دقائق التوحيد في نهج البلاغة

هوية الکتاب

الكتاب: دقائق التوحيد في نهج البلاغة

المؤلف: السيد محمد تقي الحكيم

الناشر: قسم العلاقات العامة في مؤسسة نهج البلاغة

الطبعة: الأولى 1412ه_. ق

عدد النسخ: 5000 نسخة

ص: 1

اشارة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ اَلْرَحیمْ

بنیاد نهج البلاغة

ص: 2

دقائق التوحيد في نهج البلاغة

ص: 3

الكتاب: دقائق التوحيد في نهج البلاغة

المؤلف: السيد محمد تقي الحكيم

الناشر: قسم العلاقات العامة في مؤسسة نهج البلاغة

الطبعة: الأولى 1412ه_. ق

عدد النسخ: 5000 نسخة

ص: 4

بسم الله الرّحمن الرّحيم

المقدمة

هذه قبسات مشرقة من كلمات مولانا علي بن أبي طالب (عليه السلام) في التوحيد انتخبتها من كتاب «نهج البلاغة» بعد أن طالعتها و درستها دراسة موكدة و كلها تشير إلى دقائق لم يشر إليها أحد قبله و إلى حقائق لم يصل إليها ذو فطنة غيره ينبغي أن ينظر إليها بنظر الإمعان و التدقيق و يلتفت إليها على وجه التمحيص و التحقيق. و بعد التامل قسمت موضوعاتها إلى عشرين عنوانا. و تحت كل عنوان عبارات مرتبطة بهذا العنوان و بعد اتمام العبارة المنظورة وضعت رقما يشير إلى رقم معادل له في هامش الصفحة مبينا موضع تلك العبارة بصورتين:

الصورة الأولى للصفحة برمز «ص» و الصورة الثانية للخطبة برمز «خ» كما أشرت إلى الكتاب برمز «ك» و رقم الكلمة من الكلمات القصار برمز «ق».

ص: 5

كما توجد جملات أو كلمات ذكرناها في موضعين أو أكثر من الكتاب وفق ما يلائم الموضوع. و طابقت هذا الكتاب مع «نهج البلاغة» طبعة بيروت سنة 1387 ه_ ق / 1967م باشراف وتصحيح الدكتور صبحي الصالح متنا و تسلسل الصفحات و كذلك أرقام الخطب و الكتب و الكلمات القصار.

و قد دونت هذا المصنف بمشهد مولانا علي (عليه السلام) في النجف الأشرف سنة 1370 و 1371 ه_ ق.

و اخيراً تيسّر لي نشره و عرضه على اخواني المؤمنين لا سيما طلبة الجامعات و ذلك لأن برامجهم الدراسية تتضمن دروس أصول العقائد و المعارف الإسلامية و لكي يتسنى لهؤلاء الأعزاء الاستفادة من هذه الدرر المنثورة و الكلمات القيمة المذكورة في هذا الدرس وكما يعرف الجميع أنه لا كلام أعلى من كلام الإمام علي (عليه السلام) في التوحيد و لا مقال في معرفة الباري عز وجل أغلى من مقاله (عليه السلام). و في الختام أسأل الله تعالى أن يوفق كل سالك سبيل الإيمان بالله تعالى للاستفاضة من هذا البحر الزاخر (نهج البلاغة) في شتى النواحي و المجالات إنه قريب مجيب الدعوات.

السيد محمد تقى الحكيم

1410 ه_ ق

1368 ه_ ش

ص: 6

قصور العقول و الحواس عن ادراكه سبحانه و تعالى

الَّذِي لَا يُدْرِكُهُ بُعْدُ الْهِمَمِ وَ لَا يَنَالُهُ غَوْصُ الْفِطَنِ (1).

وَ امْتَنَعَ عَلَى عَيْنِ الْبَصِيرِ، فَلَا عَيْنُ مَنْ لَمْ يَرَهُ تُنْكِرُهُ وَ لَا قَلْبُ مَنْ أَثْبَتَهُ يُبْصِرُهُ(2)

لَمْ يُطْلِعِ الْعُقُولَ عَلَى تَحْدِيدِ صِفَتِهِ، وَ لَمْ يَحْجُبْهَا عَنْ وَاجِبِ مَعْرِفَتِه(3)

لاَتَقَعُ الاَوْهَامُ لَهُ عَلَى صِفَة، وَلاَ تُعْقَدُ الْقُلُوبُ مِنْهُ عَلَى کَيْفِيَّة، وَلاَتُحِيطُ بِهِ الاَبْصَارُ وَالْقُلُوبُ (4).

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ(5).

وَ الرَّادِعُ أَنَاسِيَّ الْأَبْصَارِ عَنْ أَنْ تَنَالَهُ أَوْ تُدْرِكَهُ(6)

ص: 7


1- ص 39. خ 1
2- ص 87. خ 49
3- ص 88. خ 49
4- ص 115. خ 85
5- ص 122. خ 90
6- ص 124. خ 91

هُوَ الْقَادِرُ الَّذِي إِذَا ارْتَمَتِ الْأَوْهَامُ لِتُدْرِكَ مُنْقَطَعَ قُدْرَتِهِ وَ حَاوَلَ الْفِكْرُ الْمُبَرَّأُ مِنْ [خَطْرِ] خَطَرَاتِ الْوَسَاوِسِ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ فِي عَمِيقَاتِ غُيُوبِ مَلَكُوتِهِ وَ تَوَلَّهَتِ الْقُلُوبُ إِلَيْهِ لِتَجْرِيَ فِي كَيْفِيَّةِ صِفَاتِهِ وَ غَمَضَتْ مَدَاخِلُ الْعُقُولِ فِي حَيْثُ لَا تَبْلُغُهُ الصِّفَاتُ لِتَنَاوُلِ عِلْمِ ذَاتِهِ، رَدَعَهَا وَ هِيَ تَجُوبُ مَهَاوِيَ سُدَفِ الْغُيُوبِ مُتَخَلِّصَةً إِلَيْهِ - سُبْحَانَهُ - فَرَجَعَتْ إِذْ جُبِهَتْ مُعْتَرِفَةً بِأَنَّهُ لَا يُنَالُ بِجَوْرِ الِاعْتِسَافِ كُنْهُ مَعْرِفَتِهِ وَ لَا تَخْطُرُ بِبَالِ أُولِي الرَّوِيَّاتِ خَاطِرَةٌ مِنْ تَقْدِيرِ جَلَالِ عِزَّتِه(1)

وَ إِنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الَّذِي لَمْ تَتَنَاهَ فِي الْعُقُولِ فَتَكُونَ فِي مَهَبِّ فِكْرِهَا مُكَيَّفاً وَ لَا فِي رَوِيَّاتِ خَوَاطِرِهَا فَتَكُونَ مَحْدُوداً مُصَرَّفاً.(2)

بَلْ نَفَذَهُمْ عِلْمُهُ وَ أَحْصَاهُمْ عَدَدُهُ وَ وَسِعَهُمْ عَدْلُهُ وَ غَمَرَهُمْ فَضْلُهُ مَعَ تَقْصِيرِهِمْ عَنْ كُنْهِ مَا هُوَ أَهْلُهُ (3)

فَتَبَارَكَ اللَّهُ الَّذِي لَا يَبْلُغُهُ بُعْدُ الْهِمَمِ وَ لَا يَنَالُهُ حَدْسُ الْفِطَنِ(4)

لَمْ تَرَكَ الْعُيُونُ فَتُخْبِرَ عَنْكَ، بَلْ كُنْتَ قَبْلَ الْوَاصِفِينَ مِنْ

ص: 8


1- ص 125. خ 91
2- ص 127. خ 91
3- ص 135. خ 91
4- ص 138. خ 94

خَلْقِكَ (1)

كَيْفَ يَصِفُ إِلَهَهُ مَنْ يَعْجَزُ عَنْ صِفَةِ مَخْلُوقٍ مِثْلِهِ(2)

لَا تَسْتَلِمُهُ الْمَشَاعِرُ وَ لَا تَحْجُبُهُ السَّوَاتِرُ، لِافْتِرَاقِ الصَّانِعِ وَ الْمَصْنُوعِ وَ الْحَادِّ وَ الْمَحْدُودِ وَ الرَّبِّ وَ الْمَرْبُوبِ(3)

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي انْحَسَرَتِ الْأَوْصَافُ عَنْ كُنْهِ مَعْرِفَتِهِ، وَ رَدَعَتْ عَظَمَتُهُ الْعُقُولَ، فَلَمْ تَجِدْ مَسَاغاً إِلَى بُلُوغِ غَايَةِ مَلَكُوتِهِ. هُوَ اللَّهُ الْحَقُّ الْمُبِينُ، أَحَقُّ وَ أَبْيَنُ مِمَّا تَرَى الْعُيُونُ؛ لَمْ تَبْلُغْهُ الْعُقُولُ بِتَحْدِيدٍ فَيَكُونَ مُشَبَّهاً، وَ لَمْ تَقَعْ عَلَيْهِ الْأَوْهَامُ بِتَقْدِيرٍ فَيَكُونَ مُمَثَّلًا.(4)

فَلَسْنَا نَعْلَمُ كُنْهَ عَظَمَتِكَ، إِلَّا أَنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ «حَيٌّ قَيُّومُ، لَا تَأْخُذُكَ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ».

لَمْ يَنْتَهِ إِلَيْكَ نَظَرٌ وَ لَمْ يُدْرِكْكَ بَصَرٌ، أَدْرَكْتَ الْأَبْصَارَ وَ أَحْصَيْتَ الْأَعْمَالَ وَ أَخَذْتَ بِالنَّوَاصِي وَ الْأَقْدَامِ؛ وَ مَا الَّذِي نَرَى مِنْ خَلْقِكَ وَ نَعْجَبُ لَهُ مِنْ قُدْرَتِكَ وَ نَصِفُهُ مِنْ عَظِيمِ سُلْطَانِكَ، وَ مَا تَغَيَّبَ عَنَّا مِنْهُ وَ قَصُرَتْ أَبْصَارُنَا عَنْهُ وَ انْتَهَتْ عُقُولُنَا دُونَهُ وَ حَالَتْ سُتُورُ الْغُيُوبِ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ أَعْظَمُ؛ فَمَنْ فَرَّغَ قَلْبَهُ وَ أَعْمَلَ فِكْرَهُ، لِيَعْلَمَ كَيْفَ

ص: 9


1- ص 158. خ 109
2- ص 167. خ 112
3- ص 212. خ 152
4- ص 216. خ 155

أَقَمْتَ عَرْشَكَ وَ كَيْفَ ذَرَأْتَ خَلْقَكَ وَ كَيْفَ عَلَّقْتَ فِي الْهَوَاءِ سَمَاوَاتِكَ وَ كَيْفَ مَدَدْتَ عَلَى مَوْرِ الْمَاءِ أَرْضَكَ، رَجَعَ طَرْفُهُ حَسِيراً وَ عَقْلُهُ مَبْهُوراً وَ سَمْعُهُ وَالِهاً وَ فِكْرُهُ حَائِراً.(1)

لَا تُقَدِّرُهُ الْأَوْهَامُ بِالْحُدُودِ وَ الْحَرَكَاتِ وَ لَا بِالْجَوَارِحِ وَ الْأَدَوَاتِ.(2)

هَيْهَاتَ، إِنَّ مَنْ يَعْجِزُ عَنْ صِفَاتِ ذِي الْهَيْئَةِ وَ الْأَدَوَاتِT فَهُوَ عَنْ صِفَاتِ خَالِقِهِ أَعْجَزُ وَ مِنْ تَنَاوُلِهِ بِحُدُودِ الْمَخْلُوقِينَ أَبْعَد.(3)

فَسُبْحَانَ الَّذِي بَهَرَ الْعُقُولَ عَنْ وَصْفِ خَلْقٍ جَلَّاهُ لِلْعُيُونِ، فَأَدْرَكَتْهُ مَحْدُوداً مُكَوَّناً وَ مُؤَلَّفاً مُلَوَّناً، وَ أَعْجَزَ الْأَلْسُنَ عَنْ تَلْخِيصِ صِفَتِهِ وَ قَعَدَ بِهَا عَنْ تَأْدِيَةِ نَعْتِهِ.(4)

وَ لَا يَحْوِيهِ مَكَانٌ وَ لَا يَصِفُهُ لِسَانٌ.(5)

لَا تُدْرِكُهُ الْعُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ الْعِيَانِ وَ لَكِنْ تُدْرِكُهُ الْقُلُوبُ بِحَقَائِقِ الْإِيمَانِ(6).

