الحق والباطل في نهج البلاغة

هوية الکتاب

العتبة العلویة المقدسة

سلسلة في رحاب نهج البلاغة - 11

الحق و الباطل في نهج البلاغة

إعداد

مكتبة الروضة الحيدرية

الحق والباطل في نهج البلاغة

الناشر: العتبة العلوية المقدسة

إعداد: مكتبة الروضة الحيدرية

إخراج فني: نصیر شکر

عدد النسخ: 1000 نسخة

السنة: 1432 ه_ / 2011م

العتبة العلوية المقدسة، العراق. النجف الأشرف

هاتف: 07802337277 (00964)

لإبداء ملاحظاتكم يرجى مراسلتنا على البريد الالكتروني:

info@haydarya.com

ص: 1

اشارة

ص: 2

الحق والباطل في نهج البلاغة

الناشر: العتبة العلوية المقدسة

إعداد: مكتبة الروضة الحيدرية

إخراج فني: نصیر شکر

عدد النسخ: 1000 نسخة

السنة: 1432 ه_ / 2011م

العتبة العلوية المقدسة، العراق. النجف الأشرف

هاتف: 07802337277 (00964)

لإبداء ملاحظاتكم يرجى مراسلتنا على البريد الالكتروني:

info@haydarya.com

ص: 3

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ اَلْرَحیمْ

ص: 4

تمهيد

قال تعالى في محكم كتابه الكريم: ﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (1)

تحصر الآية الكريمة الحق بالله تعالى لأنّه مبدأه و منتهاه، ليكون الباطل كلّما ما سواه كما في قوله تعالى: ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ) (2).

فهناك تقابل دائمي بين الحق و الباطل، و الله تعالى ينصر الحق و يدعو الإنسان إلى الحق دوماً: لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾ (3)، (وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (4)

ص: 5


1- آل عمران:60
2- لقمان: 30
3- لأنفال: 8
4- الشورى: 24

و لا يخفى انّ الله تعالى لا يحق الحق و لا يبطل الباطل - مع وضوحهما و جعل العلامات عليهما - إلّا عبر الإرادة الإنسانية، و عليه مسّت الحاجة إلى معرفة الحق و معرفة الباطل للتمسّك بالأول و ترك الثاني.

فمعكم في حلقة أخرى من «سلسلة في رحاب نهج البلاغة» لنستكشف معنى الحق و الباطل من خلال نهج البلاغة، و على لسان أمير المؤمنين علیه السلام حيث كان مع الحق و كان الحق معه، وكما قال علیه السلام: «و إنّي لعلى يقين من ربي، و غير شبهة من ديني» (1).

ص: 6


1- نهج البلاغة الخطبة 22

معنى الحق

الحق في اللغة يطلق على الثابت و الواجب و المتيقّن و الصحيح و الصادق و الواضح، و على معان أخر. و يقابله الباطل في جميع مراتبه.

طبعاً هذه المعاني اللغوية عناوين كلية تنطبق على معنونات واقعية و جزئية عند الاستعمال.

فلما يقول علیه السلام في رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم: (والذي بعثه بالحق» (1)، أو: «بعثك بالحق» (2). فإنّه يريد منه الدين الحق و الرسالة الحقة التي ليست كذباً و لا سحراً و لا باطلاً. و عندما يقول علیه السلام: «فوالله ما زلت مدفوعاً عن حقّي»(3)، و «الآن إذ رجع الحق إلى أهله» فإنّه يريد و يقصد الإمامة.

ص: 7


1- نهج البلاغة الخطبة: 16
2- نهج البلاغة الخطبة: 71
3- نهج البلاغة الخطبة: 6

وكذلك لما يقول علیه السلام: «أقمت لكم على سنن الحق»(1)

على الشريعة المحمدية و الطريق الواضح، و كذلك لما يصف الضالين بأنّهم «ليس فيهم سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق تلاوته»(2)، أي تُلي بالتدبر و حمل المتشابه على المحكم و الرجوع إلى العترة في غور باطنه و معرفة أسراره.

و لما يقول علیه السلام: «ألا و انّ إعطاء المال في غير حقه تبذير و إسراف» أي في غير ما هو ثابت بالشرع من الحقوق الواجبة أو المستحبة، و عندما يقول علیه السلام: «فإنه و الله الجد لا اللعب، و الحق لا الكذب» يريد الصدق الذي يقابله الكذب، و كذلك: «وحقاً أقول ما الدنيا غرّتك و لكن بها اغتررت» (3) أي صدقاً أقول.

و هكذا تتعدّد المعنونات بحسب الاستعمال لما هو ثابت و واضح و صحيح و صادق.

ص: 8


1- نهج البلاغة، الخطبة: 4
2- نهج البلاغة الخطبة: 17
3- نهج البلاغة، الخطبة، 222

وضوح الحق

قال أمير المؤمنين علیه السلام: «انّ الله قد أوضح سبيل الحق و أنار طرقه، فشقوة لازمة أو سعادة دائمة» (1)

نعم انّ الله تعالى أوضح للناس طرق الحق و جعل عليها الدلائل و الأعلام، فالإنسان على بيّنة تامة إن أراد الرشد و الهدى، إذ: «انّ السنن لنيّرة لها أعلام، و انّ البدع لظاهرة لها أعلام»(2) و «انّ الله جعل للخير أهلاً و للحق دعائم» (3)، و الله تعالى لم يبق لأحد عذراً، إذ أنّه كما قال علیه السلام: «قد أعذر إليكم بالجلية، و اتخذ عليكم الحجة، و بيّن لكم محابه من الأعمال و مكارهه منها لتتبعوا هذه و تجتنبوا هذه» (4).

و عليه فإنّ الإنسان الذي يريد أن يتمسك بالحق و يكون على

ص: 9


1- نهج البلاغة الخطبة: 157
2- نهج البلاغة، الخطبة: 164
3- نهج البلاغة الخطبة: 214
4- هج البلاغة، الخطبة: 176

الحق و مع الحق، لابدّ و أن يأخذ بمحابّ الأعمال و يدع مكارهها، فقد قال علیه السلام في مكان آخر: «فإنّ للطاعة أعلاماً واضحة و سبلاً نيّرة، و محجّة نهجة، و غاية مطلبة، يردها الأكياس، و يخالفها الأنكاس، من نكب عنها جار عن الحق» (1).

و لذا يقول المصداق الأتم للحق بعد رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم: «ما شككت في الحق مذ أُريته» (2).

ص: 10


1- نهج البلاغة، الخطبة 30
2- نهج البلاغة، قصار الحكم: 174

أهل الحق و أهل الباطل

قال أمير المؤمنين علیه السلام: حق و باطل و لكل أهل» (1) و قال علیه السلام في كتاب كتبه لمعاوية: «و لا المحق كالمبطل» (2).

