بعثة الرسل علیهم السلام إلی الإنس و الجن

هوية الکتاب

بعثة الرسل علیهم السلام إلى الإنس والجن

الناشر:...مؤسسة علوم نهج البلاغة.

الطبعة:...الأولى.

عدد النسخ:... 1000 نسخة.

التصميم:...احمد عباس مهدي عباس.

التنضيد والاخراج الفني:...علي جاسم محمد علي.

ص: 1

اشارة

الناشر:...مؤسسة علوم نهج البلاغة.

الطبعة:...الأولى.

عدد النسخ:... 1000 نسخة.

التصميم:...احمد عباس مهدي عباس.

التنضيد والاخراج الفني:...علي جاسم محمد علي.

ص: 2

سلسلة الأنبياء في نهج البلاغة (8) بعثة الرسل علیهم السلام إلى الإنس والجن تأليف محمد حمزة الخفاجي

ص: 3

جميع الحقوق محفوظة للعتبة الحسينية المقدسة الطبعة الأولى 1437 ه - 2015 م العراق: كربلاء المقدسة - شارع السدرة - مجاور مقام علي الأكبر علیه السلام مؤسسة علوم نهج البلاغة هاتف: 07728243600 - 07815016633 الموقع:

www.inahj.org Email: Inahj.org@gmail.com

ص: 4

قال أمير المؤمنين علیه السلام:

«وَهُوَ الَّذِي أَسْكَنَ الدُّنْيَا خَلْقَهُ وَبَعَثَ إِلَى الْجِنِّ وَالاْنْسِ رُسُلَهُ لِيَكْشِفُوا لَهُمْ عَنْ غِطَائِهَا وَلِيُحَذِّرُوهُمْ مِنْ ضَرَّائِهَا وَلِيَضْرِبُوا لَهُمْ أَمْثَالَهَا وَلِيَهْجُمُوا عَلَيْهِمْ بِمُعْتَبَرٍ مِنْ تَصَرُّفِ مَصَاحِّهَا وَأَسْقَامِهَا وَحَلاَلِهَا وحَرَامِهَا وَمَا أَعَدَّ سُبْحَانَهُ لِلْمُطِيعِينَ مِنْهُمْ وَالْعُصَاةِ مِنْ جَنَّةٍ وَنَارٍ وَكَرَامَةٍ وَهَوَانٍ» نهج البلاغة: الخطبة 182، ج 2، ص 293.

ص: 5

ص: 6

مقدمة المؤسسة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدم والصلاة والسلام على خير خلق الله وآله الطيبين الأخبار.

وبعد:

فهذه سلسلة خاصة بما ورد في كتاب نهج البلاغة من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام حول بعض الأنبياء عليهم السلام وقد تناول فيها الإمام جوانب مختلفة من حياتهم وما ارتبط بهم ابتداءً من آدم عليه السلام حيث بيّن الإمام علي عليه السلام العلة في خلقه وما رافق هذا الأمر من ابتلاء للملائكة وغير ذلك مما ارتبط بهذه الشخصية.

والحديث في نهج البلاغة عن الأنبياء عليهم السلام لم يكن شاملاً لجميع الأنبياء وإنما يكتفي الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بذکر بعضاً فهم،

ص: 7

وهم (آدم وموسى وعيسى وداود ويحيى وسليمان والحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم) وقد أخذ الحيز الأكبر من البيان والتعريف في كلام أمير المؤمنين عليه السلام.

ولذا:

وجدت مؤسسة علوم نهج البلاغة أن تضع بين يدي القارئ الكريم هذا البيان الوارد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في الشخصيات الربانية ضمن هذه السلسلة مع بيان موجز لما أورده الشراح لكتاب نهج البلاغة فضلاً عن رفد هذه الألفاظ الشريفة بما يناسبها من روايات شريفة نبوية عن آل البيت عليهم السلام بغية الوصول إلى معنى يأخذ بأيدينا ويد القارئ الكريم إلى ما يحب الله واضح ويرضى.

السيد نبيل الحسني مؤسسة علوم نهج البلاغة

ص: 8

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

«الحمد لله على ما أنعم، وله الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدم، من عموم نعم ابتداها، وسبوغ آلاء أسداها، وإحسان منن والاها، جمّ عن الإحصاء عددها، ونأى عن المجازاة أمدها، وتفاوت عن الإدراك أبدها»(1)، والصلاة والسلام على النبي المصطفى محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

وبعد..

فإن بعثة الأنبياء إنما هي تذكرة للناس، قال تعالى: «طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا

ص: 9


1- من خطبة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام (الاحتجاج، للشيخ الطبرسي، ج 1، ص 132؛ بلاغات النساء، لابن طيفور، ص 15)

تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى»(1)، وقوله:«إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا»(2).

وفي هذه الخطبة يبيّن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام إن الله قد خص الإنس والجن برحمته فبعث اليهم الأنبياء لكي يعلم الجن أنهم مكلّفون بعبادة الله وطاعته كما كلّف الإنس بذلك، وبما أن الدنيا أزاغت قلوب الكثير من الجن والإنس فمن وظيفة الأنبياء أن يبيّنوا لهم ما جهلوا من الامور ويحذروهم الدنيا وتقلبات أحوالها، وإن الله لعنها.

