السيد محمد الحسيني الشيرازي مجدداً موسوعياً الموسوعة الفقهية «أنموذجاً تطبيقياً»

هوية الكتاب

السيد محمد الحسيني الشيرازي

مجدداً موسوعياً الموسوعة الفقهية

«أنموذجاً تطبيقياً»

الشيخ الدكتور صاحب محمد حسين نصّار

جامعة الكوفة / كلية الفقه / الدراسات العليا

ص: 1

اشارة

ص: 2

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)

ص: 3

ص: 4

المقدمة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين وصحبه المنتجبين.

السادة الحضور الكرام.

بعناوينهم كافة مع حفظ المقامات

سلامٌ من اللّه عليكم ورحمةٌ منه وبركاتٌ.

يشرفني ونحن نتضيء في ظلال سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) وفي رحاب هذه المدينة المعطاء مدينة الإباء والشمم مدينة كربلاء المقدسة إحياءً لذكرى رحيل السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) في هذه الليلة المباركة بُعَيْدَ عصر الغيبة مباشرةً تبلورت حركةٌ فعليةٌ علميةٌ للمؤسسة الدينية ألا وهي (المرجعية) إنها الكيان الحيوي الذي أسهم إسهاماً فاعلاً في وجود الإمامية وديموميتها، عقائدياً وأخلاقياً وروحياً وشرعياً فضلاً عن الجوانب الأخرى التي يجب أن

ص: 5

تكون السند والظهير والموجه في بعث الأمة فكرياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً، ناهيك عن المسائل المهمة الأخرى التي قد تستجد على وفق متطلبات الأمة وتأصيلها لمعايشة الواقع ومسايرة الركب الحضاريّ والمدنيّ بكل مستجداته.

فكانت الحوزة العلمية الشريفة هي الإمتداد والشريان المتدفّق بالحياة للمرجعية المقدسة فهما صنوان لا يفترقان كل منهما يمد الآخر بعطائه الثر.

فبرز وجود المرجعية بصورة جليّة وفاعلة خلال القرن الرابع الهجريّ وبالتحديد أيّام الشيخ المفيد (المتوفى 413ه)(1) وجوداً له شخصيّته وكيانه، بل كان بعداً مؤسَّساً لكيانها المرجعّي جنباً إلى جنب مع تنشيط روحها وبعثها متمثّلاً بالحوزة العلمية بوصفها الشريان النابض لها بأبرز أعلامها ومفكّريها الذي أصبح فيما بعد أساساً صلباً ورصيناً لكيان الطائفة الإمامية بكلّ توجهاتها كالسيد الرضي(المتوفى

ص: 6


1- الشيخ المفيد، أبو عبد اللّه محمد بن محمد بن نعمان العكبري البغدادي (المعروف بابن المعلم) 336-413 ه، من أبرز الوجوه بين علماء الشيعة وفقهائهم في القرن الرابع الهجري.

406ه)(1) والمرتضى علم الهدى (المتوفى 436ه)(2) والكراجكيّ (المتوفي 449ه)(3) والشيخ الطوسي (المتوفى 460ه)(4) فكانت بغداد بأعلامها وعلمائها ومفكريها، وكان جامع براثا في تلك الحقبة العصيبة والظروف القاسية التي مرّ بها الكيان الإماميّ إذ إنّ حدّة الصراع بجوانبها الفكرية والعقائدية والعلمية من أجل بقاء أتباع آل البيت (عليهم السلام) ووجودهم ممثّلاً بمرجعيتها التي تشكّل الوجه القيادي لهذه الأمة، فكانت الحوزة العلمية بأساتذتها وطلبتها هي السند

