تعليقات الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء

هوية الکتاب

سلسلة في رحاب نهج البلاغة (21)

تعليقات الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء

على كتاب نهج البلاغة تحقيق محمد عبده

الناشر: العتبة العلوية المقدسة

إعداد: السيد هاشم الميلاني

إخراج فني: نصير شكر

عدد النسخ: 1000 نسخة

السنة: 1433 ه_ / 2012م

العتبة العلوية المقدسة، العراق. النجف الأشرف

:هاتف 07802337277 (00964)

لإبداء ملاحظاتكم يرجى مراسلتنا على البريد الالكترونى:

info@haydarya.com

ص: 1

اشارة

سلسلة في رحاب نهج البلاغة - 21

تعليقات الشيخ

محمد الحسين آل كاشف الغطاء على

كتاب نهج البلاغة تحقيق محمد عبده

إعداد ومراجعة

السيد هاشم الميلاني

ص: 2

ص: 3

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ اَلْرَحیمْ

ص: 4

مقدمة المكتبة

الشيخ محمد الحسين بن علي بن محمد رضا بن موسى بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء علیه السلام ولد عام 1295ه_ 1877م في النجف الأشرف وتربى في أسرة العلم و العمل أسرة كاشف الغطاء العريقة، فبدأ بتعلّم القرآن و هو في الخامسة من عمره فختمه في سنة و بضعة أشهر، و من بعده دخل المكتب وكان آنذاك في حجرة من حجر الصحن العلوي، و بدأ بالتقليد و العمل بالرسالة العملية و هو ابن سبع سنين، و بدأ بنظم الشعر في الثانية عشرة من عمره.

حضر عند كبار الأدباء و العلماء و أخذ عنهم إلى أن صار آية في العلم و الأدب و الإرشاد و التوجيه، و من أهم أعماله رحمة الله علیه حضور مؤتمر القدس و إمامة الجماعة في المسجد الأقصى بحضور عشرات الآلاف من المشاركين ثم بعد الصلاة قام فيهم خطيباً و خطب فيهم زهاء ساعتين.

له عشرات الكتب و المؤلفات النافعة المطبوعة و المخطوطة، زائداً تعليقات و حواشي نافعة على هوامش الكتب.

كان الشيخ كاشف الغطاء إلى جانب اهتمامه بالفقه و الأصول و الحكمة، مهتماً بالأدب و الشعر، يقول في «عقود حياتي» عندما يتكلّم العقد الثاني: «و في هذا الدور تولعت بمطالعة كتب الأدب و حفظ

ص: 5

الأشعار، و جمع الدواوين، و إدمان مطالعة المجاميع... و معاشرة مشاهير الأدباء و كبار الشعراء كالسيد العلامة الحبوبي، و السيد جعفر الحلي، و الشيخ جواد شبيب...»(1)، ومن جرّاء ذلك حصلت له ملكة أدبية جيدة، و معرفة بأساليب كبار الشعراء و مصادر معرفتهم، و على سبيل المثال يقول السيد عبد الزهراء الخطيب رحمة الله علیه: «انّي تشرفت ذات يوم بمجلس الإمام كاشف الغطاء رحمة الله علیه، و جرى ذكر المتنبي فأظهر أحد الجالسين إعجابه بما في شعره من الحكم و الأمثال، فقال الشيخ رحمة الله علیه: انّ المتنبي كثيراً ما يصول على حكم الأئمة علیهم السلام و خصوصاً حكم أمير المؤمنين علیه السلام فينظمها في شعره. ثم قال رحمة الله علیه: خذ مثلاً المتنبي يقول:

و الظلم من شيم النفوس فإن تجد *** ذا عفة فلعلّة لا يظلم

قال: أخذه من قول علي علیه السلام: «الظلم من كوامن النفوس، القوّة تبديه و الضعف يخفيه» (2).

كان رحمة الله علیه يدعو إلى الاهتمام بالثقلين: القرآن و العترة، إذ انّ القرآن هو دستور الحياة، أما العترة فهي ترجمان القرآن، و من أبرز تجليات العترة نهج البلاغة و الصحيفة السجادية، أما بالنسبة لنهج البلاغة يقول الشيخ كاشف الغطاء رحمة الله علیه: «دونك هذا نهج البلاغة، و ما أسبغه في ذلك

ص: 6


1- عقود حياتي: 31، 38
2- مائة شاهد وشاهد لعبد الزهراء الخطيب: 10

و أساغه، فتصفّح صحايفه، و تعرّف معارفه، و اقصد مقاصده، وقف مواقفه» (1).

أما بالنسبة إلى الصحيفة السجادية فيقول رحمة الله علیه: «و ما أدري هل لاحَظَتْكَ السعادة بالفوز بصحيفة السجادية المعروفة عند أهل البيت بزبور آل محمد صلی الله علیه و آله و سلم التي هي ثانية ذلك النهج بل الوحيدة النسج، التي يوشك أن لا تجد نظيرها في كلام المخلوق بعلوّ مضامينها، و شرف أساليبها وأفانينها، و لا يكاد يقاربها أو يساويها، إلّا ما كان من شجرة معاليها و معدن لثاليها، و ما قد تولّد من بيت أمها و أبيها، و قد فاتت حدّ العجب و الإعجاب، بما اشتملت عليه من أعالي البلاغة في بيان كنه العبودية و أسرار ربوبية ربّ الأرباب».(2)

كان له رحمة الله علیه إلمام خاص و عناية مخصوصة بخطب أمير المؤمنين علیه السلام (3) و كلماته الشريفة (4)، و لذا قام رحمة الله علیه بمراجعة دقيقة لنهج البلاغة بتحقيق محمد عبده تصحيحاً و إعراباً و تعليقاً على هامش نسخته الخاصّة، و لم يحبّذ لنفسه أن يقوم بشرح جديد لنهج البلاغة بل كان يرى نفسه دون ذلك، و قد نُقل عنه أنّه كان يقول: «انّي مع إلمامي الشديد بالأدب العربي، وتوغّلي في النكات الأدبية و المعاني الدقيقة لا أقدر على شرح كلماته علیه السلام كما هو حقها و يليق بها، فإنّ كلامه علیه السلام فوق كلام المخلوق

ص: 7


1- الدين الإسلامي لكاشف الغطاء 1: 320
2- م. ن1: 322
3-
4- مقدمة السيد محمد علي القاضي لكتاب جنة المأوى لكاشف الغطاء: 51

دون كلام الخالق، و لا أتمكّن من بيان بعض معاني ونكات كلماته علیه السلام بغير البيان الذي ذكره (1).

لذا نراه رحمة الله علیه اكتفى بالتعليقات المختصرة على نهج البلاغة و على هامش نسخته الخاصة، و كانت تدور هذه التعليقات - بعد إعراب الكتاب - حول: تصحيح الأخطاء المطبعية، بعض الاستدراكات على محمد عبده بعض اختلاف النسخ و تصويب بعض الألفاظ التي لم ترد في نسخة محمد عبده، و شرح بعض الكلمات مع الإشارة إلى أخطا محمد عبده اللغوية.

كما لا يفوته أن يشير إلى بعض الاستنباطات التاريخية من كلام الإمام علیه السلام كما في تعليقته على الخطبة رقم 102 و التي يقول فيها أمير المؤمنين علیه السلام: «فويل لك يا بصرة عند ذلك من جيش من نقم الله لا رهج له و لا حس» قال محمد عبده: يشير إلى فتنه صاحب الزنج، و قال الشيخ كاشف الغطاء رحمة الله علیه: و يحتمل أن يشير بها سلام الله عليه إلى ما وقع في عصرنا هذا سنة 1333 من محنة البصرة و امتلاك الانكليز لها، فإنّ بعض الفقرات قد تنطبق على تلك الرزية، و الله أعلم.

إلى غير ذلك من فوائد لغوية و تحقيقية، لذا آثرنا نشر أكثر هذه التعليقات ضمن «سلسلة في رحاب نهج البلاغة» و لم نترك سوى بعض التعليقات الجزئية جداً، و ذلك تعميماً للفائدة و إحياء هذا الأثر القيّم، و لا يفوتني أن أتقدم بالشكر الجزيل لنجل المرحوم و هو الوجيه الشيخ

ص: 8


1- مقدمة السيد محمد علي القاضي لكتاب جنة المأوى: 51 - 52

شريف كاشف الغطاء، و كذلك ابنه البار الشيخ أمير كاشف الغطاء حيث سمحا بتصوير النسخة المحفوظة عندهم برقم تصنيف 91 التسلسل 6171 و إخراجها بهذا الشكل.

مكتبة الروضة الحيدرية

السيد هاشم الميلاني

25 ربيع الثاني 1433ه_

ص: 9

فهرست القسم الاول من نهج البلاغة

وجه

خطبة المفسر و فيها شئ من بيان فضل الكتاب...

تنبيه لمديري المدارس على مزية الكتاب فيها...

خطبة جامع الكتاب الشريف الرضي...

باب المختار من خطب أمير المؤمنين و ما يجري مجراها...

من خطبة لهُ في ابتداء خلق السموات و الارض و خلق آدم و فيها تمجيد الله و بیان قدرته

صفة خلق آدم

مها في ذكر الحج و حكمته

خطبة بعد انصرافه من صفين فيها حال الناس قبل بعثة النبي و تنتهي بمزايا لآل البيت

الخطبة الشقشقية و فيها تألمه من جور الفاتنين في خلافته و حكاية حاله مع من سبقه

من خطبة في هدايته للناس و كمال يقينه

من خطبة في النهي عن الفتنة

من كلام لهُ في انه لا يخدع

من خطبة لهُ في ذم قوم باتباع الشيطان و كلام في دعوى الزبير انهُ لم يبايع بقليه و كلام في أنهم أرعدوا و هو لا يرعد حتى يوقع و من خطبة لهُ في وعيده لقوم

كلام في وصيتهِ لابنهِ بالثبات و الحذق في الحرب و كلام في ان لهُ محبين في كمين الزمان و كلام في ذم اهل البصرة

كلام لهُ في ذم اهل البصرة و فيما رد على المسلمين من قطائع عثمان

كلام لهُ لما بويع بالمدينة فيهِ انباء بما يكون من أمر الناس و كلام في الوصية بلزوم الوسط

كلام يصف بهِ من يتصدى للحكم بين الناس و ليس لذلك باهل

كلام بذم به اختلاف العلماء في الفتيا

صورة الصفحة الأولى من تعليقات المرحوم الشيخ كاشف الغطاء قدس سره

على نهج البلاغة و المحفوظة في خزانة حجريات مكتبته العامة في النجف الأشرف

ص: 10

بسم الله الرحمن الرحيم

النص: [قال الشريف الرضي رحمة الله علیه في مقدمة نهج البلاغة]: اما بعد حمد الله الذي جعل الحمد ثمناً لنعمائه.

