تأليف
الشيخ المحدث
محمّد بن الحسن الحر العاملي(رحمة اللّه)
1033 - 1104 ه- . ق
تحقيق
فارس حسون كريم
مؤسسة المعارف الاسلامية
علي بن حسين (علیه السلام) ، امام چهارم ، 38 - 94 ق.
الصحيفة السجادية الثانية / الإمام علي بن الحسين (علیه السلام) : تأليف محمد بن الحسن الحر العاملي ؛ تحقيق فارس حسون كريم. - قم : مؤسسة المعارف الاسلاميه ، 1379 .
252 ص : 14 × 21 سم. ISBN : 964 - 6289 - 89 - 4
فهرستنویسی بر اساس اطلاعات فیبا .
عربي .
کتابنامه به صورت زیرنویس .
1 . دعاها . الف . حر عاملی، محمد بن حسن، 1033 - 1104 ق، گرد آورنده.
ب .كريم فارس حسون ، 1331 - ، مصحح . ج . بنیاد معارف اسلامی . د . عنوان .
32 م ص 48 / 1 / 267 72/297BP
کتابخانه ملی ایران 19070-79م
ص: 1
علي بن حسين (علیه السلام) ، امام چهارم ، 38 - 94 ق.
الصحيفة السجادية الثانية / الإمام علي بن الحسين (علیه السلام) : تأليف محمد بن الحسن الحر العاملي ؛ تحقيق فارس حسون كريم. - قم : مؤسسة المعارف الاسلاميه ، 1379 .
252 ص : 14 × 21 سم. ISBN : 964 - 6289 - 89 - 4
فهرستنویسی بر اساس اطلاعات فیبا .
عربي .
کتابنامه به صورت زیرنویس .
1 . دعاها . الف . حر عاملی، محمد بن حسن، 1033 - 1104 ق، گرد آورنده.
ب .كريم فارس حسون ، 1331 - ، مصحح . ج . بنیاد معارف اسلامی . د . عنوان .
32 م ص 48 / 1 / 267 72/297BP
کتابخانه ملی ایران 19070-79م
هوية الكتاب :
اسم الكتاب :...الصحيفة السجادية الثانية
تأليف :...الشيخ المحدّث محمّد بن الحسن الحر العاملي(رحمة اللّه)
تحقیق:...فارس حسون كريم
نشر:...مؤسسة المعارف الإسلامية
الطبعة :... الأولى 1421ه-. ق .
المطبعة:...عترت
العدد :...2000نسخه
شابک :...4-89-6289-964
كافة الحقوق محفوظة ومسجّلة
لمؤسسة المعارف الاسلامية
قم - ص . ب 768 - تلفون 7732009-فاکس 7743701
ص: 2
بسم اللّه الرحمن الرحیم
ص: 3
الحمد للّه ربّ العالمين،وأفضل الصلاة والسلام على حبيبه خاتم رسله وآله الأبرار المنتجبين .
وبعد :
إنّ الدعاء نعمة ربانية تغمر العبد في مختلف أحواله ، فكانت هي الصلة بين الانسان وربه منذ الانسان - النبي - الأول وحتى يومنا هذا، وبما ان الذات البشرية هي فقيرة ومحتاجة إلى ما عند خالقها فاتخذت الدعاء عبادة تتقرب بها إلى اللّه متسلّقة مدارج الكمال، ومنعتقة من جميع أنواع العبودية لسواه سبحانه.
وإنّنا نرى أنّ الأنبياء والمرسلين قد أولوا الدعاء الاهتمام البالغ على مرّ العصور،فقد جاء في القرآن الكريم نماذج من أدعيتهم عليهم السلام،وكذا السنّة النبوية الغنيّة بالحثّ والترغيب في الدعاء حتى قال نبينا صلى اللّه عليه وآله:«الدعاء سلاح المؤمن» .
وهكذا ينال الدعاء اهتمام الأئمة المعصومين عليهم السلام وبالأخص الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن طالب عليه السلام فقد أغناه كلّ الغنى، ورصعه بشذرات زاهية
ص: 4
حازت صحيفته المعروفة على لقب زبور آل محمد علیهم السلام».
وصحيفته عليه السلام التي بين يديك - عزيزي القارىء - هي له الثانية التي عنى بجمعها الشيخ المحدث محمد بن الحسن الحرّ العاملي قدّس سرّه، وقام بتحقيقها وتخريجها وشرح ألفاظها الأستاذ فارس حسّون كريم .
ويسرّ مؤسّسة المعارف الاسلامية بعد اهداء الشكر للجهود القيمة التي بذلها الأستاذ المحقق أن تقدّم هذه التحفة الخالدة إلى الداعين ،سائلين اللّه تعالى أن يعمر بمعارفها قلوبهم،وأن يشركنا في دعائهم،إنّه نعم المولى،ونعم المجيب مؤسسة المعارف الاسلامية
ص: 5
إلى من تحرّر من أكرم المناسب،وأنتمى إلى أطيب الأعراق:السجاد،زين العابدين،ذي الثفنات،سيّدالعرب والعجم:
«الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(علیه السلام)»
أرفع عملي هذا منيخاً بفنائه ، مترقلاً في أعطافه،وراجياً أن يكون لي عند الباري تعالى من العمل المقبول، وفي الآخرة خير مأمول .
فارس
ص: 6
بسم اللّه الرحمن الرحیم
الحمد للّه الخالق القديم، المنعم بالشرع الإسلامي القويم،الهادي إلى الصراط السوي المستقيم .
والصلاة والسلام على أكمل رسله خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً رسوله محمّد الكريم، وعلى أهل بيته حملة المبدأ، وحماة العقيدة، وشهداء رسالة الحق العلي العظيم .
وبعد :
لقد بارك اللّه سبحانه وتعالى في ذرّيّة الإمام الحسين بن عليّ عليهما السلام وذلك من خلال ولده عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام،ونمت وأثمرت هذه الذرّيّة بزين العابدين دون غيره من أولاد أبيه الذين استشهدوا في واقعة كربلاء.
وبعبارة أخرى : ليس على وجه الأرض اليوم حسيني إلا من نسل هذا الإمام الهمام،من غير فرق أنّه كان من الأئمة عليهم السلام أم من سواهم.
نعم، ترعرع السجّاد عليه السلام في مدرسة الرسالة،وتفيأ ظلال الإمامة، ودرج في أحضان الهدى، فهو قد صُنع على عين الاسلام، حتى أضحى صورة حية منه ، يفكّر من خلاله، ويسلك ما رسم وينأى عمّا نهى.
ص: 7
ولا غرو في ذلك ما دام أمير المؤمنين علي عليه السلام جدّه،والحسن السبط عليه السلام عمّه،والحسين سيّد الشهداء وأبو الأحرار عليه السلام أباه، فلقد تلقّى الهدى من خلالهم، واستمسك بالحق برعايتهم ، فأنشئ إنشاء روحياً وفكرياً تحت إشرافهم .
ويذكر لنا التاريخ انّ أمّه الجليلة«شهربانو»قد لبّت نداء ربّها أيًا. نفاسها به علیه السلام،فلم تلد سواه، وكأنّها كانت معدة لولادته عليه السلام لا غير ، ثمّ الرحيل إلى ربّها الأعلى .
وإذا تتبعنا سيرته عليه السلام فبلاشك اننا سنلاحظ ان الجانب الروحي قد أخذ مأخذه في هذا الوجود المعصوم حتى عرف ب-«زين العابدين».وسبب اشتهاره بهذا اللقب هو ما رواه الزهري، عن سعيد بن المسيب ، عن ابن عبّاس أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال:إذا كان يوم القيامة ينادي منادٍ : أين زين العابدين ؟
فكأنّي أنظر إلى ولدي عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب يخطر بين الصفوف.(1)
ولم يطغ عليه الجانب الروحي لدرجة التقوقع والانعزال،بل بالعكس أنه سلك هذا المسلك من أجل معالم وغايات محدّدة متبنياً جوانب عديدة كانت هى أركان ثورته غير المعلنة.
ومن هذه الجوانب هي :
1 - إحياء ذكرى والده الشهيد سيد الأحرار عليه السلام وأصحابه ،
ص: 8
وذلك عن طريق إقامة المآتم وإحياء مجالسه لإعطاء الذكرى حرارة دائمة.
2 - التبنّي العملي لمشاكل الجماهير المسلمة، وذلك بالوسائل المتاحة التي تعامل بها عليه السلام مع القواعد الشعبيّة، وعدم الركون إلى حياة الترف والبذخ وترك الناس وإهمالهم.
3 - المهمة التعليمية، وذلك باتخاذه المسجد النبوي الشريف وداره المباركة كأماكن مناسبة لنشر المعرفة الاسلامية .
4 - الدعاء، وهو الذي يعتبر أهم الجوانب المتقدمة، حيث بلغت أدعيته عليه السلام الذروة في الكمال والنضج والشموخ .
وصحيح إنّ الدعاء ذو مضامين تعبّديّة ووسيلة يتوسل بها العبد إلى بلوغ مرضاة اللّه سبحانه، بيد أنّ الإمام عليه السلام استطاع بقدرته الفائقة أن يمنح أدعيته محتوى اجتماعيّاً متعدد الجوانب، لذا نجد أدعيته عليه السلام كانت غالباً ذات وجهين غاية في الارتباط والتكامل : وجهاً عبادياً ، وآخر اجتماعياً .
وما امتازت به أدعيته عليه السلام أيضاً هو شموليتها واستيعابها الغايات المرجوة .
وبالتالي فقد نالت هذه الأدعية اهتمام الأئمة عليهم السلام من بعد السجّاد عليه السلام،كالباقر والصادق عليهما السلام وجمع السامي تحت عنوان «الصحيفة السجّاديّة » .
ص: 9
هو المحدّث الكبير والفقيه التحرير محمد بن الحسن بن علي بن محمد ابن الحسين بن عبد السلام بن عبد المطلب، المعروف بالحرّ العاملي ، يتصل نسبه ب-«الحرّ الرياحي»المستشهد مع الإمام الحسين بن على عليهما السلام يوم الطف .
ولد في قرية مشغرى-إحدى قرى جبل عامل-ليلة الجمعة ثامن شهر رجب المرجب سنة 1033 ه-.
1 - سلافة العصر : 359 : عَلَم عِلم لا تباريه الأعلام، وهضبة فضل لا يفصح عن وصفها الكلام،أرّجت أنفاس فوائده أرجاء الأقطار، وأحيت كلّ أرض نزلت بها فكأنها لبقاع الأرض أمطار،تصانيفه في جبهات الأيام غرر ، وكلماته في عقد السطور درر.
ص: 10
وهو الآن قاطن بأرض العجم، ينشد لسان حاله:
أنا ابن الّذي لم يخزني في حياته***ولم أخزه لمّا تغيب في الرجم
و یحیي بفضله مآثر أسلافه، وينتشي مصطحباً ومغتبقاً برحيق الأدب وسلافه، وله شعر مستعذب الجنى، بديع المجتلى والمجتنى.
2 - مقابس الأنوار : 17 : العالم الفاضل، الأديب الفقيه، المحدّث الكامل، الأديب الوجيه، الجامع لشتات الأخبار والآثار، المرتب لأبواب تلك الأنوار والأسرار ...
3 - الغدير : 11 / 336 : فشيخنا المترجم له درّة على تاج الزمن،وغرّة على جبهة الفضيلة، متى استكنهته تجد له في كلّ قدر مغرفة، وبكلّ فنّ معرفة ، ولقد تقاصرت عنه جمل المدح وزمر الثناء، فكأنّه عاد جثمان العلم وهيكل الأدب وشخصية الكمال البارزة ...
1 - الشيخ الحسن بن عليّ بن محمّد - أبوه - (المتوفّى 1062 ه-).
2 - الشيخ محمّد بن علي الحرّ - عمّه - (المتوفّى 1081 ه-) .
3 - الشيخ عبد السلام بن محمّد الحرّ - جده لأمّه - .
4 - الشيخ علي بن محمود العاملي - خال أبيه - .
5- الشيخ زين الدين بن محمد بن الحسن - صاحب المعالم - بن زين الدين الشهيد الثاني.
6 - الشيخ حسين الظهيري
وغيرهم.
1 - الشيخ محمّد فاضل بن محمد مهدي المشهدي.
ص: 11
2 - السيد نور الدين بن السيّد نعمة اللّه الجزائري .
3 - الشيخ محمود بن عبد السلام البحراني .
أمّا العلامة المجلسي فإنّه قد تبادل معه الإجازة ، والإجازة بينهما مدبّجة-وهي أن يجيز كلّ من العالمين للآخر مروياته، وتقع غالباً بين أكابر العلماء-.
1 - تفصيل وسائل الشيعة:وهو كتاب جامع للأحاديث الفقهيّة يعتمد عليها الفقهاء في استنباط الأحكام الشرعية.
2 - فهرست وسائل الشيعة.
3 - هداية الأمة إلى أحكام الأئمة عليهم السلام .
4 - الفوائد الطوسيّة.
5 - إثبات الهداة بالنصوص و المعجزات .
6 - أمل الآمل في علماء جبل عامل .
7 - الفصول المهمة في أصول الأئمّة عليهم السلام.
8 - العربيّة العلوية واللغة المروية.
9 - الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة.
10- رسالة الاثني عشرية في الردّ على الصوفية.
11 - رسالة في خلق الكافر وما يناسبه.
12- كشف التعمية في حكم التسمية.
13 - رسالة الجمعة .
14 - رسالة نزهة الأسماع في حكم الاجماع .
15 - رسالة تواتر القرآن.
16 - رسالة أحوال الصحابة.
ص: 12
17 - رسالة الرجال .
18 - التنبيه بالمعلوم - البرهان على تنزيه المعصوم عن السهو والنسيان-.
19 - رسالة بداية الهداية في الواجبات والمحرّمات المنصوصة من أوّل الفقه إلى آخره .
20 - الجواهر السنيّة في الأحاديث القدسية.
21 - الصحيفة السجّاديّة الثانية : وهو الكتاب الذي بين يديك-عزيزي القارئ - وسيأتيك الكلام عنه.
22-ديوان شعر يقارب عشرين ألف بيت،أكثره في مدح ورثاء النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والأئمة المعصومين عليهم السلام،ويتضمّن كذلك بالاضافة إلى الشعر النظم التعليمي، ففيه :
منظومة في المواريث .
منظومة في الزكاة .
منظومة في الهندسة .
منظومة في تواريخ النبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم والأئمة عليهم السلام .
23 - إجازات كثيرة لتلامذته.
24 - تحرير وسائل الشيعة وتحبير مسائل الشريعة : وهو شرح وسائل الشيعة إلا أنّه لم يكمله وصدر منه جزء واحد فقط .
توفّي قدّس سرّه في اليوم الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة 1104 ه-، صلّى عليه أخوه الشيخ أحمد الحرّ، وكان عمره آنذاك 72 سنة .
ص: 13
صحيفة شريفة ضمّت مجموعة من دعوات الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام والتي لم ترد في الصحيفة السجادية الأولى (الكاملة) المشهورة.
قد أتمّ المؤلّف رحمة اللّه كتابه هذا في شهر رمضان المبارك سنة 1053 ه-.ق.
قال السيّد إعجاز حسين الكنتوري : ذكر فيه أدعية مولانا عليّ بن الحسين عليهما السلام الخارجة عن الصحيفة الكاملة، واستخرجها من الأصول التي ذكر فيها وقدّم في أوائلها بعض ما ورد في الدعاء عن آل الرسول ممّا يدلّ على تأكيد استحبابه وبيان فضله وثوابه، وتفصيل أحكامه.
كانت عندي نسختها بخطه رحمه اللّه تعالى، وكان مكتوباً عليها بخطه في آخرها: يقول العبد محمد بن الحسن ..
وقد كتبت هذه النسخة أيضاً بيدي تيمناً وتبرّكاً في شهرجمادى الأولى سنة ستّ وسبعين وألف بمدينة استراباد حرسها ربّ العباد ...(1)
وقال الشيخ آقا بزرگ الطهراني : الصحيفة السجادية الثانية من
ص: 14
جمع الشيخ المحدث الحرّ العامليّ .... حكى لي بعض أفاضل المعاصرين أنه اطلع على صحيفة ثانية سجّاديّة من جمع الشيخ محمد ابن عليّ الحرفوشي المعاصر للشيخ الحرّ، والمتوفى قبله بأزيد من أربعين سنة ، وعلى هذا فصحيفة المحدّث الحرّ ثالثة ، وما بعدها رابعة ، وهكذا .
وأقول:لعلّ هذا مراد صاحب«الرياض»في الصحيفة الثالثة حيث ردّ على المحدّث الحرّ في قوله:«إنّه لم يسبقه أحد»بقوله:وقد سبقه إليه بعض علمائنا المتأخرين كما أوردنا ترجمته في كتاب رجالنا«رياض العلماء»انتهى.
وقال المحدّث الجزائري في أوّل شرح ملحقات الصحيفة : إنّ الشيخ الحرّ لمّا جمع من أدعية السجّاد عليه السلام ما يقرب مر الصحيفة سمّاه «أخت الصحيفة»كما أنّه لمّا جمع الأحاديث القدسيّة سمّاها«أخا القرآن»انتهى...
طبعت بإيران، ونسخة الأصل مع الحواشي في خزانة المير حامد حسین بالهند، وطبعت في بمبئي 1321 وسقطت الحواشي في الطبع(1).
اختلف في ضبط عدد أدعية هذه الصحيفة، فقد ذكر في بداية إحدى النسخ حين ذكر فهرسها ان أدعيتها 76 دعاءاً، في حين ان النسخة المطبوعة ضمّت 65 دعاءاً ، وقد أضفت دعاءين من النسخة
ص: 15
المخطوطة ليصبح العدد 67 دعاءاً .
1 - النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة آية اللّه العظمى المرعشي النجفي قدّس سرّه بالمجموعة رقم 6900 ، وقد ذكرت في فهرس المكتبة العربي : ج 3 / 468 ، وفي الفهرس الفارسي : ج 18 / 94.
كتبت النسخة بخط النسخ بقياس 19 * 13سم ، أتم كتابتها عليّ بن عليّ التستري في ربيع الثاني سنة 1166 ه-، وهي ناقصة الأوّل .
ورمزنا لها بالحرف «خ» .
2 - النسخة المطبوعة في قم المطبعة العلمية» في رمضان المبارك سنة 1398 ه-.ق ، وصدرت ضمن منشورات مكتبة الثقلين : القرآن والعترة ، بتقديم مصطفى النوراني .
وقد طبعت هذه بالأفسيت على طبعة سابقة لها في جمهورية مصر العربية العربيّة سنة 1322 ه-. ق ، في مطبعة النيل بشارع محمّد عليّ . بدرب المنجمة، وهذه بدورها طبعت بالاعتماد على طبعة سبقتها في الهند.
واحتوت على بعض الحواشي والشروح كتبها السيد محسن الأمين العاملي قدّس سرّه - صاحب أعيان الشيعة-، وأرّخ ما كتبه في يوم الأربعاء 13 صفر الخير من سنة 1323 ه- في دمشق الشام .
ورمزنا لها بالحرف «ع».
ص: 16
بما ان النسخة المطبوعة هي الأكمل فقد اعتمدتها كأصل للكتاب،وعرضت عليها النسخة المخطوطة،وأشرت للاختلافات التي بينهما،وما كان موجوداً في إحداهما وغير موجود في الأخرى جعلته بين []دون الإشارة إليه .
وهناك بعض الأدعية التي سقطت ممّا لدينا من المخطوط أثبتها وفقاً للمطبوع، وكذا بعض الأدعية التي سقطت من المطبوع أثبتها وفقاً للمخطوط مع الاشارة إلى ذلك في أوّل الدعاء .
قابلت الأدعية أيضاً مع سائر الصحف السجّاديّة ومصادر الدعاء المعتبرة وأشرت للاختلافات المهمة منها .
ورمزت للمصادر بالحرف «م» .
وما أضفته من غير النسخ المعتمدة جعلته بين [ ] وأشرت له في محلّه .
أوضحت الكلمات الغامضة التي بحاجة إلى توضيح بالاستعانة بكتب اللغة، وذكرت في نهاية كلّ دعاء بعض المصادر سواء مصادر الدعاء أو الموسوعات الحديثية قدر الامكان .
وفي الختام أحمد اللّه سبحانه وتعالى على ألطافه التي لا تحصى ولا تعدّ ، فقد سبق وأن من عليّ بتصحيح بعض ذخائر تراث الدعاء : ك-: الصحيفة السجّاديّة الجامعة(1)، ومفاتيح
ص: 17
الجنان (1)، والندبة الأولى للسجاد عليه السلام(2)، وأخيراً هذه الصحيفة المباركة التي بين يديك - عزيزي القارئ - فأسأله جلّ وعلا أن يتقبل مني هذا القليل،كما أسأله تعالى أن ييسر لي تحقيق وإخراج الصحيفة
السجّاديّة الثالثة .
وله الحمد أوّلاً وآخراً .
فارس حشون کریم قم المقدّسة 5 شعبان 1421ه-. ق ذكرى ولادة الإمام زين العابدين(علیه السلام)
ص: 18
صورة الصفحة الأولى من النسخة المخطوطة «خ» .
ص: 19
صورة الصفحة الأخيرة من النسخة المخطوطة «خ».
ص: 20
بسم اللّه الرحمن الرحیم
الحمد للّه المجيب من دعاه،القريب ممّن ناجاه،الذي جعل الدعاء جُنّةً واقيةً،وجَنّةً باقيةً،وعدّة الداعي،ونجاح الساعي،وسلاح المتعبّد،ومصباح المتهجد،وكنوز النجاح،ومنهاج الصلاح،ومفتاح الفلاح،ومعالم الدين، وملاذ المجتهدين،ونهج المسترشدين،ومطالب السؤول،ومبادئ الوصول،وكنز العرفان،ومنتقى الجمان من روض
الجنان،والمطالب العليّة،والمقاصد السنيّة،والروضة البهيّة،والفوائد المليّة،ودفع الهموم والأحزان وقمع الغموم والأشجان وكنز الفوائد،ومعدن الفرائد،وطريق النجوى،والكفاية من البلوى،وربيع الأبرار،وتبصرة السرائر والأسرار، وخلاصة الأقوال،والوسيلة إلى الآمال،والحبل المتين،والعروة الوثقى للمتمسكين،الكشاف لأصناف الهموم، الكافي لإزالة الهموم،فهو أنجح الوسائل إلى تحصيل المسائل،وبه ينال الأمان من أخطار الأسفار والأزمان.
والصلاة والسلام على محمّد وآله الكرام،الذين هذبوا شرائع الإسلام، ولخصوا قواعد الأحكام، وخُصّوا بالوحي والإلهام، الذين معرفتهم كمال الدين، وتمام النعمة للمهتدين، وإرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان،ومهج الدعوات، ومنهج العنايات، وواجب الاعتقاد على جميع العباد، وكشف الغمّة عن البصائر والأبصار ، وإيضاح الاشتباه لأهل التهذيب والاستبصار ، الذين جعلوا العبادة والدعاء شعارهم
ص: 21
ودثارهم، وأنفقوا في الطاعات أعمارهم ، وقضوا في القربات ليلهم ونهارهم .
وبعد :
فيقول الفقير إلى اللّه الغني محمّد بن الحسن الحرّ العاملي : لا يخفى شرف الدعاء وعلوّ ،منزلته، وكمال فضله، وسموّ مرتبته، فطوبى لمن صرف فيه الأوقات، وزيّن به الصلوات، وشرّف به الخلوات ، وتوقع له مظان الإجابات والتمس له مواطن الإصابات، ووجّه إليه وجه همّته ، وبيض عليه سواد لمّته ، وأحضر حالة الدعاء قلبه، وخاطب بالإخلاص ربِّه ، وبالغ في الخضوع والابتهال،ولزم التضرّع والسؤال ، ليفوز بجسيم النوال ، ويظفر بالآمال من ذي الجلال واشتمل بجلباب الآداب التي اشتمل عليها السنّة والكتاب ، ودعا أكرم من وُجّه إليه وجه الدعاء، ورجا أعظم من صرف إليه عنان الرجاء، فإنّه أفضل أنواع العبادة، وأقرب أسباب السعادة، لا سيّما الأدعية الفاخرة، المنقولة عن الأئمّة الطاهرة، فلا ريب أنها أولى ممّا سواها،وأعلى رتبةً ممّا عداها،وخصوصاً الأدعية المنقولة عن سيّد العابدين صلوات اللّه وسلامه عليه وعلى آبائه وأبنائه الطاهرين،وكفاها فخراً بهذا اللقب الجليل الشريف، وتشرّفاً بهذا النعت الموجب لها كمال التشريف، وفقنا اللّه تعالى للتفرغ لتلاوتها، ومن علينا بالتفضّل بإجابتها ، إنّه على ما يشاء قدير ،وبالإجابة جدير.
وقد اشتملت الصحيفة الكاملة ، التي هي بتحصيل السعادة كافلة، على جملة من أدعية مولانا زين العابدين، متضمّنة لمهمات الدنيا
ص: 22
والدين، وقد جمعت هنا بقيّة ما وصل إليّ ممّا نقله العلماء الأعلام ، من أدعيته عليه الصلاة والسلام، حبّاً لتأليف ذلك الشتات، وإيثاراً لجمع شمل تلك الدعوات، فعليك بملازمة هذه الصحيفة الشريفة ، وتلاوة هذه الأدعية المنيفة ، واجمع بينها وبين أختها الصحيفة الأولى، فإنّهما أحق بالملازمة وأولى، ولا بأس هنا بالجمع بين الأختين وإن كانتا ضرّتين، فإنّهما مؤتلفتان غير مختلفتين، فاجمع بينهما لتفوز بالتجارة الرابحة، وتحوز أعظم ثواب الأعمال الصالحة، وتظفر في الحشر بالصحائف المشرّفة والموازين الراجحة فلعمري إنّه أفضل ما طلبه الطالبون، وأجلّ ما رغب فيه الراغبون .
نسأل اللّه سبحانه تمام التوفيق ، والهداية إلى أقوم طريق .
وقد كنت قدمت لها مقدّمة تشتمل على نيف وثمانين فصلاً من الفصول، ذكرت فيها بعض ما ورد في الدعاء عن آل الرسول عليهم السلام، ممّا يدلّ على تأكد استحبابه، وبيان فضله وثوابه، وتفصيل أحكامه وآدابه ، جمعت أحاديثها من أماكن متعدّدة، ومواطن متباعدة متبدّدة، ثم حذفتها من هذه النسخة لالتماس بعض الأصحاب ، واشتهار تلك الآداب، والخوف من إفضائها إلى الملالة، وأدائها إلى الإطالة،لميل أكثر النفوس إلى البطالة، واقتصرت على ذكر أدعية مولانا سيّد العابدين،صلوات اللّه عليه وعلى آبائه وأبنائه المعصومين.
ص: 23
ص: 24
إلهي الْبَسَتْنِي الْخَطايا ثَوْبَ مَذَلَّتي ، وَجَلَّلَنِي التَّباعُدُ مِنْكَ لِباسَ مَسْكَنَتي ، وَأَماتَ قَلْبِي عَظِيمُ جِنايَتِي ، فَأَحْيِهِ بِتَوْبَةٍ مِنْكَ يا أمَلي وَبُغْيَتي(2)، وَيا سُؤْلِي وَمُنْيَتِي ، فَوَعِزَّتِكَ ما أَجِدُ لِذُنوبي سواك غافِراً ، وَلَا أَرَى لِكَسْرِي غَيْرَكَ جَابِراً ، وَقَدْ خَضَعْتُ بِالإِنابَةِ إِلَيْكَ ، وَعَنَوْتُ بِالْاسْتِكانَةِ (3) لَدَيْكَ ، فَإِنْ طَرَدْتَني مِنْ بابِكَ فَبِمَنْ ألُوذُ ؟! وَإِنْ رَدَدْتَنِي عَنْ جَنابِكَ (4)فَبِمَنْ أعُوذُ ؟! فَوا أَسَفا مِنْ خَجْلَتي وَافْتِضاحي ، وَوالَهْفا مِنْ سُوءِ عَمَلي واجتراحي (5)!
أسْأَلُكَ يا غافِرَ الذَّنْبِ الْكَبيرِ، وَيا جَابِرَ الْعَظْمِ الْكَسِيرِ ، أَنْ تَهَبَ لي مُوبِقاتِ الْجَرائِرِ(6)، وَتَسْتُرَ عَلَيَّ فاضِحاتِ السَّرائِرِ ،
ص: 25
وَلَا تُخْلِنِي فِي مَشْهَدِ الْقِيامَةِ مِنْ بَرْدِ عَفْوِكَ وَمَغْفِرَتِكَ ، وَلَا تُعرِني(1)مِنْ جَمِيلِ صَفْحِكَ وَسَتْرِكَ .
إلهي ظَلِلْ عَلَى ذُنوبي غَمامَ رَحْمَتِكَ ، وَأُرْسِلْ عَلَى عُيوبي سَحَابَ رَأْفَتِكَ.
إلهي هَلْ يَرْجِعُ الْعَبْدُ الاَبِقُ (2)إِلَّا إِلَى مَوْلَاهُ؟!أَمْ هَلْ يُجيرُهُ مِنْ سَخَطِهِ أَحَدٌ سِواهُ ؟!
إلهي إنْ كانَ النَّدَمُ عَلَى الذَّنْبِ تَوْبَةً ، فَإِنِّي وَعِزَّتِكَ مِنَ النَّادِمِينَ ، وَإِنْ كانَ الْاسْتِغْفَارُ مِنَ الْخَطيئَةِ حِطَّةٌ فَإِنِّي لَكَ مِنَ الْمُسْتَغْفِرِينَ ، لَكَ الْعُتْبَى (3)حَتَّى تَرْضَى .
إلهي بِقُدْرَتِكَ عَلَيَّ تُبْ عَلَيَّ ، وَبِحِلْمِكَ عَنِّي أَعْفُ عَنِّي، وَبِعِلْمِكَ بي أَرْفَقْ بي .
إلهي أَنْتَ الَّذِي فَتَحْتَ لِعِبادِكَ باباً إِلَىٰ عَفْوِكَ سَمَّيْتَهُ التَّوْبَةَ فَقُلْتَ: ( تُوبُوا إِلَى اللّهِ تَوْبَةً نَصوحاً ) (4)فَما عُذْرُ مَنْ أغْفَلَ دُخول الْبَاب بَعْدَ فَتْحِهِ ؟!
إلهي إنْ كانَ قَبْحَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ فَلْيَحْسُنِ الْعَفْوُ مِنْ عِندِكَ .
ص: 26
إلهي ما أَنَا بِأَوَّلِ مَنْ عَصَاكَ فَتُبْتَ عَلَيْهِ ، وَتَعَرَّضَ لِمَعْرُوفِكَ فَجُدْتَ عَلَيْهِ .
يا مُجِيبَ الْمُضْطَرَّ،يَا كَاشِفَ الضُّرِّ،يا عَظيمَ الْبِرِّ،يا عَليماً يما في السِّرِّ،يا جَميلَ السِّتْرِ اسْتَشْفَعْتُ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ،
إِلَيْكَ ، وَتَوَسَّلْتُ بِجَنابِكَ وَتَرَحُمِكَ لَدَيْكَ (1)، فَاسْتَجِبْ دُعائي ،وَلَا تُخَيِّبْ فِيكَ رَجائي ، وَتَقَبَّلْ تَوْبَتِي ، وَكَفِّرْ(2)خَطيئَتِي ، بِمَنِّكَ وَرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (3).
ص: 27
إلهي أشْكُو إِلَيْكَ نَفْساً بِالسُّوءِ أَمَارَةً ،وَإِلَى الْخَطيئَةِ مُبادِرَةً ، وَبِمَعاصِيكَ مُولَعَةٌ ، وَلِسَخَطِكَ مُتَعَرِّضَةٌ ، تَسْلُكُ بی مَسالِكَ الْمَهالِكِ ، وَتَجْعَلُني عِنْدَكَ أَهْوَنَ هالِكِ ، كَثيرَةَ الْعِلَلِ(1)، طَوِيلَةَ الأَمَلِ ، إِنْ مَسَّهَا الشَّرُّ تَجْزَعُ ، وَإِنْ مَسَّهَا الْخَيْرُ تَمْنَعُ ، مَيَّالَةً إِلَى اللعِبِ وَاللَهْوِ ، مَمْلُوءَةَ بِالْغَفْلَةِ وَالسَّهْوِ تُسْرِعُ بي إِلَى الْحَوْبَةِ (2)، وَتُسَوّفُني (3)بِالتَّوْبَةِ .
إلهي أشْكُو إِلَيْكَ عَدُوّاً يُضِلُّني ، وَشَيْطاناً يُغويني ، قَدْ مَلاً بِالْوَسْواسِ صَدْري ، وَأَحاطَتْ هَواجِسُهُ(4)بِقَلْبي ، يُعاضِدُ لِيَ الْهَوى ، وَيُزَيِّنُ لي حُبَّ الدُّنْيا ، وَيَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ الطَّاعَةِ وَالزُّلْفَى .
إلهي إلَيْكَ أشْكُو قَلْباً قاسياً ، مَعَ الْوَسْواسِ مُتَقَلِّباً،
ص: 28
وَبِالرَّيْنِ وَالطَّبْع(1)مُنْقَلِباً وَمُتَلَبْساً ، وَعَيْناً عَنِ الْبُكاءِ مِنْ خَوْفِكَ جامِدَةً ، وَإِلَى مَا يَسُرُّها طَامِحَةً(2).
إلهى لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِقُدْرَتِكَ ، وَلَا نَجَاةَ لي مِنْ مَكَارِهِ الدُّنْيا إِلَّا بِعِصْمَتِكَ .
فَأَسْأَلُكَ بِبَلاغَةِ حِكْمَتِكَ ، وَنَفَاذِ مَشِيَّتِكَ ، أَنْ لَا تَجْعَلَنِي لِغَيْرِ جُودِكَ مُتَعَرِّضاً ، وَلَا تُصَيَّرَني لِلْفِتَنِ غَرَضاً(3)، وَكُنْ لي عَلَى الْأَعْداءِ ناصِراً ، وَعَلَى الْمَخازِي وَالْعُيُوبِ ساتِراً ، وَمِنَ الْبَلايا(4)واقياً ، وَعَنِ الْمَعاصي عاصماً ، بِرَأْفَتِكَ وَرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ(5).
ص: 29
إلهي أتُراكَ بَعْدَ الإيمانِ بِكَ تُعَذِّبُني ؟! أَمْ بَعْدَ حُبِّي إِيَّاكَ تُبَعدُني؟! أَمْ مَعَ رَجائي لِرَحْمَتِكَ وَصَفْحِكَ تَحْرِمُني ؟! أَمْ مَعَ اسْتِجارَتي بِعَفْوِكَ تُسْلِمُني ؟! حاشا لِوَجْهِكَ الْكَريم ان تُخَيِّبَني ، لَيْتَ شِعْري (1)أَلِلشَّقاءِ وَلَدَتْني أُمِّي، أَمْ لِلْعَناءِ (2)رَبَّتْني ؟! فَلَيْتَها لَمْ تَلِدْني وَلَمْ تُرَبِّني ، وَلَيْتَني عَلِمْتُ أَمِنْ أَهْلِ السَّعادَةِ جَعَلْتَني ، وَبِقُرْبِكَ وَجِوارِكَ خَصَصْتَني ؟ فَتَقَرَّ بِذَلِكَ عَيْنِي ، وَتَطْمَئِنَّ لَهُ نَفْسي.
إلهي هَلْ تُسَوِّدُ وُجوهاً خَرَّتْ ساجِدَةٌ لِعَظَمَتِكَ ؟! أَوْ تُخْرِسُ أَلْسِنَةٌ نَطَقَتْ بِالثَّنَاءِ عَلَى مَجْدِكَ وَجَلَالَتِكَ ؟!أَوْ تَطْبَعُ ؟! عَلَىٰ قُلُوبِ انْطَوَتْ عَلَىٰ مَحَبَّتِكَ ؟! أَوْ تُصِمُّ أَسْمَاعاً تَلَذَّذَتْ بِسَماع ذِكْرِكَ في إرادَتِكَ ؟! أَوْ تَقُلُّ (3)أَكُفُاً رَفَعَتْها الأمالُ إِلَيْكَ رَجاءَ رَأْفَتِكَ ؟! أَوْ تُعاقِبُ أبْداناً عَمِلَتْ بِطَاعَتِكَ حَتَّى نَحِلَتْ
ص: 30
في مُجاهَدَتِكَ ؟! أَوْ تُعَذِّبُ أَرْجُلاً سَعَتْ في عِبادَتِكَ ؟!
إلهي لا تُغْلِقُ عَلَى مُوَحّديكَ أَبْوابَ رَحْمَتِكَ ، وَلَا تَحْجُبْ مُشتاقيكَ عَن النَّظَرِ إِلَى جَميلِ رُؤْيَتِكَ .
إلهي نَفْسٌ أَعْزَزْتَهَا بِتَوْحِيدِكَ كَيْفَ تُذِلُّها بِمَهانَةِ مِجْرانِكَ؟!وَضَمِيرٌ أَنْعَقَدَ عَلَىٰ مَوَدَّتِكَ كَيْفَ تُحْرِقُهُ بِحَرارَةِ نيرانك ؟!
إلهي أَجِرْنِي مِنْ أَلِيمٍ غَضَبِكَ وَعَظيمِ سَخَطِكَ.
يا حَنّانُ یا مَنّانُ،یا رَحیمُ یا رَحْمَنُ،یا جَبَّارُ یا قَهَارُ،یا غَفَّارُ يا سَتّارُ ، نَجِّنِي بِرَحْمَتِكَ مِنْ عَذَابِ النَّارِ ، وَفَضيحَةِ الْعارِ، إِذَا آمْتاز (1)الأَخْيَارُ مِنَ الأَشْرارِ، وَحالَتِ (2)الأَخْوالُ ، وَهالَتِ (3)الأهوالُ ، وَقَرُبَ الْمُحْسِنونَ ، وَبَعْدَ الْمُسيئونَ(وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) (4)(5)
ص: 31
يا مَنْ إذا سَأَلَهُ عَبْدُ أَعْطاهُ ، وَإذا ما أَمَّل(1)ما عِنْدَهُ بَلَغَهُ مناه(2)، وَإِذا أَقْبَلَ عَلَيْهِ قَرَّبَهُ وَأَدْناهُ ، وَإذا جاهَرَهُ بِالْعِصْيانِ سَتَرَ عَلَى ذَنْبِهِ وَغَطَّاهُ ، وَإِذا تَوَكَّلَ عَلَيْهِ أَحْسَبَهُ(3)وَكَفاهُ .
إلهي مَنِ الَّذي نَزَلَ بِكَ مُلْتَمِساً قِراكَ(4)فَما قَرَيْتَهُ ؟! وَمَنِ الَّذِي أَناخَ بِبابِكَ مُرْتَجِياً نَداكَ(5)فَما أَوْلَيْتَهُ ؟ أَيَحْسُنُ أَنْ أَرْجِعَ عَنْ بابِكَ بِالْخَيْبَةِ مَصْرُوفاً، وَلَسْتُ أَعْرِفُ سِواكَ مَوْليَ بِالْإِحْسانِ مَوْصوفاً ؟! كَيْفَ أَرْجُو غَيْرَكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدِكَ ؟! وَكَيْفَ أُؤَمِّلُ سِواكَ وَالْخَلْقُ وَالْأَمْرُ لَكَ ؟! أَأَقْطَعُ رَجائي مِنْكَ وَقَدْ أَوْلَيْتَني ما لَمْ أَسْأَلْهُ مِنْ فَضْلِكَ؟ أَمْ تُفْقِرُنِي إِلَى مِثْلِي وَأَنا أَعْتَصِمُ (6)بِحَبْلِكَ ؟!
ص: 32
يا مَنْ سَعِدَ بِرَحْمَتِهِ الْقاصِدونَ ، وَلَمْ يَشْقَ بِنِعْمَتِهِ (1)الْمُسْتَغْفِرُونَ ، كَيْفَ أَنْساكَ وَلَمْ تَزَلْ ذَاكِرِي ؟! وَ كَيْفَ أَلْهُو عَنْكَ وَأَنْتَ مُراقبي ؟!
إلهي بِذَيْلِ كَرَمِكَ أَعْلَقْتُ يَدي،وَلِنَيْلِ عَطاياكَ بَسَطْتُ أَمَلي،فَأَخْلِصْني بِخالِصَةِ تَوْحِيدِكَ،وَاجْعَلْني مِنْ صَفْوَةِ عبيدِكَ.
يا مَنْ كُلُّ هَارِبِ إِلَيْهِ يَلْتَجِيُّ ، وَكُلُّ طَالِبٍ إِيَّاهُ يَرْتَجِي، يا خَيْرَ مَرْجُوِّ ، وَيا أَكْرَمَ مَدْعُوِّ ، وَيا مَنْ لَا يُرَدُّ سائِلُهُ، وَلَا يُخَيَّبُ
آمِلُهُ ، يَا مَنْ بابُهُ مَفْتُوحٌ لِداعيهِ ، وَحِجابُهُ مَرْفُوعٌ لِراجيهِ .
أَسْأَلُكَ بِكَرَمِكَ أَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ مِنْ عَطَائِكَ بِمَا تَقَرُّ بِهِ عَيْني،وَمِنْ رَجَائِكَ بِما تَطْمَئِنُّ بِهِ نَفْسي،وَمِنَ الْيَقينِ بِما تُهَوِّنُ(2)بِهِ عَلَيَّ مُصيباتِ الدُّنْيا،وَتَجْلُو بِهِ عَنْ بَصِيرَتي غَشَواتِ الْعَمَى،بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.(3)
ص: 33
إلهي إنْ كانَ قَلَّ زادي فِي الْمَسِيرِ إِلَيْكَ ، فَلَقَدْ حَسُنَ ظَنِّي بِالتَّوَكُلِ عَلَيْكَ ، وَإِنْ كانَ جُرْمِي قَدْ أَحَافَنِي مِنْ عُقُوبَتِكَ، فَإِنَّ رَجائي قَدْ أَشْعَرَنِي(1)بِالأَمْنِ مِنْ نِقْمَتِكَ ، وَإِنْ كَانَ ذَنْبي قَدْ عَرَّضَني لِعِقابِكَ ، فَقَدْ آذَنَني (2)حُسْنُ ثِقَتِي بِثَوابِكَ،وَإِنْ أَنا مَتْنِي الْغَفْلَةُ عَنِ الأسْتِعْدادِ لِلِقائِكَ فَقَدْ نَبَّهَتْنِي الْمَعْرِفَةُ بِكَرَمِكَ وَآلائِكَ ،وَإِنْ أَوْحَشَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَرْطُ(3)الْعِصْيانِ وَالطُّغْيانِ،فَقَدْ آنَسَنِي بُشْرَى الْغُفْرَانِ وَالرَّضْوانِ .
أَسْأَلُكَ بِسُبُحاتِ وَجْهِكَ(4)وَبِأَنْوارٍ قُدْسِكَ ، وَأَبْتَهلُ إِلَيْكَ بعَواطِفِ رَأْفَتِكَ وَرَحْمَتِكَ (5)وَلَطَائِفِ بِرِّكَ ، أَنْ تُحَقِّقَ ظَنِّي بِمَا أؤَمِّلُهُ مِنْ جَزِيلِ إكْرامِكَ ، وَجَميلِ إنْعامِكَ فِي الْقُرْبَى مِنْكَ ، وَالرُّلْفَى لَدَيْكَ ، وَالتَّمَتُّع بِالنَّظَرِ إِلَيْكَ ، وَمَا أَنَا مُتَعَرِّضٌ لِنَفَحاتِ
ص: 34
رَوْحِكَ(1)وَعَطْفِكَ ، وَمُنْتَجِعٌ غَيْتَ جُودِكَ وَلُطْفِكَ ، فارٌ مِنْ سَخَطِكَ إِلَى رِضاكَ ، هارِبٌ مِنْكَ إِلَيْكَ ، راج أَحْسَنَ ما لَدَيْكَ ، مُعَوِّلٌ(2)عَلَى مَواهِبِكَ ، مُفْتَقِرٌ إِلَى رِعايَتِكَ .
إلهى ما بَدَأْتَ بي(3)مِنْ فَضْلِكَ فَتَمِّمْهُ، وَمَا وَهَبْتَ لِي مِنْ كَرَمِكَ فَلَا تَسْلُبْهُ، وَما سَتَرْتَهُ عَلَيَّ بِحِلْمِكَ فَلَا تَهْتِكْهُ، وَما عَلِمْتَهُ مِنْ قَبيحِ فِعْلِي فَاغْفِرْهُ .
إلهي اسْتَشْفَعْتُ بِكَ إلَيْكَ ، وَاسْتَجَرْتُ بِكَ مِنْكَ ، أَتَيْتُكَ طامِعاً في إحْسانِكَ ، راغِباً فِي أمْتِنانِكَ ، مُسْتَسْقِياً وابل(4)طَوْلِكَ ، مُسْتَمْطِراً غَمامَ فَضْلِكَ ، طالباً مَرْضاتَكَ ، قاصداً جَنابَكَ ، وارداً شَريعَةَ رِفْدِكَ(5)، مُلْتَمِساً سَنِى(6)الْخَيْرَاتِ مِنْ عِنْدِكَ ، وافِداً إِلَى حَضْرَةِ جَمالِكَ ، مُريداً وَجْهَكَ ، طارقاً بابَكَ ، مُسْتَكيناً لِعَظَمَتِكَ وَجَلالِكَ ، فَافْعَل بي ما أَنْتَ أَهْلُهُ مِنَ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَلَا تَفْعَلْ بي ما أَنَا أَهْلُهُ مِنَ الْعَذاب وَالنِّقْمَةِ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ(7).
ص: 35
إلهي أَذْهَلَني عَنْ إقامَةِ شُكْرِكَ تَتابعُ طَوْلِكَ ، وَأَعْجَزَنِي عَنْ إِحْصاءِ ثَنائِكَ فَيْضُ فَضْلِكَ ، وَشَغَلَني عَنْ ذِكْرِ مَحامِدِكَ تَرادُفُ عَوائِدِكَ(1)، وَأَعْياني عَنْ نَشْرِ عَوارِفكَ(2)تَوالي أياديك(3).
وَهذا مَقامُ مَنِ اعْتَرَفَ بِسُبُوعَ النَّعْماءِ ، وَقابَلَها بِالتَّقْصيرِ ، وَشَهِدَ عَلَىٰ نَفْسِهِ بِالْإِهْمَالِ وَالتَّضْييع ، وَأَنْتَ الرَّؤُوفُ الرَّحِيمُ ، الْبَرُّ الْكَرِيمُ الَّذي لا يُخَيِّبُ قاصديهِ، وَلا يَطْرُدُ عَنْ فَنائِهِ آمِليهِ.
بساحَتِكَ تُحَطُّ رحالُ الرَّاجينَ،وَبِعَرْصَتِكَ تَقِفُ آمالُ الْمُسْتَرْفِدينَ(4)،فَلا تُقابِلْ آمالَنَا بِالتَّخْيِيبِ وَالْإِيثَاسِ،وَلا تُلْبِسْنا سِرْبالَ الْقُنُوطِ وَالإِبْلَاسِ(5).
ص: 36
إلهي تَصاغَرَ عِنْدَ تَعاظُمِ آلَائِكَ شُكْرِي ، وَتَضاءَلَ (1)في جَنْبِ إكْرَامِكَ إِيَّايَ ثَنائي وَنَشْرِي.