ص: 7


1- السيد الرضي، جامع نهج البلاغة، هو أبو المحسن محمد بن أبي أحمد الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم ابن الإمام الكاظم صلوات اللّه عليه، 359-406 ه.
2- السيد المرتضى هو أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام الكاظم (عليه السلام) المشهور ب(الشريف المرتضى) و(علم الهدى) 355-436 ه- له تصانيف مشهورة منها: (الشافي في الإمامة) و(تنزيه الأنبياء).
3- العلامة القاضي الكراجكي، هو أبو الفتح محمد بن علي بن عثمان بن علي 449 ه، من تصانيفه: معدن الجواهر، كنز الفوائد، والتعجب من أغلاء العامة في مسألة الإمامة.
4- الشيخ الطوسي، هو أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي، المعروف بشيخ الطائفة 385-460 ه، من مؤلفاته: تهذيب الأحكام، الاستبصار، الخلاف، النهاية، المبسوط، عدة الأصول، الفهرست، التبيان.

علماً وعملاً وفكراً وفاعليةً في التصدّي لتحديات العصر آنذاك وللحوزة الشريفة الأثر الرياديّ في الحفاظ على وجه المجتمع وحركته الإسلامية ومواجهة التحديات وما رافق ذلك من محنٍ ومصاعبَ على مرّ التاريخ ظلّت تصارع بقوة الإيمان والعقيدة وبشموخ رجالها وشمَمِهم وإبائهم وعطائهم على المستويات جميعها مستمّدين ذلك بعزة وإخلاصٍ وبروحٍ فكريةٍ مستمدةٍ من الرسول الأكرم (صلی اللّه عليه وآله وسلم) وأهل بيته الكرام (عليهم السلام) فكانوا المنار والقدوة، وبرز الطوسيّ المتوفى(460ه) في النجف الأشرف مؤسساً لمرجعيتها وطائفتها وكذلك السيد مهدي بحر العلوم (المتوفى 1212ه)(1) والشيخ جعفر الكبير (المتوفى 1228ه)(2) وكان إبن ادريس (المتوفى 598ه)(3) والمحقق الحلي (المتوفى

ص: 8


1- السيد مهدي بن السيد مرتضى بن السيد محمد البروجردي المعروف ببحر العلوم المنتهي نسبه الشريف إلى السبط الأكبر الإمام الحسين (عليه السلام) ، 1155-1212 ه.
2- هو محمد بن إدريس بن أحمد بن إدريس وقيل محمد بن منصور بن أحمد بن إدريس الحلي، مصنف السرائر ويعرف بابن إدريس، 543-598 ه.
3- الشيخ جعفر بن خضر بن محمد يحيى بن سيف الدين المالكي، زعيم الطائفة الإمامية في عصره، صاحب (كشف الغطاء) ويعرف بالشيخ الأكبر 1156-1227 ه.

676ه)(1) والعلامة الحلي (المتوفى 726ه)(2) وأحزابهم، يمثلّون حلقةً ناشطةً للمرجعية في الحلة الفيحاء، فضلاً عن المحقق البحراني (المتوفى 1186ه)(3) والوحيد البهبهاني (المتوفى 1205ه)(4) والسيد محمد الحسيني الشيرازي (المتوفى 1422ه) في كربلاء المقدسة.

فكان السيد الشيرازي (قدس سره) بجهوده العلمية والعملية القيّمة أعاد لهذه المدينة المقدسة مكانتها وفاعليتها في المسار المرجعي والحوزوي للمدرسة الإمامية. وقد تزامنت مع تلك التوجهات رؤى وأفكار أمدت المرجعية والحوزة بنشاطٍ متميز ليس على مستوى

ص: 9


1- هو أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى بن حسن بن سعيد الهذلي الحلي المشهور بالمحقق الحلي والمحقق الأول، صاحب (شرائع الإسلام) 602-672 ه.
2- الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلي 648-726 ه، صاحب كتب: تبصرة المتعلمين، القواعد، التحرير، تذكرة الفقهاء، مختلف الشيعة، المنتهى، شرح التجريد و...
3- يوسف بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن صالح بن عصور الدرازي البحراني، 1107-1186 ه، صاحب (الحدائق الناضرة).
4- الآقا محمد باقر بن محمد أكمل المعروف بالآقا البهبهاني أو الوحيد البهبهاني 1118-1205 ه.