انّ الدنيا تدور حول الحق و الباطل، و قد أوضح الله تعالى سبل الحق و أنار طرقه، كما أوضح طرق الباطل، و جعل الإنسان مختاراً في سلوك أي الطريقين شاء، فإذا سلك طريق الحق فسعادة دائمة، و إذا سلك طريق الباطل فشقوة لازمة. فالإنسان التابع للحق يكون من أهل الحق، و التابع للباطل يكون من أهل الباطل، و من المعلوم البيّن انّ المحقّ ليس كالمبطل.

ثم انّ لأهل الحق مواصفات يذكرها أمير المؤمنين علیه السلام و يقول: «قد أخلص الله فاستخلصه، فهو من معادن دينه، و أوتاد أرضه، قد ألزم نفسه العدل، فكان أول عدله نفي الهوى عن نفسه، يصف الحق

ص: 11


1- نهج البلاغة الخطبة: 16
2- نهج البلاغة الخطبة: 17

ويعمل به، لا يدع للخير غاية إلّا أمّها، و لا مظنّة إلّا قصدها، قد أمكن الكتاب من زمامه فهو قائده و إمامه، يحلّ حيث حلّ ثقله، و ينزل حيث كان منزله» (1).

و قال علیه السلام في وصف المتقين: «يعترف بالحق قبل أن يُشهد

عليه... و لا يدخل في الباطل، و لا يخرج من الحق»(2).

و قال علیه السلام: «كانوا قوماً من أهل الدنيا و ليسوا من أهلها،

فكانوا فيها كمن ليس منها، عملوا فيها بما يبصرون، و بادروا فيها ما يحذرون، تقلّب أبدانهم بين ظهراني أهل الآخرة، يرون أهل الدنيا يعظّمون موت أجسادهم، و هم أشد إعظاماً لموت قلوب أحيائهم» (3).

و على النقيض من هؤلاء تماماً أهل الباطل حيث آثروا الدنيا و الباطل على الآخرة و الحق قال علیه السلام: «من عظمت الدنيا في عينه، و كبر موقعها من قلبه، آثرها على الله فانقطع إليها و صار عبداً لها» (4).

و قال علیه السلام يستنهض الجيش لقتال الخوارج: «استعدوا للمسير

ص: 12


1- نهج البلاغة الخطبة: 86
2- نهج البلاغة، الخطبة: 193
3- نهج البلاغة الخطبة: 229
4- نهج البلاغة، الخطبة: 160

إلى قوم حيارى عن الحق لا يبصرونه، موزعين بالجور لا يعدلون به، جفاة عن الكتاب، نكّب عن الطريق» (1)

و من مواصفات أهل الباطل حضورهم عند الفتن، فقد قال علیه السلام في البرج بن مسهر الخارجي لما نادى بحضرته: لا حكم إلا الله: «اسكت قبّحك الله يا أثرم، فوالله لقد ظهر الحق فكنت فيه ضئيلاً شخصك، خفياً صوتك، حتى إذا نعر الباطل نجمت نجوم قرن المعاز» (2).

و هناك ميزان آخر يذكره أمير المؤمنين علیه السلام لمعرفة أهل الحق من أهل الباطل، و هو المعرفة من خلال النقيض، فقد قال علیه السلام: «و اعلموا أنّكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه، و لن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه، و لن تمسّكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه»(3).

فمن ترك الرشد، و نقض ميثاق الكتاب و نبذه لا يكون إلّا من أهل الباطل، فلا حاجة للحيرة و التوقف بل يلزم تركه سريعاً، و إلّا سيكون كالحارث بن حوط حيث احتار في تضليل البغاة، فجاء إلى

ص: 13


1- نهج البلاغة، الخطبة: 125
2- نهج البلاغة، الخطبة: 184
3- نهج البلاغة، الخطبة: 147

أمير المؤمنين علیه السلام و قال له: أتراني أظن أصحاب الجمل كانوا على ضلالة؟ فقال علیه السلام: «يا حارث انّك نظرت تحتك و لم تنظر فوقك فحرت، انّك لم تعرف الحق فتعرف من أباه، و لم تعرف الباطل فتعرف من أتاه» (1)

كان يكفي لهذا الرجل أن ينظر إلى حال البغاة، و تكالبهم على الدنيا، و تركهم القرآن و العترة، حتى يستفيق من سكرته ويرجع إلى رشده و يعرف المحق من المبطل، لكنّه «على عمد لبّس على نفسه، ليجعل الشبهات عاذراً لسقطاته» (2)، كما قاله علیه السلام في حق المغيرة بن شعبة. ثم هناك خطأ آخر ربما يقع فيه السذّج من الناس، فيعطي لكثرة الأنصار و قلّتها دوراً في تشخيص الحق و الباطل، و هذا مرفوض عند أمير المؤمنين علیه السلام، إذ كما قلنا انّ الحق واضح و ثابت لا يضرّه الكثرة أو القلّة، فلذا كان ينصح المسلمين و يقول: «أيها الناس لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة سالكيه» (3).

و كان هو علیه السلام هكذا حيث قال: «لا يزيدني كثرة الناس حولي عزّة، و لا تفرّقهم عنّي وحشة» (4).

ص: 14


1- نهج البلاغة، قصار الحكم: 253
2- نهج البلاغة، قصار الحكم: 394
3- نهج البلاغة الخطبة: 201
4- نهج البلاغة، الكتاب 36

و أخيراً انّ من الأمور التي تجمع الناس في الحق أو الباطل الرضا و السخط لأفعال الآخرين حتى و لو لم يشهدهم، قال علیه السلام: «إنّما يجمع الناس الرضا و السخط، و إنّما عقر ناقة ثمود رجل واحد

فعمّهم الله تعالى بالعذاب لما عمّوه بالرضا» (1).

و قد قال علیه السلام في أصحاب الجمل: «فوالله لو لم يصيبوا من المسلمين إلّا رجلاً واحداً معتمدين لقتله بلا جرم جرّه لحلّ لي قتل ذلك الجيش كلّه، إذ حضروه فلم ينكروا، و لم يدفعوا عنه بلسان و لا ید» (2)

و قد قال في جواب من تمنّى مشاركة أخيه في حرب أهل الجمل: «أهوى أخيك معنا؟» قال: نعم، قال: «فقد شهدنا، و لقد شهدنا في

عسكرنا هذا قوم في أصلاب الرجال و أرحام النساء، سيرعف الزمان، و يقوى بهم الإيمان» (3)

إذن ما أسهل السبل للكون مع أهل الحق أو مع أهل الباطل، من دون أيّ عناء بل بمجرد النية!

ص: 15


1- نهج البلاغة الخطبة: 201
2- نهج البلاغة، الخطبة: 172
3- نهج البلاغة الخطبة: 12

كيفية الوصول إلى الحق

ربما يُتساءل و يقال: صحيح انّ الحق واضح و له علامات، و المطلوب منّا متابعته لنكون من أهل الحق و من أهل النجاة، و لكن هل هناك طرق للوصول إليه؟! أو هل هناك أمور نعمل بها لنروّض النفس عليها و لتصبح من أهل الحق؟!