ص: 10


1- ص 225. خ 160
2- ص 232. خ 163
3- ص 234. خ 163
4- ص 238. خ 165
5- ص 256. خ 178
6- ص 258. خ 179

لَا يُدْرَكُ بِوَهْمٍ وَ لَا يُقَدَّرُ بِفَهْمٍ وَ لَا يَشْغَلُهُ سَائِلٌ وَ لَا يَنْقُصُهُ نَائِلٌ، وَ لَا يَنْظُرُ بِعَيْنٍ وَ لَا يُحَدُّ بِأَيْنٍ وَ لَا يُوصَفُ بِالْأَزْوَاجِ وَ لَا يَخْلُقُ بِعِلَاجٍ وَ لَا يُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ وَ لَا يُقَاسُ بِالنَّاسِ.(1)

بَلْ إِنْ كُنْتَ صَادِقاً أَيُّهَا الْمُتَكَلِّفُ لِوَصْفِ رَبِّكَ فَصِفْ جِبْرِيلَ وَ مِيكَائِيلَ وَ جُنُودَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ فِي حُجُرَاتِ الْقُدُسِ مُرْجَحِنِّينَ مُتَوَلِّهَةً عُقُولُهُمْ أَنْ يَحُدُّوا أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ، فَإِنَّمَا يُدْرَكُ بِالصِّفَاتِ ذَوُو الْهَيْئَاتِ وَ الْأَدَوَاتِ وَ مَنْ يَنْقَضِي إِذَا بَلَغَ أَمَدَ حَدِّهِ بِالْفَنَاءِ؛ فَلَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَضَاءَ بِنُورِهِ كُلَّ ظَلَامٍ وَ أَظْلَمَ بِظُلْمَتِهِ كُلَّ نُورٍ.(2)

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا تُدْرِكُهُ الشَّوَاهِدُ وَ لَا تَحْوِيهِ الْمَشَاهِدُ وَ لَا تَرَاهُ النَّوَاظِرُ وَ لَا تَحْجُبُهُ السَّوَاتِرُ(3)

تَتَلَقَّاهُ الْأَذْهَانُ لَا بِمُشَاعَرَةٍ وَ تَشْهَدُ لَهُ الْمَرَائِي لَا بِمُحَاضَرَةٍ. لَمْ تُحِطْ بِهِ الْأَوْهَامُ بَلْ تَجَلَّى لَهَا بِهَا وَ بِهَا امْتَنَعَ مِنْهَا وَ إِلَيْهَا حَاكَمَهَا.(4)

مَا وَحَّدَهُ مَنْ كَيَّفَهُ وَ لَا حَقِيقَتَهُ أَصَابَ مَنْ مَثَّلَهُ وَ لَا إِيَّاهُ عَنَى مَنْ شَبَّهَهُ وَ لَا صَمَدَهُ مَنْ أَشَارَ إِلَيْهِ وَ تَوَهَّمَهُ(5)

ص: 11


1- ص 262. خ 182
2- ص 262. خ 182
3- ص 269. خ 185
4- ص 269. خ 185
5- ص 272. خ 186

لَا يُشْمَلُ بِحَدٍّ وَ لَا يُحْسَبُ بِعَدٍّ وَ إِنَّمَا تَحُدُّ الْأَدَوَاتُ أَنْفُسَهَا وَ تُشِيرُ الْآلَاتُ إِلَى نَظَائِرِهَا(1)

بِهَا؛ تَجَلَّى صَانِعُهَا لِلْعُقُولِ وَ بِهَا امْتَنَعَ عَنْ نَظَرِ الْعُيُونِ(2)

لَا تَنَالُهُ الْأَوْهَامُ فَتُقَدِّرَهُ وَ لَا تَتَوَهَّمُهُ الْفِطَنُ فَتُصَوِّرَهُ وَ لَا تُدْرِكُهُ الْحَوَاسُّ فَتُحِسَّهُ وَ لَا تَلْمِسُهُ الْأَيْدِي فَتَمَسَّهُ (3)

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَظْهَرَ مِنْ آثَارِ سُلْطَانِهِ وَ جَلَالِ كِبْرِيَائِهِ مَا حَيَّرَ مُقَلَ الْعُقُولِ مِنْ عَجَائِبِ قُدْرَتِهِ، وَ رَدَعَ خَطَرَاتِ هَمَاهِمِ النُّفُوسِ عَنْ عِرْفَانِ كُنْهِ صِفَتِهِ.(4)

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ عَنْ شَبَهِ الْمَخْلُوقِينَ، الْغَالِبِ لِمَقَالِ الْوَاصِفِينَ، الظَّاهِرِ بِعَجَائِبِ تَدْبِيرِهِ لِلنَّاظِرِينَ، وَ الْبَاطِنِ بِجَلَالِ عِزَّتِهِ عَنْ فِكْرِ الْمُتَوَهِّمِينَ(5)

عَظُمَ عَنْ أَنْ تَثْبُتَ رُبُوبِيَّتُهُ بِإِحَاطَةِ قَلْبٍ أَوْ بَصَرٍ.(6)

التَّوْحِيدُ أَلَّا تَتَوَهَّمَهُ، وَ الْعَدْلُ أَلَّا تَتَّهِمَه.(7).

ص: 12


1- ص 273. خ 186
2- ص 273. خ 186
3- ص 274. خ 186
4- ص 308. خ 195
5- ص 329. خ 213
6- ص 396. ك 31
7- ص 558. ق 470

قصور المقال عن بلوغ مدحه

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ الْقَائِلُونَ وَ لَا يُحْصِي نَعْمَاءَهُ الْعَادُّونَ وَ لَا يُؤَدِّي حَقَّهُ الْمُجْتَهِدُونَ. (1)

ص: 13


1- ص 39. 1

فطرة العقول على معرفته سبحانه و تعالى

فَبَعَثَ فِيهِمْ رُسُلَهُ وَ وَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَهُ لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ وَ يُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِيَّ نِعْمَتِهِ وَ يَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ بِالتَّبْلِيغِ وَ يُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ.(1)

إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِهِ الْمُتَوَسِّلُونَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى: الْإِيمَانُ بِهِ وَ بِرَسُولِهِ، وَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ فَإِنَّهُ ذِرْوَةُ الْإِسْلَامِ، وَ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ فَإِنَّهَا الْفِطْرَةُ.(2)

ص: 14


1- ص 43. خ 1
2- ص 163. خ110

الاقتصار على ما في الكتاب و السنة و ذم التعمق في كنه ذاته تعالى

الَيمِينُ وَالشِّمالُ مَضَلَّةٌ، وَالطَّرِيقُ الوُسْطَى هِيَ الجَادَّةُ(1)، عَلَيْهَا بَاقي الكِتَابِ وَآثَارُ النُّبُوَّةِ، وَمِنْهَا مَنْفَذُ السُّنَّةِ، وَإلَيْهَا مَصِيرُ العَاقِبَةِ.(1)

فَانْظُرْ أَيُّهَا السَّائِلُ فَمَا دَلَّكَ الْقُرْآنُ عَلَيْهِ مِنْ صِفَتِهِ فَائْتَمَّ بِهِ وَ اسْتَضِئْ بِنُورِ هِدَايَتِهِ، وَ مَا كَلَّفَكَ الشَّيْطَانُ عِلْمَهُ مِمَّا لَيْسَ فِي الْكِتَابِ عَلَيْكَ فَرْضُهُ وَ لَا فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ (صلی الله علیه وآله) وَ أَئِمَّةِ الْهُدَى أَثَرُهُ فَكِلْ عِلْمَهُ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مُنْتَهَى حَقِّ اللَّهِ عَلَيْكَ؛ وَ اعْلَمْ أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ هُمُ الَّذِينَ أَغْنَاهُمْ عَنِ اقْتِحَامِ السُّدَدِ الْمَضْرُوبَةِ دُونَ الْغُيُوبِ الْإِقْرَارُ بِجُمْلَةِ مَا جَهِلُوا تَفْسِيرَهُ مِنَ الْغَيْبِ الْمَحْجُوبِ، فَمَدَحَ اللَّهُ تَعَالَى اعْتِرَافَهُمْ بِالْعَجْزِ عَنْ تَنَاوُلِ مَا لَمْ يُحِيطُوا بِهِ عِلْماً وَ سَمَّى تَرْكَهُمُ التَّعَمُّقَ فِيمَا لَمْ يُكَلِّفْهُمُ الْبَحْثَ عَنْ كُنْهِهِ رُسُوخاً. فَاقْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ وَ لَا تُقَدِّرْ عَظَمَةَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَلَى قَدْرِ عَقْلِكَ فَتَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ.(2)

ص: 15


1- ص 58. خ 16
2- ص 125. خ 91

ما يمتنع عليه تعالى ذاتاً و صفة ً

لاَ يَتَوَهَّمُونَ رَبَّهُمْ بالتَّصْوِيرِ، وَلاَ يُجْرُونَ عَلَيْهِ صِفَاتِ المَصْنُوعِينَ، وَلاَ يَحُدُّونَهُ بِالاَْماكِنِ، وَلاَ يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالنَّظَائِرِ (1).

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ تَسْبِقْ لَهُ حَالٌ حَالًا، فَيَكُونَ أَوَّلًا قَبْلَ أَنْ يَكُونَ آخِراً وَ يَكُونَ ظَاهِراً قَبْلَ أَنْ يَكُونَ بَاطِناً (2)

لَمْ یَحْلُلْ فِی الْأَشْیَاءِ فَیُقَالَ هُوَ [فِیهَا] کَائِنٌ وَ لَمْ یَنْأَ عَنْهَا فَیُقَالَ هُوَ مِنْهَا بَائِنٌ (3).

مَا اخْتَلَفَ عَلَيْهِ دَهْرٌ فَيَخْتَلِفَ مِنْهُ الحَالُ، وَلا كَانَ فِي مَكَانٍ فَيَجُوزَ عَلَيْهِ الإنتِقَالُ(4).

کَذَبَ الْعَادِلُونَ بِکَ إِذْ شَبَّهُوکَ بِأَصْنَامِهِمْ وَ نَحَلُوکَ حِلْیَةَ الْمَخْلُوقِینَ بِأَوْهَامِهِمْ وَ جَزَّءُوکَ تَجْزِئَةَ الْمُجَسَّمَاتِ بِخَوَاطِرِهِمْ وَ قَدَّرُوکَ

ص: 16


1- ص 41. خ1
2- ص 96. خ 65
3- ص 96. خ 65
4- ص 124. 91

(1)

عَلَی الْخِلْقَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْقُوَی بِقَرَائِحِ عُقُولِهِمْ (1)

تَعَالَي عَمّا يَنحَلُهُ المُحَدّدُونَ مِن صِفَاتِ الأَقدَارِ وَ نِهَايَاتِ الأَقطَارِ وَ تَأَثّلِ المَسَاكِنِ وَ تَمَكّنِ الأَمَاكِنِ فَالحَدّ لِخَلقِهِ مَضرُوبٌ وَ إِلَي غَيرِهِ مَنسُوبٌ(2)

لاَ يَشْغَلُهُ شَأْنٌ، وَلاَ يُغَيِّرُهُ زَمَانٌ، وَلاَ يَحْوِيهِ مَكَانٌ، وَلاَ يَصِفُهُ لِسَانٌ(3)

قَرِیبٌ مِنَ الاَشْیَاءِ غَیْرَ مُلاَبِسِ، بَعِیدٌ مِنْهَا غَیْرَ مُبَایِن. مُتَکَلِّمٌ لاَ بِرَوِیَّة، مُرِیدٌ لاَ بِهِمَّة، صَانِعٌ لاَ بِجَارِحَة. لَطِیفٌ لاَ یُوصَفُ بِالْخَفَاءِ، کَبِیرٌ لاَ یُوصَفُ بِالْجَفَاءِ، بَصِیرٌ لاَ یُوصَفُ بِالْحَاسَّةِ، رَحِیمٌ لاَ یُوصَفُ بِالرِّقَّةِ.(4)

لَمْ یُولَدْ سُبْحَانَهُ فَیَکُونَ فِی الْعِزِّ مُشَارَکاً، وَ لَمْ یَلِدْ فَیَکُونَ مَوْرُوثاً هَالِکاً. وَ لَمْ یَتَقَدَّمْهُ وَقْتٌ وَ لاَ زَمَانٌ، وَ لَمْ یَتَعَاوَرْهُ زِیَادَةٌ وَ لاَ نُقْصَانٌ(5)

لَيْسَ بِذِي كِبَرٍ امْتَدَّتْ بِهِ النِّهَايَاتُ فَكَبَّرَتْهُ تَجْسِيماً، وَ لَا بِذِي عِظَمٍ تَنَاهَتْ بِهِ الْغَايَاتُ فَعَظَّمَتْهُ تَجْسِيداً، بَلْ كَبُرَ شَأْناً وَ عَظُمَ

ص: 17


1- ص 126. خ 91
2- ص 233. خ163
3- ص 256. خ 178
4- ص 258. خ 179
5- ص 260. خ182

سُلْطَاناً (1)

وَ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ السُّكُونُ وَ الْحَرَكَةُ وَ كَيْفَ يَجْرِي عَلَيْهِ مَا هُوَ أَجْرَاهُ وَ يَعُودُ فِيهِ مَا هُوَ أَبْدَاهُ وَ يَحْدُثُ فِيهِ مَا هُوَ أَحْدَثَهُ، إِذاً لَتَفَاوَتَتْ ذَاتُهُ وَ لَتَجَزَّأَ كُنْهُهُ وَ لَامْتَنَعَ مِنَ الْأَزَلِ مَعْنَاهُ، وَ لَكَانَ لَهُ وَرَاءٌ إِذْ وُجِدَ لَهُ أَمَامٌ وَ لَالْتَمَسَ التَّمَامَ إِذْ لَزِمَهُ النُّقْصَانُ وَ إِذاً لَقَامَتْ آيَةُ الْمَصْنُوعِ فِيهِ وَ لَتَحَوَّلَ دَلِيلًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مَدْلُولًا عَلَيْهِ وَ خَرَجَ بِسُلْطَانِ الِامْتِنَاعِ مِنْ أَنْ يُؤَثِّرَ فِيهِ مَا يُؤَثِّرُ فِي غَيْرِهِ، الَّذِي لَا يَحُولُ وَ لَا يَزُولُ وَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْأُفُولُ. لَمْ يَلِدْ فَيَكُونَ مَوْلُوداً وَ لَمْ يُولَدْ فَيَصِيرَ مَحْدُوداً، جَلَّ عَنِ اتِّخَاذِ الْأَبْنَاءِ وَ طَهُرَ عَنْ مُلَامَسَةِ النِّسَاءِ.(2)

وَ لَا يَتَغَيَّرُ بِحَالٍ وَ لَا يَتَبَدَّلُ فِي الْأَحْوَالِ وَ لَا تُبْلِيهِ اللَّيَالِي وَ الْأَيَّامُ وَ لَا يُغَيِّرُهُ الضِّيَاءُ وَ الظَّلَامُ (3)

وَ لَا أَنَّ الْأَشْيَاءَ تَحْوِيهِ فَتُقِلَّهُ أَوْ تُهْوِيَهُ أَوْ أَنَّ شَيْئاً يَحْمِلُهُ فَيُمِيلَهُ أَوْ يُعَدِّلَهُ (4)

لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ مِنْهَا طَلَبَهُ وَ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ فَيَغْلِبَهُ وَ لَا يَفُوتُهُ السَّرِيعُ مِنْهَا فَيَسْبِقَهُ وَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى ذِي مَالٍ فَيَرْزُقَهُ، خَضَعَتِ الْأَشْيَاءُ

