حسن مهدي الشيرازي جهوده الفكرية، وآراؤه الإصلاحية

هوية الكتاب

حسن مهدي الشيرازي

جهوده الفكرية، وآراؤه الإصلاحية

(1935-1980م)

عادل غانم حسن العارضي

حقوق الطبع محفوظة

الطبعة الأولى

1441 ه. 2020م

الشجرة الطيبة

النجف الأشرف: شارع الرسول - سوق الحويش - قرب جامع الأنصاري

مكتبة الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)

ص: 1

اشارة

حقوق الطبع محفوظة

الطبعة الأولى

1441 ه. 2020م

الشجرة الطيبة

النجف الأشرف: شارع الرسول - سوق الحويش - قرب جامع الأنصاري

مكتبة الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)

ص: 2

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَّدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً}

[سورة الإسراء: الآية 80]

صدق اللّه العلي العظيم

ص: 3

الإهداء

إلى روح أستاذي أ.م.د عبد الهادي كريم سلمان، عرفاناً وامتناناً.

إلى روح والدي الذي أغمض عينيه ولم يرَ بعد ثمر ماغرست يداه.

إلى روح خلّي وأخي الشيخ الشهيد ناظم البديري، الذي فارقني وأنا بأمس الحاجة إليه.

إلى أهلي وعائلتي وكل من أسهم في إعداد هذا الجهد.

ص: 4

مقدمة مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث

الحمد للّه رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين، وبعد:

لقد كان الشهيد الراحل السيد حسن الشيرازي واحدا من ألمع المصلحين الإسلاميين في العصر الحديث، وقد جمعت رغبته الشديدة في الإصلاح والبناء السليم بين التقى والورع والتفقّه في الدين والإيمان الحقيقي وبين السلوك الحضاري الذي جاء مؤكدا لهذه الرغبة ومعزّزا أصالتها وقيمتها من خلال ما حفلت به سيرة الراحل الشخصيّة من تعدّد وتنوع للمآثر الإنسانيّة والأخلاقيّة التي تولى الوقوف عليها بنفسه، ومن كثرة للأعمال الخيريّة التي حرص على إقامتها في الأمصار الإسلاميّة المختلفة التي حطّ بها أقدامه المباركة.

وقد ظلّ الشهيد السعيد يمثّل صوتا صادحا في الكفاح الطويل للشعب العراقي ضد رموز التسلّط والدكتاتورية، ولم يكن هذا الصوت مردّدا أو محاكيا لما يجري في الواقع العراقي، بل كان صوتا خالقا ومستشرفا ما يجب أن يكون عليه هذا الواقع، وهو ما نجد صداه واسعا في كتاباته الفكرية والإبداعية على حدّ سواء.

والمطلع على هذه الكتابات يجد مشروعا متكاملا يصف حالتنا الفكرية المتردية آنذاك، ويستهدف تقديم حلول واقتراحات، لو تهيّأ لها أن تخضع للتفعيل والتنشيط لأسهمت في إعادة القيمة الثقافيّة والفكريّة المفتقدة في واقعنا المرير، وفي إخراج الأمة من المآزق المتعدّدة التي تعيشها.

وقد امتدت كتابات السيد حسن الشيرازي (رحمه اللّه) في ضروب المعرفة المختلفة، فمن علوم العربية وفنونها إلى الفكر الإنساني الرحب، ومن هذا الفكر إلى

ص: 5

الكتابة حول خصوصيات الواقع الإسلامي ومعرقلات ازدهاره وتطوره، ومن هذه الخصوصيات تنقّل إلى عالم تفسير القرآن وسيَر الأئمة وموضوعات الثقافة الإسلامية المهمّة، دون أن ننسى إبداعه الشعري والأدبي الذي ارتبط ارتباطا وثيقا بالأحداث والوقائع اليوميّة التي عايشها المسلمون، وحاول السيد الشهيد نقلها بكل صدق وأمانة إلى عالم الشعر والكتابة الإبداعية بأسلوب رشيق وبعبارة جمعت بين الفصاحة والجزالة والذوق الشعري المؤثر.

وقد استند مشروع السيد حسن الشيرازي الفكري على مجموعة مرتكزات وأسس أعطته قوته وحجّيته وتميّزه بين المشاريع النهضوية والإصلاحية التي شهدتها المنطقة الإسلاميّة بعد منتصف القرن الماضي الذي شهد مجموعة من التحولات الفكرية والسياسيّة والاجتماعيّة المُسهمة في إفراز هذا المشروع وفي إخراجه للنور رغم قصر الفترة الزمنية التي تقيّضت للسيد الشهيد للمشاركة في هذا الحراك وفي إغنائه على مختلف الصعد، وذلك بسبب قيام السلطات البعثية الدكتاتوريّة باغتياله عنوة لما استشعرت الخطر الحقيقي والداهم الذي يحمله هذا الفكر وصاحبه معا.

وفي هذا الكتاب الذي كان بالأصل رسالة للماجستير يقدم مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث للقارئ الكريم فرصة للتعرف على دقائق المشروع الفكري عند السيد الشهيد حسن الشيرازي، وقد حاول الباحث الجاد الأستاذ (عادل غانم حسن العارضي) أن يقف عند هذا المشروع الفكري من خلال مصادره الأساسية، وقد وجد المشروع يقوم على مرتكزات عديدة، لعلّ أهمها:

٭ استخدام السيد حسن الشيرازي أسلوب الحوار البنّاء في مناظراته مع الذين اختلفوا معه في وجهات النظر، وقد كان لهذا الأسلوب الأثر الفاعل في تغيير وجهات نظرهم حول مواقفه وآرائه، لان الحوار البناء افضل الوسائل لبناء جسور التواصل والتفاهم وصولا إلى قناعات إنسانيّة أو إسلامية مشتركة.

ص: 6

٭ تميز منهج السيد حسن الشيرازي الإصلاحي بميزة جوهرية تمثّلت بعدم وجود خط فاصل في تفكيره بين التنظير والتطبيق، فكان لايتعب نفسه كثيراً في التنظير للإصلاح، وإنما يتحرك عملياً كلما وجد فرصة للإصلاح والتغيير، وسيرى القارئ ذلك واضحاً فيما سيعرض له الباحث من السيرة الشخصيّة المهذّبة للسيد الشهيد، وطريقة تعامله مع القضايا الإسلامية الشائكو والجوهرية، فهو بتحركه الاسلامي الواسع والمنفتح على كل طبقات المجتمع الإسلامي ومذاهبه لايترك فرصة ممكنة للإصلاح في المجتمع المسلم الا وانتهزها، وقد استفاد كثيراً من فلسفته الخاصه وخلقه الرفيع في الحوار الهاديء البناء للتعامل مع كل هذه القضايا الشائكة والخطيرة.

٭ ظلّت الغاية التي تشدّ مشروع السيد الشهيد غاية أخلاقية في جوهرها الأول، وهو لم يتنازل عن هذه الغاية في جميع ممارساته وأنشطته الدينيّة والسياسية والفكرية والاجتماعية والثقافية، وفي هذا الأمر يكمن سرّ الانشراح الذي زيّن صدر هذا العالم الجليل والشهيد السعيد، وهو ما عبّر عنه صراحة في مجموعة من خواطره وتأملاته واستذكاراته الخاصة التي تركها لنا، وقد تجلّى هذا الانشراح في شدة ابتهاجه بكل عمل يتشوَّف إلى موالاة اللّه والذود عن أمره والذبّ عن دينه خدمة للإنسان وللإنسانيّة، ولو كان ثمن ذلك حياته ودمه الطاهر الزكي.

(مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث)

ص: 7

مقدمة المؤلف

انصبّت العديد من الدراسات الأكاديمية وغير الأكاديمية على دراسة موضوعات متعددة من تاريخ العراق الحديث والمعاصر، لكن القليل منها اهتم بدراسة رجال الفكر والإصلاح، كان السيد حسن الشيرازي احد أولئك البارزين في ذلك المجال، خلال سبعينيات القرن العشرين في مختلف مجالات الإصلاح، علماً أن حوزة كربلاء المقدسة العلمية لم تدرس بشكل جيد كما درست حوزة النجف الأشرف، فكان ذلك الدافع الأول في اختياري لموضوع الرسالة.

كانت رغبتي بالوقوف على حقيقة المكونات الفكرية للسيد الشيرازي من حيث الكم والكيف، وهل حوت أفكاراً تجديدية حقيقية لامست التيارات المتناقضة التي تصارعت صراعاً مريراً من أجل فرض أجندتها على الساحة العراقية سيما وأنه عاش في مرحلة امتازت بسرعة التغيرات السياسية بعد إنهيار النظام الملكي في العراق 14/تموز/1958م دافعاً ثانياً للباحث.

مثلت رغبة أستاذي المغفور له أ.م.د عبد الهادي كريم سلمان (رحمه اللّه) في دراسة السيد حسن الشيرازي، والوقوف على أفكاره الإصلاحية وجهوده الفكرية، وهل أن فكره الإصلاحي قد أثمر عن نتائج أسهمت في تغيير حياة بعض المسلمين خاصة فيما يتعلق بمنهجه في الوحدة الإسلامية، وفهمه للوحدة الإسلامية، دافعاً ثالثاً لي.

برزت أثناء قراءتي الأولية حول موضوع البحث العديد من الأسئلة منها: ماهي

ص: 8

الأسس والمؤثرات التي أثرت في طبع الجانب الفكري والمعرفي للسيد حسن الشيرازي؟.

هل يعد السيد حسن الشيرازي رجل دين؟ أو أنه فقيه مجدّد، أو مصلح اجتماعي سياسي أو مفكر اقتصادي؟ كلّ هذه التساؤلات وغيرها حفزت الباحث للدراسة حول السيد حسن الشيرازي وكانت دافعاً رابعاً لاختيار الباحث لموضوع رسالته.

تكونت الرسالة من المقدمة وأربعة فصول وخاتمة لأهم النتائج، درست في الفصل الأول سيرة السيد حسن الشيرازي وولادته ونشأته ودراسته الأولية في كربلاء المقدسة، وكشفت فيه عن تاريخ ولادته الحقيقي، وتحدثت بعد ذلك عن أسرة السيد حسن الشيرازي وإسهاماتها في القضايا السياسية والإجتماعية والإقتصادية من تاريخ العراق الحديث والمعاصر متوقفاً عند أبرز أفرادها وما اشتملت عليه نتاجاتهم الفكريّة والمعرفيّة، وما حفلت به حياتهم من مواقف سياسية، وقد حاولت بيان الأثر البارز لأفراد هذه الأسرة في حياة السيد حسن الشيرازي، لا سيما أثر والده الميرزا السيد مهدي الشيرازي وأثر أخيه السيد محمد الشيرازي في توجيهه الوجهة التي اختطها فيما بعد في حياته.

وأشرتُ إلى أبرز أستاذته ودراسته في الحوزة العلمية في كربلاء المقدسة، وتدرّجه العلمي فيها وذكرت أبرزهم في الفقه والأصول والفلسفة، مبّيناً أهم المحطات التي مروا بها في حياتهم وآثارهم ودراستهم وسيَرَهم، وآثارهم العلميّة التي كتبوها والأثر الذي تركوه في تفكير المجاهد السيد حسن الشيرازي، فضلا عن إسهاماتهم في صقل شخصيته الفكرية والمعرفية، وقدر استفادته من أساتذته في القضايا التي عالجها فيما بعد، واتّخذت منهم في مرحلة البحث الخارج أنموذجاً لأن لهم التأثير الأكثر فاعلية في تكوينه الفكري والمعرفي.

ص: 9

تناولت تكوين السيد حسن الشيرازي الفكري والمعرفي وتحدثت عن اثر البيئة الكربلائية في ذلك وأهم السمات التي طبعت تلك البيئة المعرفية من ازدهار لحركة الطباعة والنشر، واهتمام الرحالة الأوربيين بهذه المدينة، والجو المعرفي العام لمدينة كربلاء المقدسة ودور الفئة المثقفة في كربلاء في ازدهار الحياة المعرفية، ووضحت أثر أساتذته في تكوينه الفكري والمعرفي، وكذلك قراءاته المتعددة واطّلاعه الجيد على العديد من الأفكار والآراء والطروحات، وكيف أسهمت هذه العوامل بالإضافة إلى الانفتاح الفكري الذي اتّصف به السيد حسن الشيرازي وفهمه العميق للإسلام وتأملاته في كتاب اللّه العزيز - القرآن الكريم - في بلورة أفكاره وآراءه الإصلاحية، يضاف إلى كل ذلك اطلاعه الجيد على التاريخ الحديث وتفهمه لمجمل الطروحات الفكرية سواء أكانت رأسمالية أم شيوعية أم غير ذلك.

فيما تناولت في الفصل الثاني، جهوده الفكرية مبيناً فيها أبرز مؤلفاته في المجال مبتدءا بالمؤلفات الدينية، مستعرضا عناوين أبرز مؤلفاته في الجانب الديني وعدد صفحاتها وأماكن الطباعة وسنيها، ومحددا طبيعة الدوافع التي دعته إلى كتابة بعضها، مستعرضاً الخطوط العريضة لعناوينها والمفردات التي تكونت منها هذه المؤلفات.

تعرضت كذلك إلى جهوده في مجال التفسير ضمن مؤلفاته الدينية بالإضافة إلى جهوده في مجال السيرة والحديث، مبيناً منهجه في مجال تفسير القرآن والأسلوب الذي اعتمده القائم على الأسلوب التأملي الفلسفي في القرآن الكريم، وكيف استطاع ان يوظف أدواته المعرفية في مجال التفسير، وبينت مؤلفاته في مجال الثقافة الإسلامية العامة التي عالجت بعض المشكلات الأساسية في المجتمع الإسلامي، كما وضح الباحث جهوده في مجال الاقتصاد

ص: 10

الإسلامي من خلال كتابه الأقتصاد، وذكرت أبرز مقالاته في الصحف والمجلات العراقية والعربية التي اهتمت بالقضايا الإسلامية.

ثم ذكرت جهوده في مجال التربية والتعليم واهتمامه الكبير بمسألة التعليم الديني أثناء إقامته في كربلاء المقدسة وتركيزه على دور الشباب والاهتمام بهم ومخاطبتهم بشكل مباشر عن طريق المحاضرات التي كان يلقيها على طلابه في الحوزة العلمية في كربلاء المقدسة أو على عامة الناس في المساجد والمنتديات الدينية والاحتفالات كما تعرض الباحث إلى قضية مهمة جداً في حياته وهي إنشاؤه للحوزة العلمية الزينبية التي تعدّ من أهم مشاريع السيد حسن الشيرازي، ابتداءً من أصل الفكرة، مروراً بتطبيقها، وما المعوقات التي رافقت مرحلة الإنشاء، وذكر هيكليّتها ونظامها الداخلي ودورتها التخريجية، والمواد الدراسية لهذه الحوزة ونظام العطل وتمويلها.

وتعرضت إلى جهود السيد حسن الشيرازي في مجال الأدب واللغة مستعرضاً أهم قصائده ومجموعاته الشعرية، متوقفاً عند بعض قصائده التي تناولت موضوعات مهمة في تاريخ العراق السياسي او التي تعلقت بالوحدة الإسلامية أو القضية الفلسطينية.

وقد تناولت في الفصل الثالث من رسالتي (آراءه الإصلاحية) متوقفاً عند مفهوم الإصلاح عند السيد حسن الشيرازي ضمن جهوده الإصلاحية الدينية، ومشيراً إلى أن الإصلاح الديني كان هاجساً لدى العديد من الشخصيات الدينية والمراجع المتقدمين، وقد بيّن الباحث الإصلاح الديني عند السيد حسن الشيرازي وهو إصلاح يرتكز على دعامتين هما: الحوار الهادئ البنّاء، واللاعنف، وقد انطلق من هاتين الدعامتين ليضع مشروعه الإصلاحي ويطبقه على ارض الواقع.

ص: 11

تعرض الباحث إلى جهوده في الإصلاح الديني مع العلويين في بلاد الشام وكيف استطاع استعادتهم إلى المذهب الاثني عشري، واستعرض جهوده في إنشاء جماعة العلماء في لبنان، وتأسيسه دار الصادق للطبع والنشر، وجهوده من اجل إعادة تشييد قبور أئمة البقيع، بالإضافة إلى جهوده في نشر الإسلام في القارة الإفريقية في ساحل العاج وسيراليون، وزيارته لهاتين الدولتين ولقائه بالمسؤولين فيهما، كما تعرّض الباحث كذلك لجهوده في إحياء المؤتمر العالمي للإمام علي (عليه السلام) وموقفه المساند للثورة الإسلامية في إيران، إذ وقف مؤازراً للشعب الإيراني في جهاده ضد الشاه محمد رضا البهلوي، وذكر الباحث جهوده الإصلاحية الاقتصادية مركزاً بشكلٍ خاص على كتابه (الاقتصاد) الذي ناقش الأطروحة الاقتصادية الرأسمالية والشيوعية، ومناقشة مداليلهما الفكرية الايدولوجية، راسماً منهج السيد حسن الشيرازي في الاقتصاد الإسلامي، موضحاً أهم الآراء الاقتصادية له في مجال الاقتصاد، فيما عرّج الباحث على آرائه الإصلاحية الاجتماعية ومنهجه في الإصلاح والعمل الاجتماعي.

وتناولت في الفصل الرابع من رسالتي جهود السيد حسن الشيرازي الإصلاحية السياسية مستعرضاً الفكر السياسي عنده ومنطلقاته السياسية، وانطلاقه من نظرية الولاية الشورية أو «شورى الفقهاء» مبيناً موقفه من الاستعمار الأوربي الذي جثم على صدر الأمة الإسلامية بعد الحرب العالمية الأولى، وآراءه في سبب تدهور الأمة الإسلامية، وكيفية المعالجات التي يمكن أن توضع حتى يمكن للمسلمين أن ينهضوا من جديد، وعالج الباحث موقفه من التطورات السياسية التي شهدها العراق وموقفه من النظام الملكي والنظام الذي تلا ثورة 14/ تموز/1958م وموقفه من انقلاب 17/ تموز/1968م، ثم عرج الباحث على موقفه من حكومة البعث، واعتقاله ثم سفره إلى بيروت، وعملية اغتياله

ص: 12

في2/5/1980م في بيروت من قبل أجهزة النظام البعثي.

وقد حاولت في إعداد الرسالة أن استعمل عدة مناهج، فقد اعتمدت المنهج الوصفي في مواضع من رسالتي حينما تقتضي الضرورة ذلك، واعتمدت منهج «التعليل والتحليل» في مواضع أخرى من الرسالة.

وتنوعت المصادر التي اعتمدتها في إعداد هذه الرسالة، إذ شكّلت مؤلفات السيد حسن الشيرازي حجر الزاوية في المصادر الأساسية والجديرة بمعلوماتها الفاعلة في جميع فصول الرسالة، وقد شكّل فيه كتاباه «كلمة الاسلام» و«الاقتصاد» الركن الأهم بين جميع المصادر والمراجع التي أغنت الدراسة بالمعلومات، فالأول منهما وضّح فيه فكره ومنهجه السياسي، وآراءه السياسية، عارضاً تساؤلات عن سبب تأخر المسلمين، وما السبل التي يمكن من خلالها معالجة هذه الحالة، وقد عبّر فيها عن الأحزاب والحركات الإسلامية وظروف عملها وأطروحاتها ومشاريعها، ثم تحدث فيه عن حركة الأعمال الفردية التي ظهرت في بعض أجزاء العالم، وعرض فيه مشروعه الإصلاحي السياسي «حركة الفقهاء والمراجع»، أما الكتاب الثاني «الاقتصاد» فقد طرح فيه الفلسفة الرأسمالية في الاقتصاد، في الإنتاج والاستهلاك والمنفعة ومكانة الفرد في المجتمع الرأسمالي عند التطبيق، ثم عرج على مسألة الماركسية الشيوعية، متوقفاً عند ابرز ملامحها ونقاط الضعف فيها، ودور الأخلاق في الفلسفة الشيوعية، ثم شرح نظرية الإسلام في الاقتصاد متوقفاً عند أبرز خصائصها وأهدافها، مقارناً بينها وبين الفلسفات الأخرى.

ولم تكن مقالات السيد حسن الشيرازي بأقل أهمية من كتبه، فقد اعتمد عليها الباحث في كل فصول الرسالة، فكانت من الروافد المهمة التي رفدت الرسالة بالمعلومات القيمة.

ص: 13

استخدم الباحث عدداً من المصادر والمراجع العربية والمعربة كان من أبرزها مؤلفات السيد محمد الشيرازي، «عشت في كربلاء» «وخواطر وذكريات» «القوميات في خمسين سنة» بالإضافة إلى مؤلفات السيد سلمان هادي آل طعمة «كربلاء في الذاكرة» و«صحافة كربلاء»، وكتابه المخطوط «الأسر العلمية في كربلاء»، ورسائل جامعية متنوعة، كان من أهمها الفكر السياسي عند السيد محمد الشيرازي لخالد عليوي عبد، وكانت «لموسوعة طبقات الفقهاء»، اللجنة العلمية في مؤسسة الإمام الصادق، من ابرز المعاجم التي اعتمدتها، ثم أجرى الباحث العديد من المقابلات الشخصية مع عدد من معاصري السيد حسن الشيرازي وأصدقائه وطلابه كان من أبرزهم السيد مرتضى القزويني والسيد عباس المدرسي، والشيخ محمد أمين الغفوري.

وقد اجهتني معوقات عديدة في كتابة الرسالة من أهمها وفاة والدي في السنة التحضيرية الذي خلف موته ثغرة كبيرة في حياتي، ووفاة أستاذي المشرف أ.م.د عبد الهادي كريم سلمان (رحمه اللّه) الذي يعد الأب الثاني لي، وفي الختام لا يسعني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر والعرفان للسادة رئيس وأعضاء لجنة المناقشة المحترمين لقبولهم دعوة مناقشة رسالتي، وأني إذ أضع هذا الجهد بين أيدي المختصين اسأل اللّه أن أكون قد وفقت لعرضه بأمانة وحسبي أني باحث قد أخطأ وقد أصيب ومنه تعالى أستمد العون، إنه قريب مجيب.

الباحث

ص: 14

الفصل الأول: سيرة السيد حسن الشيرازي

اشارة

المبحث الأول: ولادته وأسرته

المبحث الثاني: أساتذته

المبحث الثالث: تكوينه المعرفي والفكري

ص: 15

ص: 16

المبحث الأول: ولادته وأسرته

ولد السيد حسن بن مهدي الحسيني الشيرازي(1) في النجف الأشرف عام 1354ه/1935م(2) في عائلة علمية محافظة، لها ماضٍ مجيد في الفقه وفي بيت مزدهر بالثقافة العربية الإسلامية، فلا غرابة أن تنجب تلك الأسرة فتىً ينهل العلم من ينابيعها ويتشرب الأدب واللغة من مواردها(3).

ص: 17


1- نسبة إلى مدينة شيراز التي تأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية السياسية والاقتصادية في إيران وتسقى من نهر بند أمير ومحيطها سبعة أميال وتعتبر من أجمل مدن إيران وأغناها بالفاكهة. آرثر اربلي، شيراز مدينة الأولياء والشعراء، ترجمة الدكتور سامي مكارم، (بيروت: مؤسسة فرنكلين، 1967)، ص 25. اتخذها كريم خان الزند عاصمة لدولته لطيب هوائها ووفرة الأنهار فيها وهي مقر حاكم إقليم خراسان وهو من اكبر أقاليم إيران، شاكر مصطفى، المدن في الإسلام حتى العصر العثماني، (الكويت: ذات السلاسل، 1988)، ج-2، ص 224.
2- أشار بعض الباحثين والمهتمين بمتابعة ودراسة أعلام الفكر أن تاريخ ولادته في عام 1934 مثل: توفيق العطار، الوطنية في شعر كربلاء، (النعمان: النجف، 1986)، ص 95-98. وكاظم عبودي الفتلاوي، المنتخب من أعلام الفكر والأدب (بيروت: المواهب، 1999)، ص 114 وسلمان هادي آل طعمه في كتابه المخطوط، الأسر العلمية في كربلاء، مخطوط، مكتبته الشخصية، د.ت، و 81. الصحيح أن ولادته في عام 1935 وقد استفدت من كتاب الباحث كوركيس عواد، معجم المؤلفين العراقيين في القرنين التاسع عشر والعشرين 1800-1968، (بغداد: مطبعة الإرشاد، 1969)، ص 701-702 في إثبات ولادته إذ تبدأ سنة 1354ه- في 5 نيسان 1935 وبما أن ولادته في 3/صفر / 1354ه- فتكون في 8/5/1935 ميلادية، Http//Alshirazi.com.
3- سلمان هادي آل طعمة، الأسر العلمية، و 81.

أرخ ولادته الشيخ سلطان علي الصابري(1)

جرياً على العادة المتبعة عند الأسر العلمية ببيتين من الشعر:

جاء للمهدي شبلٌ***حسنُ الطهرُ المبجل

زدت في التاريخ هاءً***«هاهو الغرُ المحجل»(2)

هو= 11 + الغر 1231 + المحجل +112 = 1354ه-

وكان للسيد حسن الشيرازي الشرف في أن يولد بجوار أمير المؤمنين على بن أبي طالب (عليه السلام) وبعد سنتين من ولادته في عام 1356ه، 1937 م هاجرت عائلته إلى كربلاء المقدسة(3) بطلب من المرجع الديني آية اللّه السيد الحاج أغا حسين الطباطبائي القمي(4).

ص: 18


1- سلطان ألصابري، هو الشيخ سلطان علي ملا حسين التستري، ولد في تستر واخذ علومه ومعارفه في حوزة كربلاء على يد علمائها الكبار أمثال الشيخ يوسف الحائري والسيد محمد الشيرازي والسيد مرتضى الموسوي والشيخ محمد الكرباسي والشيخ جعفر الرشتي، وقد رقى المنبر الحسيني واعظا باللغتين العربية والفارسية وصدرت له جملة مؤلفات منها شرح قصيدة الفرزدق، فضل الحسين (عليه السلام) وغيرها.سلمان هادي آل طعمة، معجم رجال الفكر والأدب في كربلاء، (بيروت:دار المحجة البيضاء، 1999)، ص 87-88.
2- سلطان على الصابري، ديوان الصابري، مخطوط، (كربلاء: مكتبة الأديب السيد سلمان هادي آل طعمة د. ت) و، Http//Alshirazi.com.
3- محمد الشيرازي، عشت في كربلاء، (بيروت: مؤسسة التبليغ، 2003)، ص 14-15.
4- حسين القمي (1865-1947)، هو السيد أغا حسين بن السيد محمود بن محمد بن علي الطباطبائي القمي الحائري من أجلاء العلماء ومشاهير المراجع ولد في مدينة قم ودرس المقدمات فيها، ثم زار العتبات المقدسة في العراق ثم رجع إلى إيران فسكن طهران فدرس السطوح ثم حج بيت اللّه الحرام وعاد إلى العراق، بقي في النجف مدة، ثم ذهب إلى سامراء فحضر بحث المجدد الشيرازي وفي سنة 1888م عاد إلى طهران فدرس العلوم الفقهية والعرفان والرياضيات على يد فلاسفة عصره وفي سنة 1893 م هاجر إلى النجف الأشرف لإكمال العلوم الشرعية فحضر أبحاث محمد تقي الشيرازي، وكذلك حضر أبحاث محمد كاظم اليزدي والآخوند الخراساني، سافر إلى إيران عام 1903 وذهب إلى مشهد، وتصدى للتدريس والإمامة ونشر الأحكام وكانت له مكانة عظيمة في نفوس جماهيرها، ثم هاجر من إيران إلى كربلاء بعد خلاف مع السلطات الإيرانية، رشح للزعامة الدينية بعد وفاة أبي الحسن الاصفهاني، توفي في إحدى مستشفيات بغداد سنة 1947م. محمد الشيرازي، المصدر نفسه، ص 15.

بدأ السيد حسن الشيرازي مسيرته العلمية في كربلاء المقدسة وبجوار سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) بعد طفولةٍ عاشها في كنف والده السيد ميرزا مهدي الشيرازي، وقد نشأ على حب الدين وتكونت شخصيته الدينية الملتزمة والعقائدية المتجددة في أعماق نفسه برعاية والده(1). التحق بدراسة المقدمات والسطوح على أفاضل أساتذة حوزة كربلاء المعروفين، وكانت اغلب دراسته على يد ابيه ميرزا مهدي الشيرازي واخيه محمد الشيرازي، حتى أصبح مؤهلاً بشكل كامل لدراسة البحث الخارج فدرس عند والده السيد ميرزا مهدي الشيرازي وكذلك السيد محمد هادي الميلاني والشيخ محمد رضا الأصفهاني(2) واستفاد كذلك من درس أخيه السيد محمد الشيرازي ودرس عنده ونال درجة الاجتهاد(3).

نهض السيد حسن الشيرازي منذ سنوات شبابه الأولى بأعباء المسؤولية التي يلقيها على عاتقه واجبه الديني ووازعه الروحي من كتابة وتأليف وتدريس وتحقيق وتوجيه وإدارة مجلات ونشرات إسلامية وندوات وجمعيات ثقافية دينية أسهمت بشكل فاعل في توعية الشباب المسلم وتهذيبه وتربيته بالأخلاق والآداب والسجايا الإسلامية كما اهتم بالجوانب السياسية للدين، خاصة وأن

ص: 19


1- نور الدين الشاهرودي، أسرة المجدد الشيرازي (بيروت: دار العلوم، د.ت)، ص232.
2- محمد رضا الأصفهاني (1887-1973م) هو العلامة والفيلسوف الإسلامي المحقق محمد رضا الأصفهاني الجرقوئي ولد في جرقوية إحدى توابع أصفهان، وكان مفخرة علمية اشتهر بغزارة العلم وسعة الاطلاع وإلمامه بالمدارس الإسلامية الفلسفية، وكان كبار العلماء يقصدونه في كربلاء لمعرفة نظرياته وآرائه الفلسفية، والتباحث معه بخصوصها. احمد الحسيني، تراجم الرجال، (قم: مطبعة نكارش، 2002)، ج-2، ص 239-240.
3- المصدر السابق، ص 334-335؛ Http//www.bahrianfalcon.com.

العراق في ذلك الوقت يمر بمرحلة سياسية خطرة حيث أن توجهات إلحادية ومعادية للإسلام والمتمثلة بالشيوعية كانت تسيطر على الموقف السياسي فيه، ومن هنا اهتم كثيراً بتوعية الشباب المسلم واستنهاضه للوقوف أمام مثل هذه التوجهات والعمل على إفشالها وطردها من المجتمع المسلم(1).

أما عائلة السيد حسن الشيرازي فهي عائلة علميّة معروفة بالعلم والورع والجهاد ومن العوائل التي قارعت الاستعمار في أكثر من مناسبة، وكان لها دور علمي ومعرفي كبير في نشر الدين الإسلامي وإعلاء كلمة المسلمين، فوالده آية اللّه العظمى السيد ميرزا مهدي الشيرازي(2)، من كبار المجتهدين في كربلاء المقدسة(3).

واجه السيد ميرزا مهدي الشيرازي الكثير من التضييق بسبب مواقفه السياسية من الانجليز والأنظمة المستبدة وكان محل إقامته في سامراء، فطورد فيها في الحرب العالمية الأولى، حتى اضطر للسفر إلى الكاظمية المقدسة للاختباء، وقد قال عن حياته في الكاظمية «وبقيت في الكاظمية ستة اشهر ولم يكن لنا قوت إلا التمر الزهدي والخيار وقد استولى علينا القحط حتى أصبحنا لا نستطيع الحصول على الطعام الا على رغيف من الخبز في اليوم الواحد وكنا ندخر هذا الرغيف للوالدة لأنها كانت مريضة وكانت بحاجة إلى رعاية خاصة»(4).

انتقل بعد ذلك إلى كربلاء وأصبح بمعية خاله الميرزا محمد تقي الشيرازي

ص: 20


1- المصدر نفسه، ص 334، ينظر ملحق رقم (1).
2- ميرزا مهدي الشيرازي (1886-1960م): هو الميرزا مهدي بن حبيب اللّه بن أغا بزرك الحسيني الحائري، عالم فقيه ورع من مشاهير الفقهاء والمراجع الإمامية في القرن العشرين وجده أخ الميرزا الكبير محمد حسن الشيرازي، له مؤلفات قيمة منها مباحث أصولية، أجوبة المسائل الاستدلالية وغيرها.سلمان هادي آل طعمة، معجم رجال الفكر والأدب، ص 244-245.
3- المصدر نفسه، ص 334.
4- محمد الشيرازي، مطاردة قرن ونصف، (بيروت: مؤسسة الوعي، 1999م)، ص 24.

من قادة ثورة 1920م في العراق يعاضده في أمور الثورة، وبعد موت الميرزا محمد تقي الشيرازي، انتقل إلى النجف الأشرف حتى وفاة ميرزا علي(1) ابن المجدد الشيرازي، فانتقل إلى كربلاء مرة أخرى بعد مطالبة السيد حسين القمي 1936م، وبقي هناك حتى وافاه الأجل عام 1380ه/1960م(2).

كان من أبرز أساتذته في الفقه والأصول الشيخ الآخوند الخراساني(3) والسيد محمد كاظم اليزدي(4) وقد كتب بعض تقريراتهم وكذلك الميرزا علي آغا الشيرازي وغيرهم، وقد رجع إليه العديد من المقلدين بعد وفاة آية اللّه السيد حسين القمي ثم أخذت مرجعيته بالتوسع والانتشار، وقد عرف بتقواه حتى قال

ص: 21


1- ميرزا علي الشيرازي (1870-1936)م هو النجل الثاني للميرزا محمد حسن الشيرازي عالم كبير وفقيه ولد في النجف الأشرف سنة 1287ه/1874م، درس على يد أبيه وعدد كبير من أفاضل تلاميذ أبيه هاجر إلى الكاظمية سنة 1333ه- /1914م ثم هجرها إلى النجف، أصبح من مراجع التقليد بعد وفاة الميرزا محمد تقي الشيرازي توفي في النجف سنة 1355ه/1936م. نور الدين الشاهرودي، أسرة المجدد الشيرازي، ص 75-76.
2- المصدر نفسه، ص 334.
3- محمد كاظم الآخوند (1839-1911م): هو محمد كاظم بن حسين الهروي، ولد من أسرة معروفة بالعلم والصلاح هاجر إلى النجف سنة 1862م التحق بدرس الشيخ الأنصاري والمجدد الشيرازي توفي في النجف في 12/كانون الأول /1911م من آثاره المهمة كتاب كفاية الأصول ومن اشهر مواقفه مساندته للثورة الدستورية ووقوفه بوجه الغزو الروسي لإيران سنة 1911م. عدي محمد كاظم السبتي، محمد كاظم الآخوند (1839-1911م) دراسة تاريخية، رسالة ماجستير، (كلية الآداب، جامعة الكوفة، 2007م)، ص 66 -67، ص 186.
4- محمد كاظم اليزدي (1831-1919م) هو محمد كاظم بن السيد عبد العظيم اليزدي فقيه الأمامية ومرجعها الأعلى ولد سنة 1831م كان له موقف سلبي من المشروطة - رغم اجتماع أكثر العلماء على تأييدها وهو صاحب الموسوعة العروة الوثقى توفي سنة 1919 م. محمد حرز الدين، معارف الرجال، (النجف الأشرف =الآداب، 1964م)، ج-2، ص 326-329. درس السيد اليزدي على يد والده و المرحوم ملا محمد إبراهيم الاردكاني والمرحوم الآخوند زين الدين العقدائي والآخوند الملا هادي ومحمد باقر ألنجفي وغيرهم. «المهدي» «جريدة»، كربلاء، السنة الأولى، آذار، 2010م، و2.

عنه ميرزا علي آغا الشيرازي عندما سئل عنه: «قد أشرفت على حياته منذ ولادته فلم أرَ منه مكروهاً ودع عنك الحرام»، وكان حسن الأخلاق سليم النفس كثير البشاشة ظريف المجلس جم المحاسن يقابل الإساءة بالإحسان ويغضي عن السيئة ويعفو عن المسيء، وكان يجيب دعوة كل أحد إذا دعاه وربما أوقفه بعض الناس أكثر من ساعةٍ تحت الشمس، وربما أوقفه طفل أو أرملة(1).

عرف السيد مهدي الشيرازي بجهوده الحثيثة لإقامة المشاريع والمؤسسات، ففي عهده أسست في كربلاء مساجد جديدة، ونصبت مكبرات الصوت للأذان والقرآن، وامتلأت المساجد بالمصلين وعقدت الحفلات الإسلامية وفي مقدمتها الحفلات العالمية باسم الأمام أمير المؤمنين «علي بن أبي طالب (عليه السلام) » والتي عقدت في السنوات (1959-1966) أي استمرت بعد وفاته ست سنين، اذ تم تفعيل الأعياد الإسلامية والمواليد لتلبّي شعار الحزن في شهري محرم وصفر وبدأت ترفع اللافتات في المناسبة في كل عيد ووفاة وتغلق الدكاكين بصورة عامة في أيام الوفيات، كما تكونت التظاهرة العزائيّة الكبرى يوم عاشوراء ممّا يشترك فيه جميع أهل البلدة بواسطة مكبرات الصوت ويرثى الحسين (عليه السلام) بقراءة المقتل من أوله إلى أخره من قبل الخطيب الشيخ عبد الزهرة الكعبي، وقد أذيع من الإذاعة العراقية في عامي «1380و1381ه» «1961 و 1962م» كما تشكّلت مجموعات زيارة إلى سامراء في كل أسبوع والى السهلة والى النجف الأشرف ليالي الأربعاء والى بقية المزارات في العراق، كما أسست مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، وشكلت لجنة تزويج العزاب، ولذا فهاتان المدرسة واللجنة فريدتان في تاريخ العراق الحديث(2).

ص: 22


1- «المرشد»، «مجلة»، دمشق، العدد 17-18، 2004م، ص 25-76.
2- بلا مؤلف، آية اللّه العظمى الميرزا مهدي الشيرازي، «المرشد» مجلة، دمشق، العددان 17-18، 2004م، ص 27؛www.mcsr.net.

تميز السيد ميرزا مهدي الشيرازي بالإضافة إلى دوره في إنشاء المؤسسات وإحياء الشعائر والمناسبات الدينية بجهاده ضد المستعمرين فقد اشترك مع الميرزا محمد تقي الشيرازي في ثورة عام 1920م، ضد الانكليز وكان له أثر كبير في الدفاع عن قضايا الشعب العراقي أثناء الحكم الملكي وبعد ثورة 14تموز 1958م(1).

فضلاً عن دوره الكبير في التصدي للخطر الشيوعي بعد سقوط النظام الملكي في العراق عام 1958م وقد أفتى بحرمة الانتماء إلى الحزب الشيوعي، وساند السيد محسن الحكيم في فتواه ضد الشيوعية وقد زار السيد محسن الحكيم في أيام إقامته في كربلاء إبان امتداد الفكر الشيوعي، حتى أن بعض العلماء عزا سفر السيد محسن الحكيم(2) من النجف الأشرف إلى كربلاء لمقاومة الخطر الشيوعي(3).

وأرجح رأي الأستاذ الدكتور حسن الحكيم الذي أكّد أن سفر السيد محسن الحكيم إلى كربلاء كان مسألة طبيعية جداً، وليست بسبب اشتداد المد الشيوعي بالنجف(4).

ص: 23


1- المصدر نفسه.
2- «مقابلة شخصية» السيد مرتضى القزويني، مجتهد، كربلاء المقدسة، 24/10/2009م. السيد هادي المدرسي، لقاء أجراه معه موقع الشيرازي نت؛ www.Alshirazi.net.
3- محسن الحكيم (1889-1970م) ولد في النجف الأشرف، توفي أبوه وهو في السادسة من العمر أي في عام 1895م، يعد من أبرز مراجع التقليد أن لم يكن أبرزهم في النصف الثاني من القرن العشرين، اصبح زعيماً للطائفة، إمتازت مرجعيته بعالميتها، وله مواقف جريئة من السلطة، وكان اباً عطوفاً لكل الحركات الاسلامية، شهدت مدة مرجعيته احداث سياسية كثيرة في العراق، ابتداءاً من ثورة 14/تموز/1958م، وحركة 8/شباط/1963م واحداث 17/تموز/1968م توفي في النجف عام 1970م، ودفن في جامع الهندي بالقرب من الصحن الحيدري الشريف. عدنان السراج، الامام محسن الحكيم (1889-1970م) دراسة تاريخية، (بيروت: دار الزهراء، 1993م)، ص 21-27.
4- «مقابلة شخصية»، حسن عيسى الحكيم، مؤرخ، النجف الاشرف، 9/11/2009م.

تحدث أحد الشعراء(1) عن المقابلات والزيارات المتبادلة بين المرجعين السيد محسن الحكيم والسيد ميرزا مهدي الشيرازي ببيتين من الشعر:-

بدران في أفق البداية أشرقا***أنبيك في التفصيل والإيجاز

هذا هو المهدي يسمع محسناً***وترى الحكيم يحدّث الشيرازي(2)

فلا غروَ إذن أن يكون ابن السيد ميرزا مهدي الشيرازي من العلماء العاملين لأنه تربى في هكذا أجواء، ملؤها العمل الدؤوب وملؤها الإيمان والمواقف الجهادية الشجاعة التي مهدت السبيل له أن يكمل ما قد شيده أسلافه من العلماء، أما والدته فهي كريمة الميرزا السيد عبد الصاحب الشيرازي ابن الميرزا أغا الشيرازي ابن السيد احمد المستوفي الأخ الأكبر للمجدد الشيرازي(3).

عاش إلى جنب إخوته، فأخوه الأكبر السيد محمد الحسيني الشيرازي(4) يعد من المفكرين والمصلحين المسلمين ومن مراجع التقليد البارزين في النصف الثاني من القرن العشرين، مجتهد جليل وعالم فاضل مؤلف كثير التصانيف في شتى المجالات المعرفية الإسلامية، تولى مهام المرجعية الدينية

ص: 24


1- نقل لي السيد محمد الموسوي اختلاف الاراء حوله فمنهم من قال السيد حسن الشيرازي ومنهم من قال شاعر نجفي غير معروف «مقابلة شخصية» السيد محمد الموسوي، رجل دين، كربلاء المقدسة 28/9/2010م.
2- بلا مؤلف، أية اللّه السيد ميرزا مهدي الشيرازي، المرشد، ص 28.
3- محمد طالب الأديب، رحلة في آفاق الحياة، ألف كلمة وكلمة للمجدد الشيرازي الثاني، (بيروت: دار الأمين، 2005م)، ص 17.
4- محمد الحسيني الشيرازي (1928-2001م) هو السيد محمد السيد ميرزا مهدي بن السيد حبيب اللّه الحسيني الشيرازي الحائري، وجده السيد حبيب اللّه ابن أخ المجدد الشيرازي، ولد في النجف الاشرف، ونشأ في كربلاء المقدسة نشأة روحية متميزة وهاجر إلى دولة الكويت، ومنها سافر إلى قم واستقر بها حتى وفاته. محمد حسين الصغير، قادة الفكر الديني والسياسي في النجف الأشرف، (بيروت: مؤسسة البلاغ، 2008م) ص 211.

بعد وفاة والده في 1380ه/1960 م ووقف بوجه العقائد الفاسدة الوافدة إلى العراق من الخارج خاصة عندما بدأ الخطر الشيوعي بالأمتداد بعد سقوط النظام الملكي في العراق في 14/تموز/ 1958م، ولازال أهل كربلاء يلهجون باسمه ويذكرون مآثره وقد ترك العراق إلى الكويت في عام 1390ه/1970 م وبعدها هاجر إلى قم وواصل عطاءه الفكري والمعرفي، له مؤلفات كثيرة مطبوعة يضيق النطاق عن شرحها منها، أحكام الإسلام، الأخلاق الإسلامية، التاريخ الصحيح، جهاد الحسين ومصرعه، الدين والسعادة، شرح العروة الوثقى، في بلادي، كيف عرفت اللّه، القول السديد 1-2، مناسك الحج وغيرها(1).

توفي السيد محمد الحسيني الشيرازي في قم عام (1422ه/2001م)(2)

زخرت حياة هذا العالم الفقيه بالحركة والنشاط على المستويين العلمي والسياسي، ويبدو أن سبب ذلك الانتماء العائلي الذي يكون مؤشراً جيداً لتحليل شخصية الفرد ونمط سلوكه، فضلاً عن معرفة السمات الخلقية التي اتصف بها في حياته العامة والخاصة، وثانياً معرفة أصوله الفكرية ومنهجيته المعرفية التي حددت طرحه الفكري(3).

توسع الباحث في الحديث عن السيد محمد الحسيني الشيرازي لوجود أوجه شبه متعددة بينه وبين السيد حسن الشيرازي سيما وأنهما متقاربان في العمر، إذ إن السيد محمد يكبر السيد حسن بسبع سنين فقط، وكذلك إنهما تحمّلا

ص: 25


1- محمد هادي الأميني، معجم رجال الفكر والأدب في النجف الأشرف خلال ألف عام، ط2، (بيروت: د.م، 1992م)، مج2، ص 773.
2- بلا مؤلف، في رحاب الإمام الشيرازي، القائد الأسوة، (كربلاء المقدسة: دار صادق للطباعة والنشر، 2003م)، ص 4.
3- خالد عليوي عبد، الفكر السياسي عند السيد محمد الحسيني الشيرازي، أطروحة دكتوراه، (جامعة بغداد: كلية العلوم السياسية، 2009م)، ص 2.

المسؤولية في حياة والدهما المرجع السيد ميرزا مهدي الشيرازي وبعد وفاته عملا معاً في الكثير من المجالات الفكرية والمعرفية، وتربطهما علاقة خاصة بالإضافة إلى الإخوّة. فقد كان السيد محمد أستاذاً لأخيه السيد حسن، ولابد أن تنعكس بعض الصفات الموجودة عند الأستاذ في التلميذ، بالإضافة إلى أن اغلب أعمال السيد حسن كانت بمعاونة أخيه الأكبر وتحت إشراف مرجعيته، لذلك كان للسيد محمد الأثر الأهم في بناء شخصية السيد حسن الفكرية والتربوية والأخلاقية، وكذلك الدينية والسياسية.

أما الأخ الثاني للسيد حسن الشيرازي فهو السيد صادق الشيرازي (1) هو عالم جليل وفقيه فاضل وكاتب جيد ومؤلف قدير، صدر له (شرح تبصرة المتعلمين في جزأين) وكتاب (شرح شرائع الإسلام في أربعة أجزاء) وشرح العروة الوثقى وشرح الصمدية وبيان الأصول في عدة مجلدات والسياسة من واقع الإسلام، وحقائق عن الشيعة وفاطمة الزهراء (عليها السلام) في القرآن ومساوئ السفور والإصلاح الزراعي في الإسلام(2).

والأخ الثالث هو السيد مجتبى الشيرازي(3) وهو عالم جليل حسن الأخلاق متوقد الذكاء له عدة مؤلفات منها اجتماعيات الإسلام، هذا رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله وسلم) ، أعلام الشيعة، حضارة بريئة(4).

ص: 26


1- صادق الشيرازي (1940-) الأخ الشقيق للسيد حسن الشيرازي ولد في كربلاء ونشأ ودرس بها، هاجر إلى إيران في 1970م، يعد الآن من مراجع التقليد الكبار في قم المقدسة، وله حوزة عامرة بالفضلاء من مختلف المستويات لا يزال مستمراً بالتدريس والبحث حتى الآن. خالد عليوي عبد، الفكر السياسي عند السيد محمد الحسيني الشيرازي، ص 6-7؛ www.Alshirazi.net.
2- سلمان هادي آل طعمة، المعجم، ص 95، كوركيس عواد، معجم المؤلفين، ج 2، ص 113.
3- مجتبى الشيرازي (1943م) هو السيد مجتبى بن السيد ميرزا مهدي الشيرازي ولد في كربلاء ودرس ونشا بها هاجر من العراق في 1970م إلى قم ومنها إلى لندن وهو الآن مقيم فيها، سلمان هادي إل طعمة، المعجم، ص 117.
4- المصدر نفسه، نفس الصفحة

ومن أعلام الأسرة البارزين ابن عم الميرزا مهدي الشيرازي السيد عبد الهادي الشيرازي(1) كان مرجعاً من مراجع التقليد البارزين في النجف الأشرف وتتلمذ على يد كبار العلماء مثل الاخوند وشيخ الشريعة والميرزا النائيني وكان معروفاً بالزهد وعزوفه عن الدنيا وكان شاعراً مجيداً وكان غيوراً على الدين أسهم في عدة قضايا مرت على العراق(2).

ومن أعلام الأسرة البارزين خاله محمد تقي الشيرازي(3) صاحب ثورة عام 1920م في العراق وهو خال السيد ميرزا مهدي الشيرازي وأستاذه(4) وقد مهد لثورة عام 1920 م عندما أنشأ نجله محمد رضا الجمعية الإسلامية وانتمى إليها العديد الشخصيات الوطنية والدينية في كربلاء وكان من أهم أهدافها العمل ضد

ص: 27


1- عبد الهادي الشيرازي (1887-1967م) ولد في سامراء في نفس السنة التي توفي بها والده ونشأ بها ودرس جملة من مقدماته العلمية والأدبية، هاجر إلى النجف سنة 1908م وأقام بها مجداً في تحصيله فحضر الأبحاث الخارج عند الشيخ محمد كاظم الخراساني «الاخوند» وشيخ الشريعة وابن عمته السيد أغا علي الشيرازي والفلسفة على الشيخ محمد باقر الأصفهاني المتوفي في شيراز سنة 1908م والشيخ احمد الشيرازي والأخلاق عند الشيخ رضا التبريزي ثم هاجر إلى كربلاء المقدسة وحضر أبحاث محمد تقي الشيرازي وبقي بها مدة ثم رجع إلى النجف سنة 1934م وسكنها بقية حياته، وهو مدرس فاضل، من مؤلفاته، توضيح المسائل، حاشية العروة الوثقى، الرضاع، وسيلة النجاة في الفقه، مناسك الحج، توفي في الكوفة سنة 1967م ونقل إلى النجف الأشرف ودفن بها في مقبرة ابن عم أبيه المجدد الشيرازي. كاظم عبود الفتلاوي، المنتخب، ص 295-296؛ Http//www.Alshia.org.
2- بلا مؤلف، منابع الثقافة الإسلامية، مجلة، كربلاء، السنة التاسعة، العدد 83، الكتاب الثالث، 1388ه/1969م، ص 4.
3- محمد تقي الشيرازي (1858-1920م) هو الشيخ محمد تقي بن محب علي بن مرزا محمد علي الحائري، عالم كبير وفقيه جليل، درس عند المجدد السيد محمد حسن الشيرازي في سامراء، انتقلت اليه رئاسة الحوزة العلمية في كربلاء وبفتواه الشهيرة أعلنت ثورة العشرين العراقية ضد الأحتلال البريطاني توفي في سنة 1339ه/1920م، سلمان هادي آل طعمة، المعجم، ص 187.
4- محمد الشيرازي، مطاردة قرن ونصف، ص 24.

حكومة الاحتلال البريطانية(1).

يعد الشيخ محمد تقي الشيرازي من الشخصيات التي أسهمت في إجبار الحكومة البريطانية على تأسيس أول حكومة عراقية وإبدال نظام الانتداب بالنظام الملكي في العراق(2) وكانت هذه الثورة السبب الرئيس لتشكيل المملكة العراقية في عام 1921م(3).

ويعد المجدد الشيرازي(4) من أعظم علماء عصره واشهرهم على الإطلاق وأعلى مراجع التقليد للأمامية في كل الأقطار، وكان اسمه اشهر من أن يذكر، ولم تخل كتب السّير والتراجم من صفحات لشرح حياته ومآثره(5) حتى أن بعض العلماء وضعوا كتباً خاصة عن حياته مثلما فعل الشيخ أغا بزرك الطهراني(6) في كتابه المسمى، هدية الرازي إلى الإمام المجدد الشيرازي(7).

ص: 28


1- ألاء عبد الكاظم الكريطي، موقف الفئة المثقفة في كربلاء من التطورات السياسية في العراق 1908-1932م، (كربلاء المقدسة: مكتبة الحكمة، 2008م)، ص 105.
2- محمد الشيرازي، تلك الأيام، صفحات من تاريخ العراق السياسي، (بيروت: مؤسسة الوعي، 2000م) ص 18.
3- علي عبد المطلب المدني، الحياة الاجتماعية في النجف الأشرف 1914-1920م، رسالة ماجستير (كلية الآداب، جامعة الكوفة، 2004)، ص 23.
4- محمد حسن الشيرازي (1814-1894)م ولد في شيراز ثم هاجر إلى أصفهان ودرس فيها مدة من الزمن ثم هاجر إلى النجف الأشرف سنة 1259ه/1843م ثم هاجر إلى سامراء سنة 1291ه/1874م وكان من كبار أساتذته السيد حسين المدرسي والمحقق الكلباسي وصاحب الجواهر والشيخ الأنصاري، يعتبر زعيم الأسرة الشيرازية وعرفت العائلة باسمه، بلا كاتب/ آية اللّه العظمى المجدد الشيرازي، مجلة المرشد، ص 12.
5- محسن الأمين، أعيان الشيعة، (بيروت:دار التعارف، 2000م)، ج13، ص 419.
6- أغا بزرك الطهراني (1875-1970م) هو الشيخ محسن بن علي ولد في طهران ودرس بها القرآن، دخل المدارس الدينية عندما بلغ عشر سنين وبقي اثنتي عشر سنة وفي 1895م سافر إلى النجف وبقي بها سنة ثم عاد إليها مرة أخرى سنة 1897م، درس عند ابرز علماء النجف ونال درجة الاجتهاد، توفي في 2/شباط /1970 ودفن في النجف الاشرف، امجد رسول العوادي، أغا بزرك الطهراني 1875-1970 مؤرخا، (النجف الاشرف: مركز الهدى للدراسات الحوزوية، 2009م)، ص 37-43، ص 106.
7- نور الدين الشاهرودي، أسرة المجدد الشيرازي، ص 17.

تميز بمواقفه السياسية وإصداره للفتوى الشهيرة بحرمة تدخين التنباك لأسباب تتعلق بصيانة بلاد إيران أمام الاستعمار البريطاني التي امتثل لها الجميع على الإطلاق، وشاع أن رجالات البلاط القاجاري قد امتثلوا أيضا له، وقيل حتى زوجة السلطان ناصر الدين شاه ملك إيران في تلك المدة(1).

ص: 29


1- المصدر نفسه، ص 49.

المبحث الثاني: أساتذته

أولا: الشيخ محمد رضا الأصفهاني الجرقوئي (1305/1393ه) (1887/1973م):

ولد في قرية «جرقوية» من توابع أصفهان سنة 1305ه/1887م ونشأ بها وتعلم القراءة والكتابة وبعد وفاة والده سنة 1318ه/1900م انتقل إلى أصفهان فدرس النحو والصرف والعلوم الأدبية والتجويد عند الآخوند ملا محمد وزرنة وميرزا أسد اللّه الكمال أبادي وملا محمد حسين الدهنوي والسيد محمد الكلوشاري ودرس قوانين الأصول وشرح اللمعة عند (السيد مهدي الدرچه أي) و(ميرزا احمد المدرس الأصفهاني) والرسائل والمكاسب عند الآخوند ملا عبد الكريم الجزني والعلوم الرياضية والعقلية والتفسير عند الآخوند ملا محمد الكاشاني وطرفاً من الطب القديم عند صدر الأطباء وميرزا أبو القاسم الأحمد أبادي(1).

سافر في سنة 1329ه/1911م إلى النجف الإشرف، فأدرك قليلاً من درس المولى محمد كاظم الآخوند، وحضر دروس السيد محمد كاظم اليزدي والسيد محسن الكوهكمري، ثم عاد إلى أصفهان بعد سنتين فحضر أبحاث السيد محمد باقر الدرچه أي والملا الآخوند محمد حسين الفشاركي والميرسيد علي النجف

ص: 30


1- احمد الحسيني، تراجم الرجال، ص 239-240. ينظر ملحق رقم (2)، نقلا عن عبد اللّه الهاشمي، اية اللّه السيد حسن الشيرازي، ص 34.

أبادي والسيد محمد النجف أبادي، واستفاد في هذه المدة كثيراً من دروس الشيخ محمد رضا أبي المجد الأصفهاني وفي سنة 1337ه/1918م حج عن طريق الهند وبعدها عاد إلى النجف وأقام بها سنتين فحضر في الفقه والأصول عند السيد أبي الحسن الأصفهاني والسيد محمد فيروز أبادي وميرزا محمد علي أغا الشيرازي وعند ميرزا محمد حسين النائيني، والشيخ ضياء الدين العراقي والشيخ محمد حسين الأصفهاني والسيد محمد الفيروز آبادي وميرزا على أغا الشيرازي وفي سنة 1339ه/1920م زار الإمام الرضا (عليه السلام) وبعد الزيارة أقام مدة في أصفهان وقم وكان يحضر فيها أبحاث الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي(1).

عاد إلى العراق بطلب من السيد أبي الحسن الأصفهاني(2) وأقام في كربلاء مشتغلاً بالدرس وتربية الطلاب وأهل العلم وأكثر علماء عصره من كربلاء من تلامذته والمستفيدين من محضره(3).

يعد من خيرة مدرسي الحوزة العلمية الكربلائية ورمزاً من رموز المدرسة الفلسفية المعاصرة في الإسلام، جذب إليه العديد من العلماء والفضلاء للدراسة عنده وتخرج على يديه العديد منهم وأصبحوا من العلماء البارزين في العالم الإسلامي(4).

ص: 31


1- المصدر نفسه، ص 240.
2- أبو الحسن الأصفهاني (1867-1946) ابن محمد عبد الحميد الموسوي، ولد في ضواحي أصفهان، هاجر إلى أصفهان وعمره 14 سنة وانتقل بعد إكمال السطوح إلى النجف 1889م فحضر دروس الآخوند والسيد اليزدي، من آثاره «شرح كفاية الأصول» و«ذخيرة العباد» «مناسك الحج» توفي في الكاظمية في 14/11/1946م ودفن في النجف الاشرف. محمد جواد جاسم الجزائري، الشيخ عبد الكريم الزنجاني 1886-1968م دراسة تاريخية، (بيروت: مؤسسة دكتا للطباعة والنشر، 2010م)، م1، ص 53.
3- أحمد الحسيني، تراجم الرجال، ص 240.
4- سلمان هادي آل طعمة، المعجم، ص 206.

تصدى للإمامة في كربلاء بعد استقراره فيها وكان يرى وجوب صلاة الجمعة العيني وكان يقيمها في كربلاء(1).

أقام الجمعة والجماعة في مسجد الترك في محلة العباسية الغربية ثم انتقلت الصلاة إلى مسجد الصافي، وفي السنين الأخيرة من حياته أقام الجماعة في صحن الإمام الحسين (عليه السلام) ، وكان عالماً متبحراً حسن الأخلاق جيد التقرير قوي البيان زاهداً قانعاً بالقليل لا يرى لنفسه فضلاً وشرفاً وترفعاً على الآخرين، كان صلباً فيما يرى وطالباً لرضا اللّه غير ملتفت إلى رضا الناس، وكان يرى وجوب صلاة الجمعة العيني فأقامها إلى حين وفاته على الرغم من التقولات التي وجهت إليه من البعض الذي لا يروقه إقامتها في كربلاء(2).

درّس أثناء إقامته في كربلاء الفقه والأصول والكلام فدَرَسَ عنده السيد محمد الشيرازي والسيد حسن الشيرازي والسيد محمد تقي الجلالي والشيخ محمد صادق الكرباسي والسيد عبد الرضا بن زين العابدين والسيد مرتضى القزويني(3).

ألَمَّ بالمدارس الفلسفية الإشراقية(4) منها وغير الإشراقية، ونال صيتاً ذائعاً في

ص: 32


1- اللجنة العلمية في مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام) موسوعة طبقات الفقهاء، (قم: مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام) ، 1995) ج14، ص 713-714.
2- أحمد الحسيني، تراجم الرجال، ص 240.
3- اللجنة العلمية في مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام) ، موسوعة طبقات الفقهاء، ص 714.
4- الفلسفة الاشراقية: مذهب فلسفي يوناني قديم هذبه الشيخ ابن سينا ودعا إليه وهو يقوم على فهم عميق للعقيدة الإسلامية تتجاوز ظواهر الأحكام. محمد قاسم، دراسات في الفلسفة الإسلامية، ط5، (القاهرة: دار المعارف، 1973م)، ص 193-197. وتهدف الفلسفة الاشراقية إلى ربط البحث الفلسفي بالأنجاز الروحاني. عبد المجيد رضا، عالم الفلسفة والعرفان، (بيروت: دار العلم، 2003م)، ص 64-65. أما الفلسفة الأخرى فهي الفلسفة المشائية فهي تقوم على الدليل الفلسفي وواضعه أرسطو ومن ابرز الفلاسفة المسلمين المشائين الفارابي، المصدر نفسه، ص 73.

البلدان الإسلامية، وكان كبار علماء المسلمين من مختلف البلدان الإسلامية يقصدونه في كربلاء لمعرفة آرائهِ ونظرياته الفلسفية والتباحث معه بشكل جدلي معمق حول بعض أوجه الخلاف بين المذاهب الإسلامية(1).

أجيز بالأجتهاد من الشيخ ضياء الدين العراقي والشيخ محمد كاظم الشيرازي والشيخ علي الشاهرودي، ويروي بالإجازة عن الشيخ أغا بزرك الطهراني والشيخ علي القمي والسيد حسن الصدر والسيد أبي الحسن الأصفهاني والشيخ محمد حسين النائيني(2) والشيخ عبد الكريم اليزدي ويروي عنه السيد سلمان آل طعمة، من أبرز مؤلفاته: تنبيه الغافلين عن معرفة رب العالمين، إزالة الريبة عن حكم صلاة الجمعة في زمن الغيبة، الفقه الإسلامي، رسالة عملية، طريق النجاة، إرشاد العباد إلى حرمة لبس السواد، توفي في كربلاء المقدسة يوم الأحد 8 جمادي الأولى 1393ه/1973م ودفن بها في مقبرة آل الشيرازي(3).

ثانيا: السيد محمد هادي الميلاني (1313-1395ه)(1895-1976م):

هو السيد محمد هادي بن جعفر بن احمد بن مرتضى بن علي اكبر بن أسد اللّه بن حسين الحسيني الميلاني التبريزي، نزيل مشهد الإمام الرضا (عليه السلام) ، كان فقيهاً كبيراً ومدرساً بارعاً من مراجع تقليد الإمامية، ولد في النجف الأشرف، طوى بعض المراحل الدراسية ودرس على يد السيد جعفر الأردبيلي والشيخ إبراهيم الهمداني والشيخ إبراهيم السيلاني وآخرين وحضر الأبحاث العالية على

ص: 33


1- نور الدين الشاهرودي، أسرة المجدد الشيرازي، ص 232.
2- ميرزا محمد حسين النائيني (1860-1936م) ولد في نائين من أسرة علمية معروفة ودرس فيها العلوم الأولية، ثم سافر إلى أصفهان وأتم دراسته فيها في مرحلة السطوح، سافر إلى النجف في 1890م ودرس عند المجدد الشيرازي في سامراء عاد إلى النجف 1899م، توفي في النجف الأشرف في 24/تموز/1936م ودفن في الصحن العلوي الشريف، أمجد سعد شلال، محمد حسين النائيني، دراسة تاريخية، رسالة ماجستير (كلية الآداب: جامعة الكوفة، 2006م)، ص 17-40، 228.
3- كاظم عبود الفتلاوي، المنتخب، ص 502.

يد شيخ الشريعة الأصفهاني ومحمد حسين النائيني وضياء الدين العراقي ومحمد حسين الأصفهاني ولازمه في الفقه والأصول، ومحمد جواد البلاغي، وحاز ملكة الاجتهاد واستقل بالبحث والتدريس(1).

برز من بين علماء كربلاء المقدسة في الفقه والأصول والحكمة والتفسير والبيان(2).

هاجر من النجف الاشرف إلى كربلاء سنة 1355ه/1936م بطلب من السيد حسين القمي فأقام فيها للتدريس والجماعة. وفي سنة 1373ه/1954م قصد زيارة الإمام الرضا (عليه السلام) فطلب منه وجهاء وأفاضل خراسان البقاء عندهم وبعد الإلحاح استجاب لطلبهم، وصار المبرّز من علماء خراسان في الفتيا والتقليد والتدريس وإمامة الجماعة في الصحن الجديد، وكان من قادة الحركة الدينية في إيران سنة 1383ه/1964(3).

أنشأ أثناء إقامته في مشهد، مدرسة علمية وعدداً من المؤسسات الخيرية في مناطق مختلفة منها، ووقف بحزم بوجه السلطات الحاكمة لتشريعها القوانين المنافية للإسلام وله دور بارز في الحركة الإسلامية في إيران عام 1383ه/1964م(4).

تصدى أثناء إقامته في المشهد الرضوي في خراسان لزعامة الحوزة العلمية فيها، وكانت له نشاطات اجتماعية وثقافية مثل تأسيس المدارس وبث الدعاة لنشر دعوة الإسلام داخل البلاد وخارجها(5).

ص: 34


1- اللجنة العلمية في مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام) ، الموسوعة، ج14، ص 803.
2- سلمان هادي آل طعمة، المعجم، ص 235.
3- كاظم عبود الفتلاوي، المنتخب، ص 696.
4- اللجنة العلمية في مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام) الموسوعة، ج14، ص 804.
5- حسن الأمين، مستدركات وسائل الشيعة، (بيروت: دار التعارف، 1990م)، ص 253.

تخرج على يديه إثناء إقامته في مشهد وبفضل دروسه جملة من الطلبة البارزين ولعل من أبرزهم الشيخ الوحيد الخراساني(1).

ودَرَسَ عنده في فترات مختلفة جمع غفير من العلماء منهم ولداه السيد نور الدين والسيد محمد علي والسيد محسن بن علي الجلالي والسيد محمد الشيرازي والسيد حسن الشيرازي والسيد احمد بن عزيز الفالي والسيد عبد الكريم بن علي خان الحسيني وعلي بن محمد آل سماكة الحلي ومحمد حسين بن سليمان الأعلمي ومحمد بن سلمان الهاجري الاحسائي وجواد عبد النبي المظفر النجفي والسيد محمد كاظم بن محمد القزويني والشيخ محسن خويبر والشيخ نعمة اللّه البيضاني والسيد حسين الحلو والشيخ محمد حسين المازندراني والسيد محمد شبر والشيخ محمد رضا فرج اللّه(2).

يروي بالإجازة عن السيد حسن الصدر والشيخ أغا بزرك والسيد عبد الحسين شرف الدين(3) والشيخ عباس القمي والشيخ محمد الطهراني ويروي عنه السيد

ص: 35


1- حسين الشاكري، ربع قرن مع العلامة الأميني، (قم: مطبعة ستارة، 1997م)، ص 235.
2- كاظم عبود الفتلاوي، المنتخب، ص 697. ينظر ملحق رقم (3)، نقلاً عن عبد اللّه الهاشمي، آية اللّه الشهيد السيد حسن الشيرازي، ص 35.
3- عبد الحسين شرف الدين (1290ه/1377ه)(1873م/1958م) ولد في مدينة الكاظمية، ثم انتقلت أسرته إلى لبنان، درس مرحلة المقدمات عند والده في لبنان ودرس السطوح عند الشيخ باقر حيدر والسيد صادق الأصفهاني وعندما بلغ 17عاماً أي في عام 1890م عاد إلى العراق لإكمال دراسته في النجف، وبعد إكماله السطوح العالية، اخذ يحضر أبحاث الخارج عند الشيخ محمد كاظم «الاخوند» والسيد محمد كاظم اليزدي وشيخ الشريعة، عاد إلى جنوب لبنان، بعد أن نال درجة الاجتهاد وعمره 32سنة في عام 1915م، تصدى للاستعمار الفرنسي في لبنان أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى، فعملوا على مضايقته حتى سافر الى دمشق وكانوا قد حاولوا منعه من السفر لكنهم لم يستطيعوا فقاموا بإحراق بيته ومكتبته، من مواقفه دعمه لتأميم قناة السويس، وتأميم النفط في إيران، توفي في بيروت وشيع في لبنان والكاظمية ودفن في النجف في صحن الإمام على (عليه السلام) ، محمد أمين نجف، علماء في رضوان اللّه، (النجف الاشرف: مطبعة الفرقان، د.ت)، ص 207-208.

محمد علي القاضي والسيد علي شمس المحدثين الأصفهاني والسيد محمد علي الروضاتي والسيد محمد سعيد القبعاتي والشيخ محمد مهدي شرف الدين والسيد إسماعيل المرعشي والشيخ عبد الصمد الخوئي والشيخ محمد تقي الجعفري والسيد مرتضى الحائري اليزدي والسيد مرتضى العسكري والسيد جلال الدين الأرموي والشيخ محمد الرازي وولده السيد عباس الميلاني(1).

ألف العديد من الكتب والرسائل منها حاشية على مكاسب الشيخ مرتضى الأنصاري(2) في أربعة أجزاء، محاضرات في فقه الأمامية(3) في أربعة أجزاء، كتاب في المضاربة، كتاب في الإجازة والمزارعة والمساقاة، رسالة في أحكام الجلود والأصباغ المستوردة، رسالة في إحكام الكمبيالات، تعليقات على العروة الوثقى للسيد محمد كاظم اليزدي، قواعد فقهية وأصولية، كتاب في صلاة الجمعة والجماعة والمسافر، رسالة فتوائية سماها توضيح المسائل، رسالة في التأمين واليانصيب، تفسير سورة الجمعة والتغابن، رسالة في بحث المشتق، كتاب من مبحث الأوامر حتى آخر الاستصحاب، كتاب في سير الأئمة الأثنى

ص: 36


1- كاظم عبود الفتلاوي، المنتخب، ص 696.
2- مرتضى الأنصاري (1214ه/1281ه)(1799م/1864م) هو الشيخ مرتضى بن الشيخ محمد أمين الشيخ مرتضى بن الشيخ شمس الدين ينتهي نسبه إلى الصحابي الجليل جابر بن عبد اللّه الأنصاري ولد في ديزفول في إيران ودرس مقدمات العلوم الدينية في إيران ثم سافر إلى النجف ودرس عند السيد صدر الدين ألعاملي والشيخ جعفر آل كاشف الغطاء والشيخ محمد حسين ألنجفي «صاحب الجواهر» والشيخ احمد النراقي وفي سنة 1266ه/1849م مرض الشيخ صاحب الجواهر فقام بإبلاغ الناس عن مرجعيته الشيخ الأنصاري وبقي مرجعاً أعلى للشيعة حتى وفاته، له عدة مؤلفات منها الرسائل، إثبات التسامح من الأدلة، المكاسب، المحرمة الفوائد الأصولية توفي في النجف الأشرف ودفن في الصحن الحيدري، محمد أمين نجف، علماء في رضوان اللّه، ص 167-170.
3- محمد هادي الاميني، معجم المطبوعات النجفية، (النجف الأشرف: مطبعة النعمان، 1966م)، ج66، ص 361.

عشر (عليهم السلام) وسيرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) توفي في مشهد سنة 1395ه/1976م(1).

ثالثا: والده السيد ميرزا مهدي الشيرازي (1886-1960م):

عُدَّ من مشاهير الفقهاء والمجتهدين ومراجع التقليد في زمانه مزج العلم بالعمل الصالح على أحسن وجه فأعطى من نفسه خير صورة لما يجب أن يكون عليه عالم الدين حقاً، وقد تربى ونشأ في بيت علمٍ وفضيلة تبوأ أفراد ذلك البيت المكانة العالية المرموقة في علوم الدين والشريعة وكانوا رموزاً حقيقيين للدين وحماةً لشرعِ دينِ اللّه فوالده السيد حبيب اللّه(2) الحسيني الشيرازي، ابن أخ المجدد الشيرازي أما أمه فهي أيضا منتسبة لبيته، كما إن زوجة السيد ميرزا مهدي كانت من حفيدات المجدد الشيرازي، ولد في كربلاء سنة 1304ه/1886م وظل بها مدة الشباب الأولى، لذا فانه اخذ مقدمات العلوم الدينية من نحو وصرف وحساب ومنطق وسطوح الفقه والأصول من أساتذة حوزتها العلمية الدينية التي كانت في تلك المدة مليئة بكبار المحققين والمدرسين والباحثين والمحصلين، ولذلك كان أساس دراسته قوياً ومحكماً مكنه فيما بعد أن يرتقي وبسرعة في مجال البحث العلمي ويحضر الأبحاث العالية في الفقه والأصول والعلوم الدينية الأخرى في مدة قياسية، قياساً لما تأخذه هذه العلوم من وقت(3).

سافر إلى سامراء التي لا تزال عامرة بالمعاهد العلمية وحلقات الدرس والبحث العديدة والمتنوعة، التي كان الميرزا محمد حسن المجدد الشيرازي قد

ص: 37


1- اللجنة العلمية في مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام) ، الموسوعة، ج14، ص 805.
2- حبيب اللّه الشيرازي (فوت 1320ق) هو السيد ميرزا حبيب اللّه بن السيد أغا بزرك بن السيد محمود بن ميرزا إسماعيل بن مير فتح اللّه بن عائد لطف اللّه بن مير مؤمن الحسيني الحائري. عامر الكربلائي، مزارات الأولياء في ارض كربلاء، (كربلاء المقدسة: مطبعة الزوراء، 2006م)، ص 185.
3- نور الدين الشاهرودي، أسرة المجدد، ص 260-261.