فمن وصية النبي صلى الله عليه وآله الى أبا ذر قال:

«يا أبا ذر ان الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ما ابتغي به وجه الله عز وجل يا أبا ذر ما من شيء أبغض إلى الله من الدنيا خلقها ثم أعرض عنها فلم ينظر إليها ولا ينظر إليها حتى تقوم الساعة وما من شيء أحب إلى الله تعالى من الايمان به

ص: 10


1- سورة طه الآية: 1 - 3
2- سورة المزمل الآية: 19

وترك ما أمر أن يترك يا أبا ذر أن الله تعالى أوحي إلى أخي عيسى عليه السلام يا عيسى لا تحب الدنيا فإني لست أحبها وأحب الآخرة فإنها هي دار المعاد»(1).

محمد حمزة الخفاجي

ص: 11


1- مكارم الأخلاق، الطبرسي، ص 462

المسألة الأولى

قوله عليه السلام: «وَهُوَ اَلَّذِي أَسكَنَ اَلدُّنيَا خَلقَهُ وَبَعَثَ إِلَى اَلجِنِّ واَلإِنسِ رُسُلَهُ»

بعد أن أغوى الشيطان آدم وحواء عليهما السلام أهبطهم الى الأرض وجعلها مستقر الجن والإنس إلى يوم يبعثون، قال تعالى:

«قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ»(1).

ومن كلام للإمام موسی بن جعفر عليه السلام قال:

«..وخلق خلقه للفناء، أسكنهم دنیا سریع زوالها قليل

ص: 12


1- سورة الأعراف، الآية: 24

بقاؤها، وجعل لهم مرجعا إلى دار لا زوال لها ولا فناء. وكتب الموت على جميع خلقه، وجعلهم أسوة فيه، عدلا منه عليهم عزیزا وقدرة منه عليهم، لا مدفع لاحد منه ولا محيص له عنه، حتى يجمع الله تبارك وتعالى بذلك إلى دار البقاء خلقه، ويرث به أرضه ومن عليها، وإليه يرجعون»(1).

إن الله أرسل رسله إلى الجن والإنس ليبيّنوا لهم ما يجهلون من أحكام وأمور غيبية كالمعاد وما ينتظرهم في الآخرة، فالإنسان محتاج الى مرشد یرشده الى طريق الحق، وكذلك الجان، كونهم قاصرين أي (الجن والإنس) عن معرفة الله واليوم الاخر بدون الرسل، فأرسل الله رسله لكي تتم الحجة عليهم، قال تعالى:

«يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا

ص: 13


1- قرب الاسناد، الحميري القمي، ص 307

عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ»(1).

روي في كتاب عيون أخبار الرضا في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة وهو حديث طويل وفيه، قال الرضا عليه السلام:

«وسأله هل بعث الله تعالى نبيا إلى الجن؟ فقال. نعم بعث إليهم نبيا يقال له يوسف فدعاهم إلى الله عز وجل فقتلوه»(2).

وروي في وسائل الشيعة عن محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام:

«أن سليمان عليه السلام قد حج البيت في الجن والإنس والطير والرياح، وكسا البيت القباطي»(3).

ص: 14


1- سورة الأنعام، الآية: 130
2- عیون اخبار الرضا، الشيخ الصدوق، ج 1، ص 219. باب ما جاء عن الامام الرضا عليه السلام من خبر الشامي
3- وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 13، ص 207. باب استحباب كسوة الكعبة

وجاء في الاحتجاج عن احتجاجه عليه السلام على اليهود من أحبارهم ممن قرأ الصحف والكتب في معجزات النبي صلى الله عليه وآله، أن اليهودي قال مخاطباً الامام علي عليه السلام:

(فإن هذا سليمان سخرت له الشياطين، يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل، قال له علي عليه السلام:

«لقد كان كذلك، ولقد أعطي محمد صلى الله عليه وآله أفضل من هذا، إن الشياطين سخرت لسلیمان وهي مقيمة على كفرها، ولقد سخرت لنبوة محمد صلى الله عليه وآله الشياطين بالإيمان، فأقبل إليه من الجِنّة التسعة من أشرافهم، واحد من جن نصيبين، والثمان من بني عمرو بن عامر من الأحجة، منهم شضاه، ومضاه، والهملكان، والمرزبان، والمازمان، ونضاه، وهاضب، وهضب، وعمرو، وهم الذين يقول الله تبارك اسمه فيهم:

«وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ

ص: 15

الْقُرْآنَ»(1)، وهم التسعة، فأقبل إليه الجن والنبي صلى الله عليه وآله ببطن النخل فاعتذروا بأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا، ولقد أقبل إليه أحد وسبعون ألفا منهم فبايعوه على: الصوم، والصلاة والزكاة، والحج، والجهاد، ونصح المسلمين، واعتذروا بأنهم قالوا على الله شططا، وهذا أفضل مما أعطى سليمان، فسبحان من سخرها لنبوة محمد صلی الله علیه وآله بعد أن كانت تتمرد، وتزعم أن لله ولدا، ولقد شمل مبعثه من الجن والإنس ما لا يحصى»(2).

ص: 16


1- سورة الأحقاف، الآية: 29
2- الاحتجاج، الشيخ الطبرسي، ج 1، ص 330 - 331

المسألة الثانية

علَّة تسمية الجن

(جَنَّ الشيءَ يَجُنَّه جَنّاً: سَتَره وكلُّ شيء سُتر عنك فقد جُنَّ عنك وجَنَّه الليلُ يَجُنُّه جَنّاً وجُنوناَ وجَنَّ عليه يَجُنُّ بالضم جُنوناً وأَجَنَّه سَتَره)(1).