التعليقة: يجوز في (اما) الفتح و الكسر، و الأوّل أوجه، و تقدير الكلام: اما قبل الشروع فالحمد لله، و اما بعد الحمد فإنّي كنت في عنفوان السن، و هي شرطية بمعنى مهما أي مهما يكن من شيء قبل الشروع فهو الحمد الله، و دليل شرطيتها وجود الفاء بعد. و إما على الثاني فهي حرف افتتاح و تقوية.

النص: [ الخطبة الشقشقية رقم 3:] إلى أن قام ثالث القوم نافجاً حضنيه بين نثيله و معتلفه.

[ قال محمد عبده: ] يشير إلى عثمان، و كان ثالثاً بعد انضمام كل من طلحة و الزبير و سعد إلى صاحبه كما تراه في خبر القضية.

التعليقة: اشتبه الشارح سامحه الله في تفسير ثالث القوم بما ذکره، بل المراد به ثالث الخلفاء، و لعل الشارح تغافل عن ذلك، فتأمّل.

ص: 11

النص: [الخطبة الشقشقية رقم 3:] و لكنّهم حَليت الدنيا في أعينهم.

[قال محمد عبده:] حليت الدنيا من حليت المرأة إذا تزينت بحليها.

التعليقة: لا يصح هذا من الحلي بل من حلى يحلو، فتدبره.

النص: [ الخطبة رقم 4:] اليوم أنطِق لكم العَجماء ذات البيان.

[علق محمد عبده قائلاً] أراد من العجماء رموزه وإشاراته، فإنّها و إن كانت غامضة على من لا بصيرة لهم لكنها جلية ظاهرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد، لهذا سماها ذات البيان مع انّها عجماء.

التعليقة: لعله سلام الله عليه أراد بالعجماء الأمور المبهمة التي أشكلت على أهل عصره و القاصرين من أصحابه، مثل حرب أهل القبلة من الناكثين و القاسطين و المارقين، و مثل قضية التحكيم و نظائرها مما اعترضوه به و أخذوه عليه، فاستعار لهذه الأمور العجماء، و هي البهيمة التي لا تنطق، و إن كانت تلك المؤاخذات في حدّ ذاتها واضحة و ذات بيان، و لكنها أشكلت و استعجمت على مرضى القلوب، فيقول صلوات الله عليه: إنّي سأجعلها ناطقة بإيضاح أسبابها و إن كانت ذات بيان في نفسها غير محتاجة لذوي الفهم إلى إيضاح. و ما ذكره الشارح رحمة الله علیه هنا من إرادة رموزه و إشاراته لا وجه له و غير مناسب للمقام، فتدبره و الله العالم.

النص: [ الخطبة رقم 4]: لم يوجس موسى علیه السلام علیه السلام خيفة على نفسه...

ص: 12

التعليقة: التطرّق إلى قضية موسى علیه السلام و بيان المناسبة في المقام يحتاج إلى فضل بيان لا يسعه المقام.

النص: [الخطبة رقم 21]: تخففوا تلحقوا... [قال الرضي رحمة الله علیه:] فاما قوله علیه السلام: «تخففوا تلحقوا» فما سمع كلام أقل منه مسموعاً و لا أكثر محصولاً، و ما أبعد غورها من كلمة، و أنقع نطفتها من حكمة، و قد نبهنا في كتاب الخصائص على عظم قدرها و شرف جوهرها.

التعليقة: لقد أعجب الشريف الرضي رحمة الله علیه بهذه الكلمة الشريفة، و لعمري لقد فاقت العجب، و تجاوزت حدّ الحسن و الاستحسان، و السيد قدّس سره من إعجابه و شغفه بها لم يزل يلهج بها في كتبه، حتى نظمها في شعره حيث قال:

لقد رمت أن أسعى خفيفاً إلى العلى *** إذا شئتم أن تلحقوا فتخففوا

و لكن أين و أين! و كم من الفرق في البين.

النص: [ الخطبة رقم 22:] ألا و انّ الشيطان قد ذمر حزبه، و استجلب جلبه.

التعليقة: ذمر بالذال المعجمة مخففة و مشدّدة، أصله الحث و الحض، و الجلب - بفتح اللام - أصله السحاب الرقيق الذي لا مطر فيه كالجهام.

النص: [الخطبة رقم 27:] و لقد بلغني انّ الرجل منهم

ص: 13

يدخل على المرأة المسلمة و الأخرى المعاهدة، فينتزع حجلها و قُلبها و قلائدها و رعاثها، ما تمنع منه إلّا بالاسترجاع و الاسترحام.

[قال محمد عبده]: الاسترحام أن تناشده الرحم.

التعليقة: الظاهر انّه بمعنى طلب الرحمة لا كما فسّره الشارح سامحه الله تعالى، و إن قال به ابن أبي الحديد (1).

النص: [ الخطبة رقم 31:] و لكن ألق الزبير فإنّه ألين عريكة، فقل له: يقول لك ابن خالك: عرفتني بالحجاز و أنكرتني بالعراق، فما عدا ممّا بدا.

التعليقة: لله هي من كلمة ما أعلاها و أغلاها و أسماها و أسناها، لا يزيدك التأمّل فيها إلّا التعجب، و لا التفكر بها سوى التحيّر، كيف لا و قد ملكت أعنّة الفصاحة، و تمكّنت من أزمّة البلاغة، و لو ذهبت إلى تعداد ما فيها من البلاغات و النكات، و ما اشتملت عليه من الإبداع و سلامة الاختراع، لضاق علينا المجال، و أعيانا المقال، نعم أقول: لو أراد التحدّي و الإعجاز بهذه و أمثالها لكان له ذلك، و لكنّه صلوات الله عليه في أيّ صفة من صفاته القدسية، و أخلاقه النفسية لم يكن معجزاً فيها فائتاً حد البشر بها، فصلوات الله عليه متتالية على الدوام ما تليت غرر معجزاته، و اتضحت في جبهات الليالي و الأيام.

النص: [الخطبة رقم 33] و انّي لصاحبهم بالأمس كما أنا صاحبهم اليوم.

ص: 14


1- شرح النهج 2: 78

التعليقة [ أضاف المرحوم كاشف الغطاء قول الإمام علیه السلام ]:

و الله ما تنقم منّا قريش إلّا انّ الله اختارنا عليهم، فأدخلناهم في حيّزنا، فكانوا كما قال الأول:

أدمت لعمري شريك المحض صابحا *** و أكلك بالزبد المقشرة البجرا

ونحن وهبناك العلاء و لم تكن *** علياً و حطنا حولك الجرد و السمرا

النص: [الخطبة رقم 37:] والله لأنا أول من صدّقه فلا أكون أول من كذب عليه، فنظرت في أمري فإذا طاعتي قد سبقت بيعتي...

التعليقة: هذه الجملة غير مرتبطة بالتي قبلها، كما انّ ما قبلها غير مرتبط بسابقه، و لا ريب انّ السيد اقتطعها من خطبة واحدة أو متعددة فأشكل معناها، والله العالم.

[ قال محمد عبده في شرح هذا المقطع: ] قوله: فنظرت، الخ، هذه الجملة قطعة من كلام له في حال نفسه بعد وفاة رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بيّن فيه انّه مأمور بالرفق في طلب حقه، فأطاع الأمر في بيعة أبي بكر و عمر و عثمان فبايعهم امتثالاً لما أمره النبي به من الرفق، و إيفاءً بما أخذ عليه النبي من الميثاق في ذلك.

التعليقة: أخطأ الغرض و ما أصابه، ورام توفيقاً و إصلاحاً لن

ص: 15

يتمّ له، و هذا الكلام مقتطع من كلام لابن أبي الحديد (1) جعل فيه هذه الكلمات دليلاً على صحة مذهبه و فساد مذهب الإمامية، و هذا الشارح عيال عليه في جلّ الموارد من هذا الكتاب بل كلها، و على كل حال ففساد ما قاله عبد الحميد، و وضوح كون الحامل له على هذا الحمل البعيد هو العصبية و الحمية الجاهلية، فراجع و تأمل تجد.

النص: [ الخطبة رقم 53:] و من كمال الأضحية استشراف إذنها و سلامة عينها.

[قال محمد عبده:] و استشراف الاذن تفقدها حتى لا تكون مجدوعة أو مشقوقة، و في الحديث: أمرنا أن نستشرف العين و الاذن، أي نتفقدهما و ذلك من كمال الأضحية أي من كمال عملها و تأدية سننها، و تكون سلامة عينها عطفاً على إذنها، و قد يراد من استشراف الاذن طولها و انتصابها، إذن شرفاء أي منتصبة طويلة، فسلامة عينها عطف على استشراف، و التفسير الأوّل أمس بقوله: فإذا سلمت الاذن.

التعليقة: الاستشراف هنا طلب طول اذنها، و هو هنا كناية عن عدم قطعها و سلامتها بقرينة عطفه على سلامة عينها، قال في لسان العرب: إذن شرفاء أي طويلة، و الشرفاء من الآذان الطويلة القوف القائمة المشرفة (2).

