتُمُ بِوِلاها
ص: 178
هَجَرَ اللَّهُ وَ النَّبِيُّ بِهَذا *** أمْ لِحَالٍ في الدِّينِ قَدْ أَحْكَماها
دونَ هذا يَرْعَى جَبِرَيْنِ كِنْعَانُ *** فَواسَوْأَتاه لاِسْتِرْعاها(1)
أحماها عَنْ أَنْ تَرَى الحَقَّ حَامٍ *** أَرَأَتْهُ فَأَنْرَتْ مَرْآهَا؟
لَيْسَ تَقْضِي بَرَاءَةٌ دَفَعَ مَنْ يُعْزَلَ *** عَنْهَا بِمَنْ مَضَى وَ تَلاها
ما رَآه الإلهُ كُفْوَ أَداها *** إذْ لَدَيْهِ الهُداةْ مِنْ أكفاها
فمولوهُ أم دين البَرَايا *** أيُّ شِرْكِ عَدَتْهُ في دُنْيَاها؟
لاتَقُلْ قالَ ما أَرَادَ مِراءً *** أتجنّيتُ ما عَلَيْها مِراها
كُلُّ حَالٍ أَوْرَدْتُها في عَلِيَّ *** كانَ مِنَّا وَ مِنْهُمُ مَنْ رَوَاها
مَنْ روى لِي أَكْرُومَةً لِعَتِيقٍ *** لَيْسَ فينا مَنْ رَدَّها وَ أَبَاها
وَ عَلَيْنا الوَلاَ لأجلاَفِ تَيْمٍ *** وَ عَلَيْنَا البَرَاءُ مِنْ شَنْآها(2)
وَإِذا ما رَمَتْ فَلِمْ أمَّلَتْ ذا *** دونَ هَذَا وَ أَيُّ حَادٍ حَداها
وَ أَقَامَتْ غَيْرَ الوَصِيَّ وَصِيّاً *** هَلْ قَضَى أَنْ تُقِيمَهُ بِاهْتِداها؟
فَلْتُؤَمِّلْ غَيْرَ النَّبِيِّ نَبيّاً *** فَلْتُؤَمِّلْ غَيْرَ الإلهِ إِلهاً
أَوَ لَيْسَ الإلهُ أَوْضَحَ في *** فُرْقانِهِ لِلْوَرَى سَبيلَ هُداها؟
إِنْ جَرَتْ طوْعَهُ فأَيَّةُ أَيٍ *** تُنْبِيءُ بِالَّذي جَنَتْ مَعْنَاهَا؟
بَلْ تَحَدَّتْ صَحِيفَةٌ أَنْشَأَتْها *** أَيَّ قَوْمٍ كُتَّابَها مَنْشَاها؟
وَ أَقَامَتْ بِنَصْها خُلَفاءً *** وَ أعادَتْ إِلى النَّبِيِّ انْتِماها
هي قامَتْ بِنَصِّها كَيْفَ كَانَتْ *** خُلَفَاءَ النَّبِيِّ بَلْ خُلَفَاها؟
وَ كَهذا آباؤُها عابِدُوَ *** الأَوْثان كانَتْ آباؤها أهواها
يَصْنَعُونَ الأَوْثَانَ فِيهِمْ وَ مِنْ **** بَعْدُ يَخِرُّونَ سُجَّداً لِرِضَاها
ص: 179
إِنَّهَا جَاهِلِيَّةٌ فَادْعَاءُ الدَّينِ *** إفك وَ ضلَّةٌ لإدِّعاها
إِنَّ عُقْبَاهُمُ لَظَّى وَ هْيَ عُقْبَى *** كُلِّ قومٍ ما راقَبَتْ عُقباها
كَيْف لم يَقْتَدِ بِهَذا وَصِيّاً *** كانَتِ الأَنْبِيَا بِهِ مُقتداها؟
بَلَغَتْ عُذْرَهَا فَأَيَّانَ تَعْشُو *** لِسَنَاهُ وَ الغَيُّ قَدْ أَعْمَاها(1)
وَا عَنائِي لِزَعْمِها نَهْجَها الحَقَّ *** فيا لَيْتَ لأَعْدَاهَا عَنَاها
أَيَّ حَقٌّ تَقْضِي لِمَا رَفَعَ الخالق *** عَنْ حَقَّهَا وَ نُكْرِ وَلاَها؟
تَدَّعِي أنَّها إرَادَةُ ذِي العَرْشِ *** فَأَيْنَ الإيمانُ مِنْ مُدَّعاها؟
أبغَير القُرآن أحْكُمُ احْكاماً *** إِلَيْهَا دونَ المَلاً أَوْحَاها؟
إِنْ أسالَتْ نَفْسُ النَّبِيِّ المَنايا *** فَاقْطَعُوا بَعْدَ فَقْدِها أَقْرِباها
أمْ دَعَتْ في الكِتابِ أَيِّ كَمَجْرَاهَا *** وَ حَاشَا الكِتَابُ عَنْ مَجْراها
كُلُّ مِصْدَاقِهِ المَوَدَّةُ في القُرْبي *** و مِنْ كُلِّ ما تُفِي اسْتَغْناها
فَلَعَلَّ النَّبِيَّ خَالَفَ ما جَاءَ *** فأوحَى بِقَطْعِها وَ قَلاها(2)
وَ أَقَامَتْ يَوْمَ السَّقِيفَةِ تَبْغِي *** أَنْ تُرَاعِي إنقاد ما أوْصَاها
ذاكَ يَوْمٌ لَوْلاَهُ ماخَلَقَ اللَّهُ *** جَحِيماً و لاتُشَبُّ لَظَاها
ما أَضَلَّ الأَنَامَ مِنْ مَبْدَأَ الدَّهرِ *** إلى أن يكادَ أَنْ يَتَناهى
غَيْرَ ما أَحْكِمَتْ بِهِ وَ مُضَلَاتِ *** جَمِيع الوَرَى بِهِ أحكمَاها
لَمْ يُوارَ النَّبِيُّ حَتَّى أُزِيلَتْ *** حُرْمَةُ الدِّينِ و اسْتُبِيحَ حِمَاها
ومنها:
لَيْتَ شِعْرِي ما قَادَهَا لِعَتِيقٍ *** أهدَاهُ أَمَالَهَا أَمْ عَمَاها
مَنْ رَأَى ذَا هُدًى رَأَىٰ غَصْبَ ذِي القُرْبَى *** حَباءً بهِ الإِلهُ حَبَاها
ص: 180
يَوْمَ قَامَتْ نَوَادِبُ الدِّينِ تَدْعُو *** هَلْ مُغِيثٌ ولا يُجَابُ دُعاها
فَادِحٌ أَوْرَثَ البَتُولَ عَنَّاءَ *** كَانَ مِنْها مَنْشأ وَرَد رَداها
يَوْمَ جَاءَتْ تَنثُّ مِنْ كُلِّ عُضْوٍ *** حَسْرَةً لِلمَعَادِ لاتَتَناهى(1)
ومنها:
فَلأَيِّ الأَحْوَالِ كَانَتْ تُنادِي *** وَلأَيِّ الأَشْيَاءِ قَدْ نَادَاها؟
فمَتى كانَ يَسْحَبُ الفَيْلَقُ المَجْدَ *** وَ يَنْجُو الكُمَاةُ يَوْمَ وَغَاها؟
وَ مَتَى أَبْصَرَتْهُ أُمَّةً حَرْبٍ *** في اقْتِحامِ الأَحْوَالِ قَدْ مَنَاها؟
أبِأُحْدٍ لَمَّا ارْتَقى ظُلْمَةَ الأَرْضِ *** وَ لَوْ نَالَ لاَرْتَقَى لِسَمَاهَا؟
وَإِذا كانَ مُؤْنِساً أَيؤَدِّي *** مِنْ دِمَا قَلْبِ أحمدٍ مِنْ دِماها؟
إِنْ مَنْ نابَ عَنْ نَبيَّ أَيَرْعى *** آله فيه أمْ يُبِيحُ حِمَاها؟
طارِقاً بَابَها بِجَذْوَةِ نَارٍ *** ما أُعِدَّتْ إِلا لِكَيْ يَصْلاها
زَعَما أَنْ أَحمداً وَ هُوَحَيَّ *** كانَ يُوصِيهِما بأَنْ يَزْوِياها(2)
بِمَراعِ الدِّينِ الحَنِيفِيَّ لَمْ يُوصِ *** وَ في قَطع بِنْتِهِ أَوْصَاها
هَلْ وَجَدْتَ النَّبِيَّ يُمْضِي عَنِ اللَّهِ *** أُمُوراً عَلَيْهِ ما أَمْضَاها
يَأْمُرُ النَّاسَ بِاتِّبَاعِ نُصوصِ *** الذِّكَرِ لْكِنْ لِنَفْسِهِ يَنْهاها
وَ نُصُوصٌ مِنَ الحَكِيمِ اللّوَاتِي *** بِالمَوَارِيتِ قَائِمٌ مَعْنَاها(3)
ص: 181
كلُّ مَفْهُومِها إِذا قَامَ قَوْمٌ *** لَمْ يَحُرُ إِرْنَها سَوَى ابْنَاها
وَ عَلَى مَا افْتَرَوْهُ مِنَ أنَّ أبناءَ *** النَّبِيِّينَ لَمْ تَرثْ آبَاهَا
لِمَ سُلَيْمَانُ قَدْ تَأَرَّثَ دَاوُدَ *** وَ لِمْ ذُو الجَلالِ قَدْ أَوْحَاها؟
هَلْ أَضَلاً أمْ لَمْ يَكُونَا نَبِيَّيْنِ *** وَ دَعْوَى النُّبُوَّةِ افْترَيَاها؟
أَمْ هُمَا خَالَفَا الجَمِيعَ وَ ضَلاَّ *** عَنْ سَبيل الإيمانِ و اغْتَصَبَاهَا
إنَّ رَبِّي على ادِّعاها شَهِيدٌ *** كُلُّ شِرْكِ فِيمَنْ يَوَدُّ ادِّعَاها
لَوْ دَرَى حِينَ اذْهَبَ الرِّجْسَ عَنْهَا *** أَنَّها تَفْتَرِي لَمَا زَكَّاها
إِنْ يَكُونَا دَانَا بِدینِ أَبيها *** ما أَغَصَّا فُؤادَها بِشَجَاها
دَهَياها مِنْ غَيْهِمْ بِدَوَاءٍ *** فَقَضَتْ وَ هُيَ تَشْتَكِي ما دَهَاهَا(1)-(2)
ص: 182
(بحر الخفيف)
الشيخ حسن بن حمود الحلي(*)(1)
لارَعى اللَّهُ قَيْلَةً وَ عَرَاها *** سُخْطُ مُوسى وَ حَلَّ مِنْهَا عُرَاها(2)
أغْضَبَتْ أَحْمَداً بِعَزْلِ إِمامٍ *** فيهِ كَمْ آيَةٍ جِهاراً تَلاها
واجَهَتْهُ بِما لِهَارونَ قِدْماً *** وَ اجَهَتْ قَوْمَهُ ضَلالاً سَفاها(3)
أَخَّرتْهُ وَ أَمَّرَتْ شَيْخَ تَيْمٍ *** سِرَّ كُفْرانِها وَ قُلبَ شَقاها
حَالَفَتْهُ على الضَّلالِ وَ حَادَتْ *** عَنْ أَخِي المُصْطَفَى مَنارِ هُدَاها
أَحْدَثَتْ لِلوَرَى أَحَادِيثَ كِذبٍ *** لانَبِي وَ لاوَصِيَّ رَوَاها
أَسْخَطَتْ رَبَّها فلارَضِيَ الرَّحْمَنُ *** عَنْهَا وَ خَالَفَتْ نَصَّ طه
فَلَكُمْ قال وارثي وَ وَصِيّي *** حَيْدرٌ وَ هُوَ لِلوَرَى مَوْلاها
هو مِنّي كَمِثْل هَارُونَ وَ هْوَ *** الفُلْكُ لِلعَالَمِينَ فيهِ نَجَاها
فَاحْفَظُوا لي وَصِيَّتِي بِابْنِ عَمِّي *** إِنَّهُ لِلعُلوم شَمْسُ سَماها
أَيُّها القَوْمُ إِنَّ بَعْدِي كِتَابَ اللَّهِ *** فِيكُمْ وَ عِتْرَتِي لَنْ تُضَاهَى
إِنْ مَنْ صَدَّ عَنْهُما كِبْرِيَاءً *** فَلَهُ النَّارُ في غَدٍ يَصْلاها
ص: 183
فغَدا مِنْهُمُ يُقاسِي كِتابُ اللَّهِ *** هَجْراً والآلُ فَرْطَ جَفاها
حارَبُوا (فاطماً) وَ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ *** على الخَلْقِ حُبَّها وَ وَلاَها(1)
لَقِيّتْ مِنْهُمُ خُطُوباً عِظَاماً *** لايُطِيقُ الطَّوْدُ الأَشَمُّ لُقاها
كَسْرَ ضِلْعِ وَ غَصْبَ إِرْثٍ وَ لَطْماً *** وَ اهْتِضَاماً مِنْهُ اسْتَطَالَ عَنَاها(2)
أَخْرَجُوها مِنَ المَدِينَةِ قَهْراً *** مُذْ أَطَالَتْ لِفَقَدِ طهَ نَعَاها
وَ عَلَى هَضْمِها تَواطَأَتِ الأَنْصَارُ *** سِرًّا وَ أَظْهَرَتْ بَغْضَاها
عَزَلَتْ بَعْلَها عَنِ الحِلِّ وَ العَقْدِ *** عِناداً وَ أَمَّرَتْ أَدْعِيَاها
غَصَبَاهَا تُرَاثَها وَ لَظَى الوَجُدِ *** وَ فَرْطَ السَّقَامِ قَدْ أَوْرَثاها
دَفَعَاهَا عَنْهُ عِناداً وَ ظُلْماً *** مَزَّقَا (صَلَّها) وَ مَا رَاعَيَاها
وَ ادَّعَتْ نِحْلَةً لَهَا مِنْ أَبيها *** سَيِّدِ الأَنْبِيَا فَلَمْ يَنْحَلاها
فَانْتَنَتْ وَ الفَضاءُ ضَاقَ عَلَيْها *** وَ شُواظُ الزَّفِيرِ حَشْوُ حَشَاهَا(3)
وَ أَتَتْ دَارَها تَجُرُّ رِدَاهَا *** وَ الجَوَى كادَ أَنْ يُرِيها رَداها(4)
فَأَتَوْا نَحْوَ دَارِها وَ أَدارُوا الجَزْ *** لَكَيْ يُحْرِقُوا عَلَيْها خِبَاها(5)
عَصَرُوها بِالبابِ قَسْراً إلى أنْ *** كَسَرُوا ضِلْعَها وَ هَدُّوا قُوَاها
ص: 184
أَلجؤوها إلى الجِدَارِ فَأَلْقَتْ *** مُحْسِناً وَ هِيَ تَنْدُبُ الطُّهْرَ طه(1)
دَخَلُوا الدّارَ وَ هْيَ حَسْرَى فَقَادُوا *** بِنَجَادِ الحُسَامِ (حَامِي حِمَاها)(2)
بَرَزَتْ خَلْفَهُمْ تَقُومُ وَ تَكْبُر *** وَ حَشَاهَا ذَابَتْ بِنَارٍ شَجَاها
وَ عَلَى رَأْسِهَا قَمِيصُ أَبيها *** وَ عَلَى مَتْنِها اسْتَوى فَرْخَاها
وَ هْيَ تَعْدُو خَلْفَ الوَصِيَّ وَ تَدْعُو *** بِالْكِسارٍ فَلَمْ يُجِيبوا نِدَاها
أَيُّهَا القَوْمُ أطلِقُوا صَفُوةَ اللَّهِ *** إِمَامَ الأنام عَقْدَ وَلاَها
أوْ لأَدْعُوَ اللَّهَ العَظِيمَ بِشَجْوٍ *** فَتَخِرُّ الخَضْرَا عَلَى غَبْرَاها
فَأَتَاها العَبْدُ المَشُومُ فَأَدْمَى *** مَتْنَها فَانْتَنَتْ تُطِيلُ بُكاها(3)
وَ هيَ مِنْهُمْ بِمَسْمَعِ وَ بِمَرْأَى *** نُصْبَ عَيْنَيْهِمُ تُقاسِي أَذاها
آذياهَا عِنْدَ الحَياةِ وَ لَمَّا *** حَضَرَتْها الوَفَاةُ ما شَيَّعاها
دُفِنَتْ في الدُّجى وَ عفَّى عَليَّ *** قَبْرَها لَيْتَهُ اسْتَطَالَ دُجَاها(4)
أَفَمِثْلُ ابْنَةِ النَّبِيِّ يُوَارَى *** شَخْصُها في الدَّجَى وَ يُعْفَى ثَرَاها(5)
ص: 185
(بحر الخفيف)
الشيخ حسين الشبيب(*)(1)
یا لَخَطْبَ في الدِّينِ هَدَّ قُوَاهُ *** يَوْمَ غَابَ النَّبِيُّ فِي مَثْواهُ
زَلْزَلَ الأَرضَ وَ السَّماءَ وَ أَبْكَى *** كُلَّ حَيَّ حُزناً تَعالَى اللَّهُ
وَ الهُدَى حِصْنُهُ تَزَلْزَلَ لَمّا *** قامَ جِبْرِيلُ فِي السَّما يَنْعَاهُ
صاحَ وَ الكائِنَاتُ بِالنَّوْحِ ضَجَّتْ *** وَ بَكى العَرْشُ حَسْرَةً لِبُكاهُ
قُبِضَ المُصْطَفَى فَوا فَجَعَةَ الدِّينِ *** مَاتَ غَوْتُ الأَنامِ وَ احَسْرَتاهُ
قُوّض اليَوْمَ سَيّدُ الرُّسل طه *** وَ النَّبِيُّونَ قَدْ أَقَامُوا عَزاهُ(2)
وَ غَدا الدِّينُ يَصْفِقُ الكَفَّ حُزْناً *** وَ الهُدَى بَعْدَهُ تَداعَى بِناهُ(3)
فَبِنَفْسِي وَ مُهْجَتِي وَ بِرُوحِي *** وَ بِقَوْمِي أَقِيهِ مِمّا دَهَاهُ
بَلْ وَيَا لَيْتَ جُمْلَةَ الخَلْقِ طُرّاً *** مِنْ جَمِيعِ اللُّغَاتِ راحُوا فِدَاهُ
لَهْفَ نَفْسِي عَلَيْهِ مات شهيداً *** مِنْ لهيبِ السُّمُومِ ذابَ حَشاهُ
وَ قَضى نَحْبَهُ حَمِيداً فَثَارَتْ *** بَعْدَهُ تَطلُبُ التّراتِ عِداهُ
نَقَضُوا عَهْدَهُ جِهاراً وَرَدُّوا *** كُلَّ ما قالَهُ وَ خانُوا أَخاهُ
ضَيَّعُوهُ في أَهْلِهِ وَ بَنِيهِ *** وَ أَذَاقُوهُمُ الذي أشجاهُ
ص: 186
عَزَلُوا حَيْدَراً كَأَنْ لم يَكُنْ فِي *** يَوْمِ خُمَّ دَعَاهُمُ لَوْلاهُ
وَ كَأَنْ لَمْ يَنادِ فِي يَوْمِ خُمِّ *** وَ هُوَ فَوْقَ الأَعْوادِ كُلَّ يَرَاهُ
واضِعاً كَفَّهُ بِضَبْع عَلِيَّ *** مُعْلِنَ الصَّوْتِ قائلاً في نِداه
أيها الناسُ سَلِّمُوا وَ أَطِيعُوا *** وَ لْيُبلغ كُلِّ إِلَى مَنْ وَراهُ
وَ اشْهَدُوا مَنْ أَنا لَهُ كُنْتُ مَوْلًى *** فَاعْلَمُوا أَنَّ حَيْدَراً مَوْلاه
هُوَ هذا وَليْكُمْ وَ عَلَيْكُمْ *** فَرَضَ الله حُبَّهُ وَ ولاهُ
هُوَ هَذا الإمامُ هذا ابْنُ عَمِّي *** شَرَّفَ اللهُ قَدْرَهُ وَ اجْتَباهُ
لاتَضِلُّوا فَتَخْسَرُوا وَ ازِرُوهُ *** لَيْسَ بَعْدِي فِيكُمْ إمام سِواهُ
ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ بَنُوهُ وَ مَنْ قال *** غَيْرَ قَوْلي فَسَوْفَ يَلْقَى جَزاهُ
إِنّ رَبَّ السَّماءِ وَ الأرضِ حَقاً *** قَد اصطفاه لِدِينِهِ وَ ارْتَضاهُ
قُمْتُ هذا المَقامَ عَنْ أَمْرِ رَبِّي *** وَ بِما قالَ لِي وَ ما أوْحاهُ
طاعَةُ المُرْتَضَى كطاعة ربيّ *** وَ كذا كُلَّ مَنْ عَصَاهُ عَصاهُ
وَ حَباهُ بِكُلِّ خَيْرٍ جَزِيلٍ *** وَ عَلَى كُلِّ خَلْقِهِ وَلاهُ
فَانْظُروا هَلْ يَكُونُ غَيْرَ عَلِيٍّ *** فَوْقَ كَتْفِ النَّبِي وَ طَتْ قَدَماهُ؟
أَمْ سَمِعْتُمْ في النَّاسِ غَيْرَ عَلِيٍّ *** قِيلَ خَيْرُ الوَرَى النَّبِيُّ أَخاهُ
وَلَكَمْ أَكَدَ الوَصِيَّةَ فِيهِ *** حَيْثُ صَفَاهُ رَبُّهُ وَاصْطَفَاهُ
لَمْ يَدَعْ حُجَّةً وَلكِنَّما القَوْمُ *** فِي العَمى وَالضَّلالِ وَ الغَيِّ تاهُوا
قَدَّمُوا غَيْرَهُ عَلَيْهِ وَ قَالُوا *** حِينَ أَعْيَوْا بِأَنْ يَنالُوا عُلاهُ
حَدَثُ السِّنّ في دُعابَةِ أَنْفٍ *** خَسِرُوا لاأبا إِلَيْهِمْ وَ شاهُوا(1)
سَلْهُمْ مَنْ بِسَيْفِهِ عُبِدَاللَّهُ *** وَ قَرُّوا أَنْ لَيْسَ رَبِّ سِواهُ
مَنْ أَبَادَ الكُماةَ في يَوْمِ بَدْرٍ *** وَ النَّبِي مَنْ بِنَفْسِهِ قَدْ فَداهُ؟
ص: 187
مَنْ تَلَقَّى ابْنَ وُدَّ مَنْ قَلَعَ البابْ *** مَنْ رَعَى حَوْزَةَ الهُدَى وَ حِماهُ؟
مَنْ بِهِ أَسْفَرَ الهُدَى وَ اسْتَقَرَّتْ *** وَطأة الدِّينِ وَ اسْتَقامَتْ فَنَاهُ؟
مَنْ رَمَى بِالأَصْنامِ عَنْ حَرَمِ اللَّهِ *** وَ عَلَا كَتْفَ أَحْمَدٍ وَ ارْتَقاهُ؟
مَنْ إِلى السَّاغِبِينَ يَحْتَمِلُ القُوت *** خِفْيَةً فَوْق مَثْنِهِ في رِداهُ؟
مَنْ سِواهُ في النَّاسِ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ *** جُمْلَةَ الخَلْقِ يَهْتَدُوا بِهُدَاهُ؟
لَوْيَكُنْ ما لَهُ مِنْ الفَضْلِ إِلاّ *** يَوْمَ خُمَّ وَ خَيْبَر لَكَفاهُ
أوَ ما فَوْقَ زِنْدِهِ عَبَرَ الجَيْشُ *** بَعْدَما شَقَّ مَرْحَباً وَ بَراهُ
وَ أبادَ اليَهُودَ طُرّاً وَ أرْوَى *** مِنْ دماهُمْ حُسامَهُ وَ قَناهُ
وَ اخْتَصِرُ لاتُطِيلُ فمَنْ شَيَّد الدِّينَ *** بمنْ قامَ فَخْرُهُ لَوْلاهُ؟
وَ اسْأَلِ الصاحِبَيْنِ مِنْ بَعْدِ هَذا *** أَعَلى أَي ذَنْبٍ قَدْ ناصَباهُ
أَمِنَ العَدْلِ أَنْ يُقادَ أَسِيراً *** وَ إِلَى خَلْفِهِ تُشَدُّ يَداهُ؟
طَوَّقوا عُنُقَهُ بِحَبْلٍ وَ سَاقُوا *** ضارِعاً مُسْتَضاما يُبْدِي شَجاهُ(1)
وَ ابْنَةُ المُصْطَفى عداءَ وَ جَهْراً *** دَخَلُوا دَارَهَا وَ بِالظُّلمِ فاهوا(2)
ص: 188
وَ هْيَ حَسْرى القِناعِ وَ القَلْبُ مِنْهَا *** تَنْزِفُ العَيْنُ دَمْعَها مِنْ دِماهُ
كَسَرُوا ضِلْعَها أَراعُوا حَشاها *** أَسْقَطُوا حَمْلَها فَوا لَهْفَتاهُ(1)
لَطَمُوا خَدَّها وَ بالنَّارِ جَهْراً *** أَحْرَقُوا الباب وَ العُيونُ تَراهُ(2)
وَ مَضَوْا بِالوَصِيِّ أَسِيراً مِنْهُ *** كُلُّ عِلْجٍ قَدْ نالَ أَقْصَى مُناهُ(3)
وَ ابْنَةُ المُصْطَفَى تُنادِي بِصَوْتٍ *** زَلْزَلَ الكَوْنَ رَجْعُهُ وَ صَداهُ(4)
وَ تُنادِي يا قَوْمُ خَلُوا ابْنَ عَمِّي *** مَالَنَا كَافِلٌ وَحَامٍ سِواهُ
يا ذَوِي الارْتِدادِ وَ البَغْيِ خَلُّوا *** وَ هُيَ نُصْبَ العُيونِ تَعْدُو وَرَاهُ(5)
ص: 189
(بحر الخفيف)
الحاج سعود الشملاوي(*)(1)
شِرْعَةُ الحَقِّ حَيْدَرٌ قَدْ بَنَاهَا *** وَ عَلَيْهِ يَدُورُ قُطْبُ رَحَاهَا(2)
كَانَ مِنْ مَهْدِهِ إِلَى اللَّحْدِ يَسْعَى *** فِي رِضَى اللَّهِ رُوحُهُ يَرْعَاهَا(3)
مِثلُهُ فِي الْوُجُودِ عَزَّ وُجُوداً *** لايُضَاهِي فِي فَضْلِهِ لايُضَاهَي(4)
خَصَّهُ اللَّهُ ذُو العَلَا بِمَزَايَا *** مَا حَوَى عُشْرَ عُشْرِها أَنْبِيَاها
مِنْ مَزَايَاهُ كَعْبَةُ البَيْتِ فِيها *** كانَ مِیلادُهُ فَطَابَ شَذَاهَا(5)
لَمْ يُشَارِكُهُ بالولادَةِ فِيهَا *** أَحَدٌ لا وَ لاالمُفَضَّلُ طَه
أُمُّهُ الطُهْرُ أَقْبَلَتْ وَ هِيَ حُبْلَى *** بِوَلِيدِ التَّقَى وَ بَدْرِ دُجَاهَا(6)
أَمَّتِ الْبَيْتَ كَيْ تَطُوفَ وَ تَسْعَى *** وَ إِذَا بِالْمَخَاضِ قَدْ وَافَاهَا
رَفَعَتْ رَأْسَها إلَى اللَّهِ تَدْعُو *** بِخَلِيل الْبَارِي وَ مَنْ فِي حَشَاهَا
رَبِّ سَهَّلْ لِي الْمَخَاصَ لأُكْفَى *** شِدَّةَ الْوَضْعَ فَاسْتَجَابَ دُعَاهَا
وَإِذَا وإذا بالجِدَارُ شُقَّ إِلَيْهَا *** مِنْ مَعَالِيو هذِهِ إِحْدَاها
ص: 190
دَخَلَتْ وَ الجِدَارُ سُدَّ عَلَيْهَا *** آيَةٌ مِنْ إِلَههَا أَسْدَاها
وَ عَلَيْهَا الإِلهُ سَهَّلَ وَضعاً *** فَبَدَا البَدْرُ فَانْجَلَتْ ظَلْمَاها(1)
وَضَعَتْهُ عَلَى الرُّخَامَةِ فَانْسَابَ ***ضِيَاهُ فَأَشْرَقَتْ أَرْجَاهَا
مَنْ سِوَاهُ عَلَى الرُّخَامَةِ مَوْلُودٌ *** صَعْدَةٌ غَيْرُ حَيْدَرٍ مَا ارْتَقَاهَا
فَتَحَ العَيْنَ لِلْحَيَاةِ بِبَيْتٍ *** وَ خُرُوجَاً بِمِثْلِهِ أَغْضَاهَا(2)
فَحْيَاةٌ بِمَسْجِد هِيَ تُبْدَى *** وَ أَخِيراً بمثلِهِ مُنْتَهاها
هذِهِ غَايَةُ المَرَام وَلكِنْ *** لَيْتَ شِعْرِي مَنْ غَيْرُهُ يَحْضَاهَا(3)
فَهيَ فِيهِ عَلَى عُلَاهُ دَلِيلُ *** أَنَّهُ عِنْدَ رَبِّهِ أَعْلاَها
شَرَّفَ الكَعْبَةَ الوَلِيدُ لَعَمْرِي *** مَابِهَا شُرِّفَ الْوَلِيدُ وَ بَاهَى
إلى أن قال:
كَمْ تَلَقَّوا مِنَ الرَّسُولِ عَنِ اللَّه *** نُصُوصاً في حقهِ أَبْدَاها
فَلِمَاذَا لَمْ يَسْتَجِيبُوا إِلَيْها *** حَسَداً أَمْ قُلُوبُهُمْ تَأَبَاهَا(4)
أمْ أَتَى المُرْتَضَى بِشَيْءٍ يُنَافِي *** مَنْهَجَ الْحَقِّ بَعْدَ غَيْبَةِ طَه؟!(5)
لَمْ يَكُنْ ذَا مِنْ الوَصِيَّ وَ حَاشَا *** نَفْسُ قُدْسِ إِلهُهَا زَكَاهَا
بَلْ هُمُ بَدَّلُوا الهُدَى بِضَلالٍ *** وَ غَدَوا يَخْبِطُونَ فِي عُمْيَاهَا(6)
قَدَّمُوا غَيْرَهُ مَعَ العِلْمِ مِنْهُمْ *** أَنَّهُ بَعْدَ أَحْمَدٍ أُولاها
لَيْتَ شِعْرِي مَن الَّذِي قَدَّمُوهُ *** هَلْ عَلَى وَجْهِ فَرْضِهَا أَدَّاها؟
أَمْ غَدًا يَسْتَقِي العُلُومَ (مِنَ المَخْلُوع *** فِي زَعْمِهِم) فَكَيْفَ امْتَطَاهَا؟!
ص: 191
عَجَباً قَدَّمُوا الْمُؤَخَّرَ فِي الْفَضْلِ *** عَلَى سَابِقِ الْوَرَى مَوْلاَها!!
وَ غَدَوا يُلزمُونَ بَيْعَةً جَوْرٍ *** فَرَضُوهَا وَ اللَّهُ لَايَرْضَاهَا
فَأَبَى فَاعْتَدَوْا يُبيحُونَ بَيْتاً *** مِن بُيُوتِ إِلَهُهَا سَوَّاهَا
حَرَماً لاَيَجُوزُ أَنْ يَدْخُلُوها *** دُونَ إذْنِ وَ هُمْ أَبَاحُوا حِمَاهَا
وَ عَلَى بَضْعَةِ الرَّسُولِ تَجَرَّوا *** لَطَمُوا عَيْنَها أَرَاعُوا حَشَاها(1)
سَّرُوا ضِلْعَهَا أَهَاجُوا جَوَاهَا *** أَسْقَطُوا حَمْلَها أَسالُوا دِمَاها(2)
أسْقِطَتْ فَوْقَ عَنْبَةِ الْبَابِ وَ لْهَى *** تَنْتَخِي (فِضَّةٌ) وَ تَدْعُو أَبَاهَا
يَا رَسُولَ الْهُدَى عَلَيْكَ عَزِيزٌ *** أَنْ تَرَى ما تَجَشَّمَتْ أَعْدَاها
أَخَذُوا حَفَّنا تَبَاغَوا عَلَيْنَا *** أَخْرَقُوا بَيْتَنَا بِنَارِ لَظَاها
كَسَّرُوا أَضْلَعِي جَنِينِي أَلْقَوه *** قَتِيلاً يا وَيْلَ مَنْ سَواها
وَ اسْتَدَارُوا عَلَى عَلَيَّ وَقَادُو *** بِحَبْلٍ وَ هُوَ المُدِيرُ رَحَاها(3)
وَ غَدُوا يَسْحَبُونَ لَمْ يَرْهَبُوهُ *** وَ هُوَلَيْتُ الشَّرَى وَ رَبُّ وَغَاها(4)
أَوْقَفُوهُ كَيْ يَبْسُطُ الْكَتَ قَسْراً *** أَوْ يُذِيقُونَ بِالسُّيُوفِ رَدَاهَا
فَرَمَى نَحْوَ قَبْرِكِ الطُّهْرُ طَرْفاً *** بشُجُونٍ وَ دَمْعُهُ أَجْرَاها
ص: 192
يَا أَخِي قَوْمُكَ الألى: اسْتَضْعَفُونِي *** وَ أَرَادُوا قَتْلِي بِحَدْ ظُبَاهَا(1)
يَا أَخِي ضَيَّعُوا وَصَايَاك فِينَا *** فَإِلَى اللَّهِ نَشْتَكِي عَدْوَاهَا
ص: 193
(بحر الخفيف)
الحاج سعود الشملاوي(*)(1)
حَسْرَتِي لِلْبَتُولِ بَضْعَةِ طَهَ *** إِذْدَهَاهَا بَعْدَ النَّبِي ما دَهَاها(2)
ما رَعَوْهَا وَ لارَعَوْا الطُّهْرَ حَتَّى *** مُنِعَتْ حِينَ فَقْدِهِ عَنْ بُكَاهَا
أخَذُوا نِحْلَةً لَهَا مِنْ أبِيهَا *** أُقْصِيَتْ عَنْ تُرَائِهِ بِنْتُ طَه(3)
ثُمَّ لَمْ يَكْتَفُوا بِسَلْبِ حُقُوقِ *** فُرِضَتْ لِلْبَتُولِ مِنْ مَوْلاهَا
بَلْ أَدَارُوا بِبَابِها ذَلِكَ الجَزْلَ *** عِنَاداً وَ النَّارَ شَبُوا سِفَاهَا(4)
هَجَمُوا عَنْوَةٌ عَلَيْهَا بِلا إِذْ *** عَلى العَيْنِ لَطْمَةً سَتَراهَا(5)
عَصَرُوهَا بِالبَابِ فَانْكَسَرَ الضِّلْعُ *** وَ الْقَوْا جَنِينَها مِنْ حَشَاهَا
فَهَوَتْ فَوْقَ (عَتْبَةِ) البَابِ تَدْعُو *** لأبِيهَا وَ أيْنَ تَلْقَى أَبَاهَا
يَا رَسُولَ الهُدَى عَلَيْكَ عَزِيزٌ *** لَوْ تَرَى مُذْ عَدَتْ عَلَيَّ عِدَاهَا
عَصَرُونِي وَ أَسْقَطُونِي جَنِينِي *** وَ عُبُونِي بِلظمَةٍ تَلقاها
ص: 194
لَمْ تَزَلْ بَعْدَ حَادِثِ البَابِ ثَکْلَى *** فَرِحَتْ عَيْنُهَا لِطُولِ بُكَاهَا
تَتَلَظَّى عَلَى الفِرَاشِ وَتَشْكُو *** بِأَنِينٍ لِمَنْ يَعِي شَكْوَاهَا
ثُمَّ لَمَّا قَضَى إلهُ البَرَايَا *** بِقَضَاهُ وَيَوْمَهَا وافَاهَا
لِعَلِيٍّ أوْصَتْ بِكُلِّ الوَصَايَا *** وَدَّعَتْه وغُمِّضَتْ عَيْنَاهَا
وَقَضَتْ نَحْبَها وَدِيعَةُ طَه *** مِنْ أُنَاسِ قَدْ بَالَغُوا فِي عَدَاهَا
فَبَكَى حَيْدَرٌ لِفَقْدِ بَتُولٍ *** رَمَّلَتْهُ وَأيْتَمَتْ أَبْنَاهَا
شَالَ جُثْمَانَهَا المُقَدَّسَ لِلْغُسْلِ *** وَأَحْشَاؤُه يَشُبُّ لَظَاهَا
تَحْتَ أَثوَابِها يُغَسِّلُهَا الطُّهْرُ *** فَمَسَّتْ كُفُوفَهُ ضِلْعَاهَا
فَجَرَتْ دَمْعَةُ المُصَابِ عَلَى الخَدِّ *** وَأَوْدَى فُؤَادَهُ مَرْآهَا
فَتَقَوَّى لِرُزْئِها وَقَضَى الغُسْلَ *** عَلَيْهَا أَكْفَانَها سَوَّاهَا
وَضَعَ الظُّهْرَ في سَرِيرِ المَنَايَا *** وَانْبَرَى في وَدَاعِهَا وَلَدَاهَا(1)
هَوَيَا فَوْقَها - عَمْركَ اللَّهُ - *** فَضَمَّتْهُمَا إِلَيْهَا يَدَاهَا
فَجَرَتْ أدْمُعُ الفِرَاقِ كَجَمْرٍ *** مِنْ جُفُونٍ مَمْزُوجَةٍ بِدِمَاهَا
أُمِرَ المُرْتَضَى ألاَ أَرْفَعْهُمَا عَنْ *** صَدْرِهَا ... أَبْكَيَا جُنُودَ سَمَاهَا
وَلَهَا الحُورُ بالنِّيَاحَةِ عَجَّتْ *** وَقَدِ اشْتَاقَ أَحْمَدُ لِلِقَاهَا(2)
قَامَ نجَّاهُمَا وَنَادَى صِحَاباً *** حَمَلُوا فِي قُلُوبِهِمْ بَلْوَاهَا
شَيَّعُوهَا بِاللَّيْلِ سِرَّا فَأَوْرَتْ *** حَسْرَةً فِي القُلُوبِ مَا أَشْجَاهَا(3)
دَفَنُوهَا وفِي الفُؤَادِ رَزَايَا *** لَمْ يُطِقْ حَمْلَهُنَّ إِنْسٌ سِوَاهَا
ص: 195
جَاءَ في تُرْبَةِ البَتُولَةِ أقْوَالٌ *** لَعَلَّ الصَّوَابَ فِي قَوْلِ طه
بَيْنَ قَبْرِي ومِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ *** رَوْضِ تِلْكَ الجِنَان ذَا مَعْنَاهَا
مَعَ هَذَا رِوَايَةٌ (لابْنِ هَمَّامَ) *** عَلِيٌّ فِي رَوْضَةٍ وارَاهَا
فأحَادِيثُ فِي البَقِيعِ تَوَارَتْ *** تِلْكَ دَعْهَا فَهَذِهِ أَقَواهَا
فَإذَا شِئتَ أن تَزُورَ فَزُرْهَا *** عِنْدَ قَبْرِ النَبِي فَذَا مَنْوَاهَا
وَإذَا جِئْتَهَا فَصَلِّ وسَلِّم *** وَأكْثِر اللَّعْنَ لِلَّذِيْ عَادَاهَا
وَتَذَكَّرْ مِنَ الشَّجَى لَطْمَةَ العَيْنِ *** وأضْلاَعَها وَنَزْفَ دِمَاهَا
وَتَذَكَّرْ جَنِيْنها خَرَّمَيْتاً *** مِنْ حَشَاهَا بِالبَابِ مَاذَا عَرَاهَا
وَتَذَكَّرْ هُتَافَها يَومَ خَرَّتْ *** مِنْ جَوَى حُزْنِها تُنَادِي أَبَاهَا(1)
أبَتَا عَزَّ أنْ تَرَى مَا دَهَانِي *** مِنْ طُغَاةٍ قَدْ أسْخَطَتْ مَوْلاَهَا
كَسَرُوا أَضْلُعِي وَالْقَوْا جَنِينِي *** وَعُيُونِي بِلَطْمَةٍ أذْهَبَاهَا(2)
ص: 196
(بحر الهزج)
الشيخ سلطان علي الصابر(*)(1)
إِلَيْكُمْ يَا بَني طه *** تَحِيّاتٌ بِأَزْكاها
حبَاكُمْ رَبُّكُمْ طُرّاً *** بِعِزِّ دامَ ذِكْراها
***
وَأَنْتُمْ قَبْلُ أَنْوَارُ *** كِرامُ النّاسِ أطْهارُ
أُباةُ الضَّیْمِ أَحْرَارُ *** بِكُمْ ذُو الْعَرْشِ قَدْ باها
***
لَكُمْ بِاللَّوْحِ وَالقَلَمِ *** رُقِیٌّ شامخُ الْقِمَمِ
وَأَنْتُمُ سادَةُ الْأَمَمِ *** وَالنَّبیّ جَدُّكُمْ طه
***
أتانا خاتَمُ الرُّسُلِ *** دَليلاً أَحْسَنَ السُّبُلِ
فَزالَتْ عَثْرَةُ الزَّلَلِ *** فَمَنْ لَمْ يَتَّبِعْ تاهَا
***
وَفاقَتْ بِنْتُهُ الزَّهْرا *** بِمَجْدٍ مَرْيَمَ الْعَذْرا
ص: 197
فَأَكْثِر مِدْحَةَ الْحَوْرا *** أَذُقْ مِنْ فِيكَ أَحْلاها
***
وَصِهْرُ الْمُصْطَفَى الْهادي *** عَلِیٌّ حُبُّهُ زادی
وَهذا نَهْجُ هْجُ أَجدادي *** خُذوا يا وُلْد أنْباها(1)
***
وَلي فِي الْمُجْتَبَى الْحَسَنِ *** مُمِيتِ الجَوْرِ وَالفِتَنِ
وَمُحْيِي الدِّينِ وَالسُّنَنِ *** لَئالي الْمَدْحِ أَرْقاها
***
حُسَیْنٌ شِبْلُهُ الثّاني *** إِمامُ الإِنْسِ وَالْجانِ
بِنَفْسٍ مِنْ دَمٍ قانی *** فَدی لِلدِّينِ أَزْکَاها
***
فَزِدْ يا رَبَّنا أَجْرا *** وَأَكْرِمْنَا بِهِمْ حَشْرا
فَمَنْ يَبْقَى لَنا ذُخْرا *** إذا ما غابَ أَوْفاها
***
وَمَنْ لي يَمْدَحُ الزَّهراء *** أَذُقْ مِنْ فيهِ أَحْلاها
ص: 198
الحمدُ للَّهِ على ما أنعمَ، وَلهُ الشَّكرُ على ما ألهمَ، والثناءُ بما قَدّمَ من عموم نِعَمِ ابتداها، وَسُبُوغِ آلآءٍ أسداها، وَتَمَام مِنَنٍ والاها، جَمَّ عَنِ الإِحْصَاءِ عَدَدُها.
للأله العَظِيمِ حَمْدِي تَناهَى *** وَلَهُ الشُّكْرُ دُونَ أَنْ يَتَناهَى
فَلِنَعْمائِهِ الَّتِي لا تُجازَى *** وَلإِلْهامِهِ النُّفُوسَ هُداها
وَثَنائي بِطَيِّباتِ نَعِيمٍ *** لَمْ نُطالِبْهُ بَذْلَها فَابْتَداها
وَبِآلاءِ جُودِهِ سابِغاتٍ *** سائِغاتٍ إلى الوَرَى أَسْداها(1)
وَبِما جادَ مِنْ تمَامِ عَطايا *** جَمَّ أعْدادُهُنَّ عَنْ إِحْصاها
طالَ في مَرْقَدِ الزَّمَانِ نَواها *** تَناءَی عَنِ الجَزاءِ مَداها
ونأى عن الجزاءِ أمدُها، وتفاوتَ عن الإدراكِ أبَدُها، ونَدَبَهم لاستزادتِها بالشكرِ لاتصالِها، واستحمدَ إلى الخَلائِقِ بإجزالِها، وثنّى بالندبِ إلى أشباهِها، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللَّهِ وَحْدَهُ لا شريك لَهُ، كلمة جَعَل الإخْلاصَ تأويلها.
وتَنَاهى عَنِ النُّهَى دَرْكُ نُعْمَى *** أَبَدَ الدَّهْرِ تَسْتَمِرُّ عَطاها(2)
وَدَعاها لِتَسْتَزِيدَ نَداها *** بِاتّصالٍ - بِشُكْرِ مَنْ أَوْلاها
وَبِإِجْزالِها لَهُمْ طَلَبَ الحَمْدَ *** وثَنَّى بِنَدْبِها الأَشباها
ص: 200
أُشْهِدُ اللَّهِ أَنَّهُ لَيْسَ إِلا اللَّهَ *** رَبِّاً وَ خالقاً وَ إلها
وَحْدَهُ اللَّه لاشَرِيكَ لَدَيْهِ *** كَوَّنَ الكَوْنَ وَ البَرايا بَراها(1)
كلمةُ الحَقِّ وَ الهُدَى وَ التعالِي *** وَ لُبابُ الإخلاص في مَغزاها
و ضمَّن القلوبَ موصولَها و أنارَ في التفكير معقولها، الممتنع مِنَ الأبصارِ رؤيتُهُ و مِنَ الألسن صفتُهُ و منَ الأوهامِ كَيْفِيتُهُ.
ابتدعَ الأشياءَ لامنْ شيءٍ كان قبلها، و أنْشَأها بِلا احتذاءِ أمثلةً امتَثَلها.
في مَطاوِي القُلوبِ وَصْلُ لِقاها *** وَلَدى الفِكْرِ وَهْجُها وَ رُؤاها(2)
لَيْسَ عَيْنٌ تَرى جَلالَةَ ذاتٍ *** عَجَزَ الوَصْفُ أَنْ يُدانى مَداها
كَلَّتِ الألْسُنُ البَليغَةُ حَتَّى *** لَيْسَ تَعْلُو لِوَصْفِهِ أَعْلاها
جَلَّ حَتَّى الأَوْهَامُ لاتَتَرقى *** نَحْوَ أَقداس كَيْفه أَرْقاها
خَلَقَ الكائناتِ خَلْقَ ابْتِداعٍ *** لَيْسَ مِنْ شَيْءٍ قَبْلَهُ سَوَّاها
وَبَراها بِلا احْتِدَاءِ مِثالٍ ***كانَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُسَوِّي بِناها
كَوَّنها بقدرتِهِ، وَ ذرأها بمشيّتِهِ مِنْ غيرِ حَاجَةٍ مِنْهُ إلى تكوينها و لافائدة في تصويرها إلا تثبيتاً لحكْمَتِهِ وَ تنبيهاً على طاعَتِهِ وَ إظهاراً لقدرته وَ تعبداً لبريته، وَ إعزازاً لدعوته.
ثمّ جَعَلَ الثّوابَ على طاعَتِهِ، وَ وضَعَ العقاب على معصيته، زيادةً لعباده مِنْ نقمِتِه.
خَلَقَ الخَلْقَ بِالمَشيَّةِ مِنْهُ *** وَ برى بِاقْتِدارِیه أَشْياها
دُونَما حاجَةٍ لَهُ وَ انْتِفاعٍ *** مِنْهُ لِلصُّورَةِ الَّتي أبداها
بَلْ لِتَنْبِيهِها عَلى طاعَةِ اللَّهِ *** وَ تَثْبِيتِ حِكْمَةٍ جَلاّها
ص: 201
لِيُبِينَ اقْتِدارَهُ سَوَّاها *** وَ يُعَبّدْ عَبيدَهُ أَنْشاها(1)
وَ لإِعزاز دَعْوَةِ الحقِّ وَ الخَيرِ *** وَ تَبقى على المَدى دَعْواها
وَ يَذُودُ العِبادُ شَرَّ جَحيمٍ *** سَخَّرَتْ نِقْمَةُ الإلهِ لَظاها(2)
النبي صلي اللَّه علیه و آله و سلم الأكرم و فلسفة الرسالة
و حياشةٌ لهم إلى جنّتِهِ.
وَ أشهدُ أنّ أبي (محمداً) عبدُهُ و رسولُه، اختارَهُ وَ انتجبهُ قَبْلَ أَنْ اجتَبلَه، وَ اصطفاهُ قبلَ أن ابتعَثَهُ، إذ الخلائِقُ بالغيب مكنونةٌ، وَ بستر الأهاويلِ مصونة، وَ بنهايةِ العَدَمِ مقرونَةٌ،
وَ إلى جَنَّةِ الخُلُودِ يُحاشي *** كُلَّ نَفْسٍ قَدْ لا زَمَتْ تَقْواها
وَ أَبِي المُصْطَفَى مُحَمَّدُ عَبْدٌ *** وَ رَسُولٌ لِلَّهِ لَيْسَ يُضاهى
تلْكُمُ النَّفسُ رَبُّها أَعْلاها *** وَ اجْتَباهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَبْراها
قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَ الأمِينَ نَبِيّاً *** قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَ اصْطَفاها
إذْ تَوارَتْ خَلائِقُ اللَّهِ بِالغَيْب، *** وَ سِتْرُ الأَهْوَالِ قَدْ غَطَّاها(3)
وَ بِأَقصى نِهايَةِ العَدَمِ المَحْضِ، *** تَلاقى الأَعْدامُ في أجواها(4)
ص: 202
علماً منَ اللَّه تعالى بمآلِ الأمور وَ إحاطةَ بحوادثٍ الدّهورِ وَ معرفة بمواقعِ المقدور.
ابتعثَهُ اللَّه إتماماً لأمْرِهِ، وَ عزيمةً على إمضاءِ حُكمِهِ
فَيعِرفانِهِ مَالُ أمور *** الكَوْنِ مِنْ بَديها إلى مُنْتَهاها(1)
وَ بِما حاطَ بالحَوادِثِ عِلْماً *** وَ المجارِي الَّتي بها أَجْراها
وَ بِعرفانِهِ المَواقِعَ مِمَّا *** حَدَّدَتْها الأَقْدَارُ مِنْ مَبْداها
بَعَثَ المُصْطَفى الأمين رسولاً *** وَ الرِّسالاتُ كُلُّها أَنْهاها
لِيُتِمَّ الأَمْرَ الحكيم، وَ يمْضِي *** حُكْمَهُ، لِلْمُقَدَّراتِ قَضاها
وَ لإِنْفاذِ ما تَقَدَّر قِدْماً *** مِنْ مَقاديرِ حَتْمِهِ أَمْضاها
وَ إنفاذاً لمقادير حَتْمِهِ، فرأى الأممَ فِرَقاً في أديانهما، عكفاً على نيرانِها، وَ عابدةً لأوثانِها، منكرةً للَّهِ مَعَ عِرفانِها، فَأَنارَ اللَّه بمحمد صلي اللَّه علیه و آله و سلم ظُلَمَها، وَ كَشَفَ عن القلوبُ بُهَمَها وَ جَلَّى عَن الأبصار غُمَمَها.
فَرَأى النّاسَ في الدُّروبِ حَيارى *** فرقاً في مسارها وَ رؤاها
بَيْنَ مَنْ يَعْبُدُ الحِجارةَ رَباً *** أَوْ عَلى النَّارِ عاكفاً يَهْواها
وَ بِرَغمٍ مِنْ عِلمِهِم يُنكرونَ اللَّهَ *** جَهْلاً وَ ضَلَّةً وَ سَفاها(2)
فَأَنارَ الجَلِيلُ بِالمُصطَفى المُختارِ *** ما اشْتَدَّ مِنْ ظَلام دُجاها
وَ قُلوبٌ في الغي طالَ بَقاها *** قَدْ أَرْاحَ النَّبِيُّ يُهمَ غَواها(3)
وَ عُيونُ عَشَتْ بِغُمَّةِ جَهْلٍ *** بِضِياءِ الهُدى المُنيرِ جَلاها
و قامَ في النَّاسِ بالهدايةِ، و أنقذهُمْ مِنَ الغوايَةِ، وبصَّرهم مِن العَمايَةِ، وَ هداهُمْ إلى الدّينِ القويم، وَ دعاهُمْ إلى الصّراطِ المُسْتَقِيم، ثم قبضَهُ الله إليهِ قَبضَ رأفَةٍ وَ اختيار، وَ رغبةٍ و إيثار.
ص: 203
فمحَمَّدٌ صلي اللَّه علیه و آله و سلم من تَعَب هذِهِ الدارَ في راحَةٍ،
قامَ في النّاسِ مُنْذِراً وَ بَشيراً *** وَ إِلَى الرُّشْدِ وَ الفَلَاحِ دَعاها
أَنْقَذَ القَوْمَ بَعْدَ طُولِ ضَلالٍ *** بَصَّرَ النَّاسَ مِنْ خَطِيرِ عَمَاها
مُسْتَقِيمَ الصِّراطِ قَدْ دَلاهَا *** وَ إلى دينِهِ القويم هَداها
ثُمَّ عَنْ رَافَةِ بِهِ وَ الخَتِيَارِ *** قَبْض الله رُوحَهُ وَ اقْتَناها(1)
رَغْبَةً في لِقائِهِ وَ اشْتِيَاقاً *** آثَرَ اللَّهُ رُوحَهُ وَ اجْتَباها
وَ اسْتَراحَ الحَبيبُ مُدْراحَ عَنّا *** عافَ أتْعاب دارِنا وَ عَناها
قد حُفٌ بالملائِكَةِ الأبرار، وَ رضوانِ الرَّبِّ الغفّار، وَ مجاورة الملكِ الجبّارِ صلى اللَّه على أبي وَ نبّيِهِ، وَ أميِنِه على الوحي و صفّيَهِ، وَ خيرتِهِ من الخَلْقِ ،وَ رضيّهِ، وَ السّلامُ عليه وَ رحمة اللَّه وَ بركاته.
ثمّ التَفَتَتْ إلى أهْلِ المجلسِ و قالتْ:
حُفَّ في مَوْكِبِ المَلائِكَةِ الأَبْرارِ *** فَازْدانَ مِنْ ضِياهُ ضِياها(2)
بِجِوار العَزيزِ المَلِكِ الجَبَّارِ *** في الرُّتبَةِ الَّتي يَرْضاها
فَعَلى خِيرَةِ النَّبِيِّين طَه *** صَلَواتٌ لاتَنْتَهي ذِكْراها
رَحْمَةُ اللَّهِ وابلاً وَ عَلَيْهِ *** بَرَكاتُ السَّماءِ لاتَتَناهي
ثُمَّ الوَتْ خِطابها إذ تجارى الناسُ *** وَ ازَاحَمَتْ إلى لُقْياها
مسؤولية الناس تجاه الرسالة الإسلامية
أنتمْ -عبادَ اللَّه نصبُ أمرِهِ وَ نهيِهِ وَ حَمَلَةُ دينِهِ وَ وحيهِ، وَ أمناءُ اللَّه على أَنْفُسِكُمْ، وَ بلغاؤهُ إلى الأممِ.
ص: 204
زعيمُ حقٍ لهُ فيكُمْ، وَ عهدٌ قدَّمَهُ إليكمُ، وَ بقيةٌ استخلفها عَلَيْكُمْ، كتابُ اللَّه الناطق، وَ القرآنُ الصّادق،
أيُّها النَّاسُ نُصْبَ أمْرِ وَ نَهي *** اللَّهِ أنْتُمْ وَ لِلرِّجَالِ نُهاها(1)
أَمَنَاءُ الإلهِ -جَلَّ-على *** أنفُسِكُمْ، وَ لِلْوَرى بُلغاها
قَدْ حَمَلْتُمْ ثِقَلَ الرِّسَالَةِ بَدْءاً *** وَ بِأَكْنَافِكُمْ أَبِي ألقاها
وَلَدَيْهِ فِيكُم مَنَارَةٌ حَقٌّ *** وَ لَهُ ذِمَّةٌ عَلَيْكُمْ وَفاها
وَ قَدِ اسْتَخْلَفَ النَّبِيُّ عَلَيْكُم *** إِذْ تَوَلَّى بَقِيَّةً أبْقاها
رَحْمَةُ اللهِ، آيةُ اللَّهِ *** نورُ اللَّهِ، وَ الحُجَّةُ التي جَلاّها
وَ النّورُ الساطع وَ الضياءُ اللامع بيّنَةٌ بصائِرهُ، منكَشِفَةٌ سرائرهُ متجلّيَّةٌ ظواهرهُ مغتبطٌ به أشيَاعُهُ قائِدٌ إلى الرضوانِ. اتِّباعُهُ، مؤد إلى النجاةِ استماعُهُ،
ساطِعٌ النّورِ دَفْتاء وَ مِنْهُ *** لَمْعَةُ الضّوءِ قَدْ تَلالاً ضِياها
بَيِّنَاتُ فِيهِ البَصائِرُ كَالصُّبْحِ *** وَ أَسْرَارُهُ الَّي أَبْدَاهَا
وَ تَجَلَّتْ ظَواهِرُ العِلم فِيهِ *** لَيْسَ تَخْفَى عَلَى العُقولِ رُؤاها
يَغْبِطُ العارِفونَ شِيعَةَ سِفْرٍ *** هَزَّ مِنْ أَنْفُسِ العِبادِ نُهاها(2)
قائِدٌ مَنْ مَشَى وَراهُ سَبيلاً *** كانَ رِضْوانُ رَبِّنا مَسْراها
وَ مُؤَدِّ إلى النَّجاةِ نُفوساً *** أَلْقَتِ السَّمْعَ عِنْدَهُ فَهَداها
بهِ تنالُ حُجَجُ اللَّه المنورة، وَ عزائمُهُ المفسّرة، وَ محارمُهُ المحذّرة، وَ بيّناتُهُ الجاليَة، وَ براهينُهُ الكافيَة، وَ فضائِلُهُ المندوبَة، وَ رخصُهُ الموهوبَة، وَ شرائِعُهُ المكتوبَة.
وَ بِهِ نالَتِ الوَرَى حُجَجَ اللَّه *** وَ أحكامَهُ الَّتي أَمْلاها
ص: 205
مِنْ فُرُوضٍ عَزائِمِ واجباتٍ *** وَ مَناهِ مُحَرَّمُ إيتاها
بَيِّنَاتٍ مُجَلَّياتٍ حَشاها *** وَ بَراهِينَ كافياتٍ مَلأها
وَ رِياض مِنْ الفَضائِلِ تَدْعو *** كُلَّ مَنْ رامَ خَيْرَها وَ جَناها(1)
وَ المُباحاتُ فِعْلُها مُرْخَصاتٍ *** وَهَبَ النّاسُ أَمْرَها وَ حَباها
كُلُّ مَكْتوبِ شِرْعَةٍ فِيهِ فَافُهُمْ *** سِرَّ آياته الَّتي آتاها
فلسفة الشريعة الإسلامية
فجعل اللَّه الإيمانَ تطهيراً لكمْ منَ الشركِ، وَ الصلاةَ تنزيهاً لَكُمْ مِنَ الكِبْرِ، وَ الزكاةَ تزكيَةً للنفسِ وَ نماءً في الرزقِ وَ الصيامَ تثبيتاً للإخلاصِ وَ الحجِّ تشييداً للدّينِ، وَ العدلِّ تنسيقاً للقلوبِ،
فَلِتَطْهيرةِ النُّفوسَ مِنَ الشَّرُکِ *** عُيون الإيمانِ قد أَجْراها
وَ لِتَنْزيهِها مُغَرّرةَ الكِبْرِ *** أَقَرّ الصَّلاةَ في آناها
وَ لِتَزْكُو النُّفوسُ وَ الرِّزْقُ يَنْمو *** أوْجَبَ الخُمْسَ وَ الزَّكَاةَ قَضاها
وَ لِتَثْبيتِ جَوْهَرِ الصِّدِقِ وَ الإخلاصِ *** في النَّفْسِ لِلصّيامِ دَعاها
وَ لِيُعَلي بُرْجَ الشَّريعةِ نادى *** النَّاسَ بالحَجِّ داعِياً إيّاها
وَ لِتَنْسيقِهِ القُلوبَ جَميعاً *** شِرْعَةَ العَدْلِ سَنّها وَ بناها
وَإطاعتَنا نظاماً للملّةِ، وَ إمامَتَنا أماناً للفرقِةِ، وَ الجهادَ عزّاً للإسلامِ وَ الصبرَ معونَةً على استيجابِ الأجْرِ، وَ الأمرَ بالمعروفِ مصلحةً للعامةِ، وَ بَرَّ الوالدين وقايةٌ منَ السخطِ،
وَ أَقرَّتْ لَنا الإطاعَةُ حَتَّى *** يَسْتَقيم العباد في مَسْراها
وَ أَماناً لَكُمْ إمَامَةُ أَهْلِ *** البَيْتِ مِنْ فُرْقَةٍ تَشُبُّ لَظاها(2)
ص: 206
وَ لِتَعْتَزُّ رايَةُ اللَّهِ في *** الأَرْضِ قَضى بالجهادِ ضِدَّ عِداها
وَ لِتَسْتَوْجِبوا المَثوبَةَ أَجْراً *** جَعَلَ الصَّبْرَ سُلَّماً لاجْتِنَاها
وَ صَلاحُ العُموم في الأمْرِ بالمَعْروفِ *** وَ النَّهْي عَنْ مَسيرٍ غَواها(1)
وَ اثْقاءَ مِنْ غَضْبَةِ الرَّبِّ أَوْصى *** البِرَّ بِالوَالِدَيْنِ مَنْ يَخْشَاهَا
وَصِلَةَ الأَرْحَامِ مِنْمَاةَ لِلْعددِ و القصاصَ حقناً للدماءِ، وَ الوفاءَ بالنذرِ تعريضاً للمغفرةِ، وَ توفيةَ المكاييلِ وَ الموازينِ تغييراً للبخسِ، وَ النهيَ عن شربِ الخَمرِ تنزيهاً عَنِ الرجْسِ، وَ اجتنابَ القذفِ حجاباً عن اللعنَةِ،
وَ صِلاتْ الأرحامٍ مَنْساةُ عُمْرٍ *** وَ نُمُؤْ لِجَمْع مَنْ يَرْعاها(2)
وَ لَكُمْ قالَ -في القِصاصِ حَيَاةٌ *** حَفِظَ اللَّهُ في دِماهُ دِماها(3)
عُرْضَةُ العَفْوِ مِنْ إِلَهِ البَرايَا *** مَنْ عُهُودَ النُّذورِ قَدْ وَفَّاها
وَ لِحِفْظِ الحُقُوقِ أَنْ تَبْخَسُوها *** لِلْمَوازين قَدْ قضى إِيفاها
وَ لِتَنْزِيهِكُمْ نَهى عَنْ شرابِ *** الخَمْرِ حِفْظاً لِلْعَقلِ مِنْ بَلْواها
ص: 207
وَحِجاباً لَكُم عَنِ اللَّعْنِ لَمَّا *** حَرَّمَ القَذْفَ لِلنِّساءِ تَياها(1)
وَ تَرْكَ السَّرِقَةِ إيجاباً للعفّة، وَ حرّمَ الشِّرك خلاصاً لَهُ بالربوبية.
فاتَّقوا اللَّه حقَّ تُقاتِهِ، و لاتموتَنَّ إلا و أنتم مسلمون، و أطيعوا اللَّه فيما أَمَرَكُمْ بهِ وَ نهاكُمْ عنه فإنّه إنما يخشى اللَّهَ من عبادِهِ العِلماءُ.
ثم قالتْ:
وَ عَفافاً عَنِ الخِيَانَةِ في المالِ *** يتَركِ السِّرْمَاتِ قَدْ وَصَاها
وَلِكَيْ تُخلصوا العِبادَةَ حَقًّا *** حَرَّمَ الشرك وَ الرِّياءَ نَزاها(2)
فَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ حَقٌّ تقوى *** وَ احْذَرُوا النَّارَ جَمْرَها وَ لَظاها
لاتَمُوتوا إلا على شِرعةِ الإسْلامِ، *** وَ اسْتَعْصِمُوا جَميعاً عُراها(3)
وَ أَطِيعُوا -بِفِعْلِ ما أَمَرَ اللَّهُ، *** وَ بِالتَّركِ للمَناهِي- الإلها
ثُمَّ قالَتْ وَ جَلجَلَتْ أيُّها النَّاسُ، *** وَرَجُ المكانَ رَجْعُ صَداها(4)
اعلموا أنّي فاطمة علیها السلام
أيّها النّاسِ اعْلَموا أنى فاطمةٌ علیها السلام وَ أبى محمّدٌ صلي اللَّه علیه و آله و سلم!(5) أقولُ عَوْداً و بدءاً و لاأقولُ ما أقولُ غلطاً، و لاأفعل ما أفعلُ شَططاً، لَقَدْ جَاءكُمْ رسولٌ مِنْ أنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عليه ما عنتم حريصٌ عليكُمْ.
ص: 208
أَيُّها النَّاسُ وَ اعْلَمُوا أَنّي الزَّهْرَاءُ، *** بِنْتُ الهَادِي المُبَشِّرِ طَه
وَ أَعِيدُ المَقالَ عَوْداً وَ بَدْءاً *** خَيْرُ ذِكْرَى لِمَنْ وَعَى ذِكْراها
حاش قَوْلِي مِنْ غَلطةٍ وَ تَعالى *** الفِعْلُ مِنِّي بِأَنْ يَشُطَّ تَياها(1)
قَدْ تَجَنَّبْتُ غَلطَةٌ وَ اشْتِباهاً *** وَ تَوَلَّقْتُ حِكْمَةَ وَ انْتِباها
جاءَكُمْ لِلْهُدَى رَسولٌ وَ مِنْ *** أنفُسِكُمْ جاءَ مُرشداً أهْداها
ماعَناها عَلى النَبيِّ عَزيزٌ *** وَ حَرِيصٌ بِكُلِّ خَيْرٍ أَتَاهَا
هكذا أنقذ الله العرب من الجاهلية
فبلَّغ بالرسالة، صادعاً بالنذارةِ، مائلاً على مدرجة المشركين، ضارباً ثبجَهُمْ، آخذاً بأكظامِهِم، داعياً إلى سَبيلِ ربّهِ بالحكمةِ وَ الموعظةِ الحسنةِ، يكسرُ الأصنامَ، وَ ينكتُ الهامَ.
فَلَقَدْ بَلغَ الرِّسالَةَ لِلَّهِ، *** وَ أعْلى إنْذارَ مَنْ عاداها
وَ عَلى المُشرِكينَ مالَ فَأقصى *** عَنْ طَريقِ العِبادِ شَرَّ أَذاها
ضارباً كاهِلَ التَجبُّرِ مِنْهُم *** سَدَّ أنظامِهِمْ عَلى مَجْراها(2)
وَ عَلَى حِكْمَةٍ وَ أَحْسَنِ وَعْظٍ *** كانَ يَدْعو إلى سَبيلِ هُداها
كُلَّما قامَ هَيْكَلِّ صَنَمِيٌّ *** هَدَّهُ مِنْ يَدِ النَبيِّ عَصاها
يَنْكُتُ الهامَ مِنْ رُؤُوسِ ضَلالٍ *** قَدْغَواها عَنْ رَبِّها طَغْواها(3)
بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم.
فإن تعزوهُ و تعرفوهُ تجدوهُ أبي دونَ نسائِكُمْ، وَ أخا ابنِ عمي دونَ رجالِكُمْ، و لنعمَ المعزّى إليه صلي الله علیه و آله و سلم.
ص: 209
أيُّ بَرْ بِالمُؤْمِنينَ رَحيمٍ *** أيُّ حِصْنِ لِعَزّها وَ حِماها
فَإذا ما عرفتموهُ جَلِيّاً *** وَ نَسَبْتُمْ خَيْرَ الورى أزكاها
دونَ نِسوانِكُمْ أَبي تَجِدُوهُ *** وَ كَفَتْني مَزيَّةً أُولاها(1)
وَ هُوَ مِنْ دُونِكُمْ أَخٌ لابنِ عَمِّي *** وَ كَفَتْهُ فَضيلَةٌ یُولاها(2)
وَ لَنِعْمَ الذي إلَيهِ انْتَسَبْنا *** حينَما الرَّبُ لِلنُّفوس بَراها
فَعَلَيْهِ وَآلِهِ اللَّهُ صَلَّى *** وَ عَلَيْهِ السَّلامُ لايَتناهى
حتى انهزم الجمعُ و ولّوا الدبُر، حتى تفرّى الليلُ عن صحبِهِ، وَ أسفرَ الحقُّ عن محضِه، وَ نطقَ زعيمُ الدين، وَ خرست شقاشِقُ الشياطين، وطاحَ وشيظُ النفاقِ، وَ انحلتْ عُقَدُ الكفرِ وَ الشقاقِ، و فهّم بكلمةِ الإخلاصِ في نفرٍ من البيضِ الخماص.
و كنتمُ على شُفا حفرَةٍ منَ النّارِ مذقة الشارب.
ذَاكَ حَتَّى الجُمُوعُ وَلَّتْ جَمِيعاً *** هَزَمَ اللَّهُ جَيْشَها وَقُواها
وَ تَوَلَّتْ أَدْبارَها وَ اسْتَغاثَ *** الجَيْشُ أُولى صُفوفِهِ أُخْراها
وَ انجَلى اللَّيلُ عَنْ مَنار صباحٍ *** و رُؤى الحقِّ أسْفَرَتْ مَرآها
وَ الشَّيَاطِينُ حينَ قامَ زَعيمُ *** الدِّينِ بِالنُّطْقِ حُرِّسَتْ أَفْواها
ص: 210
وَ وَشيطُ النّفاقِ طاحَ وَ حُلَّتْ *** عُقَدُ الكفر والشقاق عُراها(1)
بِشَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ كُنْتُمْ *** مُذقَةَ الشرب مَجها مَنْ دَناها(2)
وَ نهزةَ الطَامع، و قبسةَ العُجلانِ، وموطىءَ الأَقدام، تشربونَ الطَّرْقَ و تقتاتونَ القدَّ و الورق، أذلَّةٌ خاسئينَ، تخافون أن يتخطفكُمُ الناسُ من حولكُمْ.
فأَنقذكُمُ اللَّه بمحمّدِ صلي اللَّه علیه و آله،
نُهْزَةُ الظَّامِعِينَ جَاعُوا والْعَجْلان *** في الدَّرْبِ قَبْسَةٌ أَوْراها(3)
وَ مَداساً كُنْتُمْ لِرَكْبِ السَّرايا *** أيُّ هَوْنٍ عَلى الذي ساراها
إذْ تَقِتُونَ وَرْقَةٌ أَوْ قَديداً *** وَ تَشِفُونَ خَبْطَ طَرْقٍ مِياها(4)
وَ مِنَ الذُّلِ خاسِئُونَ هُمودٌ *** وَ مِنَ النَّاسِ خائِفونَ أَذاها
خَوْفَ مَنْ حَوْلَكُمْ إذا ما أرادوا *** خَطفَكُمْ لَيْسَ رادِعٌ يَنْهاها
وَ قَضى اللَّهُ بالنَّبيِّ خَلاصَ *** العُرْبِ مِن بؤْسِها وَ شَرِّ بَلاها
بعد اللّتيّا، و التي بعد أن مُنيَ ببهم الرجالِ و ذؤبانِ العَربِ، وَ مردةِ أهلِ الكتابِ، كلّما أوقدوا ناراً للحربِ أطفأها اللَّه، أو نَجَمَ قرن للشيطانِ، أو فغرتْ فَاغرةٌ منَ المشركين،
فَنَجَوتُم إِذْ ذاكَ -بَعْدَ اللُّتيا *** وَ الَّتي- مِنْ عَذابِها وَ شَفَاهَا
بَعْدَ أَنْ رَدَّ لِلْفَناءِ عُلُوجاً *** تَتَحدَّى الكُماة لاتَخْشاها(5)
بُهَماً صَدَّتِ السَّبِيلَ عَلَيْهِ *** وَ كِتاباً لِيَعْرُب أَرْداها
ص: 211
و مِنْ أَهْل الكِتابِ كُلُّ عَنِيٍّ *** مَارِدٍ رَدَّ ضَرَّها وَ ضَراها(1)
كُلَّما أوقدوا إلى الحَرْبِ ناراً *** أظفَا اللَّهُ -عَزَّشَأناً- لَظاها
أَوْ نَبا لِلرَّجِيمِ قَرْنٌ وَ إِمّا *** فَتَحَ المُشْرِكونَ لِلشَّرِ فاها(2)
دور الإمام علي علیه السلام في بناء الإسلام
قذف أخاهُ في لهواتِها، فلاينكفىءُ حتى يطأ صِماخَها بأخمَصِهِ، و يخمد لهبَها بسيْفِهِ.
مكدوداً في ذاتِ اللَّه مجتهداً في أمر اللَّه، قريباً مِنْ رسولِ اللَّه صلي اللَّه علیه و آله و سلم، سيداً في أولياء اللَّه،
قَذَفَ المُصْطَفى أَخاهُ عَليّاً *** في خِضَمِّ الأهوالِ وَسْطَ لَهاها(3)
لا يُوَلِّي أو أنْ بِأَخْمَصِ رِجْلَيْهِ *** لأَصْماخ كِبْرِياها يَطاها(4)
ص: 212
سَيْفُهُ يُخْمِدُ الحُرُوبَ وَ لَوْلاً *** سَيْفَهُ ذُوالفِقارِ دامَ بَقاها(1)
تِلْك ذاتٌ مکْدودَةُ النَّفس في اللَّهِ، *** وَ في أَمْرِهِ ارْتِهانُ قُواها
وَ عَليَّ لِلْمُصْطَفى لَمْعَةُ الضَّو *** لِلضَّوْءِ أو لمن أدْناها
سَيِّدُ المُؤْمِنِينَ في أَوْلِياءِ اللَّهِ، *** كَالبَدْرِ نَيْراً في سَماها
مُشمراً ناصحاً، مجداً كادحاً.
و أنتم في رفاهيةٍ مِنَ العَيْشِ وَ ادعونَ فاكهونَ آمنونَ تتربصونَ بنا الدوائر، و تتوكفّونَ الأخبارَ، و تنكصونَ عِنْدَ النزال، وَ تفرَّون مِنَ القتالِ.
ناصِحَ الفِعْلِ، كادِحاً وَ مُجِداً هِمَّةُ النَّفْسِ في رِضا مَوْلاها حينَ أَنْتُمْ فِي رَفرَفِ العَيشِ غَرْقى في حَياةٍ خَصيبَةٍ مَرْعاها في جنان مِنَ النَّعِيمِ وَدَاعٌ تَسْتَطيبون -آمِنينَ- جَناها
وَ لأَخْبارِنا مسامِعَ رَصْدٍ *** ضِدَّنَا أَمْ لَنا تَدور رَحاها
قَدْ تَرَبَّصْتمُ بِنا أَيَّ بَلْوى *** سَوْفَ تُكْفِي بِرَأْسِنَا بَلْواها(2)
فَبَسُوحِ القِتَالِ سَرْجُ فِرَارٍ *** وَ بِأَرْضِ النِّزالِ منْ أَخْزاها
الردّة و بدء المؤامرة ضد أهل البيت علیهم السلام
فلما أختار اللَّهَ لنبّيِهِ صلي اللَّه علیه و آله و سلم دارَ أنبيائِهِ، وَ مَأوى أصفيائِهِ، ظَهَرَ فِيكُمْ حَسَكَةُ النّفاقِ، وَ سَمُلَ جلبابُ الدينِ، وَ نَطَقَ كاظمُ الغاوينَ وَ نَبَغَ خامِلُ الأقلّينَ، وَ هدرَ فَنِيقُ المُبطلينَ، فَخَطرَ في عَرَصاتِكُمْ.
ثُمَّ لمّا الآلهُ خارَ لِذاتِ *** المُصْطَفى دارَ قُرْبِهِ أُخْراها(3)
دارَةَ الأنبياءِ وَ الرُّسُلِ مَأوى *** الأصْفياء الكِرامَ دونَ سِواها
ص: 213
سَلَّ فِيكُمْ سِلَّ النِّفَاقِ وَ أَبْدَى *** كُلَّمَا كَانَ فِي النَّفُوسِ اخْتفَاها
سَمُلَ الدين ثوبُهُ وَ عَلَيهِ *** غَيَّرتْ كُلُّ عُرْوَةٍ مَرْساها(1)
وَغَدًا السَّاكِتُ الغَوِيُّ نَطُوقاً *** وَ الخَمُولُ الرَّدِيُّ في أعْلاها
وَ اسْتَوى كُلُّ مُبْطِلٍ ذَا هَديرٍ *** يَتَخطّى بِعُجْبِهِ مَسعَاها
وَ أطلَعَ الشيطانُ رأسَهُ مِنْ مَغرِزِهِ هاتفاً بِكُمْ، فَألْفاكُمْ لدعوتِهِ مُستَجيبينَ، وَ للغرّة فيهِ مُلاحظين، ثم استنهضكُمْ فَوجَدَكُمْ خِفافاً ، وَ أحمشَكُمْ فَألفاكُمْ غضاباً ، فوسَمْتُمْ غَيْرَ إبلكُمْ، وَ أورَدَتُمْ غَيْرَ مشربكُمْ.
هذا و العَهْدُ قَريبٌ، وَ الكَلْمُ رَحيبٌ، وَ الجُرحُ لمّا ينْدَمِلْ،
و أَطَلَّ الشَّيْطَانُ مِمَّا تَخَفَّى *** رَأْسَهُ هاتِفاً بِكُمْ أَنهياها
فَراكُمْ مُطَوَّعينَ لَدَيْهِ *** مُسْتَجيبين دَعْوةً أَبْداها
وَ خِفافاً مُبادِرينَ رَكَضْتُمْ *** حِينَمَا فِتْنَةَ الهَوى أَلْقاها
وَ غِضاباً مُحَمَّسينَ وَ ثَبتُمْ *** حِينَمَا جَمرة الحَماسِ حَماها
فَنِياقاً لِغَيْرِكُمْ قَدْ وَ سَمْتُمْ *** وَ وَرَدْتُمْ لِمَنْ سِواكُمْ مياها
كُلُّ هذا وَ الْعَهْدُ مِنْهُ قَريبٌ *** وَ جُروحُ الفِراقِ رَحْبٌ فَضاها
المزاعم الباطلة للمتآمرين
وَ الرسولُ لمّا يُقْبَرُ.
ابتداراً زَعَمْتُمْ خَوْفَ الفتنةِ، ألا في الفتنةِ سَقطوا وَ إن جهنم محيطةٌ بالكافرين، فهيهاتَ مِنْكُمْ!
وَ كَيفَ بِكُمْ؟ وَ أنّى تؤفكون؟ و كِتابُ اللَّهِ بينَ أظْهُرِكُمْ، أمورهُ ظَاهِرَةٌ، و أحكامه زاهرةٌ، وَ أعلامُهُ باهرةٌ،
ص: 214
قَبْلَ أَنْ تَسْكُنَ النُّفوسُ وَ لمّا *** يُقْبَرُ المُصْطَفى بِطَيِّ ثَراها
وَ زَعَمْتُمْ: خَوفَ افْتِتَانِ بَدَرتُمْ *** فَلَعَمْري سَقَطْتُمُ في لَهاها(1)
سَعَّرَ اللَّهُ لِلْعُصاةِ جحيماً *** قَدْ أحاطت بِنارِها نُزلاها(2)
كَيْفَ هَيْهاتَ مِنْكُمُ ثُمَّ أَنَّى *** يُؤفَكُ القَوْمُ عَنْ سَبيلِ نَجاها(3)
وَ مَناراتُ ذِكْرِهِ لَيْسَ يَخْفى *** نورُها لِلَّذِي اسْتَنَارَ ضِياها
زاهراتُ الأحكام لاتَتَخَفَّى *** باهراتُ الأعْلامِ لاتَعْماها
وَ زواجرهُ لايحةٌ، وَ أوامِرُهُ، واضحةٌ، و قَدْ خَلَفْتُموهُ وَراءَ ظُهوركُمْ.
أَرَغبةً عَنْهُ تريدونَ؟ أم بغيره تحكمون؟ بِئسَ للظالمينَ بَدَلاً.
وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام ديناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ.
واضحاتٌ أوامراً لائِحاتٌ *** تلكُمُ الزّاجِراتُ عَنْ أَهْواها
أَوَخَلَّفْتموا الكتابَ وَراكُمْ *** رائِدَ العالَمينَ دَرْبَ هُداها(4)
أَبِغَيْرِ القُرآنِ حُكْماً رَضِيتُمْ؟ *** أَمْ عَنِ الذِّكْرِ قَدْ رَغِبْتُمْ سِفاها؟(5)
ص: 215
بئسَ لِلظَّالِمينَ ذاك بديلاً *** كَيْفَ بِالدُّونِ بَدَّلَتْ أزكاها؟(1)
وَ بِغَيْرِ الإسلام مَنْ دانَ دِيناً *** فَهُوَ في الخاسرين في أخْراها
أبَداً لَيْسَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ *** شِرعَةً غير ما بها وَصّاها
ثمّ لَم تلبثوا إلا ريثَ أن تسكن نُفرتُها وَ يسلس قُيُادها.
ثمّ أخَذْتُمْ تورونَ و قُدتَها، و تُهيجونَ جَمرتها، و تَسْتجيبون لهتافِ الشيطانِ الغَويّ، و إطفاء أنوارِ الدِّينِ الجَليّ،
ثُمَّ لَمْ تَلْبَعُوا هُنالِكَ إِلاَّ *** رَيْتَ أَنْ يَسْتَقِرَّ مَنْ وَلاّها
نُفْرَةُ الحُكْم تَسْتَريحُ وَ نَخْبُو *** وَ تَسير الأحداث في مَجْراها
فَتَقودُوا السَّوادَ سَلْساً عَلَيْنَا *** وَ تُثِيروا بوجهنا غَوْغاها(2)
وَ بِصَدْرِ الثَّاراتِ تُورون ناراً *** وَ تُهيجُونَ جَمْرَها وَ لَظاها(3)
وَ هناكَ الشَّيْطَانُ أَلْقَى إِلَيكُمْ *** دَعْوَةَ الشَّرِّ فَانْطَلَقْتُم وراها
فَسَعَيْتُمْ تُطّفون أنوارَ دينِ اللَّهِ *** مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُتِمَّ ضِياها
التآمر.. عودة إلى الجاهلية
و إخمادِ سنن النبي صلي الله علیه و آله و سلم الصّفيِّ،
تسرونَ حسواً في ارتغاء وَ تمشونَ لأهلِهِ و ولدِهِ في الخَمَر و الضَّرَّاءِ و نصبرُ منكم على مِثْلِ حزّ المُدى و وخزِ السنانِ في الحشى.
وَ أنتم -الآنَ- تزعمون أن لاإرث لنا، أفحكمُ الجاهليِةِ يَبغون؟
ص: 216
سُنَنَ المُصْطَفى الأمِينِ قَصَدْتُمْ *** مَحْوَآثارها... وَ هَدْمَ بِناها
وَ تُسِرُّونَ حَسْوةً في ارْتِغَاءٍ *** وَ تُراؤُونَ لِلْعُيُونِ سِواها(1)
وَلالِ النَّبِيِّ تَمْشَونَ مَكْراً *** مَشْيَ مَن يَخْتَمِرُ إِلى ضَرَّاها
مِثْلَ وَخْز السِّنانِ مِنْكُمْ صَبَرنا *** أَوْ كَحَرُ المُدى تَحَمَّلْناها
وَ تَصدُّونَنا افْتِراءٌ وَزوراً *** عَنْ مَواريث رَبُّنا أَعْطاها(2)
أَفَمِنْ جاهِلِيَّةٍ قَدْتَولَّتْ *** تَبْتَعُونَ الْأَحْكامَ بَعْدَ جَلاها
القرآن الكريم يفنّد مزاعم المتآمرين في غصب فدك
وَ مَنْ أحسنُ مِنَ الله حُكماً لِقومٍ يُوقنونَ؟ أفلا تعلمون؟ بلى تجلّى لكم کالشمس الضاحية أني ابنُتُه.
أيها المسلمونَ! أَأُغْلَبُ على إرثيِهِ.
يا بنَ أبي قُحافَةِ،
أفي كتابِ اللَّه أن تَرِثَ أباكَ وَ لاأرِثُ أبي؟؟
أتُرى مَنْ يَكونُ أحْسَنَ في الحُكْم *** مِنَ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ نَزاها؟
إنّما يَعْقِلُ الحَقيقَة قَوْمٌ *** أيقنوا أنها سَبيلُ نَجاها
أفَلا تَعْلَمونَ بَلْ قَدْ تَجَلَّى *** أَنَّني بنتُه كَشَمْسِ ضُحاها؟
ص: 217
أيُّها المُسْلِمُونَ بِنْتُ رَسولِ اللَّهِ *** في إرثها يُرَدُّ ادِّعاها(1)
أو في الذِّكْرِ آيَةٌ يَابنَ تَيْمٍ *** نَزَلَتْ فيك دونَنا مَعْناها؟
حَظْوَةَ الإِرْثِ مِنْ أَبِيكَ تَلِيها *** وَ أَنا مِنْ أبي فلا أُولاها(2)
لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً فَريّاً !!.
أفَعَلى عَمَدٍ تَرَكْتُمْ كِتابَ اللَّهِ و نبذتموهُ وَراءَ ظُهورِكُمْ؟ إِذْ يَقُولُ:
«وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ».
وَ قالَ -فيما اقتص من خبر زكريا- إذْ قالَ:
«فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ».
فَلَقَدْ جِلتَ إِن زَعَمْتَ فَريّاً *** سَتَرى سَاعَةَ الحِسابِ جَزاها(3)
ص: 218
أَكِتابَ السَّمَاءِ عَمْداً تَرَكْتُمْ *** أَمْ تُرى قَدْ تَرَكْتُمُوهُ اشْتباها؟
هاكُمُ مِنْ نُصوصِهِ أَجْلاها *** إِنْ أَرَدْتُمْ إلى هُداهُ هُداها
لِسُلَيْمانَ إرْثُ داودَ أَضْحى *** سورَةَ النَّمْلِ أَرَّخَتْ ذِكْراها(1)
قالَ فِيما قَدْ قَصَّ عَنْ زَكَرِيَّا *** قِصَّةٌ بُيِّنَتْ لَكُمْ مَغْزاها
رَبِّ هَبْ لي مِنَ البَنِين وَليّاً *** وارِثاً لِي جَنى الحياة وراها
و قال: «وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ».
وقال: «يُوصيكُمُ الله في أولادِكُمْ ِللذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيين».
و قال: «إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ». وَ زعَمْتُمْ أن لاحَظوةَ لي! و لاإرثَ من أبي! أَفَخَصِّكُمْ الله بآيَةٍ أخرج أبي مِنها ؟ أم تقولون: إن أهلَ مِلّتين لايتوارثانِ؟ أَوَ لَستُ أنا و أبي من أهل مِلَّةٍ واحدةٍ؟
وَ قَضى اللَّهُ أَنَّ بَعْضَ أولي الأرْحامِ *** أولى بالبَعْضِ إذ أوْلاها
كُلّ أُنْثَى لَها مِنَ الإِرْثِ حَقِّ *** إِنَّمَا لِلذُّكورِ مِثلا عَطاها
وَ عَلى التَّارِكِينَ خَيْراً وَ قُرْبَى *** أَنْ يُوَصُوا بخَيْرِهِمْ قُرْباها
وَ زَعَمْتُمْ فِي الإِرْثِ مالي نَصيبٌ *** أجْتَنيهِ أَوْ حَظوةٌ أُولاها
أَوَ خصصْتُمُ بِآيَةِ إِرْثٍ *** وَ زَوى اللَّهُ والِدي مَعْناها؟(2)
أمْ تُرىْ لَيْسَ والدي وَ أنا مِنْ *** مِلَّةٍ وَاحِد المَرامِ اتْجَاها؟
ص: 219
الإنذار
أم أنتُم أعلَمُ بخصوصِ القرآنِ و عُمومِهِ مِنْ أَبِي وَ ابْنِ عَمّي؟
فدونَكَها مَخطومةً مرحولةً تلقاك يَومَ حشرك.
فَنِعْمَ الحَكَمُ الله، و الزعيم محمّدٌ، و المَوعِدُ القيامَةُ و عندَ السّاعَةِ يخسرُ المُبطِلونَ، و لاينفعُكُمْ، إذ تَنْدمونَ،
أَوَ أَنْتُمْ مِنْ والِدِي وَ ابْنِ عَمِّي *** بِمَعاني القُرآنِ مِنْ أَدْراها؟
هاكَ مخطومَةً بِدُونِ عَناءٍ *** وَ اسْتَلِمُها مَرْحولَةً طَرَفاها(1)
فَسَتَلْقاكَ يَوْمَ حَشْرِكَ فَانْظُرْ *** أَي وِزْرٍ من الحرامِ عَلاها
إِنَّمَا المَوْعِدُ الحِسابُ وَ نِعْمَ *** الحَكَمُ اللَّهُ وَ المُدَافِعُ طه
ساعَةَ الحَشْرِ إذْ تُدَوّي صَداها *** يَخْسَرُ المُبْطِلُونَ في مَلْقاها
ثُمَّ لاتَنْفَعُ النَّدامَةُ نَفْساً *** ذكرَتْ ثُمَّ خَالَفَتْ ذِكْراها
استنهاض الأنصار للدفاع عن الحق
ولِكُل نبأ مستقر، فَسَوفَ تَعلمونَ من يأتيه عذابٌ يُخزيه، و يحل عليهِ عذابٌ مُقيمٌ.
ثمّ رَمَتْ بِطَرفِها نحو الأنْصارِ فَقَالَتْ:
يا معشر النقيبة! و أعضادَ الملةِ و حَضَنَةَ الإسلام:
ما هذِهِ الغَمِيزَةُ في حقي؟
ولأنبائِها بذاتِ صَباحٍ *** مُسْتَقَرٌ إلى هُناكَ انْتِهاها
ص: 220
وَغَداتَعْلَمونَ مَنْ يَتَلَظَّى *** بِعَذَابِ يُخزيه في أُخراها
ثُمَّ مَالَتْ بِطَرْفِها طَرَف *** الأنْصار وَ القومُ في عَظيمٍ کَراها
مَعْشَرَ النَّصْرِ وَالنَّقيبةِ إيهاً *** بالأعضادِ ملةٍ وَ قواها(1)
أَيُّها الحاضِنونَ رايَةَ دِينِ اللَّهِ *** تَحْمُونَ عِزَّهَا وَ عُلاها
عَجَباً هَذِهِ الغَميزَةُ وَ الغَفْلَهُ *** مِنْ جَمْعِكُمْ بِحَقِّي أَراها(2)
و السَّنةُ عَن ظلامتى؟ أما كانَ رسول الله صلي اللَّه علیه و آله و سلم أبي يَقولُ:
«المرءُ يُحفَظُ في وُلدِهِ»؟
سرعانَ ما أحدثتُم، و عجلانَ ذا إهالَةٍ، و لَكُمْ طاقَةٌ بما أُحاولُ، و قوةٌ على ما أطلبُ و أزاولُ.
أتَقولونَ: مات محمد صلي اللَّه علیه و آله و سلم، فَخَطْبٌ جَليلٌ، اسْتَوسَعَ وَ هنُهُ
ما لَكُمْ عَنْ ظُلامَتي في منامٍ *** لاتَرُدُّونَ ضَرها و أَذاها
يُحْفَظُ المَرْءُ في بَنيهِ- أَماكانَ *** يَقولُ الرَّسُولُ- مَنْ يَرْعاها
فَلَعَجْلانَ ذا إهالَةٍ! فَانْظُرْ *** كَيْفَ سُرعان ما قَلبْتُم بِناها؟(3)
وَ لَكُمْ طاقَةٌ وَ قُوَّةُ رَهْطٍ *** لِلَّتي قَدْ طَلَبْتُ مِنْكُمْ أداها
أَتَقولونَ قَدْ تُوُفِّيَ طه؟ *** فَانْدَفَعْتُمْ إِلَى الوَرا عُقباها
فَلَقَدْ جَلتِ المُصيبَة وَاللَّه *** وَهَدَّتْ مِنَ الجَميعِ قِواها
و استَنْهَرَ فتقُهُ و انفَتَقَ رتقهُ، و أظلمت الأرضُ لِغَيْبَتِهِ، و کُسفَت النجومُ لمصيبَتِهِ، و أكْدَتِ الآمالُ و خَشعَتِ الجبالُ، وَ أُضِيعَ الحَرِيمُ وَ أُزِيلَت الحُرْمَةُ عند مماته.
ص: 221
فتلك -واللَّه- النازلةُ الكبرى.
وَ قَدِ اسْتَنْهَرَ الفَتِيقُ عَرِيضاً *** مِثْلَما اسْتَنْفَقَ الرَّتيقُ وَراها(1)
غابَ وَ الأَرْضُ أَظْلَمَتْ وَ ادْلَهَمَّتْ *** وَ نُجومُ السَّماءِ غارَ ضِياها(2)
وَ عُروشُ الأمالِ مالتْ و زالَتْ *** عَن قُلوبِ المُؤملين مُناها
خَشَعَتْ ذِرْوَةُ الجِبالِ وَ ضاعَتْ *** حُرُماتُ الإسلام بَعْدَ إباها
وَ أَزِيلَتْ بِمَوْتِهِ وَ أُبِيحَتْ *** حُرْمَةٌ كَانَ رَبُّنَا أَغْلَاهَا
تِلْكَ وَاللَّهِ -في النَّوازِلِ- عُظمى *** وَقَعَةٍ لن يَكِرَّ مِثلُ بَلاها
و المصيبةُ العظمى، لامثلها نازلة و لابائِقَةُ عاجلة أعلنَ بها كتاب اللَّه -جل ثناؤهُ- في أفنيتكم، في ممساكم و مصبحكم، هتافاً و صراخاً، و تلاوةً و ألحاناً و لَقَبْله ما حلّ بأنبيائِهِ و رسلِهِ، حكمٌ فصلٌ،
و قضاءٌ حتمٌ.
وَ هْيَ عُظمى مُصيبَةٍ لَنْ يَرى الدهرُ *** قَريناً لها و لاأشباها
لَيْسَ مِنْ بائِقاتِ سُودِ اللَّيالي *** مِثْلَ ما عُجِّلَتْ عَلَيْكُمْ -سِواها(3)
وَ لَقَدْ أَعْلَنَ الكِتابُ السَّماويُّ *** بأَحْدائِها وَ سُوءِ انْقضاها
وَ عَلَيْكُمْ تُتْلَى صَباحاً مَساءً *** آيَةُ الرِدَّةِ الَّتي أنباها
وَ لَقَبْلَ النَّبي ماخل قدماً *** بِالنَّبيِّينَ مِنْ عَظيم بَلاها
فَضلُ حُكُم مُقَرَّرٍ وَ بَلايا *** حَتَّمَ اللَّهُ مِنْ قَديم قَضاها
«وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ».
ص: 222
إيهاً بني قيلَةَ! أأهضم تراث أبي؟ و أنتم بمرأى مِنّي و مَسمعٍ وَ منتدى و مَجْمَعٍ.
إنَّما المُصْطَفى الأمينُ رَسُولٌ *** قَدْ خَلَتْ قَبْلَ بَعْدِهِ أَنْبِياها
أفَإِنْ ماتَ أَوْ تُوُفِّيَ قَتْلاً *** إِنْقَلَبْتُمْ إِلى الوَرَاءِ وَراها
وَ لَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ *** وَ يُوَلِّي فَلَن يَضُرَّ الإلة
سَيَجْزي الذي أتاهُ شَكوراً *** جَنَّةَ الخُلْدِ نِعْمَةً وَرِفاها
يا بَنِي قيلَةَ النّجادَةِ إيهاً *** أَوَ هَلْ أَهْضَمَنَّ في إرْثِ طه؟(1)
وَ لَأَنْتُمْ بِمَسْمَعِ مِنْ نِدَائِي *** وَ بِمَرْآيَ جَمْعُكُمْ وَ قِوَاها
تلبسُكمُ الدعوةُ، و تشملكم الخبرةُ و أنتم ذوو العددِ و العُدّةِ، و الأداة و القوة، و عندكم السلاحُ و الجُنَّةُ، توافيكم الدعوة فلاتجيبون؟ و تأتيكم الصرخةُ فلاتُعينونَ؟ و أنتم موصوفون بالكفاح، معروفون بالخير والصلاحِ
تَتَغَشَّاكُمُ الدَّعاوَةُ لِلنَّصْرِ، *** وَ يُمْني لِسَمْعِكُمْ أَنباها
وَ لأَنْتُمْ ذو عُدَّةٍ وَلَدَيْكُمْ *** عَدَدْ تَتَقي العدى بأساها
فَأَداةٌ وَ قوَّةٌ لا تُبارى *** وَ سِلاحٌ وَ جُنَّةٌ لاتُضاهى
أَسكوتٌ وَ دَعْوَةُ الحَقِّ صَکَّتْ *** سُورَآذانِكُمْ وَ دَوَّى صَداها؟(2)
أَجُمودٌ وَ دَعْوَةُ العَدْلِ هَزَّتْ *** مَجْدَ تاريخكُمْ وَ رَنَّ نِداها؟
أَوَلَسْتُمْ عَلى الصَّلاح عُرِفتُمْ *** وَ بِسَيْفِ الكِفاحِ في هَيْجاها
و النخْبَةُ التي انتخبتْ و الخيرةُ التي اختيرتْ قاتلتمُ العربَ و تحملتم
ص: 223
الكَدّ و التعبَ و ناطحتمُ الأمَمَ، وَ كافحتمُ البُهم، لانبرحُ أو تبرحونُ، نأمُركُمْ فتأتمرون.
نُخْبَةَ النَّاصِرينَ لِلْحَقِّ كُنتُمْ *** خِيرَةَ المُصْطَفى الَّتي اسْتَصْفاها
أَوَلَسْتُمْ قاتَلْتُمُ العُرْبَ حَتَّى *** رُدَّ بَأسَاؤُها بصَدْرِ أَساها؟
وَ تَحَمَّلْتُمُ المَتاعِبَ دَهْراً *** وَ تَحَمَّلْتُمُ عَظيمَ عَناها
وَ تَناطَحْتُمُ بِدون تَوَانٍ *** أُمَمَ الأرْضِ في بَعيدِ قُرَاها(1)
وَ صَدَدْتُمْ مُكافِحِينَ عُلوجاً *** بُهَماً لاتَخافُ مَنْ يَلْقاها
فَلَنا الأمْرُ حَيْثُ كُنَا، وَ مِنْكُمْ *** -حَيْثُ كُنْتُمْ- إِطَاعَةٌ عِشناها
حتى إذا دارت بنا رحى الإسلام، و دَرّ حلب الأيام و خَضَعَتْ ثغرة الشرك، و سكنتْ فورةُ الإفكِ و خمدت نيرانُ الكفر و هدأتْ دعوةُ الهرج و استوسقَ نظامُ الدينِ.