الأحكام الشرعية فحسب بل في مجالات أخرى كثيرة.

يمتاز فقهاء الإمامية وأعلامهم بديمومة العطاء والجد والمثابرة في كلّ لحظات حياتهم، وقد يَرَ من أولئك ثلةٌ أغنوا المكتبة الإسلامية والعربية بعطائهم العلمي، وكان في كلّ مدة يبرز عَلَمٌ مجدد فقد ورد في الأثر (إن اللّه سبحانه وتعالى يهيئ لهذه الأمة من يحيها وينشرها على كل رأس مائة عام) وكان منهم السادة الأعلام من آل الشيرازي من السيد محمد حسن الشيرازي (المتوفى 1985م)(1) وجهوده القيمة في سامراء وموقفه السياسي من قضية (التنباك) والتي كانت تمثل الفقه السياسي بأنصع صورة مروراً بمجتهديهم العظام إلى صاحب الذكرى السيد محمد الشيرازي (قدس سره) وانتهاءً وليس آخراً بسماحة المرجع الديني السيد صادق الشيرازي (دام ظله الوارف)، حتى عرفت وتميزت بمواقفها الدينية والعلمية والثقافية والاجتماعية والسياسية وغيرها.

ص: 10


1- الميرزا السيد محمد حسن الشيرازي المعروف بالميرزا الشيرازي الكبير أو المجدد، 1230-1312 ه- اشتهر بفتوى تحريم التبغ.

أيها السادة الأكارم:

نستحضر في هذه الليلة المباركة السيد الشيرازي (قدس سره) ، وتراثه الفقهيّ والعلميّ عموماً والسياسيّ والاجتماعيّ في ضوء تجربةٍ ثوريةٍ فكرية علمية موسوعية برؤيةٍ تجديديةٍ إننا عندما نقرأ السيد الشيرازي (قدس سره) ، من خلال جهوده كافة في مسار نهضته لا نرى فيه إلا مرجعاً مستوعباً لكل مجالات الحياة زمانياً ومكانياً في كربلاء والكويت وإيران وغيرها، منذ بداية نشأته العلمية إلى آخر لحظة من حياته، لخدمة الإسلام عموماً ولأتباع أهل البيت (عليهم السلام) ، على وجه الخصوص.

كان السيد (قدس سره) الأقرب إلى روح الإسلام ونهجه وأخلاقياته وكان عالماً يحمل لواء الإصلاح والتجديد، وخير شاهد وأصدق ناطق بصدقه وإخلاصه بأنّه ضحّى من أجلهما بأنفس ما لديه لمواصلة أعماله ومتابعة مشاريعه لخدمة شريعة سيد المرسلين وأمته تعبيراً صادقاً عن وطنيته ليس له وراء ذلك قصد أو سبيل، إلا نشر علوم أهل البيت (عليهم السلام) علماً وعملاً لذا خرّج ثلةً مؤمنةً من الطلبة ليس على

ص: 11

المستوى الحوزوي فحسب بل على مستوياتٍ فكرية وثقافية خطابةً وتبليغاً ونشاطاتٍ أخرى.

وكان في الوقت نفسه سوراً منيعاً ضد الطغاة وأعداء الدين من ملحدين وجهلة وأزلام النظام البائد ومَن دار في فلكهم بتحدٍ وحكمةٍ تمتلك التصميم والإرادة لا تأخذه في اللّه لومة لائم.

ومن الجدير بالبيان إنه قد استقطب طلبة العلوم الدينية من الشباب لجميع المحافظات بل حتى من خارج العراق من البحرين والسعودية وإيران وعمان وغيرها.

ولم يكن قاصراً في ذلك على الدراسات الحوزوية بل كان منهجه واسعاً شاملاً لرجل الدين في التبليغ والتثقيف الإسلامي وغيرها.