و قال عبد الحميد: استشراف اذنها انتصابها و ارتفاعها، و اذن

ص: 16


1- شرح النهج 2: 295
2- لسان العرب 9: 171 / شرف

شرفاء أي منتصبة، انتهى (1)

و على هذا فقد ظهر لك اشتباه هذا الشارح في هذا المقام حتى ألجأه ذلك إلى التكلّف البعيد، و إخراج الكلام عن ظاهره في جعله للسلامة عطفاً على الاذن، بل فيه حط للكلام من أوج البلاغة إلى حضيض الركاكة و السماجة، فإنّ العطف على المضاف إليه من دون إعادة المضاف لا يخفى ما فيه من الضعف والاعتساف، نعم ما ذكره يأتي في الحديث الذي استشهد به، و قد ذكره صاحب لسان العرب (2) و حمله على محامل تقرب من هذا الذي ذكره و لكنه غير ما في النهج، فتأمل تجد الفرق واضحاً.

و المراد بسلامة عينها عدم عوارها، فيكون حاصل الكلام انّ عدم قطع إذنها و عدم عوارها من كمالها.

النص: [الخطبة رقم 71:] انكم تقولون علي يكذب، قاتلكم الله فعلى من أكذب، أعلى الله فأنا أول من آمن به، أم على نبيه فأنا أول من صدقه. كلا و الله و لكنها لهجة غبتم عنها و لم تكونوا من أهلها.

التعليقة: يريد سلام الله عليه أنّها دسيسة دسّها إليكم أصحابه المنافقون كالأشعث و المغيرة والأشعري و نظرائهم، و لم تكونوا من أهلها و إنّما أهلها الذين أشاعوها بينكم هم أولئك الكفرة الفجرة، و تلقّفها السواد منهم على غير بصيرة.

ص: 17


1- شرح النهج 4: 3.
2- لسان العرب 9: 171

النص: [ الخطبة رقم 72:] اللهم داحي المدحوّات و داعم المسموكات، و جابل القلوب على فطرتها شقيها و سعيدها.

[قال محمد عبده:] جابل القلوب: خالقها، و الفطرة: أول حالات المخلوق التي يكون عليها في بدء وجوده، و هي للإنسان حالته خالياً من الآراء و الأهواء و الديانات و العقائد، و قوله: شقيها و سعيدها بدل من القلوب أي جابل الشقي و السعيد من القلوب على فطرته الأولى التي هو بها كاسب محض، فحسن اختياره يهديه إلى السعادة و سوء تصرفه يضلله في طرق الشقاوة.

التعليقة: [جابل] أي طبعها على الاستعداد المحض للسعادة و الشقاء.

النص: [الخطبة رقم 72]: و منى الشهوات، و أهواء اللّذات.

التعليقة: أي الشهوات التي يتمنّاها الإنسان، و اللّذات التي یهواها.

النص: [الخطبة رقم 73]: لو بايعني بكفّه لغدر بسبته.

التعليقة: يعني بيعته كحبقة أي الريح الذي يخرج من سبته.

النص: [الخطبة رقم 73]: و ستلقى الأمة منه و من ولده يوماً أحمر.

التعليقة: تراق به الدماء، كناية عن البلاء و الشر.

النص: [ الخطبة رقم 77:] انّ بني أميّة ليفوقونني تراث محمد صلی الله علیه و آله و سلم

ص: 18

تفويقاً. [قال الرضي رحمة الله علیه: ] ليفوقونني أي يعطونني من المال قليلاً قليلاً كفواق الناقة.

التعليقة: لعل المراد من بني أميّة أيّام خلافة عثمان، و ما يدفعه من الغنائم للمهاجرين، و انّ ما يعطيه لأمير المؤمنين سلام الله عليه دون ما يعطيه المروان و الوليد الفسقة و الفجرة، و مع ذلك فإنّي أستبعد أن يكون للمال قيمة عنده فيشتكي من قلّتها، و لاسيّما من بني أمية الأجلاف، و يمكن أن يكون المراد ما يعطونه من الطاعة و الانقياد، فيكون الفواق كناية عن قلة الطاعة و الاعراف و انّهم لا يخلصون له في خلافته و إمامته، والله العالم.

النص [الخطبة رقم 81:] و لا تنسوا عند النعم شكركم، فقد أعذر الله إليكم بحجج مسفرة ظاهرة [قال محمد عبده:] أعذر بمعنى أنصف، و أصله مما همزته للسلب، فأعذرت فلاناً: سلبت عذره أي ما جعلت له عذراً بيديه لو خالف ما نصحته به، و يقال: أعذرت إلى فلان أي أقمت لنفسي عنده عذراً واضحاً فيما أنزله به من العقوبة حيث حذرته و نصحته، و يصح أن تكون العبارة في الكتاب على هذا المعنى أيضاً بل هو الأقرب من لفظ إليكم.

التعليقة: ليست الهمزة همزة سلب بل إثبات و إيجاب، فإذا قلت: أعذرته أي جعلت له العذر و قبلت عذره أي حجته التي دافع بها عن نفسه للأمن من العقوبة على ذنب أو تقصير، و إذا قلت: أعذرت إليه فالمعنى أثبتّ لك الحجة في عقوبته و لم تبق له حجة يدافع بها عن نفسه، و منه: قد أعذر من أنذر، و فيه أيضاً قوله: قد أعذر الله إليكم

ص: 19

بحجج مسفرة، فتدبره.

النص: [الخطبة رقم 83]: فهل دفعت الأقارب، أو نفعت النواحب.

التعليقة: لم يذكر النواحب مع انّ ابن أبي الحديد لم يهملها، قال: هي جمع ناحبة أي الرافعة صوتها بالبكاء (1)

النص: [الخطبة رقم 83:] تحتذون أمثلتهم، و تركبون قدتهم و تطأون جادتهم.

قال محمد عبده القدة - بكسر فتشديد - الطريقة.

التعليقة: إن كانت بالدال المهملة، و إلّا فهي بمعنى ريشة السهم، و منه: حذو النعل بالنعل و القذّة بالقذّة، و هو الأنسب هنا و إلّا تساوت الجملتان و هو الذي يظهر من ابن أبي الحديد (2)، وإن ذكر الأول أيضاً، فيكون الحاصل: انّكم تساووهم في أفعالهم فلا تنحرفون عن طريقتهم وجادتهم أبداً.

النص: [الخطبة رقم 86]: و اعلموا انّ الأمل يسهي العقل و ينسي الذكر.

قال محمد عبده: الأمل الذي يذهل العقل و ينسي ذكر الله و أوامره و نواهيه هو استقرار النفس على ما وصلت إليه غير ناظرة إلى تغير

ص: 20


1- شرح النهج 6: 262
2- شرح النهج 6: 263

الأحوال و لا آخذة بالحزم في الأعمال.

التعليقة: الاستقرار مغاير للأمل، و إنّما الأمل تطلّع النفس إلى ما تحب و تهوى، فإن كان تطلّعاً إلى ملك أو سلطان أو ما هو من هذا القبيل من شهوات الدنيا، كان مما يسهي العقل و ينسي الذكر، و كان صاحبه مغروراً كما قال سلام الله عليه، لا ما في بضائع النوكي.

النص: [ الخطبة رقم 87]: نظر فأبصر، و ذكر فاستكثر، وارتوى من عذب فرات.

قال محمد عبده: العذب و الفرات مترادفات.

التعليقة: لو كانا مترادفين لم يصح وصف أحدهما بالآخر في قوله تعالى: (هذا عَذْبٌ فُراتٌ)(1) و لا إضافة أحدهما إلى الآخر كما في المقام، و لا يبعد أن يكون المراد بالفرات الجاري و نحو ذلك، فتدبره.

النص: [ الخطبة رقم 89]: و الله ما أسمعهم الرسول شيئاً إلا وها أنا ذا اليوم مسمعكموه.

التعليقة: فيه نسخة أخرى بكاف الخطاب فيه و في ما بعده، و لكن ما في المتن أصح كما لا يخفى.

النص: [الخطبة رقم 91]: و من خطبة له علیه السلام تعرف بخطبة الأشباح.

التعليقة: الأشباح: الأشخاص، و المراد الملائكة لأنّ

ص: 21


1- الفرقان الآية: 53

الخطبة تتضمن ذكرهم و جملة من أحوالهم، كذا في الشرح لعبد الحميد (1).

النص: [الخطبة رقم 91]: تعرف بخطبة الأشباح و هي من جلائل خطبه علیه السلام و كان سأله سائل أن يصف الله حتى كأنّه يراه عياناً فغضب علیه السلام لذلك.

التعليقة: روى مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد الصادق علیه السلام أنه قال: خطب أمير المؤمنين بهذه الخطبة على منبر الكوفة، و ذلك انّ رجلاً أتاه فقال له: صف لنا ربنا مثلما نراه عياناً لنزداد له حباً و به معرفة، فغضب و نادى: الصلاة جامعة، فاجتمع إليه الناس حتى غص المسجد بأهله، فقام و هو مغضب متغيّر اللون، فحمد الله سبحانه و صلّى على النبي صلی الله علیه و آله و سلم ثم قال: الحمد لله... الخ. هكذا في نسخ النهج، و ما أدري ما سبب هذا الإسقاط و التحريف فتأمل.

النص: [ الخطبة رقم 91]: منها في صفة السماء: و نظم بلا تعليق رهوات فرجها، ولاحم صدوع انفراجها، و وشج بينها و بين أزواجها.

التعليقة: لعله سلام الله عليه يشير إلى ما بين الكرات الفلكية من الربط الخاص، و دوران كل كوكب في مداره المعين لا يتجاوزه قيد شعرة سواء على نفسه أو على كوكب آخر، و كل واحد من الكرات السماوية له ربط خاص و قوة محدودة بينه و بين الكرات الأخرى لا يتعداها، فسمّها قوة الجذب و الدفع أو غيرها، والله أعلم.

ص: 22


1- شرح النهج 6: 398

النصّ [الخطبة رقم 91]: و ذوات الشناخيب الشمّ.

التعليقة: الصمّ أصح.

النص: [الخطبة رقم 91]: و أوعز إليه فيما نهاه عنه.

التعليقة: أي تقدّم إليه بالانذار.