فأنّى حِرتم بعد البيانِ؟ و أسررتم بعد الإعلان؟ و نكصتمْ بعدَ الإقدامِ؟
ذاكَ حَتّى رَحى الشَّريعَةِ دارَتْ *** حين دارَتْ بنا مدار رَحاها
حَلَبُ الدَّهْرِ دَرَّ خَيْراً وَ عَاضَتْ *** نَعْرَةُ الشِّرْكِ وَ انْتَهى غَوْغاها(2)
وَ خَبَا الكُفْرُ والشَّفَاقُ وَ قَرَّتْ *** فَوْرَةُ الإِفْكِ وَ انْمَحَى غَلْواها(3)
وَ هَديرُ الهَرْجِ اسْتَقَرَّ وَ قامَتْ *** نُظُمُ الدِّينِ في أَتَم بِناها
كَيْفَ بَعْدَ البَيانِ حِرْتُمْ وَ أَنَّى *** قَدْ نَكَصْتُمْ إِلى الوَرَاءِ تَياها؟
كَيْفَ ألحقيْتُمُ الوِلاية سِرّاً *** بَعْدَ إِعْلانِها وَ رَفْعِ لِواها؟
ص: 224
حبّ الراحة سبب خذلان الحقّ!
و أشركتم بعدَ الإيمان؟
«أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ».
ألا: قد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفْضِ.
كَيْفَ بَعْدَ الإيمانِ لِلشِّرْكِ مِلْتُمْ *** وَ سَبيلَ الهُدى تَرَكْتُمْ هُداها
أولا تُعْلِنونَ حَرْبَ عَسيرٍ *** نَكَنَتْ ذِمَّة اليمين وَفاها؟
و بإخْراج خاتَمٍ الرُّسُلِ هَمُّوا *** بَدَوُوا حَرْبَكُمْ وَ أَجُوا لَظاها(1)
أَفَتَخْشَوْنَهُم فَلَلَهُ أَوْلَى *** بِتُقاكُمْ، وَ اللَّهُ أَعْظَمُ جاها
إِنْ تَكونوا عَبَدْتُموه بِصِدْقٍ *** وَ لَهُ عَفَرَ التُّرابُ الجِباها
إِنَّما قَدْ أَرى إلى الخَفْضِ مِلْتُمْ *** وَ اسْتَطَبْتُمْ مِنَ الحَيَاةِ حَلاهَا
وأبعدتم من هو أحقُّ بالبسط و القبض، و خلوتم إلى الدعة، و نجوتم من الضيق بالسعةِ، فمججتم ما وعيتم ودَسعتمُ الذي تسوغتم.
«إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ».
ألا: قَدْ قُلْتُ ما قُلت على معرفةٍ مني بالخذلةِ التي خامرتكُمْ و الغدرةِ التي استشعرَتْها قلوبكُمْ.
فَنَفَيْتُمُ مَنْ بِالخِلافَةِ أَوْلى *** وَ أَحَقُّ الأنام في استِعْلاها
وَ خَلَدْتُمْ لِراحَةٍ لَيْسَ تَبْقَى *** وَ هَرَبْتُمْ إِلَى نَعيم هَناها
ما وَعَيْتُمْ مَجَجْتُمُ وَ دَسَعْتُمْ *** ما تَسَوَّفُتُموهُ غِب امْتِلاها(2)
ص: 225
فلئنْ تَكْفُرُوا وَ مَنْ حَلَّ في الأَرْضِ *** جَميعاً لاتُعْجِزونَ الإله
إِنَّما قُلْتُ ما ذكَرْتُ وَ إِنِّي *** عارِف مِنْ نُفوسِكُمْ مَخْباها
خَذْلَةٌ جالَتِ النُّفوسَ وَ غَدْرٌ *** شَعَرَتْهُ القُلوبُ في مَخْفاها
المستقبل الخطير للمتخاذلين
ولكنّها فيضةُ النفس، ونفثةُ الغيظ، و خَورُ القنا، و بثّةُ الصدر، و تقدمَةُ الحّجةِ.
فدونَكموها، فاحتقبوها دَبرَة الظَّهْرِ نَقبَةَ الخُفْ.
لكِنِ الظُّلْمُ أَنْرَعَ النَّفْسَ غَيْظاً *** فَاسْتَفاضَتْ عَلَى الَّذِي آذاها
وَقَنا لأنَ عودُهُ بِعَوادِي *** الجَوْرِ فَانْشَقَّ بِالأنين جَواها
وَ مِنَ القَلْبِ إذْ تَمَيَّزَ غَيْظاً *** نَفْئَةٌ يُحْرِقُ اللَّهيبَ لَظاها
وَ لِتَقْديمِ حُجَّةِ لَيْسَ إِلاَّ *** حَيْثُ لاعُذرَ عندَكُمْ عُقباها
دونَكُمُ للرِّكابِ فَاحْتَقِبوها *** ناقَةً صَعْبَةَ المِراس خُطاها(1)
فَوْقَ ظَهْرِ مُقَرّحٍ وَ بِحُفِّ *** رَقَّ دونَ الخُطى إلى مَرقاها
باقِيَةَ العارِ، موسومةٌ بِغَضب اللَّه، و شنارِ الأبدِ موصولةً بنارِ اللَّه الموقَدَةِ التيِ تطلعُ على الأفئدةِ فبعينِ اللَّه ما تفعلون «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ».
وَ ضمَةُ العَارِ وَالشَّنارِ وَ تَبْقى *** أَبَداً لَيْسَ يَنمحي سِيماها(2)
ص: 226
وَ هْيَ مَوْسومَةٌ مِنَ اللَّهِ بِالسُّخْطِ، *** وَ بِاللَّعْنَةِ التي تَصْلاها
شَرَّ مَوْصولةٍ بِنارِ جَحِيمٍ *** جَمَّرَ اللَّهُ مِنْ قَديم حَصاها
تِلْكَ نارٌ تُطِلُّ حَتَّى عَلى أَفُئِدَةِ *** الظَّالِمينَ مِنْ أَبْناها
وَ بِعَيْنِ المُهَيْمِنِ الفَرْدِ يَجْري ***كُلُّ ما قَدْ فَعَلْتُموهُ سِفاها
سَيَرَى الظَّالِمُونَ أَيَّ مَرَدِّ *** سَيُرَدُّونَ فِي غَدٍ عُقْبَاها
و أنا ابنة نذير لكم بين يدي
عذاب شدید .
فاعملوا إنا ،عاملون و انتظروا إنا منتظرون.
جواب أبي بكر
فأجابها أبوبكر (عبد الله بن عثمان) و قال:
وَ أَنا تَعْلَمونَ بِنْتُ نَذِيرٍ *** لَكُمُ مِنْ أَليم نارٍ بَراها
فَاعْمَلُوا نَحنُ عامِلُونَ وَ إِنَّا *** مِثْلُكُمْ فِي انْتِظارِ يَوْمَ جَزَاها
فَاسْتَوى الخَصْمُ لِلْجَوابِ وَكَانَ *** الخَصْمُ في ذِرْوَةِ الدَّهاءِ إزاها(1)
فَاسْتَهَلَّ الكَلامَ مَدْحاً طويلاً *** جَاءَ فِي أَهْلِهَا وَ خَصَّ أَبَاهَا
فَهُوَ أَدْرى بِفَضْلِها وَ عُلاها *** وَ هْيَ أَغْنى مِنْ مَدْحِهِ إِيَّاها
فَلَقَدْ جَلْجَلَ الكِتابُ وَ تَكْفي *** آيةُ الطُّهْرِ وَحْدَها مَعْناها(2)
ص: 227
يابنة رسول الله صلي اللّه علیه و آله و سلم!
لقد كانَ أبوكِ بالمؤمنينَ، عطوفاً كريماً، رؤوفاً رحيماً، على الكافرينَ عذاباً أليماً و عقاباً عظيماً،
كانَ أَوْلى أَنْ يَقْبَلَ الحَقَّ مِنْها *** لَوْ أَرادَ الهُدى إلى مَرْضاها
غَيْرَ أنَّ المَقْصود كانَ سِوى الحقُ، *** وَإلأ ما لَجَّ في إيذاها
وَ عُثاءُ الجُمْهُورِ أَسْلَسُ حُكْماً *** حينَ بِالمَكْرِ يُسْتَعْلُّ هَواها(1)
يَابْنَةَ المُصْطَفى الأمينِ رَسولِ *** اللَّهِ وَ الرَّحْمَةِ التي أَهْداها
كانَ بالمُؤمنينَ بَراً أَبوكِ *** أرْأَفُ النَّاسِ بِالوَرَى أَرْجاها
وَ عَلى الكافرينَ كانَ عَذاباً *** وَ عَظيمَ العِقابِ ضِدَّ طُغاها
إن عزوناهُ وجدناهُ أباكِ دونَ النّساءِ، وَ أخا الفِكِ دون الأخلاء، آثرهُ على كل حميم، و ساعدهُ في كلِّ أمْرٍ جسيم، لايحبّكُمْ إلا كلّ سَعِيدٍ، و لايبغضكمْ إلا كَلُّ شقي.
فأنتم عترةُ رسولِ اللَّه صلي اللّه علیه و آله و سلم الطيبون، و الخيرةُ المُنتجبون،
إِنْ عَزَوْنَا مُحَمَّداً لَوَجَدْنا *** أَباكِ مِن دونِ كُل نِساها
دونَنا احتارَ الْفَكِ وتاخى *** حينَ أَحْبابَ دينه آخاها
وَ عَلَى كُلِّ صاحِبٍ وَ حَميمٍ *** آثر المُصْطَفَى عَلِيّاً وَ باهی(2)
ساعَدَ المُصْطَفى على كلِّ أَمْرٍ *** مِنْ أُمورٍ عَصَتْ عَلى أَقْواها
كُلُّ مَنْ يَرْتَضِي المَوَدَّةَ فِيكُمْ *** لَسَعيد وَ مَنْ شَقى يَأَباها(3)
ص: 228
أنْتُمُ الخِيرَة التي انتَجبَ اللَّهُ *** وَ الطَّيبِّونَ عِتْرةُ طهِ
الحديث -الفرية
على الخير أدلّتُنا، وإلى الجنّة مسالِكُنا. و أنتِ يا خيرةَ النساءِ، وَ ابنَةَ الأنبياءِ، صادقَة في قولِكِ سابقة في وفوِرِ عقلِكِ، غير مردودةٍ عن حقِّكِ، و لامصدودةٍ عن صدقكِ و اللَّه ما عدوت رأيَ رسول اللَّه صلي اللّه علیه و آله و سلم!!! و لاعملتُ إلا بإذنِهِ و إن الرائدَ لايكذبُ أهله و إني أشهدُ اللَّه و كفى به شهيداً، أني سمعتُ رسول الله صلي اللّه علیه و آله و سلم يقول: «نحن معاشرَ الأنبياءِ لانورّث ذهباً و لافضةً و لاداراً و لاعقاراً .
وَ عَلى الخَيْرِ دَرْبُنَا، وَ جِنانُ *** الخُلدِ، أَنْتُمْ سَبيلُ مَنْ يَهْواها
أَنْتِ يا خِيرَةَ النِّسا، بِنْتَ خَيْرِ *** النّاسِ مِنْ بَدْئِها إلى مُنْتَهاها
قَوْلُكِ الصَّدْقُ دُونَ رَيْبٍ و أَنْتِ *** في وُفُورِ النُّهى على أَرْقاها
غَيْرَ مَرْدودَةٍ عَنِ الحَقِّ شَيْئاً *** أَوْ بِمَصْدودةٍ صَديقَ ادِّعاها
بَيْد أنّي سَمِعْتُ يَوْماً أَباكِ *** قال لي -قَبْلَ أَنْ يَموتَ- شِفاها
مَعْشَرُ الرُّسُل لاتورثُ داراً *** أَوْ نُضاراً أَوْ فِضَّةً أَوْ شِياها(1)
الدفاع الهزيل
و إنما نورثُ الكتاب و الحكمةَ و العلم و النبوّةَ، و ما كانَ لنا من طُعَمةٍ فلولي الأمرِ بعدَنا أن يحكمَ فيه بحكمهِ».
و قدَ جعلنا ما حاولته في الكراعِ و السلاحِ يقاتلُ بها المسلمونَ، و يجاهدونَ الكفارَ، و يجالدونَ المَرَدةَ الفَجَّار.
ص: 229
إنَّما العِلْمُ وَ النُبُوَّةُ وَ الحِكْمَةُ *** وَ الذِّكْرُ إِرْتُها وَ ثَراها
إِنَّهُم لايُوَرّثونَ سِواهُمْ *** مِثْلَما تُورِثُ الوَرى ابْناها
كُل ما كانَ طُعْمَةً فَلِوالي *** الأمْرِ مِنْ بَعْدِنا كما يَهواها
فَلَهُ دونَ غَيْرِهِ الحُكْمُ فيها *** كَيْفَما شاءَ يَسْتَطِيعُ قَضاها
وَ جَعَلْنا الذي طَلبْتِ كِراعاً، *** و سِلاحاً، و جُنَّةً لِوَغاها(1)
لِجِهادِ الكُفَّارِ في ساحة الحربِ، *** وَ دَحْرِ الفُجَّارِ في لُقياها
و ذلك بإجماع من المسلمين!!
لم أنفردْ به وحدي و لم استبد بما كانَ الرأي فيه عندي و هذه حالي و مالي، هي لكِ و بين يديك، لا تزوى عنكِ، و لاتُدْخِرُ دونكِ
أنتِ سيّدةُ أُمةِ أبيكِ، و الشجرةُ الطيبةُ لبنيكِ،
ها هُمُ المُسْلِمُونَ بَيْنَ يَدَيْكِ *** فَرَّروا كُلُّهُمْ عَلَى اسْتيفاها
أنا لَمْ أَنْفَردْ بذاك لوَحْدي *** مُسْتَبِداً بما ارْتَأَيْتُ إزاها
ثُمَّ هذا حالي و مَالي لَدَيْكِ *** هَذِهِ ثَرْوَتِي إِلَيْكِ عَطاها
لَيْسَ تُزْوى الأمْوالُ عَنْكِ وَ إِنّى *** دونَكِ لَسْتُ داخراً مَغْناها(2)
أنتِ بنْتُ النّبي سَيِّدَةُ النسوانِ *** مِنْ أُمَّةٍ أَبوك بَناها
أَنْتِ للرَّوْضَةِ المُطَهَّرَةِ الأطْيابِ: *** أَبْناكِ، أَصْلُها وَ بِناها
لايُدفعُ مالكِ من فضلك و لايوضعَ في فرعِكِ و أصلكِ، حكمُكِ نافذ فيما مِلكتْ يداي.
فهل تَرين أن أخالف في ذلك أبا صلي الله علیه و آله و سلم؟
جواب فاطمة الزهراء علیها السلام.
ص: 230
وَ لَكِ الفَضْلُ لَيْسَ يُدْفَعُ عَنْكِ *** مِنْ مَزايا جَلالِكِ أَدْناها
وَ لَكِ ذِرْوَةُ المعالى فروعاً *** و أصولاً سَمَتْ بكِ أفْصَاها
حُكْمُكِ الآنَ نَافِةٌ فَمُريني *** أتُريدينَ أن أخالِفَ طهَ؟!
قَدْ أَتَتْهُمْ بِحُجْةٍ مِنْ كِتاب اللَّهِ *** کَالشمسِ في أتَمِّ ضِياها
وَ أَتَوْها بِفِرْيَةٍ لَفَّقُوها(1) *** لِيُضِلُّوا بِذَلِكُمْ بُسطاها
فَتَصَدَّت وَ مَزَّقَتْ حُجُبَ الزُّورِ *** وَ أَلْقَتْ عَن الوجوه غِطاها
الحديث فرية و الرسول صلي الله علیه و آله و سلم لايخالف القرآن
فقالت (صلي الله علیه و آله و سلم): سبحانَ اللَّه! ما كان رسولُ اللَّه صلي الله علیه و آله و سلم عن كتاب الله صادفاً و لالأحكامِهِ مخالفاً، بل كان يتبّع أثَرَه و يقفو سوَرَهُ، أفتجمعون إلى الغدر اعتلالاً عليه بالزور؟ و هذا بعدَ وفاتِهِ شبيهٌ بما بُغيَ لهُ من الغوائل في حياتِهِ.
وَ أَجابَتْ: سُبْحانَ رَبِّي وَحاشا *** المُصطفى بِالَّذِي افْتَرَيْتُمُ فاها
لَمْ يَكُنْ سَيِّدُ الوَرَى يَتَخَطَّى *** شِرْعَةَ الذِّكْرِ أَوْ يَرُومُ سِواها(2)
أَوْ لأَحْكامِهِ يُخالِفُ نَهْجاً *** وَ هُوَ يَدْعُو الوَرى لِنَهْجِ خُطاها
بَلْ لَقَدْ كانَ إِثْرَهُ يَتَقَفَى *** سُوَرَ الذِّكْرِ تابعاً إيّاها
أَمَعَ الغَدْرِ تُجْمِعُونَ عَلَيْهِ *** الزُورًا واها لِقَوْلِكُمْ ثُمَّ واها(3)
إِنَّ ذا بَعْدَ مَوْتِهِ لَشَبيهٌ *** بِالَّتي في حَياتِهِ لاقاها
هذا كتابُ الله حَكَماً عدلاً، و ناطقاً فصلاً، يقول:
«يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ».
«وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ».
ص: 231
فبينَ (عزّوجلّ) فيما وزّع عليه من الأقساط،
كَمْ مِنَ الغَدْرِ وَ الغَوَائِلِ كِيدَتْ *** ضِدَّهُ لكن الإله کَفاها(1)
هذِهِ المُحْكَمَاتُ تَنْطِقُ فَضلاً *** وَ هُيَ تَقضي بالعَدْلِ في فَحواها
سُورَةَ الأنبياءِ إِذْ زَكَرِيّا *** سَأَلَ اللَّهَ فَاسْأَلُوا مَعْناها
في (يرثني... و آل يَعْقُوبَ) حُكْمٌ *** لاتَرى فِيْهِ شُبْهَةً وَ اشِتباها(2)
و سُلَيْمانُ إِذْ تَوَرَّثَ داوُوْدَ، *** كَمِثْلِ الأَبْناءِ مِنْ آباها(3)
و أبانَ الجَليلُ مِنْ كُلِّ قِسْطٍ *** وَ سِهام قَدْ وُزّعَتْ مَرْماها
و شرّعَ من الفرائِضِ و الميراثِ و أباحَ من حطّ الذكرانِ و الإناث.
ما أزاحَ علَّةَ ،المبطلين و أزال التظني والشُّبُهَاتِ في الغابرين.
كلاً، بل سوّلتْ لكم أنفُسكُمْ أمراً، فصبرٌ جميلٌ.
و الله المستعانُ على ما تصفون.
و المواريثَ وَ الفَرائِضِ لَمّا *** فَرَضَ اللَّهُ شَرْعَها وَ عَطاها
فَلِذُكْرانِها حظوظ وَ أُخرى *** للإناثى، أَباحَ حين قَضاها
ما أزاحَ التَعَلَّلاتِ، و أقصى *** عِلَّةَ المُبْطِلين في إجْراها(4)
لَيْسَ هذا... كَلاً...، وَلَكِنَّ أَمْراً *** سَوَّلَتْهُ نُفوسُكُمْ مِنْ غَواها(5)
و عزائي الصَّبْرُ الجَميلُ وَ رَبِّي *** مُسْتَعانِي عَلَى عَظيمِ جَناها
ثُمَّ لَمَّا رَأَى أَخُو تَيْمِ أَنَّ الحَقَّ *** أَقْوىٰ مِنْ فِرْيَةٍ سَمَّاها
ص: 232
جواب أبي بكر و الاعتراف بالخطأ
فقال أبوبكر:
صدقَ اللَّه، و صدق رسولُه صلي الله علیه و آله و سلم و صدقت ابنتُهُ علیها السلام، أنتِ معدن الحكمةِ، وَ موطنُ الهدى و الرحمَةِ، و ركنُ الدينِ، و عينُ الحجّة لاأبعد صوابكِ، و لاأنكر خطابكِ.
فَضَحَ الحقُّ كِذْبَهُ وَ تَعَرَّى *** الزُّورُ الثَّلْجِ تَحْتَ شَمْسِ نِداها
وَلَدى الصُّبْحِ طَلْعَةٌ إِنْ تَبَدّى *** يَنْمحي اللَّيْلُ فِي الْتِماعِ سَناها(1)
أَيَرُدُّ القُرآنَ أَمْ مَنْ أَتَاهُ؟ *** أَعَليا يَرُدُّهُ أَمْ أَباها؟
لَيْسَ يُجْدِي الإنكارُ للشَّمْسِ مَهُما *** لَجَّ في حَجْبِ نُورِها وَ ضِياها
صَدَقَ اللَّهُ وَ الرّسولُ وَ بِنْتُ *** المُصْطَفى فاطِمُ البَتولَةِ فاها
مَعْدِنُ الحِكْمَةِ الأَصِيلَةِ رُكُنُ *** الدِّينِ أَنْتِ، وَ لِلْهُدى مَرْساها
هؤلاء المسلمونَ بيني و بينك قلّدوني ما تقلّدتُ، و باتفاق منهم أخذتُ ما أخذتُ غيرُ مكابر و لامستبد، و لامستأثر، و هم بذلك شهود.
فاطمة الزهراء علیها السلام توجه الخطاب إلى الحاضرين.
فالتفتت فاطمة علیها السلام إلى الناس و قالت:
معاشرَ الناس!
لَسْتُ مُسْتَنْكِراً عَلَيْكِ خِطاباً *** أَوْ صَواب احتجاجةٍ آتاها
ها هُمُ المُسْلِمُونَ بَيْنِي وَمَا *** بَيْنَكِ فَاسْتَوْضِحي الجُمُوعَ رُؤاها
قَلَّدوني الَّذي تَقَلَّدْتُ لَوْلا *** القَوْمُ، ما كُنْتُ لَحْظَةً أُولاها
بِاتِّفاقِ مِنْهُمْ أَخَذْتُ رُبوعاً *** كَانَ لِلْمُصْطَفى الأمين رَعاها
لابِمُسْتَكْبِرٍ وَ لامُسْتَبِدِّ *** أَوْ بِمُسْتَأْثِرِ عَنِّي ثَراها
ص: 233
فأشارَتْ بِنْتُ الرَّسول إلى النَّاس، *** وَ قَهْرُ المُسْتَضْعَفينَ طَواها
عناد المتواطئين على الباطل
المُسرعةَ إلى قيل الباطل المُغضيةَ على الفعل القبيحِ الخاسِرِ ، أفلاتتدبرون القرآن أم على قلوبِ أقفالُها؟
كلا، بل رانَ على قلوبِكُمْ ما أسأتُمْ من أعمالِكمْ فأخذ بسمعكُمْ و أبصاركُمْ ،
أَيُّها المُسْرِعونَ نَحْوَ الأَباطيلِ *** تُحامِي عَنْ شِقْشِقاتِ رُغاها(1)
أَتَغُضُّونَ عَنْ قَبيح فعالٍ *** هِيَ مِنْ أَخْسَرِ الَّتي تَغْشاها
أَفَلا -يا عُصاةُ- تَدَّبرونَ *** الذُكْرَ أَمْ مَلَّتِ النُّفوسُ هُداها؟
أَمْ بِأَقفالها اسْتَبَدَّتْ قُلوبٌ *** فَاسْتَحبَّتْ عَلَى الرَّشادِ عَماها
لَيْسَ للقُلوبِ رانَ عَلَيْها *** لِلَّذِي قَدْ أسأتموهُ صَداها(2)
وَ لِهذا بِسَمْعِكُمْ أَخَذَ اللَّهُ *** وَ أَبْصارَكُمْ فَأَعْمَى ضِياها
ولبئسَ ما تأولْتُمْ و ساءَ ما بِهِ أشرتُمْ و شرّ ما منه اعتضتُمْ.
لتجدنَّ -واللَّه- محملهُ ثقيلاً، و غبّهُ وبيلاً إذا كشَفَ لكُمُ الغطاءَ و بانَ ما وراءه الضرّاء، و بدا لكُم من ربِّكُمْ ما لَمْ تكونوا تحتسبونَ، و خَسِرَ هنالِكَ المبطلون.
بِئْسَ نَهْجٌ أَوَّلْتُموهُ ضَلالاً *** وَ سَفَاهاً لِما أَشَرْتُمْ سَفاها(3)
ص: 234
شَرَّ ما أَعْتَضْتُمُ بِآسِنِ ماءٍ *** مِنْ غَدِير تَرَقْرَقَتْ أَمْواها(1)
ستلاقونَ -والعظيم- ثقيلاً *** مَحْمِلاً لايُطيقه ثَقَلاها
إذْ لَكُمْ كُشِفَ الغِطَاءُ وَ بانَ *** الضُرُّ مِمّا جَنَتْ يَداكُمْ وَراها
وَ بَدَتْ مِن الهِكُمْ سَطَواتٌ *** لَمْ تَكونوا لِتَحْسَبوا أدْناها
وَ هُنَاكُمْ سَتَعْلَمُونَ هُنَاكُمْ *** خَسِرَ المُبْطِلُونَ في عُقباها
وعادت فاطمة علیها السلام إلى دار علي علیه السلام!
ثُمَّ انكَفَأَتْ (علیه السلام).
و أميرالمؤمنينَ علیه السلام لايَتَوقعُ رُجوعها إليهِ و يَتَطلَّعُ طُلوعَها عَلَيْهِ.
فلمّا استقَرتْ بها الدارُ قالَتْ لأميرالمؤمنينَ علیه السلام:
يابنَ أبي طالب علیه السلام!
ثُمَّ مَالَتْ إلى ضريح أبيها *** تُودِعُ المُصْطَفى الأمينَ شَكاها(2)
وَ تَوارَتْ كَسيرَةَ القَلْبِ عَنْهُمْ *** فَلَقَدْ خَيَّبَ الجَميعُ رَجاها
ثُمَّ عادَتْ لِدارِها وَ دموعُ *** الوَجْدِ خَطَّتْ عَلَى الخُدودِ خُطاها
وَ أَميرُ الإيمانِ في كُلِّ آنٍ *** كانَ يَرْجُوْ طُلوعَها وَلِقاها
وَ هُنَاكُمْ لَمَّا اسْتَقَرَّبِها الدارُ، *** تَمادى الأسى بِصَدْرِ شَكاها
فَرَمَتْ نَحْوَهُ بِطَرْفِ كَسيرٍ *** وَ جَرَتْ في دُموعِها عَيْناها
استنهاض الإمام الممتحن علیه السلام!
اشتَمَلتَ شِمْلَةَ الجنينِ، وَ قَعَدت حُجْرةَ الظنين.
ص: 235
طَمعَتْ أَنْ تُثيرَ في عَليَّ *** العَزْمَ و النَّجدَةَ المُدَوّي صَداها
وَ بُطولاتِ خَيْبَرٍ وَ حُنَيْنِ *** وَ مُرُوا ايه التي أَبْداها
فَلَعَلَّ الَّذي مَضى مِنْ مِياهِ *** النَّبْعِ غَفْلاً يَعودُ في مَجْراها
خاطَبَتْهُ يَابْنَ المُحامي أبي طالِبٍ *** زَيْنَ الرِّجالِ رَمْزَ إباها
كَيْفَ يا فاتِحَ الحُصونِ اسْتَمَلتَ *** اليَوْمَ مِنْ شَمْلَةِ الجَنينِ رِداها
قاعِداً حُجْرَةَ الظَّنينِ كَأَنْ لَمْ *** تَكُ لِلْحَرْبِ سَيْفَها وَفَتاها(1)
نَقَضتَ قادِمةَ الأجدلِ فَخانكَ ريسُ الأعزلِ.
هذا ابنُ أبي قحافَةَ يبتزني نحلَةَ أبي و بِلُغةَ ابنيِّ.
لَقَدْ أَجهَرَ في خصامي و ألفَيْتهُ الألدّ في كلامي، حتى حبستني قيلةُ نصرَها.
أَوَ ما قَدْ نَقَضْتَ مِنْ أَجْدَلِ الطَّيْرِ *** قَواديمَ يُتَقى بأساها؟
كَيْفَ قَدْ خانَ أَعْزَلُ الرِّيشِ شَهْماً *** كانَ في كُلِّ وَقْعَةٍ «لافَتاها»؟(2)
أَوَيَبْتَزُّها نُحَيْلَةَ. طه *** بُلْغَةَ ابْنَيَّ يَسْتَحِلُّ جَناها؟(3)
جاهِراً في عَداوَتي دونَ تَقْوى *** ماضياً في خُصومتي أَقْصاها
قَدْ وَجَدْتُ العَنيد لازالَ خَصْماً *** مِنْ ألد الخِصامِ في دَعْوَاها
ذاكَ حَتَّى الأَنْصَارُ قَدْ حَبَسَتْني *** النَصْرَ وَ اسْتَعْفَتِ الحُماةُ حِماها
وَ المهاجرةُ و صلَها و غضَّت الجماعةُ دونَ طرفها.
فلادافِعَ، و لامانع.
خرجتُ كاظمةُ و عدتُ راغمةً أضرعتَ خدّكَ يومَ أضعتَ حدّكَ افترستَ الذئاب و افترشتَ الترابَ.
ص: 236
و قُرابي المُهاجرين رِباطَ *** الوَصْلِ قَدَّتْ وَ مزَّقَتْ قُرْباها(1)
وَ الجماعاتُ غَضَّتِ الطَّرْف عَنِّي *** وَ كَأنّي مُخاطِبٌ ما سِوَاهَا
لَيْسَ مِنْ دافِعِ مُهججة الظُّلْمٍ، *** وَ لامانعٍ أليمَ أذاها(2)
رِحْتُ مَكْظومَةً بِصَبْرِيَ حَسْرى *** ثُمَّ مَرْعَومَةً رَجَعْتُ وَراها
حَدَّكَ الحَقَّ قَدْ أَضَعْتَ فَأَضحى *** ضارِعاً خَدُّكَ الذي لايُضاهي
إِفْتَرَسْتَ الذُّتَابَ كَيْفَ أَفْتَرَضْتَ *** اليَوْمَ وَجْهَ التُّرابِ مِنْ بَوْغَاها؟(3)
ما كففتَ قائلاً و لاأغنيتَ باطلاً و لاخيارَ لي ليتني مِتَّ قبل هينتي و دونَ ذلّتي.
عذيري اللَّه منكَ عادياً، و منكَ حامياً.
ويلاي في كلّ شارق!
ماتَ العَمَدُ و وهنَّ العضَدُ!!
ما كَفَفْتَ المُهَرِّجِينَ مَقالاً *** وَ عَنِ الظّالمينَ شَرَّ أذاها
وَ أَنا لاخَيارَ لي... فَلَوْ أَنَي *** كُنْتُ أَسْتطيعُ أَنْ أَرُدَّ بَلاها
لَيْتَني قَبْلَ هَيْئَتي كانَ مَوْتِي *** وَ الرَّدى دونَ ذلِّتي أَسقاها(4)
فَکَفاني مُحامياً وَ كَفاني *** مِنكَ رَبِّي مِنَ العِدى عَدْواها
آه... وَيُلايَ كُلَّما طَلَّ صُبْحٌ *** فَوْقَ دُنْيا مِنَ الأسى وَيْلاها
قَدْ تَوفّى العِمَادُ فَانْهَدَّ مِنّي *** عَضُد العِزَّ وَ الرَّجاءِ وَراها
شكواي إلى أبي!
و عدواي إلى ربي!
ص: 237
اللَّهمَّ أنتَ أشدُّ قوةً و حولاً، و أحَدُّ بأساً و تنكيلا.
فَشَكاتي إلى أَبي وَ لِرَبِّ العَرْشِ *** عَدْوى ظُلامَتي مَرْساها
يا إلهي لأنتَ أعْظَمُ بَأساً *** وَ أَشَدُّ النّكال في عُقباها(1)
هَزَّهُ في خطابها الوَجْدُ و المَجْدُ *** وَ عِزُّ الإيمانِ في تَقْواها
وَ هُوَ لَوْلا وَصِيَّةٌ مِنْ نَبِيِّ *** اللَّهِ، أَحْرى بِأَنْ يُجيبَ نِداها
وَ يُعيد الأُمورَ ظَهْراً لِبَطْنٍ *** وَ يُنِيلَ المُنافِقينَ جَزاها
فَهوَ في البَأسِ لايُدانيهِ و بَاسٌ *** وَ هُوَ اقوى بِاللَّهِ مِن أَعْداها
كَيْفَ لَا، وَ هُوَ فِي الحُروبِ جَميعاً *** قُطبُ مِهْرَاسِها، وَ جَمْرُ وَغاها(2)
مَنَعَتْ سيّد الوَغَى أَنْ يُثير *** الحَرْبَ أَنَّ الأُمورَ في مَبْداها
كانَ دينُ الإسْلامِ عوداً طَريّاً *** والجماهيرُ هَشَّةٌ في انتِماها
أَشْفَقَ المُرْتَضى عَلَى نَبْتَةِ الإسلامِ *** مِنْ فِتْنَةٍ تَشُبُّ لَظاها(3)
غارِسُ الرَّوْضَةِ البهيّةِ أَوْلى *** أَنْ يُحامي بِرَوْحِهِ أَفْياها
وَ هُوَ ثاني بُناتِها، وَ المُرَوِّي *** زَرْعَها الغَضَّ وَ هُوَ حَامي حِماها
فقال أميرُالمؤمنين علیه السلام:
لاويلَ عليكِ، الويل لشانئكِ.
نَهْنِهِي عَنْ وجدكِ يا بنَةَ الصَّفْوَةِ و بَقيّة النُّبوّةِ، فما و نيتُ عن ديني و لاأخطأتُ مقدوري.
فإن كنتِ تريدينَ البُلغَةَ فَرزقُكِ مَضمونٌ.
قالَ مَهْلاً بِنْتَ النُّبوَّةِ مَهْلاً! *** إنَّما الصَّبرُ لِلتُّقاةِ حُلاها
ما لَكِ الوَيْلُ، بَلْ لِشانِكِ الوَيْلُ *** وَ أَقْسَى العَذابِ في أَخْراها
ص: 238
يَابْنَةَ الصَّفْوَةِ الصَّفِيَّةِ عِطرِ *** النُّورِ، بُقيا نُبوّةٍ أَبْقاها
نَهْنِهي النَّفْسَ وَجْدَها وَ اسْتَقِرِّي *** حانَ لِلنَّفْسِ أَنْ تُريحي جَواها(1)
فَعَنِ الدِّينِ ما وَنَيْتُ وَ عَمّا *** قَدَّرَ اللَّهُ ما خَطَوْتُ اشْتِباها
فَاطْمَئِنِّي لِبُلْغَةِ العَيْشِ أَنَّ اللّهَ *** في سابِقِ الزَّمانِ قَضاها
الكلمة الأخيرة لفاطمة علیها السلام!
وَ كفيلُكِ مَأمونٌ، و ما أعدّ لَكِ خيرٌ ممّا قُطع عنكِ، فاحتسبي اللَّه.
فقالت: حَسبي اللَّه و أمْسَكَتْ.
وَ كَفِيلُ ابْنَةِ النَّبي أَمِينٌ *** وَ هوَ اللَّه حافِظُ إيّاها
وَ جِنانٌ قَدْ مُهّدتْ لَكِ خَيْرٌ *** مِنْ قُرَى حَرَموكِ عَنْ مَغْناها
فَلَكِ اللَّهُ -جَلَّ- فَاحْتَسِبيهِ *** هَضْمَةُ الحَقِّ حَاسَ أَنْ يَنْساها
فَأَجابَتْ (اللَّهُ حَسْبِي) وَ فَرَّتْ *** وَ عَلَى الدَّهْرِ رَنَّةٌ مِنْ صَداها
وَ مَضَتْ إِذْ مَضَتْ عَلَى القَهْرِ حَسْرَىٰ *** ثُمَّ مَاتَتْ مَطوِيَّةٌ بأَساها(2)
ص: 239
(بحر الخفيف)
الشيخ عبد الحسين الحويزي(*)(1)
لِمَنِ العِيسُ في البطاح بَرَاها؟ *** مِثْلَ بَري القداح جَذْبُ بُرَاها(2)
حَائِراتٌ كَأَنَّهَا سِرْبُ طَيْرٍ *** حَسِبَتْ لُجَّةَ السَّرَابِ مِيَاها
وَ بِها الآلُ في المَفاوِزُ وَ القَفْرِ *** ريَاضٌ تَنَشَّقَتْ رَبَّاهَا(3)
ترْتَعِي جَمْرَةَ الهَجِيرِ غِذَاءً *** فَيَقِيها عَنْ جُوعِها وَ ظَمَاها
سَبَقَتْ أَرْبعَ الرِّيَاحِ بِمَجْرَى *** أَرْبَعَ وَ ارْتَمَتْ قَصِيَّ نَوَاها
شَمْأَلَ الرِّيحُ بُكْرَةً وَ النَّعَامَى *** وَ عَشِيّاً جَنُوبُها وَ صَبَاها(4)
وَ نَواصِي الآكَامِ في كلِّ نَصَّ *** مِنْ سُرَاهَا طَيُّ الفَلَاةِ فَلاها
يَعْمَلاتٌ شَقَّتْ بُطُونَ المَوانِي *** جَائِباتٌ بِطَاحَهَا وَ رُبَاها(5)
ساقَها لِلْورُودِ رَجْعُ حَنِينٍ *** مِنْ مَشُوقٍ حَيْثُ الزَّفِيرُ حَدَاها
قد أَقلَّتْ هَوادِجاً زَيَّنَتْها *** مِنْ هَوانِ النَّقى وُجوهُ مِيَاها
مَرَحاً تَنْثَنِي وَ تَهْوِي مِرَاحاً *** بِشَرَى وَجْرَةٍ ففَاقَتْ ظِبَاها(6)
ص: 240
صَرَعَتْنا عُيونُ عِين كَعابٍ *** أَوْسَعَتْ طَعْنَةَ القَنا نَجلاَها(1)
وَ أَرَى أَضْعَفَ الجُفُونِ فُتوراً *** حينَ تَرْمِي حُبَّ الحَشَا أَقْوَاهَا
إنْ يُسَالِمُ لِجِيرَةِ الحَيَّ قَلْبِي *** فَلِحَرْبِ الهَوَى هوى سَلْمَاها
إلى أن يقول:
مِثْلُ زُهْرِ النُّجُومِ أَفْعَالُهُ الغُرُّ *** أَضَاءَتْ وَ بِنْتُهُ زَهْراها(2)
فَاطِمٌ بِنْتُ أَحْمَدٍ سَادَتِ الخَلْقَ *** جَمِيعاً رِجَالها وَ نِسَاها(3)
لَمْ تَنَلْ مَرْيَمَ وَآسِيَةُ الزَّهرا *** و لاسارَةٌ و لاحَوَّاهَا(4)
ذَكَرَ اللهُ قَائِلاً مَرَجَ البَحرَيْنِ *** لَكِنْ بِذِكْرِهِ قَدْ عَنَاها(5)
ص: 241
صَاغَها مِنْ سَبائِكِ المَجْدِ تِبْراً *** خالصاً يَوْمَ صُنْعِهِ صَفَّاها(1)
هي صِدِّيقَةُ الخَليقَةِ جَمْعاً *** بِبَهَاهُ الجَلِيلُ فَضْلاً حَبَاها(2)
وَ هْيَ تُدْعَى شَفيعَةَ الخَلْقِ في *** الحُشْرِ وما في المَلاً شَفِيعٌ سِواها(3)
رَحْمَةٌ لِلأَنَامِ بِاللُّطْفِ جَاءَتْ *** أَبْعَدَ اللَّهُ كُلَّ مَنْ آذاها
يَغْضَبُ اللَّهُ حِين يُغْضِبُها الخَلْقُ *** وَ يَرْضَى عَن خَلْقِهِ لِرِضَاها(4)
بَضْعَةٌ مِنْ فُؤادِ خَيْرِ البَرَايَا *** وَ قَدِ اشْتُنَّ مِنْ حَشَاهُ حَشَاهَا(5)
وَ اجْتَبَى أُمَّها خَدِيجَةَ زَوْجاً *** بَذَلَتْ لِلْهُدَى جَمِيعَ ثرَاها
ص: 242
أَوّلُ المُؤْمِنَاتِ بِاللَّهِ كَانَتْ *** وَ بِحِفْظِ النَّبِيِّ طَالَ عَنَاها
تِلكَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَرْافُ أَمْ *** عَنْهُمُ كُلُّ فِتْنَةٍ تَأباها
إن عَيْن النَّبيَّ أكْرَمُ عَيْنٍ *** لَمْ تُكَرَّمُ لأَجْلِها عَيْناها
يَوْمَ وَافَتْ بِالوَعْظِ تَزْجُرُ قَوْماً *** تَرَكَتْ رُشْدَها وَ وَافَتْ هَوَاها(1)
أثْبَتَتْ في الكِتاب حقاً مُبِيناً *** و الأبَاطِيلُ حُكْمُهُ قَدْ نَفَاها
فَدَكٌ في حَيَاةِ أَحْمَدَ أَعْطَتْهُ *** يَمِينُ الهُدَى إلى قُرْبَاها(2)
ص: 243
هل إلى الأنْبِياءِ أُنزِلَ حُكْمٌ *** إرْثُها لايَكُونُ في ابْنَاها؟(1)
أَوْ كَانَ الرَّسُولُ يَبْغِي إِلهاً *** وَاحِداً وَ البَتُولُ تَبْغِي إلها؟
أَمْ دَرَتْ ما لَها مِنَ الفَرْضِ لكِنْ *** طَمَعُ النَّفْسِ بِالمُنَى مَنَّاها
أَمْ تَرَى أَشْكَلَتْ عَلَيها الأَحَادِيثُ *** و فيما ادَّعَتْهُ كانَ اشْتِباها
وَ عَليّ ٌلايَعْرِفُ الحُكْمَ لَمَّا *** عَاجَلَتْهُ شَهَادَةً أَدَّاها(2)
جَرَّ فيها لِقُرْصِهِ النَّارَ وَ السِّبْطانِ *** كَانَا بِالحَقِّ مِنْ شُهَدَاها
ثُمَّ قَالُوا بِامْ أَيْمَنَ لَمْ تُفْصِحْ *** بَيَاناً مميزاً عَجْمَاها(3)
ضَيَّعَتْ عَهْدَ أَحْمَدٍ فِي بَنِيهِ *** وَ غُرُورُ الشَّيْطَانِ قَدْ أَغْراها
أوْصَتِ الطّهْرُ لايُصَلِّي عَلَيْها *** أَحَدٌ مِنْهُمُ لِيَوْمٍ فِنَاها(4)
ص: 244
وَ عَلِيٌّ في الأرض لَمَّا تَوارَتْ *** تُرْبَةُ القَبْرِ عَنهُمْ عَفاها
لَمْ تُراعَ البَتُولُ وَ هْيَ مِنَ العِصْمَةِ *** فِيهِمْ بَقِيَّةُ أَبْقَاهَا(1)-(2)
ص: 245
(بحر الخفيف)
الشيخ عبد الحسين شكر(*)(1)
وَيْحَ قَوْمٍ رَضُوا عَنِ الدِّينِ بِالدُّنُيَا *** فما لِلْقُلُوبِ ما أَعْماها؟
ستَرَاهَا غَداً تُنَادِي ولَكِنْ *** لَيْتَ (لَمْ أتَّخِذْ فُلاناً) نِدَاها
أَيُوَلَّى مَنْ لَمْ يُوَلَّ لِعَجْزٍ *** مِنْهُ تَبْلِيغَ سُورَةٍ وَ أَدَّاها
غاصِبٌ بَضْعَةَ النَّبِي عِناداً *** مُسْقِط للجنين مِنْ أَحْشَاها(2)
رامَ إِحْرَاقَ دَارِها وَ مِنَ اللَّهِ *** تَعالى تَطْهِيرُها قَدْ أَتَاهَا(3)
أسْخَطُوا المُصْطَفَى بما خالَفُوهُ *** في وَصايا قَاصٍ ودَانِ وَعَاها
كُمْ وَ كَمْ بِالبَتُولِ أوْصى جِهاراً *** حَيْثُ أَوْصَى إِلهُهَا بِوَلاها(4)
ص: 246
فَاطِمٌ مِنْ مُحَمَّدٍ بَضْعَةٌ بَلْ *** سَخَطِي سُخطها رِضَايَ رِضَاها(1)
فَاحْفَظُونِي يا أَيُّها النَّاسُ فِيها *** فَهِيَ القَصْدُ مَنْ وِ لاقُرباها
لَسْتُ أَنْسى لَمّا أَتَتْ وَ هْيَ ثَكُلى *** يَوْمَ بالإِرْثِ طَالَبَتْ مَنْ زَوَاها(2)
أشبَهَتْ أَحْمَداً أَباها بِمَشْيِ *** وَ حَكَتْهُ فِي نُطْقِهِ و حَکَاها
وَدَّعَتْ وَ العُيونُ عَبْرَى وَقَانِي *** الدَّمْعِ كَالمُعْصَراتِ يَرْوِي ثَراها(3)
أيّها النَّاسُ لاَتَخُونُوا عُهُوداً *** أَوْجَبَ اللَّه وَ الرَّسُولُ وَفاها
أَمِنَ العَدْلِ َكانَ غَصْبُكُمْ إِرثِي *** هَلِ المُصْطَفَى بِذَلِكَ فَاهَا؟
جئتُم بِالخِلافِ حَيْثُ نَبَذْتُمْ *** مابِهِ عَنْ إِلهِهِ جَاءَ طَه
أوْ مَا أَنْبَأَ الإلهُ بِهِ عَنْ *** إِرْثِ يَحْيى لِمَنْ أَرَادَ انْتِبَاها؟
هَلْ أَتَتْ آيَةٌ بِمَنْعِيَ أَمْ هَلْ *** خَالَفَتْ ابْنَةُ النَّبِيِّ أَبَاها؟
أَمْ سِوَانا أَدْرى بِمَا أَنزَلَ *** اللَّهُ بِصُحْفِ فِي بَيْتِنا أَوْحاها
ثُمَّ أَبْدَتْ لَهُمْ كِتابَ رَسُولِ *** اللَّه و في نِحْلَةٍ بِهَا قَدْ حَبَاها
فَنَفَوْها وَ كَذَّبوا فِتْيَةٌ قَدْ *** شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُمْ أَزْگاها
آهِ وا ذِلَّةَ الهُدَى بَعْدَ عِزّ *** وَ انْتِهَاكَ الأسْتارِ بَعْدَ رَخَاها
ص: 247
فَتَولَّتْ مَكْسُورَةَ القَلْبِ تَدْعُو *** بِأَبيها وَ هَلْ يُفيدُ دُعاها
يَا كَفِيلَ الأيتام أَبْدَتْ رِجَالٌ *** بَعْدَمَا غِبْتَ في الثرى شَحْنَاها(1)
غَصَبَ القَوْمُ نِحْلَتي وَ تُراثِي *** و عَليَّ الأيامُ صَبَّتْ بَلاَها
كُنتُ لاأَخْتَشِي عَظِيمَ الرَّزَايَا *** وَ أَنَا اليوم أنقي أَذْناها(2)
ص: 248
(بحر البسيط)
الأستاذ عبد العزيز العندليب(*)(1)
شَنْفٌ مَسامِعَنا في يَوْمِ ذِكراها *** بِاسْمِ البَتُولِ وَحَدِّثْ عَنْ سَجاياها(2)
مُبَيِّناً بَعْضَ بَعْضٍ مِنْ فَضَائِلِها *** وَ مُبْدِياً جُزْءَ جُزءٍ مِنْ مَزاياها
بِحَسْبِها أَنَّها الزَّهْراءُ فَاطِمَةٌ *** وَ أَنَّها بَضْعَةٌ لِلْمُصْطَفَى طه(3)
مَا لَيْلَةُ القَدْرِ إلا رمزُ رِفْعَتِها *** وَ الشَّمْسُ إلا شعاعٌ مِنْ مُحَيَّاها؟
وَ هي التي فاقَتِ النِّسْوانَ قاطِبَةً *** وَ لَم يَكُنْ لَها مَن فِي الفَضْلِ أَشبَاها
حَبيبَةُ الخَالِقِ البَارَي وَ مَنْ فُطِمَتْ *** مِنَ اللَّظى هِيَ مَعْ مَنْ قَدْ تَوَلآها
وَ اللَّهُ في مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ طَهَّرَها *** مِنْ كُلِّ رِجسٍ وَ صفَّاهَا وَ أَصْفاها(4)
وَ اللَّهُ كَرَّمَها وَاللَّهُ عَظَّمَها *** وَ اللَّهُ مَجْدَها وَ اللَّهُ أَعْلاها
وَ اللّهُ مِنْ جَوْهَرِ التَّقْدِيسِ أَنْشأها *** وَ في مَجالَي العُلى وَالنُّورِ سَوّاها
ص: 249
لَهَا النَّبِيُّ أَبٌ وَالبَعْلُ حَيْدَرَةٌ *** أَبُو الأَئِمَّةِ وَالسِّبطانِ إِبناها
ماذا أَقُولُ وَفَوْقَ القَوْلِ رُتَبَتُها *** وَاللَّفْظُ يَقْصُرُ عَنْ إِدراكِ مَعْناها
واللَّهُ يَرْضَى بما تَرْضى بهِ وكَفَى *** فَضْلاً ويُؤْذِيهِ ما قَدْ كانَ آذاها(1)
وَالمُصْطَفَى بالعُلَى وَالْمَجْدِ أَوْلاها *** وَقَدْ دَعاها لَهُ أُمّاً فأَسْماها
حَوْراءُ إنْسِيَّةٌ عَذْراءُ زاكِيَةٌ *** فَرِيدَةٌ في مَعالِيها وَتَقْواها(2)
فَلَمْ تَكُنْ (هَاجَرٌ) يَوْماً وَإن عَظُمَتْ *** كَمِثْلِ فاطِمَةٍ قَدْراً ولا جاها
وَبِنْتُ عِمرانَ لا تَرْقَى وإِنْ بَلَغَتْ *** في الفَضْلِ ما بَلَغَتْ مِعْشَارَ مَرْقاها(3)
وَلَمْ يَكُنْ في بَني حَوّاءَ قاطِبَةً *** لَوْلا عَلِيٌّ لَها كُفْؤٌ فَيَغْشاها(4)
يا بَضْعَةَ المُصْطَفَى الهادِي الّتي عَجِزَتْ *** عَنْهَا العُقُولُ وَفِيها الفِكْرُ قَدْ تاها(5)
صَلَّى عَلَيْكِ إِلهُ العَرْشِ مَا طَلَعتْ *** شَمْسُ الضُّحَى وَجَرتْ فُلْكُ بِمَجْراها
ص: 250
(بحر المجتث)
الأستاذ عبد العزيز العندليب(*)(1)
يا بَضْعَةَ المُصْطَفَى طه *** يامَن بِها الفِكرُ قَدْ تَاهَا(2)
يا مَن غَدا العَقْلُ مَبْهُوتاً *** حَيْرانَ في دَرْكِ مَعْنَاهَا
يا مَن بَرَاهَا فَأَصْفَاهَا *** رَبُّ البَرايا وَزكّاهَا(3)
وَالمَجْدَ وَالعِزَّ أَوْلاَهَا *** وَالخَيْرَ وَالفَضْلَ أعطَاهَا
يا مَن إلهُ الوَرَى يَرْضَى *** لِكُلِّ مَنْ كانَ أرضَاهَا(4)
ص: 251
رَيْحَانَةُ المُصْطَفَى الهَادِي *** عَمَّ الدُّنَى طِيبُ رَيّاهَا(1)
نالَت مِنَ الفَضْلِ أَقْصاهُ *** وَمِنْ ذُرَى المَجدِ أعلاَهَا
زَهْراءُ يا آيَةَ البارِي *** في (لَيْلَةِ القَدْرِ) أَجْلاَها(2)
يا أُسْوَةَ الخَيْرِ وَالتَّقْوَى *** لِكُلِّ مَن يَعْرِفُ اللَّهَ
قَدْ فُقْتِ كُلَّ النِّسا قَدْراً *** اللَّهَ ما أَعْظَمَ الجَاهَا
یا كَوْثَرالفَضْلِ وَالنُّعْمَى *** وافَی بِهِ رَبُّهُ طه
يَا مَن سَمَتْ في مَعالِيها *** وَأعجَزَ الوَهْمَ مَرقَاهَا
ما كانَ أعْلَى مَزَايَاها *** حَقّاً وَأَحْلَى سجَايَاهَا(3)
طُوبَى لِمَنْ قَدْ تَولاّهَا *** وَوَيْلُ مَنْ كانَ عادَاهَا
يا رَبِّ إِنّا تَوَجّهْنَا *** إِلَيْكَ في يَوْمِ ذِكرَاهَا
فآتِنا مِنْكَ ما نَرْجُو *** وَمِن مُنَى النَّفْسِ أَقْصاها
و (ديرةَ الخيرِ) فَاحْفَظْها *** وَفُكَّ يا رَبِّ أَسْرَاهَا(4)
ص: 252
(بحر الخفيف)
الشيخ عبد الله الوائل الأحسائي(*)(1)
قال هذه القصيدة في مدح ورثاء النبي صلی اللّه علیه و آله وسلم وأهل بيته علیهم السلام. وقد جارى بها قصيدة الأزري، وعدد أبياتها (1524) بيتاً، وقد بدأها بالنّسيبِ على ما تعارفه غيره من سائر الشعراء:
هذِهِ رامَةٌ وَهذِي رُبَاهَا *** فَاحْبِسا الرَّكْبَ سَاعةً في حِمَاها(2)
وَأَنِيْخا بها المَطَايا وَمِيلاً *** لِلثَّرَى وَانْشُقَا أَرِيجَ شَذَاها(3)
وَقِفَا بي ولو كَلَوْثِ إِزارٍ *** عَلَّ نَفْسي تَنالُ منها مُناها
واسألالي طُلُولَها عَنْ ظُعُونٍ *** سَارَ قَلْبِي لِسَيْرِها وَتَلاَها(4)
وَأُؤَدِّي لَهَا يَسِيرَحُقُوقٍ *** مِنْ كَثِيرٍ وأَيْنَ مِنّي أَدَاها
بِمَغَانٍ حَوَتْ حِسَانَ غَوَانٍ *** تَتَوارى الشُّمُوسُ حَوْلَ ضِيَاها(5)
مِنْ ظِباءٍ کَوَانِسٍ بِخُدورٍ *** حَجَبَتْها لُيُوثُها بِظُبَاها(6)
ص: 253
يا خَلِيلَيَّ لاتَلُوما خَلِيعاً *** خَلَعَتْ نَفْسُهُ غَرَامَ سِوَاها(1)
وَاسْعِدَانِي سُعِدْتُما في غَرَامِي *** إِنَّ خَيْرَ الصِّحَابِ أَهْلُ وَفَاها
أَوْدَعَاني بِها أَبُثُّ شُجُوناً *** كَلَّمَتْ مُهْجَتي حُدودُ مُدَاها(2)
أَنَا فيها مُتَيَّمٌ وَغَرَامِي *** شَاهِدٌ أَنَّنِي قَتِيلُ هَوَاها؟
كيفَ تَهْوَى المُلاَمَ نَفْسُ مُعَنًّى *** كَثْرَةُ اللَّوْمِ في الهَوى أَغْراها
مالِنَفْسِي ولِلسُّلُوِّ وَهَذَا *** دَمُها أَهْرَقَتْهُ سِرْبُ دُمَاها(3)
صَبَّرَتْهُ خِضَابَها لأَكُفٍّ *** وَخُدودٍ قَضَيْتُ مِنْ قُبْلاَها
لَسْتُ أَنْسى وَكَيْفَ أَنْسى زَمَاناً *** قَدْ تَجَلَّتْ أَيَّامُهُ بِصَفاها؟
إلى أن يقول:
وزَوى نِحْلَةَ البَتولِ وَعَنْ إِرْثِ *** أَبِيها النَّبِيِّ قَدْ أَقْصَاها(4)
وَعَلى دَارِها دَارَها حَرِيقَ *** النَّارِ في عُصْبَةٍ له أَغْراها(5)
ص: 254
أُمُّها أَدْلَمٌ وأَدْلَمُ لازالَ *** في كُلِّ فِتْنَةٍ أَوْلاها(1)
لا رَعَى اللَّهُ أَدْلَما أيُّ دارٍ *** رَاعَها بِاللَّظَى وما رَاعَاها(2)
تِلكَ دَارٌ عَزَّتْ لَدَى اللَّهِ شَأْناً *** وبِتَنْزِيلِ وَحْيِهِ قَدْ حَباها
تِلكَ دارٌ بها نَشَا أَصْلُ طُوبَى *** وَالبَرَايَا تَعِيشُ في أَفْيَاها(3)
تِلكَ دارٌ حَوَتْ نُفُوسا إِذَا مَا *** نُمِيَتْ لِلنَّبِيِّ كانَ انْتِماها(4)
وَهْيَ في الأَرْضِ خِيرَةُ اللَّهِ فِي الخَلْقِ *** وَاللُّطْفُ الخَفيُّ في إِبْقاها(5)
حَيْدَرٌ والبَتُولُ فَاطِمَةُ الطُّهْرُ *** وُغُرُّ الوُجوهِ مَنِ ابْناها
أَمِنَ العَدْلِ أَنْ تُشَبَّ عَلَيْها *** النَّارُ وَاللَّهُ قَدْ أَعزَّ حِمَاها؟
أيُّ نَارٍ أَورى عَلَيْها لأَمْرٍ *** حَسْبُهُ أَنَّهُ غَداً يَصْلاها(6)؟
تِلكَ نارٌ مِنْ وَقْدِها مَالِكُ النَّارِ *** عَلى أَهْلِها بِهِ أَوْراها
لَسْتُ أَنْسى البَتُولَ حينَ أَتَتْهُ *** وَمِنَ الرَّوْعِ قَدْ أُرِيعَ حِجاها
تَبْتَغِي رَأْفَةً فلم تَرَ الاّ مِنْهُ *** ضَرْباً بهِ وَهَتْ جَنَباها(7)
مِنْهُ أَلْقَتْ جَنِينَها وَهْوَ لَمَّا *** يَرْعَوِي مِن فَظِيعةٍ قَدْ نَحَاها(8)
وجَرى ما جَرَى بِحَيْدَرَةٍ مِنْ *** مُفْظِعَاتٍ لَمْ أَسْتَطِعْ إِمْلاَها
ص: 255
يَا لَقَوْمِي مِنْ مِحْنَةٍ أَوْرَثَتْنا *** ثَلْمَةٌ لَيْسَ يَلْتَقِي طَرَفَاها
أَبهَذا أَوْصى النَّبِيُّ بأَنْ تُؤذَى *** ذَرُوهُ الكرام في دُنْيَاها؟
أَبِنَصُ الكِتَابِ قَدْ خَصَّها اللَّهُ ***بِهَذا دُونَ الوَرى وَقَلاها؟
وِلتَيْمِ الوَلاَ وَ رِجْسِ عَدِيٌّ *** وَ هُمَا الأشْقَيانِ في أشْقِياها
زَحْزَحًا صِنْوَهُ اللَّصِيقَ وَداقا *** بَعْدَهُ لِلبَتُولِ ما أَضْناها(1)
أَوَمَا قَالَ أَحْمَدُ الظُّهْرُ فيها *** فَاطِمٌ بَضْعَتِي مِرَاراً حَكَاهَا؟(2)
فَرِضَاها رِضَايَ في كُلِّ حَالٍ *** وأَذائِي مُسْتَجْلَبٌ مِنْ أَذاها
لَعَنَ اللَّهُ مَنْ تَجَرَّى عَلَيْها *** وَ رَعَى اللَّهُ مُؤْمِناً رَاعَاها
بِأَبي دُرَّةُ الجَلالَةِ في سُوقِ *** البَلاَيا بِهِنَّ كَانَ اشْتَراها
دُرَّةٌ قَدْ عَلَتْ لَدَى اللَّهِ شَأناً *** وَ بِحُسْنِ الحِفَاظِ تُسَامُ في بَلْوَاها(3)
بَعْدَمَا أُودِعَتْ لَدَى صَدَفِ الحِكْمَةِ *** أَضْحَتْ تُسامُ في بَلْوَاهَا
جَلِيَتْ بَيْنَ كُلِّ وَغْدٍ دَنِيَّ *** وَ عَزِيزٌ عَلَى الجَلالِ جَلاها
حَجَرُ الحِكْمَةِ الَّذِي مِنهُ سَالَتْ *** أَعْيُنُ أَنْعَمَ الوجودَ نِدَاها(4)
كُنيَتْ في الوَرَى بِأَمْ أَبيها *** حَسْبُها سُؤدداً بهِ وكَفَاها(5)
ص: 256
فَطَمَتْ مَنْ أَحَبَّها مِنْ لظى النَّارِ *** وَ اللَّهُ فَاطِماً أَسْمَاها(1)
وَ بِزَهْرَاءٍ لُقِّبَتْ حَيْثُ أَنْ قَدْ *** أَزْهَرَ الكَوْنُ مِنْ جَمَالِ بَهَاها
بِأَبِي وَ البَنِينَ وَ النَّفْسِ مِنِّي *** أَفْتَدِيها وَ قَلَّ مِنِّي فِداها
يَوْمَ جَاءَتْ أَبا الشرورِ وَ فِيها *** قَبَسَاتُ الأَسَى تَشُبُّ لَظَاها(2)
قَدْ اَلَمَّتْ بِقَلْبِها زَفَراتٌ *** قَلَّبتْها على مَقَالِي جَوَاها(3)
زَفَراتٌ بِقَلْبِها كَرَبَتْ أَنْ *** تَنْسِفَ الكائناتِ في أَفْنَاها
لَكِنِ اللَّهُ بِالوَصِيِّ عَلِيٍّ *** وَ بِشِبْلَيْهِ وَ البَتُولِ وَقَاها
تَشْتَكِي وَ المُهَاجِرين مَعَ *** الانْصارِ قَدْ أَحْدَقَتْ به زُعماها(4)
وَ تُنَادِي بِهمْ وَ كُلُّ لَدَيْها *** مُظرِقٌ لايَعِي بَليغَ نِدَاها
ص: 257
أَيُّهَا النَّاسُ كَيْفَ أُظْلَمُ فِيما *** بَيْنِكُمْ نِحْلَتي وَ إِرْثِي شِفَاهَا
وَ بمَرْآكُمُ جَمِيعُ اهْتِضَامي *** مِنْ مُرِيدَيْنِ أَقْصَياني سَفاها(1)
أَبِهَذا أَوْصاكُمُ اللَّهُ فِينَا *** و أَبِي لي وَصِيَّتي أَخْفاها؟
وَ بِأَمِّ الكِتَابِ أَنْزَلَ «قُلْ لا» *** وَ هْيَ فينا وَ كُلُّكُمْ قَدْ تَلاها
وَ بِإِرِثِي يقولُ «يُوصِيكُمُ اللَّهُ» *** وَ كُلُّ الوَرَى بِهَذِي عَنّاها
لِمَ أَبْتُرُّ ما لَدَيْكُمْ تُراثِي *** وَذِهِ النَّاسُ أَوْرَثَتْ آباها؟(2)
أوْ تَقُولُونَ إِنَّنَا أَهْلُ دِينٍ *** لَيْسَ مِنْ دِينِكُمْ وَذَا أَدْهَاها
أَأَبِي قَالَ دِينُ آلِي فِيكُمُ *** مِلَةٌ وَحْدَها وَ دِينِي سِواها؟
أوْ تَقُولون إِنَّ آل النَّبِيِّينَ *** مِنْ بَيْنِها قَدِاسْتَثناها
آيَةٌ خَصَّتِ الأباعِدَ بِالإرْثِ *** وَ لِلآلِ نَضُها أَقْصَاها
أَوَمَا قَدْ أَتى بايَةِ دَاوُودَ *** بأَنْ قَدْ تَوَرَّثَتْ أَبْنَاها؟(3)
وَ بِأَخرَى مُذْ قَدْ دَعَا زَكَريَا *** رَبَّهُ دَعْوَةٌ له أَخْفَاها
أَوَمَا قَالَ رَبِّ هَبْنِي وَلِيّاً *** وَ جَمِيعُ الوَرَى وَعَتْ مَعْناها؟(4)
أَمْ هُما في الأَنامِ غَيْرُ نَبِيَّيْنِ *** لَهُمْ وَ النُّبُوَّةَ ادَّعَياها
وَ الكِتَابُ المُبينُ أَعْرَبَ عَنْ أَنَّهما *** مِنْ إِلهِهِ انْتَحلاها
أنْصِفُونِي فَإِنَّني ابْنَتُهُ دُونَ *** رِجالاتِكُمْ وَ كُلِّ نِساها
وَإِذا ما أَبَيْتُمْ غَيْرَ هَضْمِي *** لِمُضِلَّيْنِ بُلْغَتِي انْتَزَعاها
حَكَمَ اللَّهُ وَ الخَصِيمُ أَبِي والسِّجْنُ *** نَارٌ تَرَوْنَ حَرَّا أَصْطِلاها
ص: 258
فَأَصَرُّوا وَاسْتَكبَرُوا اسْتِكْباراً *** كَالسُّكَارَىٰ وَ لَمْ يَعُوا دَعْواها
جَرَّعُوها مِنَ الجَفَا غُصَصاً قَدْ *** أَوْرَدَتْها بورْدِهِنَّ جَفاها(1)
يَا أَخِلَّايَ فَاعْجَبُوا مِنْ نُفوسٍ *** بَذَلَتْ جُهْدَها بِمَحْضِ جَفَاها
لم يَفِدْ وَ عْظُها بها وَ هُيَ فيها *** شَابَهَتْ بَعْلَها تُقَى وَ أَبَاها
وَ كَفَاهَا بِأَنَّها هِيَ إِحْدَى كُبَرٍ *** أَنْذَرَتْ بها عَنْ غَواها
قَدْ زَكَتْ ذَاتُها وَ لَوْلاً زَكَاها *** ما مِنَ الرِّجْسِ رَبُّها زَكَّاها(2)
وَ هيَ فيها مواقع لِنُجومٍ *** نُورُها مُشْرِفٌ عَلى أَرْجاها
قَدْ تَجَلَّتْ جَلالةُ اللَّهِ فيها *** لِلبَرايا فَطابَ فيها اجْتِلاها
فَهْيَ قرآنُهُ الكَريمُ وَ تَفْصِيلٌ *** لآياتِ الهُدَاةِ مِنْ أَبْناها
قَسَماً بالسَّمَا َو رَبِّ بَناها *** وَ مِهَادٍ مِنْ تَحْتِها قَدْ طَحاها(3)
وَ جِيادٍ ضَوايحٍ شامِسَاتٍ *** بِسُرَاتٍ تَدَرَّعتُ بإباها(4)
ص: 259
وَ مَهارِ بِسَيْرِها رَاقِصَاتٍ *** وَ إِلَى البَيْتِ سَيْرُها وَ سُرَاهَا(1)
إِنَّ تلكَ النُّفُوسَ أَمْرَضَها الكُفْرُ *** وَ أَعْيَا الطَّبِيبَ منه دَواها
أنْفُسٌ ذُو الجَلالِ لَمْ يَخْلُقِ النّيرَانَ *** إلالَهَا لِكَيْ تَصْلاها
عُذْيَتْ مَنْ إلى الدَّواهِي وَ مِنْ *** أَخْلافِ أَخْلاقِهِ بما قَدْ دَهاها(2)
شَارَكَتْهُ بما جَنِّى وَ هُيَ مَعْ ذا *** تَدَّعِي أَنَّها أَصابَتْ هُداها
ما لها وَ الهُدَى وَفي ظُلْمَةِ الجَهْلِ *** أَبُوجَهْلٍ كُلّها أَهْواها
ذاتُ سُوءٍ تَذَوَّتَتْ كُلَّ ذاتٍ *** مِنْ ذَواتِ الصّلالِ مِنْ طِخْياها(3)
مُجْرِياً ظُلْمَهُ على كُلِّ نَفْسٍ *** مِنْ لَدُنْ آدمٍ إلى مُنْتَهَاهَا
ظُلُماتٌ أَبْعَاضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ *** وَ عَلَيْهِ اسْتَدارَ لُجُّ عَمَاها(4)
كَيْفَ يُرْجَى خَلاصُهَا وَ هْيَ مِنْهُ *** كُوَّةٌ تَسْتَمِدُّ مِنْهُ اسْتِواها
ضاقَتِ الأَرْضُ مِنْ دَواهِيهِ حَتَّى *** عُدَّ مِنْها لأَنَّهُ مُسْتواها
وَ مُذِ اسْتَكْمَلَتْ لَهُ دَرَكَاتٌ *** فِي لَظَى ثُمَّ آنَ أَنْ يَلْقاها
نَصَّ بِالأمْرِ في الخِلافَةِ لِلرِّجْسِ *** أَخِيهِ وَ عَنْ عَلِيٍّ لَوَاهَا
عَجَبٌ مَا أَتَى وَ أَيُّ عَجيبٍ *** وَ هْيَ حال قَدْ أَعْجَبَتْ مَنْ وَعاها
هُوَ بِالأمس مُنْكِرُ خِيرَةَ الرُّسل *** بِإِيصاء مَنْ لَهُ يُعْطاها(5)
ص: 260
وَ هُوَ أَوْصى بها إِلَيْهِ وَ لَمَّا *** يَدَعَ النَّاسَ تَقْتَفِي أَهْواها
لَيْتَ شِعري أهذهِ سُنَّةٌ كانَ *** أزكى العِبَادِ قَدْ أَخْطاها؟
وَ هُوَ فيها اهْتَدى وَ أَحْمَدُ في النَّاسِ *** مِنْ قَبْلُ ضَلَّ عَمَّا أَتَاها
إِنْ تَكُنْ سُنَّةٌ مِنَ اللَّهِ فَاللَّهُ *** بِهِ لِلْعِبادِ قَدْ أَجْرَاها
وَمَتى أَبْصِرَ النَّبِيُّ دَعَا النَّاسَ *** لأَمْرِ و نَفْسُهُ يَنْهاها
يَا لَقَومِي لِمَاجَنَاهُ عَدِيٌّ *** مُذْ علی کَوْرِها اسْتَوی بِوَلاها(1)
فَلَكَمْ سُنَّةٍ بها عَفاها *** وَ أَبَاطيلَ قَدْ أَشَادَ بِنَاها
بَاذِلاً جُهْدَهُ بإِخفاءِ أَحْكامِ *** نَبِيَّ الهُدَى بِجَعْلِ سِوَاها
وَ بِآلِ النَّبِيِّ لازالَ يُغْرِيِ *** النَّاسَ مِنْ بُغْضِهِ عَلى بَغْضاها
مُسْتَطِيلاً بِحِفْظِها وَ إذا مَا *** أَمَّهُ مُعْضِلٌ أَبَانَ عُلَاها(2)
وَ مِرَاراً يَقولُ لَوْلاً عَلِيٌّ *** عُمَرٌ هالِكٌ كَثِيراً حَکَاها(3)
وَ هْيَ منه جَرَتْ بِغَيْرِ اخْتِيِارٍ *** لَكِنِ اللَّهُ مِنْهُ قَدْ أَبْدَاها
لِتَرَى فِرْقَةٌ قَدِ ائْتَمَنَتهُ *** دِينها أَنَّها عَدَتْ مَنْجاها
ص: 261
لَمْ يَزَل هكذا إلى أَنْ أَجابَتْ *** نَفْسُهُ في اللَّظى دَواعِي شَقَاها
ثُمَّ في صُحْبَةٍ أَشَارَ لِشُورَى *** فَأَشارَتْ بِبَغْيِها شُورَاهَا
أَنْ يكونَ الزَّعِيمُ فيها ابنُ عَفَّانَ *** وَ مَا أَبْصَرَتْ بِسَيْلِ خَطاها
جَعَلَتْ حَيْدراً بها وَاحِداً مِنْها *** وَ عَنْهُ قَدِ اسْتَدارَتْ سِفاها
لَمْ تَدَعْهُ بها سِوَى لِلمُمارَاةِ *** بِهِ فَاسْتَبانَ فِيه مُرَاها(1)
فَسَعَى نَعْثَلٌ بها سَعْيَ مَنْ كَانَ *** مِنْ قَبْلِهِ وَ بَعدُ جَفَاها(2)
وَ بِهَا قَرَّبَ الأباعِدَ مِمَّنْ *** كانَ طَهَ عن دِينِهِ قَدْ نَفاها
مِثْل مَرْوانَ وَ الطَّلِيقَ ابْنَ سُفيانَ *** مع آلِهِ وَ هُمْ طُرَدَاها
ثُمَّ أَفضَى لها الخِلافَةَ سِرّاً *** لِيَكِيدَ الهُدَاةُ مِنْ أُمَنَاها
فَاسْتَطالَتْ لها القُرودُ على الأشدِ *** وَ مَنْ قَبْلُ أَحْمَدُ قَدْ رآها(3)
وَ هْيَ تَنْزُو بِظُلْمِها فَوْقَ أَعُوادِهِ *** عَدْراً قَدْ حَمَّ مِنْها أَذَاها
بَلْ هِيَ الدَّوْحَةُ التي لَعَنَ اللَّهُ *** و فِي الذِّكْرِ مَقْتُهُ قَدْ عَناها
ماسمعناخَليفةً لِنَبِيَّ *** قَطُّ أَعْدَاهُ غِيرَةً أَدْنَاهَا(4)
ص: 262
(بحر الكامل)
الأستاذة عزيزة صندوق
نُورٌ أَضَاءَ الكَوْنَ لايَتناهى *** باهَتْ بِطَلْعَتِهِ السَّماءُ وَ طَهَ
حَقَّتْ بِمَهْدِ النُّورِ أَفْضَلُ نِسْوَةٍ *** حَنَّتْ مَلائِكُ ربِّنا تَلْقاها(1)
وَ تَعطَّرَتْ أرْجاءُ مَكَّةَ وَ ازْدَهَتْ *** أَرْضُ الحِجَازِ بِهَا وَ طَابَ ثَراها
أَلحورُ تُهْرِقُ كَوْثَراً مِنْ خُلْدِها *** وَ اللَّهُ أَحْسَنَ صورَةٍ أَعْطاها(2)
اللَّهُ أَكْبَرُ فاطِمٌ قَدْ أَقْبَلَتْ *** مَلأ الدُّنا وَ الخافِقَيْن سَناها
صِيغَتْ مِنَ الأَنْوَارِ تُبْهِرُ مَنْ رأى *** فَأَتَتْ فَريدَةَ دَهْرِها بِبَهاها
في يَوْم مَوْلِدِها السّلامُ لِفَاطِمٍ *** وَ مَحَبَّةٌ مِنْ مُهْجَتِي أَقْراها
رُبِّيتِ في كَنَفِ النُّبُوَّةِ و التُّقى *** تَحْمِيكِ عَيْنُ خَديجَةٍ وَ دُعاها
تَرجو إله العرشِ حِفْظُكِ مِنْ أَذِى *** وَ هُوَ العَلِيمُ بهَمْسِهَا وَ هَواها
ص: 263
تَرويكِ مِنْ فَيْضِ المَحَبَّةِ نَهْلَةً *** وَ تَشُمُّ نَحْرَكِ كَيْ تَبَلَّ صَدَاها(1)
وَ مُحَمَّدٌ يُؤْوِيكِ بَيْنَ ضُلُوعِهِ *** وَ النَّفْسُ تَسْكُنُ إذ رأَتْ مَأَواها(2)
شَرَفٌ تَفَضَّلَتِ السّماءُ بِمَنْحِهِ *** خَيْرَ النّساءِ فَتُوجَتْ بِعُلاها
هِيَ كَوْثَرٌ حُورِيَّةٌ صِدِّيقَةٌ *** بَلَغَتْ كمالَ الخَلْقِ في مَحْياها
مَنْ كَالبتول بِنُسْكِها وَ عَفَافِها *** مَنْ مُثلُها في زُهْدِها وَتُقاها؟(3)
مَنْ هاجرتْ وَالدِّينُ قائِدُ رَكْبِها *** وَ البِشْرُ وَ الإيمانُ في مَسْراها؟
مَنْ قَدَّمَتْ للدِّينِ خِيرَةَ وُلْدِها *** أَعْطَتْ وَ لَمْ تَغْتَر فِي دُنْيَاهَا؟
عِلْمٌ و حِلْمٌ عِفَةٌ وَ مُروءَةٌ *** وَ الصَّبْرُ في اللأَوَاءِ بَعْضُ سَماها(4)
لاغَرْوَ إِنْ هِيَ كَابَدَتْ أَوْ عُذِّبَتْ *** فَالنَّصْرُ لِلإِسْلام كُلُّ مُناها
العِلْمُ يَنْهَلُ صافياً مِنْ نَبْعِهِ *** وَ الوَحْيُ يَهْبِطُ كَيْ يُعَلِّمَ طَه
فسَقاهُ ربِّي مِنْ بُحورِ عُلومِهِ *** وَ مُحَمَّدُ لِبَتُولِهِ لَقَّاها
وَ اخْتَارَ رَبُّ العَرْشِ أَفْضَلَ خَلْقِهِ *** فَامْتَازَ رَبِّي بَعْلَها وَ أَباها
قَدْ بَارَكَ الرّحمن آل المُصْطَفَى *** فَمُحالُ أنْ تَلْقَى لَهُمْ أَشْباها
ص: 264
وَ مُقَدّرٌ في عِلْمِ غَيْبِ إلهِنا *** هُمْ سادَةُ البَطْحاء مُنْذُ دَحاها(1)
زَهْراءُ رُوحِي وَ هْيَ بَضْعَةُ أَحْمَدٍ *** يَأْوِي لها يُؤْذِيهِ مَنْ آذاها(2)
أَعْطَتْ سِنينَ حَياتِها إِسلامَها *** وَ يَزِيدُ عَنْ ذاكَ العَطَاءِ جَزاها(3)
فَسَقَى هَوَاهُ دَماً لِفِلْذَةِ قَلْبِها *** وَ رَمَى بِظَاهِرِ جِلَّقٍ أسْراها(4)
لالَنْ تَكونَ فواطم أسطورَةٌ *** أَوْ صَفْحَةٌ كَفَّ القَضَاءِ طَواها
يَكْفِي لفاطِمَ أَنْ نَقولُ بِمَدْحِهَا *** لَمْ يَبْقَ دينُ مُحَمّدٍ لَوْلاها
يا آيةٌ حَوَتِ الفَضَائِلَ كُلَّها *** مِنكِ القَصَائِدُ أَلْحَمَتْ مَعْنَاها
فَفَضَائِلُ الزّهراءِ يُعْيِي حَصْرُها *** عَبَثاً يُحَاوِلُ مُدَّعِ إِحْصاها(5)
مَهمَا وَصَفْتُ فَإِنْ شِعْرِي قاصِرٌ *** فَالوَصْفُ يَعْجَرُ عَنْ بُلوغٍ مَداها
لالَنْ تَكُونَ كما ادعى أَعْداؤُها *** زَهْرَاءُ أَعْظَمُ أَن يُنالَ عُلاها
فَوَلاؤُها فَرْضٌ بِأَعْناقِ الوَرى *** وَ قُلوبُنا لاتَرْتَضِي بِسِوَاها(6)
امنَحْ إلهي رَحْمَةً أَبْناءَها *** شَفَعْ بِنَا يَوْمَ الحِسَابِ أَباها
أَیْتَامُها نَحْنُ الضُّعَافُ وَ حِزْبُها *** لَمْ نَدْرِ ما دَرْبُ الهُدى لَوْلاها
کَمْ زادَنا عزّاً بِفَاطِمَ عِنْدَما *** أُمّاً لِنَفْسِ مُحَمّدٍ أَسْماها
ص: 265
مُهُمَا أَقمْنا فَالحَيَاةُ هُنَيْهَةٌ *** وَ الرُّوحُ رَاجِعَةً إِلَى مَوْلاها
وَاللَّهُ أَنْزَلَ في جَليل كِتَابِهِ *** نَفْسُ الشقاوةِ خابَ مَنْ دَسّاها
أمَّا التَّقيُّ ففي النَّعيمِ مُقامُهُ *** قَدْ فَازَ كُلُّ مُوَحَدٍ زَكَّاها
فَمُبَارَكٌ يا آلَ أحْمَدَ عَيْشُكُمْ *** فَنُفُوسُكُمْ وَجَدَتْ هُناكَ حماها
فالصدرُ في دار الخُلُودِ لأَحْمَدٍ *** وَ يَطُوفُ حَيْدَرُ حَوْلَهُ وَ ابْنَاها
رَبَّاهُ عَهْداً لَنْ نَحِيدَ بِخُطوَةِ *** لنُتَابِعَنَّ السَّيْرَ في مَسْراها
فَحَيَاتُها مِنْهاجُنا وَ نَجَاتُنا *** وَ مَدَى الحَياةِ سَنَقْتَدِي بِهُداها
مَنْ يُرْضِها يَظْفَرُ بِجَنَّةِ رَبِّهِ *** فَرِضا البتولةِ مِنْ رِضَا مَوْلاها(1)
ص: 266
(بحر الخفيف)
الشيخ علي بن حسن الجشي
كُلُّ نَفْسٍ لَمْ تَتَّبِعْ أَهْواها *** أَدْرَكَتْ في المعادِ أَقصى مُناها
وَ لَقَدْ نَوَّهَ النَّبيُّ بِذِكْرَى *** فاطِمِ وَ ارْتِضائِها وَ اجْتِباها
فَتَوَلَّوْا مُسْتَكْبِرِينَ كَأَنْ *** لم يَسْمَعُوا مَدْحَها وَ طِيبَ ثَناها
صَغَّرتْ قَدْرَها و قَدْ شاهِدَتْ مِنْ *** جُمَلِ الفَضْلِ جُمْلَةً لاتَناهى
وَرأَوْا عِزّةً لَهَا لَمْ تَنَلُها *** ذاتُ عِزّ في العالَمينَ سِواها
وَ هْيَ مَخدومَةُ المَلائِكِ كُلِّ *** فَخْرُهُ أَنْ يَنَالَ مِنْها رِضاها
كَيفَ لا وَهْيَ بِنْتُ خَيْرِ نَبِيَّ *** سَادَ مَنْ في سمائها وَثَراها
ضَرَبَ الدَّهْرُ ضَرْبَةً فإذا النّارُ *** تَلَظَّى ظُلماً بِبَابِ فِناها
لَمْ يَرَوا حَرْقَهُ بِمَنْ فيه أمراً *** مُنْكَراً فِعْلُه وَ عَنْهُ تَناهى
وَ عَلَيْهَا فِي بَيْتِها وَ هْيَ حَسْرَىٰ *** هَجَمُوا أَسْقَطُوا جَنِينَ حَشاها
لطَمُوا الخَدَّ لطْمَةً أَوْرَثَتْها *** حُمْرَةَ العَيْنِ لَيْتَ نَفْسِي فِداها
كَسَرُوا الضِّلْعَ وَرَّمُوا المَتْنَ وَ الجَنْبَ *** بِضَرْب السِّياطِ ما أَجْفاها!(1)
ص: 267
يَا بِنَفْسي مَحْرُومَةٌ مِنْ تُرَاثٍ *** مِنْ أَبيها وَ نِحْلَةٍ أَعْطاها(1)
فَأَتَتْ مَسْجِدَ النَّبِيِّ بِعَيْنٍ *** ماؤها لم يَقُمْ بإطفا جَواها
ثُمَّ أَنَّتْ بِأَنَّةٍ أَجْهَشَ القَوْمُ *** لها بالبُكا وَ هُمْ أَعْداها
فتأَنَّتْ عَنِ المَقالِ إلى أَنْ *** سَكَنُوا مِنْ نَشِيجِهِمْ لِبُكاها(2)
ثُمَّ أَلْقَتْ مَقَالة حار فيها *** حُكَماها وَ أَخْرَسَتْ بُلغاها
وَ أَبانَتْ هُنا لِكُمْ حِكْمَةَ التّكْوِین *** لِلْخَلْقِ وَ افْتِراضِ وَلاها
وَ تَجلّى الحَقُّ الصُّراحُ عِياناً *** و رَأَوْهُ كَالشَّمْسِ رَأْدَ ضُحاها(3)
فَطَوَوْا كُلَّ حُجَّةٍ نَشَرَتْها *** بِحَدِيثِ مُخَلَّقٍ بِافْتِراها
وَ اسْتَغانَتْ بِالمُسْلِمِينَ فَأَغْضَى *** الكُل عَنْها وَ لَمْ يُلَبُوا نِداها
أهْيَ تَشْكُو مِمَّنْ سِواها إِلَيْها *** أَمْ إِلَيْهَا مِنْها المتدت شَكْواها!