قراءة في موسوعة الفقه مع عرض لبعض النماذج التطبيقية منها

بعد هذه المقدمة الموجزة نحاول قراءة ودراسة جهود السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) الفقهية من خلال موسوعة الفقه والتعرض لبعض النماذج التطبيقية منها تمس الواقع المعاش وما تمر به اليوم

ص: 12

ونعيشه من ظروف وأحداث وتطورات سياسية عالجها برؤيةٍ ثاقبة وكأنه اليوم بين ظهرانينا.

قدّمت مدرسة السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) نشاطات متعددة منها (موسوعة الفقه) وهي تمثل التجديد والإبداع في فكره وفقهه، وتعدّ من الموسوعات الفقهية المهمة بوصفها استدلالية وتضم مسائل مستحدثة لمواكبة المسيرة الحضارية والتطور العلمي وما يثار من تساؤلات، ولأهميتها ترجمت بعض أجزائها إلى الأردية، وغيرها.

وقد بلغ عدد مجلداتها في الوقت الحاضر أكثر من مائة وخمسة وعشرين مجلداً(1)، وفيها يعالج مختلف أبواب الفقه من باب الاجتهاد والتقليد إلى باب الديات، فضلاً عن أكثر من عشرة أبوابٍ مستحدثة واستنباطاتٍ مبتكرةٍ عبر إستيعابٍ دقيق للأدلة الشرعية، لذا نراه يبحث كلّ بابٍ فقهيٍ بمعزلٍ عن الآخر في ... (السياسة(2)، والاقتصاد(3)،

ص: 13


1- عدد أجزاء الموسوعة الفقهية للإمام الشيرازي رحمه اللّه 160 مجلداً (الناشر)
2- الفقه: السياسة، يقع في مجلدين، من موسوعة الفقه، المجلد 105 و 106.
3- الفقه: الاقتصاد، يقع في مجلدين، من موسوعة الفقه، المجلد 107 و 108.

والاجتماع(1)، والقانون(2)، والحكم في الإسلام(3)، والبيئة(4)، والعولمة(5) وفلسفة التاريخ(6) وغيرها من الأبواب الفقهية التي يتطلب المكلفُ حلولاً لها، وبيان رأي التشريع فيها.

وقد إهتم السيد (قدس سره) وعنى بها عنايةً فائقةً وانصرف إليها وظلّ طيلة مدة من الزمن يدوّن ويسجّل ويتابع لإخراجها بصورتها التامة الشاملة لتكون مرجعاً لطالبي التوسع والعمق والبحث المُركّز ولاسيما طلبة الدراسات العليا في الحوزة العلمية الشريفة، والدراسات الأكاديمية الجامعية العليا لعلوم الشريفة الإسلامية.

لذا نهيب بطلبتنا دراستها وبحث مواضعها ولاسيما ما استجد منها وأستحدث وقد تميزت هذه الموسوعة عموماً بمميزاتٍ جعلتها تنفرد من بين كلّ المؤلفات

ص: 14


1- الفقه: الاجتماع، يقع في مجلدين، من موسوعة الفقه، المجلد 109 و 110.
2- الفقه: القانون، يقع في 458 صفحة، من موسوعة الفقه.
3- الفقه: الحكم في الإسلام، يقع في مجلد من موسوعة الفقه، المجلد 99.
4- الفقه: البيئة، يقع في 264 صفحة من موسوعة الفقه.
5- الفقه: العولمة، يقع في 299 صفحة من موسوعة الفقه.
6- فلسفة التاريخ، يقع في 398 صفحة.

الفقهية ولاسيما الموسوعية منها ومن أبرز تلك المميزات:

أولاً: كثرة التفريعات: فقد عرض السيد تفريعات فقهية كثيرة ودرسها من وجهة نظر فقهية استدلالية شاملة.

ثانياً: استحداث القضايا والمسائل المتجددة التي فرضها التطور العلمي الحديث، ومتطلبات الحياة.