و نقول في الجواب: نعم، قد وردت الإشارة في نهج البلاغة إلى عدة أمور توصلنا إلى الحق لا محالة، و هي كالتالي:

الجد و الاجتهاد: قال علیه السلام: «لا يُدرك الحق إلا بالجدّ»(1).

و منها التقوى: قال علیه السلام: «ألا و انّ التقوى مطايا ذلل، حُمل عليها أهلها، و أعطوا أزمتها، فأوردتهم الجنّة»(2).

و منها الالتزام بأوامر الله، قال علیه السلام: «قد يرى الحوّل القلّب (3)

ص: 16


1- نهج البلاغة الخطبة: 29
2- نهج البلاغة، الخطبة: 16
3- الحول القلب الذي قد تحوّل وتقلّب في الأمور وجرّب، وحنّكته الخطوب و الحوادث

وجه الحيلة و دونها مانع من أمر الله و نهيه، فيدعها رأي عين بعد القدرة عليها، و ينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين» (1).

و منها ترك الهوى، قال علیه السلام: «أيها الناس انّ أخوف ما أخاف عليكم اثنتان: اتباع الهوى و طول الأمل، فأمّا اتباع الهوى فيصدّ عن الحق، و أما طول الأمل فينسي الآخرة» (2).

حيث يدل على انّ اتباع الهوى يمنع من الحق، و بعكسه مخالفة الهوى دليل على الحق - كما سيأتي -.

و منها الصبر، قال علیه السلام و هو يخاطب جيش المسلمين في أيام صفين: «فصمداً صمداً حتى ينجلي لكم عمود الحق» (3).

و منها التأني و عدم الإسراع، قال علیه السلام: «فلا تقولوا بما لاتعرفون، فإنّ أكثر الحق فيما تنكرون» (4).

و منها التعمّق و عدم الاغترار بظاهر الباطل، قال علیه السلام: «فلأنقبنّ الباطل حتى يخرج الحق من جنبه»(5)، و نحوه أيضاً: «و أيم

ص: 17


1- نهج البلاغة، الخطبة: 41
2- نهج البلاغة الخطبة: 42
3- نهج البلاغة الخطبة 65
4- نهج البلاغة، الخطبة: 86
5- نهج البلاغة الخطبة: 33

الله لأبقرنّ الباطل حتى أخرج الحق من خاصرته» (1).

و منها قبول الحق، قال علیه السلام: «و لا تظنّوا بي استثقالاً في حق قيل لي، و لا التماس اعظام لنفسي، فإنّه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يُعرض عليه، كان العمل بهما أثقل عليه» (2).

الحق و الباطل مثبّت عند الله تعالى، انّ الله تعالى عالم بالسر و الإعلان و لا يخفى عليه شيء، و الناس جميعاً في قبضته و تحت قدرته، وأعمالهم جميعاً تكتب في صحائفهم إن خيراً فخيراً و إن شراً فشراً، و لذا يقول المجرم يوم القيامة: (يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا) (3).

و بهذا الصدد يقول أمير المؤمنين علیه السلام: «فاتقوا الله الذي أنتم بعينه، و نواصيكم بيده و تقلّبكم في قبضته، إن أسررتم علمه، و إن أعلنتم كتبه، قد وكّل بذلك حفظة كراماً، لا يُسقطون حقاً، و لا يثبتون باطلاً» (4).

ص: 18


1- نهج البلاغة الخطبة: 103
2- نهج البلاغة الخطبة: 216
3- الكهف: 49
4- نهج البلاغة، الخطبة: 183

التمسك بالحق

بعد ما عرفنا الحق، و عرفنا أهل الحق وأهل الباطل، و عرفنا كيفية الوصول إلى الحق، يلزم علينا التمسك بالحق و الكون معه، و للتمسك بالحق مصاديق مختلفة نشير إليها فيما يلي:

1- قبول الحق، و هو من أجلى مظاهر التمسك، قال أمير المؤمنين علیه السلام في كتاب كتبه إلى الحارث الهمداني: «و صدّق بما سلف من الحق» (1)

2- إقامة الحق، قال علیه السلام لابن عباس لما دخل عليه بذي قار و هو يخصف نعلاً، فسأله: ما قيمة هذه النعل؟ فقال ابن عباس: لا قيمة لها، قال علیه السلام: «و الله لهي أحبّ إليّ من إمرتكم إلّا أن أقيم حقاً أو أدفع باطلاً» (2).

و قال علیه السلام: «انّ أفضل الناس عند الله من كان العمل بالحق

ص: 19


1- نهج البلاغة، الكتاب: 69
2- نهج البلاغة الخطبة 33

أحبّ إليه و إن نقصه و كرثه من الباطل و إن جرّ إليه فائدة وزاده» (1) فالمقيم للحق من أفضل الناس عند الله.

و قال علیه السلام: «و أيم الله لأنصفنّ المظلوم من ظالمه، ولأقودنّ الظالم بخزامته حتى أورده منهل الحق و إن كان كارهاً» (2).

و قال علیه السلام في تبيين لزوم إقامة الحق و التمسك به: «فلا تنفروا من الحق نفار الصحيح من الأجرب، و الباري من ذي السقم»(3).

و قال علیه السلام: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده إلّا بالحق» (4). يعني أنّه لا يجامل في إقامة الحق أما في غيره فهو مسالم.

3- التعاون على إقامة الحق، قال علیه السلام: «و لكن من واجب حقوق الله على العباد النصيحة بمبلغ جهدهم، والتعاون على إقامة الحق بينهم وليس امرؤ وإن عظمت في الحق منزلته، وتقدمت في الدين فضيلته بفوق أن يعان على ما حمله الله من حقه، ولا امرؤ وإن صغرته النفوس واقتحمته العيون بدون أن يعين على ذلك أو يُعان

عليه»(5)

ص: 20


1- نهج البلاغة، الخطبة: 125
2- نهج البلاغة الخطبة: 136
3- نهج البلاغة، الخطبة: 147
4- نهج البلاغة الخطبة: 167
5- نهج البلاغة الخطبة: 216

فإقامة الحق بحاجة إلى التعاون من قبل جميع الناس، و إلّا فالإنسان لوحده لا يتمكن من إقامة الحق بجميع مراتبه و مستوياته، و يؤكد علیه السلام هذا فيما كتبه إلى أهل الأمصار يقتصّ فيه ما جرى بينه و بين أهل صفين: «فقلنا تعالوا نداوي ما لا يدرك اليوم بإطفاء النائرة، و تسكين العامة، حتى يشتد الأمر و يستجمع، فنقوى على وضع الحق مواضعه» (1).

و قال علیه السلام في استعانته بأهل الحق على أهل الباطل: «و لكنّي أضرب بالمقبل إلى الحق المدبر عنه، و بالسامع المطيع العاصي المريب أبداً حتى يأتي عليّ يومي»(2).