لَسْتُ أَنْسى عِتابَها لِعليِّ *** حينَ آبتْ مَرْغُومة بِجَواها
أنْتَ مَنْ وَ ابْنُ مَنْ ويُعْصَبُ حَقي *** بأباطِيلِها وَ أَنْتَ تَراها؟
وَ أَبوك الحامِي أَبِي مِنْ قُرَيْشٍ *** حِينَ هَمَّتْ به بماضِي شَباها(4)
وَ بِمَاضِيكَ كَمْ كَشَفْتَ كُروباً *** عَنْهُ إِذْ فرَّ صَحْبَهُ في وَغاها
أنتَ سيفُ الإلهِ ضارِبُ عَمْروٍ *** ضَرْبةٌ فَخْرُهَا لِيَوْمِ جَزاها
كَيْفَ لم تَحْمِني مِنَ القَوْمِ بالسَّيفِ *** وَ شَأْنُ الرجالِ تَحْمِي نِساها
كُنتُ في عِزّة على بابِ داري *** يَطْلُبُ الإذنَ والدي إن أتاها
ص: 268
وَ بِمَرْأَى وَ مَسْمعِ مِنْكَ قَهْراً *** دَخَلُوا حيثُ لاخِمارَ فِناها(1)
وَ تَحَمَّلْتُ مِنْهُمُ فيكَ ما لَمْ *** أَسْتَطِعْهُ وَ مَا كَفَفْتَ أَذاها
لَيْتَني مُتُّ قَبْلَ ذُلّي وَمَنْ لَمْ *** تَرْتَضِ الذُّل كان فيه مُناها
لاتَخَلْ عَنْبَها عَلَى المُرْتَضى عَنْ *** سُخْطِ فِعْلٍ أَتاهُ لاوعُلاها
كَيْفَ لَاتَرْتَضِي فِعال عليَّ *** وَ هُوَيَقْفُو في كُلِّ فِعْل أباها؟
هِيَ مَنْ يَسْخَطُ الإِلهُ وَ يَرْضَى *** عِنْدَ سُخْطٍ مِنْهَا وَ عِنْدَ رِضاها
أترى يَسْخَطُ الإله وَ يَرْضى *** لِرِضاها لو كان عَنْ أَهْواها
يا بِنَفْسي عَلِيمَةً كَانَ فيما *** صَنَعَتْهُ أَحْيا شَريعَةَ طه
كَشَفَتْ عَنْ سَرائِرِ القَوْم فيما *** فَعَلَتْهُ وَ بَانَ خُبْثُ انْطِواها
وَ لِسُخْطٍ مِنْهَا عَلى القَوْمِ أَوْصَتْ *** لِعَليَّ بدَفْنِها في دُجاها(2)
فَهُنَاكَ ازْدادوا عُنُوا وَ هَمُّوا *** مِنْ عِنادِ أن يَنْبُشُوا مَثْواها(3)
ص: 269
(بحر البسيط)
الأستاذ علي عبد اللطيف البغدادي(*)(1)
من أيِّ بابٍ يراعُ المدحِ يدخلها؟ *** من ألف بابٍ بإحداها تكاملُها
و كيفَ لاشيء يأتي الشيء أجمعهُ *** و كيف يدرك مغزاها مُبَجّلها
و كيف يُدرِكُ عمقَ البحرِ ساحلُهُ *** و هي البحارُ و ما بانت سواحلُها؟
بل كيف يجرؤ حرف أن يكلِّمَها *** و أحرفُ اللَّه (بالتطهيرِ) تحملُها؟
ص: 270
وما يُقالُ لمن في «هل أتى» عظمتْ *** و «قل تعالوا» بها حقتْ منازِلُها
لكنّها قطرةٌ من فيضِ وابلِها *** و قولةٌ هام بالزهراءِ قائلُها
عسى شفاعتُها في الحشرِ تشملُهُ *** إذ خيرُ (مدخل صدق) لهوَ مدخلُها
و تلك قربان روحٍ علِّ تقبلُها *** وَ أدمعٌ من ضميرٍ جلِّ مُنْزِلُها
مولاةُ كل نساءٍ الكونِ أجمعِهِ *** فما على الأرضِ حوّاءٌ تُشاكلْها
فكلُّ مقولِ حمدٍ حينَ يحمدُها *** يعيا فكلُّ صفاتِ الحمدِ تشملُها(1)
هي البيانُ بلانطق فإنْ نَطَقَتْ *** فالحقُّ ترسلُهُ شمساً و يرسلُها
بتولُ صديقةٌ زهراءُ طاهرةً ***حوراءُ إنسيّةٌ تمّتْ فضائلُها
شفيعةٌ لمواليها مشفّعةٌ *** بأي وجهٍ مُعاديها يُقابلُها؟
يرضى الإلهُ إذا ترضى ووالدُها *** و النارُ موعدُ من بالفضلِ يغفلُها
فويلُ من قد بكتْ من غدرهِ الَمَاً *** و ويلٌ مَنْ بضعةُ المختارِ يخذُلها
و لا يجوزُ صراطَ اللَّه مبغضُها *** بها الجنانُ عِبادُ اللَّه يدخلُها
ص: 271
(بحر الخفيف)
الشيخ فرج العمران القطيفي(*)(1)
هِيَ شَمْسٌ رِدا الكمالِ تَرَدَّتْ *** وَ بِبَحْرِ النُّورِ الإلهي مُدَّتْ(2)
وَ لإصلاحِ كُلِّ شَيْءٍ أُعِدَّتْ *** هِيَ شَمْسُ شَمْسُ النَّهَارِ اسْتَمَدَّتْ
فاسْتَنَارَتْ أفلاکُها بِضِياها(3)
هذِهِ مَعْدِنُ العَطا و التَفَضُّلْ *** مَنْ بها يَنْفَعُ الرِّجا و التَّوَسُّلْ
للّذي اخْتارَها نجاةٌ إِلَى الكُلْ *** هذِهِ فاطِمُ البَتُولَةُ أُمُّ(4)
الأَوْصِيَاءِ الكِرَام بَضْعَةُ طه(5)
ص: 272
هذِهِ مَنْ بِبَيْتِها الوَحْيُ أُنْزِلْ *** وَلَدَيْها الأَمْلاكُ تَرْقَى وَتَنْزِلْ
هذهِ مَنْ لِلدِّين مَأْوَى وَ مَعْقِلْ *** زَوْجَةُ المُرْتَضَى عَلِيٌّ أَميرِ
الْمُؤْمِنِينَ الكَرارِ حامِي حِماها(1)-(2)
ص: 273
(بحر الخفيف)
الشيخ قاسم محيي الدين
كَيْفَ تَنْسَى مُصَابٌ بَضْعَةِ طَه *** إذْ دَهَاهَا مِنَ الأَسَى مَا دَهَاهَا؟(1)
أَنْحَلَتْ جِسْمها الرّزَايَا فَأَبْدَتْ *** لَهُفَ نَفْسِي لِمَا بِهَا شَكْوَاهَا(2)
وَ أَقَامَتْ بِهَا الدَّوَاهِي كُرُوباً *** لَمْ يُطِقُ حَمْلَ بَعْضِهِنَّ سِوَاهَا
وَبِها الحُزْنُ مُنْذُ شَبَّ زَفيراً *** مُصْعِداً صَوْبَ الدّموعِ مِيَاهَا
فَهيَ رَهْنٌ لِلْمُرْجِفَاتِ الَّتي قَدْ *** أَوْقَدَتْ نَارَها وَ أَبْدَتْ أَسَاهَا(3)
قَدْ أَبَى قَلَبُها السُّلُوَّ فَأَمْسَتْ *** وَ هْيَ حَرَّى الفُؤَادِ تَنْعَى أَبَاهَا
أَحْرَقَتْها أحْشَاؤُهَا حَيْثُ قَدْ *** أنْفَذَتِ الدَّمْعَ فِي سَبِيلِ بُكاها
وَدَهَاهَا القَضَا بِكُلِّ مُلِمًّ *** مُؤلم و الجَوَى أَبَادَ قُواها
أَوْ هَنَتْهَا الخُطُوبُ لمّا رَمَتْها *** بِعَظِيمِ الأسَى وَ طُولِ عَنَاهَا
فَكَانَّ الهُمومَ نَبْلُ فِسِيِّ *** وَ كَأَنَّ المَرْمَى لَهَا أَحْشَاهَا
شَابَ مِنْها الوَرْدَ الرِّدَى بِرَزَايَا *** شَابَ مِنْها لَمّا دَهَت فَوْدَاهَا(4)
وَ عَرَاهَا الوَجْدُ المُبَرِّحُ قَسْراً *** لَهْفَ نَفْسِي لِفَرْطِ وَجْدٍ عَرَاها
ص: 274
ذَابَ مِنْها فُؤَادُهَا وَحَشَاهَا *** لَمْ يَزَلْ مِنْ جَوَاهُ رَهْنَ لَظَاهَا
أحْرَقَتْها نَيْرانُهَا فَأَذَالَتْ *** أَدْمُعاً تُشبه الحَيَا عَيْنَاهَا
إِنَّ فِي قَلْبِها جِرَاحَاتِ حُزْنٍ *** لَيْسَ تَوْسَى وَ قَدْ أَطَالَتْ أَسَاهَا
لَوْ تَرَاهَا وَ هيَ الشَّجِيَّةُ حُزناً *** وَ مُمِضُّ الأسْقامِ قَدْ أَضْنَاهَا
وَ هيَ تَبْكِي بَكَاءَ فَاقِدَةِ الصَّبْرِ *** لِمَا قَدْ أَلَمَّ عَزَّ عَزَاهَا(1)
شَأْنُها النّوْحُ مُذْ يَدُ الخَطْبِ شَجُواً *** فَدَحَتْ نَارَهَا بِزِنْدِ جَوَاهَا
حَرُّ قَلْبِي لَهَا وَ قَدْ أَسْلَمَاهَا *** لِمُلِمٌ مِنَ الأَسَى جِبْتَاهَا
أَبْعَداهَا عَنْ فَيْنِهَا غَصَبَاهَا *** نِحْلَةَ المُصْطَفَى وَمَا وَرَّثَاهَا
قَصَدًا دَارَهَا عِنَاداً وَ حِقْداً *** بِأَفَاعِيلٍ مُنْكَرِ أَضْمَرَاهَا
أَحْرَقَا بَيْتَها وَ قَدْ أَسْقَطَاهَا *** مُحْسِناً بِالَّذِي بِهِ روّعَاهَا
كَسَرَا ضِلْعَهَا مُذِ انْتَهَزَاهَا *** فُرْصَةً بَعْدَ أَنْ أَبَاحًا حِمَاهَا
نَثَرا قُرْطَهَا انْتِثَارَ عُقُودِ *** الدَّمْعِ مِنْ عَيْنِهَا لِفَرْطِ بُكَاهَا
خَرَقَا صَكَّهَا عُنُوَّاً وَ كُفْراً *** لَطَمَا خَدَّهَا وَ لَمْ يَرْعَيَاهَا(2)
ص: 275
قَصَدَاهَا بِكُلِّ هَوْلٍ مُلِمٍّ *** وَ بِسَوْطِ الزَّنِيم قَدْ أَوْجَعَاهَا
غَصَبَا بَعْلَهَا وَ مَا رَاعَيَاهُ *** لاَوَ عَلْيَائِهِ وَ لاَرَاعَيَاهَا
لَمْ تَزَلْ بِالهَوَانِ بَعْدَ أَبِيهَا *** حَيْثُ سِيمَتْ ضَيْماً تُقَاسِي أَذَاهَا
أخْرَجَتْ بَعْلَهَا يُقَادُ هَوَاناً *** أُمَةٌ مَا اهْتَدَتْ فَما أشْقَاها
قَعَدتْ مُذرَأتْ حِمَاهَا أَسِيراً *** بِيَدَيْ كُلِّ مُلْحِدٍ مَا رَعَاهَا
شَأْنُهَا النَّوْحُ و البُكَا لا تَرَى مِنْ *** مَفْزَعِ غَيْرَ نَوْحِهَا وَ بُكَاهَا
حَرُّ قَلْبِي لَهَا وَ قَدْ مَنَعُوهَا *** أَنْ تُطِيلَ الأَسَى وَ تَبْكِي أَبَاهَا
فَهيَ مُنْهَدَّةُ القُوَىٰ بِمُصَابٍ *** جَلَّ وَقعَاً وَ السُّقْمُ قَدْ أَضْنَاهَا
لاَتَلُمْهَا إنْ أَعْوَلَتْ بِنَحِيبٍ *** أَوْ أَذَالَتْ دُمُوعَهَا مِنْ حَشَاهَا(1)
حيْثُ قَدْ رَوَّعُوا حِمَاهَا وَ فِيها *** أَوْدَعُوا حُرْقَةٌ يَشُبُّ لَظَاهَا
فَقَضَتْ نَحْبَهَا وَ شَيْعَهَا خَيْرُ *** إِمَام وَ فِي الدُّجَى وَارَاهَا
دُفِنَتْ بِنْتُ أَحْمَدِ الظُّهْرِ سِرّاً *** وَ بِرَغْمِ العَلْيَاءِ عَنَّى ثَرَاهَا
يَا إِمَامَ الهُدَى إِلاَمَ التَّغَاضِي *** وَالعِدًا قَدْ عَدَوْا عَلَى أَبْنَاهَا(2)
قَتَلُوا المُجْتَبَى وَ أَرْدَوْا حُسَيْناً *** دَامِيَ النَّحْرِ مُودَعَاً غَيْرَاهَا
قَدْ كَسَتْهُ الدِّمَا بُرُودَا بِنَفْسِي *** مُنْ غَدَا رَهْناً بِفَتْكِ ضُبَاهَا(3)
ص: 276
نَهَبَتْ شِلْوَهُ المَوَاضِي وَ أَرْدَتْهُ *** صَرِيعاً مُوَسَّداً رَمْضَاهَا
رَفَعَتْ رَأسَهُ عَلَى الرِّمْح جَهْرًا *** وَ سَبَتْ نِسْوَةٌ يَعُزُّ سَبَاهَا(1)-(2)
ص: 277
لِمَنِ الشَّمْسُ في قِبابِ قُباها *** شَكٍّ جِسْمُ الدُّجَى بِرُوح ضِياها؟(1)
وَ لِمَنْ هذِهِ المَطايا تَهادَى *** حَي أَحْياءَها وَ حَيَّ سُرَاها؟
يَعْمَلاتٌ تُقِلُّ كُلَّ غَرِيرِ *** قَدْ حَكَنَهُ شَمْسُ الضُّحَى وَحَكاها(2)
ما أراني بَعْدَ الأَحِبَّةِ إِلاَّ *** رَسُمَ دارٍ قَدِ انْمَحَى سيماها
كُمْ شَجَتْنِي ذات الجناح سُحَيْراً *** حِينَ طَارَ الهَوَى بِها فشَجَاها
ذَكَّرتْني وَ ما نَسِيتُ عُهُوداً *** لَوْ سَلا المَرْءُ نَفْسَهُ ما سَلاها
نَبَّهَتْ عَيْنِي الصَّبابَةُ وَ الوَجْدُ *** وَ إنْ كانَ لَمْ يَنمُ جَفْناها
فَتَتَبَّهتُ لِلَّتِي هِيَ أَشْقَى *** وَ الهَوَى لِلْقُلُوبِ أَقْصَى شَقاها
يا خَلِيلَيَّ كُلَّ بِاكِيَةٍ لَمْ *** تَبْكِ إلا لِعِلَّةٍ مُقلَتاها
لاتَلُوما الوَرْقاءَ في ذلِكَ الوَجْدِ *** لعَلَّ الَّذِي عَراني عَراها(3)
ص: 279
خَلْياها وَ شَأْنَهاخَلِّياها *** فَعَساها تُبَلُ وَجْداً عَساها
كانَ عَهْدِي بها قَرِيرَةَ عَيْنٍ *** فَاسْأَلُأَهَا بِاللَّهِ مِمَّ بُكاها؟
لَيْتَ شِعْرِي هَلْ لِلْحَمائم نَوْحِي *** أَمْ لَدَيْها لَوَاعِجِي حاشاها؟(1)
إلى أن يقول:
نَقَضُوا عَهْدَ أحْمَدٍ في أَخِيهِ *** وَ أَذَاقُوا (البَتُولَ) ما أَشجاها؟
وَ هيَ العُرْوَةُ الَّتِي لَيْسَ يَنْجُو *** غَيْرُ مُسْتَعْصِمٍ بِحَبْلِ وَلاها
لم يَرَ اللَّهُ لِلنُّبُوَّةِ أَجْراً *** غَيْرَ حِفظ الوِدادِ في قُرباها(2)
لَسْتُ أدْرِي إِذْ رُوِّعَتْ و هَيْ حَسْرَىٰ *** عانَدَ القَوْمُ بَعْلَها وَ أَباها
يَوْمَ جَاءَتْ إِلى عَدِيٍّ وَ تَيْمٍ *** وَ مِنَ الوَجْدِ ما أَطالَ بُكاها
فَدَعَتْ وَ اشْتَكَتْ إلى اللَّهِ شَجُوا *** وَ الرَّواسِي تَهْتَزُّ مِنْ شَكْواها(3)
فَاطْمَأَنَتْ لَهَا القُلُوبُ وَ كادَتْ *** أَنْ تَزُولَ الأحْقادُ مِمنْ حَواها
تَعِظُ القَوْمَ في أَتّمِ خطابٍ *** حَكَتِ المُصْطَفَى بِهِ وَحَكاها
أَيُّها القَوْمُ راقِبُوا اللَّهَ فينا *** نَحْنُ مِن روضَةِ الجَليلِ جناها
نَحْنُ مِنْ بارى السَّمَواتِ سِرُّ *** لَوْ كَرِهْنا وُجُودَها ما بَراها
بَلْ بِآثَارِنا وَ لُطْفِ رِضانا *** سَطَحَ الأَرْضَ وَ السَّماءَ بَنَاها
وَ بِأَضْوَائِنَا الَّتِي لَيْسَ تَخْبُو *** حَوَتِ الشُّهْبُ ما حَوَتْ مِنْ ضِيَاهَا(4)
ص: 280
وَاعْلَمُوا أَنَّنا مَشاعِرُ دِينِ اللَّهِ *** فيكُمْ فَأَكْرِمُوا مَثواها
وَ لَنا مِنْ خَزائِنِ الغَيْبِ فَيْضٌ *** تَرِدُ المُهْتَدُونَ مِنْهُ هُداها
إِنْ تَرُومُوا الجنان فهي مِنَ *** اللَّهِ إلينا هَدِيَّةٌ أهداها(1)
هِيَ دارٌ لَنا وَ نَحْنُ ذَوُوها *** لايرى غَيْرُ حِزينا مَرْآها
وَ كَذاكَ الجَحِيمُ سِجْنُ عِدانا *** حَسْبُهُمْ يَوْمَ حَشْرِهِ سُكْناها
أيُّها النَّاسُ أَي بِنْتِ نَبِيَّ *** عَنْ مَوَارِيشِهِ أَبوها زَواها؟(2)
كَيْفَ يَرْوِي عَنِّي تُراثي عَتِيقٌ *** بأحادِيثَ مِنْ لَدُنْهُ افْتَراهَا؟(3)
هذِهِ الكُتبُ فَاسْأَلُوها تَرَوْهَا *** بِالمَوَارِيثِ ناطقاً فَحْواها(4)
وَ بِمَعْنَى (يُوصِيكُمُ اللَّهُ) أَمْرٌ *** شامِلٌ لِلْعِبادِ في قُرْباها
كَيْفَ لَمْ يُوصِنَا بِذلِكَ مَوْلانا *** وَ تَيْماً مِنْ دُونِنَا أَوْصاها؟
هَلْ رَآنَا لانَسْتَحِقُّ اهْتِداءً *** وَ اسْتَحقَّتْ تَيْمُ الهُدَى فَهَداها؟
أمْ تُراهُ أَضَلَّنا في البَرايا *** بَعْدَ عِلْمٍ لِكَيْ نُصِيبَ خَطاها
أنْصِفُونى مِنْ جائِرَيْن أضاعا *** ذمَّةَ المُصْطَفَى وَ ما رَعَياها
وَ انْظُروا في عَواقِبِ الدَّهْرِكَمْ *** أَمْسَتْ عُتاةُ الرِّجالِ مِنْ صَرْعاها
ص: 281
ما لَكُمْ قَدْ مَنَعْتُمونا حُقوقاً *** أَوْجَبَ اللَّهُ فِي الكِتابِ أَداها؟(1)
وَ حَذَوْتُم حَذْوَاليَهُودِ غَداةَ *** اتَّخَذُوا العِجْلَ بعدَ مُوسَى إلَها
قَدْ سَلَبْتُمُ مِنَ الخِلافَةِ خَوْداً *** كَانَ مِنْا قِنَاعُها وَرِداها(2)
وَ سَبَيْتُمْ مِنَ الهُدَى ذاتَ خِدْرٍ *** عَزَّيَوْماً عَلَى النَّبِيِّ سِباها
إِنْ رضِيتُمْ مِنْ دُونِنا خُلَفَاءً *** لااشْتَفَتْ مِنْ قُلُوبِكُمْ مَرْضاها
أَوْ أَبَيْتُمْ عُهُودَ أَحْمَدَ فِينا *** لأوُقِيتُمْ مِنَ الرزايا سُطاها
تَدْعُونَ الإسْلامَ إِفْكاً وَ زُوراً *** كَذَبَتْ أُمَّهَاتُكُم بادِّعاها
أَيُّ شَيْءٍ عَبَدْتُمُ إِذْ عَبدْتُمْ *** أَنْ يُولّى تَيْم عَلى آلِ طَهَ؟
هذهِ البُرْدَةُ التي غَضِبَ اللَّهُ *** عَلَى كُلِّ مَنْ سِوانَا ارْتَداها
فَخُذُوها مَقْرُونِةٌ بِشَنارٍ *** غَيْرَ مَحْمُودَةٍ لَكُمْ عُقباها
وَ أَلْبَسُوها لِباسَ عار وَ نارٍ *** قَدْ حَشَوْتُمْ بالمُخْزِيَاتِ وِعاها
لَمْ نَسَلَّكُمْ لِحَاجَةٍ وَ اضْطِرارٍ *** بَلْ نَدلُّ الوَرَى على تَقْواها
كُمْ لَنا في الوُجُودِ رَشْحَةُ جُودٍ *** يُعْجِزُ السَّبْعَةَ البِحَارَ غِناها
عَلِمَ اللَّهُ أنَّنا أَهْلُ بَيْتٍ *** لَيْسَ تَأْوِي دَنِيَّةٌ مأواها
لَوْ سَأَلْنَا الجَلِيلَ إلقاء عَدْنٍ *** أو مقاليدَ عَرْشِهِ ألقاها
سَعْدُ دَعْنِي وَ هَجْوَ سُودِ المَعَانِي *** أَكْبَرُ الحَمْدِ في مَعانِي هِجاها
ص: 282
كَيْفَ تُنْقَى ابْنَةُ النَّبِيِّ عِناداً؟ *** لانَفَى اللَّهُ مِنْ لَظَى مَنْ نفاها
وَلأَيِّ الأُمُورِ تُدْفَنُ سِراً *** بَضْعَةُ المُصْطَفَى وَ يُعْفَى ثَراها؟(1)
فَمَضَتْ وَ هُيَ أَعْظَمُ النَّاسِ وَجَداً *** فِي فَمِ الدَّهْرِ غُصَّةٌ مِنْ جَواها
وَ تَوَتْ لايَرى لَها النَّاسُ مَثْوَى *** أَيُّ قَذَسٍ يَضُمُّهُ مَثْواها
ثُمَّ هَمَّتْ بِبَعْلِهَا كُلُّ كَفِّ *** وَ اسْتَمدَّتْ له رِقاقَ مُداها
أمَّةٌ قائلَتْ إمامَ هُداها *** يا تُرى أَيْنَ زَالَ عَنْهَا حَياها؟
كَمْ أَرادَتْ إظفاءَ نارِ حُسام *** صاغَهُ اللَّهُ تَمْرَةٌ لِحَشاها(2)
بأبي مَنْ لَهُ مَطاعِنُ كَفَّ *** لايُداوِي مِنَ الرَّدَى كَلْماها
إِنَّ ذاتَ العُلُومِ تُنْمَى جميعاً *** لِعَلِيَّ وَ كانَ رُوحَ نَمَاها
وَكَذا كُلُّ حِكَمَةٍ مَكَّنَتْهُ *** مِنْ أَعالي سَنامِها فَامْتَطاها
وَ مَتى يُذْكَرِ النَّدَى فَهُوَ لُطْفٌ *** إِنَّ مُحْيِي المَوْتَى بهِ أَحْياها
وَ لأَقْدامِهِ تَزُولُ الرَّواسِي *** وَ المَقادِيرُ تَقْشَعِرُّ حَشاها
وَ مَرامِي الأسْرارِ سَدَّدَ سَهُم *** اللَّهِ مِنْهُ لَها فما أخْطاها
كُمْ لَهُ مِنْ مَواهِبٍ مُرْدَفَاتٍ *** هِيَ كَالشَّمْسِ لايَحُولُ ضِياها
ص: 283
المَجْدُ يُشْرِقُ مِنْ ثَلاثِ مَطالِع *** في مَهْدِ فَاطِمَةٍ فَما أعلاها(1)
هِيَ بنتُ مَنْ؟ هي زَوْجُ مَنْ؟ *** مَنْ ذَا يُدانِي في الفخار أَباها؟
هِيَ وَ مُضَةٌ مِنْ نُورِ عَيْنِ المُصْطَفَى *** هَادِي الشعوبِ إِذا تَرُومُ هُدَاها(2)
هُوَ رَحْمَةٌ لِلعَالَمِينَ وَ كَعْبَةُ *** الامَالِ في الدُّنيا وَ في أُخراها
مَنْ أَيْقَظَ الفِطرَ النِّيَامَ بِرُوحِهِ؟ *** وَ كَأَنَّهُ بَعْدَ البِلَى أَحْيَاهَا
وَ أَعَادَ تَارِيخَ الحَيَاةِ جَدِيدَةً *** مِثْلَ العَرَائِسِ في جَدِيدِ حُلاَها
وَ لِزَوْجِ فَاطِمَةٍ بِسُورَةِ (هَلْ أَتَى) *** تَاجٌ يَفُوقُ الشَّمْسَ عِندَ ضُحاها
أَسَدٌ بِحِصْنِ اللَّهِ يَرْمِي المُشْكِلاتِ *** بِصَيْقَلٍ يَمْحُو سُطُورَ دُجاها(3)
إيوانُهُ كُوخٌ وَ كَنْزُ ثَرَائِهِ *** سَيْفٌ، غَدَا بِيَمِينِهِ تَیّاها(4)
في رَوْضِ فَاطِمَةٍ نَما غُصْنَانِ لَمْ *** يُنْجِبْهُما في النَّيِّرَاتِ سِوَاها(5)
ص: 285
فَأَمِيرُ قافِلَةِ الجِهَادِ، وَ قُطْبُ دايرَةِ *** الوِئام والانْحَادِ ابْنَاها
حَسَنُ الَّذي صَانَ الجَمَاعَةَ بَعْدَما *** أَمْسَى تَفَرَّقُها يَحِلُّ عُراها(1)
تَرَكَ الخِلافَةَ ثُمَّ أَصْبَحَ في الدِّيَا *** إِمَامَ أَلْفَتِهَا، وَ حُسْنَ عُلاها
وَ حُسَيْنُ في الأَبْرارِ، و الأَحْرَارِ، ما *** أَزْكَى شَمَائِلَهُ وَ مَا أَنْدَاها
فَتَعلَّمُوا دِينَ اليَقِينِ مِنَ الحُسَيْنِ *** إِذا الحَوَادِثُ أَظمَاتْ بلَظَاها
و تَعَلَّمُوا حُريَّةَ الإِيمَانِ مِنْ *** صَبْرِ الحُسَيْنِ، وَ قَدْ أَجَابَ نِدَاها
الأمهاتُ يَلِدْنَ لِلشَّمس الضياءِ *** و للجَوَاهِرِ حُسْنَها وَ صَفَاها
ما سِيرَةُ الأَبْنَاءِ، إلا الأُمَّهَاتُ، *** فَهُمْ إذا بَلَغُوا الرقيَّ صَدّاها؟
هِيَ أَسْوَةٌ لِلأُمَّهاتِ، وَ قُدْوَةٌ *** بِتَرَسمِ القَمَرِ المُنيرِ خُطاها
لَمّا شكا المُحْتَاجُ خَلْفَ رِحَابِها *** رَفَّتْ لِتِلْكَ النَّفْسِ في شَكْوَاها
جَادَتْ لِتُنْقِذَهُ بِرَهُن خِمَارِها *** یا سُحْبُ أَيْنَ نَدَاكِ مِنْ جَدواها؟(2)
نُورٌ تَهَابُ النَّارُ قُدْسَ جَلالِهِ *** وَ مُنَى الكَواكِبِ أَنْ تَنالَ ضِيَاهَا
جَعَلَتْ مِنَ الصَّبْرِ الجَمِيلِ غِذَاءَهَا *** وَ رَأَتْ رِضَا الزَّوْجِ الكَرِيمِ رِضَاها(3)
ص: 286
فَمُها يُرَتِّلُ آيَ رَبِّكَ، بَيْنَمَا *** يَدُها تُدِيرُ عَلَى الشَّعِيرِ رَحَاها
بَلَّتْ وَ سادَتَها لآلِى دَمْعِها *** مِنْ طُولِ خَشْيَتِها، وَ مِنْ تَقْوَاها(1)
جِبْرِيلُ نَحْوَ العَرْشِ يَرْفَعُ دَمْعَها *** كالطَّلِّ يَرْوِي فِي الجِنانِ رُبَاها(2)
لَوْلاً وُقُوفي عِنْدَ أمْر المُصْطَفَى *** وَ حُدُودِ شِرْعَتِهِ، وَ نُحْنُ فِدَاها
لَمَضَيْتُ لِلتَّطْوَافِ حَوْلَ ضَرِيحِها *** وَ غَمَرْتُ بِالقُبُلاتِ طِيبَ ثَرَاها(3)
ص: 287
(بحر الخفيف)
الشيخ محمد بن علي آل نتيف(*)(1)
يَابْنَ طه حتّى مَتى يابنَ طه *** برعاياكَ يَسْتَقِيمُ أذَاها
شَفَّها السُّقْمُ وَ البَلايَا كَسَتْها *** وَ حَكَى لَيْلَها الظَّلامَ ضُحاها(2)
وَ رَزاياكُمُ عَرَتْنا وَ مِنْ عَيْنِ *** المَعَالي أظفَتْ مُنِيرَ ضِياها
لِهَاشِمٍ حَرَّ قلبي فَمَا لِهَاشِمٍ مِنْ ذَنْبٍ *** إِذا قِيسَ فَضلُها بِعِداها
بِهِمُ الكَوْنُ قَدْ أَنَارَ ولُوْلَاهُمْ *** لَما كانَ أَرْضُها وَ سَماها
أو عميٌّ عَنْ مَنْقَبٍ كان للهادي *** قَديماً لما السماءَ رَبَّاهَا
قِيلَ للطُّهْرِ يا مُحَمَّد لولاكْ *** ما دَحَى الأَرْضَ وَ السَّماء بناها(3)
فَرَضَ اللَّهُ في القَدِيمِ وَ لاهُمْ *** وَ وَلا العَهْد في الورى مُذْ بَراها(4)
ص: 288
لَوْ خَلَتْ مِنْهُمُ البلاد لزالَتْ *** ثُمَّ لَوْلاهُمُ النَّدَى مَا سَقاها
وَيْلَ قَوْمٍ قَدْ زاحَمُوهُمْ عِناداً *** وَ مَقامَاتِهِمْ أَحَلُّوا سِفاها
وَ نَفَتْهُمُ بالقَهْرِ ظُلْماً وَ حِقْداً *** لَعَنَ اللَّهُ كُلَّ رِجْسٍ نَفاها
وَثَبُوا بَعْدَ أَحْمَدٍ وَ أَبانُوا *** لِقُلُوبِ عَلَى الحُقودِ انْطَواها
غَشِيَتْ آلَهُ المصائِبُ وَ الطُّهر *** طريحاً ما ضُمَّ في القَبْرِ طاها
ثُمّ قادُوا مَنْ لَوْ رَآهُمْ وَمَنْ في *** الأَرْضِ بِالسَّيْفِ لَحْظَةً لمحاها
أَوْقَفُوهُ كَالعَبْدِ وَقْفَةَ ذُلُّ *** فَتداعى مِنَ المَعَالي بِناها
وَ الّتي لَمْ تَزَلْ رَبيبَةً خِدْرٍ *** بَعْدَ طه الأمين أجَّ حِماها(1)
قَنَّعُوها ضَرْباً عَلَى الرَّأْسِ حتَّى *** سَكَبَتْ نَفْسَها بقَيْضِ دِماها
عُصِرَتْ بَيْنَ بابِها يا لَقَوْمِي *** عَصْرَةٌ أَسْقَطَتْ جَنِينَ حَشاها(2)
عَجَباً كَيْفَ َخالَفُوا لِرَسُولِ *** اللَّهِ فيها وَ طالَما قَدْ حَباها
لَمْ تَزَلْ بِنْتُ أَحْمَدِ في قَليلِ *** العُمْرِ تَشْكُو للَّهِ طُولَ أَذاها
ص: 289
وَ قَضَتْ رَحْمَةُ الوُجودِ بِشَجوِ *** وَ هِيَ النُّقْطَةُ التي لَوْلاها
وَ النَّرى ضَمَّ جِسْماً في ظَلامٍ *** الليلِ خَوْفاً وَفِيهِ أَعْفَى ثَراها(1)
فَجَمِيعُ الوُجُودِ تَهْتِفُ شَجُواً *** (في فَمِ الدَّهْرِ غُصَّةٌ مِنْ جَواها)(2)
ص: 290
(بحر الخفيف)
الشيخ محمد جواد الخراساني
طَلَعَتْ نَجْمَةٌ فَلاحَ ضِيَاهَا *** فِي الثّرى وَانْتَهى الثَّريا بَهاها(1)
أَشْرَقتْ في حَرِيمِ مَكَّةَ شَمْسُ *** فَاسْتَنَارَتْ بِمَرْوِها وَ صَفَاها
نَوَّرَتْ شَمْسُ احْمَدَ إِذْ تَجَلَّتْ *** عَرَفَاتٍ وَمَشْعَراً وَمِنَاها
هِيَ شَمْسُ وَلا تَقُلْ شَمْسُ كَوْنٍ *** في سَماءِ الهُدَاءِ شَمْسُ هُدَاها
نَجْمَةٌ لاكَنَجْمَةٍ فِي السَّمَاءِ *** هي أُمُّ النُّجومِ رُوحي فِدَاها
هِيَ واللَّه للنُّبُوَّةِ شَمْسٌ *** تُشْرِقُ الوَحْيَ وَ النَّبيُّ سَماها
هِيَ مِنْ دَوْحَةِ الوِلايَةِ فَرْعُ *** وَ عَلَيْها يَدُورُ قُطب رَحاها
هِيَ أُمُّ القُرى الّتيِ بارَكَ اللَّهُ *** بِهَا كَانَ آمِناً مَنْ أَتَاهَا
هِيَ مِشْكاةُ عِصْمَةِ اللَّهِ حَقّاً *** فَأَضاءَتْ بِهَا لِذاكَ اصْطَفاها
سُمِّيَتْ فَاطِماً لأنْ فَطَمَ اللَّه *** عَنْ جَحِيمٍ مُحِبَّها بِوَلاها(2)
وُلِدَتْ مِنْ خَدِيجَة الظُّهْرِ طُهْراً *** إِذْ مِنَ الرِّجْسِ رَبُّها صَفَّاها(3)
ص: 291
هِيَ في العِلْمِ نُخْبَةٌ مِنْ أبيها *** مَثَلٌ مِنْهُ في صِفاتٍ حَوَالها
دارُها مَهْبِطُ المَلائِكِ لا *** لِلْوَحْيِ بَل لاِقْتِبَاسِهِم مِنْ ضِيَاها
خَدَمَتْها مُقَرَّبُوهُمْ كِجِبْرِيل *** وَ مِيكالَ آمِلينَ حِمَاها
بَلَغَتْ في العُلى مَعَارِجَ حَتَّى *** بَدَأَ اللَّهُ بِاسْمِها حِينَ بَاهى(1)
في مَلَيكِ السَّمَا فَبانَ عَلَيهِم *** فَضْلُها وَ ارْتِفَاعُها وَ عُلاها
وَ بَدا فَضْلُها لَهُم إِذْ دَهَتْهُم *** ظُلْمَةٌ قَدْ تَخَبَّطُوا في دُجَاها(2)
فَعَلَتْ ضَجَّةُ المَلائِكَ مِنْهَا *** فَأَتَاهُم بِنُورِها فَزَواها
فَمِنَ اليَوم سُمِّيت في السَّماءِ *** باسْمِ زَهْراءَ حِلْيَةً لِسَناها(3)
وَ تَجَلَّتْ بِهِ بِطَيْبَةَ دَهْراً *** في غُدُوِّ وَ ضَحْوَةٍ وَ مَساها
أبْيَضاً أَصْفَراً وَ أَحْمَرَ لَوْناً *** حِينَ قَامَتْ لِفَرضِها وَ دُعاها
بضْعَةُ المُصْطَفى أَذَاه أَذاها *** وَ رِضَا اللَّهِ مُنْطَوٍ في رِضَاها(4)
حُبُّها حُبُّهُ وَ حُبُّ رَسولٍ *** بُغْضُها بُغْضُه عِداهُ عِداها
لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةٌ انْكَرَتْها *** ظَلَمَتْهَا وَ لَمْ تُراعِ أَباها
غَصَبُوا النِّحْلَة التي خَصَّها اللَّهُ *** بِها وَ النَّبِيُّ أَيْضاً حَبَاها(5)
أخرَقُوا بَابَ دَارِها وَ هِيَ تَدْعُو *** مِن وَرا البابِ يَسْمَعُونَ نِداها(6)
ص: 292
عَصَرُوا بابَها عَلَيْهَا إِلَى أَنْ *** كَسَرُوا ضِلْعَها وَكَلَّ نِداها(1)
ذا بِسَوْطٍ وَذَا بِنَعْلِ حُسَامٍ *** ذَاكَ بِاللَّوْمِ وَ الشَّمَاتَةِ فَاهَا(2)
أسْقَطُوا مُحْسِنَا وَ قادُوا عَلِيّاً *** وَ هِيَ مِنْ خَلْفِهِم تُنادِي أَبَاهَا(3)
عَجَباً مِنْ حَيَائِهِم مَنَعُوها *** بَعْدَ ذا عَنْ بُكاتِها وَرِثاها
يَا بْنَةَ المُصْطَفَى فِدَاكِ جَوَادٌ *** بِئْسَ مَا قَدْ جَزَوْكِ يَا ابْنَةَ طه!
قِصَّةُ العِجْل لاتكونُ عَجيباً *** بَعْدَما أحْدَثوا وَ سَنّوا أذاها(4)
ص: 293
(بحر الكامل)
الشيخ محمد سعيد الجشي(*)(1)
صلّى الإلهُ على البتولِ وَ آلِها *** من تخضعُ الأملاكُ عندَ جلالِها
الطهرُ فاطمةٌ سليلةُ (أحمدٍ) *** من يشرقُ الإعجازُ في أقوالِها
ما قورِنَتْ شمسُ الضحى بسنائِها *** إلا تسامَتْ رفعةً بكمالِها
هي شعلةٌ من (أحمدٍ) وضاءةٌ *** و الشمسُ تمنحُ ضوءَها لهلالِها
مانالها غيرُ (الوصي) لأنهُ *** ورثَ المكارمَ من أجلِّ رجالِها
فاقَ الأنامَ مَنَاقِباً وَ فضائلاً *** رُدت إليه الشمسُ بعدَ زوالِها
***
ما أعظمَ (الزهراء) درّة عصمةٍ *** قد عمّ هذا الكون فيضُ نوالِها
قد أزهرَ الملكوتُ من أنوارِها *** وَ سما رواقُ المجدِ تحتَ ظلالِها
نبويةُ الأعراقِ طيبةُ الشذا *** عطر الجنانِ يضوعُ من أذيالِها
اللَّه شرفها وَ عظّمَ شأنها *** وَ إمامةُ الإسلامِ في أنجالِها
سادتْ نساءَ العالمين بفضلها *** و بطهرِها وفخارِها وَ مقالِها
ص: 294
هي شعلةٌ للحق ناطقةٌ به *** يزهوُ الهدى بيميِنِها و شِمالِها
الكوثرُ العذبُ الطهورُ بنطقِها *** نبعُ الهدى ينسابُ من سلسالِها
شبه (الرسولِ) شمائلاً و خلائقاً *** ما (مريمٌ) في الفضلٍ من أمثالِها
مَن ذا يمثالُها (ففاطمُ) علّة *** يهمي سحابُ الفضلِ من أفضالها
***
ما كانَ يُشبهها بنهجِ خصالها *** الأوريثةُ نهجِها و خصالِها
هي (زينبٌ) من أشعلتَ بخطابِها *** قبساً يضيءُ على مدى أجيالِها
قد ورثتها كل فضلٍ باذخ *** و لذا سمتْ كالشمسِ في أفعالِها
ص: 295
(بحر البسيط)
السيد مرتضى القزويني(*)(1)
قُمْ وَاسْقِنَا مِنْ كُؤُوسِ الرَّاحِ أَحْلاها *** وَ رَوِّنَا بِرَحِيقٍ مِنْ حُمَياها(2)
وَ أَنْشِدُ لنا مِنْ أَغانِي الحُبَّ أَعْذَبَها *** و غَنّنا من نِعَامِ البِشْرِ أَشْجاها
دَعْنا نَبِيتُ نَشَاوَى إذ يُجَلُلُنَا *** سِتْرٌ من اللَّهِ يَمْحو ما اقْتَرفْناها(3)
نُحْيِي بِهَا لَيْلَةً قَمْرَاءَ زَاهِرَةٌ *** طُوبَى لِمَنْ بِالهَوى وَالحُبِّ أَحْياها
ما أَسْعَدَ العَيْشَ فيها بَلْ وَ أَرْغَدَهُ *** ما أَجْمَلَ الطَّقْسَ فيها ما أُحَيْلاها
لَيْلٌ بِهِ ضَاءَتِ الدُّنْيا بِسَيْدَةٍ *** لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ هَذا الخَلقَ لَوْلاها
هِيَ البَتُولُ وَمَا أحْلى اسمها بِفَمِي *** هِيَ الزَّكِيَّةُ بِنْتُ المُصْطَفَى طَه(4)
أُمُّ القُرى ازْدَهَرَتْ وَ البَرْقُ جَلَّلَها *** حَتَّى أَحَاطَ بِأَقْصاها وَ أَدْناها
مِنْ دُرَّةٍ سَطَعَتْ قَدْ طَابَ مَغْرِسُها *** وَ غُرَّةٍ لَمَعَتْ قَدْ جَلَّ مَعْنَاهَا
وَ زَهْرةِ أَيْنَعَتْ فَاحَتْ رَوائِحُها *** وَ زَهْرَةٍ طَلَعَتْ فَاقَتْ بِأَضْواها
وَ وَمُضَةٍ تَخْطُفُ الأَبْصارَ لَمْعَتُها *** وَ آيَةٍ حَيْرَ الأَلْبَاب مَغْزَاها(5)
ص: 296
297
قافية الهاء
(1)
فَسُورَةُ الكَوْثِر اختصَّتْ بها شَرَفاً *** وَ حَسْبُها سُورَةٌ تَسْمُو بِعَلْياها(1)
أُمُّ الإمامَةِ لا أُمَّ تُساجِلُها *** فَضْلاً و لاأَحَدٌ في الفَضْلِ ضاهاها(2)
بنتُ الرِّسالةِ لابنتُ تُمَاثِلُها *** نُبْلاً و لاكائِنٌ في العِزَّ جَارَاها
مَنْ أَذْهَبَ الرِّجْسَ عَنْهَا اللَّهُ جَلَّ وَ مَنْ *** بها مَلائِكَةُ الرَّحْمَنِ قَدْ باهي(3)
إنْ أَقْبَلَ الصُّبْحُ صَامَتْ عَنْ لذَائِذِها *** أَوْ عَسْعَسَ اللَّيْلُ قَامَتْ في مُصَلاَها(4)
إذا أَقَامَتْ صَلاةٌ بِاسْمِ بَارِئْها *** أَوْحَى إِلَى مَلَكِ أَمْراً فَنَادَاها
يا بِنْتَ أَحْمَدَ إِنَّ اللَّهَ طَهَّرَكِ *** ثُمَّ اصْطَفَاكِ عُلا أَعْظِمْ بِذَا جَاهَا
فَاللَّهُ شَرَّفَها وَ اللَّهُ فَضَّلَها *** وَ اللَّهُ طَهَّرَها وَ اللَّهُ زَكَّاها
وَ اللَّهُ زَوْجَهَا وَ اللَّهُ أَصْدَقَها *** وَ خُطبَةَ العَقْدِ فَوْقَ العَرْشِ أَلْقاها(5)
أنَّى لِمِثْلِيَ أَنْ يُحْصِي مَآثِرَها *** وَ كَيف لي شَرْحُ نُبْذٍ مِنْ سَجاياها؟
هذِي شَرِيعَةُ جُودِ سَاغَ مِنْهُ لَها *** مَنْ جَاءَها عاطِشاً يَحْظَى بِرَيَّاها
ص: 297
هَذِي شَفِيعةُ يَوْمِ الحَشْرِ سَيِّدَةُ *** النِّسوانِ قَدْ فَازَ مَنْ بِالقَلْبِ وَالأَها(1)
هذِي رَبيبَةُ وَحْيِ اللَّهِ قَدْ فَظَمَتْ *** مِنَ العَذَابِ مُحِبيِّها وَ أَبْنَاها(2)
وذِي خِزانَةٌ سِرِّ اللَّهِ فَاطِمَةٌ *** طُوبَى لِشِيعَتِها تباً لأعْداها
يا بِنْتَ أَشْرَفِ خَلْقِ اللَّهِ كُلِّهِمْ *** وَ سَيِّدِ الرُّسُلِ عَقْلَي فِيكِ قَدْ تَاهَا
يا بَضْعَةَ المُصْطَفَى قَدْ حِرْتُ فِيكِ وفي *** ما قَالَهُ المُصْطَفَى فِيكِ وَ مَا فَاها(3)
أَعْطَاكِ رَبُّ العُلا جَاهاً وَ مَنْزِلَةٌ *** مَا جَاوَزَتْكِ وَ لالِلْغَيْرِ أَعْطاها
آتاكِ مِنْ عِنْدِهِ في الحَشْرِ مَرْتَبَةً *** مَا لِلأَئِمَّةِ أَوْ لِلرُّسُلِ آتاها
يا رَبَّةَ الوحْي نَفْسي فِيكِ جائِشَةٌ *** بِحُبُها فَاشْفَعِيها يَوْمَ بَلْوَاها
وَ أَنْقِذِيها مِنَ الأَهْوَالِ سَيِّدتي *** لِتُسْعِدِيها بِدُنْيَاهَا وَ عُقباها
هذِيِ صحِيفةُ حُبِّي فِيكِ نَاصِعَةٌ *** مُبْيَضَةٌ فَاشْهَدِي لى يَوْمَ أَوْتَاهَا
فَأَرْشِدِينِي إِلَى مَا كُنتُ أَطْلُبُه *** وَ أَبْلِغِينِي مِنَ الغاياتِ قُصْوَاها
ص: 298
(بحر الوافر)
الأستاذ محمود مهدي
تَجَلَّتْ شَمْسُ هَدْي في ضُحاها *** وَ أَشْرَقَتِ المَعَالِمُ مِنْ سَناها
وَ فِي دَلَجِ السُّرى الحادِي تَغنَّى *** بِمَوْلِدِها وَ فِيها الكون قد باهَى(1)
فلا تُخْفِي السُّؤالَ خَلاكَ ذَمُّ *** عَنِ الشَّمْسِ الَّتي الحادِي عَناها
وَ شَعْشَعَ نُورُها في كُلِّ مَنْحًى *** وَ طَوَّقَ فُسْحَةَ الدُّنْيا صَداها
هِيَ الرَّيحانَةُ الذاكِي شَذاها *** لِسِرِّ الطُّهْرِ مَولاها اصْطَفاها
هِيَ الكَنْزُ المَصونُ لِكُلِّ جِيلٍ *** مِنَ الإعجاز باريِنا بَراها
هِيَ المشكاةُ مِشْكاةُ الدَّرَارِيْ *** هِيَ القُدْسِيَّةُ السَّامِي عُلاها
هِيَ الفَحْوَى لِقامُوسِ المَعالي *** هِيَ الزَّهْرا البَتُولُ فَتاةُ طه
وَ ايْمُ اللَّهِ لاتُعْطَى صِفَاتٌ *** كَهْذِي مِنْ بَني الدنيا سِواها
يَضِيقُ الوَصْفُ عَنْ حَصْرِ المَعاني *** الَّتِي فِيها مُكوِّنُها حَباها(2)
فَمِنْ حَقِّ المَعالي أن تُباهِي *** بِبِنْتٍ كانَ هادِينا أباها
وَ مِنْ حَقِّ المفَاخِرِ أَنْ تُحَبِّي *** عَلِيّاً فارِسَ الهيجا فتاها(3)
فلا التَّقْدِيرُ يَبْلُغُ مُسْتَواهَا *** وَ لَوْ لَتَمَتْ ثَرايانا ثَراها(4)
وَ مَنْ تِلْكَ الّتي تَدْنُو لِبنتٍ *** جَرَى طَبْعُ النُّبُوَّةِ في دِماها
ص: 299
لَقَدْ حَازَتْ فَتَاةُ الدِّينِ مَجْداً *** إِلَيْهَا مِنْ مُرَبِّيها تَناهَى
تَتَالَي مِنْ أَبِيها مِنْ عَلِيٌّ *** لِذاكَ الفِكْرِ لم يُحْصَرْ مَداها
لَها صِلَةٌ بِرُوح اللَّهِ عِيسَى *** يَدُ الأَقْدارِ قَدْ حَاكَتْ عُراها(1)
لِمُوسَى لِلْخَلِيلِ بِكُلِّ داعٍ *** إِلى دَرْبِ الهُدَى تُنْمَى ذُراها
كَرِيمَةُ أحْمَدَ المُخْتارِ طَهُ *** رَقَى فَوقَ التَّصوُّرِ مُسْتَواها
مَصُونَةٌ حُرَّةٌ فُضْلَى كَفاهَا *** مِنَ الرِّجْسِ المُهَيْمِنُ قَدْكَفاها
ضئيل كُلُّ مَدْح في بَتُولٍ *** رِضا الرَّحْمَنِ يُقْرَنُ في رِضاها(2)
وَ إِنَّ الدَّينَ في زوجٍ كريمٍ *** لها وابنَيْن عَليَاهُ بناها
يَميناً قاطعاً لَوْلا عَلِيٌّ *** لَظَلَّ الرَّفْضُ يَجْبَهُ مَنْ أَتَاها(3)
قرانٌ لَمْ يَكُن فيه اختيَارٌ *** سوَى لِلَّهِ تكريماً وجَاها
أَلا هَنّوا أباحَسَن بزَوْجٍ *** تخَّطّى دُرّة العليا مداها
وَ هَنُوها به إذ قد تساوت *** شَوَامِعُ مُرْتَقاهُ بِمُرْتَقاها(4)
ص: 300
(بحر الکامل)
منذر الساعدی
في ذكرى شهادة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء علیها السلام:
يا يومَ فاطمةٍ و يا بلواها *** فَتتْ فؤاداً هاجَ في ذكراها
يا يومَ فاطمةٍ كأنك مأتمٌ *** فيك الصباح و ليلُهُ ينعاها
ساعاتك الأولى اقضّت مضجعي *** اللَّه أكبر يا سعيرَ لظاها
كيف التصبّر و ابنة المختار قد *** غيلت و أُرسل للسماء نداها؟
كيف التصبّر و هي تشكوهمّها *** و من الذي ستهزهُ شكواها؟
أفذا جزاءُ للنبي وآلهِ *** غدروا ببضعته وطالَ بكاها؟
لمّا المنيّة عاجلته سريعةً *** الناس بالزهراء قد أوصاها
إذ قال من كبدي البتول لقَطعة *** يؤذي فؤادي من يرومُ أذاها
و يسرَّني مَن لايعاديها و *** لايبدي النفورَ و نِعم مَن والاها
أُمي البتول و ياانثيال حنانها *** لي ما عرفت وداعةً لولاها
كم ضلّلتني بالمودة والصفا *** ما عفّت البضع البتول أباها
قد قال هذا للخلائق كلّها *** فهل استجاب المغرضون لطه؟
أم ابغضوا الزهراء بعد وفاته *** و تزاحموا من أجل حرق خباها؟
غصبوا لها حقاً فراحت تشتكي *** من ظلم قومٍ يغصبون حماها
دخلوا إلى البيت المقدس عنوةً *** لم يرحموها في اشتداد أساها
ص: 301
دفعوا عليها الباب و هي أسيّةُ *** و على الدموع تعوَدت عيناها(1)
فعلى أبيها لايخفُّ بكاؤها *** و رحيله أودى بعزّ مناها
و ترى الأعادي هشمت أضلاعها *** من بعده و مصائباً تلقاها
اليوم قرب الباب تسقط حملها *** من بعد أن خارت جميع قواها
سقطت و نزف الضلع يحكي ما جنت *** زمر العتاة بما أراد هواها
يا حفنةً خانت وصايا أحمدٍ *** يوم القيامة نارها تصلاها
هتكوا وصيته بفاطمة التي *** هي قدوة في خُلقها و تقاها
هي في النشور شفيعةُ لمن ارتدى *** ثوب الكرامة وانتقى تقواها
أما الذي عادى البتول و أهلها *** يُصلى بنارٍ يُستدام لظاها
***
يايوم فاطمةِ أراكَ بمدمعٍ *** جارٍ كساقية لها مجراها
دُمْ فالبتول اليوم في غصص الأسى *** و تجهمت من حولها دنیاها
لو جفَّ في عينيك دمعُ مصابها *** فاندب بقلبك و امتثل لصداها
و كذاك يا شيعيَ أذكر محنةً *** دارت على الزهراء في بلواها
واصنعْ من الدمع الغزير مودّةً *** يندى وفاءً خالصاً معناها
واستصرخ الإحساس في صدر الجوى *** أن يستجيب لهمّها وأساها
ما ماتت الزهراء في أرواحنا *** هي حيّةُ بل مات من عاداها
ستظل ينبوع القداسة والتقى *** و نظل نُسقى من نمير عطاها(2)
ص: 302
(بحر الخفيف)
السيد ميرزا مهدي الشيرازي(*)(1)
دُرَّةٌ أَشْرَقَتْ بِأَبْهَى سَنَاها *** فَتَلاَلا الوَرَى فَيَا بُشْرَاها
لَمَعَ الكَوْنُ مِنْ سَنَانُورِ قُدْسٍ *** بِسَنَا نَارِهِ أَضَاءَ طُوّاها
يالَهَا لمْعَةً أَضَاءَتْ فَأَبْدَتْ *** لَمَعَاتٍ أَهْدَى الأنامَ هُدَاها
یا جُمادی كَفاكَ فَخْراً لَدَى *** الأشُهُرِ مَهُما تَفَاخَرَتْ في عُلاها
كَشَفَ اللَّهُ فيكَ عَنْ سِرِّهِ الغَيْبَ *** وَ أَهْدَى البَتُولَ لِلطُّهْرِ طه(2)
طلَعَتْ في سَما العُلاَ شَمْسُ قُدْسٍ *** زَهَرَتْ عَنْ ذُرَى النُّهى زَهْرَاها
حَبَّذا هَاشِمٌ وَ حَبَّ قَصِيٌّ *** حَبَّذا مِنْ كَرِيمَةٍ وَلَدَاها
هِيَ نورُ اللَّهِ الَّذي لَيْسَ يُطْفَى *** وَ هْيَ الصَّفْوَةُ التي أصْفَاها(3)
ص: 303
دَوْحَةٌ عَمَّتِ البَسِيطَ ثِمَاراً *** زَهْرَةٌ نَوَّرَ الوَرَى قَمَرَاها(1)
حُرَّةٌ سَادَتِ البَرَايَا جَمِيعاً *** مِنْ لَدُنْ بَديها إلى مُنْتَهاها
لَمْ يَكُنْ فِي الْوُجُودِ لَوْلا عَلِيٌّ *** كُفْؤُهَا آدَمَ فَمَنْ عَزَّ جَاهَا(2)
بَلَغَتْ مَبْلَغاً سَمَتْ عَنْ عَدِيلٍ *** لَيْلَةُ القَدْرِ نُخْبَةٌ لاتُضَاهى(3)
يا لَها نُخْبَةً حَوَتْ مَكْرُمَاتٍ *** قَصَّرَ العَالِمُونَ عَنْ إِحْصاها
لا وَ لَمْ يُحْصِ فَضْلَها غَيْر مَنْ أَحْصى *** نُجُومَ السَّمَا وَ عُشْبَ ثَراها
كَيْفَ يُحْصى مَدِيحُ بَحْرِمَعَانٍ *** خَفِيَتْ مُنْتَهى وَ مَا أَخْفَاها؟
أو يُحْصَى مَدِيحُ طَوْدٍ مَعَالٍ *** رُفِعَتْ حَيْثُ طَائِرُ العَقْلِ تَاها(4)
أَيْنَ يُحْصَى مَدِيحُ كَنْزِ لَآلٍ *** لَمْ يَبِن للأنام إلا ثَرَاها؟
لاتَرُمُها فَإِنَّهَا سِرُّغَيْبٍ *** إِنْ تَجَلَّتْ أَوِ اخْتَفَتْ لَنْ تَرَاها
شَمْسُ قَدْسٍ تَجَلَّتْ بِالمَعالي *** وَ عَلتْ في ذُرّى العُلا أعْلاها
فَأَبَتْ أَنْ يَنَالَها الوَهُمُ إلاَّ *** أنها آيةٌ تَعَالي عُلاها
مَرْيَمُ الطُّهْرُ لَمْ تَنَلُها عَلاهٌ *** لا وَ لا کَلثمٌ وَ لا مَنْ سِواها(5)
خَيْرَاتُ النِّسَاءِ طُرّاً نُجُومٌ وَهِيَ *** البَدْرُ مُذْ بَدَا أخْفَاها
كَيْفَ لا وَ الرِّجَالُ لاَكُفْوَ فِيها *** أَفَيُرْجى كُفْوٌلَها في نِسَاها؟
ص: 304
خِيرَةٌ فاقَتِ البَرَايَا وَ فَاقَتْ *** آيَةٌ خَيْرُ الوَرَى مَعْنَاها
زَهْرَةٌ جَنْبُها ذَكَاءٌ وَ جَنْبٌ *** حَلَّ بَدْرٌ وَ جانبٌ فَرْقَداها(1)
فالأُلَى هُمْ قُطبُ العَوالِم طُرّاً *** هِي فيهم قُطْبٌ تُدِيرُ رَحاها
ذلِكَ الفَضْلُ لايُدانِيهِ فَضْلُ *** تِلكَ أُقْسُومَةٌ أَبَتْ أَنْ تُضَاهَى
هِيَ حَوْرَاءُ فاقَتِ الحُورَ حَتَّى *** خَدَمَتْ في وِلادِها لِعَيَاها(2)
فَاطِمَ لِلْوَلاَءِ عَنْ كُلِّ هَوْلٍ *** لأيَخَافُ العَذَابَ مَنْ والاها(3)
خَلَقَ اللَّهُ آلَ أَحْمَد أَنْواراً *** فَكَانَتْ مِنْ بَيْنِهَا زَهْرَاهَا(4)
عَرِفَتْها الأَمْلاكُ يَوْمَ تَجِلَّتْ *** فَغَدَتْ عُرْفَةٌ لأَهْلِ كِسَاها
سَادَ آبَاؤُها قَدِيماً فَزَادُوا *** سُؤدُداً مِنْ نَدَى سَمَا عَلياها
بَيْتُها بَيْتُ سُؤدُدٍ وَ مَعَالٍ *** فَاقَ هَامَ السَّمَاءِ عَنِ ابْنَاها
كَيْفَ أُحْصِي مَدِيحَهَا بِبَيَانٍ *** وَ بِهَا اللَّهُ في السَّمواتِ باهى؟(5)
ص: 305
بَلَغَتْ مِنْهُ رُتْبَةً كان فيها *** سُخْطُهُ سُخْطَها رِضاهُ رِضاها
جُعِلَتْ أَوْلِيَاؤُهُ مِن بَنيها *** بُعِثَتْ أَنبياؤُهُ بِوَلَاها
زُوجَتْ مِنْ سَمِيهِ في سَمَاهُ *** شُفَعَتْ في عِبادِهِ في جَزَاها(1)
جَنَّةٌ عَرْضُها السَّمَوَاتُ وَ الأَرْضُ *** أُعِدَّتْ لِمُتَّقِ وَالاَها
وَ يُناغِي لِوُلْدِها حَامِلُ الوَحْيِ *** وَ تَرْعَى الأَمْلالُ عِزَّ حِمَاها
أَشْرَفُ العَالَمِينَ أَنْجَالُها الغُرُّ *** وَ هُمْ يَفْخَرُونَ في مُنْتَهاها
أَشْرَفُ العَالَمِينَ أنْجالُها الغُرُّ *** أُصولُ الوَرَى بُدُورُ هُداها
وَ هُمُ في عُلاهُمُ لا يُداني *** تُلْفِهِمْ يَفْخَرُونَ في مَنْماها
تِلْكَ أَكْرُومَةٌ تُبِينُ عَلاءً *** فَلْيُباهِ مَنْ يَنْتَمِي لِعُلاها(2)
لَعَنَ اللَّهُ أُمَةً ضَيَّعُوها *** لَمْ يُرَاعُوا لَها مَقاماً وجاها
رَجَعُوا جَاهِلِيَّةً فأَباحُوا *** حُرْمَةَ اللَّهِ وَ اسْتَبَاحُوا أذاها
جَعَلُوا غَنِيمَةً إِذْرَأَوْهَا *** فَقَدَتْ حِصْنَها المَنِيعَ أَبَاها
فتَنَادَوا أَخْلافُ ثَارَاتِ بَدْرٍ *** أَشْقِيَاءٌ يَقُودُها أَشْقَاها
ذَاكُمُ يَوْمُكُمْ هَلُمُوا عِجَالاً *** لِتَنَالُوا الأَحْقَادَ مِنْ آلِ طَهَ
تِلْكُمُ فُرْصَةٌ فلا تَغْفَلُوها *** وَ الْقَفُوا دَوْلَةً لَهُمْ لاتُنَاهى
فَجَثَوْا هَجْمَةً بَابَ دَارٍ *** حَكَمَ اللَّهُ أَنْ يُهَابَ حِماها
وَ اسْتَطالُوا حِلْماً وَ صاحُوا صِياحاً *** تَرَكَتْ في الدُّهورِ رَجْعَ صَدَاها
ص: 306
وَ عَلى البَابِ أَضْرَمُوا نَارَ حِقْدٍ *** تَتَلَظَّى إلى النُّشورِ لَظَاها(1)
هَتَكُوا عُنْوَةً حِمَاهَا حِمَى اللَّهِ *** وَ آذَوْا نَبِيَّهُ بِأَذاهَا(2)
مَنَعُوها تُراثَهَا مِنْ أَبِيها *** غَصَبُوا حَقَّها الَّذي آتاها(3)
كَذَّبُوها حَيْثُ ادَّعَتْهُ وَجَاءَتْ *** بِشُهود لها على دَعْواها
بِشُهودِ عَدْلٍ وَ أَيِّ شُهودٍ *** رَبُّها وَ النَّبِيُّ قَدْ زَكَياها
بِشهودٍ مُطَهَّرينَ مِنَ الرِّجْسِ *** كِرَامٍ مِنَ الوَرَى أَتْقِياها(4)
ص: 307
هِيَ دُنْيا وَ لِلْفَنامُنْتَهاها *** لَعِبٌ جِدُّها وَوَاءٍ قُواها(1)
إِنَّما هذِهِ الأَنامُ نِيامٌ *** سَتَرى بَعْدَ أنْ تَمُوتَ انْتِباها
هي دارُ جَوامِع الضّدِّ فِيها *** صُبْحُها مُضْحِكَ وَمُبْكٍ مَساها
بَدَأَ اللَّهُ خَلْقَهُ فَابْتَلاهُمْ *** فِتَناً أَظْهَرَ الكِتابُ خَفاها
هِي أُمُّ النَّجْدَيْنِ رُشْدِ وَتِيهٍ *** سَلَكَ المُهْتَدُونَ نَهْجَ هُداها(2)
حَفِظوا عِتْرَةَ النَّبِيِّ بِيَوْمٍ *** سَفكَتْ عِتْرَةُ الضَّلالِ دِماها
يَوْمَ قَدْ سَخَّرَ الحُرُوبَ ابْنُ حَرْبٍ *** بِجُمُوعِ قَدْ سَدَّ فِيها فَضاها(3)
وَ أحاطوا عَلَى الأطائِبِ مِمَّنْ *** أَكْمَل اللَّهُ دِينَهُ بِوَلاها
فَاسْتَثَارَتْ مِنَ الخِيامِ رِجالٌ *** كَبُدورٍ تَطالعتْ مِنْ سَمَاهَا
كَشَفوا لَيْلَ نَفْعِها بِسُيوفٍ *** بَرَقَ المَوْتُ تَحْتَ وَ مُضِ شَباها(4)
یَلْبَسُونَ الدروعَ وَ هُيَ قُلوبٌ *** مُحْكَماتِ العُرى بِيَوْمِ لِقاها
ثَبَتَتْ لِلْجِلادِ وَ هْيَ عِضابٌ *** بالتِلْكَ الهِضابِ ما أرْساها
شَكَرَتْ صُنْعَها الوَغَى أَفْتِدِي مَنْ *** شَكَرَتْ صُنْعَها الجَمِيلَ وغاها
أَرْخَصَتْ أَنْفُساً عَلَى الدِّين عَزَّتْ *** يا لِتِلْكَ النُّفُوس ما أَغلاها
وَ بِجَرْعاءِ كَرْبَلا يَوْمَ حَلُّوا *** فِيهِمُ حَلِّ كَرْبُها وَ بَلاها
بُورِكَتْ أَرْضُ كَرْبَلا فَهيَ أَرْضٌ *** تَتمنَّى الأفلاكُ لَثْمَ ثَراها(5)
تُرْبَةٌ قَدَّسَتْ بِالِ عَلِيَّ *** طُهُرَتْ يَوْمَ صُرِّعُوا بِفناها
بِأَبي المحرمين عَجِّتْ إِلى اللَّهِ *** بِإِهْلالِها فَوَدَّ لِقاها(6)
ص: 309
قَدَّمَتْ هَدْيَها وَ هُنَّ نُفُوسٌ *** يَا لِتِلْكَ النُّفوسِ مَا أَهْداها
تَرَكَتْها سُيوفُ أَبْناءِ حَرْبٍ *** في (مِنی) كَرْبَلا أَضاحِي مِناها
مُذْ تَعَرَّتْ عَنِ المَخِيطِ بُروداً *** خَلَعَ الدِّينُ بُرْدَها فَكَساها
بَرَزَتْ لِلطَّوافِ دُونَ بُيُوتٍ *** شَرَّفَ اللَّهُ بَيْتَهُ بِحِماها
یا حِمى الحِجْرِ وَ الحَجُونَ اغتبقها *** وَقْعةً فَجَّر الصُّخُورَ شَجاها
هذِهِ أَنْجُمُ الهِدايَةِ غَابَتْ *** بَعْدَما أَشْرَقَ الوُجُودَ سَناها
فَلَوْ أَنَّ البُكاءَ يُجْدِي عَلَيْهِمْ *** نَشَرتْ زَهْرَها السَّما بِبُكاها
أَوْجُهُ في الصَّعِيدِ تُشْرِقُ نُوراً *** وَ أبُوالفَضْلِ فِيهمْ أَسْناها
حَفِظَ الدِّينَ فَادِياً أيَّ نَفْسٍ *** وَدَّ جِبْرِيلُ أَنْ يَكُونَ فِداها
تَرَكَ الجَمْعَ كالسَّوامِ شُروداً *** وَ هُوَ ذُو لُبْدَةٍ يَكرُ وَرَاها(1)
عُرقَتْ فِيهِ نَحْوَةٌ مِنْ أَبِيهِ *** وَ كَذا الأسْدُ تَقْتَفِي أَباها
لَمْ يَطأُ طَرْفُهُ ضُحى الحَرْب إلاَّ *** قَنَنَ الهامَ مِنْهُمْ وَالجباها
راجِزاً فِيهمْ أَنا ابْنُ مُقيمٍ *** أوَدِ الدِّينِ فاستقام بِناها(2)
مَلَكَ الماءَ ظامياً لَمْ يَرِدُهُ *** بِمواساتِهِ الحَياةَ سَلاها
فَعَلَى الدِّينِ عَزَّ قَطْعُ يَدي مَنْ *** حَوْزَةُ الدِّينِ في يَدَيْهِ حَماها
وَ هَوى بِالعَمُودِ مِنْهُ عِمَادٌ *** بَعْدَهُ نُكِّسَتْ لَوِيَّ لِواها
وَ نَضى السَّيْف بَعْدَهُ ابْنُ أَبِيهِ *** وَ هُوَ فِيهِ لولا القَضا أَفْناها
هُوَ سِرُّ الإِلَهِ سِبْطُ نَبِيَّ *** خَتَمَ اللَّهُ بِاسمِهِ أَنْبِياها
وَ هُوَ الخِيرةُ الَّتي جَهِلَتْها *** فِئةُ الغيّ وَ الإلهُ ارْتَضاها
إِنَّ للَّهِ حِكْمَةٌ فِيهِ يَغْدُو *** ثاوِياً طَعْمَ سُمْرِها وَ ضُباها
ص: 310
أَدْرَكَتْ ثارَها أُمَيَّةُ منْهُ *** وَ شَفَتْ فِيهِ حِقْدَها طُلَقاها
حَرَّمتْ ماءهَا المُباحَ عَلَيْهِ *** بَعْدَما أَوْرَدَ السُّيوف دِماها
أَوْطَأَتْهُ سَنابِكَ الخَيْلِ عَدْواً *** بَعْدَما أَوْطَأ الخُبُول طُلاها(1)
سَوَّدَ اللَّهُ بِالعِراقِ وُجوهاً *** قَتَلتْ خَيْرَ مَنْ يُرِيدُ هُداها
قتلَتْ خِيرةَ الأَنامِ حُسَيْناً *** بِضُبا أَلْعَنِ الوَرَى أَشْقاها
أَسْفَرَ الصُّبْحُ عَنْ دُجى لَيْلِ وَ هُمٍ *** إِنَّ تِلْكَ الأَرْجاسَ مِنْ أَوْلاها
طَمِعُوا بِالحَياةِ وَ هُيَ مَتاعٌ *** بِئْسَ ما قَدَّمُوا لِيَوْمِ جَزاها
ظَهَرَ الانْقِلابُ مِنْهُم بِفَقَدِ *** المُصْطَفَى وَ النُّصُوصِ شَقُوا عَصاها
وَ بِقاعُ الغَدِيرِ في يَوْمِ خُمِّ *** شَهِدَتْ أَنَّ حَيْدَراً مَوْلاها
غَصَبُوا نِحْلَةَ البَتُولِ عِناداً *** وَ إِلهُ السَّمَاءِ قَدْ أَوْلاها(2)
إِنَّما نارُها التي أَضْرَمُوها *** عِنْدَ بابِ الزَّهْراءِ ما أَوْراها(3)
أُضْرِمَتْ بِالطُّفُوفِ مِنْها خِيامٌ *** لِبَني الوَحْيِ فَاسْتَمَرَّ سَناها
دَخَلُوا دارَ خِدْرِ مَنْ عَلِمُوها *** أنَّ في وَحْیِهِ الإِلهُ حَباها
أَسْقَطُوها الجَنِينَ رَضَاً وَقادُوا *** مَنْ لَهُ الأَمْرُ لَوْ يَشاءُ مَحاها(4)
مَنْ لَهُ في الحُروبِ أَعْلامُ فَخْرٍ *** عَقَدَتْها الأفلاكُ فَوْقَ ذُراها
يَوْمَ بَدْرٍ وَ خَيْبَرٍ وَ حُنَيْنِ *** هُوَ مِصْباحُها وَ قُطبُ رَحاها
ص: 311
وَ بِيَوْمِ الفُتُوحِ أَسْنى المَعالي *** حازهَا المُرْتَضَى وَ حَازَ سِواها
كَمْ لَهُ في المُبِيتِ ثُمَّ شِعارٌ *** فِيهِ أَمْلاكَهُ المُهَيْمِنُ باهِي
وَ لَهُ المَوْلِدُ الشَّرِيفَ مَحَلاًّ *** عَنْ مَزايا تَقَدَّسَتْ أَنْ تُضاهي(1)
ص: 312
عجيبةٌ هذه الدنيا وبلواها *** كمْ حلَّ في آلِ طهَ من رزاياها
كَمْ كابَدُوا محناً لم يَلْقَها أحدٌ *** و هم من الناس أزكاها و أتْقاها
قاسُوا من الظُلمِ ألواناً و نالَهُم *** من البلا ما صروف الدهر أنساها(1)
ما منهُم من قضى إلا و مهجتُه *** قد قطَّعَتْ بلظى الأشجانِ أحشاها
شتّى مصارعُهُم منهم قضى ظماً *** ذبحاً و منْهُم سمومُ الغدرِ يُسقاها
و في السجونِ عديدٌ منهمُ قُتِلوا *** و في المباني لَقَت بعضٌ مناياها
منهُم بطيبةَ قد حَلُّوا و بعضُهُم *** بكربلاءَ و أرضِ الكرخِ مثواها
و بالغريِ و سامراءَ بعضُهُم *** و في خراسانَ بدرٌ حلِّ أقصاها
لكنَّ أم الرَّزايا بلْ وأفضَعَها *** ما حلَّ بالطُّهر بنتِ المصطفى طه
لهفي لها كمْ رأتْ من بعدِ والدها *** من الأذى ما لِعَيْنِ الذين أدماها
تجرَّعتْ غصصاً لو أن أيسَرَها *** قد حَلَّ بالراسياتِ الشُمَّ أفناها
يا للخطوبِ ابنةُ المختارِ فاطمةٌ *** لم يُرْعَ بعدَ رسولِ اللَّه قَرباها
جارُوا عليها و لم يرعَوْا مكانَتَها *** و هي التي بُعلاها الذكرُ قد فاها
(فقل تعالوا) أتتْ فيها كذاك أتى *** في فضلها (هل أتى) واللَّه زكّاها
و كمْ أشادَ بها المختارُ وهو بها *** أدرى و كم علناً أوصى بإرضاها
فكيفَ يُجنى عليها كيفَ يظلمها الزَّمانُ *** ما أظلمَ الدنيا و أَقساها؟
من البكا مُنِعت من إرثها حُرِمت *** وحقَّها غُصبتْ والكلُّ عاداها
و كم بهم خطبتْ كم أعلنَتْ و دعتْ *** لم يحفظوها و لم يَرْعَوا وصاياها
***
ص: 314
و أعظمَ الخطبِ أن يؤتى لمنزلِها *** بالجزل(1) و النارِ كي للنارِ تصلاها؟
و قال قائلُهم للدَّار أحرِقها *** حتى و إنْ حلَّها الزهراءُ و ابناها
اللَّهُ أكبرُ أينَ المسلمونَ مضَوْا *** كيفَ ابنةُ المصطفى يُؤتى لإيذاها؟
لدارِها دخلُوا ظُلماً و ما أخذُوا *** إذناً و جبريلُ دوماً كانَ يَغشاها
فلاذتِ الطهرُ خلفَ البابِ تسترُها *** فنالَها منهمُ ما أسخَطَ اللَّه
لضلعِها كَسَرُوا و الخدَّ قد لَطَمُوا *** و أسقَطَتْ مُحسناً واهاً لها واها
ما أجرأَ القومَ ما أقسى قلوبَهُمُ *** كيفَ البتولةُ منها رضَّ ضلعاها؟
بصدرِها أنبتُوا المسمارَ فانبعثَتْ *** منهُ الدماءُ ألا ويلٌ لأعداها
حنَّت وأنَّتْ وخرَّت بالثرى وبكَتْ *** و المرتضى قيدَ مكتوفاً لأَشقاها
***
اللَّه كم عانتِ الزهراءُ من محنٍ *** كَمْ جَرَّعُوها من الأقذاءِ أشجاها
كم روّعوها و كم أجروا مدامِعَها *** دماً و لم يحفظوا للمصطفى جاها
حتى غدتْ بفراشِ الموتِ من مرضٍ *** و من أذًى نالها تشكُو لمولاها
و مذدنا الموتُ منها أصبحتْ بأسّى *** أصابَها الحزنُ إشفاقاً لأَبناها
أوصَتْ بهم حيدراً و القلبُ في قلقٍ *** عليهِمُ و جَرَتْ بالدمِ عيناها
ما أدري ما حالُ مولانا الوصيِّ و قد *** رأى البتولة تمليهِ وصاياها؟
قالتْ له هل بدا مني إليكَ خطاً *** يوماً و هل خنتُ حاشا الطهرُ حاشا
فأظلمَ الأفق في وجهِ الإمام أسّى *** على الزكية كيفَ الدهر أضناها؟
أجابَها أنتِ أتقى أن أو بخَكِ *** و أنتِ خيرُ نساء الأرض أَرضاها
قالت إذا أنا فارقت الحياةَ فلا *** تدع بني يصيبُ الضيمُ إياها
و ارفقْ بهم وتزوجْ من أمامةَ إذ *** تكون مثلي لأولادي بِرحماها
ص: 315
اللَّه اللَّه في نجليِ الزكي وفي *** شبليِ الحسين و في الحوراءِ فارعاها
و لاتدع عصبةً جارتْ عليَّ بأن *** تأتي إليَّ لتشييعي لطَغْواها
لايحضُرُوا أبداً نعشي و في جِنحِ *** الظلامِ جثتي واريها بمثْواها
يا ساعدَ اللَّه قلبَ المرتضى فلكم *** رأى خطوباً يُشيبُ الطفلَ مرآها
ما حالهُ و يرى الزهراءَ من كمدٍ *** لقد دنا حينَها و السُّقمُ أعياها
حتى قَضتْ و هي من ضيمٍ ألمَّ بها *** تبث للخالقِ الرحمن شكواها
ماتتْ بغضتها ظلماً فوا أسفي *** على البتولةِ كيفَ الموتُ وافاها
في زهرةِ العمرِ كيف الحتفُ عاجلها *** كيف الخطوب دهتها و البلا جاها؟
ماتتْ سليلةُ طه المصطفى كَمَداً *** ماتتْ و لما تَمُتْ منها سجاياها(1)
و المرتضى و بنُوه الغُر أفجعهم *** وقعُ المصابِ على الزهرا وبلواها
والكلُّ أجرى عليها دمعَهُ بدمٍ *** و الحزنُ للنار في الأحشاء أوراها(2)
ماتتْ و في ليلها بالسرِّ قد دُفنت *** بنتُ النبي فكيفَ الدهرُ أخفاها
أعفي ثراها و لم يُعرف له أثر *** ما السرُكيف و من للقبرِ أعفاها
أوه لبنتِ الهدى ماتتْ بغَصَّتها *** أوه لمرقدِها المعفِي و مثواها
ص: 316
(بحر الرّمل)
الأستاذ هيثم سعود الكربلائي
يا ربِّي عَجِّلْ بِوَفاتِي *** ضاقَتْ في عَيْنَيْ حَياتي(1)
فأَنَا بِنْتُ رَسُولِ اللَّهْ *** وَ لِمَنْ أَشْكُو يا رَبّاه؟
***
يا إلهَ الكَوْنِ إنّي بِنْتُ خَيْرِ الأَنْبِيَاءِ
فأبي المُخْتارُ طَهَ وَ أَنَا خيرُ النِّسَاءِ(2)
جئتُ يا ربّاهُ أَشْكُو عُظمَ هَمِّي و شَقائي
أَنا في عِزِّ شَبابِي امْتُحِنْتُ بِالبَلاءِ
فَبِعُمْرِ الزُّهور -ابْتَمَثْنِي الدُّهورُ- وَ سَكَنْتُ القبورْ
ص: 317
موتُ أَبِي قَدْ أَنْقَضَ ظَهْرِي *** و أُنادِيهِ بِدَمْعِ يَجْرِي(1)
مَنْ لِي بَعْدَكَ يا أبتاهُ؟ *** و لِمَنْ أَشْكُو يا ربّاهُ؟
***
أَفْجَعْتني يا إلهي تِلْكُمُ البَلْوى الأليمهْ
لَمْ أكُنْ أَعْلَمُ أنّى بَعْدَهُ أَحْيا يَتِيمَهْ
بَيْنَ قَوْمِ إسْتحِلّوا حُرْمَةَ الهَادِي العَظِيمَهْ
كُنْتُ أَبْكِيهِ ولكنْ زُمْرَةُ البَغْيِ اللَّئِيمهْ
مَنَعَتْنِي البُكا -غَصَبَتْ فَدَكا- لِمَنِ المُشْتَكَى(2)
ما زالَ يَرِنُّ بِآذاني *** مَنْ آذاها قَدْ آذانِي(3)
وَ بِقَلْبِي تَشْتَعِلُ الآهُ *** وَ لِمَنْ أَشْكُويا ربّاهْ
***
وَ أَبي قد كانَ أَوْصى قائِلاً يا كُلَّ صَحْبِي
ص: 318
ابْنَتِي الزَّهْراءُ رُوحِي بينَ جَنْبَيَّ وَ قَلْبِي(1)
إنّ مَنْ أرْضى بتولاً فَهُوَ فِي الحَشْرِ بِقُرْبي(2)
إِنْ مَنْ يُرْضِي بتولاً يُرْضِيَ المَعْبُودَ رَبِّي
يا إلهَ الوَرى-لَيْتَهُ قَدْ دَرَى- بَعْدَهُ ما جَرَى
كافَأَهُ الأصْحابُ بِقَدْرِ *** إِذْ دَفَعُوا البابَ إِلى صَدْري
وَ قَضَى المُحْسِنُ واوَيْلاهُ *** و لِمَنْ أَشكُو يا رَبَّاهُ؟
***
بَيْنَ آهاتِي وَ حُزْنِي وَ مُصابِي وَ احْتضاري
وَ أَنيني لِجَنِينِي وَدَمِ في الصَّدرِ جارِي
دَخَلَ الأصْحابُ دارِي وَيْلَ أعْدائِي بِداري(3)
ص: 319
أَسْرَعُوا نَحْوَ عَليَّ يا لَمصابي وَانْكِسارِي
وَ رَأَيْتُ اللَّئامُ -كَيْفَ قادُوا الإمامْ- بِحبَالِ الخِصامْ
وَ رَكَضْتُ و يَسْبِقُني هَمِّي *** زَاجِرَةٌ خَلُوا ابْنَ عَمِّي(1)
لاأَمْك يا قَوْمُ سِوَاهْ *** و لِمَنْ أَشْو يا ربّاهْ؟
***
ليسَ لي غَيْرُ عَلِيٌّ وَ هُوَ بِالصَّبْرِ مُقَيَّدْ
وَلَظى الصَّبْرِ لَهِيبٌ يا إِلهِي كَيْفَ تُخْمَدْ(2)
إن قَوْمِي أسْخَطُوني أيها المَعْبُودُ فَاشْهَدْ؟(3)
إنّهمْ قَدْ أَغْضَبوني أَغْضَبُوا الهادي مُحَمَّدْ
أنا بِنْتُ الرَّسُولُ -كَيْفَ حُزْنِي يَزُولُ؟- وَ جَبِيني يَقُولْ
وَ لولا المِسْمَارُ وَ إِسقاطي *** كنْتُ الثَّالِثَ لِلأَسْبَاطِ
سِبْطُ أَخَواهُ افْتَقَداهْ *** وَ لِمَنْ أَشْكُو يا ربّاهُ؟
ص: 320
ربِّي عَجِّلْ بوَفَاتِي ضَاقَ فِي عَيْنَيَّ عُمْرِي
قَدْ سَئِمْتُ العَيْش حُزناً بَيْنَ آلامِي وَ دَهْرِي
وَ لَقَدْ أَوْصَيْتُ أَنْ لاَيَعْلَمَ القَوْمُ بِقَبْرِي(1)
وَ إِذا ما حانَ حَشْرِي أُبْلِغُ النَّاسَ بسرِّي
إنّ سِرِّي الدَّفينُ -يَوْمَ حَشْرِي يَبِينْ- حِينَ يَبْكِي الجَنِينْ
وَ يَصيحُ بِحُزْنِ يا رَبِّي *** أُسْقِطَتُ جَنيناً ما ذَنْبي
وَ لِيَسْتَمِع الكُل نَداهُ *** وَ لِمَنْ أَشْكُو يا ربَّاُهُ؟
***
ص: 321
(بحر الخفيف)
لأحد الشعراء
أَشْرَقَتْ شَمْسُ أَحْمَدٍ بِضِيَاهَا *** فَأَضَاءَتْ بِنُورِها ما سِوَاها
طَلَعَ الصُّبْحُ بِعْدَما طَلَعَتْ *** شَمْسُ آلِ الرَّسُولِ مِنْ بَطْحَاها
شَمْسُ أُمِّ القُرَى وَ أُمّ أبيها *** بِأَبِي تِلْكَ أَفْتَدِي وَ أَباها(1)
يَا لَشَمْسٍ إِذا تَجَلَّتْ بِأَرْضٍ *** بَدَّلَ اللَّهُ بِالنُّجُومِ حَصاها
يَا لَشَمْسِ إِذا أَفاضَتْ قُبوراً *** قَامَ أَمْواتُها على أَحْيَاها
يَا لَشَمْسِ إِذا تَجَلَّتْ لأَعْمَتْ *** عَيْنَ كُلِّ الوَرى بِأَنْ لاتَراها
يَا لَشَمْسِ لَوْ أَسْفَرَتْ مِنْ حِجَابٍ *** وَ الخَتَفَتْ مِنْ حِجَابِها مِنْ حَياها(2)
قَدْ تَجَلّى الإله فيها بنورٍ *** مِثل ضَوْءِ النَّهَارِ بَلْ أَجْلاها
أَحْمَدُ اللَّهَ أَنَّ شهر الجمادى *** قَدْ مَضَى ما مَضَى وَها أُخْرَاها(3)
ص: 322
وُلِدَتْ فَاطِمٌ بِمَكَّةَ طُهْراً *** يالَنَفْسٍ زَكِيَّةٍ زَكَاها(1)
إِنَّ أَرْضَ الحِجازِ مَاسَتْ سُروراً *** كَعَرُوسٍ تُزَفُّ في مَثْواها(2)
فأنارَتْ بُيُوتَ مَكَّةَ بَلْ مِنْ *** فَوْقِ سَبْعِ الطَّبَاقِ شَعَّ سَناها
ضَحِكَ المَشْعَرانِ وَ الرُّكْنُ وَ *** البَيْتُ لِميلادِها وَ مَا قَدْ تَلاها(3)
وَ تَلالا جَمَالُها فَوْقَ عَرْشٍ *** وَ تَعَالَى جَلالُها في ذُرَاها
يَا لَبُشْرَىٰ بِمَوْلِدِ البَضْعَةِ *** الزَهْرَاءِ مَنْ قَد تَقَدَّسَتْ أَسْماها
يالبُشرى لأمها مِنْ وَليدٍ *** عِوَضاً لِلذُّكورِ مِنْ أُنْثاها(4)
هِيَ وَاللَّهِ قَدْ تَقَبَّلَها الرَّحْمنُ *** مِنْهَا وَ بِالقَبُولِ اصْطَفاها(5)
ص: 323
آنَسَتْ أُمَّهَا لِوَحْدَتِها إِذْ *** حَدَّثَتْها بِالحَمْلِ مِنْهَا شِفَاها(1)
طَابَ مِنْ طِيبِها المَشَاعِرُ جَمْعاً *** وإلى الآنَ طَابَ فيهِ شَذَاها
جَمَعَ اللَّهُ أُمَّهَاتِ بَتُولٍ *** عِندَ ميلادها إلى حَوَّاها(2)
فَتبادَرْنَ مُشْفِقاتٍ عَلَيْهَا *** مَعَ سَطْلٍ وَ كَوْثَرٍ في إِناها(3)
ثُمَّ حَفَّتْ مِنْ حَوْلِها باسماتٍ *** مِثْلَ حَفٌ النُّجومِ مِنْ جَوْزَاها(4)
وَحْدَتْ رَبَّها بِحُسْن ثناءٍ *** عَجِزَ النَّاسُ عَنْ أَداءِ ثَناها
ص: 324
شَهِدَتْ في نُبوَّةٍ لأَبِيها *** وَ عَلَى بَعْلِها إِمَامٍ هُدَاها(1)
نَسَمَّتْ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ *** مِنْ بَنِيها وَ مِنْهُمُ سِبْطاها
بِأَبِي ثُمَّ أُسْرَتي ثُمَّ أَهْلي *** ثُمَّ مالِي و ما سِوَاها فِدَاها
بِأَبِي فاطماً وَ قَدْ فُطِمَتْ *** بِاسْمِها نَارُ حَشْرِها وَلَظَاها(2)
بأَبِي كُفُرُها عَلِيُّ تَعَالَى *** هُوَ لَوْ لَمْ يَكُنْ وَ مَنْ أَكْفاها(3)
هِيَ عَيْنُ الحياة في ظُلُمَاتٍ *** وَ حَياةُ القُلُوبِ مِنْ جَدْوَاها
هِيَ وَاللَّهِ آيَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ *** بَلْ رَحْمَةٌ لَهُ أَهْدَاها
هِي عِندَ الإلهِ أَعْظَمُ خَلْقاً *** وَ بِهَا دَارَ في القُرونِ رَحاها(4)
هي مشكاةُ عِصْمَةٍ عُلِّقَتْ *** مِنْ سَمَاءِ الوُجُودِ مِثْلَ ذَكاها
هَلْ يَكُن في الوُجُودِ مِنْها شَبيةٌ *** قُلْ أَبُوها وَ بَعْلُها وَلَداها
إنّها خِيرَةُ النِّسَاءِ جَميعاً *** وَ لَها الفَضْلُ مِنْ جَميع نِسَاها(5)
ص: 325
ما أَرَادَتْ مِنَ الدَّنِيَّةِ شَيْئاً *** فَأَبَى اللَّهُ عَاجِلاً في عَطَاها
أَثْبَتَتْ نَفْسَها بِزُهْدٍ وَ قَالَتْ *** في الصَّبَاحِ ليُحْمَدَنَّ سُراها
إنّما الحُورُ أَشْرَقَتْ مِنْ قُصُورٍ *** بِعُيونٍ حَوْراءَ حَتَّى تَرَاها
فَأَتى قَوْمُهَا إِلَيْهَا بِظُلْمٍ *** يَا لَها خُطَةٌ فَمَا أَقْساها(1)
ما رَعَوْا حُرْمَةَ النَّبِيِّ بِرَهْطٍ *** وَ نَسُوا ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ جَاها
مَنَعوها حُقوقَهَا مِنْ عِنَادٍ *** مِنْ عَوالٍ وَ حَائِطٍ وَ زَواها(2)
يا لَقَوْمٍ طَغَوْا بِظُلْمِ إِمَامٍ *** مِثْلَ عَادٍ تَزْدادُ في طَغْوَاهَا(3)
كَسرُوا ضِلْعَها بِرَفْسٍ فيا *** لَلَّهِ مِنْ كَسْرَةِ آلَمَتْ أَعْضَاها(4)
ص: 326
أينَ مِنْ ذِي الفِقَارِ مُرْهَفٌ حَدِّ *** سُلَّ عَنْ غَمْدِهِ وَغَدَاةَ يَرَاها؟
كُفَّ عَنْ عَزْمِهِ بِعِزْمَةِ صِدْقٍ *** وَ عَلى ما قَضَى به أَمْضَاها
كَفَّهُ عَهْدُهُ لَهُ وَلَوْلا *** ذَاكَ طَيَّ السِّجِلِّ كان طَوَاها(1)
ص: 327
أمْ لِخَوْدٍ غَرِيرةِ الطَّرْفِ تَهُوا *** فِي بِصِدق الوداد أو أهواها
أم لصافي المُدامِ مِنْ مُزَّةِ الطَّعْمِ *** عقارٍ مِشْمُولَةٍ أسْقاها
حاش للَّهِ لَسْتُ أَطْمِعْ نَفْسِي *** آخر العُمْرِ فِي اتباع هَواها
بَلْ بُكائِي لِذِكْرِ مَنْ خَصَّها اللهُ *** تَعَالَى بِلُطْفِهِ وَ اجْتَباها
خَتَمَ اللَّهُ رُسُلَهُ بِأَبِيها *** وَ اصْطَفاهُ لِوَحْبِهِ وَاصْطَفاها(1)
وَحَباها بِالسَّيْدَيْنِ الزَّكيِّیْنِ *** الإمامَيْنِ مِنْهُ حِينَ حَباها
وَ لِفِكْرِي في الصَّاحِبَيْنِ اللَّذَيْنِ *** استَحْسَنا ظُلمَها و ما راعَياها
مَنعا بَعْلَها مِنَ العَهْدِ وَ العَقْدِ *** وَ كَانَ المُنِيبَ وَالأَوّاها(2)
وَ اسْتَبَدا بإمْرَةٍ دَبَّراها *** قَبْلَ دَفْنِ النَّبِيِّ وَ انْتَهراها
وَ أَتَتْ فاطِمٌ تُطالِبُ بِالإِرْثِ *** مِنَ المُصْطَفَى فَما وَرَّقاها(3)
لَيْتَ شِعْرِي لِمْ خُولِفَتْ سُنَنُ القُرْآنِ *** فِيها وَاللَّهُ قَدْ أَبْداها؟
رَضِيَ النّاسُ إِذْتَلَوْهَا بِمَا لَمْ *** يَرْضَ فيها النَّبِيُّ حِينَ تَلاها
نُسِخَتْ آيَةُ المَوارِيثِ مِنْها *** أَمْ هُما بَعْدَ فَرْضِها بَدَّلاها
أمْ تَرَى آيةَ المَوَّدَةِ لَمْ تَأْتِ *** بِوُدَّ الزَّهْراءِ فِي قُرُباها(4)
ثُمَّ قالاً أبُوكِ جاءَ بِهذا *** حُجَّةٌ مِنْ عِنادِهِمْ نَصَباها
ص: 329
قالَ لِلأَنْبِياءِ حُكْمٌ بأَنْ لا *** يُورِثُوا في القديم وانْتَهراها(1)
أفَبِئْتُ النَّبِيِّ لَمْ تَدْرِ إِن كانَ *** ذَنَبِيُّ الهُدَى بِذلِكَ فاها
بَضْعَةٌ مِنْ مُحَمَّدٍ خالَفَتْ ما *** قال حاشا مَوْلاتَنا حاشاها(2)
سَمِعَتْهُ يقولُ ذاكَ وَجاءَتْ *** تَطلُبُ الإِرْتَ ضَلَّةً وَسَفَاها
هي كانَتْ لِلَّهِ اتْقَى وَكانَتْ *** أفْضَلَ الخَلْقِ عِفَّةً وَ نَزاها
أَوَ أو تَقُولُ النَّبِيُّ قَدْ خَالَفَ القُرُآنَ *** وَيْحَ الأَخْبَارٌ مِمَّنْ رَوَاهَا؟
سَلْ بِإِبْطالِ قَوْلِهِمْ سورة النَّمْلِ *** وَ سَلْ مَرْيَم التي قَبْلَ طاها
فَهُمَا يُنْبِتَانِ عَنْ إِرْتِ يَحْيَى *** وَ سُلَيْمَانَ مَنْ أرادَ انْتِباها
فَدَعَتْ وَاشْتَكَتْ إلى اللَّهِ مِنْ ذاكَ *** وَ فاضَتْ بِدَمْعِها مُقْلَتاها
ثُمَّ قَالَتْ فَنِخلةٌ لي مِنْ وا لِدِي *** المصطفى فَلَمْ يَنْحَلاها(3)
فَأَقامَتْ بها شُهُوداً فَقالُوا *** بَعْلُها شاهِداً لها وَ ابْناها
لَمْ يُجِيزُوا شهادةَ ابْنَي رَسُولِ اللَّهِ *** هَادِي الأنام إِذْ ناصباها
لَمْ يَكُنْ صادِقاً عَلِيٌّ و *** لافا طِمَةٌ عِنْدَهُمْ وَلاَ وَلَداها
كَانَ أَتْقَى للَّهِ مِنْهُمْ عَتِيقٌ *** قُبِّحَ القائِلُ المُحالَ وَشاها
جَرْعاها مِنْ بَعْدِ والدها الغَيْظَ *** مِراراً فَبِئسَ ماجَرَّعاها
أَهْلُ بَيْتٍ لم يَعْرِفُوا سُنَنَ الجَوْرِ *** الْتِباساً عَلَيْهِمْ وَ اشْتِياها
لَيْتَ شِعْرِي ما كانَ ضَرَّهُما الحِفْظُ *** لِعَهْدِ النَّبِيِّ لَوْ حَفِظاها
ص: 330
كان إكْرامُ خاتَمِ الرُّسُلِ الهادِي *** البَشِيِر النَّذِير لَوْ أَكْرَمَاها(1)
إِنَّ فِعْلَ الجَمِيل لَمْ يَأْتِياهُ *** وَ حِسانُ الأَخْلاقِ مَا اعْتَمَدَاها
وَ لَوِ ابْتِيعَ ذاكَ بِالثَّمَنِ الغالِي *** لِي لَما ضاعَ في اتْباعِ هَواها
وَ لَكانَ الجَمِيلُ أَنْ يُقْطِعاها *** فَدَكاً لاالجَمِيلَ أَنْ يَقْطَعاها
أتُرَى المُسْلِمِينَ كَانُوا يَلُومُو *** نَهُما فِي العَطاءِ لَوْ أَعْطَياها؟
كانَ تَحْتَ الخَضْراء بِنْتِ نَبِيِّ *** صادقٍ ناطِقٍ أمِينٍ سِواها
بنْتُ مَنْ أُمُّ مَنْ حَلِيلَةُ مَنْ؟ وَيْلٌ *** لِمَنْ سَنَّ ظُلمَها وَ أَذاها
ذاكَ يُنْبِيكَ عَنْ حُقُودِ صُدُورٍ *** فَاعْتَبِرْها بالفِكْرِ حينَ تَراها
قُلْ لَنا أَيُّها المُجادِلُ في القَوْلِ *** عَنِ الغَاصِبَيْنِ إِذْ غَصَباها
أَهُما ماتعمَّداها کَما قُلتَ *** بِظُلْمٍ كَلاً وَ لااهْتَضماها
فَلِماذا إذْ جُهَّزَتْ لِلقاءِ اللَّهِ *** و عِنْدَ المَمَاتِ لَمْ يَحْضُراها؟(2)
شَبعَتْ نَعْشَها مَلائِكَةُ الرَّحْمنِ *** رِفقاً بِها وَ ما شَيَّعاها
كانَ زُهْداً في أجْرِها أمْ عِناداً *** لأبيها النَّبِيِّ لَمْ يَتْبَعَاها؟
ص: 331
أَمْ لأَنَّ البَتُولَ أَوْصَتْ بِأَنْ *** لايَشْهَدا دَفْنَها فَما شَهِداها
أَمْ أَبُوها أَسَرَّ ذاكَ إِلَيْها *** فأَطاعَتْ بِنْتُ النَّبِيَّ أَباها
كَيْفَ ما شِئْتَ قُلْ كَفاكَ فَهُذِي *** فِرْيَةٌ قَدْ بَلَغَتْ أَقْصَى مَداها(1)
أَغْضَباها وَ أَغْضَبا عِنْدَ ذاکَ اللَّهَ *** رَبَّ السَّمَاءِ إِذْ أَغْضَباها
وَكَذا أَخْبَرَ النَّبِيُّ بأَنَّ اللَّهَ *** يَرْضَى سُبْحَانَهُ لِرِضاها(2)
لانَبِيُّ الهُدَى أُطِيعَ وَ *** لَافاطِمَةٌ أُكْرِمَتْ وَ لاحَسَناها
وَحُقُوقُ الوَصِيَّ ضُبِّعَ مِنْها *** ماتَسامَى فِي فَضْلِهِ وَ تَناهَى
تِلْكَ َكانَتْ حَزازَةٌ لَيْسَ تِبْرا *** حِينَ رُدّا عَنْها وَ قَدْ خَطَباها(3)
وَغَداً يَلْتَقُونَ وَ اللَّهُ يَجْزِي *** كُلَّ نَفْسٍ بَغْيَها وَ هُداها
فَعَلَى ذلِكَ الأَساسِ بَنَتْ صاحِبَةُ *** الهَوْدَجِ المَشُومِ بِناها
وَ بِذاكَ اقْتَدَتْ أُمَيَّةٌ لَمّا *** أَظْهَرَتْ حِقْدَها عَلَى مَوْلاها
لعَنُوهُ بالشَّامِ سَبْعِينَ عاماً *** لَعَنَ اللَّهُ كَهْلَها وَفَتاها
ذَكَرُوا مَصْرَعَ المَشايخ في بَدْ *** روَقَدْ ضَمَّخَ الوَصِيُّ لحاها(4)
وَ بِأَحْدٍ مِنْ بَعْدِ بَدْرٍ وَ قَدْ أَتْعَسَ *** فِيها معاطِساً وَجِباها
فاسْتَجادَتْ لَهُ السُّيوف بِصِفينَ *** وَجَرَّتْ يَوْمَ الطُّفُوفِ قَناها
لَوْ تَمَكَّنْتُ بِالطُّفوفِ مدَى الدَّهْرِ *** لَقبَّلْتُ تُرْبَها وَ ثَراها
أَدْركَتْ ثارَها أُمَيَّةُ بِالنّارِ *** غَداً في مَعادِها تَصْلاها
أشْكُرُ اللَّهَ أَنَّنِي أَتَوَالَى *** عِشْرَةَ المُصْطَفَى وَأَشْنَا عِداها(5)
ص: 332
ناطقاً بِالصَّوابِ لاأَرْهَبَ الأعْداءَ *** في حُبِّهِمْ و لاأَخْشاها
نُحْ بِها أيُّها الجَذُوعِيُّ وَ اعْلَمْ *** أَنَّ إِنْشَادَكَ الَّذِي أَنْشاها
لَكَ مَعْنِّى فِي النَّوْحِ لَيْسَ يُضاهَى *** وَ هْيَ تاج للشِّعْرِ في مَعناها
قُلْتُها لِلثَّوابِ وَاللَّهُ يُعْطِي *** الأَجْرَ فيها مَنْ قالَها وَ رَواها