النص: [الخطبة رقم 93]: ألا انّ أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني أمية، فإنّها فتنة عمياء مظلمة عمت خطتها، و خصت بليتها، و أصاب البلاء من أبصر فيها و أخطأ البلاء من عمي عنها.

قال محمد عبده: الخُطّة - بالضم - الأمر، أي شمل أمرها لأنّها رئاسة عامة، و خصّت بليتها آل البيت لأنها اغتصاب لحقهم. التعليقة: المراد بالخطة هاهنا الدائرة و الحظيرة أي تعم دائرة المسلمين و تخص شدّتها على المؤمنين الذين ينكرون عليهم كحجر بن عدي و أصحابه، و أوضحه سلام الله عليه بقوله: «أصاب البلاء من أبصر فيها» أي أصاب البلاء من أبصر الحق فيها، و أنكر عليهم، و أخطأ البلاء من عمي عن الحق و سكت عنهم، و هو معنى وصف الفتنة بالعمياء أي يعمى عن الحق فيها، أو يعمى عموم الناس فيها عن الحق إلا القليل، و الله العالم.

النص: [الخطبة رقم 93]: كالناب الضروس... تزبن برجلها.

قال محمد عبده: تزبن أي تضرب.

التعليقة: زبنت الناقة بثفناتها عند الحلب أي ضربت.

ص: 23

النص [الخطبة رقم 101]: فوالذي فلق الحبّة و برأ النسمة أنّ الذي أنبئكم به عن النبي صلی الله علیه و آله و سلم، ما كذب المبلغ و لا جهل السامع.

التعليقة: ذكر ابن أبي الحديد(1) انّه يعني بالمبلغ و السامع نفسه سلام الله عليه. أقول: و هو محل نظر، بل ظاهر السياق و الأوفق بالمعنى أن يكون المراد بالمبلغ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم هو و السامع نفسه، و هو جلي بعد أدنى تأمل.

النص: [الخطبة رقم:102]: فويل لك يا بصرة عند ذلك من جيش من نقم الله لا رهج له و لا حس.

قال محمد عبده: قالوا: يشير إلى فتنة صاحب الزنج.

التعليقة: و يحتمل أن يشير بها سلام الله عليه إلى ما وقع في عصرنا هذا سنة 1333 من محنة البصرة و امتلاك الانكليز لها، فإنّ بعض الفقرات قد تنطبق على تلك الرزية، و الله أعلم.

النص: [ الخطبة رقم 105]: فالأرض لكم شاغرة.

التعليقة: شغر المكان خلا، و فرس شاغرة إذا لم تمتنع من غارة أحد.

النص: [الخطبة رقم 109]: لا ينزجر من الله بزاجرٍ، و لا يتّعظ منه بواعظٍ.

التعليقة: لا يتعظ من الله بواعظ، و لا ينزجر منه بزاجر أصح.

ص: 24


1- شرح النهج 7: 99

النص: [الخطبة رقم 111]: أما بعد فإنّي أحذركم الدنيا... لا خير في شيء من أزوادها إلّا التقوى، من أقلّ منها استكثر مما يؤمنه، و من استكثر منها استكثر مما يويقه.

التعليقة: لا يخفى عليك انّ الضمير هنا [أي قوله: استكثر منها] عائد إلى الدنيا، بخلاف الضمير السابق فإنّه للتقوى، فالسياق غير متحد فلا تغفل.

النص: [ الخطبة رقم 111]: آثرها و أخلد إليها.

التعليقة: إليها أصح.

النص: [الخطبة رقم 116 قول الشريف الرضي]: و له مع الوذحة حديث.

قال محمد عبده: قالوا انّ الحجاج رأى خنفساء تدبُّ إلى مصلاه فطردها فعادت ثم طردها فعادت، فأخذها بيده فلسعته فورمت يده و أخذته حمى من اللسعة فأهلكته، قتله الله بأضعف مخلوقاته و أهونها.

التعليقة: و لقد كان هو [...](1) أكفر مخلوقاته به وأعتاهم عليه، فاعتبروا يا أولي الألباب.

النص: [ الخطبة رقم 129]: و من خطبة له علیه السلام في ذكر المكائيل.

التعليقة: ليس في هذه القطعة ذكر و لا إشارة للمكائيل، فلعله في قطعة أخرى من هذه الخطبة.

ص: 25


1- كلمة غير مفهومة و لعلّها (لع) ملخص: لعنه الله

النص [ الخطبة رقم 129]: فرب دائب مضيع و رب كادح خاسر.

قال محمد عبده: الدائب المداوم في العمل، و الكادح الساعي لنفسه بجهد و مشقة، و المراد من يقصر سعيه على جمع حطام الدنيا.

التعليقة: ليس هذا هو المراد، بل المراد مَنْ يدأب في العبادة و الأعمال الصالحة و لكنه لم يأت البيوت من أبوابها، و لم يأخذ من أئمّة الهدى ومصابيح الحق فيكون مضيّعاً لأعماله و يكدح فيها و لكنّه خاسراً لمثراتها و مثوباتها، والله العالم.

النص: [ الخطبة رقم 133]: منها: و اعلموا أن ليس من شيء إلّا و يكاد صاحبه أن يشبع منه و يملّه إلّا الحياة، فإنّه لا يجد له في الموت راحة، و إنّما ذلك بمنزلة الحكمة التي هي حياة للقلب الميت و بصر للعين العمياء، و سمع للإذن الصماء، وريّ للظمآن، و فيها الغنى كله و السلامة.

التعليقة: قال عبد الحميد (1): و أما قوله علیه السلام: و إنّما ذلك الخ

إلى قوله: و فيها الغنى كله و السلامة ففصل آخر غير ملتئم بما قبله، و هو إشارة إلى كلام من كلام رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم ذكره لهم ثم حضهم على التمسك به و الانتفاع بمواعظه، و قال: انّه بمنزلة الحكمة التي هي للقلوب الخ، ثم قال: و الحكمة المشبهة بها كلام رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم هي

ص: 26


1- شرح النهج 8: 293

المذكورة في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا) (1) و أمثالها من الآيات، و هي عبارة عن المعرفة بالله تعالى و مبدعاته الدالة على علمه و قدرته الخ.

أقول: فعلى هذا فلا داعي للتكلّف و تجشّم الوجوه البعيدة لارتباطه بسابقه، فإنه حينئذٍ اجتهاد في مقابلة النص كما تكلّفه الشارح هنا، و مثل هذا كثير للشريف الرضي رحمة الله علیه في الانتخاب كما لا يخفى على من تصفح هذا الكتاب، و لكن الشارح أوقع نفسه في كلفة كان في مندوحة عنها، فإنّه حذف (و منها) فاحتاج إلى توجيه الربط، فلا تغفل.

النص: [الخطبة رقم 133]: لا يجد له في الموت راحة.

قال محمد عبده: لا يجد في الموت راحة حيث لم يهيّئ من العمل الصالح... و بهذا التفسير التأم الكلام و اندفعت حيرة الشارحين.

التعليقة: قد ناقض نفسه في هذا الكلام حيث ذكر في ديباجة الكتاب أولاً أنّه للنهج شروحاً كثيرة و لكنّه لم يطلع على شيء منها، مضافاً إلى أنّه لم نجد فيما رأيناه من الشروح حيرة، كيف و لو كانت لأشار إليها ابن أبي الحديد، فإنّه يتعرّض لما يخالف به الشراح غالباً.

النص: [ الخطبة رقم 135]: و من كلام له علیه السلام يا ابن اللعين الأبتر.

التعليقة: [و من كلام له علیه السلام ] و قد وقعت بينه و بين عثمان

ص: 27


1- البقرة: 269

مشاجرة، فقال المغيرة بن الأخنس لعثمان: أنا أكفيكه، فقال أمير المؤمنين للمغيرة...، هكذا في الأصل، و ما أدري سبب هذه التحريفات و الإسقاط ما هو.

النص: [ الخطبة رقم 144]: آثروا عاجلاً و أخروا آجلاً... أين العقول المستصحبة بمصابيح الهدى... ازدحموا على الحطام.

التعليقة: [ازدحموا على الحطام] كأنّه صفة للقوم الذين تقدّم بعض صفاتهم بقوله علیه السلام: آثروا عاجلاً الخ، فقوله علیه السلام: أين العقول و أين القلوب اعتراض في الاثناء، فلا تغفل.

النص: [الخطبة رقم 149]: أما وصيتي: فالله لا تشركوا به شيئاً، ومحمد صلی الله علیه و آله و سلم فلا تضيّعوا سنته.

التعليقة: [فالله ] بالنصب على أنّه مفعول لمحذوف (...) و ما يشابهه، و محمداً فاتبعوه، و بالرفع و الخبر ما بعده.

النص: [ الخطبة رقم 156]: لما أنزل الله سبحانه قوله: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) علمت انّ الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بين أظهرنا، فقلت يا رسول الله ما هذه الفتنة التي أخبرك الله بها.

قال محمد عبده: فقلت يا رسول الله الخ، أشكل على الشارحين العطف بالفاء مع كون الآية مكية و السؤال كان بعد أحد و وقعته كانت بعد الهجرة، و صعب عليهم التوفيق بين كلام الإمام و بين ما أجمع عليه المفسرون من كون العنكبوت مكية بجميع آياتها، و الذي أراه انّ علمه

ص: 28

بكون الفتنة لا تنزل و النبي بين أظهرهم كان عند نزول الآية في مكة، ثم شغله عن استخبار الغيب اشتداد المشركين على الموحدين و اهتمام هؤلاء بردّ كيد أولئك، ثم بعد ما خفّت الوطأة و صفا الوقت لاستكمال العلم سأل هذا السؤال، فالفاء لترتب السؤال على العلم و العلم كان ممتداً إلى يوم السؤال يوم السؤال، فهي التعقيب قوله لعلمه و التعقيب يصدق بأن يكون ما بعد الفاء غير منقطع عما قبلها...