4- الإنس بالحق، و هو من مصاديق التمسك بالحق، كما قال علیه السلام لأبي ذر حينما نُفي إلى الربذة: «لا يؤنسنّك إلّا الحق، و لا يوحشنّك إلّا الباطل» (3) و قال علیه السلام في عهده لمالك الأشتر: «و ليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق» (4).

5- الصبر على الحق، قال علیه السلام: «انّ جماعة فيما تكرهون من

ص: 21


1- نهج البلاغة، الكتاب: 58
2- نهج البلاغة، الخطبة: 6
3- نهج البلاغة الخطبة: 130
4- نهج البلاغة، الكتاب: 53

الحق، خير من فرقة فيما تحبون من الباطل» (1).

و قال علیه السلام في وصيته إلى الإمام الحسن علیه السلام: «وخض الغمرات إلى الحق حيث كان» (2). و قال علیه السلام في عهده لمالك الأشتر: «و لا يدعونّك ضيق أمر لزمك فيه عهد الله إلى طلب انفساخه بغير الحق، فإنّ صبرك على ضيق ترجو انفراجه و فضل عاقبته خير من غدر تخاف تبعته، و أن تحيط بك من الله فيه طلبة لا تستقيل فيها دنياك و لا آخرتك» (3).

6 - التدرّج و التأنّي في الأمور، و ذلك انّ الإنسان قد تحيط به ظروف اجتماعية أو سياسية لا يتمكن من إقامة الحق بسببها، ممّا يضطرّ إلى اتخاذ سياسة التدرّج و التأني في الأمور، و في ذلك يقول أمير المؤمنين علیه السلام: «فإن ترتفع عنّا و عنهم محن البلوى، أحملهم من الحق على محضه» (4) و نحوه قال علیه السلام: «لو قد استوت قدماي من هذه المداحض لغيّرت أشياء» (5)

و قال علیه السلام في وصف أصحاب البصيرة: «و لا يعين على نفسه

ص: 22


1- نهج البلاغة الخطبة: 176
2- نهج البلاغة الكتاب: 31
3- نهج البلاغة، الكتاب: 53
4- نهج البلاغة، الخطبة: 162
5- نهج البلاغة، قصار الحكم: 263

الغواة بتعسّف في حق»(1)

7- الدعاء، قال علیه السلام: «اللهم... إن أظهرتنا على عدوّنا فجنّبنا البغي و سدّدنا للحق» (2). و قال علیه السلام: «أخذ الله بقلوبنا و قلوبكم إلى الحق» (3).

8- المساواة أمام الحق، حيث لا يجوز التمييز بين الناس، قال علیه السلام إلى بعض أمرائه: «فليكن أمر الناس عندك في الحق سواء، فإنّه ليس في الجور عوض من العدل» (4).

و قال علیه السلام في كتاب كتبه إلى سهل بن حنيف الأنصاري عامله على المدينة في معنى قوم من أهلها لحقوا بمعاوية: «فكفى لهم غياً و لك منهم شافياً فرارهم من الهدى والحق... إنما هم أهل دنيا مقبلون عليها... علموا انّ الناس عندنا في الحق أسوة، فهربوا إلى الأثرة، فبعداً لهم وسحقاً»(5).

9 - و أخيراً القتال لإقامة الحق حيث انّه آخر الدواء الكي، قال

ص: 23


1- نهج البلاغة، الخطبة: 153
2- نهج البلاغة الخطبة: 171
3- نهج البلاغة، الخطبة: 173
4- نهج البلاغة الخطبة: 59
5- نهج البلاغة، الكتاب: 75

علیه السلام في الناكثين: «فإن أبوا أعطيتهم حدّ السيف، و كفى به شافياً من الباطل، و ناصراً للحق» (1)

و قال علیه السلام: «و لعمري ما عليّ من قتال من خالف الحق و خابط الغي من إدهان و لا إيهان» (2).

و قال علیه السلام لما أراد الخروج لحرب الخوارج: «استعدوا للمسير إلى قوم حيارى عن الحق لا يبصرونه» (3).

و قال علیه السلام: «فلأنقبنّ الباطل حتى يخرج الحق من جنبه»(4).

و هذا يخص العارف بمواضع الحق كما قال علیه السلام: «و قد فُتح باب الحرب بينكم و بين أهل القبلة، و لا يحمل هذا العلم إلّا أهل البصر و الصبر و العلم بمواضع الحق» (5).

ص: 24


1- نهج البلاغة الخطبة: 22
2- نهج البلاغة، الخطبة: 24
3- نهج البلاغة الخطبة 125
4- نهج البلاغة، الخطبة: 33
5- نهج البلاغة، الخطبة: 173

نتائج ترك الحق

عرفنا فيما مضى انّ الحق أمر واضح له علامات، و انّ الله يدعو إليه و يلزم التمسك به، و هناك أيضاً علامات لأهل الحق و لأهل الباطل، و هناك نتائج للتمسك بالحق يحوزها الإنسان في الدنيا و الآخرة. و هنا يذكر لنا أمير المؤمنين نتائج ترك الحق و ما يصيب الإنسان من جرّائه، و هي كما يلي:

1- الفشل، قال علیه السلام يخاطب جيشه و يستنهضهم لصد غزو معاوية: «فيا عجباً عجباً و الله يميت القلب و يجلب الهمّ من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم، و تفرّقكم عن حقكم، فقبحاً لكم و ترحاً حين صرتم غرضاً يُرمى، يغار عليكم و لا تُغيرون، و تُغزون و لا تغزون، ويُعصى الله و ترضون» (1). فهذا الفشل الذي أصابهم كان نتيجة تركهم العمل بالحق الذي كان طاعة إمامهم، و الجهاد حفاظاً عن بيضة الإسلام أمام المحاربين والبغاة.

ص: 25


1- نهج البلاغة الخطبة: 27

و قريب منه قوله علیه السلام أيضاً: «أيها الناس لو لم تتخاذلوا عن نصر الحق، و لم تهنوا عن توهين الباطل، لم يطمع فيكم من ليس مثلكم، و لم يقو عليكم من قوي عليكم». (1)

وقال علیه السلام أيضاً: «أما و الذي نفسي بيده ليظهرنّ هؤلاء القوم عليكم، ليس لأنّهم أولى بالحق منكم، و لكن لإسراعهم إلى باطل صاحبهم، و إبطائكم عن حقي)»(2)

و قال علیه السلام: «أنبئت بسراً قد اطّلع اليمن، و إنّي و الله لأظنّ هؤلاء القوم سيدالون منكم، باجتماعهم على باطلهم، و تفرّقكم عن حقكم، و بمعصيتكم إمامكم في الحق، و طاعتهم إمامهم في الباطل»(3).

و قال علیه السلام مخاطباً المسلمين: «أظأركم(4) على الحق و أنتم تنفرون عنه نفور المعزى من وعوعة الأسد، هيهات أن أطلع بكم سرار العدل، أو أقيم اعوجاج الحق» (5).