ص: 18


1- ص 269. خ 185
2- ص 273. خ 186
3- ص 274. خ 186
4- ص 274. خ 186

لَهُ وَ ذَلَّتْ مُسْتَكِينَةً لِعَظَمَتِهِ، لَا تَسْتَطِيعُ الْهَرَبَ مِنْ سُلْطَانِهِ إِلَى غَيْرِهِ فَتَمْتَنِعَ مِنْ نَفْعِهِ وَ ضَرِّهِ، وَ لَا كُفْءَ لَهُ فَيُكَافِئَهُ وَ لَا نَظِيرَ لَهُ فَيُسَاوِيَهُ.(1)

ص: 19


1- ص 275. خ 186

نصيب العقل في التعبير عنه تعالى

اَلَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَلاَ نَعْتٌ مَوْجُودٌ، وَلاَ وَقْتٌ مَعْدُودٌ، وَلاَ أَجَلٌ مَمْدُودٌ (1)

فَمَنْ وَصَفَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَقَدْ قَرَنَهُ وَ مَنْ قَرَنَهُ فَقَدْ ثَنَّاهُ وَ مَنْ ثَنَّاهُ فَقَدْ جَزَّأَهُ وَ مَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ جَهِلَهُ وَ مَنْ جَهِلَهُ فَقَدْ أَشَارَ إِلَیهِ وَ مَنْ أَشَارَ إِلَیهِ فَقَدْ حَدَّهُ وَ مَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ. وَ مَنْ قَالَ فِیمَ فَقَدْ ضَمَّنَهُ وَ مَنْ قَالَ عَلَامَ فَقَدْ أَخْلَى مِنْهُ. كَائِنٌ لَا عَنْ حَدَثٍ مَوْجُودٌ لَا عَنْ عَدَمٍ مَعَ كُلِّ شَیءٍ لَا بِمُقَارَنَةٍ وَ غَیرُ كُلِّ شَیءٍ لَا بِمُزَایلَةٍ، فَاعِلٌ لَا بِمَعْنَى الْحَرَكَاتِ وَ الْآلَةِ بَصِیرٌ إِذْ لَا مَنْظُورَ إِلَیهِ مِنْ خَلْقِهِ، مُتَوَحِّدٌ إِذْ لَا سَكَنَ یسْتَأْنِسُ بِهِ وَ لَا یسْتَوْحِشُ لِفَقْدِهِ.(2)

سَبَقَ فِي الْعُلُوِّ فَلَا شَيْءَ أَعْلَى مِنْهُ وَ قَرُبَ فِي الدُّنُوِّ فَلَا شَيْءَ أَقْرَبُ مِنْهُ، فَلَا اسْتِعْلَاؤُهُ بَاعَدَهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ وَ لَا قُرْبُهُ سَاوَاهُمْ

ص: 20


1- ص 39. خ 1
2- ص 39. خ1

فِي الْمَكَانِ بِهِ(1)

لَمْ يَؤُدْهُ خَلْقُ مَا ابْتَدَأَ وَ لَا تَدْبِيرُ مَا ذَرَأَ وَ لَا وَقَفَ بِهِ عَجْزٌ عَمَّا خَلَقَ وَ لَا وَلَجَتْ عَلَيْهِ شُبْهَةٌ فِيمَا قَضَى وَ قَدَّرَ بَلْ قَضَاءٌ مُتْقَنٌ وَ عِلْمٌ مُحْكَمٌ وَ أَمْرٌ مُبْرَمٌ. الْمَأْمُولُ مَعَ النِّقَمِ الْمَرْهُوبُ مَعَ النِّعَمِ.(2)

لَمْ يَلْحَقْهُ فِي ذَلِكَ كُلْفَةٌ وَ لَا اعْتَرَضَتْهُ فِي حِفْظِ مَا ابْتَدَعَ مِنْ خَلْقِهِ عَارِضَةٌ وَ لَا اعْتَوَرَتْهُ فِي تَنْفِيذِ الْأُمُورِ وَ تَدَابِيرِ الْمَخْلُوقِينَ مَلَالَةٌ وَ لَا فَتْرَةٌ(3)

بِلَا تَأْوِيلِ عَدَدٍ وَ الْخَالِقِ لَا بِمَعْنَى حَرَكَةٍ وَ نَصَبٍ وَ السَّمِيعِ لَا بِأَدَاةٍ وَ الْبَصِيرِ لَا بِتَفْرِيقِ آلَةٍ وَ الشَّاهِدِ لَا بِمُمَاسَّةٍ وَ الْبَائِنِ لَا بِتَرَاخِي مَسَافَةٍ وَ الظَّاهِرِ لَا بِرُؤْيَةٍ وَ الْبَاطِنِ لَا بِلَطَافَةٍ. بَانَ مِنَ الْأَشْيَاءِ بِالْقَهْرِ لَهَا وَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا وَ بَانَتِ الْأَشْيَاءُ مِنْهُ بِالْخُضُوعِ لَهُ وَ الرُّجُوعِ إِلَيْهِ.

مَنْ وَصَفَهُ فَقَدْ حَدَّهُ، وَ مَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ وَ مَنْ عَدَّهُ، فَقَدْ أَبْطَلَ أَزَلَهُ، وَ مَنْ قَالَ «كَيْفَ» فَقَدِ اسْتَوْصَفَهُ، وَ مَنْ قَالَ «أَيْنَ» فَقَدْ حَيَّزَهُ.(4)

لَا يُقَالُ لَهُ «مَتَى» وَ لَا يُضْرَبُ لَهُ أَمَدٌ «بِحَتَّى»، الظَّاهِرُ لَا

ص: 21


1- ص 87. خ 49
2- ص 96. خ 65
3- ص 135. خ 91
4- ص 212. خ152

يُقَالُ مِمَّ وَ الْبَاطِنُ لَا يُقَالُ فِيمَ، لَا شَبَحٌ فَيُتَقَصَّى وَ لَا مَحْجُوبٌ فَيُحْوَى، لَمْ يَقْرُبْ مِنَ الْأَشْيَاءِ بِالْتِصَاقٍ وَ لَمْ يَبْعُدْ عَنْهَا بِافْتِرَاقٍ(1)

وَ لَا يَشْغَلُهُ سَائِلٌ وَ لَا يَنْقُصُهُ نَائِلٌ، وَ لَا يَنْظُرُ بِعَيْنٍ وَ لَا يُحَدُّ بِأَيْنٍ وَ لَا يُوصَفُ بِالْأَزْوَاجِ وَ لَا يَخْلُقُ بِعِلَاجٍ(2)

وَاحِدٌ لَا بِعَدَدٍ وَ دَائِمٌ لَا بِأَمَدٍ وَ قَائِمٌ لَا بِعَمَدٍ.(3)

لَا تَصْحَبُهُ الْأَوْقَاتُ وَ لَا تَرْفِدُهُ الْأَدَوَاتُ(4)

وَ لاَ یُوصَفُ بِشَیْء مِنَ الاَْجْزَاءِ، وَ لاَ بِالْجَوَارِحِ وَالاَْعْضَاءِ، وَ لاَ بِعَرَض مِنَ الاَْعْرَاضِ، وَ لاَ بِالْغَیْرِیَّةِ وَ الاَْبْعَاضِ. وَ لاَ یُقَالُ: لَهُ حَدٌّ وَ لاَ نِهَایَةٌ، وَ لاَ انْقِطَاعٌ وَ لاَ غَایَةٌ; وَ لاَ أَنَّ الاَشْیَاءَ تَحْوِیهِ فَتُقِلَّهُ أَوْ تُهْوِیَهُ، أَوْ أَنَّ شَیْئاً یَحْمِلُهُ، فَیُمِیلَهُ أَوْ یُعَدِّلَهُ. لَیْسَ فِی الاَشْیَاءِ بِوَالِج، وَ لاَ عَنْهَا بِخَارِج. یُخْبِرُ لاَ بِلِسَان وَ لَهَوَات، وَ یَسْمَعُ لاَ بِخُرُوق وَ أَدَوَات. یَقُولُ وَ لاَ یَلْفِظُ، وَ یَحْفَظُ وَ لاَ یَتَحَفَّظُ، وَ یُرِیدُ وَ لاَ یُضْمِرُ. یُحِبُّ وَ یَرْضَى مِنْ غَیْرِ رِقَّة، وَ یُبْغِضُ وَ یَغْضَبُ مِنْ غَیْرِ مَشَقَّة. یَقُولُ لِمَنْ أَرَادَ کَوْنَهُ: (کُنْ فَیَکُونُ)، لاَ بِصَوْت یَقْرَعُ، وَ لاَ بِنِدَاء یُسْمَعُ(5)

لَا يُقَالُ كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، فَتَجْرِيَ عَلَيْهِ الصِّفَاتُ

ص: 22


1- ص 232. خ 13
2- ص 262. خ 182
3- ص 269. خ 185
4- ص 272. خ 186
5- ص 274. خ 186

الْمُحْدَثَاتُ، وَ لَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَ بَيْنَهُ فَصْلٌ وَ لَا لَهُ عَلَيْهَا فَضْلٌ، فَيَسْتَوِيَ الصَّانِعُ وَ الْمَصْنُوعُ وَ يَتَكَافَأَ الْمُبْتَدَعُ وَ الْبَدِيعُ(1)

لَا يَثْلِمُهُ الْعَطَاءُ وَ لَا يَنْقُصُهُ الْحِبَاءُ وَ لَا يَسْتَنْفِدُهُ سَائِلٌ وَ لَا يَسْتَقْصِيهِ نَائِلٌ وَ لَا يَلْوِيهِ شَخْصٌ عَنْ شَخْصٍ وَ لَا يُلْهِيهِ صَوْتٌ عَنْ صَوْتٍ وَ لَا تَحْجُزُهُ هِبَةٌ عَنْ سَلْبٍ وَ لَا يَشْغَلُهُ غَضَبٌ عَنْ رَحْمَةٍ وَ لَا تُولِهُهُ رَحْمَةٌ عَنْ عِقَابٍ وَ لَا يُجِنُّهُ الْبُطُونُ عَنِ الظُّهُورِ وَ لَا يَقْطَعُهُ الظُّهُورُ عَنِ الْبُطُونِ. قَرُبَ فَنَأَى وَ عَلَا فَدَنَا وَ ظَهَرَ فَبَطَنَ وَ بَطَنَ فَعَلَنَ وَ دَانَ وَ لَمْ يُدَنْ.(2)

ص: 23


1- ص 274. خ 186
2- ص 309. خ 195

وجوده تبارك و تعالى

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَطَنَ خَفِيَّاتِ الْأَمُوُرِ وَ دَلَّتْ عَلَيْهِ أَعْلَامُ الظُّهُورِ(1)

فَهُوَ الَّذِي تَشْهَدُ لَهُ أَعْلَامُ الْوُجُودِ عَلَى إِقْرَارِ قَلْبِ ذِي الْجُحُودِ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُهُ الْمُشَبِّهُونَ بِهِ وَ الْجَاحِدُونَ لَهُ عُلُوّاً كَبِيراً.(2)

وَ أَرَانَا مِنْ مَلَكُوتِ قُدْرَتِهِ وَ عَجَائِبِ مَا نَطَقَتْ بِهِ آثَارُ حِكْمَتِهِ وَ اعْتِرَافِ الْحَاجَةِ مِنَ الْخَلْقِ إِلَى أَنْ يُقِيمَهَا بِمِسَاكِ قُوَّتِهِ مَا دَلَّنَا بِاضْطِرَارِ قِيَامِ الْحُجَّةِ لَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ، فَظَهَرَتِ الْبَدَائِعُ الَّتِي أَحْدَثَتْهَا آثَارُ صَنْعَتِهِ وَ أَعْلَامُ حِكْمَتِهِ، فَصَارَ كُلُّ مَا خَلَقَ حُجَّةً لَهُ وَ دَلِيلًا عَلَيْهِ، وَ إِنْ كَانَ خَلْقاً صَامِتاً فَحُجَّتُهُ بِالتَّدْبِيرِ نَاطِقَةٌ وَ دَلَالَتُهُ عَلَى الْمُبْدِعِ قَائِمَةٌ.(3)

ص: 24


1- ص 87. خ 49
2- ص 88. خ 49
3- ص 126. خ 91

وَ فَتَحَ لَهُمْ أَبْوَاباً ذُلُلًا إِلَى تَمَاجِيدِهِ، وَ نَصَبَ لَهُمْ مَنَاراً وَاضِحَةً عَلَى أَعْلَامِ تَوْحِيدِهِ.(1)

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُتَجَلِّي لِخَلْقِهِ بِخَلْقِهِ وَ الظَّاهِرِ لِقُلُوبِهِمْ بِحُجَّتِهِ(2)

فَبَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً (صلی الله علیه وآله) بِالْحَقِّ لِيُخْرِجَ عِبَادَهُ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ إِلَى عِبَادَتِهِ وَ مِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ إِلَى طَاعَتِهِ، بِقُرْآنٍ قَدْ بَيَّنَهُ وَ أَحْكَمَهُ لِيَعْلَمَ الْعِبَادُ رَبَّهُمْ إِذْ جَهِلُوهُ وَ لِيُقِرُّوا بِهِ بَعْدَ إِذْ جَحَدُوهُ وَ لِيُثْبِتُوهُ بَعْدَ إِذْ أَنْكَرُوهُ. فَتَجَلَّى لَهُمْ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا رَأَوْهُ بِمَا أَرَاهُمْ مِنْ قُدْرَتِهِ وَ خَوَّفَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ(3).

الْحَمْدُ لِلَّهِ الدَّالِّ عَلَى وُجُودِهِ بِخَلْقِهِ(4).