أسسها وأوجدها خلال سنوات إقامته فيها، كما كانت لا تزال مزدحمة بكبار العلماء المجتهدين والمدرسين من خيرة تلاميذه الذين فضلوا البقاء في سامراء لسنوات طويلة بعد وفاة أستاذهم، حرصاً منهم على إبقاء تراثه العلمي حياً ومتفاعلاً هناك، اشتغل السيد ميرزا مهدي الشيرازي في سامراء بالبحث والتحقيق والتدريس لمدة طويلة مستفيداً بأكبر قدر ممكن من الهيأة التدريسية فيها، ثم توجه بعد ذلك إلى الكاظمية المقدسة(1).

ضمت مدينة الكاظمية آنذاك نخبة من كبار العلماء والفقهاء والمجتهدين والأساتذة البارعين في العلوم الدينية، وبقي فيها سنتين مستفيداً من علمائها ومجتهديها، عاد بعد ذلك إلى كربلاء المقدسة وبقي فيها مدة من الزمن مواصلاً الدرس و البحث، انتقل بعد ذلك إلى النجف الأشرف وأقام فيها ما يقرب من عشرين عاماً، وكانت هذه المدة التي قضاها في النجف الأشرف مليئة بالبحث والدرس وحضر فيها الدروس والأبحاث العالية في الفقه والأصول وباقي العلوم الدينية على يد ابرز علمائها في تلك المدة، وقد أهلته فيما بعد لتولي زمام المرجعية في كربلاء المقدسة، وقد أتقن خلال هذه المدة علوم الدين وحاز مرتبة عالية في الفقه والأجتهاد، ومن أبرز أساتذته السيد على نجل المجدد الشيرازي والميرزا محمد تقي الشيرازي والسيد محمد كاظم اليزدي، صاحب العروة الوثقى(2).

استقلَ السيد ميرزا مهدي الشيرازي بالبحث والتدريس بعد وفاة السيد حسين القمي 1366ه/1947م، ورجع إليه الناس في أمور التقليد واشتهر أسمه وذاع صيته وعرفت مكانته العلمية وتقواه وزهده على نطاق واسع وبرز كأحد المراجع

ص: 38


1- ذكر السيد محمد الشيرازي، إن سبب سفر أبيه مطاردة الأستعمار البريطاني له في الحرب العالمية الأولى، محمد الشيرازي، مطاردة قرن ونصف، ص 24.
2- نور الدين الشاهرودي، أسرة المجدد، ص 261-262.

الكبار في العالم الشيعي وحظي باحترام الجميع(1).

أقبلَ عليه أهالي كربلاء أشد الإقبال واندفعوا لنصرته وتأييده ومساندته، وبفضل هذا الترابط الوثيق بينه وبين الناس استطاع عمل أشياء كثيرة لصالح الحوزة العلمية وحركة الوعي الإسلامي اهتم كثيراً بنشر تعاليم الدين الإسلامي وترويج الأحكام الشرعية ونشرها في المجتمع الإسلامي وبالخصوص في العراق وفي كربلاء، كما اهتم بتوضيح الأحكام الدينية وشرح المسائل الشرعية، واهتم كذلك بالقيم والأخلاق الإسلامية، وأمر خطباء المنبر الحسيني بتبسيط الأحكام الدينية للناس والتلطف مع الشباب والجيل الجديد وجذبهم إلى الإسلام بالخلق الحسن والقول السديد والأدلة الواضحة، فكان من نتائج هذا المسعى النبيل أن تربى جيل من الشباب الواعي المتفهم للإسلام، وأزدهرت من جراء ذلك مدينة كربلاء المقدسة بدروس تفسير القرآن وبحوث الأخلاق وأنشأت العشرات من الجوامع، وتم إعادة بناء جوامع كانت في طور التخريب وأصبحت مليئة بالمصلين واستحدثت مهرجانات عالمية لأحياء ذكرى مولد الإمام علي (عليه السلام) في كربلاء ثم تبعتها مدن أخرى مثل سامراء وبغداد والحلة، وبدأت الشعائر الدينية تنتشر انتشاراً واسعاً(2).

اقتبس أساليب جديدة في دراسة العلوم الدينية على الصعيد الحوزوي، لم تكن مألوفة من قبل بهدف ترغيب الشباب لدراسة هذه العلوم وسلوك الطريق إلى اللّه، فقد أوصى أساتذة الحوزة العلمية في كربلاء المقدسة، في كل علم من العلوم الدينية بوضع اختبار حر لأية مرحلة دراسية ورصد الجوائز التقديرية والتشجيعية للطلبة المتفوقين في الامتحانات، وهو أمر لم يكن موجوداً في

ص: 39


1- المصدر نفسه، ص 262.
2- نور الدين الشاهرودي، أسرة المجدد، ص 263.

الحوزات العلمية في تلك المدة ونتيجة لذلك انجذب كثير من الشباب إلى سلك رجال الدين وارتداء الزى الحوزوي والتفرع لدراسة العلوم الدينية أو مزاولة مهمة الوعظ والإرشاد،وتمخض عن هذا الجهد أن تربى جيل ديني وعلمي متميز وكان السيد ميرزا مهدي الشيرازي رؤوفاً بطلبة العلم مشجعاً لهم على مواصلة الدرس والبحث والتحقيق، يتفقد أحوالهم ويعينهم قدر المستطاع وكان كذلك سخياً في الإنفاق على الحوزة العلمية الكربلائية حرصاً منه على رفع شأنها وشأن علماء الدين الذين كان يقدرهم ويحترمهم ويبجلهم، وعلى الرغم من انشغاله بأمور المرجعية الدينية وتوجيه الحوزة العلمية الكربلائية فانه اهتم بدرسه الخاص البحث الخارج العامر بعشرات العلماء وكبار المحصلين الذين تخرجوا على يديه، وكان له درس خاص بالفقه ودرس خاص بالأصول، يملي على طلابه أقوال واستنتاجات أكابر العلماء من قبله وما يستلزم ذلك من سرد الأحاديث والروايات والتفاسير ثم يصل الى ما استنتجه هو وتبلور عنده من رأي(1).

ألف السيد ميرزا مهدي الشيرازي الكثير من المؤلفات(2) والمطبوعة منها:

1- ذخيرة العباد.

2- ذخيرة الصلحاء.

3- الوجيزة.

4- شرح العروة الوثقى: هذا الكتاب شرحٌ على كتاب العروة الوثقى لمحمد كاظم الطباطبائي اليزدي.

5- تعليقة على وسيلة النجاة للسيد أبو الحسن الأصفهاني.

ص: 40


1- المصدر نفسه، ص 263-264.
2- صودرت هذه الكتب من قبل الحكومة العراقية بعد نهب الحوزة العلمية في كربلاء عام 1970م؛ Http//Alshirazi.net.

6- بداية الأحكام.

ومن مؤلفاته المخطوطة:

1- تعليقة على العروة الوثقى، لمحمد كاظم الطباطبائي اليزدي.

2- رسالة في مباحث أصولية.

3- رسالة في التجويد.

4- رسالة حول فقه الرضا (عليه السلام)

5- كشكول في مختلف العلوم.

6- الدعوات المجربات.

7- هدية المستعين في أقسام الصلوات المندوبة.

8- رسالة في الجفر

9- أجوبة المسائل الأستدلالية.

عرف كذلك بحسن خطه وكان بارع البيان بالعربية والفارسية وكان شاعراً مرموقاً، وكان يقيم الجماعة في ضريح الإمام الحسين (عليه السلام) فتأتم به المئات، وقد ازدهرت صورة كربلاء في عهد مرجعيته ازدهاراً كبيراً وواسعاً(1).

اتّصف بالأدب الجم والقول الحسن والتصرف الحكيم اللائق برجل الدين، وكان في مشيته يبدو عليه الوقار والحكمة وكان في حياته الخاصة بسيطاً جداً، يعيش على الكفاف والعفاف وظل إلى آخر عمره محتفظاً بحياة طالب العلم البسيط، وذلك على الرغم من الأموال والحقوق التي كانت تصله كوجوه شرعية فكان ينفقها في مواردها الشرعية الحقة، وكان صبوراً حليماً حنوناً بالناس إلى أبعد الحدود، ولم يحصل أن غضب في وجه أحد، وكان يجيب دعوة كل داعٍ له ويذهب إلى مجلسه ولو كان صاحب المجلس من أفقر الناس، ويشيع جنائز

ص: 41


1- نور الدين الشاهرودي، أسرة المجدد، ص 264-265؛ Http//www.Alshia.org.

المؤمنين ويزور القادمين إلى المدينة(1).

توفي في كربلاء المقدسة 21/شعبان /1380ه- /1960م وكان حدث موته حدثاً كبيراً ومؤلماً، أقيمت له مجالس التأبين في كربلاء المقدسة والنجف الأشرف وغيرها من المناطق وأرسلت إلى عائلته الآلاف من رسائل التعزية حتى ملأت كيسين كبيرين، أجاب عنها ولداه السيد محمد والسيد حسن(2).

تقاطرت الوفود الكبيرة إلى كربلاء معزية الأسرة الشيرازية بوفاة السيد ميرزا مهدي الشيرازي وكان ابرز القادمين من النجف الأشرف المرجع الديني الكبير السيد محسن الحكيم آنذاك وبصحبته العديد من العلماء ورجال الدين(3).

رابعا: أخوه السيد محمد الشيرازي (1928-2001م):

هو السيد محمد بن ميرزا مهدي بن السيد حبيب اللّه الحسيني الشيرازي، ولد في النجف الأشرف سنة 1347ه/1928م، ونشأ في كربلاء المقدسة نشأة روحية متميزة، وهاجر إلى دولة الكويت وغادرها إلى قم فاستقر بها حتى وفاته، «فهو نجفي الولادة حائري النشأة، كويتي الهجرة، قمي الإقامة والمرجعية والوفاة والمثوى الأخير»(4).

نشأ نشأة مثالية بين أحضان والده السيد ميرزا مهدي الشيرازي وكان أبوه، رجلاً عرفانياً تتمثل فيه القداسة بأروع صورها، فاكتسب السيد محمد الشيرازي خصائصه السلوكية وأضاف إلى ذلك معارفه العلمية التي اكتسبها، ودرس عند أبيه مدة طويلة جدا(5).

ص: 42


1- المصدر نفسه، ص 296.
2- «مقابلة شخصية» الشيخ علي المجاهد، رجل دين، كربلاء المقدسة، 23/10/2009م.
3- «مقابلة شخصية» الشيخ باقر القرشي، رجل دين ومؤرخ، النجف الاشرف، 7/12/2009م.
4- محمد حسين الصغير، قادة الفكر الديني، ص 211.
5- المصدر نفسه، ص 213.

سافر السيد محمد الشيرازي من النجف إلى كربلاء بصحبة عائلته عام 1937م وكان عمره تسع سنين وأودعه أبوه في إحدى الكتاتيب في الجنوب الشرقي من صحن الإمام الحسين (عليه السلام) وبعد إنهاء مرحلة الكتاتيب أخذ يتردد على المدارس الدينية وكانت يومذاك «الهندية» و«البادكوية» و«حسن خان» و«المهدية» و«ميرزا كريم الشيرازي» و«الصدر» و«الزينبية»، وقد هدمت الأخيرتان بعد فتح شارع الحائر وهو الشارع المحيط بصحن الإمام الحسين (عليه السلام) (1).

تربى على يد أساتذة عظام وأعلام في الأدب والفقه والأصول والحساب وغيرها، وكانت أكثر دراسته على يد والده فقد درس عنده «السيوطي في النحو» و«الحاشية في المنطق» «والمعالم في الأصول» و«شرح اللمعة في الفقه» و«مقامات الحريري في الأدب» و«المطول في البلاغة» و«خلاصة الحساب في الحساب» ودرس عنده المحاضرات الاجتهادية في درس الخارج، الرسائل والمكاسب والطهارة والصلاة والصوم والخمس والحج ورسائل متفرقة أخرى، كما درس بالإضافة إلى ذلك «الكلام في أصول الدين» و«الحكمة في الفلسفة» و«الجغرافيا» و«الهندسة» و«العروض» و«التجويد» و«علم الفلك» و«تفسير القرآن الكريم» و «التاريخ» و «علم الحديث» و«علم الرجال» و «الطب» وبعض العلوم الأخرى، كما تعلم من اللغات الانجليزية والأردية والتركية بالإضافة إلى العربية والفارسية، وبالجملة فانه قد درس على يد أكثر من مائة أستاذ في مختلف العلوم(2).

عرف بحفظه للقرآن الكريم وقسم من نهج البلاغة وبعض أدعية الصحيفة السجادية ومجموعة من الأدعية والأحاديث ومسائل الفقه الإسلامي، كما كان

ص: 43


1- محمد الشيرازي، عشت في كربلاء، ص15-16.
2- محمد الشيرازي، عشت في كربلاء، ص 16-17.

حافظاً لألفية ابن مالك وشرح السيوطي للألفية ومتن المطول في البلاغة ومتن التهذيب في المنطق وأشعار المنطق والحكمة للسبزواري(1).

اهتم السيد محمد الشيرازي منذ شبابه بنشر الوعي الديني في المجتمع المسلم من خلال إنشاء المراكز الثقافية والدينية وتأسيس الحوزات العلمية في أي مكان يستطيع أن يوجدها فيه(2).

اعتنى والده بتربيته ونشأته كثيراً وصرف مجهوداً كبيراً في ذلك، خاصة وأنه النجل الأول في أسرته، وكان حرياً بهِ أن يربيه على شاكلته ويجعل منه الوريث المعنوي لشخصه. وعادة فان الأبناء الأوائل يلقون عناية أكبر من إبائهم، غير أن عناية والده بإخوانه الآخرين لم تكن بأقل من عنايته به، تأهل وهو لم يزل دون سن العشرين لدرس الخارج، فدرس الخارج في الفقه والأصول على يد والده وعلى يد العالم الأصولي البارع آية اللّه العظمى السيد محمد هادي الميلاني(3).

أثمر هذا النبوغ العلمي الذي كان عليه السيد محمد الشيرازي من خلال أعتراف الكثيرين من العلماء بكفاءته العلمية وحصوله على رتب عالية في العلوم الدينية، لاسيما ركني الفتيا الفقه والأصول حتى أن أستاذيه في الفقه والأصول وهما والده السيد ميرزا مهدي الشيرازي والسيد محمد هادي الميلاني قد صرحا باجتهاده وأجازاه به وهو لم يزل في عمر الثلاثين(4).

خلف له هذا الأمر العديد من المتاعب، فان تولي شاب لمهام المرجعية لم يكن مألوفاً في الحوزات العلمية الشيعية. يعد السيد محمد الشيرازي بالإضافة إلى كونه داعية إسلاميا كبيرا ومرجعا دينيا معروفا، ظاهرة فريدة في البحث

ص: 44


1- المصدر نفسه، ص 18.
2- سلمان هادي آل طعمة، المعجم، ص 233.
3- الشاهرودي، أسرة المجدد، ص 290.
4- المصدر نفسه، ص 299.

والتأليف والنشر، وضرب به المثل في الصبر والمعاناة على ذلك، ولم يكن هذا المقام الذي احتله اعتباطياً وفجائياً، فنشأة الرجل وراء هذه الأهمية الخاصة، فقد كان كثير الصلات بالمناخ العلمي، وقد عاصر طائفة من العلماء الربانيين وهو على ارتباط مباشر بثقافة العصر، فأصبح مثقفاً عصرياً منفتحا، بالإضافة إلى ذلك فانه ورث مجداً رفيعاً من أبيه زعيم كربلاء المطلق، فدفعه نحو كل ما هو رفيع في الفكر والمنهج والسيرة، وقد نشأ في بيت شرف شامخ متمتعاً بالخلق الرفيع ومتسلحاً بالعلم الناصح ومنفتحاً على كل جديد في الحضارة الإنسانية، ولم يقف عند الفقه والأصول وعلم الدراية، وقد جعل القرآن الكريم أمامه فهداه إلى الصراط المستقيم، وانصهر بالعلوم والفنون الأخرى كالاجتماع والسياسة والتربية والقانون والتعليم وعلم النفس وأطاريح الفلسفة والمنظمات الدولية ولوائح حقوق الإنسان، في نفس الوقت لم ينس مهمته الأساسية في نشر الشريعة وإذاعة علوم الأئمة (عليهم السلام) فقام بتدريس البحث الخارج في كربلاء المقدسة ومن ثم الكويت وأخيراً في قم فقهاً وأصولاً، فنشأ على يديه جيل من المبلغين وحملة العلوم الشرعية(1).

بدأ تدريسه للبحث الخارج في كربلاء المقدسة وكان في الفقه والأصول ولما يبلغ الثلاثين من العمر، وكان يحضر بحثه في كربلاء المقدسة جمع من العلماء والمجتهدين أمثال الشيخ محمد الكلباسي والشيخ خليق الشيرازي والشيخ محمد الهجري والشيخ عبد الرحيم القمي والسيد حسن الشيرازي والسيد صادق الشيرازي(2).

عمل السيد محمد الشيرازي على توحيد المسلمين وقد استنكر كل أصناف

ص: 45


1- محمد حسين الصغير، قادة الفكر الديني، ص 214.
2- بلا كاتب، اية اللّه العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي، مجلة المرشد، ص 29.

التفرقة بين المسلمين، ومظاهر التمييز المذهبي والأعمال الأرتجالية والخطوات الهزيلة والقرارات الاشتراكية المزعومة من خلال الأحتفالات والندوات والأجتماعات وكذلك النشر والتأليف، وكذلك قام بلقاء رئيس الوزراء عبد الرحمن البزاز(1) في زمن عبد الرحمن عارف(2) وجملة من وزرائه في كربلاء، وأنكر عليهم سياسة التمييز الطائفي وأسدى لهم النصائح والإرشادات ما استطاع إلى ذلك سبيلا ووعده البزاز خيراً، وفي أعقاب انقلاب 17/تموز /1968م الذي لم يتورع رجاله عن الاغتيال السياسي بشتى الأساليب، ولم يبالوا باتهام العراقيين والوطنيين بالجاسوسية والعمالة خاصة، فقام باعتقال السيد حسن الشيرازي وزج به في السجن لان له الدور الابرز في مرجعية أخيه(3).

أجيز بالاجتهاد عن والده سنة 1379ه/1960م والاجتهاد والرواية عن السيد

ص: 46


1- عبد الرحمن البزاز (1913-1973م) ولد في بغداد، حقوقي خبير في الفقه القانوني، رأس الوزارة العراقية سنة 1966م، عين أستاذاً في كلية الحقوق ثم عميداً لها، مارس المحاماة مدة من الزمن، انخرط في العمل السياسي منذ أواسط الثلاثينات، عارض حكومة نوري السعيد فنفي إلى تكريت سنة 1956م، عارض حكومة عبد الكريم قاسم فاعتقل وقدم إلى المحاكمة توفي في بغداد عام 1973م، حميد المطبعي، موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين، (بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، 1995م)، ج 2، ص 140.
2- عبد الرحمن محمد عارف (1916-2007م) ولد في بغداد ودرس بها وأنهى دراسته الأبتدائية والثانوية بها، انتمى إلى الكلية العسكرية سنة 1936م وتخرج منها، انتمى إلى حركة الضباط الأحرار في الخمسينات، أحيل على التقاعد سنة 1962م أعيد سنة 1963م إلى الخدمة، رقي إلى رتبة لواء سنة 1964م أصبح رئيساً للعراق في 16/4/1966م، رقي إلى رتبة فريق في تموز 1966م، انقلب عليه البعثيون في 17/تموز /1968م. حميد المطبعي، موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين، (بغداد: دار الشؤون الثقافية، 1996م)، ج3، ص 141-142. توفي في الأردن عام 2007م (الباحث).
3- محمد حسين الصغير، قادة الفكر الديني، ص 226-227؛ Http//Alshirazi.com. ينظر الفصل الرابع من الرسالة.

علي البهبهاني سنة 1392ه/1972م(1).

أكثر من التأليف حتى بلغت عناوين الكتب التي صدرت له حتى 1411ه/1990م 228 عنواناً وبعض العناوين يشتمل على 125 جزءاً ككتاب الفقه وقد بلغ مجموع ما كتبه حتى عام 1990م أكثر من 813 كتاباً، وكان هدفه إيصال الثقافة الإسلامية إلى كل إنسان مع الأخذ بنظر الاعتبار التفاوت في المستويات بينهم، فيحاول تبسيط الطرح واللغة حتى يستطيع جميع القراء من معرفة مراده في كتبه وبحوثه ودراساته(2).

ص: 47


1- كاظم عبود الفتلاوي، المنتخب، ص 605.
2- عبد الحليم محمد، الإمام الشيرازي، فكره ومنهجه ومواقفه، (بيروت: مؤسسة الفكر الإسلامي، 1994م)، ص 9.

المبحث الثالث: تكوينه المعرفي والفكري

تعددت المؤثرات التي طبعت الجانب الفكري للسيد حسن الشيرازي فمنها ذاتيه تتعلق بالسيد حسن الشيرازي وعائلته، ومنها موضوعية تتعلق بالظرف الذي عاشه وخاصةً الوضع السياسي العالمي وانعكاساته على العراق وأوضاع العراق السياسية والاجتماعية والاقتصادية وانعكاسات ذلك على المواطن العراقي بشكلٍ عام.

اثّرَ تاريخ العائلة العلمي والفكري والجهادي تأثيراً بارزاً في بلورة هذه الشخصية العلمائية، فقد استند إلى تراث ضخم خلفه رموز هذه العائلة على مر التاريخ، يضاف إلى ذلك ذكائه الفائق الذي وظفه في تحصيل المعارف والعلوم الدينية وغير الدينية مترجماً ما حصل عليه من علوم بما توفر لديه من إمكانات خطابية عالية(1).

بدأ دراسته في كتاتيب كربلاء وبعدها درس مقدمات العلوم الدينية تحت رعاية وإشراف والده السيد ميرزا مهدي الشيرازي وكان يميل منذ صغره إلى الآداب العربية والى نظم الشعر والكتابة، وكذلك اهتم بالجوانب الأقتصادية للإسلام(2).

عرفت عائلته بمواقفها الجريئة ومنزلتها العلمية بين الأسر العلمية في العراق،

ص: 48


1- سلمان هادي آل طعمة، الأسر العلمية، و 81.
2- نور الدين الشاهرودي، أسرة المجدد، ص 332.

وأن انتسابه إلى هذه الأسرة قد اسهم بشكل كبير في توجيهه وجهة علمية وتربوية وفكرية خاصة، التي أثرت بشكل فعال في مجمل نشاطاته الفكرية فيما بعد، لاسيما وأنها الأسرة التي لم تخل في أي مدة من وجود مراجع وقادة دينين من أبناءها منذ المجدد الشيرازي ولحد الان(1).

شجع تاريخ ومنزلة مدينة كربلاء المقدسة العديد من الباحثين والرحالة الأوربيين على زيارتها في مدد زمنية متعاقبة منهم الرحالة البرتغالي بيدرو تكسيرا pedro Teixra في 24 / أيلول / 1604م وكذلك الرحالة الألماني كارستن نيبور neibour سنة 1765م وعالم الآثار الانكليزي وليم كونت لوفتسlofts سنة 1853م(2).

بدأت كربلاء تطلع على مظاهر الحياة الأوربية في مدةٍ مبكرةٍ جداً من تاريخ العراق الحديث، هذا بالإضافة إلى كثرة الوافدين الزائرين إلى كربلاء من مختلف أنحاء العالم الإسلامي وإقامة العديد منهم فيها، أما للدراسة في حوزتها العلمية أو للسكن بجوار سيد الشهداء (عليه السلام) فاثر ذلك تأثيراً بارزاً في إطلاع أهل كربلاء على العديد من العلوم والمعارف ومعرفة أوضاع العالم الإسلامي، ولاسيما وأن الكثير من الوافدين من ذوي العقول النيرة من العلماء والتجار وعلى اطلاع واسع على مجموعة من الآراء والثقافات.

أصبحت كربلاء بعد الاحتلال البريطاني للعراق من أهم المدن المعارضة للاستعمار وصارت فيما بعد مركزاً للثورة العراقية 1920 م ضد البريطانيين بزعامة الميرزا محمد تقي الشيرازي ورجال الحركة الوطنية في العراق، وظلت الثورة مستمرة حتى وفاة الشيخ محمد تقي الشيرازي وبعد ذلك استطاع الإنجليز

ص: 49


1- عبد الحليم محمد، الإمام الشيرازي، ص 9.
2- سلمان هادي آل طعمة، كربلاء في الذاكرة، (بغداد: مطبعة العاني، 1988م)، ص 24-30.

من دخولها بالقوة وإنهاء مظاهر الثورة(1).

يتضح مما تقدم أن مدينة كربلاء كانت منفتحة على كل الأقطار العربية والإسلامية وكذلك العالم، ومركزاً يؤمه العديد من الطلاب والزوار والسواح وهذا أدى إلى تلاقح الأفكار وانتشارها بين الناس.

إنتشرت بسبب الأهمية الدينية للمدينة ووجود المعاهد الدينية فيها حركة الطباعة بشكل كبير وكانت أول مطبعة تأسست فيها هي المطبعة الحجرية سنة 1856م(2) وهي ثاني مطبعة في العراق وبعدها مطبعة الحسيني وهي حجرية أيضاً والمطبعة الثالثة هي مطبعة الشباب سنة 1935م وقد ذكر الباحث السيد سلمان هادي آل طعمة اثني عشرة مطبعة أنشأت في كربلاء بين عام 1856م وعام 2004م(3).

ساعدت هذه المطابع بشكل كبير على نمو الوعي العام عند الكربلائيين إذ يمكن أن يعيدوا طباعة بعض الكتب أو يطبعوا كتباً جديدة هذا بالإضافة إلى ظهور الصحافة في المدينة فظهرت العديد من الصحف والمجلات والمنشورات بسبب وجود المطابع، وهذه الصحف قد أسهمت في رفع الوعي لدى أبناء كربلاء وكانت أولى الصحف ظهرت في كربلاء عام 1914م «الأنتباه» وصاحبها علي الشيرازي والصحيفة الثانية «الأتفاق» 1916م وصاحبها علي الحائري، وأخذت الصحف بالازدياد شيئاً فشيئاً فيما بعد(4).

أسهمت هاتان القضيتان (الطباعة والصحافة) في تكوين فئة مثقفة كربلائية

ص: 50


1- سلمان هادي آل طعمة، كربلاء في الذاكرة، ص 37 -38.
2- خالد حبيب الراوي، تاريخ الصحافة والإعلام في العراق منذ العهد العثماني وحتى حرب الخليج الثانية «1810-1991م»، (دمشق: صفحات للدراسات والنشر، 2010م)، ص 152.
3- سلمان هادي آل طعمة، صحافة كربلاء، (دمشق: بلا م، 2005م)، ص 9-15.
4- سلمان هادي ال طعمة، صحافة كربلاء، ص 16-17.

متنورة بالعلم ومطلعة بشكل جيد على الواقع العالمي ومرتبطة به ولها أراء وأفكار حول السياسة والاجتماع وغيرها من مناحي الحياة، هذه الفئة كان لها الدور الكبير في رفد الأجيال التالية بالمعرفة والوعي اللازم لتتفاعل مع الظروف المحيطة بها بشكل أكثر فاعلية.

لعبت هذه الفئة المثقفة دوراً كبيراً في رفع المستوى الثقافي للمدينة، وهؤلاء المثقفون من سكان كربلاء كانوا يتصلون برجال الدين في المدينة ويتبادلون وجهات النظر في شتى المجالات حتى أنهم عملوا جنباً إلى جنب في مواضع عديدة، فقد أسسوا من(1956-1959م) جمعية أدبية عرفت باسم «رابطة الفرات الأوسط» هدفها نشر الثقافة في البلد وإحياء الاحتفالات والمناسبات الدينية، كان السيد حسن الشيرازي احد أعضائها من رجال الدين بالإضافة إلى السيد مرتضى القزويني(1) والسيد صدر الدين الحكيم الشهرستاني(2) وأربعة مثقفين من خارج سلك رجال الدين هم نتاج الحياة الفكرية والثقافية الكربلائية التي تحدثنا عن تكوينها فيما سبق، هم الأستاذ حسين فهمي الخزرجي والسيد عبد المجيد السالم والسيد سلمان هادي آل طعمة والسيد مرتضى الوهاب(3).

ص: 51


1- مرتضى القزويني (1927-) هو السيد مرتضى بن محمد صادق بن محمد رضا بن هاشم القزويني ولد في كربلاء 1349ه/1927م ونشا بها تحت رعاية والديه واخذ عن أبيه دروس العلوم الدينية ودرس المقدمات في النحو والمنطق والبلاغة والفقه وأصوله على يد الشيخ جعفر الرشتي والشيخ محمد الخطيب وهو شاعر ومن رجال الدين البارزين وخطيب منبر مشهور. سلمان هادي آل طعمة، معجم خطباء كربلاء، (بيروت: مؤسسة البلاغ، 1999م)، ص 367-368.
2- صدر الدين الشهرستاني (1929-1982م)م هو السيد صدر الدين بن محمد حسن بن مهدي الحكيم الموسوي الشهير بالشهرستاني ولد سنة 1351ه/1929م خطيب مشهور وشاعر لامع متوقد الذكاء اصدر مجلة «رسالة الشرق» عام 1954م وصدر له كتاب التبرج. سلمان هادي آل طعمة، المعجم، ص 98-99.
3- سلمان هادي آل طعمة، الأسر العلمية، و92.

عرف السيد حسن الشيرازي بالأنفتاح الفكري والمعرفي الكبير وكان لا يرى بأساً بالإطلاع على ما عند الآخرين، ولما كانت الساحة الفكرية الشيعية خالية من النشاطات الحركية والأفكار والكتب التي تعنى بالفكر الحركي الاجتماعي والسياسي، بدأ يقرأ ويطلع على ما كتبه المفكرون والعلماء خارج نطاق الفكر الشيعي فقرأ ما كتبه سيد قطب في مؤلفاته وكذلك ما كتبه الإخوان المسلمون وتأثر كذلك بأفكار تقي الدين النبهاني(1) خاصة في كتاب الاقتصاد(2) وغيرها من الكتب والمنشورات التي كان يصدرها حزب التحرير الذي كان يرأسه النبهاني(3).

يدلل هذا الأمر على مدى الأنفتاح الفكري الذي يحمله السيد حسن الشيرازي وأنه كان باحثاً عن الحقيقة بغض النظر عمن تصدر منه هذه الحقيقة، وهذه النظرة التي كان ينظر بها السيد حسن الشيرازي قد اسهمت بشكل فاعل في علاقاته مع كل مفكري وسياسيي العالم الإسلامي الذين

ص: 52


1- تقي الدين النبهاني (1914-1977م) هو محمد تقي الدين بن إبراهيم بن مصطفى النبهاني ولد في قرية اجزم بفلسطين، تلقى العلوم الدينية على يد والده وجده كما درس في المدارس النظامية الحكومية فأكمل الابتدائية ولم يكمل الثانوية بل التحق بالأزهر بناءاً على رغبة جده، إلتحق بالأزهر عام 1928م ثم التحق في 1929م بكلية دار العلوم، تخرج من الأزهر عام 1932م، عمل بعدها مدرساً في حيفا بفلسطين، أسس حزب التحرير في عام 1953م، غادر فلسطين إلى دمشق عام 1953م بعد مضايقة سلطات الأحتلال له، اعتقل في سوريا فهرب إلى لبنان وبقي بها، قام بزيارة العراق عدة مرات، والتقى بعبد السلام عارف، توفي في بيروت في 11/12/1977م ودفن في مقبرة الأوزاعي في بيروت. هشام عليوان، الشيخ تقي الدين النبهاني، داعية الخلافة الإسلامية، (بيروت: مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، 2009م)، ص 15-22.
2- ذكر النبهاني «إن نظرة الإسلام تختلف إلى مادة الثروة عن نظرته إلى الانتفاع بها وعنده أن الوسائل التي تعطي المنفعة شيء وحيازة المنفعة شيء آخر» تقي الدين النبهاني، النظام الإقتصادي في الإسلام، (القدس: منشورات حزب التحرير، 1953م)، ص 47.
3- «مقابلة شخصية» السيد مرتضى القزويني، مجتهد، كربلاء المقدسة، 24/10/2009م.

تعامل معهم فيما بعد.

ولعل السبب الذي دعا السيد حسن الشيرازي إلى ذلك هو الظروف التي كانت تمر بها الأمة الإسلامية جراء التهميش الدولي والهجمات الايدولوجية واشتداد المؤامرات الداخلية والخارجية وإقصاء الإسلام من المنهج العام للحياة(1).

أثرت الأحداث السياسية التي مر بها العراق بشكل ٍ خاصٍ والمنطقة والعالم بشكل عام تأثيراً بارزاً في تكوين الفكر السياسي عند السيد حسن الشيرازي، إذ حدثت الحرب العالمية الثانية وعمره أربع سنين وانتهت وعمره عشر سنين، وقد رأى تداعيات الحرب وأثرها على المجتمع الإسلامي والعراق بشكل خاص، واستفاد كذلك من اطلاعه على أوضاع البلاد المتصارعة والتحالفات الدولية التي تشكلت بعد الحرب، وتحدث عن ذلك في كتاباته «يتفق الجميع على مدى تقهقر المسلمين وان الأوضاع التي يعيشونها تدعو إلى الرثاء الأليم فالمسلمون اليوم شلوٌ متقطع تنهشه الذئاب من كل عصابة أو فرقة أو امة فقد أصبحوا نهزة كل طامع أو مستعمر أو انتهازي أو مستغل ومصب المؤامرات والأحقاد والأطماع لمختلف الكفار المحدقين بهم من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب»(2).

وقال كذلك «ذلك شطر من مأساة المسلمين الطويلة في هذه المدة العصيبة من تاريخ العالم ولقد مني المسلمون بهذه المأساة كنتيجة طبيعية لعوامل وعناصر!! فهل لنا من محيص، نعم أن هناك طريقاً واحداً واضحاً لوضع حد لهذه

ص: 53


1- عباس البغدادي، في مدرسة الشهيد الشيرازي، الراحل الحاضر، (بيروت:المستقبل للثقافة والإعلام، 1988م)، ص 92.
2- حسن الشيرازي، بحوث وقصائد عن الإسلام والولاء، (قم: دار الهدى، 1984م)، ص 15.

المأساة وهو أن نفحص ذلك الشيء الوحيد الذي سبب للمسلمين هذا التدهور والانحلال والسلبية ثم نكافحه مكافحة جذرية أن ذلك العامل الذي أصاب المسلمين بهذا التأخر والانحطاط هو إزاحة الإسلام عن المجال التشريعي والسياسي، ومعالجة هذه الظاهرة السيئة لن تكون إلا بإعادة الإسلام الى المجال التشريعي والسياسي»(1).

أسهم فهمه العميق للإسلام في بلورة وعيه المبكر، فكان يرى أن الإسلام منظومة كاملة لا يمكن أن تعمل بجزء دون الجزء الآخر، فان النقص في أي جزء منها سيؤدي إلى تعطيل العمل الإسلامي وشبه ذلك بالساعة اليدوية «والساعة اليدوية الصغيرة التي تراقب جري الزمان كلها تعمل بمجموع أجزائها وان نقصت آلة ولو دقيقة منها عطل الجهاز كله»(2).

تميز كذلك باطّلاعه الواسع على الفكر الرأسمالي والفكر الشيوعي ومداليلهما الفكرية، والأيدولوجية والتطبيقية وقد ناقشهم في أفكارهم ورؤاهم «اعترف أكثر الساسة الاشتراكيين أن النظام الماركسي غير قابل للتطبيق وظهر أن الشيوعية المطلقة التي دعا إليها فرويد وماركس وانجلز كانت أوهام نحتوها من تعاقيد أدمغتهم حتى لفّهم الظلام... وبالفعل لم يطبق ذلك النظام رغم محاولات لينين وستالين، فقد أراد ماركس هدم العوائل والملكية الفردية والأديان فأرهقوا الشعب ودمروا الملايين ولم يجدوا لذلك سبيلا، ولذلك استأنفوا حياتهم الاقتصادية من جديد واخذوا في تعديل ذلك النظام واختلقوا الاشتراكية»(3).

ص: 54


1- المصدر نفسه، ص 18-19.
2- حسن الشيرازي، بحوث وقصائد، ص 54.
3- المصدر نفسه، نفس الصفحة.

ذكر في مصادره وبحوثه مثل، البيان الشيوعي تأليف كارل ماركس(1)، وانجلز(2) وغيرها من الكتب الأخرى فهو يقوم بنقدها مباشرة دون الرجوع إلى الكتب التي تصدت لها، وهذا يدلل على فهم عميق لتلك المبادئ.

وكان يرى ان الرأسمالية فشلت «حيث لم تستطع القضاء على الفقر والمرض والجهل... فان المبدأ الصحيح الكامل هو الذي ينهض بتنظيم المجتمع من كل جوانبه والمبدأ الرأسمالي تمكن من تكتيل الثروة في صناديق متعددة وذلك ربما ينفع البلاد من ناحية معينة ولكن لم يقدر على تكفل الفقراء... فارتفعت القصور الباسقة وانتشر حولها الحطام البشري يندفع وراء الخبز الزهيد، فمثلا في مصر اقل

ص: 55


1- كارل ماركس (1818-1883م) مفكر إقتصادي وسياسي ألماني ولد في 5 أيار 1818م في مدينة ترير وكان أبوه محامياً يهودياً، درس ماركس القانون في بون وبرلين واهتم بدراسة فلسفة هيجل وتأثر بمؤلفات فويرباخ، تزوج في سنة 1843م وانتقل إلى باريس سنة 1843م وأصدر صحيفة «إلى الأمام» طرد من باريس سنة 1845م واستقر في بروكسل وتوثقت صداقته بانجلز وعملا معاً من اجل إعادة تنظيم العصبة الشيوعية سنة 1848م وعلى إثر ذلك طرد من بروكسل وعاد إلى ألمانيا، إشترك في اضطرابات الراين 1848م واضطر للهجرة إلى لندن وعاش في فقر مدقع في احد الأحياء الفقيرة ولولا مساعدات أنجلز لمات جوعاً، وفعلا مات جوعاً بعض أفراد أسرته، توفي في 14 /آذار/1883م في لندن ودفن بها. عبد الرحمن بدوي، موسوعة الفلسفة، (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1984م)، ج2، ص 401-402.
2- فردريك انجلز (1820-1895م) زعيم البروليتارية الذي خلق مع ماركس المذهب الماركسي أي النظرية الشيوعية العلمية، ولد في مدينة بارمن في المانيا، سعى منذ شبابه للمساهمة في الكفاح من اجل تبديل العلاقات الاجتماعية القائمة، أدى مدة تجنيده في سنة 1841م في برلين وحضر المحاضرات في جامعة برلين في وقت فراغه، قام بنقد شبنجلر وهيجل وفي انكلترا إحتك بالطبقة العاملة واصدر كتاب «مساهمة في نقد الأقتصاد السياسي» 1844م و «ظروف الطبقة العاملة في انكلترا» 1845م وسرعان ما غادر انكلترا وفي سنة 1844م، التقى بماركس في باريس وكتبا معاً العائلة المقدسة 1844-1846م، توفي في سنة 1895م في ألمانيا. لجنة من العلماء والأكاديميين السوفيات، الموسوعة الفلسفية، ترجمة: سمير كرم، ط2، (بيروت: دار الطليعة، 2006م)، ص 56-57.

من أربعة الآف رجل يملكون ثلث جميع الأراضي وجميع النقود الموجودة في البنوك... مع العلم أن نفوس مصر تربو على عشرين مليونا(1)، والى جانب هذا الترف الغليظ وجدت امرأة ميتة وبعد التحقيق ظهر أنها ماتت من الجوع»(2).

أردنا من استعراض هذه الآراء معرفة تكوين السيد حسن الشيرازي الفكري وإطلاعه على الأفكار الرأسمالية والشيوعية وسنقوم في الفصل الثالث بمناقشة أرائه في الفكر الرأسمالي والشيوعي بتفصيل اكبر.

تميز السيد حسن الشيرازي في الوقت نفسه باطلاعه الجيد على تاريخ العالم الحديث والمعاصر إذ يذكر «في سبيل الحركة النازية ثارت الحرب العالمية الثانية فكانت ضحاياها 70 مليون نسمة عدا المشوهين والجرحى والمصابين بالأمراض العقلية والعصبية»(3).

واكب كذلك التحولات الفكرية والسياسية التي مرت بها الأمة العربية ابتداءً من ثورة «يوليو» تموز / 1952م في مصر بزعامة عبد الناصر، وكذلك التحولات التي حدثت في العراق بعد ثورة 14 تموز 1958م بزعامة عبد الكريم قاسم، ومن الأحداث الأخرى التي عاصرها هو بروز ما يعرف بالقوميين في زمن عبد السلام محمد عارف، إذ برز إلى الوجود بعد إقصاء الشيوعيين التيار القومي وعانى كثيراً هو ومن معه من أفراد أسرته من جورهم وله مواقف مع متصرف كربلاء أيام عبد السلام «1963-1966م» جابر حسن الحداد متصرف كربلاء الذي جاء بعد حركة عبد السلام عارف(4).

ص: 56


1- هذا الرقم في ستينات القرن الماضي وليس الآن.
2- حسن الشيرازي، بحوث وقصائد، ص 55.
3- المصدر نفسه، ص60.
4- محمد الشيرازي، القوميات في خمسين سنة، (طهران: دار ميثم، د.ت)، ص 12، www.annabaa.org.

تحدث السيد محمد الشيرازي عن أخيه وذلك عندما تعرض للعمل السياسي في العراق في كتابه عشت في كربلاء على الرغم أن الكتاب لا يتعرض إلى ذكر التفاصيل بل يشير أشارات صغيرة فقط إلى بعض القضايا التي عاشها السيد محمد الشيرازي في كربلاء وظلت عالقة في ذهنه إلا انه قال «كما كان للأخ السيد حسن الشيرازي (رحمه اللّه) نصيب وافر في هذا الحقل وقد لاقى بسبب ذلك مصائبه المعروفة»(1).

امتازت العائلة بمواقفها السياسية المهمة فكان السيد محمد الشيرازي مهتماً بشكل كبير بالوضع السياسي للعراق وقد قام بلقاء العديد من الساسة في مختلف عهود العراق سواءً الملكية أو الجمهورية ومن هؤلاء «عبد الرسول الخالصي»(2) الذي كان متصرفاً للواء كربلاء عام 1949م والتقاه مرة أخرى عندما أصبح وزيرا للشؤون الاجتماعية عام 1955م(3).

والتقى كذلك ب«سعيد القزاز»(4) الذي كان وزيراً للداخلية للأعوام من

ص: 57


1- محمد الشيرازي، عشت في كربلاء، ص 49.
2- عبد الرسول الخالصي(1910-1985م) ولد في الكاظمية، أكمل دراسته في جامعة أهل البيت ودرس بمدرسة الخالصي للعلوم الإسلامية، تخرج من كلية الحقوق عام 1934م، اصدر مجلة «العصر الحديث» مع عبد الفتاح إبراهيم 1937م، ثم عين قاضياً وعضواً في المحكمة الكبرى، وفي عام 1941م إنخرط في صف الضباط الاحتياط، عين قائمقاماً لكربلاء عام 1949م ثم وزيراً للعدل في 1952م ووزيراً للعمل والشؤون الاجتماعية عام 1955م. حميد المطبعي، موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين، (بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، 1998م)، ج3، ص 151.
3- محمد الشيرازي، تلك الأيام، ص 46-47.
4- سعيد القزاز، أصبح وزيراً للداخلية من 1953-1958م في سبعة وزارات آخرها وزارة أحمد مختار بابان وأصبح وزيراً للشؤون الإجتماعية في وزارة نور الدين محمود، أعدم بعد ثورة 14 /تموز / 1958م وهو من القومية الكردية. عبد الرحمن البياتي، سعيد قزاز ودوره في سياسة العراق حتى عام 1958م، (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2001م)، ص 10-35؛ الوزير القزاز في محكمة القاضي زهير كاظم عبود، www.aawsat.com.

«1953-1958م» والشيخ «محمد رضا الشبيبي»(1) الذي كان وزيراً للمعارف في العشرينات والثلاثينات والاربعينات وخليل كنة الذي كان وزيراً للمعارف في وزارة نوري السعيد سنة 1954م وعبد الهادي الجلبي الذي كان وزيراً للأشغال في وزارة أرشد العمري الأولى 1946م والسيد محمد الصدر الذي أصبح رئيساً للوزراء سنة 1948م وعبد الكريم قاسم الذي أصبح رئيساً لمجلس الوزراء في أولى وزارات العهد الجمهوري بعد ثورة 14/تموز / 1958م ومحمد نجيب الربيعي الذي أصبح رئيساً لمجلس السيادة عام 1958 م وعبد الرحمن البزاز الذي أصبح رئيساً للوزراء 1964م واحمد حسن البكر الذي أصبح أول رئيس جمهورية بعد انقلاب 17/تموز / 1968م وغيرهم(2).

يتضح مما تقدم أن اهتمام هذه العائلة بالعمل السياسي ليس وليد حالة معينة أو ظرفاً خاصاً، بل إننا نجد أن هذه العائلة اهتمت بالعمل السياسي في وقت مبكر جداً من تاريخ العراق الحديث والمعاصر وقد عملت من خلال اللقاء بالمسؤولين على شرح وجهة نظرها والوصول إلى أهدافها عن طريق الحوار مع الشخصيات السياسية ونشر مطالبها ومحاولة حمل الحكومات على تنفيذ تلك

ص: 58


1- محمد رضا الشبيبي (1888-1965م) ولد في النجف الأشرف وختم القرآن على يد مقرئةٌ فاضلة هي السيدة مريم البراقية وعلوم اللغة عند الشيخ محمد حسن المظفر والمنطق والأصول عند السيد مهدي بحر العلوم والسيد حسن الحمامي، تقلد منصب وزارة المعارف خمس مرات للسنوات 1924م، 1935 م، 1938م، 1941م، 1948م، واختير عضواً في مجلس الأعيان 1930م ورئيساً له 1937م، ورئيساً للمجلس النيابي 1944م منح دكتوراه فخرية من جامعة القاهرة عام 1948م، عمل عضواً في المجمع العلمي العربي في دمشق 1923م، وعضواً في مجمع اللغة العربية في القاهرة 1947م، وكان أول رئيس للمجمع العلمي العراقي 1948 م، 1963م، توفي في بغداد سنة 1965م. صباح ياسمين الأعظمي، أعلام المجمع العلمي العراقي 1947-2004م، (بيروت: الدار العربية للموسوعات، 2005م)، ص 11-13.
2- محمد الشيرازي، عشت في كربلاء، ص 48.

المطالب التي تتعلق في كثير من الأحيان بحفظ الوضع الديني للمدينة باعتبارها مدينة مقدسة ولها مكانة في نفوس المسلمين ويجب أن تراعى هذه القدسية من خلال إبعاد مظاهر المجون ومحلات بيع الخمور من المدينة وكذلك الإهتمام بالجانب العمراني والخدمي للمدينة(1).

أثرت التربية التي ترباها السيد حسن الشيرازي والجو الفكري والمعرفي الذي عاشه في كربلاء عندما كان بمعية أبيه وأخيه تأثيراً فاعلاً في ترتيب المنظومة الفكرية والمعرفية والسياسية التي تبناها فيما بعد، يقول جان لوكيتر: «للمؤسسات الدينية والتعليمية الأخرى دورٌ في بناء القادة وإعطائهم الزخم اللازم من خلال تبني عقائد وأهداف معينة يكون لها الأثر في السياسة التي سوف يتبعونها مستقبلا»(2).

تميّز فكر السيد حسن الشيرازي بأنه وليد الحاجة، فهو يكتب من خلال معاناة تعيشها الأمة الإسلامية وليس للترف الفكري، فقد كتب الأقتصاد الإسلامي عند انتشار المد الشيوعي وترويجهم للشبهات ضد الإسلام والقول بأنه عاجز عن إدارة دفة الحياة، فكتب عن الاقتصاد الإسلامي ليبرهن لأولئك المغرورين بان الإسلام اقدر من الإيديولوجيات الأخرى على إدارة دفة الحياة، وكتب الشعائر الحسينية يوم بدأ البعض بترويج الدعايات المظللة ضد الشعائر الحسينية واتهامها بالتخلف والإسراف وانعدام الرؤية، فكان كتابه دفاعاً عن الشعائر الحسينية في حياة الأمة، ويأتي كتاب كلمة الإسلام في ظروف عصيبة مرت بها الأمة الإسلامية كانت غارقة في بحر التيارات الفكرية والسياسية تتقاذفها الأحزاب والحركات من كل حدبٍ وصوب، فانقسم المفكرون الى

ص: 59


1- محمد الشيرازي، تلك الأيام، ص 46-47.
2- جان لوكيتر، ديغول، ترجمة إبراهيم الحلو، (بيروت: دار النهار، 1969م)، ص 17-18.

قسمين، قسم انزوى عن تلك التيارات وجلس جانباً يرصد ما يجري دون أن يحرك ساكناً تجاهها وكأنها الأمر الواقع، وبين من استخدم قواه الفكرية والمعرفية ناهلاً من الإسلام وشريعته السمحاء ما يدافع به عن عقيدته لمواجهة هذه التيارات وطردها من الساحة الإسلامية(1).

استولى الهاجس الإسلامي على تفكير السيد حسن الشيرازي بصورة عامة وهذه ميزة من ميزاته الرائعة، وكان يرى أن المسلمين قادرون على أن يكونوا قوة مركزية فاعلة وكان يملك إحصاءات قلما يملكها احد سواه عن الطاقات المميزة للمسلمين وعن أماكن انتشار المسلمين في العالم، وقام برحلات في كثير من بلدان العالم الإسلامي في إفريقيا وأوربا وفي أسيا، مكنه ذلك من تصور إمكانات المسلمين الكبيرة وعلى تصور نقاط الضعف التي تحول دون تفجير تلك الإمكانات، لذلك كان هو من العاملين على الوحدة الإسلامية، ومن العاملين على تنشيط التعاون بين المسلمين سواءً على مستوى المؤسسات الفكرية والمؤسسات الإجتماعية ومن المتطلعين إلى أن يساهم المسلمون كل في بلده أو في القطر الذي يقيم فيه في تنشيط الدعوة الإسلامية وضخ الوعي الإسلامي في أذهان أبناء الأمة الإسلامية(2).

ويعود له الفضل في تكريس نموذج العالم العامل المنفتح على روح العصر والمتفهم لمجمل التغيرات السياسية - الإجتماعية، التي أحدثتها هزات القرن العشرين، كما ضرب مثالاً رائعاً في قدرة رجل الدين على ارتياد أصعب المهام والمسؤوليات في أطار المفاهيم الحركية والنهضوية للمشروع الإسلامي

ص: 60


1- ساعد الجبوري، الفكر الحركي عند الشهيد الشيرازي، النبأ، مجلة، دمشق، العدد 49 السنة السادسة، 2000م، ص 187.
2- محمد حسن الأمين، إذا تكلم الأوفياء، الراحل الحاضر، ص 77.

المعاصر المولود من رحم النظرية الإسلامية، هذا المشروع الذي كان ولا يزال محاطاً بأسوار وأطواد من التحديات الإستعمارية، فضلاً عن التحديات الإيدولوجية، في مثل هذه الأجواء، شخص بنظرته الثاقبة والمتقدمة، ضرورة ردم الهوة بين الموروث العقائدي والمفاهيمي والفكري مع العصرنة، التحديث(1).

حاول صياغة المشروع الإسلامي بمقاصده ونظرياته واندفاعاته وان يأخذ هذا المشروع دوره الذي أختطف منه بفعل عوامل التقهقر في الحالة الإسلامية التي خلفتها الهجمة الشرسة للأستعمار على أغلب بقاع العالم الإسلامي، التي عانى منها لاحقاً المشروع الإسلامي، كما أعاقت اندفاعاته تسارع عناصر التنمية الثقافية والبشرية والإقتصادية في القرن العشرين(2).

تميز فكره بالأصالة والحداثة يوم تفرق الناس فريقين الأول ذاب في الحداثة حتى كاد أن يتجاوز الأصول ويرتمي في حضن المتغيرات، والثاني تمسك بالأصالة لدرجة الذوبان في الماضي متوقفاً عند التاريخ رافضاً السير إلى أمام معتبراً كل جديد بدعة وكل حداثة خروجاً على المألوف فهو إذن حرام لا يجوز الولوج فيه، أما هو فقد انطلق من الماضي ليصيب به المستقبل عبر الحاضر بنظرة ثاقبة ورؤية فاحصة تقبل بالحداثة ولا تتجاوز الأصالة قيد أنملة(3).

هذه بعض الروافد الفكرية للسيد حسن الشيرازي وبعض الصفات والمؤهلات التي امتلكها والتي أسهمت في بلورة مشروعه الفكري والسياسي الذي استطاع الباحث تحديدها أو التماسها من خلال المصادر، وغابت عنه أشياء أخرى تتصل بحياته لم تذكرها المصادر هذا إذا علمنا انه لم يكتب عن نفسه شيئاً إلا ما نقله عنه من عاصره أو شاهده، فتظل مثل هذه الأمور مجهولة

ص: 61


1- عباس البغدادي، في مدرسة الشهيد الشيرازي، الراحل الحاضر، ص 92.
2- المصدر نفسه، ص 92-93؛ Http//www.annabaa.org.
3- نزار حيدر، أصالة المنهج وثورية المدرسة، الراحل الحاضر، ص 110.

لأنها من خصائص السيد الفكرية التي لم نستطع الحصول عليها أو قراءتها في مؤلفاته.

يتضح مما تقدم أن هنالك جملة عوامل أسهمت في بناء شخصيته وصقلها فأننا نلمس تأثير أساتذته واضحاً في سلوكه فقد اخذ عن أبيه التواضع واحترام الغير حتى لو كانوا أناساً بسطاء وهذه الصفة التي نقلت عن السيد حسن الشيرازي، صرح بها كل من عرفه أو عاشره ولو لمدة قليلة(1).

اخذ عن أستاذه السيد محمد الشيرازي شمولية الرؤية للإسلام وسعة الأفق والانفتاح على المتغيرات الدولية سواءً كانت سياسية أو إجتماعية أو إقتصادية، وكذلك اخذ عنه النفس الطويل في مجال الكتابة والتأليف والتصنيف، وسمو الروح والهدوء والرصانة وغيرها من الصفات التي كان السيد محمد الشيرازي يتمتع بها.

أخذ عن أستاذه السيد محمد هادي الميلاني كثرة السفر واهتمامه بالمشاريع ذات المردود الإجتماعي ودعمها، وهذا التوجه الذي كان في تفكير السيد محمد هادي الميلاني قد أصبح منهجاً عند تلميذه السيد حسن الشيرازي، فنراه ينشر مشاريعه العلمية والإجتماعية والثقافية أينما حل، وهذه الصفة من أهم صفات العالم العامل في الحقل الحركي الإسلامي.

واخذ عن أستاذه الشيخ محمد رضا الأصفهاني جرأته العلمية ووقوفه بصلابة للدفاع عن رأيه عندما يراه صحيحاً وكذلك ورث منه ثقافة حوار الفلاسفة التي وظفها أيما توظيف في نشر آرائهِ الإصلاحية في مختلف أرجاء العالم الإسلامي.

تميز كذلك بسعة الأفق وعمق التدبر فرفض التجمد والتقوقع والوصولية والنفعية، والحزبية الضيقة والعنصرية المقيتة والطائفية القاتلة، وذكر ذلك في

ص: 62


1- مقابلة شخصية السيد «مهدي الخرسان»، مجتهد، النجف الاشرف، 9/12/2009م.

أشعاره:

لا الطائفية تستطيع تحكماً***فينا ولا الحزبيةُ الهوجاءُ

فالطائفية جذوةٌ مسمومةٌ***يصلى بها الهدامُ والبناءُ

والطائفيةُ قوةُ المستعمرينَ***يثيرها العملاءُ والدخلاءُ

والحزب حيدة الشباب وجلها***مستعمرٌ يحدو له الأيماءُ

بحث دائماً عما يسوغ له الانفتاح والتعاون والتواصل والأنسجام مع الآخرين في التيار الواحد، وكان شمولي التفكير يمتاز في العمق والشجاعة في عرض الافكار والبحث والحوار، إذا آمن برأي لم يتردد في عرضه وإن كلفه ذلك الكثير من سمعته، وإذا اعتقد بفكرة بادر إلى تقديمها على بساط البحث غير متعصب ولا متحيز، وكان باحثاً عن كل جديد ومهم يمكن أن يحل مشكلة من مشاكل الأمة الإسلامية أو يجيب عن تساؤل في الساحة الإسلامية، فلم يكن منشغلاً بالأمور التافهة، وكان رافضاً للخوض في القضايا التي تعد من الترف الفكري وكان مدافعاً صلباً عن الإسلام كفكر وعقيدة ومنهج حياة، وقد عمل جاهداً على دفع الشبهات عن الإسلام سواءً الخارجية أم التي أتت من داخل المجتمع المسلم(1).

بذل السيد حسن الشيرازي الغالي والنفيس، وكان احد أولئك القلائل الذين افنوا عمرهم وضحوا بأنفسهم في سبيل إعلاء شان الأمة وإعلاء كلمة اللّه وترسيخ المعتقدات الإسلامية السامية من خلال النصوص القرآنية والأحكام والنظريات والأفكار الإسلامية، وكان لفهمه العميق للدين الإسلامي وللقرآن بشكلٍ خاص، وأطلاعه على الموروث الفقهي الإسلامي الأثر البارز في بلورة شخصيته الفكرية، وكان يحرص دائماً أن تنزل هذه المفاهيم والنظريات إلى

ص: 63


1- نزار حيدر، أصالة المنهج وثورية المدرسة، الراحل الحاضر، ص 111-112.

ساحة التطبيق وان لا تبقى مجرد أفكار في دفات الكتب لذلك نراه ينطلق من التراث الإسلامي ويحاول أن يجد الحلول من داخل هذا التراث لكل مشكلات المجتمع المسلم(1).

إن الفهم العميق للإسلام من خلال فهم القرآن الكريم والسنة المطهرة هما حجر الزاوية في تفكير السيد حسن الشيرازي، فكل تحركاته سواء كانت إجتماعية أو إقتصادية أو سياسية أو فكرية عامة كانت نابعة من الإسلام ومن فهمه للدين الكريم لذلك نراه يتأسى بالأنبياء والأئمة (عليهم السلام) ويتابع خطاهم في كل قضية من القضايا التي عاشها أو عالجها، يحاول إن يستدعي الإسلام ويعرف ما هو موقف الإسلام من هذه القضية قبل حلها أو معالجتها فهو بذلك من العلماء الذين وظفوا الشريعة في فهم الواقع الإسلامي وانطلقوا من خلالها لمعالجة مشكلات الأمة.

عمد السيد حسن الشيرازي إلى اعتماد ما يعرف بالتفسير الموضوعي، وهذا التفسير يعني أن المفسر يختار أي موضوع سواء أكان اقتصادياً أو سياسياً أو اجتماعياً ثم يستنطق القرآن وآياته ليعثر على الأدلة التي تدعم موضوعه، وكذلك عمد إلى أسلوب التدبر في القران أو التأمل في آياته، وبهذا الأسلوب بدأ المؤلف كتابه «خواطري عن القرآن» معتمداً على التأمل العميق في الآيات الكريمة بالتحليل اللغوي والفلسفي والاجتماعي للوصول إلى فهم قرآني، وإنه طالما أعتذر عن أن هذه المحاولة غير تفسيرية، بل ربما يخطئ وربما يصيب، وما فهمه من القرآن اعتمد على مسبقاته المعرفية من القرآن والسنة والعلوم الأخرى، ونبه على أن التفسير ليس من مختصات الإنسان العادي «لان القرآن لا يعرفه ألا من خوطب به» وفي نفس الوقت أشار إلى حرمة التفسير بالرأي ويذكر انه بدأ هذه

ص: 64


1- عباس البغدادي، في مدرسة الشهيد الشيرازي، الراحل الحاضر، ص 81.

الخواطر «وهو في السجن وأكملها بعد خروجه ويصر على أنها مذكرات وضعت على الورق لتتأمل في القران والتدبر فيه وهي ليست محاولة لتفسير القرآن بالمعنى الدقيق للتفسير» وهو بذلك فتح الباب أمام نمط جديد في تفسير القرآن الكريم. هذا التأمل العميق الواعي المستند إلى الأسس الفنية من لغة وفلسفة واجتماع وتاريخ وحديث وغيرها، بالإضافة إلى السنة النبوية الشريفة وأحاديث الأئمة (عليهم السلام) (1).

وبقي أن نشير إلى أن السيد حسن الشيرازي لم يتزوج على الرغم من إلحاح أخيه السيد محمد الشيرازي عليه في ذلك وإلحاح أصدقائه(2)، ولا احد يعرف السبب الحقيقي في ذلك فمنهم من قال قد يكون بسبب ظروفه التبليغية التي تستلزم أن يكون متفرغاً كلياً للتبليغ، وهذا رأيٌ ناهض، وقد أيده في خاطرته التي سنشير إليها عند سفره من العراق إلى لبنان وذكر فيها «إني وهبت كلي للسماء»(3) ومنهم من عزا ذلك لأسباب شخصية لا يعرفها احدٌ سواه(4).

ص: 65


1- حامد السعيدي، رؤية تأملية في تفسير (خواطري عن القرآن) النبأ، مجلة، دمشق، العدد 49، السنة السادسة، 2000م، ص 30.
2- مقابلة شخصية السيد «مرتضى القزويني»، مجتهد، كربلاء المقدسة، 24/10/2009م.
3- سنذكرها في الفصل الرابع في حادثة خروجه من العراق؛ الشيخ محمد أمين الغفوري لقاء أجراه معه موقع الشيرازي نت: www.alshirazi.net.
4- مقابلة شخصية السيد «مرتضى القزويني»، مجتهد، كربلاء المقدسة، 24/10/2009م.

ص: 66

الفصل الثاني: جهوده الفكرية

اشارة

المبحث الأول: أبرز مؤلفاته ومقالاته

المبحث الثاني: جهوده في مجال التربية والتعليم

المبحث الثالث: جهوده في الأدب واللغة

ص: 67

ص: 68

المبحث الأول: ابرز مؤلفاته ومقالاته

أ- المؤلفات الدينية:

1- مؤلفات في مجال السيرة والحديث:

1- كلمة اللّه «حديث 623صفحة في 24×17سم»

من عناوين الكتاب: عقائد، التوحيد، الشرك، فضل اللّه، رحمة اللّه، مغفرة اللّه، علم اللّه، عدل اللّه، قضاء اللّه، الرزاق هو اللّه، مغفرة اللّه، إرادة اللّه، رأفة اللّه، محبة اللّه، المؤمن عند اللّه، سياسة اللّه، عذاب اللّه، حسن الظن باللّه، الاعتصام باللّه، القرآن، النبوة، أهل البيت، النبي محمد (صلی اللّه عليه وآله وسلم) ، قريش، الوصية، الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) سائر الأئمة (عليهم السلام) ، المعارف، الإسلام بين اللّه والناس، طاعة اللّه، شكر اللّه، ذكر اللّه، التوجه إلى اللّه، العلم والعلماء، خلقيات، العقل، الخير والشر، الإنسان، سياسيات: مسؤولية الأسرة، الدنيا، الصدقة، التكافل الاجتماعي، القضاء، أخلاقيات، الخلق العظيم، حسن الخلق، السخاء، الصبر، التواضع، الإخلاص، التعاطف، الاعتداء، الانحراف الخلقي، النميمة، الحسد، الغيبة، البذاءة، الرياء، الهم، الحرص، النفاق، المسكر، عبادات، العبادة والصلاة، التهجد، المسجد، الصوم، الحج، فروع عبادية، ثواب العبادات، أدعية، الترغيب في الدعاء، الدعوة إلى الدعاء، أدب الدعاء، شرط استجابة الدعاء، الدعاء المستجاب، دعوات مواعظ، عتاب، التوجيه إلى اللّه، التزهيد في الدنيا، العودة إلى اللّه، التقوى، الخشوع، مواعظ عامة، كتب الأنبياء،

ص: 69

اللّه والإنسان، الرسول الأعظم، ويشتمل على مقدمة في 16 صفحة(1).

2- كلمة الإسلام(2) (232صفحة في 24 × 17، 20 × 14)

من عناوين الكتاب: توجيه القرآن، النواقص أولاً، المشكلة الإسلامية المعاصرة، الحلول المعروضة، حركة الأحزاب الإسلامية، حركة الأعمال الفردية، حركة الفقهاء المراجع، ترميم النواقص(3).

3- كلمة الرسول الأعظم (صلی اللّه عليه وآله وسلم) (464 صفحة 24 × 17)

من عناوين الكتاب: إلهيات، رساليات، القرآن والعترة، معارف، مواعظ، وصايا، سياسات، رسائل، عبادات، متفرقات، حكم، كما كتب له مقدمة رائعة وطبع عدة مرات في لبنان ط1 بيروت 1967، ط2، بيروت، 1981، ط3، مؤسسة الوفاء بيروت 1982.

وقد انشد الأديب اللبناني بولس سلامة أبيات في مدح الكتاب والمؤلف تحت عنوان (كلمات الرسول) بتاريخ 4 / تشرين الأول / 1966م في بيروت وهي مطبوعة في مقدمة الكتاب(4).

4-5: كلمة الإمام أمير المؤمنين

يحتوي على الكثير من الروايات المروية عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) (5)، طبعته مؤسسة الوفاء عام 1983م.

6- كلمة فاطمة (عليها السلام) (344 صفحة غلاف 24 × 17).

من عناوين الكتاب: نبويات، ولائيات، عقائد، معارف، أخلاق، عبادات،

ص: 70


1- حسن الشيرازي، كلمة اللّه، (بيروت: دار صادق، 1969م).
2- سنعرض للكتاب بشكل تفصيلي في الفصل الرابع إن شاء اللّه ضمن آرائه الإصلاحية السياسية.
3- حسن الشيرازي، كلمة الإسلام، ط3، (بيروت، مؤسسة الوفاء، 1982م).
4- حسن الشيرازي، كلمة الرسول الأعظم (صلی اللّه عليه وآله وسلم) ، ط3، (بيروت، مؤسسة الوفاء، 1982م).
5- حسن الشيرازي، كلمة أمير المؤمنين، (بيروت، مؤسسة الوفاء، 1983م).

أحكام، اجتماعيات، أدعية، مناقضات، سياسيات، مناظرات، حكم، وصايا، متفرقات.

طبع مرتان الأولى: طبعة:هيأة محمد الأمين (صلی اللّه عليه وآله وسلم) الكويت (1421ه/2000م).

الطبعة الثانية: دار العلوم بيروت (1421ه/2000م)(1).

7- كلمة الإمام الحسن (عليه السلام) (255 صفحة، غلاف 24 × 17)

ابرز عناوين الكتاب: إلهيات، ولائيات، عبادات، مواعظ، أخلاق، سياسيات، رسائل، مناقضات، وصايا، متفرقات، حكم، شعر، أدعية، بالإضافة إلى المقدمة، طبع خمس مرات أهمها ط4، مؤسسة الوفاء بيروت(1983م) وط5 / هيأة محمد الأمين (صلی اللّه عليه وآله وسلم) الكويت (2000م)(2).

8- كلمة الإمام الحسين (عليه السلام) (356 صفحة، غلاف 24 × 17)

من أهم عناوينه: إلهيات، نبويات، ولائيات، عقائد، معارف، أخلاق، عبادات، أحكام، مواعظ، اجتماعيات، أدعية، مناقضات، سياسيات، طب، حكم، وصايا، متفرقات، طبع من قبل هيأة محمد الأمين (صلی اللّه عليه وآله وسلم) ، الكويت، 1999م، الطبعة الثانية، دار العلوم، بيروت، 2000م(3).

9- كلمة الإمام السجاد (عليه السلام) (368 صفحة، غلاف 24 × 17)

من ابرز العناوين: الهيات، نبويات، ولائيات، عقائد، معارف، أخلاق، عبادات، أحكام، مواعظ، اجتماعيات، ادعية، مناقضات، سياسيات، مناظرات، طب، حكم، وصايا، متفرقات(4).

10-11 كلمة الإمام الباقر (عليه السلام) ج1+ج2 (884 صفحة، غلاف 24 × 17)

ص: 71


1- حسن الشيرازي، كلمة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، ط1، (بيروت، دار العلوم، 2000م).
2- حسن الشيرازي، كلمة الإمام الحسن (عليه السلام) ، ط4، (بيروت، مؤسسة الوفاء، 1983).
3- حسن الشيرازي، كلمة الإمام الحسين (عليه السلام) ، ط4، (بيروت، دار العلوم، 2000م).
4- كلمة الإمام السجاد (عليه السلام) ، (بيروت، دار العلوم، 2001م).

ابرز عناوين الكتاب: الهيات، نبويات، ولائيات، عقائد، معارف، أخلاق، عبادات، أحكام، مواعظ، اجتماعيات، أدعية، مناقضات، سياسيات، مناظرات، طب، حكم، وصايا، متفرقات.

طبع في الكويت، هيأة محمد الأمين (صلی اللّه عليه وآله وسلم) ، 2002م(1).

12- كلمة الإمام الصادق (عليه السلام) ج1 (672 صفحة، غلاف 24 × 17)

من ابرز عناوينه: إلهيات، رسائل، نبويات، ولائيات، طبعته هيأة محمد الأمين، الكويت، 2002م(2).

13- كلمة الإمام الصادق (عليه السلام) ج2(672 صفحة، غلاف 24 × 17)

من عناوينه: عقائد، معارف، أخلاق، عبادات، طبعته هيأة محمد الأمين الكويت، 2002م.

14- كلمة الإمام الصادق (عليه السلام) ج3 (456 صفحة، غلاف 24 × 17)

طبعته هيأة محمد الأمين (صلی اللّه عليه وآله وسلم) ، الكويت، 2002م.

15- كلمة الأمام الصادق (عليه السلام) ج4 (554 صفحة، غلاف 24 × 17)

طبعته هيأة محمد الأمين (صلی اللّه عليه وآله وسلم) ، الكويت، 2002م.

16- كلمة الإمام الكاظم (عليه السلام) (352 صفحة، غلاف 24 × 17)

من عناوينه: إلهيات، نبويات، ولائيات، عقائد، معارف، أخلاق، عبادات، أحكام، مواعظ، اجتماعيات، أدعية، مناقضات، سياسيات، مناظرات، طب، حكم، وصايا متفرقات، طبعته مؤسسة هيأة محمد الأمين، الكويت، 2000م.

17- كلمة الإمام الرضا (عليه السلام) (484 صفحة، غلاف 24 × 17)

من عناوينه: إلهيات، نبويات، ولائيات، عقائد، معارف، أخلاق، عبادات، أحكام، مواعظ، أجتماعيات، أدعية، مناقضات، سياسيات، مناظرات، طب،

ص: 72


1- حسن الشيرازي، كلمة الإمام الباقر (عليه السلام) ، (الكويت، هيأة محمد ألامين (صلی اللّه عليه وآله وسلم) 2002م).
2- حسن الشيرازي، كلمة الإمام الصادق (عليه السلام) ، (الكويت، هيأة محمد ألامين (صلی اللّه عليه وآله وسلم) 2000م).

حكم، وصايا.

طبعته ديوانية الإمام الشيرازي، الكويت 1999م(1).

18- كلمة الإمام الجواد (عليه السلام) (160 صفحة، غلاف 24 × 17)

من عناوينه: إلهيات، نبويات، ولائيات، عقائد، معارف، أخلاق، أحكام، مواعظ، اجتماعيات، أدعية، مناقضات، سياسيات، طب، حكم، متفرقات.

طبع في مركز الرسول الأعظم (صلی اللّه عليه وآله وسلم) ، بيروت 1999م(2).

19- كلمة الإمام الهادي (عليه السلام) (حديث 272 صفحة، غلاف 24 × 17)

من عناوين الكتاب: إلهيات، ولائيات، عقائد، معارف، أخلاق، عبادات، إحكام، مواعظ، اجتماعيات، أدعية، مناقضات، سياسيات، طب، حكم، متفرقات.

طبع بعناية هيأة محمد الأمين (صلی اللّه عليه وآله وسلم) ، الكويت 2001م(3).

20- كلمة الإمام العسكري (عليه السلام) (319 صفحة، غلاف 24 × 17)

من عناوين الكتاب: إلهيات، نبويات، ولائيات، عقائد، معارف، أخلاق، عبادات أحكام، مواعظ، اجتماعيات، أدعية، مناقضات، سياسيات، طب، حكم، وصايا، متفرقات.

طبعته هيأة محمد الأمين (صلی اللّه عليه وآله وسلم) الكويت، 2000م(4).

21- كلمة الإمام المهدي (عليه السلام) (689 صفحة في غلاف 24 × 17).

من عناوين الكتاب: المقدمة، الحضارات والتكتلات، قضية المصلح المنتظر، ظاهرة التشكيك، ظاهرة اليأس، سلاح الإمام المهدي والأسلحة

ص: 73


1- حسن الشيرازي، كلمة الإمام الرضا (عليه السلام) (الكويت، ديوانية الإمام الشيرازي، 1999م).
2- حسن الشيرازي، كلمة الإمام الجواد (عليه السلام) (بيروت، مركز الرسول الأعظم، 1999م).
3- حسن الشيرازي، كلمة الإمام الهادي (عليه السلام) (الكويت، هيئة محمد الأمين (صلی اللّه عليه وآله وسلم) ، 2001م).
4- حسن الشيرازي، كلمة الإمام العسكري (عليه السلام) ، (الكويت، هيئة محمد الأمين (صلی اللّه عليه وآله وسلم) ، 2000م).