ص: 26


1- نهج البلاغة الخطبة: 166
2- نهج البلاغة الخطبة: 96
3- نهج البلاغة الخطبة: 25
4- أظاركم: أعطفكم
5- نهج البلاغة، الخطبة: 131

2- الضلال، قال علیه السلام: «انّه من لا ينفعه الحق يضرره الباطل، و من لا يستقيم به الهدى يجرّ به الضلال إلى الردى» (1).

و قال علیه السلام في علماء السوء الذين تركوا الحق: «وآخر قد تسمّى عالماً و ليس به، فاقتبس جهائل من جهّال، و أضاليل من ضلّال، و نصب للناس أشراكاً من حبال غرور، و قول زور، قد حمل الكتاب على آرائه، و عطف الحق على أهوائه، يؤمّن من العظائم، و يُهوّن كبير الجرائم، يقول: أقف عند الشبهات و فيها وقع، و يقول أعتزل البدع و بينها اضطجع، فالصورة صورة إنسان، و القلب قلب حيوان، لا يعرف باب الهدى فيتبعه، و لا باب العمى فيصدّ عنه، فذلك ميّت الأحياء» (2).

و قال علیه السلام: «و لعمري ليضعفنّ لكم التيه من بعدي أضعافاً بما خلّفتم الحق وراء ظهوركم» (3).

و قال علیه السلام لمعاوية: «فقد سلكت مدارج أسلافك بادعائك الأباطيل... فراراً من الحق... فماذا بعد الحق إلّا الضلال» (4).

ص: 27


1- نهج البلاغة الخطبة: 28
2- نهج البلاغة، الخطبة: 86
3- نهج البلاغة، الخطبة: 166
4- نهج البلاغة، الكتاب: 65

وقال علیه السلام: في قوم لحقوا بمعاوية: «فكفى لهم غياً... فرارهم من الهدى و الحق، وإيضاعهم (1) إلى العمى و الجهل» (2)

و قال علیه السلام في الحكمين: «فأخذنا عليهما أن يجعجعا عند القرآن و لا يجاوزاه، و تكون ألسنتهما معه و قلوبهما تبعه، فتاها عنه و تركا الحق و هما يبصرانه، و كان الجور هواهما، و الاعوجاج رأيهما» (3).

3- نار جهنم، قال علیه السلام في جواب معاوية لما كتب إليه انّ الحرب قد أكلت العرب: «فمن أكله الحق فإلى النار» (4).

4- الحيرة قال علیه السلام: من تعدّى الحق ضاق مذهبه» (5).

5- الخذلان الإلهي، قال علیه السلام: «و قد رام أقوام أمراً بغير الحق فتأوّلوا على الله فأكذبهم» (6).

6 - الهلاك، قال علیه السلام: «أما بعد، فإنّما أهلك من كان قبلكم أنّهم منعوا الناس الحق فاشتروه، و أخذوهم بالباطل فاقتدوه» (7).

ص: 28


1- الايضاع: الإسراع
2- نهج البلاغة، الكتاب: 70
3- نهج البلاغة، الخطبة: 177
4- نهج البلاغة، الكتاب: 17
5- نهج البلاغة الكتاب: 31
6- نهج البلاغة، الكتاب: 48
7- نهج البلاغة، الكتاب: 79

و قال علیه السلام: «من صارع الحق صرعه» (1).

و قال علیه السلام: «من أبدى صفحته للحق هلك»(2) أي من خالف الحق هلك.

ص: 29


1- نهج البلاغة، قصار الحكم: 397.
2- نهج البلاغة، قصار الحكم: 178

الخير و الشر

انّ الخير و الشر من أبرز مصاديق الحق و الباطل، فالخير لا يكون إلا حقاً، و الشرّ لا يكون إلّا باطلاً، و عليه يجب الأخذ بالخير و ترك الشر.

قال أمير المؤمنين علیه السلام: «إذا رأيتم الخير فخذوا به، و إذا رأيتم الشر فأعرضوا عنه» (1) و قريب منه: «فإذا رأيتم خيراً فأعينوا عليه، و إذا رأيتم شرّاً فاذهبوا عنه، فإنّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم كان يقول: يا ابن آدم اعمل الخير ودع الشر، فإذا أنت جواد قاصد» (2).

و قال علیه السلام: «فاعل الخير خير منه، و فاعل الشرّ شرّ منه» (3)

و قال علیه السلام: «افعلوا الخير ولا تحقّروا منه شيئاً، فإنّ صغيره كبير و قليله كثير، و لا يقولنّ أحد انّ أحداً أولى بفعل الخير منّي فيكون و الله

ص: 30


1- نهج البلاغة، الخطبة: 167
2- نهج البلاغة، الخطبة: 176
3- نهج البلاغة، قصار الحكم: 28

كذلك، انّ للخير و الشرّ أهلاً، فمهما تركتموه منها كفاكموه أهله»(1). كما يذكرنا علیه السلام بأحوال الماضين، و ما كانوا عليه من الخير و الشر و يقول: «و احذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلات بسوء الأفعال، و ذميم الأعمال، فتذكروا في الخير و الشرّ أحوالهم، و احذروا أن تكونوا أمثالهم»(2)

ص: 31


1- نهج البلاغة، قصار الحكم: 410
2- نهج البلاغة، الخطبة: 192

ميزان الحق

و بعد هذا كله فقد وضع الله تعالى لنا موازين و مصاديق للحق تدلّ عليه، و تدعو الناس للعمل و التمسك به، و هي كثيرة و متنوعة، و فيما يلي نشير إلى أهمّ ما ورد منها في نهج البلاغة.

1 - الإسلام، قال أمير المؤمنين علیه السلام: «ثم انّ هذا الإسلام دين الله الذي اصطفاه لنفسه، و اصطنعه على عينه، و أصفاه خيرة خلقه... فهو دعائم أساخ في الحق أسناخها...»(1).

فالإسلام هو الحق، و المتمسّك به يكون من أهل الحق و من تعمّق فيه سيجري الله تعالى الحق على لسانه، كما قال علیه السلام: «اتقوا ظنون المؤمنين، فإنّ الله تعالى جعل الحق على ألسنتهم»(2).

2- القرآن قال علیه السلام: «ثم أنزل عليه الكتاب نوراً لا تُطفأ مصابيحه، و سراجاً لا يخبو توقّده، و بحراً لا يُدرك قعره، و منهاجاً

ص: 32


1- أساخ: أدخل و أثبت، و أسناخها: أصولها
2- نهج البلاغة، قصار الحكم 300

لايُضلّ نهجه و شعاعاً لا يُظلم ضؤوه، و فرقاناً لا يخمد برهانه،... وحقاً لا تُخذل أعوانه، فهو معدن الإيمان و بحبوحته... و أودية الحق وغيطانه (1)» (2).