ثالثا: استحداث دراسات جديدة في الفقه فكان من بين مجلداتها كتب السياسية والاجتماع والاقتصاد والحِكم الإسلامية وهذا ما سأبحثه بايجاز إن شاء اللّه.

رابعاً: الاستفادة من صياغة الاستنباطات الفقهية من النظريات الجديدة التي توصل إليها الفقهاء والأصوليون.

خامساً: إن أول شيئ يواجهنا في فكر السيد (قدس سره) من خلال موسوعته، القوة والأصالة وهذا ما نلاحظه خلال استدلاله الدقيق بالقرآن الكريم والسنة الشريفة، فعند تصفحنا أيّ كتاب فقهي من موسوعته لوجدناه لا يأتي بالفكرة مجردة وخالية من الدليل أو الشاهد ليؤكد على صحة فكرته ليستنبط منها الرأي

ص: 15

الصائب السليم.

نبدأ على بركة اللّه بعرض النماذج بإيجاز:

الأنموذج الأول: أنموذجٌ تطبيقيٌ من موسوعة الفقه كتاب (الاجتماع)(1) بشأن (المزج بيت الأصالة والحداثة في بعضٍ من معالجاته الفقهية).

وحينما يتمسك السيد الشيرازي (قدس سره) بالأصالة لا يعني ذلك رفض روح الحداثة والمعاصرة ولكن على وفق الضوابط، بل هو يدعو إلى ذلك كما في كتاب الفقه (الاجتماع) بما نصه (وإن التمسك بالأصالة لا يعني رفض الحداثة إذا كانت لها فوائد تستفيد منها الأمة)(2).

وكذلك في الكتاب نفسه عالج (قدس سره) موضوع (روح التغيير والإبداع). فهو حينما يعالج مشاكل الأمة والمجتمع فإنّه دائماً يدعو إلى التغيير الجذريّ لإصلاح الواقع الفاسد، لذا نرى دراساته دائماً تدعو إلى الثورة والتغيير الشامل للواقع الاجتماعي الفاسد، وهذا ما يبدو جلياً في النص الآتي من كتاب الفقه (الاجتماع)

ص: 16


1- قد مر في صفحة 6.
2- موسوعة الفقه (كتاب الاجتماع): السيد محمد الشيرازي 97: 144.

فقد أورد بما نصه: (إن الإصلاح الديني وإنقاذ الإنسانية المعذبة وتوجيههم نحو مبادئ السماء، هذا لا يمكن أن يؤدى بشكله الحقيقي والمطلوب إلاّ إذا وقفت وراءه إرادة قويةً، وإلاّ فإن الاستبداد والكفر السياسي والاجتماعي سوف تسحق كلّ مشاريع الخير)(1).

وقد أكد (قدس سره) بهذا الخصوص: (علينا التركيز على الجانب الأخلاقي في عمليات التغيير والالتزام بأخلاقية الثورة والثائرين وذلك بالاقتداء بالرسول الأكرم (صلی اللّه عليه وآله وسلم) وآل البيت (عليهم السلام) )(2).

تعقيب: إن معالجته (قدس سره) في هذه النصوص من موسوعة الفقه كتاب (الاجتماع) للواقع الاجتماعي بأسلوب واضح وسهل ممتنع، وبرؤية ثاقبة وبمنهج جديد منظّم وبدراسةٍ علميةٍ معاصرةٍ.

الأنموذج الثاني: أنموذج تطبيقي في موسوعة الفقه كتاب (السياسة).

أما في الأنموذج السياسي التطبيقي فنراه

ص: 17


1- موسوعة الفقه (كتاب الاجتماع): السيد محمد الشيرازي 97: 137.
2- موسوعة الفقه (كتاب الاجتماع): السيد محمد الشيرازي 97: 137.