وجاء في البحار (ان لفظ الجن مأخوذ من الاستتار، ومنه الجنة لاستتار أرضها بالأشجار ومنه الجُنّة لأنها ساترة للإنسان ومنه الجن لاستتارهم عن العيون، ومنها المجنون لاستتار عقله، ومنه الجنين لاستتاره في البطن ومنه قوله تعالى: «اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً» أي وقاية وسترا. واعلم أن على هذا القول يلزم أن تكون الملائكة

ص: 17


1- لسان العرب، ابن منظور، ج 13، ص 92

من الجن لاستتارهم عن العيون إلا أن يقال: إن هذا من باب تقیید المطلق بسبب العرف. والقول الثاني: أنهم سموا بهذا الاسم لانهم كانوا في أول أمرهم خزان الجنة والقول الأول أقوى)(1).

ص: 18


1- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 60، ص 330

المسألة الثالثة

تكليف الجن

إن الهدف من خلق الجن والإنس هو العبادة والطاعة لله، قال تعالى:

«وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ»(1)

روي جميل بن الدراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن قول الله عز وجل: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ»؟ قال:

«خلقهم للعبادة، قلت: خاصة أم عامة؟ قال: لا بل عامة»(2).

فمن ترك منهم طاعة الله فإن الله معذبه يوم

ص: 19


1- سورة الذاريات، الآية: 56
2- وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 1، ص 84، ح 6

القيامة، قال تعالى:

«وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ»(1).

وجاء في تفسير الأمثل، عن قوله تعالى: «قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا»(2).

(يعلم من مفهوم الآية أن للجن عقلاً وشعوراً وفهماً وإدراكاً، وأنهم مكلفون ومسؤولون، ولهم المعرفة باللغات ويفرقون بين الكلام الخارق للعادة وبين الكلام العادي، وبين المعجز وغير المعجز، ويجدون أنفسهم مكلفين بإيصال الدعوة إلى قومهم، وأنهم هم المخاطبون في القرآن المجيد)(3).

ص: 20


1- سورة الأعراف، الآية: 179
2- سورة الجن، الآيتان: 1 - 2
3- الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الشيخ ناصر مکارم الشيرازي، ج 19، ص 80

قال الله عز وجل يا آدم بروحي نطقت وبضعف طبيعتك تكلفت ما لا علم لك به وأنا الخالق العليم بعلمي خالفت بين خلقهم ويمشيتي يمضي فيهم أمري وإلى تدبيري وتقديري صائرون لا تبديل لخلقي وإنما خلقت الجن والإنس ليعبدوني وخلقت الجنة لمن عبدني وأطاعني منهم واتبع رسلی ولا أبالي وخلقت النار لمن كفر بي وعصاني ولم يتبع رسلي ولا أبالي.

وخلقتك وخلقت ذريتك من غير فاقة بي إليك وإليهم وإنما خلقتك وخلقتهم لأبلوك وأبلوهم «أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا» في دار الدنيا في حياتكم)(1).

روي عن سعد الإسكاف قال: أتيت أبا جعفر عليه السلام في بعض ما أتيته فجعل يقول:

«لا تعجل»

ص: 21


1- علل الشرائع، الشيخ الصدوق، ج 1، ص 10 - 11، ح 4

حتى حمئت الشمس علي وجعلت أتتبع الأفياء فما لبثت أن خرج علي قوم كأنهم الجراد الصفر عليهم البتوت قد انتهكتهم العبادة قال فوالله لأنساني ما كنت فيه من حسن هيئة القوم، فلما دخلت عليه قال لي:

«أراني قد شققت عليك»

قلت أجل والله لقد أنساني ما كنت فيه قوم مروا بي لم أر قوما أحسن هيئة منهم في زي رجل واحد کان ألوانهم الجراد الصفر قد انتهكتهم العبادة فقال:

«يا سعد رأيتهم؟»

قلت نعم،

قال:

«أولئك إخوانك من الجن» قال فقلت يأتونك قال: «نعم يأتونا يسألونا عن معالم دینهم وحلالهم وحرامحم»(1).

ص: 22


1- الكافي، الشيخ الكليني، ج 1، ص 394. ح 1

المسألة الرابعة

ديانات الجن

قال تعالى: «قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا»(1).

(كان سبب نزول هذه الآية أن رسول الله صلی الله عليه وآله خرج من مكة إلى سوق عكاظ ومعه زید بن حارثة يدعو الناس إلى الاسلام فلم يجبه أحد ولم يجد أحدا يقبله ثم رجع إلى مكة، فلما بلغ موضعا يقال له وادي مجنة تهجد بالقرآن في جوف الليل، فمر به نفر من الجن فلما سمعوا قراءته قال بعضهم لبعض أنصتوا يعني اسكتوا، فلما قضی أي فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله

ص: 23


1- سورة الجن، الآية: 1

من القراءة ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إلى قوله في ضلال مبين فجاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأسلموا وآمنوا وعلمهم رسول الله صلى الله عليه وآله شرائع الاسلام فأنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وآله (قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن السورة كلها فحكى الله عز وجل قولهم وولي عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله منهم وكانوا يعودون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في كل وقت فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام أن يعلمهم ويفقههم فمنهم مؤمنون وكافرون وناصبون ويهود ونصاری ومجوس وهم ولد الجحان)(1).