مُظْهِراً فَضْلَهُمْ بِعَزْمَةِ نَفْسٍ *** بَلَغَتْ في وِ دادِهِمْ مُنْتَهاها
فَاسْتَمِعْهَا مَنْ شَاعِرِ عَلَوِيِّ *** حَسَنِيَّ في فَضْلِها لايُضاهَى
سادَةُ الخَلْقِ قَوْمُهُ غَيْرَ شَكِّ *** ثُمَّ بَحاءُ مَكَةٍ مَأواها
ص: 333
ص: 334
ص: 335
ص: 336
(بحر الكامل)
الأستاذ سلمان هادي آل طعمة(*)(1)
حَسْبِي جَوّى إِنْ ضاقَتِ السَّلوى *** عَلَيَّ أَنالُ الغَايَةَ القُصْوَى
وَ أَصِيحُ (فاطِمَتاهُ) مِنْ وَلَهٍ *** كَيْما أَفُورٌ بِجَنَّةِ المَأْوَى
اللَّهُ جَلَّلَها وَ أَكْرَمَها *** بِالعِلم وَ الإِيمان وَ التَّقوَى(2)
أيَلُومُنِي في حُبِّ فاطِمَةٍ *** مَنْ قَدْ أَطَاعَتْ رَبَّهَا نِضْوَا؟(3)
إنَّ السماواتِ العُلى شَرُقَتْ *** بِطُلُوعِها وَ اسْتَأنَسَتْ حَوَّا
کَرَمٌ کما نَبْعُ الزُلالِ لَهُ *** طَعْمُ لَذيذٌ يُشْبِهُ الحَلْوَى
قالَ الرسولُ بِانَّ فاطِمَةً *** هِيَ بَضْعَةٌ مني بها نَجْوَى(4)
ص: 337
تَعْنُولها السَّبْعُ الشَّدادُ كما *** بنْتُ الغُصونِ تَحلّقتْ نَشْوَى(1)
أنا قَدْ فُتِنْتُ بِفَاطِم وَلَكُمْ *** أَهْفُو لِذِكْراهَا وَ كَمْ أَهْوَى
يا مَنْ لها قِيثارَتي عَزَفتْ *** كالطَّيْرِ يَشْدُو مُلْهِما شَدْوَا(2)
هِيَ رَحْمَةٌ جاءَ البَشِيرُ بِها *** لِلْعَالَمِينَ لِتَمْحَقَ البَلْوَى(3)
امَّا مُحِبُّوها فَإِنَّ غداً *** يَتناولونَ المَنَّ وَ السَّلْوَى
سَأظلُّ بِالزَّهْراءِ مُفْتَتَناً *** كالمُسْتَهام يَضِحُ بِالشَّكْوَى(4)
ص: 338
(بحر المتقارب)
الشيخ عبد الحسين شكر(*)(1)
أمِنْ ذِكرِ وادي النقا فاللِّوى *** بدا في المحاجرِ ما في الجوى
أم القلبُ في أدمعِ العينِ سالَ *** غداةً تذكرتُ يوم النَّوى
و صَحباً رعَوْا في رياضِ الجنان *** و صرفُ الزمانِ بهم ما ارعوى
إلى أن يقول:
فمن مبلغنْ بني هاشمٍ *** برزءِ لوى عَضْبَهم فالتوى
لقد ألبسَ الرسلَ ثَوبَ الحدادِ *** و أبكى ملائِکَها في الهوا
بني الوحي هل تغمضونَ الجفونَ *** و غصنُ المكارم منكُمْ ذوى
ألستم بيومِ الوغى معشراً *** يخوضونَ نَزَّاعةَ للشوى(2)
أطلّتْ رزاياً على مجدِكُم *** طوينَ رواقَ العُلا فانطوى
حرائرُكُم في السِّبا ثُكَلٌ *** أضرَبهنَّ الظما و الطَّوى
متى شمنَ فوقَ الصعادِ الرؤوس *** بأدمعهِن الصعيدٌ ارتوى
و تلكَ بنُو الوحي أجسامُهُم *** تضيءُ بها أمُ وادي طوى
و طالت علی شهبِها مذحوتْ *** مليكاً على المكرماتِ احتوى
فقومُوا بني هاشم علکم *** تجازُون کل امری مانوی
ص: 339
دُهیتم بدهماءَ من معشرٍ *** أقامُوا من الغَيِّ بيتاً خوى
فما آلُ سفيانَ لولا الأُلى *** و لولا السقيفةُ مانينوى
هم ابتدعُوا غصبَ ميراثكم *** و قام بهم ليزيدش اللوا
و هم جرَّأوُا القومَ من قولهم *** لأحمدَ قد ضلَّ أوقد غوى
زَوَوْا حقَّ فاطمةٍ و الوصيِ *** لذا عن حسينٍ يزيدٌ زوی(1)
لئِن آمنُوا اليومَ من مكرِكُمْ *** فلا يأمنُوا من شديدِ القوى
فسوفَ يبددُهم صارمٌ *** ردی نفخةً الصورِ فيه انطوى
يكفِ إمامٍ يُقيمُ الهدى *** و يورقُ للدِين غصناً ذوى
ص: 340
(بحر الوافر)
الأستاذ علي محمد الحائري(*)(1)
بَكَيْتُ بمَأْتَمِ الزَّهْرَاءِ شَجْوَا *** مُصاباً هَزَّ تَهْلاناً وَ رَضْوى(2)
إذا رَقْرَقْتُ دَمْعِي في المآقي *** نَضَوْتُ مَلاءَةَ الأفراح نَضْوا(3)
وَ مَنْ أَلِفَ الخُطُوبَ مُبرِّحاتٍ *** رَأَى الدُّنْيا خِلال أسِّى وَبَلوى(4)
أَنِضويْ لا بَرَكَتْ على صَعِيدٍ *** ضُلُوعُكَ من حمارٍ لَيْسَ تُكْوى(5)
وَ صَبْرِي لارَكَمْتَ إلى شَفِيفٍ *** مِنَ السِّلْوانِ مُحْتَقَب لِسَلوى(6)
وَ عَيْني لا مَللْتِ صِحَابَ سَهْدٍ *** يُؤَرِّقُ مِنْ مَنَامِكِ رَيْتَ يُطوى(7)
تَلَذِّينَ الكَري دَعَةٌ وَ خَفْضاً *** وَ آلُ البَيْتِ مَذْعُورونَ مأوى(8)
و تَرْتَكنين للأحلامِ تَسْجُو *** وَ مَا عَيْنُ الهَوائِم ثَمَّ سَجُوا(9)
ص: 341
تُقاذِفُهُمْ تَنائِفُ مُلْبِداتٌ *** بِهَا الذُّؤْيانُ طَاوِيَةً تَلوى(1)
ركابُهُمُ طوائِحُ في البَرارِي *** وَ رَكْبُهُمُ تَزَيَّغَ حَيْثُ يُضوا(2)
كَأَنَّهُمُ الدَّيالِمُ في سَباءٍ *** عُيونُ السُّوءِ تَخْرُرُهُم رُنُوّا
وَ إِنَّهُمُ وَ لازالَتْ حُباهُمْ *** عَواقِدَ فِي ذُرىّ شَمَخَتْ سُمُوا
بُيُوتُ أنْزَلَ الرَّحْمٰنُ فِيها *** جَلالَ الوَحْيِ فَاسْتَعْلَتْ عُلُوَّا
عَلَى عَتَباتِها جِبْرِيلُ أَرْسَى *** جَناحاً وَ اسْتَعزَّ لها دُنُوَّا
وَ فاطِمُ من سِراجِ الوَحْي ضَوْءٌ *** تُزاحُ بهِ الدُّجُنَّةُ حَيْثُ ضَوَّى(3)
وَ فاطمُ مِنْ نَسيج الخُلْدِ رَوْحٌ *** تَضَوَّعَ مِسْكُها الدُّنيا زُهُوا(4)
وَ فاطِمُ مِنْ رُؤى الإيمانِ طَيْفٌ *** وَ فاطِمُ في فم الأجيالِ نَجْوَى
ص: 342
وَ سَيّدةُ النّساءِ بِدُونِ رَيْبٍ *** وَ رَوْضُ عَقِيدَةٍ وَمَنارُ تَقْوَى(1)
رَعَتْ ذِمَمَ الأُنوثة في احتشامٍ *** وَ إِصرارٍ من الإِصرارِ أقوَى(2)
مِنَ وَ فَرْعُ الغُصْنِ بالأَعْياصِ جئلٌ *** مِنَ الثَّمَراتِ مُكْتَسِبٌ نُمُوَّا(3)
أرادَ اللَّهُ لِلنِّسْوانِ شَأُواً *** فَقَدَّمَ آدَماً مِنْ قَبْلِ حَوَّا
وَ كُلُّ نَسْجُ خَلْقِ لاسَواءٍ *** وَ سُبْحانَ الَّذي في البَدْءِ سوّى
و تَربِيَةُ الأوانِسِ مِنْ قَلِيبٍ *** يُمَرُّ أُجَاجُهُ وَ يُسَرُّ خُلْوَا(4)
أَلا إِنْ شِئْتَ فَاسْتَجْلِ السَّجايا *** مِنَ الزَّهْرَاءِ وَ اتَّرِكِ العُتُوَا(5)
هِي القِمَمُ الأَصائِلُ في كَيانٍ *** تَناسَقَ وَ اسْتوى جِذراً وَ عُلُوا
ص: 343
(بحر الطويل)
السيد غياث آل طعمة
إِلاَمَ بِنَارِ الْبُعْدِ يَا سَيِّدِي نُكْوَى؟ *** وَ هَلْ يُسْتَلَذُّ العَيْسُ مِنْ دُونِ مَنْ نَهْوَى(1)؟
وَ هَلْ يُؤنِسُ الأَرْوَاحَ مِيلادُ حُجَّةٍ *** وَ نَفْرَحُ وَ المَوْلُودُ حَقَّتْ بِهِ البلوى؟
تَفَاذَفَهُ هَمُ الْعَوَالِم فَانْتَنَتْ *** جَوَائِحُهُ بِالحُزْنِ مِمَّا بِهَا تُكْوَى
فَأَنَّى أَدَارَ الطَّرْف جَوْرٌ وَ مِحْنَةٌ *** وَ مُضْطَهَدٌ فِي الْبُؤْسِ يَرْجُو النَّجَا رَجُوا(2)؟
وَ نَحْنُ جَرَتْ فِي الْقَلْبِ أَبْحُرُ وُدُكُمْ *** فَأَثْمَرَتِ الإِيمَانَ وَ اعْشَوْشَبَ التَّقْوَى
فَصُبَّتْ عَلَيْنَا الْعَادِيَاتُ بِحُبِّكُمْ *** لِتَصْرِفَنَا عَنْكُمْ فَزِدْنَا بِكُمْ زَهُوا
تُصَبُّ عَلَيْنَا النَّائِبَاتُ كَأَنَّمَا *** خُلِقْنَ لَنا وَ الدَّهْرُ يَلْهُو بِنَا لَهُوا(3)
كَأَنَّ لَدَى الْبَاقِينَ مِنْ نَسْلِ تَيْمِها *** بَقِيَّةَ نَارِ أَدْرَكُوهُ بِنَاتَوّا
فشتِّتَ مِنَا الشَّمْلُ حَتَّى كَأَنَّنَا *** هَشِيمٌ ذَرَتْهُ الرِّيحُ فِي عَاصِفٍ دَوّى
يَؤُوبُ إِلَى أَوْ كَارِهِ الطَّيْرُ آمِناً *** وَ نَحْنُ نَجُوبُ التِّيهَ لَيْسَ لَنَا مَأوى(4)
إِلَيْكَ شَكَوْنا ما بِنَا مِنْ مُلِمَّةٍ *** فَإِنْ أَنْتَ لاتُصْغِي لَنَا لِمَنِ الشَّكوى(5)
ص: 344
فَهَبْنا الْمَعَاصِي أَخْجَلَتْنَا لَدَيْكُمُ *** أَلَسْنَا بِكُمْ نَسْتَمْطِرُ الصَّفْحَ وَ الْعَفْوا؟
وَ هَبْنَا الْخَطايا أَسْقَطَتْنا أَلَمْ يَكُنْ *** لِرُضَعِنا شَأْنٌ بِهِ تُکْشَفُ الْبَلْوَى؟
وَ لالِعَفَافِ الطَّاهِرَاتِ كَرَامَةٌ *** وَ تَغْفُو عَلى ما نالَهُنَّ أَسَى غَفُوا(1)
وَ إِنْ تَكُ قَدْ أَعْرَضَتْ عَنا أَمَا تَرَى *** عَلَى عِتْرَةِ الْمُخْتَارِ كَيْفَ بَغَوْا بَغْوا(2)؟
أمَا غَاضَكَ الْمُخْتَارُ مُلْقَى بِدَارِهِ *** وَ حَيْدَرَةٌ عَنْ حَقِّهِ جَهْرَةً يُرْوَى؟
يُقَادُ أَسِيراً وَ هُوَ نَفْسُ مُحَمَّدٍ *** أَعَزُّ عَلَى ذِي الأَرْضِ مَنْ وَلَدَتْ حَوّا(3)
وَ لَوْ شَاءَ أَنْ يُغْنِي الْوُجُودَ أَبَادَهُ *** فَفِي كَفِّهِ الأَفْلاَكُ ما إِنْ يَشَأْ تُطْوَى(4)
وَ لَوْلاَهُ لاَ الإِسْلامُ قَامَ عَمُودُهُ *** وَ لَاصَوْتُ دَاعِي اللَّهِ فِي الْكَوْنِ قَدْ دَوَّى
أَتُغْضِي عَنِ الزَّهْرَاءِ أَسْقِطَ حَمْلُها *** وَ سَوْطُ لِمَمْلُوكِ عَلَى مَثْنِهَا يُلْوَى(5)؟
وَ تُلْطَمُ مَنْ طه يَقُولُ لِفَضْلِهَا *** فِدَاهَا أَبُوها فَهْيَ مِدْحَتُها القُصْوَى(6)
وَ تُحْرِقُ دَارٌ عَظَمَ اللَّهُ شَأْنَها *** فَلِلْوَحْيِ وَ الأَمْلاكِ تُرْبَتُها مَهْوَى(7)
ص: 345
وَ أَنَّتْ أَنِيناً ضَمَّنَتْهُ مُصَابَها *** وَ لَوْ نَالَهُ بَعْضُ لَذَابَ أَسَى رَضْوَى(1)
وَ تُحْرَمُ مِنْ بَكِّ الرَّسُولِ لَوَاعِجاً *** وَ تُمْنَعُ أَنْ تُبْدِي الْمَصَائِبَ وَ الشَّجُوا
وَ يُعْفَى ثَرَاها وَ هْيَ سَيِّدَةُ النِّسا *** وَ لَكِنَّما فِي كُلِّ قَلْبٍ لَهَا مَثْوَي(2)
وَ إِنْ تَنْسَ هَلْ تَنْسَى الحُسَيْنَ مُجَدَّلاً *** وَ خَيْلُ بَنِي سُفْيَانَ قَدْ رَضَتِ الشَّلُوا(3)؟
وَ زَيْنَبُكُمْ تُسْبَى وَ خِدْرُ سُمَيَّةٍ *** مَصُونٌ فَيَا لِلَّهِ مَا أَعْظَمَ الْبَلْوَى
تَصَفَّحَها وَ هْيَ العَزِيزَةُ حَاسِراً *** أَرَاذِلُ لَوْ بَالَغْتَ فَلْساً فَمَا تَسْوَى
أَثِرُها فَأَطْرَافُ الطُّفُوفِ غَلِيلَةٌ *** وَ لَيْسَ سِوَى مِنْ فَيْض أَعْدَائِكُمْ تَرْوَى(4)
أَثِرُها يَذُوبُ الكَوْنُ مِنْ جَمْرٍ غَيْظِهَا *** وَ طَهُرْ تُرَابَ الأَرْضِ وَ امْحُ العِدَى مَحُوا
وَ نَحْنُ عَلَى عَهْدِ الوِلايَةِ لَمْ تَزَلْ *** تَهِيجُ بِنَا فِي الشَّرْقِ أَفْئِدَةٌ تَهْوَى
عَشِقْنَا المَآسِي فِي هَوَاكُمْ فَإِنَّنَا *** نَرَى عَلْقَمَ الآهَاتِ مِنْ أَجْلِكُمْ حُلُوا(5)
وَ مِنْكُمْ غَذَيناها فَمَهُما تَعَاظَمَتْ *** تَهُونُ لِمَا يَلْتُمْ لَنَا بِكُمُ السَّلوى
فَإِنْ نَكُ ظُلْماً قَدْ أُبِيحَتْ دِمَاؤُنَا *** وَ أَعْنَاقُنَا لِلهِ فِي حُبِّكُمْ تُلْوَى
وَ قَدْ سَامَنَا الأَعْدَاءُ أَلْفَ مَهَانَةٍ *** وَ مِنْهُمْ سَمِعْنَا فِي مُوَالاَتِكُمْ هَجُوا(6)
فَذَرْهُم يَخُوضُوا فِي الحَيَاةِ وَ يَلْعَبُوا *** وَ يَتَّخِذُوا أَنا أَطَعْنَاكُمُ هُزْوا
وَ لَاتَحْسَبَنْ أَنَا نَحِيدُ لِمِحْنَةٍ *** تُلِمُ بِنَا أَوْفَادِحٍ كَدَّرَ الصَّفْوا
ص: 346
فَعِزَّتُنَا أَنَا أَرِقَاهُ حُبِّكُمْ *** وَ ذِلَّتُنَا إِنْ نَنْأَى عَنْكُمُ وَ لَنْ نَقْوى(1)
فَطِينَتُنَا مِنْ فَاضِلِ الطِّينِ نَشْؤُها *** فَمَا مِنْ سَبِيلٍ أَنْ نَضِلَّ وَ أَنْ نَغْوَى
وَ تِلْكَ لَعَمْر واللَّهِ أَعْظَمُ نِعْمَةٍ *** حَبَانًا بِهَا مِنْ فَضْلِهِ عَالِمُ النَّجْوَى(2)
ص: 347
ص: 348
ص: 349
ص: 350
(بحر الكامل)
أبوالقاسم الصنوبري
في المنازِلِ حاجَةٌ نَقْضِيها *** إلاالسَّلامُ وَ أَدْمُعٌ نُذْرِيها
وَ تَفَجَّعٌ لِلْعَيْن فيها حَيْثُ *** لاعَيْشٌ أُوازيهِ بِعَيْشي فيها
أَبْكِي المنازِلَ وَ هْيَ لَوْ تَدْرِي الذي *** بَعَثَ البُكاء لَكُنْتُ اَسْتَبْكِيها
باللَّهِ يا دَمْعَ السَّحَائِب إسْقِهَا *** وَ لَئِنْ بَخِلْتَ فَأَدْمُعِي تَسْقِيها
يا مُغْرِياً نَفْسي بِوَصْف عَزيزَةٍ *** أَغْرَيْتَ عَاصِيَةٌ عَلَى مُغْرِيها
لاخَيْرَ في وَصْفِ النِّساءِ فَأَعْفِنِي *** عَمَّا تُكلفنيهِ مِنْ وَصْفيها
يا رُبَّ قافيَةٍ حَلا إمضاؤُها *** لم يَحْلُ مَمْضاها إلى مُمْضِيها
لاتُظمِعَنَّ النفسَ في إعطائِها *** شَيْئاً فَتَطْلُبَ فوق ما تُعْطِيها
حُبُّ النَّبيِّ مُحَمَّدٍ وَ وَصِيْهِ *** مَعْ حُبِّ فاطِمَةٍ وَ حُب بنيها(1)
ص: 351
أَهْلُ الكساءِ الخَمْسَةُ الغُرَرُ الَّتي *** يَبْنِي العُلاَ بِعُلاهُمُ بانيها
كَمْ نِعْمَةٍ أَوْلَيْتَ يا مولاهُمُ *** في حُبِّهِمْ فَالحَمْدُ لِلْمَوْلِيها
إِنَّ السَّفاءَ بِشِغْلِ مَدْحِي عَنْهُمُ *** فَيَحِنُّ لي أن لاأكونَ سَفيها(1)
هُمْ صَفْوَةُ الكَرَم الَّذي أصفاهُمُ *** وُدّي وَ أَصْفَيْتُ الذي يُضفِيها
أَرْجُو شفاعَتَهُمْ فَتِلْكَ شفاعةٌ *** يَلْتَذْ بَرَدَ رَجائِها راجيها
صَلُّوا عَلَى بِنْتِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** بَعْدَ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ أبيها(2)
وَ ابْكُوا دِمَاءٌ لو تُشَاهِدُ سَفكَها *** في كَرْبَلاءَ لما وَنَتْ تَبْكِيها
تِلْكَ الدّماءُ لَوْ أَنَّها تُرقى إذَنْ *** كانَتْ دِماءُ العَالَمينَ تَقِيها
لَوْ انَّ مِنْهَا قَطرَةٌ تُقدى إذَنْ *** كُنَّا بنا و بغَيْرِنا نَفْدِيها
إنّ الذينَ بغَوْا إراقَتَها بَغَوْا *** مَشْؤُومَةَ العُقْبَى عَلَى بَاغيها
قُتِلَ ابْنُ مَنْ أَوْصى إِلَيْهِ خَيْرُ مَنْ *** أَوْصَى الوصَايا قطُّ أو يُوصِيها
رَفَعَ النّبِيُّ يَمينَهُ بِيَمِينِهِ *** لِيَرى ارْتِفَاعَ یمینه رائيها
في موضِعٍ أَضْحَى عَلَيْهِ مُنَبِّهاً *** فيه و فيه يُبدِىءُ التَّنْبِيها
آخاه في «خُمِّ» وَ نوَّه باسمِهِ *** لم يَأْلُ فِي خَيْرِ به تَنْوِيها(3)
هُوَ قالَ: أَفْضَلُكُمْ على إنَّه *** أَمْضَى فَضِيتَه الَّتِي يُمْضِيها
ص: 352
هُوَ لي كهارون لموسى حَبَّذا *** تَشْبِيه هارونَ بِهِ تَشْبِیها
يَوْمَاهُ يَومٌ لِلْعِدى يَرْوِيهِمُ *** جَوْراً وَ يَوْمَ لِلْقَنَا يَرْوِيها
يَسَعُ الأنامَ مَشُوبَةٌ وَ عُقُوبَةٌ *** كِلْتاهُما تَمْضِي لِما يُمْضِيها(1)
ص: 353
(بحر الطويل)
السيد إسماعيل الحميري(*)(1)
وَحَدَّثنا عَنْ حارث الأغورِ الّذي *** نُصَدِّقُهُ في القَوْلِ مِنْهُ وما يَرْوي(2)
بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَفْسي فِداؤُهُ *** وَ أَهْلي وَمَالي طاوِي الحَشَا يَطْوِي(3)
لِجُوعِ أصابَ المُصْطَفَى فَاغْتدى إلى *** كَرِيمَتِهِ وَ النَّاسُ لاهُونَ في سَهْوِ(4)
ص: 354
فَصادَفَها وَ ابْنَي عليَّ وَ بَعْلَها *** و قَدْ أطْرَفُوا مِنْ شِدَّةِ الجُوعِ كالنِّضْوِ(1)
فقالَ لها يا فَطْمُ قُومي تَناولي *** وَ لَمْ يَكُ فيما قال يَنْطِقُ بالهَزْوِ(2)
هَدِيَّةُ رَبِّي إنّهُ مُترَحِّمٌ *** فقامتْ إلى ما قالَ تُسْرِعُ بالخَطْوِ
فَجاءَتْ عليها اللَّهُ صلّى بِجَفْنَةٍ *** مُكَرَّمة باللَّحْمِ جزْواً على جزْوِ
ص: 355
فَسَمُّوا وَ ظَلُّوا يُطْعِمُونَ جميعَهُمْ *** فبخَ بخَّ لَهُمْ نَفْسي الفداء وَ ما أَحْوِي
فَقَالَ لها ذاك الطعام هديّةٌ *** مِنَ اللَّهِ جبريلٌ أتاني به يَهْوِي
و لَمْ يَكُ مِنْهُ طَاعِماً غَيْرَ مُرْسَلٍ *** وَ غَيْرَ وَصِيَّ خَصَّهُ اللهُ بالصَّفْوِ(1)
ص: 356
(بحر الكامل)
حسين بن علي العشاري البغدادي
لَهْفِي عَلى قَمَرِ وَ سَيْفِ مُعْمَدٍ *** وَ عَلَى أبي الطُّهْرِ(1) البَتُولِ مُحَمَّدِ
ص: 357
قالَتْ وَ قَدْ نادَتْ بِقَلْبِ مُوقَدِ *** (ماذا على مَنْ شَمَّ تُرْبَةَ أَحْمَدِ)
(أَنْ لايَشُمَّ مَدى الزمانِ غَواليا)(1)
غابَتْ محاسِنُ في القرى فَكَأَنها *** شَمْسُ وَ قَدْ غابَتْ وَآوَتْ كِنَّها(2)
مُذْ حَقَّقَتْ نصي البعادَ وَ ظَنَّها *** (صُبَّتْ عَلَيَّ مَصائِبٌ لَوْ أَنَّها)
(صُبَّتْ على الأيَّامِ صِرْنَ لَياليا)
و أيضاً لحسين بن علي العُشاري البغدادي -مصدراً و معجزاً:
(ماذا على مَنْ شَمَّ تُربةَ أَحْمَدٍ) *** أَنْ لايَكُونَ عَنِ المَوَدَّةِ نَائِيا
وَ وَدْتُ قَلْباً قَدْ وَ هَى(3) لِفِراقِهِ *** (أنْ لايَسمَّ مَدَى الزَّمانِ غَواليا)
(صُبَّتْ عَليَّ مصائب لو أنّها) *** وَرَدَتْ عَلَى جَبَلٍ لأَصْبَحَ هَاوِيا
و مُصيبتي في المُصْطَفَى لَوْ أَنّها *** (صُبَّتْ على الأيام صِرْنَ لياليا)(4)
ص: 358
(بحر البسيط)
السيد حسين الغريفي
الشاخوري
سَلْ جِيرَةَ الدَّارِ عَنْ تَرْحَالِ أَهْلِيهَا *** هَلْ أَزْمَعَ العُوْدَ بِالأَظْعَانِ حَادِيهَا(1)
وَانْزِل لَكَ الخَیْرُ، وَ اسْتَمْطِرْ بِهَا جَزعاً *** سَحَابَ دَمْعِكَ بِاسْمِ اللَّهِ مُجْرِيهَا؟
دَمْعُ يُذِيبُ أَدِيمَ الخَدَّ سَائِلُهُ *** وَ زَفْرَةٌ يُحْرِقُ الأَحْشَاء وَارِيها(2)
بُعْداً لِيَوْمِ النَوَى عَنْ سَاحَتِي فَلَقَدْ *** أَقْوَى مَعَالِمَ صَبْرِي مِنْ مُقَاوِيهَا(3)
سَارُوا وَ مَا خَلَّفُوا رَغْمَا عَلَيَّ سِوَى *** رَعِي النُّجُومِ لِعَيْنِي فِي دِيَاجيهَا(4)
وَ لَا عَلَى العِيسِ قَدْ شَدَّت حُمُولَهُمُ *** إِلا بِبُغْيَةِ نَفْسِي مَنْ تُسَلِّيهَا(5)
خَلَفْتُ لَمْ أَسْتَمِعُ نَدْباً لِثَاكِلَةٍ *** كَلأَ وَ لاَحُزْنِي تَرْجِيعُ نَاعِيهَا
وَ لابَكَيْتُ لِذِكْرَىٰ رَبِّعِ كَاظِمَةٍ *** وَ لاشَجَانِي مِنَ الأَظلالِ عَافِيهَا(6)
حَتَّى ذَكَرْتُ قَتِيلَ الطَّلِف فَانْبَعَثَتْ *** كَالسُّحْبِ حُمراً دُمُوعِي مِنْ أَمَاقِيها(7)
ص: 359
مِنْ حَوْلِهِ فِتْيَةٌ صَرْعَى كَأَنَّهُمُ *** بُدُورُتَم تَهَاوَتْ مِنْ مَعَالِيهَا
فَاعْتَضتُ بِالبِشْرِ حُزْناً وَالنَّعِيمِ شَقَاٌ *** وَ الأَهْلِ وَحْشاً وَ عَنْ دَارِي تَقَاصِيهَا(1)
فَالدَّمْعُ مَا بَيْنَ مَنظوم وَ مُنْتَشِرٍ *** وَ الرِّزْهُ يَنْشُرُ أَحْزَانِي وَ يَطْوِيهَا
وَ احَسْرَتَاهُ لِقَتْلَى الطَّفِّ قَدْ نَسَجَتْ *** عَلَيْهِمُ الرِّيحُ قُمْصاً مِنْ سَوَافِيهَا(2)
يَبُلُّ أَجْسَادَهُمْ طَلُّ الرُّبى بَدَلاً *** عَنِ الخَلِيطَيْنِ مِنْ أَدْنَى مَثَاوِيها(3)
وَ الوَحْشُ تَرْتَاعُ أَنْ تَدْنُو لِمَصْرَعِهِمْ *** كَمَا تُرَاعُ ظِبَاهَا مِنْ ضَوَارِيهَا(4)
قَدْ أَلْبِسُوا مِنْ نَجِيعِ الطَّعْنِ بُرْدَهُمُ *** قَدْ نَمَّقَتْهُ الأَعَادِي مِنْ عَوَالِيهَا(5)
وَ جُرْعُوا مِنْ حُدُودِ البِيضِ كَأسَ رَدَى *** وَ فِي المَعَادِ رَحِيقُ الخُلْدِ يَرْوِيهَا(6)
كَأَنَّ فَيْضَ دِمَاهُمْ مِنْ مَنَاحِرِهِمْ *** عَلَى البَسِيطَةِ نَشْرٌ مِنْ غَوَالِيهَا(7)
صَرْعَى عَلَى التَّرْبِ مَا أَيْدِ تُقَلِّبُهُمُ *** الأَّ يَدُ الرِّيح أَوْ أَيْدِي عَوَادِيهَا
لِلَّهِ كَمْ لَهُمُ فِي نَيْنَوَىٰ جِئَثُ *** مِنْ غَيْرِ غُسْلِ وَ لاَلَحْدٍ يُوَارِيهَا(8)
وَ كَمْ لَهُمْ فِي رُؤُوسِ السُّمْرِ وَ الهفِي *** مِنْ شَيْبَةٍ حُضْبَتْ مِنْ حُمْرِ قَانِيهَا
وَ كَمْ لَهُمْ مِنْ أَسِيرٍ لَايَضُرُّ لَهُ *** يَشْكُو عَظِيمَ صُبَابَاتٍ يُقَاسِيهَا(9)؟
يَا قَاصِداً كَرْبَلا مَهْلاً بِنَا فَعَسَى *** تَلْقَى بِهَا البَضْعَةَ الزَّهْرا نُعَزِّيهَا
قِف سَاعَةً نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى الحُسَيْن وَمَا *** أَصَابَهُ مِنْ مُصِيبَاتِ بِوَادِيهَا
ص: 360
لَهْفِي لَهَا حِينَمَا جَاءَتْ لِمَصْرَعِهِ *** مَعْ حُورٍ عِيْنِ حَزِينَاتٍ تُبَاكِيهَا
قَدْ ضَمَّحَتْ جَيْبَهَا مِنْ فَيْضِ مَنْحَرِهِ *** وَ خَضَبَتْ شَيْبَهَا حُزْناً وَ كَفَّيْهَا(1)
تَقُولُ وَ الدَّمْعُ فَوْقَ الحَدْ مُنْطَلِقٌ *** وَاحَسْرَتَا لِصَرِيعِ فِي یَوَادِيها
يَرْنُو إِلَى الشَّطُ مَوْقُودَ الحَشَا ظَمَاً *** مَا بَلَّهُ مِنْ قَلِيلِ المَاءِ تُظفِيهَا(2)
وَ الوَحْشُ مُنْقَعَةُ الأحشاء تَكْرَعُ فِي *** نمِيِرها لَمْ تَخَفْ غَابَاتِ ضَارِيهَا(3)
يَا عَارِي الطَّفْ مَا حَاكَتْ لِجِثَّتِهِ *** إِلا الصَّبَا حُلَلاً مِنْ نَسْجِ دَارِيهَا(4)
أفْدِيكَ تَهْوِي طَعِيناً آه وَاحُزْنِي *** مَنْ ذَا لِطَعْنَتِكَ النَّجْلاَ يُدَاوِيها(5)
كَيْفَ الدَّوَاءُ لِمَجْرُوحِ الْحَشَاءِ وَ قَدْ *** مَضَتْ أَنَابِيبُ أَرْمَاحِ العِدًا فِيهَا
أَفْدِيكَ شِلُوا عَلَى الرَّمْضَاءِ مُنْعَفِرَاً *** قَطِيعَ رَأْسِ وَحِيداً فِي مَحَانِيهَا(6)
أفْدِيكَ ظَمْآنَ مَمْنُوعَ الوُرُودِ وَ *** لاَتُسْقَى بِغَيْرِ نَجِيعِ مِنْ مَوَاضِيهَا(7)
أَفْدِيكَ يَا طَوْدَ عِزّ بَعْدَهُ انْهَدَمَتْ *** أَطْوَادُ عِزِّي مِنْ أَعْلَا رَوَاسِيهَا
خَابَتْ ظُنُونِي وَ أَخْطا فِيكَ صَائِبُهَا *** لَمْ أَلْقَ غَيْرَ المَنَايَا مِنْ أَمَانِيهَا(8)
مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنْ أَلْقَاكَ مُنْجَدِلاً *** تَرُضُّ جُنَّتَكَ العُلْيَا مَدَاكِيهَا
ص: 361
لَيْتَ الجِيَادَ الَّتِي رَضَتْ سَنَابِكُهَا *** جِثْمَانَهُ عُقْرَتْ فِي الرَّكْضِ أَيْدِيهَا(1)
أَمَا دَرَتْ أَنَّهُ فِي شَأْوِ حَلْبَتِهَا *** يَوْمَ الرِّهَانِ وَ فِي الهَيْجا مُجْلِيهَا(2)
ذَابَتْ مِنَ الحُزْنِ أَحْشَائِي عَلَيْكَ وَ قَدْ *** شَابَتْ ذَوَائِبُ رَأْسِي بَعْدَ دَاجِيهَا(3)
وَ أَلْبَسَتْنِي يَدُ البَرْحَاءِ ثَوْبَ ضَنَا *** وَ جَرَّعَتْنِي كُؤوساً مِنْ مَرَازِيهَا
وَ أَظْلَمَتْ بَهْجَةُ الأَيَّامِ بَعْدَكَ يَا *** شَمْسَ المُسَرَّةِ بَدْرِي فِي لَيَالِيهَا
آهِ و مِنَ الْبَيْنِ بَعْدَ الاجْتِمَاعِ فَهَلْ *** لَنَا اجْتِمَاعٌ بِأَيَّامٍ نُقَضِّيهَا(4)؟
وَيْلاهُ مَنْ ذَا إِلَى الأَبْنَامِ يَجْمَعُهَا *** وَ مَنْ لِنسْوَتِكَ التَكْلَى يُسَلِّيهَا؟
وَ مَنْ لأَمْكَ يَا مَنْ عَزَّ نَاصِرُهُ *** عَلَى رَزِيَّتِهَا الشَّنْعَا يُعَزِّيهَا؟
وَيْلاَهُ مَا رَحِمَتُكَ القَوْمُ يَا وَلَدِي *** أَلَمْ تَكُنْ نَجْلَ دَاعِيهَا وَ سَاقِيهَا(5)؟
كَفَى بِأُمِّكَ حُزْناً حَزُّ رَأْسِكَ مِنْ *** فَفَاكَ يَا فَجْعَةٌ جَلَّتْ مَرَاثِيهَا(6)
كَفَىٰ بِهَا حُزْناً أَنْ يَتْرِكُوكَ بِلاَ *** سِتْرِ لِجُنَّتِكَ الغَرّا يُغَطِّيها
وَ لَهْفَ نَفْسِي لِزَيْنِ العَابِدِينَ لَهُ *** نَوْحٌ كَنَوْحِ الثَكَالَىٰ فِي نَوَاعِيهَا
يَطْوِي الفَلاَ كَابياً ذَا غُلَّةٍ وَ ضَنَا *** عَلَى الطَّوَى بَاكِياً لَهْفِي لِطَاوِيهَا(7)
يُنَاوِحُ الوُرْقَ شَجُوا مِنْ جَوَاهُ إِذَا *** جَنَّ الظَّلامُ عَلَيْهِ فِي فَيَافِيها
إِذَا رَنَتْهُ النِّسا حَنَّتْ عَلَيْهِ أَسَى *** يُسْرَى بِهَا حُسْراً أَسْرَى لِطَاغِيهَا
وَ رَأْسُ وَالِدِهِ مَعَ رُوس فِتْيَتِهِ *** يَجْرِي عَلَى سُمْرِهَا قَانِي تَرَاقِيهَا(8)
يَتْلُو أَمَامَهُمُ الآيَاتِ لاَعَجَباً *** مِنْ سَيْدٍ فِيهِ قَدْ أَثْنَتْ مَثَانِيهَا
ص: 362
يَا نَكْبَةً عِنْدَهَا الزَّهْرَا قَدِ انْتُكِبَتْ *** وَ هُدِّمَتْ مِنْ ذُرَى التَّقْوَى سَوَامِيهَا(1)
يُمْسِي الحُسَيْنُ غَرِيبَ الدَّارِ مُنْعَفِراً *** وَ تَعْلُو حَرْبٌ عَلَى أَعْلاَ مَبَانِيهَا
وَآلُ أَحْمَد[...] الخِدْرُ سَافِرَةٌ *** وُجُوهُهَا نَادِبَاتٌ فِي صَحَارِيهَا
وَآلُ سُفْيَانَ مَضْرُوبٌ أَكِلَّتُهَا *** تُنَاطُ سِتراً عَلَيْهَا فِي مَغَانِيهَا
يَا أُمَّةً فَسَقَتْ فِي دِينِهَا فَسَقَتْ *** آلَ الرَّسُولِ كُؤوساً مِنْ دَوَاهِيهَا(2)
يَا وَيْلَهَا كَفَرَتْ فِي دِينِهَا قَعرت *** أَعْنَاقَ آل رَسُولِ اللَّهِ هَادِيهَا
دَارَتْ عَلَيْهِمْ وَ مَا دَارَتْ وَمَا رَقَبَتْ *** إِلا وَ لَاذِمَّةٌ فِي جَنْبِ وَالِيهَا(3)
فِي كُلِّ يَوْمٍ ذَبِيحٌ مِنْ مَوَاضِيهَا *** لِلآلِ أَوْ بِنَقيع السُّمِ تُرْدِيها
أَلَمْ يَكُونُوا ذَوِي القُرْبَى أَمَا نَزَلَتْ *** فِي وُدِّهِمْ آيَةٌ مِنْ عِنْدِ بَارِيهَا؟
وَ هَلْ أَتَى «هَلْ أَتَى» فِي غَيْرِ فَضْلِهِمُ *** أَلَمْ تَكُنْ آيَةُ النَّظهير تَكْفِيهَا
مَتَى نَرَى بَهْجَةً يَجْلى بِطَلْعَتِهَا *** عَنْ غُرَّةِ الحَقِّ جَهْراً جَوْرَ مُخْفِيهَا
قُمْ وَامْلاً الأَرْضَ عَدْلاً مِثْلَ مَا مُلِئَتْ *** جَوْراً فَإِنَّكَ هَادِيهَا وَحَامِيهَا
يَا آلَ أَحْمَدَ يَا مَنْ دَوْحُ حُبِّهِمُ *** وَ فَضْلِهِمْ أَثْمَرَتْ عَفْواً لِجَانِيهَا
إلى أن يقول:
(أَيْنَ الشَّفِيقُ عَلَى الزَّهْرَا يُوَاسِيهَا؟) *** قُومُوا إِلَى فَاطِم الزَّهْرَا نُبَاكِيهَا
سَلْ جِيرَةَ الدَّارِ عَنْهَا فَهْيَ عَالِمَةٌ *** بِهَا فَقَدْ طوقت مِنْ جُودِ أَهْلِيهَا(4)
ص: 363
(بحر الخفيف)
الشيخ سلمان بن أحمد البحراني
(الملقب بالتاجر)(*)(1)
أيُّ رُزْءٍ شَجَا الرَّسُولَ النَّبِيا *** وَ البَتُولَ العَذْرَا وَ أَبْكَى الزِّكِيَّا(2)
وَ لَزِنْدُ الأحْزانِ فِيهِ حُسَيْنٌ *** قَدَحَ الكَائِنَاتِ نَعْياً شَجِيّا(3)
يَوْمَ جبْرِيلُ في المَلائِكِ نَادَى *** في السَّمَا نَاعِياً إِلَيْهِمْ عَلِيًّا
يَوْمَ فِيهِ ابن ملجم لِقَطَامٍ *** غَالَ بِالسَّيْفِ في السُّجُودِ الوَصِيَّا(4)
كَمْ حَبَاهُ وَ كَمْ كَسَاهُ وَ رَبَّاًهُ *** وَ أَدْنَاهُ حَيْثُ كَانَ قَصِيَّا
لَمْ يَزِدْ في العُتُل إلاعُتُوَّاً *** وَ نُفُوراً مِنْهُ وَ كَانَ شَقِيّا(5)
لَوْ تَرَاهُ وَ اللَّيْلُ دَاجٍ يُنَاجِي *** وَسْطَ مِحْرَابِهِ الفَخيم العَليَّا(6)
ص: 364
قُلْتُ مُوسَى بِطُورِ سِينَا لَهُ اللَّهُ *** تَجَلَّى فَخَرَّ يَدْعُو نَجِيَّا
يَغْسِل الأرْضَ بِالدُّمُوع خُشُوعاً *** لَوْسَقَتْ مَيْتَ زَرْعِهَا قَامَ حَيًّا(1)
يُلْبِسُ اللَّيْلَ خِلعَةٌ مِنْ سَنَاهُ *** فَيُجِيلُ الظَّلامَ صُبْحاً مُضِيَّا
وَ المُرَادِي فِيْهِ يَخْتَلِسُ *** الخِيلَةَ إِذْ ذَاكَ بُكْرَةً وَ عَشِيا
خَضَّبَ الشَّيْبَ مِنْهُ في عِشْقٍ رود *** أَرْشَفَتْهُ رُضَابَهَا السُّكَرِيَّا(2)
فَغَشَى الخَطْبُ أَرْضَ كُوفَانَ حَتَّى *** زَلْزَلَ الحَيْرَةَ الأَسَى وَالغَرِيَّا
فَارَ تَنُّورُ نَوْحِهَا بِزَفِيْرٍ *** فَاضَ فِيهِ طَوْفَانُ نُوحٍ دَوِيّا
ص: 365
وَ لأَهْلِ السّماءِ قَامَ عَزَاءٌ *** وَ دَّعَرْشُ الإلهِ فِيهِ الهُوِيَّا
غِيلَ شَهْرُ الصَّيَام في خَيْرِ مَنْ صَامَ *** وَ صَلَّی بِهِ وَ نَاجَى مَلِیَّا(1)
فَخَلاً مِنْبَرٌ حَلاً فِيهِ بِالوَعْظِ *** وَ أَضْحَى بِالعُطْلِ يُكسَى حُليًّا
وَ نَعَاهُ المَيْمُونُ وَ الدَّرْعُ وَ السَّيْفُ *** وَلَدْنٌ بالبأسِ طَالَ الثُّريِّا
وَ اسْتَعدَّتْ لِلثُّكْلِ عَلْيَا قُصَيِّ *** مُذْ عَلاهَا قَدْ كانَ فِيهِ قَصِيّا
غَلَبَ الحزنَ غَالِباً حَيْثُ فِيهِ *** فَقَدَتْ حَبْلَها المتِينَ القَوِيَّا
جدعَتْ فِيهِ أَنْفَ فِهْرِ بِغَيِّ *** قَتَلَتْ هاشماً وَ أَحْبَتْ أُمَيَّا(2)
فَغَدَتْ تَلْطِمْ الوجُوهَ لُؤَيّ *** وَ لَوَتْ جِيدَهَا تَنِخُ بُكِیًّا
وَ أَنَا خَتْ عَلَى نِزَارِ شُجُونٌ *** لَفَعَتْ بِالدَّمُوع مِنْها المُحَيَّا(3)
يَا سَمَاءً مَا طَاوَلَتْهَا سَمَاءٌ *** كَيْفَ طَالَ الشَّقِيُّ مِنْكِ الثَّرَيَّا
عَجَباً كَيْفَ شُقَّ مِنْكَ جَبِيناً *** وَ لَكَ السَّيْفُ كَانَ خِلاً و فِيّا
كَيْفَ لَمْ تَنْكَفِي عَلَيْهِ سَمَا *** بَاسِكَ سُخطاً فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ شَيَّا
جَفْنُ كَعْبٍ قَدْ كَانَ يَبْخَلُ بالدِّمْعِ *** فَلَمّا فُقِدْتَ صَارَ سَخِيًّا
كَادَتِ الأَرْضُ أَنْ تَميدَ بِمَنْ فِيها *** وَ تُطْوَى السَّمَا لِرُزُئِكَ طَیًا
يَابْنَ شَيْخ البَطْحَا وَمَنْ كَانْ فينا *** الفَارِسَ الشَّهْمَ وَ الفَتَى العَبْقَرِيَّا
كُنتَ بَاباً إلى مَدِينَةٍ عِلمٍ *** المُصْطَفَى وَ المُهَذبَ المَوْذَعِيّا(4)
ص: 366
وَ بِكَ اللَّهُ قَدْ تَجَاوَزَ عَنْ آدَمَ *** و اخْتَارَهُ إِلَيْهِ صَفِيّا
وَ عَلَا فِيكَ شَانُ ادْرِيسَ حَتَّى *** نَالَ مِنْ رَبِّهِ مَكَانَاً عَلِيًّا
وَ ابْنُ مَتَى لَوْلاَكَ بَاتَ بِبَطْنِ *** الحوتِ لِلْحَشْرِ دَائِماً سَرْمَدِيَّا(1)
وَ خَلِيلُ الرَّحْمَن لَوْلاكَ مَا *** كَانَتْ عَلَيْهِ النيرانُ بَرْداً دَفِيّا
وَ لِيَعْقوب يُوْسُفَ حُزْتُهُ وَفْقَ *** بُكَا أَحْمَدٍ عَلَى ابْنِكَ حَيّا
وَ بِيَحْيَى جِبْرِيلُ بَشْرَ قُدْماً *** حَيْثُ وَ الاَكَ شَيْخُهُ زَكَرِيَّا
وَ بِكَ الرّوحُ بِكْرُ مَرْيَمَ يَدْعُو *** فَإِذَا الطَّينُ صَارَ خَلقاً سَويّا
طِبْتَ في السّاجِدِينَ حَلْياً وَ رَحْماً *** فَعَلَيْكَ السّلامُ مَيْتاً وَ حَيَّا
كَيْفَ تُرْوَى مِنَ الخِلافَةِ يَا مَنْ *** كَانَ لِلْمُصْطَفَى أَخَاً وَ وَصِيَّا
فِيكَ قَدْ شُدَّ أَزْرُ أَحْمَدَ حَتَّى *** شِدْتَ مِنْ دِينِهِ بِنَاءٌ عَلِيًّا
وَ عَجِيباً تُقَادُ يَا قَائِدَ الغُرِّ *** بِحَبْلٍ وَ كُنتَ لَيْئاً جَرِيَّا
مَا خَلاَ مِنْكَ مِنْبَرُ الحَرْبِ يَوْماً *** وَ أَرَى مِنْبَرُ النَّبِيِّ خَلِيَّا
أَدَرَوْا في عُدُو لَهُمْ عَنْكَ أنْ قَدْ *** قَلدُوا عَهْدَ أَحْمَدَ السَّامِرِيَّا
بِكَ بَاهَى الإلهُ في الحُجْبِ أَمْلاَ *** كاً وَ سَماك في السِّماءِ إليَّا
لَكَ عِلْمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ *** وَ مَزَايَا تَفُوقُ بِالنُدْرِيَّا
وَ مَعَانٍ تَجِلُّ في الحُسْنِ مِنْ أنْ *** يُدْرِكَ العَقْلُ كُنْهَها المَعْنَويَّا
أيْنَ يَا نَدْبُ رَاحَ عَنْكَ إِيَاءٌ *** فِيكَ قَدْ شَخَصَ الإِبَا الهَا شِمِيَّا
حين بالنّارِ حِيطَ مَنْزِلُكَ السَّامِي *** وَ لَاحِطْتَ بِالْعَذَابِ عَدِيَّا
وَلَدى البَابِ فَاطِماً أَسْقَطُوهَا *** مُحْسِناً فَاشْتَكَتْ وَ نَادَتْ إِليَّا
يَابْنَ عَمِّي يَا كَاشِفَ الكَرْبِ *** أَدْرِكْنِي وَ أَظْهِرْ مِنَ العَجَائِبِ شَيَّا
لَمْ تُغِتْهَا مِمَّا دَهَاهَا بِهِ قُنْفُذُ *** اذْكُنْتَ أنْتَ ذَاكَ الأبِيَّا(2)
ص: 367
يا لَلْحَمِيَّةِ لِلنَّبِيْ *** وَآلِهِ يالَلْحَمِيَّهْ
راحَتْ حرائِرُهُمْ *** سَبايا لِلدَّعِيِّ ابْنِ الدَّعِيَّهْ
وَ جُسُومُهُمْ صَرْعى *** تُناهِبُها السُّيوفُ المَشْرَفِيّهْ(1)
ما بالُ أَرْؤُسِهَا تُدارُ *** عَلَى القَنا بَيْنَ البَرِيّهْ
ماتت عُطاشى لأحشاً *** بَرَدَتْ و لاكَبْدٌ نَدِيَّهْ
يا غُلَّةَ القَلْبِ الضَّرُومِ *** وَ حَرَّةَ النَّفْسِ الشَّجيّهْ(2)
باللَّهِ أُقْسِمُ وَالنَّبِيِّ *** وَ لَيْسَ بَعْ وَلَيْسَ بَعْدَهُمُ اليَّهْ
ما شاعَ في الأرض الفسادُ *** و أَظْهَرَ المَغْويُّ غَیَّهْ
إلا الألَى قَصَدُوا الوَصِيَّ *** وَ نَازَعُوهُ في الوَصِيَّهْ
لاتَنْسَ بَضْعَةَ أَحْمَدٍ *** وَ اذْكُرْ مُصِيبَتَها الجَلِيَّهْ(3)
إِذْ أَقْبَلَتْ تَمْشِي *** تَحُفُّ بها نِسَاءٌ هَاشِمِيَّهْ
اللَّهُ بْنَ الله يا بن أبي قحافَةَ *** كَمْ حَمَلْتَ لنا الأذيهْ
يَوْمَ السَّقِيفَةِ مَاخَلَقْتَ *** عَلَى الوَرى إلا بَليّهْ
ما كانَ أذهى مِنْكَ يَوْمَ *** مُحَرَّم في الغاضريهْ
كمْ لَيْلَةٌ باتَتْ وَ لَيْسَ سِوي *** الحَنِینِ لَهَا عَشِيَّهْ
(حتى إِذا ماتتْ وَ مَا *** ماتَتْ مكارِمُها السَّنِيَّة)
(ماتَتْ وَ بَيْنَ ضُلوعِها *** آثارُ ضَرْبِ الأَصْبَحِيَّهْ)(4)
ص: 369
(اللَّهُ ما قاسَتْ بِهِ *** كَبِدُ البَتُولِةِ مِنْ سُمَيَّهْ)(1)
ص: 370
(بحر البسيط)
الأستاذ عادل الكاظمي(*)(1)
وَقَوْلَةٍ لِ- (عَليَّ) قالَها (عُمَرُ) *** ما نَحْنُ فيه بقايا مِنْ مَآسيها(2)
(حَرَقْتُ دارَكَ لا أَبْقي عَلَيْكَ بِها *** إِنْ لَمْ تُبايِعُ وَ بِنْتُ المُصطفى فيها)
يَوْماً أَتى دارَ وَحْيِ اللَّهِ مُنْتَفِضاً *** بِالنَّارِ يُوعِدُها حَرْقاً يُمَحْيها
قالوا لَهُ: (فاطم) في الدّارِ قال: (وَإِنْ) *** بِغِلْظَةٍ أَعْجَزَتْ حَتَّى مُداريها(3)
فَقَوْلَةٌ أَفْصَحَتْ عَنْ دِينِ صاحِبِها *** هَلْ كَانَ بِالحَقِّ أَمْ بِالظُّلْم مُلْقيها؟
وَ قُلْ لِمَنْ عَدَّ هذا القَوْلَ مَكْرُمَةً *** لِلْمَكْرُماتِ بِسَهُم الإِفْكِ تَرْميها(4)
سائِلْ (أباحَفْصَ) هَلْ كَانَتْ مَقولَتُهُ *** وَفْقَ الشَّرِيعَةِ؟ أَمْ حُكْماً تُنا فيها؟
أفي الكِتاب؟ وَذا القُرْآنُ شاهِدَةٌ *** آيَاتُهُ أَنَّهَا لِلْكُفْرِ تُنْميها
أمْ سُنَّةُ المَصْطَفَى جاءَتْ بِها وَ لَهُ *** عِلْمٌ بِأَسْرارِها فَانْصاعَ يُحْيِيها
ص: 371
إِنَّ الَّذي يَهْتِكُ (الزَّهْراءَ) حُرْمَتَها *** ما كانَ يَوْماً لأي الذِّكْرِ تاليها
أَلَيْسَ قَوْلُ رَسولِ اللَّهِ: فاطِمَةٌ *** بَقيَّتي فيكُمُ بِالفَضْلِ يُضفيها؟
وَ (فاطِمٌ) بَضْعَةٌ مِنّي فَيُؤْلِمُني *** ما كانَ يُؤْلِمُها يا بِئْسَ مُؤْذِيها(1)
يا لَهْفَ (فاطِمَ) خَلْفَ البابِ إِذْ وَقَفَتْ *** تَدْعو أَباها عَسَى يَأْتِي فَيَحْمِيها
لَمْ يَبْلُ جِسْمُكَ وَالأحْكامُ قَدْ بُلِيَتْ *** وَ السّامِرِي بِحُكم الجَوْرِ ماحِيها
(قَدْ كانَ بَعْدَكَ أَنْباءُ وَ هَنْبَئَةٌ *** لَوْ كُنْتَ شَاهِدَها) هانَتْ دَواهيها(2)
قتْلُ الجَنينِ وَ كَسْرُ الضّلعِ أَعْظَمُها؟ *** أَمْ غَصْبُ حَقّي وَ أَهوالٌ الاقيها؟
يا بابَ (فاطِمَ) ما لاقيْتَ مِنْ مِحَنٍ *** تُشْجِي الكرامَ وَ ما زالَتْ تُقاسِيها(3)
ص: 372
(بحر الطويل)
السيد عباس المدرسي(*)(1)
كَفَّائِي أَسْى لاتُوقِظَنَّ جِرَاحِيَا *** وَدَعْ وَجْدَ قَلْبِي فِي مَطاوِيهِ ثَاوِيَا(2)
أرَى الْحَقِّ يَهْدِي إِنْ مَلَكْتَ بَصِيرَةً *** وَ لَيْسَ لأَعْمَى الفِكْرِ وَ القَلْبِ هَادِيَا
هُوَ العَقْلُ يَهْدِي مَنْ يَرُومُ هِدَايَةً *** وَ مَنْ رَامَ مَهْوَاةَ الضَّلَالِ المَهَاوِيَا(3)
إِذَا أَنْتَ أَنْكَرْتَ الصَّبَاحَ وَضَوْءَهُ *** فَحَظُكَ قَدْ أَنْكَرْتَ لاالصُّبْحَ صَاحِيَا
فَلاَالشَّمْسُ يَخْبُو نُورُهَا لِمُعَانِدٍ *** وَ لَااللَّيْلُ يَهْدِي لِلطَّرِيقَةِ سَارِيا(4)
وَ مَا النَّجْمُ فِي جوّ السَّمَاءِ يُضِيرُهَا *** عَلَى الأَرْضِ أَعْمَى يُنْكِرُ النَّجْمَ ضَاوِيَا
بَصَائِرُ فَافْتَحْ فِي الضَّمِيرِ شُعَاعَهَا *** تَرَى الدَّهْرَ دَوَّاراً عَلَى الغَدْرِ طَاوِيَا
عَلَى خَاطِرِي ذِكْرَىٰ وَفِي الْقَلْبِ لَوْعَةٌ *** يُصَعْدُ مِنْ جَمْرِ المَصَائِبِ آهيا
دَعِ العَيْنَ تَسْقِي الْجُرْحَ فَالْقَلْبُ لاَهِبٌ *** ضَرَاماً وَدَعْ فِي النَّائِبَاتِ سُؤَالِيَا(5)
غَدَاةَ بِدَارِ الوَحْيِ أَلْقَتْ رِحَالَهَا *** فَوَافِلُ حُزْنٍ مُنْقَلَاتٌ مَآسِیَا
وَسَلْ قِصَّةَ الغَدْرِ القَدِيمِ سَقِيفَةً *** فَثَمَّةَ عَادتْ دَوْرَةُ الشِّرْكِ ثَانِيا(6)
ص: 373
وَسَلْ عَنْ أَرَاكَ هَاطِلاَتٍ دُمُوعِهَا *** وَ عَنْ قَدَكِ سَلْ قَهْرَهَا وَ الخَوَافِيَا(1)
وَ عَنْ بَيْتِ أَحْزَانِ المَدِينَةِ حُزْنَهَا *** وَ دَمْعِ جَرَى فِيهَا وَ لَازَالَ جَارِيَا(2)
وَ قَبْرَ رَسُولِ اللَّهِ مُرَّ أَنِينِهَا *** وَ عَنْ طُولِ شَكْوَاهَا المَرِيرِ اللَّيَالِيَا(3)
وَ عَرِّجُ عَلَى بَيْتِ الْبَتُولَةِ فَاطِمٍ *** فَإِنَّ أَنِينَ الدَّارِ يَكْفِيكَ هَادِيَا
تَئِنُّ وَ قَدْ هَدَّ الفِرَاقُ قَرَارَهَا *** وَ ذَوَّبَهَا جِلْداً عَلَى العَظم ذَاوِيَا(4)
إِلْهِيَ ! قَدْ هَدَّ الأَسَى قَلْبَ فَاطِمٍ *** وَ لَمْ يُبْقِ إِلا الوَجْدَ وَ الحُزْنَ وَارِيَا
ص: 374
فَوَا وَحْشَةَ الأَيَّامِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ! *** وَوَا ذِلَّةَ الأَيَّامِ مِمَّا دَهَانِيَا
رَمَتْنِي مُصِيبَاتُ الزَّمَانِ لَوْ أَنَّهَا *** رَمَتْ وَضَحَ الأَيَّامِ صِرْنَ لَيَالِيَا(1)
إلهِي وَ قَدْ عِفْتُ الحَيَاةَ وَ أَهْلَهَا *** فَعَجُلْ وَ قَاتِي لاأُرِيدُ حَياتِيَا
وَ مَا طَالَ مِنْ بَعْدِ الحَبِيبِ فِرَاقُهَا *** وَ سُرْعَانَ مَا كَانَ الفِرَاقُ تَلاَقِيَا
عَلَى الجَمْرِ أَتْلُو ذِكْرَيَاتِ بَلَائِهَا *** تَمُرُّ عَلَى قَلْبِي فَأَنْسَى بَلائِيَا
غَداةَ عَلَى دَارِ البَتُولةِ جَمَّعَا *** جُمُوعاً مِنَ الغَوْغَاءِ ضَلَّتْ مَرَامِيَا(2)
عَلَىٰ بَابِ دَارٍ كَانَ لِلْوَحْيِ وَالهُدَى *** مَنَاراً وَ مِيعَاداً وَ لِلدين رَاعيَا
فَجَاءَتْ وَقَدْ مَضَّ المُصَابُ فُؤَادَهَا *** تُنَادِي بِهِ مَا لِلْعَتِيقِ وَ مَالِيَا(3)
وَ يَا وَيْلَكُمْ فِي الدَّارِ أَحْفَادُ أَحْمَدٍ *** أَبِالنَّارِ جِئْتُمْ تُحْرِقُونَ صِغَارِيَا(4)
أَبَوْا وَأصَرُّوا فِي العِنَادِ وَأَضْرَمُوا *** عَلَى البَابِ أَحْطَابَ الصَّغَائِنِ ضَارِيَا
فَدَارَتْ إِلَى جَنبِ الجِدارِ وَلَمْ يَكُنْ *** سِوَى البَابِ يَحْمِيهَا الهُجُومَ المُعَادِيَا
ص: 375
وَ لَجُوا بِهِ دَهْساً وَ قَدْ هَدَّهُ اللَّظى *** وَرُدَّ عَلَى أَضْلاعِهَا البَابُ دَاوِيَا
فَوَيْلِي لِبنْتِ المُصْطَفَى حِينَ حُوصِرَتْ *** تُنَادِي أَبَاهَا وَ الوَصِيَّ المُحَامِيَا
أَكَانَ عَلَى مَرْأَى الإِمَام وَ مَسْمَعِ *** غَدَاةَ أَصَابُوا ضِلْعَهَا؟ لَسْتُ دَارِيَا؟
سَلِ البَابَ وَ المِسْمَارَ ثَمَّةً مَا جَرَى *** تَفَاصِيلُ آلام البتولةِ وَافِيَا(1)
هَوَتْ وَ هَوَى وَرْدٌ تَكَسَّرَ غُصْنُهُ *** عَزِيزاً عَلَى بَيْتِ النُّبُوَّةِ غَالِيَا
وَدَارُوا عَلَى لَيْثِ العَرِينِ بِدَارِهِ *** وَ بِالحَبْلِ قَادُوا سَيْدَ القَوْمِ نَاثِيَا
يَصِيحُ أَلا وَاجَعْفَرَاهُ وَلاَ أَخٌ *** وَ يَدْعُو أَلاَ وَاحَمْزَتَاهُ مُحَامِيَا
وَ تَسْأَلُنِي عَنْ فَاطِمِ وَمُصَابِهَا *** تَفَاصِيلِ مَاسَاةٍ تَوَالَتْ مَآسِيَا
فَسَلْ لَيْلَةٌ تُخْفِي الجُرُوحَ بِمَتْنِهَا *** وَ نَعْشاً عَلَى كَفَّ الأَحِبَّةِ عَالِيَا
وَسَلَّ عَنْ يَتَامَىٰ فَاطِمٍ عُمْرَ فَاطِمٍ *** وَ عَنْ حَسَنٍ سَلْ وَالحُسَيْنِ المَرَاثِيَا
وَ عَنْ قَاهِرِ الأَحْزَابِ فَائِحِ خَيْبَرٍ *** إِذِ انْهَدَّ وَهُوَ الشَّامِحُ الطَّوْدِ باكيَا
يَقُولُ أَيَا مَاضُونَ بِالنَّعْشِ مُهْلَةً *** فَمَا بَعْدَ هَذَا اليَوْمِ أَرْجُو تَلاَقِيَا
دَعُوهَا يُوَدِّعْهَا اليَتَامَى فَإِنَّهَا *** مَضَتْ لَمْ تُوَدِّعْ -حِينَ غَابَتْ- صِغَارِيَا
وَ يَا نَعْشُ رِفقاً بالعَزِيزَةِ إِنَّهَا *** مُجَرَّحَةٌ لاتُخْدِسُ الجُرحَ ثَانِيَا
ألا آخرَ اللَّهُ الوَصِيَّ .. وَكَفَّهُ *** تَدُرُّ إِلَى عُمقِ التُّرَابِ الأَمَانِيا
رَنَا نَحْوَ قَبْرِ المُصْطَفَى وَ دُمُوعُهُ *** تُشاطِرُهُ أَحْزَانَهُ وَ التَّعَازِيا(2)
ص: 376
وَدِيعَتُكَ الزَّهْرَاءُ عَادَتْ كَمَا تَرَىٰ *** وَلَكِنَّهَا عَادَتْ وَ لَيْسَتْ كَمَا هِيَا(1)
مُكَسَّرَةَ الأَضلاع مَقْهُورَةَ الهَوَى *** مُفَرَّحَةَ الأَجْفَانِ حُمْراً مَافِيَا
فَسَلْ كَعْبَةَ الأَسْرَارِ حَالِي وَ حَالَهَا *** وَ سَلْ قِبْلَةَ الأَحْزَانِ حُزْنِي وَافِيَا
فَكَمْ مِنْ غَلِيلِ لاَيَزَالُ بِصَدْرِهَا *** مُقِيماً، وَ مَا بَثْتُ إِلَيَّ الشَّكَاويا
سَتَعْرِفُ عَنْ مُسْوَدَّةِ المَتْنِ مَا بِهَا *** وَ تَعْلَمُ عَنْ مُحْمَرَةِ العَيْنِ مَابِيَا
وَدِيعَةُ كَنْزِ العَرْشِ عَادَتْ لِدَارِهَا *** وَ فَرَّتْ وَلكِنْ سَلَّبَتْنِي قَرَارِيَا
عَلَى زَفَرَاتِ الحُزْنِ نَفْسِي حَبِيسَةٌ *** فَيَا لَيْتَهَا قَدْ رَافَقَتْ زَفَرَاتِيَا(2)
ص: 377
(بحر البسيط)
الأستاذ عبد المسيح الأنطاكي(*)(1)
عرج عَلَى طَيْبَةٍ وَ انْزِلْ مَغَانِيهَا *** وَسَائِلِ النَّاسَ شاكيها وَ بَاليها(2)
لعلَّ يَلْقاكَ فيها مَنْ يُجِيبُكَ عَنْ *** تلكَ الشُّجونِ الّتي عَمَّتْ أَهاليها
الأ تَرى النَّاسَ في خافِي مَنازِلِها *** إلفَ الهُمومِ بها تُقضِي لِبارِيها
وَكُلٌّ خِلْ يُسِرُّ الكَرْبَ يُنْفِسُهُ *** لِصَحْبِهِ وَ بِهِ هَمْساً يُناجِيها
أَسِحْ لَعَلَّكَ تَدْرِي مَا يُضَعْضِعُ سُكِّانَ *** المَدِينَةِ مَكِّيها وَ طَيِبِيها(3)
أَوْ عَلَّ صَفْوَةَ هاتِيكَ الوُجُوهِ بها *** تُغني عَنِ القَوْلِ أَنْ تُبْدِيهِ مَنْ فيها
ص: 378
نَعَمْ لَقَدْ جَزَعَتْ مِنْ مِحْنَةٍ دَهَمَتْ *** بِإِثرِ أُخْرى فأَنْسَتْها تُهنيها(1)
في أَمْسِها رُزِنَتْ رُزْعاً بهادِيها *** وَ اليَوْمَ ابْنَتَهُ الأَقْدَارُ تَنْعِيها
وها لَها أَنَّ بِنْتَ المُصْطَفَى ذَهَبتُ *** غَضبى إليه فَتَشْكُو وَ هُوَ مُشْكِيها
وَمَنْ بِحَقِّكَ لايُعْنى بِفَاطِمَةٍ *** وَ مَنْ بِكُلِّ عزيز لَيْسَ يَفْدِيها؟
وَ كَيْفَ قَدْ أَصْبَحَتْ مِنْ بعدِ ما عَلِمَتْ *** بأَنَّ لِلْمَوْتِ كَانَ الحُزْنُ حَادِيها؟
وَ إنّها لَقَضَتْ عَنْ لَوْعَةٍ وأسى *** قَدْ أَوْهَياها فما أجدى تَداوِيها(2)
وَ إِنَّهَا احْتَرقَتْ في نَارِ زَفْرَتِها *** وَ لَمْ يَكُنْ دَمعُها الهامي مُطفّيها
وَ إِنْها غَرقَتْ في سَيْلِ أَدْمُعِها *** وَ مَا الزَّفيرُ مِنَ التَّغْرِيقِ مُنْجِيها
وَ إِنّها قَدْ غَدَتْ في قُرْب والِدِها *** تَأْوِي الجنانَ التي الأَبْرارُ تَأْويها
أَجَلْ فَبِنْتُ رَسولِ اللَّهِ ما صَبَرتْ *** عَلى اللّيالي الّتي أَدْجَتْ دَياجيها
وَ مَا اسْتَطَاعَ عَلِيٌّ مَعْ بَلاغَتِهِ *** بِسَرْدِ آي التَأَسِّي أَنْ يُؤَسِّيها
وَ لَمْ تَزل كارِثَاتُ الدَّهْرِ تُنْحِلُها *** وَ لِلْمَنِيَّةِ بِالإسْراعِ تَمْشِيها
حتّى قَضَى اللَّه أنْ تَقْضِي بِكُرْبَتِها *** حَزينَةَ النَّفْسِ كانَ اليَأْسُ غاشِيها
بِذمّةِ اللَّهِ ذاتُ الطُّهْرِ فَاطِمَةٌ *** وَ اللَّهُ في رَحَباتِ الخُلْدِ مُثْوِيها(3)
ص: 379
لَئِنْ فَضَتْ وَ هْيَ يا لِلَّهِ ساخِطَةٌ *** فَالمُصْطَفَى في السَّما العُليا يُراضِيها
وَ إِنْ تَكُنْ حُرِمَتْ في الأَرْضِ تَسْلِيَةً *** فَفِي الجِنانِ تُلاقِي ما يُسَلِّيها(1)
لكنّها تَرَكَتْ مِنْ بَعْدِها الحَسَنَيْنِ *** يَبْكِيان على وافي تَنَحيِّها
وَ غادرتْ بَعْلَها يَبْكِي لِفُرْقَتِها *** أَمْناً وَ يُمْناً وَ تَوْجِيهاً وَ تَرْفيها
وَ خَطْبُها ضاعَفَ الحُزنَ المُبَرِّحَ في *** نَفْسِ العَلي الذي ما انْفَكَ يَرْثِيها
وَ بَعْدَ ما أُودِعَتْ في وَسَطِ حُفْرَتِها *** لِرَحْمَةِ اللَّهِ والإجلال عاشِيها
تَطَلَّعَ المُرْتَضَى اسْتِطلاع ذي لَهَفٍ *** إلى التُّرابِ الّذي أَمْسى مُغَطّيها
ثُمَّ إِلى تُرْبَةِ الهادِي تَوَجَّهَ في *** أَليمِ أَحْزانِهِ ما استطاع يُخْفِيها
وَ قالَ يا أَحْمَدُ الهادي عَلَيْكَ سَلامي *** مَعْ سَلَامِ الَّتِي تَهْوَىٰ تُلاقِيها
هذِي الَّتي لَحِقَتْ عَلْياكَ مُسْرِعَةً *** وَ فِي جِوارِكَ حَلَّتْ كَيْ تُواسِيها
قَلَّ اصْطِبارِي قَلاً عَنْ صفيّتكَ *** الزَهْرًا وَ نَفْسِي هذا الخَطْبُ مُوهِيها(2)
لَكِنْ بِفُرْقَتِكَ العُظمى وَجَدْتُ *** لِنَفْسي في المُصِيبَةِ هذي ما يُسَلِّيها
ما بَيْنَ نَحْرِي وَصَدْرِي إِنَّ نَفْسَكَ قَدْ *** فاضَتْ ولَبَّتْ نِدا رَبِّ يُناديها
وَ في حُفَيْرَتِكَ العُلْيا دَفَنْتُكَ *** مَحْزوناً وَ لَوْعَةُ نَفْسِي أَنْتَ تَدْرِيها
ص: 380
لِلَّهِ نَحْنُ وَ نَحْنُ الرَّاجِعونَ إِلَيْه *** رَجْعَةٌ لَيْسَ منَّا مَنْ يُعاصِيها
إِنَّ الوَدِيعَةَ مني اليَومَ قَدْ أُخِذَتْ *** وَ اسْتُرْجِعَتْ لَمْ تَكُ الأقدارُ تُرْجِيها
و إِنْ حُزْنِيَ باقٍ سَرْمَداً أَبداً *** به طِوالَ اللَّيالي ظَلْتُ أُحْيِيها
حَتَّى يَخَارُ لِيَ اللَّهُ الرَّحِيمُ دِياراً *** أنت يا خَيْرَ خَلْقِ اللَّه تَئْوِيهَا(1)
وَ إِنَّ ابْنَتَكَ الزَّهراءَ تُخْبِرُكَ *** الأخْبارَ عَنْ حالنا السوأى وَ تَرْوِيها(2)
وَ سَوْفَ تَعْلَمُ مِنْهَا أَنْ أُمَتَكَ العَربا *** على هَضْمِها أَمْسَى تَجَنِّيها
فَأَحِفّها كَرَماً مِنْكَ السَّؤَالَ وَكُنْ *** مُسْتَخْبِراً حَالَنَا مِنْها فَتَحْكِيها
هذا وَلَمْ يَظْلِ العَهْدُ المَجيد بنا *** عَهْدُ النبوَّةِ في سامِي تجَلِّيها
وَ الذِّكْرُ مِنْكَ الذي يَحْلُو تَذَكُرُهُ *** ما أَخلَقَتْهُ الليَّالي في تَتَالِيها
ثُمَّ السّلامُ عَلَى رُوحَيْكُما عَطِرٌ *** أَتْلُوهُ ما في السما لاحَتْ دَرارِيها(3)
سَلامُ غَيْرِ بَغِيض لا و لاسَئِمٍ *** مُوَدّع زَهْرَةَ الدُّنيا وَمَا فيها
إِن انْصَرَفْتُ فَلَيْسَ الانصراف مَلا *** لا و المَلالَةَ مِثلي لايُدانِيها
وَ إِنْ أَقَمْتُ فما عَنْ سُوءٍ ظَنِّي باللَّهِ *** المُعَزِّي الحَزاني في تَعازِيها
و لا بما وَعَدَ اللَّهُ الأُلى صَبَرُوا *** على المَصَائِبِ داهِيها وَ قاسِيها
بِذَا لَقَدْ وَدَّعَ المَحْزُونُ حَيدَرَةٌ *** بِنْتَ الرَّسُول التي يبْكِي تَنائِيها(4)
وَ الحُزنُ أَشْغَلَهُ عَمَّا أَهَمَّ سِواه *** مِنْ مَطامِع دنيا خابَ راجِيها(5)
ص: 381
(بحر البسيط)
الأستاذ عبد المسيح الأنطاكي(*)(1)
شَبَّتْ بِحِجْرِ رَسولِ اللَّهِ فَاطِمَةٌ *** كَما تُحِبُّ المَعالِي أَنْ تُلاقيها(2)
وَ في حِمى رَبِّهِ العَلْيا خديجةُ قَدْ *** نَشَتْ كما الظُّهْرُ وَ الآدابُ تَشْهِيها
وَ نَفْسُها الْبَتَقَتْ مِنْ نَفْسٍ وَالِدِها *** وَ أَنها فَهِيَ تَحْكِيهِ وَ تَحْكِيها(3)
ص: 382
تَفرَّدت بالذكا وَ العِلْم و اتَّخَذَتْ *** منَ الخَلائِقِ و الآداب سامِيها
وَاللَّهُ كَمَّل تكميلاً مَحَاسِنَها *** الزَّهراء فَسَافِرُها زاءِ وَ خافِيها(1)
وَ إِنّها غُرَّةٌ بَيْنَ النِّساءِ فَلا *** بنت لحَوَّاءَ تَدْنُو مِنْ مَعاليها(2)
و ما القَرائِحُ تَقْوى أَنْ تُصَوِّرَ ما *** فَوْقَ القُروسِ وَ إِنْ تَزْكُو معَانيها(3)
وَ حَسْبُنَا أنَّ له كانَ مُعْطِيها *** عِنايَةً لَمْ يَكُنْ لِلْغَيْرِ يُعْطِيها(4)
وَ كَانَ مُنْزِلُها تاللَّهِ مَنْزِلَةً *** عَليَاءَ مِنْ نَفْسِهِ بِاليُمْنِ تأويها
و كانَ يَنْظُرُها في بَيْتِهِ مَلِكاً *** بادِي السَّنَا مَا انْتَنَتْ تُبْدِيهِ تَنْبِيها
كانَتْ تَعُزُّ عليه عِزّةٌ حُرِمَتْ *** لها شَقيقاتُها مِثْلاً وَ تَشْبِيها
ص: 383
وَ كانَ يَذْكُرُ فيها أُمَّها وبها *** يَلْقى خديجةَ في أسْمى مَبَادِيها
وَ كانَ صلّى عليهِ اللَّهُ يُبْهِجُهُ *** مِنْ دَهْرهِ ساعَةٌ فيها يُوافِيها(1)
وَ قَدْ أَزاحَ إِلهُ العَرْشِ غُمَّتَهُ *** بها وَ سَرّى تباريحاً يُعانيها(2)
وَ نَفْسُهُ وَجَدَتْ في برِّ فاطِمَةٍ *** لَدى الخُطوبِ الَّتي تُدْهِي تَعازِيها(3)
كانَتْ تُواسِيهِ في راضِي تَبَسُّمِهَا *** وَ كانَ في عَطْفِهِ الأَسْمَى يُؤَاسِيها
ما قال فاطِمَةً إِلا وَ أَفْرَحَهُ *** ذِكْرُ اسْمِها فَهْوَ لا يَنْفَكُ يُسْمِيها
وَ قَدْ أَذَلَّتْ عَلَيْهِ وَهُوَ وَالِدُها *** وَ قَدْ تَجَنَّتْ وما أَشهى تَجَنِّيها
وَ كانَ يَسْعَى إلى تفريحها أبداً *** حتى تَبِيتَ على هانِي تَلَهِّيها
وَ يَسْأَلُ اللَّهَ في سِر وفي عَلَنٍ *** أَنْ يَصْطَفِيها مِنَ الأيَّامِ صافِيِها
فما دَعَتْهُ لِحَاجِ وَهْيَ تَطْلُبُها *** إِلا وكانَ لِمَا تَرْجُو مُلَبِّيها
وما دَعاها لِغَيْرِ الابتهاج بها *** إذا تَجَلَّتْ عَلَيْهِ مِنْ مَخابِيها
يقومُ إِنْ أَقْبَلَتْ كَيْما يَسير إلى *** عالي مَكانَتِها في القَوْمِ تَنْوِيها(4)
ص: 384
حَسْبُ النِّساءِ فَخاراً أَنَّ فاطمةً *** مِنَ النسا ولها أَنْ تُكْثِرَ التّيها(1)
نَعَمْ فَقَدْ شَرَّفَ اللهُ النساء بهَا *** وَ إِن تَكُن جميعاً مِنْ حَواشِيها
وَ عَمْرُكَ اللَّهُ مَنْ كانَتْ كَفَاطِمَةٍ *** وَ قَدْ تَناهى كما قُلْنا تَعالِيها(2)
و مَنْ أَبُوها خِيارُ الخَلْقِ أَجْمَعِها *** وَ أَنها خَيْرُ أُمْ في أَناسِيها
وَ مَنْ قُرَيْسٌ وَ هُمْ أَسْمَى الأَعارِبِ *** أَهْلُوها وَ مَجْدُهُمُ جازَ الأَتاوِيها(3)
وَ مَنْ غَدَتْ خَيْرَ أُنثى في شَمائِلِها *** الحَسْنا التي تُبْهِرُ الدنيا زَواهِيها(4)
وَ مَنْ نَشِعُ شُعاعَ الشَّمسِ جَبْهَتُها *** و لاتَلالِيَ إذ لأحَتْ تَلالِيها(5)
وَ مَنْ تُقِيمُ المعالي وَ المَفاخِرُ حَوْلِيها *** إذا جَلَسَتْ في صَدْرِ نادِيها
هِيَ الجديرةُ بالكَفِّ الكريمِ لها *** من المَفاخِرِ وَ العَلْيا يُحاكيها(6)
وَ العُرْبُ تَطْلُبُ أَكْفَاءَ تُزَوِّجُهُمْ *** بَناتِها سُنَةٌ تَأْبَى تَعَدِّيها
ص: 385
وَ كُلٌّ عَقْدِ بِغَيْرِ الكفءِ تَحْسَبُهُ *** عاراً عَلَيْهَا لَدَى الأَقْرانِ يُخْزِيها
فَمَنْ يَلِيقُ بِبِنْتِ المُصْطَفَى حَسَباً *** ومَنْ مِنَ العَرَبِ العَرْباءِ كافِيها(1)؟
وَ مَنْ يُناسِبُ طَه كَيْ يُصاهِرَهُ *** وَ هيَ المُصاهَرَةُ المسعودُ مُلْفِيها؟
غَيْرَ العَلِيِّ رَبيبِ المُصْطَفَى وَ لَهُ *** سَبْقُ الهِدَايَةِ مُذْ نادى مُنادِيها
فَإِنَّهُ بعدَ طه خيرُ مَنْ ولَدَتْ *** قُرَيْسُ منذُ بَا البارِي ذَراريها
وَ إِنَّهُ بَطلُ الإسلام تَعْرِفُهُ *** تِلْكَ الحروب التي أمسى مُجَليها
وَ أَعْلَمُ النَّاس بالشَّرْع المُشرَّفِ بَعْدَ *** المُصْطَفى لا و أَجْلَى النَّاسِ تَفْقِيها
وَ أَظْهَرُ النَّاسِ نِيّاتٍ وَ أَطْيَبُها *** قَلْباً إِذا ما أَرَدْنَا أَنْ نُجَارِيها
وَ أَبْلَغُ النَّاسِ أَقوالاً وَ أَفْصَحُها *** خِطابَةٌ وَ هُوَ يُنْشِيها وَ يُلْقِيها
وَ أَزْهَدُ النَّاسِ في الدُّنيا وَ زُخْرُفِها *** وَ أَبْعَدُ النَّاسِ عَنْ مُغْرِي مَلاهِيها
وَ أَرْحَبُ النَّاسِ صَدْراً بِالعُفاةِ إذا *** وافَتْهُ ما في يَدَيْهِ كَانَ يُوليه
هذا العميدُ المُفدّى كُفْءُ فَاطِمَةٍ *** وَ خَيْرُ نِدِّ لها مِنْ دُونِ أَهْلِيها
لِذَلِكَ اخْتارَهُ رَبُّ السماء لها *** بَعْلاً و أَمْسَتْ به الدُّنْيا تُهَنِّيها(2)
و قَبْلَهُ عُمَرُ وافى بِإِثْرِ *** أَبي بَكْرٍ وَ كُلُّهما قَدْ كانَ يَبْغِيها(3)
جاء الخُطبَتِها طه فقالَ أَنَا *** مُسْتَنْظِرٌ لابنتي حُكْمَ القَضا فيها
كذاكَ رَدَّهُمَا الرَّدَّ الجميل *** لامُرِ اللَّهِ لِلْمُرْتَضَى العالِي مُهَيِّيها
ص: 386
حتى إذا أَذِنَ البارِي بِخُطبَتِهَا *** إلى عَلِيٌّ سَعى طَه يُراضِيها(1)
فجاءَها قائِلاً: إنّ العليَّ فَتى *** قُرَيْشٍ يَبْغِي فَتاتِي جَاءَ رَاجِيها
قالَتْ : أَتُزَوِّجُني من مُتْرَبِ أَبتا *** وسائِلُ الدَّمْعِ يَهْمِي مِنْ مَآقيها(2)
فقال: وَاللَّهِ لَمْ آذَنْ بِزِيجَتَكِ *** الزَّهراءِ إلا لأَنَّ اللَّة راضيها
وَ مَا تَكَلَّمْتُ فيها قَبْلَ أَمْرِ الهي *** فَهُوَ لِي مِنْ سَماهُ كانَ مُوحِيها
قالَتْ: إذن يُعيةُ الخَلاقِ نافذةٌ *** وَ قَدْ رضيتُ بها إِنِّي أُجَرِّبها
و كانَ أَوْعَزَ طهُ لِلْعَلِيِّ بأنْ *** يَأْتِيهِ لِلْخُطْبَةِ المَغْبُوطِ حاظِيها(3)
فقد أتاه أبوبَكْرِيُبَشِّرُهُ *** بِنِعْمَةٍ لَيْسَ الأَهُ مُلاقِيها(4)
ص: 387
وَ كانَ مَعْهُ أَبُوحَفْصِ يُرافِقُهُ *** بِذِي المُهمَّةِ حَسْبَ الأَمْرِ يَقْضِيها
قالاً: التّمِسُ مِنْ رَسولِ اللَّهِ فَاطِمَةً *** فما لِغَيْرِكَ يَابنَ الوُدْ مُعْطِيها
فقالَ: ذَكَرْتُمانِي لاعَدِمْتُكُما *** بِنِيَّةٍ طالما قَدْ كُنْتُ ناوِيها
وَ سَار يَخْطُبُ بِنْتَ المُصْطَفَى عَجَلاً *** فَلَمْ يَخِبُ بِرِغابٍ كانَ مُسْدِيها
كذا أبوقاسِمٍ باليُمْنِ زَوَّجها *** مِنْهُ وَ أُمَّتُهُ تُهْدِي تَهَانِيها
زُفَّتْ إِلَيْهِ بإجلالٍ وَ أَحْمَدُ يَدْعُو *** أَنْ يَزِيدَهُما الرَّحْمَنُ تَرْفِيها(1)
جَزَى يُرفه في هذا القِرانِ كَما *** مَضى إلى بِنْتِهِ الزَّهْراءِ يُرْفِيها(2)
و قالَ: بارِكْ إلهَ العَرْشِ عَقْدَهُما *** أَكْثِرُ ذَراريهما المَحْمُودَ ناشِيها(3)
ص: 388
زفافُ سَعْدِ به الأَمْلاكُ قَد شَرِكَتْ *** أَهْلَ الدُّني بالتهاني مِنْ أَعاليها
أَيُّ البَشائِرِ أَسْمى من يشارَةِ ذَيَاكَ *** القِرانِ وهَلْ بُشرى تُسَامِيها
بَدْرُ الحَنيفيةِ السَّمْحَاءِ قارَنَ شَمْساً *** قَدْ أَضَاءَتْ سَنَى مِنْ صُلْب واليها
وَمِنْهُما انْتَظَرَ النَّسْلُ المبارَكُ تَمْلأُ *** الأَرضَ خَيْراتُهُ الكَثْرى فَتُحْيِيها
فاللَّهُ كَفَرَهُمْ وَاللَّهُ طَهَّرَهُمْ *** وَ اللَّهُ أَوْلاهُمُ عِزّاً وتَوْجِيها
وَ اللَّهُ أَوْجَبَ وافي الاَحترامِ لَهُمْ *** وَحُبُّهُمْ إِنَّ ذا ذِكْرَى لِنَّاسِيها
فَمَنْ يُناوِيهِمُ ناوَى الرِّسالَةَ في *** شَخْصِ الرَّسولِ فَكُفْرٌ مَنْ يُناوِيها(1)
وَ إِنْ عَائِشَةٌ مِنْ نَفْسِها شَهِدَتْ *** شهادةً لَمْ تَذَرْ شَكَّا لِراويها(2)
قالَتْ: عَلِيٌّ وَذَاتُ الظُّهْرِ زَوْجَتُهُ *** كَانَا أَحَبَّ الوَرى طراً لهادِيها(3)
ص: 389
(بحر البسيط)
الشيخ علي أبو المكارم
أتى بها اللّهُ إظهاراً لِقُدْرَتِهِ *** مِنْ جَنَّةِ الخُلْدِ لا أُنثى تُباريها
وَ لَيْسَ تَهْوِى سِوى العَدْلِ الَّذِي اتَّسقَتْ *** بِهِ الشَّريعةُ في أَعْلَى مَباديها
تَضُمُّ في جَنْبِها الإحسانَ مُنْبَثِقاً *** يَرْمي الصَّرامةَ قاصِيها وَدانيها
بُرْدَ التقى من نسيج الدِّينِ قَدْ لَبِسَتْ *** وَ خَوْفُ ذي العِزَّةِ العَلْياءِ مُضْنِيها(1)
نديّها الفَضْلُ مهما رُمتَ من حِكَمٍ *** فَاقْصُدْ كفيتَ التَّواني فَضْلَ ناديها(2)
نَفْسي فداؤكِ أُمَّ المُجْتَبَى حَسَنٍ *** زَوْجَ الوَصِي وَ بِنتَ الطّهْرِ هَادِيها
أمُّ الحسينِ وَ مَنْ فاقَ الورى شَرَفاً *** وَ ثَوْرَةٌ في الوَرى عَزَّتْ مَبَانيها
أَهْلُ الكِساءِ وَ حَسْبِي أَنَّهُ شَرَفٌ *** تَعْنُو لَهُ النَّاسُ تَقْديساً وَ تَنْزِيها
وَ صَفْوَةٌ طَهَّرَ الجَبَّارُ ساحَتَها *** وَ أَنْزَلَ الذِّكْرَ لُطفاً في مَغانِيها(3)
وَ دَوْلَةٌ لايَهِدُّ الجَوْرُ ما رَسَمَتْ *** على جَبِينِ البَرايا مِنْ أياديها
قَدْ بِاهَلَ المُصْطَفَى خَيْرَ الأَنامِ بِهِمْ *** نَجْرَانَ حِينَ تَرامَتْ في دَواهِيها
فكانَ خَيْبَتُهُمْ في الأَمْرِ تَفْضَحُ ما *** قَدْ بَيَّتُوهُ وَعَزَّ اللَّهُ داعيها
وَليْتَهُمْ حَيْثُ لايَبْقى بهم أَحَدٌ *** تُرمى به شِرْعَةَ الهادِي وَ نَادِيها
ص: 390
لَوْ أَنَّهُمْ باهَلُوهُ لَمْ يَعُدْ لَهُمُ *** مِنْ نَافِحَ جَذْوَةٌ لِلنَّارِ مُذْكِيها
وَ كَانَ دَأَبُهُمْ هَوْناً عَلَى نَفَرٍ *** فَأَوْتَرَتْ أُسْهُما فِي وَجْهِ رَامِيها
سَلِ البريّةَ عَنْ أسمى دَراريها *** وَ عَنْ مَنارِ ضُحاها في مَعاليها
عَنْ عِلةِ الكَوْنِ عَنْ أَسمى جَواهِرِهِ *** عَنِ الرِّسالة في دُنيا لآليها
عَنْ نُسْخَةِ الحَقِّ مَنْ أَعْطَاهُ مالِكُهُ *** مُلْكَ الحياة و كانَ المرتجي فيها
عَنْ حِكْمَةِ اللهِ في يَوْمِ القِيَامَةِ مَنْ *** لَهُ بِهَا الأمرُ فَالمُخْتَارُ قاضيها
عَنِ النَّبيِّ الرَّسُولِ الطُّهْرِ خَيْرِ بني *** حوّاءَ في مُبْدِيءِ الدُّنيا وَ تَاليها
مُحَمَّدٌ شَرَّفَ الدُّنيا بسيرَتِهِ *** و لاتَزالُ سَل التاريخ يَروْيِها
تِلْكَ الجَهالةُ في تيّارِ نَقْمَتِها *** أَوْدَتْ بِكُلِّ امْرى زُوراً وَ تَمْوِيها
وَ كان فيها حصيداً كُلُّ ذي عِظم *** و المؤمِنُ الصُّلْبُ أَضْحَى مِنْ مَراعيها
وَ أَصْبَحَ النَّاسُ لادِينٌ و لاشرَفٌ *** فَالخَمْرُ أَصْغَرُ ذَنْبٍ في مَعاصيها
فازْدانتِ الأرْضُ في ميلادِهِ وَ سَمَتْ *** تَطاولاً فَهُوَ دُونَ الخَلْقِ مُحْييها
وَ تِلْكَ آيَاتُهُ في الكَوْنِ ساطِعَةُ *** المَجْدُ يَحْدِمُها وَ الحَقُّ يَحْمِيها
مَنْ ذا رَأى النَّارَ تَخْبُو في طَبيعَتِها *** كَأَنَّ طول المدى قَدْ َعادَ يُخْبيها(1)
مَنْ ذا رأى لِصروح المُلْكِ خاشِعَةً *** ما بَيْنَ مَنْ رَفَعَتْ قِدْماً بِأَيْدِيها
هذا أذان بأنّ الظُّلْمَ مُنْدَثِرٌ *** وَ أَنَّ أَحْمَدَ يَبْقى وَ هُوَ راعيها
يَقْتَادُ سُفْنَ نَجاةِ الخَلْقِ قاطِبَةً *** يقولُ فيها ارْكَبوا فاللهُ مُجْرِيها
وَ يَوْمَ مَبْعَثِهِ قَدْ جاءَ مُنْبَثِقاً *** بِشِرْعَةٍ تُنْقِذُ الدُّنْيا وَ مَنْ فيها
و خطَّ في جَبْهَةِ الأَجْيالِ حِكْمَتَه *** وَ كانَ لِلْغايةِ القْصوى مُجَلِّيها
آياتُهُ الغُرُّ وَ القرآنُ أَعْظَمُها *** أَعْظِمْ بآياتِهِ أَعْظِمْ بوَاعيها
وَ في صعيدِ الوَرى خَطَّ السَّلامَ وَ لَمْ *** يَبْغِ الحُروب وَ أَعْطَى القَوْسَ باريها
ص: 391
نَعمْ يُناضِلُ عَنْ أَقداسِ شِرْعَتِهِ *** فَلَمْ يَكُنْ بِجَبَانِ الطَّبْعِ خاوِيها
عَلَى جَنَاحَ الليالي كُنتَ قاضيها *** هل ذُقْتَ عَلْقَمها في صَفْوَ حالِيها؟
وَ هَلْ قَضَيْتَ عَلَيْها في خُصومَتِها *** أَمْ صَدَّعَتْ جَنْبَك العالي مَخَازيها؟
وَ هَل كُشَفْتَ إلى الأجيالِ كُلْفَتُها *** أم كَلَّفَتْكَ مِنَ الدُّنْيا مآسِيها؟
هِيَ اللَّيالي وَ كَمْ في سُودِها نَكَدٌ *** تُودي النَّهارَ جِهاراً في حَرابيها(1)
خانَتْ عليّاً أميرالمؤمنينَ *** و أبناءَ الرسولِ و ما أَخْطَتْ مَرامِيها
مَنْ أَنْتَ يا دَهْرُ ماذا أنتَ مُحْدِثُهُ *** بِالمُرْتَضَى خِيرَةِ الدُّنيا وَ راعِيها؟
وَ أَشْرَفِ النَّاسِ مَجْداً في أرومَتِهِ *** مَا بَيْنَ غايرها طراً وَ مَاضيها
ما بَيْنَ ساقي ضيوفِ اللَّهِ مُقْرِيْها *** وَ سادِنِ الكَعْبَةِ الغَرَا وَ حَاميها(2)
وَ بَيْنَ أُمِّ سَمَتْ بَيْنَ النِّساءِ هُدى *** وَذَيْلِ طُهْرٍ تَعَالَى اللَّهُ مُهْدِيها
أَعْظِمْ بِأُمِّ عَلِيَّ مِنْ سُلالَتِها *** تَسْمُو النِّسَاءَ فَخَاراً في مَعَالِيها
أَعْظِمْ بِوَالِدِه الزَّاكي وَمَنْ شَمَخَتْ *** أُمُّ القُرى بِعُلاهُ في الوَرى تِيها(3)
فَدّى الرَّسُولَ و والاهُ وَشايَعَهُ *** وَ للرِّسالةِ أَضْحَى وَ هُوَ حاميها
وَآثَرَ اللَّهَ إيماناً بِنَزْعَتِهِ *** حَتَّى مَضى طَاهِرَ الأَبْرادِ ناقِيها
تَهَنى أَبَا الحَسَنِ الهَادِي بِخَيْرِ أَبٍ *** مِنْ بَيْنِ أُمَّتِهِ بِالطُّهْرِ سَامِيها
وَ هَلْ تَنالُ المُرَيَّا ساعِدٌ جُدِمَتْ؟ *** إِنَّ المُرَيّا لَتَسْمُو مَنْ يُجاريها
ضَلَّتْ أُميِّ بِنُكْرانِ الحَقِيقَةِ مِنْ *** عَلْيَاكَ حتّى أَتَى الشَّحْناءَ آتيها(4)
نُكرانُ فَضْلِ أبيكَ الظُّهْرِ شِنْشِنَةٌ *** جَنَى المخازي بها في الناسِ جانيها(5)
ص: 392
وَ حمَلَتْ أَلْسُنُ الأَزْمَانِ شَقْوَتَها *** وَ ضَلَّ مُنْكَرُ فَضْلِ مِنْهُ تَمْوِيها
و أَنكَرُوا بَيْعَةً قامَ النَّبِيُّ بِهَا *** (يَوْمَ الغَديرِ) وَ أَرْسَى مِنْ صَيَاصِيها
لازِلْتَ في النَّاسِ مَظْلُوماً أَبا حَسَنٍ *** وَ الحُرُّ تَفْقِدُهُ الدُّنيا تَهانيها
بنْتُ النَّبِي رَسولِ اللهِ سَيِّدَةُ النِّسَاءِ *** مَنْ فِى النّسَا طُرّاً تُحاكيها(1)؟
ص: 393
لَم يَفْقِدِ الناسُ مِنْ ظَه أظلَّتَهُ *** إِنَّ امتداد حياةِ المُجْتَبى فيها
لِذاك كنّى رَسُولُ اللَّهِ بَضْعَتَهُ *** حقاً بأم أبيها في مَعانيها(1)
فالسِّلْمُ في الحَسَنِ الزاكي لها سَبَبٌ *** في نَسْجِ بُرْدَتِهِ فِي طُهْرٍ مُسْدِيها
وَ ثَوْرَةٌ للحُسَيْنِ الظُّهْرِ تَجْبُرُ مِنْ *** كَسْرِ عراها وَحْيَ اللَّه آسيها
وَ فَلْسَفَاتُ مَعالي الدِّينِ تَظْهَرُ في *** صَحيفةِ السيِّدِ السَّجادِ هاديها
وَ باقرُ العِلْم مَنْ أَسْمى أَشِعَّتِها *** وَ جَعْفَرُ الصَّادِقُ المِعْوَارُ مُبْدِيها
وَ كَاظِمُ الغَيْظِ رَمْنٌ مِنْ قَداسَتِها *** وَ فِي الرِّضا مَجْدُ راعيها وَراوِيها
وَ في الجوادِ لها عُمْرٌ وإِنْ قَصُرَتْ *** أَيَّامُهُ فَهُوَ بدر في لياليها
و في أبي الحَسَنِ الهادي مَكارِمُها *** و في ابْنِهِ شَمُخَتْ عزّاً مَغانيها
وَ في ابنها الحُجَّةُ الباقي مَنابِرُها *** سَمُونَ عِزّاً أَعَزَّ الله حاميها
إِلَيْهِ تُعْزى معالي الحقِّ أَجْمَعُها *** فجلَّ فيما لَهُ يُعزى وَ عازيها
به الحَقَائِقُ تَبْدُو وَ هْيَ ضَاحِكةٌ *** مِنْ بَعْدِ مَا قَدْ أَساءَ الصُّنْعَ طاويها
وَ تَمْلأُ الأَرْضَ عَدْلاً في حُكومَتِهِ *** وَ دَوْلَةُ الجَوْرِ دُكَّتْ في مَهَاوِيَها
لذاك أَنْكَرَتِ الظُّلامُ دَولَتَهُ *** وَنِيَّةُ الفُحْشِ تُبْدِي خُبْتَ ناويها
يا مَنْ بِهِ بَشَرَتْ كُتُبُ السَّماءِ ويا *** عِدل الكتاب وآيَ الحقِّ حاويها
يا صاحِبَ العَصْرِ يا صَرْحَ الرِّسالَةِ قُمْ *** وَ انقُذْ شَريعَةَ طَهَ مِنْ أَعادِيها
فَالنَّاسُ ضَلَّتْ فَمِنْهُمْ أَنْفُسٌ كَفَرتْ *** وَ ساقَها لِجَحِيم النار حاديها
وَ أَنْفُسٌ عَصَتِ الباري بِنِعْمَتِهِ *** وَأصبَحَتْ شِيْماً في حُبِّ مُغْرِيها
مَا أَبْصَرَتْ رُسُداً طاشَتْ حُكُومَتُها *** وَ الْمُؤْمِنُونَ ضحايا في مَواميها(2)
نَبْعُ الرِّسالة في صافِي لآلِيهَا *** سِبْطُ الرَّسولِ مُجَليها وَ حَاويها
ص: 394
فَاللُّؤلؤ المُنتقى في الذِّكرِ مِنْ (حَسَنٍ) *** به تَسامي من الأخيادِ حاليها
لِلْمُصْطَفَى وَعَلِي خَيْرُ ما نَسَبَتْ *** أَطرافُ قَوْم وَ فَازَ المُجْتَبَى فيها
سيادتان له في الناسِ جَمْعُهُما *** قِيَادَةٌ جَمَعَ الزاكي نَواحِيها
مَنْ مِثْلُهُ في البرايا كلُّ مَكْرُمَةٍ *** تُعَدّ لِلأنبياء الغُرُ أُوتيها؟
تَحدَّثَ اللَّهُ عَنْهُ بَيْنَ أُمَّتِهِ *** فَكَانَ لِلْغَايَةِ القصوى مُجَلِّيها
هذا هُوَ الذَّكرُ في الآياتِ يَنْعَتُهُ *** وَ كانَ عِدْلاً له فضلاً وَ تَشبيها
خَطَّى بأُمَةِ خَيْر المُرْسَلينَ إلى *** أَسمى الفَضَائِلِ فِي أَرْقى مَبانيها
قدْ أَمْسَ المُصْطَفَى للسلم خُطَّتَهُ *** وَ لِلزَّكِي بِهِ رُوح تُناجيها
حتّى أقام لها الزاكي وَ رَوَّجَهَا *** وَ كانَ للأُسُسِ العَليَاءِ بانيها
هذا القُعودُ الّذي أَرْسَى قَواعِدَهُ *** في أُمَّةِ المُصْطَفَى الزَّاكي مُرَبِّيها
لِكَيْ يَقُومَ أَبي الصَّيْم مُنْتَقِماً *** مِن الطَّعَاةِ لِتَرْدَى نَفْسُ تيها
حتى إذا ما انتهى في شوْطِهِ ومَضى *** جاءَ الحُسَيْنُ أَبُو الأحرارِ يُطْرِيها
أقامها ثَوْرَةٌ عَصْمَاءَ صارخةً *** أَحْيَا بها شِرْعَةَ الهادِي وَ دَاعيها(1)
نورانِ قَدْ نشرا للْمُصْطَفَى عَلَماً *** تَقْضِي الظُروفُ به في حُكمٍ باريها
حياتُهُ كُلُّها سِلْمٌ وَ مَصْلَحَةٌ *** لِلْمُسْلِمِينَ بِرَهُم مِنْ أَفاعيها
بِهِ قَدْ اقتلِعَتْ آلامُ أُمَتِهِ *** و قَطَّعَ اللَّهُ فيهِ كُلَّ داحِيها
و أَبْصَرَتْ رُشْدّها من بعدِ هُدْنَتِهِ *** لكنّها قَدْ تَعامَتْ في مَناَفيها
وَدَسَّ فِرْعَوْنُها سُمّاً لِيَقْتلَهُ *** فنالَ مِمَّا ابتغى فيه أَمانيها
مَضى و ما زالَ مظلوماً مصائِبُهُ *** على اِمْتِدَادِ اللّيالي لَيْسَ نُحْصِيها
أَللمكارِمِ فَضْلُ الذِّكْرِ عالِيها *** أم للخُرافاتِ في دنيا سَعاليها(2)
ص: 395
لِلْبَيْتِ لِلْكَعْبَةِ الغَرَاءِ مِنْ حَرَمِ *** أَمْ لِلْمَتَاهَاتِ فِي أَشْقَى صَحاريها
لِلْمَنبع الظهر في وادي العُلى شَرَفٌ *** أَمْ لِلدعارة في مَرْمَى سَواقيها
لكن، ويا للأسى الأيامُ تَرْفَعُ مَنْ *** دَنَى وَ تَخْفِضُ عالي الرُّوح ساميها
يُدعى يزيد أميرالمؤمِنينَ و َيُضْحِي *** السَّبْطُ مُلْقَى عَلَى الرَّمضاءِ داميها
أيْنَ الخِلافَةُ باللَّه قَدْ هَزُلَتْ *** إذا يزيدُ الخَنا في الناسِ داعيها؟
يَزيدُ ما كانَ الأنَتْنُ سَيِّئةٍ *** قَضَتْ على شِرْعَةِ الهادي وَ ناديها
مَنْ ذا معاويةٌ في عِهْرِ مَنْبَعِهِ *** خَلْطُ الفجورِ تَرامَتْ في مجاريها؟
قَدْ حرّمَ اللهُ والهادي خلافَتَهُ *** لكنْ تَعدّى لها مِنْ كَفَّ طَاغِيها