يتحدث (قدس سره) عن (حكم الأقليات في البلاد الإسلامية) بما نصه (إن الأقليات غير الإسلامية محترمون نفساً ومالاً وعرضاً، إذا وَفّوا بالشروط التي ذكرناها في كتاب الفقه (الجهاد)(1) - والقول للسيد (قدس سره) - إذ(2) إن الإسلام لا يتعرض لهم بسوء ويدافع عنهم، فالإسلام لا يجبر أحداً على اعتناقه(3) ولذا قال سبحانه وتعالى: {لا إكراه في الدين ...}(4)(5).

فقد استدل على ما ذكره بالنصوص الشرعية التي توثق ذلك وبعد ذلك وضّح رأيه بما يأتي: (وإذا قبلوا الإسلام كان لهم ما لغيرهم من المسلمين، فإن المسلمين كأسنان المشط لا فرق بين جديدهم وقديمهم ولغاتهم وأقوامهم وإنما أكرمهم عند اللّه أتقاهم)(6).

تعقيب: وبهذا إشارات لموقف الفكر الإسلامي من مستحدثات العصر في المجتمع المدني وحقوق

ص: 18


1- فقه الجهاد، يقع في مجلدين من موسوعة الفقه، المجلد 47 و 48.
2- في النص:(حيث).
3- في النص:(الدخول في الاسلام).
4- سورة البقرة: الآية 258.
5- موسوعة الفقه كتاب (السياسية) 106: 349 وما بعدها.
6- موسوعة الفقه كتاب (السياسية) 106: 349 وما بعدها.

الإنسان وما إلى ذلك مما يعدّها بعضهم أنها من مبتكرات العصر الحاضر.

الأنموذج الثالث: وفي القسم الثاني من كتاب الفقه (السياسة).

نراه يدعو إلى إقامة الحكومة الإسلامية ويقول بما نصه:

(بوجوب أن تكون الحكومة الإسلامية تعددية تضم جميع فقهاء ومراجع المسلمين الكبار في مجلس قيادي واحد للتشاور في الشؤون العامة)(1).

تعقيب: إشارة منه إلى تعدد الآراء وقبول الرؤى المختلفة في مجلسٍ قد يراه البعض برلمانياً، ولكنه يرى أن يكون هذا المجلس يضم متخصصين يحملون علماً وورعاً وذلك مما يجب أن يتصف به (فقهاء ومراجع) المسلمين. فإذا كان المجلس التشريعي يحتوي على طبقة كهؤلاء فمن المؤكد أن يكون مخلصاً بتشريعاته للأمة بعيداً عن المصالح الضيقة والانتماءات ويكون هذا المجلس بمثابة مجلس شورى أعلى يضم الرموز والنخب.

ص: 19


1- موسوعة الفقه كتاب (السياسة) القسم الثاني 105: 217.

فقد عالج ذلك بأسلوب فقهي استدلالي موثقاً ما يراه بالنصوص والأدلة.

الأنموذج الرابع: أنموذج تطبيقي من موسوعة الفقه كتاب (الحكم في الإسلام).

فقد بحث في موسوعته القيمة الانتخابات وعالجها بكل جوانبها في الحكم الإسلامي.

وفي كيفية انتخاب الرئيس وعالج مسألة الأكثرية وهذا هو عمل الفقيه الباحث الموضوعيّ في شؤون المجتمع وما يهم حاضر الأمة ومستقبلها على وفق ضوابط وشروط معتمدة.

- يبدو لي - أن هذا العمل جديد في بابه شامل بكل مفرداته بشأن انتخاب رئيس الدولة وكما يأتي والنص للسيد (قدس سره) : (ثم إن انتخاب رئيس الدولة يمكن بصورتين:

الأولى: أن تنتخب الأمة رئيس الدولة مباشرة فيقوم المرشح ونوابه بحملات إنتخابية بشرط أن يكون المرشّح لائقاً لهذا (المنصب) لكونه جامعاً للشروط الشرعية وبشرط أن تكون الحملات من نوابه حملات نظيفة طبق أوامر اللّه سبحانه ودساتيره.

