ما هو نهج البلاغة

هوية الکتاب

ما هو نهج البلاغة

بقلم

سماحة العلامة الكبير

السيد هبة الدين الحسينى الشهرستاني

دار الثقافة - النجف

النعمان: النجف الاشرف

ص: 1

اشارة

الطبعة الثانية

سنة 1961

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، و الصلاة على محمد و آله الطيبين الطاهرين

ص: 3

ص: 4

مقدمة الكتاب

نهج البلاغة كتاب عربي اشتهر في مملكة الأدب الأممي اشتهار الشمس فى الظهيرة؛ و هو صدف لآل من الحكم النفيسة ضم بين دفتيه 242 خطبة و كلاما و 78 كتابا و رسالة و 498 كلمة من يوافيت الحكمة و جوامع الكلم لإمام الكل فى الكل امير المؤمنين (ع) و ذلك المختار من لفظه الحر و كلماته الغر و ما جادت به يراعته الدفاقة من لؤلؤ رطب و در نضيد كما شهد به الصحافى الشهير الاستاذ امين نخله من أفاضل المسيحيين مخاطباً من رجاه انتخاب (المائة) من كلمات الإمام عليه السلام

اذ قال:

سألتني أن أنتقى مائة كلمة من كلمات أبلغ العرب (أبي الحسن) تخرجها في كتاب؛ و ليس بين يدى الآن من كتب الأدب التي يرجع اليها في مثل هذا الغرض إلا طائفة قليلة منها انجيل البلاغة (النهج) فرحت اسرح اصبعى فيه و ولله لا اعرف كيف اصطفى لك المائة من مئات بل الكلامة من كلمات الا اذا سلخت الياقوتة عن اختها الياقوتة ، و لقد فعلت و يدى تتقلب على اليواقيت و عيني تغوص فى اللمعان فما حسبتنى اخرج من معدن البلاغة بكلمة لفرط ما تحيرت في التخير ، فخذ هذه (المائة) و تذكرانها

ص: 5

لمحات من نور و زهران من نور، ففي نهج البلاغة من نعم الله على العربية و اهلها اكثر بكثير من مائة كلمة الخ.

يصف هذا الكاتب و غيره كلم الامام (ع) بالدر و الياقوت و الجوهر وانى لهذه الاحجار الغالية مزايا الحكمة العالية و من اين لها ان تهدى الحيارى فى سبل الحياة و مسالكها الشائكة و من اين لها الوساطة بين الجهل و العلم و ربط الانسان بعالم اللاهوت أوان لكشف للبصائر اسرار الملكوت عدا مالهذه الكلم من اطراب القلوب فإن لسامعي هذه الخطب و الكلم اهتزاز وجد و تمايل طرب محسوسين ، و ذانك برهانان لتفوق الغناء الروحي على نغمات قيثارة مادية بلى ان النغمات الموسيقية و اغانيها تتلاشى و تبيد بمرور الزمن ورنة النغم من كلم الإمام خالدة الأثر عميقة التأثير. و من شاء ان يعرف ان الحروف كيف تطرب؛ و ان الكلمة كيف تجذب و ان الكلام كيف يكهرب؛ فليقرأ نهج البلاغة و هذه الجمل امثولة منه اذ يقول في وصف الجنة بعد وصف الطاووس و عجيب خلقته:

«فلو رميت ببصر قلبك نحو ما يوصف لك منها لغرقت نفسك من بدائع ما أخرج إلى الدنيا من شهواتها و لذاتها و زخارف مناظرها و لذهلت بالمكر في اصطفاق اشجار غيبت عروقها في كثبان المسك على سواحل أنهارها و فى تعليق كبائس اللؤلؤ الرطب فى عساليجها و أفنانها و طلوع تلك اثمار مختلفة في غلف أكمامها تجنى من غير تكلف فتأتى على منية مجتنيها و يطاف على نزالها في أفنية من قصورها بالاعسال المصفقة والخمور المروقة» الخ

و لقد حاورتي ببغداد سنة 1328 ه_ رئيس كتاب القنصلية

ص: 6

البريطانية (رسيسيان) من فضل الأرمن زاعما تفوق نهج البلاغه على كل كلام عربي لكثرة ما فيه من السهل الممتنع الذي لا يوجد فى سواه و انقياد الأسجاع الصعاب فيه بلا تكلف و استشهد بقوله عليه السلام:

«أم هذا الإنسان الذى خلق فى ظلمات الارحام و سجف الاستار نطفة دهاقاً و علقة محاقاً فجنيناً و راضعاً و وليداً و يافعاً ثم منحه الله سبحانه بصراً لاحظاً ولساناً لافظاً و قلباً حافظاً» لخ

معجبا بحسن التسجيع و كيف يجرى الروى كالماء السلسال على لسان الإمام (ع) «ثم قال» و لو كان يرقى هذا الخطيب العظيم منبر الكوفة في عصرنا هذا لرأيتم مسجدها على سمته يتموج بقبعات الافرنج للاستقاء من بحر علمه الزاخر.

و لقد احسن الوصف استاذ الفن (حسن نائل المرصفي) مدرس البيان بكلية الفرير الكبرى بمصر في مقدمة الشرح على نهج البلاغة فجمع بايجاز اطراف البيان حول عبقرية الامام و ذكر مزاياه العالية وشرح ماهية كلامه في نهج البلاغة ملخصا فيما يأتي قال:

«بهذه الخصال انثلاث - يعني جمال الحضارة الجديدة و جمال البداوة القديمة و بشاشة القرآن الكريم - امتاز الخلفاء الراشدون ، و لقد كان المجلي في هذه الحلبة على صلوات الله عليه؛ و ما أحسبني احتاج في اثبات هذا الى دليل أكثر من نهج البلاغة؛ ذلك الكتاب الذى اقامه الله حجة واضحة على ان علياً رضي الله عنه قد كان احسن مثال حي لنور القرآن و حكمته و علمه و هدايته و اعجازه و فصاحته. اجتمع لعلي (ع) في هذا

ص: 7

الكتاب مالم يجتمع لكبار الحكماء و أفذاذ الفلاسفة و نوابغ الربانيين من آيات الحكمة السامية وقواعد السياسة المستقيمة و من كل موعظة باهرة و حجة بالغة تشهد له بالفعل و حسن الأثر. خاض علي فى هذا الكتاب لجة العلم و السياسة و الدين فكان في كل هذه المسائل نابغة مبرزاً و لئن سألت عن مكان كتابه من الأدب - بعد ان عرفت مكانه من العلم - فليس فى وسع المكاتب المسترسل و الخطيب المصقع و الشاعر المفلق ان يبلغ الغاية فى وصفه و النهاية من تقريظه و حسبنا أن نقول: انه الملتقى الفذ الذى التقى فيه جمال الحضارة و جزالة البداوة و النزال الفرد الذي اختارته الحقيقة لنفسها منزلا تطمئن فيه و تأوي اليه؛ بعد ان زلت بها المنازل في كل لغة.»

و كم مثل هذا فى الواصفين لنهج البلاغة من حكموا بتفوقه على كتب الانشاء و منشآت البلغاء؛ و اعترفوا ببلوغه حد الاعجاز و انه فوق كلام المخلوقین و دون كلام الخالق المتعال و اعجبوا به أقصى الاعجاب و شهدت ألسنتهم بدهشة عقولهم من عظمة اضاء سنا برقها من ثنايا الخطب و مزايا الجمل و ليس اعجاب الادباء بانسجام افظه و حده و لادهشة العلماء من تفوق معانيه البليغة حد الاعجاز فقط و انما الاعجاب كله و الدهشة كلها في تنوع المناحي فى هذه الخطب و الكلم و اختلاف المرامي و الاغراض فيها؛ فمن وعظ ونصح و زهد و زجر الى تنبيه حربي و استنهاض للجهاد الى تعليم فنى و دروس ضافية فى هيئة الافلاك و ابواب النجوم واسرار من طبائع كائنات الأرض و كامنات السماء الى فلسفة الكون

ص: 8

و خالقه و تفنن فى المعارف الالهية و ترسل في التوحيد و صفة المبدأ و المعاد الى توسع في اصول الادارة و سياسة المدن و الأمم الى تثقيف النفوس بالفضائل و قواعد الاجتماع و آداب المعاشرة و مكارم الأخلاق الى وصف شعري لظواهر الحياة و غير ذلك من شتى المناحى المتجلية في نهج البلاغة بأرقى المظاهر ! و الامام نراه الامام في كل ضرب من ضروب الاتجاه؛ و عبقرية الامام ظاهرة التفوق على الجميع ، بينما نرى أفذاذ الرجل يجدون في اوجه الكمال فلا يبلغونه الا من الوجه الواحد.

+ + +

و قد وصف العلامة مفتي الديار المصرية و مصلحها الشيخ محمد عبده فى مقدمة شرحه اعجابه باختلاف الناحي العالية لنهج البلاغة بعد تدبر و تصفح للكتاب؛ قال:

«يخيل لي ان حرو با شبت و غارات شنت و ان للبلاغة دولة و للفصاحة صولة و ان للاوهام عرامة و للريب دعارة و ان جحافل الخطابة و كتائب الذرابة فى عقود النظام و صفوف الانتظام تنافج بالصفيح الابلج و القويم الأملج و تمتلج الهمج بر واضع الحجج فتفل دعارة الوساواس و تصيب مقاتل الخوانس فما انا الا و الحق منتصر و الباطل منكسر و مرج الشك في خمود و هرج الريب فى ركود ، و ان مدير تلك الدولة و باسل تلك الصولة هو حامل لوائها الغالب امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام. بل كنت كلما انتقلت من موضع الى موضع احس بتغير المشاهد و تحول المعاهد ، فتارة كنت اجدني في عالم يعمره من المعاني ارواح عالية فى حلل

ص: 9

من العبارات الزاهية تطوف على النفوس الزاكية و ندنو من القلوب الصافية توحی اليها رشادها و تقوم منها مرادها و تنفر بها عن مداحض المزال الى جواد الفضل و الكمال ، و طوراً كانت تنكشف الي الجمل عن وجوه باسرة و انياب كاشرة و ارواح فى اشباح النمور و مخالب النسور قد تحفزت للوثاب ثم انقضت للاختلاب فخلبت القلوب عن هواها و اخذت الخواطر دون مرماها و اغتالت فاسد الاهواء وباطل الآراء.

و احيانا كنت اشهد ان عقلا نورانياً لا يشبه خلقا جسدانياً فصل عن الموكب الالهى و اتصل بالروح الانساني فخلمه عن غاشيات الطبيعة و سما به الى الملكوت الأعلى و نما به الى مشهد النور الأجلى و سكن به الى عمار جانب التقديس بعد استخلاصه من شوائب التلبيس ، و آنات كأني اسمع خطيب الحكمة ينادى بأعلياء الكلمة و اولياء امر الأمة يعرفهم مواقع الصواب و يبصر هم مواضع الارتياب و يحذرهم مزالق الاضطراب و يرشدهم الى دقائق السياسة و يهديهم طرق الكياسة و يرتفع بهم الى منصات الرئاسة و يصعدهم شرف التدبير و يشرف بهم على حسن المصير، ذلك الكتاب الجليل هو جملة ما اختاره السيد الشريف الرضى رحمه الله من كلام سيدنا و مولانا امير المؤمنين علي بن ابي طالب كرم الله وجهه؛ جمع متفرقه و سماه بهذا الاسم - نهج البلاغة - و لا أعلم اسماً أليق بالدلالة على معناه منه. و ليس في وسعى ان اصف هذا الكتاب بأزيد مما دل عليه اسمه و لا ان آتي بشيء في بيان مزبته فوق ما اتى به صاحب الاختيار كما ستراه في مقدمة الكتاب؛ و لولا ان غرائز الجبلة و قراضى الذمة تفرض علينا عرفان الجميل

ص: 10

لصاحبه و شكر المحسن على احسانه لا احتجنا الى التنبيه على ما اودع نهج البلاغة من فنون الفصاحة و ماخصه من وجوه البلاغة ، خصوصا و هو لم يترك غرضاً من اغراض الكلام الا اصابه و لم يدع للفكر ممراً الاجابه

+ + +

اقول فكم يعود الأسف بليغاً اذا نبذنا مثل هذا الكتاب و رائنا ظهريا و حرمنا النشوء من فنون بيانه و تركناه صفر الكف، من شذور عقيانه ، عكس مالو تثقف بدراسته دراسة تفقه و استحضار و تدبير و استظهار فندخر بهذا و مثله لأفلاذ اكبادنا كنزاً من الحكمة اوجنة باقية و جنة واقيه تقيهم فى مزالق الانشاء و تملكهم مقاليد البلاغة فى البيان و البيان من اهم عوامل الحياة ، و لم لا نصفى البداء مرشدنا الروحى الذى يخاطبنا من صميم ضمير الحر بداعية الهداية؛ وما هي - لو انصفناه - الا استاذ الكل في الكل يلقن العالم نتائج المعارف العالية و يلقى دروسه على صفوف من اقصى الشرق الى اقصى الغرب بلهجة من لغة الضاد رقت و راقتِ فلايوجد

اجمل منها حسناً و بهاء.