جَلَّلَتْني نِعَمُكَ مِنْ أَنْوارِ الإِيمَانِ حُلَلاً،وَضَرَبَتْ عَلَيَّ لَطَائِفُ بِرِّكَ مِنَ الْعِزَّ كِلَلاً(2)،وَقَلَّدَتْنِي مِنَتُكَ قَلائِدَ لَا تُحَلُّ،وَطَوَّقَتْني أَطواقاً لا تُفَلُ ، فَاَلَاؤُكَ جَمَّةٌ (3)ضَعُفَ لِسانِي عَنْ إخصائِها ، وَنَعْمَاؤُكَ كَثِيرَةٌ قَصُرَ فَهْمِي عَنْ إِدْراكِهَا فَضْلاً عَنِ
استقصائها.
فَكَيْفَ لي بِتَحْصيلِ الشُّكْرِ وَشُكْرِي إِيَّاكَ يَفْتَقِرُ إِلَى شُكْرِ؟!فَكُلَّما قُلْتُ:«لَكَ الْحَمْدُ»وَجَبَ عَلَيَّ لِذلِكَ أَنْ أَقُولَ:«لَكَ
الْحَمْدُ».
إلهي فَكَما غَذَّيْتَنا بِلُطْفِكَ ، وَرَبَّيْتَنَا بِصُنْعِكَ ، فَتَمِّمْ عَلَيْنا سَوابِغَ النَّعَمِ ، وَأَدْفَعْ عَنا مَكارِهَ النَّقَم ، وَآتِنا مِنْ حُظُوظ الدَّارَيْنِ (4)أَرْفَعَها وَأَجَلَّها عاجِلاً وَاجِلاً .
وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى حُسْنِ بَلائِكَ (5)، وَسُبُوعَ نَعْمائِكَ ، حَمْداً
ص: 37
يُوافِقُ رِضاكَ،وَيَمْتَرِي(1)الْعَظيمَ مِنْ بِرِّكَ وَنَداكَ،ياعظيمُ يا کَریم،بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ(2) .
ص: 38
اللّهُمَّ أَلْهِمْنا طاعَتَكَ ، وَجَنِّبْنا مَعْصِيَتَكَ(1)، وَيَسِّرْ لَنَا بُلُوغَ ما نَتَمَنِّى مِن ابْتِغَاءِ رِضْوانِكَ، وَأَحْلِلْنا بُحْبُوحَةَ جِنانِكَ وَأَقْشَعْ(2)عَنْ بَصائِرِنا سَحابَ الأرْتِيابِ، وَأَكْشِفْ عَنْ قُلُوبِنا أَغْشِيَةَ الْمِرْيَةِ (3)وَالْحِجابِ ، وَأَزْهِقِ الْباطِلَ عَنْ ضَمَائِرِنا ، وَأَثْبِتِ الْحَقَّ فِي سَرائِرِنا ، فَإِنَّ الشُّكُوكَ وَالظُّنُونَ لَواقِعُ (4)الْفِتَنِ ، وَمُكَدِّرَةٌ لِصَفْوِ الْمَنائِحِ (5)وَالْمِنَنِ .
اللّهُمَّ أَحْمِلْنا في سُفْنِ نَجَاتِكَ ، وَمَتِّعْنَا بِلَذي مُناجاتِكَ ، وَأَوْرِدْنا حِياضَ حُبِّكَ ، وَأَذِقْنا حَلاوَةَ وُدِّكَ وَقُرْبِكَ ، وَاجْعَلْ جهادَنا فيكَ ، وَهَمَّنا في طاعَتِكَ ، وَأَخْلِصْ نِيَّاتِنا في مُعامَلَتِكَ ، فَإِنَّا بِكَ وَلَكَ ، وَلا وَسيلَةَ لَنا إِلَيْكَ إِلَّا أَنْتَ .
ص: 39
إلهِي أَجْعَلْني مِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ، وَأَلْحِقْني بِالصَّالِحِينَ الْأَبْرارِ ، السَّابِقِينَ إِلَى الْمَكْرُمَاتِ(1)الْمُسَارِعِينَ إلَى الْخَيْرَاتِ الْعَامِلِينَ لِلْباقِياتِ الصَّالِحاتِ السَّاعين إلى رَفِيعِ الدَّرَجَاتِ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَبِالْإِجَابَةِ جَديرٌ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ(2).
ص: 40
سُبْحانَكَ ما أَضْيَقَ الطَّرْقَ عَلَى مَنْ لَمْ تَكُنْ دَلِيلَهُ وَمَا أَوْضَحَ الْحَقَّ عِنْدَ مَنْ هَدَيْتَهُ سَبِيلَهُ !
إِلهِي فَاسْلُكْ بِمَا سُبُلَ الْوُصُولِ إِلَيْكَ ، وَسَيِّرْنَا فِي أَقْرَبِ الطُّرْقِ لِلْوُفُودِ عَلَيْكَ ، قَرَّبْ عَلَيْنَا الْبَعِيدَ ، وَسَهِّلْ عَلَيْنَا الْعَسِيرَ الشَّدِيدَ ، وَأَلْحِقْنَا بِعِبَادِكَ الَّذِينَ هُمْ بِالْبِدارِ(1)إِلَيْكَ يُسَارِعُونَ ، وَبَابَكَ عَلَى الدَّوامِ يَطْرُقُونَ ، وَإِيَّاكَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ يَعْبُدُونَ ، وَهُمْ مِنْ هَيْبَتِكَ مُشْفِقُونَ (2)، الَّذِينَ صَفَّيْتَ لَهُمُ الْمَشَارِبَ ، وَبَلَّغْتَهُمُ الرَّغَائِبَ ، وَأَنْجَحْتَ لَهُمُ الْمَطَالِبَ ، وَقَضَيْتَ لَهُمْ مِنْ فَضْلِكَ الْمَارِبَ ، وَمَلَاتَ لَهُمْ ضَمَائِرَهُمْ مِنْ حُبِّكَ ، وَرَوَيْتَهُمْ من صافي شِرْبِكَ ، فَبِكَ إلى لذيذ مُناجاتِكَ وَصَلُوا، وَمِنْكَ أَقْصَى مَقاصِدِهِمْ حَصَلُوا .
فَيا مَنْ هُوَ عَلَى الْمُقْبِلِينَ عَلَيْهِ مُقْبِلُ، وَبِالْعَطْفِ (3)عَلَيْهِمْ
ص: 41
عائِدٌ مُفْضِل ، وَبِالْغافِلينَ عَنْ ذِكْرِهِ رَحِيمٌ رَؤُوفٌ ، وَبِجَذْبِهِمْ إِلَى بابِهِ وَدُودٌ عَطُوفٌ.
أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَنِي مِنْ أَوْفَرِهِمْ مِنْكَ حَظِّاً ، وَأَعْلاهُمْ عِنْدَكَ مَنْزِلاً ، وَأَجْزَلِهِمْ مِنْ وُدِّكَ قِسْماً ، وَأَفْضَلِهِمْ فِي مَعْرِفَتِكَ نصيباً ، فَقَدِ انْقَطَعَتْ إِلَيْكَ هِمَّتي ، وَانْصَرَفَتْ نَحْوَكَ رَغْبَتي، فَأَنْتَ لا غَيْرُكَ مُرادي،وَلَكَ لا لِسِواكَ سَهَري وسُهادي(1) ،وَلِقَاؤُكَ قُرَّةُ عَيْني،وَوَصْلُكَ مُنى نَفْسِي،وَإِلَيْكَ شَوْقي،وَفِي مَحَبَّتِكَ وَلَهي(2)،وإلى هَواكَ صَبابَتي(3)، وَرِضاكَ بُغْيَتي، وَرُؤْيَتُكَ حاجَتي ، وَجِوارُكَ طَلِبَتِي، وَقُرْبُكَ عَايَةُ سُؤْلِي، وَفِي مُناجاتِكَ رَوْحي وَراحَتي ، وَعِنْدَكَ دَواءٌ عِلَّتِي ، وَشِفَاءُ غُلَّتي(4)، وَبَرْدُ لَوْعَتِي ، وَكَشْفُ كُرْبَتِي .
فَكُنْ أَنيسي في وَحْشَتي ، وَمُقِيلَ عَشْرَتي ، وَعَافِرَ زَلَّتي : وَ قابِلَ تَوْبَتي ، وَمُجِيبَ دَعْوَتي، وَوَلِي عِصْمَتي، وَمُغْنِي فاقتي(5)،وَلا تَقْطَعْني عَنْكَ ، وَلا تُبْعِدْنِي مِنْكَ ، يا نعيمي وَجَنَّتي ، وَيَا دُنْيَايَ وَآخِرَتي ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.(6)
ص: 42
إلهي مَنْ ذَا الَّذِي ذاقَ حَلاوَةَ مَحَبَّتِكَ فَرامَ(1)مِنْكَ بَدَلاً،وَمَنْ ذَا الَّذِي أَيْسَ بِقُرْبِكَ فَابْتَغَى عَنْكَ حِوَلاً(2).
إلهي فَاجْعَلْنا مِمَّنِ اصْطَفَيْتَهُ لِقُرْبِكَ وَوِلايَتِكَ،وَأَخْلَصْتَهُ لِوُدِّكَ وَمَحَبَّتِكَ،وَشَوَّقْتَهُ إلى لِقائِكَ،وَرَضَّيْتَهُ بِقَضائِكَ،وَمَنَحْتَهُ بِالنَّظَرِ إِلى وَجْهِكَ،وَحَبَوْتَهُ(3)بِرِضَاكَ،وَأَعَذْتَهُ مِنْ هَجْركَ وَقِلاكَ،وَبَوَّأْتَهُ(4)مَقْعَدَ الصِّدْقِ في جَوارِكَ،وَخَصَصْتَهُ بِمَعْرِفَتِكَ ، وَأَمَّلْتَهُ لِعِبادَتِكَ،وَهَيَّمْتَ (5)قَلْبَهُ لإرادَتِكَ ، وَاجْتَبَيْتَهُ لِمُشاهَدَتِكَ،وَأَخْلَيْتَ وَجْهَهُ لَكَ ، وَفَرَّغْتَ فُؤادَهُ
ص: 43
لِحُبُكَ، وَرَغَبْتَهُ فيما عِنْدَكَ ، وَأَلْهَمْتَهُ ذِكْرَكَ ، وَأَوْزَعْتَهُ (1)شُكْرَكَ ، وَشَغَلْتَهُ بِطاعَتِكَ، وَصَيَّرْتَهُ مِنْ صالِحي بَرِيتِكَ، وَاخْتَرْتَهُ لِمُناجاتِكَ ، وَقَطَعْتَ عَنْهُ كُلَّ شَيْءٍ يَقْطَعُهُ عَنْكَ .
اللّهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ دَأبُهُمُ الْارْتِيَاحُ إِلَيْكَ وَالْحَنينُ،وَدَهْرُهُمُ الزَّفْرَةُ وَالأنينُ،جِباهُهُمْ سَاجِدَةٌ لِعَظَمَتِكَ،وَعُيُونُهُمْ ساهِرَةٌ فِي خِدْمَتِكَ،وَدُموعُهُمْ سَائِلَةٌ مِنْ خَشْيَتِكَ،وَقُلُوبُهُمْ مُتَعَلَّقَةٌ (2)بِمَحَبَّتِكَ،وَأَفْئِدَتُهُمْ مُنْخَلِعَةٌ مِنْ مَهَابَتِكَ.
يا مَنْ أَنْوارُ قُدْسِهِ لأَبْصارِ مُحِبّيهِ رائِقَةٌ، وَسُبُحاتُ وَجْهِهِ لِقُلوبِ عارِفِيهِ شائِقَةٌ ، يا مُنى قُلوبِ الْمُشْتاقينَ ، وَيا غايَةَ آمالِ الْمُحِبينَ، أَسْأَلُكَ حُبَّكَ ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ ، وَحُبَّ كُلِّ عَمَل يُوصِلُني إلى قُرْبِكَ ، وَأَنْ تَجْعَلَكَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا سِواكَ ، وَأَنْ تَجْعَلَ حُبِّي إِيَّاكَ قائِداً إلى رضوانِكَ ، وَشَوْقي إِلَيْكَ ذائِداً (3)عَنْ عِصْيانِكَ ، وَآمْنُنْ بِالنَّظَرِ إِلَيْكَ عَلَيَّ ، وَانْظُرْ بِعَيْنِ الْوُدُ وَالْعَطْفِ إِلَيَّ، وَلَا تَصْرِفْ عَنِّي وَجْهَكَ ، وَاجْعَلْني مِنْ أَهْلِ الإِسْعَادِ وَالْحَظْوَةِ (4)عِنْدَكَ ، يا مُجِيبُ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.(5)
ص: 44
إلهي لَيْسَ لي وَسيلَةٌ إِلَيْكَ إِلَّا عَواطِفَ رَأْفَتِكَ،وَلا لي ذَريعَةٌ إِلَيْكَ إِلَّا عَوارِفَ رَحْمَتِكَ،وَشَفاعَةَ نَبِيِّكَ،نَبِيِّ الرَّحْمَةِ ، وَمُنْقِذِ الأُمَّةِ مِنَ الْغُمَّةِ(1)، فَاجْعَلْهُما لِي سَبَباً إِلَىٰ نَيْلِ غُفْرانِكَ،وَصَيَّرْهُما لي وُصْلَةً إِلَى الْفَوْزِ بِرِضْوانِكَ ، وَقَدْ حَلَّ (2)رَجائي بِحَرَمِ كَرَمِكَ ، وَحَطَّ طَمَعي(3)بِفِناءِ جُودِكَ ، فَحَقِّقْ فِيكَ أَمَلي، وَاخْتِمْ بِالْخَيْرِ عَمَلي، وَاجْعَلْنِي مِنْ صَفْوَتِكَ الَّذِينَ أَحْلَلْتَهُمْ بُحْبُوحَةَ جَنَّتِكَ ، وَبَوَّأْتَهُمْ دارَ كَرامَتِكَ ، وَأَقْرَرْتَ أَعْيُنَهُمْ بِالنَّظَرِ إِلَيْكَ يَوْمَ لِقائِكَ ، وَأَوْرَثْتَهُمْ مَنازِلَ الصِّدْقِ في جوارك .
يا مَنْ لَا يَفِدُ (4)الْوافِدونَ عَلَى أَكْرَمَ مِنْهُ، وَلا يَجِدُ
ص: 45
الْقاصِدونَ أَرْحَمَ مِنْهُ ، يا خَيْرَ مَنْ خَلا بِهِ وَحيدٌ ، وَيَا أَعْطَفَ مَنْ آوى إِلَيْهِ طَريدٌ .
إِلى سَعَةِ عَفْوِكَ مَدَدْتُ يَدي ، وَبِذَيْلِ كَرَمِكَ أَعْلَقْتُ كَفِّي،فَلا تُولِنِي(1)الْحِرْمَانَ ، وَلا تُبْلِنِي بِالْخَيْبَةِ وَالْخُسْرانِ يا سَمِيعَ الدُّعَاءِ ، يا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ .(2)
ص: 46
إلهي كَسْري لا يَجْبُرُهُ إلّا لُطْفُكَ وَحَنانُكَ ، وَفَقْري لا يُغْنِيهِ إِلَّا عَطْفُكَ وَإِحْسَانُكَ ، وَرَوْعَتِي لَا يُسَكِّنُها إِلَّا أَمَانُكَ ، وَذِلَّتي يُعِزُّها إِلَّا سُلْطانُكَ،وَأُمْنِيَتى لا يُبَلِّغُنيها إلّا فَضْلُكَ،وَخلَّتى لا يَسُدُّها إلَّا طَوْلُكَ،وَحاجتي لا يَقْضِيهَا غَيْرُكَ، وَكَرْبِي لَا يُفَرِّجُهُ سوى رَحْمَتِكَ،وَضُرِّي لا يَكْشِفُهُ غَيْرُ رَأْفَتِكَ،وَغُلَّتي لا يُبَرِّدُها إِلَّا وَصْلُكَ،وَلَوْعَتي(1)لا يُطْفِئها إِلَّا لِقَاؤُكَ، وَشَوْقي إِلَيْكَ لا يَبُلُّهُ(2)إِلَّا النَّظَرُ إِلى وَجْهِكَ ، وَقَرارِي لَا يَقِرُّ دونَ دُنُوّي مِنْكَ ، وَلَهْفَتي لا يَرُدُّها إِلَّا رَوْحُكَ ، وَسَقَمِي لا يَشْفِيهِ إِلَّا طِبُّكَ ، وَغَمّي لا يُزِيلُهُ إِلَّا قُرْبُكَ ، وَجُرْحي(3)لا يُبْرِثُهُ إِلَّا صَفْحُكَ ، وَرَيْنُ قَلْبي لا يَجْلُوهُ إِلَّا عَفْوُكَ ، وَوَسْواسُ صَدْري لا يُزِيحُهُ إِلَّا أَمْرُكَ .
فَيا مُنْتَهى أَمَلِ الْآمِلِينَ، وَيا غايَةَ سُؤْلِ السَّائِلِينَ، وَيا
ص: 47
أقصى طَلِبَةِ الطَّالِبينَ،وَيا أَعْلَى رَغْبَةِ الرّاغِبينَ،وَيا وَلِيَّ الصّالِحينَ،وَيا أَمانَ الْخائِفِينَ،وَيا مُجِيبَ [دَعْوَةِ](1)الْمُضْطَرِّينَ، وَيَا ذُخْرَ الْمُعْلَمينَ ، وَيَا كَنْزَ الْبَآئِسينَ ، وَيَا غِياثَ الْمُسْتَغيثينَ، وَيا قاضِيَ حَوائِجِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ، وَيا أَكْرَمَ الأَكْرَمينَ ، وَيا أَرْحَمَ الرّاحِمينَ .
لَكَ تَخَضُّعي وَسُؤالي ، وَإِلَيْكَ تَضَرُّعي وَأَبْتِهالي .
أَسْأَلُكَ أَنْ تُنيلَني مِنْ رَوْحِ رِضْوانِكَ ، وَتُدِيمَ عَلَيَّ نِعَمَ امتنانك.
وَها أَنَا بِبَابِ كَرَمِكَ واقِفٌ،وَلِنَفَحاتِ بِرُكَ مُتَعَرِّضٌ،وَبِحَبْلِكَ الشَّديدِ مُعْتَصِمٌ،وَبِعُرْوَتِكَ الْوُثْقَى(2)مُتَمَسك.
إِلهِي أَرْحَمْ عَبْدَكَ الذُّليلَ،ذَا اللِسانِ الْكَليلِ(3)،وَالْعَمَلِ الْقَليلِ،وَأمْنُنْ عَلَيْهِ بِطَوْلِكَ الْجَزِيلِ،وَاكْتُفْهُ(4)تَحْتَ ظِلكَ الظَّليلِ ، یا کَریمُ یا جَميلُ ، يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ.(5)
ص: 48
إلهي قَصُرَتِ الأَلْسُنُ عَنْ بُلُوغ ثَنائِكَ كَمَا يَليقُ بِجَلالِكَ،وَعَجَزَتِ الْعُقُولُ عَنْ إِدْراكِ كُنْهِ(1)جَمالِكَ،وَانْحَسَرَتِ الأَبْصارُ دونَ النَّظَرِ إِلَى سُبُحاتِ وَجْهِكَ،وَلَمْ تَجْعَلْ لِلْخَلْقِ طَرِيقاً إِلَى مَعْرِفَتِكَ إِلَّا بِالْعَجْزِ عَنْ مَعْرِفَتِكَ.
إلهي فَاجْعَلْنا مِنَ الَّذِينَ تَوَشَجَتْ(2)أَشْجارُ الشَّوْقِ إِلَيْكَ في حَدائِقِ صُدورِهِمْ،وَأَخَذَتْ لَوْعَةُ مَحَبَّتِكَ بِمَجامِعِ قُلُوبِهِمْ ،فَهُمْ إلى أَوْ كارِ الْأَفْكَارِ يَأْوُونَ،وَفِي رِياضِ الْقُرْبِ وَالْمُكاشَفَةِ يَرْتَعونَ(3)،وَمِنْ حِياضِ الْمَحَبَّةِ بِكَأْسِ المُلاطَفَةِ يَكْرَعونَ ، وَشَرائِعَ الْمُصافَاةِ يَرِدُّونَ .
قَدْ كُشِفَ الْغِطَاءُ عَنْ أَبْصارِهِمْ،وَأَنْجَلَتْ ظُلْمَةُ الرَّيْبِ عَنْ عَقائِدِهِمْ وَضَمَائِرِهِمْ،وَانْتَفَتْ مُخالَجَةُ(4)الشَّكُ عَنْ قُلوبِهِمْ
ص: 49
وَسَرَائِرِهِمْ ، وَانْشَرَحَتْ بِتَحْقِيقِ الْمَعْرِفَةِ صُدورُهُمْ،وَعَلَتْ لِسَبْقِ السَّعادَةِ فِي الزَّهَادَةِ هِمَمُهُمْ، وَعَذْبَ في مَعين(1)الْمُعَامَلَةِ شِرْبُهُمْ،وَطَابَ فِي مَجْلِسِ الأُنْسِ سِرُّهُمْ، وَأَمِنَ فِي مَواطِنِ(2)الْمَحَافَةِ سِرْبُهُمْ(3)،وَأَطْمَأَنَّتْ بِالرُّجُوعِ إِلَى رَبِّ الْأَرْبَابِ أَنْفُسُهُمْ،وَتَيَقَّنَتْ بِالْفَوْزِ وَالْفَلَاحِ أَزْواجُهُمْ،وَقَرَّتْ بِالنَّظَرِ إِلَى مَحْبوبِهِمْ أَعْيُنُهُمْ،وَاسْتَقَرَّ بِإِدْرَاكِ السُّوَالِ(4)وَنَيْلِ الْمَأْمولِ قَرَارُهُمْ، وَرَبِحَتْ فِي بَيْعِ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ تِجَارَتُهُمْ .
إلهي ما أَلَنَّ خَواطِرَ الإِنْهَامِ بِذِكْرِكَ عَلَى الْقُلُوبِ ! وَمَا أَحْلَى الْمَسيرَ إِلَيْكَ بِالأوْهامِ فِي مَسَالِكِ الْغُيُوبِ ! وَمَا أَطْيَبَ طَعْمَ حُبِّكَ ! وَمَا أَعْذَبَ شِرْبَ قُرْبِكَ .
فَأَعِذْنَا مِنْ طَرْدِكَ وَإِبْعَادِكَ،وَاجْعَلْنَا مِنْ أَخَصُ عَارِفيكَ،وَأَصْلَحِ عِبادِكَ،وَأَصْدَقِ طَائِعِيكَ،وَأَخْلَصِ عُبَادِكَ .
یا عظیمُ یا جَليلُ،یا کَریمُ یا مُنيلٌ،بِرَحْمَتِكَ وَمَتِّكَ ياأَرْحَمَ الرّاحِمِينَ .(5)
ص: 50
إلهي لَوْلَا الْواجِبُ مِنْ قَبولِ أَمْرِكَ ، لَنَزَّهْتُكَ مِنْ ذِكْرِي إِيَّاكَ(1)، عَلَى أَنَّ ذِكْرِي لَكَ بِقَدْرِي لَا بِقَدْرِكَ ، وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَ مِقْدارِي حَتَّى أَجْعَلَ مَحَلَّا لِتَقْدِيسِكَ ، وَمِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ عَلَيْنَا جَرَيانُ ذِكْرِكَ عَلَى أَلْسِنَتِنَا ، وَإِذْنُكَ لَنَا بِدُعَائِكَ وَتَنْزِيهِكَ وَتَسْبيحك .
إلهِي فَأَلْهِمْنَا ذِكْرَكَ فِي الْخَلَاءِ(2)وَالْمَلَاءِ ، وَاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَالْأَعْلَانِ وَالإسْرارِ، وَفِي السَّرَاءِ وَالضَّرَاءِ، وَآئِسْنَا بِالذِّكْرِ الْخَفِيُّ، وَأَسْتَعْمِلْنَا بِالْعَمَلِ الزَّكِيِّ(3)، وَالسَّعْيِ الْمَرْضِيِّ ، وَجَازِنَا بِالْمِيزَانِ الْوَفِي .
إلهي بك هامَتِ الْقُلوبُ الْوالِهَةٌ(4)، وَعَلَى مَعْرِفَتِكَ
ص: 51
جُمِعَتِ الْعُقُولُ الْمُتَبَايِنَةُ ، فَلا تَطْمَئِنُّ الْقُلوبُ إِلَّا بِذِكْراكَ ، وَلا تَسْكُنُ النُّفوسُ إِلَّا عِنْدَ رُؤْيَاكَ .
أَنْتَ الْمُسَبَّحُ فِي كُلِّ مَكانٍ،وَالْمَعْبُودُ في كُلِّ زَمَانٍ،وَالْمَوْجودُ في كُلِّ أَوانٍ(1)،وَالْمَدْعُو بِكُلِّ لِسانِ،وَالْمُعَظَّمُ في كُلِّ جَنانٍ(2)،أَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ لَذَّةٍ بِغَيْرِ ذِكْرِكَ،وَمِنْ كُلِّ راحَةٍ بِغَيْرِ أُنْسِكَ،وَمِنْ كُلِّ سُرورٍ بِغَيْرِ قُرْبِكَ،وَمِنْ كُلِّ شُغْلِ بِغَيْرِ طاعَتِكَ.
إلهي أَنْتَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصيلاً)(3)،وَقُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ:(فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)(4).
فَأَمَرْتَنا بِذِكْرِكَ،وَوَعَدْتَنا عَلَيْهِ أَنْ تَذْكُرَنَا تَشْريفاً لَنا وَتَفْخيماً وَإعْظاماً،وَها نَحْنُ ذاكِروكَ كَمَا أَمَرْتَنَا،فَأَنْجِزْ لَنا ما وَعَدْتَنا،يا ذاكِرَ الذَّاكِرِينَ وَيا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ.(5)
ص: 52
اللّهُمَّ يا مَلاذَ اللآئِذِينَ،وَيَا مَعَاذَ(1)الْعَآئِذِينَ،وَيَا مُنْجِيَ الْهالِكينَ،وَيا عَاصِمَ الْبائِسِين(2)،وَيا رَاحِمَ الْمَسَاكِينَ،وَيا مُجيبَ الْمُضْطَرِّينَ،وَيا كَنْزَ الْمُفْتَقِرِينَ،وَيا جَابِرَالْمُنْكَسِرِينَ، وَيا مَأْوَى الْمُنْقَطِعينَ،وَيا ناصِرَ الْمُسْتَضْعَفينَ،وَيا مُجيرَ الْخائِفِينَ،وَيا مُغِيثَ الْمَكْروبينَ،وَيَا حِصْنَ اللاجين.
إِنْ لَمْ أَعُذْ(3)بِعِزَّتِكَ فَبِمَنْ أَعوذُ ؟!وَإِنْ لَمْ أَلُذْ بِقُدْرَتِكَ فَبِمَنْ أَلوذُ ؟!وَقَدْ أَلْجَأَتْنِي الذُّنوبُ إِلَى التَّشَبُّثِ (4)بِأَذْيالِ عَفْوِكَ ، وَأَحْوَجَتْنِي الْخَطايا إلَى اسْتِفْتاح أَبْوابِ صَفْحِكَ ، وَدَعَتْنِي الْإِساءَةُ إِلَى الْإِناخَةِ بِفِناءِ عِزّكَ، وَحَمَلَتْنِي الْمَحَافَةُ مِنْ نِقْمَتِكَ عَلَى التَّمَسُّكِ بِعُرْوَةِ عَطْفِكَ، وَما حَقُّ مَن اعْتَصَمَ بِحَبْلِكَ أنْ يُخْذَلَ، وَلا يَليقُ بِمَن أَسْتَجارَ بِعِزَّكَ أَنْ
ص: 53
يُسْلَمَ أَوْ يُهْمَلَ .
إلهي فَلا تُخْلِنا(1)مِنْ حِمايَتِكَ،وَلَا تُعْرِنا(2)مِنْ رِعايَتِكَ،وَذُدْنا(3)عَنْ مَوَارِدِ الْهَلَكَةِ،فَإِنَّا بِعَيْنِكَ وَفِي كَنَفِكَ وَلَكَ.
أَسْأَلُكَ(4)بِأَهْلِ خَاصَّتِكَ مِنْ مَلائِكَتِكَ ، وَالصَّالِحِينَ مِنْ بَرِيَّتِكَ، أَنْ تَجْعَلَ عَلَيْنا واقِيَةً تُنَجِّينَا مِنَ الْهَلَكَاتِ،وَتُجَنِّبْنَا(5)مِنَ الآفاتِ،وَتُكِتُنَا(6)مِنْ دَواهِي الْمُصِيبَاتِ، وَأَنْ تُنْزِلَ عَلَيْنَا مِنْ سَكِينَتِكَ ، وَأَنْ تُغَشْيَ وُجوهَنَا بِأَنْوارٍ مَحَبَّتِكَ ، وَأَنْ تُؤْوِيَنا إِلَى شَدِيدِ رُكْنِكَ ، وَأَنْ تَحْوِيَنَا فِي أَكْنَافِ عِصْمَتِكَ ، بِرَأْفَتِكَ وَرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .(7)
ص: 54
إلهي أَسْكَنْتَنا داراً(1)حَفَرَتْ لَنا حُفَرَ مَكْرِها،وَعَلَّقَتْنا بِأَيْدِي الْمَنايا في حَبائِلِ(2)غَدْرِها،فَإِلَيْكَ نَلْتَجِيُّ مِنْ مَكَائِدِ خُدَعِهَا،وَبِكَ نَعْتَصِمُ مِنَ الْاغْتِرَار بِزَخارِفِ زِينَتِها،فَإِنَّهَا الْمُهْلِكَةُ طُلابها،الْمُثْلِفَةُ حُلالها(3)،الْمَحْشُوةُ بِالآفاتِ،الْمَشْحونَةُ بِالنَّكَبَاتِ .
إلهي فَزَهَدْنَا فيها، وَسَلَّمْنَا مِنْها بِتَوْفِيقِكَ وَعِصْمَتِكَ، وَأَنْزِعُ عَنَّا جَلَابِيبَ(4)مُخالَفَتِكَ ، وَتَوَلَّ أُمُورَنَا بِحُسْنِ كِفَايَتِكَ ، وَأَوْفِرْ مَزِيدَنَا مِنْ سَعَةِ رَحْمَتِكَ، وَأَجْمِلْ صِلاتِنَا(5)مِنْ فَيْضِ مَوَاهِبِكَ ، وَأَغْرِسْ فِي أَفْئِدَتِنا أَشْجَارَ مَحَبَّتِكَ ، وَأَتْمِمْ لَنَا أَنْوَارَ
ص: 55
مَعْرِفَتِكَ، وَأَذِقْنَا حَلاوَةَ عَفْوِكَ وَلَذَّةَ مَغْفِرَتِكَ ، وَأَقْرِرْ أَعْيُنَنَا يَوْمَ لِقائِكَ بِرُؤْيَتِكَ ، وَأَخْرِجْ حُبَّ الدُّنْيا مِنْ قُلُوبِنَا ، كَمَا فَعَلْتَ بِالصَّالِحِينَ مِنْ صَفْوَتِكَ ، وَالْأَبْرارِ مِنْ حَاصَّتِكَ ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ ، وَيا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ.(1)
ص: 56
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْإِنْشَاءِ وَالإِحْياءِ، وَالآخِرِ بَعْدَ فَناءِ الأَشْياءِ الْعَلِيمِ الَّذِي لا يَنْسَىٰ مَنْ ذَكَرَهُ، وَلَا يَنْقُصُ مَنْ شَكَرَهُ، وَلا يُخَيِّبُ مَنْ دَعاهُ ، وَلَا يَقْطَعُ رَجَاءَ مَنْ رَجَاهُ .
اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَكَفَىٰ بِكَ شَهِيداً،وَأُشْهِدُ جَميعَ مَلائِكَتِك (1)، وَسُكَانَ سَماواتِكَ، وَحَمَلَةَ عَرْشِكَ،وَمَنْ بَعَثْتَ مِنْ أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ،وَأَنْشَأْتَ مِنْ أَصْنافِ خَلْقِكَ،أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللّهُ لا إلهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ وَلَا عَدِيلَ،وَلا خُلْفَ لِقَوْلِكَ وَلا تَبْدِيلَ،وَأَنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ عَبْدُكَ وَرَسولُكَ،أَدّى مَا حَمَّلْتَهُ إِلَى الْعِبَادِ ،وَجَاهَدَ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَقَّ الْجِهَادِ،وَأَنَّهُ بَشِّرَ بِمَا هُوَ حَقٌّ مِنَ الثَّوابِ،وَأَنْذَرَ بِمَا هُوَ صِدْقٌ مِنَ الْعِقَابِ .
اللّهُمَّ ثَبِّتْني عَلى دينِكَ مَا أَحْيَيْتَنِي، وَلَا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي، وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهّابُ .
ص: 57
صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَجْعَلْنِي مِنْ أَتْباعِهِ وشيعَتِهِ،وَاحْشُرْني في زُمْرَتِهِ،وَوَفِّقْنِي لِأَداءِ فَرْضِ الْجُمُعَاتِ،وَمَا أَوْجَبْتَ عَلَيَّ فيها مِنَ الطَّاعَاتِ،وَقَسَمْتَ لأهْلِها مِنَ الْعَطاءِ فِي يَوْمِ الْجَزاءِ،إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُالْحَكيمُ.(1)
ص: 58
بِسْمِ اللّهِ كَلِمَةِ الْمُعْتَصِمِينَ(1)،وَمَقَالَةِ الْمُتَحَرِّزِينَ (2)، وَأَعوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ جَوْرِ الْجَاثِرِينَ، وَكَيْدِ الْحَاسِدِينَ ، وَبَغْيِ الظَّالِمِينَ(3)، وَأَحْمَدُهُ فَوْقَ حَمْدِ الْحَامِدِينَ.
اللّهمَّ أَنْتَ الْواحِدُ بِلا شَرِيكَ،وَالْمَلِكُ بِلا تَمْلِيكِ،لا تُضادُّ في حُكْمِكَ،وَلا تُنازَعُ فِي مُلْكِكَ،أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسولِكَ،وَأَنْ تَوزِعَنِي مِنْ شُكْرِ نَعْمَالَ(4)ما تَبْلُغُ بي(5)غايَةَ رِضاكَ،وَأَنْ تُعينَني عَلَى طَاعَتِكَ،وَلُزومِ عِبادَتِكَ، وَاسْتِحْقَاقِ مَثوبَتِكَ ، بِلُطْفِ عِنايَتِكَ ، وَتَرْحَمَنِي
ص: 59
بِصَدِّي(1)عَنْ مَعاصِيكَ ما أَحْيَيْتَنِي،وَتُوَفِّقَني لِما يَنْفَعُني ما أَبْقَيْتَنِي،وَأَنْ تَشْرَحَ بِكِتَابِكَ صَدْرِي،وَتَحُطُّ بِتِلاوَتِهِ وِزْرِي،وَتَمْتَحَنِي السَّلامَةَ في ديني وَنَفْسِي ، وَلا تُوحِشْ بي أَهْلَ انسي(2)، وَتُتِمَّ إحْسَانَكَ فيما بَقِيَ مِنْ عُمُرِي كَمَا أَحْسَنْتَ فيما مضى مِنْهُ ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .(3)
ص: 60
بِسْمِ اللّهِ الَّذِي لا أَرْجو إلَّا فَضْلَهُ،وَلَا أَخْشَىٰ إِلَّا عَدْلَهُ،وَلَا أَعْتَمِدُ إِلَّا قَوْلَهُ،وَلَا أَتَمَسَّكُ(1)إِلَّا بِحَبْلِهِ .
بِكَ أَسْتَجِيرُ يَاذَا الْعَفْوِ وَالرَّضْوانِ، مِنَ الظُّلْمِ وَالْعُدْوانِ، وَمِنْ غِيَرِ الزَّمانِ(2)، وَتَواتُرِ الأَحْزَانِ ، وَطَوارِقِ الْحَدَثَانِ ، وَمِنِ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ قَبْلَ التَّأَهبِ وَالْمُدَّةِ(3).
وَإِيَّاكَ أَسْتَرْشِدُ لِما فيهِ الصَّلاحُ وَالأَصْلاحُ(4)، وَبِكَ أَسْتَعينُ فيما يَقْتَرِنُ بِهِ (5)النَّجاحُ وَالْإنْجاحُ(6).
وَإِيَّاكَ أَرْغَبُ في لِبَاسِ الْعَافِيَةِ وَتَمَامِهَا، وَشُمولِ السَّلَامَةِ
ص: 61
وَدَوامِها ، وَأَعوذُ بِكَ يارَبِّ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ، وَأَحْتَرِزُ بِسُلْطانِكَ مِنْ جَوْرِ السَّلاطينِ .
فَتَقَبَّلْ ما كانَ مِنْ صَلاتِي وَصَوْمِي،وَأَجْعَلْ غَدِي وَمَا بَعْدَهُ أَفْضَلَ مِنْ ساعَتي وَيَوْمِي،وَأَعِزَّني في عشيرتي وَقَوْمي،وَاحْفَظْني في يَقْظَتِي وَنَوْمِي ، فَأَنْتَ اللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.
اللّهُمَّ إنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ في يَوْمِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَحَادِ،مِنَ الشِّرْكِ وَالْإِلْحادِ،وَاُخْلِصُ لَكَ دُعائي تَعَرُّضاً لِلْإِجابَةِ ، وَأُقِيمُ(1)على طاعَتِكَ رَجاءَ لِلإثابَةِ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ خَيْر خَلْقِكَ، الداعي إلى حَقِّكَ ، وَأَعِزَّني بِعِزَّكَ الَّذي لا يُضامُ(2) ، وَاحْفَظْني بِعَيْنِكَ الَّتي لا تَنامُ، وَاخْتِمْ بِالْانْقِطَاعِ إِلَيْكَ أَمْرِي، وَبِالْمَغْفِرَةِ عُمُري ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.(3)
ص: 62
الْحَمْدُ للهِ الَّذي لَمْ يُشْهِدْ أَحَداً حينَ فَطَرَ(1)السَّماواتِ وَالأَرْضَ ، وَلَا أَتَّخَذَ مُعيناً حينَ بَرَأَ النَّسَماتِ (2)، لَمْ يُشارَكَ فِي الإِلْهِيَّةِ، وَلَمْ يُظَاهَرْ (3)فِي الْوَحْدانِيَّةِ ، كَلَّتِ الأَلْسُنُ عَنْ غايَةِ صِفَتِهِ، وَ[انْحَسَرَتِ](4)الْعُقولُ عَنْ كُنْهِ(5)مَعْرِفَتِهِ،وَتَواضَعَتِ الْجَبَابِرَةُ لِهَيْبَتِهِ،وَعَنَتِ (6)الْوُجوهُ لِخَشْيَتِهِ،وَأَنْقَادَ كُلُّ عَظِيمٍ لِعَظَمَتِهِ،فَلَكَ(7)الْحَمْدُ مُتَواتِراً مُتَّسِقاً(8)،وَمُتَوالِياً مُسْتَوْسِقاً(9)،وصَلَواتُهُ عَلى رَسولِهِ أَبَداً،وَسَلامُهُ
ص: 63
دائماً سَرْمَداً(1).
اللّهُمَّ اجْعَلْ أَوَّلَ يَوْمي هذا صَلاحاً،وَأَوْسَطَهُ فَلاحاً،وَآخِرَهُ نَجاحاً،وَأَعوذُ بِكَ مِنْ يَوْمٍ أَوَّلُهُ فَزَعٌ،وَأَوْسَطُهُ جَزَعٌ،وَآخِرُهُ وَجَعٌ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ لِكُلِّ نَذْرٍ نَذَرْتُهُ،وَلِكُلِّ وَعْدٍ وَعَدْتُهُ،وَلِكُلِّ عَهْدِ(2)عاهَدْتُهُ ثُمَّ لَمْ أَفِ لَكَ بِهِ،وَأَسْأَلُكَ في مَظالم عِبادِكَ عِندى ، فَأَيُّمَا عَبْدِ مِنْ عَبيدِكَ ، أَوْ أَمَةٍ مِنْ إمائِكَ،كَانَتْ لَهُ قِبَلي(3)مَظْلَمَةٌ ظَلَمْتُها إِيَّاهُ فِي نَفْسِهِ أَوْ فِي عِرْضِهِ، أَوْ فِي مالِهِ أَوْ فِي أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، أَوْ غيبَةٌ أَغْتَبْتُهُ بِها ، أَوْ تَحامُلٌ(4)عَلَيْهِ بِمَيْلِ أَوْ هَوى،أَوْ أَنَفَةٍ أَوْ حَمِيَّةٍ،أَوْ رِيَاءٍ أَوْ عَصَبِيَّةٍ(5)،غائِباً كانَ أَوْ شَاهِداً،وَحَيّاً كانَ أَوْ مَيِّتاً ، فَقَصُرَتْ يَدي، وَضاقَ وُسْعِي عَنْ رَبِّهَا إِلَيْهِ، وَالتَّحَلُّل مِنْهُ.
فَأَسْأَلُكَ يا مَنْ يَمْلِكُ الْحَاجَاتِ وَهِيَ مُسْتَجيبةٌ لِمَشِيَّتِهِ،
ص: 64
وَمُسْرِعَةٌ إِلَى إِرادَتِهِ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تُرْضِيَهُ عَنِّي بِما شِئْتَ، وَتَهَبَ ِلي مِنْ عِنْدِكَ رَحْمَةً ، إِنَّهُ لا تنْقُصُكَ الْمَغْفِرَةُ ، وَلَا تَضُرُّكَ الْمَوْهِبَةُ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللّهُمَّ أَوْلِني في كُلِّ يَوْمِ اثْنَيْنِ نِعْمَتَيْنِ مِنْكَ ثِنْتَيْنِ : سَعَادَةً في أَوَّلِهِ بِطَاعَتِكَ ، وَنِعْمَةً فِي آخِرِهِ بِمَغْفِرَتِكَ ، يَا مَنْ هُوَ الإِلهُ،
وَلا يَغْفِرُ الذُّنوبَ سِواهُ .(1)
ص: 65
الْحَمْدُ للهِ ، وَالْحَمْدُ حَقُّهُ كَما يَسْتَحِقُهُ حَمْداً كَثيراً ، وَأَعوذُ بِهِ مِنْ شَرِّ نَفْسي(إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَارَةُ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي)(1)،وَأَعوذُ بِهِ مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ الَّذي يَزيدُني ذَنْباً إِلى ذَنْبي،وَأَحْتَرِزُ بِهِ مِنْ كُلِّ جَبّارٍ فَاجِرٍ،وَسُلْطَانٍ جَائِرٍ،وَعَدُو قاهِرٍ.
اللّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ جُنْدِكَ فَإِنَّ جُنْدَكَ هُمُ الْعَالِبُونَ،وَاجْعَلْني مِنْ حِزْبِكَ فَإِنَّ حِزْبَكَ هُمُ الْمُفْلِحونَ،وَاجْعَلْني مِنْ أَوْلِيَائِكَ فَإِنَّ أَوْلِيَاءَكَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ .
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لي ديني فَإِنَّهُ عِصْمَةٌ أَمْرِي ، وَأَصْلِحْ لي آخِرَتي فَإِنَّها دارُ مَقَرّي ، وَإِلَيْهَا مِنْ مُجاوَرَةِ اللئام مَفَرِّي(2)،وَاجْعَلِ الْحَياةَ زِيادَةً لي في كُلِّ خَيْرٍ ، وَالْوَفاةَ راحَةً لي مِنْ كُلِّ شَرٍّ .
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ ، وَتَمامِ عِدَّةِ
ص: 66
الْمُرْسَلِينَ،وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ،وَأَصْحابهِ الْمُنتَجَبينَ،وَهَبْ ِلي فِي(1)الثَّلاثاءِ(2)ثَلاثاً:لا تَدَعْ لِي ذَنْباً إِلَّا غَفَرْتَهُ ،وَلا هَمّاً (3)إِلَّا أَذْهَبْتَهُ ، وَلا عَدُوّاً إِلَّا دَفَعْتَهُ.
بِسْمِ اللَّهِ خَيْرِ الْأَسْمَاءِ، بِسْمِ اللّهِ رَبِّ الأَرْضِ وَالسَّماءِ، أَسْتَدْفِعُ كُلَّ مَكْرُوهِ أَوَّلُهُ سَخَطُهُ، وَأَسْتَجْلِبُ كُلَّ مَحْبوب أَوَّلُهُ
رِضاهُ، فَاخْتِمْ لي مِنْكَ بِالْغُفْرانِ يا وَلِي الْإِحْسَانِ.(4)
ص: 67
الْحَمْدُ للّهِ الَّذي جَعَلَ اللَّيْلَ لِباساً،وَالنَّوْمَ سُباتاً،وَجَعَلَ النَّهارَ نُشوراً(1)،لَكَ الْحَمْدُ أَنْ بَعَثْتَنِي مِنْ مَرْقَدِي وَلَوْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ سَرْمَداً(2)، حَمْداً دائِماً لا يَنْقَطِعُ أَبَداً ، وَلا يُحْصي لَهُ الْخَلائِقُ عَدَداً.
اللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْ خَلَقْتَ فَسَوَّيْتَ(3)، وَقَدَّرْتَ وَقَضَيْتَ وَأَمَتَ وَأَحْيَيْتَ ، وَأَمْرَضْتَ وَشَفَيْتَ ، وَعافَيْتَ وَأَبْلَيْتَ ، وَعَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَيْتَ ، وَعَلَى الْمُلْكِ احْتَوَيْتَ .
ص: 68
أَدْعوكَ دُعاءَ مَنْ ضَعُفَتْ وَسيلَتُهُ، وَانْقَطَعَتْ حيلَتُهُ،وَاقْتَرَبَ أَجَلُهُ،وَتَدَانِي فِي الدُّنْيا أَمَلُهُ،وَاشْتَدَّتْ إِلَى رَحْمَتِكَ فاقَتُهُ، وَعَظُمَتْ لِتَفْريطِهِ حَسْرَتُهُ،وَكَثُرَتْ زَلَّتُهُ وَعَشْرَتُه،وَخَلُصَتْ لِوَجْهكَ تَوْبَتُهُ.
فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ،وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرينَ،وَارْزُقْني شَفاعَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ،وَلا تَحْرِمْني صُحْبَتَهُ ، إِنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ أَقْضِ لي فِي الْأَرْبِعَاءِ(1)أَرْبَعاً:إِجْعَلْ قُوَّتي في طاعَتِكَ، وَنَشاطي في عِبادَتِكَ ، وَرَغْبَتِي فِي ثَوابِكَ ، وَزُهْدي فيما يوجِبُ لي أليمَ عِقابِكَ ، إِنَّكَ لَطيفٌ لِما تَشاءُ .(2)
ص: 69
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَذْهَبَ اللَّيْلَ مُظْلِماً بِقُدْرَتِهِ،وَجَاءَ بِالنَّهارِ مُبْصِراً بِرَحْمَتِهِ،وَكَساني ضِياءَهُ،وَأَتاني(1)نِعْمَتَهُ.
اللَّهُمَّ فَكَما أَبْقَيْتَني لَهُ فَأَبْقِني لأمْثَالِهِ، وَصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَلا تَفْجَعْنِي فِيهِ وَفي غَيْرِهِ مِنَ اللَيالي وَالايّام، بِارْتِكَابِ الْمَحارِمِ وَاكْتِسابِ الْمَآئِمِ، وَارْزُقْنِي خَيْرَهُ، وَخَيْرَ مَا فيهِ، وَخَيْرَ ما بَعْدَهُ، وَاصْرِفْ عَنِّى شَرَّهُ، وَشَرَّ مَا فِيهِ، وَشَرَّ ما بَعْدَهُ .
اللّهُمَّ إنّي بِذِمَّةِ الْإِسْلام(2)أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ، وَبِحُرْمَةِ الْقُرْآنِ أَعْتَمِدُ عَلَيْكَ ، وَبِمُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَسْتَشْفِعُ لَدَيْكَ ، فَاعْرِفِ اللَّهُمَّ ذِمَّتِي الَّتِي رَجَوْتُ بِها قَضاءَ حاجَتي يا أَرْحَمَ الرّاحِمينَ.