وهنالك أحاديث تؤكد أن من الجن مَن هو من شيعة أهل البيت عليهم السلام فقد روي عن أبي

ص: 24


1- التفسير الصافي، الفيض الكاشاني، ج 5، ص 17 - 18

حمزة الثمالي قال: (كنت استأذن على أبي جعفر عليه السلام فقيل عنده قوم أثبت قليلا حتى يخرجوا فخرج قوم أنكرتهم ولم أعرفهم، ثم أذن لي فدخلت عليه فقلت جعلت فداك هذا زمان بني أمية وسيفهم يقطر دماً فقال لي:

«يا أبا حمزة هؤلاء وفد شيعتنا من الجن جاؤوا يسألوننا عن معالم دینهم»(1).

وجاء في الخصال عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال:

«إن الله عز وجل أرسل محمدا صلى الله عليه وآله إلى الجن والإنس وجعل من بعده إثني عشر. وصيا، منهم من سبق ومنهم من بقي، وكل وصي جرت به سنة والاوصیاء الذين من بعد محمد صلى الله عليه وآله على سنة أوصياء عيسى، وكانوا إثني عشر وكان أمير المؤمنين عليه السلام على سنة المسيح عليه السلام»(2).

ص: 25


1- بصائر الدرجات، محمد بن الحسن الصفار، ص 116، ح 3
2- الخصال، الشيخ الصدوق، ج 1، ص 478، ح 43

المسألة الخامسة

قوله عليه السلام: «ليكشفوا لهم عن غطائها»

أي حجابها وما فيها من غفلة عن دار الآخرة، فالدنيا تلهي الإنسان بمغرياتها وأغلب الناس ينظرون إلى الدنيا نظرة ظاهرية فينظرون الى ملذاتها، أما الأنبياء والأولياء فينظرون إليها نظرة عميقة كونها دنيا زائلة، قال تعالى:

«قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا»(1).

فالأنبياء والمرسلون يوقظون الناس من الغفلة

ص: 26


1- سورة النساء، الآية: 77

التي تحجب المخلوقات عن الحقائق، فيكشفوا لهم ما خفي عنهم، ومن خلال الرسل يتم كشف الحجب عن الخلق، فكلما ارتفع الحجاب عن الإنسان زاد يقينه فيظهر له صدق الانبياء.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله:

«الرغبة في الدنيا تكثر الهم والحزن، والزهد في الدنيا يريخ القلب والبدن»(1).

ومن كتاب لأمير المؤمنين عليه السلام إلى سلمان الفارسي رحمه الله قبل أيام خلافته:

«أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّمَا مَثَلُ اَلدُّنْیَا مَثَلُ اَلْحَیَّةِ، لَیِّنٌ مَسُّهَا قَاتِلٌ سَمُّهَا، فَأَعْرِضْ عَمَّا یُعْجِبُكَ فِیهَا، لِقِلَّةِ مَا یَصْحَبُكَ مِنْهَا، وَضَعْ عَنْكَ هُمُومَهَا، لِمَا أَیْقَنْتَ بِهِ مِنْ فِرَاقِهَا، وَ تَصَرُّفِ حَالاَتِهَا، وَ کُنْ آنَسَ مَا تَکُونُ بِهَا أَحْذَرَ مَا تَکُونُ مِنْهَا، فَإِنَّ صَاحِبَهَا کُلَّمَا اِطْمَأَنَّ فِیهَا إِلَی سُرُورٍ، أَشْخَصَتْهُ عَنْهُ إِلَی مَحْذُورٍ، أَوْ إِلَی إِینَاسٍ أَزَالَتْهُ عَنْهُ إِلَی إِیحَاشٍ وَ اَلسَّلاَمُ»(2).

ص: 27


1- الخصال، ج 1، ص 74، ح 114
2- نهج البلاغة، ج 3، ص 492، من كتاب له عليه السلام لسلمان الفارسي

المسألة السادسة

قوله عليه السلام: «وليحذروا من ضرائها»

كثيراً ما حذر الانبياء الناس ومن عواقبها، فقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

قال عیسی بن مریم علیه السلام:

«تَعْمَلُونَ لِلدُّنْیَا وَ أَنْتُمْ تُرْزَقُونَ فِیهَا بِغَیْرِ عَمَلٍ وَ لَا تَعْمَلُونَ لِلْآخِرَةِ وَ أَنْتُمْ لَا تُرْزَقُونَ فِیهَا إِلَّا بِالْعَمَلِ وَیْلَكُمْ عُلَمَاءَ سَوْءٍ الْأَجْرَ تَأْخُذُونَ وَ الْعَمَلَ تُضَیِّعُونَ یُوشِكُ رَبُّ الْعَمَلِ أَنْ یَقْبَلَ عَمَلَهُ وَ یُوشِكُ أَنْ تُخْرَجُوا مِنْ ضِیقِ الدُّنْیَا إِلَی ظُلْمَةِ الْقَبْرِ كَیْفَ یَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ هُوَ فِی مَسِیرِهِ إِلَی آخِرَتِهِ وَ هُوَ مُقْبِلٌ عَلَی دُنْیَاهُ وَ مَا یَضُرُّهُ أَحَبُّ إِلَیْهِ مِمَّا یَنْفَعُهُ»(1).