و قال علیه السلام: «انّ الله سبحانه أنزل كتاباً هادياً بيّن فيه الخير و الشر، فخذوا نهج الخير تهتدوا، و اصدفوا عن سمت الشر

تقصدوا»(3).

3- تعليمات النبي صلی الله علیه و آله و سلم و سائر الأنبياء علیهم السلام، قال علیه السلام: «نشهد أن لا إله غيره، و انّ محمداً عبده و رسوله، أرسله بأمره صادعاً، و بذكره ناطقاً، فأدّى أميناً، و مضى رشيداً، و خلّف فينا راية الحق، من تقدّمها مرق، و من تخلّف عنها زهق، و من لزمها لحق» (4)

و قال علیه السلام: «وقبض نبيه صلی الله علیه و آله و سلم و قد فرغ إلى الخلق من أحكام الهدی به» (5)

و قال علیه السلام: «بعث رسله بما خصّهم به من وحيه، و جعلهم

ص: 33


1- الغيطان المكان المطمئن من الأرض
2- نهج البلاغة، الخطبة: 198
3- نهج البلاغة، الخطبة: 167
4- نهج البلاغة، الخطبة: 99
5- نهج البلاغة، الخطبة: 183

حجة له على خلقه، لئلّا تجب الحجة لهم بترك الاعذار إليهم، فدعاهم بلسان الصدق إلى سبيل الحق» (1).

و قال علیه السلام: «و هو الذي أسكن الدنيا خلقه، وبعث إلى الجن و الإنس رسله ليكشفوا لهم عن غطائها، و ليحذروهم من ضرّائها، و ليضربوا لهم أمثالها، و ليبصروهم عيوبها، و ليهجموا عليهم بمعتبرٍ من تصرّف مصاحّها و أسقامها، و حلالها و حرامها، و ما أعدّ الله سبحانه للمطيعين منهم و العصاة من جنّة و نار و كرامة وهوان» (2).

4- العترة، و هي الثقل الثاني الذي أمرنا رسول الله صلى الله عليه و اله بالتمسك به، و هم خير ميزان للحق، قال أمير المؤمنين علیه السلام: «هم أساس الدين، و عماد اليقين، إليهم يفيء الغالي، و بهم يلحق التالي، و لهم خصائص حق الولاية، و فيهم الوصية و الوراثة، الآن إذ رجع الحق إلى أهله، و نقل إلى منتقله» (3)

و قال علیه السلام: «أنظروا أهل بيت نبيكم فالزموا سمتهم، و اتبعوا أثرهم، فلن يخرجوكم من هدى، و لن يعيدوكم في ردى، فإن لبدوا فالبدوا، و إن نهضوا فانهضوا، و لا تسبقوهم فتضلّوا، و لا تتأخّروا

ص: 34


1- نهج البلاغة، الخطبة: 144
2- نهج البلاغة، الخطبة: 183
3- نهج البلاغة الخطبة: 2

عنهم فتهلكوا» (1).

و قال علیه السلام: «بنا يُستعطى الهدى، و بنا يُستجلى العمى»(2).

و قال علیه السلام: «و اعلموا أنّكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه، و لن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه، و لن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه، فالتمسوا ذلك من عند أهله، فإنّهم عيش العلم، وموت الجهل، هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم، و صمتهم عن منطقهم، و ظاهرهم عن باطنهم، لا يخالفون الدين و لا يختلفون فيه، فهو بينهم شاهد صادق، وصامت ناطق» (3).

و قال علیه السلام: «نحن الشعار و الأصحاب، و الخزنة و الأبواب، و لا تؤتى البيوت إلّا من أبوابها، فمن أتاها من غير أبوابها سمّي سارقاً» (4)

و قال علیه السلام: «هم عيش العلم، و موت الجهل، يخبركم حلمهم عن علمهم، و ظاهرهم عن باطنهم، و صمتهم عن حِكَمِ منطقهم، لا يخالفون الحق و لا يختلفون فيه، هم دعائم الإسلام، و ولائج

ص: 35


1- نهج البلاغة، الخطبة: 96
2- نهج البلاغة الخطبة: 144
3- نهج البلاغة الخطبة: 147
4- نهج البلاغة، الخطبة: 154

الاعتصام، بهم عاد الحق في نصابه، و انزاح الباطل عن مقامه، و انقطع لسانه عن منبته» (1)

و قال اعلیه السلام: فإن أطعتموني فإنّي حاملكم إن شاء الله على سبيل الجنّة، وإن كان ذا مشقة شديدة، ومذاقة مريرة»(2)

و قال علیه السلام في حق نفسه الشريفة أيضاً: «فوالذي لا إله إلّا هو إنّي لعلى جادة الحق، و انّهم لعلى مزلّة الباطل» (3).

و قال علیه السلام: «إنّما مثلي بينكم مثل السراج في الظلمة، يستضيء به من ولجها، فاسمعوا أيها الناس وعوا، و أحضروا آذان قلوبكم تفهموا» (4).

5- العلم والمعرفة، و هذا الميزان ممّا وضعه الله تعالى في الإنسان منذ خلقته، كما قال علیه السلام: «ثم نفخ فيها من روحه فمثلت إنساناً ذا أذهان يجيلها، و فكر يتصرّف بها، و جوارح يختدمها، و أدوات يقلّبها، و معرفة يفرق بها بين الحق و الباطل، و الأذواق و المشام، و الألوان و الأجناس»(5).

ص: 36


1- نهج البلاغة الخطبة: 237
2- نهج البلاغة الخطبة: 156
3- نهج البلاغة، الخطبة: 197
4- نهج البلاغة الخطبة: 187
5- نهج البلاغة الخطبة: 1

و قال علیه السلام في مقام ذم جيشه عند تخاذلهم: تخاذلهم: «أضرع الله خدودكم، و أتعس جدودكم، لا تعرفون الحق كمعرفتكم الباطل، و لا تبطلون الباطل كإبطالكم الحق» (1)، و ذلك لأنّهم تركوا سبيل العلم و المعرفة فتاهوا.

و قال علیه السلام في أهمية العلم و الوعي: «رحم الله عبداً سمع حكماً فوعى، و دُعي إلى رشاد فدنا، و أخذ بحجزة هاد فنجا» (2)

و قال علیه السلام: «فاتقوا الله تقيّة ذي لب شغل التفكر قلبه... سلك أقصد المسالك إلى النهج المطلوب، و لم تفتله فاتلات الغرور، و لم تعم عليه مشتبهات الأمور... ثم منحه قلباً حافظاً، و لساناً لافظاً، و بصراً لاحظاً، ليفهم معتبراً، و يقصّر مزدجراً» (3)

و قال علیه السلام: في لزوم إعمال الفكر و النظر لتقييم الأعمال و معرفة الصحيح منها و الباطل: «و الناظر بالقلب، العامل بالبصر، يكون مبتدأ عمله أن يعلم أعمله عليه أم له، فإن كان له مضى فيه، وإن كان عليه وقف عنده، فإنّ العامل بغير علم كالسائر على غير طريق، فلا يزيده بعده عن الطريق الواضح إلّا بعداً من حاجته، و العامل

ص: 37


1- نهج البلاغة، الخطبة: 68
2- نهج البلاغة الخطبة 75
3- نهج البلاغة، الخطبة: 82

بالعلم كالسائر على الطريق الواضح، فلينظر ناظر أسائر هو أم راجع» (1)

6- الاعتبار، بأن ينظر الإنسان عاقبة أعمال الآخرين و أحوال الأمم الماضين و يعتبر منها، و تكون دليلاً له على الحق و الباطل، قال علیه السلام: «انّ من صرحت له العبر عما بين يديه من المثلات، حجزه التقوى عن تقحّم الشبهات» (2).