+ + +

اما بعد: فهذه رسالة مختصرة كتبتها في جواب اولئك المتهرجين الذين لا يهمهم الا تشويه الحقائق و صرفها عن وجوهها الواقعة - و لوكان

ص: 11

ذلك غير ممكن - يحلو لهؤلاء أن يزيفو كل كلام يدعو الى خير البشرية و التقدم الانساني و لكن هيهات ان يتوصلوا الى ما يرومون او يجدوا ما يحبون.

انّ هذا المجهود المتواضع ليس الا رداً على تلك الشكوك و التقولات التي حامت حول كتاب نهج البلاغة و لا اعلم مدى توفيقى فيما اردت.

بغداد 1380ه_ 1961م

هبة الدين الحسيني

ص: 12

مؤلف نهج البلاغة و غرضه الشريف

اما كتاب نهج البلاغة المنوه عنه المنتشر في دواوين الأدباء و اندية العلماء فلا ينبغي الشك فى أنه تأليف الشريف الرضي محمد بن الحسين ذي الحسبين المتوفى سنة 406. و نسبة الكتاب اليه مشهورة و اسانيد شيوخنا فى اجازاتهم متواترة و نسخة عصر الشريف موجودة و التي و شحت بخطه الشريف مشهورة. و شروح هذا الكتاب تنوف على الخمسين (1)


1- (1) اورد المحدث النورى المتوفى سنة 1320 في خاتمة مستدركه من اسماء الشروح المذكورة لكتاب نهج البلاغة المتواترة ذكره في اجازات مشايخ الحديث ستة و عشرين شرحا: (1) شرح ابى الحسن البيهقى وهو اول من شرحه (2) شرح الامام فخر الدين الرازي الا انه لم يتممه. صرح بذلك الوزير جمال الدين القفطي وزير السلطان بحلب في تاريخ الحكماء (3) شرح القطب الراوندى السمى بمنهاج البراعة في مجلدين (4) شرح القاضي عبد الجبار المردد بين ثلاثة لا يعلم من اي واحد منهم الالنهم قريبون من عصر الشيخ الطوسي (5) شرح الامام افضل الدين الحسن بن علي بن احمد الماهابدى شيح الشيخ منتجب الدين صاحب الفهرست (6) شرح ابى الحسين محمد بن الحسن بن الحسن البيهقي الكديري المسمى باصباح فرغ من تأليفه سنة 576 (7) شرح آخر قبل شرح الكديري السمى بالمعراج (8) شرح ابن ابي الحديد المنزلى و مختصره للقيه الجمع المولى سلطان محمود بن غلام علي الطبسي (9) شرح الشيخ كمال الدين ميثم البحراني الكبير و التوسط و الصغير (10) شرح الشيخ كمال الدين بن عبد الرحمن بن محمد ابن ابراهيم العتائقي الحلي من علماء المائة الثامنة ، و هو شرح كبير في اربع مجلدات (11) شرح المولى الجليل جلال الدين الحسين بن الخواجة شرف الدين عبد الحق الأردبيلي (12) شرح العالم النبيل المولى فتح الله بن شكر الله الكاشاني العريف بالفارسية سماه تنبيه الغافلين و تذكرة العارفين (13) شرح العالم الفاضل علي بن الحسن الزورائي المفسر المعروف استاذ المولى فتح الله المذكور تلميذ السيد غياث الدين المسمى جمشيد الزوارني (14) شرح العالم الكامل الحكيم الشيخ حسين بن شهاب الدين بن الحسين بن محمد بن الحسين بن الجميذر العاملى الكركي المتوفي سنة 1077 (15) شرح الفاضل علي بن الناصر سماه اعلام نهج البلاغة (16) شرح الفاضل نظام الدين الجيلاني سماه انوار المصاحة (17) شرح العالم الجليل السيد ماجد البحراني و لكن فى الأمل انه لم يتم (18) شرح السيد الجليل رضي الدين علي بن طاووس (ره) (19) شرح المولى الجليل جمال السالكين عبد الباقي الخطاط الصوفى التبريزى المعروف بحسن الخط. (20) شرح عز الدين الآملي كما في الرياض (21) شرح السيد نعمة الله الجزائري العالم المحدث (22) شرح السيد الجليل الآميرزا علاء الدين كلستانه المسمى ببهجة الحدائق مختصر (23) شرح آخر له كبير يقرب من ثلاثين الف بيت اَلاانه ما جاوز من الخطبة الشقشقية الا نزرا يسيراً (24) شرح السيد عبد الله بن السيد محمد رضا شبر الحسينى يقرب من اربعين الف بيت (25) شرح آخر له عليه يقرب من ثلاثين الف بيت (26) شرح الاميرزا ابراهيم الخوئي. ونحن نضيف الى ما ذكره شيخنا النورى ما يأتي (27) شرح المفتى الشيخ محمد بن عبده. (28) منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة تأليف السيد حبيب الله بن محمد بن هاشم الهاشمى العلوى الموسوى فى ثلاث مجلدات كل مجلد يحتوى على 300 صفحة بالقطع الكبير جدا و بعض المجلدات مطبوعة عن اصل نسخة خط المؤلف و قد انتهى الجزء الثالث بالخطبة ال_ (118) مع شرحها و اولها: و قد جمع الناس حوله و حضهم على الجهاد... الخ. و قد انتهى المؤلف من تأليفه سنة 1303. (29) شرح المولوي الهندى (30) شرحنا الموسوم (بلاغ المنهج) و اورد في فهرست الذريعة مؤلفه البحاثة الثقة محمد محسن الطهراني ما يأتي: (31) شرح ميرزا محمد باقر النواب اللاهجى المطبوع (32) شرح السيد محمد التقي بن الامير مؤمن القزويني المتوفى سنة 1270 فرغ من مجلده الأول سنة 1268 (33) شرح الشيخ جواد بن محرم علي الطارمى المتوفى بزنجان سنة 1325 (34) شرح السيد حسن بن المطهر بن محمد بن الحسين الجرموزي اليماني المتوفي سنة 1110 و هو المذكور في كتاب نسمة السحر (35) شرح المولى محمد الرفيع بن فرج الجيلانى المتوفى بطوس سنة 1160 (36) شرح السيد ذاكر الحسين اختر الهندي الدهلوى المسمى نيرنك فصاحت (37) شرح المولى محمد صالح بن محمد باق الروغني - و هو غير البرغانى و كان من ابناء المائة الحادية عشر (38) شرح لمحمد بن حبيب الدبن احمد الحسني الحسينى فرغ منه سنة 881 (39) شرح موسوم (منهاج الولاية) وزع خطب النهج على ثلاثة اقسام الأول فى التوحيد و اصول الدين و الثانى فى المواعظ و العبادات و الثالث في الاخلاق (40) شرح مختصر على حل الغريب من لمات نهج البلاغة قديم الكتابة لإمام الزيدية يحيى بن حمزة العلوى مصنف الطراز في علوم البلاغة المتوفي سنة 749 (41) شرح مختصر جامع للجمل المفيدة من شروح النهج القديمة موجود فى الخزانة الرضوية بمشهد طوس (42) شرح مزجى لنهج البلاغة موجود في الخزانة الحسينية بمشهد الغرى - النجف ص: 13 (43) شرح جهانكيز خان قشقائى (44) الشرح الموسوم بالنفائس لبعض علماء اهل السنة و النسخة مكتوبة سنة 759 و هى في الخزانة الرضوية بمشهد طوس. (45) شرح النهج المنسوب الى العلامة التفتازاني المولى سعد الدين

ص: 14

ص: 15

ص: 16

ص: 17

و نسختها منتشرة في الممالك الاسلامية مطبوعة و مخطوطة بأقدم الخطوط. و نسبة (ادوارد فانديك) فى اكتفاء القنوع كتات نهج البلاغة الى الشريف المرضى اخي الرضي خطأ منشأه ان الشريف الرضي كان يلقب بالمرتضى احياناً لأن جده ابراهيم المرتضى ابن الامام موسى بن جعفر عليه السلام، كما ان اخاه المرتضى كان يلقب بذلك ثم بقى هذا اللقب على هذا و لقب أول بالرضي يوم رضوا به نقيباً على نقباء العلويين ليتميز عن بقية آل المرتضى.

و عليه فكانا في مجموعة نهج البلاغة هو تأليف الشريف الرضى محمد ابن الحسين بلا مراء.

اما نسبة انتحال الشريف الرضي جامع نهج البلاغة خطبة او كلمة الى سيدنا الامام عليه السلام و تعمده المكذب عليه بأى دافع من الدوافع فشيء لا يسع اهل العلم و العرفاء بحال الرضي ان يقبلوه، لأن نزاهة

ص: 18

الشريف الرضى معلومة و عفته مشهورة (1) و زهده ثابت.

و ورعه معروف (2)و قضاياه مع الخلفا و الوزراء برهان شهامته

ص: 19


1- قال ابو الحسن العمري في ترجمة الشريف الرضى: و كان له هيبة و جلالة وفيه ورع و عفة و تقشف، و كان عالى الهمة شريف النفس لم يقبل من احد صلة و لاجازة ، حتى انه رد صلات ابيه و ناهيك بذلك شرف نفس و شدة ظلف و اما الملوك من بني بويه فإنهم اجتهدوا على قبول صلاتهم فلم يقبل. و عن ابن الجوزى فى ابراهيم بن احمد الطبرى الفقيه المالكي ان الشريف الرضى كان يحفظ عليه القرآن و هو شاب فقال للشريف يوما: اين مقامك؟ فقال: في دار ابى بباب محول. فقال له شيخه: مثلك لا يقيم بدار ابيه قد نحلتك دارى بالكرخ المعروف بدار البركة ؟ فامتنع الرضى من قبولها و قال: لم أقبل من أبى قط شيئا. فقال: ان حقي عليك اعظم من حق ابيك عليك لأني حفظتك كلام الله ، فقبلها. و كان قدس الله روحه يلتهب ذكاء وحدة ذهن من صغره
2- فمن ورعه مارواه ابن زهرة فى غاية الاختصار ص 59 و غيره فى غيرها ان القادر بالله العباسي كان في بلاده كاسمه و كان قد ولى الشريف الرضى نقابة النقباء و ولى اباه امارة الحج و مع ذلك لما عمل المحضر المشهور لانكار نسب الملوك الفاطميين بمصر و كلف الحاضرين بالتوقيع الشريف الرضى مستعظما انكار نسب ثابت و لم يخش بطش الخليفة فيه.