اللّهُمَّ أقْضِ لي فِي الْخَمِيسِ خَمْساً ، لا يَتَّسِعُ لَها إِلَّا
ص: 70
كَرَمُكَ ، وَلا يُطيقُها إلّا نِعَمُكَ : سَلامَةٌ أَقْوى بها عَلَى طَاعَتِكَ ، وَعِبادَةٌ أَسْتَحِقُّ بِها جَزيلَ مَثوبَتِكَ ، وَسَعَةً فِي الْحَالِ مِنَ الرِّزْقِ الْحَلالِ، وَأَنْ تُؤْمِنَني في مَواقِفِ الْخَوْفِ بِأَمْنِكَ، وَتَجْعَلَني مِنْ طَوارِقِ الْهُمَومِ وَالغُمُومِ فِي حِصْنِكَ.
صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ(1)، وَأَجْعَلْ تَوَسُّلي بِهِ شافِعاً(2)، يَوْمَ الْقِيامَةِ نَافِعاً،إِنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ.(3)
ص: 71
إلهي غارَتْ(1)نُجومُ سَمائِكَ،وَنَامَتْ عُيونُ أَنامِكَ(2)،وَهَدَأَتْ أَصْواتُ عِبادِكَ وَأَنْعامِكَ،وَغَلَّقَتِ الْمُلولُ عَلَيْها أَبْوابَها،وَطافَ عَلَيْها حُرَاسُها ، وَاحْتَجَبوا عَمَّنْ يَسْأَلُهُمْ حَاجَةً ، أَوْ يَنْتَجِعُ(3)مِنْهُمْ فَائِدَةً.
وَأَنْتَ إلهي حَيٌّ قَيّوم،لا تَأْخُذُكَ سِنَةٌ(4)وَلا نَوْمٌ ،وَلا يُشْغِلُكَ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ،أَبْوَابُ سَمائِكَ لِمَنْ دَعَاكَ مُفَتَحاتٌ، وَخَزائِتُكَ غَيْرُ مُعَلَّقاتِ،وَأَبْوَابُ رَحْمَتِكَ غَيْرُ محجوباتٍ،وَفَوائِدُكَ لِمَنْ سَأَلَكَهَا غَيْرُ مَحْظوراتٍ،بَلْ هِيَ مبذولات.
وَأَنْتَ إلهي الكَريمُ الَّذي لا تَرُدُّ سَائِلاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ سَأَلَكَ ، وَلا تَحْتَجِبُ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَرادَكَ ، لا وَعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ
ص: 72
تُخْتَزَلُ (1)حَوائِجُهُمْ دونَكَ ، وَلا يَقضيها أَحَدٌ غَيْرُكَ .
اللَّهُمَّ وَقَدْ تَراني وَوُقوفي وَذُلُّ مَقامِي بَيْنَ يَدَيْكَ،وَتَعْلَمُ سَريرَتي،وَتَطَّلِعُ عَلى ما في قَلْبِي،وَمَا يَصْلُحُ بِهِ أَمْرُ آخِرَتي
وَدُنْيايَ .
اللّهُمَّ إنّي إنْ ذَكَرْتُ الْمَوْتَ وَهَوْلَ(2)الْمُطَّلَعِ،وَالْوُقوفَ بَيْنَ يَدَيْكَ،نَغَصَنِي(3)مَطْعَمي وَمَشْرَبِي،وَأَغَصَّنِي بريقي(4)،وَأَقْلَقَني عَنْ وِسادي،وَمَنَعَني رُقادي(5)،وَكَيْفَ يَنامُ مَنْ يَخافُ بَياتَ(6)مَلَكِ الْمَوْتِ في طَوارِقِ(7)الكَيْلِ وَطَوارِقِ النَّهارِ؟!بَلْ كَيْفَ يَنامُ الْعاقِلُ وَمَلَك الْمَوْتِ لا يَنامُ ، لَا بِاللَّيْلِ وَلا بِالنَّهارِ ، وَيَطْلُبُ قَبْضَ روحِهِ بِالْبَياتِ أَوْ فِي آنَاءِ السَّاعاتِ ؟!
وكان عليه السلام يسجد بعد هذا الدعاء، ويلصق خدّه
ص: 73
بالتراب، ويقول(1): أَسْأَلُكَ الرَّوْحَ(2)وَالرَّاحَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَالْعَفْوَ عَنِّي حينَ أَلْقاكَ(3).
ص: 74
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ شَجَرَةِ النُّبُوَّةِ ، وَمَوْضِعِ الرّسالَةِ، وَمُخْتَلَفِ (1)الْمَلائِكَةِ ، وَمَعْدِنِ (2)الْعِلْمِ ، وَأَهْلِ بَيْتِ الْوَحْى.
اللّهمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الْفُلْكِ الْجَارِيَةِ فِي اللُّجَجِ الْغامِرَةِ(3)،يَأْمَنُ مَنْ رَكِبَها ، وَيَغْرَقُ مَنْ تَرَكَها ، الْمُتَقَدِّمُ لَهُمْ مارِقٌ(4)، وَالْمُتَأَخَّرُ عَنْهُمْ زَاهِقٌ(5)،وَاللازِمُ لَهُمْ لاحِقٌ .
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الْكَهْفِ الْحَصِينِ،وَغِياتِ الْمُضْطَرِّ الْمُسْتَكين(6)،وَمَلْجَأِ الهاربينَ،
ص: 75
وَمُنْجِي(1)الْخائِفِينَ ، وَعِصْمَةِ الْمُعْتَصِمِينَ .
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلاةٌ كَثيرَةٌ تَكونُ لَهُمْ رِضَى وَلِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَداءَ وَقَضاءً،بِحَوْلٍ مِنْكَ وَقُوَّةٍ يا رَبَّ الْعالَمينَ.
اللّهمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الطَّيِّبِينَ الْأَبْرارِ الْأَخْيَارِ الذينَ أَوْجَبْتَ حَقَّهُمْ(2)وَمَوَدَّتَهُمْ، وَفَرَضْتَ طَاعَتَهُمْ وَوِلا يَتَهُمْ.
اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَآعْمُرْ قَلْبِي بِطَاعَتِكَ،وَلا تُخْزِنِي(3)بِمَعْصِيَتِكَ،وَارْزُقْنِي مُواسَاةَ مَنْ قَتَّرْتَ(4)عَلَيْهِ مِنْ رِزْقِكَ بِمَا(5)وَسَعْتَ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ.
الْحَمْدُ للّهِ عَلى كُلِّ نِعْمَةٍ، وَأَسْتَغْفِرُ اللّهَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللّهِ مِنْ كُلِّ هَوْلٍ .
ثمّ يسجد ويقول في سجوده(6):
يا أَهْلَ التَّقْوى وَالْمَغْفِرَةِ ، أَنْتَ خَيْرٌ لي مِنْ أَبِي وَأُمِّي وَمِنَ
ص: 76
النّاسِ أَجْمَعِينَ ، وَلي إِلَيْكَ حَاجَةٌ وَفَقْرٌ وَفَاقَةٌ وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذابي.
أَسْأَلُكَ أَنْ تُقيلَني عَشْرَتي ، وَأَنْ تَقْلِبَني بِقَضاءِ حاجَتي ، وَتَسْتَجِيبَ لي دُعائي ، وَتَرْحَمَ صَوْتي ، وَتَكْشِفَ أَنْواعَ الْبَلاءِ
عَنِّي ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ .(1)
ص: 77
اللّهمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ شَجَرَةِ النُّبُوَّةِ ، وَمَوْضِعِ الرَّسالَةِ - ويدعو بالدعاء السابق إلى قوله فيه : - اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاعْمُرْ قَلْبِي بِطَاعَتِكَ، وَلا تُخْزِني بِمَعْصِيَتِكَ، وَارْزُقْني مُواساةَ مَنْ قَتَرْتَ عَلَيْهِ مِنْ رِزْقِكَ بِما وَسَّعْتَ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ ، وَنَشَرْتَ عَلَيَّ مِنْ عَدْلِكَ ، وَأَحْيَيْتَنِي تَحْتَ ظِلكَ ، وَهَذا شَهْرُ نَبِيِّكَ سَيِّدِ رُسُلِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، شَعْبانُ الَّذي حَفَفْتَهُ (1)مِنْكَ بِالرَّحْمَةِ وَالرَّضْوانِ ، الذي كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَدْأَبُ(2) فِي صِيَامِهِ وَقِيامِهِ، في لَياليهِ وَأَيَّامِهِ ، بُخوعاً (3)لَكَ فى إكْرَامِهِ وَإِعْظامِهِ إِلَى مَحَلِّ حِمامِهِ .
اللّهُمَّ فَأَعِنَّا عَلَى الْاسْتِنانِ بِسُنَّتِهِ(4)فيهِ ، وَنَيْلِ
ص: 78
الشَّفاعَةِ لَدَیهِ.
اللّهُمَّ وَاجْعَلْهُ لى شفيعاً مُشَفّعاً،وَطَرِيقاً إِلَيْكَ مَهْيَعاً(1)،وَاجْعَلْني لَهُ مُتَّبِعاً،حَتّى أَلْقاكَ(2)يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنِّي راضياً،وَعَنْ ذُنوبي غاضِياً(3)،قَدْ أَوْجَبْتَ لي مِنْكَ الرَّحْمَةَ(4)وَالرّضْوانَ،وَأَنْزَلْتَني دارَ الْقَرارِ،وَمَحَلَّ الْأَخْيَارِ.(5)
ص: 79
إلهي لا تُؤَدِّبْني بِعُقوبَتِكَ ، وَلَا تَمْكُرْ بي في حيلَتِكَ، مِنْ أَيْنَ لِيَ الْخَيْرُ يا رَبِّ وَلا يوجَدُ إِلَّا مِنْ عِنْدِكَ ؟ وَمِنْ أَيْنَ لِيَ النَّجاةُ وَلا تُسْتَطاعُ إِلَّا بِكَ ؟ لَا الَّذِي أَحْسَنَ أَسْتَغْنى عَنْ عَوْنِكَ وَرَحْمَتِكَ ، وَلَا الَّذِي أَساءَ وَاجْتَرَأَ عَلَيْكَ وَلَمْ يُرْضِكَ خَرَجَ عَنْ قُدْرَتِكَ ، يا رَبِّ يا رَبِّ [ يا رَبِّ ](2).
حتى ينقطع النفس .
بِكَ عَرَفْتُكَ ، وَأَنْتَ دَلَلْتَني عَلَيْكَ ، وَدَعَوْتَنِي إِلَيْكَ ، وَلَوْلَا أَنْتَ لَمْ أَدْرِ ما أَنْتَ .
الْحَمْدُ للهِ الَّذي أَدْعُوهُ فَيُجيبُني ، وَإِنْ كُنْتُ بَطيئاً حين يَدعوني .
وَالْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَسْأَلُهُ فَيُعْطيني ، وَإِنْ كُنْتُ بَحْيلاً حينَ يَسْتَقْرِضُني .
وَالْحَمْدُ للهِ الَّذِي أُناديهِ كُلَّمَا شِئْتُ لِحَاجَتي ، وَأَخْلو بِهِ
ص: 80
حَيْثُ شِئْتُ لِسِرِّي بِغَيْرِ شَفِيعٍ، فَيَقْضي لي حاجَتي .
وَالْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَدْعُوهُ وَلا أَدْعُو غَيْرَهُ ، وَلَوْ دَعَوْتُ غَيْرَهُ لَمْ يَسْتَجِبْ لي دُعائي.
وَالْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَرْجُوهُ وَلا أَرْجُو غَيْرَهُ، وَلَوْ رَجَوْتُ غَيْرَهُ لأخلف رجائي.
وَالْحَمْدُ ِللَّهِ الَّذِي وَكَلَني إِلَيْهِ فَأَكْرَمَني ، وَلَمْ يَكِلْني إِلَى النّاسِ فَيُهينوني .
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي تَحَبَّبَ إِلَيَّ ، وَهُوَ غَنِيٌّ عَنِّي .
وَالْحَمْدُ للهِ الَّذي يَحْلُمُ عَنّي حَتَّى كَأَنِّي لا ذَنْبَ لِي فَرَبِّي أَحْمَدُ شَيْءٍ عِنْدِي ، وَأَحَقُّ بِحَمْدِي .
اللَّهُمَّ إِنِّي أَجِدُ سُبُلَ الْمَطالِبِ إِلَيْكَ مُشْرَعَةٌ(1)، وَمَناهِلَ الرَّجاءِ لَدَيْكَ مُتْرَعَةٌ(2)، وَالْاسْتِعانَةَ بِفَضْلِكَ لِمَنْ أَمْلَكَ مُباحَةً ، وَأَبْوابَ الدُّعاءِ إِلَيْكَ لِلصّارِحِينَ مَفْتُوحَةً .
وَأَعْلَمُ أَنَّكَ لِلرّاجينَ بِمَوْضِع إجابَةٍ، وَلِلْمَلْهوفينَ(3)بِمَرْصَدِ إغاثَةٍ ، وَأَنَّ فِي اللَهَفِ إلى جودِكَ ، وَالرّضا بقضائِكَ عوضاً مِنْ مَنْع الْباخِلينَ ، وَمَنْدوحَةٌ(4)عَمّا في أَيْدِي
ص: 81
الْمُسْتَأْثِرِينَ ، وَأَنَّ الرّاحِلَ إِلَيْكَ قَريبُ الْمَسافَةِ .
وَأَنَّكَ لا تَحْتَجِبُ عَنْ خَلْقِكَ إِلَّا أَنْ تَحْجُبَهُمُ الأَعْمَالُ(1)دونَكَ ، وَقَدْ قَصَدْتُ إِلَيْكَ بِطَلِبَتي ، وَتَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ بِحاجَتي ، وَجَعَلْتُ بِكَ اسْتِغاثَتي ، وَبِدُعَائِكَ تَوَسُّلي ، مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقِ لِاسْتِماعِكَ مِنّي ، وَلا اسْتيجابٍ لِعَفْوِكَ عَنِّي ، بَلْ لِثِقَتِي بِكَرَمِكَ ، وَسُكوني(2)إِلى صِدْقِ وَعْدِكَ ، وَلَجائي(3)إِلَى الإِقْرارِ(4)بِتَوْحِيدِكَ ، وَيَقيني بِمَعْرِفَتِكَ مِنِّي أَنْ لا رَبَّ لي غَيْرُكَ ، وَلا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ .
اللّهُمَّ أَنْتَ الْقائِلُ ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ ، وَوَعْدُكَ الصِّدْقُ :(وَأَسْأَلُوا اللّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)(5)وَلَيْسَ مِنْ صِفاتِكَ يا سَيِّدي أَنْ تَأْمُرَ بِالسُّؤالِ وَتَمْنَعَ الْعَطِيَّةَ،وَأَنْتَ الْمَنَّانُ بِالْعَطِيَّاتِ عَلى أَهْلِ مَمْلَكَتِكَ،وَالْعَائِدُ(6) عَلَيْهِمْ بِتَحَتُنِ رَأْفَتِكَ.
إلهي رَبَّيْتَني في نِعَمِكَ وَإحْسانِكَ صَغِيراً ، وَنَوَّهْتَ
ص: 82
باسمي(1)كَبيراً ، فَيَامَنْ رَبَّاني فِي الدُّنْيا بِإِحْسانِهِ وَتَفَضُّلِهِ وَنِعَمِهِ ، وَأَشارَ لي فِي الآخِرَةِ إِلَى عَفْوِهِ(2) وَكَرَمِهِ.
مَعْرِفَتِي يَا مَوْلايَ دَلَّتْني عَلَيْكَ،وَحُبِّي لَكَ شَفيعي إِلَيْكَ،وَأَنَا واثقٌ مِنْ دَليلي بِدَلالَتِكَ،وَساكِنٌ مِنْ شَفيعي إلى شَفاعَتِكَ .
أدْعوكَ يا سَيِّدِي بِلِسانِ قَدْ أَخْرَسَهُ ذَنْبُهُ، رَبِّ أناجيك بِقَلْبٍ قَدْ أَوْبَقَهُ (3)جُرْمُهُ .
أَدْعوكَ يا رَبِّ راهِباً (4)راغِباً راجياً خائِفاً ، إِذا رَأَيْتُ مَوْلايَ ذُنوبي فَزِعْتُ ، وَإِذا رَأَيْتُ كَرَمَكَ طَمِعْتُ ، فَإِنْ عَفَوْتَ فَخَيْرُ راحِمِ، وَإِنْ عَذَّبْتَ فَغَيْرُ ظَالِم.
حُجَّتي يا اللّهُ في جُرْأَتِي عَلى مَسْأَلَتِكَ - مَعَ إِتْياني ما تَكْرَهُ - جودُكَ وَكَرَمُكَ ، وَعُدَّتي في شِدَّتي - مَعَ قِلَّةِ حَيائي مِنْكَ - رَأْفَتُكَ وَرَحْمَتُكَ ، وَقَدْ رَجَوْتُ أَنْ لا تُخَيِّبَ بَيْنَ ذَيْن وَذَيْنِ مُنْيَتِي، فَحَقِّقْ رَجَائِي، وَأَسْمَعْ دُعائي، يا خَيْرَ مَنْ دَعاهُ داعٍ، وَأَفْضَلَ مَنْ رَجَاهُ راجِ .
عَظُمَ يا سَيِّدي أَمَلي، وَساءَ عَمَلي، فَأَعْطِنِي مِنْ عَفْوِكَ
ص: 83
بِمِقْدارِ أَمَلي،وَلَا تُؤاخِذْني(1)بِأَسْوَءِ عَمَلي،فَإِنَّ كَرَمَكَ يَجِلُّ عَنْ مُجازاةِ الْمُذْنِبينَ،وَحِلْمَكَ يَكْبُرُ عَنْ مُكافَاةِ الْمُقَصِّرِينَ،وَأَنَا يا سَيِّدي عائِدٌ بِفَضْلِكَ،هارِبٌ مِنْكَ إِلَيْكَ،مُسْتَنْجِز ما وَعَدْتَ مِنَ الصَّفْحِ عَمَّنْ أَحْسَنَ بِكَ ظَنّاً،وَما أَنَا يا رَبِّ وَما خَطَري(2)؟!هَبْني بِفَضْلِكَ،وَتَصَدَّقْ عَلَيَّ بِعَفْوِكَ.
أَي رَبِّ جَلَّلْني بِسِتْرِكَ ، وَاعْفُ عَنْ تَوْبيخي (3)بِكَرَمِ وَجْهِكَ ، فَلَوِ اطَّلَعَ الْيَوْمَ عَلى ذَنْبِي غَيْرُكَ ما فَعَلْتُهُ، وَلَوْ خِفْتُ تَعْجِيلَ الْعُقوبَةِ لاجْتَنَبْتُهُ، لا لأَنَّكَ أَهْوَنُ النَّاظِرِينَ إِلَيَّ ، وَأَخَفُ الْمُطَّلِعينَ عَلَى، بَلْ لأَنَّكَ يا رَبِّ خَيْرُ السَّاتِرِينَ،وَأَحْكَمُ الْحَاكِمينَ،وَأَكْرَمُ الأَكْرَمينَ،سَتّارُ الْعُيوبِ،غَفَّارُ الذُّنوبِ،[عَلامُ الْغُيُوبِ](4).
تَسْتُرُ الذَّنْبَ بِكَرَمِكَ،وَتُؤَخِّرُ الْعُقوبَةَ بِحِلْمِكَ،فَلَك الْحَمْدُ عَلى حِلْمِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ،وَعَلَىٰ عَفْوِكَ بَعْدَ قُدْرَتِكَ.
وَيَحْمِلُني وَيُجَرِّتُني عَلى مَعْصِيَتِكَ حِلْمُكَ عَنّى،وَيَدْعوني إلى قِلَّةِ الْحَياءِ سَتْرُكَ عَلَيَّ ،وَيُسْرِعُني إِلَى التَّوَتُبِ(5)
ص: 84
عَلَى مَحارِمِكَ مَعْرِفَتِي بِسَعَةِ رَحْمَتِكَ ، وَعَظيمٍ عَفْوِكَ .
يا حَليمُ یا كَريمُ يا حَيُّ يا قيّومُ یا غَافِرَ الذَّنْبِ،یا قابِلَ یا التَّوْبِ،يا عَظيمَ الْمَنِّ،يَا قَديمَ الإِحْسَانِ .
أَيْنَ سَتْرُكَ الْجَمِيلُ ؟ أَيْنَ عَفْوُكَ الْجَليلُ(1)؟أَيْنَ فَرَجُك الْقَريبُ؟أَيْنَ غِياتُكَ السَّرِيعُ؟أَيْنَ رَحْمَتُكَ الْواسِعَةُ؟أَيْنَ عَطاياكَ الْفاضِلَةُ ؟ أَيْنَ مَواهِبُكَ الْهَنيئَةُ ؟ أَيْنَ صَنائِعُكَ السَّنِيَّةُ(2)؟ أَيْنَ فَضْلُكَ الْعَظِيمُ ؟ أَيْنَ مَنُّكَ الْجَسيم ؟ أَيْنَ إحْسانُكَ الْقَديمُ ؟ أَيْنَ كَرَمُكَ يا كَريمُ ؟ بِهِ(3)فَاسْتَنْقِذْني وَبِرَحْمَتِكَ فَخَلَّصْني .
يا مُحْسِنُ یا مُجْمِل(4)،یا مُنْعِمُ يا مُفْضِلُ،لَسْنَا نَتَّكِلُ فِي النَّجاةِ مِنْ عِقابِكَ عَلى أَعْمَالِنَا ، بَلْ بِفَضْلِكَ عَلَيْنا ، لأنَّكَ أَهْلُ التَّقْوى، وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ، تَبْتَدِئُ(5)بِالإِحْسَانِ نِعَماً ، وَتَعْفُو عَنِ الذَّنْبِ كَرَماً ، فَما نَدْري ما نَشْكُرُ ؟ أَجَمِيلَ مَا تَنْشُرُ ؟ أَمْ قَبِيحَ ما تَسْتُرُ ؟ أَمْ عَظيمَ ما أَبْلَيْتَ وَأَوْلَيْتَ ؟ أَمْ كَثِيرَ مَا مِنْهُ نَجَّيْتَ وَعافَيْتَ ؟
ص: 85
يا حَبيبَ مَنْ تَحَبَّبَ إِلَيْكَ ، وَيَا قُرَّةَ عَيْنِ مَنْ لاذَ بِكَ وَانْقَطَعَ إلَيْكَ ، أَنْتَ الْمُحْسِنُ وَنَحْنُ الْمُسيؤُونَ ، فَتَجاوَزْ يَا رَبِّ عَنْ قَبيح ما عِنْدَنا بِجَميلِ ما عِنْدَكَ ، وَأَيُّ جَهْلٍ يَا رَبِّ لَا يَسَعُهُ جودَكَ ؟ وَأَيُّ زَمَانٍ أَطْوَلُ مِنْ أَناتِكَ ؟ وَما قَدْرُ أَعْمالِنا في جَنْبِ نِعَمِكَ ؟ وَكَيْفَ نَسْتَكْثِرُ أَعْمَالاً تُقابِلُ بِهَا كَرَمَكَ ؟ بَلْ كَيْفَ يَضِيقُ عَلَى الْمُذْنِبِينَ ما وَسِعَهُمْ مِنْ رَحْمَتِكَ ؟ يا واسِعَ الْمَغْفِرَةِ ، يا باسِطَ الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ .
فَوَعِزَّتِكَ يا سَيِّدي لَوِ انْتَهَرْتَني (1)مَا بَرِحْتُ مِنْ بابِكَ ، وَلا كَفَفْتُ عَنْ تَمَلُّقِكَ(2)،لِمَا أَنْتَهى(3)إِلَيَّ مِنَ الْمَعْرِفَةِ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ،وَأَنْتَ الْفاعِلُ لِما تَشاءُ،تُعَذِّبُ مَنْ تَشَاءُ بِمَا تَشَاءُ كَيْفَ تَشاءُ،وَتَرْحَمُ مَنْ تَشَاءُ بِمَا تَشاءُ كَيْفَ تَشَاءُ،وَلا تُسْأَلُ عَنْ فِعْلِكَ،وَلا تُنازَعُ في مُلْكِكَ،وَلا تُشارَكُ في أَمْرِكَ،وَلا تُضادُّ في حُكْمِكَ،وَلا يَعْتَرِضُ عَلَيْكَ أَحَدٌ في تَدْبِيرِكَ،لَكَ الْخَلْقُ وَالأمْرُ،تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ.
يا رَبِّ هذا مَقامُ مَنْ لاذَ بِكَ،وَاسْتَجارَ بِكَرَمِكَ،وَأَلِفَ(4)إحْسَانَكَ وَنِعَمَكَ،وَأَنْتَ الْجَوادُ الَّذِي لا يَضِيقُ عَفْوُكَ،وَلا
ص: 86
يَنْقُصُ فَضْلُكَ ، وَلا تَقِلُ رَحْمَتُكَ وَقَدْ تَوَلَّقْنا مِنْكَ بِالصَّفْح الْقَديمِ،وَالفَضْلِ الْعَظِيمِ،وَالرَّحْمَةِ الْواسِعَةِ .
أَفَتُراكَ-يا رَبِّ-تُخَلِفُ ظُنونَنا أَوْ تُخَيِّبُ آمالنا؟كَلاً يا كَريمُ فَلَيْسَ هَذا ظَنُّنا بِكَ،وَلا هَذا طَمَعُنا فيك.
يا رَبِّ إِنَّ لَنا فيكَ أَمَلاً طَويلاً كَثيراً ، إِنَّ لَنا فيكَ رَجاءً عَظيماً ، عَصَيْناكَ وَنَحْنُ نَرْجو أَنْ تَسْتُرَ عَلَيْنَا ، وَدَعَوْنَاكَ وَنَحْنُ نَرْجو أَنْ تَسْتَجِيبَ لَنا ، فَحَقَّقْ رَجاءَنا يا مَوْلانا فَقَدْ عَلِمْنا ما نَسْتَوْجِبُ بِأَعْمالِنا ، وَلكِنْ عِلْمُكَ فينا ، وَعِلْمُنا بِأَنَّكَ لا تَصْرِفُنا عَنْكَ حَثّاً(1)عَلَى الرَّغْبَةِ إلَيْكَ وَإِنْ كُنَّا غَيْرَ مُسْتَوْجِبينَ لِرَحْمَتِكَ ، فَأَنْتَ أَهْل أَنْ تَجودَ عَلَيْنَا، وَعَلَى الْمُذْنِبِينَ بِفَضْل سَعَتِكَ،فَامْنُنْ عَلَيْنا بِما أَنْتَ أَهْلُهُ،وَجُدْ عَلَيْنا فَإِنَّا مُحْتاجونَ إلى نَيْلِك(2).
يا غَفَّارُ بِنورِكَ اهْتَدَيْنَا،وَبِفَضْلِكَ اسْتَغْنَيْنَا،وَبِنِعْمَتِكَ أَصْبَحْنا وَأَمْسَيْنا،ذُنوبُنا بَيْنَ يَدَيْكَ،نَسْتَغْفِرُكَ اللّهُمَّ مِنْها وَنَتوبُ إِلَيْكَ .
تَتَحَبَّبُ إِلَيْنا بِالنِّعَمِ وَنُعارِضُكَ(3)بِالذُّنوبِ،خَيْرُكَ إِلَيْنا نازِلٌ،وَشَرُّنا إِلَيْكَ صاعِدٌ!وَلَمْ يَزَلْ وَلا يَزالُ مَلَكُ كَرِيمٌ يَأْتِيكَ
ص: 87
عَنّا بِعَمَلٍ قَبيحِ،فَلا يَمْنَعُكَ ذلِكَ مِنْ أَنْ تَحوطنا بِنِعْمَتِكَ(1)،وَتَتَفَضَّلَ عَلَيْنَا بِآلائِكَ،فَسُبْحانَكَ ما أَحْلَمَكَ وَأَعْظَمَك وَأَكْرَمَكَ!مُبْدِياً وَمُعيداً،تَقَدَّسَتْ أَسْماؤُكَ، وَجَلَّ تَناؤُكَ،وَ كَرُمَ(2)صَنائِعُكَ وَفِعَالُك .
أَنْتَ إلهي أَوْسَعُ فَضْلاً،وَأَعْظَمُ حِلْماً،مِنْ أَنْ تُقايِسَني(3)بِفِعْلي وَخَطيئَتي،فَالْعَفْوَ الْعَفْوَ الْعَفْوَ،سَيِّدي سيدي سيدي.
اللّهُمَّ أَشْغِلْنا بِذِكركَ ، وَأَعِذْنا مِنْ سَخَطِكَ ، وَأَجِرْنَا مِنْ عَذابِكَ ، وَارْزُقْنا مِنْ مَواهِبِكَ ، وَأَنْهِمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلِكَ ، وَارْزُقْنا حَجَّ بَيْتِكَ ، وَزِيارَةَ قَبْرِ نَبِيِّكَ ، صَلَواتُكَ وَرَحْمَتُكَ وَمَغْفِرَتُكَ وَرِضْوانُكَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ ، إِنَّكَ قَريبٌ مجيبٌ، وَارْزُقْنَا عَمَلاً بِطَاعَتِكَ، وَتَوَفَّنا عَلى مِلَّتِكَ ، وَسُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.
اللّهُمَّ(4)اغْفِرْ لي وَلِوَالِدَيَّ،وَارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّياني صغيراً،وَأَجْزِهِمَا بِالإحْسانِ إحْساناً،وَبِالسَّيِّئاتِ عَفْواً وَغُفْراناً.
اللّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ،الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ
ص: 88
وَالأَمْواتِ ، وَتَابِعْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ بِالْخَيْرَاتِ .
اللّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيْنا وَمَيِّتِنا ، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا ، ذَكَرِنا وَأَنْثانا، صَغيرِنا وَ كَبيرِنا ، حُرِّنَا وَمَمْلُوكِنا ، كَذَبَ الْعادِلُونَ (1)بِاللّهِ وَضَلُّوا ضلالاً بعيداً ، وَخَسِرُوا خُسْراناً مُبيناً.
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاخْتِمْ لي بِخَيْرٍ،وَاكْفِني ما أَهَمَّني مِنْ أَمْرِ دُنْيَايَ وَآخِرَتِي ، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَى مَنْ لا يَرْحَمُني ، وَاجْعَلْ عَلَيَّ مِنْكَ جُنَّةً واقِيَةٌ باقِيَةً، وَلا تَسْلُبْني صالِحَ مَا أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ، وَارْزُقْني مِنْ فَضْلِكَ رِزْقاً واسعاً حَلالاً طَيِّباً .
اللّهُمَّ آخرُشني بِحَراسَتِكَ ، وَأَحْفَظْني بِحِفْظِكَ،وَأَكْلاني(2)بِكَلاءَتِكَ ، وَارْزُقْنِي حَجَّ بَيْتِكَ الْحَرام في عامِنا هذا وَفي كُلِّ عامٍ،وَزِيارَةَ قَبْرِ نَبِيِّكَ وَالأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ،وَلا تخلني-يا رَبِّ-مِنْ تِلْكَ الْمَشاهِدِ الشَّرِيفَةِ،وَالْمَواقِفِ الْكَرِيمَةِ.
اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيَّ حَتَّى لا أَعْصِيَكَ،وَأَلْهِمْني الْخَيْرَ وَالْعَمَلَ بِهِ،وَخَشْيَتَكَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ،أَبَداً ما أَبْقَيْتَني يا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللّهُمَّ إنِّي كُلَّما قُلْتُ قَدْ تَهَيَّأْتُ وَتَعَبَّأْتُ(3)وَقُمْتُ لِلصَّلاةِ
ص: 89
بَيْنَ يَدَيْكَ وَنَاجَيْتُكَ ، أَلْقَيْتَ عَلَيَّ نُعاساً إذا أنَا صَلَّيْتُ ، وَسَلَبْتَني مُناجاتكَ إذا أَنَا ناجَيْتُ ! وَما لي كُلَّما قُلْتُ قَدْ صَلُحَتْ سَريرَتي،وَقَرُبَ مِنْ مَجالِسِ التَّوَّابِينَ مَجْلِسي،عَرَضَتْ لي بَلِيَّةٌ أَزالَتْ قَدَمي ، وَحَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ خِدْمَتِكَ !؟
سَيْدي لَعَلَّكَ عَنْ بابِكَ طَرَدْتَنِي،وَعَنْ خِدْمَتِكَ نَجَّيْتَنِي،أَوْ لَعَلَّكَ رَأَيْتَني مُسْتَخِفّاً بِحَقِّكَ فَأَقْصَيْتَنِي(1)!أَوْ لَعَلَّكَ رَأَيْتَني مُعْرِضاً عَنْكَ فَقَلَيْتَني(2)،أَوْ لَعَلَّكَ وَجَدْتَنِي فِي مَقامِ الْكَاذِبِينَ فَرَفَضْتَني!أَوْ لَعَلَّكَ رَأَيْتَني غَيْرَ شَاكِرٍ لِنَعْمَائِكَ فَحَرَمْتَني!أَوْ لَعَلَّكَ فَقَدْتَني مِنْ مَجَالِسِ الْعُلَمَاءِ فَخَذَلْتَني!أَوْ لَعَلَّكَ رَأَيْتَني فِي الْغافِلِينَ فَمِنْ رَحْمَتِكَ آيَسْتَنِي،أَوْ لَعَلَّكَ رَأَيْتَنِي آلَفُ مَجالِسَ البَطالينَ فَبَيْنِي وَبَيْنَهُم خَلَّيْتَني،أَوْ لَعَلَّكَ لَمْ تُحِبَّ أَنْ تَسْمَعَ دُعائي فَباعَدْتَني!أَوْ لَعَلَّكَ بِجُرْمي وَجَريرَتي(3)كَافَيْتَنِي !أَوْ لَعَلَّكَ بِقِلَّةِ حَيَائِي مِنْكَ جَازَيْتَنِي فَإِنْ عَفَوْتَ يا رَبِّ،فَطَالَما عَفَوْتَ عَنِ الْمُذْنِبِينَ قَبْلِي،لأَنَّ كَرَمَكَ-أَيْ رَبِّ-يَجِلُّ عَنْ مُجازاةِ الْمُذْنِبِينَ ،وَحِلْمَكَ يَكْبُرُ عَنْ مُكافاة الْمُقَصِّرِينَ،وَأَنَا عائِدٌ بِفَضْلِكَ،هاربٌ مِنْكَ إِلَيْكَ،مُتَنَجِّز(4)ما
ص: 90
وَعَدْتَ مِنَ الصَّفْحَ عَمَّنْ أَحْسَنَ بِكَ ظَنّاً .
إلهي أَنْتَ أَوْسَعُ فَضْلاً،وَأَعْظَمُ حِلْمَا مِنْ أَنْ تُقابِسَنِي بِعَمَلي،وَأَنْ تَسْتَزِلَّني(1)بِخَطيئَتي،وَما أَنَا يا سيدي،وَما خَطَري!هَبْني بِفَضْلِكَ،وَتَصَدَّقْ عَلَيَّ بِعَفْوِكَ،أَيْ رَبِّ جَلَّلْني(2)بِسَتْرِكَ،وَاعْفُ عَنْ تَوْبيخي بِكَرَمِ وَجْهِكَ .
سَيِّدي أَنَا الصَّغِيرُ الَّذِي رَبَّيْتَهُ،وَأَنَا الْجَاهِلُ الَّذي عَلَّمْتَهُ،وَأَنَا الضّالُ الَّذي هَدَيْتَهُ،وَأَنَا الْوَضِيعُ(3)الَّذِي رَفَعْتَهُ،وَأَنَا الْخائِفُ الَّذِي آمَنْتَهُ، وَأَنَا الْجائِعُ الَّذِي أَشْبَعْتَهُ، وَأَنَا الْعَطْشَانُ الَّذي أَرْوَيْتَهُ، وَأَنَا الْعارِي الَّذي كَسَوْتَهُ، وَأَنَا الْفَقِيرُ الذي أَغْنَيْتَهُ، وَأَنَا الضَّعيفُ الَّذي قَوَّيْتَهُ،وَأَنَا الدَّليلُ الَّذي أَعْزَزْتَهُ،وَأَنَا السَّقيمُ الَّذِي شَفَيْتَهُ،وَأَنَا السّائِلُ(4)الَّذِي أَعْطَيْتَهُ،وَأَنَا الْمُذْنِبُ الَّذِي سَتَرْتَهُ،وَأَنَا الْخاطِيُّ الَّذِي أَقَلْتَهُ(5)،وَأَنَا الْقَلِيلُ الَّذي كَثَّرْتَهُ،وَأَنَا الْمُسْتَضْعَفُ الذي نَصَرْتَهُ،وَأَنَا الطَّريدُ الذي أَوَيْتَهُ.
أَنَا يَا رَبِّ الَّذِي لَمْ أَسْتَحْيِكَ فِي الْخَلاءِ(6)،وَلَمْ أُراقِبْكَ فِي
ص: 91
الْمَلاءِ،أَنا صاحِبُ الدَّواهِي الْعُظمى،أَنَا الَّذِي عَلى سَيِّدِهِ اجْتَرَأَ،أَنَا الَّذِي عَصَيْتُ جَبّارَ السَّمَاءِ،أَنَا الَّذِي أَعْطَيْتُ عَلَى جَليلِ الْمَعاصِي الرُّشا،أَنَا الَّذِي حِينَ بُشِّرْتُ بِهَا خَرَجْتُ إِلَيْهَا أَسْعى،أَنَا الَّذِي أَمْهَلْتَني فَمَا أَرْعَوَيْتُ(1)،وَسَتَرْتَ عَلَيَّ فَمَا اسْتَحْيَيْتُ،وَعَمِلْتُ بِالْمَعاصِي فَتَعَدَّيْتُ،وَأَسْقَطْتَني مِنْ عَيْنِكَ فَما بالَيْتُ.
فَبِحِلْمِكَ أَمْهَلْتَني،وَبِسِتْرِكَ سَتَرْتَنِي،حَتَّى كَأَنَّكَ أَغْفَلْتَني،وَمِنْ عُقوباتِ الْمَعَاصِي جَنَّبْتَنِي،حَتَّى كَأَنَّكَ أَسْتَحْيَيْتَني .
إلهي لَمْ أَعْصِكَ-حينَ عَصَيْتُكَ-وَأَنَا لِرُبوبِيَّتِكَ(2)جاحِدٌ وَلا بِأَمْرِكَ مُسْتَخِفٌ،وَلا لِعُقوبَتِكَ مُتَعَرِّضُ،وَلَا لِوَعِيدِكَ مُتَهاوِنٌ،وَلكِنْ خَطيئَةٌ عَرَضَتْ،وَسَوَّلَتْ(3)لي نَفْسِي،وَغَلَبَني هَوايَ،وَأَعانَني عَلَيْهَا شِقْوَتي،وَغَرَّنِي سِتْرُكَ الْمُرْحَى عَلَيَّ فَقَدْ عَصَيْتُكَ وَخَالَفْتُ بِجَهْدي.
فَالآنَ مِنْ عَذَابِكَ مَنْ يَسْتَنْقِذُني؟وَمِنْ أَيْدِي الْخُصَمَاءِ غَداً مَنْ يُخَلِّصُني؟وَبِحَبْلٍ(4)مَنْ أَتَّصِلُ إِنْ أَنْتَ قَطَعْتَ
ص: 92
حَبْلَكَ عَنِّي؟
فَوا أَسَفاً(1)عَلى ما أَحْصى كِتابُكَ مِن عَمَلِيَ الَّذِي لَوْلا ما أَرْجو مِنْ كَرَمِكَ،وَسَعَةِ رَحْمَتِكَ،وَنَهْيِكَ إِيَّايَ عَنِ الْقُنوطِ(2) لَقَنَطْتُ عِنْدَما أَتَذَكَّرُها،يا خَيْرَ مَنْ دَعَاهُ دَاعٍ،وَأَفْضَلَ مَنْ رَجَاهُ راجٍ.
اللّهُمَّ بِذِمَّةِ الإِسْلام أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ ، وَبِحُرْمَةِ الْقُرْآنِ أَعْتَمِدُ عَلَيْكَ ، وَبِحُبِّي لِلنَّبِيِّ الأُمِّيِّ ، الْقُرَشِيِّ ، الْهَاشِمِي ، الْعَرَبِيِّ ، التهامي،الْمَكِّي،الْمَدَنِي،أَرْجو الرُّلْفَةَ لَدَيْكَ،فَلا توحِشِ آشتیناسَ إيماني،وَلا تَجْعَلْ ثَوابي ثَوابَ مَنْ عَبَدَ سِواكَ،فَإِنَّ قَوْماً آمَنوا بِأَلْسِنَتِهِمْ لِيَحْقِنوا(3)بِهِ دِماءَهُمْ،فَأَدْرَكوا ما أَمَّلوا،وَإِنَّا آمَنَّا بِكَ بِأَلْسِنَتِنا وَقُلوبِنا،لِتَعْفُوَ عَنَّا،فَأَدْرِكْنا(4)ما أَمَّلْنَا،وَثَبِّتْ رَجاءَكَ في صدورنا،وَ(لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)(5).
فَوَعِزَّتِكَ لَوِ انْتَهَرْتَنى مَا بَرِحْتُ عَنْ بابِكَ ، وَلا كَفَفْتُ عَنْ تَمَلُّقِكَ ، لِما أَلْهِمَ قَلْبِي مِنَ الْمَعْرِفَةِ بِكَرَمِكَ، وَسَعَةِ رَحْمَتِكَ،
ص: 93
إلى مَنْ يَذْهَبُ الْعَبْدُ إلّا إلى مَوْلاهُ ، وَإِلَى مَنْ يَلْتَجِيُّ الْمَخْلُوقُ إلا إلى خالِقِهِ .
إلهي،لَوْ قَرَنْتَني بِالأصْفادِ(1)،وَمَنَعْتَني سَيْبَكَ(2)مِنْ بَيْنِ الأَشْهَادِ،وَدَلَلْتَ عَلَى فَضائِحي عُيونَ الْعِبَادِ،وَأَمَرْتَ بِي إِلَى النّارِ، وَحُلْتَ(3)بَيْني وَبَيْنَ الأبْرارِ،مَا قَطَعْتُ رَجَائِي مِنْكَ،وَلا صَرَفْتُ وَجْهَ تَأميلي لِلْعَفْوِ عَنْكَ،وَلا خَرَجَ حُبُّكَ مِنْ قَلْبي،أَنَا لا أَنْسى أياديك(4)عِنْدي وَسِتْرَكَ عَلَيَّ فِي دَارِ الدُّنْيا .
سَيِّدي صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ،وَأَخْرِجْ حُبَّ الدُّنْيا مِنْ قَلْبِي،وَأَجْمَعْ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمُصْطَفَى خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَخاتَمِ النَّبِيِّينَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ،وَأَنْقُلْني إِلَى دَرَجَةِ التَّوْبَةِ إِلَيْكَ،وَأَعِنِّي بِالْبُكاءِ عَلَى نَفْسِي،فَقَدْ أَفْنَيْتُ بِالتَّسْوِيفِ(5)وَالأَمالِ عُمُرِي،وَقَدْ نَزَّلْتُ نَفْسي مَنْزِلَةَ الآيسين مِنَ الْخَيْرِ(6)،فيمَنْ يَكونُ أَسْوَأَ حالاً مِنِّي إِنْ أَنا نُقِلْتُ عَلَى مِثْلِ حالي إلى قَبْرِي؟وَلَمْ(7)أُمَهَّدْهُ لِرَقْدَتي ، وَلَمْ أَفْرُشْهُ بِالْعَمَلِ
ص: 94
الصّالِحِ لِضَجْعَتي !
وَما لي لا أَبْكي ؟! وَلا أَدْري إلى ما يَكونُ مَصيري ، وَأَرى نَفْسي تُخادِعُني ، وَأَيَّامي تُخاتِلُني(1)، وَقَدْ خَفَقَتْ عِنْدَ رَأْسى أَجْنِحَةُ الْمَوْتِ ، فَمَا لِي لا أَبْكي ؟! أَبْكِي لِخُرُوجِ نَفْسي أَبْكي لِحُلولِ رَمْسي(2)، أَبْكِي لِظُلْمَةِ قَبْرِي ، أَبْكِي لِضَيقِ لَحْدي ، أَبْكِي لِسُؤالِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرِ إِيَّايَ ، أَبْكي لِخُروجي مِنْ قَبْري عُرْياناً ذليلاً، حامِلاً ثِقْلي عَلى ظَهْرِي ، أَنْظُرُ مَرَّةً عَنْ يَميني، وَمَرَّةٌ(3)عَنْ شِمالي ، إِذِ الْخَلائِقُ فِي شَأْنٍ غَيْرِ شَأْنِي(لِكُلِّ أَمْرِي مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنْ يُغْنِيهِ وُجوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةً صَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهُ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةً تَرْهَقُها قَتَرَةً)(4)وَذِلَّةٌ.
سَيِّدي،عَلَيْكَ مُعْتَمَدي وَمُعَوَّلي(5)،وَرْجائي وَتَوَكُلي،وَبِرَحْمَتِكَ تَعَلُّقي،تُصيبُ بِرَحْمَتِكَ مَنْ تَشَاءُ، وَتَهْدِي بكَرامَتِكَ مَنْ تُحِبُّ،فَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ما نَقَّيْتَ مِنَ الشِّرْكِ قَلْبي،وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى بَسْطِ لِساني.
أَفَبِلِسانِي هَذَا الْكال(6)أَشْكُرُكَ ؟ أَمْ بِغَايَةِ جُهْدي في
ص: 95
عَمَلي أَرْضِيكَ ؟! وَما قَدْرُ لِساني يا رَبِّ فِي جَنْبِ شُكْرِكَ ؟ وَما قَدْرُ عَمَلِي فِي جَنْبِ نِعَمِكَ وَإِحْسانِكَ إِليَّ ؟ إِلَّا أَنَّ جودَكَ بَسَطَ أَمَلي، وَشُكْرَكَ قَبِلَ عَمَلي .
سَيِّدي،إِلَيْكَ رَغْبَتي،وَمِنْكَ رَهْبَتي،وَإِلَيْكَ تَأميلي،قَدْ ساقنى إلَيْكَ أَمَلي،وَعَلَيْكَ يا واحِدي عَكَفَتْ(1)هِمَّتِي ، وَفيما عِنْدَكَ انْبَسَطَتْ رَغْبَتِي، وَلَكَ خَالِصُ رَجَائِي وَخَوْفي ، وَبِكَ أَنِسَتْ مَحَبَّتي ، وَإِلَيْكَ أَلْقَيْتُ بِيَدِي ، وَبِحَبْلٍ طَاعَتِكَ مَدَدْتُ رهْبَتي.
يا مَوْلايَ ، بِذِكْرِكَ عاشَ قَلْبي ، وَبِمُناجاتِكَ بَرَّدْتُ أَلَمَ الْخَوْفِ عَنِّي ، فَيا مَوْلايَ وَيَا مُؤَمَّلي، وَيَا مُنْتَهى سُؤْلي ، فَرِّقُ بَيْنِي وَبَيْنَ ذَنْبِي الْمَانِعِ لي مِنْ لُزُومِ طَاعَتِكَ ، فَإِنَّما أَدْعوكَ(2)لِقَديمِ الرَّجاءِ لَكَ(3)،وَعَظيمِ الطَّمَعِ فِيكَ(4)،الَّذِي أَوْجَبْتَهُ عَلَى نَفْسِكَ مِنَ الرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ،فَالأَمْرُ لَكَ وَحْدَكَ[لا شَريكَ لَكَ]،وَالْخَلْقُ كُلُّهُمْ عِيالُكَ وَفِي قَبْضَتِكَ ، وَكُلُّ شَيْءٍ حَاضِعٌ لَكَ، تَبارَكْتَ يا رَبَّ الْعالَمينَ .