وَ أَقَامَ مِنْ شَوَاهِدِ الْبَيِّنَاتِ عَلَى لَطِيفِ صَنْعَتِهِ وَ عَظِيمِ قُدْرَتِهِ، مَا انْقَادَتْ لَهُ الْعُقُولُ مُعْتَرِفَةً بِهِ وَ مَسَلِّمَةً لَهُ، وَ نَعَقَتْ فِي أَسْمَاعِنَا دَلَائِلُهُ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ(5)

وَ مَنْ مَحَلَ بِهِ الْقُرْآنُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ صُدِّقَ عَلَیْهِ، فَإِنَّهُ یُنَادِی مُنَاد یَوْمَ الْقِیَامَةِ: «أَلاَ إِنَّ کُلَّ حَارِث مُبْتَلىً فِی حَرْثِهِ وَ عَاقِبَةِ عَمَلِهِ، غَیْرَ

ص: 25


1- ص 129. خ 91
2- ص 155. خ 108
3- ص 204. خ 147
4- ص 211. خ 152
5- ص 236. خ 165

حَرَثَةِ الْقُرْآنِ». فَکُونُوا مِنْ حَرَثَتِهِ وَ أَتْبَاعِهِ، وَاسْتَدِلُّوهُ عَلَى رَبِّکُمْ(1)

بَلْ ظَهَرَ لِلْعُقُولِ بِمَا أَرَانَا مِنْ عَلَامَاتِ التَّدْبِيرِ الْمُتْقَنِ وَ الْقَضَاءِ الْمُبْرَمِ. فَمِنْ شَوَاهِدِ خَلْقِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ مُوَطَّدَاتٍ بِلَا عَمَدٍ، قَائِمَاتٍ بِلَا سَنَدٍ(2)

الدَّالِّ عَلَى قِدَمِهِ بِحُدُوثِ خَلْقِهِ، وَ بِحُدُوثِ خَلْقِهِ عَلَى وُجُودِهِ(3)

لَمْ تُحِطْ بِهِ الْأَوْهَامُ بَلْ تَجَلَّى لَهَا بِهَا(4)

فَانْظُرْ إِلَى الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ النَّبَاتِ وَ الشَّجَرِ وَ الْمَاءِ وَ الْحَجَرِ وَ اخْتِلَافِ هَذَا اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ وَ تَفَجُّرِ هَذِهِ الْبِحَارِ وَ كَثْرَةِ هَذِهِ الْجِبَالِ وَ طُولِ هَذِهِ الْقِلَالِ وَ تَفَرُّقِ هَذِهِ اللُّغَاتِ وَ الْأَلْسُنِ الْمُخْتَلِفَاتِ. فَالْوَيْلُ لِمَنْ أَنْكَرَ الْمُقَدِّرَ وَ جَحَدَ الْمُدَبِّرَ، زَعَمُوا أَنَّهُمْ كَالنَّبَاتِ مَا لَهُمْ زَارِعٌ، وَ لَا لِاخْتِلَافِ صُوَرِهِمْ صَانِعٌ؛ وَ لَمْ يَلْجَئُوا إِلَى حُجَّةٍ فِيمَا ادَّعَوْا، وَ لَا تَحْقِيقٍ لِمَا [دَعَوْا] أَوْعَوْا؛ وَ هَلْ يَكُونُ بِنَاءٌ مِنْ غَيْرِ بَانٍ، أَوْ جِنَايَةٌ مِنْ غَيْرِ جَانٍ!(5)

ص: 26


1- ص 252. خ 176
2- ص 261. خ 182
3- ص 269. خ 185
4- ص 269. خ 185
5- ص 271. خ 185

عَرَفْتُ اللهَ سُبْحَانَهُ بِفَسْخِ الْعَزَائِمِ وَ حَلِّ الْعُقُودِ وَ نَقْضِ الْهِمَم(1)

وَ لَوْ فَكَّرُوا فِي عَظِيمِ الْقُدْرَةِ وَ جَسِيمِ النِّعْمَةِ، لَرَجَعُوا إِلَى الطَّرِيقِ وَ خَافُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ، وَ لَكِنِ الْقُلُوبُ عَلِيلَةٌ وَ الْبَصَائِرُ مَدْخُولَةٌ. أَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى صَغِيرِ مَا خَلَقَ كَيْفَ أَحْكَمَ خَلْقَهُ وَ أَتْقَنَ تَرْكِيبَهُ، وَ فَلَقَ لَهُ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ سَوَّى لَهُ الْعَظْمَ وَ الْبَشَرَ؟ انْظُرُوا إِلَى النَّمْلَةِ فِي صِغَرِ جُثَّتِهَا وَ لَطَافَةِ هَيْئَتِهَا، لَا تَكَادُ تُنَالُ بِلَحْظِ الْبَصَرِ وَ لَا بِمُسْتَدْرَكِ الْفِكَرِ. كَيْفَ دَبَّتْ عَلَى أَرْضِهَا وَ صُبَّتْ عَلَى رِزْقِهَا، تَنْقُلُ الْحَبَّةَ إِلَى جُحْرِهَا وَ تُعِدُّهَا فِي مُسْتَقَرِّهَا؛ تَجْمَعُ فِي حَرِّهَا لِبَرْدِهَا وَ فِي وِرْدِهَا لِصَدَرِهَا؛ مَكْفُولٌ بِرِزْقِهَا، مَرْزُوقَةٌ بِوَفْقِهَا. لَا يُغْفِلُهَا الْمَنَّانُ وَ لَا يَحْرِمُهَا الدَّيَّانُ، وَ لَوْ فِي الصَّفَا الْيَابِسِ وَ الْحَجَرِ الْجَامِسِ؛ وَ لَوْ فَكَّرْتَ فِي مَجَارِي أَكْلِهَا [وَ] فِي عُلْوِهَا وَ سُفْلِهَا وَ مَا فِي الْجَوْفِ مِنْ شَرَاسِيفِ بَطْنِهَا وَ مَا فِي الرَّأْسِ مِنْ عَيْنِهَا وَ أُذُنِهَا، لَقَضَيْتَ مِنْ خَلْقِهَا عَجَباً وَ لَقِيتَ مِنْ وَصْفِهَا تَعَباً. فَتَعَالَى الَّذِي أَقَامَهَا عَلَى قَوَائِمِهَا وَ بَنَاهَا عَلَى دَعَائِمِهَا، لَمْ يَشْرَكْهُ فِي فِطْرَتِهَا فَاطِرٌ وَ لَمْ يُعِنْهُ عَلَى خَلْقِهَا قَادِرٌ. وَ لَوْ ضَرَبْتَ فِي مَذَاهِبِ فِكْرِكَ لِتَبْلُغَ غَايَاتِهِ، مَا دَلَّتْكَ الدَّلَالَةُ إِلَّا عَلَى أَنَّ فَاطِرَ النَّمْلَةِ

ص: 27


1- ص 511. ق 250

هُوَ فَاطِرُ النَّخْلَةِ، لِدَقِيقِ تَفْصِيلِ كُلِّ شَيْءٍ وَ غَامِضِ اخْتِلَافِ كُلِّ حَيٍّ؛ وَ مَا الْجَلِيلُ وَ اللَّطِيفُ وَ الثَّقِيلُ وَ الْخَفِيفُ وَ الْقَوِيُّ وَ الضَّعِيفُ فِي خَلْقِهِ إِلَّا سَوَاءٌ.(1)

ص: 28


1- ص 270. خ 185

احديته سبحانه و تعالى

وَلاَ تَنَالُهُ التَّجْزِءَةُ وَالتَّبْعِيضُ(1)

الأحَدُ بِلا تأويلِ عَدَدٍ(2)

وَ لَا يُوصَفُ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَجْزَاءِ وَ لَا بِالْجَوَارِحِ وَ الْأَعْضَاءِ وَ لَا بِعَرَضٍ مِنَ الْأَعْرَاضِ وَ لَا بِالْغَيْرِيَّةِ وَ الْأَبْعَاضِ(3)

ص: 29


1- ص 115. خ 85
2- ص 212. خ 152
3- ص 274. خ 186

و احديته سبحانه و تعالى في الذات

وَ لَا كُفْءَ لَهُ فَيُكَافِئَهُ وَ لَا نَظِيرَ لَهُ فَيُسَاوِيَهُ.(1)

وَ اعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِرَبِّكَ شَرِيكٌ لَأَتَتْكَ رُسُلُهُ وَ لَرَأَيْتَ آثَارَ مُلْكِهِ وَ سُلْطَانِهِ وَ لَعَرَفْتَ أَفْعَالَهُ وَ صِفَاتِهِ وَ لَكِنَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ لَا يُضَادُّهُ فِي مُلْكِهِ أَحَدٌ (2)

ص: 30


1- ص 275. خ 186
2- ص 396. ك 31

و احديته سبحانه في الفعل و نفى المادة القديمة

فَطَرَ الْخَلَائِقَ بِقُدْرَتِهِ (1)

أَنْشَأَ الْخَلْقَ إِنْشَاءً وَ ابْتَدَأَهُ ابْتِدَاءً بِلَا رَوِيَّةٍ أَجَالَهَا وَ لَا تَجْرِبَةٍ اسْتَفَادَهَا وَ لَا حَرَكَةٍ أَحْدَثَهَا وَ لَا هَمَامَةِ نَفْسٍ اضْطَرَبَ فِيهَا أَحَالَ الْأَشْيَاءَ لِأَوْقَاتِهَا وَ [لَاءَمَ] لَأَمَ بَيْنَ مُخْتَلِفَاتِهَا وَ غَرَّزَ غَرَائِزَهَا وَ أَلْزَمَهَا أَشْبَاحَهَا(2)

لَمْ يَؤُدْهُ خَلْقُ مَا ابْتَدَأَ وَ لَا تَدْبِيرُ مَا ذَرَأَ وَ لَا وَقَفَ بِهِ عَجْزٌ عَمَّا خَلَقَ وَ لَا وَلَجَتْ عَلَيْهِ شُبْهَةٌ فِيمَا قَضَى وَ قَدَّرَ، بَلْ قَضَاءٌ مُتْقَنٌ وَ عِلْمٌ مُحْكَمٌ وَ أَمْرٌ مُبْرَمٌ. الْمَأْمُولُ مَعَ النِّقَمِ الْمَرْهُوبُ مَعَ النِّعَمِ.(3)

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ وَ الْخَالِقِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ(4)

الَّذِي ابْتَدَعَ الْخَلْقَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ امْتَثَلَهُ وَ لَا مِقْدَارٍ احْتَذَى

ص: 31


1- ص 39. خ 1
2- ص 40. خ 1
3- ص 96. خ 65
4- ص 122. خ 90

عَلَيْهِ مِنْ خَالِقٍ مَعْبُودٍ كَانَ قَبْلَهُ(1)

قَدَّرَ مَا خَلَقَ فَأَحْكَمَ تَقْدِيرَهُ، وَ دَبَّرَهُ فَأَلْطَفَ تَدْبِيرَهُ، وَ وَجَّهَهُ لِوِجْهَتِهِ فَلَمْ يَتَعَدَّ حُدُودَ مَنْزِلَتِهِ، وَ لَمْ يَقْصُرْ دُونَ الِانْتِهَاءِ إِلَى غَايَتِهِ، وَ لَمْ يَسْتَصْعِبْ إِذْ أُمِرَ بِالْمُضِيِّ عَلَى إِرَادَتِهِ، فَكَيْفَ وَ إِنَّمَا صَدَرَتِ الْأُمُورُ عَنْ مَشِيئَتِهِ الْمُنْشِئُ أَصْنَافَ الْأَشْيَاءِ بِلَا رَوِيَّةِ فِكْرٍ آلَ إِلَيْهَا وَ لَا قَرِيحَةِ غَرِيزَةٍ أَضْمَرَ عَلَيْهَا وَ لَا تَجْرِبَةٍ أَفَادَهَا مِنْ حَوَادِثِ الدُّهُورِ وَ لَا شَرِيكٍ أَعَانَهُ عَلَى ابْتِدَاعِ عَجَائِبِ الْأُمُورِ، فَتَمَّ خَلْقُهُ بِأَمْرِهِ وَ أَذْعَنَ لِطَاعَتِهِ وَ أَجَابَ إِلَى دَعْوَتِهِ لَمْ يَعْتَرِضْ دُونَهُ رَيْثُ الْمُبْطِئِ وَ لَا أَنَاةُ الْمُتَلَكِّئِ، فَأَقَامَ مِنَ الْأَشْيَاءِ أَوَدَهَا وَ نَهَجَ حُدُودَهَا وَ لَاءَمَ بِقُدْرَتِهِ بَيْنَ مُتَضَادِّهَا وَ وَصَلَ أَسْبَابَ قَرَائِنِهَا وَ فَرَّقَهَا أَجْنَاساً مُخْتَلِفَاتٍ فِي الْحُدُودِ وَ الْأَقْدَارِ وَ الْغَرَائِزِ وَ الْهَيْئَاتِ، بَدَايَا خَلَائِقَ أَحْكَمَ صُنْعَهَا وَ فَطَرَهَا عَلَى مَا أَرَادَ وَ ابْتَدَعَهَا.(2)

خَلَقَ الخَلقَ مِن غَيرِ رَوِيَّةٍ؛ إذ كانَتِ الرَّوِيّاتُ لا تَليقُ إلّا بِذَوِي الضَّمائِر، ولَيسَ بِذي ضَميرٍ في نَفسِهِ (3)

وَ كُلُّ شَيْ ءٍ قَائِمٌ بِهِ(4)

ص: 32


1- ص 126. خ 91
2- ص 127. خ 91
3- ص 155. خ 108
4- ص 158. خ 109

وَ الْخَالِقِ لَا بِمَعْنَى حَرَكَةٍ وَ نَصَبٍ(1)

خَلَقَ الْخَلْقَ عَلَى غَيْرِ تَمْثِيلٍ وَ لَا مَشُورَةِ مُشِيرٍ وَ لَا مَعُونَةِ مُعِينٍ(2)

فَسُبْحَانَ الْبَارِئِ لِكُلِّ شَيْءٍ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ خَلَا مِنْ غَيْرِه.(3)

لَمْ يَخْلُقِ الْأَشْيَاءَ مِنْ أُصُولٍ أَزَلِيَّةٍ وَ لَا مِنْ أَوَائِلَ أَبَدِيَّةٍ(4)

وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ غَيْرَ مَعْدُولٍ بِهِ (5)

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ وَ الْخَالِقِ مِنْ غَيْرِ مَنْصَبَةٍ(6)

لَمْ يَشْرَكْهُ فِي فِطْرَتِهَا فَاطِرٌ، وَلَمْ يُعِنْهُ عَلَى خَلْقِهَا قَادِرٌ.(7)

فَاعِلٌ لَا بِاضْطِرَابِ آلَةٍ مُقَدِّرٌ لَا بِجَوْلِ فِكْرَةٍ (8)

خَلَقَ الْخَلَائِقَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ خَلَا مِنْ غَيْرِهِ، وَ لَمْ يَسْتَعِنْ عَلَى خَلْقِهَا بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ(9)

ص: 33


1- ص 212. خ152
2- ص 217. خ 155
3- ص 218. خ 155
4- ص 233. خ 163
5- ص 257. خ 178
6- ص 265. خ 183
7- ص 270. خ 185
8- ص 272. خ 186
9- ص 274. خ 186

مُبْتَدِعِ الْخَلَائِقِ بِعِلْمِهِ وَ مُنْشِئِهِمْ بِحُكْمِهِ، بِلَا اقْتِدَاءٍ وَ لَا تَعْلِيمٍ وَ لَا احْتِذَاءٍ لِمِثَالِ صَانِعٍ حَكِيمٍ وَ لَا إِصَابَةِ خَطَإٍ وَ لَا حَضْرَةِ مَلَإٍ.(1)

وَ لَا قُوَّهَ إِلَّا باللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ (2)

وَ قَالَ (عليه السلام)، وَ قَدْ سُئِلَ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِمْ "لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ": إِنَّا لَا نَمْلِكُ مَعَ اللَّهِ شَيْئاً، وَ لَا نَمْلِكُ إِلَّا مَا مَلَّكَنَا؛ فَمَتَى مَلَّكَنَا مَا هُوَ أَمْلَكُ بِهِ مِنَّا كَلَّفَنَا، وَ مَتَى أَخَذَهُ مِنَّا وَضَعَ تَكْلِيفَهُ عَنَّا.(3).