و نزاهة ضميره و صدقه في شعوره ، و هو الذى اختاره الصابئى صاحباً و أحاً له فى مذهب الأدب ، حتى كان الصابئي يصوم رمضان رعاية له ، و الرضى رثاه بالقصيدة المشهورة و لم يتعرض لدينه يوماً ما ولا لاحت له منه لوائح التعصب الديني تساهلا في مذهبه الأدبى كيف يجرأ مجترىء عليه فيحمله على انه في تأليفه لنهج البلاغة كان مدفوعاً بدوافع العصبية.

إذن فما الذي دفعه إلى تجشم التأليف ؟ نعم ! كان الرضى في بداية أمره مولعاً بأساليب البلاغة شغفا فى صنعتى الانشاء و الكتابة ينتقي من جوامع الكلم أبلغها و يختار من أحاسن الانشاء أبدعها ليعنه حفظ ماجمع على كمله في صناعة الانشاء و براعته فى فنى الخطابة و الكتابة ، شأن المشتغلين بالأدب في كل عصر و مصر. هذا و لاغيره حمل الشريف الرضى على تدوين الخطب و الكتب و الكلم المأثورة عن امير البلغاء و امام الفصحاء سيدنا علي عليه السلام ، و لو كان يجمع لغرض فقهى أوغاية مذهبية لأورد كثيراً من الخطب بأسانيدها المستفيضة. و ليس الرضى مخطئاً في سلوك هذا المذهب في الأدب لأننا شاهدنا جماهير العرب و العجم الشرقيين (1)

(1) حكى عبد المسيح في شرح قصيدته ص 541 ان شيخه ناصيف اليازجي قال له: ما انقنت الكتابة الا بدرس القرآن العظيم و نهج البلاغة القويم فهما كنز العربية الذى لا ينفد و ذخيرتها للمتأدب. و هيهات ان يظفر اديب بحاجته من هذه اللغة الشريفة ان لم يحيي لياليه سهرا فى مطالعتهما و التبحر فى عالى اساليبهما.

ص: 20


1-

و المستشرقين ممن يتطلمبون بلاغة اللسان و براعة القلم يستظهرون نهج البلاغة لما فيه من فصاحة بانسجام و بلاغة خالية من كل تعقيد أو تكافا و عروبة صميمة تعالى عهدها عن تصنعات عهد المولدين.

و ليس الرضى بدعا من رسل الترسل و لا بأول سالك نهج البلاغة من كلام امير المؤمنين عليه السلام و الاستضاءة بنراسه ، فقد سبقته قوافل من رواد العبقرية الانشائية مسترشدين بكلم علي عليه السلام و خطبه و كتبه فقد قال عبد الحميد بن يحيى:

«حفظت سبعين خطبة من خطب الأصلح ففاضت ثم فاضت» يعنى بالأصلح سيدنا علياً. و قال ابن نباته: «حفظت من الخطب كنزاً لا يزيده الانفاق إلا سعة ، حفظت مائة فصل من مواعظ علي ابن ابي طالب» و كم زين الجاحظ كتبه مثل البيان و التبيين بفصول من خطب أمير المؤمنين اعجاباً بها و اعداداً للنفوس لبلوغ اقصى البلاغة.

هذه غاية الأدباء فى حفظ كلامه و هذا ماحمل الشريف الرضى على جمع المختار من خطب علي (ع) و كتبه و كلمه فى ابواب ثلاثة ، و قال في مقدمة الكتاب انه آثر لنفسه جمع المختار من ذلك و ترك لكل باب اوراقاً بيضاء ليلحق بالمدون ماسيظفر به في المستقبل ، و لم تكن فى نفسه غير داعية الأدب داعية أخري. و لو كان قلمه يحمل شيئاً من التعصب فى المذهب لما أثبت في كتابه تأبين علي اممر (1) بأعلى ما يمدح به ممدوح ، و كان في

ص: 21


1- كما في شرح النهج ج 3 ص 92: «لله بلاد فلان فقد قوم الاودوداوى العمد و اقام السنة و خلف الفتنة و ذهب نقي الثوب قليل العيب اصاب خيرها و سبق شرها ادى الى الله طاعته و اتقاه بحقه رحل و تركهم فى طرق متشعبة لا يهتدى بها الظال و لا يستيقن المهتدى»

مندوحة من حذفه كما سيأتى فى حين ان هذا التأبين يحمل فى تضاعيفه اقصى المدح و أعلاه. و اما ذمه له فى الشقشقية أذا قيس بهذا المدح اضحى ظلا مضمحلا.

سر الشك في نهج البلاغة

ان مجموع نهج البلاغة عقد في الأدب ثمين وينبوع للعلم غزير المادة لا ينبغي أن يستخفا بوزنه لمجرد تعصب اشخاص او طوائفا ضعيفة المركز لا تعرف ثمن الحكمة و لا تلتفت إلى العواقب ، قام في عصره سيد الشعراء بلا مراء ألا و هو الشريف الرضي فسن لنهضة النشؤ العربي نهج البلاغة و اختار من مختار كلام امير البلاغة و إمام الانشاء مجموعة وافية بالغرض وثق من اسنادها و هو الثقة عند الجميع.

فما بال بعض اخواننا المنتمين ألى اهل السنة يقدحون فى هذا الكتاب كله لمجرد تأثرهم مما في الخطبة الشقشقية وحدها ؟ ! و مابال بعض المتطرفين من اخواننا الشيعة يتوقفون فى توثيق هذه المجموعة الفيمة لمجرد استبعادهم لخطبة (لله بلاد فلان) المتضمنة تأبين سيدنا علي (ع) لعمر (رض)

ص: 22

ونعته بالوصف الجميل ؟ ! و لنا في كلتا الخطبتين مجال التأويل

صحة اسناد الشقشقية

اما الخطبة الشقشقية فلا يجوز العالم أو منتحل للعلم أن يراها من الشريف الرضي، لأن كثيراً من أدباء عصره أثبتوها في مدوناتهم و ارسلوا نسبتها إلى علي ارسال المسلمات ، كالوزير الآبي أبى سعيد منصور المتوفى سنة 422 ه_ فى كتابيه نثر الدرر و زهة الأديب.

و لو كانت الشقشقية وليدة عصر هم لعرفوا أمرها و تثبتوا في اسنادها شأن المعاصر مع معاصر به ، و يدلك على ان شقشقية الوزير غير منقولة عن نهج البلاغة اختلاف بينهما في بعض الألفاظ و الجمل.

وهناك من مشائخ الرضى الشيخ مفيد ابو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان علامة بغداد و رئيس المتكلمين بها في دولة بني بويه ، و كان الشريف الرضي قد تلمذ على هذا الشيخ من عهد صباه و ألفا شيخه هذا كتابا في المناقب اسماه الارشاد تواترت نسبته اليه تجد فيه كثيراً من خطب الإمام عليه السلام و من جملتها الخطبة الشقشقية أوردها في الصحيفه 135 قائلاً: و روى جماعة من أهل النقل من طرق مختلفة عن ابن عباس قال: كنت عند امير المؤمنين (ع) بالرحمة فذكرت الخلافت و تقديم من تقدم عليه فتنفس الصعداء ثم قال: اما و الله لقد تقمصها ابن ابى قحافة... الخ

ص: 23

و لا يجوز اقتباس الشيخ المفيد هذه الخطبة من نهج البلاغة و نقلها إلى كتابه؛ لأن الرضى لا يمهد للخطبة اسناد بل يقول: «ومن خطبة له و هي المعروفة بالشقشقية: اما و الله لقد تقمصها» ألى آخر الخطبة في حين ان شيخه المفيد يمهد لها قصة و اسناداً.

زد على ذلك ان العادة تقضى بنقل التلامذة عن شيوخهم لا الشيوخ عن تلامذتهم ، ويدلك على ان الشقشقية المفيد غير منقولة عن نهج البلاغة لاختلاف بينهما في بعض الألفاظ و الجمل.

و النتيجة، انفرد الشريف الرضى فى نقله عن مصدر له؛ و انفرد شيخه المفيد فى نقله عن مصدر آخر ، و انفرد الوزير في نقله عن مصدر ثالث. نعم ان جوهر المعاني و المقاصد واحد في الجميع.

الشقشقية كما في نهج البلاغة

أما و الله لقد تقمصها ابن ابى قحافة (1) و انه ليعلم ان محلي منها محل القطب من الرحى بنحدر عنى السل و لا يرقى الي الطير؛ فسدلت دونها ثوباً و طويت عنها كشحا؛ و طفت قارتاي بين ان أصول بيدجذاء او اصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير؛ و يشيب فيها الصغير؛ و يكدح فيها مؤمن حتى يلقی ربه؛ فرأيت ان الصبر على هاتا احجى؛ فصبرت و في العين قذى و فى الحلق

ص: 24


1- كما وردت في شرح ابن أبي الحديد.

شجى ، أرى تراني نهبا. حتى مضى الأول لسبيله فأدلى بها إلى فلان بعده ثم تمثل بقول الأعشى:

شتان مايوم على كورها *** و يوم حيان أخى جابر

فيا عجها ! ! بينا هو يستقيلها فى حياته اذ عقدها لآخر بعد وفاته ، لشد مانشطرا ضرعيها فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلامها و يخشن مسها؛ و يكثر المثار فيها و الاعتذار منها ، فصاحبها كراكب الصعبة ان اشنق لها خرم و ان اسلس لها تقحم ، فمنى الناس لعمر الله بخبط و شماس و تلون و اعتراض ، فصبرت على طول المدة و شدة المحنة ، حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم انى احدهم ، فيا لله و للشورى ! ! متى اعترض الريب فى مع الأول منهم حتى صرت اقرن إلى هذه النظائر ؟ ! لكنى اسففت إذ أسقوا وطرت إذطاروا ، فصفى رجل منهم لضغنه و مال الآخر لصهره مع هن و هن إلى أن قام ثالث القوم فجا حضنيه بين نثيله و ممتلفه و قام معه بنو ابيه يخضمون مال الله خضمة الابل نبتة الربيع إلى ان انتكث فتله و اجهز عليه عمله و كبت به بطنته، فما راعنى إلا و الناس كمرف الضبع ينثالون علي من كل جانب حتى لقد وطىء الحسنان و شق عطفای مجتمعين حولي كر بيضة الغنم. فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة و مرقت أخرى و قسط آخرون كأنهم لم يسمعوا كلام الله حيث يقول: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً فى الارض و لا فساداً و العاقبة للمتقين) بلى و الله لقد سمعوها و وعوها و لكنهم حليت الدنيا في أعينهم و راقهم زبرجها. أما و الذى فلق الحبة و برأ النسمة لولا حضور الحاضر و قيام الحجة بوجود الناصر

ص: 25

و ما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم و لا سغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها و لسقيت آخرها بكأس اولها و لألقيتم دنياكم هذه ازهد عندى من عفطة عنز.

(قالوا) و قام اليه رجل من أهل السواد عند بلوغه إلى هذا الموضع من خطبته فناوله كتابا فأقبل ينظر فيه قال له: ابن عباس (رض): يا أمير المؤمنين لواطردت خطبتك من حيث أفضيت ؟ فقال: هيهات يابن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرت. قال ابن عباس: فوالله ما أسفت على كلام قط كأسفي على هذا الكلام ان لا يكون امير المؤمنين بلغ منه حيث أراد.