حُكْمُ الوِرَاثَةِ مِنْ صَخر الضَّلال رَمَى *** بِالعِهْرِ ابْنَاهُ قاصِيها ودانيها
هَذِي مَعَالِمُ خَيْرِ المُرْسَلِينَ غَدَتْ *** تُبَاحُ مَبْنِّى وَ مَعْنِّى بَيْنَ أَهْلِيهَا
قَدْ غَيَّرُوا سُنّةَ الهادي وَكَمْ رُمِيَتْ *** أرضُ الحجازَيْنِ مِنْهُم في دواهيها
لذاك أضحى رَسُولُ الفَتْح يُعْلِنُها *** بصَرْخَةٍ يَمْلأُ الأَرْجَاءَ داويها
حيّوا حُسَيْنَ المعالي في تَحرُّرِهِ *** وَ الصَّحْبُ تَرْفَعُ بَنْدَ الحقِّ أيديها
وعَظَّمُوا فيه أُختاً لامثيلَ لها *** في ثَوْرَةٍ شَبَّ للإيمان زاكيها
عقيلةُ الطالبِييْنَ الأُباةَ وَ مَنْ *** هَذَتْ عروش البغايا في نواديها
أَمْلَتْ على الدَّهْرِ آياتِ البُطُولَةِ في *** عَزم به تُنْعِش المَوْتى و تُحيِیِها
ما ضَعْضَعَ الخَطْبُ منها بيتَ نَجْدَتِها *** وَ تِلْكَ خُطْبَتُها أَمْضَى مَواضيها
و قد رَأَتْ في الثَّرى صَرْعى أَحِبَّتَها *** وَ فَوْقَها صَبَّتِ الدُّنيا دَواهيها
إنَّ الرِّسالة لا تَخْبُو أَشِعَتُها *** وَ العِشرَةُ الغُر أبواب لأَهْلِيها
ص: 396
أوْ كَمِثْل الزَّهْرَا وَكُلٌّ غدا مِنْهُمْ *** قَرِيباً مِنْ ذِي الجَلالِ وَجِيها
بَلَغُوا رُتْبَةً فَكُلُّ قريبٍ *** عاجِرٌ أَنْ يُنالَ أَوْ يَرْتَقِيها
نَجِّنِي مِنْ عَذَابٍ حَشْرِي وَخَلَّصْني *** مِنْ شِدَّةِ تَوَرَّطت فيها
وَ بِحُبِّي لَهُمْ وَ حُسْنِ رَجَائِي *** لَقْني بُغْيَتِي الَّتي أرْتَجِيها
فلَعَلِّي أَرى بِنَوْمِي بَشِيراً *** مُخْبِراً لِي بِنُجْح ما أَبْتَغِيها
لَيْسَ عِنْدِي مِنْ فِعْلِ خَيْرِبِهِ *** أَرْجُو سِوى حُبِّهِمْ يُبَلِّغُنِيها
وَ سِوىَ بُعْضٍ مَنْ تَعدّى عَلى *** الزَّهْرا وَعَنْ أَخْذِ حَقْهَا يَزْوِيها(1)
كَذَّبُوها واللَّهُ طَهَّرها مِنْ كُلِّ *** رجس بآية يُبْدِيها(2)
ص: 398
خاصَمُوها وَاللَّهُ خَصْمُ لِمَنْ *** خاصَمَها في غَدٍ وَمَنْ يُؤذيها(1)
مَنْ أَبُوها مَنْ بَعْلُها مَنْ بَنُوها *** أَنْكَرُوا حَقَّها بِنَصْ أَبِيها
وَ أَبيها لَوْ أَضْمَرُوا بَعْضَ حُبِّ *** لأبيها لراقَبُوا اللَّهَ فيها
ما أَرى القَوْمَ يُؤْمِنُونَ بِبَعْثٍ *** وَ عَذابٍ وجَنَّةٍ تُؤويها
أَنَسَوْا آيَةَ المَوَدَّةِ في القُربی *** وأَجْرَ النَّبيِّ إِذْ يَقْتَضِيها(2)
غَصَبُوها وَبَعْدَ إِذْ أَسْقَطُوها *** وَ تَمادَوا بالظلم في أَهْليها(3)
ص: 399
لَسْتُ أدْرِي خِلافَةٌ خَلَعُوها *** مِنْ عليَّ لِمَنْ تُرى تُعْطِيها؟
وَ هيَ الرُّتْبَةُ الَّتِي خَصَّهُ اللَّهُ *** بها دونَ كُلِّ مَنْ يَبْتَغِيها
أَنَسَوْا بَيْعَةَ الغَدير وما ظَنِّي *** نَسَوْها وَ المُصْطَفَى يُجْرِيها
وَ تَنادَوْا إلى سَقِيفَةِ شِرْكٍ *** وتَواطَوْا عَنِ اجتبابِ ذَوِيها(1)
ص: 400
(بحر الكامل)
الشيخ علي منصور المرهون
و له مخمساً قول بعضهم عن لسانها علیها السلام
عَرِّجُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ مُحَمّدٍ *** وَ الْقَمْ تُراباً خَالَطَ العِطْرَ النَّدِي(1)
وَاهْتِف بأخزانٍ وقَلْبِ مُكْمَدِ *** ماذا عَلَى مَنْ شَمَّ تُرْبَةَ أَحْمَدِ(2)
أنْ لاَ يَشُمَّ مَدَى الزَّمانِ غَوالِيا(3)
عَفِّرْ جَبينَكَ نادِباً خَيرَ الوَرى *** وَ ارْفَعْ لَهُ ُصوتَ الشَّكَايَةِ مُخْبِرا
أَسْمِعْهُ قولاً لَمْ يَكُن فيه افترا *** قُلْ لِلْمُغَيَّب تَحْتَ أطباق الثَّرى
إِنْ كُنْتَ تَسْمَعُ صَرْخَتِي وَ نِدائِيا
قَدْ أَظْهَرَتْ كُلُّ الصَّحابةِ ضِعْنَها *** وَ تَعَمَّدَتْ ظُلْمي وَفِعْلاً سَنَّها(4)
وَ عَلَى وَصيَّكَ غارةٌ قَدْ شَنّها *** صُبَّتْ عليّ مَصائِبٌ لو أنّها
ص: 401
صُبَّتْ عَلَى الأَيَّامِ صِرْنَ لياليا(1)
ص: 402
(بحر السريع)
الشيخ فاضل الصفار(*)(1)
أو لِبنْتِ المُصْطَفَى الزَّاكِيَهْ *** كَمْ لَوْعَةٍ أَمْسَتْ بها باكيهْ(2)
***
آه لَها بَعْدَ أَبيها الرَّسولْ *** دائِمَةُ الحُزْنِ عَلَيْهِ تَجُولْ
تَنْدُبُهُ طَوْراً وَ طَوْراً تَقُولْ *** يا أبتاه بالعَزا بَاقِيَهْ
***
مَقْرُوحةَ العَيْنِ عَلَيْهِ بَكَتْ *** ناحِلَةَ الجِسْمِ بِسُقْمِ قَضَتْ
زافِرَةَ الأَحْشاءِ مِمّا رَأَتْ *** لَهُفِي لها شاكِيَةً باكِيَهْ
***
لَهُفِي لَها إِذْ أَحْرَقُوا دارَها *** وَ البَضْعَةُ الزّهرا بأَخْدارِها(3)
ص: 403
صائِنَةُ المَجْدِ بأَسْتَارِها *** يَا وَيْلَهُمْ مِنْ زُمْرَةٍ جانِيَهْ
***
يا لَيْتَ شِعْرِي كَمْ رَأَتْ مِنْ مُصابْ *** يُصَدْعُ الصَّخْرَ وَيُبْكِي السَّحابْ(1)
لما استجارَتْ عَنْهُمُ خَلْفَ بابْ *** فَلَمْ يُراعُوا تِلْكُمُ الهَادِيَهْ
***
لَهْفِي لها مِنْ لَوْعَةِ المِسْمَارِ *** باتَتْ بِهَا مَسْلُوبَةَ القَرَارْ
تسِحُ نُورَ الوَحْي بالإِهْدارِ *** تنزفُهُ أَضْلاعُها الزَّاكِيّهْ(2)
***
حَزِينةَ القلبِ قَضَتْ بالدموعْ *** تَنْدُبُ حقاً ضائعاً بالخُنوعْ(3)
وَ صَرْحَةُ الأعضاءِ عِنْدَ الضلوعْ *** أَمْسَتْ بها صارِخَةَ دامِيَهْ
***
إِنْ أَنسَ لاأنسى عليّاً يُقادْ *** يَأْسِرُهُ الصَّبْرُ بِحَبْلِ النَّجادِ(4)
حَيْثُ يَرى بَضْعَةَ خَيْرِ العِبادْ *** تَلْطِمُها عِقْدَاً يَدُ الطَّاغِيَهْ
***
وَكَيْفَ أَنسى لظمةَ الخُدودِ *** وَ قُرْطَها المَنْفُور فَوْقَ الجِيدِ؟
وَ ضَرْبَها وَ سَقْطَةَ الوَلِيدِ *** وَ حُمْرَةَ العَيْنِ لها ناعِيَهْ(5)
***
ص: 404
بِمُهْجَتِي أَفْدِي سُقوط الجنينْ *** مِنْ لَهْفَةِ الطُّهْرِ عَلَيْهِ رَنينْ
نَوْحٌ بِدَمْعٍ ساكِبٍ أَوْ أنينْ *** في مُسْمَعِ الدَّهْرِ له حاكِيّهْ
***
لِلَّهِ رَيْبُ الدَّهْرِ فيماجَرى *** خَطبٌ فَظيع رُزُؤُهُ قَدْ سَرَى
في آلِ بَيْتِ الوَحْي خَيْرِ الوَرَى *** قُلْ لي فَهَلْ أَبقى لَهُمْ باقيهْ؟(1)
ص: 405
(بحر الوافر)
المهندسة كوثر شاهين
دَعُوني أَبْتَدِي حَرْفي صَلاةً *** عَلَى المُخْتارِ طه وَالوَصِيِّ
وَ لِلسِّبْطَيْنِ وَ الزَّهْرَاءِ حَرْفي *** وَ لِلْحَوْراءِ بِالدَّمْعِ السَّخِيِّ
وَ مَنْ نَزَلَتْ بِها الآياتُ تَتْرى *** وَ مَنْ فُطِمَتْ بِأَكْنَافَ النَّبِيِّ (1)
وَ مَنْ في كُلِّ فاتِحَةٍ تَجَلَّتْ *** بِأَنْوارٍ مِنَ اللَّهِ الوفيّ
و مَنْ وُلِدَتْ بِمَكَّة بَعْدَ خَمْسٍ *** وَ في الإسراء في الصُّلْبِ الزَّكيِّ
بِها حَمَلَتْ خَدِيجَةُ بَعْدَوَهُنٍ *** تُحَدِّثها مِنَ الرَّحِمِ الوَضِيّ (2)
وَ تَحْضُرُ أَرْبَعٌ سُمْرٌ طوالٌ *** وَ حُورُ العين بالطَّيبِ النَّديِّ
وَ مَاءٍ كَوْثرٍ عَذْبِ طَهُورٍ *** لِغَسْلِ بَتُولِ طة والوليِّ
وَ إِذْ نَطَقَت تَباشَرَ رُسُلُ رَبِّ *** سَلاماً طيباً باسم العَلِيِّ
وَ بالسِّبْطَينِ مِنْ بَعْلٍ كَرِيمٍ *** لِنَسْل قَدْ تَبارك بِالوَصِيَ
فأَشْهَدَتِ السَّماءَ بِلا إلهٍ *** سِوَى الرحمنِ أَنْزَلَ لِلنَّبِيِّ
بِسُورَةِ (هَلْ أَتَى) في كُلِّ بَابٍ *** سَلامُ اللهِ لِلْوَجْهِ البَهيَّ (3)
ص: 406
لِخَيْرِ النِّسْوَةِ اللأتِي اصْطَفِينَ *** مِنَ الدَّارَيْنِ بِالخُلْقِ الرَّضِيِّ
بِها بَحْرُ النُّبُوَّةِ بَحْرُ طه *** وَ بَحْرُ المُرْتَضَى الهادِي النقي
لِيَخْرُجَ مِنْهُما السِّيْطَانِ نُوراً *** وَ زَيْنُ العابِدينَ مِنَ التَّقيِّ
هُوَ البَكَّاءُ لِلْحَوراءِ يَهْدِي *** بِبَيْتِ الحُزْنِ بِالدَّمْعِ السَّخيّ
صَلاةٌ في قيام في قُعودٍ *** بِذكرِ اللَّهِ بِالقَوْلِ السَّمِيِّ
فَيا حَوْراءَ له لي صَلاةٌ *** إِلَيْكِ بِأَدْمُعِ المُزْنِ الرَّوِيِّ(1)
أجِيءُ لِرَوْضَةٍ مَابَيْنَ قَبْرٍ *** وَ مِنْبَرِ سَيِّدِ الخَلْقِ العَليّ
أُعَفِّرُ جَبْهَتِي وَأَمُدُّ كَفَي *** لأَضْرَعَ بِالصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ (2)
وَ مَنْ قَدْ أَحْصَنَتْ لِلَّهِ نَفْساً *** بِقَوْلِ الحَقِّ وَ النَّهْجِ السَّوِيِّ
فَحَرّمَ نَسْلَها مِنْ لَمْسِ نَارٍ *** وَ شِيعَتَها، فَيا مَنْ بِالغَرِيِّ(3)
عَلَيْكَ سَلامُ رَبِّكَ في جِنانٍ *** مَعَ الحَوْراءِ بِالنُّورِ البَهِيِّ
فَحَيُّوا بِالصَّلاةِ مُقامَ طه *** وَ حَيُّوا بِالوِلايَةِ لِلطالبي
وَخَيْرِ الخَلْقِ مِنْ إِنسِ وَجِنَّ *** وَ بابِ العلم من بعد الهدي(4)
بهِ الآيَاتُ قَدْ نَزَلَتْ تباعاً *** و في خُمِّ وَ خَيْبَرَ مِنْ عَلِيّ
لأُمّ أبيها فاطِمَةُ البَتُولُ *** وَ وَارِثَةُ الطّهارَةِ وَ النَّبِي
قَرِينَةُ سَيْدِ الثَّقَلَيْنِ تَشْكُو *** لِرَبِّ العَرْشِ مَظْلَمَةَ الجَنِيِّ
هي الحَوْراءُ لا أَبْغِي سواها *** بِبِرَّ أَقْتَفِي نَهْجَ الرَّضيّ
قَسِيمٍ النَّارِ وَ الجنّاتِ رُوحِي *** فِداكَ أبا تُرابٍ مِنْ وَصِيِّ
ص: 407
وَ مِنْ زَوْجِ لِخَيْرِ نِساءِ أَرْضٍ *** وَ في الدَّارَيْنِ بِالنُّورِ البَهِيِّ
سَلامُ اللَّهِ حَوْراءٌ لِطه *** لآلِ البَيْتِ مِنْ رَبِّ سخيّ
لِكُلِّ المُؤْمِنِينَ بِهِمْ جَمِيعاً *** أَئِمَّةِ طُهْرِ آلَاءِ العَلِيِّ
فَصلُّوا إِخْوَتي في ذكرِ أُمِّ *** هِيَ الزَّهْراءُ مِن نُورٍ الجَليِّ (1)
هِيَ الحَوْراءُ بَحْرٌ مِنْ عُلومٍ *** وَ مِنْها نَسْلُ له وَ الوَصِيَّ
مُبارَكةٌ طَهُورٌ في سماءٍ *** وَ نُورُ المُصْطَفى، أُمّ الصَّفيّ (2)
ص: 408
(بحر الكامل)
الشيخ محسن أبو الحب (الكبير)(*)(1)
لاتَعْبسي وَجْهاً عَليَّهْ *** ما راعَ مِنْكِ القَلْبَ رَبَّهْ
كَلاً وَ لاحاوَلَتُ قُرْباً *** مِنْ منازِ لكَ القَصِيَّهْ
إِنْ تَقْرُبي أَوْ تَبْعُدي *** سيّان أَمْرهُما لديَّهْ
إِنّي لآنِفُ أَنْ يَقُولَ *** النّاسُ فيكِ هُزاً وَ فِيَّهْ(2)
شَيْءٌ عجيبٌ قَبْلَهُمْ *** شيخٌ تَعَشَّقَهَا صَبِيَّهْ
یا حَبَّذا لَوْ أَنَّ لِي *** نَفْساً مِنَ البَلوى خَلِيَّهْ
هِيَ أَقْلَقَتْ كَبِدِي وَ أَسْكَنَتِ *** القَذى في ناظِريَّهْ
يا بئسَمَا نُمْسي وَ نُصْبِحُ *** فِيهِ مِنْ فِعْلٍ وَنِيَّة
هذا عَلى هذا يَصُولُ *** و ذاكَ يُغْضِبُ ذاكَ فِيَّهْ
باللَّهِ أُقْسِمُ وَ النَّبيِّ *** وَ لَيْسَ بَعْدَهما البَنِيَّهْ
ما شاعَ في الأَرْضِ *** الفَسادُ وَ أظهَر البِدْعَ الخفيهْ
إلا الأُلى جَحدوا الوَصِيَّ *** وَ نَازَعُوهُ في الوَصيَّهْ(3)
وَهُمُ الَّذِينَ عَدَوا على *** دارِ المُطَهَّرَةِ الزَّكِيّهْ
ص: 409
جَمَعُوا لَها حَطباً و جاؤوا *** يَتْبَعُ المَغْرِيُّ غَيَّهْ(1)
لَمْ يَحْفَظُوارب السَّما *** فيها و لاحَفِظُوا نَبِيَّهْ
آلَوْا على أن لايُبقُّوا *** من بَني الهادي بَقِيَّهْ
ألقَوْمُ قَصْدهُمُ النَّبِي *** وَ مُذْ مَضَى قَصَدُوا وَصِيَّهْ
إِنْ لَمْ تُصَدِّقْ ما أقولُ *** فَسَلْ عَنِ القَوْمِ ا الثَّبيَّهْ
نَزَعُوا لَها سَهُما وَلَكِنْ *** أخطأَ السَّهْمُ الرَّمِيَّهْ
لاتَنْسَ بَضْعَةَ أَحْمَدٍ *** وَ اذْكُرْ مُصِيبَتَها ال الجَلِيّهْ(2)
إِذْ أَقْبَلَتْ َتمْشِي تَحُفُّ *** بها نِسَاءٌ هَاشِميَّهْ(3)
جَاءَتْ لتَطْلُبَ إِرْثَها *** إِذْ لَمْ تَزَلْ عَنهُ غَنِیَّهْ
لكنْ لِتُنْبي النَّاسَ أَنَّ *** النَّاسَ عَادُوا جاهليّهْ
ولعلّها تَهْدِي نفوساً *** عَنْ غَوايَتها غَوِيَّهْ
وَ دَعَتْ وَكانَ دعاؤُها *** أجْلى مِنَ الشَّمْسِ المُضِيَّهْ
فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا *** وَ كأَنَّ دَعْوَتَها خَفِیَّهْ
ياقومُ مَالَكُمُ سَكَتُمْ *** عَنْ ظُلامَتي الشَّنِيَهْ
إِرثي يَفوزُ بِهِ بَنو اللَّخْنا *** وَ يُحْبَسُ عَنْ بَنِیّهْ(4)
ص: 410
اللَّه يابن أبي قحافة *** كَمْ تَرُومُ بنا الأذيّهْ(1)
لاتَمْنَعُوني نِحْلَتي *** وَ دَعُوا حُقودَ الجاهليهْ
اللَّهُ يَحْكُمُ لي بها *** وَيَجُورُ حُكْمُكُمُ عَلَيْهْ
مَا كُنتُمُ إِلا بهائِمَ *** عِمايَتِها وَدِيَّهْ
حتّى بنا رَبُّ السَّما *** أعْطَاكُمُ هذي العَطِيّهْ
فَغَدَوْتُمُ تَجْنُوه مِنْ *** ثَمرِ العُلا فِينَا جَنِيَّهْ
لو أنَّ لي بكُمُ يَداً *** فيما أحاولُهُ قَويهْ
لَنَسِیتُمُ أَيَّامَ بَدْرٍ *** وَ الحُروبِ الأَوَّليّهْ
لَكِنَّ دَهْرِي خان بي *** قسراً وَ أَوْهَنَ سَاعِدَيّهْ(2)
هذا رَهِين التُرْبِ *** مَدفوناً وذَا رَهْنُ الرَّزية
مَنْ لِلْخِلَافَةِ مُذْ سَلَبْتُمْ *** جِيَدها الخالي حِليّهْ
هذا أبوحَسنٍ لها *** أَكْرم بهِ راعِي رَعِيّهْ
هذا عَلِيٌّ خَيْرُكُمْ *** حَسَباً وأَحْسَنُكُمْ سَجِيّهْ
مَاذَا نَقَمْتُمْ مِنْهُ وَ هُوَ أَشَدُّ *** حُكْماً في القَضِيَّهْ
يَوْمَ السَّقِيفةِ ما خَلَقَتْ *** على الوَرى إِلا بَلِيَّهْ
ما كانَ أَدْهى مِنْكَ *** يَوْمَ مُحَرَّم في الغاضريهْ
أَنْتَ الَّذّي البَسْتَ ثَوْبَ *** الشُّكل فاطمَةَ الرَّضِيّهْ
کَم لَيْلَةٍ باتَتْ وَ لَيْسَ *** سِوَى الحنينِ لها خَشِيّهْ
حَتَّي إذا ماتتْ وما *** ماتَت مكارِمُها السَّنِيّهْ
بأَبى الّتي دُفِنَتْ وَ عُفّيَ *** قَبْرُها السامي بَقِيّهْ
ص: 411
دُفِنَتْ وَ بَيْنَ ضُلوعِها *** آثارُ ضَرْبِ الأَصْبَحِيَّهْ
يَا بِنْتَ خَيْرِ العَالَمِينَ *** وَ صَفْوَةِ اللَّهِ الصَّفيّهْ
أرجوكِ لی غَوْثاً *** إِذا مَدَّ الزَّمانُ يداً إِليهْ
وَ لِحَاجَةٍ أَوْفاقةٍ *** لايَشْمُت الأعدَاءُ بِيَّهْ
ص: 412
(بحر البسيط)
الأستاذ محمد أحمد الشاخوري
فِي كَرْبَلا فَاطِمٌ فَرْحَى أَمَاقِيها *** تَنْعَى حُمَاةَ حُمَاةٍ ذُبحوا فِيها(1)
تَبْكِيهِمُ وَ تَقُولُ اليَوْمَ وَاحُزْنِي *** أَيْنَ النَّبِيُّ أَبِي يَأْتِي يُوَارِيها(2)؟
وَ أَيْنَ بَعْلِي أَمِيرُالمُؤْمِنِينَ؟ مَضَى *** وَ خَلِّفَ الوُلدَ صَرْعَى فِي بَرَارِيها
آهٍ عَلى جُتَثٍ بِالطَّفِّ قَدْ قُطَعَتْ *** رُؤُوسُها وَ هَجِيرُ الصَّيْفِ يَصْلِيها(3)
آهٍ عَلَى جُتَثٍ فِيها الْقَنَا لَعِبَتْ *** وَ أُرْكِزَتْ مَاضِياتٌ فِي تَرَاقِيها(4)
آهٍ عَلَى فِتْيَةٍ صَرْعَى وَكَانَ بِهَا *** لِلدِّينِ وَ الحَقِّ قَدْ نَادَى مُنَادِيها
حُزْناً عَلَيْهَا وَ مَا الأَحْزَانُ مُبَرِدَةٌ *** غَلِيلُ قَلْبٍ عَطُوفٍ غَيْرِ سَالِيهَا(5)
يا فِتْيَةً ذُبِحَتْ فِي كَربلا وَثَوَتْ *** عَلَى الْوُجُوه عَرَايَا فِي صَحَارِيها
بِنْتُمْ فَبَانَ لَكُمْ سَلْوَانُ فَاطِمَةٍ *** وَ لاَعِجُ الوَجْدِ بِالأَشْجَانِ يُشْجِيها(6)
ص: 413
يَا نَازِلِينَ عَلَى الْبَوعًا مَلاَبِسُهُمْ *** فَيْضُ النُّحورِ الْجَوَارِي وَيْل مُجْرِيها
هَلْ عِنْدَكُمْ خَبَرٌ مِنْ أُمِّكُمْ؟ فَلَقَدْ *** مِنْ رُزْهِكُمْ فِي الْعَزَا شَابَتْ نَوَاصِيها
تَكَادُ حِينَ تُنَاجِيكُمُ ضَمَائِرُها *** يَقْضِي عَلَيْهَا الأَسَى لَوْلاَ تَأْسِّيها
حَالَتْ لِفُقْدَانِكُمُ أَيَّامُهَا فَغَدَتْ *** سُوداً وَكَانَتْ بِكُمْ بيضاً لَيَاليها(1)
إِنَّ الزَّمَانَ الَّذِي قَدْ كَانَ يُضْحِكُها *** أُنساً بِقُرْبِكُمُ قَدْ عَادَ يُبْكِيها
تَقُولُ وَاحُزْنِي، بَلْ آهِ وَاحْسَنِي *** هَذَا حُسَيْنِي قَتِيلٌ فِي فَيَافِيها
هَذَا حُسَيْنِي رَضِيضُ الصَّدْرِ مُنْجَدِلاً *** تَسْفُو عَلَى جِسْمِهِ الْعَارِي سَوَافِيها(2)
مَنْ يَكْسِبُ الأَجْرَ يَأْتِي بِالسَّرِيرِ إِلَيَّ وَمَنْ *** إِلَى الصَّلاةِ يَقُمْ سَرْعاً يُصَلِّيها؟
وَ مَنْ مِنَ الآلِ وَ القُرْبَى يَوْمِ لِكَيْ *** فِي قَبْرِها رَحْمَةً مِنْهُ يُوَارِيها؟
ومنها:
تَبْكِي عَلَى فِتْيَةٍ كَانَتْ مَجَالِسُهُمْ *** أَنْوَارَتِمُ بِها تُجلى دَياجِيهَا(3)
تَبْكِي مَصَابِيحُ نُورِ اللهِ قَدْ خَمِدَتْ *** أَنْوَارُها وَنَعَى الأَكْوَانَ نَاعِيها(4)
بُعْداً لِقَوْمٍ دَعَتْ سَادَاتِها غَرَضاً *** لِنَبْلِها وَ رُفاتاً مِنْ مَدَاكِيها(5)
سُحْقاً لِقَوْمٍ دَعَتْ بِالطَّفِّ سَادَتَها *** غَرِيبةً تَرْتَوِي مِنْها مَوَاضِيها
ص: 414
(بحر البسيط)
الشيخ محمد بن أحمد آل
عصفور
أَيْنَ الشَّفِيقُ عَلَى الزَّهْراً يُوَاسِيهَا *** فِي نَوْحِهَا وَنَعَاهَا فِي غَوَالِيهَا(1)؟
وَ يَبْدُلُ العُمْرَ وَقْفاً لِلبُكَاءِ عَلَى *** أُمِّ الحُسَيْن فَقَدْ جَزَّتْ نَوَاصِيهَا(2)
قَدْ خَانَهَا الدَّهْرُ كَيْداً فِي أَطَائِبِهَا *** وَافَجْعَتَاهُ لَهَا قُومُوا نُعَزِّيهَا(3)
وَ يَجْعَلُ العُمْرَ دَأْباً وَالنِّياحَ عَلَى *** تِلْكَ الحَزِينَةِ إِنْ كُنَّا نُوَالِيها
تُبْدِي الحَنِينَ مِنَ القَلْبِ الحَزِينِ عَلَى *** فَقْدِ الْبَنِينَ وَ مَا جَفَّتْ أَمَاقِيهَا(4)
تُبْدِي الصُّرَاخَ كَمَا تَنْعَى الحَمَامُ عَلَى *** فَقَدِ الْفِرَاحَ وَ مَا تَفْنَى نَواعِيها
لَمْ يُوفِهَا الدَّهْرُ شَيْئاً مِنْ أَطَائِبِهَا *** مَفْجُوعَةٌ قَلْبُهَا قَرْحَى أَمَاقِيهَا(5)
عَاشَتْ عَلَى غُصَص تُبْدِي نَوَادِبَهَا *** لَمْ يَتْرِكِ الْبَيْنُ شَخصاً مِنْ ذَرَارِيهَا(6)
يَكُوا لَهَا إِذْ أَتَتْ بِالطَّفْ زَائِرَةٌ *** مَعْ نِسْوَة نُكَلٍ كُلِّ تُعَزّيها
ص: 415
تَبْكِي عَلَى نَجْلِهَا وَالشَّعْرَ نَاشِرَةٌ *** وَ الجَيْب مَازَقَةٌ تُنْشِي مَرَاثِيهَا(1)
يَا سَاكِنَ الطَّفْ وَالغَبْرَاءِ مُرْتَهَناً *** بِالرَّغْمِ فِيكَ العَدا أَمْضَتْ مَوَاضِيها(2)
لاقَوْكَ مُنْفَرِداً أَلْقُوكَ مُنْصَرِعاً *** تَسْفِي عَلَى جِسْمِكَ السَّامِي سَوَافِيها(3)
أَرْدَوْكَ يَا وَلَدِي مِنْ غَيْرِ مَا سَبَبٍ *** وَ رَكَّبُوا رَأْسَكَ العَالِي عَوَالِيهَا(4)
آهٍ عَلَيْكَ وَ مَا وَافَاكَ حَيْدَرَةٌ *** يَوْمَ الظُّفُوفِ لَأَفْنَى كُلَّ مَنْ فِيهَا
قرمُ الحُرُوبِ وَمَنْ تُحْمَد مَوَاهِبُهُ *** لَكِنَّ قَبْلَكَ أَرْدَاهُ مُرَادِيهَا
یَعْزُزُ عَلَى شُبَّرٍ يُبْصِركَ مُنْجَدِلاً *** تَجْرِي عَلَى صَدْرِكَ العَالِي مَدَاكِيهَا
أَوْدَاهُ بَعْدَ أَبِيهِ السُّمُّ وَاحْزَنِي *** مِنْ كَفْ جَعْدَةَ قَدْ خَابَتْ أَمَانِيهَا(5)
یَعْزُزُ عَلَى أَمكُم صُنْعَ العَدَاةِ بِكُمْ *** يَا طَالَ مَا سَهَرَتْ فِيكُم لَيَالِيهَا(6)
يَا غَائِبِينَ وَ مَنْ أَبْكَتْ مَصَائِبُكُمْ *** عَيْنِي وَ صَارَتْ بِكُمْ قَرْحَى أَمَاقِيهَا
عُودُوا عَلَى أُمِّكُمْ بَعْدَ الشَّتاتِ عَسَى *** تَشْفِي الغَلِيلَ فَقَدْ ضَاقَتْ مَسَاعِيهَا(7)
عُودُوا عَلَيَّ لَعَلِّي عِنْدَ رُؤْيَتِكُمْ *** تَقِرُّ عَيْنِي وَ نَارَ الوَجْدِ أُطْفِيهَا(8)
عُودُوا عَلَى أُمِّكُمْ فَالْحُزْنُ أَنْحَلَها *** بَعْدَ الفِرَاقِ وَقَلَّ اليَوْمَ وَالِيهَا
أَوْ حَشْتُمُونِي وَمَا عُودْتُ هَجْرَكُمْ *** فَمَنْ لأَمكُمُ النَّكْلَى يُسَلِّيها
يَا رَاحِلِينَ قِفُوا لِي كَيْ أَوَدْعَكُمْ *** تِلْكَ العُهُودُ الَّتِي كُنّا نُوَافِيهَا
وَ كَيْفَ تَهْنَى لِيَ الدُّنْيَا وَ بَهْجَتُهَا *** لَمَّا رَحَلْتُمْ عَنِ الدُّنْيَا وَ مَنْ فِيهَا
ص: 416
لَمْ تَهْنَ لِي لَذَّةٌ مِنْ بَعْدِ رُزْنِكُمْ *** بَدَلْتُمُ حَيَاتِي بِالمُرُ حَالِيها
يَا قَاتِلِي وَلَدِي أَوْجَعْتُمُوا كَبِدِي *** مَا جُرُمَتِي عِنْدَكُمْ حَتَّى أَوَافِيهَا؟
مَنْ ذَا يُسَاعِدُنِي بِالرزْء فِي وَلَدِي *** وَ يَكْسِبُ الأَجْرَ فِي المَقْتُولِ هَادِيهَا؟
رَبَّيْتُهُ وَ بَذَلْتُ الجُهْدَ مِنْ شَغَفِي *** وَ قُلْتُ يَبْقَى لأَيْتَامِ يُوَالِيهَا
مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ الدَّهْرَ يَحْسِدُنِي *** فِيمَنْ أُحِبُّ فَيَا شَوهاً لِجَانِيهَا
أفْدِيكَ يَا وَلَدِي عَظشَانَ مُلْتَهفاً *** تَرْنُو الفُرَاتَ وَ لَمْ تَسْطِعْ تُوَافِيهَا(1)
آهٍ عَلَيْكَ وَقَدْ عَزَّ النَّصِيرُ وَ مَا *** تَلْقَى سِوَى البَتْرَ لِلأَعْدَا تُصَالِيهَا
حَتَّى رَمَوكَ عَلَى البَوْغَاءِ مُنْجَدِلاً *** يَا لَيْتَ أُمَّكَ تَحْتَ البَتْرِ تَبْرِيهَا(2)
رُوحِي فِدَاكَ وَمَا أَلْقَاكَ مُنْصَرِعاً *** وَ الشِّمرُ بِالسَّيفِ لِلأَرْوَاحِ يَفْرِيهَا(3)
يَا رَاكِبَ الصَّدْرِ رِفْقاً بِالحُسَيْنِ فَقَدْ *** أَوْجَعْتَ قَلْبِي بَلْ أَغْضَبْتَ بَارِيها
يَعْزُزُ يعزز عَلَى جَدّكَ المُخْتَارِ یا وَلَدِي *** تَأْوِي القِفَارَ وَ ثَاوِ فِي بَرَارِيهَا
مَنْ كَانَ بَعْدَكَ لِلشَّرْعِ الشَّرِيفِ وَمَنْ *** يُولِي القُرَى وَمَنْ لِلصُّحُفِ تَالِيهَا(4)؟
مَنْ كَانَ يُؤْنِسُها بِالذِّكْرِ فِي سَحَرٍ *** أَوْ كَانَ فِي المِحَنِ الشَّنْعا يُسَلِّيهَا؟
قَدْ كُنتَ مَفْزَعَها حِيناً يَلُمُ بِهَا *** ضُرُّ الزَّمَانِ وَمَا شَحُصُ يُعَادِيها
وَ اليَوْمَ يَا وَلَدِي بِالقَهْرِ تَأْسُرُهَا *** شَرُّ الأَنَامِ وَ مِنْ حُليّ تُعَرِّيهَا
لَهَفِي لِزَيْنَبٍ مِنْ حُزْنٍ وَ مِنْ كَمَدٍ *** تَدْعُو بِفَاطِمَةِ الصُّغْرَى تُنَادِيهَا
يَا بِنْتُ قومي إلى الْمَوْلَى نُوَدِّعُهُ *** حَانَ الرَّحِيلُ وَقَدْ نَادَى مُنَادِيها
هَاكِ الدَّوَاءَ لَعَلَّ اللَّهَ يَشْفِيهِ *** مِنْ ذِي الجُرُوح الَّتِي فِيهِ وَ دَاوِيهَا
ص: 417
قَالَتْ أَيَا عَمَّتَا كَيْفَ العِلاجُ؟ وَ قَدْ *** شِيلَ الكَرِيمُ عَلَى أَعْلَا عَوَالِيهَا(1)
وَالكَفُّ مُنْقَطِع وَالصَّدْرُ مُنْصَدِعٌ *** قُومِي إِلَى جُنَّةِ العَارِي نُوَارِيهَا
لِلَّهِ كَمْ جُنَثٍ مِنْ غَيْرِ مَا جَدَثٍ *** تَسْدُو عَلَيْهَا الظَّبا وَ الشَّمْسُ تُبْلِيهَا(2)
وَ الطَّيْرُ يَفْرُسُهَا وَالوَحْشُ يُؤنِسُهَا *** وَ الثَّرْبُ مَلْبَسُهَا وَالحَرُّ يَصْدِيها(3)
حَتَّى حُمِلْنَ عَلَى الأَقْتَابِ عَارِيةً *** تَرْنُو هُنَاكَ لَهَا شَزْراً أَعَادِيهَا(4)
يَا سَائِقَ الطَّعْن بالأَسْرَى يُعْنِفُهَا *** سَيْراً تَرَفَّتْ بِهَا بِاللَّهِ حَادِيها
رِفْقاً فَفِي الرَّكْبِ أَوْلادِي فَوَاحَزَنِي *** لَمْ يَكْفِكُمْ مَا فَعَلْتُمْ فِي مَوَالِيهَا(5)
قَتْلَى وَأَسْرَى عَلَى الأَقْتَابِ تَحْمِلُهُمْ *** أَمَا مُحَمَّدٌ فِي الأبنا يُوصِيهَا
أَيُجْمَعُ الشَّمْلُ مِنْ هِنْدِ وَقَدْ مَلَأَتْ *** كُلَّ الفِجَاجِ وَمَا شَخْصٌ يُعَادِيهَا(6)؟
وَ وُلْدُ حَيْدَرَةٍ شَتَّى وَقَدْ صَرَعَتْ *** مِنْهَا العِدَاةُ لُيُوناً فِي صَحَارِيهَا
وَ وُلْدُ أَهْل الْخَنَا فِي الدُّورِ نَازِلَةً *** جَمْعاً وَدُورِي خَوَالٍ مِنْ أَهَالِيهَا
فَفْرَاءُ مُوحِشَةً بَعْدَ الأنيس وَ مَا *** فِيهَا سِوَى البُومُ سَكْنَى فِي نَوَادِيهَا(7)
يَا أُمَّةً رَضِيَتْ قَتْلَ الحُسَيْنِ وَ قَدْ *** أَرْضَتْ يَزِيدَ الْخَنَا خَابَتْ مَسَاعِيهَا
مَا زَالَ لَعْنُ عَلَيْهَا اللَّهُ يُرْسِلُهُ *** وَ فِي عَذَابِ سَعِيرِ النَّارِ يُلْقِيهَا
يَا شِيعَةً جَعَلُوا عَقْدَ الوَلاَءِ لَهُمْ *** دِرْعاً مِنَ النَّارِ قَدْ فُرْتُمْ وَ بَارِيهَا
بِنْتَ النَّبِيِّ أَتَاكِ القِنُ مُلْتَجِئْاً *** يَا رَحْمَةَ اللَّهِ مَنْ يَرْجُو مُرجِيهَا(8)
ص: 418
لاَتَتْرُكِينِي لَدَى نَارِ الوُقودِ لِقى *** حَاشَا مُحِبِّكِ تُؤْذِيهِ أَفَاعِيها
إِنِّي رَقَدْتُ إِذَا شَخْصُ [...] *** لَمَّا شَكَرْتُ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
يَقُولُ إِنَّكَ مِنْ خُدام فَاطِمَةٍ *** بَعْدَ المَمَاتِ فَلَايَخْشَىٰ مُوَالِيهَا
إِلَيْكَ مِنِّي عَرُوساً قَدْ نَشَتْ وَنَمَتْ *** فِي الهِنْدِ لَكِنْ بِكُمْ دَابَاً أَزَكيها
إِنِّي بِكُمْ أَرْتَجِي وَضْعَ الذُّنُوبِ مَعاً *** وَالسَّامِعُونَ قَصِيدِي ثُمَّ قَارِيها
إنِّي أُومِلُ بِالمُخْتَارِ يَشْفَعُ لِي *** يَوْماً يَكُونُ عَلَى الْجَنَّاتِ وَاليها
حَاشَاهُ يَحْرِمُنِي يَوْماً أَلُوذُ بِهِ *** وَ المُؤْمِنُونَ بِهِ كُلُّ يُرَجِّيها
وَ كَيْفَ يَطْرِدُنِي وَ الفَضْلُ شِيمَتُهُ *** أَمْ هَلْ تَضِيق بِعُصْفُورٍ يؤاويها
صَلَّى اللهُ عَلَى المُخْتَارِ رَحْمَتَهُ *** وَآلِهِ مَا حَدَى بِالعِيسِ حَادِيهَا
ص: 419
(بحر الكامل)
الشيخ محمد جمعة(*)(1)
(يا راكباً هَيْماءَ مِرْقا *** لأجُسُوراً شَدْقَميَّهْ)(2)
باللَّهِ إِنْ جُزْتَ الحِجا *** زَوجِلتَ هاتيك الثَّنِيَّهْ(3)
عَرِّج على مَهْوى النُّبُوَّةِ *** وَ الإمامَةِ والوَصِيّهْ
وَ امْرُرٌ عَلَى بَيْتِ البَتُولِ *** وَ مَوْثِلِ الشَّرَفِ العَلِيَّهْ(4)
وَ انْشُرْ حَديث البابِ *** وَ اتْلُ رُزْهُ سَمعَ الزَّكيّهْ
يا باب فاطِمَةَ البتولِ *** و ما شَهِدْتَ مِنَ الرزيَّهْ
ص: 420
قَدْ كُنْتَ باباً للمُصابِ *** بِيَشْرَبِ لِلْغاضِرِيَّهْ(1)
أَوَ ما شَجاك دماؤُها *** سالَتْ كَمِیزابِ جَرِيَّهْ؟
وَ بِعَتْبَةٍ زُهِقَ الجنينُ *** وَذاقَ لَوْعاتِ المَنِيّهْ(2)
مَهَّدْتَ أَنْواع المصابِ *** لآلِ حربٍ أَوْ أُمَيَّهْ
فيكسرِ ذاكَ الضّلْعِ *** رُضَتْ أَضْلُعٌ بالأَعْوَجِيَّهْ(3)
وَ بِذَلِكَ مِسْمَارِ قَدْ *** ساَلَتْ دماء الفاطميهْ
لُطِمَتْ على الخَدَّ الأَسيلِ *** فكَمْ تُقاسِي مِنْ بَلِيّهْ(4)
لُطِمَتْ بِمَحْضَرِ صاحِبِ *** النَّفْسِ المُعزَّزَةِ الأَبِيَّهْ
لُكِزَتْ بِغِمْدِ السَّيْفِ *** فَانْتدَبَتْ إلى خَيْرِ البَرَيّهْ(5)
وَ دِماؤُها قَدْ خَضَّبَتْ *** باب الإمامةِ وَ الوَطِيّهْ(6)
یا باب فاطِمَ قَدْ أَحَلُتَ *** صباحَهَا سُودَ المَسِيّهْ
أَذْبَلَتْ زَهْرَةَ عُمْرِهَا *** لَم تَبْتَسِمْ حَتَّى المَنِيّه
ص: 421
باتتْ مُعَصَّبَةَ الجَبِينِ *** وَ عَيْنُها تَهْمِي سَخِيّهْ
وَ أَحَلْتَ أيّامَ الأَئِمَةِ *** كُلَّهُمْ رُزُءاً عَزي عَزِيهْ
وَ نَحَرْتَ أفراحَ النَّبِيِّ *** وَ آلَهُ بالمش وَآلَهُ بالمَشْرَفِيّهْ(1)
ص: 422
(بحر الرمل)
الأستاذ محمد طاهر حسين جلواح
يا مُزُونَ النَّسَمَاتِ الْفَاطِمَيَّة *** رَطْبِي تِلْكَ الْقُلُوبَ الْحَجَرِيَهْ(1)
رَطَّبِیها بِغَزِيرِ الْمَاءِ حَتَّى *** يَرْتَوِي الْمَاءُ وَتُروى الْبَشَرِيَّهْ(2)
صَدِئَتْ مُنْذُ قُرُونِ وَتَهَاوَتْ *** وَ تَهَاوَى مَجْدُها وَالأَبْجَدِيَّهْ
شُغِلَتْ فِي تُرَّهاتٍ وَاسْتَرَاحَتْ *** لِهَبَاءِ الْهَرْجُ فِي كُلِّ قَضِيَّهْ(3)
جُعِلَتْ لِلنَّوْمِ عُمْراً... دُونَ لَيْلٍ *** خُصَّ لِلنَّومِ... فَنَامَتْ سَرْمَدِيَّهْ(4)
إِجْعَلِيها يَا مُزُونَ الطُّهْرِ.. طُهْراً *** وَاغْسِلِيها مِنْ تَفَاهَاتٍ غَبِيَّهْ
هُزِّي مِثْلَ الأَرْضِ إِذْ تَهْتَزُّ شَوْقاً *** حِينَ تَهْمِي السُّحُبُ الْحُبْلَى الْهَمِيَّهْ(5)
إِغْضَبِي لِلشَّعْرِ فِي سَاحِ الْقَوَافِي *** كَيْفَ صَارَ الشَّعْرُ سُوقاً... بَرْبَرِيَّهْ؟
(فَرْنَجُوهُ) أَوَّلُوهُ قَطَعُوهُ... *** صَادَرُوهُ نَزَعُوا مِنْهُ . . الشَّظِيَّهْ(6)
انْظُرِيهِ بَاكِياً فِي كُلِّ يَوْمٍ *** بَعْدَ أَنْ أَبْكَى مُلوكاً وَ رَعِيَّهْ
ص: 423
هَا هُوَ الشَّعْرُ غَدَا لُعْبَةَ عَاثٍ *** مِثْلَمَا عَاثَ بِبَحْرِ الْعَرَبِيَّهْ(1)
اغْضَبِي لِلْحُبُ قَدْ جَاءَ بِجَلْدٍ *** يَحْمِلُ الْغِلَّ... بِأَيْدِ عَاطِفِيَّهْ(2)
وَ يَمِيناً لِلرِّعَابِ السُّودِ تُرْمَى *** وَ جُسُوراً لِلنَّوَايا(التَّتَرِيَّه)(3)
إغْضَبِي لِلحُبِّ قَدْ جَاءَ بِجَلْدٍ *** يَحْمِلُ الْغِلَّ بِأَيْدِ عَاطِفِيَّهْ
آهٍ... يَا نِعْمَةَ وَهَّابِ الْعَطَايَا *** آهِ يَا أَجْمَلَ إِحْسَاسِ الْبَرِيَّهْ
آهِ يا حُبًّا غَدًا (نُكْتَةَ) لاءٍ *** بَعْدَكِ الْعُمْرُ لَيَالٍ هَا مِشِيَّهْ(4)
إِغْضَبِي لِلأَرْضِ فِي كُلِّ الزَّوَايَا *** تَنْقُصُ الأَرْضُ وَ لَمْ تُبْقِ بَقِيَّهْ
قُلْتُ لِلأَرْضِ: أَهْنِيكِ سَلاماً *** قَالَتِ الأَرْضُ: سَلامَ الهَمَجِيَّهْ
قُلْتُ لِلأَرْضِ: أهنيك... يساراً *** قَالَتِ الأَرْضُ: يَسَارَ الشَّغَبِيَّهْ
قُلْتُ يَا أَرْضُ: أَمِيطِي عَنْ هُمُومٍ *** قَالَتِ: الْجَهْلُ وَ أَمْرَاضٌ خَفِيَّهْ
اِغْضَبِي لِلْحَقِّ مَسْلُوباً مُغَطَى *** يَدَّعِيهِ الْكُلُّ... حَتَّى الْوَثَنِيَّهْ
كُلُّ حِزْبٍ فَرح... فيما لَدَيْهِ *** وَ سِوَاهُ فِي الْجَحِيمِ الأَبَدِيَّهْ
يَا مُزُونَ البَضْعَةِ الزَّهْرَا أَطِلِّي *** إِنْ تَطلي... فَلَقَدْ حِزتِ البَغِيَّهْ
يَا بُنَةَ الْهَادِي و َيَا مِحْوَرَ فِكْرٍ *** أَشْعِلِي دَيْجُورَنَا شَمْساً مُضِيَّهْ
ص: 424
(مَسَّنا الضُّرُ) وَ أَثْقَالُ وَ دَهُرٌ *** وَ (اسْتِمانات) لإِثْبَاتِ الْهَوِيَّهْ(1)
أَرْشِدِينا إِنَّنَا حَقَّاً... حَيَارَى *** قَرِّبِينَا... لِلدِّيَارِ الْعَلَوِيَّهْ
أخَذَتْنَا (بَهْرَجَاتٌ) فَاتِنَاتٌ *** مُهْلِكَاتٌ عَنْ تَعَالِيم سَنِيَّهْ(2)
حَرَفَتْنا نَحْوَ بَحْرِ طَلْسَمِيٍّ *** كَيْفَ نَنْجُو مِنْ بُحُورٍ طَلْسَمِيَّهْ؟
بَيْنَ... أَحْلامِ، وَصَوْتٍ فَزَجِيِّ *** وَ حُرُوفِ تَسْلِبُ العَيْنَ الجَلِيهْ
ثُمَّ آمالٍ، وَ قَمْعِ وَ انْتِقَاصٍ *** وَ ابْتِسَامَاتٍ وَ جَلْدٍ وَ أَذِيَّهْ
يَا بْنَةَ الْهَادِي وَيَا أُمَّ أَبِيهَا *** طِبْتِ يَا سَيْدَتِي... نَفْساً زَكِيَّهْ(3)
اعْذُرِينِي إِنْ بَدَتْ مِنِّي هُمُومٌ *** وَ مَآسٍ وَأَحَادِيتٌ شَجِيَّهْ
طَابَ يَوْمٌ لَكِ يَنْسَابُ رَذاذاً *** نَاعِماً كَالهَمْس فِي أُذُنِ صَبيَّهْ
نَاعِماً كَالْبَرَدِ الْغَافِي بِسَفْحٍ *** طَابَ طَعْماً، وَ ارْتَوَتْ مِنْهُ صَدِيهْ(4)
طَابَ يَوْمٌ لَكِ... شَلالاً وَ سِحْراً *** وَ احْتِفَالاً وَأَهَازِيجَ... نَدِيَّهْ(5)
ص: 425
(بحر الخفيف)
الأستاذ المفجع البصري
أَيُّهَا اللأَيْمِيُّ لِحُبِّي عَلِيًّا *** قُمْ ذَمِيما إلى الجَحِيم خِزْيَا
أَبِخَيْرِ الأَنَامِ عَرَّضْتَ لازِلْتَ *** مَذُودا عَنِ الهُدَى مَزْوِيَّا(1)؟
أَشْبَهَ الأَنْبِيَاءَ كَهْلاً وَ زَوْلا *** وَ فَطِيما وَ رَاضِعا وَ غَذِيَّا(2)
كَانَ فِي عِلْمِهِ كَادَمَ إِذْ عُلْمَ *** شَرْحَ الأَسْمَاءِ وَ الْمَكَنِيّا(3)
وَ كَنُوحٍ نَجَّى مِنَ الْمُلْكِ مَنْ سَیَّرَ *** فِي الْفُلْكِ إِذْ عَلاَ الجُودِيَّا(4)
وَ عَلِيٌّ لَمَّا دَعَاهُ أَخُوهُ *** سَبَقَ الحَاضِرِينَ وَ البَدَوِيَّا(5)
ص: 426
وَ عَلِيُّ قَبْلَ الْبَرِيَّةِ صَلَّى *** خَاضِعاً حَيْثُ لايُعَايَنُ رَیَّا(1)
كَانَ فِي السّلْمِ عَابِداً ذَا اجْتِهَادٍ *** وَلَدى الحَرْبِ ضَيغَماً قَسْوَرِيا(2)
كَانَ لِلطَّعْنِ وَالجِرَاحَاتِ فِي اللَّهِ *** صَبُوراً وَ فِي الحُرُوبِ جَريَّا(3)
ص: 427
كَانَ صَدِّيقَها وَ فَارُوقَهَا الأَعْظَم *** حَقَّاً وَالسَّابِقَ الأَولِيَّا(1)
وَ أَمِيراً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَعْسُوباً *** لَهُمْ يَنْهَجُ الصِّرَاطَ السَّوِيا(2)
ص: 428
كَانَ مِثَلَ النَّبِيِّ زُهْداً وَ عِلْماً *** وَ سَرِيعاً إِلَى الْوَغَى أَحْوَذيَا(1)
كَانَ لِلأُمَّةِ الضَّعِيفَةِ كَهْفاً *** كَافِلاً إِنْ ضَاعَ رَاعٍ رَعِيّا(2)
وَ عَلِيُّ مِنْ كَسْبِ كَفَّيهِ قَدْ *** اعْتَقَ أَلفاً بِذَاكَ كَانَ حَرِيَّا
(فَحَبَاهُ فِي خِيرَةِ النِّسْوَانِ *** عُرْسا وَجَنَّةَ وَ صْفِيّا)(3)
ص: 429
وَكَذَا كَفَّلَ الإِلهُ عَلِيّاً *** خِيرَةَ اللَّهِ وَارْتَضَاهُ كَفِيّا(1)
فَرْعُ عُودٍ أَغْصَانُهُ حَسَنَاهِ *** زاكياً غَرْسٌ أَصْلُهُ أَبَطحِيَّا(2)
وَ رَأَى جِفْنَةٌ تَفُورُ لَدَيْهَا *** مِنْ طَعَامِ الجِنَانِ لَحْماً طَرِيّا(3)
خِيرَةٌ بِنْتُ خِيرَةٍ رَضِيَ *** اللَّهُ لَهَا الخَيْرَ وَالإِمَامَ رَضِيّا
وَ إِذَا ارْتَاسُ وَالبَتُولُ وَنَجْلاَهُ *** مَعَ المُصْفَى الْكِسَا الحَضْرَمِيّا(4)
ص: 430
و بِهِمْ بَاهَلَ النَّبِيُّ فَحَازُوا *** شَرَفاً يَشْرِكُ الرِّقَابَ حَنِيّا(1)
فَعَلَيْهِمْ أَزْكَى وَأَذْكَى صَلَاةٍ *** وَ سَلَامِ يَقْفُو الزَّكِيَا الذَّكِبًا(2)
ص: 431
(بحر البسيط)
الشيخ مهدي حسن المصلي(*)(1)
إني احتميتُ بحب جَلَّ باريهِ *** ما خاب من فاطمُ الزَّهراء تَحِميه
يا زهرةَ الكونَ يا لحناً يُردّدهُ *** كُلّ الوُجود یحبِّ في نَواديه
يا زهرةَ الكون يا نوراً أطلَّ على *** الكون الفَسيح فجلى كل ما فيه
منك استمدَّ شُعاعُ الشَّمس رونَقَهُ *** و الرّوضُ منك جمالٌ في نواحيه
يا زهرةً فاحَ منها العطرُ فَانْطَلَقَتْ *** أشذاؤُه لنعيم الخُلْد تَرْويه
أنتِ الجمالُ و أنت الخيرُ أنت على *** درب الهُدى مشعلٌ مَا ضَلَّ رائيه
أنتِ الصِّراطُ وَ خَطُ الحَقِّ سَيِّدتي *** وَمَنْ أَحَبَّكَ فَالرَّحمنُ يُدنيه
يا بَسْمَةَ الكَوْن يَا إشعاع خافقه *** يَا نَسْمَةً عَبقَتْ منْهَا لياليه
***
زَهْرَاءُ أُمُّ أبيها قدوةً خُلقَتْ *** للنَّاس كي يَنْقُذَ الظَّمْآن راويه
ما زلتِ تلقين درساً للنساء وَ هَلْ *** رأيٌ لفاطم يَنْبُو حَدَّ ماضيه
ص: 432
علمتهنّ دروب الحقِّ واضحةً *** لالبس فيها وأنَّ الله يحمِيه
علمتهنّ لماذا خلقهنَّ و ما *** حُبُّ الإله ليمشي في مراضيه
أنتِ اقتنعتِ بتسبيحٍ على طهرٍ *** عن خادم و الضَّنا بالجسمِ يدويه
لتعلون فعلكِ المعطاء صرخته *** هذا رضا اللَّه في أجلى معانيهِ
***
یا فرحةَ الخلق یا میلاد فاطمةٍ *** ولاك كلّ زوايا الأرض تحييه
طوبي فيا أيها الميلادُ هل سمعت *** أذناك نصاً عن الزَّهراء ترويه
فقال -إي- ذا رسول اللَّه كم نَطَقَت *** شفاهُهُ بحديث الفضل تحويه
هي سادتِ الأجيال وَ انْطَلَقتُ *** إلى العُلا لتدوي في مرافيه
تجيءُ تلتقطُ الأحبابَ فاطمةٌ *** كالطَّير يلقطُ من حَبِّ غواليه
إلى الجنان و قد فازَ الَّذي علقت *** بفضل فاطمةٍ في الحشر أيديه
فإنَّه سائر للخُلدِ تخدمُهُ *** الحورُ الحسانُ و في أعلى مَراقيه
مَنْ كانَ أعماله في النار تلقيه *** لحب فاطمة الزَّهراء يُنجيه
***
زهراءُ إنّي محبّ كل جارحة *** غَنَّتْ فرقت بذكراكِ قوافيه
زهراءُ إِنِّي مُحبٌ ليس معضلة *** عن حبِّك المخصبِ الريَّان تثنيه
زهراءُ إن فؤادي صفة نغماً *** هدية لجمال الكون أهديه
إليك عُمُري و ما أغلاك يا عُمْري *** لكنَّني لكِ يا زهراءُ أفديه
زهراء عبدُك يوم الحشر في خطرٍ *** و العبدُ حقِّ على مولاهُ يحميه
بك أحتمي و بحُبِّ الطُّهر قد فُطمت *** ذرّاتُه من عذاب خابَ صاليه
لا لن تمسَّ ذُيُول النَّار نضرته *** من كانَ حُبُّك من أسْمَى مباديه
ص: 433
ص: 434
ص: 435
ص: 436
(بحر الرجز)
أبومحمد المنصور باللَّه
الْحَمْدُ لِلْمُهَيْمِنِ الجَبَّارِ *** مُكَوِّرِ اللَّيْلِ عَلَى النَّهَارِ(1)
وَ مُنْشِي الغَمَامِ وَ الأَمْطَارِ *** عَلَى جَمِيعِ النِّعَمِ الْغِزَارِ
***
ثُمَّ صَلاَةُ اللَّهِ خَصَّتْ أَحْمَدا *** أَبَا البَتُولِ وَ أَخَاهُ السَّيِّدا(2)
وَ فَاطِماً وَ ابْنَيْهما سُمَّ العِدَى *** وَآلَهُمْ سُفْنَ النَّجاةِ وَ الهُدَى
***
يا سَائِلِي عَمَنْ لَهُ الإِمَامَهْ *** بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَالزَّعامهْ(3)
ص: 437
وَ مَنْ أَقَامَ بَعْدَهُ مُقَامَهُ *** وَ مَنْ لَهُ الأمْرُ إِلَى القِيَامَهْ
***
خُذْ نَفَثَاتِي عَنْ فُؤَادٍ مُنْصَدِعْ *** يَكَادُ مِنْ بَثْ وَحُزْنٍ يَنْقَطِعْ(1)
لِحَادِثِ بَعْدَ النَّبِيِّ مُتَّسِعْ *** شَتَّت شمْلَ المُسْلِمِينَ المُجْتَمِعْ
***
الأَمْرُ مِنْ بَعْدِ النَّبِيُّ المُرْسَلِ *** مِنْ غَيْرِ فَصْلِ لابْنِ عَمِّهِ عَلِي
كَانَ بِنَصِّ الوَاحِدِ الفَرْدِ العَلِي *** وَ حُكْمِهِ عَلَى العَدُوِّ وَ الوَلِي
***
وَ الأَمْرُ فِيهِ ظَاهِرٌ مَشْهُورُ *** فِي النَّاسِ لامُلغَى وَ لاَمَسْتُورُ
وَ كَيْفَ يُخْفَى مِنْ صَباحٍ نُورُ؟ *** لَكِنْ يَزِلُّ الخَطِلُ المَحْسُورُ(2)
ويقول فيها:
وَكَانَ فِي البَيْتِ العَتِيقِ مَوْلِدُهْ *** وَ أُمُّهُ إِذْ دَخَلَتْ لاَتَقْصِدُهْ(3)
وَ إِنَّما إِلَهُهُ مُؤَيَّدُهْ *** فَمَنْ نَفَاهُ فَالجَحِيمُ مَوْعِدُهْ
***
ثُمَّ أَبُوهُ كَافِلُ الرَّسُولِ *** وَ مُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَ التَّنْزِيلِ(4)
ص: 438
فِي قَوْلِ أَهْلِ العِلْمِ وَ التَّحْصِيلِ *** فَهَاتِ فِي آبَائِهِمْ كَفِيلي
***
وَ أَمُّهُ رَبَّتْ أَخَاهُ أَحْمَدا *** وَاتَّبَعَتْهُ إِذْ دَعَا إِلَى الهُدَى
فَكَمْ دَعَاهَا أُمُّهُ عِنْدَ النَّدا *** وَ قَامَ فِي جِهَازها مُمَجّدا
***
الْبَسَها قَمِيصَهُ إِكْرَامًا *** وَ نَامَ فِي حَفِيرِها إعْظاما
وَ مَدَّ لِلْمَلائِكِ القِياما *** حَتَّى قَضَوْا صَلاتها تَمَاما
***
وَ هُوَ الَّذِي كَانَ أَخاً لِلْمُصْطَفَى *** بِحُكْمِ رَبِّ العَالَمِينَ وَ كَفَى
وَ اقْتَسَما نُورَهُما الْمُشَرَّفا *** فَاعْدِدْ لَهُمْ كَمِثْلِ هذا شَرَفا(1)
***
وَ زَوْجُهُ سَيدة النساءِ *** خَامِسَةَ الْخَمْسَةِ فِي الْكِسَاءِ(2)
ص: 439
أَنْكَحَها الصِّدِّيقُ فِي السَّمَاءِ *** فَهَلْ لَهُمْ كَهْذِهِ العَلْيَاءِ؟
***
اللَّهُ فِي إنْكَاحِهَا هُوَ الوَلِي *** وَ جِبْرَئِيلُ مُسْتَنابٌ عَنْ عَلِي
وَ الشُّهَداءُ حَامِلُو العَرْشِ العَلِي *** فَهَلْ لَهُمْ كَمِثْل ذَا فَاقْصُصْهُ لِي؟
***
حُورِيَّةٌ إنْسِيَّةٌ سَيَّاحَهْ *** خَلَقَها اللهُ مِنَ التَّفَّاحهْ(1)
وَأَكْرَمَ الأَصْلَ بِهَا لِقَاحَهْ *** فَهَلْ تَرَى إِنْكَاحَهُمْ إِنْكَاحَهْ؟
***
وَابْناهُ مِنْهَا سَيِّدا الشَّبابِ *** وَابْنَا رَسُولِ اللَّهِ عَنْ صَوَابِ
مُرْتَضِعا السُّنَّةِ وَالْكِتَابِ *** فَهَلْ لَهُمْ كَهْذِهِ الْأَسْبَابِ
***
هُما إمامانِ بنّصُ أَحْمَدا *** إذ قال: قاما هكذا أَوْ قَعَدا
إِذْ وَخَصَّ فِي نَسْلِهِما أَهْلَ الهُدَى *** أَئِمَّةَ الحَقِّ إِلَى يَوْمِ النِّدا(2)
***
ص: 440
(بحر الرّجز)
ديك الجن الحمصي
إِنَّ الرَّسُول لَمْ يَزَلْ يَقُولُ *** وَ الخَيْرُ ما قالَ بِهِ الرَّسُولُ
إِنَّكَ مِنِّي يا عَلِيَّ الأَبِي *** بِحَيْثُ مِنْ مُوساه هرونُ النَّبِي(1)
لكِنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي *** فَأَنْتَ خَيْرُ العَالَمِينَ عِنْدِي
وَ أَنْتَ مِنِّي الزِّرُّ مِنْ قَمِيصِي *** وَ مَا لَمِنْ عَادَاكَ مِنْ مَحِيصِ(2)
وَ أَنْتَ لِي أَخٌ وَأَنْتَ الصِّهْرُ *** زَوَّجَكَ الَّذِي إِلَيْهِ الأَمْرُ
رَبُّ العُلى بِفَاطِم الزَّهْراءِ *** ذَاتِ الهُدَى سَيِّدَةِ النِّسَاءِ
أَوَّلُ خَلْقٍ جَاءَ فِيهَا خَاطِبا *** عَنْكَ إِلَيَّ جَائِياً وذاهِبا
وَ قَالَ: قَدْ قَضَى إِلهُكَ العَلِي *** بِأنْ تُزَوِّجَ الْبَتُولُ بِعَلِي(3)
ص: 441
فَزَيَّنَ الجَنَّاتِ أَحْلَى زِينَهْ *** وَ اجْتَلَتِ الحُورُ عَلَى سَكِينَهْ
وَلاَحَتِ الأَنْوَارُ مِنْهُ السَّاطِعَهْ *** وَصَفَّ أَمْلاكَ السَّمَاءِ السَّابِعَهْ
وَ قُمْتُ عَنْ أَمْرِ إِلهِي أخطبُ *** فِيهِمْ وَأَعْطَاهُمْ كَمَا قَدْ طَلَبُوا(1)
ثُمَّ قَضَى اللَّهُ إِلَى الجِنَانِ *** أَنْ يُجْتَنَى الدَّانِي مِنَ الأَغْصَانِ(2)
فَأَمْطَرَتْهُمْ حُلَلاً وَحُلْيا *** حَتَّى رَعَوْا ذُلِكَ مِنْهَا رَعْيا(3)
فَمَنْ حَوَى الأَكْثَرَ مِنْهُنَّ افْتَخَرْ *** بِالفَضْلِ فِيمَا حَازَهُ عَلَى الأَخَرْ
فَرُدَّ مَنْ يَخْطُبُ فَاللَّهُ قَضَى *** بِأَنْ تَكُونَ زَوْجَةً لِلْمُرْتَضَى(4)
وَ قَدْ حَبَانِي مِنْكُمُ السِّبْطَيْنِ *** هُمَا بِحُلْي العَرْشِ كَالقُرْطَيْنِ(5)
فَالحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا قَدْحَباً *** لِخَمْسَةِ الأَشباح أَصْحَابِ العَبا(6)
ص: 442
هُمُ لِمَنْ والاهُمُ أَمَانُ *** إِذْ كَانَ فِيهِمْ يَكْمُلُ الْإِيْمَانُ
وَ هُمْ يَدْعُونَ الَّذِي لَهُمْ قَلَى *** لِلنَّارِ دعاً حَيْثُ كَانَ المُصْطَلَى(1)
وَ هُمْ هُداةُ الخَلْقِ لِلرَّشادِ *** وَ الفَوْزُ فِي المَبْدَا وَالمَعَادِ(2)
ص: 443
(بحر الرجز)
الشيخ سلطان علي الصابر(*)(1)
حَديثُنا عَنْ جابِرِ الْأَنْصَارِي *** فَاصْغِ لَهُ فِي الْخَمْسَةِ الْأَطْهَارِ
قالَ: رَوَتْ سَيِّدَةُ النِّساءِ *** حَديثَهَا المَوْسومَ بِالْكِساء
تَقولُ: جاءَ سَيِّدُ الْأَنامِ *** يَزورُني يَوْماً مِنَ الْأَيَّامِ
فَقالَ لي: في بَدَني ضَعْفاً أَرى *** جِئْتُ أَذوقُ عِنْدَكِ طيبَ الْكَرى(2)
فَقُلْتُ: بِاللُّطْفِ وَبِالْإِحْسانِ *** أُعِيذُكَ بِالْمَلِكِ الْمَنّانِ
فَقالَ: یا بِنْتاهُ ناوِليني *** ذاكَ الْكِسَاءَ وَبِهِ غَطَّيني
وَقَدْ أَتَيْتُ بِالْكِسَا الْيَماني *** وَفِيهِ غَطَّيْتُ سَنَا الْإِيمَانِ
ثُمَّ تَلألأ وَجْهُهُ كَالْبَدْرِ *** في لَيْلَةِ الْكَمالِ بَعْدَ الْعَشْرِ
وَما قَضَيْتُ ساعَةً مِنَ الزَّمَنُ *** إلا رأيت قادماً إبني الْحَسَنْ
فَجاءَ نَحْوي ولَدي مُسْلِّماً *** فَقُلْتُ: أَقْدِمُ يا فُؤادي مُكْرَما
فَقالَ: يا أُمّاهُ بِنْتُ الْخِيَرَة *** في بَيْتِنا أَشَمُّ ريحاً عَطِرَة
طَيِّبَةً فَيالَها مِنْ رائِحَة *** كَأَنَّها مِنْ طِيبِ جَدّي فائِحَة
ص: 444
قُلْتُ: نَعَمْ يا وَلَدي تَحْتَ الْكِسا *** جَدُّكَ ذا فِيهِ تَغَطّى وَاكْتَسَى
فَجاءَ نَحْوَهُ ابْنُهُ مُبْتَسِماً *** كَمَنْ رَأى أمامَهُ بَدْرَ السَّما
ما إِنْ دَنَا السِّبْطُ لَدَيْهِ وَقَفا *** مُسَلِّماً عَلَى النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى
فَفاهَ بِالْمَدْحِ لَهُ لَمْ يَحِدِ *** فَأَطْرَبَ الأَفْنَانَ وَالْغُصْنَ النَّدي(1)
فَقالَ: یا جَدّاهُ هَلْ تَأْذَنُ لي *** أَنْ أَدْخُلَ الْكِسا لِنَيْلِ الْأَمَلِ؟
أَجابَهُ هَيّا إِلَيَّ أَسْرَعِ *** نَعِمْتَ عَيْناً وَلَدَي فَكُنْ مَعي
***
ثمَّ أتاني ثانِيُ السِّبْطَيْنِ *** مُهْجَةُ قَلْبِ سَيِّدِ الْكَوْنَيْنِ
مُبَجِّلاً لي بَهْجَةُ الأَزْمَانِ *** مُسَلِّما يُبْدِيهِ بِالْإِحْسَانِ
فَقَالَ لي مُذْ شَمَّ تِلْكَ الرَّائِحَة *** ذا طيبُ جَدّي وَشَذاهُ فائِحَة
قُلْتُ: نَعَمْ جَدُّكَ ذا شَمْسُ الْعُلَى *** وَذا أخوكَ فِي الْكِساءِ دَخَلا
فَجَاءَ نَحْوَ جَدِّهِ مُسَلِّما *** حَتَّى يَفوزَ بِالْكِسا وَيَنْعَمَا
ماسَ دَلالاً يَنْثَنِي وَيَمْدَحُ *** كَبُلبُلٍ فَوْقَ الْغُصونِ يَصْدَحُ
فَقَالَ: يَا جَدَّاهُ هَلْ تَأْذَنُ لي *** فَأَكْتَسِي عِندَكُما يا أَمَلي
قالَ: أَذِنْتُ لَكَ يا رَجايا *** وَنورَ عَيْني شافِعَ الْبَرايا
فَأَفْسَحَ الْمَجَالَ في ذاكَ الْكِسا *** ثُمَّ دَنَا السِّبْطُ إِلَيْهِ وَاكْتَسَى
***
ثُمَّ أَتى مِن بَعْدِهِ الْوَصِيُّ *** ذاكَ الْإِمَامُ الْمُرْتَضى عَلِيُّ
ص: 445
فَقالَ لي: يا بِنْتَ خَيْرِ الْبَشَرِ *** أَراكِ مُسْتَبْشِرَةً فَأَبْشِري
ما هذِهِ الرّائِحَةُ المُعَطَّرَة *** أَشَمُّها في بَيْتِكِ مُنْتَشِرَة
فَطالَما شَمَمْتُ تِلْكَ الرّائِحَة *** مِنِ ابْنِ عَمّي وَحَبيبي فائِحَة
قُلْتُ: نَعَمْ تَحْتَ الْكِساءِ هذا *** وَإِنَّ شِبْلَيْكَ بِهِ قَدْ لاذا
فَمُذْ رَأى أنَّ أباها عِنْدَها *** وَجْهُهُ بِالْبُشْرِ أَنَارَ وَازْدَهَى
ثُمَّ دَنا أَبُو الْأَئِمَّةِ الْهُدَى *** مُسَلّماً عَلَى النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى
مُسْتَأْذِنَا مِنْ سَيِّدِ الْأَنامِ *** ذِي الْعِزِّ والإِجْلالِ والْإِكْرامِ
قالَ: نَعَمْ أَبَا الْهُداةِ الْخِيَرَة *** وَوارِثي مِنَ الْكِرامِ الْبَرَرَة
أَنْتَ أَخي شارِكْني في كِسائي *** طوبى لِمَنُ في يَدِهِ لِوائي
فاغْتَنَم الفَخْرَ بِهَذَا السُّؤْدَدِ *** حِينَ اكْتَسَى لَدَى النَّبِيِّ الأَمْجَدِ(1)
فَتابَعَتْ فاطِمُ سَيْرَ الْخَبَرِ *** لِتَقْتفي لِما لَهُمُ فِي الْأَثَرِ
لِذا دَنَتْ نَحْوَ الْكِسا مُسَلِّمَة *** قالَ ادْخُلي مَحْبُوَّةً مُكَرَّمَة
أَلْفُ سَلامٍ وَجَميلُ مِدْحَتي *** عَلَيْكِ مِنّي ابْنَتي وَبَضْعَتي
رَيْحانَتي هَيّا إلَيَّ وَادْخُلي *** مَحْبُوَّةٌ أَنْتِ بِهِ فَأَكْمِلي
وَدَخلتْ تحتَ الْكِساءِ فاطِمَة *** خامِسَةً لهم بذاك خاتِمَة
وَعِنْدَمَا الْجَمِيعُ فيهِ اجْتَمَعوا *** فَشَعَّ بِالْأَنْوَارِ ذاكَ الْمَوْضِعُ(2)
ثُمَّ تَقولُ إِذْ بِهِ أَحَلَّنا *** أَظْهَرَ لِلْأَنَامِ فَرْضَ حُبِّنا
فَأَوْمَا إلَى السَّماءِ راجِياً *** بِرَفْعِهِ طَرْفَ الْكِسَاءِ داعِيا
فَقالَ: رَبِّ هؤلاءِ عِشْرَتي *** وَأَهْلُ بَيْتي وَأَعَزُّ أَسْرَتي
ص: 446
أَبْدانُهُمْ مِنْ بَدَني حَيْثُ تَرى *** وَدَمُهُمْ مِنْ دَمي أَيْضاً قَدْ جَرى
فَكلّ ما يُؤْلِمُهُمْ يُؤْلِمُني *** وَكُلُّ ما يُحْزِنُهُمْ يُحْزِنُني
فَإِنَّني حَرْبٌ لِمَنْ حارَبَهُمْ *** وَإِنَّني سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَهُمْ
كَما أُعادي كُلَّ مَنْ عاداهُمُ *** كَما أُوالي كُلَّ مَنْ والاهُمُ
هُمُ الْغِياثُ لا غِنَاءَ عَنْهُمُ *** وَهُمْ كَنَفْسي أَنَا أَيْضاً مِنْهُمُ
فَاجْعَلْ عَلَيْنَا رَبَّنَا الْغُفْرانا *** وَرَحْمَةً مِنْكَ كَذَا الرِّضْوانا
وَمِنْ لَدُنْكَ صَلَواتٌ واصِلَة *** توصِلُها في بَرَكاتٍ حافِلَة
وَأَذْهِبِ الرِّجْسَ إِلهَ النَّاسِ *** وَطَهِّرِ الْجَمْعَ مِنَ الأَدْنَاسِ(1)
ثُمَّ دَعَا لِكُلِّ مَنْ وَلانَا *** فَنَشْكُرُ الْبارِي بِما أَوْلانا
فنودِيَ الْأَمْلاكُ حِينَ اجْتَمَعوا *** مِنْ صاحِبِ الْعَرْشِ أَلا فَاسْتَمِعوا
أنْبِتُكُمْ مَعَاشِرَ الْأَمْلاكِ *** لَوْلاهُمُ لَمْ أَخْلُقَنْ أَفْلاكي
وَلا سَماخَلَقْتُها مَبْنِيَّة *** وَلَيْسَ أَرْضٌ هَكَذا مَدْحِيَّة
وَلا تَرَوْنَ قَمَراً مُنِيراً *** وَلَيْسَ شَمْسٌ لِتُضِيءَ نورا
وَلا خَلَقْتُ فَلَكاً يَدورُ *** وَلا تَدورُ فِي الْفَضا بُدُورُ
وَلَيْسَ ماءٌ فِي الْبِحارِ يَجْري *** كَلاّ وَلا فُلْكُ الْبِحَارِ تَسْري
وَلَمْ يَكُنْ إلاّ لِحُبّي وَالْوِلا *** لِهَؤُلاءِ الْخَمْسِ ساداتِ الْمَلا
فَقالَ جَبْرَئيلُ يَا رَبَّ الْعُلَى *** أَخْبِرْني يا مَوْلايَ مَنْ هُمُ الْأُلى
قالَ نَعَمْ هُمْ دَوْحَةُ النُّبُوَّة *** وَمَعْدِنُ التَّنْزِيلِ وَالْفُتُوَّة
هُمْ فاطمٌ وَضَيْفُها أبوها *** وَبَعْلُها بِجَنْبِه بَنُوها
قالَ الْأَمينُ أَفَهَلْ تَأْذَنُ لي *** أَنْ أَهْبِطَ الْأَرْضَ لِذاكَ الْمَحْفِلِ؟
ص: 447
حَتّى أَكونَ فِي الْكِساءِ سادِسا *** مُقْتَبِساً مِنْ نُورِهِمْ مَقابِسا
قالَ أَذِنْتُ لَكْ يا جِبْريلُ *** بَلِّغْ سَلامي مِلؤُه التَّبْجيلُ
وَقُلْ: بِلُطفٍ الْعَلِيُّ ذُو الْعُلى *** يَخُصُّكُم بِالْفَضْلِ مِنْ دونِ الْمَلا
فَهَبَطَ الْأَمينُ جَبْرَئيلُ *** يَحُفُّهُ السَّلامُ وَالتَّبْجِيلُ
وَاسْتَأْذَنَ الدُّخولَ مِنْ مُحَمَّدِ *** لِكَيْ يُباهي بِعَظِيمِ السُّؤُدَدِ
قالَ: أَذِنْتُ، لَكَ أنْ تُباهي *** فَكُنْ مَعي أمِينَ وَحْيِ اللَّهِ
فَدَخَلَ الْكِسَاءَ بِالتَّبْشِيرِ *** وَكانَ يَتْلو آيةَ التَّطْهِيرِ
فَقالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْحاها *** طوبى لِمَنْ فازَ بِها فَباها(1)
قَالَ عَلِيٌّ لِلرَّسولِ الْأَعْظَمِ *** فَما لَنا عِنْدَ الْإِلهِ الْمُنْعِم
قالَ يَمِيناً بِالَّذِي اصْطَفاني *** وَاخْتَارَني بِالْوَحْيِ وَاجْتَباني
إذا جَرى حَديثُنا في مَحْفِلِ *** وَاسْتَشْفَعوا بِنا لِنُجْحِ الْأَمَلِ
إلَيْهِمُ الرَّحْمَةُ كانَتْ واصِلَة *** وَفيهِمُ حَفَّتْ جُنودٌ نازِلَة
وَاسْتَغْفَرَتْ لِلْجَمْعِ ما تَطَرَّقوا *** في ذِكْرِنَا حَتَّى إِذا مَا افْتَرَقوا
وَمَنْ يَكُن في جَمْعِهِمْ مُهْموما *** يَرْفَعُ عَنْهُ الْكَرْبَ وَالْهُمُوما
أَوْ كانَ فيهِمْ أَحَدٌ مَغْموما *** يَكْشِفُ عَنْهُ الْحُزنَ وَالْغُمُوما
وَكُلُّ طالِبٍ لِحاجَةٍ دَعا *** إلاّقَضَى اللَّهُ لَهُ وَاسْتَمَعا
قالَ عَلِيٌّ فَوَرَبِّ الْكَعْبَةِ *** فُزْنا إِذاً وَفازَتِ الْأَحِبَّة
فاحَ شَذاهُ ما رَوَتْهُ فَاطِمَة *** نُطْفي بِها حَرَّ الْجَحِيمِ الْحَاطِمَة
مُذْ شَعَرَتْ زَوْجَتُهُ الْمُكَرَّمَة *** قَدْسُعِدَ الْخَمْسُ بِتِلْكَ الْمُكْرُمَة
فَأَقْبَلَتْ إِلَى الْحَبِيبِ فَعَسَى *** أَنْ تُدْرِكَ الدُّخُولَ في ذاكَ الْكِسا
ص: 448
أَجابَها حِينَ دَنَتْ مُسَلِّمَة *** أَنْتِ بنفسِ الخير أُمْ سَلَمَة
وَفِي الْخِتَامِ يَسْأَلُ الرَّحْمانا *** عَبْدُهُمُ مَنْ يُدَّعَى سُلْطانا
أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ الزَّلاّتِ *** وَيَدْرَأَ الْهُمُومَ وَالْعِلاّتِ(1)
وَيَغْفِرَ اللَّهُ لِرَاعِي الْمَحْفِلِ *** وَقارِىءِ الْحَدِيثِ وَالْمُحْتَفِلِ
أَلْفُ سَلامٍ وَصَلاةٍ عَطِرَة *** عَلَى النَّبِيِّ وَالكِرامِ البَرَرَة
ص: 449
(بحر الرجز)
سليمان ظاهر
هل كانَ في النّساءِ مثلُ فاطمِ **** في غابرٍ وحاضرٍ وقادمِ؟
أختُ البتولِ مريمِ الّتي ارتقى *** جلالُها عن وصمةِ اللوائمِ
في حَرَمِ الوحيِ وفي حجرِ التقى *** قد نشأت في أمنعِ المحارمِ
سيّدةُ أعظِمْ بها سيّدةً *** كان لها جبريلُ خيرُ خادمِ
جوهرةٌ نظَّمَها الرحمن في *** سمطِ العلى أعظِمْ به من ناظمِ(1)
وحسبُها فخراً بأنّ الفخرَ لا *** يُعزى إذا يُعزى لغيرِ الفاطمِ
معصومةٌ أُمٌّ لمن نفوسُهُم *** لم تنوِ حتّى لمم المآثمِ
ولو بها بناتُ حوّاء اقتدتْ *** ما وُلِدت من آثمِ وجارمِ
ولوسبيلَها سلكنَ في العلى *** لم يلدنْ غيرَ الأبيِّ الحازمِ
ولو تقاسَمْنَ تُقاها لم يكنْ *** في النّاس من يصبُو إلى المحارمِ
ماكانتاآسيةٌ ومريمُ *** لتدركا في الفخرِ شأو فاطمِ(2)
من قاسَ فيها غيرَها كان كمنْ *** راح يَقيسُ الدوَّ بالنعاثمِ(3)
مخلوقةٌ من جوهرِ الفضلِ الذي *** عنه تشظَّى صدفُ المكارمِ
ص: 450
مشتقةٌ من نبعةِ الوحي و لم *** تنشأ بغيرِ حرمِ الفواطمِ(1)
كانتْ ضياءَ قبلَ أن ينشقَّ عن *** وجه الوجودِ سُدف الكمائمِ
و حسبُها بأنّهاخامسةٌ *** لخمسةٍ هم خيرُ ولدِ آدمِ
و من تكنْ والدةُ السبطين و *** التسعةُ غوثُ الخلقِ في العظائمِ
أئمةُ النَّاسِ وجحدُ فضلِهم *** جريمةٌ من أعظمِ الجرائمِ
إن جهلتْ أقدارُهم فطوْلُهم *** بادٍ على الأشرافٍ و الأعاظمِ
والأرضَ إن تجهل بها أقدارُهُم *** ففي السماءِكم بها من عالمِ
ما كانَ إلا ناشراً حديثَهُم *** و فضلَهم في الكونِ كلَّ كاتمِ
و زوجةُ الوصيَّ و ابنةُ الذي *** كانَ لرسلِ اللَّه خيرَ خاتمِ
و بنتُ من قد أسلمتْ و أحمد *** ليس لهُ في الخلقِ من مسالمِ
فهل لها في الفخرِ من مشاركِ *** و في العلاء المحضِ من مسالمِ
قد ذهبتْ في طرفي كلّ علاً *** و من مزايا الفضلِ بالكرائمِ
من لم يكنْ بها و في أبنائِها *** معتصماً فماله من عاصمِ
صلّى عليها اللَّهُ ما أومضت بروقُ *** و انحلّت عرى الغمائمِ(2)
ص: 451
(بحر الرجز)
شفيق عبد القادر
الشيخ علي أبو المكارم
بسمِ الإلهِ الرَّاحِم الرَّحيمِ *** خَالق هذا العَالَمِ العَظيمِ
فَاتِحِ بَابِ الرَّحمةِ البَدِيعِ *** رَبِّ كريمٍ مُبصِرٍ سَمِيعِ
مَنْ يَكشِفُ الضُّرَّ وَيُذهِبُ الحَزَنْ *** مُقتَدِرُ بالعِزّ قَطُ لم يُعَنْ
وَ كُلُّ شيءٍ كائنٌ بقولِهِ *** «كُنْ» لَيسَ يَمضي أبداً عَنْ حولِهِ
أعلى مقامَ العَابدينَ صِدقا *** لهمْ بيومِ الحشرِ خَيرٌ يَبقى
وَ أركَسَ الظَّالمَ في الحضِيضِ *** مَنْ قَدْ دَعا بالكُفرِ والنَّقِيض
لأنَّهُ العَادِلُ فوقَ مَنْ عَدَلْ *** أهدَى الطَّريقين لِكُلِّ مَنْ عَقلْ
ثمَّ الصَّلاةُ مَابقى الزَّمانُ *** يُثقَلُ مِنْها بالرِّضَا الميزانُ
على النَّبيِّ المُصطفى وَالخِيَرَةُ *** مِنْ آلِهِ الأطهَارِ دَومَاً عَطِرَةُ
وَاتْلُ إذا شِئتَ بأن تَنالا *** خَيْراً مِنْ الرَّحمنِ بَلْ كَمالا
حَديث صِدقٍ قَدْ رَوَاهُ الفُضَلا *** مِنْ كُلِّ ذي عِلمٍ عَظِيمٍ كَمُلا
کَجابرِ المبرورِ مَاجِدِ الذُّرَى *** راوي الأحاديثِ بصدقٍ لامِرَا
صَاحبِ خير المرسَلين المصطفى *** وآلهِ السَّادَةِ أصحَابِ الصَّفا
فقد رَوى و ذي معاني مَا روَى *** تأتيكَ كالدُّرُ فَخُذْ ذَا المُحتوَى
وَ اطلُبْ بها النَّجاة يومَ الحشرِ *** يومَ الزُّحامِ وَ البَلا وَ العُسْرِ
ص: 452
لِتَسكنَ الجنَّةَ في ارِتفَاعِ *** مُجَاوِراً آلَ النَّبيِّ الدَّاعي
رَوى عَنِ الزَّهرَاءِ قَولاً يمجدُ *** قدْ جاءني يوماً أبي «مُحَمَّدُ»
قَالَ السَّلامُ يَا بنتَيْ وَ إنَّني *** ضَعفاً أرى بُنَيَّتي في بَدني
قَالتْ: مِنَ الضَّعفِ أُعيذُ وَالِدي *** أشرفَ مخلوقٍ وَ خيرَ عابدِ
فقال يا بنتَاهُ بالكِسَاءِ *** فَلتأتِني يا خِيرَةَ النِّسَاءِ
فَأَسْبَلَتْ فَاطِمَةٌ عَليهِ *** ذاكَ الكِسَا ناظرة إليهِ
ثمَّ أتانَيْ الحَسَنُ الكَرِيمُ *** بَعدَ مُضِيِّ سَاعَةٍ يَحُومُ
سَلَمَ، قَالَ الدَّارُ أُمِّي عَطرةُ *** كانَّ فيها وَالِدَ المُطَهَّرَةُ
قالَتْ نَعَمْ يا خِيرَة الأولادِ *** تحت الكِسَاءِ أَفضَلُ الأجدَاد
فَرَاحَ شِبلي لِلكِسَا وَ سَلَّمَا *** مُسْتَأْذِناً، وَ لِلرَّسُولِ عَظَمَا
فقالَ طَه مرحباً بابني *** يا صَاحِبَ الحوضِ ألا اذنُ مِنِّيْ
تَقولُ بعد ساعةٍ أتانيْ *** مُسلِّماً سبط الرَّسُولِ الثانيْ
يَقُولُ: إِنِّي قَدْ شممتُ عِطرا *** كَعِطرِ جَدِّيْ مَنْ تَعَالَى قَدرا
فَقُلْتُ حَقّاً قُرَّةَ العيونِ *** فَالمصطفى تحتَ الكسَا الثَّمِينِ
مع الزكيِّ المجتَبيْ، فَأَقْبَلْ *** إليهمَا إِذَنَّ الدُّخولِ يَسألْ
قَالَ: سَلامٌ أيْ نبيَّ الرحمةْ *** وَ كاشِفَ الكربَةِ وَالمُلِمَّةْ
يَا دَاعِي اللَّهِ ألا مِنْ إذنِ *** إليَّ بالدُّخولِ يُمضي حُزني
قَالَ: نَعَمْ، فَادْخُلْ شَفيع أُمَّتي *** يا قرَةَ العَينِ وَ حَاميْ شِرعَتيْ
فَجاءَ في الأثناءِ مَولى البَرَرَةُ *** وَ قالَ مِن بعدِ السَّلامِ حيدرةْ
أشمُّ في الدَّارِ عَبيراً ذاکیا *** کَطیبِ طه مَنْ لَهُ وَلائِيا
قالت: نعمْ فذا أخوك المصطفى *** مع الكريمينِ هذا مُلتَحِفَا
نجاءَ سيفُ اللَّهِ كن يستَأْذِنَا *** مُسلّماً على الرَّسول مُعلِنا
ص: 453
قَالَ لهُ المختَارُ أهلاً بعليْ *** خَليفتيْ وَ صاحبِ اللوا العليْ
فَأَقْبَلَتْ نَحْوَ الكسا البتُولُ *** أُم أبيها المصطفى تقُولُ
خيرُ سلام يا أبي وَ رَحمةْ *** يا مُظهِرَ الدِّينِ وَ نُورَ الأُمَّةُ
أيأذنُ الوَالِدُ خَيرُ مُرسَلِ *** أنْ أغتديْ تَحتَ الكِسَاءِ الأمثَلِ
قَالَ: نَعَمْ بُنَيَّتِي وَ بَضعَتي *** فَلتَدخُليْ يَا أُمَّ خَيرِ عِشرَةِ
فَاجْتَمَعُوا وَ اكتَمَلوا تحتَ الكِسَا *** مِثلَ نُجُومِ قد أضاءَتْ حِندِسَا
فَأَمْسَكَ النَّبِيُّ بالكِسَاءِ *** رافعاً اليمنى إلى السَّمَاءِ
يَقولُ: يَا رَبَّ الأنام هؤْلا *** هُمْ أهل بيتي سيدي دُونَ الملا
وَ خَاصَّتيْ، وَ حامَّتيْ، وَ لَحمُهُمْ *** لَحميْ، وَ دَمِّيْ يا إلهي دَمُهُمْ
يُؤْلِمُني ذاكَ الَّذي يُؤلِمُهُمْ *** وَ يُحْزِنُ المختار ما يُحْزِنُهُمْ
وَ إِنَّنِي حَربُ لِمَنْ يُحَارِبُ *** وَ لِلذيْ سَالَمَهُمْ مُقَارِبُ
وَ مَنْ يُعَادِهم أعادِهِ وَ مَنْ *** أحبَّهمْ فذا حبيبُ المُؤتَمَنْ
مِنّي إلهي إِنَّهُمْ وَ إِنَّني *** مِنهُمْ (فَهُمْ رُعَاةُ هذي السُّنَنِ)
فَاجْعَلْ إلهي الصَّلَوَاتِ (الهادِيَةْ) *** وَ البَرَكَاتِ (العَالِيَاتِ) البَاقِيَةْ
وَ الرَّحْمَةَ (الحُسْنَى) و(أزهى) مَغْفِرَةْ *** وَ (حُسنَ) رِضْوانِ لِيَومِ الآخِرَةْ
على الكرام عترةِ النبيِّ *** و المرتضى سيفِ الهدى الأبيِّ
وَ أذهِبِ الرِّجسَ إِلَهِي عَنهُمُ *** يَا مَالِكَ المُلكِ كذا طَهَّرَهُمُ
قالَ: إلَهُ العَالَمِينَ الأعظَمُ *** يَا سَاكِنِي هَذي السَّمَوَاتِ اعْلَمُوا
بِأَنَّني لَمْ أبنِ هَذهِ السَّمَا *** وَ لادَحَوتُ الأَرضَ مَنْ فِيهَا المَلا
وَ لاأثرتُ البَدرَ، وَ الشَّمسُ لَمَا *** ضَاءَتْ وَ لاالأفلاكُ دارتْ في السَّمَا
وَ البَحْرُ مَا كَانَ لَهُ أَنْ يجريْ *** وَ الفُلْكُ في مِيَاهِهِ أَنْ تَسرِيْ
الاَّ لحُبِّ خَمسةٍ كِرامٍ *** مَنْ ضَمَّهُم ذَاكَ الكسَاءُ السَّاميْ
قَالَ الأُمِينُ أيْ إلهَ الورى *** مَنِ الذينَ ضَمَّهُم ذاكَ الكِسَا
ص: 454
فَقالَ: بَيتُ الوَحي مَعدِنُ الرَّسَالَةِ *** التي عَلَتْ، وَهُمْ سِتْ النِّسَا
فَاطِمَةٌ وَ المصطَفَى أَبُوهَا *** وَ بَعْلُها كذلِكُمْ بَنوهَا
فَقَال جبريلُ أيَا رَبِّي فَهَلْ *** تَأْذَنُ أن أكونَ مَعهُمْ في العَجَلْ؟
قَالَ: نَعَمْ، فَجَاءَ جِبْرِيلُ إِلى *** رَبِّ الكَمَالِ المصطَفَى مُبَجِّلا
مُسلّماً، وَ قَالَ رَبُّكَ العَليْ *** يُقرِئُكَ السَّلامَ يا خير نَبيْ
وَ بالتَّحِيَّاتِ وَبالإكْرَام قَدْ *** خَصَّكُمُ يَا خَيرَ مَنْ تَعَبَّدْ
وَ إِنَّهُ يُقسِمُ بالجلالِ *** وَ العِزَّةِ العُليَا بلامِثَال
بأَنَّهُ مَا كَانَتِ السَّمَاءُ ** تُوجَدُ، لاالأرضُ، وَلاالضّياءُ
وَ الفَلَكُ العَظِيمُ مَا دَارَ، وَ *** لاجَرَتْ بحَارٌ وَ بِهَا الفُلكُ سَرَى
إلا لعظمِ شأنِكم بينَ الورى *** عند إلهِ العالمين ذي العلا
وَ أنْ أكونَ سَادِساً قَدْ أذِنَا *** وَ أَنتَ هَلْ تَأْذَنُ يَا نُورَ الدُّنَا
قَالَ: سَلامَ يا أمينَ الوحيِّ قَدْ *** أذنتُ فَأَدخلْ بجَلالٍ لايُحدْ
فَصَارَ إِيَّاهُمْ وَ نَالَ الفَخرَا *** يتلوْ عَلَيهِمْ بالخُشُوعِ ذِكرَا
يَقُولُ: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ...» *** وَحيَّ مِنَ اللَّهِ لَكُمْ أَوحَاهُ
قَالَ عَليَّ: يا خِتَامَ الأنبيا *** مَا فَضْلُ ذَا عِنْدَ الهِ الاتْقِيَا
فَقَالَ طه والذي إصطَفَانِي *** مَا ذكر الأنَامُ في مَكانِ
حَديثنَا هذا وَفِيهمْ شِيعَةْ *** إِلا وَ نَالُوا رحمةً وسيعةْ
وَ اسْتَغْفَرَتْ لَهُمْ مَلائِكُ السَّمَا *** بِرَحْمَةٍ تَحُفُهُمْ، فَذَا حِمَى
هذا لَهُمْ مَا دَامُوا في استِمَاعِ *** يَتلُونَ هذا القول في اجتِمَاع
قال عَليُّ : إي وَرَبِّ الكعبة *** فُرْنَا وَ فَازَتْ شِيعَةٌ مُحِبَةْ
فَقَالَ خَيرُ الخَلقِ وَ هوَ يقسمُ *** مُعَدِّدَاً فَضلَ الكِسَاءِ يُعلِمُ
بهِ يَنَالُ كُلُّ ذِي هَمْ فَرَجْ *** وَ غَمُ مَغْمومِ بفضلِهِ اندَرَجْ
وَ طَالِبُ الحاجّةِ تُقضَى حَاجَتُهْ *** فالخيرةُ الأطهارُهُم سادَتُهْ
ص: 455
فَقَالَ سَيف اللَّهِ فَرْنَا حَقًّا *** ثمَّ سُعِدنا بتعيم يَبقى
وَ الشَّيعَةُ الأبْرَارُ فازُوا أَبَداً *** بمَا سَيلقَاهُمْ مِنَ الخَيرِ غَدَا
***
يا عَالِماً بالحال يا أكرمَ مَنْ *** يُعطي بلا خوفٍ وَ لايُحْلِ وَ مَنْ
مُنَّ عَلَينَا بالذيْ نَرجُوهُ مِنْ *** دِينِ وَدُنياً وعلى الأخرى أعِنْ
بحَقِّ خَيرِ المُرسَلِينَ المصطَفَى *** وَ صِهرهِ الكرَّارِ مَنْ لَهُ وَفَى
وَ ابنَةِ طَه فَاطم سَيِّدَتي *** وَ المُجْتَبى كَذَا شَهِيدِ الأُمَّةِ
وَآلِهِ الأبْرَارِ رَبَّاهُ استَجِبْ *** وَ اظْهِرَنْ مَنْ غَابَ عَنا وَ حُجِبْ
وَ أَفْعَلْ بنَا مَا أَنتَ أهلُ لَهُ *** وَأَعطِ مِسكِينَكَ مَأمُولَهُ
يَا رَبِّ وَ اخْتِمْ لَنَا بِالسَّلامِ *** وَ اعْظِمْ لَنَا المِنحَةَ في الخِتَام
تِجَارَةً لَدَى الخِتَامِ رَائِحَةْ *** أعلَى صَلاةٍ، ثُمَّ تُتْلَى الفَاتِحَةْ
ص: 456
(مجزوء الرَّجز)
السيد صالح الحلي(*)(1)
ليتَ يرَى الَّذِي جَرَى الهَادِي النَّبِيُّ المُؤْتَمَنُ *** مِنْ بَعْدِ مَا غَابَ عَلَى أُمِّ الحُسَيْنِ وَ الحَسَنُ
***
قَدْ هَجَمُوا الدَّارَ عَلَيْهَا وَ هْيَ حَسْرَى لَاتَرَى *** مِنْ رَاحِم يَرْحَمُهَا إِلا الوَصِيَّ حَيْدَرا
أَوْصَى النَّبِيُّ حَيْدَراً مِنْ بَعْدِهِ أَنْ يَصْبِرَا *** فَيَا لَهَا وَصِيَّةٌ أَلْقَتْهُ فِي لُجُ المِحَنْ(2)
يَا بِئْسَ مَا قَدْ خَلَّفُوا نَبِيَّهُمْ فِي عِتْرَتِهْ *** كَأَنَّهُمْ أَوْصَاهُمُ أَنْ يَكْسِرُوا ضِلْعَ ابْنَتِهْ
وَ أَنْ يَقُودُوا بَعْلَهَا الكَرَّارَ فِي عِمَامَتِهْ *** كَمَا يُقَادُ (الفَحْلُ) قَسْراً بِالعِنَانِ وَ الرَّسَنْ
***
مَا صَالِحٌ أَعْظَمَ عِنْدَ اللَّهِ قَدْراً مِنْ أَبِي *** كَلأَ وَ لانَاقَتهُ فِي شَأْنِهَا تُقْرَنُ بِيْ
أَمْ لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُوا أَنِّيَ بَضْعَةُ النَّبِي *** أَهْكَذَا يُصْنَعُ بِي بِالسِّرِّ فِيكُمْ وَ العَلَنْ(3)؟
***
لَمَّا رَأَوْهَا خَرَجَتْ مِنْ خَلْفِهِمْ بِابْنَيْهَا *** عَادَ الزَّنِيمُ لأَطِمَا تَعْساً لَهُ خَدَّيْهَا(4)
ص: 457
لَطْمَتُهُ قَدْ أَنْثَرَتْ مِنْ أُذُنِهَا قُرْطَيْهَا *** وَ أَوْدَعَتْ فِي عَيْنِهَا الحُمْرَةَ فِي مَدَى الزَّمَنْ
***
فَمُذْ رَأَتْهُمْ خَرَجَتْ تَعْثَرُ بِالثِّيَابِ *** حَاسِرَةً وَ الجِسْمُ قَدْ ذَابَ مِنَ الأَوْصَابِ(1)
مُذْ دَخَلُوا مَنْزِلَهَا لأَذَتْ وَرَاءَ البَابِ *** وَ اسْتَتَرَتْ بِالبَابِ مِنْ ذَوِي الحُقُودِ وَالإِحَنْ(2)
***
دَعَا الزَّنِيمُ عَبْدَهُ ارْجِعْ إِلَيْهَا رُدَّهَا *** فَأَقْبَلَ العَبْدُ لَهَا يَضْرِبُ مِنْهَا زِنْدَها(3)
وَ كُلَّمَا رَامَ اللعِينُ رَدُّها وَ طَرْدَها *** عَنْ بَعْلِها لَمْ يَسْتَطِعْ ما رامَ عُباد الوَثَنْ
***
حَتَّى أَتَتْ تَعْدُو عَلَى إِثْرِهِمُ لِلْمَسْجِدِ *** ثَاكِلَةً فِي عَبْرَةٍ تَجْرِي وَ قَلْبٍ مُوقَدِ
لاَأَدَعُ البَابَ وَلاالعَضَادَ نَيهَا مِنْ يَدِيْ *** أَوِ اتْرُكُوا أَبَا الحُسَيْنِ سَالِماً أَهْلَ الفِتَنْ
***
فَيَا لَهَا مِنْ لَوْعَةٍ لا تَنْقَضِيْ مَدَى الأَبَدْ *** مَا تَرَكَتْ رُوحاً لَنَا فِي رَاحَةٍ وَ لَاجَسَدْ
وَ هَلْ لَنَا مِنْ رَاحَةٍ فَاطِمُ مَاتَتْ فِي كَمَدْ *** مَا ذُكِرَتْ إِلا وَ قَدْ فَارَقَتِ الرُّوحُ البَدَنْ(4)-(5)
ص: 458
(بحر الرَّجز)
الشيخ صالح الطرفي(*)(1)
لِبِضْعَةِ المُخْتَارِ أُمِّ الْحُجَجِ *** مَناقِبٌ وَضاءَةٌ كَالسُّرُجِ
بِهَديِها يُسْلَكُ مِنْهَاجُ الْهُدَى *** مِن دُونِ أي عَثَرةٍ أَوْ عِوَجِ
وَ لِلنّسا سَيِّدَةُ النِّسَا غَدَتْ *** سِيرَتُها الْمُثْلَى كَأَسْنَى مَنْهَج(2)
أُمَّ أَبِيها كُنْيَتْ فَاطِمَةٌ *** فَهيَ ابْنَةُ أَمِّ وَ لامِنْ حَرَجٍ
بِبِرِّها بِهِ نَسَمَّتْ أُمَّهُ *** بِهَا يُرى في الْكَرْبِ بابُ الفَرَجِ
لَكِنَّهَا مِنْ بَعْدِهِ قَدْ أَصْبَحَتْ *** مِنْ غَمِّهَا لَهْفِي لَهَا فِي لُجَجِ(3)
قَدْ عايَنَتْ مِنَ الرَّزايا كَثْرَةٌ *** لَوْلا نُهَاهَا لَمْ تَجِدْ مِنْ مَخَرَجِ
فَيا لِضِلْع فِي في الأسى مُضَمَّدٍ *** وَ يَالِجِسْمِ بِالصَّنَا مُنْدَرجِ(4)
ص: 459
(8) أفضل النساء