وعنه عليه السلام قال:

ص: 28


1- مرآة العقول في شرح اخبار الرسول، العلامة المجلسي، ج 10، ص 243، ح 13

«إن الله عز وجل قال في مناجاته لموسى عليه السلام إن الدنيا دار عقوبة عاقبت فيها آدم عند خطيئته وجعلتها ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان فيها لي يا موسی ان عبادي الصالحين زهدوا فيها بقدر علمهم بي وسائرهم من خلقي رغبوا فيها بقدر جملهم بي وما من خلقى أحد عظمها فقرت عينه وما يحقرها أحد إلا انتفع بها»(1).

ومن كلام له عليه السلام في ذم الدنيا قال عليه السلام:

«وأحذركم الدنيا فإنها منزل قلعة، وليست بدار نجعة قد تزینت بغرورها، وغرت بزينتها. دار هانت على ربها، فخلط حلالها بحرامها وخيرها بشرها، وحياتها بموتها، وحلوها بمرها. لم يصفها الله تعالى لأوليائه، ولم يضنَّ بها على أعدائه. خيرها زهيد، وشرها عتيد، وجمعها ينفد، وملكها يسلب، وعامرها يخرب»(2).

وروي عن عیسی بن عمر، عن معاوية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،

ص: 29


1- ثواب الاعمال، الشيخ الصدوق، ص 220. باب في أن الدنيا دار عقوبة
2- نهج البلاغة، خ 113، ص 191

يقول في خطبة أحد العیدین:

«الدنيا دار بلاء، ومنزل بُلغة وعناء، قد نزعت عنها نفوس السعداء، وانتزعت بالكره من أيدي الأشقياء، فأسعد الناس بها أرغبهم عنها، وأشقاهم بها أرغبهم فيها، فهي الغاشة لمن استنصحها، والمغوية لمن أطاعها، والخاترة لمن انقاد إليها، والفائز من أعرض عنها، والهالك من هوى فيها»(1).

ص: 30


1- اعلام الدين في صفات المؤمنين، الحسن بن محمد الديلمي، ج 17، ص 343

المسألة السابعة

قوله عليه السلام: «وليضربوا لهم أمثالهم»

قال تعالى:

«وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ»(1).

فإن هذه الأمثال كلها مواعظ وعبر، والأنبياء يضربون الأمثال للناس ليبينوا لهم ما يُرضي الله وما يُسخطه فضرب الله مثلاً للذين يحبون الحياة الدنيا، قال تعالى:

«اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ

ص: 31


1- سورة ابراهيم، الآية: 25

أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ»(1).

وضرب مثلاً للذين ينفقون أموالهم في سبيل الله، فقال تعالى:

«مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ»(2).

وضُرب مثلاً للذين يتخذون من دون الله أولياء لهم، قوله تعالی:

ص: 32


1- سورة الحديد، الآية: 20
2- سورة البقرة، الآيتان: 261 - 262

«مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ»(1).

وضرب مثلا للذين يشترون الضلال بالهدی، فقال تعالى:

«مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ * أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ * يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»(2).

ص: 33


1- سورة العنكبوت، الآية: 41
2- سورة البقرة الآيات: 17 - 20

وكل من الامثال التي تضرب لها فائدة لأصحاب العقول النيرة التي تتعظ بهذه الامثال التي هي بحد ذاتها نور وهدى لقوم يتفكرون.

ومن كلام له عليه السلام قال:

«إِنَّ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَی مَائِدَةٍ شِبَعُهَا قَصِیرٌ، وَجُوعُهَا طَوِیلٌ»(1).

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال:

«إن في كتاب علي صلوات الله عليه: إنما مثل الدنيا كمثل الحية ما ألين مسها وفي جوفها السم الناقع، يحذرها الرجل العاقل، ويهوي إليها الصبي الجاهل»(2).

وقوله عليه السلام:

«مثل الدنيا والآخرة مثل المشرق والمغرب متي ازددت من أحدهما قربا ازددت من الآخر بعدا»(3).

ص: 34


1- نهج البلاغة، ج 2، يعظ بسلوك الطريق الواضح، ص 345
2- الكافي، ج 2، ص 136، ح 22
3- الامالي، الشريف المرتضی، ج 1، ص 107

المسألة الثامنة

قوله عليه السلام: «وليهجموا عليهم بمعتبر من تصرف مصاحها واسقامها»

(أي ليدخلوا عليهم على حين غفلة منهم بما يوجب عبرتهم من تقلّباتها وتصرّفاتها على أهلها بالصحّة والسقم واللّذة والألم، فعن قليل تری المرحوم مغبوطا، والمغبوط مرحوما وترى أهلها يمسون ويصبحون على أحوال شتّی، فصحيح مشغوف بها مشغول بزخارفها، ومريض مبتلی، ومیّت یبکی، وآخر يعزّى، وعائد يعود، وآخر بنفسه يجود، فإنّ في ذلك تذكرة وذكرى وعبرة لأولى النهي إذ على أثر الماضي يمضي الباقي،

ص: 35

وسبيل السلف يسلك الخلف)(1).