ص: 34


1- ص 283. خ 191
2- ص 426. ك 51
3- ص 547. ق 404

احاطته سبحانه على ما سواه و علمه بالجزئيات

عَالِماً بِهَا قَبْلَ ابْتِدَائِهَا مُحِيطاً بِحُدُودِهَا وَ انْتِهَائِهَا عَارِفاً بِقَرَائِنِهَا وَ أَحْنَائِهَا(1)

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَطَنَ خَفِيَّاتِ الْأَمُوُرِ (2).

سَبَقَ فِي الْعُلُوِّ فَلَا شَيْءَ أَعْلَى مِنْهُ وَ قَرُبَ فِي الدُّنُوِّ فَلَا شَيْءَ أَقْرَبُ مِنْهُ (3)

وَ كُلُّ سَمِيعٍ غَيْرَهُ يَصَمُّ عَنْ لَطِيفِ الْأَصْوَاتِ وَ يُصِمُّهُ كَبِيرُهَا وَ يَذْهَبُ عَنْهُ مَا بَعُدَ مِنْهَا وَ كُلُّ بَصِيرٍ غَيْرَهُ يَعْمَى عَنْ خَفِيِّ الْأَلْوَانِ وَ لَطِيفِ الْأَجْسَامِ. (4)

وَ أَحَاطَ بِكُمُ الْإِحْصَاءَ وَ أَرْصَدَ لَكُمُ الْجَزَاءَ وَ آثَرَكُمْ بِالنِّعَمِ السَّوَابِغِ وَ الرِّفَدِ الرَّوَافِغِ وَ أَنْذَرَكُمْ بِالْحُجَجِ الْبَوَالِغِ فَأَحْصَاكُمْ

ص: 35


1- ص 40. خ1
2- ص 87. خ 49
3- ص 87. خ 49
4- ص 96. خ 65

عَدَداً وَ وَظَّفَ لَكُمْ مُدَداً (1)

قَدْ عَلِمَ السَّرَائِرَ وَ خَبَرَ الضَّمَائِرَ لَهُ الْإِحَاطَةُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ وَ الْغَلَبَةُ لِكُلِّ شَيْ ءٍ وَ الْقُوَّةُ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ.(2)

قَسَمَ أَرْزَاقَهُمْ، وَأَحْصَى آثَارَهُمْ وَ أَعْمَالَهُمْ وَ عَدَدَ أَنْفُسِهِمْ وَ خَائِنَةَ أَعْيُنِهِمْ وَ مَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ مِنَ الضَّمِيرِ وَ مُسْتَقَرَّهُمْ وَ مُسْتَوْدَعَهُمْ مِنَ الاَْرْحَامِ وَالظُّهُورِ، إِلَى أَنْ تَتَنَاهَى بِهِمُ الْغَايَاتُ.(3)

عَالِمُ السِّرِّ مِنْ ضَمَائِرِ الْمُضْمِرِينَ وَ نَجْوَى الْمُتَخَافِتِينَ وَ خَوَاطِرِ رَجْمِ الظُّنُونِ وَ عُقَدِ عَزِيمَاتِ الْيَقِينِ.(4)

بَلْ نَفَذَهُمْ عِلْمُهُ وَ أَحْصَاهُمْ عَدَدُهُ وَ وَسِعَهُمْ عَدْلُهُ وَ غَمَرَهُمْ فَضْلُهُ (5)

وَ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا يُعْجِزُهُ مَنْ طَلَبَ وَ لَا يَفُوتُهُ مَنْ هَرَبَ(6)

خَرَقَ عِلْمُهُ بَاطِنَ غَيْبِ السُّتُرَاتِ وَ أَحَاطَ بِغُمُوضِ عَقَائِدِ السَّرِيرَاتِ.(7)

ص: 36


1- ص 107. خ 83
2- ص 116. خ 86
3- ص 123. خ 90.
4- ص 134. خ 91
5- ص 135. خ 91
6- ص 151. خ 105
7- ص 155. خ 108

مَنْ تَكَلَّمَ سَمِعَ نُطْقَهُ وَ مَنْ سَكَتَ عَلِمَ سِرَّهُ (1)

کُلُّ سِرٍّ عِنْدَکَ عَلاَنِيَةٌ، و کُلُّ غَيْب عِنْدَکَ شَهَادَةٌ(2)

وَ نَسْتَغْفِرُهُ مِمَّا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُهُ وَ أَحْصَاهُ كِتَابُهُ، عِلْمٌ غَيْرُ قَاصِرٍ وَ كِتَابٌ غَيْرُ مُغَادِرٍ.(3)

الْبَاطِنُ لِكُلِّ خَفِيَّةٍ وَ الْحَاضِرُ لِكُلِّ سَرِيرَةٍ، الْعَالِمُ بِمَا تُكِنُّ الصُّدُورُ وَ مَا تَخُونُ الْعُيُونُ.(4)

ألا إنَّ اللّه َ تَعالى قَد كَشَفَ الخَلقَ كَشفَةً، لا أنَّهُ جَهِلَ ما أخفَوهُ مِن مَصونِ أسرارِهِم و مَكنونِ ضَمائرِهِم، و لكِنْ لِيَبلُوَهُم أيُّهُم أحسَنُ عَمَلاً، فيَكونَ الثَّوابُ جَزاءً، و العِقابُ بَواءً(5)

لَا تَسْتَلِمُهُ الْمَشَاعِرُ وَ لَا تَحْجُبُهُ السَّوَاتِرُ(6)

وَ لَا یَخفَی عَلَیهِ مِن عِبَادِهِ شُخُوصُ لَحظَهٍ [10] وَ لَا کُرُورُ لَفظَهٍ وَ لَا ازدِلَافُ رَبوَهٍ وَ لَا انبِسَاطُ خُطوَهٍ فِی لَیلٍ دَاجٍ وَ لَا غَسَقٍ ساجٍ، یَتَفَیَّأُ عَلَیْهِ الْقَمَرُ الْمُنِیرُ وَ تَعْقُبُهُ الشَّمْسُ ذَاتُ النُّورِ فِی الْأُفُولِ

ص: 37


1- ص 158. خ 109
2- ص 158. خ 109
3- ص 169. خ 114
4- ص 189. خ 132
5- ص 200. خ 144
6- ص 212. خ152

وَ الْکُرُورِ [3] وَ تَقَلُّبِ الْأَزْمِنَهِ وَ الدُّهُورِ مِنْ إِقْبَالِ لَیْلٍ مُقْبِلٍ وَ إِدْبَارِ نَهَارٍ مُدْبِرٍ قَبْلَ کُلِّ غَایَهٍ وَ مُدَّهٍ وَ کُلِّ إِحْصَاءٍ وَ عِدَّهٍ(1)

عِلْمُهُ بِالْأَمْوَاتِ الْمَاضِينَ كَعِلْمِهِ بِالْأَحْيَاءِ الْبَاقِينَ، وَ عِلْمُهُ بِمَا فِي السَّمَاوَاتِ الْعُلَى كَعِلْمِهِ بِمَا فِي الْأَرَضِينَ السُّفْلَى.(2)

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا تُوَارِي عَنْهُ سَمَاءٌ سَمَاءً وَ لَا أَرْضٌ أَرْضاً.(3)

وَ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ عَدَدُ قَطْرِ الْمَاءِ وَ لَا نُجُومِ السَّمَاءِ وَ لَا سَوَافِي الرِّيحِ فِي الْهَوَاءِ وَ لَا دَبِيبُ النَّمْلِ عَلَى الصَّفَا وَ لَا مَقِيلُ الذَّرِّ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ. يَعْلَمُ مَسَاقِطَ الْأَوْرَاقِ وَ خَفِيَّ طَرْفِ الْأَحْدَاقِ(4)

فَسُبْحَانَ مَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ سَوَادُ غَسَقٍ دَاجٍ وَ لَا لَيْلٍ سَاجٍ فِي بِقَاعِ الْأَرَضِينَ الْمُتَطَأْطِئَاتِ وَ لَا فِي يَفَاعِ السُّفْعِ الْمُتَجَاوِرَاتِ وَ مَا يَتَجَلْجَلُ بِهِ الرَّعْدُ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ وَ مَا تَلَاشَتْ عَنْهُ بُرُوقُ الْغَمَامِ وَ مَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ تُزِيلُهَا عَنْ مَسْقَطِهَا عَوَاصِفُ الْأَنْوَاءِ وَ انْهِطَالُ السَّمَاءِ، وَ يَعْلَمُ مَسْقَطَ الْقَطْرَةِ وَ مَقَرَّهَا وَ مَسْحَبَ الذَّرَّةِ وَ مَجَرَّهَا، وَ مَا يَكْفِي الْبَعُوضَةَ مِنْ قُوتِهَا وَ مَا تَحْمِلُ الْأُنْثَى فِي بَطْنِهَا.(5)

ص: 38


1- ص 232. خ 163
2- ص 232. خ 163
3- ص 246. خ 172
4- ص 256. خ 178
5- ص 261. خ 182

فَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِعَيْنِهِ وَ نَوَاصِيكُمْ بِيَدِهِ وَ تَقَلُّبُكُمْ فِي قَبْضَتِهِ. إِنْ أَسْرَرْتُمْ عَلِمَهُ وَ إِنْ أَعْلَنْتُمْ كَتَبَهُ؛ قَدْ وَكَّلَ بِذَلِكَ حَفَظَةً كِرَاماً لَا يُسْقِطُونَ حَقّاً وَ لَا يُثْبِتُونَ بَاطِلًا.(1)

هُوَ الظَّاهِرُ عَلَيْهَا بِسُلْطَانِهِ وَ عَظَمَتِهِ وَ هُوَ الْبَاطِنُ لَهَا بِعِلْمِهِ وَ مَعْرِفَتِهِ (2)

وَ عَلِمَ مَا يَمْضِي وَ مَا مَضَى(3)

وَ هُوَ الْعَالِمُ بِمُضْمَرَاتِ الْقُلُوبِ وَ مَحْجُوبَاتِ الْغُيُوبِ(4)

عَلِمَ مَبْلَغَ نِعَمِهِ عَلَیْکُمْ وَ أَحْصَی إِحْسَانَهُ إِلَیْکُمْ(5)

وَ لاَ یُجِنُّهُ الْبُطُونُ عَنِ الظُّهُورِ وَ لاَ یَقْطَعُهُ الظُّهُورُ عَنِ الْبُطُونِ(6)

يَعْلَمُ عَجِيجَ الْوُحُوشِ فِي الْفَلَوَاتِ وَ مَعَاصِيَ الْعِبَادِ فِي الْخَلَوَاتِ وَ اخْتِلَافَ النِّينَانِ فِي الْبِحَارِ الْغَامِرَاتِ وَ تَلَاطُمَ الْمَاءِ بِالرِّيَاحِ الْعَاصِفَاتِ(7)

ص: 39


1- ص 266. خ 183
2- ص 275. خ 186
3- ص 283. خ 191
4- ص 286. خ 192
5- ص 309. خ 195
6- ص 309. خ 195
7- ص 312. خ 198

إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَا الْعِبَادُ مُقْتَرِفُونَ فِي لَيْلِهِمْ وَ نَهَارِهِمْ، لَطُفَ بِهِ خُبْراً وَ أَحَاطَ بِهِ عِلْماً؛ أَعْضَاؤُكُمْ شُهُودُهُ وَ جَوَارِحُكُمْ جُنُودُهُ وَ ضَمَائِرُكُمْ عُيُونُهُ وَ خَلَوَاتُكُمْ عِيَانُه.(1)

اللَّهُمَّ إِنَّكَ آنَسُ الْآنِسِينَ لِأَوْلِيَائِكَ وَ أَحْضَرُهُمْ بِالْكِفَايَةِ لِلْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ؛ تُشَاهِدُهُمْ فِي سَرَائِرِهِمْ وَ تَطَّلِعُ عَلَيْهِمْ فِي ضَمَائِرِهِمْ وَ تَعْلَمُ مَبْلَغَ بَصَائِرِهِمْ؛ فَأَسْرَارُهُمْ لَكَ مَكْشُوفَةٌ وَ قُلُوبُهُمْ إِلَيْكَ مَلْهُوفَةٌ.(2)

أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي سَرَائِرِ أَمْرِهِ وَ خَفِيَّاتِ عَمَلِهِ، حَيْثُ لَا شَهِيدَ غَيْرُهُ وَ لَا وَكِيلَ دُونَهُ.(3)

فَإِذَا نَادَيْتَهُ سَمِعَ نِدَاكَ وَ إِذَا نَاجَيْتَهُ عَلِمَ نَجْوَاكَ(4)

اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَعْلَمُ بِي مِنْ نَفْسِي(5)

اتَّقُوا مَعَاصِيَ اللَّهِ فِي الْخَلَوَاتِ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ هُوَ الْحَاكِمُ.(6).