المتطورة، الاعتراف بالعجز، في حين الظهور، الولاية التكوينية للإمام، نشر العدل العام، ظاهرة التشكيك في حياته وتفنيد التشكيك علمياً ودينياً، فائدة الإمام الغائب، الولاية التنفيذية، التعامل مع الكلمات، موجز تاريخ نواب الإمام، عثمان العمري، محمد العمري، الحسين بن روح، علي السمري، وكلاء آخرون للإمام ذكر منهم 23 رجلا، منزلة الإمام المهدي في القرآن، حضارة الإمام المهدي، الرسائل، الأدعية، ملحق الأدعية الزيارات، الموجزات.

يقول السيد عن سبب تأليفه للكتاب «عندما كنت في سجن البعثيين في العراق وتحت التعذيب الوحشي القاسي، توسلت ذات مرة بمولاي وسيدي صاحب الزمان الإمام المهدي (عجل اللّه تعالی فرجه الشريف) أن يتولى نجاتي من هذه المظالم وعاهدت الإمام (عجل اللّه تعالی فرجه الشريف) لقاء ذلك أن أقوم بتأليف كتاب يجمع ما روي عنه (عجل اللّه تعالی فرجه الشريف) من زيارات وأدعية ورسائل وسائر كلماته الشريفة، وراحت الأيام والليالي ومضت الشهور تلو الشهور على إقامتي في السجون المختلفة في بغداد وبعقوبة، حتى خلصني اللّه تعالى بدعاء صاحب الأمر (عجل اللّه تعالی فرجه الشريف) وفرج عني وخرجت من السجون وللّه الحمد، وبعد مدة من الزمن جائني احد من أقربائي ليقول لي: رأيت في عالم الرؤيا نورانياً مهيباً قال لي / قل للسيد حسن الشيرازي حان الوقت لأن يفي بعهده لصاحب الأمر (عجل اللّه تعالی فرجه الشريف) في تأليف الكتاب، وكان الشخص ذاك لا يدري عن عهدي، لأني لم أكن قد حدثت به بعد، فعزمت على ذلك وصرت اجمع المصادر المحتاج إليها من اجل تأليف هذا الكتاب ثم جاءني بعد مدة شخص آخر وقال لي مثل ما قال الأول من غير ترابط بينهما ولا صحبة ولا سابقة إطلاقاً: رأيت في الحلم في عالم الرؤيا أن صاحب الأمر (عجل اللّه تعالی فرجه الشريف) يطالبك بعهدك معه عن الكتاب.

واشتد عزمي وبدأت في تأليف هذا الكتاب (كلمة الإمام المهدي (عجل اللّه تعالی فرجه الشريف) ) وعندما أنجزت القسم المهم من الكتاب رأيت ما يلي في عالم الرؤيا، رأيت شخصاً مهيباً، طويل القامة، جميل المحيا، له هيبة الأنبياء وجلال الصديقين،

ص: 74

ووقار الخاشعين، لابساً حلة بيضاء قد توجه إلي فظننته صاحب الأمر الإمام المهدي (عجل اللّه تعالی فرجه الشريف) وقمت إجلالاً له، وتقدمت أنا إليه فلما قبل يدي علمت انه ليس الإمام المهدي (عجل اللّه تعالی فرجه الشريف) فسألته عن نفسه وقلت له من أنت؟ فقال: أنا من قبل ولي اللّه، وأحسست في عالم الرؤيا إن الرجل رسول من قبل الإمام المهدي (عجل اللّه تعالی فرجه الشريف) جاء إلي شاكراً لتأليف هذا الكتاب».

طبعته مؤسسة الوفاء، بيروت، 1983 وهي الطبعة الثانية(1).

22- كلمة السيدة زينب (عليها السلام) وربيبات الرسالة (216 صفحة غلاف 24 × 17).

من عناوين الكتاب: المرويات عن السيدة زينب الكبرى (عليها السلام) ، ولائيات، عبادات، مناقضات، سياسيات، متفرقات.

بالإضافة إلى كلمات مجموعة من ربيبات الرسالة وهن: السيدة أم كلثوم (عليها السلام) سكينة بنت الحسين (عليها السلام) فاطمة الصغرى، أم ايمن، أم سلمة، أسماء بنت عميس، فضة، شهرة، حرة بنت حليمة السعدية، حبابة الوالبية.

طبع من قبل مؤسسة السيدة زينب (عليها السلام) بيروت، 1998م(2).

23- كلمة الأنبياء والحكماء (عليها السلام) (366 غلاف 24 × 17)

من عناوين الكتاب: آدم (عليه السلام) ذو القرنين (عليه السلام) الخضر (عليه السلام) إبراهيم (عليه السلام) يعقوب (عليه السلام) يوسف (عليه السلام) أيوب (عليه السلام) شعيب (عليه السلام) موسى (عليه السلام) لقمان (عليه السلام) داود (عليه السلام) سليمان (عليه السلام) عيسى (عليه السلام) يحيى (عليه السلام) .

طبعته هيئة محمد الأمين (صلی اللّه عليه وآله وسلم) الكويت 2000م(3).

24- كلمة الأصحاب، ج1 (632 صفحة غلاف 24 × 17)

ص: 75


1- حسن الشيرازي، كلمة الإمام المهدي (عجل اللّه تعالی فرجه الشريف) ، ط2، (بيروت، مؤسسة الوفاء، 1983م).
2- حسن الشيرازي، كلمة السيد زينب (عليها السلام) وربيبات الرسالة، (بيروت، مؤسسة السيدة زينب (عليها السلام) ، 1998م).
3- حسن الشيرازي، كلمة الأنبياء الحكماء (عليهم السلام) (الكويت، هيئة محمد الأمين (صلی اللّه عليه وآله وسلم) ، 2000م).

من عناوين الكتاب: ابن مسعود، أبو أيوب الأنصاري أبو ذر الغفاري، أبو سعيد الخدري، أبو طالب، أبو رافع جابر بن عبد اللّه الأنصاري، حذيفة بن اليمان، وصيه الكلبي، زيد بن أرقم، سلمان المحمدي، سهل الساعدي، عقيل بن أبي طالب، عمار بن ياسر، ابن شريك.

طبعته هيئة محمد الأمين (صلی اللّه عليه وآله وسلم) الكويت، 2001م(1).

25- كلمة الأصحاب، ج2 (570 صفحة غلاف 24 × 17)

طبعته هيأة محمد الأمين (صلی اللّه عليه وآله وسلم) الكويت، 2001 م.

2- مؤلفاته في مجال التفسير:

1- خواطري عن القران ج1(تفسير 527 صفحة في 24 × 17)

من سورة الفاتحة إلى سورة الأنفال.

من عناوين الكتاب: حول القرآن الكريم، يقظة الغرب وتخلف المسلمين، معنى التفسير، التفسير بالرأي، التكرار في القرآن، ضمائر القرآن، علاقات القرآن بالبصر، سورة الفاتحة، الاستعاذة، البسملة، الحمدلة، الجنة والنار والصراط، نعم اللّه، سورة البقرة، من مغزى الحروف المقطعة، مواصفات المتقين، الصلاة، ظواهر الشخصية المنافقة، من عوامل إعجاز القرآن، العدد، المراد بخلفية الأسماء، آدم والملائكة، دلالات الأحرف، النبي المفضل والأمة المفضلة، لا جدوى في استرضاء اليهود والنصارى، القدرة المطلقة، المصيبة والصبر، حب المؤمن للّه، حقيقة الصيام، الدعاء، القتال، الإنفاق، دور نقاهة المرأة، تعدي حدود اللّه، طالوت وجالوت، نور اللّه وظلمات الطاغوت، البعث كيف، المركز وغير المركز، سورة آل عمران: التأويل، المفهوم الواقعي للإسلام، الأفضلية المحدودة والمطلقة، فاطمة (عليها السلام) السيدة مريم، عطاء التجمع، الطليعة القائدة،

ص: 76


1- حسن الشيرازي، كلمة الأصحاب ج1 + ج2 (الكويت، هيئة محمد الأمين (صلی اللّه عليه وآله وسلم) ، 2001م).

مواصفات الأمة الإسلامية، لماذا المسارعة؟، الرسول الأعظم مديراً، عالم الشهداء، الخوف من اللّه فقط، التفكر في دلالات الوحدات الكونية، ذكر اللّه على كل حال، سورة النساء، أبعاد التقوى، الزواج المؤقت، التوازن بين طاقة الروح وطاقة الجسد، القيادة الثالثة، الظلم والاستغفار، الهجرة وأقسامها، سورة المائدة: شروط النصر، الفرد والجمع، المصلحة في خدمة الفكرة، من أرشيف أمير المؤمنين، عقدة اليهودي وازدواجية المشرك، الكعبة العظيمة والمعظمة، القدرة = المسؤولية، سورة الأنعام، جغرافيا الذاتيات والتجارب، الموقف الصحيح من الطبقة الثالثة، الغيب والشهود، كيف تنجح فكرة في الحياة، مواصفات القرآن، التوالد العكسي، الحوار المنطقي لا السب، سورة الأعراف: عوامل الهبوط إلى الأرض، الدعاء، شعيب يزاول نبوته، إيمان وتقوى الزعماء، فلسفة الحلال والحرام، الإيمان العلمي والعملي، المتنكر للآلاء، الإنسان المنحرف عن طريق الصعود، دعنا نفكر: التوكل على اللّه، الموت عبر المشاهدة، الإسلام دعوة إلى الحياة، فلسفة الخمس، عبرة من حرب بدر، اللّه عاصماً والمؤمنون قاعدة ملائمة، تعظيم المؤمنين من الصحابة، الصبر فالنجاح، الأيمان والمؤمن، القلب والجسد.

خواطري عن القرآن ج2 (562 صفحة في 24 × 17)

من سورة التوبة إلى سورة غافر (المؤمن)

من عناوين الكتاب: الإنسان بين القيم والمصالح، أساس المجتمع الصالح، الهجرة والنبي وأبو بكر، الساقطون في التجربة، الذنب واقع يستدعي استغفاراً واقعياً، المعذورون، المنافقون من الصحابة، شهيد معركة وشهيد خدمة، دروس من معركة تبوك، التقوى والقيادة الصادقة، أرضية العمل الصالح، نفير معركة ونفير فكرة، أولياء اللّه، العنصران الأهمان الزمان والصغر، الشقي والسعيد،

ص: 77

الاستقامة جحيم تنتهي إلى الجنة، الأختلاف، عصمة النبي يوسف، الباقي والفاني، المسترسل مع الهوى، الشكر والكفران، نعمة اللّه، المكر مع اللّه، التوازن في النظام العام للكون، فلسفة كينونة الشيطان، رسالة النحل، وحدة مصدر الحضارات، طاقة التعبير بين الملتزم والمنحل، طبيعة تربية اللّه للبشر، الدعوة العامة للإسلام، التفرغ للأهداف العظمى، رحلة الإسراء، فسق المترفين، المبذرون من هم، الإنسان الأفضل، المفضول، لماذا الإكثار من الصلاة، حضارة البكاء، فكرة التوحيد وفكرة الشرك، الباقيات الصالحات، معطيات لقاء موسى بالخضر، كلمات اللّه، أهداف سورة مريم، البرّان، ود المؤمنين، موقف المؤمن من المنحرف، المعيشة الضنك، الإسراف والمسرف، إشباع الحاجة لا إشباع الخيال، إحدى شارات أهل البيت، السائل والمسؤول، لمحة حول الشفاعة، موازين الآخرة، الأمة الواحدة، جنون الغرور، ضرورة الانسجام العام مع الواقع العام، طبيعة المشرك وطبيعة نظام الشرك، تعظيم شعائر اللّه، من قبو المعارضة إلى دست الحكم، المهاجرون في سبيل اللّه، من أهداف العبادات، الجهاد في اللّه، ضرورة المنطق المتنوع، التوبة، حديث الإفك، ظلمات المشرك، الصلاة الكونية، سعادة الإنسان مقدمة لتكامله، تطويق الجنس، فلسفة تدرج ميلاد القران، كيف تتبدل السيئات حسنات، الجحد بعد الأستيقان، صنع القرار بين الرئيس والمرؤوسين، مواصفات سلطة الإمام المنتظر (عجل اللّه تعالی فرجه الشريف) ، تعديل غريزة الخجل، مصدر الهداية، العاقبة للمتقين، فلسفة الأمتحان الإلهي للإنسان، أصحاب السيئات، الانحلال والالتزام، الصلاة معراج إلى ذكر اللّه، الصلاة ناهية، تقييم الدنيا، الإنسان القديم، من مزايا الإنسان، ضرورة العاطفة، الدين القيم، عمل الإنسان في الكون، كلمات اللّه، الأسوة الحسنة، من أرشيف أهل البيت، قيادة اللّه وقيادة الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) ، إلغاء التبني، عطاء النبي وجفاء الأمة،

ص: 78

اتصال وانقطاع الوحي، مهام النبي (صلی اللّه عليه وآله وسلم) واقع النبي كونياً وشخصيته اجتماعياً، حتمية الانسجام مع سنة اللّه، الصراع بين الزمان والموجود، الإنسان بين الإنشاء والإحياء، المنتصر العملاق عبر التجارب الضخمة للحياة، الإنسان، غفران الذنوب وخلق النار، لماذا الخلود في الجحيم، الإخلاص والإشراك، نصرة الرسل والمؤمنين.

خواطري عن القران ج3 (594 صفحة في 24 ×17)

من سورة فصلت إلى آخر القرآن الكريم

من عناوين الكتاب: القضاء والقدر، أرضية الإيمان وشرائط الاستقامة، أصحاب الجنة وأصحاب النار، إقامة الدين وعدم التفرق، مودة القربى، ارتباط الخالق بالمخلوق، التفسير المادي للحياة، الزهد، ليلة القدر، الرفق بالسواد الأعظم، الصبر التاريخي الكبير، تضحية الكبار من اجل الصغار، ملاحظات على صلح الحديبية، الاستخدام البليغ، اختلاط العناصر الخيرة والشريرة، الرسول الأعظم (صلی اللّه عليه وآله وسلم) وأصحابه، قوة القائد في القاعدة، ترجمة القائد في القاعدة، توظيف القائد من الخط، الغيبة، مؤشرات الأفضلية، السرابية والواقعية، الإيمان كبرى القيم، طبيعة الدنيا وطبيعة الجنة، السماء ذات الحبك، حق السائل والمحروم، فلسفة العبادة، عصمة النبي (صلی اللّه عليه وآله وسلم) السعي الإنساني، النعم الكبرى، الكون مقاييس دقيقة، فائدة التكرار، الخوف المقدس، الحياة الدنيا، المصائب، الإيمان والعلم، وقع كلمة اللّه، وحدة الرسالات وإخوة الأنبياء، الحواري امتداد المعصوم، المفاهيم ضرورية للجماهير المسلمة، عزة اللّه وعزة رسوله، التوكل على اللّه، معنى التوكل وفائدته، التوكل على الناس، السماوات السبع والأرضون السبع، المرأتان المتآمرتان، البركة والقدرة الإلهية، الموت بعبع أو منتج، من عجائب الأرض، ما هو الجن، تربية القادة، فاعلية الواقع للقرآن، الاستيعاب عبر الإلهام، الملائكة، علوم الإنسان، الخط الفاصل بين العظماء والتافهين، دور

ص: 79

الأنبياء، جهاز التفريق بين الفجور والتقوى، العزاء والتوجيه الإلهيان للنبي، ماذا يملك الإنسان وماذا لا يملك، كيف يتصور الظلال في النبي، الذكر النبوي المرفوع، العسر مدخل إلى اليسر، فلسفة إيمان اللّه، الطغيان والإيمان، ليلة القدر، عبادة اللّه وعبادة الشخصية، الإنسان الرابح، نار الدنيا ونار الآخرة، الفيل وقريش والبعث الشريف، المسلم والمتأسلم، المراؤون، نصر اللّه والتسبيح والأستغفار، لماذا كان يستغفر النبي، المفسدان: أبو لهب وحمالة الحطب، أصل الشرك، اصل الوثنية، الأحدية المطلقة، المعوذتان، طبيعة الشر، الشر المتوقع والواقع، مصدر الشر، شرور النظام، شرور الحياة، خواطر قصيرة(1).

طبعته دار العلوم، بيروت، 1994م.

3- الكتب الثقافية الدينية:

1- حديث رمضان (364 صفحة في 24 ×17)

من عناوين الكتاب: شهر رمضان، استقبال رمضان، فلسفة رمضان، شهر اللّه الأعظم، شهر التبليغ، شهر التطور، شهر العبادة، شهر التوبة، شهر الذكر، شهر الجهاد، رباط الإسلام، جامعة المسلمين، ذكريات رمضان، الكتب المقدسة، ولادة النور، ليلة القدر، ليلة بدر الكبرى، فتح مكة، الموآخاة، شهادة بطل الإسلام، وفاة أبي طالب، وفاة السيدة خديجة الكبرى، ميلاد الإمام الحسن، ميلاد الإمام الجواد، فتح ثغور الإسلام، بيعة الناس، انهزام الإفرنج، استنقاذ البلاد الإسلامية، فتح المسلمين، سقوط الدولة الأموية، فلسفة الصيام، فوائد الصوم، الفائدة الاجتماعية، الفائدة النفسية، الفائدة الصحية، فوائد الكف عن الجنس، فوائد الكف عن التغذية، الإصلاح العام، أحكام الصوم، نوافل الصوم، مكروهات الصائم، قصص الصوم، تشريفات رمضان، إحياء رمضان في مكة

ص: 80


1- حسن الشيرازي، خواطري عن القرآن، (بيروت، دار العلوم، 1994م).

وسوريا وتونس وتركيا، أدب الصوم، العيد(1).

طبعته مؤسسة الوفاء، بيروت، 1983م.

2- التوجيه الديني (264 صفحة غلاف 24 × 17)

من عناوين الكتاب: اللّه و الإيمان، فلسفة ما وراء الطبيعة، الإلحاد شذوذ، القرآن معجزات خالدة، رسالة الأنبياء، الدين، الإسلام دين شامل، فوائد الإسلام، الفوائد الاجتماعية للإسلام، الأسس العامة للأخلاق الفاضلة، تقدمية الإسلام، رجعية سائر المبادئ والأديان، طريقة البحث العلمي في الإسلام، هذا هو المسلم، قدرة الإسلام على تنظيم الحياة، عالمية المجتمع الإسلامي، عوامل بقاء المجتمع، فهم الأمة الإسلامية، المستقبل للإسلام، رمضان والصيام، الصوم تربية أخلاقية، الإمام علي (عليه السلام) ضمير الإسلام، الإمام الحسين (عليه السلام) ، صورة أخرى للرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) ، ثورة الحسين (عليه السلام) الإمام الصادق (عليه السلام) زعيم مدرسة الإسلام(2).

طبع في المركز العلمي /بيروت / 1981م

3- رسول الحياة (صلی اللّه عليه وآله وسلم) (غلاف 17 × 12)

كراس حول حياة الرسول الأعظم (صلی اللّه عليه وآله وسلم) كتبه في ذكرى المبعث النبوي الشريف(3).

طبعه المركز العلمي، بيروت، 1981م.

4- مقدمات (158 صفحة غلاف 24 × 17)

وهو مجموعة من المقدمات التي كتبها السيد حسن الشيرازي على بعض الكتب، جمعها السيد مجتبى الشيرازي، منها مقدمة كتاب «المراجعات» مقدمة

ص: 81


1- حسن الشيرازي، حديث رمضان، (بيروت، مؤسسة الوفاء، 1983م).
2- حسن الشيرازي، التوجيه الديني (بيروت: المركز العلمي، 1981م).
3- حسن الشيرازي، رسول الحياة (صلی اللّه عليه وآله وسلم) (بيروت: المركز العلمي، 1981م).

«خطبة الزهراء» مقدمة «الحسين (عليه السلام) » «قتيل العبرات» مقدمة «محمد شاطئ سحاب» مقدمة «أيها المسلمون اتحدوا» مقدمة «حصائل الفكر في أحوال الإمام المنتظر (عجل اللّه تعالی فرجه الشريف) » مقدمة «العلويون شيعة أهل البيت» مقدمة «مسائل فقهية» مقدمة «شمسية الأفكار» مقدمة «سبحة الأسحار»(1).

طبع في دار العلوم، بيروت، 1989م

ب- المؤلفات في مجال الاقتصاد:

الاقتصاد(319 صفحة، غلاف 24 × 17)

من عناوين الكتاب: طبيعة المال، الرأسمالية، حاجات الإنسان، مشكلة الندرة، ميكانيكية الثمن، تحديد الأسعار، توزيع البضائع، فشل الرأسمالية، سيئات الرأسمالية، الخمر، الربا، القمار، انهيار المجتمع، الاستعمار والحروب، أخطاء الرأسمالية، نحو الانتحار، إطلاق التجارة، الحاجات المتجددة، الأيدي العاطلة، قصور الثمن، توزيع جائر، أسعار باهظة، استخدام النساء والأطفال، تحصين المرأة، إشاعة الفحشاء، استخدام الغريزة الجنسية، أدوات الإغراء، مباذل الرأسمالية الجديدة، إنفجارات، تعديلات، إفناء البضائع، إهمال العجزة، تشجيع الاقتصاد، الاقتصاد الشيوعي، الفكرة الشيوعية، مرحلة التطبيق، دكتاتورية البروليتاريا، غلطة ماركس، عمل النساء والأطفال، توزيع البضائع بدل النقود، مصادرة رأس المال، القضاء على الملكية الفردية، بعثرة العائلة، تأميم وسائل الإنتاج، اكتساح الطبقات، محاربة الأخلاق، إلغاء الأديان، العمل الإجباري، رفع الأسواق، القضاء على الدولة، حساب الشيوعية، فشل الشيوعية، أضغاث أحلام، ارتداد عن الشيوعية، أخطاء الشيوعية، مراحل التاريخ، الدكتاتورية، حكومة البروليتارية، غلطة ماركس، عمل النساء والأطفال، توزيع

ص: 82


1- حسن الشيرازي، مقدمات، (بيروت: دار العلوم، 1989م).

البضائع لا النقود: الاقتصاد الاشتراكي، بعث الأشتراكية، اشتراكية روسيا، دكتاتورية الحزب، إزاحة الطبقة الكادحة، مجازر وسجون، مصادرة الحريات، تحديد الملكية، ملكية الدولة، مساواة الرجال والنساء، مصادرة الأملاك، توزيع البضائع، العمل الإجباري، مناقضات الاشتراكية، تأخر الاقتصاد، فشل الاشتراكية، مناقشة الاشتراكية، ذنوب الاشتراكية، مؤامرة ضد الإنسانية، العطل، الفقر، قلة البضائع والمساكن، اضطهاد العمال، النقابات ضد العمل، استخدام النساء والأطفال، إهمال العجزة، استثمار الإنسان للإنسان، الضرائب التصاعدية، مذاهب اشتراكية مبتورة، الاشتراكية الفاشية والنازية، الاقتصاد الإسلامي، الفرد في نظر الإسلام، الملكية الفردية، الربا و المكاسب الحمراء، الجزاء على الحرام، الجزاء على الفرائض، الاحتكار، برامج العمل، الزكاة، الخمس، الخراج، المقاسمة، وظائف بيت المال، نظام الإرث، محاربة الفقر والرأسمالية واستغلال الإنسان(1).

طبع لأول مرة في كربلاء 1960م، والمرة الثانية، مؤسسة الوفاء بيروت، 1980م.

ج- مؤلفاته في مجال التاريخ:

أهداف الإسلام (40 صفحة غلاف 20 × 14)

من عناوين الكتاب: انجازات الرسول محمد (صلی اللّه عليه وآله وسلم) ، عناصر المسلمين، الدولة النموذجية، الأمة الخالدة، النظام الشامل، عقائد واقعية، الانقلاب الفكري، الارتفاع بالشعب، ثورات للخلود، مشاعل بلا وقود(2).

طبع في لندن 1998م في ذكرى استشهاده الثامن عشر.

ص: 83


1- حسن الشيرازي، الاقتصاد، (بيروت: مؤسسة الوفاء، 1980م).
2- حسن الشيرازي، أهداف الإسلام، (لندن: د.م، 1998م).

د- كتبه المخطوطة:

د- كتبه المخطوطة(1):

1) حياة الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) صودر من السلطات العراقية عند مداهمة دار السيد في كربلاء عام 1970م.

2) لا يا حكام الحرمين، صودر من السلطات العراقية عند مداهمة دار السيد في كربلاء عام 1970م.

3) تقريرات بحث الخارج في الحوزة الزينبية (فقه). محفوظ في أرشيف السيد حسن الشيرازي في قم.

ز- ابرز مقالاته:

على منبر الدعوة(2)، على منبر الدعوة(3)،

ركن الدعوة(4)، الخطابة رسالةلاحرفة(5)، الخطابة واسطة لاهدف(6)، الخطابة تربية لا أراجيف(7)، الخطابة تثقيف لا تهريج(8)، النظافة(9)، كيف تعيش سعيداً؟(10)، الإسلام

ص: 84


1- المرشد، مجلة، دمشق، 2005، العددان 17-18، ص 592.
2- صوت المبلغين، مجلة، كربلاء، السنة الأولى، العدد الأول، 1961، ص 27-33.
3- حسن الشيرازي، على منبر الدعوة 2، صوت المبلغين، مجلة، كربلاء، السنة الأولى، العدد الثاني، 1961م، 39-45.
4- المصدر نفسه، العدد الثالث، ص 33-42.
5- حسن الشيرازي، على منبر الدعوة 2، صوت المبلغين، مجلة، كربلاء، السنة الأولى، العدد الرابع والخامس، ص 7-10.
6- المصدر نفسه، العدد السادس والسابع، ص 6-12.
7- المصدر نفسه، العدد الثامن والتاسع، ص 31-38.
8- المصدر نفسه، العدد العاشر، ص 10-14.
9- حسن الشيرازي، النظافة، الأخلاق والآداب، مجلة، كربلاء، السنة الثانية، العدد الثاني،، 1959م، ص 2-5.
10- حسن الشيرازي: كيف تعيش سعيداً، الأخلاق والآداب، مجلة، كربلاء، السنة الثانية، العدد الثاني، 1959م، ص 26-31.

يعالج مشكلة الطبقات(1)، الرق والإسلام(2)، زيارة العتبات(3)، الإسلام غيّر الجميع(4) بين العلم الحديث والمستشرقين(5)، كلمة الإسلام(6)، النواقص أولاً(7)، ذكريات أبي الشهداء الأحرار(8)، الإمام الصادق (عليه السلام) زعيم مدرسة الإسلام(9)، من أين نبدأ؟(10)، من أين نبدأ 2؟(11)، من أين نبدأ؟3(12)، في مولد الإمام علي

ص: 85


1- حسن الشيرازي، الإسلام يعالج مشكلة الطبقات، الأخلاق والآداب، مجلة، كربلاء، السنة الثانية، العدد الثالث، 1959م، ص 50-56.
2- حسن الشيرازي، الرق والإسلام، الأخلاق والادآب، مجلة، كربلاء، السنة الثانية، العدد الرابع، 1959م، ص 74 -79.
3- حسن الشيرازي، زيارة العتبات، الأخلاق والآداب، مجلة، كربلاء، السنة الثانية، العدد السادس، 1960م، ص 121-127.
4- حسن الشيرازي: الإسلام غير الجميع، الأخلاق والآداب، مجلة، كربلاء، السنة الثانية، العدد الحادي عشر، 1960، ص 121-127.
5- حسن الشيرازي، بين العلم الحديث والمتشرقين، الأخلاق والآداب، مجلة، كربلاء، السنة الثانية، العدد الثاني عشر، 1960م، ص 266-283.
6- حسن الشيرازي، كلمة الإسلام، الأخلاق والآداب، مجلة، كربلاء، السنة الرابعة، العدد الاول، 1963م، ص 5-10.
7- حسن الشيرازي، النواقص أولا، الأخلاق والآداب، مجلة، كربلاء، السنة الرابعة، العدد الرابع، 1964م، ص 125-132.
8- حسن الشيرازي، ذكريات أبي الشهداء الأحرار، الأخلاق والآداب، مجلة، كربلاء، السنة الرابعة، العدد السادس، 1964، ص 213-215.
9- حسن الشيرازي، الإمام الصادق (عليه السلام) ، زعيم مدرسة الإسلام، الأخلاق والآداب، مجلة، كربلاء، السنة الرابعة، العدد السابع، 1964، 251-255.
10- حسن الشيرازي، من أين نبدأ، الأخلاق والآداب، مجلة، كربلاء، السنة الرابعة، العدد الثامن، 1965م، ص 287-292.
11- حسن الشيرازي، من أين نبدأ، الأخلاق والآداب، مجلة، كربلاء، السنة الرابعة، العدد التاسع، 1965م، ص 321-324.
12- حسن الشيرازي، من أين نبدأ، الأخلاق والآداب، مجلة، كربلاء، السنة الرابعة، العدد العاشر، 1965م، ص 355-358.

«قصيدة»(1).

كما أرسل رسالة عزاء للأستاذ نزار الزين في وفاة والده احمد الزين مؤرخة في 28/تشرين الثاني / 1960م(2).

ومن المثير للانتباه أن السيد حسن الشيرازي قد تنبه إلى ضرورة نشر الثقافة الإسلامية باللغات الحية، ولما كانت اللغة الأنجليزية من أهم اللغات الحية في العالم، فقد عمد إلى إصدار مجلة باللغة الأنجليزية تصدر في كربلاء، وتطبع في مطبعة الآداب في النجف، حملت عنوان مبادئ الإسلام: نشرة إسلامية عامة تهدف الى نشر حقائق الإسلام، تصدر من مدرسة بادكوبة، كربلاء المقدسة: ونشرت في العدد الثاني منها مقالة بعنوان:

By.s.H.ALshirazi(3)Imam Al sadik the chief of the Islamic school الإمام الصادق (عليه السلام) زعيم مدرسة الإسلام: بقلم السيد حسن الشيرازي.

ونشر تحت عنوان:

Peace in Islamic by: S.H.AL.Shirazi

السلام في الإسلام، بقلم السيد حسن الشيرازي(4).

ص: 86


1- حسن الشيرازي، في مولد الإمام علي «قصيدة»، العرفان، مجلة، بيروت مج47، الجزء السادس، شباط، 1960، ص 568-569.
2- حسن الشيرازي، رسالة تعزية، العرفان، مجلة، بيروت مج 48، الجزء الخامس والسادس، ك2 وشباط، 1961م، ص 510-511.
3- حسن الشيرازي، الإمام الصادق (عليه السلام) زعيم مدرسة الإسلام، مبادئ الإسلام، مجلة، كربلاء، السنة الأولى، العدد الثاني، 1964م، ص 34-42.
4- حسن الشيرازي، السلام في الإسلام، مبادئ الإسلام، مجلة، كربلاء، السنة الأولى، العدد الثامن والتاسع، 1964م، ص 183-189.

المبحث الثاني: جهوده في مجال التربية والتعليم

اشارة

اهتم السيد حسن الشيرازي ومنذ بداية حياته بمسألة التربية والتعليم، وكان يرى بان علوم الدين ليست حكراً على رجال الدين وطلبة الحوزات العلمية، بل ينبغي إيصالها إلى كل من يفهمها والى كل من يحتاجها، وكان بما يملكه من حسن خلق وتواضع يحاول أن يجلب إليه الشباب المسلم من سكنة كربلاء، وكان يعقد مجالس للفقه في تعليم الناس العلوم الدينية وكان له محاضرات في جامع الترك في العباسية الغربية، وكان الحضور عاما لكل الناس(1).

وعمل مع أخيه السيد محمد الشيرازي على تأسيس مجموعة من المدارس والجمعيات والمجلات الدينية التي لعبت دوراً أساسياً في توعية الجماهير والتصدي للدعايات المعادية للإسلام ورموزه، وأوجدوا تياراً إسلامياً يتحرك من خلال بعض التجمعات كجلسات الشباب الحسيني أو المدارس الدينية لاسيما مدارس حفاظ القرآن(2)

وكانت المجالس الحسينية تربي روادها على إنكار الظلم ورفض الظالمين والتمرد والثورة على أنظمتهم الفاسدة(3).

ص: 87


1- مقابلة شخصية، السيد محمد الموسوي، رجل دين، كربلاء - مكتب السيد صادق الشيرازي 23/10/2009م.
2- علي المؤمن، سنوات الجمر، مسيرة الحركة الإسلامية في العراق 1957-1986 ط3، (بيروت: المركز الإسلامي المعاصر، 2004م)، ص 59-60.
3- رعد الموسوي، انتفاضة صفر الإسلامية في العراق 1397ه/1977م، ط2، (قم: مطبعة امير المؤمنين، 1983م)، ص 39.

ويتضح مما تقدم أن السيد حسن الشيرازي كان ملتفتاً إلى أهمية دور الشباب في المجتمع، فعمل على كسب هذه الفئة إلى جانبه ومحادثتهم بشكل مباشر والأهتمام بمشاكلهم التي كانوا يعانونها، وكان لخلقه الرفيع وتواضعه ونضجه الفكري الأثر الفاعل في أن يكون لكلماته ابلغ الأثر في عقول متلقيها، وقد أثمر ذلك عن التفاف العديد من الشباب حوله وحول مرجعية أخيه السيد محمد الشيرازي.

نقل لي الشيخ علي المجاهد عن والده الشيخ محمد المجاهد يقول: في عام 1959م حينما أقدمت على الدخول إلى الحوزة كان تسجيلي في المدرسة التي يديرها السيد حسن الشيرازي، وفي أول لقاء مع السيد وكلمات السيد التي وجهها للحاضرين الشباب، كانت كلماته تخرج من القلب وتقع في القلب، وجعلتنا كلماته ندخل إلى الحوزة ونستمر في الدراسة، عندما تحدث عن دور طالب الحوزة، وكانت كلمات السيد حسن الشيرازي هي السبب الرئيس في استمراري بالدراسة الحوزوية(1).

وكان يلتقي بالشباب ويتعامل معهم بخلق رفيع، وكان إذا صافح أحداً منهم يطيل المصافحة معه، حتى يشعره بالأهتمام، بالإضافة إلى محاضراته الأسبوعية في جامع الترك، وكان خلالها يركز على العقائد والأخلاق، إلا أن المجلس الأسبوعي قد تعطل بسبب تهديد الشيوعيين للسيد بالقتل وبدا أنهم جادون في ذلك(2).

ص: 88


1- مقابلة شخصية، الشيخ علي المجاهد، رجل دين، كربلاء، مكتب السيد صادق الشيرازي 23/10/2009م.
2- مقابلة شخصية، الحاج رضا النائيني الكربلائي، كربلاء، مكتب السيد صادق الشيرازي، 7/2/2010 م.

الحوزة العلمية الزينبية:

تعد الحوزة العلمية الزينبية من أهم مشاريع السيد حسن الشيرازي ان لم تكن أهمها(1) فهذا الحلم الذي راود السيد ميرزا مهدي الشيرازي، ودعا السيد حسن بان يكون صاحب هذا المشروع، قد تحقق أخيراً على يد ابنه السيد حسن وأسست حوزة علمية بجوار مرقد السيدة زينب (عليها السلام) لتكون بؤرة إشعاع فكري ومعرفي للمذهب الأمامي، ولكي تعرّف أكثر بهذا المذهب، ولتسهم هذه الحوزة في نشر مذهب التشيع في بقاع أخرى من العالم انطلاقاً من سوريا.

بعد خروج السيد من العراق في المدة من عام 1970م إلى عام 1980م عمل على إنشاء الحوزة العلمية الزينبية، وعمل كذلك على جمع العديد من الأساتذة من الهند وأفغانستان وباكستان بعد حملة التسفيرات التي شهدها العراق ابتداءً من عام 1969م، فهاجر العلماء الإيرانيون إلى بلادهم أما غير الإيرانيين فقد أقاموا في بلاد الشام مدة حتى تتضح لهم الصورة وفي المدة من1969-1970م أتصل بهم السيد حسن وعرض عليهم الموضوع فوافق العديد منهم على ذلك(2).

ومهد لذلك الأمر عندما أسس مدرسة الإمام المهدي (عجل اللّه تعالی فرجه الشريف) لتكون نواة لتلك الحوزة البيروتية(3)، ليعرف من خلال تأسيس هذه المدرسة الإمكانيات المادية والعلمية لإنشاء حوزة علمية في دمشق، وقبل ذلك اجتمع بشباب دون العشرين من العمر مقدمة لتأسيس الحوزة، اجتمعوا من الخليج وسوريا ولبنان

ص: 89


1- مقابلة شخصية، الشيخ علي الشمري، رجل دين، كربلاء، مكتب السيد صادق الشيرازي، 5/2/2010م.
2- مقابلة شخصية، الشيخ محمد أمين الغفوري، مدير الحوزة العلمية الزينبية، كربلاء، مكتب السيد صادق الشيرازي، 5/2/2010م؛ الشيخ محمد الحليمي، لقاء أجراه معه موقع الشيرازي نت: www.alshirazi.net.
3- السيد مجتبى الشيرازي، لقاء أجراه معه موقع الشيرازي نت: www.alshirazi.net.

ودول افريقية، وفي هذه الأثناء سمع السيد حسن بمسألة تهجير العلماء الأفغان والهنود والباكستانيين من النجف وكربلاء إلى سوريا مرقد السيدة زينب، فعرض عليهم فكرة تأسيس الحوزة الزينبية، أكثرهم استقبلوا الفكرة وبدؤوا يتعاونون معه في تأسيس هذه الحوزة.

كانت بلدة السيدة زينب تسمى «قرية قبر الست» وكان هذا الاسم الرسمي لها قبل تأسيس الحوزة العلمية الزينبية.

في ذلك الوقت مرقد السيدة وصحنها وأطرافها ملصق ببنائها خمسةٍ محلات، مزارع وبساتين وفي غرب المنطقة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، مخيم اليرموك وغيره(1).

وأبعد منها قرى قديمة لازالت موجودة، المنطقة دون القرية إدارياً حتى 1970م، أي زائر يذهب إلى زيارة السيدة زينب، يبيت في حي الأمين في دمشق، آخر باص يغادر المدينة بعد صلاة العشاء، لا فنادق ولا بيوت فأما أن يبيت داخل المرقد أو عند الفلسطينيين.

أصبحت الفكرة عند السيد في هذا الوضع، فقد تيسر عنده مجموعة من الأساتذة فعرض عليهم التدريس وتأسيس حوزة علمية في هذه القرية وقام بتمويل الأساتذة، وأخذ يراسل المراجع في النجف وقم مثل السيد الكلبيكاني في قم والسيد الخوئي في النجف وكذلك السيد الخميني، وقد أرسل السيد الخوئي وفداً لدراسة الوضع(2).

ص: 90


1- مقابلة شخصية، الشيخ محمد أمين الغفوري، مدير الحوزة العلمية الزينبية، كربلاء، مكتب السيد صادق الشيرازي، 5/2/2010م؛ لقاء مع الشيخ محمد أمين الغفوري أجراه موقع الشيرازي نت: www.alshirazi.net.
2- مقابلة شخصية، الشيخ محمد أمين الغفوري، مدير الحوزة العلمية الزينبية، كربلاء، مكتب السيد صادق الشيرازي، 5/2/2010م.

وكانت فكرة إنشاء حوزة علمية في دمشق فكرة غير واضحة لدى الكثير من المراجع من حيث الإمكانية، فكانت تتخوف من عدم موافقة الحكومة السورية على ذلك أو أن الوضع العام لا يسمح بذلك إذ لم يسبق أن تم تأسيس حوزة علمية في سوريا، وهي تجربة جديدة ويجب دراستها دراسة جدية، خاصة من المراجع المقيمين في النجف وذلك لعدم اطلاعهم على واقع الحوزة وعدم معرفتهم بالظروف التي تحيط بهذا المشروع، وكذلك عدم إمكانية الإطلاع على المشروع بسبب الظروف السياسية المحيطة بهم من جهة، وان الداعي للمشروع هو السيد حسن الشيرازي، الذي له مع الحكومة آنذاك مواقف جريئة وشديدة ومن المحسوبين على أعداء النظام الحاكم من جهة أخرى.

واجهت فكرة إنشاء الحوزة الزينبية الكثير من الصعوبات منها: انه حدث غريب لا يعرفه أهل البلاد، علاوة على معارضة تأسيس حوزة من أطراف لها تأثير سياسي، لهذا بذل السيد حسن جهوداً كبيرة وتحمل الكثير من الأذى والتقى بجميع المسؤولين من اجل تذليل الصعوبات وإنشاء هذه الحوزة(1).

حتى أن السيد اجتمع بالرئيس السوري آنذاك حافظ الأسد(2) عام 1975م بخصوص الحوزة العلمية وقضايا أخرى تتصل بالشيعة في سوريا وقضايا تتعلق بالوضع السياسي في العراق والوطن العربي، وقد استمر هذا الاجتماع ثلاث

ص: 91


1- الشيخ سلطان الافكاري، أستاذ في مرحلة التأسيس، لقاء أجرته معه قناة الأنوار الفضائية الأولى بتاريخ 26/5/2010م.
2- حافظ الاسد (1930-2003م) مسلم علوي ولد في قرية القرداحة في اللاذقية، اصبح قائد للقوة الجوية السورية من 1964-1970م، وكان عضواً في القيادة القومية لحزب البعث 1965-1966م، صار وزيراً للدفاع من 1966-1971م، حتى وفاته 2003م. حنا بطاطو، العراق، الشيوعيون والبعثيون والضباط الاحرار، ط2، (بيروت: مؤسسة الابحاث العربية، 1999م)، الكتاب الثالث، ص 471.

ساعات ونصف، في حين أن الوقت الرسمي المخصص للقاء كان عشرة دقائق فقط لكثرة مشاغل الرئيس الأسد إلا أن أسلوب السيد في الحوار والمناقشة وطريقة العرض، جعلت الرئيس حافظ الأسد يطيل مدته إلى ثلاث ساعات ونصف، وبعدها أصبحت العلاقة ودية بين السيد والرئيس الأسد(1).

حتى أن الرئيس الأسد أرسل السيد حسن فيما بعد للحج بالنيابة عن أخيه المتوفي(2)،

وقد أثمرت هذه الزيارة عن إصدار نظام جديد للإقامة والاعتراف الرسمي من الحكومة السورية بهذه المؤسسة وإصدار تشريعات خاصة بالإقامة بالنسبة للطلبة والأساتذة وان ذلك يتم بالتنسيق بين الحكومة السورية وإدارة الحوزة العلمية الزينبية.

كانت المدة من 1973-1975م من أصعب الأوقات في تاريخ الحوزة العلمية الزينبية، إذ عانى طلابها وأساتذتها الأمرين، وعانوا معاناة شديدة(3)، فذهب السيد إلى الحكومة السورية وأفرج عنهم ولم تنتهي الأزمة إلا بعد أن أصدرت الحكومة السورية نظام الإقامة في عام 1975م، واصبحت فيما بعد حكومة الرئيس حافظ الأسد متسامحة تجاه هذه المؤسسة بفضل العلاقة التي ربطته بالسيد حسن الشيرازي، وان تضحية الطلبة والأساتذة المؤسسين لم تذهب سدى، وتطورت المنطقة تدريجياً عندما شجع السيد حسن الشيرازي محبي زينب (عليها السلام) على الاستثمار في المنطقة، وانه متى ما توفرت الخدمات فان عدد الزوار سيزداد ويستفيدوا من هذا الاستثمار، وقام بعض الفلسطينيين

ص: 92


1- مقابلة شخصية، السيد محمد حسن الحسيني، من طلاب السيد حسن الشيرازي، كربلاء، مكتب السيد صادق الشيرازي، 23/10/2009م.
2- مقابلة شخصية، السيد مهدي الخرسان، مجتهد، النجف، 9/12/2009م.
3- لقاء الشيخ محمد الحليمي، أستاذ في مرحلة التأسيس لقاء أجراه معه موقع الشيرازي نت www.alshirazi.net.

بالاستثمار في منطقة السيدة زينب (عليها السلام) من خلال بناء البيوت والمرافق الخدمية، إذ أن الأساتذة يقيمون في دمشق ويأتون للتدريس في الصحن الزينبي ثم اخذوا يستأجرون البيوت، ثم اشتريت قطعة ارض لتكون بناية للحوزة(1).

في ظل هكذا ظروف ظهرت إلى الوجود الحوزة العلمية الزينبية التي يجهل العديد من الناس إلى الآن كيفية ظهورها، وما المتاعب التي واجهت مؤسسها والمجموعة الخيرة من الأساتذة والطلبة الذين عاصروه في مرحلة التأسيس، واعتقد أن لإخلاص السيد وجديته وثبات عزمه، من اجل تأسيس هذه الحوزة بالإضافة إلى صبر الأساتذة والطلبة، الأثر الفاعل في ظهور هذا الصرح العلمي والمعرفي الكبير في العالم الإسلامي.

كان مشروع تأسيس الحوزة العلمية الزينبية بحق عملاً ستراتيجياً أحيى موقعاً في المنطقة والعالم الإسلامي، فكانت البديل عن الحوزات العلمية التقليدية التي صعب على الكثيرين من الطلبة الوصول إليها لأسباب عديدة، أمنية وسياسية وإدارية وغيرها، ولذلك فأن الحوزة الزينبية احتضنت العديد من كبار الأساتذة ولمختلف المستويات التدريسية الحوزوية، بالإضافة إلى احتضانها لعدد كبير من الطلبة ومن مختلف بلدان العالم، وكان للحوزة العلمية الزينبية ومؤسسها السيد حسن الشيرازي الفضل للوجود الشيعي في منطقة السيدة زينب (عليها السلام) بل أن لها الفضل على العديد من الحوزات العلمية الدينية التي شيدت في بقاع مختلفة من العالم كبلدان إفريقيا والهند والباكستان(2).

وأسهمت الحوزة بشكل فعال في بناء جيل واسع من الأساتذة الحوزويين

ص: 93


1- مقابلة شخصية، الشيخ محمد أمين الغفوري، مدير الحوزة الزينبية، كربلاء، مكتب السيد صادق الشيرازي: 5/2/2010م.
2- بلا مؤلف، الحوزة العلمية الزينبية، المرشد، مجلة، دمشق، العددان 17-18، 2004م، ص 394. ينظر ملحق رقم (4).

الذين ينتشرون اليوم في مختلف مناطق العالم يبلغون رسالات اللّه عز وجل ويدرسون علوم الإسلام والقرآن الكريم وعلوم أهل البيت، بالإضافة إلى أسهامها في بناء جيل آخر من الخطباء المتميزين الذين يجوبون مختلف بقاع العالم يبلغون ويرشدون ويحيون أمر أهل البيت (عليهم السلام) ، وقد تحمل السيد حسن الشيرازي الكثير من الصعوبات والعراقيل، فقد كانت المنطقة في ذلك الوقت جرداء قاحلة لا يسكنها احد، ونجح في تحويلها إلى واحدة من أكثر مناطق ريف دمشق عصرية، على الرغم من انه بدأ المشروع من الصفر بدءاً من مستوى البناء وتوفير قاعات الدرس للطلبة والأساتذة، وانتهاءً بالمستلزمات القانونية التي يحتاجها مثل هذا المشروع وصيانة المنتمين إليه(1).

وتحمل السيد حسن الشيرازي لوحده الميزانية الكبيرة لإدارة الحوزة العلمية الزينبية، ومن اجل ذلك سافر إلى بعض دول الخليج العربي واجتمع بأهل الخير وشرح لهم أهمية القضية ودعاهم إلى التعاون في سبيلها، وحصل منهم على ما يريد، ومنذ تأسيس الحوزة توافدت إليها مجموعات كبيرة من الراغبين في دراسة العلوم الدينية من مختلف البلدان الإسلامية كأفغانستان وباكستان والهند وسوريا ولبنان والعراق وإيران والسعودية وأذربيجان وإفريقيا، فبدأت هذه المنطقة تدريجياً تأخذ حيزاً من الأهمية إلى أن أصبحت بمرور الزمن تفتح بجوارها حوزات ومؤسسات وحسينيات ومكتبات ومستوصفات ومشاريع إسلامية وخيرية كثيرة ومكاتب لمراجع الدين(2).

تمويل الحوزة العلمية الزينبية:

يمول مشروع الحوزة التجار المؤمنون من الخليج العربي ولبنان وسوريا

ص: 94


1- المصدر نفسه، ص 394.
2- بلا مؤلف، الحوزة العلمية الزينبية، ص 397.

وإيران وبشكل متقطع بعض تجار البلدان الإفريقية والأوربية، وعادة يمولونها من أموالهم الخاصة والنذور الخاصة بالمشروع والنذور العامة، ولا يعتمد على الحقوق الشرعية إلا إذا كان أصحابها لديهم إذناً خاصاً من مراجعهم، إذ إن إدارة الحوزة لا تستلم الحقوق الشرعية من أصحابها إلا إذا كانوا مجازين في صرفها من مراجعهم، كما أنها لا تتلقى أية مساعدة من الجهات الرسمية، وبذلك تكون الحوزة قد حافظت على استقلاليتها عن الانتماء وعلى حريتها في تطبيق نظامها الدراسي، وقد توصل القائمون على الحوزة إلى مشروع استثماري لتمويل الحوزة، وقد وضعت لها ميزانية لستة اشهر تتراوح بين ربع مليون ليرة سورية وثلاثمائة ألف ليرة سورية بعد استشهاد السيد حسن الشيرازي عام 1982م(1).

النظام الداخلي للحوزة العلمية الزينبية:

ينقسم النظام الداخلي إلى عدة أنظمة مترابطة بعضها مع البعض الآخر، فهناك بعض الشروط لمن يريد الالتحاق بالحوزة، وهناك نظام قسم الدراسات، وهناك نظام الهيكلية العامة للحوزة:

شروط الانتساب:

1- العمر، لابد ألا يقل عن 15 سنة ولا يزيد عن 30 سنة.

2- أن يخضع الطالب للفحص الطبي من حيث الجسم والنفس، بحيث يكون سالماً من العاهات الجسمية، وليس مصاباً بإمراض نفسية تؤثر على الغير.

3- أن يكون متعلما بمستوى الابتدائية على اقل تقدير.

4- يمكنه التكلم باللغة العربية قراءةً وفهماً.

5- يطالب بورقتي تزكية من عالمين من علماء بلدته.

6- ألا يعد مجرماً جنائيا في نظر دولته.

ص: 95


1- المصدر نفسه، ص 404.

7- ألا يوجد خلل في أوراقه الرسمية عدا العراقيين.

8- ألا يكون مطلوباً من السلطات الإيرانية إذا كان إيرانياً أو من السلطات السورية إذا كان سورياً، ولعل ذلك بطلب من الحكومة السورية.

9- يخضع الطالب لامتحان القبول.

10- عدم التدخل في السياسة وهذا منهج سارت عليه الحوزة منذ تأسيسها عام 1975م.

11- يطالب بورقة خطية من وليه بالموافقة على التحاقه بالحوزة.

المنهاج اليومي: يتألف المنهاج الدراسي اليومي من شطرين صباحي وآخر مسائي حيث توزع الحصص الدراسية الست على الشطرين أربعة دروس صباحاً وفي المساء درسين، يستغرق وقت الدرس 45 دقيقة تضاف إليها 15دقيقة للاستراحة بين الحصص(1).

الدورة التخريجية:

حددت الدورة التخريجية بثمان سنوات، ووزعت المواد السبعة عشر على السنوات الثمانية، حيث يتخرج الطالب منها وقد أكمل المرحلتين في كل المواد هما مرحلة المقدمات ومرحلة السطوح، والفرق بين المرحلتين أن المرحلة الأولى يتعلم فيها الطالب النصوص الواردة في تلك المادة ويتلقى معانيها وتفسيرها، وأما المرحلة الثانية فيقوم بمناقشة النصوص الواردة في تلك المادة ويحللّ وتذكر له الأدلة على تلك النصوص وردودها، ويحق للطالب المناقشة في ذلك وإبداء الرأي، وخلال السنين الثمانية يتهيأ الطالب لاستقبال إحدى المرحلتين، أما الاستمرارية في طلب العلم أو ممارسة عمل ما، فمن أراد الأستمرار في طلب العلم، فهناك دورة قصيرة الأمد وخلال سنة واحدة يتأهب

ص: 96


1- بلا مؤلف، الحوزة العلمية الزينبية، ص 404-405.

الطالب فيها للبحث الأستدلالي فيدخل هذه الدورة ويبحث مع جماعة من الأساتذة وزملائه الطلبة المسائل الفقهية والأصولية بشكل جماعي، وللمشتركين حرية الرأي والمناقشة، وبذلك تكون هذه المرحلة مقدمة لحضور جلسات دورات الفقه والأصول الاستدلالية لتخريج المجتهدين التي تقام عادة من المراجع في الحوزات العلمية كالنجف وقم، وبعد انتهاء هذه الدورة، أما أن يرسل الطالب إلى النجف أو قم ليكمل دراساته العليا هناك ويتخرج في صفوف المجتهدين، وأما من يختار العمل فعلى قسمين: قسم يعمل في إدارة الحوزة للتدريس أو شغل بعض المناصب الشاغرة في الإدارة، والذي يروم التدريس في الحوزة لابد أن يشترك في دورة تدريبية لمدة سنة في الدورات المتواجدة على جانب الحوزة، بعد ذلك يتم تعيينه مدرساً في المراحل الابتدائية أو يعمل المتخرج كمبلغ في العالم الإسلامي، وله حرية اختيار البلد الذي يرغب العمل فيه(1).

النظام الدراسي والعطل الرسمية:

العطل الرسمية على قسمين قسم يحدد بالزمان كالعطل الفصلية والعطل الأسبوعية يومي الخميس والجمعة وقسم يحدد بالمناسبات كالأعياد وغيرها، ومن العطل الأخرى التي تقام إحياء لذكرى استشهاد المؤسس السيد حسن الشيرازي وأخرى لأحياء مولد السيد زينب (عليها السلام) ووفاتها حيث الحوزة بجوارها ولها شرف التسمية باسمها، ويعد ابتداء السنة الدراسية من أول السنة الهجرية أي شهر محرم، إلا أن البدء العملي هو شهر صفر، حيث أن شهر محرم يعد عطلة نهاية السنة، لان السنة الدراسية تقسم على ثلاثة فصول كل فصل ثلاثة اشهر دراسية ويفصلها شهر واحد للعطلة الفصلية وهي على الشكل الآتي:

ص: 97


1- بلا مؤلف، الحوزة العلمية الزينبية، ص 405-406.

شهر صفر: دراسة.

ربيع الأول: دراسة.

ربيع الثاني: دراسة.

جمادي الأول: عطلة الفصل الأول، وفي نهايته امتحان الفصل الأول.

جمادي الثانية: دراسة.

رجب: دراسة.

شعبان: دراسة.

رمضان: عطلة الفصل الثاني، وفي نهايته امتحان الفصل الثاني.

شوال: دراسة.

ذي القعدة: دراسة

ذي الحجة: دراسة.

محرم: عطلة الفصل الثالث، وفي نهايته امتحان الفصل الثالث وهي الامتحان النهائي(1).

أما العطل الرسمية:

1- العطل الفصلية: ثلاثة اشهر وهي: محرم، وجمادي الأولى، ورمضان.

2- مواليد المعصومين الأربعة عشر.

3- وفيات المعصومين الثلاثة عشر.

4- ولادة السيدة زينب (عليها السلام) ووفاتها.

5- أعياد، الفطر، والأضحى، والغدير.

6- يوم أربعين الإمام الحسين (عليه السلام) ..

7- ذكرى استشهاد السيد الشيرازي مؤسس الحوزة.

ص: 98


1- بلا مؤلف، الحوزة العلمية الزينبية، ص 406-407.

المواد الدراسية:

1- العقائد. 2- الأخلاق. 3- الصرف. 4- التجويد. 5- الفقه والفقه المقارن. 6-اللغة الانكليزية. 7- التفسير. 8- الرياضيات. 9- التاريخ. 10- النحو. 11- المنطق. 12- الحديث والدراية. 13- الرجال. 14- الأصول. 15- البلاغة والأدب. 16- الاقتصاد. 17- الاجتماع.

الشهادة

تمنح للطالب شهادة النجاح في آخر السنة، حيث تدرج فيها كل المواد والدرجات التي منحت له، وترتيبها أن تأخذ بمعدل الفصول الثلاثة وعليه يكون الطالب ناجحاً إذا كانت درجته خمسين بالمائة فما فوق، ويرقى إلى المرحلة الثانية أو يبقى في محله، وهناك امتحان آخر لمن كان معدله «48%» أو «49%» فان اجتاز الامتحان في الدورة الثانية يرتقي إلى الصف الذي بعده وإلا سيعيد دراسته لسنة كاملة(1).

ص: 99


1- بلا مؤلف، الحوزة العلمية الزينبية، ص 407-408.

المبحث الثالث: جهوده في الأدب واللغة

اشارة

أولا: ديوانه الشعري: طبع بمطبعة مؤسسة البلاغ، دمشق سنة 2005م، تحت إشراف الشيخ حسين محمد علي الفاضلي وهي الطبعة الأولى للكتاب.

كانت الصفحات من 27 إلى 84 عبارة عن الحديث عن حياته والمراثي التي قيلت فيه، أما ديوانه أو مجموعة قصائده الشعرية فتبدأ عند الصفحة 89.

وتبدأ المجموعة بقصيدة 1- بقية اللّه. 2- أقرباء النبي (صلی اللّه عليه وآله وسلم) 3- همس الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) 4- صرخة الإمام المنتظر (عجل اللّه تعالی فرجه الشريف) . 5- معطيات الظهور 6- ولي الأمم. 7-صاحب الأمر. 8- ضريح الإمام علي (عليه السلام) . 9- فخر الكعبة(1).

المجموعة الثانية وتحتوي على: 1- علاقة الكون بالإنسان. 2- ماذا أنت؟. 3- تقييم. 4- نفثة الأمير. 5- دعني أموت. 6- بقايا.7- صراع الجاذبيات. 8- أنا مسلم. 9- مؤودة. 10- أنا الصحراء. 11- نهاية الأحلام. 12- لو. 13- حرية السيدات. 14- بين النقيضين. 15- رأي. 16- حقيقة. 17- واغفر. 18- من أنا؟. 19- تقزز. 20- المرأة المتحضرة(2).

المجموعة الثالثة في مجموعة الطغاة وهي من أهم قصائده لأنها في الشعر السياسي وتتكون من: 1- هوية. 2- عراق البعث. 3- عنفوان الآلام. 4- انهيار المرايا. 5- الإنسان الشيعي. 6- يا شعوب الأرض. 7- صرخة الحق. 8- فليسقط

ص: 100


1- حسن الشيرازي، ديوان حسن الشيرازي، (بيروت: مؤسسة البلاغ، 2005م) ص 88.
2- المصدر نفسه، ص 100.

الطاغوت. 9- انفجار الجرح. 10- ثورتي(1).

11- صبري. 12- فلسفة البعث. 13- طغاة العراق(2).

ولأهمية بعض القصائد سنورد بعض نصوصها فعلى سبيل المثال قال في قصيدة عراق البعث:

الشعب الخائف.

والحزب المتورط بالثأر.

والجيش الجرار بقمقمة السمار.

والوزراء والأسرى.

ورئيس الجمهورية بالإيجار.

هذا... كل عراق البعث.

وهذا... ما يطلبه الاستعمار.

يا قصة هذا الشعب الراقد خلف الأبواب!

يا قصة هذا الجلاد الممعن في الإرهاب!

يا دردشة الأغلال ويا زمرة الأحباب!

يا نطفة هذا الرحم العاقر من الأصلاب!

يا لعلعة النار.. وقعقعة الأسلاب!

متى، مليون متى، تصحين لينتحر الأغراب!

متى... يرتفع الراس لتنحدر الأذناب!(3)

وفي قصديته الإنسان الشيعي يقول:

لكل صمود الصخر بقلب الورد

ص: 101


1- المصدر نفسه، ص 133.
2- المصدر نفسه، نفس الصفحة.
3- حسن الشيرازي، ديوان حسن الشيرازي، ص 134.

وعلم الجمر بكاس الخمر

وكل القيم العليا:

لم ينفع

مادام الأصلح يشنق في زنزانه تقواه:

ويبقى من لا يتورع

مادامت أنفاس الفجر تموت بصدر الليل

وتنتحر الأنجم خلف ضباب الظلم

مادام الحق دفينا في القاموس

ولا ينشر إلا في الحلم

مادام العالم، من ابد الآباد، يدور على البروتين السالب.

مادام التاريخ يكرر حرفياً، في نشرات الأخبار ولا يتجدد.

مادامت أسياد قريش

تدس القطن إلى الآذان

لدفن البشرية في الحفر(1)

وقال من قصيدة الطاغوت:

أضرب ببأسك في الصميم وسدد

فاللّه للمستضعف المتمرد

وارفع بقبضتك الجهاد ورددِّ(2).

فليسقط الطاغوت وليتبدد.

وقال من قصيدة انفجار الجرح:

ص: 102


1- حسن الشيرازي، ديوان حسن الشيرازي، ص 146.
2- المصدر نفسه، ص 150.

أيها الجرح انفجر.

وتغمّد بلهيب مستعر.

وأبتلع طاغية النار.. يسيلٍ منهمر.

من جحيم البرعم الصاخب من صمت حذر(1).

وقال من قصيدة: فلسفة البعث:

فلسفة البعث رسالية!

كل قضاياه قضائية!

كل قضاياه ارتجالية!

وحدة، حرية، اشتراكية!

وقال من قصيدة طغاة العراق:

ياطغاة العراق!

يادعاة النفاق!

لونوا المجزرة

وسعوا المقبرة

فالمصير الجحيم

والشراب الحميم(2).

أما المجموعة الرابعة فهي مجموعة رسالة الصاروخ، ألقيت في عام النكبة 1967م في الكويت، وكانت من الشعر السياسي فارتأيت أن اذكر منها بعض المقاطع:

من بعد عام الأربعين.. ووعد بلفور..***آتانا الآبقون وحشدوا

وأجاء بن غوريون من لفظتهم الآفاق***ينذر باسمهم وينددُ

ص: 103


1- المصدر نفسه، ص 151،
2- حسن الشيرازي، ديوان حسن الشيرازي، ص 152.

وكذا الديار إذا خلت من حارس***فالفأر في عرصاتها يتأسدُ

حتى إذا انفجرت بتلك النكبة الكبرى***وآلاف الأهالي شردوا

هتفت شعوب الشرق خان الحاكمون***فقتّلوا واستعبّدوا

وتوالت الثورات يتبع بعضها***بعضاً وجاء الثائرون وسودوا

ثم ادعوا: أن السلاح قديمةٌ***فينا وأسلحة العدو تجددُ

شدوا البطون ووفروا أموالكم***نبني بها جيشاً يصول ويصمدُ

وبكل ما قالوا رضينا رغبة***في أن تعاد كرامة تتبددُ

فإذا النسور في ساعة الصفر ارتمت***في الأرض نشوى بالتراب تعربدُ(1)

أما المجموعة الخامسة فهي مجموعة أنا عندي: وهي تعبر عن مدة من حياته وهو يطلع على أشياء ويتحسس آلام المجتمع ويشعر بالظلم الذي تصبه الأنظمة ويرى الظالم والمظلوم لكن الظروف لا تسمح له أن ينطق بشيء فيه صراحة فيضطر إلى التفكير في طريقة أخرى ليعبر من خلالها عن مشاعره وآلامه وما يجول في فكره، ولعلها تكون أقوى وهي الرمزية(2).

ومن قصائده في هذا المجال:

راح يجري

كصبايا الفجر.. في كلِّ ممرٍ

سائلاً عن كلِّ سرِ

كيف يجري؟

ليس يدري؟

أيُّ أمرٍ؟

أيُّ فكرِ؟

ص: 104


1- المصدر نفسه، ص158.
2- المصدر نفسه، ص 163.

لجماهير السياسيين مغري

وعلى مختلف الموجات يسري

ويقود الطامح الجبار

من نصرٍ لنصرِ

وإذا اهتاج الملايين

يغطيها بسحرِ...(1)

أما المجموعة السادسة: قلت اعمل: فقد بيّن فيه الصراع المرير بين الإنسان والواقع هذا الصراع المستديم بين الخير والشر صراع بين الحق والباطل، صراع بين النور والظلمة. فالإنسان الخير إن انزوى واعتزل لن يملك سوى الدمع يلقيه على خديه منكسراً ويفسح المجال أمام الباطل أمام الظلم وأمام الشر، والإنسان إن تحدى وابتسم، إن رمى الحزن والدمع فوق الأرصفة وأطلق الحقد واستعاد كبرياءه تحرر وانتصر وغيرّ، وهذه هي فلسفات ووصايا العظماء فهي تقول للإنسان اعمل(2).

قال في إحدى قصائده:

وأفاد الحكماء

إن في الدنيا صراعين

بلاء ورجاء

فصراع الشر والخير، بلاء

وصراع الحقد والحب رجاء

وقلوب ترفض الحقد خلاء

كقلوب ترفض الحب

ص: 105


1- حسن الشيرازي، ديوان حسن الشيرازي، ص 165.
2- المصدر نفسه، ص 177.

سواءٍ بسواء(1).

أما المجموعة السابعة: قصة البدء، فتضمنت: 1- قصة البدء. 2- كينونة الإنسان الأول. 3- عصمة آدم. 4- عصيان آدم.5- أغنية الشيطان.6- اعتذار آدم. 7- هابيل وقابيل(2).

أما المجموعة الثامنة: يا طموحي، فتضمنت: 1- هذا شعري. 2- ضياع. 3- صقر وكرم وثعلب. 4- يا طموحي. 5- ضاق رحبي. 6- أمي.7- حقائق مقلوبة. 8- قبضته العالم. 9- بائع الغزال. 10- لا تنتظر. 11- عالم الشعر. 12- الشعر. 13- لحظة. 14- كل من رؤاه. 15- أمام السيل. 16- لفتة. 17- باعث الجبلين. 18- الفراق والوفاق. 19- ليتني. 20- حمزة بن عبد المطلب. 21- صدأ. 22- باقة زهور. 23- باقات شعرية متنوعة(3).

أما المجموعة التاسعة: أنت المظفر، فتضمنت: 1- أنت المظفر. 2- أنت أكبر(4).

أما المجموعة العاشرة: أنا وأنت، فتضمنت: 1- أنا وأنت 2- أسرتي 3- من اصل الأسماء 4- فاتك الأوان 5- كسيحة 6- أم الدواهي(5).

أما المجموعة الحادية عشر: رعشات مذعورة: تحدث فيها عن رعشات الخوف من الباري عز وجل، وهي من أجمل الرعشات وأنبلها تحدث في ساحة القرب(6).

ص: 106


1- حسن الشيرازي، ديوان حسن الشيرازي، ص 185.
2- المصدر نفسه، ص 187.
3- المصدر نفسه، ص 205.
4- المصدر نفسه، ص 235.
5- المصدر نفسه، ص 253-262.
6- المصدر نفسه، ص 287.

أما المجموعة الثانية عشر: مناجاة: وهي من الشعر في المناجاة الإلهية(1).

العراق في شعر السيد حسن الشيرازي:

شكل العراق مساحة متميزة من شعره فقد عاش مشكلة العراق منذ بدايتها، وشاهد تلك الانقلابات العسكرية والدكتاتورية المتوالية التي قامت بتحطيم العراق وتقطيعه، لذلك بحث ونبه وتحرك ثقافياً واجتماعياً وسياسياً حتى أخذت الحكومات الجائرة بمواجهته بشتى الظروف والوسائل، فقد حذر في الكثير من كتاباته وبياناته وخطاباته وقصائده من الدكتاتوريات التي أخذت الأيدي الغافلة تصفق لها، وحذر من أن هذه الحكومات المستبدة سوف تبدأ العد العكسي في القضاء على الشعب والعلماء والمؤسسات الدستورية، ومما يعطي الأهمية الأكثر لهذه الإشعار أن قسماً منها قيلت وألقيت في العراق، حيث قرأها السيد على مسمع الآلاف من الجماهير العراقية المحتشدة في المناسبات الدينية المختلفة كالاحتفال الضخم الذي كانت تقيمه كربلاء في مولد أمير المؤمنين على ابن أبي طالب (عليه السلام) (2).

قال من قصيدة ألقاها في مدينة كربلاء في ليلة 13/رجب / 1383ه- / 1964م في المهرجان العالمي لولادة الإمام علي (عليه السلام) (3).

يامن بنورك قامت العلياء***عد نحونا لتشع منك سناءُ

«علوية» غراء لا «أمويةٌ»***غواء ينشد «بعثها» غوغاءُ

فالشعب نحن وأنت أنت إمامنا***ورعاتنا «العلماء» لا «العملاءُ»

كم ذا جنا الأذناب والأحزاب***فلتسقط الأحزاب والأذنابُ

ص: 107


1- المصدر نفسه، ص 301.
2- حسن الشيرازي، ديوان حسن الشيرازي، ص 310.
3- المصدر نفسه، ص 320.

لا توجد الأحزاب في أوطاننا***فمناورات تلك أو ألعابُ

يتنازع المستعمرون وإنما***كبش الفداء شراذمٌ وشبابُ

المسلم الشيعي فيها مجرمٌ***والعفلق البعثي فيه إمامُ

والطائفية ويلها من فتنة***عمياء يوقد حقدها الأقزامُ

والطائفية جددت تاريخها***فاذا لها الحكام والإحكامُ

والطائفية لونت أزياءها***وتطرزت في عرضها الأقلامُ

لكنها هي لم تغير ذاتها***فشعارها الإرهاب والإرغامُ

قل للعزيز أصابنا الضراء***فحياتنا داءٌ وأنت دواءٌ

ارض العراق مجازرٌ ومآتمٌ***والرافدان مدامعٌ ودماءُ

والشعب للحكام ملحمة الهوى***ووليمة يرتادها الأمراءُ

لا ذل إلا للشعوب وإنما***للحاكمين الكبر والعلواءُ

سلب الرفاق ثرى الورى وثرائهم***فغدوا حيارى لا ثرى وثراءُ

لكنما الفقراء أدقع فقرهم***والأغنياء غدوا وهم فقراء

والاشتراكيون أصبحوا بورجوا***زيين في جمع الثراء سواءُ

داسوا عفاف المحصنات لأنهم***لقطاء لم يعرف لهم آباءُ

والناس عندهم شعوبيون قد***سادتهم الرجعية السوداءُ

وهم الشيوعيون إلا انه***زادتهم الأموية النكراءُ

لو لم يكونوا ملحدين لما رضوا***بالمشركين وفيهم دخلاءُ(1)

لكنهم راموا قيادة عفلقٍ***إذ لم يكن فيهم له أكفاءُ

أو ليس قد سماه يعرب عفلقاً***ولديه أحقاد الصليب دماءُ

ص: 108


1- حسن الشيرازي، ديوان حسن الشيرازي، ص 321-322.

وأبوه جاء لسوريا مستعمراً***والأم باريسيةٌ عجماءُ

هذي العروبة لا عروبة مسلم***حملت به وطنيةٌ عرباءُ

كم جربوا في الشعب حرياتهم***وانصبت الحمراء والصفراء(1)

كذلك أولى القضية الفلسطينية أهمية كبيرة في شعره:

إيهاً فلسطين الشهيدة كم لنا***فيها يطل دمٌ ودمعٌ يجمدُ

إيهاً فلسطين الشهيدة إننا***نهوى سواك وعن طريقك نقصدُ

دومي فلسطين الشهيدة ملجأً***في النائبات به نكنُ ونخلدُ

دومي لنا ذخراً فبإسمك يرتقي***أعلى المناصبِ كل من لا يصعد

دومي لنا عينا تنُزُ دموعها***وجراحةٌ موصولةٌ لا تضمدُ

دومي فأنت وسيلة موصولةٌ***دومي فأنت بضاعةٌ لا تكسدُ

إيهاً فلسطين اصبري وتورعي***أن تطلبي منا الذي لا يوجدُ

إن تطلبي منا الكلام فعندنا***نظمٌ ونثرٌ بعد ألفٍ ينشدُ

إما القتال فلا نبادئهم به***ليقال عنا إنهم لم يعتدوا(2)

وقال من قصيدة ألقاها في ذكرى عيد الغدير 1383ه/1963م في الكويت:

فالطائفية قد سرت أحقادها***فينا وتلك هي البلاء المبرمُ

حتى اليهود حقوقهم موفورةٌ***والمسلم الشيعي منها يحرمُ

فكأنما أضحى التشيع بينهم***عاراً وذنباً يتقيه المسلمُ

وكأنما حب النبي والهِ***جرم يدان به المسيء المجرمُ(3)

ص: 109


1- المصدر نفسه، ص 321-322.
2- المصدر نفسه، ص 328.
3- حسن الشيرازي، ديوان حسن الشيرازي، ص 349.

ثانيا: كتاب الأدب الموجه:

قدم له الأديب اللبناني جورج جرداق وأثنى عليه ثناءً جميلاً وعده ركيزة جديدة يستند إليها طلاب المعرفة في كثير من القيم والمفاهيم(1).