الشقشقية كما في نسخة الآبي

قال اوزير: و ذكرت عنده الخلافة فقال: لقد تقمصها ابن ابى قحافة و هو يعلم ان محلي منها محل القطب ينحدر عنى السيل و لا تترقى الي الطير ، فصبرت و فى الحلق شجى و فى العين فذى لما رأيت تراثي نهبا فلما مضي لسبيله صيرها الى أخى عدي فصيرها في ناحية خشناء تمنع مسها و يعظم كلامها فمنى الناس بتلوم و تلون و زلل و اعتذار ، فلما مضى لسبيله صيرها إلى ستة زعم اني احدهم ! فيالله و للشورى متى اعترض في الريب فأقرن بهذه النظائر ، فمال رجل لضفنه و صفى آخر لصهره و قام ثالث القوم نافجا حضنيه

ص: 26

بين مثله و معلفه وقام معه بنوابيه يهضمون مال الله هضم الابل نبتة الربيع ، فلما أجهز عليه عمله و مضى لسبيله ما راعني إلا و الناس إلي سراعا كعرف الضبع و انثالوا علي من كل فج حتى و طىء الحسنان و انشق عطفاى فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة و مرقت أخرى و فسق آخرون كأنهم لم يسمعوا كلام الله تعالى يقول: تلك الدار الآخرة نجعلها للذين يريدون علواً في الأرض و لا فساداً و العاقبة للمتقين (بلى و الله لقد سمعوها و لكنهم احلولت الدنيا فى عيونهم وراءهم زبرجها. اما و الله لولا حضور الحاضر و لزوم الطاعة و ما أخذ الله على عباد ان لا يقروا كظة ظالم و لا شغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها و لسقيت آخرها بكأس أولها ولألفيتم دنياكم هذه أهون عندي من عفطة عنز:

سيان مايومي على كورها *** و يوم حيان أخى جابر

فقام رجل من القوم ناوله كتابا شغل به. قال ابن عباس: فقمت اليه و قلت: يا امير المؤمنين لو بلغت مقالتك من حيث قطعت ؟ فقال: هيهات كانت شقشقة هدرت فقرت.

ص: 27

الشقشية كما في ارشاد المفيد

أما و الله لقد تقمصها ابن ابى تحافة وانه ليعلم ان محلي منها محل القطب من الرحا ينحدر عنى السيل و لا يرقى الي الطير لكنى سدلت دونها ثوبا و طويت عنها كشحا ، و طفقت ارتاى بين ان أصول بيد جذاء او اصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير و يشيب فيها الصغير و يكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ، فرأيت ان الصبر على هاتا احجى فصبرت و فى العين قذى و في الحلق شجى أرى تراثي نهبا ، إلى ان حضره أجله فأدلى بها إلى عمر فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذعقدها لآخر بعد وفاته لشد ماتشطرا ضرعيها:

شتان مايوم على كورها *** ويوم حيان أخى جابر

فصيرها و الله فى ناحية خشناء يجفو مسها و يغلظ كلها و يكثر العثار و الاعتذار منها صاحبها. كراكب الصعبة ان اشنق لها خرم و إن أسلس لها عسف ، فمنى الناس لعمر الله يخبط و شماس و تلون و اعتراض. الى ان حضرته الوفاة فجعلها شورى بين جماعة زعم انى احدهم! فيا لله و للشورى متي اعترض فى الريب مع الأولين منهم حتى صرت الآن اقرن بهذه النظائر،

ص: 28

لكنى اسففت اذ اسفوا و طرت اذ طاروا صبرا على طول المحنة و انقضاء الدة ، فمال رجل لضفته وصفى آخر لصهره مع هن وهن. إلى ان قام ثالث نافجاً حضنيه بين نثيله و معتلفه و اسرع معه بنو أبيه يخضعون مال الله خضم الإبل نبتة الربيع، إلى ان ثوت بطنته و اجهز عليه عمله فما راعنى من الناس إلا وهم رسل إلى كعرف الضبع و انثالوا علي حتى لقد وطىء الحسنان وشق عطفای ، فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة و مرقت أخرى و قسط آخرون كأنهم لم يسمعوا الله تعالى يقول: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) بلى و الله لقد سموها و وعوها و لكن حليت دنياهم في اعينهم و راقهم زبرجها ، اما و الذي فلق الحبة و برأ النسمة لولا حضور الحاضر و لزوم الحجة بوجود الناصر وما اخذ الله على العلماء ان لا يقادوا الى أولياء الامر الا يقروا على كظة ظالم و لا سغب مظلوم لالقيت حبلها على غار بها و لسقيت آخرها بكأس اولها و لألفوا دنيا هم هذه ازهد عندي من عفطة عنز.

قال: فقام اليه رجل من اهل السواد فناوله كتابا فقطع كلامه. قال ابن عباس: فما اسفت على شيء و لا تفجعت كتفجى على ما فاتنى من کلام امير المؤمنين (ع) فلما فرغ من قراءة الكتاب قلت: يا امير المؤمنين لو اطردت مقالك من حيث انتهيت اليها ؟ فقال: هيهات هيهات يابن عباس كانت شقشقة هدرت ثم قرت.

ص: 29

شقشقية البرقى عن كتاب علل الشرائع

و الله لقد تقمصها ابن ابى قحافة و انه ليعلم ان محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عنه السيل ولا يرتقى اليه الطير ، فسدات دونها ثوبا و طويت عنها كشحا و طفقت ارتأى بين ان اصول بيد جذاء او اصبر على طخية عمياء بشيب فيها الصغير و يهرم فيها الكبير و يكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه فرأيت ان الصبر على هاتى احجى فصبرت و في القلب قذى و فى الحلق شجى ، ارى ترائى نهبا حتى اذا مضى لسبيله فأدلى بها الى فلان بعده ! فيا عجباً بينا يستقيلها فى حياته اذ عقدها لآخر بعد وفاته ، فصيرها و لله في حوزة خشناء يخشن مسها و يغلظ كلمها و يكثر العثار و الاعتذار منها ، فصاحبها كراكب الصعبة ان عنف بها حرن وان اسلس بها غسق فى الناس لعمر الله بخبط و شماس و تلون و اعتراض مع هن وهن؛ فصبرت على طول المدة و شدة المحنة حتى اذا مضى لسبيله جعلها فى جماعة زعم انى منهم ! فيالله و للشورى متى اعترض الريب فى مع الأول منهم حتى صرت اقرن إلى هذه النظائر؛ فمال رجل لضفنه و أصغى آخر لصهره و قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله و معتلفه و قام معه بنو أبيه يهضمون مال الله هضم الابل نبتة الربيع حتى

ص: 30

اجهز عليه عمله وكبت به مطيعته فما راعنى إلا و الناس إن كعرف الضبع قد انثالوا علي من كل جانب حتى لقد وطأ الحسنان و شق عطفاي حتى إذا نهضت بالأمر نكثت طائفة و فسقت أخرى و مرق آخرون ، كأنهم لم بسمعوا الله تبارك و تعالى يقول: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) بلى و الله لقد سمعوها و لكن احلوات الدنيا في أعينهم و رافهم زبرجها؛ و الذى فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر و قيام الحجة بوجود الناصر و ما أخذ الله على العلماء الايقروا على كظة ظالم و لا سغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها و لسقیت آخرها بكأس أولها و لألفيتم دنياكم ازهد عندي من عفطة غنز

قال: وناوله رجل من أهل السواد كتاباً فقطع كلامه و تناول الكتاب. فقلت: يا امير المؤمنين لواطردت مقالتك إلى حيث بلغت ؟ فقال: هيهات هيهات يا ابن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرت. قال ابن عباس: فما أسفت على كلام قط كأسفي في على كلام امير المؤمنين (ع) إذ لم يبلغ به حيث أراد.

ص: 31

شقشقية الجلودى عن كتاب معانى الأخبار

والله لقد تقمصها اخوتيم و انه ليعلم ان محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر منه السيل و لا يرتقي اليه الطير فسدلت دونها ثوبا و طويت عنها كشحا؛ و طفقت أرتاى بين ان اصول بيد جذاء او أصبر على طخية عمياء يدب فيها الصغير و يهرم فيها الكبير و يكدح مؤمن حتى يلقي الله ، فرأيت الصبر على هاتين احجى فصبرت و فى العين قذى و فى الحلق شجى ارى تراثي نهباً حتى مضى لسبيله عقدها لأخى عدي مده فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذعقدها لآخر بعد وفاته فصيرها و الله في حوزة يخشن مسها و يغلظ كلها و يكثر المثار و الاعتذار فصاحبها كراكب الصعبة ان عنف بها حرن و ان اسلس بها عسف فمنى الناس بتلون و اعتراض و بلواي مع هن و هن فصبرت على طول المدة و شدة المحنة حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم اني منهم! فيا لله لهم و للشورى متى اعترض الریب فى مع الأول حتى صرت اقرن بهذه النظائر؛ فمال رجل بضغنه و اصفی آخر لصهره و قام ثالث القوم بافجا حضنيه بين نثيله و معتلفه و قام معه بنو ابيه يهضمون

ص: 32

مال الله هضم الابل نبت الربيع حتى أجهز عليه عمله قمار اعني الا و الناس الي كعرف الضبع قد انثالوا علي من كل جانب حتى لقد وطأ الحسنان و شق عطافى حتى إذا نهضت بالأمر نكثت طائفة و فسقت اخرى و مرق آخرون؛ كأنهم لم يسمعوا قول الله تبارك و تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) بلى و الله لقد سمعوا و لكن احلوات الدنيا في اعينهم و راقهم زبرجها و الذى خلق الحبة و برأ النسمة لولا حضور الناصر و قيام الحجة و ما أخذ الله على العلماء الا يقروا كضة ظالم و لاسغب مظلوم و لا لقيت حبلها على غاربها و لسقيت آخرها بكأس اولها و لألفيتم دنياكم عندى أزهد من حبقة عنز.

قال: و ناوله رجل من اهل السواد كتابا فقطع كلامه و تناول الكتاب فقلت: يا أمير المؤمنين لواطردت مقالتك إلى حيث بلغت ؟ فقال: هيهات يابن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرت فما اسفت على كلام قط كأسفى على كلام امير المؤمنين صلوات الله عليه انه لم يبلغ حيث أراد.

ص: 33

الناقلون للخطبة الشقشقية قبل الرضي

سبقت منا الإشارة إلى ان الخطبة الشقشقية ليست وليدة عصر الشريف الرضى و لاهي مختصة بمجموعة (نهج البلاغة) ، و كان في ايراد هذه الخطبة عن كتابي نثر الدرر و نزهة الأديب بصورة تختلف بعض الاختلاف عما في النهج ، و كذا اختلاف نسخة المفيد عنه دلالة على انفراد كل منهم بمصدر خاص به و ان احدهم لم يطلع على ما رواه الآخر. و فى قول الرضي في صدر الخطبة: «ومن خطبة له عليه السلام المعروفة بالشقشقية»

دلالة أخرى على كونها مشهورة بين اهل العلم.