فأخذ العبر من الأنبياء والرسل هو سبيل نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة، فالإنسان لا يحتمل مصائب الدنيا فكيف له بأهوال الآخرة وهي دائمة وأبدية، ومن خطبة له عليه السلام قال:

«وَ اعلَمُوا أَنّهُ لَيسَ لِهَذَا الجِلدِ الرّقِيقِ صَبرٌ عَلَي النّارِ، فَارحَمُوا نُفُوسَكُم، فَإِنّكُم قَد جَرّبتُمُوهَا فِي مَصَائِبِ الدّنيَا، أَفَرَأَيتُم جَزَعَ أَحَدِكُم مِنَ الشّوكَةِ تُصِيبُهُ، وَ العَثرَةِ تُدمِيهِ وَ الرّمضَاءِ تُحرِقُهُ، فَكَيفَ إِذَا كَانَ بَينَ طَابَقَينِ مِن نَارٍ، ضَجِيعَ حَجَرٍ وَ قَرِينَ شَيطَانٍ، أَعَلِمتُم أَنّ مَالِكاً إِذَا غَضِبَ عَلَي النّارِ، حَطَمَ بَعضُهَا بَعضاً لِغَضَبِهِ - وَ إِذَا زَجَرَهَا تَوَثّبَت بَينَ أَبوَابِهَا جَزَعاً مِن زَجرَتِهِ، أَيّهَا اليَفَنُ الكَبِيرُ ألّذِي قَد لَهَزَهُ القَتِيرُ، كَيفَ أَنتَ إِذَا التَحَمَت أَطوَاقُ النّارِ بِعِظَامِ الأَعنَاقِ، وَ نَشِبَتِ الجَوَامِعُ حَتّي أَكَلَت لُحُومَ السّوَاعِدِ، فَاللّهَ اللّهَ مَعشَرَ العِبَادِ، وَ أَنتُم سَالِمُونَ فِي الصّحّةِ قَبلَ السّقمِ، وَ فِي الفُسحَةِ قَبلَ الضّيقِ، فَاسعَوا فِي فَكَاكِ رِقَابِكُم مِن قَبلِ أَن تُغلَقَ رَهَائِنُهَا، أَسهِرُوا عُيُونَكُم وَ أَضمِرُوا بُطُونَكُم - وَ استَعمِلُوا أَقدَامَكُم وَ أَنفِقُوا أَموَالَكُم، وَ خُذُوا

ص: 36


1- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، حبيب الله الهاشمي الخوئي، ج 10، ص 379

مِن أَجسَادِكُم فَجُودُوا بِهَا عَلَي أَنفُسِكُم، وَ لَا تَبخَلُوا بِهَا عَنهَا فَقَد قَالَ اللّهُ سُبحَانَهُ، «إِن تَنصُرُوا اللّهَ يَنصُركُم وَ يُثَبّت أَقدامَكُم» وقال تعالى «مَن ذَا ألّذِي يُقرِضُ اللّهَ قَرضاً حَسَناً، فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجرٌ كَرِيمٌ»(1).

وقال عليه السّلام وهو يصف محمّداً صلى الله عليه وآله:

«ونصح لأمته منذرا، ودعا إلى الجنّة مبشّرا، وخوّف من النار محذّرا»(2).

ص: 37


1- نهج البلاغة، ج 2، خ 182، ص 294
2- المصدر نفسه، ج 1، خ 109، ص 186

المسألة التاسعة

قوله عليه السلام: «وليبصرهم عيوبها وحلالها وحرامها»

حينما وصف امير المؤمنين عليه السلام الدنيا قال:

«مَا أَصِفُ مِنْ دَارٍ أَوَّلُهَا عَنَاءٌ وَآخِرُهَا فَنَاءٌ فِي حَلَالِهَا حِسَابٌ وَفِي حَرَامِهَا عِقَابٌ»(1).

فالإنسان الواعي يتحذر منها ومن مساوئها كونها متغيرة في جميع أحوالها.

فإن الغاية من بعثة الأنبياء الى الخلق هو بیان الهدف الأساسي لوجودنا في هذه الدنيا وهو عبادة

ص: 38


1- نهج البلاغة، ج 1، خطبة 82، ص 119. في صفة الدنيا

الله وحده وتبصرة الناس من الغفلة وعدم التمسك بهذه الدنيا الفانية وإنها ليست مستقرهم وإنما هي معبر إلى المستقر الأبدي لأن من عيوب الدنيا إنها نؤمل الإنسان وتجعله يتعلق بزينتها ولذاتها.

والله إذا أراد لعبده الخير بصّره عيوبها وجعله من الزاهدين فيها والراغبين عنها فقد جاء في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قال:

«من زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه وأنطق بها لسانه وبصره عيوب الدنيا داءها ودواءها وأخرجه من الدنيا سالما إلى دار السلام»(1).

فالمؤمن الحقيقي يرى الدنيا بحقيقتها ويعرف داءها ودواءها، فقد روي عن أبي أيوب الانصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام:

«إن الله زينك بزينة لم يزين العباد بشيء أحب إلى الله

ص: 39


1- الكافي، ج 2، ص 128، ح 1

منها، ولا أبلغ عنده منها، الزهد في الدنيا، قد أعطاك ذلك وجعل الدنيا لا تنال منك شيئا، وجعل لك سماء تعرف بها»(1).

فإن الله إذا أحب عبداً بصره في الدنيا ومکنه عليها في خيرها وشرها ففي خيرها يكون شاكرا وفي شرها يكون صابرا فبهذا يكون قد نال رضا الله وفاز بالدارین، عن أبي جعفر عليه السلام قال:

«أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: علمني يا رسول الله شيئا فقال عليه السلام: عليك باليأس مما في أيدي الناس فإنه الغني الحاضر، قال: زدني يا رسول الله، قال: إياك والطمع فإنه الفقر الحاضر، قال: زدني يا رسول الله، قال: إذا هممت بأمر فتدبر عاقبته فإن يك خيرا أو رشدا اتبعته وإن يك شرا أو غيا تركته»(2).