تكون الكتاب من فاتحة: تحدث فيها المؤلف عن القلم ودوره في مجالات الحياة وانه قد يعلو على صوت الحديد والخيل، وأكد على دور القلم في رقي الأمم وتقدمها وتطرق إلى مدة ازدهار الفكر العربي الإسلامي التي أبهرت العالم آنذاك وقدمت للإنسانية الشيء الكثير، وتطرق إلى فترة الأستعمار وتدهور الحضارة العربية الإسلامية، ومن ثم تدهور الفكر العربي الإسلامي وحالة التيه الفكري بين الأطروحات العديدة المتضاربة التي قادت المسلمين إلى المزيد من التمزق والتفرقة وذلك عندما وصل الأستعمار الحديث «الأوربي» إلى أرض الإسلام وبدأ باحتلالها وجمع الخيرات لصالحه وتمزيق الكيان العربي الإسلامي إلى دويلات وسيطر عليها بشكل خاص ممهداً لنهب ثرواتها واستعباد شعوبها(2).

وكتب تحت عنوان شعر: «الشعر في حياة الإنسان ظاهرة، قد لا نجد دليلها العلمي في اللغة بقدر ما نجده في طبيعة الإنسان، وتاريخ الشعر موصول بتاريخ الإنسان منذ بدئه حتى انتهائه»(3).

وتحدث عن دور الشعر في حياة الأمم وعده وجدانها المعبر عن أحاسيسها وعواطفها وإنه رسالة وأمانة يجب أن يوظف من أجل تطوير الأمم ويجب أن يكون مرآة صادقة لما يعتريها من أفراح وأحزان ويعكس تطلعاتها الواقعية لا

ص: 110


1- حسن الشيرازي، الأدب الموجه، (بيروت: مؤسسة البلاغ، 2005م)، ص 9.
2- المصدر نفسه، ص11-16.
3- المصدر نفسه، ص 17.

المصطنعة في الحياة(1).

وتحدث تحت عنوان «الشاعر» عن الصفات والمؤهلات التي يجب أن تتوفر لدى الشاعر وما القدرة التي يستطيع من خلالها التأثير في سامعيه وكيف يتسنى له أن يوظف شاعريته في خدمة أمته وشعبه ويجب أن يرتفع بشعره عن المصالح والمنافع الدنيوية المحدودة إلى غايات إنسانية أهم وأعمق تصب في مصلحة المجتمع(2).

وذكر تحت عنوان «رسالة الشعر» ودوره في حياة المجتمع وكيف يمكن لهذه الرسالة أن تكون مفيدة ومثمرة وانه ليس ترفاً أو زينة، وانه العصب الفكري الرئيس في الحياة ولابد له من الهدف ليكون الشعر أدباً ويكون فناً(3).

وذكر تحت عنوان «تتلمذ على أستاذ»: على أن الأديب يجب أن يتتلمذ على أستاذ وان اغلب الشعراء الذين لم يتتلمذوا على أساتذة قد اخطئوا كثيراً لعله بسبب التعالي والتكبر فلم تترك لهم أنانيتهم سبيلاً للتلمذة على يد المتخصصين حتى لا يقعوا في مثل هذه الأخطاء(4).

وذكر تحت عنوان «أدرس كثيراً» انه لابد للشاعر أن يدرس كثيراً ويدرس الأدب من كل شكل ونوع(5).

وذكر تحت عنوان «أدرس علوم العربية»: فأن ذلك سيوسع أبعاد وآفاق الشاعر، لأنه لابد للأديب أن يتقن فنون وعلوم اللغة العربية لأنها الأصل في كل عمل أدبي وإتقانها سيسهم في إبراز أدبه بشكل متقن وجميل(6).

ص: 111


1- حسن الشيرازي، الأدب الموجه، ص 17.
2- المصدر نفسه، ص 20-24.
3- المصدر نفسه 25-29.
4- المصدر نفسه 30-36.
5- المصدر نفسه، ص 17.
6- المصدر نفسه، ص 52-53.

وذكر تحت عنوان «أدرس العروض» علم العروض من أهم العلوم التي يحتاجها الشاعر لان علم العروض يشبه الضوء الذي يكشف له المذاهب الملتوية من مجاهل الشعر(1).

وذكر تحت عنوان «الاستسلام الشاعر»: على الشاعر أن يتفرع للشعر وأن يخصص جزءاً من وقته في كل أسبوع أو في كل شهر لأستعراض بعض انطباعاته ونظم الشعر(2).

وذكر تحت عنوان: حتى يتبلور الشعر: انه لابد للشاعر أن لا يستعجل نظم الشعر بل يتأنى حتى ينضج الشعر في ذهنه(3).

وذكر تحت عنوان: دع التعقيد: دعا الشعراء إلى ترك التعقيد في الألفاظ واستخدام المصطلحات الفلسفية أو غيرها التي لا يفهمها إلا ذوي الاختصاص لان ذلك يضر برسالة الشاعر وينبغي أن يكون الشعر مفهوما لدى الشريحة الأوسع من المجتمع(4).

وذكر تحت عنوان: العفوية: في سبيل هذا الهدف العام يجدر بالأديب أن ينسلخ من شخصيته القوية ويرد قلبه إلى طفولته ليعود طفلاً حالماً يصور ويحب فيضحك ويتألم ويبكي(5).

وذكر تحت عنوان لا تقلد: أن التقليد ليس من الشاعرية، مؤكداً أن الشاعر المقلد هو كالببغاء، فان ثبت عدم قدرته على نظم الشعر والإبداع في هذا المجال، عليه أن يترك هذا الحقل الأدبي واختيار حقل آخر خيراً له من

ص: 112


1- المصدر نفسه، ص 55.
2- حسن الشيرازي، الأدب الموجه، ص 61.
3- المصدر نفسه، ص 63.
4- المصدر نفسه، ص 64.
5- المصدر نفسه، ص 72.

التقليد(1).

وذكر تحت عنوان لا تتشاءم: إن التشاؤم هو تقليد شعراء الغرب بشعرهم وحيث لا يمكن للشاعر أن ينقل الغرب إلى الشرق لاختلاف البيئات والأذواق فان التشاؤم يضر بشاعرية الشاعر وشعره(2).

وذكر تحت عنوان لاتصف الأنحلال: بما أن الشعر وسيلة نبيلة تملك الأرتقاء إلى الأهداف السامية في عالم الفكر، فمن العقوق استخدامه في عبادة الشهوات والكفر بالجمال(3).

وذكر تحت عنوان: لاتصف القبيح: إن رسالة الشعر هي دليل الجمال فلا ينبغي للشاعر ولا يحق له وصف القبيح وإنزال الشعر إلى حضيض الغزل الماجن(4).

وذكر تحت عنوان أدب المرأة: المرأة جمال ولا ريب ومن الحق أن يكون لها نصيب في الأدب، ولكن ليس لها الأستحواذ على هذه الكمية الكبيرة من أبعاد الأدب، فهي ليست كل المادة الأدبية في الحياة لأن لها قسماً من الجمال ولا تملك جمال الوجود كله، فلابد من تحديد حقها حتى لا تزاحم حقوق غيرها(5).

وذكر تحت عنوان أدب الثورة: «وأوفر أنواع أدب القوة عبقرية ورسالة وخلوداً أدب الثورة لأنه الأداة القادرة على إذكاء الجماهير القارة على الهوان حتى تستيقظ وتتحمس فتندفع لنسف النير والكابوس»(6).

ص: 113


1- المصدر نفسه، ص 89.
2- المصدر نفسه، ص 104.
3- المصدر نفسه، ص 107.
4- حسن الشيرازي، الأدب الموجه، ص 111.
5- المصدر نفسه، ص 124.
6- المصدر نفسه، ص 142.

ثالثا: العمل الأدبي:

قدم له الأستاذ فؤاد افرام البستاني رئيس الجامعة اللبنانية في 15/3/1969م.

ويعد هذا الكتاب من الكتب القديمة الحديثة لأنه قديم بما استند إليه من مفاهيم الإنشاء ومعطيات التأليف المتوارثة عند العرب، وحديث بما اشرف عليه من آراء النقاد والباحثين من المضطلعين بشؤون الأدب وتطور دراسته في عصرنا الحاضر، يرى فيه قدامى الأدباء ما ألفوه وانسوا به في أثناء تخرجهم من أصول المعاني والبيان وفنون الإنشاء وقواعد «علم الأدب» إجمالاً وتفصيلاً في التطور والتمثيل والتعبير، ولمحات براقة في نظريات العصر الجمالية تشع من مختلف المصادر على تبيانها وتضاربها أحياناً، يباشر في «نظراته» بتحديد «العمل الأدبي» وهو في رأيه لا يختلف في تحديد الفن عامة، من انه «التعبير الموحي عن تجربة شعورية» ويدقق من ثم في عنصري هذا «العمل» فيشيد «بالإيقاع الموسيقي للألفاظ والعبارات» وبالصور والظلال التي تشعها وبالذكريات الشعورية التي ترافق بعض الألفاظ منذ الطفولة ويفضل مواد «التعبير الأدبي» فيما يتلاءم وبعض الأنواع المعروفة بفنون الأدب لا كلها(1).

إذ انه يميز بين هذه التي يدخل فيها: الشعر والقصة والأقصوصة والتمثيلية والسيرة والخاطرة والمقالة وتلك التي يسميها «فنون الإنشاء الأدبي» والتي تتناول في نظره مصطلح القدامى في الموضوع، المكاتبة والمناظرة والمثل والوصف والمقامة والرواية والتاريخ ويعدد الأمثلة على كل ذلك مما يجعل المؤلف كتاباً تعليمياً إلى كونه اثر تحليل ودراسة، أما مواد «الشعور الأدبي» فتستند إلى الأركان الكبرى في مجال التأمل الإنساني وهي في رأي المؤلف: اللّه، الإنسان، الواقع، القدر، المعصية، العاطفة، الجمال، ويتخطى، من ثم، إلى

ص: 114


1- حسن الشيرازي، العمل الأدبي، (بيروت: مؤسسة البلاغ، 2005م)، ص 5.

إقامة «خط العمل الأدبي» على ثلاث ركائز، فلسفة الأدب، إسلام الأدب، هدف الأدب، مشرفاً على عملية الإنتاج الأدبي المتدرجة على ثلاث مراحل كذلك «مرحلة انفصال النفس بالتجربة ومرحلة معاناة التجربة، ومرحلة تعبير المعاناة عن نفسها» أما «تركيز الإسلام أولاً في نفس الأديب إعداداً للقاء الحتمي بين الأدب والدين» فهو أمر مشروع، إذا كان المؤلف يخص بكتابه المسلمين وحدهم، أو إذا كان يحصر الأدب العربي بالأمة الإسلامية وحدها، فيكون من همه، إذ ذاك تنشئة «الأدب الإسلامي أكمل أدب وأجمل أدب، فيكون الأديب الإسلامي أعظم قدراً من أي أديب آخر» وأما إذا غايته التوجه بكتابه إلى سائر الناس أو سائر الناطقين بالضاد على الأقل، فينبغي أن يفهم بالإسلام الدين على الإطلاق أي دون تمييز(1).

ويربأ المؤلف بالأدب أن يكون له هدف معين، كما يكون كل نشاط إنساني «فليس للأدب هدف معين يحاوله ولا يتعداه، وليس أمامه باب مقفل أو منطقة محرمة، وإنما هدفه كل شيء ولا شيء ومنطقته كل منطقة ولا منطقة» وهو يرى خطأ ما ساد بعض الذهنيات التقليدية من أن الأدب يتأثر بالحالة الاقتصادية أو بالطبقة الحاكمة أو بأي شيء آخر، لان الأدب اندفاع شعوري يتدفق من المشاعر البشرية، ويأخذ مجاريها في المشاعر البشرية دون أن يوقفه شيء، إلا ما يلفت مشاعر الأدباء ومشاعر الجماهير، وعلى هذا تتوالى «النظريات» قديمة وحديثة لتجعل هذا الكتاب هدياً للناشئين ومادة للبحث والنقد والمناظرة للشادين والضلعاء تتجاوز أحياناً نطاق الأدب المتعارف عليه، إلى قضايا فلسفية واجتماعية ودينية، بل إلى أحداث تاريخية قد يكون من الخير أن يتداولها ذوو الاختصاص، فتنفتح عن آراء، وتسفر عن اتجاهات، وتنفرج عن آفاق، تبسط من التفكير، وتجدد

ص: 115


1- حسن الشيرازي، العمل الأدبي، ص 6.

من القدرة والتقويم، وتفسح من النظر وتوسع من مجال النقد، وتضبط من متناول الحكم، وفي كل ذلك خدمة للأدب بخدمة الخير والحق والجمال(1).

رابعاً: الاشتقاق: تمتاز اللغة العربية بجماليتها وشموليتها وأهميتها البالغة من بين لغات العالم، وقد انتشرت في مساحات واسعة من البلاد بالإضافة إلى قدسيتها وشرفها البالغ الذي نالته بنزول كتاب اللّه المجيد على رسوله (صلی اللّه عليه وآله وسلم) عربياً، بل كان من الإعجاز النبوي الشريف أن تحدى بلغاء العرب وعظمائها بهذا التنزيل المقدس ولعل المطلع على معاني الكلمات العربية وقواعدها وأصول اللغة يصعق بجمالية الاستعمال ألقراني للآيات القرآنية الكريمة مضافاً إلى علو معانيها(2).

ومن بين الأساسيات التي يعتمد عليها الناطق بالعربية أو المتعلم لها أو الكاتب بها هو «علم الصرف» لتدخله المباشر في استعمال الكلمة رغم صعوبته أحياناً ولهذا وجدت بعض الكتب لتعتني بهذا المجال ومنها هذا الكتاب، فقد حاز عناية العديد من الحوزات العلمية وعدّ من المصادر القليلة في هذا العلم واخذوا بتدريسه كمرحلة أولى للمبتدئين من الطلاب، وقد سد هذا الكتاب الحاجة في بعض المدارس والمعاهد العلمية المنتشرة في عدد من البلاد الإسلامية(3).

ينقسم الكتاب إلى 1- الفصل الأول في اصل الاشتقاق(4) 2- الفصل الثاني: في مشتقات الفعل(5) 3- الفصل الثالث في مشتقات الأسم(6)

ص: 116


1- حسن الشيرازي، العمل الأدبي، ص 7.
2- حسن الشيرازي، الاشتقاق، (بيروت: مؤسسة الرسول الأعظم، 2001م)، ص 5.
3- المصدر نفسه، ص 6.
4- المصدر نفسه، ص 11.
5- المصدر نفسه، ص 13.
6- المصدر نفسه، ص 20.

خاتمة في لواحق الاشتقاق(1).

شرح الاشتقاق 1- الفصل الأول: في أصل الاشتقاق(2).

2- الفصل الثاني: في مشتقات الفعل(3).

3- الفصل الثالث: في مشتقات الاسم(4).

ص: 117


1- المصدر نفسه، ص 24.
2- المصدر نفسه، ص 27.
3- المصدر نفسه، ص 32.
4- حسن الشيرازي، الاشتقاق، ص 77.

ص: 118

الفصل الثالث: جهوده الإصلاحية

اشارة

المبحث الأول: جهوده في الإصلاح الديني

المبحث الثاني: جهوده في الإصلاح الاقتصادي

المبحث الثالث: جهوده في الإصلاح الاجتماعي

ص: 119

ص: 120

المبحث الأول: جهوده في الاصلاح الديني

مفهوم الإصلاح: كلمة الإصلاح تعني التنظيم والترتيب وهي الكلمة المقابلة للإفساد والتي تعني اللاتنظيم واللاترتيب، وكلمتي الإصلاح والإفساد من الكلمات المتقابلة والمتضادة التي وردت في القرآن الكريم(1) مراراً وتكراراً(2).

وكان الإصلاح الديني هو هاجس العديد من المراجع في النجف الأشرف ولعل أول هؤلاء الساعين إلى الإصلاح هو المجدد الشيرازي صاحب فتوى التنباك، منذ ذلك الحين بدأت الحوزة العلمية تحاول إصلاح أوضاعها الداخلية ومحاولة إصلاح أوضاع المجتمع المسلم، وبرز العديد من المصلحين الكبار لعل أبرزهم السيد جمال الدين الأفغاني(3)، ومن خلال معاصرته للسيد

ص: 121


1- سورة البقرة، آية 30 {وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ} الأعراف آية 56 {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} للمزيد ينظر: عبد اللّه شبر: تفسير القرآن الكريم، (بيروت: الدار الإسلامية، 1999م).
2- مرتضى المطهري، الحركات الإسلامية في القرن الرابع عشر الهجري، (بيروت: دار الهادي، 2001م) ص 40.
3- جمال الدين الأفغاني (1839-1897م) ولد في إيران ونشأ بها، تنقل بين حوزات قزوين وطهران والنجف، غادر النجف سنة 1856م، تنقل بين عدة بلدان إسلامية وأوربية، كانت نهاية محطاته الأستانة حتى مات فيها عام 1892م. معد جابر التكريتي، جمال الدين الأفغاني وأثره في الفكر السياسي العراقي، اطروحة دكتوراه (كلية الادآب: جامعة بغداد، 2002م) ص 7-21.

الشيرازي وإطلاعه على أوضاع المجتمع المسلم فقد خطا خطوات واسعة نحو إصلاح أوضاع المجتمع المسلم، وتنقل بين بلدان متعددة بين عامي (1866-1892م) وكانت تحركاته متعددة في اغلب الميادين، ونبه بان الإصلاح يتم عن طريق فتح باب الاجتهاد وسعى إلى تحقيق الوحدة الإسلامية وتحقيق مؤتمر إسلامي(1).

يتضح مما تقدم أن الحركة الإصلاحية في الحوزات العلمية(2) لم تكن وليدة الصدفة أو انها جاءت كرد فعل إزاء تطورات خارجية او داخلية، حملت المراجع على تبني آراء اصلاحية، بل أن الفكر الاصلاحي كان يعيش في أذهان رجال الدين في الحوزات العلمية في العالم الإسلامي، إلا إن الظروف لم تكن مواتية لإظهار هذه الافكار الإصلاحية، اما لأن الوضع السياسي والاجتماعي لايسمح بذلك وتكون دعوات الاصلاح غير ذات تأثير، او لان جزء من رجال الدين يقفون بوجهها، اذ يثير الحديث عنها مشكلات داخل الحوزة العلمية، وقد تؤول إلى الصراع داخل الوسط الديني(3).

إن الحركة الإصلاحية في الحوزة العلمية ضرورة من ضرورات ديمومة هذه الحوزة، لان الاصلاح بما هو «تنظيم» و«ترتيب» فكل مؤسسة من المؤسسات سواءً كانت دينية أو سياسية او اجتماعية، بحاجة الى ذلك وهذه ضرورة لأستمرارها، لان العمل المنظم هو السبيل الوحيد للإرتقاء بأداء أي موسسة من المؤسسات.

ص: 122


1- عبد الحكيم الطبسي، جمال الدين الافغاني والمشروع الأصلاحي، (طهران: مجمع التقريب العالمي، 2002م) ص 15.
2- للمزيد عن الحركة الإصلاحية في حوزة النجف الأشرف ينظر: عدي حاتم عبد الزهرة، النجف الاشرف وحركة التيار الاصلاحي 1908-1932م (بيروت: دار القارئ، 2005م)، ص 3-21.
3- رشيد الخيون، المشروطة والمستبدة، (بغداد: الفرات للنشر والتوزيع، 2006م) ص 123.

انطلق السيد حسن الشيرازي في مسيرته الإصلاحية من خلال جوانب كان من أهمها، ايجاد تيار أسلامي متحرك من خلال بعض الجمعيات كجلسات الشباب الحسيني أو المدارس الدينية، أو من خلال المجلات والنشرات الدورية كالأخلاق والآداب، وأجوبة المسائل الدينية ونداء الإسلام وصوت المبلغين وغيرها(1).

استخدم السيد حسن الشيرازي أسلوب الحوار البناء في مناظراته مع الذين يختلفون معه في وجهات النظر، وكان لهذا الأسلوب الأثر الفاعل في تغيير وجهات نظرهم حول مواقفه وآرائه، لان الحوار البناء افضل وسيلة من مصادرة رأي الآخر، حيث يتم الاطلاع على ما عند «الفكر المضاد» ونقده نقداً موضوعياً بالدليل والحجج المنطقية(2).

تميز منهج السيد حسن الشيرازي الإصلاحي بميزة مهمة جداً وهي عدم وجود خط فاصل في تفكيره بين التنظير والتطبيق، فكان لايتعب نفسه كثيراً في التنظير للإصلاح، وإنما يتحرك عملياً كلما وجد هنالك فرصة للإصلاح، وسنرى ذلك واضحاً فيما سنعرض له من حياة السيد حسن الشيرازي وتعامله مع العديد من القضايا الإسلامية، فهو بتحركه الاسلامي الواسع والمنفتح على كل الطبقات والمذاهب، لايترك مجالا للأصلاح أو فرصة يمكن من خلالها تقديم بعض النفع للمجتمع المسلم الا انتهزها، وقد استفاد كثيراً من فلسفة الحوار الهاديء البناء في تعامله مع كل هذه القضايا، وحقق نجاحات باهرة في هذا المجال سنمر بها اثناء البحث، وتتلخص جهوده في مجال الاصلاح في الاتي:

ص: 123


1- علي المؤمن، سنوات الجمر مسيرة الحركة الإسلامية في العراق 1957 - 1986، ص 59-60 المركز الاسلامي المعاصر
2- قاسم خضير عباس، الحركة الإسلامية في ضوء المتغيرات الدولية، (بيروت: دار الاضواء، 2001م)، ص 157.

1- جهوده مع العلويين: اتفقت الآراء على أن أبا ذر الغفاري هو الذي نشر التشيع في بلاد الشام وجبل عامل ولكن لم يجد تاريخ دقيق لذلك(1).

نشأ التشيع عربياً بحتاً أول الأمر، ولعل أول من حمل لواء المعارضة الشيعية ضد الأمويين حجر بن عدي(2) الكندي أحد أنصار الإمام علي (عليه السلام) المخلصين(3).

تكمن في طبيعة كثير من مبادئ الشيعة ونزعاتها حوافز ثورية كان لها فيما مضى دور رئيس في حركاتهم المعارضة للحكمين الأموي والعباسي والتي أدت احياناً إلى العنف المسلح وإلى سقوط العديد من الشهداء العلويين في سبيلها، واقترن اسم التشيع بالثورة واتسم بالمعارضة ضد السلطات الحاكمة بالأضافة الى ان مبادئه أقرب إلى الواقع وأكثر صلة بالذهنية العربية وأبرع في السيطرة على الجماهير(4).

حفزت هذه المبادئ التي يحملها العلويون أعداءهم على محاربتهم مادياً ومعنوياً حتى وصفوهم بانهم يعبدون علياً (عليه السلام) ونقل عن الصدوق في رسالته عقائد الشيعة، «اعتقادنا في الغلاة والمفوضة انهم كفار باللّه تعالى»(5).

ص: 124


1- هاشم عثمان، تاريخ الشيعة في ساحل بلاد الشام الشمالي، (بيروت: مؤسسة الأعلمي، 1994)، ص 25.
2- حجر بن عدي (؟ - 51ه) حجر بن جبلة الكندي ويسمى حجرالخير صحابي جليل شجاع من المقدمين، وفد على رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله وسلم) وشهد القادسية ثم كان من اصحاب الإمام علي (عليه السلام) وشهد معه الجمل وصفين قتل سنة 51ه- على يد معاوية بن ابي سفيان في مرج عذراء. محمد احمد علي، العلويون في التاريخ حقائق واباطيل، (بيروت: مؤسسة النور، 1997م)، ص11.
3- مهدي عبد الحسين النجم، ثورات العلويين وأثرها في نشوء المذاهب الإسلامية (بيروت: مؤسسة البلاغ، 2002م)، ص 52.
4- عبد اللّه نعمة، روح التشيع، (بيروت: دار البلاغة، 1993م)، ص 108.
5- محسن الامين، الشيعة بين الحقائق والاوهام، (بيروت: مؤسسة الاعلمي، 1977م)، ص19، www.alaweenonline.com.

كان أكثر أهل بلاد الشام شيعة في عصر ابن جبير كما ذكر ذلك في رحلته، وأهل حلب وطرابلس واكثر ساحل سوريا كان الغالب عليهم التشيع وفقهاء حلب من الشيعة حالهم معلوم حتى قيل انهم كانوا يقولون بوجوب الاجتهاد عيناً حتى حوالي المئة السادسة الهجرية فقتلت فيها الشيعة قتلاً عاماً وتفرق من سلم منهم في البلدان وجملة منهم جاؤوا الى دمشق وسكنوها الى اليوم ومنهم آل الواسطي وآل اللحام(1).

وبرز منهم العديد من العلماء في العصور العباسية ومنهم في طرابلس القاضي عبد العزيز بن البراج تلميذ السيد المرتضى والشيخ الطوسي(2).

بلغ عدد الشيعة في سوريا ومصر والحجاز مايربو على المليون انسان في مطلع القرن العشرين(3).

بعد مجيء الاتحاديين(4) للسلطة في الدولة العثمانية 1908م تباينت العقائد وظهر الخلاف باسم الدين وظهر الصراع بين العلويين والاتحاديين، وكان العلويون يسكنون مع الارمن، وكان الارمن قد هيؤوا أسباب الثورة وكانوا

ص: 125


1- محسن الامين، الشيعة في مسارهم التاريخي، (بيروت: مركز الغدير للدراسات، 2000 م)، ص 287-288.
2- محمد جواد مغنية، الشيعة في الميزان، (بيروت: دار الجواد، 1996م)، ص 196.
3- المصدر نفسه، ص 204.
4- الاتحاديون: نسبة الى جمعية الاتحاد والترقي التي تأسست سنة 1889م في اسطنبول واخذت تعمل حتى عقدت مؤتمراً عاماً لها في باريس سنة 1902م، قامت في 23 تموز 1908م بارسال انذار باسم الجيش الى السلطان عبد الحميد الثاني، يطلبون فيه إعادة العمل بالدستور العثماني الذي أقره مدحت باشا فاضطر السلطان الى إجابة مطاليبهم، الا انه قام بحركة مضادة في 31 آذار 1909م «حركة الدراويش» هدفها ارجاع السلطان الى سابق عهده الا ان الاتحاديين قضوا عليها وخلعوا عبد الحميد عن الخلافة. علي الوردي: لمحات إجتماعية من تاريخ العراق الحديث، ط2، (بيروت: دار الراشد، 2005م)، ج3 ص 159.

يتوقعون بأن لايمر وقت طويل الا وتدركهم القوات الاجنبية «الإنجليز والفرنسيين»(1).

بسبب وجود المذهب الجعفري في سوريا وانتشاره بين الناس قام مفتي الجمهورية السورية العام(2) باصدار مرسوم أعترفت بموجبه الحكومة السورية بالمذهب الجعفري في 17/شوال / 1371ه- الموافق 9/تموز/ 1952م(3).

ويرى الباحث المحامي محمد أحمد العلي في كتابه: (العلويون في التاريخ حقائق وأباطيل) «أن موسى الحريري كتب غيري عنه وعروه تماماً، إضافة الى أن كتاباته لوحدها تعريه، ولكن لابد من لفت الانتباه الى إنه أسم وهمي ويقال إنه رجل دين مسيحي مستأجر من قبل الصهاينة»(4).

ألف الشيخ حسين محمد المظلوم كتاباً في جزأين، سماه المسلمون العلويون بين مفتريات الاقلام وجور الحكام، بين فيه كل مايتعلق بالعلويين وعقائدهم ومسيرتهم التاريخية وبعض الكتاب الذين اتهموهم بالغلو وآراء العلماء الشيعة في عقائدهم(5).

وكان السبب في رمي العلويين بالغلو: 1- لانهم كانوا يكتمون عقائدهم بسبب الاضطهاد والمظالم التي لاقوها في العصور السابقة والعصور الحديثة من السلطات الحاكمة. 2-عدم وجود المؤلفات والصحف التي تعالج مثل هذه المواضيع وتكون واسطة للاتصال بين مختلف البلدان وكانوا يعيشون عزلة فكرية

ص: 126


1- محمد امين غالب الطويل، تاريخ العلويين، (بيروت: دار الاندلس، 1966م)، ص 463-464.
2- كان مفتي سوريا في تلك الفترة الشيخ محمد شكري الأسطواني. علي عزيز الابراهيم: العلويون في دائرة الضوء، (بيروت: دار الغدير، 1999م)، ص 99.
3- المصدر نفسه.
4- محمد احمد العلي: العلويون في التاريخ، ص 231.
5- حسين محمد المظلوم، المسلمون العلويون بين مفتريات الأقلام وجور الحكام، (بيروت: دار المحجة البيضاء، 1999م).

عن اخوانهم الشيعة في البلدان المجاورة والبعيدة عنهم(1).

خلص الاستاذ هاشم عثمان الى نفي الغلو عن العلويين وان عقائدهم صحيحة في حد ذاتها، الا ان المشنعين عليهم ارادوا ان يصفوهم بالغلو حتى ينفو عنهم مذهب التشيع(2) ويبدو ان الباحثين قد اختلفوا حول العلويين فمنهم من نسب الغلو ومنهم من ادعى انهم ليسوا غلاة، لكن الراجح ان العلويين على قسمين: قسم من المعتدلين وقسم من الغلاة.

انعقد أول لقاء بين السيد حسن الشيرازي والعلويين من3-7 شعبان 1392ه- من 26-30/10/1972، كما ذكر هو ذلك بقوله «لقد وفقني اللّه تعالى لزيارة اخواننا المسلمين (العلويين) في الجمهورية العربية السورية من 3-7 شعبان 1329 ه، ثم زرت اخواننا المسلمين (العلويين) في طرابلس لبنان على راس وفد من العلماء بامر من سماحة الامام المجدد المرجع الديني اخي السيد محمد الشيرازي (دام ظله) فالتقيت بجماعة من افاضل علمائهم ومثقفيهم ومجموع من ابناء المدن والقرى في جوامعهم ومجامعهم وتناولنا معهم الخطب والاحاديث»(3).

وقام اثناء لقائه بالعلويين بدعوتهم الى إظهار مذهب التشيع من خلال القاء الخطب والمحاضرات الدينية التي كان لها الأثر الفاعل في إيضاح مذهب التشيع لدى أبناء العلويين، وقام كذلك ببناء اثني عشرَ مسجداً تحمل اسماء الأئمة المعصومين في مناطق العلويين(4).

ص: 127


1- هاشم عثمان، تاريخ الشيعة، ص 130-131.
2- هاشم عثمان، العلويون بين الأسطورة والحقيقة، (بيروت: مؤسسة الاعلمي، 1994م)، ص235-250.
3- حسن الشيرازي، المقدمات، (بيروت: دار العلوم، 1989م)، ص 143.
4- «مقابلة شخصية»، «مرتضى القزويني»، مجتهد، كربلاء المقدسة، 24/10/2009م، الشيخ ذو الفقار غزال لقاء أجراه معه موقع الشيرازي نت في 14/8/2005م؛ www.alshirazi.net؛ ينظر ملحق رقم (5).

قام السيد حسن الشيرازي بزيارة العلويين في سوريا وقد رفضوه أول مرة وثاني مرة وفي المرة الثالثة وضع رجله بالباب أما أن تكسر رجله أو يفتح الباب، فاضطروا لفتح الباب، واستمر النقاش معهم ثلاثة ايام حتى تم استعادتهم الى مذهب اهل البيت (عليهم السلام) (1).

بلغ عدد العلويين الذين أعلنوا انهم على مذهب الشيعة مليوني انسان ولان السيد حسن الشيرازي قد أسهم في اعلان العلويين تشيعهم فقد بدات بعض الحكومات تخشاه، حتى قال محمد رضا بهلوي(2)

لزملائه «الشخص الذي يتمكن ان يؤثر على مليونين ينبغي ان يخشى منه»(3).

اصدر العلويون بهذه المناسبة بياناً وقع فيه ثمانون من علمائهم وشخصياتهم وتحدثوا فيه عن عقائدهم واسباب اتهامهم بالغلو من البعض وما العوامل التي ادت الى اتهامهم بذلك واهم ماجاء في هذا البيان: -

1- كل علوي مسلم يقول ويعتقد بالشهادتين ويقيم أركان الإسلام الخمسة.

2- إن العلويين ليسوا سوى أنصار الإمام علي (عليه السلام) وما الإمام علي (عليه السلام) سوى ابن عم الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) وصهره ووصيه وأول من آمن بالاسلام، ومن مكانه في الجهاد والفقه والدين الاسلامي مكانه، وان القرآن الكريم هو كتاب العلويين.

3- ان العلويين شيعة مسلمون وقد برهنوا طوال التأريخ على أمتناعهم عن

ص: 128


1- «مقابلة شخصية»، «محمد حسين الحسيني»، رجل دين، كربلاء المقدسة، 7/11/2009م.
2- محمد رضا بهلوي (1919م -1980م): ولد في طهران وتلقى فيها تعليمه الابتدائي وانهى تعليمه الثانوني في سويسرا بين 1931-1936م، التحق بالكلية العسكرية في طهران في 1936 وتخرج في 1938 برتبة ملازم، خلف اباه بعد خلعه في 16/9/1941م، بقي ملكاً حتى اطاح به السيد الخميني في 1979م. عبد الهادي كريم سلمان، ايران في سنوات الحرب العالمية الثانية، (البصرة: مركز دراسات الخليج، 1986م)، ص 79-82؛ www.wilibedia.org.
3- محمد الشيرازي، خواطر وذكريات، (بيروت: دار العلوم، 2008م)، ص 123-124.

قبول كل دعوة من شأنها تحوير عقيدتهم.

4- ما العلويون سوى احفاد القبائل العلوية التي ناصرت الإمام علياً (عليه السلام) فوق صعيد الفرات.

5- وان مذهبنا في الأسلام هو مذهب الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) والأئمة الطاهرين (صلی اللّه عليه وآله وسلم) سالكين في ذلك ماجاء به خاتم النبيين سيدنا محمد بن عبد اللّه (صلی اللّه عليه وآله وسلم) حيث يقول: «اني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، احدهما أعظم من الآخر، كتاب اللّه حبل ممدود من السماء الى الأرض وعترتي أهل البيت ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» هذه هي عقيدتنا نحن العلويين وفي هذا كفاية لقوم يعقلون.

ليس لدى العلويين مذهب مستقل للعبادات والأحكام المبنية على معرفة الحلال والحرام والمعاملات والمواريث، وذلك اعتماداً منهم على المذهب الجعفري الذي هو الأصل وهم فرع منه.

وهذه الصلة «بين العلويين وإخوانهم الشيعة» وإن تكن انقطعت بواسطة السياسة من مئات السنين، حتى انتبه اليها في عصرنا هذا، فقد بقيت هذه الفروع مسائل يتوارثها الخلف عن السلف(1).

بيّن العلويون عقائدهم في الدين والإسلام والإيمان، وأصول الدين عندهم، التوحيد، العدل النبوة، الامامة، المعاد، وبينوا كذلك أصول وأدلة التشريع عندهم وكانت، القرآن الكريم، السنة النبوية، الإجماع، العقل، وهي نفسها عند الشيعة الإمامية الآن، وبينوا كذلك فروع الدين وهي مشابهة تماماً كما عند الشيعة في غير بلاد الشام، وفي خاتمة البيان ذكروا: «هذه هي معتقداتنا نحن المسلمين

ص: 129


1- عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، دراسة في حياة آية اللّه الشهيد السيد حسن الشيرازي، ط5، (بيروت: دار الشهيد، 1988م)، ص 251-258؛ Http//ar.wikipedia.org.

(العلويين) ومذهبنا هو المذهب الجعفري الذي هو مذهب من عرفوا بالعلويين والشيعة معاً وأن التسمية (الشيعي او العلوي) تشير إلى مدلول واحد الى فئة واحدة هي الفئة الجعفرية الإمامية الإثنا عشرية، وأننا لنسال اللّه أن يكون في بياننا هذا من الحقائق ما يكفي لازاحة الضباب عن عيون الجاهلين والمغرضين وأن يجد فيه القريب والبعيد والمنصف والمتحامل منهلاً عذباً ومرجعاً مقنعاً، واننا لنعد كل من ينسب إلينا او يتقول علينا بما يغاير ما ورد في هذا البيان مفترياً او مدفوعاً بقوى غير منظورة، يهمها أن تفرق كلمة المسلمين فتضعف شوكتهم، أو جاهلاً ظالماً لنفسه وللحقيقة ولاقيمة لقول أحدهما عن العقلاء المتقين»(1).

قدم السيد حسن الشيرازي لهذا البيان «هذا البيان الذي اجمع عليه الافاضل من علمائهم خبرٌ يصدق الخبر فمن خلاله يرفع اخواننا المسلمون (العلويون) رؤوسهم فوق ماتبقى من ضباب الطائفية ليقولوا كلمتهم عالية مدوية: اننا كما نقول لاكما يقول المتقولون»(2).

«هذا البيان الذي يقدمه الى الرأي العام اصحاب الفضيلة من شيوخهم هو واضح وصريح لاداء دلالتين، الأولى: أن العلويين هم شيعة ينتمون الى امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) بالولاية وبعضهم ينتمي اليه بالولاية والنسب كسائر الشيعة الذين يرتفع انتسابهم العقيدي الى الامام علي (عليه السلام) وبعضهم يرتفع اليه انتماؤه النسبي ايضاً، الثانية: أن (العلويين) و(الشيعة) كلمتان مترادفتان مثل كلمتي (الامامية) والجعفرية فكل شيعي هو علوي العقيدة وكل علوي هو شيعي المذهب - وأود هنا - كأي مسلم له حق الحسبة - أن ألفت انظار الذين يهملون

ص: 130


1- نقلا عن عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 267-268.
2- حسن الشيرازي، المقدمات، ص 143.

قول اللّه تعالى {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا} الفت انظارهم الى انه قد انتهى عصر التقاطع الذي كان يسمح بالتراشق بالتهم، وجاء عصر التواصل الذي لايسمح بمرور الكلمة الا عبر الأضواء الكاشفة»(1).

اجرت صحيفة الحياة البيروتية بعد توقيع البيان حواراً مع السيد حسن الشيرازي نشرته في عددها 8581 الصادر يوم الاثنين 16/7/1973م وقدمت له مقالاً ذا دلالة (تنصيب مفتي جعفري للطائفة العلوية في طرابلس): بعد ان أعلن العلويون تشيعهم رسمياً في بيان وقّعهُ كبار علمائهم يعلن انتمائهم للطائفة الاسلامية الشيعية الجعفرية، كان موضع اهتمام الاوساط الدينية والسياسية والإجتماعية على السواء، محلياً وعربياً، خاصة فيما يتعلق بالتاثير السوري الرسمي والشعبي في علويي مدينة طرابلس حيث يبلغ عدد ناخبيهم 3450 ناخباً يرجحون فوز أية قائمة انتخابية تنصب اصواتهم عليها، وقضية العلويين وتاريخهم وتعدادهم في لبنان وسوريا والعالم قضية تستحق التعريف، وفيما يلي اجوبة صريحة على اسئلة وجهتها «الحياة» للإمام السيد حسن الشيرازي الذي يهتم بشؤون العلويين الذي كتب مقدمة البيان الرسمي الذي اعلنوا فيه تشيعهم(2).

1- العلويون في العالم: الحياة: ما معلوماتكم عن قضية العلويين وعن تاريخهم؟ السيد حسن الشيرازي: العلويون هم من جملة شيعة اهل البيت الذين عاشوا في بلاد اشتدت فيها بالماضي وطأة الاعداء لأهل البيت فاضطهدوا وشردوا وتعرضوا للإرهاب والإغراء ولكنهم ما انهاروا.

الحياة: كم عدد العلويين في العالم اليوم وأين مراكز تكاثفهم؟

ص: 131


1- حسن الشيرازي، المقدمات، ص 143-144؛ الشيخ محمد أمين الغفوري لقاء أجراه معه موقع الشيرازي نت www.alshirazi.net.
2- عبد اللّه الهاشمي: حضارة في رجل، ص 273.

السيد حسن الشيرازي: عدد العلويين في العالم اليوم سبعة عشر مليون نسمة اربعة عشر مليون منهم في تركيا ومليونان في سورية ولبنان ومليون منهم في جنوب ايران والعراق وبضعة الآف في افغانستان.

الحياة: لقد تبنيتم قضية العلويين منذ سنوات فهل يمكن ان نعرف الدافع الى ذلك؟

السيد حسن الشيرازي: لابد من الاجابة عن هذا السؤال بشيء من التبسيط فسماحة اخي المرجع السيد محمد الشيرازي، منذ توليه مقام المرجعية كان يفكر في قضية العلويين باعتبارهم جزءاً من العالم الشيعي الذي يشعر بمسؤولية عنه، وقد كلفني منذ ثلاث سنوات باجلاء الهوية الدينية للعلويين اسهاماً منه في إزاحة الضباب التاريخي الذي يلفهم، وبالفعل قمت بزيارات عديدة إلى مختلف مناطقهم في الساحل والجبل بسورية، كما قمت بزيارة لهم في طرابلس بلبنان ورتبت مجموعة لقاءات مع كبار علمائهم وثقاتهم في بيروت وقد اسفرت تلك اللقاءات عن بيان اصدره مؤتمر اللاذقية باسم «العلويون شيعة اهل البيت» بتاريخ 15/1/1973م وقد كتبت مقدمة البيان شهادة مني على صحة ماجاء فيه، واضاف: فالاضطهاد الذي عانوه كما عانته بقية الشيعة في العالم، طوال ثلاثة عشر قرنا - لم يكن اضطهاداً سياسياً وانما كان فكرياً ايضاً وهذا ما جعلنا شركاء في المحنة.

الحياة: بمقتضى معرفتك العميقة بهم كيف تصنفهم طائفياً؟

السيد حسن الشيرازي: اتصور انه بعد صدور بيانهم الموقع من ثمانين رجلاً من كبار علمائهم ومثقيفهم ليسوا بحاجة اليّ أو الى غيري في تصنيفهم طائفياً، فالبيان يعبر بوضوح واسهاب انهم شيعة «كبقية الشيعة في العالم» في جميع جذور العقيدة وفروعها(1).

ص: 132


1- حسن الشيرازي، العلويون، الحياة، صحيفة، بيروت، العدد 8581، 1973، نقلاً عن عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 273-274.

2-جماعة العلماء: لاحظ السيد حسن الشيرازي أن كثيراً من المدن والقرى اللبنانية تعاني من الفراغ العقائدي والجهل بالإسلام، وأهدافه وأحكامه وكانت هذه المدن تتوق الى رجال الدين وتشتاق الى الاستماع اليهم والإهتداء بنورهم، وسداً لهذا الفراغ فقد أسس «مكتب جماعة العلماء» وترأسه بنفسه وكان المكتب يقوم بالخطوات الاتية:

1- ارسال العلماء الى المدن والقرى اللبنانية للوعظ والتوجيه والإرشاد.

2- نشر الكتب الدينية(1) لرفع المستوى الثقافي والاجتماعي في لبنان.

3- العمل من أجل حل مشاكل الجنوب ودفع الأخطار عنه.

4- مساعدة المشردين من ابناء الجنوب.

5- القيام بنشاطات سياسية على الساحة الداخلية والخارجية(2).

وكان تأسيس هذه الجماعة في عام 1397ه- الموافق 1976م وظلت هذه الجماعة عاملة بعد استشهاد السيد حسن الشيرازي، وكانت غايتها بالأضافة الى ماتقدم الحفاظ على وحدة لبنان والحيلولة دون تجزئته، وقدمت مساعدات مالية ومعنوية لأهل الجنوب ومد يد العون للعوائل التي تضررت وعانت من الغارات الصهيونية، ولاقت هذه الجماعة قبولاً وتفاعلاً من الشعب اللبناني وقد اثمرت في أن أصبح في لبنان جيل من الشباب المثقف بالثفافة الإسلامية أستطاع أن يدافع عن أرضه ومقدساته ضد العدوان الصهيوني، وازدهرت الحركة الفكرية وأصبح أبناء لبنان لهم حضورهم الديني المميز في أغلب بقاع العالم الإسلامي(3).

ص: 133


1- ذكر السيد مهدي الخرسان للباحث، أن الشيعة في قرية الفوعة اللبنانية يقولون أن السيد حسن الشيرازي ياتي بالكتب الكثيرة اليهم، وعاتبوا السيد مهدي الخرسان على عدم أرساله الكتب اليهم. «مقابلة شخصية» «السيد مهدي الخرسان»، مجتهد، النجف الاشرف، 9/12/2009م.
2- عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 158.
3- نور الدين الشاهرودي، اسرة المجدد الشيرازي، ص 334-335.

هذه أهم مشاريع جماعة العلماء بالأضافة الى دورها في رفد الحوزة العلمية الزينبية بالطاقات الشابة للدراسة في الحوزة الزينبية.

3- دار الصادق: أعطى السيد حسن الشيرازي أهمية كبيرة للجانب الثقافي والمعرفي ودور المعرفة في الحياة، وأكد ضرورة تسلح المسلمين بسلاح المعرفة والعلم كي يواجهوا حملات التضليل التي يقودها أعداء الإسلام لتشويه صورته في النفوس، فقام بتأسيس دار الصادق لطبع الكتب الإسلامية الهادفة ونشرها وتوزيعها وإحياء تراث أهل البيت (عليهم السلام) وبذل من أجل تأسيسها جهداً كبيراً وشاقاً سواءً من أجل استمرارها في العمل او من أجل تأسيسها، وقد استطاعت في مدة قصيرة أن تطبع الكثير من الكتب وتنشرها وتوزعها وبأكثر من عشر لغات كالعربية والانجليزية والفارسية والأوردية وغيرها من اللغات(1).

يضاف الى ذلك كانت له علاقات طيبة مع اصحاب دور النشر الأخرى، وكان يتعاون معهم في كثير من المجالات ويوصيهم بطباعة بعض الكتب، ذكر السيد سلمان هادي آل طعمة في مذكراته: انه زار دمشق في سنة 1975م بصحبة والده وكان السيد حسن الشيرازي يصلي بالصحن الزينبي اماماً لجمع من الناس، وبعد انتهاء الصلاة سلم عليه وطلب منه ان يكلف الشيخ حسين الأعلمي صاحب مؤسسة الاعلمي للمطبوعات - باعادة طبع كتاب «تراث كربلاء» بعد إجراء التصحيحات والإضافات عليه، فنادى على الشيخ الاعلمي وطلب منه أن يبادر الى طبع الكتاب وسلمه له وقام بطبعه في 1983(2).

4- مجلة الايمان: حاول السيد حسن الشيرازي رفع المستوى الثقافي للمسلمين وترسيخ العقائد الدينية في أذهان الشباب وكتابة الفكر الإسلامي في

ص: 134


1- عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 157؛ الشيخ محمد حسن الرجائي لقاء أجراه معه موقع الشيرازي نت في 9/8/2005م www.alshirazi.net.
2- سلمان هادي آل طعمة، مذكراتي، مخطوط، مكتبته الشخصية، د.ت، ج1، و85؛

صورة حديثة، وباسلوب جميل وبسيط، كل ذلك من اجل ان تستطيع الأمة الإسلامية من الوقوف في مواجهة الإستعمار وأعداء الإسلام، فقام بتإسيس مجلة إسلامية سياسية شهرية باسم «الايمان» وكانت تعنى بالجوانب السياسية والدينية والإجتماعية والثقافية والعلمية نشرت في عددها السادس السنة الاولى 10/كانون الثاني /1978م، في المجال السياسي مقالة بعنوان «لاتذبحوا الجنوب من أجل الوفاق» تطرقت فيه الى الوفاق اللبناني وانه يجب ان يتحقق ولكن ليس على حساب ابناء الجنوب(1)، ونشرت تحت عنوان «ودقت ساعة الجنوب» تطرقت فيه لمأساة الجنوب اللبناني ومايجري على أرضه من تصفية حسابات دولية واقليمية(2)، ونشرت تحت عنوان «تأملات في القرآن» هدىً للمتقين تفسير الاية «ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ» سورة الانعام آية 3(3)، ونشرت تحت عنوان «صفحة من حياة الامام علي بن الحسين (عليه السلام) » تطرقت فيه لإسم الإمام واسم أمه وكنيته ولقبه ووفاته وبعض صفاته وأخلاقه ومآثره(4)، ونشرت تحت عنوان «مفردات عامة» تعريفاً للهرمونات وكيف تفرزها الغدد، والغدة النخامية، وتعريف الذهب، وتعريف البرمائيات(5)، فهي مجلة ثقافية عامة جامعة.

4- من اجل بناء البقيع: بذل السيد حسن الشيرازي جهوداً كبيرة من أجل تجديد البناء على مراقد اهل البيت (عليهم السلام) وإعادة ما كان مبنياً عليها من قباب ومنارات نظراً إلى أن تركها كما هي الآن، يعد من الهتك والإهانة لحرمتهم،

ص: 135


1- «الايمان»، «مجلة»، «بيروت»، السنة الاولى، العدد السادس، 1978م، ص 2.
2- «الايمان»، «مجلة»، «بيروت»، السنة الاولى، العدد السادس، 1978م، ص 5.
3- المصدر نفسه، ص 9.
4- المصدر نفسه، ص 24.
5- المصدر نفسه، ص 29.

ولذلك تحرك باذلاً قصارى جهده من أجل تحقيقه، والتقى عدة مرات بالملك فيصل آل سعود(1) وبكبار المسؤولين السعوديين وعقد معهم سلسلة لقاءات واجتماعات تمهيداً للموافقة على تجديد البناء، وكان جواب المسؤولين الأخير: بعد هذه الجهود هو اننا نوافق على بناء البقيع اذا وافق على ذلك المفتي الأكبر محمد بن إبراهيم(2).

كان اللقاء بين السيد حسن الشيرازي والملك فيصل بتوسط الأمير متعب أخ الملك وكان ذلك قبل اغتيال الملك فيصل بعامين أي في 1973 جمع السيد حسن الشيرازي للقاء المفتي الأكبر عدداً من العلماء منهم الشيخ الوائلي(3) من العراق

ص: 136


1- فيصل بن عبد العزيز (1906م - 1975م) تولى حكم السعودية بعد خلع اخيه سعود من مجلس العائلة المالكة واعيان البلاد واصبح ملكاً دستورياً في عام 1965م بعد مبايعة الملك المخلوع له، اغتيل في 25 آذار /1975 في القصر الملكي بالرياض، واصبح اخوه خالد ملكاً من بعده، زاهية قدورة: شبه الجزيرة العربية كياناتها السياسية، (بيروت: دار النهضة، د.ت)، ص 67-68. تولى مهام عديدة قبل توليه العرش، كقائد للقوات السعودية منذ 1921م ثم وزيراً للخارجية عام 1930م ثم ولياَ للعهد عام 1953م ثم نائباً للملك عام 1963م مع كل سلطات الملك. رافت الشيخ: تاريخ العرب المعاصر، (القاهرة: عين للدراسات والبحوث، 2004م)، ص 104-105؛ www.wikibedia.org.
2- عبد اللّه الهاشمي: ايه اللّه السيد حسن الشيرازي، فكرةٌ وجهاد، (قم: دار القرآن الكريم، د.ت)، ص 215-216، الشيخ محمود سيف، لقاء أجراه معه موقع الشيرازي نت بتاريخ:2/9/2005م؛ www.alshirazi.net.
3- أحمد الوائلي (1928-2003م) هو الشيخ احمد بن الشيخ حسون بن شيخ سعيد الوائلي، ولد في النجف الاشرف يوم الجمعة 2/9/1928م، درس في الكتاتيب وحفظ القرآن الكريم ثم درس في مدرسة الملك غازي الابتدائية في النجف عام 1952م ثم درس في منتدى النشر وتخرج منها، ثم دخل كلية الفقه من 1958-1962م، اكمل الماجستير عام 1969م في العلوم الاسلامية، اكمل الدكتوراه في كلية العلوم جامعة القاهرة 1978م، توفي في الكاظمية في 14/7/2003م ودفن بقرب ضريح الصحابي كميل بن زياد. ينظر، فاهم منصور الوائلي: مقتطفات من كتاب بني وائل، (النجف الاشرف: د.م، د.ت)، ص 2-42.

وعلماء من لبنان وإيران وباكستان بالأضافة الى السيد مرتضى القزويني(1).

نظم السيد حسن الشيرازي لقاءً بين العلماء وابن باز وهو من المقربين من المفتي الاكبر، ولكن ابن باز قابلهم بجفاء وخشونة وغلظة وبعد ذلك التقى الوفد بالمفتى الاكبر محمد بن ابراهيم الذي كان حاله كحال ابن باز ورفضوا رفضاً قاطعاً، لكن السيد حسن الشيرازي ظل مصراً حتى اقنع الحكومة السعودية ببناء سور او جدار حول البقيع ليجعلوا مكاناً للزوار من وراء النوافذ والشبابيك(2).

دارت مناقشات طويلة بين السيد حسن الشيرازي والمفتي الأكبر اثبت من خلالها السيد حسن الشيرازي جواز إقامة البناء على القبور وعدم حرمته بل استجاب البناء على مراقد عظماء الدين وفي طليعتهم «أهل البيت» ولذلك غض العلماء السعوديون الطرف عن البناء فلم يرفضوا علانية ولم يوافقوا علانية، وأصبح إمكان البناء وارداً(3).

وبما أن السيد حسن الشيرازي كان عراقياً، لهذا أراد الملك فيصل ان يحول القضية من قضية دينية محضة إلى سياسية ايضاً، ورأى ان تكون الحكومة العراقية هي من تفاوض على ذلك، ولعلمه بسوء العلاقة بين السيد حسن الشيرازي والحكومة العراقية، تخلص من هذه الفكرة لعلمه المسبق أن الحكومة العراقية لاتدعم مشروعاً يتبناه السيد حسن الشيرازي للعداء المستحكم بينهما، وقضى بذلك على المشروع بشكلٍ نهائي(4).

5- جهوده مع شيوخ الأزهر: فكر السيد حسن الشيرازي بضرورة وضع حد للتفرقة بين المسلمين التي نخرت كيان الأمة الإسلامية، جاداً في جمع الكلمة

ص: 137


1- «مقابلة شخصية»، السيد مرتضى القزويني، مجتهد، كربلاء المقدسة، 24/10/2009م.
2- مقابلة شخصية، «السيد مرتضى القزويني»، مجتهد، كربلاء المقدسة، 24/10/2009م.
3- عبد اللّه الهاشمي، اية اللّه الشهيد السيد حسن الشيرازي، ص 216.
4- عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 173.

وتوحيد الصف، وكان يؤمن بان اية وحدة ظاهرية لاتغذى بالوحدة الفكرية العميقة مصيرها الى الزوال، فكان كل ما يهمه هو تقريب وجهات النظر وتفاهم الأطراف في حيادٍ تامٍ لما يعتقده الاخرون كطريق الى الوحدة الفكرية(1).

آمن دائما بالحوار ودوره ووصفه بأنه «كالعمل المشترك يكون التفكير المشترك» واشترط ان يكون بين الأنداد وأكد خلال إجابته على السؤال «لماذا الحوار حول القضايا الطائفية؟! 1- يجب الحوار حول القضايا الطائفية حتى لايجري الصراع حولها. 2- أن أبطال الخلافات ماتوا، لكن الدين لم ولن يموت ونحن بحاجة الى الدين 3- ليبقى الحوار الطائفي مفتوحاً لكن في مستواه الواقعي وليعطَ حجمه الطبيعي. 4- لو امتنا القضايا الطائفية عامة وحرمنا على الفكر مناقشتها نكون قد سمحنا لاخطاء الاجيال الماضية ان تستمر عبرنا الى الأجيال اللاحقة.5- لو لم نبحث عن اوامر اللّه في مجال الدين وقلنا انا وجدنا آباءنا على امةٍ فهل سيقبل اللّه منا ان نقول له انا اطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيل»(2).

قام السيد حسن الشيرازي في هذا السبيل بخطوتين مهمتين الأولى: التقى بشيخ الازهر الشيخ محمود شلتوت صاحب الفتوى الشهيرة التي تجوّز التعبد على مذهب الشيعة الامامية، وأجرى معه لقاءات ومباحثات حول وضع قاعدة فكرية موحدة لتنطلق منها الوحدة الإسلامية الشاملة، التي تبنى عليها الوحدات الأخرى، لتكون مستمرة وثابتة ودائمة، وكانت المباحثات مثمرة الى حد كبير، ووعد الشيخ محمد شلتوت باصداره فتاوى وتصريحات اخرى في هذا المجال، الا أن المنية عاجلته قبل لقائه السيد حسن الشيرازي في زيارة أخرى وقبل وفائه بوعوده السابقة(3)، وكان ذلك في عام 1959م.

ص: 138


1- عبد اللّه الهاشمي، اية اللّه الشهيد السيد حسن الشيرازي، ص 217.
2- عبد الحسين شرف الدين، المراجعات، (بيروت: دار العلم، د. ت)، ص 8-9.
3- عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 176.

الثانية: ارسل وفدا من العلماء الى شيخ الأزهر عبد الحليم محمود لوضع ورقة عمل تمهيداً لسفره الى مصر على رأس وفد لاجراء جولات جديدة من المباحثات والمشاورات لوضع النقاط على الحروف للقاعدة الفكرية لوحدة إسلامية شاملة، غير أن الشيخ عبد الحليم محمود أعتذر عن ذلك كون ظروف مصر الداخلية لاتسمح بذلك(1).

6- جهوده في افريقيا: طلبت الجالية اللبنانية في ساحل العاج(2) من السيد حسن الشيرازي أن يقوم برحلة الى ذلك القطر، وتفقد أحوال المسلمين. والجدير بالذكر أن ساحل العاج يعد مركز دول افريقيا الغربية ويعبر عنه بباريس أفريقيا، وكان الشعب العاجي يعبد الاصنام، ثم انتقل الى الاسلام والمسيحية، ولايزال 40% من سكان ساحل العاج غير مسلمين، أما الشيعة هناك فيبلغ عددهم خمسة عشر ألفاً ويعد تجارهم الابرز في المال والثروة، سافر السيد حسن الشيرازي في رمضان 1394ه- / 1974م من بيروت الى ابيدجان عاصمة ساحل العاج، واستقبلته الشخصيات اللبنانية وممثل علماء ساحل العاج وحل ضيفاً على أحد اللبنانيين(3).

قام السيد حسن الشيرازي اثناء إقامته في ساحل العاج، بإلقاء المحاضرات الدينية التي حضرها المسلمون وغير المسلمين، وكان موقف شعب ساحل العاج من زيارته موقفاً جيداً، فكان موضع حفاوة وترحيب كبيرين، حتى أن الشرطة

ص: 139


1- عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 218.
2- ساحل العاج: بلد يقع في غرب قارة افريقيا على ساحل المحيط الاطلسي تحده غانا من الشرق، بوركينافاسو ومالي من الشمال، غينيا وليبريا من الغرب، المحيط الاطلسي من الجنوب، يتكون من 58 ولاية، مساحته 460،332كم2 مستعمرة فرنسية سابقة منذ 1842م نالت الأستقلال في 7/اب/1960م اكثر من 60% من سكانها مسلمون. بلا مؤلف، موسوعة القارات، الجغرافية التاريخية، أفريقيا، (بيروت: دار الراتب، 2008م)، ص 86.
3- عبد اللّه الهامشي، حضارة في رجل، ص 267-269. ينظر ملحق رقم (6).

تدخلت للمحافظة على سلامته لكثرة المصافحين له والمتحدثين معه، بعد ذلك زار الشيخ محمد كوبلي الزعيم الديني الإسلامي الأبرز في ساحل العاج، فقام بدعوة السيد حسن الشيرازي لزيارة رئيس البلاد، وعند لقائه بالرئيس طلب السيد حسن الشيرازي من الرئيس أن يتبرع بقطعة أرض لبناء مركز إسلامي كبير في البلاد فوافق الرئيس على ذلك على الرغم من كونه وثنياً أعتنق المسيحية حديثاً وقال جئتم متأخرين، الكاثوليك سبقوكم والبروتستانت سبقوكم الكل سبقوكم(1).

عين السيد حسن الشيرازي السيد رشيد الموسوي ممثلاً عنه وممثلاً للمرجعية الشيعية في ساحل العاج(2).

نشرت صحيفة الحياة البيروتية في عددها 9014 الصادر في 28/تشرين الاول /1974 تفاصيل الزيارة ولقاء السيد حسن الشيرازي بالرئيس العاجي(3) وبقية الزعماء في ساحل العاج(4).

رحلته إلى سيراليون(5): وجهت الجالية اللبنانية الساكنة في مدينة فريتاون

ص: 140


1- المصدر نفسه، ص 267-269.
2- عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 217؛ الشيخ حسين الشريفي، لقاء أجراه معه موقع الشيرازي نت بتاريخ: 14/2/2006م ؛ www.alshirazi.net.
3- كان الرئيسي العاجي الذي قابل السيد حسن الشيرازي هو فيلكس انوية بوانيه. عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 222.
4- الحياة «صحيفة»، «بيروت» العدد 9014، 1974م، نقلاً عن عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 222.
5- جمهورية سيراليون: تقع في غرب قارة افريقية على ساحل المحيط الاطلسي تحدها غينيا من الشمال وليبيريا من الجنوب الشرقي، اطلق عليها هذا الاسم البحار البرتغالي بيدرودي سنترا في 1460م ومعناه جبل الاسد، كانت مستعمرة بريطانية، استقلت عن بريطانيا في 27/4/1961م واصبحت جمهورية في 19/4/1971م وهي عضو في دول الكومن ويلث، عاصمتها فريتاون اسسها الانكليز 1787م، لغتها الرسمية الانكليزية، مساحتها 740،71 كم2 عدد سكانها 4،5 مليون. بلامؤلف: موسوعة القارات، ص 86.

الدعوة الى السيد حسن الشيرازي عام 1393 ه/1973 م فلبى دعوتهم وخلال اقامته في العاصمة فريتاون، إجتمع مع رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وتحدث معهم حول المسائل الدينية الإسلامية في أفريقيا وطلب منه رئيس الوزارء السيراليوني إعطاء بعض المنح الدراسية لشباب سيراليون فاعطاه السيد حسن الشيرازي ستة منح دراسية، التحقوا بمدرسة الامام المهدي الدينية في بيروت، كما التقى اثناء اقامته في فريتاون بوزير الزراعة السيد اليوني ورئيس رابطة الجمعيات الاسلامية وقد اجريت معه مقابلات إذاعية وتلفزيونية، وكان الحديث يدور فيها عن الإسلام وجوانبه المختلفة وأسس جمعية دينية باسم «الجمعية الثقافية الإسلامية» وقام ايضاً بتعيين السيد نعمة اللّه الهاشمي عالما دينياً وممثلاً للمرجعية الدينية وقام ايضاً بتوجيه السيد الهاشمي بتاسيس مدرسة دينية، وفعلاً قام السيد الهاشمي بتأسيس «المدرسة الزينبية الهاشمية» لتدريس الفقه الإسلامي والعلوم العربية وتدريس العلوم الدينية في المدارس الحكومية، والقاء المحاضرات الدينية في الإذاعة والتلفزيون، وإقامة الإحتفالات في المناسبات الدينية(1).

نشرت صحيفة الحياة في عددها 9134 الصادر في 28/كانون الثاني / 1974 تفاصيل الزيارة، وما نتج عنها من فوائد للجالية الاسلامية في سيراليون(2).

ينبغي أن نشير هنا ان تعيين ممثل للمرجعية الدينية في البلاد الافريقية لم يكن موجوداً في تلك الفترة، وكانت هذه المبادرة الاولى من نوعها في تعيين وكلاء وممثلين للمرجعية في هذه البلدان وبعد ذلك أنفتحت المرجعية وجعلت لها وكلاء وممثلين في مختلف الأرجاء إلا أن خطوة السيد حسن الشيرازي

ص: 141


1- عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 284-285.
2- نقلا عن عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 300.

كانت هي نقطة الأنطلاق.

7- مهرجان الامام علي (عليه السلام) : عقد في المدة من 1959 الى 1966 في كربلاء «المهرجان العالمي بمولد الامام بطل الاسلام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) » وكان برعاية السيد ميرزا مهدي الشيرازي في البداية وبعد وفاته أصبح برعاية ولديه السيد محمد الشيرازي والسيد حسن الشيرازي إلا أن دور السيد حسن الشيرازي كان هو الابرز(1)، تضمن في السنة الاولى 13/ رجب / 1378ه/ 1959م مايلي:1- خطيب الحفل للسنة الاولى الخطيب الشيخ احمد الوائلي. 2- القى كلمة الافتتاح السيد محمد صالح بحر العلوم 3- قصيدة للخطيب السيد مرتضى القزويني 4- كلمة الدكتور عبد الرزاق محيي الدين 5- كلمة الشيخ عبد العزيز البدري عن جماعة علماء بغداد 6- قصيدة للسيد محمد الحيدري 7- كلمة السيد فؤاد عارف متصرف لواء كربلاء. 8- كلمة السيد ميرزا مهدي الشيرازي 9- قصيدة للسيد محمد جمال الهاشمي. 10- كلمة السيد محسن الحكيم القاها السيد مهدي الحكيم. 11- كلمة الفريق الركن محمد نجيب الربيعي رئيس مجلس السيادة. 12- كلمة اهالي كربلاء القاها عبد الصالح آل طعمة سادن الروضة الحسينية(2).

وفي السنة الثانية 13/رجب / 1379ه/1/1 / 1960م حضر رئيس مجلس السيادة محمد نجيب الربيعي بنفسه والقى كلمة في الاحتفال وكان ترتيب الحفل كالاتي: 1) الأفتتاح ممثل الإذاعة قاسم نعمان السعدي. 2) كلمة الأفتتاح عبود الشوك متصرف لواء كربلاء. 3) كملة رئيس مجلس السيادة القاها بنفسه. 4) كلمة الزعيم عبد الكريم قاسم القاها بالنيابة عنه الدكتور فيصل

ص: 142


1- الشيخ محمد أمين الغفوري. لقاء أجراه معه موقع الشيرازي نت www.alshirazi.net.
2- لجنة الاحتفال، المهرجان الاحتفالي في كربلاء، (النجف الاشرف: المطبعة الحيدرية، 1960م)، ص 59-112.

السامر وزير الارشاد. 5) قصيدة للسيد محمد الحيدري. 6) كلمة وزير الدولة فؤاد عارف. 7) كلمة السيد ميرزا مهدي الشيرازي. 8) قصيدة للدكتور مصطفى جواد. 9) كلمة السيد محمد باقر الصدر، القاها المحامي صبري القنبر. 10) كلمة وفد علماء بغداد القاها الأستاذ رشيد العبيدي عميد كلية الشريعة. 11) قصيدة للسيد محمد جمال الهاشمي. 12) كلمة السيد حسن الشيرازي. 13) كلمة الختام القاها الزعيم عبد المجيد خضر نائب قائد الفرقة الاولى(1).

كان للسيد حسن الشيرازي الدور الكبير في ترتيب هذا الحفل ودعوة شخصيات أدبية عربية وإسلامية اليه مثل جورج جرداق وسليمان كتاني وروكس بن زائد العزيزي والدكتور مصطفى جواد والسيد مصطفى جمال الدين والسيد محمد جمال الدين الهاشمي(2).

انتهز السيد حسن الشيرازي إنعقاد المؤتمر بعد انقلاب 8 / شباط / 1963م، ووصول البعثيين الى السلطة، مهرجان الإمام علي (عليه السلام) فأسهم في توعية الجماهير وبث الروح الوطنية فيها، معلناً حرباً شعواء ضد حزب البعث في العراق، وسرعان ماتأزم الموقف بينه وبين السلطات بعد وصول البعثيين للسلطة مرة اخرى عام 1968م(3).

8- موقفه من الحركة الاسلامية الايرانية:

وقف السيد حسن الشيرازي موقفاً مسانداً للثورة الإسلامية في إيران مادياً ومعنوياً واعلامياً، وكان وصول السيد الخميني الى كربلاء المقدسة يوماً تاريخياً، حيث دعا السيد محمد الشيرازي الى استقباله وخرجت الجماهير الغفيرة من

ص: 143


1- لجنة الاحتفال، المهرجان الأحتفالي في كربلاء، (النجف الاشرف: المطبعة الحيدرية، 1960م)، ص 3-60.
2- سلمان هادي ال طعمة، الأسر العلمية، ج1، و93.
3- المصدر نفسه.

كربلاء المقدسة الى مدينة «المسيب» التي تبعد 6 كيلومترات، واستقبلت السيد الخميني، وعادت معه الى كربلاء، وكان السيد حسن الشيرازي على اتصال بالسيد الخميني ونجله السيد مصطفى الخميني، وكانت له لقاءات كثيرة بهما، ومنذ بداية الثورة حتى انتصارها ايد بقوة الشعب الإيراني، وندد كثيراً بالشاه محمد رضا بهلوي والجدير بالذكر ان وزير خارجية ايران انذاك اردشير زاهدي، عبر عن عدم ارتياحه لنشاطات السيد حسن الشيرازي قائلاً: «الخميني فجر الثورة في قم، والشيرازي اوصل صوته الى العالم من كربلاء»(1) وأصدر كتاباً بعنوان «كفاح العلماء الأعلام ضد الصهيونية والإستعمار في إيران» بين فيه موقف رجال الدين والحوزة العلمية في قم من سياسات الشاه الرامية الى ربط إيران بالدول الإستعمارية إقتصادياً وسياسياً، واعتبار إيران مركز متقدم للمعسكر الرأسمالي بوجه المعسكر الشيوعي، وكذلك علاقة الشاه محمد رضا بهلوي ب«الكيان الصهيوني» فوقفت الحوزة العلمية وعلمائها موقفاً صلباً من هذه السياسات مما دفع الشاه محمد رضا الى إستخدام القوة والعنف فقام بسجن واعدام العديد من رجال الدين بسبب مواقفهم من هذا النظام، في الوقت نفسه اخذت ثورة الشعب الايراني تتصاعد يوماً فيوماً، بوجه نظام الشاه(2).

أصدر أهل كربلاء برعايته المنشورات العديدة إلى مختلف جهات العالم تحت عنوان «ماذا يحدث في ايران» وبعثوه الى 38 ملكا ورئيس دولة او رئيس وزراء(3).

نشرت مجلة الأخلاق والآداب في عددها الخامس السنة الرابعة 1964 تحت

ص: 144


1- عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 374-383.
2- بلا مؤلف، كفاح العلماء الاعلام ضد الصهيونية والاستعمار، منابع الثقافة الاسلامية، مجلة، كربلاء، العدد 10، السنة الثالثة، 1963م، ص 8-15.
3- عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 374-383.

عنوان «اخبار تخصك» عن احداث المدرسة الفيضية في قم وماجرى فيها من أحداث، وكيف تم اقتحام المدرسة، ودور الشاه محمد رضا بهلوي في ذلك العمل(1).

قدم بالتعاون مع علماء كربلاء المقدسة: وتحت عنوان «علماء كربلاء المقدسة» رسالة الى الرئيس العراقي انذاك عبد السلام عارف، ليطلب من الشاه الايراني اطلاق سراح العلماء المعتقلين وبالاخص السيد الخميني(2).

عمل السيد حسن الشيرازي بعد هجرته الى لبنان من أجل قضية الشعب الإيراني، وبعد تأسيسه جماعة العلماء، عقدت هذه الجماعة اجتماعاً برئاسته، تدارست فيه أوضاع الشعب الإيراني، ووجهت رسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة(3) بتاريخ 7/12/1978 عبروا فيها عن استيائهم من مظاهر القمع التي يمارسها شاه ايران محمد رضا بهلوي، بوجه الحركة الإسلامية، وطلبت منه الوقوف مع شعب إيران وقضيته ومساعدته لتحقيق أهدافه المشروعة(4).

أرسلت جماعة العلماء رسالة مفتوحة إلى شاه إيران محمد رضا بهلوي بتاريخ 10/1/1979 تضمنت:

1- إن أتباع الشعب لمراجعه أمر ديني لايمكن التخلي عنه وقد منحه دستور 1906 وقد عبر المراجع عن رأيهم تجاهك.

2- إن السلطة الدينية هي مركز القوة في إيران وأن السلطة الزمنية لايكتب لها النجاح والأستمرار إلا بمقدار قربها من السلطة الدينية، التي أصطدم بها عرشك،

ص: 145


1- بلامؤلف، اخبار تخصك، الاخلاق والاداب، مجلة، كربلاء، العدد5، السنة الرابعة، 1964، ص 116-119.
2- عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 402-403.
3- كان الامين العام للامم المتحدة وقتئذٍ الدكتور فورت فالدهايم.
4- عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 425-426.

وأبعد عنك فرص النجاح.

3- إن المظاهرات والاضطرابات والاعتصامات التي مارسها الشعب هي اقوى استفتاء حتى الآن يمكن إجراءه لمعرفة رأي الشعب.

4- إن أزمة الثقة التي بين أسرتك والشعب عبر تجارب نصف قرن أمر لا يمكن علاجه اليوم باي شكل من الإشكال، وان عهدك لا يملك مقومات البقاء.

5- إن الجيش الذي عطل مليون طاقة من خيرة أبناء إيران، واستهلك المليارات وان تورطه في قتل الشعب أمر لن يتحمله الجيش ذاته.

6- أن السلاح الذي توجهه إلى الشعب لا يصلح أن يكون عرشاً تجلس عليه.

7- إن الدماء التي تجري لأجل بقاء عرشك لأبنائك سيصبح سبة لهم حتى ينكروا بأنهم منك.