إلهي ، أَرْحَمْني إِذَا انْقَطَعَتْ حُجَّتِي ، وَكَلَّ عَنْ جَوابِكَ
ص: 96
لساني،وَطاشَ(1)عِنْدَ سُؤالِكَ إِيَّايَ لُبّي،فَيا عَظيماً يُرْجى لِكُلِّ عَظيمٍ،أَنْتَ رَجائِي فَلا تُخَيِّبْني (2)إِذَا اشْتَدَّتْ فَاقَتِي إِلَيْكَ ، وَلا تَرُدَّني لِجَهْلي(3)، وَلا تَمْنَعْنِي لِقِلَّةِ صَبْرِي، وَأَعْطِني لِفَقْرِي ، وَأَرْحَمْني لِضَعْفِي .
سَيِّدي،عَلَيْكَ مُعْتَمَدي وَمُعَوَّلي،وَرَجائي وَتَوَكُلي،وَبِرَحْمَتِكَ تَعَلُّقي،وَبِفِنائِكَ أَحُطُّ رَحْلِي،وَبِجودِكَ أَقْصُرُ(4)طَلِبَتي ، وَبِكَرَمِكَ - أَيْ رَبِّ - أَسْتَفْتِحُ دُعائي ، وَلَدَيْكَ أَرْجو سَدَّ فَاقَتي ، وَبِغِناكَ أَجْبُرُ عَيْلَتي (5)، وَتَحْتَ ظِلٍّ عَفْوِكَ قِيامي ، وَإِلى جودِكَ وَكَرَمِكَ أَرْفَعُ بَصَري ، وَإِلى مَعْرُوفِكَ أُديمُ نَظَري . فَلا تُحْرِقْني بِالنّارِ وَأَنْتَ مَوْضِعُ أَمَلي، وَلا تُسْكِنِّي الْهاوِيَةَ فَإِنَّكَ قُرَّةُ عَيْني .
يا سَيِّدي، لا تُكَذِّبْ ظَنّى بِإحْسانِكَ وَمَعْرُوفِكَ ، فَإِنَّكَ ثِقَتي ، وَلَا تَحْرِمْني ثَوابَكَ ، فَإِنَّكَ الْعارِفُ بِفَقْرِي .
إلهي،إِنْ كَانَ قَدْ دَنَا أَجَلِي وَلَمْ يُقَرِّبْني مِنْكَ عَمَلي،فَقَدْ جَعَلْتُ الاعْتِرافَ إِلَيْكَ بِذَنْبي وَسَاَئِلَ عِلَلي(6).
ص: 97
إلهي ، إِنْ عَفَوْتَ فَمَنْ أَوْلى مِنْكَ بِالْعَفْوِ ؟ وَإِنْ عَذَّبْتَ فَمَنْ أَعْدَلُ مِنْكَ فِي الْحُكْمِ؟
أَرْحَمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيا غُرْبَتي ، وَعِنْدَ الْمَوْتِ كُرْبَتِي ، وَفِي الْقَبْرِ وَحْدَتي ، وَفِي اللَحْدِ وَحْشَتي ، وَإِذا نُشِرْتُ لِلْحِسابِ بَيْنَ وَ يَدَيْكَ ذُلَّ مَوْقِفي ، فَاغْفِرْ لي ما خَفِيَ عَلَى الأَدَمِيِّينَ مِنْ عَمَلي : وَأَدِمْ لي ما بِهِ مَسَرَّتي(1)، وَارْحَمْني صريعاً عَلَى الْفِراشِ تُقَلِّبُني أَيْدي أَحِبَّتِي، وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ مَمْدوداً عَلَى الْمُغْتَسَلِ يُغَسِّلُني صالِحُ جيرَتي ، وَتَحَنَّنْ عَلَيَّ مَحْمولاً قَدْ تَناوَلَ الْأَقْرِباءُ أَطْرافَ جَنازَتي ، وَجُدْ عَلَيَّ مَنْقولاً قَدْ نَزَلْتُ بِكَ وَحيداً في حُفْرَتي ، وَأَرْحَمْ في ذَلِكَ الْبَيْتِ الْجَدِيدِ غُرْبَتِي حَتَّى لا أَسْتَأْنِسُ بِغَيْرِكَ يا سَيِّدِي ، فَإِنَّكَ إِنْ وَكَلْتَني إِلَىٰ نَفْسِي هَلَكْتُ.
سَيِّدي ، فَبِمَنْ أَسْتَغِيثُ إِنْ لَمْ تُقِلْنِي عَشْرَتي ؟ وَإِلَى مَنْ أَفْزَعُ إِنْ فَقَدْتُ عِنايَتَكَ في ضَجْعَتي ؟ وَإِلَى مَنْ أَلْتَجِيُّ إِنْ لَمْ تُنَفِّسٌ كُرْبَتي ؟
سَيِّدي ، مَنْ لي وَمَنْ يَرْحَمُني إِنْ لَمْ تَرْحَمْنِي ؟ وَفَضْلَ مَنْ أُؤَمِّلُ إِنْ عَدِمْتُ فَضْلَكَ يَوْمَ فاقَتي ؟ وَإِلَى مَنِ الْفِرارُ مِنَ
الذُّنوبِ إِذَا انْقَضى أَجَلي ؟
ص: 98
سَيِّدِي ، لَا تُعَذِّبْنِي وَأَنَا أَرْجُوكَ .
إِلهِي حَقَّقْ رَجَائِي، وَآمِنْ خَوْفِي ، فَإِنَّ كَثْرَةَ ذُنوبِي لَا أَرْجو فيها إِلَّا عَفْوَكَ .
سَيِّدي ، أَنَا أَسْأَلُكَ ما لا أَسْتَحِقُّ ، وَأَنْتَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ، فَاغْفِرْ لي وَأَلْبِسْنِي مِنْ نَظَرِكَ تَوْباً يُغَطِّي عَلَيَّ الذُّنوبَ التَّبِعاتِ، وَتَغْفِرُها لي وَلَا أُطَالَبُ بِها إِنَّكَ ذُو مَن قديم، وَصَفْحٍ عَظِيمٍ ، وَتَجاوُزِ كَريمٍ .
إلهى،أَنْتَ الَّذي تُفيضُ سَيْبَكَ عَلَى مَنْ لا يَسْأَلُكَ،وَعَلَى الجاحدين بربوبيّتِكَ،فَكَيْفَ سَيِّدى بمَنْ سَأَلَكَ وَأَيْقَنَ أَنَّ الْخَلْقَ لَكَ وَالأَمْرَ إِلَيْكَ؟تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ يا رَبَّ الْعالَمينَ .
سَيِّدي ، عَبْدُكَ بِبابِكَ أَقامَتْهُ الْخَصَاصَةُ(1)بَيْنَ يَدَيْكَ ، يَقْرَعُ باب إحْسانِكَ بِدُعَائِهِ ، وَيَسْتَعْطِفُ جَميلَ نَظَرِكَ بِمَكْنُونِ رَجائِهِ ، فَلا تُعْرِضْ بِوَجْهِكَ الْكَريمِ عَنِّي ، وَأَقْبَلْ مِنّي ما أَقولُ ، فَقَدْ دَعَوْتُكَ بِهَذَا الدُّعاءِ، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ لَا تَرُدَّنِي مَعْرِفَةً مِنِّي بِرَأْفَتِكَ وَرَحْمَتِكَ .
إلهي ، أَنْتَ الَّذي لا يُخفيك (2)سائِلٌ ، وَلا يَنْقُصُكَ نَائِل ، أَنْتَ كَما تَقولُ وَفَوْقَ ما نَقولُ .
ص: 99
اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ صَبْراً جميلاً، وَفَرَجاً قَريباً ، وَقَوْلاً صادِقاً ، وَأَجْراً عَظيماً ، أَسْأَلُكَ يا رَبِّ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ ما عَلِمْتُ مِنْهُ وَما لَمْ أَعْلَمْ، وَأَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ مِنْ خَيْرِ ما سَأَلَكَ مِنْهُ عِبادُكَ الصّالِحونَ، يا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ ، وَأَجْوَدَ مَنْ أَعْطى ، أَعْطِنِي سُؤْلي في نَفْسي وَأَهْلِي، وَوالِدَيَّ وَوَلَدِي ، وَأَهْلِ حُزَانَتِي وَإِخْوانِي فيكَ ، وَأَرْغِدْ(1)عَيْشي ، وَأَظْهِرْ مُرُوتي ، وَأَصْلِحْ جَميعَ أخوالي ، وَاجْعَلْني مِمَّنْ أَطَلْتَ عُمُرَهُ، وَحَسَّنْتَ عَمَلَهُ ، وَأَتْمَمْتَ عَلَيْهِ نِعْمَتَكَ ، وَرَضِيتَ عَنْهُ، وَأَحْيَيْتَهُ حَيَاةٌ طَيِّبَةً ، في أَدْوَمِ السُّرورِ ، وَأَسْبَعْ الْكَرامَةِ ، وَأَتَمَّ الْعَيْشِ ، إِنَّكَ تَفْعَلُ ما تَشاءُ ، وَلا يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ غَيْرُكَ .
اللَّهُمَّ خُصَّني مِنْكَ بِخاصَّةِ ذِكْرِكَ،وَلَا تَجْعَلْ شَيْئاً مِمّا أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْكَ فِي آنَاءِ اللَّيْلِ وَأَطْرافِ النَّهَارِ، رِياءً وَلَا سُمْعَةٌ ، وَلا أَشَراً وَلا بَطَراً ، وَاجْعَلْني لَكَ مِنَ الْخاشِعِينَ .
اللَّهُمَّ أَعْطِنِي السَّعَةَ فِي الرِّزْقِ،وَالْأَمْنَ فِي الْوَطَنِ،وَقُرَّةَ الْعَيْنِ فِي الأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ،وَالْمَقامِ فِي نِعَمِكَ عِنْدِي.
وَالصَّحَّةَ فِي الْجِسْمِ،وَالْقُوَّةَ فِي الْبَدَنِ،وَالسَّلامَةَ فِي الدِّينِ،وَاسْتَعْمِلْنِي بِطَاعَتِكَ وَطاعَةِ رَسولِكَ مُحَمَّدٍ(2)صَلَّى اللّهُ
ص: 100
عَلَيْهِ وَآلِهِ أَبَداً مَا اسْتَعْمَرْتَنِي ، وَاجْعَلْنِي مِنْ أَوْفَرِ عِبادِكَ عِنْدَكَ نَصيباً في كُلِّ خَيْرٍ أَنْزَلْتَهُ وَتُنْزِلُهُ فِي شَهْرِ رَمَضانَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر ، وَما أَنْتَ مُنَزِّلُهُ في كُلِّ سَنَةٍ مِنْ رَحْمَةٍ تَنْشُرُها ، وَعَافِيَةٍ تُلْبِسُها ، وَبَلِيَّةٍ تَدْفَعُها ، وَحَسَناتٍ تَتَقَبَّلُهَا، وَسَيِّئَاتٍ تَتَجاوَزُ عَنْها.
وَارْزُقْني حَجَّ بَيْتِكَ الْحَرامِ في عامنا هذا وَفي كُلّ عام، وَارْزُقْني رِزْقاً واسعاً مِنْ فَضْلِكَ الْواسِع ، وَاصْرِفْ عَنّي يا سَيِّدِي الأَسْواءَ، وَاقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ وَالظُّلامَاتِ حَتَّى لا أَتَأَذًى بِشَيْءٍ مِنْهُ، وَخُذْ عَنِّي بِأَسْماع أَضدادي ، وَأَبْصارِ أَعْدائي وَحُسّادِي وَالْباغِينَ عَلَيَّ ، وَانْصُرْنِي عَلَيْهِمْ، وَأَقِرَّ عَيْني، وَفَرِّحْ قَلْبِي ، وَحَقَّقْ ظَنّي ، وَاجْعَلْ لي مِنْ هَمِّي وَكَرْبِي فَرَجاً وَمَخْرَجاً ، وَاجْعَلْ مَنْ أَرادَني بِسوءٍ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِكَ تَحْتَ قَدَمَيَّ ، وَأَكْفِنِي شَرَّ الشَّيْطَانِ ، وَشَرَّ السُّلْطَانِ ، وَسَيِّئاتِ عَمَلي، وَطَهَّرْني مِنَ الذُّنوبِ كُلّها ، وَأَجِرْنِي مِنَ النَّارِ بِعَفْوِكَ ، وَأَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِكَ ، وَزَوِّجُنِي مِنَ الْحورِ الْعِينِ بِفَضْلِكَ ، وَأَلْحِقْني بِأَوْلِيَائِكَ الصّالِحينَ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الأَبْرارِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ الأخيارِ ، صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَرْواحِهِمْ وَ أَجْسَادِهِمْ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ.
إلهي وَسَيِّدي ، وَعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ لَئِنْ طَالَبْتَني بِذُنوبي
ص: 101
لأطالبَنَّكَ بِعَفْوِكَ،وَلَئِنْ طَالَبْتَني بِجُرْمي(1)لأطالِبَنَّكَ بِكَرَمِكَ،وَلَئِنْ أَدْخَلْتَنِي النّارَ لأُخْبِرَنَّ أَهْلَ النَّارِ بِحُبِّي لَكَ.
إلهي وَسَيِّدي ، إنْ كُنْتَ لا تَغْفِرُ إِلَّا لَأَوْلِيَائِكَ وَأَهْل طاعَتِكَ ، فَإِلَى مَنْ يَفْزَعُ الْمُذْنِبونَ ؟ وَإِنْ كُنْتَ لا تُكْرِمُ إِلَّا أَهْلَ الْوَفَاءِ بِكَ ، فَبِمَنْ يَسْتَغِيثُ الْمُسيؤونَ ؟
إلهي ، إنْ أدْخَلْتَنِي النَّارَ فَفِي ذلِكَ سُرورُ عَدُوِّكَ ، وَإِنْ أَدْخَلْتَنِي الْجَنَّةَ فَفِي ذَلِكَ سُرورُ نَبِيِّكَ ، وَأَنَا وَاللَّهِ أَعْلَمُ أَنَّ شرورَ نَبِيِّكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنْ سُرورٍ عَدُوّكَ .
اللَّهُمَّ إنّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَمْلأُ قَلْبي حُبّاً لَكَ ، وَخَشْيَةً مِنْكَ ، وتصديقاً بكتابك ، وإيماناً بك ، وَفَرَقاً مِنْكَ ، وَشَوْقاً إِلَيْكَ ، يَاذَا الْجَلالِ وَالإكْرامِ حَبِّبْ إِلَيَّ لِقاءَكَ ، وَأَحْبِبْ لِقائي ، وَاجْعَلْ لي في لِقائِكَ الرّاحَةَ وَالْفَرَجَ وَالْكَرَامَةَ.
اللَّهُمَّ أَلْحِقْني بِصالِحٍ مَنْ مَضى ، وَأَجْعَلْنِي مِنْ صَالِحٍ مَنْ بَقِيَ ، وَخُذْ بي سَبيلَ الصَّالِحينَ، وَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِي بِمَا تُعينُ بِهِ الصَّالِحِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، وَاخْتِمْ عَمَلي بِأَحْسَنِهِ، وَاجْعَلْ ثوابى مِنْهُ الْجَنَّةَ ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ ، وَأَعِنِّي عَلَى صالح ما أَعْطَيْتَني ، وَثَبِّتْني يا رَبِّ وَلَا تَرُدَّني في سوءٍ اسْتَنْقَذْتَنِي مِنْهُ ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
ص: 102
اللّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ إيماناً لا أَجَلَ لَهُ دونَ لِقائِكَ ، أَحْيِني ما أَحْيَيْتَنِي عَلَيْهِ، وَتَوَفَّنِي إِذا تَوَفَّيْتَنِي عَلَيْهِ ، وَابْعَثْنِي إِذَا بَعَثْتَني عَلَيْهِ ، وَأَبْرِكْ قَلْبِي مِنَ الرِّياءِ وَالشَّكَ، وَالسُّمْعَةِ فِي دِينِكَ حَتَّى يَكونَ عَمَلى خالِصاً لَكَ.
اللَّهُمَّ أَعْطِني بَصيرَةً في دينِكَ،وَفَهْماً في حُكْمِكَ،وَفِقها في عِلْمِكَ،وَكِفْلَيْنِ(1)مِنْ رَحْمَتِكَ ، وَوَرَعاً يَحْجُرُني عَنْ مَعْصِيَتِكَ،وَبَيِّضْ وَجْهِي بِنورِكَ ، وَاجْعَلْ رَغْبَتي فيما عِنْدَكَ، وَتَوَفَّنى فى سَبيلِكَ وَعَلَى مِلَّةِ رَسولِكَ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَآلِهِ .
اللَّهُمَّ إنِّي أَعوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْفَشَلِ وَالْهَمِّ وَالْحُزْنِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَالْغَفْلَةِ وَالْقَسْوَةِ وَالذُّلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ وَالْفَقْرِ
وَالْفَاقَةِ، وَكُل بَلِيَّةٍ ، وَالْفَواحِش ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ .
وَأَعوذُ بِكَ مِنْ نَفْسٍ لا تَقْنَعُ،وَبَطْنٍ لا يَشْبَعُ، وَقَلْبٍ لا يَخْشَعُ،وَدُعاءِ لا يُسْمَعُ،وَعَمَلٍ لا يَنْفَعُ،وَصَلاةٍ لا تُرْفَعُ .
وَأَعوذُ بِكَ يا رَبِّ عَلَى نَفْسي وَوَلَدي وديني وَمالي، وَعَلَى جَميعِ مَا رَزَقْتَني مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّحِيمِ ، إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ
الْعَلِيمُ.
ص: 103
اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَنْ يُجيرَنى مِنْكَ أَحَدٌ، وَلا(1) أَجِدُ مِنْ دونك مُلْتَحَداً(2)، فَلا تَجْعَلْ نَفْسي فِي شَيْءٍ مِنْ عَذَابِكَ ، وَلَا تَرُدَّني بِهَلَكَةٍ ، وَلا تَرُدَّني بِعَذابٍ أَلِيمٍ.
اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنّي ، وَأَعْلِ ذِكْرِي، وَارْفَعْ دَرَجَتي ، وَحُطَّ وِزْري ، وَلا تَذْكُرْني بِخَطيئَتي، وَاجْعَلْ ثَوابَ مَجْلِسي ، وَثَوابَ مَنْطِقي ، وَثَوابَ دُعائي رِضاكَ وَالْجَنَّةَ ، وَأَعْطِني يَارَبِّ جَميعَ ما سَأَلْتُكَ، وَزِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ إِنِّي إِلَيْكَ رَاغِبٌ، يَا رَبَّ الْعالَمينَ .
اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَنْزَلْتَ في كِتابِكَ الْعَفْوَ ، وَأَمَرْتَنَا أَنْ نَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَنا وَقَدْ ظَلَمْنا أَنْفُسَنا فَاعْفُ عَنَّا فَإِنَّكَ أَوْلَى بِذلِكَ مِنا وَأَمَرْتَنا أَنْ لا نَرُدَّ سَائِلاً عَنْ أَبْوابِنا وَقَدْ جِئْتُكَ سَائِلاً ، فَلا تَرُدَّني إِلَّا بِقَضاءِ حاجَتي ، وَأَمَرْتَنا بِالإحْسانِ إلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُنا ، وَنَحْنُ أَرقَاؤُكَ ، فَأَعْتِق رقابنا مِنَ النَّارِ.
يا مَفْزَعِي عِنْدَ كُرْبَتِي، وَيا غَوْثَي عِنْدَ شِدَّتي، إلَيْكَ فَزِعْتُ ، وَبِكَ اسْتَغَشْتُ، وَبِكَ لُذْتُ ، لا أَلوذُ بِسِواكَ ، وَلا أَطْلُبُ الْفَرَجَ إِلَّا مِنْكَ ، فَأَغِثْنِي وَفَرِّجْ عَنِّي .
يا مَنْ يَقْبَلُ الْيَسير(3)،وَيَعْفُو عَنِ الْكَثِيرِ،أَقْبَلْ مِنّي
ص: 104
الْيَسيرَ، وَاعْفُ عَنِّي الْكَثِيرَ ، إِنَّكَ أَنْتَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ .
اللّهم إنّي أَسْأَلُكَ إيماناً تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي ، وَيَقيناً صادِقاً حَتَّى أَعْلَمَ أَنَّهُ لَنْ يُصيبَني إِلّا ما كَتَبْتَ لي ، وَرَضّني مِنَ الْعَيْشِ ما(1)قَسَمْتَ لي يا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ(2).
ص: 105
اللّهُمَّ هَذا شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أَنْزَلْتَ فِيهِ الْقُرْآنَ هُدى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ ،وَهَذا شَهْرُ الصِّيامِ،[وهذا شَهْرُ الْقِيامِ](2)،وَهَذا شَهْرُ الإِنابَةِ ، وَهَذَا شَهْرُ التَّوْبَةِ ، وَهَذَا شَهْرُ (2) الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ ، وَهَذا شَهْرُ الْعِتْقِ مِنَ النّارِ وَالْفَوْزِ بِالْجَنَّةِ [،وَهَذا شَهْرٌ فِيهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ](3).
اللّهُمَّ[فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَعِنِّي عَلَىٰ صِيَامِهِ وَقِيامِهِ](4)، وَسَلَّمْهُ لِي[وَسَلَّمْني فِيهِ](5)، وَتَسَلَّمْهُ مِنّي ، وَأَعِنِّي عَلَيْهِ بِأَفْضَلِ عَوْنِكَ ، وَ وَفِّقْنِي فِيهِ لِطَاعَتِكَ وَطاعَةِ رَسولِكَ وَأَوْلِيائِكَ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيْهِمْ، وَفَرِّغْني فيهِ لِعِبادَتِكَ وَدُعائِكَ ، وَتِلاوَةِ كِتابِكَ ، وَأَعْظِمْ لِي فِيهِ الْبَرَكَةَ،[وَأَخْرِزْ لِي فيهِ التَّوْبَةَ](6)، وَأَحْسِنْ لي فيهِ الْعَافِيَةَ(7)، وَأَصِحَ فيهِ بَدَني،
ص: 106
وَأَوْسِعُ الي](1)فيهِ رِزْقي ، وَأَكْفِني فِيهِ مَا أَهَمَّني ، وَاسْتَجِبْ فِيهِ دُعائي ، وَبَلِّغْني فِيهِ [أَمَلي و](2)رجائي .
اللّهمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ،وَأَذْهِبْ عَنّى فيهِ النُّعاسَ وَالْكَسَلَ وَالسَّامَةَ وَالْفَتْرَةَ وَالْقَسْوَةَ وَالْغَفْلَةَ وَالْغِرَّةَ .(3)
[اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ](4)وجَنِّبْنِي فِيهِ الْعِلَلَ وَالأَسْقامَ ، وَالْهُمومَ وَالأحْزَانَ ، وَالأَعْراضَ وَالأمْراضَ وَالْخَطايا وَالذُّنوبَ ، وَاصْرِفْ عَنِّي فِيهِ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ، وَالْجَهْدَ وَالْبَلاءَ ، وَالتَّعَبَ وَالْعَناءَ ، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ .
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ،وَأَعِذْني فيهِ مِنَ الشَّيْطانِ[الرَّحِيمِ](5)،وَهَمْزِهِ وَلَمْزِهِ،وَنَفْثِهِ(6)وَنَفْخِهِ،وَوَسْوَسَتِهِ[وَتَثْبِيطِهِ(7)،وَبَطْشِهِ](8)وَكَيْدِهِ،وَمَكْرِهِ وَحَبائِلِهِ(9)،وَخُدَعِهِ وَأَمانِيْهِ،وَغُرورِهِ وَفِتْنَتِهِ،[وَخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ، وَأَعْوانِهِ ](10)وَشَرَكِهِ(11)، وَأَحْزَابِهِ وَأَتْباعِهِ وَأَشْياعِهِ(12)، وَأَوْلِيَائِهِ وَشُرَكائِهِ،
ص: 107
وَجَميع مَكَائِدِهِ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَارْزُقْني(1)تَمامَ صِيامِهِ، وَبُلوغَ الأَمَلِ فِيهِ وَفي قِيامِهِ، وَأَسْتِكْمَالِ مَا يُرْضِيكَ عَنّي صَبْراً وَاحْتِساباً ، وَإيماناً وَيَقيناً ، ثُمَّ تَقَبَّلْ ذَلِكَ مِنِّي بالأَضْعَافِ الْكَثِيرَةِ وَالأَجْرِ الْعَظيمِ.
اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَارْزُقْني فِيهِ الْجِدَّ وَالاجْتِهادَ، وَالْقُوَّةَ وَالنَّشاط ، وَالإِنابَةَ وَالتَّوْبَةَ، وَالرَّغْبَةَ وَالرَّهْبَةَ ، وَالْحُزْنَ وَالْخُشوعَ ، وَالرِّقَةَ وَالنِّيَّةَ الصَّادِقَةَ ، وَصِدْقَ اللِسانِ ، وَالْوَجَلَ مِنْكَ ، وَالرَّجاءَ لَكَ ، وَالتَّوَكُلَ عَلَيْكَ ، وَالثَّقَةَ بِكَ ، وَالْوَرَعَ عَنْ مَحارِمِكَ بِصَالِحِ الْقَوْلِ ، وَمَقْبُولِ السَّعْيِ وَمَرْفُوعَ الْعَمَلِ ، وَمُسْتَجابِ الدَّعْوَةِ ، وَلا تَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذلِكَ بِعَرَضٍ وَلا مَرَضِ وَلا هَمَّ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرّاحِمينَ(2).
ص: 108
إلهي وَسَيِّدِي ، أَنْتَ فَطَرْتَنِي وَابْتَدَأْتَ خَلْقِي لا لِحَاجَةٍ بِكَ (2)إِلَيَّ ،[بَلْ](3)تَفَضَّلاً مِنْكَ عَلَيَّ ، وَقَدَّرْتَ لِي أَجَلاً وَرِزْقاً لا أَتَعَدّاهُما ، وَلا يَنْقُصُني أَحَدٌ مِنْهُما شَيْئاً ، وَكَفَيْتَنِي(4)مِنْكَ بِأَنْواعِ النِّعَمِ وَالْكِفايَةِ طِفْلاً وَناشِئاً مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ عَمِلْتُهُ فَعَلِمْتَهُ مِنِّي فَجازَيْتَني عَلَيْهِ، بَلْ كانَ ذلِكَ مِنْكَ تَطَوُّلاً[عَلَيَّ ](5)
ص: 109
وَامْتِناناً .
فَلَمّا بَلَغَتْ بي أَجَلَ الْكِتابِ(1)مِنْ عِلْمِكَ[بي](2)، وَوَفَّقْتَني لِمَعْرِفَةِ وَحْدانِيَّتِكَ وَالإِقْرارِ بِرُبُوبِيَّتِكَ ، فَوَجَدْتُكَ مُخْلِصاً لَمْ أَدْعُ لَكَ شَريكاً في مُلْكِكَ ، وَلا مُعيناً عَلى قُدْرَتِكَ ، وَلَمْ أَنْسِبْ إِلَيْكَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً .
فَلَمَّا بَلَغْتَ بي تَناهِي الرَّحْمَةِ مِنْكَ مَنَنْتَ عَلَيَّ بِمَنْ هَدَيْتَني بِهِ مِنَ الضَّلالَةِ، وَاسْتَنْقَذْتَني بِهِ مِنَ الْهَلَكَةِ، وَاسْتَخْلَصْتَني بِهِ مِنَ الْحَيْرَةِ، وَفَكَكْتَني بِهِ مِنَ الْجَهالَةِ،وَهُوَ حَبيبُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَزْلَفُ خَلْقِكَ عِنْدَكَ،وَأَكْرَمُهُمْ زُلْفَةٌ(3)لَدَيْكَ ، فَشَهِدْتُ مَعَهُ بِالْوَحْدانِيَّةِ ، وَأَقْرَرْتُ لَكَ بِالرُّبوبِيَّةِ ، وَلَهُ بِالرِّسالَةِ، وَأَوْجَبْتَ لَهُ عَلَيَّ الطَّاعَةَ ، فَأَطَعْتُهُ كَما أَمَرْتَ ، وَصَدَّقْتُهُ فيما حَتَمْتَ(4)، وَخَصَصْتَهُ بِالْكِتابِ الْمُنْزَلِ عَلَيْهِ، وَالسَّبْعِ الْمَثَانِي(5)الموحاةِ
ص: 110
إِلَيْهِ ، وَأَسْمَيْتَهُ (1)الْقُرْآنَ ، وَأَكْنَيْتَهُ(2)الْفُرْقَانَ الْعَظِيمَ ، فَقُلْتَ جَلَّ آسْمُكَ:(وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظيمَ)(3)،وَقُلْتَ جَلَّ قَوْلُكَ[لَهُ](4) حينَ اخْتَصَصْتَهُ بِما سَمَّيْتَهُ مِنَ الأَسْمَاءِ :(طه ما أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى)(5)1،وَقُلْتَ جَلَّ(6) قَوْلُكَ : يُسَ وَالْقُرْآنِ الْحَكيم)(7)،وَقُلْتَ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ :(صَ وَالْقُرْآن ذِي صَ الذكر)(8)،وَقُلْتَ عَظُمَتْ آلاؤُكَ :(قَ وَالْقُرْآن المجيد)(9)فَخَصَصْتَهُ أَنْ جَعَلْتَهُ قَسَمَكَ حينَ أَسْمَيْتَهُ وَقَرَنْتَ الْقُرْآنَ بِهِ، فَما في كِتابِكَ مِنْ شَاهِدِ قَسَمِ وَالْقُرْآنُ مُرْدَفٌ(10)بِهِ إِلّا وَهُوَ آسْمُهُ ، وَذَلِكَ شَرَفٌ شَرَّفْتَهُ بِهِ، وَفَضْلُ بَعَثْتَهُ إِلَيْهِ ، تَعْجُرُ الأَلْسُنُ وَالأَنْهَامُ عَنْ وَصْفِ (11)مُرادِكَ بِهِ ، وَتَكِلُ عَنْ عِلْمٍ ثَنائِكَ عَلَيْهِ ،
ص: 111
فَقُلْتَ عَزَّ جَلالُكَ في تَأْكِيدِ الْكِتابِ وَقَبولِ ما جاءَ بِهِ :(هذا كِتابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ)(1).
وَقُلْتَ عَزَزْتَ وَجَلَلْتَ :(ما فَرْطنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ)(2).
وَقُلْتَ(3)تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ فى عامَّةِ(4)ابْتِدائِهِ [:الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتابِ الْحَكيم)(5)،وَ](6)(الركِتابُ أحْكِمَتْ آيَاتُهُ)(7)، وَ(الر كِتابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ )(8)، وَ(الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ )(9)، وَ(الَم ذَلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ )(10)، وَفي أَمْثَالِها مِنْ سُوَرِ الطَّواسين وَالْحَوامِيمِ في كُلِّ ذَلِكَ بَيَّنْتَ(11)بِالْكِتَابِ مَعَ الْقَسَمِ الَّذِي هُوَ
ص: 112
آسْمُ مَنِ اخْتَصَصْتَهُ لِوَحْيِكَ ، وَاسْتَوْدَعْتَهُ سِرَّ غَيْبِكَ ، وَأَوْضَحَ لَنا مِنْهُ شُروط فَرَآئِضِكَ ، وَأَبانَ عَنْ واضِح سُنَّتِكَ ، وَأَفْصَحَ لَنا عَنِ الْحَلالِ وَالْحَرامِ ، وَأَنارَ لَنا مُدْلَهِمَاتِ(1)الظَّلامِ ، وَجَنَّبَنا رُكوب الآثام، وَأَلْزَمَنَا الطَّاعَةَ، وَوَعَدَنا مِنْ بَعْدِهَا الشَّفاعَةَ، فَكُنْتُ مِمَّنْ أَطاعَ أَمْرَهُ ، وَأَجابَ دَعْوَتَهُ، وَاسْتَمْسَكَ بِحَبْلِهِ، وَأَقَمْتُ الصَّلاةَ ، وَآتَيْتُ الزَّكاةَ ، وَالْتَزَمْتُ(2)الصيامَ الَّذي جَعَلْتَهُ حَقّاً ، فَقُلْتَ جَلَّ اسْمُكَ :(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(3)، ثُمَّ إِنَّكَ أَبَنتَهُ ، فَقُلْتَ(4)[عَزَزْتَ وَجَلَلْتَ](5):(شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنَ)(6)،وَقُلْتَ:(فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)(7)،وَرَغَيْتَ فِي الْحَجِّ بَعْدَ إِذْ (7) فَرَضْتَهُ إِلى بَيْتِكَ الَّذي حَرَّمْتَهُ ، فَقُلْتَ جَلَّ اسْمُكَ:(وَللّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(8)،ثُمَّ قُلْتَ(9):(وَأَذَنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ
ص: 113
لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللّهِ [ في أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعامِ)(1).
اللّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَنِي مِنَ الَّذِينَ يَسْتَطِيعُونَ إِلَيْهِ سَبيلاً، وَمِنَ الرِّجالِ الَّذينَ يَأْتُونَهُ لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ](2)وَلِيُكَبِّرُوا اللّهَ عَلى ما هَداهُمْ.
وَأَعِنِّى اللّهُمَّ عَلَى جِهادِ عَدُوِّكَ فِي سَبيلِكَ[مَعَ وَلِيِّكَ](3)كَما قُلْتَ جَلَّ ثَناؤُكَ)(4):(إن اللّه اشتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنْ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ في سَبِيلِ اللّهِ)(5)،وَقُلْتَ جَلَّ اسْمُكَ(6):(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوا أَخْبارَكُمْ ﴾(7).
اللّهُمَّ فَأَرِني(8)ذلِكَ السَّبِيلَ حَتَّى أُقاتِلَ فِيهِ بِنَفْسِي وَمالي طلب رضاك فَأَكونَ[فيهِ]مِنَ الْفائِزين.
ص: 114
إلهي ، أَيْنَ الْمَفَرُّ عَنْكَ ؟ فَلا يَسَعُني بَعْدَ ذلِكَ إِلَّا حِلْمُكَ(1)، فَكُنْ بي [رَؤوفاً]رحيماً ، وَأَقْبَلْنِي وَتَقَبَّلْ مِنّى، وَأَعْظِمْ لي في هَذَا الْيَوْمِ بَرَكَةَ الْمَغْفِرَةِ وَمَثَوبَةَ الْأَجْرِ ، وَأَرِني(2)صِحَّةَ التَّصْدِيقِ بِما سَأَلْتُ ، وَإِنْ أَنْتَ عَمَّرْتَني إلى عامٍ مِثْلِهِ وَيَوْمِ مِثْلِهِ وَلَمْ تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنِّي فَأَعِنِّي بِالتَّوْفِيقِ عَلَى بلوغ رضاك.
وَأَشْرِكْني[يا إلهي]في هَذَا الْيَوْمِ فِي دُعاءِ مَنْ أَجَبْتَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، وَأَشْرِكْهُمْ فِي دُعائي إِذا أَجَبْتَني في مقامي هذا بَيْنَ يَدَيْكَ ، فَإِنِّي راغِبٌ(3)إِلَيْكَ لي وَلَهُمْ ، وَعاَئِذُ بِكَ لي وَلَهُمْ، فَاسْتَجِبْ لي وَلَهُمْ ، يا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ.(4)
ص: 115
اللّهُمَّ أَنْتَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمينَ، وَأَنْتَ اللّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، وَأَنْتَ اللّهُ الدَّائِبُ فِي غَيْرِ وَصَبٍ وَلا نَصَبٍ(2)، وَلا تَشْغَلُكَ،رَحْمَتُكَ عَنْ عَذابِكَ ، وَلا عَذابُكَ عَنْ(3)رَحْمَتِكَ ، خَفَيْتَ مِنْ غَيْرِ مَوْتِ ، وَظَهَرْتَ فَلا شَيْءٍ فَوْقَكَ ، وَتَقَدَّمْتَ في عُلُوّكَ ، وَتَرَدَّيْتَ بِالْكِبْرِياءِ فِي الأَرْضِ وَفِي السَّماءِ، وَقَوَيْتَ(4)في سُلْطانِكَ ، وَدَنَوْتَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فِي ارْتِفاعِكَ ، وَخَلَقْتَ الْخَلْقَ بقُدْرَتِكَ ، وَقَدَّرْتَ الأمورَ بِعِلْمِكَ،وَقَسَّمْتَ الأَرْزاقَ بِعَدْلِكَ،وَنَفَذَ فِي كُلِّ شَيْءٍ عِلْمُكَ،وَحارَتِ الأَبصارُ دونَكَ،وَقَصُرَ عَنْكَ(5)طَرْفُ كُلِّ طَارِفٍ ، وَكَلَّتِ(6)الأَلْسُنُ عَنْ صِفاتِكَ ، وَغَشِيَ
ص: 116
بَصَرَ كُلِّ ناظِرِ نورُكَ ، وَمَلأْتَ بِعَظَمَتِكَ أَرْكَانَ عَرْشِكَ ، وَابْتَدَأْتَ الْخَلْقَ عَلَى غَيْرِ مِثالٍ نَظَرْتَ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدٍ سَبَقَكَ إِلَىٰ صَنْعَةِ شَيْءٍ مِنْهُ ، وَلَمْ تُشارَكَ في خَلْقِكَ ، وَلَمْ تَسْتَعِنْ بِأَحَدٍ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِكَ ، وَلَطُفْتَ فى عَظَمَتِكَ ، وَانْقَادَ لِعَظَمَتِكَ كُلٌّ شَيْءٍ ، وَذَلَّ لِعِزَّتِكَ(1)كُلِّ شَيْءٍ.
أُثْني عَلَيْكَ[يا سَيِّدي]، وَما عَسَى أَنْ يَبْلُغَ فِي مِدْحَتِكَ(2)ثَنائي مَعَ قِلَّةِ عَمَلي(3)وَقِصَرِ رَأْيي ، وَأَنْتَ يَا رَبِّ الْخَالِقُ وَأَنَا الْمَخْلُوقُ، وَأَنْتَ الْمَالِكُ وَأَنَا الْمَمْلُولُ ، وَأَنْتَ الرَّبُّ وَأَنَا الْعَبْدُ ، وَأَنْتَ الْغَنِيُّ وَأَنَا الْفَقِيرُ، وَأَنْتَ الْمُعْطِي وَأَنَا السّائِلُ وَأَنْتَ الْغَفورُ وَأَنَا الْخاطِيءُ ، وَأَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لا يَموتُ وَأَنَا خَلْقٌ أَموتُ ، يامَنْ خَلَقَ الْخَلْقَ وَدَبَّرَ الأُمورَ فَلَمْ يُقايِسْ شَيْئاً بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ ، وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلَى خَلْقِهِ بِغَيْرِهِ، ثُمَّ أَمْضَى الأمورَ عَلَى قَضائِهِ، وَأَجَلَها إِلى أَجَلٍ(4)قَضى فيها بِعَدْلِهِ ، وَعَدَلَ فيها بِفَضْلِهِ، وَفَصَلَ فيها بِحُكْمِهِ ، وَحَكَمَ فيها بِعَدْلِهِ، وَعَلِمَها بِحِفْظِهِ(5)، ثُمَّ جَعَلَ مُنْتَهاها إلى مَشيئَتِهِ ، وَمُسْتَقَرَّها
ص: 117
إلى مَحَبَّتِهِ ، وَمَواقيتها إلى قَضائِهِ ، لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ ، وَلا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ، وَلا رادَّ لِقَضائِهِ(1)، وَلا مُسْتَراحَ (2)عَنْ أَمْرِهِ، وَلا محيص(3)لِقَدَرِهِ ، وَلا خُلْفَ لِوَعْدِهِ، وَلا مُتَخَلَّفَ عَنْ دَعْوَتِهِ، وَلا يُعْجِرُهُ شَيْءٌ طَلَبَهُ ، وَلا يَمْتَنِعُ مِنْهُ أَحَدٌ أَرادَهُ، وَلا يَعْظُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَعَلَهُ، وَلا يَكْبُرُ عَلَيْهِ شَيْءٌ صَنَعَهُ، وَلا يَزيدُ في سُلْطانِهِ طَاعَةُ مُطيع ، وَلا تَنْقُصُهُ مَعْصِيَةُ عَاصٍ، وَلَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيْهِ ، وَلا يُشْرِكُ في حُكْمِهِ أَحَداً ، الَّذي مَلَكَ الْمُلوكَ بِقُدْرَتِهِ ، وَاسْتَعْبَدَ الأَرْبابَ بعِزَّهِ(4)، وَسادَ الْعُظَمَاءَ بجودِهِ، وَعَلَا السّادَةَ بِمَجْدِهِ ، وَانْهَدَّتِ(5)الْمُلوكُ لِهَيْبَتِهِ، وَعَلا أَهْلَ السُّلْطانِ بِسُلْطانِهِ وَرُبوبِيَّتِهِ ، وَأَبادَ(6)الْجَبَابِرَةَ بِقَهْرِهِ، وَأَذَلَّ الْعُظَمَاءَ بعِرِّهِ، وَأَسَّسَ الأُمورَ بِقُدْرَتِهِ، وَبَنَى الْمَعالي بِسُودَدِهِ(7)، وَتَمَجَّدَ بِفَخْرِهِ، وَفَخَرَ بِعِزَّهِ، وَعَزَّ بِجَبَرُوتِهِ، وَوَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ بِرَحْمَتِهِ .
إيَّاكَ أَدْعو ، وَإِيَّاكَ أَسْأَلُ ، وَمِنْكَ أَطْلُبُ، وَإِلَيْكَ أَرْغَبُ ،
ص: 118
يا غايَةَ الْمُسْتَضْعَفينَ ، وَيا صَريخَ الْمُسْتَصْرِحْينَ، وَمُعْتَمَدَ الْمُضْطَرِّينَ(1)،وَمُنْجِيَ الْمُؤْمِنِينَ،وَمُثِيبَ الصّابِرِينَ،وَعِصْمَةَ الصّالِحِينَ ، وَحِرْزَ الْعارِفينَ، وَأَمانَ الْخَائِفِينَ، وَظَهْرَ اللاحِينَ، وَجارَ الْمُسْتَجيرينَ ، وَطالِبَ الْغَادِرينَ (2)، وَمُدْرِكَ الْهارِبينَ ، وَأَرْحَمَ الرّاحِمِينَ، وَخَيْرَ النَّاصِرينَ، وَخَيْرَ الْفَاصِلينَ، وَخَيْرَ الْغَافِرِينَ ، وَأَحْكَمَ الْحَاكِمِينَ ، وَأَسْرَعَ الْحاسِبينَ ، لَا يَمْتَنِعُ مِنْ بَطْشِهِ شَيْءٌ ، وَلا يَنْتَصِرُ مَنْ عَاقَبَهُ(3)، وَلَا يُحْتالُ لِكَيْدِهِ(4)، وَلَا يُدْرَكُ عِلْمُهُ، وَلا يُدْرَأُ(5)مُلكُهُ، وَلا يُشْهَرُ عِزُّهُ، وَلا يُذَلُّ آسْتِكْبارُهُ، وَلا يُبْلَغُ جَبَروتُهُ، وَلا تَصْغُرُ عَظَمَتُهُ، وَلا يَضْمَحِلُّ فَخْرُهُ ، وَلا يَتَضَعْضَعُ رُكْتُهُ، وَلا تُرامُ قُوَّتُهُ، الْمُحْصي لِبَرِيَّتِهِ ، الْحافِظُ أَعْمالَ خَلْقِهِ، لا ضِدَّ لَهُ، وَلا نِدَّ لَهُ(6)، وَلا وَلَدَ لَهُ ، وَلا صاحِبَةَ لَهُ ، وَلا سَمِيَّ لَهُ ، وَلا قَرِينَ(7)لَهُ ، وَلا كُفْوَ لَهُ ، وَلا شَبيهَ لَهُ ، وَلا نَظيرَ لَهُ ، وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ ، وَلا يُبْلَغُ مَبْلَغُهُ ، وَلا يَقْدِرُ شَيْءٌ قُدْرَتَهُ، وَلا يُدْرِكُ شَيْءٌ أَثَرَهُ، وَلَا يَنْزِلُ شَيْءٌ مَنْزِلَتَهُ، وَلَا
ص: 119
يُدْرَكُ شَيْءٌ أَحْرَزَهُ، وَلا يَحولُ شَيْءٌ دونَهُ، بَنَى السَّماواتِ فَأَتْقَنَهُنَّ وَما فِيهِنَّ بِعَظَمَتِهِ(1)،وَدَبَّرَ أَمْرَهُ فِيهِنَّ بِحِكْمَتِهِ،فَكانَ هُوَ كَما هُوَ أَهْلُهُ لا بِأَوَّلِيَّةٍ قَبْلَهُ ، وَلَا بِآخِرِيَّةٍ بَعْدَهُ ، وَكَانَ كَما يَنْبَغِى لَهُ ، يَرَى وَلا يُرى، وَهُوَ بِالْمَنْظَرِ الأَعْلَى ، يَعْلَمُ السِّرَّ وَالْعَلانِيَةَ ، وَلا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ ، وَلَيْسَ لِنَقْمَتِهِ واقِيَةٌ ، يَبْطُشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى ، وَلا تُحَصِّنُ مِنْهُ الْقُصورُ ،[وَلا تُجِنُّ مِنْهُ السُّتورُ،]وَلا تُكِن(2)مِنْهُ الْخُدورُ ، وَلا تُواري مِنْهُ الْبُحورُ ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ، يَعْلَمُ هَماهِمَ (3)الأنْفُسِ وَما تُخْفِي الصُّدورُ وَوَسَاوِسَهَا ، وَنِيَّاتِ الْقُلُوبِ ، وَنُطْقَ الأَلْسُنِ ، وَرَجْعَ الشَّفاءِ ، وَبَطْشَ الْأَيْدِي ، وَنَقْلَ الْأَقْدَامِ ، وَحَائِنَةَ الأَعْيُن(4)، وَالسِّرَّ وَأَخْفى ، وَالنَّجوى(5)، وَما تَحْتَ الثّرى، وَلا يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ، وَلا يُفَرِّطُ فِي شَيْءٍ ، وَلَا يَنْسى شَيْئاً لِشَيْء.
أَسْأَلُكَ يا مَنْ عَظُمَ صَفْحُهُ ، وَحَسُنَ صُنْعُهُ ، وَكَرُمَ عَفْوُهُ، وَكَثُرَتْ نِعَمُهُ(6)، وَلا يُحْصى إحْسانُهُ وَجَميلُ بَلائِهِ ، أَنْ تُصَلَّى
ص: 120
عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَقْضِيَ لي حَوائِجِي التي أَغْضَيْتُ بها إلَيْكَ، وَقُمْتُ بِها بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَأَنْزَلْتُها بِكَ ، وَشَكَوْتُها إِلَيْكَ مَعَ ما كانَ مِنْ تَفريطي فيما أَمَرْتَني بِهِ، وَتَقْصيري فيما نَهَيْتَنى عَنْهُ .
يا نوري في كُلِّ ظُلْمَةٍ ، وَيا أَنْسي في كُلِّ وَحْشَةٍ ، وَيَا ثِقَتي في كُلِّ شِدَّةٍ(1)، وَيا رَجائي في كُلِّ كُرْبَةٍ ، وَيا وَلِيّي في كُلِّ نِعْمَةٍ، وَيا دَليلي فِي الظُّلام ، أَنْتَ دَليلي إِذَا انْقَطَعَتْ دَلالَةُ الأَدِلَّاءِ فَإِنَّ دَلَالَتَكَ لا تَنْقَطِعُ .