ص: 40


1- ص 318. خ 199
2- ص 349. خ 227
3- ص 382. ك 26
4- ص 399. ك 31
5- ص 485. ق 100
6- ص 532. ق 324

قهاريته و خضوع كل شيء له سبحانه

وَ لَكِنْ خَلَائِقُ مَرْبُوبُونَ وَ عِبَادٌ دَاخِرُونَ.(1)

قَاهِرُ مَنْ عَازَّهُ وَمُدَمِّرُ مِرُ مَنْ شَاقَّهُ *** وَمُذِلُّ مَنْ نَاوَاهُ وَغَالِبُ مَنْ عَادَاهُ(2)

قَدَّرَ مَا خَلَقَ فَأَحْكَمَ تَقْدِيرَهُ، وَ دَبَّرَهُ فَأَلْطَفَ تَدْبِيرَهُ، وَ وَجَّهَهُ لِوِجْهَتِهِ فَلَمْ يَتَعَدَّ حُدُودَ مَنْزِلَتِهِ، وَ لَمْ يَقْصُرْ دُونَ الِانْتِهَاءِ إِلَى غَايَتِهِ، وَ لَمْ يَسْتَصْعِبْ إِذْ أُمِرَ بِالْمُضِيِّ عَلَى إِرَادَتِهِ.(3)

فَتَمَّ خَلْقُهُ بِأَمْرِهِ وَ أَذْعَنَ لِطَاعَتِهِ وَ أَجَابَ إِلَى دَعْوَتِهِ لَمْ يَعْتَرِضْ دُونَهُ رَيْثُ الْمُبْطِئِ وَ لَا أَنَاةُ الْمُتَلَكِّئِ (4)

كُلُّ شَيْ ءٍ خَاشِعٌ لَهُ وَ كُلُّ شَيْ ءٍ قَائِمٌ بِهِ، غِنَى كُلِّ فَقِيرٍ وَ عِزُّ

ص: 41


1- ص 96. خ 65
2- ص 123. خ90
3- ص 127. خ 91
4- ص 127. خ 91

كُلِّ ذَلِيلٍ وَ قُوَّةُ كُلِّ ضَعِيفٍ وَ مَفْزَعُ كُلِّ مَلْهُوفٍ (1).

وَ لَا يَسْبِقُكَ مَنْ طَلَبْتَ وَ لَا يُفْلِتُكَ مَنْ أَخَذْتَ وَ لَا يَنْقُصُ سُلْطَانَكَ مَنْ عَصَاكَ وَ لَا يَزِيدُ فِي مُلْكِكَ مَنْ أَطَاعَكَ وَ لَا يَرُدُّ أَمْرَكَ مَنْ سَخِطَ قَضَاءَكَ وَ لَا يَسْتَغْنِي عَنْكَ مَنْ تَوَلَّى عَنْ أَمْرِكَ(2)

وَ أَنْتَ الْمُنْتَهَى فَلَا مَحِيصَ عَنْكَ وَ أَنْتَ الْمَوْعِدُ فَلَا [مُنْجِيَ ] مَنْجَى مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ بِيَدِكَ نَاصِيَةُ كُلِّ دَابَّةٍ وَ إِلَيْكَ مَصِيرُ كُلِّ نَسَمَةٍ(3)

وَ انْقَادَتْ لَهُ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةُ بِأَزِمَّتِهَا وَ قَذَفَتْ إِلَيْهِ السَّمَاوَاتُ وَ الْأَرَضُونَ مَقَالِيدَهَا وَ سَجَدَتْ لَهُ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصَالِ الْأَشْجَارُ النَّاضِرَةُ وَ قَدَحَتْ لَهُ مِنْ قُضْبَانِهَا النِّيرَانَ الْمُضِيئَةَ وَ آتَتْ أُكُلَهَا بِكَلِمَاتِهِ الثِّمَارُ الْيَانِعَةُ.(4)

أَلَا وَ إِنَّ الْأَرْضَ الَّتِي تُقِلُّكُمْ وَ السَّمَاءَ الَّتِي تُظِلُّكُمْ مُطِيعَتَانِ لِرَبِّكُمْ، وَ مَا أَصْبَحَتَا تَجُودَانِ لَكُمْ بِبَرَكَتِهِمَا تَوَجُّعاً لَكُمْ وَ لَا زُلْفَةً إِلَيْكُمْ وَ لَا لِخَيْرٍ تَرْجُوَانِهِ مِنْكُمْ، وَ لَكِنْ أُمِرَتَا بِمَنَافِعِكُمْ فَأَطَاعَتَا، وَ أُقِيمَتَا عَلَى حُدُودِ مَصَالِحِكُمْ فَقَامَتَا.(5)

ص: 42


1- ص 158. خ 109
2- ص 158. خ 109
3- ص 158. خ 109
4- ص 191. خ 133
5- ص 199. خ 143

فَتَمَّ خَلْقُهُ بِأَمْرِهِ وَ أَذْعَنَ لِطَاعَتِهِ، فَأَجَابَ وَ لَمْ يُدَافِعْ، وَ انْقَادَ وَ لَمْ يُنَازِعْ.(1)

خَرَّتْ لَهُ الْجِبَاهُ وَ وَحَّدَتْهُ الشِّفَاهُ(2)

لَيْسَ لِشَيْءٍ مِنْهُ امْتِنَاعٌ، وَ لَا لَهُ بِطَاعَةِ شَيْءٍ انْتِفَاعٌ.(3)

تَعْنُو الْوُجُوهُ لِعَظَمَتِهِ وَ تَجِبُ الْقُلُوبُ مِنْ مَخَافَتِهِ.(4)

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي إِلَيْهِ مَصَائِرُ الْخَلْقِ وَ عَوَاقِبُ الْأَمْرِ(5)

دَعَاهُنَّ فَأَجَبْنَ طَائِعَاتٍ مُذْعِنَاتٍ، غَيْرَ مُتَلَكِّئَاتٍ وَ لَا مُبْطِئَاتٍ، وَ لَوْ لَا إِقْرَارُهُنَّ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَ إِذْعَانُهُنَّ بِالطَّوَاعِيَةِ، لَمَا جَعَلَهُنَّ مَوْضِعاً لِعَرْشِهِ وَ لَا مَسْكَناً لِمَلَائِكَتِهِ وَ لَا مَصْعَداً لِلْكَلِمِ الطَّيِّبِ وَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ مِنْ خَلْقِهِ.(6)

خَلَقَ الْخَلَائِقَ بِقُدْرَتِهِ وَ اسْتَعْبَدَ الْأَرْبَابَ بِعِزَّتِهِ وَ سَادَ الْعُظَمَاءَ بِجُودِهِ.(7)

ص: 43


1- ص 217. خ 155
2- ص 232. خ 163
3- ص 233. خ 163
4- ص 258. خ 179
5- ص 260. خ 182
6- ص 261. خ 182
7- ص 265. خ 183

فَتَبَارَكَ اللَّهُ الَّذِي يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً، وَ يُعَفِّرُ لَهُ خَدّاً وَ وَجْهاً، وَ يُلْقِي إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ [إِلَيْهِ] سِلْماً وَ ضَعْفاً، وَ يُعْطِي لَهُ الْقِيَادَ رَهْبَةً وَ خَوْفاً(1)

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَبِسَ الْعِزَّ وَ الْكِبْرِيَاءَ وَ اخْتَارَهُمَا لِنَفْسِهِ دُونَ خَلْقِهِ، وَ جَعَلَهُمَا حِمًى وَ حَرَماً عَلَى غَيْرِهِ وَ اصْطَفَاهُمَا لِجَلَالِهِ ، وَ جَعَلَ اللَّعْنَةَ عَلَى مَنْ نَازَعَهُ فِيهِمَا مِنْ عِبَادِهِ.(2)

قَدْ ذَلَّ لِأَمْرِهِ وَ أَذْعَنَ لِهَيْبَتِهِ وَ وَقَفَ الْجَارِي مِنْهُ لِخَشْيَتِهِ.(3)

ص: 44


1- ص 272. خ 180
2- ص 285. خ 192
3- ص 328. خ 211

ازليته تعالى و ابديته

كَائِنٌ لَا عَنْ حَدَثٍ مَوْجُودٌ لَا عَنْ عَدَمٍ.(1)

وَ أُومِنُ بِهِ أَوَّلًا بَادِياً وَ أَسْتَهْدِيهِ قَرِيباً هَادِياً (2)

الَّذِي لَمْ يَزَلْ قَائِماً دَائِماً، إِذْ لَا سَمَاءٌ ذَاتُ أَبْرَاجٍ وَ لَا حُجُبٌ ذَاتُ إِرْتَاجٍ وَ لَا لَيْلٌ دَاجٍ وَ لَا بَحْرٌ سَاجٍ وَ لَا جَبَلٌ ذُو فِجَاجٍ وَ لَا فَجٌّ ذُو اعْوِجَاجٍ وَ لَا أَرْضٌ ذَاتُ مِهَادٍ وَ لَا خَلْقٌ ذُو اعْتِمَادٍ، ذَلِكَ مُبْتَدِعُ الْخَلْقِ وَ وَارِثُهُ وَ إِلَهُ الْخَلْقِ وَ رَازِقُهُ(3)

الْأَوَّلُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْلٌ فَيَكُونَ شَيْ ءٌ قَبْلَهُ، وَ الْآخِرُ الَّذِي [لَمْ يَكُنْ ] لَيْسَ لهُ بَعْدٌ فَيَكُونَ شَيْ ءٌ بَعْدَهُ(4)

الَّذِي لَا غَايَةَ لَهُ فَيَنْتَهِيَ وَ لَا آخِرَ لَهُ فَيَنْقَضِيَ .(5)

ص: 45


1- ص 40. خ 1
2- ص 107. 83
3- ص 123. خ 90
4- ص 124. خ 91
5- ص 139. خ 94

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْأَوَّلِ فَلَا شَيْءَ قَبْلَهُ، وَ الْآخِرِ فَلَا شَيْءَ بَعْدَهُ(1)

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْأَوَّلِ قَبْلَ كُلِّ أَوَّلٍ وَ الْآخِرِ بَعْدَ كُلِّ آخِرٍ، وَ بِأَوَّلِيَّتِهِ وَجَبَ أَنْ لَا أَوَّلَ لَهُ وَ بِآخِرِيَّتِهِ وَجَبَ أَنْ لَا آخِرَ لَهُ(2)

أَنْتَ الْأَبَدُ فَلَا أَمَدَ لَکَ وَ أَنْتَ الْمُنْتَهَی فَلَا مَحِیصَ عَنْکَ(3)

الاْوَّلُ لاَ شَىْءَ قَبْلَهُ، وَ الآخِرُ لاَ غَايَةَ لَهُ(4)

الْحَمْدُ لِلَّهِ الدَّالِّ عَلَى وُجُودِهِ بِخَلْقِهِ، وَ بِمُحْدَثِ خَلْقِهِ عَلَى أَزَلِيَّتِهِ(5)

لَيْسَ لِأَوَّلِيَّتِهِ ابْتِدَاءٌ وَ لَا لِأَزَلِيَّتِهِ انْقِضَاءٌ، هُوَ الْأَوَّلُ وَ لَمْ يَزَلْ وَ الْبَاقِي بِلَا أَجَلٍ(6)

قَبْلَ كُلِّ غَايَةٍ وَ مُدَّةِ وَ كُلِّ إِحْصَاءٍ وَ عِدَّةٍ(7)

وَ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ وَقْتٌ وَ لَا زَمَانٌ وَ لَمْ يَتَعَاوَرْهُ زِيَادَةٌ وَ لَا نُقْصَانٌ(8)

وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَائِنِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ كُرْسِيٌّ أَوْ عَرْشٌ أَوْ سَمَاءٌ أَوْ

ص: 46


1- ص 140. خ 96
2- ص 146. خ 101
3- ص 158. خ 109
4- ص 115. خ 85
5- ص 211. خ 152
6- ص 232. خ 163
7- ص 233. خ 163
8- ص 261. خ 182

أَرْضٌ أَوْ جَانٌّ أَوْ إِنْسٌ.(1)

مُسْتَشْهِدٌ بِحُدُوثِ الْأَشْيَاءِ عَلَى أَزَلِيَّتِهِ وَ بِمَا وَسَمَهَا بِهِ مِنَ الْعَجْزِ عَلَى قُدْرَتِهِ وَ بِمَا اضْطَرَّهَا إِلَيْهِ مِنَ الْفَنَاءِ عَلَى دَوَامِهِ.(2)

وَد َائِمٌ لَا بِأَمَدٍ.(3)

سَبَقَ الْأَوْقَاتَ كَوْنُهُ وَ الْعَدَمَ وُجُودُهُ وَ الِابْتِدَاءَ أَزَلُهُ (4)

مَنَعَتْهَا مُنْذُ الْقِدْمَةَ وَ حَمَتْهَا قَدُ الْأَزَلِيَّةَ وَ جَنَّبَتْهَا لَوْلَا التَّكْمِلَةَ(5)

وَ لَا يُقَالُ لَهُ حَدٌّ وَ لَا نِهَايَةٌ وَ لَا انْقِطَاعٌ وَ لَا غَايَةٌ(6)

لَا يُقَالُ كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فَتَجْرِيَ عَلَيْهِ الصِّفَاتُ الْمُحْدَثَاتُ(7)

لَا يَزُولُ أَبَداً وَ لَمْ يَزَلْ، أَوَّلٌ قَبْلَ الْأَشْيَاءِ بِلَا أَوَّلِيَّةٍ وَ آخِرٌ بَعْدَ الْأَشْيَاءِ بِلَا نِهَايَةٍ(8)

ص: 47


1- ص 262. خ 182
2- ص 269. خ 185
3- ص 269. خ 185
4- ص 273. خ 186
5- ص 273. خ 186
6- ص 274. خ 186
7- ص 274. خ 186
8- ص 396.ك31.