التعليقة: حاصله انّ العلم بعدم نزول الفتنة كان عند نزول الآية، و لكن السؤال كان بعد ذلك، و لا يخلو من بعد، و من الجائز أن يكون إجماعهم على أنّها مكية لا ينافي نزول بعض آياتها في مكة عام الفتح المتأخرة عن أحد بكثير، و هو المناسب لقضية الفتنة و امتحان الناس حيث صاروا من ذلك العام يدخلون في دين الله أفواجاً، و صارت و فود قبائل العرب تأتي إلى النبي كي تسلم، فتدبره فهو وجيه.

النص: [الخطبة رقم 160]: و كيف عَلَقْتَ في الهواء سماواتك.

التعليقة: يظهر من هذه الفقرة انّ السماوات تطلق على الكواكب أنّها معلقة في الفضاء الغير المتناهي لا مركوزة في الأجسام الأثيرية كما في الهيئة القديمة، و الله العالم.

النص: [ الخطبة رقم 160]: و كل خوف محقق إلا خوف الله فإنّه معلول.

قال محمد عبده: الخوف المعلول هو ما لم يثبت في النفس و لم يخالط القلب، وإنّما هو عارض في الخيال يزيله أدنى الشواغل و يغلب عليه أقل

ص: 29

الرغائب، فهو يرد على الوهم ثم يفارقه ثم يعود إليه شأن الأوهام التي لا قرار لها، فهو معلول من علّه يعلّه إذا شربه مرة بعد أخرى...

التعليقة: الظاهر انّه من العِلّة لا من العل، فلا حاجة إلى هذا التطويل.

النص: [ الخطبة رقم 166]: كقيض بيض في اداح.

التعليقة: قال عبد الحميد: شبّههم ببيض الأفاعي يظن بيض القطا فلا يحل لمن رآه أن يكسره [لأنّه يظن بيض القطا] وحضانه يخرج شراً، لأنّه يفقص عن أفعى، و استعار [لفظة] الأدحى للأعشاش مجازاً، لأنّ الأداحي لا تكون إلّا للنعام تدحوها بأرجلها و تبيض فيها، و دحوها توسيعها من دحوت الأرض(1)

النص: [الخطبة رقم 176]: انّ لسان المؤمن من وراء قلبه، و انّ قلب المنافق من و راء لسانه.

قال محمد عبده: لسان المؤمن تابع لاعتقاده، لا يقول إلّا ما يعتقد، و المنافق يقول ما ينال به غايته الخبيثة، فإذا قال شيئاً أخطره على قلبه حتى لا ينساه فيناقضه مرة أخرى فيكون قلبه تابعاً للسانه.

التعليقة: لا يخفى انّ هذا مع ما فيه من التكلّف يكون اللسان فيه أيضاً تابعاً للقلب في أن لا يخالفه و يناقضه.

و الظاهر انّ مراد الإمام سلام الله عليه أنّه لا يعرف استقامة

ص: 30


1- شرح النهج لابن أبي الحديد 9: 282

القلب إلّا باستقامة اللسان، فمن التزم الصدق و الذكر و الكلام الطيب و القول السديد عرف انّ قلبه مستقيم و عقله كامل، و العكس بالعكس، فتدبره فهو سديد و مطابق لقوله: انّ لسان المؤمن وراء قلبه.

النص: [الخطبة رقم 192]: و إنّي لمن قوم لا تأخذهم في الله لومة لائم... و لا يعلون و لا يغلون.

قال محمد عبده: يغلون: يخونون.

التعليقة: ليست هذه اللفظة في بقية النسخ و على ما ذكر هذا الشارح فهي إذن بالتشديد.

النص: [الخطبة رقم 194]: و أحذركم أهل النفاق فإنّهم الضالون المضلون... يمشون الخفاء و يدبون الضراء.

قال محمد عبده يدبون أي يمشون على هيئة دبيب الضراء أي يسرون سريان المرضى في الجسم أو سريان النقص في الأموال و الأنفس و الثمرات.

التعليقة: الضراء الاستخفاء، فكأنّه يريد يدبّون دبيب المستخفي، و الضراء أيضاً الشجر الملتف.

النص: [الخطبة رقم 197]: و لقد علم المستخفظون من أصحاب محمد صلی الله علیه و آله و سلم إني لم أرد على الله و لا على رسوله ساعة قط.

قال محمد عبده: المستحفظون - بفتح الفاء - اسم مفعول أي الذين أودعهم النبي صلی الله علیه و آله و سلم أمانة سرّه و طالبهم بحفظها. ولم يردّ على الله و رسوله لم يعارضهما في أحكامهما.

ص: 31

التعليقة: ليس المراد بعدم الرد عدم المعارضة للأحكام، فإنّ أكثر المسلمين لم يعارضوا أحكام الله و رسوله، فليست هذه صفة امتاز بها سلام الله عليه، بل المراد عدم التخلّف عن امتثال أوامرهم و نواهيهم، و هي منزلة العصمة التي هي من خصائصه بعد النبي و معه سلام الله عليهما، فتدبر.

النص: [الخطبة رقم 197]: و لقد سالت نفسه في كفّي، فأمررتها على وجهي.

قال محمد عبده نفسه دمه، روي انّ النبي صلی الله علیه و آله و سلم قاء في مرضه فتلقى قيأه أمير المؤمنين في يده و مسح به وجهه.

التعليقة: هذا تفسير يمجّه الطبع ويأباه الذوق، و لابدّ أن تحمل هذه الجملة على معنى يليق بمقام النبوة و الإمامة، و لا مجال لذكره هنا فتدبره، و قد أشرنا إلى طرف منه في جواب من سأل عنه، لعله مذكور في مجموعتنا الكبرى الموسومة بدائرة المعارف العليا.

النص: [الخطبة رقم 200]: و لكن كل غدرة فجرة.

التعليقة: قال عبد الحميد: الغدرة على فعلة الكثير الغدر، و الفجرة و الكفرة الكثير الفجور و الكفر، و كل ما كان على هذا البناء فهو للفاعل، فإن سكّنت العين فهو للمفعول، تقول: رجل ضحكة أي يضحك، و ضحكة يضحك منه، و سخرة يسخر به (1)

ص: 32


1- شرح النهج لابن أبي الحديد 311:10

النص: [ الخطبة رقم 214]: و أشهد أنّه عدل عدل.

التعليقة: الضمير عائد إلى قضاء الله الذي في صدر هذه الخطبة و أسقطه الشريف على عادته.

النص: [ الخطبة رقم 215]: اللهم اجعل نفسي أول كريمة تنتزعها من كرائمي، و أول وديعة ترتجعها من ودائع نعمك عندي.

التعليقة: هذه الفقرات محتاجة إلى الشرح، و ما أدري لماذا أغفلها الشارح، و الظاهر انّ مراده سلام الله عليه الدعاء بأن لا يسلبه في حياته شيئاً من حواسه كسمعه و بصره و نحوها، و هو نظير ما في الأدعية: اللهم متعني بسمعي و بصري و اجعلهما الوارثين منّي.

النص: [الخطبة رقم 216]: فلا تكفّوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل، فإنّي لست في نفسي بفوق أن أخطئ.

قال محمد عبده: يقول: لا آمن الخطأ في أفعالي إلّا إذا كان يسر الله لنفسي فعلاً هو أشد ملكاً له منّي، فقد كفاني الله ذلك الفعل فأكون على أمن الخطأ فيه.

التعليقة: لا يخفى ما في هذا التعبير من التشويش و القلق. [و] هذا لا ينافي ما نعتقده في حقه من العصمة، فتدبره.

النص: [الخطبة رقم 219]: أدركت و تري من بني عبدمناف، و أفلتني أعيان بني جمع.

التعليقة: و في نسخة: أعيار بني جمع، جمع عير و هو الحمار، و أعيانهم رؤسائهم و قد يكنّى عن الرئيس في مقام التوهين بالحمار تبكيتاً

ص: 33

عليه، فالنسختان متوافقان معنیً متقاربان لفظاً، و مراده من بني عبد مناف عبدالرحمن بن عتاب، فإنّه من أبي العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبدمناف، لا طلحة و لا الزبير فإنّهما ليسا من عبدمناف بل من تيم بن مرة و أسد بن عبد العزى، و كان عبد الرحمن هذا من أعيان قريش، و قال فيه أمير المؤمنين أيضاً لما مرّ به قتيلاً لهفي عليك يعسوب قريش، هذا فتى الفتيان، هذا اللباب المحض من عبدمناف(1)، الخ.

النص: [بعد خطبة رقم 220]: قال الإمام كاشف الغطاء: هنا كلام سقط من هذه النسخة، و هو ثابت في غيرها هكذا: و من كلام له علیه السلام يحثّ أصحابه فيه على الجهاد: «و الله مستأديكم شكره و مورثكم أمره، و ممهلكم في مضمار محدود لتتنازعوا سبقه، فشدّوا عقد المآزر، و اطووا فضول الخواصر، لا تجتمع عزيمة و وليمة، ما أنقض النوم لعزائم اليوم، و أمحى الظلم التذاكير الهمم» انتهى.

و قوله علیه السلام: «اطووا فضول الخواصر» نهي عن كثرة الأكل، لأنّ كثير الأكل لا يطويها بل يملئها، و قليله يأكل في بعض ويطوى بعض، و حاصل الفقرات الثلاثة انّ الشهوات و طلب الراحة بالنوم و لذيذ المأكل يمنع من إمضاء العزائم و ينقض الهمم، و الأخيرة كالمؤكدة لما قبلها، و سيأتي ذكره في هذه النسخة بعد هذا و لكن في غير محلّه.

النص: [الخطبة رقم 221]: تطأون في هامهم، و تستثبتون في أجسادهم.

ص: 34


1- شرح النهج لابن أبي الحديد:11: 123

التعليقة: و في بعض النسخ: تستنبتون - بالنون - بمعنى أنكم تغرسون في الأرض و هي من أجسادهم مستحيلة، كما انّ معناه على ما في المتن: أنكم تبنون الثابتات من الأبنية و الدور و غيرها في الأرض التي هي من أجساد آبائكم، و قد تداولت الشعراء هذا المعنى و تفنّنت فيه كالمعري و المهيار،و غيرهما، و أشعارهم في ذلك مشهورة، و مأخذ تلك اللؤلؤة الباهرة من هذه اللجّة الزاهرة.