وقوله عليه السلام: «وَحَلاَلِهَا وَ حَرَامِهَا» يشير الى بعض من وظائف الأنبياء عليهم السلام وهي بیان الحلال من الحرام فكثير من الامور التي اشتبهت

ص: 40


1- مستدرك الوسائل، النوري الطبرسي، ج 12، ص 24
2- من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج 4، ص 411

على الناس قد بينتها الرسل ومن خلفهم من الحجج الأطهار، فقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:

«ان مما استحقت به الإمامة التطهير والطهارة من الذنوب والمعاصي الموبقة التي توجب النار ثم العلم المنور بجميع ما يحتاج إليه الأمة من حلالها وحرامها، والعلم بكتابها خاصة وعامة، والمحكم والمتشابه، ودقايق علمه وغرايب تأويله وناسخه ومنسوخه، قلت: وما الحجة بأن الإمام لا يكون الا عالماً بهذه الأشياء الذي ذكرت؟ قال: قول الله فيمن اذن الله لهم في الحكومة وجعلهم أهلها "أنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار فهذه الأئمة دون الأنبياء الذين يربون الناس بعلمهم، واما الأحبار فهم العلياء دون الربانيين، ثم اخبر فقال بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء "ولم يقل بما حملوا منه»(1).

وقد كان الناس في زمن الجاهلية يفعلون كثيرا من المحرمات کشرب الخمر وغيره فأتى الإسلام

ص: 41


1- تفسير العياشي، محمد العياشي، ج 1، ص 323

فحرم عليهم ذلك بالتدريج قال تعالى:

«يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا»(1).

فالقرآن بيّن لهم أن في الخمر منافع ومضار ثم خاطبهم الله على لسان نبيه فنهاهم عن شربه قال تعالى:

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ»(2).

فوضح لهم سبب تحريمه كونه يخلق العداوة والبغضاء ويسلب المرء عقله لذلك نهاهم عن

ص: 42


1- سورة البقرة، الآية: 219
2- سورة المائدة، الآيتان: 90 - 91

شربه فالله أرسل الرسل لتبصرة الناس فلا يوجد حكم إلا بينوه للخلق جاء في تفسير القمي عن قوله تعالى: (فصلت آياته) أي بين حلالها وحرامها وأحكامها وسننها)(1).

ص: 43


1- تفسير القمي، علي بن ابراهيم القمي، ج 2، ص 261

المسألة العاشرة

قوله عليه السلام: «وما أعد الله سبحانه للمطيعين منهم والعصاة من جنة ونار وكرامة وهوان»

أعد الله للمطيعين من عباده أجراً عظيماً في الاخرة من الثواب الجزيل والنعيم المقيم الأبدي الذي لا زوال له ولا انقطاع وكذلك أعد للذين كفروا عذاب أليما بما كسبت أيديهم.

قال الله تعالى في محكم كتابه بحق المطيعين من عباده:

«إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ

ص: 44

وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا»(1).

وقوله:

«مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ»(2).

قال تعالى في حق العاصين:

«إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا»(3).

قال تعالى:

«وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ

ص: 45


1- سورة الأحزاب، الآية: 35
2- سورة النحل، الآية: 97
3- سورة النساء، الآية: 102

فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا»(1).

وقوله :

«يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ»(2).

فالأنبياء هم المبشرون والمنذرون أرسلهم الله رحمة للعالمين يبشرون الذين أمنوا بمغفرة وأجر عظيم وما أعد لهم الله في الآخرة من نعيم وينذرون من يخالف الله بأن الله أعد له عذاباً

ص: 46


1- سورة الطلاق، الآية: 108
2- سورة آل عمران، الآية: 106 108

شديداً.

روي عن الإمام الصادق أبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليهما في وصيته عليه السلام العبد الله بن جندب قال:

«يا ابن جندب إن الله تبارك وتعالى سورا من نور، محفوفا بالزبرجد والحرير، منجدا بالسندس والديباج، يضرب هذا السور بين أوليائنا وبين أعدائنا فإذا غلى الدماغ وبلغت القلوب الحناجر ونضجت الأكباد من طول الموقف ادخل في هذا السور أولياء الله، فكانوا في أمن الله وحرزه، لهم فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين. وأعداء الله قد ألجمهم العرق وقطعهم الفرق وهم ينظرون إلى ما أعد الله لهم، فيقولون: مالنا لا نرى رجالا كما نعدهم من الاشرار، فينظر إليهم أولياء الله فيضحكون منهم، فذلك قوله عز وجل:

«أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ» وقوله: «فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ»(1).

ص: 47


1- تحف العقول عن آل الرسول، ابن شعبة الحراني، ص 307. وصيته لعبد الله بن جندب

ومن خطبة له عليه السلام قال :

«وَ اِحْذَرُوا مِنْهُ کُنْهَ مَا حَذَّرَکُمْ مِنْ نَفْسِهِ، وَ اِسْتَحِقُّوا مِنْهُ مَا أَعَدَّ لَکُمْ بِالتَّنَجُّزِ لِصِدْقِ مِیعَادِهِ، وَ اَلْحَذَرِ مِنْ هَوْلَ مَعَادِهِ»(1).

ص: 48


1- نهج البلاغة، الخطبة الغراء 82، ج 1، ص 124

المصادر والمراجع

- القرآن الكريم.