تباينه سبحانه مع خلقه

مُتَوَحِّدٌ إِذْ لَا سَكَنَ یسْتَأْنِسُ بِهِ وَ لَا یسْتَوْحِشُ لِفَقْدِهِ.(1)

كُلُّ مُسَمًّى بِالْوَحْدَةِ غَيْرَهُ قَلِيلٌ وَ كُلُّ عَزِيزٍ غَيْرَهُ ذَلِيلٌ وَ كُلُّ قَوِيٍّ غَيْرَهُ ضَعِيفٌ وَ كُلُّ مَالِكٍ غَيْرَهُ مَمْلُوكٌ وَ كُلُّ عَالِمٍ غَيْرَهُ مُتَعَلِّمٌ وَ كُلُّ قَادِرٍ غَيْرَهُ يَقْدِرُ وَ يَعْجَزُ وَ كُلُّ سَمِيعٍ غَيْرَهُ يَصَمُّ عَنْ لَطِيفِ الْأَصْوَاتِ وَ يُصِمُّهُ كَبِيرُهَا وَ يَذْهَبُ عَنْهُ مَا بَعُدَ مِنْهَا وَ كُلُّ بَصِيرٍ غَيْرَهُ يَعْمَى عَنْ خَفِيِّ الْأَلْوَانِ وَ لَطِيفِ الْأَجْسَامِ وَ كُلُّ ظَاهِرٍ غَيْرَهُ [غَيْرُ بَاطِنٍ] بَاطِنٌ وَ كُلُّ بَاطِنٍ غَيْرَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ.(2)

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَفِرُهُ الْمَنْعُ وَ الْجُمُودُ وَ لَا يُكْدِيهِ الْإِعْطَاءُ وَ الْجُودُ، إِذْ كُلُّ مُعْطٍ مُنْتَقِصٌ سِوَاهُ وَ كُلُّ مَانِعٍ مَذْمُومٌ مَا خَلَاهُ(3)

فَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ شَبَّهَكَ بِتَبَايُنِ أَعْضَاءِ خَلْقِكَ وَ تَلَاحُمِ حِقَاقِ

ص: 48


1- ص 40. خ 1
2- ص 96. خ 65
3- ص 124. خ 91

فَاصِلِهِمُ الْمُحْتَجِبَةِ لِتَدْبِيرِ حِكْمَتِكَ، لَمْ يَعْقِدْ غَيْبَ ضَمِيرِهِ عَلَى مَعْرِفَتِكَ وَ لَمْ يُبَاشِرْ قَلْبَهُ الْيَقِينُ بِأَنَّهُ لَا نِدَّ لَكَ، وَ كَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ تَبَرُّؤَ التَّابِعِينَ مِنَ الْمَتْبُوعِينَ إِذْ يَقُولُونَ "تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ". كَذَبَ الْعَادِلُونَ بِكَ، إِذْ شَبَّهُوكَ بِأَصْنَامِهِمْ وَ نَحَلُوكَ حِلْيَةَ الْمَخْلُوقِينَ بِأَوْهَامِهِمْ وَ جَزَّءُوكَ تَجْزِئَةَ الْمُجَسَّمَاتِ بِخَوَاطِرِهِمْ وَ قَدَّرُوكَ عَلَى الْخِلْقَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْقُوَى بِقَرَائِحِ عُقُولِهِمْ. وَ أَشْهَدُ أَنَّ مَنْ سَاوَاكَ بِشَيْ ءٍ مِنْ خَلْقِكَ فَقَدْ عَدَلَ بِكَ وَ الْعَادِلُ بِكَ كَافِرٌ بِمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ مُحْكَمَاتُ آيَاتِكَ وَ نَطَقَتْ عَنْهُ شَوَاهِدُ حُجَجِ بَيِّنَاتِكَ(1)

غِنَى كُلِّ فَقِيرٍ وَ عِزُّ كُلِّ ذَلِيلٍ وَ قُوَّةُ كُلِّ ضَعِيفٍ وَ مَفْزَعُ كُلِّ مَلْهُوفٍ(2)

وَ الشَّاهِدِ لَا بِمُمَاسَّةٍ، وَ الْبَائِنِ لَا بِتَرَاخِي مَسَافَةٍ، وَ الظَّاهِرِ لَا بِرُؤْيَةٍ، وَ الْبَاطِنِ لَا بِلَطَافَةٍ. بَانَ مِنَ الْأَشْيَاءِ بِالْقَهْرِ لَهَا وَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَ بَانَتِ الْأَشْيَاءُ مِنْهُ بِالْخُضُوعِ لَهُ وَ الرُّجُوعِ إِلَيْهِ. (3)

الظَّاهِرُ لَا يُقَالُ مِمَّ وَ الْبَاطِنُ لَا يُقَالُ فِيمَ، لَا شَبَحٌ

ص: 49


1- ص 126. خ 91
2- ص 158. خ 109
3- ص 212. خ 152

فَيُتَقَصَّى وَ لَا مَحْجُوبٌ فَيُحْوَى، لَمْ يَقْرُبْ مِنَ الْأَشْيَاءِ بِالْتِصَاقٍ وَ لَمْ يَبْعُدْ عَنْهَا بِافْتِرَاقٍ(1)

قَرِيبٌ مِنَ الْأَشْيَاءِ غَيْرَ مُلَابِسٍ، بَعِيدٌ مِنْهَا غَيْرَ مُبَايِنٍ، مُتَكَلِّمٌ لَا بِرَوِيَّةٍ، مُرِيدٌ لَا بِهِمَّةٍ، صَانِعٌ لَا بِجَارِحَةٍ، لَطِيفٌ لَا يُوصَفُ بِالْخَفَاءِ، كَبِيرٌ لَا يُوصَفُ بِالْجَفَاءِ، بَصِيرٌ لَا يُوصَفُ بِالْحَاسَّةِ، رَحِيمٌ لَا يُوصَفُ بِالرِّقَّةِ(2)

وَ لَا يُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ وَ لَا يُقَاسُ بِالنَّاسِ(3)

قَائِمٌ لَا بِعَمَدٍ(4)

ما وحده من

مَا وَحَّدَهُ مَنْ كَيَّفَهُ وَ لَا حَقِيقَتَهُ أَصَابَ مَنْ مَثَّلَهُ وَ لَا إِيَّاهُ عَنَى مَنْ شَبَّهَهُ وَ لَا صَمَدَهُ مَنْ أَشَارَ إِلَيْهِ وَ تَوَهَّمَهُ؛ كُلُّ مَعْرُوفٍ بِنَفْسِهِ مَصْنُوعٌ وَ كُلُّ قَائِمٍ فِي سِوَاهُ مَعْلُولٌ؛ فَاعِلٌ لَا بِاضْطِرَابِ آلَةٍ مُقَدِّرٌ لَا بِجَوْلِ فِكْرَةٍ غَنِيٌّ لَا بِاسْتِفَادَةٍ؛ لَا تَصْحَبُهُ الْأَوْقَاتُ.(5) لَا يُقَالُ: كَانَ

لَا يُقَالُ كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ فَتَجْرِيَ عَلَيْهِ الصِّفَاتُ الْمُحْدَثَاتُ وَ لَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَ بَيْنَهُ فَصْلٌ وَ لَا لَهُ عَلَيْهَا فَضْلٌ فَيَسْتَوِيَ الصَّانِعُ وَ الْمَصْنُوعُ وَ يَتَكَافَأَ

ص: 50


1- ص 232. خ 163
2- ص 258. خ 179
3- ص 262. خ 182
4- ص 269. خ 185
5- ص 272. خ 186

الْمُبْتَدَعُ وَ الْبَدِيعُ.(1)

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ عَنْ شَبَهِ الْمَخْلُوقِينَ(2)

ص: 51


1- ص 274. خ 186
2- ص 329. 213

الاستدلال على تباينه سبحانه مع خلقه

الْحَمْدُ لِلَّهِ الدَّالِّ عَلَى وُجُودِهِ بِخَلْقِهِ، وَ بِمُحْدَثِ خَلْقِهِ عَلَى أَزَلِيَّتِهِ، وَ بِاشْتِبَاهِهِمْ عَلَى أَنْ لَا شَبَهَ لَهُ(1)

حَدَّ الْأَشْيَاءَ عِنْدَ خَلْقِهِ لَهَا إِبَانَةً لَهُ مِنْ شَبَهِهَا(2)

بِتَشْعِيرِهِ الْمَشَاعِرَ عُرِفَ أَنْ لَا مَشْعَرَ لَهُ وَ بِمُضَادَّتِهِ بَيْنَ الْأُمُورِ عُرِفَ أَنْ لَا ضِدَّ لَهُ وَ بِمُقَارَنَتِهِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لَا قَرِينَ لَهُ، ضَادَّ النُّورَ بِالظُّلْمَةِ وَ الْوُضُوحَ بِالْبُهْمَةِ وَ الْجُمُودَ بِالْبَلَلِ وَ الْحَرُورَ بِالصَّرَدِ [بِالصَّرْدِ]، مُؤَلِّفٌ بَيْنَ مُتَعَادِيَاتِهَا مُقَارِنٌ بَيْنَ مُتَبَايِنَاتِهَا مُقَرِّبٌ بَيْنَ مُتَبَاعِدَاتِهَا مُفَرِّقٌ بَيْنَ مُتَدَانِيَاتِهَا.(3)

ص: 52


1- ص 211. خ 152
2- ص 232. خ 163
3- ص 273. خ 186

مجمل القول في صفاته تعالى

الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ وَ لَا نَعْتٌ مَوْجُودٌ وَ لَا وَقْتٌ مَعْدُودٌ وَ لَا أَجَلٌ مَمْدُودٌ.(1)

أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ وَ كَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْدِيقُ بِهِ وَ كَمَالُ التَّصْدِيقِ بِهِ تَوْحِيدُهُ وَ كَمَالُ تَوْحِيدِهِ الْإِخْلَاصُ لَهُ وَ كَمَالُ الْإِخْلَاصِ لَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ لِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّهَا غَيْرُ الْمَوْصُوفِ وَ شَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوفٍ أَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ فَمَنْ وَصَفَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَقَدْ قَرَنَهُ وَ مَنْ قَرَنَهُ فَقَدْ ثَنَّاهُ وَ مَنْ ثَنَّاهُ فَقَدْ جَزَّأَهُ وَ مَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ جَهِلَهُ وَ مَنْ جَهِلَهُ فَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ وَ مَنْ أَشَارَ إِلَيْهِ فَقَدْ حَدَّهُ وَ مَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ وَ مَنْ قَالَ فِيمَ فَقَدْ ضَمَّنَهُ وَ مَنْ قَالَ عَلَامَ فَقَدْ أَخْلَى مِنْهُ(2)

وَ الظَّاهِرِ فَلَا شَيْءَ فَوْقَهُ وَ الْبَاطِنِ فَلَا شَيْءَ دُونَهُ.(3)

ص: 53


1- ص 39. خ1
2- ص 39. 1
3- ص 140. خ 96

مَنْ وَصَفَهُ فَقَدْ حَدَّهُ وَ مَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ وَ مَنْ عَدَّهُ فَقَدْ أَبْطَلَ أَزَلَهُ وَ مَنْ قَالَ كَيْفَ فَقَدِ اسْتَوْصَفَهُ وَ مَنْ قَالَ أَيْنَ فَقَدْ حَيَّزَهُ.(1)

وَ رِضَاهُ أَمَانٌ وَ رَحْمَةٌ (2)

الظَّاهِرُ لَا يُقَالُ مِمَّ وَ الْبَاطِنُ لَا يُقَالُ فِيمَ.(3)

الَّذِي صَدَقَ فِي مِيعَادِهِ وَ ارْتَفَعَ عَنْ ظُلْمِ عِبَادِهِ وَ قَامَ بِالْقِسْطِ فِي خَلْقِهِ وَ عَدَلَ عَلَيْهِمْ فِي حُكْمِهِ(4).

ص: 54


1- ص 212. خ 152
2- ص 224. خ 160
3- ص 232. خ 163
4- ص 269. خ 185

اصول صفاته سبحانه

بَصِيرٌ إِذْ لَا مَنْظُورَ إِلَيْهِ مِنْ خَلْقِهِ(1)

وَ أَسْتَعِينُهُ قَاهِراً قَادِراً(2)

وَ الَّذِي نَصَرَهُمْ وَ هُمْ قَلِيلٌ لَا يَنْتَصِرُونَ، وَ مَنَعَهُمْ وَ هُمْ قَلِيلٌ لَا يَمْتَنِعُونَ، حَيٌّ لَا يَمُوتُ.(3)

وَ الْبَصِيرُ لَا بِأَدَاةٍ وَ السَّمِيعُ لَا بِتَفْرِيقِ آلَةٍ (4)

عَالِمٌ إِذْ لاَ مَعْلُومٌ، وَ رَبٌّ إِذْ لاَ مَرْبُوبٌ، وَ قَادِرٌ إِذْ لاَ مَقْدُورٌ.(5)

مُتَكَلِّمٌ [بِلَا رَوِيَّةٍ] لَا بِرَوِيَّةٍ، مُرِيدٌ لَا بِهِمَّةٍ، صَانِعٌ لَا بِجَارِحَةٍ، لَطِيفٌ لَا يُوصَفُ بِالْخَفَاءِ، كَبِيرٌ لَا يُوصَفُ بِالْجَفَاءِ، بَصِيرٌ لَا يُوصَفُ بِالْحَاسَّةِ، رَحِيمٌ لَا يُوصَفُ بِالرِّقَّةِ، تَعْنُو الْوُجُوهُ لِعَظَمَتِهِ وَ تَجِبُ الْقُلُوبُ مِنْ

ص: 55


1- ص 40. خ 1
2- ص 107. 83
3- ص 193. خ 134
4- ص 212. خ 152
5- ص 112. خ 152

||

مَخَافَتِهِ(1)

الَّذِي كَلَّمَ مُوسى تَكْلِيماً وَ أَرَاهُ مِنْ آيَاتِهِ عَظِيماً بِلَا جَوَارِحَ وَ لَا أَدَوَاتٍ وَ لَا نُطْقٍ وَ لَا لَهَوَاتٍ(2).