(بحر الرجز)
الشيخ عبد علي الماحوزي
إلى قوله (ما سار كوكب وحل في السماء) و الباقي للشيخ فرج العمران
أفْتَتِحُ الكَلاَمَ بِاسْم الخَالِقِ *** مُصَلِّياً عَلَى النَّبِيِّ الصَّادِقِ
وَ آلِهِ الأَظهَارِ سَادَةِ الوَرَى *** ما حَلَّ فِي السَّمَاءِ نَجْمٌ وَسَرى
يَقُولُ رَاجِي العَفْوِ يَوْمَ يَذْهَلُ *** يَوْمَ تَرَى العِبَادَ فِيهِ تَعُولُ
أَقلُّ خَلْقِ اللَّهِ عِلْماً وَ عَمَلَ *** أَكْثَرُهُمْ خَطَأَ وَ ذَنْباً وَ زَلَلْ(1)
عَبْدُ عَلي الأَسِيرُ الجَانِي *** أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنَ النِّيرانِ
وَ بَعْدُ: فَالإِنْسانُ فِي دَارِ العَنا *** لازالَ فيها بِالبَلا مُمْتَحَنا
أَعْنِي بِهِ الجَامِعَ لِلْوَصْفِ الحَسَنْ *** لاكُلُّ فَرْدِ يُبْتَلَى وَ يُمْتَحَنْ
بَل الَّذِي قَدْ حَازَ عِلْماً وَ تُقَى *** وَ لِلْمَعَالِي وَ الكَمَالِ قَدْ رَقَى
ذاكَ الَّذِي يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ مَنْ *** يُحِبُّهُ فَهُوَ حَقِيقٌ بِالمِحَنْ
وَ أَسْأَلُ اللهَ بِأنْ يَهْدِينِي *** مُتَّكِلاً عَلَيْهِ أَنْ يُعِينَنِي
فِي رِحْلَتِي فِي سَفَرٍ وَ فِي حَضَرْ *** أَذْكُرُ فِيهَا مَا جَرَى مِنَ القَدَرْ
رَوَى النّقاتُ مِنْ رُواةِ الخَبَرِ *** خَيْرٌ حَدِيثٍ مُسْتَدٍ مُعْتَبَرِ(2)
ص: 460
عَنْ أَفْضَلِ النِّساءِ ذاتِ المِحَنِ *** فاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ أُمِّ الحَسَنِ
قالَتْ عَلَيْها أَفْضَلُ السَّلامِ *** بَيْنا أَنَا يَوْماً مِنَ الأَيَّامِ
فِي مَنْزِلِي إِذْ بِالنَّبِيِّ قَدْ دَخَلْ *** أَبِي رَسُولُ اللَّهِ خَاتَم الرُّسُلْ
فَقَالَ يا فَاطِمُ إِنِّي لأَجِدْ *** في بَدَنِي آثَارَ ضَعْفٍ لَمْ يُجَدْ(1)
فَقُلْتُ بِاللَّهِ أَبِي أُعِيذُكَا *** مِنْ كُلِّ ضَعْفٍ وَأَذًى يُؤْلِمُكا
فَقَالَ یا فاطِمُ يا سِنَّ النِّسا *** مُسْرِعَةٌ قُومِي وَهاتِي لِي الكَسا
بِلاَ تَوَانٍ وَبِهِ غَطَّينِي *** ثُمَّ اسْأَلِ اللَّهَ بِأَنْ يَشْفِينِي
فَقَالَتِ الحَوْرَاءُ ثُمَّ جِئْتُهُ *** بِمَا أَرَادَ وَ بِهِ غَطَيْتُهُ(2)
فَصِرْتُ نَحْوَهُ أَكَرُرُ النَّظَرُ *** وَ وَجْهُهُ كَالبَدْرِ فِي الرَّابِعُ عَشَرْ(3)
فَمَا مَضَى إِلا قَلِيلٌ مِنْ زَمَنْ *** إِذْ جَاءَنَا مُسَلِّماً ابْنِي الحَسَنْ
فَقَال يا أُمُّ أَشُمُّ مِنْكِ *** رَائِحَةٌ طَيِّبَةً كَالمِسْكِ
ص: 461
كَأَنَّها رَائِحَةُ المُختارِ *** جَدِّي رَسُولِ المَلِكِ الجَبَّارِ
قُلْتُ نَعَمْ جَدُّكَ وَهُوَ نَائِمْ *** تَحْتَ الكِسَا فَجَاءَ وَ هُوَ العَالِمُ
سَلَّمَ ثُمَّ قال يا جداهُ *** يا مَنْ بِهِ شَرَّقَنَا الإِلهُ
تَأْذَنُ لِي أَدْخُلُ يا جَدِّي مَعَكْ *** تَحْتَ الكِسا فَقَالَ قَدْ أَذِنْتُ لَكْ
قَالَتْ عَلَيْهَا أَفْضَلُ الثَّناءِ *** ثُمَّ أَتَى الحُسَيْنُ فِي الأثناءِ
فَقالَ يا أُمَّ أَشُمُ رَائِحَهْ *** طَيِّبَة عِنْدَكِ وَهْيَ فَائِحَهْ
كَأَنَّها رَائِحَةُ المِسْكِ النَّدِي *** أَظُنُّها أَنْفاسُ جَدِّي أَحْمَدِ
قُلْتُ نَعَمْ تَحْتَ الكِسا مَعَ الحَسَنْ *** أَخِيكَ جَدُّكَ النَّبِيُّ المُؤْتَمَنْ
فَجَاءَ نَحْوَ جَدِّهِ مُسْتَبْشِرًا *** وَ قَالَ يا جَدّاهُ يا خَيْرَ الوَرَى
صَلَّى عَلَيْكَ اللَّهُ ثُمَّ سَلَّما *** ما سار كَوْكَبٌ وَ حَلَّ فِي السَّما
ياجَدُّ يا جَدُّ هَلْ تَأْذَنُ لِي أَنْ أَدْخُلاَ *** تَحْتَ الكِسا؟ قالَ ادْخُلَنْ مُبَجَّلا(1)
فَمَا مَضَى الأَقَلِيلٌ إِذْ أَتَى *** مُسَلِّماً حَيْدَرَةُ الظهرُ الفَتَى(2)
فَقُلْتُ: يا أبا الحُسَيْنِ وَ الحَسَنْ *** صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ ما دَامَ زَمَنْ
فَقَالَ يا أُمَّ الكرام البَرَرَهْ *** أَشُمُّ فِي بَيْتِكِ ريحاً عَطِرَهْ(3)
كَأَنَّها رِيحُ النَّبِيِّ المُصْطَفَى *** أَشْرَفِ مَنْ لَهُ المُهَيْمِنُ اصْطَفَى
قَالَتْ لَهُ سِبُّ النِّساءِ فاطِمُ *** تَحْتَ الكِسا والحَسَنَيْنِ نائِمُ
فَجَاءَ نَحْوَ ذَلِكَ الكِسا الَّذِي *** مِنْهُ فَشَتْ رَوَائِحُ المِسْكِ النَّدِي
ص: 462
مُسلّماً عَلَى النَّبِيِّ الفاضِل *** مُسْتَأْذِنَاً قالَ لَهُ ادْخُلْ يا عَلِي
وَ بَعْدَ ذَا سِتُّ النِّسا أَتَتْ إِلَى *** نَحْو الكِسا تُبْدِي السَّلامَ أَوَّلا
تَطْلُبُ إِذْنا مِنْ أَبِيها الهَادِي *** قَالَ ادْخُلِي وَالِدَةَ الأَمْجَادِ
فَاکْتَمَلُوا خَمْسَتُهُمْ تَحْتَ الكِسا *** عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ صُبْحاً وَمَسا(1)
فَعِنْدَ ذاكَ خَالِقُ الأفلاكِ *** سُبْحَانَهُ قَدْ قَالَ لِلأَمْلاكِ(2)
وَ عِزَّتِي مَلائِكَ السَّماءِ *** وَ قُدْرَنِي أَنْ لَيْسَ مِنْ سَمَاءِ
مَبْنِيَّةٍ وَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ تُرى *** مَدْحِيَّةً وَ لاأَنَرْتُ قَمَرا(3)
وَ مَا خَلَقْتُ شَمْسَها المُنيرهْ *** وَ الفَلَكَ الدَّوَّارَ لَنْ أُدِيرَهْ
وَمَا خَلَقْتُ البَحْرَ وَالفُلْكَ الَّتِي *** تَجْرِي إِلَى نَفْعِ الوَرَى بِرَحْمَتِي
إلا لِحُبْ مَنْ حَوَاهُمُ الكِسَا *** وَ مَنْ هُمُ؟ كَانُوا لأَرْضِ حَرَسا
فَقالَ جِبْرِيلُ الأَمِينُ رَبَّنا *** وَ مَنْ هُمُ قَالَ الكِرَامُ الأُمَنا
وَ مَنْ هُمُ بَيْتُ النُّبُوَّةِ العَلِي *** كَانُوا لَهُ أَهْلاً وَ فَضْلُهُمْ جَلِي؟
وَ لِلرِّسالَةِ اغْتَدَوْا مَعَادِنَا *** مِنْ قَبْلِ أَنْ أُنشي بِصُنْعِي كائِنا
هُمْ فَاطِمٌ وَالمُصْطَفَى النَّبِيُّ *** وَالِدُها وَبَعْلُها عَلِيُّ
وَ الحَسَنانِ السَّيِّدانِ ابْناها *** وَ رَحْمَتِي تَخُصُّ مَنْ وَالاها
فَقَالَ هَلْ تَأْذَنُ لي يا ذَا الكَرَمِ *** أَهْبِطُ سَادِساً لَهُمْ؟ قَالَ نَعَمْ
ص: 463
فَجَاءَهُمْ نَحْوَ الكِسا الَّذِي سَما *** عَلَى النَّبِيِّ المُصْطَفَى مُسَلِّما
يَقُولُ إِنَّ خَالِقَ البَرِيَّهْ *** يُقرِيكُمُ السَّلامَ وَالتَّحِيَّهْ
وَ هُوَ يَقُولُ قَدَّمَتْ أَسْماهُ *** مُخاطباً لِسَاكِنِي سَمَاهُ
مُنَوِّهاً بِفَضْلِكُمْ أَهْلَ الرِّضا *** ثُمَّ أَعَادَ جِبْرَئِيلُ ما مَضَى
وَ إِنَّهُ لِي بِالدُّخُولِ يَأْذَنُ *** فَيَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لِي تَأْذَنُ؟
قَالَ بَلَى فَعِنْدَ ذَاكَ دَخَلا *** وَ آيَةَ التَّطْهِيرِ (إِنَّما) تَلاَ
قَالَ عَلِيٌّ ما لذا الجُلُوسِ *** مِنَ الكَرَامَاتِ لَدَى القُدُّوسِ
فَقَالَ وَالَّذِي اصْطَفَانِي يا عَلِي *** ما كَانَ مَحْفِلٌ مِنَ المَحَافِلِ
مَحَافِلِ الشَّيعَةِ ذِكْرُ ذا الخَبَرْ *** جَرَى بِهِ إِلا وَخَالِقُ البَشَرْ
عَلَيْهِمُ الرَّحْمَةَ فِيهِ أَنْزَلا *** وَ عَمَّهُمْ بِجُودِهِ تَفَضُّلا
وَ حَفَّتِ المَلائِكُ الكِرَامُ *** بِهِمْ لَهُمْ تَحْرِسُ مَا اسْتَقَامُوا
يَسْتَغْفِرُونَ الوَاحِدَ المَنّانا *** لَهُمْ وَ يَسْأَلُونَهُ الجِنَانا
قَالَ عَلِيٌّ نَحْنُ وَ الشَّيعَةُ قَدْ *** فُرْنا وَرَبِّ الكَعْبَةِ الفَرْدِ الصَّمَدْ
فَقَالَ خَيْرُ الأَنْبِياءِ مُقْسِما *** بِالقَسَم الَّذِي مَضَى وَأَعْلَمَا
ما فِيهِمُ مَهْمُومُ الأَفَرَّجا *** ذُو العَرْشِ هَمَّهُ وَنَالَ الفَرجا
وما بِهِمْ مَعْمُومُ إِلا وَكَشَفْ *** عَنْهُ الإله الغَمَّ والضُّر انْكشَفْ
وَ لَيْسَ فِيهِمْ طالِبٌ لِحَاجَهْ *** الأَ لَهُ قَضَى الإِلهُ الحَاجَهْ
فَقَالَ حَامِي حَوْزَةِ الإسلامِ *** إذا وَ رَبِّ البَيْتِ وَ المَقَامِ
فُزْنا كذا أشياعُناقَدْ فَازُوا *** فَوْزاً عَظِيماً وَالجِنَانَ حَازُوا
وَقَدْ سُعِدْنَا فِي ذِهِ الدُّنْيَا وَ فِي *** دَارِ الخُلُودِ بِعَظيم الشَّرَفِ
فَيَا إِلهِي اخْتِمُ لَنَا بِالحُسْنَى *** وَ اسْلُكْ بِنَا إِلَى المَقَام الأَسْنا
وَ حِينَ فَاحَ مِسْكُ خَتْمِها النَّدِي *** فَعَطَّرَ الكَوْنَ بِعِطرِ جَيْدِ
ص: 464
سميتها يا صاح مِفْتَاحَ الفَرَجْ *** أَرْجُو بِهَا تَنْحَل عَنْيَ الرَّتَجْ(1)
ثُمَّ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ العَالِي *** عَلَى النَّبِيِّ المُصْطَفَى وَالآلِ(2)
ص: 465
(بحر الرجز)
الشيخ عبد الله بن معتوق(*)(1)
ما العُذْرُ لِلأُمَّةِ فِيمَا سَلَكَتْ *** عَنْ لَيْلَةِ القَدْرِ الَّتِي قَدْ هُتِكَتْ(2)؟
ما العُذْرُ عَنْ زُجَاجَةِ المِصْباحِ *** اذْ كُسِرَتْ ظُلماً لَدى الصَّباحِ(3)؟
ما العُذْرُ عَنْ مَوْؤُودَةٍ إِذْ سُئِلَتْ *** يَوْمَ الجَزا بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ(4)؟
ما العُذْرُ لِلأُمَّةِ عَنْ أُمِّ القُرَى *** إِذْ عُقلَتْ أَبْيَاتُها عَنِ القرّى؟
ص: 466
ما العُذْرُ عَمَّا فَعَلُوا مِنْ مُنْكَرِ *** مِمَّا قَدِيماً مِثْلُهُ لَمْ يُذْكَرِ؟
وَ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أُولِي الأَدْيَانِ *** وَ غَيْرِهِمْ فِي سَالِفِ الأَزْمَانِ
فَهَلْ جَرَى مِنْ أُمَّةٍ فِيمَا سَلَفْ *** عَلَى بَنَاتِ الأَنْبِيا أَهْلِ الشَّرَفْ؟
كَمَا جَرَى عَلَى ابْنَةِ الرَّسُولِ *** فاطِمَةَ الزَّكِيَّةِ البَتُولِ
مِنَ الأذَى وَالذُّلُّ وَالإِهَانَةٍ *** مِنْ بَعْدِ ذَاكَ العِزَّ وَالصَّيانَةِ
ما فَاطِمٌ وَ هَجْمَةُ الأَشْرَارِ *** فِي دَارِها وَهْيَ بِلاَخِمَارِ(1)؟
ما فاطمٌ ما البابُ و الجِدَارُ *** ما الضَّغطُ ما الإِسْقَاط وَالمِسْمَارُ؟
ما فاطِمٌ ما حُمْرَةُ العَيْنَيْنِ *** ما الضَّرْبُ وَ اللَّظمُ عَلَى الخَدَّيْنِ؟
ما الطُّهْرُ ما إِضْرَامُ تِلْكَ النَّارِ *** بِبَابِهَا وَ هُيَ ابْنَةُ المُخْتَارِ(2)؟
ما فَاطِمٌ ما مَجْلِسُ الرِّجالِ *** ما الطُّهرُ ما التَّكْذِيبُ فِي المَقَالِ؟
مَا الطُّهْرُ ما الدَّعْوَى بِغَيْرِ حَقِّ *** وَ الحَقُّ شَاهِدٌ لَهَا بِالصِّدْقِ(3)؟
ص: 467
(بحر الرّجز)
الشيخ عبد الله الوائل الإحسائي(*)(1)
تَباً لِدُنْيا غادَرَتْ أَهْلَ الْعَبا *** بِصُروفِها فَتَشَتَّتُوا أَيْدِي سَبا(2)
أوَ لَمْ تَكُنْ تَدْرِي بِأنْ وُجودَهُمْ *** سَبَبٌ لِكُلِّ الكَائِنَاتِ تَسبَّبا(3)
لَكَنَّها طُبِعَتْ عَلَى كَدَرٍ فَلا *** تَصْفُو لِذي نَفْسٍ عَليْها مَشْرَبا
ما لاح بارِقُها بإقبالِ امْرِىءٍ *** إلاوَعَادَ عَلَيْهِ بَرْقاً خُلَّبا(4)
فَاحْذَرْ أَبَيْتَ اللَّعْنَ مِنْهَا وَاحْتَرِزْ *** عَنْ سُمِّها إِنْ كُنْتَ حُرّاً طَيِّبا
ص: 468
ما سالمتْ أحداً وَ راحَ مُسَلَّماً *** مِنْهَا وَلَوْ بَلَغَ الثَّرَيَا مَنْصِبا
أَيْنَ الجَبَابِرَةُ الأُولى عَركَتْهُمُ *** عَرْكَ الأَديم فَأَصْبَحُوا فيها نَبا
وَ قُصورُهُمْ مِنْ بَعدِ مَنْعَةِ عِزَّهِمْ *** أَمْسَتْ خَراباً لاتردْ لَهُمُ نَبا
نَعَبَ ابنُ دايةَ بالفَنَاءِ عَلَيْهِمُ *** فَبِشُومِ طَائِرِهِ بِهِمْ طارُوا ثبا(1)
سَكَنُوا اللحودَ فهَلْ تَرى لِوُجودِهِمْ *** أَثَراً فَكُلُّ فَنَائِهَا قَدْ غُيَّبا
وَ كَفاكَ مِنْهَا مَا أَصَابَ بَني الهُدَى *** مِمَّا يَرُوحُ الطِّفْلُ منهُ أَشيَبا
آلُ النَّبِيِّ الأَكْرَمِينَ وَ مَنْ لَهُمْ *** مَجْدٌ عَلَى أَوْجَ المَجَرَّةِ طنَّيا(2)
سامَتْهُم الخَسْفَ الذَّرِيعَ عِصابَةٌ *** فيها قَدِ امْتَطَوا الصَّلالَةَ مَرْكَبا(3)
قُبِضَ النَّبِيُّ وَ قَدْ سَقَوْهُ بِبَغْيِهِمْ *** مَضَضاً بِهَا قَدْ رَاحَ مُضْنِّى مُتْعَبا(4)
وَ البَضْعَةُ الزَّهْرا سَقَوْها بَعْدَهُ *** غُصَصاً مِثَالَ دُعافِها لَنْ يُشْرَبا(5)
وَ جَنينَها أَلْقَوْا وَبَزُوا إِرْثَها *** ظُلْماً وَ مَنْزِلُها بِنَارِ أُلْهِبَا
وَ جَؤُوا أَضالِعَها وَقادُوا جُرْأَةً *** مِنْ عُقْرِ مُنْزِلِها الوَصِيَّ مُلَبَّبا
حَتّى قَضَتْ وَ لْهَا لايَرْقَى لها *** دَمْعٌ وَ عَبْرَتُها تَزيدُ تَصَوُّبا(6)
ص: 469
وَ المُرْتَضَى مِنْ بَعْدِ غَصْبٍ مَقامِهِ *** أَرْداهُ في مخرابه ماضي الشَّبا(1)
وَ المُجْتَبَى أَوْدَى بِسُم جُعَيْدَةٍ *** في الصَّوْمِ لِلَّهِ العَلِيِّ تَقَرُّبا(2)
ص: 470
(بحر الرجز)
الشيخ عبد المجيد أبو المكارم(*)(1)
الحَمْدُ لِلَّهِ ذي الجَلالِ *** وَ خَالِقِ الخَلْقِ بِلا تِمْثالِ
الوَاحِدِ الفَرْدِ العَظِيم الأَحَدِ *** رَبِّ العِبَادِ ذلِكَ المُوَحَّدِ
هُوَ الإِلهُ مُوجِدُ الأَكْوَانِ *** وَ مُغْدِقُ النَّعْمَا عَلَى الإِنْسَانِ(2)
الواحِدُ الفَرْدُ بِلاً مُعِينِ *** وَ القَادِرُ الحَيُّ بِلاَ قرين
وَ خَالِقُ الخَلْقِ إِلَى العِبادَهْ *** حَقَّاً حَقِيقاً لَيْسَ لِلرِّفادَهْ(3)
بِقَوْلِهِ الكَرِيمِ فِي التُّبْيَانِ *** فَخُذْ بَيَانَهُ مِنَ القُرْآنِ
وَ مَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَى *** غَيْرِ عِبَادَةٍ كَصَوْمِ وَصَلا
وَ مَا أَرَدْتُ مِنْهُمُ ارْتِزَافَا *** كَلأَ وَ لاَطَعَامَ مُسْتَشاقا
إِنِّي أَنَا الرَّزَّاقُ فِي طُولِ الأَبَدْ *** وَ قُوَّتِي مَتِينَةٌ فَلا تُحَدْ
ثُمَّ الصَّلاَةُ لِلنَّبِيِّ الهَادِي *** المُصْطَفَى المُخْتَارِ نُورِ النَّادِي
وَ خَاتَمِ الرُّسُلِ وَ سَيْدِ الأُمَمْ *** مِنْ كُلِّ مَخْلُوقِ لِعُرْبِ وَ عَجَمْ
وَ آلِهِ الأَطْهَارِ ساداتِ الوَرَى *** وَ مَنْ بِهِمْ تَنَوَّرَتْ أُمُّ القُرَى
كَذَا الوَصِيُّ حَيْدَرُ الكَرَارُ *** أَخُو النَّبِيِّ سَيِّدُ الأَبْرَارِ
ص: 472
وَ هُوَ ابْنُ عَمُ المُصْطَفَى الرَّسُولِ *** وَ الزَّوْجُ لِلطَّاهِرَةِ البَتُولِ
بنْتُ الرَّسُولِ فَاطِمُ الزَّهْراءِ *** حَوْرَاءُ قُدْسِ سَيْدَةُ النّساءِ(1)
قدْ أَوْصَلَتْ رِسَالَةُ النَّبِيِّ *** إِمَامَةَ المَوْلَى الوَصِي الزَّكيِّ
مِنَ الإِلهِ الوَاحِدِ المَنَّانِ *** وَ فَضْلُها قَدْ بَانَ فِي التِّبْيانِ
صِدِّيقَةٌ طَاهِرَةٌ مُطَهَّرَهْ *** شَفِيعَةٌ شَافِعَةٌ مُقَدَّرَهْ(2)
هذَا النَّبِيُّ المُصْطَفَى يَقُولُ *** فَاطِمَةٌ بَضْعَتِي البَتُولُ(3)
ص: 473
فَمَنْ لَيُؤْذِي بَضْعَتِي يُؤْذِينِي *** كذا رِضاؤها نَعَمْ يُرْضِينِي
وَ إِنَّها لَيَغْضَبُ اللَّهُ لَها *** كذا لَيَرْضَى اللَّهُ فِي رِضائِها(1)
كَيْفَ وَ قَدْ قَاسَتْ مَصَائِبَ الزمن *** بَعْدَ أَبِيها مِنْ تَوَفَّرِ الفِتَنْ؟
مَنْعُ بُكَائِها عَلَى الرَّسولِ *** قَدْ قَلَعُوا أَراكَةَ البَتُولِ
فَمَا لِبَيْتٍ سِيمَ بِالأَحْزَانِ *** إِذْنَكَبُوها بِأَذَى الإِعْلانِ
حاشُوا عَلَيْهَا فِي مَصَائِبِ الزَّمَنْ *** وَ أَلْحَقُوا بِهَا أَكَابِرَ المِحَنُ
قاستْ مِنَ المَصَائِبِ العَدِيدَهْ *** أَهْوالُها مَعْرُوفةٌ شَدِيدَهْ
مِنْ أُمَّةٍ ما راقَبَتْ إِسْلاما *** وَ خَالَفَتْ لِلْمُصْطَفَى النّظاما
جَاءَتْ تُؤَدِّي حِقْدَها لِلْهادِي *** وَ أَقْبَلَتْ تَسْعَى عَلَى مِرْصَادِ(2)
قَدْ مَنَعُوا فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ *** عَنْ حَقَّها مِنْ مُوجِدِ النَّعْمَاءِ(3)
أَنْحَلَها الهَادِي بِأَمْرِ الخَالِقِ *** فَانْتَهَبُوها بِعِنادِ زاهِقِ
وَ لَيْتَ هذا صارَ بِالكِفَايَهْ *** كَيْفَ وَهُمْ قَدْ رَكَبُوا الغِوَايَهْ
ص: 474
فَوَصَلُوا لِدَارِهَا بِالنَّارِ *** وَ أَضْرَمُوا الجَزَلَ بِبابِ الدَّارِ(1)
فَخَاطبتْهُمْ بِخِطَابِ لَيْنِ *** لَعَلَّهُمْ يَرْتَدِعُوا عَمَّا عُنِي
وَ ذَكَرَتْهُمْ عَلَّهُمْ يَسْتَرْجِعُوا *** أَوَامِرَ الحَقِّ فَلَمْ يَرْتَدِعُوا(2)
بَلْ أَضْرَمُوا النَّارَ وَ أَنَّى تَخْتَرقْ *** باباً إِلَى اللَّهِ فَكَيْفَ يَحْتَرقْ؟
نَعَمْ فَكَانَ مِنْ عِصِيِّ النَّخْلِ *** وَ كَانَتِ النَّارُ لَهُمْ مِنْ جَزْلِ
فَظَهَرَ العُجابُ مِنْهُمْ كَيْفَ لَا *** تَأْكُلُ هَذِي النَّارُ باباً حَصَلا؟
كَيْفَ وَ هَذِي النَّارُ نارُ الجَزْلِ؟ *** شَيء كذا يَأْبَاهُ حُكْمُ العَقْلِ
ظَنُّوا بِبِنْتِ المُصْطَفَى المِصْدَاقِ *** أَبْعَدَتِ النَّارَ عَنِ الإِحْراقِ
لذا تَجَشَّمُوا إِلَى الإِيذَاءِ *** وَ آلمُوا لِفَاطِمِ الزَّهْرَاءِ(3)
إِذْ أَدْخَلَ الرِّجْسُ لِسَوْطِهِ وَ قَدْ *** آذَى لبنتِ المُصْطَفَى حَيْثُ وَرَد
آلمَ لِلْكَفْ مِنَ البَنُولِ *** بِنْتِ الشَّفِيعِ المُصْطَفَى الرَّسُولِ
وَ بَعْدَ أنْ تَالمَتْ بنْتُ النَّبِي *** طَهَ الرَّسُولِ الهَاشِمِي العَرَبِي
فَانْفَتَحَ البابُ عَلَى إِجْبارٍ *** وَلاَذَتِ الزهراء لِلجِدَارِ(4)
ص: 475
رَاعِيَةً لِلسِّتْرِ وَ الحِجَاب *** فَعُصِرَتْ بِالعَمْدِ بَيْنَ البَابِ
فَارْتَكَرُ المِسْمَارُ وَسْطَ الصَّدْرِ *** وَ اسْتَرْسَلَ الدَّمُ عَلَيْهَا يَجْرِي
وَ انْكَسَرَ الضّلْعُ بِهَا لَها الفِدا *** وَ وَقَعَتْ مَغْشِيَّةٌ بَيْنَ العِدى(1)
وَ أَسْقَطُوا لِلْمُحْسِنِ الجَلِيلِ *** وَ لَطَمُوا لِخَدِّها الأَسِيلِ(2)
فَاحْمَرَّتِ العَيْنُ بِلَظمِ الكَفِّ *** وَ انْخَسَفَتْ وَاللَّهِ كُلَّ الخَسْفِ
فَهَجَمُوا وَلَمْ يَكُنْ مِنْ إِذْنِ *** فِي دَارِها دُونَ احْتِرَام أَمْنِ
وَ فَاطِمُ الزّهرا عَلَى الأَعْتابِ *** مُغْشَى عَلَيْهَا نُخْبَةُ الأَطْيَابِ
فَأَخَذُوا حَيْدَرَةَ المِغْوَارِ *** وَ حُجَّةَ اللَّهِ الوَلِي القَهَّارِ(3)
قادُوهُ بِالحَبْلِ إِلَيْهِ أَخْرَجُوا *** وَ ارْتَجَتِ الأُفُقُ لَهُ وَ أَزْعَجُوا
لِلدِّينِ مَعَ أَوْلادِهِ وَ فاطِمَهْ *** وَ قَدْ أَفَاقَتْ بِنْتُ طُهَ قَائِمَهْ
ص: 476
قَدْ نَسِيَتْ جَمِيعَ ما كانَ بِهَا *** نَاظِرَةٌ فِي الحَالِ رَحْبَ دارِها
قَائِلَةٌ أَيْنَ عَلِيُّ المُرْتَضَى؟ *** وَ قَدْ أَجَابَتْ فِضَّةٌ قَالَتْ مَضَى
بِالحَبْلِ قَدْ قَادُوهُ يا أُمَّ الحَسَنْ *** فَخَرَجَتْ فَاطِمُ فِي ذَاكَ الحَزَنْ(1)
هَاتِفَةً فِي القَوْم خَلُّوا المُرْتَضَى *** هذا ابْنُ عَمِّي مُبْعِدٌ كُلَّ لَظَى(2)
فَاسْتَدْرَكُوها بالسياط المُؤلِمَهْ *** صَاحَتْ إِلهِي أَنْتَ جَبَّارُ السَّمَا
فَدَمْلَجُوا مُتونَها بِالضَّرْبِ *** وَ أَثَّرُوا أَعْضَادَها يا رَبِّي(3)
فَلَمْ تَعُدْ لِلدَّارِ لَكِنْ وَصَلَتْ *** لِبَابِ مَسْجِدِ الرَّسُولِ وَقَفَتْ
قَائِلَةٌ خَلُوا الوَصِيَّ عَلِيا *** بَابَ الهُدَى وَ المُرْتَضَى الصَّفِيَّا(4)
ص: 477
أَوْ لافَأَدْعُو دَعْوَةٌ مُجَابَهْ *** نَعَمْ وَ إِنِّي بَضْعَةُ النَّجابَهْ
هُناكَ كادَتْ تَرْفَعُ القِناعا *** بِدَعْوَةِ تَهْلِكُ لِلْجَمَاعَهْ
مَدَّتْ إِلَى القِنَاعَ يُمْنَى اليَدِ *** إِذِ العَذَابُ قَدْ أَتَى بِجَدِّ
فَارْتَفَعَتْ حِيطَانُ ذَاكَ المَسْجِدِ *** هذا عَذَابٌ قَدْ أَتَى لِلْمَعْهَدِ
جَاءَ العَذابُ بِغُبارِ مُحْرِقِ *** وَ عَمَّ فِي العَالَمِ لكِنِ التَّقِي
دَامَ الحِفاظ مِنْهُ لِلْكَرَامَهْ *** إِلَى الرَّسُولِ صَاحِبِ الغَمَامَهْ
فَقَالَ يَا سَلْمَانُ رُمْ لِلْبابِ *** فَإِنَّ بِنْتَ أَحْمَدَ فِي البابِ(1)
بَلِّغْ رسالةً إِلَيْها قَائِلا *** إِنَّ أَباكِ رَحْمَةٌ قَدْ أُرْسِلا
بَلِّغْ فَلاَتَكُونِي نِقْمَةٌ لِلْعَالَمِ *** وَ الصَّبْرَ يا بِنْتَ النَّبِيِّ الأَكْرَمِ
فَجَاءَ سَلْمانُ بِدَمْعِ مُنْحَدِرْ *** يا بِنْتَ طَهَ سيدي خَيْرِ البَشَرْ
أَخْبَرَها بِمَا يَقُولُ الْمُرْتَضَى *** وَ هُوَ القَسِيمُ لِلْجِنانِ وَ اللَّظَى(2)
ص: 478
فَأَجْهَشَتْ بِنْتُ النَّبِيِّ صَائِحَهْ *** سَلْمانُ دَعْ لَوْمَكَ عَن ها لفادِحهْ
ما قَصَّرَ الأَعْداءُ فِيمَا فَعَلُوا *** قَدْ هَجَمُوا دارِي وما قَدْ عَمِلُوا
صَابِرَةٌ فِي كُلِّ ما قَدْ وَقَعا *** إِلأَعَلِيَّ لاَ يَكُونُ مَرْتَعا
رَادُوا لِقَتْل المُرْتَضَى العَظِيمِ *** كَلاَّ وَ حَقِّ الخَالِقِ الرَّحِيمِ
أَلاَ تَرَى سَلْمانُ مَتْنِي كُلْما *** وَ اتْرَكَزَ المِسْمارُ نابعاً دَما؟
وَ أَسْقَطُوا حَمْلِيَ مُحْسِناً وَ قَدْ *** آذُونِي بِالعَصْرِ اعْتِداءَ وَ عَمَدْ
وَ كَسَرُوا ضِلْعِي وَخَدِّي لَطَمُوا *** وَ غَصَبُوا حَقّي وَ دَارِي هَجَمُوا
وَ مَزَّقُوا ما كانَ مِنْ كِتَابِ *** قَدْ حُقَّ فِيهِ الحَقُّ بِالصَّوابِ
أَما عَلِيٌّ لَيْسَ عَنْهُ صَبْرُ *** فَإِنَّهُ الإيمانُ وَ هْوَ الذِّكْرُ
ما رَجَعَتْ إِلا عَلِيٌّ مَعَها *** مَظْلُومَةٌ مَغْبُونَةٌ لكِنَّها(1)
نَفْسِي فِداها بَقِيَتْ عَلِيلَهْ *** بِكَثْرَةِ المَصَائِبِ الجَلِيلَهْ
ضَرْباً وَ لَطْماً مَعْ وَقَع الحَمْلِ *** مَصَائِبٌ لَمْ تَنْحَصِرْ بِالعَقْلِ
وَ قَدْ غَدَتْ فَاطِمَةُ البَتُولُ *** مَحْمُودَةٌ لَيْسَ لَهَا مَقِيلُ(2)
وَ أَصْبَحَتْ فَوْقَ الفِرَاشِ بِحُزَنْ *** تُعَالِجُ الآلامَ مِنْ تِلْكَ المِحَنْ
قَدْ بَقِيَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ المُصْطَفَى *** بُرْهَةَ وَقْتٍ نُورُها فِيهِ اخْتَفَى
حِينَ أَرادَ الخَالِقُ الكَرِيمُ *** وَقتَ اعْتِلالٍ صابَها عَظِيمُ
أَنْ تُرْفَعَ الزَّهْرا لِمَوْضِع العُلُى *** بِأَمْرِ رَبِّ الخَلْقِ جَلَّ وَعَلا
فَأَقْبَلَ الوَعْدُ لِبنْتِ أَحْمَدِ *** وَ فِيهِ فَارَقَتْ لِطِيب المَحْتِدِ(3)
أَلْقَتْ وَصاياها إِلَى الكَرَّارِ *** وَ اعْتَكَفَتْ فِي طَاعَةِ الجَبَّارِ(4)
ص: 479
حَتَّى قَضَتْ لِنَحْبِها مَضْرُوبَهْ *** مَنْهُوبَةٌ لِحَقِّهَا مَغْصُوبَهْ(1)
وَ مَاجَتِ الأَرْضُونَ فِي فِرَاقِهَا *** كَذَا السَّمَاءُ السَّبْعُ عِنْدَ مَوْتِهَا(2)
وَ الشَّمْسُ غَابَتْ وَ كَذَاكَ البَدْرُ *** وَ أَظْلَمَ الكَوْنُ وَ حَلَّ الضُّرُّ
مِنْ مَوْتَةِ الزَّهْرَاءِ أُمِّ الحَسَنِ *** وَ بَضْعَةِ المُخْتَارِ نُورِ الزَّمَنِ
عَلَيْكِ يا بِنْتَ الهُدَى سَلامُ *** مِنَ الإِلهِ وَلَكِ الإِنْعَامُ
مِنْ خَادِمٍ أَبْدَى لَكِ التَّحِيَّهُ *** سَيِّدَتِي يَا فَاطِمُ الزَّكِيَّة
أَرْجُو شِفالي يا بِنْتَ المُعَظَّمِ *** طهَ النَّبِيِّ الأَوْحَدِي الأَكْرَمِ(3)
كَذَا سَلاَمِي لَكِ مَعْ أَبِيكِ *** وَ بَعْلِكِ الكَرارِ مَعْ بَنِيكِ
وَ الحَمْدُ لِلَّهِ العَظِيمِ الشَّانِ *** وَ خَالِقِ التَّكْوِينِ وَ الإِمْكَانِ(4)
ص: 480
(بحر الرجز)
الشيخ عبد المجيد أبوالمكارم(*)(1)
آهِ مِنَ المِسْمَارِ كَيْفَمَا فَعَلْ *** فِعْلَتَهُ لِلْحَشْرِ لَمّا تَضْمَحِلْ(2)
نَكَّسَ عَامُودَ الهُدَى وَالدِّينِ *** بِفِعْلِهِ بِبَضْعَةِ الأَمِينِ
مَزَّقَ لِلصَّدْرِ وَأَوْهَاهَا عَلَى *** عَتْبَةِ دَارٍ أَسْقَطَتْ سِنَّ المَلاَ(3)
وَ أَحْرَقَ البابَ وَ أَوْهَى العَضُدا *** وَ قَادَ نُورَ اللَّهِ سُلْطَانَ الهُدَى
هَدَّمَ رُكْنَ الدِّينِ حِينَمَا فَعَلْ *** فِعْلَتَهُ السَّوْداءَ مِنْ خَيْرِ العَمَلْ(4)
ذَاكَ الهُجُومُ سَوَّدَ التَّارِيخَ فِي *** كُلِّ الدُّهورِ أَبداً لَمْ يَخْتَفِ(5)
وَ قَدْ بَغَتْ شَوْكَاتُهُ طُولَ الدُّنَى *** لِلْحَشْرِ لا تُحْمَدُ نِيرانُ الخَنَى(6)
ص: 481
ضَرْبٌ وَلَظمْ ثُمَّ إِسْقاط حَصَلْ *** عَصْرُ لِبِنْتِ المُصْطَفَى ضَيمٌ نَزَل
حَرْقٌ لِبابِ اللَّهِ مَعْ كِتَابِهِ *** سَبَبُهُ المِسْمَارُ فِي جَرَائِهِ
وَ قَادَ خَيْرَ الخَلْقِ بَعْدَ المُصْطَفَى *** بِالحَبْلِ قَسْراً وَبِهِ الدِّينُ اخْتَفَى(1)
وَ أَوْرَتَ الدُّلَ لِيَوْمِ الحَشْرِ *** فَأَحْزَنَ المُخْتَارَ كُلَّ الدَّهْرِ
جَاءَ بِهِ فِرْعَوْنُ هَذِي الأُمَّهْ *** قَدِ اسْتَحقَّ اللَّعْنَ مِنْ ذِي الرَّحْمَهْ
كَمَا لَهُ العَذَابُ فِي طُولِ الزَّمَنْ *** مِنْ يَوْمِ عَصْرِ الظُّهْرِ بِنْتِ المُؤْتَمَنْ
مَنْ جَاءَ بِالإيذا لبِنتِ المُصْطَفَى *** آذى اللهَ حَيْثُمَا قَدْ وَصَفَا(2)
طُولَ الزَّمانِ بَائِسٌ لَعِينُ *** نَعَمْ كَمَا بَيْنَهُ الأَمِينُ
كَذَا الصَّلاَةُ وَالسَّلامُ لِلنَّبِي *** وَ آلِهِ الأظهَارِ أَهْلِ الأَدَبِ(3)
ص: 482
كَذَا سَلاَمٌ مِنْ خَدِيمٍ أَبَدا *** يَرْجُوهُمُ الصَّلاحَ فِي يَوْمِ النِّدا
كَذاكَ يَرْجُو صِحَةٌ فِي نِعَم *** لِلْجِسْم وَالعَيْنِ فَأَنْعِم مَغْنَمِي
عَبْد المَجِيدِ وَحَفِيدُ جَعْفَرٍ *** وَ ابْنُ عَلِيَّ القَد ذَاكَ الأنْوَرِ(1)
ص: 483
(بحر الرجز)
الخطيب ملا عطية الجمري(*)(1)
وَ لهَني تَجَاوُبُ الأَرزاءِ *** بِالمُصْطَفَى والآلِ وَ الزَّهْراءِ
ص: 484
أَبْدَتْ لها الأُمَّةُ ما قَدْ أَضْمَرَتْ *** لها مِنَ الأَضْغَانِ وَ الشَّحْنَاءِ(1)
فكابَدَتْها محناً لولا مَسَتْ *** طَوْداً لزال عن ثَرى البَوْغاءِ(2)
وَ جَرَّعَتْ سِنَّ النِّسا مِنَ الأَسَى *** فَوادِحاً جَلَّتْ عن الإحْصاءِ
سَلْ عَنْ دُخُولِ الدّار فِيهِ ماجَرَى *** يا صاحِ مِنْ داهِيَةٍ دَهْياء(3)
ص: 485
مِنْ عَصْرِها وَ لَظْمِها عَداوَةً *** و مِن جَنين غيل في الأَحْشاءِ(1)
و مُذْ بَدَتْ تَدْفَعُ عن حَيْدَرَةٍ *** إِذ أَخْرَجُوهُ جُرْأَة الأَعْداءِ
صاغَ لها الدَّملَجَ في ساعِدِها *** سوطٌ تلوّى في يَدٍ لعناءِ
وَ انْدَفَعَتْ خَلْفَهُمُ لِمَسْجِدٍ *** غَصَّ بأهلِ البَغْيِ وَ الغَوْغاءِ(2)
تَدْعو وَ كَفَّاها على هامَتِها *** خَلُّوا عَلِيّاً رُعْتُمُ أبنائي(3)
فَما جَتِ الأَرْضُ وَ مَارَتِ السَّما *** وَ اضْطَرَبَتْ جَوانِبُ الأَرْجاءِ(4)
وَ لم تَكُنْ تَقْصِدُ إِهْلاكَهُمُ *** إِذْ شَأْنُها الصَّبْرُ على البَلْواءِ
بَلْ لِتُرِيهم ما به رَبُّ الورى *** أَكْرَمَهَا مِنْ سابِغِ النَّعْمَاءِ
كُمْ خُطبَةٍ صَمَّتْ بها آذانَهُمْ *** تَكْشِف كُلَّ طَخْبَةٍ عَمْياءِ(5)
لكِنَّهُمْ عن الهُدى في صَمَمٍ *** فَقابَلوا بالأُذُنِ الصَّمّاءِ
فَأَمَّتِ القَبْرَ له شَاكِيَةً *** فِعَالَهُمْ بِالمُهْجَةِ الحَراءِ
ص: 486
وَ انْكَفَات للمُرْتَضى مُبْدِيَةً *** باللرِّجالِ رِنّةَ النِّساءِ
فعادَ قَلْبُ المُرْتَضى في حَرَقٍ *** مُضْرَمَة بالهمَّةِ الشَّمَاءِ(1)
يَقولُ صَبْراً يابْنَةَ الهادي فَكَمْ *** اللَّهِ مِنْ حُكْمِ وَ مِنْ إِمضاءِ
وَ هكذا بِنْتُ الرَّسولِ كابَدَتْ *** حتَّى دَهاها عاجِلُ الفَناءِ(2)
قَدْ لَزِمَتْ فِراشَها مِنْ بَعْدِهِ *** لِعُظم ما لاقَتْ من البَلاءِ
فَفارَقَتْ دار الفنا لْكِنَّها *** تَحِنُّ لِلْكَرَارِ وَ الأَبْناءِ
ص: 487
(بحر الرجز)
الشيخ علي بن حسن الجشي
رُوي لنا عن معدنِ الأسرارِ *** بضعةِ طه مظهرِ الأنوارِ
قالتْ أبي المختارُ سلطانُ الرسل *** عليَّ في المنزلِ يوماً قد دَخَلْ
فقالَ لي في بدني ضعفاً أجدْ *** قلتُ كفيتَ بالإلهِ ما تجدْ
قال عليَّ بالكسا اليمانِي *** كيما تغطي بالكسا جثمانِي
قالتْ فغطيتُ أبي و لم أزلْ *** ناظرةً إليه إذ أضا المَحَلْ
و وجههُ يسطعُ منهُ النورُ *** كالبدرِ في تمامِه ينيرُ
فما مضتْ ساعةُ إلاّ وأتى *** قرّةُ عيني المجتبى خيرُ فتى
فقال يا أمُّ و يا بنتَ الهدى *** عليكِ مني السلامُ سَرْمَدا
قالت بنيَّ و السلامُ الأسنى *** عليكِ يا من تمَّ حسناً معنى
فقال يا أماه إني لأشمُ *** رائحةٌ بطيبها تحيى الرِّمَم(1)
كأنها تضوّعت من أحمدا *** جدي فمثلُ طيبِه لن يُوجدا(2)
قالتْ نعم ها جدّكَ المختارُ *** تحتَ الكسا و هو لهُ دثارُ
فأقبلَ السِّبط الزكيُّ المجتبى *** نحوَ الكسا حتى دنا و اقتربا
قال السلامُ من إلهِ العالمِ *** عليكَ يا سيدَ ولدِ آدمِ
ص: 488
و قال هل أدخلُ يا أفضلَ مَنْ *** كان يكُن قال: أجل بُني حَسَنْ
تقولُ ثم جاءَ من بعدِ الحسنْ *** قرّة عينيَّ الشهيدُ الممتحَنْ
و بالسلامِ افتتحَ الكلاما *** أجبته برده إكراما
فقال إنّي لأشمُ رائحةً *** كأنها من طيبِ جدي فائحةْ
قلتْ نعم جدك مع أخيكَ *** تحتَ الكسا بمهجتِي أفديكا
ثم دنا و كرَّر السلاما *** على النبيِّ جدِهِ إِعظاما
و استأذنَ النبيَّ في الدخولِ *** قال له أدخلْ في لقاكَ سولي(1)
قالتْ فعندَ ذاك جاءَ المؤتمنْ *** نفسُ النبي المصطفى أبوالحسَنْ
قال السلامُ بضعةَ المختارِ *** عليكِ في الأدوارِ والأكوارِ
قلتْ وهكذا السلامُ الدائمُ *** عليكَ ما قامتْ بكَ العوالمُ
فقالَ لي: أشمُّ طيباً فاحَ و لمْ *** أَخَلْهُ إلاطيبَ صِهِرِي و ابن عمْ(2)
قلتُ نعمْ ها هو معَ نجليكَ قَدْ *** ضمهمُ الكساءُ يا باب الرَشَدْ
هناكَ أقبل الوصيُّ المرتضى *** يؤمُ خير مصطفى و مرتضى
قال عليكَ مني السلامُ مما *** قرَّت بك الأرضُ و قامت السَّما
و قال هل أدخلْ معكَ يا بنْ عَم؟ *** قال نعم أنتَ شقيقي في القِدمْ
ثم دنتْ والدةُ السبطينِ *** كفوِ الوصي مجمعِ البحرينِ
تكرّر السلام و المخاطبةْ *** بیا رسول اللَّه طوراً و أبهْ
يا منْ له الولايةُ الكبرى هلْ *** تأذن بالدخول لي؟ قال أجَلْ
قالتْ فلما اكتملُوا تحت الكسا *** و فيهمُ طاولَ حتى الأطلسا
لم تدرِ ما هذا الكساءُ قد جمَعْ *** إذ ضمَّ خيرَ من لهُ الباري ابتدعْ
ص: 489
طوى مكارماً وأسرارَ جمَعْ *** لنشرِها فضا الوجودِ لم يسعْ
وكم لهذا الاجتماعِ من أثرْ *** مباركٍ عمَّ الوجودَ واستمرْ
وقد تجلّی اللّهُ للتنويهِ في *** سمائِه بما حووا من شرفِ
أوحى هناكَ مالكُ الأملاكِ *** إليهُم يا ساكِني أفلاكي
وعزّتي وبجلالي لم أكُنْ *** أوجِد موجوداً من الخلق يكُنْ
وما رفعت من سما مبنيّه *** ولا دحوتُ أرضها المدحيّه
ولم تكن من قمرٍ منيرِ *** ولم تكن شمسٌ تضي بالنورِ
ولم يكنْ من فلكِ دوّارِ *** أو أبحرٍ تجري وفُلكٍ ساري
ألاّ وكانَ في محبةِ الأُلى *** تحتَ الكساءِ اجتمعُوا أهل الوِلا
فهؤلاءِ الخمسةُ الذين هُمْ *** تحتَ الكساءِ رحمتي بهمْ تَعُمْ
فدلَّ أن لولاهُمُ لمْ يَكنِ *** في الأرضِ والسماءِ من مكوِّنِ
إذ كلُ شيءٍ للمكانِ مفتقرْ *** وبانتفاهُ ينتفي مايفتقرْ
فقال جبريلُ وَمَنْ تحتَ الكسا *** يا ربُّ؟ قال ربُّنا تقدّسا
هم من لهمْ بيتُ النبوّةِ انتسبْ *** ومعدنُ الرسالةِ السامي لقبْ
همُ فاطمٌ والمصطفى أبوها *** وبعلُها وخيرتي بنُوها
وإن تقديمَ الجليلِ الزهرا *** عليهُم ذكراً أبانَ سِرّا
لا يسعُ التصريحُ لكن من فهِمْ *** بأنها أم أبيها يغتنِمْ
فقال جبريلُ فهل تأذنُ أَنْ *** أكونَ سادساً لهُمْ يا ذا المِنَنْ؟
أرادَ أَنْ يجعلَ حلَّ منصبهْ *** متمماً لما اقتضتْهُ المرتبهْ
قال نعمْ هنالكُم تنزلا *** مسلماً يُنهي سلامَ ذي العُلا
وهو يقولُ ثمَّ قَصَّ مامضى *** وإنه جاءَ ليبلغَ الرِّضا
فهلْ تری یا صاحبَ الولايةْ *** تأذنُ لي حتى أنال الغايهْ؟
وربما يسألُ سائلٌ فطِنْ *** لِم يطلبِ الإذن وربُّه أَذِنْ
ص: 490
قلتُ هنا أجوبةٌ تنوعَتْ *** لكنها عن واحدٍ تفرعَتْ
الإذنُ لم يحوّلْ الماهيّةْ *** في الروحِ بلْ المصطفى العليّه(1)
وإن للعلةِ أعلى هيمنَهْ *** فيستحيلُ أن تزولَ السلطنَهْ
قال إليكَ قد إذنتُ فدخَلْ *** فقال قد أوحى لكم عزَّ وجَلْ
وهو يقولُ إنما يريدُ *** بها خُصصتم ولكُم مزيدُ
بوحيهِ جلَّ لها اقتضى المحَلْ *** حيث أبانت سرَّ جعلِهم عللْ
دلت بأنْ ليسَ سواهُمُ اتصف *** بما تضمنتْ لعمرِي من شرفْ
قد أذهبَ الرجسَ وبالتطهيِر مَنْ *** فلم يشب كمالهم نقصٌ دَرَن(2)
فتمَ فيهمُ اقتضى الإيجادِ *** من الحكيم المطلقِ الجوادِ
وغيرهمْ ما تمَّ فيه الإقتضا *** إلاّ إذا شاؤوا فهم سرُّ القَضا
وكم لذي الآيةِ من أسرارِ *** يرجعُ عنها ثاقبُ الأفكارِ
قال عليّ وهو البابُ لما *** مدينةَ العلم حوَتْ مستفْهِما
ما لجلوسِنا من الفضلِ لدى *** ربِّ الورى يا خيرَ داعٍ للهدی
فقالَ خیرُمخبرٍ أمينِ *** يؤكدُ الأخبارَ باليمينِ
ليعلمَ المؤمنَ أن للخبرْ *** منزلةً شامخةً ذاتَ خَطَرْ
فيطمئنَ وينالَ ما قصَدْ *** إذ نجحهُ نِيطَ بحسنِ المعتَقَدْ
قال ومن صيَّرَني نبيّا *** وبالرسالةِ اصطفى نجيّا
لم تذكرِ الشيعةُ هذا الخبرا *** بمجمعٍ إليهم فوقَ الثرى
إلا عليهمْ أنزلَ الجبارُ *** رحمتَهُ والمَلَكُ الأبرارُ
حفتْ بهم واستغفرت لهمْ إلى *** أنْ يتفرَّقُوا بأمرِ ذي العُلا
ص: 491
قال إذاً فُزنا وربِّ الكعبةْ *** ومن لَنا يُدِينُ بالمحبَّهْ
قالَ وقد أقسَم بالذي سبَقْ *** خيرُنبيِّ لم يفُهْ إلاّ بحَقْ
وما بهِم مهمومُ أو مغمومُ *** إلاّ وزالَ الغمُ والهمومُ
ولم يكنْ من طالبٍ الحاجة *** الاّ قضى الربُّ الكريمُ الحاجَةْ
فقالَ فُزنا وسَعُدنا المرتَضَى *** دنيا وعُقبى والذي لنا ارتَضَى
و هكذا شيعتُنا فازوا بنا *** في النشأتين وبنا نالُوا المُنى
ص: 492
(بحر الرّجز)
الشيخ علي بن حسن الجشي
حَبِيبَةُ الحَبِيبِ بِنْتُ المُصْطَفَى *** كُفْؤُ عَلِيِّ وَكَفاهَا شَرَفا(1)
وَفَضْلُها كالشَّمْس ما بِهِ خَفا *** حتّى على الرُّسْلِ لها تَفضيلُ
***
وربَّما يَكْبُرُ عندَ مَنْ جَهِلْ *** تَفْضِيلُها عَلَى الوَرَى حتّى الرُّسُلْ
ألَمْ يَكُنْ أهْلُ الكِسا هُمُ العِلَلْ *** وَهَلْ يُساوِي العِلَّةَ المَعْلُولُ؟
***
ألَم تَكُنْ من نورِ أَفْضَلِ الرُّسُلْ *** ومَنْ بَراهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ؟
مِن نورِهِ المُشْرِقِ مِنْ صُبْحِ الأَزَلْ *** إِذْ لا مُعَلَّلٌ ولا تَعْليلُ
***
ص: 493
وكَمْ لها في البَدْءِ والخِتامِ *** وَهذِهِ الدَّارُ مَقامٌ سامِي
خُصَّتْ به مِنْ خالقٍ الإنْعامِ *** أثْبَتَهُ المَنْقُولُ وَالمَعْقُولُ
***
وَهْيَ لَعَمْرِي عِلَّةُ الإيجادِ *** وَكَمْ عَلَى الخَلْقِ لَها أَيادِي(1)
في هذِه الدّارِ وَفِي المَعادِ *** وَالكُلُّ مِنْ أَهْوالِهِ مَذْهُولُ
***
وكَمْ لها هُنَالِكُمْ مِنْ مَوْطِنِ *** يَنْفَعُ حبُّها لِكُلِّ مُؤْمِن
أَيْسَرُها المَوْتُ فَهُمْ بِمَأمَنِ *** حَيْثُ عَلَى وِدادِها التّعويلُ(2)
ص: 494
(بحر الرَّجَز)
الشيخ علي بن مقرب العيوني
يَا وَاقِفاً بِدِمْنَةٍ وَمَرْبَعِ *** إِبْكِ عَلَى آلِ النَّبِيِّ أَوْ دَعِ
يَكْفِيكَ مَا عانَيْتَ مِنْ مُصابِهِمْ *** مِنْ أَنْ تَبَكَّى طَلَلاً بِلَعْلَعِ(1)
تُحِبُّهمْ قُلْتَ وَتَبْكِي غَيْرَهُمْ *** إِنَّكَ فِيمَا قُلْتَهُ لَمُدَّعِ
أمَا عَلِمْتَ أَنَّ إفراط الأَسَى *** عَلَيْهِمُ عَلامَةُ التَّشَيُّعِ؟
أَقْوَتْ مَغَانِيهم فَهُنَّ بِالبُكا *** أَحَقُّ مِنْ وادي الغَضا وَالأَجْرَعِ(2)
يَا لَيْتَ شِعْرِي مَنْ أَنُوحُ مِنْهُمُ *** وَمَنْ لَهُ يَنْهَلُ فَيْضُ أَدْمُعِي؟
ألِلْوَصِيَّ حِينَ فِي مِحْرابِهِ *** عُمِّمَ بِالسَّيْفِ وَلَمَّا يَرْكَعِ؟
أَمْ لِلْبَتُولِ فَاطِم إذ مُنِعَتْ *** عَنْ إِرْثِهَا الحَقِّ بِأَمْرِ مُجْمَعِ؟(3)
وَقَوْلُ مَنْ قَالَ لَهَا يَا هذِهِ *** لَقَدْ طلَبْتِ باطِلاً فارْتَدِعِي
أبوكِ قَدْ قَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ *** مُصَرِّحاً في مَجْمَعٍ فَمجْمَعِ
ص: 495
نَحْنُ جَمِيعُ الأَنَبِيَاءِ لانُرِي *** أَبْنَاءَنا لإرثنا مِنْ مَوْضِعِ
وَمَا تَرَكْنَاهُ يَكُونُ مَغْنَماً *** فَارْضَيْ بِمَا قَالَ أَبوكِ وَاسْمَعِي
قَالَتْ فَهَاتُوا نِحْلَتي مِنْ وَالِدي *** خَيْرِ الأَنامِ الشَّافِعِ المُشَفَّعِ
قَالُوا فَهلْ عِنْدَكِ مِنْ بَيِّنَةٍ *** نَسْمَعُ مَعْنَاها جَمِيعاً وَنَعِي
فَقَالَتْ أَبنائِي وَبَعْلِي حَيْدَرٌ *** أَبُوهُما أَبْصِرْ بهِ وَأَسْمِعِ
فَأَبْطَلُوا إِشْهادَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ *** نَصُّ الْكِتَابِ عِنْدَهُمْ بِمُقْنِعِ
وَلَمْ تَزَلْ مَهْضُومةٌ مَظْلُومةً *** بِرَدِّ دَعْواها وَرَضِّ الأَضْلُعِ(1)
وَأُلْحِدَتْ فِي لَيِلها لِغَيْظِها *** عَلَيْهِمُ سِرًّا بِأَخْفَى مَوْضِع(2)الذبالة : الفتيلة.(3)علّبَة أثر فيه وخدشه.(4)التأنيب : المبالغة في التوبيخ.(5)المأفون: الضعيف الرأي.(6)
ص: 496
(بحر الرجز)
السيد فاخر آل فاخر الموسوي
بسم الذي قد برَأ الخلائقْ *** وللهدى قد أظهَرَ الحقائقْ
والحمدُ اللّه على نوالهْ *** حب النبيِّ المصطفى وآلهْ
العترةُ الطاهرةُ الهداةُ *** عليهمُ السلامُ والصلاةُ
يُستنزلُ الخيرُ بهم والرحمهْ *** بذكرهم تُكشفُ كلُّ غمهْ
من ذلكم رَوت لنا قضيهْ *** بلفظها فاطمة الزكيهْ
حديثَها الموسومَ بالكساءِ *** من ألْفه مفصلاً للياءِ
قالت ففي يوم من الأيامِ *** قد خصني النبيُّ بالسلامِ
فزارني في حجرتي وحيد *** وهو لما قد خصني سعيدا
فقلت يا أبي لك التحيهْ *** مني عليك سيدَ البريهْ
فقال يا فاطمُ إني أجدُ *** ضعفا ويشكو اليومَ مني الْجسدُ
أجبتُهُ ه أعيذكَ باللَّهِ *** من كل ضعفٍ يا عظيمَ الجاهِ
فقال لي يا خيرة النسوانِ *** غطيني قومي بالكسا اليماني
فأقبلت والدةُ الأئمهْ *** تُنفِّذ الأمر له بهمهْ
تقولُ جئتُ له بالكساءِ *** غطيتُهُ فيه رجا الشِّفاءِ
فبينما إليه كنتُ أنظرُ *** أرى الضيا ووجهُهُ منوّرُ
كأنهُ البدرُ بذا الجمالِ *** في ليلةِ التمامِ والكمالِ
ص: 497
فلم تمرَّ ساعةٌ من الزمنْ *** حتى رأيتُ مقبلاً نحوي الحسنْ
أهدى بكلِّ أدبٍ سلامَهْ *** أجبتهُ ودائمُ السلامهْ
فقال يا أماهُ هذي رائحه *** كأنّها من ثوبِ جدي فائِحَه
قلتُ نعم ياسيدَ الأبناءِ *** مغطّى جدك بالكساءِ
فجاءَهُ مُسلماً منادي *** تأذنُ لي يا رحمةَ العبادِ
أجابه يا صاحبَ الحوضِ أجلْ *** أدخل معي يا نورَ عيني بالعجلْ
فضمهُ إليه بالكساءِ *** كما تقولُ خيرةُ النساءِ
فلم تمرَّ ساعةٌ حتى أتى *** قرةُ عينيَّ شهيدُ كربلا
بكل إجلالٍ علي سلما *** وعن نسیمِ شمَّها مستفهِما
فقال يا أماه فيكِ رائحهْ *** كأن جدي عندكِ يا صالحهْ
أجبته يا قرةَ العيونِ *** ذا صنوكَ الزكيُّ معْ ياسينِ
تحتَ الكساءِ جالساً بجنبهْ *** فاذهب إليه يا نجيعَ قلبهْ
فجاءَهُ مسلَّماً حسينُ *** نحوَ الكسا و كلُّه يقينُ
وقال يا خيرَ من اصطفاهُ *** ربُّ العلى وللهدى اجتباهُ
أ أدخلُ في جنبكم تحت الکسا *** صلی عليكَ اللّه صبحاً ومسا
أجابَهُ النبيُّ يا ريحانتي *** أنتَ الحسينُ حاملٌ شفاعتي
أجل أذنتُ لك في الدخولِ *** يا سيدَ الشبابِ والشبولِ
فالتحفَ السبطُ كما تقولُ *** تحتَ الكسا فاطمةُ البتولُ
قالت وجاء حينها أبو الحسنْ *** أميرُ كل مؤمنٍ مسلَّمَنْ
فقال يا فاطمةٌ أشمُّ *** رائحةً طيبةً تعمُّ
كأنها رائحةُ النبیِّ *** ذي العبق المعطّرِ الذكيِّ
أجبتُ يا من سُمِّيَ بالأميرِ *** لكل من آمنَ بالغديرِ
عليكُمُ السلامُ من ربِّ السما *** ذا ولديَّ والنبيُّ تحتَ الكسا
ص: 498
فجاء نحوَ الكساالوصيُ *** منادياً يا أيها النبيُ
في حجرك الميمونِ قد ربیتُ *** بكلِّ فضل لك قد عنيتُ
تأذنُ أن أنضمّ في الكساءِ *** قال نعم يا واجبَ الولاءِ
أجل وأنتَ حاملٌ لوائي *** بغيركُم لا خيرَ في وِلائي
فانضمَ في الكسا أبو الأئمهْ *** صنوُ الهدى بالبرِ والمَلَمَّهْ
وبعدَ ذاك نادت البتولُ *** مقبلةً يا أيها الرسولُ
أتأذنُ للبضعةِ الزكيهْ *** ياصاحبَ المكارمِ السنيهْ
أجابَها بإذنه يابنتي *** بالمكرمات والكسا خُصِصتي
يا بضعتِي وخيرةَ النساءِ *** تدثري بجنبي في الكساءِ
قالت فعندَ ذلكم أقبلتُ *** مع الجميعِ في الكسا دخلتُ
و حینما تحتَ الکسا اكتملنا *** دعا أبي وبعدَهُ آمنّا
قد رفعَ اليمنى إلى السماءِ *** وممسكاً بحرفيِ الكساءِ
منادياً يا محيي كل مَيْتِ *** إهدِ الورى لحبِّ أهلِ بيتي
فهؤلاء حامتي وخاصَّتي *** قد كملتْ بودِّهم رسالتي
فإن من دمي غدت دماؤهمْ *** كما وهم من لحمتِي لحومهمْ
وكلُّ ما يؤلمهم يؤذيني *** كما الذي يحزنهم يُشجيني
وحبُّهم حبٌّ لنا يكونُ *** وودُّهم كما في الذكرِ دينُ
وإنني حربٌ لمن حاربتمْ *** كما أنا سلم لمن سالمتمْ
فاجعل عدائيَ لمن عاداهمْ *** وزد إلهي الحب من والاهمْ
لأنني منهُم وهم مني هدًى *** من وَدَّهم فهو إلى الدين اهتدى
فإننا محمدٌ جميعُ *** من جاءنا كناله شفیعُ
وكُلُّناسفينةٌ واحدةُ *** للعالمين رحمةٌ نازلةُ
فصلِّ يا ربِّ عليهمُ كما *** طهَّرتهم من كلِّ ذنب عاصما
ص: 499
وبارك اللهم في ذرّيتي *** واجعل رضاكَ عنهمُ بعصمةِ
وأذهبنَّ عنهمُ كل دَنسْ *** وزکِّهم من كلّ رجس ونَجَسْ
فقال ربُ البيت والمقامِ *** ومُسمِعُ الملائكِ الكرامِ
فإنني أُقسم في جلالي *** وعزّتي الشأواء في جمالي
ما كنتُ قط خالقُ الضياءا *** ولم أكن أن أبرأ القضاءا
كلا ولا من طُلّعٍ عشيهْ *** وليس من شمس بها مضیهْ
كما ولامن قمرٍينيرُ *** وليس فيها فَلَك يدورُ
ولا بحارا في الأراضي تجري *** كلا ولا فُلْكاً عليها تسري
وإني لم أخلق سما مبنیهْ *** كلا ولا أرضٌ غدت مدحيّهْ
إلا لأجل حبِّ هؤلاءِ *** الخمسةِ الأطهار في الكساءِ
أفضلُ من جميعِ ما برئتُ *** لأجلهم كل الذي خلقتُ
فقال جبرائيلُ الأمينُ *** يارب مَنْ تحت الكسا يكونُ
فقال أعني أحمدا وآلَهْ *** أهلَ النبيِّ معدنَ الرسالهْ
هم فاطمُ والمصطفى أبوها *** وبعلُها وبعدَها بنوها
فقال يا ربُّ ألا أكونُ *** سادسَهُم بخدمةٍ معينُ
أجابه فاهبط كما تريدُ *** واتل اليهم: إنما يريدُ
فجاءَ جبريلُ لنا مسلِّماً *** على الرسول المجتبى المكرَّما
مبشّراً يقول إن اللَّهَ *** في الملا الأعلى بكم قد باها
ومقسماً بالعز والجلالِ *** وحق ما برئتُ من جمالِ
فإنني لم أخلقِ الخضراءا *** كلا ولم أمهّد الغبراءا
ولا جعلتُ قمراً منيراً *** كلا ولا من فَلَكٍ يدورا
وليس بحرٌ في الوطاء يجري *** ولا بها فُلُكاً هناك تَسري
وليسَ شمسٌ في السماء تشرقُ *** كلا ولا خلقٌ هناك يُرزَقُ
ص: 500
إلا لأجلِ هؤلاءِ الخمسِ *** تحتَ الكسا قد طهروا من رجسِ
وجئتكم بآيةِ تذكيرا *** بأنه طهَّركم تطهيرا
و قد تحدّث له كما سبقْ *** من نظمِ ذا العبد على نحوِ النسقْ
و قال أهدَى لكُمُ الكرامهْ *** كما وقد خصكَ بالسلامهْ
و مؤذناً بأن أكونَ بالعبا *** فتأذنُ يا خيرَ من قَدْ صَحبا
قال نعم فأقبل الأمينُ *** تحتَ الكسا بجنبِه قرينُ
فكانَ جبريلُ بنا يفتخرُ *** ما إن تُلي في الخلق هذا الخبرُ
قالتْ فقال المرتضى مستفهِما *** ما الفضلُ للجلوس ذا تحتَ الكسا
فأقسمَ الرسولُ بالنبوّهْ *** يا أيها المختصُ بالأخوهْ
فوالذي بحقِّه اصطفاني *** و للورى لدينهِ اجتباني
حتى جُعلتُ للهدى نبياً *** و حاملاً رسالتِي نجيا
مهما تُلي حديثنا الكساءُ *** فواجبٌ أن يُرفع الدعاءُ
و ما تلاه محفلٌ مجتمعُ *** و فيه من شيعتِنا يستمعُ
إلا وهم يستوجبونَ الرحمهْ *** و زيدَ كلُّ واحدٍ في النعمهْ
هذا و حفتْ بهمُ الملائكْ *** و استغفرتْ في جمعهِم لذلكْ
فقال لما سمعَ الوصيُّ *** فاز بربِّ الكعبة الوليُ
فقال عند ذلك الرسولُ *** أيا أخي وذا لهم قليلُ
فوالذي بالحقِّ قد نبئتُ *** من عندهِ و بالهدى بُعثتُ
ما إن تلى الحديثَ ذا أولئكْ *** إلا عليهم نزلتْ ملائكْ
تحفوفيهم و لهم تستغفرْ *** و جمعُها بذكرنا منوّرْ
و ليس فيهمُ يوجد مهمومُ *** أو أحدٌ من بينهم مغمومُ
إلا و فرَّج اللَّه همومَهْ *** و يكشفنْ عن ذلكم غمومهْ
أو طالبٌ لحاجةٍ قضاها *** و كلُّ نفس أُعطيت رِضاها
ص: 501
فقال يا رسولَ اللَّه فُزنا *** إذن و ربِّ الكعبة قد سَعُدنا
فالحمدُللَّه على الآلاءِ *** ماخصَّ فيه شيعةُ الولاءِ
واشمُلهُم يا ربُّ بالصلاةِ *** و نجهم في الحشرِ و المماةِ
و تم معنّى خبر الكساءِ *** ما قد روي عن خيرةِ النساء
فالعنْ بحقِّهم إلهي المُنكِرا *** و ابعث إليه ناكراً ومنکَرا
و أصله يا عدلُ في جهنمِ *** في غمرةٍ من العذاب المؤلمِ
و نجني بحقِّهم في الدنيا *** كذا أكون معهم في الأخرى
و احشرنِ في شفاعة الزهراءِ *** بذكرنا حديثَها الكساءِ
تلك التي قد طلبَ الأمينُ *** بالبابِ منها خادماً يكونُ
يستشرفُ الأمين عند بابِها *** و يهتكوا منها العدى حجابَها
تعساً لهم أيرفعونَ النارا *** و هي بحزن ترثُ المختارا
قد كبسُوا على الزهراءبيتَها *** ياليتها لم تأتهم ياليتَها
قد كسروا بالبابِ منها الضِّلعا *** و احمرتْ العين و أدموا الدَّمعا
قد سقطت من شدةِ المصابِ *** و أسقطُوا محسنَها بالبابِ
فانتدبتْ بفضةٍ خذيني *** بصدركِ يا هذي سنديني
فقد واللَّه أسقطوا جنيني *** كما أصبتُ ضربةً بعيني
و خلفَ بابي عصروني عصرا *** فأدركوا من النبيِّ وترا
و قد جرى الدمَّ من المسمارِ *** وذاك سقطي محسنٌ في الدارِ
و حينما درت بإبن عمِّها *** قامت و لاشيءَ بها أهمَّها
تندبُ شجوا و تنادي الناسا *** خلُّوا الهدى أو اكشفنَّ الراسا
يا عجباً أتستباحُ الحرمهْ *** من النبي و يضربون الحرمهْ
و ههنا ينقطعُ البيانُ *** فإن عنهُ يقصرُ اللسانُ
و نختمُ بالحمدِ و الثناءِ *** لمن هدانا خالصَ الولاءِ
ص: 502
مصلياً على الهدى النبيِّ *** و ابنيه و الزهراءِ و الوصيِّ
فالسرُّ في الكساهي الصلاةُ *** عليهمُ كما رَوى الرواةْ
فصلِّ ياربِّ عليهم دائماً *** واجعلني للسبطِ الشهيدِ خادما
وإني من نسلِ البتول فاخرْ *** بين الملا بحبِّها مفاخرْ
من أهلِ بيت العلماءِ العلوي *** ذاك فخارُ بن معدِّ الموسوي
فارحم إلهي الوالدين العلما *** بحقِ أصحابِ الكساءِ الكُرما
ص: 503
(بحر الرجز)
إبراهيم غلوم حسين أحمد(*)(1)
أبدأُ باسمِ الواحدِ الكريمِ *** إلهِنا المنعمِ والرحيمِ
ثم أصلّي أفضلَ الصلاةِ *** على أبي القاسمِ والهداةِ
عترتِهِ الأطائبِ الأطهارِ *** سادةِ الأماجدِ الأبرارِ
لقد رووا عن جابرِ الأنصارِي *** عليه رضوانُ العلى البارِي
قال بأنني سمعتُ فاطمهْ *** أم أئمةِ الهدى والعالمهْ
قالت أتاني سيدُ البريه *** متجهاً إليّ بالتحيّه
قال سلامُ ربِّنا عليكِ *** تحیةً أهديتُها إليكِ
ص:504
أجبتهُ يا سيدَ الأنامِ *** يهديكَ ربّي أفضلَ السلامِ
فقال لي أشعرُ في جسمي وَهَنْ *** قلتُ أعاذك الجليلُ ذو المِنَنْ
فقالَ إيتيني وغطِّي بدني *** ببردةٍ جيءَ بها من يَمَنِ
لما أتيتُهُ بما كانَ أمَرْ *** رأيتُه كالبدرِ في الليلِ اِزدَهَرْ
وبعدهَ جاءَ الإمامُ المُجتبى *** مسلماً قلتُ له يا مَرَحَبا
فقال يا أُمّي أشمُّ غاليهْ *** كأنَّها من النبيِّ آتيهْ
قلتُ بأنَّ جدكَ المؤيدْ *** تحتَ الكساءِ ههنا مُمَدَّدْ
وثم إذ دنا الإمامُ الممتحنْ *** مستأذناً من النبيِّ المؤتمَنْ
أجابَهُ يا زهرةً في الروضِ *** أدخل فأنتَ صاحبُ للحوضِ
ما هي إلا ساعةٌ من الزمَنْ *** إذ بالحسينِ قد أتَى بعدَ الحَسَنْ
قال سلاماً أُمَّناالزكيّه *** حبيبةَ النبيِّ يا رضيِّه
قلتُ سلاماً يا حبيبَ ربِّي *** وقرةَ العينِ ونورَ القلبِ
فقالَ ما أطيبَ هذي الرائحةْ *** كأنها من النبي فائِحةْ
قلتُ نعم فداك روحي والبدنْ *** فالمصطفى تحتَ الكسا معَ الحَسَنْ
ونحو جدهِ الحسينُ مذ دنا *** مسلماً وبعدَهُ مستأذناً
أجابَهُ النبيُّ بابتسامة *** أدخل فأنْتَ شافعُ القيامَة
جاء عليُّ بعدَهُمْ للدارِ *** قال سلاماً بضعةَ المختارِ
إني أشمُّ عندكِ العشيّةْ *** رائحةً طيبةً زكيّةْ
مصدرُها أَيَّتُها البتولُ *** هو ابن عمي المصطفى الرسولُ
قلتُ نعم يا أيها الوصيُّ *** تحتَ الكسا والدي النبيُّ
فجاءَ حيدرٌ إلى الكساءِ *** قال سلامٌ يا أبا الزهراءِ
أريد إذناً منكَ بالدخول *** تحتَ الكسا بالبشرِ والقبولِ
قال النبيُّ يا حبيبَ ربِّنا *** أدخل على الرحبِ وكن بقربِنا
ص: 505
ثم أتيتُ بعدَهُم نحوَ النبي *** استأذنُ الدخولَ في تأدبِ
قال أدخلي يا فاطمُ تحتَ الكسا *** يا زهرةَ الخلدِ وخيرةَ النسا
وثم كلنا إذ اجتمعنا *** من النبي المصطفى سَمِعنا
يا ربِّ إن هؤلاء عترتي *** سيرتُهُم مشتقةٌ من سيرتي
دماؤُهُم ولحمُهُم من قِدمِ *** مخلوطةٌ أصلاً بلحمِي ودمِي
إن ما يرضيهُمُ يرضيني *** كذا وما يؤذيهُمُ يؤذيني
سِلمٌ أنا ربِّ لمن سالمَهُمْ *** حربٌ أنا ربِّ لمن حاربَهُم
همُ بضعةٌ مني وإني منهمُ *** ولا تطيقُ النفسُ بعدا عنهُمُ
ياربِّنا صلِّ عليهم وعلى *** إليهم الرحمة أرسل وإلى
ربِّ وطهرهم من الأرجاسِ *** دوماً وأبعدهِمْ عن الأنجاسِ
اللّه نادى في السماواتِ العلا *** مخاطباً من كان فيها مِنْ مَلا
أنْ ما خلقتُ من سماً أو أرضِ *** وما فرضتُ فيهما من فرضِ
كلا وما خلقتُ شمساً أو قمرْ *** ولا الجبالَ والبحارَ والشجَرْ
إلا لأجلِ خمسةٍ تحتَ العَبا *** هم الكرامُ الأتقياءُ النُّجبا
هنا انبرى مستوضحاً جبريلُ *** منادياً يا أيها الجليلُ
بيِّن لنا من الأُلى يا حقُّ *** لكل ذلك الثنا استحَقُّوا
أجابَهُ الخالقُ يا جبريلُ *** هم فاطمُ الزهراءُ والرسولُ
معَ الوصيِّ والدِ السبطين *** والحسنِ الزاهرِ والحسينِ
قال الأمينُ ربِّ هل تأذنُ لي *** لأصبحَ السادسَ في بيتِ علي
قال لهُ اللّه نعم أذنتُ لكْ *** والروحُ دربَ منزلِ الهادي سلَكْ
حيّا وقال: أطيبُ السلام *** من ربِّنا وأوفرُ الإكرامِ
عليكَ يا واسطةَ الإيجادِ *** وشافعَ الأمةِ في المعادِ
أقسَمَ ربّي بجلالِ قدرتِهْ *** وبارتفاعِ شأنِهِ وعِزّيِهْ
بأنّهُ لم يخلقِ الأكوانا *** والنارَ والجنةَ والزمانا
ص: 506
إلا لأجلِكُم وأجلِ حبِّكُمْ *** وخصَّني بأن أكونَ قُرْبَكُمْ
قال النبيُّ يا رسولَ ربَّنا *** أهلاً والفُ مرحباً بقربِنا
فقالَ جبريلُ من الخبيرِ *** جئتكُمُ بآيةِ التطهيرِ
فأنتمُ صفوتُهُ من الورى *** وخيرُ من يمشي على وجهِ الثرى
وعندها قال الوصيُّ المجتبى *** ما فضلُ اجتماعنا تحتَ العَبا
أجابَه الهادي البشيرُ يا علي *** ما ذكرُوا مجلسنا في محفلِ
وفيه جمعٌ من جموعِ الشيعهْ *** وهي التي لربها مطيعَهْ
إلا وحلتْ نعمٌ الرحمنِ *** عليهمُ بالفضلِ والرضوانِ
ومن دعاءِ الملأ الأعلى لهم *** يصلحُ ربُّنا الكريمُ بالَهُم
فاستبشرَ الوصيُّ من هذا الخبرْ*** وقال فازَ من بجمعنا حَضرْ
قال النبيُّ للإمامِ المرتضى *** إعلمْ بأن اللّه قُدما قد قضى
بأن شيعةً لنا إن شكَرُوا *** خالقَهُم وأمرَنا إن ذكَرُوا
يفرّجُ اللّه عن المهمومِ *** ويكشفُ الغمَّ عن المغمومِ
وحاجةُ المحتاج تقضى بكمُ *** كرامةً من اللطيفِ لكمُ
قال عليُّ فازت الأحبة *** ونحنُ فزنا بإلهِ الكعبة
وقد روى إمامُنا الشيرازي *** حديثَهُم بالسندِ الممتاز
فارجع إلى (الدعاء والزيارة) *** ترى الحديثَ واضحَ العِبارة
وارجع إِلى كتابِ (فقه فاطمهْ) *** وراجعِ الدليل في المقدمهْ
معنعناً في ذلكَ الكتابِ *** بلفظهِ البديعِ والجذابِ
فأسألِ اللّه بأن ينفعَهُ *** وللفراديس العلى يرفعَهُ
ويعلي اللّه بهِ مقامَهُ *** ثمَّ ويسعى نورَهُ أمامَهُ
وفي الختامِ أشكر الشيخ علي *** الدائمِ التوجيهِ والتشجيعِ لي
مع التحياتِ إلى الحبيبِ *** العندليبِ الشاعرِ الأديبِ
ص: 507
(بحر الرجز)
الشيخ كاظم آل نوح
أَیُّ رَشَاً أَهَاجَنَا بُغَامُهُ *** أَرَاعَهُ القَانِصُ أَوْ أُوَامُهُ(1)
يتْلَعُ بِالجِيدِ حَذَارِ قَانِصٍ *** أَمْ شَافَهُ مِنَ الحِمَى بَشَامُهُ(2)
فَالرَّوْضُ قَدْ حَفَّ كِنَاسَهُ وَذِي *** مِنْ نُورِهِ تَفَتَّحَتْ أَكْمَامُهُ(3)
أَيُّ كِنَاسٍ ضَمَّ ظَبْياً شَادِناً *** أَمْ ذَاكَ رِئْبَالٌ وَذَا أَجَامُهُ؟
وَأَحَرباً مِنْ لَحْظِهِ وَفَتْكِهِ *** أَمَا رَثَا لَمْ تُخْطِنَا سِهَامُهُ؟
منْ مُنْصِفِي مِنْهُ وَمِنْ قَوَامِهِ *** أَمَا يَحُسُّ طَاعِناً قَوَامُهُ؟
لَمْ يَصْحُ مِنْ سُكْرٍ وَكَيْفَ تَرْتَجِي *** صَحْوَتَهُ وَرِيقُهُ مُدَامُهُ(4)؟
رِيمٌ رَمَى الصَّبَّ بِسَهْمِ صَدّهِ *** مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقْضِي بِهِ مَرَامَهُ
هَامَ بِهِ القَلْبُ فَقَلْبِي أَبَداً *** لاَ يَنْقَضِي وَقَدْ جَفَا هُيَامَهُ(5)
وَمَا عَسَى يُجْدِي الهُيَامُ رَامِقاً *** مِنْ بَعْدِ مَا شَابَتْ أَسًى لِمَامُهُ
بِمَفْرَقِي الشَّيْبُ بَدَا وَقَدْ مَضَى *** شَرْخُ الشَّبَابِ وَانْقَضَتْ أَيَّامُهُ
لِفَادِحٍ بَعْدَ النَّبِيِّ قَدْ جَرَى *** فِي القَلْبِ يُورِي أَبَداً ضِرَامُهُ
ص: 508
قَدْ رُفِضَتْ شِرْعَتُهُ وَغَیِّرَتْ *** سُنَّتُهُ وَبُدِّلَتْ أَحْكَامُهُ
إِنْ تَتْلُ مِنْهَا وَأَولو الأَرْحَامِ فِي *** الذِّكْرِ يُرَى قَدْ قَطِّعَتْ أَرْحَامُهُ
أَبْرَمَ عَقْداً لاَ يُحَلُّ فَاغْتَدَى *** مُنْتَقَضاً مِنْ بَعْدِهِ إِبْرَامُهُ(1)
عَدَوْا عَلَى دَارِ البَتُولِ بَعْدَهُ *** قَسْراً وَلَمْ يُرْعَ بِهَا ذِمَامُهْ(2)
وَمُذْ قَضَتْ الْحَدَهَا حَيْدَرَةٌ *** وَاللَّيْلُ كَانَ غَامِراً ظَلاَمُهُ(3)
فِيْ رَوْضَةِ النَّبِيِّ أَوْ حُجْرَتِهَا *** أَوْ فِي البَقيعِ ضَمَّهَا رِغَامُهُ
وَظَلَّ حَيْدَرٌ جَلِيسَ بَيْتِهِ *** يَبْكِي وَتَبْكِي حَوْلَهُ أَیْتَامُهُ
وَلَمْ يَزَلْ بَعْدَ النَّبِيِّ صَابِراً *** مُضْطَهَداً حَتَّى دَهَى حِمَامُهُ(4)-(5)
ص: 509
(بحر الرجز)
ملا محسن سلمان البحراني
الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا *** بِالمُصْطَفَى وَالمُرْتَضَى مَوْلانا
أَخْرَجَنَا مِنْ ظُلْمَةِ النِّفَاقِ *** بِالمُصْطَفَى مُهَذَّبِ الأَخْلاَقِ
وَبِالوَصِيِّ المُرْتَضَى مِنْ بَعْدِهِ *** وَبِالأَئِمَّةِ الهُدَى مِنْ وُلْدِهِ(1)
صَلَّى عَلَيْهِمْ رَبُّنَا وَشَرَّفا *** مَا إِنْ سَعَى مَا بَيْنَ مَرْوَ وَالصَّفَا
وَهَا أَنَا شَرَعْتُ فِي الرِّثَاءِ *** مُنَظِّماً رِوَايَةَ الكِسَاءِ
رَوَتْ لَنَا فَاطِمَةٌ هُذَا الخَبَرْ *** لِكَيْ يُزِيلَ الهَمَّ عَنَّا وَالكَدَرْ(2)
تَقُولُ يَوْماً جَاءَنِي المُخْتَارْ *** تَشِعُّ فِي جَبِينِهِ الأَنْوَارُ
فَقَالَ لِي يَا خِيرَةَ النِّسْوَانِ *** ضَعْفٌ أَرَاهُ اليَوْمَ قَدْ عَرَانِي
عَلَيَّ بِالكِسَا بِهذَا الحِينِ *** وَفِيهِ يا فَاطِمَةٌ غَطِّينِي
قَالَتْ فَجِئْتُهُ بِذلِكَ الكِسا *** فَقَالَ لِي أَحْسَنْتِ يَا سِتَّ النِّسا
فَصِرْتُ أَرْنُو وَجْهَ سَيِّدِ البَشَرْ *** إِذَا بِنُورِهِ عَلاَ نُورَ القَمَرْ(3)
وَمُذْ مَضَتْ هُنَيْئةً مِنَ الزَّمَنْ *** جَاءَ أَبُو مُحَمَّدِ الطُّهْرُ الحَسَنْ
ص: 510
فَقَالَ يَا بِنْتَ النَّبِيِّ الهَادِي *** وَمَنْ أَبُوهَا سَيِّدُ العِبَادِ
أَشُمُّ رِيحَ المِسْكِ فِي حِمَاكِ *** كَأَنَّهَا رِيحُ النَّبِيِّ الزَّاكِي
قَالَتْ نَعَمْ تَحْتَ الكِسا قَدِ اضْطَجَعْ *** وَنُورُهُ مِنْ وَجْنَتَيْهِ قَدْ سَطَعْ
فَرَاحَ نَحْوَهُ الإِمَامُ السَّامِي *** مُسْتَئْذِناً مِنْ سَیِّدِ الأَنامِ
يَقُولُ يَا جَدَّاهُ يَا خَيْرَ المَلا *** تَأْذَنُ لِي تَحْتَ الكِسَا أَنْ أَدْخُلا
قَالَ النَّبِيُّ المُصْطَفَى يَا مَرْحبا *** ادْخُلْ مَعِي تَحْتَ الكِسا يَا مُجْتَبَى
تَقُولُ بِنْتُ المُصْطَفَى فَاطِمَةٌ *** لَمْ تَمْضِ بَعْدَ ذَاكَ إِلاَّ سَاعَهٌ
إِذْ جَاءَ سِبْطُ المُصْطَفَى حُسَيْنُ *** وَمِنْ ضِياهُ يَزْهَرُ الجَبِينُ
فَقَالَ لِي يَا أُمِّي الشَّفِيقَهْ *** وَأَظْهَرَ النِّسَاءِ فِي الحَقِيقَهْ
رِيحٌ أَشُمُّها بِهذَا المَنْزِلِ *** أَظُنُّها رِيحَ النَّبِيِّ المُرْسَلِ
فَقُلْتُ يَا رَيْحَانَةَ المُخْتَارِ *** وَمَنْ أَبُوهُ حَيْدَرُ الكَرَّارِ(1)
ها هُوَذا تَحْتَ الكِسا مُدَّثِرُ *** مَعَ أَخِيكَ المُجْتَبَى مُسْتَتِرُ(2)
فَأَقْبَلَ السِّبْطُ بِثَغْرٍ بَاسِم *** مُسْتَئْذِنَاً مِنَ النَّبِيِّ الهَاشِمِي(3)
فَقَالَ يَا جَدّاهُ هَلْ تَأْذَنُ *** أَنْ ادْخُلْ مَعَكُمْ فِي الكِسا يا مُؤْتَمَنْ
قَالَ النَّبِيّ يَا أَيُّها الحَبيبُ *** أَدْخُلَ معانا أَيُّهَا النَّجِيبُ
ص: 511
تَقُولُ بِنْتُ المُصْطَفَى فَمَا مَضَى *** إِلاَّقَلِيلٌ ثُمَّ جَاءَ المُرْتَضَى
فَقَالَ يَا سَيِّدَةَ النِّسَاءِ *** وَتُحْفَتِي مِنْ خَالِقِ السَّمَاءِ
إِنِّي أَشُمُّ عِنْدَكِ فِي الدَّارِ *** رِيحاً كَرِيحِ المُصْطَفَى المُخْتَارِ
قَالَتْ نَعَمْ تَحْتَ الكِسا مُكْتَنِفا *** أَيْضاً وَشِبَلاَكَ مَعَاهُ الْتَحَفَا(1)
فَجَاءَ نَحْوَ المُصْطَفَى الطُّهْرُ عَلِي *** مُسْتَئْذِناً مِنَ النَّبِيِّ الأَفْضَلِ
يَقُولُ هَلْ تَأْذَنُ لِي يَا مُؤْتَمَنْ *** أَن مَعَكُمُ تَحْتَ الكِسَا أَدْخُلَنْ؟
قَالَ النَّبِيُّ المُصْطَفَى ذُو الجَاهِ *** ادْخُلْ مَعَانا يَا وَلِيَّ اللَّهِ
فَعِنْدَها بِنْتُ النَّبِي البَتُولُ *** جَاءَتْ إِلَى نَحْوِ الكِسَاءِ تَقُولُ
تَقُولُ يَا خَيْرَ الوَرَى تَأْذَنُ لِي *** أَدْخُلْ مَعَاكُمْ فِي الكِسَا؟ قَالَ ادْخُلِي
وَمُذْهُمُ تَحْتَ الكِسَاءِ اجْتَمَعُوا *** أَشْرَقَ بِالأَنْوَارِ ذَاكَ المَوْضِعُ
هُنَالِكَ اللَّهُ العَلِيُّ الأَكْبَرُ *** أَسْمَعَ أَمْلاَكَ السَّمَاءِ يُخْبِرُ
يَقُولُ ما خَلَقْتُ شَيْئاً بِالفَلاَ *** كَلاَّ وَلاَ بَدْراً وَلاَ شمْساً وَلاَ
عَرْشاً وَلاَ كُرْسِي وَلاَ أَمْلاكا *** كَلاَّ وَلاَ فُلْكاً وَلاَ أَفْلاكا
وَمَا خَلَقْتُ اللَّوْحَ كَلاَّ وَالقَلَمْ *** وَلَمْ يَكُنْ وُجُودُ شَيْءٍ مِنْ عَدَمْ
إلاَّ لأَجْلِ الخَمْسَةِ الَّذِينَ هُمْ *** تَحْتَ الكِسَا وَإِنَّنِي شَرَّفْتُهُمْ
فَقَالَ جِبْرَئِيلُ مَنْ عَنَيْتَهُمْ *** وَمَنْ عَلَى كُلِّ المَلاَ فَضَّلْتَهُمْ؟
فَقَالَ هُمْ وَعِزَّتِي أَهْلُ الوَفا *** وَمَنْ هُمُ قَدَّمْتُهُمْ فِي الاصْطِفا
فَاطِمَةُ وَالمُصْطَفَى أَبَاها *** وَبَعْلُهَا وَالسَّيِّدَانِ ابْنَاها
فَقَالَ جِبْرَئِيلُ هَلْ تَأْمُرُنِي *** أَنْ أَهْبِطَ الأَرْضَ لِذَاكَ المَوْطِنِ؟
فَقَالَ قَدْ أَذِنْتُ يا جِبْرِيلُ *** فَاهْبِطْ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا أَقُولُ
فَجَاءَ جِبْرِيل بِإِذْنِ البَارِي *** مُسْتَئْذِناً مِنْ صَفْوَةِ الجَبَّارِ
ص: 512
مُذْ صَارَ جِبْرَائِيلُ فِي الكِسا مَعا *** النُّبَلاَ وَالنُّجَبَاءُ الشُّفَّعا
بَلَّغَهُمْ ما قالَهُ رَبُّ السَّما *** ثُمَّ ابْتَدَا يَتْلُو عَلَيْهِمْ إِنَّما
هُنَاكَ قَالَ المُرْتَضَى الأَمِيرُ *** لِلْمُصْطَفَى أَخْبِرْنِي يَا بَشِيرُ
مَا فِي جُلُوسِنا مِنَ النَّفْضِيلِ *** عِنْدَ الإِلهِ الوَاحِدِ الجَلِيل؟
قَال النَّبِيُّ المُصْطَفَى وَحَقِّ مَنْ *** أَرْسَلَنِي بالحق يا أبَا الحَسَنْ
ما إِن تُلِي هذَا الخَبَرْ فِي مَحْفِلِ *** وَفِيهِمُ ذُو عَاهَةٍ أَوْ مُبْتَلِي(1)
إِلاَّ أزالَ اللَّهُ عَنْهُ عَاهَتَهْ *** وَصاحِبُ الحاجاتِ يَقْضِي حَاجَتَهْ
لا وَالَّذِي صَیَّرَنِي نَبِيّا *** واخْتَارَنِي لِوَحْيِهِ نَجِيّا
ما إِنْ قُرِي فِي مَحْفَلٍ هذا الخَبَرْ *** وَفِيهِمُ جَمْعٌ مِنَ الشِّيعَة الغُرَرْ
وَفِيهِمُ مَغْمُومُ أَوْ مَكْرُوبُ *** إلاَّ وَعَنْهُ تُکْشَفُ الكُرُوبُ
أَوْ دَاعِياً لِدَيْنِهِ تُقْضَى لَهُ *** دُيُونُهُ وَيُجْلا عَنْهُ غَمُّهُ
وَرَحْمَةُ الباري بِهِمْ تَحُفُّهُمْ *** وَتَنْزِلُ الأَمْلاكُ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ
هُناكَ قَالَ المُرْتَضَى إِمَامُنا *** فُزْنا وفازَتْ شِيعَةٌ تَودُّنا
فُزْنا وَرَبِّ المَسْجِدِ الحَرَامِ *** وَزَمْزَمٍ وَالرُّكْنِ والمَقَامِ
لكِنَّنِي فِي غايَةِ التَّعَجُبِ *** مِنْ أَهْلِ بَيْتِ المُصْطَفَى المُنتَجَبِ
يَسْتَأْذِنُ الأَمِينُ جِبْرَئِيلُ *** عَلَيْهِمُ وَيَهْجُمُ الضَّلِيلُ
وَقَدْ رَوَى سَلِيمُ عَنْ سَلْمَانِ *** قَدْ دَخَلُوا الدَّارَ بِلاَ اسْتِئْذانِ(2)
ص: 513
وَأَسْقَطُوا بِنْتَ النَّبِي المُخْتَارِ *** جَنِينَها بِالبَابِ وَالجِدَارِ
وَأَثْبَتُوا فِي صَدْرِها مِسْمارا *** وَأَخْرَجُوا مُلَبَّباً کَرَّارا
هذَا وَبِنْتُ المُصْطَفَى المَرْضِيَّهْ *** قَدْ وَقَعَتْ لَحِينِها مَغْشِيَّهْ
وَقَدْ أَفاقَتْ فاطِمُ البَتُولُ *** وَانْتَدَبَتْ بِفِضَّةٍ تَقُولُ
يا فِضَّةٌ قُومِي لَكِ خُذِينِي *** قَدْ أَسْقَطُوا يا فِضَّةٌ جَنِينِي
فَهاكُمُ يا آلَ بَيْتِ الهَادِي *** ماقالَهُ الجانِي مِنَ الإِرْشَادِ
مَنِ اسْمُهُ مُعاكِسٌ لِفِعْلِهِ *** مَنْ لَمْ يَزَلْ مُشْتَمِلاً بِجَهْلِهِ
والحَمْدُ لِلَّهِ العَلِيِّ المُقْتَدِرِ *** وَفَّقَنِي لِنَظْمِ هذَا الخَبَرِ
لِكَيْ بِهِ فِي مَحْشَرِي أَفُوزُ *** وَالأَجْرَ مِنْ رَبِّ السَّما أَحُوزُ
وَلْنَجْعَلِ الصَّلاةَ فِي كَمَالِهِ *** عَلَى النَّبِيِّ المُصْطَفَى وَآلِهِ
مِنْ بَعْدِها نَسْتَغْفِرُ اللَّهَ العَلِي *** لِلنَّفْسِ وَالإِخْوَانِ ثُمَّ مَنْ يَلِي
وَمُحْسِنٌ طَالِبُ مِنْ مَوْلاَهُ *** الْخَيْرَ فِي الدُّنْيا وَفِي أُخْراهُ
وَكَاتِبُ الأَحْرُفِ يَرْجُو رَبَّهُ *** يَغْفِرُ فِي يَوْمِ الحِسَابِ ذَنْبَهُ(1)
ص: 514
(بحر الرجز)
الدكتور محمد إقبال(*)(1)
نَغَمَاتُ المَرْءِ عَزْفُ المَرْأَةِ *** هُوَ مِنْ مِحْنَتِها فِي عِزَّةِ
عَشِقَ الحَقَّ، رَبَّاهُ حِجْرُها *** ذَلِكَ اللَّحْنُ حَوَاهُ صَدْرُها
الَّذِي قَدْ بَهَرَ الكَوْنَ سَنَاهْ *** قَرَنَ الطِّيبَ إِلَيْهَا وَالصَّلاَهْ(2)
جَهِلَ القُرآنَ جَهْلاً مُسْلِمُ *** قَدْ رَآها أُمَّةً لا تَعْظُمُ
كُشِفَتْ بِالأُمِّ أَسْرَارُ الحَيَاهْ *** بِخِلاَلِ الأُمِّ تِسْيَارُ الحَيَاهْ
أَيُّها العَاقِلُ مَالُ الأُمَّةِ *** لَيْسَ مِنْ عِقيانِها وَالفِضَّةِ(3)
إِنَّهُ أَوْلاَدُها مِلْءُ الأَمَلْ *** فِي ذَكَاءٍ وَنَشَاطٍ وَعَمَلْ
تَحْفَظُ الأُمُّ إِخاءَ الأُمَّةِ *** وَقُوَىٰ قُرْآنِنَا وَالمِلَّةِ
أُمُّ عِيسَى نِسْبَةٌ وَاحِدَةٌ *** بِثَلاَثٍ تَزْدَهِي فَاطِمَةٌ(4)
قُرَّةُ العَيْنِ لِخَيْرِ الأَوَّلِينْ *** خاتَمِ الرُّسْلِ، وَخَيْرِ الآخِرِينْ
نَافِخُ الرُّوحِ بِدُنْيا الوَهَنِ *** خَالِقُ العَصْرِ جَدِيدِ السُّنَنِ
وَهْيَ زَوْجُ المُرْتَضَى ذَا البَطَلِ *** أَسَدُ اللَّهِ، الحَكِيمِ، الفَيْصَلِ
مَلِكٌ فِي الكوخِ، زُهْداً قَدْ أَقَامْ *** كُلَّ ما يَمْلِكُ وِرْعٌ وَحُسَامْ
ص: 515
وَ هْيَ أُمُّ السَّيِّدَيْنِ الأَكْرَمَيْنْ *** حَسَنٍ، خَيْرِ حَلِيمٍ وَحُسَيْنْ
ذَا سِرَاجٌ فِي ظَلاَمِ الحَرَمِ *** حَافِظٌ وَحْدَةَ خَيْرِ الأُمَمِ
ازْدَرَى المُلْكَ ابْتِغَاءَ الأُلْفَةِ *** أَطْفَأَ النِّيرانَ بَيْنَ الإِخْوَةِ
ذَاكَ فِي الأَبْرَارِ رَبُّ العَلَمِ *** أُسْوَةُ الأَحْرَارِ فِي الخَطْبِ العَمِي
سِيرةُ الأَوْلاَدِ صُنْعُ الأُمَّهاتْ *** وَخِلاَلُ الخَيْرِ طَبْعُ الأُمَّهاتْ
زَهْرَةٌ فِي رَوْضَةِ الصِّدقِ البَتُولْ *** أُسْوَةُ النِّسْوَةِ فِي الحَقِّ البَتُولْ