و اقوى برهان على صحة ما ادعيناه ورود هذه الخطبة بخطوط اقدم من عصر الرضي و روايتها عن شيوخ وجدوا من قبل ان يخلق الرضي و قبل أن يخلق ابوه كأبي علي الجبائى المتوفى سنة 303 حسبما نقل عنه الشيخ ابراهيم القطيفى فى كتابه الفرقة الناجية قال: (وقد روى الخطبة الشقشقية جماعة قبل الرضى كابن عبد ربه فى الجزء الرابع من العقد (1)

ص: 34


1- تحرينا الجزء الرابع فلم نجد الشقشقية فيه فإما ان يدا اثيمة حذفت هذه الخطبة من النسخة الاصلية عند الطبع و إما ان القطيفى اشتبه فى هذه النسبة عند نقله

و ابى علي الجبائي فى كتابه و ابن الخشاب في درسه و الحسن بن عبد الله سعيد من العسكرى في كتاب المواعظ و الزواجر و الصدوق في معاني الأخبار و الشيخ المفيد. اقول: و ابن عبد ربه هذا هو المتوفى سنة 327 و هو عثماني لأن له ارجوزة في تواريخ الخلفاء عدا معاوية فيها رابع الخلفاء الراشدين و لم يذكر علياً من شدة نصبه، فهل بعد روايته للشقشقية عن علي (ع) يشك فيها منصف ! و قد صرح فيلسوف المؤرخين ابن ابى الحديد فى آخر شرحه للشقشقية ص 69 ج ل قال: حدثنى شيخي ابو الخير مصدق بن شبيب سنة 603 قال قرأت علي الشيخ ابي محمد عبد الله بن احمد المعروف بابن الخشاب هذه الخطبة... إلى أن قال: فقلت له: اتقول انها منحولة ؟ یقال: لا و الله و اني أعلم انها كلامه (ع) كما أعلم انك مصدق قال: فقلت: له ان كثيراً من الناس يقولون انها من كلام الرضى ؟ فقال: أنى للرضى و لغير الرضى هذا النفس و هذا الاسلوب؟ قد وقفنا على رسائل الرضى وعرفنا طريقته و فنه في الكلام المنشور و ما يقع مع هذا الكلام في خل و لا خمر. ثم قال: و الله لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب صنفت قبل أن يخلق الرضي بمائتي سنة ، و لقد وجدتها مسطورة اعرفها و اعرف خطوط من هي من العلماء و أهل الأدب قبل ان يخلق النقيب أو أحمد والد الرضى. قال ابن ابي الحديد: قلت و وجدت أنا كثيراً من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخي إمام البغداديين من المعتزلة؛ و كان في دولة المقتدر قبل أن يخلق الرضي بمدة طويلة. و وجدت أيضا كثيراً منها فى كتاب ابى جعفر بن قبة احد متكلمي الإمامية و هو الكتاب المشهور

ص: 35

المعروف بكتاب الإنصاف. و كان ابو جعفر هذا من تلامذة الشيخ ابي القاسم البلخي و مات فى ذلك العصر قبل ان يكون الرضي موجوداً» - انتهى كلامه.

أقول: و قال مدرس دار العلوم المصرية أحمد صفوة المؤرخين في كتاب علي (ع) ص 135 س 9: «من ذلك يتبين لك ان الشقشقية كانت معروفة قبل مولد الرضي من اكثر من طريق فلا تبعة إذن عليه و لا سبيل إلى اتهامه بانتحالها».

و قال استاذ الحكماء ميثم بن علي بن ميثم البحراني المتوفى سنة 679 انه رأى الخطبة الشقشقية فى كتاب الانصاف لأبي جعفر بن قبة من ابناء القرن الثالث ، كما انه رآها في نسخة عليها خط ابي الحسن علي بن محمد بن الفرات وزير المقتدر بالله العباسي ، و ذلك قبل مولد الرضي بنيف و ستين سنة.

اقول: و ممن نقل الشقشقية في كتابه قبل عصر الرضي أحمد بن محمد البرقي المتوفى سنة 274 صاحب المؤلفات الوافرة ، و قد نقل عنه الصدوق في كتابه علل الشرائع في الباب 122 مسنداً عن محمد بن علي ماجيلوبه عن محمد بن القاسم عن أحمد بن ابي عبد الله البرقى عن ابيه عن ابن ابى عمير عن ابان بن عثمان عن ابان بن تغلب عن عكرمة عن ابن عباس قال: ذكرت الخلافة عند أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (ع) قال: و الله لقد تقمصها ابن ابي قحافة... الخ.

و ممن نقل الخطبة الشقشقية قبل الرضى هو عبد العزيز بن يحيى

ص: 36

الجلودى من شيوخ المائة الثالثة و من الجامعين لخطب امير المؤمنين عليه السلام و قد روى عنه الشيخ الصدوق المتوفى سنة 381 فى كتاب معاني الأخبار فى الباب 404 قال: حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحق الطالقاني قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودى قال: حدثنا ابو عبد الله احمد بن عمار ابن خالد قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال: حدثني عيسى بن راشد عن علي بن خزيمة عن عكرمة عن ابن عباس قال: ذكرت الخلافة عند امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) فقال: و الله لقد تقمصها اخوتيم و هو يعلم... الخ.

و لقد ذكرنا هذه الخطبة على الوجه الذي رواه الجلودى كما رأيناها فى معانى الأخبار ضمن الجداول الخمسة و هي تختلف عن رواية البرقى لها لميلا كما انها تختلفان مع التي رواها المفيد و غيره اختلافاً يسيراً و لم يذكر القاءها في الرحبة احد غير المفيد ، و ينشأ مثل هذا الأختلاف غالباً في النقل بسبب خيانة القوة الحافظة من الرواة او التباس الحروف في الكتابة على النساخ

و ممن روى الشقشقية قبل الشريف الرضى هو الحسن بن عبد الله ابن سعيد العسكرى المتوفى سنة 395 حسبما نقل عنه ابن بابويه في معانى الاخبار باب 404 ، و نقل عنه تفسير لكلمات هذه الخطبة و هذا من الجامعين لخطب أمير المؤمنين (ع).

و الخلاصة من تعداد اسماء الناقلين للشقشقية قبل الشريف الرضي حسبما تتبعناهم تسعة:

ص: 37

1 - شيخ المعتزلة ابوالقاسم البلخي المتوفي سنة 317 حسبما رواه ابن ابي الحديد في شرح النهج ص 69 ج 1 ط مصر من ابناء المائة الثالثة.

2- الشيخ ابو جعفر بن قبة من ابناء المائة الثالثة في كتاب الانصاف برواية ابن ابى الحديد و الشيخ ابن ميثم البحراني في شرحيهما على الشقشقية.

3- نسخة الخطبة الشقشقية قديمة الخط عليها كتابة الوزير ابى الحسن علي بن الفرات المتوفى سنة 312 حسبما رواه شيخ المتكلمين ابن ميثم البحراني في شرحه

4 - احمد بن محمد البرقي المتوفى سنة 274 مصنف كتاب المحاسن حسبما روى عنه الشيخ الصدوق محمد بن بابويه في كتاب علل الشرايع فى الباب الثانى و العشرين بعد المائة و قد طبع هذا الكتاب سنة 1289.

5 - شيخ المؤرخين عبد العزيز بن يحيى الجلودى البصرى من ابناء القرن الثالث حسبما رواه عنه ابن بابويه فى الباب 404 من كتاب (معاني الأخبار) المطبوع سنة 1289.

6 - شيخ المحدثين الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكرى من ابناء القرن الثالث فى كتاب المواعظ و الزواجر حسبما روى عنه القطيفي في كتاب الفرقة الناجية، وروى عنه الصدوق ابن بابويه شرح الخطبة في معانى الأخبار باب 404.

7 - شيخ المتكلمين ببغداد ابو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد من شيوخ الشريف الرضي في كتابه الارشاد ص 135

ص: 38

8 - الوزير الآبى ابوسعيد منصور من ابناء القرن الرابع في كتابه نثر الدرر.

9 - شيخ المعتزلة محمد بن عبد الوهاب ابو علي الجبائى المتوفى سنة 303 حسبما رواه عنه الشيخ ابراهيم الفطيفي في كتابه الفرقة الناجية.

الدفاع عن الشقشقية

وقفت ايها الناظر على جملة من مشاهير أهل العلم الذين اوردوا في کتبهم الخطبة الشقشقية مروية عن الإمام عليه السلام ممن وجدوا قبل ان يوجد الشريف الرضي ، و سوف تقف على جملة اخرى من ثقاة أهل الأثر و زعماء الفرق الإسلامية و اعتمد على هؤلاء و امثالهم من تأخر عنهم. فقد حكي عن نهاية ابن الأثير المتوفى سنة 606 انه اشار اليها في مادة. (شقق) و عن مناقب ابن الجوزي المتوفى سنة 597 ورودها؛ و هو الرأى السائد عند اهل العلم؛ إذاً فالنصفة تدعو إلى الإدعان بها و ان جملها مفروغة عن لسان علي (ع) و عن تأثراته الشخصية التي لابد و ان تكون صادرة من مثله.

و نشعر في الوقت نفسه أن الاسلوب فيها هو اسلوب علي (ع) في خطبه و التنهدات تنهداته.

أما القول بأن لا يجهر مثله فى المجتمعات بمثل هذا الكلام على اولي

ص: 39

أمر سبقوه في ملك و طدوه؛ فقول لا ينطبق على نفس الأمر ، لأن الذين رووا عنه الخطبة لم يشيروا إلى إلقائها في محتشد من الناس أو على جمهور، و انما ذكروا انها شقشقة هدرت منه عند بعض اصحابه في الرحبة أى بصورة

خصوصية؛ فلا يستبعد بث شكواه لدى خاصته و ان اشتملت على بعض القوارص.

و فى كتابه إلى عامله عثمان بن حنيف يقول: «لى كانت فى ايدينا فدك من كل ما اظلت عليها السماء فشحت عليها نفوس قوم و سخت عنها نفوس قوم»... الخ يعني بالأول من سبقوه بالخلافة و يعنى بالآخرين اهل بيت النبي (ص). و كان ابو الحسن عليه السلام خشناً فى جنب الحق صريحاً في المعتقد ، حتى انه خاطب عمرو بن العاص بابن النابغة و قد عيره عثمان بن عفان من قبل ، و نعت معاوية بالفاجر ابن الفاجر.

و خلاصة القول ان نظرات ضعيفة كهذه لا تستوقف الباحث عن الحقائق إذا صح النقل و تجلى الأمر.

ص: 40

الجامعون الخطب الامام قبل الرضي

يظن من أشرف على مجموعة الشريف الرضى قبل ان يبحث عما كتبه السلف ان الشريف الرضي هو أول من دون الخطب أو هو أول جامع لخطب الإمام عليه السلام. و لكن يجب ان يعلم بالحاجة الشديدة التي مست المسلمين عامة في بدء توسع الحضارة الاسلامية فدفعتهم إلى حفظ الكلام البليغ و استكتابه ، إذ كانت العرب قبل حضارتها تتوجه إلى الكلام البليغ من شعر و خطبة و حكمة فتحفظ ماتعيه و لا تجهل فائدة ذلك، إلا أنهم بعد التوسع فى الحضارة شعروا بالحاجة القوية إلى براعة اللسان و القلم ، و ان الواحد منهم يقدر بلسانه لابطيلسانه ، و ترفع منزلته في دواوين الدولة على قدر مقدرته الانشائية ، و ينال الزلفى لدى الملوك و الأمراء حسب مبلغه من بلاغة الكلام و مبلغ حفظه للكلم الممتاز و الحكم العالية.

هذه و غير هذه دفعت العرب إلى جمع النوادر و الخطب ، و كان امير المؤمنين (ع) في مقدمة المشهورين بنوادر الحکم و طرائف الكلم، فآثر الناس جمع المأثور عنه على غيره إذ كان الاعجاب ببلاغته أعظم و المأثور عنه أوفر.

ص: 41

و قد ظفرت بكثير ممن جمعوا خطب الإمام (ع) في اعصار قبل الشريف الرضي - أى من ابناء المائة الأولى و المائة الثانية و المائة الثالثة و ما بعدها - أقدم للقارىء الكريم اسماءهم رفعاً للشبهة و تقوية للحجة و خدمة للتاريخ كي لا يستوحش أحد من الخطاب المجموعة من الشريف الرضى أو يستغرب كثرتها. و قد نشر ابو عبيد القاسم بن سلام المتوفي سنة 224 في غريبه و ابن قتيبة عبد الله بن مسلم المروزى المتوفى سنة 276 في كتابه غريب الحديث و فى غيره و كثير من المؤلفين في عهد التابعين شذرات من المأثور عن امير المؤمنين (ع) في ابواب المواعظ و الحكم و الدعاء و غيرها. قال: ابن ابى الحديد في أواخر شرحه لنهج البلاغة ما لفظه: «و انا الآن اذكر من كلامه الغريب - يعني أمير المؤمنين علي (ع) - مالم يورده أبو عبيد و لا ابن قتيبة في كلامها و اشرحه ايضا».