و قال علیه السلام: «و خلّف لكم عبراً من آثار الماضين قبلكم، من مستمتع خلاقهم، و مستفتح خناقهم» (3) أي خلّف لكم عبراً من القرون السالفة، منها تمتعهم بنصيبهم من الدنيا ثم فناؤهم، و منها فسحة خناقهم و طول آمالهم، ثم كانت عاقبتهم الهلكة.

و قال علیه السلام: «فاتعظوا عباد الله بالعبر النوافع، و اعتبروا بالآي السواطع»(4)

7- كراهة النفس، أي انّ الحق ربما يكون ثقيلاً فتكرهه النفس الأمارة و تأبى،قبوله، قال علیه السلام: «انّ الحق ثقيل مريء، و انّ الباطل

ص: 38


1- نهج البلاغة، الخطبة: 154
2- نهج البلاغة، الخطبة: 16
3- نهج البلاغة الخطبة: 82
4- نهج البلاغة الخطبة: 84

خفيف وبيء»(1)

و قال علیه السلام: «انّ رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم كان يقول: «انّ الجنّة حُفّت بالمكاره، و انّ النار حُفّت بالشهوات، و اعلموا انّه ما من طاعة الله شيء إلّا يأتي في كره، و ما من معصية الله شيء إلّا يأتي في شهوة»(2).

8- اليقين و البصيرة، حيث يتمكن الإنسان البصير من معرفة الحق و التمسّك به و الوصول إلى اليقين و الاطمئنان، قال علیه السلام: «إنما سمّيت الشبهة شبهة لأنّها تشبه الحق، فأمّا أولياء الله فضياؤهم فيها اليقين، و دليلهم سمت الهدى، و أما أعداء الله فدعاؤهم الضلال، و دليلهم العمى» (3).

و قال علیه السلام في وصف المتقي: «قد خلع سرابيل الشهوات، و تخلّى من الهموم إلّا هماً واحداً انفرد به، فخرج من صفة العمى، و مشاركة أهل الهوى، و صار من مفاتيح أبواب الهدى، و مغاليق أبواب الردى، قد أبصر طريقه، و سلك سبيله، وعرف مناره، و قطع غماره، و استمسك من العرى بأوثقها، و من الحبال بأمتنها، فهو من اليقين على مثل ضوء الشمس» (4)

ص: 39


1- نهج البلاغة، قصار الحكم: 366
2- نهج البلاغة، الخطبة: 176
3- نهج البلاغة الخطبة: 38
4- نهج البلاغة، الخطبة: 86

و قال: «فلينتفع امرؤ بنفسه، فإنّما البصير من سمع فتفكّر، و نظر فأبصر، و انتفع بالعبر، ثم سلك جدداً واضحاً، يتجنّب فيه الصرعة في المهاوي، و الضلال في المغاوي»(1)

و لأهمية البصيرة في التمسّك بالحق، يشكو أمير المؤمنين علیه السلام لكميل من بعض أتباع الحق الذين ليس لهم بصيرة كافية، و هذا ما سيسبّب انحرافهم فيما بعد:

قال علیه السلام: «انّ هاهنا لعلماً جماً (وأشار إلى صدره) لو أصبت له حملة، بلى أصبت لقناً غير مأمون عليه... أو منقاداً لحملة الحق لا بصيرة له في أحنائه، ينقدح الشك فى قلبه لأوّل عارض من شبهة» (2).

ص: 40


1- نهج البلاغة، الخطبة: 153
2- نهج البلاغة، قصار الحكم: 137

ميزان الباطل

بعدما بيّنا ميزان الحق بقي علينا أن نبيّن ميزان الباطل لنزن الأمور به و نتجنّب الوقوع في فخ الباطل.

1 - الشبهات، و قد يقع الكثير فيها لشباهتها بالحق و تلوّنها، كما قال علیه السلام: «إنّما سمّيت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحق»(1)، و هذا ما وقع فيه الخوارج لما نادوا: «لا حكم إلا لله» فإنّها كما قال علیه السلام: «كلمة حق يراد بها باطل، نعم انّه لا حكم إلا لله، و لكن هؤلاء يقولون لا إمرة...» (2)

و قال علیه السلام: «فلو انّ الباطل خلص من مزاج الحق لم يخف على المرتادين، و لو انّ الحق خلص من لبس الباطل انقطعت عنه ألسن المعاندين، و لكن يؤخذ من هذا ضعث و من هذا ضعت فيمزجان، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه، و ينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى»(3).

و عند اشتباه الأمور و خلوّ الإنسان من البصيرة، تختلط الأوراق

ص: 41


1- نهج البلاغة الخطبة: 38
2- نهج البلاغة الخطبة: 40
3- نهج البلاغة الخطبة 50

عليه فيتيه، و هذا ما كان يعاني منه أمير المؤمنين علیه السلام حيث خاطب جيش المسلمين: «أضرع الله خدودكم، و أتعس جدودكم، لا تعرفون الحق كمعرفتكم الباطل، و لا تبطلون الباطل كإبطالكم الحق» (1).

و قال علیه السلام: «سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شيء أخفى من الحق، ولا أظهر من الباطل» (2).

و هذا الخلط بين الحق و الباطل و اشتباه الأمور تطرق حتى إلى الروايات النبوية، و لذا لمّا سئل أمير المؤمنين علیه السلام عن أحاديث البدع و عمّا في أيدي الناس من اختلاف الخبر، قال: «انّ في أيدي الناس حقاً و باطلاً، و صدقاً و كذباً، و ناسخاً و منسوخاً، و عاماً و خاصاً، و محكماً و متشابهاً، و حفظاً و وهماً، و قد كُذب على رسول اللهصلی الله علیه و آله و سلم على عهده حتى قام خطيباً فقال: من كذب عليّ متعمّداً فليتبوأ مقعده من النار»(3).

و من الأمور التي حذّر منها أمير المؤمنين علیه السلام الوالي - كما في عهده للأشتر - الاحتجاب عن الناس حيث يسبب انتشار الشبهة، قال علیه السلام: «فلا تطولنّ احتجابك عن رعيتك... و الاحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه فيصغر عندهم الكبير، و يعظّم الصغير، و يقبح الحسن و يحسن القبيح، و يُشاب الحق بالباطل» (4).