النص: [ الخطبة رقم 223]: فلم يجز في عدله يومئذ خرق بصر في الهواء.

قال محمد عبده: يجز من الجزاء.

التعليقة: من المحتمل القريب انّ الفعل من الجواز لا من الجزاء، فتدبره.

النص: [ الخطبة رقم 241]: قال كاشف الغطاء: تقدّم ذكر هذا الكلام و انّ محلّه هنالك.

النص: [الخطبة رقم 241]: و اطووا فضول الخواصر. قال محمد عبده: و اطووا فضول الخواصر أي ما فضل من مآزركم يلتف على أقدامكم فاطووه حتى تخفوا في العمل و لا يعوقكم شيء عن الإسراع في عملكم.

التعليقة: قد تقدّم تفسيرها بغير ذلك هنالك.

النص: [ الكتاب رقم 1]: و اعلموا انّ دار الهجرة قد قلعت بأهلها و قلعوا بها، و جاشت المرجل، و قامت الفتنة على القطب،

ص: 35

فأسرعوا إلى أميركم.

التعليقة: الظاهر انّ المراد بيان الوجه لخروجه من المدينة دار الهجرة التي كان سلام الله عليه نهى عمر من الخروج منها لحرب الفرس، فيقول سلام الله عليه: انّ دار الهجرة ألجأته إلى الخروج فأقلعت به حيث انّ أهلها كطلحة و الزبير و عائشة قلعوا بها و خرجوا منها للفتنة، فلا محيص له من الخروج لقمع تلك الفتنة، و الله العالم. النص: [الكتاب رقم 3]: و من جمع المال على المال فأكثر و شيّد و زخرف و نجّد.

قال محمد عبده: و نجد بتشديد الجيم أي زيّن.

التعليقة: و يجوز أن يكون من نجد الأرض و هو ارتفاعها، و هذا الوجه أحسن محافظة على التأسيس في الكلام كما لا يخفى.

النص: [الكتاب رقم 10]: فأنا أبو حسن قاتل جدك و خالك و أخيك شدخاً يوم بدر.

قال محمد عبده: شدخاً أي كسراً، قالوا: هو الكسر في الرطب و قيل في اليابس.

التعليقة: الشدخ ليس كسراً بل هو قريب من الخدش و لكنّه أقوى مراتبه، و أراد به فلق هاماتهم مع بقاء اتصالها بأبدانهم، فإنّ الشدخ التأثير و الفلق مع بقاء الاتصال، فتدبر.

النص: [ الكتاب رقم 18]: انّ بني تميم لم يغب لهم نجم إلّا طلع لهم آخر.

ص: 36

قال محمد عبدة: غيبوبة النجم كناية عن الضعف و طلوعه كناية عن القوة.

التعليقة: الأصح أنّه ما مات منهم رئيس إلّا قام مقامه رئيس آخر، نجوم سماء كلما إلى الآخر، إذا مات منا سيد قام سيد، الخ.

النص: [الكتاب رقم 21]: و قدّم الفضل ليوم حاجتك.

قال محمد عبده: ما يفضل من المال فقدّمه ليوم الحاجة كالإعداد ليوم الحرب مثلاً، أو قدّم فضل الاستقامة للحاجة يوم القيامة.

التعليقة: هذه العبارة معقدة و لا مورد لذكر الحرب هنا و لا تشبيه بها، مع انّ كلمة الإمام واضحة المعنى رصينة المبنى، و المراد الأمر بالاقتصاد و ترك الإسراف، و أن لا ينفق المرء جميع ما عنده و ينسى غده، بل يمسك قدر حاجته ليومه وغده، ثم يقدّم ما زاد ليوم حاجته وهو يوم القيامة.

النص: [الكتاب رقم 22]: أما بعد فإنّ المرء قد يسّره درك ما لم يكن ليفوته، و يسؤه فوت ما لم يكن ليدركه.

قال محمد عبده: قد يسرّ الإنسان بشيء و قد حتم في قضاء الله أنّه له، و يحزن بفوات شيء محتوم عليه أن يفوته، و المقطوع بحصوله لا يصح الفرح به كالمقطوع بفواته لا يصح الحزن له، لعدم الفائدة في الثاني و نفي الغائلة في الأول.

التعليقة:المقطوع بحصوله إذا كان محبوباً يصح الفرح به قطعاً بل يحصل قهراً، كما انّ المقطوع بفوته إذا كان فوته مضراً يحصل الحزن

ص: 37

قهراً، و ليس معنى هذه الفقرات ما ذكره الشارح رحمة الله علیه، بل مراد الإمام علیه السلام أنّه ينبغي أن يكون الفرح و الحزن على أمور الآخرة أكثر من أمور الدنيا، كما يدل عليه: و ليكن همك فيما بعد الموت، و قوله: فلا تكثر فيه فرحاً. فتدبره.

النص: [الكتاب رقم 23]: وصيتي لكم أن لا تشركوا بالله شيئاً، و محمد صلی الله علیه و آله و سلم فلا تضيعوا سنته.

قال محمد عبده: و محمد عطف على أن لا تشركوا مرفوع.

التعليقة: ليس هو عطفاً بل الواو استئنافية، و محمد مبتدأ و ما بعده جملة تسدّ مسدّ الخبر، أما العطف على أن لا تشركوا فغير متجه كما هو واضح.

النص: [الكتاب رقم: 31]: بل كأنّي بما انتهى إليّ من أمورهم قد عمرت...

التعليقة: قال عبد الحميد: عمرت - العين مفتوحة و الميم مكسورة - تقول: عمر الرجل يعمر عمراً و عمراً على غير قياس، لأنّ مصدره التحريك، أي عاش زماناً طويلاً، و استعمل في القسم أحدهما و هو المفتوح (1)

النص: [الكتاب رقم 31]: إذا تغيّر السلطان تغير الزمان.

التعليقة: يعني انّ الزمان أمر اعتباري لا حقيقة له و إنّما يدور

ص: 38


1- شرح النهج لابن أبي الحديد 16: 69

مدار أهله و سلطانه، فإذا عدل و صلحوا،صلح، و إذا جار و قبحوا قبح.

النص: [الكتاب رقم 31]: من أمن الزمان خانه، و من أعظمه أهانه.

قال محمد عبده: من هاب شيئاً سلّطه على نفسه.

التعليقة: لا مناسبة لهذا البيان بتلك الجملة، بل المراد - والله العالم - انّ الزمان لا تؤمن عثراته و بوائقه، فلا ينبغي أن يؤمن، بل الحازم من كان دائماً على حذر، و من أعظمه بالركون إليه و الطمأنينة أهانه و صرعه وقتاً ما، فتدبره.

النص: [ الكتاب رقم 36]: فقد قطعوا رحمي، و سلبوني سلطان ابن أمي.

قال محمد عبده: يريد رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فإنّ فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين ربت رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم في حجرها، فقال النبي في شأنها: فاطمة أمي بعد أمي.

التعليقة: الأصح (1) و الأنسب أن يكون إشارة إلى كون عبدالله والد رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم و أبي طالب والد أمير المؤمنين علیه السلام كلاهما من

ص: 39


1- و كتب السيد عبد الحسين الموسوي رحمة الله علیه معلّقاً بخطه على هامش النسخة: «بل الأظهر أنه علیه السلام لما كان من رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم بمنزلة هارون من موسى، و حال كل منهما مع الآخر حال ابني الأم، أطلق على النبي هذه الكلمة، أعني: ابن أمي»

أم واحدة دون سائر أولاد عبد المطلب، و هذه قرابة اختص بها أمير المؤمنين علیه السلام و إخوته من رسول الله دون سائر قريش و بني هاشم، و على هذا فرسول الله ابن أم له علیه السلام حقيقة بلا تجوز، كما يلزم على ما ذكره الشارح هنا، و ببالي انّ هنا لعبد الحميد مراجعة و مؤاخذة مع الفقيه الراوند رحمة الله علیه ظريفة من شاء فليراجعها. (1)

و يحتمل أن يريد سلطان نفسي و هو بعيد.

النص: [الكتاب رقم 45]: و النباتات البدوية أقوى وقوداً.

التعليقة: و النابتات العذية، أصح. و العذي - بسكون الوسط: - الزرع الذي يشرب من ماء المطر و هو يكون أقل احتياجاً للماء مما يسقى سقياً بالسيح أو الدلو و الناضح و نحو هما.

النص: [ الكتاب رقم 45]: و أيم الله استثني فيها بمشيئة الله...

التعليقة: الأظهر أنّه من متعلّقات الجملة الأخيرة و هي: قدرت عليه.

النص: [الكتاب رقم 53]: ولا تنصبنّ نفسك لحرب الله، فإنّه لا يدي لك بنقمته.

التعليقة: الظاهر أنّه منصوب على أنّه اسم (لا) و أصله: لايدين حذف النون، قال عبد الحميد للإضافة: و اللام مقحمة مثلها في لا أبالك (2)، و هذا عندي غير صحيح إذ لا معنى للإضافة هنا أبداً، كيف

ص: 40


1- شرح النهج 16: 152
2- شرح النهج 17: 32

و اسم لا مما يجب تنكيره فلا يجوز جعله مضافاً مع ما فيه من لزوم خلوّه من المعنى، إذ التقدير حينئذٍ:لا يديك بنقمته و هو كما ترى ممّا لا معنى له إلّا بتكلّف بعيد.

نعم ذكر الشارح البحراني انّ النون حذفت المضارعته للمضاف أو بكثرة الاستعمال (1)، و هو أقرب من الأول إلى الصحة، و التنظير للمقام بمثل: لا أبالك لم أعرف وجهه أيضاً. فتأمل، و الحاصل انّ إخراج هذه الكلمة على وجه واضح غر واضح، و لو انّ النسخة كانت بلا ياء لارتفع الإشكال، و لكن الظاهر اتفاق النسخ على وجودها.