فَاقَةُ السَّائِلِ أَذْرَتْ دَمْعَها *** لِيَهُودِيِّ أَبَاعَتْ دِرْعَها
كُلُّ مَنْ فِي الأَرْضِ قَدْ طَاعَ لَهَا *** وَرِضَاهَا حِينَ تُرْضِي بَعْلَها
نُشِئتْ ما بَيْنَ صَبْرٍ وَرِضَى *** فِي الفَمِ القُرْآنُ، وَالكَفِّ الرَّحَى
دَمْعُهَا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ جَرَى *** فِي مُصَلاّها يَفُوقُ الجَوْهَرَا
لَقَطَ الرُّوحُ الأَمِينُ الدُّرَرا *** وَعَلَى العَرْشِ المُعَلَّى نَثَرا
أنَّا لَوْلاَ الشَّرْعُ عَنْ هذا نَهَى *** وَإِلَى شَرْعِ الرَّسُولِ المُنْتَهَى(1)
ص: 516
طُفْتُ حَوْلَ القَبْرِ إِجْلالاً لَهَا *** نَاشِراً مِنْ سَجَدَاتِي حَوْلَها
فِيكِ تَسْمُو لِلْمَعَالِي فِطْرَةُ *** فَاتَّبِعِي الزَّهْرَاءَ نِعْمَ الأُسْوَةُ
عَلَّ غُصْناً مِنْكِ يَأْتِي بِحُسَيْنْ *** فَتَرَى النُّضْرَةَ رَوْضَاتٌ ذَوَيْنْ(1)
ص: 517
ص: 519
وَوُلِدَتْ فَاطِمَةُ الزَّهْراءُ *** البَضْعَةُ الزَّكِيَّةُ الحَوْرَاءُ
بِمَكَّةَ الغَرّاءِ يَوْمَ الجُمُعَهْ *** فِي مُلْكِ يَزْدَجَردَ مُبْدِي السُّمْعَهْ
وَذَاكَ قَبْلَ رَجَبٍ بِعَشْرِ *** وَقِيلَ قَبْلَهُ بِنِصْفِ شَهْرِ
لِخَمْسَةٍ مِنْ مَبْعَثِ النَّبِيِّ *** المُصْطَفَى المُكَرَّمِ الزَّكِيِّ
وَقَدْ رَوَوْا مُخَالِفُونَا قَبْلَهُ *** بِخَمْسَةٍ وَمَنْ رَوَاهُ أَبْلَهُ(1)
وَعِنْدَ هذَا عُمْرُهُ عِشْرُونا *** ثُمَّ ثَمَانِي كَمُلَتْ سِنِينا
وَفِيهِما عَشْرُ سِنِينَ خَلْفُ *** وَالخَبَرُ الأَخِيرُ فِيهِ ضَعْفُ(2)
جَاءَتْ كَمَرْيَمٍ وَمَنْ لِمَرْيَمَا *** بِمَا حَوَتْ مِنْ مُنْتَمٍ وَمُنْتَمَى
بِنْتُ النَّبِيِّ المُصْطَفَى المُخْتارِ *** أُمُّ الهُدَاةِ السَّادَةِ الأَبْرَارِ
ص: 520
زَاهِدَةٌ عَابِدَةٌ عَلِيمَهْ *** تَقِيَّةٌ نَقِيَّةٌ كَرِيمَهْ(1)
أَمَّا المَدَايِحُ الَّتِي جَاءَتْ لَهَا *** وَقَدْ أَبَانَتْ فَضْلَها وَنُبْلَها
فَهْيَ كَثِيرَةٌ فَلَيْسَتْ تُحْصَى *** وَلَوْ بَذَلْتَ الجُهْدَ أَوْ تُسْتَقْصَى
مِنَ الإِلهِ وَالنَّبِيِّ وَعَلِي *** وَوُلْدِهِ فِي فَضْلِ بِنْتِ المُرْسَلِ
مَعْصُومَةٌ نَأَتْ عَنِ الذُّنُوبِ *** بَرِيَّةٌ مِنْ جُمْلَةِ العُيُوبِ(2)
مِنْ أَهْلِ بَيْتِ المُصْطَفَى بِالنَّصِّ *** قَدْ برُعَتْ بِفَضْلِهَا المُخْتَصِّ
وَشَارَكَتْ يَوْمَ الكِسَاءِ وَالعَبا *** فِي المَجْدِ بَعْلاً وَبَنِينَ وَأَبا
وَهْيَ لَعَمْرِي أَمْجَدُ الأَنامِ *** وَأَشْرَفُ الأَماجِدِ الكِرَامِ
مَنْ كَأَبِيهَا بَيْنَ آباءِ الوَرَى *** وَمِثْلُ مَجْدِ بَعْلِها لَيْسَ يُرى(3)؟
ص: 521
وَوُلْدُها ناهِيكَ مِنْ أَوْلادِ *** أَزْكَى العِبادِ أَشْرَفُ العُبّادِ
لَوْ فَاخَرَتْ لَمْ تَرَ مِنْ مُفَاخِرِ *** يَقْدِرُ أَنْ يَفُوهَ بِالمَفَاخِرِ
مَنْ ذا الَّذِي يُفَاخِرُ البَتُولا *** وَمَنْ حَوَى كَمَا حَوَتْ تَفْضِيلا
يُؤْذِي النَّبِيَّ كُلُّ ما يُؤذِيها *** نَصٌّ جَلِيلٌ فَدَع التَّمْوِيها(1)
طَلَّقَتِ الدُّنْيا كَفِعْلِ بَعْلِها *** وَاشْتَغَلَتْ عَنْهَا بِحُسْنِ فِعْلِها
لاَ تَعْرِفُ اللَّذَّاتِ وَالتَّنَعُّما *** وَالحُلَي وَاللِّبسَ عُلاً وَكَرَما
وَقَوْلُهَا دُونَ النِّساءِ حُجَّهْ *** يُوضِحُ لِلْمُسْتَرْشِدِ المَحَجَّهْ(2)
ص: 522
أَنْصَحُ أَهْلِ دَهْرِهَا وَأَبْلَغُ *** وَنِعْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهَا أَسْبَغُ
ما مِنْ عُلاً وَشَرفٍ إلاَّ لَها *** قَدْ أُعْطِيَتْ كَمَا لَهَا كَمَالَها
مَظْلُومةٌ صَابِرَةٌ مُحْتَسِبَهْ *** إِلَى الكَمَالِ وَالعُلَا مُنْتَسِبَهْ(1)
قَدْ صَبَرَتْ طَوْعاً عَلَى أَذَاها *** وَاسْتَبْشَرَتْ بِالمَوْتِ إِذْ أَتاها
وَمِثْلُها مِنَ المَماتِ يَجْزَعُ *** إِذْ هِيَ فِي سِنِّ الشَّبابِ تَرْتَعُ(2)
جاءَ إِلَى خَدِيجَةٍ إِذْ وَلَدَتْ *** أَرْبَعَةٌ مِنَ النِّساءِ قَدْ بَدَتْ(3)
ص: 523
فِيهِنَّ مَرْيَمُ البَتُولُ العَذْرا *** إِذِ النِّساءُ قَدْ أَرَتْها هَجْرا
قُلْنَ لَها اخْتَرْتِ اليَتِيمَ المُعْدَمَا *** قَالَتْ بَلِ المُعَظَّمَ المُكَرَّما
تَقَبَّلَتْها مَرْيَمٌ لَمَّا أَتَتْ *** نَاهِيكَ مِنْ فَضِيلَةٍ قَدْ ثَبَتَتْ
وَجَاءَها مِنْ بَعْدِها اثْنَتَا عَشَرْ *** حَوْرَاءَ قَدْ فِقْنَ مَحَاسِنَ البَشَرْ
غَسَلْنَ فَاطِمَاً بِمَاءِ الجَنَّهْ *** فَكَانَ مِمَّا تَتَّقِيهِ جُنَّهْ
أَلْقابُها البَتُولُ وَالزَّهْرَاءُ *** وَالطُّهْرُ وَالصِّدِّيقَةُ الحَوْرَاءُ(1)
سَيِّدَةُ النِّساءِ وَالمُبارَكَهْ *** لَيْسَتْ بِفَضْلِ مَجْدِها مُشَارَكَهْ
وَبَضْعَةٌ طاهِرَةٌ زَكِيَّهْ *** رَضِيَّةٌ زَاكِيةٌ مَرْضِيَّهْ
عَدِيلَةٌ لِمَرْيَمٍ مُحَدَّثَهْ *** لِكُلِّ مَجْدٍ وَعَلًى مُورّثَهْ
ص: 524
وَقَدْ رَوَتْ كُنْيَتُها أُمُّ أَيْمَنا *** أُمُّ الأَئِمَّةِ الهُدَاةِ الأُمَنا
أُمُّ الحُسَيْنِ المُجْتَبَى أُمُّ الحَسَنْ *** فَاسْمَعْ إِلَى جَمْعٍ وَتَعْدَادٍ حَسَنْ
خَصَّ بِهَا مِنْ دُونِ غَيْرِهِ عَلَى *** نَقْدٍ غَدالَهُ بِها فَخْرٌ عَلاَ
وَفَخْرُها بِهِ لَعَمْرِيْ أَعْظَمُ *** وَمَا عَسَى فِي مِثْلِ هذَا يُنْظَمُ
خَطَبَهَا أَكَابِرُ الصَّحَابَهْ *** كُلُّ دَعا السَّعْدَ فَمَا أَجَابَهْ
وَكَمْ لَقَدْ عُودِيَ فِيهَا وَحُسِدْ *** مِمّنْ أَرَادَها سِوَاهُ وَاضْطُهِدْ
نَسَبُها أَعْرَفُ مِنْ أَنْ يُذْكَرا *** فَقَدْ غَدا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَشْهَرا
وكانَ عُمْرُها مِنَ الأَعْوَامِ *** ثَمَانِ عَشْرٍ وَمِنَ الأَيَّامِ
خَمْسَةَ عَشْرٍ فِي حَدِيثٍ صَدَقَهْ *** وَقَوْلِ مَنْ تَبِعَهُ وَصَدَّقَهْ
وَقِيلَ بَلْ تَزِيدُ أَيْضاً عَشْراً *** مِنَ السِّنِينَ قِيلَ بَلْ وَأُخْرَى
ثَمَانِ أَعْوَامٍ قُبَيْلَ الهِجْرَهْ *** وَبَعْدَ ذَاكَ مَعْ أَبِيهَا عَشْرَهْ
وَبَعْدَهُ مُخْتَلَفٌ كَمْ يَوْمَا *** عَاشَتْ فَدَعْ عَنْكَ المَرا وَاللَّوْما
خَمْسٌ وَسَبْعُونَ وَأَرْبَعُونا *** خَمْسٌ وَتِسْعُونَ أَوِ التَّسْعُونا
أَوْ نِصْفُ حَوْلٍ فَاعْتَبِرْ أَقْوَالَهُمْ *** وَانْظُرْ وَحَقِّقْ أَيُّهَا أَقْوَى لَهُمْ
وَانْظُرْ إِلَى مِيلاَدِهِمْ ثُمَّ احْسِبِ *** ثُمَّ اجْبُرِ النَّفْسَ وَتَمِّمْ تُصِبِ
وَلِيُّها اللَّهُ الَّذِي زَوَّجَهَا *** بِالمُرْتَضَى وَبِالتُّقَى تَوَّجَها
فَيَا لَهَا مِنْ شَاهِدٍ بِفَضْلِهَا *** وَفَضْلِ خَيْرِ الأَوْصِياءِ بَعْلِها
لَمْ يَتَوَلَّ اللَّهُ تَزْوِيجَ أَحَدْ *** مِنْ خَلْقِهِ إِلاَّ ثَلاَثَةً فَقَدْ
تَزْوِيجَ آدَمٍ بِحَوَّا أَمَتِهْ *** وزَيْنَبٍ مِنَ النَّبِيِّ خِيرَتِهْ
وَفَاطِمَ الزَّهْراءِ بِالإِمامِ *** خَيْرِ الأَنامِ كَاسِرِ الأَصْنَامِ
أَوْلاَدُها الخَمْسُ الحُسَيْنُ وَالحَسَنْ *** وَزَيْنَبٌ مِنْ أُمِّ كُلْثُومٍ أَسَنْ
وَأَسْقَطَتْ بِمُحْسِنِ يَوْمَ عُمَرْ *** وَفَتْحِهِ البَابَ كَما قَدِ اشْتَهَرْ
وَنالَها بَعْدَ النَّبِيِّ إِذْ مَضَى *** وَانْقادَ طَوْعاً رَاضِياً عَنِ القَضا
ص: 525
لِذاكَ ما يُوجِعُ كُلَّ قَلْبِ *** وَيُسْتَهانُ مِنْهُ كُلُّ خَطْبٍ
حُزْنٌ وَذُلٌّ وَاضْطِهادُ ظَالِمِ *** وَوَحْشَةٌ لاحَتْ عَلَى المَعَالِمِ
إِذْ مَنَعَتْ مِمَّا أَبُوها قَدْ تَرَكْ *** وَزَادَها غَصْبُ العَوَالِي وَفَدَكْ
وَقِيلَ إِنَّ ابْنَ أَبِي قُحَافَهْ *** لَمَّا أَتَتْهُ تَرْتَجِي إِنْصَافَهْ
ثُمَّ أَقَامَتِ الشُّهُودَ كَتَبا *** لَهَاكِتاباً شَافِياً وَمَا أَبَى
ثُمَّ رَآها فِي طَرِيقِها عُمَرْ *** فَأَخَذَ الكِتَابَ مِنْها وَبَقَرْ(1)
قَالَتْ بَقَرْتَها الإِلهُ يَبْقَرُ *** بَطْنَكَ فَاستَهْونَ ذَاكَ عُمَرُ
فَانْظُرْ إِلَى دُعائِهَا المُجَابِ *** ما دُونَهُ لِلَّهِ مِنْ حِجَابِ
وَفَاتَهَا فِي صُحْبَةِ الاثْنَيْنِ *** ثَالِثُ شَهْرٍ جَاءَها بِالبَيْنِ
وَهُوَ جُمادى الثانِ مِنْ بَعْدِعَشَرْ *** سِنِينَ مِنْ هِجْرَةِ سَيِّدِ البَشَرْ
سَبَبُهُ قِيلَ حُضُورُ الأَجَلِ *** وَقِيلَ مِنْ ضَرْبَةِ ذَاكَ الرَّجُلِ
إِذْ سَقَّطَتْ لِوَقْتِها جَنِينَها *** وَلَمْ تَزَلْ تُبْدِي لَهُ أَنِينَها
وَقِيلَ فِي حَادِي وَعَشْرِ رَجَبِ *** تُوُفِّيَتْ نَجِيبَةُ المُنْتَجَبِ
وَدَفْنُها لَيْلاً لَهُ أَسْبَابُ *** وَلَيْسَ فِي ثَبُوتِهِ ارْتِيابُ
مَدْفَنُها قِيلَ البَقِيعُ الأَنْوَرُ *** عِنْدَ الأَئِمَّةِ الَّذِينَ اشْتُهِرُوا
وَقِيلَ فِي الرَّوْضَةِ بَيْنَ القَبْرِ *** وَالمِنْبَرِ العَالِي الشَّرِيفِ القَدْرِ
وَقِيلَ بَل فِي بَيْتِها المُشَرَّفِ *** أَوْبَيْتِ الأَحْزَانِ الشَّرِيفِ فَاعْرِفِ
وَكَوْنُها فِي بَيْتِها الصَّدُوقُ *** حَقَّقَهُ وَشَأْنُهُ التَّحْقِيقُ
وَعِنْدَما زَادَتْ بَنُو أُمَيَّهْ *** فِي الحَضْرَةِ الشَّرِيفَةِ البَهِيَّهْ
صَارَ ضَرِيحُ بَضْعَةِ البَتُولِ *** وَبَيْتُهَا فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ
وَيَنْبَغِي لِمُبْتَغِي الزِّيارَةِ *** لَها عَلَى الطَّرِيقَةِ المُخْتَارَةِ
ص: 526
تَعْمِيمُ كُلِّ هذِهِ المَواضِعِ *** بِذَاكَ إِذْ كُلٌّ يَرَى كَالشَّايِعِ
وَدَفْنُها فِي بَيْتِها أَصَحُّ *** نَقْلاً وَهَلْ يُشْبِهُ لَيْلاً صُبْحُ
أَذْكُرُ مَا أَذْكُرُهُ وَمَا عَسَى *** أَقُولُ فِيهَا وَهْيَ أَشْرَفُ النِّسا
آلُ مُحَمَّدٍ أَجَلُّ الخَلْقِ *** لأَجْلِهِمْ كَانَ ابْتِدَاءُ الخَلْقِ
وَإِنَّهُمْ خُلاَصَةُ الوُجُودِ *** أَشْرَفُ ما فِي الكَوْنِ مِنْ مَوْجُودِ
شَرَفُهُمْ وَفَضْلُهُمْ لَا يُجْحَدُ *** بِهِ يَقِرُّ نَاطِقٌ وَجَلْمَدُ(1)
إِذَا اعْتَبَرْتَ لَمْ تَجِدْ فَضِيلَةْ *** إِلاَّلَهُمْ وَلَمْ تُصِبْ رَذِيلَهْ
وَانْظُرْ إِلَى أَعْدَائِهِمْ أَقَرُّوا *** بِفَضْلِهِمْ هَلْ فَوْقَ ذَاكَ فَخْرُ؟
صَلاَتُنا عَلَيْهِمُ مَفْرُوضَهْ *** تَبْطُلُ إِنْ لَمْ تُذْكَرِ الفَرِيضَهْ
فَهَلْ تَرَىٰ شَارَكَهُمْ إِلاَّ النَّبِي *** فِي ذَاكَ مَعْ عَظِيمِ مَا بِهِ حُبِي
وَفَاطِمٌ مِنْهُمْ بِغَيْرِشَكِّ *** فامْدَحْ وَبَالِغْ آمناً مِنْ إِفْكِ
فَكُلُّ ما يُقَالُ فِيهِمْ حَقٌّ *** مِنَ المَدِيحِ وَالثَّنا وَصِدْقُ
وَكُلُّ مَا قَالَ لِسَانِي فِيهِمُ *** فَدُونَ ما فِي القَلْبِ مِنْ حُبِّهِمُ
وَإِنَّنِي أَرْجُو بِهِمْ خَلاَصِي *** وَالفَوْزُ يَوْمَ الأَخْذِ بِالنَّوَاصِي
وَلَنْ يَخِيبَ فِيهِمُ رَجَاءُ *** بَلْ يُسْتَجَابُ بِهِمُ الدُّعَاءُ(2)
ص: 527
(بحر الرّجز)
الشيخ محمد حسن سميسم(*)(1)
يا أَيُّها الرَّسُولُ بَلِّغْ بِعَلِي *** ما فِيهِ أُنْزِلَتْ مِنَ النَّصِّ الجَلِي(2)
قُلْ يا عِبَادِي خَيْرُ بُشْرَى لَكُمُ *** اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمُ
اليَوْمَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي *** فَلاَ تَخَافُوا بَعْدَ ذَاكَ نِقْمَتِي
وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمُ الإسْلاما *** وَقَدْ جَعَلْتُ المُرْتَضَى إِماما(3)
ص: 528
فَقَامَ قَائِماً نَبِيُّ الرَّحْمَةِ *** يَخْطُبُ فِي مَحْضَرِ جُلِّ الأُمَّةِ
يَقُولُ مَنْ كُنْتُ أَنَا مَوْلاَهُ *** فَالمُرْتَضَى مَوْلًى لَهُ يَرْعَاهُ
مَنْ لاَ يُوَالِيهِ فَمَا وَالاَنِي *** وَمَنْ يُعَادِيهِ فَقَدْ عَادَانِي(1)
فَجِسْمُهُ جِسْمِي وَلَحْمِي لَحْمُهُ *** وَعَظْمُهُ عَظْمِي وَمِنِّي دَمُهُ(2)
هذَا الَّذِي رَبُّ السَّما قَدْ عَيَّنَهْ *** وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَهْ(3)
ص: 529
هذَا هُوَ التَّوْرَاةُ وَالإِنْجِيلُ *** هذَا فَتًى يَخْدِمُهُ جِبْرِيلُ
هذَا هُوَ الزَّبُورُ وَالفُرْقانُ *** هذَا هُوَ الْأَزْمَانُ وَالأَكْوَانُ
هذَا الَّذِي آدَمُ لَمَّا أَنْ غَوَى *** بِجَاهِهِ دَعَا وَإِلاَّ لَهَوَى
وَهُوَ الَّذِي قَدْ سَيَّرَ السَّفِينا *** وَيُونُسٌ بِهِ رَأَى اليَقْطِينا(1)
وَفِيهِ نَاجَى رَبَّهُ الخَلِيلُ *** وَفِيهِ عُوفِي ذَلِكَ العَلِيلُ(2)
لَوْلاَهُ ما جَازَ بِبَحْرٍ مُوسى *** كَلاَّ وَلاَ كَالَّم مَوْتاً عِيسَى
كَلاً وَلاَ كَانَتْ نُجُومٌ تَسْرِي *** كَلاً وَلاَ كَانَتْ بِحَارٌ تَجْرِي
هذَا عَلِيٌّ عِلَّةُ الإِيجَادِ *** هذَا هُوَ الحَاكِمُ فِي المِيعادِ(3)
إِلَيْهِ فِي مَحْشَرِكُمْ مَصِيرُكُمْ *** وَقَدْ قَرَأَتُمْ إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ(4)
هذَا الَّذِي شَيَّدَ رُکْنَ الدِّينِ *** بِسَيْفِهِ القَاطِعِ لِلْوَتِينِ(5)
يَقُولُ كُلُّ مَنْ إِلَيْهِ يَصِلُ *** إِنَّ أَخَاكَ مُكْرَهٌ لاَ بَطَلُ
لَهُ مَزَايا قَطُّ لا تُضاها *** لَمْ يُحْصِهَا سِوَى الَّذِي سَوَّاها(6)
ص: 530
أَلَيْسَ بَلَّغْتُ بِما أُرْسلْتُ بِهْ *** فَاحْتَفِظُوا فَالأَمْرُ غَيْرُ مُشْتَبِهْ(1)
فَقَامَ قَوْمٌ مِنْهُمُ وَسَلَّمُوا *** عَلَيْهِ بِالأَمْرِ الَّذِي قَدْ أَلْزَمُوا
لكِنَّهُمْ سُرْعَانَ مَا قَدْ غَدَرُوا *** وَالنَّصُّ فِي غَدِيرِ خُمِّ أَنْكَرُوا
وَلِلَّذِي قَدْ بَايَعُوهُ قَهَرُوا *** وَضِلْعَ بَضْعَةِ الهُدَى قَدْ كَسَرُوا
وَغَلَّقُوا مِنْ دُونِهَا الأَبْوَابا *** وَنَبَذُوا المِيثاقَ وَالكِتَابا
يَا لَهَفَ نَفْسِي لاِبْنَةِ النَّبِيِّ *** إِذْ خَرَجَتْ تَعْدُو مَعَ الوَصِيِّ
تَقُولُ خَلُّوا وَالِدَ السِّبْطَيْنِ *** يا قَوْمُ هذَا سَيِّدُ الكَوْنَيْنِ
تَبْغُونَ فِي أَنُ تُيْتِمُوا أَوْلادِي *** أَلَيْسَ رَبُّ العَرْشِ بِالمِرْصَادِ(2)
فَقَالَ... يا غُلامُ أَرْجِعْها *** وَإِنْ أَبَتْ فَبِالعَصَا أَوْجِعْها
وَلَسْتُ أَقْوَى أَنْ أَقُولَ ما جَرَى *** وَأَنْتَ عَالِمٌ وَتَدْرِي الخَبَرا
ص: 531
جَوْهَرَةُ الْقُدْسِ مِنَ الكَنْز الْخَفِي *** بَدَتْ فَأَبْدَتْ عالِياتِ الأَحْرُفِ
وَقَدْ تَجَلَّى مِنْ سَمَاءِ الْعَظَمَهْ *** فِي عَالَمِ الأَسْمَاءِ أَسْمَى كَلِمَهْ
بَلْ هِيَ أُمُّ الكَلِماتِ المُحْكَمَهْ *** فِي غَيْبِ ذاتِها نُكَاتٌ مُبْهَمَهْ
أُمُّ أَئِمَّةِ العُقُولِ الغُرِّبَلْ *** (أُمُّ أَبِيها) وَهْوَ عِلَّةُ العِلَلْ(1)
رُوحُ النَّبِيِّ فِي عَظِيمِ المَنْزِلَهْ *** وَفِي الكَفاءِ كُفْؤٌ مَنْ لا كُفْوَ لَهْ(2)
ص: 533
تمَثَّلَتْ رَقِيقَةَ الوُجُودِ *** لَطِيفَةً جَلّتْ عَنِ الشُّهُودِ
تَطَوَّرَتْ فِي أَفْضَلِ الأَطوَارِ *** نَتِيجَةَ الأَدْوَارِ وَالأَكْوار(1)
تَصَوَّرَتْ حَقِيقَةَ الكَمالِ *** بِصُورَةٍ بَدِيعَةِ الجَمَالِ
فَإِنَّهَا الحَوْرَاءُ فِي النُّزولِ *** وَفِي الصُّعُودِ مِحْوَرُ العُقُولِ
يُمَثِّلُ الوُجُوبَ فِي الإِمْكانِ *** عِيَانُهَا بِأَحْسَنِ العِيانِ
فَإِنَّهَا قُطْبُ رَحَى الوُجُودِ *** فِي قَوْسَي النُّزُولِ وَالصُّعُودِ
وَلَيْسَ فِي مُحِيطِ تِلْكَ الدَّائِرَهْ *** مَدَارِها الْأَعْظَمِ إِلاَّ (الطَّاهِرَهْ)
مَصُونَةٌ عَنْ كُلِّ رَسْمٍ وَسِمَهْ *** مَرْمُوزَةٌ فِي الصُّحُفِ المُكَرَّمَهْ
(صِدِّيقَةٌ) لا مِثْلُها صِدِّيقَهْ *** تُفْرِغُ بِالصِّدْقِ عَنِ الحَقِيقَهْ(2)
بَدَا بِذلِكَ الوُجُودِ الزَّاهِرِ *** سِرُّ ظُهُورِ الحَقِّ فِي المَظَاهِرِ
ص: 534
هِيَ البَتُولُ الطُّهْرُ وَالعَذْرَاءُ *** كَمَرْيَمَ الطُّهْرِ وَلاَ سَوَاءُ(1)
فَإِنَّها سَيِّدَةُ النَّساءِ *** وَمَرْيَمُ الكُبْرَى بِلاَ خَفَاءِ(2)
وَحُبُّهَا مِنَ الصَّفاتِ العالِيَهْ *** عَلَيْهِ دَارَتِ القُرُونُ الخَالِيَهْ
تَبَتَّلَتْ عَنْ دَنَسِ الطَّبِيعَهْ *** فَيَالَها مِنْ رُتْبَةٍ رَفِيعَهْ(3)
مَرْفُوعةُ الهِمَّةِ وَالعَزِيمَهْ *** عَنْ نَشْأَةِ الزَّخارِفِ الذَّمِيمَهْ
فِي أُفُقِ المَجْدِ هِيَ الزَّهْرَاءُ *** لِلشَّمْسِ مِنْ زَهْرَتِهَا الضِّياءُ(4)
بَلْ هِيَ نُورُ عَالَمِ الأَنْوَارِ *** وَمَطْلَعُ الشُّمُوسِ وَالأَقْمَارِ
رَضِيعَةُ الوَحْيِ مِنَ الجَلِيلِ *** حَلِيفَةٌ لِمُحْكَمِ التَّنْزِيلِ
مَفْطُومَةٌ مِنْ زَلَلِ الأَهْوَاءِ *** مَعْصُومَةٌ عَنْ وَصْمَةِ الخَطاءِ(5)
مُعْرِبَةٌ بِالسِّتْرِ وَالحَيَاءِ *** عَنْ غَيْبِ ذاتِ بَارِیءِ الأَشْياءِ
ص: 535
رَاضِيَةٌ بِكُلِّ ما قَضَى القَضا *** بِمَا يَضِيقُ عَنْهُ وَاسِعُ الفَضا
زَكِيَّةٌ مِنْ وَصْمَةِ القُیُودِ *** فَهُيَ غَنِيَّةٌ عَنِ الحُدُودِ
يا قِبْلَةَ الأَرْوَاحِ وَالعُقُولِ *** وَكَعْبَةَ الشُّهُودِ وَالوُصُولِ
مَنْ بِقُدُومِها تَشَرَّفَتْ (مِنَى) *** وَمَنْ بِهَا تُدْرَكُ غَايَةُ المُنَى
وَبَابُها الرَّفِيعُ بَابُ الرَّحْمَه *** وَمُسْتَجارُ كُلِّ ذِي مُلِمَّهْ(1)
وَمَا الحَطِيمُ عِنْدَ بَابِ فَاطِمَهْ *** بِنُورِها تُطْفَأُ نَارُ الحَاطِمَهْ(2)
وبَيْتُهَا المَعْمُورُ كَعْبَةُ السَّما *** أَضْحَى ثَرَاهُ لِلثَرَايا مَلْثَما(3)
وَخِدْرُها السَّامِي رِواقُ العَظَمَهْ *** وَهْوَ مَطَافُ الكَعْبَةِ المُعَظَّمَهْ
حِجَابُها مِثْلُ حِجَابِ الباري *** بَارِقَةً تَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ
تُمَثِّلُ الوَاجبَ في حِجَابِها *** فَكَيْفَ بِالإشْرَاقِ مِنْ قُبابِها
يا دُرَّةَ الْعِصْمَةِ وَالْوِلايَهْ *** مِنْ صَدَفِ الحِكْمَةِ وَالعِنَايَهْ
مَا الكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ فِي السَّمَاءِ *** مِنْ ضَوْءِ تِلْكَ الدُّرَّةِ البَيْضاءِ؟
وَالنَّيِّرُ الْأَعْظَمُ مِنْها كَالسُّها *** كَيْفَ وَلاَ حَدَّ لَهَا وَمُنْتَهَى
أَشْرَقَتِ الْعَوَالِمُ الْعُلْوِيَّهْ *** بِنُورِ تِلْكَ الدُّرَّةِ البَهِيَّهْ
يا دَوْحَةً جَازَتْ سَنامَ الفَلَكِ *** بَلْ جَاوَزَ السِّدْرَةَ فَرْعُها الزَّكِي
يَا دَوْحَةً أَغْصَانُها تَدَلَّتْ *** بِمَوْضِعٍ فِيهِ العُقُولُ ضَلَّتْ
دَنَتْ إِلَى مَقامِ أَوْ أَدْنَى فَلا *** تَتْبَعُ مِنْ ذلِكَ أَعْلَى مَثَلاَ
يَا شَجَرَ الطُّورِ وَأَيْنَ الشَّجَرَهْ *** مِنْ دَوْحَةِ المَجْدِ الأَثِيلِ الْمُثْمِرَهْ(4)
وَإِنَّما السِّدْرَةُ وَالزَّيْتُونَهْ *** عُنْوَانُ تِلْكَ الدَّوْحَةِ المَيْمُونَهْ
ص: 536
أَثْمَارُها الغُرُّ مَجالِي الذَّاتِ *** مَظَاهِرُ الأَسْمَاءِ وَالصِّفاتِ
مَبادىءُ الحَيَاةِ فِي البِدايهْ *** وَمُنْتَهَى الغَاياتِ فِي النِّهَايَهْ
أَثْمَارُها عَزَائِمُ الْقُرْآنِ *** فِي صَفَحَاتِ مُصْحَفِ الْإِمْكَانِ
أَثْمَارُها مَنَابِتٌ لِلْمَعْرِفَهْ *** مِنْ جَنَّةِ الذَّاتِ غَدَتْ مُقْتَطَفَهْ
لَكَ الهَنَا (يا سَيِّدَ الوُجُودِ) *** فِي نَشَآتِ الْغَيْبِ وَالشُّهودِ
بِمَنْ تَعَالَى شَأْنُها عَنْ مِثْلِ *** كَيْفَ ولا تَكْرارَ فِي التَّجَلِّي
لا يَتَثَنَّى هَيْكَلُ التَّوْحِيدِ *** فَكَيْفَ بِالنَّظِيرِ وَالنَّديدِ؟
وَمُلْتَقَى الْقَوْسَيْنِ نُقْطَةٌ فَلاَ *** تَرَى لَها ثانِيَةً أَوْ بَدَلاَ
وَحِيدَةٌ فِي مَجْدِها الْقَدِيمَ *** فَرِيدةٌ فِي أَحْسَنِ التَّقْوِيمِ
بُشْراكَ (يا أَبا العُقُولِ العَشَرهْ) *** بِالبَضْعَةِ الطَّاهِرَةِ المُطَهَّرَهْ
مُهْجَةُ قَلْبِ عَالَمِ الْإِمْكَانِ *** وَبَهْجَةُ الفِرْدَوْسِ فِي الجِنَانِ
غُرَّتُها الْغَرّاءُ مِصْباحُ الهُدَى *** يُعْرَفُ حُسْنُ الْمُنْتَهَى بِالمُبْتَدَا
وَفِي مُحَيَّاها بِعَيْنِ الْأَوْلِيا *** عَيْنَانِ مِنْ مَاءِ الحَياةِ وَالحَيا
بَلْ وَجْهُهَا الكَرِيمُ وَجْهُ البَارِي *** وَقِبْلَةُ العَارِفِ بِالأَسْرَارِ
بُشْرَاكِ يا خُلاَصَةَ الإِيجادِ *** بِصَفْوَةِ الْأَنْجَادِ وَالْأَمْجَادِ
أُمُّ الكِتَابِ وَابْنَةُ التَّنْزِيلِ *** رَبَّةُ بَيْتِ العِلْمِ بِالتَّأْوِيلِ
بَحْرُ النَّدَى وَمَجْمَعُ البَحْرَيْنِ *** قَلْبُ الهُدَى وَبَهْجَةُ الكَوْنَيْنِ(1)
وَاحِدَةُ النَّبِيِّ أَوَّلُ العَدَدْ *** ثَانِيَةُ الوَصِيِّ نُسْخَةُ الأَحَدْ
وَمَرْكَزُ الخَمْسَةِ مِنْ أَهْلِ العَبا *** وَمِحْوَرُ السَّبْعِ عُلوّاً وَإِبا
لَكَ الهَنا يا سَيِّدَ الْبَرِيَّهْ *** بِأَعْظَمِ المَوَاهِبِ السَّنِيَّهْ
أَتَاكَ طَاووسُ رِياضِ الأُنْسِ *** بِنَفْحَةٍ مِنْ نَفَحاتِ القُدْسِ
ص: 537
مِنْ جَنَّةِ الصِّفَاتِ وَالأَسْمَاءِ *** جَلَّتْ عَنِ المَدِيحِ وَالثَّنَاءِ
فَارْتَاحَتِ الأَرْوَاحُ مِنْ شَمِيمِها *** وَاهْتَزَّتِ النُّفُوسُ مِنْ نَسِيمِهَا
بِهَا انْتَشَى فِي الكَوْنِ كُلُّ صَاحِ *** وَطَابَتِ الأَشْبَاحُ بِالأَرْوَاحِ(1)
تُحْيِي بِهَا الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها *** وَمَرْجِعُ الأَمْرِ غَدَا إِلَيْها
لَهْفِي لَهَا لَقَدْ أُضِيعَ قَدْرُها *** حَتَّى تَوَارَى بِالحِجَابِ بَدْرُها(2)
تَجَرَّعَتْ مِنْ غُصَصِ الزَّمَانِ *** مَا جَاوَزَ الحَدَّ مِنَ البَيَانِ
وَمَا أَصَابَهَا مِنَ المُصَابِ *** مِفْتَاحُ بَابِهِ «حَدِيثُ البَابِ»
إِنَّ حَدِيثَ البَابِ ذُو شُجُونِ *** مِمّا بِهِ جَنَتْ يَدُ الخَؤُونِ
أَيَهْجُمُ العِدَى عَلَى بَيْتِ الهُدَى *** وَمَهْبِطِ الوَحْيِ وَمُنْتَدَى النَّدَى(3)؟
أيَضْرُمُ النَّارَ بِبَابِ دَارِها *** وَآيَةُ النُّورِ عُلاَ مَنَارِها؟
وَبابُها بابُ نَبِيَّ الرَّحْمَهْ *** وَبَابُ أَبْوَابِ نَجَاةِ الأُمَّهْ(4)
بَلْ بَابُهَا بَابُ العَلِيِّ الأَعْلَى *** فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ قَدْ تَجَلَّى
ما اكْتَسَبُوا بِالنَّارِ غَيْرَ العَارِ *** وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابَ النَّارِ
مَا أَجْهَلَ القَوْمَ فِإِنَّ النَّارَ لاَ *** تُطْفِيءُ نُورَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلاَ(5)
ص: 538
وَإِنَّ كَسْرَ الضِّلْعِ لَيْسَ يَنْجَبِرْ *** إِلاَّ بِصَمْصَامِ عَزِيزٍ مُقْتَدِرْ(1)
إِذْ رَضَّ تِلْكَ الأَضْلُعَ الزَّكِيَّهْ *** رَزِيَّةٌ لاَ مِثْلُها رَزِيَّهْ
وَمِنْ نُبوعِ الدَّمِ مِنْ ثَدْيَيْها *** يُعْرَفُ عِظْمُ ما جَرَى عَلَيْهَا
وَجَاوَزَ الحَدَّ بِلَطْمِ الخَدِّ *** شُلَّتْ يَدُ الطُّغْيَانِ وَالتَعَدِّي(2)
فَاحْمَرَّتِ العَيْنُ وَعَيْنُ المَعْرِفَهْ *** تُذْرَفُ بِالدَّمْعِ عَلَى تِلْكَ الصِّفَهْ
وَلاَ تُزِيلُ حُمْرَةَ العَيْنِ سِوَى *** بِيضِ السُّيُوفِ يَوْمَ يُنْشُرُ اللِّوا
وَلِلسِّیَاطِ رَنَّةٌ صَداها *** فِي مَسْمَعِ الدَّهْرِ فَمَا أَشْجَاهَا
وَالأَثَرُ البَاقِي كَمِثْلِ الدُّمْلُجِ *** فِي عَضُدِ الزَّهْرَاءِ أَقْوَى الحُجَجِ(3)
وَمِنْ سَوَادِ مَتْنِهَا اسْوَدَّ الفَضَا *** يا سَاعَدَ اللَّهُ الإِمَامَ المُرْتَضَى
ص: 539
وَوَكْرُ نَعْلِ السَّيْفِ فِي جَنْبَيْها *** أَتَى بِكُلِّ ما أَتَى عَلَيْها(1)
وَلَسْتُ أَدْرِي خَبَرَ المِسْمَارِ *** سَلْ صَدْرَها خُزَانَةَ الأَسْرَارِ
وَفِي جَبِينِ المَجْدِ ما يُدْمِي الحَشَا *** وَهَلْ لَهُمْ إِخْفَاءُ أَمْرٍ قَدْ فَشَا؟
وَالبَابُ وَالجِدَارُ وَالدِّمَاءُ *** شُهُودُ صِدْقٍ ما بِهِ خَفَاءُ
لَقَدْ جَنَى الجَانِي عَلَى جَنِينِها *** فَانْدَكَّتِ الجِبَالُ مِنْ حَنِينِهَا(2)
أَهكَذَا يُصْنَعُ بِابْنَةِ النَّبِي؟ *** حِرْصاً عَلَى المُلْكِ فَيَا لِلعَجبِ
أَتُمْنَعُ المَكْرُوبَةُ المَقْرُوحَهْ *** عَنِ البُكَا خَوْفاً مِنَ الفَضِيحَهْ
تَاللَّهِ يَنْبَغِي لَهَا تَبْكِي دَما *** ما دَامَتِ الأَرْضُ وَدَارَتِ السَّما
لِفَقْدِ عِزِّها أَبِيها السَّامِي *** وَلاِهْتِضَامِهَا وَذُلِّ الحَامِي(3)
أَتُسْتَباحُ نِحْلَةُ الصِّدِّيقَهْ *** وَإِرْثُها مِنْ أَشْرَفِ الخَلِيقَهْ(4)؟
كَيْف يُرَدُّ قَوْلُها بِالزُّورِ *** إِذْ هُوَ رَدُّ آيَةِ التَطْهِيرِ؟
ص: 540
أَيُؤْخَذُ الدِّينُ مِنَ الأَعْرَابِي *** وَيُنْبَذُ المَنْصُوصُ بِالكِتَابِ(1)؟
فَاسْتَلَبُوا ما مَلَكَتْ يَداها *** وَارْتَكَبُوا الخِزْيَةَ مُنْتَهَاها
يَا وَيْلَهُمْ قَدْ سَأَلُوها البَيِّنَهْ *** عَلَى خِلافِ السُّنَّةِ المُبَيَّنَهْ(2)
وَرَدُّهُمْ شَهَادَةَ الشُّهُودِ *** أَكْبَرُ شَاهِدٍ عَلَى المَقْصُودِ
وَلَمْ يَكُنْ سَدُّ الثُّغُورِ غَرَضا *** بَلْ سَدُّ بَابِها وَبَابُ المُرْتَضَى
صَدُّوا عَنِ الحَقِّ وَسَدُّوابَابَهْ *** كَأَنَّهُمْ قَدْ أَمِنُوا عَذَابَهْ
ص: 541
أَبَضْعَةُ الطُّهْرِ العَظِيمُ قَدْرُهَا *** تُدْفَنُ لَيْلاً وَيُعْفى قَبْرُها(1)؟
ما دُفِنَتْ لَيْلاً بِسِتْرٍ وَخَفا *** إِلاَّ لِوَجْدِهَا عَلَى أَهْلِ الجَفَا
ما سَمِعَ السَّامِعُ فِيمَا سَمِعَا *** مَجْهُولَةً بِالقَدْرِ وَالقَبْرِ مَعَا
يَا وَيْلَهُمْ مِنْ غَضَبِ الجَبَّارِ *** بِظُلْمِهِمْ رَیْحَانَةَ المُخْتَارِ(2)
ص: 542
ما لَكَ لا العَيْنُ تَصُوبُ أَدْمُعا *** منكَ ولا القَلْبُ يَذُوبُ جَزَعا(1)؟
فأَيُّ قَلْبٍ قَدْ أَتاهُ نَبَأُ *** الزَّهَراء ما ذابَ ولا تَصدَّعا؟
أَمَا وَعى سَمْعُكَ ما جَرى لَها *** فَأَيُّ سَمْعٍ فاتَهُ وما وَعى؟
وما دَرَيْتَ باللّذَيْنِ اسْتَنْهَضا *** جاثِيَةَ الغَيِّ فَهَبَّتْ سُرَّعا؟
سَلاّ مِنَ الأحْقادِ سَيْفَ فِتْنَةٍ *** عادَبها أَنْفُ الرَّشادِ أَجْدَعا
وَأَلْقَحاها فِتْنَةً تَحْمِلُ في *** نَتاجِها مِنَ الضَّلالِ البِدَعا
وَانْتَهَزاها فُرْصَةً فَاحْتَلَبا *** مِنْ ضَرْعِها كَأْسَ النِّفاقِ مُتْرَعا(2)
وَاتَّبَعا نَهْجَ الهَوَى وَخَالَفا *** مِنَ الرَّسُولِ شَرْعَهُ المُتَّبعا
فَلَيْتَ شِعْرِي أَيُّ عُذْرٍ لَهُما؟ *** وَقَدْ أَساء بَعْدَهُ ما صَنَعا
وَأَيَّ قُرْبَى وَصَلا مِنْهُ وَعَنْ *** عِتْرَتِهِ حَبْلَ الوَلا قَدْ قَطَعا؟
فَقُلْ لِتَيْمٍ لا هُدِيتَ بَعْدَ ما *** طافَ أَخُوكَ بالضَّلالِ وَسَعَى
خَفَّ لِداعِي الكُفْرِ نَهْضاً فَانْثَنَى *** بِثِقْل أَعْباء الشَّقا مُضْطَلِعا
فَقامَ وَهْوَ يَسْتَقِيلُ عَثْرَةً *** كَبا على الغَيِّ بِها فَلا لَعا(3)
دَرَوْا بأَنَّ فاطِماً بَضْعَتُهُ *** فَما رَعَوْا حُرْمَتَها ولا رَعَى(4)
ص: 544
كَيْفَ يَطِيبُ شِيمةً وعُنْصُراً *** وعَنْ أَرُومِ البَغْيِ قَدْ تَفَرَّعا(1)
وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ ضَلَّةً *** فَفَرَّقُوا مِنَ الهُدَى ما اجْتَمعا
وَأَظْهَرُوا باطِنَةَ الكُفرِ عَمًى *** مُذْ أَبْصَرُوها فُرْصَةً وَمَطْمَعا
وَخالَفُوا نَصَّ الوَلاءِ بَعْدَما *** أَماطَ عَنْ وَجْهِ الرَّشادِ بُرْقَعا(2)
وَغادَرُوا حقَّ البَتُولِ نَهْلَةً *** تَجَرَّعُوها بالضَّلالِ جُرَعا
وَافْتَتَنُوا مِنْ وَلَعٍ بِسَورَةِ *** الدُّنْيا فَهامُوا بالدَّنا يا وَلَعا
قَدْ اَوْدَعَ الثٍّقْلَيْنِ فيهم فأَبَوْا *** أَنْ يَحْفَظُوا لأحْمَدٍ مَا اسْتَوْدَعا
وَأَجْمَعُوا النارَ لِيُحْرِقُوا بِها *** البَيْتَ الَّذِي بِهِ الهُدَى تَجَمَّعا(3)
بَيْتُ عُلاً سَما الضُّرَاحَ رِفْعَةً *** وَكانَ أَعْلَى شَرَفاً وأَرْفَعا(4)
ص: 545
أَعَزَّهُ اللّهُ فما تَهْبِطُ فِي *** كَعْبَتِهِ الأمْلاكُ إِلاَّخُضَّعا
بَيْتٌ مِنَ القُدْسِ وَناهِيكَ بِهِ *** مَحَطَّ أَسْرارِ الهُدَى وَمَوْضِعا
وَكانَ مَأْوَى المُرْتَجِي والمُلْتَجِي *** فَما أَعَزَّ شَأْنَهُ وأَمْنَعا
فَعادَ بَعْدَ المُصْطَفَى مَهْتُوكَةً *** حُرْمَتُهُ وفَيْئُهُ مُوَزّعا
وَأَخْرَجُوا منه عَلِيًّا بعدَما *** أُبِيحَ مِنْهُ حَقُّهُ وانْتُزِعَا
قادُوهُ قَهْراً بِنَجادِ سَيْفِهِ *** فَكَيْفَ وَهْوَ الصَّعْبُ يَمْشِي طَیِّعا(1)
مانَقِمُوا مِنْهُ سِوَى أَنَّ لَهُ **** سابِقَةَ الإِسلامِ والقُرْبَى مَعا
وَأَقْبَلَتْ فاطِمُ تَعْدُو خَلْفَهُ *** وَالعَيْنُ مِنْها تَسْتَهِلُّ أَدْمُعا
فَانْتَهَرُوها بِسِياطِ قُنْفُذٍ *** وَكَسَّرُوا بِالضَّرْبِ مِنْها أَصْلُعا
فَانْعَطَفَتْ تَدْعُو أَباها بِحَشًى *** تَساقَطَتْ مَعَ الدُّمُوعِ قِطَعا
يا أَبَتا هذا عَلِيُّ أَعْرَضُوا *** عَنْهُ ضَلالاً وَابْنُ تَيْم تُبِعا
أَهْتِفُ فِيهِمْ لا أَرَى واعِيَةً *** تَعِي نِدائِي لا ولا مُسْتَمِعا
ص: 546
أمْسَى تُراثِي فِيهِمُ مُغْتَصَبا *** مِنِّي وَحَقِّي بَيْنَهُمْ مُضَيَّعا
وَانْكَفَأَتْ إِلى عَلِيٍّ بَعْدَما *** تَجَرَّعَتْ بِالغَيْظِ سُمًّا مُنْقَعا(1)
قالَتْ أَتُغْضِي وَالنِّفاقُ صارِخٌ *** حَتَّى اسْتَعاذَ الدِّينُ منه فَزَعا؟
وَنِمْتَ عَنْ ظَلامَتي عَفْواً وَأنْتَ *** المُوقِظُ العَزْمَ إِذا الدَّاعِي دَعا
أَحْجَمْتَ وَالذِّئابُ عَدَتْ واثِبةٌ *** فَاقْتَحَمَتْ منك العَرِينَ المَسْبَعا
وَكَيْفَ أَضْرَعْتَ عَلَى الذُّلِّ لهمْ ***خَدَّكَ وَهْوَ لِلْعِدَىٰ ما ضَرَّعا
عَزَّ عَلَيْكَ أنْ تَرى تَسُومُني *** مِنْ بَعْدِ عِزِّي قَبْلَةُ أَنْ أَحْضَعا
تَهَضَّمَتْنِي بالأَذَى وَلَمْ أَجِدْ *** مأوًى إلَيْهِ أَلْتَجِي وَمَفْزَعا
ألِفْتُها مُعْرِضَةً عَنِّي وَما *** أَبْقَتْ بِقَوْسِ الصَّبْرِ مِنِّي مَنْزَعا
فَقالَ يَا بِنْتَ النِّبيِّ احْتَسِبي *** حَقَّكِ في اللّهِ وخَلِّي الجَزَعا
وَأَجْمِلي صَبْراً فَما وَنَيْتُ عَنْ *** دِينِي ولا أخْطَأَ سَهْمِي مَوْقِعا(2)
ص: 547
فَاسْتَرْجَعَتْ كاظِمَةً لِغَيْظِها *** مُبْدِيَةً حَنِينَها المُرَجَّعا
حَتَّى قَضَتْ مِنْ كَمَدٍ وَقَلْبُها *** كادَ بِفَرْطِ الحُزْنِ أنْ يَنْصَدِعا(1)
قَضَتْ وَلكِنْ مُسْقَطاً جَنيتُها *** مُوَلَّعاً فُؤادُها مُروَّعا
قَضَتْ وَمِنْ ضَرْبِ السِّياطِ جَنْبُها *** ما مَهَّدَتْ لَهُ الرَّزايا مَضْجَعا
قَضَتْ على رَغْمِ العُلَى مَقْهُورةً *** ما طَمِعَتْ أَعْيُنُها أنْ تَهْجَعا
قَضَتْ وَما بينَ الضُّلوعِ زَفْرَةٌ *** مِنَ الشَّجَى غَلِيلُها لَنْ يَنْقَعا(2)
ص: 548
إِنْ كُنتَ حَقّاً بَاكِياً شَجَاها *** هَلاّ كَفَفْتَ النَّفْسَ عَنْ أَذاها
غَصَبْتَ مِنْهَا النِّحْلَةَ المَعْلُومَهْ *** فَأَصْبَحَتْ مَظْلُومَةً مَهْمُومَهْ(1)
وَمِنْكَ كَانَ الأَمْرُ لِلْخِطابِ *** بِكَسْرِ ضِلْعِ الطُّهْرِ خَلْفَ البابِ
فَأَسْقَطَتْ مُحْسِنَها قَتِيلا *** وَذَاكَ أَمْرٌ أَغْضَبَ الجَلِيلا
وَضَرْبُ مَتْنَيْها مَعَ اليَدَيْنِ *** وَلَطْمَةُ الخَدِّ وَجُرْحُ العَيْنِ
أَبْكَى رَسُولَ اللَّهِ وَالكَرَّارا *** وَأَحْزَنَ الأَمْلاَكَ وَالأَبْرَارا
وَثَمَّ تَأْتِي قِصَّةُ المِسْمَارِ *** مُذْ رَدَّ ذاكَ العِلْجُ بَابَ الدَّارِ
فَكَمْ شَكَتْ حَرارةَ المُصابِ *** لِبَارىء الكَوْنِ مِنْ الصَّحابِ
حَتَّى مَضَتْ لِرَبِّها قَتِيلَهْ *** كَئِيبَةً حَزِينَةً نَحِيلَهْ(2)
وَأُلْحِدَتْ بِاللَّيْلِ بِنْتُ الهادِي *** وذَاكَ رُزُءٌ فَتَّ فِي الأَعْضادِ(3)-(4)
ص: 550
مَنْ مُبْلِعٌ عَنِّي النَّبِيَّ الهادِي *** سَلامَ عَبْدٍ خالِصِ الْوِدَادِ؟
أغْنِي النَّبِيَّ صَفْوَةَ الْأَمْجَادِ *** وَالْأَنْجَادِ بَلْ وَعِلَّةَ الإِيجَادِ
وَهْوَ الَّذِي لَوْلاهُ لَمْ تُخْلَقْ سَما *** كَلاَّ وَلا مِنْ كَوْكَبٍ وَقَّادِ
أَفْدِيهِ مِنْ رَسُولِ حَقٍّ صادِقٍ *** أَرْسَلَهُ (الحَقُّ) إلَى العِبادِ
قَدْ قَالَ لَمَّا نَزَّلَ الْوَحْيَ لَهُ *** فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ بِالرَّشَادِ
مُبَلِّغاً أَحْكامَ دِينِ رَبِّهِ *** مُؤَيَّداً بالنَّصْرِ وَالسَّدادِ
وَبَعْدَ ذا هاجَرَ مِنْ (أُمِّ القُرى) *** (لِيَثْرِبٍ) لِلْأَمْرِ بِالْجِهادِ
وَشَاطَرَتْهُ (الأَوْسُ َوالْخَزْرَجُ) *** فِي أَمْوَالِها الطّارِفِ وَالتِّلادِ
وَوَازَرَتْهُ في الحُرُوبِ كُلِّها *** عَلى جُمُوعِ الشِّرْكِ والْإِلْحادِ
لكِنَّها قَدْ خَسِرَتْ صَفْقَتَها *** فَانْقَلَبَتْ عَنِ الْهُدَى والهادِي
فَإِنْ تَكُنْ قُرَيْشُ قَدْ تَظَاهَرَتْ *** بِمَا تَجُنُّهُ مِنَ الْأَحْقَادِ
فَإِنَّهَا تَطْلُبُ أَوْتاراً لها *** تَوَدُّ هَدْمَ البَيْتِ وَالعِمادِ
فَهَلْ لِإِبْنَا (قَيْلَةٍ) مِنْ تِرَةٍ *** عِنْدَ النَّبِيِّ خِيرَةِ الْأَمْجَادِ(1)
ألَمْ يُبَايِعُوهُ أَنْ يُدافِعُوا *** عَنْ أَهْلِهِ بِالنَّفْسِ وَالْأَوْلادِ؟
سُرْعانَ أَنْ ساءَتْ عَواقِبُ رُشْدِهِمْ *** فَاسْتَبْدَلُوا الصَّلاحَ بِالفَسَادِ
وَبایَعُوا (ضَئِيلَ تَيْمٍ) وَيْحَهُمْ *** أَهَلْ يُقاسُ الذَّرُّ بِالأَطْوادِ(2)
وَأَصْبَحُوا أَعْضَادَ (تَيْمٍ) كُلُّهُمْ *** وَلَيْسَ لِلْوَصِيَّ مِنْ أَعْضَادِ
وَأَبْعَدُوا مَنْ هُوَ أَوْلَى بِهِم *** وَقَرَّبُوا الْحَرِيَّ بِالإِبْعادِ
وَاغْتَصَبُوا مِنْ فَاطِمٍ وَيْلَهُمُ *** (نِحْلَتَها) بِالْبَغْيِ وَالْعِنادِ(3)
ص: 552
وَقَدْ أَضَاعُوا حَقَّها وَأَثْبَتُوا *** حَدِيثَ إِفْكِ كاذِبِ الْإِسْنادِ
للَّهِ مِنْ مَصائِبٍ أَهْوَنُها *** تَهُدُّ رُكْنَ السَّبْعَةِ الشِّدادِ
فَهَلْ رَأَيْتَ قَبْلَها ثَعالِباً *** تَدُوسُ في عَرِينَةِ الْاسادِ
فَأَخْرَجُوا الوَصِيَّ مِنْ مَنْزِلِهِ *** مُلَبَّباً يُقادُ بِالنِّجادِ
وَفاطِمُ الزَّهْرَاءِ تَعْدُو خَلْفَهُمْ *** صارِخَةً لا تُؤتِمُوا أَوْلادِي(1)
وَرَنَّةُ السِّياطِ فَوْقَ مَتْنِها *** لَهاصَدًى باقٍ إلَى المِعادِ(2)
وَلَمْ يُغِثْها أَحَدٌ مِنْهُمْ وَهُمْ *** قَدْ سَمِعُوها بَيْنَهُمْ تُنادِي
تَدْعُو أَباها تَشْتَكِيهِمْ عِنْدَهُ *** وَدَمْعُها يَصُوبُ كَالْعِهادِ(3)
تَدْعُو وَنارُ الْوَجْدِ في فُؤادِها *** كَأَنَّها تَقْدَحُ في زِنادِ
ص: 553
مَنْ يُخْبِرُ المُخْتارَعَمَّا لَقِيَتْ *** بَضْعَتُهُ مِنْ صَحْبِهِ الْأَوْغادِ؟
عَزَّ عَلَيْهِ أَنْ يَراها بَعْدَهُ *** ناحِلَةً حَلِيفَةَ السُّهادِ
وَدَعْ حَدِيثَ البابِ عَنْكَ جانِباً *** فَرُزْؤُهُ يَفُتُّ بِالْأَكْبادِ(1)
أيُّ رَزاياها أعُدُّها وَقَدْ *** جَلَّتْ رزاياها عَنِ التَّعْدَادِ
أنارَهُم أَنْسَى وَهَا شُعْلَتُها *** لا تَنْطَفِي تَشُبُّ في الفُؤادِ؟
أَمْ ضِلْعَها المَكْسُورَ وَهْيَ لَمْ تَزَلْ *** مَمْنوعَةً مِنْهُ عَنِ الرُّقادِ(2)
أَمْ كَيْفَ أَنْسَى عَضُدَ الزَّهْرَا وَذا *** دُمْلُجُهُ قَدْ فَتَّ بالْأَعْضادِ(3)
أَمْ حُمْرةَ العَيْنِ وَتِلْكَ نَكْبَةٌ *** واللَّهِ لا تُنْسَى مَدَى الآبادِ
وَاطْوِ حَدِيثَ السِّقْطِ لا تَنْشُرُهُ *** فَنَشْرُهُ يُذِيبُ قَلْبَ الهادي(4)
وَسَلْ عَنِ (المِسْمارِ) مِنْها صَدْرَها *** وَفي الدِّمَا يُغْنِي عَنِ الْأَشْهَادِ
وَلا تَسَلْ عَنْ فِعْلِ سَيْفِ (خالدٍ) *** ماذا جَنَى وَاللَّهُ بِالْمِرْصَادِ
وَدَفْتُها لَيْلاً وَسَتْرُ قَبْرِها *** دَلاّ عَلى فَضِيحَةِ الْأَعادِي(5)
ص: 554
يا فَجْعَةَ الدِّينِ أَبِنْتَ أَحْمَدٍ *** فاطِمَةٍ تُدْفَنُ بِالسَّوادِ(1)؟
ص: 555
(بحر الرجز)
الشيخ محمد علي قسّام(*)(1)
قال: هذه القصيدة قبل وفاته في رثاء السيدة زينب بنت علي علیه السلام وما جرى عليها مع أخيها الحسين علیه السلام ويقارن بينها وبين أمها سيدة نساء العالمين علیها السلام، يقول فيها:
لَوْلاَكُمُ يَا آلَ بَيْتِ المُصْطَفَى *** مَا كَانَ مِنْ لَوْحٍ وَلاَ مِنْ قَلَمِ
وَلَمْ تَكُنْ أَرْضٌ وَلَمْ تَكُنْ سَماً *** كَلاّ وَلاَ غَيْثٌ هَمَى مِنْ دِيَمِ(2)
وَأَنْتُمُ عِلَّةُ إِيجَادِ الوَرَى *** أيْ وَالَّذِي أَوْجَدَهُمْ مِنْ عَدَمِ
وَإِنَّنِي بِحُبِّكُمْ مُعْتَصِم *** فَأَنْتُمُ يَا سَادَتِي مُعْتَصَمِي
وَإِنْ تَعُدُّ نِعْمَةَ اللَّهِ فَلاَ *** تُحْصَى وَمَنْ يَسْطِيعُ عَدَّ الأَنْجُم
لكِنَّمَا وَلاَؤُكُمْ أَفْضَلُ مَا *** قَدْخَصَّنَا اللَّهُ بِهِ مِنْ نِعَمِ
وَهْوَ لَنَا يَوْمَ المَعَادِ عُدَّةٌ *** نَرْجُو بِهِ الخَلاَصَ مِنْ جَهَنَّم
وَلَيْسَ لِي مِنْ عَمَلٍ عَمِلْتُهُ *** أَرْجُو نَجَاةً فِيهِ غَيْرَ مَأْتَمِ
لِزَيْنَبَ الحَوْرَاءِ بِنْتِ فَاطِم الزَّهْرَاءِ *** بِنتِ المُصْطَفَى المُكَرَّمِ
بنْتُ عَليِّ الطُّهْرِ مَنْ هَدَى الوَرَى *** بِسَيْفِهِ إِلَى الصِّرَاطِ الأَقْوَمِ
وَهْيَ الَّتِي لاَ شَكَّ فِي عِصْمَتِهَا *** قَدْ جَاءَ هَذَا فِي بَيَانٍ مُحْكَمِ
ص: 556
وَآيَةُ التَّطْهِيرِ فِي عِصْمَتِهَا *** شَهَادَةً أَعْظِمْ بِهَا مِنْ أَعْظَمِ
مِنْ ذلِكَ السَّجّادِ قَدْ قَالَ لَهَا *** عَالِمَةٌ أَنْتِ بِلاَ تَعَلُّمِ
اللَّهُ مَاذَا كَابَدَتْ مِنْ مِحَنٍ *** زَيْنَبُ لاَ يَسْطِيعُ نَشْرَهَا فَمِي
شَاطَرَتِ الحُسَيْنَ فِي نَهْضَتِهِ *** صَابِرَةً وَالصَّبْرُ أَحْلَى مَطْعَمِ
قَدْ شَاطَرَتْهُ عَنْ بَصِيرَةٍ بِهَا *** عَالِمَةً بِسِرِّهَا وَالحِكَمِ
وَهْيَ لَعَمْرِي مَثَّلَتْ وَالِدَهَا *** لاَ سِيَّمَا فِي الصَّبْرِ وَالنَّكَلُّمِ
وَلَيْتَ شِعْرِي عَلِمَتْ فَاطِمَةٌ *** مَا لَقَتْ زَيْنَبُ أَمْ لم تَعْلَمِ(1)؟
أَمْ هَلْ رَأَتْ فَاطِمَةٌ كَمَا رَأَتْ *** زَيْنَبُ مِنْ خَطْبٍ مُرِيعٍ مُؤلِمِ(2)؟
وَإِنْ تَكُنْ مَصَائِبُ الزَّهْرَاءِ قَدْ *** هَدَّتْ قوى الدينِ الحَنِيفِ الأَعْظَمِ
لكِنَّهَا مَا حُمِلَتْ مَسبيَّةً *** أَسِيرةً مِنْ ظَالِمٍ لأَظْلَمِ
وَلاَ رَأَتْ جِسْمَ الحُسَيْنِ فِي الثَّرَى *** مُبَضَّعاً مِنْ قَرْنِهِ لِلْقَدَمِ(3)
قَدْ هَشَّمَتْ خَيْلُ العِدَاةِ صَدْرَهُ *** لِلَّهِ مِنْ صَدْرٍ لَهُ مُهَشَّمِ
وَلاَ رَأَتْ فَوْقَ السِّنَانِ رَأْسَهُ *** مُرَتِّلاً آيَ الكِتَابِ المُحْكَمِ
ص: 557
لِلَّهِ مِنْ رَأْس عَلَى رأْسِ القَنَا *** يُشْرِقُ كَالبَدْرِ بِلَيْلٍ مُظْلِمِ
وَلاَ رَأَتْ يَزِيدَ فِي مَجْلِسِهِ *** جَذْلاَنَ يَتْلُو الشِّعرَ فِي تَرَنُّمِ(1)
يَا لَيْتَ أَشْيَاخِي بِبَدْرٍ شَهِدُوا *** يَنْشُرُهَا وَلَيْسَ بِالمُسْتَعْظَمِ
يُدْنِي إِلَيْهِ الرَّأْسَ وَهْوَ بَاسِمٌ *** شَمَاتَةً يُقْرِعُهُ بِالمَيْسَمِ(2)
ص: 558
(بحر الرجز)
الشيخ محمد علي اليعقوبي(*)(1)
الاَمَ فِي كُلِّ صَباحٍ وَمَسا *** نُعَلِّلُ النَّفْسَ بِعَلَّ وَعَسى(2)؟
نَرْقَبُ مِنْكَ طَلْعَةً نَيِّرَةً *** تَجْلُو دُجَى الغَيِّ إِذَا مَا عَسْعَسا(3)
فَأَنْتمُ النُّورُ الَّذي قَدْ خَالَهُ *** (الكليمُ) نَاراً فَأَتَى مُقْتَبِسا
يَابْنَ الأُلَى تُسْتَدْفَعُ الْبَلْوَى بِهِمْ *** وَالْقَطْرُ يُسْتَسْقَى بِهِمْ إِنْ حُبِسا
قَدْ كَادَ أَنْ يُمْحَى الْهُدَى وَأَوْشَكَتْ *** أَعْلامُ دِينِ الْحَقِّ أَنْ تَنْطَمِسا
تُغْضِي وَآبَاؤُكَ قَدْ تَجَرَّعَتْ *** مِنِ المَنَايا أَكْؤُساً فَأَكْؤُسا
عَزّ عَلَى الْهَادِي النَّبيِّ لَوْ يَرى *** رَبْعَ الهُدَى مِنْ بعدِهِ قَدْ دَرَسا
أَوْصَى بِوَصْلِ آلِهِ أَصْحابَهُ *** فَعادَ مَا أَوْصَى بِهِ مُنْعَكِسا
فَيَا بِنَفْسِي أَسَدَ اللّهِ غَدا *** فَرْداً وَفِي أَيْدِي الذِّئابِ افْتُرِسا
يَرى تُراثَ فَاطِمٍ بَيْنَ الْعِدَى *** مُقْتَسَماً وَفَيْئَهُ مُخْتَلَسا(4)
ص: 559
وَاقْتَطَعُوا مِنْ دُونِها أَراكَةً *** قَدْ مَنعُوها تَحْتَها أَنْ تَجْلِسا
وَإِنَّ ناراً أُضْرِمَتْ فِي بَابِها *** شَبَّتْ بِأَطْنابِ الْحُسَيْنِ قَبَسا(1)
وَاهاً لآِلِ اللّهِ بَعْدَ الْخِدْرِ قَدْ *** طافُوا بِهِنَّ مَجْلِساً فَمَجْلِسا
غَادَرْنَ أَجْسادَ الْحُمَاةِ بِالْعَرا *** وَقَدْ صَحِبْنَ بِالْعَوالِي الأَرْؤُسا
سَوافِراً بَعْدَ الْحِجالِ لَمْ يَكُنْ *** شِعارُها إِلا الزَّفيرَ والأسَى(2)
ص: 560
(بحر الرجز)
الشيخ محمد علي اليعقوبي(*)(1)
أَيَّ الْمَعَالِي لَمْ يَنَلْ غاياتِها *** أَمْ أَيَّ فَخْرٍ لِذُراهُ ما ارْتَقَى
قَدْ خَصَّهُ (الْمُخْتَارُ) دَوْنَ غَيْرِهِ *** بِفاطِمٍ خِيرَةِ نِسْوانِ الْوَرَى
لَوْلا عَلِيٌّ لَمْ يَكُنْ كُفْوٌ لَها *** مِنْ أَوَّلِ الدُّنْيَا إِلَى يَوْمِ الْفَنَا(2)
زَوَّجَهُ اللّهُ بِها وَقَبْلَهُ *** كُمْ خاطِبٍ جاءَ أباها فَأَبَى(3)
ص: 561
رامُوا الْعُلَى فَأَخْطَأوا مَنارَها *** هيهات ما أَصابَ كُلُّ مَنْ رَمَى
(لَوْ لَمْ يَكُن خَيْرَ الرّجالِ لَمْ تَكُنُ *** زَوْجَتَهُ فاطِمَةٌ خَيْرُ النسا)(1)
إنَّ الَّذِي كانَ مِنَ الْمَهْرِ لَها *** فَوْقَ السَّمَا أَوْفَرُ مِمَّا فِي الثَّرَى(2)
واعجبا ماءُ الْفُراتِ مَهْرُها *** وَ مِنْهُ يُحْرَمُ ابْنُها فِي كَرْبَلا(3)
ص: 562
(بحر الرجز)
السيد محمد علي بن
محسن الموسوي الغريفي
هاكَ حديثاً جاءَ عن خيرِ النِّسا *** خامسةِ الأَقطابِ أصحابِ الكِسا
و غيرَهُ مما اقتضاهُ النظمُ *** وصحَّ حيثُ لايسوغُ الكَتْمُ
مما أبانَ فضْلَهُم واشتَهَرا *** وإن أغاضَ ذكرَهُ مَنْ كَفَرا
أذكرُ في الحديثِ ماقد وَقَعا *** في غيرِهِ كأنما صارَ مَعَا
مرتبطاً كما اقتضاهُ الحالُ *** و ما اقتضى أن يَحسُنَ المقالُ
مضمّناً إياه في المقالِ *** أجعلهُ نحو لسانِ الحالِ
قلتُ أتاني زائراً يوماً أبي *** فاطمةُ الزهراءِ بضعةُ النبي
و قالَ إنّي واجدٌ في بدنِي *** ضعفاً عليّ بالكساءِ اليَمَنِي
غطّي به جسمَ أبيكِ المصطفى *** فاطمة لكي تنالِي الشَرَفا
بما حبانا ربُّنا الودودُ *** من إننا من أجلنا الوُجودُ
قلتُ أعيذُ المصطفى من ضعفِ *** بواجبِ الوجودِ خيرِ كهفِ
قالتْ أتيتُ بالكسا اليمانِي *** غطيتُهُ به كما أوصانِي
فصرتُ بعد ذا إليهِ أنظرُ *** و وجههُ کالبدرِ نوراً يُزهر
قالتْ وجاءَ بعدَه الرضيُّ *** نجلِي سبطُ المصطفى الزكيُّ
ذاك شبيهْ المجتبى والمؤتمنْ *** خلقاً و خلقاً ذاك ابنهُ الحسنْ
مسلّماً يقول من في الدارِ؟ *** أشمُّ طِيبَ أحمدِ المختارِ
ص: 563
قلتَ عليكَ ولدي السلامُ *** فذا الكساءُ تحتَهُ الهمامُ
و جاءَهُ مسلّماً مستأذناً *** عليهِ بالدخولِ لما أَنْ دَنا
قال عليكَ جدّي السلامُ *** صلّى عليكَ المفضلُ العلامُ
قال و هلْ أَدخلُ في الكساءِ *** عليكَ كي أهنأَ بالحباءِ؟
قال نعمْ أذنتُ في الدخولِ *** عليكَ منّي أحسنَ المقولِ
قالتْ و جاءَ بعدَهُ الشهيدُ *** سبطُ النبيِّ المصطفى الرشيدُ
أعني حسيناً من به السعادهْ *** و من لهُ في الجنةِ السيادهْ
أقبلَ بالسلامِ و التحيهْ *** مبتدءاً بأمهِ المرضيّةْ
يقولُ يا بنةَ النبيِّ الهادِي *** أشمُّ طيب المصطفى الجوادِ
قلتُ عليكَ سيدَ العبادِ *** منّي السلامُ طيبُ الميلادِ
تحتَ الكساءِ جدُّكَ الرضيُ *** وسبطُ طهَ الحسنُ التقيُّ
أما ترى نورُهُما تلالا *** علی ضیاءِ البدر قد تعالى؟
جاءَ الحسينُ نحو سيدِ البشرْ *** مستبشراً يحكِي محيَّاه القمرْ
مسلّماً عليهِما مستأذناً *** من النبيِّ من له تمَّ الهنا
اكتَنَفا جدَّهُما تحتَ الكِسا *** و ارتضعا منهُ النُّهى و اقتَبَسَا
قالتْ و لما كانَ بعد ساعةْ *** جاءَ الوصيُّ صاحبُ الشفاعَةْ
ذاك قسيمُ النارِ و الجنانِ *** ذاكَ شريكْ الوحيِ و البيانِ
ذاك إمامُ الإنسِ و الجنِ الوليُّ *** ذاكَ أبوالسبطينِ مولانا عليُّ
يقولُ يا بنةَ النبيِّ ذي الرَشَدْ *** و سيدِ الرسلُ البشيرِ المعتمَدْ
عليكِ مني أفضلُ السلامِ *** ما خُطَّ في الألواحِ بالأَقلامِ
أشمُ طيبَ المصطفى الرسولِ *** أخي ابنِ عمِي الصادقِ المقولِ
فقلتُ منّي عادتْ التحيَّهْ *** عليكَ يا خيرَ الورى سجيَّه
هذا الرسولُ حاضنٌ شبليكا *** مشرفاً تحت الكِسا لابنيْكا
ص: 564
قالتْ وراحَ المرتضى و اقترَبا *** نحوَ الهداةِ الغرِّ أصحابَ العَبا
يقولُ يا مَنْ ُخصَّهُ الرحمنُ *** من بينِنا و اختارَهُ المنَّانُ
أرسله الباري نذيراً للبشَرْ *** ينقذُهُمُ يومَ الجزاءِ من سَقَرْ
عليكَ صلَّى مالكُ البريّهْ *** عليكَ منّي أفضلُ التحيّهْ
يا هَل ترى لي معكُمْ تحتَ الكسا *** مقتبِساً منكَ الهُدى ملتمِسا؟
أدخلْ كي أفوزَ بالكرامهْ *** و أبتغِي من ذي العُلى الزعامَهْ
قال مجيباً والدُ البتولِ *** لأجلكُم تحتَ الكسا دُخولي
عليكَ فادخلْ معنَا السلامُ *** و أنتَ بعدِي القائدُ الهُمامُ
قالتْ و لما اجتمعَ الأبرارُ *** تحتَ الكسا و أحمدُ المختارُ
فاطمةُ الزهراءِ نورُهم سطَعْ *** حتى أضاءَ البيتَ منهُمْ و اتَّسَعْ
قالتْ و قمتُ نحوَهُم مسلّمهْ *** عليهم و من أبي مستعلِمَهْ
و قلتْ صلّى الملكْ الجليلُ *** عليكَ هل لي يصلُحُ الدخولُ؟
فيمنْ حواهُ ذا الكِسا اليمانِي *** ادخَلنَي بفضِلِه غطّاني
و قال لي أنتِ غذاة الجنةْ *** سيدةٌ دونَ نساءِ الأمَّةْ
عليكِ مني بضعتِي السلامُ *** ما دامتِ الألواحُ و الأقلامْ
لما حواهمْ ذلكَ الكساءْ *** و كلُّ صيدِ حازَه الفراءُ
بفضلهم جلَّ و عزَّ أعلَما *** على البرايا مُعلناً أهلَ السَّما
نادي بسكانِ السما أملاكِي *** عصمتُكُمْ أسكنتُكُم أفلاكِي
لكنْ برأتُ أشرف البرايا *** حازُوا النُهى و أفضلَ السجايا
هم خمسةٌ أودعتُهُمْ أسراري *** قد سُترتْ عن غيرِهِم أستارِي
بعزّتي أُقسِمُ و الجلالَهْ *** همْ حجّتي واضحةُ الدلالهْ
و ما خلقتُ من سما مبنيّهْ *** كذا و لاأرضاً لها مدحيّهْ
و ما خلقتُ فلَکَاً یدورُ *** كلا و لابدراً له ينيرُ
ص: 565
و ما خلقتُ من بحارٍ جاريَهْ *** كلا و لافُلكاً ترَوها سارِيَهْ
وما برأتُ الشمسَ و النهارا *** و لاخلقتُ الحُجْبَ و السِّتارا
ألا لأجلِ من حوَى الكساءُ *** و من بهم يُستدفعُ البلاءُ
فقالَ جبرائيلُ ياربِّ و مَنْ *** تحتَ الكساءِ من على السرِّ ائتمنْ؟
فقالَ هُمْ فاطمة و طه *** والدُها و بعلُها و ابناها
هم أهلُ بيتِ الوحي و الدلالَةْ *** و معدنُ التنزيلِ و الرسالَةْ
هذا الحديثُ فضلُهُم أبانا *** كفى بهِ مستنداً بُرهانا
هم علةُ الإيجادِ و الدوامِ *** هم أسسُ الإيمانِ و الإسلامِ
لولاهُمُ ما خُلِقَتْ جنان *** لولاهم ما سُجّرت نیرانُ(1)
لولاهُمُ ما كانَ شمسٌ و قمرْ *** لولاهُمُ ما كان أرضٌ و شَجَرُ
لولاهُمُ ما كانتْ الأفلاكُ *** لولاهُمُ ما عُبدَتْ أملاكُ
لولاهُمُ ما كانَ جنَّ و بشرْ *** لولاهُمُ ما كانَ بحرٌ و مدَرْ
هم سفنُ النجاةِ بابُ حطَّهْ *** يهلكُ من دانَ بغيرِ الخُطَّهْ
هم آيةْ التطهيرِ و القُربى هُمُ *** هم آيةُ الخمسِ هم التقدمْ
هم شركاءُ الوحيِ في التمسكِ *** هم مرجعُ الأمةِ في التشككِ
قالَ الأمينُ بعد ذا البيانِ *** مستأذناً من ذِي العُلى المنّانِ
يا ربِّ هل تأذنُ في السعاده *** فاجتنِي بقريِهم سيادهْ؟
أهبطُ فيهم سادساً أكونُ *** مبشراً لفضلِهم أبينُ
فقال ذو العزةِ و الجلالَهْ *** إبنْ لهُم في هذهِ العَجَالَهْ
حبوتُهُم بما أشا من رحمهْ *** منحتهم دونَ الورى بالعصمهْ
جاء الأمينُ ها بطاً نحو الكسا *** مسلّماً مسترفداً مقتبِساً
ص: 566
يقول يا من خُصَّ بالسفارهْ *** و اختارَهْ اللطيفُ للنذارهْ
إلهنا أقراكَ بالسلامِ *** و خَصَّكَ الباريءُ بالإكرامِ
و هو يقولُ قَسَماً مبروراً *** و عزّتي فكنْ بذا مسروراً
و بالحلالِ ما خلقتُ خَضرا *** مبنيةً و لادحوتُ غَبْرا
و لاخلقتُ الفُلكَ و البحارا *** و لابرأتُ قمراً أنارا
و لاخلقتُ فَلَكاً يدورُ *** كلا و لاشمساً به تسيرُ
ألا و في محبةِ الأبرارِ *** محمدٍ و آلهِ الأطهارِ
لأجلكُمْ كان الوجودُ عن عَدَمْ *** بحبّكُم نلنا من اللَّهِ النِّعَمُ
مَنَّ عليَّ أن أكونَ الباري *** سادسُكم مصاحبَ الأبرارِ
فامننْ عليَّ أن أحوزَ ذا الشرفْ *** و أسكَنَ الفردوسَ فيكم و الغُرَفْ
قال النبيُّ أُدخل و ما إنْ دَخَلْ *** طوبى لهُ حيث اجتنى خيرَ العمَلْ
تلا عليهمْ آيةَ التطهيرِ *** عن اللطيفِ العاصمِ القديرِ
قال عليٍّ عندما تمَّ العَددُ *** أَبِنْ لناخيرَ الوَرى و المحتَشَدْ
ما الفضلُ عندَاللَّهِ في الجلوسِ *** تحتَ الكِسا هل من هدَّى مأنوسِ؟
قال مجيباً والذي بالرحمهْ *** و بالهدى أرسلَنِي في الأمّهْ
ذا خبرٌ يشيّدُ الإمامهْ *** يجعلُكم لدينِهِ الدعامَهْ
يثبتُ فيكُم عصمةَ المنّانِ *** بما به من واضح البُرهانِ
فيه حديثُ قدْسُهُ المبينُ *** جاءَ بهِ من عندِهِ الأمينُ
ذا خبرٌ من الأمينِ مستمعْ *** ما ذُكِرَتْ آياته في مجتَمَعْ
و فيه جمع شايعُوا أولادِي *** لهم عليهِم سمةُ الودادِ
ألا وفيهم حُلتِ الكرامهْ *** من ذي العُلى الفزعةِ القيامهْ
حُفَّتْ بهم ملائكُ الغفرانِ *** حلت بهم نفائسُ الرحمنِ
و استغفرتْ لمن حواهُ المحفلُ *** ممنِ إليه المنتهى و المَؤئِلُ
ص: 567
حلّتْ بهم رحمتُهُ ما دامُوا *** كأَنَّهُم قامُوا له أو صَامُوا
قال عَليُّ عندَ ذاكَ فُزنا *** بما حبانا رَبُّنا سَعُدنا
قال النبيُّ والذي اصطفانِي *** أرسلنِي بالحقِّ و اجتبانِي
مبشّراً و منذراً نَجِيا *** و داعياً و هاديّاً مرضيّا
ذا خبرٌ بفضلِنَا يُنادي *** حياشةً للخلقِ و العبادِ
ما ذُكِرَتْ في محفلٍ أو نادِي *** يجمعِ أهلِ الرشدِ و السدادِ
آياتُهُ الناصعةُ المنوّرهْ *** محكمةٌ عن فضلِنا المعبّرهْ
و فيهِ جمعٌ من ذوي الولايهْ *** شيعتُنا و من لهُم درايهْ
و من لهُمْ في لبِّنا المكانُ *** كما لنا في لبِّهم حنانُ(1)
و كانَ فيهمْ أحدٌ مهموماً *** إلا و كانَ همُّه معدُوما
أو كانَ فيهمْ أحدٌ ذا غمِّ *** إلا و كانَ هَمُّه ذا عُدمِ
و لم يكنْ ذا حاجةٍ و مسألهْ *** إلا قَضى ربُّ العلى الحاجة لَهْ
قال عليٍّ صاحبُ الولايهْ *** من في غدٍ في كفّهِ السِّقايهْ
فاز إذاً شيعتنا و فُزنا *** كسَعْدِهم و ربِّنا سَعُدنا
دنيا و أخرى كانتِ السَّعادهْ *** و نبتغي من ذي العُلى الزيادَهْ
أعظِم بِهِ كمْ رحمةٍ أولاها *** أعززْ به كمْ نعمةٍ والأها
أحمُدُه في السرِّ و الإعلان *** أشكُرُه بالفضلِ و الإحسانِ
أقولُ فيمن قد حوى الكساءُ *** بهم لنا قد كَمُلَ الولاءُ
بهم علينا قد أتمَّ النعمهْ *** خالقُنا فيها لها من رحْمَهُ
به أعوذْ و الكسا و من حوى *** و بالوِلا وحبِّ من فيهِ ثَوى
و بالهْدى و من به قد نزَلا *** و بالحديثِ و بمنْ له تَلا
ص: 568
بهمْ أعيذْ بدنِي من المرضْ *** وصيني من كلِ داء و عرضْ
اعيذُ ديني و كذاكَ أهلي *** كذاك عامِي أن يرى كالجَهْلِ
أختمُ ذا النظمِ بصلّى اللَّهُ *** على محمدٍ و ذي قرباهُ
أرجُو بذاكَ الفوزَ و السعادهْ *** أرجُو بذاك العفوَ و الرِّفادهْ(1)
أرجُو بذاكَ سعةً في المالِ *** و عصمة في القول و الفعالِ
حتى أعودَ للجزا بلا لمم *** أأمن العقبى فلا أخشى أَلَم(2)
أجاورُ الأقطابَ أصحابَ الكسا *** أرجو بهم ذاك المُنى ملتمِسا
ناظمُها يرجو أن يكونا *** محمدُ الفِعال مستعينا
بربِّه و رهطِه آلِ العبا *** على همة إليه اقتربا
ينظمُها خالصةً مقبولهْ *** لحشرهِ نافعةً مرحولهْ
ثمَّ السلامُ و بهِ الختامُ *** عليهمُ ما قامتِ الأعلامُ
ص: 569
(بحر الرّجز)
السيد محمد القزويني(*)(1)
روَتْ لَنَا فَاطِمَةً خَيْرُ النّسا *** حَدِيثَ أهْل الفَضْل أَصْحاب الكِسا
تقُولُ إِنَّ سَيْدَ الأَنَامِ *** قَدْ جَاءَنِي يَوْماً مِنَ الأَيَّامِ
ص: 570
فَقَالَ لِي إِنِّي أَرَى فِي بَدَنِي *** ضَعْفاً أَراهُ اليَوْمَ قَدْ أَنْحَلَنِي
قُومِي عَلَيَّ بِالكِسا اليَمَانِي *** وَ فِيهِ غَطْنِي بِلا تَوَانِي(1)
فَقُمْتُ نَحْوَهُ وَ قَدْ لَبَّيْتُهُ *** مُسْرِعَةَ وَ بِالكِسا غَطَيْتُهُ
وَ صِرْتُ أرنُو وَجْهَهُ كَالبَدْرِ *** فِي أَرْبَعٍ بَعْدَ لَيَالٍ عَشْرِ
فَمَا مَضَى إلا اليَسِيرُ مِنْ زَمَنْ *** حَتَّى أَتَى أَبُو مُحَمَّدِ الحَسَنُ
فَقَالَ يَا أُمَّاهُ إِنِّي أَجِدُ *** رَائِحَةَ طَيِّبَةً أَعْتَقِدُ
بِأَنَّهَا رَائِحَةُ النَّبِيِّ *** أَخِي الوَصِيِّ المُرْتَضَى عَلِيٌّ
قُلْتُ نَعَمْ هَا هُوَ ذَا تَحْتَ الكِسا *** مُدَّثِرٌ بِهِ تَغَطَّى وَاكْتَسَى
فَجَاءَ نَحْوَهُ ابْنُهُ مُسَلِّما *** مُسْتَأْذِناً فَقَالَ ادْخُلْ كَرَمَا
فَمَا مَضَى إِلا القَلِيلُ إِلاَّ *** جَاءَ الحُسَيْنُ السُبْط مُسْتَقِلا
فَقَالَ يا أُمَّ أَشُمُ عِنْدَكِ *** رَائِحَةٌ كَأَنَّهَا المِسْكُ الذَّكِي
وَ حَقٌّ مَنْ أَوْلاكِ مِنْهُ الشَّرَفا *** أَظُنُّها رِيحُ النَّبِيِّ المُصْطَفَى
قُلْتُ نَعَمْ تَحْتَ الكِسَاءِ هَذَا *** بِجَنْبِهِ أَخُوكَ فِيهِ لاذا
فَأَقْبَلَ السِّبْطُ لَهُ مُسْتَأْذِنَا *** مُسَلِّما قَالَ لَهُ ادْخُلْ مَعَنا
فَمَا مَضَى مِنْ سَاعَةِ إِلا وَقَدْ *** جَاءَ أَبُوهُمَا الغَصَّفَرُ الأَسَدْ
أبُوالأَئِمَّةِ الهُدَاةِ النُّجُبَا *** المُرْتَضَى رَابِعُ أَصْحَابِ العَبا
فَقَالَ يا سَيِّدَةَ النِّساءِ *** وَ مَنْ بِهَا زُوِّجْتُ فِي السَّمَاءِ
إنِّي أَشُمُّ فِي حِماكِ رَائِحَهْ *** كَأَنَّهَا الوَرْدُ النَّدِيُّ فَاتِحَهْ
يَحْكِي شَدَّاها عُرْفَ سَيِّدِ البَشَرْ *** وَ خَيْرِ مَنْ طَافَ وَ لَبَّى وَ اعْتَمَرْ(2)
قُلْتُ لَهُ تَحْتَ الكِسَاءِ الْتَحَفَا *** وَ ضَمَّ شِبْلَيكَ وَ فِيهِ اكْتَنَفَا
فَجَاءَ يَسْتَأْذِنُ مِنْهُ سَائِلا *** مِنْهُ الدُّخُولَ قَالَ ادْخُلُ عَاجِلاً
ص: 571
قَالَتْ فَجِلتُ نَحْوَهُمْ مُسَلَّمَهْ *** قَالَ ادْخُلِي مَحْبُوةٌ مُكَرَّمَهْ(1)
فَعِنْدَمَا بِهِمْ أَضَاءَ المَوْضِعُ *** وَ كُلُّهُمْ تَحْتَ الكِسَاءِ اجْتَمَعُوا
نَادَى إِلهُ الخَلْقِ جَلَّ وَ عَلاَ *** يُسْمِعُ أَمْلاَكَ السَّمَوَاتِ العُلَى
أُقْسِمُ بِالعِزَّةِ وَ الجَلالِ *** وَ بِارْتِفَاعِي فَوْقَ كُلِّ عَالِي
مَا مِنْ سَما رَفَعْتُها مَبْنِيَّهْ *** وَ لَيْسَ أَرْضُ فِي الثّرَى مَدْحِيَّهْ(2)
وَ لاَخَلَقْتُ قَمَراً مُنيرا *** كلاً وَ لاشَمْساً أَضَاءَتْ نُورا
وَ لَيْسَ بَحْرٌ فِي المِيا و ِيَجْرِي *** كَلاً وَ لاَفُلْكُ البِحَارِ تَسْرِي
إلا لأَجْلِ مَنْ هُمُ تَحْتَ الكِسا *** مَنْ لَمْ يَكُنْ أمْرُهُمُ مُلْتَبسا
قَالَ (الأَمِينُ) قُلْتُ يَا رَبِّ وَمَنْ *** تَحْتَ الكِسا بِحَقِّهِمْ لَنا أَبِنْ؟
فَقَالَ لِي هُمْ مَعْدِنُ الرِّسَالَةِ *** وَ مَهْبِطُ التَّنْزِيلِ وَالجَلالَةِ
وَ قَالَ هُمْ فَاطِمَةٌ وَ بَعْلُها *** وَ المُصْطَفَى وَ الحَسَنَانِ نَسْلُها
فَقُلْتُ يا رَبَّاهُ هَلْ تَأْذَنُ لِي *** أنْ أهْبِطَ الأَرْضِ لِذَاكَ المَنْزِلِ؟
قَالَ نَعَمْ فَجِئْتُهُمْ مُسَلِّماً *** مُسْتَأْذِنَا أَتْلُو عَلَيْهِمْ (إِنَّما)
يَقُولُ إِنَّ اللّهَ خَصَّكُمْ بِهَا *** مُعْجِزَةٌ لِمَنْ غَدًا مُنْتَبِها
أقْرَأَكُمْ رَبُّ العُلَى سَلامَهْ *** وَ خَصَّكُمْ بِغَايَةِ الكَرَامَهْ
وَ هُوَ يَقُولُ مُعْلِناً وَ مُفْهِما *** أَمْلاكَهُ الغُرَّ بِمَا تَقَدَّما
قَالَ (عَلِيَّ) قُلْتُ يَا حَبِيبِي *** مَا لِجُلُوسِنَا مِنَ النَّصِيبِ؟
قَالَ النَّبِيُّ وَالَّذِي اصْطَفَانِي *** وَ خَصَّنِي بِالوَحْيِ وَ اجْتَبَانِي
مَا إِنْ جَرَى ذِكْرٌ لِهَذَا الخَبَرِ *** فِي مَحْفِلِ الأَشْيَاعِ خَيْرِ مَعْشَرٍ
إِلَّا وَ أَنْزَلَ الإِلهُ الرَّحْمَهْ *** فِيهِمْ وَ حَقَّتْهُمْ جُنُودُ جَمَّهْ
منَ المَلائِكِ الَّذِينَ صَدَقُوا *** تَحْرِسُهُمْ فِي الدَّهْرِ مَا تَفَرَّقُوا
ص: 572
كَلاً وَ لَيْسَ فِيهِمُ مَغْمُومُ *** الأَوَ عَنْهُ تُحْشَفُ الهُمُومُ
كَلاً وَ لاَطَالِبُ حَاجَةٍ يَرَى *** قَضَاءَهَا عَلَيْهِ قَدْ تَعَسَرا
الأقضَى اللَّهُ الكَرِيمُ حَاجَتَهْ *** وَ أَنْزَلَ الرِّضْوَانَ فَضْلاً سَاحَتَهْ
قَالَ (عَلِيَّ) نَحْنُ وَالأَحْبَابُ *** أَشْيَاعُنَا الَّذِينَ قِدْماً طَابُوا
فُرْنَا بِمَا نِلْنَا وَ رَبِّ الكَعْبَهْ *** فَلْبَشَكُرَنَّ كُلَّ فَرْدِ رَبَّهْ
یا عَجَباً يَسْتَأْذِنُ الأَمِينُ *** عَلَيْهِمُ وَ يَهْجُمُ الخَؤُونُ
قَالَ سَلِيمٌ قُلتُ باسَلْمَانُ *** هَلْ هَجَمَ القَوْمُ وَ لَااسْتِتَذَانُ(1)؟
فَقَالَ إي وَ عِزَّةِ الجَبَّارِ *** وَ مَا عَلَى الزَّهْرَاءِ مِنْ خِمَارِ(2)
لكِنَّها لأذَتْ وَرَاءَ البَابِ *** رِعَابَةً لِلسِّتْرِ وَ الحِجَابِ
فَمُذْ رَأَوْما عَصَرُوها عَصْرَةً *** كَادَتْ بِنَفْسِي أَنْ تَمُوتَ حَسْرَةً(3)
تَصِيحُ يا فِضَّةُ أَسْنِدِينِي *** فَقَدْ وَ رَبِّي قَتَلُوا جَنِينِي
فَأَسْقَطَتْ بِنْتُ الهُدَى وَاحُزْنَا *** جَنِينِهَا ذَاكَ المُسَمَّى (مُحْسِنا)
وَ لَمْ يَرُعْهَا كُلَّما قَدْ فَعَلُوا *** لَكِنَّها قَدْ خَرَجَتْ تُوَلُولُ
فَالبَعَثَتْ نَصِيحُ بَيْنَ النَّاسِ *** خَلُوهُ أَوْ لأَكْشِفَنَّ رَاسِي(4)
وَ لَوْ يَشاءُ فَرَّقَ الجُمُوعا *** وَ تَرَكَ العَاصِي لَهُ مُطِيعا
ص: 573
بصَوْلَةٍ تَرَى الجَنِينَ أَشْيَبا *** تُذَكَّرُ المُنَافِقِينَ (مَرْحَبا)(1)
وَ ضَرْبَةٍ يَبْرِي لَهَا أَعْنَاقَها *** مِنْ قَبْلِهَا عَمْرُو بْنُ وُدْ ذَاقَهَا(2)
لكِنَّهُ أَمْرٌ مِنَ المُخْتَارِ *** أَنْ يَعْمِدَنَّ سَيْفَ ذِي الفِقَارِ(3)
ص: 574
(بحر الرجز)
السيدة معاذة أُم س سعد بن معاذ(1)
أقولُ قَوْلاً فيهِ ما فيهِ *** و أَذْكُرُ الخَيْرَ وَ أُبْدِيهِ
مُحَمَّدٌ خَيْر بَني آدمٍ *** مافِیهِ مِنْ كِبْرِ وَ لاتيهِ
بِفَضْلِهِ عَرَّفنا رُشْدَنا *** فاللَّهُ بِالخَيْرِ يُجازِيهِ
وَ نَحْنُ مَعْ بِنْتِ نَبيِّ الهدى *** ذِي شَرَفٍ قَدْمُكِّنَتْ فیهِ(2)
ص: 575
في ذِرْوَةٍ شامِخَةٍ أَصْلُها *** فما أَرى شَيْئاً يُدانِيهِ(1)
ص: 576
(بحر الرجز)
السيد مهدي الأعرجي(*)(1)
مَا بَالُ عَيْنَيْكَ دَمَاً تَنْسَكِبُ *** وَ نَارُ أحشاك أسى تَلْتَهبُ؟
أَهَلْ تَذَكَّرْتَ عُهُوداً سَلَفَتْ *** لَزَيْنَبٍ فَأَرْقَتْكَ زَيْنَبُ؟
أم هل تشَوَّقت ظِباءً سَنَحَتْ *** بِالجَزَع أم راك ذاك الرَّبْرَبُ(2)؟
أمْ َهلْ شَجَتْكَ أربعٌ قَدْ دَرَسَتْ *** فَأَخْلَقَتْ جَدْتَهُنَّ الحُقَبُ؟
أمْ هَلْ دَهَتْكَ الحَادِثَاتُ مِثْلَما *** دَهَتْ فؤادي يَوْمَ طه النُّوبُ؟
يَوْمَ قضى فيهِ النَّبِيُّ نَحْبَهُ *** فظَلّتِ الدُّنيا لَهُ تَنتَحِبُ
وَ انْقَلَبَ النَّاسُ عَلَى أعقابِهِمْ *** وَ لَنْ يَضُرُّ اللَّهَ مَنْ يَنْقَلِبُ(3)
ص: 577
وَ أَقْبَلُوا إلَى (البَتُولِ) عَنْوَةً *** وَحَوْلَ دارِها أُديرَ الحَطَبُ
فَاسْتَقْبَلَتْهُمْ فاطِمٌ وظَنُّها *** إِنْ كلَّمَتْهُمْ رَجَعُوا وَانْقَلَبُوا
حَتّى إذا خَلَتْ عَنِ البابِ وَقَدْ *** لاذَتْ وَرَاهَا مِنْهُمُ تَحْتَجِبُ
فَكَسَرُوا أَصْلاعَها وَاغْتَصَبُوا *** مِیراثَها وَ لِلشُّهودِ كَذَّبُوا(1)
ص: 578
وَ أخْرَجُوا (الكَرارَ) مِنْ مَنْزِلِهِ *** وَ هُوَ بِبَنْدِ سَيْفِهِ مُلَبَّبُ(1)
يصبحُ أَبْنَ اليَوْمَ مِنّي (حَمْزَةٌ) *** يَنْصُرُنِي (وَجَعْفَرٌ) فَيَغْضَبُ
وَ خَلْفَهُمْ (فاطِمَةٌ) تَعْثر في *** أذيالِها وَقَلْبُها مُنشَعِبُ
تَصِيحُ خَلّوا عَنْ (عَلِيٍّ) قَبْلَ أَنْ *** أَدْعُو وَفِيكُمْ أَرْضُكُمْ تَنْقَلِبُ(2)
فَأَقْبَلَ (العَبْدُ) لَهَا يَضْرِبُها *** بالسَّوْطِ وَ هيَ بِالنَّبِيِّ تَنْدُبُ
يا والدي هذا (عَلِيَّ ٌ) بَعْدَ *** عَيْنَيْكَ عَلَى اغْتِصابِه تَأَلَّبُوا
ص: 579
وَ أعْزَلُوهُ جَانِباً وَ أَمَّرُوا *** ضَئِيلَ تَيْمِ بَعْدَهُ وَ نَصَّبُوا(1)
تَجاهَلُوا مَقَامَهُ وَهُوَ الَّذِي *** بِسَيْفِهِ في الحَرْبِ قَدْ (مَرْحَبُ)
وَ لَوْ تَرانِي وَالْعِدَى تَحالَفُوا *** عَليَّ لَمّا غَيَّبَتكَ التُّرَبُ
وَ جَرَّعُونِي صَحْبُكَ الصَّابَ وَقَدْ *** تَراكَمَتْ مِنْهُمْ عَلَى الْكُرَبُ(2)
وَ لَمْ تَزلَ تَجْرَعُ مِنْهُمْ غُصَصاً *** تَنْدَكُ مِنْهَا الراسياتُ الهُضَّبُ
حتى قضتْ بِحَسْرَةِ مَهْضُومَةً *** حُقُوقُها وَقَيْتُها مُسْتَلبُ(3)
ص: 580
وَ أَخْرَجَ الكَرَارُ لَيْلاً نَعْشَها *** (وَزَيْنَبٌ) مِنْ خَلْفِهِمْ تَنْتَحِبُ(1)
فَقَالَ لِلزكي سكتها فَلا *** يُسْمَعُ جَهْراً صَوْتُها الْمُحَجَّبُ
فَلوْ يراها بالطُّفوفِ وَالْعِدى *** مِنْهَا الرِّداءَ وَالْخِمَارَ تَسْلُبُ
تَجُولُ في وادي الطُّفوفِ كَيْ تَرى *** أظفَالَها مِنَ الْخِيام هَرَبُوا
ثُمَّ انْتَنَتْ نَحْوَ أَخِيها وإذا *** بهِ علَى وَجْهِ الثّرى مُخَضَّبُ(2)
ص: 581
(بحر الرجز)
السيد مهدي الأعرجي(*)(1)
يَا أَيُّهَا الرَّبْعُ الَّذِي قَدْ دَرَسًا *** بَاكَرَكَ الغَيْثُ صَبَاحاً ومسا
كمْ زَمَنِ فِيكَ قَضَيْتُ لاأرى؟ *** الأحَبيباً أَوْ نَدِيماً مُؤنِسا
حَيْثُ تَرى وَجْهَ النَّرى مِنْ نَسْج *** كَفَّ الْغَيْثِ ثَوْباً سُنْدُسِيًّا لَبِسَا
وَ الرَّاحَ يَجْلُوهَا الرَّشَا فِي أَكْوسٍ *** قَدْ طَابَ ساقِيها وَ طابَتْ أَكْوسا(2)
أَرْدَتْنِي الأَوْزارُ لَكِنِّي تَخَلَّصْتُ *** بِمَدح (فَاطِم) خَيْرِ النّسا
مَنْ شَرَّفَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْرَها *** وَ أَذْهَبَ الرَّحْمَنُ عَنْهَا الدَّنَسَا(3)
بِنْتُ النَّبيِّ الطُّهْرِ بَلْ بَضْعَتُهُ *** خَامِسَةُ الأَطْهَارِ أَصْحَابِ الكِسَا
فَكَمْ بِهَا كَانَ يَقُولُ (أحْمَدٌ) *** لِلْمُسْلِمينَ مَجْلِساً فَمَجْلِسا؟
فَاطِمَةٌ مِنِّي فَمَنْ أَغْضَبَها *** أَغْضَبَ جَبّارَ السَّمَاءِ وَأَسا(4)
ص: 582
يَا وَيْحَ مَنْ أَغْضَبَها فِي فَيْئِها *** وَ مَا رَعاهَا بَلْ تَجافى وَقَسَا(1)
إِذْ قَالَ يَا قَوْمِ احْفَظُونِي فِي ابْنَتِي *** فَعادَ قَوْلُهُ لَهُمْ مُنْعَكِسا
أَصْبَحَ مِنْ بَعْدِ النَّبيِّ ضِلْعُها *** مُنْكَسِراً وَفَيْتُها مُخْتَلَسا(2)
وَ أَقْبَلُوا بِجَمْعِهِمْ لِدارِها *** وَ أَضْرَمُوا بِالْبَابِ مِنْهَا الْقَبَسا(3)
ص: 583
وَ فِي نِجَادِ السَّيْفِ قَادُوا بَعْلَها *** (عَلِيّاً) النَّدْبَ الهزبِرَ الأَشْوَسا(1)
تَاللهِ لَوْلا أَنَّهُ مُوصَى لِمَا *** أَلْفَوْاقِيادَهُ لَدَيْهِمْ سَلِسَا
وَ فَاطِمٌ خَلْفَهُمُ وَ دَمْعُها *** يَنْهَل مِنْ أَجْفَانِها مُنْبَجا
تَصِيحُ خَلّوا عَنْ عَلِيٌّ وَهُيَ فِي *** أَذْيَالِها تَعْمُرُ مِنْ فَرْطِ الأَسى
وَ لَمْ تَزل تَجْرَعُ مِنْهُمْ غُصَصَاً *** يَدُلُّ (رَضْوى) وَقَعُها وَ إِنْ رَسَا(2)
حَتَّى فَضَتْ غَضْبَى عَلَيْهِمْ وَ بِهَا *** لِقَبْرِها لَيْلاً (عَلِيٌّ) هَمَسا(3)
ص: 584
(بحر الرجز)
الشيخ مهدي الحجار
صلّوا على الخمسةِ أصحابِ العَبا *** أفضلِ خلقِ اللَّه أُمّاً و أبا
روتْ لنا البتولُ خيرَ القِصصِ *** حديثَ سبطيها و طهَ و الوصِي