8- إن أحداث العام الماضي جديرة أن تقنعك بان ليس أمام إيران سوى خيارين الأول:استقالتك، والثاني: إبادة أكثرية الشعب.

9- ان اليمين التي اديتها بتسلمك العرش بالدفاع عن الشيعة والتشيع في العالم، فان بقائك في السلطة يعرض الشيعة والتشيع في العالم للخطر.

10- ان منطق الأحداث يدل على ان استمرارية العهد من خلال صيغ الوصاية والإستخلاف والسفر المؤقت ومنح الصلاحيات الواسعة للجنرالات مناورات بعد فوات الأوان.

لذا عليك تسليم السلطة الى مراجع الدين وعلى رأسهم السيد الخميني الذي كسب ثقة الشعب وولائه(1).

ص: 146


1- عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 240-242.

المبحث الثاني: جهوده في الاصلاح الاقتصادي

اشارة

بيّن السيد حسن الشيرازي أن الإسلام فكرة واحدة عن الكون والحياة والإنسان، فهو يتحدث عن علاقة الكون والحياة بالانسان وعلاقة الانسان بالكون والحياة، وعن علاقة المجتمع بالفرد، وعلاقة الفرد بالمجتمع وعلاقة المجتمع بالمجتمع وعلاقة الفرد بالفرد ثم علاقة المجتمع والفرد مع اللّه، فيعطي كل واحد من هذه المواضيع حقه من الدراسة والتحقيق ويستنتج من ذلك، ثم يقرر أحكامه عليها بكل دقة وإتقان، وبذلك تميز الدين الإسلامي عن الأديان الأخرى والمبادئ والدساتير التي تعتني بجانب وتهمل جوانب، ومتى كان الدين هكذا فمن الصعب جداً إنتزاع إقتصادياته من غيره، فما يتحراه الباحث الا وتزدحم عليه الافكار وكلها من صميم الموضوع، وما يجد حيلة الا ان يفكر طويلاً ليلتقط الأقرب فالأقرب(1).

حاول السيد حسن الشيرازي أن ينظر إلى الإسلام ونظريته الإقتصادية من الزاوية المادية، لينسجم مع الاقتصادين الرأسمالي والشيوعي الماديين حين المقارنة، وأخّر الجوانب المعنوية والروحية لان الاقتصاديين الشيوعيين والرأسماليين لايؤمنون بها، وأقتصاديات الإسلام تدور حول فكرة واحدة هي تكوين مجتمع متقارب الطبقات، يعنى بتامين المصالح العامة، الغاء الفقر والمرض، ولايفقر الغني بل يغني الفقير، واقتصاديات الاسلام فكرة غير

ص: 147


1- حسن الشيرازي، الإقتصاد، ط2، (بيروت: مؤسسة الوفاء، 1980م)، ص 27.

الاشتراكية والرأسمالية أوغيرها تماماً سبقتها الاشتراكية ففشلت وتاخرت عنها الراسمالية فسقطت، وهذا الدستور هو النظام الوسط يكون حجة على الناس ومهيمنا على النظامين، يكتشف ما فيها من مروق وجمود(1).

وضح السيد حسن الشيرازي «طبيعة المال» طبيعة الثروة أن تكدس في جانب وتنحسر عن جانب، تبعاً لإختلاف الأعمال والأفكار والأساليب فحيثما تكدست الثروة الفائضة، لابد أن تبحث عن مسارب ومصارف فتأخذ طريقها الى شهوات الفرد، واحلامه الفاجرة، عند ذلك ينفلت التوازن عن المجتمع ولاتستطيع أن تغّيره السلطة والنظام ويوزع الى حلقات المترفين الجشعين والطفيلين وقافلة الرقيق والنخاسين وموكب الأبطال الذين يكيدون لهؤلاء جميعاً، ثم يأتي بعد ذلك، دور السرقات والفقر والجهل والمرض والأوبئة المتطايرة في كل مكان، ثم الثورات، فهذه مشكلة عالمية يجب معالجتها من المسؤولين(2).

تتركز الفلسفة الرأسمالية(3) الديمقراطية العامة، على الإيمان بالفرد ومصالحه الخاصة، وتعتقد أن توفير مصالح الأفراد، خير ضمان لتعديل المجتمع وحمايته بصورة طبيعية، فالمجتمع ليس إلا الفكرة العامة عن الأفراد وتأمين مصالح الأفراد تكون مصلحة للمجتمع، أما الدولة فهي عميلة المواطنين وحاميتهم ونائبتهم في القيام بخدماتهم العامة، هذا هو الخط العريض للنظام الرأسمالي، يبدأ من الأيمان بعصمة الفرد وحاجاته، وينتهي بإعلان الحريات

ص: 148


1- المصدر نفسه، ص 28.
2- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 28-29.
3- للمزيد ينظر، محمد باقر الصدر: فلسفتنا، (قم: مركز الدراسات التخصصية للشهيد الصدر، 1995م)، ص 22-30؛ جون كينيث جالبريت، تاريخ الفكر الاقتصادي، (بيروت: د.م، 1978م).

الثلاث، السياسية، الإقتصادية، الفكرية(1).

ومن استعراض النظام الاقتصادي لدى الرأسماليين يلاحظ ان النظام الإقتصادي لديهم مجموعة مباحث:

1- حاجات الإنسان.

2- وسائل إشباعها.

3- كيفية توزيع وسائل الإشباع(2).

بيّن السيد حسن الشيرازي حاجات الإنسان وقسمها الى أ) محسوسة: كالطعام والسكن. ب) غير محسوسة: الحاجة الى النظام والخدمات وتنقسم الى تقسيم آخر: 1- الحاجات الضرورية. 2- الحاجات الكمالية، وهذه الحاجات تنمو وتتضاعف ولايمكن اشباعها اشباعاً كلياً، حتى لو وفرنا خيرات العالم لفرد واحد، وبما أن هذا النظام مادي ديمقراطي، فهو يرى أن لكل فرد الحق في إشباع حاجاته باقصى ما يمكنه من السيطرة على وسائل الإشباع وبأي إسلوب(3).

تحدث السيد حسن الشيرازي عن وسائل الإشباع في الاقتصاد الرأسمالي وهي «السلع» و«الخدمات» فالسلع وسائل إشباع الحاجات الضرورية والخدمات وسائل إشباع الحاجات الكمالية والذي يجعل السلع والخدمات صالحة للاشباع في الفكر الرأسمالي هي «المنفعة» اذا توفرت في شيء جعلته صالحاً للإشباع، فالشيء النافع إقتصادياً كل مايرغب فيه، سواءً أكان مضراً ام نافعاً لدى الرأي العام وفي نظر الدين والأخلاق، فإنه يعد نافعاً مادام هنالك راغب يدفع إزائه الثمن، مثل الخمر، والزنا، فهي لاتختلف عندهم عن المستشفيات(4).

ص: 149


1- حسن الشيرازي، الإقتصاد، ص 33.
2- المصدر نفسه، ص 34.
3- حسن الشيرازي، الاقتصاد، 35.
4- المصدر نفسه، ص 36.

وضح السيد حسن الشيرازي «مشكلة الندرة» إذ أن الندرة النسبية للسلع والخدمات بالنسبة إلى حاجات الانسان قائمة، مادامت السلع والخدمات لا تشبع حاجات الجميع فالنتيجة الحتمية لها: أن تشبع حاجات الاغنياء بأكبر قدرٍ ممكنٍ من وسائل الإشباع بينما تبقى حاجات الفقراء معطلة يعوزها حتى الخبز، واذا كانت وسائل الاشباع أقل من الحاجات فمن الطبيعي أن يكثر الطلب ويقل العرض، فترتفع الأسعار، وتقصر عنها الأيدي الفقيرة(1).

وضح السيد حسن الشيرازي الغاية من «إطلاق التجارة» في الفكر الرأسمالي، فان توفر السلع والخدمات لا يكون الا بإطلاق التجارة الحرة في الأسواق العالمية في شتى مجالات الاقتصاد، وذلك أن المصلحة العامة الفردية اقوى حافز للتفكير والعمل من أجل تضخيم الانتاج وتحسينه مع تخفيف المصارف والنفقات، فيكون في اطلاق التجارة الحرة علاج لكل من 1- مشكلة الندرة النسبية للسلع والخدمات 2- مشكلة الايدي العاطلة والفقر. 3- مشكلة الطاقات المعطلة(2).

بين السيد حسن الشيرازي آلية «تحسين الموارد» في الإقتصاد الرأسمالي وأن التنافس التجاري كفيل بتحسين الإنتاج فكل شركة أو فرد يسعى في تحسين بضائعه، ليجلب رغبة المستهلكين فيصرفها بإغلى ثمن وكذلك يتم توفير الإنتاج وتحسينه(3).

ناقش كذلك «ميكانيكية الثمن» يقرر المستهلكون بالاقتصاد الرأسمالي، كمية الانتاج ونوع الانتاج، ويفرضون على المنتجين تعديل نشاطهم وفق رغبات

ص: 150


1- المصدر نفسه، ص 36-37.
2- حسن الشيرازي، الاقتصاد، 37-38.
3- المصدر نفسه، ص 39.

المستهلكين، وهذه العمليات تنفذ على اثر انجازات جهاز الثمن(1).

تحدد الاسعار في الاقتصاد الرأسمالي(2) وفق آليات العرض والطلب فكلما أزداد العرض قل الثمن والعكس بالعكس، وقلة العرض وكثرة الطلب للمادة الاستهلاكية، تدعوان الى ارتفاع السعر ليبلغ مستواه الطبيعي العادل بالنسبة الى الحاح الحاجة التي تشبعها هذه البضاعة، أما بالنسبة لتوزيع البضائع، بما أن المنتوجات العامة لاتسع لاشباع الحاجات العامة، كان الثمن معدل المجهودات، فهو في الحقيقة يستبدل مجهوداته بمجهودات غيره وبمقتضى هذا النظام لايستطيع أن يستهلك أكثر مما ينتج(3).

تحدث السيد حسن الشيرازي عن تحديد الأجور في النظام الرأسمالي ووضح ان الثمن هو القاعدة التي يتواضع المنتجون الفرديون او الشركات عليها مع العمال، بما يضمن لهم اشباع حاجاتهم، فالعامل لايقوم بعمل الا اذا كان يتكفل باشباع حاجاته الاساسية في الحد الادنى، فلا بد ان يستجيب للسعر الموضوع للعامل بما يعادل مهاراته، لان وجود منافسين اخرين في السوق قد يجذبون هذا العامل الذي أعطي أقل من أجره(4).

بين السيد حسن الشيرازي فشل الرأسمالية من خلال أن مهمة النظام الأقتصادي سواءً أكان راسمالياً او اشتراكياً أو أسلامياً، هي الغاء الفقر عن المجتمع لا زيادة الانتاج، ولا توفير ثروة البلاد فانها تخص علم الاقتصاد! أما النظام الأقتصادي فهدفه الوحيد إشباع حاجات الافراد فرداً.. فرداً! فهو متخصص

ص: 151


1- المصدر نفسه، ص 40.
2- للمزيد ينظر، محمد باقر الصدر، اقتصادنا، (قم: مركز الدراسات التخصصية للشهيد الصدر، 1995م)، ص 292-318.
3- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 41.
4- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 42.

بمكافحة فقر الافراد لافقر البلاد، والقضاء على الفقر، هو مقياس النجاح في النظام الإقتصادي، وبقاء الفقر او استفحاله في المجتمع، أكبر دليل على فشل ذلك النظام الاقتصادي السائد، لكن النظام الرأسمالي لايهمه فقر الافراد ومايصيبهم بعد ذلك، وإنما يختصر جهوده لمحاربة فقر البلاد والمجموع، أما الفرد فالنظام غير مسؤول عنه مادامت ثروة البلاد مكفولة والانتاج متوافراً(1).

والنظام الاقتصادي بنظر الرأسماليين ليس لإشباع حاجات الأفراد بل لايجاد أكبر قدر ممكن من الانتاج، واشباع حاجات المجموع جملةً!! اما الأفراد فلهم حرية التملك والاكتساب وعليهم أن يستفيدوا من هذه الحرية وينالوا من وسائل الاشباع كل حسب مايملك من عناصر الانتاج وبعد ذلك سواءٌ لدى الرأسمالي ان حصل الأشباع لجميع الأفراد أو لبعضهم دون بعض(2).

وضح السيد حسن الشيرازي «عجز الرأسمالية» لأن الفلسفة الرأسمالية تتلخص في تمويل البلاد بالثروات الطائلة، فانها طاقة خلاقة يجب حمايتها، والأنتاج لابد منه للترفيه عن المجموع... أما توزيع الإنتاج على الأفراد، فعلى الشعب أن يقوموا بذلك فماذا فعل النظام الاقتصادي الرأسمالي إذن؟ إن المشكلة الاقتصادية هي توزيع الإنتاج على الافراد، لاغير ذلك، والنظام الأقتصادي الرأسمالي لايعالجها إذن فهو فاشل(3).

ناقش السيد حسن الشيرازي «سيئات الرأسمالية» وأن الناس كانوا يأملون أن يربحوا من النظام الاقتصادي الرأسمالي، إلغاء الفقر وتكوين مجتمع متقارب الطبقات، ولكنهم صدموا عندما طبقوا النظام الرأسمالي ودفعوا افدح الاثمان، وقد تجلت مساوئ النظام الرسمالي من خلال انقسام المجتمع الرأسمالي الى

ص: 152


1- المصدر نفسه، ص 43.
2- المصدر نفسه، ص 44-45.
3- حسن الشيرازي، الإقتصاد، ص 45.

قسمين:

1- الاقلية المتربعة على قمة الثراء المزودة باوسع الحريات والضمانات القانونية، والتي تمتلك مصير الملايين وتستخدم حتى السلطة الحاكمة.

2- الأكثرية السحيقة المنهارة في اعماق الفقر المدقع، والحطام البشري المنتشر في الطرقات(1).

نتج عن تكوين الطبقات ليس الضرر على الفقراء فحسب، وانما يسبب المشاكل للفقراء والاغنياء على حد سواء، فقد جاء في الاحصاءات العالمية أن 90% من حوادث الإجرام والإغتيال مصدرها الفقر، وهذه الجرائم والاغتيالات تتوجه نحو الاغنياء! كما أن الفقراء يقتفون المبادئ الهدامة لمطاردة الفقر(2).

حاربت الفلسفة الرأسمالية الأديان، لان الأقتصاد الرأسمالي لاينسجم مع فكرة الاديان! فالاقتصاد الرأسمالي يعمل لتوفير الأنتاج، من أي سبيلٍ كان، والأديان لاترضى بالظلم والرشوة والربا والأحتكار وسائر الموارد المحرمة، ولنفس الغرض حاربت الرأسمالية الفضيلة لأنها تقدر الأمور بمنافعها المادية، فمن الطبيعي سحق القيم المعنوية، والفضائل الخلقية، وكبت البواعث الفكرية والنزعات النبيلة(3).

رجل الاقتصاد الرأسمالي لايحاول تنظيم المجتمع كما يجب ان يكون وانما تهمه المنافع والمصالح!! فهو لايتكفل الفقراء تلبية ً للبواعث الدينية أو العاطفية، انما يعيلهم مخافة ان يسرقوه او يقتلوه، أما إذا آمن مكرهم فالتفكير الرأسمالي يذهب الى تجويعهم وهذا يؤدي الى انهيار المجتمع(4).

ص: 153


1- المصدر نفسه، ص 46-47.
2- المصدر نفسه، ص 50-51.
3- المصدر نفسه، ص 51-52.
4- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 55.

اكتشف الفكر الرأسمالي ان العمال المنتجين لايستطيعون ان يستهلكوا بمقدار ماينتجون لضآلة اجورهم... والسادة المتخومون لن يستطيعوا ان يستهلكوا هذا الانتاج مهما حرصوا، وشدة الانتاج وتدفقها، جعلت المنتجات الفائضة اكثر من الاستهلاك، فلا بد لاصحاب المعامل ان يبحثوا عن اسواق متعطشة لبضائعهم، ففكروا في اسواق ٍ جديدة فوجدوا دويلات لاتملك المقاومة، من هنا انطلقت الدول الكبرى، تستعمر ما تستطيع من الدول الصغار لتصرف فيها بضائعها، وتفرضها على الشعوب، وتلا ذلك تطاحن الدول الكبرى حول استعمار البلدان الضعيفة وهذا ما لا ينتهي الا بالحروب(1).

تطرق السيد حسن الشيرازي الى أخطاء الرأسمالية، وعد مصدر الأخطاء فيها ان الاقتصاديين الراسماليين لايؤدون مسؤولية النظام الاقتصادي وانما يؤدون مسؤولية علم الاقتصاد، بالإضافة إلى أن النظام الرأسمالي بتركيبته يعد كل سلعة او خدمة يبذل إزاءها ثمن نافعة، وهذا غير صحيح بل أن الخمر والقمار ولحم الخنزير والربا مما يضر بالمجتمع فلا يصح إعتبارها نافعة، حتى أن الحكومة الأمريكية حاولت فرض قانون منع الخمر وانفقت ما لايقل عن 250 مليون دولار بسبب المضار الاجتماعية والصحية للخمر، لكنها أضطرت الى سحب القانون في سنة 1933م لأن الفكرة المادية السائدة في ذهنية الشعوب تحول دون ذلك(2).

قدست الفلسفة الرأسمالية حاجات الانسان سواءً أكانت ضرورية أم كمالية، وتقرير الحق لكل فرد في اشباعها اشباعاً كاملاً، غير صحيح، فالمشكلة التي يعالجها النظام الاقتصادي ليست هي اشباع مطلق الحاجات، وإنما المشكلة

ص: 154


1- المصدر نفسه، ص 56.
2- المصدر نفسه، ص 60-61.

الأساسية التي يجب معالجتها فوراً وقبل كل شيء هي إشباع جميع الحاجات الضرورية لجميع الأفراد اشباعاً كلياً، فأذا تم ذلك - يأتي دور التفكير في قسم الحاجات الكمالية - ولو أطلقنا حق اشباع الحاجات الكمالية كلها لبقيت الحاجات الضرورية لاكثر الناس معطلة كما هي الان(1).

اعتمد النظام الرأسمالي في قضية إشباع الحاجات على إطلاق التجارة والتنافس الحر وهذان الأمران لايحققان الإشباع الا بعد القيام باجرائين رئيسين:

1- تحديد الحاجات ب«الحاجات الضرورية لجميع الافراد في الدرجة الاولى وفي الدرجة الثانية، المساعدة على اشباع قسم معين من الحاجات الكمالية».

2- تحديد وسائل اشباع الحاجات ب«مايشبع الحاجات الضرورية او ذلك القسم المعين من الحاجات الكمالية والمنع الحاسم الفكري والجزائي من انتاج غير هذه الوسائل»(2).

ادعى الراسماليون ان الحاجات المتجددة تتضاعف وترتقي مع المدينة والحضارة، والمنافع الشخصية لاتتكفل أشباعها اشباعاً كلياً وليس هذا اساس المشكلة الاقتصادية والحاجات التي تكون محتمة الاشباع، هي الحاجات الضرورية المحدودة التي لاتنمو ولاتتزايد والأموال والجهود الموجودة في العالم تكفي لاشباعها اشباعا تاماً، أما المشكلة الاقتصادية فهي كيفية توزيع الاموال والجهود على الحاجات(3).

حدد الفكر الرأسمالي الحاجات المادية فقط، وهذا خطأ كبير، فان أشد الحاجات الحاحاً على الإنسان هي الحاجات المعنوية، فإن حاجة الفرد الى

ص: 155


1- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 62.
2- المصدر نفسه.
3- المصدر نفسه، ص 63.

الدين والحرية والثقافة والتقدير، حاجات أستكمالية تسلح الفرد لمكافحة الكوارث ومقاومة العقبات ولولا اشباعها انقلبت حياة الانسان الى جحيم(1).

قرر النظام الرأسمالي أن إطلاق التجارة والتنافس الحر يقضيان على البطالة، غير أن الفكرة المادية هي التي جاءت بالآلة وأستعملت النساء والاطفال بثمن بخس، فاستغنى اصحاب المعامل عن العمال(2).

اكد النظام الرأسمالي ان استخدام الخامات وتحويلها الى بضائع نافعة، لايكون الا باطلاق التجارة الحرة وذلك ان صدق في بعض الاحيان، الا أنه لايصدق في أكثر الاحيان، إذ أن أستخراج النفط من الأراضي العربية، يصب في مصلحة الدول الاوربية بعد تحويله الى مشتقاته بينما الفوائد التي تجنيها الدول المنتجة له فهي ضئيلة بالنسبة الى سعر النفط(3).

يقول الاقتصاديون الرأسماليون: إن الثمن هو الدافع الوحيد نحو الأنتاج، لأن الحافز على بذل أي مجهود، إنما هو الحصول على ثمنه أو بدله المعادل بالثمن، فالثمن هو الهدف من الأنتاج، وهذا الكلام ينم عن ضيق أفق الرأسمالية، أم أنهم لم يسمعوا بناس يصلون ويصومون ويحجون ويزكون ويخصصون انتاجهم للجهات الخيرية فقط من دون ان يطعموا بأي جزاء مادي، أو أعمال الرجال العظماء الذين بذلوا فوق المستحيل من الجهود(4).

نص النظام الإقتصادي الرأسمالي على أن الثمن هو المنظم لتوزيع الأعمال على الافراد، فأن القانون المقرر من لايعمل لا يأكل يحفزّ كل فرد على العمل ليحصل على الثمن، فيجعل بازائه ما يأكل وهكذا توزع الأعمال على الأفراد كل

ص: 156


1- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 63-64.
2- المصدر نفسه، ص 64.
3- المصدر نفسه، ص 65.
4- المصدر نفسه، ص 66.

بحسب طاقته الأنتاجية، وهذه الفلسفة مثالية اكثر مما هي واقعية، لأنها بالفعل لم توزع الأعمال كما كان يحلم به القادة المبدئيون(1).

تقرر الرأسمالية أن لا يستحق الحياة الاّ من كان قادراً على الأنتاج، فمن خلق ضعيفاً او أزاحتهُ الظروف المعاكسة عن العمل فليس له ان ينال من ثروة البلاد ما يطرد عنه الموت، حتى أن تقريراً رسمياً صادراً من دائرة الوفيات البريطانية، ذكر تسجيل خمس حالات من الموت جوعاً في لندن وذلك في الأسبوع المنتهي في 26/شباط/1864م وذكرت جريدة التايمز اللندنية في اليوم نفسه، حالة مماثلة إضافية(2).

يقدر الرأسماليون الثمن بمعدل المجهودات التي يقدمها الأفراد الى الأفراد، وهذا غير صحيح لأننا نرى اليوم أن الناس يبيعون الخامات التي لم يعملوا على تحسينها، بل الثمن قد يكون معدل الجهود وحدها(3).

تنطلق الرأسمالية في مسألة تحديد الأسعار من مبدأ التنافس الحر وأنه يضمن تعديل الإسعار، ولكن ماذا لو لم تجد الشركة لها منافساً ثم ماذا لو اتفقت الشركات على سعرٍ جائر، ثم لو كانت بعض الشركات مرتبطة بالنظام السياسي الذي لديه مستعمرات وهذه الشركة هي المورد لهذه السلعة، هذا بالنسبة للسلع، أما الخدمات فليس هناك تسعيرة محددة لمعاينة الطبيب أو أجرة العملية الجراحية، متخذين من كثرة المرضى وثقة الناس بهذا الطبيب أو ذاك، معياراً وهذا لايجعل مجالاً للتنافس، وسار على نفس الخط، المحامون والمهندسون والكتاب والمعلمون، وغيرهم من مقدمي الخدمات بطريقة التنافس الحر، فهل

ص: 157


1- حسن الشيرازي، الإقتصاد، ص 66-67.
2- المصدر نفسه.
3- المصدر نفسه، ص 68.

بعد الذي يتقدم، يكون لقاعدة التنافس الحر دور في ظل هكذا ظروف(1).

عجز جهاز الثمن في الاقتصاد الرأسمالي عن توفير اجور العمال والمستخدمين، فبعد ما تمخض العلم عن ميلاد الآلة، استغنت الشركات عن قسم كبير من العمال، فرضي العامل بالاجر الزهيد لانه خير من البطالة، وبعد دخول الالة جعلت القوى العضلية عديم الجدوى، فاستخدمت النساء والاطفال لتشغيل الالة بدل العمال الاشداء(2).

استمر الصراع بين العامل والآلة فترة ثم أنتصرت الآلة، وهذا لايعني ان الآلة مرفوضة ولكن يعني إنكار سوء استغلال رأس المال للآلة(3).

أصيب العمال من الجنسين على اثر ارهاق العمل وضآلة الاجور بأزمات أقتصادية وصحية، غير أن ضحايا الاطفال كانت أكثر، ففي الحالة الأعتيادية لاتقع الا 9000 حالة وفاة من اصل 100000 طفل، أرتفعت النسبة الى 26000 في «وينبش» و26125 في مانشستر وقد أثارت هذه النسبة هيجان في المجتمع البريطاني فلجأت الحكومة الى تحديد عمل الاولاد قبل 13 سنة، بستة ساعات فقط، غير أن الراسماليين لم يعدموا التلاعب بهذا التشريع وعدم تنفيذه وذلك في نهايات القرن التاسع عشر(4).

كان النظام الرأسمالي الديمقراطي يحافظ بالقسوة والعنف على حرية التجارة المطلقة، التي تمخضت عن تلك المظالم والمآسي النابية، ولم تستطع السلطات ان تضع حداً لهذه الجرائم بتحديد حرية الأقتصاد وقد قامت الصحافة بتأجيج الشارع ضد هذه المظاهر، فحدثت انتفاضات متلاحقة وضربت الأمن والتجار

ص: 158


1- المصدر نفسه، ص 69.
2- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 70.
3- المصدر نفسه، ص 73.
4- المصدر نفسه، ص 76.

معاً، فكانت تتلقى المقاومة من السلطات والتجار معاً(1).

أدى انفجار بركان الحرب الذي هز العالم، الى تناسي العمال مطاليبهم ورفع التجار الأجور قليلاً ورفعوا الأسعار أضعافاً، وانشغلت الحكومات بالحرب العالمية الأولى والثانية(2).

أهدرت الرأسمالية حقوق العمال وتضاعفت حقوقها، وكان لابد من حدوث انفجارات، فتلاحقت الضربات القاسية على الرأسماليين بعد قيام الشيوعية في روسيا، وكذلك الفاشية والنازية في إيطاليا وألمانيا هذه الإنفجارات حاسبت الرأسمالية، وألقت شعاعاً من الضوء على جرائمها، فاضطرت الى اجراء التعديلات ومنها: 1- رفع أجور العمال والتقليل من ساعات العمل وأعفاء الأطفال والنساء من بعض الأعمال الصعبة. 2- تشكيل النقابات للعمال واعتبارها ممثلة لهم، واعترفوا ببعض التدابير التي تساعد العمال على الحصول على حقوقهم، 3- فوضوا الحكومة صلاحية التحكيم بين الرأسمالية والعمال. 4- فرضوا القيود على الاستثمار الفردي حتى لايعود مضراً بالمصلحة العامة. 5- تسلمت الحكومة بعض الخدمات العامة كالبريد والتلغراف وانشاء الشوارع والكهرباء. 6-وفرت للعامل امكانية الأشتراك مع أصحاب الشركات بتقسيم الشركة الى أسهم بسيطة(3).

برزت في النظام الرأسمالي مشكلة تامين العجزة والعاطلين، فلا الدولة ولا المجتمع ولا الطبقة المالكة مسؤولة عن ملايين العجزة والعاطلين عن العمل، ونظام التامين كان شكلياً اكثر منه عملياً(4).

ص: 159


1- المصدر نفسه، ص 93.
2- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 94.
3- المصدر نفسه، ص 95-96.
4- المصدر نفسه، ص 97.

يرفع الرأسماليون الأسعار حينما يشاؤون الى أرقامٍ خيالية، ويحدثون القحط المصطنع بخططٍ مرسومةٍ، من المساومات السرية والمغامرات التجارية التي تلعب بالتجارة وتوظفها لصالحهم(1).

يزعم قادة الشيوعية(2) ان الانسان بفطرته ليس مجبولاً على الإستئثار والإستغلال، وانما البيئة هي التي تطبعه بطوابعها وتوحي اليه بكل ذلك!! ومن الممكن تجريده من الميول الشريرة والعقلية الفردية، حتى يلبي نداء العقلية الجماعية، والمدنية المركزة في الإنسان، وعندما يحقق ذلك ينتهي بصورة تلقائية الصراع القائم بين الانسان والانسان، كنتيجة طبيعية لتسابقها على المنافع الشخصية ويعود الأنسان ملاكاً طهوراً مجرداً من حب الذات والظهور والأستغلال والأستعلاء، وينصهر في بوتقة المجتمع، حتى يتسم بنكران الذات نكراناً تاماً فلا يكاد يشعر بكيانه ومصالحه الفردية، وإنما ينصب تجاه الأجتماع ومصالحه فهو أبداً يعمل للاجتماع، ولا يتذكر نفسه الا عندما تلح عليه الحاجة فيتناول من البضائع مايشبعها دون ادنى ترف، عندئذ يخرج الانسان من مملكة الحيوان الى دولة الانسان، وتنطبق عليه الصيغة الشيوعية «من كلٍ حسب مقدرته، ولكل حسب حاجته» ولاتقع معارك تحتاج الى محاكم لحلها، فالصراع ابداً يكون على المصالح الفردية المتزاحمة وفي المجتمع الشيوعي لا مصالح فردية، وبعد ذلك تنتفي الحاجة الى الدولة!!! هناك يعود الانسان الى حالته الطبيعية ويلغي الحدود المفتعلة، كما كان اول يوم وضع قدميه على الأرض(3).

ص: 160


1- المصدر نفسه، ص 97-98.
2- للمزيد عن الشيوعية ينظر: محمد محمد صادق الصدر، موسوعة الامام المهدي (عجل اللّه تعالی فرجه الشريف) ، اليوم الموعود، «قم: دار الهدى، 1996م»، ص 103-175؛ هنري لوفافر، هذه هي الماركسية، ترجمة: محمد عيناتي، (بيروت: الدار العربية، 1958م)، ص 146-178.
3- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 105-106.

تلك هي فلسفة الشيوعية الاساسية، التي انفصلت منها القوانين والبرامج وتتلخص هذه الفلسفة في الصيغتين التاليتين:

1- فطرة الإنسان ليست مختصرة بحب الذات أو الاستغلال والأستعباد وانما هي فطرة جماعية لا فردية، وإنما تطبعها البيئة بطوابع يمكن تجريدها منها وإعادتها الى ما كانت عليه أول يوم(1).

2- إن المراحل التي مرت بها البشرية عبر التاريخ هي: 1) الشيوعية الاولى.2- الرق. 3)الاقطاع. 4) الرأسمالية. 5) الشيوعية الثانية.

يسنتتج الشيوعيون من ذلك كله، انه لابد من إعادة الشيوعية الاولى لإسعاد البشرية وازدهارها ولابد لذلك من

1) إستيلاء طبقة العمال المتمثلة بالحزب الشيوعي على الحكم بالقوة والعنف.

2) القضاء على رأس المال والربح الناتج منه.

3) القضاء على كل مايعزز كيان الفرد، وذلك بنزع الملكية الفردية وبعثرة العائلة.

4) تأميم وسائل الأنتاج بمصادرة الثروات وجعلها ملكاً للجميع.

5) القضاء على الطبقات، وعلى طبقة العمال ذاتها بصفتها طبقة.

6) تجريد المجتمع من الدين والأخلاق، وكل مايعرقل سير الشيوعية من القوانين السائدة في البلاد.

7) إجبار الأفراد على العمل حسب طاقاتهم.

8) توزيع البضائع حسب حاجات الأفراد.

9) القضاء على الدولة(2).

ص: 161


1- المصدر نفسه، ص 106.
2- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 106-107.

تأتي في مقدمة قيام العهد الشيوعي، هو أستيلاء البروليتارية «الطبقة العاملة» على الحكم بالقوة والعنف(1).

تقوم البروليتاريا بعد ان تقبض على زمام الحكم بعملية القضاء على راس المال، والربح الناتج منه، وتستغل سيادتها السياسة لأجل أنتزاع رأس المال من البرجوازية «طبقة الملاكين» وتركز جميع وسائل الانتاج في ايدي الدولة(2).

يتلو ذلك كله حملة عاصفة، للقضاء على الملكية الفردية بصورة واسعة، فان من يملك ملكية معينة باستطاعته ان يستغني عن الدولة ولو مدة بسيطة، فيتمرد على مقدساتها، وذلك ما تخشاه الحكومة الشيوعية(3).

نادت الشيوعية ببعثرة العائلة واشاعة النساء، وذلك جزءً لايتجزأ من الفكر الشيوعي، فالمجتمع الشيوعي كما يقول لينين(4): انما هو شيوعي في كل شيء، والعائلة تعرقل طريق الأقتصاد الشيوعي في الصميم!! والولاء للأسرة يعوق الشيوعي عن القيام بواجباته العامة والخاصة، كما صرح بذلك احد زعماء(5) الشيوعية سنة 1930م «مادمنا ننكر الأديان فإننا لانستطيع أن نأخذ بالآراء القائلة

ص: 162


1- المصدر نفسه، ص 107.
2- المصدر نفسه، ص 111.
3- حسن الشيرازي، الإقتصاد، ص 112-113.
4- لينين (1870-1924م) ولد في 22/نيسان/1870م في سمبرسك، دخل كلية الحقوق في جامعة قازان سنة 1887م طرد منه لاشتراكه في اضراب الطلاب، التحق بجامعة سان بطرسبورغ كطالب خارجي في كلية الحقوق وحصل على الشهادة وفي سنة 1895م انظم الى رابطة الكفاح لتحرير الطبقة العاملة، نفي الى سيبيريا وفي عام 1900م اطلق سراحه، سافر الى أوربا في 1901م، أسس في لندن 1903م حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي، اعلن في 1912م في مؤتمر براغ رسمياً ان البلشفيك هو التنظيم المركزي للحزب، عاد الى روسيا عام 1917م، أستولى على السلطة في7/10/1917م، توفي في 21/1/1924م. عبد الرحمن بدوي، موسوعة الفلسفة، ج2، ص 401-402.
5- القائل هو ستالين.

بأن الأسرة قداسة فكل القداسات زائفة، نحن لانريد أن يكون للأسرة أي نوع من أنواع القداسة، مثلما لانريد أن يصبح الولاء العائلي عائقا دون تحقيق اهدافنا»(1).

تؤمن الشيوعية بالقضاء على رأس المال ومصادرة جميع الملكيات العامة والخاصة وتسليمها ممثلة المجموع، لتصرفها في مصالح الشعب وفق موازين عدل تضعها الدولة نفسها دون ان يكون لاحد أي تدخل في ذلك(2).

جعلت الشيوعية العمل الأجباري جزءاً من فلسفتها في الحكم وكذلك إلغاء الأسواق والنقود وعملت لتصبح كل الطبقات كلها طبقة واحدة هي الطبقة العاملة(3).

بذلت الشيوعية جهوداً كبيرة لإزاحة الأديان عن قلوب الأفراد، وذلك ان الأديان تربط الانسان بربه، وتحرم القتل والاضطهاد، والكذب والخداع والغش والسلب والفحشاء، فاذا آمن الفرد بهذه الأشياء فانه لن يستخدم الوسائل المحرمة لخدمة الشيوعية، وهكذا تخسر الشيوعية مصالحها(4).

حرص الشيوعيون لنفس الغرض الذي من أجله يحاربون الأديان محاربة الأخلاق، لان الإيمان بالأخلاق يتقاطع مع الإيمان بالشيوعية وأساليبها(5).

رأى الشيوعيون بعد مجيئهم للحكم أن القوانين السائدة في البلاد غير الشيوعية، رغم أنها غير صالحة لكنها خير من النظم الشيوعية لذلك عملوا على أشعال نيران الثورة في كل مكان، من أجل تدمير تلك الأنظمة(6).

ص: 163


1- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 115.
2- المصدر نفسه، ص 118.
3- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 118-119.
4- المصدر نفسه، ص 120.
5- المصدر نفسه، ص 124.
6- المصدر نفسه، ص 128-129.

امتنع النظام الشيوعي عن أعطاء الأفراد ثمناً إزاء عملهم يكون باعثاً للعمل، بل توفر له السلع والخدمات فقط، هذا أدى الى التكاسل وعدم العمل، ولذلك قرر النظام الشيوعي العمل الإجباري(1).

حاول الشيوعيون رفع النقود والاسواق، اذا كان النظام الشيوعي لايعطي للعامل اجراً لقاء عمله بل يوفر له السلع والخدمات فما الحاجة الى إعطائهم النقود، ثم انه اذا لم تتوفر للعامل النقود فما الحاجة الى إقامة الأسواق، لذلك يجب رفع النقود والأسواق(2).

نادت الشيوعية «بالقضاء على الدولة» بعدما تنفّذ الدولة «طبقة العمال الحاكمة» جميع مخططاتها وتؤدي مسؤولياتها كاملة وتروض الشعب على ان يعيش الشيوعية بنفسه، تبقى عليها مهمة، هي أن تتقلص رويداً رويداً، ومن ثم تذوب سلطتها لأن الشعب لايسمح بتوسط الدولة بينه وبين أفراده(3).

فشلت الشيوعية في تحقيق اهدافها، ويمكن مناقشتها بطريقتين:

1- التساؤل عما أذا كانت النظرية الشيوعية امراً واقعياً، يمكن تطبيقه ام هي فكرة من نوع المثاليات.

2- البحث في الخسائر والاضرار التي تسببها الشيوعية، والاخطاء والاغلاط التي تتسم بها الشيوعية.

امتازت الشيوعية بانها مثالية، وأن أهم نوع من أنواع الفشل لمبدأ ما، هو أن يكون ذلك المبدأ مستعصياً على التطبيق(4).

طرح الباحثون التساؤل الاتي: هل أن النظام الشيوعي نظام يمكن تطبيقه على

ص: 164


1- المصدر نفسه، ص 130.
2- المصدر نفسه، ص 131
3- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 132
4- المصدر نفسه، ص 139

المجتمع، كما أمكن وضعه على الورق، أو أنه وهم يعيش في الخيال، حتى أذا أريد تطبيقه انسحب كما تنسحب الأطياف من أشعة الشمس(1).

أثبت الواقع أن النظام الشيوعي «نظام مثالي غير صالح للتطبيق» فقد كان كارل ماركس رجلاً متشائماً ناقماً على الحياة وكافراً بالضياء والنور والسعادة، حاول الأنتقام من البشر الذين لم يركعوا أمامه، واطاح به في بؤرة المنبوذين، فكانت أفكاره أشبه بالأوهام منها بالمبادئ والدساتير وكان ايمان العمال والفلاحين بها لا لقناعتهم بل لأنهم كانوا يرزخون تحت سيطرة الرأسماليين(2).

فشلت النظرية الشيوعية اثناء التطبيق، فراى القائمون عليها ابتداع نظرية اخرى هي الاشتراكية(3)، وحتى لايتفرق الناس ممن اعجبوا بالشيوعية ابتدعوا ماسموه بفترة الانتقال، زاعمين إستحالة القفزة الفجائية من الرأسمالية الى الشيوعية دون ان تتخللها المرحلة الاشتراكية(4).

بنيت الشيوعية أساساً على مجموعة من الأخطاء والأغلاط، واغلب بنودها متناقضة، منها تجريد الانسان من الميول المتاصلة في طبيعته، الذي تنقضه الفلسفة الشيوعية نفسها، في اثباتها للعامل الجيني في بدايات البشرية وهي المرحلة الشيوعية بزعم الشيوعيين(5).

ص: 165


1- المصدر نفسه، ص 139-140.
2- المصدر نفسه، ص 140.
3- الاشتراكية: ماخوذة من الاشتراك، وهي اصطلاح جديد يطلق على المذهب القائل، ان مجرد الاعتماد على حرية الافراد في الحياة الاقتصادية لا يكفي لايجاد نظام اجتماعي صالح، وانه من الممكن لابل المرغوب فيه، ان يستبدل الناس بالنظام الحاضر نظاماً موافقاً، يحقق العدل الاجتماعي ويساعد على نمو الشخص الانساني نمواً تاماً، واول واضع له بيار لورد.. جميل صليبا، المعجم الفلسفي، (طهران: منشورات ذوي القربى، 1385ه) ج1، ص 88.
4- حسن الشيرازي، الإقتصاد، ص 141.
5- المصدر نفسه، ص 146-147.

تتركز الفكرة الشيوعية - في المرحلة الثانية - على مبدا دارون القائل بالتطور الطبيعي الحتمي للبشرية في كل شيء، فهي كما تنتقل من الصيد الى الرعي الى الزراعة الى الصناعة، وتطورت من الخرافة الى التدين الى العلم، كذلك انتقلت من الشيوعية الى الرق الى الأقطاع الى الرأسمالية الى الشيوعية، وهذه فكرة بالغة الخطأ، اذ كيف يثبتون وجود شيوعية أولى، ثم أن الأقطاع والرأسمالية عاشا معاً، وخلاصة القول أن تفسير التأريخ بهذه الطريقة أكذوبة مرتجلة تافهة(1).

أول منجز شيوعي هو أستيلاء الطبقة العاملة على السلطة، وهي خطأ لعدة أسباب:

أ- ان ادراة الدولة بحاجة الى اناس مؤهلين واصحاب تجارب وواعين، والعمال ابعد ما يكونوا عن ذلك فهل من الصحيح تسليم حياة الملايين بيد طبقة قليلة الوعي.

ب- صحيح ان العمال يقومون بعمل جيد في المصانع، لكن مجرد قيامهم بالعمل لايعني انهم الفئة المختارة المفضلة على سواها، فالاجتماع يحتاج الى جهد تعاوني مشترك منظم.

ج- او اعترفنا بصدق النظرية، فهل ان جميع العمال يتصدرون المناصب او بعضهم دون بعض، لان الدوائر تضيق عن استيعابهم، فلا بد من تفضيل بعضهم على بعض وذلك لامسوغ له(2).

تتعارض نظرية «دكتاتورية البروليتاريا» مع الحريات العامة التي ينبغي ان تتوفر للمحكومين، فالدكتاتورية فكرة سيئة مهما اختلفت اشكالها والوانها ولا يشفع لها ان تكون دكتاتورية بروليتاريا(3).

ص: 166


1- المصدر نفسه، ص 148-149.
2- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 150-151.
3- المصدر نفسه، ص 151.

يحسب الشيوعيون أن رأس المال والربح الناتج منه يلازمان أبداً الأستغلال والأحتكار والربا، وبالتالي تكوين الطبقة المتعاكسة، ولايفقهون ان تلك نتائج راس المال المطلق، اما رأس المال والربح الناتج منه المحددان فلا ينتجان شيئاً من تلك السيئات، ووجود رأس المال ضروري:

1- لدفع الاجور للمستخدمين والمدراء في الوقت المعلوم والانتظار الى ان يتم اخراج السلع يعد تسويفاً، وذلك لايكون الا بوجود رأس المال.

2- ان رأس المال هو الذي تهيأ به المعامل والمصانع وتشترى به الالات التي لابد منها للانتاج.

3- لايمكن ضمان استمرار الإنتاج بدون رأسمال ولاسيما في الأزمات الإقتصادية، فصاحب رأس المال يغامر بإمواله لإنتاج سلع لايعرف مدى رواج أنتاجها(1).

يتساءل ماركس، حيث لايؤمن بملكية الربح الفائض عن رأس المال «كيف يقدر مال ما أن يربح ويصبح أكثر من نفسه، اننا لانجد في المنتوج ألا مايساوي المال المدفوع للعامل، وقيمة العمل - أي القيمة الذاتية للمنتوج - وتآكل الالات، فمن اين اتى الربح، اكانت هناك قوة سحرية لجعل راس المال اكثر من هذه القيمة» ثم يفسر هذه الظاهرة بان الرأسمالي انما يكسب الفرق بين الأجر الذي يعطيه للعامل والقيمة الحقيقية للمنتوج، ان الربح ياتي على حساب نفع العامل، ومن وراء الاضرار بحقه، إذن فالربح لصوصية ظالمة، ينبغي القضاء عليها، وهذا خطا مفضوح لان صاحب رأس المال يعمل ايضاً، غير ان عمله ليس يدوياً، واذا قارناه بالمهندس فهو كالمهندس في معمله(2).

ص: 167


1- المصدر نفسه، ص 152-153.
2- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 153-154.

ليست الاديان والاخلاق سلعة رابحة في القبر ويوم القيامة وبين الجنة والنار فقط، ولكنها قوانين هبطت من السماء لتنظيم الأرض وتنسجم مع طبيعة الانسان انسجاماً دقيقاً عميقاً، واعتبرها ماركس سداً، بوجه الفكر الشيوعي، وقد نفذ لينين مخططاته ولكنه ذاق الامرين كرد فعل طبيعي لإلغاء الأديان والأخلاق، لانها تعصم النفس البشرية من اقتراف الجرائم، واحداث الفساد الشامل والفوضى العارمة، واغتيال الحقوق والاموال والنفوس، فاذا تعرى الانسان من الاديان وعرف ان نجاحه بقدر مقياس المنافع الشخصية فلا شيء يحجزه عن الوصول الى هدفه، حتى لو سحق مئات الآلاف من الأبرياء، وأما تحطيم القوانين السائدة، فهو أمر جيد فيما لو كانت الشيوعية أفضل منها أما لو كانت الشيوعية، أطغى وأقسى فلايصح ذلك فبعض الشر أهون(1).

تعتمد الشيوعية في مكافحة الدين والأخلاق والرأسمالية وتحطيم السلطات والقوانين السائدة... على الانقلاب الثوري، عن طريق القوة والعنف، رغم ما تنطوي عليه النظرية الهوجاء لما فطرت عليه الإنسانية من النزعة السلمية، والرغبة عن الظلم والإضطهاد، ومن طبيعة النظم التي تفرض نفسها عن طريق القوة والعنف والثورات الدامية، أنها لا تتردد في استخدام نفس الوسائل في إخضاع المواطنين لإرادتها(2).

تجعل حرية التنافس من كل أنسان قادر على التنافس وحيازة المال وهو حق مشروع له، ان تصبح له ملكية فردية، في حين أن المبدأ الشيوعي يدعو الى مصادرة الحريات، وجعل الأفراد الات دائمية، وينشر نوعاً من السخرة الإقتصادية، والسيطرة على الإنتاج، تعدم التنافس وتقتل الإبتكار فيضعف تدفق

ص: 168


1- المصدر نفسه، ص 160-161.
2- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 161-162.

الإنتاج، إذن لابد من الملكية الفردية والا لتقلص الاقتصاد الوطني والدخل الاهلي(1).

ماذا تريد الشيوعية بإحتكارها مصادر الإنتاج وتأميم الملكيات؟! تريد القضاء على الرأسمالية، أم تريد سلب ثروات الشعب؟، والواقع أن النظام الشيوعي لم يحاول القضاء على الرأسمالية، فقبل مجيء الشيوعية، كانت الثروات تحت أيدي الافراد الا ان التوزيع جائر، وعند مجيء الشيوعية حولت الثروات الى قاصات الدولة، فاصبح الشعب كله فقراء، واصبحت الدولة رأسمالية جبارة(2).

تقسم الشيوعية المجتمع الى طبقة عاملة كادحة «طبقة العمال» وطبقة مستغلة مستثمرة هي الرأسمالية، وهذا تقسيم مغلوط فمجرد وجود جماعة من المفكرين وجماعة من العمال المواطنين، واصحاب رأس المال، لايعني توزيع المجتمع الى طبقات متصارعة(3).

تحاول الشيوعية ان يعمل كل فرد بحسب اقصى طاقاته ومواهبه عملاً اجبارياً لايمكنه التخلف عنه لحظة واحدة ثم يتقاضى لقاء هذا العمل المرهق من البضائع بمقدار حاجاته الأساسية فقط، ويلاحظ أن ماركس في كتابه، رأس المال يلعن الرأسماليين لانهم يسرقون من العمال فائض أنتاجهم ونراه يسرق العمال وانتاجهم جميعاً(4).

تعد الدولة هي السلطة الموجهة لنشاطات الشعب إذ لأنها تملك الطاقات فإنها تستطيع فرض إرادتها على الشعب، فلو كانت الحكومة أجنبية مفروضة على الشعب او تبنت نظاماً جائراً، فلا بد لها من استخدام القوة للاستمرار بحكم

ص: 169


1- المصدر نفسه، ص 155-156.
2- المصدر نفسه، ص 157-157.
3- المصدر نفسه، ص 158.
4- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 163-164.

الشعب، وهذا مافعلته الشيوعية بالشعوب(1).

أحدثت الماسي الموجودة في النظام الرأسمالي برماً وانفجاراً في الوعي العام، وسادت في الأوساط المضطهدة فكرة الإنقلاب وحيث كانت تنصب على النظام الإقتصادي الرأسمالي، عمدوا الى تشخيص الداء وتعيين الدواء، وخرجوا من بحوثهم الطويلة بالاتفاق على تصديق اللائحة التالية التي تتضمن الخطوط العريضة للمبدأ المسمى «سوسيالزم» أي الجماعة، بإزاء الفرد الذي يتبناه النظام الرأسمالي واهم النقاط الرئيسة، أن مصدر الاخطاء والشرور في عالم الاقتصاد هي الملكية الفردية ولابد لتنظيم الاقتصاد من اخذ التدابير الآتية:

1- الغاء الملكية الخاصة، الغاءً كلياً او جزئياً.

2- تنظيم الإنتاج والتوزيع بواسطة المجموع.

3- تحقيق نوع من المساواة الفعلية(2).

تلك هي الجذور المركزية للإقتصاد الإشتراكي المتفق عليها لدى الجميع، وبعد الأتفاق على هذه الأسس تشعبت واختلفت المذاهب وتناقضت وتضاربت الآراء، وتحيزت الى كل مذهب كتلة من الناس غير ان هذه المذاهب لم ترَ طريقها الى التطبيق غير ثلاثة مذاهب هي:

1- الاشتراكية العلمية، الماركسية اللينينية.

2- الاشتراكية النازية.

3- الاشتراكية الفاشية.

إن الحقيقة التاريخية والعوامل التي أدت الى وجود هذه الإشتراكية لم تكن إشتراكية روسيا قبل ثورة أكتوبر، مبدأ أو فكرة قائمة بذاتها وأن كارل ماركس قد

ص: 170


1- المصدر نفسه، ص 164-165.
2- المصدر نفسه، ص 171.

وضع النظرية الشيوعية كاملة، ولكن ماركس لم يضع تصميم هذه الإشتراكية، وأنما أرتجلها لينين بعد ثورة أكتوبر تدريجياً، وكان يقود الجماهير بأسم الشيوعية، ولكن عندما أستعصت عند التطبيق، أخذ بالنظام الاشتراكي معتبراً أياه مدة أنتقالية بين الرأسمالية والشيوعية، ولكن مدة الإنتقال لم تنتهِ وظلت أشتراكية لينين قائمة حتى الان(1).

على الرغم من أن اقتصاد روسيا قبل ثورة أكتوبر، لم يكن أحسن أقتصاد الا أنه كان مثل باقي الأنظمة الرأسمالية، وقد أعلن لينين ذات مرة بان الماشية في عهد قيصر كانت أكثر مما هي اليوم «أي عهد لينين» بالإضافة الى تردي الاوضاع الاقتصادية في مختلف مجالات النشاط الإقتصادي الاخرى(2).

ظهر ابشع الوان الفشل بما للكلمة من دلالة على جبين النظام الاشتراكي السائد في روسيا، فان اكبر الفشل لنظام ان يعجز عن تحقيق اهدافه، وكان الهدف الوحيد الذي من اجله تكونت الاشتراكية هو اصلاح ماافسده النظام الرأسمالي، ولكن اعتراف قادته بتقدم الاقتصاد الرأسمالي على الاشتراكي، يعبر عن خيبة هذا النظام «فامريكا الراسمالية الفاسدة، متقدمة على البلاد الاشتراكية، وهذا يدل على ان الراسمالية المقيتة، افضل من الاشتراكية»(3).

تعد دكتاتورية الحزب اول ضرورة من ضرورات الاشتراكية، اطلاق الدكتاتورية للحزب الشيوعي واستبداده، بفرض احكامه على الشعب، بالاضافة الى مصادرة الحريات واستعباد الملايين لاسياد الكرملين، وهذه اكبر مناقضة للنظام الاشتراكي(4).

ص: 171


1- حسن الشيرازي: الاقتصاد، ص 171-172.
2- المصدر نفسه، ص 195.
3- المصدر نفسه، ص 197.
4- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 200-201.

ذهبت الإشتراكية بعيداً في مضمار الغاء الملكية الفردية، وبعد ان دفع الاقتصاد السوفيتي الكثير من اجل ذلك لان حب التملك صفة عند كل أنسان، اضطر خروشوف اخيراً الى الاعتراف بها ولكن بعد فوات الأوان «ينبغي تاسيس كل فرع من فروع الاقتصاد الوطني على المصلحة الشخصية» وبعد تقدير معايش الناس حسب مشروع الدولة يندفع لتحديد الاستهلاك والتقتير على الشعب، للتوفير على خزائن الدولة، لكنه يضر من ناحيتين:

1- ينقلب الشعب إلى فقراء مدقعين.

2- يصاب الشعب بخور الحافز الفردي ويسعى للهروب عن العمل(1).

عمدت الاشتراكية الى مساواة الرجال والنساء في العمل، وهي من سيئات النظام الإشتراكي، والحقيقة أن طبيعة الشيء وقواه ومقاديره الكافية، هي التي تحدد له منسوباً معيناً ونوعاً خاصاً من الإنتاج، يتحطم إن تعداهما الى أوسع منهما، ومساواة المراة بالرجال في العمل ظلم ٌ شديدٌ للمرأة، لان طبيعتها وتركيبتها الجسمية تختلف عن الرجلِ(2).

يعمل الإنسان في مختلفِ عصور التاريخ ليحرز قوتهِ دون ان تحفزه قوةً اجنبية، فكم يقتضي ان يكون النظام طائشاً، حتى يمتنع الناس في ظلهِ عن العمل ويلجؤوا الى الاضراب، حتى يلجأ النظام الى الاجبار على العمل، والواقع ان الاجبار حيلة العاجز، واكبر دليل على ان النظام السائد هو الذي عرقل سير البشرية(3).

ليست سيئات الرأسمالية هي التي اثارت ضجيج الاشتراكيين كما لم يكونوا اناساً متطوعين لحماية مصالح الشعوب، ومكافحة أعدائها الراسماليين، وانما

ص: 172


1- المصدر نفسه، ص 202-203.
2- المصدر نفسه، ص 204-205.
3- المصدر نفسه، ص 205-206.

كانوا اناساً منبوذين وحق لهم ان يكونوا منبوذين في حين انهم كانوا يشعرونَ بحب الذات، والعظمة الكاذبة، هذه العوامل دفعتهم الى اختلاق نظام جديد يتبنى «الاشتراكية» وحيث ان الطبقة الكادحة، مضطهدة وغاضبة، وفي نفس الوقت بعيدة عن الوعي السياسي والاجتماعي فيمكن استغلالها لصالحهم(1).

يستلهم الاشتراكيون افكارهم من الرأسمالية نفسها، رغم انهم يقفون ضدها، حتى أصبحت الاشتراكية صيغة أخرى للرأسمالية، غير أنها صيغة مزورة قائمة على خداع تمويه للحقائق، ولكنها تخدع الطبقات الامية، وذلك يكفي لبلوغ السيادة والسيطرة(2).

تفاقمت البطالة في ظل النظام الاشتراكي، والاعمال الموجودة لاتكفي لاشغال الايدي العاملة، وانما تستخدم كل عام عدداً من الايدي العاملة تبعاً لتقدم الاقتصاد، وقد زاد مابين عامي (1940-1950م)، وقد تنبأ الاشتراكيون بان عدد العمال والمستخدمين سيتضاعف أربع عشرة مرة في البرنامج الخماسي الأول، ومن الواضح أن الشعب السوفيتي لم يزدد اربع عشرة مرة، مابين النظامين الخماسيين، ولكن كان الوضع أن كل شخص من اربعة عشر شخصاً كان يحصل على عمل، أما الثلاثة عشر الباقون فلا عمل لهم، وقد عدت مشكلة البطالة من المشاكل التي أسهمت في ضعف النظام الاشتراكي في الأتحاد السوفيتي وأوربا الشرقية(3).

عد الشيوعيون الفقر أكبر جرائم الراسمالية، لكنه اصبح الطابع العام لشعوب روسيا، واذا كانت في النظام الرأسمالي، ثلاث طبقات، الطبقة المستغلة، الطبقة البرجوازية، الطبقة الفقيرة، ففي المجتمع الاشتراكي لاتوجد الا طبقتان، الطبقة

ص: 173


1- الشيرازي، الاقتصاد، ص 206-207.
2- المصدر نفسه، ص 207-208.
3- المصدر نفسه، ص 209.

المستغلة الحاكمة «الحزب الشيوعي» والطبقة الكادحة الفقيرة «مجموع الشعب» وكانت ميزانية الاتحاد السوفياتي في عام 1954م، 562 مليار روبل، كانت حصة الشعب منها بقدر 3، 216 مليار روبل(1).

أصبحت المطاعم أقل من حاجات الشعب، كما يعترف بذلك خروشوف ويدعوا الى توسيع شبكة المطاعم، فهناك الفقر وقلة البضائع يجتاحان الملايين، ويعجز النظام الاشتراكي عن اشباع الحاجات الاساسية لجميع افراد الشعب، حتى ان خروشوف تسائلَ «فهل لايزال بعيداً ذلك الوقت الذي يمكن فيه تلبية حاجات جميع السوفيتيين»(2).

اعلن النظام الاشتراكي عجزه عن تلبية حاجات الشعب من المساكن رغم ان العائلات لاتنفرد بالبيوت، بل يوجد في كل شقة عائلة او اكثر لذلك وقف بوجه الهجرة من الريف الى المدينة لانه عاجز عن معالجة مشكلة المدينة وحدها فكيف هي والريف(3).

تعالت اصوات الكثير من اعضاء الحزب الشيوعي ناقمين على قصور النظام الاشتراكي عن تخصيص الاعتمادات الكافية للحاجات العامة كالتعليم والصحة وبناء المساكن وغيرها، اما الفقر فهو الطابع العام والمشكلة السائدة في جميع مرافق الحياة الاقتصادية، والاسلحة التي صنعت للقضاء على السلام العالمي، تستنزف اغلب الثروات(4).

يعد نظام الطبقات من أهم مقومات الرأسمالية، وظلَ الإشتراكيون يشنون حرباً شعواء ضد الطبقات، ورغم ذلك نجد ان سلم الطبقات يشكل النظام

ص: 174


1- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 210-211.
2- المصدر نفسه، ص 213-215.
3- المصدر نفسه، ص 216.
4- المصدر نفسه، ص 217.

والحكم في روسيا، فالقادة المنظمون في الحزب يتربعون على الذروة، وتتوالى بعدهم طبقات الحزب نفسه، ثم طبقات الشعب، وحتى من العمال تتكون طبقات مختلفة الاجور، فهناك الطبقات الدنيا في الاجور والطبقات العليا الضخمة الرواتب(1).

يعد الربا اكبر ركائز الراسمالية وقواعدها ومقوماتها، وهو اقوى مظاهر الاستغلال، ورغم ذلك كله، فالنظام الاشتراكي يقرر الربا ويعترف به وياخذه ويعطيه، فالدولة الاشتراكية تمنح الربا للمقرضين بصورة الربا، وبصورة الجوائز، ففي برنامج السنوات الخمس بعد الحرب العالمية الثانية 1946-1950م، دفعت الدولة الى الاهالي 17 مليار روبل جوائز وفوائد وفي عام 1953م نال الاهالي بشكل جوائز 800، 9 مليار روبل(2).

يعد نشر الدعايات الأشتراكية في البلاد الراسمالية، بالإضافة الى أن هذا النظام يجعل كل الثروات بيد الدولة، لهذين العاملين سارع هتلر(3) في المانيا

ص: 175


1- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 218.
2- المصدر نفسه، ص 219.
3- ادولف هتلر (1889-1945م): ولد في براناو شمال النمسا، درس في مدرسة لنز وعاش في فينا مابين 1909-1913م، عاش حياة الفقر، التحق بالجيش الالماني عام 1914 م، انظم في 1919م الى «حزب العمال الوطني الاشتراكي الالماني» الذي عرف بالحزب النازي، حصل على شهرة واسعة بعد محاولة الانقلاب التي قام بها عام 1923م، قرر هندينبرك تعيين هتلر رئيساً للوزراء في 30/كانون الثاني/ 1933م نصب زعيماً للرايخ بعد وفاة هندنبرغ في 2/آب / 1934م، اسس تحالف المحور عام 1936م، احتل النمسا عام 1938م وجيكوسلوفاكيا عام 1938-1939م، واحتل فرنسا بعد قيام الحرب العالمية الثانية 1939م في 22/حزيران / 1940م قاد هجوماً على روسيا 1941م، لكن مني بالهزائم بعد معركة ستالينكراد، واخيراً انزال النورماندي، حوصر في برلين في نهاية الحرب انتحر في مبنى الرايخ في 30/نيسان / 1945م. الان بالمر، موسوعة التاريخ الحديث، ترجمة: سوسن السامر، يوسف محمد امين، (بغداد: دار المأمون، 1992م) ج1، ص366-368.

وموسوليني في إيطاليا الى أختلاق مذاهب أشتراكية، فالتقطا من أشتراكية لينين تلك المواد التي تنسجم مع ميولهما وأهدافهما، وانتجا تلك المواد التي تلائم افكارهما وأغراضهما، بشيء من التحوير والتطوير فطوراها كما ارادا، ونبذا المواد الأخرى، وحيث أن هتلر وموسوليني هما نتاج الرأسمالية الاوربية، وورثا من العقلية الاوربية جميع اخطائها ونقاط ضعفها بالاضافة الى دكتاتوريتهما، والفكرة النازية والفاشية تفاعلت كل هذه العناصر في فكر هتلر وموسوليني، ورغم فساد النظريتين الفاشية والنازية فلم يؤمنوا بالصراع الطبقي، ولم يلغوا الملكية الفردية(1).

الإقتصاد الإسلامي

يختلف الإسلام عن فكرة الرأسمالية ومنطق الشيوعية في نظرته حول مكانة الفرد، لانه يعد الفرد موجوداً ذا إعتبارين في آن واحد: -

1- حقه كفرد مستقل له كيانه الخاص ومؤهلاته المعينة.

2- صفته كعضوٍ في المجتمع، فهو يلبي حاجاته الفردية حيناً، ويستجيب لعلاقاته الاجتماعية حيناً آخر، فلابد ان يكون للفرد كيان وللمجتمع كيان طبقاً لموازين لايصطدم أحدهما بالآخر.

يختلف الاسلام عن الراسمالية في اطلاقها الملكية الفردية وعن الشيوعية بالغائها الملكية الفردية، فالاسلام يقر الملكية الفردية بشرط ان لاتطغي على مصالح الجماعة، فالاسلام يقنن الملكية الفردية للمصلحة المشتركة بين الفرد والمجتمع، ويقدم حاجات الجماعة على حاجات الفرد عند الاصطدام.

تدور فكرة الاسلام عن الملكية على نقطة واحدة، هي مبعث التحليل والتحريم في منابع الثروة، وهي قانون «تكافؤ الفرص» فالعمل سبب لتنمية

ص: 176


1- حسن الشيرازي: الاقتصاد، ص 242.

المال، لذلك العامل يستحق النماء، واما عين المال فبنفسه لاينمو، والنقود لاتلد النقود الا بالتجارة(1).

يحرم الاسلام من هذا المنطلق أشياءً ويحلل أشياءً اخرى:

1- التجارة المحرمة منها، الربا: وهو عصب الرأسمالية ودعامتها، لان الربا لايكون الا في مجتمع مضطرب، فيه الثري الذي نقوده أكثر من نفقاته وفيه الفقير الذي سدت بوجهه كل الابواب فاضطر الى أخذ الربا، وهكذا يزداد الربا بازدياد المدة وهذا الفائض يتمتع به صاحب المال، ابتزازاً يتحين ساعة احتياج الناس، وهناك الخطر الجاثم خلف اباحة الربا، وهو تمهيد الوسائل لتنظيم رؤوس الاموال بلا جهد وكفاح، وتكاثر الفقراء، علماً ان المرابي لايخاطر بامواله كالتاجر ولايهمه وضع السوق والأزمات الإقتصادية(2).

يسوق المترفون المجتمع الى الهلاك والتدمير، فالمترفون ينضب الايمان والضمير في قلوبهم، فالطاقة الفائضة لابد لها من تصريف، والمترفون والمترفات يجدون رزمة من الطاقات، طاقة الشباب وطاقة الفراغ، وطاقة المال، فيبتكرون وينشرون انواع الفجور والفسوق، فيكون من نتيجة ذلك شيوع الفاحشة في الامة(3).

شرع الاسلام «استحباب الزيادة» ملتفتاً الى حقيقة وهي ان نفس المال «المقرض» اذا بقي عند صاحبه ولم يقرضه احداً لتاجر به وربح، ولكن عند اقراضه تفوت عليه الفرصة، لذلك وازن الاسلام بين مصلحة المقرض ومصلحة المقترض، فعندما يكون المقترض فقيراً يقتضي التكافل الاجتماعي ان يكفّ الغني عن الربح قليلاً لامداد حياة الفقير، واذا كانا غنيين قدم مصلحة صاحب

ص: 177


1- المصدر نفسه، ص 249.
2- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 250.
3- المصدر نفسه، ص 251-252.

المال، فكان من المستحب على المقترض عندما يؤدي الدين، ان يضيف اليه شيئاً من المال تبرعاً، دون اتفاقٌ عليه من اول الامر(1).

حاول البعض أطلاق الربا في بعض ألوانه، فقالوا ينقسم الربا إلى نوعين هما:

1- ربا الاستهلاك: وهي الديون التي ياخذها الفقراء لسد حاجاتهم الفردية من غذاء وكساء ودواء.

2- ربا الانتاج: وهي القروض التي تاخذ للاغراض التجارية البحتة، وقالوا ان الربا المحرم في الاسلام هو الأول لا الثاني، وذلك منطق لاتعتمده فلسفة الاسلام وهو ربا محرم شرعاً(2).

وقفت الاديان والقوانين بوجه الربا، فكان القانون الروماني، يبيح الربا فجاءت الكنيسة الكاثولوكية فحرمته تحريماً قاطعاً، وكانت التوراة والانجيل تحرمانه من قبل ثم نقل فقهاء القانون الفرنسي هذا التحريم الى القانون الفرنسي، وفي مصر عهد الاسرة الفرعونية الثالثة 2890 ق.م لم يعهد الربا ولم يظهر الا في عهد ضعف الدولة 1270-663 ق.م وقد اقتبسوه من الكلدان(3).

نشأت المجتمعات المعاصرة على فكرة الرأسمالية، وفي جميع مرافق الحياة فصاحب المال لايسخو على الفقير، والحاجة تلح على الفقير وهكذا وجدت «البنوك» للتعامل بالربا وتامين حاجات الناس عن الطريق الحرام، اما الاسلام فالمحتاجون الى القوت يتكفل بيت المال بصرف رواتبهم، والمحتاجون الى العمل، يتكفل الاسلام بايجادِ عملٍ مناسبٍ لهم، والمحتاجون الى التجارة، فتح الاسلام الباب لاقراضهم دون فوائد، ورغّب كذلك الناس في اقراض الغير(4).

ص: 178


1- المصدر نفسه، ص 252-253.
2- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 253.
3- المصدر نفسه، ص 254.
4- المصدر نفسه، ص 255-256.

شرّع الاسلام فلسفة عامة تعد الحد الفاصل بين المكاسب المحرمة والمتاجرة الشرعية وهي 1- ان لاجزاء بلا عمل، 2- لا جزاء على الحرام، 3- لاجزاء على الواجب.

الجزاء بلا عمل أ- الغش / اكد الاسلام على تحريم الغش، وهو ان تمتص اموال الناس بطريق غير مشروع وغير مسوّغ. ب- السرقة / وقد حرمها الاسلام وشدّد في تحريمها، لان فيها اهدار لكرامات الدماء، ولذلك جعل عقوبة السارق قطع اليد، علماً ان تطبيقات القطع قليلة لاتجاوز العشر حالات(1).

الجزاء على الحرام، لم يحرم الاسلام شيئاً من موارد الرزقِ الاّ واضراره الاجتماعية أكثر من منفعته الشخصية، وبمقتضى العدالة الاجتماعية حرم الاكتساب بالحرام، وبهذه الفلسفة حرم الاتجار بكل عمل محرم يضر به غيره، او يجلب تدهوراً خلقياً او مادياً للمجتمع، وبموجب هذا النظام، حرم امتهان الخمر والمسكرات، وتعاطي القمار، والبغاء والرقص، والغناء، والسحر، وبيع كتب الظلال، والوحوش، والحشرات والميتة والدم ولحم الخنزير، واجهزة الغناء، والآت القمار، وكل محرم في الشريعة(2).

الجزاء على الفرائض، لايفرض الإسلام شيئاً ما لم تكن فيه مصلحة ملحّة، وهو يحاول عتق الرقاب من الالزامات والفرائض، ويضمن الاسلام ان يوجد من يدفعون الاجرة ويستاجرون للقيام بالضرورات التي لولاها يضطرب النظام، فالرشوة التي تدفع للمسؤول لاجل انجاز عمل ضمن واجبه تدخل ضمن هذا العنوان(3).

تعد الامتيازات احد انواع الاحتكار، حيث يتولى بعض التجار او الدول عملية توريد بضاعة معينة، فلا يحق للغير ان يوردها، او حتى يشتريها، يشترون

ص: 179


1- الشيرازي، الاقتصاد، ص 258-259.
2- المصدر نفسه، ص 262.
3- المصدر نفسه، ص 263.

الخامات بثمن زهيد ويبيعونها باسعارٍ عالية ويجب على السلطات الحاكمة ان تحافظ على هذه الامتيازات، ويتولد من ذلك مشكلتان أساسيتان هما:

1- الفقر: وذلك لعدم وجود المنافس الذي يبذل في السلعة المال الكثير فالمنتج يضطر لبيعها لصاحب الامتياز، بثمنٍ زهيد، قد لايساوي مؤونة اهله.

2- الرأسمالية؛ وذلك أن هذه الإمتيازات توفر لأصاحبها مواد خام رخيصة تباع باثمان عالية فتتولد لديهم ثروة دون عناء.

حدد الاسلام «الملكية العامة» ولم يدع التجار يستاثرون بخيرات الارض ويحتكرون منابع الثروة العامة وخلفهم الشعب يقاسي الالم والحرمان بل الموارد العامة ملكٌ صرف لكل الناس، سواءً اكانت ثروات عامة ام خدمات عامة، كالنفط والغاز والثروات المعدنية الأخرى والكهرباء والمواني وغيرها، والملكية العامة في الإسلام ليست ناشئة من طبائع الاشياء، وانما تثبت بإذن الشارع من اسباب معينة، يجمعها العمل الحلال: -

1- الصيد سواءً كان صيد البحر، الاسماك واللالئ والمرجان وغيرها، وصيد البر، الطيور والحيوانات الوحشية، وكل ما أحُل للانسان، ولم يكن مملوكاً لاحد.

2- إحياء الموات: وهو احياء ارض ليس لها مالك سابق، او تركها حتى رجعت ارضا غير مثمرة، وقد اقرها القانون الفرنسي بعد الثورة الفرنسية.

3- أستخراج المعادن من الأرض، وهذا يشمل كل المعادن المعروفة(1).

4- المضاربة: أن يشترك أثنان في تجارة، يكون للاول المال وللثاني العمل.

5- المزارعة والمساقاة: وهو أن يستاجر صاحب البستان او المزرعة عاملاً يقوم بجميع الخدمات اللازمة للزرع او الشجر حسب الاتفاق(2).

ص: 180


1- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 264-267.
2- المصدر نفسه، ص 268.

المبحث الثالث: جهوده في الاصلاح الاجتماعي

اشارة

السيد حسن الشيرازي شخصية جذابة، يعامل الناس باعلى درجات التوقير والاحترام وكان له شعبية في نفوس كل الطبقات الاجتماعية(1).

ركز كثيراً من خلال مقالاته في مجلة الاخلاق والآداب، على القضايا الاجتماعية وكانت مقالاته في هذه المجلة ذات مغزى كبير، منها «كيف تعيش سعيداً» «لقد فكرت كثيراً: كيف تشق الطريق امامك؟ ولكن هل فكرت يوماً؟ كيف تعيش؟ وكثيراً ما استعرضت مواهبك وقايست نفسك باقرانك فاعجبك او اساءك! وهل وسعك يوماً ان تلقي نظرة شاملة على المجتمع، لتعرف موقفك منه؟ فيثمر مجاري سعادتك ام شقائك؟ فربما كنت بحاجة الى اهمال طريقك اللاحبة، وابتداع خطة جديدة في الحياة»(2).

نشر تحت عنوان الإسلام يعالج مشكلة الطبقات «أنها مشكلة بشرية كانت ولاتزال! ولم يوفق لعلاجها الا الاسلام، ولقد قامت الثورات وزحفت الحضارات لمعالجتها فباءت بالفشل والرسوب، وحيث نورد كيفية مبارزة الاسلام لهذا البلاء، لابد من إستعراض خاطف لادوار البشرية قبل الاسلام وبعده، وبعض المحاولات لالغاء نظام الطبقات في أقسى ادوارها، فالقبائل لها سماتها البارزة

ص: 181


1- مقابلة شخصية، السيد سلمان هادي آل طعمة، مؤرخ، كربلاء المقدسة، 5/2/2010م.
2- حسن الشيرازي، كيف تشق طريقك، الاخلاق والآداب، مجلة، كربلاء، السنة الثانية، العدد 2، 1959م، ص 26.