مُسْتَشْهِدٌ بِحُدُوثِ الْأَشْيَاءِ عَلَى أَزَلِيَّتِهِ، وَ بِمَا وَسَمَهَا بِهِ مِنَ الْعَجْزِ عَلَى قُدْرَتِهِ(3)

يُخْبِرُ لَا بِلِسَانٍ وَ لَهَوَاتٍ، وَ يَسْمَعُ لَا بِخُرُوقٍ وَ أَدَوَاتٍ، يَقُولُ وَ لَا يَلْفِظُ، وَ يَحْفَظُ وَ لَا يَتَحَفَّظُ، وَ يُرِيدُ وَ لَا يُضْمِرُ؛ يُحِبُّ وَ يَرْضَى مِنْ غَيْرِ رِقَّةٍ، وَ يُبْغِضُ وَ يَغْضَبُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ؛ يَقُولُ لِمَنْ أَرَادَ كَوْنَهُ كُنْ فَيَكُونُ، لَا بِصَوْتٍ يَقْرَعُ وَ لَا بِنِدَاءٍ يُسْمَعُ، وَ إِنَّمَا كَلَامُهُ سُبْحَانَهُ فِعْلٌ مِنْهُ أَنْشَأَهُ وَ مَثَّلَهُ، لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ كَائِناً، وَ لَوْ كَانَ قَدِيماً لَكَانَ إِلَهاً ثَانِياً.(4)

الَّذِي عَظُمَ حِلْمُهُ فَعَفَا وَ عَدَلَ فِي كُلِّ مَا قَضَى وَ عَلِمَ مَا [بِمَا] يَمْضِي وَ مَا مَضَى؛ مُبْتَدِعِ الْخَلَائِقِ بِعِلْمِهِ وَ مُنْشِئِهِمْ بِحُكْمِهِ، بِلَا اقْتِدَاءٍ وَ لَا تَعْلِيمٍ وَ لَا احْتِذَاءٍ لِمِثَالِ صَانِعٍ حَكِيمٍ وَ لَا إِصَابَةِ خَطَإٍ وَ لَا

ص: 56


1- ص 258. خ 179
2- ص 262. خ182
3- ص 269. خ 185
4- ص 274. خ 186

(1)

حَضْرَةِ مَلَإٍ. (1)

الْعَالِمِ بِلَا اكْتِسَابٍ وَ لَا ازْدِيَادٍ وَ لَا عِلْمٍ مُسْتَفَادٍ، الْمُقَدِّرِ لِجَمِيعِ الْأُمُورِ بِلَا رَوِيَّةٍ وَ لَا ضَمِيرٍ الَّذِي لَا تَغْشَاهُ الظُّلَمُ وَ لَا يَسْتَضِيءُ بِالْأَنْوَارِ، وَ لَا يَرْهَقُهُ لَيْلٌ وَ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ نَهَارٌ، لَيْسَ إِدْرَاكُهُ بِالْإِبْصَارِ وَ لَا عِلْمُهُ بِالْإِخْبَارِ.(2)

وَاعْلَمْ أَنَّ مَالِكَ الْمَوْتِ هُوَ مَالِكُ الْحَيَاةِ (3)

أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِنْ قُلْتُمْ سَمِعَ، وَ إِنْ أَضْمَرْتُمْ عَلِمَ(4)

ص: 57


1- ص 283. خ 191
2- ص 330. خ 213
3- ص 395 ك 31
4- ص 505. ق. 203

عدم استكماله بغيره سبحانه

لَمْ يَخْلُقْ مَا خَلَقَهُ لِتَشْدِيدِ سُلْطَانٍ وَ لَا تَخَوُّفٍ مِنْ عَوَاقِبِ زَمَانٍ وَ لَا اسْتِعَانَةٍ عَلَى نِدٍّ مُثَاوِرٍ وَ لَا شَرِيكٍ مُكَاثِرٍ وَ لَا ضِدٍّ مُنَافِرٍ(1)

مْ تَخْلُقِ الْخَلْقَ لِوَحْشَةٍ وَ لَا اسْتَعْمَلْتَهُمْ لِمَنْفَعَةٍ، وَ لَا يَسْبِقُكَ مَنْ طَلَبْتَ وَ لَا يُفْلِتُكَ مَنْ أَخَذْتَ، وَ لَا يَنْقُصُ سُلْطَانَكَ مَنْ عَصَاكَ وَ لَا يَزِيدُ فِي مُلْكِكَ مَنْ أَطَاعَكَ.(2)

لَيْسَ لِشَيْءٍ مِنْهُ امْتِنَاعٌ، وَ لَا لَهُ بِطَاعَةِ شَيْءٍ انْتِفَاعٌ.(3)

وَ لَمْ يُكَوِّنْهَا لِتَشْدِيدِ سُلْطَانٍ وَ لَا لِخَوْفٍ مِنْ زَوَالٍ وَ نُقْصَانٍ وَ لَا لِلِاسْتِعَانَةِ بِهَا عَلَى نِدٍّ مُكَاثِرٍ وَ لَا لِلِاحْتِرَازِ بِهَا مِنْ ضِدٍّ مُثَاوِرٍ وَ لَا لِلِازْدِيَادِ بِهَا فِي مُلْكِهِ وَ لَا لِمُكَاثَرَةِ شَرِيكٍ فِي شِرْكِهِ وَ لَا لِوَحْشَةٍ كَانَتْ مِنْهُ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَأْنِسَ إِلَيْهَا.(4)

ص: 58


1- ص 96. خ 65
2- ص 158. خ109
3- ص 233. خ 163
4- ص 276. خ 186

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ حِينَ خَلَقَهُمْ غَنِيّاً عَنْ طَاعَتِهِمْ، آمِناً مِنْ مَعْصِيَتِهِمْ، لِأَنَّهُ لَا تَضُرُّهُ مَعْصِيَةُ مَنْ عَصَاهُ، وَ لَا تَنْفَعُهُ طَاعَةُ مَنْ أَطَاعَهُ.(1)

لَمْ يَذْرَأِ الْخَلْقَ بِاحْتِيَالٍ، وَ لَا اسْتَعَانَ بِهِمْ لِكَلَالٍ.(2)

الْعَالِمِ بِلَا اكْتِسَابٍ وَ لَا ازْدِيَادٍ وَ لَا عِلْمٍ مُسْتَفَادٍ(3)

ص: 59


1- ص 303. خ 193
2- ص 309. خ 195
3- ص 330. خ 213

كيفية شهادة على عليه السلام بالتوحيد و فوائدها

وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً مُمْتَحَناً إِخْلَاصُهَا مُعْتَقَداً مُصَاصُهَا نَتَمَسَّكُ بِهَا أَبَداً مَا أَبْقَانَا وَ نَدَّخِرُهَا لِأَهَاوِيلِ مَا يَلْقَانَا، فَإِنَّهَا عَزِيمَةُ الْإِيمَانِ وَ فَاتِحَةُ الْإِحْسَانِ وَ مَرْضَاةُ الرَّحْمَنِ وَ مَدْحَرَةُ الشَّيْطَانِ.(1)

وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَيْسَ مَعَهُ إِلَهٌ غَيْرُهُ.(2)

وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِیکَ لَهُ(3)

وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ شَهَادَةً يُوَافِقُ فِيهَا السِّرُّ الْإِعْلَانَ وَ الْقَلْبُ اللِّسَانَ.(4)

وَ نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، شَهَادَتَيْنِ تُصْعِدَانِ الْقَوْلَ وَ تَرْفَعَانِ

ص: 60


1- ص 46. خ 2
2- ص 79. خ 35
3- ص 115. خ 85
4- ص 146. خ 101

الْعَمَلَ، لَا يَخِفُّ مِيزَانٌ تُوضَعَانِ فِيهِ وَ لَا يَثْقُلُ مِيزَانٌ تُرْفَعَانِ عَنْهُ.(1)

وَ نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً (صلی الله علیه وآله) نَجِيبُهُ وَ بَعِيثُهُ، شَهَادَةً يُوَافِقُ فِيهَا السِّرُّ الْإِعْلَانَ وَ الْقَلْبُ اللِّسَانَ .(2)

وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ(3)

وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ غَيْرَ مَعْدُولٍ بِهِ وَ لَا مَشْكُوكٍ فِيهِ وَ لَا مَكْفُورٍ دِينُهُ وَ لَا مَجْحُودٍ تَكْوِينُهُ، شَهَادَةَ مَنْ صَدَقَتْ نِيَّتُهُ وَ صَفَتْ دِخْلَتُهُ وَ خَلَصَ يَقِينُهُ وَ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ.(4)

وَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، شَهَادَةَ إِيمَانٍ وَ إِيقَانٍ وَ إِخْلَاصٍ وَ إِذْعَانٍ(5)

ص: 61


1- ص 169. خ 114
2- ص 190. خ 32
3- ص 209. خ 151
4- ص 257 خ 178
5- ص 308. خ 195

كيفية حمد علي عليه السلام و ما يحمد الله عليه

أَحْمَدُهُ اسْتِتْمَاماً لِنِعْمَتِهِ وَ اسْتِسْلَاماً لِعِزَّتِهِ وَ اسْتِعْصَاماً مِنْ مَعْصِيَتِهِ(1)

نَحْمَدُهُ عَلَى مَا كَانَ وَ نَسْتَعِينُهُ مِنْ أَمْرِنَا عَلَى مَا يَكُونُ(2)

نَحْمَدُهُ عَلَى آلَائِهِ كَمَا نَحْمَدُهُ عَلَى بَلَائِهِ.(3)

نَحْمَدُهُ عَلَى مَا أَخَذَ وَ أَعْطَى وَ عَلَى مَا أَبْلَى وَ ابْتَلَى(4)

وَ أَحْمَدُ اللَّهَ وَ أَسْتَعِينُهُ عَلَى مَدَاحِرِ الشَّيْطَانِ وَ مَزَاجِرِهِ، وَ الِاعْتِصَامِ مِنْ حَبَائِلِهِ وَ مَخَاتِلِهِ(5)

اللَّهُمَّ لَكَ

الْحَمْدُ عَلَى مَا تَأْخُذُ وَ تُعْطِي، وَ عَلَى مَا تُعَافِي وَ تَبْتَلِي، حَمْداً يَكُونُ أَرْضَى

ص: 62


1- ص 46. خ2
2- ص 144. خ 99
3- ص 169. خ 114
4- ص 189. خ 132
5- ص 209. خ 151

الْحَمْدِ لَكَ وَ أَحَبَّ الْحَمْدِ إِلَيْكَ وَ أَفْضَلَ الْحَمْدِ عِنْدَكَ، حَمْداً يَمْلَأُ مَا خَلَقْتَ وَ يَبْلُغُ مَا أَرَدْتَ، حَمْداً لَا يُحْجَبُ عَنْكَ وَ لَا يُقْصَرُ دُونَكَ، حَمْداً لَا يَنْقَطِعُ عَدَدُهُ وَ لَا يَفْنَى مَدَدُهُ.(1)

أَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى مَا قَضَى مِنْ أَمْرٍ وَ قَدَّرَ مِنْ فِعْلٍ وَ عَلَى ابْتِلَائِي بِكُمْ(2)

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي إِلَيْهِ مَصَائِرُ الْخَلْقِ وَ عَوَاقِبُ الْأَمْرِ، نَحْمَدُهُ عَلَى عَظِيمِ إِحْسَانِهِ وَ نَيِّرِ بُرْهَانِهِ وَ نَوَامِي فَضْلِهِ وَ امْتِنَانِهِ؛ حَمْداً يَكُونُ لِحَقِّهِ قَضَاءً وَ لِشُكْرِهِ أَدَاءً وَ إِلَى ثَوَابِهِ مُقَرِّباً وَ لِحُسْنِ مَزِيدِهِ مُوجِباً. (3)

أَحْمَدُهُ إِلَى نَفْسِهِ كَمَا اسْتَحْمَدَ إِلَى خَلْقِهِ (4).

أَحْمَدُهُ شُكْراً لإِنْعَامِهِ.(5)

أَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ التُّؤَامِ وَ آلَائِهِ الْعِظَامِ(6)

نَحْمَدُهُ عَلَى مَا وَفَّقَ لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ وَ ذَادَ عَنْهُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ.(7)

ص: 63


1- ص 224. خ 160
2- ص 258. خ 180
3- ص 260. خ 182
4- ص 265. خ 183
5- ص 280. خ 190
6- ص 283. خ191
7- ص 307. خ 194

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُصْبِحْ بِي مَيِّتاً وَ لَا سَقِيماً وَ لَا مَضْرُوباً عَلَى عُرُوقِي بِسُوءٍ؛ وَ لَا مَأْخُوذاً بِأَسْوَإِ عَمَلِي وَ لَا مَقْطُوعاً دَابِرِي وَ لَا مُرْتَدّاً عَنْ دِينِي وَ لَا مُنْكِراً لِرَبِّي وَ لَا مُسْتَوْحِشاً مِنْ إِيمَانِي وَ لَا مُلْتَبِساً عَقْلِي وَ لَا مُعَذَّباً بِعَذَابِ الْأُمَمِ مِنْ قَبْلِي(1)

الختام

ص: 64


1- ص 332. خ 215

فهرس العناوين

المقدمة ... 5

قصور العقول و الحواس عن إدراكه سبحانه و تعالى ... 7

قصور المقال عن بلوغ مدحه ... 13

فطرة العقول على معرفته سبحانه و تعالى ... 14

الاقتصار على ما في الكتاب و السنة و ذم التعمق في كنه ذاته تعالى ... 15

ما يمتنع عليه تعالى ذاتاً وصفة ... 16

نصيب العقل في التعبير عنه تعالى ... 20

وجوده تبارك و تعالى ... 24

أحديَّته سبحانه و تعالى ... 29

و أحديَّته سبحانه و تعالى فى الذات ... 30

و أحديَّته سبحانه في الفعل و نفي المادة القديمة ... 31

إحاطته سبحانه على ما سواه و علمه بالجزئيات ... 35

قهاريته و خضوع كل شيء له سبحانه ... 41

أزليته تعالى و أبديته ... 45

تباينه سبحانه مع خلقه ... 48

ص: 65

الاستدلال على تباينه سبحانه مع خلقه ... 52

مجمل القول في صفاته تعالى ... 53

أصول صفاته سبحانه ... 55

عدم استكماله بغيره سبحانه ... 58

كيفية شهادة علي عليه السلام بالتوحيد و فوائدها ... 60

كيفية حمد علي عليه السلام و ما يحمد الله عليه ... 62

فهرس العناوين ... 65

ص: 66

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.