1- الاحتجاج، الشيخ الطبرسي، تحقيق وتعليق: السيد محمد باقر الخرسان دار النعمان للطباعة والنشر، النجف الأشرف، 1386 - 1966 م.

2. أعلام الدين في صفات المؤمنين، الحسن بن محمد الديلمي، تحقيق: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، قم.

3- الأمالي، الشيخ المفيد تحقيق: حسين الأستاد ولي، علي أكبر الغفاري: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، ط 2، 1414 ه - 1993 م.

4- الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الشيخ ناصر مكارم الشيرازي.

5- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، تح: الشيخ عبد الزهراء العلوي دار الرضا للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، 1403 ه - 1983 م.

6- بصائر الدرجات، محمد بن الحسن بن فروخ الصفار، تحقيق وتصحيح وتعليق: الحاج ميرزا حسن کوچه باغي، مطبعة الأحمدي، طهران، منشورات الأعلمي، طهران، 1404 ه

ص: 49

1362 ش.

7- تحف العقول عن آل الرسول، ابن شعبة الحراني، تحقيق وتصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسین بقم المشرفة، 1404 ه - 1363 ش.

8- التفسير الصافي: الفيض الكاشاني تحقيق: الشيخ حسين الأعلمي، رمضان مؤسسة الهادي، قم المقدسة، مكتبة الصدر للنشر، طهران، ط 2، 1416 ه - 1374 ش.

9- تفسير العياشي، محمد بن مسعود العياشي، تحقيق: الحاج السيد هاشم الرسولي المحلاتي، المكتبة العلمية الإسلامية - طهران.

10- تفسير القمي، علي بن إبراهيم القمي: تحقیق وتصحيح وتعليق: السيد طيب الموسوي الجزائري، مؤسسة دار الكتاب للطباعة والنشر، قم، ایران، منشورات مكتبة الهدی، ط 3، 1404 ه.

11- ثواب الأعمال، الشيخ الصدوق، تحقيق: السيد محمد مهدي السيد حسن الخرسان منشورات الشريف الرضي، قم، ط 2،

12- الخصال، الشيخ الصدوق، تحقیق وتصحيح تعليق: علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسین بقم المشرفة، 18 ذي القعدة الحرام 1403 - 1362 ش.

13- شرح أصول الكافي، مولي محمد صالح المازندراني،

ص: 50

تحقيق الميرزا أبو الحسن الشعراني، ضبط وتصحيح: السيد علي عاشور، دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، ط 1، 1421 ه - 2000 م.

14- علل الشرائع، الشيخ الصدوق، تحقیق: محمد صادق بحر، المكتبة الحيدرية، 1385 ه - 1966 م.

15- عيون أخبار الرضا، الشيخ الصدوق، تحقيق وتصحيح وتعليق: الشيخ حسين الأعلمي، مؤسسة الأعلمي للطباعة والنشر والتوزيع، بیروت، لبنان، 1404 ه - 1984 م.

16- قرب الاسناد، الحميري القمي، مصادر الحديث الشيعية - قسم الفقه، تحقيق: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، مهر، طبع وتوزيع مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، قم، ط 1، 1413 ه.

17- الكافي، الشيخ الكليني، تحقيق وتصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية - طهران، ط 3، 1367.

18- لسان العرب، ابن منظور، نشر أداب الحوزة، محرم 1405 ه.

19- مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، العلامة المجلسي، تحقيق: الحجّة السيّد مرتضى العسكري، دار الكتب الإسلامية، ط 2، 1404 ه. - 1363 ش.

ص: 51

20- مستدرك الوسائل: میرزا حسين النوري الطبرسي، تحقيق: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث.

21- مکارم الاخلاق، الشيخ الطبرسي، منشورات الشريف الرضي، ط 6، 1392 ه - 1972 م.

22- من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، تحقیق وتعلیق وتصحيح: علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة الجماعة المدرسین بقم المشرفة، ط 2.

23- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، حبیب الله الهاشمي الخوئي، تحقيق: سيد إبراهيم الميانجي، مطبعة الاسلامية بطهران، ط 4.

24- نهج البلاغة، تحقيق: محمد عبدة، مؤسسة التاريخ العربي، بیروت، لبنان.

25- وسائل الشيعة، الحر العاملي، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، 1104 ه.

ص: 52

المحتويات

مقدمة المؤسسة...7

المقدمة...9

المسألة الأولى...12

قوله عليه السلام: «وهو الذي أسكن الدنيا خلقه وبعث إلى الجن و الإنس رسله»...12

المسألة الثانية...17

علَّة تسمية الجن...17

المسألة الثالثة...19

تكليف الجن...19

المسألة الرابعة...23

ديانات الجن...23

المسألة الخامسة...26

قوله عليه السلام:«ليكشفوا لهم عن غطائها»...26

المسألة السادسة...31

قوله عليه السلام: «وليحذروا من ضرّائها»...28

المسألة السابعة...31

قوله عليه السلام: «وليضربوا لهم أمثالهم»...31

المسألة الثامنة...35

قوله عليه السلام: «وليهجموا عليهم بمعتبر من تصرف مصاحها واسقامها»...35

ص: 53

المسألة التاسعة...38

قوله عليه السلام: «وليبصرهم عيوبها وحلالها وحرامها»...38

المسألة العاشرة...44

قوله عليه السلام: «وما أعد الله سبحانه للمطيعين منهم والعصاة من جنة ونار وكرامة وهوان»...44

المصادر والمراجع...49

ص: 54

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.