ومعالمها المرسومة، والشقة البارزة بين الزعماء والمرؤوسين، وفي القرون الوسطى هي اوضاع الجاهلية قد نقلت الى اوربا ما طردها الاسلام عن جزيرة العرب، وهاهم أولئك الزعماء يضطهدون الكادحين وقد وقف الى جانبهم رجال الكنيسة، لينشروا حيث يتقلص الحديد والنار وهؤلاء هم الأشراف»(1).

«أما في القرن العشرين، لايزال في انجلترا أم الديمقراطيات والثقافات يسود (مجلس اللوردات) بصفة رسمية والى الآن يسنون القانون الاقطاعي الذي يجعل التركة للولد الاكبر فقط، وفي امريكا المتمدنة حتى اليوم والى الغد تحكم القوانين التي تؤكد التفرقة لاختلاف العنصريين والالوان والمثقفون منهم يعرفون الرجل الابيض مفضل على الرجل الأسود، بغض النظر عن الفضائل الاجتماعية والنفسية»(2).

«تحدثت بعض وكالات الانباء العالمية في عام 1957م، ان وزير مالية (غانا) طرد من احد المطاعم من مدينة دوفر الامريكية لانه غير مسموح للسود بتناول الطعام في المطعم، والان يمنع الاطفال الزنوج من الذهاب الى مدارس البيض في (21) ولاية، وحتى في مدينة واشنطن نفسها كما ان الطلبة الذين يقضون خمس سنوات في الابتدائية 5، 92% من الطلبة البيض ولكنها للملونين 58% وتتجاوز التفرقة كذلك الى تكاليف التعليم، فالملون تنفق الدولة على تعليمه 6، 57 دولاراً في السنة، في حين تنفق على الابيض 10، 46 دولاراً، وفي عام 1957م، في ولاية (أركنساس) حكمت المحكمة الامريكية بالغاء التفرقة العنصرية ودخول أولاد الزنوج مدارس البيض، فتحدى الحاكم هذا الحكم واستخدم الحرس في ولايته ليمنعوا بالقوة تنفيذ الحكم، وقد تم على يديه منع

ص: 182


1- حسن الشيرازي، الإسلام بعالج مشكلة الطبقات، الأخلاق والآداب، مجلة، كربلاء، السنة الثانية، العدد 3، 1959م، ص 50-51.
2- حسن الشيرازي، الاسلام يعالج مشكلة الطبقات، ص 51.

تنفيذ الحكم، وكان البيض يصيدون الزنوج القاطنين في الغابات بالرصاص، والسود اذا ظفروا بالابيض يربطونه في نفق في الارض حتى يصبح كاحدى الزواحف»(1).

«أما الإسلام: وهو الذي لايعرف المحاباة ولايسال عن الحسب والنسب والالوان والجنسيات، ولكنه يعد بتوفر الفوارق في المجتمع، ويعرف جيداً ان الطبقات لاتتميز الا اذا كثر اولاد الذات، وحب الظهور والاستعلاء، الذي هو من الطبائع الاولية للبشرية، فلذلك لايطلق الأوامر الإرستقراطية لمعالجة هذا الداء، وانما يعتمد على عواطف الناس ويخاطبها بلسان يطفيء الغلواء في مهده، ويحل محله التواضع ونكران الذات، ليشعر كل فرد بصغره وتفاهته!! وعندئذ تتحطم الطبقات بنفسها ولذلك نرى النبي الاعظم يقول: (كلكم لآدم وآدم من تراب) وليس مصادفة أن يستعرض القرآن أدوار الجنين حيث يقول {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً}(2) ثم يتابع القرآن سيره ليضع ادنى حالات الانسان الى جانب ارقى ادواره في الحياة فيقول: {إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً}(3)، {وَاللّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً}»(4).

وذكر تحت عنوان «الاسلام غير الجميع» للإسلام فكرة أساسية عامة لشرائعه هي «توازن الاجتماع» في أطار رضى اللّه، وهذان متلازمان في الواقع الإسلامي لايمكن أن يقتحم بينهما رضى الناس بحيث يكون مقدساً، من وحي هذه

ص: 183


1- المصدر نفسه، ص 52-53.
2- سورة المؤمنون، الاية 12، 13.
3- سورة الانسان، الاية 2.
4- حسن الشيرازي، الاسلام يعالج مشكلة الطبقات، ص 52-53.

الفلسفة الراشدة يضع الإسلام برامجه وقوانينه، وكذلك لكل مبدأ فكرة اساسية مغايرة للنقاط المركزية العامة في سائر المبادئ في ضوئها يرسم مناهجه ودساتيره، حتى يكون للمبدأ وجود مستقل منحاز، ازاء المبدأ الاخر والا لاندرج فيه ولم يبق له انفراد في الحيز امام ذلك الاخر ومتى علمنا ان الاسلام يتركز على فكرة اساسية مغايرة للنقاط المركزية في سائر المبادئ، عرفنا ان الاسلام غير المبادئ، سواء أتحدا في بعض الفروع أو أختلفا(1).

أنطلق السيد حسن الشيرازي في نقده للراسمالية والشيوعية والاشتراكية من المخلفات الاجتماعية لهذه الأيديولوجيات على حياة المجتمع:

الأسرة في ظل الراسمالية:

تحول الفلسفة الرأسمالية دون تكوين الأسرة وذلك من خلال عدة أسباب، فالفتاة التي تستنزف نشاطها وطاقاتها في المعمل، تعجز عن القيام بفرائض الزواج وإنجاب الأطفال، والرجل الذي يقل راتبه عن إعالة نفسه، يحجم عن النهوض بواجبات الزواج، وتكاليف الاسرة ونفقاتها الدائمة، مهما كلفه الأمر، ولاسيما أنهما يجدان في نفس المعمل أو خارجه مايشبع الرغبة الجنسية، كما يسجل هذه الملاحظة الدكتور «سيمون» «بالرغم من كون وجهة نظري الرسمية هي صحية تماماً فان أبسط العواطف الإنسانية لايمكن أن تسمح بتجاهل المظهر الآخر للبشر، ذلك أن فرط الزحام، يتضمن بالضرورة - تقريباً - في درجاته العليا، انكاراً مطلقاً لكل حياء، واختلاطاً قذراً للأبدان، والوظائف البدنية، وعرضاً للتعري الحيواني الجنسي، هي قمينة بالوحوش بالاحرى من الإنسان، وأن الخضوع لمثل هذه التأثيرات يشكل إنحطاطاً لابد أن يصير أعمق فأعمق،

ص: 184


1- حسن الشيرازي، الاسلام غيّر الجميع، الاخلاق والاداب، مجلة، كربلاء، السنة الثانية، العدد 11، 1960م، ص 241-244.

بالنسبة إلى أولئك الذين يستمر فعلها فيهم، وأما الأطفال الذين يولدون تحت ظل لعنتها، فما أكثر ما تشكل لهم معمودية للفجور»(1).

فإذا علم الرجل المعسر: انه يستطيع ان ينال الاشباع الجنسي عن غير طريق الزواج، وحتى لوتزوج بامرأة فانها لاتختلف عن سائر نساء المعمل المائعات، فلا بد بعد ذلك أن يستغني عن الزواج، كما أن الشابة الطالعة سوف لن ترضَ ان تربط نفسها بعجلات الاسرة، وهي التي تحلم بالإنطلاق الكامل وتسعى لإقتحام الوظائف، وأستلام المناصب، وتسلم المسؤوليات(2).

وهكذا أمتنع كل من الجنسين عن الزواج استغناءً بالبغاء وتهرباً من تحمل تبعات الزواج من النفقات والتكاليف والإلتزام بالمراسيم السائدة، وإنجاب الاطفال حتى اصبح معدل الرجال والنساء الذين يتزوجون في فرنسا لايعدو سبعة او ثمانية في الالف، كل هذه العوامل كان لها الاثر البعيد في تجريد المجتمع من كل معنى من معاني الفضيلة، واشاعة البغاء المكتوم والتفسخ الخلقي الرهيب، اضافة الى استخدام المراة في الوظيفة او المعمل يعني استباحتها لمن يرأسها ولمن هو اعلى رتبة منها(3).

فسرت الرأسمالية تهديم الأسرة والاخلاق في مجتمعاتها بوضع فلسفة جديدة للاخلاق، ونسخ النظريات الفطرية والدينية زاعمين ان الواقع الذي امام اعينهم ليس فساداً خلقياً وهبوطاً وتردياً، وإنما هو مظهر من مظاهر الحرية والأنطلاق والنهضة والارتقاء والتطور، يقضي أن لايكون أشباع الحاجة الجنسية عن طريق الزواج، فيمكن ان يكون العمل المشترك بديلاً عنه، وكذلك يمكن أن تحل الصداقة محل الزواج ثم اتسعت هذه السفسطة في الآونة الاخيرة، فجعلوا

ص: 185


1- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 78-79.
2- المصدر نفسه، ص 79.
3- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 79-80.

يقولون اذا كانت الصداقة مسوغة لتعاطي اللذة الجنسية، فلماذا يكتب التباعد بين الاقارب؟ انهم لايختلفون عن الاباعد في ذلك! ومادامت تلك فلسفة الاخلاق لدى الرأسمالية، فليس غريباً ماشاع في بعض الاقاليم الفرنسية، والمدن الصناعية في اوربا، من وجود العلاقات الجنسية بين الاقارب في النسب، كالأب والبنت والأخ والأخت وغيرها(1).

كما أن الرأسمالية وبحسب فلسفتها تحاول ان تحصل على العمال بأدنى الأجور، فقد استفادت من تشغيل الأطفال والنساء، إذ كان الأطفال دون الخامسة عشرة يعملون في المصانع من الصباح حتى الساعات المتأخرة من الليل، وكذلك النساء، وكان المصنع بالنسبة لهم مثل البيت، وتنشأ العلاقات غير النبيلة داخله وهذا الامر، ادى الى تداعي الأسر الموجودة واقعاً، وليس فقط الحيلولة دون تأسيس أسر جديدة(2).

أصيب العمال من الجنسين، على اثر ارهاق العمل، وضؤولة الاجور بأزمة أقتصادية وصدمة صحية بعيدة الأثر في حياتهم، غير ان ضحايا الأطفال كانت أكثر وأكثر، لطفولة عضلاتهم ومرونة قوائمهم، وقد ارتفعت نسبة الوفيات في أنباء العمال في السنوات الأولى من حياتهم، ففي إنجلترا 16 مقاطعة تجري فيها الإحصاءات، حيث لاتقع في السنة الا 900 حالة وفاة وسطيا من اصل 000، 100 طفل، بلغت في 24 مقاطعة أخرى 10-11 ألف وفاة، وفي مناطق «هو» و«وولفرهامستون» و«تربسون» أكثر من 000، 42 حالة وفاة وفي مناطق توتنهام وستوكسورت وبراد فورد أكثر من 000، 25 حالة، قد أثار إرتفاع النسب إنتفاضة في المجتمع الانجليزي، حتى أضطرت الحكومة الى تحديد عمل الأولاد قبل

ص: 186


1- المصدر نفسه، ص 82.
2- المصدر نفسه، ص 70-75.

الثالثة عشرة ب«6» ساعات عمل فقط، غير أن هذا التحديد لم يحد من جشع الرأسماليين، فالكثير لم يخضعوا لهذا التشريع نهائياً، متسترين بألفاظ وأسماء، والآخرون كانوا يدفعون الرشوة للأطباء المكلفين بالتفتيش عن سن الأطفال، فكانت التقارير تتفق مع القانون والواقع يكذبها(1).

الأخلاق في الرأسمالية

استخدمت الرأسمالية المعروفة بحرية التجارة الغريزة الجنسية لانها مكاسب مشروعة في نظر الاقتصاد الرأسمالي، وإذا كانت النفوس تتقزز منه يوم كان لها دين وخلق، فالرأسمالية تهلع اليها هلعاً عميقاً، وأخذت الرأسمالية تتدرج في هذه المزالق مستخدمة عدة وسائل منها الصحافة واخذوا ينشرون فيها القصص والمقالات الغرامية وشجعوا الأدب المكشوف وأفرغوا له قسماً من الجرائد والمجلات، ولاقت الصحافة الماجنة من الإعجاب وتهافت القراء عليها، مالم تنله أية صحف اخرى من قبل(2).

أخذ الكتاب الرأسماليون يكرسون جهودهم لإخراج الكبت في القضايا الجنسية، وفنون الرقص، واغراء العواطف، ولم يفلت من كيدهم ان يمدحوا مهنتهم، بألوان من الإطراء الرفيع والكلمات النبيلة، حتى اصبحت الفنون الجميلة والآداب الجنسية، من أرقى الفنون، فلم يعد تأليف كتاب مليء بانواع الخلاعة المكشوفة البارزة عيباً، بل أن المؤلفين يتبارون في تأليف هذه الكتب، وربما حصل أحدهم على جائزة «نوبل» لقاء ماقدمه للإنسانية من خدماتٍ جليلة! وبعد ذلك استفادوا من الصور الفوتوغرافية والمجسمات العارية في إلهاب الغرائز، والغرض هو جذب الناس والإستفادة من وسائل الاغراء في

ص: 187


1- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 77.
2- المصدر نفسه، ص 82-83.

تصريف بضاعتهم، ولذلك لانجد اليوم إعلاناً تجارياً في الصحف، إلا وصفته البارزة صورة امرأة مبتذلة(1).

إبتدع الرأسماليون الأزياء الكاشفة المغرية وأكثروا الفاتنات ليرتدينها، ويذهبن الى النوادي والحفلات حتى يراهن الرجال، وتغرم الفتيات بتلك الازياء الجديدة والألوان الزاهية من الثياب وتذرعوا بهذه الطريقة لاستدرار اموال الناس.

قام الرأسماليون بطريقة جديدة، وهي وضعهم في كل محل تجاري امرأة مغرية متبرجة تماكس الرجل، وفي الحقيقة ما هي إلا مغناطيس يجذب الزبائن الى المحل، فلا يراد منها إلا ان تكون أداة لتصريف منتجات المحل أو الحانوت.

عمل الرأسماليون المسارح والملاهي والسينمات والمقاهي والحانات والمسابح المختلطة، ونوادي العراة، ثم دور الدعارة، واستخدموا الأولاد والبنات في ذلك، وجعلوا يعرضون على المنصات الاجساد الشبه عارية وعمموها لكل الطبقات، حتى أصبحت النساء في البلاد المزدحمة مشاعاً رسمياً وقانونياً، دونما أيما استهجان او أستنكار، وصارت المرأة عبارة عن غريزة ومتعة لاتحمل من الإنسانية والفضيلة والخلق شيئاً، حتى تدر اموالاً في سبيل نمو الرأسمالية(2).

نتائج التدهور الاخلاقي

في أوربا قد يقيم العشيق مع عشيقته وزوجها في منزل واحد، ويعيش الثلاثة في هذا الوضع على أتم اتفاق! وهذا الوضع منتشراً انتشاراً واسعاً في فرنسا خصوصاً، وسمي ب«التعايش الثلاثي» وفي السويد يحق للزوجة اختيار صديق هو كالزوج، وفي امريكا الشمالية لاتكاد الفتاة ان تبلغ الرابعة عشر حتى يكون

ص: 188


1- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 83-84.
2- المصدر نفسه، ص 83-86.

لها صديق يعاشرها معاشرة الزوج حتى تتزوجه او تتزوج غيره، زيادة على اعتبار البغاء مهنة تجارية لها موردها ومناطق لتوفير المواد الخام واغلبهن دون العاشرة(1).

العائلة في ظل الشيوعية

إن بعثرة العائلة وإشاعة النساء، من أولويات الفلسفة الشيوعية فالمجتمع الشيوعي، إنما هو شيوعي في كل شيء، والعائلة تعرقل طريق الإقتصاد الشيوعي في الصميم!! فهي: اولاً: تهدر فيضاً من نشاط رب الاسرة لحماية مصالحها والدفاع عنها، والاهتمام بالاسرة يعرقل عمل الشيوعية العام والخاص، وربما يدفعه الى مخالفة النظام، وذلك ما تأباه الشيوعية، وفيما بعد راى ستالين ان يكشف النقاب بكل صراحة عن أفكاره «دعوني أذكر لكم بصراحة: إنه من الخطر على حياتنا السياسية تشجيع ذلك المفهوم الخاطيء للأسرة! فالولاء الوحيد المسموح به هو الولاء للدولة».

ثانياً: إن الشيوعية تفرض العمل الاجباري على جميع القادرين عليه من الرجال والنساء على حدٍ سواء، والعائلة تشل الحركة، لأنها تشغل النساء بالاعمال البيتية حتى لاتستطيع بالعمل بالاعمال الخارجية.

ثالثاً: ذكر ماركس «ولكن على أية قاعدة، تتركز العائلة البرجوازية في الوقت الحاضر، تتركز على رأس المال، والربح الفردي! والعائلة بكامل كيانها وتمام بنيانها، ليست موجودة الا عند البرجوازية فقط! ولكن مهمتنا هي الألغاء القسري لكل عائلة بالنسبة للبروليتاريا، ثم البغاء المطلق»(2).

وعندما سئل انجلز: ماهو وقع النظام الشيوعي في العائلة، أجاب «سيجعل

ص: 189


1- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 86-88.
2- المصدر نفسه، ص 116.

علاقات الرجل مع المرأة، علاقات ودية محضة، مقتصرة على الاشخاص الذين يشتركون بها»! دون ان يكون للمجتمع أدنى تدخل فيها(1).

الأخلاق في الشيوعية:

يحرص الشيوعيون على محاربة الأخلاق، لنفس الغرض الذي من أجله يحاربون الاديان، وذلك أن الشيوعية تزاحم الأخلاق النبيلة في الخطوط المعاكسة، إذ لو بقيت النفوس مؤمنة بالأخلاق الإنسانية النبيلة لكفرت بالشيوعية وأساليبها وأهدافها، في ضوء ذلك نجد لينين يلتجيء الى تفسير الاخلاق بكل ما يخدم النضال الشيوعي ويجعل الشيوعية هدفاً ووسيلة للحياة، كي لايفكر الناس في غيرها، ويكرسوا طاقاتهم لخدمتها، دون أن يمنعهم دين أو أخلاق أو ضمير(2).

يقول لينين «غالباً مايزعم: أن ليس لنا أخلاق خاصة بنا، وفي معظم الأحيان تتهمنا البرجوازية، نحن الشيوعيين، باننا ننكر كل الاخلاق وتلك الطريقة لتشويش الافكار، لتضليل العمال والفلاحين، باي معنى ننكر الاخلاق، وننكر السلوك؟ بالمعنى الذي تتستر به البرجوازية التي كانت تستشف هذه الاخلاق من وصايا اللّه، وبهذا الصدد نقول بالطبع اننا لانؤمن باللّه، ونعرف جيداً جداً: ان رجال الدين، وكبار الملاكين العقاريين كانوا يتكلمون باسم اللّه لكي يؤمنوا مصالحهم كمستثمرين، ان كل اخلاق من هذا النوع مستقاة من مفاهيم غريبة عن الانسانية غريبة عن الطبقات، ان كل اخلاق كهذه ننفيها وننكرها ونقول: انها تخدع العمال والفلاحين وتغشهم وتحشوا ادمغتهم حشواً.... اننا نقول ان اخلاقنا خاضعة تماماً لمصالح نضال البروليتاريا الطبقي، ان اخلاقنا تنبثق من مصالح

ص: 190


1- المصدر نفسه، ص 117.
2- حسن الشيرازي، الاقتصاد، ص 124.

نضال البروليتاريا الطبقي» ويقول ايضاً «اننا لانؤمن بالاخلاق الابدية، واننا نفضح جميع القصص والحكايات الكاذبة الملفقة حول الاخلاق»(1).

فصل أنجلز قاعدة مركزية للاخلاق يميز بها الحسن من القبيح، فقال عام (1877م) اننا نرفض شتى المحاولات التي تحاول ان تفرض علينا أخلاقاً تستند الى المثاليات، وذلك اننا نؤمن: أن الأخلاق هي نتاج الأوضاع الأجتماعية، ولما كانت الأوضاع الأجتماعية متغيرة، فان مفاهيم الاخلاق لابد ان تتغير، ان الاخلاق التي نؤمن بها هي كل عمل يؤدي الى أنتصار مبادئها مهما كانت الاوضاع الاجتماعية متغيرة، ومهما كان هذا العمل منافياً للأخلاق المعمول بها!!، فالمناضل الشريف في عرف الشيوعيين يجب عليه ان ينبذ الاخلاق، ويعرف ان الاخلاق في سحق الأخلاق، مهما تطلبت ذلك مصالح البروليتاريا، اما اذا حفزه الوازع الديني على اعتناق مبادئه الاخلاقية، ومثله العليا، فان لينين حدد موقفه حيث قال عام (1918م) «اذا لم يكن المناضل الشيوعي قادراً على ان يغير اخلاقه وسلوكه وفقاً للظروف مهما تطلب ذلك من كذب وتضليل وخداع، فانه لن يكون مناضلاً ثورياً حقيقياً»(2).

ونتيجة لذلك ومن اسخف ما في النظام الشيوعي، فانهم يحاولون القضاء على العائلة لاطلاق مشاعية المرأة، وذلك هدف تافه جداً، وبالقياس إلى ما يستتبعه من خسائر فادحة على الاقتصاد والاجتماع معاً:

1- ان رئيسي العائلة الرجل والمرأة يقومان بجميع الاعمال البيتية ولولا وجود العائلة لما قام الرجل والمرأة بهذه الأدوار وإذا لم يقوما بها في البيت قاما بها داخل ساعات العمل، وستؤثر على سير العمل وأداء العامل.

ص: 191


1- المصدر نفسه، ص 124-126.
2- حسن الشيرازي: الاقتصاد، ص 125-126.

2- ان حضانة الاطفال وتربيتهم وتنشئتهم، مما يقوم به رجل وامراة ويضمنان جميع حاجاتهم الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، أما لو بعثرت العائلة كان على الدولة أن تخصص مبالغ كبيرة من الأموال والموظفين والعمال للقيام بذلك، بعد أن أصبحت أجتماعية، وكانت سابقاً فردية.

3- أن الاحصاءات المتكررة وفي أكثر البلاد الراقية أعلنت أن غالبية أطفال الملاجيء قليلي الذكاء والمواهب، طبقاً للروتين السائد في الأعمال العامة، فتموت كل حالة أبداع بداخلهم(1).

ص: 192


1- المصدر نفسه، ص 157.

الفصل الرابع: آراؤه ومواقفه السياسية

اشارة

المبحث الأول: الفكر السياسي عند السيد حسن الشيرازي

المبحث الثاني: موقفه من النظام الملكي

وثورة 14/تموز/1958م وما بعدها

المبحث الثالث: موقفه من حكومة حزب البعث 1968-1980م

ص: 193

ص: 194

المبحث الأول: الفكر السياسي عند السيد حسن الشيرازي

تميز السيد حسن الشيرازي بالإضافة إلى آرائه الإصلاحية الدينية والاقتصادية والاجتماعية بآرائه الإصلاحية السياسية، حتى انه ذهب شهيداً نتيجة تلك الآراء.

انطلق السيد حسن الشيرازي في عمله السياسي من قاعدة فقهية تدعى «شورى الفقهاء»(1) وهي تختلف عن ولاية الفقيه التي ينفرد بها فقيه واحد في تولي زمام أمور الدولة الإسلامية فتكون له صلاحيات قضائية وإجرائية واسعة، اختلف الفقهاء في تقديرها سعةً وضيقاً، من بعد ما اختلفوا في ثبوتها للفقيه فمنهم من أثبتها له، ومنهم لم يثبتها له(2).

ذهب بعض الفقهاء إلى وجوب الشورى وألزاميتها في حال كون الحاكم غير معصوم فكل ما يتعلق بشؤون المجتمع المسلم هو مورد الشورى ونتائجها ملزمة فيه(3).

ص: 195


1- شورى الفقهاء: مشروع أصلاحي تقدمي وضع للحوزات العلمية وواقع الامة والسير بها الى الأمام وهي تعني قيام المراجع بمهمة واحدة، والعمل المشترك لخدمة الإسلام، ولإنقاذ المسلمين من واقعهم المأساوي، وقد أستدل على صحة الشورى أو الولاية الشورية بالآية 159 آل عمران {وَشاوِرْهُمْ فِي الأَمْر} وهذه الشورى بين مراجع التقليد وفقهاء الأمة يكون لكل فقيه ممثل في مجلس الشورى ينوب عن المرجع ويتدارس مع بقية ممثلي المراجع مشاكل المجتمع المسلم وهمومه. مرتضى الشيرازي، شورى الفقهاء، دراسة أصولية فقهية، ط4، (بيروت: مؤسسة الفكر، 1996م)، ج1، ص 515..
2- محمد محمد صادق الصدر، ولاية الفقيه، (النجف: د.م، د.ت)، ص 3-31.
3- فرج موسى، الدين والدولة عند الامام محمد مهدي شمس الدين، (بيروت: دار النهار، 2002م)، ص 437.

وبما أن العقول المتعددة أفضل وأصوب من العقل الواحد وبما أن اللّه «سبحانه وتعالى» أمر بالشورى، فان الولاية الشورية، أولى من الولاية الفردية، ولا جدال في كون أعضاء الشورى من مراجع التقليد(1).

لا يوجد إجماع داخل صفوف علماء الدين أنفسهم فيما يتعلق بمفهوم الدولة الإسلامية وتوجد بينهم اختلافات ومردها أختلاف التيارات الإجتماعية الأيدولوجية وفهم الفقيه للعلاقة بين الدين والسياسة(2).

وهناك اتجاه يذهب إلى اعتبار الولاية الشورية الأصل في تشريع السيادة على مستوى التشريع والتنفيذ في ضوء نظرية الإسلام السياسية(3).

ونظرية شورى الفقهاء تعني أن السلطة العليا لا تقتصر على الفقيه الواحد والحاكم الفرد، وإنما تناط بعدد من الفقهاء الذين تتوفر فيهم شروط الولاية، وبعبارة أدق أن الفقهاء المؤهلين للحكم يشكلون نظاماً شورياً يسمى «لجنة الإفتاء» أو «مجلس قيادة» من خلاله تحكم الدولة الإسلامية بأغلبية الآراء على أساس مبدأ الشورى(4).

برزت نظرية الولاية الشورية إلى الوجود، لكي تعالج الواقع الإسلامي بين خط المرجعية وخط التنظيم، ومن الذي يتولى عملية التغيير حزب الأمة، أو حزب اللّه الذي يصطلح عليه بكلمة أمة حزب اللّه(5).

ص: 196


1- محسن كديفر، نظريات الحكم في الفقه الشيعي، ترجمة دار الجيل، (بيروت: دار الجديد، 2000م)، ص 123.
2- محمد رضا جليلي، الأسلام الشيعي والدولة، ترجمة علي الخطيب، (بيروت: دار الرسول الأكرم، 1997م)، ص 97.
3- حيدر آل حيدر، ولاية الفقيه، (طهران: مجمع الفكر الأسلامي، 1988م)، ص 145.
4- صالح آل أبراهيم، المرجع والأمة، دراسة في طبيعة العلاقة والمهمات، (بيروت: دار البيان العربي 1993م)، ص 139.
5- محمد حسن فضل اللّه، الحركة الإسلامية، هموم وقضايا، (بيروت: دار الصدر، 1998م)، ص9.

وقد تبنى مجموعة من العلماء مشروعاً يرتكز على فكرة أن يكون التغيير المنشود أو المعالجة عن طريق نظرية أطلقوا عليها «حركة العلماء المراجع» لا حركة الأحزاب الإسلامية(1).

حاول السيد حسن الشيرازي معالجة الواقع الإسلامي من خلال سؤالين السؤال الأول «كيف انحدرت الأمة» الإسلامية «من قمة الكمال إلى درك الهوان»، وبين أن السبب في ذلك هو وصول حكام غير كفوئين إلى هرم السلطة في الدولة الإسلامية، وغير مؤمنين بالقيم الإسلامية التي جاء بها الإسلام والقرآن الكريم فانشغلوا بملاذهم عن هموم الأمة والحفاظ على كيانها وحفظ هويتها مما جعلها ضعيفة أمام الغزاة المستعمرين، انتهى بها الحال مقسمة بين المستعمرين ينهبون خيراتها ويستعبدون أبنائها(2).

السؤال الثاني: «كيف يمكن للأمة العروج من درك الهوان إلى قمة الكمال» وللإجابة عن هذا السؤال: يجب أن تتجرد الأمة الإسلامية من جاهليتها الثانية وتعود إلى سبب تفوقها وقوتها الذي وحّدها بعد أن كانت قوى مبعثرة تتخطفها الدول والإمبراطوريات، فأصبحت تحكم معظم بقاع العالم المعروف آنذاك، والعودة إلى الإسلام، والعمل بمؤداه ونبذ كل العادات والتقاليد والقوانين التي لا تنسجم مع الإسلام، فبذلك يستطيع المسلمون أن يعيدوا حضارتهم التي فقدوها فبالإسلام لا بسواه أن ينهض المسلمون مهما أختلفت ألوانهم ولغاتهم وقومياتهم(3).

حدد السيد حسن الشيرازي عناصر النهضة الطبيعية الجذرية للأمة - أية أمة - تتلخص في: -

ص: 197


1- محمد تقي المدرسي، القيادة السياسية في المجتمع الاسلامي، (طهران: دار محبي الحسين، 2004م) ص 29.
2- المصدر نفسه، ص 35.
3- حسن الشيرازي، كلمة الإسلام، ط2، (بيروت: مؤسسة الوفاء، 1983م)، ص 15-32.

1- وجود مبدأ شامل.

2- وجود قيادة محددة حكيمة منطلقة من صميم ذلك المبدأ.

3- وعي الأمة لذلك المبدأ وتلك القيادة.

4- إيمانها المطلق بهما معاً.

5- ثقتها بنفسها، كأمة تستجمع مؤهلات النهوض المستقل.

6- تنفيذ الأمة لذلك المبدأ - في واقعها - بإيحاء تلك القيادة(1).

قسم السيد حسن الشيرازي هذه العناصر الستة على قسمين: -

القسم الأول: ما يتصل بطبيعة المبدأ، الذي تنطلق منه الأمة، ولا صلة له بواقع الأمة وجهودها وإرادتها وهو أول نقطتين من النقاط الست.

القسم الثاني: ما ينطلق من واقع الأمة وإرادتها وجهودها، وهوالنقاط الأربعة الأخيرة من النقاط الست، فمتى توفرت هذه العناصر الستة في أمة كانت إمارة نهوضها المحتم القريب، وان فقدت هذه العناصر جميعها أو بعضها، انعكس عجزها من واقع الأمة، وفي مقدرتها على النهوض المستقل، وفي مقاومتها لمحاولات السيطرة والاستغلال.

وضح السيد حسن الشيرازي أن تلك هي الحقيقة التي يدلي بها الواقع بعد تجارب الملايين أفراداً وأعواماً، ويؤكدها التاريخ بمجموعة من البيانات، وهذه سنة الحياة التي لن نجد لها تبديلاً ولن نجد لها تحويلاً.

وبعد إنجاز هذا الدور، باكتشاف عناصر النهضة الطبيعية، علينا أن ننتقل إلى الدور الثاني، باستعراض واقعنا المشوه المثلوم، بلا تعصب أو انحياز لنتصفحه بتدبر وإمعان، إعداداً لعرضه على عناصر النهضة، فنتلمس الأخطاء لتلافيها، ونتحسس النواقص لترميمها قبل أن نباشر تشييد مستقبلنا، كي لا تكون قاعدتنا

ص: 198


1- المصدر نفسه، ص 40.

العامة متهافتة منحرفة، تودي بكياننا المنشود في نشوة الميلاد(1).

يرى السيد حسن الشيرازي أن مبدأ الوحدة منطلق مقدس لتحقيق الأهداف، لأن التفرق والتمزق في رأيه سواءً على صعيد القيادة أو الطليعة المؤمنة أو حتى شرائح المجتمع يبدد الطاقات ويسترخص النجاحات ويبددها، فلا تصل الأمة إلى نتيجة تذكر، وقد استخلص نتيجة دقيقة جداً من رؤيته هذه مفادها أن الوحدة تنتج عملية تغيير سلمية وثورة بيضاء - كما يصطلح عليها السياسيون - لا تحتاج إلى أن نتوسل إلى العنف والقتل وإراقة الدماء والعكس بالعكس، فان التفرق والتمزق لا ينتج إلا ثورات دموية تبدأ بالعنف وتنتهي إليه، فلا يستبعد أن تبتلى الثورة في هذه الحالة بمرض العنف الذاتي الذي ينتهي بها إلى أن تأكل أبناءها إن تجد ما لم تأكله، فالتغيير في رأي السيد حسن الشيرازي يستند إلى مقومين مهمين هما الوحدة واللاعنف، لينتج تغييراً صحيحاً وثورة بيضاء لا دموية(2).

يستند مبدأ اللاعنف بأصالة السلام في الإسلام وليست الحرب وأساليب العنف إلا وسائل اضطرارية شاذة على خلاف الأصول الأولية الإسلامية مثلها مثل الاضطرار لأكل الميتة وما أشبه، فهناك حد للسلام مع الظالمين، وبعده تفل الأحزمة، وتعلن الحرب وهو أختيار أضطراري(3).

يتضح مما تقدم أن منهج السيد حسن الشيرازي التغييري والإصلاحي يستند على ثقافتين إن صح التعبير، ثقافة الوحدة الإسلامية وهي تعني شعور كل مسلم

ص: 199


1- حسن الشيرازي، كلمة الاسلام، ص 40-41؛ سمير الكرخي، وعي النهضة في فكر السيد الشهيد حسن الشيرازي، مركز الإمام الشيرازي للبحوث والدراسات؛ www.anabaa.org.
2- نزار حيدر، قراءة في الأدب السياسي للشهيد الشيرازي، الراحل الحاضر، ص 125؛ للمزيد عن اللاعنف ينظر: Http//ar.wikibedia.org.
3- عبد الحليم محمد، الإمام الشيرازي، ص 28؛ www.annabaa.org.

بانتمائه إلى أمة الإسلام، وثقافة اللاعنف التي تعني أن يستند كل تغيير منشود في الأمة الإسلامية من دون عنف وإراقة دماء، بل بالوسائل السلمية لكن مع الاضطرار إليه عندما يكون هو السبيل الوحيد يمكن استخدام السلاح والقوة لكن بقدر الحاجة لا أكثر.

نبّه السيد حسن الشيرازي إلى ما سماه «الاستعمار الفكري المسلح» الذي أعقب سقوط الحكم العثماني لتثبيت التصورات الاستعمارية والتأكيد عليها بكافة أجهزة النشر والدعاية، ثم تنميتها بصورة تذيب الأمة وتؤمن مصالح المستعمرين، فان المستعمرين ما أن نجحوا في القضاء على «كيان الإسلام الدولي» حتى وحدوا إمكاناتهم الدعائية، للقضاء على «كيان الإسلام العقائدي» لتكميل القضاء على واقع الإسلام كله، وفي جميع مجالاته السياسية والفكرية، فبدؤوا بتنفيذ الخطط التي صممها الصليبيون فيما سبق، وكانت نقطة الضعف التي تسللوا منها إلى الأمة والى «الرأي العام الإسلامي» هي سوء فهم الأمة لمبدئها القويم فاستغلوا منه جواً ملائماً لتربية تشويهاتهم ومغالطاتهم وتهمهم التي قذفوا بها الإسلام وإثارة الأفكار والمفاهيم التي تسفّه جوهر الإسلام وتنكر صلاحيته الفعلية لمعالجة مشاكل الحياة، وخرجت الأمة من «حملة التشويه الاستعمارية» بتلفيقات مزيفة، وانفصاماً بين الأمة ومبدئها(1).

إن مقارعة الاستعمار والوقوف بوجهه وكشف ألاعيبه وأكاذيبه هو موقف المرجعية الدينية في كل العصور، فان ذلك امتداد لموقف مبدئي عام للتشيع أصر عليه أهل البيت (عليهم السلام) في سلوكهم وتعاليمهم، يقضي بتناسي الخلافات بين المسلمين عند تعرض الإسلام للخطر والتوجه للعدو المشترك حفظاً لكيان الإسلام العام، والدفاع عن بيضة الإسلام، لأن الإسلام قبل الإيمان ولا يصل له

ص: 200


1- حسن الشيرازي، كلمة الإسلام، ص 54-55.

الإنسان إلا بعد معرفة الإسلام والوصول إليه، ولهذه السيرة التي سارت عليها المرجعية، أدلة شرعية منها موقف الإمام علي (عليه السلام) بعد أن تعرض الإسلام للخطر، تناسى خلافه مع الخلفاء ووقف بوجه أعداء الدين، حفظاً لبيضة الإسلام(1).

يتضح مما تقدم إن ثقافة الوحدة الإسلامية التي تبناها السيد حسن الشيرازي هي من صميم العقيدة الإسلامية دلت عليها سيرة أهل البيت (عليهم السلام) وأنها من المفاهيم التي تعمل على إيجاد قواسم مشتركة بين المسلمين، بحيث لا يكون للمذهبية تأثير في توحيد الصف الإسلامي، لان الوحدة المذهبية أصبحت غير ممكنة أو قد يصعب تحقيقها في اقل تقدير.

أما الثقافة الأخرى وهي ثقافة اللاعنف فقد بدت واضحة في مرجعية السيد محمد الشيرازي والذي كان السيد حسن الشيرازي يعمل بتفويضها، ففي أيام اختفاء السيد محمد الشيرازي وقبل سفره إلى الكويت عام 1970م، اتصل به بعض الناس من المقربين إليه وقالوا له: إن الناس مستعدون للإضراب ولزرع المتفجرات في المباني الحكومية ولاغتيال بعض الشخصيات الحكومية التي اضطهدته، نهى عن ذلك أشد النهي، وقد حال نهيه دون وقوع بعض الحوادث المرة، لان أعمال العنف غير جائزة شرعاً بحسب فهمه الشرعي(2).

بين السيد حسن الشيرازي مشكلة العالم الإسلامي فقال: إن مشكلة العالم الإسلامي هي مشكلة الكفر والإسلام حيث أن الإسلام والكفر كانا الخطرين اللذين يهدد احدهما الآخر، ولم ينجح أيهما في القضاء على مناوئه قضاءاً نهائياً، بل بقيا منذ انبثق الإسلام عدوين لا يفتآن عن الصراع وكان الصراع طبيعياً

ص: 201


1- محمد سعيد الحكيم، المرجعية الدينية، الحلقة الثانية، ط5، (بيروت: مؤسسة المرشد، 2003م)، ص 57-58.
2- محمد الشيرازي، خواطر وذكريات، ص 407-408؛Http//www.14masom.com.

يؤمن بنظام الحياة، فقد كان الكفر يديل على الإسلام طوراً وطوراً يديل الإسلام على الكفر، فيتقلص المهزوم ويتوسع الظافر، ولكن لا يلقي احدهما السلاح، وأصبحت الحرب «حرب إبادة من جانب الكفر» وحرب استماتة من جانب الإسلام(1).

وقد تضخمت وتوسعت المشكلة في مراحلها الأخيرة وامتدت جذورها إلى كل بيت ومقهى ومنتدى حتى أصبح في كل أسرة عائلية أو فكرية أو علمية، فردٌ يحارب الإسلام، ويؤيد هذا الاستعمار أو ذاك بحيث تطورت «مشكلة الكفر والإسلام» - التي كانت مشكلة - «الحكومة الإسلامية» وحدها إلى مشكلة كل فرد وأسرة، وانبرى الجميع لمكافحة هذه المشكلة بأساليب غير مدروسة، أو غير صحيحة، فكانت جهوداً بلا نتاج، وفي طريق التعبئة الجماعية لعلاج هذه المشكلة بصورة مدروسة وصحيحة(2).

انطلق السيد حسن الشيرازي من هذه التصورات لطرح مفهوم «حزب اللّه» في وقت مبكر جداً، إذ كان يعتقد بان كل من يعمل للهدف انطلاقاً من الإسلام إنما ينتمي الى «حزب اللّه» الذي لم يفهمه تنظيماً حزبياً ضيقاً وخاصاً بشريحة مؤمنة دون سواها، ومقتصراً على ثلة دون أخرى، وإنما هو تيار إيماني نهضوي ينضوي تحت لوائه أنصار اللّه وأحباؤه وقادر على استيعاب كل الأمة إذا قررت الانتماء إليه يقول في ذلك:

الحزب حزب اللّه ليس سواه في***الإسلام أحزاب ولا أنصاب فحزب المؤمنين واحد وأن تعددت أسماؤهم ووسائلهم إذ يبقى المنهج واحد والمنطلق واحد والسبيل واحد لا يفترق ابداً وشعاره «قل هذه سبيلي ادعوا اللّه

ص: 202


1- حسن الشيرازي، كلمة الاسلام، ص 71-72.
2- المصدر نفسه، ص 79.

على بصيرة أنا ومن أتبعني».

أما الطائفية فقد عدها السيد حسن الشيرازي صنفاً من الإرهاب لأنها أسلوب دنيء لتمزيق الأمة وتفريقها إلى طوائف وشيع، ولا يجوز الترويج لها أو التوسل بها طريقاً لتحقيق الهدف المقدس، فهي الفتنة العمياء التي طالما أثارت الأحقاد والضغائن بين صفوف الأمة، ولذلك لا يتوسل بها إلا الطاغوت الحاكم كلما أراد السيطرة على مقدرات الأمة من إثارتها لتمزيق الأمة أولاً ثم إضعافها وسلبها إرادتها وقدرتها على المواجهة(1).

تحدث السيد حسن الشيرازي عن الحلول المعروضة للمشكلة الإسلامية المعاصرة بحيث يمكن إطلاق اسم «العلاج الإسلامي» عليه واشترط لذلك: -

1- أن يكون علاجاً فعلياً تجريبياً، يحل المشكلة في مدى تنفيذه، وأما لو كان العلاج شعراً مغرقاً في المثالية فلا يصح اعتباره علاجاً.

2- أن يكون علاجاً منبثقاً من صميم الإسلام، بوحيه وأساليبه، لأن الإسلام - باعتباره ديناً فكرياً عقائدياً - يرفض كل علاج يقضي على مشكلة ما لم يكن منتزعاً منه، فالنظام الشيوعي يعالج مشكلة الإقطاع، والنظام الاشتراكي يعالج مشكلة الإقطاع على الرغم من أن الإسلام لا يعترف بهما، إنما يعترف بنظام «إحياء الموات» المنتزع منه، وكذلك الشيوعية تعالج كافة المشاكل الفردية والاجتماعية والدولية، مع أن الإسلام لايعترف بمعالجاتها وإنما يعترف بمعالجاته الخاصة المقررة في الفقه الإسلامي، فلا بد ان يكون العلاج الإسلامي مستنبطاً من مصادره الفقهية لا مستنبطاً من الأنظمة الأجنبية الوافدة.

2- أن تتوفر لديه الضمانات التي تكفل للإنسانية صدقه وصوابه عند اللّه وفي رأي الإسلام، لان مجرد الاقتباس من مصادر الشرع الإسلامي لا يغني لاثبات

ص: 203


1- نزار حيدر، قراءة في الأدب السياسي للشهيد الشيرازي، الراحل الحاضر، ص 125-126.

حقيقة دينية بل لابد من توفر «ضمان» يؤكد واقعيتها، وإلا فان الاثنين والسبعين فرقة التي تشعبت من الإسلام، تستوحي ذاتها من الكتاب والسنة(1).

اشترط السيد حسن الشيرازي أن تعالج مشكلات المجتمع المسلم عن طريق استنباط الأحكام الإسلامية من العلماء، لا من الذين اعتنقوا الإسلام للارتزاق أو المنصب أو المصلحة، أو الذين لم يعرفوا حقيقة الإسلام وجوهرته النامية وعظمته الزاهية، ومع ذلك فهم يحبون أن ينتصر الإسلام، ولكن لترهل إيمانهم، وخور عقيدتهم لا يستطيعون أن يتصورا أن الإسلام بنفسه يفتح طريقه في عالم مزدحم بالقوة والمبادئ الجارفة، فإذا رؤوا مبدءاً - أي مبدأ - اخذ طريقهُ إلى التقدم - يحاولون أن يلصقوا ذلك المبدأ بالإسلام والإسلام منه براء(2).

تحدث السيد حسن الشيرازي عن الأحزاب الإسلامية بوصفها احد أشكال التنظيمات الإسلامية المعاصرة، وبين أنها تبدأ بفرد مفكر أو أفراد مفكرين امنوا بان الإسلام في الصيغة التي تصوروه فيها، هو النظام الأصلح الذي يوفر السعادة للإنسان، فقرروا تنظيم حركة قاعدية هرمية لتنفيذه في واقع الحياة، فنصبوا احدهم قائداً للحركة، أو نحتو من مجموعهم قيادة جماعية للحركة حسب اختلافات الآراء في توحيد القيادة أو جماعيتها - وساروا في الطرق الحزبية السرية أو العلنية، ليسيطروا على الحكم عن طريق الثورة العسكرية المسلحة، أو أكثرية الأصوات في البرلمان، فيبدلوا نظام الحكم المباد بنظام الحزب الظافر، ويرغموا الشعب على تقبل النظام الجديد، بنفس الأجهزة والأساليب السابقة، تلك نواة الأحزاب الإسلامية في الفكر والمنهج وهذه صفة حركة الأحزاب الإسلامية، منذ منطلقها حتى مسيرها ومصيرها وهي ليست حركة إسلامية في

ص: 204


1- حسن الشيرازي، كلمة الإسلام، ص 91-92.
2- حسن الشيرازي، بحوث وقصائد حول الإسلام والولاء، ص 23.

واقعها المقنع باسم الإسلام، وان حملت شعاراته، لان الحركة الإسلامية الصحيحة، هي التي تكون في بواعثها وأساليبها وأهدافها إسلامية في الصميم، بحيث إذا انحرفت قيد شعرة يبدو الانحراف شذوذاً، لا أن تكون الحركة في بواعثها وأساليبها وأهدافها غير إسلامية، حتى يلاحظ فيها الالتقاء مع الإسلام شذوذاً(1).

وضح السيد حسن الشيرازي انه على الرغم من أن الأحزاب السياسية الصحيحة تشكل عاملاً أساسياً في انفتاحية الحكم ورفاهية الشعب وتحرره النفسي والفكري، إلا أن التجارب السياسية للعديد من الدول والأمم أثبتت أن العمل الحزبي يمكن أن يكون عامل هدم بقدر ما يكون عامل بناء، وهذا أمر يرجع إلى تركيبة الحزب وأهدافه ومبادئه ثم علاقته بالقوى والأطراف فليس كل حزب مقبول ولا كل حزب مرفوض بل لابد من إيجاد صيغة متكاملة تجمع لنا بين ايجابية الأحزاب وتنجينا من سلبياتها، ومن هنا سنسلط بعض الأضواء على هذه الصيغة، قد تكون النظرة إلى شرعية تعدد الأحزاب في ظل المرجعية الدينية نظرة تكاد تكون خالية المعالم والأبعاد عند الذين لم يضعوا مجالاً لتبرير التعددية فانعدمت زاوية النظر الصحية لديهم، ذلك أن منطلق هذه النظريات جاء من خلال ما رسمته الأحداث من واقع مرير على ساحة العمل السياسي وما شهدته السياسات الحاكمة من دكتاتوريات فرضت نفسها على واقع العمل الحزبي والسياسي فشوهت المنطلقات السليمة التي من أجلها أنشأت الأحزاب(2).

يعتقد السيد حسن الشيرازي أن حركة الاحزاب الإسلامية، حركة ديموقراطية

ص: 205


1- حسن الشيرازي، كلمة الاسلام، ص 99-100؛ www.anabaa.org.
2- حيدر حسين الكاظمي، اطروحة العمل الحزبي في آراء الشهيد الشيرازي، الراحل الحاضر، ص 95؛ www.anabaa.org.

لا تنتمي إلى الإسلام لان: قيادتها قيادات ديمقراطية لا إسلامية، إذ القيادة الإسلامية، لا تتمثل الاّ فيمن تكاملت فيه مؤهلات «مرجع التقليد» وطريقة تنصيبه ليست الانتخابات والاختيار الكيفيان إنما تتحقق بإثبات توفر تلك المؤهلات فيه، فهو لا يحتاج إلى أكثر من التمييز والتعرف عليه، بواسطة تحكيم أهل الخبرة الذين لا يحق لهم استخدام صلاحياتهم إلا في مجرد التحديد والبيان، بينما تكون قيادة الأحزاب الإسلامية، متحررة من مؤهلات المرجع فلا يشترط في القائد الحزبي الاجتهاد في الفقه الإسلامي ولا أي واحد من شرائط المرجع، وإنما يتولى قيادة الحزب، فرد مفكر أو يشترك فيها أفراد مفكرون ممن لهم سوابق حزبية فان المؤهلات الحزبية إذا توفرت في شخص رغماً عن جميع النواقص والانحرافات الأخرى فان الحزب يفضله على أعظم منه لا تتوفر فيه المؤهلات الحزبية(1).

بين السيد حسن الشيرازي واعترف بان جماهير المسلمين قد انفرطت من قيادة العلماء، وتلاحمت أشتاتاً للانضواء تحت قيادات الاستعمار، والأحزاب والحكومات الوضعية، وان السلطات الاستعمارية العميلة تطاردهم وتضيق عليهم السياج المادي والمعنوي، ولكن إذا حق أن العلماء يواصلون العمل الدائب المخلص فلماذا لا ينتجون المنجزات التي تتناسب وهذه الجهود الضخمة التي تصفونها؟!.

الجواب: لأن عدد العلماء اقل من الجهود الذي يأمله منهم العالم الإسلامي والحاجة التي يواجههم بها المسلمون، وإذا أمكن أن نطالب كل واحد منهم بعمل رجلين أو دائرة كاملة، فلا يسمح كيانه العضوي البشري بمطالبته بعمل حزب أو وزارة أو حكومة، وقد أصبح توقعها من العلماء بهذه النسبة المجازفة،

ص: 206


1- حسن الشيرازي، كلمة الاسلام، ص 101-102.

فعندما يرى المسلمون حكومة تنحرف عن خطة الإسلام، يصبون حقدهم على المرجع الديني الذي يعيش في ظلها، مع الاعتراف بأنه مطوق مادياً ومعنوياً، وان الشعب لا يستجيب له في صغيرة ولا كبيرة، وهل المرجع إلا إنسان واحد في طاقاته الجسمية وان كان قوي الروح والتفكير(1).

قرر السيد حسن الشيرازي أن «حركة الأحزاب الإسلامية» بند صميم من الحركة الديمقراطية العضوية، ولا يمكن فرزها عنها حتى بسكينة الجزار، ولا يجدي ما يستدل به على اختلافها «أن نظام الأحزاب الإسلامية مقتبس من الإسلام، والنظم الديمقراطية غير مستوحاة منه»(2).

وذلك لان الديمقراطية منهج سياسي يحدد طريقة الحكم، وليس نظاماً داخلياً يختلف مع الإسلام في قوانينه الداخلية أو يتفق، فيتلخص مفعولها في «جعل الشعب مصدر السلطات» وإلغاء المصادر الأخرى ومؤدى ذلك ترك حرية تشريع النظام وتنفيذه للشعب المتمثل في الأغلبية، والنظام الداخلي للأحزاب الإسلامية لا يناقض هذه الفحوى، بل أن صيغة الأحزاب الإسلامية لا تطيق سوى تنفيذ الديمقراطية، لأنها تتكون تكوناً ديمقراطياً، يؤمن بتحكيم رأي الأكثرية في كافة خطوطها وأساليبها ومرافقها، ثم يكون تنسيق خلاياها تنسيقاً ديموقراطياً(3).

تختلف الديموقراطية عن الإسلام في عدة وجوه منها أنها تستمد سلطانها من الشعب بينما الإسلام يستمد سلطانه من اللّه «سبحانه وتعالى» والولي يتسلم دساتيره عن اللّه «سبحانه وتعالى» هذا الإسلام السياسي، أما الإسلام الاجتماعي - إن صح التعبير - فتكون الولاية لصالح الشعب لكن لا مطلقاً بل في

ص: 207


1- حسن الشيرازي، من أين نبدأ، الأخلاق والآداب، مجلة، كربلاء، العدد9، السنة الرابعة، 1963م، ص 321-322.
2- حسن الشيرازي، كلمة الإسلام، ص 102.
3- المصدر نفسه، ص 102.

نطاق رضى اللّه «سبحانه وتعالى» فالديمقراطية تقدس صوت الأكثرية مثلاً، والإسلام يقدر صوت الحق، ولو كان الناطق به غلاماً غير مراهق ولا يعد للأكثرية وزناً ما لم يصاحبها الحق، والديمقراطية تساوي بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات والإسلام لا يعترف بذلك، فلا يطالب المرأة بالواجبات الملقاة على كواهل الرجال، ولا يقدر لها من الحقوق ما يقدر للرجل(1).

وضح السيد حسن الشيرازي بان قائد الحزب ينتخب بأكثرية الأصوات ويتجه الحزب - بتوجيه عملي لاشعوري آلي - إلى «عبادة الفرد» إذا انتخب فرداً واحداً لقيادة الحزب، كما يتجه «لعبادة المجهول» إذا انتخب أفراداً مجهولين للقيادة - وإن ترددت في خطب الحزب ومحاضراته: انه ضد عبادة الفرد وعبادة المجهول، لأن الواقع يفرض نفسه تجاه الإنسان، أكثر من الكلام فالحزب الذي يلقن أعضائه باستمرار وجوب إطاعة الفرد القائد، أو الأفراد المجهولين لأنهم يتفوقون بالعبقرية الحية، ويمتازون بنشاطات ونضالات سابقة، لا يمكن لأحد انجازها بعد توسع الحزب، ينحدر على عبادة ذلك الفرد المتفوق أو أولئك الأفراد المتفوقين، عبادة لاشعورية عمياء حيث يتصورهم فوق المعدل الذي يرفعهم فوق مجالات التسابق والمجاراة(2).

وجدت بعض الأحزاب الإسلامية التي لم تكتف بقيادة الأمة الإسلامية وفق منظورهم السياسي والايديولوجي - كما في حالة الإخوان المسلمين - بل حاولوا السيطرة على الأزهر وعلى المواقع الأخرى خارج مصر، أو أن الحركة نفسها أو الحزب أو التنظيم يصبح هو مرجعاً بدل المفتي ودار الإفتاء(3).

ص: 208


1- حسن الشيرازي، بحوث وقصائد حول الإسلام والولاء، ص 28-29.
2- حسن الشيرازي، كلمة الإسلام، ص 103-104.
3- عادل رؤوف، العمل الإسلامي في العراق بين المرجعية والحزبية، قراءة نقدية لمسيرة نصف قرن (1950-2000م)، ط3، (دمشق: المركز العراقي للاعلام والدراسات، 2005م)، ص75.

والأحزاب الإسلامية تكون متطرفة، تركز على الجانب السياسي من الإسلام وتهمل بقية الجوانب الحيوية منه، التي لا يتكامل الإسلام إلا بها، تبعاً للتكتيك الحزبي الهادف إلى تكريس الجهود للتضافر على تسلق الحكم، وتفلسف هذه الأحزاب هذا التطرف المفرط، بوجوب توارد النشاطات لانتزاع الحكم الإسلامي كله من الأيدي العميلة والمنحازة، ريثما يكون الأمر كله للّه فإذا تخلص الحكم الإسلامي من قبضاتهم وائتمن عليه رجال مؤمنون لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً تحيى كافة معالم الإسلام ومشاريعه العبادية، بصورة تلقائية تلبية للجو الإسلامي الحاكم فلا مسوغ لإهدار الطاقات الواعية - الآن - في سبيل الطقوس العبادية والأمة تشتكي عجزاً ذريعاً في المجال السياسي(1).

بين السيد حسن الشيرازي أن الاتجاه الحزبي العام، حيث ينبعث من اتجاه الفرد القائد، أو المجلس القيادي والفرد أو المجلس متى اطمأن من ثقة الحكم، يستجيب لنزوعه الذاتي إلى السيطرة والسيادة، فيكرس اهتمام الحزب، لهذا الهدف الأناني الصغير، ويضفي عليه ألف فلسفة مغرية، ويصوره للرأي العام الساذج، إرادة اللّه التي لم يطلب سواها، ويحاول - بألف تفسير مزيف - خنق تصريح القرآن الكريم وإنكاره {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}(2) وقوله تعالى {... أَ فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ}(3) والإسلام مجموعة كاملة، يجب أن يؤخذ كله، أو يترك كله، والإنسان الحزبي الذي يسعى في الجانب السياسي منه فقط، لا يختلف في منطق القرآن عن العابد الذي يمارس الجانب العبادي فحسب، في أن الإسلام في كليهما إسلام ناقص، ثم أن العمل للإسلام شطر صميم من

ص: 209


1- حسن الشيرازي، كلمة الاسلام، ص 107.
2- سورة القصص، الاية 83.
3- سورة البقرة، الاية 85.

الإسلام لأنه بعض مفاهيم «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» وكل شيء من الإسلام يجب أن يؤدى كما حدده الإسلام حتى يصح انتماؤه إليه، فمن توجه في صلاته إلى غير القبلة وان خلصت مشاعره للّه وحده، فصلاته باطلة، ولن يصححها أدعاء: «إن الهدف الأول والأساس من الصلاة هو توجيه القلب إلى اللّه (تعالى) بهذه الحركات والقراءات والأذكار، ولم يكن تخصيص القبلة بالاستقبال، إلا للمبالغة في تخليص الاتجاه إلى اللّه (تعالى) استغنى عن مواجهة الكعبة بالذات» فلا يصححها هذا التفلسف لان اللّه أراد الصلاة مع الاتجاه الصحيح، والعمل لتطبيق الإسلام عمل إسلامي، يجب أن تتبع فيه حدود ما انزل اللّه «تعالى» حتى يكون مشروعاً يثاب عليه العامل(1).

أكد السيد حسن الشيرازي أن الإسلام لا يؤمن بالحركة السرية مبدئياً ولا يعرف الحركة الحزبية إلا بنداً من الديمقراطية التي ينكرها الإسلام اشد الإنكار، ويرى أن الدين عقيدة يجب أن تتدرج من القاعدة لا أن تنقض من القمة، وإلا لفشلت قبل أن تعبر عن واقعها ولفها الخزي والإشاعات والتهريجات التي تقضي على رصيدها المتخلف في النفوس(2).

وضح السيد حسن الشيرازي سمات المشروع الإسلامي المعاصر وهي: - 1- الإيمان بان الإسلام دين الحياة، ولا يمكن أن تسود الرسالة سوى بدخولها معترك الصراع الحضاري بخطىٍ واثقة وعزيمة راسخة ورؤى منفتحة على العصر.

2- ضرورة استكناه جوهر الإيديولوجيات في الضفة الأخرى، وتفكيكها ورسم معالم البديل الإسلامي بأدوات معرفية وعلمية لا يرقى الشك إلى جدوائيتها وجدارتها وحيويتها.

ص: 210


1- حسن الشيرازي، كلمة الإسلام، ص 110-111.
2- حسن الشيرازي، كلمة الاسلام، ص 110-111.

3- السعي الدؤوب لزج جميع الطاقات البشرية في المشروع الإسلامي المعاصر وعدم التفريط بأية شريحة يمكن أن تضيف ايجابية إلى المشروع وترفده بسبل الديمومة والتطوير.

4- إشاعة أدب الحوار، وإنزال هذا المفهوم «الملتبس» و «المضبب» إلى ميادين الاحتكاك والعمل في تلك الفترة ليصبح من ضروريات المنهج.

5- إرساء مفهوم التعددية والتعايش والتسليم إلى أن الأطياف في الساحة عامل أغناء وليس إقصاء وقد راهن السيد حسن الشيرازي عبر مسيرته العملية على هذا العامل، ولم يمهله الزمن، لتنفتح على يديه الكثير من الرؤى والتصورات التي كانت حبلى بها أفكاره الفذة كما كان ديدنه، إشاعة روح التعايش في كل الساحات التي زارها والتقى برموزها وكوادرها.

6- نبذ المشاحنات والنزاعات الجانبية التي تضعف الصف الإسلامي وبالتالي تعزز التصدعات في هيكلية المشروع الإسلامي، وتعرقل الكثير من مفاصل الاشتغال على مفرداته(1).

7- التأكيد على تلازم القضايا الإسلامية ضمن المشروع العام وضرورة مواكبة التفاصيل بروح القضية الواحدة. وفي هذا المضمار استشرف السيد حسن الشيرازي الواعي لمفردات العصر الكثير من القضايا الملحة والإشكالية التي كانت تشكل جزءاً من التحديات التي تواجه الحالة الإسلامية، وضمن بذلك مكانة مازالت تتعاظم بعد استشهاده، والأمثلة على ذلك كثيرة لكن الأبرز منها هو تبنيه لقضية المحرومين في لبنان(2).

ص: 211


1- عباس البغدادي، في مدرسة الشهيد الشيرازي، المشروع الإسلامي المعاصر، دينامية الفعل والتطوير، الراحل الحاضر، ص 93-94.
2- عباس البغدادي، في مدرسة الشهيد الشيرازي، المشروع الإسلامي المعاصر، دينامية الفعل والتطوير، الراحل الحاضر، ص 93-94

ناقش السيد حسن الشيرازي «أطروحة الأعمال الفردية» التي تعني الحركة التي لا تؤمن بالمقاييس والمبادئ الثابتة خارجاً وإنما تجعل الفرد القائد مقياساً ومبدأ يرتفع فوق كافة المقاييس والمبادئ، بحيث تكون إرادته حاكمة في الحركة، دون أن تستطيع العقائد والأفكار الخارجية نسفها، مادامت ذهنية القائد مؤمنة بملائمتها للحركة، فهي تشمل الحركات التي لا تؤمن بالتنظيم الحزبي، ولا تنضوي تحت القيادة الإسلامية الصحيحة وإنما تستقي وقودها من نشاط فرد وان قادتها مجالس أو لجان أو مؤتمرات، كثيرة الصخب والأعضاء، وتكتلت على حسابها جماعات شيدت وجودها العلمي على التنظيم وتوزيع الأعمال فحركة الأعمال الفردية وان لم تخضع لصيغة محدودة ومفهوم خاص مرسوم كحركة الأحزاب، بل تتطور وتختلف بنياتها وأساليبها، تلبية للظروف والبيئات والانفعالات الدافعة إلى تلك الحركة، وتتحكم فيها آراء واتجاهات الشخصية القوية فيها(1).

يمكن تحديد «أطروحة الأعمال الفردية» بأنها كل حركة تنبعث من الشعور بشذوذ وضع قائم، ووجوب تغييره، سواء كان الشعور بالشذوذ في نفس فرد ثم تسرب منها إلى نفوس الآخرين، أم تكون الشعور بالشذوذ جماعياً ولكنه تفاقم وبلغ نضوجه في نفس فرد ثائر، معبر عن الإرادة المشتركة في نفوس جمهور، وانبرى لتعديل ذلك الوضع الشاذ واستصرخ إفراداً تناصروا معه، لوضع خطة العلاج، وعملوا على تنفيذها في واقعهم، فهي كل حركة لم يكن لها كيان فكري عقائدي حي يتفاعل مع الأبعاد والاتجاهات العاملة، خارج نطاق الحركة، بحيث تكون مستقلة مبتورة لا تتشعب معها إرادات أخرى من مصدر واحد(2).

ص: 212


1- حسن الشيرازي، كلمة الإسلام، ص 125-126.
2- حسن الشيرازي، كلمة الإسلام، ص 125-126.

والحركات الفردية لا يمكن أن تخدم واقع الإسلام وتكسب مرضاة اللّه «سبحانه وتعالى» التي يجب أن تكون الهدف الأول والأخير لكل عمل إسلامي ودليل صدقه وإخلاصه، ومهما جهدت لتدس نفسها في حركة الإسلام فان الإسلام يرفضها، لان الحركة الإسلامية هي التي تولد بوحي مباشر منه، وهذه بعيدة عنه(1).

عرض السيد حسن الشيرازي «حركة الفقهاء والمراجع» وصيغتها أن تتألف من «قمة» و «جهاز» و «قاعدة» فالقمة تتمثل في المرجع الأعلى للمسلمين والجهاز يتألف من إدارة عليا يرأسها المرجع الأعلى وتنعقد في مقره وتوزع على أعضائها الأعمال الرئيسية، وهي تؤدي دور«مجلس الوزراء» في إيصال المعلومات إلى «المرجع الأعلى» ومناقشتها معه، وتلقي الأوامر منه، ثم تنقل ذلك إلى الأمة ومن «أعضاء» يوظفون في كافة المناطق التي يعيش فيها المسلمون، وهم يقومون بدور رئيسي الوحدات الإدارية، باختلاف مدى نوعية الصلاحيات الممنوحة لهم فيقيمون بتنظيم شؤون المسلمين وتنفيذ أوامر القيادة فيها(2).

و«القاعدة» وهي مجموعة الأمة التي تتبع ذلك المرجع وتطيع أوامره ونواهيه وهذا التنظيم يؤدي إلى: -

1- حصانة الأمة من الانشقاقات الداخلية، والانفراط إلى كتل منحازة تبعث على اشتباكات دائمة في صميم الأمة.

2- مناعة الأمة من تسلل الاتجاهات الأجنبية عن واقع الإسلام إلى واقع الأمة في حركتها التصاعدية التوسعية، وتوفير الإيمان في النفوس باسم الإيمان.

ص: 213


1- المصدر نفسه، ص 127، الشيخ جمال الوكيل، لقاء اجراه معه موقع الشيرازي نت؛
2- المصدر نفسه، ص 141؛ www.qlhureya.org.

3- صيانة الأمة من تسلل وتطفل القيادات الكاذبة عليها واستنزاف إمكاناتها لإرواء الرغبات الشخصية، وتأييد السلطات المحلية والاستعمارية.

4- حفظ وحدة الإسلام ووحدة الأمة، ووحدة الكلمة الإسلامية حتى لا يتجزأ الإسلام إلى ألف إسلام والأمة إلى ألف امة، والكلمة الإسلامية إلى ألف كلمة إسلامية، فلا تكثر المذاهب والطوائف والأحزاب، بل يبقى الإسلام واحداً والأمة واحدة والكلمة واحدة أبداً(1).

ولما كانت مسالة تعدد المرجعيات مسالة طبيعية في التاريخ الشيعي وأنها مثلما لها جانب ايجابي فلها جانب سلبي، الذي قد يتمثل بالعصبيات التي تمثلها الذهنية المغلقة التي تستغرق في الإشباع في الشخص ونبذ الشخص الآخر، من دون دراسة للبرنامج الإسلامي في خطة المرجعية التي تفرض اللقاء أو التنسيق من اجل تحقيقها، فالملحوظ أن الذاتية المغلفة بأكثر من غلاف ديني يشف عما تحته هي التي تحكم المسالة المرجعية ومن جهة أخرى فإنها تبتعد بالواقع الإسلامي الإمامي عن وحدة القيادة عندما تتصل المرجعية بالحياة العملية للناس، مما يولد فوضى في المواقف، ومشكلات للناس عندما تتعدد الانتماءات المرجعية في الأسرة الواحدة أو البلد الواحد وتتضاد الفتاوى وتؤدي إلى سلبيات في العلاقات الخاصة والعامة(2).

مما تقدم نستطيع أن نستنتج انه لابد للمرجعية أيضاً من عمل منظم فيما بينها وشورى متجانسة داخلة ضمن إطار الحكم الشرعي بحيث لا يخرج المراجع من اجتماعهم إلا وهم متفقون على أمرٍ واحد لا يضع الأمة في دائرة الحيرة والأختلاف ويضمن في نفس الوقت عدم تسلط رأي الآخر ولا وجود صوت

ص: 214


1- حسن الشيرازي، كلمة الإسلام، ص 141-142.
2- عادل رؤوف، العمل الإسلامي في العراق، ص 66.

يكتم بقية الأصوات والقيام بمهمة نشر هذه الأفكار والقرارات وإيضاحها وبرمجتها بصورة واقعية ومفهومة(1).

ص: 215


1- حيدر حسين الكاظمي، اطروحة العمل الحزبي، الراحل الحاضر، ص 110.

المبحث الثاني: موقفه من النظام الملكي وثورة 14/تموز/1958م وما بعدها

اشارة

أعلن النظام الملكي في العراق بعد تعيين الأمير فيصل بن الحسين(1) ملكاً على العراق في 23/8/1921م، واتخذ قرار تنصيبه في مؤتمر القاهرة 1921م، وكان فيصل يعي تماماً بأن معظم العراقيين أما يجهلون وجوده، أو لا يفهمون سبب تنصيبه ملكاً على بلادهم(2).

أقام الإنجليز النظام الطائفي على أسس سياسية وعسكرية حديثة، في مواجهة ثورة 1920م، فالنظام الطائفي الذي قام عليه النظام الملكي ومن ثم نظام البعث يمثل تركة سوداء خلفتها بريطانيا، وهذه حقيقة ارتبطت بتنامي الحركة الدينية الراهنة في العراق(3).

ص: 216


1- فيصل بن الحسين (1883-1933م) ولد في الطائف سنة 1883م ونشأ بالحجاز في ظل أبيه الشريف حسين بن علي شريف مكة، اسهم بشكلٍ فعال في الثورة العربية ضد العثمانيين 1916م، اعلن نفسه ملكاً على سوريا سنة 1918م، ثم قوض حكمه الجنرال غورو في 25/تموز/1920م أعلن نفسه ملكاً على العراق، بعد مؤتمر القاهرة ونصب بشكل رسمي في 23/8/1921م وظل ملكاً على العراق حتى وفاته في 8/9/1933م في برن في سويسرا، لطفي جعفر فرج، الملك فيصل الثاني آخر ملوك العراق، (بيروت: الدار العربية للموسوعات، 2001م)، ص 19-32؛ عبد المجيد كامل التكريتي، الملك فيصل الاول ودوره في تأسيس الدولة العراقية الحديثة 1921-1933م، (بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، 1991م)، ص 7-25.
2- تشارلز تريب، صفحات من تاريخ العراق المعاصر، ترجمة زينة جابر، (بيروت: دار العلوم العربية، 2006م)، ص 78-89.
3- حسن العلوي، الشيعة والدولة القومية في العراق 1914-1990م (بيروت: حامد احمد للنشر والتوزيع، د. ت)، ص 365.

ويبدو أن موقف الملك فيصل من شيعة العراق لم يكن سلبياً أول الأمر، ولكن أصبح سلبياً بعد اعتراض علماء الدين ومراجع التقليد على انتخابات المجلس التأسيسي التي أجريت بعد تولية العرش، وبعد مطالبة العلماء بشروط تحفظ للمسلمين كرامتهم فرفضت بريطانيا والملك ذلك وحرم العلماء الاشتراك في الاستفتاء وثبتوا على مواقفهم، وقد وقفت الحكومة العراقية موقفاً سلبياً قاسياً، فنفت الشيخ مهدي الخالصي(1) وشردتهُ وتضامن معه بقية العلماء(2).

يتضح مما تقدم أن الدولة العراقية التي تشكلت بعد الاحتلال البريطاني كانت تقف بوجه المرجعية الدينية ورموزها وتحاول التقليل من نفوذهم لان في تزايد نفوذهم إضرار بالسياسة التي تنتهجها والتي تتمحور حول صداقة بريطانيا العظمى، دون أدنى اعتبار لما سينتج عن هذه السياسة من إضرار بالمصالح العراقية، رغم التضحيات التي قدمها العراقيون والشيعة بشكلٍ خاص في ثورة عام 1920م(3) ضد الإنجليز والتي جاءت بحكومة فيصل.

كان السيد حسن الشيرازي يعمل مع أخيه السيد محمد الشيرازي وجماعة آخرين ويصدرون مجلة «الأخلاق والآداب» وبأعداد تصل إلى خمسة آلاف نسخة، فقامت الحكومة آنذاك بإغلاق المجلة وأمرت بسجن القائمين عليها ومنهم السيد محمد الشيرازي والسيد حسن الشيرازي والسيد مرتضى القزويني وغيرهم من رجال الدين في حوزة كربلاء المقدسة، لكن الأمر لم ينفذ لوقت ثم جاءت ثورة

ص: 217


1- الشيخ مهدي الخالصي (1859-1924م) من مراجع التقليد المجاهدين في الكاظمية المقدسة حارب الانجليز مع العلماء، وكان له موقف من القانون الأساسي، فقام الانجليز بنفيه الى الحجاز ومنها الى إيران وتوفي فيها.محمد سعيد الحكيم، المرجعية الدينية، ص68.
2- المصدر نفسه، ص 74-75.
3- للمزيد عن ثورة 1920م، ينظر عبد اللّه الفياض، الثورة العراقية الكبرى، 1920م، ط2، (بغداد: مطبعة دار السلام، 1975م).

14/تموز/1958م لتقضي على النظام الملكي في العراق قبل تنفيذ ذلك الأمر(1).