ص: 20

الثانية: أن تنتخب الأمة النواب مع تخويلهم أن ينتخبوا هم الرئيس فتكون هذه صورة أخرى عن انتخاب أهل الحل والعقد)(1).

وقد أردف موضحاً بشأن إذا حصل اختلاف حول الرئيس بما نصه:

(ثم إنه إذا اختلفت الأمة والبرلمان حول الرئيس، فأراد أحدهم هذا وأراد الآخر ذاك، كان المرجع رأي الأمة، لأن النواب وكلاء عنهم ولا رأي لوكيل مع مخالفة الأصيل، أما الخصوصيات الأخرى فالمرجع فيها رأي الأمة في إطار رضى اللّه سبحانه)(2).

تعقيب: نعم هذا هو ديدن الفقهاء والمراجع من أتباع أئمة آل البيت (عليهم السلام) والسائرين على خطاهم بوضع الحلول والمعالجات لكل مايرتبط بالواقع السياسي والاجتماعي للأمة لأنه ما من واقعة إلا ولله فيها حكم.

الأنموذج الخامس (الأخير): (نموذج تطبيقي من موسوعة الفقه كتاب "الاقتصاد").

ص: 21


1- موسوعة الفقه كتاب (الحكم في الإسلام) 99: 53.
2- موسوعة الفقه كتاب (الحكم في الإسلام) 99: 53.

وفيه مبحث اخترناه بخصوص الرد على من يقول بدعوى أنه ليس من حق الفقهاء التدخل في الاقتصاد لذا كان من السيد الشيرازي (قدس سره) بأسلوبه العلمي المعهود برؤية تحليلية معمقة برد علمي رصين وكما يأتي: (إن الفقهاء أخصائيون في الاقتصاد، فإنهم يدرسون ويباحثون ويكتبون طيلة سنين في الفقه ومقدماته، وربع الفقه - تقريباً - مرتبط بالاقتصاد، فهم - يعني الاقتصاديين - يشتغلون بالاقتصاد مدة خمس عشرة سنة، وهل مثل هذه المدة لاتكفي لإستيعاب الاقتصاد)(1) المقصود بهم الفقهاء، ولولا ضيق الوقت كانت هناك نماذج تطبيقية مهمة لها تماس وترابط في شؤون المجتمع والحياة بكل جوانبها.

استميح الأخوة العذر عن الإطالة وأشكرهم على حسن الإصغاء والاستماع.

وبالختام سلامٌ عليك أيها السيد المجاهد من رحاب جدك الإمام الحسين (عليه السلام) يوم ولدت ويوم رحلت إلى بارئك مطمئناً على سلامة نهجك ومنهجك وجهودك ويوم تبعث حياً..

ص: 22


1- موسوعة الفقه كتاب (الاقتصاد) 107: 19.

ونحن إذ نؤبن السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) ونستذكره، حريّ بنا أن نقف إجلالاً وإكباراً ونسأل اللّه سبحانه وتعالى أن يمدّ في عمر سماحة آية اللّه العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي ويديم ظله الوارف على المسلمين بعطائه العلمي والعملي وآثاره العلمية وعمله الدؤوب ونشاطه الواسع المستمر في نشر فكر و فقه أهل البيت (عليهم السلام) وثقافتهم من خلال مؤسساته الفكرية والعلمية والدينية والثقافية والخيرية المنتشرة في كافة أنحاء العالم العربي والإسلامي.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين...

والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.

ص: 23

ص: 24

الإمام الشيرازي شواهد مصورة

ص: 25

ص: 26

الصورة

ص: 27

الصورة

ص: 28

الصورة

ص: 29

الصورة

ص: 30

الصورة

ص: 31

الصورة

ص: 32

الصورة

ص: 33

الصورة

ص: 34

الصورة

ص: 35

الصورة

ص: 36

الصورة

ص: 37

الصورة

ص: 38

الصورة

ص: 39

الصورة

ص: 40

الصورة

ص: 41

الصورة

ص: 42

الصورة

ص: 43

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.