لا يَضِلُّ مَنْ هَدَيْتَ ، وَلا يَذِلُّ مَنْ والَيْتَ، أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَأَسْبَغْتَ(2)، وَرَزَقْتَني فَوَفَّرْتَ ، وَوَعَدْتَني فَأَحْسَنْتَ ، وَأَعْطَيْتَنِي فَأَجْزَلْتَ(3)، بِلَا اسْتِحْقَاقِ لِذَلِكَ بِعَمَلٍ مِنِّي ، وَلَكِنِ ابتداءً مِنْكَ بِكَرَمِكَ وَجودِكَ ، فَأَنْفَقْتُ نِعْمَتَكَ في مَعاصِيكَ ، وَتَفَوَّيْتُ بِرِزْقِكَ عَلى سَخَطِكَ ، وَأَفْنَيْتُ عُمُري فيما لا تُحِبُّ، فَلَمْ تَمْنَعْكَ جُرْأَتِي عَلَيْكَ ، وَرُكوبي مَا نَهَيْتَنِي عَنْهُ ، وَدُخولي فيما حَرَّمْتَ عَلَيَّ أَنْ عُدْتَ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ ، وَلَمْ يَمْنَعْني عَوْدُكَ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ أَنْ عُدْتُ فِي مَعاصِيكَ.
ص: 121
فَأَنْتَ الْعائِدُ بِالْفَضْلِ وَأَنَا الْعائِدُ بِالْمَعاصي(1)،وَأَنْتَ يا سَيْدي خَيْرُ الْمَوالي لِعَبِيدِهِ وَأَنَا شَرُّ الْعَبِيدِ ، أَدْعُوكَ فَتُجيبنى،وَأَسْأَلُكَ فَتُعْطيني،وَأَسْكُتُ عَنْكَ فَتَبْتَدِتُنِي،وَأَسْتَزيدُكَ فَتَزيدُنِي،فَبِئْسَ الْعَبْدُ أَنَا لَكَ يا سَيْدي وَمَوْلايَ،أَنَا الَّذِي لَمْ أَزَلْ أُسيء وَتَغْفِرُ لي،وَلَمْ أَزَلْ أَتَعَرَّضُ لِلْبَلاءِ وَتُعافيني،وَلَمْ أَزَلْ أَتَعَرَّضُ لِلْهَلَكَةِ وَتُنجيني،وَلَمْ أَزَلْ أَضيعُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ فِي تَقَلُّبي(2)فَتَحْفَظُني،فَرَفَعْتَ خَسِيسَتي،وَأَقَلْتَ عَشْرَتي(3) ،وَسَتَرْتَ عَوْرَتي،وَلَمْ تَفْضَحْنِي بِسَرِيرَتي،وَلَمْ تُنَكِّسْ بِرَأْسِي عِنْدَ إِخْوانِي،بَلْ سَتَرْتَ عَلَيَّ الْقَبائِحَ الْعِظامَ وَالْفَضائِعَ الْكِبارَ، وَأَظْهَرْتَ حَسَناتِي الْقَليلَةَ الصِّغَارَ مَنْاً مِنْكَ وَتَفَضُّلاً،وَإِحْساناً وَإنْعاماً وَأَصْطناعاً .
ثُمَّ أَمَرْتَني فَلَمْ أَأْتَمِرُ،وَزَجَرْتَني فَلَمْ أَنْزَجِرْ،وَلَمْ أَشْكُرْ(4)نِعْمَتَكَ،وَلَمْ أَقْبَلْ نَصيحَتَكَ،وَلَمْ أَوَّدٌ حَقَّكَ،وَلَمْ أَتْرُكْ مَعاصِيَكَ،بَلْ عَصَيْتُكَ بِعَيْني،وَلَوْ شِئْتَ الأَعْمَيْتَني(5)فَلَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ بي،وَعَصَيْتُكَ بِسَمْعِي وَلَوْ شِئْتَ لأَضْمَمْتَني(6)فَلَمْ
ص: 122
تَفْعَلْ ذَلِكَ بي،[وَعَصَيْتُكَ بِيَدي وَلَوْ شِئْتَ لَكَنَعْتَني(1)فَلَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ بي،] وَعَصَيْتُكَ بِرِجْلِي وَلَوْ شِئْتَ لَجَدَّمْتَنِي(2)فَلَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ [بي]، وَعَصَيْتُكَ بِفَرْجِي وَلَوْ شِئْتَ عَقَمْتَنِي(3)فَلَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ بي ، وَعَصَيْتُكَ بِجَميعِ جَوارِحي وَلَمْ يَك هذا جَزاؤُكَ مِنِّي فَعَفْوَكَ عَفْوَكَ .
فَها أَنَا ذا عَبْدُكَ الْمُقِرُّ بِذَنْبي،الْخاضِعُ لَكَ بِذُلّي،الْمُسْتَكِينُ لَكَ بِجُرْمي،مُقِرٌّ لَكَ بِجِنايَتي،مُتَضَرَّعُ إِلَيْكَ،راج [لَكَ] في مَوْقِفي[هذا]، تائِبٌ إِلَيْكَ مِنْ ذُنوبِي وَمِن أَقْتِرافي(4)، وَمُسْتَغْفِرُ لَكَ مِنْ ظُلْمي لِنَفْسي ، راغِبٌ إِلَيْكَ فِي فَكَاكِ رَقَبَتي مِنَ النَّارِ ، مُبْتَهِلْ إِلَيْكَ فِي الْعَفْوِ عَنِ الْمَعاصي، طالِبٌ إِلَيْكَ أَنْ تُنْجِحَ لي حَوائِجِي، وَتُعْطِيَني فَوْقَ رَغْبَتِي، وَأَنْ تَسْمَعَ ندائي ، وَتَسْتَجِيبَ دُعائي ، وَتَرْحَمَ تَضَرُّعي وَشَكْوايَ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْخاطِيُّ يَخْضَعُ لِسَيْدِهِ ، وَيَتَخَشَّعُ لِمَوْلاهُ بِالذُّل .
يا أَكْرَمَ مَنْ أُقِرَّ لَهُ بِالذُّنوبِ ، وَأَكْرَمَ مَنْ خُضِعَ لَهُ وَخُشِعَ ، ما أَنْتَ صانِعٌ بِمُقِرٌّ لَكَ بِذَنْبِهِ ، حَاضِعِ(5)لَكَ بِذُلِّهِ ؟ فَإِنْ كَانَتْ
ص: 123
ذُنوبي قَدْ حالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَنْ تُقْبِلَ عَلَيَّ بِوَجْهِكَ(1)، وَتَنْشُرَ عَلَيَّ رَحْمَتَكَ ، وَتُنْزِلَ عَلَيَّ شَيْئاً مِنْ بَرَكَاتِكَ ، أَوْ تَرْفَعَ لي إِلَيْكَ صَوْتاً ، أَوْ تَغْفِرَ لي ذَنْباً ، أَوْ تَتَجَاوَزَ لِي عَنْ خَطِيئَةٍ فَهَا أَنَا ذَا عَبْدُكَ مُسْتَجِيرٌ بِكَرَم وَجْهِكَ،وَعِزّ جَلالِكَ،وَمُتَوَجِّهُ إِلَيْكَ،وَمُتَوَسِّلٌ إِلَيْكَ،وَمُتَقَرِّبٌ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ،وَأَكْرَمِهِمْ لَدَيْكَ،وَأَوْلاهُمْ بِكَ،وَأَطْوَعِهِمْ لَكَ،وَأَعْظَمِهِمْ مِنْكَ مَنْزِلَةٌ،وَعِنْدَكَ مَكاناً،وَبِعِتْرَتِهِ صَلَّى اللّه عَلَيْهِمُ الْهُداةِ الْمَهْدِيِّينَ الَّذِينَ افْتَرَضْتَ طَاعَتَهُمْ،وَأَمَرْتَ بِمَوَدَّتِهِمْ،وَجَعَلْتَهُمْ وَلاةَ الأَمْرِ بَعْدَ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، يا مُذِلَّ كُلِّ جَبّارٍ،وَيَا مُعِزَّ كُلِّ ذَليل،قَدْ بَلَغَ مَجْهودي فَهَبْ لي نَفْسِيَ السّاعَةَ السّاعَةَ بِرَحْمَتِكَ .
اللّهم لا قُوَّةَ لي عَلى سَخَطِكَ ، وَلَا صَبْرَ لي عَلَى عَذَابِكَ ، وَلا غِنى[لي]عَنْ رَحْمَتِكَ ، تَجِدُ مَنْ تُعَذِّبُ غَيْري ، وَلا أَجِدُ مَنْ يَرْحَمُني غَيْرَكَ ، وَلَا قُوَّةَ لي عَلَى الْبَلاءِ، وَلا طَاقَةَ لي عَلَى الْجُهْدِ.
أَسْأَلُكَ بِحَقِّ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَأَتَوَسَّلُ
ص: 124
إِلَيْكَ بِالأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ الَّذِينَ اخْتَرْتَهُمْ لِسِرِّكَ،وَأَطْلَعْتَهُمْ عَلى خَفِيكَ،وَاخْتَرْتَهُمْ(1)بِعِلْمِكَ،وَطَهَّرْتَهُمْ وَأَخْلَصْتَهُمْ،وَأصْطَفَيْتَهُمْ وَأَصْفَيْتَهُمْ(2)،وَجَعَلْتَهُمْ هُداةً مَهْدِيِّينَ(3)،وَالْتَمَنْتَهُمْ عَلَى وَحْيِكَ،وَعَصَمْتَهُمْ عَنْ مَعَاصِيكَ،وَرَضِيتَهُمْ لِخَلْقِك،وَخَصَصْتَهُمْ بِعِلْمِكَ، وَاجْتَبَيْتَهُمْ[وَحَبَوْتَهُمْ وَجَعَلْتَهُمْ حُجَجاً]عَلى خَلْقِكَ،وَأَمَرْتَ بِطَاعَتِهِمْ،وَلَمْ تُرَخّص لأَحَدٍ فِي مَعْصِيَتِهِمْ،وَفَرَضْتَ طَاعَتَهُمْ عَلَى مَنْ بَرَأْتَ(4)، وَأَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ في مَوْقِفِي الْيَوْمَ أَنْ تَجْعَلَنِي مِنْ خِيَارِ وَفْدِكَ .
اللّهمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْحَمْ صُراخي،وَاعْتِرافِي بِذَنْبي وَتَضَرُّعي،وَأَرْحَمْ طَرْحِيَ رَحْلِي بِفِنائِكَ،وَارْحَمْ مَسيري إِلَيْكَ يا أَكْرَمَ مَنْ سُئِلَ،يا عَظيماً يُرْجى لِكُلِّ عَظِيمٍ اغْفِرْ لي ذَنْبِيَ الْعَظِيمَ فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذَّنْبَ الْعَظيمَ إِلَّا الْعَظِيمُ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، يا رَبَّ الْمُؤْمِنِينَ لا تَقْطَعْ رَجائي ، يا مَنَانُ مُنَّ عَلَيَّ بِالرَّحْمَةِ يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ ،
ص: 125
يا مَنْ لا يُخَيِّبُ سَائِلَهُ لا تَرُدَّني[خائِباً]،يا عَفُوٌّ اَعْفُ عَنِّي، يا تَوَّابُ تُبْ عَلَيَّ وَأَقْبَلْ تَوْبَتي ، يا مَوْلايَ حَاجَتِي الَّتِي أَعْطَيْتَنيها لَمْ يَضُرَّني ما مَنَعْتَني ، وَإِنْ مَنَعْتَنِيهَا لَمْ يَنْفَعْنِي مَا أَعْطَيْتَني ، فَكاكَ رَقَبَتي مِنَ النّارِ .
اللّهُمَّ بَلّغ روحَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ عَنِّي تَحِيَّةٌ وَسَلاماً وَبِهِمُ الْيَوْمَ فَاسْتَنْقِذْني،يا مَنْ أَمَرَ بالْعَفْو،يا مَنْ يَجْزِي عَلَى الْعَفْوِ(1)،يا مَنْ يَعْفُو،يا مَنْ رَضِيَ بِالْعَفْوِ،يا مَنْ يُثيبُ عَلَى الْعَفْوِ الْعَفْوَ الْعَفْوَ.(يَقولُها عِشْرِينَ مَرَّةً ) .
وَأَسْأَلُكَ الْيَوْمَ الْعَفْوَ،وَأَسْأَلُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَحاطَ بِهِ عِلْمُكَ،هذا مَكانُ الْبائِسِ الْفَقير،هذا مكانُ الْمُضْطَرَّ إلى رَحْمَتِكَ،هَذا مَكَانُ الْمُسْتَجِيرِ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ،هَذَا مَكَانُ الْعَآئِذِ بِكَ مِنْكَ .
أَعوذُ برضاكَ مِنْ سَخَطِكَ ، وَمِنْ فُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ ، يا أَمَلى یا رَجَائِي، يَا خَيْرَ مُسْتَعَاتٍ ، يَا أَجْوَدَ الْمُعْطِينَ، يا مَنْ سَبَقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ يا سَيِّدِي وَمَوْلايَ وَثِقَتي،وَرَجائِي وَمُعْتَمَدي،وَيا ذُخْرِي وَظَهْرِي،وَعُدَّتِي وَعَايَةَ أَمَلِي وَرَغْبَتِي،يَا غِياثي يا وارِثي، ما أَنْتَ صانع بي في هَذَا الْيَوْمِ الَّذِي فَزِعَتْ إِلَيْكَ فيهِ
ص: 126
الأصواتُ(1).
أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ،وَأَنْ تَقْلِبَني(2)فيهِ مُفْلِحاً مُنْجِحاً بِأَفْضَل ما انْقَلَبَ بِهِ مَنْ رَضِيتَ عَنْهُ،وَاسْتَجَبْتَ دُعاءَهُ وَقَبلْتَهُ،وَأَجْزَلْتَ حِبَاءَهُ(3)،وَغَفَرْتَ ذُنوبَهُ،وَأَكْرَمْتَهُ وَلَمْ تَسْتَبْدِلْ بِهِ سِواهُ،وَشَرَّفْتَ مَقامَهُ،وَبَاهَيْتَ بِهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَقَلَبْتَهُ بِكُل حَوائِجِهِ،وَأَحْيَيْتَهُ بَعْدَ الْمَماتِ حَيَاةٌ طَيِّبَةٌ،وَخَتَمْتَ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ،وَأَلْحَقْتَهُ بِمَنْ تَوَلاهُ.
اللّهُمَّ إِنَّ لِكُلِّ وافِدٍ جائِزَةٌ ، وَلِكُلِّ زَائِرِ كَرامَةٌ ، وَلِكُلِّ سَائِلِ لَكَ عَطِيَّةٌ ، وَلِكُلِّ راج لَكَ ثَواباً ، وَلِكُلِّ مُلْتَمِسٍ مَا عِنْدَكَ جَزَاءً،وَلِكُلِّ راغِب إلَيْكَ هِبَةٌ،وَلِكُلِّ مَنْ فَزِعَ إِلَيْكَ رَحْمَةً،وَلِكُلِّ مَنْ رَغِبَ إِلَيْكَ(4)زُلفى،وَلِكُلِّ مُتَضَرِّع إلَيْكَ إجابَةٌ ، وَلِكُلِّ مُسْتَكين إِلَيْكَ رَأْفَةٌ،وَلِكُلِّ نازِلٍ بِكَ حِفْظاً،وَلِكُلِّ مُتَوَسِّل إِلَيْكَ عَفْواً،وَقَدْ وَفَدْتُ إِلَيْكَ،وَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ في هَذَا الْمَوْضِع الَّذِي شَرَّفْتَهُ رَجاءً لِما عِنْدَكَ،[وَرَغْبَةً إِلَيْكَ]،فَلا تَجْعَلْنِي الْيَوْمَ أَخْيَبَ وَفْدِكَ،وَأَكْرِمْني بِالْجَنَّةِ،وَمُنَّ عَلَيَّ بِالْمَغْفِرَةِ، وَجَمِّلْني بِالْعَافِيَةِ ، وَأَجِرْنِي مِنَ النَّارِ، وَأَوْسِعْ عَلَيَّ
ص: 127
مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ الطَّيِّبِ ، وَادْرَأَ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، وَشَرَّ شَيَاطِينِ الإِنْسِ وَالْجِنِّ .
اللّهمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَلا تَرُدَّني خائِباً ، وَسَلَّمْني ما بَيْنِي وَبَيْنَ لِقائِكَ حَتَّى تُبَلِّغَنِي الدَّرَجَةَ الَّتِي فِيهَا مُرافَقَةُ أَوْلِيَائِكَ،وَأَسْقِني مِنْ حَوْضِهِمْ مَشْرَبَاً رَوِيَّاً لا أَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَداً،وَاحْشُرْني في زُمْرَتِهِمْ،وَتَوَفَّني في حِزْبِهِمْ،وَعَرَّفْني وُجوهَهُمْ فِي رِضْوانِكَ وَالْجَنَّةِ، فَإِنِّي رَضِيتُ بِهِمْ هداةٌ ، يا كافِي كُلِّ شَيْءٍ وَلا يَكْفِي مِنْهُ شَيْءٌ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَكْفِنِي شَرَّ ما أَحْذَر وَ مِنْ شَرِّ ما لا أَحْذَرُ ، وَلا تَكِلْني إِلى أَحَدٍ سِواكَ ، وَبارِكْ لي فيما رَزَقْتَنِي ، وَلَا تَسْتَبْدِلْ بي غَيْرِي ، وَلا تَكِلْني إلى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ،وَلا إِلى رَأيي فَيُعْجِزَني،وَلا إِلَى الدُّنْيا فَتَلْفِظَني(1)،وَلَا إلَى قَرِيبٍ أَوْ(2) بَعِيدٍ،بَلْ تَفَرَّدْ بِالصُّنْع لي يا سَيِّدِي وَمَوْلايَ .
اللَّهُمَّ أَنْتَ أَنْتَ انْقَطَعَ الرَّجاءُ إِلَّا مِنْكَ في هَذَا الْيَوْمِ،فَتَطَوَّلْ عَلَيَّ فِيهِ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ .
اللّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الأَمْكِنَةِ الشَّرِيفَةِ ،وَرَبَّ كُلِّ حَرَمٍ وَمَشْعَرٍ(3)عَظَمْتَ قَدْرَهُ وَشَرَّفْتَهُ، وَبِالْبَيْتِ الْحَرامِ،وَبِالْحِل وَالإحْرامِ،
ص: 128
وَالرُّكْنِ وَالْمَقامِ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْجِحْ لي كُلَّ حاجَةٍ مِمَّا فِيهِ صَلاحُ ديني وَدُنْيايَ وَآخِرَتي ، وَأَغْفِرْ لي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ(1)وَلَدَني مِنَ الْمُسْلِمينَ ، وَارْحَمْهُما كَما رَبَّياني صغيراً ، وَأَجْزِهِما عَنِّي خَيْرَ الْجَزَاءِ ، وَعَرِّفْهُما بِدُعائي لَهُما ما يُقِرُّ أَعْيُنَهُما ، فَإِنَّهُما[قَدْ]سَبَقَانِي إِلَى الْغَايَةِ وَخَلَفْتَني بَعْدَهُما ، فَشَفَعْني في نَفْسي وَفِيهِما وَفِي جَميعِ أَسْلافِي مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ في هَذَا الْيَوْمِ ، يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ.
اللّهمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَفَرِّجْ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ، وَأَنْصُرْهُمْ وَأَنْتَصِرْ بِهِمْ ، وَأَنْجِزْ لَهُمْ ما وَعَدْتَهُمْ، وَبَلِّغْنِي فَتْحَ آلِ مُحَمَّدِ(2)، وَأَكْفِني كُلَّ هَوْلٍ دونَهُ(3)ثُمَّ أَقْسِم اللّهُمَّ فيهم لي نَصيباً خالِصاً ، يا مُقَدِّرَ الآجال، يا مُقَدِّمَ الأَرْزاقِ، أَفْسَحْ لي في عُمُرِي ، وَأَبْسِطْ لي في رِزْقي.
اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ،وَأَصْلِحْ لَنا إمامنا وَاسْتَصْلِحْهُ وَأَصْلِحْ عَلَى يَدَيْهِ،وَآمِنْ خَوْفَهُ وَخَوْفَنا عَلَيْهِ،وَاجْعَلْهُ اللّهُمَّ الَّذِي تَنْتَصِرُ بِهِ لِدينك.
اللّهُمَّ أمْلاً الأَرْضَ بِهِ عَدْلاً وَقِسْطاً كَما مُلِئَتْ ظُلْماً
ص: 129
وَجَوْراً ، وَأَمْنُنْ بِهِ عَلى فُقَراءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَرامِلِهِمْ وَمَساكينِهِمْ،وَاجْعَلْني مِنْ خِيارِ مَواليهِ وَشِيعَتِهِ،أَشَدِّهِمْ لَهُ حُبّاً، وَأَطْوَعِهِمْ لَهُ طَوْعاً،وَأَنْفَدِهِمْ لَأَمْرِهِ،وَأَسْرَعِهِمْ إِلَى مَرْضاتِهِ،وَأَقْبَلِهِمْ لِقَوْلِهِ،وَأَقْوَمِهِمْ بِأَمْرِهِ،وَارْزُقْنِي الشَّهَادَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى أَلْقاكَ، وَأَنْتَ عَنِّي راضٍ .
اللّهم إنّى خَلَّفْتُ الأَهْلَ وَالْوَلَدَ وَما خَوَّلْتَني(1)،وَخَرَجْتُ إِلَيْكَ وَإِلى هَذَا الْمَوْضِع الَّذي شَرَّفْتَهُ رَجَاءَ ما عِنْدَكَ،وَرَغْبَةً إلَيْكَ ،وَوَكَلْتُ ما خَلَّفْتُ إِلَيْكَ،فَأَحْسِنْ عَلَيَّ فِيهِمُ الْخَلَفَ فَإِنَّكَ وَلِيُّ ذُلِكَ مِنْ خَلْقِكَ.
لا إلهَ إِلَّا اللّهُ الْحَلِيمُ الْكَريمُ،لا إلهَ إِلَّا اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظيم،سُبْحانَ اللّهِ رَبِّ السَّماواتِ السَّبْعِ،وَرَبِّ الأَرَضِينَ السَّبْع،وَما فيهِنَّ وَمَا بَيْنَهُنَّ[وَمَا تَحْتَهُنَّ]،وَرَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ،وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ(2).(3)
ص: 130
اللَّهُمَّ أَنْتَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمينَ ، وَأَنْتَ اللّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، وَأَنْتَ اللّهُ الدَّائِبُ في غَيْرِ وَصَبٍ وَلَا نَصَبٍ ، لَا تَشْغَلُكَ رَحْمَتُكَ عَنْ عَذابِكَ ، وَلا عَذابُكَ عَنْ رَحْمَتِكَ ، خَفيتَ مِنْ غَيْرِ مَوْتٍ ، وَظَهَرْتَ فَلا شَيْءَ فَوْقَكَ، وَتَقَدَّسْتَ في عُلُوكَ ، وَتَرَدَّيْتَ بِالْكِبْرِياءِ فِي الْأَرْضِ وَفِي السَّماءِ، وَقَوَيْتَ في سُلْطانِكَ ، وَدَنَوْتَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فِي ارْتِفَاعِكَ ، وَخَلَقْتَ الْخَلْقَ بِقُدْرَتِكَ ، وَقَدَّرْتَ الأمورَ بِعِلْمِكَ ، وَقَسَّمْتَ الأَرْزاقَ بِعَدْلِكَ ، وَنَفَذَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمُكَ، وَحارَتِ الأَبصارُ دونَكَ ، وَقَصُرَ دونَكَ طَرْفُ كُلِّ طارفٍ ، وَكَلَّتِ الأَلْسُنُ عَنْ صِفاتِكَ، وَغَشِيَ بَصَرَ كُلِّ ناظِرِ نورُكَ ، وَمَلأتَ بِعَظَمَتِكَ أَرْكَانَ عَرْشِكَ ، وَابْتَدَأْتَ الْخَلْقَ عَلَى غَيْر مِثالٍ نَظَرْتَ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدٍ سَبَقَكَ إلى صَنْعَةِ شَيْءٍ مِنْهُ، وَلَمْ تُشارَكَ في خَلْقِكَ، وَلَمْ تَسْتَعِنْ
ص: 131
بِأَحَدٍ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِكَ ، سُبْحانَكَ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ !
أقول : هذا صدر الدعاء السابق لموقف عرفة ، إلا أنه ورد في رواية أخرى بهذا القدر بعنوان:«يوم عرفة» فأوردته كما وردت به الرواية ، واللّه الموفق.(1)
ص: 132
السَّلامُ(2)عَلَيْكَ يا أَمينَ اللّهِ فِي أَرْضِهِ ، وَحُجَّتَهُ عَلَى عِبادِهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أَميرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ جَاهَدْتَ في اللّهِ حَقَّ جِهادِهِ ، وَعَمِلْتَ بِكِتَابِهِ ، وَاتَّبَعْتَ سُنَّةَ (3)نَبِيِّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، حَتَّى دَعَاكَ اللّه إلى جوارِهِ، وَقَبَضَكَ إِلَيْهِ بِاخْتِيارِهِ(4)، وَأَلْزَمَ أَعْداءَكَ الْحُجَّةَ[فِي قَتْلِهِمْ إِيَّاكَ،](5)مَعَ مَا لَكَ مِنَ الْحُجَجِ الْبَالِغَةِ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ .
اللّهمَّ فَاجْعَلْ نَفْسي مُطْمَئِنَّةٌ بِقَدَرِكَ،راضِيَةً بِقَضائِكَ،مولَعَةٌ(6)بِذِكْرِكَ وَدُعائِكَ ، مُحِبَّةٌ لِصَفْوَةِ(7)أَوْلِيَائِكَ ، مَحْبوبَةٌ
ص: 133
في أَرْضِكَ وَسَمائِكَ،صابِرَةً عَلى نُزولِ بَلائِكَ،[شاكِرَةً لِفَواضِلِ نَعْمَائِكَ،ذاكِرَةً لِسَوابِع آلائِكَ](1)،مُشْتَاقَةً إِلى فَرْحَةِ لِقائِكَ،مُتَزَوَّدَةُ التَّقْوى لِيَوْمِ جَزَائِكَ،مُسْتَنَّةٌ بِسُنَنِ أَوْلِيَائِكَ مُفارِقَةٌ لأَخْلاقِ أَعْدائِكَ،مَشْعُولَةً عَنِ الدُّنْيا بِحَمْدِكَ وَثَنائِكَ.
ثمّ وضع خدّه على قبره(2)،وقال :
اللّهمَّ إنَّ قُلوبَ الْمُخْبِتِينَ(3)إِلَيْكَ والهَةٌ(4)،وَسُبُلَ الرّاغِبينَ(5)إِلَيْكَ شَارِعَةٌ،وَأَعْلامَ الْقاصِدينَ إِلَيْكَ واضِحَةٌ،وَأَفْئِدَةَ الْعارِفينَ مِنْكَ فازِعَةٌ،وَأَصْوَاتَ الدّاعِينَ إِلَيْكَ صَاعِدَةٌ،وَأَبْوابَ الإجابَةِ لَهُمْ مُفَتَّحَةٌ،وَدَعْوَةَ مَنْ ناجاكَ مُسْتَجَابَةٌ،وَتَوْبَةَ مَنْ أَنابَ إِلَيْكَ مَقْبولةٌ،وَعَبْرَةَ مَنْ بَكَى مِنْ خَوْفِكَ مَرْحومَةٌ،وَالإغاثَةَ لِمَنِ اسْتَغاثَ بِكَ مَوْجودَةٌ(6)،وَالإعانَةَ لِمَنِ اسْتَعانَ بكَ مَبْذولَةٌ،وَعِداتِكَ(7) لِعِبادِكَ مُنْجَزَةٌ،وَزَلَلَ مَن اسْتَقالَك(8)مُقالَةٌ،وَأَعْمالَ الْعامِلينَ لَدَيْكَ مَحْفُوظَةٌ،وَأَرْزاقَكَ
ص: 134
إلَى الْخَلَائِقِ(1)مِنْ لَدُنْكَ نازِلَةٌ ، وَعَوائِدَ(2)الْمَزِيدِ إِلَيْهِمْ واصِلَةٌ ، وَذُنوبَ الْمُسْتَغْفِرِينَ مَغْفُورَةٌ ، وَحَوائِجَ خَلْقِكَ عِنْدَكَ مَقْضِيَّةٌ ، وَجَوائِزَ السَّائِلِينَ عِنْدَكَ مُوَفَّرَةٌ، وَعَوائِدَ المَزيد مُتَواتِرَةٌ(3)، وَمَوائِدَ الْمُسْتَطْعِمينَ مُعَدَّةٌ، وَمَناهِلَ الظَّما [لدَيْكَ]مُتْرَعَةٌ(4).
اللّهمَّ فَاسْتَجِبْ دُعائي،وَ أَقْبَلْ ثَنائي،[وَأَعْطِني جزائي،](5)وَأَجْمَعْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَوْلِيَائِي،بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَعَلِي وَفاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ ، إِنَّكَ وَلِيُّ نَعْمَآئي ، وَمُنْتَهى مُنايَ ، وَغايَةُ رَجائي في مُنْقَلَبي وَمَثْواي(6).
ص: 135
قال الباقر عليه السلام:ما قاله أحد من شيعتنا عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام أو عند قبر أحدٍ من الأئمة عليهم السلام إلا وقع في درج(1)من نور، وطبع عليه بطابع(2)محمّد صلّى اللّه عليه وآله حتّى يسلّم إلى القائم عليه السلام فيلقى صاحبه بالبشرى والتحيّة والكرامة إن شاء اللّه.(3)
ص: 136
اللّهُمَّ إِنْ كُنْتُ قَدْ عَصَيْتُكَ،فَإِنِّي قَدْ(2)أَطَعْتُكَ فِي أَحَبٌ الأَشْياءِ إِلَيْكَ وَهُوَ الإيمانُ بِكَ ، مَناً مِنْكَ[بِهِ](3)عَلَى لا مَناً[بِهِ](4)مِنّي عَلَيْكَ[،وَلَمْ أَعْصِكَ(5)فِي أَبْغَضِ الأَشْياءِ إِلَيْكَ:لَمْ أَدَّع لَكَ وَلَداً،وَلَمْ(6)أَتَّخِذْ لَكَ شَرِيكاً مَنْا مِنْكَ عَلَيَّ لا مَناً مِنِّي عَلَيْكَ].
وَعَصَيْتُكَ في أَشْيَاءَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ مُكَابَرَةٍ وَلَا مُعَانَدَةٍ وَلَا اسْتِكْبَارٍ(7)عَنْ عِبادَتِكَ ، وَلا جُحودٍ لِرُبوبِيَّتِكَ ، وَلكِنِ اتَّبَعْتُ هَوايَ وَاسْتَزَلَّنِي(8)الشَّيْطانُ بَعْدَ الْحُجَّةِ[عَلَيَّ ]وَالْبُرْهانِ(9).
ص: 137
فَإِنْ تُعَذِّبْني فَبِذُنوبي غَيْرَ ظَالِم[إلي](1)،وَإِنْ تَغْفِرْ لي وَتَرْحَمْنِي فَبِجودِكَ وَكَرَمِكَ(2)، يا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ(3).(4)
ص: 138
إِلهِي وَعِزَّتِكَ وَجَلالِكَ وَعَظَمَتِكَ ، لَوْ أَنِّي مُنْذُ بَدَعْتَ فِطْرَتي(2)مِنْ أَوَّلِ الدَّهْرِ(3)عَبَدْتُكَ بِدَوام خُلودِ رُبوبِيَّتِكَ ، بِكُلِّ(4)شَعْرَةٍ فِي كُلِّ طَرْفَةِ عَيْنٍ سَرْمَدَ(5)الْأَبَدِ ، بِحَمْدِ الْخَلَائِقِ وَشُكْرِهِمْ أَجْمَعِينَ ، لَكُنْتُ مُقَصِّراً في بلوغ أَداءِ شُكْرِ أَخْفى نِعْمَةٍ مِنْ نِعَمِكَ عَلَيَّ .
وَلَوْ أَنِّي كَرَبْتُ(6)مَعادِنَ حَديدِ الدُّنْيا بِأَنْيابي، وَحَرَثْتُ أَرْضَها بِأَشْفَارِ عَيْني ، وَبَكَيْتُ مِنْ خَشْيَتِكَ مِثْلَ بُحورِ
ص: 139
السَّماواتِ(1)وَالأَرَضِينَ دَماً وَصَديداً لَكانَ ذلِكَ قَليلاً في كَثِيرٍ ما يَجِبُ مِنْ حَقِّكَ عَلَيَّ .
وَلَوْ أَنَّكَ يا إلهي عَذَّبْتَني بَعْدَ ذلِكَ بِعَذَابِ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ،وَعَظَمْتَ لِلنّارِ خَلْقِي وَجِسْمي،[وَمَلأْتَ طَبَقَاتَ جَهَنَّمَ مِنّي] (2)حَتَّى لا يَكونَ فِي النّارِ مُعَذَّبٌ غَيْرِي،وَلا[يكونَ]لِجَهَنَّمَ حَطَّبٌ سِوايَ،لَكانَ ذلِكَ بِعَدْلِكَ عَلَيَّ قَليلاً في كثير ما أَسْتَوْجِبُهُ مِنْ عُقوبَتِكَ.(3)
ص: 140
اللّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ حُسْنَ الْمَعِيشَةِ، مَعِيشَةً (2)أَتَقَوّى بِها عَلى جَميعِ حَوائِجِي، وَأَتَوَصَّلُ بِهَا فِي الْحَيَاةِ إِلَى آخِرَتي مِنْ غَيْرِ أَنْ تُشْرِفَني(3)فيها فَأَطْغَىٰ،أَوْ تُقَصِّرَ(4)بِها عَلَيَّ فَأَشْقى .
وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ حَلالِ رِزْقِكَ ، وَأَفِضْ عَلَيَّ مِنْ سَيْبٍ (5)فَضْلِكَ ، نِعْمَةٌ مِنْكَ سابقةً ، وَعَطاءً غَيْرَ مَمْنون (1) ، ثُمَّ لا سابِغَةٌ، تَشْعَلْنِي عَنْ شُكْرِ نِعْمَتِكَ بِالإكْثَارِ مِمّا(6)تُلهيني بَهْجَتُهُ، وَتَفْتِنُني زَهْرَاتُ زَهْوَتِهِ(7)، وَلا بِإِقْلالٍ[عَلَيَّ ](8)مِنْها يَقْصُرُ
ص: 141
بِعَمَلِي كَدُّهُ(1)، وَيَمْلأُ صَدْري هَمُّهُ .
أَعْطِنِي مِنْ ذَلِكَ يا إلهي غِنى عَنْ شِرارِ خَلْقِكَ ، وَبَلاغاً أَرْجو(2)بِهِ رِضْوانَكَ ، وَأَعوذُ بِكَ يا إلهي مِنْ شَرِّ الدُّنْيَا، وَشَرٌ ما فيها .
لا تَجْعَلِ الدُّنْيا عَلَيَّ سِجْناً ، وَلا فِراقها(3)عَلَيَّ حَزَناً ، وَأَخْرِجْنِي مِنْ فِتْنَتِها مَرْضِيّاً عَنِّي ، مَقْبولاً فيها عَمَلي إلى دارِ الْحَيَوانِ وَمَساكِنِ الأَخْيَارِ ، وَأَبْدِلْني بِالدُّنْيَا الْفَانِيَةِ نَعِيمَ الدّارِ الْبَاقِيَة.
اللَّهُمَّ إنِّي أَعوذُ بِكَ مِنْ أَزَلِها وَزِلْزَالِها وَسَطَواتِ(4)شياطينها وَسَلاطينها وَنَكالِها ، وَمِنْ بَغْيِ مَنْ بَغِى عَلَيَّ فِيهَا.
اللّهُمَّ مَنْ كادَني فَكِدْهُ ، وَمَنْ أَرَادَني ،فَأَرِدْهُ، وَقُل عَنّي حَدَّ(5)مَنْ نَصَبَ لي حَدَّهُ، وَأَطْفِى عَنِّي نارَ مَنْ شَبَّ لي وَقودَهُ ، وَاكْفِنِي مَكْرَ الْمَكَرَةِ، وَأَفْقَأَ عَنّي عُيونَ الْكَفَرَةِ، وَاكْفِني هَمَّ مَنْ أَدْخَلَ عَلَيَّ هَمَّهُ ، وَادْفَعْ عَنّي شَرَّ الْحَسَدَةِ.
ص: 142
اعْصِمْني مِنْ ذلِكَ بِالسَّكينَةِ،وَأَلْبِسْنِي دِرْعَكَ الْحَصِينَةَ،وَأَجِنَّني(1)في سِتْرِكَ الْواقي،وَأَصْلِحْ لي حالي،وَأَصْدِقَ (2)قَوْلي بِفِعالي،وَبارِك لي في أَهْلي وَمالي.(3)
ص: 143
الْحَمْدُ للهِ وَلِيُّ الْحَمْدِ وَأَهْلِهِ ، وَمُنْتَهاهُ وَمَحَلِّهِ ، أَخْلَصَ مَنْ وَحَدَهُ ، وَأَهْتَدى مَنْ عَبَدَهُ ، وَفازَ مَنْ أَطاعَهُ ، وَأَمِنَ الْمُعْتَصِمُ بِهِ.
اللَّهُمَّ يا ذَا الْجُودِ وَالْمَجْدِ ، وَالثَّناءِ الْجَمِيلِ وَالْحَمْدِ ، أَسْأَلُكَ سُؤالَ(1)مَنْ خَضَعَ لَكَ بِرَقَبَتِهِ ، وَأَرْغَمَ(2) لَكَ أَنْفَهُ، وَعَفَّرَ(3)لَكَ وَجْهَهُ ، وَذَلَّلَ لَكَ نَفْسَهُ، وَفاضَتْ مِنْ خَوْفِكَ دموعُهُ ، وَتَرَدَّدَتْ عَبْرَتُهُ(4)، وَاعْتَرَفَ لَكَ بِذُنوبِهِ، وَفَضَحَتْهُ عِنْدَكَ خَطيئَتُهُ ، وَشَانَتْهُ (5)عِنْدَكَ جَريرَتُهُ، فَضْعُفَتْ عِنْدَ ذلِكَ قُوَّتُهُ ، وَقَلَّتْ حيلَتُهُ ، وَانْقَطَعَتْ عَنْهُ أَسْبَابُ خَدَائِعِهِ ، وَأَضْمَحَلَّ عَنْهُ كُلُّ باطِلٍ ، وَأَلْجَأَتْهُ ذُنوبُهُ إِلَى ذُلِّ مَقَامِهِ بَيْنَ يَدَيْكَ ، وَخُضوعِهِ لَدَيْكَ ، وَابْتِهَالِهِ إِلَيْكَ.
أَسْأَلُكَ اللّهُمَّ سُؤال مَنْ هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ ، وَأَرْغَبُ إِلَيْكَ
ص: 144
كَرَغْبَتِهِ،وَأَتَضَرَّعُ إِلَيْكَ كَتَضَرُّعِهِ،وَأَبْتَهِلُ إِلَيْكَ كَأَشَدَّ ابْتِهَالِهِ .
اللَّهُمَّ فَارْحَمِ اسْتِكانَةَ مَنْطِقي(1)،وَذُلُّ مَقامِي وَمَجْلِسي، وَخُضوعى إِلَيْكَ بِرَغْبَتي(2).
أَسْأَلُكَ اللّهُمَّ الْهُدى مِنَ الضَّلالَةِ ، وَالْبَصِيرَةَ(3)مِنَ الْعَمَى، وَالرُّشْدُ مِنَ الْغَوايَةِ(4).
وَأَسْأَلُكَ اللّهُمَّ أَكْثَرَ الْحَمْدِ عِنْدَ الرَّخاءِ ، وَأَجْمَلَ الصَّبْرِ عِنْدَ الْمُصيبَةِ، وَأَفْضَلَ الشُّكْرِ عِنْدَ مَوْضِعِ الشُّكْرِ ، وَالتَّسْلِيمَ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ .
وَأَسْأَلُكَ الْقُوَّةَ عِنْدَ(5)طاعَتِكَ،وَالضَّعْفَ عِنْدَ(6)مَعْصِيَتِكَ،وَالْهَرَبَ إِلَيْكَ (7)رَبِّ لِتَرْضى،وَالتَّحَرِّي لِما (8)يُرْضِيكَ عَنِّي في إسْخاطِ خَلْقِكَ الْتِماساً لرضاك .
رَبِّ مَنْ أَرْجُوهُ إِنْ لَمْ تَرْحَمْنِي؟!أَوْ مَنْ يَعودُ عَلَيَّ إِنْ أَقْصَيْتَنِي(9)؟!أَوْ مَنْ يَنْفَعُني عَفْوُهُ إِنْ عَاقَبْتَني؟!أَوْ مَنْ أُؤَمِّلُ
ص: 145
عَطاياهُ إِنْ حَرَمْتَني ؟! أَوْ مَنْ يَمْلِكُ كَرَامَتِي إِنْ أَهَنْتَني ؟! أَوْ مَنْ یَضُرُّني هَوانُهُ (1)إِنْ أَكْرَمْتَنى ؟!
[رَبِّ ما أَسْوَأَ فِعْلي،وَأَقْبَحَ(2)عَمَلي،وَأَقْسَى قَلْبي،وَأَطْوَلَ أَمَلي،وَأَقْصَرَ أَجَلي،وَأَجْرَ أَني عَلى عِصْيانِ مَنْ خَلَقَني!
رَبِّ]وَما أَحْسَنَ بَلاءَكَ(3)عِنْدِي ، وَأَظْهَرَ نَعْمَاءَكَ عَلَيَّ ! كَثُرَتْ عَلَيَّ مِنْكَ النِّعَمُ فَما أَحْصَيْتُها(4)، وَقَلَّ مِنِّيَ الشُّكْرُ فيما أَوْ لَيْتَنِيهِ فَبَطَرْتُ بِالنِّعَمِ ، وَتَعَرَّضْتُ لِلنُّقَم، وَسَهَوْتُ عِنْدَ الذِّكْرِ ، وَرَكِبْتُ الْجَهْلَ بَعْدَ الْعِلْمِ، وَجُزْتُ مِنَ الْعَدْلِ إِلَى الظُّلْمِ، وَجاوَزْتُ الْبِرَّ إِلَى الإِثْمِ،وَصِرْتُ إِلَى الْهَرَبِ مِنَ الْخَوْفِ وَالْحُزْنِ،فَما أَصْغَرَ حَسَناتِي وَأَقَلَّها فِي كَثْرَةِ ذُنوبي،[وَمَا أَكْثَرَ ذُنوبي](5)وَأَعْظَمَها عَلَى قَدْرِ صِغَرِ خَلْقِي وَضُعْفِ(6) رُكْني !
[رَبِّ](7)وَما أَطْوَلَ أَمَلي في قِصَرِ أَجَلِي،[وَأَقْصَرَ أَجَلي
ص: 146
في بُعْدِ أَمَلي !](1)وَمَا أَقْبَحَ سَرِيرَتي وَعَلَانِيَتي !
رَبِّ لا حُجَّةَ لي إِنِ احْتَجَجْتُ، وَلا عُذْرَ لي إِنِ اعْتَذَرْتُ ، وَلا شُكْرَ عِنْدِي إِنِ ابْتَلَيْتَ وَأَوْلَيْتَ (2)إِنْ لَمْ تُعِنِّي عَلَى شُكْرِ ما أَوْلَيْتَ .
وَما (3)أَخَفَّ ميزاني غَداً إِنْ لَمْ تُرَجُحْهُ ! وَأَزَلَ لِسانِي إِنْ لَمْ تُتبَّتْهُ !وَأَسْوَدَ وَجْهِي إِنْ لَمْ تُبَيِّضُهُ !
رَبِّ كَيْفَ لي بِذُنوبِي الَّتي سَلَفَتْ مِنّي وَقَدْ هُدَّتْ لَها أَرْكاني .
[رَبِّ]كَيْفَ إلى أَطْلُبُ شَهَوَاتِ الدُّنْيا وَأَبْكِي عَلَى خَيْبَتي(4)فيها ، وَلا أَبْكي عَلى نَفْسِي، وَتَشْتَدُّ جُرْأَتِي(5)عَلَى عِصْيانِي وَتَفْريطي !
رَبِّ دَعَتْني دَواعِي الدُّنْيا فَأَجَبْتُها سَرِيعاً ، وَرَكَنْتُ (6)إِلَيْها طائِعاً ، وَدَعَتْني دَواعِي الآخِرَةِ فَتَتَبَّطْتُ (7)عَنْهَا ، وَأَبْطَأْتُ فِي الإجابَةِ وَالْمُسارَعَةِ إلَيْهَا ، كَما سارَعْتُ إلى دَواعِي الدُّنْيا
ص: 147
وَحُطَامِهَا الْهَامِدِ (1)، وَهَشيمِهَا الْبائِدِ ، وَسَرابِهَا الذَّاهِبِ .
رَبِّ خَوَّفْتَني وَشَوَّقْتَني،وَاحْتَجَجْتَ عَلَيَّ [برقي]،وَكَفَلْتَ لي بِرِزْقي،فَأَمِنْتُ خَوْفَكَ،وَتَتَبَّطْتُ عَنْ تَشْوِيقِكَ،وَلَمْ أَنَّكِلْ عَلَى ضَمَائِكَ،وَتَها وَنْتُ بِاحْتِجاجك(2).
اللَّهُمَّ فَاجْعَلْ أَمْني[مِنْكَ](3)في هَذِهِ الدُّنْيا خَوْفاً ، وَحَوّل تَشَبُّطي شَوْقاً ، وَتَهَاوُنِي بِحُجَّتِكَ فَرَقاً (4)مِنْكَ ، ثُمَّ رَضّني بِما قَسَمْتَ لي مِنْ رِزْقِكَ ، یا كَريمُ[یا كَريمُ](5).
أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْعَظيمِ رِضاكَ عِنْدَ السَّخْطَةِ، وَالْفُرْجَةَ عِنْدَ الْكُرْبَةِ ، وَالنّورَ عِنْدَ الظُّلْمَةِ ، وَالْبَصِيرَةَ عِنْدَ تَشَبُّهِ الْفِتْنَةِ(6).
رَبِّ وَاجْعَلْ جُنَّتي (7)مِنْ خَطايايَ حَصِينَةٌ ، وَدَرَجاتِي فِي الْجِنانِ رَفِيعَةً ، وَأَعْمالي(8)كُلَّها مُتَقَبَّلَةٌ ، وَحَسَناتِي مُضاعَفَةٌ زاكِيَةً .
أَعوذُ بِكَ مِنَ الْفِتَنِ كُلِّها ما ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَمِنْ رَفِيعِ
ص: 148
الْمَطْعَم وَالْمَشْرَبِ، وَمِنْ شَرِّ ما أَعْلَمُ وَمِنْ شَرِّ ما لا أَعْلَمُ، وَأَعوذُ بِكَ[مِنْ]أَنْ أَشْتَرِي الْجَهْلَ بِالْعِلْمِ، وَالْجَفَاءَ بِالْحِلْمِ ، وَالْجَوْرَ بِالْعَدْلِ ، أَوِ الْقَطِيعَةَ بِالْبِرِّ ، أَوِ الْجَزَعَ بِالصَّبْرِ ، أَوِ الْهُدَى بِالضَّلالَةِ ، أَوِ الْكُفْرَ بِالإيمانِ ، آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ.(1)
ص: 149
سَيْدي سَيِّدي ، هَذِهِ يَدايَ قَدْ مَدَدْتُهُما إِلَيْكَ بِالذُّنوب مَمْلُوءَةً ، وَعَيْنايَ[إِلَيْكَ](2)بِالرَّجاءِ مَمْدُودَةٌ ، وَحَقُّ لِمَنْ دَعَاكَ (3)بِالنَّدَم تَذَلُلاً، أَنْ تُجِيبَهُ بِالْكَرَم تَفْضُلاً.