اما الجامععون لخطب الإمام عليه السلام من الأقدمين فمنهم:

(1) - زيد بن وهب المتوفى سنة 96 هجرية. قال شيخنا النورى في خاتمة مستدركه على الوسائل ص 805 نقلا عن الشيخ الطوسي ابى جعفر محمد بن الحسن المتوفى سنة 461 قال: ان لزيد بن وهب كتاب خطب امير المؤمنين (ع) على المنابر في الجمع و الأعياد.

(2) - نصر بن مزاحم صاحب كتاب صفين و من مشاهير الأخباريين في المائة الثانية؛ له كتاب فى خطب علي (ع) كما في خاتمة مستدركات النورى ص 85. و قد أورد له (ع) خطباً و كلمات في كتبه

ص: 42

الأخرى. أما كتب المغازي و الحروب و الأخبار و السير التي اشتملت على كلمات علي (ع) و خطبه فهى اكثر من خمسمائة مصنف توفى اصحابها قبل ان يولد الشريف الرضي.

(3) - اسماعيل بن مهران أبويعقوب السكوني من العلماء المحدثين فى المائة الثانية ، صنف كتاب خطب امير المؤمنين. صرح بذلك الشيخ ابو عمر و محمد بن عمر الكشي من ابناء المائة الرابعة و الشيخ ابو العباس النجاشى المتوفى سنة 451 و غيرهما فى فهارسهم.

(4) - ابو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي المؤرخ المشهور المتوفى سنة 206 صنف كتاب خطب علي (ع) و كثيراً ما ينقل عنه المفيد فى ارشاده و الرضى فى مجموعته.

(5) - ابو مخنف لوط بن يحى الأزدى الاخباري المشهور من ابناء المائة الثانية ، صنف كتاب الخطبة الزهراء لأمير المؤمنين (ع) صرح بذلك ابو الفرج ابن النديم في الفهرست.

(6) - الواقدى محمد بن عمر بن واقد الأسلمى المتوفى سنة 207 ، و قد نقل الشريف الرضى عن خطه في نهج البلاغة بعض الخطب.

(7) - ابو اسحق ابراهيم بن محمد بن سعيد الثقفى الكوفى المحدث المشهور المتوفى سنة 283 ه_ ، فقد صنف كتاب رسائل على امير المؤمنين (ع) و كتاب كلامه فى الشورى و كتاب الخطب المعربات (خ ل المقريات كما قاله النجاشي). روى كثيراً من كلامه و جوامع

ص: 43

ألفاظه في كثير من كتبه.

(8) - المدائني ابو الحسن علي بن محمد المولود سنة 135 و المتوفى سنة 215 ، صنف كتاب خطب علي (ع) و كتبه إلى عماله عن ابن النديم وغيره.

(9) - الحسن بن علي بن الحسن بن شعبة الحراني من علماء المائة الثالثة له كتاب تحف العقول مشحون بخطب امير المؤمنين عليه السلام و كلماته الغر.

(10) - صالح بن ابى حماد أبى الخير من المحدثين فى المائة الثالثة و من اصحاب سيدنا الحسن العسكري (ع)؛ له كتاب خطب علي (ع) كما فى فرست النجاشي

(11) - السيد عبد العظيم بن عبد الله الحسنى المعروف بالشاه و المدفون في الرى بقرب طهران من ابناء المائة الثانية و من أصحاب سيدنا الإمام علي الرضا (ع) ، له كتاب فى خطب جده امير المؤمنين (ع) كما في فهرست النجاشي.

(12) - مسعدة بن صدقة العبيدي من اصحاب الإمام الصادق و سيدنا الكاظم عليها السلام فى المائة الثانية له كتاب خطب امير المؤمنين (ع) حسبما قاله النجاشي.

(13) - ابراهيم بن سليمان الهثمى الخزاز الكوفى له كتاب الخطب لأمير المؤمنين (ع) و هو من المائة الثالثة كما في فهرست النجاشي.

ص: 44

(14) - ابو عثمان الجاحظ عمرو بن بحر المتوفى سنة 225 ، له كتاب مائة كلمة من كلمات على أمير المؤمنين عليه السلام.

(15) - عبد العزيز الجلودى بن يحيى البصرى الأخباري المشهور من علماء المائة الثالثة للهجرة صنفا وحده في هذا الموضوع كتبا عشرة و هى - ا - كتاب خطب امير المؤمنين علي - ب - كتاب شعر على - ج - كتاب رسائل على - د - كتاب مواعظ على - ه- کتاب ملاحم على في الملاحم يعني المغيبات من الحوادث المستقبلة - و - كتاب كلام على في الشورى - ز - كتاب ما كان بين على و بين عثمان من الكلام - ح - كتاب دعاء على - ط - كتاب ذكر على لخديجة و لفضائل أهل البيت - ي - كتاب بقية رسائل علي وخطبه كرم الله وجهه.

فإذا وقفت على هؤلاء الجماهير من حملة الاثار وثقاة النقلة و قدرت الاهتمام العظيم من السلف بحفظ الخطب و استضهارها و استنساخ الكتب و الرسائل ممن قصصنا عليك اسماءهم و منهم من لم نقصص عليك - و ربما كان هذا القسم اكثر انجلت عن قلبك غيوم الشبهة التي يأتى بها من هنا و هناك الشاكون و المنحرفون.

ص: 45

مصادر قديمة لما في نهج البلاغة

إن من أقرى ما يجلو غيوم الشكوك و الأوهام عن أفق هذه المجموعة التي حوت بين الدفة و الدفة خطب الامام و كتبه و كلماته و حول نزاهة الشريف الرضى عن إضافة شيء فيها غير مأثور لهو هذا الذي تبديه الآن ، فإنا نحصى عليك عديداً من المؤلفين الاثبات الذين رووا خطب امير المؤمنين (ع) و رسائله في كتبهم من قبل أن يولد الرضى و قبل أن يخلق؛ و هذا الفصل يعد علاوة لما فصلناه فيما سبق من اسماء الجامعين لخطبه و كتبه و كلمه. و لقد ظفرنا على كتب قديمة العهد تشمل على كثير من خطب الامام على (ع) و لا تعدم الخطبة سنداً أو أسانيد يجلب نحوها اعتماد النفس و هي:

(1) - الكافى للشيخ الكليني محمد بن يعقوب المتوفى سنة 328 و لاسيما فى جزء الروضة منه ففيه عشرات من خطب الامام ضافية الذيول موصولة الأسناد بالأسناد و كذا في كتابه الرسائل.

(2) - كتاب التوحيد للشيخ الصدوق محمد بن بابویه قمى المتوفى سنة 381؛ ففيه عدد لا يستهان به من خطب التوحيد و ما يناسبه. و كذلك فى كتبه الأخرى كمن لا يحضره الفقيه و فى أماليه و في مدينة العلم و فى

ص: 46

الخصال و فى علل الشرائع و في معانى الاخبار

(3) - كتاب الارشاد لشيخ المفيد ابی عبد الله محمد بن محمد النعمان المتوفى ببغداد سنة 413 فإن فى أبواب فضائل الامام على (ع) لقدراَ كبيراً من خطبه الغر في ابواب شتى نحو اربعين صحيفة و بعضها يختلف عما في النهج اختلافاً يسيراً.

(4) - العقد الفريد للمؤرخ فى الدولة الأموية المغربية احمد بن عبد ربه المتوفى سنة 327.

(ه) - نزهة الأديب و كذا نثر الدرر الوزير الآبي ابي سعيد منصور المتوفى سنة 422 في سبعة مجلدات؛ و يوجد بكتابة قديمة الخط في بعض خزائن النجف.

(6) - تحف العقول للحسن بن شعبة الحراني من علماء المائة الثالثة.

(7) - روضة الواعظين للقتال النيسابوري.

(8) - تاريخ الملوك و الأمم لمحمد بن جرير الطبري المتوفى المتوفي سنة 210

(9) - المسترشد في الامامة لمحمد بن جرير بن رستم الطبرى الأملى المعاصر لسميه السالف ذكره. و عبثاً احاول إثبات ارقام متسلسلة لهذا المبحث الذي لا يدخل تحت الحساب ، و قلما يوجد سفر أدبى اوديني او تاريخي يحلو من خطب الامام و كلمه. و قد قال مدرس دار العلوم المصرية

ص: 47

احمد صفوة المؤرخين فى كتاب على (ع) ص 125: «ان الأدباء و المؤرخين الذين تقدموا الشريف الرضى كانوا يوقنون ان خطب الامام بضع مآت» و قال المسعودى المتوفى سنة 346: «ان الخطب المنقولة عن امير المؤمنين (ع) هي اربعمائة و نيف و ثمانون خطبة» و هذا المؤرخ الثقة توفى قبل الشريف الرضى ببضعة عشر عاماً. أضف إلى ذلك كتب محمد بن السائب الكلبي المتوفى سنة 146 و كتب محمد بن عمر الوافدى المتوفى سنة 207 و كتب عبد الملك بن هشام المتوفى سنة 213 و كتب احمد ابن يحي البلاذرى المتوفى سنة 279 و كتب ابوالفرج علي بن الحسين الاصفهاني المرواني المتوفى سنة 356 و كتب احمد البرقى المتوفى سنة 274

و اما الناقلون لخطبه بعد الشريف فهم لا يحصون كالقاضي القضاعي في دستور الحكم و اخطب خوارزم موفق بن احمد في مناقبه و الكنجى الشافعى في كفاية الطالب وابن طلحة الشافعى فى مطالبه و ابن الجوزى في المدهش و الشيخ ابراهيم الكراجكي في فوائده و غيرهم في غيرها.

ص: 48

هل في النهج دخيل

ذهب شطر من الكتاب و فيهم الكاتب المعتزلي عبد الحميد بن ابي الحديد فيلسوف المؤرخين إلى القول بأن المجموع في نهج البلاغة من الدفة إلى الدفة معلوم الثبوت قطعى الصدور من امير المؤمنين من فمه اومن قلمه.

و اليك من مقاله الآتى في شرحه على نهج البلاغة ج 10 ص 546 بعد إيراده لخطبة ابن أبي الشحناء المشهورة مانصه: كثير من ارباب الهوى يقولون ان كثيراً من نهج البلاغة كلام محدث صنعه قوم من فصحاء الشيعة و ربما عزوا بعضه إلى الرضى أبى الحسن و غيره ، و هؤلاء قوم أعمت العصبية اعينهم فضلوا عن النهج الواضح و نكبوا بينات الطريق ضلالة و قلة معرفة بأساليب الكلام؛ و أنا اوضح لك بكلام مختصر ما في هذا الخاطر من الغلط فأقول: لا يخلو إما أن یکون كل نهج البلاغة مصنوعاً منحولا او بعضه و الأول باطل بالضرورة لأنا نعلم بالتواتر صحة اسناد بعضه إلى امير المؤمنين و قد نقل المحدثون كلهم أوجلهم و المؤرخون كثير منهم و ليسوا من الشيعة لينسبوا إلى غرض فى ذلك؛ و الثانى يدل على ما قلناء لأن من قد

ص: 49

آنس بالكلام و الخطابة و شد طرفاً من علم البيان و صار له ذوق في هذا الباب لابد أن يفرق بين الكلام الركيك و بين الفصيح و الأفصح و بين الأصيل و المولد. و إذا وقفت على كراس واحد يتضمن كلاماً لجماعة من الخطباء اولاثنين منهم فقط فلابد أن تتفرق بين الكلامين و تميز بين الطريقتين.