ص: 42


1- نهج البلاغة الخطبة: 68
2- نهج البلاغة، الخطبة: 147
3- نهج البلاغة الخطبة: 210
4- نهج البلاغة، الكتاب: 53

و قال علیه السلام: «انّ المبتدعات المشبّهات هنّ المهلكات إلّا ما حفظ الله منها» (1).

2- الفتنة وهي أيضاً من الأمور التي تسبب انتشار الباطل و ضياع الحقيقة، و على سبيل المثال قال أمير المؤمنين علیه السلام و هو ينصح عثمان ليرجع عمّا أحدثه من أمور أغضبت الصحابة و عامة المسلمين: «و إنّي أنشدك الله أن تكون إمام هذه الأمة المقتول، فإنّه كان يقال: يقتل في هذه الأمة إمام يفتح عليها القتل و القتال إلى يوم القيامة، و يلبس أمورها عليها، و يبثّ الفتن فيها، فلا يبصرون الحق من الباطل، يموجون فيها موجاً، و يمرجون فيها مرجاً»(2).

3- طاعة الشيطان الذي هو من أبرز مصاديق الباطل قال علیه السلام: «اتخذوا الشيطان لأمرهم ملاكاً، و اتخذهم له أشراكاً، فباض و فرّخ في صدورهم، و دبّ و درج في حجورهم، فنظر بأعينهم و نطق بألسنتهم، فركب بهم الزلل، و زيّن لهم الخطل، فعل من قد شركه الشيطان في سلطانه، و نطق بالباطل على لسانه»(3).

و قال علیه السلام في قوم التحقوا بالخوارج: «انّ الشيطان اليوم قد استفلّهم، وهو غداً متبرئ منهم و مخلّ عنهم، فحسبهم بخروجهم من الهدى و ارتكاسهم في الضلال و العمى، و صدّهم عن الحق، و جماحهم

ص: 43


1- نهج البلاغة، الخطبة: 169
2- نهج البلاغة، الخطبة: 164
3- نهج البلاغة، الخطبة: 7

في التيه» (1).

4- الهوى وحب الدنيا، حيث يسببان ترك الحق و التمسك بالباطل، قال علیه السلام في سبب بغي البغاة: «فلمّا نهضت بالأمر نكثت طائفة، و مرقت أخرى، و فسق آخرون، كأنهم لم يسمعوا الله سبحانه يقول: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) بلى و الله لقد سمعوها و وعوها، و لكنّهم حليت الدنيا في أعينهم، و راقهم زبرجها» (2).

و قال علیه السلام: «أيها الناس انّ أخوف ما أخاف عليكم اثنتان: اتباع الهوى و طول الأمل، فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، و أما طول الأمل فينسى الآخرة» (3).

و قال علیه السلام في عمرو بن العاص: «انّه ليمنعه من قول الحق نسيان الآخرة» (4).

ثم انّ صاحب الهوى يحاول أن يفسّر الحق أيضاً طبقاً لأهوائه و رغباته، قال علیه السلام: «و آخر قد تسمّى عالماً و ليس به، فاقتبس جهائل من جهّال و أضاليل من ضلّال... قد حمل الكتاب على آرائه، و عطف الحق على أهوائه، يؤمن من العظائم و يهون كبير الجرائم، يقول أقف

ص: 44


1- نهج البلاغة، الخطبة: 181
2- نهج البلاغة، الخطبة: 3
3- نهج البلاغة الخطبة: 42
4- نهج البلاغة، الخطبة: 83

عند الشبهات و فيها وقع، و يقول أعتزل البدع وبينها اضطجع، فالصورة صورة إنسان و القلب قلب حيوان لا يعرف باب الهدى فيتبعه، ولا باب العمى فيصد عنه، فذلك ميت الأحياء» (1).

و قال علیه السلام في حب الدنيا والمفتونين بها: «أقبلوا على جيفة قد افتضحوا بأكلها، و اصطلحوا على حبها، و من عشق شيئاً أعشى بصره، و أمرض قلبه، فهو ينظر بعين غير صحيحة، و يسمع بأذن غير سميعة، قد خرقت الشهوات عقله، و أماتت الدنيا قلبه، و ولهت عليها نفسه، فهو عبد لها و لمن في يديه شيء منها، حيثما زالت زال إليها، و حيثما أقبلت أقبل عليها»(2).

و أشار علیه السلام إلى أمر الحكمين في معركة صفين، و انّ اتباع الهوى هو الذي أدّى إلى ضلالهما و اتخاذ ما اتخذا، حيث قال علیه السلام: «إنّما اجتمع رأي ملئكم على اختيار رجلين، أخذنا عليهما ألّا يتعدّيا القرآن فتاها عنه، و تركا الحق و هما يبصرانه، و كان الجور هواهما فمضيا عليه، و قد سبق استثناؤنا عليهما فى الحكومة بالعدل و الصمد للحق، سوء

رأيهما، و جور حكمهما» (3).

و قال علیه السلام: «و كذلك من عظمت الدنيا في عينه، و كبر موقعها

ص: 45


1- نهج البلاغة، الخطبة: 82
2- نهج البلاغة الخطبة: 108
3- نهج البلاغة الخطبة: 127

من قلبه، آثرها على الله، فانقطع إليها و صار عبداً لها»(1).

و قال علیه السلام: «و اعلموا رحمكم الله انّكم في زمان القائل فيه بالحق قليل، و اللسان عن الصدق كليل، و اللازم للحق ذليل، أهله معتكفون على العصيان، مصطلحون على الادهان» (2).

5- النفاق، قال علیه السلام في المنافقين: «وأحذّركم أهل النفاق، فإنّهم الضّالون المظلّون، و الزالّون المزلّون... قد أعدّوا لكلّ حق باطلاً، و لكل قائم مائلاً...»(3).

6- الجهل، قال علیه السلام: «من تعمّق لم يُنب إلى الحق، و من كثر نزاعه بالجهل دام عماه عن الحق»(4).

إلى هنا ننهي الكلام عن الحق و الباطل كما ورد على لسان أمير المؤمنين علیه السلام في نهج البلاغة، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيد المرسلين و آله الطاهرين.

***

ص: 46


1- نهج البلاغة، الخطبة: 160
2- نهج البلاغة الخطبة: 232
3- نهج البلاغة الخطبة: 194
4- نهج البلاغة، قصار الحكم: 27

الفهرس

تمهيد... 5

معنى الحق... 7

وضوح الحق... 9

أهل الحق و أهل الباطل 11

كيفية الوصول إلى الحق... 16

التمسّك بالحق... 19

نتائج ترك الحق... 25

الخير و الشر... 30

میزان الحق... 32

ميزان الباطل... 41

الفهرس... 47

ص: 47

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.