سَيِّدي،أَمِنْ أَهْلِ الشَّقاءِ خَلَقْتَني فَأُطيلَ بُكائي؟أَمْ مِنْ أَهْلِ السَّعادَةِ خَلَقْتَني فَأَنْشِرَ(4)رَجائي ؟
سَيِّدِي أَمَقْبُولاً فَأَبَشِّرَ أَحِبّائي ؟
سَيِّدي،أَلِضَرْبِ الْمَقامِعِ خَلَقْتَ أَعْضائي؟أَمْ لِشُرْبِ
ص: 150
الْحَمِيمِ خَلَقْتَ أَمْعائي ؟
سَيِّدي ، لَوْ أَنَّ عَبْداً اسْتَطَاعَ الْهَرَبَ مِنْ مَوْلاهُ ، لَكُنْتُ أَوَّلَ الْهارِبينَ مِنْكَ ، لَكِنِّي أَعْلَمُ أَنِّي لا أَفوتُك.
سَيِّدي،لَوْ أَنَّ عَذابي[مِمَّا]يَزيدُ في مُلْكِكَ لَسَأَلْتُكَ الصَّبْرَ عَلَيْهِ،غَيْرَ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لا يَزيدُ في مُلْكِكَ طَاعَةُ الْمُطيعينَ ، وَلا يُنْقِصُ مِنْه(1)مَعْصِيَةُ الْعاصِينَ .
سَيِّدي ، ما أنا ، وَما خَطَري (2)؟ هَبْني (3)بِفَضْلِكَ ، وَتَصَدَّقْ عَلَيَّ بِعَفْوِكَ ،[وَجَلِّلْني بِسِتْرِكَ]، وَأَعْفُ عَنْ تَوْبيخي بِكَرَمِ وَجْهِكَ .
إلهي وَسَيِّدي، أرْحَمْني صريعاً (4)عَلَى الْفِراشِ تُقَلِّبُني أَيْدي أَیدی أَحِبَّتی،وَأَرْحَمْنِي مَطروحاً عَلَى الْمُفتَسَلِ يُغَسْلُني صالِحُ جيرَتي، وَارْحَمْنِي مَحْمولاً قَدْ تَناوَلَ الأُقْرِباءُ أَطراف جَنازَتي ، وَأَرْحَمْ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ الْمُظْلِم وَحْشَتي وَغُرْبَتي وَوَحْدَتي(5).(6)
ص: 151
اللّهمَّ إِنَّ جِبِلَّةَ(1)الْبَشَرِيَّةِ، وَطِباعَ الإِنْسانِيَّةِ ، وَمَا جَرَتْ عَلَيْهِ التَّرْكيباتُ النَّفْسِيَّةُ ، وَانْعَقَدَتْ بِهِ(2)عُقودُ أَلْسِنَةِ الْبَرِيَّةِ (3)تَعْجَرُ عَنْ حَمْلِ وارِداتِ الأَقْضِيَةِ، إلّا ما وَفَّقْتَ لَهُ أَهْلَ الاصْطِفَاءِ، وَأَعَنْتَ عَلَيْهِ ذَوِي الاجْتِباءِ(4).
اللّهُمَّ وَإِنَّ الْقُلوبَ في قَبْضَتِكَ ، وَالْمَشِيئَةَ لَكَ في مُلْكِكَ (5)، وَقَدْ تَعْلَمُ أَيْ رَبِّ مَا الرَّغْبَةُ إِلَيْكَ فِي كَشْفِهِ وَاقِعَةٌ (6)
ص: 152
لأَوْقاتِها بِقُدْرَتِكَ ، واقِفَةٌ بِحَدِّكَ(1)مِنْ إِرادَتِكَ ، وَإِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّ لَكَ دارَ جَزاءٍ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ مَثوبَةً وَعُقوبَةً ، وَأَنَّ لَكَ يَوْماً تَأْخُذُ فِيهِ بِالْحَقِّ ، وَأَنَّ أَناتَكَ أَشْبَهُ الأَشْياءِ بِكَرَمِكَ ، وَأَلْيَقُها بما وَصَفْتَ بِهِ نَفْسَكَ في عَطْفِكَ وَتَرَؤُفِكَ ، وَأَنْتَ بِالْمِرْصَادِ (2)لِكُلِّ ظالِم فِي وَخيم (3)عُقْباهُ ، وَسُوءِ مَثْوَاهُ .
اللَّهُمَّ وَإِنَّكَ قَدْ أَوْسَعْتَ خَلْقَكَ رَحْمَةً وَحِلْماً(4)،وَقَدْ بُدِّلَتْ أَحْكامُكَ،وَغُيَّرَتْ سُنَنٌ نَبِيِّكَ،وَتَمَرَّدَ الظَّالِمُونَ عَلى خُلَصائِكَ،وَاسْتَباحوا حَريمَكَ،وَرَكبوا مَرَاكِبَ الاسْتِمْرارِ(5)عَلَى الْجُرْأَةِ عَلَيْكَ.
اللّهُمَّ نَبادِرْهُمْ بِواصِب (6)مَساخِطِكَ ، وَعَواصِفِ
ص: 153
تنكيلاتِكَ ، وَاجْتِياح (1)غَضَبِكَ ، وَطَهِّرَ الْبِلادَ مِنْهُمْ، وَعُفٌ عَنْها آثارَهُمْ، وَأخَطُطْ مِنْ قاعاتِها وَمَظانّها (2)مَنارَهُمْ ، وَأَصْطَلِمْهُمْ بِبَوارِكَ(3)حَتَّى لا تُبْقِيَ مِنْهُمْ دِعامَةٌ لِناجم(4)،وَلا عَلَماً لأم(5)،وَلا مَناصاً(6)لِقاصِدٍ،وَلا رائداً لِمُرْتَادٍ(7).
اللَّهُمَّ أَمْحَ آثَارَهُمْ، وَأَطْمِسْ عَلى أَمْوَالِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ(8)، وَأَمْحَقُ أَعْقَابَهُمْ(9)، وَأَفْكِك (10)أَصْلابَهُمْ، وَعَجِّلْ إِلَى عَذَابِكَ السَّرْمَدِ أَنْقِلابَهُمْ .
وَأَقِمْ لِلْحَقِّ مَناصِبَهُ ، وَأقْدَحْ لِلرَّشَادِ زِنادَهُ (11)، وَأَثِرٌ لِلثَّأرِ مُثيرَهُ (12)، وَأَيَّدْ بِالْعَوْنِ مُرْتادَهُ ، وَوَفِّرْ مِنَ النَّصْرِ زادَهُ، حَتَّى
ص: 154
يَعودَ الْحَقُّ إِلى جِدَّتِهِ(1)،وَيُنيرَ مَعالِمَ مَقاصِدِهِ، وَيَسْلُكَهُ أَهْلُهُ بِالأَمْنَةِ حَقَّ سُلوكِهِ ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .(2)
ص: 155
اللّهُمَّ أَنْتَ الْمُبِينُ الْبائِنُ[الْمُبيِّنُ](1)، وَأَنْتَ الْمَكِينُ الْمَاكِنُ الْمُمَكِّنُ(2).
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آدَمَ بَديع فِطْرَتِكَ ، وَبِكْرِ حُجَّتِك(3)، وَلِسانِ قُدْرَتِكَ ، وَالْخَليفَةِ في بَسيطَتِكَ ، وَأَوَّلِ مُجْتَبى لِلنُّبُوَّةِ بِرَحْمَتِكَ ، وَساحِفٍ(4)شَعْرَ رَأْسِهِ تَذَلُّلاً لَكَ فِي حَرَمِكَ لِعِزَّتِكَ . وَمُنْشَأْ مِنَ التُّرابِ نَطَقَ إِعْراباً(5) بِوَحْدانِيَّتِكَ ، وَعَبْدٍ لَكَ أَنْشَأْتَهُ [تَحْصيناً](6)لأمَّتِكَ ، وَمُسْتَعِيذٍ بِكَ مِنْ مَسٌ عُقوبَتِكَ .
وَصَلِّ عَلَى ابْنِهِ الْخالِصِ مِنْ صَفْوَتِكَ، وَالْفَاحِصِ عَنْ
ص: 156
مَعْرِفَتِكَ ، وَالْغَائِصِ (1)الْمَأْمونِ عَلَى(2)مَكْنُونِ سَرِيرَتِكَ بِما أَوْ لَيْتَهُ مِنْ نِعَمِكَ وَمَعونَتِكَ.
وَعَلى مَنْ بَيْنَهُما مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، وَالصِّدِّيقينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحينَ .
وَأَسْأَلُكَ اللّهُمَّ حاجَتِي الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ لا يَعْلَمُها أَحَدٌ غَيْرُكَ أَنْ تَأْتِيَ عَلَى قَضائِهَا وَإِمْضَائِها في يُسْرِ مِنْكَ وَعافِيَةٍ، وَشَدَّ أَزْرٍ(3)، وَحَطْ وِزْرٍ(4)، يا مَنْ لَهُ نورٌ لا يُطْفى ، وَظُهورٌ لا يُخْفى ، وَأُمورٌ لا تُكفى.
اللَّهُمَّ إنِّي دَعَوْتُكَ (5)دُعاءَ مَنْ عَرَفَكَ وَتَبَتَّلَ إِلَيْكَ،وَآلَ(6)بِجَميعِ بَدَنِهِ إِلَيْكَ .
سُبْحانَكَ طَوَتِ الأَبصارُ فى صَنْعَتِكَ مَديدَتَها(7)، وَثَنَتِ الأَلْبَابُ عَنْ كُنْهكَ أَعِنَّتَها، فَأَنْتَ الْمُدْرِكُ غَيْرُ الْمُدْرَكِ،
ص: 157
وَالْمُحِيطُ غَيْرُ الْمُحاطِ بِهِ،وَعِزَّتِكَ لَتَفْعَلَنَّ،وَعِزَّتِكَ لَتَفْعَلَنَّ،وَعِزَّتِكَ لَتَفْعَلَنَّ بي(كَذَا وَكَذا).(1)
ص: 158
اللّهُ أَكْبَرُ اللّهُ أَكْبَرُ اللّهُ أَكْبَرُ، وَأَعْلَى وَأَجَلُّ وَأَعْظَمُ مِمَّا أَخافُ وَأَحْذَرُ ، وَأَسْتَجِيرُ بِاللَّهِ عَزَّ جَارُ اللَّهِ وَجَلَّ ثَنَاءُ اللَّهِ(1)، وَلا إلهَ إِلَّا اللّهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَصَلَّى اللّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَثيراً.
اللّهُمَّ بِكَ أعيدُ نَفْسي وديني وَأَهْلي وَمالي وَوَلَدِي ، وَمَنْ يَعْنيني (2)أَمْرُهُ .
اللّهُمَّ بِكَ أَعوذُ ، وَبِكَ أَلوذُ(3)، وَبِكَ أَصولُ ، وَإِيَّاكَ أَعْبُدُ ، وَإِيَّاكَ أَسْتَعينُ ، وَعَلَيْكَ أَتَوَكَّلُ ، وَأَدْرَأُ(4)بِكَ فِي نَحْرِ أَعْدائي وَأَسْتَعينُ بِكَ عَلَيْهِمْ،وَأَسْتَكْفيكَهُمْ فَاكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ،[وَ أَنَّىٰ شِئْتَ](5)،وَكَيْفَ شِئْتَ ، وَحَيْثُ شِئْتَ ، بِحَقِّكَ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ،
ص: 159
إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)(1)(قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطَاناً فَلا يَصِلُّونَ إِلَيْكُما بِآيَاتِنَا أَنْتُما وَمَنِ أَتْبَعَكُمَا الْغالِبُونَ)(2)(قالَ لا تَخافا إِنَّني مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى )(3)(قالَتْ إِنِّي أَعوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيَا)(4)(أَحْسَنُوا فيها وَلا تُكَلِّمُونِ)(5)إِنِّي أَخَذْتُ بِسَمْع مَنْ يُطَالِبُني بِالسُّوءِ بِسَمْعِ اللَّهِ وَبَصَرِهِ وَقُوَّتِهِ ، وَبِعِزَّةِ اللّهِ وَحَبْلِهِ الْمَتينِ ، وَبِسُلْطانِهِ الْمُبينِ ، فَلَيْسَ لَهُمْ عَلَيْنا سَبيلٌ وَلا سُلطان إِنْ شَاءَ اللّه .
سَتَرْتُ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ بِسِتْرِ النُّبُوَّةِ الَّذِي سَتَرَ اللّهُ بِهِ الأَنْبِيَاءَ مِنَ الْفَراعِنَةِ ، جَبْرَائِيلُ عَنْ أَيْمَانِنا ، وميكائيل عَنْ يَسَارِنا(6)، وَاللّهُ مُطَّلِعُ عَلَيْنا(وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْديهِمْ سَداً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَداً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ )(7)وَشَاهَتِ (8)الْوُجُوهُ(فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَأَنْقَلَبوا صاغِرِينَ)(9)﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾﴿وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنونَ بِالآخِرَةِ حِجاباً مَسْتوراً وَجَعَلْنا
ص: 160
عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وفي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبِّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفوراً)(1)(قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ أَدْعُوا الرَّحْمَنَ أَيَاً ما تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَأَبْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً وَقُلِ الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكُ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيُّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبيراً)(2)[الْحَمْدُ للهِ كَثيراً،وَ] سُبْحانَ اللّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً.
حَسْبِيَ اللّهُ مِنْ خَلْقِهِ ،[حَسْبِيَ اللّهُ لا إلهَ إِلَّا هُوَ،]حَسْبِيَ اللّه الَّذي يَكفي وَلا يَكْفي مِنْهُ شَيْءٌ، حَسْبِيَ اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكيلُ (حَسْبِيَ اللّهُ الَّذي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظيمِ )(3)(أولئِكَ الَّذينَ طَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ)(4)(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةٌ فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ )(5)(إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذا أَبَداً)(6).
اللَّهُمَّ أَحْرُرْنا بِعَيْنِكَ الَّتي لا تَنامُ، وَاكْتُفْنَا بِرُكْنِكَ الَّذِي لا
ص: 161
يُرامُ ، وَأَعِذْنَا بِسُلْطانِكَ الَّذي لا يُضامُ(1)، وَأَرْحَمْنَا بِقُدْرَتِكَ يا رَحْمَنُ.
اللّهم لا تُهْلِكُنا وَأَنْتَ بِنا بَر، يَا رَحْمَنُ أَتُهْلِكُنا وَأَنْتَ رَبُّنا وَحِصْتُنا وَرَجَاؤُنا ؟! حَسْبِيَ (2)الرَّبُّ مِنَ الْمَرْبوبينَ ، حَسْبِيَ الْخالِقُ مِنَ الْمَخْلُوقينَ ، حَسْبِيَ الرّازِقُ مِنَ الْمَرْزُوقِينَ ، حَسْبِيَ مَنْ لَمْ يَزَلْ حَسْبِي،[حَسْبِيَ اللّهُ لا إلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظيم،]حَسْبِيَ الَّذي لا يَمُنُّ عَلَى الَّذِينَ يَمُنّونَ ، حَسْبِيَ اللّه وَنِعْمَ الْوَكيلُ، وَصَلَّى اللّهُ عَلى[سَيِّدِنا]مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كثيراً.
اللّهُمَّ إنِّي أَصْبَحْتُ في حِماكَ الذي لا يُسْتَباحُ،وَ[أَمْسَيْتُ]في ذِمَّتِكَ الَّتي لا تُخْفَرُ(3)،وَجِوارِكَ(4) الَّذِي لا يُضام .
وَأَسْأَلُكَ اللّهُمَّ بِعِزَّتِكَ وَقُدْرَتِكَ أَنْ تَجْعَلَني في حِرْزِكَ وَجِوارِكَ ، وَأَمْنِكَ وَعِبادِكَ ، وَعُدَّتِكَ وَعَقْدِكَ (ه)، وَحِفْظِكَ وَأَمانِكَ ، وَمَنْعِكَ الَّذي لا يُرامُ ، وَعِزّكَ الَّذي لا يُسْتَطاعُ مِنْ غَضَبِكَ ، وَسُوءِ عِقابِكَ وَسَطْوَتِكَ ، وَسُوءِ حَوادِثِ (5)النَّهارِ ،
ص: 162
وَطَوارِقِ اللَّيْلِ إِلَّا طَارِقاً يَطْرُقُ بِخَيْرٍ ، يَا رَحْمَنُ .
اللَّهُمَّ يَدُكَ فَوْقَ كُلَّ يَدٍ ، وَعِزَّتُكَ أَعَزُّ مِنْ كُلِّ عِزَّةٍ ، وَقُوَّتُكَ أَقْوى مِنْ كُلِّ قُوَّةٍ ، وَسُلْطانُكَ أَجَلٌ وَأَمْنَعُ مِنْ كُلِّ سُلْطَانٍ ، أَدْرَأُ بِكَ في نَحْرِ (1)أَعْدائي ، وَأَسْتَعينُ بِكَ عَلَيْهِمْ، وَأَعوذُ بِكَ مِنْ شُرورِهِمْ، وَأَلْجَأَ إِلَيْكَ فيما أَشْفَقْتُ (2)عَلَيْهِ مِنْهُمْ، وَصَلَّى اللّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ(3)، وَأَجِرْنِي مِنْهُمْ ، يَا أَرْحَمَ الرّاحِمينَ.
(وَقالَ الْمَلِكُ أنتوني بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكينُ أَمِينُ قَالَ أَجْعَلْني عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنها حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَلأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرُ لِلَّذِينَ آمَنوا وَكانوا يَتَّقُونَ)(4).
(وَخَشَعَتِ الأَصْواتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً )(5).
أعيذُ نَفْسي وديني وَأَهْلي وَوَلَدي وَمالي،وَجَميعَ مَنْ(6)تَلْحَقُهُ عِنايَتي،وَجَميعَ نِعَمِ اللّهِ عِنْدِي[بِبِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ].
ص: 163
بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي خَضَعَتْ لَهُ الرِّقابُ ، وَبِسْمِ اللَّهِ الَّذِي خَافَتْهُ الصُّدورُ، وَبِسْمِ اللّهِ الَّذِي وَجِلَتْ (1)مِنْهُ النُّفَوسُ ، وَبِسْمِ اللّهِ الذي قال بِهِ (2):
(يا ناز كوني بَرْداً وَسَلاماً عَلى إبْراهِيمَ وَأَرادوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمْ الأخْسَرينَ)(3).
وَبِسْمِ اللّهِ الَّذِي مَلأَ الأَرْكانَ كُلَّها،وَبِعَزِيمَةِ(4)اللّهِ الَّتي لا تُحْصى،وَبِقُدْرَتِهِ(5)الْمُسْتَطِيلَةِ عَلى جَميعِ خَلْقِهِ،مِنْ شَرٍّ[جميع]مَنْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا، وَمِنْ شَرِّ سُلْطَانِهِمْ وَسَطَواتِهِمْ وَحَوْلِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ[وَضَرِّهِمْ]وَغَدْرِهِمْ وَمَكْرِهِمْ ، وَأعيذُ(6)نَفْسي وَأَهْلي وَمالي وَوَلَدِي وَذَوي عِنايَتي (7)وَجَميعَ نِعَمِ اللّه عِنْدِي بِشِدَّةِ حَوْلِ اللّهِ ،[وَبِشِدَّةِ قُوَّةِ اللّهِ،]وَبِشِدَّةِ سَطْوَةِ اللّهِ ، وَبِشِدَّةِ بَطْشِ اللّهِ ، وَبِشِدَّةِ جَبَرُوتِ اللَّهِ، وَبِمَواثِيقِ اللَّهِ وَطاعَتِهِ عَلَى الْجِنَّ وَالإِنْسِ.
بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي(يُمْسِكُ السَّمَواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزَولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ
ص: 164
أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً)(1)، وَبِسْمِ اللَّهِ الَّذِي فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَني إِسْرائيلَ ، وَبِسْمِ اللَّهِ الَّذِي أَلَانَ الْحَدِيدَ لِداوُدَ، وَبِسْمِ اللّهِ الَّذِي(الأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَاتُ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)(2)مِنْ شَرِّ جَميع مَنْ في هَذِهِ الدُّنْيا وَمِنْ شَرِّ جَميع مَنْ خَلَقَهُ اللّه (3)وَأَحاطَ بِهِ عِلْمُهُ ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ ذي شَرٌّ ، وَمِنْ شَرِّ حَسَدِ كُلِّ حاسِدٍ ، وَسِعَايَةِ (4)كُلِّ ساعٍ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ [شَأْنُهُ].
اللّهُمَّ بِكَ أَسْتَعينُ ، وَبِكَ أَسْتَغِيتُ ، وَعَلَيْكَ أَتَوَكَّلُ ، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ.
اللّهمَّ صَل عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأحْفَظْني وَخَلّصْني مِنْ كُلِّ مَعْصِيَةٍ وَمُصيبَةٍ نَزَلَتْ في هَذَا الْيَوْمِ ، وَفِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، وَفي جَميعِ اللَيالي وَالأيَّامِ مِنَ السَّمَاواتِ وَالْأَرْضِ ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
بِسْمِ اللّهِ عَلَى نَفْسي وَمالي وَأَهْلي وَوَلَدي(5)، بِسْمِ اللّهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ أَعْطاني رَبِّي ، بِسْمِ اللَّهِ خَيْرِ الْأَسْمَاءِ ، بِسْمِ اللَّهِ رَبِّ
ص: 165
الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، بِسْمِ اللّهِ الَّذي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.
اللَّهُمَّ رَضْني بِما قَضَيْتَ ، وَعَافِنِي فيما(1)أَمْضَيْتَ(2)،حَتَّى لا أُحِبَّ تَعْجِيلَ ما أَخَرْتَ ، وَلا تَأْخِيرَ ما عَجَّلْتَ .
اللَّهُمَّ إنِّي أَعوذُ بِكَ مِنْ أَضْعَاتِ الْأَحْلامِ، وَمِنْ أَنْ يَلْعَبَ بِي الشَّيْطانُ فِي الْيَقْظَةِ وَالْمَنامِ، بِسْمِ اللَّهِ تَحَصَّنْتُ وَبِالْحَيَّ الَّذي لا يَموتُ مِنْ شَرِّ ما أَخافُ وَأَحْذَرُ[تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ]، وَرَمَيْتُ مَنْ يُريدُ بي سُوءًا أَوْ مَكْروهاً مِنْ (3)بَيْنِ يَدَيَّ[وَمِنْ خَلْفي]بِلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظيم .
وَأَعوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّكُمْ ، شَرُّكُمْ تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ ، وَخَيْرُكُمْ بَيْنَ أَعْيُنِكُمْ، وَأعيذُ نَفْسي ، وَما أَعْطاني رَبِّي وَما مَلَكَتْهُ [يدي] وَذَوي عِنايَتي ، بِرُكْنِ اللَّهِ الْأَشَدُ ، وَكُلُّ أَرْكَانِ رَبِّي شِدَادٌ .
اللّهُمَّ تَوَسَّلْتُ بِكَ إلَيْكَ ، وَتَحَمَّلْتُ بِكَ عَلَيْكَ ، فَإِنَّهُ لا يُنال ما عِنْدَكَ[إِلَّا بِكَ]، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ . وَأَنْ تَكْفِيَنى شَرَّ ما أَحْذَرُ وَما لا يَبْلُغُهُ حِذاري ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَهُوَ(4)عَلَيْكَ يَسيرٌ ، جَبْرَئِيلُ عَنْ يَميني ،
ص: 166
وميكائيل عَنْ شِمالي ، وَإسْرافيل أَمامي ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللّهِ الْعَلِيُّ الْعَظِيمِ.
اللَّهُمَّ مُخْرِجَ الْوَلَدِ مِنَ الرَّحِمِ، وَرَبَّ الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ، سَخَّرْ لي ما أُريدُ مِنْ دُنْيايَ وَآخِرَتي ، وَأَكْفِنِي مَا أَهَمَّني ، إِنَّكَ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
اللّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ ، ماضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ (1)قَضاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُل آسم [هُوَ لَكَ]سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتابِكَ ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبيعَ قَلْبِي ، وَنورَ بصري ، وَشِفَاءَ صَدْري ، وَجَلاءَ حُزْنِي ، وَذَهَابَ هَمِّي ، وَقَضَاءَ(دَيْني لا إلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ )(2) يا حَيُّ حينَ لا حَيَّ ، يا حَيُّ يا قيّومُ ، يا مُحْيِيَ الأَمْواتِ ، وَالْقَائِمُ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ، يَا حَيُّ لا إلهَ إِلَّا أَنْتَ ، بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ أَسْتَغِيتُ فَأَغِثْني (3)، وَأَجْمَعْ لي خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، وَأَصْرِفْ عَنِّي شَرَّهُما بِمَنِّكَ وَسَعَةِ فَضْلِكَ .
اللّهمَّ إنَّكَ مَليك مُقْتَدِرٌ، وَما تَشَاءُ مِنْ أَمْرٍ يَكُنْ ، فَصَلِّ
ص: 167
عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ (1)وَفَرْج (2)عَنِّي ، وَاكْفِني ما أَهَمَّني ، إِنَّكَ عَلى ذلِكَ قادِرٌ (3) یا جَوادُ یا كَريمُ .
اللّهُمَّ بِكَ أَسْتَفْتِحُ ، وَبِكَ أَسْتَنْجِحُ ، وَبِمُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسولِكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ إِلَيْكَ أَتَوَجَّهُ .
اللَّهُمَّ سَهِّلْ لي حُزونَةَ أَمْرِي ، وَذَلِّلْ لِي صُعوبَتَهُ، وَأَعْطِنِي مِنَ الْخَيْرِ أَكْثَرَ مِمّا أَرْجُو، وَاصْرِفْ عَنِّي مِنَ الشَّرِّ أَكْثَرَ مِمّا أَخافُ وَأَحْذَرُ ، وَمِمَّا (3)لا أَحْذَرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا باللّه الْعَلِي الْعَظيمِ،[وَصَلَّى اللّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ]، وَحَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ،نِعْمَ الْمَوْلَى،وَنِعْمَ النَّصيرُ(4)
ص: 168
بِسْمِ اللّهِ وَبِاللّهِ سَدَدْتُ (1)أَفْواهَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ، وَالشَّياطين وَالسَّحَرَةِ وَالأَبالِسَةِ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالسَّلاطينِ، وَمَنْ يَلوذُ بِهِمْ بِاللّهِ الْعَزِيزِ الْأَعَزَّ وَبِاللَّهِ الْكَبِيرِ الْأَكْبَرِ .
بِسْمِ اللّهِ الظَّاهِرِ الْباطِنِ ، الْمَكْنونِ الْمَخْرُونِ ، الَّذي أَقامَ بِهِالسَّماواتِ وَالْأَرْضَ ، ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ(وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ)(2).
(ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ)(3).
(قالَ أَخْسَئُوا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ)(4).
(وَعَنَتِ الْوُجوهُ لِلْحَيِّ الْقَيَومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً )(5).
ص: 169
(وَخَشَعَتِ الأَصْواتُ لِلرَّحْمَن فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً)(1).
(وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنْةٌ أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً)(2).
(وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنونَ بِالآخِرَةِ حِجاباً مستوراً)(3).
(وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَداً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدَا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُنصِرونَ)(4).
(الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانوا يَكْسِبُونَ)(5).
(لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلْفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلْفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾(6).
وَصَلَّى اللّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطّاهِرينَ.(7)
ص: 170
يا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ، وَيا أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ، وَيا أَسْرَعَ الْحاسِبينَ ، وَيا أَحْكَمَ الْحَاكِمِينَ، وَيا خَالِقَ الْمَخْلُوقينَ، وَيا رازِقَ الْمَرْزوقينَ ، وَيا ناصِرَ الْمَنْصورينَ، يا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ، يا دَليلَ الْمُتَحَيِّرِينَ ، وَيا غِياثَ الْمُسْتَغِيثَينَ ، أَغِثْنِي يَا مَالِكَ يَوْمِ الدِّينِ ، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعينُ ، يا صَريخَ الْمَكْروبينَ، يا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ .
أَنْتَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمينَ ، أَنْتَ اللّهُ لا إلهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ الْكِبْرِياءُ رِداؤُكَ(2).
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى، وَعَلِيِّ الْمُرْتَضى، وَفاطِمَةَ الزَّهْراءِ ، وَخَديجَةَ الْكُبْرَى ، وَالْحَسَنِ الْمُجْتَبى، وَالْحُسَيْنِ الشَّهِيدِ بِكَرْبَلاءَ ، وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ ،
ص: 171
وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْصَادِقِ ، وَمُوسَى بْنِ جَعْفَرِ الْكاظِمِ، وَعَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرّضا، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ التَّقِي ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّقِيِّ ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيُّ ، وَالْحُجَّةِ الْقَائِمِ الْمَهْدِي بْنِ الْحَسَنِ الإِمَامِ الْمُنْتَظَرِ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.
اللَّهُمَّ والِ مَنْ والاهُمْ وَعادِ مَنْ عاداهُمْ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُمْ، وَأخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُمْ ، وَالْعَنْ مَنْ ظَلَمَهُمْ ، وَعَجِّلْ فَرَجَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَانْصُرْ شِيعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَأهْلِك أَعْداءَ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَارْزُقْني رُؤْيَةَ قائِمِ آلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجْعَلْني مِنْ أَتْباعِهِ، وَأَشْياعِهِ ، وَالرّاضِينَ بِفِعْلِهِ ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ.(1)
ص: 172
اللّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْتوبِ فِي سُرَادِقِ الْمَجْدِ(1)،وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْتوب فِى سُرَادِقِ الْبَهَاءِ(2)، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْتُوبِ في سُرادِقِ الْعَظَمَةِ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْتوبِ في سُرَادِقِ الْجَلالِ ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْتُوبِ فِي سُرادِقِ الْعِزَّةِ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكتوبِ في سُرَادِقِ الْقُدْرَةِ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْتُوبِ في سُرادِقِ السَّرائِرِ(3)، السّابِقِ الْفائِقِ ، الْحَسَنِ الْجَمِيلِ(4)، رَبِّ الْمَلَائِكَةِ الثَّمَانِيَةِ(5)، وَرَبِّ الْعَرْشِ الْعَظيم ، وَبِالْعَيْنِ (6)التي لا تَنامُ،[وَبِالْحَياةِ التي لا تُسامُ(7)،وَبِنورِ وَجْهِكَ الَّذي لا يَطْفَىٰ،]وَبِالاسْمِ الأَكْبَرِ الْأَكْبَرِ
ص: 173
الأَكْبَرِ، وَبِالاسْمِ الأعْظَمِ الأعْظَمِ الأَعْظَمِ،[الْمُحِيطِ الْمُحيط]الْمُحيطِ بِمَلكوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَبِالاسْمِ الَّذِي أَشْرَقَتْ بِهِ الشَّمْسُ ، وَأَضَاءَ بِهِ الْقَمَرُ ، وَسُجِّرَتْ (1)بِهِ الْبِحَارُ ، وَنُصِبَتْ (2)بِهِ الْجِبالُ ، وَبِالاسْم الذي قامَ بِهِ الْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ ، وَبِأَسْمائِكَ (3)الْمُكَرَّماتِ الْمُقَدَّساتِ الْمَكْنوناتِ الْمَخْزوناتِ في عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ .
أَسْأَلُكَ بِذلِكَ كُلِّهِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ(وَأَنْ تَفْعَلَ بي كذا وكذا)(4).(5)
ص: 174
إلهي (2)هَدَيْتَني فَلَهَوْتُ، وَوَعَظْتَ فَقَسَوْتُ، وَأَبْلَيْتَ الْجَمِيلَ فَعَصَيْتُ ، وَعَرَّفْتَ فَأَصْرَرْتُ ، ثُمَّ عَرَّفْتَ (3)فَاسْتَغْفَرْتُ وَأَقَلْتَ (4)فَعُدْتُ فَسَتَرْتَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ، يا إلهي .
تَقَعَّمْتُ أَوْدِيَةَ هَلاكِ (5)، وَتَخَلَّلْتُ شِعابَ تَلَفٍ ، تَعَرَّضْتُ فيها لِسَطَواتِكَ، وَبِحُلولِها لِعُقوباتِكَ ، وَوَسيلَتي إليك إلَيْكَ
ص: 175
التَّوْحِيدُ ، وَذَريعَتي [إِلَيْكَ]أَنِّي لَمْ أُشْرِكْ بِكَ شَيْئاً ، وَلَمْ أَتَّخِذْ مَعَكَ إِلهَا ، وَقَدْ فَرَرْتُ إِلَيْكَ بِنَفْسى(1)، وَإِلَيْكَ يَفِرُّ (2)الْمُسيءُ، وَأَنْتَ مَفْزَعُ الْمُضَيِّعِ حَظَّ نَفْسِهِ(3)، فَلَكَ الْحَمْدُ ، يا إلهي .
فَكَمْ مِنْ عَدُوٌّ أَنْتَضى عَلَيَّ سَيْفَ عَداوَتِهِ ، وَشَحَذَ لي ظُبَةَ مُدْيَتِهِ ، وَأَرْهَفَ لي شَبا حَدِّهِ ، وَدافَ لي قَواتِلَ سُمومِهِ ، وَسَدَّدَ نَحْوي صوائِبَ سِهامِهِ ، وَلَمْ تَنَمْ عَنِّي عَيْنُ حِراسَتِهِ ، وَأَضْمَرَ أَنْ يَسومَني الْمَكْرُوهَ، وَيُجَرِّعَني ذُعافَ (4)مَرَارَتِهِ ، فَنَظَرْتَ - يا إلهي - إلى ضَعْفِي عَنِ احْتِمَالِ الْفَوادِح ، وَعَجْزِي عَنِ الانْتِصارِ مِمَّنْ قَصَدَني بِمُحارَبِتِه، وَوَحْدَتي في كَثِيرٍ عَدَدِ مَنْ ناوَأَني ، وَأَرْصَدَ لِي الْبَلاءَ(5)فيما لَمْ أَعْمِلُ فيهِ فِكْرِي ، فَابْتَدَأْتَني بِنَصْرِكَ(6)، وَشَدَدْتَ أَزْرِي بِقُوَّتِكَ ، ثُمَّ فَلَلْتَ لي حَدَّهُ، وَصَيَّرْتَهُ مِنْ بَعْدِ جَمْع عَديدٍ وَحْدَهُ ، وَأَعْلَيْتَ كَعْبِي عَلَيْهِ، وَجَعَلْتَ ما سَدَّدَهُ مَرْدُوداً عَلَيْهِ(7)،فَرَدَدْتَهُ لَمْ يَشْفِ غَلِيلَهُ ، وَلَمْ تَبْرُدْ حَرارَةُ
ص: 176
غَيْظِهِ ، قَدْ عَضَّ عَلَيَّ شَواهُ ، وَأَدْبَرَ مُوَلِّياً قَدْ أَخْلَفْتَ (1)سَراياهُ .
وَكَمْ مِنْ باغِ بَغاني بِمَكائِدِهِ، وَنَصَبَ لي أَشْرَاكَ مَصَائِدِهِ، وَوَكَّلَ بِي تَفَقُدَ رِعايَتِهِ ، وَأَضْبَأَ إِلَيَّ إِضْباءَ السَّبُعِ لِطَريدَتِهِ ، انتظاراً لانْتِهازِ الْفُرْصَةِ لِفَرِيسَتِهِ ، فَنَادَيْتُكَ يا إلهى ، مُسْتَغيثاً بك ، واثقاً بِسُرْعَةِ إِجابَتِكَ ، عالِماً أَنَّهُ لا (2)يُضْطَهَدُ مَنْ آوى إلى ظِلُّ كَنَفِكَ ، وَلَنْ يَفْزَعَ مَنْ لَجَأَ إِلى مَعاقِلِ (3)انْتِصارِكَ ، فَحَصَّنْتَنِي مِنْ بَأْسِهِ بِقُدْرَتِكَ.
وَكَمْ مِنْ سَحَائِبٍ مَكْرُوهِ [قَدْ](4)جَلَّيْتَهَا عَنِّي،وَغَواشِيَ كُرُباتٍ كَشَفْتَها،لا تُسْأَلُ عَمّا تَفْعَلُ،وَلَقَدْ سُئِلْتَ فَأَعْطَيْتَ ، وَلَمْ تُسْأَلْ فَابْتَدَأْتَ ، وَاسْتُميحَ فَضْلُكَ فَما أَكْدَيْتَ ، أَبَيْتَ إِلَّا إحْساناً ، وَأَبَيْتُ إِلَّا تَقَحُماً لِحُرُماتِكَ ، وَتَعَدِّياً لِحُدودِكَ ، وَغَفْلَةٌ (5)عَنْ وَعِيدِكَ.
فَلَكَ الْحَمْدُ إلهي،مِنْ مُقْتَدِرٍ لا يُغْلَبُ،وَذِي أَناةٍ لا يَعْجَلُ،هذا مَقامُ مَنِ اعْتَرَفَ لَكَ بِالنِّعَمِ وَقابَلَها بِالتَّقْصير،وَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالتَّضْييع !
ص: 177
اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِالْمُحَمَّدِيَّةِ الرَّفِيعَةِ، وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِالْعَلَوِيَّةِ (1)الْبَيْضَاءِ ، فَأَعِذْنِي مِنْ شَرِّ ما أَخافُ ، وَمِنْ شَرَّ مَنْ يُريدني بسوءٍ(2)، فَإِنَّ ذلِكَ لا يَضِيقُ عَلَيْكَ في وَجْدِكَ، وَلا يَتَكَأَ دُكَ فِي قُدْرَتِكَ ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(3).
اللّهُمَّ ارْحَمْني بِتَرْكِ الْمَعاصي ما أَبْقَيْتَنِي ، وَارْحَمْنِي بِتَرْكِ تَكَلُّفِ ما لا يَعْنيني، وَارْزُقْنِي حُسْنَ النَّظَرِ فيما يُرْضِيكَ عَنّي ، وَأَلْزِمْ قَلْبي حِفْظُ كِتابِكَ كَمَا عَلَّمْتَنِي، وَاجْعَلْنِي أَتْلُوهُ على ما(4)يُرْضِيكَ عَنِّي(5)، وَنَوِّرٌ بِهِ بَصَرِي، وَأَوْعِهِ سَمْعي، وَاشْرَحْ بِهِ صَدْرِي ، وَفَرِّحْ بِهِ(6)قَلْبِي ، وَأَطْلِقْ بِهِ لِساني وَاسْتَعْمِلْ بِهِ بَدَنِي، وَاجْعَلْ فِي مِنَ الْحَوْلِ (7)وَالْقُوَّةِ ما يُسَهْلُ ذلِكَ عَلَيَّ ، فَإِنَّهُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ.
اللّهُمَّ اجْعَلْ لَيْلي وَنَهاري، وَدُنْيايَ وَآخِرَتي ، وَمُنْقَلبي وَمَثوايَ، في عافِيَةٍ مِنْكَ ، وَمُعافاةٍ وَبَرَكَةٍ مِنْكَ
ص: 178
اللّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي وَمَوْلايَ وَسَيِّدِي،وَأَمَلِي وَإِلهي،وَغِياثي وَسَنَدي(1)،وَخالِقي وَناصِري،وَثِقَتِي وَرَجائِي،لَكَ مَحْيَايَ وَمَمَاتِي، وَلَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي ، وَبِيَدِكَ رِزْقي، وَإِلَيْكَ أَمْرِي فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، مَلَكْتَي بِقُدْرَتِكَ ،وَقَدَّرْتَ عَلَيَّ بِسُلْطانِكَ فَلَكَ الْقُدْرَةُ فِي أَمْرِي وَناصِيَتِي بِيَدِكَ ، لا يَحولُ أَحَدٌ دونَ رِضاكَ ، بِرَأْفَتِكَ أَرْجُو رَحْمَتَكَ ، وَبِرَحْمَتِكَ أَرْجُو رِضْوانَكَ ، لا أَرْجو ذلِكَ بِعَمَلِي فَقَدْ عَجَزَ عَنِّي عَمَلي، فَكَيْفَ أَرْجو ما قَدْ عَجَزَ عَنِّي ؟! أَشْكو إلَيْكَ فاقتي ، وَضَعْفَ قُوَّتي ، وَإفراطي(2)في أَمْرِي ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ عَمْدي(3)وَما أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ[مِنّي]فَاكْفِنِي ذَلِكَ كُلَّهُ.
اللّهُمَّ اجْعَلْني مِنْ رُفَقاءِ مُحَمَّدٍ حَبيبِكَ ،[وَعَلِيٍّ وَلِيِّكَ وَوَصِيَّ نَبِيِّكَ،]وَإِبْرَاهِيمَ خَليلِكَ ، وَيَوْمَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ(4)في «خ»: وَيُشراكَ فَبَشِّرْني . (5)المفازة : المنجاة .(6)في «م» : وَلا تُسِمْني .
وَمِنَ الدُّنْيا فَسَلِّمْني،وَحُجَتي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَقْني،وَبِذِكْرِكَ فَذَكِّرْني،وَلِلْيُسْرَى فَيَسِّرْني،وَلِلْعُسْرى(1) فَجَنِّبْنِي،وَلِلصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيّاً فَأَلْهِمْني،وَلِعِبادَتِكَ فَقَوَّني(2)،وَفِي الْفِقْهِ وَمَرْضاتِكَ فَاسْتَعْمِلْنِي ، وَمِنْ فَضْلِكَ فَارْزُقْني،وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ فَبَيِّضْ وَجْهِي وَحِساباً يَسيراً فَحَاسِبْنِي،وَبِقُبْحِ عَمَلي فَلا تَفْضَحْني،وَبِهُداكَ فَاهْدِن، وَبِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي[الْحَيَاةِ]الدُّنْيا وَالآخِرَةِ (3)فَثَبِّتْني،وَما أَحْبَبْتَ فَحَبِّبْهُ إِلَيَّ ، وَما كَرِهْتَ فَبَغْضُهُ إِلَيَّ ، وَما أَهَمَّني مِنْ[أَمْرِ]الدُّنْيا وَالآخِرَةِ فَاكْفِنِي، وَفي صلاتي(4)وَصِيامي ودعائي وَنُسُكي(5)وَشُكْرِي وَدُنْيَايَ وَآخِرَتي فَبارِكْ لي ، وَالْمَقامَ الْمَحْمُودَ فَابْعَثْني ، وَسُلْطاناً نَصيراً فَاجْعَلْ لي ، وَظُلْمي وَإسْرافي عَلى نَفْسي وَجَهْلي فَتَجاوَزْ(6)عَنِّي ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيا وَالْمَماتِ فَخَلَّصْني ، وَمِنَ الْفَوَاحِشِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ فَجَنِّبْنِي(7)، وَمِنْ أَوْلِيَائِكَ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَاجْعَلْني ، وَأَدِمْ فِيَّ صَلاحَ الدِّينِ مَا آتَيْتَني(8)،
ص: 180
وَبِالْحَلالِ عَنِ الْحَرامِ فَأَغْنِنِي ، وَبِالطَّيِّبِ عَنِ الْخَبِيثِ فَاكْفِنِي .
أَقْبِلْ بِوَجْهِكَ[الْكَريم]إِلَيَّ وَلا تَصْرِفْهُ عَنِّي ، وَإلى صِراطِكَ الْمُسْتَقِيمِ فَاهْدِني ، وَلِما تُحِبُّ وَتَرْضى فَوَفِّقْني .
اللّهُمَّ إنِّي أَعوذُ بِكَ مِنَ الرِّياءِ، وَالسُّمْعَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ، وَالتَّعْظيم وَالْخُيَلاءِ(1)، وَالْفَخْرِ وَالْبَدْحَ، وَالْأَشَرِ وَالْبَطَرِ، وَالإِعْجَابِ بِنَفْسِي وَالْجَبَرِيَّةِ ، رَبِّ فَنَجِّني.
وَأَعوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْبُخْلِ [،وَالشُّرِّ وَالْحَسَدِ]، وَالْحِرْصِ وَالْمُنافَسَةِ وَالْفِشَّ ، وَأَعوذُ بِكَ مِنَ الطَّمَعِ[وَالطَّبْعِ]،وَالْهَلَعِ وَالْحَرَجِ[وَالْجَزَعِ]، وَالزَّيْعِ وَالْقَمْعِ ، وَأَعوذُ بِكَ مِنَ الْبَغْيِ وَالظُّلْمِ وَالاعْتِداءِ ، وَالْفَسادِ وَالْفُجورِ وَالْفُسُوقِ ، وَأَعوذُ بِكَ مِنَ الْخِيانَةِ وَالْعُدْوانِ وَالطُّغْيانِ .
رَبِّ وَأَعوذُ بِكَ مِنَ الْمَعْصِيَةِ (2)وَالْقَطِيعَةِ وَالسَّيِّئَةِ وَالْفَوَاحِشِ وَالذُّنوبِ ، وَأَعوذُ بِكَ مِنَ الإِثْمِ وَالْمَأْثَمِ وَالْحَرامِ وَالْمُحَرَّمِ وَالْخَبِيثِ وَكُلّ ما لا تُحِبُّ .
رَبِّ أَعوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ الشَّيْطانِ وَبَغْيِهِ وَظُلْمِهِ وَعَدَاوَتِهِ وَشَرَكِهِ وَزَبانِيَتِهِ وَجُنْدِهِ ، وَأَعوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَما يَعْرُجُ فيها ، وَأَعوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما خَلَقْتَ مِنْ دابَّةٍ أَوْ هَامَّةٍ أَوْ
ص: 181
[مِنْ]جِنِّ أَوْ إِنْسِ مِمَّا يَتَحَرَّكُ ، وَأَعوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما ذَرَأَ (1)الأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْهَا ، وَأَعوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ كَاهِنٍ وَسَاحِرٍ وَزاكن(2)وَنافِثٍ وَراقٍ ، وَأَعوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ حَاسِدٍ وَباغِ [وَنافِسٍ](3)وَطاغ وظالِم وَمُتَعَدَّ وَجائِرٍ ، وَأَعوذُ بِكَ مِنَ الْعَمى (3) وَالصَّمَمِ وَالْبَكَمِ، وَالْبَرَصِ وَالْجُذَامِ، وَالشَّلِّ وَالرَّيْبِ ، وَأَعوذُ بِكَ مِنَ الْفَشَلِ وَالْكَسَلِ، وَالْعَجْزِ وَالتَّفْريطِ، وَالْعَجَلَةِ وَالتَّضْييع ، وَالتَّقْصيرِ وَالإبْطَاءِ ، وَأَعوذُ بِكَ رَبِّ مِنْ شَرِّ ما خَلَقْتَ فِي السَّماواتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُما وَمَا تَحْتَ الثَّرى .
رَبِّ وَأَعوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ وَالْفَاقَةِ، وَالْحَاجَةِ وَالْمَسْأَلَةِ (4)، وَالضَّيْعَةِ(5)وَالْعَائِلَةِ،وَأَعوذُ بِكَ مِنَ الْقِلَّةِ وَالذَّلَّةِ،وَأَعوذُ بِكَ مِنَ الضّيقِ وَالشِّدَّةِ، وَالْقَيْدِ وَالْحَبْسِ وَالْوَثَاقِ وَالسُّجونِ وَالْبَلاءِ، وَكُلِّ مَخوفٍ وَمُصِيبَةٍ لا صَبْرَ لي عَلَيْها ، آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ .
اللّهُمَّ أَعْطِنا كُلَّ ما (6)سَأَلْناكَ، وَزِدْنَا مِنْ فَضْلِكَ عَلَى قَدَرِ جَلالِكَ وَعَظَمَتِكَ ، بِحَقِّ لا إلهَ إِلَّا أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .
ص: 182
أقول:وصدر هذا الدعاء الشريف موجود في الصحيفة الكاملة إلى قوله:«وَلَا يَتَكَأْدُكَ فِي قُدْرَتِكَ،إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»(1)وقد اخترت إيراده بتمامه لما بين الروايتين من الاختلاف في بعض الألفاظ،وغير ذلك من الأغراض.(2)
ص: 183
بِسْمِ اللّهِ وَبِاللَّهِ،وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللّهِ،وَلا غَالِبَ إِلَّا اللّه،[اللّه]غالِبٌ[عَلَى]كُلِّ شَيْءٍ وَبِهِ يَغْلِبُ الْغالِبونَ،وَمِنْهُ يَطْلُبُ (1)الرّاغِبونَ، وَعَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكَّلُونَ،وَبِهِ يَعْتَصِمُ الْمُعْتَصِمُونَ،وَيَثِقُ الْواثِقُونَ،وَيَلْتَجِيءُ الْمُلْتَجِئُونَ، وَهُوَ حَسْبُهُمْ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
احْتَرَزْتُ بِاللَّهِ،وَاحْتَرَسْتُ بِاللّهِ،وَلَجَأْتُ إلى اللّه،وَاسْتَجَرْتُ بِاللّهِ،وَاسْتَعَنْتُ باللّهِ،وَامْتَنَعْتُ بِاللّهِ،[وَاعْتَزَزْتُ بِاللّهِ]،وَقَهَرْتُ بِاللّهِ،وَغَلَبْتُ بِاللّهِ،وَاعْتَمَدْتُ عَلَى اللّهِ،وَاسْتَتَرْتُ بِاللَّهِ،وَحُفِظْتُ بِاللَّهِ،وَأَسْتَحْفَظْتُ بِاللَّهِ خَيْرِ الْحافِظِينَ،وَتَكَهَّفْتُ بِاللّهِ،وَحُطْتُ نَفْسي وَأَهْلي وَمالي وَإِخْوانِي وَكُلَّ مَنْ يَعْنيني أَمْرُهُ بِاللَّهِ الْحافِظِ اللطيفِ ، وَكَلاتُ (2)بِاللّهِ ، وَصَحِبْتُ خَيْرَ الْصاحِبينَ ، وَحافِظَ الأَصْحَابِ الْحافِظِينَ ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي
ص: 184
إِلَى اللّهِ الَّذي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(1)،وَاعْتَصَمْتُ بِاللّهِ الَّذي مَن أَعْتَصَمَ بِهِ نَجَا مِنْ كُلِّ خَوْفٍ ، وَتَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ وَحَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ، ما شاءَ اللّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللّهِ، لا إلهَ إِلَّا اللّه مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.
(اللّهُ لا إلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيَومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَواتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظيمُ)(2).
(وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنَّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبُ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنَ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ أَذَانُ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أَوْلَئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ)(3).
(سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتونَ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ اللّهِ عِبادُ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجيبوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ أَلَهُمْ
ص: 185
أَرْجُلُ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنُ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَذَانُ يَسْمَعُونَ بِها قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَ كَمْ ثُمَّ كيدونِ فَلَا تُنْظِرُونِ إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ الَّذي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصّالِحِينَ )(1).
(وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرونَ )(2).
(أوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأَوْلَئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ)(3).
(إِنَّا جَعَلْنا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنْةٌ أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذَنْ أَبَداً)(4).
(فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأغلى وَأَلْقِ ما في يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى)(5).
(أَفَلَمْ يَسيروا فِي الْأَرْضِ فَتَكونَ لَهُمْ قُلُوبُ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ أَذَانُ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ التي فِي الصدور)(6).
(بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طَسم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ لَعَلَّكَ
ص: 186
باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكونوا مُؤْمِنِينَ إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ)(1).
(قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذا هِيَ تُعْبانُ مُبينُ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ
لِلنَّاظِرينَ)(2).
(قالَ كَلَا إِنْ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ )(3).
(يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيْ الْمُرْسَلُونَ ﴾(4).
(لا إلهَ إِلّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظيمِ ﴾(5).
(يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ)(6).
(قالَ سَنَشَدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطَاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآيَاتِنَا أَنْتُما وَمَن أَتْبَعَكُمَا الْغالِبونَ)(7).
(وَلَقَدْ مَنَنَا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظيمِ وَنَصَرْناهُمْ فَكانوا هُمُ الْعَالِمِينَ ﴾(8).
ص: 187
(وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةٌ مِنّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي إِذْ تَمْشِي أَخْتُكَ فَتَقولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفَلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرْ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمْ وَفَتَنَاكَ فُتونا)(1).
[(وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرْ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنْ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)(2)] .
(وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكينُ أَمينُ)(3).
(إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذُ بِنَاصِيَتِها إِنْ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(4).(5)
ص: 188
يا حَيُّ قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ ، يا حَيُّ بَعْدَ كُلِّ حَيّ، يا حَيُّ مَعَ كُلِّ حَيَّ ، يا حَيُّ حينَ لا حَيَّ ، يا حَيُّ يَبْقَى وَيَفْنى كُلُّ حَيٍّ ، يَا حَيُّ لا إلهَ إِلَّا أَنْتَ ، يا حَيُّ يا كَريمُ ، يَا مُحْيِيَ الْمَوْتى ، يا قائِمُ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ .
إِنِّي أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ ، وَأَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ ، وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ وَرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ ،
ص: 189
وَأَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِحُرْمَةِ الْقُرْآنِ، وَبِحُرْمَةِ الإيمانِ وَالإِسْلامِ(1)، وَبِشَهادَةِ أنْ لا إلهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسولُكَ.
وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ ، وَأَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ ، وَأَسْتَشْفِعُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ .
وَبِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَفاطِمَةَ الزَّهْراءِ، وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عَبْدَيْكَ وَأَمينَيْكَ ، وَحُجَّتَيْكَ عَلَى الْخَلْقِ
أَجْمَعِينَ.
وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعابِدِينَ،وَنورِ الزَّاهِدِينَ،وَوارِثِ عِلْمِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ،وَإِمَامِ الْخَاشِعِينَ،وَوَلِيِّ الْمُؤْمِنِينَ وَالْقَائِمِ فِي خَلْقِكَ أَجْمَعِينَ .
وَباقِرِ عِلْم الأَوَّلِينَ وَالآخِرينَ،وَالدَّليلِ عَلى أَمْرِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ،وَالْمُقْتَدِي بِآبَائِهِ الصَّالِحينَ،وَكَهْفِ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ .
وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ مِنْ أَوْلادِ النَّبِيِّينَ،وَالْمُقْتَدي بِآبائِهِ الصَّالِحِينَ،وَالْبارِّ مِنْ عِتْرَتِهِ الْبَرَرَةِ الْمُقْتَفِينَ(2)،وَلِى دينِكَ،وَحُجَّتِكَ عَلَى الْعالَمينَ.
ص: 190
وَمُوسَى بْنِ جَعْفَرِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ الْمُرْسَلِينَ، وَلِسانِكَ في خَلْقِكَ أَجْمَعِينَ ، وَالنَّاطِقِ بِأَمْرِكَ ، وَحُجَّتِكَ عَلَى بَرِيتِكَ.
وَعَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرَّضَا الْمُرْتَضَى الزَّكِئ الْمُصْطَفى، الْمَخْصوصِ بِكَرَامَتِكَ ، وَالدّاعى إلى طاعَتِكَ، وَحُجَّتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ.
وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرَّشِيدِ الْقَائِمِ بِأَمْرِكَ ، النّاطِقِ بِحُكْمِكَ وَحَقِّكَ ، وَحُجَّتِكَ عَلى بَرِيَّتِكَ ، وَوَلِيِّكَ وَابْنِ أَوْلِيائِكَ ، وَحَبيبِكَ وَابْن أَحِبَائِكَ.
وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ السِّراحِ الْمُنيرِ ، وَالرُّكْنِ الْوَثِيقِ ، الْقائِمِ بِعَدْلِكَ ، وَالدّاعي إلى دينِكَ ، وَحُجَّتِكَ عَلَى بَرِيَّتِكَ.
وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَبْدِكَ وَوَلِيِّكَ ، وَخَليفَتِكَ الْمُؤَدِّي عَنْكَ في خَلْقِكَ عَنْ آبَائِهِ الصَّادِقِينَ.
وَبِحَقِّ الْخُلَفَاءِ الماضينَ(1)، وَالإمام الزَّكي الهادي الْمَهْدِيَّ ، الْحُجَّةِ بَعْدَ آبَائِهِ عَلَى خَلْقِكَ، الْمُؤَدِّي عِلْمَ(2)نَبِيِّكَ ، وَوارِثِ عِلْمٍ الْماضِينَ مِنَ الْوَصِيِّينَ، الْمَخْصوصِ الدّاعي إلى طاعَتِكَ وَطاعَةِ آبَائِهِ الصّالِحينَ .
ص: 191
يا مُحَمَّدُ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، إِنِّي أَسْتَشْفِعُ(1)بِكَ ، وَبِالأَئِمَّةِ مِنْ وَلْدِكَ ، وَبِعَلِيَّ أَميرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَفَاطِمَةَ، وَالْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ، وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَجَعْفَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَعَلِيِّ بْنِ مو موسى،وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَالْخَلَفِ الْقائِمِ الْمُنْتَظَرِ اللّهمَّ فَصَل عَلَيْهِمْ وَعَلى مَنِ اتَّبَعَهُمْ، وَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلاةَ الْمُرْسَلِينَ وَالصِّدِّيقينَ وَالصَّالِحينَ ، صَلاةٌ لا يَقْدِرُ عَلَى إِحْصَائِهَا غَيْرُكَ .
اللّهمَّ أَلْحِقْ أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكَ وَذُرِّيَّتَهُمْ وَشِيعَتَهُمْ بِنَبِيِّكَ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، وَأَلْحِقْنا بِهِمْ مُؤْمِنِينَ مُخْبِتِينَ فائِزِينَ، مُتَّقِينَ صالحين، خاشعين ،عابدين، مُوَفِّقينَ مُسَدَّدين،عاملين زاكينَ،مُزَكِّينَ تائِبینَ،ساجدین راكِعِینَ،شاكِرِينَ حامدينَ، صابرين مُحْتَسبينَ ، مُنيبينَ مُصيبين.
اللّهُمَّ إنّي أَتَوَلَّى وَلِيَّهُمْ،وَأَتَبَرَّأُ إِلَيْكَ مِنْ عَدُوِّهِمْ،وَأَتَقَرَّبُ إلَيْكَ بِحُبِّهِمْ وَمُوالاتِهِمْ[وَمَوَدَّتِهِمْ](2)وَطاعَتِهِمْ،فَارْزُقْنِي بِهِمْ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَأَصْرِفْ عَنِّي بِهِمْ أَهْوَالَ
ص: 192
يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
اللّهُمَّ إنّي أشْهِدُكَ بِأَنَّكَ(1)اللّه لا إله إلا أَنْتَ ، وَأَنَّ مُحَمَّداً وَعَلِيّاً وَزَوْجَتَهُ وَوَلَدَهُ(2)عَبيدُكَ وَإماؤُكَ، أَنْتَ وَلِيُّهُمْ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ،وَهُمْ أَوْلِيَاؤُكَ الأوْلَوْنَ بِالْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ،وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ مِنْ بَرِيَّتِكَ،وَأَشْهَدُ أَنَّهُمْ عِبادُكَ الْمُؤْمِنونَ،لا يَسْبِقُونَكَ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِكَ يَعْمَلُونَ .
اللّهمَّ إنِّى أَتَوَسَّلُ إلَيْكَ بِهِمْ، وَأَتَشَفَّعُ بِهِمْ إِلَيْكَ أَنْ تُحْيِيَني مَحْيَاهُمْ ، وَتُميتَني عَلى طاعَتِهِمْ وَمِلَّتِهِمْ (3)،وَتَمْنَعَني مِنْ طَاعَةِ عَدُوِّهِمْ،وَتَمْنَعَ عَدُوَّكَ وَعَدُوَّهُمْ(4)مِنِّي،وَتُغْنِيَني بِكَ وَبِأَوْلِيائِكَ عَمَّنْ أَغْنَيْتَهُ عَنِّي،وَتُسَهْلَني لِمَنْ أَحْوَجْتَهُمْ إِلَيَّ ،وَتَجْعَلْني في حِفْظِكَ فِي الدِّين وَالدُّنْيا وَالآخِرَةِ،وَتُلْبِسَنِي الْعَافِيَةَ حَتّى تُهَنَّتَنِي الْمَعيشَةَ،وَالْحَظْني بِلَحْظَةٍ مِنْ لَحَظَاتِكَ الْكَرِيمَةِ الرَّحِيمَةِ الشَّرِيفَةِ تَكْشِفُ بها عَنِّي مَا قَدِ ابْتَلَيْتُ بِهِ،وَدَبَّرْني(5)بِها إِلى أَحْسَنِ عاداتِكَ وَأَجْمَلِها عِنْدِي ، فَقَدْ ضَعُفَتْ قُوَّتي ، وَقَلَّتْ حيلتي ، وَنَزَلَ
ص: 193
بي مَا لَا طَاقَةَ لي بِهِ ، فَرُدَّني إلى أَحْسَنِ عاداتِكَ ، فَقَدْ يَئِسْتُ مِمَّا عِنْدَ خَلْقِكَ ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا رَجَاؤُكَ في قَلْبي ، وَقَديماً مَا
مَنَنْتَ عَلَيَّ .
وَقُدْرَتُكَ يا سَيِّدي وَرَبِّي وَخالِقي وَمَوْلايَ وَرازِقي عَلى إِذْهَابِ ما أَنَا فِيهِ ، كَقُدْرَتِكَ عَلَيَّ حَيْثُ ابْتَلَيْتَنِي بِهِ .
إلهي ذِكْرُ عَوائِدِكَ يُؤْنِسُني ، وَرَجاءُ إِنْعامِكَ يُقَوّيني(1)، وَلَمْ أَخْلُ مِنْ نِعْمَتِكَ مُنْذُ خَلَقْتَني ، فَأَنْتَ يَارَبِّ ثِقَتي وَرَجائي ، وَإلهي وَسَيِّدي وَالذَّابٌ عَنِّي ، وَالرّاحِم لي ، وَالْمُتَكَفِّلُ بِرِزْقي.
فَأَسْأَلُكَ يا رَبِّ بِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَنْ تَجْعَلَ رِزْقي(2)فيما قَضَيْتَ مِنَ الْخَيْرِ وَحَتَمْتَهُ وَقَدَّرْتَهُ ، وَأَنْ تُعَجِّل(3)خَلاصي مِمّا أَنَا فِيهِ ، فَإِنِّي لا أَقْدِرُ عَلى ذلِكَ إِلَّا بِكَ ، وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ، وَلا أَعْتَمِدُ فيهِ إِلَّا عَلَيْكَ ، فَكُنْ لي يا رَبَّ الْأَرْبابِ ، وَيا سَيِّدَ الساداتِ عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّي بِكَ ، وَأَعْطِني مَسْأَلَتي .
يا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ، وَيا أَبْصَرَ النّاظِرينَ، وَيا أَحْكَمَ الْحَاكِمِينَ ، وَيا أَسْرَعَ الْحاسِبينَ ، وَيا أَقْدَرَ الْقَادِرِينَ، وَيا أَقْهَرَ الْقاهِرينَ ، وَيا أَوَّلَ الأَوَّلِينَ، وَيا آخِرَ الآخِرينَ ، وَيا حَبيبَ مُحَمَّدٍ وَعَلِي وَجَميعِ الأَنْبِياءِ وَالْمُرْسَلينَ، وَالأَوْصِياءِ
ص: 194
الْمُنْتَجَبينَ،وَيا حَبيبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَوْصِيائِهِ،وَأَحِبَائِهِ وَأَنْصارِهِ،وَخُلَفَائِهِ الْمُؤْمِنِينَ،وَحُجَجِكَ الْبَالِغِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ الرَّحْمَةِ الْمُطَهَّرِينَ الطَّاهِرِينَ(1)أَجْمَعِينَ،صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ،وَأَفْعَلْ بي ما أَنْتَ أَهْلُهُ يا أَرْحَمَ الرّاحِمينَ.(2)
ص: 195
بِسْمِ اللّهِ اسْتَعَنْتُ،وَبِسْمِ اللّهِ اسْتَجَرْتُ [بِاللّهِ]،وَبِهِ أَعْتَصَمْتُ،وَمَا تَوْفيقي إلّا بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ .
اللّهُمَّ أَعِذْني مِنْ طَارِقٍ طَرَقَ فِي لَيْلٍ غَسَقَ،أَوْ صُبْحٍ بَرَقَ،وَمِنْ كَيْدِ كُلِّ ذي كَيْدِ(1)،أَوْ ضِدٌ،أَوْ حَاسِدٍ حَسَدَ.
زَجَرْتُهُمْ بِ-(قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدُ اللّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ)(2)وَبِالْاسْمِ الْمَكْنونِ الْمُنْفَرِدِ(3)بَيْنَ الْكَافِ وَالنُّونِ(4)،وَبِالْاسْمِ الْعَامِضِ الْمَكْنُونِ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ الْكَوْنُ قَبْلَ أنْ يكونَ،أَتَدَرَّعُ بِهِ مِنْ كُلِّ ما نَظَرَتِ الْعُيونُ،وَحَقَّقَتِ(5)الظُّنونُ(وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًا فَأَغْشَيْنَاهُمْ
ص: 196
فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ)(1)كَفى بِاللّهِ وَلِيّاً وَكَفَى بِاللّهِ نَصيراً .
يادائِمُ يادَيْمومُ،ياحي ياقيوم،يا كاشِفَ الْغَم،يا فارِجَ الْهَمْ،وَياباعِثَ الرُّسُلِ،وَيا صادِقَ الْوَعْدِ،صَلِّ عَلى مُحمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَفْعَلْ بي ما أَنْتَ أَهْلُهُ.
اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ في أمْرٍ قَدْ ضَعُفَتْ عَنْهُ حيلتي أَنْ تُعْطِيَنِي مِنْهُ مَالَمْ تَنْتَهِ إِلَيْهِ رَغْبَتِي،وَلَمْ يَخْطُرْ بِبالي،وَلَمْ يَجْرِ عَلَى لِساني، وَأَنْ تُعْطِيَني مِنَ الْيَقِينِ مَا يَحْجِبُني عَنْ أَنْ أَسْأَلَ أحَداً مِنَ الْعالَمينَ ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.(2)
ص: 197
﴿ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثينَ)(2)،وَهَبْ(3)لي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُني(4)في حَياتي ، وَيَسْتَغْفِرُ لي بَعْدَ وَفاتي، واجْعَلْهُ خَلْقاً سَويّاً(5)،وَلا تَجْعَلْ لِلشَّيْطانِ فِيهِ نَصيباً(6).اللّهم إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.(يَقوله سَبعينَ مَرَّة)(7).(8)
ص: 198
اللَّهُمَّ إنَّ اسْتِغْفاري إيّاكَ وَأَنا مُصِرٌ عَلى ما نَهَيْتَني عَنْهُ قِلَّهُ حَياءٍ، وَتَرْكَ(1)الاسْتِغْفَارِ مَعَ عِلْمِي بِسَعَةِ رَحْمَتِكَ تَضْييعُ لِحَقِّ الرَّجاءِ .
اللَّهُمَّ إِنَّ ذُنوبي تُؤْيِسُني أَنْ أَرْجُوَكَ، وَإِنَّ عِلْمِي بِسَعَةِ رَحْمَتِكَ يُؤَمِّنُني أَنْ أَخْشَاكَ ، فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ . وَحَقِّقْ رَجآئي لَكَ،وَكَذَّبْ خَوْفي مِنْكَ،وَكُنْ(2)عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّي بِكَ،يا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ(3).(4)
ص: 199
بسْمِ اللّهِ وَبِاللّهِ ، وَمِنَ اللّهِ وإِلَى اللّهِ، وَفي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسولِ اللَّهِ[صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ] .
اللَّهُمَّ[إنّي]إِلَيْكَ أَسْلَمْتُ نَفْسي ، وَإِلَيْكَ وَجَّهْتُ وَجْهِي، وَإِلَيْكَ أَلْجَأْتُ ظَهْري ، وَإِلَيْكَ فَوَّضْتُ أَمْري .
اللَّهُمَّ احْفَظْني بِحِفْظِ الْإِيمَانِ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ ، وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَميني ، وَعَنْ شِمالي ، وَمِنْ فَوْقي وَمِنْ تَحْتِي، وَما قِبَلي ، وَادْفَعْ عَنِّي[كُلَّ سُوءٍ وَمَكْرً]بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ ، فَإِنَّهُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ.
بِسْمِ اللّهِ ، آمَنْتُ بِاللَّهِ ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ ، حَسْبِيَ اللّهُ .
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ أُموري كُلِّهَا ، وَأَعوذُ بِكَ مِنْ خِزْيِ الدُّنْيا وَعَذاب الآخِرَةِ.(1)
ص: 200
اللّهُمَّ طَيِّب ما طَهُرَ مِنّي ، وَطَهُرْ مَا طَابَ مِنِّي ، وَأَبْدِلْني شَعْراً طَاهِراً لا يَعْصيك.
اللّهُمَّ إِنِّي تَطَهَّرْتُ ابْتِغاءَ سُنَّةِ الْمُرْسَلينَ،وَابْتِغاءَ رِضْوانِكَ وَمَغْفِرَتِكَ،فَحَرِّمْ شَعْرِي وَبَشَرِي عَلَى النَّارِ،وَطَهِّرْ خَلْقِي،وَطَيِّبٌ خُلُقي،وَزَكُ عَمَلي،وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ يَلْقَاكَ عَلَى الْحَنيفيَّةِ السَّمْحَةِ(2)مِلَّةِ إِبْراهيمَ خَليلِكَ،وَ[دينِ]مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ حَبيبِكَ وَرَسولِك،عاملاً بِشَرائِعِك،تابعاً لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ[صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ]،آخِذاً بِهِ، مُتَأَدِّباً بِحُسْنِ تأديبِك،وَتَأديبٍ رَسولِكَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ،وَتَأْدِيبٍ أَوْلِيَائِكَ الَّذينَ غَذَوْتَهُمْ بِأَدَبِكَ،وَزَرَعْتَ الْحِكْمَةَ في صُدورِهِمْ، وَجَعَلْتَهُمْ مَعادِنَ لِعِلْمِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ.(3)
ص: 201
رَبِّ(2)كَمْ مِنْ نِعْمَةٍ أَنْعَمْتَ بِها عَلَيَّ قَلَّ لَكَ عِنْدَها شُكْري ، وَكَمْ مِنْ بَلِيَّةٍ أَبْتَلَيْتَني بِها قَلَّ لَكَ عِنْدَها صَبْرِي[،وَكَمْ مِنْ مَعْصِيَةٍ أَتَيْتُهَا فَسَتَرْتَهَا وَلَمْ تَفْضَحْني !](3).
فَيا مَنْ قَلَّ عِنْدَ نِعْمَتِهِ(4)شُكْرِي فَلَمْ يَحْرِمْني ، وَيا مَنْ قَلَّ عِنْدَ بَلائِهِ صَبْرِي فَلَمْ يَخْذُلْني[،وَيا مَنْ رَآنِي عَلَى الْمَعاصي فَلَمْ يَفْضَحْني](5).
يَا ذَا الْمَعْرُوفِ الَّذِي لا يَنْقَطِعُ أَبَداً ، وَياذَا النَّعْمَاءِ الَّتي لا تُحْصى عَدَداً ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَادْفَعْ عَنِّي
ص: 202
شَرَّهُ(1)،فَإِنِّي أَدْرَأُ بِكَ في نَحْرِهِ، وَأَسْتَعِيذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ،وَأَسْتَعِينُ عَلَيْهِ فَاكْفِنِي شَرَّهُ بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ،يَا أَرْحَمَ الرّاحِمينَ ](2).(3)
ص: 203
إلهي بَدَتْ قُدْرَتُكَ وَلَمْ تَبْدُ هَيْئَةٌ (2)فَجَهَلُوكَ ، وَقَدَّروك بِالتَّقْدِيرِ عَلَى غَيْرِ ما أَنْتَ بِهِ ، شَبَّهوكَ وَأَنَا بَرِيءٌ يا إلهي مِنَ الَّذِينَ بِالتَّشْبِيهِ طَلَبوكَ ، لَيْسَ كَمِثْلِكَ (3)شَيْءٌ إلهي وَلَمْ يُدْرِكوكَ ، وَظَاهِرُ ما بِهِمْ مِنْ نِعْمَةٍ دَليلُهُمْ عَلَيْكَ لَوْ عَرَفوكَ ، وَفِي خَلْقِكَ يا إلهي مَنْدوحَةٌ (4)أَنْ يَتَأَوَّلوكَ ، بَلْ سَوَّوْكَ بِخَلْقِكَ، فَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَعْرِفُوكَ، وَاتَّخَذُوا بَعْضَ آيَاتِكَ رَبِّاً، فَبِذلِكَ وَصَفَوكَ ، وَأَنَا بَرِي (5)يا إلهي مِمَّا (6)بِهِ الْمُشَبِّهونَ نَعَتوكَ.(7)
ص: 204
اللّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ الْحَقُّ[الْمُبِينُ]ذُو الْعِز الشامخ، وَالسُّلْطانِ الْبَاذِخِ(2)، وَالْمَجْدِ الْفَاضِلِ .
أنْتَ الْمَلِكُ الْقاهِرُ الْكَبِيرُ الْقَادِرُ الْغَنِيُّ الْفَاخِرُ، يَنامُ الْعِبادُ وَلا تَنامُ ، وَلا تَغْفَلُ وَلا تَسْأَمُ(3).
الْحَمْدُ للهِ الْمُحْسِنِ الْمُجْمِلِ ، الْمُنْعِمِ الْمُفْضِلِ ، ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ، وَذِي الْفَواضِلِ الْعِظامِ ، وَالْنَّعَمِ الْجِسامِ(4)وَصاحِبِ كُلِّ حَسَنَةٍ ، وَوَلِيٍّ كُلِّ نِعْمَةٍ ، لَمْ يَخْذُلْ عِنْدَ شَديدةٍ(5)، وَلَمْ يَفْضَحْ بِسَرِيرَةٍ ، وَلَمْ يُسْلِمْ بِجَريرَةِ(6)، وَلَمْ يُجز(7)في
ص: 205
مَوْطِنٍ، وَمَنْ هُوَ لَنا أَهْلَ الْبَيْتِ عُدَّةٌ وَرِدْهُ(1)عِنْدَ كُلِّ عَسير وَيَسيرٍ ، حَسَنُ الْبَلاءِ، كَرِيمُ الثَّنَاءِ ، عَظِيمُ الْعَفْوِ عَنّا .
أمْسَيْنا لا يُغنينا أحَدٌ إِنْ حَرَمْتَنا ، وَلا يَمْنَعُنا مِنْكَ أحَدٌ إِنْ أَرَدْتَنا ، فَلا تَحْرِمْنا فَضْلَكَ لِقِلَّةِ شُكْرِنا ، وَلا تُعَذِّبْنا لِكَثْرَةِ ذُنوبنا وَما قَدَّمَتْ أَيْدينا ، سُبْحانَ ذِي الْمُلْكِ وَالْمَلَكوتِ ، سُبْحانَ ذِي الْعِزَّةِ وَالْجَبَرُوتِ ، سُبْحانَ الْحَيِّ الَّذي لا يَموتُ.(2)
ص: 206
اللّهم إلَيْكَ رُفِعَتْ أيْدِي السَّائِلِينَ، وَقُدِّمَتْ(2)أَعْناقُ الْمُجْتَهدينَ، وَنُقِلَتْ أقدامُ الْخائِفِينَ، وَشَخُصَتْ أبْصَارُ الْعابِدِينَ(3)،وَأَفْضَتْ(4)قُلوبُ الْمُتَّقِينَ،وَطُلِبَتِ الْحَوائِجُ .
يا مُجيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ، وَمُعِينَ الْمَغْلوبينَ ، وَمُنَفِّسَ(5)كُرُباتِ الْمَكْروبينَ ، وَإِلهَ الْمُرْسَلِينَ، وَرَبَّ النَّبِيِّينَ وَالْمَلائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ ، وَمَفْزَعَهُمْ عِنْدَ الأَمْوَالِ وَالشَّدائِدِ العظام .
أَسْأَلُكَ أسألك اللّهمَّ بِمَا اسْتَعْمَلْتَ[بِهِ]مَنْ قامَ بِأَمْرِكَ ، وَعانَدَ عَدُوكَ ، وَاعْتَصَمَ(6)بِحَبْلِكَ ، وَصَبَرَ عَلَى الأَخْذِ بِكِتابِكَ ، مُحِباً لأَهْلِ طَاعَتِكَ ، مُبْغِضاً لأَهْلِ مَعْصِيَتِكَ ، مُجَاهِداً فيكَ حَنَّ
ص: 207
جِهَادِكَ، وَلَمْ تَأْخُذْهُ فيكَ لَوْمَةُ لأَئِمِ، ثُمَّ نَبَّيْتَهُ(1)بِما مَنَنْتَ بِهِ عَلَيْهِ ، فَإِنَّمَا الْخَيْرُ بِيَدِكَ ، أَنْتَ تَجْزِي بِهِ مَنْ رَضِيتَ عَنْهُ، وَفَسَحْتَ لَهُ فِى قَبْرِهِ، ثُمَّ بَعَثْتَهُ مُبْيَضَاً ،وَجْهُهُ، قَدْ آمَنْتَهُ مِنَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ، وَهَوْلِ يَوْمِ الْقِيامَةِ.(2)
ص: 208
اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ،وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ،وَتَوَلَّني فيمَنْ تَوَلَّيْتَ،وَبارِكْ لى فيما أَعْطَيْتَ،وَقِنِي شَرَّ ما قَضَيْتَ،إِنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضَى عَلَيْكَ،إِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ،وَلا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ،تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ،سُبْحانَكَ يا رَبَّ الْبَيْتِ الْحَرامِ .
اللّهُمَّ إِنَّكَ تَرى وَلا تُرى ، وَأَنْتَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَى ، وَإِنَّ بِيَدِكَ الْمَمَاتَ وَالْمَحْيا ، وَإِنَّ إِلَيْكَ الْمُنْتَهى وَالرُّجْعَى ، وَإِنَّا نَعوذُ بِكَ أَنْ نَذِلُ وَنَخْرَى .
الْحَمْدُ للهِ ذِي الْمُلْكِ وَالْمَلَكوتِ،[الْحَمْدُ للهِ ذِي الْعِزَّةِ وَالْجَبَرُوتِ ، الْحَمْدُ للهِ الْحَيِّ الَّذي لا يَموتُ]الْحَمْدُ للهِ الْعَزِيزِ
الْجَبّارِ الْحَكِيمِ (2)الْغَفَّارِ ، الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ، الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ .
[سُبْحانَ اللّهِ الْعَظيم،](3)سُبْحانَ اللّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ[صاحِبَةً وَلا]وَلَداً ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريلٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ
ص: 209
الذُّل ، وَلا مِثْل وَلا شَبية (1)،وَلا عِدْلٌ(2)،يا اللّه يا رَحْمَنُ.
(رَبَّنا لا تُؤَاخِذْنا إِنْ نَسينا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنَا بِهِ وأَعْفُ عَنّا وَأَغْفِرْ لَنا وَأَرْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)(3).
(رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهّابُ ﴾(4).
﴿رَبَّنَا أَصْرِفْ عَنّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إنْ عَذابَها كانَ غَراماً إنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرَا وَمُقَاماً )(5).
(رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْواجِنَا وَذُرِّيَاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إماما)(6).
اللّهمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ(7)، وَصَلِّ عَلَى مَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبِينَ ، وَأَنْبِيائِكَ الْمُرْسَلِينَ وَالصِّدِّيقِينَ ، وَأُولِي الْعَزْمِ(8)مِنَ
ص: 210
الْمُرْسَلِينَ،الَّذينَ أُوذُوا في جَنْبِكَ،وَجَاهَدوا فيكَ حَقَّ جِهادِكَ،وَقاموا بِأَمْرِكَ،وَوَحْدوكَ وَعَبَدوكَ حَتَّى أَتاهُمُ الْيَقينُ . اللّهُمَّ عَذَّبِ الْكَفَرَةَ الَّذينَ يَصُدِّونَ عَنْ كِتابِكَ ، وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ(1)وَعَذابَكَ ، وَاغْفِرْ لَنا وَلِلْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، وَأَوْزِعْهُمْ(2)أَنْ يَشْكُرُوا نِعْمَتَكَ الَّتي أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ، إِلهَ الْحَقِّ آمِينَ .
اللّهُمَّ ارْحَمْ عِبادَكَ الصَّالِحينَ مِنْ أَهْلِ السَّماواتِ وَالأَرْضِينَ، يا رَبَّ الْعالَمينَ . سُبْحانَ اللَّهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلَّا
اللّهُ، وَاللّهُ أَكْبَرُ . (عشر مرّات) ثمّ يسجد.(3)
ص: 211
اللّهُمَّ أَشْتَرِ مِنّي نَفْسِي(1)الْمَوْقوفَةَ عَلَيْكَ، الْمَحْبُوسَةَ لأمْرِكَ بِالْجَنَّةِ مَعَ مَعْصوم(2)مِنْ عِتْرَةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، مَخْرُونَ (3)لِظُّلامَتِهِ ، مَنْسُوب بولادَتِهِ ، تَمْلأُ بِهِ الْأَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَما مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً ، وَلا تَجْعَلْني مِمَّنْ تَقَدَّمَ فَمَرَقَ ، أَوْ تَأَخَّرَ فَمُحَقَ(4)، وَاجْعَلْني مِمَّنْ لَزِمَ فَلَحِقَ ،وَاجْعَلْنِي شَهيداً سعيداً في قَبْضَتِكَ.
يا إلهي سَهِّلْ لى نَصيباً جزيلاً (5)، وَقَضاءُ حَتْماً لا يُغَيِّرُهُ شَقاءٌ ، وَاجْعَلْني مِمَّنْ هَدَيْتَهُ فَهَدى (6)، وَزَكَّيْتَهُ فَنَجا ، وَوَالَيْتَ
ص: 212
فَاسْتَكْبَتْ (1)، فَلا سُلْطان لإبليسَ عَلَيْهِ ، وَلا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهِ ، وَمَا اسْتَعْمَلْتَني فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَاجْعَلْ فِي الْحَلالِ مَأْكَلي (2)وَمَلْبَسي وَمَنْكَحي .
وَقَنَّعْني وَنَعَمْني يا إلهي بِمَا رَزَقْتَنِي ، وَمَا رَزَقْتَنِي مِنْ رِزْقٍ فيهِ عَدْلاً حَتَّى أَرى قَليلَهُ كَثيراً ، وَأَبْذُلَهُ فيكَ بَذْلاً ، وَلا تَجْعَلْني مِمَّنْ طَوَّلْتَ لَهُ فِي الدُّنْيا أَمَلَهُ، وَقَدِ انْقَضى أَجَلُهُ، وَهُوَ مَغْبُونٌ (3)عَلَيْهِ عَمَلُهُ.
أَسْتَوْدِعُكَ يا إلهي غُدُوِّي وَرَواحِي وَمَقيلي وَأَهْلَ وِلايَتي مَنْ (4)كانَ مِنْهُمْ أَوْ هُوَ كَائِنٌ ، زَيَّني وَإِيَّاهُمْ بِالتَّقْوى وَالْيُسْرِ، وَاطْرُدْ عَنّي وَعَنْهُمُ الشَّلَّ وَالْعُسْرَ، وَامْنَعْني وَإِيَّاهُمْ مِنْ ظُلم الظُّلَمَةِ، وَأَعْيُنِ الْحَسَدَةِ، وَاجْعَلْنِي وَإِيَّاهُمْ مِمَّنْ حَفِظْتَ،وَاسْتُرْني وَإِيَّاهُمْ فِيمَنْ سَتَرْتَ،[وَاجْعَلْ آلَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ أَئِمَّتِي وَقادَتي وَآمِنْ رَوْعَتَهُمْ وَرَوْعَتي،] وَاجْعَلْ حُبِّي وَنُصْرَتي وديني فيهِمْ وَلَهُمْ ، فَإِنَّكَ إِنْ وَكَلْتَني إِلى نَفْسي زَلَّتْ قَدَمي .
ص: 213
ما أَحْسَنَ ما صَنَعْتَ بي يارَبِّ إذْ هَدَيْتَني لِلإسْلام وَبَصَّرْتَني مَا جَهِلَهُ غَيْرِي ، وَعَرَّفْتَني مَا أَنْكَرَهُ غَيْرِي ، وَأَلْهَمْتَني ما ذَهِلُوا عَنْهُ (1)، وَفَهَمْتَني قَبِيحَ مَا فَعَلُوا وَضَيَّعوا(2)حَتَّى شَهِدْتُ مِنَ الأَمْرِ ما لَمْ يَشْهَدُوا وَأَنَا غَائِبٌ ، فَما نَفَعَهُمْ قُرْبُهُمْ، وَلا ضَرَّني بُعْدِي ، وَأَنَا مِنْ تَحْوِيلِكَ إِيَّايَ عَنِ الْهُدَى وَجِلٌ(3)وَما تَنْجو نَفْسي إِنْ نَجَتْ إِلَّا بِكَ ، وَلَنْ يَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ إِلَّا عَنْ بَيِّنَةٍ !
رَبِّ نَفْسي غَريقُ خَطايا مُجْحِفَةٍ(4)، وَرَهِينُ ذُنوبٍ مُوبِقَةٍ ، وَصاحِبُ عُيوبِ جَمَّةٍ (5)، فَمَنْ حَمِدَ عِنْدَكَ نَفْسَهُ فَإِنِّي عَلَيْهَا زار (6)، وَلا أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِإِحْسانِ ، وَلا فِي جَنْبِكَ (7)سُفِكَ دَمي ، وَلَمْ يُنْحِلِ الصِّيامُ وَالْقِيامُ جِسْمي ، فَبِأَيِّ ذَلِكَ أُزَكِّي نَفْسي وَأَشْكُرُها عَلَيْهِ وَأَحْمَدُها [ بِهِ ] ؟ بَلِ الشُّكْرُ لَكَ.
اللَّهُمَّ لِسِتْرِكَ عَلى ما في قَلْبِي ، وَتَمَامِ النِّعْمَةِ عَلَيَّ في ديني ، وَقَدْ أَمَتَّ مَنْ كانَ مَوْلِدُهُ مَوْلِدِي ، وَلَوْ شِئْتَ لَجَعَلْتَ
ص: 214
نَفَادِ عُمُرِهِ عُمُري.
ما أَحْسَنَ ما فَعَلْتَ بي يا رَبِّ، لَمْ تَجْعَلْ سَهْمي(1)فيمَنْ لَعَنْتَ ، وَلا حَظَّي فيمَنْ أَهَنْتَ ، إِلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ مِلْتُ بِهَوايَ وَإِرَادَتِي وَمَحَبَّتِي.
فَفي مِثْلِ سَفِينَةِ نوح عَلَيْهِ السَّلامُ فَاحْمِلْني ، وَمَعَ الْقَليل فَنَجِّني ، وَفِيمَنْ نَحْرُحْتَ عَنِ النَّارِ فَزَحْزِحْنِي، وَفِيمَنْ أَكْرَمْتَ بِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ [ عَلَيْهِمُ السَّلامُ فَأَكْرِمْني ، وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ]صَلَواتُكَ وَرَحْمَتُكَ وَرِضْواتُكَ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّارِ
ص: 215
اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَنْهَجْتَ(1)سُبُل(2)الدَّلالَةِ[عَلَيْكَ]بِأَعْلام الْهِدايَةِ بِمَنَّكَ عَلى خَلْقِكَ، وَأَقَمْتَ لَهُمْ مَنارَ الْقَصْدِ إِلَى طَريقِ أَمْرِكَ بِمَعادِنِ[لُطْفِكَ]،وَتَوَلَّيْتَ أَسْبَابَ الإِنابَةِ إِلَيْكَ بِمُسْتَوْضِحاتٍ مِنْ حُجَجِكَ،قُدْرَةٌ مِنْكَ عَلَى اسْتِخْلاص أَفاضِلِ عِبادِكَ،وَحَضْاً(3)لَهُمْ عَلَى أَداءِ مَضْمونِ شُكْرِكَ،وَجَعَلْتَ تِلْكَ الأَسْبَابَ لِخَصائِصَ مِنْ أَهْلِ الإحْسانِ عِنْدَكَ،وَذَوِي الْحِبَاءِ(4)لَدَيْكَ،تَفَضُّلاً(5)لأَهْلِ الْمَنازِلِ مِنْكَ ، وَتَعْلِيماً أَنَّ ما أَمَرْتَ[بِهِ]مِنْ ذَلِكَ مُبَرَّةٌ مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ إِلَّا بِكَ ، وَشاهِداً في إمْضَاءِ (6)الْحُجَّةِ عَلَى عَدْلِكَ ،وَقِوام وُجوبِ حُكْمِكَ.
اللّهُمَّ وَقَدِ اسْتَشْفَعْتُ الْمَعْرِفَةَ بِذلِكَ إِلَيْكَ ، وَوَثِقْتُ
ص: 216
بفَضيلتِها عِنْدَكَ،وَقَدَّمْتُ الثَّقَةَ بِكَ وَسيلَةً فِي اسْتِنْجاز مَوْعودِكَ،وَالأُخْذِ بِصالِح ما نَذَبْتَ إِلَيْهِ عِبَادَكَ،وَأَنْتِجاعاً(1)بِها مَحَلَّ تَصْدِيقِكَ،وَالإنْصاتَ إِلَى فَهُم غَبَاوَةِ الْفِطَنِ عَنْ تَوْحِيدِكَ،عِلْماً مِنّي بِعَواقِبِ الْخِيَرَةِ في ذلِكَ،وَاسْتِرْ شاداً لِبُرْهانِ آياتِكَ،وَاعْتَمَدْتُكَ حِرْزاً واقِياً مِنْ دونِكَ،وَاسْتَنْجَدْتُ الاعْتِصامَ(2)بِكَ كافياً (3)مِنْ أَسْبابِ خَلْقِكَ،فَأَرِنِي مُبَشِّرَاتٍ مِنْ إجابَتِكَ تَفي(4)بِحُسْنِ الظَّنِّ بِكَ،وَتَنْفِي عَوارِضَ التُّهَم لِقَضائِكَ،فَإِنَّهُ ضَمانُكَ لِلْمُجْتَدينَ(5)،وَوَفاؤُكَ لِلرَّاغِبينَ إِلَيْكَ .
اللّهُمَّ وَلا أَذِلَّنَّ عَلَى التَّعَرُّزِ بِكَ،وَلا أَسْتَقْفِيَنَّ(6)نَهْجَ الضَّلالَةِ عَنْكَ،وَقَدْ أَمَّتْكَ(7)رَكائِبُ طَلِبَتي،وَأَنيخَتْ(8)نَوازِعُ الآمالِ مِنّى إِلَيْكَ،وَناجاكَ عَزْمُ الْبَصائِر لى فيك .
اللّهُمَّ وَلا أَسْلَبَنَّ عَوائِدَ مِنَنِك(9)غَيْرَ مُتَوَسُماتٍ (10)
ص: 217
إِلى غَيْرِكَ .
اللَّهُمَّ وَأَوْجِدْ(1)لي وُصْلَةَ(2)الإنْقِطاع إلَيْكَ ، وَأصْدُدْ(3)قوى سَبَبي عَنْ سِواكَ حَتَّى أَفِرَّ عَنْ مَصارع الهَلَكاتِ إِلَيْكَ ، وَأَحُثُّ الرّحْلَةَ إلى إيثارِكَ بِاسْتِظْهَارِ الْيَقِينَ فِيكَ ، فَإِنَّهُ لا عُذْرَ لِمَنْ جَهِلَكَ بَعْدَ اسْتِعْلاءِ(4)القَناءِ عَلَيْكَ، وَلا حُجَّةَ لِمَنِ اخْتُزِلَ(5)عَنْ طَريقِ الْعِلْمِ بِكَ مَعَ إِزاحَةِ الْيَقِينِ عَنْ مَواضِعِ(6)الشُّكوكِ فيك،وَلا يَبْلُغُ إِلى قَضائِكَ [فَضَائِلُ]الْقِسَمِ(7)إِلَّا بِتَأْييدِكَ وَتَسْديدِكَ(8)،فَتَوَلَّنِي بِتَأْييد(9)مِنْ عَوْنِكَ،وَكَافِني عَلَيْهِ بِجَزِيلٍ عَطَائِكَ .
اللَّهُمَّ اثْني عَلَيْكَ أَحْسَنَ الثَّنَاءِ،لأَنَّ بَلاءَكَ عِنْدِي أَحْسَنُ الْبَلاءِ،أَوْقَرْتَنى(10)نِعَماً وَأَوْقَرْتُ نَفْسِي ذُنوباً، كَمْ مِنْ نِعْمَةٍ
ص: 218
أَسْبَغْتَها عَلَيَّ لَمْ أُؤَدِّ شُكْرَها ، وَكَمْ مِنْ خَطِيئَةٍ أَحْصَيْتَهَا عَلَيَّ أَسْتَحيِي مِنْ ذِكْرِها ، وَأَخافُ جَزاءَها ! إِنْ تَعْفُ لي عَنْها فَأَهْلُ ذلِكَ أَنْتَ ، وَإِنْ تُعاقِبَنِي عَلَيْهَا فَأَهْلُ ذَلِكَ أَنا .
اللّهُمَّ فَارْحَمْ نِدائي إذا نادَيْتُكَ،وَأَقْبِلْ عَلَيَّ إِذا نَاجَيْتُكَ،فَإِنِّي مُعْتَرِفٌ(1)لَكَ بِذُنوبي،وَأَذْكُرُ لَكَ حَاجَتي،وَأَشْكُو إِلَيْكَ مَسْكَنَتِي وَفاقَتي ، وَقَسْوَةَ قَلْبِي ، وَمَيْلَ نَفْسي،[فَإِنَّكَ قُلْتَ:(فَمَا أَسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرْعُونَ)(2)وَها أَنَا ذا يا إلهي قَدِ اسْتَجَرْتُ بِكَ ، وَقَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ مُسْتَكيناً،مُتَضَرِّعاً إِلَيْكَ،راجياً لِما عِنْدَكَ،تَراني وَتَعْلَمُ ما في نَفْسی،]وَتَسْمَع كَلامي،وَتَعْرِفُ حَاجَتي وَمَسْكَنَتِي(3)وَحالي وَمُنْقَلَبِي وَمَثْوايَ وَما أُريدُ أَنْ أَبْتَدِى فِيهِ[مِنْ]مَنْطِقي، وَالَّذِي أَرْجُو مِنْكَ في عاقِبَةِ أَمْرِي،وَأَنْتَ مُحْصِ لِما أُريدُ التَّفَوُّة(4)بِهِ مِنْ مَقالَتي(5).
جَرَتْ (6)مَقاديرُكَ بِأَسْبابي وَما يَكونُ مِنّي في سَريرَتي وَعَلانِيَتي ، وَأَنْتَ مُتَمِّم لي ما أَخَذْتَ عَلَيْهِ ميثاقي، وَبِيَدِكَ لا بِيَدِ غَيْرِكَ زِيادَتِي وَنُقْصَانِي.