حاول نوري السعيد(2) إضفاء مظاهر الحياة الأوربية والبريطانية التي كان معجباً بها على العراق فكانت الحكومة تفتتح الحانات ودور القمار ودور البغاء في كل المدن والقرى وكان الفساد منتشراً بشكل كبير باستثناء النجف الأشرف وكربلاء المقدسة والكاظمية وسامراء، وكان هذا الاستثناء صورياً لان مثل هذه الأمور كانت مخفية في هذه المدن، عدا القمار الذي كان منتشراً في كل مكان وقد قرر السيد محمد الشيرازي بمعاونة مجموعة من الخطباء منهم الشيخ عبد الزهراء الكعبي(3) والشيخ حمزة الزبيدي(4)والسيد مرتضى القزويني بإغلاق محلات القمار في كربلاء وعدوها فكانت اكثر من مائة مقمر، واستعان السيد محمد الشيرازي بعد التعب الكثير طيلة سنة كاملة بعلماء النجف الأشرف والمتنفذين في بغداد حتى تمكن من إغلاق تلك الدور «دور القمار»(5).

ص: 218


1- محمد الشيرازي، خواطر وذكريات، ص 128-129؛ http//alshirazi.com.
2- نوري السعيد (1888-1958م) ولد في بغداد عام 1888م وهو احد الضباط الذين تخرجوا من المدرسة العسكرية في استانبول وعمل في الثورة العربية الكبرى، وكذلك عمل مع الامير فيصل في سوريا رجع الى العراق بعد اعلان النظام الملكي، ويعد من اشهر السياسين في العهد الملكي، أصبح رئيساً للوزراء مابين (1930-1958م) 14 مرة ووزيراً للدفاع 15 مرة ووزيراً للخارجية 11مرة ووزيراً للداخلية لدورتين، يعد من أهم اصدقاء بريطانيا في العراق، قتل في 15/تموز/1958م بعد قيام ثورة 14/تموز/1958م عندما كان متنكراً بزي امراة. حميد المطبعي، موسوعة اعلام العراق في القرن العشرين (بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، 1996م) ج2، ص237.
3- عبد الزهرة الكعبي (1907-1974م) اشهر خطباء كربلاء، أديب فاضل، درس في حوزة كربلاء العلمية، صدر له كتاب الحسين قتيل العبرة.سلمان هادي آل طعمة، معجم رجال الفكر والأدب في كربلاء ص 123-124.
4- حمزة بن الشيخ طاهر الزبيدي (1909-1988م) ولد في الهندية من خطباء كربلاء وأفاضلها، نشر مقالاته في مجلة «الأخلاق والأداب» و«صوت المبلغين». سلمان هادي ال طعمة. معجم رجال الفكر والادب في كربلاء، ص 70؛ http//www.almousa.net.
5- محمد الشيرازي، خواطر وذكريات، ص 129-130.

امتازت مدة الحكم الملكي في العراق بالتمييز الطائفي فعلت صيحات الاحتجاج على الوضع القائم من العلماء لرفع الظلم والحيف عن الشعب العراقي، ودعت إلى إزالة التفرقة الطائفية التي انتهجتها الحكومات، ولذلك بعث الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء بمذكرة إلى الملك غازي(1) أبدى فيها استياءه من تقييد حرية الصحافة والتمييز الطائفي الذي لحق بالأكثرية الشيعية وتجريدهم من الوطنية، ودعا إلى إلغاء الضرائب وتهذيب مناهج وزارة المعارف وجعل الدروس الدينية كسائر الدروس، ودعا إلى عدالة تقسيم المراكز الصحية والعمرانية بين أبناء الشعب وخاصة الجنوب والعتبات المقدسة، وكانت المذكرة موقعة من اغلب شيوخ ووجهاء وسط وجنوب العراق، وكانت الأوضاع في ذلك الحين تنذر بالشر ووقعت اضطرابات في جنوب البلاد بسبب السياسة التمييزية التي اتبعتها الحكومة في ذلك الحين، مما أدى إلى نشوء تذمر عام بين العامة وزعماء العشائر ورجال الدين، وهذه إحدى ممارسات الحكومة التي واجهها المجتمع العراقي(2).

وقف السيد حسن الشيرازي مؤازراً لأخيه محمد الشيرازي عندما حاول متصرف «محافظ» كربلاء المقدسة عبد الرسول الخالصي إيجاد شارع دائري حول ضريح الإمام الحسين (عليه السلام) وقد واجه معارضة شديدة من قبل العلماء والجماهير لان إيجاد هذا الشارع وفق التصميم الذي رسمه سيؤدي إلى إزالة أماكن أثرية ذات قيمة تراثية

ص: 219


1- غازي بن فيصل (1912-1939م) ولد في مكة سكن مع الأسرة الملكية في الاردن جاء الى العراق سنة 1927م بعد ان نصب والده ملكاً على العراق، عين ملكاً بعد موت والده الملك فيصل الأول في 8/9/1933م واستمر الى 3/4/1939م توفي أثر أصطدام سيارته بعمود الكهرباء قرب قصر الحارثية واتهمت بريطانيا بتدبير ذلك، بسبب ميوله القومية وكرهه لبريطانيا، شكلت في عهده ثمان وزارات ابتدات بوزراة جميل المدفعي الاولى، وانتهت بوزارة نوري السعيد الثالثة. لطفي جعفر فرج، الملك غازي ومرافقوه، (بغداد: منشورات مكتبة اليقظة العربية، 1987م)، ص 15-85، ص243.
2- عبد الرزاق الحسني، تاريخ الوزارت العراقية، ط4، (بيروت: دار الكتب، 1974م)، ج3، ص 50-53.

بالإضافة إلى إزالة مراقد جمع من العلماء الماضين، وقد اقترح عليه وجهاء كربلاء وعلماؤها، إقامة الشارع في دائرة قطرها أوسع حتى لا تتضرر هذه المناطق الأثرية، لكن المتصرف أصر على تنفيذ خطته وإزالة هذه الأماكن الأثرية لأنها لا تكلفه التعويض، علماً بأن القوانين تقضي بتعويض الموقوفات، أما بشراء أماكن أفضل منها أو التعويض عن قيمتها وجعل المال ضمن دائرة الموقوفات(1).

أسس السيد حسن الشيرازي بالاشتراك مع السيد مرتضى القزويني والسيد صدر الدين الشهرستاني والسيد سلمان هادي آل طعمة وغيرهم «الهيأة العلوية» في عام 1954م وكانت الهيأة تقيم الاحتفالات في المواسم الدينية كميلاد الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) وعيد الغدير وغيرها، وكانت القصائد والكلمات التي تلقى في هذه الاحتفالات ذات مضامين دينية وسياسية أيضاً، فكانت تنتقد الأوضاع السائدة آنذاك وكان من المشاركين في هذه الاحتفالات الشاعر عباس أبو الطوس(2).

ولهذا الشاعر مواقف جريئة، ففي إحدى المرات طلب السيد حسن الشيرازي من السيد سلمان هادي آل طعمة أن يدعو الشاعر عباس أبا الطوس للحضور إلى الصحن الحسيني ليشارك بإلقاء قصيدة بمناسبة ولادة الزهراء (عليها السلام) فكان يلبي الطلب الا انه يتأبط مفرشه ولحاف نومه، وعندما سأله السيد سلمان آل طعمة عن ذلك أجابه بأنه سيقضي ليلته في السجن بعد الفراغ من القصيدة، حيث ينتظره الشرطي على باب الصحن وهذا ليس مستغربا على هذا الشاعر لأنه كان وطنياً حاد اللسان على السلطة الحاكمة آنذاك، وشعره شاهد على ذلك فكان يصعد المنصة وهو يرتدي الكوفية والعقال فينشد قائلاً:

ص: 220


1- محمد الشيرازي، تلك الايام، ص 26-27.
2- عباس ابو الطوس (1929-1958م) ولد في كربلاء، شاعر وطني له قصائد يدعو فيها الى التحرر والانعتاق، وتحرك روح الثورة على الحكام الفاشيين نشرت قصائده في الصحف والمجلات العراقية والعربية، صدر له يوم الحسين الخالد. سلمان هادي ال طعمة، المعجم، ص109.

في يوم مولدك الأغر السامي***أصبو إليك بنشوة وغرام(1)

وما أن يصل إلى هذا البيت حتى يضج المستمعون بالتصفيق و الاستعادة:

يتسامرون وما مدامة أنسهم***إلا عصارة ادمع الأيتام

وكان أعضاء «الهيأة العلوية» يقصدون في اليوم التالي احد الشخصيات المدنية ممن له ارتباط بمدير الشرطة أو معاونه ويتقدمون بكفالة لدى المركز والتعهد بعدم تكراره لهذا التجاوز غير المسموح به، فيطلق سراحه بعد يوم أو يومين، وكان يكرر ذلك في مناسبات أخرى(2).

وكانت إحدى الحقائق المثيرة للاهتمام، والنابعة من تجاور الملامح الدينية والطائفية والاجتماعية للعراق الملكي، كانت درجة القربى القائمة بين الولاء الطائفي والموقع الاجتماعي في أجزاء مختلفة من جنوب البلاد ووسطها، وهكذا فقد كان الملاكون الأكثر نفوذاً في البصرة في تلك الأيام هم من السنة، وكان زعماء المجتمع في البصرة نفسها من السنة، بينما كانت أغلبية سكان المدينة من الشيعة «وقد نجد تفسيراً لذلك في الحالة التاريخية السابقة، المتمثلة في السيطرة السياسية للعثمانيين السنة»(3).

يتضح مما تقدم مانوّهنا به سابقاً من موقف بريطانيا والأسرة المالكة في العراق من الشيعة وإنها حاولت أن لا تعطي هذه الطائفة أية مكانة سياسية في العراق، وذلك بسبب المواقف الجريئة لرجال الدين بالوقوف بوجه بريطانيا والحكم الملكي في كثير من المواقف، ولذلك ابعد الشيعة عن المراكز العليا في السلطة، بل أن أبسط الوظائف الحكومية لا تناط بهم، وأعد الباحث في شؤون العراق حنا بطاطو، جدولاً

ص: 221


1- سلمان هادي ال طعمة، الاسر العلمية في كربلاء، ورقة 91.
2- سلمان هادي آل طعمة، الأسر العلمية في كربلاء، ص 92.
3- حنا بطاطو، العراق (الشيوعيون والبعثيون والضباط الاحرار)، ترجمة عفيف الرزاز، (قم: مطبعة الغدير، 2005م)، ج3، ص 65.

بأسماء رؤساء الوزارات العراقية في العهد الملكي من 1921-1958م كان للسنة تسعة عشر رئيس وزراء، بينما كانت حصة الشيعة أربعة رؤساء وزراء فقط(1).

برزت أثناء الحكم الملكي في العراق العديد من الحركات العسكرية ابتداءً من عام 1936م(2)، عندما انتهز بكر صدقي(3) سفر رئيس أركان الجيش طه الهاشمي(4) إلى تركيا في أواخر تشرين الأول 1936م(5) وعينه نائباً لرئيس أركان الجيش فانتهز الفرصة بالتعاون مع حكمت سليمان(6) وجماعة

ص: 222


1- المصدر نفسه، ص 212-218.
2- للمزيد ينظر، نزار علوان عبد اللّه، الدور السياسي للنخبة العسكرية في العراق 1958-1963م، رسالة ماجستير، (كلية التربية: جامعة بابل، 2006م)، ص 43-49.
3- بكر صدقي (1890-1937م) ولد في بغداد، درس في الأعدادية العسكرية ثم دخل مدرسة الضباط الحربية وتخرج منها سنة 1908م خدم في أدرنة والبلقان، تخرج من كلية الأركان 1915م انتمى للجيش السوري 1919م برتبة نقيب، انظم للجيش العراقي برتبة رئيس «مقدم» سنة 1921م رقي الى عقيد 1928م وزعيم سنة 1931م تدرب في كلية الاركان في 1932م رقي الى لواء في 1933م قاد انقلاب 29/تشرين الاول/1936م وأرغم ياسين الهاشمي على الاستقالة، تولى رئاسة اركان الجيش في 31/تشرين الاول /1936م وتولى حكمت سليمان الوزارة، سيطر على الحكومة عشرة أشهر حتى أغتيل في الموصل في 11/اب/1973م. مير بصري، أعلام السياسة في العراق الحديث، (لندن: رياض الريس للكتب والنشر، د. ت)، ص 176-177.
4- طه الهاشمي (1888-1961م) ولد في بغداد وأتم دراسته في المدرسة الأعدادية العسكرية، دخل المدرسة العسكرية في 1903م وتخرج سنة 1906م تخرج من كلية الأركان 1909م تدرج في عدة مناصب عسكرية عثمانية، أسر في 1919م، التحق بالحكومة السورية وعين مديراً للامن العام 1920م عاد الى بغداد في آيار 1922م فعين امراً لمنطقة الموصل برتبة عقيد ورئيساً لأركان الجيش العراقي 1923 وعام 1936م، حدث انقلاب بكر صدقي في غيابه، أصبح وزيراً للدفاع في 1938 م، عين نائباً لمجلس الأعمار من 1953م الى 1958م توفي 11/ حزيران / 1961م. احمد فوزي، شخصيات وتواقيع، (بغداد: دار الحرية، د. ت)، ص 12-114.
5- تشارلز تريب، صفحات من تاريخ العراق المعاصر، ص 137.
6- حكمت سليمان (1889-1964م) ولد في بغداد تخرج من المدرسة الاعدادية الملكية 1907م درس الحقوق في اسطنبول، عين قائمقاماً لمركز بغداد في 25/شباط/1914م ثم مديراً لمدرسة الحقوق في 11/آيار/1914م ومديراً لمعارف بغداد في 19/تشرين الاول/1915م ووزيراً للعارف في 26/حزيران/1925م فوزيراً للداخلية 25/تموز/1925م، انتخب رئيساً لمجلس النواب 20/آيار/1926م ووزيراً للعدلية في 1928م، شكل الوزارة بعد انقلاب بكر صدقي في 29/تشرين الاول/1936م، تخلى عن الحكم بعد اغتيال بكر صدقي 11/آب/ 1937م، توفي في 6/حزيران/1964م. مير بصري، أعلام السياسة في العراق الحديث، 182-183.

الأهالي(1)، وأمر وحدات الجيش التي تحت إمرته بالتقدم إلى بغداد على راس «قوة الإصلاح الوطني»(2) وفي نفس الوقت وزعت مناشير في العاصمة أعلنت إن الجيش طلب من الملك غازي إقالة ياسين الهاشمي(3)

وتعيين حكمت سليمان رئيساً للوزراء(4).

وفي الوقت نفسه أرسلت رسالة بهذا الصدد إلى الملك الذي كان علمٍ بالانقلاب على الأرجح، ومنع أية محاولة للوقوف في طريقه، وزادت القوة الجوية من خطورة الموقف عبر إسقاط عدد من القنابل قرب مكتب رئيس الوزراء، مما عجل باستقالته - بحيث غادر العراق ومات في المنفى - عام 1937م، وعندها كلف الملك غازي حكمت سليمان بتشكيل حكومة جديدة(5).

ونظراً للاضطراب السياسي الذي شهده العراق في أثناء الحرب العالمية الثانية

ص: 223


1- جماعة الاهالي: جماعة سياسية ظهرت في ثلاثينات القرن العشرين، كانت لها مواقف واراء وطنيةوقومية عارضت زيارة الفريد موند الصهيوني الى بغداد سنة 1928م اصدرت جريدة الاهالي، تعد الركيزة التي استند اليها تاسيس الحزب الوطني الديمقراطي 1946م. فؤاد الوكيل، جماعة الاهالي في العراق 1932-1937م، (بغداد: دار الرشيد، 1979م)، ص 94-96.
2- قوة الاصلاح الوطني: هو الاسم الذي اطلق على القوات التي دخلت بغداد بامره بكر صدقي واطاحت بحكومة ياسين الهاشمي.
3- ياسين الهاشمي (1884-1937م) ولد في بغداد في محلة البارودية واتم فيها دراسته الابتدائية والاعدادية، التحق بالمدرسة العسكرية في اسطنبول سنة 1899م وتخرج في 1902م، تخرج من كلية الاركان في 1905م، رقي لرتبة رائد في 1908م وعقيد في 1915م وقائداً للفرقة العشرين العثمانية - عين نائباً لاركان حرب سوريا 1918م، عاد الى بغداد في 5/آيار/1922م أسس حزب الشعب 1925م، ألف الوزارة في 17/آذار/1935م حتى انقلاب بكر صدقي، غادر بغداد في 30 / تشرين الاول/1936م الى بيروت وتوفي بها في 21/كانون الثاني/1937م. مير بصري، أعلام السياسة، ص 94-96.
4- تشارلز تريب، صفحات من تاريخ العراق المعاصر، ص 137.
5- المصدر نفسه.

(1939-1945م) ووقوف الحكومة مع الانكليز ومحاولة تمرير مصالحهم على حساب الشعب العراقي وتدخل السفير البريطاني بعملية قطع العلاقات الدبلوماسية مع دول المحور، برزت ظاهرة جديدة ميزت تاريخ العراق المعاصر منذ ذلك التاريخ، مضمونها العام خروج المؤسسة العسكرية من ثكناتها التي لم تعد إليها عملياً طوال تاريخ العراق المعاصر واستيلائها المباشر وغير المباشر على الحكم ومساهمتها الفعلية في صنع القرار السياسي، سواءً من خلال نخبتها التي تشكلت في العشرينات أو من خلال فرض إرادتها كمؤسسة بصورة مباشرة عن طريق الانقلاب العسكري كما حدث في عام 1936م وحركة العقداء الأربعة مايس 1941م، أو غير المباشرة من خلال الضغط الذي مارسته على الحكم عبر سلسلة الانقلابات المنتشرة منذ النصف الثاني من العقد الثالث والتي كانت كما يأتي:

10/8/1938م حركة أمين العمري - عزيز ياملكي.

24/12/1938م حركة الزعماء السبعة، حسين فوزي، أمين العمري، عزيز ياملكي والعقداء الأربعة صلاح الدين الصباغ(1) وفهمي سعيد(2) ومحمود

ص: 224


1- صلاح الدين الصباغ (1899-1945م) ولد في الموصل 1899م درس في المدارس الابتدائية والرشدية في الموصل ثم درس في بيروت السلطانية «الاعدادية» التحق بالمدرسة الحربية بالاستانة 1914م، عين وكيل ضابط في لواء 146 الفرقة 46، اصبح ملازم ثان عام 1917م، اشترك في الحرب العالمية الاولى في مقدونيا وفلسطين، التحق بعد الحرب بالجيش السوري واسره الفرنسيين ثلاثة اشهر رجع الى العراق في 1921م عين مديراً للحركات سنة 1937م ثم قائداً للفرقة الثالثة 1940م. صلاح الدين الصباغ، مذكرات من رواد العروبة، ط2، (بغداد: دار الحرية، 1983م)، ص 27-28. اعدم في اعقاب ثورة مايس في 16 / تشرين الاول /1945. محمد مظفر الادهمي، الأبعاد القومية لثورة مايس في العراق، (بغداد: دار الجاحظ و 1980م)، ص 102.
2- فهمي سعيد (1898-1942م) ولد في السليمانية سنة 1898م تخرج من المدرسة العسكرية العثمانية وعمل في الجيش العثماني والجيش العربي السوري بعد الحرب العالمية الاولى، شغل منصب قائد الفرقة الثالثة في حركة مايس 1941م. المصدر نفسه، ص 33، اعدم في اعقاب فشل حركة مايس في 5/5/1942م. محمد مظفر الادهمي، الابعاد القومية، ص 102.

سلمان(1)

وكامل شبيب(2).

5/8/1938م حركة الزعماء السبعة(3).

21/2/1940م حركة العقداء الأربعة ضد حركة أمين العمري وتأييداً لنوري سعيد.

2/1/1941م حركة العقداء الأربعة.

كل هذه الحركات المكشوفة والمستترة نجحت في تحقيق أهدافها بوسائل العنف المسلح والتلويح به، وعبرت في الوقت نفسه عن إحدى سمات مراكز القوة والضغط التي ملكتها ومارستها المؤسسة العسكرية بعد نموها الكمي والنوعي، لذلك عدت أهم قاعدة، إن لم تكن الأساسية التي يستند إليها الحكم بصورة مباشرة منذ ذلك الحين، وان بدت بصورة غير مكشوفة بعد عام 1941م(4).

وبعد ذلك حدثت محاولتان للانقلاب على النظام الملكي والقضاء عليه نهائياً الأولى في تشرين الثاني 1956م، بعد أن اشتد غضب ونقمة الضباط على النظام الملكي في أثناء العدوان الثلاثي على مصر الذي جاء في أعقاب تأميم قناة السويس، ففي الوقت الذي تصاعدت فيه واشتدت الحركة الوطنية لمساندة

ص: 225


1- محمود سلمان (1898-1942م) ولد في بغداد سنة 1898م عمل ملازماً في الجيش العثماني والسوري التحق بالجيش العراقي عام 1925م كان مرافقاً للملك غازي وقائداً للقوة الجوية في 1940م كان من ابرز قادة حركة مايس. المصدر نفسه، أعدم في 5/5/1942م، محمد مظفر الادهمي، الابعاد القومية، ص 102.
2- كامل شبيب (1895-1944م) ولد في بغداد وعمل ملازماً في الجيش العثماني والسوري تخرج من كلية الأركان العراقية اصبح في 1940م قائداً للفرقة الاولى. المصدر نفسه، ص 28. أعدم بعد فشل ثورة مايس في 5/5/1942م، نزار علوان عبد اللّه، الدور السياسي للنحبة العسكرية، ص52.
3- عقيل الناصري، الجيش والسلطة في العراق الملكي 1921-1958م دفاعاً عن ثورة 14 تموز، ط2 (بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، 2005م)، ص 181.
4- عقيل الناصري، الجيش والسلطة، ص 181.

الشعب المصري بحيث تحولت إلى انتفاضة شعبية عنيفة وشملت أغلب مدن العراق وكانت الحكومة آنذاك تمالئ الاستعمار وتستفز مشاعر الشعب مواقفها اللاقومية، ولذلك فكر الضباط الأحرار في اللواء الرابع عشر للفرقة الأولى الذي كان يجري تدريبات وتمارين في جبال حمرين بضرورة الإسراع بالتحرك لإسقاط النظام الملكي، وبادر العقيد عبد الوهاب الشواف(1)، أمر الفوج الثالث من اللواء إلى عقد اجتماع للضباط في الفوج وكذلك في الأفواج الأخرى لتدارس الوضع(2).

استقر الرأي على وضع خطة للسيطرة على اللواء واعتقال آمره ومن ثم التحرك إلى بغداد، والسيطرة على المراكز المهمة فيها، لكن ارتؤي تأجيل هذه الخطة بعد أن تبين أن نجاحها غير مضمون بشكلٍ تام، ومع ذلك فقد أثارت حماسة الفوج وخاصة الضباط وغيره من الأفواج وتسربت الأخبار إلى الجهات العليا فأرادت تجريد اللواء من سلاحه لكنها نقلته أخيراً الى المحطة الجوية المسماة ب- «H3»(3).

المحاولة الثانية كانون الأول 1956م فقد جرت حين عودة اللواء التاسع عشر

ص: 226


1- عبد الوهاب الشواف (1916-1959م) ولد في بغداد اكمل دراسته الاعدادية في بغداد والتحق بالكلية العسكرية، ثم انتسب الى كلية الاركان وتخرج منها، انتسب الى مدرسة الضباط الاقدمين في انكلترا انتمى لحركة الضباط الاحرار سنة 1953م وكان على خلاف مع عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف بعد الثورة اشتد الخلاف في عام 1959م، جرح اثناء القصف الجوي لحامية الموصل التي اتخذها قاعدة لحركته ضد قاسم، بعد استخدام القوة من قبل عبد الكريم قاسم، قيل انه انتحر، وقيل ان رجال قاسم اغتالوه، دفن في مقبرة الغزالي. حميد المطبعي، اعلام العراق، ج2، ص 156.
2- ليث عبد الحسن الزبيدي، ثورة 14تموز 1958م في العراق، (بغداد: دار الرشيد، 1979م)، ص 180.
3- ليث عبد الحسين الزبيدي، المصدر السابق، ص 181.

من الأردن الذي كان بإمرة الزعيم الركن عبد الكريم قاسم(1) ووصول اللواء الرابع عشر الى H3 فاتصل العقيد عبد الوهاب الشواف بالزعيم الركن عبد الكريم قاسم وقرروا القيام بالحركة هناك عند بدء مراسيم الاحتفال بعودة القطعات من الأردن، ولكن عدم حضور نوري السعيد هذه الاحتفالات أدى إلى تأجيل القيام بالحركة إلى موعدٍ آخر(2)، لان الضباط قرروا عدم القيام بالحركة إلا بوجود الثلاثة الكبار، الملك فيصل الثاني(3) وعبد الإله(4) ونوري

ص: 227


1- عبد الكريم قاسم محمد بكر الزبيدي (1914-1963م) ولد في 21/11/1914م في بغداد حي المهدية، أنهى دراسته الاعدادية فرع الأدبي عام 1931م عين معلماً في الشامية في محافظة القادسية بتاريخ 2/11/1931م ترك التدريس وألتحق بالكلية العسكرية في 15/9/1932م وتخرج منها في 15/4 /1934م، برتبة ملازم ثان، وقضى خمس سنوات بهذه الرتبة، ثم تدرج في الرتب العسكرية فحصل على رتبة نقيب عام 1941م ورتبة رائد عام 1943م ورتبة مقدم عام 1947م ورتبة عقيد عام 1951م ورتبة زعيم ركن عام 1955م ولواء ركن عام 1959م، وفريق ركن عام 1963م، شارك في حرب فلسطين عام 1948م في جبهة الأردن، دخل دورة الضباط في لندن من 4/10/1950م الى 22/12/1950م، ثم عين آمر لواء المشاة 19 في عهد فيصل الثاني، أنتمى لتنظيم الضباط الأحرار عام 1956م قام بثورة 14/تموز/1958م، أعلن النظام الجمهوري وشكل مجلس السيادة، انقلب عليه عبد السلام عارف في 8/شباط/1963م اعدم في 9/شباط/1963م في دار الأذاعة. جمال مصطفى مردان، عبد الكريم قاسم، البداية والسقوط، (بغداد: المكتبة الشرقية، 1989م)، ص 10-40.
2- محمد حسين الزبيدي، ثورة 14/تموز/1958م، (بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، 1983م)، ص 382-383.
3- فيصل بن غازي (1935-1958م) ولد في بغداد عين ملكاً على العراق بعد موت ابيه وابتدء حكمه في 3/4/1939 وكان عمره خمس سنين ونتيجة صغر سنة وعدم بلوغه السن القانوني «18 سنة» عين خاله عبد الآله وصياً على العرش يدير شؤون البلاد ادى اليمين الدستورية في آيار 1953م، بعد الغاء الوصاية عليه، شكلت في عهده خمس وثلاثون وزارة بضمنها وزارة الاتحاد الهاشمي بين العراق والاردن، قتل في ثورة 14/تموز/1958م في قصر الرحاب مع أغلب أفراد أسرته. لطفي جعفر فرج، الملك فيصل الثاني اخر ملوك العراق، ص 73-229.
4- عبد الأله بن علي (1913-1958م) ولد في 24/تشرين الثاني في الحجاز في مدينة الطائف، جاء الى العراق بعد تولي عمه الملك فيصل الاول العرش، اصبح وصياً على ابن اخته الملك الصغير «فيصل الثاني» من 1939-1953م قتل مع افراد اسرته في ثورة 14/تموز/1958م. سلمان التكريتي، الوصي عبد الاله بن علي يبحث عن عرش 1939-1953م (بيروت: الدار العربية للموسوعات، 1989م)، ص 9، 10، 11.

السعيد(1).

وشهد العراق قبل ثورة 1958م العديد من الحركات والانتفاضات مثل انتفاضة عام 1948م، انتفاضة 1952م(2)

التي واجهها الوصي بالقوة والبطش(3).

ويبدو أن للقوميين في مصر وسوريا دوراً مهماً في حدوث تلك الانتفاضات، فقد اهتم القوميون فيهما بتشجيع الشعوب العربية على الإطاحة بالأنظمة، وعدوا هذه الانظمة موالية للغرب، وانه من الخطأ عندهم اعتبار المعسكر الاشتراكي مادي بحت متحلل من القيم الروحية(4).

وقد عد السيد حسن الشيرازي الانقلابات العسكرية التي حدثت في العراق في أثناء العهد الملكي، وسيلة غير فعالة لتغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية في البلاد، وان التغيير إذا ما أريد له أن ينجح يجب أن يتم عن طريق إطلاق الحريات السياسية، وتنظيم عمل الأحزاب السياسية وتفاعل الجماهير مع الوضع السياسي، وكان يعمل على رفض تلك الانقلابات تحت مظلة والده السيد ميرزا مهدي الشيرازي(5).

موقفه من ثورة 14 /تموز/1958م:

اندلعت في صبيحة يوم 14/تموز/1958م ثورة قادها تنظيم الضباط الأحرار

ص: 228


1- ليث عبد الحسن الزبيدي، ثورة 14/تموز/1958م، ص 181.
2- كمال مظهر احمد، صفحات من تاريخ العراق المعاصر، دراسة تحليلية، (بغداد: مكتبة البدليسي.، 1987م) ص 113-143.
3- محمد حمدي الجعفري، أنقلاب الوصي في العراق، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 2000م) ص103.
4- محمد مجذوب، الجمهورية العربية المتحدة، ط2، (القاهرة: دار النشر للجامعيين، 1958م)، ص 84.
5- محمد الشيرازي، تلك الايام، ص 33-34.

عندما بدأت القوات العسكرية التي يقودها عبد السلام محمد عارف(1) بتطويق القصر الملكي «الرحاب» في بغداد وقتل الملك فيصل الثاني وعبد الإله ونوري السعيد وأغلب أفراد العائلة المالكة(2).

كانت توجهات المشاركين في ثورة 14/تموز/1958م توجهات مختلفة، إلا أن السلطة الفعلية انحسرت بيد الزعيم الركن عبد الكريم قاسم والعقيد عبد السلام عارف، إذ ادعى كل منهما أسبقيته على الآخر فعبد الكريم قاسم هو أعلى رتبة من العقيد عبد السلام عارف، وعارف يدعي انه لولب تنظيم الضباط الأحرار الشباب، ولعل من أسباب هذا الخلاف هو تشخيص هوية العراق، هل هو امة قائمة بذاتها أم انه جزء من الأمة العربية وما هو الموقف من الجمهورية العربية المتحدة؟، فكان عارف معجباً بالجمهورية العربية المتحدة فضلا عن حماية العراق، وان رفعه شعار الوحدة العربية سيمنحه العديد من المؤيدين داخل الجيش وخارجه، فبعد أيام من الثورة زار عبد السلام عارف دمشق، بينما كان عبد الكريم أكثر تعاطفاً مع الآراء التي تدعو إلى تحقيق الإصلاح الاجتماعي

ص: 229


1- عبد السلام محمد عارف (1921-1966م) ولد في الرمادي، تخرج من الكلية العسكرية عام 1942م، كان من اعضاء تنظيم الضباط الاحرار، اشترك مع عبد الكريم قاسم بالاطاحة بالنظام الملكي واعلان الجمهورية، عهدت اليه ثلاثة مناصب: نائب القائد العام للقوات المسلحة، نائب رئيس الوزراء، ووزير الداخلية، وبعد اختلافه مع عبد الكريم قاسم، اقصي من منصب نائب للقائد العام للقوات المسلحة في 12/9/1958م ومن منصبي نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية في 30/9/1958م ثم عين سفيراً للعراق في بون عاصمة المانية الغربية 30/9/1958م ثم اعتقل وأودع السجن في 14/11/1958م وصدر عليه الحكم بالاعدام في 5/2/1959م وعفي عنه في 28/9/1961م أصبح رئيساً للجمهورية بعد انقلابه على عبد الكريم في 8/شباط/1963م، قتل مع مجموعة من الوزراء ومرافقيه في 13/4/1966م عندما سقطت طائرته في البصرة. حميد المطبعي، موسوعة أعلام العراق، ج2، ص 146.
2- محمد حسن الزبيدي، ثورة 14/تموز/1958م، ص 390-410.

الداخلي وبناء مجتمع قومي عراقي ويجب أن يسبق ذلك الالتزام الجدي مع العالم العربي، وكان يدعمه في ذلك كل من نظر بريبة إلى مشاريع الوحدة العربية، وبشكل خاص الأكراد والشيوعيون(1).

يبدو مما تقدم أن خوف عبد الكريم قاسم من التوجهات القومية لدى عبد السلام عارف وزملائه، اضطره إلى الاقتراب من الشيوعيين ودعمهم لأنهم لا يؤمنون بالقومية وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار طبيعة المرحلة وشدة تياري عبد الكريم وعبد السلام، نعرف بان ميل عبد الكريم إلى الشيوعيين كان تكتيكياً سياسياً يريد من خلاله أن يستفيد من ثقلهم في الشارع للوقوف بوجه القوميين ومشاريعهم.

وقفت الحركة الشيوعية في العراق منذ بدايتها موقفاً سلبياً من الظاهرة الدينية في المجتمع العراقي، وانطلاقاً من قوالب فكرية ماركسية جاهزة مفادها أن الدين أفيون الشعوب، ويكفي أن تكون الثورة العراقية الكبرى ضد الاحتلال البريطاني عام 1920م بقيادة علماء الدين في النجف وكربلاء، وقد حظيت الشعائر الدينية كمجالس الوعظ والإرشاد وزيارة المراقد المقدسة بمكانة عزيزة على قلوب العراقيين وضمائرهم، حتى عند غير الملتزمين دينياً، جاء في نشرة «كفاح السجين الثوري»(2) عدد 2 شباط 1954م حول مناسبة «أربعين الحسين» ما يأتي غالباً ما يخرج الثوار أفكاراً إقطاعية بدون إدراكها.. وهذا ما حصل لان الأفكار الإقطاعية موجودة في كل ركن من أركان الحياة... والآن نرى أن هذه الأفكار لا تزال تعشعش حتى في أعضاء حزبنا الشيوعي... وهناك من الشيوعيين

ص: 230


1- تشارلز تريب، صفحات من تاريخ العراق المعاصر، ص 208-212.
2- كفاح السجين الثوري: نشرة اصدرها السجناء الشيوعيون في بعقوبة اواخر عام 1953م، واستمرت حتى الشهر الثامن من عام 1954م. صلاح الخرسان، صفحات من تاريخ الحركة الشيوعية في العراق، (بغداد: دار الفرات، 2002م)، ص 154.

من يعطي أربعينية الحسين «أهمية عظيمة فيحضر مع الناس ليؤدي نفس المشاعر وكان الأجدى به كشيوعي أن يذهب إلى الناس ليجمع تواقيع تؤيد حركة السلام»(1).

انتقل الحزب الشيوعي إلى مرحلة النشاط العلني بعد عام 1958م، وظن الشيوعيون أن الوقت قد حان بعد تشكيل العراق الديموقراطي الشعبي لإزالة ما تصفه الإيديولوجية الماركسية برواسب الماضي ومخلفاته، وفي المقدمة منها، الدين والأنظمة المنبثقة عنه كعقود الزواج الشرعية والعلاقات الأسرية ووضع المرأة في المجتمع(2).

وقف الشيوعيون مع عبد الكريم قاسم بوجه حركة عبد الوهاب الشواف التي قادها في الموصل للإطاحة بحكم عبد الكريم قاسم، وكانت جريدتهم «اتحاد الشعب» تقوم بنشر إرشادات وشعارات تدعو إلى سحق الجميع، في نفس الوقت الذي كان الشيوعيون وأنصارهم في بغداد وغيرها من المدن يطوفون الشوارع ويهتفون «أعدم.....أعدم...» ويستهدفون معارضيهم من القوى القومية ويقدمون مذكرات التأليب، ويعقدون الاجتماعات، ويقيمون الندوات المكرسة للموقف المضاد للفئات الأخرى(3).

أسهم الحزب الشيوعي بتعميق الهوة بين المرجعية وعبد الكريم قاسم، وحاول السيد محسن الحكيم(4) الطلب من عبد الكريم قاسم أن يعود لواقعه الإسلامي وترك الأحكام والقوانين المنافية للإسلام، ولكن عبد الكريم اتخذ

ص: 231


1- صلاح الخرسان، صفحات من تاريخ الحركة الشيوعية في العراق، ص 154.
2- المصدر نفسه، ص 155.
3- سمير عبد الكريم، اضواء على الحركة الشيوعية في العراق 1934-1958م، (بيروت: دار المرصاد، 1968م)، ج2، ص 73-77.
4- عدنان السراج، المصدر السابق، ص 21-27.

موقفاً جافاً تجاه السيد محسن الحكيم ما أدى إلى القطيعة(1).

سيطر الشيوعيون على الشارع بعد فشل حركة الشواف وترآى للناس أن العراق قد أصبح شيوعياً ولم يبقَ إلا ذلك رسمياً(2).

طالب الشيوعيون بإشراكهم في السلطة في 1/5/1959م بمناسبة عيد العمال العالمي وأطلقوا هتافات «عاش زعيمي عبد الكريم، الحزب الشيوعي بالحكم مطلب عظيم» (3).

بلغ الخطر الشيوعي إلى درجة كبيرة جداً حتى أن السيد محمد باقر الحكيم (رحمه اللّه) قال «أنا من عائلة علمية ودينية عريقة معروفة في أدائها لخدمة أهل البيت، وعندما ولدت كان والدي المرحوم مرجعاً من مراجع الإسلام يبلغ 53 عاماً من العمر، وعشت في هذه البيئة في النجف الأشرف، تحيطني هذه الظروف المحصنة، ومع ذلك تعرضت إلى ضغوط، وكان بيني وبين السقوط في هاوية الضلال الماركسي شعرات»(4).

قام الشيوعيون بالاعتداء على بعض رجال الدين وقامت الصحافة الماركسية تتناول السيد محسن الحكيم بما لا يليق بموقعه الديني والاجتماعي(5).

وكانت أبرز الصحف الماركسية العراقيّة التي أساءت للسيد محسن الحكيم

ص: 232


1- المصدر نفسه، ص 217.
2- فاضل حسين، سقوط النظام الملكي في العراق، (بغداد: مكتبة افاق عربية، 1986م)، ص102.
3- حليم احمد، موجز تاريخ العراق الحديث 1921-1958م، (بيروت: دار ابن خلدون، د.ت)، ص 138.
4- صائب عبد الحميد، محمد باقر الصدر، تكامل المشروع الفكري والسياسي، (بيروت: دار الهادي، 2002م)، ص 166.
5- حسن الحكيم، المفصل في تاريخ النجف الاشرف، (قم: المكتبة الحيدرية، 2004م)، ج8، ص 67.

هي جريدة الإنسانية(1).

وقف السيد حسن الشيرازي بوجه المد الشيوعي في ظل مرجعية أبيه السيد ميرزا مهدي الشيرازي من خلال عدة نشاطات قام بها في كربلاء المقدسة جاعلاً نصب عينيه تخليص الكثير من الشباب المسلم من التورط في شراك الشيوعية فأسس تجمع شبابي باسم «الشباب الحسيني» وقام بنشر الوعي بين جميع الطبقات على بطلان الأفكار الشيوعية، وكذلك عقد جلسات البحث والمناظرة في عقائدهم الإلحادية، وفي تلك المدة أقيم الاحتفال العالمي بمناسبة ولادة أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان ذلك بتوجيه من والده وأخيه السيد محمد الشيرازي، وبين من خلال هذا الاحتفال الحقيقة الفارغة للشيوعية، وعلى الرغم من سعي الحكومة لإيقافه إلا انه استمر بنجاح(2).

كما تصدى لقانون الأحوال الشخصية الذي يساوي بين الرجل والمرأة في الإرث ويحرم على الرجل الزواج بأكثر من زوجة واحدة، لان هذا القانون يعتبر مخالفة صريحة للإسلام، كما انه اتخذ من مجلة الأخلاق والآداب، التي كان يصدرها في كربلاء منبراً ضد الشيوعية وجرائمها البشعة بحق الأبرياء(3).

وكان الشيوعيون يقتلون الأبرياء بمختلف أنواع القتل فضلاً عن هتك الأعراض والتعذيب الغريب، فكانوا يضعون العصي الغليظة في عقب بعض أصحاب المال ثم يسحبونهم على الأرض لمسافات طويلة، وذات مرة نهبوا شارع الإمام علي (عليه السلام) في كربلاء حتى أعمدة الحديد الثقيلة، وكانوا يجرون الناس بالحبال أحياءً في شوارع كربلاء(4).

ص: 233


1- خليل ابراهيم حسين، سقوط عبد الكريم قاسم، (بغداد: دار الحرية، 1989م)، ص 118.
2- حسن الشيرازي، ديوان حسن الشيرازي، ص 34؛ السيد هادي المدرسي، لقاء أجراه معه موقع الشيرازي نت: www.alirazi.net.
3- عبد الحليم محمد، الامام الشيرازي، ص 112-113.
4- محمد الشيرازي، خواطر وذكريات، ص 307.

ذهب السيد حسن الشيرازي بمعية أخيه السيد محمد الشيرازي وبعض وجهاء كربلاء إلى متصرف كربلاء عبود الشوك سنة 1960م وقال له السيد محمد الطباطبائي الذي كان بصحبتهم بعد أن عمل الشيوعيون أعمالاً لا تناسب قدسية المدنية، هل أنت متصرف الليل أو متصرف النهار، فان كنت متصرف الليل والنهار، فلماذا يعمل الشيوعيون هذه الأعمال المشينة، فلم يكن للمتصرف جواباً(1).

زيادة على ما تقدم كان للسيد حسن الشيرازي لقاءات مع بعض الوزراء والمسؤولين في بغداد للتصدي لهذه المنكرات والقضاء عليها، وقد ذهب إلى بغداد في عامي 1959-1960م أكثر من مرة ومعه الشيخ عبد الزهراء الكعبي والشيخ حمزة الزبيدي(2).

اتسع نشاط الشيوعيون في كربلاء في عام 1959م فقرر السيد محمد الشيرازي مع السيد حسن الشيرازي تشكيل وفد لزيارة العلماء في النجف الاشرف لأجل التنسيق معهم للوقوف بوجه الهجمة الشيوعية، وكان أول لقاء مع الشيخ محمد رضا المظفر(3) وأسرع الشيخ المظفر في تهيأة مكان الاجتماع

ص: 234


1- المصدر نفسه، ص 131-132.
2- محمد الشيرازي، خواطر وذكريات، ص 323.
3- محمد رضا المظفر (1904-1964م) هو الشيخ محمد رضا بن محمد بن عبد اللّه المظفر النجفي ولد في النجف ونشأ على يد اخويه الشيخ محمد حسن والشيخ محمد حسين فعنيا بتوجيهه وتربيته، تدرج في دراسته الحوزوية حتى حضر البحث الخارج عن الشيخ النائيني واخيه الشيخ محمد حسن المظفر والشيخ محمد حسين الاصفهاني والشيخ ضياء الدين العراقي، حتى تخرج على يديه واصبح من العلماء الافذاذ في الفقه والاصول له آراء اصلاحية راقية في منهج التدريس والدعوة الاسلامية داخل العالم الاسلامي وخارجه، اسس جمعية منتدى النشر سنة 1935م، ثم صارت كلية الفقه كان من اعضاء جماعة العلماء في النجف، حضر العديد من المؤتمرات الإسلامية في باكستان ومؤتمر جامعة القرويين، توفي في 1964م ودفن في النجف الاشرف. كاظم عبود الفتلاوي، المنتخب، ص 504-505.

الذي حضره العلماء من هم دون المراجع وكانوا قرابة الأربعين، بما فيهم من السادة آل بحر العلوم والسادة آل الصدر وغيرهم(1).

جرى الحديث في ذلك الاجتماع، حول ضرورة التصدي للهجمة الشيوعية، وان السكوت عنهم سيترك آثاراً وخيمة، لان الشيوعيين قائلون باللاءات الخمسة، لا للدين، لا للفضيلة، لا للملكية الفردية، لا للعائلة، لا للحرية السياسية، وإذا لم نقف قبالهم فإنهم سيفعلون ما فعلوا في موسكو، لان شيوعية العراق فرع من الشيوعية الأممية التي تنتمي إلى موسكو، وكان المطلوب من الشيوعيين أن يجندوا جميع طاقاتهم للعبث بمقدرات العراق، وكانت العشائر العراقية قوة لا يستهان بها، والحوزة العلمية وعلمائها ومفكريها أقوياء ولهم نفوذ على العشائر والمثقفون الإسلاميون أقوياء كذلك، أثمرت تلك الاجتماعات التي عقدت في النجف الاشرف فتمخضت في النهاية عن تشكيل «جماعة العلماء» وكانوا جميعاً من العلماء الذين هم دون مرتبة المرجعية، وسارع المراجع إلى تأييدهم أمثال السيد ميرزا مهدي الشيرازي والسيد محسن الحكيم وبقية مراجع التقليد، بدأت الجماعة في نشاطها المعادي للشيوعية بإصدار المنشورات اليومية ونشرت عدة بيانات في عدة صحف، وفي المقابل أبدت الحركة الشيوعية ردود فعل سريعة فقامت بدعم «جماعة العلماء الأحرار» القريبة من أفكار الشيوعية وقد استطاعت الجماعة ان تجمع عن طريق المال العديد من الناس، وتمكنت من تسخير امكانات الدولة لصالحها من صحف ومجلات وراديو وتلفزيون، لكنها لم تكن تمتلك رصيد جماهيري يؤهلها لعقد مؤتمر جماهيري كبير، تلاشت هذه الجماعة بعد سيطرة عبد السلام عارف على السلطة في

ص: 235


1- محمد الشيرازي، تلك الايام، ص 126 ؛ للمزيد عن جماعة العلماء ينظر، رحيم عبد الحسين عباس، اثر المجددين في الحياة السياسية والثقافية في النجف 1945-1963م، (اطروحة دكتوراة: كلية التربية، الجامعة المستنصرية، 2006م)، ص 156-173م.

8/شباط/1963م(1).

قام السيد حسن الشيرازي أيضاً بتأليف عدد من الكتب التي تعري الشيوعيين وتفضح مخططاتهم وأطروحاتهم، ولعل من أهم هذه الكتب هو كتاب الاقتصاد الذي تعرض فيه وبشكل تفصيلي للشيوعية والمبادئ والأهداف التي كانت تنتهجها وتدعو إليها، وقد كان تأليف الكتاب بمثابة الرد العملي على الشيوعية، إذ تضمنت حقائق وآراء وإحصاءات دقيقة عن واقع الشيوعية(2)، وما المساوئ التي ظهرت في أثناء تطبيقها، كما انه عبر عن طريق قصائده وكلماته التي كان يلقيها في أثناء المؤتمر العالمي لميلاد أمير المؤمنين علي (عليه السلام) 1959-1966م عن رفضه للفكرة الشيوعية، وقد حاول الشيوعيون أكثر من مرة إيقاف هذا المؤتمر الذي كان يفضح على الدوام أهدافهم ويعريها من كل زيف وتحريف.

استطاع السيد حسن الشيرازي بعد لقاءات عديدة مع مسؤولين في الحكومة العراقية آنذاك أن يحصل على موافقة الحكومة على أن يقوم بإلقاء المحاضرات من - إذاعة بغداد - ويبدو أن ذلك تراجع عن موقف الحكومة السابق بسبب الضغط الجماهيري عليها إبان سيطرة الشيوعيين على مقدرات البلاد، فكان السيد حسن الشيرازي يذهب إلى بغداد كل أسبوع ليلقي كلمته من دار الإذاعة 1960-1961م وقد جمع تلك الكلمات بكتاب سماه «التوجيه الديني» وكان هو أول رجل دين يخطب من الإذاعة ويحدث الناس بشكل مباشر(3).

كما عمل معه الخطيبان السيد مرتضى القزويني والشيخ عبد الزهراء الكعبي، وكان لهذه المحاضرات الأثر الكبير في المجتمع العراقي، حيث كانت الرسائل تترى على دار الإذاعة عبر البريد تطالب بالمزيد من هذه المحاضرات، وقامت

ص: 236


1- محمد الشيرازي، خواطر وذكريات، ص 126-128.
2- سبق أن ذكرناها في الفصل الثالث ضمن جهوده الإقتصادية.
3- «مقابة شخصية»، الشيخ علي الشمري، رجل دين، كربلاء، 5/2/2010م.

دار الإذاعة بتقديم مخصصات مالية للخطباء، لكنهم رفضوا لأنهم يعملون في سبيل اللّه، فكسبوا إعجاب القائمين على الإذاعة(1).

يعد الشباب من أهم طبقات المجتمع وأكثرهم حيوية ونشاطاً نظراً لما يمتلكونه من طاقة وقدرة على العمل والتغيير، وإنهم الركيزة الأساسية في بناء وتطور الأمم، تنبه السيد حسن الشيرازي إلى دور الشباب في المجتمع وان الشيوعيين يحاولون أن يستقطبوهم، فقام بإلقاء المحاضرات الدينية في الجوامع والحسينيات وكان الحضور عاماً لكل الناس، وكان اهتمامه منصباً بشكلٍ اكبر على الشباب فكان يعاملهم بلطف واحترام شديدين ويحاول أن يشعرهم بهذا الاحترام وأدى ذلك إلى احترام متبادل بين المجتمع الكربلائي - خاصة شريحة الشباب - وانخرط العديد منهم في الحوزة العلمية الكربلائية بفضل ما لمسوه من خلقه الرفيع معم(2).

حاول الشيوعيون منع مهرجان الإمام علي (عليه السلام) الذي أقيم في 1/1/1960م لأنهم يرون فيه تبديداً لجهودهم، ولما فشلوا في ذلك عملوا إلى التسلل إلى الاحتفال وإثارة الفوضى في داخله حتى لا يحقق الاحتفال أهدافه، وبذلوا جهوداً وأموالاً كثيرة، وحصلوا على بعض بطاقات الدعوة - من بعض من أرسلت إليهم - تمهيداً لدخولهم الاحتفال، إلا أن الأنباء تسربت إلى لجنة الاحتفال، فقررت الحيلولة دون دخولهم، فانتشرت العناصر الشابة من أصحاب السيد حسن الشيرازي على أبواب القاعة لمنع الشيوعيين من الدخول لأنهم كانوا معروفين عند أهالي كربلاء وفشلت محاولتهم للدخول، وكان متصرف «محافظ» كربلاء في تلك المدة «عبود الشوك» قد أحس بالخطر فأصر - قبل الاحتفال - على

ص: 237


1- محمد الشيرازي، تلك الايام، ص 222-223.
2- «مقابلة شخصية»، الشيخ على المجاهد، رجل دين، كربلاء، 23/10/2009م.

مقابلة السيد حسن الشيرازي لكي يقنعه بتخفيف الهجوم، إلا أن السيد حسن الشيرازي رفض ذلك، فهدد المتصرف بمنع الاحتفال إن لم ير القصيدة التي سيلقيها السيد حسن الشيرازي، فرفض السيد حسن الشيرازي إعطاءه القصيدة لأنه يعلم بان المتصرف سوف لا يسمح بإلقائها، فكان موقف أعضاء لجنة الاحتفال حرجاً جداً، فتقدموا بطلب للسيد حسن الشيرازي بأن يرى المتصرف القصيدة فوافق السيد حسن الشيرازي على ذلك وبعث للمتصرف بعض الأبيات التي لا تهاجم الحكومة والشيوعيين، بينما حفظ الأبيات الشديدة عن ظهر قلب وعند مجيء دوره ألقى قصيدته وكلمته بكل شجاعة، ولم يستطع المتصرف أن يفعل شيئاً لفخامة الاحتفال(1).

أدت هذه المواقف التي وقفها السيد حسن الشيرازي إلى أن ينصب له الشيوعيون العداء محاولين أن يتخلصوا منه بأية طريقة، ولذلك نصبوا له الجواسيس لمعرفة تحركاته حتى يتسنى لهم اغتياله، ومثلاً قاموا بإحدى المرات بنصب كمين له قرب مسجد الهندية(2) الذي كان يصلي فيه ويلقي كلماته إلا أن بعض أتباعه اخبروه بالخطة وامتنع عن الحضور، لان تهديدهم له كان جدياً(3).

كان انتشار الشيوعية في العهد الملكي في بغداد وفي المدن الرئيسة بين الفقراء والعاطلين وعلى الأكثر بين الأقليات الاثورية والارمنية واليهودية(4).

ص: 238


1- نور الدين الشاهرودي، اسرة المجدد الشيرازي، آية اللّه الشهيد السيد حسن الشيرازي تاريخ فكره وجهاده، ص 182-183.
2- وهو احد المساجد المهمة في كربلاء، ويقع في بداية سوق الحفافين، سلمان هادي آل طعمة، دليل كربلاء المقدسة، (بيروت: دار المرتضى، 2001م)، ص 56.
3- اشرنا الى هذه الحادثة فيما سبق.
4- ستيفن همسلي لونكريك، العراق الحديث من سنة 1900م الى سنة 1950م، ترجمة سليم طه التكريتي، (بغداد: مطبعة حسام، 1988م)، ج2، ص 509.

موقفه من حكومتي عبد السلام عارف وعبد الرحمن عارف:

قام القوميون والبعثيون بقتل عبد الكريم قاسم في 8/شباط/1963م وكان القوميون بزعامة عبد السلام عارف الذي كان رفيقاً لعبد الكريم قاسم ولأنه كان قومياً، وعبد الكريم شيوعياً - كما يزعم القوميون- فقد عزل عن وزارة الداخلية التي أعطيت له أول الثورة، ولما وصل عبد السلام إلى السلطة واخذ يعيث بالبلاد الظلم والاستبداد، ذهب إليه السيد حسن الشيرازي سنة 1963م إلى بغداد وبصحبته الشيخ عبد الزهراء الكعبي وجماعة من العلماء والوجهاء، وتكلموا معه في إصلاح المفاسد لكنه لا يصلح شيئاً، وذات يوم جاء إلى كربلاء المقدسة، وذهب إلى النجف الاشرف لملاقاة السيد الحكيم، لكن السيد محسن الحكيم لم يسمح له بلقائه، احتجاجاً على ما كان يفعله من جرائم هو والحرس القومي(1).

فسح عبد السلام عارف المجال للحرس القومي(2) الذي شكل وفق قانون 35 وكان اغلبهم من البعثيين للعبث بأرواح العباد وثروات البلاد، وكانت هذه المدة لا تختلف كثيراً عن مدة الفوضى الشيوعية التي أعقبت ثورة 1958م، فاعتدوا على الأعراض ومارسوا أبشع وسائل التعذيب والقتل بحق الأبرياء، وكانوا

ص: 239


1- محمد الشيرازي، خواطر وذكريات، ص 132.
2- جاء في قانون الحرس القومي رقم 35 مانصه: «ان الغاية من تشكيل الحرس القومي هي لإعداد قوة من الشباب القومي العربي تتدرب على استعمال السلاح لغرض معاونة القوات المسلحة للدفاع عن الوطن العربي وصيانة الامن الداخلي بموجب تعليمات خاصة تصدرها وزارة الدفاع». الارتباط والواجبات: ترتبط قوات الحرس القومي برئاسة اركان الجيش عن طريق دائرة الاركان العامة والامور الادارية كل حسب اختصاصها، واستناداً الى هذا القانون برقم 35 الصادر في 8/2/1963م بدأت طلائع الشباب العربي المؤمن بعروبته ودينه ووطنه، تندفع نحو مراكز التطوع، الا ان اغلب من تطوع هم من حزب البعث. عبد الهادي الركابي، وثائق لاتموت، صفحات سوداء من تاريخ حزب البعث، (بغداد: مؤسسة الشهداء، 2009م)، ج1، ص 7.

عندما يريدون قتل احد يقولون هذا شيوعي، فيكون ذلك مسوغاً لقتله(1).

أصدر عارف وبشكل مفاجئ في 14/تموز/1964م خمسة قرارات تقضي بتأميم المصارف والصناعات وتنظيم مجالس إدارة الصناعات وبإنشاء مؤسسة اقتصادية لتطبيق الاشتراكية والإشراف عليها، وتم إنشاء الاتحاد الإشتراكي رسمياً، وأعلنت تلك القرارات أن الصناعات الرئيسة كالإسمنت والتبغ ستخضع للقطاع العام ومن ثم تؤمم والشركات الصغيرة التي لا تستطيع أن تنمو جنباً إلى جنب مع القطاع العام فتترك للقطاع الخاص، وإخضاع الأغذية والملابس والصناعات المماثلة لقطاع ثالث سمي القطاع المختلط، والحق بالقرارات قائمة بأسماء الشركات التي أعلن تأميمها وأذيعت على الناس وهي ثلاثون شركة(2).

شهدت البلاد اضطراباً اقتصادياً وسياسياً عقب إعلان تطبيق الاشتراكية، فقام السيد حسن الشيرازي والسيد محمد الشيرازي والسيد مرتضى القزويني وعلماء آخرون بزيارة النجف الأشرف واللقاء بالسيد محسن الحكيم للإفادة من توجيهاته في عملهم ضد الاشتراكية، فقال السيد محسن الحكيم للسيد مرتضى القزويني اذهب وأعلن فوق المنبر: أني مخالف للاشتراكية، فان تعرضت لشيء فانا اضمن نجاتك، فرجع السيد مرتضى القزويني إلى كربلاء، وارتقى المنبر في صحن الإمام الحسين (عليه السلام) في مجلس حاشد وقال: إن السيد الحكيم والسيد محمد الشيرازي وغيرهما يخالفون الاشتراكية، واخذ يبين للناس التفاصيل وبعد هذه القصة ’ ألقي عليه القبض بأمر من عبد السلام عارف وأبعدوه إلى بغداد ثم إلى تكريت(3)، وقد سعى السيد الحكيم في خلاصه من السجن حتى

ص: 240


1- للمزيد من جرائمهم ينظر، عبد الهادي الركابي، وثائق لاتموت، ج1، ص 8-12.
2- محمد الشيرازي، تلك الايام، ص 226.
3- ذكر السيد مرتضى القزويني للباحث، ان السيد حسن الشيرازي، زاره في سجن تكريت واهدى اليه نسخة من كتاب كلمة الاسلام. «مقابلة شخصية»، السيد مرتضى القزويني، مجتهد، كربلاء، 24/10/2009م.

خرج(1).

كذلك ذهب السيد حسن الشيرازي بمعية أخيه السيد محمد الشيرازي والسيد مرتضى القزويني ومجموعة من العلماء إلى الشيخ محمد رضا الشبيبي لمناقشة الأوضاع معه، ولكي يسعى في الحد من الظلم والجور الموجود، وكان له مقام سياسي جيد ووجاهة لدى الحاكمين، فالتقوا به في بغداد وتكلموا معه حول الأوضاع في زمن عبد السلام عارف، فقال لهم: «إني لا املك شيئاً إذ أن الوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم ثم قال لهم: لقد تذكرت كلام نوري السعيد حيث قلت له مرة في مجلس الأمة: انك دكتاتور، فقال: أيها الشبيبي إذا ذهبت وجاء غيري حينها تعرف من هو الدكتاتور، إنا أو الذين يأتون من بعدي والآن ادرك معنى كلامه، وكلام الشيخ الشبيبي لا يعني أن حكم نوري السعيد كان صالحاً وجيداً، ولكن سوء الأوضاع والاضطراب الذي شهده البلد بعد ثورة 14/تموز/1958م حمله على هذا القول»(2).

وبعد مقتل عبد السلام عارف اثر تحطم الطائرة التي تقله(3)،

تولى أخيه عبد الرحمن محمد عارف(4) رئاسة الجمهورية، انتهج السيد حسن الشيرازي نفس سياسته السابقة، فشكل وفداً برئاسته وزار عبد الرحمن عارف في عام 1966م وطلب منه أن يلغي بعض القوانين التي لا تنسجم مع الإسلام وبين له

ص: 241


1- محمد الشيرازي، خواطر وذكريات، ص134-135.
2- محمد الشيرازي، خواطر وذكريات، ص 135-136، محاضر جلسات مجلس الاعيان، الاجتماع العاشر غير الأعتيادي لسنة 1939م الجلسة «3»، (بغداد: مطبعة الحكومة، 1940م)، ص 24-25.
3- للمزيد ينظر: فيصل حسون، مصرع المشير عبد السلام عارف، ط2، (لندن: دار الحكمة، 2004م).
4- عبد اللّه الهاشمي، آية اللّه الشهيد السيد حسن الشيرازي، فكر وجهاد، ص 102.

رفض العلماء للاشتراكية، وتطبيقاتها المجحفة، ووعده عبد الرحمن خيراً، غير أنه لم يقم بخطوات عملية في هذا الشأن، وسرعان ما أطيح به على يد البعثيين في 17/تموز/1968م(1).

ص: 242


1- محمد الشيرازي، خواطر وذكريات، ص 132؛ Http//Alshirazi.com.

المبحث الثالث: موقفه من حكومة حزب البعث 1968-1980م

اشارة

شكل السيد حسن الشيرازي في عام 1966م منظمة «حركة المرجعية» ويطلق عليها أحياناً اسم «جماعة الشيرازي» نسبة إليه، وأخذت تمارس عملها تحت إشرافه وتوجيهه(1).

تنبه البعثيون إلى الخطر الذي تمثله الحركات الدينية ومنها حركة السيد حسن الشيرازي، فعملوا بعد وصول احمد حسن البكر(2)، إلى السلطة في 17/تموز/1968م للحد من نشاطاته.

مهد البعثيون لإحكام قبضتهم على السلطة بالقيام بأمرين مهمين:

الأمر الأول: تصفية المواقع القيادية العليا في الحزب من الشخصيات الشيعية لان حزب البعث في تلك المدة يضم عناصر فعالة من الوسط والجنوب، ومن الشيعة بشكل خاص، علماً بان الممارسات التمييزية بدأت بعد 8/شباط/1963م عندما لوحق الشيعة بقسوة اكبر قياساً لرفاقهم السنة، وكان هذا

ص: 243


1- هادي حسن عليوي، احزاب المعارضة السياسية في العراق 1968-2003 م (بغداد: دار الكتب العلمية، د.ت)، ص 43.
2- احمد حسن البكر (1914-1982م) ولد في تكريت، اكمل دراسته الأبتدائية فيها، تخرج من دار المعلمين سنة 1932م مارس التعليم في تكريت وهيت، التحق بالكلية العسكرية عام 1938م، عين في مواقع عسكرية عدة، احيل على التقاعد بعد 1958م، عين رئيساً للوزراء عام 1963م أصبح رئيساً للجمهورية من 30/تموز/1968م ولغاية 1979م، توفي عام 1982م. حميد المطبعي، موسوعة أعلام العراق، ج2، ص 11.

سلوكاً طائفياً(1).

الأمر الثاني: مارس حزب البعث سياسة مشبوهة داخل المؤسسة العسكرية، حيث جرت تصفية كل العناصر المشكوك بولائها للنظام، أما بالإقالة أو الاغتيالات أو الاعتقال ومورست عملية تبعيث إجبارية لضباط الجيش ومنتسبيه، وعد البعثيون الجيش مؤسسة مغلقة لهم، وكانت عقوبة الإعدام جزاء لكل من يشك بانتمائه او تعاطفه مع أي تيار سياسي عراقي آخر، فيما كانت سياسة التمييز العنصري والطائفي تتحكم في اختيار مواقع التوجيه والقيادة في المؤسسة العسكرية(2).

قام البعثيون بعد أن ثبتت أقدامهم في السلطة في عام 1969م بحملة اعتقالات استهدفت كل الرموز الدينية، ضمن مخطط استهداف الحركة الإسلامية في العراق فقاموا باعتقال السيد حسن الشيرازي في 18/آيار/1969م من مدينة كربلاء المقدسة(3).

اعتقل السيد حسن الشيرازي بطريقة دنيئة، حيث استدعى باسم رئيس الجمهورية إلى قصره للتشاور معه، إذ أكد رسول رئيس الجمهورية انه لاشيء عليه غير التشاور معه حول قضايا إيران، استجاب السيد حسن الشيرازي لذلك فانطلقت به السيارة إلى نقطة غير معلومة، وكانت معتقل قصر النهاية(4) الذي

ص: 244


1- أسحاق نقاش وآخرون، المجتمع العراقي، حفريات سوسيولوجية في الأثنيات والطوائف والطبقات، (بغداد: مكتبة الفرات، 2006م)، ص 205-206.
2- حسين بركة الشامي، حزب الدعوة الاسلامية، دراسة في الفكر والتجربة، (طهران: مطبعة ستارة، 1997م)، ص 285-286.
3- علي المؤمن، سنوات الجمر، ص 114-115.
4- قصر النهاية: وهو عبارة عن بناء عظيم واسع تحيط به أراضٍ زراعية وحدائق وبساتين، ويقع على نهر دجلة نهاية الكرخ القديمة وكان يسمى «قصر الرحاب» زمن الملكيين، ولما جاء البعثيون غيروا اسمه الى «قصر النهاية» أما نهاية الملكية او نهاية الأنسان الذي يدخله. محمد الشيرازي، خواطر وذكريات، ص 138.

أودع فيه(1).

جاء بعد مدة احد أعوان النظام ويدعى - عبد الأمير ملا ناجي وهو بعثي يسكن كربلاء - من بغداد واخبر بعض أصدقاء السيد حسن الشيرازي انه معتقل «في قصر النهاية» وانه يتعرض للتعذيب القاسي وان حياته في خطر، وانه سيعدم لا محالة، فجاء الأصدقاء واخبروا السيد محمد الشيرازي بذلك(2).

استمر اعتقاله في قصر النهاية لمدة أربعة أشهر لم يعلم به احد ومورست بحقه أبشع أنواع التعذيب التي ظل يعاني من تداعياتها حتى آخر مدة من حياته(3).

تعرض السيد حسن الشيرازي في معتقل قصر النهاية لأكثر من أربعين نوعاً من التعذيب منها: -

1- الضرب الشديد المبرح.

2- كوي الظهر والبطن بالمكواة الكهربائية - عدة مرات.

3- الضرب بالعصي والحديد، الذي خلف كسوراً في أطراف يديه ورجليه وأصابع يديه ورجليه وكان يعاني من بعضها حتى يوم اغتياله.

4- الكوي بنار السيكارة في مواضع من جسمه كالوجه وغيره.

5- نتف شعر حاجبيه واشفار عينيه بالات كهربائية مؤلمة.

6- حرق لحيته بالنار مرتين.

7- قطع الماء والكهرباء عنه عدة مرات ومرة لمدة ثلاثة أيام في شدة الحر شهري تموز وآب.

ص: 245


1- وفاء جواد الجياشي، أية اللّه العظمى الشهيد السيد محمد باقر الحكيم (من النجف الى النجف)، (النجف الاشرف: مطبعة العترة الطاهرة، 2006م)، ص 34-35؛ ينظر ملحق رقم (7).
2- محمد الشيرازي، خواطر وذكريات، ص 137-138.
3- «مقابلة شخصية»، الشيخ محمد أمين الغفوري، مدير الحوزة الزينبية، كربلاء، 5/2/2010م.

8- التعليق بالرجلين منكوساً.

9- التعليق بالمروحة السقفية وتشغيلها.

10- مختلف أنواع الاهانات.

11- التعليق باليدين لمدد طويلة وبلا ماء أو طعام(1).

نقل السيد حسن الشيرازي لأخيه السيد محمد الشيرازي أن احمد حسن البكر كان يحضر إلى السجن ويشرف بنفسه على التعذيب وكذلك ميشيل عفلق(2)يحضر تعذيبه(3).

اعتقل السيد حسن الشيرازي لإخماد الحركات الشيعية الإصلاحية وكانت إحدى قصائده التي ألقاها في حفل ميلاد الإمام علي (عليه السلام) والتي هاجم بها البعث، هي الحجة التي اتخذها البكر ورفاقه لاعتقاله وسجنه، وحيث أنها لم تكن مبرراً كافياً أمام الرأي العام، لذا عذبوا «رشيد مصلح»(4) الذي كان

ص: 246


1- عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 82-83.
2- ميشيل عفلق (1910-1989م) مسيحي ارثوذكسي وابن تاجر حبوب، ولد في دمشق، أكمل دراسته الأولية في دمشق ثم ألتحق بجامعة السوربون في 1929م قرأ كتب نيتشة وماتزيني وأندريه ميدر وماركس ولينين، واكتسحته الموجة الماركسية التي اجتاحت الجامعات الأوربية، عاد الى دمشق سنة 1933م وعمل مدرساً للتاريخ، شكل نواه البعث في 1940م، اندمج حزب البعث العربي الاشتراكي مع الحزب العربي الاشتراكي سنة 1943م، شكل الامانة القومية للحزب عام 1954م، انتقل الى العراق بعد 17/تموز/1968م وبقي فيه حتى وفاته. حنا بطاطو، العراق، ج3، ص 32-36؛ www.wekabedia.org.
3- محمد الشيرازي، خواطر وذكريات، ص 138-139.
4- رشيد مصلح (1913-1970م) ولد في تكريت عمل مع عبد السلام محمد عارف وكان من المقربين إليه في ثورة 14/تموز//1958م وما بعدها حتى وصول عارف للحكم في 8/شباط/1963م فأصبح يد عارف اليمنى، أتهم بالتجسس لصالح الولايات المتحدة الامريكية بعد 17/تموز/1968م، أعدمه البعثيون في الثالثة صباحاً من يوم 22/12/1970م رمياً بالرصاص. محمد الشيرازي، خواطر وذكريات، ص 141؛ ستار نوري العبودي، عبد العزيز العقيلي، حياته ودوره العسكري والسياسي في العراق 1919-1981م، (بغداد: مكتبة مصر، دار المرتضى، 2009م)، ص170.

مسجوناً بتهمة التجسس لصالح أمريكا، حتى يعترف على السيد حسن الشيرازي بأمر تافه فأدعى رشيد مصلح في ندوة تلفازية - وكانت آثار التعذيب بادية على جسمه - أن السيد حسن جاءه ذات يوم وقال له ألا تعمل؟!.

فقال رشيد: إن الأمر يحتاج إلى المال، فقال له السيد حسن: ليس كل شيء بالمال، هذا فقط كان الأتهام الموجه إليه، فضحك الناس من الأمرين. فهل من المعقول أن رشيد مصلح وهو من المقربين من عبد السلام عارف يقبض خمسمائة دينار فقط من أمريكا للتجسس؟.

وأي ربط بين السيد حسن الشيرازي وبين رشيد مصلح؟.

وأي ربط بين السيد حسن الشيرازي وبين الانقلاب؟.

وهل أن مثل هذا الكلام يدل على أن السيد حسن الشيرازي طلب منه الانقلاب؟

أعدت الحكومة العراقية قائمة بأسماء ثلاثمائة شخص تقريباً من مراجع الدين وعلماء وشخصيات إسلامية أخرى، وطلبت من السيد حسن الشيرازي - تحت قساوة التعذيب - أن يعترف على نفسه وعلى المسجلة أسمائهم في القائمة بتهم كبرى وكلهم ابرياء، وكان من بين هؤلاء السيد محسن الحكيم والسيد محمد الشيرازي والسيد موسى الصدر(1)

وغيرهم(2).

ص: 247


1- موسى الصدر (1928-؟؟؟) ولد في مدينة قم في 24/حزيران/1928م وكان أبوه السيد صدر الدين الصدر أحد مراجع التقليد البارزين، وتصدى للمرجعية بعد وفاة الشيخ عبد الكريم الحائري، يرجع نسبه الى الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) ، التحق السيد موسى الصدر بالمدارس الحديثة في 1934م فدخل مدرسة باقرية من مدارس قم القديمة، ثم مدرسة سنائي التي اكمل فيها دراسته ماقبل الجامعية وانهاها في 1946م، دخل الحوزة العلمية في 1941م، ودخل جامعة طهران في كلية الحقوق قسم الاقتصاد عام 1950م وحصل على البكاليوريوس سنة 1953م، أختفى في ليبيا عام 1979م. ابراهيم خازم العاملي، غريب العصر، اية اللّه المغيب السيد موسى الصدر، (بيروت: دار المحجة البيضاء، 2000م)، ص 19-83.
2- عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 83، الشيخ يوسف عبد الشاكر، لقاء أجراه معه موقع الشيرازي نت في 7/10/2005م.

صمد السيد حسن الشيرازي وكان قد صمم على لقاء ربه والموت تحت التعذيب والتنكيل دون أن يعترف على نفسه زوراً وبهتاناً أو يتهم أحداً بسوء، وأثناء التعذيب وعلى اثر تدهور حالته الصحية نقل إلى المستشفى العسكري وظل بها مدة تحت المعالجة وبعدها نقل إلى سجن بعقوبة، بعد أن تحسنت صحته بعض الشيء(1).

لم تسمح الحكومة العراقية لأي من أفراد أسرته بزيارته باستثناء والدته مع إحدى نساء العائلة، وكانت أول من سعى إلى لقائه وقد سافرت إلى بعقوبة بعد أن علمت أن السلطات سمحت لها بلقاء ابنها على الرغم من كبر سنها وصعوبة السفر عليها، وعندما دخلت «سجن بعقوبة» استقبلها السيد حسن الشيرازي وسلم عليها وقبل يديها، ولكنها لم تعرفه - على اثر تغير ملامحه من جراء التعذيب الوحشي - والتفتت هنا وهناك وقالت أين ابني حسن؟!.

فرجع إليها وقال: أنا ابنك حسن.

ولكنها لم تكد تصدق ذلك.

وبكلمات منه مع أمه وظهور نبرات صوته لها وثقت أن هذا هو العزيز الذي تبحث عنه فاحتضنته وانفجرت بالبكاء وسقطت على الأرض من شدة الموقف فقام بتهدئتها وحاول إسكاتها عن البكاء(2).