النص: [ الكتاب رقم 53]: ثم انظر في أمور عمالك فاستعملهم اختباراً... و توخّ منهم أهل التجربة و الحياء... فإنّهم أكرم أخلاقاً، و أصح أعراضاً، و أقلّ في المطامع اشرافاً.

التعليقة: الإشراف و الاستشراف الترقب و التطلع إلى الأمر المحبوب، كقوله:

و قد علمت و ما الإشراف من خلقي *** انّ الذي هو من رزقي سوف يأتيني

و فسّره عبد الحميد بشدّة الحرص على الشيء و الخوف من فواته(2)،

و هو في البيت مناسب، و الأول في الخطبة أنسب، و على كل حال فليس هو

ص: 41


1- شرح النهج لابن ميثم 5: 134
2- شرح النهج 17: 70

معنى الإشراف بل هو لازم المعنى، و أصله الأولى هو الشرف - بالفتح في أولييه - بمعنى المكان العالي، جعل المنتظر للأمر كالجالس على علوّ المطالع للقوم أو القافلة، و لذا قال في القاموس: استشرف الشيء أي جعل يده فوق بصره و نظر إليه كالمستظل من الشمس (1)، و على كل حال فالحرص و خوف الفوات لوازم بعيدة جداً، فافهم.

النص: [الكتاب رقم 53]: و لا يثقلنّ عليك شيء خفّفت به المؤونة عنهم... فربما حدث من الأمور ما إذا عوّلت فيه عليهم من بعد احتملوه طيبة أنفسهم به.

قال محمد عبده: طيبة بكسر الطاء مصدر طاب و هو علة لاحتملوهن أي لطيب أنفسهم باحتماله، فإنّ العمران ما دام قائماً و نامياً فكل ما حملت أهله سهل عليهم أن يحتملوا.

التعليقة: اشتبه حيث قرأه بالتخفيف فجعله مصدراً، و هو اسم فاعل مشدّد بالتشديد صفة تدل على الثبوت حال من فاعل احتملوا، أي إذا انتظرت بهم الرخاء احتملوا ما حمّلتهم طيبين النفس بذلك، و ما ذكره هذا الشارح هنا أجنبي عن العبارة على وضوحها.

النص: [ الكتاب رقم 53]: و إنّما يؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها، و إنّما يعوز أهلها لإشراف أنفس الولاة على الجمع.

التعليقة: الإشراف هنا كالاشفاء بمعنى مقاربة الوقوع في

ص: 42


1- القاموس المحيط للفيروز آبادي 3: 158

الشيء، و الثاني يستعمل غالباً في الوقوع بالمهالك فيقال: أشفى على الموت و أشفى على الهلاك، و منه: «على شفا جرف هار».

النص: [الكتاب رقم 53]: و أسرارك بأجمعهم لوجود صالح الأخلاق.

التعليقة: لا يبعد أنّها تحريف (وجوه) فتأمّل.

النص: [الكتاب رقم 62]: فما راعني إلا انثيال الناس على فلان يبايعونه، فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام.

قال محمد عبده: [فأمسكت يدي] كففتها عن العمل و تركت الناس و شأنهم حتى رأيت الراجعين من الناس قد رجعوا عن دين محمد بارتكابهم خلاف ما أمر الله، و إهمالهم حدوده، و عدوهم عن شريعته، يريد بهم عمال عثمان و ولاته على البلاد.

التعليقة: انظر و اعجب للشارح سامحه الله كيف صرف الكلام عن وجهه و الحرف عن ظاهره، إذ لا إشكال و لا ريب انّ مراد الإمام علیه السلام بفلان هو الأول لا عثمان، ويشهد له قوله: (و لا منحّوه عنّي من بعده)، فهو ناظر إلى بدء القضية، و أول الظلم الذي تفرع عليه تقدم عثمان، و يشهد له أيضاً قوله: (فما راعني إلّا انثيال الناس)، أما بيعة عثمان فقد عرفها صلوات الله عليه في مجلس الشورى قبل انثيال الناس و لكن السقيفة كانت فلتة و مفاجئة لم يعلم أمير المؤمنين بتدبيرها و كيدها، و هذا واضح، نعم الكلام الآخر يعود إلى بني أمية، فتدبره.

ص: 43

النص: [الكتاب رقم 65]: و أساطير لم يحكها منك علم و لا حلم.

التعليقة: [ يحكها] من الحوك لا الحكاية.

النص: [ الكتاب رقم 69]: و لا تتمنى الموت إلّا بشرط وثيق.

قال محمد عبده: أي لا تقدم الموت رغبة فيه إلّا إذا علمت انّ الغاية أشرف من بذل الروح و المعنى: لا تخاطر بنفسك فيما لا يفيد من سفاسف الأمور.

التعليقة: هذا تفسير بلا حاصل، و إن كان فيه شيء فهو تطويل ليس تحته طائل، و هذه الكلمة الشريفة في حسن البيان أوضح من أن تحتاج إلى بيان، و إن شئت ما يزيدك إيضاحاً لمضمونها، فقد قال الله جلّ من قائل لليهود: (إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ (1) الآية.

و حاصل الكلام انّك لا تتمنّى الموت حتى تثق من عملك الذي قدمته، و أما كلام هذا الشارح فلم أتحقّق ما يريد به، فلاحظ.

النص: [ الكتاب رقم 69]: واحذر كل عمل يرضاه صاحبه لنفسه و يكرهه لعامة المسلمين.

التعليقة: هذه الكلمة محتملة لوجهين: أحدهما ما يظهر من عبد الحميد، حيث نظّرها بقوله: لا تنه عن خلق... البيت (2)، و الثاني

ص: 44


1- الجمعة: 6- 7
2- شرح النهج لابن أبي الحديد 44:18

ما يظهر من الفاضل البحراني حيث قال: و هو كقوله: رِد للناس ما تريد لنفسك، و اكره لهم ما تكرهه لها (1)، و بين الوجهين بون بعيد، و لعل الأول أقرب إلى سياق ما بعده من نظائره، بل الثاني في غاية البعد من العبارة، فتأمل.

النص: [ الكتاب رقم 78]: و إنّي لأعبد أن يقول قائل بباطل، و أن أفسد أمراً قد أصلحه الله.

قال محمد عبده: عبد يعبد كغضب يغضب عبداً كغضباً وزناً و معنى، أي يغضبني قول الباطل و إفسادي لأمر الخلافة الذي أصلحه الله بالبيعة، و نسبة الإفساد لنفسه لأنّ أبا موسى نائب عنه، و ما يقع عن النائب كما يقع عن الأصيل.

التعليقة: الأمر الذي يغضب علیه السلام من إفساده و يأنف منه ويتنصّل، هو ألفة الأمة الذي أشار إليه في صدر كتابه الذي يزعم الأشعري في تأخّره عن تلبية دعوة أمير المؤمنين علیه السلام إياه للجهاد، انّ فيه تفرقة للأمة و لا يجوز عنده محاربة أهل القبلة، فالإمام علیه السلام يقول له: إنّي أحرص منك على الألفة و عدم الفرقة، ولكنّك جاهل لا تعرف معناها و مواردها، فدع عنك هذه الأوهام و سلّم الأمر لإمامك الذي يجب عليك طاعته، و مما ذكرنا يتضح لك انّ الشارح رحمة الله علیه في تعليقته هنا قد تكلّف و تمحّل و ذهب بعيداً عن المقصود، و لم يأت بشيء و ليس لما ذكره محصّل، فتدبره.

ص: 45


1- شرح النهج لابن ميثم 5: 207

النص: [قصار الحكم رقم 37]: و قال علیه السلام و قد لقيه عند مسيره إلى الشام دهاقين الأنبار.

التعليقة: اللفظة [أي دهاقين] مركبة من (ده) بمعنى القرية و (قان) بمعنى الصاحب يعني صاحب القرية، ثم استعمل في رئيس القرية أو المختار و هو كد خدا.

النص: [قصار الحكم رقم 61]: المرأة عقرب حلوة اللّبسة.

التعليقة: و في رواية عبد الحميد: «حلوة اللَّسبة» و قال في شرحها: اللسبة لسعة العقرب (1)

النص: [قصار الحكم رقم 69]: إذا لم يكن ما تريد فلا تبل ما كنت.

التعليقة: لعبد الحميد هنا كلام في شرح هذا الكلام إن شئت راجعته (2)

شرح محمد عبده هذا الكلام و استشهد بهذا البيت:

إذا ما لم تستطع شيئاً فدعه *** و جاوزه إلى ما تستطيع

التعليقة: ليس هذا معنى البيت، و إنّما هو قريب من قوله علیه السلام: «رحم الله امرأ عرف قدره و لم يتعدّ طوره.»

ص: 46


1- شرح النهج لابن أبي الحديد 18: 198
2- م. ن 18: 215

قال محمد عبده في شرح معنى الشرطي [قصار الحكم رقم 104]: و الشرطي - بضم فسكون - نسبة إلى الشرطة واحد الشرط کرطب، و هم أعوان الحاكم.

التعليقة: [الحاكم] الظالم لا مطلق الحاكم.

النص: [ قصار الحكم رقم 112]: من أحبنا أهل البيت فليستعد للفقر جلباباً. [قال الرضي: ] و قد يؤول ذلك على معنى آخر.

قال محمد عبده: هو انّ من أحبهم فليخلص الله حبهم فليست الدنيا تطلب عندهم.

التعليقة: هذا المعنى في حدّ ذاته غير صحيح، فإنّ الدنيا توجد عندهم كما عندهم تطلب الآخرة، غايته انّ أولياءهم لا يطلبون الدنيا بحبهم بل يحبونهم الله و لأنهم أهل لذلك، ثم انّ الشارح غفل في المقام فإنّ مراد الشريف بقوله: يؤول ذلك، أي الكلمة الأولى: «لو أحبني جبل لتهافت» و المعنى الذي ذكره الشارح لا يلائم إلّا الأولى، و لعل المعنى الآخر: لو أحبني جبل لذاب من شدّة حبي، فتدبره.