ألا ترى: انا مع معرفتنا بالشعر و نقده لو تصفحنا ديوان اني تمام فوجدناه قد كتب فى اثنائه قصائد او قصيدة واحدة لغيره لعرفنا بالذوق مباينتها لشعر ابي تمام و نفسه و طريقته و مذهبه فى القريض؟ الا ترى أن العلماء بهذا الشأن حذفوا من شعره قصائد كثيرة منحولة اليه لمباينتها لمذهبه في الشعر؟ و كذلك حذفوا من شعر ابي نؤاس شيئا كثيراً لماظهر لهم انه ليس من ألفاظه و لا من شعره و لم يعتمدوا في ذلك إلا على الذوق خاصة ؟ و أنت إذا تأملت نهج البلاغة وجدته كله ماءاً واحداً و اسلوباً واحداً كالجسم البسيط الذى ليس بعض من ابعاضه مخالفاً لباقى الأبعاض في الماهية، و كالقرآن العزيز أوله كأوسطه و أوسطه کآخره و كل سورة منه و كل آية مماثلة في المأخذ و المذهب و الفن و الطريق و النظم لباقي الآيات و السور.

و لوكان بعض نهج البلاغة منحولا و بعضه صحيحا لم يكن ذلك كذلك فقد ظهر لك بهذا البرهان الوضح ضلال من زعم ان هذا الكتاب او بعضه منحول إلى امير المؤمنين (ع)، و اعلم ان قائل هذا القول يطرق على

ص: 50

نفسه مالا قبل له به ، لأنا متى فتحنا هذا الباب و سلطنا الشكوك على انفسنا فى هذا النحو لم تثق بصحة كلام منقول عن رسول الله ابدا وساغ لطاعن ان يطعن ويقول هذا الخبر منحول و هذا الكلام مصنوع ، و كذلك ما نقل عن ابي بكر وعمر رضى الله عنهما من الكلام و الخطب و المواعظ و الأدب و غير ذلك ، و كل شيء جعله هذا الطاعن - يعنى فى خطب النهج - مستنداً له فيما ترويه عن النبي (ص) و الأئمة الراشدين و الصحابه و التابعين و الشعراء و المترسلين فلنا صري امير المؤمنين عليه السلام أن يستندوا إلى مثله فيما يروونه عنه من نهج البلاغة و غيره و هذا واضح انتهى کلامه.

و نحن النمرقة الوسطى من اهل العلم نقول: ان اخواننا الشيعة يعتقدون بأن الخطب و الكتب و الكلم المرويات في نهج البلاغة حالها كحال الخطب المروية عن رسول الله (ص) التي بعضها متواتر قطعى الصدور و بعضها غير متواتر فهو ظني السند لا نحكم عليه بالانتحال و الافتعال إلا بعد قيام الدليل العلمى على كذبه ، كما اننا لا نحكم بصحته جزماً إلى بعد قيام الدليل ، و من اسند غير هذا الينا فقد افترى علينا ، و كيف يسند منصف إلى الشيعة اعتقادا بثبوت جميع ما بين الدفتين من هذا الكتاب و فيها ما يخالفهم اكثر مما يوافقهم كتأبين على لعمر ؟ ! و لوكان لذوي الأغراض من الشيعة ان يلعبوا في نهج البلاغة محواً أو اثباتا لحذفوا هذا التأبين. و عليه فالاعتدال و الحق الذي احق ان يتبع يقضيان علينا بأن تجعل لهذا الكتاب من القيمة الدينية ما نجعله لغيره من الجوامع الصحاح و الكتب

ص: 51

الدينية المعتبرة و نعترف بقيمته الأدبيه و تفوقها من هذه الجهة على كل كتاب بعد كتاب الله سبحانه.

دفع الشبهات عن نهج البلاغة

لقد نال موضوع تصحيح نهج البلاغة منزلة من الوضوح و تنورت أطرافه من حيث كثرة الأسانيد لحد لم يدع مجالا للمتقولين عليه فيها بحثنا عنه؛ إلا ان البعض ممن ركبوا العصبية و نكبوا عن النهج قد يضربون عن كل هذه الحجج و الدلائل صفحا و يتشبثون بشبهات واهية:

(الأولى) كثرة الخطب و طولها و تعذر الحفظ و الضبط في أمثالها ، فإن الخطب الطوال يصعب حفظها و تذكر ألفاظها بعد الأجيال.

و الجواب عنها أنها ليست بأعجب من رواية المعلقات السبع و القصائد الأخرى من الأوائل و من الخطب و المأثورات الضافية التي رويت عن النبي المصطفى (ص) و عن غيره ممن تقدم عليه زمانه أو تأخر ، فى حين ان العناية بالحفظ و الكتابة كانت في زمن الراشدين أهم و أعظم مما قبله ، و نعتوا ابن عباس بأنه كان يحفظ القصائد الطوال لأول مرة من سماعها و كان مثله في عامة العرب كثيراً و لا يزال حتى اليوم؛ و الاعتناء بحفظ خطب الامام كان اكثر حتى قال مدرس دار العلوم المصرية في كتاب علي (ع) ص125:

ص: 52

ان الأدباء و المؤرخين الذين تقدموا الشريف الرضي كانوا يعتقدون ان خطب الإمام عليه السلام كانت ضع مآت ، و حكي عن المسعودى اربعمائة و نيفاً و ثمانين خطبة.

(الشبهة الثانية) اسناد بعض الخطب المروية في النهج إلى القطر الخارجي و غيره. و الجواب عنها ان الشريف الرضى أحق بالتصديق في روايته من غيره و اعرف بأساليب بلغاء العرب ، و لا يبعد ان يكون الذين جاؤا بعد الإمام اقتفوا أثره في خطبه و افرغوها بألسنتهم ، و ربما نحلها هؤلاء اشياعهم كما نحلوا معاوية بن ابي سفيان بعض خطب الإمام. قال: مدرس دار العلوم احمد زكي صفوة المؤرخين: «و مما يستوقف الباحث في هذا الباب ما أورده الجاحظ المتوفى سنة 255 ه_ في البيان و التبيين قال: قالوا لما حضرت معاوية الوفاة قال المولى له من بالباب ؟ قال: نفر من قريش يتباشرون بموتك فقال: و يحك ولم؟ قال: لا ادرى، قال: فوالله ما هم بعدي إلى الذي يسوؤهم. و أذن للناس فدخلوا فحمد الله و اثنى عليه واو جز ثم خطابهم خطبة اوردها الجاحظ وعقبها بقوله: و في هذه الخطبة - ابقاك الله - ضروب من العجب: منها ان هذا الكلام لا يشبه السبب الذي من اجله دعاهم معاوية، و منها ان هذا المذهب في تصنيف الناس و فى الأخبار عنهم و عماهم عليه من القهر و الا دلال و من التقية و الخوف اشبه بكلام علي و بمعانيه بحاله منه بحال معاوية؛ و منها انا لم نجد معاوية في حال من الحالات يسلك في كلامه مسلك الزهاد و لا يذهب مذاهب العباد و انما نكتب لكم و نخبر بما سمعناه. و الله اعلم باصحاب الأخبار و بكثير منهم.

ص: 53

و فى الحق ان الناقد المتأمل الاتخالجه ريبة في أن هذه الخطبة أحرى بها أن تعزى إلى الامام ، إذ ترى روحه واضحة جلية فيها اسلوبا و معنى و غرضا، و كأني بالجاحظ يبغي ان يقول: ان الرواة نحلوها معاوية و هو يتشكك في صدق روايتهم هذه كما يلمح من قوله: «و الله اعلم بأصحاب الأخبار و بكثير منهم» و لكنه يتحرج من المجاهرة بذلك لأنه (إنما يكتب و يخبر بما سمعه).

أفول: و يؤيد ما احتملناه اسناد الوزير الآبى بعض الخطب إلى زيد الشهيد فى حين انها مسندة في النهج إلى جده الإمام عليه السلام؛ ويعتز سند الشريف الرضي بالمصادر القديمة لخطب النهج التي تروى هاتيك الخطب عن أمير المؤمنين (ع) فلا يكون إلقاء زيد الشهيد لها إلا ضرباً من الاقتفاء و الاقتباس

(الشبهة الثالثة). ان المجموع من خطبه عليه السلام يتضمن انباء غيبية و اخبار الملاحم و الفتن مما يختص عامه بالله وحده.

و الجواب عنها ان الغيب يختص علمه بالله سبحانه و من ارتضاهم من انبيائه و أوليائه و كم حوت السنة النبوية انباء غيبية و أخباراً عن الملاحم و الفتن ، و ما ذلك عن النبي الكريم إلا بوحى من ربه العليم الخبير، كذلك لا ينطق ابن عمه و ريب حجره و صاحب سره في الملاحم و الخفايا إلا بخبر عن رسول الله (ص). و لقد قيل له عليه السلام: لقد

ص: 54

اعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب ؟ فأجاب عليه السلام: ليس هو بعلم غيب

و إنما تعلم من ذى علم...

و لا غرو فقد ثبت عن رسول الله (ص) فيه انه قال: «انا مدينة العلم و علي بابها» و قول علي عليه السلام: لقد علمنى رسول الله (ص) ألف باب من العلم يفتح من كل باب ألف باب.

فمن اختص من مهبط الوحي و مدينة العلم بمثل هذا الاختصاص لا يستغرب منه أن يملأ الكتب من أسرار الكائنات و كامنات الحوادث و لنعتزل عن خطبه المروية في النهج و نسلك آثاره المتواترة في التاريخ ، فقد روى عنه المؤرخون كالمسعودى فى مروج الذهب و ابن ابى الحديد في شرح النهج ص 425 مجلد 1 و ابن بطة فى الابانة و ابى داود فى السنن و غيرهم في غيرها انه تنبأ بمصير الخوارج حينما أخبره الناس بأنهم عبروا النهر قال (ع): «لايفات منهم عشرة و لايقتل منا عشرة» فكان الأمر كذلك. و استفاض عنه الخبر مقتله و إنه سوف يخضب اشقاها هذه من هذه - و اشنار بيده إلى لحيته و جبهته - و كان إذا رأى ابن ملجم قال:

اريد حياته و يريد قتلي *** عذرك من خليلك من مراد

و استفاضت انباؤه فى توسع ملك بني امية و بنى العباس و خبره بمقتله الحسين في كربلاء (1).

ص: 55


1- راجع ص 208 من المجلد الأول لشرح ابن ابى الحديد على النهج ففيه جمهرة من الروايات في اخباره (ع) عن المغيبات ، و كذا ص 425 منه

و مما يدلك على جواز مثله و استقاء هذه العلوم من رسول الله (ص) خبر ام سلمة زوجة النبي بمقتل الحسين قبل وقوعه - كما رواه الترمذى في صحيحه. فإذا جاز لمثلها النبأ عن الحوادث المستقبلة و استقائها العلم عن رسول الله (ص) فلم لا يجوز مثل ذلك من علي (ع) و هو عيبة علمه و صاحب سره الذي كان يسكن فى ظله و يتحرك في ضوئه ؟ ! هذا من ناحية الدين و اما من سواها فقد بلنتنا عن ساسة الامم و حكمائها تنبوات صادقة عن مصيرها في مسيرها ، و نحن لا نمارى فى ذلك مبدئيا فكيف نمارى فى المنقول عن ابن عم الرسول (ص) و ترجمان وحيه وخازن علمه ؟.

(الشبهة الرابعة): اشتمال خطب النهج على علوم تولدت فى المجتمع الإسلامي بعد عصر الصحابة و التابعين مما يستبعد التحدث عنها قبلا ، كدقائق علم التوحيد و ابحاث الرؤية و العدل و التوسع في كيفية كلام الخالق و ابتعاده عن صفات الجسم و كيفاته و تنزهه عن مجانسة مخلوقاته.