ص: 219
فَأَحَقُّ ما أُقَدِّمُ إِلَيْكَ قَبْلَ الذِّكْرِ لِحاجَتي ، وَالتَّفَوُّهِ بِطَلِبَتي شَهادَتِي بِوَحْدَانِيَّتِكَ ، وَإِقْراري بِرُبوبِيَّتِكَ الَّتى ضَلَّتْ عَنْهَا الآراء، وتاهَتْ فِيهَا الْعُقولُ ، وَقَصُرَتْ دونَهَا الأَوْهامُ، وَكَلَّتْ عَنْهَا الأَحْلامُ ، وَانْقَطَعَ دونَ كُنْهِ(1)مَعْرِفَتِهَا مَنْطِقُ الْخَلَائِقِ ، وَكَلَّتِ الأَلْسُنُ عَنْ عَايَةِ وَصْفِها ، فَلَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَبْلُغَ شَيْئاً مِنْ وَصْفِكَ ، وَيَعْرِفَ شَيْئاً مِنْ نَعْتِكَ إلّا ما حَدَّدْتَهُ وَوَصَفْتَهُ وَوَقَفْتَهُ عَلَيْهِ وَبَلَّغْتَهُ إِيَّاهُ ، فَأَنَا مُقِرٌّ بِأَنّي لا أَبْلُغَ مَا أَنْتَ أَهْلُهُ مِنْ تَعْظيم جَلالِكَ ، وَتَقْدِيسِ مَجْدِكَ، وَتَمْجِيدِكَ وَكَرَمِكَ ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْكَ ، وَالْمَدْحَ لَكَ ، وَالذِّكْرِ لآلائِكَ، وَالْحَمْدِ لَكَ عَلَى بَلائِكَ، وَالشُّكْرِ لَكَ عَلى نَعْمائِكَ ، وَذَلِكَ ما تَكِلُّ الْأَلْسُنُ عَنْ صِفَتِهِ،وَتَعْجُرُ الأَبْدالُ عَنْ أَدْنى(2)شُكْرِهِ،وَإِقْرَارِي[لَكَ]بِمَا أَحْتَطَبْتُ عَلَى نَفْسي،مِنْ مُوبِقاتِ الذُّنوبِ الَّتِي قَدْ أَوْبَقَتْنِي،وَأَخْلَقَتْ عِنْدَكَ وَجْهي،وَلِكَثيرِ(3)خَطيئَتي،وَعَظيمٍ جُرْمي .
هَرَبْتُ إِلَيْكَ رَبِّي وَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ مَوْلايَ ، وَتَضَرَّعْتُ إِلَيْكَ سَيِّدي ، لأقرَّ لَكَ بِوَحْدانِيَّتِكَ ، وَبِوُجودِ رُبوبِيَّتِكَ ، وَأَثْني عَلَيْكَ بما أَثْنَيْتَ عَلى نَفْسِكَ ، وَأَصِفُكَ بِما يَليقُ بِكَ مِنْ صِفاتِكَ، وَأَذْكُرُ ما أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ مِنْ مَعْرِفَتِكَ ، وَأَعْتَرِفُ لَكَ
ص: 220
بِذُنوبي وَأَسْتَغْفِرُكَ لِخَطيئَتِي ، وَأَسْأَلُكَ التَّوْبَةَ مِنْهَا إِلَيْكَ ، وَالْعَوْدَ مِنْكَ عَلَيَّ بِالْمَغْفِرَةِ لَهَا فَإِنَّكَ قُلْتَ:(أَسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَاراً)(1)،وَقُلْتَ:(ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرينَ)(2).
إلهي (3)إِلَيْكَ اعْتَمَدْتُ لِقَضاءِ حاجَتي ، وَبِكَ أَنْزَلْتُ الْيَوْمَ فَقْرِي وَفاقَتي ، الْتِماساً مِنِّي لِرَحْمَتِكَ ، وَرَجَاءَ مِنِّي لِعَفْوِكَ ، فَإِنِّي لِرَحْمَتِكَ وَعَفْوِكَ أَرْجِى مِنِّي لِعَمَلي، وَرَحْمَتُكَ وَعَفْوك أَوْسَعُ مِنْ ذُنوبي ، فَتَوَلَّ الْيَوْمَ قَضَاءَ حَاجَتِي بِقُدْرَتِكَ عَلَى ذَلِكَ تَيْسير ذلِكَ عَلَيْكَ ، فَإِنِّي لَمْ أَرَ(4)خَيْراً قَطُّ إِلَّا مِنْكَ ، وَلَمْ يَصْرِفْ عَنِّي سُوءَ قَطُّ أَحَدٌ غَيْرُكَ ، فَارْحَمْنِي سَيِّدِي يَوْمَ يُفْرِدُنِي النَّاسُ في حُفْرَتي،وَأَفْضي(5)إِلَيْكَ بِعَمَلي،فَقَدْ قُلْتَ سَيِّدي:﴿وَلَقَدْ نادانا نوحُ فَلَنِعْمَ الْمُجيبونَ ﴾(6).
أَجَلْ!وَعِزَّتِكَ[يا]سَيِّدي لَنِعْمَ الْمُجِيبُ أَنْتَ،وَلَنِعْمَ الْمَدْعُو[أَنْتَ،وَلَنِعْمَ الْمُسْتَعانُ أَنْتَ،]وَلَنِعْمَ الرَّبُّ أَنْتَ،وَلَنِعْمَ الْقَادِرُ أَنْتَ ، وَلَنِعْمَ الْخَالِقُ أَنْتَ ، وَلَنِعْمَ الْمُبْدِىءُ أَنْتَ،
ص: 221
وَلَنِعْمَ الْمُعِيدُ أَنْتَ، وَلَنِعْمَ الْمُسْتَعَانُ أَنْتَ ، وَلَنِعْمَ الصَّريخ أَنْتَ.
فَأَسْأَلُكَ يا صَريخَ الْمَكْروبينَ ، وَيَا غِياتَ الْمُسْتَغِيثِينَ ، وَيا وَليَّ الْمُؤْمِنينَ، وَالْفَعالُ لِما يُريدُ یا کَریمُ یا کَریمُ یا كَريمُ أَنْ تُكْرِمَني في مقامي هذا وفيما بَعْدَهُ كَرامَةً لَا تُهيتُنِي بَعْدَها أَبَداً وَأَنْ تَجْعَلَ أَفْضَلَ جَائِزَتِكَ الْيَوْمَ فَكاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ وَالْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ ، وَأَنْ تَصْرِفَ عَنِّي شَرَّ كُلِّ جَبّارٍ عَنيدٍ ، وَشَرَّ كُلِّ شَيْطَانٍ مَريدِ ، وَشَرَّ كُلِّ ضَعِيفٍ مِنْ خَلْقِكَ أَوْ شَدِيدٍ ، وَشَرَّ كُلِّ قَرِيبٍ أَوْ بَعيدٍ ، وَشَرَّ كُلِّ مَنْ ذَرَأْتَهُ وَبَرَأْتَهُ وَأَنْشَأْتَهُ وَابْتَدَعْتَهُ، وَمِنْ شَرِّ الصَّواعِقِ وَالْبَرْدِ وَالرّيحِ وَالْمَطَرِ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٌّ ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ دابَّةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ ، بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.(1)
ص: 222
سُبْحانَكَ اللّهُمَّ وَحَنانَيْكَ(2)! سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَعَالَيْتَ!سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَالْعِزُّ إِزارُكَ!سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَالْعَظَمَةُ رِداؤُكَ(3)!سُبْحانَكَ اللّهُمَّ وَالْكِبْرياءُ سُلْطانُكَ ! سُبْحَانَكَ مِنْ عَظِيمٍ ما أَعْظَمَكَ ! سُبْحانَكَ سُبِّحْتَ فِي الْمَلأُ الأَعْلى ![سُبْحانَكَ]تَسْمَعُ وَتَرى ما تَحْتَ الثَّرى ! سُبْحانَكَ أَنْتَ شَاهِدُ كُلِّ نَجْوى(4)!سُبْحانَكَ [أَنْتَ]مَوْضِعُ كُلِّ شَكْوى!سُبْحانَكَ حاضِرُ كُلِّ مَلأ ! سُبْحانَكَ عَظِيمُ الرَّجاءِ ! سُبْحانَكَ تَرى ما في قَعْرِ الْمَاءِ !
ص: 223
سُبْحانَكَ تَسْمَعُ أَنْفَاسَ الْحيتان في قُعُورِ الْبِحارِ ! سُبْحانَكَ تَعْلَمُ وَزْنَ السَّماواتِ ! سُبْحانَكَ تَعْلَمُ وَزْنَ الأَرَضِينَ(1)!
سُبْحانَكَ تَعْلَمُ وَزْنَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ! سُبْحانَكَ تَعْلَمُ وَزْنَ الظُّلْمَةِ وَالنُّورِ ! سُبْحانَكَ تَعْلَمُ وَزْنَ الْفَيْ ءِ (2)وَالْهَواءِ ! سُبْحَانَكَ تَعْلَمُ وَزْنَ الرّيح كَمْ هِي مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّة ! سُبْحانَكَ قُدُّوسٌ قدوس قُدُّوسٌ!سُبْحانَكَ عَجَباً لِمَنْ(3)عَرَفَكَ كَيْفَ لا يَخافُكَ ! سُبْحانَكَ(4)اللّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ!سُبْحانَكَ رَبِّي العَلِي الْعَظيمِ[وَبِحَمْدِهِ]!(5)
ص: 224
الْحَمْدُ للهِ الَّذي تَجَلّى لِلْقُلوبِ بِالْعَظَمَةِ ، وَاحْتَجَبَ عَنِ الأَبْصارِ بِالْعِزَّةِ ، وَاقْتَدَرَ عَلَى الأَشْياءِ بِالْقُدْرَةِ ، فَلَا الأَبْصَارُ تَنْبُتُ لِرُؤْيَتِهِ، وَلَا الأَوْهامُ تَبْلُغُ كُنْة(1)عَظَمَتِهِ.
تَجَبَّرَ بِالْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِياءِ ، وَتَعَطَّفَ بِالْعِزّ وَالْبِرِّ وَالْجَلالِ ، وَتَقَدَّسَ بِالْحُسْنِ وَالْجَمَالِ ، وَتَمَجَّدَ بِالْفَخْرِ وَالْبَهَاءِ ، وَتَهَلَّلَ بِالْمَجْدِ وَالآلاءِ(2)، وَاسْتَخْلَصَ بِالنّورِ وَالضّياءِ .
خالق لا نظير لَهُ ، وَأَحَدٌ لا نِدَّ(3)لَهُ ، وَواحِدٌ لا ضِدَّ لَهُ، وَصَمَدٌ لا كُفْوَ لَهُ ، وَإِلهُ لا ثانِيَ مَعَهُ،وَفَاطِرٌ لا شَرِيكَ لَهُ، وَرازِقٌ لا مُعينَ لَهُ ، وَالأَوَّلُ بِلا زَوالٍ ، وَالدّائِمُ بِلا فَناءِ ، وَالْقائِمُ بِلا عَناءِ، وَالْمُؤْمِنُ بِلا نِهَايَةٍ(4)، وَالْمُبْدِى بِلا أَمَدٍ ، وَالصَّانِعُ بِلا أَحَدٍ، وَالرَّبُّ بِلا شَرِيكٍ، وَالْفَاطِرُ(5)بِلا كُلْفَةٍ ، وَالفَعالُ بِلا عَجْزِ .
ص: 225
لَيْسَ لَهُ حَلٌّ فِي مَكانٍ ، وَلا غايَةٌ في زَمَانٍ ، لَمْ يَزَلْ وَلا يَزولُ ، وَلَنْ يَزالَ كَذَلِكَ أَبَداً ، هُوَ الإله الْحَيُّ الْقَيُّومُ، الدائم
الْقَديمُ، الْقادِرُ الْحَكيمُ(1).
إلهي عُبَيْدُكَ(2)بِفِنائِكَ ، سَائِلُكَ بِفِنائِكَ ، فَقيرُكَ بِفِنائِكَ ، (ثلاثاً).
إلهي لَكَ يَرْهَبُ الْمُتَرَهّبونَ(3)،وَإِلَيْكَ أَخْلَصَ الْمُبْتَهِلُونَ،رَهْبَةً لَكَ وَرَجَاءٌ لِعَفْوِكَ .
يا إِلهَ الْحَقِّ أَرْحَمْ دُعاءَ الْمُسْتَصْرِحْينَ،وَأَعْفُ عَنْ جَرَائِمِ العَافِلِينَ،وَزِدْ فِي إِحْسانِ الْمُنيبينَ(4)،يَوْمَ الْوُفودِ عَلَيْكَ،یا کَریم یا کَریم.(5)
ص: 226
مَوْلايَ مَوْلايَ ، أَنْتَ الْمَوْلَى وَأَنَا الْعَبْدُ ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْعَبْدَ إِلَّا الْمَوْلَى ؟!
مَوْلايَ مَوْلايَ ، أَنْتَ الْعَزيزُ وَأَنَا الدَّليلُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الذُّليلَ إِلَّا الْعَزيزُ ؟!
مَوْلايَ مَوْلايَ ، أَنْتَ الْخالِقُ وَأَنَا الْمَخْلُوقُ ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَخْلُوقَ إِلَّا الْخالِقُ ؟!
مَوْلايَ مَوْلايَ ، أَنْتَ الْمُعْطى وَأنَا السّائِلُ ، وَهَلْ يَرْحَمُ السّائِلَ إِلَّا الْمُعْطي ؟!
مَوْلايَ مَوْلايَ ، أَنْتَ الْمُغِيثُ وَأَنَا الْمُسْتَغِيثُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمُسْتَغِيثَ إِلَّا الْمُغِيثُ ؟!
مَوْلايَ مَوْلايَ ، أَنْتَ الْباقِي وَأَنَا الْفَانِي، وَهَلْ يَرْحَمُ الْفَانيَ إلَّا الباقي ؟!
مَوْلايَ مَوْلايَ ، أَنْتَ الدّائِمُ وَأنَا الزَّائِلُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الزّائِلَ إِلَّا الدّائِمُ ؟!
مَوْلايَ مَوْلايَ ، أَنْتَ الْحَيُّ وَأَنَا الْمَيِّتُ ، وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَيِّتَ
ص: 227
إِلَّا الْحَيُّ ؟!
مَوْلايَ مَوْلايَ ، َأنْتَ الْقَوِيُّ وَأنَا الضَّعِيفُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الضَّعِيفَ إِلَّا الْقَوِيُّ ؟!
مَوْلايَ مَوْلايَ ، أَنْتَ الْغَنِيُّ وَأَنَا الفَقيرُ ، وَهَلْ يَرْحَمُ الفَقير إِلَّا الْغَنِيُّ ؟!
مَوْلايَ مَوْلايَ َأنْتَ الْكَبِيرُ وَأَنَا الصَّغِيرُ، وَهَلْ يَرْحَمُ الصَّغيرَ إِلَّا الْكَبيرُ ؟!
مَوْلايَ مَوْلايَ،أنْتَ الْمالِك وَأنَا الْمَمْلُولُ،وَهَلْ يَرْحَمُ الْمَمْلُوكَ إِلَّا الْمَالِكُ ؟!(1)
ص: 228
اللّهُمَّ يامَنْ خَصَّ مُحَمَّداً وَآلَهُ بِالْكَرَامَةِ ، وَحَباهُمْ(1)بِالرِّسالَةِ، وَخَصَّصَهُمْ(2)بِالْوَسيلَةِ(3)، وَجَعَلَهُمْ وَرَثَةَ الأَنْبِياءِ، وَخَتَمَ بِهِمُ الأَوْصِياءَ وَالأَئِمَّةَ ، وَعَلَّمَهُمْ عِلْمَ ما كانَ وَما بَقِيَ «وَجَعَلَ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ»(4).
فَصَلِّ(5)عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ،وَأَفْعَلْ بِنا ما أَنْتَ أَهْلُهُ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيا وَالآخِرَةِ،إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ.(6)
ص: 229
اللَّهُمَّ وَآدَمُ(1)بَديعُ فِطْرَتِكَ، وَأَوَّلُ مُعْتَرِف مِنَ الطِّينِ بربوبيتِكَ ، وَبِكْرُ(2)حُجَّتِكَ عَلى عِبادِكَ وَبَرِيَّتِكَ ، وَالدَّليلُ عَلَى الاستجارَةِ بِعَفْوِكَ مِنْ عِقابِكَ ، وَالنَّاهِجُ سُبُل(3)تَوْبَتِكَ ، وَالْمُتَوَسَّلُ(4)بَيْنَ الْخَلْقِ(5) وَبَيْنَ مَعْرِفَتِكَ ، وَالَّذِي لَقَتْتَهُ(6)ما رَضِيتَ بِهِ عَنْهُ ، بِمَنِّكَ عَلَيْهِ وَرَحْمَتِكَ لَهُ، وَالْمُنيبُ الَّذِي لَمْ يُصِرَّ عَلَى مَعْصِيَتِكَ ، وَسَابِقُ الْمُتَذَلِّلِينَ بِحَلْقِ رَأْسِهِ في حَرَمِكَ ، وَالْمُتَوَسِّلُ بَعْدَ الْمَعْصِيَةِ بِالطَّاعَةِ إِلى عَفْوكَ ، وَأَبُو الأَنْبِياءِ الَّذينَ أوذوا فى جَنْبِكَ، وَأَكْثَرُ سُكّانِ الْأَرْضِ سَعْياً ونشاطاً في طَاعَتِكَ . فَصَلِّ عَلَيْهِ أَنْتَ يَا رَحْمَنُ وَمَلائِكَتُكَ وَسُكّانُ سَماواتِكَ وَأَرْضِكَ ، كَما عَظَمَ حُرُماتِكَ ، وَدَلَّنا عَلَى سَبيلِ مَرْضاتِكَ ، يا أَرْحَمَ الرّاحِمينَ.(7)
ص: 230
اللّهم(2)لا تُشْمِتْ بي عَدُوّي ، وَلا تَفْجَع بي حميمي وَصَديقي .
إلهي هَبْ لي لَحْظَةٌ مِنْ لَحظاتِكَ ، تَكْشِفُ بِها عَنّي مَا أَبْتَلَيْتَني بِهِ، وَتُعِيدُني إلى أَحْسَنِ عاداتِكَ عِنْدِي ، وَأَسْتَجِبْ دعائي وَدُعاءَ مَنْ أخْلَصَ لَكَ دُعاءَهُ ، فَقَدْ ضَعُفَتْ قُوَّتي ، وَقَلَّتْ حيلتي ، وَاشْتَدَّتْ حالي ، وَأَبِسْتُ مِمَّا عِنْدَ خَلْقِكَ فَلَمْ يَبْقَ لي إِلَّا رَجَاؤُكَ .
إِلهِي إِنَّ قُدْرَتَكَ عَلَىٰ كَشْفِ مَا أَنَا فِيهِ ، كَقُدْرَتِكَ عَلَى مَا ابْتَلَيْتَني بِهِ، وَإِنَّ ذِكْرَ عَوائِدِكَ(3)يُؤْنِسُني ، وَالرَّجَاءَ في إنْعامِكَ وَفَضْلِكَ يُقَوّيني ، لأنّي لَمْ أَخْلُ مِنْ نِعْمَتِكَ مُنْذُ خَلَقْتَني.
ص: 231
وَأَنْتَ إلهي مَفْزَعِي وَمَلْجَأَيِ ، وَالْحافِظ [الى](1)،وَالذَّابُ(2)عَنِّي،الْمُتَحَنَّنُ عَلَيَّ الرَّحِيمُ بي،الْمُتَكَفِّلُ بِرِزْقي،في قَضائِكَ كانَ ما حَلَّ بي ، وَبِعِلْمِكَ ما صِرْتُ إِلَيْهِ.
فَاجْعَلْ [لي ] يا وَلِيّي وَسَيِّدي فيما(3)قَدَّرْتَ وَقَضَيْتَ عَلَيَّ ، وَحَتَمْتَ عافِيَتِي وَما فِيهِ صَلاحِي وَخَلاصِي مِمَّا أَنَا فِيهِ ، فَإِنِّي لا أَرْجُو لِدَفْع ذلِكَ غَيْرَكَ ، وَلا أَعْتَمِدُ فيهِ إِلَّا عَلَيْكَ ، فَكُنْ[لي]ياذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ عِنْدَ أَحْسَنِ ظَنِّي بِكَ ، وَأَرْحَمْ ضَعْفِي وَقِلة حيلتي ، وَأكْشِفْ كُرْبَتِي، وَأَسْتَجِبْ دَعْوَتِي، وَأَقِلْني عَشْرَتي ، وَآمْنُنْ عَلَيَّ بِذلِكَ وَعَلى كُلِّ داعٍ لَكَ ، أَمَرْتَني يا سَيِّدي بِالدُّعاءِ وَتَكَفَّلْتَ(4)بالإجابةِ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ الذي لا خُلْفَ فِيهِ وَلا تَبْدِيلَ .
فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَعَبْدِكَ وَعَلَى الطَّاهِرِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَأَغِثْني فَإِنَّكَ غِياتُ مَنْ لا غِياثَ لَهُ ، وَحِرْزُ مَنْ لا حِرْزَ لَهُ ، وَأَنَا الْمُضْطَرُ (5)الَّذِي أَوْجَبْتَ إِجابَتَهُ وَكَشْفَ مَا بِهِ مِنَ السُّوءِ، فَأَجِبْنِي وَاكْشِفْ هَمِّي ، وَفَرِّجْ غَمِّي(6)، وَأَعِدْ حالي إِلَى أَحْسَنِ
ص: 232
ما كانَتْ(1)عَلَيْهِ،وَلا تُجازِنِي بِالاسْتِحْقَاقِ،وَلكِنْ بِرَحْمَتِكَ الَّتي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ،يَاذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ،وَأَسْمَعْ وَأَجِبْ يا عَزِيزُ.(2)
ص: 233
إنَّهُ لَيْسَ يَرُدُّ غَضَبَكَ إلَّا حِلْمُكَ، وَلا يُنجي مِنْ عِقابِكَ إِلَّا عَفْوُكَ ، وَلا يُخَلِّصُ مِنْكَ إِلَّا رَحْمَتُكَ وَالتَّضَرُّعُ إلَيْكَ ، فَهَبْ لي يا إلهي فَرَجاً بِالْقُدْرَةِ الَّتِي بِها تُحْيِي مَيْتَ الْبِلادِ، وَبِها تَنْشُرُ أَرْواحَ الْعِبادِ، وَلا تُهْلِكُني وَعَرَّفْنِي الإجابَةَ يارَبِّ ، وَارْفَعْني وَلا تَضَعْني ، وَأَنْصُرْنِي وَارْزُقْنِي ، وَعَافِنِي مِنَ الآفات .
يا رَبِّ إِنْ تَرْفَعْنِي فَمَنْ يَضَعُني ؟ وَإِنْ تَضَعْني فَمَنْ[ذَا الَّذِي]يَرْفَعُني ؟ وَقَدْ عَلِمْتُ يا إلهي أنْ لَيْسَ في حُكْمِكَ ظُلْمٌ، وَلا فِي نَقِمَتِكَ عَجَلَةٌ ، إِنَّما يَعْجَلُ مَنْ يَخافُ الْفَوْتَ ، وَيَحْتاجُ إلَى الظُّلْمِ الضَّعِيفُ ، وَقَدْ تَعَالَيْتَ [ يَا سَيِّدِي]عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً
كَبيراً .
رَبِّ فَلا تَجْعَلْني لِلْبَلاءِ غَرَضاً(1)، وَلا لِنَقِمَتِكَ نَصَباً وَمَهْلْنِي وَنَفْسْنِي(2)، وَأَقِلْنِي عَشْرَتي ، وَلا تُتَّبِعْني بِالْبَلاءِ(3)،
ص: 234
فَقَدْ تَرى ضَعْفِي وَقِلَّةَ حِيلَتي فَصَبِّرْني ، فَإِنِّي يَا رَبِّ ضَعِيفٌ ، مُتَضَرِّعُ إِلَيْكَ يَا رَبِّ ، أَعوذُ بِكَ[مِنْكَ] فَأَعِذْنِي، وَأَسْتَجِيرُ بِكَ مِنْ كُلِّ بَلَاءِ فَأَجِرْنِي ، وَأَسْتَتِرُ بِكَ فَاسْتُرْنِي يَا سَيِّدِي مِمَّا أَخَافُ وَأَحْذَرُ .
وَأَنْتَ الْعَظِيمُ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ عَظِيمٍ، بِكَ بِكَ(1)بِكَ اسْتَتَرْتُ .
يا اللّه - عَشْراً -، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَسَلَّمْ كَثيراً(2).
ص: 235
آه(2)وانَفْساهُ،كَيْفَ لي بِمُعالَجَةِ الأَغْلالِ غَداً ؟!
آهِ وانَفْساهُ، مِمَّا حَمَلَتْني عَلَيْهِ جَوارِحِي مِنَ الْبَلايَا.
آهِ وانَفْساهُ ، كُلَّما حَدَثَتْ لي تَوْبَةٌ عَرَضَتْ لي مَعْصِيَةٌ أخرى.
آهِ وانَفْساهُ، أَقْبَلْتُ عَلى قَلْبِي بَعْدَ ما قَسا.
[آهِ وَانَفْساهُ ، مِنْ قَسَاوَةِ قَلْبِي كَأَنَّهُ حَجَرٌ بَلْ هُوَ أَقْسى].
آهِ وانَفْساهُ ، إِنْ قُضِيَتِ الْحَوائِجُ وَحَاجَتي لَمْ تُقْضَ .
آهِ وَانَفْساهُ ، مِنْ يَوْمِ يُشْتَغَلُ فِيهِ عَنِ الْأُمَّهَاتِ وَالآبَاءِ .
[آهِ وانَفْساهُ ، إِنْ غُفْرَتْ ذُنوبُ الْمُجْرِمِينَ وَأَخَذَنِي رَبِّي بِذُنوبي بَيْنَ الْمَلا.
آهِ وَانَفْساهُ ، مِنَ الْكِتَابِ وَمَا أَحْصَى ، وَمِنَ الْقَلَمِ وَمَا جَرَى آهِ وَانَفْساهُ ، مِنْ مَوْقِفِي بَيْنَ يَدَيِ الرَّحْمَنِ غَداً ] .
آهِ وَانَفْساهُ، مِنْ أَهْوالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَشَدَائِدَ شَتَّى .
ص: 236
آهِ وانَفْساهُ ، لَوْ كانَ هَوْلاً واحِداً لَكَفى .
آهِ وانَفْساهُ، مِنْ نارٍ حَرُّها لا يُطْفَأُ ، وَدُخانُها لا يَنْقَطِعُ
آهِ وانَفْساهُ ، مِنْ نارِ تُحْرِقُ الْجُلودَ وَتُنْضِحُ الْكلى .
آهِ وانَفْساهُ ، مِنْ نارٍ جَريحُها لا يداوى .
آهِ وانَفْساهُ ، مِنْ دارٍ(1)لا يُعادُ فِيهَا الْمَرْضى ، وَلا يُقْبَلُ فِيهَا الرُّشا، وَلا يُرْحَمُ فِيهَا الأَشْقِياءُ .
آهِ وانَفْساهُ ، مِنْ نارٍ وَقودُهَا الرِّجالُ وَالنِّسَاءُ .
آهِ وانَفْساهُ ، مِنْ نارٍ يَطولُ فِيها مَكْتُ الأَشْقِياءِ .
آهِ وانَفْساهُ ، مِنْ مَلائِكَةٍ تَشْهَدُ عَلَى غَداً .
آهِ وانَفْساهُ ، مِنْ نارٍ تَتَوَقَّدُ وَلا تُطْفَةٌ
آهِ وَانَفْساهُ ، مِنْ يَوْمٍ تَزِلُّ فِيهِ قَدَمٌ وَتَثْبُتُ فِيهِ أُخْرَىٰ .
آهِ وانفساهُ مِنْ دارٍ بَكَى أَهْلُها بَدَلَ الدُّموع دَماً.
آهِ وانَفْساهُ ، إِنْ حُرِّمَتْ رَحْمَةُ رَبِّي عَلَيَّ غَداً .
آهِ وانَفْساهُ ، إِنْ كُنْتُ مَمْقوتاً(2)في أَهْلِ السَّمَاءِ .
آهِ وَانَفْساهُ ، إِنْ كَانَتْ جَهَنَّمُ هِيَ الْمَقِيلُ وَالْمَثْوى(3).
آهِ وانَفْساهُ، لابُدَّ مِنَ الْمَوْتِ وَوَحْشَةِ الْقَبْرِ وَالْبِلى.
ص: 237
آهِ وانَفْساهُ ، إِنْ حيل(1)بَيْنِي وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى.
آهِ واحُزْناه(2)، مِنْ تَجَرُّع الصَّدِيدِ(3)وَضَرْبِ الْمَقامِعَ غَداً.
آهِ ،واحُزْناهُ ، أَنَا الَّذِي أَطَعْتُكَ يا سَيِّدِي صَباحاً وَنَقَضْتُ الْعَهْدَ (4)مَساءً.
آهِ واحُزْناهُ ، كُلَّما طَلَبْتَ التَّوَّابِينَ وَقَفْتُ (5)مَعَ الأَشْقِياءِ .
آهِ واحُزْناهُ ، كَمْ عَاهَدْتُ رَبِّي فَلَمْ يَجِدْ عِنْدِي صِدْقاً وَلا وفاء !
آهِ واحُزْناهُ ، إذا عُرِضْتُ عَلَى الرَّحْمَن غَداً.
آهِ واحُزْناهُ ، عَصَيْتُ رَبِّي وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ مُطَّلِعُ[عَلَيَّ ]يرى .
آهِ واحُزْناهُ ، عَصَيْتُ مَنْ لَيْسَ أَعْرِفُ مِنْهُ إِلَّا الْحُسْنى .
آهِ واحُزْناهُ، اسْتَتَرْتُ مِنَ الْخَلائِقِ وَبَارَزْتُ بِذُنوبي عِنْدَ الْمَوْلى .
آهِ واحُزْناهُ ، أَسْتَتَرْتُ بِعَمَلِي وَبَارَزْتُ رَبِّي بِالذُّنوبِ وَالْخَطايا.
آهِ واحْزَنَاهُ ، لَيْتَنِي لَمْ أَكُ شَيْئاً أَبَداً.
ص: 238
آهِ واحزناهُ مِنْ مَلائِكَةٍ غِلاظٌ شِدادٍ لا يَرْحَمُونَ مَنْ شَكا وبكى .
آه واحزناه(1)، مِنْ رَبِّ شَدِيدِ الْقُوى .
آهِ واحُزْناهُ ، أَنا جَليسُ مَنْ نَاحَ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَبَكَى .
آهِ واحُزْناهُ ، ما أَبْعَدَ السَّفَرَ وَأَقَلَّ الزَّادَ غَداً(2).
آهِ واحُزْناهُ ، أَنَا الْمَنْقُولُ إِلَىٰ عَسْكَرِ الْمَوْتَى
آهِ واحزناهُ ، أَيْنَ الْمَفَرُّ مِنْ ذُنوبي غَداً ؟
آهِ واحُزْناهُ ، إِنْ شَهِدَتْ(3)عَلَى مَلائِكَةُ السَّمَاءِ
آهِ واحُزْناهُ ، إِنْ طُرِدْتُ عَنْ حَوْضِ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى .
آهِ وَانَفْساهُ ، إِذا أَضْحَى التُّرابُ لي فِراشاً وَوِطاء .
آهِ وانَفْساهُ ، إذا أَسْلَموني إلى مُنْكَرٍ وَنَكِيرِ فِي الْقَبْرِ غَداً(4).
آهِ وانَفْساهُ ، إِذا أَكَلَتِ الدِّيدانُ مَحاسِني وَاللَحْمَ ، وَتَصَرَّمَتِ (5)الأَعْضَاءُ .
آهِ وَانَفْسَاهُ ، مِنْ ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَوَحْشَةِ الْقَبْرِ وَالْبِلَى(6).
ص: 239
آهِ وانَفْساهُ ، إِنْ حُرِمْتُ الحورَ الْعِينَ فى جَنَّةِ الْمَأْوى .
آهِ وَانَفْساهُ، إِنْ خُرِسْتُ وَحُشِرْتُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى، وَهَويتُ(1)فِي النَّارِ مَعَ مَنْ هَوى(2).
آهِ وانَفْساهُ ، إِنْ سَحَبَتْنِي الْمَلائِكَةُ عَلَى[حُرِّ]وَجْهي(3)غَداً .
آهِ وَانَفْساهُ ، إِذَا انْقَطَعَ ذِكْرِي وَنَسِيَنِي أَهْلُ الدُّنْيا .
آهِ وانفساهُ ، إِنْ لَمْ يَرْضَ عَلَى رَبِّي غَداً .
آهِ واخَطيئَتَاهُ ، تَرَكَتْني خَطيئَتِي كَالْحَبَّةِ فِي الْمِقْلَى .
آهِ واخَطيئَتاهُ ، تَرَكَتْني خَطيئَتي كَالطَّيْرِ لَيْسَ لَهُ مَأوى .
آهِ واخَطيئَتاهُ ، تَرَكَتْني خَطيقتي كَالسَّقيم(4)لَيْسَ لَهُ شِفاءٌ .
آهِ ،واخَطيئَتاهُ، تَرَكَتْني خَطيئَتي في مَوارِدِ الْهَلْكى.
آهِ واخَطيئَتاهُ، تَرَكَتْني خَطيئَتي في طولِ حُزْنٍ وَبُكاءٍ .
آه واخَطيئَتاهُ، أَبْعَدَتْنِي خَطِيئَتِي عَنْ أَهْلِ التَّقْوی.
[آهِ واخَطيئَتاهُ، يَبْلَى جِسْمي وَخَطيئَتِي جَديدَةٌ لا تَبْلى].
آهِ واخَطيئَتاهُ، مَنْ كانَتْ لَهُ خَطيئَةٌ فَلْيَبْكِ قَبْلَ أَنْ لا يَنْفَعَ.البكاء.
ص: 240
آهِ واخَطيئَتاهُ ، تَرَكَتْني خَطيئَتي مَعْموماً في دارِ الدُّنْيا.
آهِ واخَطيئَتاهُ ، أَوْقَعَتْني خَطيئَتي فيما أَخافُ وَأَخْشى .
آهِ واخَطيئَتاه ، حالَتْ خَطيئَتي بَيْنَ الأُمَّهَاتِ وَالآبَاءِ .
آهِ ،واخَطيئَتاهُ، مِثْلُ خَطيئَتى لا يُقاسُ فِي الْخَطايا
آهِ والخَطيفَتاهُ ، كَيْفَ تُقِلْنِي(1)الْأَرْضُ أَمْ كَيْفَ تُظِلُّنِي السَّماءُ ؟!
آهِ واخَطيئَتاهُ ، كُلَّما زادَ عُمُري زادَ ذَنْبي وَنَما (2).
آهِ واخَطيئَتاهُ ، عَلَى أَيْ حالٍ أَلْقَى رَبِّي غَداً ؟!
آهِ واخَطيئَتاهُ ، أَخْلَقَ (3)وَجْهِي ذُلُّ الْخَطايا .
يا رَبَّاهُ ، أَنَا صاحِبُ الْخَطِيئَةِ وَالْجِنايَةِ الْعُظمى.
يا رَبَّاهُ ، أَرْحَمْ مَنْ تَجَرَّأَ عَلَيْكَ وَأفْتَرى(4).
يا رَبَّاهُ ، أَرْحَمْ مَنْ لَمْ يُراقِبْكَ إِذا خَلا.
يا رَبَّاهُ ، أَنَا صَاحِبُ الذُّنوبِ وَالْخَطايا .
يا رَبَّاهُ ، أَرْحَمْ مَنْ عادَ فِي الذُّنوبِ مَرَّةً[بَعْدَ]أُخْرى .
يا رَبَّاهُ ، أَعوذُ بِكَ مِنْ نارٍ حَرُّها لَا يُطْفَأُ وَدُحَانُهَا لَا يَنْقَطِعُ أَبَداً.
ص: 241
يا رَبَّاهُ ، نَجِّنا مِنَ الأَهْوالِ غَداً .
يا رَبَّاهُ ، لا تُذِقْنَا الْقَطِرانَ(1)بَعْدَ فِراقِ الدُّنْيا .
يا رَبّاهُ ، إِلَيْكَ الشَّكْوى ، وَإِلَيْكَ الْمُشْتَكَى .
يا رَبَّاهُ ، أَدْخِلْنا جَنَّةٌ لا نَجوعُ فيها وَلا نَعْرى .
يا رَبَّاهُ ، أَسْقِنَا الْعَسَلَ الْمُصَفّى .
يا رَبَّاهُ ، إِلَيْكَ أَتَوَجَّهُ بِمُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى .
يا رَبَّاهُ ، قَدِ اسْتَوْجَبْتُ الْعُقوبَةَ الْعُظْمى .
[يا رَبَّاهُ، أَرْحَمْني إِذا دَرَجْتُ في مَدارج الْمَوْتَى].
يا رَبَّاهُ ، أَرْحَمْنِي إِذا نَزَلْتُ مَنْزِلاً لا أزارُ فيهِ وَلا أُوتى .
[يا رَبَّاهُ ، إِلَيْكَ مَفْزَعِي، فَقَدْ أَوْبَقَتْنِي الذُّنوبُ وَالْخَطايا].
يا رَبّاهُ ، أناديك بعظيم الرَّجاءِ .
يا رَبَّاهُ ، لا أَدْري أَغَفَرْتَ [لي]ذُنوبي أَمْ لا ؟
يا رَبِّاهُ ، أَسْقِنا شَرْبَةً لا نَظْمَأُ بَعْدَها أَبَداً.
يا رَبَّاهُ ، يَا أَكْرَمَ مَنْ تَجاوَزَ وَعَفا.
يا رَبَّاهُ ، أَرْحَمْ مَنْ أَرْخَى السُّورَ عَلَى الْخَطايا.
يا رَبَّاهُ ، أَرْحَمْ مَنْ صَلَّى [في]جَوْفِ اللَّيْلِ وَناجِى .
يا رَبَّاهُ ، أَرْحَمْ مَنْ لَمْ يَزَلْ يَعْصيك صغيراً وَكَبيراً مُنْذُ نَشَأَ
ص: 242
يا رَبّاهُ ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ[وَآلِ مُحَمَّدٍ]فِي الآخِرَةِ وَالأُولى .
یا رَبَّاهُ لا تَحْرِمْنا شَفاعَتَهُ غَداً.
يا رَبِّاهُ ، صَلِّ عَلَى المَلائِكَةِ السُّعَداَءِ وَالأَنْبِياءِ وَالشُّهَداءِ . وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ.(1)
ص: 243
بعد أن يصلي أربع ركعات كلّ ركعة بالفاتحة مرة والإخلاص مائة مرة (1):
يا مَنْ أَظْهَرَ الْجَمِيلَ وَسَتَرَ الْقَبِيحَ ، يا مَنْ لَمْ يُؤاخِذْ بالْجَريرَةِ، وَلَمْ يَهْتِكِ(2)السِّتْرَ ، يا عَظيمَ الْعَفْوِ، يا حَسَنَ التَّجاوُزِ ، يا واسِعَ الْمَغْفِرَةِ ، يا باسِطَ الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ ، يَا صَاحِبَ كُلِّ نَجْوى(3)، يا مُنْتَهى كُلِّ شَكْوى ، يَا كَرِيمَ الصَّفْحِ(4)، يَا عَظيمَ الرَّجاءِ، يا مُبْتَدِئاً بِالنِّعَمِ قَبْلَ اسْتِحْقاقِها، يارَبَّنَا وَسَيِّدَنا وَمَوْلانا ، يا غايَةَ رَغْبَتِنا، أَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ أَنْ تُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ(وَأَفْعَلْ بي كَذَا وَكَذا).(5)
ص: 244
أَلا أَيُّهَا الْمَأْمُولُ في كُلِّ حَاجَةٍ***إِلَيْكَ شَكَوْتُ الضُّرَّ فَاسْمَعْ شِكَايَتي
أَلا يا إلهي أَنْتَ عارِفُ زَلَّتي***فَاغْفِرْ ذُنوبي كُلَّهَا وَأَقْضِ حَاجَتي
أَتَيْتُ بِأَعْمال قباحٍ رَدِيَّة***فَمَا فِي الْوَرى خَلْقٌ جَنِى كَجِنايَتِي
فَزادي قَليلٌ لا أَراهُ مُبَلِّغي***أَلِلزَّادِ أَبْكَي أَمْ لِبُعْدِ مَسافَتي ؟
أَتُحْرِقُني بِالنَّارِ يا غايَةَ الْمُنى***فَأَيْنَ رَجَائِي مِنْكَ أَيْنَ مَخافَتي؟
روی ابن طاووس اليماني ، قال : مررت في ليلة بالبيت الحرام في جنح الظلام فسمعت صوتاً متضرّعاً وبكاءً عالياً ، فالتفت إليه فإذا بصب- متعلّق بأستار الكعبة يقول هذه الأبيات، فتأملته فإذا هو زين العابدين عليه السلام، فقبلت أقدامه وقلت : أتبكي وجدّك رسول اللّه صلّى اللّه
ص: 245
عليه وآله نبي الرحمة وشفيع الأمة، وأبوك علي بن أبي طالب عليه السلام سيّد الوصيين وصاحب الحوض والصراط ، وأُمّك فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين، فلا ذنب عليك ؟!
فقال عليه السلام : يا ابن طاووس، أما قرأت القرآن ؟
قلت : بلی .
قال : أما قال اللّه تعالى:(فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ)(1)،وقال:(وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ أَرْتَضَىٰ وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشفِقُونَ)(2)،وقال:(إِنْ رَحْمَةَ اللّهِ قَريبُ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)(3)؟
وأما قولك : «صغير السن»(4)فما وجدت النار تأكل الحطب الدقيق أولاً ؟(5)
ص: 246
صورة خط المؤلّف رحمه اللّه : يقول العبد محمد بن الحسن الحرّ
العاملي عني عنه : هذا ما وصل إلي من أدعية مولانا
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(علیه السلام)مما خرج
من الصحيفة الكاملة ، والحمد لله ، وصلّى اللّه
على محمد و آله، وفرغ من جمعها في شهر
رمضان سنة ثلاث وخمسين بعد الألف ،
حامداً لله مصلياً على محمد وآله،
مستغفراً له وللمؤمنين،
سائلاً من دعا بها
أن يشركه في
صالح دعائه
ص: 247
ص: 248
مقدمة التحقيق...7
ترجمة المؤلّف...10
اسمه ونسبه...10
ولادته...10
أقوال العلماء في حقه ...10
أساتذته ومشايخه...11
تلامذته...11
مؤلّفاته... 12
وفاته ...13
حول الكتاب...14
النسخ المعتمدة...16
منهج التحقيق...17
مقدّمة المؤلّف...21
1 - دعاؤه(علیه السلام)في مناجاة التائبين ليوم الجمعة ...25
2 - دعاؤه(علیه السلام)في مناجاة الشاكين ليوم السبت...28
3 - دعاؤها(علیه السلام)في مناجاة الخائفين ليوم الأحد...30
4 - دعاؤها(علیه السلام)في مناجاة الراجين ليوم الاثنين...32
ص: 249
5 - دعاؤه (علیه السلام)في مناجاة الراغبين ليوم الثلاثاء...34
6 - دعاؤه (علیه السلام)في مناجاة الشاكرين ليوم الأربعاء...36
7 - دعاؤه (علیه السلام)في مناجاة المطيعين ليوم الخميس...39
8- دعاؤه (علیه السلام)في مناجاة المريدين ليوم الجمعة...41
9 - دعاؤه (علیه السلام)في مناجاة المحبين ليوم السبت...43
10 - دعاؤه (علیه السلام)في مناجاة المتوسلين ليوم الأحد ...45
11 - دعاؤه (علیه السلام)في مناجاة المفتقرين ليوم الاثنين ...47
12 - دعاؤه (علیه السلام)في مناجاة العارفين ليوم الثلاثاء...49
13 - دعاؤه (علیه السلام)في مناجاة الذاكرين ليوم الأربعاء...51
14 - دعاؤه (علیه السلام)في مناجاة المعتصمين ليوم الخميس...53
15 - دعاؤها (علیه السلام)في مناجاة الزاهدين لليلة الجمعة...55
16 - دعاؤه (علیه السلام)في يوم الجمعة...57
17 - دعاؤه (علیه السلام)في يوم السبت...59
18 - دعاؤه (علیه السلام)في يوم الأحد ...61
19 - دعاؤه (علیه السلام)في يوم الاثنين...63
20 - دعاؤه (علیه السلام)في يوم الثلاثاء...66
21 - دعاؤها (علیه السلام)في يوم الأربعاء ...68
22 - دعاؤه (علیه السلام)في يوم الخميس...70
23 - دعاؤها(علیه السلام) في جوف الليل ...72
24 - دعاؤه (علیه السلام)بعد ركعتي الزوال ...75
25 - دعاؤه (علیه السلام)عند زوال كل يوم من شعبان وليلة النصف منه ...78
26 - دعاؤه (علیه السلام)في سحر كلّ ليلة من شهر رمضان...80
ص: 250
27 - دعاؤه(علیه السلام)في كل يوم من شهر رمضان...106
28 - دعاؤه(علیه السلام)في يوم الفطر...109
29 - دعاؤه (علیه السلام)في موقف عرفة...116
30 - دعاؤها (علیه السلام)أيضاً في يوم عرفة...131
31 - دعاؤه (علیه السلام)لما زار أمير المؤمنين اللّه...133
32 - دعاؤه (علیه السلام)في سجدة الشكر...137
33 - دعاؤها (علیه السلام)في سجدة الشكر أيضاً ...139
34 - دعاؤه (علیه السلام)في طلب المعيشة ...141
35 - دعاؤه (علیه السلام)في الاعتراف والتضرّع...144
36 - دعاؤها (علیه السلام)في القنوت ...150
37 - دعاؤها (علیه السلام)في القنوت أيضاً ...152
38 - دعاؤه (علیه السلام)في القنوت أيضاً ...156
39 - دعاؤه (علیه السلام)في كل صباح ومساء (الحرز الكامل) ...159
40 - دعاؤه (علیه السلام)في الصباح والمساء أيضاً...169
41 - دعاؤه(علیه السلام) أيضاً في الصباح والمساء...171
42 - دعاؤه(علیه السلام)عند محاكمته محمد بن الحنفية إلى الحجر الأسود فنطق بالشهادة لعليّ بن الحسين(علیه السلام) بالإمامة...173
43 - دعاؤه(علیه السلام)في المهمات ؛ من هم، أو ضرٍّ، أو عدو...175
44 - دعاؤه(علیه السلام)في الاحتراز من الأعداء، والتحصن من الأسواء عند طلوع الشمس و عند غروبها ...184
45 - دعاؤه (علیه السلام)في العودة ...189
46 - دعاؤها(علیه السلام) في الاحتجاب...196
ص: 251
47 - دعاؤها (علیه السلام)في طلب الولد...198
48 - دعاؤه (علیه السلام)في الاستغفار ...199
49 - دعاؤه (علیه السلام)في الاستعاذة ...200
50 - دعاؤه (علیه السلام)إذا اطّلى بالنورة ...201
51 - دعاؤه(علیه السلام) في دفع العدو...202
52 - دعاؤه (علیه السلام)في التوحيد ...204
53 - دعاؤه (علیه السلام)في الركعة الأولى من الركعتين المتقدّمتين على صلاة الليل وقد رفع يديه بعد القراءة...205
54 - دعاؤه (علیه السلام)في الركعة الثانية منهما وقد بسط يديه بعد القراءة...207
55 - دعاؤه (علیه السلام)بعد التسليم من الركعتين المذكورتين...209
56 - دعاؤه (علیه السلام)بعد الظهر يوم الجمعة ...212
57 - دعاؤه (علیه السلام)بعد العصر يوم الجمعة ...216
58 - دعاؤه (علیه السلام)في التسبيح ...223
59 - دعاؤه (علیه السلام)في التمجيد ...225
60 - دعاؤه (علیه السلام)في التذلل وطلب الرحمة ...227
61 - دعاؤه (علیه السلام)في ذكر آل محمد(صلی اللّه علیه وآله وسلّم)...229
62 - دعاؤها (علیه السلام)في الصلاة على آدم(علیه السلام) ...230
63 - دعاؤه (علیه السلام)في كشف البلاء ...231
64 - دعاؤه (علیه السلام)في دفع ما يخاف ويحذر...234
65 - دعاؤه(علیه السلام)في التأوه والمناجاة ....236
66 - دعاؤه (علیه السلام)في يوم الجمعة ...244
67 - دعاؤها (علیه السلام)في المناجاة ...245
ص: 252