النص: [قصار الحكم رقم 202]: قال لطلحة و الزبير: لكنكما شريكان في القوة و الاستعانةّ و عونان على العجز و الأود.

قال محمد عبده الأود - بفتح فسكون - بلوغ الأمر من الإنسان مجهوده لشدته و صعوبة احتماله.

التعليقة: قد غفل عمّا هو أوضح و أنسب في المقام و أكثر و هو الإوَد بكسر الأول و فتح الثاني بمعنى الاعوجاج أي إذا اعوج عليّ أمر

ص: 47

استعنت بكما على اصلاحه، و بالجملة فالكلام في غاية الوضوح، و حاصله أنّه إذا عجزت عن اصلاح أمر و أعيى علي، اصلاحه استعنت بكما على اصلاحه، و قد مرّ له مثل هذا الكلام معهما.

النص: [قصار الحكم رقم: 210]: اتقوا الله تقية من شمّر تجريداً، و كمش في مهل.

التعليقة: و في رواية عبد الحميد: و أكمش جدّ و أسرع، و رجل كميش أي جاد(1).

قال محمد عبده في معنى الفدام من قصار الحكم رقم 211 [و الحلم فدام السفيه]: القدام ككتاب و سحاب و تشدّد الدال أيضاً مع الفتح: شيء تشدّه العجم على أفواهها عند السقي، و إذا حلمت فكأنّك ربطت فم السفيه بالفدام فمنعته عن الكلام.

التعليقة: قال عبد الحميد: خرقة تجعل على فم الإبريق فشبّه الحلم بها، فإنّه يردّ السفيه عن السفه كما يرد الفدام الخمر عن خروج القذى (2)

النص: [قصار الحكم 214]: من لان عوده كثفت أغصانه.

قال محمد عبده: يريد من لين العود طراوة الجثمان الإنساني و نضارته بحياة الفضل و ماء الهمة، و كثافة الأغصان كثرة الآثار التي

ص: 48


1- شرح النهج لابن أبي الحديد 30:19
2- م. ن 19: 31.

تصدر عنه كأنّها فروعه أو يريد بها كثرة الأعوان.

التعليقة: محصل هذا الكلام غير معلوم، و الظاهر انّ حاصل تلك الكلمة الشريفة انّ من حسنت كلمته و حسنت طباعه، كثرت أحبته و أتباعه.

النص: [قصار الحكم (غریب كلامه) رقم 3]: قال الرضي في معنی (قحماً)... و من

ذلك قحمة الأعراب و هو أن تصيبهم السنة فتتعرّق أموالهم.

التعليقة: في بعض النسخ فتتفرق أموالهم - بالفاء مكان العين - و لكن ما في المتن أبلغ معنى و أفصح لفظاً.

النص: [قصار الحكم (غريب كلامه) رقم 7]: انّه شيع جيشاً يُغزيه فقال: اعزبوا عن ذكر النساء ما استطعتم، و معناه: أصدفوا عن ذكر النساء و شغل القلب بهنّ، و امتنعوا من المقاربة لهنّ لأنّ ذلك يفت في عضد الحمية، و يقدح في معاقد العزيمة، و يكسر عن العدو، و يلفت عن الإبعاد في الغزو.

التعليقة: [يكسر] يحتمل أن يكون بضم العين و التشديد، فيكون معناه انّ التعرض للنساء و أعراض الناس يكسر جندكم ويقتلكم بدلاً عن قتل العدو لكم، و يحتمل أن يكون بالتخفيف و فتح العين فيكون معناه انّ ذلك يضعفكم و يوهن قوتكم عن الجري و الفتك، و يلفت أي يمنع.

النص: [قصار الحكم (غريب كلامه) رقم 8]: و في حديثه علیه السلام

ص: 49

كالياسر الفالج ينتظر أول فوزة من قداحه.

التعليقة: أول هذا الكلام:)أنّ المرء المسلم ما لم يغش دناءة يخشع لها إذا ذكرت، و يغرى به لئام الناس كالياسر الفالج ينتظر أول فوزة من قداحه أو داعي الله). و أورد ابن أبي الحديد على الشريف (1) بانّ الفالج ليس هو القاهر الغالب هنا، و إلّا لم يكن معنى لانتظار فوز قداحه إذ قد فازت، بل المراد به الميمون النقيبة الذي له عادة الغلبة و القهر.

أقول: و لو جعل القاهر الغالب بمعنى الذي يقهر و يغلب لارتفع الإشكال (...) قطعاً، و إن كان له وجه آخر، فتأمّل.

النص: [قصار الحكم رقم 262]: فإنّي اعتزل مع سعد بن مالك وعبدالله بن عمر.

التعليقة: هو سعد بن أبي وقاص المعروف.

النص: [قصار الحكم رقم 271]: وروي أنّه علیه السلام دفع إليه رجلان سرقا من الله أحدهما عبد من مال الله، و الآخر من عروض الناس.

قال محمد عبده: أي انّ السارقين كانا عبدين أحدهما عبد لبيت المال، و الآخر عبد لأحد الناس من عروضهم، جمع عرض بفتح فسكون هو المتاع غير الذهب و الفضة، و كلاهما سرق من بيت المال.

ص: 50


1- شرح النهج 19: 115

التعليقة: في أكثر النسخ: من عُرض الناس بدون الواو، و قال الفاضل البحراني: عرض الناس عامتهم وسائرهم (1). أقول: و هو المراد هنا، و أما ما ذكره هذا الشارح فهو من التكلّف و السماجة بمكان لا يخفى، وما أدري كيف تقع الغفلة عن مثل هذه الأمور الواضحة حتى تقع مثل هذه الاشتباهات الفاضحة. قال في القاموس و شرحه: و هو من عرض الناس بالضم: من العامة كما في الصحاح (2)، انتهى. و على كل حال كأنّه (...) كلها على ذلك و المعنى يطابقه، حتى انّ عبد الحميد لم يفسّره و كأنّه لوضوحه.

النص: [قصار الحكم رقم 283]: جاهلكم مزداد و عالمكم مسوّف.

قال محمد عبده: أي جاهلكم يغالي و يزداد في العمل على غير بصيرة...

التعليقة: [ يزداد في] جهله لعدم التعلّم لا بالعمل، فافهم.

النص: [قصار الحكم رقم 285]: كل معاجل يسأل الانظار و كل مؤجل يتعلّل بالتسويف.

قال محمد عبده: كل بالتنوين في الموضعين مبتدأ خبره معاجل بفتح الجيم في الأول و مؤجل بفتحها كذلك في الثاني، أي كل واحد من

ص: 51


1- شرح النهج لابن ميثم 5: 354
2- القاموس المحيط 2:335

الناس يستعجله أجله و لكنه يطلب الانظار أي التأخير، و كل منهم قد أجل الله عمره و هو لا يعمل تعللاً بتأخير الأجل والفسحة في مدته، و تمكنه من تدارك الفائت في المستقبل.

التعليقة: الأصح أنّه بالإضافة فيهما و الخبر هو الفعل الواقع بعد كل منهما، و المعنى انّ المعاجل بالعقوبة يقول: رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً. و الذي أعطاه الله الأجل و المهلة لا يعمل و يتعلّل بالتسويف، وكم بين المعنيين من بون في (...) والقوة، فافهم.

النص: [قصار الحكم رقم 315]: ألق دواتك، و أطل جلفة قلمك.

قال محمد عبده: و الأقة الدواة: وضع الليقة فيها.

التعليقة: قال عبد الحميد: لاق الحبر بالكاغد يليق أي التصق، و لقته أنا يتعدّى ولا يتعدّى، و هذه دواة مليقة أي قد أصلح مدادها، وجاء: ألقت الدواة إلاقة فهي مليقة، و هي لغة قليلة و عليها ودرت كلمة أمير المؤمنين علیه السلام. ويقال للمرأة: ما عاقت و لا لاقت عند زوجها أي ما التصقت به (1)

النص: [قصار الحكم رقم 332]: السلطان وزعة الله.

قال محمد عبده: الوزعة بالتحريك جمع وازع و هو الحاكم يمنع من مخالفة الشريعة...

ص: 52


1- شرح النهج لابن أبي الحديد:19 223

التعليقة: الوازع هو الكافّ عن الشيء و منه يطلق على الحاكم.

النص: [قصار الحكم رقم 333]: المؤمن بشره في وجهه... ضنين بخلته.

قال محمد عبده: الخلة - بالفتح - الحاجة أي بخيل بإظهار فقره للناس.

التعليقة: و يحتمل كونها بالكسر، و لعلّها أقرب و لم يحتمل سواه عبدالحميد، و عليه فمعناه أنّه ضنين بالمعاشرة مع الناس و مخالطتهم خوفاً من غائلتهم، مع سهولة أخلاقه و لطف طبعه بالتواضع و اللين و نحو ذلك.

النص: [قصار الحكم رقم 351] عند تناهي الشدّة تكون الفرجة.

التعليقة: قال عبد الحميد: الفرجة بفتح الفاء، التفصّي من الهم، قال الشاعر:

ربما تجزع النفوس من الأمر *** له فرجة كحل العقال

فأما الفرجة بالضم ففرجة الحائط و ما أشبهه (1).

النص: [قصار الحكم رقم 485]: إذا احتشم المؤمن أخاه فقد فارقه يقال حشمه و أحشمه إذا أغضبه، و قيل أخجله، و احتشمه

ص: 53


1- شرح النهج 19: 267

طلب ذلك له و هو مظنة مفارقته.

التعليقة: لا يبعد انّ المراد بالحشمة التهيّب و الانقباض، و الحشمة هي الهيبة، و احتشمه ها به و انقبض منه لا أغضبه و لا أخجله بل تعاظمه و لازمه التكلف، فيكون معناها معنى الجملة التي قبلها، فتدبره جيداً. [ و الجملة التي قبلها هي قوله علیه السلام: شرّ الاخوان من تكلف له ].

***

ص: 54

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.