و اجاب عنها احمد زكي صفوة المؤرخين في ص 126 من كتابه علي ابن ابي طالب (ع) قائلا: هل في فكر الإمام و حكمه نظريات فلسفية يعتاص على الباحث فهمها و يفتقر في درسها إلى كد ذهن و كدح خاطر ، اللهم الا انها حكم سائغة مرسلة تمتزج بالروح من أغرب طريق و ترب إلى القلب دون تعمل او عناء ، و ليس احد يمارى فى أن ايراد العرب للحكمة البالغه و ضربهم الأمثال الرائعة فطري فيهم معروف

ص: 56

عنهم منذ جاهليتهم لما أوتوا من صفاء الذهن و انقاد الحرية وسرعة الخاطر و قد أشتهر منهم بذلك كثير قبل الإسلام أفتستكثر الحكمة السامية على علي (ع) ؟ و هو من علمت سليل قريش الذين كانوا أفصح العرب لسانا و اعذبها بيانا و ارقها لفظا و اصفاها مزاجاً و ألطفها ذوقاً ! و قد قدمنا لك انه ربي في بيت النبي (ص) منذ حداثته فنشأ و شب في بیت النبوة و مهد الحكمة و ينبوعها و لازم الرسول حتى مماته. و قد قال علي (ع) فى بعض خطبه: «كنت اتبعه اتباع الفصيل أثر امه يرفع لي في كل يوم من اخلاقه علما ويأمرني بالاقتداء به». و كان من كبار کتاب وحيه و حفظ القرآن كله حفظاً جيداً و سمع الحديث الشريف، و وعاه و تفقه في الدين حتى كان إماماً هادياً و عالماً عليماً ، و فوق ذلك فأنت ان الشدائد ثقاف الأذهان و صقال العقول تفتق عن مكنون الحكمة و تستخرج عصيها ، و قد مر بالإمام حين من عمره حافل بالشدائد مليء بالعظائم و الأهوال. و حسبه ان يحمل مع ابن عمه (ص) اعباء امره و يبيته فى فراشه ليلة هجرته متعرضاً لأذى المشركين الراصدين للرسول و ان يخوض غمار الحرب فى كل غزواته - إلا واحد - ثم هو يقضي طول خلافته مذبويع إلى ان قتل - اربع سنين و تسعة اشهر - في شجار و نضال و جلاد و كفاح تارة مع عائشة و مناصريها و اخرى مع معاوية و اشياعه ثم يبتلي بخلاف اصحابه عليه و بعانى من اختلاف مشاربهم و تباين اهوائهم و غريب شذوذهم و تحكمهم و اعتسافهم ما يضيق عنه صدر

ص: 57

الحليم و يند معه صبر الصبور. كل أولئك التجاريب و الظروف قد حنكته و صفت من جوهر عقله و ثنفت من حديد ذهنه و امدته بفيض زاخر من الحكم الثاقبة و الآراء الناضجة ، و ما العقل إلى التجربة و الاختبار ؟ ! و اخالك تذكر ما قدمناه لك آنفاً من انه كان معروفاً بين الصحابة بإسالة الرأى و سداد الفكر ، فكان بعض الخلفاء يفزع إلى مشورته إذا حز به أمر فيجيد الحز و يطبق المفصل. و لم يكن رضي الله عنه بالرجل الخامل الغمر بل كان من سادة القوم و عليتهم ، و كان كل ما يجري من الشؤون السياسية في عهد الرسول (ص) و عهد الخلفاء السابقين له بمرأى منه و مسمع بل كان له في بعضها ضلع قوية و شأن خطير؛ ه_ذا المران السياسي الطويل العهد - و هو خمس و ثلاثون سنة من بدء الهجرة عدا ما تقدمها - افاده شحذا في الذهن و ثقوبا في الفكر بليس بمستنكر على مثل علي ان يكون حكيما - انتهى كلامه.

و اما جوابنا عنها: فهو ان المأخر أخذ عن المتقدم لان المتاخر نسب إلى المنقدم ، و بيان ذلك: ان علماء الإسلام المتأخرين إنما توسعوا في علومهم بعد ما تعمقوا في آيات التوحيد و المعارف القرآنية و ما وصل اليهم من خطب علي (ع) و كلمه فى ابواب التوحيد و شؤون العالم الربوبي، حتى ان الحجاج ألقى على علماء التابعين يوما شبهة الجبر فرده كل منهم بكلام خاص انفرد به؛ فلما سألهم عن المأخذ قال كل منهم انه اخذ

ذلك عن علي بن ابي طالب (ع) فقال الحجاج: لقد جئنموها

ص: 58

من عين صافية.

و لقد كان ابن عم رسول الله يفيض على أبناء عصره و مصره بعلوم النبوة و معارف الدين

العالیة إلا ان اكثرهم لم يكونوا ليفهموها بل كانوا يحملون هاتيك الكلام الجامعة إلى من ولدوا بعدهم كما قيل: «رب حامل فقه إلى من هو أفقه».

و نظير هذا آيات التوحيد و الرؤية و الكلام و العدل تلك الآيات التي تدبر فيها حكماء الاسلام في الفرون المتأخرة و أظهروا معارفها العالية التي لم تخطر ببال أحد في عصر الصحابة.

و اوضح برهان لنا في المقام وجود جمل في خطب نهج البلاغة تنطق بحركة الأرض و تنطبق على اصول الهيئة الجديدة و مسائلها التي حدثت بعد الألف الهجرى؛ كقوله عليه السلام في صفة الأرض: «فسكنت على حركتها من ان تميد بأهلها او تسبخ بحملها» و قوله عليه السلام: «و عدل حركاتها بالراسيات من جلاميدها» ، وكلنا نعلم أن الرأى القائل بتحرك الأرض مع سكونها الظاهر مستحدث من بعد (غالية) الايطالي (و كوبرنيك) الالماني و (نيوتن) الانكليزي ، و رأى ثبوت الحركات العشر للأرض متأخر عنهم جداً. و كل هذه الآراء حادثة بعد انتشار شروح نهج البلاغة فضلا عن النهج الذى اشهر امره من قبلها فهل يسوغ لامرى، ان يشك في تأليف نهج البلاغة و شروحه بحجة انها مشتملة على مسائل الهيئة التاخر عن الألف الهجرى ؟...

ص: 59

(الشبهة الخامسة) اشتمال الخطب على اصطلاحات وجدت في القرون التأخرة و على سبك حديث الطراز كقوله عليه السلام: و كمال توحيده الاخلاص له و كمال الإخلاص له نفى الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف و شهادة كل موصوف انه غير الصفة فمن وصف الله سبحانه و تعالى فقد قرنه و من قرنه فقد و من ثناه فقد جزاه و من جزأه... الخ.

و الجواب عنها يعرف مما سبق؛ فإنما المتاخوين انما توسعوا فى معارفهم بعد العثور على هذه الحكم الجلائل و اختاروا الاصطلاحات من قبيل الكيف و الأين بعد ما استأنسوا بمبادئها في كلام الإمام عليه السلام لان الكلام نسب إلى الإمام بعد ظهور هذه المصطلحات ، بدليل ان امثال هذه المبادىء مستفيضة فى احاديث الرسول (ص) وفى كلام فصحاء العرب الأوائل و لا يعز المتتبع وافره؛ و اى عاقل يستطيع ان يصوغ هذه الجمل المسجدية ثم ينسبها إلى غيره ؟ و لوكان احد ينسب إلى شيئاً من المصطلحات بعد تاريخ حدوثها لجاءت في خطبه كلمة الماهية المنحوتة من (ماهي) ، و اللمية المنحونة من (لم) ، و الإنية المنحوتة من (انه) ، و الهيولى المنحونة من (هي الأولى) ، و امثال ذلك من مصطلحات حكماء الإسلام. في حين ان النهج كله خلو عن كل هذا.

و نظير ه_ذا قبل ابى نؤاس «كأن صغرى و كبرى من فوافقها» الذي يظن فيه سامعه لأول وهلة انه اخذ عن المنطقيين مصطلحهم في صغرى

ص: 60

و كبرى القياس، في حين ان الاصلاح متاخر عنه جداً و لا يستلزم تأخره نفى ذلك الشعر المتقدم. و مثل هذا غير عزيز على من طلبه.

و من الغريب استغراب بعضهم فى كلام الامام استنتاجه الجمل متفرعة بعضها من بعض كقوله (ع): فمن وصفا الله سبحانه و تعالى فقد قرنه و من قرنه فقد ثناه... الخ، يحسب أن ترتيب الكلام على شاكلة القياس لؤلف من صغراه و كبراه غير مألوف من العرب في حين ان هذا الحسبان قدح في الأدب العربي من حيث لا يقصد؛ و معناه ان نظم القياس المعقول قصى عن الذوق العربي. و هذا شيء لا نقبله و العرب هم الأقربون إلى القياس المقول بفطرتهم و كم له نظير فى الكتاب و السنة ؟ قال تعالى: «فلو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم و لو أسممهم لتولوا» و روى البخاري في صحيحه عنه (ص): «فاطمة بضعة مني من اغضبها فقد اغضبنى و من أغضبني فقد اغضب الله» فإذا ورد فى افصح الكلم نظم القياس و تفريع الجمل فهل يستغرب من حفظة القرآن ان يتوسعوا في نظم الأفيسة الاقترانية و الاستثنائية فى اساليب حديثهم؟...

و لقد قطعنا جهيزة كل خطيب بأن المسانيد المشهرة إذا حوت خطبة للامام بأسانيد معتبرة فغير جدير الاصغاء إلى أمثال هذه الشبهات الضعيفة و مضى دفع شبهات اخرى فى خلال ابحاثنا الماضية...

و الله يحق الحق و هو احكم الحاكمين. و الحمد لله رب العالمين

ص: 61

الهيئة و الاسلام

سيصدر كتاب

تأليف سماحة العلامه الاكبر السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني

كان سماحة المؤلف قد خصص نسخة من هذا الكتاب القيم لنفسه؛ و كان كلما عثر على شيء جديد كتبه في هامش تلك النسخة او جعل فيها ورقه بيضاء اذالم يكف الهامش، و هكذا جائت هذه النسخة ثمينة للغاية اذفيها زيادات كثيرة و مفيدة ، و جعل اخيراً هذه النسخة تحت تصرف فضيلة الأستاذ السيد احمد الحسيني للنظر فيه و تصحيحه و اخراجه بحلة قشيبة تناسب و قن الطباعة في هذا العصر. فأفرغ السيد الحسينى وقته للعمل في هذا الكتاب مجتهداً ان يكون بصورة انيقة للغاية ، و قد انتهى العمل واعد الكتاب للطبع مع كلائش توضيحية كثيرة تساعد المطالع على فهم المواضيع. و يسرنا ان نزف هذه البشرى الى القراء الكرام و خاصة العلماء منهم و ننبههم على ما لهذا الكتاب من القيمة العلمية و الأدبية و الثقافية.

ص: 62

فهرست الكتاب... 5

مقدمة الكتاب... 5

نهج البلاغة و واصفوه... 5

شهادة أمين نخلة الأديب اللبناني بكلام الامام... 7

شهادة بعض فضلاء الأرمن... 7

شهادة المرصفي... 7

شهادة الشيخ محمد عبده... 9

مؤلف نهج البلاغة و غرضه الشريف... 13

سر الشك في نهج البلاغة... 22

صحت الشقشقية... 23

الشقشقية كما في نهج البلاغة... 24

الشقشقية كما في الوزير نسخة الآبي

ص: 63

الشقشقية كما فى ارشاد المفيد... 28

شقشقية البرقي عن علل الشرائع... 30

شقشقية الجلودي عن كتاب معاني الأخبار... 32

الناقلون للخطبة الشقشقية قبل الرضى... 34

الدفاع عن الشقشيقية... 39

الجامعون الخطب الامام قبل الرضى... 41

مصادر قديمة لما في النهج البلاغة... 46

هل في النهج من دخيل... 49

دفع الشبهات عن نهج البلاغة... 52

ص: 64

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.