قالتْ أتاني والدي محمدُ *** فقال يابنتاه ضعفاً أجدُ
فقلتُ عوّذتكَ بالرحمنِ *** يا أبتاهُ من طارقِ الزمانِ
فقال يابنتاهُ ناوِلينِي *** الكسااليمانِي و بِهِ غطَّيني
فمذ تغطّى فيه صرتُ أنظُرُ *** لوجهه كالبدرِ حينَ يُسفَرُ
فما تقضتْ ساعةٌ من الزمنْ *** حتى أتى قرةُ عيني الحسَنْ
فقال يا أماهُ ما هذا الشذا *** جدّي هنا قلتُ بلی ها هوذا
فجاءَ نحو جدِّه ملتمسا *** بأن يكونَ معهُ تحتَ الكسا
مسلماً عليه بالتبجيلِ *** مستأذناً عليه بالدخولِ
فقال یا ریحانتي وشبحي *** أدخل معي فأنت روحِ الروحِ
فما استمرَ ساعةٌ من الأمدْ *** حتى أتى الشهيدُ فلذةْ الكبدْ
و بالسلام بعد ما حيّاني *** يا أمُّ يا سيدِتِي نادانِي
إني أشمُّ نفحةً في الدارِ *** كأنهار رائحةُ المختارِ
قلتُ أجل يا ولدي إن أبيّ *** و ابني في هذا الكساءِ مختبِي(1)
ص: 585
فقالَ و هو للسرورِ يُبدي *** عليك صلى ربُّنا يا جَدّي
تأذنُ يا جدَاهُ بالدخولِ *** قال نعمْ و أنعمِ القبولِ
ألستَ مِني يا حسينُ وأنا *** منك فما الحاجةُ أن تستأذنا؟
ثمَّ أتى من بعدهم عليُّ *** أبوالحسين السيدُ الوصيُّ
فقالَ يا فاطمةُ الزكيهْ *** عليكِ مني أفضلُ التحيهْ
أشمُ في داركِ خيرَ شمِ *** كأنها رائحةُ ابن عمّي
قلتُ أجل إن أخاك المصطفى *** و ابنيك في هذا الكساءِ التحفِا
فأقبلَ الكرارُ خيرُ البشرِ *** بعد النبي الطاهرِ المطهرِ
و بالصلاةِ والسلامِ أعلنا *** على النبيِّ ثم منه استأذنا
قال أخي تأذنُ أن أغدو معكْ *** قال بلى أخي قد أذنتُ لكَ
فادخل فأنتْ ياعليِّ مني *** هارونُ من موسى فبلّغ عنّي
ثم أتتْ سيدةُ النساءِ *** من بعدهم تمشِي إلى الكساءِ
و افتتحتْ بأفضلِ السلامِ *** على أبيها سيدِ الأنامِ
و بعد ذاكَ استأذنتْ عليهِ *** بأن تضمَّ نفسَها إليهِ
فقالَ يا بضعةً خيرِ الرسلِ *** ريحانتِي أنتِ هلّمي فادخلِي
فقال لما اكتملوا و اجتمعوا *** ربُّ السما يا ساكنِيها استمعُوا
و عزَّتي و رفعتي وجُودي *** أهلُ الكساءِ علةُ الوجودِ
لولاهمُ لم أخلقِ الأملاكا *** كلا و لاالنجومَ و الأفلاك
كلاَ و لاأرضاً و لاسَما و *** لاشمساً و لابدراً و لاكان المَلا
غايةُ خلقي للورى حبُّهُمُ *** فقال جبريلُ إلهي من هُمُ
قال هم خمسةُ وهم طه *** و فاطمٌ و بعلُها و أبناها
فقال جبرائیلُ ياربِّ العلى *** تأذنُ لي عليهمُ أن أنزِلا
لكَي أكونَ سادسَ الأشباحِ *** قال إذاً تفوزُ بالنجاحِ
ص: 586
فأنزل عليهمْ و اتل قولِي إنما *** يريد تطهيركُمُ ربُّ السما
فجاءَ وهو رافعٌ للصوتِ *** بآيةِ الطهرِ لأهلِ البيتِ
و قال يا من قد هدى الأناما *** ربُّ السما يقرِئُكَ السَّلاما
و هو يقولُ لك أي وحقّي *** من أجلِ حبكم خلقتُ خلقِي
و أنه آذن بالمصیرِ *** لكي أكونَ سادسَ العشيرِ
فهل ترى لي يا نبيَّ الرحمةْ *** بأن أكونَ معكُم للخدمةْ؟
قال نعم حبيبي ياجبريلُ *** أدخل فقد جاز لكَ الدخولُ
فعندها قال عليُّ ذو العلى *** لأحمدَ المختارِ يا مولى المَلا
بيَّن لنا يا عاليَ الجنابِ *** مالجلوسِنا من الثوابِ؟
فقال و هو الصادقُ الأمينُ *** و عنه يُروى الخبرُ اليقينُ
حديثنا ما ذكرتهُ الأمهْ *** في محفلِ إلا ونالُوا الرحمهْ
و لادعا اللَّهَ به مهمومُ *** الاَ وعنه زالتِ الهمومُ
و طالبُ الحاجة إن دعا بهِ *** فوراً يرى قضاءَها من ربهِ
قال إذاً فزنا وربِّ الكعبهْ *** و نالت الشيعةْ أعلى الرُتبهْ
ص: 587
مِنْ غيرِ جُزمِ الحُسَيْنُ يُقْتَلُ *** وَ بِالدِّمَاءِ جِسْمُهُ يُغَسَّلُ
وَ يُنْسَجُ الأَكْفانُ مِنْ عَفْرِ الثَّرَى *** لَهُ جُنُوبُ وصَباً وَ شَمالُ(1)
وَ قُطْنُهُ شَيْبَتُهُ وَ نَعْشُهُ *** رُمْحٌ لَهُ الرِّجْسُ «سنانٌ» يَحْمِلُ
ص: 589
وَ يُوطِئُونَ صَدْرَهُ خَيْلُهُمُ *** وَ العِلْمُ فِيهِ وَ الكِتابُ المُنزَلُ
وَ يَشْتَكِيْ حرَّ الظَّما وَ السَّيْفُ مِنْ *** أَوْداجِهِ يُرْوَى دَماً وَيُنْهَلُ
وَ المُرْتَضَى السّاقِي عَلَى الحَوْضِ غداً *** أَبوهُ وَ الجَدُّ «النبيُّ المُرْسَلُ»
و أُمُّهُ (الطُّهْرُ) (الفُرَاتُ) مَهْرُها *** وَ كَفُهُ كَمْ فاضَ منها جَدْوَلُ(1)
وَ المُسْلِمُونَ لايُبالُونَ بما *** جَرَى وَ قَدْ خَرَّتْ لِذاكَ الأَجْبُلُ
وَ هَدَّ رُكْنَ العَرْشِ مِمّا نالَهُ *** وَ الأَرْضُونَ أَصْبَحَتْ تَزَلْزَلُ
وَ قَدْ بَكَى رَكنُ السَّمَوتِ دَماً *** وَ أَمْسَتِ الأملاكُ فيها تَعْولُ
وَ (المُصْطَفَى) وَ(فاطمٌ) وَ الحَسَنُ) *** السِّبْطُ بَكَوْا ممّا دَها وَ وَلْوَلُوا(2)
أَفْدِيهِ فَرْداً مَا لَهُ مِنْ ناصِرٍ *** سِوَى أَسَى وَ عِبْرَةٍ تَسَلْسَلُ
قَدْ حَرَّمُوا المَاءَ عَلَيْهِ قَسْوَةٌ *** وَ هُوَ لِخِنْزِيرِ الفَلا مُحَلَّلُ
وَ صَرَّعُوا أَصْحَابَهُ مِنْ حَوْلِهِ *** فِيا لِشهبٍ في الترابِ تَأفُلُ
وَ يا لأسادٍ عَلَيْها قَدْ سَطَتْ *** بَنُو كِلابِ لاسَقاها مَنْهَلُ
وَ أَرْكَبُوا نِساءَهُ عاريةً *** على مَطايا لَيْسَ فِيها ذُلُلُ
ص: 590
وَ نِسْوَةُ الطاغِي يَزِيدَ في حِمَى *** أَمْنِ عَلَيْهِنَّ السُّجُوفُ تُسْبَلُ
وَ أَرْضَعُوا ثَدْيَ المَنايا طِفْلَهُ *** و مَهْدُهُ صُخُورُها وَ الجَنْدَلُ(1)
وَ أَطْلَقُوا دَمْعَ عَلَيَّ ابْنِهِ *** وَ كَيْفَ لا وَهُمْ لَهُ قَدْ غَلَّلوا
فَيا لَهِيفَ القَلْبِ لاتُظف و لو *** همى من الدَّمْعِ سَحابٌ يَهْطُلُ(2)
و يا لِساني جُدْ بأنواع الرَّثا *** على إمام قَدْ بَكَتْهُ الرُّسُلُ
وَ ساعِدِ الزَّهْراءَ إِنَّ نَوْحَها *** عَلَيْهِ مِنهُ (يَذْبُلُ) يُقَلْقَلُ
كَيْفَ بها إذا أَتَتْ وَ شَعْرُها *** مِنْ فَوْقِ عَيْنَيْها عَنَاءٌ مُسْبَلُ(3)؟
وَ في يَدَيْها ثَوْبُهُ مُضَمَّخٌ *** بِالدَّمِ وَ الأعْداءُ طراً ذُهَلُ
وَ هُوَ بلارَأْسٍ فَتُبْدِي صَرْخَةً *** مِنْها جَمِيعُ العَالَمِينَ تَذْهَلُ(4)
فَيأمُرُ الجَبَّارُ جَلّ شَأْنُهُ النَّارُ *** و قد أظلَمَ مِنْهَا المَدْخَلُ
فَتَلْقِط الأرْجاسَ عَنْ آخِرِهِمْ *** فَيَصْهَلُونَ وَسْطَها وَتَصْهَلُ(5)
ص: 591
يا آلَ «طه» أنْتُمُ ذَخِيرَتي *** وَ لَيْسَ لي سِوَى وَلاكُمْ مَوْثِلُ
فاتحِفُوني في غَدٍ بِشَرْبَةٍ *** تُظفى بها نارٌ بقلبي تَشْعَلُ(1)
صلّى عَلَيْكُمْ رَبُّنا ما أَرْقَلَتْ(2) *** شَوْقاً إلى قَصْدِ حِماكُمْ إِبلُ(3)
ص: 592
(بحر الرجز)
القاضي النعمان
قبايَعَاهُ جَهْرَةً وَ قَالاَ *** بَلْ أَنْتَ خَيْرُ مَنْ نَرَاهُ حالا(1)
وَ قَامَ مِنْهُمْ أَهْلُ قَتْلَى بَدْرِ *** وَ غَيْرُها وأَهْلُ حِقْدِ الأَسْرِ
فَبَايَعُوا، وَ هُمْ رُؤُوسُ قَوْمِهِمْ *** فَبَايَعَ النَّاسُ لَهُ مِنْ يَوْمِهِمْ
الأَّ قليلاً مِنْهُمُ قَدْ عَلِمُوا *** مَا كَانَ مِنْ نَبِيْهِمْ فَاعْتَصَمُوا
وَ قَصَدُوا إِمَامَهُمْ عَلِيًّا *** فَقَالَ: لَسْتُمْ فَاعِلِينَ شَيّا
قَالُوا: بَلَى نَفْعَلُ، قَالَ: انْطَلِقُوا *** مِنْ فَوْرِكُمْ هَذَا إِذَنْ فَحَلْقُوا(2)
ص: 593
رُؤُوسَكُمْ كُلكُمُ لِتُعْرَفُوا *** مِنْ بَيْنِهِمْ بِدالِكُمْ وَانْصَرِفُوا
إِلَيَّ كَيْما أنْصِبُ القِتالا *** حَتَّى يَكُونَ رَبُّنا تَعَالَى
يَحْكُمُ فِينَا بَيْنَنَا بِحُكْمِهِ... *** فَفَشِلُوا لَمّا رَأَوْا مِنْ عَزْمِهِ
وَ لَمْ يَكُنْ يَأْتِيهِ الأَسَبْعَهْ *** وَ اسْتَحْسَنَ البَاقُونَ أَخَذَ البَيْعَهْ(1)
وَ كُنْتُ قَدْ سَمَّيْتُهُمْ فَقَالا *** لَسْتُ أَرَى عَلَيْكُمُ قِتالا
لأَنَّكُمْ فِي قِلَّةٍ قَلِيلَهْ *** لَيْسَ لَكُمْ بِجَمْعِهِمْ مِنْ حِيلَهْ
فَجَلَسُوا إِلَيْهِ حَتَّى يَنْظُرُوا *** ماذا يَرَى فِي أَمْرِهِمْ وَ يَأْمُرُ
فَجَاءَهُمْ عُمَرُ فِي جَمَاعَهْ *** إِذْ لَمْ يَرَوْا لِمَنْ أَقَامَ طَاعَهْ(2)
حَتَّى أَتَوْا بَابَ البَتُولِ فَاطِمَهْ *** وَ هْيَ لَهُمْ قَالِيَةٌ مُصَارِمَهْ(3)
فَوَقَفَتْ مِنْ دُونِهِ تَعْذِ لُهُمْ *** فَكَسَّرَ البَابَ لَهُمْ أَوَّلُهُمْ
فَاقْتَحَمُوا حِجَابَهَا فَعَوَّلَتْ *** فَضَرَبُوها بَيْنَهُمْ فَأَسْقَطَتْ
فَسَمِعَ القَوْلَ بِذَاكَ فَابْتَدَرُ *** إِلَيْهِمُ الزُّبَيْرُ -قَالُوا- فَعَثَرْ
فَبَدَرَ السَّيْفَ إِلَيْهِمْ فَكَسَرْ *** وَ أَطْبَقُوا عَلَى الزُّبَيْرِ فَأُسِرْ
فَخَرَجَ الوَصِيُّ فِي بَاقِيهِمْ *** إِذْ لَمْ يَرَوْا دِفَاعَهُمْ يُنْجِيهِمْ
فَاكْتَنَفُوهُمْ وَ مَضَوْا فِي ضِيقِ *** حَتَّى أَتَوْا بِهِمْ إِلَى عَتِيقِ
ص: 594
إلى أن قال:
يَا حَسْرَةً مِنْ ذَاكَ فِي فُؤَادِي *** كَالنَّارِ يُذْكِي حَرَّهَا اعْتِقَادِي
وَ قَتْلُهُم فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ *** أَضْرَمَ حَرَّ النَّارِ فِي أَحْشَائِي
لأنَّ فِي المَشْهُورِ عِنْدَ النَّاسِ *** بِأَنَّهَا مَانَتْ مِنَ النَّفَاسِ
وَ أَمَرَتْ أَنْ يَدْفِنُوها لَيْلا *** وَ أَنْ يُعَمّى قَبْرُهَا لِكَيْ لا(1)
يَحْضُرُها مِنْهُمْ سِوَى ابْنِ عَمِّهَا *** وَ رَهْطِهِ ثُمَّ مَضَتْ بِغَمها
صَلَّى عَلَيْهَا رَبُّهَا مِنْ مَاضِيَهْ *** وَ هْيَ عَنِ الأُمَّةِ غَيْرُ رَاضِيَهْ
فَبَايَعُوا كُرْهاً لَهُ تَقِيَّهْ *** وَ اللَّهُ قَدْ رَخَضَ لِلْبَرِيَّهْ
لأَنَّهُ الرَّؤُوفُ بِالعِبَادِ *** فِي الكُفْرِ لِلْكُرْهِ بِلاَ اعْتِقَادِ
إلى أن قال:
وَ قَدْ رُوِيَ فِي ذَاكَ فِيمَا ثَبَتَا *** بِأَنَّهُ قَالَ لَهُ لَمّا أَتَى
بايِعُ: فَقَالَ: إِنْ أَنَا لَمْ أَفْعَلْ *** قَالَ: إِذَنْ آمُرُهُمْ أَنْ تُقْتَلْ(2)
فَأشْهَدَاللَّهَ عَلَى اسْتِضْعَافِهِ *** وَ بَايَعَ الغَاصِبَ فِي خِلافِهِ
خَوْفاً مِنَ القَتْلِ، وَبَايَعَ النَّفَرْ *** لَهُ عَلَى الكُرْهِ لِخَوْفِ مَنْ حَضَرْ
ص: 595
فَإِنْ يَكُونُوا اسْتَضْعَفُوا الأَمِينا *** فَقَبْلَهُ مَا اسْتَضْعَفَتْ هَارُونا
أُمَّةٌ مُوسَى إِذْ أَرَادُوا قَتْلَهُ *** فَقَدْ أَرَادَتْ قَتْلَ ذَاكَ قَبْلَهُ
وَ سَلَكُوا سَبِيلَهَا فِي الفِعْلِ *** فِي الأَوْصِيَاءِ مِثْلَ حَذْوِ النَّعْلِ
بِالنَّعْلِ وَ القُذَّةِ إِذْ تَمَثَلُوا *** كَمِثْلِ مَا قَالَ النَّبِيُّ المُرْسَلُ(1)
ص: 596
فَاطِمَةٌ خَيْرُ نِسَاءِ الأُمَّهْ *** مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ عُصِمَتُ وَ وَضَمَهْ(1)
خَيْرُ النَّسَاءِ فَاطِمُ الزَّهْرَاءِ *** يُرْهِرُ نُورُها إِلَى السَّمَاءِ
قَدْ فَطَمَتْ عَنِ الجَحِيمِ الحَاطِمَهْ *** شِيعَتَها فَسُمِّيَتْ (بِفَاطِمَهْ)(2)
مامِثلُها في كُلِّ أَقْرَبَائِهِ *** لامِنْ بَنَاتِهِ وَلا نِسَائِهِ
قَدْ وُلِدَتْ مِنْ بَعْدِ عَامِ البِعْثَهْ *** وَ قَدْ حَوَتْ دُونَ بَنِيهِ إِرْثَهْ(3)
وَ كَانَ مِنْهَا دُونَ مَنْ عَدَاهَا *** مِنْ أَهْلِهِ نَسْلُ النَّبِيِّ طاها
(أُمَّ أَبِيها) وَ هْيَ أُمُّ ابْنَيْهِ *** أَحَبُّ أَهْلِ بَيْتِهِ إِلَيْهِ
لَوْلاً (عَلِيٌّ) لَمْ يَكُنْ كُفْوٌ لَهَا *** مِنْ (آدَمٍ) إِلَى مِنَ الخَلْقِ انْتَهَى
مَنْ بِهِمُ تَابَ الإِلهُ وَ عَفا *** عَنْ آدَمِ وَ قَدْ كَفَاهُ شَرَفا
وَ مَنْ بِهِمْ بَاهَلَ سَيِّدُ الوَرَى *** وَ قُلْ تَعَالَوْا أَمْرُهَا لَنْ يُنْكَرا(4)
(وَ هَلْ أَتَى) فِي حَقِّهَا وَ كَمْ أَتَى *** مِنْ آيَةٍ وَ مِنْ حَدِيثٍ ثَبَتا
لَمَّا رَوَوْهُ فِي الصَّحِيحِ المُعْتَبَرْ *** مِنْ أَنَّها بَضْعَةُ سَيِّدِ البَشَرْ
وَ بَضْعَةُ المَعْصُومِ كَالمَعْصُومِ *** فِي الحُكْمِ بِالخُصُوص وَ العُمُومِ
لأَنَّهَا مِنْ نَفْسِهِ مُقْتَطَعَهْ *** فَحَقُها فِي حُكْمِهِ أَنْ تَتْبَعَهْ
إِلاَّ الَّذِي أَخْرَجَهُ الدَّلِيلُ *** فَإِنَّنا بذاك لاتَقُولُ
بِذَاكَ وَ لَمْ يَرِدْ فِي غَيْرِها مَا وَرَدا *** فِي شَأْنِها فَالحُكْمُ لَنْ يَطَّرِدا
ص: 598
وَآيَةُ التَّطْهِيرِ قَدْ دَلَّتْ عَلَى *** عِصْمَتِها مِنَ الذُّنُوبِ كَمَلا
أَذهَبَ عَنْهَا رَبُّهَا الرِّجْسَ كَمَا *** طَهَّرَها فِي الخَلْقِ عَمّا وصَما
صَلِّ عَلَيْهَا إِنَّ مَنْ صَلَّى عَلَى *** فَاطِمَةٍ يُغْفَرْ لَهُ مَا فَعَلا
وَ رَبُّهُ يُلْحِقُهُ امْتِنَانَا *** بِالمُصْطَفَى فِي الخُلْدِ حَيْثُ كانا
وَيْلٌ لِمَنْ مَاتَتْ عَلَيْهِ غَضْبَى *** فِي شَأْنِهَا لَمْ يَرْعَ حَقَّ القُرْبَى
قَدْ بَقِيَتْ بَعْدَ أَبِيهَا المُصْطَفَى *** شَهْراً وَ عُشراً فَعَلَى الدُّنْيَا العَفَا(1)
وَ قِيلَ شَهْرَيْنِ وَ نِصْفَ شَهْرِ *** قَدْ بَقِيَتْ بَعْدَ أَبِيهَا الطُّهْرِ
وَ قِيلَ تِسْعِينَ مِنَ الأَيَّامِ *** وَ خَمْسَةٍ تَكُونُ بِالتَّمَامِ(2)
وَ قِيلَ فِي ذلِكَ أَقْوَالٌ أُخَرْ *** وَ مَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ الَّذِي اشْتَهَرْ
هذَا وَلكِنْ أَوَّلُ الأَقْوَالِ *** أَنْسَبُها بِمُقْتَضَى الأَحْوَالِ
فَإِنَّهَا لأَقَتْ مِنَ الأَهْوَالِ *** وَ سَيّىء الأَفْعَالِ وَالأَقْوَالِ
مَا لَوْ يُلاقِي بَعْضُهُ الجِبَالا *** لَزُلْزِلَتْ مِنْ وَقْعِهِ زِلْزِالا
وَ كَيْفَ تَبْقَى مُدَّةٌ مِنَ الزَّمَنْ *** مِنْ بَعْدِ هَاتِيكَ الخُطُوب وَ المِحَنْ
يَكْفِي لِمَوْتِهَا مِنَ الأَخْطَارِ *** وَقْعَةُ بَيْن (البابِ وَالجِدَارِ)
في دَارِها قَدْ هَجَمُوا عَلَيْهَا *** قَدْ رَوْعُوها وَ أَخَافُوا ابْنَيْها
وَ شَاهَدَتْ بِعَيْنِهَا مَا قَدْ جَرَى *** مِنْهُمْ عَلَى ابْنِ عَمُها مَوْلَى الوَرَى
ص: 599
مِنْ بَيْتِها قَدْ الخَرَجُوهُ قهرا *** يُقَادُ بِالنَّجَادِ قَوْدَ الأَسْرَى(1)
رَأَتْ مِنَ الذُّلَّةِ وَ الهَوَانِ *** وَ قِلَّةِ الأَنْصَارِ وَ الأَعْوَانِ(2)
وَمِنْ أَبِيهَا مَنَعُوا مِيرَاثَهَا *** وَ لَمْ تَجِدْ فِي القَوْمِ مَنْ أَغَاثَهَا
لَمْ يَحْفَظُوا بَضْعَتَهُ مِنْ بَعْدِهِ *** وَ يُحْفَظُ المَرْءُ بِحِفْظِ وُلدِهِ
لقَدْ أَضَاعُوا حَقَّها جهارا *** وَ أَنْكَرُوا حُجَّتَها إنكارا
وَ طَلَبُوا بَيْنَةً مِنْهَا عَلَى *** مَا كَانَ تَحْتَ يَدِها مُسْتَعْمَلا(3)
ما طَلَبَتْ لأن يُصِيبُوا رُشدا *** ما طَلَبَتْ إلأ لأنْ تُرَدًا
كَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا أَمْرَ (فَدَكَ) *** وَ لادَرَوْا بِمَنْ لَهَا كَانَ مَلَكْ
أَكَانَ يَحْفَى أَمْرُهَا عَلَيْهِمُ *** وَ لَمْ يَصِلُ مِنْ خَبَرِ إِلَيْهِمُ
وَ هَلْ بهذا الأمْرِ مِنْ خَفَاءِ *** وَ إِنَّهَا نُحَيْلَةُ الزَّهْرَاءِ(4)
وَ كَيْفَ تَسْتَعْظِمُ غَصْبَهُمْ فَدَكْ *** أَوْ يَعْتَرِيكَ اليَوْمَ فِي ذلِكَ شَكٍّ؟
وَ قَدْ جَنَوْا مَا هُوَ أَدْهَى وَأَمَرْ *** وَ ارْتَكَبُوا أَمْراً عَظِيماً ذا خَطَرْ(5)
خِلافَةٌ تَقَمَّصُوها غَصْبا *** مِنْ أَهْلِهَا وَانْتَهَبُوها نَهْبا(6)
ص: 600
وَاغْتَصَبُوا مِنَ الوَصِيَّ حَقَّهْ *** وَ لَمْ يُرَاعُوا قُرْبَهُ وَ سَبْقَهْ
لَوْ رَاقَبُوا مَعَادَهُمْ وَ أَنْصَفُوا *** لأَذْهَنُوا لأَمْرِهِ وَ اعْتَرَفُوا
هَلْ فِيهِمُ مَنِ اقْتَفَى آثَارَهُ *** أَوْ شَقَّ فِي مَكْرُمَةٍ عُبَارَهُ
وَ هَلْ لَهُمْ مِنَ العُلُومِ وَ الحِكَمْ *** مِعْشَارُ مَا قَدْ صَحَ عَنْهُ وَارْتَسَمْ؟
لَهُ مِنَ الفَضَائِلِ الْمَاثُورَهْ *** مَا لَمْ تَسَعُهُ الصُّحُفُ المَنْشُورَهْ
عِلْماً تُقَى شَجَاعَةٌ فَصَاحَهْ *** زُهْداً حِجّى عِبادَةٌ سَمَاحَهْ
هذَا مَعِ الغَضْ عَنِ النُّصُوصِ *** عَلَيْهِ بِالعُمُومِ وَالخُصُوصِ
مِنْ آيَةٍ تُتْلَى وَمِنْ نَصَّ خَبَرْ *** عَنِ النَّبِيِّ المُصْطَفَى قَدِ اشْتَهَرْ
وَ أَوْضَحَ الحَقَّ النَّبِيُّ الأُمِّي *** لِلنَّاسِ طُرّاً فِي (غَدِيرِ خُمْ)(1)
فَمَنْ تَرَى أَوْلَى بِهَذَا الأمر؟ *** فَاحْكُمُ بِوجْدَانِكَ ياذَا الخُبْرِ
وَ كَيْفَ وَ التَّقْدِيمُ لِلْمَغْضُولِ *** تَمْنَعُهُ أَوَائِلُ العُقُولِ
باسم أَمِيرِالمُؤْمِنِينَ الحُتُصّا *** وَ كَمْ عَلَى هَذَا حَدِيثٍ نَصَّا
فلاً تُسَمَّ أحَداً سِوَاهُ *** وَ إِنْ يَكُنْ ذلِكَ مِنْ أَبْنَاهُ
أخُو النَّبِيِّ وَ أَبُوسِبْطَيْهِ *** وَ نَفْسُه نَحُلُ فِي جَنْبَيْهِ
أَخُوهُ وَ ابْنُ عَمِّهِ وَ صِهْرُهُ *** بِهِ كَهَارُونَ يَشُدُّ أَزْرَهْ(2)
ص: 601
أفضلُ مَنْ صَلَّى وَ صَامَ وَ اقْتَرَبْ *** بَعْدَ نَبِي الحَقِّ سَيْدِ العَرَبْ
مَنْ لَمْ يُوالِهِ فَلا إيمانَ لَهْ *** وَ اللَّهُ لَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ عَمَلَهْ
لاَتَصْبِرُ الشُّمُّ الرِّعانُ صَبْرَهْ *** وَ لاَتُدَانِي حِلْمَهُ وَ قَدْرَهْ(1)
شاهَدَ فِيهِمْ (فَاطِماً) وَ ظُلْمَها *** وَ غَصْبَها حقوقها وَ هَضْمَها
يَسْمَعُ مِلْءَ سَمْعِهِ شَكْواها *** ثُمَّ يَرَى بِعَيْنِهِ بُکَاها
ما كانَ يَرْضَى أَنَّهَا تُهْتَضَمُ *** أَوْ أَنَّها بَعْدَأَبِيهَا تُظْلَمُ
أَكَانَ مِنْهُ ذَاكَ جُبْناً وَ حَذَرْ *** أَوْ عَجْزاً عَنِ النضال وَ خَوَرْ(2)؟
لاوَالَّذِي كَوَّنَهُ بِجُودِهِ *** أَكْبَرُ آيَةٍ عَلَى وُجُودِهِ
بَلْ ذَلَّلَ النَّفْسَ لِعِزَّ الدِّينِ *** وَ مَا انْطَوَى فِي عِلْمِهِ المَكْنُونِ(3)
ص: 602
(بحر الرجز)
الشيخ هادي اليعقوبي(*)(1)
و من أرجوزته في المعصومين علیهم السلام عند ذكر الصديقة الزهراء علیها السلام قوله:
لفاطمِ الزهراءِ خيرُ مولدِ *** سُرّ بهِ قلبُ النبي أحمدِ
و سرَّ قلبُ الدينِ والدنيا زهتْ *** بنورِ بنتِ المصطفى و أشرقَتْ
و ضاءتِ الأرضُ و قد شعَّ الفضا *** به وعرشُ اللَّه ليلاً قد أضا
و أزهرتْ مكةُ ثم كلُّها *** بنورِ من يذكرُ دهراً فضلَها
و الناس يرنونَ السماءَ زاهرةْ *** بنورِ أم الحسنين الطاهرة
ص: 603
بهذهِ الليلة قد باتَ المحبْ *** بفاطمِ الزهراء مسروراً طَرِبْ
ذي ليلةٌ بها لنا أفراحُ *** و للأعادي كلُّها أترَاحُ
بها نهنّي المصطفى محمدا *** عالي الفخارِ والمقامِ الأمجدا
ثم نهتّي الدينَ في خيرِ النسا *** فاطمةٍ بكلِ خير و مسا
ص: 604
(بحر الرجز)
السيد هاشم محسن الموسوي(*)(1)
قَالَ ابْنُ مُحْسِنِ اللعيبي هاشِمُ *** مَنْ قَدْ نَمَاهُ المُرْتَضَى وَ فَاطِمُ
الحَمْدُ لِلَّهِ مُصَلّياً عَلَى *** مُحَمَّدٍ وَالآلِ أَرْبابِ العُلَى
وَ بَعْدُ: إِنِّي قَدْ نَظَمْتُ خَبَراً *** لَنَا رَوَتْهُ العُلَماءُ الخُبرا
عَنِ البَتُولِ فَاطِم تَقُولُ *** يَوْماً أَتَى مَنْزِلِي الرَّسُولُ(2)
ص: 605
سلَّمَ ثُمَّ قَالَ لِي آتِينِي *** بِذَا الكِسَاءِ وَبِهِ غَطيني
قُلْتُ لَهُ أَفْدِيكَ يَا خَيْرَ الوَرَى *** ماذا تَحِسُّهُ وَمَا الَّذِي عَرَا
قَالَ أُحِسُّ ضَعْفاً أَعْتَرَانِي *** فِي بَدَنِي يا خيرَةَ النِّسْوَانِ(1)
لَمَّا سَمِعْتُ مِنْ أَبِي أَتَيْتُهُ *** بِذلِكَ الكِسَاءِ قَدْ غَطَيْتُهُ
وَ بَعْدَ سَاعَةٍ مِنَ النَّهارِ *** أَتَى ابْنِي الزَّكِي ذُو الأَنْوَارِ(2)
سَلَّمَ قَائِلاً أَشُمُ رَائِحَهْ *** عِنْدَكِ يَا أُمَّاهُ كَانَتْ فَائِحَهْ(3)
كَأَنَّهَا رَائِحَةُ المُخْتَارِ *** المُصْطَفَى جَدِّي حَبِيبِ البَارِي
قُلْتُ نَعَمُ يا زَهْرَةَ الزَّمَانِ *** ذَا نَايَمٌ تَحْتَ الكِسا اليَمَانِي
جَاءَ لَهُ مُسَلِّماً مُسْتَأْذِنَا *** بِأَنْ يَكُونَ مَعَهُ فَأَذِنَا
فَدَخَلَ الزَّكِيُّ مَعْ خَيْرِ البَشَرْ *** وَ تَحْتَ ذُلِكَ الكِسا قَدِ اسْتَقَرْ
بَعْدَ مُضِي سَاعَةٍ أَتَانِي *** فَلْذَةُ قَلْبِ المُصْطَفَى حَيَّانِي(4)
سَلَّمَ ثُمَّ قَالَ إِنِّي لَأُشُمْ *** ريحاً كَرِيح المُصْطَفَى ذَيْنِ الشَّيَمْ
قُلْتُ نَعَمْ بُنَيَّ هَذَا جَدُّكَا *** تَحْتَ الكِسَاءِ نَائِمٌ فَدَيْتُكا
مُذْ سَمِعَ الحُسَيْنُ بِاسْم جَدْهِ *** أَبْدَى السَّلامَ طَالِباً مِنْ عِنْدِهِ
لأَنْ يَكُونَ مَعَهُ تَحْتَ الكِسا *** قَالَ لَهُ ادْخُلِ الكِسَ المُقَدَّسا
ص: 606
وَ بَعْدَ سَاعَةٍ أَتَى ابْنُ عَمِّي *** كَاشِفَ كَرْبِي وَ مُزِيلُ غَمِّي
سَلَّمَ ثُمَّ قَالَ لِي إِنِّي أَشُمْ *** رِيحاً ذكياً لِلْوَرَى حيثُ يَعُمْ
قُلْتُ أَبِي يَا كَاشِفَ الكُرُوبِ *** عَنْ وَجْهِهِ عِنْدَ لِقا الحُرُوبِ
فَجَاءَ نَحْوَ المُصْطَفَى مُسَلِّما *** مُسْتَأْذِنَاً قَالَ ادْخُلَنْ حَامِي الحِمَى(1)
قدْ أذِنَ المُخْتَارُ لِلْكَرارِ *** بِأَمْرِ خَلاقِ السَّما الجَبَّارِ
فَدَخَلَ الإِمَامُ حَامِي الجَارِ *** تَحْتَ الكِسا مَعَ النَّبِي المُخْتَارِ
تَقُولُ فَاطِمٌ هُنَاكَ قُمْتُ *** عَلَى أَبِي خَيْرِ الوَرَى سَلَّمْتُ
وَ قُلْتُ هَلْ تَأْذَنُ لِي؟ قَالَ نَعَمْ *** قَدْ أَذِنَ اللَّهُ الكَرِيمُ ذُو النَّعَمْ
هُنَا لِكُمْ سَيِّدَةُ النِّسْوَانِ *** قَدْ دَخَلَتْ تَحْتَ الكِسَا اليَمَانِي(2)
فَکُمِّلُوا تَحْتَ الكِسَاءِ الصَّفْوَهْ *** مَنْ لَيْسَ فِي الكَوْنِ سِوَاهُمْ صَفْوَهْ(3)
هُنَاكَ نَادَى المَلِكُ الجَلِيلُ *** أَمْلاكَهُ وَ عِزَّتِي يَقُولُ(4)
ص: 607
مَا خُلِقَ الخَلْقُ وَ لا الأَكْوَانُ *** إِلا لِمَنْ تَحْتَ الكِسَاءِكَانُوا
فَقَال جِبْرِيلُ لِرَبِّ العِزَّهْ *** يَا سَيِّدِي مَنْ هَؤُلاَ الأَعِزَّهْ
فَقَالَ هُمْ فَاطِمُ مَعْ أَبِيهَا *** وَ بَعْلِهَا وَ الأَصْفيا بنيها
مُذْ سَمِعَ الأَمِينُ مِنْ رَبِّ العُلَى *** ذِكْرَ الأُولَى قَدْ شُرِّفُوا عَلَى المَلا
فَعِنْدَ ذاقَدْ طَلَبَ الأَمِينْ *** يَنزِلُ صَادِساً لَهُمْ يَكُونُ
فَجَاءَهُ الندا مِنَ السَّلامِ *** كُنْ مَعَهُمْ وَاقْرَأَهُمُ سَلامِي
فَهَبَط الأمِينُ بِالسَّلام *** عَلَى النَّبِي وَآلِهِ الكِرَامِ
ثُمَّ تَلاَجِبْرِيلُ ذَاكَ القَسما *** وَ هُوَ الَّذِي بِهِ الإِلهُ أَقْسَما(1)
وَ قَال لِلنَّبِي هَلْ تَأْذَنُ أَنْ *** أَدْخُلَ سَادِسَاً لَکُمْ؟ قَالَ ادْخُلَنْ
فَدَخَلَ الرُّوحُ الأمينُ مَعَهُمْ *** تَحْتَ الكِسَا وَصَارَ سَادِساً لَهُمْ
وَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلاَ *** أَوْحَى إِلَيْكُمْ ثُمَّ (إِنَّمَا) تَلاَ(2)
قَالَ عَلِيَّ لِلنَّبِيِّ الأَكْرَمِ *** ما فَضْلُ هَذَا المَجْلِسِ المُعَظَّمِ(3)
قَالَ النَّبِيُّ وَالَّذِي اصْطَفَانِي *** وَ خَصَّنِي بِالوَحْيِ وَ اجْتَبَانِي
ص: 608
لَمْ يَجْرِ ذِكْرُ ذا الحَدِيثِ الأَقْدَسِ *** بَيْنَ المُحِبينَ لَنَا فِي مَجْلِسِ
الأ عَلَيْهِمْ مِنْ وَلِيِّ النِّعْمَهْ *** قَدْ هَطَلَتْ مُؤْنُ الرضا والرَّحْمَهْ
وَحُفَّ بِالأمْلاكِ ذَاكَ المَوْضِعُ *** وَ اسْتَغْفَرُوا اللهَ لَهُمْ مَا اجْتَمَعُوا(1)
وَ فَرَّجَ اللَّهُ عَنِ المَهْمُومِ *** مَا كَانَ قَدْ عَرَاهُ مِنْ هُمُومِ
وَ كَشَفَ اللَّهُ عَنِ المَغْمُوم *** مَا قَدْ أَصَابَهُ مِنَ الغُمُوم
وَ قُضِبَتْ لِطالِبِ الحَاجَةِ مَا *** قَدْ كَانَ طَالِباً وَنَالَ المَغْنَماً
فَقَالَ حَيْدَرٌ وَرَبِّ الكَعْبَهْ *** فُزْنَا كَمَا حُزْنَا عَظِيمَ الرُّتْبَهْ
وَ هَكَذا أَشْيَاعُنَا قَدْ فَازُوا *** لأَنَّهُمْ نُورَ الهُدَى قَدْ حَازُوا
وَ مَنْ يُوَالِي غَيْرَنا مِنَ البَشَرْ *** فَالنَّارُ مَثْوَاهُ وَبِئْسَ المُسْتَقَرْ(2)
وَالحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الهِدَايَهْ *** إِلَى طريق الحَقِّ وَالوِلايهْ(3)
ص: 609
(بحر الرجز)
لأحد الشعراء
أَنْوَارُهُمْ سَاطِعَةٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ *** يُكْتَبَ فِي اللَّوْحِ وُجُودٌ وَ زَمَنْ(1)
ص: 610
وَجَاءَ عَنْ سَلْمَانَ فِي نَصِّ الخَبَرْ *** ما قَالَهُ النَّبِيُّ سَيِّدُ البَشَرْ(1)
لعَمِّهِ العَبَّاسِ إِذْ أَتَاهُ *** يَسْأَلُ عَمّا فُضِّلَتْ ابناهُ
وَحَيْدَرٌ وَابْنَتُهُ الزَّهْرَاءُ *** وَكُلُّهُمْ مِنْ هَاشِمِ سِوَاءُ
فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَرَانِي *** مِنْ نُورِهِ القُدْسِيِّ وَاصْطَفَانِي
وَالخْتَارَ حَيْدَراً إِلَى الوِلاَيَهْ *** وَالحَسَنَيْنِ حُجَّةً وَآيَهْ(2)
ص: 611
وَالعَرْشُ قَدْ كَرَّمَهُ الرَّحْمنُ *** مِنْ فَضْلِ نُورِي فَلِيَ الإِحْسَانُ(1)
وَالأَرْضُ وَالسَّبْعُ العُلَى السَّوَارِي *** وَغَيْرُها مِنْ نُورِ (حَامِي الجَارِ)(2)
وَقَدْ قَضَى اللَّهُ عَلَى الغَزَالَهْ *** أَنْ لاَ يَكُونَ نُورُها أَصالَهْ(3)
فَهْيَ تَشِعُّ مِنْ ضِيَاءِ الحَسَنِ *** وَالقَمَرِ الزَّاهِرِ طُولَ الزَّمَنِ(4)
مِنَ الحُسَيْنِ خَامِسِ الكِسَاءِ *** يَسْطَعُ نوراً فِي دُجَى الظُّلْمَاءِ(5)
وَضَجَّتِ الأَمْلاَكُ بِالدُّعَاءِ *** إِلَى الإِلهِ فاطِرِ السَّماءِ
وَاسْتَمْنَحَتْهُ يَوْمَ عَمَّها العَنا *** أَنْ يَكْشِفَ الظَّلْماءَ عَنْهُمْ بِسَنا(6)
فَعِنْدَها أَظْهَرَ نُوراً لامِعاً *** مِنْ نُورِ فَاطِمٍ أزَالَ البُرْقُعا(7)
فَلَقَّبَ البَتُولَ بِالزَّهْرَاءِ *** رَمْزٌ إِلَى ذَيَّالِكَ النِّساءِ(8)
ص: 612
ص: 613
(بحر الرجز)
الأحد الشعراء
أَلْقابُ بِنْتِ المُصْطَفَى كَثِيرَهْ *** نَظَمْتُ مِنْهَا نُبْذَةً يَسِيرَهْ
نَفْسِي فِدَاها وَفِدا أَبِيهَا *** وَبَعْلِها الوَلِيِّ مَعْ بَنِیهَا
سَيِّدَةٌ إلنْسِيَّةٌ حَوْرَاءُ *** نُورِيَّةٌ حَانِيّةٌ عَذْراءُ(1)
كَرِيمَةٌ رَحِيمَةٌ شَهِيدَهْ *** عَفِيفَةٌ قَانِعَةٌ رَشِيدَهْ(2)
شَرِيفةٌ حَبِيبَةٌ مُحْتَرَمَهْ *** صَابِرَةٌ سَلِيمَةٌ مُكَرَّمَهْ
صَفِيَّةٌ عَالِمَةٌ عَلِيمَهْ *** مَعْصُومَةٌ مَغْصُوبَةٌ مَظْلُومَهْ(3)
ص: 614
مَيْمُونَةٌ مَنْصُورَةٌ مُحْتَشِمَهْ *** جَمِيلَةٌ جَلِيلَةٌ مُعَظِّمَهْ(1)
حَامِلَةُ البَلْوَى بِغَيْرِ شَكْوَى *** حَلِيفَةُ العِباده وَالتَّقْوَى
حَبِيبَةُ اللَّهِ وَبِنْتُ الصَّفْوَهْ *** رُكْنُ الهُدَى وَآيَةُ النُّبُوَّهْ
شَفِيعَةُ العُصاةِ أُمُّ الخِيَرَهْ *** تُفَّاحَةُ الجَنَّةِ وَالمُطَهَّرَهْ(2)
ص: 615
سَيِّدَةُ النِّسَاءِ بِنْتُ المُصْطَفَى *** صَفْوةُ رَبِّها وَمَوْطِنُ الهُدَى(1)
قُرَّةُ عَيْنِ المُصْطَفَى وَبَضْعَتُهْ *** مُهْجَةُ قَلْبِهِ كَذَا بَقِيَّتُهْ(2)
حَكِيمَةٌ فَهِيمَةٌ عَقِيلَهْ *** مَخرُونَةٌ مَكْرُوبَةٌ عَلِيلَهْ
عَابِدَةٌ زَاهِدَةٌ قَوَّامَهْ *** بَاكِيَةٌ صَابِرَةٌ صَوَّامَهْ
عَطُوفَةٌ رَؤُوفَةٌ حَنّانَهْ *** الْبَرَّةُ الشَّفِيقَةُ الأَنَّانَهْ
وَالِدَةُ السِّبْطَيْنِ دَوْحَةُ النَّبِي *** نُورٌ سَمَاوِيٌّ وَزَوْجَةُ الوَصِي(3)
بَدْرٌ تَمامٌ غُرَّةٌ غَرَّاءُ *** رُوحُ أَبِيها دُرَّةٌ بَيْضَاءُ
وَاسِطَةُ قِلادَةِ الوُجُودِ *** دُرَّةُ بَحْرِ الشَّرَفِ وَالجُودِ
وَلِيَّةُ اللَّهِ وَسِرُّ اللَّهِ *** أَمِينَةُ الوَحْيِ وَعَيْنُ اللَّهِ
ص: 616
مَكِينَةٌ فِي عَالَمِ السَّمَاءِ *** جَمَالُ الأبا شَرَفُ الأَبْنَاءِ
دُرَّةُ بَحْرِ العِلْمِ وَالكَمالِ *** جَوْهَرَةُ العِزَّةِ وَالجَلاَلِ
قُطْبُ رَحَى المَفَاخِرِ السَّنِيَّهْ *** مَجْمُوعَةُ المَآثِرِ العَلِيَّهْ
مِشْكاةُ نُورِ اللَّهِ وَالزُّجاجَهْ *** كَعْبَةُ الآمالِ لأَهْلِ الحَاجَهْ
لَيْلَةُ قَدْرٍ لَيْلَةٌ مُبَارَكَهْ *** ابْنَةُ مَنْ صَلَّتْ بِهِ المَلائِكَهْ(1)
قَرَارُ قَلْبِ أُمَّها المُعَظَمَهْ *** عَالِيَةُ المَحَلِّ سِرُّ العَظَمَهْ
مَكْسُورَةُ الضِّلْعِ رَضِيضُ الصَّدْرِ *** مَغْصُوبَةُ الحَقِّ خَفِيُّ القَبْرِ(2)
ص: 617
(بحر الرجز)
لأحد الشعراء
مِيلادُ بِنْتِ المُصْطَفَى المُخْتَارِ *** شَقَّ ظَلاَمَ اللَّيْلِ بِالأَنْوَارِ(1)
***
عَلَّقَتِ الأَيَّامُ أَبْرَاد الهَنَا *** إِذْ بَلَغَ الرَّاجُونَ غَايَاتِ المُنَى
لَقَدْ جَلاَ جُلَّ مَيَادِينِ السَّمَا *** وَفَاقَ ضَوْءَ السُّحْبِ وَالأَقْمَارِ
***
وَقَرَّ فِي صَدْرِ الهُدَى أَفْرَاحُهُ *** وَأَوْغَلَ الرُّشْدُ بِهِ إِصْلاَحُهُ(2)
فَكُلُّ عَيْنٍ نَظَرَتْ إِيضَاحَهُ *** يَحْكِي ضِيَاءَ الكَوْكَبِ السَّيّارِ(3)
***
لِمَوْلِدِ الزَّهْرَاءِ جَنَّاتُ العُلَى *** تَزَخْرَفَتْ وَالحُورُ مَا بَيْنَ المَلاَ
ص: 618
تَزَيَّنَتْ وَالكَوْثَرُ العَذْبُ حَلاَ *** مُصَفِّقاً فِي صَفْوِ مَاءٍ جَارِي
***
وَالكَوْنُ طُرّاً عَجَّ فِيهَا فَرَحاً *** وَقَدْ نَفَى الرَّحْمَنُ عَنْهَا التَّرحَا(1)
وَبَابُ جَنَّاتِ النَّعِيمِ انْفَتَحَا *** لِفَضْلِهَا وَسُدَّ بَابُ النَّارِ
***
وَأَعْلَنَتْ بِالْبِشْرِ سُكَّانُ السَّمَا *** وَالمَلأُ الأَعْلَى بَدَا مُبْتَسِما
وَجَاءَتِ الأَمْلاَكُ كُلاً خَدَمَا *** لِفَاطِمٍ أَمْراً مِنَ الجَبَّارِ(2)
***
فَأَحْدَقَتْ حَوْلَ أَبِيهَا المُصْطَفَى *** وَالرُّوحُ فِي الصَّفِّ احْتِرَاماً وَقَفَا(3)
هَنَّتْهُ بِالزَّهْرَاءِ أُمِّ الشُرَفا *** عَلَى البَرَايَا أَمَنَاءُ البَارِي
***
بِالنَّیِّرَيْنِ زَيَّنَتْ سِبْطَي الهُدَى *** هُمَا إِمَامَانِ عَلَى طُولِ المَدَى
لاَ فَرْقَ إِنْ قَامَا هُمَا أَوْقَعَدَا *** أَمْرُهُمَا مَاضٍ عَلَى الأَقْطَارِ
***
صدِّيقَةٌ لَهَا الرَّسُولُ وَالِدُ ** وَبَعْلُهَا حَيْدَرُ ذَاكَ المَاجِدُ
ص: 619
وَالغُرُّ مِنْ أَبْنَائِهَا الفَرَاقِدُ(1) *** أَوْ إِنَّهُمْ كَوَاكِبُ الأَسْحَارِ
***
زَوَّجَهَا فَوْقَ السَّماخَلاّقُهَا *** وَمَنْ بِهِ تَشَرَّفَتْ بُرَاقُهَا(2)
وَكُلُّ نَهْرٍ فِي الدُّنَا صَداقُهَا *** هَذَا الصَّحِيحُ جَاءَ فِي الأَخْبَارِ(3)
***
نَالَتْ بِهَا المَلاَئِكُ المَرَاتِبَا *** وَقَدْ رَأَتْ فِي عُرْسِهَا عَجَائِبَا
فَقَامَ (رَاحِيلُ) عَلَيْهِمْ خَاطِبَا *** وَذَلِكَ سِرٌّ مِنَ الأَسْرَارِ(4)
ص: 620
حوّا وَسَارَةٌ وَهَاجَرٌ مَعَا *** وَأُمُّ مَنْ لِلَّهِ قُدْماً رُفِعَا
كَرَائِمٌ سُدْنَ النِّسَاءَ أَجْمَعَا *** لكِنَّ لِلزَّهْرَاءِ عُدْنَ جَوَارِي(1)
***
طَاهِرَةٌ مَعْصُومَةٌ صِدِّيقَهْ *** سَالِكَةٌ مِنَ الهُدَى طَرِيقَهْ
شَرِيفَةٌ فِي نَسَبٍ عَرِيقَهْ *** وَالِدَةُ الأَطْهَارِ وَالأَبْرَارِ
***
شَفِيعَةُ الشِّيعَةِ فِي يَوْمِ الجَزَا *** وَرَسْمُهَا فِي اللَّوْحِ سِرّاً رُمِزَا(2)
ص: 621
بِاسْمِهَا قَلْبُ الهُدَى تَحَرَّزا *** مِنْ كُلِّ دَاءٍ فِي الزَّمَانِ سَارِي
***
لِذَاتِهَا الجَلِيلُ فَضْلاً مَنَحَا *** وَقَدْ بَنَى السَّمَاءَ وَالأَرْضَ دَحَا(1)
ص: 622
وَالشَّمْسُ مِنْ نُورِ هُدَاهُ وَالضُّحَى *** تَبَلَّجَتْ مِنْ تِلْكُمُ الأَنْوَارِ(1)
ص: 623
ص: 624
1- فهرس الشعراء
2- فهرس التراجم
3- فهرس القصائد و البحور
4- فهرس الموضوعات
ص: 625
ص: 626
الإسم *** المقطوعة
إبراهيم غلوم حسين أحمد *** الأراجیز(18).
ابن الحجاج البغدادي *** ن(1).
الشيخ أبوالحسن الخليعي *** ن(2)، ن(3).
الأستاذ أبوزهراء الكوفي *** ن(4)، ه_(1).
أبوالقاسم الصنوبري *** ي(1).
الأستاذ أبومحمد المنصور باللَّه *** الأراجیز(1)
الأستاذ أحمد بن رشيد منط *** ه_(2).
الشيخ أحمد حسن الدجيلي *** ه_(3).
السيد إسماعيل الحميري *** ي(2).
الأستاذ أنور فرج اللَّه *** ه_(4).
الشيخ جابر الكاظمي *** ه_(5).
الحاج جواد بدقت الحائري *** ن(5)، ه_(6).
الشيخ جواد الحلي *** ن(6).
الشيخ حسن البحراني القيسي *** ن(7)، ن(8)، ن(9)، ن(10)، ن(11).
الشيخ حسن بن حمود الحلي *** ه_(7).
حسن بن علي العشاري *** ي(3).
الأستاذ حسن علي المرعي *** ن(12).
الشيخ حسين الشبيب *** ه_(8).
السيد حسين الغريفي الشاخوري *** ي(4).
الشيخ الدرمكي *** ن(13).
ديك الجن الحمصي *** الأراجیز(2).
ص: 627
الحاج سعود الشملاوي *** ه_(9)، ه_(10).
الأستاذ سعيد العسيلي العاملي *** ن(14)، ن(15).
الشيخ سلطان علي الصابر *** ه_(11)، الأراجیز(3).
الشيخ سلمان البحراني (التاجر) *** ي(5).
الشيخ سلمان البلادي البحراني *** ن(16).
الشيخ سلمان المحسني الفلاحي *** ي(6).
الأستاذ سلمان هادي آل طعمة *** و(1).
سليمان ظاهر *** الأراجیز(4).
الأستاذ شفيق العبادي *** ن(17).
شفيق عبدالقادر *** الأراجیز(5).
السيد صالح الحلي *** ن(18)، الآراجیز(6).
الشيخ صالح الطرفي *** الأراجیز(7).
الشيخ صالح الكواز *** ن(19).
الملك الصالح طلائع بن رزيك *** ن(20).
الأستاذ عادل الكاظمي *** ي(7).
السيد عباس المدرسي *** ه_(12)، ي(8).
الشيخ عبدالحسين الحويزي *** ه_(13).
الشيخ عبدالحسين شكر *** ه_(14)، و(2).
الشيخ عبدالستار الكاظمي *** ن(21).
الأستاذ عبد العزيز العندليب *** ه_(15)، ه_(16).
الشيخ عبد العظيم الربيعي *** ن(22)، ن(23).
الشيخ عبد علي الماحوزي *** الأراجیز(8).
الشيخ عبد الله بن معتوق *** الأراجیز(9).
الشيخ عبد الله الوائل الإحسائي *** ه_(17)، الأراجیز(10).
الشيخ عبدالمجيد أبوالمكارم *** الأراجیز(11)، الأراجیز(12).
الأستاذ عبد المسيح الأنطاكي *** ي(9)، ي(10).
السيد عدنان الغريفي البحراني *** ن(24).
الأستاذة عزيزة صندوق *** ه_(18).
عصام عباس *** ن(25)، ن(26)، ن(27).
ص: 628
الخطيب ملاعطية الجمري *** الأراجیز(13).
الشيخ ملا علي آل رمضان *** ن(28)، ن(29)، ن(30)، ن(31).
الشيخ علي أبوالمكارم *** ي(11).
علي بن علي بن نما الحلي *** ن(32).
الشيخ علي بن حسن الجشي *** ه_(19)، الأراجیز(14)، الأراجیز(15).
الشيخ علي بن مقرب العيوني *** الأراجیز(16).
السيد علي خان المشعشعي الحويزي *** ي(12).
الأستاذ علي عبداللطيف البغدادي *** ه_(20).
الأستاذ علي محمد الحائري *** و(30).
الشيخ علي منصور المرهون *** ي(13).
السيد عمران المير *** ن(33).
السيد غياث آل طعمة *** و(4).
السيد فاخر آل فاخر الموسوي *** الأراجیز(17).
الشيخ فاضل الصفار *** ي(14).
الأستاذ فرات الأسدي *** ن(34).
الشيخ فرج العمران القطيفي *** ه_(21).
الشيخ قاسم محيي الدين *** ه_(22).
االشيخ كاظم آل نوح *** الأراجیز(19).
الشيخ كاظم الأزري *** ه_(23).
الشيخ كاظم بن المطر الإحسائي *** ن(35)، ن(36).
المهندسة كوثر شاهين *** ي(15).
لأحد الشعراء *** ه_(35)، الأراجیز(42)، الأراجیز(43)، الأراجیز(44).
لأحد أشراف مكة المكرمة *** ه_(36).
الشيخ محسن أبوالحب الكبير *** ي(16).
ملا محسن الحاج سلمان البحراني *** الأراجیز(20).
الدكتور محمد إقبال *** ه_(24)، ي(17)، الأراجیز(21).
ص: 629
الشيخ محمد بن أحمد آل عصفور *** ي(18).
الشيخ محمد بن حسن الحر العاملي *** الأراجیز(22).
الشيخ محمد بن علي آل نتيف *** ه_(25).
الشيخ محمد جمعة *** ي(19).
الشيخ محمد جواد الخراساني *** ه_(26).
السيد محمد جواد فضل اللَّه *** ن(37).
الشيخ محمد حسن الجواهر *** ن(38).
الشيخ محمد حسن سميسم *** الأراجیز(23).
الشيخ محمد حسين الأصفهاني *** الأراجیز(24).
السيد محمد حسين الكيشوان *** الأراجیز(25).
السيد محمد رضا القزويني *** ن(39)، ن(40).
الشيخ محمد سعيد الجشي *** ه_(27).
الشيخ محمد سعيد المنصوري *** ن(41)، الأراجیز(26).
السيد محمد صالح البحراني *** ن(42).
الأستاذ محمد طاهر حسین جلواح *** ي(20).
محمد علي بن محسن الموسوي الغريفي *** الأراجیز(31).
السيد محمد على العلى *** ن(43).
الشيخ محمد علي قسام *** الأراجیز(27)، الأراجیز(28).
الشيخ محمد علي اليعقوبي *** الأراجیز(29)، الأراجیز(30).
السيد محمد القزويني *** الأراجیز(32).
الأستاذ محمود سبتي *** ن(44).
الأستاذ محمود مهدي *** ن(45)، ه_(29).
السيد مرتضى القزويني *** ه_(28).
السيد مرتضى النجفي البهبهاني *** ن(46).
السيدة معاذة أم سعد بن معاذ *** الأراجیز(33).
المفجع البصري *** ي(21).
منذر الساعدي *** ه_(30).
السيد مهدي الأعرجي *** الأراجیز(34)، الأراجیز(35).
الشيخ مهدي الحجار *** الأراجیز(36).
ص: 630
الشيخ مهدي حسن المصلي *** ي(22).
السيد ميرزا مهدي الشيرازي *** ه_(31).
الحاج مهدي الفلوجي *** ه_(32).
السيد نصر الله الحائري *** الأراجیز(37).
القاضي النعمان *** الأراجیز(38).
الشيخ هادي آل كاشف الغطاء *** الأراجیز(39).
السيد هاشم محسن الموسوي *** الأراجیز(41).
الأستاذ هيثم سعود الكربلائي *** ه_(34).
ص: 631
الإسم *** الصفحة
إبراهيم علوم حسين أحمد *** 504
ابن الحجاج البغدادي *** 11
الشيخ أحمد حسن الدجيلي *** 159
الشيخ جابر الكاظمي *** 166
الحاج جواد بدقت الحائري *** 23
الشيخ جواد الحلي *** 27
الشيخ سلمان المحسني الفلاحي *** 368
السيد عباس المدرسي *** 199
الأستاذ عبد المسيح الأنطاكي *** 378
السيد عدنان الغريفي البحراني *** 24
الخطيب ملا عطية الجمري *** 484
علي بن علي بن نما الحلي *** 104
السيد علي خان المشعشعي الحويزي *** 397
الأستاذ علي عبد اللطيف البغدادي *** 270
الأستاذ فرات الأسدي *** 109
الشيخ كاظم الأزري *** 278
الدكتور محمد إقبال *** 284
الشيخ محمد بن حسن الحر العاملي *** 518
الشيخ محمد حسن الجواهر *** 124
الشيخ محمد حسين الأصفهاني *** 532
السيد محمد حسين الكيشوان *** 543
ص: 632
الشيخ محمد سعيد الجشي *** 294
الشيخ محمد علي قسام *** 551
السيد محمد القزويني *** 570
الشيخ مهدي حسن المصلي *** 432
السيد مهدي الفلوجي *** 308
السيد نصر الله الحائري *** 588
الشيخ هادي آل كاشف الغطاء *** 597
الشيخ هادي اليعقوبي *** 603
السيد هاشم الشخص *** 313
السيد هاشم محسن الموسوي *** 605
ص: 633
-النون-
لا أكذب اللَّه إن الصدق ينجيني *** يد الأمير بحمداللَّه تحييني *** 11
(المقطوعة 1/بحر البسيط)
يا عين لالخلوّ الربع و الدمن *** باكي الرزايا سوى الباكي على السكن *** 14
(المقطوعة 2/بحر البسيط)
لم أبك من وقفة على الدمن *** و لالخل نأى و لاسكن *** 17
(المقطوعة 3/بحر المنسرح)
قد قضت باهتضام *** بنت خیر الأنام *** 19
(المقطوعة 4/بحر الرمل)
فوق الحمولة لؤلؤ مكنون *** زعم العواذل أنهن ظعون *** 23
(المقطوعة 5/بحر الكامل)
من شامخات المجد دك رعانها *** خطب أطاش من الورى أذهانها *** 27
(المقطوعة 6/بحر الكامل)
مالي وللبين أشجاني وآلمني *** كأنه بترات كان يطلبني *** 29
(المقطوعة 7/بحر البسيط)
لاينقضي أبداً وجدي و أحزاني *** أبكي و قد سال من عيني عينان *** 35
(المقطوعة 8/ بحر البسيط)
مالي أرى لوّامتي تلحوني *** و بلومها و عتابها تؤذيني *** 38
(المقطوعة 9/بحر الكامل)
أرزاء بنت محمد تشجیني *** و لما عراها تستهل جفنوني *** 40
(المقطوعة 10/بحر الكامل)
هیهات تهدأ زفرتي و حنيني *** مما عرا و يجف دمع عيوني *** 42
(المقطوعة 11/ بحر الكامل)
ص: 634
من أنيس الحور قدست اثنتين *** مريم العذرا، و أمّ الحسنين*** 44
(المقطوعة 12/بحر الرمل)
نحول جسمي لاينفك عني *** و قد صار البكا شغلي و فني *** 46
(المقطوعة 13/بحر الوافر)
بحران بالإيمان يلتقيان *** عجباً و هل يتعانق البحران *** 49
(المقطوعة 14/بحر الكامل)
هذا علي في السقاية دائب *** يسقي النخيل بداخل البستان *** 52
(المقطوعة 15/ بحر الكامل)
إلى كم ولوع القلب بالغادة الحسنا *** و ذكرى ليالي وصل بثنة أو لبني *** 55
(المقطوعة 16/بحر الطويل)
علّمينا فقد سئمنا الهوانا *** كيف يرقى إلى علاك مدانا *** 58
(المقطوعة 17/ بحر الخفيف)
لو أن دمعي يطفي نار أشجاني *** أذلت دمعي من قلبي و أجفاني *** 61
(المقطوعة 18/بحر البسيط)
هل بعد موقفنا على يبرين *** أحبي بطرف بالدموع ضنين *** 63
(المقطوعة 19/بحر الكامل)
لولا قوامك يا قضيب البان *** لم يحسن القضبان في الكثبان *** 67
(المقطوعة 20/بحر الكامل)
أحرقوا الدار على فاطمة و الحسنين *** و رسول اللَّه أوصاهم بحفظ الثقلين *** 71
(المقطوعة 21/بحر الرمل)
فضلك السامي علواً يا علي *** لايدانيه من الخلق مدان *** 74
(المقطوعة 22/بحر الرمل)
أحرف الحسن بخط حسن *** كتبت في وجه من تيمني *** 79
(المقطوعة 23/بحر الرمل)
دع عنك حزوى و ذكرى شعب سعدان *** و استوقف العيس في أكناف كوفان *** 83
(المقطوعة 24/بحر البسيط)
إلى الزهراء قد رفع البيان *** فكان الرد أن كفل الأمان *** 89
(المقطوعة 25/ بحر الوافر)
إلیک یا أم الحسن *** کتبت شوقاً و شجن *** 91
(المقطوعة 26/مجزوء الكامل)
ص: 635
مسکت بريشتي و شدا حنيني *** لبنت المصطفى الهادي الأمين *** 92
(المقطوعة 27/ بحر الوافر)
أتقر بعد الطف منك عيون *** و بها ضيا فجر الهدى مدفون *** 94
(المقطوعة 28/بحر الكامل)
أرض المدينة أظلمت أوطانها *** و تنكرت لما قضى سلطانها *** 97
(المقطوعة 29/بحر الكامل)
يا حي دار كثيرة الأحزان *** بنت النبي المصطفى العدنان *** 99
(المقطوعة 30/بحر الكامل)
من جذ عرنين الهدى و الدين *** من آل طه علة التكوين *** 102
(المقطوعة 31/بحر الكامل)
يا غزالاً غازلت فيه غرامي *** فأبى أن يدين لي أويليني *** 104
(المقطوعة 32/بحر الخفيف)
ذكراك يا بنت الأمين *** تحيا على مر السنين *** 107
(المقطوعة 33/بحر الكامل)
قمر یشع بهاء حزين *** ملأ الليل وجهه المفتون *** 109
(المقطوعة 34/بحر الخفيف)
لوکنت تدري ما شجوني *** ما لمت ذا الطرف الهتون *** 112
(المقطوعة 35/بحر الكامل)
بعداً لقوم بعد فقد المرشد *** ضلّوا فما فيهم ترى من مرشد *** 116
(المقطوعة 36/بحر الكامل)
يابنة الطهر و ما أروعها *** ذكر منك تزين المهرجانا *** 120
(المقطوعة37/ بحر الرمل)
أبا صالح كلّت الألسن *** و قد شخصت نحوك الأعين *** 124
(المقطوعة38/ بحر المتقارب)
إصغ يا دهر وانصتي يا سنين *** برهة إنما الحديث شجون *** 127
(المقطوعة 39/بحرالخفيف)
ظمآن أصبو إلى الذكرى فترويني *** و اليوم أسقي بها من كان يسقيني *** 129
(المقطوعة40/ بحر البسيط)
بنت النبي غدت حزينة *** لفراق سلطان المدينة *** 132
(المقطوعة 41/مجزوء الكامل)
ص: 636
عقود السَّعد قد نشرت جمانا *** و أرض الكون قد زهرت جنانا *** 134
(المقطوعة 42/بحر الوافر)
فجري الفكر و غذّي بيانا *** و أحيلي العيد فينا مهرجانا *** 139
(المقطوعة 43/بحر الرمل)
كم في سويدا قلبها من غلة *** عبرى و قلب مكمد محزون *** 143
(المقطوعة 44/بحر الكامل)
على البقيع ظلال من مآسينا *** تبكي الطلول لشجواها و تبكينا *** 145
(المقطوعة 45/بحر البسيط)
أصحاب أضغان و حقد أسود *** و محمد ملقى بلاتکفین *** 148
(المقطوعة 46/بحر الكامل)
-الهاء-
فاطم قد قضت بنت طه *** فالعز العلي وراها *** 153
(المقطوعة 1/ بحر المتدارك)
يا بضعة من زعيم الرسل حياها *** ربّ السماء وحتى الغر أبناها *** 155
(المقطوعة 2/بحر البسيط)
الشمس ما سطعت وضاء سناها *** إلا وأنت مدارها و رحاها *** 159
(المقطوعة 3/بحر الكامل)
قد أظلت على الدّني بسناها *** وجهها الصبح و الضياء رداها *** 163
(المقطوعة 4/بحر الخفيف)
بايعوا كل ذي ضلال سفيه *** و تخطوا من الرشاد لتيه *** 166
(المقطوعة 5/بحر الخفيف)
أهي الشمس في سماء علاها *** أخذت كل وجهة بسناها *** 178
(المقطوعة 6/بحر الخفيف)
لارعى اللَّه قيلة و عراها *** سخط موسى و حلّ منها عراها *** 183
(المقطوعة 7/بحر الخفيف)
يا لخطب في الدين هدّ قواه *** يوم غاب النبي في مثواه *** 186
(المقطوعة 8/بحر الخفيف)
شرعة الحق حیدر قد بناها *** و عليه يدور قطب رحاها *** 190
(المقطوعة 9/ بحر الخفيف)
ص: 637
حسرتي للبتول بضعة طه *** إذ دهاها بعد النبي مادهاها *** 194
(المقطوعة 10/بحر الخفيف)
إلیکم یا بني طه *** تحیات بأزکاها *** 197
(المقطوعة 11/بحر الهزج)
للإله العظيم حمدي تناهی *** و له الشكر دون أن يتناهى *** 199
(المقطوعة 12/ بحر الخفيف)
لمن العيس في البطاح براها *** مثل بري القداح جذب براها *** 240
(المقطوعة 13/بحر الخفيف)
ویح قوم رضوا عن الدين بالدنيا *** فما للقلوب ما أعماها *** 246
(المقطوعة 14/بحر الخفيف)
شنف مسامعنا في يوم ذكراها *** باسم البتول و حدّث عن سجاياها *** 249
(المقطوعة 15/بحر البسيط)
يا بضعة المصطفى طه *** یا من بها الفكر قد تاها *** 251
(المقطوعة 16/بحر المجتث)
هذه رامة وهذه رباها *** فاحبسا الركب ساعة في حماها *** 253
(المقطوعة 17/بحر الخفيف)
نور أضاء الكون لايتناهى *** باهت بطلعته السماء و طه *** 263
(المقطوعة 18/ بحر الكامل)
كل نفس لم تتبع أهواها *** أدركت في المعاد أقصى مناها *** 267
(المقطوعة 19/بحر الخفيف)
من أي باب يراع المدح يدخلها *** من ألف باب بإحداها تکاملها *** 270
(المقطوعة 20/ بحر البسيط)
هي شمس ردا الكمال تردت *** و يبحر النور الإلهي مدت *** 272
(المقطوعة 21/بحر الخفيف)
كيف تنسى مصاب بضعة طه *** إذ دهاها من الأسى مادهاها *** 274
(المقطوعة 22/ بحر الخفيف)
لمن الشمس في قباب قباها *** شف جسم الدجی بروح ضياها *** 278
(المقطوعة 23/بحر الخفيف)
المجد يشرق من ثلاث مطالع *** في مهد فاطمة فما أعلاها *** 284
(المقطوعة 24/بحر الكامل)
ص: 638
یابن طه حتى متى يا بن طه *** برعاياك يستقيم أذاها *** 288
(المقطوعة25/ بحر الخفيف)
طلعت نجمة فلاح ضياها *** في الثرى وانتهى الثريا بهاها *** 291
(المقطوعة 26/بحر الخفيف)
صلى الإله على البتول وآلها *** من تخضع الأملاك عند جلالها *** 294
(المقطوعة 27/بحر الكامل)
قم واسقنا من كؤوس المراح أحلاها *** و رونا برحيق من حميّاها *** 296
(المقطوعة 28/بحر البسيط)
تجلت شمس هدي في ضحاها *** و أشرقت المعالم من سناها *** 299
(المقطوعة 29/بحر الوافر)
یایوم فاطمة ويا بلواها *** فتّت فؤاداً هاج في ذكراها *** 301
(المقطوعة 30/بحر الكامل)
درّة أشرقت بأبهى سناها *** فتلالا الورى فيا بشراها *** 303
(المقطوعة 31/بحر الخفيف)
هي دنيا وللفنا منتهاها *** لعب جدّها وواه قواها *** 308
(المقطوعة 32/بحر الخفيف)
عجيبة هذه الدنيا وبلواها *** كم حلّ في آل طه من رزاياها *** 313
(المقطوعة 33/بحر البسيط)
يا ربي عجَّل بوفاتي *** و لمن أشكو یا رباه *** 317
(المقطوعة 34/ بحر الرمل)
أشرقت شمس أحمد بضياها *** فأضاءت بنورها ماسواها *** 322
(المقطوعة 35/بحر الخفيف)
ما لعيني قد غاب عنها كراها *** و عراها من عبرة ما عراها *** 328
(المقطوعة 36/بحر الخفيف)
-الواو-
حسبي جوى إن ضاقت السلوى *** علي أنال الغاية القصوى *** 337
(المقطوعة 1/ بحر الكامل)
أمن ذكر وادي النقا فاللَّوى *** بدا في المحاجر ما في الجوى *** 339
(المقطوعة 2/بحر المتقارب)
ص: 639
بكيت بمأتم الزهراء شجوا *** مصاباً هز ثهلاناً و رضوى *** 341
(المقطوعة 3/بحر الوافر)
إلام بنار البعد يا سيدي نكوى *** و هل يستلذ العيش من دون من نهوى *** 344
(المقطوعة 4/بحر الطويل)
-الياء-
ما في المنازل حاجة نقضيها *** إلا السلام و أدمع نذريها *** 351
(المقطوعة 1/بحر الكامل)
و حدّثنا عن حارث الأعور الذي *** نصدقه في القول منه و ما يروي *** 354
(المقطوعة 2/بحر الطويل)
لهفي على قمر و سيف مغمد *** أن لا يشم مدى الزمان غواليا *** 357
(المقطوعة 3/بحر الكامل)
سل جيرة الدار عن ترحال أهليها *** هل أزمع العود بالأظعان حاديها *** 359
(المقطوعة 4/بحر البسيط)
أي رزء شجا الرسول النبيَّا *** و البتول العذرا و أبكي الزكيا *** 364
(المقطوعة 5/ بحر الخفيف)
الله ما فعلت أميه *** ببني المطهرة الزكيّه *** 368
(المقطوعة 6 /مجزوء الكامل)
وقولة ل_(علي) قالها (عمر) *** ما نحن فيه بقايا من مآسيها *** 371
(المقطوعة 7/بحر البسيط)
كفاني أسّى لاتوقظن جراحيا *** ودع وجد قلبي في مطاويه تاویا *** 373
(المقطوعة8/بحر الطويل)
عرّج على طيبة و انزل مغانيها *** وسائل الناس شاكيها و باليها *** 378
(المقطوعة 9/ بحر البسيط)
شبت بحجر رسول اللَّه فاطمة *** كما تحب المعالي أن تلاقيها *** 382
(المقطوعة 10/بحر البسيط)
أتى بها اللَّه إظهاراً لقدرته *** من جنة الخلد لاأنثى تباريها *** 390
(المقطوعة 11/بحر البسيط)
يا إلهي بفاطم بأبيها *** بعلي و بالهداة بنيها *** 397
(المقطوعة 12/بحر الخفيف)
ص: 640
عرّج على قبر النبي محمد *** و الثم تراباً خالط العطر الندي *** 401
(المقطوعة 13/ بحر الكامل)
آه لبنت المصطفى الزاكية *** كم لوعة أمست بها باکیه *** 403
(المقطوعة 14/ بحر السريع)
دعوني أبتدي حرفي صلاة *** على المختارطه و الوصي *** 406
(المقطوعة 15/بحر الوافر)
لاتعبسي وجهاً عليّه *** ما راع منك القلب ريه *** 409
(المقطوعة 16/ بحر الكامل)
في كربلا فاطم قرحى أماقيها *** تنعي حماة حماة ذبحوا فيها *** 413
(المقطوعة 17/بحر البسيط)
أين الشفيق على الزهرا يواسيها *** في نوحها ونعاها في غواليها *** 415
(المقطوعة 18/ بحر البسيط)
يا راكباً هيماء مرقالاً *** جسوراً شدقميّه *** 420
(المقطوعة 19/بحر الكامل)
يا مزون النسمات الفاطمية *** رطبي تلك القلوب الحجريه *** 423
(المقطوعة 20/ بحر الرمل)
أيها اللائمي لحبي عليَّا *** قم ذميماً إلى الجحيم خزيا *** 426
(المقطوعة 21/بحر الخفيف)
إني احتمیت بحب جلّ باریه *** ما خاب من فاطم الزهراء تحميه *** 432
(المقطوعة 22/ بحر البسيط)
-الأراجيز-
الحمد للمهيمن الجبار *** مكوّر الليل على النهار *** 437
(المقطوعة 1/ بحر الرجز)
إن الرسول لم يزل يقول *** و الخير ما قال به الرسول *** 441
(المقطوعة 2/بحر الرجز)
حديثناعن جابر الأنصاري *** فاصغ له في الخمسة الأطهار *** 444
(المقطوعة 3/ بحر الرجز)
هل كان في النساء مثل فاطم *** في غابر وحاضر و قادم *** 450
(المقطوعة 4 / بحر الرجز)
ص: 641
بسم الإله الراحم الرحيم *** خالق هذا العالم العظيم *** 452
(المقطوعة 5/ بحر الرجز)
ليت يرى الذي جرى الهادي النبي المؤتمن *** من بعد ما غاب على أم الحسين و الحسن *** 457
(المقطوعة6/ بحر الزجر)
لبضعة المختار أم الحجج *** مناقب و ضّاءة كالسرج *** 459
(المقطوعة 7/ بحر الرجز)
أفتتح الكلام باسم الخالق *** مصلّياً على النبي الصادق *** 460
(المقطوعة 8 /بحر الرجز)
ما العذر للأمة فيما سلكت *** عن ليلة القدر التي قد هتكت *** 466
(المقطوعة 9/بحر الرجز)
تباً لدنيا غادرت أهل العبا *** بصروفها فتشتتوا أيدي سبا *** 468
(المقطوعة 10/بحر الرجز)
الحمد للّه ذي الجلال *** وخالق الخلق بلا تمثال *** 472
(المقطوعة 11/بحر الرجز)
آه من المسمار كيفما فعل *** فعلته للحشر لما تضمحل *** 481
(المقطوعة 12/بحر الرجز)
ولّهني تجارب الأرزاء *** بالمصطفى والآل والزهراء *** 484
(المقطوعة 13/بحر الرجز)
روي لنا عن معدن الأسرار *** بضعة طه مظهر الأنوار *** 488
(المقطوعة 14/بحر الرجز)
حبيبة الحبيب بنت المصطفى *** كفؤ عليّ وكفاها شرفا *** 493
(المقطوعة 15/بحر الرجز)
يا واقفاً بدمنة ومربع *** إبك على آل النبي أودع *** 495
(المقطوعة 16/بحر الرجز)
بسم الذي قد برأ الخلائق *** وللهدى قد أظهر الحقائق *** 497
(المقطوعة 17/بحر الرجز)
ابدأ باسم الواحد الكريم *** إلهنا المنعم والرحيم *** 504
(المقطوعة 18/بحر الرجز)
أيّ رشاً أهاجنا بغامه *** أراعه القانص أو أوامه *** 508
(المقطوعة 19/بحر الرجز)
ص: 642
الحمد لله الذي هدانا **** بالمصطفى و المرتضی مولانا *** 510
(المقطوعة 20/بحر الرجز)
نغمات المرء عزف المرأة *** هو من محنتها في عزّة *** 515
(المقطوعة 21/ بحر الرجز)
و ولدت فاطمة الزهراء *** البضعة الزكية الحوراء *** 518
(المقطوعة 22 /بحر الرجز)
يا أيها الرسول بلّغ بعلي *** ما فيه أنزلت من النص الجلي *** 528
(المقطوعة 23/بحر الرجز)
جوهرة القدس من الكنز الخفي *** بدت فأبدت عاليات الأحرف *** 532
(المقطوعة 24 /بحر الرجز)
مالك لاالعين تصوب أدمعا *** منك و لاالقلب يذوب جزعا *** 543
(المقطوعة 25/ بحر الرجز)
يا طالباً من بضعة المختار *** أن تبكي بالليل و النهار *** 549
(المقطوعة 26/بحر الرجز)
من مبلغ عني النبي الهادي *** سلام عبد خالص الوداد *** 551
(المقطوعة 27/بحر الرجز)
لولاکم یا آل بيت المصطفى *** ما كان من لوح و لامن قلم *** 556
(المقطوعة28/ بحر الرجز)
إلام في كل صباح و مسا *** نعلل النفس بعلّ و عسى *** 559
(المقطوعة 29/بحر الرجز)
أي المعالي لم ينل غاياتها *** أم أيّ فخر لذراه ما ارتقى *** 561
(المقطوعة 30/بحر الرجز)
هاك حديثاً جاء عن خير النسا *** خامسة الأقطاب أصحاب الكسا *** 563
(المقطوعة 31/بحر الرجز)
روت لنا فاطمة خير النسا *** حديث أهل الفضل أصحاب الكسا *** 570
(المقطوعة 32/ بحر الرجز)
أقول قولاً فيه مافيه *** و أذكر الخير و أبديه *** 575
(المقطوعة 33/بحر الرجز)
ما بال عينيك دماً تنسكب *** و نار أحشاك أسًى تلتهب *** 577
(المقطوعة 34/بحر الرجز)
ص: 643
يا أيها الرّبع الذي قد درسا *** باكرك الغيث صباحاً و مسا *** 582
(المقطوعة 35/ بحر الرجز)
صلّوا على الخمسة أصحاب العبا *** أفضل خلق الله أمّاً و أبا *** 585
(المقطوعة 36/ بحر الرجز)
من غير جرم الحسين يقتل *** و بالدماء جسمه يغسّل *** 588
(المقطوعة 37/ بحر الرجز)
فبایعاه جهرة و قالا *** بل أنت خير من نراه حالا *** 593
(المقطوعة 38/بحر الرجز)
فاطمة خير نساء الأمة *** من كل ذنب عصمت و وصمه *** 597
(المقطوعة 39/بحر الرجز)
لفاطم الزهراء خير مولد *** سرّ به قلب النبي أحمد *** 603
(المقطوعة 40/بحر الرجز)
قال ابن محسن اللعيبي هاشم *** من قد نماه المرتضى و فاطم *** 605
(المقطوعة 41/بحر الرجز)
أنوارهم ساطعة من قبل أن *** يكتب في اللوح وجود و زمن *** 610
(المقطوعة 42/ بحر الرجز)
ألقاب بنت المصطفى كثيرة *** نظمت منها نبذة يسيره *** 614
(المقطوعة 43/بحر الرجز)
ميلاد بنت المصطفى المختار *** شقّ ظلام الليل بالأنوار *** 618
(المقطوعة 44/ بحر الرجز)
ص: 644
سورة الفاتحة *** 5
تقریظ *** 7
قافیة النون
(1) أهل الجنان *** 11
(2) البتول الطهر واقفة *** 14
(3) أنا ابنةُ المصطفى صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 17
(4) بنتُ خير الأنام *** 19
(5) جنين فاطمة علیها السلام *** 23
(6) شامخات المجد *** 27
(7) أمُّ الأتقياء علیها السلام *** 29
(8) أشجى البتولة *** 35
(9) أُمُّ الهداة علیها السلام *** 38
(10) وجد البتول *** 40
(11) يا بضعة الهادي علیها السلام *** 42
(12) أم الحسنين علیها السلام *** 44
ص: 645
(13) يطيب لي البكا *** 46
(14) نفحةٌ من فاطمٍ علیها السلام *** 49
(15) خمسمائة درهم *** 52
(16) مخدومة الأملاك *** 55
(17) صدى الحق *** 58
(18) بيتُ أحزان *** 61
(19) الواثبين لظلم آل محمد صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 63
(20) الطهر فاطمة علیها السلام *** 67
(21) الزهراء علیها السلام في الدار *** 71
(22) فاطمة علیها السلام و الحسنان علیهما السلام *** 74
(23) يُخجلُ الغيث *** 79
(24) خير نسوان علیها السلام *** 83
(25) دعاء الأبرار *** 89
(26) رسالة إلى الزهراء علیها السلام *** 91
(27) ريشتي و الزهراء علیها السلام *** 92
(28) بين الجدار *** 94
(29) أرّقت أهل المدينة *** 97
(30) دار بها الزهراء علیها السلام *** 99
(31) درّةٌ قدسية *** 102
(32) غصب الزهراء علیها السلام *** 104
ص: 646
(33) خط البتولة علیها السلام واضحٌ *** 107
(34) هُداها القرآن *** 109
(35) الحرمة الكبرى *** 112
(36) بعد فقد المرشد *** 116
(37) يابنة الطهر صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 120
(38) فداها علیها السلام النفوس *** 124
(39) الزهراء علیها السلام سِرُّ سيبقى *** 127
(40) الشفاعة بالزهراء علیها السلام *** 129
(41) من ظلم البتول علیها السلام *** 132
(42) قائدها النبي صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 134
(43) مهرجان العيد *** 139
(44) لم أنس *** 143
(45) نجيبة المصطفى صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 145
(46) سَلِيلَةُ أَحْمَدٍ صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 148
قافية الهاء
(1) نادت أباها صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 153
(2) صلى الإله عليها *** 155
(3) هذه هي الزهراء علیها السلام *** 159
(4) وستبقى الزهراء علیها السلام *** 163
(5) بنت خير الورى *** 166
ص: 647
(6) في سماء عُلاها *** 178
(7) حاربوا فاطماً علیها السلام *** 183
(8) يوم غاب النبي صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 186
(9) بضعة الرسول صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 190
(10) حسرتى للبتول علیها السلام *** 194
(11) إِلَيْكُمْ يا بَني طه *** 197
(12) منظومة خطبة الزهراء علیها السلام *** 199
النبي صلي اللَّه علیه و آله و سلم الأكرم و فلسفة الرسالة *** 202
مسؤولية الناس تجاه الرسالة الإسلامية *** 204
فلسفة الشريعة الإسلامية *** 206
اعلموا أني فاطمة علیها السلام! *** 208
هكذا أنقذ اللَّه العرب من الجاهلية *** 209
دور الإمام عليّ علیه السلام في بناء الإسلام *** 212
الردّة و بدء المؤامرة ضد أهل البيت علیهم السلام *** 213
المزاعم الباطلة للمتآمرين *** 214
التآمر... عودة إلى الجاهلية *** 216
القرآن الكريم يفنّد مزاعم المتآمرين في غصب فدك *** 217
الإنذار *** 220
استنهاض الأنصار للدفاع عن الحق *** 220
حبّ الراحة سبب خذلان الحقّ! *** 225
ص: 648
المستقبل الخطير للمتخاذلين *** 226
جواب أبي بكر *** 227
الحديث -الفرية *** 229
الدفاع الهزيل *** 229
الحديث فرية و الرسول صلي اللَّه علیه و آله و سلم لايخالف القرآن *** 231
جواب أبي بكر و الاعتراف بالخطأ *** 233
عناد المتواطئين على الباطل *** 234
و عادت فاطمة علیها السلام إلى دار عليّ علیه السلام! *** 235
استنهاض الإمام الممتحن *** 235
الكلمة الأخيرة لفاطمة علیها السلام! *** 239
(13) صديقة الخليقة *** 240
(14) يا كفيل الأيتام *** 246
(15) فريدة في معاليها *** 249
(16) يا كوثر الفضل *** 251
(17) لست أنسى البتول *** 253
(18) فضائل الزهراء علیها السلام *** 263
(19) بنت خير نبي صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 267
(20) من أيّ بابٍ *** 270
(21) هذه معدن العطاء *** 272
(22) حرّ الفؤاد *** 274
ص: 649
(23) بضعة المصطفى صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 278
(24) هي أسوة للأمهات *** 284
(25) ربيبة خدرٍ *** 288
(26) سميت فاطِماً علیها السلام *** 291
(27) ما أعظم الزهراء علیها السلام *** 294
(28) هي البتول علیها السلام *** 296
(29) القدسية السامي عُلاها *** 300
(30) يا يوم فاطمة علیها السلام *** 301
(31) حرةٌ سادت البرايا *** 303
(32) نحلة البتول *** 308
(33) كم عانت الزهراء علیها السلام *** 313
(34) عمر الزهور *** 317
(35) شمس أم القرى *** 322
(36) وأتت فاطمُ علیها السلام *** 328
قافیة الواو
(1) هي رحمة *** 337
(2) بني الوحي *** 339
(3) مأتم الزهراءِ علیها السلام *** 341
(4) فداها أبوها *** 344
ص: 650
قافیة الیاء
(1) صلّوا على بنت النبي صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 351
(2) هدية ربي *** 534
(3) صبّت علي مصائبٌ *** 357
(4) قوموا إلى فاطم علیها السلام *** 359
(5) كاشف الكرب *** 364
(6) لا تنس بضعة أحمد صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 368
(7) فاطمة علیها السلام في الدار *** 371
(8) كفاني أسًى *** 373
(9) بنت المصطفى صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 378
(10) محبوبة النبي صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 382
(11) جوهرة الكون *** 390
(12) يا إلهي بفاطمٍ علیها السلام *** 397
(13) عرّج على قبر النبي صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 401
(14) صائنة المجد *** 403
(15) هي الحوراء علیها السلام *** 406
(16) اللَّه يحكم *** 409
(17) في كربلا فاطم علیها السلام *** 413
(18) أم الحسين علیه السلام *** 415
(19) یا باب فاطمة علیها السلام البتول *** 420
ص: 651
(20) النَّسماتِ الفاطمية علیها السلام *** 423
(21) خيرة اللَّه *** 426
(22) زهراءٌ علیها السلام أُمُّ أبيها *** 432
الأراجیز
(1) حورية إنسية *** 437
(2) زَيْنُ الْجِنَانِ *** 441
(3) خامس الأطهار علیها السلام *** 444
(4) جوهرة الرحمن *** 450
(5) طَريقُ الكَمَال *** 452
(6) بضعة النبي صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 457
(7) أم أبيها علیها السلام *** 459
(8) أفضل النساء *** 460
(9) ليلةِ القدرِ *** 466
(10) آل النبي صلي اللَّه علیه و آله و سلم الأكرمين *** 468
(11) طاهرة مطهّرة *** 472
(12) بضعة الأمين *** 481
(13) بنت الرسول صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 484
(14) مَظْهَرُ الأنوار *** 488
(15) حبيبة الحبيب *** 493
(16) آل النبيّ صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 495
ص: 652
(17) هدية الولاء في نظم حديث الكساء *** 497
(18) أرجوزة الكساء *** 504
(19) روضة النبي صلي اللَّه علیه و آله و سلم *** 508
(20) يستأذن الأمين جبرئيلُ *** 510
(21) روضة الصدق *** 515
(22) أم الأئمة علیها السلام *** 518
(23) بضعة الهدى *** 528
(24) جَوْهَرَةُ الْقُدْسِ *** 532
(25) حق البتول علیها السلام *** 543
(26) بضعة المختار *** 549
(27) حديث الباب *** 551
(28) مصائب الزهراء علیها السلام *** 556
(29) تراث فاطم علیها السلام *** 559
(30) عليّ علیه السلام كفؤ فاطمة علیها السلام *** 561
(31) خير النساء *** 563
(32) فاطمة علیها السلام خيرُ النساء *** 570
(33) بنت نبيّ صلي اللَّه علیه و آله و سلم الهدى *** 575
(34) ما بال عينيك *** 577
(35) خامسة الأطهار علیها السلام *** 582
(36) الكساء اليماني *** 585
ص: 653
(37) ساعد الزهراء علیها السلام *** 588
(38) باب البتول فاطمة علیها السلام *** 593
(39) خَيْرُ نِسَاءِ الْأُمَّةِ *** 597
(40) أزهرت مكة *** 603
(41) تحت الكساء *** 605
(42) نور فاطم علیها السلام *** 610
(43) تفاحة الجنة *** 614
(44) طاهرةٌ معصومةٌ صديقة *** 618
الفهارس العامة
1- فهرس الشعراء *** 627
2- فهرس التراجم *** 632
3- فهرس القصائد و البحور *** 634
4- فهرس الموضوعات *** 645
ص: 654