بعد ذلك سمحت الحكومة العراقية لأهله بزيارته فاخذ السيد محمد الشيرازي يحث الناس على زيارته لان الحكومة كانت عازمة على حصر الزيارة بذويه فقط، فأخذت الوفود تذهب لزيارته بإعداد كبيرة، مما جعل الحكومة تضغط على ذويه وأخبرتهم أن ذلك سيؤدي إلى تأخير الإفراج عنه، وازدادت الضغوط الرسمية والشعبية على الحكومة لإطلاق سراحه بوساطة بعض

ص: 248


1- عبد اللّه الهاشمي، آية اللّه السيد حسن الشيرازي، فكر وجهاد، ص 107.
2- عبد اللّه الهاشمي، آية اللّه الشهيد حسن الشيرازي، ص 125-127.

الشخصيات والوجهاء من العلماء والخطباء والشيوخ وما أشبه، لإلغاء حكم السجن الصادر بحقه عشر سنوات، وقد صرفت عائلته جهداً كبيراً جداً لإيجاد هذا الضغط، فضلاً عن الدعاء والتضرع إلى اللّه للإفراج عنه(1).

قام السيد محسن الحكيم باستدعاء محافظ كربلاء المقدسة عبد الصاحب القره غولي عام 1969م بسبب الأعتقالات الواسعة التي أستهدفت شخصيات علمية واجتماعية عسكرية بارزة، وطلب منه إطلاق سراح السيد حسن الشيرازي بشكل خاص وقد وعد محافظ كربلاء بنقل مطالبه إلى الحكومة ويرجع له الجواب إلا انه لم يفعل(2).

أطلقت الحكومة العراقية سراح السيد حسن الشيرازي بسبب تزايد الضغوط الدينية والرسمية والشعبية بعد أن مكث في سجن بعقوبة عدة شهور، وكان إطلاق سراحه بعد يوم واحد من عيد الغدير، وكان وصوله إلى كربلاء المقدسة يوماً مشهوداً، فقد خرج الناس لاستقباله والسلام عليه والدعاء له بالسلامة(3).

شعر السيد حسن الشيرازي أن الحكومة ورجال الأمن يراقبونه، وكان يتوقع أن تندم الحكومة على إطلاق سراحه، ولهذا هاجر إلى لبنان في 13/حزيران/1970م(4).

تحدث السيد حسن الشيرازي عن رحلته في صفحة من مذكراته التي عثر عليها بعد استشهاده «... كانت الساعة تشير إلى الثانية بعد الظهر، عندما جاء

ص: 249


1- محمد الشيرازي، خواطر وذكريات، ص 140.
2- وفاء جواد الجياشي، أية اللّه العظمى الشهيد السيد محمد باقر الحكيم (من النجف الى النجف)، (النجف الاشرف: مطبعة العترة الطاهرة، 2006م)،ص 35.
3- عبد اللّه الهاشمي، أسرة المجدد الشيرازي آية اللّه الشهيد السيد حسن الشيرازي، ص122.
4- عبد اللّه الهاشمي، أسرة المجدد الشيرازي، آية اللّه الشهيد السيد حسن الشيرازي، ص127-128.

بعض الزملاء الإعزاء إلى البيت، وبيده موافقة على سفري مشفوعة ببطاقة الطائرة، وفي نفس اليوم ما كانت عقارب الساعة تشير إلى السادسة بعد الظهر إلا وكانت الطائرة تخترق بي أجواء العراق هاربة من كل الأشباح المخيفة في الدنيا المجتمعة في بغداد، ولكن نبضات قلبي الخافتة (فقد كان ضغطي هابطاً إلى سبع درجات لشدة المرض بعد ذلك التعذيب الوحشي) كانت تنفض الكارثة بحذر فما دامت الطائرة في الجو، فأنا في الكارثة، فكم أعيدت الطائرات المقلعة من بغداد لان العفالقة يعيدون فحص أسماء المسافرين بعد اقلاع الطائرات، فإذا أبدى أحدهم ملاحظة حول أحد المسافرين أعيدت الطائرة وأوقف المسافرون ريثما يتخذ العفالقة قراراً بشأن المسافر الذي أبديت حوله الملاحظة، فكيف بي وأنا الذي أثيرت حوله ضجة كبيرة وكتبت صحف بيروت: انه سيصل لإجراء عملية جراحية، ولا يتوقع أن يعود الى العراق في وقت قريب؟».

«وما كادت الشمس تسبح في البحر لتغسل عنها رهق جولتها عبر اليوم الطويل إلا وكانت الطائرة تهوي على ارض المطار في بيروت لائذة بها عسى أن تسترق تكدرها النظرات الشزر وخلت أنها تزغرد بدويها لأنها أرفأت في شاطئ السلام، بعد اشتباك مرير مع الآجال المعلقة ولكن نبضات قلبي مازالت داكنة رغم بشارة المضيفة بأن الطائرة وصلت إلى الميناء الجوي في بيروت، فانا بعد في الطائرة، ومن الممكن أن تواصل قوس النزول إلى بغداد، قبل أن تنفتح على مسافريها أبواب الحياة».

«وعندما وصلت إلى مفتش الكمرك فتح حقيبتي اليدوية ليجد فيها مع الملابس العادية سكينة صغيرة للفواكه، فأراد أن يبدأ فتح حقيبتي بنكتة فقال: هل المشايخ يحملون سكاكين في حقائبهم؟».

«فقلت: طبعاً، أو ليس تعلم إنني قادم من بغداد.. فقال: إذن الحمد للّه على

ص: 250

السلامة... ولم يعلم أن لكلمته معنى اكبر من الكلاسيكية التي عناها»(1).

«وحينما هممت بالركوب في سيارة خارج المطار، شعرت بكفٍ توضع برفق على كتفي، فالتفت لأرى احد أصدقائي العراقيين وهو يقول لي: لقد كنت معك، ولكن الآن استطيع أن أقول لك: الحمد للّه على السلامة، ودخلت إلى دائرة البريد لأبرق لأخي إنني وصلت بالسلامة، ثم جاءني في الغد مسافر يقول: دخلت برقيتك، وقبلها برقية تمنعك من السفر، واتصلت الجهات المختصة لاسلكياً بالطائرة لتعود بك إلى بغداد، ولكن ربان الطائرة أجاب، أن المسافرين خرجوا منها الى الجمرك ولا يمكن إعادتهم إلى الطائرة، ودخلت مستشفى من مستشفيات بيروت في الغرفة المحتجزة لي، وأطللت من شرفتها على بيروت، هذا الصدر الضيق الذي يجيش بالمتناقضات فوجدت قلبي ينبض نفس النبضات الكئيبة التي كان ينبضها في بغداد، فقد خرجت من صراع من اجل الحياة إلى صراع من اجل الرسالة، فستكون بيروت سنوات قادمة قاعدة لعملي، ولابد أن اعمل فيها شيئاً، وكيف يمكنني ذلك؟! فهنا ملتقى التيارات الموجهة بإمكانات دول، وأنا لست إلا فردا واحداً يواجه أكثر من حكومة معادية، وأكثر من حزبٍ معادٍ، وليس وراءه إلا قلب واحد يخفق بالحرارة، ولعله القلب الوحيد الذي وجدته يخفق بهذه الدرجة من حرارة الإيمان، وهو قلب أخي الذي يظن بي خيراً، ويأمل مني كثيراً ولكنه هو بدوره لا يملك إلا حرارة الإيمان، وهو بدوره باقٍ في العراق يعاني صراعاً مريراً من اجل الحياة والرسالة معاً، فلا استطيع أن أمد إليه يداً لأنقذه أو تخفيف الضغط عنه، ولا استطيع آن أقوم بعمل رسالي يروي بعض ضمأه للاعمال الرسالية».

ص: 251


1- عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 104-105؛ عبد اللّه الهاشمي، أسرة المجدد الشيرازي، آية اللّه الشهيد السيد حسن الشيرازي، ص 129-130.

«ولعل كل قدم أرفعها هنا أضعها عليه هناك، فأنا اعلم ان العفالقة يقتصون منه على كل عمل اقوم به أنا، فأنهم يعاقبون القريب بالبعيد ويشددون الضغط على مافي قبضتهم بذنب الذي لاتطاله أيديهم، أذن فماذا افعل أنا، يا اللّه أنت وجهني وأيدني... فليست هناك حكومة توجهني وتؤيدني، ولن أرضى أن أسير في ركاب قوة من الأرض، فانا وهبت كلي للسماء»(1).

«وقال القران لي ولا مثالي (فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به) ولا أريد أن افسخ صفقة السماء ولا أريد أن أكون من الذين وبخهم القران بقوله (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير)؟! يا اللّه أنت وليي وولي المؤمنين تولاني فقد استسلمت لك.. يارب دلني في صعاب الرسالة كما أنقذتني أنت لا غيرك من مخالب الموت والذل قبل أيام.. دلني يا الهي فليست هناك قوة اطمئن إليها لإنقاذي، فقد تمرضت في السجن وتحت التعذيب والآن أحاطت بي مشاكل لتهرس ما تبقى من أشلائي.. ابقي علي يارب ولا تهملني هكذا حصيراً في الرياح المتوحشة يا اللّه.. أجب نبضات قلبي التي تهتف بك، وامسح عن وجهي كآبة الحيرة، كما مسحت عنه كآبة الخوف والقلق، لقد كان الزائرون يتوافدون عليّ، وكنت أبادلهم سلاماً بسلام ولكني كنت شارداً مبدداً لا استطيع تجميع قوتي وتركيز نظراتي وكانوا يغفرونها لي، فانا مريض هارب من جحيم الدنيا، ولكني حتى اليوم لم أجرأ على غفران ذلك، لا من اجل الزائرين، وإنما من اجل ضعفي في أداء الرسالة التي اشعر أنها ملقاة على عاتقي... صرت عاتباً على نفسي، أعلك أعصابي، وامتص عافيتي، وحيرت الأطباء الذين كانوا يشرفون على علاجي: لماذا تدهورت صحتي؟ تصوروا أن الزيارات والقراءة تؤثر عليّ،

ص: 252


1- عبد اللّه الهاشمي، أسرة المجدد الشيرازي، آية اللّه السيد الشهيد حسن الشيرازي، ص130-131؛ عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص105- 106.

فأرادوا منع الزيارات والكتب عني، فقلت لهم: امنعوا شلال التفكير أن يحضر في صدغي.. ذقت بعض المرارة التي كانت تنهب أصحاب الرسالات وهم يرون أن الحواجز تطرق رسالاتهم، حاولت ان اسلي نفسي بضعفي، فلم أجده مقبولاً لا أمام اللّه ولا أمام ضميري، وبقيت ضربات قلبي الخافتة الكئيبة همساً خاشعاً يطوف على أبواب رحمة اللّه، وهي تقول بأنينها المكبوت (يارب أن رحمتك وسعت كل شيء، وأنا شيء فلتسعني رحمتك)»(1).

تناولت الصحافة اللبنانية ومنها صحيفة الحياة نبأ وصول السيد حسن الشيرازي في يوم الأحد المصادف 14/حزيران/1970م، وبينت المجلة بان استقبالا حافلاً سيجري له تكريماً لموقفه في سبيل اللّه والإنسانية(2).

اتصل السيد عباس المدرسي(3) بخاله السيد حسن الشيرازي هاتفياً بعد سماعه بوصوله الى بيروت ودخل معه المستشفى «هوتيل ديو»(4) وبعد تحسن حالته الصحية بعض الشيء انتقلا إلى بيت مستأجر في بيروت وزاره عدد كبير من العلماء منهم السيد موسى الصدر وغيرهم من العلماء(5).

ص: 253


1- عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 106-107؛ عبد اللّه الهاشمي، أسرة المجدد الشيرازي، آية اللّه الشهيد السيد حسن الشيرازي، ص 131-133.
2- الحياة، صحيفة، بيروت، العدد 7476، السبت 13/حزيران/1970م، ص 3، نقلاً عن عبد اللّه الهاشمي، أسرة المجدد الشيرازي، آية اللّه الشهيد السيد حسن الشيرازي، ص 136.
3- السيد عباس المدرسي (1955) ولد في كربلاء ونشأ على يد والده السيد محمد كاظم المدرسي درس المقدمات على يد الشيخ محمد حسين المازندراني والشيخ جعفر الرشتي، هاجر الى ايران وسكن مدينة قم وحضر ابحاث الخارج عند السيد محمد الشيرازي والشيخ حسين الخراساني، أنتدب للتدريس في الحوزة العلمية الزينبية. مؤلفاته، الامام الحسين (عليه السلام) ، الحضارة في عصر الامام المهدي، دراسة عن ثورة العشرين، ديوان شعر،. كاظم عبود الفتلاوي، المنتخب، ص201.
4- ينظر ملحق رقم 8.
5- «مقابلة شخصية»، السيد عباس المدرسي، مجتهد، كربلاء، 25/11/2009م.

اتصل بعض البعثيين المقيمين في بيروت بالسيد حسن الشيرازي وأكدوا له ان الحكومة العراقية لا تحمل ضده أية مشاعر عدائية وطلبوا منه العودة إلى العراق وان بإمكانه العيش بسلام(1)، ويبدو أن ذلك جزءٌ من التكتيك الحكومي لاستدراج السيد حسن الشيرازي إلى العراق ومن ثم اعتقاله أو تصفيته، لأنه كان يمثل خطراً محدقاً بالنظام والحكومة ولا يتردد في أن يفضح سياستها في كافة المحافل الدولية ولاسيما ان وجوده في الخارج سيؤمن له ذلك، ويستطيع ان يتحدث بحرية كاملة.

استأنف السيد حسن الشيرازي نشاطه الفكري والسياسي وشرع يفضح سياسة الحزب الحاكم في بغداد ويعمل مع كافة الفصائل المعارضة بما عرف عنه من انفتاح فكري ومعرفي، فاتصلت به اغلب أقطاب المعارضة وكانوا يتسابقون للقاء به وضمه إلى جانبهم وذلك لوزنه الفكري والسياسي الكبير(2).

زيادة على ذلك اهتم بقضية الشعب اللبناني ووقف بوجه مخططات تقسيم لبنان، كما اشرنا إلى ذلك فيما سبق، كذلك اهتم بقضية موسى الصدر من خلال:

1- اللقاءات السياسية مع المسؤولين اللبنانيين لبذل قصارى جهودهم من اجل معرفة مصير السيد موسى الصدر.

2- عقد المؤتمرات والندوات الصحفية وإثارة القضية على المستوى الإعلامي العالمي.

3- إرسال البرقيات إلى ملوك ورؤساء الدول الإسلامية لكي يقوموا بدورهم بالبحث والتحقيق في هذه القضية الغامضة(3).

ص: 254


1- «مقابلة شخصية»، السيد عباس المدرسي، مجتهد، كربلاء، 25/11/2009م.
2- سلمان هادي آل طعمة، الأسر العلمية في كربلاء، و96؛ الشيخ حسين الشريفي، لقاء أجراه معه موقع الشيرازي نت في 14/2/2006م، www.alshirazi.net.
3- عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 307.

وكان يركز على نقاطٍ عدة هي:

1- إن السيد موسى الصدر لم يغادر العاصمة الليبية طرابلس ابداً بل القي عليه القبض في الفندق، وبقيت حقيبته وجواز سفره في غرفته في الفندق.

2- ان السيد موسى الصدر يتمتع بحصانة دبلوماسية وانه حل ضيفاً على الحكومة الليبية ولهذا ليبيا مسؤولة أولاً وأخيراً عن اختفائه.

3- إن السيد موسى الصدر شخصية دينية وسياسية في لبنان ولهذا فان الحكومة اللبنانية هي المسؤولة عن قضية اختفائه، بمعنى أن عليها أن تقوم بالبحث والتحقيق بصورة جدية لا بصورة روتينية.

4- إن التواني أو التباطؤ في القضية يفسح المجال لتفجير الموقف في لبنان ويفتتح الأبواب للعمليات المسلحة وإراقة دماء الأبرياء(1).

ازدادت مخاوف الحكومة العراقية من تحركات السيد حسن الشيرازي واتصالاته بالكثير من الشخصيات السياسية العربية في أثناء إقامته في سوريا ولبنان أو من خلال تجواله في الدول العربية الإسلامية وفضحه لسياسة الحزب الحاكم في العراق، فعملت الحكومة وضمن مخطط يهدف إلى إسكات كل الأصوات المعارضة لها أو التي قد تشكل خطراً عليها، على اغتيال السيد حسن الشيرازي في عدة محاولات كان من بينها محاولة اغتياله حينما كان في المملكة العربية السعودية في المدينة المنورة لزيارة قبر الرسول (صلی اللّه عليه وآله وسلم) وقبور أئمة أهل البيت في البقيع عام 1973م ووصلت أنباء إليه وهو بالمدينة بان محاولة تدبر لاغتياله في موسم الحج، واقترح عليه احد أصدقائه أن يعود إلى بيروت قبل أداء الحج حتى لا يتيح للمغتالين أن يغتالوه، وفعلاً رجع السيد حسن الشيرازي إلى بيروت قبل إتمام حجه.

نشرت الصحافة اللبنانية هذا الخبر ومنها صحيفة البيرق في عددها الصادر

ص: 255


1- عبد اللّه الهاشمي، آية اللّه الشهيد حسن الشيرازي فكر وجهاد، ص 211-212.

يوم الأربعاء 10/كانون الثاني/1973م تحت عنوان «الإمام الشيرازي يقطع رحلة الحج بسبب مؤامرة على حياته» عاد إلى بيروت من الديار المقدسة سماحة الإمام حسن الشيرازي بعد أداء مراسيم الزيارة في المدينة المنورة، وذلك على اثر اكتشاف مؤامرة تستهدف حياته وانه على الرغم من التدابير المشددة التي اتخذتها السلطات السعودية فضل العودة إلى لبنان حفاظاً على قداسة الأماكن المقدسة، ولأنه سبق أن أدى فريضة الحج في السنوات الماضية(1).

عملت الحكومة العراقية بعد وصول صدام حسين(2) إلى السلطة في عام 1979م على تصفية الحركات المعارضة لها لاسيما الإسلامية منها(3).

قامت الحكومة العراقية بإعدام السيد محمد باقر الصدر(4) في

ص: 256


1- نقلا عن عبد اللّه الهاشمي، آية اللّه الشهيد حسن الشيرازي فكر وجهاد، ص 210.
2- صدام حسين (1937-2006م) ولد في قرية العوجة في تكريت في 28/نيسان / 1937م والدكتور حامد البياتي أظهر شهادة ميلاده مؤرخة في 1/تموز/1939م، توفي أبوه وهو لايزال في بطن امه، وعاش طفولة بائسة وفي عام 1947م انتقل للعيش مع خاله خير اللّه طلفاح، وفي بداية الخمسينات انتقل خاله للعيش في بغداد فانتقل معه، ثم انضم الى حزب البعث عام 1959م، اشترك في عملية اغتيال عبد الكريم قاسم وأصيب من جرائها، ليهرب الى مصر وفيها ألتحق بمدرسة «قصر النيل» من 1959م الى 1961م، لنيل الشهادة الثانوية، عاد الى بغداد وتزوج من ساجدة خير اللّه طلفاح عام 1962م بعد 17/تموز/1968م، أصبح له الدور الابرز في السلطة، شغل منصب نائب رئيس الجمهورية 1968-1979م ورئيساً لجمهورية العراق من 1979-2003م. احمد محمد شكر، صدام حسين من القمة الى الهاوية، (بيروت: دار المحجة البيضاء، 2004م)، ص 11-17، اعدم بقرار من المحكمة الخاصة في 30/12/ 2006م، http//ar.wikipedia.org.
3- بيار ميكال، تاريخ العالم المعاصر، 1945-1991م، تعريب يوسف ضومط، (بيروت: دار الجيل، 1993م)، ص 516.
4- محمد باقر الصدر (1934-1980م) هو محمد باقر بن السيد صدر بن السيد اسماعيل صدر الدين الموسوي، ولد في الكاظمية في 25/ذي القعدة /1353ه، 1934م، درس في النجف عند السيد محمد الروحاني والشيخ محمد رضا آل ياسين والملا صدرا البادكوبي والشيخ مرتضى ال ياسين والسيد ابو القاسم الخوئي والشيخ عباس الرميثي، استقل بالتدريس عام 1967م، من ابرز مؤلفاته: اقتصادنا، فلسفتنا، الاسس المنطقية للاستقراء، من أبرز تلاميذه، السيد محمد محمد صادق الصدر، السيد محمود الهاشمي، السيد محمد باقر الحكيم، السيد كاظم الحائري، السيد كمال الحيدري. أعدم السيد الصدر على يد السلطات العراقية في 9/4/1980م، 23/جمادى الاولى / 1400ه. هيئة التحقيق في مؤسسة الامامين الجوادين، تراجم علماء بيت الصدر وشرف الدين، (بغداد: مؤسسة الامامين الجوادين، د.ت)، ص 120-125.

9/4/1980م وإعدام معظم وجوه المعارضة الفكرية في كربلاء والنجف(1).

حاولت الحكومة العراقية بمختلف أنواع المكائد أن تعيد السيد حسن الشيرازي إلى العراق، لكن معرفة السيد حسن الشيرازي بغدرهم حال دون ذلك، ولما يئست الحكومة من عودته، أصدرت أمراً بمصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة وعممت نسخاً من الأمر إلى البنوك ودائرة التسجيل العقاري وغيرهما، ولكن كان ذلك مثاراً للسخرية حيث لم يكن يملك أية أموال ولا شبراً واحداً من الأرض. نعم كان يملك بعض الأثاث العادي واللوازم الشخصية في مدرسة ابن فهد الحلي وقد صادرها النظام فيما صادر من أثاث سائر الطلاب وأثاث المدرسة والمكتبة التي قدرت جميعها بما يقارب عشرة ألاف دينار عراقي تقريباً ولم يكن للسيد فيها إلا الشيء اليسير(2).

وردت تهديدات إلى مكتب السيد حسن الشيرازي عن طريق الهاتف بعدما اصدر بياناً كشف فيه نوايا الحكومة العراقية من رجال الدين بعد استشهاد السيد محمد باقر الصدر، وقد اتصل به بعض المسؤولين اللبنانيين واخبروه ان هنالك مؤامرة عراقية لاغتياله(3).

وكان السيد حسن الشيرازي يقضي بداية كل أسبوع في سوريا غالباً ونهايته في

ص: 257


1- بيار ميكال، موجز تاريخ العالم، ص 145.
2- محمد الشيرازي، خواطر وذكريات، ص 144-145.
3- عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص 359.

لبنان، لكي يواصل نشاطاته في الدولتين، وفي يوم الجمعة 2/5/1980م غادر الفندق الذي يقيم فيه في بيروت قاصداً مدرسة الإمام المهدي (عجل اللّه تعالی فرجه الشريف) الدينية الواقعة في برج البراجنة، للمشاركة في مجلس الفاتحة الذي أقامه بمناسبة شهادة السيد محمد باقر الصدر، إلا انه استشهد قبل وصوله مجلس الفاتحة(1).

قطعت إذاعة لبنان وسوريا وبعض الإذاعات العربية برامجها لتعلن نبأ اغتيال السيد حسن الشيرازي في بيروت وكانت تفاصيل الحادث كالآتي: غادر السيد حسن الشيرازي عصر يوم الجمعة 2/5/1980م الفندق الذي كان يقيم فيه، واستقل سيارة أجرة تحمل الرقم 85640 من نوع بونتياك بقيادة غانم حيدر وطلب من السائق أن يوصله إلى مدرسة الإمام المهدي (عجل اللّه تعالی فرجه الشريف) الدينية وبينما السيارة تواصل سيرها في الشارع المطل على البحر في منطقة الرملة البيضاء إذ اندفعت سيارة مسرعة إلى الإمام، واعترضت سيارة الأجرة مما اجبر سائقها على تخفيف السرعة، وفوراً حاصرت سيارتان أخريان سيارة الأجرة من الجانبين، بينما كانت سيارة رابعة تراقب الوضع عن كثب وتدفقت طلقات الرصاص باتجاه السيد حسن الشيرازي الذي كان جالساً في المقعد الخلفي من الجانب الأيمن للسائق واخترقت الرصاصات زجاج السيارة وأصابت السيد إصابات مباشرة واستشهد على الفور، بعد أن أصيب بثلاث عشرة رصاصة معظمها في رأسه وتبين بعد الفحص أن أكثر الرصاصات نفذت من صدغه مخلفة ثقباً كبيراً(2).

وقع الحادث في وقت كانت نسبة المرور في الشارع قليلة، فحضر إلى مكان الحادث رئيس مخفر الطريق الرقيب أول محمد ياغي، حيث تولى التحقيق ثم حضر المدعي العام في بيروت منيف حمدان والطبيب الشرعي الدكتور أحمد

ص: 258


1- عبد اللّه الهاشمي، آية اللّه الشهيد السيد حسن الشيرازي فكر وجهاد، 455.
2- عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، ص352؛ www.annabaa.org. ينظر ملحق رقم 9.

حاراتي وقادة الأمن الداخلي الذين اجروا كشفاً مع رجال الأدلة الجنائية ثم نقل جثمان السيد إلى المستشفى بسيارة إسعاف تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني وفي المستشفى قام الدكتور حاراتي بمعاينة الجسد، فتبين انه أصيب بطلقات عديدة في رأسه من رشاشات ذات عيار واحد، وإنها أصابت النخاع إصابة قاتلة، كما أصابت طاسة الرأس والعينين مما أدت إلى الوفاة فوراً(1).

اقتيد السائق غانم حيدر إلى المخفر للتحقيق معه واستمع المدعي العام إلى أقواله إذ قال: إنني لم أتمكن من مشاهدة المسلحين ولم اشعر بملاحقتهم لسيارتي، باعتبار أن الحركة كانت طبيعية على شارع الكورنيش وأضاف: إنني لم استطع أن أتبين ماركة السيارتين ورقمهما، وأوقف السائق رهن التحقيق(2).

اتفقت آراء الباحثين(3) الذين تناولوا حياة السيد حسن الشيرازي أن الحكومة العراقية هي التي نفذت الاغتيال وذلك لوجود دلائل سابقة تشير إلى ذلك منها، التهديدات التي وردت إلى مقر إقامة السيد حسن الشيرازي في بيروت، والبيان الذي أصدره بمناسبة استشهاد السيد محمد باقر الصدر والذي فضح به سياسة الحكومة العراقية تجاه العلماء، وترصد الحكومة العراقية لكل تحركاته وإحكامها الرقابة عليه(4)، فضلاً عن مواقفه السابقة عندما كان في العراق واعتباره عدواً للنظام القائم، وكانت الحكومة العراقية تتحين الفرص لاغتياله وكما مر بنا في محاولة الاغتيال السابقة عام 1973م.

ص: 259


1- عبد اللّه الهاشمي، أية اللّه الشهيد حسن الشيرازي فكر وجهاد، ص 458.
2- عبد اللّه الهاشمي، أية اللّه الشهيد السيد حسن الشيرازي فكر وجهاد، ص 458.
3- مثل عبد اللّه الهاشمي في كتابيه، حضارة في رجل، وآية اللّه الشهيد السيد حسن الشيرازي فكر وجهاد، ومحمد حسين الصغير في كتابه قادة الفكر الديني، ص 225، والسيد سلمان آل طعمة في الأسر العلمية و96 وغيرهم.
4- سلمان هادي آل طعمة، الأسر العلمية، و96.

أثار نبأ أغتيال السيد حسن الشيرازي نقمة لدى اللبنانيين وغيرهم من المواطنين العرب والمسلمين، وصدرت عدة تصريحات حول ذلك منها: تصريح المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان استنكر فيه هذه الجريمة البشعة وأدلى نائب رئيس المجلس الشيخ محمد مهدي شمس الدين(1) بتصريح جاء فيه: إنها جريمة كبرى وفظيعة موجهة ضدنا وضد المجلس الشيعي الأعلى، وضد الهيئات الدينية وضد الإسلام، وإنني اعتبر هذا العمل الفظيع يستحق أعظم إدانة وأعظم عقاب، وأناشد الجهات الرسمية اللبنانية على أعلى المستويات أن تتولى التحقيق السريع لكشف المجرمين(2).

شيع جثمان السيد حسن الشيرازي في لبنان وسوريا تشييعاً مهيباً وقد اشترك في التشييع العلماء والفضلاء والشخصيات الرسمية والسياسية فضلا عن الجماهير، ثم نقل الجثمان إلى إيران فشيع في طهران، ثم نقل إلى مدينة قم المقدسة، وشيع في قم تشييعاً عظيماً لم يرَ مثله قط إلا القليل وشارك فيه اغلب مراجع الدين وعلماء ومدرسّي الحوزة العلمية ودفن إلى جوار السيدة فاطمة المعصومة(3).

ص: 260


1- محمد مهدي شمس الدين (1936-2000م) ولد في النجف الأشرف والده الشيخ عبد الكريم شمس الدين بن الشيخ عباس من أحفاد محمد بن مكي «الشهيد الاول» وعندما بلغ من العمر 12عاماً تركه والده في النجف ورحل الى لبنان وقد قضى الشيخ محمد مهدي في العراق ما يقارب 35 عاماً أنقسمت بين تحصيل الدروس والعمل الاسلامي، وقد عمل في مناطق متعددة من العراق كان آخرها مدينة الديوانية من 1961-1969م، أي حتى سفره الى لبنان، وبعد عودته عمل مع السيد موسى الصدر على أيجاد دور للشيعة في لبنان في الحياة السياسية وواصل نشاطه العلمي والسياسي، فرج موسى، الشيخ محمد مهدي شمس الدين، بين وهج الاسلام وجليد المذاهب، (بيروت: دار الهادي، 1993م)، ص 31-44 توفي الشيخ محمد المهدي شمس الدين في عام 2000م الباحث.
2- عبد اللّه الهاشمي: حضارة في رجل، ص 356.
3- بلامؤلف، امة في رجل، المرشد، مجلة، دمشق، ص 574، ينظر رقم (10).

الخاتمة: «خلاصة واستنتاج»:

تعد مدينة كربلاء المقدسة المدينة الثانية من حيث الأهمية بعد مدنية النجف الأشرف بسبب احتضانها لضريح الإمام الحسين (عليه السلام) بالإضافة إلى وجود الحوزة العلمية فيها التي خرّجت العديد من العلماء والفقهاء، في مجالي الفلسفة والفكر الإسلامي وكانت لهم إسهامات فاعلة في الحياة السياسية في العراق لاسيما الميرزا محمد تقي الشيرازي صاحب ثورة 1920م في العراق وشهدت مدينة كربلاء أحداثاً داخلية وخارجية أثرت على واقعها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي، بسبب الظروف التي مرت بها سواءً في العهد الملكي أو خلال عهد الجمهوريين.

إن السيد حسن الشيرازي ولد في النجف الأشرف ونشأ في كربلاء المقدسة وتلقى تعليمه الديني في كربلاء المقدسة وأثرت بيئتها الفكرية والمعرفية فيه تأثيراً واضحاً، فقد أحتك منذ وقت مبكر بالظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للعراق والأمة الإسلامية، واطلع بشكلٍ جيد على مشاكل الأمة الإسلامية، وحاول إيجاد الحلول لهذه المشاكل التي تعاني منها الأمة، وكان لعيشه في كربلاء الفضل في ذلك فمناخها العلمي وانفتاحها الفكري قد أتاحا له ذلك.

تميز السيد حسن الشيرازي بنبوغه العلمي، فقد استطاع أن يصل إلى مرتبة الاجتهاد وهو في الثلاثين من عمره، ولعل السبب في ذلك هو دراسته عند أبيه وأخيه، اللذين يعدان من أبرز مراجع كربلاء المقدسة، كذلك قد درس على يد أساطين الحوزة العلمية الكربلائية لاسيما الفيلسوف الإسلامي الشيخ محمد رضا الأصفهاني، فضلا عن القنوات الفكرية التي تأثر بها خلال فترة دراسته، الأمر الذي انعكس على طرحه الفكري فيما بعد، فكان طرحه الفكري طرحاً هادئاً موضوعياً علمياً، أثار أعجاب الأعداء قبل الأصدقاء، وكانت لطروحاته أهمية بالغة في ترطيب الأجواء بين مذاهب المسلمين، والعمل على أحياء

ص: 261

الوحدة الإسلامية في المجتمع الإسلامي.

اهتم السيد حسن الشيرازي بتراث الأمة الإسلامية، ملتزماً بالصحيح منه موضحاً ذلك في مؤلفاته الفكرية التي تناولت السيرة والحديث والتفسير والاقتصاد، بالإضافة إلى مقالاته في الصحف العراقية والعربية، التي دعت إلى الإصلاح وإشاعة الوعي الإسلامي بين أبناء الأمة الإسلامية، وخاصة فيما يتعلق بردم الهوة بين الموروث الفكري للأمة والعصرنة «التحديث» طالباً من المسلمين أن يستفيدوا من علوم العصر في أصلاح واقعهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي دون المساس بالأسس الدينية.

احتل التعليم حيزاً كبيراً من تفكير السيد حسن الشيرازي وقد عمل أثناء إقامته في كربلاء المقدسة على الاهتمام بهذا الجانب من خلال نشر المعارف والعلوم وتأسيس بعض المدارس كمدارس حفاظ القرآن الكريم والاهتمام بإصدار الصحف والمجلات وكان يرى بان العلوم الدينية ليست حكراً على رجال الدين، وبعد خروجه من العراق قام بتأسيس الحوزة العلمية الزينبية في سوريا عام 1975م التي تعد من أهم إن لم تكن أهم مشاريعه في مجال التعليم.

حاول السيد حسن الشيرازي نشر فكره الإصلاحي من خلال قيامه بالعديد من الرحلات إلى دول أوربية وافريقية بالإضافة إلى الدول العربية والإسلامية، وقد عمل على إنشاء العديد من المشاريع في هذه البلدان واهتم المسؤولون ورجال الحكم به واستجابوا لمطالبته، فنرى انه ترك أثراً طيباً أينما حل في العالم الإسلامي، ويهتم بإنشاء المراكز الإسلامية لاسيما في القارة الإفريقية وهي مبادرة طيبة وفريدة في وقتها.

اهتم السيد حسن الشيرازي بمسألة الوحدة الإسلامية مؤكداً أن الوحدة التي يسعى إلى تحقيقها هي الوحدة الفكرية وليست الوحدة المذهبية، فهنالك ثوابت في الإسلام يجمع عليها الجميع فكل من يعمل من اجل هذه الثوابت فهو يعمل

ص: 262

من اجل الوحدة الإسلامية، وهذا الفهم المرن للوحدة الإسلامية هو الذي ساعد السيد حسن الشيرازي كثيراً في التفاهم مع قادة وزعماء دينيين وسياسيين، وقد أثار إعجابهم كثيراً واهتموا بآرائه وطروحاته، ولعل ابرز هؤلاء الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز والرئيس السوري حافظ الأسد ورئيس وزراء ساحل العاج ورئيس سيراليون.

امتاز بنزعته الإسلامية والإنسانية، فلم يفهم الدين الإسلامي ديناً خاصاً بالمسلمين بل ركز على إنسانيته وحاول أن ينشره في أي منطقة يستطيع نشره فيها، وركز على إنسانية التشريعات الإسلامية، جاعلاً من إنسانية الدين الإسلامي مدخلاً للتحاور مع الأديان الأخرى، متخذاً من ثقافتي أصالة السلام في الإسلام، وثقافة الحوار الهادف البنّاء مرتكزين مهمين في مشاريعه الإصلاحية.

حاول من خلال معالجته قضايا المجتمع المسلم، إتباع أسلوب تحليلي علمي، سهل الفهم للقارئ، واضعاً نصب عينيه أهمية توحيد كلمة المسلمين، من خلال معالجته مشاكل المجتمع المسلم ووضع الحلول لها، والتركيز على أسباب تدهور الأمة الإسلامية وما المقومات التي يمكن أن تستند عليها الأمة في عملية النهوض ومواكبة التطور الحضاري للأمم المتقدمة، فكان لا يرى ضيراً في أن تنهل الأمة من علوم الأمم الأخرى بشرط أن لا يؤثر ذلك على عقائد الأمة وشخصيتها الثقافية والفكرية.

نجح إلى حد كبير في إظهار معالم الاقتصاد الإسلامي من خلال معالجته لمشكلة توزيع الثروة في الفكرين الرأسمالي والشيوعي، ووضح أن المهمة الأساسية للنظام الاقتصادي هي رفع الفقر والجهل والمرض عن المجتمع لا تكتيل الثروة فقط، فإذا نجح أي نظام في ذلك فقد حصل على حق تسميته بالنظام الاقتصادي، وإذا لم ينجح في ذلك فانه لا يحق لنا تسميته بالنظام الاقتصادي، وركز على دور الفرد في النظام الاقتصادي الإسلامي، وما هي

ص: 263

الأسس والقواعد التي يرتكز عليها هذا النظام، وما آليات جمع وتوزيع الثروة الإسلامية في المجتمع المسلم، وما مناشئ اكتسابها.

اتفق مع قاعدة التنظير في الفكر الشيعي في ولاية الشورى والتي تدعى «الولاية الشورية» هذه النظرية التي دافع عنها في مؤلفاته ومواقفه، تعد عرضاً جديداً على المستوى السياسي للفكر الإسلامي المعاصر، وهي بهذه الصورة المرنة تعتمد على مبدأ توافق الآراء بين مراجع التقليد، تعتبر أطروحة محكمة لإشراك الجميع في المسائل المصيرية في حياة الأمة الإسلامية، حتى تكون ملزمة لجميع أفراد المجتمع المسلم، وهذه القضية ستقضي على فكرة تفرد مرجع واحد بإدارة الأمور المصيرية في حياة الأمة الإسلامية.

وقف السيد حسن الشيرازي بحزم بوجه الانحراف السياسي في العراق سواءً في نهاية العهد الملكي أو بداية العهد الجمهوري، وكان لا يتردد في عرض آرائه على رؤوس الأشهاد، وسبب له ذلك الكثير من المشاكل مع الحاكمين وعملوا على مضايقته بل حتى فكروا وحاولوا تصفيته بصورة نهائية «مثل الشيوعيين»، وكان يتدرج في أساليبه مع السلطات من إبداء النصح والمشورة والتوجيه ثم التنديد إلى مواجهة تصرفاتهم بشكل عملي وكشف مؤامراتهم للمجتمع.

أخذت وتيرة نشاطه السياسي بالتصاعد بعد عام 1963م ووقف بشدة وبشكل علني بوجه حزب البعث، وعند عودة حزب البعث للسلطة عام 1968م نصب له العداء وحاول أن يحد من تحركاته، فزج به في معتقل «قصر النهاية» ثم معتقل «بعقوبة» ونال اشد أنواع التعذيب وأبشعها في سجون السلطة، وبعد مكوثه في السجن أكثر من ستة اشهر، أطلق سراحه فسافر إلى بيروت ومكث فيها وفي دمشق عشر سنين حتى تم اغتياله في بيروت من قبل أجهزة السلطة الحاكمة آنذاك.

ص: 264

الملاحق

ص: 265

ص: 266

الصورة

ص: 267

الصورة

ص: 268

الصورة

ص: 269

الصورة

ص: 270

الصورة

ص: 271

الصورة

ص: 272

الصورة

ص: 273

الصورة

ص: 274

الصورة

ص: 275

الصورة

ص: 276

قائمة المصادر والمراجع

القرآن الكريم

أولاً: المخطوطات:

سلطان علي الصابري، ديوان سلطان علي الصابري، (مخطوط) (كربلاء المقدسة: مكتبة الأديب السيد سلمان هادي آل طعمة، د.ت).

سلمان هادي آل طعمة، الأسر العلمية في كربلاء، (مخطوط) (كربلاء المقدسة: مكتبة الشخصية، د.ت).

سلمان هادي آل طعمة، مذكراتي ج-2، (مخطوط)، (كربلاء المقدسة: مكتبة الشخصية، د.ت).

ثانياً: مؤلفات السيد حسن الشيرازي:

الأدب الموجه، (بيروت مؤسسة البلاغ، 2005م).

الاقتصاد، (بيروت: مؤسسة الوفاء، 1980م).

الاشتقاق، (بيروت: مؤسسة الرسول الأعظم، 1999م).

أهداف الإسلام، (لندن، د. ط، 1998م).

بحوث وقصائد عن الإسلام والولاء، (قم: دار الهدى، 1984م).

التوجيه الديني، (بيروت: المركز العلمي، 1981م).

حديث رمضان، (بيروت: مؤسسة الوفاء، 1981م).

خواطري عن القرآن، (بيروت: دار العلوم، 1994م).

كلمة الإمام العسكري (عليه السلام) ، (الكويت: هيئة محمد الأمين

ص: 277

ديوان حسن الشيرازي، (بيروت: مؤسسة البلاغ، 2005م).

رسول الحياة (صلی اللّه عليه وآله وسلم) (بيروت: المركز العلمي، 1981م).

العمل الأدبي، (بيروت: مؤسسة البلاغ، 2005م).

كلمة الإسلام، (بيروت: مؤسسة الوفاء، 1983م).

كلمة الأصحاب ج1+ج2، (الكويت: هيأة محمد الأمين، 2001م).

كلمة الإمام الباقر (عليه السلام) ، (الكويت: هيئة محمد الأمين، 2002م).

كلمة الإمام الجواد (عليه السلام) ، (بيروت: مركز الرسول، 1999م).

كلمة الإمام الحسن (عليه السلام) ، ط4، (بيروت: مؤسسة الوفاء، 1983م).

كلمة الإمام الحسين (عليه السلام) ط2 (بيروت: دار العلوم، 2000م).

كلمة الإمام الرضا (عليه السلام) ، (الكويت: ديوانية السيد الشيرازي، 1999م).

كلمة الإمام السجاد (عليه السلام) ، (بيروت: دار العلوم، 2000م).

كلمة الإمام الصادق (عليه السلام) ، (الكويت: هيئة محمد الأمين، 2002م).

كلمة الإمام المهدي (عجل اللّه تعالی فرجه الشريف) ط 2، (بيروت: مؤسسة الوفاء، 1983م).

كلمة الإمام الهادي (عليه السلام) (الكويت، هيئة محمد الأمين، 2001م).

كلمة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) (بيروت: مؤسسة الوفاء، 1983م).

كلمة الأنبياء والحكماء، (الكويت: هيئة محمد الأمين، 2000م).

كلمة الرسول الأعظم (صلی اللّه عليه وآله وسلم) ، ط3، (بيروت: مؤسسة الوفاء، 1982م).

كلمة السيدة زينب وربيبات الرسالة، (بيروت: مؤسسة السيدة زينب (عليها السلام) 1998م).

كلمة اللّه، (بيروت: دار صادق، 1969م).

كلمة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، (بيروت: دار العلوم، 2000م).

كلمة الأمام الكاظم (عليه السلام) ، (الكويت: هيأة محمد الأمين، 2002م).

ص: 278

مقدمات، (بيروت: دار العلوم، 1989م).

ثالثاً: مقالات السيد حسن الشيرازي:

الأخلاق والآداب، مجلة، كربلاء، السنة الرابعة، العدد 1، 4، 6، 7، 8، 9، 10، 1959م.

الأخلاق والآداب، مجلة، كربلاء، العدد 2، 3، 4، 6، 11، 12، 1960م.

الإيمان، مجلة، بيروت، السنة الأولى، العدد السادس، 1978م.

صوت المبلغين، مجلة، كربلاء، السنة الثانية، العدد الأول 1959م، العدد 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9، 10، 1961 م.

العرفان، مجلة، بيروت مج 48، الجزء الخامس والسادس ك وشباط 1961م.

العرفان، مجلة، بيروت مج47، ج-6 شباط، 1960م.

مبادئ الإسلام، مجلة، كربلاء، السنة الأولى، العدد الثاني 1964م.

مبادئ الإسلام، مجلة، كربلاء، العدد 8، 9، 1964م.

منابع الثقافة الإسلامية، مجلة، كربلاء، السنة التاسعة، العدد 83، الكتاب الثالث 1388ه/1969م.

رابعاً: المقابلات الشخصية:

باقر شريف القريشي مواليد 1927م، رجل دين ومؤرخ، النجف الاشرف، 7/12/2009م.

الحاج رضا النائيني الكربلائي، كربلاء، 7/2/2010م.

حسن عيسى الحكيم مواليد 1941م، مؤرخ، النجف الاشرف، 9/11/2009م.

سلطان الافكاري، أستاذ في مرحلة التأسيس، لقاء أجرته معه قناة الأنوار الفضائية الأولى بتاريخ 26/5/2010م.

ص: 279

السيد سلمان هادي ال طعمة، مؤرخ، كربلاء المقدسة، 5/2/2010م، مواليد 1935م.

عباس المدرسي مواليد 1955م، مجتهد، كربلاء، 25/11/2009م.

علي الشمري مواليد 1963م، رجل دين، كربلاء، 5/2/2010م.

علي المجاهد، رجل دين مواليد 1943م، كربلاء المقدسة، 23/10/2009م.

محمد الموسوي، رجل دين، كربلاء المقدسة، 28/9/2010م.

محمد أمين الغفوري، مدير الحوزة العلمية الزينبية، كربلاء، 5/2/2010م.

محمد حسين الحسيني، من طلاب حسن الشيرازي، كربلاء 23/5/2010م.

مرتضى القزويني مواليد 1928م، مجتهد، كربلاء المقدسة، 24/10/2009م.

مهدي الخرسان مواليد 1928م، مجتهد، النجف الاشرف، 9/12/2009م.

خامساً: الرسائل والأطاريح الجامعية:

أمجد سعد شلال، محمد حسين النائيني، دراسة تاريخية، رسالة ماجستير، (كلية الآداب: جامعة الكوفة، 2006م).

خالد عليوي عبد، الفكر السياسي عند السيد محمد الشيرازي، أطروحة دكتوراة، (كلية العلوم السياسية: جامعة بغداد، 2009م).

رحيم عبد الحسين عباس، اثر المجددين في الحياة السياسية والثقافية في النجف 1945-1963م، اطروحة دكتوراه، (كلية التربية: الجامعة المستنصرية، 2006م).

عدي محمد كاظم السبتي، محمد كاظم الآخوند (1839-1911م) دراسة تاريخية، رسالة ماجستير (كلية الآداب: جامعة الكوفة، 2007م).

علي عبد المطلب المدني، الحياة الاجتماعية في النجف الاشرف 1914-

ص: 280

1920م، رسالة ماجستير، (كلية الآداب: جامعة الكوفة، 2004م).

معد جابر التكريتي، جمال الدين الأفغاني وأثره في الفكر السياسي والعراقي، أطروحة دكتوراه، (كلية الآداب: جامعة بغداد، 1999م).

نزار علوان عبد اللّه، الدور السياسي للنخبة العسكرية في العراق 1958-1963م، رسالة ماجستير (كلية التربية: جامعة بابل، 2006م).

سادساً: المراجع العربية والمعربة:

أ- العربية:

إبراهيم خازم العاملي، غريب العصر، آية اللّه المغيب السيد موسى الصدر، (بيروت: دار المحجة البيضاء، 2000م).

احمد الحسيني، تراجم الرجال، (قم: مطبعة نكارش، 2002م)، ج2.

أحمد فوزي، شخصيات وتواقيع، (بغداد: دار الحرية، د.ت).

احمد محمد شكر، صدام حسين من القمة إلى الهاوية، (بيروت: دار المحجة البيضاء، 2004م).

اسحق نقاش وآخرون، المجتمع العراقي، حفريات سوسيولوجية في الاثنيات والطوائف والطبقات، (بغداد: مكتبة الفرات، 2006م).

آلاء عبد الكاظم الكريطي، موقف الفئة المثقفة في كربلاء من التطورات السياسية في العراق 1908-1932م (كربلاء:مكتبة الحكمة، 2009م).

أمجد رسول محمد العوادي، اغا بزرك الطهراني مؤرخاً، (النجف الاشرف: مركز الهدى للدراسات الحوزوية، 2009م).

بلا مؤلف، في رحاب السيد الإمام الشيرازي، القائد الأسوة، (كربلاء المقدسة: دار الصادق للطباعة والنشر، 2003م).

تقي الدين النبهاني، النظام الاقتصادي في الإسلام، ط3، (القدس: منشورات

ص: 281

حزب التحرير، 1953م).

توفيق العطار، الوطنية في شعر كربلاء، (النجف الأشرف: النعمان، 1968م).

جمال مصطفى مردان، عبد الكريم قاسم، البداية والسقوط، (بغداد: المكتبة الشرقية، 1989م).

حسن الأمين، مستدركات وسائل الشيعة، (بيروت: دار التعارف، 1990م).

حسن الحكيم، المفصل في تاريخ النجف الأشرف، (قم: المكتبة الحيدرية، 2004م).

حسن العلوي، الشيعة والدولة القومية في العراق 1914-1990م، (بيروت: حامد احمد للنشر والتوزيع، د.ت).

حسين بركة الشامي، حزب الدعوة الإسلامية، دراسة في الفكر والتجربة، (طهران: مطبعة ستارة، 1997م).

حسين الشاكري، ربع قرن مع العلامة الأميني، (قم: مطبعة ستارة، 1997م).

حسين محمد المظلوم، المسلمون العلويون بين مفتريات الأقلام وجور الحكام، (بيروت: دار المحجة البيضاء، 1999م).

حليم احمد، موجز تاريخ العراق الحديث 1921-1958م، (بيروت: دار ابن خلدون، د.ت).

حيدر آل حيدر، ولاية الفقيه، (طهران: مجمع الفكر الإسلامي، 1988م).

خالد حبيب الراوي، تاريخ الصحافة والإعلام في العراق منذ العهد العثماني وحتى حرب الخليج الثانية (1810-1991م) (دمشق: صفحات للدراسات والنشر، 2010م).

خليل إبراهيم حسين، سقوط عبد الكريم قاسم، (بغداد: دار الحرية، 1989م).

ص: 282

رأفت الشيخ، تاريخ العرب المعاصر، (القاهرة: عين للدراسات والبحوث، 2004 م).

رشيد الخيون، المشروطة والمستبدة، (بغداد: الفرات للنشر والتوزيع، 2006م).

رعد الموسوي، انتفاضة صفر الإسلامية في العراق 1397ه/1977م، ط2، (قم: مطبعة أمير المؤمنين، 1983م).

زاهية قدورة، شبه الجزيرة العربية كياناتها السياسية، (بيروت: دار النهضة. د.ت).

ستار نوري العبودي، عبد العزيز العقيلي، حياته ودوره العسكري في العراق (1919-1981م)، (بغداد: دار المرتضى، 2009م).

سلمان التكريتي، الوصي عبد الإله بن علي يبحث عن عرش 1939-1953م، (بيروت: الدار العربية للموسوعات، 1989م).

سلمان هادي آل طعمة، دليل كربلاء المقدسة، (بيروت: دار المرتضى، 2001م).

سلمان هادي آل طعمة، صحافة كربلاء، (دمشق: بلام، 2005م).

سلمان هادي آل طعمة، كربلاء في الذاكرة، (بغداد: مطبعة العاني، 1988م).

سمير عبد الكريم، أضواء على الحركة الشيوعية في العراق 1934-1958م، (بيروت: دار المرصاد، 1968م)، ج2.

شاكر مصطفى، المدن في الإسلام حتى العصر العثماني، (الكويت: ذات السلاسل، 1988م).

صائب عبد الحميد، محمد باقر الصدر، تكامل المشروع الفكري والسياسي، (بيروت: دار الهادي، 2002م).

ص: 283

صالح محمد آل إبراهيم، المرجع والأمة، دراسة في طبيعة العلاقة والمهمات (بيروت: دار البيان العربي، 1993م).

صباح ياسين الأعظمي، اعلام المجمع العلمي العراقي 1947-2004م (بيروت: الدار العربية للموسوعات، 2005م).

صلاح الدين الصباغ، مذكرات من رواد العروبة، ط2، (بغداد: دار الحرية، 1983م).

صلاح الخرسان، صفحات من تاريخ الحركة الشيوعية في العراق، (بغداد: دار الفرات، 2005م).

عادل رؤوف، العمل الإسلامي في العراق بين المرجعية والحزبية، قراءة نقدية لمسيرة نصف قرن (1950-2000م)، ط3، (دمشق: المركز العراقي للأعلام، 2005م).

عامر الكربلائي، مزارات الأولياء في أرض كربلاء، (كربلاء: مطبعة الزوراء، 2006م).

عبد اللّه الفياض، الثورة العراقية الكبرى 1920، ط2، (بغداد: مطبعة دار السلام، 1975م).

عبد اللّه الهاشمي، آية اللّه السيد حسن الشيرازي، فكرةٌ وجهاد، (قم: دار القرآن الكريم، د. ت).

عبد اللّه الهاشمي، حضارة في رجل، دراسة في حياة آية اللّه حسن الشيرازي، ط5، (بيروت: دار الشهيد، 1999م).

عبد اللّه شبر، تفسير القرآن الكريم، ط10، (بيروت: الدار الإسلامية، 1999م).

عبد اللّه نعمة، روح التشيع، (بيروت: دار البلاغة، 1993م).

ص: 284

عبد الحسين شرف الدين، المراجعات، (بيروت: دار العلم، د. ت).

عبد الحكيم الطبسي، جمال الدين الأفغاني والمشروع والأصلاحي، (طهران: مجمع التقريب العالمي، 2002م).

عبد الحليم محمد، الإمام الشيرازي، فكره منهجه ومواقفه، (بيروت: مؤسسة الفكر الإسلامي، 1994م).

عبد الرحمن البياتي، سعيد القزاز ودوره في سياسة العراق حتى عام 1958م، (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2001م).

عبد الرزاق الحسني، تاريخ الوزارات العراقية، ط5، (بيروت: دار الكتب، 1984م) ج3.

عبد المجيد رضا، عالم الفلسفة والعرفان، (بيروت: دار العلم، 2003م).

عبد الهادي الركابي، وثائق لا تموت، صفحات سوداء من تاريخ حزب البعث، (بغداد: مؤسسة الشهداء، 2009م)، ج1.

عبد الهادي كريم سلمان، ايران في سنوات الحرب العالمية الثانية، (البصرة: مركز دراسات الخليج، 1986م).

عدنان السراج، الإمام محسن الحكيم (1889-1970م) دراسة تاريخية، (بيروت: دار الزهراء، 1993م).

عدي حاتم المفرجي، النجف الاشرف وحركة التيار الاصلاحي 1908-1932م، (بيروت: دار القارئ، 2005م).

عقيل الناصري، الجيش والسلطة في العراق الملكي، دفاعاً عن ثورة 14تموز، ط2 (بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، 2005م).

علي عزيز الإبراهيم، العلويون في دائرة الضوء، (بيروت: دار الغدير، 1999م).

ص: 285

علي المؤمن، سنوات الجمر مسيرة الحركة الإسلامية في العراق 1957-1986م، ط3، (بيروت: المركز الإسلامي المعاصر، 2004م).

علي الوردي، لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث، ط2، (بيروت: دار الراشد، 2000م)، ج3.

فاضل حسين، سقوط النظام الملكي في العراق، (بغداد: مكتبة آفاق عربية، 1986م).

فاهم منصور الوائلي، مقتطفات من كتاب بني وائل، (النجف: د.م، د، ت).

فرج موسى، الشيخ محمد مهدي شمس الدين، بين وهج الإسلام و جليد المذاهب، (بيروت: دار الهادي، 1993م)

فرج موسى، الدين والدولة عند الأمام محمد مهدي شمس الدين، (بيروت: دار النهار، 2002م).

فؤاد الوكيل، جماعة من الاهالي في العراق 1932-1937م، (بغداد: دار الرشيد، 1979م).

فيصل حسون، مصرع المشير الركن عبد السلام عارف، ط2، (لندن: دار الحكمة، 2004م).

قاسم خضير عباس، الحركة الإسلامية في ضوء المتغيرات الدولية، (بيروت: دار الأضواء، 2001م).

كمال مظهر أحمد، صفحات من تاريخ العراق المعاصر، دراسة تحليلية، (بغداد: مطبعة البدليسي، 1987م).

لجنة الاحتفال، المهرجان العالمي في كربلاء، (النجف: المطبعة الحيدرية، 1960م).

لطفي جعفر فرج، الملك غازي، (بغداد: منشورات مكتبة اليقظة العربية،

ص: 286

1978م).

لطفي جعفر فرج، الملك فيصل الثاني آخر ملوك العراق، (بيروت: الدار العربية للموسوعات، 2001م).

ليث عبد الحسين الزبيدي، ثورة 14/تموز/1958م في العراق، (بغداد: دار الرشيد، 1979م).

مجموعة باحثين، الراحل الحاضر، (بيروت: المستقبل للثقافة والإعلام، 1998م)

محاضر جلسات مجلس الأعيان، الأجتماع العاشر غير الأعتيادي لسنة 1939م، الجلسة (3)، (بغداد: مطبعة الحكومة، 1940م).

محسن الأمين، الشيعة بين الحقائق والأوهام، (بيروت: مؤسسة الأعلمي، 1977م).

محسن ألأمين، الشيعة في مسارهم التاريخي، (بيروت: مركز الغدير للدراسات، 2000م).

محسن الأميني، أعيان الشيعة، (بيروت: دار التعارف، 2000م) ج13.

محمد احمد العلي، العلويون في التاريخ حقائق وأباطيل، (بيروت: مؤسسة النور، 1997م).

محمد امين نجف، علماء في رضوان اللّه، (النجف الاشرف: مطبعة الفرقان، د.ت).

محمد باقر الصدر، اقتصادنا، (قم: مركز الدراسات التخصصية للشهيد الصدر، 1995م).

محمد باقر الصدر، فلسفتنا، (قم: مركز الدراسات التخصصية للشهيد الصدر، 1995م).

ص: 287

محمد تقي المدرسي، القيادة السياسية في المجتمع الإسلامي، (طهران: دار محبي الحسين، 2004م).

محمد جواد جاسم الجزائري، الشيخ عبد الكريم الزنجاني 1886-1968م دراسة تاريخية، (بيروت: مؤسسة دلتا للطباعة والنشر، 2010م).

محمد جواد مغنية، الشيعة في الميزان، (بيروت: دار الجواد، 1996م).

محمد حرز الدين، معارف الرجال، (النجف: الآداب، 1964م).

محمد حسين الزبيدي، ثورة /14/تموز/1958م (بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، 1983م).

محمد غالب الطويل، تاريخ العلويين، (بيروت: مركز الغدير للدراسات، 2000م).

محمد حسين الصغير، قادة الفكر الديني والسياسي في النجف الاشرف، (بيروت: مؤسسة البلاغ، 2008م).

محمد حمدي الجعفري، أنقلاب الوصي في العراق، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 2000م).

محمد سعيد الحكيم، المرجعية الدينية، الحلقة الثانية، ط5، (بيروت: مؤسسة المرشد، 2003م).

محمد الشيرازي، تلك الأيام، صفحات من تاريخ العراق السياسي، (بيروت: مؤسسة الوعي، 2000م).

محمد الشيرازي، خواطر وذكريات، (بيروت: دار العلوم، 2008م).

محمد الشيرازي، عشت في كربلاء، (بيروت: مؤسسة التبليغ، 2003م).

محمد الشيرازي، القوميات في خمسين سنة، (طهران: دار ميثم، د.ت).

محمد طالب الأديب، رحلة في آفاق الحياة، ألف كلمة وكلمة للمجدد

ص: 288

الشيرازي الثاني، (بيروت: دار الأمين، 2005م).

محمد قاسم، دراسات في الفلسفة الاسلامية، ط5، (القاهرة: دار المعارف، 1973م).

محمد مجذوب، الجمهورية العربية المتحدة، ط2، (القاهرة: دار النشر للجامعيين، 1958م).

محمد محمد صادق الصدر، ولاية الفقيه، (النجف: د. م، د.ت).

محمد مظفر الادهمي، الأبعاد القومية لثورة مايس في العراق، (بغداد: دار الجاحظ، 1980م).

مرتضى الشيرازي، شورى الفقهاء، دراسة أصولية فقهية، ط4، (بيروت: مؤسسة الفكر، 1996م).

مرتضى ألمطهري، الحركات الإسلامية في القرن الرابع الهجري، (بيروت: دار الهادي، 2001م).

مهدي عبد الحسين النجم، ثورات العلويين وأثرها في نشوء المذاهب الإسلامية، (بيروت: مؤسسة البلاغ، 2002م).

مير بصري، اعلام السياسة في العراق الحديث، (لندن: رياض الريس للطباعة والنشر، د.ت).

نور الدين الشاهرودي، أسرة المجدد الشيرازي، (بيروت: دار العلوم، د.ت).

هادي حسن عليوي، أحزاب المعارضة السياسية في العراق 1968-2003م، (بغداد: دار الكتب العلمية، د.ت).

هاشم عثمان، العلويون بين الأسطورة والحقيقة، (بيروت: مؤسسة الاعلمي، 1994م).

هاشم غانم، تاريخ الشيعة في ساحل بلاد الشام الشمالي، (بيروت: مؤسسة

ص: 289

الاعلمي، 1994م).

هشام عليوان، الشيخ تقي الدين النبهاني، داعية الخلافة الاسلامية، (بيروت: مركز الحضارة، 2009م).

هيئة التحقيق في مؤسسة الإمامين الجوادين، تراجم علماء بيت الصدر وشرف الدين، (بغداد: مؤسسة الإمامين الجوادين، د. ت).

وفاء جواد الجياشي، آية اللّه العظمى الشهيد محمد باقر الحكيم، (من النجف إلى النجف)، (النجف الاشرف: مطبعة العترة الطاهرة، 2006م).

ب - المعربة:

آرثر أربلي، شيراز مدينة الأولياء والشعراء، ترجمة الدكتور سامي مكارم، (بيروت: مؤسسة فرنكلين، 1967م).

آلان بالمر، موسوعة التاريخ الحديث، ترجمة: سوسن السامر، يوسف محمد أمين، (بغداد: دار المأمون، 1992م) ج1.

بيار ميكال، تاريخ العالم المعاصر 1945-1991م، تعريب يوسف ضوبط، (بيروت: دار الجيل، 1993م).

تشارلز تريب، صفحات من تاريخ العراق المعاصر، ترجمة زينة جابر، (بيروت: دار العلوم العربية، 2006م).

جان لوكتير، ديغول، ترجمة إبراهيم الحلو، (بيروت: دار النهار، 1969م).

جون كينيث جالبريت، تاريخ الفكر الاقتصادي، (بيروت: د.م، 1987م).

حنا بطاطا، العراق، ترجمة عفيف الرزاز، (قم: مطبعة الغدير، 2005م)، ج3.

ستيفن همسلي لونكريك، العراق الحديث من سنة 1900-1950م، ترجمة: سليم طه التكريتي، (بغداد: مطبعة حسام، 1988م)، ج3.

لجنة من العلماء والأكاديميين السوفايتيين، الموسوعة الفلسفية، ترجمة:

ص: 290

سمير كرم، ط2، (بيروت: دار الطليعة، 2006م).

محسن كريفر، نظريات الحكم في الفقه الشيعي، ترجمة دار الجيل، (بيروت: دار الجديد، 2000م).

محمد رضا جليلي، الإسلام الشيعي والدولة، ترجمة على الخطيب، (بيروت: دار الرسول الأكرم، 1997م).

هنري لوفافر، هذه هي الماركسية، ترجمة: محمد عيناتي، (بيروت: الدار العربية، 1958م).

سابعاً: المعاجم و الموسوعات:

احمد الحسيني، تراجم الرجال، (قم: مطبعة نكارش، 2002م) ج2.

بلا مؤلف، موسوعة القارات، الجغرافية التاريخية، (بيروت: دار الراتب، 2008م).

جميل صليبا، المعجم الفلسفي، (طهران: منشورات ذوي القربى، 1385ه).

حميد المطبعي، موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين، (بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، 1995م)، ج2.

حميد المطبعي، موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين، (بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، 1996م)، ج3.

سلمان هادي آل طعمة، معجم خطباء كربلاء، (بيروت: مؤسسة البلاغ، 1999م).

سلمان هادي آل طعمة، معجم رجال الفكر والادب في كربلاء (بيروت: دار المحجة البيضاء، 1999م).

عبد الرحمن بدوي، موسوعة الفلسفة، (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1984م).

ص: 291

كاظم عبود الفتلاوي، المنتخب من أعلام الفكر والأدب، (بيروت: المواهب، 1999م).

كوركيس عواد، معجم المؤلفين العراقيين في القرنيين التاسع عشر والعشرين 1800-1969 م، (بغداد: مطبعة الإرشاد، 1969م).

اللجنة العلمية في مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام) ، موسوعة طبقات الفقهاء، (قم: مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام) ، 1995م).

محمد محمد صادق الصدر، موسوعة الإمام المهدي (عليه السلام) ، اليوم الموعود، (قم: دار الهدى، 1996م).

محمد هادي الأميني، معجم رجال الفكر والأدب في النجف الأشرف خلال ألف عام، (بيروت: بلا م، 1992م).

محمد هادي الأميني، معجم المطبوعات النجفية، (النجف، مطبعة النعمان، 1966م)، ج66.

ثامناً: الصحف والمجلات:

المرشد، مجلة، دمشق، العدد 17-18، 2004م.

المهدي، جريدة، كربلاء، السنة الأولى، آذار، 2010م، و2.

النبأ، مجلة، دمشق، السنة السادسة العدد 49، أيلول، 2000م.

تاسعاً: شبكة المعلومات الدولية «انترنيت»:

1-Http//Alshirazi.com.

2-www.Alhsa.com.

3-Http//www.bahrian falcon.

4-www.mcsr.net.

5-www.Alshirazi.net.

6- Http//www.Alshia.org.

7- Http//alshirazi.com.

8- Http//www.annabaa.org.

ص: 292

9- Http//ebaa.net.

10-www.Alaween on line. Com.

11-www.annaabaa. org.

12-www.wikibedia.org.

13-www.zaidal.com.

14- Http//Iraqimi.com.

15- Http//www.yazahra.org.

16-www. siiron line. org.

17-Http//www.14masom.com.

18-Http//www.Alhureya.org.

19- Http//www.Almusa.net.

20-www.Alzawraa.net.

21- Http//www.Iraqcenter.com.

22-www.Arafah.org.

23- www.aawsat.com.

ص: 293

A

Summary

The holy city of karbala is considered as the second most important city in Iraq after the holy city of Najaf. That’s because، it contains the holy shrine of Imam Hussein (peace be upon him) and the existence of (AlHawza) the religious school of Shia Muslims. the school which has graduated many scholars and jurists، who were specialized in religious sciences، but it was also prominent in other fields such as philosophy and Islamic thought.

AlSeid Hassan AlShirazi was born in the holy city of Najaf in 1935and grew up in the holy city of Karbala، where he received his religious education. He was highly influenced by its intellectual and educational environment. He was in touch with the political، social، economic and cultural problems of Iraq and the Islamic Nation and tried to find solutions for those problems.

He was distinguished for his scientific genius that he obtained the degree of Ijtihad (a degree that enables him to deduce religious judgements from the holy Koran and the sayings of the prophet and his successors peace be upon them) when he was thirty، and the reason for that might have been that he got his teachings from his father and brother، who were considered as the most prominent authorities in holy Karbala and many other scholars in AlHawza of Karbala specially the Islamic philosopher Sheik Muhammed Ruza AlAsfahani، in addition to many other intellectual schools that he was influenced by during his study، and this was reflected later in his intellectual opinion.His intellectual opinion was quiet، objective، and scientific that it got the approval of his opponents as well as his friends. his opinions had great importance in easing the tensions among the Islamic sects and reviving the unity

ص: 294

among the Islamic society.

He was interested in the heritage of the Islamic Nation and committed to what was true of it، as he explained in his intellectual works، which dealt with the biography of the prophet’s life، the sayings of the prophet (peace be upon him)، the interpretation of the holy Koran، and the economy، in addition to his articles in the Iraqi and Arabic newspapers that called for the reform and the bringing out of the Islamic awareness specially to decrease the gap between what was inherited from the past and modernism.

B

Education occupied great status in his thought and when he was in the holy city of Karbala، he paid attention to this side through publishing knowledge and sciences، and establishing schools to teach the holy Koran. He also published newspapers and magazines. After he had left Iraq in 1969، he worked on the establishing of the scientific religious school (AlHawza AlZeinabia)، which is considered one of his most important projects in the educational field.

He tried to convey his thought of reform to the world through journeys he had made to Europe، Africa and many other Arabic and Islamic countries. he showed great concern for the Islamic unity، emphasizing that the unity he wants to achieve is the unity of thought and not the doctrine unity. His pliable understanding of Islam has contributed to attract the approval of leaders and heads of state such as the king of the Saudi Arabia، Faisal Ibn Abd AlAziz، and the Syrian president، Hafiz AlAsaad.

He was distinguished for his Islamic and humanitarian trend، he didn’t understand Islam as the religion of only Muslims، instead of that، he concentrated on its humanity، making it the entry to start a dialogue with other religions and doctrines.He also tried through dealing with issues of

ص: 295

concern to the Islamic society to follow a scientific and analytical method، that’s easy to understand by the reader. He took in consideration the importance of Islamic unity، and dealt with the problems of the Islamic society and searched for their solutions.

He achieved great success in drawing the outlines of the Islamic economy through dealing with the problem of wealth distribution in the capital and communist systems. He concentrated on the role of a person in the economic system of the Islam، and what the basic principles and the rules that this system was based on، and what the rules of accumulating and distribution of the Islamic wealth in the society and what the right sources to get this wealth from.

C

His political theory which was based on a religious rule called AlWalayia AlShuria (that means the religious leadership is in the hands of the religious authorities through a council of leadership)، he defended in his works and attitudes is considered a new dissertation on the contemporary political Islamic level. He stood against the political deviation in Iraq whether at the end of Monarchy or at the beginning of the Republican System، this caused him fall in problems with the rulers، who tried to limit his freedom.The year after 1963، his political activity was increasing، and he stood strongly and publicly against the Arab Baath socialist Party، and when this party returned to power in 1968 considered him an enemy and tried to restrict his movements.On the 18th of May، 1969 he was detained in (Qaser AlNihayia) and (Bakuba) detentions، where he was tortured severely، then he was released and travelled to Beirut، he stayed in it and in Damascus for ten years، until he has been assassinated in Beirut on the 2nd of May، 1980 by the hands of those who were in power at that time.

ص: 296

Ministry of Higher Education and Scientific Research

University of Kufa / College of art’s

Department of History

Hassan Mahdi AlShirazi

His intellectual Efforts and Opinions of Reform

(1935-1980

A thesis

Submitted to the Council of the College of art’s/University of Kufa as partial fulfillment for the Requirements of the Degree of Master of Art’s in Modern and contemporary History

By

Adil Ghanim Hassan AlA’rdi

Supervised by

Assistant Professor

Chasb Abd AlHussein AlKhafaji

1432-2011

ص: 297

ص: 298

فهرس المحتويات

الإهداء... 4

مقدمة مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث... 5

مقدمة المؤلف... 8

الفصل الأول: سيرة السيد حسن الشيرازي... 15

المبحث الأول: ولادته وأسرته... 17

المبحث الثاني: أساتذته... 30

المبحث الثالث: تكوينه المعرفي والفكري... 48

الفصل الثاني: جهوده الفكرية... 67

المبحث الأول: ابرز مؤلفاته ومقالاته... 69

أ- المؤلفات الدينية... 69

1- مؤلفات في مجال السيرة والحديث... 69

2- مؤلفاته في مجال التفسير... 76

3- الكتب الثقافية الدينية... 80

ب- المؤلفات في مجال الاقتصاد... 82

ج- مؤلفاته في مجال التاريخ... 83

د- كتبه المخطوطة... 84

ز- ابرز مقالاته... 84

المبحث الثاني: جهوده في مجال التربية والتعليم... 87

الحوزة العلمية الزينبية... 89

ص: 299

تمويل الحوزة العلمية الزينبية... 94

النظام الداخلي للحوزة العلمية الزينبية... 95

الدورة التخريجية... 96

النظام الدراسي والعطل الرسمية... 97

المواد الدراسية... 99

الشهادة... 99

المبحث الثالث: جهوده في الأدب واللغة... 100

العراق في شعر السيد حسن الشيرازي... 107

ثانياً: كتاب الأدب الموجه... 110

ثالثاً: العمل الأدبي... 114

الفصل الثالث: جهوده الإصلاحية... 119

المبحث الأول: جهوده في الاصلاح الديني... 121

المبحث الثاني: جهوده في الاصلاح الاقتصادي... 147

الإقتصاد الإسلامي... 176

المبحث الثالث: جهوده في الاصلاح الاجتماعي... 181

الأسرة في ظل الراسمالية... 184

الأخلاق في الرأسمالية... 187

نتائج التدهور الاخلاقي... 188

العائلة في ظل الشيوعية... 189

الأخلاق في الشيوعية... 190

الفصل الرابع: آراؤه ومواقفه السياسية... 193

المبحث الأول: الفكر السياسي عند السيد حسن الشيرازي... 195

المبحث الثاني: موقفه من النظام الملكي وثورة 14/تموز/1958م وما بعدها 216

موقفه من ثورة 14 /تموز/1958م... 228

ص: 300

موقفه من حكومتي عبد السلام عارف وعبد الرحمن عارف... 239

المبحث الثالث: موقفه من حكومة حزب البعث 1968-1980م... 243

الخاتمة: «خلاصة واستنتاج»... 261

الملاحق... 265

قائمة المصادر والمراجع... 277

فهرس المحتويات... 299

ص: 301

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.